درر الحكام في شرح مجلة الأحكام

علي حيدر

مقدمة كتاب درر الحكام محتوية على مقالتين

[مُقَدَّمَةُ كِتَابِ دُرَرِ الْحُكَّامِ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى مَقَالَتَيْنِ] [الْمَقَالَةُ الْأُولَى فِي تَعْرِيفِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَقْسِيمِهِ] الْمُقَدَّمَةُ مُحْتَوِيَةٌ عَلَى مَقَالَتَيْنِ: الْمَقَالَةُ الْأُولَى فِي تَعْرِيفِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَقْسِيمِهِ. (الْمَادَّةُ 1) : الْفِقْهُ: عِلْمٌ بِالْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ. وَالْمَسَائِلُ الْفِقْهِيَّةُ إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ وَهِيَ الْعِبَادَاتُ، وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَهِيَ تَنْقَسِمُ إلَى مُنَاكَحَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ وَعُقُوبَاتٍ، فَإِنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى أَرَادَ بَقَاءَ هَذَا الْعَالَمِ إلَى وَقْتٍ قَدَّرَهُ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِبَقَاءِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى ازْدِوَاجِ الذُّكُورِ مَعَ الْإِنَاثِ لِلتَّوَلُّدِ وَالتَّنَاسُلِ، ثُمَّ إنَّ بَقَاءَ نَوْعِ الْإِنْسَانِ إنَّمَا يَكُونُ بِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْأَشْخَاصِ. وَالْإِنْسَانُ بِحَسَبِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ يَحْتَاجُ لِلْبَقَاءِ فِي الْأُمُورِ الصِّنَاعِيَّةِ إلَى الْغِذَاءِ وَاللِّبَاسِ وَالْمَسْكَنِ، وَذَلِكَ أَيْضًا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعَاوُنِ وَالتَّشَارُكِ بِبَسْطِ بِسَاطِ الْمَدَنِيَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يَطْلُبُ مَا يُلَائِمُهُ وَيَغْضَبُ عَلَى مَنْ يُزَاحِمُهُ، فَلِأَجْلِ بَقَاءِ الْعَدْلِ وَالنِّظَامِ بَيْنَهُمْ مَحْفُوظَيْنِ مِنْ الْخَلَلِ يُحْتَاجُ إلَى قَوَانِينَ مُؤَيَّدَةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي أَمْرِ الِازْدِوَاجِ، وَهِيَ قِسْمُ الْمُنَاكَحَاتِ مِنْ عِلْمِ الْفِقْهِ، وَفِيمَا بِهِ التَّمَدُّنُ مِنْ التَّعَاوُنِ وَالتَّشَارُكِ وَهِيَ قِسْمُ الْمُعَامَلَاتِ مِنْهُ، وَلِاسْتِقْرَارِ أَمْرِ التَّمَدُّنِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لَزِمَ تَرْتِيبُ أَحْكَامِ الْجَزَاءِ، وَهِيَ قِسْمُ الْعُقُوبَاتِ مِنْ الْفِقْهِ. وَهَا هُوَ ذَا قَدْ بُوشِرَ تَأْلِيفُ هَذِهِ الْمَجَلَّةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غِبَّ اسْتِخْرَاجِهَا وَجَمْعِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَتَقْسِيمِهَا إلَى كُتُبٍ وَتَقْسِيمِ الْكُتُبِ إلَى أَبْوَابٍ وَالْأَبْوَابِ إلَى فُصُولٍ، فَالْمَسَائِلُ الْفَرْعِيَّةُ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا فِي الْمَحَاكِمِ هِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي الْأَبْوَابِ وَالْفُصُولِ؛ لِأَنَّ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَدْ أَرْجَعُوا الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ إلَى قَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ كُلٌّ مِنْهَا ضَابِطٌ وَجَامِعٌ لِمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، وَتِلْكَ الْقَوَاعِدُ مُسَلَّمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تُتَّخَذُ أَدِلَّةً لِإِثْبَاتِ الْمَسَائِلِ وَتَفَهُّمِهَا فِي بَادِئِ الْأَمْرِ فَذِكْرُهَا يُوجِبُ الِاسْتِئْنَاسَ بِالْمَسَائِلِ وَيَكُونُ وَسِيلَةً لِتَقَرُّرِهَا فِي الْأَذْهَانِ، فَلِذَا جُمِعَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً وَحُرِّرَتْ مَقَالَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمُقَدِّمَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. ثُمَّ إنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ إذَا انْفَرَدَ يُوجَدُ مِنْ مُشْتَمِلَاتِهِ بَعْضُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ لَكِنْ لَا تَخْتَلُّ كُلِّيَّتُهَا وَعُمُومُهَا مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ لِمَا أَنَّ بَعْضَهَا يُخَصِّصُ وَيُقَيِّدُ بَعْضًا.

الْفِقْهُ - عِلْمٌ بِالْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ، وَيُقْصَدُ بِلَفْظَةِ الْعِلْمِ بِهَذَا التَّعْرِيفِ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ. الْمَسَائِلُ - جَمْعُ مَسْأَلَةٍ - وَهِيَ الْمَطْلُوبُ الَّذِي يَحْتَاجُ إثْبَاتُهُ إلَى بُرْهَانٍ وَدَلِيلٍ. الْحُكْمُ - هُوَ خِطَابُ الشَّارِعِ الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، وَقَدْ عَرَّفَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّهُ الشَّيْءُ الثَّابِتُ بِنَاءً عَلَى خِطَابِ الشَّارِعِ، مِثْلُ الْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. مَوْضُوعُ عِلْمِ الْفِقْهِ - وَإِنَّ مَوْضُوعَ عِلْمِ الْفِقْهِ هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ. الْمُكَلَّفُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ - هُوَ الْعَاقِلُ، فَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ لَمْ يُعَدَّا مُكَلَّفَيْنِ وَإِنْ تَكُنْ الْمَادَّةُ (916) تَقْضِي بِضَمَانِ مَا أَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ إلَّا أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ بِحَقِّهِ. الشَّرْعِيَّةُ - أَيْ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى خِطَابِ الشَّارِعِ وَلَا تُدْرَكُ بِدُونِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ بِنَفْسِ الْحُكْمِ أَوْ بِنَظِيرِهِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ النَّظِيرُ مَقِيسًا عَلَى نَفْسِ الْحُكْمِ وَيَكُونُ نَفْسُ الْحُكْمِ مَقِيسًا عَلَيْهِ الشَّارِعُ - هُوَ الْحَقُّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَبِمَا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَاسِطَةٌ لِتَبْلِيغِ الْأَوَامِرِ الْإِلَهِيَّةِ، فَيُقَالُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ: شَارِعٌ، وَالشَّارِعُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الْمَقْصُودُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الْعَمَلِيَّةُ - أَيْ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَفْعَالِ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا عِلْمُ الْعَقَائِدِ وَعِلْمُ التَّوْحِيدِ وَعِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ. قَوْلُهُ مِنْ أَدِلَّتِهَا أَيْ الْعِلْمُ بِتَدْقِيقِ الْأَدِلَّةِ، وَيَخْرُجُ بِهِ عِلْمُ التَّوْحِيدِ، وَعِلْمُ الرُّسُلِ، وَعِلْمُ الْأَشْيَاءِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ الدِّينِ. قَوْلُهُ الْمَسَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ - احْتِرَازًا عَنْ الْمَسَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ كَقَوْلِكَ (الْعَالَمُ حَادِثٌ) وَالْمَسَائِلُ الْحِسِّيَّةُ (كَالنَّارُ مُحْرِقَةٌ) وَالْمَسَائِلُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ كَقَوْلِكَ (الْفَاعِلُ مَرْفُوعٌ) . مَصَادِرُ عِلْمِ الْفِقْهِ - أَرْبَعَةٌ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ. الْمَسَائِلُ الْفِقْهِيَّةُ - قِسْمَانِ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآخِرَةِ وَهِيَ الْعِبَادَاتُ، وَالْقِسْمُ الْآخَرُ يَخْتَصُّ بِأَمْرِ الدُّنْيَا وَمُقَسَّمٌ إلَى مُنَاكَحَاتٍ، وَمُعَامَلَاتٍ، وَعُقُوبَاتٍ، كَمَا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ.

المقالة الثانية في بيان القواعد الكلية الفقهية

[الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَيَانِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ] [ (الْمَادَّةُ 2) الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا] الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الْمَقَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي بَيَانِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ الْفِقْهِيَّةِ (الْمَادَّةُ 2) : الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا يَعْنِي: أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ عَلَى مُقْتَضَى مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ. الْقَاعِدَةُ: لُغَةً أَسَاسِ الشَّيْءِ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْحُكْمُ الْكُلِّيُّ أَوْ الْأَكْثَرِيُّ الَّذِي يُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ حُكْمِ الْجُزْئِيَّاتِ. الطَّرِيقَةُ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ الْجُزْئِيَّاتِ - وَالطَّرِيقَةُ لِمَعْرِفَةِ حُكْمِ الْجُزْئِيَّاتِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ هِيَ كَمَا يَلِي: قَاعِدَةُ (الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ) الْكُلِّيَّةُ مَثَلًا وَجُزْئِيَّتُهَا (إنَّ طَرِيقَ دَارِ زَيْدٍ قَدِيمَةٌ) فَيُسْتَخْرَجُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْعُمُومِيَّةِ أَنَّهُ مَا دَامَتْ طَرِيقُ دَارِ زَيْدٍ قَدِيمَةً يَجِبُ أَنْ تَبْقَى عَلَى قِدَمِهَا؛ لِأَنَّ الْقَدِيمَ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ الْقَدِيمِ وَهَلُمَّ جَرًّا. أُمُورٌ: جَمْعُ أَمْرٍ، مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ الْفِعْلُ وَالْحَالُ إذْ يُقَالُ أُمُورُ فُلَانٍ مُسْتَقِيمَةٌ أَيْ أَحْوَالُهُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97] يَقْصِدُ بِهِ حَالَ فِرْعَوْنَ. الْأَمْرُ: يَجِيءُ بِمَعْنَى طَلَبِ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَوَامِرَ، وَهُنَا لَا يَقْصِدُ هَذَا الْمَعْنَى بَلْ يَقْصِدُ بِالْأَمْرِ الْفِعْلَ وَيُجْمَعُ عَلَى أُمُورٍ، وَبِمَا أَنَّ الْفِعْلَ هُوَ عَمَلُ الْجَوَارِحِ فَالْقَوْلُ أَيْضًا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ مِنْ جَارِحَةِ اللِّسَانِ. وَهُنَا قَدْ قُرِنَ الْفِعْلُ بِالْقَصْدِ فِي قَوْلِهِ: الْأُمُورُ بِمَقَاصِدِهَا، فَعَلَيْهِ النِّيَّةُ الَّتِي لَا تَقْتَرِنُ بِفِعْلٍ ظَاهِرِيٍّ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ. فَلَوْ طَلَّقَ شَخْصٌ زَوْجَتَهُ فِي قَلْبِهِ أَوْ بَاعَ فَرَسَهُ وَلَمْ يَنْطِقْ بِلِسَانِهِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ الْبَاطِنِيِّ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِالظَّوَاهِرِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِقَصْدِ أَنْ يُوقِفَهُ وَبَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى وَقْفِهِ ذَلِكَ الْمَالَ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا. كَذَلِكَ لَوْ نَوَى شَخْصٌ غَصْبَ مَالِ شَخْصٍ آخَرَ وَلَمْ يَغْصِبْهُ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ لَا يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْغَصْبِ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُودِعُ الْمَالَ الْوَدِيعَةَ بِقَصْدِ اسْتِهْلَاكِهَا، ثُمَّ أَرْجَعَهَا إلَى مَوْضِعِهَا وَتَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ. الْأَفْعَالُ بِلَا نِيَّةٍ: أَمَّا الْأَفْعَالُ بِلَا نِيَّةٍ فَحُكْمُهَا كَمَا يَأْتِي: أَنَّ الْأَلْفَاظَ الصَّرِيحَةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ

وَيَكْفِي حُصُولُ الْفِعْلِ لِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَيْهَا إذْ أَنَّ الْأَفْعَالَ الصَّرِيحَةَ تَكُونُ النِّيَّةُ مُتَمَثِّلَةً بِهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك مَالِي هَذَا أَوْ أَوْصَيْتُ لَك بِهِ. يَصِحُّ الْبَيْعُ أَوْ الْوَصِيَّةُ، كَمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ، وَالْوَكَالَةَ، وَالْإِيدَاعَ، وَالْإِعَارَةَ، وَالْقَذْفَ، وَالسَّرِقَةَ كُلُّهَا أُمُورٌ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ بَلْ فِعْلُهَا يَكْفِي لِتَرَتُّبِ الْحُكْمِ. الْأَلْفَاظُ غَيْرُ الصَّرِيحَةِ: أَمَّا فِي الْأَلْفَاظِ غَيْرِ الصَّرِيحَةِ فَيَخْتَلِفُ حُكْمُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ بِاخْتِلَافِ مَقْصِدِ الْفَاعِلِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا إذَا اُسْتُعْمِلَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ كَقَوْلِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (أَبِيعُ وَأَشْتَرِي) إذَا قَصَدَ بِهِ الْحَالَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَإِذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِقْبَالَ لَا يَنْعَقِدُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَبِاخْتِلَافِ الْقَصْدِ قَدْ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ، وَأَمَّا صِيغَةُ الْمَاضِي فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ بِمَعْنَى الْحَالِ لِكَوْنِهَا مِنْ الصِّيَغِ الْمُسْتَعْمَلَةِ الصَّرِيحَةِ فِي الْعُقُودِ الْمَقْصُودِ بِهَا الْحَالُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ لِآخَرَ بِقَوْلِهِ: لَك عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمَيْنِ. فَإِذَا كَانَ يَقْصِدُ بِكَلَامِهِ هَذَا مَعَ دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَإِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ الظَّرْفَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ. كَذَلِكَ لَوْ تَعَدَّى الْمُودِعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّي يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُودِعُ يَنْوِي إعَادَةَ التَّعَدِّي فَهُوَ ضَامِنٌ لَوْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ نَاوِيًا عَدَمَ الْعَوْدَةِ إلَى التَّعَدِّي فَلَا يَضْمَنُ. وَكَذَا الشَّخْصُ الَّذِي يُحْرِزُ مَالًا مُبَاحًا إذَا أَحْرَزَهُ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهِ يُصْبِحُ مَالِكًا لَهُ وَإِلَّا فَلَا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ إنَاءً تَحْتَ الْمَطَرِ وَتَجَمَّعَ فِيهِ مَاءٌ فَإِذَا وَضَعَ ذَلِكَ الْإِنَاءَ بِقَصْدِ جَمْعِ الْمَاءِ وَإِحْرَازِهِ يُصْبِحُ مَالِكًا لَهُ، فَوَالْحَالَةُ هَذِهِ لَوْ اغْتَصَبَ الْمَاءَ أَحَدٌ يَضْمَنُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ وَضَعَ الْإِنَاءَ بِقَصْدِ غَسْلِهِ بِمَاءِ الْمَطَرِ لَا بِقَصْدِ جَمْعِ الْمَاءِ وَأَخَذَهَا أَحَدٌ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْإِنَاءِ لَمْ يَمْلِكُ الْمَاءَ لِعَدَمِ سَبْقِ نِيَّةٍ مِنْهُ لِإِحْرَازِهِ، كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ فَخًّا بِمَحَلٍّ وَوَقَعَ فِي الْفَخِّ طَيْرٌ فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْفَخِّ نَصَبَ فَخَّهُ بِقَصْدِ الصَّيْدِ فَالطَّيْرُ يَكُونُ مِلْكُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَضَعَهُ بِقَصْدِ التَّجْفِيفِ فِي الْهَوَاءِ فَالطَّيْرُ الَّذِي يَقَعُ فِي الْفَخِّ يَكُونُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْفَخِّ، فَإِذَا أَخَذَهُ شَخْصٌ مَا لَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْفَخِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ. كَذَا لَوْ وَجَدَ شَخْصٌ لُقَطَةً - أَيْ مَالًا ضَائِعًا - فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ تَمَلُّكِهِ يُعَدُّ غَاصِبًا فَوَالْحَالَةُ هَذِهِ لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَالِ لِصَاحِبِهِ، أَمَّا إذَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ تَسْلِيمِهِ إلَى صَاحِبِهِ وَتَلِفَ الْمَالُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْأَمِينِ. (الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا تَتَبَدَّلُ أَحْكَامُهَا بِاخْتِلَافِ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ) هَذَا وَهَهُنَا بَعْضُ أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ لَا تَتَبَدَّلُ أَحْكَامُهَا نَظَرًا لِلْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمِزَاحِ بِدُونِ إذْنِهِ فَبِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْأَخْذِ يَكُونُ الْآخِذُ غَاصِبًا وَلَا يُنْظَرُ إلَى نِيَّتِهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَقْصِدُ الْغَصْبَ بَلْ يَقْصِدُ الْمُزَاحَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى شَخْصٌ عَمَلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْخَسَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْ عَمَلِهِ، وَلَوْ حَصَلَتْ عَنْ غَيْرِ إرَادَةٍ مِنْهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا شَاهَدَ سَكْرَانَ وَأَخَذَ النُّقُودَ الَّتِي يَحْمِلُهَا بِقَصْدِ حِفْظِهَا مِنْ أَنْ تَسْقُطَ مِنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَيُصْبِحُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ.

(المادة 3) العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني

هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ هِيَ قَوَاعِدُ أَكْثَرِيَّةٍ وَأَغْلَبِيَّةٍ فَوُجُودُ بَعْضِ أَحْكَامٍ مُنَافِيَةٍ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا تَأْثِيرَ لَهَا. [ (الْمَادَّةُ 3) الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي] (الْمَادَّةُ 3) : الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي وَلِذَا يَجْرِي حُكْمُ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ. الْعَقْدُ: هُوَ ارْتِبَاطُ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ كَعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْإِعَارَةِ إلَخْ. اللَّفْظُ: هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِقَصْدِ التَّعْبِيرِ عَنْ ضَمِيرِهِ. يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ عِنْدَ حُصُولِ الْعَقْدِ لَا يُنْظَرُ لِلْأَلْفَاظِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْعَاقِدَانِ حِينَ الْعَقْدِ بَلْ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَقَاصِدِهِمْ الْحَقِيقِيَّةِ مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي يُلْفَظُ بِهِ حِينَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَقِيقِيَّ هُوَ الْمَعْنَى وَلَيْسَ اللَّفْظُ وَلَا الصِّيغَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ وَمَا الْأَلْفَاظُ إلَّا قَوَالِبُ لِلْمَعَانِي. وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّأْلِيفُ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي الْمَقْصُودَةِ لَا يَجُوزُ إلْغَاءُ الْأَلْفَاظِ. مِثَالُ ذَلِكَ: بَيْعُ الْوَفَاءِ، فَاسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ الْبَيْعِ فِيهِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي أَثْنَاءَ الْعَقْدِ لَا يُفِيدُ التَّمْلِيكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بَلْ الْمَقْصُودُ بِهِ إنَّمَا هُوَ تَأْمِينُ دَيْنِ الْمُشْتَرِي الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَإِبْقَاءِ الْمَبِيعِ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي لِحِينِ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ الْعَقْدُ عَنْ كَوْنِهِ عَقْدَ رَهْنٍ فَيَجْرِي بِهِ حُكْمُ الرَّهْنِ وَلَا يَجْرِي حُكْمُ الْبَيْعِ. فَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ بَيْعًا وَفَائِيًّا أَنْ يُعِيدَ الثَّمَنَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ كَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعِيدَ الْمَبِيعَ وَيَسْتَرْجِعَ الثَّمَنَ، وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ بَيْعًا حَقِيقِيًّا لَمَا جَازَ إعَادَةُ الْمَبِيعِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ إلَّا بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى إقَالَةِ الْبَيْعِ. مِثَالٌ ثَانٍ: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ (بَقَّالٍ) رِطْلَ سُكَّرٍ وَقَالَ لَهُ خُذْ هَذِهِ السَّاعَةَ أَمَانَةً عِنْدَك حَتَّى أُحْضِرَ لَك الثَّمَنَ، فَالسَّاعَةُ لَا تَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ الْبَقَّالِ بَلْ يَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ وَلِلْبَقَّالِ أَنْ يُبْقِيَهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ، فَلَوْ كَانَتْ أَمَانَةً كَمَا ذَكَرَ الْمُشْتَرِي لَحَقَّ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا مِنْ الْبَائِعِ بِصِفَتِهَا أَمَانَةً يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ إعَادَتُهَا. مِثَالٌ ثَالِثٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ وَهَبْتُكَ هَذِهِ الْفَرَسَ أَوْ الدَّارَ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ فَيَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ عَقْدَ بَيْعٍ لَا عَقْدَ هِبَةٍ وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ. فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا تَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ. مِثَالٌ رَابِعٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ قَدْ أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ لِتَرْكَبَهُ إلَى (كوجك شكمجه) بِخَمْسِينَ غرشا فَالْعَقْدُ يَكُونُ عَقْدَ إيجَارٍ لَا عَقْدَ إعَارَةٍ رَغْمًا مِنْ اسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ الْإِعَارَةِ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ هِيَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِلَا عِوَضٍ وَهُنَا يُوجَدُ عِوَضٌ. مِثَالٌ خَامِسٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ قَدْ أَحَلْتُكَ بِالدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنِّي عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَبْقَى ذِمَّتِي مَشْغُولَةً حَتَّى يَدْفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَك الدَّيْنَ. فَالْعَقْدُ هَذَا لَا يَكُونُ عَقْدَ حَوَالَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ هِيَ

(المادة 4) اليقين لا يزول بالشك

نَقْلُ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَهُنَا بَقِيَتْ ذِمَّةُ الْمَدِينِ مَشْغُولَةً، وَاَلَّذِي جَرَى إنَّمَا هُوَ ضَمُّ ذِمَّةٍ أُخْرَى فَأَصْبَحَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ وَالْمَدِينُ أَصِيلًا. مِثَالٌ سَادِسٌ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَوْ عَشْرَ لِيرَاتٍ، وَقَالَ لَهُ: قَدْ أَعَرْتُك إيَّاهَا فَيَكُونُ قَدْ أَقْرَضَهَا لَهُ، وَيُصْبِحُ لِلْمُسْتَعِيرِ حَقُّ التَّصَرُّفِ بِالْمَالِ أَوْ الْحِنْطَةِ الْمُعَارَةِ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ التَّصَرُّفُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمُعَارِ، بَلْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِدُونِ اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٌ وَهِيَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ شَيْئًا لِآخَرَ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بِقَوْلِهِ قَدْ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِدُونِ ثَمَنٍ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ هِبَةً كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ شَخْصٌ آخَرَ فَرَسًا بِدُونِ أُجْرَةٍ تُصْبِحُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَلَا تَكُونُ عَارِيَّةً؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُفِيدُ بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ، وَالْعَارِيَّةُ تُفِيدُ عَدَمَ الْعِوَضِ وَبِمَا أَنَّ بَيْنَ مَعْنَى اللَّفْظَيْنِ تَضَادًّا فَلَا يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ لَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي الْإِعَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 4) الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ] (الْمَادَّةُ 4) : الْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ نَعَمْ لِأَنَّ الْيَقِينَ الْقَوِيَّ أَقْوَى مِنْ الشَّكِّ فَلَا يَرْتَفِعُ الْيَقِينُ الْقَوِيُّ بِالشَّكِّ الضَّعِيفِ، أَمَّا الْيَقِينُ فَإِنَّمَا يَزُولُ بِالْيَقِينِ الْآخَرِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ (مَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ وَمَا ثَبَتَ بِيَقِينٍ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ) . الشَّكُّ: لُغَةً مَعْنَاهُ التَّرَدُّدُ، وَاصْطِلَاحًا تَرَدُّدُ الْفِعْلِ بَيْنَ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ أَيْ لَا يُوجَدُ مُرَجِّحٌ لِأَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُمْكِنُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ التَّرْجِيحُ مُمْكِنًا لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَالْقَلْبُ غَيْرُ مُطْمَئِنٍّ لِلْجِهَةِ الرَّاجِحَةِ أَيْضًا فَتَكُونُ الْجِهَةُ الرَّاجِحَةُ فِي دَرَجَةِ (الظَّنِّ) وَالْجِهَةُ الْمَرْجُوحَةُ فِي دَرَجَةِ الْوَهْمِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَلْبُ يُطَمْئِنُ لِلْجِهَةِ الرَّاجِحَةِ فَتَكُونُ (ظَنًّا غَالِبًا) وَالظَّنُّ الْغَالِبُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ. (الْيَقِينُ) : لُغَةً قَرَارُ الشَّيْءِ يُقَالُ (يَقِنَ الْمَاءُ فِي الْحَوْضِ) بِمَعْنَى اسْتَقَرَّ، وَاصْطِلَاحًا (هُوَ حُصُولُ الْجَزْمِ أَوْ الظَّنِّ الْغَالِبِ بِوُقُوعِ الشَّيْءِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ) وَقَدْ عَرَّفَهُ الْبَعْضُ (هُوَ عِلْمُ الشَّيْءِ الْمُسْتَتِرِ عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ الشَّكُّ فِي شَيْءٍ عِنْدَ وُجُودِ الْيَقِينِ وَلَا الْيَقِينُ حَيْثُ يُوجَدُ الشَّكُّ. إذْ أَنَّهُمَا نَقِيضَانِ وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، فَعَلَى هَذَا قَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى وَضْعِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إذْ لَا مُوجِبَ لِوَضْعِهَا. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْقَصْدَ هُنَا بِالشَّكِّ إنَّمَا هُوَ (الشَّكُّ الطَّارِئُ) بَعْدَ حُصُولِ الْيَقِينِ فِي الْأَمْرِ فَلَا مَحَلَّ لِلِاعْتِرَاضِ بَتَاتًا. هَذَا وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ الْيَقِينَ السَّابِقَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ الطَّارِئِ وَأَنَّهُ لَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ.

(المادة 5) الأصل بقاء ما كان على ما كان

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا سَافَرَ رَجُلٌ إلَى بِلَادٍ بَعِيدَةٍ فَانْقَطَعَتْ أَخْبَارُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً، فَانْقِطَاعُ أَخْبَارِهِ يُجْعَلُ شَكًّا فِي حَيَاتِهِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ، وَهُوَ حَيَاتُهُ الْمُتَيَقَّنَةَ قَبْلًا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ اقْتِسَامُ تَرِكَتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ يَقِينًا، وَبِالْعَكْسِ إذَا سَافَرَ آخَرُ بِسَفِينَةٍ وَثَبَتَ غَرَقُهَا فَيُحْكَمُ بِمَوْتِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ ظَنٌّ غَالِبٌ وَالظَّنُّ الْغَالِبُ كَمَا تَقَدَّمَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِمَبْلَغٍ لِآخَرَ قَائِلًا أَظُنُّ أَنَّهُ يُوجَدُ لَك بِذِمَّتِي كَذَا مَبْلَغٌ فَإِقْرَارُهُ هَذَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْمُتَيَقَّنُ فَمَا لَمْ يَحْصُلْ يَقِينٌ يَشْغَلُ ذِمَّتَهُ لَا يَثْبُتُ الْمَبْلَغُ عَلَيْهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ أَنَّ إقْرَارَهُ لَمْ يَنْشَأْ مِنْهُ عَنْ يَقِينٍ بَلْ عَنْ شَكٍّ وَظَنٍّ، وَهَذَا لَا يُزِيلُ الْيَقِينَ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُقِرِّ كَمَا لَا يَخْفَى. [ (الْمَادَّةُ 5) الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ] (الْمَادَّةُ 5) : الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. يَعْنِي: يُنْظَرُ لِلشَّيْءِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ فَيُحْكَمُ بِدَوَامِهِ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُدْعَى (الِاسْتِصْحَابُ) وَقَاعِدَةُ الْقَدِيمِ عَلَى قِدَمِهِ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. الِاسْتِصْحَابُ: هُوَ الْحُكْمُ بِتَحَقُّقِ وَثُبُوتِ شَيْءٍ بِنَاءً عَلَى تَحَقُّقِ وَثُبُوتِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا حُجَّةٌ مُثَبِّتَةٌ، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: (اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ) وَ (اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي) . اسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ: هُوَ الْحُكْمُ عَلَى شَيْءٍ بِبَقَائِهِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَيُقَالُ لَهُ اسْتِصْحَابُ (الْمَاضِي بِالْحَالِ) . اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي: هُوَ اعْتِبَارُ حَالَةِ الشَّيْءِ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِرِ أَنَّهَا حَالَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْمَاضِي مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ثَبَتَ تَحَقُّقُ شَيْءٍ فِي الْمَاضِي، ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ فِي زَوَالِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ كَالْمَفْقُودِ مَثَلًا، وَهُوَ الَّذِي يَغِيبُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً إذَا حَصَلَ شَكٌّ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ، فَبِاسْتِصْحَابِ الْمَاضِي بِالْحَالِ يُحْكَمُ بِحَيَاةِ الْمَفْقُودِ إذْ أَنَّهَا الشَّيْءُ الْمُتَحَقِّقُ فِي الْمَاضِي فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ وَلَا قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ أَوْ تَنْقَرِضْ أَمْثَالُهُ بِوُصُولِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ. مِثَالٌ ثَانٍ: لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ إيصَالَ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ، وَالدَّائِنُ أَنْكَرَ الْإِيصَالَ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْمَاضِي فَيُحْكَمُ تَبَعًا لِقَاعِدَةِ اسْتِصْحَابِ الْمَاضِي بِالْحَالِ عَلَى الْمَدِينِ بِتَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ بَعْدَ حَلِفِ الدَّائِنِ الْيَمِينَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَدِينُ وُقُوعَ الْإِيصَالِ. هَذَا وَاسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي كَمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَالُ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ مَعْلُومًا إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ شَكٌّ فِي عَدَمِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْوَقْتِ الْمَاضِي. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ اخْتَلَفَ شَخْصَانِ عَلَى مَاءٍ يَسِيلُ مِنْ دَارِ أَحَدِهِمَا إلَى دَارِ الْآخَرِ فِي كَوْنِهِ قَدِيمًا أَوْ حَدِيثًا وَعَجَزَ الْفَرِيقَانِ كِلَاهُمَا عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُمَا

(المادة 6) القديم يترك على قدمه

فَيُنْظَرُ إلَى حَالِ الْمَسِيلِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَإِذَا ثَبَتَ جَرَيَانُ الْمَاءِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَسِيلِ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي وُجِدَ عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ طَاحُونًا وَادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ انْقِطَاعَ الْمَاءِ عَنْ الطَّاحُونِ مُدَّةً وَطَلَبَ تَنْزِيلَ الْأُجْرَةِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي انْقَطَعَ فِيهَا الْمَاءُ وَصَاحِبُ الطَّاحُونِ ادَّعَى عَدَمَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ فَتَحْكُمُ الْحَالُ الْحَاضِرَةُ، فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا وَقْتَ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ فَيُسْتَصْحَبُ الْحَالُ بِالْمَاضِي وَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ، وَبِالْعَكْسِ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَقْطُوعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ. كَذَا لَوْ أَنْفَقَ الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الْغَائِبِ فَادَّعَى الْوَلَدُ أَنَّ وَالِدَهُ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْإِنْفَاقِ وَطَلَبَ ضَمَانَةَ الْمَبْلَغِ الَّذِي صَرَفَهُ، فَيُنْظَرُ إلَى الْحَالِ الْمَاضِي فَإِذَا كَانَ الْوَالِدُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ مُعْسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الِابْنِ. وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمِينَ يُصَدَّقُ يَمِينُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ أَنَّهُ أَعَادَ الْوَدِيعَةَ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ مَعَ يَمِينِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ بِمُقْتَضَى قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ أَنْ يُعَدَّ الْأَمِينُ مُكَلَّفًا بِإِعَادَةِ الْأَمَانَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ إعَادَتُهَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ الْمَاضِيَ هُوَ وُجُودُ الْأَمَانَةِ عِنْدَ الْمُودِعِ. وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَمِينَ يَدَّعِي هُنَا بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ مِنْ الضَّمَانِ، وَأَمَّا الْمُودِعُ فَهُوَ يَدَّعِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْأَمِينِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ. [ (الْمَادَّةُ 6) الْقَدِيمُ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ] (الْمَادَّةُ 6) : الْقَدِيمُ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ. يَعْنِي: أَنَّ الْقَدِيمَ الْمُوَافِقَ لِلشَّرْعِ يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ عَلَى حَالِ الْقَدِيمِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً طَوِيلَةً دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ عَلَى حَقٍّ مَشْرُوعٍ فَيُحْكَمُ بِأَحَقِّيَّتِهِ - وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ (مَا كَانَ قَدِيمًا يُتْرَكُ عَلَى حَالٍ وَلَا يَتَغَيَّرُ إلَّا بِحُجَّةٍ) . مَا هُوَ الْقَدِيمُ؟ هُوَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ أَوَّلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ أَوَّلُهُ مَعْرُوفًا فَلَا يُعَدُّ قَدِيمًا مَثَلًا: لَوْ أَنَّ مِيزَابَ دَارِ شَخْصٍ يَجْرِي مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى دَارِ شَخْصٍ آخَرَ فَصَاحِبُ الدَّارِ الثَّانِيَةِ لَا يَحِقُّ لَهُ مَنْعُهُ كَمَا وَأَنَّ بَالُوعَةَ دَارٍ تَمُرُّ مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَصَاحِبُ الدَّارِ الثَّانِيَةِ لَا يَحِقُّ لَهُ سَدُّ تِلْكَ الْبَالُوعَةِ وَمَنْعُ مُرُورِهَا مِنْ دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ ذَلِكَ قَدِيمًا يُعْتَبَرُ أَنَّ مُرُورَ ذَلِكَ الْمَاءِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا عَلَى حَقٍّ شَرْعِيٍّ، كَأَنْ كَانَتْ الدَّارَانِ مُشْتَرِكَتَيْنِ فَجَرَى تَقْسِيمُهُمَا وَكَانَ مِنْ شُرُوطِ التَّقْسِيمِ مُرُورُ مَاءِ إحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى. أَمَّا الْقَدِيمُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَلَا يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ مَهْمَا تَقَادَمَ عَهْدُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَكُونُ قَدِيمًا. مَثَلًا لَوْ أَنَّ بَالُوعَةَ دَارٍ تَجْرِي مِنْ الْقَدِيمِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لَا يُنْظَرُ إلَى قِدَمِهَا وَتُزَالُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ احْتِمَالُ مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 7) الضَّرَرُ لَا يَكُونُ قَدِيمًا] (الْمَادَّةُ 7) : الضَّرَرُ لَا يَكُونُ قَدِيمًا يَعْنِي: لَا يُعْتَبَرُ قِدَمُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ تُفِيدُ حُكْمَ الْمَادَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا النَّاصَّةِ عَلَى أَنَّ

(المادة 8) الأصل براءة الذمة

الْقَدِيمَ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ قَيَّدَتْ تِلْكَ وَبَيَّنَتْ أَنَّ الْقَدِيمَ الَّذِي يُعْتَبَرُ هُوَ الْقَدِيمُ غَيْرُ الْمُضِرِّ. مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ أَنَّ أَقْذَارَ دَارِ شَخْصٍ مِنْ الْقَدِيمِ تَسِيلُ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ أَنَّ بَالُوعَةَ دَارِ شَخْصٍ تَسِيلُ إلَى النَّهْرِ الَّذِي يَشْرَبُ مَاءَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَتُمْنَعُ وَلَا اعْتِبَارَ لِقَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ احْتِمَالُ مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ لِإِنْسَانٍ أَنْ يُجِيزَ حَقًّا يَكُونُ مِنْهُ ضَرَرٌ عَامٌّ. [ (الْمَادَّةُ 8) الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ] (الْمَادَّةُ 8) : الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. يَعْنِي: الْأَصْلُ أَنْ تَكُونَ ذِمَّةُ كُلِّ شَخْصٍ بَرِيئَةً أَيْ غَيْرَ مَشْغُولَةٍ بِحَقٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ يُولَدُ وَذِمَّتُهُ بَرِيئَةٌ وَشَغْلُهَا يَحْصُلُ بِالْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يُجْرِيهَا فِيمَا بَعْدُ، فَكُلُّ شَخْصٍ يَدَّعِي خِلَافَ هَذَا الْأَصْلِ يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (77) تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ مُدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَخِلَافَ الْأَصْلِ. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ. الذِّمَّةُ تَعْرِيفُهَا: لُغَةً الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ إذْ أَنَّ نَقْضَ الْعَهْدِ وَالْأَمَانِ مُوجِبٌ لِلذَّمِّ وَفِي الِاصْطِلَاحِ بِمَعْنَى النَّفْسِ وَالذَّاتِ وَلِهَذَا فَسَرَّتْ الْمَادَّةُ (612) الذِّمَّةَ بِالذَّاتِ. وَالذِّمَّةُ فِي اصْطِلَاحِ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَصْفٌ يَصِيرُ بِهِ الْإِنْسَانُ أَهْلًا لِمَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا كَانَ أَهْلًا لِتَمَلُّكِ مَنْفَعَةِ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ أَيْضًا أَهْلًا لِتَحَمُّلِ مَضَرَّةِ دَفْعِ ثَمَنِهِ الْمُجْبَرِ عَلَى أَدَائِهِ. وَالذِّمَّةُ وَإِنْ لَمْ تَكُ هِيَ نَفْسُ عَقْلِ الْإِنْسَانِ فَلِلْعَقْلِ دَخْلٌ فِيهَا، وَلِذَا فَالْحَيَوَانَاتُ الْعُجْمُ لَا تُوصَفُ بِالذِّمَّةِ. وَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ أَصْلٌ يُقْصَدُ بِهِ أَنَّ ذَاتَ الْإِنْسَانِ بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ بَرِيءٌ، فَعِنْدَمَا يُقَالُ تَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ دَيْنٌ يَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى نَفْسِ الْإِنْسَانِ دَيْنٌ. وَإِذَا تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِقَاعِدَةِ (الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَوَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهَا) فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَقْوَى مِنْ تِلْكَ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا أَتْلَفَ رَجُلٌ مَالَ آخَرَ وَاخْتَلَفَ فِي مِقْدَارِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُتْلِفِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِقَرْضٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ الْقَرْضَ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَالْمُدَّعِي مُكَلَّفٌ بِإِثْبَاتِ خِلَافِ الْأَصْلِ أَيْ إثْبَاتِ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَيَكُونُ قَدْ وُجِدَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ حُكِمَ حِينَئِذٍ بِالْبَيِّنَةِ، كَذَلِكَ فِي مَوَادِّ الْغَصْبِ، وَالسَّرِقَةِ، الْوَدِيعَةِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ، كَأَنْ يُقِرَّ شَخْصٌ مَثَلًا بِقَوْلِهِ: إنَّ فُلَانًا لَهُ عِنْدِي أَمَانَةٌ بِدُونِ ذِكْرِ مِقْدَارِهَا فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ مَا هِيَ الْأَمَانَةُ وَمَا مِقْدَارُهَا، فَإِذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ فَرَسٌ أَوْ عَشَرَةُ قُرُوشٍ مَثَلًا، وَالْمُقَرُّ لَهُ ادَّعَى أَنَّهَا فَرَسَانِ أَوْ مِائَتَا قِرْشٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ اعْتِرَاضٍ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ أَوْ أَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ، فَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ مَعَ الْيَمِينِ مَعَ أَنَّ الدَّائِنَ يَدَّعِي شَغْلَ ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَالْمَدِينُ يَدَّعِي بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَكَانَ الْوَاجِبُ حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمَدِينِ. وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الدَّائِنَ وَالْمَدِينَ هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ فَبِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ أَصْبَحَ

(المادة 9) الأصل في الصفات العارضة العدم

شَغْلُ الذِّمَّةِ أَصْلًا وَالْبَرَاءَةُ خِلَافَ الْأَصْلِ، فَالْمَدِينُ يَدَّعِي الْإِيفَاءَ وَالْإِبْرَاءَ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَالدَّائِنُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا أَصْبَحَ الْقَوْلُ لِلدَّائِنِ وَلَا مَجَالَ لِلِاعْتِرَاضِ عَلَى ذَلِكَ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (77) . [ (الْمَادَّةُ 9) الْأَصْلُ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ الْعَدَمُ] (الْمَادَّةُ 9) : الْأَصْلُ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ الْعَدَمُ مَثَلًا: إذَا اخْتَلَفَ شَرِيكَا الْمُضَارَبَةِ فِي حُصُولِ الرِّبْحِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِإِثْبَاتِ الرِّبْحِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْأَشْبَاهِ (الْأَصْلُ الْعَدَمُ وَلَيْسَ الْعَدَمُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ) . يَعْنِي: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ هُوَ عَدَمُ وُجُودِ تِلْكَ الصِّفَاتِ، - أَمَّا فِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ، فَالْأَصْلُ هُوَ وُجُودُ تِلْكَ الصِّفَاتِ، فَعَلَى هَذَا فَالْقَوْلُ لِلَّذِي يَدَّعِي الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةَ، وَأَمَّا الَّذِي يَدَّعِي الْعَدَمَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى - شَخْصٌ فَرَسًا وَاسْتَلَمَهُ فَادَّعَى أَنَّ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا وَادَّعَى الْبَائِعُ سَلَامَتَهُ مِنْ الْعُيُوبِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مِنْ الصِّفَاتِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا الْوُجُودُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّفَاتِ قِسْمَانِ: صِفَةٌ أَصْلِيَّةٌ وَصِفَةٌ عَارِضَةٌ، فَاَلَّذِي يَدَّعِي الصِّفَةَ الْأَصْلِيَّةَ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَاَلَّذِي يَدَّعِي الصِّفَةَ الْعَارِضَةَ يَدَّعِي خِلَافَ الْأَصْلِ فَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ الْعَارِضَةُ: هِيَ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ مَعَ الْمَوْصُوفِ وَلَمْ تَتَّصِفْ بِهَا ذَاتُهُ ابْتِدَاءً الصِّفَةُ الْأَصْلِيَّةُ: هِيَ الَّتِي تُوجَدُ مَعَ الْمَوْصُوفِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ بَقَرَةً، ثُمَّ طَلَبَ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ حَلُوبٍ، وَالْبَائِعُ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ، فَالصِّفَةُ الْأَصْلِيَّةُ فِي الْبَقَرَةِ كَوْنُهَا غَيْرَ حَلُوبٍ وَصِفَةُ الْحَلْبِ طَارِئَةٌ، فَالْقَوْلُ هُنَا لِلْبَائِعِ الَّذِي يَدَّعِي عَدَمَ حُصُولِ هَذَا الشَّرْطِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَدَّعِي خِلَافَ الْأَصْلِ إثْبَاتُ - مَا يَدَّعِيهِ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى اسْتِلَامِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ - الِاسْتِلَامِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِلَامَ أَصْلٌ. (مُسْتَثْنَيَاتٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٌ - وَهِيَ: (1) إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ تَلَفَ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَذَلِكَ حَسَبَ مَنْطُوقِ الْمَادَّةِ (1773) مِنْ أَنَّ تَلَفَ الْهِبَةِ صِفَةٌ عَارِضَةٌ، وَهِيَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مُكَلَّفًا بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ يُنْكِرُ هُنَا وُجُوبَ الرَّدِّ عَلَى الْوَاهِبِ فَأَصْبَحَ شَبِيهًا بِالْمُسْتَوْدَعِ.

(المادة 10) ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد المزيل

كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ الزَّوْجُ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ فَأَقْرَضَهُ آخَرُ وَتُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ وَادَّعَى وَارِثُهَا أَنَّ الزَّوْجَ تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ بِدُونِ إذْنٍ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِضَمَانَةِ، وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ كَانَ بِإِذْنِهَا، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ أَنَّ الْإِذْنَ مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْوَارِثِ. [ (الْمَادَّةُ 10) مَا ثَبَتَ بِزَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ] (الْمَادَّةُ 10) : مَا ثَبَتَ بِزَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُطَابِقَةٌ لِقَاعِدَةِ (الْأَصْلُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ) وَمُتَمِّمَةٌ لَهَا، وَهِيَ نَفْسُ قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ الَّتِي سَبَقَ شَرْحُهَا، وَتَجْرِي فِيهَا أَيْضًا أَحْكَامُ نَوْعَيْ الِاسْتِصْحَابِ (اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي وَاسْتِصْحَابُ الْمَاضِي بِالْحَالِ) . وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي ثَبَتَ حُصُولُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ فِي الْحَالِ مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ وَالشَّيْءُ الثَّابِتُ وُجُودُهُ فِي الْحَالِ يُحْكَمُ أَيْضًا بِاسْتِمْرَارِهِ مِنْ الْمَاضِي مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُزِيلُهُ. أَمَّا عِبَارَةُ (مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ) فَهِيَ قَيْدٌ فِي الْمَادَّةِ يُرَادُ بِهِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمُزِيلُ لَا يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الشَّيْءِ بَلْ يُزَالُ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ثَبَتَ مِلْكُ شَيْءٍ أَوْ مَالٌ لِأَحَدٍ مَا، يُحْكَمُ بِبَقَاءِ الْمِلْكِيَّةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِأَنَّ الْمَالَ انْتَقَلَ مِنْهُ لِآخَرَ بِعَقْدِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِيَّةِ أَمَّا لَوْ ثَبَتَ زَوَالُ الْمِلْكِيَّةِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا، فَلَا يُحْكَمُ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ. الِادِّعَاءُ: - يَقَعُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ، وَالْإِثْبَاتُ يَقَعُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا: أَوَّلًا: بِأَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمَاضِي كَقَوْلِ الْمُدَّعِي (إنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكِي، وَقَوْلِ الشُّهُودِ إنَّ هَذَا الشَّيْءَ كَانَ مِلْكَهُ) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمَا أَنَّ الشُّهُودَ لَا يُمْكِنُهُمْ مَعْرِفَةُ بَقَاءِ الْمِلْكِ لِلْمَالِكِ إلَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِصْحَابِ فَشَهَادَتُهُمْ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْمُدَّعِي فِي الْمَاضِي لَا تُثْبِتُ مِلْكِيَّتَهُ فِي الْحَالِ وَمَعَ هَذَا تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا. ثَانِيًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ فِي الْحَالِ، فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَجُوزُ تَطْبِيقُهَا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ، وَهُوَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ بِالْمَاضِي. ثَالِثًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَيْضًا، وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي الْحَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ هُوَ أَنَّ إسْنَادَ الْمُدَّعِي مِلْكِيَّتَهُ إلَى الْمَاضِي يَتَضَمَّنُ نَفْسَ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ كَانَ مَالِكًا فِي الْحَالِ لَمَا كَانَ لَهُ فَائِدَةٌ مِنْ إسْنَادِ الْمِلْكِيَّةِ إلَى الزَّمَنِ الْمَاضِي، فَلِهَذَا تَكُونُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ وَاقِعَةً فِي دَعْوَى غَيْرِ صَحِيحَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ. وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا حُجَّةٌ مُثْبِتَةٌ، فَلَا يُسْتَحْصَلُ الْحُكْمُ بِحُجَّةِ الِاسْتِصْحَابِ، بَلْ إنَّ الدَّعْوَى

(المادة 11) الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته

تُدْفَعُ بِهَا فَقَطْ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمَفْقُودِ مَوْتَهُ وَطَلَبُوا تَقْسِيمَ التَّرِكَةِ فَعَلَى قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ أَيْ (اسْتِصْحَابِ الْمَاضِي بِالْحَالِ) يُحْكَمُ بِحَيَاةِ الْمَفْقُودِ وَتُرَدُّ دَعْوَى الْوَرَثَةِ بِطَلَبِ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ. أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُوَرِّثُ الْمَفْقُودِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْمَفْقُودُ حَيًّا وَلَا يُحْكَمُ بِحِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الِاسْتِصْحَابِ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ، كَمَا قُلْنَا. (مُسْتَثْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لَوْ نَفَى شَخْصٌ جَمِيعَ مَا نُسِبَ إلَيْهِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَأَقَرَّ بِمِلْكِيَّتِهَا لِشَخْصٍ آخَرَ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَرُّ لَهُ كَوْنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُقِرِّ الْآنَ كَانَ مَوْجُودًا بِيَدِهِ حِينَ الْإِقْرَارِ فَبِحَسَبِ إقْرَارِهِ هُوَ مِلْكٌ لِي، وَادَّعَى الْمُقِرُّ بِمِلْكِيَّتِهِ لِذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ حُصُولِ الْإِقْرَارِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَلَا يُحْكَمُ اسْتِصْحَابًا أَنَّ الْمَالَ كَانَ مَوْجُودًا بِيَدِهِ فِي الْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بِيَدِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 11) الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ] (الْمَادَّةُ 11) : الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ الْحَادِثُ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، ثُمَّ وُجِدَ فَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي زَمَانِ وُقُوعِهِ وَسَبَبِهِ فَمَا لَمْ تَثْبُتْ نِسْبَتُهُ إلَى الزَّمَانِ الْقَدِيمِ يُنْسَبُ إلَى الزَّمَنِ الْأَقْرَبِ مِنْهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلَاقَ الْفَارِّ أَثْنَاءَ مَرَضِ الْمَوْتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ، وَالْوَرَثَةُ ادَّعَوْا طَلَاقَهَا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ وَأَنْ لَا حَقَّ لَهَا بِالْإِرْثِ، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْحَادِثَ الْمُخْتَلَفَ عَلَى زَمَنِ وُقُوعِهِ هُنَا هُوَ الطَّلَاقُ فَيَجِبُ أَنْ يُضَافَ إلَى الْوَقْتِ الْأَقْرَبِ، وَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ الَّذِي تَدَّعِيهِ الزَّوْجَةُ مَا لَمْ يُقِمْ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ. كَذَا لَوْ ادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّهُ فَسَخَ الْعَقْدَ فِي ظَرْفِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَادَّعَى الْفَرِيقُ الْآخَرُ أَنَّ الْفَسْخَ حَصَلَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَنَّ الْفَسْخَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَالْأَمْرُ الْحَادِثُ، وَهُوَ الْفَسْخُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ حُصُولُ الْفَسْخِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ حُصُولَ الْفَسْخِ بِمُدَّةِ الْخِيَارِ، أَمَّا إذَا أَثْبَتَ صَاحِبُ الْخِيَارِ بِالْبَيِّنَةِ حُصُولَ الْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيُحْكَمُ بِمُوجَبِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَثْبَتَ خِلَافَ الْأَصْلِ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ بَاعَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ وَادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِهَذَا السَّبَبِ، وَالْأَبُ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْبَيْعِ مِنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَادَّعَى حُصُولَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَبِمَا أَنَّ الْبُلُوغَ زَمَنًا مِنْ قَبْلِ الْبُلُوغِ، فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ وَعَلَى الْأَبِ إثْبَاتُ خِلَافَ الْأَصْلِ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا ادَّعَى الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَوْ وَصِيُّهُ أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ الَّذِي أَجْرَاهُ الْمَحْجُورُ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِحَجْرِهِ وَطَلَبَ فَسْخَ الْبَيْعِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُصُولَ الْبَيْعِ قَبْلَ تَارِيخِ الْحَجْرِ، فَالْقَوْلُ لِلْمَحْجُورِ أَوْ وَصِيُّهُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الْبَيْعِ بَعْدَ الْحَجْرِ أَصْلٌ، وَهُوَ أَقْرَبُ زَمَنًا مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الْمُشْتَرِي إثْبَاتُ خِلَافِ الْأَصْلِ، وَهُوَ حُصُولُ الْبَيْعِ لَهُ قَبْلَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِالْحَجْرِ.

مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالطَّلَاقِ فَسُئِلُوا عَنْ تَارِيخِ وُقُوعِهِ هَلْ كَانَ زَمَنُ الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ حِينَئِذٍ وُقُوعُهُ عَلَى زَمَنِ مَرَضِ الْمَوْتِ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُسْلِمِ الْمَسِيحِيَّةُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِ زَوْجِهَا وَطَلَبَتْ حِصَّتَهَا الْإِرْثِيَّةَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ إسْلَامِهَا بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِهَا أَقْرَبُ تَارِيخًا، وَهُوَ الْأَصْلُ مَا لَمْ تَثْبُتْ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) (1) لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى حَاكِمٍ مَعْزُولٍ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ بَعْدَ عَزْلِهِ مَبْلَغًا قَدْرُهُ كَذَا جَبْرًا، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَثْنَاءَ مَا كَانَ حَاكِمًا بَعْدَ أَنْ أَجْرَى مُحَاكَمَتَهُ وَأَنَّهُ أَعْطَى الْمَبْلَغَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ فُلَانٍ، فَإِذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَدْفُوعُ تَلِفَ فِي يَدِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، فَالْقَوْلُ لِلْحَاكِمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُضِيفُ فِعْلَهُ لِزَمَنٍ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ وَيَدَّعِي بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ بِحَسَبِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَمَّا كَانَ وُقُوعُ الْأَخْذِ بَعْدَ الْعَزْلِ هُوَ أَقْرَبُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُعَدَّ ذَلِكَ أَصْلًا، وَعَلَى الْحَاكِمِ الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ خِلَافَ الْأَصْلِ أَيْ حُصُولَ الْأَخْذِ قَبْلَ الْعَزْلِ. (2) إذَا ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَسِيحِيٍّ أَنَّ إسْلَامَهَا وَقَعَ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا وَأَنَّ لَهَا الْحَقَّ فِي أَنْ تَرِثَهُ لِكَوْنِهَا حِينَ وَفَاتِهِ كَانَتْ عَلَى دِينِهِ، وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ، فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّهُ حَسَبَ الْقَاعِدَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ اعْتِنَاقَهَا الدِّينَ الْإِسْلَامِيَّ أَمْرٌ حَادِثٌ، وَالزَّوْجَةُ تَدَّعِي حُدُوثَهُ فِي الْوَقْتِ الْأَقْرَبِ، وَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُثْبِتُوا خِلَافَ الْأَصْلِ، وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ جَرَيَانِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى هُوَ الْعَمَلُ بِقَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ أَيْ سَبَبَ الْحِرْمَانِ مِنْ الْإِرْثِ هُوَ مَوْجُودٌ بِالْحَالِ، وَبِالِاسْتِصْحَابِ الْمَقْلُوبِ تُعْتَبَرُ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ مُسْلِمَةٌ أَيْضًا. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لَأَنْ يَحْفَظَ مَالَهُ مُدَّةً سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَلِفَ الْمَالُ، وَادَّعَى الْأَجِيرُ اسْتِحْقَاقَهُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ لِتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّ تَلَفَ الْمَالِ تَلِفَ لِمُرُورِ شَهْرٍ مِنْ تَسَلُّمِ الْأَجِيرِ لَهُ وَأَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأَجْرِ سِوَى أُجْرَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِلَافًا لِلْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَدَّعِي بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَتْ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ هَذَا الْحُكْمَ بِقَوْلِهَا (فَإِنْ قِيلَ الْأَصْلُ أَنْ يُضَافَ الْحَادِثُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْأَجِيرُ، يُقَالُ الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرٌ يَصِحُّ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَغَرَضُ الْأَجِيرِ أَخْذُ الْأَجْرِ، فَلَا يَصِحُّ بِهِ) . مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ إقْرَارَهُ وَقَعَ حَالٍ طُفُولِيَّتِهِ، وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ حَصَلَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ الْيَمِينِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ - تَوْفِيقًا لِقَاعِدَةِ إضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ - أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الزَّمَنَ الْأَقْرَبَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَلَبَ الْأَجْرِ وَطَلَبَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ أَصْبَحَا خَارِجَيْنِ عَنْ قَاعِدَةِ (الْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَوَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهَا) لِمُعَارَضَةِ قَاعِدَةِ (الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) لَهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.

(المادة 12) الأصل في الكلام الحقيقة

[ (الْمَادَّةُ 12) الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ] (الْمَادَّةُ 12) : الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ فَالْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ يَكُونُ خِلَافَ الْأَصْلِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا بِالْأَصْلِ الرَّاجِحُ. الْمَعْنَى: هُوَ الشَّيْءُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَلَامِ، وَطُرُقُ أَدَاءِ الْمَقْصُودِ بِالْكَلَامِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَاغَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: (الْحَقِيقَةُ) (2) الْمَجَازُ (3) الْكِنَايَةُ، وَأَمَّا عِنْدَ أَهْلِ أُصُولِ الْفِقْهِ فَطُرُقُ أَدَاءِ الْمَقْصُودِ قِسْمَانِ: (حَقِيقَةٌ وَمَجَازٌ) وَالْكِنَايَةُ عِنْدَهُمْ تَارَةً تَكُونُ حَقِيقَةً وَأُخْرَى تَكُونُ مَجَازًا، فَمُخَاطَبَةُ الشَّخْصِ بِالْقَوْلِ لَهُ (أَبُو إبْرَاهِيمَ) (كِنَايَةٌ) وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَفْظٌ حَقِيقِيٌّ، وَالْقَوْلُ لِلضَّرِيرِ (أَبُو الْعَيْنَاءِ) كِنَايَةٌ جَاءَتْ عَنْ مَجَازٍ. الْحَقِيقَةُ: هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَهُ الْوَاضِعُ أَيْ وَاضِعُ اللُّغَةِ كَقَوْلِكَ (أَسَدٌ) لِلْوَحْشِ الْمَعْرُوفِ وَفَرَسٌ (لِلدَّابَّةِ الْمَعْلُومَةِ) . الْمَجَازُ: هُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ عَلَاقَةٌ وَمُنَاسَبَةٌ، فَكَمَا أَنَّ الْعَلَاقَةَ الَّتِي هِيَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ ذَلِكَ اللَّفْظُ مَجَازًا هِيَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمَجَازِ فَالْقَرِينَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْمَجَازِ أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ قَالَ شَخْصٌ رَأَيْت أَسَدًا فِي الْحَمَّامِ يَغْتَسِلُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا شُجَاعًا فِي الْحَمَّامِ يَغْتَسِلُ لَا أَنَّهُ رَأَى الْأَسَدَ الْحَقِيقِيَّ، وَهُوَ الْوَحْشُ الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّ الْحَمَّامَ قَرِينَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ وُجُودِ الْأَسَدِ الْحَقِيقِيِّ فِيهِ يَغْتَسِلُ، وَبَيْنَ الْأَسَدِ وَالرَّجُلِ الشُّجَاعِ عَلَاقَةٌ وَمُنَاسَبَةٌ، وَهِيَ الْجُرْأَةُ وَالشَّجَاعَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هُوَ الرَّاجِحُ فَمَتَى أَمْكَنَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ أَصْلٌ وَالْمَجَازِيَّ بَدَلٌ وَالْبَدَلُ لَا يُعَارِضُ الْأَصْلَ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا وَقَفَ شَخْصٌ مَالَهُ قَائِلًا إنِّي وَقَفْتُ مَالِي عَلَى أَوْلَادِي وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَيُصْرَفُ قَوْلُهُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ، وَلَا تَسْتَفِيدُ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، فَلَوْ انْقَرَضَ أَوْلَادُهُ لِصُلْبِهِ، فَلَا تُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى أَحْفَادِهِ، بَلْ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَّا إذَا كَانَ يُوجَدُ لِلْوَاقِفِ أَوْلَادٌ حِينَ الْوَقْفِ، بَلْ كَانَ لَهُ أَحْفَادٌ فَبِطَرِيقِ الْمَجَازِ يُعَدُّ الْمَالُ مَوْقُوفًا عَلَى أَحْفَادِهِ، أَمَّا إذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ مَوْلُودٌ بَعْدَ إنْشَاءِ الْوَقْفِ فَيَرْجِعُ الْوَقْفُ إلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوِلَادَةِ وَلَفْظُ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَلِأَنَّ لَفْظَةَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ فَعِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ أَوْلَادٍ لِلْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ مَثَلًا يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْأَحْفَادِ الَّذِينَ تُسْتَعْمَلُ فِيهِمْ كَلِمَةُ (الْأَوْلَادِ) مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُ مَعْنَى الْمَجَازِ وَالْحَقِيقَةِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مَعًا. مَثَلًا: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: لَا تَقْتُلْ الْأَسَدَ، فَلَا يُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ مَعْنَى لَا تَقْتُلْ الْأَسَدَ الْحَقِيقِيَّ وَالشَّخْصَ الشُّجَاعَ مَعًا. أَمَّا إذَا وَرَدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى شُمُولِ اللَّفْظِ لِمَعْنَيَيْهِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ (عُمُومِ الْمَجَازِ) وَلَا يَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ.

(المادة 13) لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح

(عُمُومُ الْمَجَازِ) تَعْرِيفُهُ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ شَامِلٍ لِلْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ قَدْ وَقَفْتُ مَالِي هَذَا عَلَى أَوْلَادِي نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ فَقَرِينَةُ (نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ) تَدُلُّ عَلَى شُمُولِ لَفْظِ الْأَوْلَادِ لِكُلِّ وَلَدٍ سَوَاءٌ أَكَانَ وَلَدًا لَهُ حَقِيقَةً أَمْ وَلَدًا لَهُ مَجَازًا مِنْ أَبْنَاءِ أَوْلَادِهِ وَأَبْنَائِهِمْ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَوْصَى شَخْصٌ لِآخَرَ بِثَمَرِ بُسْتَانِهِ فَتُحْمَلُ وَصِيَّتُهُ عَلَى الثَّمَرِ الْمَوْجُودِ أَثْنَاءَ وَفَاةِ الْمُوصِي، وَلَا تُحْمَلُ عَلَى الثَّمَرِ الَّذِي سَيَحْصُلُ فِي السِّنِينَ الْمُقْبِلَةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ يُحْمَلُ حَقِيقَةً عَلَى الثَّمَرِ الْمَوْجُودِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى ثَمَرِ الْمُسْتَقْبَلِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَبِمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُمْكِنِ حَمْلُ هَذَا اللَّفْظِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَدَلِ، وَهُوَ الْمَجَازُ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ مُتَنَاوِلًا لِلثَّمَرِ الْمَوْجُودِ وَاَلَّذِي سَيُوجَدُ كَذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. أَمَّا ذِكْرُ الْمُوصِي كَلِمَةَ أَبَدًا وَدَائِمًا حِينَمَا ذَكَرَ الثَّمَرَ فَيَكُونُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ فَتُحْمَلُ وَصِيَّتُهُ عَلَى الثَّمَرِ الْحَاصِلِ أَثْنَاءَ وَفَاةِ الْمُوصِي، وَالثَّمَرُ الَّذِي سَيَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ فَمَضْمُونُ هَذَا الْكَلَامِ الْحَقِيقِيِّ أَنَّهَا مِلْكُ زَيْدٍ وَيَكُونُ بِقَوْلِهِ هَذَا قَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مِلْكُ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ، فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي لَا أَقْصِدُ بِكَلَامِي أَنَّ الدَّارَ مِلْكٌ لِزَيْدٍ، بَلْ كُنْت أَقْصِدُ أَنَّهَا مَسْكَنٌ لَهُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّ الدَّارَ هِيَ مِلْكِي، فَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِهِ هَذَا إذْ أَنَّ (اللَّامَ) فِي كَلِمَةِ (لِزَيْدٍ) بِمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ، وَالِاخْتِصَاصُ وَإِنْ يَكُنْ عَامًّا لِلتَّمَلُّكِ وَالسَّكَنِ فَالْمَعْنَى الْكَامِلُ فِي هَذَا الْكَلَامِ هُوَ اخْتِصَاصُ الْمِلْكِ، وَلِهَذَا يُحْكَمُ بِمِلْكِيَّةِ زَيْدٍ لِتِلْكَ الدَّارِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ. [ (الْمَادَّةُ 13) لَا عِبْرَة لِلدَّلَالَة فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ] (الْمَادَّةُ 13) : (لَا عِبْرَةَ لِلدَّلَالَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ) لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ ضَعِيفَةٌ، فَلَا تُعْتَبَرُ مُقَابِلَةً لِلتَّصْرِيحِ الْقَوِيِّ. إنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ التَّصْرِيحُ يُسَمَّى لَفْظًا صَرِيحًا. تَعْرِيفُ الصَّرِيحِ عِنْدَ عُلَمَاءِ أُصُولِ الْفِقْهِ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ ظَاهِرًا ظُهُورًا بَيِّنًا وَتَامًّا وَمُعْتَادًا، فَعَلَيْهِ لَوْ أَنَّ شَخْصًا كَانَ مَأْذُونًا بِدَلَالَةِ الْحَالِ بِعَمَلِ شَيْءٍ فَمُنِعَ صَرَاحَةً عَنْ عَمَلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَلَا يَبْقَى اعْتِبَارٌ وَحُكِمَ لِذَلِكَ الْإِذْنِ النَّاشِئِ عَنْ الدَّلَالَةِ. مِثَالُهُ: لَوْ دَخَلَ إنْسَانٌ دَارَ شَخْصٍ فَوَجَدَ عَلَى الْمَائِدَةِ كَأْسًا فَشَرِبَ مِنْهَا وَوَقَعَتْ الْكَأْسُ أَثْنَاءَ شُرْبِهِ وَانْكَسَرَتْ، فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ مَأْذُونٌ بِالشُّرْبِ مِنْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَهَاهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْهَا وَانْكَسَرَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ أَبْطَلَ حُكْمَ الْإِذْنِ الْمُسْتَنِدِ عَلَى دَلَالَةِ الْحَالِ. مِثَالٌ ثَانٍ: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَقَبِلَهُ، فَحُصُولُ عَقْدِ الْهِبَةِ إذْنٌ بِقَبْضِ الْمَالِ دَلَالَةٌ، فَإِنْ

(المادة 14) لا مساغ للاجتهاد في مورد النص

حَصَلَ الْقَبْضُ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَإِنْ نَهَاهُ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَ حُكْمُ الدَّلَالَةِ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ، فَلَوْ قَبَضَهُ كَانَ غَاصِبًا وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغَاصِبِ. (رُجْحَانُ الصَّرَاحَةِ) وَرُجْحَانُ الصَّرَاحَةِ عَلَى الدَّلَالَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ حُصُولِ مُعَارَضَةٍ بَيْنَ الصَّرَاحَةِ وَالدَّلَالَةِ قَبْلَ تَرَتُّبِ حُكْمٍ مُسْتَنِدٍ عَلَى الدَّلَالَةِ، أَمَّا بَعْدَ الْعَمَلِ بِالدَّلَالَةِ أَيْ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ وَجَرَيَانِهِ اسْتِنَادًا عَلَيْهَا، فَلَا اعْتِبَارَ لِلصَّرَاحَةِ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ بِعْتُك هَذَا الْفَرَسَ فَعَلَى الثَّانِي أَنْ يَقْبَلَ فِي الْحَالِ، وَيَقُولُ: قَدْ اشْتَرَيْتُ بِدُونِ وُقُوعِ إعْرَاضٍ مِنْهُ حَتَّى يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَعَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ حُصُولِ الْإِيجَابِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُ أَوْ اشْتَرَيْتُ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِشُغْلٍ آخَرَ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَاشْتَغَلَ بِأَمْرٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ فَيُصْبِحُ الْإِيجَابُ بَاطِلًا، فَلَوْ قَبِلَ الثَّانِي بَعْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْبَيْعِ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ وَقَعَ صَرَاحَةً، فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ، لَكِنَّ الْإِعْرَاضَ الدَّالَّ عَلَى عَدَمِ الرَّغْبَةِ حُكْمٌ أَبْطَلَ الْإِيجَابَ السَّابِقَ، فَالْقَبُولُ اللَّاحِقُ وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا لَكِنَّهُ لَمْ يَجِدْ إيجَابًا صَحِيحًا، وَلِهَذَا فَقَدْ بَطَلَ أَيْضًا وَرُجْحَانُ الصَّرِيحِ عَلَى الدَّلَالَةِ يَكُونُ فِيمَا لَوْ تَعَارَضَا فَقَطْ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ فُضُولًا فَإِذَا طَالَبَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ يَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ دَلَالَةً، وَإِذَا صَرَّحَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَدَمِ إجَازَةِ الْبَيْعِ لَا يُعْتَبَرُ تَصْرِيحُهُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَكَمَا أَنَّ الصَّرَاحَةَ تَكُونُ رَاجِحَةً عَلَى الدَّلَالَةِ كَمَا اتَّضَحَ تَكُونُ رَاجِحَةً عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ مِنْ قَبِيلِ الدَّلَالَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إنَّ اللِّيرَةَ الْمَعْرُوفَةَ فِي فِلَسْطِينَ الْآنَ هِيَ الْجُنَيْهُ الْمِصْرِيُّ، فَلَوْ جَرَى عَقْدُ الْبَيْعِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى لِيرَاتٍ فَرَنْسَاوِيَّةٍ مَثَلًا فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى لِيرَاتٍ فَرَنْسَاوِيَّةٍ، وَلَا تُحْمَلُ اللِّيرَةُ الَّتِي جَرَى الِاتِّفَاقُ عَلَيْهَا عَلَى اللِّيرَةِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى لِيرَاتٍ بِلَا تَعْيِينِ نَوْعِهَا، فَيَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَهُوَ اللِّيرَةُ الْمِصْرِيَّةُ [ (الْمَادَّةُ 14) لَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ] (الْمَادَّةُ 14) : لَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ يَعْنِي: أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ وَرَدَ فِيهَا نَصٌّ مِنْ الشَّارِعِ لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِينَ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِيهَا؛ لِأَنَّ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ أَوْ الْقِيَاسِ فِي الْفُرُوعِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ وُجُودِ نَصٍّ مِنْ الشَّارِعِ. الِاجْتِهَادُ: لُغَةً هُوَ التَّكَلُّفُ بِبَذْلِ الْوُسْعِ، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ صَرْفُ وَبَذْلُ الطَّاقَةِ وَالْقُدْرَةِ أَيْ إجْهَادِ النَّفْسِ لِأَجْلِ الِاسْتِحْصَالِ عَلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْفَرْعِيِّ مِنْ دَلِيلِهِ الشَّرْعِيِّ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ بَذْلُ وُسْعٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَلِذَلِكَ قِيلَ إذَا صَحَّ حَدِيثٌ وَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ. وَإِنَّ الْمُقَلِّدَ لِأَحَدِ الْمَذَاهِبِ إذَا اتَّبَعَ حُكْمَ الْحَدِيثِ، فَلَا يَكُونُ خَالَفَ وَخَرَجَ عَنْ الْمَذْهَبِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ.

(المادة 15) ما ثبت على خلاف القياس فغيره لا يقاس عليه

وَالْمُرَادُ مِنْ النَّصِّ هُنَا (الْكِتَابُ الْكَرِيمُ وَالسُّنَّةُ أَيْ الْأَحَادِيثُ الشَّرِيفَةُ) . مِثَالُ ذَلِكَ: قَدْ نَصَّ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ أَنَّ «الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» فَبَعْدَ وُجُودِ هَذَا النَّصِّ الصَّرِيحِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ أَنْ يَجْتَهِدَ بِخِلَافِهِ وَيَقُولَ بِحُكْمٍ يُنَاقِضُهُ، كَأَنْ يَقُولَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (يَجُوزُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُنْكِرِ) أَوْ (أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي) كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي (هَلْ الْبَيْعُ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ) بَعْدَ وُرُودِ النَّصِّ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] الْآيَةَ. [ (الْمَادَّةُ 15) مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ] (الْمَادَّةُ 15) : مَا ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ يُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ (النَّصُّ الْوَارِدُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ يَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِهِ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ أَيْ الْوَارِدِ بِهِ نَصٌّ) أَصْلٌ، أَوْ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، أَوْ مُشَبَّهٌ بِهِ، وَلِغَيْرِهِ (فَرْعٌ، وَمَقِيسٌ، وَمُشَبَّهٌ) . الْقِيَاسُ تَعْرِيفُهُ: إثْبَاتُ حُكْمٍ لِلْفَرْعِ كَحُكْمِ الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ مُمَاثَلَةٍ فِي الْعِلَّةِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَيْنَ الْمُشَبَّهِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ. كَيْفِيَّةُ الْقِيَاسِ: الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ يَقُولُ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] فَلَوْ انْتَشَلَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ. وَآخَرُ نَبَشَ قَبْرًا وَسَرَقَ الْكَفَنَ مِنْهُ. فَالنَّشَّالُ قَدْ أَخَذَ مَالًا مُحْرَزًا خِفْيَةً، فَعِلَّةُ وُجُوبِ قَطْعِ الْيَدِ مَوْجُودَةٌ فِي عَمَلِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ السَّارِقِ قِيَاسًا، وَأَمَّا (النَّبَّاشُ) فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَأَجَازَ الْبَيْعَ دَلَالَةً، وَإِذَا صَرَّحَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِعَدَمِ إجَازَةِ الْبَيْعِ لَا يُعْتَبَرُ تَصْرِيحُهُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، وَكَمَا أَنَّ الصَّرَاحَةَ تَكُونُ رَاجِحَةً عَلَى الدَّلَالَةِ كَمَا اتَّضَحَ تَكُونُ رَاجِحَةً عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ مِنْ قَبِيلِ الدَّلَالَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إنَّ اللِّيرَةَ الْمَعْرُوفَةَ فِي فِلَسْطِينَ الْآنَ هِيَ الْجُنَيْهُ الْمِصْرِيُّ، فَلَوْ جَرَى أَمْرِ الزَّوَاجِ لَهُ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ تَرْكِ التَّصَرُّفِ لَهُ فِي مَالِهِ لِمُمَاثَلَةِ الْعِلَّتَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَالزَّوَاجِ، وَهُوَ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِ الصَّالِحَ لِنَفْسِهِ مِنْ الضَّارِّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ أَمْرِ الزَّوَاجِ لِلصَّغِيرِ نَفْسِهِ أَبْلَغُ ضَرَرًا مِنْ تَرْكِ التَّصَرُّفِ لَهُ فِي الْمَالِ. وَفِي الْمَثَلِ الْعَامِّيِّ يُقَالُ (الْبِنْتُ الصَّغِيرَةُ لَوْ تُرِكَتْ وَشَأْنَهَا فِي أَمْرِ زَوَاجِهَا تَتَزَوَّجُ بِالطَّبَّالِ، أَوْ الزَّمَّارِ) أَمَّا الْحُكْمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ بِصُورَةٍ مُخَالِفَةٍ لِلْقِيَاسِ، فَلَا يَجُوزُ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إنَّ بَيْعَ الِاسْتِصْنَاعِ جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ وَقِيَاسًا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الِاسْتِصْنَاعِ غَيْرَ جَائِزٍ، وَلَكِنْ جُوِّزَ اسْتِثْنَاءً عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يَجُوزُ قِيَاسُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ بَيْعَ السَّلَمِ أَيْضًا جُوِّزَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ أَنَّ بَيْعَ ثَمَرِ الشَّجَرِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ ثَمَرُهُ جَائِزًا اسْتِنَادًا عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الِاسْتِصْنَاعِ أَوْ بَيْعِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ النَّصَّ بِجَوَازِ الِاسْتِصْنَاعِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالَ قَرِيبِهِ لِآخَرَ بِحُضُورِهِ وَسَكَتَ، أَوْ بَاعَتْ زَوْجَةٌ مَا بِحُضُورِ زَوْجِهَا مَالًا عَلَى أَنَّهُ لَهَا، وَسَكَتَ الزَّوْجُ فَالْبَيْعُ يَكُون نَافِذًا، فَلَوْ ادَّعَى الْقَرِيبُ صَاحِبُ الْمَالِ أَوْ الزَّوْجُ أَنَّ الْمَالَ الْمَبِيعَ هُوَ مَالُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، فَعَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى مِنْهُ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ

(المادة 16) الاجتهاد لا ينقض بمثله

لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ) فَهَذَا الْحُكْمُ لَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي جَرَى غَيْرَ الْبَيْعِ وَكَانَ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً، فَلَوْ أَقَامَ الدَّعْوَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي حَضَرَ الْإِجَارَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ، وَادَّعَى بِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَالدَّعْوَى تُسْمَعُ مِنْهُ، كَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَجَزَ الطَّرَفَانِ كِلَاهُمَا عَنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُمَا، فَبِمَا أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ كِلَاهُمَا مُنْكِرٌ دَعْوَى الْآخَرِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ وَقَعَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَكُونُ دَعْوَى الْمُدَّعِي هِيَ طَلَبُهُ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَالْوَاجِبُ كَانَ الِاكْتِفَاءَ بِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي الْمُنْكِرِ زِيَادَةَ الثَّمَنِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَجْرِي خِلَافًا لِلْقَاعِدَةِ. وَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ اسْتِنَادًا عَلَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ بَيْنَهُمَا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» فَعَلَى ذَلِكَ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ خِلَافًا لِلْقِيَاسِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخْرَى مَثَلًا: لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ عَلَى بَدَلِ الْإِجَارَةِ لَا يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا تَوْفِيقًا لِلْحُكْمِ بِالْبَيْعِ، بَلْ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. [ (الْمَادَّةُ 16) الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ] (الْمَادَّةُ 16) : الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ يَعْنِي لَوْ اجْتَهَدَ فِي مَسْأَلَةٍ مَا مِنْ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَمِلَ بِاجْتِهَادِهِ أَيْ حَكَمَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ رَأْيٌ آخَرُ فَعَدَلَ عَنْ الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، فَلَا يَنْقُضُ اجْتِهَادُهُ الثَّانِي حُكْمَهُ النَّاشِئَ عَنْ اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ. كَذَا لَوْ حَكَمَ مُجْتَهِدٌ فِي مَسْأَلَةٍ بِمُوجِبِ اجْتِهَادِهِ، ثُمَّ حَكَمَ مُجْتَهِدٌ ثَانٍ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ عَيْنِهَا وَكَانَ رَأْيُ الثَّانِي مُخَالِفًا لِرَأْيِ وَاجْتِهَادِ الْمُجْتَهِدِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمُسْتَنِدُ عَلَى اجْتِهَادِ الْأَوَّلِ. إنَّ لِلْمُجْتَهِدِ شُرُوطًا وَصِفَاتٍ مُعَيَّنَةً فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ، فَلَا يُقَالُ لِلْعَالِمِ مُجْتَهِدٌ مَا لَمْ يَكُنْ حَائِزًا عَلَى تِلْكَ الصِّفَاتِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى سَدِّ بَابِ الِاجْتِهَادِ خَوْفًا مِنْ تَشَتُّتِ الْأَحْكَامِ، وَلِأَنَّ الْمَذَاهِبَ الْمَوْجُودَةَ، وَهِيَ (الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ) قَدْ وَرَدَ فِيهَا مَا فِيهِ الْكِفَايَةُ إلَّا أَنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ الشِّيعِيُّونَ لَمْ يَزَلْ بَابُ الِاجْتِهَادِ مَفْتُوحًا عِنْدَهُمْ لِلْآنِ، وَفِيهِمْ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ وَبِلَادِ عَامِلٍ وَالْعِرَاقِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمًا مَبْنِيًّا عَلَى اجْتِهَادِهِ السَّابِقِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِمُجْتَهِدٍ ثَانٍ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمًا مَبْنِيًّا عَلَى اجْتِهَادٍ لِمُجْتَهِدٍ سَابِقٍ، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَا يُرَجِّحُ اجْتِهَادًا عَلَى آخَرَ، وَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَوْ الْحُكْمُ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الثَّانِي هُوَ أَصْوَبُ مِنْ الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى إصَابَةِ الْمَرْمَى مَعَ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فَكُلٌّ اجْتِهَادٌ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ خَطَأً. فَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) كَانَ يُصْدِرُ بَعْضَ الْأَحْكَامِ بِنَاءً عَلَى اجْتِهَادِهِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) يَحْضُرُ جِلْسَاتِ الْحُكْمِ وَمَعَ أَنَّ رَأْيَهُ غَيْرُ رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِهَا، فَلَمْ يَنْقُضْ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَمَا عَهِدَ إلَيْهِ بِمَنْصِبِ الْخِلَافَةِ. فَعَلَيْهِ اسْتِنَادًا عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَا يَجُوزُ إلْغَاءُ الْأَحْكَامِ الَّتِي يُصْدِرُهَا حَاكِمٌ مِنْ حَاكِمٍ آخَرَ، كَمَا

(المادة 17) المشقة تجلب التيسير

أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الْوَاحِدِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْحُكْمِ الَّذِي أَصْدَرَهُ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ، كَمَا يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ اجْتِهَادًا مُخَالِفًا لِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَنْ يُعْطِيَ أَحْكَامًا وَآرَاءً مُخَالِفَةً لِرَأْيٍ أَوْ حُكْمٍ لَهُ سَابِقٍ. (مُسْتَثْنًى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) إذَا وُجِدَتْ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ تَقْتَضِي نَقْضَ اجْتِهَادِ مَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِاجْتِهَادٍ لَاحِقٍ [ (الْمَادَّةُ 17) الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ] (الْمَادَّةُ 17) : الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ. يَعْنِي: أَنَّ الصُّعُوبَةَ الَّتِي تُصَادِفُ فِي شَيْءٍ تَكُونُ سَبَبًا بَاعِثًا عَلَى تَسْهِيلِ وَتَهْوِينِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَجِبُ التَّوْسِيعُ وَقْتَ الضِّيقِ، وَإِنَّ التَّسْهِيلَاتِ الشَّرْعِيَّةَ بِتَجْوِيزِ عُقُودِ الْقَرْضِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالْحَجْزِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالسَّلَمِ، وَإِقَالَةِ الْبَيْعِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِبْرَاءِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالصُّلْحِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، وَشَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ كُلُّهَا مُسْتَنِدَةٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَقَدْ صَارَ تَجْوِيزُهَا دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ وَجَلْبًا لِلتَّيْسِيرِ وَتُسَمَّى (رُخَصًا) . (الرُّخْصَةُ) تَعْرِيفُهَا: الرُّخْصَةُ لُغَةً التَّوَسُّعُ، وَالْيُسْرُ، وَالسُّهُولَةُ، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: هِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّتُهَا بِنَاءً عَلَى الْأَعْذَارِ مَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ الْمُحَرِّمِ تَوَسُّعًا فِي الضِّيقِ. مِثَالٌ: إنَّ بَيْعَ السَّلَمِ بَيْعُ مَعْدُومٍ، وَبِمَا أَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (205) فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ عَدَمُ تَجْوِيزِ هَذَا الْبَيْعِ. إلَّا أَنَّ احْتِيَاجَ النَّاسِ قَبْلَ الْحُصُولِ عَلَى مَحْصُولَاتِهِمْ لِلنُّقُودِ قَدْ جَوَّزَ هَذَا الْعَقْدَ تَيْسِيرًا وَتَسْهِيلًا لَهُمْ كَذَلِكَ لِلتَّيْسِيرِ وَالتَّسْهِيلِ قَدْ مُنِحَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ وَجُوِّزَ سَمَاعُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا. وَجُعِلَ الْعَقْدُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصُّلْحِ عَلَى الْمَالِ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ وَتَأْجِيلِ الدَّيْنِ وَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ النَّاشِئِ عَنْ إجْبَارٍ وَإِكْرَاهٍ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ. وَكَذَلِكَ اُكْتُفِيَ بِأَنْ يُشَاهِدَ الْمُشْتَرِي كَوْمَةَ الْقَمْحِ أَوْ الشَّعِيرِ بَدَلًا مِنْ أَنْ يُشَاهِدَ كُلَّ قَمْحَةٍ أَوْ شَعِيرَةٍ يَشْتَرِيهَا حَتَّى يَزُولَ حَقُّ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ أَنْ يَرَى الْمُشْتَرِي كُلَّ حَبَّةٍ مِنْ الْكَوْمَةِ لَاسْتَوْجَبَ ذَلِكَ صُعُوبَةً فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. كَذَلِكَ اُكْتُفِيَ فِي الثِّيَابِ بِرُؤْيَةِ الثَّوْبِ مِنْ طَرَفِهِ دُونَ أَنْ يَرَاهُ الْمُشْتَرِي جَمِيعَهُ، وَكَذَلِكَ جُوِّزَ بَيْعُ الْوَفَاءِ دَفْعًا لِمُمَاطَلَةِ الْمَدِينِ وَتَسْهِيلًا لِلدَّائِنِ لَأَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ. وَجُوِّزَ أَيْضًا خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ دَفْعًا لِلْغُرْمِ الَّذِي قَدْ يَحْصُلُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ حُصُولِ الْبَيْعِ، وَجُوِّزَ زَوَاجُ الْمَرْأَةِ بِدُونِ النَّظَرِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَامْتَنَعَ الْكَثِيرُونَ عَنْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِمْ غَيْرَةً عَلَيْهِنَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْخَاطِبِينَ، وَجُوِّزَ وَشُرِعَ الطَّلَاقُ لِلتَّسْهِيلِ وَالتَّوْسِيعِ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ حَالَ وُجُودِ النُّفُورِ وَالْكَرَاهِيَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَشَقَّةٌ عُظْمَى وَبَلِيَّةٌ كُبْرَى عَلَيْهِمَا مَعًا. وَجُوِّزَتْ الْوَصِيَّةُ لِيَتَمَكَّنَ الَّذِي لَمْ يُوَفَّقْ لِعَمَلِ الْخَيْرِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إجْرَائِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.

(المادة 18) الأمر إذا ضاق اتسع

وَأَخِيرًا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ إذَا لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ النَّصُّ، فَلَا يَجُوزُ الْعَمَلُ خِلَافَ ذَلِكَ النَّصِّ بِدَاعِي جَلْبِ التَّيْسِيرِ وَإِزَالَةِ الْمَشَقَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 18) الْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ] (الْمَادَّةُ 18) : الْأَمْرُ إذَا ضَاقَ اتَّسَعَ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ هُوَ وَاضِعُهَا. الِاتِّسَاعُ: مَأْخُوذٌ مِنْ الْوُسْعِ، وَالتَّوْسِيعُ ضِدُّ التَّضْيِيقِ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إذَا شُوهِدَ ضِيقٌ وَمَشَقَّةٌ فِي فِعْلٍ أَوْ أَمْرٍ يَجِبُ إيجَادُ رُخْصَةٍ وَتَوْسِعَةٍ لِذَلِكَ الضَّيْقِ فَلَا زَالَتْ الْمَشَقَّةُ تُجَوِّزُ الْأَشْيَاءَ غَيْرَ الْجَائِزَةِ قِيَاسًا وَالْمُغَايَرَةَ لِلْقَوَاعِدِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِمَعْنَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي سَبَقَ شَرْحُهَا، وَهِيَ (الْمَادَّةُ 17) [ (الْمَادَّةُ 19) لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ] (الْمَادَّةُ 19) : لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ. يَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ كَلِمَةِ (لَا ضَرَرَ) أَنَّهُ لَا يُوجَدُ ضَرَرٌ، بَلْ الضَّرَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مَوْجُودٌ وَالنَّاسُ لَا يَزَالُونَ يَفْعَلُونَهُ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الضَّرَرُ أَيْ الْإِضْرَارُ ابْتِدَاءً، كَمَا لَا يَجُوزُ الضِّرَارُ أَيْ إيقَاعُ الضَّرَرِ مُقَابَلَةً لِضَرَرٍ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَامَّةً فَهِيَ مِنْ نَوْعِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ لَا تَصْدُقُ إلَّا عَلَى قِسْمٍ مَخْصُوصٍ مِمَّا تَشْمَلُهُ؛ لِأَنَّ التَّعَازِيرَ الشَّرْعِيَّةَ ضَرَرٌ، وَلَكِنَّ إجْرَاءَهَا جَائِزٌ، كَذَلِكَ الدُّخَانُ الَّذِي يَنْتَشِرُ مِنْ مَطْبَخِ دَارِ شَخْصٍ إلَى دَارِ جَارِهِ يُعَدُّ ضَرَرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضُرُّ بِالْجِيرَانِ مُبَاشَرَةً أَوْ يُسَبِّبُ اشْتِهَاءَ الْأَطْعِمَةِ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، فَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهُمْ، كَذَا لَوْ وُجِدَ فِي دَارِ شَخْصٍ شَجَرَةٌ كَانَتْ سَبَبًا لَأَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا الْجَارُ كَالِاسْتِظْلَالِ بِهَا فَقَطْعُهَا مُوجِبٌ لِضَرَرِ الْجَارِ أَيْضًا. ، فَهَذِهِ الْأَضْرَارُ وَمَا مَاثَلَهَا يَجُوزُ إجْرَاؤُهَا وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّهَا كَمَا ذَكَرْنَا هِيَ مِنْ قِسْمِ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ. وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ عَلَى حُكْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِضْرَارُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَضُرَّ شَخْصًا آخَرَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ هُوَ ظُلْمٌ وَالظُّلْمُ مَمْنُوعٌ فِي كُلِّ دِينٍ، وَجَمِيعُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ قَدْ مَنَعَتْ الظُّلْمَ. مِثَالٌ: لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ طَرِيقِ شَخْصٍ آخَرَ، فَلَا يَجُوزُ مَنْعُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنْ الْمُرُورِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ. ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَبِيعَ مَالًا مَعِيبًا لِشَخْصٍ آخَرَ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الْعَيْبَ الْمَوْجُودَ فِي الْمَالِ وَأَنَّ إخْفَاءَ عَيْبِ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُشْتَرِي إضْرَارٌ بِهِ، وَهُوَ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ شَرْعًا. كَذَا لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ أَنْ يَمْنَعُوا شَخْصًا مِنْ أَنْ يَسْكُنَ فِي قَرْيَتِهِمْ بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُسَاكِنُوهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ هَذَا ضَرَرٌ وَإِجْرَاءُ الضَّرَرِ مَمْنُوعٌ، كَمَا قُلْنَا. هَذَا وَأَنَّ جَوَازَ إجْرَاءِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ تَرَتُّبِ ضَرَرٍ لِأَحَدٍ بِإِجْرَائِهَا. مَثَلًا: أَنَّ الصَّيْدَ هُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ وَجَائِزٌ، إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ الصَّيْدِ إذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِنُفُورِ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ مُسَبِّبَةً لِخَوْفِ وَاضْطِرَابِ الْأَهْلِينَ

(المادة 20) الضرر يزال

يُمْنَعُ الصَّيَّادُ مِنْ الصَّيْدِ. كَذَلِكَ تَصَرُّفُ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ حُصُولِ ضَرَرٍ بَلِيغٍ لِجِيرَانِهِ. مِثَالٌ: يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُنْشِئَ دَارًا وَيَفْتَحَ نَوَافِذَ، وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ النَّوَافِذُ الْمُرَادُ فَتْحُهَا تَكْشِفُ مَقَرَّ نِسَاءِ الْجِيرَانِ، يُمْنَعُ صَاحِبُ الْمِلْكِ مِنْ فَتْحِ تِلْكَ النَّوَافِذِ. أَمَّا حُكْمُ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُقَابَلَةُ الضَّرَرِ بِمِثْلِهِ، وَهُوَ الضِّرَارُ، كَمَا لَوْ أَضَرَّ شَخْصٌ آخَرَ فِي ذَاتِهِ أَوْ مَالِهِ لَا يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الْمُتَضَرِّرِ أَنْ يُقَابِلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِضَرَرٍ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَيَطْلُبَ إزَالَةَ ضَرَرِهِ بِالصُّورَةِ الْمَشْرُوعَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ شَخْصٌ " كَرْمًا " لِآخَرَ مَثَلًا فَلَيْسَ لِلْمُتَضَرِّرِ أَنْ يُقَابِلَ الشَّخْصَ الَّذِي أَضَرَّهُ بِإِتْلَافِ كَرْمِهِ، بَلْ عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرْنَا مُرَاجَعَةُ الْمَحْكَمَةِ، وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ عَلَى مُرَاجَعَتِهَا وَأَتْلَفَ كَرْمَ الْمُتْلِفِ لِكَرْمِهِ فَكَمَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُتْلِفِ الْأَوَّلِ يُحْكَمُ عَلَى الْمُتْلِفِ الثَّانِي، وَيَكُونَانِ ضَامِنَيْنِ بِمَا أَتْلَفَا. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ نُقُودًا مُزَيَّفَةً مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِغَيْرِهِ. [ (الْمَادَّةُ 20) الضَّرَرُ يُزَالُ] (الْمَادَّةُ 20) : الضَّرَرُ يُزَالُ. لِأَنَّ الضَّرَرَ هُوَ ظُلْمٌ وَغَدْرٌ وَالْوَاجِبُ عَدَمُ إيقَاعِهِ. وَإِقْرَارُ الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمِهِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ أَيْضًا فَيَجِبُ إزَالَتُهُ، فَتَجْوِيزُ خِيَارِ التَّعْيِينِ، وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَخِيَارِ النَّقْدِ، وَخِيَارِ الْغَبْنِ، وَالتَّغْرِيرِ، وَرَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَالْحَجْرِ، وَالشُّفْعَةِ، وَتَضْمِينِ الْمَالِ الْمُتْلَفِ لِلْمُتْلِفِ، وَالْإِجْبَارِ عَلَى قِسْمَةِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ إزَالَةِ الضَّرَرِ، فَخِيَارُ الْعَيْبِ شُرِعَ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي الَّذِي يَأْخُذُ مَالًا مَعِيبًا مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ مَالٌ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ، وَحَقُّ الشُّفْعَةِ جُوِّزَ لِمَنْعِ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ سُوءِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِنَ، كَمَا لَا يَخْفَى تَغْلُو وَتَرْخُصُ بِجِيرَانِهَا، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ شَجَرَةً فِي بُسْتَانِ شَخْصٍ كَبُرَتْ وَتَدَلَّتْ أَغْصَانُهَا عَلَى دَارِ جَارِهِ، وَكَانَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْجَارِ، فَيَجِبُ إزَالَةُ الضَّرَرِ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ أَوْ بِرَبْطِهَا وَسَحْبِهَا لِلدَّاخِلِ. كَذَا لَوْ أَحْدَثَ شَخْصٌ بِنَاءً فِي مِلْكِهِ وَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ حُصُولُ الظَّلَّامِ فِي غَرْفَةِ جَارِهِ بِصُورَةٍ لَا تُسْتَطَاعُ مَعَهَا الْقِرَاءَةُ وَالْكِتَابَةُ، وَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُزَالُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1201) مِنْ الْمَجَلَّةِ، كَذَلِكَ يُمْنَعُ الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ يُزَيِّفُونَ النُّقُودَ عَنْ إجْرَاءِ صِنَاعَتِهِمْ أَيْضًا، وَإِذَا وُجِدَ لِشَخْصٍ نَحْلٌ عَسَلٍ وَالنَّحْلُ يَأْكُلُ أَثْمَارَ جَارِهِ الْمَوْجُودَةَ فِي بُسْتَانِهِ يُحْكَمُ بِإِبْعَادِ النَّحْلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. [ (الْمَادَّةُ 21) الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ] (الْمَادَّةُ 21) : الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. الضَّرُورَةُ هِيَ الْعُذْرُ الَّذِي يَجُوزُ بِسَبَبِهِ إجْرَاءُ الشَّيْءِ الْمَمْنُوعِ. الْمُبَاحُ: وَالْمُبَاحُ شَرْعًا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَجُوزُ تَرْكُهُ وَفِعْلُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمُبَاحِ هُنَا مَا لَيْسَ بِهِ مُؤَاخَذَةٌ، وَأَنَّ إبَاحَةَ الضَّرُورَةِ لِلْمَحْظُورَاتِ تُسَمَّى فِي عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ رُخْصَةً، وَقَدْ اتَّضَحَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (17) وَالرُّخْصَةُ هِيَ الشَّيْءُ الَّذِي يُشْرَعُ ثَابِتًا بِنَاءً عَلَى الْإِعْذَارِ، وَهِيَ الشَّيْءُ

(المادة 22) ما أبيح للضرورة يتقدر بقدرها

الْمُبَاحُ مَعَ بَقَاءِ الْمُحَرِّمِ وَالْحُرْمَةِ، أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ فَاعِلُ الشَّيْءِ الْمُبَاحِ لَا يُؤَاخَذُ فَاعِلُ الشَّيْءِ الْمُرَخَّصِ أَيْضًا. مِثَالٌ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا أَكْرَهَ آخَرَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَبِوُقُوعِ الْإِكْرَاهِ أَيْ الضَّرُورَةِ لَا تَزُولُ الْحُرْمَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، إلَّا أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُؤَاخَذُ لِلْإِتْلَافِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالرُّخْصَةِ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ عَائِدٌ لِأُصُولِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَوَرَدَ هُنَا بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ تَوْضِيحًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. مِثَالٌ: إنَّ التَّعَرُّضَ لِمَالِ الْغَيْرِ وَإِتْلَافَهُ مَمْنُوعٌ، كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (96 وَ 97) إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ شَخْصٌ فِي حَالٍ الْهَلَاكِ مِنْ الْجُوعِ فَلَهُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ، وَلَوْ بِالْجَبْرِ عَلَى شَرْطِ أَدَاءِ ثَمَنِهِ فِيمَا بَعْدُ أَوْ اسْتِحْصَالُ رِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَقْتُلَ الْجَمَلَ الَّذِي يَصُولُ عَلَيْهِ تَخْلِيصًا لِحَيَاتِهِ، فَفِي هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ أَصْبَحَ مِنْ الْجَائِزِ إتْلَافُ وَأَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ بِصُورَةِ الْجَبْرِ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا أَكْرَهَ شَخْصٌ آخَرَ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ بِقَوْلِهِ: أَقْتُلُكَ أَوْ اقْطَعْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِك، فَيُصْبِحُ إتْلَافُ الْمَالِ مُبَاحًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَالضَّمَانُ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ. إنَّ الضَّرُورَاتِ لَا تُبِيحُ كُلَّ الْمَحْظُورَاتِ، بَلْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَحْظُورَاتُ دُونَ الضَّرُورَاتِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَمْنُوعَاتُ أَوْ الْمَحْظُورَاتُ أَكْثَرُ مِنْ الضَّرُورَاتِ، فَلَا يَجُوزُ إجْرَاؤُهَا وَلَا تُصْبِحُ مُبَاحَةً. مِثَالٌ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا هَدَّدَ آخَرَ بِالْقَتْلِ أَوْ بِقَطْعِ الْعُضْوِ وَأَجْبَرَهُ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ، فَلَا يَحِقُّ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يُوقِعَ الْقَتْلَ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ هُنَا مُسَاوِيَةٌ لِلْمَحْظُورِ، بَلْ إنَّ قَتْلَ الْمُكْرَهِ أَخَفُّ ضَرَرًا مِنْ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا آخَرَ، فَوَالْحَالَةُ هَذِهِ إذَا أَوْقَعَ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ الْقَتْلَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْقَاتِلِ بِلَا إكْرَاهٍ، أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْقِصَاصِ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ كُلٍّ مَنْ الْمُجْبِرِ وَالْمُكْرَهِ. [ (الْمَادَّةُ 22) مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا] (الْمَادَّةُ 22) : مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. أَيْ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى الضَّرُورَةِ يَجُوزُ إجْرَاؤُهُ بِالْقَدْرِ الْكَافِي لِإِزَالَةِ تِلْكَ الضَّرُورَةِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا تَزُولُ بِهِ الضَّرُورَةُ. مَثَلًا: لَوْ أَنَّ شَخْصًا كَانَ فِي حَالَةِ الْهَلَاكِ مِنْ الْجُوعِ يَحِقُّ لَهُ اغْتِصَابُ مَا يَدْفَعُ جُوعَهُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ لَا أَنْ يَغْتَصِبَ كُلَّ شَيْءٍ وَجَدَهُ مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ، كَذَلِكَ جُوِّزَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ فِي شَيْئَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَا أَزْيَدَ كَأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ أَوْ خَمْسَةٍ، إذْ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِلزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ إنَّمَا يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ شَخْصٌ نَافِذَةً تُشْرِفُ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ الْجِيرَانِ فَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْجَارِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ الضَّرَرَ فَقَطْ، وَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ النَّافِذَةِ عَلَى سَدِّهَا بِالْكُلِّيَّةِ. الضَّرُورَةُ: هِيَ الْحَالَةُ الْمُلْجِئَةُ لِتَنَاوُلِ الْمَمْنُوعِ شَرْعًا. الْحَاجَةُ: أَمَّا الْحَاجَةُ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ حَالَةَ جَهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَهِيَ دُونَ الضَّرُورَةِ، وَلَا يَتَأَتَّى مَعَهَا الْهَلَاكُ فَلِذَا لَا يُسْتَبَاحُ بِهَا الْمَمْنُوعُ شَرْعًا. مِثَالُ ذَلِكَ: الصَّائِمُ الْمُسَافِرُ بَقَاؤُهُ صَائِمًا يُحَمِّلُهُ جَهْدًا وَمَشَقَّةً فَيُرَخَّصُ لَهُ الْإِفْطَارُ لِحَاجَتِهِ لِلْقُوَّةِ عَلَى السَّفَرِ.

(المادة 23) ما جاز لعذر بطل بزواله

[ (الْمَادَّةُ 23) مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ] (الْمَادَّةُ 23) : مَا جَازَ لِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ. يَعْنِي: أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَجُوزُ بِنَاءً عَلَى الْأَعْذَارِ وَالضَّرُورَاتِ إذَا زَالَتْ تِلْكَ الْأَعْذَارُ وَالضَّرُورَاتُ بَطَلَ الْجَوَازُ فِيهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَّمَا جُوِّزَتْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَمَكُّنِ الشَّاهِدِ الْأَصِيلِ مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِمَرَضٍ مُقْعِدٍ أَوْ غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ. مَثَلًا: فَإِذَا أَبَلَّ الشَّاهِدُ الْأَصِيلُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ مِنْ غَيْبَتِهِ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ، كَذَلِكَ يَحِقُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِيجَارِ إذَا حَصَلَ عَيْبٌ حَادِثٌ فِي الْمَأْجُورِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ فَسْخِ الْإِيجَارِ أَزَالَ ذَلِكَ الْعَيْبَ، فَلَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِفَسْخِ الْإِيجَارِ، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ شَخْصًا اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ آخَرَ، وَالْمُؤَجِّرُ أَبْقَى أَمْتِعَتَهُ فِي إحْدَى الْغُرَفِ وَلَمْ يُسَلِّمْ تِلْكَ الْغُرْفَةَ، فَالْمُسْتَأْجِرُ هُنَا مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ أَوْ الدَّوَامِ عَلَيْهَا، فَإِذَا أَخْلَى الْمُؤَجِّرُ تِلْكَ الْغُرْفَةَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ، فَلَا يَحِقُّ لَهُ حِينَئِذٍ فَسْخُهَا؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ الَّذِي كَانَ يَحِقُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ اسْتِنَادًا عَلَيْهِ قَدْ زَالَ. [ (الْمَادَّةُ 24) إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ] (الْمَادَّةُ 24) : إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ. يَعْنِي: إذَا كَانَ شَيْءٌ جَائِزًا وَمَشْرُوعًا، ثُمَّ امْتَنَعَ حُكْمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ بِمَانِعٍ عَارِضٍ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْمَانِعُ يَعُودُ حُكْمُ مَشْرُوعِيَّتِهِ. مِثَالٌ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا وَبَعْدَ حُصُولِ عَيْبٍ حَادِثٍ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ، بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ أَيْ فَرْقِ الثَّمَنِ فَقَطْ. فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ الْمَانِعُ مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ لِلْبَائِعِ نُقْصَانَ الثَّمَنِ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ صَبِيٌّ أَوْ أَعْمَى بِقَضِيَّةٍ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِ الصِّغَرِ وَالْعَمَى، فَبَعْدَ بُلُوغِ الشَّاهِدِ أَوْ زَوَالِ الْعَمَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَانَ الْعَمَى وَصِغَرُ السِّنِّ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. وَبَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَلَدَتْ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. أَمَّا إذَا مَاتَ الْمُهْرُ الْمَوْلُودُ فَيَكُونُ قَدْ زَالَ الْمَانِعُ فَيَعُودُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْخِيَارِ. كَذَلِكَ الْمُشْتَرِي إذَا غَرَسَ أَشْجَارًا فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ أَوْ أَنْشَأَ فِيهَا بِنَاءً، فَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ طَلَبُ فَسْخِ الْبَيْعِ بِدَعْوَى وُجُودِ فَسَادٍ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِضَرَرِ الْمُشْتَرِي. إذْ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَقْلَعَ أَشْجَارَهُ أَوْ يَهْدِمَ بِنَاءَهُ. أَمَّا إذَا خُلِعَتْ الْأَشْجَارُ أَوْ هُدِمَ الْبِنَاءُ بِآفَةٍ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَدَّعِيَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، وَيَطْلُبَ فَسْخَ الْعَقْدِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ. كَذَلِكَ بَيْعُ الْمُكْرَهِ لَا يَكُونُ نَافِذًا، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى مَالِ الْمُكْرَهِ، إذْ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ حَوْزَةِ صَاحِبِهِ إلَّا بِرِضَاءٍ مِنْهُ، أَمَّا إذَا أَجَازَهُ الْمُكْرَهُ بِرِضَائِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ يُصْبِحُ الْبَيْعُ نَافِذًا. كَذَلِكَ التَّنَاقُضُ مَانِعٌ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، فَإِذَا تَنَاقَضَ شَخْصٌ فِي دَعْوَاهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ إلَّا أَنَّهُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ أَوْ تَكْذِيبِ الْحَاكِمِ يَزُولُ التَّنَاقُضُ وَتُصْبِحُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ مَسْمُوعَةً لِزَوَالِ الْمَانِعِ.

(المادة 25) الضرر لا يزال بمثله

[ (الْمَادَّةُ 25) الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ] (الْمَادَّةُ 25) : الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ. وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى إذًا يُشْتَرَطُ بِأَنْ يُزَالُ الضَّرَرُ بِلَا إضْرَارٍ بِالْغَيْرِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَبِأَخَفَّ مِنْهُ. مِثَالٌ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا فَتَحَ حَانُوتًا فِي سُوقٍ وَجَلَبَ أَكْثَرَ الْمُشْتَرِينَ لِجَانِبِهِ بِصُورَةٍ أَوْجَبَتْ الْكَسَادَ عَلَى بَاقِي التُّجَّارِ، فَلَا يَحِقُّ لِلتُّجَّارِ أَنْ يُطَالِبُوا بِمَنْعِ ذَلِكَ التَّاجِرِ عَنْ الْمُتَاجَرَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَضُرُّ بِمَكَاسِبِهِمْ؛ لِأَنَّ مَنْعَ ذَلِكَ التَّاجِرِ عَنْ التِّجَارَةِ هُوَ ضَرَرٌ بِقَدْرِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ لِلتُّجَّارِ الْآخَرِينَ. كَذَلِكَ الشَّرِكَةُ بِالْأَمْوَالِ هِيَ ضَرَرٌ وَلِذَلِكَ قَدْ جُوِّزَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إزَالَةً لِلضَّرَرِ، وَالْحَاكِمُ عِنْدَ الْإِيجَابِ يَحْكُمُ بِالْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جَبْرًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ طَاحُونًا وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ تَقْسِيمَهُ، فَلِأَنَّ تَقْسِيمَ الطَّاحُونِ يُوجِبُ ضَرَرَ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ الَّذِينَ يَرْفُضُونَ الْمُقَاسَمَةَ، فَالْحَاكِمُ لَا يُجِيزُ الشُّرَكَاءَ عَلَى الْمُقَاسَمَةِ حَيْثُ يَكُونُ قَدْ أَزَالَ الضَّرَرَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. كَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ تَحَقَّقَ الْهَلَاكَ جُوعًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ مَا يَدْفَعُ بِهِ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ غَصْبًا. لَكِنْ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَاحْتِيَاجِهِ لَهُ وَبِأَخْذِهِ مِنْهُ يُصْبِحُ مَعْرَضًا لِلْهَلَاكِ أَيْضًا لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، إذْ إنَّهُ بِدَفْعِ ضَرَرِهِ يَجْلِبُ ضَرَرًا لِغَيْرِهِ مُسَاوِيًا لِضَرَرِهِ. كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَحِقُّ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ لِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ، إلَّا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ أَيْ بِالْفَرْقِ بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا، وَقِيمَتِهِ سَالِمًا. [ (الْمَادَّةُ 26) يُتَحَمَّلُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ ضَرَرٍ عَامٍّ] (الْمَادَّةُ 26) : يُتَحَمَّلُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ ضَرَرٍ عَامٍّ. بِمَا أَنَّ الضَّرَرَ الْخَاصَّ لَا يَكُونُ مِثْلَ الضَّرَرِ الْعَامِّ، بَلْ دُونَهُ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ الْعَامُّ بِهِ، فَمَنْعُ الطَّبِيبِ الْجَاهِلِ وَالْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ مِنْ مُزَاوَلَةِ صِنَاعَتِهِمْ ضَرَرٌ لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِمْ، وَلَكِنْ لَوْ تُرِكُوا وَشَأْنَهُمْ يَحْصُلُ مِنْ مُزَاوَلَتِهِمْ صِنَاعَتَهُمْ ضَرَرٌ عَامٌّ كَإِهْلَاكِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِجَهْلِ الطَّبِيبِ، وَتَضْلِيلِ الْعِبَادِ مَعَ تَشْوِيشٍ كَثِيرٍ فِي الدِّينِ بِمُجُونِ الْمُفْتِي، وَغِشِّ النَّاسِ مِنْ الْمُكَارِي، وَكَذَلِكَ جَوَازُ هَدْمِ الْبَيْتِ الَّذِي يَكُونُ أَمَامَ الْحَرِيقِ مَنْعًا لِسِرَايَةِ النَّارِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَبْنِيَةٌ آيِلَةٌ لِلسُّقُوطِ وَالِانْهِدَامِ يُجْبَرُ صَاحِبُهَا عَلَى هَدْمِهَا خَوْفًا مِنْ وُقُوعِهَا عَلَى الْمَارَّةِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَحْدِيدُ أَسْعَارِ الْمَأْكُولَاتِ عِنْدَ طَمَعِ التُّجَّارِ فِي زِيَادَةِ الْأَرْبَاحِ زِيَادَةً تَضُرُّ بِمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ إخْرَاجُ بَعْضِ الذَّخَائِرِ وَالْغِلَالِ مِنْ بَلْدَةٍ لِأُخْرَى، إذَا كَانَ فِي إخْرَاجِهَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ فِي الْبَلْدَةِ. وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ الطَّبَّاخُ مِنْ فَتْحِ دُكَّانِهِ فِي سُوقِ التُّجَّارِ خَوْفًا مِنْ لُحُوقِ التَّلَفِ بِبَضَائِعِ التُّجَّارِ مِنْ دُخَانِ طَعَامِهِ [ (الْمَادَّةُ 27) الضَّرَرُ الْأَشَدُّ يُزَالُ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ] (الْمَادَّةُ 27) : الضَّرَرُ الْأَشَدُّ يُزَالُ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ. يَعْنِي أَنَّ الضَّرَرَ تَجُوزُ إزَالَتُهُ بِضَرَرٍ يَكُونُ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَالَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَشَدَّ مِنْهُ حَسْبَ مَا وَضَّحْنَا بِالْمَوَادِّ السَّابِقَةِ. مِثَالٌ: إذَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ أَبْنِيَةً، فَلَوْ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى قَلْعِهَا وَتَسْلِيمِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ لِلشَّفِيعِ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ الشَّفِيعُ عَلَى أَخْذِ الْمَشْفُوعِ مَعَ دَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي يَتَضَرَّرُ أَيْضًا بِإِجْبَارِهِ عَلَى دَفْعِ نُقُودٍ ثَمَنًا

(المادة 28) إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما

لِلْبِنَاءِ الْمُحْدَثِ زِيَادَةً عَنْ قِيمَةِ الْمَشْفُوعِ، إلَّا أَنَّ هَذَا الضَّرَرَ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَوْ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ، إذْ يَضِيعُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْبِنَاءِ بِلَا مُقَابِلٍ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مُقَابِلَ الثَّمَنِ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَ. إذًا فَضَرَرُ الشَّفِيعِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي فَيُخْتَارُ وَيُكَلَّفُ ذَلِكَ الشَّفِيعُ بِأَخْذِ الْأَبْنِيَةِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلْمُشْتَرِي. كَذَلِكَ إذَا دَخَّلَ فَرَسٌ " تُسَاوِي قِيمَتُهٌ ثَلَاثِينَ جُنَيْهًا " رَأْسَهُ فِي إنَاءِ شَخْصٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ ثَلَاثَ جُنَيْهَاتٍ مَثَلًا وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُ رَأْسِ الْفَرَسِ مِنْ الْإِنَاءِ إلَّا بِكَسْرِهِ فَخَوْفًا مِنْ مَوْتِ الْفَرَسِ يَدْفَعُ صَاحِبُهُ قِيمَةَ الْإِنَاءِ لِصَاحِبِهِ وَيَكْسِرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ ضَرَرًا مِنْ مَوْتِ الْفَرَسِ كَمَا لَا يَخْفَى، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ (رِيشَةُ) قَلَمٍ تُسَاوِي جُنَيْهَيْنِ وَسَقَطَتْ فِي دَوَاةٍ لِشَخْصٍ آخَرَ تُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ إخْرَاجُ الرِّيشَةِ بِدُونِ كَسْرِ الدَّوَاةِ، فَدَفْعًا لِلضَّرَرِ الْأَشَدِّ يُكَلَّفُ صَاحِبُ الرِّيشَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْعَشَرَةَ الْقُرُوشَ لِيَكْسِرَ الدَّوَاةَ وَيَسْتَخْرِجَ رِيشَتَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ دَجَاجَةً اخْتَطَفَتْ لُؤْلُؤَةً لِأَحَدِ النَّاسِ تُسَاوِي مَبْلَغًا فَدَفْعًا لِلضَّرَرِ الْأَشَدِّ يَدْفَعُ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤَةِ قِيمَةَ الدَّجَاجَةِ لِيَذْبَحَهَا وَيَسْتَخْلِصَ لُؤْلُؤَتَهُ. [ (الْمَادَّةُ 28) إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا] (الْمَادَّةُ 28) : إذَا تَعَارَضَ مَفْسَدَتَانِ رُوعِي أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا بِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا. لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، كَمَا وَضَّحْنَا فِي الْمَادَّةِ 21، فَإِذَا وُجِدَ مَحْظُورَاتٌ وَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَوْ مِنْ الضَّرُورِيِّ ارْتِكَابُ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ فَيَلْزَمُ ارْتِكَابُ أَخَفِّهِمَا وَأَهْوَنِهِمَا، أَمَّا إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَيُرْتَكَبُ أَحَدُهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ، كَمَا لَوْ رَكِبَ رَجُلٌ فِي سَفِينَةٍ فَاحْتَرَقَتْ تِلْكَ السَّفِينَةُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى فِي السَّفِينَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُلْقِيَ بِنَفْسِهِ إلَى الْبَحْرِ لِتَسَاوِي الْمَحْظُورَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي كِلَا الْحَالَيْنِ مُنْتَحِرًا وَلَا يَكُونُ آثِمًا. [ (الْمَادَّةُ 29) يُخْتَارُ أَهْوَنُ الشَّرَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 29) : يُخْتَارُ أَهْوَنُ الشَّرَّيْنِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ (إنَّ مَنْ اُبْتُلِيَ بِبَلِيَّتَيْنِ يَأْخُذُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ فَإِنْ اخْتَلَفَتَا يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَرَامِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي ارْتِكَابِ الزِّيَادَةِ) وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ عَيْنُ الْمَادَّةِ 28، فَلَا حَاجَةَ لِشَرْحِهَا. [ (الْمَادَّةُ 30) دَرْءُ الْمفَاسد أُولَى مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ] (الْمَادَّةُ 30) : دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ. أَيْ: إذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةٌ وَمَصْلَحَةٌ يُقَدَّمُ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ، فَإِذَا أَرَادَ شَخْصٌ مُبَاشَرَةَ عَمَلٍ يُنْتِجُ مَنْفَعَةً لَهُ، وَلَكِنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى يَسْتَلْزِمُ ضَرَرًا مُسَاوِيًا لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهَا يَلْحَقُ بِالْآخَرِينَ، فَيَجِبُ أَنْ يُقْلِعَ عَنْ إجْرَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ دَرْءًا لِلْمَفْسَدَةِ الْمُقَدَّمِ دَفْعُهَا عَلَى جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ اعْتَنَى بِالْمَنْهِيَّاتِ أَكْثَرَ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورِ بِهَا. مِثَالٌ: يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ فِيمَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ يُورِثُ الْجَارَ ضَرَرًا فَاحِشًا أَوْ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَوَادِّ 192، 207، 1208 إلَّا

(المادة 31) الضرر يدفع بقدر الإمكان

أَنَّ الْمَنْفَعَةَ إذَا كَانَتْ فَائِدَتُهَا أَزْيَدَ بِكَثِيرٍ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَفْسَدَةِ مِنْ الْأَضْرَارِ فَتُقَدَّمُ الْمَنْفَعَةُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْمَفْسَدَةِ الْقَلِيلَةِ مِثَالٌ: إنَّ التَّكَلُّمَ بِالْكَذِبِ مَفْسَدَةٌ، وَلَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ يَجُوزُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ مُتَغَلِّبٌ ظَالِمٌ أَخْذَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ غَصْبًا عَنْهُ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَكْذِبَ وَيُنْكِرَ وُجُودَ وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ مُحَافَظَةً عَلَيْهَا [ (الْمَادَّةُ 31) الضَّرَرُ يُدْفَعُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ] (الْمَادَّةُ 31) : الضَّرَرُ يُدْفَعُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. يَعْنِي لَوْ دَخَلَ عَلَيْكَ سَارِقٌ مَثَلًا فَادْفَعْهُ عَنْكَ بِقَدْرِ إمْكَانِكَ، فَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يَنْدَفِعُ بِالْعَصَا، فَلَا تَدْفَعْهُ بِالسَّيْفِ، كَذَا إذَا اغْتَصَبَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ وَاسْتَهْلَكَهُ فَلِأَنَّ إرْجَاعَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَالِ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. كَذَلِكَ إذَا حَصَلَ عَيْبٌ حَادِثٌ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ لَهُ قَدِيمٌ فَلِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ مَانِعٌ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَيُزَالُ الضَّرَرُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 32) الْحَاجَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ عَامَّةً أَوْخَاصَّةً] (الْمَادَّةُ 32) : الْحَاجَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَجْوِيزُ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَثُرَتْ الدُّيُونُ عَلَى أَهْلِ بُخَارَى مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ وَصَارَ مَرْعِيًّا. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ كَانَ مَمْنُوعًا، وَقَدْ جُوِّزَ بِنَاءً عَلَى الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِفَادَةَ الْمُقْرِضِ زِيَادَةً عَنْ بَدَلِ الْقَرْضِ رِبًا وَمَمْنُوعٌ شَرْعًا، وَبَيْعُ الْوَفَاءِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ غَيْرُ جَائِزٍ أَصْلًا، وَلَكِنْ حَسْبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَدْ اجْتَهَدَتْ الْفُقَهَاءُ بِنَاءً عَلَى احْتِيَاجِ أَهَالِي بُخَارَى فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ تَجْوِيزَهُ. إنَّ تَجْوِيزَ بَيْعِ السَّلَمِ وَبَيْعِ الِاسْتِصْنَاعِ مُسْتَنِدٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّلَمِ هُوَ بَيْعُ مَعْدُومٍ وَقِيَاسًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا بَاطِلًا، وَلَكِنْ قَدْ جُوِّزَ بَيْعُ السَّلَمِ وَبَيْعُ الِاسْتِصْنَاعِ لِلِاحْتِيَاجِ وَالضَّرُورَةِ الْعُمُومِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ أَكْثَرَ الْفَلَّاحِينَ فِي غَالِبِ السِّنِينَ يُصْبِحُونَ بِاحْتِيَاجٍ شَدِيدٍ لِلنُّقُودِ قَبْلَ إدْرَاكِ مَحْصُولِهِمْ، فَدَفْعًا لِاحْتِيَاجِهِمْ هَذَا قَدْ جُوِّزَ بَيْعُ السَّلَمِ وَكَذَلِكَ جُوِّزَتْ أَيْضًا إجَارَةُ الِاغْتِسَالِ فِي الْحَمَّامِ مَعَ أَنَّهَا قِيَاسًا غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهَا مَجْهُولَةٌ وَغَيْرُ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَقْضِيهَا الْمُغْتَسِلُ فِي الْحَمَّامِ وَمِقْدَارِ الْمَاءِ الَّذِي يَصْرِفُهُ إلَّا أَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ الْعُمُومِيَّةِ قَدْ جُوِّزَتْ، وَكَذَلِكَ وُجُودُ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالْمَبِيعِ يَجْعَلُ الْمَبِيعَ مَجْهُولًا، وَلَكِنْ قَدْ جُوِّزَ هَذَا الْمَبِيعُ بِنَاءً عَلَى الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِدُونِ سُؤَالِ وَاسْتِشَارَةِ الْعَارِفِينَ [ (الْمَادَّةُ 33) الِاضْطِرَارُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْغَيْرِ] (الْمَادَّةُ 33) : الِاضْطِرَارُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْغَيْرِ. مَعْنَى الِاضْطِرَارِ هُنَا الْإِجْبَارُ عَلَى فِعْلِ الْمَمْنُوعِ، وَالِاضْطِرَارُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَنْشَأُ عَنْ سَبَبٍ

(المادة 34) ما حرم أخذه حرم إعطاؤه

دَاخِلِيٍّ، يُقَالُ: لَهُ (سَمَاوِيٌّ) كَالْجُوعِ مَثَلًا. أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ الِاضْطِرَارُ النَّاشِئُ عَنْ سَبَبٍ خَارِجِيٍّ وَيُقَالُ لَهُ (اضْطِرَارِيٌّ غَيْرُ سَمَاوِيٍّ) وَهُوَ نَوْعَانِ الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ وَالْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ. وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ إنْسَانٌ مَالَ الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى الِاضْطِرَارِ الَّذِي يُجَوِّزُ لَهُ التَّصَرُّفَ بِمَالِ الْغَيْرِ، فَلَا تَكُونُ الْإِصَابَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الِاضْطِرَارِ سَبَبًا لَأَنْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ ضَامِنٍ، بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ أَوْ الْمُتْلِفِ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْمَالِ الْمُتْلَفِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَنَّ شَخْصًا جَاعَ جُوعًا شَدِيدًا وَأَصْبَحَ عُرْضَةً لِلتَّلَفِ أَيْ لِلْمَوْتِ فَلَهُ الْحَقُّ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ 21، بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ مَا يَدْفَعُ بِهِ جُوعَهُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْمَالِ الْمُتْلَفِ، إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ، وَمِثْلَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَا يَكُونُ الِاضْطِرَارُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ سَبَبًا لِلتَّخَلُّصِ مِنْ دَفْعِ قِيمَتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاضْطِرَارَ وَإِنْ أَبَاحَ لِلْمُضْطَرِّ تَنَاوَلَ وَإِتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ دُونَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ عِقَابٌ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْخَلَاصِ مِنْ الضَّمَانِ. وَكَذَا لَوْ هَجَمَ جَمَلٌ صَائِلٌ عَلَى شَخْصٍ وَأَصْبَحَتْ حَيَاتُهُ مُهَدَّدَةٌ فَلَهُ إتْلَافُ الْجَمَلِ تَخْلِيصًا لِحَيَاتِهِ مِنْ يَدِ الْهَلَاكِ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْجَمَلِ لِصَاحِبِهِ، وَهُنَا إذَا اُعْتُرِضَ بِقَاعِدَةِ أَنَّ الضَّرُورَاتِ مَا دَامَتْ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ فَيَجِبُ عَدَمُ الضَّمَانِ. فَرَدًّا عَلَى ذَلِكَ نَقُولُ الْقَصْدُ مِنْ الْإِبَاحَةِ هَذِهِ إنَّمَا هُوَ تَجْوِيزُ إتْلَافِ الْمَالِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ الْفَاعِلُ غَاصِبًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى يَجِبُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَكُونُ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ عَلَى ذَوِيهَا. وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ قَارِبًا سَاعَةً مِنْ الزَّمَنِ وَبَعْدَ أَنْ وَصَلَ إلَى عَرْضِ الْبَحْرِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ أَنْ يُبَارِحَ الْقَارِبَ فِي الْحَالِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ هُنَا اضْطِرَارٌ فَصَاحِبُ السَّفِينَةِ مُجْبَرٌ عَلَى أَنْ يَبْقَى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْقَارِبِ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ إلَى الْبَرِّ، وَلَكِنَّ هَذَا الْإِجْبَارَ لَا يَمْنَعُ الْمُؤَجِّرَ مِنْ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ (1007) النَّاصَّةِ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ عَلَى الْمُجْبِرِ وَفِي غَيْرِ الْمُلْجِئِ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَوُجُودُ الْإِكْرَاهِ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ لَا يُضَيِّعُ حَقَّ صَاحِبِ الْمَالِ فِي تَضْمِينِ قِيمَةِ مَالِهِ الْمُتْلَفِ. [ (الْمَادَّةُ 34) مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ] (الْمَادَّةُ 34) : مَا حَرُمَ أَخْذُهُ حَرُمَ إعْطَاؤُهُ. يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ الْحَرَامِ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ، كَمَا أَنَّ الْمَكْرُوهَ أَخْذُهُ وَإِعْطَاؤُهُ مَكْرُوهٌ فَالرِّشْوَةُ مَثَلًا، كَمَا حَرُمَ أَخْذُهَا حَرُمَ إعْطَاؤُهَا مِنْ الرَّاشِي حَتَّى لَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ فِي دَعْوَةِ الْقَاصِرِ رِشْوَةً لِلْحَاكِمِ مِنْ مَالِ الْقَاصِرِ يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ الدَّجَّالِ الَّذِي يَفْتَحُ الْبَخْتَ وَالْأَشْخَاصِ الْمُشَعْوِذِينَ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ مَمْنُوعٌ وَحَرَامٌ، كَمَا أَنَّ إعْطَاءَ النَّاسِ لَهُمْ مَمْنُوعٌ وَحَرَامٌ أَيْضًا، وَكَذَا النَّائِحَةُ أَخْذُهَا وَإِعْطَاؤُهَا الْأُجْرَةَ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ. " مُسْتَثْنَيَاتٌ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " إنَّ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٍ، وَهِيَ: لَوْ اغْتَصَبَ غَاصِبٌ مَالَ قَاصِرٍ فَيَحِقُّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ

(المادة 35) ما حرم فعله حرم طلبه

الْغَاصِبَ قِسْمًا مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَيْ يَسْتَرِدَّهُ فَهُنَا أَخْذُ الْغَاصِبِ ذَلِكَ الْمَالَ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ، إلَّا أَنَّ إعْطَاءَهُ مِنْ الْوَصِيِّ لِاسْتِرْدَادِ الْمَالِ جَائِزٌ [ (الْمَادَّةُ 35) مَا حَرُمَ فِعْلُهُ حَرُمَ طَلَبُهُ] (الْمَادَّةُ 35) : مَا حَرُمَ فِعْلُهُ حَرُمَ طَلَبُهُ. كَالسَّرِقَةِ لَا تَطْلُبْ مِنْ أَحَدٍ يَسْرِقَ. يَعْنِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ إجْرَاؤُهُ حَرَامًا فَطَلَبُ إيقَاعِهِ حَرَامٌ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تَقْرُبُ مِنْ الْمَادَّةِ 34 الَّتِي سَبَقَ شَرْحُهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: إنَّ أَخْذَ الرِّشْوَةِ وَالشَّهَادَةَ الْكَاذِبَةَ وَظُلْمَ النَّاسِ أَوْ سَرِقَةَ مَالِ النَّاسِ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمَمْنُوعَةِ، فَطَلَبُ إجْرَاءَ ذَلِكَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ كَأَنْ يُقَالَ لَهُ: ادْفَعْ رِشْوَةً، أَوْ اشْهَدْ بِكَذَا زُورًا، أَوْ أَنْ يُغْرِيَ بِالظُّلْمِ، أَوْ ارْتِكَابِ السَّرِقَةِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّ تَحْلِيفَ الْيَمِينِ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّ حَلِفَ الْيَمِينِ كَذِبًا حَرَامٌ، لَكِنَّ تَحْلِيفَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُسْتَعِدِّ لِحَلِفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبِ لَيْسَ بِحَرَامٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُجَوَّزْ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ لِلشَّخْصِ الْمُنْكِرِ تَضِيعُ الْفَائِدَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَيْهِ، وَهِيَ رَجَاءُ النُّكُولِ الَّذِي بِسَبَبِهِ يَتَبَيَّنُ حَقُّ الْمُدَّعِي. [ (الْمَادَّةُ 36) الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ] (الْمَادَّةُ 36) : الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ. يَعْنِي أَنَّ الْعَادَةَ عَامَّةً كَانَتْ أَوْ خَاصَّةً تُجْعَلُ حَكَمًا لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ. هَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَفْسُ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَكِتَابِ الْمَجَامِعِ، وَمَعْنَى مُحَكَّمَةٌ أَيْ هِيَ الْمَرْجِعُ عِنْدَ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهَا دَلِيلٌ يُبْنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» تَعْرِيفُ الْعَادَةِ: هِيَ الْأَمْرُ الَّذِي يَتَقَرَّرُ بِالنُّفُوسِ وَيَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَ ذَوِي الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ بِتَكْرَارِهِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ الْعَادَةِ يُفْهَمُ مِنْهَا تَكَرُّرُ الشَّيْءِ وَمُعَاوَدَتُهُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الْجَارِي صُدْقَةً مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلَمْ يَعْتَدْهُ النَّاسُ، فَلَا يُعَدُّ عَادَةً وَلَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ. وَالْعُرْفُ بِمَعْنَى الْعَادَةِ أَيْضًا. وَقَدْ أَوْضَحَتْ الْمَجَلَّةُ هَذِهِ الْمَادَّةَ بِقَوْلِهَا: إنَّ الْعَادَةَ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً تُجْعَلُ حَكَمًا لِإِثْبَاتِ (حُكْمٍ شَرْعِيٍّ) وَالْعُرْفُ وَالْعَادَةُ إنَّمَا تُجْعَلُ حَكَمًا لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ إذَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ الْمُرَادِ إثْبَاتُهُ، فَإِذَا وَرَدَ النَّصُّ عُمِلَ بِمُوجِبِهِ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ النَّصِّ وَالْعَمَلُ بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعِبَادِ حَقُّ تَغْيِيرِ النُّصُوصِ، وَالنَّصُّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَدْ يَكُونُ مُسْتَنِدًا عَلَى بَاطِلٍ، كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (37) . أَمَّا نَصُّ الشَّارِعِ، فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى بَاطِلٍ، فَلِذَلِكَ لَا يُتْرَكُ الْقَوِيُّ لِأَجْلِ الْعَمَلِ بِالضَّعِيفِ، عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: إذَا تَعَارَضَ النَّصُّ وَالْعُرْفُ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ النَّصُّ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَمْ لَا؟ فَإِذَا كَانَ النَّصُّ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تُرَجَّحُ الْعَادَةُ وَيُتْرَكُ النَّصُّ. وَاذَا كَانَ النَّصُّ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ إلَى عُرْفٍ وَعَادَةٍ يُعْمَلُ بِالنَّصِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالْعَادَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ أَنَّ حَضْرَةَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَذْهَبُ فِي رَأْيِهِ إلَى تَرْكِ النَّصِّ وَالْعَمَلِ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَالنَّصُّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ حَتَّى النَّصُّ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْ النَّاسِ، وَإِنَّمَا رَأْيُهُ بِمَثَابَةِ

تَأْوِيلٍ لِلنَّصِّ. مِثَالُ ذَلِكَ إنَّ وَضْعَ الطَّعَامِ أَمَامَ الضَّيْفِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، إذْنٌ لَهُ بِأَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ إذَا مَنَعَ الضَّيْفَ مِنْ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ فَقَدْ صَدَرَ مِنْهُ نَصٌّ بِخِلَافِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَعَلَى الضَّيْفِ أَنْ يَعْمَلَ بِحُكْمِ النَّصِّ وَيَمْتَنِعَ عَنْ الطَّعَامِ، وَلَا يَعْمَلُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِذَا أَكَلَ يَكُونُ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ فَيَضْمَنُ وَالْعُرْفُ وَالْعَادَةُ يَكُونَانِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ يُقَسَّمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: 1 - الْعُرْفُ الْعَامُّ. تَعْرِيفُ الْعُرْفِ الْعَامِّ: هُوَ عُرْفُ هَيْئَةٍ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِطَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتِهَا، وَوَاضِعُهُ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، وَالْعُرْفُ الْعَامُّ عِنْدَنَا هُوَ الْعُرْفُ الْجَارِي مُنْذُ عَهْدِ الصَّحَابَةِ حَتَّى زَمَانِنَا وَاَلَّذِي قَبِلَهُ الْمُجْتَهِدُونَ وَعَمِلُوا بِهِ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا " وَاَللَّهِ لَا أَضَعُ قَدَمِي فِي دَارِ فُلَانٍ " يَحْنَثُ سَوَاءٌ دَخَلَ تِلْكَ الدَّارَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا، أَمَّا لَوْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي الدَّارِ دُونَ أَنْ يَدْخُلَهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ بِمَعْنَى الدُّخُولِ. 2 - الْعُرْفُ الْخَاصُّ تَعْرِيفُهُ: هُوَ اصْطِلَاحُ طَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى شَيْءٍ كَاسْتِعْمَالِ عُلَمَاءِ النَّحْوِ " لَفْظَةَ الرَّفْعِ " وَعُلَمَاءِ الْأَدَبِ كَلِمَةَ " النَّقْدِ ". 3 - الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الِاصْطِلَاحَاتِ الشَّرْعِيَّةِ " كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، فَبِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ أُهْمِلَ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ. هَذَا، وَفِي الْحُكْمِ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ وَالْعُرْفِ الْخَاصِّ فَرْقٌ وَإِلَيْكَ التَّفْصِيلُ: يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ الْعَامِّ حُكْمٌ عَامٌّ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ فَقَالَ " لَا أَضَعُ قَدَمِي فِي دَارِ فُلَانٍ، فَبِمَا أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ (لَا أَضَعُ رِجْلِي) وَفِي الْعُرْفِ الْعَامِّ (لَا أَدْخُلُ) يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْعُمُومِ. أَمَّا الْعُرْفُ الْخَاصُّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ خَاصٌّ فَقَطْ مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ تُعُورِفَ فِي بَلْدَةٍ وَقْفُ الْمَنْقُولِ غَيْرِ الْمُتَعَارَفِ وَقْفُهُ فِي غَيْرِهَا يُحْكَمُ بِصِحَّةِ وَقْفِ ذَلِكَ الْمَنْقُولِ فِيهَا فَقَطْ. وَكَذَا إذَا كَانَ إعْطَاءُ أَجْزَاءِ النُّقُودِ بَدَلًا عَنْ أَصْلِ النُّقُودِ جَائِزًا عُرْفًا فِي بَلْدَةٍ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ إعْطَاءِ الْأَجْزَاءِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَقَطْ، وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْسَمُ أَيْضًا إلَى قِسْمَيْنِ: (1) الْعُرْفُ الْعَمَلِيُّ. (2) وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ. الْعُرْفُ الْعَمَلِيِّ: كَتَعَوُّدِ أَهْلِ، بَلْدَةٍ مَثَلًا أَكْلَ لَحْمِ الضَّأْنِ أَوْ خُبْزَ الْقَمْحِ، فَلَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خُبْزًا أَوْ لَحْمًا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمُوَكِّلِ لَحْمَ جَمَلٍ أَوْ خُبْزَ ذُرَةٍ أَوْ شَعِيرٍ اسْتِنَادًا عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ، وَهَذَا الْعُرْفُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُسَمَّى عُرْفًا عَامًّا مُخَصَّصًا أَيْ عُرْفٌ مُقَيَّدٌ. الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ: وَهُوَ اصْطِلَاحُ جَمَاعَةٍ عَلَى لَفْظٍ يَسْتَعْمِلُونَهُ فِي مَعْنًى مَخْصُوصٍ حَتَّى يَتَبَادَرَ مَعْنَاهُ

(المادة 37) استعمال الناس حجة يجب العمل بها

إلَى ذِهْنِ أَحَدِهِمْ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ، وَهَذَا الْعُرْفُ أَيْضًا يُسَمَّى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عُرْفًا مُخَصَّصًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ فِي الْحَالِ الْحَاضِرِ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي فَرَسَ فُلَانٍ بِعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ النَّوْعَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْفَرَسَ بِعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ مِصْرِيَّةٍ، وَهِيَ الْعُمْلَةُ الْمُتَعَامَلُ بِهَا فِي فِلَسْطِينَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَ النَّفِيرِ الْعَامِّ، فَيُحْمَلُ عَلَى اللِّيرَاتِ الْإفْرِنْسِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً حِينَئِذٍ، وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْفَرَسَ بِجُنَيْهَاتٍ إنْكِلِيزِيَّةٍ مَثَلًا. إنَّ الْمَادَّةَ (230) تَذْكُرُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عَادَةً تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ لَهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: يَدْخُلُ ضِمْنَ بَيْعِ الْفَرَسِ رَسَنُهُ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لِلْمُشْتَرِي أَخْذَهُ، وَكَذَا يَجُوزُ إعْطَاءُ أَجْزَاءِ الْمَسْكُوكَاتِ بَدَلَ أَصْلِهَا فِي بَلْدَةٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا فِيهَا رَاجِعْ مَادَّةَ (244) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي بَلْدَةٍ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ يُدْفَعُ مُقَسَّطًا، يُعْتَبَرُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُقَسَّطًا حَسَبَ الْعُرْفِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (576) ، وَكَذَا إذَا وَضَعَ رَجُلٌ وَلَدَهُ عِنْدَ صَاحِبِ صَنْعَةٍ بِقَصْدِ تَعَلُّمِهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةً وَبَعْدَ أَنْ تَعَلَّمَ الْوَلَدُ الصَّنْعَةَ طَالَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِالْأُجْرَةِ يُعْمَلُ بِعُرْفِ الْبَلْدَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَادَةً عَلَى الْمُعَلِّمِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الصَّبِيِّ الْمُتَعَلِّمِ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُعَلِّمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ لَا تَقْضِي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا يُحْكَمُ بِمُقْتَضَاهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (569) ، كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُكَارِي وَضْعُ الْحِمْلِ دَاخِلَ الدَّارِ أَوْ الْمَخْزَنِ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا اُنْظُرْ مَادَّةَ (575) ، كَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْمُرْضِعِ جَائِزٌ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِجَهْلِ الْمَنْفَعَةِ [ (الْمَادَّةُ 37) اسْتِعْمَالُ النَّاسِ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا] (الْمَادَّةُ 37) : اسْتِعْمَالُ النَّاسِ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا. يَعْنِي أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَاسْتِعْمَالُ النَّاسِ إنْ كَانَ عَامًّا يُعَدُّ حُجَّةً فِي حَقِّ الْعُمُومِ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا بِبَلْدَةٍ مَثَلًا لَا يَكُونُ حُجَّةً خِلَافًا لِمَشَايِخِ بَلْخٍ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ حُجَّةً فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ الْعُرْفِ الْخَاصِّ الَّذِي بَيِّنَاهُ فَيَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ خَاصٌّ، وَاعْتِبَارُ الْإِجْمَاعِ الْعُمُومِيِّ الشَّرْعِيِّ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِاسْتِحَالَةِ تَوَاطُؤِ ذَلِكَ الْجَمْعِ عَلَى الْكَذِبِ وَالضَّلَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ النَّاسِ غَيْرَ الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ وَلِنَصِّ الْفُقَهَاءِ يُعَدُّ حُجَّةً كَالْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَبَيْعِ السَّلَمِ مَثَلًا، فَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِهِ لَمَّا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ جَائِزٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اسْتَعَانَ شَخْصٌ عَلَى شِرَاءِ مَالٍ وَبَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ طَلَبَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ مِنْ الْمُسْتَعِينِ أُجْرَةً فَيُنْظَرُ إلَى تَعَامُلِ أَهْلِ السُّوقِ فَإِذَا كَانَ مُعْتَادًا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَخْذُ أُجْرَةٍ فَلِلْمُسْتَعَانِ بِهِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ الْمِثْلِيَّةِ مِنْ الْمُسْتَعِينِ وَإِلَّا، فَلَا. وَكَذَلِكَ لَوْ أُهْدِيَ شَخْصٌ شَيْئًا كَالتُّفَّاحِ مَثَلًا فِي صَحْنٍ يَجِبُ رَدُّ الصَّحْنِ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ عَادَةً، وَلَوْ أُهْدِيَ بَلَحًا أَوْ عِنَبًا فِي سَلٍّ لَا يَرُدُّ السَّلَّ لِصَاحِبِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِعَدَمِ رَدِّ السَّلِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ عَامِلًا لِيَعْمَلَ لَهُ فِي بُسْتَانِهِ يَوْمِيًّا، فَتَعْيِينُ وَقْتِ الْعَمَلِ مِنْ الْيَوْمِ عَائِدٌ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تُعُورِفَ فِي بَلْدَةٍ وَقْفُ الْمَنْقُولِ كَوَقْفِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ وَالْمَصَاحِفِ الشَّرِيفَةِ حُكِمَ بِجَوَازِهِ، وَيَكُونُ الْوَقْفُ صَحِيحًا مَعَ أَنَّ وَقْفَ الْمَنْقُولِ فِي الْأَصْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ.

(المادة 38) الممتنع عادة كالممتنع حقيقة

إنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ يَكُونُ حُجَّةً إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِنَصٍّ أَوْ شَرْطٍ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لَأَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ فَقَطْ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُلْزِمَ الْأَجِيرَ الْعَمَلَ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ بِدَاعِي أَنَّ عُرْفَ الْبَلْدَةِ كَذَلِكَ، بَلْ يَتْبَعُ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ بَيْنَهُمَا. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّصِّ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَنَّهُمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ، وَالْمِلْحُ وَالشَّعِيرُ وَالْبُرُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، يُتْرَكُ وَيُصَارُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ إذَا تَبَدَّلَتْ بِتَبَدُّلِ الْأَزْمَانِ، فَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فِي زَمَانِنَا يَقْرُبَانِ أَنْ يَكُونَا عَدَدِيَّيْنِ، وَالتَّمْرُ وَالْمِلْحُ أَصْبَحَا وَزْنِيَّيْنِ، وَالْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ كَادَا أَنْ يَصِيرَا وَزْنِيَّيْنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّصُّ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَيُعْتَبَرُ النَّصُّ وَلَا يُصَارُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَإِنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ النَّصَّ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يَتْرُكَانِهِ بِدَاعِي تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ، وَالْمُخْتَارُ لِلْمِجَلَّةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. [ (الْمَادَّةُ 38) الْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً] (الْمَادَّةُ 38) : الْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً. يَعْنِي أَنَّ مَا اسْتَحَالَ عَادَةً لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا، كَمَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ الَّذِي فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ قَدْ بَاعَنِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ، أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ كَذَا مَبْلَغًا، فَلِأَنَّهُ قَدْ أَسْنَدَ ادِّعَاءَهُ وَإِقْرَارَهُ لِسَبَبٍ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً، فَإِقْرَارُهُ وَادِّعَاؤُهُ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مَنْ عُرِفَ بِالْفَقْرِ عَلَى مَنْ عُرِفَ بِالْغِنَى بِأَنَّهُ اسْتَدَانَ مِنْهُ مَبْلَغًا لَا تُجَوِّزُ الْعَادَةُ وُقُوعَ مِثْلِهِ لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا ابْنَهُ وَلَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ إنْسَانٌ قَائِلًا لِفُلَانٍ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا فَالثَّوْبُ وَاحِدٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَادَةً، وَبِمَا أَنَّ الْمُمْتَنِعَ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً فَتَكُونُ كَلِمَةُ (فِي عَشَرَةِ) لَغْوًا وَلَا يُعْمَلُ بِهَا. [ (الْمَادَّةُ 39) لَا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ] (الْمَادَّةُ 39) : لَا يُنْكَرُ تَغَيُّرُ الْأَحْكَامِ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ. إنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ هِيَ الْأَحْكَامُ الْمُسْتَنِدَةُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ تَتَغَيَّرُ احْتِيَاجَاتُ النَّاسِ، وَبِنَاءً عَلَى هَذَا التَّغَيُّرِ يَتَبَدَّلُ أَيْضًا الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ وَبِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَتَغَيَّرُ الْأَحْكَامُ حَسْبَمَا أَوْضَحْنَا آنِفًا، بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْمُسْتَنِدَةِ عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لَمْ تُبْنَ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ. مِثَالُ ذَلِكَ: جَزَاءُ الْقَاتِلِ الْعَمْدِ الْقَتْلُ. فَهَذَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِدْ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ، أَمَّا الَّذِي يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْأَزْمَانِ مِنْ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّمَا هِيَ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، كَمَا قُلْنَا، وَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ: كَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ بَعْضِ بُيُوتِهَا، وَعِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ، بَلْ هُوَ نَاشِئٌ عَنْ

(المادة 40) الحقيقة تترك بدلالة العادة

اخْتِلَافِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ - فِي أَمْرِ الْإِنْشَاءِ وَالْبِنَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَادَةَ قَدِيمًا فِي إنْشَاءِ الدُّورِ وَبِنَائِهَا أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ بُيُوتِهَا مُتَسَاوِيَةً وَعَلَى طِرَازٍ وَاحِدٍ، فَكَانَتْ عَلَى هَذَا رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبُيُوتِ تُغْنِي عَنْ رُؤْيَةِ سَائِرِهَا، وَأَمَّا فِي هَذَا الْعَصْرِ فَإِذْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ تَكُونُ بُيُوتُهَا مُخْتَلِفَةً فِي الشَّكْلِ وَالْحَجْمِ لَزِمَ عِنْدَ الْبَيْعِ رُؤْيَةُ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ اللَّازِمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا حُصُولُ عِلْمٍ كَافٍ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ - فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ تَغْيِيرًا لِلْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ الْحُكْمُ فِيهَا بِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ الزَّمَانِ فَقَطْ، وَكَذَا تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا، وَلُزُومُ الضَّمَانِ غَاصِبَ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ الْوَقْفِ مَبْنِيَّانِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَقَدْ رَأَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ عَدَمَ لُزُومِ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ فِي دَعْوَى الْمَالِ مَا لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِيهِمْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ صَلَاحُ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ، أَمَّا الصَّاحِبَانِ وَقَدْ شَهِدَا زَمَنًا غَيْرَ زَمَنِهِ تَفَشَّتْ فِيهِ الْأَخْلَاقُ الْفَاسِدَةُ فَرَأَيَا لُزُومَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَالْمَجَلَّةُ قَدْ أَخَذَتْ بِقَوْلِهِمَا وَأَوْجَبَتْ تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ: وَكَذَا مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ أَجْرٌ وَضَمَانٌ إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَمَّا وَجَدُوا أَنَّ النَّاسَ فِي عَصْرِهِمْ لَا يُبَالُونَ بِاغْتِصَابِ مَالِ الْيَتِيمِ وَالْأَوْقَافِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهَا كُلَّمَا سَنَحَتْ لَهُمْ فُرْصَةٌ أَوْجَبُوا ضَمَانَ مَنَافِعِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الْعَائِدِ لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ، وَنَخْتِمُ قَوْلَنَا مُكَرِّرِينَ - أَنَّ الْأَحْكَامَ الثَّابِتَةَ بِنَاءً عَلَى النَّصِّ لَا تَتَغَيَّرُ أَحْكَامُهَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ، إذْ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنِدًا عَلَى بَاطِلٍ بِخِلَافِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَقَدْ تَكُونُ مَبْنِيَّةً عَلَى بَاطِلٍ، كَأَنْ يَتَعَامَلَ النَّاسُ مَثَلًا بِالْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَمْنُوعَاتِ فَذَلِكَ لَا يَجْعَلُهَا جَائِزَةً شَرْعًا. [ (الْمَادَّةُ 40) الْحَقِيقَةُ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ] (الْمَادَّةُ 40) : الْحَقِيقَةُ تُتْرَكُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ. يَعْنِي: لَوْ وَكَّلْتَ إنْسَانًا بِشِرَاءِ طَعَامِ وَلِيمَةٍ لَا يَشْتَرِي إلَّا الطَّعَامَ الْمُعْتَادَ فِي مِثْلِهَا لَا كُلَّ مَا يُؤْكَلُ، كُنَّا أَوْضَحْنَا سَابِقًا أَنَّ اللَّفْظَ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعْنًى مَجَازِيٌّ، وَقَدْ بَيَّنَ عُلَمَاءُ الْبَيَانِ أَنَّ لِلَّفْظِ مَعْنًى ثَالِثًا، وَهُوَ الْمَعْنَى الْكِنَائِيُّ. وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ أَنَّ الْمَعْنَى الْكِنَائِيَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ يَكُونَ مَجَازِيًّا، فَالْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ هُوَ كَإِلْبَاسِ الشَّخْصِ لِبَاسَهُ الْمَمْلُوكَ لَهُ، وَالْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ كَاللِّبَاسِ الْمُسْتَعَارِ فَاسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ بِمَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَدَلِيلٍ، أَمَّا لِأَجْلِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، يَجِبُ وُجُودُ قَرِينَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلَّفْظِ. هَذَا وَأَنَّ الْقَرِينَةَ أَوْ الدَّلِيلَ الَّذِي يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ مُتَنَوِّعَةٌ، مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَهُوَ الَّذِي نَشْرَحُهُ الْآنَ. إذَا أَصْبَحَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا عَادَةً وَعُرْفًا وَشَاعَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنًى آخَرَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فِيهِ وَيَكُونُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ الْقَرِينَةَ - الْمَانِعَةَ مِنْ إرَادَةِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَقَدْ بَيَّنَ عُلَمَاءُ أُصُولِ الْفِقْهِ لِذَلِكَ النَّوْعِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: - عَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ لِتَعَذُّرِ اسْتِعْمَالِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ أَوْ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ مَهْجُورٌ عَادَةً أَوْ شَرْعًا. فَاسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ فِي هَذَا الْوَجْهِ يُبْنَى عَلَى أَحَدِ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ تَعَذُّرُ قَصْدِ مَعْنَى الْحَقِيقَةِ وَمَعْنَى التَّعَذُّرِ عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الْوُصُولِ لِلشَّيْءِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ.

مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَقْسَمَ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّنِي لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، فَالْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ هُوَ أَكْلُ خَشَبِ الشَّجَرَةِ إلَّا أَنَّ قَصْدَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَمَّا كَانَ مُتَعَذَّرًا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْ عَلَى ثَمَرِ الشَّجَرَةِ إذَا كَانَتْ ذَا ثَمَرٍ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَكَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَالِفُ مِنْ حَطَبِ الشَّجَرَةِ لَا يَحْنَثُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُ أَصْبَحَ مَهْجُورًا. الثَّانِي وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْحَقِيقِيُّ مَهْجُورًا عَادَةً أَوْ شَرْعًا كَأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِخَادِمِهِ: اقْلِبْ " نِعَالَ الضُّيُوفِ " فَالْمَقْصُودُ هُنَا عَادَةً صَفُّهَا وَتَرْتِيبُهَا لَا قَلْبُهَا وَجْهًا لِبَطْنٍ، وَكَلِمَةُ " فنارياق " بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَعْنَى احْرِقْ الْفَانُوسَ فَمَعْنَاهَا الْمُسْتَعْمَلُ أَشْعِلْ الْفَانُوسَ، وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي هَجَرَتْ مَعَانِيَهَا الْحَقِيقِيَّةَ عَادَةً وَشَرْعًا وَاسْتُعْمِلَتْ فِي مَعَانٍ أُخْرَى مَجَازًا: مِثَالٌ لِلْمَهْجُورِ عَادَةً: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا لَا أَدُوسُ دَارَ فُلَانٍ، فَالْمَقْصُودُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَا أَنْ لَا يُدْخِلَ رِجْلَهُ فِيهَا. مِثَالٌ: لِلْمَهْجُورِ شَرْعًا: لَوْ قَالَ شَخْصٌ إنَّنِي وَكَّلْتُ فُلَانًا بِالْخُصُومَةِ فَإِنَّ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الْحَقِيقِيِّ هُوَ النِّزَاعُ وَالْمُقَاتَلَةُ، وَلَكِنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {وَلا تَنَازَعُوا} [الأنفال: 46] الْآيَةَ. هُجِرَ مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ شَرْعًا وَأَصْبَحَ إنَّمَا يُقْصَدُ التَّوْكِيلُ بِالْمُجَاوَبَةِ وَالْمُرَافَعَةِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَيْهِ أَوْ الَّتِي أَقَامَهَا هُوَ. الْوَجْهُ الثَّانِي - اسْتِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْمَجَازِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، أَوْ اسْتِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ بِصُورَةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْمَجَازِ، وَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يُسْتَعْمَلُ الْمَجَازُ. وَالْحَقِيقَةُ أَوْلَى بِالِاسْتِعْمَالِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ اسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ أَكْثَرُ أَوْ أَرْجَحُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةِ، فَرَأْيُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُنَا حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُزَاحِمَ الْأَصْلَ وَرَأْيُ الْإِمَامَيْنِ الْمَجَازُ أَوْلَى. مِثَالٌ: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّنِي لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ، أَوْ لَا أَشْرَبُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ الْخُبْزِ الْمَصْنُوعِ مِنْ ذَلِكَ الْقَمْحِ أَوْ شَرِبَ مِنْ إنَاءٍ مَمْلُوءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَشْرَبْ مِنْ النَّهْرِ كَرْعًا، وَيَأْكُلْ مِنْ الْقَمْحِ حَبًّا، أَمَّا رَأْيُ الْإِمَامَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ سَوَاءٌ أَكَلَ مِنْ الْقَمْحِ حَبًّا أَمْ أَكَلَ مِنْ طَحِينِهِ وَخُبْزِهِ، وَسَوَاءٌ شَرِبَ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ كَرْعًا أَمْ شَرِبَ مِنْهُ بِإِنَاءٍ. وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمُفْتِيَ عِنْدَمَا يُسْتَفْتَى عَنْ مَسْأَلَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُسْتَفْتِي مِنْ بَلْدَةٍ أُخْرَى أَنْ لَا يُفْتِيَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلَ لِلَّفْظِ الْمُسْتَفْتَى بِهِ فِي بَلْدَةِ الْمُسْتَفْتِي. هَذَا وَالْمَادَّةُ 1584 تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ بَاطِلٌ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُعَلَّقًا عَلَى زَمَنٍ يَعْرِفُ بِهِ النَّاسُ أَجَلَ الدَّيْنِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ إقْرَارًا بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ: إذَا

(المادة 41) إنما تعتبر العادة إذا اطردت أو غلبت

وَصَلْتُ إلَى الْقُدْسِ فَأَنَا مَدْيُونٌ لَك بِأَلْفِ قِرْشٍ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ عَلَى الْبَيْدَرِ أَنَا مَدْيُونٌ لَكَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، وَكَذَلِكَ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِشْهَادِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ دَفْعُ الدَّيْنِ إذَا كَانَ حَيًّا أَوْ عَلَى وَرَثَتِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ الْإِبْرَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَوْتِ يُعْتَبَرُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 41) إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ] (الْمَادَّةُ 41) : إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ. يَعْنِي لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ جِهَازُ الْعُرْسِ إلَّا عَلَى الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، فَلَوْ جُهِّزَتْ عَرُوسٌ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لَا يُعْتَبَرُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، قُلْنَا: إنَّ الْعَادَةَ يَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرَ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُشْتَرَطُ فِي الْعَادَةِ لِكَيْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً أَنْ تَكُونَ مُطَّرِدَةً أَيْ أَنْ لَا تَتَخَلَّفَ، أَوْ غَالِبَةً أَيْ إنْ تَخَلَّفَتْ أَحْيَانًا فَإِنَّهَا لَا تَتَخَلَّفُ عَلَى الْأَكْثَرِ، هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ يَجِبُ أَوَّلًا أَنْ يَكُونَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُرْفِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ التَّلَفُّظِ لَا أَنْ يُحْمَلَ الشَّيْءُ الَّذِي وُضِعَ قَبْلًا عَلَى عُرْفٍ حَدَثَ مُؤَخَّرًا، ثَانِيًا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ سَابِقًا وَمُقَارَنًا أَيْ أَلَّا يَكُونَ مُتَأَخِّرًا وَطَارِئًا. مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ فِي يَافَا فَرَسًا بِعِشْرِينَ لِيرَةً وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْعَقْدِ نَوْعَ اللِّيرَةِ، وَتَحَدَّثَ بِالدَّعْوَى الْآنَ فَلِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ قَبْلَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ يَوْمَ كَانَتْ اللِّيرَةُ الْفَرَنْسِيَّةُ هِيَ الرَّائِجَةُ فِي يَافَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِأَنَّ الثَّمَنَ لِيرَاتٌ إفْرِنْسِيَّةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ الطَّارِئَيْنِ بَعْدَئِذٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُرْفَ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا إلَّا إذَا كَانَ مُطَّرِدًا أَوْ غَالِبًا وَأَنْ يَكُونَ زَمَنُهُ مُقَارِنًا وَسَابِقًا لِزَمَنِ الْعَقْدِ الَّذِي يُرَادُ فِيهِ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ. [ (الْمَادَّةُ 42) الْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ الشَّائِعِ لَا لِلنَّادِرِ] (الْمَادَّةُ 42) : الْعِبْرَةُ لِلْغَالِبِ الشَّائِعِ لَا لِلنَّادِرِ. الشَّائِعُ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يُصْبِحُ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ وَذَائِعًا بَيْنَهُمْ. مِثَالٌ: إنَّ الْحُكْمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ لِمُرُورِ 90 سَنَةً مِنْ عُمْرِهِ مُسْتَنِدٌ عَلَى الشَّائِعِ الْغَالِبِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ عَامًا عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ نَادِرٌ، وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، بَلْ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّائِعِ وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، كَذَلِكَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِ مَنْ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ السِّنُّ الشَّائِعُ لِلْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لَا يَبْلُغُ إلَّا فِي السَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَوْ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ إلَّا أَنَّهُ نَادِرٌ، فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، كَذَلِكَ الْحُكْمُ بِسَبْعِ سِنِينَ لِمُدَّةِ حَضَانَةِ الصَّبِيِّ وَتِسْعٍ لِحَضَانَةِ الْبِنْتِ، مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّائِعِ الْمُتَعَارَفِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا بَلَغَ السَّابِعَةَ مِنْ عُمْرِهِ يَسْتَغْنِي عَنْ مُعِينٍ لَهُ فِي لِبَاسِهِ وَأَكْلِهِ وَاسْتِنْجَائِهِ مَثَلًا: وَالْبِنْتُ إذَا صَارَ عُمْرُهَا تِسْعَ سَنَوَاتٍ تُصْبِحُ مُشْتَهَاةً فِي الْغَالِبِ، وَاخْتِلَافُ النُّمُوِّ فِي الْبَعْضِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا بِتَأْثِيرِ التَّرْبِيَةِ وَالْإِقْلِيمِ لَا عِبْرَةَ لَهُ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ السَّبْعُ سَنَوَاتٍ لِلصَّبِيِّ وَالتِّسْعُ لِلْبِنْتِ؛ لِأَنَّهُ الشَّائِعُ الْغَالِبُ.

(المادة 43) المعروف عرفا كالمشروط شرطا

[ (الْمَادَّةُ 43) الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا] (الْمَادَّةُ 43) : الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا وَفِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ عِبَارَاتٌ أُخْرَى بِهَذَا الْمَعْنَى " الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ " وَ " الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْعًا " و " الثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ " وَالْمَعْرُوفُ بِالْعُرْفِ كَالْمَشْرُوطِ بِاللَّفْظِ، وَقَدْ سَبَقَ لَنَا أَنْ عَرَّفْنَا الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ. فَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: لَوْ اشْتَغَلَ شَخْصٌ لِآخَرَ شَيْئًا وَلَمْ يَتَقَاوَلَا عَلَى الْأُجْرَةِ يُنْظَرُ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ يَشْتَغِلُ بِالْأُجْرَةِ عَادَةً يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعَمَلِ عَلَى دَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا بِعَشْرِ لِيرَاتٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَ اللِّيرَةِ يُرْجَعُ إلَى النَّوْعِ الْمُتَعَارَفِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُتَعَارَفُ اللِّيرَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ مَثَلًا فَتُعْتَبَرُ هِيَ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ ذُكِرَتْ. كَذَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ بَقَرَةً فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ شِرَائِهَا أَنَّهَا غَيْرُ حَلُوبٍ وَأَرَادَ رَدَّهَا، يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّخْصُ مَعْرُوفًا أَنَّهُ مِمَّنْ يَشْتَرِي لِلذَّبْحِ كَأَنْ يَكُونَ قَصَّابًا لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ مَنْ يَشْتَرِي لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِحَلِيبِهَا تُرَدُّ، كَذَلِكَ لَوْ سَكَنَ شَخْصٌ دَارًا لِآخَرَ مُعَدَّةً لِلْأُجْرَةِ بِدُونِ إذْنِهِ وَبِدُونِ تَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ تَأْوِيلِ عَقْدٍ، يَلْزَمُهُ دَفْعُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عُرْفًا، وَيَكُونُ كَأَنَّ السَّاكِنَ شَرَطَهَا عَلَى نَفْسِهِ حِينَ سُكْنَاهُ لِلدَّارِ، وَكَذَا الَّذِي يَنَامُ فِي الْفُنْدُقِ وَالْمُغْتَسِلِ فِي الْحَمَّامِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ تُوجِبُ دَفْعَهَا وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ. وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الْأَبُ لِابْنَتِهِ الْعَرُوسِ حُلِيًّا أَوْ بَعْضَ جَهَازٍ لِبَيْتِهَا، وَادَّعَى بَعْدَ الْعُرْسِ أَنَّهُ عِيَارَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَنَّ مَا يُعْطِيهِ الْأَبُ يَكُونُ عِيَارَةً يُحْكَمُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ هِبَةً، وَكَذَا لَوْ كَانَ تَرْكُ رَاعِي الْقَرْيَةِ الْمَوَاشِيَ عَلَى رَأْسِ زُقَاقِ الْقَرْيَةِ مُعْتَادًا، ثُمَّ هِيَ تَتَفَرَّقُ إلَى دُورِ أَهْلِهَا، فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَادُ أَنْ يُوَصِّلَ كُلَّ ثُلَّةٍ إلَى مَحِلِّ صَاحِبِهَا يَضْمَنُ، وَيُعَدُّ مُقَصِّرًا لِتَرْكِهِ إيَّاهَا عَلَى رَأْسِ الزُّقَاقِ. (الْمَادَّةُ 44) : الْمَعْرُوفُ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمْ. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ عَيْنُ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ [ (الْمَادَّةُ 45) التَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ] (الْمَادَّةُ 45) : التَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ. يَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فُرُوعٌ مِنْهَا الْإِعَارَةُ الْمُطْلَقَةُ الْمُتَقَيِّدَةُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ آخَرَ دَابَّةً إعَارَةً مُطْلَقَةً لَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهَا أَوْ يُحَمِّلَهَا غَيْرَ الْمُعْتَادِ الْمُتَعَارَفِ، فَلَوْ حَمَّلَهَا حَدِيدًا أَوْ سَلَكَ بِهَا طَرِيقًا وَعْرًا وَكَانَ تَحْمِيلُ الْحَدِيدِ وَسُلُوكُ تِلْكَ الطَّرِيقِ غَيْرَ مُعْتَادٍ يَضْمَنُ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَكَالَةً مُطْلَقَةً تُعْتَبَرُ عَادَةً بِأَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ مُضِرًّا بِالْمُوَكِّلِ، فَلَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَكَالَةً مُطْلَقَةً فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفِ التَّأْجِيلِ بَيْنَ التُّجَّارِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْمُعْتَادِ، كَذَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ، كَمَا جَاءَ فِي مَادَّةِ (1499) لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَهُ إنْ كَانَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ عَادَةً.

(المادة 46) إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع

[ (الْمَادَّةُ 46) إذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي يُقَدَّمُ الْمَانِعُ] (الْمَادَّةُ 46) : إذَا تَعَارَضَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضِي يُقَدَّمُ الْمَانِعُ أَيْ إذَا وُجِدَ فِي مَسْأَلَةٍ سَبَبٌ يَسْتَلْزِمُ الْعَمَلَ بِهَا وَسَبَبٌ آخَرَ يَمْنَعُ الْعَمَلَ يُرَجَّحُ الْمَانِعُ. مِثَالُ ذَلِكَ: الرَّهْنُ، لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عِنْدَ آخَرَ دَارِهِ مَثَلًا يُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهَا مَعَ أَنَّهُ مَالِكٌ لَهَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مِلْكِيَّةَ الدَّارِ تَقْتَضِي أَنْ يَتَصَرَّفَ صَاحِبُهَا بِهَا كَيْفَ شَاءَ، إلَّا أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الدَّارِ وَجَعْلَهَا وَثِيقَةً فِي يَدِهِ لِحِفْظِ مَالِهِ مَانِعٌ، وَالْمَانِعُ مُرَجَّحٌ عَلَى الْمُقْتَضِي فَيُعْمَلُ بِهِ، كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَآخَرُ مَجْهُولٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً لَا يَصِحُّ لِمُعَارَضَةِ الْمَانِعِ، وَهُوَ جَهَالَةُ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ لِلْمُقْتَضِي، وَهُوَ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي الْمَبِيعِ الْمَعْلُومِ، كَذَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مُتَقَوِّمًا وَغَيْرَ مُتَقَوِّمٌ مَعًا كَمِّيَّةً، كَذَلِكَ الْبِنَاءُ الَّذِي أَسْفَلُهُ مَمْلُوكٌ لِشَخْصٍ وَأَعْلَاهُ مِلْكُ شَخْصٍ آخَرَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمُقْتَضَى مِلْكِيَّتِهِ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ بِصُورَةٍ مُضِرَّةٍ لِمُعَارَضَةِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الْإِضْرَارُ، كَأَنْ يَكْشِفَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ الْعُلْوِيِّ سَقْفَ الْبِنَاءِ السُّفْلِيِّ الَّذِي هُوَ أَرْضُ مَحِلِّهِ، أَوْ يَهْدِمَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ السُّفْلِيِّ حَائِطًا مُرْتَكِزًا عَلَيْهَا قِسْمٌ مِنْ الْبِنَاءِ الْعُلْوِيِّ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ مَعَهُ بِمَالِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَا يُعْتَبَرُ فَيَكُونُ مَانِعًا. [ (الْمَادَّةُ 47) التَّابِعُ لِلشَّيْءِ فِي الْوُجُودِ تَابِعٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْحُكْمِ] (الْمَادَّةُ 47) : التَّابِعُ تَابِعٌ. يَعْنِي: التَّابِعُ لِلشَّيْءِ فِي الْوُجُودِ تَابِعٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْحُكْمِ، فَلَوْ بِيعَتْ بَقَرَةٌ مَثَلًا: فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ دَخَلَ الْجَنِينُ فِي الْبَيْعِ بِلَا نَصٍّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيَتْبَعُهَا فِي الْحُكْمِ، كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ بُسْتَانًا مِنْ آخَرَ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ أَثْمَرَ شَجَرُ ذَلِكَ الْبُسْتَانِ، فَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَجْنِيَ ذَلِكَ الثَّمَرَ لِنَفْسِهِ، بَلْ يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي تَبَعًا، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (236) أَنَّ الزَّوَائِدَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ تَكُونُ مَمْلُوكَةً لِلْمُشْتَرِي، كَذَا زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ هِيَ تَابِعَةٌ لِلْمَغْصُوبِ بِالْوُجُودِ أَيْضًا فَتَكُونُ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. مِثَالٌ: لَوْ اغْتَصَبَ شَخْصٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَنَتَجَتْ عِنْدَهُ مُهْرًا مَثَلًا: فَالْمُهْرُ لِصَاحِبِهَا تَبَعًا لَهَا وَلَيْسَ لِلْمُغْتَصِبِ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ. كَذَلِكَ فِي الرَّهْنِ، فَلَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عِنْدَ شَخْصٍ نَاقَةً وَنَتَجَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَالنِّتَاجُ يَكُونُ رَهْنًا أَيْضًا تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَحِقُّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَبْلَ فَكِّ الرَّهْنِ. [ (الْمَادَّةُ 48) التَّابِعُ لَا يُقَرَّرُ بِالْحُكْمِ] (الْمَادَّةُ 48) : التَّابِعُ لَا يُقَرَّرُ بِالْحُكْمِ فَالْجَنِينُ الَّذِي فِي بَطْنِ الْحَيَوَانِ لَا يُبَاعُ مُنْفَرِدًا عَنْ أُمِّهِ، كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ هِبَةُ الْحَيَوَانِ الْمَوْجُودِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ بَقَرَةً حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا مِنْ الْهِبَةِ تَكُونُ الْهِبَةُ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا. وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لَغْوًا، كَذَلِكَ إذَا بِيعَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَكَانَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ زِيَادَةٌ

(المادة 49) من ملك شيئا ملك ما هو من ضروراته

عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ حَجَرًا مِنْ الْمَاسِ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ فَظَهَرَ أَثْنَاءَ التَّسْلِيمِ أَنَّ وَزْنَهُ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ يُصْبِحُ ذَلِكَ الْحَجَرُ لِلْمُشْتَرِي بِنَفْسِ الثَّمَنِ الَّذِي صَارَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْقِيرَاطِ تَابِعٌ لِلْكُلِّ، فَلَا يُقَرَّرُ بِالْحُكْمِ. " مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنَيَاتٌ، وَهِيَ كَمَا يَلِي: إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ لِجَنِينٍ أَيْ لِحَمْلٍ بِمَالِ مَعَ بَيَانِ سَبَبٍ مَعْقُولٍ يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا بِشَرْطِ أَنْ يُولَدَ ذَلِكَ الْحَمْلُ فِي بَحْرِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَارِيخِ الْإِقْرَارِ، فَهُنَا مَعَ كَوْنِ الْجَنِينِ تَابِعًا فِي الْوُجُودِ لِوَالِدَتِهِ فَقَدْ أُقِرَّ بِالْحُكْمِ وَاعْتُبِرَ الْإِقْرَارُ لَهُ، كَمَا أَنَّ الْجَنِينَ إذَا وُلِدَ حَيًّا يَرِثُ مِنْ وَالِدِهِ الْمُتَوَفَّى قَبْلًا. كَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ إلَيْهِ الْكَفِيلَ يُصْبِحُ بَرِيئًا، وَالْحَالُ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَابِعَةٌ لِلدَّيْنِ وَالدَّيْنُ بَاقٍ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَلَّا يُفْرَدَ الْكَفِيلُ بِحُكْمٍ، كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ شَخْصًا يُطْلَبُ لَهُ مِنْ آخَرَ عُمْلَةٌ خَالِصَةٌ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ أَخْذِ دَيْنِهِ بِتِلْكَ الْعُمْلَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا عُمْلَةً (مَغْشُوشَةً) فَإِسْقَاطُهُ هَذَا صَحِيحٌ، وَالْحَالُ أَنَّ خُلُوصَ الْعُمْلَةِ صِفَةٌ لِلدَّيْنِ وَتَابِعَةٌ لَهُ فَكَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ إعْطَاءِ حُكْمٍ بِحَقِّهَا. [ (الْمَادَّةُ 49) مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ] (الْمَادَّةُ 49) : مَنْ مَلَكَ شَيْئًا مَلَكَ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ. إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا مَثَلًا مَلَكَ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ مِنْ ضَرُورَاتِ الدَّارِ وَالدَّارُ بِدُونِ طَرِيقٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَالسُّكْنَى فِيهَا، فَعَلَيْهِ كُلُّ دَارٍ تُبَاعُ مِنْ الْمُشْتَرِي تَدْخُلُ طَرِيقُهَا فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ وَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي لَمْ أَبِعْ الطَّرِيقَ، بَلْ بِعْتُ الدَّارَ فَقَطْ، كَذَلِكَ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ أَرْضًا أَوْ عَقَارًا يُصْبِحُ مَالِكًا مَا فَوْقَهَا وَمَا تَحْتَهَا تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1174) ، فَعَلَيْهِ يَحِقُّ لِمَالِكِ الْأَرْضِ إنْشَاءُ مَا يَشَاءُ مِنْ الْبِنَاءِ وَإِعْلَاءُ سُمْكِهِ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي يُرِيدُ، كَمَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَحْفِرَ فِي الْأَرْضِ إلَى أَعْمَاقِهَا. [ (الْمَادَّةُ 50) إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ سَقَطَ الْفَرْعُ] (الْمَادَّةُ 50) : إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ سَقَطَ الْفَرْعُ. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَشْبَاهِ بِعِبَارَةِ (يَسْقُطُ الْفَرْعُ إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا قَاعِدَةُ (التَّابِعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ) وَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ التَّابِعُ بِسُقُوطِ الْمَتْبُوعِ أَوْ يَسْقُطُ الْفَرْعُ بِسُقُوطِ الْأَصْلِ أَمَّا إذَا سَقَطَ الْفَرْعُ أَوْ سَقَطَ التَّابِعُ، فَلَا يَسْقُطُ الْمَتْبُوعُ. مِثَالُ ذَلِكَ. لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ

(المادة 51) الساقط لا يعود

فَكَمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ الْمَدِينُ يَبْرَأُ مِنْهُ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ فِي الدَّيْنِ أَصْلٌ وَالْكَفِيلُ فَرْعٌ فَبِسُقُوطِهِ عَنْ الْأَصْلِ يَسْقُطُ عَنْ الْفَرْعِ طَبْعًا، أَمَّا لَوْ عُكِسَتْ الْقَضِيَّةُ وَكَانَ الْكَفِيلُ هُوَ الْمُبَرَّأُ مِنْ قِبَلِ الدَّائِنِ، فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمَدِينِ بِسُقُوطِهِ عَنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْ الْفَرْعِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَهُ عَنْ الْأَصْلِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ الْفَرْعُ دُونَ أَنْ يَثْبُتَ الْأَصْلُ وَإِلَيْكَ الْمِثَالُ: لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى اثْنَيْنِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَدَانَ مِنْهُ أَلْفَ قِرْشٍ وَالثَّانِي كَفَلَهُ فِي ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الدَّيْنَ وَالْمُدَّعِي عَاجِزٌ عَنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ إلَّا أَنَّ الْكَفِيلَ أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ فَيُحْكَمُ عَلَى الْكَفِيلِ الَّذِي هُوَ الْفَرْعُ بِمُقْتَضَى اعْتِرَافِهِ بِالدَّيْنِ دُونَ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ. [ (الْمَادَّةُ 51) السَّاقِطُ لَا يَعُودُ] (الْمَادَّةُ 51) : السَّاقِطُ لَا يَعُودُ. يَعْنِي إذَا أَسْقَطَ شَخْصٌ حَقًّا مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُ إسْقَاطُهَا يَسْقُطُ ذَلِكَ الْحَقُّ وَبَعْدَ إسْقَاطِهِ لَا يَعُودُ. أَمَّا الْحَقُّ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ بِإِسْقَاطِ صَاحِبِهِ لَهُ. مِثَالٌ: لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَدِينِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ رَأْيٌ فَنَدِمَ عَلَى إسْقَاطِهِ الدَّيْنَ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَلِأَنَّهُ أَسْقَطَ الدَّيْنَ، وَهُوَ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُسْقِطَهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمَدِينِ وَيُطَالِبَهُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ بَرِئَتْ مِنْ الدَّيْنِ بِإِسْقَاطِ الدَّائِنِ حَقَّهُ فِيهِ، أَمَّا لَوْ أَبْرَأَ شَخْصٌ آخَرَ مِنْ طَرِيقٍ لَهُ أَوْ سَيْلٍ أَوْ كَانَ لَهُ قِطْعَةٌ وَأَبْرَأَهُ بِهَا، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِالطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِمَا ذُكِرَ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ وَيَجِبُ لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ فِيهَا إجْرَاءُ عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا. هَذَا وَإِلَيْكَ بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا مِنْ آخَرَ فَلِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ لِحِينِ قَبْضِ الثَّمَنِ، كَمَا تَبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (281) ، وَلَكِنْ إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَرْجِعَ الْمَبِيعَ وَيَحْبِسَهُ عِنْدَهُ لِحِينِ قَبْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، كَمَا قُلْنَا: كَذَلِكَ الَّذِي يَشْتَرِي مَالًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ لَهُ حَقُّ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهُوَ إذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَجَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ رَآهُ يَسْقُطُ حَقُّ خِيَارِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (335) فَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّ الْمَبِيعِ بِحَقِّ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ كَذَا الصُّلْحُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ، فَلَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ حَقُّ الْفَسْخِ فِيهِ، كَذَلِكَ لَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَةَ شَاهِدٍ بِتُهْمَةِ الْفِسْقِ فِي دَعْوَى مِنْ الدَّعَاوَى، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَتَهُ فِي نَفْسِ الدَّعْوَى فِيمَا لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بُطْلَانُ تِلْكَ التُّهْمَةِ. [ (الْمَادَّةُ 52) إذَا بَطَلَ شَيْءٌ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ] (الْمَادَّةُ 52) : إذَا بَطَلَ شَيْءٌ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ. فَقَاعِدَةُ " الْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ " مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا. وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي ثَبَتَ ضِمْنًا إذَا بَطَلَ مُتَضَمِّنُهُ لَا يَبْقَى لَهُ الْحُكْمُ. مِثَالٌ: لَوْ

(المادة 53) إذا بطل الأصل يصار إلى البدل

اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ الْيَمِينَ الْمُوَجَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَاكَمَةِ فَلَمَّا كَانَ هَذَا الشِّرَاءُ بَاطِلًا فَإِسْقَاطُ الْيَمِينِ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، كَذَا لَوْ تَصَالَحَ طَرَفَانِ فَأَبْرَأَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَكَتَبُوا بِذَلِكَ سَنَدَاتٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ فَاسِدٌ، فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ بَاطِلًا أَيْضًا. " مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ وَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى حَقِّ الشُّفْعَةِ، فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ، فَهُنَا مَعَ بُطْلَانِ الصُّلْحِ لَمْ يَبْطُلْ إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضِمْنِ الصُّلْحِ، كَمَا تَقْتَضِي الْقَاعِدَةُ. [ (الْمَادَّةُ 53) إذَا بَطَلَ الْأَصْلُ يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ] (الْمَادَّةُ 53) : إذَا بَطَلَ الْأَصْلُ يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ. يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ إيفَاءُ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ إيفَاءُ الْبَدَلِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ مَا دَامَ إيفَاءُ الْأَصْلِ مُمْكِنًا. لِأَنَّ إيفَاءَ الْأَصْلِ هُوَ (الْأَدَاءُ) أَمَّا إيفَاءٌ بِالْخُلْفِ عَنْ الْأَصْلِ وَالرُّجُوعِ إلَى الْخُلْفِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ غَيْرُ جَائِزٍ. كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَثَلًا فَهُوَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ رَدُّهُ عَيْنًا وَلَا يَجُوزُ إيفَاءُ بَدَلِهِ مَعَ وُجُودِهِ. مِثَالٌ: لَوْ اغْتَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ تَحْتَ يَدِهِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَمْ يَقْبَلْ بِذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَدَلِ، إنَّ الْأُصُولِيِّينَ يُعَبِّرُونَ عَنْ إيفَاءِ الْمَغْصُوبِ بِالذَّاتِ بِالْأَدَاءِ الْكَامِلِ؛ لِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ هُوَ أَدَاءٌ حَقِيقَةً، هَذَا غَيْرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ فُقِدَ مِنْهُ وَأَصْبَحَ رَدُّهُ عَيْنًا غَيْرُ مُمْكِنٍ يُصَارُ حِينَئِذٍ إلَى الْبَدَلِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِإِيفَائِهِ بِمِثْلِهِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ (الْقَضَاءَ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ أَوْ الْقَضَاءَ الْكَامِلُ) لِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمِثْلِيَّةَ مُطَابِقَةٌ لِبَعْضِهَا صُورَةً وَمَعْنًى، وَقِيمَةُ الشَّيْءِ هِيَ مَعْنَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، فَالْأَمْوَالُ الْمِثْلِيَّةُ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْقِيمَةِ عَلَى الْغَالِبِ أَوْ مُتَقَارِبَةٌ فِي ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَتُؤَدَّى قِيمَتُهُ وَيُسَمَّى ذَلِكَ (الْقَضَاءَ الْقَاصِرَ) لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ النُّقُودِ لَا تُمَاثِلُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى. [ (الْمَادَّةُ 54) يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا] (الْمَادَّةُ 54) : يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ وَقَاعِدَةُ (يُغْتَفَرُ لِشَيْءٍ ضِمْنًا مَا لَا يُغْتَفَرُ قَصْدًا) قَرِيبَةٌ

(المادة 55) يغتفر في البقاء ما لا يغتفر في الابتداء

مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَتُتَرْجَمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنْ التُّرْكِيَّةِ قَدْ يَجُوزُ تَبَعًا مَا لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ فَالْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ، أَمَّا لَوْ أَعْطَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ كِيسًا لِيَضَعَ فِيهِ الْمَبِيعَ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ قَبْضًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَجَوَازِهَا فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُسَلِّمًا وَمُسْتَلِمًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ عَقْدٍ أَنْ يَتَوَلَّاهُ اثْنَانِ وَأَنْ يُسَلِّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَعْطَى وِعَاءً لِلْبَائِعِ، وَالْبَائِعُ عَمِلَ بِإِشَارَتِهِ يُعَدُّ ذَلِكَ قَبْضًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَبْضُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ كَانَ تَبَعًا فَصَحَّ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ قَمْحًا وَطَلَبَ إلَيْهِ أَنْ يَطْحَنَ الْقَمْحَ وَالْبَائِعُ طَحَنَهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا الْقَمْحَ تَبَعًا لِطَلَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَطْحَنَهُ، كَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ شَخْصٌ عَقَارًا بِمَا فِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ وَقْفُهَا وَلَمْ يَكُنْ جَائِزًا عُرْفًا وَعَادَةً يَصِحُّ وَقْفُهَا تَبَعًا وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِيهَا غَيْرَ جَائِزٍ ابْتِدَاءً، كَذَا وَقْفُ حَقِّ الشُّرْبِ غَيْرِ الْجَائِزِ يَصِحُّ إذَا وَقَفَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، كَذَلِكَ بَيْعُ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي شُرْبٍ أَيَّامًا مِنْ حَقِّهِ فِي الشُّرْبِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا بِيعَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ مَثَلًا. [ (الْمَادَّةُ 55) يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ] (الْمَادَّةُ 55) : يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ. فَقَاعِدَةُ يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِانْتِهَاءِ. هِيَ مِنْ قَبِيلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: هِبَةُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً فَتَصِحُّ انْتِهَاءً، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ حِصَّةً شَائِعَةً فِي دَارِ مَثَلًا: فَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ، أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ الدَّارَ جَمِيعَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِحِصَّةٍ فِي تِلْكَ الدَّارِ، فَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ وَيَبْقَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّارِ بَعْدَ أَخْذِ تِلْكَ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَارِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا، ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُوهِبُ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ وَتَصِحُّ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ إذَا لَمْ تُقِرَّهَا الْوَرَثَةُ، وَالسَّبَبُ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الثُّلُثِ هُنَا - مَعَ أَنَّهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ، وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الشَّائِعِ هُوَ أَنَّ الشُّيُوعَ طَارِئٌ وَالْهِبَةُ كَانَتْ لِجَمِيعِ الدَّارِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ يَبِيعُ مَالًا لَهُ، لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِهِ، لَكِنْ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَبَاعَ الْمَالَ فُضُولًا وَالْوَكِيلُ أَجَازَ الْبَيْعَ تَكُونُ إجَازَتُهُ صَحِيحَةً وَالْبَيْعُ نَافِذًا، كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِلْأَجْنَبِيِّ حِصَّتَهُ فِي الْأَثْمَارِ غَيْرِ النَّاضِجَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ أَرَادَ قَطْفَ الْأَثْمَارِ وَأَخْذَ حِصَّتِهِ مِنْهَا لَتَضَرَّرَ الشَّرِيكُ، أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرِ لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَيَبْقَى صَحِيحًا. [ (الْمَادَّةُ 56) الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ] (الْمَادَّةُ 56) : الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ. بِمَا أَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَاَلَّذِي لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَدْ يَجُوزُ بَقَاءً مِثَالٌ: لِلشَّرِيكِ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ لِأَحَدِ شُرَكَائِهِ إذَا كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ أَوْ

(المادة 57) لا يتم التبرع إلا بقبض

لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ، أَمَّا لَوْ أَجَّرَ الدَّارَ جَمِيعَهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُ، ثُمَّ بَعْدَ إجْرَاءِ عَقْدِ الْإِيجَارِ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ تِلْكَ الدَّارِ وَأَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ مِلْكِيَّتَهُ بِنِصْفِهَا لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَتَكُونُ صَحِيحَةً بَقَاءً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً، كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ حَاكِمٌ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ فَذَلِكَ النَّصْبُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْأَحْكَامُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا تَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ، وَلَكِنْ إذَا حَكَمَ ذَلِكَ النَّائِبُ فِي شَيْءٍ وَالْحَاكِمُ الَّذِي أَنَابَهُ أَجَازَ ذَلِكَ الْحُكْمَ يُصْبِحُ الْحُكْمُ مُعْتَبَرًا وَصَحِيحًا فَالْإِنَابَةُ هُنَا جَازَتْ بَقَاءً أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً. [ (الْمَادَّةُ 57) لَا يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إلَّا بِقَبْضٍ] (الْمَادَّةُ 57) : لَا يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إلَّا بِقَبْضٍ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْبُوضَةً» عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ لَأَصْبَحَ الْوَاهِبُ حِينَئِذٍ مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ شَيْءٍ لَيْسَ بِمُجْبَرٍ عَلَى أَدَائِهِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِرُوحِ التَّبَرُّعِ فَالتَّبَرُّعُ هُوَ إعْطَاءُ الشَّيْءِ غَيْرِ الْوَاجِبِ، إعْطَاؤُهُ إحْسَانًا مِنْ الْمُعْطِي. مِثَالٌ: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ فَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِذَلِكَ الْمَالِ. كَذَا لَوْ عَدَلَ شَخْصٌ - بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ نُقُودًا بِيَدِهِ لِيُعْطِيَهَا فَقِيرًا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ - عَنْ إعْطَائِهِ إيَّاهَا، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهِبَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِلَا عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَتَمَامُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَكِنْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلُزُومُهَا لِلْوَرَثَةِ نَاشِئٌ عَنْ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ الَّذِي لَهُ وَحْدَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ تَبَرُّعِهِ. [ (الْمَادَّةُ 58) التَّصَرُّفُ عَلَى الرَّغْبَةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ] (الْمَادَّةُ 58) : التَّصَرُّفُ عَلَى الرَّغْبَةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ " تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِيمَا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَالْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ " أَيْ أَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاعِي فِي أُمُورِ الرَّعِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا. وَالرَّعِيَّةُ هُنَا: هِيَ عُمُومُ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا لَمْ يُوجَدْ وَلِيٌّ لِلْقَتِيلِ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّهُ فَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقًّا بِأَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ بَدَلًا عَنْ الْقِصَاصِ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ لَا تَقِلَّ الدِّيَةُ عَنْ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ. كَذَلِكَ الْقَاضِي لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ وَأَحْكَامُهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ. مِثَالٌ: لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي شَخْصًا بِأَنْ يَسْتَهْلِكَ مَالًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مَالًا لِشَخْصٍ آخَرَ فَإِذْنُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ نَفْسَهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ يَكُونُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَهَبَ أَمْوَالَ الْوَقْفِ وَأَمْوَالَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ

(المادة 59) الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة

مُقَيَّدًا بِمَصْلَحَتِهَا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ حَاكِمٌ مُخَالِفًا شَرْطَ الْوَاقِفِ فَرَّاشًا فِي مَسْجِدٍ فَكَمَا أَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ حَرَامٌ عَلَى الْفَرَّاشِ فَالْحَاكِمُ أَيْضًا يَكُونُ ارْتَكَبَ حُرْمَةً بِنَصْبِهِ. كَذَلِكَ إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَذَلِكَ حَسْبَ مَنْطُوقِ الْمَادَّةِ (1540) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مَدِينِ الصَّغِيرِ حَوَالَةً مَا لَهُ عَلَى شَخْصٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْلَأَ، أَيْ أَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ، وَإِلَّا فَقَبُولُهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ (685) وَالْحَاصِلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْوَلِيِّ مَقْرُونًا بِالْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا جَائِزٍ. [ (الْمَادَّةُ 59) الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ] (الْمَادَّةُ 59) : الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. يُرَادُ بِالْوِلَايَةِ هُنَا نَفَاذُ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ شَاءَ أَمْ أَبَى، وَالْوَلِيُّ: هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ اسْتِحْصَالِ إذْنٍ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ، وَهَذَا بِعَكْسِ الْوَكِيلِ فَالْوَكِيلُ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ فَتَصَرُّفُهُ مَقْرُونٌ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ. هَذَا وَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَةً فِي النِّكَاحِ وَالْمَالِ، وَالْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ الْجَدُّ أَوْ الْأَبُ أَوْ أَبُو الْجَدِّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ أَوْ فِي الْمَالِ فَقَطْ فَالْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ جَمِيعُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمُّ وَذَوِي الْأَرْحَامِ، وَالْوَلِيُّ فِي الْمَالِ فَقَطْ أَوَّلًا أَبُو الصَّغِيرِ. ثَانِيًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ. ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ. رَابِعًا جَدُّهُ الصَّحِيحُ أَيْ أَبُو أَبِ الصَّغِيرِ. خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ. سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (974) وَوِلَايَةُ الْوَقْفِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ أَيْضًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَجَّرَ الْقَاضِي عَقَارًا لِلْوَقْفِ بِمَا لَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْوَقْفِ، وَأَجَّرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ذَلِكَ الْعَقَارَ نَفْسَهُ، يَكُونُ إيجَارُ الْمُتَوَلِّي صَحِيحًا وَلَا يُعْتَبَرُ إيجَارُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَلَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي عَيَّنَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي، كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْمُتَوَلِّي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ مَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَاقِفِ عَلَى الْوَقْفِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي، كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي نُصِّبَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ، وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَ أَوْ الْيَتِيمَةَ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ فِي شَيْءٍ لَا تَأْثِيرَ لِلْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا عَمَلَ لِصَاحِبِهَا، وَأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ الْعَامِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرُ نَافِذٍ.

(المادة 60) إعمال الكلام أولى من إهماله

(مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى، وَهُوَ: إذَا كَانَ الصَّبِيُّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ فَوَصِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ بِمَالٍ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ، فَلَيْسَ لَهُ قِصَاصُ الْقَاتِلِ أَوْ إعْفَاؤُهُ مِنْ الْقِصَاصِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ حَقُّ الْقِصَاصِ بِمَا لَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، فَالْقَاضِي هُنَا يَمْلِكُ بِوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ مَالًا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ بِوِلَايَتِهِ الْخَاصَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 60) إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ] (الْمَادَّةُ 60) إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِيهِ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ: (إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إهْمَالُ الْكَلَامِ وَاعْتِبَارُهُ بِدُونِ مَعْنًى مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ لَهُ أَوْ مَعْنًى مَجَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إهْمَالُ الْكَلَامِ إنَّمَا هُوَ اعْتِبَارُهُ لَغْوًا وَعَبَثًا، وَالْعَقْلُ وَالدِّينُ يَمْنَعَانِ الْمَرْءَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، فَحَمْلُ كَلَامِ الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ. هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ فَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا خُلْفٌ لِذَاكَ وَالْخُلْفُ لَا يُزَاحِمُ الْأَصْلَ. عَلَى أَنَّهُ سَوَاءٌ حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ أَمْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لَهُ فَهُوَ إعْمَالٌ لِلْكَلَامِ إلَّا أَنَّ اللَّفْظَ الْمُرَادَ إعْمَالُهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ وَالتَّأْسِيسَ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْإِفَادَةُ أَوْلَى مِنْ الْإِعَادَةِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا وُضِعَ لِإِفَادَةِ مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ غَيْرِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّأْكِيدِ دُونَ التَّأْسِيسِ إهْمَالٌ لِوَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ، التَّأْكِيدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ تَقْرِيرُ وَتَقْوِيَةُ مَعْنَى لَفْظٍ سَابِقٍ لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ (إعَادَةٌ أَيْضًا) التَّأْسِيسُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُفِيدُ مَعْنًى لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ السَّابِقُ لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ (إفَادَةٌ) أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَنَّهُ مَدْيُونٌ لِآخَرَ بِعَشْرِ جُنَيْهَاتٍ مَثَلًا بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ الدَّيْنِ وَأَعْطَى سَنَدًا بِذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِعَشْرِ جُنَيْهَاتٍ أَيْضًا وَعَمِلَ لَهُ سَنَدًا وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الدَّيْنِ، يُحْمَلُ إقْرَارُهُ فِي كِلْتَا الْمَرَّتَيْنِ عَلَى تَأْسِيسٍ وَيُعْتَبَرُ دَيْنُ السَّنَدِ الثَّانِي غَيْرُ دَيْنِ السَّنَدِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّ السَّنَدَ الثَّانِي كُتِبَ تَأْكِيدًا لِلسَّنَدِ الْأَوَّلِ، كَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ) تَكُونُ طَالِقًا ثَلَاثًا وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الزَّوْجِ إذَا هُوَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّنِي قَصَدْتُ التَّأْكِيدَ فِي تَكْرَارِي كَلِمَةَ الطَّلَاقِ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ وَالتَّأْسِيسَ مَعًا عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى، فَقَدْ يُحْمَلُ أَحْيَانًا عَلَى التَّأْكِيدِ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (بِعْهُ وَبِعْهُ

(المادة 61) إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز

مِنْ فُلَانٍ) فَلِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَعْنِيِّ بِكَلَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى التَّأْسِيسِ لَمَا حَقَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُوَكِّلُ. [ (الْمَادَّةُ 61) إذَا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ] يَعْنِي: إذَا تَعَذَّرَتْ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلْكَلَامِ لَا يُهْمَلُ، بَلْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ. فَالْمَعْنَى الْمَهْجُورُ أَيْ غَيْرُ الْمُسْتَعْمَلِ شَرْعًا وَعُرْفًا هُوَ فِي حُكْمِ الْمُتَعَذِّرِ. وَالتَّعَذُّرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلًا: تَعَذُّرٌ حَقِيقِيٌّ. ثَانِيًا: تَعَذُّرٌ عُرْفِيٌّ. ثَالِثًا: تَعَذُّرٌ شَرْعِيٌّ. وَلِلتَّعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مُمْتَنِعَةً. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ وَقَفَ شَخْصٌ لَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَهُ أَحْفَادٌ - مَالًا لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَبِمَا أَنَّ الْوَاقِفَ هُنَا لَيْسَ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَوْلَادٌ حَقِيقَةً وَهُمْ الْأَوْلَادُ الصُّلْبِيَّةِ فَيَتَعَذَّرُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَبِمَا أَنَّ الْكَلَامَ يَجِبُ أَنْ لَا يُهْمَلَ مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى فَيُحْمَلُ عَلَى أَحْفَادِهِ الَّذِينَ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَوْلَادٌ مَجَازًا. الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلَّفْظِ مُمْكِنَةٌ مَعَ الْمَشَقَّةِ الزَّائِدَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا (لَا آكُلُ مِنْ شَجَرَةِ النَّخْلِ هَذِهِ وَأَشَارَ إلَيْهَا) . فَلِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْ خَشَبِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَا يَكُونُ إلَّا بِصُعُوبَةٍ وَالْمَعْلُومُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَقْصِدُ بِكَلَامِهِ الْأَكْلَ مِنْ خَشَبِ الشَّجَرَةِ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَرِهَا إذَا كَانَتْ مُثْمِرَةً، وَعَلَى ثَمَنِ خَشَبِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ، كَذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا بِيَمِينِهِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ مِنْ النَّخْلَةِ خَشَبَهَا. التَّعَذُّرُ الْعُرْفِيُّ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا وَمَتْرُوكًا لِلنَّاسِ كَأَنْ يَحْلِفَ إنْسَانٌ قَائِلًا (لَا أَضَعُ قَدَمِي فِي دَارِ فُلَانٍ) فَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَصْبَحَ مَهْجُورًا مِنْ النَّاسِ وَالْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلَةُ فِيهِ هُوَ الْكِنَايَةُ عَنْ الدُّخُولِ فِي الدَّارِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِيمَا لَوْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي بَابِ الدَّارِ وَلَمْ يَدْخُلْهَا. التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ: هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا شَرْعًا كَكَلِمَةِ (الْخُصُومَةِ) مَثَلًا: فَإِنَّهَا لَمَّا تُرِكَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ شَرْعًا فَعَلَيْهِ إذَا سَمِعْتَ رَجُلًا يَقُولُ: إنِّي قَدْ وَكَّلْتُ فُلَانًا بِالْخُصُومَةِ عَنِّي فِي دَعْوَى إرْثٍ مَثَلًا: تُصْرَفُ كَلِمَةُ الْخُصُومَةِ إلَى مَا اُسْتُعْمِلَتْ فِيهِ شَرْعًا، وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ وَالْمُدَافَعَةُ عَنْهُ فِي دَعْوَى أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَهَا عَلَى غَيْرِهِ دُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَهَا، وَهُوَ بِأَنْ يَقُومَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُوَكَّلُ بِمُنَازَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ مَنْ يُنَاوِئُ الْمُوَكِّلُ أَوْ مَنْ يُرِيدُ الْمُوَكِّلُ مُنَاوَأَتَهُ. [ (الْمَادَّةُ 62) إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ] (الْمَادَّةُ 62) إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ أَوْ مَجَازِيٍّ أُهْمِلَ.

(المادة 63) ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله

وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْأَشْبَاهِ بِالصُّورَةِ الْآتِيَةِ: (وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بِلَا مُرَجِّحٍ أُهْمِلَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ إمْكَانِ إعْمَالِ الْكَلَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ أَوْ عَلَى الْمَجَازِيِّ خَارِجًا عَنْ الْإِمْكَانِ وَمُمْتَنِعًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مُرَجِّحٌ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ يُهْمَلُ بِحُكْمِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْمَلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تُوجِبُ إهْمَالَ الْكَلَامِ: أَوَّلًا: امْتِنَاعُ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ. ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً، كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1629) لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً، إذْ لَيْسَ مِنْ الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَالِدًا لِرَجُلٍ يَكْبُرُهُ فِي السِّنِّ كَذَا مِنْ الْمُتَعَذِّرِ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ النَّسَبِ وَلَدًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَدَّعِيهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ وَارِثٌ لِوَارِثٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ، كَأَنْ يُتَوَفَّى شَخْصٌ عَنْ وَلَدٍ وَبِنْتٍ وَيَعْتَرِفُ الْوَلَدُ لِأُخْتِهِ بِنِصْفِ مَا خَلَّفَ وَالِدُهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ، فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ هَذَا لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا حَسْبَ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّنِي قَطَعْت يَدَيْ فُلَانٍ، وَإِنَّنِي مَدْيُونٌ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ دِيَةَ يَدَيْهِ وَكَانَتْ يَدَا الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ سَالِمَتَيْنِ لَمْ تُقْطَعْ يُهْمَلُ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. هَذَا وَإِلَيْكَ مَثَلًا: عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَتَنَازَعُهُ مَعْنَيَانِ أَوْ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ مُرَجِّحٍ لِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا. الْمِثَالُ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مُعْتِقٌ (بِكَسْرِ التَّاءِ) وَآخَرُ مُعْتَقٌ (بِفَتْحِهَا) وَأَوْصَى بِمَالِ قَائِلًا: (إنَّهُ لِمَوْلَايَ بَعْدَ مَوْتِي) وَلَمْ يُعَيِّنْ فَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَةُ (مَوْلَايَ) تَشْمَلُ الْمُنْعِمَ وَالْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَتُطْلَقُ عَلَى (السَّيِّدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتِقُ، وَعَلَى (الْعَبْدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتَقُ وَبِمَا أَنَّ الْقَصْدَ وَالْغَرَضَ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى أَنْ تَكُونَ بِمَثَابَةِ اعْتِرَافٍ بِجَمِيلِ الْمُوصَى لَهُ وَكَشُكْرٍ لَهُ عَلَى أَيَادِيهِ، وَإِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى فَهِيَ بِمَثَابَةِ إحْسَانٍ وَزِيَادَةِ تَلَطُّفٍ، وَلِأَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْعُمُومِ، وَيَجِبُ تَحْدِيدُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَقْصُودِ لِلِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ وَهُنَا الْقَصْدُ مَجْهُولٌ، إذْ بِتَعَدُّدِ الْمَقْصُودِ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا، فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَصِيَّةٌ. [ (الْمَادَّةُ 63) ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ] إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالْمَجَامِعِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَتَجَزَّأُ ذِكْرُ بَعْضِهَا عَنْ الْكُلِّ وَإِنَّ الْبَعْضَ مِنْهَا إذَا ذُكِرَ كَانَ الْكُلُّ مَذْكُورًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذِكْرُ الْبَعْضِ لَا يَقُومُ

(المادة 64) المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة

مَقَامَ ذِكْرِ الْكُلِّ لَكَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِإِهْمَالِ الْكَلَامِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَادَّةَ (60) مِنْ الْمَجَلَّةِ تُصَرِّحُ بِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ. مِثَالٌ: لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَكْفُلَ شَخْصًا آخَرَ عَلَى نَفْسِهِ، فَقَالَ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ إنَّنِي كَفِيلٌ بِنِصْفِ أَوْ رُبْعِ هَذَا الشَّخْصِ فَبِمَا أَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالتَّقْسِيمَ، وَذِكْرُ الْبَعْضِ مِنْهَا بِحُكْمِ ذِكْرِ الْكُلِّ، فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ قَدْ كَفَلَ نَفْسَ الرَّجُلِ كُلَّهَا. كَذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 1041 لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعَ نِصْفَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا حَقَّ شُفْعَتِهِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ. كَذَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ كُلُّهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ وَاحِدًا وَعَفَا عَنْ الْقَاتِلِ بِجُزْءٍ مِنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ إمَاتَةُ قِسْمٍ مِنْ الْإِنْسَانِ مَعَ الْإِبْقَاءِ عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْهُ حَيًّا. أَمَّا إذَا ذُكِرَ بَعْضُ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَجَزَّأُ فَهُوَ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَإِلَيْكَ الْمِثَالُ: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنَّنِي كَفَلْتُك عَلَى مِائَتَيْنِ مِنْ السِّتِّمِائَةِ الْقِرْشِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْك لِفُلَانٍ، فَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِمَّا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَكُونُ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ. كَذَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ فِي رُبْعِ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ لِي مِنْك فَيَكُونُ الْإِبْرَاءُ لِذَلِكَ الْقِسْمِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ وَهُوَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنَّ نِصْفِي أَوْ ثُلُثِي يَكْفُلُك عَلَى كَذَا، فَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ وَلَا تَكُونُ تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ فِي ذَلِكَ قَائِمَةً مَقَامَ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ. [ (الْمَادَّةُ 64) الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً] (الْمَادَّةُ 64) الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ (الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ يَجْرِي عَلَى تَقْيِيدِهِ) وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْحَنَفِيَّةِ (الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَمَالِ) فَالْمُطْلَقُ مُقَابِلُ الْمُقَيَّدِ أَيْ أَنَّ الْمُطْلَقَ ضِدُّ الْمُقَيَّدِ. الْمُطْلَقُ تَعْرِيفُهُ: هُوَ الْحِصَّةُ الَّتِي قَدْ تَشْمَلُ حِصَصًا غَيْرَهَا بِدُونِ تَعْيِينٍ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تَكُونُ شَائِعَةً فِي جِنْسِهِ، وَحَقِيقَتُهَا وَمَاهِيَّتُهَا مِنْ حَقِيقَتِهِ وَمَاهِيَّتِه

وَقَدْ عُرِّفَ الْمُطْلَقُ تَعْرِيفًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ مِنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّعْمِيمِ وَالتَّكْرَارِ وَالْمَرَّةِ. وَالْمُقَيَّدُ: هُوَ الْمُقَارِنُ لِإِحْدَى هَذِهِ الْقَرَائِنِ مِثَالٌ: إذَا اتَّفَقَ شَخْصٌ مَعَ خَيَّاطٍ عَلَى خِيَاطَةِ جُبَّةٍ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الرَّجُلُ عَلَى الْخَيَّاطِ بِأَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ يَحِقُّ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَعْهَدَ بِخِيَاطَةِ تِلْكَ الْجُبَّةِ إلَى أَجِيرِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ الْجُبَّةَ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْأَجِيرِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيَّدْ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا مَرَّ. بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْجُبَّةِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ وَعَهِدَ الْخَيَّاطُ بِخِيَاطَتِهَا لِأَجِيرِهِ فَتَلِفَتْ يَكُونُ الْخَيَّاطُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْعَارِيَّةَ بِنَوْعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ بِهَا فَقَطْ يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ 819 مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَالِ الْمُعَارِ بِذَاتِهِ أَوْ بِإِعَارَتِهِ لِآخَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِأَيٍّ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ الْإِعَارَةَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ قَيَّدَهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ، فَلَا يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ قُيُودَ الْمُعِيرِ لِلْإِعَارَةِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ يَحِقُّ لَهُ حَسْبَ الْمَادَّةِ 1494 أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَقْبَلُهُ ثَمَنًا لِمَالِهِ، فَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ حَسْبَ الْمَادَّةِ 1459 أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِبَيَانِ الثَّمَنِ الَّذِي يَرْتَضِيهِ ثَمَنًا لِمَالِهِ. هَذَا وَإِنَّ الْأَمْثِلَةَ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا هُنَا كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالنَّصِّ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالدَّلَالَةِ وَهِيَ: إذَا وَكَّلَ مُكَارٍ شَخْصًا آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَصْفًا، فَالْوَكَالَةُ هُنَا مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ وَعَمَلِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِدَاعِي الْإِطْلَاقِ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ بِمِائَتَيْ جُنَيْهٍ، بَلْ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْفَرَسَ الَّذِي يَتَنَاسَبُ ثَمَنُهُ مَعَ حَالِ مُوَكِّلِهِ وَعَمَلِهِ فَهُنَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَقْيِيدٌ بِالنَّصِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالدَّلَالَةِ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ فَرَسًا مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ لِذَلِكَ الْمُوَكِّلِ الْمُكَارِي، وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ عَلَى الْفَرْضِ فَرَسًا جَوَادًا لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ. كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا قَيْدٌ لِلثَّمَنِ فَالدَّلَالَةُ تُوجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الشِّرَاءَ بِالْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَإِلَّا فَمَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِثَمَنٍ يَكُونُ بِهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَادَّةُ (1482) ، كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ قُرْبَ عِيدِ الْأَضْحَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خَرُوفًا أَوْ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ بِشِرَاءِ ثَلْجٍ أَوْ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ بِشِرَاءِ فَحْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُدَّةَ الشِّرَاءِ فَعَقْدُ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ بِالظَّاهِرِ لَا

(المادة 65) الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر

يَحْتَوِي عَلَى قَيْدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ نَصٍّ لِلتَّقْيِيدِ فِيهِ فَالْقَيْدُ هُنَا مَوْجُودٌ دَلَالَةً فَعَلَيْهِ لَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْخَرُوفِ بَعْدَ مُرُورِ عِيدِ الْأَضْحَى، وَالثَّلْجِ بَعْدَ دُخُولِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَالْفَحْمِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشِّتَاءِ وَإِنْ فَعَلَ لَا يُلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى. [ (الْمَادَّةُ 65) الْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ] مَثَلًا: لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ بَيْعَ فَرَسٍ أَشْهَبَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَقَالَ فِي إيجَابِهِ: بِعْت هَذَا الْفَرَسَ الْأَدْهَمَ وَأَشَارَ إلَيْهِ، وَقَبِلَ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَغَا وَصْفَ الْأَدْهَمِ، أَمَّا لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ، فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. يَعْنِي: لَوْ عَرَّفَ شَخْصٌ شَيْئًا بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَوَصْفِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ حَاضِرًا وَكَانَ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْوَصْفِ وَكَانَ الْمَوْصُوفُ وَالْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَالْوَصْفُ لَغْوٌ وَلَا حُكْمَ لَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْوَصْفِ فَالْوَصْفُ مُعْتَبَرٌ. يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي النِّكَاحِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَفِي سَائِرِ الْعُقُودِ. قَدْ ذُكِرَ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَائِعَ (لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ) وَلَكِنَّ الْمَادَّةَ 310 تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ مُنْعَقِدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْوَصْفِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَشْبَاهِ (أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا فَاخْتِلَافُ الْوَصْفِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ. هَذَا وَإِنَّ الْمَادَّةَ 107 قَدْ عَرَّفَتْ الْبَيْعَ غَيْرَ الْمُنْعَقِدِ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ فَعَلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (غَيْرِ مُنْعَقِدٍ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعِبَارَةِ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلنَّقْلِ فَيَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُعْقَدُ لَازِمًا. كَذَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِحُضُورِ الْقَاضِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْحَدِيدَ الَّذِي وَزْنُهُ مِائَةُ رَطْلٍ هُوَ مَالِيٌّ فَظَهَرَ وَزْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَتَانِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ صِفَةٌ، وَهِيَ لَغْوٌ وَالْحَاصِلُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ لَغْوًا يَجِبُ وُجُودُ شَرْطَيْنِ اثْنَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَوْصُوفُ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْوَصْفِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ فِي مَجْلِسِ الْوَصْفِ مِنْ جِنْسِ الْمَوْصُوفِ حَتَّى إذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْصُوفُ حَاضِرًا - وَوُجِدَ الشَّرْطُ الثَّانِي فَقَطْ

(المادة 66) السؤال معاد في الجواب

يَكُونُ الْوَصْفُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الثَّانِي - أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْصُوفُ مِنْ جِنْسِ الْوَصْفِ - يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ أَيْضًا، هَذَا وَإِنَّ الشَّيْءَ الْمُسَمَّى وَالْمَوْصُوفَ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ؛ كَانَ الْعَاقِدَانِ لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْوَصْفُ حِينَئِذٍ مُعْتَبَرًا وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالشَّيْءِ الْمُسَمَّى أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَوْصُوفِ لَا بِالشَّيْءِ الْمُشَارِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُوَ مَثَلٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَصْفٍ تَابِعٍ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَالْإِشَارَةُ أَقْوَى مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ هُمَا وَصْفٌ لِلْمَاهِيَّةِ وَتَعْرِيفٌ لَهَا، وَبِمَا أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فِيهِمَا تَكُونُ تَسْمِيَتُهَا وَالْوَصْفُ أَقْوَى مِنْ الْإِشَارَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْإِشَارَةَ تَقْطَعُ الِاشْتِرَاكَ وَتُزِيلُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ فَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَقْوَى مِنْ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفِ، فَعَلَيْهِ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يُرَجَّحُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا أَشَارَ الْبَائِعُ إلَى فَصٍّ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ مُخَاطِبًا الْمُشْتَرِيَ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْأَلْمَاسَ وَكَانَ ذَلِكَ الْفَصُّ بَلُّورًا فَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ تَعَلَّقَ بِالْأَلْمَاسِ وَبِمَا أَنَّ الْوَصْفَ هُنَا مُعْتَبَرٌ وَالْأَلْمَاسُ مَعْدُومٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَكَانَ الْعَاقِدَانِ عَالِمَيْنِ بِذَلِكَ فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَشَارَ شَخْصٌ إلَى جَمَلٍ قَائِلًا لِلْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ وَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ حِمَارًا، بَلْ جَمَلًا، وَقَبِلَ الشِّرَاءَ، فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْجَمَلِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْحِمَارِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ، إذْ التَّعْرِيفُ بِالشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: بِالْإِشَارَةِ لَعَيْنِهِ. وَالثَّانِي: بِتَسْمِيَتِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَ الِاثْنَانِ فَالِاعْتِبَارُ لِلْعَيْنِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 66) السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ] (الْمَادَّةُ 66) السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ يَعْنِي أَنَّ مَا قِيلَ فِي السُّؤَالِ الْمُصَدَّقِ كَانَ الْمُجِيبُ الْمُصَدِّقُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَشْبَاهِ، وَبِمَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ ذَكَرُوهَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ. قُلْنَا: إنَّ الْقَاعِدَةَ مَذْكُورَةٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ وَإِلَيْكَ التَّفْصِيلُ: إذَا وَرَدَ كَلَامٌ جَوَابًا عَلَى سُؤَالٍ فَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَوَابُ فَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى السُّؤَالِ وَيَكُونُ السُّؤَالُ مَعَادًا فِي الْجَوَابِ ضِمْنًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجَوَابُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ إنْشَاءً فِي الظَّاهِرِ، وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ جَوَابًا خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا قَالَ الْمُجِيبُ: إنَّمَا قَصَدْتُ الْجَوَابَ بِكَلَامِي يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً. مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ بِطَرِيقِ الْفُضُولِ مَالًا مِنْ آخَرَ وَبَلَّغَ الْبَائِعُ صَاحِبَ الْمَالِ، وَبَيْنَمَا هُوَ يَفْتَكِرُ فِي ذَلِكَ سَأَلَهُ سَائِلٌ قَائِلًا: هَلْ تَأْذَنُنِي بِإِجَازَةِ ذَلِكَ الْبَيْعِ.؟ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَذِنْتُكَ بِالْإِجَازَةِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ إذَا أَجَازَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَأْذُونُ بِالْإِجَازَةِ، كَذَا لَوْ

(المادة 67) لا ينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان

قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ قَدْ بِعْتُك دَارِي بِكَذَا مَبْلَغًا أَوْ أَجَّرْتُك دُكَّانِي بِكَذَا بَدَلًا، وَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبُولًا مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَيْنِ، كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِمَدِينِهِ هَلْ تُقِرُّ بِمَا فِي هَذَا السَّنَدِ وَأَجَابَ الْمَدِينُ قَائِلًا: نَعَمْ. فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي السَّنَدِ الْمَذْكُورِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّ لِي عِنْدَك عَشْرَ جُنَيْهَاتٍ فَأَوْفِنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ قَائِلًا: نَعَمْ. فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ، وَمُكَلَّفًا بِأَدَائِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ مَرِيضٍ: هَلْ أَوْصَيْتَ بِثُلُثِ مَالِكَ لِيُصْرَفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ.؟ وَهَلْ نَصَّبْتنِي وَصِيًّا لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِك هَذِهِ.؟ وَأَجَابَهُ بِكَلِمَةِ أَوْصَيْتُ أَوْ فَعَلْت، فَيَكُونُ قَدْ أَوْصَى بِذَلِكَ الْمَالِ وَنَصَّبَهُ وَصِيًّا. [ (الْمَادَّةُ 67) لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ لَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَة بَيَان] يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِتٌ أَنَّهُ قَالَ كَذَا، لَكِنَّ السُّكُوتَ فِيمَا يَلْزَمُ التَّكَلُّمَ بِهِ إقْرَارٌ وَبَيَانٌ، وَذَلِكَ كَمَا إذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِلَا إذْنٍ مِنْكَ وَسَكَتَّ بِلَا عُذْرٍ يُعَدُّ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْكَ بِأَنَّكَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ. إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ (الْأَشْبَاهِ) وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتَابِ (الْمَرْأَةِ) (وَمِنْهُ أَيْ مِنْ بَيَانِ الضَّرُورَةِ السُّكُوتُ لَدَى الْحَاجَةِ إلَى الْبَيَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ السُّكُوتِ بَيَانُ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ التَّكَلُّمُ فِي الْحَادِثَةِ لَا أَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّ السُّكُوتَ يُنَافِيهِ) فَالْأَمْثِلَةُ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى هِيَ كَمَا يَأْتِي: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى مَرْأًى وَمَسْمَعٍ مِنْهُ وَسَكَتَ عَنْ عَمَلِهِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْبَيْعِ، فَلَا يُعَدُّ هَذَا السُّكُوتُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1659) رِضَاءً مِنْهُ بِالْبَيْعِ، أَوْ إجَازَةً لَهُ، كَذَا إذَا أَخْبَرَ شَخْصٌ صَاحِبَ مَالٍ بِأَنَّ شَخْصًا بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ آخَرَ فَسَكَتَ صَاحِبُ الْمَالِ، فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إجَازَةً لِبَيْعٍ الْفُضُولِيِّ. كَذَلِكَ: إذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ بِحُضُورِهِ وَسَكَتَ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إذْنًا بِإِتْلَافِ الْمَالِ، كَذَا: إذَا رَأَى الْقَاضِي قَاصِرًا لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ يَتَعَاطَى التِّجَارَةَ وَسَكَتَ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ لِلْقَاصِرِ بِتَعَاطِي التِّجَارَةِ. كَذَلِكَ إذَا جَمَعَ شَخْصٌ أُنَاسًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَدِينًا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَكَانَ لِرَجُلٍ مِنْ الْحُضُورِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَشْهَدِ مِنْ الِادِّعَاءِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ

وَالْأَمْثِلَةُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا يَلِي: إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِحُضُورِ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ، وَسَكَتَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إجَازَةً لَهُ بِالْقَبْضِ، وَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ (281) : اسْتِعَادَةُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُهُ، كَذَلِكَ: إذَا أَرَادَ شَخْصٌ شِرَاءَ مَالٍ وَفِيمَا هُوَ يَسْتَلِمُهُ مِنْ صَاحِبِهِ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ - بِأَنَّ فِي الْمَالِ عَيْبًا فَسَكَتَ فَسُكُوتُهُ يُعَدُّ رِضَاءً مِنْهُ بِالْعَيْبِ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. كَذَلِكَ: إذَا كَانَ شَخْصٌ سَاكِنًا بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ الْعَارِيَّةِ فِي دَارِ آخَرَ، وَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ (اُسْكُنْ فِي الدَّارِ بِأُجْرَةِ كَذَا وَإِلَّا فَاخْرُجْ مِنْهَا) فَسَكَتَ السَّاكِنُ وَبَقِيَ فِي الدَّارِ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِدَفْعِ الْبَدَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُهَا. كَذَلِكَ: إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ رَاعٍ يَرْعَى لَهُ غَنَمَهُ، وَقَالَ لَهُ: إنِّي لَا أَرْعَى غَنَمَك بِمِائَةِ قِرْشٍ أُجْرَةً سَنَوِيَّةً، بَلْ أُرِيدُ مِائَتَيْنِ فَسَكَتَ صَاحِبُ الْغَنَمِ وَبَقِيَ الرَّاعِي يَرْعَى فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ قَدْ قَبِلَ اسْتِئْجَارَ الرَّاعِي بِمِائَتَيْ قِرْشٍ، وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْمِائَتَيْنِ. كَذَا: إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الْمَالَ الْمَرْهُونَ بِحُضُورِ الْمُرْتَهِنِ وَسَكَتَ فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَصْبَحَ الرَّهْنُ بَاطِلًا، كَذَلِكَ: إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِحُضُورِ الْوَاهِبِ وَسَكَتَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (843) : إذْنًا بِالْقَبْضِ، كَذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَحَدِ أَقَارِبِهِ مِنْ آخَرَ بِحُضُورِهَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَسَكَتَتْ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِلْقَرِيبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَدَّعِيَ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ بِحُضُورِهَا وَعَدَمِ اعْتِرَاضِهَا إقْرَارٌ مِنْهَا بِعَدَمِ مِلْكِيَّتِهَا ذَلِكَ الْمَالَ. كَذَلِكَ: إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ لِمَدِينِهِ وَسَكَتَ الْمَدِينُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَالسُّكُوتُ هُنَا يُعَدُّ قَبُولًا لِلْهِبَةِ. كَذَا: إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةٌ وَسَكَتَ الْمُسْتَوْدِعُ تَنْعَقِدُ الْوَدِيعَةُ، كَذَلِكَ: إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِشَيْءٍ وَالْوَكِيلُ سَكَتَ، وَبَعْدَ سُكُوتِهِ بَاشَرَ إجْرَاءَ الْأَمْرِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، فَلَا يَكُونُ عَمَلُهُ فُضُولًا. كَذَا: سُكُوتُ الْمُقَرِّ لَهُ يُعَدُّ قَبُولًا كَأَنْ يُقِرَّ شَخْصٌ بِمَالِ لِآخَرَ وَيَسْكُتُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَسُكُوتُهُ يُعَدُّ تَصْدِيقًا وَقَبُولًا بِالْإِقْرَارِ.

(المادة 68) دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه

[ (الْمَادَّةُ 68) دَلِيلُ الشَّيْءِ فِي الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ يَقُومُ مَقَامَهُ] يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالظَّاهِرِ فِيمَا يَتَعَسَّرُ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ لِلْعِيَانِ، فَسَبَبُهُ الظَّاهِرِيُّ يَقُومُ بِالدَّلَالَةِ عَلَى وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْبَاطِنَةَ لَا يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا إلَّا بِمَظَاهِرِهَا الْخَارِجِيَّةِ. تَعْرِيفُ الدَّلِيلِ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمُ بِهِ الْعِلْمَ بِشَيْءٍ آخَرَ: كَمَا لَوْ رَأَى رَاءٍ دُخَّانًا يَنْبَعِثُ مِنْ مَكَان فَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى وُجُودِ نَارٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ الْآتِيَةُ إيضَاحًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ: إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ الْبَيْعَ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ ظَهَرَ مِنْهُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ يَبْطُلُ الْإِيجَابُ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (183) فَالْإِعْرَاضُ هُنَا هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَلَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى إعْرَاضِ إنْسَانٍ عَنْ شَيْءٍ إلَّا بِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ، وَمَتَى مَا أَظْهَرَ شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى إعْرَاضٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَقِيقَةً، فَلِأَنَّ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ الْأُمُورِ، يُتَّخَذُ دَلِيلًا عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَإِيضَاحًا لِهَذَا الْمِثَالِ نَقُولُ: يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَالْإِيجَابُ أَوَّلُ كَلَامٍ يُصْدَرُ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، وَالْقَبُولُ ثَانِي كَلَامٍ يُصْدَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ وَعَدَمُ وُقُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنْ إذَا حَصَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ قَبْلَ الْقَوْلِ بَطَلَ الْإِيجَابُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيمَا لَوْ قَبِلَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ، كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا قِرْشًا وَسَكَتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى إعْرَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَبِلْت. يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَلَكِنْ إذَا أَعْرَضَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بَعْدَ وُقُوعِ الْإِيجَابِ، كَمَا لَوْ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ، أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ أَجْرَى أَيَّ عَمَلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، ثُمَّ قَبِلَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ الْإِيجَابَ بِإِعْرَاضِهِ، فَيَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ حَتَّى يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ. كَذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ حَيَوَانًا مِنْ آخَرَ، وَلَمَّا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ أَخَذَ يُدَاوِيهِ، فَبِمَا أَنَّ الرِّضَا بِالْعَيْبِ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَمَا لَمْ يَبْدُ مِنْ الْأُمُورِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَبِمَا أَنَّ الْأَخْذَ فِي مُدَاوَاةِ الْحَيَوَانِ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَاءِ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ لَا يَحِقُّ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ. كَذَلِكَ: بِمَا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ (وَهُوَ الَّذِي أَصَابَ لُقَطَةً) يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ إذَا قَصَدَ أَخْذَهَا لِنَفْسِهِ، وَحُكْمُ الْأَمِينِ إذَا قَصَدَ إعَادَتَهَا لِصَاحِبِهَا، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا يُكِنُّهُ ضَمِيرُهُ وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهِ وِجْدَانُهُ إلَّا بِمَا يُظْهِرُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ أَوْ الْأَقْوَالِ. فَإِذَا أَشْهَدَ حِينَمَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا الْتَقَطَهَا لِيُعِيدَهَا لِصَاحِبِهَا، وَأَعْلَنَ فِي الصُّحُفِ عَنْهَا مَثَلًا يُسْتَدَلُّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَقْصِدُ إعَادَتَهَا وَتَكُونُ بِيَدِهِ وَدِيعَةً، وَإِذَا أَخْفَاهَا وَلَمْ يُخْبِرْ أَحَدًا بِهَا وَلَمْ يُعْلِنْ عَنْهَا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَيْهِ إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالثَّانِي

(المادة 69) الكتاب كالخطاب

يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيمَا لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ، كَذَلِكَ: شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى مِلْكِيَّةِ وَاضِعِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ أَحْيَانًا تَكُونُ بِنَاءً عَلَى اطِّلَاعِهِ عَلَى سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِيَّةِ كَالشِّرَاءِ مَثَلًا، فَهِيَ فِي الْغَالِبِ تَكُونُ مُسْتَنِدَةً عَلَى الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ مِنْ تَصَرُّفٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّلَائِلُ تَقُومُ مَقَامَ مَدْلُولِهَا فِي الْأَشْيَاءِ الْبَاطِنَةِ لَمَا حَقَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِلْعِيَانِ، بَلْ لَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا لِسَدِّ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَلِكَ الْقَصْدُ فِي الْقَتْلِ يَثْبُتُ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْقَاتِلِ، كَاسْتِعْمَالِهِ الْآلَاتِ الْجَارِحَةِ وَضَرْبِ الْمَقْتُولِ بِهَا عِدَّةَ ضَرَبَاتٍ مَثَلًا. [ (الْمَادَّةُ 69) الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ] (الْمَادَّةُ 69) : الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَفْسُ قَاعِدَةِ (الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ) الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَشْبَاهِ. وَالْمَقْصُودُ فِيهَا هُوَ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِاثْنَيْنِ أَنْ يُعْقَدَ بَيْنَهُمَا مُشَافَهَةً عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ مَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ، يَجُوزُ لَهُمَا عَقْدُ ذَلِكَ مُكَاتَبَةً أَيْضًا. وَالْكُتُبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: (1) الْمُسْتَبِينَةُ الْمَرْسُومَةُ (2) الْمُسْتَبِينَةُ غَيْرُ الْمَرْسُومَةِ (3) غَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ. فَالْمُسْتَبِينَةُ الْمَرْسُومَةُ هِيَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مِنْهَا مِمَّا يُقْرَأُ خَطُّهُ، وَيَكُونُ وَفْقًا لِعَادَاتِ النَّاسِ وَرُسُومِهِمْ وَمُعَنْوَنًا. وَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُتَعَارَفِ فِي زَمَنِ صَاحِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَنْ يُكْتَبُ الْكِتَابُ عَلَى وَرِقٍ وَيُخْتَمُ أَعْلَاهُ، وَكُلُّ كِتَابٍ لَا يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَكْتُوبًا عَلَى وَرِقٍ وَمَخْتُومًا لَا يُعَدُّ مَرْسُومًا، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْكِتَابُ يُعَدُّ مَرْسُومًا بِالْخَتْمِ وَالتَّوْقِيعِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1610) وَلَكِنْ إذَا كُتِبَ كِتَابٌ فِي زَمَانِنَا عَلَى غَيْرِ الْوَرِقِ مَثَلًا يُنْظَرُ إذَا كَانَ الْمُعْتَادُ أَنْ تُكْتَبَ الْكُتُبُ عَلَى غَيْرِ الْوَرِقِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْكِتَابُ، كَمَا لَوْ كُتِبَ عَلَى وَرِقٍ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ كِتَابٍ يُحَرَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ مِنْ النَّاسِ حُجَّةٌ عَلَى كَاتِبِهِ كَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ. وَالْمُسْتَبِينَةُ غَيْرُ الْمَرْسُومَةِ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مَكْتُوبًا عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنْ يَكُونَ مَكْتُوبًا عَلَى حَائِطٍ أَوْ وَرِقِ شَجَرٍ أَوْ بَلَاطَةٍ مَثَلًا، فَالْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَغْوٌ وَلَا يُعْتَبَرُ حُجَّةً فِي حَقِّ صَاحِبِهِ إلَّا إنْ نَوَى أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ الْكِتَابَةِ، وَالْإِمْلَاءُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، كَمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِقَصْدِ بَيَانِ الْحَقِيقَةِ تَكُونُ فِي الْغَالِبِ بِقَصْدِ التَّجْرِبَةِ أَوْ عَبَثًا، فَتَحْتَاجُ إلَى مَا يُؤَيِّدُهَا كَالنِّيَّةِ أَوْ الْإِشْهَادِ أَوْ الْإِمْلَاءِ حَتَّى تُعْتَبَرَ حُجَّةً بِحَقِّ كَاتِبِهَا. وَغَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ: هِيَ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْكَلَامِ غَيْرِ الْمَسْمُوعِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كَاتِبِهَا

(المادة 70) الإشارات المعهودة للأخرس كالبيان باللسان

حُكْمٌ وَإِنْ نَوَى مِثَالَ ذَلِكَ، لَوْ كَتَبَ شَخْصٌ عِبَارَةَ (إنَّنِي مَدِينٌ بِكَذَا قِرْشًا لِفُلَانٍ) عَلَى سَطْحِ مَاءِ نَهْرٍ أَوْ فِي الْهَوَاءِ لَا يُعَدُّ مُقِرًّا بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا بِالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ - كَمَا لَا يَخْفَى - هُوَ تَحْرِيكُ الْيَدِ بِحُرُوفِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا تُحَرَّكُ بِالْقَلَمِ عَلَى صَفْحَةِ الْقِرْطَاسِ. وَفِيمَا يَأْتِي أَمْثِلَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: إذَا كَتَبَ شَخْصٌ تَحْرِيرًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا إلَى شَخْصٍ غَائِبٍ قَائِلًا فِيهِ: إنَّنِي قَدْ بِعْت مِنْك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَبِيعَ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فِي مَجْلِسِ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، أَوْ حَرَّرَ كِتَابًا لِلْبَائِعِ يُنْبِئُهُ بِالْقَوْلِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (173) وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ، كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (436) تَنْعَقِدُ بِالْمُكَاتَبَةِ، وَكَذَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِمُجَرَّدِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْكِتَابِ الْمُرْسَلِ مِنْ مُوَكِّلِهِ لِعَزْلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 70) الْإِشَارَاتُ الْمَعْهُودَةُ لِلْأَخْرَسِ كَالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ] (الْمَادَّةُ 70) : الْإِشَارَاتُ الْمَعْهُودَةُ لِلْأَخْرَسِ كَالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ. يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمَعْهُودَةِ مِنْهُ كَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ أَوْ الْحَاجِبِ هِيَ كَالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ لَمَا صَحَّتْ مُعَامَلَتُهُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، وَلَكَانَ عُرْضَةً لِلْمَوْتِ جُوعًا. وَيُفْهَمُ مِنْ إيرَادِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقَةً أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ تَكُونُ مُعْتَبَرَةً سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْإِشَارَةَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْرِيبًا مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُرَادِ وَإِلَيْكَ مَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ مِنْ النِّقَاطِ. فَالْكِتَابَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِشَارَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَتَضَمَّنُ مَا يَقْصِدُهُ الْكَاتِبُ عَيْنًا، وَالْإِشَارَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَكُونُ بِالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَهُمَا الْعُضْوَانِ اللَّذَانِ يَسْتَعِينُ بِهِمَا الْمُتَكَلِّمُ لِلْإِعْرَابِ عَنْ ضَمِيرِهِ. فَعَلَيْهِ قَدْ جُعِلَ لِلْأَخْرَسِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْكِتَابَةَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ أَفْكَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَمَا قُلْنَا (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمَقْصُودَةُ فِي الْكَلَامِ هِيَ الْإِشَارَةُ الْمُقَارِنَةُ لِتَصْوِيتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْرَسَ مِنْ عَادَتِهِ عِنْدَ التَّعْبِيرِ عَنْ شَيْءٍ أَنْ يَقْرِنَ الْإِشَارَةَ (بِالتَّصْوِيتِ) . وَقَدْ زَادَ الْحَمَوِيُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَةُ الْأَخْرَسِ مَقْرُونَةً بِالتَّصْوِيتِ. فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْهُمَامِ وَالْحَمَوِيِّ يُفْهِمُ أَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ اقْتِرَانُ التَّصْوِيتِ بِالْإِشَارَةِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَالْكَلَامِ، وَلَكِنْ هَلْ يَجِبُ اقْتِرَانُ الْإِشَارَةِ بِالتَّصْوِيتِ فِي الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ أَمْ لَا؟ فَاقْتِرَانُ الْإِشَارَةِ بِالتَّصْوِيتِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِدَلِيلِ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ الْهُمَامِ.

هَذَا وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ يُحَقَّقُ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَجِيرَانِهِ عَمَّا يَقْصِدُ بِهَا وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَخْبَرُ مِنْهُمْ عُدُولًا مَوْثُوقِي الشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَالَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْإِشَارَةَ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْأَخْرَسِ عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: تَحْرِيكُ الْأَخْرَسِ رَأْسَهُ عَرْضًا، فَهَذِهِ الْإِشَارَةُ إشَارَةُ الْإِنْكَارِ. الثَّانِي: تَحْرِيكُ الْأَخْرَسِ رَأْسَهُ طُولًا، وَهِيَ إشَارَةُ الْإِقْرَارِ. وَهَاتَانِ الْإِشَارَتَانِ إذَا كَانَتَا مَعْرُوفَتَيْنِ لِلْأَخْرَسِ تُعَدُّ الْأُولَى إذَا صَدَرَتْ مِنْهُ إنْكَارًا وَالثَّانِيَةُ إقْرَارًا، عَلَى أَنَّ الْأَخْرَسَ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ فَكِتَابَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ كَإِشَارَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ. وَقَدْ قُيِّدَتْ الْإِشَارَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالْأَخْرَسِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1586) لَا تُعْتَبَرُ إشَارَةُ النَّاطِقِ، كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِنَاطِقٍ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ.؟ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ، كَذَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالَ شَخْصٍ نَاطِقٍ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ، وَبَيْنَمَا هُوَ يُفَكِّرُ وَيَتَأَمَّلُ خَاطَبَهُ شَخْصٌ بِقَوْلِهِ: هَلْ تُجِيزُ الْبَيْعَ.؟ فَحَرَّكَ رَأْسَهُ طُولًا عَلَامَةَ الْمُوَافَقَةِ لِلْأَخْرَسِ، فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْهُ إجَازَةً لِلْبَيْعِ. وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَهِيَ كَمَا يَأْتِي: الْإِشَارَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مُقَيَّدَةٌ وَقَائِمَةٌ مَقَامَ الْعِبَارَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ، وَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَإِبْرَاءٍ، وَإِقْرَارٍ، وَقِصَاصٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ أَنْ يَأْتِيَ كُلَّ مَا يَأْتِيهِ النَّاطِقُونَ، يَعْقِدُ أَيَّ عَقْدٍ أَرَادَ، يُجِيزُ، وَيُقِرُّ، وَيَنْكُلُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ، وَيُوَكِّلُ بِإِدَارَةِ أُمُورِهِ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (174 وَ 436 وَ 1586) هَذَا وَإِذَا نُظِمَتْ وَصِيَّةُ الْأَخْرَسِ بِحُضُورِهِ، وَخَاطَبَهُ الْحَاضِرُونَ قَائِلِينَ لَهُ هَلْ نَشْهَدُ عَلَيْك، فَأَشَارَ بِتَحْرِيكِ رَأْسِهِ الْحَرَكَةَ الْمُتَعَارَفَةِ بِأَنَّهَا إشَارَةٌ لَهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، يَكُونُ قَدْ أَوْصَى بِمَا فِي الْوَصِيَّةِ، بَيْدَ أَنَّ الْخَرَسَ عَلَى نَوْعَيْنِ (1) خَرَسٌ أَصْلِيٌّ (2) وَخَرَسٌ عَارِضٌ. وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ ذِكْرُ الْأَخْرَسِ بِدُونِ تَعْيِينٍ فَهِيَ شَامِلَةٌ لِلِاثْنَيْنِ، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْمَادَّةِ حَقِيقَةً هُوَ الْخَرَسُ الْأَصْلِيُّ وَالْخَرَسُ الْعَارِضُ يُسَمَّى (اعْتِقَالَ اللِّسَانِ) وَهُوَ يَحْدُثُ لِلْإِنْسَانِ بِمَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ سُقُوطٍ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا زَالَ فَانْطَلَقَ اللِّسَانُ، وَلَمَّا كَانَتْ الْإِشَارَةُ إنَّمَا جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ انْطِلَاقِ اللِّسَانِ، فَإِشَارَةُ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ لَا تُعْتَبَرُ، وَلَا تُتَّخَذُ حُجَّةً بِحَقِّهِ، وَلَكِنْ إذَا اسْتَدَامَ الِاعْتِقَالُ فِي إنْسَانٍ حَتَّى مَوْتِهِ، فَإِقْرَارُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا، كَمَا لَوْ كَانَ أَخْرَسَ أَصْلِيًّا. عَلَى أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ وَكِتَابَتَهُ إنَّمَا تُعْتَبَرَانِ وَتُتَّخَذَانِ حُجَّةً فِي الْمُعَامَلَاتِ الْحُقُوقِيَّةِ فَقَطْ، فَشَهَادَةُ الْأَخْرَسِ إشَارَةً وَكِتَابَةً لَا تُعْتَبَرُ فِي الْعُقُوبَاتِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ " وُجُوبِ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ "

(المادة 71) يقبل قول المترجم مطلقا

[ (الْمَادَّةُ 71) يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ مُطْلَقًا] (الْمَادَّةُ 71) : يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ مُطْلَقًا. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ، وَالْمُتَرْجِمُ هُوَ الَّذِي يُفَسِّرُ لُغَةً بِأُخْرَى، وَالشَّيْخَانِ يَرَيَانِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَرْجِمِ الْوَاحِدِ، أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فَذَهَبَ إلَى أَنَّ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْمُتَرْجِمِينَ لَا يَقِلُّ عَنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ، وَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ الْمُتَرْجِمِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّةِ (127) بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ أَخَذَتْ بِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ، وَقَدْ اشْتَرَطَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي الْمُتَرْجِمِ أَلَّا يَكُونَ أَعْمَى. فَعَلَيْهِ وَبِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ غَيْرَ عَارِفٍ بِلِسَانِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ شُهُودِهِمَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ ادِّعَاءَ الْمُدَّعِي أَوْ دِفَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ شَهَادَةَ الشُّهُودِ بِوَاسِطَةِ الْمُتَرْجِمِ، وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَبِرَهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ صَادِرَةً رَأْسًا مِنْ أَصْحَابِهَا، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُتَرْجِمِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَغَيْرَ أَعْمَى، كَمَا قُلْنَا، وَإِذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مُتَرْجِمَانِ، فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ احْتِيَاطًا. [ (الْمَادَّةُ 72) لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ] (الْمَادَّةُ 72) : لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ فِعْلٌ بِنَاءً عَلَى ظَنٍّ كَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَدَثَ فِعْلٌ اسْتِنَادًا عَلَى ظَنٍّ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ يَجِبُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَوْفَى كَفِيلُ الدَّيْنِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ أَحَدَ النَّاسِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَصِيلَ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْفَى الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ يَحِقُّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ، كَمَا يَحِقُّ لِلْأَصِيلِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ دَفَعَ دَيْنًا عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ عَنْهُ الْكَفِيلُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الدَّائِنَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُمَا لِلْمَالِ كَانَ عَنْ خَطَأٍ لِظَنِّهِمَا أَنْ يَلْزَمَهُمَا، وَدَفْعُ الْمَالِ خَطَأٌ لَا يُرَتِّبُ حَقًّا لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْحَقِّ. كَذَلِكَ، إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: إذَا حَلَفْت بِأَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ الَّذِي تَدَّعِيهِ يَلْزَمُ ذِمَّتِي لَك أَدْفَعُهُ لَك، فَحَلَفَ وَظَنَّ الْمَطَالِبُ بِأَنَّهُ مُجْبَرٌ عَلَى أَدَاءِ الْمَبْلَغِ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَدَفَعَ الْمَبْلَغَ لَكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْيَمِينَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (76) لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعِي بَلْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ، يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ، كَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ أَوْ أَتْلَفَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ ظَانًّا بِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ. كَذَلِكَ: لَوْ كَانَ شَخْصٌ يَشْتَرِي مِنْ تَاجِرٍ بَضَائِعَ وَيُقَيِّدُ التَّاجِرُ مَا يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِدَفْتَرِهِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي دَفْعَ ثَمَنِ مَا أَخَذَهُ فَطَلَبَ مِنْ التَّاجِرِ أَنْ يَجْمَعَ كُلَّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَغَلِطَ التَّاجِرُ فَبَدَلًا مِنْ أَلْفٍ طَلَبَ أَلْفَيْنِ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَلْفَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَقَطْ فَدَفْعُ الْأَلْفِ الثَّانِيَةِ لِلتَّاجِرِ خَطَأً، لَا يَمْنَعُهُ مِنْ اسْتِرْدَادِهَا. كَذَلِكَ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ مَبْلَغًا ظَانًّا بِأَنَّهُ مَدِينٌ لَهُ بِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَدِينٍ يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ. كَذَلِكَ: لَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ مَبْلَغًا ظَانًّا بِأَنَّ الْمَبْلَغَ مَطْلُوبٌ مِنْ وَالِدِهِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ وَالِدَهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ

(المادة 73) لا حجة مع الاحتمال الناشئ عن دليل

(مُسْتَثْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ حَيَوَانًا مِنْ آخَرَ فَطَلَبَهُ جَارُهُ بِالشُّفْعَةِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْمَنْقُولِ كَمَا فِي غَيْرِهِ، وَسَلَّمَ الْحَيَوَانَ لِلشَّفِيعِ بِرِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى خَطَئِهِ اسْتِرْدَادُ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ يَكُونُ قَدْ عَقَدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَقْدَ تَعَاطٍ. [ (الْمَادَّةُ 73) لَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ النَّاشِئِ عَنْ دَلِيلِ] هَذِهِ الْقَاعِدَةُ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْمَجَامِعِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ كُلَّ حُجَّةٍ عَارَضَهَا احْتِمَالٌ مُسْتَنِدٌ إلَى دَلِيلٍ يَجْعَلُهَا غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ، وَلَكِنَّ الِاحْتِمَالَ غَيْرَ الْمُسْتَنِدِ إلَى دَلِيلٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِدَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَصِحُّ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِ الْمَرِيضِ قَصَدَ بِهَذَا الْإِقْرَارِ حِرْمَانَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلِ كَوْنِهِ فِي الْمَرَضِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ جَازَ، وَاحْتِمَالُ إرَادَةِ حِرْمَانِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ احْتِمَالٌ مُجَرَّدٌ وَنَوْعٌ مِنْ التَّوَهُّمِ لَا يَمْنَعُ حُجَّةَ الْإِقْرَارِ. وَلَكِنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ فِي إمْكَانِ الْمَرِيضِ إيصَالُ الْمَنْفَعَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ لَا يُوجَدُ فِيهِ مَا يُوجَدُ لِلْوَارِثِ مِنْ الِاحْتِمَالِ فَهُوَ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ. [ (الْمَادَّةُ 74) لَا عِبْرَةَ لِلتَّوَهُّمِ] هَذِهِ الْقَاعِدَةُ ذُكِرَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، وَمِنْهَا (مَجْمَعُ الْفَتَاوَى) وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ، كَمَا لَا يَثْبُتُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ اسْتِنَادًا عَلَى وَهْمٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ بِوَهْمٍ طَارِئٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُفْلِسُ تُبَاعُ أَمْوَالُهُ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ رُبَّمَا ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ جَدِيدٌ، وَالْوَاجِبُ مُحَافَظَةً عَلَى حُقُوقِ ذَلِكَ الدَّائِنِ الْمَجْهُولِ أَلَّا تُقْسَمَ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلتَّوَهُّمِ تُقْسَمُ الْأَمْوَالُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَمَتَى ظَهَرَ غَرِيمٌ جَدِيدٌ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُمْ حَسْبَ الْأُصُولِ الْمَشْرُوعَةِ. كَذَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ وَكَانَ لَهَا جَارَانِ لِكُلٍّ حَقُّ الشُّفْعَةِ، أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَادَّعَى الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِيهَا، يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ إرْجَاءُ الْحُكْمِ بِدَاعِي أَنَّ الْغَائِبَ رُبَّمَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِدَارِ شَخْصٍ نَافِذَةٌ عَلَى أُخْرَى لِجَارِهِ تَزِيدُ عَلَى طُولِ الْإِنْسَانِ، فَجَاءَ الْجَارُ طَالِبًا سَدَّ تِلْكَ النَّافِذَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبُ النَّافِذَةِ بِسُلَّمٍ وَيُشْرِفَ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ، فَلَا يُلْتَفَتُ لِطَلَبِهِ، كَذَا لَا يُلْتَفَتُ لِطَلَبِهِ فِيمَا لَوْ وَضَعَ جَارُهُ فِي غَرْفَةٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُ تِبْنًا وَطَلَبَ رَفْعَهُ بِدَاعِي أَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ تَعْلَقَ بِهِ النَّارُ فَتَحْتَرِقَ دَارُهُ.

(المادة 75) الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان

كَذَا: إذَا جَرَحَ شَخْصٌ آخَرَ، ثُمَّ شُفِيَ الْمَجْرُوحُ مِنْ جُرْحِهِ تَمَامًا وَعَاشَ مُدَّةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ بِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ وَالِدُهُمْ مَاتَ بِتَأْثِيرِ الْجُرْحِ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ. [ (الْمَادَّةُ 75) الثَّابِتُ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ] (الْمَادَّةُ 75) الثَّابِتُ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ يَعْنِي إذَا ثَبَتَ شَيْءٌ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَثَلًا كَانَ حُكْمُهُ كَالْمُشَاهَدَةِ بِالْعِيَانِ. الْبُرْهَانُ - هُوَ الدَّلِيلُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَيُمَيِّزُ الصَّحِيحَ مِنْ الْفَاسِدِ. يَسْتَعْمِلُ الْفُقَهَاءُ كَلِمَةَ (بَرْهَنَ عَلَيْهِ) بِمَعْنَى أَقَامَ شُهُودًا، وَالشَّهَادَةُ الَّتِي يَقْصِدُهَا الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ هِيَ الشَّهَادَةُ الْعَادِلَةُ. ذَلِكَ غَيْرُ مَا يُرِيدُهُ الْأُصُولِيُّونَ بِهَا. الْعِيَانُ - رُؤْيَةُ الشَّيْءِ بِصُورَةٍ وَاضِحَةٍ لَا يَبْقَى مَعَهَا مَجَالٌ لِلِاشْتِبَاهِ. يُقَالُ: فُلَانٌ عَايَنَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ يُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ نَظَرَهُ بِعَيْنِهِ. مِثَالٌ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ مَا فَكَمَا أَنَّ إقْرَارَهُ - فِيمَا لَوْ أَقَرَّ - يُتَّخَذُ حُجَّةً وَمَدَارًا لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ تُتَّخَذُ الشَّهَادَةُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ. [ (الْمَادَّةُ 76) الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ] (الْمَادَّةُ 76) : الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَيُؤَيِّدُهَا الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَّعِي مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ فَهُوَ ضَعِيفٌ يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ تَدْعَمُهُ، وَكَلَامُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ فَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِتَقْوِيَةِ مَا سِوَى الْيَمِينِ. الْبَيِّنَةُ - هِيَ الشَّهَادَةُ الْعَادِلَةُ الَّتِي تُؤَيِّدُ صِدْقَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَبِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقَيِّدُ بَيَانًا سُمِّيَتْ بَيِّنَةً وَسُمِّيَتْ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ يَتَغَلَّبُ بِهَا عَلَى خَصْمِهِ. الدَّعْوَى - هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُورِ الْمُحَاكِمِ، وَيُقَالُ لِلطَّالِبِ الْمُدَّعِي وَلِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَادَّةُ 1613) الْمُدَّعَى - هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي، وَيُقَالُ لَهُ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْضًا (مَادَّةُ 1614) . الْيَمِينُ - هُوَ تَأْيِيدُ الْحَالِفِ لِخَبَرِهِ بِالْقَسَمِ بِاسْمِ اللَّهِ. هَذَا وَيُعْلَمُ بَعْضُ أَحْكَامِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَقْلًا وَبَعْضُهَا شَرْعًا وَإِلَيْكَ الْبَيَانُ: مِنْ الْمَعْلُومِ عَقْلًا أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَالِادِّعَاءُ الْمُجَرَّدُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرًا فَمَا لَمْ يُدْعَمُ بِبُنَيَّةٍ، فَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ هُوَ أَنَّهُ مَتَى مَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي اسْتِحْقَاقَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ اسْتَحَقَّهُ.

فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ لَهُ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، فَالْحَاكِمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1817) يَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَلَا تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطْلَقًا، فَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1818) وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مُطْلَقًا. مِثَالٌ: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ فَادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا لَهُ: إنَّهُ اشْتَرَى مِنِّي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِالْوَكَالَةِ، وَأَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ، وَأَخَذَ الْمَالَ فَلْيَدْفَعْ لِي الثَّمَنَ، وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ، بَلْ رَسُولًا وَأَنَّهُ لِذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1463) غَيْرُ مُطَالَبٍ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ، وَيُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ إضَافَةَ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ. إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ لَا يُعْدَلُ عَنْهَا مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِمَبْلَغٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: إذَا حَلَفْت بِأَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ يَلْزَمُ ذِمَّتِي أَدْفَعُهُ لَك فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ، فَلَا يُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. هَذَا وَمِنْ الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ وَالْمُهِمَّةِ فِي الدَّعْوَى تَفْرِيقُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَعْيِينُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ يُشْتَبَهُ الْمُدَّعِي بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَأَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى مَالٍ مَثَلًا فَيَجِيءُ أَجْنَبِيٌّ وَيَدَّعِي بِأَنَّهُ لَهُ، وَأَنْ لَيْسَ لِوَاضِعِ الْيَدِ مِنْ حَقٍّ فِي الْمَالِ، وَيَدَّعِي وَاضِعُ الْيَدِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَظَاهِرُ الْحَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكَرٌ مَعًا، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ نَفْسَ مِلْكِيَّةِ ذِي الْيَدِ يَدْخُلُ فِي دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ، وَإِثْبَاتُ وَاضِعُ الْيَدِ الْمِلْكِيَّةَ لِنَفْسِهِ يَدْخُلُ فِي دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ نَفْسَ الْمِلْكِيَّةَ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ. وَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعِي هُوَ الَّذِي يَقُولُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَاَلَّذِي يَكُونُ قَوْلُهُ: مُوَافِقًا لِلظَّاهِرِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَوَاضِعُ الْيَدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ. مِثَالٌ آخَرُ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَادِّعَاؤُهُ هَذَا ادِّعَاءٌ يَشْغَلُ ذِمَّةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِمَا أَنَّ اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَاَلَّذِي يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ مُدَّعٍ وَالثَّانِي هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ ارْتَأَى أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فِي حَالَيْنِ هُمَا: الْحَالُ الْأُولَى - إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلِفَ الْيَمِينِ فَلَمْ يَحْلِفْ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ يُحْكَمُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ اسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ «بِأَنَّ الرَّسُولَ الْكَرِيمَ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ أَيْ الْيَمِينَ» وَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ. الْحَالُ الثَّانِيَةُ: - إذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي، وَتَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْحَالِ عَلَى أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ هُوَ صِدْقٌ وَأَنَا مُسْتَحِقٌّ لِلْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ. وَلَكِنَّ لِلْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَيُكَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَلِفِ

(المادة 77) البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لبقاء الأصل

وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي أَيْضًا. إلَّا أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعِي قَبْلَ أَنْ يُكَلَّفَ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْيَمِينِ الَّتِي تُرَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ تَكْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا وَامْتِنَاعِهِ عَنْهَا، فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ لِتَقْوِيَةِ جَانِبِهِ بِنُكُولِ الْخَصْمِ، وَتِلْكَ لِتَقْوِيَةِ جَانِبِهِ بِالشَّاهِدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْأُولَى إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَيُقْضَى بِالثَّانِيَةِ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ. [ (الْمَادَّةُ 77) الْبَيِّنَةُ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ وَالْيَمِينُ لِبَقَاءِ الْأَصْلِ] (الْمَادَّةُ 77) : الْبَيِّنَةُ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ وَالْيَمِينُ لِبَقَاءِ الْأَصْلِ. لِأَنَّ الْأَصْلَ يُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْيِيدٍ آخَرَ، وَاَلَّذِي يَكُونُ خِلَافَ الظَّاهِرِ يَتَرَاوَحُ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَيَحْتَاجُ إلَى مُرَجِّحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ. خِلَافُ الظَّاهِرِ وَخِلَافُ الْأَصْلِ - خِلَافُ الظَّاهِرِ وَخِلَافُ الْأَصْلِ كَالْمَوْجُودِ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ، وَاشْتِغَالُ الذِّمَّةِ، وَإِضَافَةُ الْحَوَادِثِ إلَى أَبْعَدِ أَوْقَاتِهَا، وَالْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فِي الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ الْعَدَمُ، كَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَإِضَافَةِ الْحَادِثِ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 8 وَ 9 وَ 11) كَمَا إذَا ادَّعَى شَخْصُ قَائِلًا: إنَّنِي بِعْت الْمَالَ الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ حِينَمَا كُنْتُ صَبِيًّا، وَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (967) غَيْرُ نَافِذٍ فَاطْلُبْ رَدَّهُ، وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهُ أَثْنَاءَ مَا كَانَ بَالِغًا وَالْبَيْعُ نَافِذٌ، فَلِأَنَّ الصِّغَرَ وَعَدَمَ الْبُلُوغِ أَصْلٌ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُدَّعِي الصِّغَرِ. وَبِمَا أَنَّ الْبُلُوغَ عَارِضٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ مُدَّعِي الْبُلُوغِ، كَذَلِكَ إذْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ بَيْعَ وَفَاءً، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ بَيْعًا بَاتًّا فَبِمَا أَنَّ الظَّاهِرَ وَالْأَصْلَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَاتًّا، فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاتٌّ وَبِمَا أَنَّ وُقُوعَ الْبَيْعِ وَفَاءً هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَخِلَافُ الظَّاهِرِ، فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ مُدَّعِي الْوَفَاءِ. كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِ الْبَيْعِ وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ أَوْ بِرِضَاءٍ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الرِّضَاءَ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ وَالْبَيِّنَةُ تُطْلَبُ مِنْ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ. كَذَا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ مُطَالِبًا إيَّاهُ بِدَيْنٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَالْبَيِّنَةُ تُطْلَبُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الْأَصْلِ، وَهُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ رَاجِعْ (الْمَادَّةَ الثَّامِنَةَ) وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلشَّخْصِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) يُصَدَّقُ الْأَمِينُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1174) بِيَمِينِهِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَإِلَيْكَ الْإِيضَاحُ: إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ طَالِبًا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ، وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ، وَالْحَالُ أَنَّ الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ مِنْ الصِّفَاتِ الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلُ

(المادة 78) البينة حجة متعدية والإقرار حجة قاصرة

حَسْبَ الْمَادَّةِ التَّاسِعَةِ عَدَمُهَا، وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى رَدِّهِ الْوَدِيعَةَ أَوْ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ. [ (الْمَادَّةُ 78) الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ] (الْمَادَّةُ 78) الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَرَدَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ، مِنْهَا تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ وَشَرْحُهُ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِيهِمَا عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ (وَالْأَصْلُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ) الْبَيِّنَةُ: هِيَ الشَّهَادَةُ الَّتِي تُظْهِرُ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمَوْجُودَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. ، وَقَدْ عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1676) بِأَنَّهَا الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ. وَمُتَعَدِّيَةٌ: مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّعَدِّي، وَالتَّعَدِّي بِمَعْنَى التَّجَاوُزِ عَلَى الْغَيْرِ، وَالْمَقْصُودُ بِالْغَيْرِ هُنَا هُوَ غَيْرُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. الْإِقْرَارُ: كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1572) هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ وَيُقَالُ لِذَلِكَ: مُقِرٌّ، وَلِهَذَا: مُقَرٌّ لَهُ وَلِلْحَقِّ: مُقَرٌّ بِهِ. وَقَاصِرَةٌ: مِنْ الْقَصْرِ يُقَالُ (قَصَرَ الشَّيْءَ عَلَى كَذَا) أَيْ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ إلَى غَيْرِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ تَقْتَصِرُ عَلَى نَفْسِ الْمُقِرِّ وَلَا تَتَجَاوَزُهُ إلَى الْغَيْرِ، أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَهِيَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ تَتَجَاوَزُ إلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْبَيِّنَةِ الْقَضَاءُ مِنْ الْحَاكِمِ، وَالْحُكْمُ مِنْهُ، وَالْحَاكِمُ لَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ، فَلَا تَقْتَصِرُ الْحُجَّةُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَتَتَجَاوَزُ إلَى كُلِّ مَنْ لَهُ مِسَاسٌ بِالْقَضِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الدُّرَرِ (الْحُكْمُ الْمَقْضِيُّ بِهِ اسْتِنَادًا عَلَى بَيِّنَةٍ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ يَكُونُ شَامِلًا لِعُمُومِ النَّاسِ) فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهَا بِلَا خَصْمٍ. أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَمَّا كَانَتْ حُجَّتُهُ مُسْتَنِدَةٌ عَلَى زَعْمِ الْمُقِرِّ فَهِيَ قَاصِرَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً بِحَقٍّ سِوَاهُ، وَهُوَ جَائِزٌ بِدُونِ خَصْمٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ بِحَقِّ أَحَدٍ غَيْرِ الْمُقِرِّ. لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ وَلَا يَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى، وَلَا يُلْزَمُ الْوَصِيُّ أَيْضًا بِأَدَائِهِ. كَذَلِكَ: لَوْ تَوَفَّى شَخْصٌ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَخُوهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَيُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِإِعْطَاءِ ثُلُثِ مَا أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِلْأَخِ الثَّالِثِ، وَلَا يُلْزَمُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ بِشَيْءٍ اسْتِنَادًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي أَخَذَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (1642) . هَذَا وَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَهُوَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ، فَلَدَى اجْتِمَاعِ الْحُجَّتَيْنِ مَعًا تُقَدَّمُ حُجَّةُ الْإِقْرَارِ وَيُحْكَمُ بِهَا مَا لَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ لِلْحُكْمِ بِالْبَيِّنَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا أَقَامَ شَخْصٌ دَعْوَى اسْتِحْقَاقٍ فِي مَالٍ اشْتَرَاهُ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ، وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ اسْتِحْقَاقَ الْمُدَّعِي بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي مِلْكِيَّتَهُ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ، عَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِمَلْكِيَّةِ

الْمُدَّعِي، يَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي بِالْمَالِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ أَقْوَى، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حَاجَةٍ إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ حِفْظًا لِحَقِّ الْمُشْتَرِي، وَمَنْعًا لِلْإِضْرَارِ بِهِ. حَتَّى يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ وَاسْتِرْدَادِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. هَذَا وَإِلَيْكَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْأَمْثِلَةُ الْآتِيَةِ: مِثَالٌ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ بِحُضُورِ أَحَدِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى دَيْنًا، وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ، فَالْحُكْمُ يَكُونُ سَارِيًا عَلَى عُمُومِ الْوَرَثَةِ، وَلَا يَحِقُّ لِلْوَرَثَةِ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ بِمُوَاجَهَتِهِمْ أَنْ يُطَالِبُوا الْمُدَّعِيَ بِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ بِحُضُورِهِمْ أَيْضًا، أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ لَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى بَيِّنَةٍ، بَلْ عَلَى إقْرَارٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَارِثِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْرِي بِحَقِّ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مَا عَدَا الْمُقِرَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ، كَمَا أَسْلَفْنَا. كَذَلِكَ: إذَا اسْتَحَقَّ شَخْصٌ مَالًا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِهِ فَلِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَلَا يَحِقُّ لِهَذَا أَنْ يَتَعَلَّلَ عَنْ الدَّفْعِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ الْمُحَاكَمَةَ، فَلَا يَلْزَمُهُ، وَبِعَكْسِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ لَمْ يُثْبِتْ الْمُسْتَحِقُّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْبَيِّنَةِ، بَلْ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ. كَذَلِكَ: لَوْ أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمَأْجُورَ هُوَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ، فَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَسْرِي بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ، وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُحْكَمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ الْمِلْكِ. كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ آخَرَ قَائِلًا: إنِّي أَكْفُلُ فُلَانًا بِمَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ لِفُلَانٍ، فَإِذَا أَثْبَتَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ بِبَيِّنَةٍ ضَمِنَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ، أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الدَّائِنُ الدَّيْنَ بِالشَّهَادَةِ، فَالْقَوْلُ مِنْ الْيَمِينِ لِلْكَفِيلِ وَلَا يَسْرِي عَلَى الْكَفِيلِ إقْرَارُ الْمَكْفُولِ بِدَيْنٍ أَكْثَرَ مِمَّا اعْتَرَفَ بِهِ الْكَفِيلُ نَفْسُهُ. كَذَا لَا يَسْرِي إقْرَارُ الرَّاهِنِ بِمِلْكِيَّةِ الْمَرْهُونِ لِلْغَيْرِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، هَذَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ لَا يَتَبَايَنُ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ، وَالْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ وَالْقُوَّةَ هُمَا غَيْرُ التَّعَدِّي وَالِاقْتِصَارِ. فَاقْتِصَارُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُقِرِّ لَا يُنَافِي قُوَّةَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْبَيِّنَةِ، وَضَعْفُ الْبَيِّنَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِقْرَارِ لَا يُنَافِيهِ كَوْنُهَا مُتَعَدِّيَةٌ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَعْضُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ هِيَ: إذَا أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِدَيْنٍ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ، وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْعَقَارِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ قِبَلِهِ لِآخَرَ، وَيُبَاعُ فِيمَا إذَا كَانَ لَيْسَ لَهُ سِوَى الْعَقَارِ مَا يُؤَدِّي بِهِ الدَّيْنَ الْمُقَرَّ بِهِ. كَذَلِكَ: إذَا أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بِدَيْنٍ عَلَيْهَا وَالزَّوْجُ كَذَّبَهَا فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَتُحْبَسُ رَغْمَ مَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ بِذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ. هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ قَدْ ارْتَآهَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَيْنِ يَرَيَانِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُ الزَّوْجَةِ بِإِقْرَارِهَا بِدَيْنٍ، وَلَا فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَبَيْعُ الْمَأْجُورِ إذَا أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ لِآخَرَ بِدَيْنٍ.

(المادة 79) المرء مؤاخذ بإقراره

[ (الْمَادَّةُ 79) الْمَرْء مُؤَاخَذ بِإِقْرَارِهِ] (الْمَادَّةُ 79) : الْمَرْءُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ إلَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ مُكَذَّبًا شَرْعًا وَقَدْ أُخِذَتْ هَذِهِ عَنْ الْمَجَامِعِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِمَالِ لِآخَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَنْ خَطَأٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ: إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهِ ادَّعَى بِأَنَّهُ كَانَ أَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ يُنْظَرُ إذَا كَانَ الِادِّعَاءُ بِالْأَدَاءِ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ حَيْثُ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ وَتَنَاقُضًا فِي الْقَوْلِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1632) . كَذَا: إذَا قَبَضَ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ وَبَعْدَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ ادَّعَى أَنَّ النُّقُودَ الَّتِي قَبَضَهَا مُزَيَّفَةٌ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ. هَذَا وَإِنَّ الْمَادَّةَ (1581) مِنْ الْمَجَلَّةِ الَّتِي تَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِآخَرَ بِكَذَا ثُمَّ عَادَ فَقَالَ: رَجَعْت عَنْ إقْرَارِي هَذَا فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ وَيُلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ. وَالْمَادَّةُ (1127) فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِهَا أَيْضًا. قُلْنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَا مَعْنَاهُ: إذَا كَذَبَ الْإِقْرَارُ شَرْعًا فَلَا يُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1654) أَنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي يَكْذِبُ شَرْعًا بَاطِلٌ وَالْمُقِرُّ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِهِ وَإِلَيْك الْمِثَالُ: إذَا تَخَاصَمَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بِأَلْفَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ هَذَا مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ أَقَامَ الشَّفِيعُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَتَمَلَّكَ تِلْكَ الدَّارَ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ لَا بِالْأَلْفِ بِدَاعِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اعْتَرَفَ فِي دَعْوَاهُ مَعَ الْبَائِعِ بِأَنَّ الثَّمَنَ أَلْفٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بِأَلْفٍ فَقَدْ كَذَبَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ وَأَصْبَحَ بَاطِلًا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ الْمَدِينُ لَهُ بِأَمْرِهِ وَطَلَبَ إلْزَامَهُ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ أَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي وَاسْتَوْفَى بَدَلهَا يَحِقُّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَدِينِ بِالْبَدَلِ الْمَدْفُوعِ مِنْهُ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ الْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ شَرْعًا. هَذَا وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ. كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1512) أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ. وَفِي الْمَادَّةِ (1575) يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الْمُقِرِّ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ. وَفِي الْمَادَّةِ (1577) أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرُّ ظَاهِرَ الْحَالِ. [ (الْمَادَّةُ 80) لَا حُجَّةَ مَعَ التَّنَاقُضِ لَكِنْ لَا يُخْتَلُ مَعَهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ] (الْمَادَّةُ 80) لَا حُجَّةَ مَعَ التَّنَاقُضِ لَكِنْ لَا يُخْتَلُ مَعَهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ. يُوجَدُ تَصَرُّفٌ فِي تَرْجَمَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ فِيهَا لَكِنَّ التَّرْجَمَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لِأَصْلِهَا التُّرْكِيِّ

هِيَ (لَا حُجَّةَ مَعَ التَّنَاقُضِ لَكِنْ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى حُكْمِ الْمُتَنَاقَضِ عَلَيْهِ) . يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَنَاقُضٌ فِي الْحُجَّةِ تَبْطُلُ وَلَكِنْ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا فَلَا يُخْتَلُ الْحُكْمُ. مِثَالُ ذَلِكَ؛ لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَا تَبْقَى شَهَادَتُهُمَا حُجَّةً لَكِنْ لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَكَمَ بِمَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا لَا يُنْقَضُ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ ضَمَانَ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقَدْ أُخِذَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنْ (بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) الْوَارِدِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الْهِدَايَةِ (وَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَاضِي لَا يَقْضِي بِكَلَامٍ مُتَنَاقِضٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَا أَتْلَفَا شَيْئًا لَا عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يُفْسَخْ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِمْ يُنَاقِضُ أَوَّلَهُ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالتَّنَاقُضِ) . لَقَدْ عُرِّفَتْ الْحُجَّةُ فِي الْأَشْبَاهِ بِأَنَّهَا " بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ، أَوْ إقْرَارٌ، أَوْ نُكُولٌ عَنْ الْيَمِينِ. وَجَاءَ عَنْهَا فِي الْمَادَّةِ (78) بِأَنَّهَا تَشْمَلُ الشَّهَادَةَ وَالْإِقْرَارَ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْحُجَّةَ الْمَقْصُودَةَ هُنَا لَيْسَتْ سِوَى الْبَيِّنَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَجَامِعِ عِنْدَ تَعْلِيقِ الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ (التَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ) مَثَلًا لَوْ أَنْكَرَ شَخْصٌ شَيْئًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ بِهِ فَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ رَغْمًا مِمَّا حَدَثَ مِنْ التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَكُونُ مُتَّهَمًا بِإِقْرَارِهِ هَذَا - فَلَيْسَ مِنْ مَأْخَذٍ فِي ذَلِكَ أَوْ خَطَأٍ. الرُّجُوعُ تَعْرِيفُهُ: الرُّجُوعُ لُغَةً نَقِيضُ الذَّهَابِ وَاصْطِلَاحًا نَفْيُ الشَّاهِدِ أَخِيرًا مَا أَثْبَتَهُ أَوَّلًا. هَذَا وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا أَنَّ الْحُكْمَ لَا يُخْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ غَيْرَ جَائِزٍ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ. وَبِمَا أَنَّ الْكَلَامَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ رَجَحَ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي بِاتِّصَالِهِ بِالْقَضَاءِ، وَالْمَرْجُوحُ لَا يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلَمْ يُخْتَلْ الْحُكْمُ وَلَمْ يُنْقَضْ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مُتَسَبِّبِينَ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ وَالْحَاكِمُ هُوَ الْمُبَاشِرُ بِهِ فَمِنْ الْوَاجِبِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (190) لَا يَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ إلَّا عَلَى الْحَاكِمِ. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْقَاضِيَ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الشُّهُودُ الشَّهَادَةَ وَبَعْدَ التَّثْبِيتِ مِنْ عَدَالَتِهِمْ مُجْبَرٌ عَلَى الْحُكْمِ فَوْرًا فَلَوْ تَأَخَّرَ وَلَمْ يَحْكُمْ يَكُونُ مَسْئُولًا شَرْعًا وَمُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ وَالْعَزْلِ. وَبِمَا أَنَّ تَضْمِينَ الْحُكَّامِ يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ النَّاسِ مِنْ قَبُولِ مَنْصِبِ الْقَضَاءِ خَوْفًا مِنْ الضَّمَانِ، وَحَيْثُ إنَّهُ مِمَّا تَقَدَّمَ يَتَعَذَّرُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُبَاشِرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ وَجَبَ الْحُكْمُ بِضَمَانِ الشُّهُودِ الْمُتَسَبِّبِينَ وَالْمُعْتَدِينَ دُونَ الْحَاكِمِ الْمُبَاشِرِ. لَقَدْ ذَكَرَ عَدَمَ اخْتِلَالِ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (1729) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ عَدَمَ اخْتِلَالِ الْحُكْمِ بِمَا إذَا قَبَضَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِهِ أَمْ لَا. مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَوْضِعٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَالْبَزَّازِيَّةُ وَخِزَانَةُ الْمُفْتِينَ وَالْبَحْرُ تَقُولُ بِالضَّمَانِ

(المادة 81) قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل

سَوَاءٌ أَقَبَضَ الْمَحْكُومُ بِهِ أَمْ لَمْ يَقْبِضْ. أَمَّا الْكَنْزُ، وَالدُّرَرُ، وَمُلْتَقَى الْأَبْحُرِ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْمُحْتَارُ، وَالْإِصْلَاحُ، وَمَوَاهِبُ الرَّحْمَنِ، فَكُلُّهَا يَشْتَرِطُ الْقَبْضَ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنَّ الدُّرَّ الْمُنْتَقَى يَرَى أَنَّهُ إذَا حَصَلَ قَبْضٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَالْحُكْمُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَحَتَّى لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ فِي عَقَارٍ ثُمَّ رَجَعَتْ فَيَجِبُ ضَمَانُ قِيمَةِ الْعَقَارِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 81) قَدْ يَثْبُت الْفَرْعُ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ] (الْمَادَّةُ 81) : قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَقَدْ جَاءَتْ فِيهِ (قَدْ يَثْبُتُ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَتَثَبَّتْ الْفَرْعُ) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا دَيْنًا وَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَيْ (بِدُونِ أَمْرِ الْمَدِينِ) وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْأَصِيلِ ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ لَزِمَ عَلَى الْكَفِيلِ أَدَاؤُهُ. قُلْنَا بِدُونِ أَمْرِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِرَجُلٍ: اُكْفُلْنِي بِالْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ مِنِّي لِفُلَانٍ وَكَفَلَهُ يُعْتَبَرُ أَمْرُهُ هَذَا إقْرَارًا بِالدَّيْنِ وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ. كَذَلِكَ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ وَهُوَ الْفَرْعُ فِي الدَّيْنِ دُونَ الْأَصِيلِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ فِيمَا لَوْ أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَفَاءَهُ الدَّيْنَ قَبْلَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ. وَهَذَا الْمِثَالُ يَصِحُّ أَنْ يُتَّخَذَ مِثَالًا لِقَاعِدَةِ (الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَحُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لَا تَتَعَدَّاهُ لِلْأَصِيلِ [ (الْمَادَّةُ 82) الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يَجِبُ ثُبُوتُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ] (الْمَادَّةُ 82) الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يَجِبُ ثُبُوتُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَرَدَتْ فِي الْمَجَامِعِ (الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ يَجِبُ ثُبُوتُهُ وَيَكُونُ مَعْدُومًا قَبْلَ ثُبُوتِ شَرْطِهِ) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ يَكُونُ مَعْدُومًا قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الشَّيْءُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَاسْتَوْجَبَ ذَلِكَ وُجُودَ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ مُحَالٌ. الْمُعَلَّقُ، تَعْرِيفُهُ: الْمُعَلَّقُ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّعْلِيقِ وَهُوَ رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى فَإِحْدَاهُمَا تُسَمَّى (الشَّرْطُ) وَالثَّانِيَةُ تُسَمَّى (الْجَزَاءُ) . وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا مُمْكِنًا حُصُولُهُ. لِهَذَا فَلَوْ عُلِّقَ شَيْءٌ مَوْجُودٌ يُعْتَبَرُ تَعْلِيقُهُ تَنْجِيزًا أَيْ أَنَّ الْمُعَلَّقَ يَثْبُتُ فِي الْحَالِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْهُ وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَدْيُونًا لَهُ فَيُصْبِحُ بِذَلِكَ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ فِي الْحَالِ. كَذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّ فُلَانًا بَاعَ مِنِّي مَالَك الْفُلَانِيَّ بِكَذَا، فَقَالَ: إذَا بَاعَهُ مِنْك بِهَذَا الثَّمَنِ فَإِنِّي أُجِيزُ الْبَيْعَ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِيعَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ تَصِحُّ الْإِجَازَةُ.

وَمَعَ أَنَّ الْوَقْفَ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ لَا يَكُونُ صَحِيحًا فَالْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ عَلَى مَوْجُودٍ وَمُحَقَّقٍ يَصِحُّ تَنْجِيزًا، كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ: إذَا كَانَ هَذَا الْمَالُ مَالِي. وَأَشَارَ إلَى عَقَارٍ يَمْلِكُهُ - فَإِنِّي قَدْ وَقَفْتُهُ يَكُونُ الْوَقْفُ صَحِيحًا. إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَحِيلِ الْوُقُوعِ فَهُوَ بَاطِلٌ. أَدَوَاتُ الشَّرْطِ. (إنْ، كُلَّمَا، مَتَى، إذَا) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ. وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. لَوْ قَالَ شَخْصٌ: إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَك فُلَانٌ مَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ دَيْنِك فَتَثْبُتُ الْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى شَرْطٍ عِنْدَ ثُبُوتِهِ وَحِينَئِذٍ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ. وَيُشْتَرَطُ فِي التَّعْلِيقِ أَنْ يَكُونَ فِي الْأُمُورِ وَالْخُصُوصِيَّاتِ الَّتِي يَجُوزُ التَّعْلِيقُ فِيهَا شَرْعًا وَإِلَّا فَلَوْ عُلِّقَتْ بَعْضُ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّعْلِيقُ فِيهَا عَلَى شَرْطٍ فَالتَّعْلِيقُ فَاسِدٌ أَيْ (إنَّ الشَّيْءَ الْمُعَلَّقَ لَا يَثْبُتُ وَلَوْ ثَبَتَ الشَّرْطُ) وَفِي الْعُقُودِ الْآتِيَةِ يَصِحُّ التَّعْلِيقُ وَيَكُونُ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا إذَا كَانَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مُلَائِمًا أَيْ (أَنْ يَكُونَ الشَّرْطَ مُؤَيِّدًا لِلْعَقْدِ) وَهُوَ مِنْ مُوجِبَاتِهِ وَمُقْتَضَيَاتِهِ، وَفَاسِدًا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَائِمٍ وَهِيَ: (1) الْوَكَالَةُ (2) الْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ (3) عَزْلُ الْقَاضِي (4) الْقَضَاءُ (5) الْإِمَارَةُ (6) الْكَفَالَةُ (7) الْإِبْرَاءُ فِي الْكَفَالَةِ (8) تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (9) الْوَصِيَّةُ (10) الْحَوَالَةُ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلٌ) تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ بَعْدَ الْعَزْلِ كُلَّمَا عَزَلَهُ، وَلَوْ قَالَ لِلسَّفِيهِ وَلِيُّهُ: قَدْ أَذِنْتُك بِالتِّجَارَةِ إذَا صَلَحَتْ أَحْوَالُك يَكُونُ السَّفِيهُ مَأْذُونًا بِالتِّجَارَةِ إذَا صَلَحَتْ أَحْوَالُهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ لَهُ: إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ أَذِنْتُك بِالتِّجَارَةِ فَبِطُلُوعِ الْفَجْرِ يَكُونُ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِشَخْصٍ: إذَا بَلَغْت الْبَلَدَ الْفُلَانِيَّ فَقَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا عَلَيْهِ أَوْ قَاضِيًا لَهُ فَثُبُوتُ الشَّرْطِ يُثْبِتُ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ. كَذَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِدَائِنٍ: إذَا عَادَ مَدْيُونُك فُلَانٌ مِنْ سَفْرَتِهِ فَأَنَا كَفِيلٌ لَك بِمَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. فَمَتَى رَجَعَ الْمَدْيُونُ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ. كَمَا لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ لِكَفِيلٍ: إذَا أَعْطَيْتَنِي الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنِّي أُبْرِئُك مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْكَفِيلُ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَطْلُوبَ فَيَبْرَأُ مِنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا أَجَازَ فُلَانٌ وَصِيَّتِي فَقَدْ أَوْصَيْتُ لَك بِالْمَالِ الْفُلَانِيِّ وَأَجَازَهَا لَك الشَّخْصُ تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ عُلِّقَ عَلَى شَرْطٍ مُلَائِمٍ يَكُونُ

ثَابِتًا وَصَحِيحًا لَدَى ثُبُوتِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُلَائِمٍ فَلَا يَثْبُتُ وَإِلَيْكَ الْمِثَالُ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ دَارَ فُلَانٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ الْكَفَالَةِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ مَعَنَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْعَشَرَةِ فَلَا يَثْبُتُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَوْ ثَبَتَ. أَمَّا الْعُقُودُ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّعْلِيقُ فَهِيَ كَمَا يَأْتِي: (1) الْبَيْعُ (2) الْإِجَارَةُ (3) الْإِعَارَةُ (4) الِاسْتِئْجَارُ (5) الْهِبَةُ (6) الصَّدَقَةُ (7) إجَازَةُ الْعَقْدِ (8) الْإِقْرَارُ (9) الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ (10) الصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ (11) الْمُزَارَعَةُ (12) الْمُسَاقَاةُ (13) الْوَقْفُ (14) التَّحْكِيمُ (15) الْإِقَالَةُ (16) التَّسْلِيمُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ (17) إبْطَالُ حَقِّ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (18) إبْطَالُ حَقِّ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ (19) عَزْلُ الْوَكِيلِ (20) حَجْرُ الْمَأْذُونِ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا حَضَرَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ فَقَدْ بِعْتُك دَارِي بِكَذَا قِرْشًا أَوْ أَجَّرْتُك إيَّاهَا أَوْ أَعَرْتهَا لَك أَوْ وَهَبْتُهَا لَك أَوْ تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْكَ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ وَلَا يَنْعَقِدُ فَإِذَا بَلَغَ رَجُلًا بِأَنَّ شَخْصًا بَاعَ مَالَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَقَالَ: إذَا رَضِيَ فُلَانٌ بِذَلِكَ فَقَدْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ أَوْ الْإِجَارَةَ أَوْ الْهِبَةَ وَكَانَ الْمَذْكُورُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ حَقِيقَةً لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَا يَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا جَاءَ فُلَانٌ، أَوْ إذَا دَايَنْتنِي كَذَا مَبْلَغًا، أَوْ إذَا لَمْ أَدْفَعْ لَك غَدًا خَمْسِينَ قِرْشًا، أَوْ إذَا حَلَفْت لِي بِأَنَّنِي مَدْيُونٌ لَك. فَأَنَا مَدْيُونٌ لَك بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فَلَا يَثْبُتُ الْمَبْلَغُ وَلَا يَتَرَتَّبُ بِذِمَّةِ الْمُقِرِّ وَلَوْ ثَبَتَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا دَخَلْت بَيْتِي أَوْ إذَا جَاءَ فُلَانٌ مِنْ الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ إذَا دَفَعْت لِي خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْأَلْفِ الْقِرْشِ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْك فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِك لِي فَلَا تَثْبُتُ الْبَرَاءَةُ وَإِنْ ثَبَتَتْ الشُّرُوطُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَيْهَا. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) قُلْنَا: إنَّ الْإِقْرَارَ وَالْإِبْرَاءَ الْمُعَلَّقَيْنِ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى - لَوْ عَلَّقَ الدَّائِنُ إبْرَاءَ الْمَدِينِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَوْتِهِ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَيَكُونُ التَّعْلِيقُ صَحِيحًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ عَمْرٌو لِلْمَدِينِ بَكْرٍ إذَا أَنَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي فَيُحْمَلُ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَإِذَا مَاتَ الدَّائِنُ وَكَانَ نَكْثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا عَلَى ذَلِكَ (أَيْ إذَا كَانَ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ يَزِيدُ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْمَدِينُ بَرِيئًا) .

(المادة 83) يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان

الثَّانِيَةُ - لَوْ عُلِّقَ الْإِقْرَارُ بِزَمَنٍ صَالِحٍ لِحُلُولِ الْأَجَلِ فِي عُرْفِ النَّاسِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1584) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنْ ابْتَدَأَ الشَّهْرُ الْفُلَانِيُّ أَوْ يَوْمُ الْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ أَوْ يَوْمُ قَاسِمٍ فَإِنِّي مَدْيُونٌ لَك بِكَذَا يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَيَلْزَمُهُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. (فَائِدَةٌ) تَتَعَلَّقُ بِالْعُقُودِ الَّتِي تَجُوزُ إضَافَتُهَا لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ وَاَلَّتِي لَا تَجُوزُ فَالْعُقُودُ الَّتِي تَجُوزُ إضَافَتُهَا لِلْمُسْتَقْبَلِ هِيَ كَمَا يَأْتِي: (1) الْإِجَارَةُ (2) فَسْخُ الْإِجَارَةِ (3) الْمُزَارَعَةُ (4) الْمُسَاقَاةُ (5) الْمُضَارَبَةُ (6) الْوَكَالَةُ (7) الْكَفَالَةُ (8) الْإِيصَاءُ (9) الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ (10) الْقَضَاءُ (11) الْإِمَارَةُ (12) الْوَقْفُ (13) الْإِعَارَةُ (14) إبْطَالُ الْخِيَارِ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَجَّرْتُك دَارِي اعْتِبَارًا مِنْ الْغَدِ بِبَدَلٍ قَدْرُهُ كَذَا، وَقَالَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ قَدْ فَسَخْت إجَارَةُ الدَّارِ الَّتِي آجَرْتُك إيَّاهَا بِبَدَلٍ شَهْرِيٍّ اعْتِبَارًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْقَادِمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 408 وَ 494) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: أَعْطَيْتُكَ مَزْرَعَتِي الْفُلَانِيَّةَ وَبُسْتَانِي الْفُلَانِيَّ مُزَارَعَةً أَوْ مُسَاقَاةً اعْتِبَارًا مِنْ التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ فَيَصِحُّ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ اعْتِبَارًا مِنْ رَأْسِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ بِبَيْعِ مَالِي هَذَا فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ حُلُولِ رَأْسِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِشَخْصٍ: قَدْ نَصَّبْتُك اعْتِبَارًا مِنْ التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ حَاكِمًا أَوْ وَالِيًا عَلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَالتَّوْلِيَةُ وَالنَّصْبُ صَحِيحَانِ. وَالْعُقُودُ الَّتِي لَا تَصِحُّ إضَافَتُهَا لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ هِيَ (1 - الْبَيْعُ، 2 - إجَازَةُ الْبَيْعِ، 3 - فَسْخُ الْبَيْعِ، 4 - الْقِسْمَةُ، 5 - الشَّرِكَةُ، 6 - الْهِبَةُ، 7 - الصُّلْحُ عَلَى الْمَالِ، 8 - الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُك مَالِي هَذَا اعْتِبَارًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْقَادِمِ وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَتَى رَأْسُ الشَّهْرِ الْمَضْرُوبِ وَهَلُمَّ جَرَّا [ (الْمَادَّةُ 83) يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَان] (الْمَادَّةُ 83) يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. هَذِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ. قَدْرُ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ عَلَى وَزْنِ (بَدْرٍ) مَعْنَاهَا (الطَّاقَةُ وَالِاسْتِطَاعَةُ) ، وَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: مِنْهَا مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهَا الْفَاسِدُ وَاللَّغْوُ وَمَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا إنَّمَا هِيَ الْجَائِزَةُ: أَيْ الْمُوَافِقَةُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ كَمَا سَنَأْتِي عَلَيْهَا بِالتَّفْصِيلِ فِيمَا يَلِي: وَالشَّرْطُ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ خُلُوًّا مِنْ أَدَاةِ الشَّرْطِ كَقَوْلِكَ بِعْتُ مَالِي عَلَى

الشَّرْطِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِعْتُ هَذِهِ السَّرَاوِيلَ عَلَى أَنْ أَرْفَعَهَا وَيُسَمَّى (الشَّرْطُ التَّقْيِيدِيُّ) . أَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي تُسْتَعْمَلُ بِهِ أَدَوَاتُ الشَّرْطِ وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ الْفَائِتَةِ فَيُسَمَّى (الشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ) وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ كُلٌّ تَحْتَ الْعِنْوَانِ الَّذِي يُنَاسِبُهُ: الْبَيْعُ - يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (186) إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْمَوَادِّ (187، 188، 287، 98) مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. إجَارَةٌ - يَجِبُ مُرَاعَاةُ كُلِّ شَرْطٍ يَشْتَرِطُهُ الْعَاقِدَانِ بِخُصُوصِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ أَوْ تَأْجِيلِهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (468، 474) . الْأَمَانَةُ - إذَا كَانَ شَرْطُ الْوَارِدِ فِي عَقْدِ الْوَدِيعَةِ مُمْكِنَ الْإِجْرَاءِ وَمُفِيدًا لِلْمُودِعِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْمَادَّةِ (884) . الشَّرِكَةُ - إذَا اُشْتُرِطَ فِي الْمُقَاسَمَةِ أَنْ يَكُونَ لِحِصَّةٍ طَرِيقٌ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى أَوْ مَسِيلٌ فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ أَحْكَامِ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1166) كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُضَارِبِ فِي عَقْدِ شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا رَبُّ الْمَالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1420) . الدَّيْنُ - إذَا اشْتَرَطَ الدَّائِنُ فِي الدَّيْنِ الْمُقَسَّطِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمَدِينُ الْأَقْسَاطَ فِي أَوْقَاتِهَا الْمَضْرُوبَةِ يُصْبِحُ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمَدِينُ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يَدْفَعْ الْقِسْطَ الْأَوَّلَ مَثَلًا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ يُصْبِحُ الدَّيْنُ جَمِيعُهُ مُعَجَّلًا. الْوَقْفُ - لَمَّا كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ رُئِيَ أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ مُرَاعَاةُ نَصِّ الشَّارِعِ وَاتِّبَاعُهُ يَجِبُ أَيْضًا مُرَاعَاةُ وَاتِّبَاعُ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمُوَافِقُ لِلشَّرْعِ - فَهُوَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَمَّا إذَا كَانَ شَرْطُ الْوَاقِفِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَلَا يَتْبَعُ هَذَا وَقَدْ أَشَرْنَا فِيمَا مَرَّ إلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْمُخَالِفَ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ (أَيْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَاللَّغْوِ الْبَاطِلِ) فَإِلَيْك الْمِثَالُ: الْبَيْعُ - الشَّرْطُ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لَغْوٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 189) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ فَرَسَهُ مِنْ شَخْصٍ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَبِيعَهُ مِنْ أَحَدٍ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ فَلَا يَجِبُ مُرَاعَاتُهُ فَلِلْمُشْتَرِي بَيْعُ الْفَرَسِ لِمَنْ أَرَادَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي لِإِخْلَالِهِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْقِيَامُ بِهِ. رَهْنٌ - إذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ عَدَمُ الضَّمَانِ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ

الدَّيْنِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فَلَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ. الْأَمَانَةُ - إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ الْمُورَدُ فِي عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُمْكِنَ الْإِجْرَاءِ وَمُفِيدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (784) فَهُوَ لَغْوٌ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ أَوْ الْمُعِيرُ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. فِيمَا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُخَالِفٌ لِلْمَادَّةِ (777 وَ 813) لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَبَرُ. فَلَوْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْعَارِيَّةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ. الشَّرِكَةُ - لَمَّا كَانَتْ حَاصِلَاتُ الْمِلْكِ وَالْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1071) تُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَوْ حَصَلَ شَرْطٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّةً فِي الْحَاصِلَاتِ زِيَادَةً عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمِلْكِ وَالْأَمْوَالِ فَالشَّرْطُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا إذَا اشْتَرَطَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةً فِي الرِّبْحِ فَالشَّرْطُ لَغْوٌ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1402) وَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى. كَذَلِكَ إذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى أَنْ يُعْطَى شَيْءٌ مَقْطُوعٌ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فَالشَّرِكَةُ بَاطِلَةٌ. يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ بَعْضَ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تُعْتَبَرُ شَرْعًا لَا تُفْسِدُ الْعَقْدَ وَتُلْغَى هِيَ فَقَطْ وَبَعْضُهَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ. يُوجَدُ عُقُودٌ تَصِحُّ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَيْ الَّذِي لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَيَكُونُ غَيْرُ مُلَائِمٍ لَهُ، وَيَكُونُ الشَّرْطُ لَغْوًا وَغَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَهِيَ: (1) الْوَكَالَةُ (2) الْقَرْضُ (3) الْهِبَةُ (4) الصَّدَقَةُ (5) الرَّهْنُ (6) الْإِيصَاءُ (7) الْإِقَالَةُ (8) حَجْرُ الْمَأْذُونِ. مِثَالٌ: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي وَكَّلْتُكَ فِي الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ بِشَرْطِ أَنْ تُبَرِّئَنِي مِنْ الدَّيْنِ وَالْوَكِيلُ قَبِلَ بِذَلِكَ فَالْوَكَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَكِنَّ الشَّرْطَ لَغْوٌ. كَذَلِكَ إذَا نَصَبَ السُّلْطَانُ قَاضِيًا أَوْ وَالِيًا عَلَى بَلْدَةٍ وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ عَدَمَ عَزْلِهِ فَالنَّصُّ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فَمَتَى أَرَادَ السُّلْطَانُ عَزْلَهُ عَزَلَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَالْوَالِيَ وُكَلَاءُ عَنْ السُّلْطَانِ، وَلِلْمُوَكِّلِ فِي كُلِّ وَقْتٍ عَزْلُ وَكِيلِهِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي أُقْرِضُكَ الْمَبْلَغَ الْفُلَانِيَّ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَشْتَغِلَ عِنْدِي شَهْرًا وَاحِدًا وَالشَّخْصُ الْمَذْكُورُ قَبِلَ الشَّرْطَ فَتَسَلَّمَ الْمَالَ فَالْقَرْضُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي نَصَّبْتُك وَصِيًّا بِشَرْطِ أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتك فَالْإِيصَاءُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقُصَارَى الْقَوْلِ أَنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي لَا تَكُونُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ إذَا وَقَعَتْ فِي أَحَدِ الْعُقُودِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا تَكُونُ الْعُقُودُ صَحِيحَةً وَالشُّرُوطُ بِمَا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ تَكُونُ لَغْوًا فَلَا تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا.

(المادة 84) المواعيد بصور التعاليق تكون لازمة

وَعُقُودٌ لَا تَصِحُّ مَعَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَهِيَ كَمَا يَلِي: (1) الْبَيْعُ (2) الْقِسْمَةُ (3) الْإِجَارَةُ (4) إجَازَاتُ الْعَقْدِ (5) الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ مَالٍ (6) الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ (7) الْمُزَارَعَةُ (8) الْمُسَاقَاةُ (9) الْوَقْفُ. مِثَالٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي بِعْتُك حِصَانِي بِشَرْطِ أَنْ أَرْكَبَهُ شَهْرًا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا بِهَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَهُوَ فَاسِدٌ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي أَجَّرْتُك دَارِي بِكَذَا قِرْشًا عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا مَبْلَغًا أَوْ تُهْدِيَنِي هَدِيَّةً أَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنَّنِي أَبْرَأْتُك مِنْ دَيْنِي بِشَرْطِ أَنْ تَشْتَغِلَ عِنْدِي مُدَّةَ كَذَا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْعُقُودُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ التِّسْعَةَ إذَا شُرِطَ فِيهَا شَرْطٌ فَاسِدٌ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا. [ (الْمَادَّةُ 84) الْمَوَاعِيدُ بِصُوَرِ التَّعَالِيقِ تَكُونُ لَازِمَةً] (الْمَادَّةُ 84) (الْمَوَاعِيدُ بِصُوَرِ التَّعَالِيقِ تَكُونُ لَازِمَةً) ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا حِينَئِذٍ مَعْنَى الِالْتِزَامِ وَالتَّعَهُّدِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ عَنْ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ (الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ) حَيْثُ يَقُولُ (وَلَا يَلْزَمُ الْوَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا) وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْبَزَّازِيَّةُ أَيْضًا بِالشَّكْلِ الْآتِي: " لِمَا أَنَّ الْمَوَاعِيدَ بِاكْتِسَاءِ صُوَرِ التَّعْلِيقِ تَكُونُ لَازِمَةً ". يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ وَعْدٌ عَلَى حُصُولِ شَيْءٍ أَوْ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهِ فَثُبُوتُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَيْ الشَّرْطِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (82) يُثْبِتُ الْمُعَلَّقَ أَوْ الْمَوْعُودَ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: بِعْ هَذَا الشَّيْءَ مِنْ فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ يُعْطِك ثَمَنَهُ فَأَنَا أُعْطِيك إيَّاهُ فَلَمْ يُعْطِهِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لَزِمَ عَلَى الرَّجُلِ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى وَعْدِهِ. أَمَّا لَوْ تُوُفِّيَ الْمَدِينُ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَهُ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ بَطَلَ الضَّمَانُ أَيْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ يَكُونُ مَعْدُومًا وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِثُبُوتِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (82) (وَهَذِهِ الْمَادَّةُ بِمَثَابَةِ فَرْعٍ مِنْهَا) وَمَا لَمْ يُطَالَبْ الْمَدِينُ بِالدَّيْنِ وَيَمْتَنِعُ أَوْ يُمَاطِلُ فَلَا يَتَحَقَّقُ امْتِنَاعُ الْمَدِينِ عَنْ الْأَدَاءِ وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ هُنَا شَرْطُ الِامْتِنَاعِ بِمَوْتِ الْمَدِينِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانَ الْمُعَلَّقَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْوَعْدُ وَعْدًا مُجَرَّدًا أَيْ غَيْرَ مُقْتَرِنٍ بِصُورَةٍ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ فَلَا يَكُونُ لَازِمًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَبَعْدَ أَنْ تَمَّ الْبَيْعُ وَعَدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِإِقَالَتِهِ مِنْ الْبَيْعِ إذَا رَدَّ لَهُ الثَّمَنَ فَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ وَطَلَبَ إلَى الْمُشْتَرِي أَخْذَ الثَّمَنِ وَإِقَالَتَهُ مِنْ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى إقَالَةِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْوَعْدِ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ مُجَرَّدٌ.

(المادة 85) الخراج بالضمان

كَذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ دَيْنِي مِنْ مَالِك وَالرَّجُلُ وَعَدَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ الْأَدَاءِ فَلَا يَلْزَمُ بِوَعْدِهِ هَذَا عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) قُلْنَا إنَّ الْوَعْدَ الْمُجَرَّدَ لَا يُلْزِمُ الْوَاعِدَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِثَمَنٍ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِكَثِيرٍ أَيْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَيْعًا مُطْلَقًا وَالْمُشْتَرِي أَشْهَدَ بِمَحْضَرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا رَدَّ لَهُ الثَّمَنَ يَفْسَخُ لَهُ الْبَيْعَ فَيَجِبُ الْقِيَامُ بِذَلِكَ الْوَعْدِ مِنْ الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ وَفَاءٍ. وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ عَلَى غَبْنٍ فَاحِشٍ وَالْمُشْتَرِي وَعَدَ بِإِعَادَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ رَدِّهِ الثَّمَنَ فَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ بَيْعُ وَفَاءٍ وَبِمَا أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ فَيُمْكِنُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ. [ (الْمَادَّةُ 85) الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ] (الْمَادَّةُ 85) : الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ هَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَفْسُ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَهِيَ الْمَادَّةُ 87 (الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ) : وَالْمَادَّةُ 88 كُلُّهَا بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَلْفَاظُ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا. الْخَرَاجُ: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ أَيْ مَا يُنْتَجُ مِنْهُ مِنْ النِّتَاجِ وَمَا يُغَلُّ مِنْ الْغَلَّاتِ كَلَبَنِ الْحَيَوَانِ وَنَتَائِجِهِ، وَبَدَلِ إجَارَةِ الْعَقَارِ، وَغِلَالِ الْأَرْضِينَ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ. وَيُقْصَدُ بِالضَّمَانِ الْمُؤْنَةُ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَمَصَارِيفِ الْعِمَارَةِ لِلْعَقَارِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ مَنْ يَضْمَنُ شَيْئًا لَوْ تَلِفَ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي مُقَابَلَةِ الضَّمَانِ مَثَلًا لَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي حَيَوَانًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَكَانَ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الرَّدِّ لَكَانَ مِنْ مَالِهِ. يَعْنِي أَنَّ مَنْ يَضْمَنُ شَيْئًا إذَا تَلِفَ يَكُونُ نَفْعُ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ضَمَانِهِ حَالَ التَّلَفِ وَمِنْهُ أُخِذَ قَوْلُهُمْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَقَدْ حَكَمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْأُجْرَةِ لِلْبَائِعِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» نَقَضَ ذَلِكَ الْحُكْمَ. وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ سُؤَالَيْنِ وَأَجَابَ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ مَا يَأْتِي: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ فِي الشَّيْءِ مُقَابِلَ ضَمَانِهِ لَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (393) فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (236) أَنَّ الثَّمَرَةَ أَوْ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ تَعُودُ لِلْمُشْتَرِي فَمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ يَا تُرَى؟

(المادة 86) الأجر والضمان لا يجتمعان

جَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ: فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُقَابِلُ الْمِلْكِيَّةَ. وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ مُقَابِلَ الْمِلْكِ وَالضَّمَانِ مَعًا. السُّؤَالُ الثَّانِي: لَمَّا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) هُوَ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ تَكُونَ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مِلْكًا لَهُ مَا دَامَ الِانْتِفَاعُ فِي الشَّيْءِ مُقَابِلَ ضَمَانِهِ وَالْمَادَّةُ (903) تَقُولُ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ؟ . جَوَابُهُ - أَنَّ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ ضَمَانٌ خَاصٌّ أَيْ يُقْصَدُ بِهِ ضَمَانُ الْمِلْكِ. وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ نَفْعَ الشَّيْءِ يَعُودُ لِلشَّخْصِ الَّذِي إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَتْلَفُ عَلَيْهِ أَمَّا الْغَاصِبُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي ضَمَانِهِ فَلَيْسَ مَالِكًا لَهُ. [ (الْمَادَّةُ 86) الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ] (الْمَادَّةُ 86) : الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي الْحَالِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الضَّمَانُ يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَهَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ سِوَى الْأُجْرَةَ. وَإِذَا غَصَبَ دَابَّةً فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ. وَالضَّمَانُ كَمَا عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (416) هُوَ إعْطَاءُ مِثْلِ الشَّيْءِ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. مِثَالٌ: إذَا اُسْتُكْرِيَ حَيَوَانٌ لِلرُّكُوبِ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُهُ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (550) فَإِذَا حَمَلَ وَتَلِفَ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُهُ بِتَأْدِيَةِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. كَذَلِكَ إذَا غَصَبَ شَخْصٌ حَيَوَانًا وَاسْتَعْمَلَهُ فَبِمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا فَإِذَا رَدَّهُ لِصَاحِبِهِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفًا أَوْ مَالًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَيَوَانَ الْمَأْجُورَ مُدَّةً تَزِيدُ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ فِي ضَمَانِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ عَنْ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ. وَيُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اجْتِمَاعِ الْأُجْرَةِ وَالضَّمَانِ اتِّحَادُ السَّبَبِ وَالْمَحِلِّ فِيهِمَا وَإِلَّا فَالِاثْنَانِ قَدْ يَلْزَمَانِ فِي وَقْتٍ مَعًا وَمِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَجَّرَ شَخْصٌ حَيَوَانًا مِنْ آخَرَ لِيَرْكَبَهُ وَحْدَهُ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ فَرَكِبَ الرَّجُلُ وَأَرْدَفَ خَلْفَهُ شَخْصًا آخَرَ وَلَوْ صَغِيرًا (بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ بِنَفْسِهِ) فَتَلِفَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَحِلِّ الْمَقْصُودِ، يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْحَيَوَانُ قَادِرًا عَلَى حَمْلِ الِاثْنَيْنِ يَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى مَعَ ضَمَانِ نِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ. فَيَلْزَمُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمُرَادَةَ مِنْ اسْتِئْجَارِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ بِوُصُولِهِ لِلْمَكَانِ الْمَقْصُودِ وَيَلْزَمُ ضَمَانَ نِصْفِ قِيمَةِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ تَعَدَّى بِإِرْدَافِهِ شَخْصًا خَلْفَهُ

(المادة 87) الغرم بالغنم

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبُ لُزُومِ الْأَجْرِ وَسَبَبُ الضَّمَانِ مُخْتَلِفَيْنِ يَلْزَمَانِ فِي وَقْتٍ مَعًا وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الضَّمَانَ قَدْ اجْتَمَعَ وَالْأَجْرَ فَلِكُلٍّ سَبَبٌ غَيْرُ سَبَبِ الْآخَرِ. [ (الْمَادَّةُ 87) الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ] (الْمَادَّةُ 87) : الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِع وَهِيَ عَكْسُ الْمَادَّةِ (85) أَيْ أَنَّ مَنْ يَنَالَ نَفْعَ شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يَتَحَمَّلَ ضَرَرَهُ مَثَلًا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمَالِ يَلْزَمُهُ مِنْ الْخَسَارَةِ بِنِسْبَةِ مَا لَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ كَمَا يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ. وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ تَحْتَ عِنْوَانٍ مِنْ نَوْعِهَا. الْبَيْعُ - أُجْرَةُ كِتَابَةِ سَنَدِ الْمُبَايَعَةِ وَحُجَّةِ الْبَيْعِ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ السَّنَدِ تَعُودُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْبَائِعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 292) . الشَّرِكَةُ - إذَا احْتَاجَ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ النَّفَقَاتِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ فِي الْمِلْكِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1308) . كَذَلِكَ النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ إذَا احْتَاجَ إلَى تَصْلِيحٍ فَيَشْتَرِكُ فِي التَّعْمِيرِ كُلُّ مَنْ لَحِقَهُ ضَرَرٌ بِالْخَرَابِ وَكُلَّمَا انْتَهَى التَّصْلِيحُ لِأَرْضِ أَحَدِهِمْ وَتَجَاوَزَهَا خَلَصَ صَاحِبُ تِلْكَ الْأَرْضِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي نَفَقَاتِ التَّصْلِيحِ حَيْثُ تَكُونُ مَضَرَّتُهُ قَدْ انْتَهَتْ وَهَلُمَّ جَرَّا إلَى آخِرِ النَّهْرِ. [ (الْمَادَّةُ 88) النِّعْمَة بِقَدْرِ النِّقْمَةِ وَالنِّقْمَةُ بِقَدْرِ النِّعْمَةِ] (الْمَادَّةُ 88) : (النِّعْمَةُ بِقَدْرِ النِّقْمَةِ وَالنِّقْمَةُ بِقَدْرِ النِّعْمَةِ) إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُرَادِفَةٌ لِلْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَالثَّانِيَةَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ كَلِمَةِ (لِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ) الْوَارِدَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَادَّةِ (85) إلَّا الْأَلْفَاظَ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَمَّا كَانَتْ نَفَقَةُ اللَّقِيطِ (وَهُوَ الْوَلَدُ الْمَتْرُوكُ فِي الشَّوَارِعِ مَجْهُولَ الْأَبِ وَالْأَوْلِيَاءِ) تَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ وَيُؤَدَّى عَنْهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِيمَا لَوْ قَتَلَ شَخْصًا دِيَةَ الْقَتِيلِ. فَتَرِكَتُهُ تَعُودُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لَوْ مَاتَ فَبَيْتُ الْمَالِ الَّذِي يَغْرَمُ نَفَقَاتِ اللَّقِيطِ وَيَتَحَمَّلُ عَنْهُ الدَّيْنَ يَغْنَمُ تَرِكَتَهُ. [ (الْمَادَّةُ 89) يُضَافُ الْفِعْلُ إلَى الْفَاعِلِ لَا الْآمِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا] (الْمَادَّةُ 89) : يُضَافُ الْفِعْلُ إلَى الْفَاعِلِ لَا الْآمِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا. هَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (95) ، وَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ كَلِمَةِ " الْآمِرِ لَا يَضْمَنُ بِالْأَمْرِ " الْوَارِدَةَ فِي الْمَجَامِعِ وَوَكَالَةِ الْأَشْبَاهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: أَتْلِفْ مَالَ فُلَانٍ فَفَعَلَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ إذَا فَعَلَ حَيْثُ لَا يُعَدُّ الْآمِرُ مُجْبِرًا شَرْعًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْإِكْرَاهِ وَلِأَنَّ الْآمِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا فَأَمْرُهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 295) . كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ رَجُلًا بِذَبْحِ شَاةٍ قَدْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا فَذَبَحَهَا الرَّجُلُ وَهُوَ

(المادة 90) إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر

يَعْلَمُ أَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ تَضْمِينِهَا لِلذَّابِحِ وَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ فَالضَّمَانُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (960) إلَّا أَنَّ لِوَلِيِّهِ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ صَبِيًّا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 90) إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ] (الْمَادَّةُ 90) : إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ أَيْ عَامِلُ الشَّيْءِ وَفَاعِلُهُ بِالذَّاتِ مَعَ الْمُتَسَبِّبِ وَهُوَ الْفَاعِلُ لِلسَّبَبِ الْمُفْضِي لِوُقُوعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَمْ يَكُنْ السَّبَبُ مَا يُؤَدِّي إلَى النَّتِيجَةِ السَّيِّئَةِ إذَا هُوَ لَمْ يُتْبَعْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ آخَرَ، يُضَافُ الْحُكْمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ الْمُبَاشِرِ دُونَ الْمُتَسَبِّبِ وَبِعِبَارَةٍ أَخْصَرُ يُقَدَّمُ الْمُبَاشِرُ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْمُتَسَبِّبِ. تَعْرِيفُ الْمُبَاشِرِ - هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ التَّلَفُ مِنْ فِعْلِهِ دُونَ أَنْ يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّلَفِ فِعْلُ فَاعِلٍ آخَرَ. مِثَالٌ: لَوْ حَفَرَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَلْقَى أَحَدٌ حَيَوَانَ شَخْصٍ فِي ذَلِكَ الْبِئْرِ ضَمِنَ الَّذِي أَلْقَى الْحَيَوَانَ وَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ؛ لِأَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ بِحَدِّ ذَاتِهِ لَا يَسْتَوْجِبُ تَلَفَ الْحَيَوَانِ وَلَوْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ فِعْلُ الْمُبَاشِرِ وَهُوَ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ فِي الْبِئْرِ لَمَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِحَفْرِ الْبِئْرِ فَقَطْ. وَرُبَّ قَائِلٍ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِعْلُ الْحَفْرِ لَمَا تَأَتَّى فِعْلُ الْإِلْقَاءِ. فَبِمَا أَنَّ فِعْلَ الْإِلْقَاءِ هُوَ الْوَصْفُ الْأَخِيرُ فَقَدْ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَيْهِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ (كُلُّ حُكْمٍ يَثْبُتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْوَصْفِ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُمَا أَخِيرًا) . أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ سَقَطَ بِنَفْسِهِ فِي الْبِئْرِ فَإِذَا كَانَ حَافِرُ الْبِئْرِ قَدْ حَفَرَهُ بِدُونِ أَمْرٍ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَالضَّمَانُ كَمَا سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ يَتَرَتَّبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ. كَذَلِكَ لَوْ دَلَّ شَخْصٌ لِصًّا عَلَى مَالٍ لِآخَرَ لِيَسْرِقَهُ فَسَرَقَهُ اللِّصُّ فَلَيْسَ عَلَى الدَّالِّ ضَمَانٌ وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى اللِّصِّ. كَذَلِكَ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بَابَ دَارِ آخَرَ وَفَكَّ فَرَسَهُ مِنْ قُيُودِهِ فَجَاءَ لِصٌّ وَسَرَقَ الْفَرَسَ فَالضَّمَانُ عَلَى السَّارِقِ. كَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ شَخْصٌ بِآخَرَ وَجَاءَ ثَالِثٌ فَاغْتَصَبَ مَا مَعَ الرَّجُلِ مِنْ النُّقُودِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُغْتَصِبِ الْمُبَاشِرِ لِاسْتِلَابِ الْمَالِ دُونَ الْآخَرِ الْمُتَسَبِّبِ بِذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مَا يَقْضِي مُبَاشَرَةً إلَى التَّلَفِ فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ. مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ

(المادة 91) الجواز الشرعي ينافي الضمان

تَمَاسَكَ شَخْصَانِ فَأَمْسَكَ أَحَدُهُمَا بِلِبَاسِ الْآخَرِ فَسَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ كَسَاعَةٍ مَثَلًا فَكُسِرَتْ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَمْسَكَ بِلِبَاسِ الرَّجُلِ رَغْمًا مِنْ كَوْنِهِ مُتَسَبِّبًا وَالرَّجُلُ الَّذِي سَقَطَتْ مِنْهُ السَّاعَةُ مُبَاشِرٌ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَا قَدْ أَفْضَى إلَى التَّلَفِ مُبَاشَرَةً دُونَ أَنْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا فِعْلُ فَاعِلٍ آخَرَ. كَذَا لَوْ شَقَّ شَخْصٌ زِقًّا مَمْلُوءًا زَيْتًا أَوْ قَطَعَ حَبْلًا مُعَلَّقًا بِهِ قِنْدِيلٌ فَتَلِفَ الزَّيْتُ الَّذِي فِيهِ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ مُتَسَبِّبًا فَقَطْ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الشَّقِّ وَفِعْلَ الْقَطْعِ سَبَبَانِ نَشَأَ عَنْهُمَا التَّلَفُ مُبَاشَرَةً. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لَوْ دَلَّ مُودِعٌ لِصًّا عَلَى مَكَانِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَسَرَقَهَا اللِّصُّ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودَعِ الْمُتَسَبِّبِ لِتَقْصِيرِهِ بِحِفْظِ الْوَدِيعَةِ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (787) وَاللِّصُّ بِمَا أَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَحِقُّ لِلْمُودِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالضَّمَانِ عَلَيْهِ أَيْضًا. كَذَلِكَ الْقَضَاءُ هُوَ مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِيضَاحُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمُقْتَضَاهَا يَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ الْمُتَسَبِّبِينَ دُونَ الْحَاكِمِ الْمُبَاشِرِ مَعَ أَنَّهُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ دُونَ الشُّهُودِ وَقَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ إلَى هَذَا الرَّأْيِ تَمَسُّكًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَوَجْهُ اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَاكِمُ مُجْبَرًا عَلَى الْحُكْمِ بَعْدَ أَدَاءِ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ وَتَحَقُّقِهِ مِنْ عَدَالَتِهِمْ وَيَأْثَمُ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْحُكْمِ، وَالشُّهُودُ هُمْ الْمُكْرِهُونَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَاكِمِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ. وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَالِ الْأُمُورِ. فَقَدْ تَرَتَّبَ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ وَهُمْ الْمُتَسَبِّبُونَ دُونَ الْحَاكِمِ الْمُبَاشِرِ. [ (الْمَادَّةُ 91) الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ] (الْمَادَّةُ 91) : الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ، وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَخْصٌ مَا أُجِيزَ لَهُ فِعْلُهُ شَرْعًا وَنَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ هَذَا ضَرَرٌ مَا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْخَسَارَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ ذَلِكَ. مِثَالٌ: لَوْ حَفَرَ إنْسَانٌ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهِ حَيَوَانُ رَجُلٍ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ حَافِرُ الْبِئْرِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرْءِ بِمِلْكِهِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، أَمَّا لَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ فِي بِئْرٍ حَفَرَهُ شَخْصٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَوْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي أَرْضٍ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ. وَلَكِنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَلْزَمُ ضَمَانُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً مَثَلًا وَحَفَرَ أَحَدُهُمَا فِيهَا بِئْرًا فَسَقَطَ فِيهِ حَيَوَانٌ وَتَلِفَ - نِصْفُ قِيمَةِ الْحَيَوَانِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَعْضُ فُرُوعِ الْإِجَارَةِ، وَالْأَمَانَاتِ، وَالْهِبَةِ، وَالشَّرِكَةِ وَهِيَ كَمَا يَلِي:

(المادة 92) المباشر ضامن وإن لم يتعمد

إجَارَةٌ - لَوْ حَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَيَوَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ الْمِقْدَارَ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ تَحْمِيلَهُ إيَّاهُ وَمِثْلَهُ أَوْ مَا دُونَهُ فَتَلِفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ " رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (605) " الْأَمَانَاتُ - كَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ فِيمَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ غَائِبًا كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (799) وَفَرَضَ الْحَاكِمُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُودَعَةِ نَفَقَةً لِمَنْ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَالْمُسْتَوْدَعُ أَدَّى تِلْكَ النَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ فَالْمَوَادُّ (796) وَ (822) وَ (824) هِيَ مِنْ مُتَفَرِّعَاتِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. الْهِبَةُ - إذَا أَبَاحَ شَخْصٌ لِآخَرَ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِبَاحَتِهِ لَهُ إيَّاهُ. الشَّرِكَةُ بِمَا أَنَّ الشَّرِيكَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1075) أَنْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ مُدَّةً بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ فَإِذَا سَكَنَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ أَثْنَاءَ سُكْنَاهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. الْوَكَالَةُ - بِمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1500) أَنْ يَأْخُذَ مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ بِالنَّسِيئَةِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا فَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ أَوْ أَفْلَسَ الْكَفِيلُ فَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمُتَوَلِّي وَكِيلًا عَنْهُ وَتَرَتَّبَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ فَبِمَا أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي شَرْعًا أَنْ يُوَكِّلَ فَلَا يَضْمَنُ. إنَّ الْمَادَّةَ (33) تُقَيِّدُ هَذِهِ الْمَادَّةَ بَعْضَ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ جَوَازٍ شَرْعِيٍّ لِلْأَكْلِ مِنْ طَعَامِ الْغَيْرِ فِي حَالَةِ الْوُصُولِ إلَى دَرَجَةِ الْهَلَاكِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا يَكُونُ الضَّمَانُ لَازِمًا. كَذَلِكَ الْمَادَّةُ (1086) مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. [ (الْمَادَّةُ 92) الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ] (الْمَادَّةُ 92) : الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ أَيْ أَنَّهُ سَوَاءٌ تَعَمَّدَ الْمُبَاشِرُ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ يَكُونُ ضَامِنًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَسَبِّبِ هُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا وَالْمُبَاشِرُ يَضْمَنُ عَلَى حَالَيْنِ كَمَا أَسْلَفْنَا وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُبَاشَرَةَ هِيَ عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَسَبَبٌ لِلتَّلَفِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ حُكْمِهَا بِدَاعِي عَدَمِ التَّعَمُّدِ. وَبِمَا أَنَّ السَّبَبَ لَيْسَ بِالْعِلَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ لَزِمَ أَنْ يَقْتَرِنَ الْعَمَلُ فِيهِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ لِيَكُونَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ قَصْدًا أَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَيَكُونُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (912) ضَامِنًا. كَذَا يَضْمَنُ مَنْ يُتْلِفُ مَالًا لِآخَرَ بِسُقُوطِهِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (913) مِثَالٌ: - لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ حَانُوتَ بَقَّالٍ فَزَلَقَتْ رِجْلُهُ فَسَقَطَ عَلَى زِقِّ عَسَلٍ فَشَقَّهُ يَضْمَنُ.

(المادة 93) المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد

كَذَلِكَ لَوْ تَطَايَرَتْ شَرَارَةٌ مِنْ دُكَّانِ حَدَّادٍ وَهُوَ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَحَرَقَتْ لِبَاسَ إنْسَانٍ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا. كَذَا لَوْ تَطَايَرَتْ قِطْعَةُ حَطَبٍ وَالْحَطَّابُ يَكْسِرُ الْحَطَبَ فَكَسَرَتْ زُجَاجَ نَافِذَةِ دَارِ الْجَارِ يَكُونُ الْحَطَّابُ ضَامِنًا. كَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ إنْسَانًا لَأَنْ يَهْدِمَ لَهُ حَائِطًا فَوَقَعَ مِنْ الْحَائِطِ حَجَرٌ فَأَصَابَ شَخْصًا فَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَامِلِ. كَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ شَخْصٌ عِيَارًا نَارِيًّا فَأَتْلَفَ مَالًا لِآخَرَ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُبَاشِرًا لَا يُشْتَرَطُ التَّصَدِّي لِلُزُومِ الضَّمَانِ. [ (الْمَادَّةُ 93) الْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَمُّدِ] (الْمَادَّةُ 93) - (الْمُتَسَبِّبُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَمُّدِ) قَدْ أُخِذَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَنْ قَاعِدَةِ (الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَالْمُتَسَبِّبُ غَيْرُ ضَامِنٍ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا) الْوَارِدَةِ فِي الْأَشْبَاهِ وَيُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ شَيْئَانِ: (1) : أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا. (2) : أَنْ يَكُونَ مُعْتَدِيًا. فَعَلَيْهِ لَوْ ذُعِرَ حَيَوَانُ شَخْصٍ مِنْ آخَرَ وَفَرَّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي فَرَّ مِنْهُ الْحَيَوَانُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَمِّدًا كَذَلِكَ لَوْ أَحْرَقَ شَخْصٌ أَعْشَابًا جَافَّةً فِي أَرْضِهِ فَسَرَتْ النَّارُ إلَى شَيْءٍ لِأَحَدٍ مَا فَأَحْرَقَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِأَنْ كَانَ إحْرَاقُ الْأَعْشَابِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ. كَذَا لَوْ حَفَرَ شَخْصٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِذَلِكَ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَسَقَطَ فِي الْبِئْرِ حَيَوَانٌ وَتَلِفَ فَيَكُونُ ضَامِنًا بِافْتِيَاتِهِ عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ وَتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ لِحَفْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ حَفَرَ إنْسَانٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ فَلَا يُعَدُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَهْمَا كَانَ تَعَدِّيًا (اُنْظُرْ 924) . كَذَلِكَ: لَوْ أَسْقَى مَنْ لَهُ حَقُّ الشَّرَابِ أَرَاضِيه حَسَبَ الْعَادَةِ فَطَفَتْ الْمِيَاهُ عَلَى أَرَاضِيِ جِيرَانِهِ فَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا فِيهَا فَلَيْسَ مِنْ ضَمَانٍ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِسْقَاءُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَيَكُونُ ضَامِنًا. فَائِدَةٌ - إذَا اجْتَمَعَ مُسَبِّبَانِ كَاجْتِمَاعِ حَالِ الْقَيْدِ وَفَاتِحِ الْبَابِ كَمَا سَيَأْتِي فَالضَّمَانُ عَلَى فَاتِحِ الْبَابِ مِثَالٌ: لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ فَرَسَهُ مُقَيَّدًا فِي إصْطَبْلِهِ فَجَاءَ شَخْصَانِ فَحَلَّ أَحَدُهُمَا قَيْدَ الْفَرَسِ وَفَتَحَ الْآخَرُ بَابَ الْإِصْطَبْلِ فَالضَّمَانُ عَلَى فَاتِحِ الْبَابِ.

(المادة 94) جناية العجماء جبار

[ (الْمَادَّةُ 94) جِنَايَةُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ] (الْمَادَّةُ 94) : (جِنَايَةُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» وَقَدْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (إتْلَافُ الْبَهِيمَةِ هَدَرٌ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا) . أَيْ: إنَّ الْحَيَوَانَ إذَا أَتْلَفَ شَيْئًا أَوْ تَسَبَّبَ بِخَسَارَةٍ وَضَرَرٍ لِأَحَدِ النَّاسِ فَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِهِ شَيْءٌ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَنْشَأْ ذَلِكَ عَنْ تَعَدٍّ مِنْهُ أَوْ تَقْصِيرٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ رَبَطَ شَخْصَانِ فَرَسَيْهِمَا فِي مَكَانٍ مُعَدٍّ لِذَلِكَ فَأَتْلَفَ فَرَسُ أَحَدِهِمَا فَرَسَ الْآخَرِ فَلَيْسَ مِنْ ضَمَانٍ عَلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ الْمُتْلِفِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 929) . كَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى صَاحِبِ الْهِرَّةِ ضَمَانٌ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَتْ طَيْرًا لِإِنْسَانٍ وَإِنْ نَطَحَتْ جَامُوسَةُ إنْسَانٍ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا وَإِذَا رَفَسَ حَيَوَانُ إنْسَانٍ حَيَوَانًا لِآخَرَ وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ كَذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ الْمُتْلِفِ. قُلْنَا (مَا لَمْ يَنْشَأْ ذَلِكَ عَنْ تَعَدٍّ مِنْ صَاحِبِ الْحَيَوَانِ أَوْ تَقْصِيرٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتْلَفَ الْحَيَوَانُ شَيْئًا وَكَانَ ذَلِكَ بِتَعَدٍّ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ تَقْصِيرٍ يَكُونُ بِمَا أَتْلَفَ الْحَيَوَانُ ضَامِنًا وَإِلَيْكَ الْمِثَالُ. لَوْ أَطْلَقَ شَخْصٌ حَيَوَانَهُ فِي مَزْرُوعَاتِ آخَرَ يَكُونُ ضَامِنًا بِمَا يُتْلِفُ الْحَيَوَانُ. وَلَوْ رَأَى إنْسَانٌ حَيَوَانَهُ وَهُوَ فِي مَزْرُوعَاتِ آخَرَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَيَكُونُ ضَامِنًا بِكُلِّ مَا يُحْدِثُهُ الْحَيَوَانُ مِنْ الْأَضْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي الْحَالِ الْأُولَى وَمُقَصِّرًا فِي الْحَالِ الثَّانِيَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 929) . وَلَوْ تَرَكَ إنْسَانٌ حَيَوَانَهُ مُطْلَقًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَهُوَ مَا لَا يُطْلَقُ فِي الشَّوَارِعِ فَأَتْلَفَ مَالًا أَوْ قَتَلَ إنْسَانًا فَتَلْزَمُهُ دِيَةُ الْقَتِيلِ أَوْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمُتْلَفِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (929) أَنَّ صَاحِبَ الثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ يَكُونُ ضَامِنًا بِمَا أَتْلَفَاهُ فِيمَا إذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهٍ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ: حَافِظْ عَلَى حَيَوَانِك وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 95) الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ] (الْمَادَّةُ 95) : الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ هَذِهِ الْمَادَّةُ قَدْ أُخِذَتْ مِنْ الْمَجَامِعِ الْمِلْكُ هُوَ مَا مَلَكَهُ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ أَكَانَ عِيَانًا أَوْ مَنَافِعَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 125) وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْآخَرِ فَالْأَمْرُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا مُعْتَبَرٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ الْبَاطِلُ وَغَيْرُ الصَّحِيحِ بِمَنْزِلَةِ الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ بِحَقِّ الْأَمْرِ حُكْمٌ. لَوْ أَمَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ إنْسَانٍ أَوْ يُلْقِيَهُ فِي الْبَحْرِ أَوْ يَحْرِقَ لِبَاسَ أَحَدِ النَّاسِ، أَوْ يَذْبَحَ شَاةً لِآخَرَ فَأَخَذَ الْمَالَ أَوْ أَلْقَاهُ أَوْ مَزَّقَ اللِّبَاسَ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ دُونَ الْآمِرِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 151) .

(المادة 96) لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه

فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِإِنْسَانٍ حَقُّ الِادِّعَاءِ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ أَمَرَ شَخْصًا بِإِتْلَافِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1007) . أَمَّا لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ بِإِتْلَافِ مَالِ إنْسَانٍ وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ مَالُ الْآمِرِ وَأَنَّ الْأَمْرَ صَحِيحٌ فَيَحِقُّ لِلْمَأْمُورِ بَعْدَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ الْمُتْلَفَ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ بِتَقْرِيرِهِ إيَّاهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ مَدِينَهُ بِأَنْ يُلْقِيَ الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لَهُ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ مُضَافًا لِمَالٍ يَمْلِكُهُ الْآمِرُ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا أَلْقَى الْمَأْمُورُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُسَاوِي الدَّيْنَ إلَى الْبَحْرِ فَيَكُونُ قَدْ غَرَّرَ بِنَفْسِهِ وَأَضَاعَ الْمَبْلَغَ الْمُلْقَى عَلَى نَفْسِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ بَنَّاءً بِفَتْحِ بَابٍ فِي حَائِطٍ وَفَعَلَ الرَّجُلُ ثُمَّ عَلِمَ بِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَتْ لِلْآمِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْآمِرِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْآمِرُ: افْتَحْ لِي بَابًا فِي حَائِطِي أَوْ كَانَ سَاكِنًا فِي الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْحَائِطُ وَقَالَ افْتَحْ بَابًا فِي هَذِهِ الْحَائِطِ فَلِلْبَنَّاءِ أَنْ يَرْجِعَ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ. كَذَا لَوْ أَمَرَ رَجُلٌ وَلَدَهُ بِأَنْ يُتْلِفَ مَالَ إنْسَانٍ وَأَتْلَفَهُ فَالضَّمَانُ يَتَرَتَّبُ بِحَقِّ الْمُتْلِفِ وَلَا يَتَرَتَّبُ بِحَقِّ الْأَبِ الْآمِرِ وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بُطْلَانِ الْأَمْرِ: 1 - أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ 2 - أَنْ لَا يَكُونَ وِلَايَةً لِلْآمِرِ فَإِذَا أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا يَمْلِكُهُ مِنْ مَالِ أَوْ غَيْرِهِ فَأَمْرُهُ صَحِيحٌ فَلَوْ نَدِمَ الْآمِرُ عَلَى أَمْرِهِ وَطَلَبَ تَضْمِينَ الْمَأْمُورِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ [ (الْمَادَّةُ 96) لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ] (الْمَادَّةُ 96) : لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ (لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وِلَايَتِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً مُحَاذِيًا لِحَائِطِ بِنَاءِ إنْسَانٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ حَائِطَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِدُونِ إذْنِهِ حَتَّى وَلَوْ أَذِنَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَلَهُ بَعْدَئِذٍ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إذْنِهِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْآخَرِ أَوْ مَزْرَعَتَهُ الْمُسَيَّجَةَ بِدُونِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِهِ الدَّارَ أَوْ الْمَزْرَعَةَ يَكُونُ قَدْ اسْتَعْمَلَهَا. كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَرْكَبَ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ أَنْ يُحَمِّلَهُ مَتَاعًا بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا رَكِبَهُ أَوْ حَمَّلَهُ وَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ الشَّرِيكِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ حَائِطٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاتَّفَقَا عَلَى نَقْضِهَا وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ ارْتِفَاعَهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلًا فَيَحِقُّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ.

فَعَدَمُ جَوَازِ فَتْحِ بَابٍ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ مِنْ شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ بِتِلْكَ الطَّرِيقِ وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْبَائِعِ وَالْمُؤَجِّرِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُصَالِحِ مَالِكًا لِذَلِكَ الْمَالِ أَوْ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ وَصِيًّا عَلَيْهِ أَوْ وَلِيًّا لِنَفَاذِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (رَاجِعْ الْمَوَادَّ 1219 و 365 و 446 و 857 و 1546 و 1075) قَدْ ذُكِرَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ قَيْدٌ وَهُوَ (عَدَمُ الْإِذْنِ) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ بِإِذْنِهِ جَائِزٌ. وَالْإِذْنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَاحَةً وَهُوَ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي الْمَادَّةِ (95) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1078 و 1079) . فَالْإِذْنُ صَرَاحَةً هُوَ كَاَلَّذِي يَحْصُلُ فِي تَوْكِيلِ إنْسَانٍ آخَرَ لَأَنْ يَشْتَغِلَ فِي إحْدَى الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ لِلْمُوَكِّلِ الْقِيَامُ بِهَا كَتَوْكِيلِ إنْسَانٍ آخَرَ لَأَنْ يَبِيعَ لَهُ مَالًا أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُ عَقَارًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. أَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَهُوَ كَذَبْحِ الرَّاعِي شَاةً مُشْرِفَةً عَلَى الْهَلَاكِ فَالرَّاعِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا صَرَاحَةً فَقَدْ اُعْتُبِرَ اسْتِحْسَانًا مَأْذُونًا. أَمَّا لَوْ كَانَ ذَابِحُ الشَّاةِ غَيْرَ الرَّاعِي فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَالْبَعْضُ مِنْهُمْ يَقُولُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الذَّابِحِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ كَالرَّاعِي مَأْذُونًا وَالْبَعْضُ قَالَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ. قَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَنَّ (لِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ حَقَّ التَّصَرُّفِ بِلَا إذْنِ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وِلَايَتِهِ أَوْ وِصَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (365 و 637) . نَافِذٌ فَإِذَا شَبَّتْ النَّارُ فِي دَارٍ مَثَلًا فَلِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْمُرَ بِهَدْمِ الدُّورِ الَّتِي فِي جَانِبِهَا مَنْعًا لِسَرَيَانِ النَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْإِمَامِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَأَمْرُهُ صَحِيحٌ وَمَشْرُوعٌ. أَمَّا إذَا وَجَدَ ضَرُورَةً فَيَجُوزُ لِكُلِّ إنْسَانٍ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ كَمَا لَوْ سَقَطَ رِدَاءُ شَخْصٍ عَلَى دَارِ جَارِهِ وَخَافَ مِنْ الْجَارِ أَنْ يُخْفِيَهُ فَلِصَاحِبِ الرِّدَاءِ دُخُولُ الدَّارِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَإِنْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَصَرُّفًا فِيمَا لَيْسَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَقَدْ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 27) . وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْإِذْنِ بِالدَّلَالَةِ: إذَا مَرِضَ الْوَلَدُ أَوْ الْوَالِدُ فَلِلْوَالِدِ أَوْ الْوَلَدِ أَنْ يَصْرِفَ بِدُونِ إذْنِ الْمَرِيضِ مِنْ مَالِهِ لِمُدَاوَاتِهِ وَإِطْعَامِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ وَإِطْعَامِهِ ثَابِتٌ عَادَةً فَاحْتِيَاجُ الْمَرِيضِ لِلْمُدَاوَاةِ وَالْإِطْعَامِ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ. كَذَلِكَ: إذَا خَرَجَ جَمَاعَةٌ إلَى سَفَرٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلِرُفَقَائِهِ بَيْعُ أَمْتِعَتِهِ لِتَجْهِيزِهِ مِنْهَا وَتَسْلِيمِ مَا بَقِيَ إلَى وَرَثَتِهِ. كَذَا: لَوْ أُغْمِيَ عَلَى شَخْصٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَلِرُفَقَائِهِ أَنْ يُنْفِقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّفِيقَ فِي السَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ.

(المادة 97) لا يجوز لأحد أن يأخذ مال أحد بلا سبب شرعي

[ (الْمَادَّةُ 97) لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدٍ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ] (الْمَادَّةُ 97) : لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ أَحَدٍ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمَجَامِعِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا وَلَا جَادًّا فَإِنْ أَخَذَهُ فَلْيَرُدَّهُ» فَإِذَا أَخَذَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ بِدُونِ قَصْدِ السَّرِقَةِ هَازِلًا مَعَهُ أَوْ مُخْتَبِرًا مَبْلَغَ غَضَبِهِ فَيَكُونُ قَدْ ارْتَكَبَ الْفِعْلَ الْمُحَرَّمَ شَرْعًا؛ لِأَنَّ اللَّعِبَ فِي السَّرِقَةِ جَدٌّ فَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تُرَدَّ اللُّقَطَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ بِقَصْدِ امْتِلَاكِهَا أَوْ الْمَالِ الَّذِي يُؤْخَذُ رِشْوَةً أَوْ سَرِقَةً أَوْ غَصْبًا لِصَاحِبِهَا عَيْنًا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَبَدَلًا فِيمَا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 899 و 891) . كَذَا لَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ وَبَعْدَ أَنْ تَصَالَحَا ظَهَرَ بِأَنْ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ بِمَا ادَّعَى فَيَحِقُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْهُ. كَمَا لَوْ صَالَحَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى عَيْبٍ ادَّعَاهُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهُ هُوَ فَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ خَالٍ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ كَانَ فِيهِ فَزَالَ بِنَفْسِهِ فَلِلْبَائِعِ حَقُّ اسْتِرْدَادِ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَهَكَذَا إذَا دَفَعَ إنْسَانٌ شَيْئًا إلَى آخَرَ غَيْرَ وَاجِبٍ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا لَمْ يَكُنْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ وَوُجِدَ مَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهَا. فَإِذَا دَفَعَ إنْسَانٌ رِشْوَةً لِقَاضٍ فَنَدِمَ عَلَى إعْطَائِهِ إيَّاهَا فَلَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِهَا قَدْ قُيِّدَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ بِقَوْلِهِ (بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ) لِأَنَّهُ بِالْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْهِبَةِ، وَالْكَفَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ يَحِقُّ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ، فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَلِلْمُشْتَرِي بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 369 أَخْذُ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا لِلْبَائِعِ أَيْضًا أَخْذُ الْخَمْسِينَ قِرْشًا. [ (الْمَادَّةُ 98) تَبَدُّلُ سَبَبِ الْمِلْكِ قَائِمٌ مَقَامَ تَبَدُّلِ الذَّاتِ] (الْمَادَّةُ 98) : تَبَدُّلُ سَبَبِ الْمِلْكِ قَائِمٌ مَقَامَ تَبَدُّلِ الذَّاتِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَتَيْ (اخْتِلَافُ الْأَسْبَابِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْأَعْيَانِ) وَ (تَبَدُّلُ سَبَبِ الْمِلْكِ قَائِمٌ مَقَامَ تَبَدُّلِ الذَّاتِ) الْوَارِدَتَيْنِ فِي الْمَجَامِعِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا تَبَدَّلَ سَبَبُ تَمَلُّكِ شَيْءٍ مَا وَإِنْ لَمْ يَتَبَدَّلْ هُوَ حَقِيقَةً يُعَدُّ مُتَبَدِّلًا. فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ فَرَسًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَوَهَبَهُ الرَّجُلُ لِآخَرَ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ فَعَادَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَخِيرُ وَتَصَدَّقَ بِالْفَرَسِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْفَرَسَ لِاخْتِلَافِ سَبَبِ الْمِلْكِ " رَاجِعْ الْمَادَّةَ (869) ". وَهَذِهِ حِيلَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَتَّخِذُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُمْ عَادَةً لِمَنْعِ الْوَاهِبِينَ مِنْ اسْتِرْدَادِ هِبَاتِهِمْ. كَذَلِكَ يَجُوزُ زِيَادَةُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي حَيَاتِهِ وَمِنْ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (255) ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ وُجُودُ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ.

(المادة 99) من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه

فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدٌ بَغْلًا مِنْ آخَرَ مَثَلًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَأَرْجَعَهُ إلَى مِلْكِهِ ثَانِيَةً فَبِمَا أَنَّ رُجُوعَ الْبَغْلِ إلَى مِلْكِهِ بِسَبَبٍ غَيْرِ السَّبَبِ الْأَوَّلِ وَتَبَدُّلَ السَّبَبِ تَبَدُّلٌ لِلذَّاتِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَوْ زَادَ فَزِيَادَتُهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 99) مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ] (الْمَادَّةُ 99) : مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ (مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ) وَ (مَنْ اسْتَعْجَلَ مَا أَخَّرَهُ الشَّرْعُ يُجَازَى بِرَدِّهِ) وَ (مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ وَلَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي ثُبُوتِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الْأَشْبَاهِ، وَالْكِفَايَةِ، وَزَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ. فَعَلَيْهِ إذَا قَتَلَ شَخْصٌ مُوَرِّثَهُ قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ بِقَتْلِهِ مُوَرِّثَهُ تَعَجَّلَ الْوَقْتَ الَّذِي يَرِثُهُ بِهِ فَيُعَاقَبُ بِالْحِرْمَانِ فَلَا يَكُونُ وَارِثًا لِلْمُوَرِّثِ. كَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى شَخْصٌ لِآخَرَ بِمَالِ فَقَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِيَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَيُحْرَمُ مِنْ الْمَالِ الْمُوصَى بِهِ. قَدْ قَيَّدْنَا الْقَتْلَ الَّذِي يُوجِبُ الْحِرْمَانَ مِنْ الْإِرْثِ بِاَلَّذِي يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْكَفَّارَةَ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ الَّذِي لَا يُوجِبُ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْمِيرَاثِ فَالْقَتْلُ الَّذِي يُوقِعُهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَالْقَتْلُ بِسَبَبٍ وَقَتْلُ الزَّوْجَةِ أَوْ إحْدَى الْمَحَارِمِ مِنْ ذَوَاتِ الرَّحِمِ بِسَبَبِ الزِّنَا فَلَا تُوجِبُ الْحِرْمَانَ مِنْ الْإِرْثِ. هَذَا وَقَدْ جَاءَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ (الْمَقْتُولُ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ أَيْ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لِمَوْتِهِ) فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ نَظَرًا إلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَلَّا يُعَدَّ قَتْلُ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي فَرْعًا لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ إجْرَاءَ الْعِقَابِ وَالْقِصَاصِ وَأَمْثَالِهِ فِي حَقِّ الْقَاتِلِ إنَّمَا لِارْتِكَابِهِ الْأَمْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ وَإِقْدَامِهِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ عَادَةً فَذَلِكَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالشُّئُونِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) يُوجَدُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَعْضُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ: مِنْهَا لَوْ قَتَلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ الَّذِي تَأَجَّلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى سَنَةٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَحِلُّ الْأَجَلُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِلْقَاتِلِ حَالًا اسْتِيفَاءُ دَيْنِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَقْتُولِ. [ (الْمَادَّةُ 100) مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ] (الْمَادَّةُ 100) : مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ. وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا عَمِلَ شَخْصٌ عَلَى نَقْضِ مَا أَجْرَاهُ وَتَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا اعْتِبَارَ لِعَمَلِهِ.

مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَدْ جَرَى فُضُولًا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالنَّفَاذِ حَتَّى وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى بِأَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ بِدُونِ إذْنِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَجَاءَ رَجُلٌ فَكَفَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فِي الْمَادَّةِ (616) فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ لَمَّا كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَا فَادِّعَاءُ الْكَفِيلِ بِمِلْكِيَّتِهِ لِلْمَالِ نَقْضٌ لِمَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ. كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ هُوَ لِفُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُصَدَّقٍ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ مُلْزَمٌ بِهِ بَعْدَ أَدَائِهِ الدَّيْنَ وَاسْتِرْدَادِهِ الرُّهُونَ. كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ وَدِيعَةً مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ وَكِيلُ الْمُسْتَوْدِعِ بِالْقَبْضِ فَإِذَا سَلَّمَهُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ وَكَالَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ نَقْضَ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمُحْتَمِلُ الْبُلُوغَ أَوْ اشْتَرَى وَاعْتَرَفَ بِالْبُلُوغِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِادِّعَائِهِ وَيَنْفُذُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) لَوْ بَاعَ وَالِدُ الصَّغِيرِ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَوْ وَصِيُّ التَّرِكَةِ مَالَ الصَّغِيرِ أَوْ مَالَ الْوَقْفِ أَوْ مَالَ التَّرِكَةِ مِنْ آخَرَ وَادَّعَى أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَالِدُ الصَّغِيرِ مَثَلًا بِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ وَقَعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَنَاقُضٌ مَانِعٌ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 97) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُبَايِعَيْنِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ فَسَادِ مَا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَكَمَا أَنَّ ادِّعَاءَهُ يَكُونُ مَقْبُولًا فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ بِأَنَّ الْبَائِعَ كَانَ قَدْ بَاعَ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ مِنْ شَخْصٍ غَيْرَهُ غَائِبٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ فَيُقْبَلُ مِنْهُ الِادِّعَاءُ وَالْإِثْبَاتُ أَيْضًا. كَذَلِكَ يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي بِعَقَارٍ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَبْلَ بَيْعِهِ مِنْهُ كَانَ اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.

الكتاب الأول البيوع

[الْكِتَابُ الْأَوَّلُ الْبُيُوعُ] ُ يَنْقَسِمُ إلَى مُقَدِّمَةٍ وَسَبْعَةِ أَبْوَابٍ (كِتَابٌ) لُغَةً بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ وَاصْطِلَاحًا هُوَ جَمْعُ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَقِلَّةِ (بَحْرٌ) تَقْدِيمُ الْبَيْعِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ كَالْإِجَارَةِ، وَالْكَفَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ، بُيُوعٌ جَمْعُ - بَيْعٍ، وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ. فَإِذَا قِيلَ (قَدْ بَاعَ فُلَانٌ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ) فَكَمَا يُفْهَمُ أَنَّهُ أَخْرَجَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ مِلْكِهِ يُفْهَمُ أَيْضًا أَنَّهُ أَدْخَلَهُ إلَى مِلْكِهِ. إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ هُوَ الْغَالِبُ أَصْبَحَتْ لَا تُحْمَلُ إلَّا عَلَيْهِ. تَرِدُ كَلِمَةُ (الْبَيْعِ) بِمَعْنَى (مَبِيعٍ) حَمْلًا عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ لِلْمَبِيعِ أَنْوَاعًا مُخْتَلِفَةً (مَنْقُولٌ، وَعَقَارٌ، وَحَيَوَانٌ، وَمَكِيلٌ، وَمَوْزُونٌ) وَغَيْرُهُ فَقَدْ جَاءَتْ هُنَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ. وَتَرِدُ عَلَى أَصْلِهَا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ وَتُجْمَعُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَنْوَاعِ الْبَيْعِ. فَالْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ نَافِذٌ وَمَوْقُوفٌ وَفَاسِدٌ وَبَاطِلٌ أَمَّا بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ (فَمُقَايَضَةٌ، سَلَمٌ، صَرْفٌ وَمُطْلَقٌ) وَبِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ (مُرَابَحَةٌ، تَوْلِيَةٌ، وَضِيعَةٌ، وَمُسَاوَمَةٌ) . وَسَنَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالتَّفْصِيلِ. مَشْرُوعِيَّةُ الْبَيْعِ - إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْبَيْعِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ. فَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَاشَرَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ وَشَاهَدَ النَّاسَ يَتَعَاطَوْنَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَأَقَرَّهُمْ وَلَمْ يَنْهَاهُمْ عَنْهُ وَقَدْ أَجْمَعَ الْأَئِمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ. وَقِيلَ: إنَّ أَفْضَلَ الْكَسْبِ التِّجَارَةُ.

مقدمة في بيان الاصطلاحات الفقهية المتعلقة بالبيوع

[مُقَدِّمَةٌ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبُيُوعِ] ِ الِاصْطِلَاحُ: لُغَةً الِاتِّفَاقُ، وَاصْطِلَاحًا: هُوَ إخْرَاجُ طَائِفَةٍ مِنْ النَّاسِ مُعَيَّنَةٍ لَفْظًا مِنْ الْأَلْفَاظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَوَضْعُهُ لِمَعْنًى آخَرَ وَتَخْصِيصُهُ بِهِ. وَذَلِكَ كَوَضْعِ الْفُقَهَاءِ كَلِمَةَ (الْإِيجَابِ) لِلْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (101) وَكَلِمَةَ الْبَيْعِ لِلْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (105) وَكَلِمَةَ الْإِجَارَةِ لِلْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (405) . فَكَلِمَةُ الْإِيجَابِ مَثَلًا مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ: الْإِثْبَاتُ فَاصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا (لِأَوَّلِ كَلَامٍ يَصْدُرُ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ: (الْمَادَّةُ 101) الْإِيجَابُ أَوَّلُ كَلَامٍ يَصْدُرُ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِأَجْلِ إنْشَاءِ التَّصَرُّفِ وَبِهِ يُوجَبُ وَيَثْبُتُ التَّصَرُّفُ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْكَلَامُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ يَقَعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْمَتَاعَ وَالْمُشْتَرِي قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَتَاعَ بِكَذَا، فَقَالَ الْبَائِعُ: وَأَنَا قَدْ بِعْتُكَ إيَّاهُ، فَكَمَا أَنَّ كَلَامَ الْبَائِعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إيجَابٌ وَفِي الثَّانِيَةِ قَبُولٌ فَكَلَامُ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إيجَابٌ وَفِي الْأُولَى قَبُولٌ أَيْضًا. وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (لِإِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ) الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَحْصُلُ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (168) . الْإِيجَابُ: لُغَةً الْإِثْبَاتُ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ السَّلْبِ وَلَقَدْ سُمِّيَ الْإِيجَابُ إيجَابًا لِكَوْنِ الْمُوجَبِ بِإِيجَابِهِ يُثْبِتُ لِلْآخَرِ حَقَّ الْقَبُولِ. يُسْتَفَادُ مِمَّا مَرَّ مَعَنَا فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْوُجُوبَ الْمَذْكُورَ هُنَا لَيْسَ بِالْوُجُوبِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يَأْثَمُ تَارِكُهُ. هَذَا وَيَنْطَبِقُ تَعْرِيفُ الْإِيجَابِ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْإِيجَابِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا إذَا هُوَ جُرِّدَ مِنْ بَعْضِ الْقُيُودِ الَّتِي اقْتَضَاهَا الْمَقَامُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

(المادة 102) القبول

قَدْ يَعْتَرِضُ الْبَعْضُ عَلَى تَعْرِيفِ الْإِيجَابِ الْوَارِدِ هُنَا قَائِلًا: 1 - يُسْتَدَلُّ مِنْ كَلِمَةِ (ثَانِي كَلَامٍ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مَادَّةِ (102) بِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي كَلِمَةِ (أَوَّلِ كَلَامٍ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ هَذِهِ هُوَ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (167) يَنْعَقِدُ إذَا صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَالتَّعْرِيفُ هَذَا غَيْرُ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ. 2 - وَذَكَرَ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّهُ (كَلَامٌ) (أَيْ الْإِيجَابُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ كَذَلِكَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (115) وَفِي التَّعَاطِي لَا يُسْتَعْمَلُ كَلَامٌ فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ تَعْرِيفُ الْإِيجَابِ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَعْرِيفُ الْقَبُولِ الَّذِي سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ جَامِعَيْنِ لِأَفْرَادِهِمَا أَيْضًا. 3 - بِمَا أَنَّ كَلِمَةَ (بِعْت، وَاشْتَرَيْت) مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِخْبَارِ وَلَيْسَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِنْشَاءِ فَكَيْفَ يَنْشَأُ بِهِمَا عَقْدُ الْبَيْعِ. فَجَوَابُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: جَوَابُ الْأَوَّلِ: لَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ إذَا صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مَعًا وَلَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالْبَعْضُ مِنْهُمْ يَقُولُ بِانْعِقَادِهِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَقُولُ بِعَدَمِ الِانْعِقَادِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْبَحْرُ) وَالْمَجَلَّةُ وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَهَا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فَكَلِمَةُ (أَوَّلُ) فِي الْمَادَّةِ (101) وَكَلِمَةُ ثَانِي فِي الْمَادَّةِ (102) يُسْتَدَلُّ مِنْهُمَا بِأَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَيْ عَدَمَ الصِّحَّةِ فَلَيْسَ بِذَلِكَ مِنْ مَأْخَذٍ يُؤْخَذُ عَلَيْهَا. جَوَابُ الثَّانِي: أَجَلْ إنَّ الْإِيجَابَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ أَمَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِالْفِعْلِ فَلَيْسَ ثَمَّةَ إيجَابٌ فِيهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ تَعَاطٍ لَيْسَ إلَّا. جَوَابُ الثَّالِثِ: أَمَّا كَلِمَتَا (بِعْت، وَاشْتَرَيْت) وَإِنْ كَانَتَا بِحَسَبِ الْوَضْعِ الْأَصْلِيِّ لِلْإِخْبَارِ فَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا الشَّرْعُ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ فَأَصْبَحَتْ مِنْ أَلْفَاظِ الْإِنْشَاءِ بِحَسَبِ الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ، فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُك مَالِي، وَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ اشْتَرَيْت فَلَا يَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ إخْبَارًا بِبَيْعٍ وَقَعَ قَبْلًا بَلْ إنْشَاءً لِعَقْدِ بَيْعٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ مُجَدَّدًا؛ لِأَنَّ صِيَغَ الْعُقُودِ لَا تَدُلُّ عَلَى زَمَنٍ. هَذَا وَإِنَّ كَلِمَتَيْ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ كَثِيرٌ مَا يُرَادُ بِهِمَا الْإِخْبَارُ فَمَتَى أُرِيدَ بِهِمَا هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا بَيْعٌ فَلَوْ سَأَلَ شَخْصٌ آخَرَ قَائِلًا: مَا فَعَلْت بِفَرَسِك فَأَجَابَهُ بِعْته مِنْ زَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: قَدْ اشْتَرَيْتُهُ مِنْك فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُرِيدَ بِكَلِمَةِ " بِعْتُ " هُنَا الْإِخْبَارُ لَيْسَ إلَّا، كَمَا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ. [ (الْمَادَّةُ 102) الْقَبُولُ] (الْمَادَّةُ 102) الْقَبُولُ ثَانِي كَلَامٍ يَصْدُرُ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِأَجْلِ إنْشَاءِ التَّصَرُّفِ وَبِهِ يَتِمُّ الْعَقْدُ. أَيْ أَنَّ كُلَّ كَلَامٍ جَاءَ بَعْدَ الْإِيجَابِ لِإِنْشَاءِ التَّصَرُّفِ وَبِقَصْدِ إتْمَامِ الْعَقْدِ سُمِّيَ قَبُولًا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُتَكَلِّمُ أَمْ كَانَ الْبَائِعُ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك مَالِي هَذَا بِكَذَا قِرْشًا

(المادة 103) العقد

فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْتَ مَالَكَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا -، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهُ لَكَ، فَكَمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَبُولٌ فَكَلَامُ الْبَائِعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَبُولٌ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 103) الْعَقْدُ] (الْمَادَّةُ 103) الْعَقْدُ الْتِزَامُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَتَعَهُّدُهُمَا أَمْرًا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ارْتِبَاطِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ. يُقَالُ عَقَدَ الْبَيْعَ كَمَا يُقَالُ عَقَدَ الْحَبْلَ. وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ هُنَا الِانْعِقَادُ فَعَقْدُ الْبَيْعِ مَثَلًا الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يُقْصَدُ بِهِ الْتِزَامُ وَتَعَهُّدُ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِالْمُبَادَلَةِ الْمَالِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 104) الِانْعِقَادُ] (الْمَادَّةُ 104) الِانْعِقَادُ تَعَلُّقُ كُلٍّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْآخَرِ عَلَى وَجْهٍ مَشْرُوعٍ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي مُتَعَلَّقِهِمَا. فَمُتَعَلَّقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا مَعَ الثَّمَنِ. وَالْأَثَرُ: هُوَ أَنْ يُصْبِحَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِلثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْمَبِيعِ. وَالِانْعِقَادُ: يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ مُطْلَقًا وَبِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ حُصُولِ الْقَبْضِ أَمَّا الْبَيْعُ الْبَاطِلُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ انْعِقَادٌ (رَاجِعْ الْمَوَادَّ 369 و 370 و 371) وَسَنَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (361) عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْبَيْعُ مُنْعَقِدًا. [ (الْمَادَّةُ 105) الْبَيْعُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ] (الْمَادَّةُ 105) الْبَيْعُ: مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالِ وَيَكُونُ مُنْعَقِدًا وَغَيْرَ مُنْعَقِدٍ. يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ تَمْلِيكُ مَالٍ مُقَابِلَ مَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَيُقْسَمُ بِاعْتِبَارِهِ مُطْلَقًا إلَى بَيْعٍ مُنْعَقِدٍ وَغَيْرِ مُنْعَقِدٍ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ كَمَا أَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْبَيْعِ فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلشِّرَاءِ أَيْضًا وَكَمَا أَنَّهُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْبَيْعِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَهُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ وُجُوهِهِ أَيْضًا. هَذَا إلَّا أَنَّ بِقَوْلِهِ " مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ " تَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالنِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (405) هِيَ (بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ) وَالنِّكَاحُ هُوَ (مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْبُضْعِ) أَبُو السُّعُودِ. وَتَخْرُجُ الْهِبَةُ وَالْإِعَارَةُ أَيْضًا. أَمَّا بِقَوْلِهِ (عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) الْوَارِدِ فِي الشَّرْحِ فَيَخْرُجُ أَيْضًا التَّبَرُّعُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ. فَالْوَجْهُ الْمَخْصُوصُ لِلْبَيْعِ هُوَ اسْتِعْمَالُ كَلِمَةِ (بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ) أَوْ التَّعَاطِي. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ آخَرَ مَالًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ وَهَبَ ذَلِكَ الْوَاهِبَ مَالًا آخَرَ غَيْرَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَيْضًا فَلَا

(المادة 106) البيع المنعقد

يُعَدُّ ذَلِكَ بَيْعًا وَيَخْرُجُ عَنْ تَعْرِيفِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ هُنَالِكَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ كَلِمَتَيْ (بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ) الْمُخْتَصَّتَيْنِ بِالْبَيْعِ. وَلَرُبَّ قَائِلٍ يَقُولُ: 1 - قَدْ اُشْتُرِطَ الرِّضَاءُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: 29] وَجَاءَ تَعْرِيفُ الْبَيْعِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِأَنَّهُ (مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالرِّضَاءِ) فَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ إذْ يَدْخُلُ بِهِ بَيْعُ الْمُكْرَهِ. 2 - بِمَا أَنَّ بَعْضَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِتَعْرِيفِهَا الْبَيْعَ (أَنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ مُفِيدٍ) قَدْ قَيَّدْتُهُ بِكَلِمَةِ (مُفِيدٍ) إخْرَاجًا لِلْبَيْعِ غَيْرِ الْمُفِيدِ وَهُوَ الَّذِي يَقَعُ فِي مُبَادَلَةِ مَالَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَزْنًا وَصِفَةً كَمُبَادَلَةِ دِرْهَمَيْنِ فِضَّةً بِدِرْهَمَيْنِ فِضَّةً مُسَاوِيَيْنِ بَعْضُهُمَا الْبَعْضَ وَزْنًا، وَعِيَارًا، وَوَصْفًا وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ وَالْبَيْعُ غَيْرُ الْمُفِيدِ يَكُونُ فَاسِدًا فَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْمُقَيِّدَ كَانَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا غَيْرُ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ. 3 - بِمَا أَنَّ تَقْسِيمَ الْبَيْعِ الْوَارِدَ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ (وَهُوَ تَقْسِيمُ الْبَيْعِ إلَى مُنْعَقِدٍ وَغَيْرِ مُنْعَقِدٍ) هُوَ تَقْسِيمٌ لِلْبَيْعِ الْمُعَرَّفِ (بِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ) كَمَا يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ. وَذَلِكَ (كَتَقْسِيمِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى قَسِيمِهِ) أَيْ نَقِيضِهِ وَبَيْعُ الْمَيْتَةِ وَبَيْعُ الْحُرِّ لَيْسَ فِيهِمَا مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ وَالْحُرَّ لَا يُعَدَّانِ مَالًا فَيَكُونُ الْبَيْعُ الْمُقَسَّمُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الْمُعَرَّفِ بَلْ هُوَ مِنْ أَغْيَارِهِ. فَالتَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. فَجَوَابُ ذَلِكَ كَمَا يَلِي: جَوَابُ الْأَوَّلِ: بِمَا أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ هُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ يَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ بِطَبْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيْعِ فَلَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ لُزُومًا لِلْإِتْيَانِ بِقَيْدِ الرِّضَا لِلْإِحَاطَةِ بِأَفْرَادِ الْبَيْعِ. جَوَابُ الثَّانِي: وَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرَ الْمُفِيدِ هُوَ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَيْضًا فَلَا لُزُومَ لِإِضَافَةِ قَيْدِ (مُفِيدٍ) الْمَذْكُورِ حَتَّى يَكُونَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ. جَوَابُ الِاعْتِرَاضِ الثَّالِثِ: إنَّ التَّقْسِيمَ الْوَارِدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يُقْصَدُ بِهِ تَقْسِيمُ الْبَيْعِ الْمُعَرَّفِ بِهَا بَلْ إنَّمَا هُوَ تَقْسِيمٌ لِمُطْلَقِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مُبَادَلَةُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وَيُقَالُ عَنْهُ فِي اللُّغَةِ بَيْعًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: 20] وَقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111] الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ. [ (الْمَادَّةُ 106) الْبَيْعُ الْمُنْعَقِدُ] (الْمَادَّةُ 106) الْبَيْعُ الْمُنْعَقِدُ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَنْعَقِدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ، وَفَاسِدٍ، وَنَافِذٍ، وَمَوْقُوفٍ. وَلِهَذِهِ الْأَقْسَامِ تَعَارِيفُ جَاءَتْ فِي الْمَادَّةِ (108) وَمَا يَلِيهَا عَلَى أَنَّهَا قَدْ تَتَدَاخَلُ بِبَعْضِهَا فَإِنَّهُ وَإِنْ

(المادة 107) البيع غير المنعقد

وُجِدَ تَبَايُنٌ بَيْنَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَبَيْنَ النَّافِذِ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفِ فَلَيْسَ مِنْ تَبَايُنٍ بَيْنَ النَّافِذِ وَبَيْنَ الْفَاسِدِ وَبَيْنَ الصَّحِيحِ وَالنَّافِذِ وَيُمْكِنُ اجْتِمَاعُهَا وَتَدَاخُلُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. وَعَلَى ذَلِكَ يُسْتَفَادُ أَنَّ التَّقْسِيمَ الْوَارِدَ هُنَا اعْتِبَارِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ. [ (الْمَادَّةُ 107) الْبَيْعُ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ] (الْمَادَّةُ 107) الْبَيْعُ غَيْرُ الْمُنْعَقِدِ هُوَ الْبَيْعُ الْبَاطِلُ. إنَّ كَلِمَةَ الْبَيْعِ غَيْرِ الْمُنْعَقِدِ مُرَادِفَةٌ لِكَلِمَةِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ فَكِلْتَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَدْ عَرَّفَتْ الْمَادَّةُ (110) الْبَيْعَ الْبَاطِلَ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا. [ (الْمَادَّةُ 108) الْبَيْعُ الصَّحِيحُ] (الْمَادَّةُ 108) الْبَيْعُ الصَّحِيحُ هُوَ الْبَيْعُ الْجَائِزُ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمَشْرُوعُ أَصْلًا وَوَصْفًا. فَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ حَتَّى قَبْلَ الْقَبْضِ رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (262 و 263) أَيْ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ هَذَا الْبَيْعِ يُصْبِحُ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْمَبِيعِ كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ يُصْبِحُ مَالِكًا لِلثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ. وَقَدْ عَرَّفَتْ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ بِأَنَّهُ (مَا كَانَ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ) . وَعَرَّفَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ الصِّحَّةَ فِي الْعَقْدِ بِأَنَّهَا " وَأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُوَصِّلًا لِلْمَقْصُودِ الدُّنْيَوِيِّ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ " أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْعِبَادَاتِ مُفْرِغًا وَمُخَلِّصًا لِلذِّمَّةِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ مُوَصِّلًا (لِلِاخْتِصَاصَاتِ) الشَّرْعِيَّةِ مِثْلِ الْأَغْرَاضِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ بِالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ. فَتَعْرِيفُ الْأُصُولِيِّينَ هَذَا يَجْرِي حُكْمُهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَالْكَفَالَةِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالْهِبَةِ، وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَجْرِي كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ، وَيَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْبَيْعُ النَّافِذُ وَالْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ غَيْرُ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَقْسَامِهِ. أَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ بِقَيْدِ (الْمَشْرُوعُ وَصْفًا) الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ. هَذَا وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَأْتِي فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ بِمَعْنَى نَقِيضِ الْبَاطِلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، وَالْمُرَادُ هُنَا إنَّمَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُقَابِلُ لِلْفَاسِدِ فَقَدْ جِيءَ فِي الْمَجَلَّةِ بِقَيْدِ (الْجَائِزِ) احْتِرَازًا عَنْ الْخَطَأِ فِي التَّعْرِيفِ. [ (الْمَادَّةُ 109) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ] (الْمَادَّةُ 109) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ هُوَ الْمَشْرُوعُ أَصْلًا لَا وَصْفًا يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ فَاسِدًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ (رَاجِعْ الْبَابَ السَّابِعَ) . يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ أَوْ الثَّمَنُ مَجْهُولًا أَوْ كَانَ الْأَجَلُ الَّذِي سَيُدْفَعُ فِيهِ الثَّمَنُ

(المادة 110) البيع الباطل

مَجْهُولًا أَوْ كَانَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ نَفْسُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ بِاعْتِبَارِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ فَلَا يَكُونُ فَاسِدًا بَلْ بَاطِلًا وَهَذَا الْبَيْعُ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْقَبْضِ أَيْ أَنَّهُ يَصِيرُ نَافِذًا، وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فِي الْبَيْعِ يَكُونُ جَائِزًا. وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ وَالْمَشْرُوعِيَّة فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا جَوَازَ الْبَيْعِ وَصِحَّتَهُ إذْ أَنَّ فَسَادَهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ. وَقَدْ عَرَّفَ الْأُصُولِيُّونَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ (أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُوَصِّلًا لِلْغَايَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ لَا بِاعْتِبَارِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ) وَيَشْمَلُ هَذَا التَّعْرِيفُ كُلَّ مَا هُوَ فَاسِدٌ مِنْ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا (الإزميري) رَاجِعْ الْمَوَادَّ (364 و 213 و 237 و 248) . وَقَدْ يُطْلَقُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ عَلَى الْبَيْعِ الْبَاطِلِ أَحْيَانًا فَقَدْ جَاءَ الْفَاسِدُ فِي قَوْلِ الزَّاهِدِيِّ (إنَّ بَيْعَ الْأَبِ مَالَ الصَّغِيرِ فِي نَفْسِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَاسِدٌ إجْمَاعًا وَكَذَا شِرَاؤُهُ مَالَهُ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ) بِمَعْنَى الْبَاطِلِ. [ (الْمَادَّةُ 110) الْبَيْعُ الْبَاطِلُ] (الْمَادَّةُ 110) الْبَيْعُ الْبَاطِلُ مَا لَا يَصِحُّ أَصْلًا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا أَصْلًا. أَيْ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ هُوَ الْبَيْعُ غَيْرُ الصَّحِيحِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَلَا يُصْبِحُ لَهُ مَالِكًا وَيَكُونُ كَأَمَانَةٍ عِنْدَهُ وَذَلِكَ بِعَكْسِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا. أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ فَيُعَدُّ غَاصِبًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ عَرَّفَ الْأُصُولِيُّونَ الْبُطْلَانَ بِأَنَّهُ (أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بِحَالَةٍ غَيْرِ مُوَصِّلَةٍ لِلْمَقْصُودِ الدُّنْيَوِيِّ أَصْلًا) . وَيَشْمَلُ هَذَا التَّعْرِيفُ الْبُطْلَانَ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَيَنْطَبِقُ عَلَيْهَا كُلِّهَا، وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّهُ فَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْبَاطِلَ يَخْتَلِفُ عَنْ الْفَاسِدِ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ يَخْتَلِفُ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ. [ (الْمَادَّةُ 111) الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ] (الْمَادَّةُ 111) (الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ بَيْعٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ) وَيُعَرَّفُ الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ أَنَّهُ هُوَ الْبَيْعُ الصَّحِيحُ أَصْلًا وَوَصْفًا وَاَلَّذِي يُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى وَجْهِ التَّوَقُّفِ. وَهَذَا التَّعْرِيفُ بِمَا أَنَّهُ يَتَوَافَقُ بِتَعَارِيفِ الْفَاسِدِ وَالصَّحِيحِ وَالْبَاطِلِ. السَّابِقَةِ الذِّكْرِ وَلَا يَتَنَافَرُ مَعَهَا بِشَيْءٍ وَيَتَنَاوَلُ بَيْعَ الْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورِ فَهُوَ أَشْمَلُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ وَأَضْبَطُ. هَذَا وَبِمَا أَنَّ تَعْرِيفَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَنْطَبِقُ عَلَى الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَالْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ هُوَ بَيْعٌ صَحِيحٌ لَا بَيْعٌ

(المادة 112) تعريف الفضولي

فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ هُوَ أَنْ يُفِيدَ الْمِلْكِيَّةَ بِدُونِ قَبْضٍ وَالْمَوْقُوفُ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ بِدُونِ قَبْضٍ أَيْضًا. وَانْعِقَادُ هَذَا الْبَيْعِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ صَحِيحًا كَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ كَوْنُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إسْقَاطِ الْخِيَارِ. غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ (الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ) مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ النَّافِذِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ نَافِذٍ. [ (الْمَادَّةُ 112) تَعْرِيف الْفُضُولِيُّ] (الْمَادَّةُ 112) الْفُضُولِيُّ: هُوَ مَنْ يَتَصَرَّفُ بِحَقِّ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ، إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ هُوَ تَعْرِيفُ الْفُضُولِيِّ شَرْعًا أَمَّا تَعْرِيفُهُ لُغَةً فَهُوَ الَّذِي يَتَدَاخَلُ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ. وَيُقْصَدُ بِقَوْلِهِ (بِدُونِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ) هُوَ أَلَّا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ وِصَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ لَا يُعَدُّ فُضُولًا. الْفُضُولِيُّ: نِسْبَةً إلَى الْفُضُولِ، وَالْفُضُولُ جَمْعُ فَضْلٍ، وَالْفَضْلُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ. وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ قِيَاسًا أَنْ يُقَالَ (فَضْلِيٌّ) ؛ لِأَنَّ (يَاءَ) النِّسْبَةِ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْجَمْعِ وَلَكِنْ قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ كَعَلَمٍ وَمُفْرَدٍ بِطَرِيقِ الْغَلَبَةِ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: الْأَنْصَارِيُّ وَالْأَعْرَابِيُّ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ. قُلْنَا: إنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ لَا يُعَدُّ فُضُولًا فَإِذَا ضَمَمْنَا إلَى ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي وَقَاضِي الْجَيْشِ لِمَا لَهُمْ مِنْ الْوِلَايَةِ فَنَكُونُ قَدْ فَسَّرْنَا التَّعْرِيفَ تَفْسِيرًا تَامًّا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ بِشَرْطِ اقْتِرَانِهِ بِالْمَنْفَعَةِ تَصَرُّفٌ نَافِذٌ وَمَشْرُوعٌ فَلَوْ أَوْقَفَ الْإِمَامُ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ لِيَصْرِفَ رِيعَهَا فِي سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَلَا يُعَدُّ فُضُولًا. وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَقَائِدُ الْجَيْشِ فَلَوْ تَصَرَّفَ الْقَاضِي بِأَمْوَالِ الْأَيْتَامِ لِتَنْمِيَتِهَا أَوْ تَصَرَّفَ الْقَائِدُ بِالْغَنَائِمِ لِتَقْسِيمِهَا فَلَا يُعَدُّ تَصَرُّفُهُمَا فُضُولًا وَيَكُونُ نَافِذًا. [ (الْمَادَّةُ 113) الْبَيْعُ النَّافِذُ] (الْمَادَّةُ 113) الْبَيْعُ النَّافِذُ بَيْعٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى لَازِمٍ وَغَيْرِ لَازِمٍ الْبَيْعُ النَّافِذُ (يُفِيدُ الْحُكْمَ فِي الْحَالِ) وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (374) . وَالْبَيْعُ النَّافِذُ هُوَ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، فَمَتَى قِيلَ: بَيْعٌ نَافِذٌ، أُرِيدَ أَنَّهُ بَيْعٌ غَيْرُ مَوْقُوفٍ. مَعْنَى النَّفَاذِ: هُوَ تَرَتُّبُ أَثَرِ التَّصَرُّفِ فِي الْحَالِ فَالْمِلْكِيَّةُ الَّتِي هِيَ أَثَرٌ لِلْبَيْعِ تَثْبُتُ فِي الْحَالِ وَيُصْبِحُ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْبَيْعِ. بِعَكْسِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَلَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ إلَّا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَمَا لَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ إلَّا عِنْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ. [ (الْمَادَّةُ 114) الْبَيْعُ اللَّازِمُ] (الْمَادَّةُ 114) الْبَيْعُ اللَّازِمُ هُوَ الْبَيْعُ النَّافِذُ الْعَارِي عَنْ الْخِيَارَاتِ وَبِعِبَارَةٍ

(المادة 115) البيع غير اللازم

أُخْرَى فَالْبَيْعُ اللَّازِمُ هُوَ الْبَيْعُ الْخَالِي مِنْ الْخِيَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفُصُولِ السَّبْعَةِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ لِكِتَابِ الْبُيُوعِ. وَحُكْمُ الْبَيْعِ اللَّازِم كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (375) هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي لَا يَحِقُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ. وَقَدْ عَرَّفَ الْأُصُولِيُّونَ اللُّزُومَ بِقَوْلِهِمْ (هُوَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَفْعُهُ) وَفِي الْوَاقِعِ لَا يَحِقُّ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ قِسْمَةٍ لَيْسَ فِيهَا خِيَارُ فَسْخِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعُقُودِ. وَالْبَيْعُ اللَّازِمُ هُوَ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ غَيْرِ اللَّازِمِ وَتُقْسَمُ الْعُقُودُ بِاعْتِبَارِهِ لَازِمَةٌ أَوْ غَيْرُ لَازِمَةٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: 1 - الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ بِحَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَهِيَ الْعُقُودُ الْآتِيَةُ: (1) الْبَيْعُ (2) السَّلَمُ (3) الْإِجَارَةُ " وَإِنْ جَازَ فَسْخُهَا بِبَعْضِ الْأَعْذَارِ " (4) الصُّلْحُ (5) الْحَوَالَةُ (6) الْمُسَاقَاةُ (7) الْوَصِيَّةُ الَّتِي تُقْبَلُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي (8) النِّكَاحُ (9) الصَّدَاقُ (أَيْ الْمَهْرُ) (10) الصَّدَقَةُ الْمَقْبُوضَةُ (11) الْهِبَةُ الْمَقْبُوضَةُ الْخَالِيَةُ مِنْ الْمَوَانِعِ السَّبْعَةِ. 2 - عَقْدُ الرَّهْنِ وَهُوَ لَازِمٌ بِحَقِّ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَالْمُرْتَهِنُ لَهُ فَسْخُ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ فَسْخُ عَقْدِ الرَّهْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخِيَارَ. 3 - الْعُقُودُ غَيْرُ اللَّازِمَةِ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَاَلَّتِي يَحِقُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُمَا بِدُونِ رِضَاءِ الطَّرَفِ الثَّانِي وَهِيَ: (1) الشَّرِكَةُ، (2) الْوَكَالَةُ، (3) الْعَارِيَّةُ الَّتِي تُعْطَى لِغَيْرِ الرَّهْنِ (4) الْمُضَارَبَةُ، (5) الْوَدِيعَةُ، (6) الْقَضَاءُ، (7) الْوِصَايَةُ قَبْلَ قَبُولِ الْوَصِيِّ (8) الْوَصِيَّةُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَصِيِّ. [ (الْمَادَّةُ 115) الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ] (الْمَادَّةُ 115) (الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ هُوَ الْبَيْعُ النَّافِذُ الَّذِي فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ) فَالْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ فَسْخُهُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ (376)) . [ (الْمَادَّةُ 116) الْخِيَارُ هُوَ كَوْنُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مُخَيَّرًا] (الْمَادَّةُ 116) (الْخِيَارُ كَوْنُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مُخَيَّرًا عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي بَابِهِ) . الْخِيَارُ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَنْفِيذِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْخِيَارَاتِ. الِاخْتِيَارُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ مَثَلًا فَخِيَارُ الشَّرْطِ

(المادة 117) البيع البات هو البيع القطعي

هُنَا قَائِمٌ بِالْبَائِعِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْبَائِعُ وَحْدُهُ مُقْتَدِرًا عَلَى إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُخَيَّرُ فَالْخِيَارُ يَكُونُ قَائِمًا بِهِ وَلَهُ حَقُّ إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ بِدُونِ رِضَاءِ الْبَائِعِ وَمُوَافَقَتِهِ. [ (الْمَادَّةُ 117) الْبَيْعُ الْبَاتُّ هُوَ الْبَيْعُ الْقَطْعِيُّ] (الْمَادَّةُ 117) (الْبَيْعُ الْبَاتُّ هُوَ الْبَيْعُ الْقَطْعِيُّ) يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْبَيْعُ تَارَةً عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْخِيَارِ. فَاسْتُعْمِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ عِنْدَ قَوْلِهَا (هَلَاكُ الْمَبِيعِ بَاتًّا أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي يَدِ الْبَائِعِ.) عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْخِيَارِ وَفِي رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الْكَفَالَةِ حَيْثُ يَقُولُ (ادَّعَى الْبَائِعُ وَفَاءً وَالْمُشْتَرِي بَاتًّا أَوْ عَكْسًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَاتِّ) قَدْ اُسْتُعْمِلَ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِبَيْعِ الْوَفَاءِ. أَمَّا فِي الْمَجَلَّةِ فَقَدْ جَاءَ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1658) . (وَالْبَتُّ) مَأْخُوذٌ مِنْ مَصْدَرِ (بَتَّ) وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَطْعِ فَيُقَالُ: بَتَّ فُلَانٌ الشَّيْءَ إذَا قَطَعَهُ. [ (الْمَادَّةُ 118) بَيْعُ الْوَفَاءِ] (الْمَادَّةُ 118) بَيْعُ الْوَفَاءِ هُوَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ بِالنَّظَرِ إلَى انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِهِ وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفَسْخِ وَفِي حُكْمِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ إلَى الْغَيْرِ. إنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ مِنْ جِهَةٍ وَالْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ جِهَةٍ وَعَقْدَ الرَّهْنِ مِنْ جِهَةٍ. فَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَهُ أَيْضًا فِي حَالَةِ وُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الِاسْتِغْلَالِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ. وَهُنَا يَتَبَايَنُ حُكْمُ هَذَا الْبَيْعِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (750) أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَرْهُونِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَأْجِيرُهُ لِلرَّاهِنِ فَإِذَا أَجَّرَهُ فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَلَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ. وَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ؛ لِأَنَّ لِلْفَرِيقَيْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (396) حَقَّ فَسْخِهِ وَفِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ حَقُّ فَسْخِ الْبَيْعِ بِدُونِ رِضَاءِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ. وَلِهَذَا فَقَدْ كَانَ حُكْمُ بَيْعِ الْوَفَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ حُكْمُ الْفَاسِدِ. وَيُشْبِهُ الرَّهْنَ (1) لِأَنَّهُ لَا يَحِقُّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ الْمَبِيعِ لِآخَرَ (2) لِأَنَّهُ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ (3) لِأَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ وَفَاةِ الْبَائِعِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (4) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ ادِّعَاءِ شَخْصٍ بِالْمَبِيعِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1637 (5) لِأَنَّ وَرَثَةَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ تَقُومُ مَقَامَهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ فِي أَحْكَامِ هَذَا الْبَيْعِ (6) لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي هَذَا الْبَيْعِ (7) لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ

(المادة 119) بيع الاستغلال

الْمُجَاوِرِ لِلْمَبِيعِ بَيْعَ وَفَاءٍ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي (8) لِعَدَمِ تَمَامِهِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ (9) لِلُزُومِ نَفَقَاتِ تَعْمِيرِ الْمَبِيعِ بَيْعًا وَفَائِيًّا لِلْبَائِعِ. كُلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ مُنَافِيَةٌ لَأَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْوَفَاءِ بَيْعًا صَحِيحًا (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 706 و 724) وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ بَيْعًا وَفَائِيًّا لِدَائِنِهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَطَالَبَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْمَدِينِ بِدَاعِي سُقُوطِهِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (399) حَقُّ الِامْتِنَاعِ عَنْ دَفْعِهِ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمَدِينُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمُبَاعِ مِنْ قِبَلِهِ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي فَيَحِقُّ لِغَيْرِهِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَدِينِ فِي حَالِ زِيَادَةِ الدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ عَنْ التَّرِكَةِ الْمُخَلَّفَةِ عِنْدَ إدْخَالِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فِي التَّرِكَةِ وَاقْتِسَامِهَا مَعَ الْمُشْتَرِي بِصِفَتِهِ أَحَدُ الدَّائِنِينَ وَلَا يُلْتَفَتُ فِي ذَلِكَ إلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (729) وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ تِسْعَةُ أَقْوَالٍ فَأَرْجَحُهَا الْقَوْلُ الَّذِي اتَّبَعَتْهُ الْمَجَلَّةُ فِي قَوْلِهَا " وَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْجَائِزِ بِالنَّظَرِ إلَى انْتِفَاعِ الْمُشْتَرِي بِهِ وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفَسْخِ وَفِي حُكْمِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ إلَى الْغَيْرِ ". وَلَكِنْ عَلَى كُلٍّ فَوَجْهُ الشَّبَهِ فِيهِ بِالرَّهْنِ أَبْيَنُ وَأَرْجَحُ كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَمَّا حُكْمُ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَحُكْمُ الْفَاسِدِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ فَقَدْ جَاءَتْ فِي الْمَوَادِّ (369، 372، 829) مِنْ الْمَجَلَّةِ. هَذَا وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ الْمَبِيعَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَجَاءَ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ (الْمَالُ) بَدَلًا مِنْ الْمَبِيعِ عَلَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ وَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهِ فِي الْعَقَارِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ فِي الْمَنْقُولِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجِزْهُ وَقَدْ أَفْتَى كَثِيرُونَ مِنْ شُيُوخِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ. وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ ذَكَرَتْ الْمَالَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ جَائِزٌ فِي الْمَنْقُولَاتِ، جَوَازَ بَيْعِ الْوَفَاءِ فِي الْمَالِ الْمَنْقُولِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ فِي الْغَالِبِ إنَّمَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي الْمَنْقُولِ فَقَطْ. وَقَدْ قَصَدَ بِكَلِمَةِ (الْمَالُ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ بَدَلًا مِنْ كَلِمَةِ، الْمَبِيعِ، الَّتِي جَاءَتْ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ الْعَرَبِيّ الِاحْتِرَازَ مِنْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهَا الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ، وَالْفَرَاغُ بِالْوَفَاءِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِمَا يَفْتَرِقُ عَنْ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ اسْمًا وَحُكْمًا. [ (الْمَادَّةُ 119) بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ] (الْمَادَّةُ 119) (بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ هُوَ بَيْعُ وَفَاءٍ عَلَى أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ الْبَائِعُ) وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ إنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ هُوَ بَيْعُ الْوَفَاءِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ اسْتِئْجَارُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي.

(المادة 120) البيع باعتبار المبيع ينقسم إلى أربعة أقسام

يُفْهَمُ مِنْ هَذَا (بِأَنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ مُرَكَّبٌ مِنْ بَيْعِ وَفَاءٍ وَعَقْدِ إجَارَةٍ) فَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ فِي الْبَيْعِ. مِثَالٌ: فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ لِآخَرَ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لَهُ عِنْدَ إعَادَةِ الثَّمَنِ وَعَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهَا لَهُ وَبَعْدَ إخْلَاءِ الدَّارِ وَتَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي اسْتَأْجَرَهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ قِرْشٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ فَهَذَا الْبَيْعُ هُوَ بَيْعُ اسْتِغْلَالٍ وَالْأَلْفُ قِرْشٍ غَلَّةُ الْبَيْعِ هِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْمَجَلَّةُ لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ أَلْبَتَّةَ وَبِمَا أَنَّ مَسَائِلَ الِاسْتِغْلَالِ تَتَعَلَّقُ بِالْإِجَارَةِ مُبَاشَرَةً فَقَدْ عَزَمْنَا عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ عَنْهَا فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 120) الْبَيْعُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ يَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ] الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: بَيْعُ الْمَالِ بِالثَّمَنِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَشْهَرُ الْبُيُوعِ يُسَمَّى بِالْبَيْعِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: هُوَ الصَّرْفُ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ. وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: السَّلَمُ) . إنَّ الْبَيْعَ يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَيْعٌ مُطْلَقٌ إلَى قِسْمَيْنِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي الْمَادَّةِ (105) وَيُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ الْمَبِيعِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَتَعَارِيفُ هَذِهِ الْبُيُوعِ سَتَأْتِي فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. (الْمَادَّةُ 121) (الصَّرْفُ بَيْعُ النَّقْدِ بِالنَّقْدِ) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ هُوَ بَيْعُ الذَّهَبِ الْمَسْكُوكِ أَوْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ مِثْلِهَا فِضَّةً. فَلَوْ أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ جُنَيْهًا مِصْرِيًّا أَوْ لِيرَةً عُثْمَانِيَّةً وَأَخَذَ مِنْهُ مُقَابِلَهَا نُقُودًا فِضِّيَّةً أَوْ نُقُودًا ذَهَبِيَّةً مِنْ (أَجْزَاءِ اللِّيرَةِ) فَذَلِكَ الْبَيْعُ هُوَ بَيْعُ الصَّرْفِ. وَأَحْكَامُ بَيْعِ الصَّرْفِ وَمَسَائِلُهُ الْمَخْصُوصَةُ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَلَمْ تَأْتِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا. (الْمَادَّةُ 122) (بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ أَيْ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَايَضَةِ (1) أَلَّا يَكُونَ الْمَالَيْنِ نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الِاثْنَانِ نَقْدَيْنِ فَالْبَيْعُ صَرْفٌ وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا فَالْبَيْعُ يَكُونُ هُوَ الْبَيْعَ الْمَشْهُورَ. (2) أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمَالَيْنِ عَيْنًا. كَمُبَادَلَةِ فَرَسٍ مُعَيَّنٍ بِفَرَسٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَبَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِآخَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ

(المادة 124) عقد الاستصناع

فَرَسًا مُعَيَّنًا بِخَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ دَيْنًا لَا يُعَدُّ مُقَايَضَةً بَلْ يَكُونُ بَيْعًا مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الَّتِي جَاءَ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (120) . (الْمَادَّةُ 123) (بَيْعُ السَّلَمِ مُؤَجَّلٌ بِمُعَجَّلٍ) وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا وَاسْتِلَامُ الْمَبِيعِ مُؤَجَّلًا. وَهُوَ بِعَكْسِ الْبَيْعِ الْمُؤَجَّلِ فَالْبَيْعُ الْمُؤَجَّلُ هُوَ الَّذِي فِيهِ يَكُونُ الْمَبِيعُ مُعَجَّلًا وَالثَّمَنُ مُؤَجَّلًا. فَيُقَالُ فِي هَذَا الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي (صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ) (رَبُّ السَّلَمِ) (وَمُسَلِّمٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ مَعَ تَشْدِيدِهَا وَلِلْبَائِعِ (مُسَلَّمٌ إلَيْهِ) وَلِلثَّمَنِ (رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ) وَلِلْمَالِ الْمُبَاعِ (مُسْلَمٌ فِيهِ) - رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ. وَكَمَا يَجُوزُ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مَالًا قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا. هَذَا وَالْبَيْعُ كَمَا مَرَّ مَعَنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى تَسْمِيَةِ الْبَدَلِ يُقْسَمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: (1) - الْمُسَاوَمَةُ (2) - الْمُرَابَحَةُ (3) - التَّوْلِيَةُ (4) - الْوَضِيعَةُ. بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ - هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْمَالَ كَأَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ لِآخَرَ ثَوْبَ قُمَاشٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لِلْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ الَّتِي كَانَ دَفَعَهَا ثَمَنًا لِذَلِكَ الْقُمَاشِ. بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ - هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ بَيَانِ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى رِبْحٍ مَعْلُومٍ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ كَلَّفَنِي هَذَا الْمَالُ مِائَةَ قِرْشٍ فَأَبِيعُهُ لَك بِمِائَةٍ وَعَشْرَةِ قُرُوشٍ. بَيْعُ التَّوْلِيَةِ - هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ بَيَانِ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ بِعَشْرٍ أَيْضًا. بَيْعُ الْوَضِيعَةِ - هُوَ الَّذِي يَقَعُ بِنَقْصٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ الْبَائِعُ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مَالًا بِعَشْرَةِ جُنَيْهَاتٍ فَيَبِيعَهُ بِسَبْعَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 124) عَقْدُ الِاسْتِصْنَاعُ] (الْمَادَّةُ 124) " الِاسْتِصْنَاعُ عَقْدُ مُقَاوَلَةٍ مَعَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا شَيْئًا فَالْعَامِلُ صَانِعٌ وَالْمُشْتَرِي مُسْتَصْنِعٌ وَالشَّيْءُ مَصْنُوعٌ ". الِاسْتِصْنَاعُ: لُغَةً طَلَبُ الْعَمَلِ وَتَعْرِيفُهُ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ التَّعْرِيفُ الشَّرْعِيُّ لَهُ وَشُرُوطُهُ أَنْ

(المادة 125) الملك ما ملكه الإنسان

يَكُونَ الْعَمَلُ وَالْعَيْنُ مِنْ الصَّانِعِ وَإِلَّا فَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ فَهُوَ عَقْدُ إجَارَةٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 421) مِثَالٌ: إذَا قَاوَلَ شَخْصٌ خَيَّاطًا عَلَى صُنْعِ جُبَّةٍ، وَقُمَاشُهَا وَكُلُّ لَوَازِمِهَا مِنْ الْخَيَّاطِ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَصْنَعَهُ تِلْكَ الْجُبَّةَ وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي يُدْعَى بِالِاسْتِصْنَاعِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْقُمَاشُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ وَقَاوَلَهُ عَلَى صُنْعِهَا فَقَطْ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ وَالْعَقْدُ حِينَئِذٍ عَقْدُ إجَارَةٍ لَا عَقْدَ اسْتِصْنَاعٍ. [ (الْمَادَّةُ 125) الْمِلْكُ مَا مَلَكَهُ الْإِنْسَانُ] (الْمَادَّةُ 125) (الْمِلْكُ مَا مَلَكَهُ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ كَانَ أَعْيَانًا أَوْ مَنَافِعَ) أَيْ أَنَّهُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ مَمْلُوكًا لِلْإِنْسَانِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَاصِ. أَعْيَانٌ - جَمْعُ عَيْنٍ وَقَدْ جَاءَ تَعْرِيفُهَا فِي الْمَادَّةِ (159) الْمَنَافِعُ - جَمْعُ مَنْفَعَةٍ وَهِيَ الْفَائِدَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِاسْتِعْمَالِ الْعَيْنِ فَكَمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تُسْتَحْصَلُ مِنْ الدَّارِ بِسُكْنَاهَا تُسْتَحْصَلُ مِنْ الدَّابَّةِ بِرُكُوبِهَا. وَلَمَّا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ كَالْحَرَكَةِ مِنْ الْأَعْرَاضِ الزَّائِلَةِ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فَيَجِبُ قِيَاسًا أَلَّا تَكُونَ مَحِلًّا لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ بِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ قَدْ أَعْطَاهَا حُكْمَ الْمَوْجُودِ وَجَوَّزَ بِأَنْ تَكُونَ مَحِلًّا لِلْعَقْدِ فَأَقَامَ الْعَقْدَ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي الْعُقُودِ فَيُقَالُ فِي تَأْجِيرِ دَارٍ مَثَلًا قَدْ أَجَّرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ فَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِقَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا إذَا قِيلَ: قَدْ أَجَّرْتُكَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ فَعَلَى قَوْلٍ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْدُومَةٌ فَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ (إزميري) وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً وَصَحِيحَةً وَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 126) تَعْرِيف الْمَالُ] (الْمَادَّةُ 126) (الْمَالُ هُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ طَبْعُ الْإِنْسَانِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ) فَكُلُّ شَيْءٍ أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَوْ لَمْ يُبَحْ وَكُلُّ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ بِالْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ هَذَا التَّعْرِيفِ. هَذَا وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ (مَالِيَّةِ) الشَّيْءِ وَبَيْنَ تَقَوُّمِهِ فَالْمَالِيَّةُ تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ جَمِيعِهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ أَمَّا التَّقَوُّمُ فَيَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ وَجَعْلِ الشَّرْعِ إيَّاهُ مُبَاحًا لِلِانْتِفَاعِ (حَمَوِيٌّ) . الِادِّخَارُ - بِتَشْدِيدِ الدَّالِ هُوَ الْجَمْعُ. أَمَّا بِقَوْلِهِ فِي التَّعْرِيفِ (وَهُوَ مَا يَمِيلُ إلَيْهِ طَبْعُ الْإِنْسَانِ) فَيَخْرُجُ لَحْمُ الْمَيْتَةِ، وَالْإِنْسَانُ الْحُرُّ.

(المادة 127) المال المتقوم

وَبِقَوْلِهِ (وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ) يَخْرُجُ كُلُّ مَا لَا يَقَعُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَحَبَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ مَثَلًا إلَى كُلِّ مَا هُوَ مِنْ قَبِيلِهَا مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ، وَكُلُّ مَا هُوَ مِنْ الْمَنَافِعِ غَيْرِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَاَلَّتِي لَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا وَحِفْظُهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ هَذَا التَّعْرِيفُ بِإِخْرَاجِهِ مَا مَرَّ تَامًّا؛ لِأَنَّ حَبَّةَ الْقَمْحِ وَمَا حَبَّةٌ مِنْ الْقَمْحِ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَتْ مِمَّا يُدَّخَرُ. وَكَذَلِكَ الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِمَالٍ فَلَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا إذْ لَا ادِّخَارَ بِدُونِ بَقَاءٍ وَإِنْ عُدَّتْ الْمَنْفَعَةُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ بِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ مُتَقَوِّمَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذَا وَيُفْهَمُ مَا مَرَّ مَعَنَا مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْمَالِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَكُلُّ مَالٍ كَفَرَسٍ مَثَلًا مِلْكٌ وَلَيْسَ كُلُّ مِلْكٍ كَالْمَنَافِعِ مَثَلًا يُعَدُّ مَالًا. [ (الْمَادَّةُ 127) الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ] (الْمَادَّةُ 127) (الْمَالُ الْمُتَقَوِّمِ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ. وَالثَّانِي: بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُحْرَزِ فَالسَّمَكُ فِي الْبَحْرِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِذَا اُصْطِيدَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالْإِحْرَازِ) . فَالْمَعْنَى الْأَوَّلِيُّ هُوَ مَعْنَى الْمَالِ الشَّرْعِيِّ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ الْعُرْفِيُّ. فَلَحْمُ الْخَرُوفِ الْمَذْبُوحِ مَثَلًا، بِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ مُبَاحٌ فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مَالٌ وَمُتَقَوِّمٌ أَيْضًا. أَمَّا لَحْمُ غَيْرِ الْمَذْبُوحِ كَالْمَخْنُوقِ خَنْقًا فَبِمَا أَنَّ أَكْلَهُ وَتَنَاوُلَهُ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يُعَدُّ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ وَإِنْ عَدَّهُ الْبَعْضُ مَالًا. كَذَلِكَ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ وَإِنْ تَكُنْ وَفْقًا لِهَذَا الْمَعْنَى مُتَقَوِّمَةً أَيْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا مُبَاحٌ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ كَمَا قَدْ أَسْلَفْنَا. كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا يُعَدُّ مَالًا. فَعَلَى هَذَا يُفْهَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ فُقِدَ مِنْهُ كُلٌّ مِنْ التَّمَوُّلِ وَالتَّقَوُّمِ فَلَا يَكُونُ مَالًا وَلَا يُعَدُّ مُتَقَوِّمًا وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (363) الْإِيضَاحُ عَلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ (الْمُتَقَوِّمِ) فِي كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي. [ (الْمَادَّةُ 128) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ] (الْمَادَّةُ 128) الْمَنْقُولُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ وَيَشْمَلُ النُّقُودَ وَالْعُرُوضَ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ. وَكَذَلِكَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْقُولِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1019) . فَلِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ اعْتِبَارَانِ: (1) - فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ مَعَ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا تُعَدُّ حِينَئِذٍ عَقَارًا. (2) - أَمَّا إذَا اُعْتُبِرَتْ لِوَحْدِهَا بِدُونِ الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةِ عَلَيْهَا فَتُعَدُّ مَنْقُولًا.

(المادة 129) غير المنقول ما لا يمكن نقله من محل إلى آخر

هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْمَذْرُوعَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ دَاخِلَةٌ فِي الْعُرُوضِ فَلَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ حَاجَةً لِتَخْصِيصِهَا بِالذِّكْرِ. [ (الْمَادَّةُ 129) غَيْرُ الْمَنْقُولِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ] (الْمَادَّةُ 129) غَيْرُ الْمَنْقُولِ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ كَالدُّورِ وَالْأَرَاضِيِ مِمَّا يُسَمَّى بِالْعَقَارِ. وَعَلَيْهِ يُفْهَمُ بِأَنَّ الْعَقَارَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَبْنِيٍّ كَالدُّورِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَبَانِي وَغَيْرِ مَبْنِيٍّ وَهُوَ الْأَرَاضِي إلَّا أَنَّ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ يُعَدُّ مَنْقُولًا (بَحْرٌ وَذَخِيرَةٌ) فَإِذَا بَنَى أَحَدٌ دَارًا مَثَلًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَتَكُونُ الدَّارُ مَنْقُولًا. [ (الْمَادَّةُ 130) النُّقُودُ جَمْعُ نَقْدٍ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ] سَوَاءٌ كَانَا مَسْكُوكَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ وَيُقَالُ لِلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ النَّقْدَانِ وَالْحِجَارَانِ وَدَعَتْهُمَا الْمَادَّةُ 122 بِالنَّقْدَيْنِ. وَقَدْ اُعْتُبِرَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ هُمَا الْمِقْيَاسُ الَّذِي تُقَدَّرُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ أَثْمَانُ الْأَشْيَاءِ وَقِيمَتُهَا وَيُعَدَّانِ ثَمَنًا. أَمَّا النُّقُودُ النُّحَاسِيَّةُ وَالْأَوْرَاقُ النَّقْدِيَّةُ (البانكنوط) فَتُعَدُّ سِلْعَةً وَمَتَاعًا فَهِيَ فِي وَقْتِ رَوَاجِهَا تُعْتَبَرُ مِثْلِيَّةً وَثَمَنًا وَفِي وَقْتِ الْكَسَادِ تُعَدُّ قِيَمِيَّةً وَعُرُوضًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1339) رَدُّ الْمُحْتَارِ. وَالنُّقُودُ الْمَعْدِنِيَّةُ الْمُتَدَاوَلَةُ فِي أَيَّامِنَا هَذِهِ لَيْسَتْ بِثَمَنٍ فِي الْأَصْلِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي شِرَاءِ الْأَشْيَاءِ الْبَخْسَةِ فَهِيَ بِمَقَامِ أَجْزَاءٍ ضُرِبَتْ لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ إذْ لَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي شِرَاءَ شَيْءٍ بِقِرْشٍ فَلَيْسَ فِي إمْكَانِهِ اسْتِخْرَاجُ الْمِقْدَارِ الْمُسَاوِي لِهَذِهِ الْقِيمَةِ فِضَّةً مِنْ الرِّيَالِ أَوْ ذَهَبًا مِنْ الْجُنَيْهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) [ (الْمَادَّةُ 131) تَعْرِيف الْعُرُوض] (الْمَادَّةُ 131) الْعُرُوض جَمْعُ عَرَضٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهِيَ مَا عَدَا النُّقُودِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَالْمَتَاعِ وَالْقُمَاشِ وَكَذَلِكَ الْكِتَابُ، وَالْمَلْبُوسَاتُ، وَاللِّحَافُ، وَالْكُرْسِيُّ، وَالْفِرَاشُ، وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ كُلُّهَا عُرُوضٌ أَمَّا الْعَقَارُ فَلَيْسَ بِعَرَضٍ. هَذَا وَقَدْ جَاءَتْ (كَلِمَةُ عَرْضٍ) فِي الصِّحَاحِ بِسُكُونِ الرَّاءِ (عُرُوضٌ) وَذَكَرَ بِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ الْأَمْوَالِ مَا عَدَا الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ أَمَّا فِي " الْمُغْرِبِ " فَقَدْ جَاءَتْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي مَتْنِ الْمَادَّةِ عَلَى أَنَّ الْعَرَضَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ عَلَى أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَحِينَئِذٍ تَدْخُلُ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ فِي الْعُرُوضِ.

(المادة 132) المقدورات ما تتعين مقاديرها بالكيل أو الوزن أو العدد أو الذراع

[ (الْمَادَّةُ 132) الْمَقْدُورَاتُ مَا تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الذِّرَاعِ] (الْمَادَّةُ 132) الْمَقْدُورَاتُ مَا تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الذِّرَاعِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ، وَالْمَذْرُوعَاتِ. وَيُقَالُ لِلْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ، وَالْمَذْرُوعَاتِ (الْمُقَدَّرَاتُ الْأَرْبَعَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 133) الْمَكِيلُ هُوَ مَا يُكَالُ بِهِ] (الْمَادَّةُ 133) الْكَيْلِيُّ وَالْمَكِيلُ هُوَ مَا يُكَالُ بِهِ وَيُقَالُ لَهُ كَيْلٌ أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ الْكَيْلُ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ سَيْلٍ. وَكَمَا أَنَّ الْكَيْلَ يَجِيءُ بِمَعْنَى كَيْلِ الشَّيْءِ يَجِيءُ أَيْضًا بِمَعْنَى الْمِكْيَالِ. وَكَلِمَةُ كَيْلٍ الْوَارِدَةُ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ قَدْ أُرِيدَ بِهَا الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُكَالُ بِالذِّرَاعِ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ وَالْكَيْلِيُّ: هُوَ الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالذُّرَةُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحُبُوبَاتِ الَّتِي تُبَاعُ بِالْكَيْلِ. [ (الْمَادَّةُ 134) الْمَوْزُونُ هُوَ مَا يُوزَنُ] (الْمَادَّةُ 134) الْوَزْنِيُّ وَالْمَوْزُونُ هُوَ مَا يُوزَنُ الْوَزْنِيُّ - بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الزَّايِ جَمْعُهُ وَزْنِيَّاتٌ. وَالْوَزْنِيُّ مَنْسُوبٌ إلَى الْوَزْنِ وَيُجْمَعُ مَوْزُونٌ عَلَى مَوْزُونَاتٍ وَالْوَزْنُ - هُوَ اخْتِبَارُ الثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 135) الْمَعْدُودُ هُوَ مَا يُعَدُّ] (الْمَادَّةُ 135) الْعَدَدِيُّ وَالْمَعْدُودُ هُوَ مَا يُعَدُّ الْعَدَدِيُّ - بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَنْسُوبِ مِنْ الْعَدَدِ وَيُجْمَعُ عَلَى عَدَدِيَّاتٍ وَالْمَعْدُودُ - بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيُجْمَعُ عَلَى مَعْدُودَاتٍ. وَالْعَدُّ: هُوَ ضَمُّ أَعْدَادٍ إلَى أُخْرَى غَيْرِهَا [ (الْمَادَّةُ 136) الْمَذْرُوعُ هُوَ مَا يُقَاسُ بِالذِّرَاعِ] (الْمَادَّةُ 136) الذَّرِعِي أَوْ الْمَذْرُوعُ هُوَ مَا يُقَاسُ بِالذِّرَاعِ كَالْقُمَاشِ، وَالْعَرْصَةِ، وَالْبُسْتَانِ وَمَا إلَيْهَا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1148) وَيُجْمَعُ ذَرْعِيٌّ عَلَى ذَرْعِيَّاتٍ، وَمَذْرُوعٌ عَلَى مَذْرُوعَاتٍ وَيُرَادُ بِقَوْلِ الْمَتْنِ (بِالذِّرَاعِ) الِاحْتِرَازُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُكَالُ كَيْلًا [ (الْمَادَّةُ 137) الْمَحْدُودُ هُوَ مَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ حُدُودِهِ وَأَطْرَافِهِ] (الْمَادَّةُ 137) الْمَحْدُودُ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي يُمْكِنُ تَعْيِينُ حُدُودِهِ وَأَطْرَافِهِ كَالْعَرْصَةِ وَالْمَزْرَعَةِ

(المادة 138) المشاع ما يحتوي على حصص شائعة

حُدُودٌ: جَمْعُ حَدٍّ وَالْحَدُّ لُغَةً مَعْنَاهُ الْمَنْعُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْحَائِلِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ اخْتِلَاطِهِمَا [ (الْمَادَّةُ 138) الْمُشَاعُ مَا يَحْتَوِي عَلَى حِصَصٍ شَائِعَةٍ] (الْمَادَّةُ 138) الْمُشَاعُ مَا يَحْتَوِي عَلَى حِصَصٍ شَائِعَةٍ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ وَالسُّدُسِ وَالْعُشْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحِصَصِ السَّارِيَةِ إلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَالِ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ وَقَدْ سُمِّيَتْ الْحِصَّةُ السَّارِيَةُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ شَائِعَةً لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا فِي أَيِّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ حِصَصٌ: جَمْعُ حِصَّةٍ وَالْجَمْعُ هُنَا يُسْتَعْمَلُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَالْمُشَاعُ: الشَّائِعُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَيُطْلَقَانِ عَلَى الْحِصَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ غَيْرِ الْمُقَسَّمَةِ (طَحْطَاوِيٌّ) وَعَلَيْهِ فَالْحِصَّةُ السَّارِيَةُ هِيَ الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ أَوْ الْمُشَاعَةُ وَمَجْمُوعُ الْحِصَصِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يُعَدُّ مُشَاعًا فَالْمَزْرَعَةُ الْمُشْتَرَكَةُ مِنْ حَيْثُ كُلُّ حِصَّةٍ عَلَى حِدَتِهَا مُشَاعَةٌ وَمِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ غَيْرُ مُشَاعَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 139) الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ] (الْمَادَّةُ 139) الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ هِيَ السَّهْمُ السَّارِي إلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ بِالتَّسَاوِي فَيَكُونُ كُلُّ مَا فِيهَا مِنْ غُرَفٍ، وَأَخْشَابٍ، وَحِجَارَةٍ، وَمَسَامِيرَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ شُرَكَاءِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ [ (الْمَادَّةُ 140) تَعْرِيف الْجِنْسُ] (الْمَادَّةُ 140) الْجِنْسُ: مَا لَا يَكُونُ بَيْنَ أَفْرَادِهِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَرَضِ مِنْهُ هَذَا التَّعْرِيفُ هُوَ التَّعْرِيفُ الْفِقْهِيُّ لِلْجِنْسِ أَمَّا تَعْرِيفُهُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ؛ فَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُوجَدُ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ بَيْنَ أَفْرَادِهِ فِي الْغَرَضِ وَالْمَقْصِدِ. كَالْإِنْسَانِ فَهُوَ جِنْسٌ فِقْهِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا جِنْسٌ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَتَفَاوَتُ عَنْ بَعْضِهَا فَالرَّجُلُ أَهْلٌ لِلنُّبُوَّةِ، وَالْخِلَافَةِ، وَالْإِمَامَةِ، وَالشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِعَكْسِ الْمَرْأَةِ فَهِيَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ. كَذَلِكَ الْقُمَاشُ جِنْسٌ فِقْهِيٌّ فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَقْمِشَةِ الْمُتَغَايِرَةِ كَالْجُوخِ، وَالْحَرِيرِ، وَمِنْهُ الْهِنْدِيُّ وَالشَّامِيُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَنْوَاعِ. النَّوْعُ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ الْغَرَضُ كَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَالرَّجُلُ نَوْعٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ الرِّجَالِ أَهْلٌ لَأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ إمَامًا وَهُوَ أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَفْرَادُ الَّتِي تَتَنَاوَلُهَا كَلِمَةُ (رَجُلٍ) فِي الْوَاقِعِ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ حُكْمًا فَمِنْهَا

(المادة 141) المجازفة بيع مجموع بلا تقدير

الْعَاقِلُ الَّذِي يَكُونُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ وَالْإِمَامَةِ وَمِنْهُمْ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. فَهَذَا الِاخْتِلَافُ لَمَّا كَانَ اخْتِلَافًا عَارِضًا وَلَيْسَ بِأَصْلِيٍّ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. هَذَا وَبِمَا أَنَّ أَهْلَ الْمِيزَانِ يَبْحَثُونَ فِي الْأَشْيَاءِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ وَالْعَرَضُ وَالْحَقِيقَةُ فَيَعُدُّونَ الْإِنْسَانَ نَوْعًا، أَمَّا أَهْلُ الشَّرْعِ فَبِمَا أَنَّهُمْ يَبْحَثُونَ عَنْ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ فَيَعُدُّونَهُ جِنْسًا وَعَلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ كُلِّهَا أَنَّ التَّعْرِيفَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ تَعْرِيفًا لِلْجِنْسِ غَيْرَ مُنْطَبِقٍ عَلَى تَعْرِيفِ الْأُصُولِيِّينَ وَلَا تَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ. وَقَدْ عَرَّفَتْ الْمَجَلَّةُ الْجِنْسَ هُنَا لِلُزُومِهِ فِي الْبُيُوعِ وَالْوَكَالَةِ. [ (الْمَادَّةُ 141) الْمُجَازَفَةُ بَيْعُ مَجْمُوعٍ بِلَا تَقْدِيرٍ] (الْمَادَّةُ 141) الْجُزَافُ وَالْمُجَازَفَةُ: بَيْعُ مَجْمُوعٍ بِلَا تَقْدِيرٍ الْجُزَافُ: تَعْرِيبُ كَلِمَةِ (كُزَافْ) الْفَارِسِيَّةِ. وَهُوَ الْبَيْعُ بِالنَّظَرِ وَالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَيَكُونُ الْجُزَافُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: 1 - فِي الْمَبِيعِ كَبَيْعِ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ بِدُونِ ذِكْرِ كَيْلِهَا وَبَيْعِ كَوْمِ تِبْنٍ بِدُونِ ذِكْرِ وَزْنِهِ. وَهَذَا هُوَ بَيْعُ الْجُزَافِ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (4218) مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ تَمَامَ التَّوْضِيحِ. 2 - فِي الثَّمَنِ: وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ اشْتَرَيْت دَارَك هَذِهِ بِمَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الْجُنَيْهَاتِ وَلَمْ يَكُنْ عَدَدُهَا وَلَا وَزْنُهَا مَعْلُومًا. وَهَذَا الْبَيْعُ لَا يَكُونُ بَيْعَ جُزَافٍ. 3 - فِي الْبَيْعِ وَفِي الثَّمَنِ مَعًا: وَذَلِكَ كَشِرَاءِ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ بِنُقُودٍ يُشَارُ إلَيْهَا وَمِقْدَارُ الْحِنْطَةِ وَمِقْدَارُ النُّقُودِ غَيْرُ مَعْلُومَيْنِ. وَهَذَا الْبَيْعُ يُعَدُّ جُزَافًا بِالنَّظَرِ إلَى الْمَبِيعِ. [ (الْمَادَّةُ 142) حَقُّ الْمُرُورِ هُوَ حَقُّ الْمَشْيِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ] (الْمَادَّةُ 142) حَقُّ الْمُرُورِ هُوَ حَقُّ الْمَشْيِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الطَّرِيقِ مَمْلُوكَةً لِشَخْصٍ وَلِآخَرَ الْحَقُّ بِأَنْ يَمُرَّ مِنْهَا فَقَطْ. وَهَذَا الْحَقُّ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1227) . [ (الْمَادَّةُ 143) حَقُّ الشُّرْبِ هُوَ نَصِيبٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ مِنْ النَّهْرِ] (الْمَادَّةُ 143) حَقُّ الشُّرْبِ: هُوَ نَصِيبٌ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ مِنْ النَّهْرِ وَيَكُونُ عَامًّا أَوْ خَاصًّا بِمَزْرَعَةٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ حَدِيقَةٍ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1262) وَيُعَيَّنُ مِقْدَارُ هَذَا الْحَقِّ بِالزَّمَنِ تَارَةً وَأُخْرَى بِأَنَابِيبَ أَوْ فَجَوَاتٍ ذَاتِ اتِّسَاعٍ مُعَيَّنٍ.

(المادة 144) حق المسيل حق جريان الماء

[ (الْمَادَّةُ 144) حَقُّ الْمَسِيلِ حَقُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ] (الْمَادَّةُ 144) حَقُّ الْمَسِيلِ حَقُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ وَالسَّيْلُ والتوكاف مِنْ دَارٍ إلَى الْخَارِجِ. أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ الَّذِي يَسِيلُ إلَيْهِ الْمَاءُ مِلْكًا لِغَيْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الدَّارِ حَقُّ الْإِسَالَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَقَطْ وَحَقُّ الْمَسِيلِ هَذَا كَحَقِّ الْمُرُورِ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا وَالْمَسِيلُ هُنَا مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يَسِيلُ الْمَاءُ مِنْهُ. وَحَقُّ الْمَسِيلِ بِمَعْنَى حَقِّ التَّسْيِيلِ أَوْ حَقِّ الْإِسَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 145) الْمِثْلِيُّ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ] (الْمَادَّةُ 145) الْمِثْلِيُّ: مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ بِدُونِ تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ كَالْكَيْلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ مِثْلِ الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1119) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ تَفَاوُتٌ فِي الْكِبَرِ وَالصِّغَرِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ وَآحَادِهِمَا فَذَلِكَ التَّفَاوُتُ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافًا فِي الثَّمَنِ وَيُبَاعُ الْكَبِيرُ مِنْهُمَا بِمِثْلِ مَا يُبَاعُ بِهِ الصَّغِيرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذَا وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ بِمِثْلِيٍّ فَالْقَمْحُ الْمَخْلُوطُ بِشَعِيرٍ وَالْكَأْسُ الْمَصْنُوعُ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ لَيْسَا بِمِثْلِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مَكِيلًا وَالثَّانِي مَوْزُونًا. [ (الْمَادَّةُ 146) الْقِيَمِيُّ مَا لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي السُّوقِ] (الْمَادَّةُ 146) الْقِيَمِيُّ: مَا لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي السُّوقِ أَوْ يُوجَدُ لَكِنْ مَعَ التَّفَاوُتِ الْمُعْتَدِّ بِهِ فِي الْقِيمَةِ كَالْمِثْلِيِّ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مِثْلُ الْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِشَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ كَمَا مَرَّ مَعَنَا، وَالْخَيْلُ وَالْحَمِيرُ وَالْغَنَمُ، وَالْبَقَرُ وَالْبِطِّيخُ وَكَتْبُ الْخَطِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِهَا بِحَيْثُ تَتَفَاوَتُ فِي الْأَثْمَانِ تَفَاوُتًا بَعِيدًا. فَفَرَسٌ مِنْ الْخَيْلِ قَدْ يُسَاوِي مِائَتَيْ جُنَيْهٍ وَآخَرُ قَدْ لَا يُسَاوِي مِعْشَارَ ذَلِكَ كَذَلِكَ الْغَنَمُ مِنْهَا مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ جُنَيْهَاتٍ وَمِنْهَا لَا يُسَاوِيَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ جُنَيْهٍ، وَالْبِطِّيخُ يُوجَدُ مِنْهُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي تُسَاوِي خَمْسَةَ قُرُوشٍ وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُسَاوِي الْقِرْشَ الْوَاحِدَ، وَكِتَابٌ بِخَطٍّ جَيِّدٍ لَا يَسْتَوِي بِكِتَابِ رَدِيءِ الْخَطِّ. فَالْأَوَّلُ قَدْ يُسَاوِي الْعَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ أَمَّا الثَّانِي رُبَّمَا كَانَ لَا يُسَاوِي عُشْرَ مِعْشَارِ هَذِهِ الْقِيمَةِ. [ (الْمَادَّةُ 147) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ] (الْمَادَّةُ 147) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ هِيَ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي لَا يَكُونُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَآحَادِهَا تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ فَجَمِيعُهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1119) وَتُعَدُّ الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (145) مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عَلَى رَغْمِ التَّفَاوُتِ الْمَوْجُودِ

(المادة 148) العدديات المتفاوتة

بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَآحَادِهَا؛ لِأَنَّهُ تَفَاوُتٌ جُزْئِيٌّ فَلَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى أَثْمَانِهَا. [ (الْمَادَّةُ 148) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ] (الْمَادَّةُ 148) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ هِيَ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي يَكُونُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَآحَادِهَا تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ فَجَمِيعُهَا قِيَمِيَّاتٌ بِنِصْفِ قِرْشٍ وَأُخْرَى لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوشٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَالْأَشْيَاءُ الْأُخْرَى الْقِيَمِيَّةُ كُلُّهَا عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 149) رُكْنُ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 149) رُكْنُ الْبَيْعِ: يَعْنِي مَاهِيَّتَهُ عِبَارَةٌ عَنْ مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَيْضًا لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى الْمُبَادَلَةِ الرُّكْنُ هُنَا هُوَ الَّذِي إذَا فُقِدَ مِنْ شَيْءٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَكَمَا يُطْلَقُ الرُّكْنُ عَلَى مَعْنَى (الْمُتَمِّمِ لِمَاهِيَّةِ الشَّيْءِ) قَدْ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى (الْجُزْءِ لِمَاهِيَّةِ الشَّيْءِ) كَقَوْلِهِمْ (الْقِيَامُ رُكْنُ الصَّلَاةِ) فَالْقِيَامُ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ. وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمُتَمِّمُ لِمَاهِيَّةِ الْبَيْعِ بِحَدِّ ذَاتِهِ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَإِنْ أُطْلِقَ أَحْيَانًا عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَوْ عَلَى التَّعَاطِي الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُمَا فَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّالِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ مَاهِيَّةِ الْبَيْعِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْبَدَلَيْنِ مَالًا، فَتَنَزُّلُ الْإِمَامِ أَوْ الْخَطِيبِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ عَنْ إمَامَتِهِ أَوْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي وَلَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا تَنَزَّلَ عَنْهُ فِيمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُتَنَزَّلَ عَنْهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يُعَدُّ بَيْعًا وَإِنَّمَا هُوَ فَرَاغٌ وَتَنَزُّلٌ. [ (الْمَادَّةُ 150) مَحِلُّ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 150) مَحِلُّ الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبَيْعُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3663) . فَمَحِلُّ الْبَيْعِ وَالْمَبِيعِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ فَهُمَا كَلِمَتَانِ مُتَرَادِفَتَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالثَّمَنُ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَيْعِ وَيُخَالُ أَنَّهُ مَحِلٌّ لَهُ كَالْمَبِيعِ فَبِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ فَهُوَ وَحْدَهُ مَحِلُّ الْبَيْعِ فَقَطْ. [ (الْمَادَّةُ 151) الْمَبِيعُ هُوَ مَا يُبَاعُ] (الْمَادَّةُ 151) الْمَبِيعُ: مَا يُبَاعُ وَهُوَ الْعَيْنُ الَّتِي تَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْيَانِ، وَالْأَثْمَانُ وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا فَمَتَى تَعَيَّنَ فِي الْبَيْعِ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (204) فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُشْتَرِي سِلْعَةً أُخْرَى مُمَاثِلَةً لَهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُكَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ

(المادة 152) الثمن ما يكون بدلا للمبيع ويتعلق بالذمة

الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَخْزَنِ الْفُلَانِيِّ وَقَبِلَ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَهُ خِلَافَ الْحِنْطَةِ الْمُبَاعَةِ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْ جِنْسِ تِلْكَ. وَلَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْبَيْعِ فَقَدْ اُشْتُرِطَ فِيهِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَوَادِّ (194 و 197 و 198) أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. أَمَّا الثَّمَنُ فَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 243) . فَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَكَانَ حِينَ الْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 115) وَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ لَوْ أَصْبَحَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مَالِكًا لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الْحِنْطَةِ حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا بِمِائَةِ جُنَيْهٍ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ الْمِائَةَ جُنَيْهٍ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَطْرَأُ بِذَلِكَ خَلَلٌ مَا عَلَى الْعَقْدِ وَلَهُ بَعْدَئِذٍ أَنْ يَتَدَارَكَهَا وَيَدْفَعَهَا لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَعْيَانِ، وَالْأَثْمَانُ إنْ هِيَ إلَّا وَسِيلَةٌ لِلْمُبَادَلَةِ. أَعْيَانٌ: جَمْعُ عَيْنٍ وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ كَمَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (159) تَشْمَلُ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ فَبِالنَّظَرِ لِلْمُقَابَلَةِ الْوَارِدَةِ هُنَا يُعْلَمُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْيَانِ إنْ هُوَ إلَّا غَيْرُ الثَّمَنِ. الْأَمْوَالُ: جَمْعُ مَالٍ وَكَلِمَةُ الْمَالِ وَإِنْ تَكُنْ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْمَادَّةِ (126) تَشْمَلُ الثَّمَنَ أَيْضًا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهَا جَاءَتْ هُنَا مُقَابِلَةً لِلثَّمَنِ فَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ بِهَا غَيْرُ الْأَثْمَانِ مِنْ الْأَمْوَالِ. [ (الْمَادَّةُ 152) الثَّمَنُ مَا يَكُونُ بَدَلًا لِلْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ] (الْمَادَّةُ 152) الثَّمَنُ مَا يَكُونُ بَدَلًا لِلْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ حَتَّى وَلَوْ أُشِيرَ إلَى الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (243) لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ. وَالثَّمَنُ: لُغَةً هُوَ قِيمَةُ الشَّيْءِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ فَنَقْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ هُوَ مِنْ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الثَّمَنُ بِمَعْنَى الْبَدَلِ مُطْلَقًا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (463) بِهَذَا الْمَعْنَى فَسَيَأْتِي فِي شَرْحِهَا إيضَاحُهُ وَتَفْصِيلُهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ أَنَّ لِلثَّمَنِ مَعْنَيَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهُوَ الْمَعْنَى الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَمَعْنَى أَنَّهُ بَدَلٌ: أَيْ أَنَّهُ الْمَالُ الَّذِي يَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْمَبِيعِ. فَيَدْخُلُ فِيهِ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ الْمَكِيلَاتُ، وَالْمَوْزُونَاتُ، وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ وَالنُّقُودُ دُونَ الْأَعْيَانِ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَرَتُّبِهَا بِالذِّمَّةِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ بِمَعْنَاهُ الثَّانِي النُّقُودُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْأَعْيَانُ غَيْرُ الْمِثْلِيَّةِ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَمَا إلَيْهَا هَذَا وَالثَّمَنُ نَوْعَانِ:

(المادة 153) الثمن المسمى

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الثَّمَنُ الْمُسَمَّى. النَّوْعُ الثَّانِي: ثَمَنُ الْمِثْلِ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ تَعْرِيفُهُمَا. وَقُصَارَى الْقَوْلِ أَنَّهُ بِمَا أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَبِيعِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ. وَلِلسَّبَبِ نَفْسِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْعَقْدِ وَأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ. وَإِذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ. مِثَالٌ: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَكَانَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ حِينَ الْعَقْدِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِينَارًا فَاشْتَرَى بِهَا مَالًا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْبَائِعِ تَلِفَتْ بِيَدِهِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ فَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (155) . [ (الْمَادَّةُ 153) الثَّمَنُ الْمُسَمَّى] (الْمَادَّةُ 153) الثَّمَنُ الْمُسَمَّى هُوَ الثَّمَنُ الَّذِي يُسَمِّيهِ وَيُعَيِّنُهُ الْعَاقِدَانِ وَقْتَ الْبَيْعِ بِالتَّرَاضِي سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقًا لِلْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهَا أَوْ زَائِدًا عَلَيْهَا. وَعَلَى ذَلِكَ كَمَا أَنَّ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى قَدْ يَكُونُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ الْحَقِيقِيَّةِ يَكُونُ أَيْضًا أَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ أَنْقَصَ. مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ فَرَسًا لَهُ قِيمَتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ خَمْسِينَ جُنَيْهًا بِخَمْسِينَ جُنَيْهًا فَيَكُونُ قَدْ بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ لَوْ بَاعَهُ بِسِتِّينَ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ زِيَادَةً عَنْ قِيمَتِهِ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِأَرْبَعِينَ فَيَكُون الثَّمَنُ الْمُسَمَّى قَدْ نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِلْفَرَسِ. هَذَا وَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَةُ (قِيمَةٍ) كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ هِيَ السِّعْرُ الْحَقِيقِيُّ لِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَوَصْفُهَا بِالْحَقِيقِيَّةِ إنَّمَا هُوَ وَصْفٌ تَفْسِيرِيٌّ. حَاشِيَةٌ لِبَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالثَّمَنِ: 1 - الْغِشُّ الْغَالِبُ: هُوَ أَنْ تَكُونَ كَمِّيَّةُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِي النُّقُودِ أَقَلَّ مِنْ الْكَمِّيَّةِ الْمَعْدِنِيَّةِ الْمَمْزُوجَةِ مَعَهَا كَأَنْ يَكُونَ الثُّلُثُ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا وَالثُّلُثَانِ نُحَاسًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَعَادِنِ الْأُخْرَى. 2 - الْغِشُّ الْمَغْلُوبُ: وَذَلِكَ هُوَ النُّقُودُ الَّتِي تَكُونُ كَمِّيَّةُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ فِيهَا أَزْيَدَ مِنْ الْمَعَادِنِ الْأُخْرَى الْمَمْزُوجَةِ بِهَا. 3 - النَّقْدُ الْخَالِصُ: وَهُوَ النُّقُودُ الذَّهَبِيَّةُ أَوْ الْفِضِّيَّةُ الَّتِي لَمْ تُمْزَجْ بِمَعْدِنٍ آخَرَ مِنْ الْمَعَادِنِ.

(المادة 154) القيمة هي الثمن الحقيقي للشيء

زُيُوفٌ: جَمْعُ زَيْفٍ هِيَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ مِثْلُ الْأَجْزَاءِ الْمَعْدِنِيَّةِ أَوْ النُّحَاسِيَّةِ الْبَحْتَةِ. 5 - الْكَسَادُ: وَهُوَ أَنْ يَبْطُلَ التَّدَاوُلُ بِنَوْعٍ مِنْ الْعُمْلَةِ وَيَسْقُطَ رَوَاجُهَا فِي الْبِلَادِ كَافَّةً. 6 - الِانْقِطَاعُ: هُوَ عَدَمُ وُجُودِ مِثْلِ الشَّيْءِ مَا فِي الْأَسْوَاقِ. وَلَوْ وُجِدَ ذَلِكَ الْمِثْلُ فِي الْبُيُوتِ فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَسْوَاقِ فَيُعَدُّ مُنْقَطِعًا. 7 - الرُّخْصُ: هُوَ تَنَزُّلُ قِيمَةِ شَيْءٍ مَا أَيْ نُقْصَانُهَا. 8 - الْغَلَاءُ: تَزَايُدُ قِيمَةِ الشَّيْءِ أَيْ ارْتِفَاعُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 154) الْقِيمَةُ هِيَ الثَّمَنُ الْحَقِيقِيُّ لِلشَّيْءِ] (الْمَادَّةُ 154) الْقِيمَةُ هِيَ الثَّمَنُ الْحَقِيقِيُّ لِلشَّيْءِ وَكَذَلِكَ ثَمَنُ الْمِثْلِ.: أَيْ أَنَّهَا الْمِقْيَاسُ لِلْمَالِ بِدُونِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. فَالْقِيمَةُ بِمَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِقْيَاسِ فَلَا تَكُونُ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتُجْمَعُ الْقِيمَةُ عَلَى قِيَمٍ كَعِنَبٍ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ لَمَّا كَانَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَتَاعِ فَقَدْ سُمِّيَ قِيمَةً. وَكَمَا بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (152) أَنَّ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى وَثَمَنَ الْمِثْلِ هُمَا مِنْ أَقْسَامِ الثَّمَنِ فَالثَّمَنُ هُوَ الْمُطْلَقُ الْأَعَمُّ أَمَّا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى وَثَمَنُ الْمِثْلِ فَهُمَا الْمُطْلَقُ الْأَخَصُّ. عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ ثَمَنِ الْمِثْلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ فَيَجْتَمِعَانِ فِي مَادَّةٍ وَيَفْتَرِقَانِ فِي اثْنَتَيْنِ. مَادَّةُ الِاجْتِمَاعِ - هِيَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالَهُ الَّذِي يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثَمَنًا مُسَمِّيًا فَالْمِائَةُ قِرْشٍ كَمَا أَنَّهَا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى لِلْمَبِيعِ فَهِيَ الْقِيمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لَهُ أَوْ ثَمَنُ الْمِثْلِ. افْتِرَاقُ الْقِيمَةِ عَنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى - وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ بِخَمْسِينَ قِرْشًا بَيْعًا فَاسِدًا وَتَلِفَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ قِرْشٍ قِيمَةُ الْمَبِيعِ الْحَقِيقِيَّةُ وَيَضْمَنُهَا لِلْبَائِعِ. فَهُنَا قَدْ وُجِدَتْ الْقِيمَةُ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى. افْتِرَاقُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَنْ الْقِيمَةِ - وَذَلِكَ كَأَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ مَالًا يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ بَيْعًا صَحِيحًا فَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ هِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى لِلْمَبِيعِ وَلَيْسَتْ قِيمَتُهُ. [ (الْمَادَّةُ 155) الْمُثَمَّنُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُبَاعُ بِالثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 155) الْمُثَمَّنُ الشَّيْءُ الَّذِي يُبَاعُ بِالثَّمَنِ الْمُثَمَّنِ: مِنْ التَّثْمِينِ بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى مَعَ فَتْحِ الثَّاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمُشَدَّدَةِ. التَّثْمِينُ: بِمَعْنَى وَضْعِ الْقِيمَةِ وَالسِّعْرِ.

يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمُثَمَّنِ وَالْمَبِيعِ بَلْ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (151) . فَالْمُثَمَّنُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (152) بِتَعْرِيفِ الثَّمَنِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُبَاعُ مُقَابِلَ بَدَلٍ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَإِنْ قُبِلَ لِلْبَدَلَيْنِ بَيْعٌ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا مُثَمَّنٌ. فَعَلَى ذَلِكَ يُفْهَمُ بِأَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْمُثَمَّنِ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ عُمُومٌ مُطْلَقٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ فَالْمُثَمَّنُ هُوَ الْمُطْلَقُ الْأَخَصُّ، فَإِذَا بِيعَ مَالٌ مَثَلًا بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَكَمَا أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمَالِ مَبِيعٌ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُثَمَّنٌ. أَمَّا إذَا بِيعَ حِصَانٌ بِجَمَلٍ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ فَيُقَالُ لِلْحِصَانِ وَالْجَمَلِ: مَبِيعٌ، فَقَطْ. وَلَا تُطْلَقُ عَلَيْهِمَا لَفْظَةُ مُثَمَّنٍ. هَذَا وَلَمَّا كَانَ فَهْمُ الْمَادَّتَيْنِ (252 و 253) فَهْمًا جَيِّدًا يَقْتَضِي مَعْرِفَةَ الْفَرْقِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا فَنَرَى أَنْ نَأْتِيَ هُنَا بِالْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: الْأَعْيَانُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهِيَ الْأَعْيَانُ الَّتِي تَكُونُ دَائِمًا أَثْمَانًا. وَتِلْكَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَلَا يَكُونُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ إلَّا ثَمَنٌ سَوَاءٌ دَخَلَتْ عَلَيْهِمَا (الْبَاءُ) وَهِيَ الْأَدَاةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالثَّمَنِ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُقَابِلُهُمَا فِي الْبَيْعِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ مِثْلُهُمَا أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ. وَعَلَيْهِ لَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهَا فِي الْعَقْدِ وَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهَا. الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَعْيَانُ الَّتِي تَكُونُ أَبَدًا مَبِيعَةً. وَهَذِهِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلَا مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالدُّورِ وَالْأَثْوَابِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ، وَهَذِهِ الْأَمْوَالُ سَوَاءٌ دَخَلَتْ عَلَيْهَا (الْبَاءُ) أَدَاةُ الثَّمَنِ وَاسْتُعْمِلَتْ مَعَهَا أَوْ لَمْ تَدْخُلْ وَسَوَاءٌ اُسْتُبْدِلَتْ بِأَمْوَالٍ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ فَلَا تَتَغَيَّرُ عَنْ وَضْعِيَّتِهَا وَتَبْقَى مَبِيعًا أَبَدًا لِهَذَا فَقَدْ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً وَمَعْلُومَةً فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ صِحَّتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 200 و 203) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ كُلُّ مَا كَانَ مُتَرَاوِحًا بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَذَلِكَ كَالْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ، الْمُتَقَارِبَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَسَيَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: 1 - إذَا تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ غَيْرَ النَّقْدِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَهُنَاكَ احْتِمَالَانِ: الْأَوَّلُ: هُوَ كَوْنُ تِلْكَ الْمِثْلِيَّاتِ مُتَعَيِّنَةً وَعَلَى ذَلِكَ فَتُعَدُّ مِنْ الْمَبِيعَاتِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُ حِنْطَتِي الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ لَكَ بِكَذَا دِينَارًا وَعَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْمِثْلِيَّاتُ تَكُونُ مَبِيعًا مُتَعَيَّنًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ الْمَبِيعِ فِيهَا. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ مُقْتَرِنَةٍ بِحَرْفِ (الْبَاءِ) أَدَاةِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ عَقْدَ سَلَمٍ وَالْمِثْلِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ (مُسْلَمٌ فِيهِ) .

(المادة 156) التأجيل تعليق الدين وتأخيره إلى وقت معين

وَتَجِبُ فِيهِ مُرَاعَاةُ. شَرَائِطَ السَّلَمِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْتُ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً بِكَذَا دِينَارًا فَالْحِنْطَةُ الْمَذْكُورَةُ مَبِيعٌ مُسْلَمٌ فِيهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - مَتَى تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ (أَيْ كُلُّ الْأَمْوَالِ الْمِثْلِيَّةِ مَا عَدَا النَّقْدَيْنِ) بِعَيْنٍ وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ أَيْضًا: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - هُوَ كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَيِّنَةً فَتَكُونُ بِذَلِكَ ثَمَنًا كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُكَ هَذَا الْحِصَانَ بِصُبْرَةِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ بِعْتُكَ صُبْرَةَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْحِصَانِ فَالْحِنْطَةُ تَكُونُ ثَمَنًا وَالْحِصَانُ مَبِيعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ كَوْنُ الْمِثْلِيَّاتِ غَيْرَ مُتَعَيِّنَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ تِلْكَ الْمِثْلِيَّاتُ مَبِيعًا وَمُسْلَمًا فِيهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذَا الْفَرَسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ 2) . 3 - أَمَّا إذَا تَقَابَلَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ مِثْلِيًّا مِنْ الْأَمْوَالِ مَا عَدَا النَّقْدَيْنِ بِأَمْثَالِهَا أَيْ بِمَالٍ مِثْلِيٍّ مِنْ نَوْعِهَا فَإِذَا كَانَ الْمُقَابِلُ (بِالْكَسْرِ) وَالْمُقَابَلُ (بِالْفَتْحِ) عَيْنًا فَيُعَدُّ الْبَدَلَانِ مَبِيعًا وَالْبَيْعُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُ هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ قَنَاطِيرَ أُرْزٍ فَالْبَدَلَانِ مَبِيعَانِ وَالْبَيْعُ بَيْعُ مُقَايَضَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 156) التَّأْجِيلُ تَعْلِيقُ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ] (الْمَادَّةُ 156) التَّأْجِيلُ: تَعْلِيقُ الدَّيْنِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. وَهُوَ لُغَةً بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ وَتَحْدِيدِ الْأَجَلِ وَشَرْعًا هُوَ كَمَا وَرَدَ فِي تَعْرِيفِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيُقَالُ لِلزَّمَنِ الْمَضْرُوبِ فِي التَّأْجِيلِ وَلِلْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فِيهِ (أَجَلٌ) وَلِلدَّيْنِ (مُؤَجَّلٌ) وَيُقَالُ لِلدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (الدَّيْنُ الْحَالُّ) يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ التَّأْجِيلَ قَدْ خُصِّصَ أَوَّلًا: بِالدَّيْنِ ثَانِيًا: بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ. أَمَّا إذَا أُجِّلَتْ الْعَيْنُ الَّتِي تَكُونُ ثَمَنًا أَوْ مَبِيعًا أَوْ كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَمَجْهُولًا فَالتَّأْجِيلُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَالْبَيْعُ يَكُونُ فَاسِدًا. هَذَا وَالتَّأْجِيلُ لَازِمٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّلِ الرُّجُوعُ عَنْ تَأْجِيلِهِ. وَيَحْصُلُ التَّأْجِيلُ (1) حِينَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ اللَّذَيْنِ يُعْقَدَانِ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى بَدَلُهُمَا بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا. (2) بَعْدَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ اللَّذَيْنِ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا تَعْجِيلُ الثَّمَنِ أَوْ الْبَدَلِ حِينَ الْعَقْدِ ثُمَّ يُؤَجَّلَانِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ مَثَلًا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (248) ". هَذَا وَيُقَابِلُ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ حُلُولُ أَجَلِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 157) التقسيط تأجيل أداء الدين

[ (الْمَادَّةُ 157) التَّقْسِيطُ تَأْجِيلُ أَدَاءِ الدَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 157) التَّقْسِيطُ تَأْجِيلُ أَدَاءِ الدَّيْنِ مُفَرَّقًا إلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُعَيَّنَةٍ. هَذَا التَّعْرِيفُ هُوَ تَعْرِيفُ التَّقْسِيطِ الشَّرْعِيِّ وَأَمَّا تَعْرِيفُهُ اللُّغَوِيُّ: فَهُوَ تَجْزِئَةُ الشَّيْءِ إلَى أَجْزَاءٍ وَذَلِكَ كَتَأْجِيلِ دَيْنٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ إلَى خَمْسَةِ أَسَابِيعَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ مِنْهُ مِائَةَ قِرْشٍ كُلَّ أُسْبُوعٍ. فَعَلَى ذَلِكَ يُفْهَمُ بِأَنَّ فِي كُلِّ تَقْسِيطٍ يُوجَدُ تَأْجِيلٌ وَلَيْسَ فِي كُلِّ تَأْجِيلٍ يُوجَدُ تَقْسِيطٌ. وَأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُوجَدُ بَيْنَ التَّأْجِيلِ وَالتَّقْسِيطِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ وَالتَّقْسِيطُ هُوَ الْمُطْلَقُ الْأَخَصُّ مِنْهُمَا. [ (الْمَادَّةُ 158) الدَّيْنُ هُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ] (الْمَادَّةُ 158) الدَّيْنُ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمِقْدَارٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي ذِمَّةِ رَجُلٍ وَمِقْدَارٍ مِنْهَا لَيْسَ بِحَاضِرٍ وَالْمِقْدَارُ الْمُعَيَّنُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ الْحَاضِرَتَيْنِ قَبْلَ الْإِفْرَازِ فَكُلُّهَا مِنْ قَبِيلِ الدَّيْنِ. وَالدَّيْنُ يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَوَالَةِ أَوْ اسْتِهْلَاكِ مَالٍ أَوْ اسْتِقْرَاضٍ وَالدَّيْنُ هُوَ مَالٌ حُكْمِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا أَوْ مَالًا مِثْلِيًّا غَيْرَ النَّقْدِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَيْسَ بِمَالٍ حَقِيقِيٍّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُدَّخَرُ وَأَنَّ اعْتِبَارَ الدَّيْنِ مَالًا حُكْمِيًّا إنَّمَا هُوَ؛ لِأَنَّهُ بِاقْتِرَانِهِ بِالْقَبْضِ فِي الزَّمَنِ الْآتِي سَيَكُونُ قَابِلًا لِلِادِّخَارِ. أَمَّا الذِّمَّةُ فَقَدْ سَبَقَ تَعْرِيفُهَا فِي الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ. هَذَا وَإِنَّ أَحْكَامَ الدَّيْنِ تَخْتَلِفُ عَنْ أَحْكَامِ الْعَيْنِ. فَالدَّيْنُ قَابِلٌ لِلْإِسْقَاطِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْعَيْنُ تَكُونُ فِي بَيْعِ السَّلَمِ ثَمَنًا بِعَكْسِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ يُقْسَمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: 1 - هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. 2 - هُوَ الَّذِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ فَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَلَا مُشَارٍ إلَيْهِ. 3 - هُوَ الَّذِي وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَمُشَارًا إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ غَيْرِ الْمُفْرَزَةِ كَكَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ غَيْرِ مُفْرَزَةٍ فِي صُبْرَةِ حِنْطَةٍ. يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ كُلِّهَا أَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالشَّيْءِ الثَّابِتِ بِالذِّمَّةِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمِثَالُ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ أَعَمُّ مِنْ الْمُمَثَّلِ. أَمَّا الْقَرْضُ فَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمِثْلِيِّ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُقْرِضُ لِلْمُسْتَقْرِضِ. يُوجَدُ بَيْنَ الدَّيْنِ وَالْقَرْضِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ وَالْقَرْضُ هُوَ الْمُطْلَقُ الْأَخَصُّ.

(المادة 159) العين هي الشيء المعين المشخص

فَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَكَمَا أَنَّ الْمَالَ يُصْبِحُ مِلْكًا لَهُ تُصْبِحُ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّتِهِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَبِإِعْطَاءِ الْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِلْبَائِعِ يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ هَذِهِ إلَّا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَرَتِّبَ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِاشْتِرَاءِ الْمَبِيعِ يَكُونُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يُؤَدِّ عَيْنَ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ بَلْ إنَّمَا قَضَى مِثْلَهُ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي قَضَاهُ إيَّاهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ إذْ لَا فَائِدَةَ مِنْ الْمُطَالَبَةِ الْمُتَقَابِلَةِ الْمُتَكَرِّرَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحَاصِلُ بِمَا أَنَّهُ كَمَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِهَةِ الْبَيْعِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ لِلْبَائِعِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي أَخَذَهَا الْبَائِعُ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ فَيَحْصُلُ بَيْنَ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ تَقَاضٍ جَبْرِيٌّ فَلَا يَحِقُّ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُطَالَبَةُ الْآخَرِ أَشْبَاهٌ هَذَا وَيَتَفَرَّعُ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ أَدَاءِ الدَّيْنِ بِطَرِيقِ التَّقَاضِي الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ: 1 - إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ الْمَدِينُ إيَّاهُ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ وَيَحِقُّ لِلْمَدِينِ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلدَّائِنِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَلَا يَحِقُّ لَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ إقْرَارٍ بِقَبْضِ الْحَقِّ وَاسْتِيفَائِهِ (أَشْبَاهٌ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - إذَا أَوْفَى الْمَدِينُ الدَّيْنَ الَّذِي فِي مُقَابِلِهِ رَهْنٌ فَتَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي مُقَابِلِ الرَّهْنِ يَسْقُطُ فَيَجِبُ عَلَى الدَّائِنِ إعَادَةُ مَا اسْتَوْفَاهُ وَفَاءً لِلدَّيْنِ [ (الْمَادَّةُ 159) الْعَيْنُ هِيَ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ الْمُشَخَّصُ] (الْمَادَّةُ 159) الْعَيْنُ: هِيَ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ الْمُشَخَّصُ كَبَيْتٍ وَحِصَانٍ وَكُرْسِيٍّ وَصُبْرَةِ حِنْطَةٍ وَصُبْرَةِ دَرَاهِمَ حَاضِرَتَيْنِ وَكُلُّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ. الْعَيْنُ: هِيَ لَفْظٌ مِنْ أَشْهَرِ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَكْثَرِهَا مَعَانٍ. فَمِنْ مَعَانِيهَا الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ كَاسْتِعْمَالِهَا لِحَاسَّةِ الْبَصَرِ وَمِنْهَا الْمَجَازِيُّ. فَتَجِيءُ الْعَيْنُ بِمَعْنَى النَّفْسِ وَالذَّاتِ كَمَا تَجِيءُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْحَاضِرِ الْمَوْجُودِ وَيُرَادُ بِهَا هُنَا الشَّيْءُ الْمُقَابِلُ لِلدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ لَفْظَةَ الْعَيْنِ كَمَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ عَقَارًا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ، وَالْمِثْلِيَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ، وَالْمَكِيلَاتِ، وَالْمَوْزُونَاتِ، وَالنُّقُودِ، وَالْعُرُوضِ [ (الْمَادَّةُ 160) مَعْنَى الْبَائِعُ] (الْمَادَّةُ 160) الْبَائِعُ: هُوَ مَنْ يَبِيعُ. هَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمَشْهُورُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ وَقَدْ تُطْلَقُ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا.

(المادة 161) معنى المشتري

[ (الْمَادَّةُ 161) مَعْنَى الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 161) الْمُشْتَرِي هُوَ مَنْ يَشْتَرِي وَهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا هُوَ الْمَشْهُورُ لِكَلِمَةِ مُشْتَرِي وَقَدْ تُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ كَمَا مَرَّ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ. [ (الْمَادَّةُ 162) الْمُتَبَايِعَانِ هُمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 162) الْمُتَبَايِعَانِ هُمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَيُسَمَّيَانِ عَاقِدَيْنِ أَيْضًا مُتَبَايِعَانِ مُثَنَّى مُتَبَايِعٍ وَعَاقِدَانِ مُثَنَّى عَاقِدٍ، وَكَلِمَةُ عَاقِدَيْنِ أَعَمُّ مِنْ مُتَبَايِعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ كُلَّ عَاقِدَيْنِ لِعَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ بَيْعٍ أَوْ عَقْدَ إجَارَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ. [ (الْمَادَّةُ 163) الْإِقَالَةُ رَفْعُ عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِزَالَتُهُ] تَقَعُ إقَالَةُ الْبَيْعِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ كَأَقَلْتُ وَقَبِلْتُ وَبِمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ. يَخْرُجُ بِقَوْلِنَا " بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ " فَسْخُ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ، وَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَمَعْنَى الْإِقَالَةِ، هُوَ رَفْعُ وَإِزَالَةُ الْعَقْدِ أَيْ فَسْخُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً أَوْ أَيَّ عَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ الْأُخْرَى اللَّازِمَةِ. وَذِكْرُ الْإِقَالَةِ هُنَا لَا يُسْتَدَلُّ مِنْهُ بِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْبَيْعِ فَهِيَ كَمَا تَقَعُ فِي الْبَيْعِ تَقَعُ أَيْضًا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ. وَلَمَّا كَانَ جَوْهَرُهَا وَاحِدًا وَحَقِيقَتُهَا لَا تَتَغَيَّرُ فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ جَمِيعِهَا فَلَمْ تُذْكَرْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ مِنْ كُتُبِ الْمَجَلَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 164) التَّغْرِيرُ تَوْصِيفُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ صِفَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ] تَغْرِيرٌ، عَلَى وَزْنِ تَفْعِيلٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْإِخْدَاعِ. وَيُقَالُ لِلْخَادِعِ غَارٌّ وَلِلْمَخْدُوعِ مَغْرُورٌ. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ مَالِيَ يُسَاوِي كَذَا وَهُوَ لَا يُسَاوِي ذَلِكَ فَخُذْهُ، أَوْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: إنَّ مَالَكَ لَا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ كَذَا، وَهُوَ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَبِعْهُ لِي بِهِ. أَمَّا الْغُرُورُ فَهُوَ أَنْ يَخْدَعَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ: وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ مَالَهُ بِأَنْقَصَ مِمَّا يُسَاوِي بِدُونِ تَغْرِيرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ لِلْبَائِعِ: إنَّهُ لَا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ كَذَا.

(المادة 165) الغبن الفاحش

[ (الْمَادَّةُ 165) الْغَبْنُ الْفَاحِشُ] (الْمَادَّةُ 165) الْغَبْنُ الْفَاحِشُ: غَبْنٌ عَلَى قَدْرِ نِصْفِ الْعُشْرِ فِي الْعُرُوضِ وَالْعُشْرِ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْخُمُسِ فِي الْعَقَارِ أَوْ زِيَادَةٍ. وَرُبْعُ الْعُشْرِ فِي الدَّرَاهِمِ بِالنَّظَرِ إلَى قِيَمِ الْأَشْيَاءِ الْحَقِيقِيَّةِ أَيْضًا. يَعْنِي: أَنَّ إعْطَاءَ الْعَشَرَةِ بِعَشَرَةٍ وَرُبْعٍ، أَوْ أَخْذَ الْعَشَرَةِ وَرُبْعٍ بِعَشَرَةٍ فِي الدَّرَاهِمِ وَإِعْطَاءَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ، أَوْ أَخْذَ مَا قِيمَتُهُ الْعَشَرَةُ وَنِصْفٌ بِعَشَرَةٍ فِي الْعُرُوضِ وَإِعْطَاءَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِأَحَدَ عَشَرَ، أَوْ أَخْذَ مَا قِيمَتُهُ أَحَدَ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَإِعْطَاءَ مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَأَخْذَ مَا قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ بِعَشَرَةٍ فِي الْعَقَارِ يُعَدُّ غَبْنًا فَاحِشًا. وَوَجْهُ اخْتِلَافِ مِقْدَارِ الْغَبْنِ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ نَاشِئٌ عَنْ مِقْدَارِ التَّصَرُّفِ بِتِلْكَ الْأَمْوَالِ فَمَا كَانَ التَّصَرُّفُ بِهَا كَثِيرًا قَلَّ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُعَدُّ فِيهَا غَبْنًا فَاحِشًا وَمَا كَانَ التَّصَرُّفُ بِهَا قَلِيلًا كَثُرَ فِيهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ. الْغَبْنُ، مِنْهُ الْفَاحِشُ وَذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ الْغَبْنُ الْيَسِيرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَبْلُغُ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ لِلْغَبْنِ الْفَاحِشِ كَأَنْ يُعْطِيَ رَجُلٌ آخَرَ عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ وَثُمْنٍ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ وَثُمْنٍ بِعَشَرَةٍ فِي الدَّرَاهِمِ، أَوْ يُعْطِيَ الْعَشَرَةَ بِعَشَرَةٍ وَرُبْعٍ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ وَرُبْعٍ بِعَشَرَةٍ فِي الْعُرُوضِ. وَالْعُرُوضُ هُنَا أَيْضًا تَشْمَلُ الْمَوْزُونَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ كَمَا قَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 131 " وَيُوجَدُ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَرْقٌ فِي الْأَحْكَامِ. فَبَيْعُ مَالِ الْيَتِيمِ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ صَحِيحٌ وَبَاطِلٌ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ. وَالْغَبْنُ الْيَسِيرُ وَلَوْ اقْتَرَنَ بِالتَّغْرِيرِ فَلَا يَكُونُ مُثْبِتًا لِخِيَارِ الْغَبْنِ، وَالتَّغْرِيرُ بِخِلَافِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَإِنَّهُ إذَا اقْتَرَنَ بِالتَّغْرِيرِ فَيَجِبُ فِيهِ الْخِيَارُ. [ (الْمَادَّةُ 166) الْقَدِيمُ هُوَ الَّذِي لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْرِفُ أَوَّلَهُ] (الْمَادَّةُ 166) الْقَدِيمُ: هُوَ الَّذِي لَا يُوجَدُ مَنْ يَعْرِفُ أَوَّلَهُ. فَمُنْتَهَى الْوَقْتِ الَّذِي يَعْلَمُهُ النَّاسُ يُعْتَبَرُ حَدًّا لِلْقِدَمِ. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ كَلِمَةُ الْقَدِيمِ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لِوُجُودِهِ عَدَمٌ وَلَكِنَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي جَاءَ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ. عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ إضَافَةُ كَلِمَةٍ " بِالْمُشَاهَدَةِ " عَلَى التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَشْيَاءِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى عَهْدٍ بَعِيدٍ كَمِائَتَيْ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ يُعْرَفُ زَمَنُ وُجُودِهَا بِمَا ذَكَرَهُ التَّارِيخُ عَنْهَا. وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ لَفْظُ الْقَدِيمِ بِمَعْنَاهُ هَذَا فِي الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ وَفِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.

الباب الأول في بيان المسائل المتعلقة بعقد البيع وفيه أربعة فصول

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرُكْنِ الْبَيْعِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِرُكْنِ الْبَيْعِ (الْمَادَّةُ 167) : الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ. وَيَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ الْقَبُولُ مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي حَصَلَ الْإِيجَابُ لَهُ وَإِلَّا فَالْقَبُولُ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا وَمَتَى اقْتَرَنَ الْإِيجَابُ بِالْقَبُولِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَشْرُوعَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الِانْعِقَادُ عَلَى إذْنِ أَحَدِ النَّاسِ أَوْ رِضَائِهِ. إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْقَبُولِ الشُّرُوطُ السَّبْعَةُ الْآتِيَةُ: 1 - مُرَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ. 2 - وُجُودُ الْمُوجِبِ حِينَ الْقَبُولِ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ. 3 - أَلَا يَكُونَ الْمُوجِبُ قَدْ رَجَعَ عَنْ إيجَابِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ. 4 - أَلَا يَكُونَ الْمُخَاطَبُ قَدْ رَدَّ الْإِيجَابَ. 5 - أَنْ يَكُونَ الْمُتَعَاقِدَانِ قَدْ سَمِعَا أَلْفَاظَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. 6 - صُدُورُ كُلٍّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ الشَّخْصِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ الْآخَرُ. 7 - أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ جَادَّيْنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ غَيْرَ هَازِلَيْنِ. فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ " 177 " وَالْمَوَادِّ الَّتِي تَلِيهَا. الشَّرْطُ الثَّانِي: هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ حِينَ الْقَبُولِ وَيَكُونَ أَهْلًا لِلْبَيْعِ. فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُوجِبُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَإِيجَابُهُ يُصْبِحُ بَاطِلًا وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْمُخَاطَبِ بَعْدَ ذَلِكَ هِنْدِيَّةٌ ". الشَّرْطُ الثَّالِثُ: سَيَأْتِي بَيَانُهُ " فِي الْمَادَّةِ " 184، وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. شَرْطُ الرُّجُوعِ: لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِيَكُونَ رُجُوعُ الْمُوجِبِ صَحِيحًا سَمَاعُ الْفَرِيقِ الْآخَرِ إيَّاهُ. فَإِذَا وَجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُكَ مَالِي الْفُلَانِيَّ بِكَذَا وَقَبْلَ الْقَبُولِ رَجَعَ عَنْ إيجَابِهِ هَذَا فَأَجَابَهُ الْفَرِيقُ الْآخَرُ وَلَمْ يَسْمَعْ رُجُوعَهُ قَدْ قَبِلْت فَيُعْقَدُ الْبَيْعُ " الْهِنْدِيَّةُ

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ فَرَدَّ الثَّانِي إيجَابَهُ يَبْطُلُ الْإِيجَابُ فَلَوْ حَصَلَ الْقَبُولُ بَعْدَئِذٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ طَحْطَاوِيٌّ، (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 15) . الشَّرْطُ الْخَامِسُ: يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ سَمَاعُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إيجَابَهُمَا وَقَبُولَهُمَا فَلَوْ أَوْجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَسْمَعْ الْبَائِعُ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَلَكِنْ إذَا سَمِعَ الْحَاضِرُونَ قَبُولَ الْمُشْتَرِي فَادِّعَاءُ الْبَائِعِ بِعَدَمِ السَّمَاعِ غَيْرُ مُصَدَّقٍ مَا لَمْ يَدَّعِ فَقْدَ السَّمْعِ أَوْ ضَعْفَهُ " هِنْدِيَّةٌ ". الشَّرْطُ السَّادِسُ: لَا يَصِحُّ قِيَامُ شَخْصٍ بِمُفْرَدِهِ مَقَامَ الْعَاقِدَيْنِ فَيَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوَلِّي شَخْصٍ فِي عَقْدِ بَيْعٍ وَاحِدٍ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُتَمَلِّكٌ وَالثَّانِي مُمَلَّكٌ وَلَا تَجْتَمِعُ الصِّفَتَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَعَلَى هَذَا فَلَا تَكُونُ الْبُيُوعُ الْآتِيَةُ صَحِيحَةً: 1 - إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِبَيْعِ مَالٍ وَوَكَّلَ آخَرُ الْوَكِيلَ بِاشْتِرَاءِ الْمَالِ فَبَاعَهُ مُوَكِّلَهُ الثَّانِي فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " 2 - إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِبَيْعِ مَالٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ بَاعَ مَالَ الرَّجُلِ أَوْ اشْتَرَى مَالَ الصَّغِيرِ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا (خُلَاصَةٌ فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْأُمِّ) . 3 - إذَا وَكَّلَ أَبٌ بِبَيْعِ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِابْنٍ صَغِيرٍ ثَانٍ لَهُ وَالْوَكِيلُ فَعَلَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ، أَمَّا إذَا وَكَّلَ أَبٌ شَخْصًا فِي بَيْعِ مَالٍ لِابْنٍ لَهُ صَغِيرٍ وَوَكَّلَ آخَرَ فِي شِرَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ لِوَلَدِهِ الْآخَرِ الصَّغِيرِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا. وَذَلِكَ لِوُقُوعِهِ مِنْ شَخْصَيْنِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1449) . عَلَى أَنَّ لِهَذَا الْحُكْمِ مُسْتَثْنَيَاتٍ يَجُوزُ فِيهِمَا صُدُورُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَيَتِمُّ الْعَقْدُ أَحْيَانًا فِيهِمَا بِالْإِيجَابِ فَقَطْ وَإِلَيْكَ إيَّاهُمَا. 1 - لِأَبِي الصَّغِيرِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدِ الْبَيْعِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَنْ يَعْقِدَ لَهُ الْبَيْعَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ الْأَنْقِرْوِيُّ فَقَدْ اُعْتُبِرَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ مِنْ الْأَبِ مَقَامَ اللَّفْظَيْنِ بِدَاعِي الشَّفَقَةِ الْأَبَوِيَّةِ. مِثَالٌ: لَوْ أَرَادَ أَبُو الصَّغِيرِ بَيْعَ مَالٍ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَقَالَ: بِعْت مَالِي مِنْ وَلَدِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ بِكَذَا قِرْشًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَا حَاجَةٍ لِقَبُولِ الْأَبِ أَوْ قَبُولِ شَخْصٍ آخَرَ لِهَذَا الْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَبُو الصَّغِيرِ شِرَاءَ مَالِهِ لِنَفْسِهِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. عَلَى أَنَّ انْعِقَادَ الْبَيْعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ إنَّمَا يَتِمُّ بِإِنْشَاءِ الْعَاقِدِ الْبَيْعَ بِأَلْفَاظٍ تُفِيدُ الْأَصَالَةَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا رَأَيْت فِي الْمِثَالَيْنِ، أَمَّا إذَا أَنْشَأَ الْعَاقِدُ الْبَيْعَ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَبُولِ لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ. مِثَالٌ: لَوْ أَرَادَ أَبُو الصَّغِيرِ شِرَاءَ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ فَأَوْجَبَ الْبَيْعَ قَائِلًا: قَدْ بِعْت مِنْ نَفْسِي هَذَا الْمَالَ الْمَمْلُوكَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ بِكَذَا دِينَارًا فَمَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَيْعَ فَلَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ بِقَوْلِهِ " بِعْتُ " فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَوْجَبَ الْبَيْعَ بِصِفَتِهِ وَلِيًّا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ

لَوْ أَرَادَ أَبُو الصَّغِيرِ بَيْعَ مَالِ وَلَدِهِ هَذَا مِنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ آخَرَ لَهُ. فَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى هُنَا أَيْضًا طَرَفَيْ الْعَقْدِ أَنْقِرْوِيٌّ هِنْدِيَّةٌ ". مِثَالٌ: لَوْ قَالَ الْأَبُ: قَدْ بِعْت هَذَا الْمَالَ الْمَمْلُوكَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ مِنْ وَلَدِي الصَّغِيرِ الْآخَرِ فُلَانٍ بِكَذَا فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. وَيَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ هَذَا بَعْدَ وَفَاتِهِ أَبُو الْأَبِ، وَالْوَصِيُّ وَالْقَاضِي هِنْدِيَّةٌ ". وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَاحِدٌ فِي الْبَيْعِ رَسُولًا لِكِلَا الْعَاقِدَيْنِ هِنْدِيَّةٌ ". الشَّرْطُ السَّابِعُ: رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 69 ". هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَمَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِدَاعِي أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يُرْبَطْ بِحُجَّةٍ أَوْ سَنَدٍ، أَوْ بِحُجَّةِ أَنَّ مَجْلِسَ الْبَيْعِ لَمْ يُفَضَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَيَكُونُ قَدْ أَبْطَلَ حَقَّ الْمِلْكِيَّةِ الثَّابِتَ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْبَائِعُ فَيَكُونُ قَدْ أَبْطَلَ حَقَّ الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِيَّةِ الْبَيْعِ " بَدَائِعُ ". فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ رُجُوعِ الْبَائِعِ بَعْدَئِذٍ، وَقَوْلُهُ: نَدِمْتُ فَلَا أُرِيدُ بَيْعَ مَالِي " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 375 " هِنْدِيَّةٌ ". أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَلِلْعَاقِدَيْنِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا يَعْنِي أَنَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ أَنْ يُجِيزَهُ حَتَّى انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ وَإِذَا أَمْضَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْخِيَارِ بَقِيَ الْخِيَارُ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ. أَمَّا إذَا تَفَرَّقَ الْمُتَعَاقِدَانِ بَدَنًا أَوْ اخْتَارَا لُزُومَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ مَجْلِسٍ وَالتَّفَرُّقُ مِنْ الْمَجْلِسِ يُعْرَفُ بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ حَدٌّ أَوْ مِقْدَارٌ فَيُرْجَعُ بِهَا إلَى الْعُرْفِ، وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ يَثْبُتُ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ بِدُونِ أَنْ يَشْتَرِطَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا حَتَّى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ خِيَارُ مَجْلِسٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ الْبَاجُورِيُّ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ يَسْتَدِلُّ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» . أَمَّا الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ فَيَقُولُونَ: إنَّ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يُقْصَدُ بِهِ خِيَارُ رُجُوعِ الْقَوْلِ يَعْنِي إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ فَيَحِقُّ لِلْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ أَنْ يَقُولَ: رَجَعْتُ عَنْ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ الْبَيْعَ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ فَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: رَجَعْتُ، قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ، كَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: لَا أَقْبَلُ، فَالْخِيَارُ الْمَقْصُودُ بِالْحَدِيثِ هُوَ هَذَا الْخِيَارُ بَدَائِعُ ". أَسْبَابُ الِاخْتِلَافِ: يُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِاسْتِعْمَالِ اسْمِ الْفَاعِلِ.

إذَا كَانَ مَعْنَى الْمَصْدَرِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَيَكُونُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْمُ الْفَاعِلِ فِي مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ كَاسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ " ضَارِبٍ " فِيمَنْ يَضْرِبُ فِي الْحَالِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبَيْنِ. 2 - إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَعْنَى غَيْرَ مَوْجُودٍ إلَّا أَنَّهُ سَيُوجَدُ فِي الْآتِي فَاسْتِعْمَالُ اسْمِ الْفَاعِلِ فِي ذَلِكَ مَجَازِيٌّ كَاسْتِعْمَالِ كَلِمَةِ " ضَارِبٍ " فِيمَنْ لَمْ يَضْرِبْ وَسَيَضْرِبُ وَهَذَا أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 3 - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَعْنَى كَانَ مَوْجُودًا فِي الْمَاضِي وَانْقَضَى فِي الْحَالِ فَاسْتِعْمَالُ اسْمِ الْفَاعِلِ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَجَازٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَقِيقَةٌ كَإِطْلَاقِ كَلِمَةِ " ضَارِبٍ " عَلَى مَنْ وَقَعَ مِنْهُ الضَّرْبُ وَانْقَطَعَ. وَلَفْظَةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْوَارِدَةُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِمَا أَنَّهَا قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَنْ وَقَعَ مِنْهُمَا الْبَيْعُ فَالْحَنَفِيَّةُ لَمْ يُثْبِتُوا خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَحَمَلُوا كَلِمَةَ التَّفَرُّقِ عَلَى التَّفَرُّقِ بِالْأَقْوَالِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ أَثْبَتُوا خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَحَمَلُوا لَفْظَةَ التَّفَرُّقِ عَلَى التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ. أَمَّا سَبَبُ وُجُوبِ الْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِإِنْسَانٍ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا لِآخَرَ بِدُونِ قَبُولِهِ وَرِضَاهُ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمِلْكِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الرِّضَاءِ وَالْقَبُولِ فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ يَتَفَرَّعُ مِنْهَا وُجُوبُ الْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ فِي عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى الْمِيرَاثُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. فَمَالُ الْمُوَرِّثِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ بِدُونِ رِضَا الْوَارِثِ - حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَارِثُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ. إنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَرَاخِيًا أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ أَوَّلًا وَالْقَبُولُ ثَانِيًا. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا شَكَّ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ. وَإِمَّا أَنْ يَصْدُرَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَعَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَعَلَى رَأْيِ غَيْرِهِ لَا يَنْعَقِدُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " الدُّرُّ الْمُنْتَقَى " الْبَحْرُ، وَلَمْ يَرِدْ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَتَرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ صَرَاحَةً إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ " 101 " وَالْمَادَّةِ " 102 " إنَّ الْإِيجَابَ هُوَ أَوَّلُ كَلَامٍ وَأَنَّ الْقَبُولَ هُوَ ثَانِي كَلَامٍ يَشْمَلُ اخْتِيَارُهَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مِنْ الَّذِي وُجِّهَ إلَيْهِ الْإِيجَابُ فَلَوْ أَوْجَبَ شَخْصٌ الْبَيْعَ لِشَخْصٍ فَقَبِلَ الْبَيْعَ آخَرُ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْحِصَانَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ يُجِبْ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنَّ الشَّخْصَ الْآخَرَ الْجَالِسَ بِجَانِبِ ذَلِكَ الشَّخْصِ قَالَ: قَبِلْت الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ وَقَعَ مِنْ شَخْصٍ لَمْ يُوَجَّهْ إلَيْهِ الْإِيجَابُ. وَلَكِنْ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ وَأَمَرَ الْمُوَجَّهُ إلَيْهِ الْإِيجَابُ آخَرَ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ فَقَبِلَهُ يُنْظَرُ مَاذَا قَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنْ كَانَ قَبِلَ الْبَيْعَ بِأَلْفَاظِ قَبُولِ الرَّسُولِ لِلْبَيْعِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَأَمَّا إذَا قَبِلَ بِأَلْفَاظِ قَبُولِ الْوَكِيلِ لِلْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِدُونِ أَنْ يَتَوَقَّفَ الِانْعِقَادُ عَلَى إذْنِ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ وَلَا يَحْتَاجُ فِي تَصَرُّفِهِ لِإِذْنِ آخَرَ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1192 " وَعَلَى هَذَا فَكَمَا يَحِقُّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ وَأَمْوَالَهُ الْمَنْقُولَةَ لِشَخْصٍ آخَرَ بِدُونِ إذْنٍ فَكَذَلِكَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَشْجَارَهُ الْمَغْرُوسَةَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مَرْبُوطَةٍ بِمُقَاطَعَةٍ أَوْ أَبْنِيَتِهِ الْمُنْشَأَةِ عَلَى أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ بِدُونِ

(المادة 168) الإيجاب والقبول في البيع

إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ صَدَرَتْ إرَادَةٌ سَنِيَّةٌ بِتَارِيخِ 17 أَيْلُول سَنَةَ 1318 تَمْنَعُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْأَمْلَاكِ غَيْرِ الْمَنْقُولَةِ إذَا حَصَلَ الْبَيْعُ بِسَنَدَاتٍ عَادِيَّةٍ وَلَمْ يُرْبَطْ بِسَنَدَاتِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ أَيْ سَنَدَاتِ الطَّابُو. [ (الْمَادَّةُ 168) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 168) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْبَيْعِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ لَفْظَيْنِ مُسْتَعْمَلَيْنِ لِإِنْشَاءِ الْبَيْعِ فِي عُرْفِ الْبَلَدِ وَالْقَوْمِ. أَلْفَاظُ الْبَيْعِ هِيَ بِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَقَبِلْتُ وَرَضِيتُ وَقَوْلُكَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي عِنْدَكَ خَمْسَةُ قُرُوشٍ، وَهَذَا الشَّيْءُ فِدَاءٌ لَكَ، أَوْ أُمَلِّكُكَ هَذَا الشَّيْءَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِإِنْشَاءِ الْبَيْعِ فِي عُرْفِ الْبُلْدَانِ وَعَادَاتِ الْأُمَمِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا، فَقَالَ لَهُ الثَّانِي: بِعْته مِنْك فَقَبِلَ الْأَوَّلُ بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُهُ مِنْك أَوْ اشْتَرَيْت يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَكُونَا هَازِلَيْنِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَأَجَابَهُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ قَبِلْت يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظَةِ قَبِلْتُ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسٍ: إذَا دَفَعْت لِي أَلْفَ قِرْشٍ فِي حِصَانِي هَذَا أَبِيعُهُ فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَقَدْ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى فِعْلِ الْقَلْبِ " الرَّغْبَةِ " كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ إذَا: رَغِبْتَ فِي اشْتِرَاءِ هَذَا الشَّيْءِ فَقَدْ بِعْتُهُ مِنْكَ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَيُجِيبُهُ الْآخَرُ نَعَمْ إنَّهُ يُوَافِقُنِي أَوْ أَحْبَبْتُهُ أَوْ رَغِبْتُ فِيهِ أَوْ أُرِيدُهُ فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ " الرَّدِّ " كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ قَدْ رَدَدْتُ لَكَ هَذَا الْحِصَانَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَيُجِيبُهُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ قَبِلْتُ. وَكَذَلِكَ يَصِيرُ إيجَابُ الْبَيْعِ بِلَفْظِ أَدْخَلْتُكَ أَوْ أَشْرَكْتُكَ. وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظَةِ (الْقَصْرِ) كَأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِشَرِيكِهِ: قَصَرْت عَلَيْك حَقِّي فِي هَذَا الْحِصَانِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَيُجِيبُهُ الشَّرِيكُ بِقَوْلِهِ قَبِلْت. وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ " ادْفَعْ النُّقُودَ فَهُوَ لَك وَهُوَ فِدَاءٌ لَك هِنْدِيَّةٌ ". وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِلَفْظِ " السَّلَمِ " " وَالْهِبَةِ " كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ وَهَبْتُكَ مَالِي هَذَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنْ أَجَابَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ قَبِلْتُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِكَلِمَتَيْ " أَعْطَيْتُ وَمَلَّكْتُ " كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ " 169 ". وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا بِقَوْلِ أَحَدِ الْمُتَابِعَيْنِ وَيَشْمَلُ الثَّانِي كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ: بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَبِقَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَالِ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا. وَيَنْعَقِدُ هَذَا الْبَيْعُ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ قَوْلِيٌّ لَا بَيْعُ تَعَاطٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ التَّعَاطِي لَا يَتَضَمَّنُ إيجَابًا بَلْ يَتَضَمَّنُ قَبْضًا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِثَانٍ: كِلْ لِي كَيْلَةَ حِنْطَةٍ بِعِشْرِينَ قِرْشًا فَكَالَ لَهُ الثَّانِي صَامِتًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ فِي مَجْلِسٍ: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْحِنْطَةِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا

وَأَطْلُبُ إِلَيْكَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهِ وَتَصَدَّقَ الثَّانِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ تَصَدُّقَ الْبَائِعِ يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ وَلَوْ تَصَدَّقَ الْبَائِعُ بِالْحِنْطَةِ بَعْدَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ مُبْطِلٌ لِلْإِيجَابِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 183 " وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَبُولِ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُك هَذَا الْقُمَاشَ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَخَاطَ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ الْقُمَاشِ ثَوْبًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ هِنْدِيَّةٌ ". وَيُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ " إنْشَاءِ الْبَيْعِ " أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِإِقْرَارِ الطَّرَفَيْنِ بِهِ فَلَوْ أَقَرَّ رَجُلَانِ بِبَيْعٍ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا بَيْنَهُمَا قَبْلًا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ كَمَا يَتَبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1572) وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: كُنْتُ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا، فَأَجَابَهُ الثَّانِي: أَنَا لَمْ أَشْتَرِ مِنْك ذَلِكَ الْمَالَ، فَسَكَتَ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُقِرَّ إنْكَارَ الثَّانِي. ثُمَّ أَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُنْكِرُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِاشْتِرَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ يَثْبُتُ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَيْعِ عَائِدٌ لِلْمُتَابِعَيْنِ فَأَمَّا الْإِقْرَارُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ حَقٌّ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ: بِعْنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا، فَيُجِيبُهُ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَرْغَبُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ طَحْطَاوِيٌّ. وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ: قَدْ أَقَلْتُكَ مَالِي هَذَا بِكَذَا قِرْشًا فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَجَابَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ: قَبِلْتُ هِنْدِيَّةٌ ". يُفْهَمُ مِنْ جُمْلَةِ " الْإِيجَابُ بِالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ لَفْظَيْنِ إلَخْ " أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: هَلْ تَبِيعُنِي مَالَك هَذَا بِكَذَا قِرْشًا؟ فَأَشَارَ لَهُ الثَّانِي بِرَأْسِهِ إشَارَةَ قَبُولٍ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيكَ الْقَادِرِ عَلَى النُّطْقِ رَأْسَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إلَّا إذَا أَتْبَعَ الْإِشَارَةَ بِاللَّفْظِ فِي الْمَجْلِسِ فَيَنْعَقِدُ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي إنْشَاءِ الْبَيْعِ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إلَّا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُحْتَمِلَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّانِيَةَ) وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا مَضَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ صِيغَةِ الْمَاضِي فِي الْبَيْعِ يَكُونُ إنْشَاءً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 101) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ الْوَارِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْإِيجَابَ إذَا كَانَ لَفْظِيًّا فَلَيْسَ بِضَرُورِيٍّ أَنْ يُعَادَ فِي الْقَبُولِ جَمِيعُهُ كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: أَخَذْته مِنْك، أَوْ قَالَ الْأَوَّلُ: أَخَذْت مِنْك هَذَا بِمِائَةِ قِرْشٍ، فَأَجَابَهُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: بِعْت، فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يَقُولَ الْآخَرُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي قَبُولِهِ وَلَا أَنْ يَقُولَ الْآخَرُ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ. الْجِدُّ، شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ الْهَزْلِ إذْ لَا رِضَاءَ فِي عَقْدٍ يُبْنَى عَلَى الْهَزْلِ وَالْهَزْلُ لُغَةً اللَّعِبُ وَاصْطِلَاحًا قَصْدُ شَيْءٍ بِلَفْظٍ لَمْ يُوضَعْ لَهُ وَلَا يَصْلُحُ لِلتَّجَوُّزِ فِيهِ.

(المادة 169) الإيجاب والقبول يكونان بصيغة الماضي

وَعَلَى هَذَا إذَا قُصِدَ بِالْمُبَايَعَةِ الْهَزْلُ وَجَبَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ إذْ لَا تُغْنِي دَلَالَةُ الْحَالِ عَنْ ذَلِكَ وَحْدُهَا. فَعَلَى الْهَازِلِ فِي بَيْعِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي إنِّي بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ هَازِلًا. وَإِذَا تَوَاطَأَ مُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي سَيُجْرِيَانِهِ بِحُضُورِ الشُّهُودِ يُرَادُ بِهِ الْهَزْلُ فَالتَّوَاطُؤُ الَّذِي تَقَدَّمَ الْعَقْدَ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِقَصْدِ الْهَزْلِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعَ هَزْلٍ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ هَلْ هُوَ هَزْلٌ أَوْ جِدٌّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْجِدِّ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْهَزْلِ فِي الْبَيْعِ كَأَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِنَقْصٍ فَاحِشٍ جِدًّا فَالْقَوْلُ إذْ ذَاكَ لِمُدَّعِي الْهَزْلِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْهَزْلَ مُشْتَرٍ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضَهُ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 169) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ يَكُونَانِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي] (الْمَادَّةُ 169) : الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ يَكُونَانِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْتُ وَأَيُّ لَفْظٍ مِنْ هَذَيْنِ ذُكِرَ أَوَّلًا فَهُوَ إيجَابٌ وَالثَّانِي قَبُولٌ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت، ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا: اشْتَرَيْت، ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت، انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَيَكُونُ لَفْظُ " بِعْت " فِي الْأَوَّلِ إيجَابًا وَ " اشْتَرَيْت " قَبُولًا. وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ، وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا بِكُلِّ لَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ إنْشَاءِ التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ كَقَوْلِ الْبَائِعِ: أَعْطَيْت أَوْ مَلَّكْت وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي: أَخَذْت أَوْ تَمَلَّكْت أَوْ رَضِيت أَوْ أَمْثَالُ ذَلِكَ ". قَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ مَا فِيهِ الْغَنِيَّةُ عَنْ التَّطْوِيلِ وَالتَّكْرَارِ بِشَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلْيُرَاجَعْ فِي مَوَاطِنِهِ. [ (الْمَادَّةُ 170) الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ] (الْمَادَّةُ 170) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ أَيْضًا إذَا أُرِيدَ بِهَا الْحَالُ كَمَا فِي عُرْفِ بَعْضِ الْبِلَادِ كَأَبِيعُ وَأَشْتَرِي وَإِذَا أُرِيدَ بِهَا الِاسْتِقْبَالُ لَا يَنْعَقِدُ. فِي الْبَيْعِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا يُرَادُ مِنْهُ إيجَابُ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ، وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي: أَشْتَرِيهِ، وَكَانَ قَصْدُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ قَوْلِهِمَا الْحَالَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ: أَشْتَرِيه وَقَصَدَ الْحَالَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِقْبَالَ فَلَا يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ. الثَّالِثُ: أَنْ يَخْلُوَ عَنْ قَصْدِ الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ". مُسْتَثْنَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إذَا كَانَتْ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ تُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ بَلَدٍ لِلْحَالِ وَغَيْرُ مُحْتَمِلَةٍ لِإِرَادَةِ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا هُوَ

(المادة 171) صيغة الاستقبال

الْحَالُ عِنْدَ أَهْلِ خَوَارِزْمَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِلَا نِيَّةٍ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْمَادَّةِ 2 الْبَحْثُ فِي سَبَبِ احْتِيَاجِ التَّبَايُعِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ إلَى النِّيَّةِ. وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي الْمُضَارِعِ إذَا اُقْتُرِنَ بِمَا يَعْنِيهِ لِلْحَالِ فَالْبَيْعُ بِهِ يَنْعَقِدُ بِلَا نِيَّةٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: أَبِيعُ الْآنَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. [ (الْمَادَّةُ 171) صِيغَةُ الِاسْتِقْبَالِ] (الْمَادَّةُ 171) : صِيغَةُ الِاسْتِقْبَالِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْوَعْدِ الْمُجَرَّدِ مِثْلُ سَأَبِيعُ وَأَشْتَرِي لَا يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ. صِيغَةُ الِاسْتِقْبَالِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ الْمُضَارِعُ الْمُقْتَرِنُ بِالسِّينِ أَوْ سَوْفَ كَأَنْ يُقَالَ: سَأَبِيعُك أَوْ سَوْفَ أَبِيعُك وَإِنَّمَا لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا وَعْدٌ مُجَرَّدٌ وَفِي مَعْنَى الْمُسَاوَمَةِ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ كَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ هَلْ تَبِيعُنِي هَذَا بِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ " بِعْتُ " نَعَمْ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي ثَالِثًا " قَبِلْت " فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ حَصَلَا بِكَلِمَتَيْ (بِعْت وَقَبِلْت) الدَّالَّتَيْنِ عَلَى الْإِنْشَاءِ هِنْدِيَّةٌ ". [ (الْمَادَّةُ 172) الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ] (الْمَادَّةُ 172) لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْضًا كَبِعْ وَاشْتَرِ إلَّا إذَا دَلَّتْ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ عَلَى الْحَالِ فَحِينَئِذٍ يَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي هَذَا الشَّيْءَ بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، أَمَّا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: خُذْ الْمَالَ بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَذْته، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَذْت هَذَا الشَّيْءَ بِكَذَا قِرْشًا، وَقَالَ الْبَائِعُ: خُذْهُ، أَوْ قَالَ: اللَّهُ يُبَارِكُ لَك وَأَمْثَالَهُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ فَإِنَّ قَوْلَهُ: خُذْهُ، وَاَللَّهُ يُبَارِكُ هَهُنَا بِمَعْنَى: هَا أَنَا ذَا بِعْت فَخُذْ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الثَّانِيَةِ) . يَعْنِي أَنَّ إرَادَةَ مَعْنَى الْحَالِ مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلِذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَشْبَاهٌ وَنَهْرٌ " إلَّا أَنَّهُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَالِ دَلَالَةَ اقْتِضَاءٍ وَذَلِكَ الدَّلَالَةُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: 1 - دَلَالَةُ مَنْطُوقِ النَّصِّ. 2 - دَلَالَةُ مَفْهُومِ النَّصِّ. 3 - دَلَالَةُ إشَارَةِ النَّصِّ. 4 - دَلَالَةٌ بِاقْتِضَاءِ النَّصِّ. وَلَا شَأْنَ لَنَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَنَكْتَفِي بِإِيضَاحِ الدَّلَالَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ دُونَ غَيْرِهَا.

(المادة 173) الإيجاب والقبول بالمكاتبة

فَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ هَذِهِ أَلَّا يَصِحَّ اللَّفْظُ شَرْعًا إلَّا بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ لَهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْلَا التَّقْدِيرُ لَكَانَ لَغْوًا يُصَارُ عَنْهُ كَلَامُ الْعَاقِلِ مَا أَمْكَنَ كَأَنْ يُقَالَ لِرَجُلِ مَثَلًا: اعْتِقْ عَبْدَكَ مِنِّي بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَالْإِعْتَاقُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ وَالْمِلْكِيَّةُ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْبَيْعِ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ " فَتَقْدِيرُ الْبَيْعِ لَازِمٌ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ (اعْتِقْ عَبْدَكَ) إلَخْ. فَالْبَيْعُ هُنَا " مُقْتَضًى " كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعْتَاقِ (مُقْتَضًى) أَيْضًا وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمِثَالِ: قَدْ اشْتَرَيْت عَبْدَك بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَإِنَّنِي أُوَكِّلُك بِعِتْقِهِ. فَالْبَيْعُ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ هُنَا قَدْ أَصْبَحَ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ مَذْكُورًا وَقَدْ ثَبَتَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ حَمَوِيٌّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْت عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ، وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ: فَهُوَ حُرٌّ، فَقَدْ ثَبَتَ اقْتِضَاءُ لَفْظَةِ " اشْتَرَيْت " وَأَصْبَحَ مَعْنَى ذَلِكَ قَدْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ هُنَا (مُقْتَضًى) وَطَلَبَ هَذَا الْكَلَامُ الزِّيَادَةَ يَعْنِي طَلَبَهُ الْبَيْعُ (اقْتِضَاءً) وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ (مُقْتَضًى) وَالشَّيْءُ الَّذِي ثَبَتَ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ ثَبَتَ (بِحُكْمِ الِاقْتِضَاءِ) . وَبَيَانُ الْمِثَالِ الْأَخِيرِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهُوَ (إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: خُذْ هَذَا الْمَالَ، وَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي: أَخَذْت، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَذْت، وَأَجَابَهُ الْبَائِعُ: خُذْهُ) إنَّ صِيغَةَ (خُذْ) هُنَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْبَيْعِ قَبْلَ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فَأَصْبَحَتْ دَالَّةً عَلَى الْحَالِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ إذْ يَكُونُ الْمَعْنَى بِعْتُكَ فَخُذْهُ فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَنْ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، أَمَّا عَدَمُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَهُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ الْقَبُولِ ثَالِثًا كَمَا تَقَدَّمَ، أَمَّا إذَا وُجِدَ الْقَبُولُ ثَالِثًا فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ: بِعْته، ثُمَّ عَادَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ: اشْتَرَيْتُهُ أَوْ أَخَذْته، أَوْ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْمَالَ بِمَبْلَغِ كَذَا فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْت ثُمَّ خَاطَبَهُ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ: بِعْت فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ (هِنْدِيَّةٌ) " رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 170 " [ (الْمَادَّةُ 173) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْمُكَاتَبَةِ] (الْمَادَّةُ 173) : كَمَا يَكُونُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْمُشَافَهَةِ يَكُونُ بِالْمُكَاتَبَةِ أَيْضًا يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ كَالْإِجَارَةِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي تِلْكَ الْعُقُودِ لَفْظًا وَشِفَاهًا فَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِيهَا أَيْضًا مُكَاتَبَةً، وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مُكَاتَبَةً مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَذَلِكَ يَجُوزُ بِكِتَابٍ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ. ثَالِثًا: بِرِسَالَةٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. رَابِعًا: بِرِسَالَةٍ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَ الْإِيجَابَ مِنْ الْمُخَاطَبُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَصِلُ فِيهِ إلَيْهِ الْكِتَابُ. يَعْنِي يَعْتَبِرُ الْمَجْلِسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بُلُوغَ الْكِتَابِ أَدَاءُ الرِّسَالَةِ. مِثَالٌ: إذَا كَتَبَ شَخْصٌ كِتَابًا لِآخَرَ غَائِبٍ يَتَضَمَّنُ بَيْعَهُ لِمَالٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَرْسَلَ ذَلِكَ الْكِتَابَ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ وَصَلَ الْكِتَابُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَرَأَهُ وَوَقَفَ عَلَى مَالِهِ كَتَبَ أَيْضًا كِتَابًا إلَى ذَلِكَ الْبَائِعِ مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا يَتَضَمَّنُ قَبُولَ ذَلِكَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ يَكُونُ قَدْ انْعَقَدَ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ كِتَابِيٍّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ شَخْصٌ كِتَابًا إلَى شَخْصٍ غَائِبٍ يَتَضَمَّنُ بَيْعَهُ

(المادة 174) البيع بالإشارة

مَالًا مُعَيَّنًا وَأَرْسَلَ الْكِتَابَ إلَيْهِ وَعِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ لِلشَّخْصِ الْآخَرِ وَبَعْدَ أَنْ قَرَأَهُ وَاطَّلَعَ عَلَى مَالِهِ قَالَ: قَبِلْت الْبَيْعَ، فَالْبَيْعُ يَكُونُ قَدْ انْعَقَدَ بِإِيجَابٍ كِتَابِيٍّ وَقَبُولٍ شَفَهِيٍّ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنِّي بِعْت مَالِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا دِرْهَمًا اذْهَبْ وَاعْلِمْهُ فَذَهَبَ ذَلِكَ الرَّسُولُ أَوْ ذَهَبَ شَخْصٌ آخَرُ فُضُولًا وَأَخْبَرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِذَلِكَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ مِنْ طَرَفٍ وَبِطَرِيقِ الْقَبُولِ الشَّفَهِيِّ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ هِنْدِيَّةٌ ". وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ شَخْصٍ غَيْرِ الرَّسُولِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُوجِبَ بِقَوْلِهِ لِلرَّسُولِ أَخْبِرْ فُلَانًا يَكُونُ قَدْ أَظْهَرَ الرِّضَاءَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْ نَفْسِهِ فَالتَّبْلِيغُ الَّذِي جَرَى مِنْ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ هُوَ بِرِضَاءِ الْمُوجِبِ، أَمَّا الْإِيجَابُ فِي غِيَابِ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْغَائِبِ فَقَطْ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ: قَدْ بِعْت مَالِي الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَالْإِيجَابُ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ سَمِعَ هَذَا الْإِيجَابَ شَخْصٌ وَأَخْبَرَ بِهِ الطَّرَفَ الْآخَرَ بِلَا أَمْرٍ مِنْ الْمُوجِبِ أَيْ بِدُونِ رِسَالَةٍ وَالشَّخْصُ الْآخَرُ قَبِلَ الْبَيْعَ عِنْدَمَا بَلَغَهُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. كَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ كِتَابًا لِآخَرَ وَسَأَلَهُ: هَلْ تَبِيعُنِي مَالَكَ بِكَذَا؟ وَأَجَابَهُ الْآخَرُ: قَدْ بِعْته فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَزَّازِيَّةٌ "؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَصِحُّ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ. كَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ بِعْنِي مَالَك بِكَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِكِتَابٍ أَنِّي بِعْته مِنْك فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَلْ يَحْتَاجُ انْعِقَادُ الْبَيْعِ إلَى قَبُولٍ. ثَالِثًا؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَصِحُّ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 172 "، وَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ الْوَاقِعُ كِتَابَةً وَرِسَالَةً إذَا رَجَعَ الْكَاتِبُ أَوْ الْمُرْسِلُ عَنْ إيجَابِهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَالْمُرْسَلِ إلَيْهِ هِنْدِيَّةٌ ". وَالْقَبُولُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُوجِبِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ لَاغِيًا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 174 ". أَمَّا إذَا عُزِلَ الرَّسُولُ فَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ عِلْمُ عَزْلِهِ فَعَلَى هَذَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ عَزْلِ الرَّسُولِ وَبَيْنَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِيجَابِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَوْجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَأَمَرَ رَسُولًا أَنْ يُبَلِّغَهُ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ رَجَعَ الْمُوجِبُ عَنْ الْبَيْعِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ الرَّسُولُ حَتَّى أَدَّى الرِّسَالَةَ فَقَبِلَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَ الْآخَرَ قَبِلَ الْبَيْعَ بَعْدَ رُجُوعِ الْمُوجِبِ عَنْ إيجَابِهِ وَبَعْدَ بُطْلَانِ الْإِيجَابِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُوجِبُ عَنْ الْإِيجَابِ إلَّا أَنَّهُ عَزَلَ الرَّسُولَ وَلَمْ يَعْلَمْ الرَّسُولُ خَبَرَ عَزْلِهِ حَتَّى أَدَّى الرِّسَالَةَ فَقَبِلَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِعَزْلِهِ فَالرِّسَالَةُ صَحِيحَةٌ وَقَدْ تَمَّ الْبَيْعُ بِقَبُولِ الطَّرَفِ الْآخَرِ لِلْبَيْعِ. [ (الْمَادَّةُ 174) الْبَيْعُ بِالْإِشَارَةِ] (الْمَادَّةُ 174) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْإِشَارَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِلْأَخْرَسِ. يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَخْرَسُ عَالِمًا بِالْكِتَابَةِ أَوْ جَاهِلًا بِهَا. فَلَا يَسْقُطُ الْعَمَلُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ انْضِمَامُ إشَارَتِهِ إلَى كِتَابَتِهِ. وَكَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ يَنْعَقِدُ بِهَا سَائِرُ الْعُقُودِ الْأُخْرَى كَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ

(المادة 175) بيع التعاطي

وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ أَشْبَاهٌ " وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ مَعْرُوفَةً فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْرُوفَةٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ كِفَايَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 70 أَمَّا إشَارَةُ غَيْرُ الْأَخْرَسِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهَا فَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ الْإِشَارَةُ بِالْأَخْرَسِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 168 ". [ (الْمَادَّةُ 175) بَيْعَ التَّعَاطِي] (الْمَادَّةُ 175) بِمَا أَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هُوَ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُبَادَلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَاضِي وَيُسَمَّى هَذَا بَيْعَ التَّعَاطِي. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي لِلْخَبَّازِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيُعْطِيَهُ الْخَبَّازُ مِقْدَارًا مِنْ الْخُبْزِ بِدُونِ تَلَفُّظٍ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ، أَوْ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَيَأْخُذَ السِّلْعَةَ وَيَسْكُتَ الْبَائِعُ، وَكَذَا لَوْ جَاءَ رَجُلٌ إلَى بَائِعِ الْحِنْطَةِ وَدَفَعَ لَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَقَالَ: بِكَمْ تَبِيعَ الْمُدَّ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ؟ فَقَالَ: بِدِينَارٍ فَسَكَتَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ، فَقَالَ الْبَائِعُ: أُعْطِيك إيَّاهَا غَدًا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ الْحِنْطَةِ فِي الْغَدِ إلَى دِينَارٍ وَنِصْفٍ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى إعْطَاءِ الْحِنْطَةِ بِسِعْرِ الْمُدِّ بِدِينَارٍ وَكَذَا بِالْعَكْسِ لَوْ رَخُصَتْ الْحِنْطَةُ وَتَدَنَّتْ قِيمَتُهَا فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْقَصَّابِ: اقْطَعْ لِي بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ فَقَطَعَ الْقَصَّابُ اللَّحْمَ وَوَزْنَهُ وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِهِ وَأَخْذِهِ أَيْ أَنَّ الْمَقْصِدَ فِي الْبَيْعِ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ إلَّا أَنَّ تَرَاضِيَ الطَّرَفَيْنِ بِمَا أَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ فَقَدْ أُقِيمَ مَقَامَهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَيْهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68 ". وَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِيَّيْنِ لِدَلَاتِهِمَا عَلَى التَّرَاضِي فَكَذَلِكَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُبَادَلَةِ الْفِعْلِيَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا. وَكَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي فِي الْأَمْوَالِ الْخَسِيسَةِ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي فِي الْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ الشَّلَبِيُّ عَلَى الزَّيْلَعِيّ "؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْعَقْدِ لَيْسَ مُسْتَنَدُهُ صُورَةُ اللَّفْظِ بَلْ مُسْتَنَدُهُ التَّرَاضِي وَلِذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَتَرَاضَ الْمُتَعَاقِدَانِ لَفْظِيًّا. يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي أَلَّا يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظِيَّيْنِ فَإِذَا كَانَا كَذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَكُونُ بَيْعَ تَعَاطٍ بَلْ يَكُونُ قَوْلِيًّا فَإِذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ دُونَ أَنْ يَجْرِيَ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ دَفْعِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعَ تَعَاطٍ وَبَيْعُ التَّعَاطِي يَنْعَقِدُ إمَّا بِالدَّفْعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِمَّا بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَإِمَّا بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَيْ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بَيْعُ التَّعَاطِي بِتَسْلِيمِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ. وَكَذَلِكَ يَنْعَقِدُ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ أَوْ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِدُونِ قَبْضِ الثَّمَنِ هِنْدِيَّةٌ " وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ".

وَإِعْطَاءُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ هُوَ رِضَاءٌ صَرَاحَةً وَإِعْطَاءُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ هُوَ رِضَاءٌ دَلَالَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يَسْكُتْ الْبَائِعُ وَصَرَّحَ بِعَدَمِ الرِّضَاءِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي النُّقُودَ لِلْبَائِعِ وَحِينَمَا أَخَذَ الْبِطِّيخَةَ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: اُتْرُكْهَا فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِبَيْعِ التَّعَاطِي وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْبَائِعِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقْصِدُ بِهِ بَيَانَ بَيْعِهِ الْمَالَ بِالرُّخْصِ وَأَنَّهُ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ هَذَا إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَدَمَ الرِّضَاءِ بِالْبَيْعِ. كَذَلِكَ إذَا رَدَّ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا بِخِيَارِ الْغَبْنِ وَكَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي هُوَ غَيْرُ هَذَا الْمَالِ الَّذِي رَدَّهُ إلَيْهِ فَإِذَا أَخَذَهُ وَرَضِيَ بِهِ فَالْبَيْعُ يَكُونُ بَيْعُ تَعَاطٍ أَبُو السُّعُودِ. كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مَا اشْتَرَاهُ وَكَانَ ذَلِكَ الطَّلَبُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الشُّفْعَةِ وَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ بِرِضَاهُ أَيْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ فَبِالتَّعَاطِي يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. إنَّ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ الْوَارِدِ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ خَمْسَ مَسَائِلَ: (1) - إنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي. (2) - إنَّ بَيْعَ التَّعَاطِي يَنْعَقِدُ فِي الْأَمْوَال الْخَسِيسَةِ وَالنَّفِيسَةِ. (3) - إنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (4) - بِإِعْطَاءِ الْمَبِيعِ وَبِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ. (5) - يَنْعَقِدُ بَيْعُ التَّعَاطِي وَلَوْ تَأَخَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ، مِثْلُ أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْصُلُ مَعْرِفَةُ الْمَبِيعِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ بَعْدَ شِرَائِهِ الْمَالَ ثُمَّ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ فَتَسَلَّمَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكَّلِ وَيَكُونُ بَيْعَ تَعَاطٍ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُوَكَّلِ أَثْبِتْ وَكَالَتَك وَإِلَّا فَإِنَّنِي أَسْتَرِدُّ الْمَالَ. كَذَلِكَ إذَا سَأَلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِكَمْ تَبِيعَ كَيْلَةَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ؟ فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ بِعِشْرِينَ قِرْشًا مَثَلًا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: كِلْ لِي كَيْلَةً فَكَالَ لَهُ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ لَهُ أَوْ وَضَعَهُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ فِي كِيسٍ لَهُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُبَادَلَةِ الْفِعْلِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ بَيْعُ التَّعَاطِي إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْمُبَادَلَةُ الْفِعْلِيَّةُ فِعْلًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ رَأَى شَخْصٌ حَطَّابًا يَحْمِلُ عَلَى حِمَارِهِ حَطَبًا فَقَالَ: لَهُ كَمْ ثَمَنُ حِمْلِ الْحِمَارِ، فَقَالَ الْحَطَّابُ: عَشْرَةُ قُرُوشٍ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: سُقْ الْحِمَارَ إلَى بَيْتِي فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ حِمْلَ الْحِمَارِ إلَى الْبَيْتِ، وَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْبَائِعِ حِمَارَهُ نَحْوَ بَيْتِ الْمُشْتَرِي لَيْسَ فِيهِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ وَلَا يَتِمُّ بَيْعُ التَّعَاطِي إلَّا بِالتَّسْلِيمِ. يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي (1) أَنْ يُسَمَّى الثَّمَنُ وَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا وَمَعْلُومًا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 197 و 237 " إلَّا أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تَكُونُ أَسْعَارُهَا مَعْلُومَةً كَالْخُبْزِ مَثَلًا لَا يَجِبُ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ فِيهَا (2) يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ هَذَا الْبَيْعِ أَلَّا يَكُونَ التَّعَاطِي مَبْنِيًّا عَلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ وَقَعَ قَبْلًا. فَإِذَا بُنِيَ التَّعَاطِي عَلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ فَلَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَحْصُلْ مُتَارَكَةٌ أَيْ فَسْخُ أَوْ إقَالَةُ الْبَيْعِ السَّابِقِ (بَزَّازِيَّةَ) (وَالدُّرَّ الْمُخْتَارَ) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ سَمَكَةً تَسْبَحُ فِي الْبَحْرِ مِنْ شَخْصٍ بِعَشْرَةِ قُرُوشٍ مَثَلًا وَالْمُشْتَرِي قَبِلَ بِذَلِكَ فَاصْطَادَ الْبَائِعُ تِلْكَ السَّمَكَةَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ وَقَعَا بَيْنَهُمَا وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ سَلَّمَ الْبَائِعُ السَّمَكَةَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي سَلَّمَهُ الْعَشَرَةَ الْقُرُوشَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ بِهَذَا التَّعَاطِي وَيَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ. أَمَّا إذَا تَفَرَّغَ الطَّرَفَانِ عَنْ الْبَيْعِ

(المادة 176) إذا تكرر عقد البيع بتبديل الثمن أو تزييده أو تنقيصه

الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ بِوَجْهِ الْمُتَارَكَةِ ثُمَّ تَبَايَعَا بِالتَّعَاطِي فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ وَلَيْسَ جَوَازُ الْعَقْدِ بِالتَّعَاطِي قَاصِرًا عَلَى الْبَيْعِ بَلْ يَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 176) إذَا تَكَرَّرَ عَقْدُ الْبَيْعِ بِتَبْدِيلِ الثَّمَنِ أَوْ تَزْيِيدِهِ أَوْ تَنْقِيصِهِ] (الْمَادَّةُ 176) إذَا تَكَرَّرَ عَقْدُ الْبَيْعِ بِتَبْدِيلِ الثَّمَنِ أَوْ تَزْيِيدِهِ أَوْ تَنْقِيصِهِ يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ الثَّانِي فَلَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ مَالًا مَعْلُومًا بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ تَبَايَعَا ذَلِكَ الْمَالَ بِدِينَارٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ أَوْ بِتِسْعِينَ قِرْشًا يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ الثَّانِي. الْقَاعِدَةُ الْأَصْلِيَّةُ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا جُدِّدَ وَأُعِيدَ فَالثَّانِي بَاطِلٌ. فَالْبَيْعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ وَالنِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ إلَّا أَنَّ بَعْضَ صُوَرِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ خَارِجٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَمَا يَجِيءُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ أَوَّلًا ثُمَّ عُقِدَ ثَانِيًا عَلَى مِثْلِ ثَمَنِ الْأَوَّلِ جِنْسًا وَوَصْفًا وَقَدْرًا فَالْعَقْدُ الثَّانِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَيَبْقَى الْعَقْدُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَائِدَةٌ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي. وَشَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَنْ تَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 200) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بِيعَ مَالٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ عُقِدَ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْبَائِعِ لِنَفْسِ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَالْبَيْعُ الثَّانِي غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْعَقْدِ الثَّانِي (هِنْدِيَّةٌ) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مَالًا مِنْ آخَرَ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ ثُمَّ دَفَعَ لِلْبَائِعِ عَنْ الْمُشْتَرِي رِيَالَيْنِ مِنْهَا إبْرَاءَ إسْقَاطٍ ثُمَّ عَادَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَعَقَدَا الْبَيْعَ ثَانِيَةً عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقْدُ الثَّانِي يَتَضَمَّنُ تَبْدِيلَ الثَّمَنِ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ نَقْصَهُ فَالْعَقْدُ الثَّانِي صَحِيحٌ لِمَكَانِ الْفَائِدَةِ مِنْهُ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ. وَإِذَا شَرَطَ الطَّرَفَانِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا ثُمَّ تَعَاقَدَا عَلَى أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا، أَوْ إذَا اتَّفَقَا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَفِي الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَصَارَ الثَّانِي مُعْتَبَرًا وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ ثَانِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا يَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ أَنْقِرْوِيٌّ) . إنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى الْوَارِدَةَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هِيَ تَبْدِيلٌ وَزِيَادَةٌ لِلثَّمَنِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ تَبْدِيلٌ وَتَنْزِيلٌ لِلثَّمَنِ، وَفِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ زِيَادَةٌ لِلثَّمَنِ فَقَطْ، وَفِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ تَنْزِيلٌ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ الَّذِي يُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الثَّانِي فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّنِي بِعْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّنِي اشْتَرَيْتهَا فِي شَهْرِ شَوَّالٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَجَدَّدَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا عَلَى تَنْزِيلِ الثَّمَنِ وَيُحْكَمُ فِي الثَّمَنِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي أَنْقِرْوِيٌّ وَيُعْتَبَرُ أَنَّ شُهُودَ الطَّرَفَيْنِ صَادِقُونَ فِيمَا شَهِدُوا بِهِ

الفصل الثاني في بيان لزوم موافقة القبول للإيجاب

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ لُزُومِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ] الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ لُزُومِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ (الْمَادَّةُ 177) إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَيْعَ شَيْءٍ بِشَيْءٍ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ قَبُولُ الْعَاقِدِ الْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُطَابِقِ لِلْإِيجَابِ وَلَيْسَ لَهُ تَبْعِيضُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ وَتَفْرِيقُهُمَا فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا فَإِذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَخَذَ الثَّوْبَ جَمِيعَهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ جَمِيعَهُ أَوْ نِصْفَهُ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْتُك هَذَيْنِ الْفَرَسَيْنِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي، يَأْخُذُ الْفَرَسَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ آلَافٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ. يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مُوَافِقًا لِلْإِيجَابِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلًا: فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ. ثَانِيًا: فِي جِنْسِهِ. ثَالِثًا: فِي الْمُثَمَّنِ. رَابِعًا: فِي صِفَةِ الثَّمَنِ. خَامِسًا: فِي شَرْطِ الْخِيَارِ. لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ صَفْقَةُ الْبَيْعِ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ تَبْعِيضُ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ تَغْيِيرُهُمَا أَوْ تَبْدِيلُهُمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا فَإِذَا فَرَّقَ فِي ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَالْبَائِعُ يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ أَنْ يَضُمُّوا الْمَالَ الْجَيِّدَ إلَى الْمَالِ الدُّونِ وَيَبِيعُوهُمَا مَعًا بِقَصْدِ تَرْوِيجِ الْمَالِ الدُّونِ فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَحِقُّ لَهُ تَفْرِيقُ صَفْقَةِ الْبَيْعِ لَاخْتَارَ الْمَالَ الْجَيِّدَ لِنَفْسِهِ وَتَرَكَ الدُّونَ لِلْبَائِعِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ يَخْرُجُ الْمَالُ الْجَيِّدُ مِنْ يَدِهِ وَيَبْقَى لَهُ الدُّونُ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئًا وَاحِدًا وَكَانَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ سَيَكْتَسِبُ صِفَةَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْبَائِعُ أَيْضًا يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَفْرِيق صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَالْمُشْتَرِي يَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا فَفِي هَذِهِ

الْحَالَةِ قَدْ تَكُونُ رَغْبَةُ الْمُشْتَرِي بِالنِّسْبَةِ إلَى غَرَضِ الِاشْتِرَاءِ فِي زِيَادَةِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ عَنْ الْمَبِيعِ غَيْرِ الْمُتَعَدِّدِ فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى تَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يُبْقِيَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَيَنْشَأَ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ مِنْك بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ فَإِذَا بَاعَهُ الْبَائِعُ الْحِصَانَيْنِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَكُونُ قَدْ بَاعَهُمَا بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِخَمْسِينَ قِرْشًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْتُهُ بِلَا ثَمَنٍ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. إنَّ مُوَافَقَةَ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ وَشَرْطِ الْخِيَارِ تَتَّضِحُ فِيمَا يَأْتِي: إذَا كَانَ الْقَبُولُ مُخَالِفًا لِلْإِيجَابِ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ وَشَرْطِ الْخِيَارِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَقْبَلْ الطَّرَفُ الْآخَرُ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفِ قِرْشٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى سَنَةٍ، أَوْ قَدْ اشْتَرَيْته بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ أَبُو السُّعُودِ. أَمَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ صَارَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ بَاطِلًا وَالْقَبُولُ الثَّانِي إيجَابًا وَرِضَا الْبَائِعِ الثَّالِثُ قَبُولًا وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. إنَّ عَدَمَ جَوَازِ التَّبْعِيضِ فِي الثَّمَنِ وَفِي الْمُثَمَّنِ هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَدْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ أَمَّا إذَا أُعِيدَ صَارَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِاعْتِبَارِهِ بَيْعًا جَدِيدًا وَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَالْعَاقِدُ الثَّانِي قَبِلَ الْبَيْعَ بِتَبْعِيضِ الثَّمَنِ وَتَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَإِذَا قَبِلَ الْمُوجِبُ ثَالِثًا يَعْنِي (الَّذِي أَوْجَبَ الْبَيْعَ أَوَّلًا مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) يُنْظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي قَبُولِ الثَّانِي وُجِدَتْ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ بِالرِّضَاءِ الَّذِي يَقَعُ ثَالِثًا وَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعًا جَدِيدًا وَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُك هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ، وَأَجَابَهُ الْآخَرُ ثَانِيًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْحِصَانَ الْأَشْقَرَ مِنْهُمَا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ ثَالِثًا: بِعْته مِنْك أَوْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّضَاءِ فَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ الَّذِي قِيلَ أَوَّلًا وَيُصْبِحُ الْقَوْلُ الَّذِي قِيلَ ثَانِيًا إيجَابًا ثُمَّ يَكُونُ الرِّضَاءُ الَّذِي قِيلَ ثَالِثًا قَبُولًا وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى الْحِصَانِ الْأَشْقَرِ بِأَرْبَعِمِائَةِ هِنْدِيَّةٌ ". أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمَّ الثَّمَنُ فِي قَبُولِ الْقَابِلِ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مُنْقَسِمًا عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ الْقِيَمِيِّ فَبِالرِّضَاءِ الْوَاقِعِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ مُنْقَسِمًا عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ يُصْبِحُ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ وَلَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ مِنْ الِانْقِسَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ بِعْتُك هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَقَالَ الْآخَرُ ثَانِيًا قَدْ اشْتَرَيْت خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً فَإِذَا قَبِلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ بِثَمَنِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَهُوَ حِصَّةُ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَوَّلًا: قَدْ بِعْتُك حِصَانِي هَذَا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَجَابَهُ الْآخَرُ ثَانِيًا قَدْ اشْتَرَيْت نِصْفَهُ فَأَجَابَهُ ذَلِكَ الْبَائِعُ ثَالِثًا بِكَلَامٍ يُفِيدُ الرِّضَاءَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ فِي نِصْفِ الْحِصَانِ بِثَمَنِ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمَبِيعِ

(المادة 178) موافقة القبول للإيجاب ضمنا

بِالْأَجْزَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُنْقَسِمٍ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ وَكَانَ الْمَبِيعُ قِيَمِيًّا وَمُتَعَدِّدًا أَوْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ مِثْلِيَّانِ وَلَكِنْ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَإِذَا لَمْ يُسَمَّ الثَّمَنُ فِي قَبُولِ الْقَابِلِ فَبِالرِّضَاءِ الثَّالِثِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ يَكُونُ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَجْعَلُ حِصَّةَ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ": " صُورَةُ الْبَيْعِ فِي الْحِصَّةِ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا قَالَ: بِعْت هَذَا الْحَيَوَانَ بِحِصَّةٍ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعِ عَلَى قِيمَتِهِ وَعَلَى قِيمَةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَخَرَجَ بِالِابْتِدَاءِ مَا إذَا عَرَضَ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ بِأَنْ بَاعَ الدَّارَ بِتَمَامِهَا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِعُرُوضِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ انْتِهَاءً ". وَقَدْ اتَّضَحَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ انْقِسَامَ الثَّمَنِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ يَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قِيَمِيًّا وَاحِدًا وَأَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَكَذَلِكَ يَكُونُ عَدَمُ انْقِسَامِ الثَّمَنِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا قِيَمِيًّا وَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا مِنْ أَجْنَاسٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَبَيْعِ عَشْرِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ وَعَشَرِ كَيْلَاتِ شَعِيرٍ مَعًا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ. فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَوَّلًا: قَدْ بِعْتُك حِصَانِي هَذَا الْأَشْقَرَ وَحِصَانِي هَذَا الْأَدْهَمَ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ، وَقَالَ الْآخَرُ ثَانِيًا: قَدْ قَبِلْت هَذَا الْحِصَانَ الْأَدْهَمَ فَقَطْ وَأَجَابَهُ الْبَائِعُ ثَالِثًا أَنْ قَدْ قَبِلْت فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى قَدْ أَصْبَحَتْ مَجْهُولَةً وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ تُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ " اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 385 و 364 ". لَا يُقَالُ: إنَّ حِصَّةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ اثْنَانِ وَالثَّمَنَ أَلْفُ قِرْشٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ سَبْعُمِائَةِ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْحِصَانِ الْأَشْقَرِ ثَلَاثُمِائَةِ قِرْشٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الشُّفْعَةِ قَدْ جُوِّزَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ دَارًا وَحِصَانًا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَالثَّمَنُ الْمُسَمَّى يُقْسَمُ عَلَى الدَّارِ وَالْحِصَانِ، وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الْعَقَارَ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا التَّقْسِيمُ يَحِلُّ بِقَاعِدَةِ التَّنَاسُبِ مِنْ عِلْمِ الْحِسَابِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ مَجْمُوعُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ وَالْحِصَانِ خَمْسَةَ آلَافِ قِرْشٍ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى ثَمَنِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَوُجِدَ أَنَّ قِيمَةَ الدَّارِ الْحَقِيقِيَّةَ ثَلَاثَةُ آلَافِ قِرْشٍ وَبِمَا أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّمَنِ هُوَ نِصْفُ مَجْمُوعِ الْقِيمَةِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الْعَقَارَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ بِنِصْفِ الثَّلَاثَةِ الْآلَافِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ. وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ عَقَارٌ مُتَعَدِّدٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَالشَّفِيعُ شَفَعَ بِبَعْضِ الْعَقَارِ فَقَطْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1041 " فَتَجْوِيزُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الشُّفْعَةِ هُوَ لِضَرُورَةِ حِفْظِ حَقِّ الشَّفِيعِ وَبِمَا أَنَّ الضَّرُورَةَ تَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الضَّرُورَةِ. [ (الْمَادَّةُ 178) مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ ضِمْنًا] (الْمَادَّةُ 178) تَكْفِي مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ ضِمْنًا فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ قِرْشٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ انْعَقَدَ الْبَيْعُ عَلَى الْأَلْفِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطِيَهُ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي زَادَهَا أَيْضًا وَكَذَا لَوْ قَالَ

(المادة 179) أوجب أحد المتبايعين في أشياء متعددة بصفقة واحدة

الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ قِرْشٍ، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْته مِنْك بِثَمَانِمِائَةِ قِرْشٍ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ تَنْزِيلُ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الْأَلْفِ. مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ ضِمْنًا تَكُونُ كَمَا إذَا كَانَ الْمُوجِبُ الْبَائِعَ وَسَمَّى الثَّمَنَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْمُشْتَرِي فَقَبِلَ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ أَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَافَقَةَ الضِّمْنِيَّةَ تَكُونُ فِيمَا إذَا دَلَّتْ عِبَارَةُ الْقَبُولِ عَلَى قَبُولِ الْإِيجَابِ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْقِرْشَ الَّتِي سُمِّيَتْ ثَمَنًا فِي الْإِيجَابِ فِي مِثَالِ الْمَتْنِ تَدْخُلُ ضِمْنًا فِي الْأَلْفِ وَالْخَمْسِ الْمِائَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْقَبُولِ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ ضِمْنًا. وَاذَا كَانَ الْقَابِلُ لِلْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ وَزَادَ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى تَوَقَّفَ لُزُومُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى قَبُولِ الْبَائِعِ فِي الْمَجْلِسِ. فَإِذَا قَبِلَ الْبَائِعُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعُهَا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مِثَالِ الْمَتْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 155) أَمَّا إذَا صَرَّحَ الْبَائِعُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلزِّيَادَةِ كَأَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ مَثَلًا أَوْ صَمَتَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنَّ قَبُولَهُ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَهَا وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي الْإِيجَابِ وَهُوَ الْأَلْفُ الْقِرْشُ فِي الْمِثَالِ الْوَارِدِ هَهُنَا. وَتَكُونُ الْمُوَافَقَةُ الضِّمْنِيَّةُ مَعَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَمْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِثَالُ الثَّانِي: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ رِيَالٍ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِمِائَةِ رِيَالٍ وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَالْمُوَافَقَةُ الضِّمْنِيَّةُ هَهُنَا حَاصِلَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. وَإِذَا بَايَنَ الثَّمَنُ الْوَارِدُ فِي عِبَارَةِ الْقَبُولِ الثَّمَنَ الْوَارِدَ فِي عِبَارَةِ الْإِيجَابِ لَمْ تَحْصُلْ الْمُوَافَقَةُ الضِّمْنِيَّةُ وَبَطَل الْبَيْعُ كَمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ رِيَالٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْته بِمِائَةِ دِينَارٍ فَالْمُوَافَقَةُ الضِّمْنِيَّةُ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِي هَذَا الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ الْمِائَةَ الدِّينَارَ الْوَارِدَةَ فِي عِبَارَةِ الْقَبُولِ مُغَايِرَةٌ لِلْمِائَةِ الرِّيَالِ الْوَارِدَةِ فِي عِبَارَةِ الْإِيجَابِ وَإِذَا كَانَ الْقَابِلُ لِلْبَيْعِ هُوَ الْبَائِعُ وَحَطَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي دَفْعُ مَا حَطَّهُ الْبَائِعُ وَيُصْبِحُ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْبَائِعُ فِي قَبُولِهِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ رِيَالٍ وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَيُجِيبُهُ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ: قَدْ بِعْته مِنْك بِمِائَةِ رِيَالٍ فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى الْمِائَةِ الرِّيَالِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي قَبُولِ الْبَائِعِ، أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْته مِنْك بِخَمْسَةِ رِيَالَاتٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ لِلْمُبَايَنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 177 " وَهِبَةُ كُلِّ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبُولِ مُبْطِلَةٌ لِلْإِيجَابِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْت مِنْك مَالِي هَذَا بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَقَالَ لَهُ أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ: وَهَبْتُك خَمْسِينَ قِرْشًا فَالْإِيجَابُ بَاطِلٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَعْقَبَ بَيْعَهُ بِالْهِبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ قَدْ اخْتَلَّ رُكْنُهُ كَالْبَيْعِ الَّذِي يُنْفَى فِيهِ الثَّمَنُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 362 ". [ (الْمَادَّةُ 179) أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ] (الْمَادَّةُ 179) إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ

(المادة 180) ذكر أحد المتبايعين أشياء متعددة

عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ أَمْ لَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْبَلَ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَأْخُذَ مَا شَاءَ مِنْهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذِهِ الْأَثْوَابَ الثَّلَاثَةَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت أَحَدَهُمَا بِمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ كِلَيْهِمَا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ ". إذَا كَانَ الْإِيجَابُ وَاحِدًا لَا يَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 177 ". وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ صَفْقَةِ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ صَفْقَةِ الْقَبْضِ. فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ بَعْضَ الثَّمَنِ وَيَطْلُبَ تَسْلِيمَ بَعْضِ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ أَجَّلَ لَهُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ مَا يُصِيبُ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَبِيعِ. أَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَيَتَعَدَّدُ الْبَيْعُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ جِهَةَ التَّعَدُّدِ رَاجِحَةٌ فِيهِ بَيْدَ أَنَّ وَاضِعِي الْمَجَلَّةِ اخْتَارُوا قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَقَدْ مَثَّلَتْ الْمَجَلَّةُ. فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِوُقُوعِ الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ وَالْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَنَحْنُ نُمَثِّلُ لِوُقُوعِ الْإِيجَابِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْقَبُولِ مِنْ الْبَائِعِ وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ فَهَذَا بِأَلْفٍ وَهَذَا بِأَلْفَيْنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَهُمَا بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِمَا سُمِّيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَثْوَابٍ كُلَّ ثَوْبٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك أَحَدَهَا بِمِائَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا بِمِائَتَيْنِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْبَيْعِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: الْعَاقِدُ، وَالْعَقْدُ، وَالثَّمَنُ. فَيَتَّحِدُ الْعَقْدُ بِاتِّحَادِ الْآخَرَيْنِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَاحِدًا وَالثَّمَنُ ذُكِرَ جُمْلَةً فَصَفْقَةُ الْبَيْعِ تُعْتَبَرُ مُتَّحِدَةً قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 177 " وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ وَيَتَعَدَّدُ الْعَقْدُ بِتَعَدُّدِ الْآخَرَيْنِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ الْإِيجَابُ وَاحِدًا فَالْعَقْدُ مُتَّحِدٌ فَلَا يَسْتَطِيعُ الَّذِي يَقْبَلُ الْإِيجَابَ الْمُتَّحِدَ أَنْ يُفَرِّقَ الْبَيْعَ. وَلِذَلِكَ ثَمَانِي صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا. وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُفْصَلَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ. وَالثَّانِي: أَلَّا يُفْصَلَ فَتَكُونَ الصُّوَرُ ثَمَانِيًا وَقَدْ أَوْرَدْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَمْثِلَةً لِلصُّورَةِ الْأُولَى وَنُورِدُ الْآنَ أَمْثِلَةَ مَا بَقِيَ: فَمِثَالُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِرَجُلٍ: بِعْنَاك مَالَنَا هَذَا بِأَلْفِ قِرْشٍ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: قَبِلْت بِحِصَّةِ زَيْدٍ فَقَطْ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَمِثَالُ الثَّالِثَةِ: أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِاثْنَيْنِ بِعْت مَالِي هَذَا مِنْكُمَا بِأَلْفِ قِرْشٍ إذَا قَبِلَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَمِثَالُ الرَّابِعَةِ: قَالَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِبَكْرٍ وَعُثْمَانَ قَدْ بِعْنَاكُمَا هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَلَمْ يَقْبَلْ الثَّانِي فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَمِنْ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ الْأَرْبَعَةِ لِلصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ تُسْتَخْرَجُ أَمْثِلَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 180) ذَكَرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً] (الْمَادَّةُ 180) : لَوْ ذَكَرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً وَبَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَتِهِ وَجَعَلَ لِكُلٍّ عَلَى الِانْفِرَادِ إيجَابًا وَقَبِلَ الْآخَرُ بَعْضَهَا بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَهُ

انْعَقَدَ الْبَيْعُ فِيمَا قَبِلَهُ فَقَطْ. مَثَلًا: لَوْ ذَكَرَ الْبَائِعُ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً وَبَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهَا ثَمَنًا مُعَيَّنًا عَلَى حِدَةٍ وَكَرَّرَ لَفْظَ الْإِيجَابِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْت هَذَا بِأَلْفٍ وَبِعْت هَذَا بِأَلْفَيْنِ فَالْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي عُيِّنَ لَهُ ". إذَا كَرَّرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْإِيجَابَ وَفَصَلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَعَدُّدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْإِيجَابِ مَعَ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَا الْمُوجِبِ بِالتَّفْرِيقِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68 ". مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يُشِيرَ الْبَائِعُ إلَى أَرْبَعَةِ حُصُنٍ وَيَقُولَ: بِعْت هَذِهِ الْحُصُنَ الْأَرْبَعَةَ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فَهَذَانِ الْأَدْهَمَانِ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْ قِرْشٍ وَهَذَانِ الْأَشْقَرَانِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت هَذَيْنِ الْأَدْهَمَيْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَمِائَتَيْنِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ اللَّذَيْنِ حَصَلَ الْقَبُولُ فِيهِمَا بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فِي الْإِيجَابِ وَهُوَ الْأَلْفُ الْقِرْشُ وَالْمِائَتَانِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت أَحَدَ هَذَيْنِ الْأَدْهَمَيْنِ بِسِتِّمِائَةِ قِرْشٍ مُشِيرًا إلَيْهِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِي ثَمَنِ هَذَيْنِ الْحِصَانَيْنِ. وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْإِيجَابَ وَسَمَّى لِكُلِّ مَبِيعٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ فَلِلْآخَرِ قَبُولُ الْبَيْعِ فِي أَيٍّ شَاءَ مِنْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ فِي الْإِيجَابِ. وَلِذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا. وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَاحِدًا وَالْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا. وَالرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا. وَلَا يَذْكُرُ هُنَا تَفْصِيلَ الثَّمَنِ وَلَا عَدَمَهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلُ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثَالَ الصُّورَةِ الْأُولَى فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ. وَمِثَالُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِبَكْرٍ: بِعْنَاك هَذَيْنِ الْبَغْلَيْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ هَذَا بِسِتِّمِائَةٍ وَهَذَا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ فَلِبَكْرٍ أَنْ يَقْبَلَ أَيَّهمَا شَاءَ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَهُ. وَمِثَالُ الثَّالِثَةِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو وَبَكْرٍ: بِعْتُكُمَا هَذَيْنِ الْبَغْلَيْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ هَذَا بِسِتِّمِائَةِ قِرْشٍ وَهَذَا بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَلِعَمْرٍو وَبَكْرٍ أَنْ يَقْبَلَا أَحَدَ الْبَغْلَيْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. وَمِثَالُ الرَّابِعَةِ أَنْ يَقُولَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِبَكْرٍ وَعُثْمَانَ: قَدْ بِعْنَاكُمَا هَذَيْنِ الْبَغْلَيْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ هَذَا بِسَبْعِمِائَةٍ وَهَذَا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَلِبَكْرٍ وَعُثْمَانَ أَنْ يَقْبَلَا مَا شَاءَا مِنْ الْبَغْلَيْنِ بِثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَهِنْدِيَّةٌ ".

الفصل الثالث في حق مجلس البيع

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ مَجْلِسِ الْبَيْعِ] الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي حَقِّ مَجْلِسِ الْبَيْعِ (الْمَادَّةُ 181) مَجْلِسُ الْبَيْعِ هُوَ الِاجْتِمَاعُ الْوَاقِعُ لِعَقْدِ الْبَيْعِ. بَعْدَ أَنْ يُوجِبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي مَجْلِسٍ فَالْآخَرُ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قَبُولِ الْبَيْعِ عَلَى مَا فِي الْمَادَّةِ 177 وَرَدِّهِ وَهَذَا يُسَمَّى خِيَارُ الْقَبُولِ وَيَثْبُتُ هَذَا الْخِيَارُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَمَّا سَائِرُ الْخِيَارَاتِ فَتَثْبُتُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ. وَإِنَّمَا ثَبَتَ خِيَارُ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَثْبُتْ لَلَزِمَ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الْإِيجَابِ مِنْ الْآخَرِ وَدُخُولِ الْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ مُوجِبِ الْبَيْعِ زَيْلَعِيٌّ وَيَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجْلِسَ اسْمُ مَكَان بِمَعْنَى مَكَانِ اسْتِقْرَارِ النَّاسِ أَمَّا الِاجْتِمَاعُ فَهُوَ وَصْفُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَحَمْلُ لَفْظِ " اجْتِمَاعٍ " عَلَى الْمَجْلِسِ غَيْرُ جَائِزٍ وَغَيْرُ صَحِيحٍ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ " مَحِلُّ الِاجْتِمَاعِ " عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] أَيْ أَهْلَ الْقَرْيَةِ. الثَّانِي - أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَجْلِسَ اسْمُ مَكَان بَلْ هُوَ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ فَيَكُونُ مَعْنَى مَجْلِسِ الْبَيْعِ " الْجُلُوسُ لِأَجْلِ الْبَيْعِ ". وَالْخِيَارُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَتُوُفِّيَ الْآخَرُ قَبْلَ الْقَبُولِ، فَقَبِلَ وَارِثُهُ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. إذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ مُتَبَاعِدَيْنِ لَكِنَّهُمَا بِحَيْثُ يَرَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَاعُدُهُمَا لَا يُنَافِي اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ وَلَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ بَزَّازِيَّةٌ " مَا لَمْ يَكُنْ التَّبَاعُدُ يُؤَدِّي إلَى الْتِبَاسٍ وَاشْتِبَاهٍ فِي كَلَامِهِمَا أَيْ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّذَيْنِ يَقَعَانِ بَيْنَهُمَا مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". [ (الْمَادَّةُ 182) الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ الْإِيجَابِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ] (الْمَادَّةُ 182) الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ الْإِيجَابِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ، مَثَلًا: لَوْ أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ: بِعْت هَذَا الْمَالَ أَوْ اشْتَرَيْت وَلَمْ يَقُلْ الْآخَرُ عَلَى الْفَوْرِ اشْتَرَيْت أَوْ بِعْت بَلْ قَالَ ذَلِكَ مُتَرَاخِيًا قَبْلَ انْتِهَاءِ الْمَجْلِسِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَإِنْ طَالَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ. خِيَارُ الْقَبُولِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَقَدْ جَعَلَ الْمَتْنُ الْخِيَارَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ مَعَ أَنَّ الْخِيَارَ لِأَحَدِهِمَا وَالْمُخَيَّرُ مِنْهُمَا هُوَ الْقَابِلُ فَإِذَا أَوْجَبَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْقَبُولِ وَإِذَا أَوْجَبَ

الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ صَارَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا؛ لِأَنَّهُ الْقَابِلُ فَلَوْ قَالَ الْمَتْنُ (الْقَابِلُ) مَكَانَ قَوْلِهِ (الْمُتَبَايِعَانِ) لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْضَحَ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَمَا أَنَّ الْقَابِلَ مُخَيَّرٌ فَالْمُوجِبُ مُخَيَّرٌ أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إيجَابِهِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهُ فَنَقُولُ فِي الْجَوَابِ: إنَّ هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ " إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ " وَمِثَالُهُ لَا يُسَاعِدَانِ عَلَى ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ يَكُونُ تَكْرَارًا لِلْمَادَّةِ 184 " وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِيجَابَ لَا يَبْطُلُ بِتَرَاخِي الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَ التَّرَاخِي طَوِيلًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِيجَابُ خِطَابًا أَمْ كِتَابَةً الدُّرَرُ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 73 ". أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بَعْضُ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ كَصُدُورِ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ أَوْ افْتِرَاقِ الْعَاقِدَيْنِ فَقَدْ بَطَلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ وَالتَّفَرُّقِ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ مَهْمَا طَالَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مُضْطَرٌّ إلَى التَّفْكِيرِ وَالتَّرَوِّي فِي أُمُورِهِ فَجُعِلَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ مُمْتَدًّا إلَى آخِرِهِ لِذَلِكَ تَيْسِيرًا وَبِمَا أَنَّ الْمَجْلِسَ جَامِعٌ لِلْمُتَفَرِّقَاتِ فَقَدْ عُدَّتْ سَاعَاتُهُ سَاعَةً وَاحِدَةً دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَلَوْ جُعِلَ خِيَارُ الْقَبُولِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَكَانَ فَوْرًا لَلَزِمَ الْحَرَجُ وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] ، وَقَالَ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» الزَّيْلَعِيّ. إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ وَكَانَ الْآخَرُ قَائِمًا فَجَلَسَ وَقَبِلَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ يَعْنِي أَنَّ قُعُودَ الْقَابِلِ بَعْدَ الْإِيجَابِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقَبُولِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ وَكَانَ فِي يَدِ الْآخَرِ كَأْسُ مَاءٌ أَوْ لُقْمَةُ خُبْزٍ فَشَرِبَ الْمَاءَ أَوْ أَكَلَ اللُّقْمَةَ ثُمَّ قَبِلَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. أَمَّا إذَا انْفَضَّ الْمَجْلِسُ كَاشْتِغَالِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِأَكْلِ الطَّعَامِ ثُمَّ قَبُولِهِ بِالْإِيجَابِ يَبْطُلُ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِلْقَبُولِ لِتَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ وَلَوْ نَامَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَاعِدًا بَعْدَ الْإِيجَابِ ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ نَوْمِهِ فَقَبِلَ الْآخَرُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا فَيُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ مُنْفَضًّا وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِقَبُولِ الْآخَرِ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ فِي مَجْلِسٍ: بِعْت مَالِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ حَضَرَ ذَلِكَ الْغَائِبُ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ وَقَبْلَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ هِنْدِيَّةٌ ". وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ فَوْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَدَّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَلِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ فَلَا يَرَى فِي ذَلِكَ حَرَجًا وَلَا مَشَقَّةً وَيُسْتَثْنَى مِمَّا قُلْنَا فِيهِ بِامْتِدَادِ خِيَارِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ أَنْ يَكُونَ التَّبَايُعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ سَائِرَيْنِ أَثْنَاءَ سَيْرِهِمَا مَاشِيَيْنِ فَإِنَّ الْقَبُولَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَجِبُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالْإِيجَابِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي مَحِلِّهِ. يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ أَيْ حُصُولُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا إنْ اخْتَلَفَ مَجْلِسُ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ هِنْدِيَّةٌ ".

وَاتِّحَادُ الْمَجْلِسِ يَكُونُ بِعَدَمِ الِاشْتِغَالِ فِي الْمَجْلِسِ بِشَيْءٍ غَيْرِ سَبَبِ الْعَقْدِ وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ شُرُوطِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَكَانِ، وَالْإِعْرَاضُ يَكُونُ إمَّا بِالْقَوْلِ وَإِمَّا بِالْفِعْلِ فَالْقِيَامُ مِنْ الْمَجْلِسِ لِمَصْلَحَةٍ كَأَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ النَّوْمِ مُضْطَجِعًا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ وَإِنْ كَانَ مَكَانُ الِاجْتِمَاعِ مُتَّحِدًا لِتَفَرُّقِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ امْتِدَادَ خِيَارِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ مُتَّحِدًا مَعَ حُدُوثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ. كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَالْمَشْيِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ أَمَّا إتْمَامُ الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَوْ النَّفْلِ فَلَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمَجْلِسِ كَمَا أَنَّ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ الْكَأْسِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ أَوْ ازْدِرَادَ اللُّقْمَةِ لَا يُنَافِيَانِ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَيَبْطُلُ الْإِيجَابُ بِأُمُورٍ عَدِيدَةٍ مِنْهَا: 1 - صُدُورُ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُبْطِلُ الْإِيجَابَ وَهُوَ الَّذِي يُبْحَثُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. 2 - الرُّجُوعُ عَنْ الْإِيجَابِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ 185. 3 - تَكْرَارُ الْإِيجَابِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ 185. 4 - وَفَاةُ الْمُوجِبِ وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ. 5 - تَغْيِيرُ الْمَبِيعِ وَسَيَجِيءُ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ 184. 6 - هِبَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ إيجَابِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 177 ". مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك مَالِي بِكَذَا وَكَانَا جَالِسَيْنِ فَقَامَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْإِيجَابُ وَلَوْ لَمْ يَمْشِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلٌ عَلَى الرُّجُوعِ وَالْإِعْرَاضِ كَمَا يَبْطُلُ أَيْضًا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ زَيْلَعِيٌّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَ شَخْصَانِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا دَاخِلَ الدَّارِ وَالْآخَرُ خَارِجَهَا وَبَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ خَرَجَ الْآخَرُ مِنْ الدَّارِ وَقَالَ: قَبِلْت فَالْإِيجَابُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا وَالْآخَرُ رَاجِلًا وَعَقَدَا الْبَيْعَ أَثْنَاءَ سَيْرِهِمَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْقَبُولُ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَإِذَا حَصَلَ الْقَبُولُ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِمُدَّةٍ وَلَوْ وَجِيزَةٍ أَوْ فَصَلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ قَدْ تَغَيَّرَ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ قَائِمَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ مَشَيَا أَوْ مَشَى أَحَدُهُمَا وَقَبِلَ الْآخَرُ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ هِنْدِيَّةٌ ". وَإِذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي سَفِينَةٍ أَوْ قِطَارٍ فَكَمَا لَوْ كَانَا فِي غُرْفَةٍ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا صَدَرَ الْقَبُولُ مِنْ أَحَدِهِمَا مُتَرَاخِيًا عَنْ الْإِيجَابِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ. وَسَيْرُ السَّفِينَةِ وَالْقِطَارِ لَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اسْتِطَاعَةِ الْمُتَابِعَيْنِ إيقَافُ السَّفِينَةِ أَوْ الْقِطَارِ. وَيَرُدُّ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ بِقَبُولِ أَحَدِ الْمُتَابِعَيْنِ لِلْإِيجَابِ وَلَوْ حَصَلَ الْقَبُولُ بَعْدَ صُدُورِ فِعْلٍ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ

(المادة 184) رجع أحد المتبايعين عن البيع بعد الإيجاب وقبل القبول

يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، وَقَبُولُ الْبَيْعِ قَوْلٌ صَرِيحٌ وَالْقَاعِدَةُ الْأُصُولِيَّةُ أَنْ لَا اعْتِبَارَ لِلدَّلَالَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ وَالْجَوَابُ أَنَّ تَقْدِيمَ التَّصْرِيحِ عَلَى الدَّلَالَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَمْ يُسْبَقْ الْحُكْمُ بِالدَّلَالَةِ فَأَمَّا هُنَا فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالدَّلَالَةِ سَابِقٌ فَالتَّصْرِيحُ الَّذِي يَرِدُ بَعْدَئِذٍ يَكُونُ لَغْوًا فَلَا يُفِيدُ إجَازَةَ الْمَفْسُوخِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13 ". [ (الْمَادَّةُ 184) رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ] (الْمَادَّةُ 184) لَوْ رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ فَلَوْ قَبِلَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذَا الْمَتَاعَ بِكَذَا وَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت رَجَعَ الْبَائِعُ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِمُوجِبِ الْبَيْعِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ بِغَيْرِ الْقَبُولِ لَا يُفِيدُ حُكْمًا الدُّرَرُ " وَالزَّيْلَعِيّ غَيْرَ أَنَّ صِحَّةَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِيجَابِ الَّذِي يَقَعُ مُوَاجَهَةً تَتَوَقَّفُ عَلَى سَمَاعِ الطَّرَفِ الْآخَرِ لِلرُّجُوعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 167) فَإِذَا قَبِلَ الْآخَرُ دُونَ أَنْ يَسْمَعَ رُجُوعَ الْمُوجِبِ فَالْقَبُولُ مُعْتَبَرٌ وَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَلَا حُكْمَ لِهَذَا الرُّجُوعِ. وَإِنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ عَنْ إيجَابِهِ بَعْدَ قَبُولِ الْآخَرِ فَرُجُوعُهُ لَغْوٌ وَالْبَيْعُ بَاقٍ عَلَى الِانْعِقَادِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 127 و 375 ". وَمِمَّا يَبْطُلُ بِهِ الْإِيجَابُ أَنْ يَرُدَّهُ الطَّرَفُ الْآخَرُ فَلَوْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ. فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 167. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبُولِ طَحْطَاوِيٌّ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك هَذَا الدَّقِيقَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ تَحَوَّلَ الدَّقِيقُ خُبْزًا فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. فَأَمَّا الْإِيجَابُ الَّذِي يَقَعُ كِتَابَةً أَوْ رِسَالَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْهُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِهَذَا الرُّجُوعِ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 173 ". [ (الْمَادَّةُ 185) تَكْرَارُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ] (الْمَادَّةُ 185) : تَكْرَارُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ يُبْطِلُ الْأَوَّلَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِيجَابُ الثَّانِي فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الشَّيْءَ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْإِيجَابِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت رَجَعَ فَقَالَ بِعْتُك إيَّاهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي يُلْغَى الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ وَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا "؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ رُجُوعٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَلِلْمُوجِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إيجَابِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُوجِبُ فِي إيجَابِهِ الثَّانِي رُجُوعَهُ عَنْ الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَإِذَا قَبِلَ الطَّرَفُ الْآخَرُ الْبَيْعَ عَلَى الْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك بَغْلِي هَذَا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي قَبِلْته بِأَلْفِ قِرْشٍ فَالْبَيْعُ لَا يَنْعَقِدُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 177 ".

(المادة 186) البيع بشرط يقتضيه العقد

وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْبَغْلَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي قَالَ: بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى الْأَلْفِ وَخَمْسمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي قَالَ بِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَتَيْ وَعِشْرِينَ قِرْشًا فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مِائَةً. وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَوْ أَنْ يَرُدَّهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (178) . هَذَا وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَحُكْمِ الْمَادَّةِ " 176 "؛ لِأَنَّ " الْمَادَّةَ 176 " تَبْحَثُ فِي تَكْرَارِ الْعَقْدِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تَبْحَثُ فِي تَكْرَارِ الْإِيجَابِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَبْحَثَيْنِ ظَاهِرٌ وَيَزْدَادُ ظُهُورًا بِمُطَالَعَةِ الْمَادَّتَيْنِ " 101 و 103 " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَخُلَاصَةُ الْقَوْلِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْعَقْدَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَالْإِيجَابُ جُزْءٌ مِنْ الْعَقْدِ وَلَيْسَ هُوَ الْعَقْدُ. [ (الْمَادَّةُ 186) الْبَيْعُ بِشَرْطٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ] (الْمَادَّةُ 186) : الْبَيْعُ بِشَرْطٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَضُرُّ فِي الْبَيْعِ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. الشُّرُوطُ الَّتِي هِيَ مُقْتَضَيَاتُ الْعَقْدِ هِيَ الَّتِي يُوجِبُهَا الْعَقْدُ وَلَوْ لَمْ تُذْكَرْ فِي أَثْنَائِهِ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ لَا تُفِيدُ شَيْئًا زَائِدًا عَنْ الْعَقْدِ بَلْ هِيَ مُؤَكِّدَةٌ لِمَا يُوجِبُهُ وَلِذَلِكَ لَا تَقَعُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَهِيَ سِتَّةٌ: 1 - حَبْسُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. 2 - تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ. 3 - امْتِلَاكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ. 4 - طَرْحُ زِنَةِ الْإِنَاءِ مِنْ مَجْمُوعِ زِنَتِهِ وَزِنَةِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مِنْ الْمَائِعَاتِ. 5 - قَطْفُ الثَّمَرِ مِنْ الشَّجَرِ كَوْنُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الثَّمَرِ. 6 - حَطُّ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَائِعًا كَالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ أَوْ الْخَلِّ أَوْ الْعَسَلِ فِي إنَاءٍ وَشَرَطَ الْمُشْتَرِي تَنْزِيلَ مَا يُقَابِلُ وَزْنَ الْإِنَاءِ فَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ وَيَجِبُ تَنْزِيلُ وَزْنِ الْإِنَاءِ مِنْ الْمَبِيعِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ زِنَةَ الْإِنَاءِ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي طَرْحُ ذَلِكَ مِنْ زِنَةِ الْمَبِيعِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْإِنَاءَ هُوَ الْإِنَاءُ الَّذِي اشْتَرَى فِيهِ الْمَبِيعَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فِي الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ الزِّيَادَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَفِي الثَّانِيَةِ الْمُشْتَرِي قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ ضَمِينًا أَوْ أَمِينًا أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ فَتُقْبَلُ مِنْهُ. وَيَرِدُ عَلَى قَاعِدَةِ " الْقَوْلُ لِلْقَابِضِ " اعْتِرَاضَانِ أَحَدُهُمَا فِيمَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَانَيْنِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِهِمَا لِلْمُشْتَرِي تَلِفَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْآخَرَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَوَقَعَ نِزَاعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ

(المادة 187) البيع بشرط يؤيد العقد

فِي الَّذِي تَلِفَ فَالْقَوْلُ هُنَا لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ مُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِقَبْضِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَالثَّانِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الثَّمَنِ يُوجِبُ الْيَمِينَ وَالْيَمِينُ هُنَا خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْجَوَابُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْقِيَاسِ تَكُونُ فِيمَا إذَا قَدَّرْنَا الْيَمِينَ نَاشِئَةً مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الثَّمَنِ قَصْدًا وَالْخِلَافُ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَحْصُلْ قَصْدًا بَلْ ضِمْنًا وَتَبَعًا لِلْإِنَاءِ. [ (الْمَادَّةُ 187) الْبَيْعُ بِشَرْطٍ يُؤَيِّدُ الْعَقْدَ] (الْمَادَّةُ 187) : الْبَيْعُ بِشَرْطٍ يُؤَيِّدُ الْعَقْدَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ أَيْضًا مُعْتَبَرٌ مَثَلًا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْئًا مَعْلُومًا أَوْ أَنْ يَكْفُلَ لَهُ بِالثَّمَنِ هَذَا الرَّجُلَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ الْمُشْتَرِي بِالشَّرْطِ فَلِلْبَائِعِ فَسْخُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُؤَيِّدٌ لِلتَّسْلِيمِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَيُسَمَّى هَذَا الشَّرْطُ الْمُلَائِمُ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ بَلْ تَجِبُ مُرَاعَاتُهُ. وَكَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ بِالشَّرْطِ الَّذِي يُؤَيِّدُ الْمُقْتَضَى. وَمِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ عَقْدِ الْبَيْعِ أَمَامَ شُهُودٍ أَوْ تَقْرِيرُهُ كَذَلِكَ وَأَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إنْسَانٌ آخَرُ وَأَنْ يُحَالَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُلَائِمَةِ الْمُؤَيِّدَةِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا لَكِنْ إذَا لَمْ يُرَاعِهَا الْمُشْتَرِي فَلَا يُجْبَرُ عَلَى مُرَاعَاتِهَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِجْبَارُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُشْتَرِي لِإِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ يَدْفَعُ عَنْهُ أَوْ يَكْفُلُهُ أَوْ يَقْبَلُ وَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ فَإِنَّ إجْبَارَ الْمُشْتَرِي عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إجْبَارٌ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ غَيْرَ أَنَّهُ فِي اشْتِرَاطِ الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ قِيمَةِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَفِ بِمَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ لِفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَضْمُونَ بِالرَّهْنِ أَوْثَقُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي يَكُونُ كَذَلِكَ فَصَارَ الرَّهْنُ هَهُنَا مِنْ صِفَاتِ الثَّمَنِ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْوَصْفُ مَرْغُوبًا فِيهِ فَبِفَوَاتِهِ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ. وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّمَنَ فَوْرًا أَوْ سَلَّمَهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ فِي هَذَا الرَّهْنِ عَيْنَ الْمَرْهُونِ بَلْ الْمَقْصُودُ قِيمَتُهُ فَبِدَفْعِهَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي اشْتِرَاطِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الِاسْتِيثَاقُ مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَدَفْعُ الثَّمَنِ فَوْرًا تَحْصِيلٌ لِلْمَقْصُودِ بِصُورَةٍ أَتَمَّ، وَإِذَا شُرِطَ الرَّهْنُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفِ لَهُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ مُوجِبَةٌ لِلنِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمَرْهُونَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَيَطْلُبُ أَعْلَى مِنْهُ وَأَغْلَى. وَإِذَا عَيَّنَ الْمُتَبَايِعَانِ الرَّهْنَ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ بِالتَّرَاضِي أَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الرَّهْنَ إلَى الْبَائِعِ فَوْرًا صَحَّ الْبَيْعُ وَبَطَلَ اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَهِنْدِيَّةٌ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24 ". وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُقَدِّمَ كَفِيلًا بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ مَعْلُومًا حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَأَنْ يَقْبَلَ الْكَفَالَةَ إذَا كَانَ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْكَفِيلُ مَجْهُولًا فَمِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ كَفِيلًا فَقِيرًا فَلَا يَقْبَلُهُ الْبَائِعُ فَيَقَعُ بَيْنَهُمَا النِّزَاعُ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ مَجْهُولًا أَوْ غَائِبًا وَحَضَرَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ

(المادة 188) البيع بشرط متعارف

مِنْ الْمَجْلِسِ وَقَبْلَ الْكَفَالَةِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا الْمَجْلِسَ فَلَمْ يَقْبَلْ إلَّا بَعْدَ التَّفَرُّقِ أَوْ تَشَاغَلَ بِأَمْرٍ آخَرَ. وَلَوْ قَبِلَ بَعْدَ التَّشَاغُلِ لَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ صَحِيحًا هِنْدِيَّةٌ " وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ " 616 " كَحُكْمِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ هِنْدِيَّةٌ " وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْحَوَالَةِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْكَفَالَةِ. أَعْنِي إذَا تَبَايَعَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا الْبَائِعَ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ لِاقْتِضَاءِ الثَّمَنِ مِنْهُ فَهَذَا الشَّرْطُ كَشَرْطِ الْبَيْعِ بِالْكَفَالَةِ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ تَحْوِيلَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَا يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَيُؤَكِّدُ أَدَاءَهُ الَّذِي هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ. وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا عَلَى أَنْ يُحَوِّلَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْسَانٌ غَيْرُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ حَوَالَةَ الْبَائِعِ لَيْسَتْ لِلِاسْتِيثَاقِ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَأْكِيدِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بَلْ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَقَطْ بَزَّازِيَّةٌ " وَهِنْدِيَّةٌ ". [ (الْمَادَّةُ 188) الْبَيْعُ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ] (الْمَادَّةُ 188) : الْبَيْعُ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ يَعْنِي الْمَرْعِيَّ فِي عُرْفِ الْبَلَدِ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْفَرْوَةَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ بِهَا الظِّهَارَةَ، أَوْ الْقُفْلَ عَلَى أَنْ يُسَمِّرَهُ فِي الْبَابِ أَوْ الثَّوْبَ عَلَى أَنْ يُرَقِّعَهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْبَائِعِ الْوَفَاءُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ. الشَّرْطُ الْمُتَعَارَفُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ جُوِّزَ الْبَيْعُ مَعَهُ اسْتِحْسَانًا وَصَارَ مُعْتَبَرًا هِنْدِيَّةٌ " " اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 36 و 38 و 83 " وَجَوَازُ الْبَيْعِ مَعَهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْعُرْفُ وَالتَّعَامُلُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَتَى كَانَ مُتَعَارَفًا فَلَا يَكُونُ بَاعِثًا عَلَى النِّزَاعِ وَيَحْصُلُ الْمِلْكُ الْمَقْصُودُ بِغَيْرِ خِصَامٍ. وَقَدْ جَاءَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي جَرَى الْعُرْفُ عَلَى التَّعَامُلِ بِهَا فِي الْبَيْعِ. وَالْمَدَارُ فِي مَعْرِفَةِ ذَلِكَ عَلَى الْعُرْفِ وَالتَّعَامُلِ فَحَيْثُمَا وُجِدَا فِي شَرْطٍ صَحَّ الْبَيْعُ مَعَهُ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ بَيْعُ الثَّمَرِ الَّذِي نَضِجَ قِسْمٌ مِنْهُ وَلَمْ يَنْضَجْ الْقِسْمُ الْآخَرُ بِشَرْطِ إبْقَائِهِ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى يَنْضَجَ وَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْبَيْعِ فَتَجْوِيزُ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ هُوَ تَرْجِيحٌ لِلْعُرْفِ عَلَى النَّصِّ مَعَ أَنَّ نَصَّ الشَّارِعِ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَرُدَّ النَّصَّ بِالْعُرْفِ كَمَا اتَّضَحَ فِي شَرْحِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ مَا يُثِيرُهُ الْبَيْعُ بِالشَّرْطِ مِنْ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الشَّارِعِ إنَّمَا هِيَ قَطْعُ النِّزَاعِ وَحَسْمُ الْخِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ وَالشُّرُوطُ الَّتِي يَجْرِي بِهَا الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ لَيْسَتْ مِمَّا يُسَبِّبُ نِزَاعًا وَيُثِيرُ خِصَامًا فَلَا تَكُونُ مَقْصُودَةً بِالنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَإِذَا اقْتَرَنَ الشَّرْطُ " بِإِنْ " بَطَلَ الْبَيْعُ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82 " مَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مُعَلَّقًا بِرِضَا مُعَيَّنٍ مَثَلًا: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك مَالِي هَذَا بِكَذَا قِرْشًا إنْ قَبِلَ زَيْدٌ بِذَلِكَ فِي مُدَّةِ

(المادة 189) البيع بشرط ليس فيه نفع لأحد العاقدين

خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَهَذَا يَكُونُ بَيْعًا مُشْتَرَطًا فِيهِ الْخِيَارُ لِإِنْسَانٍ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا عُيِّنَتْ الْمُدَّةُ كَمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَمِنْ الشُّرُوطِ الْعُرْفِيَّةِ: لَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ ثَمَرًا بَعْضَهُ صَالِحٌ لِلْأَكْلِ وَالْآخَرَ غَيْرُ صَالِحٍ عَلَى أَنْ يَبْقَى الثَّمَرُ عَلَى الشَّجَرِ إلَى أَنْ يَنْضَجَ جَمِيعُهُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ وَعَلَى الْبَائِعِ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالشَّرْطِ الَّذِي يُسَوَّغُ شَرْعًا كَالْبَيْعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ النَّقْدِ وَخِيَارِ التَّعْيِينِ وَخِيَارِ الْغَبْنِ وَخِيَارِ التَّغْرِيرِ وَخِيَارِ كَشْفِ الْحَالِ وَخِيَارِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَرْطِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَشَرْطِ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِنْ دَعْوَى الْعَيْبِ وَشَرْطِ أَنْ يَتَّصِفَ الْمَبِيعُ بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَشَرْطِ أَنْ يَسْتَأْصِلَ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَةَ وَشَرْطِ رَدِّ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ إنْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا. فَكُلُّ ذَلِكَ سَائِغٌ وَمُعْتَبَرٌ وَالْبَيْعُ مَعَهُ صَحِيحٌ " أَشْبَاهٌ " وَ " بَزَّازِيَّةَ ". وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ الَّذِي يُشْتَرَطُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَفَاءَ بِالْوَعْدِ وَاجِبٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُتَبَايِعَانِ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ حِينَ الْعَقْدِ بَلْ ذَكَرَاهُ بَعْدَ تَمَامِهِ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ فَلَا يُخِلُّ ذِكْرُهُ حِينَئِذٍ بِالْبَيْعِ وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ رَدُّ الْمُحْتَارِ " [ (الْمَادَّةُ 189) الْبَيْعُ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ] (الْمَادَّةُ 189) : الْبَيْعُ بِشَرْطٍ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَصِحُّ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ مَثَلًا بَيْعُ الْحَيَوَانِ عَلَى أَلَّا يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ أَوْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُرْسِلَهُ إلَى الْمَرْعَى صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ. لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ إذْ لَا فَائِدَةَ مِنْهُ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَالنِّزَاعُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ إنَّمَا هُوَ عِنَادٌ وَتَحَكُّمٌ فَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ يَهَبَهُ أَوْ أَلَّا يَرْكَبَهُ، أَوْ الْأَثْوَابَ عَلَى أَلَّا يَلْبَسَهَا، أَوْ الطَّعَامَ عَلَى أَلَّا يَأْكُلَهُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ لَا يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83 "؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ نَعَمْ قَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَائِدَةٌ لِلْحَيَوَانِ لَكِنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ مِمَّا لَهُ حَقٌّ وَلِلْمُشْتَرِي بَيْعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ هِبَتُهُ لِمَنْ أَرَادَ كَمَا أَنَّ لَهُ الْحَقَّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمَرْعَى وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الْمِثَالِ هُنَا " بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ " وَلَمْ يَقُلْ " مِنْ مُعَيَّنٍ " لِأَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْبَيْعَ لِمُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْحَيَوَانَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُقَدِّمَ لَهُ عَلَفًا أَوْ أَنْ يَذْبَحَهُ، أَوْ مَالًا بِشَرْطِ أَلَّا يَبِيعَهُ فِي الْبَلْدَةِ بَلْ يَبِيعَهُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ عَبْدُ الرَّحِيمِ وَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَالًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَهَبَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ

يُبَاعُ مِنْهُ أَوْ يُوهَبُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ أَمَّا إذَا عَيَّنَ ذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ مِنْ زَيْدٍ أَوْ هِبَتَهُ لِعَمْرٍو فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ هِنْدِيَّةٌ ". وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ ثَمَرًا نَاضِجًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ أَنْ يَبْقَى عَلَى الشَّجَرِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى عَلَى الشَّجَرِ مُدَّةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَهِنْدِيَّةٌ "؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. وَإِذَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ مُضِرٌّ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ كَمَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ الْعَبَاءَةَ عَلَى أَنْ يُمَزِّقَهَا أَوْ الدَّارَ عَلَى أَنْ يَهْدِمَهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ كَاشْتِرَاطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَكْلَ الطَّعَامِ أَوْ لُبْسَ الثِّيَابِ أَوْ سُكْنَى الدَّارِ الَّتِي بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ أَلَّا يَسْكُنَهَا غَيْرُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ طَحْطَاوِيٌّ. وَكَذَلِكَ لَوْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطٍ فِيهِ نَفْعٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ " خَانِيَّةٌ. قُهُسْتَانِيٌّ. بَحْرٌ ". مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يُقْرِضَ الْمُشْتَرِي إنْسَانًا مُعَيَّنًا قَرْضًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ دَارًا وَشَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنْ يَسْكُنَهَا شَخْصٌ مُعَيَّنٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَكَذَلِكَ كُلُّ شَرْطٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالَهُ عَلَى أَنْ يَهَبَ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ الْمُشْتَرِي عِشْرِينَ قِرْشًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا لَمْ يُعْطِ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ الْهِبَةَ الْمَشْرُوطَةَ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَزَّازِيَّةٌ " وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ مَبْلَغًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ فَإِذَا لَمْ يُقْرِضْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الْبَائِعَ الْمَبْلَغَ فَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فِي فَسْخِ الْبَيْعِ خَانِيَّةٌ ". " فَائِدَةٌ:. إذَا ذَكَرَ الْمُتَبَايِعَانِ شَرْطًا مُفْسِدًا لِلْبَيْعِ خَارِجَ الْعَقْدِ وَجَرَى الْعَقْدُ دُونَ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَيُبْنَى عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ لَا يَكُونُ فَاسِدًا أَمَّا إذَا ذَكَرَاهُ دَاخِلَ الْعَقْدِ وَبَنَيَا الْعَقْدَ عَلَيْهِ مُتَّفِقَيْنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. وَهَا هُنَا مَسَائِلُ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَسَّمُوا فِي مَذْهَبِهِمْ شَرَائِطَ الْبَيْعِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ، وَمُفْسِدٌ، وَلَغْوٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 189 الشَّرْطُ اللَّغْوُ وَنَرَى مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ نَذْكُرَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ. فَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ هِنْدِيَّةٌ ": الْأَوَّلُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْبَيْعِ، أَوْ الْمُتَعَارَفُ أَوْ الْمَشْرُوعُ، أَوْ الْمُؤَيِّدُ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوْ مَا فِيهِ نَفْعٌ أَوْ فَائِدَةٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَالْبَيْعُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَاسِدٌ قُهُسْتَانِيٌّ، رَدُّ الْمِحْتَارُ "؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ التَّمْلِيكُ وَالتَّمَلُّكُ خَاصَّةً أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ مَالِكًا لِلثَّمَنِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا مُزَاحِمٍ. فَإِذَا وَقَعَ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ نَافِعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَانَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ طَالِبًا لِهَذَا الشَّرْطِ وَالْآخَرُ هَارِبًا مِنْهُ وَأَدَّى ذَلِكَ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ تَامًّا. وَتَجْرِي الْإِجَارَةُ هَذَا الْمَجْرَى إنْ عُدِمَ وُقُوعُ الْمُنَازَعَةِ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ الْمُحْتَوِيَةِ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ لَا

يَقْتَضِي جَوَازَ هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي لَمْ يَقَعْ فِيهِ مُنَازَعَةٌ مَعَ احْتِوَائِهِ لِشَرْطٍ فَاسِدٍ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ لَا فِي الْأَفْرَادِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ الْمُشْتَمِلَيْنِ عَلَى شَرْطٍ نَافِعٍ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ اُعْتُبِرَا فَاسِدَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُؤَدِّيَ هَذَا الشَّرْطُ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْإِجَارَاتِ وَالْبُيُوعِ الْمُشْتَمِلَ عَلَى شَرْطٍ نَافِعٍ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَنْبَغِي تَجْوِيزُ بَعْضِ الْإِجَارَاتِ وَالْبُيُوعِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى شَرْطٍ نَافِعٍ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى النِّزَاعِ فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْجِنْسِ لَا لِلْفَرْدِ مَنَافِعُ الدَّقَائِقِ " وَنَذْكُرُ هُنَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَرْطًا مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ: (1) إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالًا بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ يُقْرِضَهُ مَالًا مَعْلُومًا أَوْ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ أَوْ يُعِيرَهُ مَالًا مُعَيَّنًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِيهَا نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ آخَرُ مِلْكَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْكُنَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَعُولَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ هُنَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ إلَّا إذَا ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ بِغَيْرِ الْوَاوِ فَإِذَا ذُكِرَ بِالْوَاوِ كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَعَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي خَمْسَةً فَالْبَيْعُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ جَائِزٌ وَلَا يُعْتَبَرُ مِثْلُ هَذَا شَرْطًا " رَدُّ الْمُحْتَارِ "؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّرْطِ بِالْوَاوِ يَجْعَلُهُ مُسْتَقِلًّا عَنْ الْعَقْدِ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِهِ. (2) إذَا بَاعَتْ امْرَأَةٌ مَالًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا إذَا بَاعَتْ مَالَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَلَّا يُطَلِّقَهَا. (3) إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْ زَيْدٌ أَنْ يَتَّهِبَهُ أَوْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ الشَّارِي الْأَوَّلِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ دَارًا وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ زِيَادَةً عَنْ مَبْلَغِ كَذَا أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ " فَتْحُ الْقَدِيرِ ". وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ حِمَارًا مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا وَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَلَّا يَسْقُطَ خِيَارُهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَلَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ هِنْدِيَّةٌ " وَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَحْثِ وَالتَّدْقِيقِ فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ بِعَرْضِ الْمَبِيعِ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ قَابِلٌ لِلْفَسْخِ بِالْخِيَارِ. (4) لَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ عِنَبَ كَرْمٍ لَمْ يَنْضَجْ عَلَى أَنْ يَبْقَى فِي الْكَرْمِ حَتَّى يَنْضَجَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلِلْبَائِعِ قَطْفُهُ خَانِيَّةٌ " كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْعِنَبَ عَلَى الْكَرْمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (5) إذَا بَاعَ إنْسَانٌ نِصْفَ أَرْضِهِ الَّتِي مِسَاحَتُهَا مِائَةٌ دُونَم بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى نِصْفِهِ الْآخَرِ مِنْ الضَّرِيبَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَدْفَعَ هُوَ الضَّرِيبَةَ السَّنَوِيَّةَ الْمَفْرُوضَةَ عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ كُلَّهَا. (6) إذَا كَانَ إنْسَانٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَبَاعَ الْمَدِينُ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ مَالًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ

وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يَحْصُلَ بَيْنَهُمَا تَقَاضٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ هِنْدِيَّةٌ "؛ لِأَنَّ الدَّيْنَيْنِ مُتَّحِدَانِ صِفَةً وَجِنْسًا فَيَحْصُلُ التَّقَاضِي جَبْرًا. (7) إذَا بَاعَ إنْسَانٌ آخَرَ مَالًا وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ إنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْبَائِعِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَبَقِيَ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ عَدَمَ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا ضَبَطَ الْمَبِيعَ بِالِاسْتِحْقَاقِ " بَهْجَةٌ. مُؤَيَّدُ زَادَهْ. (8) إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَهَبَ الْبَائِعُ مِائَةَ قِرْشٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْحَقُ أَصْلَ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ تَنْزِيلِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 186 (بَزَّازِيَّةٌ) . (9) إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. (10) إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ قَطْفَ الثَّمَرِ عَلَى الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. (11) إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ فِي الْبَيْعِ عَدَمَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ شَهْرٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قُهُسْتَانِيٌّ. (12) إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ قَطِيعَ غَنَمٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ رَأْسٍ كُلُّ رَأْسٍ بِكَذَا قِرْشًا وَأَنْ يَكُونَ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ بِلَا ثَمَنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. النَّوْعُ الثَّانِي: مِنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَبَيْعِ الْبَقَرَةِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَالْبَيْعُ بِمِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: شَرْطُ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الَّذِي يَكُونُ عَيْنًا فَهَذَا الشَّرْط مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ. النَّوْعُ الرَّابِعُ: شَرْطُ الْخِيَارِ مُؤَبَّدًا وَمُوَقَّتًا بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَالْبَيْعُ بِمِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ بَيْعٌ فَاسِدٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 300) (هِنْدِيَّةٌ)

الفصل الرابع في إقالة البيع

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي إقَالَةِ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 190) : لِلْعَاقِدَيْنِ أَنْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ بِرِضَاهُمَا. إنَّ جَوَازَ الْإِقَالَةِ ثَابِتٌ بِالنَّقْلِ وَالْعَقْلِ فَمِنْ النَّقْلِ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَثَرَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَالْعَقْلُ يَقْضِي بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَرْفَعَا الْعَقْدَ تَبَعًا لِلْمَصْلَحَةِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ فِي الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. مِثَالُ الْأَوَّلِ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: أَقَلْت الْبَيْعَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت فَتَكُونُ الْإِقَالَةُ هَهُنَا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَيَرْجِعُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ. وَمِثَالُ الثَّانِي إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ عَشْرَةَ كَيْلَةً حِنْطَةً، وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي الثَّمَنَ أَوْ تَرُدَّ لِي الْحِنْطَةَ فَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي خَمْسَ كَيْلَاتٍ فَقَدْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْخَمْسِ الْكَيْلَاتِ بِالتَّعَاطِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 275) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ الرِّضَاءِ أَنَّ رِضَاءَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْإِقَالَةِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي رَفْعِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ أَمَّا رَفْعُ الْعَقْدِ غَيْرِ اللَّازِمِ فَعَائِدٌ إلَى صَاحِبِ الْخِيَارِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْآخَرِ بَلْ يَكْفِي عِلْمُهُ (أَبُو السُّعُودِ) وَلَا يُقَالُ لِرَفْعِ هَذَا الْعَقْدِ إقَالَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 163) [ (الْمَادَّةُ 191) الْإِقَالَةُ كَالْبَيْعِ تَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] (الْمَادَّةُ 191) الْإِقَالَةُ كَالْبَيْعِ تَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: أَقَلْت الْبَيْعَ أَوْ فَسَخْته وَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْت، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: أَقِلْنِي الْبَيْعَ فَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ فَعَلْت صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ. تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ: الْأُولَى: الْمَذْكُورَةُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ وَهِيَ الِانْعِقَادُ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صِيغَةُ الْمَاضِي فِي الْأَكْثَرِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ بِهَا مِنْ أَحَدِ الْمُتَقَايِلَيْنِ وَصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ الْآخَرِ كَمَا أَفْتَى الشَّيْخَانِ وَخَالَفَهُمَا فِي ذَلِكَ مُحَمَّدٌ وَالسَّبَبُ فِي جَوَازِ انْعِقَادِ الْإِقَالَةِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَامْتِنَاعِهِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ فِي الْبَيْعِ تُحْمَلُ عَلَى الْمُسَاوَمَةِ فَلَا تَدُلُّ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَا تَكْفِي لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ، أَمَّا الْإِقَالَةُ فَتَقَعُ بَعْدَ النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِي الْأَمْرِ وَلَيْسَ فِيهَا مُسَاوَمَةٌ فَصِيغَةُ الْأَمْرِ فِيهَا تُحْمَلُ عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَبُولُ الْإِقَالَةِ يَكُونُ عَلَى

نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْقَوْلُ وَالنَّصُّ. وَلَا يَنْحَصِرُ انْعِقَادُ الْإِقَالَةِ فِي لَفْظِ " الْإِقَالَةِ " بَلْ تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُفِيدُ مَعْنَى الْإِقَالَةِ كَأَلْفَاظِ الْفَسْخِ وَالتَّرْكِ وَالرَّفْعِ وَالتَّرْدَادِ وَأَعِدْ لِي نُقُودِي وَخُذْ نَقُودَك وَبِعْ مِنْ نَفْسِك وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 3) وَلَكِنْ بَيْنَ أَلْفَاظِ الْإِقَالَةِ فَرْقٌ فَإِذَا عُقِدَتْ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ (الْإِقَالَةِ) فَحُكْمُهَا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخٌ وَفِي حَقِّ الْغَيْرِ بَيْعٌ جَدِيدٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 196) أَمَّا إذَا عُقِدَتْ الْإِقَالَةُ بِأَلْفَاظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ أَوْ التَّرَادِّ فَلَيْسَتْ بَيْعًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَقَالَ الْبَائِعَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَعِدْ لِي نُقُودِي أَوْ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: خُذْ نَقُودَك وَقَبِلَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مَتَاعًا مِنْ آخَرَ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَلَمْ يَرَهُ وَقَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْ لِي ذَلِكَ الْمَتَاعَ فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ بِالْمُوَافَقَةِ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هَاهُنَا وَكَّلَ الْبَائِعَ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْ لِي الْمَبِيعَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَرَآهُ فَالْبَيْعُ لَا يَنْفَسِخُ بَلْ يَكُونُ الْبَائِعُ وَكِيلًا لِلْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَانْظُرْ الْمَادَّةَ (1455) كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ قَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْ الْمَبِيعَ مِنْ نَفْسِك فَبَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ إقَالَةً وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ أَنْقِرْوِيٌّ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْ الْمَبِيعَ أَوْ بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت أَوْ بِعْ الْمَبِيعَ لِأَجْلِي فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ (بَزَّازِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ بَقَرَةً وَبَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتهَا مِنْك رَخِيصَةً فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إذَا كَانَتْ رَخِيصَةً فَخُذْهَا وَبِعْهَا وَارْبَحْ مِنْهَا وَأَعِدْ لِي الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعْته إلَيْك فَبَاعَ الْبَائِعُ الْبَقَرَةَ وَرَبِحَ مِنْهَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ قَدْ جَرَتْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ أَوْ كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَالَ لِلْبَائِعِ: بِعْهَا مِنْ نَفْسِك فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إقَالَةً وَالرِّبْحُ يَعُودُ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا كَانَ تَوْكِيلًا وَالرِّبْحُ يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُوَكَّلِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ طَعَامًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ قَالَ لِلْبَائِعِ كُلْهُ فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ وَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدْ أَكَلَ مَالَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْكُلْهُ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ إيجَابُ الْإِقَالَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الْقَبُولُ أَنْقِرْوِيٌّ وَكَذَلِكَ إذَا وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَنْقُولَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ رَهَنَهُ وَقَبِلَ الْبَائِعُ الْهِبَةَ أَوْ الرَّهْنَ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ (بَزَّازِيَّةٌ) أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ الْهِبَةَ أَوْ الرَّهْنَ فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ وَالْبَيْعُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 253) لَكِنْ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْبَائِعِ وَقَبِلَ الْبَائِعُ فَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا ضِدُّ الْبَيْعِ فَلَا يُسْتَعْمَلُ الْبَيْعُ مَجَازًا فِي الْإِقَالَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْنِي الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنِّي بِكَذَا قِرْشًا فَيَبِيعُهُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَيَقْبَلُ الْبَائِعُ فَهَذَا لَا يَكُونُ إقَالَةً بَلْ يَكُونُ بَيْعًا فَتَجِبُ فِيهِ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنْقِرْوِيَّ وَرَدَّ الْمُحْتَارِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ ثَوْبَ حَرِيرٍ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ قَالَ لِلْبَائِعِ: لَا يَنْفَعُنِي هَذَا الثَّوْبُ فَخُذْهُ وَأَعِدْ لِي دَرَاهِمِي فَلَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ نَزَلْت عَنْ مِقْدَارِ كَذَا مِنْ الثَّمَنِ فَادْفَعْ لِي الْبَاقِيَ فَوَافَقَ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ وَتَمَّ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَهَذَا إقَالَةٌ وَلَيْسَ بَيْعًا جَدِيدًا. تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ (لَا أُرِيدُ) مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ لَا أُرِيدُ هَذَا الْبَيْعَ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِقَالَةِ وَإِذَا بَاعَ الدَّلَّالُ مَالًا بِأَمْرٍ مُطْلَقٍ ثُمَّ أَحْضَرَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُعْطِي الْمَبِيعَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَسَمِعَهُ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ

(المادة 192) الإقالة بالتعاطي القائم مقام الإيجاب والقبول

وَأَنَا لَا أُرِيدُ فَالْبَيْعُ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْفَسْخِ أَوَّلًا وَثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ. النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ نَوْعِ قَبُولِ الْإِقَالَةِ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلَالَةً وَفِعْلًا وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَا يَأْتِي: أَوَّلًا: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ أَذْرُعٍ قُمَاشًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ ذَلِكَ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ أَقَلْت الْبَيْعَ فَخُطَّ مِنْ هَذَا الْقُمَاشِ ثَوْبًا وَبِدُونِ أَنْ يَنْبِسَ الْمُشْتَرِي بِبِنْتِ شَفَةٍ قَصَّ الْقُمَاشَ ثَوْبًا لِلْبَائِعِ فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ ثَانِيًا إذَا كَانَ الْقُمَاشُ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ لِلْبَائِعِ قَدْ أَقَلْت الْبَيْعَ فَإِذَا قَصَّ الْبَائِعُ الْقُمَاشَ ثَوْبًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ ثَالِثًا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ: أَقَلْت الْبَيْعَ فَقَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ. إنَّ إيجَابَ الْإِقَالَةِ يُصْبِحُ مَرْدُودًا بِالرَّدِّ وَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ صَرَاحَةً فَالْإِيجَابُ يَبْطُلُ وَاسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ بَعْدَ رَدِّهِ الْإِيجَابَ لَا يُعَدُّ قَبُولًا لِلْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ يُعَدُّ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى قَبُولِهِ الْإِقَالَةَ إلَّا أَنَّ الدَّلَالَةَ دُونَ التَّصْرِيحِ فَلَا يَبْطُلُ بِهَا الرَّدُّ الَّذِي حَصَلَ بِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 184) . ثَانِيًا: تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالرِّسَالَةِ فَإِذَا أَرْسَلَ أَحَدُ الْمُتَابِعَيْنِ رَسُولًا إلَى الْآخَرِ لِيَبِيعَهُ الْإِقَالَةَ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ إيَّاهَا وَقَبِلَ الْمُبَلَّغُ إلَيْهِ الْإِقَالَةَ فِي مَجْلِسِ التَّبْلِيغِ دُونَ أَنْ يَتَشَاغَلَ بِعَمَلٍ آخَرَ أَوْ يَأْتِيَ بِأَيِّ شَيْءٍ دَالٍّ عَلَى الْإِعْرَاضِ تَكُونُ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ وَقَبِلَ الْإِقَالَةَ فِي مَجْلِسِ التَّبْلِيغِ فَأَنْكَرَ الطَّرَفُ الْآخَرُ حُصُولَ الْقَبُولِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْإِقَالَةِ لَا تُصَدَّقُ دَعْوَاهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ " بَزَّازِيَّةٌ " كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالْكِتَابِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَتَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ [ (الْمَادَّةُ 192) الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي الْقَائِمِ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] (الْمَادَّةُ 192) : الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي الْقَائِمِ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صَحِيحَةٌ. يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِتَرَادِّ الْبَدَلَيْنِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِتَعَاطِي الْبَدَلَيْنِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 175 وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقَالَةَ بِالتَّعَاطِي تَنْعَقِدُ بِثَلَاثِ طُرُقٍ: الْأَوَّلُ: بِتَعَاطِي الْفَرِيقَيْنِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ بِدَاعِي وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَيَقْبَلُ الْبَائِعُ الرَّدَّ بِالرِّضَا فَيَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ إعَادَةَ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى تَبَيُّنِ عَدَمِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ. الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ: بِإِعْطَاءِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَ الْبَائِعُ إقَالَةَ الْبَيْعِ فَيَطْلُبُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ لَهُ الثَّمَنَ فَيَكْتُبُ الْبَائِعُ سَنَدًا عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ ثُمَّ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِيَ فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ فَالْإِقَالَةُ مُنْعَقِدَةٌ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ (الْخَيْرِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) وَكَذَلِكَ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي صَكَّ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ عَلَى سَبِيلِ الْإِقَالَةِ إلَى الْبَائِعِ فَأَخَذَ الصَّكَّ وَتَصَرَّفَ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَتَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِطَرِيقِ الْإِعْطَاءِ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي. الطَّرِيقُ الثَّالِثَةُ: بِإِعْطَاءِ الْبَائِعِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً شَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ يَقُولَ

(المادة 193) اتحاد المجلس في الإقالة

لِلْبَائِعِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ: إنَّ السِّعْرَ غَالٍ فَيَرُدُّ لَهُ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَيَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي فَتَجْرِي الْإِقَالَةُ فِيمَا رُدَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ ". وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ عِدَّةَ بَقَرَاتٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَقَبَضَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِبَاقِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت بِثَمَنٍ غَالٍ فَرَدَّ الْبَائِعُ الْجُزْءَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَالْإِقَالَةُ تَنْعَقِدُ وَانْعِقَادُهَا هَهُنَا بِإِعْطَاءِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْبَقَرَاتِ إلَى الْبَائِعِ فَعَلَيْهِ اسْتِرْدَادُهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفُضَ ذَلِكَ بِدَعْوَى أَنَّ الْإِقَالَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 193) اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِقَالَةِ] (الْمَادَّةُ 193) يَلْزَمُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِقَالَةِ كَالْبَيْعِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُوجَدَ الْقَبُولُ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: أَقَلْت الْبَيْعَ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْآخَرُ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ أَوْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمَا فِعْلٌ أَوْ قَوْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ ثُمَّ قَبِلَ الْآخَرُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا حِينَئِذٍ. اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ قَوْلِيَّةً وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَجْلِسُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِالتَّعَاطِي وَجَبَ اتِّحَادُ مَجْلِسِ التَّعَاطِي وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ غَيْرَ مُوَافِقٍ فَأَعَادَهُ إلَى الْبَائِعِ فَرَفَضَ الْبَائِعُ قَبُولَ الْحِصَانِ صَرَاحَةً فَتَرَكَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ وَذَهَبَ فَاسْتَعْمَلَ الْبَائِعُ الْحِصَانَ فِي أَعْمَالٍ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ قَبُولًا مِنْهُ لِلْإِقَالَةِ وَلَهُ أَلَّا يَرُدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَرُدَّ الْحِصَانَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْحِصَانِ وَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى قَبُولِ الْبَائِعِ لِلْإِقَالَةِ إلَّا أَنَّ الرَّدَّ الَّذِي وَقَعَ صَرَاحَةً مَانِعٌ مِنْ اعْتِبَارِ قَبُولِ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ دُونَ التَّصْرِيحِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْهِنْدِيَّةُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 184 " وَعَلَى هَذَا إذَا ذَهَبَ الْمُشْتَرِي بِالْحِصَانِ الَّذِي شَرَاهُ لِيَرُدَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَقِيلَ مِنْ الْبَيْعِ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعَ فِي دَارِهِ فَتَرَكَ الْحِصَانَ فِي إصْطَبْلِهِ وَرَجَعَ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ اسْتَعْمَلَ الْحِصَانَ فِي مَصَالِحِهِ فَالْإِقَالَةُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ الْبَائِعِ لِلْحِصَانِ قَبُولًا فِعْلِيًّا لِلْإِقَالَةِ غَيْرَ أَنَّ مَجْلِسَ التَّعَاطِي لَمْ يَكُنْ مُتَّحِدًا فَلِهَذَا لَيْسَتْ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً. [ (الْمَادَّةُ 194) مَوَانِعُ الْإِقَالَةِ أَرْبَعَةٌ] (الْمَادَّةُ 194) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَمَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْإِقَالَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَدْ تَلِفَ لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مَوَانِعُ الْإِقَالَةِ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا هَلَاكُ الْمَبِيعِ هَلَاكًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا. ثَانِيهَا: حُصُولُ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ مُنْفَصِلَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ فِيهِ ثَالِثُهَا حُصُولُ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ مُنْفَصِلَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ فِيهِ. رَابِعُهَا تَبَدُّلُ اسْمِ الْمَبِيعِ فَهَذِهِ الْمَوَانِعُ الْأَرْبَعَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْبَيْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قِيَامِ الْبَيْعِ وَقِيَامَ الْبَيْعِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى قِيَامِ الْمَبِيعِ لِوُجُوبِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُتَعَيَّنًا وَبِهَلَاكِ الْمَبِيعِ يَرْتَفِعُ الْبَيْعُ وَلَوْ بَقِيَ الثَّمَنُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَوْجُودًا فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فَلَيْسَ ثَمَّةَ عَقْدٌ يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَالتَّقَايُلُ فِيهِ. وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ حَقِيقَةٌ ظَاهِرَةٌ كَمَوْتِ الْحِصَانِ الْمَبِيعِ مَثَلًا أَمَّا هَلَاكُ الْمَبِيعِ حُكْمًا فَكَأَنْ يَكُونَ حِصَانًا فَيَفِرَّ أَوْ طَائِرًا فَيَطِيرَ وَلَا يُعْلَمُ مَكَانُهُمَا فَيَصِيرُ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ.

وَلَفْظَةُ (قَائِمٌ) الْوَارِدَةُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ يُقْصَدُ بِهَا عَدَمُ هَلَاكِ الْمَبِيعِ حُكْمًا، وَلَفْظَةُ " مَوْجُودٌ " يُقْصَدُ بِهَا عَدَمُ هَلَاكِ الْمَبِيع حَقِيقَةً. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَقَبْلَ إعَادَةِ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ حَيَوَانًا فَفَرَّ أَوْ فُقِدَ فَالْإِقَالَةُ تَبْطُلُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 292. إنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ فِي خِيَارِ الْبَيْعِ وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَمْنَعُ أَيْضًا مِنْ الرَّدِّ فِي الْإِقَالَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 349 و 352) وَقَدْ قُلْنَا آنِفًا أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ وَالزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تَمْنَعَانِ مِنْ الْإِقَالَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمَقْبُوضُ أَثْوَابًا فَتُصْبَغُ أَوْ أَرْضًا فَيَبْنِي فِيهَا فَفِي ذَلِكَ حُصُولُ زِيَادَةٍ غَيْرِ مُتَوَلِّدَةٍ أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمَقْبُوضُ حَيَوَانًا فَيَلِدُ أَوْ بُسْتَانًا فَيُثْمِرُ وَفِي هَذَا حُصُولُ زِيَادَةٍ مُتَوَلِّدَةٍ فَحُصُولُ الزِّيَادَةِ فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَجْعَلُ فَسْخَ الْعَقْدِ مُتَعَذَّرًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ حَقِّ الْمُشْتَرِي شَرْعًا وَلَمْ تَكُنْ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَجُوزَ رَدُّهَا إلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعَادَةِ حَادِثٍ سَابِقٍ فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً فَلَا يَبْقَى مَانِعٌ مِنْ بَقَاءِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَمَّا الزِّيَادَةُ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَكُونُ مِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ مَعَ زَرْعِهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ بَعْدَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ. وَمِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ تَبَدُّلُ الِاسْمِ كَمَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ خُيُوطًا أَوْ قَمْحًا فَنَسَجَ مِنْ الْخُيُوطِ ثَوْبًا أَوْ طَحَنَ الْقَمْحَ وَصَارَ اسْمُ تِلْكَ الْخُيُوطِ ثَوْبًا وَالْقَمْحُ دَقِيقًا أَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَخَاطَهُ قَمِيصًا فَالْإِقَالَةُ فِي هَذِهِ الْمَبِيعَاتِ الَّتِي تَبَدَّلَتْ أَسْمَاؤُهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ هَذَا إذَا بُنِيَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْأَصْلَ لِلْبَائِعِ فَقَطْ دُونَ الزِّيَادَةِ كَأَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا: اُفْتُقْ الْخِيَاطَةَ وَسَلِّمْ الثَّوْبَ لِلْبَائِعِ عَلَى مَا فِي هَذَا مِنْ الضَّرَرِ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ بُنِيَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ لِلْبَائِعِ كَأَنْ يُسَلِّمَ الثَّوْبَ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ صَيَّرَهُ الْمُشْتَرِي قَمِيصًا كَمَا هُوَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ الْأَنْقِرْوِيُّ ". أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ فَلَيْسَتَا مِنْ مَوَانِعِ الْإِقَالَةِ صُرَّةُ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ ". مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانًا وَيُقْبِضَهُ ثُمَّ يَسْمَنُ هَذَا الْحَيَوَانُ أَوْ يَكُونُ مُصَابًا فِي عَيْنِهِ فَيَبْرَأُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْحَيَوَانِ صَحِيحَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ طَاحُونًا أَوْ حِصَانًا فَأَجَّرَ الْمُشْتَرِي الطَّاحُونَ أَوْ أَكْرَى الْحِصَانَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَقَايَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ حَيَاةُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِوَرَثَتِهِمَا أَنْ يَتَقَايَلَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا وَلِوَصِيِّهِمَا أَيْضًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَلِلْإِقَالَةِ ضَبْطٌ عَامٌّ وَهُوَ: كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ حَقَّ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَمْلِكُ حَقَّ الْإِقَالَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ مَوَاضِعَ فَقَطْ: الْأَوَّلُ: فِيمَا إذَا كَانَ بَيْعُ الْوَصِيِّ لِلْمَالِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ كَانَ

(المادة 195) إذا تلف بعض المبيع صحت الإقالة في الباقي

شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ فَالْإِقَالَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِاشْتِرَاطِ الْفَائِدَةِ فِي جَوَاز إقَالَةِ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ أَوْ التَّرِكَةَ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ أَقَالَ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى مِنْ مَدِينِهِ مَالًا يُسَاوِي خَمْسِينَ قِرْشًا بِعِشْرِينَ قِرْشًا ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهَا فِي الْحَالَتَيْنِ مُضِرَّةٌ بِالصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ إذَا اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ مَالًا أَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ الصَّغِيرَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِقَالَةَ فِي مَعْنَى التَّبَرُّعِ بِالْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَصِيِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ. أَمَّا إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْوَصِيِّ ثُمَّ وَهَبَ الصَّغِيرَ أَوْ الْوَصِيَّ الثَّمَنَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَبِذَلِكَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مَرَّتَيْنِ فِي الْأُولَى عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَمَنَ الْمَوْهُوبِ. الْمَوْضُوعُ الثَّانِي: الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ لِلْبَيْعِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا فَائِدَةٌ. الثَّالِثُ: مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَلَا تَصِحُّ إقَالَتُهُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا فَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَوْ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مَالًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتُهٌ أَوْ اشْتَرَى مَالًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا تَصِحُّ إقَالَتُهُمَا لِهَذَا الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مَالًا مِنْ صَبِيٍّ مَأْذُونٍ ثُمَّ وَهَبَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَيَكُونُ قَدْ تَبَرَّعَ بِالْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَدْ وَهَبَ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ الثَّمَنَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ ثُمَّ أَقَالَ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَبِمُقْتَضَى الْإِقَالَةِ يَحِقُّ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَيَكُونَ الثَّمَنُ قَدْ تَأَدَّى إلَيْهِ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ وَالثَّانِيَةُ ثَمَنًا لِلْمَوْهُوبِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الرَّابِعُ: الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ 1493. الْخَامِسُ: الْوَكِيلُ بِالسَّلَمِ فَلَيْسَ لَهُ إقَالَةُ الْبَيْعِ عَلَى رَأْيِ الْبَعْضِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " [ (الْمَادَّةُ 195) إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَاقِي] (الْمَادَّةُ 195) لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَدْ تَلِفَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَاقِي مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَرْضَهُ الَّتِي مَلَكَهَا مَعَ الزَّرْعِ وَبَعْدَ أَنْ حَصَدَ الْمُشْتَرِي الزَّرْعَ تَقَايَلَا الْبَيْعَ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فِي حَقِّ الْأَرْضِ بِقَدْرِ حِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ ثَابِتٌ فِي الْبَاقِي فَتْحُ الْقَدِيرِ " فَبِالنَّظَرِ لِلْبَاقِي تَكُونُ الِاسْتِقَالَةُ صَحِيحَةً وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَبِيعُ وَضُمُورُهُ تَلَفًا فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ صَابُونًا مَثَلًا فَجَفَّ ثُمَّ أُقِيلَ الْبَائِعُ فِيهِ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ فِيهِ كُلِّهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَجَاءَ فِي مِثَالِ الْمَتْنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْإِقَالَةَ صَحِيحَةٌ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ مَحْصُولِهَا بِحِصَّةِ هَذِهِ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ مِثْلُ هَذِهِ الْحِصَّةِ، وَتَعْيِينُهَا مَا يَأْتِي:

(المادة 196) تلف ثمن المبيع لا يمنع من صحة الإقالة

إذَا عَيَّنَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْأَرْضِ مَثَلًا وَثَمَنَ الزَّرْعِ كُلًّا عَلَى حِدَةٍ وَقْتَ الْبَيْعِ فَحِصَّةُ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ مَعْلُومَةً وَإِذَا لَمْ يَفْصِلْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَ أَنْ حَصَدَ الْمُشْتَرِي الزَّرْعَ فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْأَرْضِ مَعَ الزَّرْعِ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَثَمَنُ الْأَرْضِ وَحْدَهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ فَمَجْمُوعُ الثَّمَنِ نِصْفُ مَجْمُوعِ الْقِيمَةِ فَيَدْفَعُ الْبَائِعُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَهُوَ مِائَةُ دِينَارٍ وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي الْأَرْضِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 177) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حِينَ الْبَيْعِ وَاحِدًا ثُمَّ حَدَثَ فِيهِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ بَعْدَ الْبَيْعِ فَصَارَ مُتَعَدِّدًا فَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُهُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَوْ هَلَكَتْ فَالْإِقَالَةُ لَا تَصِحُّ كَمَا تَقَدَّمَ إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنْقِرْوِيٌّ. وَفِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَدَلٍ مِنْهُمَا الْمَبِيعُ مِنْ وَجْهٍ فَبِبَقَاءِ أَحَدِهِمَا يَبْقَى الْبَيْعُ قَائِمًا فَيُمْكِنُ رَفْعُهُ وَإِقَالَتُهُ فَتْحُ الْقَدِيرِ " وَيُنْظَرُ فِي الْبَدَلِ الْهَالِكِ فَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا رُدَّتْ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا رُدَّ مِثْلُهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تَقَايَضَ رَجُلَانِ بِحِصَانَيْهِمَا أَوْ قَايَضَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِخَمْسِينَ كَيْلَةَ قَمْحٍ مِائَةَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ فَهَلَكَ أَحَدُ الْحِصَانَيْنِ أَوْ الْحِنْطَةُ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِمَا ثُمَّ تَقَايَلَا هَذَا الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ فِي الْحِصَانِ الْبَاقِي وَالشَّعِيرِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْحِصَانِ الْهَالِكِ أَوْ الْحِنْطَةِ قِيمَةَ الْحِصَانِ أَوْ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَإِذَا كَانَ الْبَدَلَانِ مَوْجُودَيْنِ حِينَ الْإِقَالَةِ ثُمَّ تَلِفَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا حُكْمٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مِثَالُ ذَلِكَ إذَا جَرَتْ الْإِقَالَةُ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ فَإِذَا تَلِفَ هَذَا الْبَدَلُ قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ (هِنْدِيَّةٌ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 194) [ (الْمَادَّةُ 196) تَلَفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ] (الْمَادَّةُ 196) هَلَاكُ الثَّمَنِ أَيْ تَلَفُهُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ. إنَّ تَلَفَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا التَّلَفُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ وَالْإِشَارَةُ إلَى الثَّمَنِ حِينَ الْعَقْدِ تَكُونُ كَقَوْلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ: اشْتَرَيْت هَذَا الْحِصَانَ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْبَيْعِ بِالْمَبِيعِ لَا بِالثَّمَنِ كَمَا اتَّضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 194 وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَكُونُ مَالًا بَلْ يَكُونُ دَيْنًا إمَّا حَقِيقَةً كَالثَّمَنِ الْوَاجِبِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يُشَارُ فِيهِ إلَى الثَّمَنِ أَوْ حُكْمًا كَالْبَيْعِ الَّذِي يُشَارُ فِيهِ إلَى الثَّمَنِ وَعَلَى كُلٍّ فَحَقُّ الْبَائِعِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الثَّمَنِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 243) . فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَابَّتَهُ بِثَمَنٍ قَدْرُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ تَقَايَلَ هُوَ وَالْآخَرُ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ آخَرَ مَالًا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ مُتَقَارِبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بَلْ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ تَقَايَلَ هُوَ وَالْآخَرُ الْبَيْعَ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَوْ الْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ مُسْتَهْلَكًا (فَتْحُ الْقَدِيرِ) (هِنْدِيَّةٌ) أَمَّا بَيْعُ الصَّرْفِ فَلِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ كِلَيْهِمَا ثَمَنٌ وَبَقَاءُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ جَائِزٌ فَتَلَفُهُمَا فِيهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي بَيْعِ السَّلَمِ وَلَوْ لَمْ يُقْبَضْ الْمُسْلَمُ فِيهِ

حكم الإقالة

[حُكْمُ الْإِقَالَةِ] ِ - لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ - عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ فَسْخُ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَمُوجِبَاتُ الْعَقْدِ هِيَ مَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَى شَرْطٍ وَذَلِكَ كَتَعْيِينِ الثَّمَنِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا وَتَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَعَلَى هَذَا إذَا تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ مِقْدَارِهِ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ. وَلَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يُشْتَرَطَ حِينَ الْإِقَالَةِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ يَنْقُصَ لِلنَّدَامَةِ أَوْ لِأَسْبَابٍ أُخْرَى أَوْ أَنْ يُزَادَ الثَّمَنُ أَوْ يُرَدَّ بَدَلُ غَيْرِهِ أَوْ يُؤَجَّلَ كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ حِينَ الْإِقَالَةِ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَضُرُّ شَيْئًا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ رَفْعُ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ الْحَالُ الْأُولَى وَثُبُوتُ هَذِهِ الْحَالِ يَقْتَضِي رُجُوعَ عَيْنِ الثَّمَنِ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ تَقَايَلَا الْبَيْعَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رِيَالًا عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسِينَ رِيَالًا لِلْمُشْتَرِي دُونَ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ أَوْ عَشَرَةً بَدَلًا مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَبَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْخَمْسِينَ رِيَالًا الْمُسَمَّاةَ ثَمَنًا حِينَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي قَبَضَهَا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْبَائِعِ لِلثَّمَانِيَةِ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَشَرَةِ بَدَلًا مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَقْدٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الَّذِي وَقَعَ سَابِقًا وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِرِضَاهُ بَدَلًا مِنْ سِتِّينَ رِيَالًا ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ بَعْدَ هُبُوطِ سِعْرِ الْمَالِ وَقِيمَةِ الرِّيَالِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ لَا السِّتِّينَ رِيَالًا الَّتِي قَبَضَهَا أَوْ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا ثُمَّ تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يُرَدَّ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَوْرًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا التَّأْجِيلُ صَحِيحًا عِنْدَ الْإِمَامِ. وَالشَّرْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ يُلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَوُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَقَبْلَ إعَادَتِهِ إلَى الْبَائِعِ فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْمَبِيعِ التَّالِفِ وَقَدْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الضَّمَانُ إلَّا أَنَّ الثَّمَنَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْإِبْرَاءِ. وَيَجُوزُ فِي الْإِقَالَةِ تَنْزِيلُ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَعْدَ اتِّفَاقِ الْمُتَقَايِلَيْنِ عَلَى التَّقَايُلِ عَلَى شَرْطِ تَنْزِيلِ الثَّمَنِ بِإِزَاءِ نَقْصٍ فِي الْمَبِيعِ لِعَيْبٍ فِيهِ فَفِي مِثْلِ ذَلِكَ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ وَالشَّرْطُ وَالْمِقْدَارُ الَّذِي حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) أَمَّا

إذَا شَرَطَ الْمُتَقَايِلَانِ تَنْزِيلَ الثَّمَنِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَقْتَضِي الْعَيْبُ أَوْ أَقَلَّ فَالشَّرْطُ لَغْوٌ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَا يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَقْتَضِي الْعَيْبُ الْحَقِيقِيُّ وَإِذَا حُطَّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ وَزَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ نَفْسِهِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِمَا حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 98) . وَجَفَافُ الْمَبِيعِ وَضُمُورُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يُعَدَّانِ تَلَفًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حِينَ الْبَيْعِ أَخْضَرَ ثُمَّ جَفَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَنَقَصَ وَزْنُهُ ثُمَّ تَقَايَلَا هُوَ وَالْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ مُقَابَلَةَ الْجَفَافِ وَنَقْصِ الْوَزْنِ اللَّذَيْنِ حَدَثَا فِي الْمَبِيعِ " هِنْدِيَّةٌ ". مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَشَرَةَ أَرْطَالِ صَابُونٍ قَدْ جَفَّتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَصَارَتْ ثَمَانِيَةً وَتَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ بِغَيْرِ نُقْصَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَفَافَ الْمَبِيعِ كَمَا لَا يُعَدُّ عَيْبًا فِيهِ فَلَا يُعَدُّ تَلَفًا فِي بَعْضِهِ أَبُو السُّعُودِ. الْحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْإِقَالَةِ: اعْتِبَارُهَا بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ أَيْ مَا يَكُونُ ثُبُوتُهُ بِغَيْرِ الْعَقْدِ بَلْ بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ يَعْنِي بِغَيْرِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا مُقَابِلَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ وَيَصِيرُ الْمَطْلُوبُ مُعَجَّلًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْمَبِيعَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ حُلُولَ هَذَا الدَّيْنِ قَدْ حَصَلَ بِرِضَا الْمَدِينِ لِقَبُولِهِ كَوْنَ هَذَا الدَّيْنِ ثَمَنًا وَلِأَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَسْقَطَ الدَّيْنَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي فَوْرًا وَقَدْ جَاءَ فِي (الطَّحْطَاوِيِّ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ) : " وَلَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِقَضَاءٍ عَادَ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فَإِنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا كَانَ بِالْقَضَاءِ يَكُونُ فَسْخًا وَلِذَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِالتَّرَاضِي فَإِنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ. " الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِمَّنْ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ فَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ بَائِعُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ (لِأَنَّ الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ شَهِدَ لِغَيْرِهِ) وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ لِأَنَّهُ عَادَ هَذَا لِفَسْخِ مِلْكِهِ الْقَدِيمِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَتَاعًا بِخَمْسِ كَيْلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ قَبْضِ الْحِنْطَةِ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ الَّتِي قَبَضَهَا عَيْنَهَا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا وَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي ذَلِكَ قَدْ بَاعَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ بِخَمْسِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ زَيْلَعِيٌّ. الرَّابِعَةُ: إذَا اشْتَرَى الدَّائِنُ الْمَكْفُولُ دَيْنُهُ مِنْ مَدِينِهِ مَالًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 659 " فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَجَلَ وَالْكَفَالَةَ فِي الْبَيْعِ بِمَا عَلَيْهِ لَا يَعُودَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَفِي الرَّدِّ بِالْقَضَاءِ فِي الْعَيْبِ يَعُودُ الْأَجَلُ وَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالرِّضَا لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ بِالْأَوْلَى رَدُّ الْمُحْتَارِ "

الْحُكْمُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَنَذْكُرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ خَمْسًا: إحْدَاهَا: الشُّفْعَةُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فِي شِرَاءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ شَخْصٌ ثَالِثٌ فَالْإِقَالَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ بَيْعٌ جَدِيدٌ أَيْ يُعْتَبَرُ الْبَائِعُ مُشْتَرِيًا لِلْعَقَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي الْإِقَالَةِ. ثَانِيَتُهَا: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ فِيهِ حِينَمَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْإِقَالَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي بَيْعٌ جَدِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَيْ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قَدْ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَتَبَدُّلُ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الشَّيْءِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ. الثَّالِثَةُ: الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ هِبَةً فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاهِبِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي زَيْلَعِيٌّ. الرَّابِعَةُ: الرَّهْنُ فَإِذَا رَهَنَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثُمَّ تَقَايَلَ هُوَ وَالْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 747 ". الْخَامِسَةُ: الْإِجَارَةُ فَإِذَا أُقِيلَ الْبَيْعُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ إيجَارِهِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي السَّابِقِ أَبُو السُّعُودِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 590 " وَاعْتِبَارُ الْإِقَالَةِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ فَهِيَ فِيمَا عَدَا الْعَقَارِ مِنْ الْأَمْوَالِ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ جَعْلِهَا بَيْعًا زَيْلَعِيٌّ وَيَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ أَقَالَ الْبَيْعَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْإِقَالَةَ دُونَ أَنْ يَحِقَّ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْإِقَالَةَ فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ وَأَصْبَحَ مِنْ الْمُتَعَذَّرِ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا وَقْتَ الْإِقَالَةِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ الْخَيْرِيَّةُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَنَفَقَةُ النَّقْلِ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَ الْمَبِيعِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ التَّقَايُلِ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ غَيْرُ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 187 " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَتَصِحُّ إقَالَةُ الْإِقَالَةِ فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ عَادَا فَتَقَايَلَا الْإِقَالَةَ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَالْحِصَانُ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَالَةُ بَيْعِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ إقَالَتَهُ تَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبِمَا أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ فَيَسْقُطُ الْإِبْرَاءُ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51 " رَدُّ الْمُحْتَارِ "

وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ عَلَى شَرْطٍ فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ بِعْته مِنْك رَخِيصًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إذَا طَلَبَهُ طَالِبٌ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ فَبِعْهُ فَبَاعَ الْبَائِعُ الْحِصَانَ بِأَلْفٍ وَمِائَةِ قِرْشٍ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ الثَّانِي رَدُّ الْمُحْتَارِ. الْهِنْدِيَّةُ ".

الباب الثاني في بيان المسائل المتعلقة بالمبيع وينقسم إلى أربعة فصول

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَبِيعِ وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ شُرُوطِ الْمَبِيعِ وَأَوْصَافِهِ] الْبَابُ الثَّانِي: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَبِيعِ وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِّ شُرُوطِ الْمَبِيعِ وَأَوْصَافِهِ (الْمَادَّةُ 197) : يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا. وَذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 105 أَنَّ الْبَيْعَ عِبَارَةٌ عَنْ مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَالْمَالُ كَمَا فِي الْمَادَّةِ 126 مَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ وَادِّخَارُهُ وَلَمَّا كَانَ الْمَعْدُومُ لَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ وَلَا ادِّخَارُهُ فَلَيْسَ بِمَالٍ وَالْبَيْعُ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ بَاطِلٌ فَبَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 205) مَثَلًا إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْحِنْطَةِ فِي مِلْكِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ خَمْسُمِائَةِ كَيْلَةٍ مِنْهَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي الْبَاقِي وَلَا يُشْتَرَطُ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ فِي الْمَالِ فَيَجُوزُ بَيْعُ مُهْرِ الْفَرَسِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ (الْهِنْدِيَّةُ الْكَفَوِيُّ) أَمَّا إيجَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ مِنْهُ فِي الْحَالِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ الْمُهْرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ مِنْهُ [ (الْمَادَّةُ 198) كون الْمَبِيع مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ] (الْمَادَّةُ 198) : يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَعَلَى ذَلِكَ فَبَيْعُ الْمَالِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ وَلَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ كَبَيْعِ الدَّابَّةِ الْفَارَّةِ وَالطَّيْرِ الطَّائِرَةِ بَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 209) حَتَّى لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ دَابَّتَهُ الْفَارَّةَ فَعَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى الصِّحَّةِ (بَحْرٌ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 52) [ (الْمَادَّةُ 199) كون الْمَبِيع مَالًا مُتَقَوِّمًا] (الْمَادَّةُ 199) : يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا مُتَقَوِّمًا يُشْتَرَطُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مَالًا فَبَيْعُ مَا لَا يُعْتَبَرُ مَالًا بَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 210) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مُتَقَوِّمًا أَيْ يُبَاحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَبَيْعُ الْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ بَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 211) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا لِعَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَهَذَا الشَّرْطُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ فَشِرَاءُ مَالٍ بِثَمَنٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 212) [ (الْمَادَّةُ 200) كون الْمَبِيعُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 200) : يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي

(المادة 201) يصير المبيع معلوما ببيان أحواله وصفاته

هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعَهُ الَّذِي عِنْدَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَكَانَ مِقْدَارُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) (أَنْقِرْوِيٌّ) فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَدَعُ سَبِيلًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ تَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ وَتُؤَدِّي إلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَيَصِيرُ الْعَقْدُ بِهَا غَيْرَ مُفِيدٍ وَكُلُّ عَقْدٍ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَاسِدٌ فَبَيْعُ الْمَالِ الْمَجْهُولِ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَاسِدٌ كَبَيْعِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنَمٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 212) وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْمَبِيعَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا التَّقْيِيدُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لِلْبَائِعِ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ إنَّ أَرْضَكَ الَّتِي تَحْتَ يَدِي لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ وَقَدْ اشْتَرَيْتُهَا مِنْك بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَقَالَ الْآخَرُ قَدْ بِعْتُكهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 322) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ فِي دَارِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِمِقْدَارِ تِلْكَ الْحِصَّةِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَعْرِفُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ فِيهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ غَبْنٌ وَتَضْرِيرٌ ثَبَتَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّضْرِيرِ كَمَا سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ 357 [ (الْمَادَّةُ 201) يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا بِبَيَانِ أَحْوَالِهِ وَصِفَاتِهِ] (الْمَادَّةُ 201) يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا بِبَيَانِ أَحْوَالِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ غَيْرِهِ مَثَلًا لَوْ بَاعَهُ كَذَا مُدًّا مِنْ الْحِنْطَةِ الْحَمْرَاءِ أَوْ بَاعَهُ أَرْضًا مَعَ بَيَانِ حُدُودِهَا صَارَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَصَحَّ الْبَيْعُ. إنَّ طُرُقَ الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ وَمِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ بِهِ أَوَّلًا بِالْإِشَارَةِ ثَانِيًا بِالْخَوَاصِّ الَّتِي تُمَيِّزُهُ عَنْ سِوَاهُ وَهِيَ مِقْدَارُهُ وَحُدُودُهُ وَصِفَاتُهُ ثَالِثًا مَكَانُهُ الْخَاصُّ رَابِعًا بِإِضَافَةِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ إلَى نِصْفِهِ خَامِسًا بِبَيَانِ الْجِنْسِ عَلَى قَوْلِ طَرِيقِ الْعِلْمِ بِالْإِشَارَةِ. إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشَارًا إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَنْتَفِي بِالْإِشَارَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي تُلَاقِي الْمَبِيعَ فِي الْجِنْسِ. الثَّانِي: السَّلَمُ. الثَّالِثُ: إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الثَّمَنِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ لَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ فَيَجِبُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ وَصِفَتِهِ فِي مُبَادَلَةِ حِنْطَةٍ بِحِنْطَةٍ لَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ بَلْ يَجِبُ التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) طَرِيقُ الْعِلْمِ بِبَيَانِ الصِّفَاتِ وَالْحُدُودِ. وَتَكُونُ بِالْقَوْلِ مِثْلُ: بِعْت كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَيْ بِذِكْرِ صِفَتِهِ وَمِقْدَارِهِ أَوْ بِعْت الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا وَكَذَا أَوْ بِعْتُ الْأَرْضَ فِي الْمَوْقِعِ الْفُلَانِيِّ وَاَلَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ كَذَا ذِرَاعًا بِبَيَانِ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَالْبَيْعُ صَحِيحًا ذَاتًا وَوَصْفًا (بَزَّازِيَّةٌ) وَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرَ مِقْدَارَ الْمُقَدَّرَاتِ وَوَصَفَهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك الْحِصَانَ الَّذِي اشْتَرَيْته

(المادة 202) إذا كان المبيع حاضرا في مجلس البيع تكفي الإشارة

مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ الْحِصَانُ الَّذِي شَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَاحِدًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. الْعِلْمُ بِبَيَانِ الْجِنْسِ. إنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي يُذْكَرُ جِنْسُهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَهُ وَوَصْفَهُ وَلَمْ يَنْسِبْهُ الْبَائِعُ إلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُشِرْ فِي الْبَيْعِ إلَى مَكَانِهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا لَمْ يُلَائِمْ الْمُشْتَرِيَ أَمْكَنَهُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا جَهَالَةَ تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا غَيْرَ مُتَفَاوِتٍ كَالْحِنْطَةِ مَثَلًا بِدُونِ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَكَانِ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ أَوْ يَنْسِبَ الْمَبِيعَ إلَى نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَاشْتَرَاهُ وَسَلَّمَهُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (بَزَّازِيَّةٌ) وَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ فِي مِلْكِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ أَنْقِرْوِيٌّ وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْرِفُ مَكَانَ الْحِنْطَةِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فَإِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ مَكَانَ الْمَبِيعِ حِينَ الْبَيْعِ فَلَهُ الْخِيَارُ بِالْمَادَّةِ 286 (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ) وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ هَذَا الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ الْحِنْطَةُ فِي مَكَان وَاحِدٍ بَلْ مَتَى كَانَتْ هَذِهِ الْحِنْطَةُ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ فَسَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْحِنْطَةُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ الْبَلَدِ أَمْ فِي أَكْثَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ جَمِيعُهَا فِي الْبُرِّ فَالْبَيْعُ صَحِيحُ وَاَلَّذِي يَنْفِي صِحَّةَ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحِنْطَةِ فِي الْبَلَدِ وَبَعْضُهَا فِي الْبُرِّ (بَزَّازِيَّةٌ) . الْعِلْمُ بِالْإِشَارَةِ إلَى مَكَانِ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ - وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْت جَمِيعَ ثِيَابِي الَّتِي فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ أَوْ هَذِهِ الْخِزَانَةِ أَوْ فِي غُرْفَتِي هَذِهِ فَفِي مِثْلِ هَذَا الْمِثَالِ يَكُونُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا وَالْبَيْعُ صَحِيحًا وَلِهَذَا خَمْسُ صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت جَمِيعَ الدَّقِيقِ وَالْبُرِّ وَالثِّيَابِ الَّتِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ بِعْت جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الدَّارِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ بِعْت جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الْغُرْفَةِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَقُولَ بِعْتُ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ. الْخَامِسَةُ: أَنْ يَقُولَ بِعْت جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الْأَكْيَاسِ. فَهَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسُ تَنْقَسِمُ إلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مِنْ الْأَمْوَالِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ جَائِزًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ أَيْ الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ وَجَائِزٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ أَنْقِرْوِيٌّ. وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ آخَرَ بَغْلَتَهُ الَّتِي فِي الْإِصْطَبْلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْإِصْطَبْلِ أَوْ الْمَوْضِعِ بَغْلَةٌ غَيْرُهَا فَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ بِإِضَافَةِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ إلَى نَفْسِهِ - وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْت حِصَانِي الَّذِي فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَالْبَائِعُ هُنَا أَضَافَ الْمَبِيعَ إلَى نَفْسِهِ وَأَشَارَ إلَى مَكَانِهِ الْخَاصِّ فَالْبَيْعُ فِي هَذَا صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك حِصَانِي وَاقْتَصَرَ عَلَى إضَافَةِ الْمَبِيعِ فِي نَفْسِهِ دُونَ أَنْ يُعَيِّنَ مَكَانَهُ وَكَانَ لِلْبَائِعِ حِصَانٌ وَاحِدٌ فَقَطْ فَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلٍ وَغَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى قَوْلِ (الْمُحِيطِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. لَكِنْ إذَا اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ هُوَ نَفْسُ الْحِصَانِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ (هِنْدِيَّةٌ) (بَزَّازِيَّةٌ) مَعَ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ حِصَانَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِتَعَيُّنِ الْحِصَانِ الْمَبِيعِ. [ (الْمَادَّةُ 202) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ تَكْفِي الْإِشَارَةُ] (الْمَادَّةُ 202) : إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ تَكْفِي الْإِشَارَةُ إلَى

(المادة 203) كون المبيع معلوما عند المشتري

عَيْنِهِ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْحِصَانَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ وَهُوَ يَرَاهُ صَحَّ الْبَيْعُ. لِأَنَّ الْإِشَارَةَ الْحِسِّيَّةَ أَبْلَغُ أَنْوَاعِ التَّعْرِيفِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى تَحْدِيدِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ أَوْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ ذَلِكَ لَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ إلَى الْمَبِيعِ فَلَا تُفْسِدُ الْبَيْعَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 265) وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ مُشِيرًا إلَيْهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ مِقْدَارِ كَيْلَاتِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 317) وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشَارًا إلَيْهِ وَذُكِرَ بِاسْمِ جِنْسٍ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يُخِلُّ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ فَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ فَقَبِلَ الْآخَرُ مَعَ أَنَّ الْمَبِيعَ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَيْسَ حِمَارًا بَلْ حِصَانًا وَكِلَا الْمُتَبَايِعَيْنِ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 65. وَتَمْثِيلُ الْمَجَلَّةِ بِالْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ يُقْصَدُ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلَى إخْرَاجِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 203) كَوْنُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 203) : يَكْفِي كَوْنُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَا حَاجَةَ إلَى وَصْفِهِ وَتَعْرِيفِهِ بِوَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَبِيعِ لَا تَضُرُّ الْبَائِعَ بَلْ تَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ فَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ وَعِلْمُهُ بِهِ، وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُشْتَرِي وَعِلْمُهُ بِالْمَبِيعِ فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَارًا يَعْلَمُ حُدُودَهَا سَابِقًا بِدُونِ ذِكْرٍ لِحُدُودِهَا وَقْتَ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِدَعْوَى أَنَّ حُدُودَ الدَّارِ لَمْ تُذْكَرْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 176) ، كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ حُدُودَ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ أَوْ لَمْ تُذْكَرْ الْحُدُودُ حِينَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَجَاحُدٌ وَصَدَّقَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الَّذِي يَدَّعِيه الْمُشْتَرِي أَنْقِرْوِيٌّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 201) . [ (الْمَادَّةُ 204) الْمَبِيعُ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 204) الْمَبِيعُ يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ وَأَشَارَ إلَى سِلْعَةٍ مَوْجُودَةٍ فِي الْمَجْلِسِ إشَارَةً حِسِّيَّةً وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي لَزِمَ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِعَيْنِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ سِلْعَةً غَيْرَهَا مِنْ جِنْسِهَا. يَتَعَيَّنُ الْمَبِيعُ بِالتَّعَيُّنِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ بِهِ فِي الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْمُتَبَايِعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَمْ الْمِثْلِيَّاتِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 5 1) . وَكَذَلِكَ إذَا أَشَارَ الْبَائِعُ إلَى صُبْرَةِ حِنْطَةٍ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: قَدْ بِعْتُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ تِلْكَ الصُّبْرَةَ عَيْنَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْحِنْطَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا وَيُسَلِّمَ الْمُشْتَرِيَ حِنْطَةً مِثْلَهَا أَوْ أَجْوَدَ مِنْهَا وَصْفًا (كِفَايَةٌ) وَلَفْظُ (الْإِشَارَةِ بِحِسِّيَّةٍ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ فَإِذَا عُيِّنَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ الْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ كَالتَّعْرِيفِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَهُ. وَلَفْظُ الْمَبِيعِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثَّمَنِ وَسَيَجِيءُ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ 243.

الفصل الثاني فيما يجوز بيعه وما لا يجوز

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ] (الْمَادَّةُ 5 20) : بَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ فَيَبْطُلُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ تَبْرُزْ أَصْلًا. الْمَعْدُومُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا حَقِيقَةً أَوْ مَعْدُومًا عُرْفًا وَالْمَعْدُومُ عُرْفًا هُوَ الْمُتَّصِلُ اتِّصَالًا خِلْقِيًّا بِغَيْرِهِ وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ سَوَاءٌ أَكَانَ حَقِيقَةً أَمْ عُرْفًا بَاطِلٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 97 1) . مِثَالُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عِنَبَ كَرْمِهِ وَهُوَ زَهْرٌ، أَوْ مُهْرَ فَرَسِهِ وَهُوَ جَنِينٌ، أَوْ زَرْعَ أَرْضَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ أَيْ يَنْفَصِلَ الثَّمَرُ مِنْ الزَّهْرِ وَيَنْعَقِدَ وَلَوْ صَغِيرًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ حَقِّ التَّعَلِّي؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٍ وَكَذَلِكَ بَيْعُ التِّبْنِ وَهُوَ فِي السُّنْبُلِ قَبْلَ التَّذْرِيَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ التِّبْنَ لَا يَكُونُ مِنْ السُّنْبُلِ إلَّا بَعْدَ الدِّرَاسِ فَبَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَيْعٌ لِلْمَعْدُومِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَاللِّفْتِ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ وَهُوَ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ فَبَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا نَبَتَ وَعَلِمَ وُجُودَهُ فِي الْأَرْضِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ (الْخُلَاصَةُ) وَكَذَلِكَ بَيْعُ بَذْرِ الْبِطِّيخَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا بَاطِلٌ أَمَّا بَعْدَ الْكَسْرِ فَصَحِيحٌ وَبَيْعُ حَقِّ وَضْعِ الْأَخْشَابِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ وَضْعِ الْأَقْذَارِ فِي الْعَرْصَةِ غَيْرُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَأَنَّ مِلْكَهُ بَعْدَهُ كَبَيْعِ حِنْطَةٍ وَحِذَاءٍ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْعَ سَلَمٍ أَوْ اسْتِصْنَاعٍ (الْخُلَاصَةُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَا سَيَمْلِكُهُ فِيمَا بَعْدُ كَالْحِنْطَةِ أَوْ السَّفِينَةِ الَّتِي سَيَصْنَعُهَا أَوْ الْجُلُودِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ أَمَّا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى سَبِيلِ السَّلَمِ أَوْ الِاسْتِصْنَاعِ وَرُوعِيَتْ شَرَائِطُهُمَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْدُومَ عُرْفًا هُوَ الْمُتَّصِلُ اتِّصَالًا خِلْقِيًّا بِغَيْرِهِ فَبَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ وَحْدَهُ حَالَ اتِّصَالِهِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ اتِّصَالِ الْجُذُوعِ وَالثَّوْبِ فَإِنَّهُ يَصْنَعُ الْعَبَا ابْنُ مَلَكٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمْثِلَةُ الْمَعْدُومِ عُرْفًا بَيْعُ اللَّبَنِ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ وَأَحْشَاءِ الشَّاةِ وَهِيَ حَيَّةٌ أَوْ لَحْمِهَا أَوْ كُلْيَتَيْهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ جِلْدِهَا أَوْ صُوفِهَا وَبَيْعُ الزَّيْتِ فِي زَيْتُونِهِ وَعَصِيرِ الْعِنَبِ فِي حَبِّهِ قَبْلَ اسْتِخْرَاجِهِمَا كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ حَتَّى لَوْ ذَبَحَ الْبَائِعُ الشَّاةَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَسَلَّمَ الْجِلْدَ إلَى الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ لَا يَحُولُ عَنْ بُطْلَانِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 175) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَعْدُومَةٌ عُرْفًا فَأَمَّا اللَّبَنُ فِي ضَرْعِ الشَّاةِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ انْتِفَاخُ ضَرْعِ الشَّاةِ لِوُجُودِ لَبَنٍ فِيهِ أَوْ رِيحٍ أَوْ دَمٍ؟ فَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ مَالًا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ اللَّبَنَ يَحْصُلُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَبِالتَّتَابُعِ فَلَوْ جَازَ الْبَيْعُ فِيهِ لَاخْتَلَطَ مِلْكُ الْبَائِعِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَصُوفُ الشَّاةِ الْحَيَّةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِذَلِكَ الْحَيَوَانِ كَسَائِرِ أَطْرَافِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الصُّوفَ يَتَزَايَدُ أَيْضًا وَذَلِكَ يُوجِبُ اخْتِلَاطَ الْبَيْعِ بِغَيْرِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي " هَذَا وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ أَيْ جَعْلُهُ مَبِيعًا بَاطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَمَّا جَعْلُهُ ثَمَنًا فَصَحِيحٌ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا فَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ

(المادة 206) الثمرة التي برزت جميعها يصح بيعها وهي على شجرها

آخَرَ حَيَوَانًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا أَوْ عِشْرِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَلَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي يَدِهِ الْخَمْسُونَ رِيَالًا أَوْ الْعِشْرُونَ كَيْلَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى: الْبَيْعُ بِالِاسْتِجْرَارِ فَقَدْ جُوِّزَ اسْتِحْسَانًا مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ وَالْبَيْعُ بِالِاسْتِجْرَارِ يَكُونُ بِغَيْرِ مُسَاوَمَةٍ بَيْنَ الْمُتَابِعَيْنِ وَبِغَيْرِ بَيَانِ الثَّمَنِ كَشِرَاءِ السَّمْنِ وَالْأُرْزِ وَالْحِمَّصِ وَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبِدَالِ الْبَقَّالُ فَهَذَا الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ إلَيْهِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَبَاطِلًا لَوَجَبَ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ مِثْلُ ضَمَانِ الْمَالِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَضَمَانِ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا. الثَّانِيَةُ: بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ، وَمِثَالُهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ خَمْسُونَ كَيْلَةً حِنْطَةً فَأَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ خَمْسِينَ رِيَالًا بَدَلًا مِنْ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً فَذَلِكَ صَحِيحٌ (بَهْجَةٌ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَحِلِّ عَيْنِهِ وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ. [ (الْمَادَّةُ 206) الثَّمَرَةُ الَّتِي بَرَزَتْ جَمِيعُهَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَهِيَ عَلَى شَجَرِهَا] (الْمَادَّةُ 206) الثَّمَرَةُ الَّتِي بَرَزَتْ جَمِيعُهَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَهِيَ عَلَى شَجَرِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صَالِحَةً لِلْأَكْلِ أَمْ لَا. لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 197 لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ قَابِلًا لِلِانْتِفَاعِ مَعَهُ فِي الْحَالِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَطْفِ الثَّمَرِ فِي الْحَالِ وَإِخْلَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ حَتَّى لَوْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَبْقَى الثَّمَرُ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى يُدْرَكَ وَيَصْلُحَ لِلْأَكْلِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 189) فَإِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْتَرَطَ قَطْعُ الثَّمَرِ عَنْ الشَّجَرِ فِي الْحَالِ فَأَثْمَرَ الشَّجَرُ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ وَهَذِهِ حَالٌ تُشْبِهُ حَالَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا أَثْمَرَ الشَّجَرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَالْبَائِعُ وَالشَّارِي شَرِيكَانِ فِيهِ لِاخْتِلَاطِ مَا يَمْلِكَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1060) فَإِذَا كَانَ الثَّمَرُ لَمْ يُزْهِرْ فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ) وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا صَحِيحٌ وَالْبَائِعُ مُلْزَمٌ بِحَصَادِ الْحِنْطَةِ وَدِرَاسِهَا وَتَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت مَا فِي مَزْرَعَتِي هَذِهِ مِنْ الْحِنْطَةِ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ بِهَذِهِ الْبَغْلَةِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ حَصَادُ الْحِنْطَةِ وَدِرَاسِهَا وَتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْحِنْطَةَ مَعَ تِبْنِهَا وَسُنْبُلِهَا فَلَيْسَ بِمُلْزَمٍ بِالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 207) بَيْعُ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ شَيْءٌ] (الْمَادَّةُ 207) مَا تَتَلَاحَقُ أَفْرَادُهُ يَعْنِي أَنْ لَا يَبْرُزَ دَفْعَةً وَاحِدَةً بَلْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَالْفَوَاكِهِ وَالْأَزْهَارِ وَالْوَرَقِ وَالْخَضْرَاوَاتِ إذَا كَانَ بَرَزَ بَعْضُهَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا سَيَبْرُزُ مَعَ مَا بَرَزَ تَبَعًا لَهُ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. قَدْ جُوِّزَ هَذَا الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ وَالتَّعَامُلِ فَالْبَيْعُ أَصْلًا فِي الْمَوْجُودِ وَتَبَعًا فِي الْمَعْدُومِ أَنْقِرْوِيٌّ،

(المادة 208) باع شيئا وبين جنسه فظهر المبيع من غير ذلك الجنس

اُنْظُرْ مَضْبَطَةَ (الْمَجَلَّةِ) أَمَّا بَيْعُ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ شَيْءٌ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (205) . وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَشْتَرِطُ لِجَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ الَّذِي ظَهَرَ أَكْثَرَ مِمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِيَكُونَ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَشْتَرِطُ هَذَا الشَّرْطَ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَجَلَّةِ اخْتِيَارُ الْقَوْلِ الثَّانِي. [ (الْمَادَّةُ 208) بَاعَ شَيْئًا وَبَيَّنَ جِنْسَهُ فَظَهَرَ الْمَبِيعُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْجِنْسِ] (الْمَادَّةُ 208) إذَا بَاعَ شَيْئًا وَبَيَّنَ جِنْسَهُ فَظَهَرَ الْمَبِيعُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَطَلَ الْبَيْعُ فَلَوْ بَاعَ زُجَاجًا عَلَى أَنَّهُ الْمَاسُ بَطَلَ الْبَيْعُ. فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْمَبِيعُ أَدْنَى مِنْ الْمَشْرُوطِ وَفِي الثَّانِي أَعْلَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ بِزْرًا عَلَى أَنَّهُ بِزْرُ بِطِّيخٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ بِزْرُ قَرْعٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْبِزْرَ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ قَدْ دُفِعَ إلَى الْبَائِعِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ فُهِمَ مِنْ لَفْظِ (جِنْسِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ الْوَصْفَ وَظَهَرَ خِلَافُهُ فَالْبَيْعُ يَبْطُلُ بِاخْتِلَافِ الْوَصْفِ كَمَا يَبْطُلُ بِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 310) [ (الْمَادَّةُ 209) بَيْعُ مَا هُوَ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ] (الْمَادَّةُ 209) : بَيْعُ مَا هُوَ غَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ بَاطِلٌ كَبَيْعِ سَفِينَةٍ غَرِقَتْ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا مِنْ الْبَحْرِ أَوْ حَيَوَانٍ نَادِرٍ لَا يُمْكِنُ إمْسَاكُهُ وَتَسْلِيمُهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 198) أَمَّا بَيْعُ مَا يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمُهُ ضَرَرًا فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْجَامُوسَةِ الْمُسْتَوْحِشَةِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَقْيِيدُ الْمَبِيعِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ حَمَامَهُ الطَّائِرَ الَّذِي اعْتَادَ أَنْ يَأْوِيَ إلَى بُرْجِهِ وَيُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَمَامُ لَيْسَ فِي بُرْجِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ عَادَةً كَالْوَاقِعِ وَتَجْوِيزُ كَوْنِهَا لَا تَعُودُ أَوْ عُرُوضُ عَدَمِ عَوْدِهَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْمَبِيعِ كَتَجْوِيزِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. ثُمَّ إذَا عَرَضَ الْهَلَاكُ انْفَسَخَ. كَذَا إذَا فُرِضَ عَدَمُ وُقُوعِ الْمُعْتَادِ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ النَّادِرِ مِمَّنْ يُقِرُّ بِوُجُودِهِ عِنْدَهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا فَرَّ حَيَوَانُ إنْسَانٍ فَجَاءَهُ رَجُلٌ وَقَالَ لَهُ: إنَّ حَيَوَانَك عِنْدِي بِعْنِي إيَّاهُ بِكَذَا قِرْشًا فَبَاعَهُ مِنْهُ وَالْمُشْتَرِي قَبِلَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا كَانَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ مَقْدُورًا غَيْرَ أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّرَرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:

(المادة 210) بيع ما لا يعد مالا بين الناس

إذَا بَاعَ رَجُلٌ جِسْرَ خَشَبٍ مِنْ جُسُورِ دَارِهِ وَكَانَ قَلْعُهُ مِنْ مَكَانِهِ مُسْتَلْزِمًا لِتَشَعُّثِ بِنَاءِ الدَّارِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. 2 - إذَا بَاعَ إنْسَانٌ حِصَّةً شَائِعَةً فِي الزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ مِنْ آخَرَ غَيْرِ شَرِيكِهِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الزَّرْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ حَصَادِ الزَّرْعِ كُلِّهِ وَبِمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَيَطْلُبُ تَسْلِيمَ حِصَّتِهِ فَالْبَائِعُ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي لَمْ يَبِعْهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ النَّبَاتِ يُصْبِحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَإِذَا حَصَلَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ لَمْ يُسْمَحْ لَهُ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ بِطَلَبِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) وَالْبَائِعُ هُنَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْإِضْرَارَ بِنَفْسِهِ بِعَقْدِهِ هَذَا الْعَقْدَ إذْ لَيْسَ فِي عَقْدِ الْبَائِعِ لِلْبَيْعِ ضَرَرٌ فَلَيْسَ هُوَ إلَّا عَقْدٌ وَإِنَّمَا الضَّرَرُ يَقَعُ أَثْنَاءَ التَّسْلِيمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 373) . أَمَّا إذَا هَدَمَ الْبَائِعُ دَارِهِ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَ الْجِسْرَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمُشْتَرِي قَلْعَ الزَّرْعِ وَسَكَتَ حَتَّى أُدْرِكَ الزَّرْعُ فَالْبَيْعُ يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فَسْخُ الْبَيْعِ (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) وَإِذَا كَانَ الْجِسْرُ الْمَبِيعُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ حِينَ الْبَيْعِ فَإِذَا فَعَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْبِنَاءِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا وَيَزُولُ الْمُفْسِدُ بِالتَّسْلِيمِ وَتَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ. وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ بَعْضِ الثَّوْبِ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ تَبْعِيضُهُ ضَرَرًا فَاسِدًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 52 فَقَوْلُ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ أَصَحُّ. 3 - لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ ذِرَاعَ جُوخٍ مِنْ جُبَّتِهِ الْمَخِيطَةِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ ذِرَاعٍ مِنْ الْجُبَّةِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي ضَرَرًا لِلْبَائِعِ. 4 - لَوْ أَنَّ إنْسَانًا بَاعَ نِصْفَ دَارِهِ الْمَشَاعَ وَاسْتَثْنَى صَحْنَ الدَّارِ وَسَاحَتَهَا فِيمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَيَطْلُبُ هَدْمَ نِصْفَ الدَّارِ فَيَلْحَقُ الْبَائِعُ ضَرَرٌ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَمَّا إذَا بِيعَ بَعْضُ مَا لَا يَسْتَلْزِمُ تَبْعِيضُهُ ضَرَرًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ كَأَنْ يَبِيعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنْ ثَوْبِ جُوخٍ. [ (الْمَادَّةُ 210) بَيْعُ مَا لَا يُعَدُّ مَالًا بَيْنَ النَّاسِ] (الْمَادَّةُ 210) : بَيْعُ مَا لَا يُعَدُّ مَالًا بَيْنَ النَّاسِ وَالشِّرَاءُ بِهِ بَاطِلٌ مَثَلًا لَوْ بَاعَ جِيفَةً أَوْ آدَمِيًّا حُرًّا أَوْ اشْتَرَى بِهِمَا مَالًا فَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بَاطِلَانِ أَيْ بَاطِلٌ فِي الصُّورَتَيْنِ وَفِي الْبَدَلَيْنِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَيْسَ مَالًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَى اخْتِلَافِ مِلَلِهِمْ وَنِحَلِهِمْ وَكَانَ الْمَالُ الَّذِي جَعَلَ بَدَلَهُ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَرَضًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي الْبَدَلَيْنِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَدَلُ لَيْسَ بِمَالٍ وَالْمَبِيعُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ أَيْضًا فِي الْبَدَلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ وَهُنَا مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِ فَقْدُ رُكْنٍ مِنْ الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ بَيْعُ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ أَوْ حَبَّةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَشِرَاءُ شَيْءٍ بِهِمَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ. وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ بُطْلَانُهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَيْعُ غَيْرِ الْمَالِ فَقَطْ بِغَيْرِ الْمَالِ فَقَطْ أَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ مَا هُوَ مَالٍ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ فَلَمْ تَتَعَرَّضْ الْمَجَلَّةُ لَهُ وَحُكْمُهُ الْبُطْلَانُ أَحْيَانًا فِي الْجَمِيعِ وَمِثَالُهُ إذَا بِيعَ

(المادة 211) بيع غير المتقوم

آدَمِيٌّ حُرٌّ أَوْ لَحْمُ مَيْتَةٍ أَوْ مَسْجِدٌ عَامِرٌ مَعَ مَا هُوَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً فُصِلَ الثَّمَنُ أَمْ لَمْ يُفْصَلْ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّ أَوْ فِي لَحْمِ الْمَيْتَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَإِنْ فُصِلَ الثَّمَنُ فَالْبَيْعُ فِي الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ صَحِيحٌ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَعِلَّةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَعَدَّدُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ بَلْ لَا بُدَّ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ مِنْ تَكْرَارِ الْإِيجَابِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ يُفْصَلُ ثَمَنُهُ وَالصَّاحِبَانِ يَرَيَانِ أَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى تَكْرَارِ الْإِيجَابِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 179) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَزْرَعَتَهُ أَوْ ضَيْعَتَهُ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ حِينَ الْبَيْعِ الْمَسْجِدَ أَوْ الْمَقْبَرَةَ مِنْ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي الْمَزْرَعَةِ وَالضَّيْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمَقْبَرَةَ أَوْ الْمَسْجِدَ مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبَرَةَ وَالْمَسْجِدَ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ الْبَيْعِ عَادَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) فَلَا يَدْخُلَانِ فِي ضِمْنِ الْمَبِيعِ وَلَا يَقَعُ الْبَيْعُ إلَّا عَلَى الْمَزْرَعَةِ أَوْ الضَّيْعَةِ. وَأَحْيَانًا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَذَلِكَ فِي الْمِلْكِ فَقَطْ، مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ وَقْفَهُ الْمَعْمُورَ بِمَالِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَلَوْ كَانَ هَذَا الْوَقْفُ مَحْكُومًا بِهِ وَمُسَجَّلًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي مَالِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَاطِلٌ فِي الْوَقْفِ كَمَا لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالَهُ وَمَالَ غَيْرِهِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ فِي مَالِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَغَيْرُ لَازِمٍ فِي مَالِ غَيْرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 378) وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ رَجُلٌ ضَيْعَتَهُ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى مَسَاكِنَ عَدِيدَةٍ وَأَدَوَاتٍ زِرَاعِيَّةٍ وَحَيَوَانَاتٍ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْمَزَارِعِ الْمُسَجَّلَةِ عَلَيْهِ فِي (الطَّابُو) مِنْ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِلَا إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ (مَأْمُورُ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيُّ) فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ ذَلِكَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَاطِلٌ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ إذْ لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ دَارِهِ مَعَ عَرْصَةِ الْوَقْفِ الَّتِي هِيَ وَاقِعَةٌ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي الدَّارِ الَّتِي يَمْلِكُهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ بَاطِلٌ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إذْ لَا يَجُوزُ الْفَرْعُ مِنْ أَرْضِ الْوَقْفِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِنَا (حِصَّةُ الشَّيْءِ مِنْ الثَّمَنِ) أَنْ يَقْسِمَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى عَلَى الْمَبِيعِ الْمِلْكُ مِنْهُ وَالْوَقْفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قِيمَتِهِمَا كِلَيْهِمَا وَسَيُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ حَمْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحِسَابِيَّةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (346) بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ مُحَرَّزٍ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ جَائِزٌ وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ مَدَارُ جَوَازِ الْبَيْعِ عَلَى حِلِّ الِانْتِفَاعِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ النَّحْلِ الَّذِي يَأْوِي إلَى خَلَايَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خَلَايَاهُ عَسَلٌ وَكَذَلِكَ دُودُ الْحَرِيرِ وَبِزْرِهِ وَالْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ أَوْ الْقَابِلُ لِلتَّعْلِيمِ وَالْهِرَّةُ وَالطَّيْرُ وَالْفِيلُ وَالْعُقَابُ وَالْبَاشِقُ وَكُلُّ حَيَوَانٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 211) بَيْعُ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ] (الْمَادَّةُ 211) : بَيْعُ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ بَاطِلٌ. كَالْمَوْقُوذَةِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ بَعْضِ النَّاس مَالًا مُقَوَّمًا فَإِنَّهَا عِنْدَ الْآخَرِينَ مَالٌ غَيْرُ مُقَوَّمٍ فَبَيْعُهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ بَاطِلٌ فَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَا

(المادة 212) الشراء بغير المتقوم

الْبَائِعُ الثَّمَنَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ عَيْنُ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ الثَّمَنَ إذْ هُوَ لَيْسَ إلَّا وَسِيلَةٌ إلَى الْمَبِيعِ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى فِي الذِّمَّةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلِأَنَّ كَرْيَ الْأَرْضِ وَكَرْيَ الْأَنْهَارِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَبَيْعُهُمَا بَاطِلٌ إذَا بِيعَا بِدَيْنٍ أَمَّا إذَا بِيعَا بِعَيْنٍ فَالْبَيْعُ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ فَاسِدٌ وَفِيهِمَا بَاطِلٌ وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ بَيْعَ الْمَالِ غَيْرَ الْمُتَقَوِّمِ بَاطِلٌ فَإِذَا كَانَ الْمُقَابِلُ لِلْمَبِيعِ دَيْنًا فَالْبَيْعُ فِيهِمَا أَيْضًا بَاطِلٌ وَإِذَا كَانَ عَرَضًا بِأَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَايَضَةِ فَالْبَيْعُ فِي الْعَرَضِ فَاسِدٌ وَالْبَائِعُ يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْقَبْضِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَالْمَادَّةَ 371) ، وَكَلِمَةُ (مُتَقَوِّمٍ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 127) . [ (الْمَادَّةُ 212) الشِّرَاءُ بِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ] (الْمَادَّةُ 212) : الشِّرَاءُ بِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَاسِدٌ. وَتَجْرِي عَلَى هَذَا الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَحْكَامُ الْمَادَّتَيْنِ 371 و 382 أَمَّا الْبَيْعُ بِالْمَالِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَبَاطِلٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الْبَيْعِ هُوَ الْمَبِيعُ (اُنْظُرْ مَادَّةَ 115) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَادَلَ إنْسَانٌ آخَرَ حَيَوَانَهُ الْمَيِّتَ خَنْقًا بِبَغْلَةِ الْآخَرِ فَالْبَيْعُ فِي الْحَيَوَانِ الْمَيِّتِ بَاطِلٌ وَفِي الْبَغْلَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ الْمَيِّتَ خَنْقًا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا ثَمَنًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 199) إذْ الْحَيَوَانُ الْمَخْنُوقُ مَالٌ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ أَمَّا شِرَاءُ الْمَالِ بِمَا لَا يُعَدُّ مَالًا عِنْدَ أَحَدٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ 210 (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 213) بَيْعُ الْمَجْهُولِ] (الْمَادَّةُ 213) : بَيْعُ الْمَجْهُولِ فَاسِدٌ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِلْكِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرِيهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. هَذَا فِيمَا يَحْتَاجُ لِلتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَبَيْعِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنَمٍ (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 200) لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ مُؤَدِّيَةٌ إلَى النِّزَاعِ وَالْجَهَالَةُ فِي الْمَبِيعِ إذَا أَدَّتْ إلَى النِّزَاعِ فَهِيَ مُفْسِدَةٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنْ يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُزَاحِمٍ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا فَالْبَائِعُ يُسَلِّمُ نَوْعًا مِنْهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يُطَالِبُ الْبَائِعَ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ نَوْعًا آخَرَ فَيَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا أَمَّا بَيْعُ الْمَجْهُولِ جَهَالَةً لَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَبَيْعِ إحْدَى بَغْلَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي اخْتِيَارُ أَيِّ الْبَغْلَتَيْنِ شَاءَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 316) أَوْ كَبَيْعِ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ أَوْ جَمِيعِ مَا فِي غُرْفَةٍ أَوْ كِيسٍ مِنْ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 201) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَجْهُولِ هُنَا مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَمَّا الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ كَأَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ بِأَنَّ فِي يَدِهِ مَالًا لِآخَرَ وَصَلَ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ الْإِيدَاعِ وَيَشْتَرِيهِ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالْمَالِ طَحْطَاوِيٌّ وَنُورِدُ هَاهُنَا أَمْثِلَةً لِبَيْعِ الْمَجْهُولِ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت دَارًا أَوْ بَغْلَةً وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ أَيَّةَ دَارِ أَوْ بَغْلَةٍ بِيعَتْ مِنْهُ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبَغْلَةَ قَدْ تَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَغْلَتَهُ وَأَنْ تَكُونَ بَغْلَةَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً.

إذَا كَانَ عِنْد رَجُلٍ نَوْعَانِ مِنْ الْحِنْطَةِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 201) . إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَمْوَالٌ قِيَمِيَّةٌ فَأَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك أَحَدَ هَذَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ اخْتِيَارَ أَيَّهمَا شَاءَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا لَمْ يَنُصَّ الْبَائِعُ عَلَى تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي خِيَارَ التَّعْيِينِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَالَيْنِ فَتَلِفَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِمَا كِلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَسَبَ الْمَادَّةِ 371 مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَالْآخَرَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ وَدِيعَةً أَوْ مَضْمُونًا فَالضَّمَانُ وَاعْتِبَارُ الْإِيدَاعِ شَائِعَانِ فِيهِمَا أَيْ سَارِيَانِ فِي كِلَا الْمَالَيْنِ فَيَنْقَسِمَانِ بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا تَلِفَا عَلَى التَّعَاقُبِ أَيْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ التَّالِفَ أَوَّلًا وَيَبْقَى الْآخَرُ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّفْرِيطِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 768 (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُتَفَاوِتَيْ الْقِيمَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي تَلِفَ أَوَّلًا هُوَ الْمَالُ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 8) أَمَّا إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ فَتَرْجَحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 77) . إذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُ الْإِرْثِيَّةَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى الْمَجْهُولَةِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَنَّ إبْرَاءَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ دَعْوَى الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْبَيْعُ يُفْسَخ عَلِيٌّ أَفَنْدِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 52) إذَا بِيعَ الْبِطِّيخُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حُلْوًا وَالسِّمْسِمُ أَوْ الزَّيْتُونُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَاوِيًا لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الزَّيْتِ وَبَيْدَرُ الْأُرْزِ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَذَا قِنْطَارًا مِنْ الْأَرُزِّ وَقَطِيعُ الْغَنَمِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ غَيْرِهِمَا مَا يُبَاعُ لِلذَّبْحِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ كَذَا رِطْلًا مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْبَقَرَةُ عَلَى أَنْ يُحْلَبَ مِنْهَا مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ مِنْ اللَّبَنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ قَبْلَ الْعَمَلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . بَيْعُ عَدَدٍ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مِقْدَارٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَبِيعِ يُفْسِدُ الْبَيْعَ (الْهِنْدِيَّةُ) مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَارًا وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ اسْتِثْنَاءَ غُرْفَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الدَّارِ وَإِخْرَاجَهَا مِنْ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ قَطِيعَ غَنَمٍ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَبْقَى لَهُ شَاتَانِ غَيْرُ مُعَيَّنَتَيْنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْبَيْعِ جَهَالَةً فِي الْمَبِيعِ بَزَّازِيَّةٌ - رَدُّ الْمُحْتَارِ - (تَنْقِيحٌ) وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْمَعْلُومِ مَجْهُولٌ صَارَ الْبَاقِي مَجْهُولًا. إذَا بِيعَ مِقْدَارٌ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ عَلَى أَنَّ عَدَدَهُ كَذَا فَظَهَرَ أَنَّ عَدَدَهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءُ الْحَجَرِ فَاسِدٌ لِفَسَادِ الْمَبِيعِ وَبَيْعُ الْمُلَامَسَةِ أَنْ يَلْمِسَ الْمُشْتَرِي مَتَاعًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْتِعَةٍ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ وَيُعَدُّ مَا لَمَسَهُ مَبِيعًا مِنْهُ، وَبَيْعُ الْمُنَابَذَةِ أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالسِّلْعَةِ إلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَيْهَا عَلَى أَنَّهُ قَدْ بَاعَهَا مِنْهُ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ، وَبَيْعُ إلْقَاءِ الْحَجَرِ هُوَ أَنْ يَرْمِيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَمْتِعَةَ الْآخَرِ بِحَجَرٍ فَمَا أَصَابَهُ الْحَجَرُ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَهَذِهِ الْبُيُوعُ الثَّلَاثَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ سُمِّيَ الثَّمَنُ وَإِذَا لَمْ يُسَمَّ الثَّمَنُ كَانَتْ عِلَّةُ الْفَسَادِ عَدَمَ تَسْمِيَتِهِ وَإِذَا سُمِّيَ فَعِلَّةُ الْفَسَادِ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَلَوْ عُيِّنَ الْمَبِيعُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَيْضًا وَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْفَسَادِ حِينَئِذٍ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ بَلْ لِتَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ

(المادة 214) بيع حصة شائعة معلومة

عَلَى خَطَرٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّمَا يَقُولُ لِلْمُشْتَرِي: إذَا وَقَعَ الْحَجَرُ عَلَى مَتَاعٍ فَقَدْ بِعْته لَك وَمِثْلُ هَذَا الْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا اتَّضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 87 [ (الْمَادَّةُ 214) بَيْعُ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مَعْلُومَةٍ] (الْمَادَّةُ 214) : بَيْعُ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مَعْلُومَةٍ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَالْعُشْرِ مِنْ عَقَارٍ مَمْلُوكٍ قَبْلَ الْإِفْرَازِ صَحِيحٌ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ عَالِمًا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَيْضًا عَالِمًا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ أَوْ مُصَدِّقًا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا بَيَّنَهُ مِنْ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْرِفُ الْحِصَّةَ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ تِلْكَ الْحِصَّةَ أَمْ لَا يَعْرِفُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 200) . وَتَحْتَ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ جَمِيعُهُ مِلْكًا لِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ فَيَبِيعَ ثُلُثَهُ وَيُبْقِيَ ثُلُثَيْهِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ مَثَلًا فَيَبِيعُ أَحَدُهُمَا نِصْفَ حِصَّتِهِ الشَّائِعَةِ مِنْ آخَرَ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحِصَّةِ وَعِنْدَ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ مَجْهُولَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ (بِمَعْلُومٍ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الطَّرَفَيْنِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لِأَجْنَبِيٍّ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَلَا يُسْتَغْنَى بِهَذِهِ الْمَادَّةِ عَنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الْعَقَارِ وَالْمَنْقُولِ وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ الْعَامَّ قَدْ ذُكِرَ بَعْدَ الْخَاصِّ فَلَا يَخْلُو مِنْ تَكْرَارٍ وَلَوْ أَنَّ الْمَجَلَّةَ حَذَفَتْ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَفْظَةَ (الْعَقَارِ) لَأَفَادَتْ مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَأَغْنَتْ عَنْهَا كُلَّ الْإِغْنَاءِ وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ 138 و 139 أَنَّ الْحِصَّةَ الشَّائِعَةَ هِيَ السَّارِيَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الْمِلْكِ وَعَلَى ذَلِكَ لَا تَكُونُ إلَّا قَبْلَ الْإِفْرَازِ فَعِبَارَةُ (حِصَّةٍ شَائِعَةٍ) تُغْنِي عَنْ عِبَارَةِ (قَبْلَ الْإِفْرَازِ) كَمَا أَنَّ الثَّانِيَةَ تُغْنِي عَنْ الْأُولَى. وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ يَمْلِكُ مِلْكًا مُشْتَرَكًا مَشَاعًا مَعَ آخَرَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَهَذَا النِّصْفُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَنَافِذًا؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى حَمْلُ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى الْجَوَازِ مَا أَمْكَنَ أَمَّا إذَا بَاعَ فُضُولِيٌّ نِصْفَ مَالٍ شَائِعٍ فَالْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكَيْنِ فِي تِلْكَ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِصَرْفِهِ إلَى حِصَّةِ أَحَدِهِمَا دُونَ حِصَّةِ الْآخَرِ فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعَ ذَلِكَ الْفُضُولِيِّ فَالْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَهِيَ النِّصْفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَحِكْمَةُ الْقَوْلِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُنْصَرِفٌ إلَى نِصْفِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ حِصَّتَيْ الشَّرِيكَيْنِ أَيْ إلَى رُبْعِ جُمْلَةِ الْمَبِيعِ فَكَيْفَ يُصْرَفُ إلَى حِصَّةِ الْمُجِيزِ كُلِّهَا، وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ الشَّرِيكَ نَفْسَهُ انْصَرَفَ الْبَيْعُ إلَى نِصْفِ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَإِجَازَةُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إلَّا بِمَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ لِذَلِكَ الْفُضُولِيِّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ

(المادة 215) بيع الحصة المعلومة الشائعة بدون إذن الشريك

مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى رُبْعِ الْمَبِيعِ وَيَنْفُذُ فِيهِ فَقَطْ (هِنْدِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ الْعَقْدِ انْقَسَمَ إلَى نِصْفِ كُلِّ حِصَّةٍ فَيَنْقَسِمُ كَذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ فِي الْإِجَازَةِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ - قُيِّدَتْ الْحِصَّةُ (بِشَائِعَةٍ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فَلَوْ بَاعَ الشَّرِيكُ غُرْفَةً مُعَيَّنَةً مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ إلَى أَجْنَبِيٍّ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ وَلَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرْفَةَ الَّتِي بِيعَتْ لَيْسَتْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ بَلْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ شَرِكَةٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا كَمَا لِلْأَوَّلِ (بَزَّازِيَّةٌ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ جَائِزٌ وَفِي الْآخَرِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الشَّرِيكِ (الشَّارِحُ) إنَّ بَيْعَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَعْدَ التَّقْسِيمِ وَالْإِفْرَازِ جَائِزٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَفْظَةُ (شَائِعَةٍ) لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَفْظَ (عَقَارٍ مُلُوكٍ) لِأَنَّ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالْأَرَاضِيَ الْأَمِيرِيَّةَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا كُلِّهَا وَلَا بَعْضِهَا وَيَجْرِي فِيهِمَا الْفَرَاغُ وَهُوَ إجَارَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا كَانَ رَجُلَانِ يَتَصَرَّفَانِ فِي وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَفَرَّغَ مِنْ حِصَّتِهِ لِمَنْ شَاءَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مَنْعُهُ مِنْ الْفَرَاغِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَيْضًا لِجَوَازِ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ إذْنُ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَفِي فَرَاغِ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الشُّفْعَةِ. [ (الْمَادَّةُ 215) بَيْعُ الْحِصَّةِ الْمَعْلُومَةِ الشَّائِعَةِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ] (الْمَادَّةُ 215) يَصِحُّ بَيْعُ الْحِصَّةِ الْمَعْلُومَةِ الشَّائِعَةِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشَاعُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1088) لِأَنَّهُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ 1192 لِكُلٍّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ وَهَذَا الْبَيْعُ مِنْ جُمْلَةِ التَّصَرُّفَاتِ وَعَلَى هَذَا كَمَا يَحِقُّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْعَرْصَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِنْ شَرِيكِهِ فَكَذَلِكَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَكَمَا أَنَّ لِمَنْ يَمْلِكُ حِصَّةً فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ مَعَ عَرْصَتِهَا لِشَرِيكِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلِشَرِيكِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ (اُنْظُرْ الْكِتَابَ التَّاسِعَ) . وَكَذَلِكَ: لِمَنْ يَمْلِكُ ثَوْبًا أَوْ بَغْلَةً أَوْ حَطَبًا أَوْ شَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَتَاعٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَكَذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي يَمْلِكُ حِصَّةً شَائِعَةً فِي زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ إذَا أَدْرَكَا وَأَصْبَحَ حَصَادُ الزَّرْعِ وَقَطْفُ الثَّمَرِ غَيْرُ مُضِرٍّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِيهِ لِشَرِيكِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَبِيعَ الْأَشْجَارَ مَعَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعِ فِيهَا الزَّرْعُ وَالشَّجَرُ. وَكَذَلِكَ إذَا فَرَّغَ إنْسَانٌ مَا يَمْلِكُ مِنْ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَبَاعَ مَا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَزْرُوعَاتِ مِنْ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ هَذَا الْبَيْعُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يُدْرَكْ ذَلِكَ الزَّرْعُ (تَنْقِيحٌ) وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ تَمَامِ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَرْضِ بَعْدَ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْحُبُوبِ الْمُشْتَرَكَةِ كَالْحِنْطَةِ الَّتِي صَارَتْ مُشْتَرَكَةً بِغَيْرِ خَلْطِ الْأَمْوَالِ وَاخْتِلَاطِهَا

(المادة 216) بيع حق المرور وحق الشرب والمسيل

كَالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَإِحْرَازِ الْمَالِ الْمُبَاحِ مِنْ إنْسَانٍ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي أَعْتَبِرُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّنِي لَمْ آذَنْ بِهِ. وَيَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَا اُسْتُثْنِيَ بِالْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ 1088 فَفِي تِلْكَ الْفِقْرَةِ مَا لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَسَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى مَعَ عِلَلِ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُوجِبَةِ. رَجَعَ الْقَوْلُ إلَى إيضَاحِ الْقُيُودِ - يُقْصَدُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (حِصَّةٍ شَائِعَةٍ) الِاحْتِرَازُ عَنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ لَا يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1075) فَإِذَا حِصَّةٌ مُشَارِكَةٌ لِحِصَّتِهِ فَالْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ بَيْعُ فُضُولِيٍّ يُسَوَّغُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُجِيزَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى الْإِضْرَارِ بِهِ. أَمَّا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ بَعْضِ شُرَكَائِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ ضَرَرٌ يَنْتَفِي بِبَيْعِهَا مِنْ جَمِيعِ شُرَكَائِهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُمْ جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي بَيْعِهَا لِلشَّرِيكِ ضَرَرٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ أَرْضٌ قَامَ فِيهَا بِنَاءٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْبِنَاءِ فَقَطْ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِهَذِهِ الْحِصَّةِ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَهُ إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا قَائِمَةً فِي الْأَرْضِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 189) فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَهُوَ مُلْزَمٌ بِرَفْعِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ وَإِخْلَاءِ الْأَرْضِ مِنْهُ وَيَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَالضَّرَرُ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِالْإِذْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1226) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِثَلَاثَةِ رِجَالٍ زَرْعٌ فِي أَرْضِهِمْ الْمُشْتَرَكَةِ فَبَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ أَجْنَبِيًّا أَوْ أَحَدَ شُرَكَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ دُونَ الْأَرْضِ فَإِذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ حِصَّتِهِ فِي الْحَالِ وَقَبْلَ أَنْ تُدْرَكَ وَقِسْمَةَ الزَّرْعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى طَلَبِ هَذَا وَلَا رِضَاءِ شَرِيكِهِ عَنْ هَذَا الْبَيْعِ وَلِلْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19 و 372) فَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ حَصْدَ حِصَّتِهِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ فَالْبَيْعُ يَعُودُ إلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا قَدْ زَالَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ تِلْكَ الْحِصَّةَ إلَى شَرِيكَيْهِ اللَّذَيْنِ يُشَارِكَانِهِ فِي الزَّرْعِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ أَخْذَ حِصَّتِهِ فَوْرًا وَحَصْدَ الزَّرْعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ فَالْبَيْعُ يَعُودُ إلَى الصِّحَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الْوَاقِعَاتُ،) . وَكَذَلِكَ إذَا زَرَعَ إنْسَانٌ أَرْضَ آخَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُزَارَعَةِ فَبَاعَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي ذَلِكَ الزَّرْعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ مِنْ الْآخَرِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا بَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ مِنْ الْمَزَارِعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا طَلَبَ تَخْلِيَةَ أَرْضٍ مِنْ الزَّرْعِ فَقَدْ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي (بَزَّازِيَّةٌ) أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْبَائِعُ تَخْلِيَةَ أَرْضِهِ وَصَمَتَ إلَى إدْرَاكِ الْمَحْصُولِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 4 2) وَلِهَذِهِ الْمَسَائِلِ مَزِيدُ تَفْصِيلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ فِي التَّنْقِيحِ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ فَقِفْ عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 216) بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الشُّرْبِ وَالْمَسِيلِ] (الْمَادَّةُ 216) يَصِحُّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الشُّرْبِ وَالْمَسِيلِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَالْمَاءِ تَبَعًا لِقَنَوَاتِهِ. يَجُوزُ بَيْعُ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَحَقِّ الْمَاءِ تَبَعًا لِلْقَنَوَاتِ وَقَدْ

جُوِّزَ هَذَا الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي (الْأَرْضِ) احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: أَرْضُ الطَّرِيقِ بِأَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ رَقَبَةَ أَرْضِهِ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ وَسَيَجِيءُ. مِثَالُ ذَلِكَ: ثَانِيهِمَا أَرْضٌ غَيْرُ أَرْضِ الطَّرِيقِ بِأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ بُسْتَانٌ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ إلَيْهِ مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بُسْتَانَهُ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ الَّذِي لَهُ فِي أَرْضِ جَارِهِ فَبَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا لِلْبُسْتَانِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ يَشْمَلُ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَّا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ النَّصِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَرْضُ الَّتِي لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ. أَمَّا إذَا بِيعَ حَقُّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الشُّرْبِ أَوْ حَقُّ الْمَسِيلِ مَعَ غَيْرِ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَابِعًا لَهَا فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ الْبَيْعِ خِلَافٌ سَيَجِيءُ ذِكْرُهُ. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ - قِيلَ فِي الْمَادَّةِ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ حَقُّ الْمُرُورِ مُسْتَقِلًّا فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ هِيَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ وَلِذَلِكَ عِبَارَةُ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ مُسْتَقِلًّا جَائِزٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَحْرَزَتْ قَبُولَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ 1781 الَّتِي تَنُصُّ عَلَى إفْرَازِ حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ لِحَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الشُّرْبِ تَرْجِيحُهَا لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَادِمِيُّ الدُّرَرُ الْغَرُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا تَكُونُ عِبَارَةُ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ الَّتِي نَصَّتْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ، فَحَقُّ الشُّرْبِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ مُنْفَرِدَةٌ حَسَبَ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهَا تَكُونُ قَدْ أَفْتَتْ فُتْيَا مُخَالِفَةً فِي نَصِّهَا هَذَا لِحُكْمِ الْمَادَّةِ 168 1. أَمَّا بَيْعُ الْمَسِيلِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَجَائِزٌ وَبَيْعُهُ مُنْفَرِدًا غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ أَشَارَتْ إلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ 6811 وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِيضَاحَاتُ الْكَافِيَةُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ مَعْلُومٌ لِتَعَلُّقِهِ بِمَحِلٍّ مَعْلُومٍ وَهُوَ الطَّرِيقُ وَأَمَّا الْمَسِيلُ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ فَنَظِيرُ حَقِّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ مَالٌ بَلْ بِالْهَوَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ أَنْ يُسِيلَ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا فَيَجُرَّهُ عَلَى أَرْضٍ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَحِلِّهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) قِيلَ فِي الْمَادَّةِ (حَقُّ الْمَسِيلِ) فَعَلَى هَذَا إذَا بَيَّنَ الْمَحِلَّ الَّذِي سَيَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ صَارَ تَعْيِينُ الْحُدُودِ فِي أَرْضِ الْمَسِيلِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهَا النَّهْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَحِلَّ الَّذِي سَيَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ وَبِيعَ الْمَسِيلِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ. أَمَّا بَيْعُ الْمَاءِ تَبَعًا لِبَيْعِ الْقَنَوَاتِ فَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 43 1 هُوَ النَّصِيبُ الْمُعَيَّنُ الْمَعْلُومُ مِنْ نَهْرٍ فَهُوَ أَيْضًا مَاءٌ فَإِذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ الشُّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَبَيْنَ الْمَاءِ تَبَعًا لِلْقَنَوَاتِ لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بَيْنَ مُتَعَلِّقِهِمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَرْضِ وَالْمَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَنَوَاتِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَا يَجْرِي فِي قَنَاتِهِ مِنْ الْمَاءِ مَعَ قَنَوَاتِهِ مِنْ آخَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ بَيْعُ الطَّرِيقِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ الطَّرِيقَ الَّتِي يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا مُنْفَرِدَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فَإِذَا بَيَّنَ حِينَ الْعَقْدِ عَرْضَ الطَّرِيقِ فَهُوَ الْمِقْدَارُ الْمُعْتَبَرُ لِلطَّرِيقِ الْمَبِيعَةِ إذَا لَمْ يَبِعْ عَرْضَهَا حِينَئِذٍ فَعَرْضُ الطَّرِيقِ يَكُونُ عَرْضَ بَابِ دَارِ الْبَائِعِ الْخَارِجِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ إذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ جَمِيعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُ

الطَّرِيقِ وَاقْتِسَامِ ثَمَنِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 223 1) وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِشَرِيكٍ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ مُنْفَرِدًا لَكِنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ مَعَ حِصَّتِهِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ تَبَعًا لِلدَّارِ طَحْطَاوِيٌّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 4 5)

الفصل الثالث في بيان المسائل المتعلقة بكيفية بيع المبيع

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ بَيْعِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 7 1 2) كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ وَالْمَذْرُوعَاتِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَعَدَدًا وَذَرْعًا يَصِحُّ بَيْعُهَا جُزَافًا أَيْضًا مَثَلًا: لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ أَوْ كَوْمَ تِبْنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ حِمْلَ قُمَاشٍ جُزَافًا صَحَّ الْبَيْعُ. بَيْعُ الْمَكِيلَاتِ بِالْكَيْلِ وَالْمَوْزُونَاتِ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِيَّاتِ بِالْعَدِّ وَالْمَذْرُوعَاتِ بِالذَّرْعِ صَحِيحٌ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَقَايِيسُ بِالْمَقَادِيرِ الْأَرْبَعَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا بِشَرْطِ أَنْ تُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهَا وَأَلَّا تُجْعَلَ رَأْسَ مَالٍ سَلَمٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَكِيلًا يُعْلَمُ بِتَعْيِينِ مِقْدَارِهِ بِالْكَيْلِ وَجُزَافًا يُعْلَمُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ فَهُوَ مَعْلُومٌ عَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ فَإِذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ فَالْبَيْعُ جُزَافًا فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَكَذَلِكَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ جُزَافًا بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ إذَا أُقِيلَ بِالتَّرَاضِي وَجَبَ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ أَنْ يُعِيدَ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ مِقْدَارُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَلَا تُمْكِنُ الْإِعَادَةُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 0 2) . وَعَلَى ذَلِكَ إذَا بِيعَ الْمَالُ جُزَافًا وَطَلَبَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَدَاءِ كُلِّ الثَّمَنِ بِدَعْوَى أَنَّ الْمَبِيعَ نَقَصَ عَنْ تَخْمِينِهِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ حِنْطَتَهُ الَّتِي فِي الْمَطْمُورَةِ جُزَافًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ وَعُمْقَ الْمَطْمُورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى مِقْدَارِ عُمْقِ الْمَطْمُورَةِ بَيْنَ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ مِقْدَارَ عُمْقِ تِلْكَ الْمَطْمُورَةِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِذَا لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْحِنْطَةِ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا وَإِذَا أُصِيبَ فِي الْمَطْمُورَةِ وِعَاءٌ فَارِغٌ أَوْ شَيْءٌ آخَرُ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بِخِيَارِ كَشْفِ الْحَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . النِّزَاعُ فِي الْكَيْلِ وَالْجُزَافِ. - إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ أَوْ الْمَكِيلَاتِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ جُزَافًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَأَنَّهُ يُنْقَضُ عَنْ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1778) وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ سِلْعَةً مَذْرُوعَةً وَادَّعَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ جُزَافًا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَبَى أَنْ يُطَالَبَ بِنُقْصَانٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ كَذَا ذِرَاعًا وَأَنَّ لَهُ الْخِيَارَ؛ لِأَنَّهُ

(المادة 218) باع حنطة على أن يكيلها بكيل معين أو يزنها بحجر معين

وَجَدَ السِّلْعَةَ نَاقِصَةً فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت الْمَذْرُوعَ جُزَافًا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهُ بِكَذَا قِرْشًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَالتَّرَادُّ (خُلَاصَةٌ بَزَّازِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 218) بَاعَ حِنْطَةً عَلَى أَنْ يَكِيلَهَا بِكَيْلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ يَزِنَهَا بِحَجَرٍ مُعَيَّنٍ] (الْمَادَّةُ 218) لَوْ بَاعَ حِنْطَةً عَلَى أَنْ يَكِيلَهَا بِكَيْلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ يَزِنَهَا بِحَجَرٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الْكَيْلِ وَثِقَلَ الْحَجَرِ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْحَدِيدِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ قَابِلًا لِلِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى الْعِيَارُ سَوَاءٌ أَكَانَ كَيْلًا أَوْ حَجَرًا حَتَّى تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ الْعِيَارُ لَا يُعْلَمُ كَمْ رِطْلًا هُوَ أَوْ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ، وَإِنْ كَانَ يَكُونُ بِذَلِكَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّ الْجَهَالَةَ غَيْرُ مَانِعَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَلَا مُؤَدِّيَةٍ إلَى النِّزَاعِ نَعَمْ قَدْ يُفْقَدُ الْعِيَارُ فَيَقَعُ النِّزَاعُ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فَوْرًا وَكَانَ مِنْ النَّادِرِ فِقْدَانُ الْعِيَارِ فِي مُدَّةٍ وَجِيزَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ الِاحْتِمَالُ النَّادِرُ الْوُقُوعِ إذْ لَا اعْتِبَارَ بِالنَّادِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 2 4) أَمَّا فِي السَّلَمِ فَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ يَتَأَخَّرُ وَلَيْسَ مِنْ النَّادِرِ فِقْدَانُ الْعِيَارِ فِيمَا بَيْنَ حُصُولِ السَّلَمِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَكَانَ النِّزَاعُ مُتَوَقَّعًا فَالْبَيْعُ لَا يَصِحُّ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي السَّلَمِ. وَقَدْ قِيلَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ غَيْرَ لَازِمٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي يَنْعَقِدُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي فِيهِ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ كَشْفِ الْحَالِ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَمَا يَطَّلِعُ عَلَى مِقْدَارِ ذَلِكَ الْعِيَارِ وَوَزْنِهِ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ. وَقِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَذَلِكَ كَالْقُفَّةِ فَالْبَيْعُ بِهَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُنَازِعَ الْبَائِعَ فَيَدَّعِي أَنَّ الْقُفَّةَ لَمْ تَنْفَتِحْ كَمَا يَجِبُ إلَّا أَنَّهُ جُوِّزَ بَيْعُ الْمَاءِ بِالْقِرَبِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ. وَقِيلَ فِي الْمَادَّةِ (بِحَجَرٍ) فَإِذَا كَانَ الْمِعْيَارُ الَّذِي اُتُّخِذَ لِوَزْنِ الْمَبِيعِ لَيْسَ حَجَرًا بَلْ كَانَ بِطِّيخًا مَثَلًا مِمَّا يُمْكِنُ ذُبُولُهُ وَتَنَاقُصُ وَزْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ وَزْنًا وَسَلَمًا فِي الْحَالِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ وَزْنِ الْمِعْيَارِ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فِيمَا نَقَصَ مِنْ وَزْنِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنْ يَكِيلَهَا بِكَيْلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ يَزِنَهَا، إلَى لُزُومِ بَقَاءِ ذَلِكَ الْكَيْلِ أَوْ الْحَجَرِ عَلَى حَالِهِ إلَى أَنْ يُسَلَّمَ الْمَبِيعُ فَإِذَا فُقِدَ ذَلِكَ الْمِكْيَالُ أَوْ الْحَجَرُ بَعْدَ الْوَزْنِ بِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيَدَّعِي الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ الْمِعْيَارَ كَانَ كَذَا رِطْلًا أَوْ دِرْهَمًا وَيَدَّعِي الْبَائِعُ أَنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13 2) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 219) كل ما جاز بيعه منفردا جاز استثناؤه من المبيع

[ (الْمَادَّةُ 219) كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 219) كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَبِيعِ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ ثَمَرَةَ شَجَرَةٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهَا كَذَا رِطْلًا عَلَى أَنَّهُ لَهُ صَحَّ الْبَيْعُ. (الْهِنْدِيَّةُ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِنَاءً أَوْ شَجَرًا مِمَّا يَدْخُلُ تَبَعًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ أَوْ رِطْلَ خَلٍّ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَبَعًا فِي الْمَبِيعِ بَلْ يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْبَيْعِ، يَعْنِي أَنَّ الْأَمْوَالَ الَّتِي يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ: الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَبِيعِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (23 و 231) . وَالثَّانِي: الْأَمْوَالُ الَّتِي لَا تَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 233) مَثَلًا: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذِهِ الصُّبْرَةَ إلَّا عَشْرَ كَيْلَاتٍ أَوْ الْقَطِيعَ إلَّا عَشْرَ شِيَاهٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا فَاسْتِثْنَاؤُهُ صَحِيحٌ وَتَعْيِينُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِبَيَانِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ. وَالثَّانِي: بِذِكْرِ جُزْءٍ شَائِعٍ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ. وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ طَحْطَاوِيٌّ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (1) لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ عَلَى أَنْ يَبْقَى ثُلُثُهَا لَهُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. (2) إذَا بَاعَ رَجُلٌ دَارِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْعِ طَرِيقَهَا الْمَعْلُومَةَ الْمُعَيَّنَةَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ أَنْقِرْوِيٌّ. (3) إذَا بَاعَ رَجُلٌ رَقَبَةَ طَرِيقِهِ عَلَى أَنْ يَبْقَى حَقُّ مُرُورِهِ مِنْهَا أَوْ بَاعَ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مِنْ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَبْقَى حَقُّ الْقَرَارِ فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ. (4) لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ بُسْتَانَه وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَيْعِ شَجَرَةَ جَوْزٍ بِقَرَارِهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْبُسْتَانُ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَتِلْكَ الشَّجَرَةُ مَعَ قَرَارِهَا تَبْقَى مِلْكًا لِلْبَائِعِ. فَإِذَا أَرَادَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ اقْتِطَافَ ثَمَرِهَا فَالْمُشْتَرِي مُلْزَمٌ إمَّا بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْبُسْتَانَ وَيَقْتَطِفَ ثَمَرَ شَجَرَتِهِ أَوْ بِأَنْ يَقْتَطِفَ هُوَ هَذَا الثَّمَرَ وَيُقَدِّمَهَا إلَى صَاحِبِ الشَّجَرَةِ (الْخَانِيَّةُ) إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهُ أَنْ يُعَارِضَ فِي تَدَلِّي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ وَامْتِدَادِهَا إلَى شَجَرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1169) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْأَغْصَانُ الَّتِي زَادَتْ وَنَمَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ (الشَّارِحُ) (5) إذَا بَاعَ إنْسَانٌ بِنَاءً مِنْ آخَرَ وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ عَدَدًا مُعَيَّنًا مِنْ الْأَخْشَابِ أَوْ الْأَحْجَارِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْبِنَاءَ لِنَقْضِهِ وَنَقَلَهُ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ فَاسِدًا وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: كَبَيْعِ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ أَوْ حِلْيَةِ السَّيْفِ مِمَّا هُوَ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: مَا كَانَ مَجْهُولًا وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ قَطِيعَ غَنَمٍ عَلَى أَنْ يُبْقِيَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَاةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ رَجُلٌ بَقَرَةً

(المادة 220) بيع المعدودات صفقة واحدة مع بيان ثمن كل فرد وقسم منها

حَامِلًا وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَبِيعِ جَنِينَهَا أَوْ شَاةً غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ وَاسْتَثْنَى أَلْيَتَهَا أَوْ فَخِذَهَا أَوْ سَيْفًا وَاسْتَثْنَى الْفِضَّةَ مِنْهُ أَوْ الذَّهَبَ الَّذِي فِي مِقْبَضِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا اُسْتُثْنِيَ مُنْفَرِدًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 5 20) وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا اُسْتُثْنِيَ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مُعَيَّنًا مَعْلُومًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13 2) . [ (الْمَادَّةُ 220) بَيْعُ الْمَعْدُودَاتِ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعَ بَيَانِ ثَمَنِ كُلِّ فَرْدٍ وَقِسْمٍ مِنْهَا] (الْمَادَّةُ 220) : بَيْعُ الْمَعْدُودَاتِ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعَ بَيَانِ ثَمَنِ كُلِّ فَرْدٍ وَقِسْمٍ مِنْهَا صَحِيحٌ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ أَوْ وَسْقَ سَفِينَةٍ مِنْ حَطَبٍ أَوْ قَطِيعَ غَنَمٍ أَوْ قِطْعَةً مِنْ جُوخٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ كَيْلٍ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ قِنْطَارٍ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ رَأْسٍ مِنْ الْغَنَمِ أَوْ ذِرَاعٍ مِنْ الْجُوخِ بِكَذَا صَحَّ الْبَيْعُ. وَكَذَلِكَ بَيْعُ مَزْرَعَةٍ مَعْلُومَةِ الْحُدُودِ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ دُونَمٍ مِنْهَا أَوْ كُلُّ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِكَذَا جُنَيْهًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ فِي الصُّبْرَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِي الْحَطَبِ الَّذِي فِي السَّفِينَةِ وَفِي قَطِيعِ الْغَنَمِ وَثَوْبِ الْجُوخِ وَفِي الْمَزْرَعَةِ الْمَحْدُودَةِ بِحُدُودٍ مَعْلُومَةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ فِي كَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا يُبَاعُ بِالْكَيْلَةِ وَلَا فِي قِنْطَارٍ وَاحِدٍ مِمَّا يُبَاعُ بِالْقِنْطَارِ وَلَا فِي شَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقَطِيعِ وَلَا فِي دُونَمٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالْمَزْرَعَةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي ظَنَنْت أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ كَذَا ذِرَاعًا فَظَهَرَ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِمَّا ظَنَنْتُ فَلَا أُرِيدُهُ أَوْ لَا آخُذُ أَكْثَرَ مِنْ ذِرَاعٍ مِنْهُ. وَقَدْ تَضَمَّنَتْ الْأَمْثِلَةُ السَّابِقَةُ التَّمْثِيلَ لِلْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَالْمُتَقَارِبَةِ وَالْمَذْرُوعَاتِ. وَهَذَا الْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ تَزُلْ الْجَهَالَةُ مِنْهُ بِكَيْلَةٍ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ أَوْ لَمْ يَكِلْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمُقَدَّرَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِثْلِيَّةً أَوْ قِيَمِيَّةً فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا حِينَمَا يَقِفُ أَوْ يَطَّلِعُ عَلَى مِقْدَارِ مَجْمُوعِ مَا اشْتَرَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. الدُّرَرُ. عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَفِي بَيْعِ الْمُقَدَّرَاتِ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ: (1) الْبَيْعُ جُزَافًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (217) وَالْبَيْعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ 218 بَيْعَ مُجَازَفَةٍ (التَّنْوِيرُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (2) بَيْعُ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مِقْدَارِ جُمْلَتِهَا مَعَ بَيَانِ ثَمَنِ أَفْرَادِهَا وَأَقْسَامِهَا وَاَلَّذِي تَعَرَّضَتْ لَهُ الْمَادَّةُ هُوَ هَذَا الِاحْتِمَالُ. (3) بَيْعُ الْمُقَدَّرَاتِ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ ثَمَنِ أَفْرَادِهَا أَوْ أَقْسَامِهَا.

(المادة 221) بيع العقار بتعيين حدوده

بَيْعُ الْمُقَدَّرَاتِ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهَا وَثَمَنِ أَفْرَادِهَا أَوْ أَقْسَامِهَا. وَالِاحْتِمَالَانِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْمَادَّةِ 23 2. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُبَيَّنُ فِيهِ ثَمَنُ أَفْرَادِ الْمَبِيعِ أَوْ أَقْسَامِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ صُبْرَتَيْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ كُلِّ كَيْلَةٍ مِنْ الصُّبْرَتَيْنِ كَذَا قِرْشًا وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَوَاقِعٌ عَلَى الصُّبْرَتَيْنِ وَإِذَا قِيلَ فِي الْبَيْعِ (كُلَّ كَيْلَةٍ) فَلَا يَكُونُ وَاقِعًا عَلَى كَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ (كُلَّ كَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ) فَلَا يَقَعُ عَلَى كَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فَقَطْ. وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَا فِي كَرْمِهِ مِنْ الْعِنَبِ عَلَى أَنَّ كُلَّ حِمْلٍ مِنْهُ بِكَذَا قِرْشًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْعِنَبُ الَّذِي فِي الْكَرْمِ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً (خُلَاصَةٌ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَصِحُّ فِي الْأَقْسَامِ وَالْأَفْرَادِ الْمُسَمَّاةِ فَقَطْ فَإِذَا بِيعَتْ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ كُلِّ كَيْلَةٍ مِنْهَا كَذَا قِرْشًا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا فِي كَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ فَإِنْ بِيعَتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ كَيْلَتَيْنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي كَيْلَتَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَصِحُّ فِي الْبَاقِي (الدُّرَرُ. الْغُرَرُ) . أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَقَدْ جَرَتْ عَلَى رَأْيِ الصَّاحِبَيْنِ تَسْهِيلًا لِلْأَمْرِ عَبْدُ الْحَلِيمِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 17) أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فِي الْمَادَّةِ 494 الْمُمَاثِلَةِ لِهَذِهِ فَلَا يَجْرِي فِيهَا هَذَا الِاخْتِلَافُ وَالْإِجَارَةُ تَصِحُّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ بِالِاتِّفَاقِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ. أَمَّا فِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ فَإِذَا بِيعَ قَطِيعُ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَاةٍ مِنْهُ بِكَذَا جَرَى فِيهِ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِذَا بِيعَ كُلُّ شَاتَيْنِ بِكَذَا أَوْ كُلُّ ثَلَاثٍ فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاقِفًا عَلَى مِقْدَارِ الْكُلِّ فِي الْمَجْلِسِ وَكَانَ مَجْمُوعُ الْقَطِيعِ مُوَافِقًا لِلْمِقْدَارِ الْمُسَمَّى وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ ثَمَنَ كُلِّ شَاتَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْقَطِيعَ أَزْوَاجٌ بَلْ أَفْرَادٌ فَإِنَّ حِصَّةَ الْفَرْدِ تَكُونُ مَجْهُولَةً وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الثَّمَنِ فِي هَذَا الْبَيْعِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَإِذَا ظَهَرَ الْقَطِيعُ أَزْوَاجًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ مِنْهُ لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَنُهَا إلَّا بِضَمِّ شَاةٍ أُخْرَى وَلَا يُعْلَمُ أَيُّ شَاةٍ يَجِبُ ضَمُّهَا إلَيْهَا فَإِذَا ضُمَّتْ الْأَغْلَى قِيمَةً كَانَ ثَمَنُ الْمَضْمُومِ إلَيْهَا زَائِدًا وَإِذَا ضُمَّتْ الْأَرْخَصُ كَانَ ثَمَنُ الْمَضْمُومِ إلَيْهَا قَلِيلًا وَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ مُؤَدٍّ إلَى جَهَالَةِ الثَّمَنِ وَجَبَ فَسَادُ الْبَيْعِ (هِنْدِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 221) بَيْعُ الْعَقَارِ بِتَعْيِينِ حُدُودِهِ] (الْمَادَّةُ 221) كَمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَقَارِ الْمَحْدُودِ بِالذِّرَاعِ وَالْجَرِيبِ يَصِحُّ بَيْعُهُ بِتَعْيِينِ حُدُودِهِ أَيْضًا. بِمَا أَنَّ الْعَقَارَاتِ مِنْ قِسْمِ الْمَذْرُوعَاتِ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ صَحَّ بَيْعُهَا بِالذِّرَاعِ وَالدُّونَمِ. وَلِبَيْعِ الْعَقَارِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: (1) بَيْعُ الْمَحْدُودِ بِحُدُودِهِ. وَهُوَ صَحِيحٌ كَقَوْلِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُكَ عَرْصَتِي الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا

(المادة 222) يعتبر القدر الذي يقع عليه عقد البيع لا غيره

فَفِي هَذَا الْبَيْعِ الِاعْتِبَارُ بِالْحُدُودِ وَلَا مَجَالَ لِنِزَاعِ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُ مِسَاحَةَ هَذَا الْعَقَارِ أَكْثَرَ مِمَّا ظَهَرَ وَلَا الْبَائِعُ أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْتُهَا أَقَلَّ. (2) بَيْعُ الْمَحْدُودِ مِنْ الْعَقَارِ بِالذِّرَاعِ أَوْ الدُّونَمِ كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْت كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْ عَرْصَتِي هَذِهِ بِكَذَا فَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مِسَاحَةُ الْعَقَارِ. (3) أَنْ تُذْكَرَ الْحُدُودُ فِي الْبَيْعِ وَأَنْ يُذْكَرَ مِقْدَارُ دُونَمَاتِهَا أَوْ أَذْرُعِهَا مَعَ تَعْيِينِ ثَمَنِ كُلِّ ذِرَاعٍ مِنْهَا فَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الذِّرَاعُ. (4) أَنْ تُذْكَرَ الْحُدُودُ وَالْأَذْرُعُ وَالدُّونَمَاتُ وَيَكُونَ الْبَيْعُ بِالْحُدُودِ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: إنَّ هَذِهِ الْعَرْصَةَ حُدُودُهَا كَذَا وَذَرْعُهَا كَذَا وَقَدْ بِعْتهَا بِخَمْسِينَ جُنَيْهًا فَفِي هَذَا الْبَيْعِ الِاعْتِبَارُ لِلْحُدُودِ، وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ بُسْتَانَه وَبَيَّنَ حُدُودَهُ ثُمَّ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ دُونَمَاتٌ كَأَنْ يَقُولَ: إنَّ حُدُودَ بُسْتَانِي الْأَرْبَعَةَ هِيَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ دُونَمَاتٌ وَقَدْ بِعْته مِنْك بِكَذَا فَيَقِيسُهُ الْمُشْتَرِي فَتَظْهَرُ مِسَاحَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ دُونَمَيْنِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ أَنْ يَسْتَبْقِيَ لَهُ مَا يَزِيدُ عَنْ الدُّونَمَيْنِ فَإِذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَزْرَعَةً مَعْلُومَةَ الْحُدُودِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ دُونَمَاتٍ وَلِأَنَّهَا ظَهَرَتْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 226 وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى تَعْيِينِ الْمَبِيعِ بِالْحُدُودِ وَهَيْئَةِ الْمَزْرَعَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ بِالذِّرَاعِ وَالدُّونَمِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ الْيَمِينِ فِي إنْكَارِ الشَّرْطِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 172) . وَالْفَرْقُ فِي الْبَيْعِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ الْعَرْصَةُ بِتَعْيِينِ الْحُدُودِ تُعْتَبَرُ الْحُدُودُ فَقَطْ وَلَا تُعْتَبَرُ مِسَاحَتُهَا فَإِذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ عَرْصَةً مُعَيَّنَةً بِالْحُدُودِ وَذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ الْمِسَاحَةَ بِالذِّرَاعِ أَوْ الدُّونَمِ أَوْ أَنَّهَا تَسْتَوْعِبُ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْبَذْرِ ظَهَرَ أَنَّهَا أَنْقَصُ مِمَّا ذُكِرَ فَلَيْسَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا [ (الْمَادَّةُ 222) يُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْبَيْعِ لَا غَيْرُهُ] (الْمَادَّةُ 222) إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ عَقْدُ الْبَيْعِ لَا غَيْرُهُ. أَيْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الْمَالِ وَالثَّمَنِ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الثَّمَنِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَمَّا مَا يَزِيدُ عَنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ أَوْ بِظَنِّ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ انْعِقَادَ الْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الزِّيَادَةِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ فَلَا تَكُونُ وَاقِعَةً تَحْتَ الْبَيْعِ وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ: (1) إذَا بِيعَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَعْدُودَاتُ الْمُتَقَارِبَةُ وَالْمَوْزُونَاتُ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِ مَجْمُوعِهَا فَظَهَرَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ زِيَادَةً عَنْ الْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ (هِنْدِيَّةٌ) . (2) إذَا بِيعَتْ رِزْمَةُ وَرَقٍ عَلَى أَنْ تُعَدَّ أَوْرَاقُهَا وَعَلَى ظَنِّ أَنَّهَا أَرْبَعُمِائَةِ طَلْحِيَّةٍ لَكِنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الرِّزْمَةِ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْعَدَدِ وَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ عُدَّتْ فَظَهَرَ أَنَّهَا تَزِيدُ عَنْ أَرْبَعِ الْمِائَةِ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي. (3) مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ مَادَّةِ 226 فَهُوَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ

(المادة 323) بيع المكيلات والعدديات والموزونات جملة مع بيان قدرها

إذَا بَاعَ إنْسَانٌ شَجَرَةً مِنْ آخَرَ لِيَتَّخِذَهَا حَطَبًا بَعْد أَنْ أَحْضَرَ الْمُتَبَايِعَانِ أَهْلَ خِبْرَةٍ لِيُقَدِّرُوا مَا فِي هَذِهِ الشَّجَرَةِ مِنْ الْحَطَبِ وَخَمَّنَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ مِقْدَارَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ عِشْرُونَ حِمْلًا مِنْ الْحَطَبِ فَاشْتَرَى الْمُشْتَرِي تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَإِذَا حَطَبُهَا يَزِيدُ عَنْ الْعِشْرِينَ حِمْلًا فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ دَخَلَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ (بَزَّازِيَّةٌ) وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي الثَّمَنِ فَإِذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَبْتَاعَ خَمْسًا وَخَمْسِينَ كَيْلَةً سِعْرُ كُلِّ كَيْلَةٍ اثْنَا عَشَرَ قِرْشًا وَنِصْفًا وَوَافَقَهُ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا حُسِبَ مَجْمُوعُ الثَّمَنِ بَلَغَ سِتَّمِائَةٍ وَسَبْعًا وَثَمَانِينَ قِرْشًا وَنِصْفًا لَكِنْ وَقَعَ غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ فَظُنَّ أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّمَنِ يَبْلُغُ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ فَبَاعَ الْبَائِعُ الْخَمْسَ وَالْخَمْسِينَ كَيْلَةً بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْفَلْتُ فِي جَمْعِهِ فَإِذَا تَنَبَّهَ الْبَائِعُ لِلْفَلْتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ بِدَاعِي الْفَلْتِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْحِسَابِ. [ (الْمَادَّةُ 323) بِيعَ الْمَكِيلَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ جُمْلَةٌ مَعَ بَيَانِ قَدْرِهَا] (الْمَادَّةُ 323) : الْمَكِيلَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ وَالْمَوْزُونَاتُ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ إذَا بِيعَ مِنْهَا جُمْلَةٌ مَعَ بَيَانِ قَدْرِهَا صَحَّ الْبَيْعُ سَوَاءٌ سُمِّيَ ثَمَنُهَا فَقَطْ أَوْ بُيِّنَ وَفُصِّلَ لِكُلِّ كَيْلٍ أَوْ فَرْدٍ أَوْ رِطْلٍ مِنْهَا ثَمَنٌ عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تَامًّا لَزِمَ الْبَيْعُ، وَإِذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِقْدَارَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا ظَهَرَ زَائِدًا فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ كَيْلَةً أَوْ عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ كَيْلَةً كُلُّ كَيْلَةٍ مِنْهَا بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ أَيْ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَإِذَا ظَهَرَتْ وَقْتَ التَّسْلِيمِ خَمْسِينَ كَيْلَةً لَزِمَ الْبَيْعُ وَإِنْ ظَهَرَتْ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ كَيْلَةً فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخَمْسَ وَأَرْبَعِينَ كَيْلَةً بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ ظَهَرَتْ خَمْسًا وَخَمْسِينَ كَيْلَةً فَالْخَمْسُ الْكَيْلَاتُ الزَّائِدَةُ لِلْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ سَفَطَ بَيْضٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ بَيْضَةٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ بَيْضَةٍ كُلُّ بَيْضَةٍ بِنِصْفِ قِرْشٍ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَإِنْ ظَهَرَتْ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تِسْعِينَ بَيْضَةً فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ تِسْعِينَ بَيْضَةً بِخَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ قِرْشًا إذَا ظَهَرَتْ مِائَةٌ وَعَشْرُ بَيْضَاتٍ فَالْعَشَرَةُ الزَّائِدَةُ لِلْبَائِعِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ زِقَّ سَمْنٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ رِطْلٍ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. إنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي تَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَائِهِ وَهُوَ (1) الْمَكِيلَاتُ (2) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ (3) الْمَوْزُونَاتُ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا وَتَفْرِيقِهَا ضَرَرٌ فَإِذَا بَيَّنَ مِقْدَارَ الْمَجْمُوعِ مِنْهَا لَفْظًا أَوْ عَادَةً وَبِيعَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ فَإِذَا ذُكِرَ ثَمَنُهُ جُمْلَةً أَوْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ فَذَكَرَ وَفَصَّلَ ثَمَنَ كُلِّ كَيْلَةٍ أَوْ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ فَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ رِطْلٍ مَثَلًا فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ ظَهَرَ الْمَجْمُوعُ مُسَاوِيًا لِلْمِقْدَارِ الَّذِي بُيِّنَ أَوْ زَائِدًا عَنْهُ أَوْ نَاقِصًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَفْرَادِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَقْسَامِهَا فَإِذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ

(المادة 224) باع مجموعا من الموزونات التي في تبعيضها ضرر وبين قدره

زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا عُرِفَتْ حِصَّةُ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ وَحِصَّةُ الْمَوْجُودِ مِنْ الثَّمَنِ (الْخُلَاصَةُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ بَيْعِ الْجُزَافِ أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّتَيْنِ 217 و 0 22 أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فِي تَيْنِكَ الْمَادَّتَيْنِ مِقْدَارَ الْجُمْلَةِ وَبَيَّنَ مِقْدَارَهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلِذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ نَأْتِي بِبَيَانِهَا: 1 - أَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ مُطَابِقًا لِلْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبَيْعُ لَازِمٌ فِي الْمَجْمُوعِ كُلِّهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْخِيَارَاتِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَفَرَّقْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَعَلَى هَذَا فَالْمَبِيعُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا. 2 - أَنْ يَظْهَرَ مِقْدَارُهُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَرْكُ الْمَجْمُوعِ كُلِّهِ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعَ عِلْمِهِ بِنَقْصِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 224) بَاعَ مَجْمُوعًا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ] (الْمَادَّةُ 224) لَوْ بَاعَ مَجْمُوعًا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ وَذَكَرَ ثَمَنَ مَجْمُوعِهِ فَقَطْ وَحِينَ وَزْنِهِ وَتَسْلِيمِهِ ظَهَرَ نَاقِصًا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي بَيَّنَهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقَدْرَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. وَإِنْ ظَهَرَ زَائِدًا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي بَيَّنَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ فَصَّ أَلْمَاسٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ قَرَارِيطَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ فَإِذَا ظَهَرَ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْفَصَّ بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ وَإِذَا ظَهَرَ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ فِي الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ قَدْرَ الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِكُلِّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِهِ أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ بَلْ ذَكَرَ ثَمَنَ الْمَجْمُوعِ فَقَطْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ تَامًّا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ مِنْ الْخِيَارَاتِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا. أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا فَبِمَا أَنَّ النُّقْصَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَتَرَكَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (الْخُلَاصَةُ) وَلَيْسَ لَهُ إنْقَاصُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ مِنْ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ وَالْوَصْفُ لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَالْحُكْمُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 337 وَهَذَا الْخِيَارُ مِنْ قَبِيلِ خِيَارِ الْعَيْبِ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ الْمَجْمُوعُ زَائِدًا عَنْ الْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ أَيْضًا وَالزِّيَادَةُ تَكُونُ بِلَا بَدَلٍ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ خِيَارٌ. وَلَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرُ وَصْفٍ كَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ، وَالْوَصْفُ لَيْسَ لَهُ مِنْ حِصَّةٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْهُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 223) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بِيعَ فَصُّ أَلْمَاسٍ بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ قَرَارِيطَ فَإِذَا ظَهَرَ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ فَالْبَيْعُ

(المادة 225) بيع مجموع من الموزونات التي في تبعيضها ضرر مع بيان مقداره

لَازِمٌ. وَإِذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَأَنْ ظَهَرَ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِنُقْصَانِهِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 229) وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْفَصَّ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى الْعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ أَلْفَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ لِلنِّصْفِ الْقِيرَاطِ النَّاقِصِ وَيَأْخُذَ الْأَرْبَعَةَ الْقَرَارِيطَ وَالنِّصْفَ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ قِرْشٍ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ الْفَصُّ زَائِدًا كَأَنْ ظَهَرَ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا أَيْضًا وَيَتَمَلَّكُ الْمُشْتَرِي الْفَصَّ بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ زِيَادَةَ أَلْفَيْ قِرْشٍ عَلَى الثَّمَنِ مُقَابِلًا لِلنِّصْفِ الْقِيرَاطِ الَّذِي ظَهَرَ زَائِدًا. وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ قَدْرٌ مِنْ النُّحَاسِ عَلَى أَنَّهُ كَذَا أُقَّةٍ وَظَهَرَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إذَا شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِذَا قَبِلَ الْبَيْعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَبِيعِ نَاقِصٌ بِمَنْزِلَةِ ظُهُورِ عَيْبٍ فِيهِ لِذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا أَمَّا إذَا اسْتَلَمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِنُقْصَانِهِ وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ بِاسْتِرْدَادِهِ لِذَلِكَ يَعْمَلُ حِينَئِذٍ عَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (345 و 346) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْفَصَّ الْأَلْمَاسَ الَّذِي بِيعَ مِنْهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ قَرَارِيطَ وَظَهَرَ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا بَعْدَ أَنْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَصِّ تُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ إذَا كَانَ خَمْسَةَ قَرَارِيطَ وَعِشْرِينَ أَلْفَ قِرْشٍ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ وَنِصْفًا فَبِمَا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ خُمُسُ ثَمَنِ الْفَصِّ وَهُوَ خَمْسَةُ قَرَارِيطَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْبَائِعِ خُمُسَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَهُوَ أَرْبَعَةُ آلَافِ قِرْشٍ (الْخُلَاصَةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْبُيُوعِ) [ (الْمَادَّةُ 225) بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ] (الْمَادَّةُ 225) إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَبَيَانِ أَثْمَانِ أَقْسَامِهِ وَأَجْزَائِهِ وَتَفْصِيلِهَا فَإِذَا ظَهَرَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي بَيَّنَهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعَ بِحِسَابِ الثَّمَنِ الَّذِي فَصَّلَهُ لِأَجْزَائِهِ وَأَقْسَامِهِ. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ مِنْقَلًا مِنْ النُّحَاسِ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ كُلُّ رِطْلٍ بِأَرْبَعِينَ قِرْشًا فَظَهَرَ الْمِنْقَلُ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ وَنِصْفًا أَوْ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَنِصْفًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِنْقَلَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ قِرْشًا إنْ كَانَ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ وَنِصْفًا وَبِمِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ قِرْشًا إنْ كَانَ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَنِصْفًا. أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ بِبَيَانِ ثَمَنِهِ أَوْ ثَمَنِ أَقْسَامِهِ وَأَجْزَائِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فَإِذَا ظَهَرَ الْمَجْمُوعُ تَامًّا لَدَى تَسْلِيمِهِ يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ وَالْمَبِيعَ مَعْلُومَانِ وَالْمُرَادُ مِنْ اللُّزُومِ هُنَا أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ خِيَارٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ ظَهَرَ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا أَوْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ خِيَارٌ مِنْ الْخِيَارَاتِ الْأُخْرَى فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ لَازِمًا بِطَبِيعَتِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَبِيعُ تَامًّا بِأَنْ ظَهَرَ نَاقِصًا عَنْ الْقَدْرِ الْمُبَيَّنِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي فِي الْحَالَيْنِ الْخِيَارُ فِي قَبُولِ

(المادة 226) باع مجموعا من المذروعات وبين مقداره وجملة ثمنه

الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ. وَذَلِكَ احْتِرَازٌ عَنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَوْ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَدْرَ الَّذِي ظَهَرَ بِالثَّمَنِ الَّذِي جُعِلَ لِأَجْزَائِهِ وَأَقْسَامِهِ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الْقَدْرِ الزَّائِدِ عَنْ الْمَبِيعِ مُضِرٌّ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ وَلَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ بِذِكْرِ ثَمَنِ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَأَقْسَامِهِ وَأَفْرَادِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَصْبَحَ أَصْلًا وَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَصْفًا أَوْ تَابِعًا لِشُمُولِ الْمَبِيعِ الْوَصْفَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَأَصْبَحَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بِذَلِكَ اكْتَسَبَ الْأَصَالَةَ وَأَصْبَحَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةُ 223) . لِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَوْ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ وَإِذَا ظَهَرَ زَائِدًا فَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا حَقُّ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ نَفْعٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ الثَّمَنِ فَأَصْبَحَ النَّفْعُ مَمْزُوجًا بِضَرَرٍ فَلِهَذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِدُونِ ثَمَنٍ فَلَا يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى اللَّفْظِ. [ (الْمَادَّةُ 226) بَاعَ مَجْمُوعًا مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ وَبَيَّنَ مِقْدَارَهُ وَجُمْلَةَ ثَمَنِهِ] (الْمَادَّةُ 226) إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرَاضِيِ أَمْ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَشْيَاءِ السَّائِرَةِ وَبَيَّنَ مِقْدَارَهُ وَجُمْلَةَ ثَمَنِهِ فَقَطْ أَوْ فَصَّلَ أَثْمَانَ زِرَاعَاتِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ، وَأَمَّا الْأَمْتِعَةُ وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ كَالْجُوخِ وَالْكِرْبَاسِ فَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الْمَكِيلَاتِ. مَثَلًا: لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ ذِرَاعًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ تِلْكَ الْعَرْصَةَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَإِذَا ظَهَرَتْ زَائِدَةً أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي أَيْضًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَطْ وَكَذَا لَوْ بِيعَ ثَوْبُ قُمَاشٍ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي قَبَاءً وَأَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ فَظَهَرَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَإِنْ ظَهَرَ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِتَمَامِهِ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَظَهَرَتْ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا وَمِائَةً وَخَمْسَةَ أَذْرُعٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا إذَا كَانَتْ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَإِذَا كَانَ مِائَةً وَخَمْسَةَ أَذْرُعٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَكَذَا إذَا بِيعَ ثَوْبُ قُمَاشٍ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي لِعَمَلِ قَبَاءٍ وَأَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَإِذَا ظَهَرَ تِسْعَةُ أَذْرُعٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ إذَا كَانَ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِنْ كَانَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ ثَوْبُ جُوخٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا بِسَبْعَةِ آلَافٍ وَخَمْسمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ أَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهُ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَإِذَا ظَهَرَ مِائَةٌ

وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمِائَةَ وَالْأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا بِسَبْعَةِ آلَافِ قِرْشٍ فَقَطْ وَإِذَا ظَهَرَ زَائِدًا عَنْ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرَاضِيِ أَمْ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَشْيَاءِ السَّائِرَةِ وَبَيَّنَ مِقْدَارَهُ وَجُمْلَةَ ثَمَنِهِ فَقَطْ أَوْ بَيَّنَ مِقْدَارَهُ وَفَصَّلَ أَثْمَانَ ذِرَاعَاتِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ كَمَا مَرَّ الْبَحْثُ عَنْهَا فِي الْمَادَّتَيْنِ 224 و 225 فَبَيْعُ الْمَجْمُوعِ مَعَ بَيَانِ ثَمَنِهِ قَدْ مَرَّ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ 224 وَبَيْعُ الْمَجْمُوعِ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَتَفْصِيلِ أَثْمَانِ ذِرَاعَاتِهِ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ 225. أَمَّا الْجُوخُ وَالْكِرْبَاسُ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ الْمَكِيلَاتِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَقْطِيعِهِ وَتَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ فَعَلَيْهِ إذَا بِيعَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَشْيَاءِ وَبُيِّنَ مِقْدَارُ مَجْمُوعِهِ فَقَطْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا ذَكَرَ ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ وَفَصَّلَ ثَمَنَ كُلِّ ذِرَاعٍ مِنْ ذِرَاعَاتِهِ فَإِذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ تَامًّا عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ قَبُولِ الْمِقْدَارِ الَّذِي ظَهَرَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِذَا ظَهَرَ زَائِدًا فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (223) . مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ وَبُيِّنَ مَجْمُوعُ ثَمَنِهَا أَنَّهُ أَلْفُ قِرْشٍ بِدُونِ تَفْصِيلِ أَثْمَانِ أَقْسَامِهَا وَأَجْزَائِهَا فَيَجْرِي فِيهَا الْحُكْمُ عَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ 224 وَهُوَ إذَا ظَهَرَتْ الْعَرْصَةُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ مِائَةَ ذِرَاعٍ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى أَخْذِهَا بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا وَإِذَا ظَهَرَتْ نَاقِصَةً كَأَنْ ظَهَرَتْ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ حِينَئِذٍ فِي تَرْكِهَا؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ قَدْ أَصْبَحَ مَعْدُومًا مِنْهَا وَبِذَلِكَ اخْتَلَّ رِضَاءُ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ نَاقِصٌ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي التَّرْكِ حِينَئِذٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 229 (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) أَوْ أَخْذِهَا بِالْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ مَجْمُوعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ الثَّمَنَ بِقَدْرِ مَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ مِنْ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ هُوَ وَصْفٌ وَالْوَصْفُ لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا قُلْنَا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَصْفِ هُنَا أَنَّ الصِّفَةَ الْعَرَضِيَّةَ لِلشَّيْءِ بَلْ أَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَاهُ الِاصْطِلَاحِيِّ وَهُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: التَّابِعُ غَيْرُ الْمُنْفَصِلِ عَنْ الشَّيْءِ، وَهُوَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي شَيْءٍ زَادَهُ حُسْنًا فَالْوَصْفُ عَلَى هَذَا جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ أَيْضًا وَذَلِكَ كَمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ قُمَاشٍ كَغِطَاءِ مَائِدَةٍ تُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ فَإِذَا أَنْقَصَ ذِرَاعًا وَاحِدًا فَالتِّسْعَةُ الْأَذْرُعِ الْبَاقِيَةِ لَا تُسَاوِي قِيمَتُهَا تِسْعَةَ قُرُوشٍ إذْ أَنَّ إنْقَاصَ ذِرَاعٍ وَاحِدٍ قَدْ يُذْهِبُ بِحُسْنِ الْقُمَاشِ وَبِهَائِهِ وَزِيَادَةَ آخَرَ قَدْ تَمْنَحُهُ جَمَالًا وَكَمَالًا. بِخِلَافِ الْمَكِيلَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ فَبِمَا أَنَّ بَعْضَهَا مُسْتَقِلٌّ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَصْلٌ فَلَا يَسْتَلْزِمُ كَمَالًا أَوْ نَقْصًا فِي الْمَجْمُوعِ بِانْضِمَامِهِ إلَيْهِ أَوْ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَشْرِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ تُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ فَالتِّسْعُ كَيْلَاتٍ تُسَاوِي تِسْعِينَ قِرْشًا (الدُّرَرُ) وَإِذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ زَائِدًا كَأَنْ ظَهَرَتْ الْعَرْصَةُ مِائَةً وَخَمْسَةَ أَذْرُعٍ يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي بِأَلْفِ قِرْشٍ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ ضَمَّ خَمْسِينَ قِرْشًا عَلَى الْأَلْفِ مُقَابِلًا لِلْخَمْسَةِ أَذْرُعٍ الزَّائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَبَقَ الْقَوْلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ وَصْفٌ وَالْوَصْفُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ فَلَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (225) .

كَذَلِكَ إذَا بِيعَ ثَوْبُ كِرْبَاسَ عَلَى أَنَّهُ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ لَيُفَصِّلَ سِرْوَالًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَلَمْ تُفْصَلْ أَثْمَانُ أَجْزَائِهِ يَجْرِي حُكْمُ هَذَا عَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةُ 224 وَهُوَ إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ الْقُمَاشُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْقُمَاشَ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ أَيْ بِمَجْمُوعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 0 31) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنْقِصَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لِمَا ظَهَرَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ بِمَا أَنَّهُ وَصْفٌ فَلَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ وَإِذَا ظَهَرَ الْقُمَاشُ زَائِدًا كَظُهُورِهِ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْقُمَاشَ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْأَرْبَعُمِائَةِ الْقِرْشِ وَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ إنْسَانٍ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ وَظَهَرَ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ هُنَا أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِشَيْءٍ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْأَذْرُعِ الزَّائِدَةِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ قَالُوا بِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَا تَحِلُّ دِيَانَةً لِلْمُشْتَرِي. كَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ عَرْصَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ وَأَنَّ ثَمَنَ كُلِّ ذِرَاعٍ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَبُيِّنَ مِقْدَارُ الْمَجْمُوعِ وَفُصِّلَتْ أَثْمَانُ أَقْسَامِهِ وَأَجْزَائِهِ يَجْرِي حُكْمُ هَذَا الْبَيْعِ عَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ 225 وَهُوَ إذَا ظَهَرَتْ تِلْكَ الْعَرْصَةُ وَفْقًا لِلْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِذَا ظَهَرَتْ نَاقِصَةً كَظُهُورِهَا خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا أَوْ زَائِدَةً كَظُهُورِهَا مِائَةً وَخَمْسَةَ أَذْرُعٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْبَيْعَ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْعَرْصَةَ بِالثَّمَنِ الْمُبَيَّنِ لِأَقْسَامِ الْمَبِيعِ وَأَجْزَائِهِ أَمَّا إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا فَبِمَا أَنَّ قِسْمًا مِنْهُ بِذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَصَحِيحٌ فِي الْقِسْمِ الْمَوْجُودِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ ظَهَرَتْ تِلْكَ الْعَرْصَةُ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا يَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا، وَإِذَا ظَهَرَتْ مِائَةَ ذِرَاعٍ يَأْخُذُهَا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَدْ جَعَلَ الْمُشْتَرِيَ هُنَا مُخَيَّرًا إمَّا لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ فِي الصَّفْقَةِ أَوْ فَقْدِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ مِنْ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (225) وَقَدْ أَصْبَحَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي وَقْتِ ظُهُورِ زِيَادَةٍ فِي الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 225 نَفْعٌ لِلْمُشْتَرِي فَذَلِكَ النَّفْعُ مَمْزُوجٌ بِشَيْءٍ مِنْ الضَّرَرِ لِاقْتِضَائِهِ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ وَصْفًا إلَّا أَنَّهَا أَصْبَحَتْ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ أَصْلًا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَحْدَهَا وَلَهَا حِصَّةٌ فِي الثَّمَنِ لِكَوْنِهَا فِي مَبِيعٍ مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ. وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ ثَوْبُ قُمَاشٍ لِيُفَصَّلَ سِرْوَالًا عَلَى أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ لِكُلِّ ذِرَاعٍ خَمْسُونَ قِرْشًا ثَمَنًا أَيْ أَنَّهُ إذَا بُيِّنَ فِي الْمَبِيعِ مِقْدَارُ الْمَجْمُوعِ وَفُصِلَتْ أَثْمَانُ كُلِّ قِسْمٍ وَجُزْءٍ مِنْهُ يَجْرِي حُكْمُهُ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (225) وَهُوَ إذَا ظَهَرَ الْقُمَاشُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ كَمَا ذُكِرَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، أَمَّا إذَا ظَهَرَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ أَوْ تِسْعَةً فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَظْهَرُ إنْ كَانَ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِأَقْسَامِ الْمَبِيعِ وَأَجْزَائِهِ وَبِعِبَارَةٍ أَوْضَحَ إذَا ظَهَرَ الْقُمَاشُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ يَأْخُذُهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِذَا ظَهَرَ تِسْعَةَ أَذْرُعٍ يَأْخُذُهُ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا. إنَّ هَذِهِ الْأَسْئِلَةَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْمَجَلَّةِ إنَّمَا هِيَ لِلنَّاقِصِ وَالزَّائِدِ إذَا كَانَ عَدَدًا صَحِيحًا بِدُونِ كَسْرٍ أَمَّا إذَا كُسِرَ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ النُّقْصَانِ كَأَنْ ظَهَرَ الْقُمَاشُ الَّذِي بِيعَ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَثَمَنُ كُلِّ ذِرَاعٍ مِنْهُ عَشَرَةُ قُرُوشٍ تِسْعًا وَتِسْعِينَ ذِرَاعًا وَنِصْفًا أَوْ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَنِصْفًا يَجْرِي الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ

(المادة 227) بيع مجموع من العدديات المتفاوتة وبيان مقدار ثمن ذلك المجموع

عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ حَسْبَ قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فِي أَخْذِ تِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَتِسْعِينَ قِرْشًا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَلْفٌ وَخَمْسَةُ قُرُوشٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الذَّرْعُ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَثَمَنُ النِّصْفِ ذَرْعٍ خَمْسَةُ قُرُوشٍ أَمَّا الْقُمَاشُ الَّذِي لَا يَكُونُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ وَأَقْسَامِهِ تَفَاوُتٌ وَهُوَ مَا لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهِ كَثَوْبٍ مِنْ الْجُوخِ إذَا بِيعَ عَلَى أَنَّهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا بِسَبْعَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ فَصَّلَ أَثْمَانَ أَجْزَائِهِ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ كُلِّ ذِرَاعٍ خَمْسُونَ قِرْشًا يَجْرِي الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةِ (223) فَإِذَا ظَهَرَ الثَّوْبُ وَقْتَ التَّسْلِيمِ تَامًّا أَيْ مِائَةً وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَازِمًا فِي الْمَبِيعِ كُلِّهِ. وَإِذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَظُهُورِهِ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الَّذِي ظَهَرَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمِائَةَ وَالْأَرْبَعِينَ الذَّرْعَ بِسَبْعَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِذَا ظَهَرَ الثَّوْبُ زَائِدًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (222) . كَذَلِكَ إذَا بِيعَ ثَوْبُ كِرْبَاسٍ عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ ثَمَنًا لِمَجْمُوعِهِ أَوْ بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ لِكُلِّ ذِرَاعٍ مِنْهُ يَجْرِي الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا. أَمَّا عِبَارَةُ (أَمَّا ثَوْبُ الْجُوخِ إلَخْ) فَهِيَ مِثَالٌ لِلْعِبَارَةِ الْوَارِدَةِ فِي ابْتِدَاءِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَطْ. [ (الْمَادَّةُ 227) بَيْعُ مَجْمُوعٍ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَبَيَانُ مِقْدَارِ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ] (الْمَادَّةُ 227) إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَبُيِّنَ مِقْدَارُ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ فَقَطْ فَإِنْ ظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تَامًّا صَحَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ وَإِنْ ظَهَرَ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا كَانَ الْبَيْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَاسِدًا مَثَلًا إذَا بِيعَ قَطِيعُ غَنَمٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسُونَ رَأْسًا بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَإِذَا ظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رَأْسًا أَوْ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ بِدُونِ تَفْصِيلِ أَثْمَانِ آحَادِهِ وَأَفْرَادِهِ بَلْ ذَكَرَ ثَمَنَ الْمَجْمُوعِ فَقَطْ فَإِذَا ظَهَرَ الْمَجْمُوعُ مُوَافِقًا لِلْمِقْدَارِ الَّذِي بُيِّنَ حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ فِي الْمَجْمُوعِ الْمَذْكُورِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ مَعْلُومَانِ وَإِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ أَنْقَصَ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِي مَجْمُوعِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا فَلَا تَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُثَمَّنِ فِي الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ وَتَكُونُ بِذَلِكَ حِصَّةُ الْمِقْدَارِ النَّاقِصِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مَجْهُولَةً وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (238) وَهَذَا الْفَسَادُ نَاشِئٌ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ فَعَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (222) لَا تَدْخُلُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فِي الْبَيْعِ وَيَجِبُ رَدُّهَا لِلْبَائِعِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَقَدْ يَكُونُ رَدُّهَا سَبَبًا لِلنِّزَاعِ فَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَفَسَادُهُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بَيْعَ الْمَجْمُوعِ بِبَيَانِ ثَمَنِهِ فَقَطْ أَمَّا بَيْعُ الْمَجْمُوعِ مَعَ ذِكْرِهِ وَتَفْصِيلُ أَثْمَانِ آحَادِهِ فَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ وَحُكْمُهُ يَجْرِي عَلَى مُقْتَضَاهَا. مِثَالٌ: إذَا بِيعَ خَمْسُونَ رَأْسًا مِنْ الْغَنَمِ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تَامًّا فَالْبَيْعُ

(المادة 228) بيع مجموع من العدديات المتفاوتة وبيان مقداره وأثمان آحاده وأفراده

صَحِيحٌ وَلَازِمٌ أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَأَنْ ظَهَرَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رَأْسًا أَوْ ظَهَرَ زَائِدًا بِأَنْ كَانَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ رَأْسًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ بُسْتَانٌ عَلَى أَنَّهُ مُحْتَوٍ مِائَةَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ وَوُجِدَتْ الْأَشْجَارُ حَامِلَةً ثَمَرًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ أَمَّا إذَا ظَهَرَتْ شَجَرَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهَا غَيْرُ مُثْمِرَةٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ بِذِكْرِهِ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ وَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَشْجَارُ كُلُّهَا حَامِلَةً فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَيَنْحَصِرُ الْبَيْعُ فِي الْمَوْجُودِ فَقَطْ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ حِصَّةَ الْمَوْجُودِ فِي الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا. [ (الْمَادَّةُ 228) بَيْع مَجْمُوع مِنْ الْعَدَدِيَّات الْمُتَفَاوِتَة وَبَيَان مِقْدَاره وَأَثْمَان آحَاده وَأَفْرَاده] (الْمَادَّةُ 228) إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَبُيِّنَ مِقْدَارُهُ وَأَثْمَانُ آحَادِهِ وَأَفْرَادِهِ فَإِذَا ظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تَامًّا لَزِمَ الْبَيْعُ وَاذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الْقَدْرَ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ الْمُسَمَّى وَإِذَا ظَهَرَ زَائِدًا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا مَثَلًا: لَوْ بِيعَ قَطِيعُ غَنَمٍ عَلَى أَنَّهُ خَمْسُونَ شَاةً كُلُّ شَاةٍ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِذَا ظَهَرَ ذَلِكَ الْقَطِيعُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ شَاةً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْخَمْسَةَ وَأَرْبَعِينَ شَاةً بِأَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِذَا ظَهَرَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ رَأْسًا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. إذَا بِيعَ مَجْمُوعٌ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَبُيِّنَ مِقْدَارُ الْمَجْمُوعِ وَفُصِّلَ أَثْمَانُ آحَادِهِ وَأَفْرَادِهِ فَظَهَرَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ وَفْقًا لِلْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَصَّلَ أَثْمَانَ آحَادِهِ وَأَفْرَادِهِ كَانَتْ حِصَّةُ النَّاقِصِ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةً وَبِذَلِكَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَوْجُودِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِسَبَبِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَقَطْ أَمَّا إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ زَائِدًا عَنْ الْمِقْدَارِ الْمُبَيَّنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (226) ، يَجِبُ رَدُّ الزِّيَادَةِ وَلَمَّا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَجْهُولَةً وَيُؤَدِّي الْجَهْلُ بِهَا إلَى النِّزَاعِ فَقَدْ فَسَدَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَقُولَ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الزِّيَادَةَ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى كَمَا حَصَلَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ إذْ أَنَّهُ قَدْ لَا يَقْبَلُ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ الزَّائِدَةِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِجَوْدَتِهَا كَمَا أَنَّهُ قَدْ لَا يَقْبَلُ بِهَا الْمُشْتَرِي لِرَدَاءَتِهَا وَلَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا التَّفَاوُتِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بِيعَ قَطِيعٌ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهُ خَمْسُونَ رَأْسًا لِكُلِّ رَأْسٍ خَمْسُونَ قِرْشًا فَظَهَرَ الْقَطِيعُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ خَمْسِينَ رَأْسًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ أَمَّا إذَا ظَهَرَ نَاقِصًا كَأَنْ ظَهَرَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رَأْسًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسَةَ وَأَرْبَعِينَ رَأْسًا بِأَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْ قِرْشٍ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ زَائِدًا بِأَنْ كَانَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ رَأْسًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ قَدْ جَاءَ فِي الْمِثَالِ أَنَّ الْبَيْعَ يَجْرِي عَلَى خَمْسِينَ رَأْسًا لِكُلِّ رَأْسٍ خَمْسُونَ قِرْشًا وَلَمْ يَأْتِ فِي الْمِثَالِ أَنَّ ثَمَنَ الرَّأْسَيْنِ مِائَةُ قِرْشٍ وَالثَّلَاثَةُ رُءُوسٍ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ فِيمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَخِيرِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (220) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي نُقْصَانِ الْمَبِيعِ وَتَمَامِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي

(المادة 229) قبض المشتري المبيع مع علمه أنه ناقص

فِي زِيَادَةِ الْمَبِيعِ الزِّيَادَةَ الَّتِي تَضُرُّ بِهِ فِيمَا إذَا قَبَضَهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُنْكِرٌ قَبْضَ الزِّيَادَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْأُرْزِ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ الرِّطْلِ عَشَرَةُ قُرُوشٍ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ الْوَزْنِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْأُرْزَ الَّذِي اسْتَلَمَهُ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْبَائِعُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ الْعَشَرَةَ الْأَرْطَالَ عَلِيٌّ أَفَنْدِي رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ تَامًّا وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ النُّقْصَانَ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (79) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ النُّقْصَانُ نَاشِئًا مِنْ الْحَرَارَةِ أَوْ جُزْئِيًّا يَتَدَاخَلُ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ (التَّنْقِيحُ) [ (الْمَادَّةُ 229) قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ نَاقِصٌ] (الْمَادَّةُ 229) إنَّ الصُّوَرَ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ نَاقِصٌ لَا يُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ بَعْدَ الْقَبْضِ. لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ الطَّحْطَاوِيُّ فَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ الَّذِي ظَهَرَ نَافِصًا فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَوَادِّ (223 و 225 و 228) وَيَأْخُذُهُ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (4 22) بِمَجْمُوعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ صُبْرَةً مِنْ حِنْطَةٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهَا خَمْسُونَ كَيْلَةً وَثَمَنُ كُلِّ كَيْلَةٍ مِنْهَا عَشَرَةُ قُرُوشٍ فَاسْتَلَمَ الْمُشْتَرِي الصُّبْرَةَ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ كَيْلَةً فَلَا يَبْقَى لَهُ خِيَارٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ بَلْ يَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى أَخْذِ الْخَمْسِ وَالْأَرْبَعِينَ كَيْلَةً بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا. وَقَدْ جَاءَتْ عِبَارَةُ (إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَهُوَ عَالِمٌ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ الْقَبْضِ غَيْرَ عَالِمٍ بِوُجُودِ النُّقْصَانِ وَعَلِمَ بِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ فَالْأَحْرَى فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ الْحَقُّ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ. قَدْ وَرَدَتْ عِبَارَةُ (الْمَبِيعَ كُلَّهُ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي رَدِّهِ لَا يَزُولُ بِقَبْضِهِ بَعْضَهُ (الطَّحْطَاوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ الْخَانِيَّةُ) . فَإِذَا قِيلَ: بِمَا أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ رِضَاءٌ بِالْمِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ وَلَمْ يُوجَدْ رِضَاءٌ بِالْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ فَلِمَا لَا يَكُونُ الرَّدُّ جَائِزًا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي قُبِضَ فَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ ذَلِكَ يُجْعَلُ تَفْرِيقًا فِي الصَّفْقَةِ فَلِذَلِكَ مُنِعَ. أَمَّا الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الرِّضَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ بِوُجُودِهِ فِي قِسْمٍ وَهُوَ الْمَقْبُوضُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ. فَعَلَيْهِ قَدْ أَصْبَحَ مَعَنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْكُلَّ وَهُوَ عَالِمٌ بِنُقْصَانِهِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقْبِضَ الْكُلَّ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِنُقْصَانِهِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقْبِضَ الْبَعْضَ وَهُوَ عَالِمٌ بِالنُّقْصَانِ. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَيْسَ لَهُ خِيَارٌ أَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ.

الفصل الرابع في بيان ما يدخل في البيع بدون ذكر صريح وما لا يدخل

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ صَرِيحٍ وَمَا لَا يَدْخُلُ] تَلْخِيصٌ - الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: كُلُّ شَيْءٍ يَشْمَلُهُ الْمَبِيعُ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ وَيُبَاعُ تَبَعًا لَهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَعَلَى هَذَا فَالْأَشْيَاءُ الَّتِي تَكُونُ لِجُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: كُلُّ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ. الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: مَا دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ وَصُرِّحَ بِهِ وَأُدْخِلَ فِي الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَمَا تَشْمَلُهُ الْأَلْفَاظُ الْعَامَّةُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي تَحْصُلُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَمَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ثَلَاثِ قَوَاعِدَ وَعَلَى أَصْلٍ وَالْقَاعِدَةُ الْأُولَى مِنْهَا بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ 230 وَالثَّانِيَةُ فِي الْمَادَّةِ 232 وَالثَّالِثَةُ فِي الْمَادَّةِ 235 وَالْمَادَّةُ 1 23 تَدْخُلُ حُكْمًا فِي الْمَادَّةِ 232 طَحْطَاوِيٌّ. (الْمَادَّةُ 230) كُلُّ مَا جَرَى عُرْفُ الْبَلْدَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مُشْتَمِلَاتِ الْمَبِيعِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ. مَثَلًا: فِي بَيْعِ الدَّارِ يَدْخُلُ الْمَطْبَخُ والكيلار وَفِي بَيْعِ حَدِيقَةِ زَيْتُونٍ تَدْخُلُ أَشْجَارُ الزَّيْتُونِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَطْبَخَ والكيلار مِنْ مُشْتَمِلَاتِ الدَّارِ وَحَدِيقَةُ الزَّيْتُونِ تُطْلَقُ عَلَى أَرْضٍ يَحْتَوِي عَلَى أَشْجَارِ الزَّيْتُونِ فَلَا يُقَالُ لِأَرْضٍ خَالِيَةٍ حَدِيقَةُ زَيْتُونٍ. الْمُرَادُ مِنْ عُرْفِ الْبَلْدَةِ التَّعَارُفُ الْجَارِي فِي الْبَيْعِ وَيَدْخُلُ مَا ذُكِرَ فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ لَمْ يُصَرَّحْ بِذِكْرِهِ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّهُ بِيعَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 0 36) . [ (الْمَادَّةُ 231) مَا كَانَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 231) مَا كَانَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ أَيْ مَا لَا يَقْبَلُ الِانْفِكَاكَ عَنْ الْمَبِيعِ نَظَرًا إلَى غَرَضِ الِاشْتِرَاءِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ مَثَلًا إذَا بِيعَ قُفْلٌ دَخَلَ مِفْتَاحُهُ، وَإِذَا اشْتَرَيْت بَقَرَةً حَلُوبًا لِأَجْلِ اللَّبَنِ يَدْخُلُ فَلُوُّهَا الرَّضِيعُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ.

(المادة 232) توابع المبيع المتصلة المستقرة

وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْأَشْيَاءُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمَنْقُولَةُ التَّابِعَةُ لِلْمَبِيعِ وَاَلَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ هِيَ فِي حُكْمِ جُزْءِ الْمَبِيعِ وَفِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ بِهِ فَكَمَا أَنَّهَا إذَا ذُكِرَتْ وَصُرِّحَ بِهَا فِي الْبَيْعِ تَدْخُلُ فِيهِ فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تُذْكَرْ وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْقُفْلِ بِغَيْرِ مِفْتَاحٍ كَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِالْمِفْتَاحِ بِغَيْرِ قُفْلٍ وَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ أَصَالَةً كَمَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ قُفْلًا مِنْ الْحَدَّادِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ دُخُولَ الْمِفْتَاحِ فِي الْبَيْعِ أَوْ عَدَمَ دُخُولِهِ فَالْمِفْتَاحُ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ. وَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا كَمَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ فَالْأَقْفَالُ الَّتِي عَلَى أَبْوَابِ هَذِهِ الدَّارِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا أَمَّا فِي بَيْعِ الْفَرَسِ ذَاتِ الْفَلُوِّ فَإِنْ كَانَتْ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ فُلُوِّهَا فَلَا يَدْخُلُ الْفَلُوُّ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرِهِ كَمَا إذَا بِيعَتْ وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَلَمْ يُذْكَرْ الْفَلُوُّ فِي الْبَيْعِ وَإِذَا حَضَرَتْ هِيَ وَفُلُّوهَا مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ الْفَلُوِّ أَوْ عَدَمِ دُخُولِهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 43) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ شَجَرَةً لِلْقَطْعِ مِنْ بُسْتَانِ آخَرَ فَإِذَا بَيَّنَ مَوْضِعَ قَطْعِهَا قَطَعَهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بُيِّنَ وَإِلَّا فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ عُرُوقِهَا. أَمَّا إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ قَطْعَهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَجَبَ قَطْعُهَا مِنْ حَيْثُ شُرِطَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ مُجَاوِرَةً لِحَائِطٍ وَكَانَ قَطْعُهَا مِنْ عُرُوقهَا مُضِرًّا بِالْبَائِعِ وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْطَعَهَا مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَإِنْ يَكُنْ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ أَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَتَكُونُ الْعُرُوقُ دَاخِلَةً فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْفِرَ الْأَرْضَ لِاسْتِئْصَالِ الشَّجَرَةِ مِنْ عُرُوقِهَا بَلْ يَقْطَعُ الشَّجَرَةَ حَسْبَ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ الْجَارِيَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَقْطَعَهَا وَكَانَ يَنْبُتُ عَلَى عُرُوقِهَا وَيَتَشَعَّبُ مِنْهَا أَشْجَارٌ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ قَطْعُ الشَّجَرَةِ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ هَذِهِ الْأَشْجَارِ دَخَلَتْ فِي بَيْعِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَإِلَّا فَلَا (بَزَّازِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 232) تَوَابِعُ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ] (الْمَادَّةُ 232) : تَوَابِعُ الْمَبِيعِ الْمُتَّصِلَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِدُونِ ذِكْرٍ مَثَلًا إذَا بِيعَتْ دَارٌ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ الْأَقْفَالُ الْمُسَمَّرَةُ وَالدَّوَالِيبُ أَيْ الْخَزْنُ الْمُسْتَقِرَّةُ وَالدُّفُوفُ الْمُسَمَّرَةُ الْمُعَدَّةُ لِوَضْعِ فُرُشٍ وَالْبُسْتَانُ الَّذِي هُوَ دَاخِلُ حُدُودِ الدَّارِ وَالطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ الدَّاخِلَةُ الَّتِي لَا تَنْفُذُ وَفِي بَيْعِ الْعَرْصَةِ تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ الْمَغْرُوسَةُ عَلَى أَنْ تَسْتَقِرَّ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَذْكُورَاتِ لَا تُفْصَلُ عَنْ الْمَبِيعِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ وَلَا تَصْرِيحٍ. التَّوَابِعُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ أَيْ الْمُتَّصِلَةُ بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ الْقَرَارِ وَاتِّصَالُ الْقَرَارِ وَضْعُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَا يُفْصَلُ مِنْ مَحِلِّهِ وَيَدْخُلُ الشَّجَرُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَإِذَا بِيعَتْ الْأَرْضُ فَالشَّجَرُ الْمَغْرُوسُ فِيهَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ مُتَّصِلَةٌ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ الْقَرَارِ أَمَّا الْأَشْجَارُ الْيَابِسَةُ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْجَارِ عَلَى شَرَفِ الْقَلْعِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَطَبِ يَعْنِي أَنَّ الشَّجَرَ الْيَابِسَ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْأَرْضِ إلَّا أَنَّ اتِّصَالَهُ لَيْسَ اتِّصَالَ الْقَرَارِ أَمَّا الزَّرْعُ فَلَمَّا كَانَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ الْقَرَارِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمَتَاعِ وَكَذَلِكَ الثَّمَرُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالشَّجَرِ إلَّا أَنَّ اتِّصَالَهُ لَيْسَ

(المادة 233) ما لا يكون من مشتملات المبيع ولا هو من توابعه المتصلة المستقرة

اتِّصَالَ قَرَارٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ وَهُوَ شَبِيهٌ بِالثَّمَرِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ وَالثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ فِي حُكْمِ الْمَتَاعِ وَالدَّابَّةُ الْحَامِلُ يَدْخُلُ حَمْلُهَا فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ اتِّصَالُهُ بِهَا لَيْسَ اتِّصَالَ قَرَارٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ فَصْلَهُ لَمَّا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْقُدْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَإِنَّمَا يَنْفَصِلُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ اُعْتُبِرَ مِنْ التَّوَابِعِ الْمُتَّصِلَةِ وَعَلَى ذَلِكَ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الدَّابَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَتْبَعَهَا وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ مَفَاتِيحُ الْأَقْفَالِ الْمُسَمَّرَةِ الثَّابِتَةِ فِي أَبْوَابِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْمَفَاتِيحَ تَابِعَةٌ لِلْأَقْفَالِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْأَبْوَابِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْجُزْءِ مِنْهَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْأَحْجَارُ وَالْبَلَاطُ الْمَفْرُوشُ بِهِ الْمَطْبَخُ وَسَاحَةُ الدَّارِ وَدَرَجُ الْخَشَبِ الْمُسَمَّرَةِ وَالْأَبْوَابُ وَدُولَابُ الْبِئْرِ الْمُسَمَّرِ وَالْقِدْرُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ وَالرَّكَائِزُ الْمَدْفُونَةُ فِي الْأَرْضِ فِي بَيْعِ الْكُرُومِ وَالْأَحْجَارُ الْمُثَبَّتَةُ فِي بَيْعِ الْعَرْصَةِ أَمَّا الْأَحْجَارُ الْمَدْفُونَةُ فَلَا تَدْخُلُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 49، رَدُّ الْمُحْتَارِ. دُرُّ الْمُخْتَارِ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَى ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى دَارًا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ احْتَرَقَتْ تِلْكَ الدَّارُ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ دَارًا جَدِيدَةً فِي عَرْصَتِهَا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ مِنْ بِنَاءِ الدَّارِ بِدَعْوَى أَنَّ الْعَرْصَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي بَيْعِ الدَّارِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا أَثْنَاءَ الْبَيْعِ (هِدَايَةٌ) وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَرَارِ الْأَشْيَاءِ مَثَلًا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ قَدْ وُضِعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ وَيَدَّعِيَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَبِيعِ فَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَيَجْرِي فِيهِ التَّحَالُفُ حَسْبَ الْمَادَّةِ (778) وَقَدْ يُقَالُ يَصْدُقُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي تَابِعٍ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالتَّحَالُفُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِهِ فَتَأَمَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 233) مَا لَا يَكُونُ مِنْ مُشْتَمِلَاتِ الْمَبِيعِ وَلَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ] (الْمَادَّةُ 233) : مَا لَا يَكُونُ مِنْ مُشْتَمِلَاتِ الْمَبِيعِ وَلَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ بِبَيْعِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مَا لَمْ يُذْكَرْ وَقْتَ الْبَيْعِ. أَمَّا مَا جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ وَالْعُرْفُ بِبَيْعِهِ تَبَعًا لِلْمَبِيعِ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ مَثَلًا الْأَشْيَاءُ غَيْرُ الْمُسْتَقِرَّةِ الَّتِي تُوضَعُ لَأَنْ تُسْتَعْمَلَ وَتُنْقَلَ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ كَالصُّنْدُوقِ وَالْكُرْسِيِّ وَالتَّخْتِ الْمُنْفَصِلَاتُ لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ بِلَا ذِكْرٍ وَكَذَا أَحْوَاضُ اللَّيْمُونِ وَالْأَزْهَارُ الْمُنْفَصِلَةُ وَالْأَشْجَارُ الصَّغِيرَةُ الْمَغْرُوسَةُ عَلَى أَنْ تُنْقَلَ لِمَحِلٍّ آخَرَ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ فِي عُرْفِنَا بِالنُّصُبِ وَلَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَسَاتِينِ بِدُونِ ذِكْرٍ كَمَا لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرَاضِيِ وَالثَّمَرُ فِي بَيْعِ الْأَشْجَارِ مَا لَمْ تُذْكَرْ صَرِيحًا حِينَ الْبَيْعِ لَكِنَّ لِجَامَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَخِطَامَ الْبَعِيرِ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِيهَا أَنْ تُبَاعَ تَبَعًا فَهَذِهِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ. وَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ التِّبْنُ وَالشَّعِيرُ اللَّذَيْنِ فِيهِمَا وَلَا الْأَقْفَالُ غَيْرُ الْمُسَمَّرَةِ الْمَحْفُوظَةُ فِي الدَّارِ

وَالْمَصَابِيحُ وَالْقَنَادِيلُ الْمُعَلَّقَةُ فِي الْبُيُوتِ وَلَا السَّلَالِمُ وَالْأَوَانِي وَالْأَثَاثُ وَفِي بَيْعِ الْحَمَّامِ لَا تَدْخُلُ طِسَاسُ الْمَاءِ وَلَا الْقَبَاقِيبُ وَالْمَنَاشِفُ وَفِي بَيْعِ الْبُسْتَانِ لَا تَدْخُلُ رَكَائِزُ الشَّجَرِ غَيْرُ الْمَغْرُوزَةِ وَلَا الْفُؤُوسُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا فِي الْبَسَاتِينِ وَفِي بَيْعِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ الْبَذْرُ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ وَالنَّبَاتُ الْحَدِيثُ الَّذِي جَدَّ اخْضِرَارُهُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْقُطْنِ وَالْبِرْسِيمِ وَالنُّحَاسِ الدَّفِينِ فِي التُّرَابِ أَوْ فِي الْحَائِطِ لِحِفْظِهِ وَكَذَلِكَ النُّقُودُ الْمَخْبُوءَةُ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ بِأَلْفَاظٍ عَامَّةٍ كَقَوْلِ الْبَائِعِ بِعْت ذَلِكَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ: أَوَّلًا: يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ وَالشَّجَرَ وَيَقْطِفَ الثَّمَرَ وَيُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُخَلِّيَ الْمَبِيعَ مِنْ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ تَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ يُخَلِّيَ الدَّارَ مِنْ أَمْتِعَتِهِ وَيُسَلِّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 267 و 268) . ثَانِيًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا فَهَدَمَ حَائِطَهَا وَظَهَرَ فِي الْحَائِطِ رَصَاصٌ أَوْ صَاجٌ أَوْ خَشَبٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْبِنَاءِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَأَحْجَارِ الرُّخَامِ الْمَحْفُوظَةِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ فَإِنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ لِي كَانَتْ لُقَطَةً. ثَالِثًا: إذَا بِيعَتْ دَارٌ أَوْ دُكَّانٌ فَالْقُفْلُ الَّذِي لَيْسَ ثَابِتًا بَلْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ أَوْ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ مُعَلَّقًا أَوْ كَانَتْ الدَّارُ أَوْ الدُّكَّانُ تُقْفَلُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْفَالِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْقُفْلَ الَّذِي لَا يَكُونُ ثَابِتًا فِي الْبَابِ لَا يَكُونُ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ (زَيْلَعِيٌّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا: فِي بَيْعِ الدَّارِ لَا تَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَحَقُّ الشُّرْبِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ وَالدَّلْوُ وَحَبْلُهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ يَعْنِي إذَا لَمْ يَنُصَّ فِي الْبَيْعِ عَلَى دُخُولِهَا أَوْ لَمْ يُعَمِّمْ حَسْبَ الْمَادَّةِ 235 لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ (بَزَّازِيَّةٌ) . خَامِسًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ عِدَّةَ غُرَفٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْفُنْدُقِ الَّذِي يَمْلِكُهُ فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِطَرِيقِ تِلْكَ الْغُرَفِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ 235 فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ هَذِهِ الطَّرِيقُ (بَزَّازِيَّةٌ) وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ تِلْكَ الْغُرَفَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ لَهَا طَرِيقًا آخَرَ غَيْرَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمُرَّ مِنْ طَرِيقِ الْبَائِعِ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ ذَكَرَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَادَّةِ 235 كَأَنْ قَالَ: بِعْت هَذِهِ الْغُرَفَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ جَمِيعِ مَرَافِقِهَا دَخَلَتْ طَرِيقُ هَذِهِ الْغُرَفِ فِي الْبَيْعِ (بَزَّازِيَّةٌ. خُلَاصَةٌ هِنْدِيَّةٌ) أَمَّا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ بُسْتَانَه الَّذِي فِي حَقْلِهِ مَعَ طَرِيقِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الطَّرِيقَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبُسْتَانِ طَرِيقٌ مُعَيَّنَةٌ فَإِذَا كَانَتْ جَوَانِبُ ذَلِكَ الْحَقْلِ غَيْرَ مُتَفَاوِتَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ أَيِّ جَوَانِبِهِ شَاءَ طَرِيقًا إلَى بُسْتَانِهِ وَإِذَا كَانَتْ جَوَانِبُ الْحَقْلِ مُتَفَاوِتَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (بَزَّازِيَّةٌ) . سَادِسًا: فِي بَيْعِ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ الْبُسْتَانُ الَّذِي يَكُونُ خَارِجَ الدَّارِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا فَيَدْخُلُ تَبَعًا وَلَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَكْبَرَ فَلَا إلَّا بِالشَّرْطِ (زَيْلَعِيٌّ، عَيْنِيٌّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ (إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَيْعِ) إلَخْ. أَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَدْخُلُ إذَا ذُكِرَتْ وَشُرِطَ دُخُولُهَا فِيهِ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَرِ أَوْ بِعْت هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ أَوْ بِعْت هَذِهِ الشَّجَرَةَ مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَرِ أَوْ بِعْت هَذِهِ الشَّجَرَةَ مَعَ ثَمَرِهَا أَوْ بِعْت هَذَا الْحِصَانَ مَعَ سَرْجِهِ دَخَلَ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالسَّرْجُ فِي الْمَبِيعِ فَإِذَا قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: بِعْت

(المادة 234) ما دخل في البيع تبعا

هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْك عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الزَّرْعِ لَك، أَوْ بِعْت هَذِهِ الشَّجَرَ مِنْك عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا مِنْ الثَّمَرِ لَك فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ. وَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ هِيَ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّهُ يَدْخُلُ بَيْعُ اللِّجَامِ فِي بَيْعِ حِصَانِ الرُّكُوبِ وَرَسَنِ حِصَانِ الْحَمْلِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي فِي عَادَاتِهَا وَعُرْفِهَا أَنْ يَدْخُلَ ذَلِكَ تَبَعًا؛ لِأَنَّ الْحِصَانَ لَا يَنْقَادُ بِلَا رَسَنٍ (زَيْلَعِيٌّ. هِنْدِيَّةٌ) وَفِي بَيْعِ الْحِصَانِ لَا يَدْخُلُ السَّرْجُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّ الْحِصَانَ يَنْقَادُ بِلَا سَرْجٍ بِخِلَافِ الْحِمَارِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَادُ بِغَيْرِ رَسَنٍ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 63 و 37 و 42 و 45) [ (الْمَادَّةُ 234) مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا] (الْمَادَّةُ 234) : مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، مَثَلًا: لَوْ سُرِقَ خِطَامُ الْبَعِيرِ الْمُبْتَاعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَلْزَمُ فِي مُقَابَلَتِهِ تَنْزِيلُ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. (تَبَعًا) يَعْنِي الَّذِي لَا يَدْخُلُ قَصْدًا أَوْ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَإِذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذًا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِهَلَاكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ ضَيَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَصْفِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 48) إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْأُمُورِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا أَوْصَافٌ، وَيُقَالُ لِلنُّقْصَانِ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمَبِيعِ بِسَبَبِ هَلَاكِ تِلْكَ الْأُمُورُ نُقْصَانُ وَصْفٍ فَفِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ الْقَائِمَةُ عَلَيْهَا تَبَعًا فَهِيَ وَصْفٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 226) وَكَذَلِكَ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ يَدْخُلُ الرَّأْسُ وَالْأَرْجُلُ وَفِي بَيْعِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ تَدْخُلُ الْجَوْدَةُ تَبَعًا فَذَلِكَ كُلُّهُ وَصْفٌ (بَزَّازِيَّةٌ) فَعَلَى هَذَا إذَا بِيعَتْ دَابَّةٌ فَقُطِعَتْ أُذُنُهَا أَوْ ذَنَبُهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِ الْمَبِيعِ وَتَرْكِهِ قُلْنَا لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ أَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَعَلَى هَذَا إذَا ضُبِطَ الشَّيْءُ الدَّاخِلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ كَحَقِّ الْمَسِيلِ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا فَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَرْجِعَ الْبَائِعُ بِهِ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَأَنْ يَتْرُكَهُ مَعَ إذَا كَانَ كَالشَّجَرِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا فَبِمَا أَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ فَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ. أَوَّلًا: إذَا بِيعَ حِصَانٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَسُرِقَ رَسَنُ هَذَا الْحِصَانِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَلْزَمُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَلْفِ حَسَبَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (293) وَهُوَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَأَنْ يَقْبَلَهُ وَيَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِيمَا يَدْخُلُ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ طَحْطَاوِيٌّ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ أَرْضٌ وَلِلْآخَرِ أَشْجَارٌ فِيهَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْآخَرِ جَمِيعَ ذَلِكَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ قُسِمَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَصَابَتْ تِلْكَ الْأَشْجَارَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَلَهُ أَخْذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَكُلُّ الثَّمَنِ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ وَصْفٌ وَالثَّمَنَ مُقَابِلٌ لِلْأَصْلِ وَلَيْسَ مُقَابِلًا لِلْوَصْفِ أَمَّا إذَا فَصَّلَ ثَمَنَ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ أَثْنَاءَ الْبَيْعِ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ فِي الْبَيْعِ حِصَّةً لِلشَّجَرِ مِنْ الثَّمَنِ فَبِهَلَاكِ الشَّجَرِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا هَلَكَ

(المادة 235) الأشياء التي تشملها الألفاظ العمومية التي تزاد في صيغة العقد وقت البيع تدخل في البيع

نِصْفُ الشَّجَرِ فَرُبْعُ الثَّمَنِ يَعُودُ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ. قَدْ ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ (الَّذِي لَا يَدْخُلُ قَصْدًا) فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا أُدْخِلَ قَصْدًا فِي الْبَيْعِ أَيْ ذُكِرَ فِي الْبَيْعِ وَصُرِّحَ بِدُخُولِهِ فِيهِ وَهَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مَقْصُودٌ طَحْطَاوِيٌّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا أُدْخِلَ حِينَ الْبَيْعِ قَصْدًا غَيْرَ مَوْجُودٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ الْمَالَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 310) أَمَّا فِي بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ إذَا شَرَطَ أَثْنَاءَ الْبَيْعِ وُجُودَهُ وَدُخُولَهُ فِي الْبَيْعِ فَوُجِدَ أَصْلُ الْمَبِيعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَالُ فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ ذَلِكَ الْمَالَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ [ (الْمَادَّةُ 235) الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَشْمَلُهَا الْأَلْفَاظُ الْعُمُومِيَّةُ الَّتِي تُزَادُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْبَيْعِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 235) : الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَشْمَلُهَا الْأَلْفَاظُ الْعُمُومِيَّةُ الَّتِي تُزَادُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ وَقْتَ الْبَيْعِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ حَقُّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الشُّرْبِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ. بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ الْمَوْجُودُ وَالْأَلْفَاظُ الْعَامَّةُ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ: (1) بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ. (2) بِجَمِيعِ مَرَافِقِهِ. (3) بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِيهِ. (4) بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْهُ. وَيَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ 332 أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ الدَّارُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ الزُّقَاقُ غَيْرُ النَّافِذِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْبَيْعِ إحْدَى الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمَادَّتَيْنِ تَنَافٍ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 232 هِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي تَكُونُ مِنْ التَّوَابِعِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَبِيعِ وَاَلَّذِي لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ اللَّفْظِ الْعَامِّ هُوَ حَقُّ الْمُرُورِ فَالدَّاخِلُ وَغَيْرُ الدَّاخِلِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا تَنَافٍ بَيْنَ الْمَادَّتَيْنِ. و (الْحُقُوقُ) جَمْعُ حَقٍّ وَيَكُونُ تَارَةً بِمَعْنَى ضِدِّ الْبَاطِلِ وَتَارَةً بِمَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْإِنْسَانُ وَالْمَقْصُودُ هُنَا مِنْ الْحَقِّ الشَّيْءُ التَّابِعُ لِلْمَبِيعِ اللَّازِمُ لَهُ وَالْمَقْصُودُ بِسَبَبِهِ فَقَطْ كَالدَّلْوِ وَالْحَبْلِ فِي بَيْعِ الْبِئْرِ وَكَحَقِّ الشُّرْبِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ وَحَقِّ الطَّرِيقِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَوْ بَيْعِ الدَّارِ. الْمَرَافِقُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِمَعْنَى مَنَافِعِ الدَّارِ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَتَتْ هُنَا بِمَعْنَى الْحُقُوقِ فَهِيَ مُرَادِفَةٌ لِلَفْظَةِ الْحُقُوقِ وَذِكْرُ إحْدَاهُمَا يُغْنِي عَنْ الْأُخْرَى إلَّا أَنَّ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ تَفْتَرِقَانِ أَحْيَانًا عَنْ اللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَفِي بَيْعِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِاللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَيَدْخُلَانِ فِي اللَّفْظَيْنِ الْآخَرَيْنِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت هَذِهِ الْأَرْضَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِيهَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ إلَّا الزَّرْعَ الْمَحْصُودَ وَالثَّمَرَ الْمَقْطُوفَ اللَّذَيْنِ يَكُونَانِ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ مَا لَمْ يُصَرَّحْ بِدُخُولِهِمَا فِي الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْت هَذِهِ الْأَرْضَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهَا وَمِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ فِي الْأَرْضِ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَقَدْ قُيِّدَتْ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي الشَّرْحِ بِكَوْنِهَا مَوْجُودَةً حِينَ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلشَّخْصِ طَرِيقٌ خَاصٌّ مُؤَدِّيَةٌ إلَى دَارِهِ فَسَدَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ وَفَتَحَ طَرِيقًا آخَرَ

(المادة 236) الزيادة الحاصلة في المبيع بعد العقد وقبل القبض

لِلدَّارِ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا دَخَلَتْ الطَّرِيقُ الْمَوْجُودَةُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَهِيَ الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ وَلَمْ تَدْخُلْ الطَّرِيقُ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ دَارًا وَكَانَتْ طَرِيقُ تِلْكَ الدَّارِ الطَّرِيقَ الْعَامَّ وَالشَّارِعَ النَّافِذَ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الطَّرِيقُ فِي مِثْلِ هَذَا الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الطَّرِيقِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ وَلَا تُبَاعُ تِلْكَ الطَّرِيقُ وَلَا تُشْرَى إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَمُرَّ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ كَكُلِّ النَّاسِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 926) . [ (الْمَادَّةُ 236) الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 236) الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ كَالثَّمَرَةِ وَأَشْبَاهِهَا هِيَ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا إذَا بِيعَ بُسْتَانٌ ثُمَّ قَبْلَ الْقَبْضِ حَصَلَ فِيهِ زِيَادَةٌ كَالثَّمَرِ وَالْخَضْرَاوَاتِ تَكُونُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الدَّابَّةُ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى ثَمَرَةُ الْمَبِيعِ الَّذِي يُبَاعُ بَيْعًا بَاتًّا لَازِمًا وَزِيَادَتُهُ هُمَا لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا يُعَدُّ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الثَّمَرَةَ نَمَاءُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 85) أَمَّا كَوْنُ الثَّمَرِ لِلْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ الْخُضْرَةَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَدْ زَرَعَهَا حَسَبَ شَرْحِ الْمَادَّةِ 233 فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَإِذَا كَانَتْ مِنْ النَّبَاتِ الَّذِي يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 1 24 1 فَهِيَ مُبَاحٌ وَلَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَيَنْبَغِي اخْتِيَارُ الشِّقِّ الثَّالِثِ وَهُوَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ بَعْدَ أَنْ زَرَعَ الْخُضْرَةَ فِي الْأَرْضِ وَنَبَتَتْ بَاعَ تِلْكَ الْأَرْضَ بِالْخُضْرَةِ الَّتِي نَبَتَتْ ثُمَّ نَمَتْ تِلْكَ الْخُضْرَةُ وَكَثُرَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَذَلِكَ النُّمُوُّ وَالزِّيَادَةُ فِي الْخُضْرَةِ يُعَدَّانِ مِنْ الْمَبِيعِ فَالْمَسْأَلَةُ حَسَبَ هَذَا الْمِثَالِ تِحْتَاحُ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَمَّا الْمَالُ الَّذِي يُبَاعُ بِالْخِيَارِ فَالثَّمَرَةُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْقَى حُكْمُهَا مَوْقُوفًا فَإِذَا تَمَّ الْبَيْعُ وَأَصْبَحَ لَازِمًا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَسُقُوطِهِ تُصْبِحُ الزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا فُسِخَ الْبَيْعُ عَادَتْ لِلْبَائِعِ (هِنْدِيَّةٌ)

الباب الثالث في بيان المسائل المتعلقة بالثمن وفيه فصلان

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالثَّمَنِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى أَوْصَافِ الثَّمَنِ وَأَحْوَالِهِ] [الْمَادَّةُ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى أَوْصَافِ الثَّمَنِ وَأَحْوَالِهِ (الْمَادَّةُ 237) تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ لَازِمَةٌ فَلَوْ بَاعَ بِدُونِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. يَجِبُ حِينَ الْبَيْعِ ذِكْرُ الثَّمَنِ وَتَسْمِيَتُهُ فَإِذَا كَانَ مَسْكُوتًا عَنْهُ حِينَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَيْسَ بِبَاطِلٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ مَقْصِدُهُ أَخْذَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ بِعْتُ مَالِي بِقِيمَتِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ مُجْمَلَةً يَجْعَلُ الثَّمَنَ مَجْهُولًا فَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَا بَاطِلًا. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (إذَا لَمْ يُذْكَرْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ) أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْمَالُ وَنُفِيَ الثَّمَنُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ حَتَّى إنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ لَا يُفِيدُ الْمُشْتَرِيَ الْمِلْكِيَّةَ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الثَّمَنِ نَفْيٌ لِرُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمَالُ فَلَا تَكُونُ مِثْلُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ بَيْعًا (الدُّرَرُ) وَلَا قِيَاسُ ذَلِكَ بِالسُّكُوتِ عَنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلدَّلَالَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ وَعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ حَقِيقَةً كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ مَجَّانًا أَوْ بِلَا بَدَلٍ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي قَبِلْت فَهَذَا الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَعَدَمُ ذِكْرِ الثَّمَنِ حُكْمًا كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ الْقِرْشِ الَّتِي لَك فِي ذِمَّتِي فَيَقْبَلُ الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَعْلَمَانِ أَنْ لَا دَيْنَ فَالْبَيْعُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ مَا لَا يُقْصَدُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا - ثَمَنًا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرِ الثَّمَنِ (بَزَّازِيَّةٌ، هِنْدِيَّةٌ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ فِي الثَّمَنِ ثَلَاثَةَ احْتِمَالَاتٍ: الْأَوَّلُ السُّكُوتُ عَنْهُ. الثَّانِي: نَفْيُهُ حَقِيقَةً. الثَّالِثُ: نَفْيُهُ حُكْمًا. فَفِي الْأَوَّلِ الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ الْبَيْعُ بَاطِلٌ.

(المادة 238) كون الثمن معلوما

[ (الْمَادَّةُ 238) كون الثَّمَن مَعْلُومًا] (الْمَادَّةُ 238) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا وَالْعِلْمُ بِالثَّمَنِ (1) الْعِلْمُ بِقَدْرِهِ (2) الْعِلْمُ بِوَصْفِهِ صَرَاحَةً أَوْ عُرْفًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ يَحْتَاجُ حَمْلُهُ إلَى نَفَقَةٍ وَجَبَ الْعِلْمُ بِمَكَانِ التَّسْلِيمِ وَكُلُّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِئَلَّا يَفْسُدَ الْبَيْعُ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالثَّمَنِ مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَيُفْهَمُ مِنْ لَفْظَتَيْ (قَدْرًا، وَصْفًا) . إنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَصْفًا كَأَنْ يُقَالَ: دِينَارٌ سُورِيٌّ أَوْ مِصْرِيٌّ أَوْ إنْكِلِيزِيٌّ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ: 1 - إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْمُخَمِّنُونَ أَوْ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَرَى بِهِ فُلَانٌ فَإِذَا لَمْ تُقَدَّرْ الْقِيمَةُ وَيُعَيَّنُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ مَالًا تَتَفَاوَت قِيمَتُهُ كَالْخُبْزِ. أَمَّا إذَا عُيِّنَ الثَّمَنُ أَوْ قُدِّرَ وَلَوْ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَدْ ظَهَرَ وَانْكَشَفَ فِي الْحَالِ (كَفَوِيٌّ) وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ تَكَشُّفِ الْحَالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 218) (الْهِنْدِيَّةُ) . 2 - إذَا كَانَ إنْسَانٌ مَدِينًا لِآخَر بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ لَهُ خُذْ مِنِّي كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ وَالثَّمَنُ مَحْسُوبٌ مِنْ الدَّيْنِ بِالْقِيمَةِ الرَّائِجَةِ وَقَدْ قَبَضَ الدَّائِنُ تِلْكَ الْحِنْطَةَ وَالسِّعْرُ الرَّائِجُ يَوْمَ قَبَضَهَا مَعْلُومٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَتَكُونُ الْحِنْطَةُ قَدْ بِيعَتْ بِالسِّعْرِ الرَّائِجِ يَوْمَ قَبَضَهَا. أَمَّا إذَا كَانَ السِّعْرُ الرَّائِجُ لِلْحِنْطَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَعْلَمُونَ السِّعْرَ الرَّائِجَ أَمْ لَا يَعْلَمُونَ. 3 - الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ فَاسِدٌ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمَا هُوَ مَرْقُومٌ فِي هَذَا الدَّفْتَرِ مِنْ الثَّمَنِ لِلثَّوْبِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ الثَّمَنَ الْمَرْقُومَ فِي ذَلِكَ الدَّفْتَرِ وَقَبِلَ بِهِ فَالْبَيْعُ يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ جَهَالَةُ الثَّمَنِ لَيْسَتْ بِحَيْثُ تَبْعَثُ عَلَى النِّزَاعِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا يَفْسُدُ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ مَدِينٌ لِشَخْصٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِهَذَا الشَّخْصِ: بِعْتُك مَالِي هَذَا بِبَاقِي عَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ وَيَقْبَلُ رَبُّ الدَّيْنِ هَذَا الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هَهُنَا لَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ أَبُو السُّعُودِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهَا يَكُونُ عَشَرَةً عَشَرَةً بِضَمِّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ. كَوْنُ الثَّمَنِ مَعْلُومًا بِالْوَصْفِ: - إذَا اُعْتُبِرَتْ الْحِنْطَةُ ثَمَنَ مَبِيعٍ وَجَبَ وَصْفُ الْحِنْطَةِ أَنَّهَا مِنْ الْجِنْسِ الْأَعْلَى أَوْ الْأَدْنَى أَوْ الْأَوْسَطِ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ. إنَّ الْمَادَّةَ (0 4 2) فَرْعٌ لِلُزُومِ كَوْنِ الثَّمَنِ مَعْلُومًا وَصْفًا. بَيَانُ مَكَانِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ: - إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَكَانَ مُحْوِجًا حَمْلُهُ إلَى نَفَقَةٍ وَجَبَ بَيَانُ الْمَحِلِّ الَّذِي سَيُسَلَّمُ فِيهِ فَإِذَا بِيعَ مَالٌ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ وَلَمْ يُعَيَّنْ مَكَانُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِذَا عُيِّنَ مَكَانُ التَّسْلِيمِ وَجَبَ أَنْ يُسَلَّمَ الثَّمَنُ حَيْثُ عُيِّنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

(المادة 239) إذا كان الثمن حاضرا

أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحَمْلِ وَالْمُؤْنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فَالْمُشْتَرِي يُسَلِّمُهُ حَيْثُمَا شَاءَ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي مِثْلِ هَذَا التَّسْلِيمِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الشَّرْطُ بَلْ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ حَيْثُمَا أَرَادَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمُهُ مُؤْنَةً وَكُلْفَةً وَقَدْ قُيِّدَ الثَّمَنُ بِالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَجَّلَ الَّذِي لَا يَتَطَلَّبُ تَسْلِيمُهُ نَفَقَةً إذَا اُشْتُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (بَزَّازِيَّةٌ. أَنْقِرْوِيٌّ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْبَائِعِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ خَطَرِ الطَّرِيقِ وَالْبَيْعُ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا فِيهِ فَائِدَةٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ يَفْسُدُ. [ (الْمَادَّةُ 239) إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا] (الْمَادَّةُ 239) إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا فَالْعِلْمُ بِهِ يَحْصُلُ بِمُشَاهَدَتِهِ وَالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَإِذَا كَانَ غَائِبًا يَحْصُلُ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ. الثَّمَنُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْإِشَارَةِ كَمَا إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ أَوْ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ كَأَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا دِينَارًا وَبَيَانِ وَصْفِهِ كَأَنْ يُذْكَرَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَنَّ الدِّينَارَ فَرَنْسَاوِيٌّ أَوْ إنْكِلِيزِيٌّ أَوْ عُثْمَانِيٌّ يَعْنِي أَنَّ الثَّمَنَ يَعْمَلُ بِالْإِشَارَةِ أَيْ إذَا أُشِيرَ إلَى الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ قَدْرِهِ وَوَصْفِهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ وَسَائِلِ التَّعْرِيفِ فَجَهَالَةُ قَدْرِ الثَّمَنِ وَوَصْفِهِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ لَا تَكُونُ بَاعِثَةً عَلَى النِّزَاعِ وَلَا مَانِعَةً فِي جَوَازِ الْبَيْعِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ رِبَوِيًّا بِيعَ بِجِنْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ جُزَافًا لِاحْتِمَالِ الرِّبَا أَوْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ عِنْد أَبِي حَنِيفَةَ زَيْلَعِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ قَدْ يَنْفَسِخُ فَيَلْزَمُ رَدُّ رَأْسِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ لَمْ يُمْكِنْ الرَّدُّ. خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ فِي الثَّمَنِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ فِي مَحْفَظَةٍ بِحَيْثُ لَا يُرَى مِنْ الْخَارِجِ فَأَشَارَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَاشْتَرَى الْمَالَ بِالنُّقُودِ الَّتِي فِي هَذِهِ الْمَحْفَظَةِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ فَتْحِ الْمَحْفَظَةِ وَلَوْ كَانَ مَا فِي الْمَحْفَظَةِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَهُ قَبُولُ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي دَاخِلِ الْمَحْفَظَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ لَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَكُونُ فِي النُّقُودِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 355) . وَكَذَلِكَ إذَا أَشَارَ الْمُشْتَرِي إلَى النُّقُودِ الْمَسْتُورَةِ وَظَهَرَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنَّهَا مُزَيَّفَةٌ أَوْ مِنْ نَقْدٍ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَمِنْ النَّقْدِ الْجَيِّدِ فَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَادَّعَى بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّهَا نُقُودٌ مُزَيَّفَةٌ وَأَرَادَ رَدَّهَا إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّ هَذِهِ النُّقُودَ غَيْرُ الَّتِي دَفَعْتهَا إلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَكَأَنَّهُ مُنْكِرٌ قَبْضَ الْوَاجِبِ بِالْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ مُتَعَيَّنٌ وَهُوَ يَدَّعِي فَسْخَ هَذَا الْعَقْدِ مِنْ هَذَا الْعَيْنِ وَهُوَ يُنْكِرُ وَمِثَالُ الْبَيْعِ الَّذِي يُشَارُ فِيهِ إلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي يَدِي وَقَبِلَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ إذَا كَانَ الْبَائِعُ رَأَى الدَّنَانِيرَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِقَدْرِ الدَّنَانِيرِ وَوَصْفِهَا. مِثَالٌ لِلْبَيَانِ صَرَاحَةً - وَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك حِصَانِي هَذَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ذِي الْمِائَةِ فَبِذِكْرِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ يُعْلَمُ الثَّمَنُ وَيَجِبُ أَدَاءُ الذَّهَبِ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي ذُكِرَ فَإِذَا كَانَ رَائِجُ

(المادة 240) البلد الذي يتعدد فيه نوع الدينار المتداول

الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ فِي الْآسَتَانَةِ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةِ قِرْشٍ وَالْبَائِعَانِ عَقَدَا الْبَيْعَ عَلَى مِائَةِ لِيرَةٍ عُثْمَانِيَّةٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَدِينَةِ جُدَّةَ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَانَ هُنَاكَ ذَهَبٌ عُثْمَانِيٌّ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الْبَائِعَ الْمِائَةَ الذَّهَبَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ رَائِجَ الذَّهَبِ فِي جُدَّةَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ قِرْشًا. الْبَيَانُ دَلَالَةً - كَمَا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي كَمِّيَّةِ الثَّمَنِ ثُمَّ أَنْشَآ عَقْدَ الْبَيْعِ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إلَى الْكَلَامِ الْأَخِيرِ وَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ الثَّمَنُ أَمَّا الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ الْبَيَانِ دَلَالَةً فَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا أَرَادَ شَخْصٌ اشْتِرَاءَ مَالٍ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَتَسَاوَمَا فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْته بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ وَكَانَ الْمَالُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَخَذَهُ وَذَهَبَ وَسَكَتَ الْبَائِعُ فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا (اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ - 67) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَخَذَهُ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَذَهَبَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ فَالثَّمَنُ عَشْرَةُ قُرُوشٍ. ثَانِيًا: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أَبِيعُهُ إلَّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ طَلَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْبَائِعُ سَلَّمَهُ إلَيْهِ بِدُونِ أَنْ يَتَكَلَّمَ شَيْئًا فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يَكُونُ عَشَرَةَ قُرُوشٍ. ثَالِثًا: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّ ثَمَنَ هَذَا الْمَتَاعِ عِشْرُونَ قِرْشًا فَقَالَ الْآخَرُ: لَا أُرِيدُهُ وَذَهَبَ ثُمَّ عَادَ فَأَخَذَ الْمَتَاعَ بِغَيْرِ مُسَاوَمَةٍ لِلْبَائِعِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عِشْرِينَ قِرْشًا. رَابِعًا: إذَا سَاوَمَ الْمُشْتَرِي آخَرَ مَتَاعًا ثُمَّ تَفَارَقَا ثُمَّ عَادَ بِإِنَاءٍ لِيَضَعَ فِيهِ الْمَتَاعَ وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ نُقُودًا فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى مَا تَسَاوَمَا عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 240) الْبَلَدُ الَّذِي يَتَعَدَّدُ فِيهِ نَوْعُ الدِّينَارِ الْمُتَدَاوَلِ] (الْمَادَّةُ 240) الْبَلَدُ الَّذِي يَتَعَدَّدُ فِيهِ نَوْعُ الدِّينَارِ الْمُتَدَاوَلِ إذَا بِيعَ فِيهِ شَيْءٌ بِكَذَا دِينَارًا وَلَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ نَوْعُ الدِّينَارِ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَالدَّرَاهِمُ كَالدَّنَانِيرِ فِي هَذَا الْحُكْمِ. هَذَا فِي الذَّهَبِ الَّذِي يَكُونُ مُتَسَاوِيًا فِي الرَّوَاجِ مُخْتَلِفًا فِي الْمَالِيَّةِ فَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ حِينَ الْعَقْدِ وَصْفُ الذَّهَبِ كَأَنْ يُقَالَ (جُنَيْهٌ عُثْمَانِيٌّ أَوْ فَرَنْسَاوِيٌّ أَوْ إنْكِلِيزِيٌّ) مَثَلًا أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الثَّمَنِ يَبْقَى مَجْهُولًا فَالْبَائِعُ يَطْلُبُ الْأَرْفَعَ وَالْمُشْتَرِي يَعْرِضُ الْأَدْوَنَ فَيَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَبِمَا أَنَّ الْجَهَالَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى النِّزَاعِ مُفْسِدَةٌ لِلْبَيْعِ فَالْبَيْعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاسِدٌ. وَهَا هُنَا أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَفِي الْبَاقِي يَصِحُّ فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي نَصَّتْ عَلَيْهِ الْمَجَلَّةُ مُطْلَقَةٌ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ: (1) أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ مُتَسَاوِيَةَ الرَّوَاجِ مُخْتَلِفَةَ الْمَالِيَّةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبَيْعُ فَاسِدٌ (2) أَنْ تَكُونَ مُخْتَلِفَةَ الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ (3) أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةَ الْمَالِيَّةِ مُخْتَلِفَةَ الرَّوَاجِ (4) أَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةَ الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ. 2 - فَالصُّورَةُ الْأُولَى كَأَنْ يُعْقَدَ الْبَيْعَ عَلَى جُنَيْهٍ فِي بَلَدٍ يُتَدَاوَلُ فِيهَا الْجُنَيْهَاتُ الْعُثْمَانِيَّةُ وَالْإِنْكِلِيزِيَّة والفَرَنْساوِيَّةُ مُتَسَاوِيَةَ الرَّوَاجِ فَإِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ فِي هَذَا الْبَلَدِ عَلَى جُنَيْهٍ مُطْلَقٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِنَوْعِهِ هَلْ هُوَ

(المادة 241) إذا جرى البيع على قدر معلوم من القروش

عُثْمَانِيٌّ أَوْ إنْكِلِيزِيٌّ أَوْ فَرَنْسَاوِيٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ 2 لِأَنَّ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعِ هَذِهِ الْجُنَيْهَاتِ مُتَسَاوِيَةُ الرَّوَاجِ فِي هَذِهِ الْبَلَدِ فَلَا يَنْصَرِفُ الْجُنَيْهُ عَادَةً إلَى أَحَدِ هَذِهِ الْجُنَيْهَاتِ كَمَا أَنَّ مَالِيَّتَهَا مُخْتَلِفَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْجُنَيْهَ الْعُثْمَانِيَّ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَنْ الْجُنَيْهِ الْفَرَنْسَاوِيِّ وَالْجُنَيْهَ الْإِنْكِلِيزِيَّ تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَنْ الْجُنَيْهِ الْعُثْمَانِيِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْجُنَيْهَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ وَوَقَعَ التَّرَاضِي فَالْبَيْعُ يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ قَدْ ارْتَفَعَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَكَانَ هَذَا الْبَيَانُ كَالْبَيَانِ الْمُقَارَنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 4 2) . وَالصُّورَتَانِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ اللَّتَانِ يَكُونُ فِيهِمَا الذَّهَبُ مُخْتَلِفُ الرَّوَاجِ كَأَنْ يَكُونَ الْجُنَيْهُ الْعُثْمَانِيُّ فِي بَلَدٍ أَرْوَجَ مِنْ الْجُنَيْهِ الْإِنْكِلِيزِيِّ والْفَرَنْسَاوِيِّ فَالْبَيْعُ فِيهِمَا صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجُنَيْهَاتُ الْمُتَدَاوَلَةُ مُتَسَاوِيَةً أَمْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ وَيَنْصَرِفُ الْجُنَيْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إلَى الْأَكْثَرِ رَوَاجًا وَتَدَاوُلًا فِي تِلْكَ الْبَلَدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا بِكَذَا جُنَيْهَاتٍ فِي الْآسَتَانَةِ فِيمَا أَنَّ الذَّهَبَ الْعُثْمَانِيَّ هُنَالِكَ أَرْوَجُ مِنْ غَيْرِهِ يَنْصَرِفُ الْجُنَيْهُ إلَى الْجُنَيْهِ الْعُثْمَانِيِّ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مَدِينَةِ بَيْرُوتَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ جُنَيْهَاتٍ فَرَنْسَاوِيَّةً بِدَاعِي أَنَّهَا أَرْوَجُ مِنْ غَيْرِهَا فِي بَيْرُوتَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَرْوَجِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ نَوْعِ الذَّهَبِ الَّذِي يَكُونُ أَكْثَرَ رَوَاجًا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الدَّنَانِيرُ مُتَسَاوِيَةَ الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ، الْبَيْعُ فِيهَا صَحِيحٌ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ مِنْ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ هُنَا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ نَقْدٌ مِنْ الذَّهَبِ مُتَسَاوِي الْمَالِيَّةِ إلَّا أَنَّ الدُّوَلَ إذَا اتَّفَقَتْ جَمِيعُهَا عَلَى تَوْحِيدِ دَنَانِيرِهَا ظَهَرَتْ فَائِدَةُ هَذِهِ الصُّورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. بَحْرٌ. زَيْلَعِيٌّ) . وَالْفِضَّةُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ نُقُودٌ فِضِّيَّةٌ مُخْتَلِفَةُ الْمَالِيَّةِ مُتَسَاوِيَةُ الرَّوَاجِ وَلَمْ يُبَيَّنْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ نَوْعُهَا كَأَنْ يُقَالَ (كَذَا رِيَالًا) أَوْ مَجِيدِيًّا أَوْ مِصْرِيًّا أَوْ فَرَنْكًا أَوْ شِلِنًا مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلْوَصْفِ فَإِذَا عَقَدَ الطَّرَفَانِ بِالتَّرَاضِي نَوْعَ تِلْكَ الْفِضَّةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَالْبَيْعُ لَا يَكُونُ فَاسِدًا وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا أَمَّا إذَا كَانَتْ النُّقُودُ الْفِضِّيَّةُ مُخْتَلِفَةَ الرَّوَاجِ مُتَسَاوِيَةَ الْمَالِيَّةِ أَوْ مُخْتَلِفَتَهَا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَنْصَرِفُ الثَّمَنُ إلَى أَرْوَجِ أَنْوَاعِ الْفِضَّةِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَنْوَاعُ النُّقُودِ الْفِضِّيَّةِ مُتَسَاوِيَةً رَوَاجًا وَمَالِيَّةً فَالْبَيْعُ أَيْضًا صَحِيحٌ وَالْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ [ (الْمَادَّةُ 241) إذَا جَرَى الْبَيْعُ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْقُرُوشِ] (الْمَادَّةُ 241) إذَا جَرَى الْبَيْعُ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْقُرُوشِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ شَاءَ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ غَيْرِ الْمَمْنُوعِ تَدَاوُلِهَا وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ نَوْعًا مَخْصُوصًا مِنْهَا. لِأَنَّ طَلَبَ الْبَائِعِ ذَلِكَ النَّوْعَ الَّذِي لَا يَزِيدُ قِيمَةً عَنْ غَيْرِهِ وَامْتِنَاعَهُ عَنْ قَبُولِ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ تَعَنُّتٌ فَإِذَا سُمِّيَ الثَّمَنُ قُرُوشًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَلَا يُحْكَمُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَصْفَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْفَسَادِ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُتَسَاوِيًا رَوَاجًا مُخْتَلِفًا مَالِيَّةً فَتَقْدِيرُ الثَّمَنِ

(المادة 242) إذا بين وصف لثمن وقت البيع

بِالْقُرُوشِ لَا يَجْعَلُ اخْتِلَافًا فِي مَالِيَّةِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْقِرْشُ فِي الْأَصْلِ اسْمًا لِقِطْعَةٍ فِضِّيَّةٍ مَعْلُومَةٍ إلَّا أَنَّ الْعُرْفَ جَرَى عَلَى جَوَازِ أَدَاءِ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ سُمِّيَ قُرُوشًا أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْهُمَا مِنْ الْمُتَدَاوَلِ وَلَا يُحَتَّمُ دَفْعُ الثَّمَنِ مِنْ الْقُرُوشِ الْفِضِّيَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَثَلًا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ فِي الْآسَتَانَةِ مَالًا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ دِينَارًا عُثْمَانِيًّا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ قُرُوشٍ وَأَنْ يَدْفَعَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا بِعِشْرِينَ قِرْشًا وَأَنْ يَدْفَعَ بشلكا مِنْ النُّقُودِ الْمَغْشُوشَةِ بِقِرْشَيْنِ وَنِصْفٍ أَوْ مِنْ النُّقُودِ الْفِضِّيَّةِ ذَاتِ الْقَرْضِ أَوْ أَنْ يَدْفَعَ الْمِائَتَيْ الْقِرْشَ مَخْلُوطَةً مِنْ النُّقُودِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ النُّقُودِ الْفِضِّيَّةِ مِنْ سِكَّةِ الْقِرْشِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْقِرْشَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا الْقِرْشُ إلَّا أَنَّ النُّقُودَ الْأُخْرَى تُقَوَّمُ بِالْقِرْشِ إذْ أَنَّ هَذِهِ النُّقُودَ بَعْضُهَا ذُو عَشَرَةِ قُرُوشٍ وَبَعْضُهَا ذُو عِشْرِينَ قِرْشًا وَبَعْضُهَا ذُو مِائَةٍ وَثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ وَبَعْضُهَا ذُو خَمْسَةِ قُرُوشٍ وَبَعْضُهَا يُقَوَّمُ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ لَا يَخْطُرُ بِبَالِ أَحَدٍ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِالْقِرْشِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ نَفْسُ الْقِطْعَةِ الْمُسَمَّاةِ وَإِذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِالْقُرُوشِ الْمُرَادُ بِهَا مَا يَعُمُّ الْكُلَّ ثُمَّ رَخُصَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ أَوْ كُلُّهَا وَاخْتَلَفَتْ فِي الرُّخْصِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا كَثِيرَ الرُّخْصِ وَبَعْضُهَا قَلِيلَهُ وَبَعْضُهَا مُتَوَسِّطَهُ فَالْحُكْمُ الْمُوَافِقُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الرُّخْصُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْمُتَوَسِّطِ رُخْصًا لَا الْأَكْثَرِ وَلَا الْأَقَلِّ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ يَنْقَسِمُ بَيْنَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا وَالْمُسَاوَاةُ بِخِلَافِ مَا إذَا أُمِرَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْأَكْثَرِ رُخْصًا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِحَمْلِ الضَّرَرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أُمِرَ بِدَفْعِ الْأَقَلِّ رُخْصًا فَإِنَّ الْبَائِعَ يَخْتَصُّ بِحَمْلِ الضَّرَرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 31) وَاذَا رَخُصَ بَعْضُ الْعُمْلَةِ الرَّائِجَةِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَبَعْضُهَا بَقِيَ عَلَى قِيمَتِهِ فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ الْعُمْلَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَى قِيمَتِهَا وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ الْعُمْلَةِ الَّتِي رَخُصَتْ حَسَبَ سِعْرِهَا سَابِقًا مِنْ غَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 242) إذَا بُيِّنَ وَصْفٌ لِثَمَنٍ وَقْتَ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 242) إذَا بُيِّنَ وَصْفٌ لِثَمَنٍ وَقْتَ الْبَيْعِ لَزِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ نَوْعِ النُّقُودِ الَّتِي وَصَفَهَا مَثَلًا لَوْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى ذَهَبٍ مَجِيدِي أَوْ إنْكِلِيزِيٍّ أَوْ فَرَنْسَاوِيٍّ أَوْ رِيَالٍ مَجِيدِي أَوْ عَمُودِيٍّ لَزِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي وَصَفَهُ وَبَيَّنَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ. وَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ مِنْ أَنْوَاعِ النَّقْدِ السَّائِرَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَيُّنَ عَلَى هَذَا مُفِيدٌ وَتَعَيُّنُ الثَّمَنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُنَافِي الْحُكْمَ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ وَهُوَ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ عَدَمُ تَعْيِينِهِ اسْتِحْقَاقًا إذْ أَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَيَّنُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَعَلَى هَذَا أَوَّلًا: إذَا بِيعَ مَالٌ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ عُثْمَانِيٍّ فَالْمُشْتَرِي مُلْزَمٌ بِأَنْ يُؤَدِّيَ مِائَةَ جُنَيْهٍ عُثْمَانِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَكَانَ ذَلِكَ مِائَةَ جُنَيْهٍ فَرَنْسَاوِيٍّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ الْمُشْتَرِيَ بِدَفْعِ مِائَةِ لِيرَةٍ إنْكِلِيزِيَّةٍ. ثَانِيًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِنَقْدٍ فِضِّيٍّ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ صَكًّا بِنَقْدٍ

ذَهَبِيٍّ فَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ دِيَانَةً أَنْ يَأْخُذَ ذَهَبًا بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الصَّكِّ أَمَّا إذَا وَصَلَ النِّزَاعُ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ ذَهَبًا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْخَتْمَ وَالْإِمْضَاءَ اللَّذَيْنِ فِي الصَّكِّ لَهُ وَلَكِنْ زَعَمَ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ فِضَّةً فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ هَذَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 589 1) فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِدَفْعٍ ذَهَبًا اسْتِنَادًا عَلَى إقْرَارِهِ الْكِتَابِيِّ. ثَالِثًا: إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ نُقُودًا ذَهَبِيَّةً وَفِضِّيَّةً فَقَبِلَ الْبَائِعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ ذَهَبًا وَفِضَّةً مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَالْعَقْدُ مُضَافٌ إلَيْهِ مَا عَلَى السَّوَاءِ وَيَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا. رَابِعًا: إذَا بِيعَ بِنَوْعٍ مِنْ الثَّمَنِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ رَخُصَ الثَّمَنُ أَوْ غَلَا فَلَيْسَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَلْ الْمُشْتَرِي مُلْزَمٌ بِأَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ وَالْبَائِعُ مُلْزَمٌ بِقَبُولِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مِنْ النَّقْدِ الْغَالِبِ الْغِشِّ أَمْ الْغَالِبِ الْفِضَّةِ أَمْ الذَّهَبِ. مِثَالُ ذَلِكَ: كَمَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا مِنْ الرَّائِجِ بِعِشْرِينَ قِرْشًا وَقَبْل أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ غَلَا سِعْرُ الْمَجِيدِي فَأَصْبَحَتْ رَائِجَةً بِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ قِرْشًا أَوْ رَخُصَ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ قِرْشًا فَالْمُشْتَرِي مُلْزَمٌ بِأَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ الْخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ مُلْزَمٌ بِقَبُولِ ذَلِكَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى الْغَلَاءِ أَوْ الرُّخْصِ الْعَارِضِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْقَرْضِ فَإِذَا اقْتَرَضَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ عِشْرِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا حِينَمَا كَانَ الرِّيَالُ الْمَجِيدِيُّ رَائِجًا بِثَلَاثِينَ قِرْشًا ثُمَّ هَبَطَتْ قِيمَةُ الرِّيَالِ إلَى عِشْرِينَ فَإِذَا دَفَعَ الْمُقْتَرِضُ إلَى الْمُقْرِضِ مِثْلَ الرِّيَالَاتِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا مِنْهُ فَالْمُقْرِضُ مُلْزَمٌ بِقَبُولِهَا وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الْمُقْتَرِضِ بِأَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ عَنْ كُلِّ رِيَالٍ ثَلَاثِينَ قِرْشًا لَكِنْ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ بِنَقْدٍ غَالِبِ الْغِشِّ أَوْ زَيْفٍ حِينَمَا كَانَ ذَلِكَ النَّقْدُ رَائِجًا وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَن كَسَدَ ذَلِكَ النَّقْدُ أَوْ انْقَطَعَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فَرَأْيُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْبَيْعِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْمَغْصُوبِ، وَرَأْيُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُلْزَمٌ بِأَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ رَدِّ الْمِثْلِيِّ إلَى قِيمَتِهِ إنَّمَا صَارَ بِالِانْقِطَاعِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمُهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: يُفْتَى بِرَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ جَارٍ فِي الْقَرْضِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ مَشَايِخَ الْإِسْلَامِ أَفْتَوْا بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ. خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ: - أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ النَّوْعُ مِنْ النَّقْدِ غَيْرَ كَاسِدٍ بَلْ رَائِجًا فِي بِلَادٍ أُخْرَى وَغَيْرَ رَائِجٍ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بِعَيْبِ الثَّمَنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ - عَيْنًا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الثَّمَنِ إذَا كَسَدَ الثَّمَنُ أَوْ انْقَطَعَ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ ضَمَانٌ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الدَّلَّالُ مَالًا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ مِنْ آخَرَ فَكَسَدَ الثَّمَنُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَالْبَائِعُ مُلْزَمٌ بِأَخْذِ الثَّمَنِ

(المادة 243) لا يتعين الثمن بالتعيين في العقد

عَيْنًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ غَيْرَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 464 أَوْ 235) . (الدُّرَّ الْمُنْتَقَى. عَلِيٌّ أَفَنْدِي. هِنْدِيَّةٌ. تَنْقِيحُ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 243) لَا يَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 243) لَا يَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ مَثَلًا لَوْ أَرَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ذَهَبًا مَجِيدِيًّا فِي يَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِذَلِكَ الذَّهَبِ شَيْئًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ الذَّهَبِ بِعَيْنِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعَ ذَهَبًا مَجِيدِيًّا مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ غَيْرِ الَّذِي أَرَاهُ. إيَّاهُ. وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ: لَا آخُذُ مِثْلَهُ بَلْ عَيْنَهُ وَإِذَا تَلِفَ لَمْ يَطْرَأْ خَلَلٌ عَلَى الْبَيْعِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْفِضَّةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الثَّمَنِ النَّقْدُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَضْرُوبًا أَمْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ أَمَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اللَّذَيْنِ دَاخَلَتْهُمَا الصَّنْعَةُ وَقَارَنَتْهُمَا الصِّيَاغَةُ بِحَيْثُ يَكُونُ مَا فِيهِمَا مِنْ الصَّنْعَةِ مَقْصُودًا كَالْقِلَادَةِ وَالْمِنْطَقَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ مِنْهُمَا بِالتَّعَيُّنِ كَمَا إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ مَا عَدَا النَّقْدِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَيْضًا بِالتَّعْيِينِ (حَاشِيَةُ الدُّرِّ) . مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا أَشَارَ الْمُشْتَرِي إلَى كَأْسٍ مِنْ الْفِضَّةِ تَبْلُغُ زِنَتُهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ لِلْبَائِعِ: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِهَذِهِ الْكَأْسِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُبْقِيَ تِلْكَ الْكَأْسِ وَيَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ كَأْسًا مِثْلَهَا أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا وَزْنًا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَشَارَ إلَيْهَا الْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعُ هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَوْ غَيْرَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّمَنَ لَا يَتَعَيَّنُ اسْتِحْقَاقًا إذَا كَانَ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ. أَحْكَامُ النُّقُودِ هِيَ: أَوَّلًا: فِي الْبَيْعِ وَفِي سَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ. ثَانِيًا: فِي فُسُوخِ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ اسْتِحْقَاقًا؛ لِأَنَّ النَّقْدَ ثَمَنٌ وَقَدْ خُلِقَ لِيَكُونَ وَسِيلَةً لَعَيْنِ الْمَقْصُودِ فَالْأَصْلُ فِيهِ وُجُوبُهُ فِي الذِّمَّةِ فَجَعَلَهُ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعَيُّنِ مُخَالِفًا لِذَلِكَ الْأَصْلِ. ثَالِثًا: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. رَابِعًا: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي حِينَ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ غَالِبَ الْغِشِّ. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ - (عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ) فَإِذًا إذَا كَانَتْ الْعُقُودُ لَيْسَتْ لِلْمُعَاوَضَةِ كَالْأَمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ فَالنُّقُودُ تَتَعَيَّنُ فِيهَا بِالتَّعَيُّنِ: مِثَالُ ذَلِكَ الْأَمَانَةُ - إذَا أَوْدَعَ إنْسَانٌ آخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ مَوْجُودَةً عَيْنًا وَجَبَ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَرُدَّهَا عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْقِيَ تِلْكَ النُّقُودِ وَيَدْفَعَ إلَى الْمُودِعِ غَيْرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ. الْوَكَالَةُ - إذَا تَلِفَ النَّقْدُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ فَالْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ عَنْ الْوَكَالَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: كَمَا إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي حِصَانًا وَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِتَكُونَ ثَمَنَ الْحِصَانِ فَإِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْوَكِيلُ الْمَالَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ شِرَاءِ الْحِصَانِ ثُمَّ اشْتَرَى الْحِصَانَ فَالْحِصَانُ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكَّلِ

(المادة 244) النقود التي لها أجزاء إذا جرى العقد على نوع منها

الشَّرِكَةُ - فِي الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ إذَا تَلِفَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْخَلْطِ فَالشَّرِكَةُ تُصْبِحُ بَاطِلَةً سَوَاءٌ أَكَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَمْ مِنْ جِنْسَيْنِ. الْغَصْبُ - إذَا غَصَبَ إنْسَانٌ آخَرَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الرِّيَالُ مَا زَالَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ عَيْنًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَغْصُوبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 892) . قِيلَ (عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ) وَلَمْ يَقُلْ (الْبَيْعُ) ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْإِجَارَةِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَيْضًا بِالتَّعَيُّنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 484) وَقِيلَ (النُّقُودُ الرَّائِجَةُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ النُّقُودُ مِنْ نَوْعٍ غَالِبِ الْغِشِّ وَاشْتَرَى بِهَا مَالًا بَعْدَ أَنْ كَسَدَتْ فَمِثْلُ هَذَا الثَّمَنِ فِي حُكْمِ الْمَتَاعِ فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ النَّقْدِ الْغَالِبِ الْغِشِّ ثَمَنًا كَانَ بِالِاصْطِلَاحِ وَقَدْ زَالَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِمِثْلِ هَذِهِ النُّقُودِ الْكَاسِدَةِ وَجَبَ تَعْيِينُ ثَمَنِهِ مِنْهَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الثَّمَنَ مِنْ الْمَتَاعِ فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) . وَقَدْ قُيِّدَ عَدَمُ التَّعَيُّنِ بِجِهَةِ (الِاسْتِحْقَاقِ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 249 و 242) وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الثَّمَنَ أَيْضًا فِي فُسُوخِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْد أَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَانْفَسَخَ الْبَيْعُ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ لِلْبَائِعِ أَلَّا يَرُدَّ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي قَبَضَهَا عَيْنًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا إلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ الْفَسْخُ نَاشِئًا عَنْ فَسَادِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَعَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ الثَّمَنَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ آخَرُ مَالًا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا مُعَيَّنَةً مُشَارًا إلَيْهَا ثُمَّ فَسَخَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْبَيْعَ لِفَسَادِهِ فَإِذَا كَانَتْ الْخَمْسُونَ رِيَالًا الَّتِي قَبَضَهَا الْبَائِعُ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ مَا تَزَالُ فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا بِعَيْنِهَا إلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَتْ قَدْ تَلِفَتْ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهَا فَيَرُدُّ مِثْلَهَا ضَرُورَةً وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ آخَرُ مَالًا بِدَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ مُشَارًا إلَيْهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ بِمَالٍ كَأَنْ يَكُونَ مَيْتَةً فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا فِي يَدِ الْبَائِعِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا فِي حُكْمِ الْغَصْبِ. [ (الْمَادَّةُ 244) النُّقُودُ الَّتِي لَهَا أَجْزَاءٌ إذَا جَرَى الْعَقْدُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا] (الْمَادَّةُ 244) النُّقُودُ الَّتِي لَهَا أَجْزَاءٌ إذَا جَرَى الْعَقْدُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الثَّمَنَ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ النَّوْعِ لَكِنْ يَتْبَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ عُرْفَ الْبَلْدَةِ وَالْعَادَةِ الْجَارِيَةِ مَثَلًا لَوْ عَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى رِيَالٍ مَجِيدِيٍّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ مِنْ أَجْزَائِهِ النِّصْفَ وَالرُّبْعَ لَكِنْ نَظَرًا لِلْعُرْفِ الْجَارِي الْآنَ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ فِي إسْلَامْبُولْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ الرِّيَالِ الْمَجِيدِيِّ مِنْ أَجْزَائِهِ الصَّغِيرَةِ الْعُشْرَ وَنِصْفَهُ وَفِي بَيْرُوتَ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ فِيهَا أَغْلَى.

هَذَا إذَا كَانَتْ أَجْزَاءُ تِلْكَ النُّقُودِ مُسَاوِيَةً لَهَا مَالِيَّةً وَرَوَاجًا فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَا وَجْهَ لِلْبَائِعِ فِي التَّمَنُّعِ مِنْ قَبْضِ ذَلِكَ كَأَنْ يَدْفَعَ فِي زَمَانِنَا مَكَانَ الدِّينَارِ الْعُثْمَانِيِّ ذِي الْمِائَةِ الْقِرْشِ نِصْفَيْ الدِّينَارِ الْعُثْمَانِيِّ اللَّذَيْنِ أَحَدُهُمَا بِخَمْسِينَ قِرْشًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعِهِ الَّتِي أَحَدُهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مُسَاوِيَةٌ لِأَصْلِهَا مِنْ النُّقُودِ وَهُوَ الدِّينَارُ الْعُثْمَانِيُّ مَالِيَّةً وَرَوَاجًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتْبَعُ فِي ذَلِكَ عُرْفَ الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ وَعَادَتُهَا الْجَارِيَةُ وَالتَّعَامُلُ بَيْنَ التُّجَّارِ فِيهَا فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْجَائِزِ عُرْفًا وَعَادَةً وَتَعَامُلًا فِي بَلَدٍ أَنْ يَدْفَعَ مَكَانَ النُّقُودِ أَجْزَاءَهَا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ أَجْزَاءَ النُّقُودِ مَكَانَ النُّقُودِ وَإِلَّا فَلَا (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 36 و 37 و 34 و 44) . لَمَّا ظَهَرَتْ الْمَجَلَّةُ كَانَ الْعُرْفُ فِي الْآسَتَانَةِ أَلَّا يُعْطَى أَجْزَاءَ الْعِشْرِينَ قِرْشًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الرِّيَالِ الْمَجِيدِيِّ وَنِصْفَيْهِ وَأَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ كَانَ رَائِجًا بِأَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ قِرْشًا وَلَمْ تَكُنْ أَجْزَاؤُهُ مِنْ الْقِطْعَةِ ذَاتِ الْقِرْشِ وَالْقِرْشَيْنِ مِثْلَهُ رَوَاجًا وَلَا مِثْلَ نِصْفِهِ وَرُبْعِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ عَنْ الرِّيَالِ الْمَجِيدِيِّ ذِي الْعِشْرِينَ قِرْشًا أَجْزَاؤُهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِرْشِ وَالْقِرْشَيْنِ لَحِقَ الْبَائِعَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ بِنُقْصَانِ كُلِّ قِرْشٍ عِدَّةً مِنْ الْبَارَّاتِ وَلِذَلِكَ تُعَدُّ هَذِهِ الْقُرُوشُ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الرِّيَالِ الْكَامِلِ إلَّا أَنَّ جَوَازَ دَفْعِ أَجْزَاءِ النُّقُودِ مَكَانَهَا مَشْرُوطٌ بِمُسَاوَاةِ الْأَجْزَاءِ لِأَصْلِهَا رَوَاجًا وَمَالِيَّةً وَالرِّيَالُ الْوَاحِدُ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ لِعِشْرِينَ قِطْعَةً مِنْ ذَوَاتِ الْقِرْشِ الْوَاحِدِ فَهِيَ دُونَهُ مَالِيَّةً أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَقَدْ أَصْبَحَ الرِّيَالُ رَائِجًا بِعِشْرِينَ قِرْشًا بَلْ أَصْبَحَتْ أَجْزَاءُ الْمَجِيدِيِّ ذَاتُ الْقِرْشِ وَالْقِرْشَيْنِ أَكْثَرَ اعْتِبَارًا مِنْ الرِّيَالِ الْمَجِيدِيِّ فَالْبَائِعُ لَا يَتَرَدَّدُ فِي قَبُولِهَا فَإِذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا بِعَشَرَةِ مَجِيدِيَّاتٍ فَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ مَجِيدِيَّاتٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِائَتَيْ قِطْعَةٍ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ أَوْ مِائَةً بِقِرْشَيْنِ مِمَّا هُوَ جُزْءٌ مِنْ الرِّيَالِ الْمَجِيدِيِّ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبْضِ ذَلِكَ فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ امْتِنَاعُهُ تَعَنُّتًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَفِتَ الْحَاكِمُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا حَسَبُ عُرْفِ هَذَا الزَّمَانِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبْضِ مِائَتَيْ قِطْعَةٍ ذَاتِ الْقِرْشِ وَمِائَةِ قِطْعَةٍ ذَاتِ الْقِرْشَيْنِ وَأَرْبَعِينَ قِطْعَةً ذَاتَ الْخَمْسَةِ الْقُرُوشِ وَعِشْرِينَ قِطْعَةً مِنْ نِصْفِ الرِّيَالِ بَدَلًا مِنْ الْعَشَرَةِ الرِّيَالَاتِ الْمَجِيدِيَّةِ الَّتِي سُمِّيَتْ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 39) .

الفصل الثاني في بيان المسائل المتعلقة بالبيع بالنسيئة والتأجيل

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ وَالتَّأْجِيلِ] الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ هُوَ الْأَصْلُ وَالْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا خِلَافَ الْأَصْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي تَأْجِيلَ الثَّمَنِ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ فَإِنْ عَجَزَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا. وَجَوَازُ الْبَيْعِ عَلَى تَأْجِيلِ الثَّمَنِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] فَإِنَّ الْبَيْعَ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مُطْلَقًا يَشْمَلُ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَالْبَيْعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَتَكُونُ الْآيَةُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ الثَّمَنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اشْتَرَى مَالًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَرَهَنَ فِي ذَلِكَ دِرْعَهُ» زَيْلَعِيٌّ [ (الْمَادَّةُ 245) الْبَيْعُ مَعَ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَقْسِيطِهِ] (الْمَادَّةُ 245) الْبَيْعُ مَعَ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَقْسِيطِهِ صَحِيحٌ يُصْبِحُ الْبَيْعُ بِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَقْسِيطِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ: أَوَّلًا: بِخِلَافِ جِنْسِهِ. وَثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ دَيْنًا لَا عَيْنًا لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ مَعَ التَّأْجِيلِ صَحِيحٌ لَوْ كَانَ الْأَجَلُ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَوْ إلَى أَمَدٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَهُ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ إلَّا أَنَّ الْأَجَلَ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَيَجِبُ أَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ فَوْرًا. أَمَّا الْمَبِيعُ أَوْ الثَّمَنُ الَّذِي يَكُونُ عَيْنًا فَفَاسِدٌ وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا. مِثَالُ ذَلِكَ: كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت بَغْلَتِي هَذِهِ بِخَمْسِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُؤَجَّلَةً شَهْرًا فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (دُرُّ الْمُخْتَارِ رَدُّ الْمُحْتَارِ، زَيْلَعِيٌّ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ التَّأْجِيلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَيَكْسِبَ فَيُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ لَكِنْ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَالْمُشْتَرِي مُلْزَمٌ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى بَائِعِهِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ هَذَا التَّأْجِيلِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ فِي مُبَادَلَةِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بِجِنْسِهَا. وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ وَتَقْسِيطُهُ حِينَ عُقِدَ الْبَيْعُ كَذَلِكَ يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَتَقْسِيطُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَيُصْبِحُ الْأَجَلُ لَازِمًا وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مُعَجَّلًا ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بَعْدَ الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَصْبَحَ التَّأْجِيلُ لَازِمًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 248) .

(المادة 246) كون المدة معلومة في البيع بالتأجيل والتقسيط

وَالْمَادَّةُ الْآتِيَةُ (47 2) مِثَالٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَكَانَ اللَّازِمُ أَنْ تُجْعَلَ مِثَالًا لَهَا لَا أَنْ تُجْعَلَ مَادَّةً مُنْفَرِدَةً. [ (الْمَادَّةُ 246) كون الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فِي الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ وَالتَّقْسِيطِ] (الْمَادَّةُ 246) يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فِي الْبَيْعِ بِالتَّأْجِيلِ وَالتَّقْسِيطِ الْأَجَلُ يَتَعَيَّنُ بِكَذَا سَنَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا أَوْ إلَى الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا فَالْبَائِعُ يَطْلُبُ الثَّمَنَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَجِيزَةٍ وَيَمْتَنِعُ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ حُصُولُ النِّزَاعِ مِنْ الْمُتَوَقَّعِ بِسَبَبِ جَهَالَةِ الْأَجَلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ فِي شَهْرِ رَجَبٍ وَشَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ كَوْنَ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرِ رَجَبٍ انْصَرَفَ ذَلِكَ إلَى رَجَبٍ الْآتِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 60) أَمَّا إذَا بِيعَ الْمَالُ فِي رَجَبٍ وَأُجِّلَ الثَّمَنُ فَإِنَّ الْأَجَلَ يَنْصَرِفُ إلَى رَجَبٍ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ وَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَمَجْهُولًا عِنْدَ الْآخَرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَيْضًا وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ كُلَّ سَنَةٍ أَلْفَ قِرْشٍ فَالْقِسْطُ يَحِلُّ بِدُخُولِ السَّنَةِ لَا بِخُرُوجِهَا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 247) إذَا عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى كَذَا] (الْمَادَّةُ 247) إذَا عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى كَذَا يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ كَيَوْمِ قَاسِمَ أَوْ النَّيْرُوزَ صَحَّ الْبَيْعُ. يَعْنِي أَنَّ التَّأْجِيلَ إذَا كَانَ بِالْأَيَّامِ أَوْ الشُّهُورِ أَوْ السِّنِينَ أَوْ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَهُوَ صَحِيحٌ مَا دَامَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا (بَحْرٌ) وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَتَاعًا وَهُوَ صَحِيحٌ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْمَدِينِ لَا يَبْطُلُ بِوَفَاةِ الدَّائِنِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ 245 [ (الْمَادَّةُ 248) تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَإِمْطَارِ السَّمَاءِ] (الْمَادَّةُ 248) تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَى مُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَإِمْطَارِ السَّمَاءِ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ مَقْدَمِ الْحَاجِّ أَوْ إلَى الْبَيْدَرِ أَوْ الْحَصَادِ أَوْ الْقِطَافِ أَوْ جَزِّ صُوفِ الْغَنَمِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجَلُ يَجْهَلُهُ الْعَاقِدَانِ جَهَالَةً يَسِيرَةً أَمْ فَاحِشَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فِي الْأَجَلِ كَمَا إذَا كَانَ حُلُولُ الْأَجَلِ مُحَقَّقًا إلَّا أَنَّهُ يَقَعُ أَحْيَانًا فِي وَقْتٍ أَقْرَبَ وَأَحْيَانًا فِي وَقْتٍ أَبْعَدَ كَالْحَصَادِ وَالْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ أَنْ يَكُونَ وُقُوعُهُ مَجْهُولًا كَنُزُولِ الْمَطَرِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجَهَالَةُ فِي أَجَلِ كُلِّ الثَّمَنِ أَمْ بَعْضِهِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ. وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ: أَوَّلًا: إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَبِيعَ مِنْ آخَرَ مَالًا بِأَلْفِ قِرْشٍ مُؤَجَّلًا فَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَقْسَاطًا أَوْ أَنْ يَدْفَعَ كُلَّ أُسْبُوعٍ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ بِحَيْثُ يَكُونُ قَدْ وَفَّى خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ لِمُضِيِّ شَهْرٍ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ عَدَدَ الْأَقْسَاطِ وَالْيَوْمَ الَّذِي يَجِبُ دَفْعُ الْقِسْطِ فِيهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، تَنْوِيرٌ، هِنْدِيَّةٌ) .

ثَانِيًا: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مَالًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ الثَّمَنِ نَقْدًا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ حِينَمَا يَعُودُ مِنْ مَكَانِ كَذَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهُ حِينَمَا يُوَظَّفُ فِي وَظِيفَةٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. ثَالِثًا: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ مَالًا فِي الْآسَتَانَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهُ فِي إزمير فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ أَمَّا إذَا بَاعَ مَالًا فِي الْآسَتَانَةِ بِمِائَةِ قِرْشٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى مُضِيِّ شَهْرٍ وَشَرَطَ دَفْعَ الثَّمَنِ فِي إزمير فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ مَكَانِ أَدَاءِ الثَّمَنِ الَّذِي لَا حَمْلَ لَهُ وَلَا مُؤْنَةَ بَاطِلٌ. رَابِعًا: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ عِنْدَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (فَيْضِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الْبُيُوعَ الْمَذْكُورَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً إلَّا أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يُعَيَّنْ. وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَّحِدُ فِيهَا أَحْكَامُ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ وَالْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ أَوْ تَخْتَلِفُ إذَا أُسْقِطَ فِيهَا الْأَجَلُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ انْقَلَبَ الْبَيْعُ إلَى الصِّحَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجَهَالَةُ يَسِيرَةً أَمْ فَاحِشَةً أَمَّا إذَا أُسْقِطَ الْأَجَلُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ فَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ صَحِيحًا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً وَبِعِبَارَةٍ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَجَلًا مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً فَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْأَجَلَ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَمْ غَيْرِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى الصِّحَّةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 2 4) . وَانْقِلَابُ الْبَيْعِ إلَى الصِّحَّةِ يَكُونُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا بِإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي الْأَجَلَ، وَيَكْفِي إسْقَاطُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْبَائِعِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمُشْتَرِي فَقَطْ لَكِنْ إذَا انْقَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ تَأَكَّدَ فَسَادُ الْبَيْعِ كَمَا إذَا أُسْقِطَ الْأَجَلُ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ لِفَسَادٍ فِيهِ فَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ الْمَفْسُوخُ إلَى الصِّحَّةِ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ ارْتَفَعَ بِالْفَسْخِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 5) أَمَّا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مَالًا إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً وَأَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْأَجَلَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَحُلُولِ الْأَجَلِ فَالْبَيْعُ يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ سَوَاءٌ أَوْفَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَمْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَمَّا إذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْأَجَلَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ لِتَأَكُّدِ فَسَادِ الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. شُرُنْبُلَالِيّ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْأَجَلَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ. وَالْأَجَلُ الَّذِي ذَكَرَتْهُ الْمَجَلَّةُ هُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يُذْكَرُ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ أَمَّا الْأَجَلُ وَمُدَّةُ تَنْجِيمِ الثَّمَنِ اللَّذَانِ يُذْكَرَانِ بَعْدَ الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَا مَجْهُولَيْنِ جَهَالَةً فَاحِشَةً أَمْ يَسِيرَةً فَلَا. وَلَكِنْ فِي اعْتِبَارِ الْأَجَلِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ أَجَّلَهُ إلَى الْحَصَادِ أَوْ مَقْدَمِ الْحَاجِّ أَوْ إلَى مَجْهُولٍ جَهَالَةً يَسِيرَةً وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْبَيْعُ وَالتَّأْجِيلُ صَحِيحَانِ وَلَازِمَانِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ بَعْدَ الْبَيْعِ عِبَارَةٌ عَنْ تَبَرُّعٍ فَجُوِّزَتْ الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ هُنَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 56) وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَطَلَ التَّأْجِيلُ وَكَانَ الثَّمَنُ حَالًّا وَصِحَّةُ التَّأْجِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَلْ إنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا وَتُصْبِحُ لَازِمَةً إلَّا الْأَمْوَالَ السِّتَّةَ الْآتِيَةَ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهَا وَهِيَ:

الْقَرْضُ. (2) الثَّمَنُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ. (3) بَدَلُ الصَّرْفِ. (4) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ. (5) دَيْنُ الْمَيِّتِ. (6) ثَمَنُ الْمَشْفُوعِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ. أَمَّا إذَا أُجِّلَ الثَّمَنُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً كَأَنْ يُؤَجَّلَ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى كَوْنِ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالتَّأْجِيلُ بَاطِلٌ (هِنْدِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ الدُّيُونُ الْأُخْرَى كَبَدَلِ الْإِجَارَةِ إذَا أُجِّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَالتَّأْجِيلُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ الَّذِي يُشْتَرَطُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (189) تَفْصِيلَاتٌ فِي تَأْجِيلِ الدُّيُونِ: إنَّ التَّأْجِيلَ يَكُونُ تَارَةً مُطْلَقًا كَقَوْلِ الدَّائِنِ لِمَدِينِهِ: قَدْ أَجَّلْت مَا لِي فِي ذِمَّتِك مِنْ الدَّيْنِ إلَى سَنَةٍ فَهَذَا التَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ وَالْأَجَلُ لَازِمٌ فِي حَقِّ الدَّائِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 15) ، وَتَارَةً يَكُونُ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يَقُولَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلَةٌ: إذَا أَدَّيْتنِي غَدًا خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَقَدْ أَجَّلْت الْبَاقِيَ إلَى سَنَةٍ فَإِذَا دَفَعَ الْمَدِينُ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فِي الْغَدِ صَارَ الْبَاقِي مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82) . كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ ثَمَنٍ جَعَلَهُ أَقْسَاطًا إنْ أَخَلَّ بِقِسْطٍ حَلَّ الْبَاقِي فَالْأَمْرُ كَمَا اُشْتُرِطَ وَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَفِ الْمَدِينُ بِالشَّرْطِ تَحَوَّلَ بَاقِي الدَّيْنِ مُعَجَّلًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَالَ لِلْمَدِينِ ادْفَعْ إلَيَّ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مِائَةً فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْجِيلَ. سُقُوطُ الْأَجَلِ وَعَوْدَتُهُ: - إذَا قَالَ الْمَدِينُ: أَبْطَلْت الْأَجَلَ أَوْ تَرَكْته أَصْبَحَ الْأَجَلُ مُعَجَّلًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1262) أَمَّا إذَا قَالَ الْمَدِينُ: لَا أُرِيدُ الْأَجَلَ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ وَإِذَا أَدَّى الْمَدِينُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ ظَهَرَ أَنَّ النُّقُودَ الَّتِي قَبَضَهَا الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ مُزَيَّفَةٌ فَرَدَّهَا إلَى الْمَدِينِ أَوْ أَنَّ مَا تَسَلَّمَهُ مَعِيبٌ فَرَدَّهُ إلَى الْمَدِينِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَالْأَجَلُ يَعُودُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 2 5) وَإِذَا شَرَى الدَّائِنُ مِنْ مَدِينِهِ مَالًا بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 5) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا فُصِّلَ فِي الْمَادَّةِ (196) أَنَّ الْإِقَالَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ بَلْ تَثْبُتُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَهِيَ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ جَدِيدٌ كَمَا أَنَّهُ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ كَالْمُشْتَرِي مَثَلًا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَالثَّمَنُ يُسْتَوْفَى حَالًّا مِنْ تَرِكَةِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا بِوَفَاةِ الدَّائِنِ فَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِوَرَثَةِ الْبَائِعِ أَوْ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْمَدِينِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. التَّأْجِيلُ غَيْرُ الصَّحِيحِ: - إنَّ التَّأْجِيلَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَدِينِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ لَا حُكْمَ لِذَلِكَ التَّأْجِيلِ

(المادة 249) باع نسيئة بدون مدة

فَالدَّائِنُ بَعْدَ هَذَا التَّأَجُّلِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْجِيلِ أَنْ يَشْتَغِلَ الْمَدِينُ وَيَتَّجِرَ وَيُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ نَمَاءِ مَالِهِ فَإِذَا مَاتَ لَمْ تَبْقَ لِلتَّأْجِيلِ فَائِدَةٌ وَيَكُونُ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ مُتَعَيَّنًا لِقَضَاءِ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. بَزَّازِيَّةٌ. عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 249) بَاعَ نَسِيئَةً بِدُونِ مُدَّةٍ] (الْمَادَّةُ 249) إذَا بَاعَ نَسِيئَةً بِدُونِ مُدَّةٍ تَنْصَرِفُ إلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْتُك مَالِي هَذَا بِكَذَا قِرْشًا وَأَجَّلْت الثَّمَنَ فَقَالَ الْبَائِعُ اشْتَرَيْت فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَمَامِ شَهْرٍ لِأَنَّ الْأَجَلَ الْمَعْهُودَ فِي السَّلَمِ وَالْيَمِينَ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ آجِلًا شَهْرًا وَاحِدٌ فَإِذًا يَنْصَرِفُ التَّأْجِيلُ إلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ وَهَهُنَا اعْتِرَاضٌ وَارِدٌ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي صِحَّةِ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا حَسَبَ الْمَادَّتَيْنِ (246 و 248) وَالْبَيْعُ هَهُنَا مُؤَجَّلٌ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِلْأَجَلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ بِالتَّأْجِيلِ مَعْهُودٌ، انْصِرَافُ التَّأْجِيلِ فِيهِ إلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ فَكَأَنَّمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ فِي التَّأْجِيلِ جَهَالَةٌ. [ (الْمَادَّةُ 250) تُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْأَجَلِ وَالْقِسْطِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ وَقْتِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 250) تُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْأَجَلِ وَالْقِسْطِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ وَقْتِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مَثَلًا لَوْ بِيعَ مَتَاعٌ عَلَى أَنَّ ثَمَنَهُ مُؤَجَّلٌ إلَى سَنَةٍ فَحَبَسَهُ الْبَائِعُ عِنْدَهُ سَنَةً ثُمَّ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي اُعْتُبِرَ أَوَّلُ السَّنَةِ الَّتِي هِيَ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالثَّمَنِ إلَى مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ وَسَنَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ. هَذَا يَكُونُ: أَوَّلًا: إذَا لَمْ يُخَصَّصْ الْأَجَلُ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ نَاشِئًا عَنْ حَبْسِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ وَمَنْعِهِ. ثَالِثًا: إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا أَيْ لَيْسَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ ابْتِدَاءً مُدَّةَ الْأَجَلِ مُنْذُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْجِيلِ تَسْهِيلُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي لِيُؤَدِّيَ الثَّمَنَ مِنْ رِبْحِهِ فَلِلْحُصُولِ عَلَى هَذِهِ الْفَائِدَةِ يَجِبُ اعْتِبَارُ مُدَّةِ الْأَجَلِ مُنْذُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ. إيضَاحُ الْقُيُولَةِ: - وَإِنَّمَا قِيلَ: إذَا كَانَ الْأَجَلُ غَيْرَ مُخَصَّصٍ بِوَقْتٍ. لِأَنَّ مُدَّةَ التَّأْجِيلِ إذَا خُصِّصَتْ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ كَأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْأَجَلَ هُوَ سَنَةَ 1331 إلَى شَهْرِ رَجَبٍ وَكَانَ الْأَجَلُ مُخَصَّصًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَبَسَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ سَنَةً ثُمَّ سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَخِّرَ دَفْعَ الثَّمَنِ سَنَةً أُخْرَى اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ التَّسْلِيمِ بَلْ عَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ فَوْرًا (طَحَاوِيّ) . وَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرِ رَجَبٍ أَوْ شَهْرِ شَعْبَانَ أَوْ إلَى عِيدِ الْأَضْحَى فَحَبَسَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ إلَى شَهْرِ رَجَبٍ أَوْ شَهْرِ شَعْبَانَ أَوْ عِيدِ الْأَضْحَى فَلَيْسَ

(المادة 251) المبيع المطلق ينعقد معجلا

لِلْمُشْتَرِي أَجَلٌ خِلَافَهُ لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْأَجَلِ بِمُدَّةٍ مَخْصُوصَةٍ تَعَيُّنٌ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَقُّ فِي مُدَّةٍ أُخْرَى. وَإِنَّمَا قِيلَ: إذَا كَانَ عَدَمُ التَّسْلِيمِ نَاشِئًا عَنْ مَنْعِ الْبَائِعِ. لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِغَيْرِ سَبَبِ امْتِنَاعِ الْبَائِعِ عَنْ التَّسْلِيمِ بَلْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ طَلَبِ الْمُشْتَرِي تَسَلُّمَهُ فَالْأَجَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يُعْتَبَرُ مُنْذُ وَقْتِ الْبَيْعِ لَا التَّسْلِيمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْقُصُورَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي مِثَالِهِ بِلَفْظَةِ (حَبَسَ) . وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ كَانَ الِاثْنَانِ مُخَيَّرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ مُطْلَقًا ابْتَدَأَ الْأَجَلُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ أَمَّا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَالْأَجَلُ يُعْتَبَرُ مِنْ تَارِيخِ الْعَقْدِ. [ (الْمَادَّةُ 251) الْمَبِيعُ الْمُطْلَقُ يَنْعَقِدُ مُعَجَّلًا] (الْمَادَّةُ 251) الْمَبِيعُ الْمُطْلَقُ يَنْعَقِدُ مُعَجَّلًا أَمَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ فِي مَحَلٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ مُؤَجَّلًا أَوْ مُقَسَّطًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ السُّوقِ شَيْئًا بِدُونِ أَنْ يُذْكَرَ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَلَا تَأْجِيلُهُ لَزِمَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا كَانَ جَرَى الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِإِعْطَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ بَعْدَ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ لَزِمَ اتِّبَاعُ الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ مُطْلَقًا أَيْ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ أَوْ تَعْجِيلُهُ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مُعَجَّلٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ بِالشَّرْطِ أَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي بَلَدٍ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَالْبَيْعُ يَنْصَرِفُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 46 و 44 و 54) . الِاخْتِلَافُ فِي التَّأْجِيلِ وَالْأَجَلِ: - وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي تَأْجِيلِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ مُعَجَّلٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْأَجَلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 9) وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ دَعْوَاهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْبَيِّنَةُ شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 77) أَمَّا فِي بَيْعِ السَّلَمِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَجَلِ لِأَنَّ نَافِي الْأَجَلِ مُدَّعٍ لِفَسَادِ بَيْعِ السَّلَمِ، وَمُدَّعِي الْأَجَلِ مُدَّعٍ لِصِحَّةِ السَّلَمِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَقَلِّ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُنْكِرًا لِلزِّيَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْت مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ إلَى شَهْرَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْبَائِعِ أَثْبَتَتْ الظَّاهِرَ، وَالْبَيِّنَةُ قَدْ شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ وَإِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى مِقْدَارِ الْأَجَلِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مُرُورِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُنْكِرٌ لِمُرُورِ الْأَجَلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 76) فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ قَائِلًا: بِعْت هَذَا الْمَالَ قَبْلَ شَهْرَيْنِ عَلَى

أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ شَهْرَيْنِ وَقَدْ مَرَّ الْأَجَلُ فَأَطْلُبُ أَنْ يَدْفَعَ لِي الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: نَعَمْ قَدْ اشْتَرَيْت الْمَالَ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرَيْنِ لَكِنْ لَمْ يَمْضِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا شَهْرٌ وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ هُنَا لِلْمُشْتَرِي وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ بَقَاءَ الْأَجَلِ أَصْلٌ لِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى وُجُودِ الْأَجَلِ وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي مُرُورِ الْأَجَلِ كَمَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِأَنَّ هُنَا يُنْكِرُ تَوَجُّهَ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ فَلِهَذَيْنِ السَّبْيَيْنِ كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الباب الرابع بيان المسائل المتعلقة في الثمن والمثمن بعد العقد ويشتمل على فصلين

[الْبَاب الرَّابِع بَيَان الْمَسَائِل الْمُتَعَلِّقَة فِي الثَّمَن وَالْمُثَمَّن بَعْد الْعَقْد وَيَشْتَمِل عَلَى فَصلين] [الْفَصْل الْأَوَّل فِي بَيَان حَقّ تَصْرِف الْبَائِع وَالْمُشْتَرِي بَعْد الْعَقْد وَقَبْل القبض] [ (الْمَادَّةُ 252) الْبَائِعُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ حَقِّ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. الْمَقْصُودُ مِنْ التَّصَرُّفِ مَا كَانَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَوَالَةِ كَمَا يُفْهَمُ مَا يَأْتِي: (الْمَادَّةُ 252) الْبَائِعُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لَهُ أَنْ يُحِيلَ بِثَمَنِهِ دَائِنَهُ. يَعْنِي يَحِقُّ لِلْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَذَا الثَّمَنِ بَيْعًا وَهِبَةً وَوَصِيَّةً وَحَوَالَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْمَكِيلَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَيْنًا كَالْمَكِيلَاتِ وَالنُّقُودِ الْمُعَيَّنَةِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا أَوْ يُوصِيَ بِهَا لِلْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا كَنُقُودٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَكِيلَاتٍ أَوْ مَوْزُونَاتٍ أَنْ يُمَلِّكَهُ الْمُشْتَرِي بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ أَيْ أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُجِيزَ لِلتَّصَرُّفِ ثَابِتٌ وَبِهَلَاكِهِ يَنْتَفِي غَرَرُ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ أَصْلًا فِي الْبَيْعِ فَبِهَلَاكِهِ لَا يَنْفَسِخُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا فَإِنَّ عَدَمَ غَرَرِ الِانْفِسَاخِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (243) ، أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ فَلِأَنَّ هَذِهِ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ رُجِّحَتْ جِهَةُ الثَّمَنِ فِي التَّصَرُّفِ تَيْسِيرًا وَتَسْهِيلًا (فَتْحُ الْقَدِيرِ) وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (195) . إيضَاحُ الْبَيْعِ: - بَاعَ مَالًا بِخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مَعْلُومَةً مُشَارًا إلَيْهَا فَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَالًا مَعْلُومًا وَإِذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُقَابِلَ هَذَا الثَّمَنِ عَشْرَ لِيرَاتٍ. إيضَاحُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ: - لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَ أَوْ يَتَصَدَّقَ أَوْ يُوصِيَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الثَّابِتِ

(المادة 253) للمشتري بيع المبيع لآخر قبل قبضه إن كان عقارا

لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 847) ، فَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى الْقَبْضِ كَمَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَهَبَ الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 848) وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَكَذَلِكَ بَدَلُ الْمَغْصُوبِ وَالْقَرْضِ وَالْأُجْرَةِ مِنْ الدُّيُونِ السَّائِرَةِ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ لِلْمَدِينِ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ. [ (الْمَادَّةُ 253) لِلْمُشْتَرِي بَيْع الْمَبِيعَ لِآخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ عَقَارًا] (الْمَادَّةُ 353) لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ لِآخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ عَقَارًا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 845) ، وَقَدْ جَوَّزَهُ الشَّيْخَانِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُمَيِّزَيْنِ عَاقِلَيْنِ وَأَنْ يَقَعَ فِي مَحَلِّهِ أَيْ فِي مَالٍ مُتَقَوِّمٍ وَبِمَا أَنَّ الْهَلَاكَ نَادِرٌ فِي الْعَقَارِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلنَّادِرِ فَلَيْسَ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ كَمَا فِي بَيْعِ الْمَنْقُولِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 2 4) . (بَدَائِعُ،) أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ بِحَيْثُ لَا يَأْمَنُ أَنْ تَهْدِمَهُ الْأَمْوَاجُ أَوْ كَانَ مِنْ الْعُلُوِّ بِحَيْثُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ سُقُوطِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ (دُرُّ الْمُخْتَارِ) ، وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِآخَرَ) مَعْنَاهُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا فَعَلَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا فِي بَيْعِ الْمَنْقُولِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ بَائِعُهُ فَإِذَا وَهَبَهُ مِنْهُ وَقَبِلَ الْبَائِعُ كَانَ إقَالَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 119) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَبِيعَ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْأُجْرَةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 85 وَالْمَادَّةَ 275) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَا نَافِذًا لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي - ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ عَلَى رِضَاهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 278) يَعْنِي إذَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مُعَجَّلٌ فَلَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ حَتَّى ذَلِكَ الْحِينِ فَإِذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِبَيْعِ الْمُشْتَرِي لِلْعَقَارِ فَالْبَيْعُ الثَّانِي نَافِذٌ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَبَاطِلٌ وَلَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 747) . وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ قَبْلَ أَدَاءِ ثَمَنِهِ لِلْبَائِعِ تَصَرُّفًا قَابِلًا لِلنَّقْضِ فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى النَّحْوِ الْمَشْرُوعِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمْ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ وَتَصَرُّفِهِ بِهِ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لَهُ أَنْ يَبِيعَ) يُقْصَدُ بِهِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْإِيجَارِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إيجَارِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ بِالِاتِّفَاقِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاخْتِلَافَ السَّابِقَ فِي ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ مَوْجُودًا فَقَدْ اُخْتِيرَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ وَوَجَبَ قَبُولُ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا وَهَذَا الْقَبُولُ يَكُونُ مُوَافِقًا لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (586) مِنْ أَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ وَإِذَا قُبِلَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَجَبَ أَنْ يَظْهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَادَّةِ (586) . وَقَدْ عَبَّرَتْ الْمَجَلَّةُ بِالْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا رَهَنَ أَوْ أَجَّرَ أَوْ أَوْدَعَ الْمَبِيعَ شَخْصًا آخَرَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَالْبَيْعُ يُصْبِحُ مُنْفَسِحًا وَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَهُ الْمَبِيعَ لِأَنَّهُ لَوْ حَقَّ لَهُ ذَلِكَ لَحَقَّ لَهُ الرُّجُوعُ لَكِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ الْخَسَارَةُ مِنْ تَلَفِ الْمَبِيعِ عَائِدَةً عَلَى

الْبَائِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (293) . أَمَّا إذَا أَعَارَ الْبَائِعُ أَوْ وَهَبَ الْمَبِيعَ لِشَخْصٍ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُعَارِ أَوْ فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَبِيعَ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَضْمَنَ الْمَالَ الشَّخْصُ الْآخَرُ وَأَنْ يُفْسِخَ الْبَيْعَ وَيَسْتَرِدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ وَالْمُسْتَوْدَعَ الَّذِي اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ الْمَالَ إذَا ضَمِنُوا لَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) . وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ بَيْعًا ثَانِيًا إلَى آخَرَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُفْسِخَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْمَبِيعَ، إذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الثَّمَنَ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَبِيعَ الْمَنْقُولَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِبَائِعِهِ فَإِذَا أَجَّرَهُ وَاسْتَعْمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَبِيعَ بِمُقْتَضَى الْإِجَارَةِ فَلَا تَتَوَجَّهُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 58،) اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ: قَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِعَدَمِ الْجَوَازِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ فِي الْعَقَارِ وَعَدَمِهِ فِي الْمَنْقُولِ وَذَهَبَ عُثْمَانُ التَّيْمِيُّ إلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا (عَيْنِيٌّ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ) . وَقَدْ جَرَى التُّجَّارُ فِي زَمَانِنَا عَلَى بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ وَقَدْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ أَيْضًا بِفَسَادِهِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ إلَّا عَلَى رَأْيِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ وَالْفُقَهَاءُ لَا يَأْخُذُونَ بِرَأْيِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَاحِبَ مَذْهَبٍ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْإِيضَاحِ أَنَّ مَذْهَبَ الْحَنَفِيَّةِ أَكْثَرُ تَسَامُحًا فِي بَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى (شَارِحٌ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَنْقُولًا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ مُسْتَقِرًّا وَالْمَبِيعُ إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَهَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ فِيهِ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (293) فَإِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ أَصْبَحَ الْبَيْعُ الثَّانِي لَغْوًا وَلَا يَجُوزُ لِلْعُقَلَاءِ أَنْ يَفْعَلُوا مَا هُوَ لَغْوٌ (شَارِحٌ) وَعِلَاوَةٌ عَلَى ذَلِكَ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ الْمَنْقُولُ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْبَائِعُ الثَّانِي قَدْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 267 و 268،) . وَيَرِدُ عَلَى هَذَا السُّؤَالُ وَهُوَ: إذَا كَانَ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ مَانِعًا لِجَوَازِ الْبَيْعِ لَزِمَ أَيْضًا عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يُضْبَطَ الْمَبِيعُ الْمَقْبُوضُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ أَنَّ الْغَرَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَرَرٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ هَذَا الْغَرَرَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَصْبَحَ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ مِثْلَ الْقَبْضِ أَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ غَرَرُ الِاسْتِحْقَاقِ وَجَبَ سَدُّ بَابِ الْبَيْعِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) فَلِذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذَا الضَّرَرِ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَنْقُولَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَحِينَئِذٍ إذَا بَاعَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ: أَوَّلًا: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي حِصَانَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا فَبَاعَ كُلًّا مِنْهُمَا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَالْبَيْعُ فِي الْحِصَانِ الْمَقْبُوضِ جَائِزٌ وَفِي غَيْرِ الْمَقْبُوضِ غَيْرُ جَائِزٍ. ثَانِيًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَهُ مَعَ مَالٍ مَنْقُولٍ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ. ثَالِثًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَهُ الْمَنْقُولَ مِنْ آخَرَ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ بَاعَهُ ثَانِيَةً مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَإِذَا أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ هَذَا الْبَيْعَ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَازَةَ عِبَارَةٌ عَنْ إجَازَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِمَبِيعٍ غَيْرِ

مَقْبُوضٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 453 1) . (هِنْدِيَّةٌ. بَزَّازِيَّةٌ. طَحْطَاوِيٌّ) وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْمَبِيعَ الْمَنْقُولَ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْبَيْعُ الثَّانِي يَكُونُ فَاسِدًا أَوْ يَبْقَى الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ ضِدُّ الْإِقَالَةِ وَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ أَمَّا إذَا وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ لِبَائِعِهِ فَهَذِهِ الْهِبَةُ فِي مَعْنَى الْإِقَالَةِ فَإِذَا قَبِلَهَا الْبَائِعُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْهَا بَقِيَ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ وَعِبَارَةُ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِلِاحْتِرَازِ بِاعْتِبَارٍ لِأَنَّ مُحَمَّدًا يَرَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَهَبَ الْمَبِيعَ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا أَوْ يُعِيرَهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُقْرِضَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ أَيْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَتِمُّ بِالْقَبْضِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ وَيَأْمُرُ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْمَوْهُوبَ لَهُ مَثَلًا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَإِذَا قَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَكَانَ أَوَّلًا نَائِبًا عَنْ الْمُشْتَرِي وَآخِرًا قَابِضًا لِنَفْسِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 845) . وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَتْ عِبَارَةُ الْبَيْعِ لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ أَنْ يَفِيَ بِهِ دَيْنَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ الْآخَرِ. مُسْتَثْنًى: إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي وَأُقِيلَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخٌ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ بَيْعٌ جَدِيدٌ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا انْفَسَخَ بِسَبَبٍ كَانَ فَسْخًا فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِسَبَبٍ هُوَ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخٌ، وَفِي حَقِّ الْغَيْرِ بَيْعٌ فَإِنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَائِزٌ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا. وَعَدَمُ جَوَازِ التَّصَرُّفِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ فَكُلُّ عَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِسَبَبِ هَلَاكِ الْعِوَضِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِالْعِوَضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَبَدَلِ الْإِجَارَةِ الْعَيْنَ وَبَدَلِ الصُّلْحِ الْعَيْنَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ. أَمَّا فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْعِوَضِ فِيهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي هَذَا الْعِوَضِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالصَّدَاقِ الْعَيْنِ وَكَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ الْفَسْخَ وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَلِ الْمَهْرِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَالَهُ الْمَوْرُوثَ أَوْ الْمُوصَى بِهِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ. هِنْدِيَّةٌ) أَمَّا بَيْعُ الْمَقْسُومِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا قِسْمَةُ الْقَضَاءِ حَسَبَ الْمَوَادِّ (132 1 و 133 1 و 134 1) فَجَائِزٌ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي قِسْمَةِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَإِنَّ فِيهَا جِهَةَ الْإِفْرَازِ أَيْضًا فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُرَجَّحُ جِهَةُ الْإِفْرَازِ تَسْهِيلًا لِلتَّعَامُلِ أَمَّا فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَجْرِي فِيهَا قِسْمَةُ الْقَضَاءِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ (1351) فَإِنْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ بِالْمَقْسُومِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ جِهَةَ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةٌ فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ (بَدَائِعُ)

الفصل الثاني في بيان التزييد والتنزيل في الثمن والمبيع بعد العقد

[الْفَصْل الثَّانِي فِي بَيَان التَّزْيِيد وَالتَّنْزِيل فِي الثَّمَن وَالْمَبِيع بَعْد الْعَقْد] [ (الْمَادَّةُ 254) لِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ مِقْدَارَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ] الْمَادَّةُ 254) لِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ مِقْدَارَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَالْمُشْتَرِي إذَا قَبِلَ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَا تُفِيدُ نَدَامَةُ الْبَائِعِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ وَقَبِلَ بَعْدَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِهِ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى عِشْرِينَ بِطِّيخَةً بِعِشْرِينَ قِرْشًا ثُمَّ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الْبَائِعُ أَعْطَيْتُك خَمْسًا أُخْرَى أَيْضًا فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَجْلِسِ أَخَذَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ بِطِّيخَةً بِعِشْرِينَ قِرْشًا وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَلْ قَبِلَ بَعْدَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى إعْطَاءِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ عِشْرُونَ بِطِّيخَةً بِعِشْرِينَ قِرْشًا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ قَدْ ضَمَمْت هَذِهِ الْكَأْسَ أَيْضًا إلَى الْمَبِيعِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الْعِشْرِينَ بِطِّيخَةً وَالْكَأْسَ بِالْعِشْرِينَ قِرْشًا وَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَبْلَ قَبْضِ أَصْلِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ أَنْ يَطْرَحَ مِنْ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ زِيَادَةُ الْبَائِعِ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ وَمِلْكِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتُلْتَحَقُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ 257 إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مَعْلُومًا (اُنْظُرْ مَادَّةَ 0 0 2 و 213) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا وَقَائِمًا فِي وَقْتِ الزِّيَادَةِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمَبِيعِ بَعْدَ هَلَاكِهِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ تَثْبُتُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ قَائِمٌ فِي الذِّمَّةِ (طَحْطَاوِيٌّ) وَإِلَّا فَهُوَ لَيْسَ ثَابِتًا فِي مُقَابَلَةِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَقَدْ جُعِلَ مَوْجُودًا فِي الذِّمَّةِ لِحَاجَةِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ لَا تَدْفَعُ حَاجَةَ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَلْ تُزِيدُ تِلْكَ الْحَاجَةَ فَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ. وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الزِّيَادَةَ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ وَقَبِلَهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِلْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) مَا لَمْ يُكَرِّرْ الْبَائِعُ الْإِيجَابَ فِي الزِّيَادَةِ. إيضَاحُ الْحَطِّ مِنْ الْمَبِيعِ: إذَا حَطَّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ الْمَبِيعِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُسَلَّمًا فِيهِ وَكَانَ دَيْنًا كَأَنْ يَكُونَ عَشْرُ كَيْلَاتٍ مِنْ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ هَذِهِ فَالْحَطُّ صَحِيحٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 26 5 1) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ مَوْجُودَةٍ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ خَمْسِينَ كَيْلَةً قَبْلَ أَنْ تُفْرَزَ مِنْ الصُّبْرَةِ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ حَطَّ الْمُشْتَرِي عَشْرَ كَيْلَاتٍ قَبْلَ الْإِفْرَازِ وَالْقَبْضِ فَالْحَطُّ صَحِيحٌ

(المادة 255) للمشتري أن يزيد في الثمن بعد العقد

وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى أَخْذِ الْأَرْبَعِينَ كَيْلَةً بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنًا فَلَا يَكُونُ الْحَطُّ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْحَطَّ لَيْسَ إلَّا إبْرَاءً وَإِسْقَاطًا وَذَلِكَ لَا يَجْرِي إلَّا فِي الدَّيْنِ. أَمَّا إسْقَاطُ الْعَيْنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ نَقْلَ مِلْكِيَّةِ الْعَيْنِ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِوَجْهٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَا تَكُونُ بِالْإِسْقَاطِ (بَحْرٌ) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةً بِأَلْفِ قِرْشٍ فَإِذَا حَطَّ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَالْخُلَاصَةُ: أَنَّ حَطَّ الثَّمَنِ وَزِيَادَتَهُ مُتَقَابِلَانِ كَمَا فِي الْمَادَّتَيْنِ 255 و 256 كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ وَالْحَطَّ مِنْهُ مُتَقَابِلَانِ قِسْمًا. [ (الْمَادَّةُ 255) لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 355) لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِذَا قَبِلَ الْبَائِعُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَلَا تُفِيدُ نَدَامَةُ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا لَوْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ حِينَئِذٍ مَثَلًا لَوْ بِيعَ حَيَوَانٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ ثُمَّ بَعْدَ الْعَقْدِ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ زِدْتُك مِائَتَيْ قِرْشٍ وَقَبِلَ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْحَيَوَانَ الْمُبْتَاعَ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْ قِرْشٍ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَلْ قَبِلَ بَعْدَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ الْمِائَتَيْ قِرْشٍ الَّتِي زَادَهَا يَجُوزُ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي، ثَانِيًا لِوَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، ثَالِثًا لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي يَعْنِي إذَا زِيدَ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا فَالزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ وَبِقَبُولِ الْبَائِعِ تَكُونُ لَازِمَةً لِأَنَّهُمَا بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ يُغَيِّرَانِ الْعَقْدَ مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ كَوْنُهُ رَابِحًا أَوْ خَاسِرًا أَوْ عَدْلًا وَلَهُمَا وِلَايَةُ الرَّفْعِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ كَمَا إذَا أُسْقِطَ الْخِيَارُ أَوْ شُرِطَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْتَحِقُ الزِّيَادَةُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّيْءِ يَقُومُ بِهِ لَا بِنَفْسِهِ. أَمَّا إذَا قَبِلَ الْبَائِعُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ مِنْ مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ فَلَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا قَبُولُ الْبَائِعِ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 183) مَا لَمْ يُعَدْ الْإِيجَابُ وَيُكَرَّرُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَالًا قِيَمِيًّا. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَلَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّمَنِ مِائَةَ قِرْشٍ أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ شَاةَ غَنَمٍ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَيْنًا فَتَلِفَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْبَائِعِ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ الْمَبِيعِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ شَاةً بِمِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمَبِيعَ زَادَ عَلَى ثَمَنِهِ ثَوْبًا يُسَاوِي خَمْسِينَ قِرْشًا فَتَلِفَ الثَّوْبُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّاةِ مَعَ الثَّوْبِ مِائَةً وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَحْدَهُ خَمْسِينَ قِرْشًا فَلَمَّا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَهِيَ الْخَمْسُونَ قِرْشًا ثُلُثَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فِي ثُلُثِ الشَّاةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حِينَ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وُجُودُ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَمَوْجُودًا فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْمُعَاوَضَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97 1) . وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الثَّمَنِ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 257 وَكَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا حِينَ حُدُوثِ أَصْلِ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ ثُبُوتُ الْمُسْتَنَدِ فِي الْحَالِ ثُمَّ يَلْزَمُ اسْتِنَادُهُ وَبِانْتِفَاءِ الْمَحَلِّ أَصْبَحَ غَيْرَ مُمْكِنٍ ثُبُوتُهُ فِي الْحَالِ فَيَكُونُ اسْتِنَادُهُ مُتَعَذِّرًا فَإِذَا

(المادة 256) حط البائع مقدارا من الثمن المسمى بعد العقد

تَلِفَ الْمَبِيعُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالتَّلَفُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا التَّلَفُ الْحُكْمِيُّ فَكَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ شَاةً فَيُبَاعُ مِنْ آخَرَ أَوْ حِنْطَةً فَيُطْحَنُ أَوْ دَقِيقًا فَيُخْبَزُ أَوْ قُطْنًا فَيُصْنَعُ خُيُوطًا أَوْ خُيُوطًا فَيُنْسَجُ ثَوْبًا أَوْ لَحْمًا فَيُطْبَخُ طَعَامًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَالْمَبِيعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ قَدْ تَلِفَ حُكْمًا. وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِهِ بِأَنْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ سَلَّمَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَبِيعُ ثَانِيَةً فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَزَادَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا أَجَّرَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَاةَ غَنَمٍ فَذُبِحَ دُونَ أَنْ يُقْطَعَ أَوْ قُطْنًا مُجَلَّحًا فَإِذَا زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ شَيْئًا فَالزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ (خُلَاصَةٌ) لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً وَلَمْ يَتْلَفْ حُكْمًا. إيضَاحُ زِيَادَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الثَّمَنِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ زِيَادَةُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى تَجُوزُ الزِّيَادَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَكُلُّ مَوْضِعٍ جَازَ أَنْ يُزَادَ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مِنْ الْمُشْتَرِي يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ الْعَقْدِ. إلَّا أَنَّ لِزِيَادَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الثَّمَنِ خَمْسَ صُوَرٍ: أَوَّلًا - أَنْ يَزِيدَ الْأَجْنَبِيُّ الثَّمَنَ بِأَمْرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي. ثَانِيًا - أَنْ يَزِيدَ بِغَيْرِ أَمْرٍ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُجِيزُهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا. ثَالِثًا - أَنْ يَزِيدَ بِلَا أَمْرٍ مِنْهُ وَلَا إجَازَةٍ. رَابِعًا - أَنْ يَضْمَنَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ الَّتِي حَصَلَتْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. خَامِسًا - أَنْ يُضِيفَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إلَى مَالِهِ. فَفِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةً وَفِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَفِي الثَّالِثَةِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ بَاطِلَةً وَفِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ الزِّيَادَةَ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ ضَمِنَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَضَافَهَا إلَى مَالِهِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ (هِنْدِيَّةٌ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 7 5 6) . [ (الْمَادَّةُ 256) حَطُّ الْبَائِعِ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 356) حَطُّ الْبَائِعِ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ مَثَلًا لَوْ بِيعَ مَالٌ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ حَطَطْت مِنْ الثَّمَنِ عِشْرِينَ قِرْشًا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ مُقَابِلَ ذَلِكَ ثَمَانِينَ قِرْشًا فَقَطْ إنَّ هِبَةَ الْبَائِعِ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِلْمُشْتَرِي أَوْ حَطَّهُ مِقْدَارًا مِنْهُ عَنْهُ أَوْ إبْرَاءَهُ مِنْ بَعْضِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَمْ هَالِكًا حَقِيقَةً أَمْ حُكْمًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْحَطِّ قَبُولُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْحَطَّ إبْرَاءٌ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (568 1) إلَّا أَنَّهُ يُصْبِحُ مَرْدُودًا بِالرَّدِّ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) فَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَهُوَ صَحِيحٌ وَبَعْدَهُ لَا يَصِحُّ لَكِنْ يَجُوزُ حَطُّ

(المادة 257) زيادة البائع في المبيع والمشتري في الثمن

بَعْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِبَةِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ حَطُّهُ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ إيفَاءِ الثَّمَنِ يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ صَحِيحًا لَا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ بَعْدَ الْإِيفَاءِ لَا يُضَافَانِ إلَى دَيْنٍ قَائِمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 158 لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُؤَدِّ بِالْإِيفَاءِ عَيْنَ الْوَاجِبِ بَلْ مِثْلَهُ فَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى حَالِهِ حَتَّى بَعْدَ الْأَدَاءِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ الْمُطَالَبَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْحَطُّ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَمِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (بَحْرٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. دُرُّ الْمُخْتَارِ) فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ تَمَامًا قَبْلَ الْحَطِّ مِنْهُ أَوْ الْإِبْرَاءِ إبْرَاءِ إسْقَاطٍ أَوْ الْهِبَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْمِقْدَارَ الَّذِي حَطَّهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَسْقَطَهُ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ فِي الشَّرْحِ بِالْإِسْقَاطِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: إبْرَاءُ إسْقَاطٍ. وَالثَّانِي: إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ. فَإِذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ مَا قَبَضَهُ وَبَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ تَكُونُ بِعِبَارَةِ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ) أَوْ (حَطَطْت بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ) وَبَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ تَكُونُ بِعِبَارَةِ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ) أَوْ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الْقَبْضِ) . أَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْبَائِعُ الْإِبْرَاءَ فَيُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّ هَذِهِ الْبَرَاءَةَ أَقَلُّ مِنْ الْأُخْرَى (بَحْرٌ) أَمَّا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ فَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا عَلَى قِسْمَيْنِ كَالسَّابِقِ فَإِذَا وَهَبَ الْبَائِعُ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ. أَوْ حَطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي حَطَّهُ عَنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. طَحْطَاوِيٌّ. بَحْرٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 26) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَطَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى كَمَا يَجُوزُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ فِيهِ يَجُوزُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ فِيهِ. (الْخُلَاصَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 257) زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 257) زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَتَنْزِيلُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَعْنِي يَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَا حَصَلَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ (زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 254 (وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 255 (وَتَنْزِيلُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 256 أَيْ أَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَوَادِّ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ وَالْحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ أَرْبَعَةٌ: - الِاسْتِنَادُ وَالِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالتَّبْيِينُ. الِاسْتِنَادُ - ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ بِاسْتِنَادِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالِاسْتِنَادُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ اللَّذَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا مِثَالُ ذَلِكَ الْغَاصِبُ الَّذِي غَصَبَ مَالًا قَبْلَ شَهْرٍ فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِذَا ضَمِنَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي يَوْمٍ كَانَ مَالِكًا لِلْمَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَكِنْ حُكْمُ هَذِهِ الْمِلْكِيَّةِ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَاءِ أَيْ إلَى يَوْمِ الْغَصْبِ وَاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ بِمَنْزِلَةِ مُسْتَهْلِكٍ مَالَ نَفْسِهِ فَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. الِانْقِلَابُ - صَيْرُورَةُ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ عِلَّةٌ كَالتَّعْلِيقِ. مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِذِي دَيْنٍ إذَا حَضَرَ مَدِينُك فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَالِك عَلَيْهِ فَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ فِي الْحَالِ عِلَّةً وَسَبَبًا

لِثُبُوتِ الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ. الْكَفَالَةُ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِمَا كَفَلَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْمَدِينُ مِنْ السَّفَرِ ثَبَتَتْ الْكَفَالَةُ فَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ سَبَبًا وَعِلَّةً لِثُبُوتِ الْحُكْمِ قَدْ انْتَقَلَ فِيمَا بَعْدُ فَصَارَ سَبَبًا وَعِلَّةً وَأَصْبَحَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِالْمَكْفُولِ بِهِ. الِاقْتِصَارُ - ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ كَإِنْشَاءِ الْبَيْعِ. التَّبَيُّنُ - ظُهُورُ تَقَدُّمِ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ كَمَا إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِامْرَأَتِهِ إذَا كَانَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ فَأَنْتِ طَالِقَةٌ فَإِذَا تَبَيَّنَ فِي الْغَدِ أَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي دَارِهِ حِينَمَا صَدَرَ مِنْهُ الطَّلَاقُ فَالْمَرْأَةُ تَكُونُ طَالِقَةً مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ الَّذِي صَدَرَ فِيهِ الطَّلَاقُ وَيَكُونُ بَدْءُ عِدَّتِهَا ذَلِكَ الْحِينِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي كَأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ وَالْحَطَّ مِنْ الثَّمَنِ وَاقِعَتَانِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ ثَمَانِي بِطِّيخَاتٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ زَادَ بِطِّيخَتَيْنِ عَلَى الْمَبِيعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ ابْتِدَاءً عَلَى عَشْرِ بِطِّيخَاتٍ بِثَمَانِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ دَابَّةٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي مِائَتَيْ قِرْشٍ عَلَى الثَّمَنِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ يُعْتَبَرُ أَنَّ تِلْكَ الدَّابَّةَ بِيعَتْ ابْتِدَاءً بِأَلْفِ قِرْشٍ وَمِائَتَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ مَالٌ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَحَطَّ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ عِشْرِينَ يُعْتَبَرُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ بِيعَ ابْتِدَاءً بِثَمَانِينَ قِرْشًا وَالْتِحَاقُ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَظْهَرُ أَثَرُهَا فِي أَرْبَعَةِ أُمُورٍ: أَحَدُهَا: فِيمَا إذَا تَلِفَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهَا تُسْقِطُ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّمَنِ. وَالثَّانِي: فِيمَا إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِي الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (135) . الثَّالِثُ: الشُّفْعَةُ. الرَّابِعُ: فَسَادُ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (258) وَالْتِحَاقُ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَالْحَطِّ مِنْهُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِي سَبْعَةِ أُمُورٍ: - التَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُهُ وَفَسَادُ الْعَقْدِ. التَّوْلِيَةُ وَالْمُرَابَحَةُ - الْمُشْتَرِي يَتَوَلَّى وَيُرَابِحُ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ فِي مَجْمُوعِ الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ وَفِي الْمَحْطُوطِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَاقِيهِ الشُّفْعَةُ - إذَا حَطَّ مِنْ الثَّمَنِ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ بِبَاقِي الثَّمَنِ كَمَا اتَّضَحَ ذَلِكَ (فِي الْمَادَّةِ 260) الِاسْتِحْقَاقُ - سَيَجِيءُ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَادَّةِ (259) هَلَاكُ الْمَبِيعِ - سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (258) . حَبْسُ الْمَبِيعِ - إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ حَتَّى يَقْبِضَ أَصْلَ الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 278) . فَسَادُ الْعَقْدِ - إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ شَيْئًا غَيْرَ صَالِحٍ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فَقَبِلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ

(المادة 258) ما زاده البائع في المبيع بعد العقد

فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي جَاءَتْ آنِفًا أَنَّ أَحْكَامَ الْمَوَادِّ (258 و 259 و 0 26) مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْتِحَاقُ الْحَطِّ مِنْ الثَّمَنِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَلَّا يَكُونَ الْحَطُّ مِنْ الْوَكِيلِ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ عَقَارًا بِأَلْفِ قِرْشٍ ثُمَّ حَطَّ بَعْدَ الْعَقْدِ مِائَةً مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ يَضْمَنُ مَا حَطَّهُ لِمُوَكِّلِهِ وَإِذَا ظَهَرَ لِهَذَا الْعَقَارِ شَفِيعٌ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَيْ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَالثَّانِي أَلَّا يَكُونَ الْمَحْطُوطُ مِنْ الثَّمَنِ تَابِعًا وَلَا وَصْفًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (0 26) فَإِنْ كَانَ الْمَحْطُوطُ مِنْ الثَّمَنِ تَابِعًا وَوَصْفًا لَا يَلْتَحِقُ الْحَطُّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اُشْتُرِيَ عَقَارٌ بِعَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ نَقْدِ قِرْشٍ مِنْ الْعُمْلَةِ الْخَالِصَةِ ثُمَّ قَبِلَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَشَرَةَ آلَافِ قِرْشٍ مِنْ الْعُمْلَةِ الْمَغْشُوشَةِ فَالْبَيْعُ بَاقٍ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ عَشَرَةُ آلَافِ قِرْشٍ مِنْ الْعُمْلَةِ الْخَالِصَةِ فَإِذَا ظَهَرَ شَفِيعٌ فِي الْمَبِيعِ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْعُمْلَةِ الْخَالِصَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْعُمْلَةِ الْمَغْشُوشَةِ وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ عَقَارٌ بِحِصَانٍ أَصِيلٍ صَحِيحٍ يُسَاوِي عَشَرَةَ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ أَصَابَ الْحِصَانَ عَيْبٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَنَزَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى ثَمَانِيَةِ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ أَنَّ الْبَائِعَ قَبَضَ الْحِصَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَبِلَهُ عَلَى عَيْبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ يُعْتَبَرُ مُقَابِلًا لِلْحِصَانِ وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْعَيْبِ فَإِذَا ظَهَرَ شَفِيعٌ لِذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَهُ أَخْذُ الْعَقَارِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْحِصَانِ وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ وَهُوَ مَعِيبٌ (بَزَّازِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 258) مَا زَادَهُ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 358) مَا زَادَهُ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْعَقْدِ يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مَثَلًا لَوْ بَاعَ ثَمَانِي بِطِّيخَاتٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ بَعْدَ الْعَقْدِ زَادَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ بِطِّيخَتَيْنِ فَصَارَتْ عَشْرَةً وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَ عَشْرَ بِطِّيخَاتٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْبِطِّيخَتَانِ الْمَزِيدَتَانِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَ تَنْزِيلُ ثَمَنِهَا قِرْشَيْنِ مِنْ أَصْلِ ثَمَنِ الْبِطِّيخِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ حِينَئِذٍ مِنْ الْمُشْتَرِي سِوَى ثَمَنِ ثَمَانِي بِطِّيخَاتٍ كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مِنْ أَرْضِهِ أَلْفَ ذِرَاعٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ بَعْدَ الْعَقْدِ زَادَ الْبَائِعُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ فَتَمَلَّكَ رَجُلٌ الْأَرْضَ الْمَبِيعَةَ بِالشُّفْعَةِ كَانَ لِهَذَا الشَّفِيعِ أَخْذُ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَمِائَةِ الذِّرَاعِ الْمَبِيعَةِ وَالْمَزِيدَةِ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ. إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ الْمَارَّةِ آنِفًا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى تَلَفُ الْمَبِيعِ يَعْنِي إذَا تَلِفَ مَا زِيدَ عَلَى الْمَبِيعِ كَانَ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيَكُونُ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الزِّيَادَةِ فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَالزِّيَادَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ لَا تَلْتَحِقُ (زَيْلَعِيٌّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَأَمَّا حَطُّ قِرْشَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْبِطِّيخَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ فَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَشْرُ الْبِطِّيخَاتِ مُسَاوِيًا

(المادة 259) إذا زاد المشتري في ثمن شيئا

بَعْضُهَا لِبَعْضٍ فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ بِطِّيخَةٍ مِنْهَا بِقِرْشٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَفَاوِتَةَ الْقِيمَةِ فَمَا يَجِبُ تَنْزِيلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْبِطِّيخَتَيْنِ يَتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَتِهِ حَسَبَ الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ 177. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الشُّفْعَةُ وَقَدْ جَاءَ مِثَالُهَا فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ إنْسَانٌ ثَمَانِي بِطِّيخَاتٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَيَزِيدُ الْبَائِعُ عَلَيْهَا بِطِّيخَتَيْنِ ثُمَّ يَجِدُ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْبِطِّيخَاتِ عَيْبًا قَدِيمًا فَيَجْرِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1 35) وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبِطِّيخَاتِ جَمِيعَهَا وَأَنْ يَقْبَلَهَا جَمِيعَهَا بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ إذَا كَانَ ظُهُورُ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ مِنْ الْبِطِّيخِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ الْمَعِيبُ مَا زِيدَ عَلَى أَصْلِ الْمَعِيبِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فَسَادُ الْعَقْدِ وَذَلِكَ إذَا زَادَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَبِيعِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. [ (الْمَادَّةُ 259) إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ شَيْئًا] (الْمَادَّةُ 259) إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ شَيْئًا كَانَ مَجْمُوعُ الثَّمَنِ مَعَ الزِّيَادَةِ مُقَابِلًا لِجَمِيعِ الْمَبِيعِ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى عَقَارًا بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ فَزَادَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الثَّمَنِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَقَبِلَ الْبَائِعُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ كَانَ ثَمَنُ ذَلِكَ الْعَقَارِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَقَارِ فَأَثْبَتَهُ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ وَتَسَلَّمَهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ أَمَّا لَوْ ظَهَرَ شَفِيعٌ لِذَلِكَ الْعَقَارِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَكَوْنَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي صَدَرَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ ذَلِكَ الشَّفِيعِ فَلِذَا لَا تَلْزَمُهُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بَلْ يَأْخُذُ الْعَقَارَ بِعَشَرَةِ آلَافِ الْقِرْشِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الثَّمَنِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِخَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ الَّتِي زَادَهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ هَذَا وَيَنْطَبِقُ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ 255 وَالْمَادَّةِ 257 وَأَثَرُ هَذَا الِالْتِحَاقِ يَظْهَرُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَحَبْسِ الْمَبِيعِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 255 لَا يُشْتَرَطُ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ وُجُودُ الْمَبِيعِ. وَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ الْمُبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَعَ تَوَفُّرِ شُرُوطِ الْإِجَازَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ 378 أَخَذَ عَشَرَةَ الْآلَافِ وَخَمْسَمِائَةِ الْقِرْشِ كَامِلَةً ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَلَا تُعَدُّ زِيَادَةُ خَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ فِي الْمَبِيعِ تَبَرُّعًا لِلْبَائِعِ يَجِبُ بَقَاؤُهَا بِيَدِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ كَمَا إذَا رَدَّهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الْعَيْبِ أَوْ الرُّؤْيَةِ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَشَرَةِ الْآلَافِ وَخَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ تَمَامِ الثَّمَنِ.

(المادة 260) إذا حط البائع من ثمن المبيع مقدارا

وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مُشْتَرٍ ذَلِكَ الْعَقَارَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ بِطَرِيقِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 278 حَتَّى يَقْبِضَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الثَّمَنِ. وَكَذَلِكَ إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى ثُمَّ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَيْهِ يَسْقُطُ عَنْهُ أَصْلُ الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ أَمَّا إذَا زَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَلَا تَلْتَحِقُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ أَنْ تَلْتَحِقَ الزِّيَادَةُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيَجِبَ حَسَبَ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَيْ بِأَصْلِ الثَّمَنِ وَالزِّيَادَةِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لِلسَّبَبِ الَّذِي يَأْتِي بَيَانُهُ جَعَلَتْ لِلشَّفِيعِ أَخْذَ الْمَشْفُوعِ بِأَصْلِ الثَّمَنِ فَقَطْ دُونَ الزِّيَادَةِ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا ظَهَرَ لِذَلِكَ الْعَقَارِ شَفِيعٌ فِيمَا أَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ الَّذِي سُمِّيَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَيْ بِعَشَرَةِ الْآلَافِ قِرْشٍ وَخَمْسِ الْمِائَةِ الَّتِي زِيدَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَاقِدَيْنِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الشَّفِيعَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ أَخْذِ الْمَشْفُوعِ بِعَشَرَةِ الْآلَافِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَحِقُّ لِلْعَاقِدَيْنِ أَنْ يُبْطِلَا حَقَّ الشَّفِيعِ فِي أَخْذِ الْمَشْفُوعِ بِالثَّمَنِ الْأَصْلِيِّ بِأَنْ يَزِيدَا فِي الثَّمَنِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ بِالْعَشَرَةِ الْآلَافِ الْقِرْشِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ الشَّفِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى (بَحْرٌ، دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) تَوْضِيحُ الْقُيُودِ - قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْ الشَّفِيعِ. يَعْنِي إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبِلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الشَّفِيعُ عَلَى الْبَائِعِ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لِلشَّفِيعِ بِالْمَشْفُوعِ وَحَكَمَ عَلَى الْبَائِعِ بِتَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ لَهُ يُنَبَّهُ عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ عَشَرَةَ آلَافِ قِرْشٍ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهُ بِخَمْسِ الْمِائَةِ الَّتِي زِيدَتْ وَلَكِنْ هَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الزِّيَادَةَ؟ وَالْجَوَابُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَدَاءَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ نُزِعَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَبْقَ فِي إمْكَانِهِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ طَلَبُ زِيَادَةِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي (شَارِحٌ) . وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِيمَا إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْبَائِعِ. وَإِذَا تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ مِنْ الْبَائِعِ وَقَبَضَهُ فَخَصْمُ الشَّفِيعِ هُوَ الْمُشْتَرِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ حُضُورُ الْبَائِعِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ إلَى الشَّفِيعِ يُنَبَّهُ عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَى الْمُشْتَرِي عَشَرَةَ آلَافِ قِرْشٍ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَرَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعَ خَمْسَ الْمِائَةِ الْقِرْشِ الزَّائِدَةِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِأَدَاءِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ هُوَ عَقْدُ الْبَيْعِ وَعَقْدُ الْبَيْعِ الَّذِي بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَاقٍ كَالْأَوَّلِ وَغَيْرُ مُنْفَسِخٍ وَعِبَارَةُ (فَإِذَا ظَهَرَ لِذَلِكَ الْعَقَارِ شَفِيعٌ) جَاءَتْ لِبَيَانِ قَيْدِ الْعَاقِدَيْنِ وَلِتَوْضِيحِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ [ (الْمَادَّةُ 260) إذَا حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِقْدَارًا] (الْمَادَّةُ 260) إذَا حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِقْدَارًا كَانَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ مُقَابِلًا لِلْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ التَّنْزِيلِ وَالْحَطِّ مَثَلًا لَوْ بِيعَ عَقَارٌ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ حَطَّ

(المادة 261) للبائع أن يحط جميع الثمن قبل القبض

الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ أَلْفَ قِرْشٍ كَانَ ذَلِكَ الْعِقَارُ مُقَابِلًا لِتِسْعَةِ آلَافِ الْقِرْشِ الْبَاقِيَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ شَفِيعٌ لِلْعَقَارِ الْمَذْكُورِ أَخَذَهُ بِتِسْعَةِ آلَافِ قِرْشٍ فَقَطْ. كَمَا تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (256) إذَا حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ وَهَبَ مِنْهُ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَإِنَّ الْحَطَّ وَالْهِبَةَ وَالْإِبْرَاءَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (257) تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُصْبِحُ تَمَامُ الْمَبِيعِ مُقَابِلًا لِبَاقِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (هِنْدِيَّةٌ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِنْ الْمَادَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْمَشْفُوعَ بِالْأَقَلِّ فِي الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ وَالْحَطِّ مِنْهُ فَلَوْ بِيعَ عَقَارٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَظَهَرَ لَهُ شَفِيعٌ وَأَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ أَعْطَى الْمُشْتَرِي أَلْفَ الْقِرْشِ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِائَةً مِنْ الثَّمَنِ فَلِلشَّفِيعِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَرِدَّ مِائَةَ قِرْشٍ مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) أَمَّا إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَهُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ الْهِبَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ عَقْدًا جَدِيدًا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَمِثْلُ هَذِهِ الْهِبَةِ لَا تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَلَا يَسْتَفِيدُ الشَّفِيعُ مِنْ هَذِهِ الْهِبَةِ (طَحْطَاوِيّ) وَكَذَلِكَ إذَا حَطَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (256) وَلَا يَسْتَفِيدُ الشَّفِيعُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِّ. [ (الْمَادَّةُ 261) لِلْبَائِعِ أَنْ يَحُطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 261) لِلْبَائِعِ أَنْ يَحُطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ لَا يَلْحَقُ هَذَا الْحَطُّ أَصْلَ الْعَقْدِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ عَقَارًا بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْعَقَارَ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِدُونِ ثَمَنٍ أَصْلًا. الْبَائِعُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَقَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَعْدَ قَبْضِهِ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُطَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَنْ يَهَبَهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَنْ يُبْرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَيُسْقِطَ الثَّمَنَ بِذَلِكَ وَلَا يَطْرَأَ خَلَلٌ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1562) . أَمَّا الْحَطُّ الَّذِي يَقَعُ قَبْلَ تَمَامِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَدْ وَهَبْتُك هَذِهِ الْمِائَةَ أَوْ أَبْرَأْتُك مِنْهَا فَيُجِيبُهُ الْمُشْتَرِي بِالْقَبُولِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي بَرِيئًا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ إيجَابِهِ فَالْإِبْرَاءُ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبُولِ إبْرَاءٌ قَبْلَ السَّبَبِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ) وَحَطُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ مَقْصِدَ الطَّرَفَيْنِ التِّجَارَةُ وَالْمُعَاوَضَةُ فَلَوْ الْتَحَقَ حَطُّ الْكُلِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لَانْقَلَبَ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ عَقْدَ هِبَةٍ وَتَبَرُّعٍ أَوْ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ فَيَكُونُ عَقْدًا فَاسِدًا لَكِنْ لَيْسَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ شُفْعَةٌ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَعَلَّهُ يَقْصِدُ مِنْ لَفْظِ " فَاسِدًا " بَاطِلًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 109) (شَارِحٌ) وَالْمِثَالُ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ مِثَالٌ لِلْحَطِّ قَبْلَ الْقَبْضِ.

الْحَطُّ وَالْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْقَبْضِ: إذَا حَطَّ الْبَائِعُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَهُ فَصَحِيحٌ وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ الْبَائِعِ مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا بِيعَ مَالٌ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَاسْتَوْفَى الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَامِلًا مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْتَرِي قَدْ حَطَطْت عَنْك مِائَةَ الْقِرْشِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ وَهَبْت لَك ذَلِكَ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ جَمِيعَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ثُمَّ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْ مَجْمُوعِ الثَّمَنِ فَلِذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: - الْأُولَى: أَنْ يُبْرِئَهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ سِلْعَةً بِمِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ كَامِلًا قَالَ لَهُ قَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةِ الْقِرْشِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ الْمِائَةَ الْقِرْشِ إلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 158 و 256) الثَّانِيَةُ: إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي إبْرَاءَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ حَقٌّ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ. الثَّالِثَةُ: إذَا أُطْلِقَ الْإِبْرَاءُ وَلَمْ يُبَيَّنْ أَيُّ إبْرَاءٍ هُوَ كَمَا إذَا قِيلَ أَبْرَأْتُك مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حُمِلَ هَذَا الْإِبْرَاءُ الْمُطْلَقُ عَلَى أَنَّهُ إبْرَاءُ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ أَقَلُّ مِنْ بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ فَالْإِطْلَاقُ فِي حُكْمِ النَّصِّ عَلَى تِلْكَ الْبَرَاءَةِ. قَدْ ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ لَفْظُ (وَاحِدَةً) قَيْدًا (لِحَطِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ دَفْعَةً) لِأَنَّ عَدَمَ الْتِحَاقِ الْحَطِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا حَطَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا إذَا حَطَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِكَلِمَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَالْحَطُّ الْأَخِيرُ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَلَكِنْ مَا قَبْلَهُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَلْفَ قِرْشٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ مِائَتَيْنِ مِنْ الْأَلْفِ بِالْكَلِمَةِ الْأُولَى وَحَطَّ ثَلَثَمِائَةٍ بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ بِالثَّالِثَةِ ثُمَّ ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ بِالرَّابِعَةِ فَالْحَطُّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْحَطِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِالْمَادَّةِ (260) . أَمَّا الْحَطُّ الرَّابِعُ فَلَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ هَذَا الْحَطَّ الْأَخِيرَ حَطٌّ لِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَالْحَطُّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَالرَّابِعُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّهِ وَلَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُ فَلِذَلِكَ يَأْخُذُ الْعَقَارَ بِثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الباب الخامس في بيان المسائل المتعلقة بالتسليم والتسلم وفيه ستة فصول

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَفِيهِ سِتَّةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِمَا] [ (الْمَادَّةُ 262) الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَيْعِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَكَيْفِيَّتِهِمَا (الْمَادَّةُ 262) الْقَبْضُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى تَمَّ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ أَوَّلًا ثُمَّ يُسَلِّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَيْهِ. يَعْنِي لَا يُشْتَرَطُ لِتَمَامِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْمُطْلَقِ قَبْضُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ وَالْبَائِعَ لِلثَّمَنِ بَلْ إنَّ الْبَيْعَ يُفِيدُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ وَالْبَائِعِ لِلثَّمَنِ فَلِذَلِكَ إذَا نَدِمَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِعِلَّةِ أَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يُقْبَضْ وَأَنَّ مَجْلِسَ الْبَيْعِ لَمْ يَنْقَضِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) إلَّا أَنَّ لُزُومَ الضَّمَانِ لِلْمُشْتَرِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 293 و 294) أَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ وَفِي السَّلَمِ قَبْضُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 378) إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ نِزَاعٌ فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ قَابِلًا لِلنَّقْضِ وَكَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا وَالثَّمَنُ مُعَجَّلًا وَلَا خِيَارَ فِي الْبَيْعِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ أَوَّلًا لِلْبَائِعِ أَوْ لِمَنْ يَأْمُرُ الْبَائِعُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ وَكَانَ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ لِمَنْ يَأْمُرُ الْمُشْتَرِي بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا مُجْبَرًا بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ 204 يَتَعَيَّنُ الْمَبِيعُ بِالتَّعْيِينِ وَيَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ فَبِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْبَيْعِ يَتَعَيَّنُ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (243) لَا يَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ بِالتَّعْيِينِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِهِ فَلِذَلِكَ وَتَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ يَجِبُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (يُسَلِّمُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي) أَنَّ الْبَائِعَ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى زَوْجِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ إلَى شَخْصٍ آخَرَ بِمَرْأَى مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَبُو الصَّغِيرِ مَالًا لِوَلَدِهِ مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْأَبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461) أَمَّا إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى شَخْصٍ أَمَرَ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَقَدْ حَصَلَ الْقَبْضُ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي نَفْسِهِ فَإِذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 253) .

بِمَا. أَنَّهُ يَجِبُ أَوَّلًا إعْطَاءُ الثَّمَنِ فَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا عَلَى شَرْطٍ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 189) . الْمَسَائِلُ الَّتِي لَا يَلْزَمُ فِيهَا تَسْلِيمُ الثَّمَنِ قَبْلُ هِيَ: أَوَّلًا - بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ 379. ثَانِيًا - بَيْعُ الصَّرْفِ يَجِبُ فِيهِ أَدَاءُ الْبَدَلَيْنِ مَعًا لِأَنَّ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فِيهِ تَسَاوِيًا فَلَا يَجِبُ تَقْدِيمُ تَسْلِيمِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ. ثَالِثًا - بَيْعُ الْمَنْقُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَتَّى يُحْضِرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ. رَابِعًا - إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ مُقَدَّمًا حَسَبَ الْمَادَّةِ 283 (هِنْدِيَّةٌ. أَبُو السُّعُودِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. طَحْطَاوِيٌّ) خَامِسًا - إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ. فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُ الثَّمَنِ قَبْلَ سُقُوطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) . سَادِسًا - إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ أَوْ حَطَّ الثَّمَنِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَلْ يَجِبُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 337 أَنْ يَتَقَاضَيَا فَإِذَا ظَهَرَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَجَبَ رَدُّهُ وَإِذَا ظَهَرَ مَا يُوجِبُ بَقَاءَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ. سَابِعًا - إذَا بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ الْمَأْجُورَةَ وَوَافَقَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ فَسْخِ الْبَيْعِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى تَسْلِيمِ الدَّارِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ الدَّارَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا إلَى الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (أَنْوَاعُ الْقَبْضِ وَقِيَامُ أَحَدِهِمَا مَقَامَ الْآخَرِ) . الْقَبْضُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَبْضُ مَضْمُونٍ. الثَّانِي: قَبْضُ أَمَانَةٍ. إذَا كَانَ الْقَبْضَانِ مُتَجَانِسَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا قَبْضَ مَضْمُونٍ أَوْ قَبْضَ أَمَانَةٍ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يَقُومُ مَقَامَ الْآخَرِ أَمَّا إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَا يَقُومُ قَبْضُ الْأَمَانَةِ مَقَامَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّ فِي الْأَعْلَى مِثْلَ الْأَدْنَى وَزِيَادَةً بِخِلَافِ الْأَدْنَى. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ شَخْصٌ مَالًا بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ فَالْقَبْضُ الَّذِي ضِمْنَ الْغَصْبِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَقُومُ مَقَامَ الَّذِي يَكُونُ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ أَمَّا إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ آخَرُ مَالًا أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ ثُمَّ ابْتَاعَهُ مِنْهُ احْتَاجَ ذَلِكَ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ وَلَا يَقُومُ قَبْضُهُ بِطَرِيقٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الْقَبْضُ الَّذِي يَلْزَمُ بِالْبَيْعِ حَتَّى إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ الْوَدِيعَةَ الَّتِي فِي بَيْتِهِ مِنْ مُودِعِهَا ثُمَّ عَادَ إلَى بَيْتِهِ فَوَجَدَهَا قَدْ هَلَكَتْ كَانَ الْهَلَاكُ عَلَى الْمُودِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) . أَمَّا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ الْوَدِيعَةَ الَّتِي فِي

(المادة 263) تسليم المبيع يحصل بالتخلية

يَدِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ لَيْسَتْ حَاضِرَةً غَيْرَ أَنَّ الْمُشْتَرِي قَادِرٌ عَلَى قَبْضِهَا وَتَسَلُّمِهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ عُدَّ الْمُشْتَرِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَابِضًا وَلَا يُعَدُّ كَذَلِكَ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى إنَّهُ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ يَدُ الْمُشْتَرِي إلَى الْمَبِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ الِاسْتِيدَاعِ ثُمَّ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 278) (هِنْدِيَّةٌ. زَيْلَعِيٌّ) . [ (الْمَادَّةُ 263) تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ يَحْصُلُ بِالتَّخْلِيَةِ] (الْمَادَّةُ 263) تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ يَحْصُلُ بِالتَّخْلِيَةِ وَهُوَ أَنْ يَأْذَنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ إذَا أَذِنَ الْبَائِعُ. لِلْمُشْتَرِي بِتَسَلُّمِ الْمَبِيعِ الَّذِي يَكُونُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا وَمُفْرَزًا ثَانِيًا وَغَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ الْغَيْرِ ثَالِثًا أَيْ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مَانِعٌ وَلَا حَائِلٌ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَذِنَ لَهُ بِالتَّسَلُّمِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ لِأَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ جَهْدِ الْبَائِعِ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالْقَبْضُ بِالْفِعْلِ عَائِدٌ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ فِي طَاقَةِ الْبَائِعِ فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ شَخْصٌ بَغْلَتَهُ الَّتِي فِي دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَكَانَتْ الْبَغْلَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ قَبْضَ الْبَغْلَةِ وَتَسَلُّمَهَا بِلَا مَانِعٍ وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْبَغْلَةِ فَتَسَلَّمْهَا فَبِذَلِكَ يَتِمُّ التَّسْلِيمُ حَتَّى إذَا لَمْ يَتَسَلَّمْهَا الْمُشْتَرِي حِينَ ذَاكَ وَتَرَكَهَا لِلْغَيْرِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهَا فَهَلَكَتْ فِي دَارِ الْبَائِعِ، بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَيَكُونُ هَلَاكُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 295) أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالتَّخْلِيَةُ فِي دَارِ الْبَائِعِ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ (وَاقِعَاتٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا وَأَمَرَهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ سَرَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ قَرِيبًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ قَبْضَهُ بِدُونِ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ حِينَمَا أُمِرَ بِقَبْضِهِ تَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ قَبْضَ الْمَبِيعِ بِلَا قِيَامٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ (خُلَاصَةٌ) أَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ وَإِلَّا فَتَسْلِيمُ أَحَدِ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ أَوْ أَحَدِ زَوْجَيْ النَّعْلِ مِمَّا يَكُونُ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَلَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا لِلْآخَرِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ بَابًا ذَا شَطْرَيْنِ أَوْ حِذَاءً فَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ شَطْرَيْ الْبَابِ أَوْ أَحَدَ زَوْجَيْ الْحِذَاءِ وَتَلِفَ الشَّطْرُ الْآخَرُ مِنْ الْبَابِ أَوْ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْ الْحِذَاءِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَتَلَفُهُ عَلَى الْبَائِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (293) فَلَمْ يَكُنْ قَبْضُ أَحَدِهِمَا قَبْضًا لِلْآخَرِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَقْبُوضَ أَوْ يَأْخُذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَيُرَى فِي الْخِيَارِ أَنَّهُمَا جُعِلَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ فَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَبْضًا لِلْآخَرِ حُكْمًا فَإِذَا تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَحْبِسْهُ أَوْ يَمْنَعْهُ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) وَسَيَجِيءُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 276. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) . قَدْ قِيلَ (بَعْدَ الْبَيْعِ) لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَالَ بِعْت هَذَا الْمَتَاعَ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمْته وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ الْوَارِدِ فِي الْإِيجَابِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ التَّسْلِيمُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَعِبَارَةُ (الْمَبِيعِ) فِي الْمَادَّةِ تُفِيدُ هَذَا الْقَيْدَ أَيْ قَيْدَ (بَعْدَ الْبَيْعِ) لِأَنَّ صَيْرُورَةَ الشَّيْءِ مَبِيعًا حَقِيقَةً بَعْدَ تَعَلُّقِ عَقْدِ الْبَيْعِ بِهِ وَيُفْهَمُ

(المادة 264) متى حصل تسليم المبيع صار المشتري قابضا له

مِنْ عِبَارَةِ. (بِلَا مَانِعٍ) أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْغَيْرِ يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ تَسْلِيمِهِ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (267 و 268) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا وَكَانَ فِيهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ مَزْرَعَةٌ وَكَانَ فِيهَا زَرْعُ الْبَائِعِ فَاشْتِغَالُ الْمَبِيعِ بِذَلِكَ مَانِعٌ لِلتَّسْلِيمِ فَلِذَلِكَ صَدَرَ إذْنُ الْبَائِعِ بِالتَّسَلُّمِ وَقَبْضِهِ وَالْمَبِيعُ مَشْغُولٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ تَسْلِيمٌ لَكِنْ إذَا أَوْدَعَ الْبَائِعُ مَا فِي دَارِهِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ الْمُشْتَرَاةِ ثُمَّ سَلَّمَ الدَّارَ فَالتَّسْلِيمُ صَحِيحٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ) . وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ مِمَّنْ يُسَاكِنُهُ فِيهَا فَإِذَا لَمْ يُخَلِّ الدَّارَ وَيَخْرُجْ مِنْهَا فَلَا يُعَدُّ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَإِذَا بَاعَ الْأَبُ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا أَوْ الَّتِي فِيهَا عِيَالُهُ وَأَمْتِعَتَهُ أَوْ ثِيَابَهُ الَّتِي يَلْبَسُهَا أَوْ دَابَّتَهُ الَّتِي يَرْكَبُهَا أَوْ الَّتِي تَحْمِلُ أَمْتِعَتَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ مَا لَمْ يُخَلِّ الدَّارَ وَيَنْزِعْ الثِّيَابَ وَيَضَعْ الْحِمْلَ عَنْ الدَّابَّةِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ الْأَبُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ الَّتِي بَاعَهَا فَاحْتَرَقَتْ أَوْ انْهَدَمَتْ فَإِنَّهَا تَهْلِكُ مِنْ مَالِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَاغِلًا لِحَقِّ الْغَيْرِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ التَّسْلِيمِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ 275 وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ حِنْطَةً فِي عِدْلِ الْبَائِعِ عَلَى أَيٍّ شَاغِلًا حَقَّ الْغَيْرِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَمَرًا عَلَى الشَّجَرِ فَإِذَا سَلَّمَهُ الْبَائِعُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ إلَى الْمُشْتَرِي فَالتَّسْلِيمُ صَحِيحٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الثَّمَرَ شَاغِلٌ لِلشَّجَرِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ الصُّوفَ الَّذِي فِي الْفِرَاشِ وَسَلَّمَهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ الصُّوفَ بِدُونِ تَمْزِيقِ الْفِرَاشِ وَإِتْلَافِ الْخِيَاطَةِ يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ شَاغِلٌ لَا مَشْغُولٌ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِهِ (هِنْدِيَّةٌ) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ خَلًّا فِي زِقٍّ فَخَتَمَ الْمُشْتَرِي بَابَ الزِّقِّ فَذَلِكَ قَبْضٌ لِلْمَبِيعِ (خُلَاصَةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 264) مَتَى حَصَلَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُ] (الْمَادَّةُ 264) مَتَى حَصَلَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ صَارَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لَهُ إذَا تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَسَبَ الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَالْمَوَادِّ التَّالِيَةِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ شَرْعًا. وَلَا يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ الْقَبْضِ الشَّرْعِيِّ عَلَى قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ مَعْنَى لَفْظِ الْقَبْضِ لُغَةً فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِهِ الْمَبِيعَ فَلَا يُعَدُّ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 5771) فَمَثَلًا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَزْرَعَةِ الْمَشْغُولَةِ بِزَرْعِ الْبَائِعِ فَبِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَا يُعَدُّ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ) . وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ فِي الْآسَتَانَةِ دَارِهِ الَّتِي فِي أَدَرِنَةَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْتهَا إلَيْك فَيَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ إنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَطَرِيقُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ الَّذِي يَكُونُ بَعِيدًا عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (270) (رَدُّ الْمُحْتَارِ. بَزَّازِيَّةٌ) [ (الْمَادَّةُ 265) تَخْتَلِفُ كَيْفِيَّةُ التَّسْلِيمِ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ]

(المادة 266) المشتري إذا كان في العرصة أو الأرض المبيعة أو كان يراهما من طرفهما

سَيَتَّضِحُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ لَهَا. [ (الْمَادَّةُ 266) الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ فِي الْعَرْصَة أَوْ الْأَرْض الْمَبِيعَة أَوْ كَانَ يَرَاهُمَا مِنْ طَرَفهمَا] (الْمَادَّةُ 266) الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ فِي الْعَرْصَةِ أَوْ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ أَوْ كَانَ يَرَاهُمَا مِنْ طَرَفِهِمَا يَكُونُ إذْنُ الْبَائِعِ لَهُ بِالْقَبْضِ تَسْلِيمًا. وَيَكْفِي ذَلِكَ فِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ خَارِجَ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِ بَابِهِ وَإِقْفَالِهِ فِي الْحَالِ يُعَدُّ قَرِيبًا وَإِلَّا فَهُوَ بَعِيدٌ (بَزَّازِيَّةٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 270) وَإِذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ وَالْأَرْضُ لَيْسَتْ قَرِيبَةً بِهَذَا الْقَدْرِ فَإِذْنُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا (خُلَاصَةٌ) . لِأَنَّ قِيَامَ الْإِذْنِ مَقَامَ الْقَبْضِ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَبْضُ مُمَكَّنًا فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ لِبُعْدِ الْمَبِيعِ فَالْإِذْنُ بِالْقَبْضِ لَيْسَ قَبْضًا (وَاقِعَاتٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَاشْتِرَاطُ الْقُرْبِ مَذْهَبُ الصَّاحِبَيْنِ أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَعِنْدَهُ إنَّ إذْنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْعَرْصَةِ وَالْأَرْضِ تَسْلِيمٌ وَلَوْ كَانَا بِعِيدَيْنِ. وَالْمَبِيعُ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي سَيَكُونُ فِي بَلْدَةٍ لَا يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْكَافِي لِلْوُصُولِ إلَيْهِ حَيْثُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ 270 (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْعَرْصَةَ إذَا كَانَتَا قَرِيبَتَيْنِ يَتِمُّ تَسْلِيمُهُمَا بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ سَلَّمْت وَإِذَا كَانَتَا بَعِيدَتَيْنِ يَتِمُّ التَّسْلِيمُ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ سَلَّمْت وَمُضِيِّ وَقْتٍ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَبِيعِ وَيَدْخُلَهُ. [ (الْمَادَّةُ 267) إذَا بِيعَتْ أَرْضٌ مَشْغُولَةٌ بِالزَّرْعِ] (الْمَادَّةُ 267) إذَا بِيعَتْ أَرْضٌ مَشْغُولَةٌ بِالزَّرْعِ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى رَفْعِ الزَّرْعِ بِحَصَادِهِ أَوْ رَعْيِهِ وَتَسْلِيمُ الْأَرْضِ خَالِيَةً لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْأَرْضَ إذَا بِيعَتْ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْعَقْدِ دُخُولُ الزَّرْعِ فِي الْمَبِيعِ فَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ 223 لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الْبَيْعِ فَيَجِبُ تَخْلِيَةُ الْبَائِعِ لِلْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّرْعُ قَابِلًا لِلِانْتِفَاعِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَالْبَائِعُ مُجْبَرٌ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي فَارِغًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 263) وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ حَصَادِ الزَّرْعِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْبَائِعَ مُجْبَرٌ عَلَى تَخْلِيَةِ الْأَرْضِ حِينَ لُزُومِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ الْحَالَّ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَحِنْ الْوَقْتُ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فَوَالْحَالَةِ هَذِهِ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُبْقِيَ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُدْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا قَبِلَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 252 و 586) [ (الْمَادَّةُ 268) إذَا بِيعَتْ أَشْجَارٌ فَوْقَهَا ثِمَارٌ] (الْمَادَّةُ 268) إذَا بِيعَتْ أَشْجَارٌ فَوْقَهَا ثِمَارٌ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى جَزِّ الثِّمَارِ وَرَفْعِهَا وَتَسْلِيمِ الْأَشْجَارِ خَالِيَةً لِأَنَّ الثَّمَرَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَيَبْقَى الثَّمَرُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيَةُ الشَّجَرِ بِقَطْفِ الثَّمَرِ مِنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَرُ صَالِحًا لِلْأَكْلِ أَمْ لَا؛ ذَا قِيمَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي أَصْبَحَ مَالِكًا لِلشَّجَرِ فَأَصْبَحَ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَارِغًا. أَمَّا إذَا بِيعَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَرِ فَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ 233 يَدْخُلُ الثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ الشَّجَرِ مَعَ ثَمَرِهِ فَإِذَا بِيعَ شَجَرٌ

(المادة 269) إذا بيعت ثمار على أشجارها

عَلَيْهِ ثَمَرٌ غَيْرُ نَاضِجٍ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِإِيجَارِ الشَّجَرِ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَنْضَجَ الثَّمَرُ فَلَا يَصِحُّ الْإِيجَارُ وَإِذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِإِعَارَةِ الشَّجَرِ لِلْبَائِعِ جَازَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى تَخْلِيَةِ الْمَبِيعِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فِيهِ فَقَطْ وَلَا يَكُونُ مُجْبَرًا قَبْلَ ذَلِكَ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَزْرَعَتَهُ الْمَزْرُوعَةَ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَحِينَمَا يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ يَكُونُ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ إطْلَاقِ مَاشِيَتِهِ فِيهِ لِرَعْيِهِ لِتَخْلِيَةِ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى تَخْلِيَةِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 267 و 278) . (بَحْرٌ. مُنْلَا مِسْكِينٍ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 269) إذَا بِيعَتْ ثِمَارٌ عَلَى أَشْجَارِهَا] (الْمَادَّةُ 269) إذَا بِيعَتْ ثِمَارٌ عَلَى أَشْجَارِهَا يَكُونُ إذْنُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِجَزِّهَا تَسْلِيمًا لِأَنَّ مَئُونَةَ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاعُ جُزَافًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ 290 كَمَا أَنَّ كَوْنَ الْمَبِيعِ شَاغِلًا لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ حَسَبَ الْمَادَّةِ 263 حَتَّى إذَا أَذِنَ الْبَائِعُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ سَمَاوِيَّةٌ قَبْلَ قَطْفِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَرِ عَنْ الشَّجَرِ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 264 و 294،) . (بَزَّازِيَّةٌ) . لَكِنْ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْحِنْطَةَ وَهِيَ فِي سُنْبُلِهَا وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّسْلِيمُ بَلْ عَلَى الْبَائِعِ حَسْبَمَا وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 206 أَنْ يَحْصُدَ الْحِنْطَةَ وَأَنْ يَدْرُسَهَا وَيُسَلِّمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُشْتَرِي حِنْطَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 270) إذَا وُجِدَ الْمُشْتَرِي دَاخِل الْعَقَار وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ سَلَّمْته إلَيْك] (الْمَادَّةُ 270) : الْعَقَارُ الَّذِي لَهُ بَابٌ وَقُفْلٌ كَالدَّارِ وَالْكَرَمِ إذَا وُجِدَ الْمُشْتَرِي دَاخِلَهُ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ سَلَّمْته إلَيْك كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي خَارِجَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِ بَابِهِ وَإِقْفَالِهِ فِي الْحَالِ يَكُونُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي سَلَّمْتُك إيَّاهُ تَسْلِيمًا، أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ قَرِيبًا بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَإِذَا مَضَى وَقْتٌ يُمْكِنُ فِيهِ ذَهَابُ الْمُشْتَرِي إلَى ذَلِكَ الْعَقَارِ وَدُخُولُهُ فِيهِ يَكُونُ تَسْلِيمًا. وَكَذَلِكَ الْمَخْزَنُ وَالدُّكَّانُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ إغْلَاقُهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُقْفَلًا بِالْفِعْلِ وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ الْعَقَارُ الْمَذْكُورُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْغَيْرِ (فَتَاوَى فابري الْهِدَايَةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَيْسَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِي إقْفَالُهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ مَا لَمْ يَمْضِ وَقْتٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُشْتَرِي الْوُصُولُ وَدُخُولُ ذَلِكَ الْعَقَارِ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ فِي الْآسَتَانَةِ عَرْصَتَهُ أَوْ دَارِهِ الَّتِي فِي مَدِينَةِ أَدِرْنَهُ وَأَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ قَبْلَ أَنْ يَمُرَّ الْوَقْتُ الْكَافِي لِلْوُصُولِ إلَى مَدِينَةِ أَدِرْنَهُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ بِالْقَبْضِ صَحِيحًا وَلَا مُعْتَبَرًا (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .

(المادة 271) إعطاء مفتاح العقار الذي له قفل للمشتري يكون تسليما

وَإِذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ أَوْ خَرِبَتْ بِسَبَبٍ آخَرَ قَبْلَ مُرُورِ ذَلِكَ الْوَقْتِ يَجْرِي عَلَيْهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (293) . (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 264) ، إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اشْتِرَاطِ مُرُورِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الدُّخُولِ لَيْسَ الدُّخُولَ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّمَكُّنُ مِنْ الْقَبْضِ حَتَّى إذَا كَانَ غَاصِبٌ يَشْغَلُ الدَّارَ أَوْ أَمْتِعَةٌ لِلْبَائِعِ وَكَانَتْ الدَّارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ وُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ الْقَبْضِ فَمُرُورُ الْوَقْتِ الْكَافِي لِلْوُصُولِ وَالدُّخُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْقَبْضُ. [ (الْمَادَّةُ 271) إعْطَاءُ مِفْتَاحِ الْعَقَارِ الَّذِي لَهُ قُفْلٌ لِلْمُشْتَرِي يَكُونُ تَسْلِيمًا] لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَقَارِ الْمُقْفَلِ حَقِيقَةً حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ الْمُعْتَادُ إقْفَالُهُ فَعَلَى هَذَا إذَا بِيعَ عَقَارٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي مِفْتَاحَ بَابِ ذَلِكَ الْعَقَارِ الْخَارِجِيِّ الَّذِي يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ فَتْحِ الْبَابِ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا اسْتِعَانَةٍ وَأَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِهِ فَذَلِكَ تَسْلِيمٌ لِلْعَقَارِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمِفْتَاحُ الَّذِي سُلِّمَ إلَى الْمُشْتَرِي لَيْسَ مِفْتَاحَ الْبَابِ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ إلَى الْمَبِيعِ بَلْ مِفْتَاحُ بَابٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِفْتَاحُ الَّذِي سُلِّمَ هُوَ مِفْتَاحُ الْعَقَارِ يَكُونُ فِي وُسْعِ الْمُشْتَرِي اسْتِلَامُ الْمَبِيعِ وَقَبْضُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمِفْتَاحُ مِفْتَاحَ بَابٍ آخَرَ وَكَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِدُونِ التَّرْخِيصِ فِي الْقَبْضِ (هِنْدِيَّةٌ) كَمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي عَاجِزًا عَنْ فَتْحِ بَابِ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِذَلِكَ الْمِفْتَاحِ مِنْ غَيْرِ اسْتِعَانَةٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا (بَزَّازِيَّةٌ) إنَّ مِثْلَ هَذَا الْعَقَارِ إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُقْفِلَهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ 270 فَتَسْلِيمُ مِفْتَاحِ ذَلِكَ الْعَقَارِ. تَسْلِيمٌ لِلدَّارِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ لَيْسَ قَرِيبًا بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَمُجَرَّدُ تَسْلِيمِ الْعَقَارِ لَا يَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْقَبْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ الْكَافِي لِوُصُولِ الْمُشْتَرِي إلَى الْمَبِيعِ وَدُخُولِهِ. [ (الْمَادَّةُ 272) الْحَيَوَانُ يُمْسَكُ بِرَأْسِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ رَسَنِهِ الَّذِي فِي رَأْسِهِ فَيُسَلَّمُ] (الْمَادَّةُ 272) الْحَيَوَانُ يُمْسَكُ بِرَأْسِهِ أَوْ أُذُنِهِ أَوْ رَسَنِهِ الَّذِي فِي رَأْسِهِ فَيُسَلَّمُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ فِي مَحَلٍّ بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِهِ بِدُونِ كُلْفَةٍ فَأَرَاهُ الْبَائِعُ إيَّاهُ وَأَذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ كَانَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا أَيْضًا (خُلَاصَتُهُ) وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ: 1 - إذَا بَاعَ شَخْصٌ دَابَّتَهُ الَّتِي فِي الْمَرْعَى وَقَالَ إلَى الْمُشْتَرِي اذْهَبْ وَاقْبِضْهُ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ فِي مَحَلٍّ قَرِيبٍ يُشَارُ إلَيْهِ وَكَانَ مَنْظُورًا وَالْمُشْتَرِي قَادِرًا عَلَى قَبْضِهَا بِلَا اسْتِعَانَةٍ فَهُوَ تَسْلِيمٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ حِصَانًا فِي إصْطَبْلٍ أَوْ طَائِرًا فِي قَفَصٍ وَأَذِنَ الْبَائِعُ لَهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَفَتَحَ الْمُشْتَرِي الْإِصْطَبْلَ فَفَرَّ الْحِصَانُ أَوْ الْقَفَصَ فَأَفْلَتَ الطَّائِرُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَادِرًا عَلَى

(المادة 273) كيل المكيلات ووزن الموزونات بأمر المشتري يكون تسليما

قَبْضِهِ بِلَا اسْتِعَانَةٍ يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ وَإِذَا ضَاعَ الْحِصَانُ أَوْ الطَّائِرُ فَضَيَاعُهُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَخَسَارَتُهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْتَحْ الْمُشْتَرِي الْبَابَ بَلْ فُتِحَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَفَرَّ الْحِصَانُ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ 293 (بَزَّازِيَّةٌ) . 3 - إذَا كَانَ رَسَنُ الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَمَرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الدَّابَّةِ فَأَمْسَكَ الْمُشْتَرِي بِالرَّسَنِ وَفَرَّ الْحِصَانُ حِينَئِذٍ مِنْ يَدِ الِاثْنَيْنِ يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَيَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (429) وَإِنَّمَا قِيلَ (بِلَا كُلْفَةٍ) لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فِي مَحَلٍّ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَهُ إلَّا بِكُلْفَةٍ أَوْ مَعُونَةٍ وَرَأَّى الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا لَكِنْ إذَا تَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَقِيقَةً يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ الدَّابَّةَ فِي الْمَرْعَى وَكَانَ قَبْضُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعُونَةِ آخَرِينَ وَعَلَى وُجُودِ حَبْلٍ وَرَسَنٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَكَانَ كُلُّ ذَلِكَ مُتَوَفِّرًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِمْ مُسْتَعِدُّونَ لِمَعُونَتِهِ فِي الْقَبْضِ فَإِذَا أَرَى الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْقَبْضِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا فَلَا [ (الْمَادَّةُ 273) كَيْلُ الْمَكِيلَاتِ وَوَزْنُ الْمَوْزُونَاتِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ تَسْلِيمًا] (الْمَادَّةُ 273) كَيْلُ الْمَكِيلَاتِ وَوَزْنُ الْمَوْزُونَاتِ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَوَضْعُهَا فِي الظَّرْفِ الَّذِي هَيَّأَهُ لَهَا يَكُونُ تَسْلِيمًا. 1 - وَلَوْ كَانَ كَيْلُ الْبَائِعِ أَوْ وَزْنُهُ لِلْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَوَضْعُهَا فِي الْإِنَاءِ فِي دُكَّانِهِ أَوْ دَارِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي أَصْبَحَ مَالِكًا لِتِلْكَ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ بِالشِّرَاءِ فَأَمْرُهُ يَكُونُ مُضَافًا إلَى مِلْكِهِ وَصَحِيحًا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَكُونُ وَكِيلًا قَصْدًا لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا ضِمْنًا وَتَبَعًا لِلظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ وَهَذَا الْمِثَالُ هُوَ لِلْقَبْضِ تَبَعًا وَضِمْنًا وَالْقَبْضُ تَارَةً يَكُونُ كَذَلِكَ وَتَارَةً يَكُونُ حُكْمًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَيْضًا الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: 2 - إذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَنْ يَطْحَنَ لَهُ الْحِنْطَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا فَطَحَنَهَا الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ إلَّا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّقِيقَ بَعْدَ الطَّحْنِ إلَى الْمُشْتَرِي فَتَلِفَ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 229) (3) إذَا اسْتَعْمَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي فِي مَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 54) (4) إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعَابَ أَحَدَ الْمَبِيعَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ وَزَوْجَيْ الْحِذَاءِ أَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِإِتْلَافِهِ أَوْ عَيْبِهِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَلَمَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ (5) إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي مَا قَبَضَهُ أَوْ عَابَهُ يَكُونُ قَدْ قَبَضَ الشَّيْءَ الْآخَرَ حَتَّى إذَا تَلِفَ الْآخَرُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَعُودُ خُسْرَانُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ إلَى الْمُشْتَرِي حِينَ طَلَبِهِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ خَسَارَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: - إنَّ سَبَبَ إسْنَادِ الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إذَا وُزِنَ الْمَبِيعُ أَوْ كِيلَ

بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَوُضِعَ فِي. الظَّرْفِ الَّذِي هَيَّأَهُ الْبَائِعُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَسْلِيمًا كَمَا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَتَوْكِيلِهِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا وَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَسْلِيمٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) وَقُيِّدَتْ (الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ) بِقَيْدٍ (مُعَيَّنَةٍ) ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالشِّرَاءُ لَيْسَ صَحِيحًا وَيَكُونُ كَيْلُ الْمَكِيلِ أَوْ وَزْنُ الْمَوْزُونِ الَّذِي لَيْسَ مُعَيَّنًا وَوَضْعُهُ فِي الْإِنَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَمْ فِي غِيَابِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13) إلَّا أَنَّهُ إذَا وَزَنَ الْبَائِعُ الْمَوْزُونَ أَوْ كَانَ الْمَكِيلُ الَّذِي لَيْسَ مُعَيَّنًا وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَيْهِ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعُ تَعَاطٍ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 175 وَمَتْنَهَا) لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عِبَارَةِ (الظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ الَّذِي هَيَّأَهُ الْمُشْتَرِي) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ وَالْإِنَاءُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اسْتَعَارَ الظَّرْفَ مِنْ الْبَائِعِ وَأَمَرَ الْبَائِعَ بِكَيْلِ الْمَكِيلِ أَوْ وَزْنِ الْمَوْزُونِ وَوَضْعِهِ فِي الْإِنَاءِ وَعَمِلَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الظَّرْفُ الْمَذْكُورُ مُعَيَّنًا حِينَ الِاسْتِعَارَةِ فَمُقْتَضَى الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ إنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ لِلْمَبِيعِ أَمَّا إذَا كَانَ الظَّرْفُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي كَانَ حَاضِرًا حِينَمَا كَالَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ وَزَنَهُ وَوَضَعَهُ فِي الظَّرْفِ فَكَذَلِكَ يُعَدُّ قَبْضًا وَلَكِنْ إذَا كَانَ الظَّرْفُ أَوْ الْإِنَاءُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَالْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْ الْوَزْنِ وَالْكَيْلِ وَالْوَضْعِ فِي الظَّرْفِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 181) . التَّفْصِيلَاتُ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ انْكِسَارِ الْإِنَاءِ: - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ زَيْتًا مُعَيَّنَةً وَأَعْطَى الْبَائِعَ إنَاءً وَأَمَرَهُ بِزِنَةِ الْمَبِيعِ وَوَضْعِهِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ. فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ وَسَالَ الزَّيْتُ وَلَمْ يَطَّلِعْ الطَّرَفَانِ عَلَى ذَلِكَ وَوَزَنَ الْبَائِعُ الْبَاقِي وَوَضَعَهُ أَيْضًا فِي الْإِنَاءِ يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ فِيمَا وُضِعَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ كَسْرِهِ وَالْخَسَارَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 429 عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ فِي الزَّيْتِ الَّذِي وُضِعَ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ كَسْرِهِ وَيَعُودُ الْخُسْرَانُ فِيهِ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ 293 عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا مَا وُضِعَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ كَسْرِهِ وَاعْتُبِرَ أَنَّهُ سُلِّمَ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْإِنَاءِ وَاخْتَلَطَ فِي الزَّيْتِ الَّذِي وُضِعَ فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ انْكِسَارِهِ وَاعْتُبِرَ أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ الْإِنَاءَ فَمَا وُضِعَ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ الِانْكِسَارِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْبَائِعُ يَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِخَلْطِهِ زَيْتَهُ بِزَيْتِ الْمُشْتَرِي يُعَدُّ غَاصِبًا لِزَيْتِ الْمُشْتَرِي وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (891) أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ذَلِكَ الْإِنَاءَ بَلْ أَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ وَكَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَعُودُ الْخُسْرَانُ فِي الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ الْإِنَاءُ الَّذِي سَلَّمَهُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي لِوَضْعِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فِيهِ مَكْسُورًا وَغَيْرَ صَالِحٍ لِلْحِفْظِ وَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَالْمُشْتَرِي جَاهِلًا لَهُ وَوَضَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي الْإِنَاءِ فَسَالَ فَخَسَارَتُهُ تَعُودُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ يَجْهَلُ مَا فِي الْإِنَاءِ مِنْ الْكَسْرِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ أَوْ كَانَ الطَّرَفَانِ يَعْلَمَانِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ الْخُسْرَانُ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنَاءُ سَلِيمًا لِلْقَبْضِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا سَلَّمَ إلَى الْبَائِعِ إنَاءً بَعْدَ شِرَائِهِ الْمَالَ وَأَمَرَهُ بِوَضْعِ الْمَالِ فِي الْإِنَاءِ وَوَزْنِهِ فَوَضَعَهُ الْبَائِعُ لِذَلِكَ الْغَرَضِ فَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ وَتَلِفَ الْمَالُ الَّذِي فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَزْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ وَضْعَ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي لِلْوَزْنِ لَا لِلتَّسْلِيمِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 2) لَكِنْ إذَا وَضَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي إنَائِهِ وَوَزَنَهُ ثُمَّ أَفْرَغَهُ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي فَانْكَسَرَ هَذَا الْإِنَاءُ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فَبِمَا أَنَّ الْقَبْضَ يَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي (بَزَّازِيَّةٌ) .

(المادة 274) تسليم العروض

وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَبْضِ حُكْمًا مَا يَأْتِي: (1) إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ قَبْضًا لَهُ (هِنْدِيَّةٌ) . (2) إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا لِمِقْدَارِ مَا اُسْتُهْلِكَ بِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ وَقَبْضًا لِلْبَاقِي بِعَيْبِهِ لَهُ حَتَّى إذَا تَلِفَ الْبَاقِي مِنْهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَادَتْ خَسَارَتُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 294 عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ الْبَاقِيَ فَامْتَنَعَ الْبَائِعُ عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْخَسَارَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِقْدَارَ مَا اسْتَهْلَكَهُ فَقَطْ (بَزَّازِيَّةٌ) . (3) إذَا تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَزَوْجِ النَّعْلِ فَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ عَابَهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ كُلِّهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ تَسْلِيمَ الْبَاقِي فِي يَدِهِ فَامْتَنَعَ الْبَائِعُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ الْبَاقِي فَمِنْ مَالِهِ (هِنْدِيَّةٌ) . (4) إذَا أَعَابَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَيْبًا يُورِثُ نُقْصَانًا فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا لِلْمَبِيعِ مَا لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَيْبِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَيَمْتَنِعُ الْبَائِعُ فَيَتْلَفُ فِي يَدِهِ فَإِنْ تَلِفَ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَضْمَنَ النَّقْصَ الَّذِي طَرَأَ عَلَى الْمَبِيعِ بِسَبَبِ عَيْبِهِ لَهُ (خُلَاصَةٌ) . (5) إذَا وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ أَجَّرَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى آخَرَ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعَارَ الْمَبِيعَ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بِدُونِ أَمْرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي أَجَازَ عَمَلَهُ هَذَا فَالْمُشْتَرِي يُعَدُّ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (6) إذَا أَوْصَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَطْرِحْ الْمَبِيعَ فِي الْمَاءِ فَعَمِلَ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَلِّمَ غَيْرَ الْمَبِيعِ الَّذِي أَصْبَحَ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِيهِ مُتَعَيَّنًا لَكِنْ إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَتَلِفَ الْمَبِيعُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (7) إذَا أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ فَقَامَ الْمُشْتَرِي بِتَضْمِينِ الْمُتْلِفِ يَكُونُ قَابِضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْبَدَلِ مِنْ الْمُتْلِفِ لِإِفْلَاسِهِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ (هِنْدِيَّةٌ) وَالْمَسَائِلُ الَّتِي لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُشْتَرِي قَابِضًا هِيَ: إذَا أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِشَيْءٍ لَا يُحْدِثُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ كَأَنْ يَأْمُرَ بِغَسْلِهِ فَعَمِلَ الْبَائِعُ بِأَمْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُعَدُّ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ (هِنْدِيَّةٌ) إذَا أَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ أَدَّى بَعْضَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَرَهَنَهُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِبَاقِي الثَّمَنِ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَابِضًا لِلْمَبِيعِ وَلَا يُلْزَمُ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ بِاسْتِئْجَارِهِ الْمَبِيعَ (خُلَاصَةٌ) كَمَا أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالْأُجْرَةُ تَعُودُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ الْبَائِعُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَخَسَارَتُهُ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 85) . [ (الْمَادَّةُ 274) تَسْلِيمُ الْعُرُوضِ] (الْمَادَّةُ 274) : تَسْلِيمُ الْعُرُوضِ يَكُونُ بِإِعْطَائِهَا لِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِوَضْعِهَا عِنْدَهُ أَوْ بِإِعْطَاءِ الْإِذْنِ لَهُ بِالْقَبْضِ بِإِرَاءَتِهَا لَهُ.

(المادة 275) الأشياء التي بيعت جملة وهي داخل صندوق أو ما شابهه

سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا فَالتَّسْلِيمُ يَتَحَقَّقُ بِالتَّعَامُلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعُرُوض لَيْسَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرٍ يَتَمَكَّنُ الْمُشْتَرِي بِهِ مِنْ قَبْضِهَا وَهُوَ جَالِسٌ دُونَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ بِذَلِكَ فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ شَخْصٌ ثَوْبًا مِنْ آخَرَ وَأَذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَأَخَذَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَضَاعَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ قَرِيبًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ قَبْضُهُ مِنْ دُونِ قِيَامٍ يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَالْخُسْرَانُ يَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا بِهَذَا الْقَدْرِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُهُ بِدُونِ قِيَامٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَيَعُودُ خُسْرَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ. [ (الْمَادَّةُ 275) الْأَشْيَاءُ الَّتِي بِيعَتْ جُمْلَةً وَهِيَ دَاخِلُ صُنْدُوقٍ أَوْ مَا شَابَهَهُ] (الْمَادَّةُ 275) الْأَشْيَاءُ الَّتِي بِيعَتْ جُمْلَةً وَهِيَ دَاخِلُ صُنْدُوقٍ أَوْ أَنْبَارٍ أَوْ مَا شَابَهَهُ مِنْ الْمَحِلَّاتِ الَّتِي تُقْفَلُ يَكُونُ إعْطَاءُ مِفْتَاحِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِلْمُشْتَرِي وَالْإِذْنِ لَهُ بِالْقَبْضِ تَسْلِيمًا مَثَلًا لَوْ بِيعَ أَنْبَارُ حِنْطَةٍ أَوْ صُنْدُوقُ كُتُبٍ جُمْلَةً يَكُونُ إعْطَاءُ مِفْتَاحِ الْأَنْبَارِ أَوْ الصُّنْدُوقِ لِلْمُشْتَرِي تَسْلِيمًا أَيْ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ الَّتِي تُبَاعُ وَتَكُونُ دَاخِلَ مَخْزَنٍ أَوْ صُنْدُوقٍ أَوْ عُلْبَةٍ فَإِذَا بِيعَتْ عُلْبَةُ لُؤْلُؤٍ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي مِفْتَاحَ تِلْكَ الْعُلْبَةِ وَأَذِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ اللُّؤْلُؤِ فَذَلِكَ تَسْلِيمٌ لِلْمَبِيعِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَكِيلَ الْقَمْحَ أَوْ يَزِنَ التِّبْنَ أَوْ يُعِدَّ الْكُتُبَ وَيُسَلِّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا أَعْطَى الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِفْتَاحَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَمْ يَقُلْ لِلْمُشْتَرِي اذْهَبْ وَافْتَحْ الْمَحَلَّ وَأَخْرِجْ الْمَبِيعَ أَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ إنِّي سَلَّمْتُك مَا فِيهِ أَوْ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ بِالْقَبْضِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَتْنُ (وَالْإِذْنُ بِالْقَبْضِ) فَقَرَنَ الْإِعْطَاءَ بِهَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّ فَتْحَ الْمَخْزَنِ وَالدُّخُولَ فِيهِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) . [ (الْمَادَّةُ 276) عدم منع الْبَائِع حِينَمَا يُشَاهِد قبض الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ يَكُون إذْنًا مِنْ الْبَائِع بِالْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 276) عَدَمُ مَنْعِ الْبَائِعِ حِينَمَا يُشَاهِدُ قَبْضَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ يَكُونُ إذْنًا مِنْ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ الْمَقْصِدُ مِنْ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا فَالْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ (أَشْبَاهٌ) (اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الِاسْتِثْنَائِيَّة مِنْ الْمَادَّةِ 67) وَالْإِذْنُ بِالْقَبْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذْنُ دَلَالَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِالْبَيْعِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِذَنْ لَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِدُونِ رِضَاءِ الْبَائِعِ صَرَاحَةً (قُهُسْتَانِيٌّ) وَكَمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ دَلَالَةً مُعْتَبَرٌ فَكَذَلِكَ قَبْضُهُ صَرَاحَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِذْنُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 281) [ (الْمَادَّةُ 277) قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 277) : قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَا

يَكُونُ مُعْتَبَرًا إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي لَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بِدُونِ الْإِذْنِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ تَعَيَّبَ يَكُونُ الْقَبْضُ مُعْتَبَرًا حِينَئِذٍ الْمَقْصُودُ مِنْ الثَّمَنِ هُنَا الْمُعَجَّلُ فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَسَلَّمَهُ أَيْ تَصَرَّفَ بِهِ تَصَرُّفًا قَابِلًا لِلنَّقْضِ وَالْفَسْخِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَنْقُضَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ لِيَحْبِسَهُ حَتَّى قَبْضِ الثَّمَنِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَيَبِيعَهُ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ يُنْظَرُ فَإِذَا أَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَعْوَى الْبَائِعِ كَانَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي بَاطِلًا وَإِنْ أَنْكَرَ الدَّعْوَى أَوْ أَجَابَ بِعَدَمِ الْعِلْمِ تُؤَجَّلُ الدَّعْوَى إلَى حِينِ حُضُورِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَإِذَا حَضَرَ وَصَدَّقَ دَعْوَى بَائِعِهِ فَتَصْدِيقُهُ حُكْمٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 78) . وَإِذَا كَذَّبَهُ طُولِبَ الْبَائِعُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِذَا أَثْبَتَهَا بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي حَكَمَ الْبَائِعُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَى بَائِعِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الثَّانِي أَيْضًا مَا لَمْ يَنْقُدْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْبَائِعَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الرَّدِّ فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَعَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لَا يَعُودُ الْبَيْعُ الثَّانِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَالْبَائِعُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَالْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ تَكُونُ فِي حُكْمِ عَيْنِ الْمَبِيعِ حَتَّى إذَا هَلَكَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا دَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ إلَى الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَبْلَ هَلَاكِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَخَذَ تِلْكَ الْقِيمَةَ مِنْ الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ (هِنْدِيَّةٌ) فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي إعَادَةَ الْمَبِيعِ إلَيْهِ فَأَذِنَ الْمُشْتَرِي لَهُ بِقَبْضِهِ فَلَا يَكُونُ الْبَائِعُ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَقْبِضَهُ حَقِيقَةً أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنٍ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ تَعَيَّبَ كَانَ الْقَبْضُ مُعْتَبَرًا كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 275. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ - قِيلَ (بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 276) وَ (الْمَادَّةَ 28) وَكَذَلِكَ إذْنُ الْبَائِعُ بِقَبْضِ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْ الشَّيْئِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَإِذْنِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ أَحَدِ مِصْرَاعَيْ الْبَابِ أَوْ إحْدَى زَوْجَيْ الْحِذَاءِ فِي حُكْمِ الْإِذْنِ بِقَبْضِ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ بِنَاءً عَلَى إذْنِ الْبَائِعِ بِقَبْضِ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ اسْتِرْدَادَ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْهُ إلَّا بِاسْتِلَامِ شَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِذَا اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ جَبْرًا كَانَ غَاصِبًا (هِنْدِيَّةٌ) وَقِيلَ (إذَا تَلِفَ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَثَلًا فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِلَا إذْنٍ ثُمَّ صَبَغَهُ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرْصَةً ثُمَّ أَنْشَأَ فِيهَا الْمُشْتَرِي دَارًا أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَيَحْبِسَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَإِذَا أَرَادَ الْبَائِعُ هَدْمَ الْبِنَاءِ وَقَلْعَ الْأَشْجَارِ وَإِعَادَةَ الْمَبِيعِ إلَى حَالِهِ الْأَصْلِيَّةِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَبِيعِ تُهْدَمُ الدَّارُ وَتُقْلَعُ الْأَشْجَارُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَلِلْبَائِعِ أَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19) وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ

الثَّوْبُ فَقَدِمَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضَمِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي كُلْفَةَ الصَّبْغِ الَّذِي كَانَ فِي الثَّوْبِ (هِنْدِيَّةٌ) رُجُوعُ حَقِّ الْحَبْسِ بَعْدَ سُقُوطِهِ - إذَا تَسَلَّمَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَضُبِطَ مِنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِمُشْتَرِي تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفًا قَابِلًا لِلْفَسْخِ كَبَيْعِهِ مِنْ آخَرَ أَوْ إيجَارِهِ أَوْ رَهْنِهِ وَتَسْلِيمِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَيَحْبِسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْفَسْخِ.

الفصل الثاني في المواد المتعلقة بحبس المبيع

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحَبْسِ الْمَبِيعِ] خُلَاصَةُ الْفَصْلِ - إنَّ حَقَّ الْحَبْسِ يَثْبُتُ فِي بَيْعِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَوْ بَيْعِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَدِّدَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ قِسْمٍ مِنْ الثَّمَنِ وَأَدَاءِ قِسْمٍ وَيَسْقُطُ بِأَحَدِ أَسْبَابٍ عَشَرَةٍ سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي الْمَادَّتَيْنِ 281 و 282. وَكَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْهُونَ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْحَبْسَيْنِ فَرْقًا مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ مُطْلَقًا لَكِنْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ غَائِبًا بِأَنْ كَانَ فِي مَدِينَةٍ وَكَانَ إحْضَارُهُ يُكَلِّفُ الْمُرْتَهِنَ نَفَقَةً فَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ مُلْزَمًا بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. الثَّانِي: إذَا أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الرَّهْنِ وَلَا أَنْ يَسْتَرِدَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا أَعَارَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي. الثَّالِثُ: إذَا نَقَدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فَظَهَرَ الثَّمَنُ الَّذِي أَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ نُقُودًا زَائِفَةً فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُبْطِلَ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ أَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (أَشْبَاهٌ) (الْمَادَّةُ 278) فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْحَالِّ أَعْنِي غَيْرَ الْمُؤَجَّلِ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ. وَلَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ بَعْضُهُ مُعَجَّلًا فَإِذَا كَانَ حَالًّا جَمِيعُهُ فَلِلْبَائِعِ وَقْفُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَ الْبَعْضَ الْمُعَجَّلَ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ (هِنْدِيَّةٌ) فَعَلَى هَذَا لَوْ بَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ (بَزَّازِيَّةٌ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَأْخُذَ مَا عَلَى الْآخَرِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ حِصَانَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ رَجُلَيْنِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ فَإِذَا أَوْفَى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ حَتَّى يُؤَدِّيَ

الْآخَرُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصَانِ حِصَانًا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ مُسْتَقَرُّهُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ أَدَاءُ كُلِّ الثَّمَنِ وَأَخْذُ الْحِصَانِ مِنْ الْبَائِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ أَمَّا الْمِثْلِيُّ كَالْبُرِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَلَا جَبْرَ عَلَى دَفْعِ الْكُلِّ وَلِذَا مَثَّلْتُ الْمَسْأَلَةَ بِالْحِصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَقُولُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا لِاسْتِيفَاءِ كُلِّ الثَّمَنِ فَإِذَا دَفَعَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَاضْطِرَارُ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ إلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ كُلِّهِ ظَاهِرٌ أَيْضًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ (شَارِحٌ) . فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ جَمِيعِهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ فَإِذَا حَضَرَ الْمُشْتَرِي الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي أَدَّى جَمِيعَ الثَّمَنِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ عَنْهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا تَلِفَ الْحِصَانُ قَبْلَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَلَبِهِ الْحِصَانَ فَلِلْحَاضِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرَ لَيْسَ فِي دَفْعِهِ حِصَّةَ الْغَائِبِ مِنْ الثَّمَنِ مُتَبَرِّعًا بَلْ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ مُجْبَرٌ (الْمُخْتَارُ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُ الْحِصَانَ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْهُ فَإِذَا تَلِفَ الْحِصَانُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ فِي أَثْنَاءِ حَبْسِهِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي الْغَائِبَ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ كَمَا لَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الْغَائِبِ أَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ قِيمَةَ الْحِصَانِ (هِنْدِيَّةٌ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) وَإِنَّمَا قِيلَ (إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا وَلَمْ يُعْلَمْ مُسْتَقَرُّهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ لَيْسَ غَائِبًا بَلْ حَاضِرًا فَاَلَّذِي يَدْفَعُ كُلَّ الثَّمَنِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُضْطَرًّا فِي إيفَاءِ الْكُلِّ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى الْقَاضِي فِي أَنْ يَنْقُدَ حِصَّتَهُ لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَا دَامَ لِلْبَائِعِ حَقُّ وَقْفِ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ 262 مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ قَبْلًا فَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِأَلْفِ قِرْشٍ حَالَّةً فَأَوْفَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ قِرْشًا مِنْ الْأَلْفِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ عَشَرَةَ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ كَيْلَةً وَنِصْفًا. وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ سَبْعِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْهَا مُعَجَّلَةً وَخَمْسُمِائَةٍ مُؤَجَّلَةً فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ كُلِّ الْمَبِيعِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْقِسْمَ الْمُعَجَّلَ وَهُوَ الْأَلْفُ الْقِرْشِ وَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً حِصَّةَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ آخَرَ فِي الْآسَتَانَةِ كَذَا رِطْلِ زَيْتٍ ثُمَّ لَاقَى الْمُسْتَوْدَعَ فِي مَدِينَةٍ بُورْصَةَ فَبَاعَ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يُجَدِّدْ تَسْلِيمَ ذَلِكَ الزَّيْتِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 262) لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا اشْتَرَى مَا أُودِعَ فَلَا يَكُونُ قَابِضًا بِقَبْضِ الْإِيدَاعِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ جَدِيدٍ. وَأَمَّا تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فَيَقْتَضِي إحْضَارَ السِّلْعَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا قَائِمَةٌ فَإِذَا أَحْضَرَهَا الْبَائِعُ أَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا عَنْ مِصْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا (خَيْرِيَّةٌ) . إذَا نُظِرَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَائِهِ الثَّمَنَ فَحَسَبَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي

(المادة 279) إذا باع أشياء متعددة صفقة واحدة

الْمَجَلَّةِ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ وَطَلَبُ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا مَنْقُولًا وَغَابَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَقَرُّهُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ بَيْعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَالْقَاضِي يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَالَ وَيُؤَدِّي ثَمَنَهُ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا زَادَ الثَّمَنُ عَنْ مَطْلُوبِ الْبَائِعِ حَفِظَ الْقَاضِي الزِّيَادَةَ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا أَنْقَصَ فَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْصِ حِينَمَا يَجِدُهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ كَانَ مَقَرُّ الْمُشْتَرِي مَعْلُومًا مَعَ بُعْدِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ وَتَأْدِيَةُ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ مُرَاجَعَةَ الْمُشْتَرِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُمْكِنَةٌ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً مِمَّا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالثِّمَارِ وَالْخَضْرَاوَاتِ وَغَابَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ فَإِذَا خَسِرَ عَادَتْ الْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ غِيَابَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ مَا لَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ إذْنٌ مِنْهُ دَلَالَةً بِفَسْخِ الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 279) إذَا بَاعَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً] (الْمَادَّةُ 279) إذَا بَاعَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ. يَعْنِي إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ أَوْ الْأَشْيَاءَ الْمُتَعَدِّدَةَ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِالثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ أَوْ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ سَوَاءٌ أَفَصَّلَ الثَّمَنَ أَمْ لَمْ يُفَصِّلْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَمْ مُتَعَدِّدٍ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ جَمِيعَ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ كُلَّ الثَّمَنِ (الْخُلَاصَةُ) وَإِذَا كَانَتْ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَاحِدَةً وَبَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ النَّزْرُ الْقَلِيلُ إمَّا لِأَدَاءِ الْمُشْتَرِي لِلْجَانِبِ الْأَكْبَرِ مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ لِإِبْرَاءِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ كُلَّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (1) إذَا بَاعَ شَخْصٌ عَشْرَ شِيَاهٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ ثَمَنُ كُلِّ شَاةٍ خَمْسُونَ قِرْشًا فَأَجَّلَ الْبَائِعُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا أَيْ ثَمَنَ تِسْعِ شِيَاهٍ. وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ التِّسْعَ الشِّيَاهَ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ حَتَّى اسْتِيفَاءِ الْخَمْسِينَ قِرْشًا وَهُوَ الثَّمَنُ الْمُعَجَّلُ. (2) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ فَرَسَيْنِ بِأَلْفٍ وَمِائَةِ قِرْشٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً قَائِلًا أَنَّ ثَمَنَ هَذِهِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَثَمَنَ تِلْكَ سِتُّمِائَةٍ فَإِذَا دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ خَمْسَمِائَةٍ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِأَحَدِ الْفَرَسَيْنِ بِعَيْنِهِ أَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْفَرَسَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ سِتَّ الْمِائَةِ ثَمَنَ الْفَرَسِ الْأُخْرَى. (3) إذَا كَانَ بَعْضُ ثَمَنِ الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَدِّدَةِ مُعَجَّلًا وَثَمَنُ الْبَعْضِ الْآخَرِ مُؤَجَّلًا فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ كُلِّ الْمَبِيعِ حَتَّى يُؤَدِّيَ لَهُ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ. (4) إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِائَةَ قِرْشٍ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ تِسْعُونَ قِرْشًا وَأَوْ فِي مِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ بِطَرِيقِ التَّقَاضِي فَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ إيفَاءِ الْعَشَرَةِ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الثَّمَنِ.

(المادة 280) إعطاء المشتري رهنا أو كفيلا بالثمن لا يسقط حق الحبس

تَوْضِيحُ الْقُيُودِ -: قِيلَ (الْأَشْيَاءُ الْمُتَعَدِّدَةُ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ شَيْئًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَإِذَا بَاعَ شَخْصٌ بَغْلَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً إلَّا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي الْبَيْعِ ثَمَنَ كُلٍّ مِنْ نِصْفَيْ الْبَغْلَةِ بِأَنْ قِيلَ ثَمَنُ نِصْفِ هَذِهِ الْبَغْلَةِ بِأَلْفِ قِرْشٍ. وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْبَغْلَةِ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ أَلْفَ قِرْشٍ وَيَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ تَبْقَى الْبَغْلَةُ عِنْدَهُ يَوْمًا آخَرَ. وَمَا وَرَدَ فِي الشَّرْحِ مِنْ عِبَارَةِ (سَوَاءٌ فَصَّلَ الثَّمَنَ) إلَخْ لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْبَيْعِ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ ثَمَنِ كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ عَشْرَ شِيَاهٍ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا حَقُّ الْحَبْسِ فَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَخْصٌ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ بِمُفْرَدِهِ وَشَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّ ثَمَنَ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ مُعَجَّلٌ وَالْآخَرَ مُؤَجَّلٌ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ جَمِيعِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْمُعَجَّلَ كُلَّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ الْمُعَجَّلُ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا جِدًّا وَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْقِسْمَ الْمُؤَجَّلَ ثَمَنُهُ مِنْ الْمَبِيعِ. [ (الْمَادَّةُ 280) إعْطَاءُ الْمُشْتَرِي رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْحَبْسِ] (الْمَادَّةُ 280) إعْطَاءُ الْمُشْتَرِي رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا بِالثَّمَنِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْحَبْسِ وَكَذَلِكَ إبْرَاءُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ فَلِذَلِكَ يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ الْمُعَجَّلَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، هِنْدِيَّةٌ) لِأَنَّ الرَّهْنَ وَالْوَكَالَةَ هُمَا تَوْثِيقٌ لِلدَّيْنِ وَحَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِالْفِعْلِ وَالتَّوْثِيقِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الِاسْتِيفَاءِ. [ (الْمَادَّةُ 281) إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ] (الْمَادَّةُ 281) إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ إنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ بِأَحَدَ عَشَرَ سَبَبًا: 1 - أَنْ يُسَلِّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ. 2 - أَنْ يُودِعَهُ الْمُشْتَرِي. 3 - أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهُ 4 - إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَرَآهُ الْبَائِعُ فَسَكَتَ 5 - إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَبْضَ 6 - أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا. فَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ السِّتِّ يَسْقُطُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 276) (هِنْدِيَّةٌ خُلَاصَةٌ. بَزَّازِيَّةٌ) . وَفِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ السِّتِّ أَيْضًا لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ أَوْ اسْتِرْدَادُهُ لِيَحْبِسَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. فَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ مَثَلًا لَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِحَبْسِهِ فِي يَدِهِ حَتَّى

(المادة 282) إذا أحال البائع إنسانا بثمن المبيع وقبل المشتري الحوالة

يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ بَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ أَمَّا الْأَسْبَابُ الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ فَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (277) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْبَائِعِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ شُمُولُ الْبَائِعِ لِلْأَصِيلِ وَالْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ مِنْهُ يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِهِ لِلْمَبِيعِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ لِحَبْسِهِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) (خُلَاصَةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 282) إذَا أَحَالَ الْبَائِعُ إنْسَانًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْحَوَالَةَ] (الْمَادَّةُ 282) إذَا أَحَالَ الْبَائِعُ إنْسَانًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْحَوَالَةَ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ. وَكَذَلِكَ إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ. عَلَى آخَرَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَبِلَ الْبَائِعُ أَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ كُلَّهُ أَوْ أَجَّلَهُ كُلَّهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ حَقٌّ فِي مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 690 و 1562) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ بِأَحَدَ عَشَرَ سَبَبًا وَإِنَّمَا قِيلَ (أَحَالَ الْبَائِعُ شَخْصًا آخَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَحَالَ الْبَائِعَ عَلَى شَخْصٍ لِأَخْذِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ يَسْقُطُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ وَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ الْأَسْبَابُ الَّتِي تُسْقِطُ حَقَّ الْبَائِعِ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ أَحَدَ عَشَرَ سَبَبًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ (أَنْقِرْوِيّ) وَلَمَّا كَانَ الْفُقَهَاءُ يُرَجِّحُونَ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شَارَكَهُ فِيهِ أَبُو يُوسُفَ فَلِذَلِكَ وَجَبَ تَرْجِيحُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا وَعُدَّتْ الْأَسْبَابُ الْمُسْقِطَةُ لِلْحَقِّ الْمَذْكُورِ أَحَدَ عَشَرَ. . [ (الْمَادَّةُ 283) فِي بَيْعِ النَّسِيئَةِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 283) فِي بَيْعِ النَّسِيئَةِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ. أَيْ إذَا كَانَ كُلُّ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا (هِنْدِيَّةٌ) مَثَلًا إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَتَاعًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فَحَلَّ أَجَلُ قَبْضِ الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ الْحَالَّ مِنْ الثَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 284) إذَا بَاعَ حَالًّا أَيْ مُعَجَّلًا ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ] (الْمَادَّةُ 284) إذَا بَاعَ حَالًّا أَيْ مُعَجَّلًا ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ سَقَطَ حَقُّ حَبْسِهِ لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

لِأَنَّ تَأْجِيلَ الْبَائِعِ فِيمَا بَعْدُ فِي حُكْمِ التَّأْجِيلِ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِمِائَةِ قِرْشٍ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ يُؤَجِّلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ شَهْرَيْنِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ فِي الْحَالِ إلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ حِينَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ شَهْرَيْنِ وَطَلَبُ تَأْخِيرِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ (بَحْرٌ) .

الفصل الثالث في حق مكان التسليم في البيع

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي الْبَيْع] الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ مَكَانِ التَّسْلِيمِ خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ بَيَانُ مَكَانِ التَّسْلِيمِ. 2 - يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ. 3 - إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَ الْمَبِيعِ حِينَ الِاشْتِرَاءِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بِخِيَارِ كَشْفِ الْحَالِ. 4 - إذَا اُشْتُرِطَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ هُنَاكَ أَمَّا الْبَيْعُ بِشَرْطِ نَقْلِ الْمَبِيعِ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. (الْمَادَّةُ 285) مُطْلَقُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ حِينَئِذٍ مَثَلًا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ وَهُوَ فِي إسْلَامْبُولْ حِنْطَةً الَّتِي فِي تكفور طَاغِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْحِنْطَةِ الْمَوْقُوتَةِ فِي تكفور طَاغِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي إسْلَامْبُولْ. لَا يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَيَانُ الْمَكَانِ الَّذِي يُسَلَّمُ فِيهِ الْمَبِيعُ فَعَقْدُ الْبَيْعِ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَا يُبَيَّنُ فِيهِ مَكَانَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ يُسَلَّمُ فِيهِ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْمَبِيعُ حِينَ الْعَقْدِ لَا فِي مَكَانِ عَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى إذَا نَقَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِلَا إذْنِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ حِينَ الْعَقْدِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إلَى حَيْثُ كَانَ أَمَّا ثَمَنُ الْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَيَجِبُ بَيَانُ مَكَانِ تَسْلِيمِهِ فِي بَيَانِ الْعَقْدِ فَلِذَلِكَ خَصَّصَتْ الْمَجَلَّةُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالْمَبِيعِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 238. [ (الْمَادَّةُ 286) يُعْتَبَرُ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مَكَانُ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 286) إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي أَيِّ مَحَلٍّ وَقْتَ الْعَقْدِ وَعَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ حَيْثُ كَانَ مَوْجُودًا. يُعْتَبَرُ فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مَكَانَ الْبَيْعِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْبَائِعُ مَكَانَ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ وَكَانَ ظَاهِرًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَكَانِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا خِيَارَ كَشْفِ الْحَالِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَرْكُ الْمَبِيعِ وَلَهُ قَبْضُهُ مِنْ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى (مُشْتَمَلُ الْأَحْكَامِ) .

(مادة 287) إذا بيع مال على أن يسلم في محل كذا

[ (مَادَّةُ 287) إذَا بِيعَ مَالٌ عَلَى أَنْ يُسَلَّمَ فِي مَحَلِّ كَذَا] (مَادَّةُ 287) إذَا بِيعَ مَالٌ عَلَى أَنْ يُسَلَّمَ فِي مَحَلِّ كَذَا لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 188) . مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ حِنْطَةً مِنْ مَزْرَعَةٍ لَهُ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي فِي دَارِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَى الْمُشْتَرِي فِي دَارِهِ وَكَذَلِكَ إذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَئُونَةٍ فِي نَقْلِهِ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ هُنَاكَ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ حَمْلِ الْمَبِيعِ وَنَقْلِهِ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1890) (هِنْدِيَّةٌ) فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ تَعَيَّنَ مَحَلُّ الْمَبِيعِ مَكَانًا لِلتَّسْلِيمِ فَاشْتِرَاطُ نَقْلِهِ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ شَرْطٌ زَائِدٌ وَمُفْسِدٌ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرَتْهَا، الْمَجَلَّةُ فَلَيْسَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

الفصل الرابع في مئونة التسليم ولوازم إتمامه

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي مَئُونَةِ التَّسْلِيمِ وَلَوَازِمِ إتْمَامِهِ] [ (الْمَادَّةُ 288) الْمَصَارِفُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالثَّمَنِ] خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: مَئُونَةُ التَّسْلِيمِ أَيْ كُلْفَتُهُ النَّفَقَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُشْتَرِي هِيَ 1 - نَفَقَةُ التَّسْلِيمِ فِي بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ 2 - النَّفَقَةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ 3 - أُجْرَةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ 4 - النَّفَقَاتُ الَّتِي يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِمُقْتَضَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 129) النَّفَقَاتُ الَّتِي تَلْزَمُ الْبَائِعَ هِيَ 1 - نَفَقَةُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ 2 - النَّفَقَةُ الَّتِي يَكُونُ مُكَلَّفًا بِأَدَائِهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ حَسَبَ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 291) (الْمَادَّةُ 288) : الْمَصَارِفُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالثَّمَنِ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِي مَثَلًا أُجْرَةُ عَدِّ النُّقُودِ وَوَزْنِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. لِأَنَّ الْوَزْنَ وَالْعَدَّ مِنْ إتْمَامِ التَّسْلِيمِ وَلَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي مُلْزَمًا بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ لَزِمَهُ مَا يَتِمُّ بِهِ التَّسْلِيمُ فَأُجْرَةُ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ تَمَامِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَهَا. وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (الْمَصَارِفُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالثَّمَنِ) أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ خِلَافٌ فِي جَوْدَةِ الثَّمَنِ وَزَعَمَ الْمُشْتَرِي الْجَوْدَةَ فَالنَّفَقَةُ الَّتِي تُصْرَفُ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) إلَّا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَأَعَادَهُ بِزَعْمِ أَنَّهُ زُيُوفٌ فَمَا يُنْفَقُ عَلَى وَزْنِهِ وَعَدِّهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ لِأَنَّ النَّقْدَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَشَرْطٌ لِثُبُوتِ الرَّدِّ إذْ لَا تَثْبُتُ زِيَافَتُهُ إلَّا بِنَقْدِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِدَيْنٍ غَيْرِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَأَرَادَ أَدَاءَ الدَّيْنِ فَأُجْرَةُ تَعْدَادِ هَذَا الدَّيْنِ وَوَزْنِهِ تَلْزَمُ الْمَدِينَ إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ دَيْنَهُ أَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ بِدُونِ عَدٍّ فَمَصَارِفُ الْعَدِّ وَالْوَزْنِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ الدَّيْنَ أَصْبَحَ فِي ضَمَانِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 289) الْمَصَارِفُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَسَلُّمِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 289) : الْمَصَارِفُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَسَلُّمِ الْمَبِيعِ تَلْزَمُ الْبَائِعَ وَحْدَهُ مَثَلًا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ لِلْمَكِيلَاتِ وَالْوَزَّانِ لِلْمَوْزُونَاتِ الْمَبِيعَةِ تَلْزَمُ الْبَائِعَ وَحْدَهُ. هَذَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ وَالْمَذْرُوعَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الَّتِي لَمْ تُبَعْ جُزَافًا فَهَذِهِ الْمَصَارِفُ تَلْزَمُ الْبَائِعَ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْعَدَّ وَالذَّرْعَ وَالْوَزْنَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَلَمَّا كَانَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لَازِمًا لَهُ فَيَلْزَمُهُ مَا يَتِمُّ بِهِ نَفَقَةُ مَا يَكُونُ بِهِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لَازِمَةً لَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

(المادة 290) الأشياء المبيعة جزافا مؤنتها ومصارفها

فَإِذَا بَاعَ شَخْصٌ حِمْلَ سَفِينَةٍ حَطَبًا كُلَّ قِنْطَارٍ بِعِشْرِينَ قِرْشًا فَأُجْرَةُ تَسْلِيمِ الْقِنْطَارِ تَلْزَمُ الْبَائِعَ إلَّا أَنَّ الْعَمَلَ فِي زَمَانِنَا جَارٍ عَلَى أَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي حَسَبَ النِّظَامِ الْمَخْصُوصِ وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ إفْرَاغِ الْحِنْطَةِ فِي الْأَعْدَالِ (الْأَكْيَاسِ) تَعُودُ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إذْ اشْتَرَى مَاءً مِنْ السِّقَاءِ بِالْقِرْبَةِ فَصَبَّ الْمَاءَ فِي إنَاءِ الْمُشْتَرِي يَعُودُ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 43) وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ (هِنْدِيَّةٌ) وَإِنَّمَا قِيلَ (لَمْ تُبَعْ جُزَافًا) لِأَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَيْلِ وَالْعَدِّ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الذَّرْعِ وَلِذَلِكَ فَأُجْرَةُ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُ الْبَائِعَ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: مَصَارِفُ الدَّلَالَةِ - إذَا بَاعَ الدَّلَّالُ مَالًا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا يَعُودُ الْبَائِعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ هُنَا لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّلَّالُ مَشَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مُجْرَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ أَنْ تُؤْخَذَ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ جَمِيعُهَا مِنْ الْبَائِعِ أُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي أُخِذَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ الِاثْنَيْنِ أُخِذَتْ مِنْهُمَا " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 45 " أَمَّا إذْ بَاعَ الدَّلَّالُ الْمَالَ فُضُولًا لَا بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ 268 وَيُصْبِحُ نَافِذًا إذْ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ وَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ أُجْرَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ عَمِلَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا (طَحْطَاوِيٌّ دُرُّ الْمُخْتَارِ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 290) الْأَشْيَاءُ الْمَبِيعَةُ جُزَافًا مُؤْنَتُهَا وَمَصَارِفُهَا] (الْمَادَّةُ 290) : الْأَشْيَاءُ الْمَبِيعَةُ جُزَافًا مُؤْنَتُهَا وَمَصَارِفُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي مَثَلًا لَوْ بِيعَتْ ثَمَرَةُ كَرْمٍ جُزَافًا كَانَتْ أُجْرَةُ قَطْعِ الثَّمَرَةِ وَجَزُّهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا لَوْ بِيعَ أَنْبَارُ حِنْطَةٍ فَأُجْرَةُ إخْرَاجِ الْحِنْطَةِ مِنْ الْأَنْبَارِ وَنَقْلِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا إذَا بِيعَ الْبَصَلُ أَوْ الثُّومُ أَوْ الْجَزَرُ الْمَزْرُوعُ فِي الْبُسْتَانِ مُجَازَفَةً يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي نَفَقَةُ قَلْعِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ جُزَافًا فِي مَخْزَنٍ فَنَفَقَةُ فَتْحِ بَابِهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ [ (الْمَادَّةُ 291) مَا يُبَاعُ مَحْمُولًا عَلَى الْحَيَوَانِ] (الْمَادَّةُ 291) : مَا يُبَاعُ مَحْمُولًا عَلَى الْحَيَوَانِ كَالْحَطَبِ وَالْفَحْمِ تَكُونُ أُجْرَةُ نَقْلِهِ وَإِيصَالِهِ إلَى بَيْتِ الْمُشْتَرِي جَارِيَةً عَلَى حَسَبَ عُرْفِ الْبَلْدَةِ وَعَادَتِهَا. وَكَذَلِكَ الْحَشِيشُ وَالتِّبْنُ وَالْحِنْطَةُ إذَا كَانَ عُرْفُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ نَقْلَهَا إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي يُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْبَلَدِ يَعْنِي إذْ كَانَ عُرْفُ الْبَلَدِ نَقْلَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى نَقْلِهَا إلَى دَارِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيَّنْ مَكَانُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ فِي الْآسَتَانَةِ فَحْمًا أَوْ تِبْنًا مَحْمُولًا عَلَى جَمَلٍ أَوْ بَغْلٍ وَلَمْ يُبَيَّنْ حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ مَكَانَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَنْقُلَ ذَلِكَ الْفَحْمَ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْآسَتَانَةِ جَارٍ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا إذَا عُيِّنَ مَكَانُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حِينَ الْعَقْدِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ 287 [ (الْمَادَّةُ 292) أُجْرَةُ كِتَابَةِ السَّنَدَاتِ وَالْحُجَجِ وَصُكُوكِ الْمُبَايَعَاتِ] (الْمَادَّةُ 292) : أُجْرَةُ كِتَابَةِ السَّنَدَاتِ وَالْحُجَجِ وَصُكُوكِ الْمُبَايَعَاتِ تَلْزَمُ

الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَقْرِيرُ الْبَيْعِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ فِي الْمَحْكَمَةِ الْمَقْصِدُ مِنْ السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ سَنَدُ الْبَيْعِ أَوْ حُجَّتُهُ وَلَا يُجْبِرُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ سَنَدًا وَحُجَّةً بِالْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَتَبَ الْمُشْتَرِي سَنَدَ الْبَيْعِ وَطَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يُقَرِّرَ الْبَيْعَ بِمَحْضَرِ الشُّهُودِ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُقَرِّرَ الْبَيْعَ بِمَحْضَرِ الشُّهُودِ الَّذِي جِيءَ بِهِمْ لِحُضُورِهِ وَكَذَلِكَ. يَجْرِي الْبَائِعُ عَلَى تَقْرِيرِ الْبَيْعِ بِمَحْضَرِ نَائِبِ الْمَحْكَمَةِ الَّذِي يُرْسَلُ إلَيْهِ لِتَسْجِيلِ الْبَيْعِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ عَنْ تَقْرِيرِ الْبَيْعِ وَالْإِشْهَادِ فَالْمُشْتَرِي يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فَإِذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ يُسَجِّلُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِالذَّهَابِ إلَى مَحْضَرِ الشُّهُودِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ حُجَّةَ الْمَبِيعِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ الدَّارَ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ شَخْصٍ لِشَخْصٍ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَهُ الْمَبِيعَ وَطَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْبَائِعِ الثَّمَنَ حَتَّى يُسَلِّمَ الْبَائِعُ إلَيْهِ حُجَّةَ الْبَيْعِ الَّتِي كُتِبَتْ لَهُ حِينَمَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ وَسُجِّلَتْ عِنْدَ الْقَاضِي لَكِنْ إذَا طُلِبَ مِنْ الْبَائِعِ صُورَةٌ مُصَدَّقَةٌ مِنْ تِلْكَ الْحُجَّةِ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى السَّمَاحِ لِلْمُشْتَرِي بِأَخْذِ تِلْكَ الصُّورَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي.

الفصل الخامس في بيان المواد المترتبة على هلاك المبيع

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ الْمَوَادِّ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى هَلَاكِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 293) الْمَبِيعُ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ مَنْ سُلِّمَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ لِيَحْفَظَهُ إلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَا يَتَرَتَّبُ شَيْءٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَعُودُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَا لَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي فَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنْ يَعُودَ الْخُسْرَانُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَمْ مُشْتَرَطًا فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ كُلُّهُ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَكَذَلِكَ لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ تَعُودُ الْخَسَارَةُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا سَيَتَّضِحُ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَائِعِ ضَمَانٌ بِاسْتِهْلَاكِهِ لِلْمَبِيعِ مَثَلًا إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالًا لَهُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا بِسِتَّةٍ وَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ فَاسْتُهْلِكَ الْمَالُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ عَشَرَةَ الدَّنَانِيرِ قِيمَةَ هَذَا الْمَالِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ وَبِهَلَاكِهِ يَسْقُطُ الثَّمَنُ فَلَا يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الثَّمَنِ وَضَمَانُ الْقِيمَةِ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97 ". وَتَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ خَمْسُ صُوَرٍ. (1) أَنْ يَكُونَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. (2) بِاسْتِهْلَاكِ الْبَائِعِ لَهُ. (3) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَهِيمَةً فَتُهْلِكُ نَفْسَهَا. بِهَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ " بَزَّازِيَّةٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (1) إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ عِنْدَ مَنْ وُضِعَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ لِحِفْظِهِ إلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَتَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا الْمُوَكَّلَ بِحِفْظِهِ إنَّمَا يَحْفَظُهُ لِأَجْلِ الْبَائِعِ فَتَكُونُ يَدُهُ كَيَدِ الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، (هِنْدِيَّةٌ) .

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَقَالَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ هَذَا الْمَالِ سَلِّمْ الْمَالَ إلَى فُلَانٍ لِيَحْفَظَهُ حَتَّى أُؤَدِّيَ الثَّمَنَ إلَيْك فَامْتَثَلَ الْبَائِعُ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ وَتَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ (2) إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ فَأَبْقَاهُ الْبَائِعُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الثَّمَنَ فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي جَانِبًا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ سُرِقَ الْمَبِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى رَدِّ مَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 275) . (3) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ صَابُونًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ خَلَطَهُ الْبَائِعُ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنْ الصَّابُونِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى تَمْيِيزِ مَا اشْتَرَاهُ مِمَّا خُلِطَ بِهِ لِأَنَّ خَلْطَ الْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِهْلَاكِ لَهُ وَمُبْطِلٌ لِلْبَيْعِ. (4) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ بَهِيمَةً مَرِيضَةً وَقَالَ لِلْبَائِعِ لِتَبْقَى هَذِهِ الْبَهِيمَةُ عِنْدَك فَإِذَا تَلِفَتْ فَعَلَيَّ فَتَلِفَتْ فَتَلَفُهَا عَلَى الْبَائِعِ. (5) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ بَقَرَةً مَرِيضَةً مِنْ الْمَرْعَى وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا قَالَ لِلْبَائِعِ أَوْصِلْهَا إلَى دَارِك وَسَأَحْضُرُ بَعْدَئِذٍ لِأَخْذِهَا فَإِذَا تَلِفَتْ فَعَلَيَّ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَتَلَفُهَا عَلَيْهِ (6) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مُحْلَبَة لَبَنٍ فَقَالَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْصِلْهَا إلَى دَارِي فَوَقَعَتْ الْمُحْلِبَةُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَتَلِفَ اللَّبَنُ فَالتَّلَفُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَمْ يَقَعْ (7) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حَطَبًا تَحْمِلُهُ دَابَّةٌ وَكَانَ فِي مُتَعَارَفِ الْبَلَدِ أَنْ يَنْقُلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي فَذَهَبَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ لِيُوَصِّلَهُ إلَى دَارِ الْمُشْتَرِي فَاغْتُصِبَ مِنْهُ أَثْنَاءَ ذَهَابِهِ فَالْخَسَارُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ 291 يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي بَيْتِهِ جَرْيًا عَلَى الْعُرْفِ (8) إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْقَابِضِ يَجِبُ رَدُّهُ عَيْنًا وَإِذَا اُسْتُهْلِكَ يَجِبُ رَدُّهُ بَدَلًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ تَلَفُ الْمَبِيعِ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِيهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَدُّ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 275 أَمَّا إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلُ أَوْ الْمُشْتَرَى فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُهُ بِحَسَبِ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ 891 (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 308 وَ 371) مَتْنًا وَشَرْحًا. الْخَامِسَةُ: أَنْ يَكُونَ تَلَفُهُ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فَيَعُودُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَيَكُونَ حَقُّ التَّضْمِينِ لِلْبَائِعِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ فَيَكُونَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ الْمُتْلِفِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ فِي زَمَانِ الْإِتْلَافِ وَمَكَانِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قِيَمِيًّا وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

) فَعَلَى هَذَا إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ أَعَارَهُ شَخْصًا آخَرَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَتَلِفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ أَوْدَعَهُ شَخْصًا آخَرَ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَوْدَعُ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ إبْقَاءِ الْبَيْعِ وَتَضْمِينِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ - وَفَسْخُ الْبَيْعِ. وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ بَيْعًا ثَانِيًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ فَيُبْقِي الْبَيْعَ إذَا أَرَادَ وَيُضَمِّنُ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي وَيَسْتَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ مَوْجُودًا أَخَذَهُ عَيْنًا. وَسَنَذْكُرُ الْمَسَائِلَ فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ. إنَّ تَلَفَ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَنْحَاءٍ: (1) تَلَفُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالنُّقْصَانُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمَبِيعِ إنْ كَانَ نُقْصَانَ قَدَرٍ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ (بَزَّازِيَّةٌ) وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (خُلَاصَةٌ) وَيُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ خِيَارَ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (بَحْرٌ) . مِثَالُ ذَلِكَ. إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ تَلِفَ مِنْهَا عَشْرُ كَيْلَاتٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْبِضَ يَدَهُ عَنْ الْمَبِيعِ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ الْأَرْبَعِينَ كَيْلَةً الْبَاقِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ. كَفَوِيٌّ) . وَكَذَلِكَ إذَا هَلَكَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْمَعْدُودَاتِ الْمَبِيعَةِ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فِي الْمِقْدَارِ الْهَالِكِ. وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي مُخَيَّرًا فَلَهُ أَخْذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَرْكُهُ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَاقِعَاتٌ) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَابَّتَيْنِ مِنْ آخَرَ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ تَلِفَا وَاخْتُلِفَ فِي. قِيمَتِهِمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ الَّذِي عَرَضَ لِلْمَبِيعِ نُقْصَانَ وَصْفٍ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِهِ لَكِنْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَأَنْ يَأْخُذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 234) وَالْوَصْفُ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ كَالْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ وَالْأَطْرَافِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (خُلَاصَةٌ) . مِثَالُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ طَاحُونًا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَهُ جَاءَ سَيْلٌ جَارِفٌ فَهَدَمَ الطَّاحُونَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقَصِّرَ يَدَهُ عَنْ الطَّاحُونِ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ. (2) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ الْعَارِضُ فِي الْمَبِيعِ بِهَلَاكِ الْبَعْضِ نُقْصَانَ وَصْفٍ أَمْ نُقْصَانَ قَدَرٍ فَعَلَى أَيِّ حَالٍ الْبَائِعُ مُخَيَّرٌ فَلَهُ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَلَهُ قَبُولُ الْبَاقِي مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُ الْبَائِعِ مَا اسْتَهْلَكَهُ. (3) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ

(المادة 294) إذا هلك المبيع بعد القبض

أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَأَنْ يَقْبَلَهُ كُلَّهُ وَيُضَمِّنَ مَا تَلِفَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي كَذَا أُقَّةِ أُرْزٍ فَقَبَضَ بَعْضَهَا وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَعْضَ الْآخَرَ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ أَسْعَارُ الْأُرْزِ فَبَاعَ الْبَائِعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ أَغْلَى وَاسْتَهْلَكَ الْآخَرُ مَا اشْتَرَاهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ مِثْلَ الْأُرْزِ لِلْآخَرِ وَحِينَئِذٍ يَنْفُذُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَيَنْفُذُ الثَّانِي وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ مِثْلَ الْأُرْزِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ فَلَا يَتَوَجَّهُ ضَمَانُ غَيْرِهِ كَمَا وَضَحَ سَابِقًا (خَيْرِيَّةٌ) . (4) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ قَابِضًا لِمَا أَتْلَفَهُ بِإِتْلَافِهِ وَقَابِضًا بَاقِيَ الْمَبِيعِ بِتَعْيِيبِهِ لَهُ فَإِذَا تَلِفَ بَاقِي الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَبْسِ الْبَائِعِ لَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَبْسِ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي سِوَى مَا أَتْلَفَهُ مِنْ الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 275) . (5) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ كَمَا إذَا كَانَ دَابَّةٌ فَحُكْمُ ذَلِكَ كَحُكْمِ التَّلَفِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. [ (الْمَادَّةُ 294) إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 294) إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ. أَيْ إذَا تَلِفَ كُلُّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ تَعَدَّى الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ دَفْعِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الْمُعَجَّلَ أَصْبَحَ مُجْبَرًا عَلَى أَدَائِهِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا فَأَرْسَلَ رَسُولًا لِقَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَقَبَضَهُ الرَّسُولُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّسُولَ قَبَضَ بِأَمْرِهِ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ زِنْ لِي مِنْ هَذَا السَّمْنِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَسَلِّمْهَا إلَى أَجِيرِك أَوْ أَجِيرِي فَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ ذَلِكَ إلَى الْأَجِيرِ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَالتَّلَفُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ أَجِيرَ الْبَائِعِ أَوْ أَجِيرَ الْمُشْتَرِي كَانَ وَكِيلًا لَهُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ زِنْ لِي مِنْ هَذَا السَّمْنِ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ وَأَرْسِلْهُ إلَى دَارِي مَعَ أَجِيرِك أَوْ مَعَ أَجِيرِي فَوَزَنَ الْبَائِعُ السَّمْنَ وَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ أَوْ أَجِيرِ الْمُشْتَرِي فَكَسَرَ إنَاءَ السَّمْنِ وَتَلِفَ السَّمْنُ عَادَتْ الْخَسَارَةُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَبْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْفَرْقُ فِي الْمِثَالَيْنِ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ فِي الْأَوَّلِ لَفْظَةَ (تَسْلِيمٍ) فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَكَالَةً مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَاسْتَعْمَلَ فِي الثَّانِي لَفْظَةَ (الْإِرْسَالِ) فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَكَالَةً مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْأَجِيرِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ (مُعْرَبٌ) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ شَرْطٍ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ تَعُودُ خَسَارَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا أَمْ مُؤَجَّلًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَمْ خِيَارُ عَيْبٍ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الَّذِي لَهُ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَأَوْدَعَهُ بَائِعَهُ مُدَّةَ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهَا فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَدَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا كَانَ

(المادة 295) إذا قبض المشتري المبيع ثم مات مفلسا قبل أداء الثمن

خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ فَأَوْدَعَهُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَفِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهَا (هِنْدِيَّةٌ) . وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ لَفْظِ (الْمَبِيعَ) أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا تَعُودُ خَسَارَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا تَعُودُ خَسَارَتُهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِ جَمِيعِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْقَبْضِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ اسْتِرْدَادٍ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ فَأَتْلَفَهُ الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ بِهَذَا الْإِتْلَافِ يَكُونُ قَدْ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فَيَكُونُ اسْتِهْلَاكُهُ فِي حُكْمِ اسْتِهْلَاكِ الْأَجْنَبِيِّ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا اسْتَهْلَكَهُ أَوْ مِثْلَهُ وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْبَيْعِ خَلَلٌ فِي ذَلِكَ وَعَلَى أَيَّةِ حَالٍ يَكُونُ مَا لَمْ يَتْلَفْ مِنْ الْمَبِيعِ مَالًا لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَمِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا كَانَ هَلَاكُ بَاقِي الْمَبِيعِ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فَفِيهِ التَّفْصِيلَاتُ السَّابِقَةُ يَعْنِي إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ يَكُونُ قَدْ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي. - لَاحِقَةٌ - فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ. (1) مَسْأَلَةٌ: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي تَلَفَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَادَّعَى الْبَائِعُ تَلَفَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِضَمَانِ الثَّمَنِ وَمُدَّعٍ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 8) وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ أَيٍّ أَقَامَهَا مِنْهُمَا فَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الَّذِي يَدَّعِي الْهَلَاكَ فِي زَمَنٍ أَسْبِقَ فَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ الزَّمَنُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا مُلْزِمَةٌ لِلثَّمَنِ. (2) مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِي اسْتَهْلَكَ الْمَبِيعَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَلَكِنَّ الْبَائِعَ اسْتَهْلَكَهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحْت بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. [ (الْمَادَّةُ 295) إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 295) إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بَلْ يَكُونُ مِثْلَ الْغُرَمَاءِ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِبَدَلِهِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَوْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَكُلُّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يُبَاعُ الْمَبِيعُ وَيُقْسَمُ بَدَلُهُ مَعَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ حَسَبَ دُيُونِهِمْ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي قَدْ أَبْطَلَ حَقَّ حَبْسِهِ لِلْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 281) . (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَهُ أَنَّ الثَّمَنَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْبَيْعِ فَإِذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ ثَبَتَ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ كَمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ مُفْلِسًا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُفْلِسِ هُنَا الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَالٌ يَسُدُّ جَمِيعَ دُيُونِهِ سَوَاءٌ أَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِهِ قَبْلًا أَمْ لَمْ يَحْكُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 296) إذا مات المشتري مفلسا قبل قبض المبيع وأداء الثمن

تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: - قِيلَ (بِإِذْنِ الْبَائِعِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَجُزْ الْبَائِعُ هَذَا الْقَبْضَ وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا فَبِمَا أَنَّ هَذَا الْقَبْضَ حَسَبَ الْمَادَّةِ 277 لَيْسَ مُعْتَبَرًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَيَحْبِسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. وَقِيلَ (إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَجَّلًا فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَإِعْطَاءُ كُلِّ غَرِيمٍ حِصَّتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدِينِ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ بِأَنْ يُضْرَبَ دَيْنُ كُلِّ غَرِيمٍ عَلَى حِدَةٍ فِي مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ يُقْسَمَ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ فَحَاصِلُ الْقِسْمَةِ يَكُونُ حِصَّةَ الْغُرَمَاءِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ تَرِكَةُ الْمَدِينِ بَعْدَ تَجْهِيزِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَكُونُ الْمَدِينُ مَدِينًا لِزَيْدٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسَةٍ فَلَمَّا كَانَ مَجْمُوعُ الدَّيْنِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا يُضْرَبُ دَيْنُ زَيْدٍ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ فِي مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَهِيَ التِّسْعَةُ الدَّنَانِيرَ وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ وَهُوَ التِّسْعُونَ عَلَى مَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَحَاصِلُ الْقِسْمَةِ وَهُوَ سِتَّةٌ يَكُونُ حِصَّةَ زَيْدٍ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبْت حِصَّةَ عَمْرٍو الْخَمْسَةَ الدَّنَانِيرَ فِي التِّسْعَةِ الَّتِي هِيَ مَجْمُوعُ التَّرِكَةِ وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى الْخَمْسَةِ فَالثَّلَاثَةُ الَّتِي تَكُونُ خَارِجَ الْقِسْمَةِ حِصَّةُ عَمْرٍو مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ. [ (الْمَادَّةُ 296) إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَدَاءِ الثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 296) إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَدَاءِ الثَّمَنِ كَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْمَبِيعَ فَيُوفِي حَقَّ الْبَائِعِ بِتَمَامِهِ وَإِنْ بِيعَ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَصْلِيِّ أَخَذَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَيَكُونُ فِي الْبَاقِي كَالْغُرَمَاءِ وَإِنْ بِيعَ بِأَزْيَدَ أَخَذَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْأَصْلِيَّ فَقَطْ وَمَا زَادَ يُعْطَى إلَى الْغُرَمَاءِ. يَحْبِسُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ جَمِيعَهُ وَلَيْسَ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْمَبِيعِ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَحْبُوسٌ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَكَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَكَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فَكَذَلِكَ الْبَائِعُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ 292 وَيَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَإِنَّمَا قِيلَ (يَبِيعُ الْحَاكِمُ الْمَبِيعَ) لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرَقَةَ بِالدُّيُونِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفُوا فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَصَارَ بَيْعُ التَّرِكَةِ مِنْ وَظَائِفِ الْقَاضِي وَإِذَا بَاعَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فَلِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ (خَيْرِيَّةٌ) أَمَّا إذَا بَاعَ الْقَاضِي التَّرِكَةَ بِبَدَلِ الْمِثْلِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ (بَدَلِ الْمِثْلِ) قِيمَتُهُ الْحَقِيقِيَّةُ فَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ التَّرِكَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (نُورُ الْعَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 297) إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 297) إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى

الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَبِيعُ. أَمَانَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَلَا يُزَاحِمُهُ سَائِرُ الْغُرَمَاءِ. يَعْنِي لَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِيمَا يُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ التَّرِكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْمَادَّةِ 293 لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي بِطَلَبِهِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ أَخْذِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ.

الفصل السادس فيما يتعلق بسوم الشراء وسوم النظر

[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَسَوْمِ النَّظَرِ] فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَسَوْمِ النَّظَرِ (السَّوْمُ) بِوَزْنِ النَّوْمِ يُضَافُ إلَى الْبَائِعِ فَيُقَالُ (سَوْمُ الْبَائِعِ) وَهُوَ تَعْيِينُ الثَّمَنِ لِمَتَاعٍ مَعْرُوضٍ لِلْبَيْعِ وَكَذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْمُشْتَرِي فَيُقَالُ (سَوْمُ الْمُشْتَرِي) وَهُوَ بِمَعْنَى عَرْضُ الْمُشْتَرِي ثَمَنًا آخَرَ. خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: أَوَّلًا - إذَا سُمِّيَ الثَّمَنُ فَالْمَالُ الَّذِي يَقْبِضُهُ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهُ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ. ثَانِيًا - إذَا لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. سَوْمُ النَّظَرِ: الْمَالُ الَّذِي يُقْبَضُ لِيُنْظَرَ إلَيْهِ وَيُرَى أَمَانَةً. (الْمَادَّةُ 298) . مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ مَالًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ أَوْ ضَاعَ فِي يَدِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَزِمَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ لَزِمَ عَلَيْهِ أَدَاءُ مِثْلِهِ لِلْبَائِعِ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ وَيُسَمِّيَ لَهُ ثَمَنًا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ بِلَا تَعَدٍّ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنُ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَلْفُ قِرْشٍ اذْهَبْ بِهَا فَإِنْ أَعْجَبَتْك اشْتَرِهَا فَأَخَذَهَا الْمُشْتَرِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِيَشْتَرِيَهَا فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ لَزِمَ عَلَيْهِ أَدَاءُ قِيمَتِهَا لِلْبَائِعِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ بَلْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي خُذْهَا فَإِنْ أَعْجَبَتْك فَاشْتَرِهَا وَأَخَذَهَا الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ إذَا أَعْجَبَتْهُ يُقَاوِلُهُ عَلَى الثَّمَنِ وَيَشْتَرِيهَا فَبِهَذِهِ الصُّورَةِ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حَقِيقَةً أَمْ حُكْمِيَّةً وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ الَّذِي سُلِّمَ إلَى الْمُسَاوِمِ الطَّالِبِ الشِّرَاءِ عَيْنَ الْمَالِ الْمُسَاوَمِ عَلَيْهِ أَمْ كَانَ مَالًا آخَرَ سُلِّمَ إلَى الْمُسَاوِمِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ الْمَالُ الْمُسَاوَمُ بِهِ وَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُسَاوِمِ كَذَلِكَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى وَرَثَتِهِ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكُوهُ بَعْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ وَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي ذَلِكَ لَوْ اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسَاوِمُ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَيَضْمَنُ أُولَئِكَ

قِيمَةَ الْمَالِ الْمُسَاوَمِ بِهِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا وَلَوْ تَجَاوَزَتْ الْقِيمَةُ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى وَيَضْمَنُونَ مِثْلَهُ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الشَّخْصُ الَّذِي اسْتَلَمَ الْمَبِيعَ مَا اسْتَلَمَهُ مُسَاوَمَةً أَوْ أَتْلَفَهُ فِي حَيَاةِ الْبَائِعِ وَقَبْلَ رُجُوعِهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ اسْتِهْلَاكَهُ لِذَلِكَ الْمَالِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ الْبَيْعَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ اسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي وَالْوَارِثِ أَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ كَانَ رَاضِيًا بِإِمْضَاءِ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَا اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُهُ لِأَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ الْعَاقِدِ بَلْ الْعَقْدُ انْفَسَخَ بِمَوْتِهِ وَبَقِيَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَارِثِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ دُونَ الثَّمَنِ. وَتَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حَقِيقَةً أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ ثَمَنَ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَلْفُ قِرْشٍ فَخُذْهَا إذَا رَغِبْت فِيهَا فَيَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي قَائِلًا سَأَشْتَرِيهَا إذَا أَعْجَبَتْنِي. وَتَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حُكْمًا كَأَنْ يُسَمِّيَ أَحَدُ الْمُتَسَاوِمِينَ الثَّمَنَ وَيَظْهَرَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالثَّمَنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَلْفُ قِرْشٍ فَإِذَا أَعْجَبَتْك فَاشْتَرِهَا فَتُسَلَّمُ وَيُسَلِّمُ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي تِلْكَ الدَّابَّةَ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ اسْتِنَادًا عَلَى كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ أَنْ يُصَرِّحَ الْمُشْتَرِي بِالْقَبُولِ إذَا أَعْجَبَهُ أَوْ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي سَآخُذُ هَذِهِ الدَّابَّةَ فَإِنْ أَعْجَبَتْنِي اشْتَرَيْتهَا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَلَمْ يَأْخُذْ الْبَائِعُ شَيْئًا صَرَاحَةً إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مَالًا عَلَى جِهَةِ سَوْمِ الشِّرَاءِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي إنَّ ثَمَنَ هَذَا الْمَالِ عِشْرُونَ قِرْشًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي كَلًّا بَلْ آخُذُهُ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ بَيْعَهُ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ الْعِشْرِينَ قِرْشًا بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ لَكِنْ الْقِيَاسُ يُوجِبُ ضَمَانَ الْقِيمَةِ (هِنْدِيَّةٌ) وَإِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَوْ مَاتَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 183) حَتَّى إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ دَفْعُ بَدَلَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِهْلَاكُ هَذَا الْمَالِ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَكَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ مَالًا لَمْ يَبِعْهُ مِنْهُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ (طَحْطَاوِيٌّ) . وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ سَأَنْظُرُ إلَى الْمَالِ أَوْ أُرِيه غَيْرِي فَلَا يَسْقُطُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْأَخِيرِ الضَّمَانُ الَّذِي يَلْزَمُ (بَزَّازِيَّةٌ) وَإِذَا اشْتَرَطَ طَالِبُ الشِّرَاءِ أَيْ الْمُسَاوِمُ أَوْ الْبَائِعُ حِينَ الْقَبْضِ أَلَّا يَلْزَمَ الْمُشْتَرِي ضَمَانٌ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ. مُؤَيَّدُ زَادَهْ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسَاوِمُ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَأَرَى مُوَكِّلَهُ الْمَالَ فَلَمْ يَقْبَلْ بِهِ وَرَدَّهُ إلَى الْوَكِيلِ فَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ تَوَجَّهَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِالْمُسَاوَمَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ بِالشِّرَاءِ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ أَوْ سَمَّاهُ إلَّا أَنَّ الْمُسَاوِمَ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ لِلشِّرَاءِ بَلْ لِيَرَاهُ أَوْ يُرِيه غَيْرَهُ فَالْمُسَاوَمُ بِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ فَإِذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 768) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الثَّمَنَ فِي سَوْمِ الشِّرَاءِ وَقَبِلَ الْآخَرُ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً ثُمَّ

(المادة 299) ما يقبض على سوم النظر

تَلِفَ الْمَبِيعُ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُتَعَاقِدَانِ الثَّمَنَ أَصْلًا أَوْ يُسَمِّ الْبَائِعُ فَلَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَأَخَذَهُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ بِرِضَا الْبَائِعِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَبِيعُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَجَاءَ فِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) قَالَ لَهُ هَذَا الثَّوْبُ لَك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ هَاتِهِ أَنْظُرُ إلَيْهِ أَوْ أُرِيه غَيْرِي فَأَخَذَهُ عَلَى هَذَا وَضَاعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ هَذَا الْمَالُ بِعِشْرِينَ قِرْشًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْته بِعَشَرَةٍ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ تَمَامًا (بَزَّازِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ كَأْسًا مِنْ حَانُوتِ الزَّجَّاجِ بِدُونِ تَسْمِيَةٍ عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ يُرِيَهُ غَيْرَهُ فَيَشْتَرِيَهُ إذَا أَعْجَبَهُ فَوَقَعَتْ الْكَأْسُ مِنْ يَدِهِ وَكَسَرَتْ كُؤُوسًا أُخْرَى فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ تِلْكَ الْكَأْسِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِلثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ الْكُؤُوسَ الْأُخْرَى سَوَاءٌ أَذَكَرَ ثَمَنَ الْكَأْسِ أَمْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 925) وَأَمَّا إذَا أَخَذَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْكَأْسَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ بَيَّنَ كَأَنْ يَسْأَلَ الشَّخْصُ صَاحِبَ الْحَانُوتِ عَنْ ثَمَنِ الْكَأْسِ فَيَقُولَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَيَقُولَ الشَّخْصُ سَآخُذُهُ وَأَرْفَعُهُ فَيَقُولَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ خُذْهُ وَارْفَعْهُ فَيَأْخُذُهُ فَبِحَسَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْكَأْسِ وَلِلْكُؤُوسِ الْأُخْرَى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 771) كَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ شَخْصٌ مَالَهُ إلَى الدَّلَّالِ لِيَبِيعَهُ فَتَرَكَ الدَّلَّالُ ذَلِكَ لِشَخْصٍ يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَضَاعَ يُنْظَرُ فَإِذَا سَمَّى الثَّمَنَ يَضْمَنُ الشَّخْصُ قِيمَتَهُ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ لَمْ يَضْمَنْ إذَا كَانَ الدَّلَّالُ مَأْذُونًا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الطَّالِبِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّلَّالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 91 و 1464) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا يَضْمَنُ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) (هِنْدِيَّةٌ) . فِي تَعَدُّدِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُؤْخَذُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ: إذَا أَخَذَ شَخْصٌ ثَلَاثَةَ أَمْتِعَةٍ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ لِيَشْتَرِيَ وَاحِدًا مِنْهَا وَسَمَّى الثَّمَنَ فَهَلَكَتْ جَمِيعُهَا جُمْلَةً أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَمْ يَدْرِ أَيَّهَا تَلِفَ أَوَّلًا وَأَيَّهَا تَلِفَ ثَانِيًا ضَمِنَ الشَّخْصُ ثُلُثَ بَدَلِ الْأَمْتِعَةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ (بَزَّازِيَّةٌ) مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ أَحَدِهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا وَالثَّانِي عِشْرُونَ وَالثَّالِثِ عَشَرَةٌ فَتَتْلَفُ الْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ جُمْلَةً أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهَا تَلِفَ قَبْلَ سَائِرِهَا فَيَضْمَنُ الشَّخْصُ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُلُثَ السِّتِّينَ الَّتِي هِيَ مَجْمُوعُ أَثْمَانِ الْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَيَّهَا تَلِفَ قَبْلَ الْبَاقِي فَيَضْمَنُ الْمُسَاوَمَ الَّذِي تَلِفَ أَوَّلًا وَيَكُونُ الْبَاقِي أَمَانَةً وَإِذَا تَلِفَ ثَوْبَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا تَلِفَ أَوَّلًا فَيَضْمَنُ نِصْفَ بَدَلِهِمَا وَالثَّالِثُ أَمَانَةٌ يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ مَا هُوَ أَمَانَةٌ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُ الْمُسَاوِمُ شَيْئًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 299) مَا يُقْبَضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ] (الْمَادَّةُ 299) مَا يُقْبَضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ وَهُوَ أَنْ يَقْبِضَ مَالًا لِيَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ لِيُرِيَهُ لِآخَرَ سَوَاءٌ أَبَيَّنَ ثَمَنَهُ أَمْ لَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْقَابِضِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ بِلَا تَعَدٍّ.

أَشْبَاهٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَالْمَادَّةَ 778) لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ لَا عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ أَيْ سَوْمِ الشِّرَاءِ أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ ذَلِكَ الْمَالَ فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 912) وَلِذَلِكَ إذَا نَظَرَ شَخْصٌ إلَى الْخَلِّ الَّذِي يُرِيدُ شِرَاءَهُ فَرَعَفَ وَسَالَ الدَّمُ مِنْ أَنْفِهِ فِي زِقِّ الْخَلِّ فَقَذَرَ الْخَلَّ فَإِنْ كَانَ نَظَرُهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْخَلِّ فَلَا يَضْمَنُ (الْخَانِيَّةُ) .

الباب السادس في بيان الخيارات ويشتمل على سبعة فصول

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْخِيَارَاتِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ] الْخِيَارَاتُ جَمْعُ خِيَارٍ وَقَدْ سَبَقَ تَعْرِيفُهُ فِي الْمَادَّةِ 116 وَتُقْسَمُ خَمْسَةَ تَقَاسِيمَ: التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ: بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ وَتَحْتَهُ: (1) خِيَارُ الشَّرْطِ (2) خِيَارُ وَصْفِ الْمَبِيعِ (3) خِيَارُ النَّقْدِ (4) خِيَارُ التَّعْيِينِ (5) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (6) خِيَارُ الْعَيْبِ (7) خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ وَهَذِهِ الْخِيَارَاتُ السَّبْعَةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَلَّةِ وَبُيِّنَتْ أَحْكَامُهَا (8) خِيَارُ وَصْفِ الثَّمَنِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 187) (9) خِيَارُ الْقَبُولِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 181) (10) خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 243) (11) خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 217 و 218) . (12) خِيَارُ تَكَشُّفِ الْحَالِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 238) (13) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِظُهُورِ الْمَبِيعِ نَاقِصًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 223) ، (14) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 293) ، (15) خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 239) ، (16) خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 351) (17) خِيَارُ الْخِيَانَةِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 360) . (18) خِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 378) (19) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 590) (20) خِيَارُ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ يَعْنِي إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ غَرَّرَ بِالْمُشْتَرِي فِعْلًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ عِنْدَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا رَبَطَ الْبَائِعُ ضَرْعَ بَقَرَتِهِ وَلَمْ يَحْلِبْ لَبَنَهَا حَتَّى تَجَمَّعَ لِيُغْرِ بِهِ الْمُشْتَرِيَ فَيَظُنَّ أَنَّ الْبَقَرَةَ كَثِيرَةُ اللَّبَنِ فَاغْتَرَّ الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَى الْبَقَرَةَ ظَانًّا أَنَّهَا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ فَالْبَائِعُ قَدْ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِعْلًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ الْبَقَرَةَ وَقِيمَةَ اللَّبَنِ الَّذِي احْتَلَبَهُ مِنْ الْبَقَرَةِ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ يَرُدُّ الْبَقَرَةَ فَقَطْ وَصَاعَ تَمْرٍ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا يَرَى لَهُ رَدَّ الْبَقَرَةِ بَلْ يُمْسِكُهَا وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. (21) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 747) . (22) خِيَارُ عَيْبِ الشَّرِكَةِ وَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ فُضُولِيٌّ كُلَّ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ مُشَاعًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَجَازَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَفَسَخَ الْآخَرُ فَالْبَيْعُ نَافِذٌ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَمُنْفَسِخٌ فِي حِصَّةِ الْفَاسِخِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّةَ الْمُجِيزِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ تِلْكَ وَيُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ خِيَارَ عَيْبِ الشَّرِكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. بَزَّازِيَّةٌ) . - التَّقْسِيمُ الثَّانِي: بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ: الْخِيَارُ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كِلَيْهِمَا

وَهُوَ: (1) خِيَارُ الشَّرْطِ (2) خِيَارُ النَّقْدِ (3) خِيَارُ التَّعْيِينِ (4) خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ (5) خِيَارُ الْقَبُولِ (6) خِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ. الثَّانِي: الْخِيَارُ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَهُوَ: (1) خِيَارُ وَصْفِ الْمَبِيعِ. (2) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. (3) خِيَارُ الْعَيْبِ. (4) خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ. (5) خِيَارُ تَكَشُّفِ الْحَالِ. (6) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِظُهُورِ الْمَبِيعِ نَاقِصًا. (7) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (8) خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ. (9) خِيَارُ الْخِيَانَةِ. (10) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا. (11) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا. الثَّالِثُ الْخِيَارُ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَهُوَ خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ (2) خِيَارُ وَصْفِ الثَّمَنِ (3) خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ. - التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ - بِاعْتِبَارِ التَّوَقُّفِ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَعَدَمِهِ فَيَكُونُ نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَهُوَ (1) خِيَارُ الشَّرْطِ (2) خِيَارُ وَصْفِ الْمَبِيعِ (3) خِيَارُ وَصْفِ الثَّمَنِ (4) خِيَارُ التَّعْيِينِ. الثَّانِي: الَّذِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاتِّفَاقِ وَهُوَ (1) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (2) خِيَارُ الْعَيْبِ (خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ) (4) خِيَارُ الْقَبُولِ (5) خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ (6) خِيَارُ تَكَشُّفِ الْحَالِ (7) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِظُهُورِ الْمَبِيعِ نَاقِصًا (8) خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (9) خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ (10) خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ (11) خِيَارُ الْخِيَانَةِ (12) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا (13) خِيَارُ ظُهُورِ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا (14) خِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ. - التَّقْسِيمُ الرَّابِعُ - بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَوْرُوثًا وَعَدَمِهِ. فَيَكُونُ نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: يُورَثُ وَهُوَ (1) خِيَارُ الْوَصْفِ (2) خِيَارُ التَّعْيِينِ (3) خِيَارُ الْعَيْبِ. الثَّانِي: مَا لَا يُورَثُ وَهُوَ (1) خِيَارُ الشَّرْطِ (2) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (3) خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ. - التَّقْسِيمُ الْخَامِسُ - بِاعْتِبَارِ الْأَجَلِ: وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: مَا لَهُ أَجَلٌ وَهُوَ (1) خِيَارُ الشَّرْطِ (2) خِيَارُ النَّقْدِ. الثَّانِي: مَا لَا أَجَلَ لَهُ وَهُوَ (1) خِيَارُ الْوَصْفِ (2) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (3) خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ هَذَا وَتَقْسِيمُ الْخِيَارَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ

الفصل الأول في بيان خيار الشرط

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ خِيَارِ الشَّرْطِ] إنَّ إضَافَةَ (خِيَارِ) إلَى (الشَّرْطِ) مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ إلَى الْمُسَبَّبِ لِأَنَّ سَبَبَ هَذَا الْخِيَارِ هُوَ الشَّرْطُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ الْخِيَارِ أَيْ الَّذِي اشْتَرَطَهُ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ مُخَيَّرًا فِي قَبُولِ الْعَقْدِ وَرَدِّهِ، وَيَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ بَعْدَ انْعِقَادِ الصِّلَةِ يَعْنِي مَعَ أَنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ أَخْرَجَ الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِدْخَالَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الْخِيَارُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ. وَالْعِلَّةُ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ: الْعِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَهِيَ مَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ وَتَرَاخِيهِ عَنْهَا كَالسَّوَادِ مَعَ الِاسْوِدَادِ فَإِذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ وَجَبَ الْحُكْمُ بِمَعْلُولِهَا كَالصَّبْغِ مَثَلًا فَإِنَّهُ عِلَّةٌ لِلِاصْطِبَاغِ فَإِذَا وُجِدَ الصَّبْغُ وُجِدَ الِاصْطِبَاغُ بِدُونِ تَرَاخٍ وَلَا يَكُونُ حُصُولُ الصَّبْغِ فِي زَمَنٍ وَالِاصْطِبَاغِ فِي زَمَنٍ آخَرَ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ كَعِلَّةِ الْبَيْعِ فِي الْمِلْكِ، وَالْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ تَخَلُّفُهُ عَنْ الْعِلَّةِ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ تَرَاخِيهِ وَتَرَاخِي الْحُكْمِ يَنْشَأُ عَنْ مَوَانِعَ وَهِيَ أَنْوَاعٌ: 1 - مَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعِلَّةِ كَإِضَافَةِ الْبَيْعِ إلَى الْحُرِّ مِنْ بَنِي آدَمَ فَالْبَيْعُ هَذَا لَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ وَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إلَّا فِيمَا كَانَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ. 2 - مَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْعِلَّةِ كَإِضَافَةِ الْبَيْعِ إلَى مَالِ الْغَيْرِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ لِلْغَيْرِ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهِ نَافِذًا بَلْ مَوْقُوفًا. 3 - مَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ كَخِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ أَيْ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . 4 - مَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. 5 - مَا يَمْنَعُ لُزُومَ الْحُكْمِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَخِيَارُ الشَّرْطِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْبَيْعِ بَلْ يَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ وَالْقِسْمَةِ وَتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ أَيْ يَجْرِي فِي كُلِّ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ الَّتِي تَقْبَلُ الْفَسْخَ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَفِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ لِلْكَفِيلِ وَفِي الْحَوَالَةِ لِلْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ أَمَّا فِي الصُّلْحِ عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ الْقِصَاصُ فَلَا يَجْرِي فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَكَذَلِكَ الْإِبْرَاءُ وَالْوَكَالَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةُ وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْيَمِينُ وَالنَّذْرُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ فَخِيَارُ الشَّرْطِ فِي كُلِّ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ أَنَّ الْخِيَارَ الْمَشْرُوطَ فِي ذَلِكَ لَا حُكْمَ لَهُ فَالْإِبْرَاءُ وَالْوَكَالَةُ وَالْإِقْرَارُ كُلُّ ذَلِكَ يَصِحُّ بِلَا خِيَارٍ وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ كَذَا يَوْمًا

(المادة 300) يجوز أن يشرط الخيار بفسخ البيع أو إجازته مدة معلومة

فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذَا صُدِّقَ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْإِقْرَارِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ يَقْبَلُ الْخِيَارَ. اسْتِثْنَاءٌ: إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ عَقْدَ الْإِقْرَارِ الَّذِي فِيهِ خِيَارٌ رَجَعَ الْإِقْرَارُ إلَى الْبَيْعِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 60) أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ الْخِيَارَ فِي الْبَيْعِ فَالْمُقِرُّ مُكَلَّفٌ بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ (بَحْرٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) [ (الْمَادَّةُ 300) يَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ الْخِيَارُ بِفَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إجَازَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً] (الْمَادَّةُ 300) يَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ الْخِيَارُ بِفَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إجَازَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ. وَكَمَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِكِلَيْهِمَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَجُوزُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا قَبَضَ فِيهِ الْمَبِيعَ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ أَصِيلًا أَمْ وَكِيلًا أَمْ وَصِيًّا أَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا أَمْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَمْ أَكْثَرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ الَّتِي يُتَّفَقُ عَلَيْهَا مُعْتَبَرَةٌ مَهْمَا بَلَغَتْ مِنْ الْأَيَّامِ. وَقَدْ أَطْلَقَتْ الْمَجَلَّةُ الْمُدَّةَ إشَارَةً إلَى ذَلِكَ لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ مُدَّةُ الْخِيَارِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِذَا اشْتَرَطَ زِيَادَةً عَنْ ذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالصَّاحِبَيْنِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْخِيَارِ كَمَا يُتَّفَقُ عَلَيْهَا كَالْأَجَلِ فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَيُرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ لَكِنْ فِي بَيْعِ مَا يَسْرُعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ إذَا شُرِطَتْ مُدَّةٌ لَا يَبْقَى مَعَهَا الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ وَإِمَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمَبِيعَ حَتَّى لَا يَتْلَفَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 31) فَعَلَى ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَمَا لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ وَيُتْلِفْ الْمَبِيعَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ شَهْرًا فِي اللَّحْمِ الَّذِي شَرَاهُ فَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ. وَخِيَارُ الشَّرْطِ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَمَّا السُّنَّةُ فَإِنَّ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ شَكَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضَّرَرَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قُلْ لَا خِلَابَةَ وَإِذَا بِعْت بَيْعًا فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ» وَالْخِلَابَةُ الْخَدِيعَةُ وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ فَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ فِيمَا يَشْتَرِيه وَيَبِيعُهُ حَتَّى لَا يُضَرَّ فِي ذَلِكَ وَلَا يَكُونَ ذَلِكَ إلَّا بِخِيَارِ الشَّرْطِ (فَتْحٌ. عِنَايَةٌ) . تَقْسِيمُ خِيَارِ الشَّرْطِ: يَنْقَسِمُ خِيَارُ الشَّرْطِ بِأَرْبَعَةِ اعْتِبَارَاتٍ: الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: 1 - اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ. 2 - لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ. 3 - لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا. 4 - لِلْأَجْنَبِيِّ.

وَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْأُولَى سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. أَمَّا الرَّابِعَةُ فَتُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ وَمِثَالُهَا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْت هَذَا الْمَتَاعَ بِكَذَا قِرْشًا إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ فُلَانٌ فِي مُدَّةِ كَذَا يَوْمًا وَيَقْبَلُ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فَالْخِيَارُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَرْطٌ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَإِذَا رَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ أَصْبَحَ الْبَيْعُ لَازِمًا وَإِذَا لَمْ يَرْضَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَإِذَا لَمْ تُعَيَّنْ الْمُدَّةُ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا. التَّقْسِيمُ الثَّانِي: بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ وَتَحْتَهُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ وَهِيَ: 1 - اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مُدَّةً بِأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارَ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ أَوْ تَأْبِيدٍ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتَ مُخَيَّرٌ. 2 - اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مُؤَبَّدًا كَأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِي شَخْصٌ مَالًا مُشْتَرَطًا لَهُ الْخِيَارُ أَبَدًا. 3 - أَنْ يُشْتَرَطَ الْخِيَارُ مُوَقَّتًا بِوَقْتٍ مَجْهُولٍ كَأَنْ يُشْتَرَطَ بِضْعَةَ أَيَّامٍ بِدُونِ أَنْ يُبَيَّنَ عَدَدُهَا أَوْ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ حُضُورِ فُلَانٍ مِنْ سَفَرٍ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (مُدَّةً مَعْلُومَةً) وَعِنْدَ مَالِكٍ يَجُوزُ وَتُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ كَمُدَّةِ خِيَارِ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ أَحْمَدَ بِصِحَّتِهَا وَمَعَ قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الْخِيَارُ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ بَلْ قَالَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْآخَرِ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَقَطْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 55) . وَالْبَيْعُ بِالْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِمُدَّةِ الْخِيَارِ فَاسِدٌ لَكِنْ إذَا أَسْقَطَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ بَعْدَ بِضْعَةِ أَيَّامٍ يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 22) . 4 - أَنْ يُشْتَرَطَ الْخِيَارُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَالْعَقْدُ مَعَ هَذَا صَحِيحٌ (مُعَرِّبٌ) التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ بِاعْتِبَارِ زَمَانِ الشَّرْطِ وَتَحْتَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: 1 - وُقُوعُهُ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك هَذَا الْمَالَ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَيَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الشُّرُوطِ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ. 2 - وُقُوعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ بِضْعَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ وَتَجْرِي فِيهِ الْأَرْبَعُ الصُّوَرِ الْمَاضِيَةِ فِي التَّقْسِيمِ السَّابِقِ فَإِذَا قَالَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْآخَرِ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا خِيَارٍ قَدْ خَيَّرْتُك فِي الْبَيْعِ أُسْبُوعًا ثَبَتَ بِذَلِكَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لِي عِنْدَك مَالِي أَوْ الْمِائَةُ الْقِرْشِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ يُعَدُّ ذَلِكَ خِيَارُ شَرْطٍ أَيْ يَكُونُ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ هَذَا قَدْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. 3 - اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهَذَا لَا حُكْمَ لَهُ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ خَيَّرْتُك فِي الْبَيْعِ الَّذِي سَنَعْقِدُهُ ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمَا الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَيْ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ خِيَارٌ.

التَّقْسِيمُ الرَّابِعُ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ. وَتَحْتَهُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: - 1 - أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ. 2 - أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ خِيَارٌ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا حُكْمَ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ أَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) وَيَرِدُ عَلَيْنَا الِاعْتِرَاضُ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مُسْتَوْجِبٌ لِلْفَسْخِ ذَاتًا فَمَا فَائِدَةُ الْخِيَارِ فِيهِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَوْلَا الْخِيَارُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ بِقَبْضِهِ. 3 - أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَهَذَا ظَاهِرٌ. 4 - أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ مَالِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ فَهَذَا صَحِيحٌ فُصِّلَ الثَّمَنُ أَوْ لَمْ يُفَصَّلْ لِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْمَالِ الْقِيَمِيِّ الْوَاحِدِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ بِعْت هَذِهِ الْفَرَسَ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي نِصْفِهَا فَالْخِيَارُ فِي النِّصْفِ وَالْبَيْعُ صَحِيحَانِ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ: الثَّانِيَةُ: فِي الْأَمْوَالِ الْمِثْلِيَّةِ الْخِيَارُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ مَا فِيهِ الْخِيَارُ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ أَيْضًا فُصِّلَ الثَّمَنُ أَمْ لَمْ يُفَصَّلْ لِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَجْزَاءِ الْمِثْلِيَّاتِ. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ بِعْتُك هَذِهِ الْخَمْسُونَ كَيْلَةً حِنْطَةً عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي نِصْفِهَا فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أَوْ قَبِلْت فَالْبَائِعُ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ أَيْ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا فَيَكُونُ ثَمَنُ نِصْفِهِ مَعْلُومًا وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَالْجَوَازَ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي نِصْفِهَا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِي النِّصْفِ. وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَعْمَلَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ وَفَسَخَ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ إلَّا أَنَّهُ بِقَبُولِ الطَّرَفِ الْآخَرِ لِهَذَا الشَّرْطِ حَصَلَ التَّرَاضِي. 3 - فِي بَيْعِ مَالَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ إذَا عُيِّنَ ثَمَنُ الْمَالِ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ فَالْبَيْعُ وَالْخِيَارُ صَحِيحَانِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ هَذَا الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَهَذَا الْأَبْلَقِ ثَمَانِيَةٌ وَقَدْ بِعْتهمَا عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي الْأَبْلَقِ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ وَالْخِيَارُ صَحِيحَانِ. وَيَكُونُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ غَيْرَ صَحِيحٍ فِي الصُّوَرِ التَّالِيَةِ: 1 - إذَا لَمْ يُفَصِّلْ قِيمَةَ الْمَالَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْخِيَارُ فَلَا الْخِيَارُ وَلَا الْبَيْعُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ صَحِيحَانِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ مَجْهُولَانِ. 2 - إذَا فُصِّلَ ثَمَنُ الْمَالَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيَّنْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْخِيَارِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى مَجْهُولًا

(المادة 301) كل من شرط له الخيار في البيع يصير مخيرا بفسخ البيع في المدة المعينة للخيار

فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَالَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ وَعُيِّنَ مَحَلُّ الْخِيَارِ فِيهِمَا لَكِنْ لَمْ يُفَصَّلْ الثَّمَنُ فَالْبَيْعُ فِي ذَلِكَ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ لِأَنَّ مَا يُشْرَطُ فِيهِ الْخِيَارُ يَكُونُ كَالْخَارِجِ مِنْ الْبَيْعِ وَالدَّاخِلُ هُوَ الْمَبِيعُ الْآخَرُ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الدَّاخِلِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 200 و 338) وَقَدْ جَاءَ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ (وَلَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ) . [ (الْمَادَّةُ 301) كُلّ مِنْ شَرْط لَهُ الْخِيَار فِي الْبَيْع يَصِير مُخَيّرًا بِفَسْخِ الْبَيْع فِي الْمُدَّة الْمُعينة لِلْخِيَارِ] الْمُخَيَّرُ خِيَارَ شَرْطٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ وَكِيلَيْهِمَا أَوْ وَصِيَّهُمَا أَوْ أَجْنَبِيًّا. وَالْمَقْصِدُ مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَنَّ صَاحِبَ الْخِيَارِ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي مَجْمُوعِ الْمَبِيعِ وَتَبْلِيغُ ذَلِكَ إلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ فَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَمَئُونَةُ رَدِّهِ عَلَيْهِ. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: إذَا كَانَ صَاحِبُ الشَّرْطِ وَكِيلًا أَوْ وَصِيًّا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِيَارِهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ بَاعَ الْمَالَ بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِأَنْقَصَ (هِنْدِيَّةٌ) . وَإِذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ اسْتِحْسَانًا وَلِلْمُسْتَنِيبِ أَيْضًا أَيْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ ابْتِدَاءً ثُمَّ لِلْغَيْرِ نِيَابَةً تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ لَوْ شُرِطَ لِجِيرَانِهِ إنْ عَدَّ أَسْمَاءَهُمْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَإِذَا شَرَطَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَهُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّصْرِيحِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ لَهُ وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ لِشَارِطِهِ مِنْ فَسْخٍ أَوْ إجَازَةٍ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ أَوْ يُجِيزَ وَإِنْ كَرِهَهُ وَلَيْسَ لِلشَّارِطِ لَهُ عَزْلُهُ وَلَا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ عَلَى الْأَصَحِّ لَا تَوْكِيلٌ 4 (بَاجُورِيّ) . وَلِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى: أَنْ يُجِيزَ النَّائِبُ وَيُوَافِقُ الْمُسْتَنِيبُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا: الثَّانِيَةُ: أَنْ يَفْسَخَ أَحَدُهُمَا وَيُجِيزَ الْآخَرُ وَيُرْفَعُ خِيَارُ الشَّرْطِ فَالسَّابِقُ مِنْ الْفَسْخِ أَوْ الْإِجَازَةِ الْمُعْتَبَرُ وَالْأَخِيرُ لَا حُكْمَ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . الثَّالِثَةُ: أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَنِيبُ فِي اللَّحْظَةِ الَّتِي أَجَازَ فِيهَا النَّائِبُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَيُرَجَّحُ جَانِبُ الْفَسْخِ لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لَهُ فَجَانِبُهُ أَوْلَى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 46) . قِيلَ فِي (جَمِيعِ الْمُدَّةِ) فَإِذَا شُرِطَ الْخِيَارُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَصَاحِبُ الْخِيَارِ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ كُلِّهَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَنْتَهِي الْخِيَارُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْخَامِسِ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمُ الْخَامِسُ فِي الْخِيَارِ فَالْمُخَيَّرُ إلَى اللَّيْلِ أَوْ الظُّهْرِ مُخَيَّرٌ فِي اللَّيْلَةِ كُلِّهَا وَفِي وَقْتِ الظُّهْرِ كُلِّهِ وَلَا يَنْتَهِي الْخِيَارُ قَبْلَ مُرُورِ الْغَايَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي مِيزَانِ الشَّعْرَانِيِّ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إنَّ

الْخِيَارَ إذَا شُرِطَ إلَى اللَّيْلِ لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ فِي الْخِيَارِ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ اللَّيْلَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَوَّلُ فِيهِ تَشْدِيدٌ وَالثَّانِي فِيهِ تَخْفِيفٌ وَتَوْسِعَةٌ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ أَوْ الْإِجَازَةُ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ الْإِجَازَةُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَالْفَسْخُ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ فِيمَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَاشْتُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ أَيْ لَا يَكُونُ حُكْمٌ لِلْإِجَازَةِ أَوْ الْفَسْخِ وَيَبْقَى الْخِيَارُ عَلَى حَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا أَوْ كَانَ مَقْبُوضًا أَمْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مَانِعٌ لِتَمَامِ الصَّفْقَةِ فَالْإِجَازَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ تُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا بَعْدَ التَّمَامِ فَجَائِزٌ (هِنْدِيَّةٌ) . مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ بَغْلَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ ثُمَّ يَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا بِلَا تَعْيِينٍ أَوْ بِتَعْيِينٍ فَهَذَا الْإِبْطَالُ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا وَيَبْقَى الْخِيَارُ عَلَى حَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ بَغْلَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ فَنَقَضَ الْبَيْعَ فِي النِّصْفِ فَهَذَا النَّقْضُ بَاطِلٌ (هِنْدِيَّةٌ. أَنْقِرْوِيّ) . قُلْنَا (يُشْتَرَطُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالْفَسْخِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الْخِيَارِ إذَا فَسَخَ الْخِيَارَ بِالْقَوْلِ فَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ يَجِبُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِذَا فَسَخَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ عَلِمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا فَسَخَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الْبَيْعَ فِي غِيَابِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَهَذَا الْفَسْخُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِهِ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ كَانَتْ إجَازَتُهُ صَحِيحَةً. أَمَّا إذَا عَلِمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ تَمَّ الْبَيْعُ (خُلَاصَةٌ) وَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَاخْتَفَى الْبَائِعُ لِيَكُونَ الْبَائِعُ عَاجِزًا عَنْ فَسْخِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي يَصِحُّ الْفَسْخُ الْقَوْلِيُّ بِدُونِ عِلْمِ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهَا أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَكَذَلِكَ يَجْرِي هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَّا الْفَسْخُ الْفِعْلِيُّ فَيَجُوزُ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَيَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ يُؤَجِّرَهُ فَالْبَيْعُ بِذَلِكَ يَنْفَسِخُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ بَيْعَ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ أَوْ إيجَارَهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي يَكُونُ عَيْنًا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الْفَسْخِ وَمَوَانِعُ الْفَسْخِ: (1) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ (2) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ (3) الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَانِعَةٌ (1) لِلْفَسْخِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَزَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسَّمْنِ وَالْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ وَذَهَابِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَصَبْغِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، أَوْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً

كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ فَالْبَيْعُ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ لَازِمٌ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنْ الزِّيَادَاتِ: الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الْفَسْخِ كَغَلَّةِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ إيجَارِهِ فَإِذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ يَأْخُذُ الزِّيَادَةَ مَعَ أَصْلِ الْبَيْعِ وَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ يَرُدُّ الْأَصْلَ مَعَ الزِّيَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ يَرُدُّ الْأَصْلَ لَا غَيْرُ - وَالزَّوَائِدُ لِلْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ، بَحْرٌ) وَلِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ إجَازَةُ - الْبَيْعِ إنْ شَاءَ بِشَرْطِ (1) أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَ (2) أَنْ تَكُونَ الْإِضَافَةُ حَالًا أَوْ مُضَافَةً وَ (3) أَلَّا يَكُونَ مَانِعٌ مِنْ الْإِجَازَةِ - وَ (4) أَنْ يَكُونَ الْمُخَيَّرُ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ وَ (5) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِالْإِجَازَةِ وَ (6) وَلَوْ كَانَتْ بِاتِّفَاقٍ عَلَى حَطٍّ أَوْ زِيَادَةٍ. وَفَوَائِدُ هَذِهِ الْقُيُودِ تَظْهَرُ فِيمَا يَلِي: فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ سِتَّةَ أَيَّامٍ فَلِلْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ السِّتَّةِ أَيَّامٍ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ أَنْ يُجِيزَهُ (1) قَيْدُ (جَمِيعَ الْمَبِيعِ) تَقَدَّمَ بَيَانُ ثَمَرَتِهِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (2) (حَالًا أَوْ مُضَافَةً) إنَّ إضَافَةَ إبْطَالِ الْخِيَارِ إلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ صَحِيحَةٌ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْخِيَارِ وَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي غَدًا فَالْإِبْطَالُ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ إنْ جَاءَ الْغَدُ بَطَلَ خِيَارِي. وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ غَدًا آتٍ لَا مَحَالَةَ أَمَّا إبْطَالُ الْخِيَارِ مُعَلَّقًا فَغَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْخِيَارِ إنْ لَمْ أَعْمَلْ هَذَا الْيَوْمَ الْفُلَانِيَّ فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ الْيَوْمَ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ. وَإِجَازَةُ الْبَيْعِ تَكُونُ بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَهَذَا الْإِسْقَاطُ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْبَعْضِ فَإِذَا أَسْقَطَ صَاحِبُ الْخِيَارِ خِيَارَهُ فِي الْكُلِّ وَأَجَازَ الْبَيْعَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ مُدَّةُ خِيَارِهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَسْقَطَ مِنْهَا سِتَّةً يَسْقُطُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَيَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَيَكُونُ كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ (هِنْدِيَّةٌ) أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يُسْقِطُ خِيَارَ الشَّرْطِ فَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ كَذَا يَوْمًا فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَا يَطْرَأُ بِذَلِكَ خَلَلٌ عَلَى خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِلَا نُقُودٍ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ (بَزَّازِيَّةٌ) (3) وَأَلَّا يَكُونَ مَانِعٌ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِجَازَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَمَا يَكُونُ مَا يَمْنَعُ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ يَكُونُ مَا يَمْنَعُ مِنْ إجَازَتِهِ. وَمَوَانِعُ الْإِجَازَةِ هِيَ: إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَيْنِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ أُخِذَ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا إذَا بَاعَ شَخْصٌ بَغْلَتَيْنِ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي فَتَلِفَتْ إحْدَى الْبَغْلَتَيْنِ أَوْ أُخِذَتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَلَا يَصِحُّ حَتَّى الْبَغْلَةَ الَّتِي لَمْ تَهْلَكْ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لَيْسَ مُنْعَقِدًا فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ بِالْحِصَّةِ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْبَغْلَةِ الْبَاقِيَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَبِمَا أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ مَجْهُولَةٌ فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ 332 (هِنْدِيَّةٌ) لَكِنْ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَهَلَكَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُخِذَتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى خِيَارِ الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) وَهَذَا الْفَرْقُ يُؤْخَذُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (308 و 309) ثَانِيًا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ الَّذِي يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا ثُمَّ ارْتَفَعَتْ قِيمَةُ هَذَا الْمَالِ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) (4) إذَا كَانَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنْ يَكُونَا مُخَيَّرَيْنِ إذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ فَسْخُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا أَنَّهُ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُجِيزَهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ ذَلِكَ لَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ شَرِكَةٌ يَتَضَرَّرُ بِهَا الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ صَفْقَتَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُجِيزَهُ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَمُنْفَسِخًا فِي نَصِيبِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ

(المادة 302) فسخ البيع وإجازته في مدة الخيار

قَدْ رَضِيَ بِعَيْبِ الشَّرِكَةِ (دُرُّ الْمُخْتَارِ، أَنْقِرْوِيّ) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهُمَا نِصْفُ أَحَدِهِمَا بِعَقْدٍ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ وَنِصْفُ الْآخَرِ بِعَقْدٍ آخَرَ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَإِذَا فَسَخَ أَحَدُ هَذَيْنِ الْبَائِعَيْنِ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَأَجَازَ الْآخَرُ صَحَّ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُتَعَدِّدًا كَأَنْ يَشْتَرِي اثْنَانِ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَا مُخَيَّرَيْنِ فِيهِ فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ أَبْطَلَتْ هَذِهِ الْإِجَازَةُ خِيَارَ الْآخَرِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَكَذَلِكَ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ إجَازَتُهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُجِيزَ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَفْسَخَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَحْصُلُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبُ الشَّرِكَةِ وَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19) أَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَيُجِيزُ انْفِرَادَ أَحَدِ الْمُخَيَّرَيْنِ بِالْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَلَيْسَ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهَا أَحَدُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا وَاشْتَرَى مَالًا مِنْ شَخْصَيْنِ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي حِصَّةِ أَحَدِهِمَا وَأَنْ يُجِيزَهُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ أَيْضًا (مُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، هِنْدِيَّةٌ) (5) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِهَذِهِ الْإِجَازَةِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إذَا قَصَدَ الْإِجَازَةَ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ قَبُولَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِخِيَارِ الْآخَرِ يَكُونُ إذْنًا مِنْهُ بِإِجَازَةِ الْبَيْعِ فِي أَيِّ زَمَانٍ شَاءَ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ حُضُورُ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَوْ عِلْمُهُ حِينَ الْإِجَازَةِ (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) (6) وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْإِجَازَةُ مَعَ تَرَاضٍ وَاتِّفَاقٍ عَلَى حَطٍّ أَوْ زِيَادَةٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اشْتَرَى مَالًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِيُسْقِطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ وَيُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ اصْطَلَحَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ مَالًا فَذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ فَزَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ مَالًا مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ لِيُسْقِطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ وَيُجِيزَ الْبَيْعَ وَاصْطَلَحَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَابْتِدَاءً لِعَقْدٍ جَدِيدٍ. [ (الْمَادَّةُ 302) فَسْخُ الْبَيْعِ وَإِجَازَتُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ] (الْمَادَّةُ 302) : فَسْخُ الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ يَكُونُ بِالْفِعْلِ. الْمُرَادُ مِنْ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ هُنَا مَا يَكُونُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ (مُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، هِنْدِيَّةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّ بَيْنَ هَذِهِ الْفُسُوخِ فَرْقًا فِي بَعْضِ أَحْكَامِهَا وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُفِيدُ أَوَّلًا صِحَّةَ الْفَسْخِ قَوْلًا ثَانِيًا صِحَّةُ الْقَوْلِ فِعْلًا ثَالِثًا صِحَّةُ الْإِجَازَةِ قَوْلًا رَابِعًا صِحَّةُ الْإِجَازَةِ فِعْلًا وَالصُّورَتَانِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ سَيُبَيَّنَانِ فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ وَالثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ سَيُبَيَّنَانِ فِي الْمَادَّةِ 305. [ (الْمَادَّةُ 303) الْإِجَازَةُ الْقَوْلِيَّةُ وَالْفَسْخُ الْقَوْلِيُّ] (الْمَادَّةُ 303) الْإِجَازَةُ الْقَوْلِيَّةُ هِيَ كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِلُزُومِ الْبَيْعِ كَأَجَزْتُ وَرَضِيتُ وَالْفَسْخُ الْقَوْلِيُّ هُوَ كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا كَفَسَخْتُ وَتَرَكْتُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ كَلَامٌ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَوْ فَسَخَهُ فِي قَلْبِهِ فَلَا يُعْتَدُّ

(المادة 304) الإجازة الفعلية والفسخ الفعلي

بِذَلِكَ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَاطِنِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِالظَّاهِرِ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ بِقَيْدِ الْكَلَامِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 2) فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَفَاهُ بِكَلَامٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَقَوْلِهِ أَحْبَبْت شِرَاءَ الْمَبِيعِ أَوْ رَغِبْتُ فِي شِرَائِهِ أَوْ سُرِرْتُ بِهِ فَلَا تَحْصُلُ بِذَلِكَ إجَازَةٌ (هِنْدِيَّةٌ) [ (الْمَادَّةُ 304) الْإِجَازَةُ الْفِعْلِيَّةُ وَالْفَسْخُ الْفِعْلِيُّ] (الْمَادَّةُ 304) الْإِجَازَةُ الْفِعْلِيَّةُ هِيَ كُلُّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْفَسْخُ الْفِعْلِيُّ هُوَ كُلُّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ كَأَنْ يَعْرِضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ أَوْ يَرْهَنَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ كَانَ إجَازَةً فِعْلِيَّةً يَلْزَمُ بِهَا الْبَيْعُ وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ فَسْخًا فِعْلِيًّا لِلْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68) كَذَلِكَ عَرْضُ الْمَبِيعِ لِلْبَيْعِ وَلَوْ بِخِيَارٍ وَرَهْنُهُ وَلَوْ بِلَا تَسْلِيمٍ أَوْ إعَارَتُهُ أَوْ هِبَتُهُ مَعَ التَّسَلُّمِ أَوْ زِرَاعَتُهُ أَوْ حَرْثُهُ أَوْ كَرْيُ نَهْرِهِ أَوْ رَعْيُ عُشْبِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَرْضًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ نَهْرًا مَعَ أَرْضٍ فَسَقَى أَرْضًا أُخْرَى مِنْهُ أَوْ دَارًا أَوْ حَانُوتًا فَسَكَنَهُ أَوْ عَمَّرَهُ أَوْ بَنَى شَيْئًا أَوْ جَصَّصَهُ أَوْ هَدَمَ شَيْئًا مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ زَرْعًا فِي أَرْضٍ فَسَقَى الزَّرْعَ أَوْ قَطَعَ مِنْهُ أَوْ أَنْقَاهُ مِنْ الْعُشْبِ أَوْ نَقَلَهُ إلَى الْبَيْدَرِ وَدَرَسَهُ أَوْ كَانَ بَقَرَةً فَحَلَبَهَا أَوْ كَانَ دَارًا مَأْجُورَةً فَبَاعَهَا الْبَائِعُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَأَبْقَى الْمُشْتَرِي الْمُسْتَأْجِرَ فِي تِلْكَ الدَّارِ وَطَلَبَ مِنْهُ أُجْرَتَهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ إجَازَةً فِعْلِيَّةً وَإِذَا عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَتَصَرُّفُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بَيْعِهِ الْمَبِيعَ أَوْ عَرْضِهِ لِلْبَيْعِ أَوْ هِبَتِهِ مَعَ تَسْلِيمِهِ أَوْ رَهْنِهِ أَوْ إيجَارِهِ مَعَ التَّسْلِيمِ أَوْ جَزِّ صُوفِهِ إنْ كَانَ شَاةً أَوْ الطَّحْنِ بِهِ إنْ كَانَ طَاحُونًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْمِلْكِ، فَسْخٌ فِعْلِيٌّ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ فَتَكُونُ دَلِيلًا عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِلْكِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ ضَابِطٌ لِلْإِجَازَةِ الْفِعْلِيَّةِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَوْرَدْنَا لِزِيَادَةِ التَّفْصِيلِ وَالْإِيضَاحِ الْأَمْثِلَةَ السَّالِفَةَ وَكَذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي دَارًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَبِيعَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ دَارٌ مُجَاوِرَةٌ لِتِلْكَ الدَّارِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي الشُّفْعَةَ فِي الدَّارِ بِسَبَبِ شِرَائِهِ لِلدَّارِ الْأُولَى فَذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي إجَازَةٌ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مَا دَامَ مُخَيَّرًا لَا يَكُونُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِيهِ فَطَلَبُ الشُّفْعَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَلُّكِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَطَلَبُ الشُّفْعَةِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ لِأَنَّهُ مَا دَامَ مُخَيَّرًا فَمِلْكُهُ بَاقٍ. ثَانِيًا: إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَ تَسْلِيمُهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ. ثَالِثًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ طَاحُونًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَطَحَنَ بِهَا تَجْرِبَةً يُنْظَرُ فَإِنْ طَحَنَ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً سَقَطَ خِيَارُهُ وَإِنْ طَحَنَ بِهَا مُدَّةً قَلِيلَةً فَلَا يَسْقُطُ وَالطَّحْنُ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً كَثِيرٌ وَمَا دُونَ ذَلِكَ قَلِيلٌ. رَابِعًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَابَّةً عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَإِنْ رَكِبَهَا مُدَّةً تَزِيدُ عَنْ الْمُدَّةِ الْكَافِيَةِ لِتَجْرِبَتِهَا أَوْ رَكِبَهَا فِي مَصْلَحَتِهِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ لِلْوِقَايَةِ مِنْ الْبَرْدِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ أَمَّا إذَا رَكِبَ

(المادة 305) إذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ أو لم يجز من له الخيار

الدَّابَّةَ لِتَجْرِبَتِهَا أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لِيَعْتَبِرَهُ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. [ (الْمَادَّةُ 305) إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَفْسَخْ أَوْ لَمْ يُجِزْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ] (الْمَادَّةُ 305) إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَفْسَخْ أَوْ لَمْ يُجِزْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَتَمَّ. فَاَلَّذِي لَهُ الْخِيَارُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الِاثْنَيْنِ مَعًا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَالْبَيْعُ يَصِيرُ لَازِمًا بِمُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ كَانَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مَرِيضًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُصَابًا بِجُنُونٍ أَوْ نَائِمًا نَوْمًا عَمِيقًا وَلَمْ يَشْعُرْ لِتِلْكَ الْعَوَارِضِ بِمُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي مُدَّتِهِ فَقَطْ وَيَبْطُلُ بِمُرُورِهَا وَيُصْبِحُ الْعَقْدُ لَازِمًا بِبُطْلَانِ الْخِيَارِ الْمَانِعِ مِنْ تَمَامِهِ (زَيْلَعِيٌّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) (إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَمَرَّتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ قَبْلَ إنْفَاذِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ يُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا بِمُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا تَفَاوَتَتْ مُدَّتَا خِيَارِ الطَّرَفَيْنِ يَسْقُطُ خِيَارُ الطَّرَفِ الَّذِي تَنْقَضِي مُدَّةُ خِيَارِهِ وَيَبْقَى خِيَارُ الْآخَرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارٌ لِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَخِيَارٌ لِلْمُشْتَرِي لِعَشَرَةٍ يَسْقُطُ خِيَارُ الْبَائِعِ بِانْقِضَاءِ الثَّمَانِيَةِ الْأَيَّامِ وَيَظَلُّ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بَاقِيًا إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِجُنُونِهِ أَوْ إغْمَائِهِ أَوْ زَوَالِ عَقْلِهِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ فَإِذَا أَفَاقَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ (هِنْدِيَّةٌ) وَإِذَا لَمْ يُفِقْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سَقَطَ بِمُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَصْبَحَ الْبَيْعُ لَازِمًا وَلَا يَنْتَقِلُ هَذَا الْخِيَارُ إلَى الْوَارِثِ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَارِثِ الْمَجْنُونِ أَوْ لِوَصِيِّهِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ الْخِيَارِ. [ (الْمَادَّةُ 306) خِيَارُ الشَّرْطِ لَا يُورَثُ] (الْمَادَّةُ 306) خِيَارُ الشَّرْطِ لَا يُورَثُ فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَمَاتَ فِي مُدَّتِهِ مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَإِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَمَاتَ مَلَكَهُ وَرَثَتُهُ بِلَا خِيَارٍ. أَيْ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَكَانَ لَهُ خِيَارُ شَرْطٍ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَمَاتَ فِي مَدَّتْهُ مَلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَإِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَمَاتَ مَلَكَهُ وَرَثَتُهُ بِلَا خِيَارٍ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ أَيْ إرَادَةِ فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إنْفَاذِهِ وَذَلِكَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَيِّتِ فَكَمَا أَنَّ أَوْصَافَ الْمَيِّتِ لَا تَنْتَقِلُ إلَى وَارِثِهِ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ هَذِهِ الصِّفَةُ أَيْضًا وَالْجُنُونُ كَالْمَوْتِ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ مَعًا فَأَيُّهُمَا مَاتَ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي حَقِّهِ أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الطَّرَفُ الَّذِي لَيْسَ مُخَيَّرًا فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى خِيَارِ الطَّرَفِ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ قَبُولُهُ كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ فَبِوَفَاةِ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ مَالًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَبِوَفَاةِ الْوَصِيِّ الَّذِي بَاشَرَ الْبَيْعَ أَوْ بِوَفَاةِ الصَّبِيِّ أَوْ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ أَوْ بِوَفَاةِ الْمُوَكَّلِ يَبْطُلُ الْخِيَارُ وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا (طَحْطَاوِيٌّ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَيْ الْغَائِبُ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ حَيًّا وَتُوُفِّيَ الْمُسْتَنِيبُ لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الطَّحْطَاوِيُّ (الشَّارِحُ) نَفَاذُ الْبَيْعِ الَّذِي. فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (1) الْإِجَازَةُ (2) بِمُرُورِ

(المادة 307) إذا شرط الخيار للبائع والمشتري معا

الْمُدَّةِ (3) بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَوَادِّ (301 و 305 و 306) [ (الْمَادَّةُ 307) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا] (الْمَادَّةُ 307) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا فَأَيُّهُمَا فَسَخَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَأَيُّهُمَا أَجَازَ سَقَطَ خِيَارُ الْمُجِيزِ فَقَطْ وَبَقِيَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ. إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ مَعًا لَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّمَنُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بَلْ يَبْقَيَانِ فِي مِلْكِهِمَا وَفِي ذَلِكَ تِسْعَةُ أَحْكَامٍ وَهِيَ: أَوَّلًا: أَنْ يُجِيزَ الِاثْنَانِ الْبَيْعَ. ثَانِيًا أَنْ يَفْسَخَاهُ. ثَالِثًا: أَنْ يُجِيزَهُ الْبَائِعُ وَيَفْسَخَهُ الْمُشْتَرِي. رَابِعًا: أَنْ يَفْسَخَهُ الْبَائِعُ وَيُجِيزَهُ الْمُشْتَرِي. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا كَمَا إذَا مَرَّتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَفْسَخْ الِاثْنَانِ الْبَيْعَ أَوْ يُجِيزَانِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 305) . وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَبِكَلِمَةٍ أَوْضَحَ يَنْفَسِخُ إذَا فَسَخَهُ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 301) وَحِينَئِذٍ لَا يَبْقَى لِإِجَازَةِ الثَّانِي مِنْ اعْتِبَارٍ (هِنْدِيَّةٌ) سَوَاءٌ أَوَقَعَتْ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْفَسْخِ أَمْ بَعْدَهُ أَوْ وَقَعَتْ هِيَ وَالْفَسْخُ فِي وَقْتٍ مَعًا (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 51 و 46) إلَّا أَنَّهُ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ ثُمَّ أَجَازَهُ الثَّانِي وَقَبِلَ الطَّرَفُ الَّذِي فَسَخَ الْبَيْعَ تِلْكَ الْإِجَازَةَ يَجُوزُ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ آخَرَ. خَامِسًا: يَسْقُطُ خِيَارُ مَنْ يُجِيزُ الْبَيْعَ مِنْهُمَا وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ بَاتًّا فِي حَقِّهِ وَخِيَارُ الطَّرَفِ الْآخَرِ يَبْقَى كَمَا كَانَ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَبِذَلِكَ يَنْفَسِخُ وَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِإِجَازَةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا. سَادِسًا: إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ مَعًا فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّمَنُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَنِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ فَإِذَا تَصَرَّفَا فِيهِ فَتَصَرُّفُهُمَا بَاطِلٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) . سَابِعًا. إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ الْمُتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (293) وَشَرْحَهَا. ثَامِنًا: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بَعْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ بِيَوْمِ الشِّرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (298) . تَاسِعًا: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ الْمُتَعَيَّنِ بِالتَّعْيِينِ أَوْ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَزِمَ الْبَائِعَ تَأْدِيَةُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ إلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ لَزِمَهُ أَدَاءُ مِثْلِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . عَاشِرًا: الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ التَّلَفِ - إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ لِمُدَّةِ بِضْعَةِ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ الْبَيْعِ ثُمَّ تَلِفَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا فَسَخَا الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّهُ تَلِفَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَعْدَ إجَازَتِهِمَا الْبَيْعَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِجَازَةِ. [ (الْمَادَّةُ 308) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 308) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ لَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِهِ بَلْ يَبْقَى مَعْدُودًا مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ قِيمَتِهِ لِلْبَائِعِ يَوْمَ قَبْضِهِ.

أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ مَا دَامَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ بَاقِيَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَمْ فَاسِدًا وَهِيَ: أَوَّلًا - لَا يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَتِمُّ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَاشْتِرَاطُ الْبَائِعِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ يُقَيِّدُ عَدَمَ رِضَائِهِ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ فَيَمْتَنِعُ بِذَلِكَ نَفَاذُ الْبَيْعِ فِي حَقِّهِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ فَتَصَرُّفُهُ يَكُونُ نَافِذًا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ أَمَّا إذَا أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . ثَانِيًا - إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِأَنْ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَمْ بِدُونِ إذْنِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ الْبَيْعُ مُنْفَسِخًا وَالْإِجَازَةُ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى بَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِثْلُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ عَدَمَ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ مَوْقُوفًا عُدَّ لِتَعَذُّرِ نَفَاذِهِ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ مَقْبُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ. ثَالِثًا: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ وَيَسْتَوْفِيَهُ. رَابِعًا: إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فَقَطْ يَخْرُجُ الثَّمَنُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) (أَبُو السُّعُودِ) الطَّحْطَاوِيُّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. (الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَهُنَا أَلَّا يَصِحَّ أَنْ نَقُولَ رَدًّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُصْبِحَ الْمِلْكُ بِدُونِ مَالِكٍ) ، وَنَقُولَ رَدًّا عَلَى الرَّأْيِ الثَّانِي (أَلَّا يُصْبِحَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ لَهُ مِلْكًا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ بِبَقَاءِ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَدُخُولِ الثَّمَنِ فِي مِلْكِهِ) (الشَّارِحُ) . إيضَاحٌ لِلْقُيُودِ: (إذَا تَلِفَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْقَبْضِ) فَلِتَلَفِ الْمَبِيعِ ثَمَانِي صُوَرٍ: (1) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَفْسِهِ فَإِذَا تَلِفَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَجْرِي الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةِ (293) كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ حُكْمٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَالَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي أَوْدَعَهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَيْنِ مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَتَلِفَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُشْتَرِي وَيُلْزِمَهُ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (293) (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ) (2) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ (3) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ إيَّاهُ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْأَجْنَبِيِّ إيَّاهُ وَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَكَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ الْمَبِيعَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (263) فِي إتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَبِيعَ. (4) : تَلَفُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ إيَّاهُ وَالْحُكْمُ فِيهِ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ (5) : تَلَفُ الْمَبِيعِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ مَرَّ الْحُكْمُ فِيهِ. (6) : تَلَفُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُتْلَفُ مَشْرُوطًا فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْمَبِيعِ

وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ (7) : تَلَفُ الْمَبِيعِ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي بِإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ إيَّاهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُ الْمُتْلِفِ الْمَبِيعَ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيُضَمِّنَ الْمُتْلِفَ الْأَجْنَبِيَّ الْمَبِيعَ (8) : تَلَفُ الْمَبِيعِ بَعْدَ ' الْقَبْضِ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ إيَّاهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَتَرَتَّبُ شَيْءٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُنَاكَ ثَمَانِي صُوَرٍ أُخْرَى لِلْمَالِ الْقِيَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَيَحْدُثُ فِيهِ عَيْبٌ: فَإِذَا حَدَثَ ذَلِكَ الْعَيْبُ فِي الْمَالِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ يُنْظَرُ فَإِذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ آفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى خِيَارِ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى جَمِيعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إمَّا أَنْ يُضَمِّنَ الْأَجْنَبِيَّ نُقْصَانَ الثَّمَنِ أَوْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَحِينَئِذٍ لَهُ كَمَا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَجْنَبِيَّ قِيمَةَ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْمَبْلَغِ أَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَلِلْبَائِعِ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْقِيمَةِ فَقَطْ وَيَحْصُلُ الْعَيْبُ فِي الْمَالِ الَّذِي يُبَاعُ وَالْخِيَارُ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ (1) بِفِعْلِ الْبَائِعِ (2) بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ (3) بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي (4) بِفِعْلِ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَجْرِي الْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (304) وَهُوَ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذَا الْحَالِ أَخْذُ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ أَمَّا الْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَعَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ كَمَا فِي السَّابِقِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْأَجْنَبِيِّ بِمَا أَحْدَثَهُ مِنْ الْعَيْبِ بِالْمَبِيعِ مِنْ النُّقْصَانِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ أَيْضًا فَلَهُ قَبُولُ الْبَيْعِ وَتَضْمِينُ الْأَجْنَبِيِّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَجْنَبِيَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ أَمَّا الْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَانْفِسَاخُ الْبَيْعِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ إذَا شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ نُقْصَانَ الْبَدَلِ وَإِذَا شَاءَ أَجَازَهُ. وَأَخَذَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى، وَالْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَعَدَمُ سُقُوطِ خِيَارِ الْبَائِعِ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ لَا يُجِيزُهُ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الْحَالِ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ بِمَجْمُوعِ الثَّمَنِ وَلَهُ تَرْكُهُ أَمَّا الْحُكْمُ فِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ فَيَجْرِي عَلَى مُقْتَضَى حُكْمِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ (هِنْدِيَّةٌ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (922) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (293) . الِاخْتِلَافُ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهَا وَفِي تَلَفِهِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ أَوْ بَعْدَهَا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لِمُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَيَجِبُ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَادَّعَى ثَانِيهِمَا أَنَّ الْبَيْعَ تَلِفَ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَجِبُ إعْطَاءُ الْقِيمَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِمُدَّعِي التَّلَفِ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ مُدَّعِي التَّلَفِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مُنْكِرٌ لُزُومَ الْبَيْعِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي تَلَفَ الْمَبِيعِ بَعْدَ مُرُورِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ أَيْ تَلَفَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ تَلِفَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى أَنَّ الْمُشْتَرِي فَسَخَ الْبَيْعَ فِي حُضُورِ الْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ تَلَفِ الْمَبِيعِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ عَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَإِنَّ الْبَيْعَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (301) أَصْبَحَ لَازِمًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسْخِ وَيَجِبُ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا

(المادة 309) إذا شرط الخيار للمشتري فقط

اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ تَلِفَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِجَازَةِ فَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا مُدَّةً وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَادَّعَى أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الْمَبِيعَ تَلِفَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِجَازَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْفَسْخِ. [ (الْمَادَّةُ 309) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 309) إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَصَارَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ ثَمَنِهِ الْمُسَمَّى لِلْبَائِعِ يَخْرُجُ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي: أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَقَطْ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرَيْنِ مَعًا وَأَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ. ثَالِثًا: إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ وَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَيَصِيرُ الْمَبِيعُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي وَتَصَرُّفَاتُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَقَطْ فَالثَّمَنُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِهِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَمَّا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ فَيَدْخُلُ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ زَوَالَ مِلْكِ الْبَائِعِ عَنْهُ مَعَ عَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ آخَرَ وَلَيْسَ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي بَابِ الْمُعَاوَضَاتِ وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هُنَا قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) (وَدُرُّ الْمُخْتَارِ) (وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَبِيعَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَنَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ كَمَا كَانَ (الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ (أَلَّا يُصْبِحَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ بِهِ مِلْكَ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. الشَّارِحُ) أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَمْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ الْبَائِعُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَصْبَحَ لَازِمًا فَتَلْزَمُ تَأْدِيَةُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ التَّلَفَ لَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ حُدُوثُ عَيْبٍ وَحُدُوثُ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ تَلَفِهِ مُسْقِطٌ لِحَقِّ الْفَسْخِ وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا وَهَكَذَا فَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ الْمُسَمَّى لَا قِيمَةُ الْمَبِيعِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مِثَالٌ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَمَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: فَقَوْلُهُ (بَعْدَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ (وَاقِعَاتٌ فِي الْخِيَارَاتِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (293) . وَقَوْلُهُ (التَّلَفُ) تَعْبِيرٌ يُقْصَدُ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ إحْدَاثِ الْعَيْبِ وَإِلَيْك التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةَ فِي إحْدَاثِ الْعَيْبِ وَهِيَ إذَا حَصَلَ عَيْبٌ فِي

الْمَبِيعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ (1) بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي (2) بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ (3) بِفِعْلِ الْبَائِعِ (4) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ لَا يَزُولُ عَلَى الْأَصْلِ أَوْ أَنَّهُ يَزُولُ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْعَقْدُ لَازِمٌ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَوْ زَالَ الْعَيْبُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ يَعْنِي إذَا اشْتَرَى مُشْتَرٍ مَالًا وَشَرَطَ فِي الْبَيْعِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فَقَطْ وَحَصَلَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ بِفِعْلِ الْبَائِعِ وَهُوَ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا عَلَى رَأْيِ الشَّيْخَيْنِ. لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ فِي يَدِهِ (الْبَحْرُ) وَإِذَا حَصَلَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا مَحَلَّ لِلتَّضْمِينِ وَيُضَمِّنُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ فِي حَالَةِ حُصُولِ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ بِفِعْلِهِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ فِي حَالَةِ حُصُولِ الْعَيْبِ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (917) وَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. الْبَحْرُ) (لَاحِقَةٌ) - فِي الِاخْتِلَافِ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ، وَشَرْطِ الْخِيَارِ، وَمُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَفِي فَسْخِ الْعَقْدِ وَإِجَازَتِهِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَقْدَ الْبَيْعِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا الْمَبِيعَ فَالْقَوْلُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَابِضًا الْمَبِيعَ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا كَمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي إجَازَةَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِعْته مِنْ الْمُشْتَرِي غَيْرُ هَذَا الْمَالِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ غَيْرُ هَذَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ نَفْسَ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ الْقَبْضِ رَدَّ الْمَبِيعِ بِحَقِّ الْخِيَارِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِعْته مِنْك لَيْسَ هَذَا بَلْ هُوَ غَيْرُهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ ذَاتُهُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ غَيْرُهُ فَيُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي حُصُولِ شَرْطِ خِيَارٍ وَعَدَمِ حُصُولِهِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ الْعَوَارِضِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالشَّرْطِ فَلِذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ نَفَاهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (9) . أَمَّا إذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ تَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْخِيَارِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَدَمِ انْقِضَائِهَا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقَدْ مَرَّتْ وَيَدَّعِيَ الْآخَرُ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ وَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا عُقِدَ الْيَوْمَ أَوْ قَبْلَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ وَلَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ انْقِضَائِهَا لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى حُصُولِ الْخِيَارِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُ أَحَدُهُمَا سُقُوطَهُ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِ وَيَدَّعِيَ الْآخَرُ سُقُوطَهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الْخِيَارِ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَيَدَّعِيَ الْآخَرُ أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ يَعْنِي يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْعَشَرَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالثَّانِي يُنْكِرُهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَقَطْ وَاخْتَلَفَا فِي حُصُولِ إجَازَةِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِلْعَاقِدِ الْمُخَيَّرِ سَوَاءٌ ادَّعَى الْفَسْخَ أَمْ الْإِجَازَةَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ

مُقْتَدِرٌ عَلَى إيجَادِهِ فِي الْحَالِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّرَفِ غَيْرِ الْمُجِيزِ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعُ أَمْ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْفَسْخِ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا كَانَ الْمُتَعَاقِدَانِ مُخَيَّرَيْنِ مَعًا وَاخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ إجَازَتُهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْفَسْخِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْآخَرِ. أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْفَسْخِ. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: أَنَّ التَّفْصِيلَاتِ الْمُبَيَّنَةَ فِي الْمَسَائِلِ التِّسْعَةِ الْآنِفَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ تَارِيخٍ لِبَيِّنَتَيْ الْعَاقِدَيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَّةَ تَارِيخٌ لِبَيِّنَةِ كِلَا الطَّرَفَيْنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَائِمَةً عَلَى الْفَسْخِ أَمْ عَلَى الْإِجَازَةِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرَرُ) .

الفصل الثاني في بيان خيار الوصف

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ خِيَارِ الْوَصْفِ] ِ خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: (1) خِيَارُ الْوَصْفِ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَثْبُتُ بِشَرْطٍ وَالثَّانِي مَا يَثْبُتُ بِغَيْرِ شَرْطٍ. (2) الضَّرْبُ الْأَوَّلُ نَوْعَانِ: مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَصْرِيحًا اتِّصَافُهُ بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ. وَمَا يُشْتَرَطُ اتِّصَافُهُ بِذَلِكَ عُرْفًا. (3) كُلُّ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَمَ فَاشْتِرَاطُهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ صَحِيحٌ وَإِذَا فُقِدَ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ أَمَّا اشْتِرَاطُ مَا يَحْتَمِلُ الْعَدَمَ أَوْ غَيْرَ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. (4) اشْتِرَاطُ اتِّصَافِ الْمَبِيعِ بِوَصْفٍ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: مَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهُ صَحِيحًا وَانْعِدَامُ الْوَصْفِ فِيهِ مُوجِبًا لِلْخِيَارِ. وَالثَّانِي مَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهُ صَحِيحًا لَكِنْ انْعِدَامُ الْوَصْفِ فِيهِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ. وَالثَّالِثُ مَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهُ فَاسِدًا. (5) إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَّصِفٌ بِوَصْفٍ أَعْلَى مِنْ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَطِ فَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ مَا بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ مُفَوِّتًا لِغَرَضِ الْمُشْتَرِي يَثْبُتُ خِيَارُ الْوَصْفِ وَإِلَّا فَلَا. (6) إنَّ فِقْدَانَ الْوَصْفِ يُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فِي الرَّدِّ أَوْ الْقَبُولِ فَقَطْ وَلَا يُثْبِتُ الْحَقَّ فِي قَبُولِ الْمَبِيعِ مَعَ حَطٍّ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ رَدُّ الْمَبِيعِ بِعُذْرٍ مَشْرُوعٍ فَحِينَئِذٍ يُثْبِتُ لَهُ ذَلِكَ الْحَقَّ. (7) إذَا اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ اتِّصَافِ الْمَبِيعِ بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ أَحَصَلَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي. (8) إنَّ خِيَارَ الْوَصْفِ يَنْتَقِلُ بِالْإِرْثِ. (9) إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ خِيَارَ الْوَصْفِ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بَطَلَ خِيَارُهُ وَصَارَ الْبَيْعُ لَازِمًا. [ (الْمَادَّةُ 310) بَاعَ مَالًا بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فَظَهَرَ الْمَبِيعُ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ] (الْمَادَّةُ 310) إذَا بَاعَ مَالًا بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فَظَهَرَ الْمَبِيعُ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيُسَمَّى هَذَا خِيَارَ الْوَصْفِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ فَظَهَرَتْ غَيْرَ حَلُوبٍ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَكَذَا لَوْ بَاعَ فَصًّا لَيْلًا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَظَهَرَ أَصْفَرَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي.

قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ خِيَارَ الْوَصْفِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَا يَثْبُتُ بِشَرْطٍ وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ لَا يَكُونُ فِيهِ غَرَرٌ أَيْ احْتِمَالُ الْعَدَمِ فَاشْتِرَاطُهُ صَحِيحٌ وَإِذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ خَالِيًا عَنْهُ أَوْجَبَ ذَلِكَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَتَرْكُ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبِلَ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ. وَلَهُ قَبُولُ الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ قَدْ دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا وَبِمَا أَنَّ التَّابِعَ لَا يَعُودُ بِالْحُكْمِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (48) فَلَا يَكُونُ لِلْوَصْفِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (234) . أَمَّا الْوَصْفُ الَّذِي فِيهِ غَرَرٌ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فَبَيْعُ الْبَقَرَةِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ مِقْدَارَ كَذَا مِنْ اللَّبَنِ فِي الْيَوْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 189) لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا فِي بَطْنِ الْبَقَرَةِ وَضَرْعِهَا أَحَمْلٌ أَوْ انْتِفَاخٌ أَوْ لَبَنٌ وَهَذَا الْقِسْمُ يَعْنِي الْأَوَّلَ عَنْ نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يُشْتَرَطُ اتِّصَافُهُ بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ تَصْرِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ كَمَا إذَا بِيعَتْ بَقَرَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ أَيْ مُتَّصِفَةٌ بِالْحَلْبِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْبَقَرَةَ غَيْرُ حَلُوبٍ وَأَنَّ الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ فِيهِ لَيْسَ فِيهَا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِمَّا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَتْرُكَ الْبَقَرَةَ لِلْبَائِعِ وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَهَا بِخَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ بِسَبَبِ فِقْدَانِ الْحَلْبِ وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي خُلُوَّ الْمَبِيعِ مِنْ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِوُجُودِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ حَاصِلٌ فِي وَصْفٍ عَارِضٍ وَالرَّاجِحُ فِيهِ الْعَدَمُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ حِصَانٌ عَلَى أَنَّهُ هِمْلَاجٌ (رَهْوَانَ) أَوْ كَلْبٌ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّمٌ (كَلْبُ صَيْدٍ) وَفَرْوُ سَمُّورٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الظَّهْرِ أَوْ الْبَعِيرُ عَلَى أَنَّهُ نَاقَةٌ أَوْ الْبَغْلُ عَلَى أَنَّهُ بَغْلَةٌ أَوْ اللَّحْمُ عَلَى أَنَّهُ لَحْمُ مَعْزٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْحِصَانَ لَيْسَ بِهِمْلَاجٍ (رَهْوَانَ) وَالْكَلْبَ لَيْسَ مُعَلَّمًا (كَلْبَ صَيْدٍ) وَالْفَرْوَ لَيْسَ مِنْ الظَّهْرِ بَلْ مِنْ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْبَغْلَ لَيْسَ بَغْلَةً وَالْبَعِيرَ جَمَلٌ لَا نَاقَةٌ وَاللَّحْمَ لَحْمُ ضَأْنٍ لَا مَعْزٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ (تَنْقِيحٌ. بَحْرٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا بِيعَ بُسْتَانٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ كَذَا شَجَرَةً أَوْ دَارٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا غَرْفَةً أَوْ عَرْصَةٌ عَلَى أَنَّ مِسَاحَتَهَا كَذَا ذِرَاعًا فَظَهَرَ أَنَّ الْبُسْتَانَ لَا يَحْتَوِي عَلَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الشَّجَرِ وَالدَّارَ لَا تَحْتَوِي عَلَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الْغُرَفِ وَالْعَرْصَةَ لَا تَحْتَوِي عَلَى الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الْأَذْرُعِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ عَلَى مَا ظَهَرَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ كَمَا لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَشْجَارِ أَوْ عَلَى أَنَّ فِيهَا أَشْجَارًا فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا أَشْجَارٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ (هِنْدِيَّةٌ) . (تَوْضِيحُ الْقُيُودِ) (الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ) أَمَّا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَصْفٌ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ فَيَظْهَرُ خُلُوُّهُ مِنْهُ فَلَا يُوجِبُ الْخِيَارَ كَمَا إذَا بِيعَ حِصَانٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْوَرُ أَوْ عَيْنَهُ رَمْدَاءُ أَوْ أَنَّ فِيهِ لَهَثًا فَظَهَرَ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ مَالٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ عَيْبًا فَظَهَرَتْ سَلَامَتُهُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا (فَرَائِدُ شَرْحِ الْمُلْتَقَى) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ آنِفًا أَنَّ شَرْطَ اتِّصَافِ الْمَبِيعِ يُوصَفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: (1) مَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهُ صَحِيحًا وَعَدَمُ الْوَصْفِ فِيهِ مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ.

مَا يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَهُ صَحِيحًا لَكِنْ عَدَمُ الْوَصْفِ فِيهِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ (3) مَا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا إذَا ظَهَرَ الْبَيْعُ خَالِيًا مِنْ الْوَصْفِ. وَمَا يُبَاعُ عَلَى شَرْطِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ فَيَظْهَرُ فِيهِ وَصْفٌ أَعْلَى مِنْ الْوَصْفِ الْمُشْتَرَطِ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ بِالنَّظَرِ إلَى غَرَضِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَبِيعِ فَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ وَإِلَّا يَثْبُتُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ لَيْلًا فَصَّ الْمَاسِ زِنَةَ خَمْسَةِ قَرَارِيطَ عَلَى أَنَّهُ أَخْضَرُ اللَّوْنِ لِيَصْنَعَ قُرْطًا (حَلَقًا) فَظَهَرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ (شَارِحٌ) . وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ تَقْيِيدِ الشِّرَاءِ بِاللَّيْلِ حَقِيقَةَ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ فَلَوْ بِيعَ الْفَصُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لَيْلًا أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى وَصْفِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ أَمْ النَّهَارِ. مَثَلًا إذَا أَشَارَ الْبَائِعُ إلَى فَصِّ يَاقُوتٍ أَصْفَرَ فَقَالَ بِعْت هَذَا الْفَصَّ الْأَحْمَرَ بِكَذَا قِرْشًا فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى وَصْفِهِ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْوَصْفِ لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 45 هَذَا إذَا ظَهَرَ أَصْفَرَ وَبِيعَ عَلَى أَنَّهُ أَحْمَرُ فَإِنْ بِيعَ مُشَارًا إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ زُجَاجٌ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ 208 اسْتِثْنَاءٌ - إنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ حَطِّ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْوَصْفِ الْفَائِتِ الْمُشْتَرَطِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ بِعُذْرٍ مَشْرُوعٍ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي حَطُّ الثَّمَنِ فَيُقَوَّمُ الْمَبِيعُ عَلَى تَقْدِيرِ تَحَقُّقِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ عَارِيًّا عَنْ الْوَصْفِ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عُشْرَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَهُوَ حَائِزٌ لِذَلِكَ الْوَصْفِ طُرِحَ مِنْ الثَّمَنِ عُشْرُهُ. وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ خُمْسَ قِيمَتِهِ طُرِحَ مِنْ الثَّمَنِ خُمْسُهُ مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى تَقْدِيرِ اتِّصَافِهِ بِالْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ مِائَةَ قِرْشٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَهُوَ خَالٍ مِنْهُ 75 قِرْشًا وَكَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ 120 قِرْشًا فَبِعَمَلِيَّةِ التَّنَاسُبِ الْآتِيَةِ 75 - 100 س 120 90 90 فَإِذَا طُرِحَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الثَّمَنِ يَبْقَى 90 فَإِذَا كَانَ رَدُّ الْمَبِيعِ غَيْرَ مُمْكِنٍ وَكَانَ الْمُشْتَرِي أَوْفَى الثَّمَنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ 30 قِرْشًا مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ لَمْ يُوَفِّ الثَّمَنَ يَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ بِنَقْصِ 30 قِرْشًا أَيْ يَدْفَعُ لَهُ 90 قِرْشًا بَدَلًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى الَّذِي هُوَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ قِرْشًا (بَحْرٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 310) . لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي مُتَّصِفًا بِالْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ الْمَشْرُوطِ وَعَلَى هَذَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ تَامًّا إلَى الْبَائِعِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَجِبُ حَطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) . النَّوْعُ الثَّانِي مَا يُشْرَطُ اتِّصَافُهُ بِوَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ عُرْفًا. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ بَقَرَةً وَظَهَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّهَا غَيْرُ حَلُوبٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُتَعَارَفِ أَنَّ شِرَاءَ تِلْكَ الْبَقَرَةِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهَا حَلُوبًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا أَمَّا إذَا كَانَ شِرَاؤُهَا لِلذَّبْحِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 42 وَشَرْحَهَا) .

(المادة 311) خيار الوصف يورث

الِاخْتِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي اشْتِرَاطَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حَقَّ الْفَسْخِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُدَّعٍ حَقَّ الْفَسْخِ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ نَسِيجَ الشَّامِ وَزَعَمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ نَسِيجَ الْبَلَدِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّوْبَ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ قَبْلَهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَرْضُهُ ذِرَاعَيْنِ وَطُولُهُ تِسْعًا فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ ذِرَاعًا وَالطُّولُ سَبْعًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ خِيَارِ الْوَصْفِ مَا يَثْبُتُ بِلَا شَرْطٍ وَذَلِكَ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا فِيهِ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَزَالَ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا حِينَ عَقَدَ الْبَيْعَ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ الْمَبِيعُ قَدْ تَغَيَّرَ فَلِذَلِكَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ. [ (الْمَادَّةُ 311) خِيَارُ الْوَصْفِ يُورَثُ] (الْمَادَّةُ 311) خِيَارُ الْوَصْفِ يُورَثُ مَثَلًا لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ خِيَارُ الْوَصْفِ فَظَهَرَ الْبَيْعُ خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَانَ لِلْوَاصِفِ حَقُّ الْفَسْخِ. لِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْوَصْفُ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ فَيَنْتَقِلُ أَيْضًا خِيَارُ الْوَصْفِ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ إلَى الْوَارِثِ وَيَكُونَ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ خَلَفًا لِلْمُوَرِّثِ فَيَحِقُّ لَهُ كَمُوَرِّثِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ أَوْ يَقْبَلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى نَعَمْ إنَّ الْأَوْصَافَ لَا تُورَثُ إلَّا أَنَّ خِيَارَ الْوَارِثِ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ بِكَوْنِهِ خَلَفًا لِلْمُوَرِّثِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، يَعْنِي أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَنْتَقِلُ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ كَمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ مُتَّصِفًا بِالْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَالْوَارِثُ أَيْضًا بِكَوْنِهِ خَلَفًا لِلْمُوَرِّثِ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِحَيْثُ يَكُونُ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ الْوَصْفِ فَإِذَا وُجِدَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ نُقْصَانٌ فَلَهُ حَقُّ الرَّدِّ فَإِذَا ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ خَالٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ يُجِيزَهُ فَوَارِثُهُ مُخَيَّرٌ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ مُتَعَدِّدِينَ فَأَجَازَ بَعْضُهُمْ وَفَسَخَ بَعْضُهُمْ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ وَالشَّرِكَةُ مُجْلِبَةٌ لِلضَّرَرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 312) الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ خِيَارُ الْوَصْفِ إذَا تَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ] (الْمَادَّةُ 312) : الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ خِيَارُ الْوَصْفِ إذَا تَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَطَلَ خِيَارُهُ. وَيَصِيرُ الْبَيْعُ لَازِمًا (بَحْرٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) . وَالتَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ أَيْ تَصَرَّفَ الْمَالِكُ فِي مِلْكِهِ قَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (404) وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ خِيَارَ الْوَصْفِ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فَوْرًا يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى الْمُسَارَعَةِ إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ حِينَمَا يَظْهَرُ لَهُ خُلُوُّ الْمَبِيعِ عَنْ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ بَلْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ مُدَّةٍ. أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَفَّى الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَيْ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ فَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ فِعْلًا.

الفصل الثالث في حق خيار النقد

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ خِيَارِ النَّقْدِ] النَّقْدُ هُنَا إعْطَاءُ ثَمَنِ الشَّيْءِ وَالنَّقْدُ أَيْضًا إعْطَاءُ النَّقْدِ. خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - يَكُونُ خِيَارُ النَّقْدِ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي. 2 - يَجِبُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ فِي خِيَارِ النَّقْدِ. 3 - يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي خِيَارِ النَّقْدِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ. 4 - خِيَارُ النَّقْدِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي. [ (الْمَادَّةُ 313) تَبَايَعَا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي وَقْتِ كَذَا] (الْمَادَّةُ 313) إذَا تَبَايَعَا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي وَقْتِ كَذَا وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ وَهَذَا يُقَالُ لَهُ خِيَارُ النَّقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83 وَشَرْحَ الْمَادَّةِ 188) كَمَا يُشْتَرَطُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ النَّقْدِ يُشْتَرَطُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا. وَالْبَيْعُ بِخِيَارِ النَّقْدِ يَكُونُ مَشْرُوطًا فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ مُعَلَّقَةٌ عَلَى شَرْطٍ وَبِمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْبَيْعُ فَاسِدَةٌ فَيَكُونُ الْبَيْعُ الَّذِي تُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِقَالَةُ الْفَاسِدَةُ فَاسِدًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَالْقِيَاسُ يُوجِبُ عَدَمَ جَوَازِ الْبَيْعِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ النَّقْدِ إلَّا أَنَّهُ جُوِّزَ اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الِاحْتِرَازُ مِنْ مُمَاطَلَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ فَالْحَاجَةُ تَمَسُّ إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ مَادَّةَ 20) وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ إذَا عُقِدَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ النَّقْدِ فَلِلْمُشْتَرِي دَفْعُ الثَّمَنِ وَإِمْضَاءُ الْبَيْعِ وَفَسْخُ الْبَيْعِ وَعَدَمُ دَفْعِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْخِيَارُ ثَابِتًا لِلْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّ الْغَرِيبَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَنْتَفِعُ مِنْ الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ الْبَائِعُ. إيضَاحُ شَرْطِ الْبَائِعِ - إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِلْمَبِيعِ بِقِيمَتِهِ وَإِذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَعُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْبَائِعُ هُوَ صَاحِبُ الْخِيَارِ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ حَتَّى إذَا تَصَرَّفَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ وَبَاعَهُ مِنْ الْغَيْرِ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَالْغَرِيبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَعَ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَالْمَنْفَعَةُ تَعُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي (بَحْرٌ. هِنْدِيَّةٌ) وَفِي سَائِرِ الْخِيَارَاتِ النَّفْعُ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ إلَّا خِيَارَ النَّقْدِ فَالْأَمْرُ فِيهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ إذْ الْخِيَارُ فِي جَانِبٍ وَالْمَنْفَعَةُ فِي جَانِبٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

(المادة 314) إذا لم يؤد المشتري الثمن في المدة المعينة

تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: (إلَى أَجَلٍ) يَعْنِي يَجِبُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ فِي الصُّورَتَيْنِ مِنْ صُوَرِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ يَوْمَيْنِ أَمْ ثَلَاثَةً أَمْ أَكْثَرَ فَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ مُدَّةُ الْخِيَارِ مُطْلَقًا كَأَنْ يُعْقَدَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدَّ الثَّمَنُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِيعَ أَوْ ذُكِرَتْ مُدَّةٌ غَيْرُ مَجْهُولَةٍ كَأَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ بِضْعَةَ أَيَّامٍ فَالْبَيْعُ يَكُونُ فَاسِدًا لَهُ [ (الْمَادَّةُ 314) إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ] (الْمَادَّةُ 314) : إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَانَ الْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ النَّقْدِ فَاسِدًا. الْمُرَادُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا يُعَيِّنُهُ الطَّرَفَانِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَإِذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَصْبَحَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَازِمًا أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بَقِيَ الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ فَالْبَيْعُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِخِيَارِ النَّقْدِ لَا يَنْفَسِخُ بَلْ يَكُونُ فَاسِدًا وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَاعَهُ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ آخَرَ كَانَ تَصَرُّفُهُ نَافِذًا وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي بَدَلَهُ إلَى الْبَائِعِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ فِي قَبْضَتِهِ فَتَصَرُّفُهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 371 و 382) . تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: (فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ بَلْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ إلَى الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ صَارَ فَاسِدًا بِعَدَمِ الْأَدَاءِ وَلَا يَرْتَفِعُ الْفَسَادُ بَعْدَ ذَلِكَ (بَقِيَ الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ) فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي فِي الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَالْبَيْعُ يَصِيرُ لَازِمًا وَلَا يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ بِخِيَارِ النَّقْدِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَمَّا إذَا حَصَلَ عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ بِخِيَارِ النَّقْدِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَالْمُدَّةُ الْمُعَيَّنَةُ ثُمَّ انْقَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا وَحِينَئِذٍ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ، وَتَرْكِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي مَعَ أَخْذِ الثَّمَنِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ أَوْ بَدَلَهُ لِلْبَائِعِ (بَزَّازِيَّةٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 371) . [ (الْمَادَّةُ 315) إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ النَّقْدِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ] (الْمَادَّةُ 315) إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ النَّقْدِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْبَيْعُ. لِأَنَّ خِيَارَ النَّقْدِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ فَلَا يُورَثُ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالتَّغْرِيرِ أَيْ إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ النَّقْدِ قَبْلَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لِلْخِيَارِ يَبْطُلُ الْمَبِيعُ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَجِبُ رَدُّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ.

الفصل الرابع في بيان خيار التعيين

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ خِيَارِ التَّعْيِينِ] 1 - إنَّ هَذَا الْخِيَارَ يَكُونُ فِي مَبِيعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قِيَمِيَّةٍ وَلَا يَكُونُ فِي أَكْثَرَ وَلَا فِي مِثْلِيٍّ. 2 - يَجْتَمِعُ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ. 3 - يَجُوزُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ. 4 - يَجِبُ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ تَعْيِينُ ثَمَنِ كُلِّ مَبِيعٍ. 5 - إذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ مِثْلُ قَوْلِ الْبَائِعِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ فِي شِرَاءِ مَا تُرِيدُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ. 6 - يَجِبُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ فِي الْبَيْعِ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ. 7 - يَكُونُ الطَّرَفُ الْمُخَيَّرُ خِيَارَ التَّعْيِينِ مُجْبَرًا عَلَى تَعْيِينِ الْمَبِيعِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْمَبِيعَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ. 8 - إذَا كَانَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْمُشْتَرِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تِسْعَةُ أَحْكَامٍ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ. 9 - إنَّ التَّعْيِينَ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَالتَّعْيِينُ الِاخْتِيَارِيُّ إمَّا تَصْرِيحًا وَإِمَّا دَلَالَةً. 10 - خِيَارُ التَّعْيِينِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ. (الْمَادَّةُ 316) : لَوْ بَيَّنَ الْبَائِعُ أَثْمَانَ شَيْئَيْنِ أَوْ أَشْيَاءَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كُلٍّ عَلَى حِدَةٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ أَيًّا شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَيَّنَهُ لَهُ أَوْ الْبَائِعُ يُعْطِي أَيًّا أَرَادَ كَذَلِكَ صَحَّ الْبَيْعُ وَهَذَا يُقَالُ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ. قَدْ جُوِّزَ هَذَا الْخِيَارُ اسْتِحْسَانًا وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِهِ. وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورِيِّ اجْتِمَاعُ هَذَا الْخِيَارِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ فَقَدْ يُوجَدُ خِيَارُ التَّعْيِينِ بِدُونِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فَإِذَا اجْتَمَعَا ثَبَتَ لِخِيَارِ الشَّرْطِ حُكْمُهُ الَّذِي مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (301) عَلَى حِدَةٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (328) وَكَمَا يَصِحُّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَصِحُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْمَالُ الَّذِي يُعَيَّنُ مَبِيعًا يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِبَدَلِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (371) أَمَّا فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ فَكَأَحْكَامِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ (هِنْدِيَّةٌ) يَكُونُ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ أَحَدُ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (318) . فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ

يَكُونُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ فَسَادُهُ إلَّا أَنَّهُ جُوِّزَ اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْخِيَارَ قَدْ شُرِعَ لِلِاحْتِيَاجِ لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَى ذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَضْطَرُّ أَحْيَانَا لِأَخْذِ رَأْيِ مَنْ يَعْتَمِدُهُ فِيمَا يَشْتَرِيهِ أَوْ رَأْيِ أَهْلِهِ وَهَذَا دَلِيلُ جَوَازِ هَذَا الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا لِلْبَائِعِ فَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَرِثُ مَالًا قِيَمِيًّا وَيَتَسَلَّمُهُ وَكِيلُهُ وَلَا يَعْرِفُهُ فَتَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْبَيْعِ بِهَذَا الشَّرْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 32) لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَرُدُّ الْأَمْرَ إلَى الرِّضَاءِ (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ عِبَارَةِ (بَيَانُ قِيمَةِ كُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ) أَلَّا يُعَيَّنَ الثَّمَنُ لِمَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَجْمُوعَةً بَلْ يَجِبُ تَعْيِينُ ثَمَنِ كُلٍّ مِنْ الْمَالَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ عَلَى حِدَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَثْمَانُهَا مُتَّفِقَةً أَمْ مُخْتَلِفَةً وَعَيْنُ الْمَالِ الَّذِي سَيُؤْخَذُ أَمْ لَا. إيضَاحُ خِيَارِ التَّعْيِينِ لِلْمُشْتَرِي: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ هَذِهِ الْبَغْلَةَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَتِلْكَ بِثَمَانِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِسَبْعِمِائَةٍ وَقَدْ بِعْتُك بِشَرْطِ أَنْ تَخْتَارَ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْهَا بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ مِنْهَا أَيَّةَ شِئْت فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي. إيضَاحُ خِيَارِ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ قَدْ اشْتَرَيْت إحْدَى بَغْلَتَيْك بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُخَيَّرًا فِي أَنْ تُعْطِيَنِي أَيَّهمَا شِئْت فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَبِلَ الْبَائِعُ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ. أَمَّا الْمِثْلِيَّاتُ الَّتِي تَكُونُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَفَاوِتَةٍ فَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا لِخِيَارِ التَّعْيِينِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 22 وَشَرْحَهَا) فَإِذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا الْمُشْتَرِي كَيْلَةً بِثَمَنِ كَذَا أَوْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهَا كَيْلَةً فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ. (أَنْ يَأْخُذَ مَا يُرِيدُ) فَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بَلْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك أَحَدَ مَالِي أَوْ أَمْوَالِي الثَّلَاثَةِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ بَلْ بَيْعًا لِمَجْهُولٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (213) فَاسِدٌ. (اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً) فَإِذَا لَا يَصِحُّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْوَالٍ. لَا يَكُونُ صَحِيحًا فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ خِيَارُ التَّعْيِينِ يَكُونُ الْمَبِيعُ فِيهِ مَجْهُولًا وَحَسَبَ الْمَادَّةِ (200) مُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَدَمُ جَوَازِ هَذَا الْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ جُوِّزَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (32) وَبِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَمْوَالِ الْأَدْنَى وَالْأَوْسَطِ وَالْأَعْلَى فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (اُنْظُرْ مَتْنَ الْمَادَّةِ 22 وَشَرْحَهَا) . لَاحِقَةٌ: وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُبَيِّنُ أَنَّ خِيَارَ التَّعْيِينِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي مَعًا إنَّنِي لَمْ أَجِدْ نَصًّا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ رَأْيِي أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُ خِيَارِ التَّعْيِينِ لِلطَّرَفَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ مَا دَامَ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى حِدَةٍ فَيَجُوزُ شَرْطُهُ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ يَكُونُ خِيَارًا مُرَكَّبًا مِنْ جَائِزَيْنِ. وَالْحُكْمُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي مَعًا فَإِذَا أَلْزَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْمَبِيعَاتِ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي يَتِمُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ لَازِمًا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ

(المادة 317) يلزم في خيار التعيين تعيين المدة

الْمُشْتَرِي مَا أَلْزَمَهُ بِهِ الْبَائِعُ وَطَلَبَ خِلَافَهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الْبَيْعُ بِلَا حُكْمٍ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي مَبِيعًا وَاحِدًا مِنْ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَبِلَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ تَمَّ الْبَيْعُ وَأَصْبَحَ لَازِمًا أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ غَيْرَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ ذَلِكَ وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الْبَيْعُ بِلَا حُكْمٍ مُطْلَقًا 0 [ (الْمَادَّةُ 317) يَلْزَمُ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ] (الْمَادَّةُ 317) يَلْزَمُ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ خِيَارُ شَرْطٍ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّةٌ فَالطَّرَفُ الْمُعَيِّنُ يُمَاطِلُ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ فَمِنْ الْوَاجِبِ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ حَتَّى يَتَأَتَّى إجْبَارُ الطَّرَفِ الْمُخَيَّرِ عَلَى تَعْيِينِ الْمَبِيعِ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ وَلَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى تَعْيِينِ الْمَبِيعِ قَبْلَ مُرُورِ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمُدَّةُ يَوْمَيْنِ أَمْ ثَلَاثَةً أَمْ أَكْثَرَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 300) . مِثَالُ ذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ اشْتَرَيْت أَحَدَ بِغَالِك الثَّلَاثِ هَذِهِ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ أُعَيِّنُ مِنْهَا مَا أُرِيدُهُ فِي مُدَّةِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْمُدَّةُ قَدْ تَعَيَّنَتْ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ تَعْيِينُهَا وَالْبَيْعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ. [ (الْمَادَّةُ 318) مَنْ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ الشَّيْءَ الَّذِي يَأْخُذُهُ فِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ] (الْمَادَّةُ 318) : مَنْ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ الشَّيْءَ الَّذِي يَأْخُذُهُ فِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي عُيِّنَتْ. وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْجَمِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ خِيَارُ شَرْطٍ أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ أَوْ جَمِيعُهَا كَمَا سَيُفَصَّلُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْجَمِيعِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ فَلِلْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ اخْتَارَ أَحَدَهَا وَعَيَّنَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. بَحْرٌ) لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا أَوْ اثْنَيْنِ أَمَانَةٌ فَيُرَدُّ أَوْ يُرَدَّانِ كَالْأَمَانَةِ وَالْآخَرُ مُخَيَّرٌ فِيهِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَيَرُدُّهُ بِهَذَا الْخِيَارِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 301) . لَكِنْ إذَا سَقَطَ خِيَارُ الشَّرْطِ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ أَوْ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ يَكُونُ لَازِمًا فِي أَحَدِ الْمَبِيعَاتِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّعْيِينِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 305) . وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلِذَلِكَ تِسْعَةُ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ: الَّذِي تَقَدَّمَ. الثَّانِي: إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَا يَنْفَسِخُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَوْجُودٌ يَقِينًا وَفِي كَوْنِ الْهَالِكِ الْمَبِيعِ شَكٌّ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ الشَّكُّ بِالتَّعْيِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (4) فَإِذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ تَعَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْبَاقِينَ هُوَ الْمَبِيعُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ اثْنَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْبَاقِي يَتَعَيَّنُ مَبِيعًا لَكِنْ إذَا كَانَ الْبَاقِي اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى قَبُولِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُمَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي كَانَ سَيَنْتَقِي مَالًا وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ مِنْ اثْنَيْنِ فَبِتَلَفِ أَحَدِ هَذِهِ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاتَ غَرَضُ الْمُشْتَرِي (هِنْدِيَّةٌ) .

الثَّالِثُ: إذَا تَلِفَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (293) بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَانْفِسَاخُهُ. الرَّابِعُ: إذَا تَعَيَّبَ أَحَدُ الْمَبِيعِينَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ تَرْكُهَا جَمِيعًا وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّلِيمَ أَوْ الْمَعِيبَ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ إذَا تَعَيَّبَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا تَبَيَّنَ. الْخَامِسُ: إذَا هَلَكَ أَوْ تَعَيَّبَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ فَمَا هَلَكَ أَوْ تَعَيَّبَ يَتَعَيَّنُ مَبِيعًا وَيَجِبُ إيفَاءُ ثَمَنِهِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ أَصْبَحَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ وَبِمَا أَنَّ بَاقِيَ الْمَبِيعَاتِ أَصْبَحَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرَى بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 768) . وَإِذَا تَلِفَ مَالًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا تَلِفَ قَبْلَ الْآخَرِ فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ نِصْفَ الْمَالَيْنِ (زَيْلَعِيٌّ) وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَ ثَلَاثَةُ مَبِيعَاتٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ ثَمَنِ الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَوْ أَحَدِهَا مَبِيعًا دُونَ الْآخَرِ أَوْ الْآخَرَيْنِ فَصِفَةُ الْأَمَانَةِ وَالْبَيْعِ تُصْبِحُ شَائِعَةً فِي الْجَمِيعِ مَثَلًا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي ثَلَاثَةَ أَمْوَالٍ ثَمَنُ أَحَدِهِمَا ثَلَاثُمِائَةِ قِرْشٍ وَالثَّانِي أَرْبَعُمِائَةٍ وَالثَّالِثُ خَمْسُمِائَةٍ بِبَيْعٍ فِيهِ خِيَارُ التَّعْيِينِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الْأَمْوَالُ الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهَا تَلِفَ قَبْلَ الْآخَرِ فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ أَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ وَأَثَرُ هَذَا الْحُكْمِ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ مُتَسَاوِيَةً فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا الْحُكْمِ وَيُؤَدِّي الْمُشْتَرِي ثَمَنَ أَحَدِهَا (الْفَتْحُ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا تَعَيَّبَ اثْنَانِ مَعًا بَقِيَ خِيَارُ التَّعْيِينِ عَلَى حَالِهِ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ أَحَدَهُمَا لَا كِلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ شَرْطٍ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 309) إلَّا أَنَّهُ إذَا زَادَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ بَعْدَ أَنْ تَعَيَّبَا مَعًا فَمَا زَادَ أَوْ حَدَثَ فِيهِ الْعَيْبُ الْآخَرُ يَتَعَيَّنُ مَبِيعًا (هِنْدِيَّةٌ) . السَّادِسُ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَقَطَعَ الْآخَرَ قَمِيصًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اخْتَرْت الَّذِي قَطَعْته وَتَلِفَ الْآخَرُ وَأَنَا فِيهِ أَمِينٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ اخْتَرْت الَّذِي تَلِفَ ثُمَّ قَطَعْت الْآخَرَ فَعَلَيْك قِيمَةُ الَّذِي قَطَعْت مَعَ ثَمَنِ الَّذِي تَلِفَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي ضَامِنٌ نِصْفَ الَّذِي ضَاعَ وَنِصْفَ ثَمَنِ الَّذِي قَطَعَ. السَّابِعُ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي أَيِّ مَالٍ تَلِفَ قَبْلُ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَاهَا مَعًا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ وَإِذَا لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 8) (هِنْدِيَّةٌ) . الثَّامِنُ: إذَا تَعَيَّبَ الْمَالَانِ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَاَلَّذِي تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ وَاَلَّذِي لَمْ يَتَعَيَّبْ يُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا تَعَيَّبَ ثَانِيًا مَا تَعَيَّبَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ (هِنْدِيَّةٌ) . التَّاسِعُ: إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِ الْأَمْوَالِ الْمَقْبُوضَةِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ تَعَيَّنَ الْمُتَصَرَّفُ فِيهِ مَبِيعًا وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى وَيَكُونُ الْمَالُ الْآخَرُ أَوْ الْمَالَانِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِمَا مَعًا تَصَرُّفَ

الْمُلَّاكِ بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ أَيَّهمَا شَاءَ وَيَرُدَّ الْآخَرَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الِاثْنَيْنِ (هِنْدِيَّةٌ) مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ شَرْطٍ. إذَا كَانَ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ هُوَ الْبَائِعُ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْأَحْكَامُ السَّبْعَةُ الْآتِيَةُ: الْأَوَّلُ: إنَّ الْبَائِعَ مُجْبَرٌ عَلَى أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُرِيدُهُ مَبِيعًا مِنْ الْمَالَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَاعَهَا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ وَلَيْسَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْبَائِعَ بِوَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْمَبِيعَاتِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ مَا يُلْزِمُ بِهِ الْبَائِعَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ لَكِنْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِالْمَبِيعِينَ مَعًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَاحِدٌ فَقَطْ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا تَلِفَ مَبِيعٌ أَوْ مَبِيعَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَابِتٌ يَقِينًا وَمَوْجُودٌ وَتَرَدُّدُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ هُوَ الْمَبِيعُ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَلَا يَبْطُلُ شَكٌّ لَا يَزُولُ بِهِ مَا هُوَ ثَابِتٌ يَقِينًا فَإِنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (4) إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَقِيَ الْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ كُنْت أُرِيدُ أَنْ أُعَيِّنَ التَّالِفَ مَبِيعًا وَقَدْ فَاتَنِي ذَلِكَ الْآنَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ مَا يُلْزِمُهُ بِهِ الْبَائِعُ بِزَعْمِ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُعَيِّنَ الْهَالِكَ مَبِيعًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ. الثَّالِثُ: إذَا تَعَيَّبَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ الَّذِي يُلْزِمُهُ بِهِ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ بِسَبَبِ خِيَارِ الْعَيْبِ. الرَّابِعُ: إذَا تَعَيَّبَ بَعْضُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَيْضًا وَيُنْظَرُ بَعْدَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ بِالْمَبِيعِ الْخَالِي مِنْ الْعَيْبِ فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَرْغَبُ فِي الْمَالِ الْمَعِيبِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ قَدْ تَعَيَّبَ فَلَا يُرِيدُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ خِيَارُ تَعْيِينٍ أَمَّا إلْزَامُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ لَهُ قَبُولُهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَهُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 293) وَلَكِنْ إذَا أَلْزَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَعِيبِ فَأَبَى الْمُشْتَرِي قَبُولَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ إلْزَامُهُ بِالْخَالِي مِنْ الْعَيْبِ لِأَنَّ خِيَارَ التَّعْيِينِ قَدْ انْتَهَى بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً. الْخَامِسُ: إذَا تَلِفَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُصْبِحُ الْبَيْعُ مُنْفَسِخًا وَبَاطِلًا بِحَسَبِ الْمَادَّةِ 293. السَّادِسُ: إذَا تَلِفَتْ الْمَبِيعَاتُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ وُقُوعُ التَّلَفِ عَلَى التَّعَاقُبِ أَيْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ فَمَا مَلَكَ أَوَّلًا يَكُونُ أَمَانَةً وَمَا تَلِفَ ثَانِيًا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَإِذَا تَلِفَا مَعًا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِمَا. السَّابِعُ: إذَا تَعَيَّبَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ بَقِيَ الْبَائِعُ كَمَا كَانَ مُخَيَّرًا وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِمَا يُرِيدُهُ مِنْ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي أُلْزِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْمَعِيبِ

(المادة 319) خيار التعيين ينتقل إلى الوارث

فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَلْزَمَهُ بِالْمَالِ الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَ عَيْبُهُ حَصَلَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا مُجْبَرًا عَلَى قَبُولِهِ. وَالتَّعْيِينُ عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: تَعْيِينٌ اخْتِيَارِيٌّ. وَالثَّانِي: ضَرُورِيٌّ. فَالِاخْتِيَارِيُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَصْرِيحًا كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرِ قَدْ اخْتَرْت هَذَا الْمَبِيعَ أَوْ أَرَدْته أَوْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَجَزْته وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ صَرَاحَةً وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعَ وَقَالَ قَدْ أَلْزَمْت هَذَا الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَيَّنْت هَذَا مَبِيعًا فَيَكُونُ ذَلِكَ تَعْيِينٌ صَرَاحَةً وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ الِاخْتِيَارِيُّ دَلَالَةً مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَ الْمَبِيعَ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ أَوْ عَيَّبَ إحْدَى الْمَبِيعَاتِ فَيَبْطُلُ خِيَارُ التَّعْيِينِ وَيُصْبِحُ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ الْبَائِعُ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ مَبِيعًا. وَالتَّعْيِينُ الضَّرُورِيُّ كَمَا إذَا هَلَكَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ تَعَيَّبَ خِيَارٌ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ فِي تِلْكَ الْمَبِيعَاتِ فَقَدْ وَقَعَ التَّعْيِينُ ضَرُورِيًّا فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ. وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي التَّعْيِينِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُتَفَاوِتِ الثَّمَنِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ ثَوْبًا هِنْدِيًّا بِعِشْرِينَ قِرْشًا وَآخَرَ بِأَرْبَعِينَ عَلَى أَنَّ لَهُ خِيَارَ التَّعْيِينِ فَصَبَغَ أَحَدَهُمَا وَعَيَّنَ الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَرَدَّ الْآخَرَ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغْته وَعَيَّنْته مَبِيعًا هُوَ الَّذِي ثَمَنُهُ أَرْبَعُونَ قِرْشًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغْته هُوَ الَّذِي ثَمَنُهُ عِشْرُونَ قِرْشًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 8) أَمَّا إذَا لَمْ يَصْبُغْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ بَلْ قَطَعَهُ وَجَرَى الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ الَّذِي ادَّعَاهُ أَوْ الثَّوْبَ الْمَقْطُوعَ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَصْبُوغًا. [ (الْمَادَّةُ 319) خِيَارُ التَّعْيِينِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ] (الْمَادَّةُ 319) خِيَارُ التَّعْيِينِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ مَثَلًا لَوْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ أَعْلَى وَأَوْسَطَ وَأَدْنَى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَبَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ وَبَاعَ أَحَدَهَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ يَأْخُذُ أَيَّهَا شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَعَيَّنَ لَهُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَفِي انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّعْيِينِ يَكُونُ الْوَارِثُ أَيْضًا مُجْبَرًا عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِي فَبِوَفَاةِ الْمُخَيَّرِ مِنْهُمَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ لِأَنَّهُ كَمَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُعَيِّنَ مَالَهُ وَيُمَيِّزَهُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ الْمُخْتَلَطِ بِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ يَحِقُّ لِوَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنْ يُمَيِّزَ وَيُعَيِّنَ مَالَهُ الْمَوْرُوثَ يَعْنِي لَا يَثْبُتُ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ بَلْ بِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ (عَيْنِيٌّ) .

وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ مِثَالٌ لِلْفَقَرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (316) وَلِلْمَادَّةِ (313) لَا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنَّمَا وَرَدَ اسْتِطْرَادًا وَالْمِثَالُ الْحَقِيقِيُّ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ الْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ. فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ قَبْلَ التَّعْيِينِ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يُعَيِّنَ أَحَدَ الْمَبِيعَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ عِنْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى هَذَا التَّعْيِينِ وَعَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِلْمُوَرِّثِ خِيَارُ شَرْطٍ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَبْطُلُ بِوَفَاةِ الْمُوَرِّثِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (306) وَيَبْقَى خِيَارُ التَّعْيِينِ (أَبُو السُّعُودِ) وَهَذَا الْمِثَالُ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لِخِيَارِ التَّعْيِينِ لِلْمُشْتَرِي وَيُؤْخَذُ لِلْبَائِعِ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ.

الفصل الخامس في حق خيار الرؤية

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي حَقِّ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ] يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ وَذَلِكَ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ سِلْعَةً لَمْ يَرَهَا. الثَّانِي: أَنْ يَرَى بَعْضَ مَا اشْتَرَاهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ أَشْيَاءَ مُتَفَاوِتَةٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَعْمَى شَيْئًا لَا يَعْرِفُ وَصْفَهُ. وَيَثْبُتُ هَذَا الْخِيَارُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ عَلَى عَيْنٍ وَلَا يَثْبُتُ فِي أُمُورٍ: أَحَدُهَا: الدُّيُونُ. الثَّانِي: النَّقْدُ. الثَّالِثُ: مَا قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ. الرَّابِعُ: لِلْبَائِعِ. وَكَذَلِكَ لَا يَثْبُتُ فِيمَا بِيعَ بَعْدَ رُؤْيَةِ عَيِّنَتِهِ الثَّانِي الدَّارُ الَّتِي تَكُونُ غُرَفُهَا مُتَمَاثِلَةً وَيَرَى الْمُشْتَرِي غَرْفَةً مِنْهَا الثَّالِثُ فِيمَا يُعْلَمُ بِاللَّمْسِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الذَّوْقِ بَعْدَ لَمْسِهِ أَوْ شَمِّهِ أَوْ ذَوْقِهِ. الرَّابِعُ: فِيمَا يُشْتَرَى بَعْدَ أَنْ يُرَى بِقَصْدِ الشِّرَاءِ قَبْلُ. وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ أَيْ بِالرِّضَا الْفِعْلِيِّ. الثَّانِي: بِالرِّضَا الْقَوْلِيِّ. الثَّالِثُ: بِحُدُوثِ الْعَيْبِ فِيمَا اشْتَرَى وَقَبَضَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ. الرَّابِعُ: بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. الْخَامِسُ: بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ. السَّادِسُ: بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ بِالنَّظَرِ يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُوَكِّلِ. السَّابِعُ: بِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمَبِيعِ. وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُرْسِلِ بِرُؤْيَةِ الْمُرْسَلِ لِلشِّرَاءِ الثَّانِي بِرُؤْيَةِ الرَّسُولِ لِلْقَبْضِ الثَّالِثِ بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ بِالرُّؤْيَةِ. وَلَا يَنْتَقِلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَى الْوَارِثِ وَتَخْتَلِفُ الرُّؤْيَةُ بِتَبَدُّلِ الْمَبِيعِ وَلِأَسْبَابِ سُقُوطِ الرُّؤْيَةِ تَقْسِيمٌ آخَرُ وَذَلِكَ أَنَّ أَسْبَابَ السُّقُوطِ إمَّا اخْتِيَارِيَّةٌ كَالتَّصَرُّفِ بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ وَإِمَّا ضَرُورِيَّةٌ كَتَعَيُّبِ الْمَبِيعِ أَوْ تَلَفِهِ. وَإِضَافَةُ (خِيَارٍ.) إلَى (الرُّؤْيَةِ) مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى شَرْطِهِ لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ شَرْطٌ لِثُبُوتِ الْخِيَارِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَيَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَلَا تَوْقِيتٍ وَيَمْنَعُ لُزُومَ الْمِلْكِ يَعْنِي أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَيْسَ مُؤَقَّتًا بِمُدَّةٍ فَإِذَا لَمْ تَقَعْ الْأَسْبَابُ الْمُبْطِلَةُ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَقِيَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِلْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ الْمُشْتَرِي فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ النَّصَّ الَّذِي أَثْبَتَ هَذَا الْخِيَارَ مُطْلَقٌ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَصَمَتَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْفَسْخُ فَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67. طَحْطَاوِيٌّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ عَقْدٍ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ يُتَمَلَّكُ بِهِ عَيْنٌ كَالْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ عَلَى عَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُعَاوَضَةٌ أَمَّا الْمَهْرُ وَالْقِصَاصُ وَبَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ مُخَالَفَةٍ فَلَيْسَ فِيهَا خِيَارُ رُؤْيَةٍ فَإِذَا زَوَّجَتْ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِمَهْرِ عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرَاهُ فَلَيْسَ لَهَا خِيَارُ رُؤْيَةٍ عِنْدَ رُؤْيَةِ هَذِهِ الْعَيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ عَنْ دَعْوَى الْقِصَاصِ عَلَى عَيْنٍ لَمْ يَرَوْهَا فَلَيْسَ لَهُمْ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا وَكَذَلِكَ إذَا خَالَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا

(المادة 320) من اشترى شيئا ولم يره كان له الخيار حتى يراه

فَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا. [ (الْمَادَّةُ 320) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَرَهُ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَرَاهُ] (الْمَادَّةُ 320) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَرَهُ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ حَتَّى يَرَاهُ فَإِذَا رَآهُ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا بِغَيْرِ أَنْ يَرَاهُ حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ قَبْلَهُ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (201) إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ قَدْ عَرَّفَهُ الْمُشْتَرِي بِالْوَصْفِ أَوْ التَّعْرِيفِ أَوْ الْإِشَارَةِ إلَى مَكَانِهِ الْخَاصِّ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فِيهِ حَتَّى يَرَاهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ فَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَيَبْقَى ثَابِتًا لِلْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) . وَتَقُولُ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ (مُخَيَّرٌ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) وَبَيْنَ ذَلِكَ وَقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (حَتَّى يَرَاهُ) فَرْقٌ فَإِنَّ تَعْبِيرَ الْمَجَلَّةِ يُفِيدُ ثُبُوتَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَتَعْبِيرَ الْفُقَهَاءِ يُفِيدُ ثُبُوتَهُ وَقْتَ الرُّؤْيَةِ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بَلْ وَقْتُهَا وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَا يُسَبِّبُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ كَوْنِ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ غَيْرَ لَازِمٍ وَمِنْ حَقِّ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الَّذِي لَا يُعِدُّ الْعَقْدَ لَازِمًا بِالنَّظَرِ إلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَ هَذَا الْعَقْدَ فَلَوْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ (هُوَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ) لَكَانَ أَوْفَى بِالْمَقْصُودِ وَأَدْفَعَ لِلْوَهْمِ وَسُوءِ الْفَهْمِ. فَإِذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ بِغَيْرِ حَائِلٍ يَعْنِي إذَا وَقَفَ عَلَى الْحَالِ وَالْمَحَلِّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَبِيعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (323) فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ وَيَتْرُكَ الْمَبِيعَ فَالْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَهُ فَسْخُ الْمَبِيعِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا أَوْ وَكِيلًا وَاشْتَرَى الْمَالَ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ فَنَقَلَهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إذَا أَعَادَ الْمَبِيعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ النَّقْلُ الْمَذْكُورُ يَزِيدُ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ أَمْ يُنْقِصُ فِيهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ مَقْبُوضًا أَمْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ وَهَذَا الْفَسْخُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ رِضَا الْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمُخَيَّرَ أَمَرَ الْبَائِعَ بِبَيْعِ الْمَبِيعِ لِآخَرَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَالْقَبْضِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يَعُودُ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْ الْمَبِيعَ بِالْوَكَالَةِ عَنِّي فَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ الْبَائِعُ بِالْقَبُولِ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 191) . إيضَاحُ الْقُيُودِ - (بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعَ) أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُنْفَرِدًا بِحَقِّ فَسْخِ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَسْخُ بِدُونِ عِلْمِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِالْفَسْخِ لَا يَتَحَرَّى مُشْتَرِيًا آخَرَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْمُشْتَرِي قَبِلَ الْبَيْعَ فَيَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْفَسْخِ حُكْمٌ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَمَئُونَةُ إعَادَةِ الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ

الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا مِنْ وَجْهٍ وَبَائِعًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ كَبَيْعِ الْمُقَايَضَةِ مَثَلًا إذَا قَايَضَ شَخْصٌ آخَرَ فَأَعْطَاهُ دَارًا وَأَخَذَ مِنْهُ حِنْطَةً فَلِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْمُتَقَايِضَيْنِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُشْتَرٍ لِلْمَالِ الَّذِي قَصَدَهُ مِنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ أَنَّ شَخْصًا بَاعَ مَالَهُ بِدَيْنٍ وَعَيْنٍ لَمْ يَرَهَا وَفَسَخَ الْبَيْعَ حِينَمَا رَأَى الْعَيْنَ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ بِحِصَّةِ الْعَيْنِ وَيَبْقَى فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ حِصَانَهُ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَبِبَغْلَةٍ لَمْ يَرَهَا ثُمَّ عِنْدَمَا رَأَى الْبَغْلَةَ رَدَّهَا فَالْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الْبَغْلَةِ مُنْفَسِخٌ وَفِي خَمْسِمِائَةِ الْقِرْشِ لَازِمٌ لِأَنَّهُ خِيَارٌ فِي الدَّيْنِ (هِنْدِيَّةٌ. عَبْدُ الْحَلِيمِ) لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ يَكُونُ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ فِي الْحِصَانِ وَلَهُ عَدَمُ قَبُولِ الْبَيْعِ لِحُصُولِ الشَّرِكَةِ فِي الْحِصَانِ وَلِصَاحِبِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ أَنْ يَقْبَلَهُ بِحُضُورِ الْبَائِعِ أَوْ فِي غَيْبَتِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حُضُورُ الْبَائِعِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ أَظَهَرَ الْمَبِيعُ عَلَى الْحَالِ الَّذِي وَصَفَ وَعَرَفَ بِهِ الْمُشْتَرِي أَمْ كَانَ مُخَالِفًا بِأَنْ يَكُونَ أَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ. فَفِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ خِيَارُ الْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (هِنْدِيَّةٌ) . أَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ وَالدَّيْنِ فَلَيْسَ فِيهِمَا خِيَارُ رُؤْيَةٍ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ. الْمِثْلِيُّ - أَمَّا الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُعَيَّنَةُ فَإِنَّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ يَجْرِي فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجْرِي فِيهَا ذَلِكَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِلَا حَائِلٍ أَمَّا الرُّؤْيَةُ مِنْ وَرَاءِ سِتَارٍ فَغَيْرُ كَافِيَةٍ فَلَوْ رَأَى شَخْصٌ شَيْئًا فِي جَامٍ أَوْ مُنْعَكِسًا فِي الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى الْمَاءِ فَلَا يَكُونُ رُؤْيَتُهُ رُؤْيَةً لِلْمَبِيعِ فَحِينَمَا يَرَاهُ رُؤْيَةً حَقِيقِيَّةً يَكُونُ مُخَيَّرًا حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَكَذَلِكَ رُؤْيَةُ الْحِنْطَةِ وَالْفُولِ وَالْأُرْزِ فِي سَنَابِلِهَا وَالسِّمْسِمِ فِي قِشْرِهِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ فِي قِشْرَتِهِ الْعُلْيَا لَا تُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 206) إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: (1) الْوَكِيلُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّيْءَ بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ (رَدَّ الْمُحْتَار) . (2) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ وَقَبَضَهُ بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ أَيْضًا وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (هِنْدِيَّةٌ) . إنَّ قَبُولَ الْمَبِيعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّصْرِيحِ كَقَوْلِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ قَدْ رَضِيتُ بِهِ أَوْ أَجَزْتُهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الرِّضَا وَالْقَبُولِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً كَأَنْ يَقْبِضَهُ أَوْ رَسُولُهُ أَوْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ يَعْرِضَ بَعْضَهُ لِلْبَيْعِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ (هِنْدِيَّةٌ) كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا فَقَالَ عِنْدَمَا رَآهَا لِلْحَاضِرِينَ اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ يَدُلُّ عَلَى تَقْرِيرِ الْمِلْكِ وَذَلِكَ مُسْقِطٌ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 335) . (بَزَّازِيَّةٌ) .

(المادة 321) خيار الرؤية لا ينتقل إلى الوارث

وَثُبُوتُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مُعَلَّقٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ تَحَقُّقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 82) وَيَرِدُ عَلَيْنَا الِاعْتِرَاضُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَلَّا يَفْسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَبْلَ السَّبَبِ لَكِنْ قَدْ جُوِّزَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ جَوَازَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي لِلْبَيْعِ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ رَضِيت بِالْمَبِيعِ أَوْ أَسْقَطْت خِيَارَ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَعِنْدَمَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ يَكُونُ مُخَيَّرًا وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ دَارًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا وَبَعْدَ الشِّرَاءِ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّعَاوَى كُلِّهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ ثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْمَبِيعَ فَيَحِقُّ لَهُ عِنْدَمَا يَرَى تِلْكَ الدَّارَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 563 1) . الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الرِّضَاءِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي وَقْتِ الرِّضَا فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّ الْمُشْتَرِي رَأَى الْمَبِيعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَرَضِيَ بِهِ وَسَقَطَ خِيَارُهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ رَضِيَ بِهِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ وَإِنَّ خِيَارَهُ بَاقٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي فِعْلًا بِأَنْ تَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 336) . الِاخْتِلَافُ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ - إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ رَدِّ الْمَبِيعِ إلَيْهِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَنَّ الَّذِي رَدَّهُ لَيْسَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ هُوَ الْمَبِيعُ عَيْنُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (الْمُلْتَقَى. الْبَهْجَةُ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 321) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ] (الْمَادَّةُ 321) خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ فَإِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَرَى الْمَبِيعَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِوَارِثِهِ. يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ أَوْ يُنْفِذَ الْبَيْعَ فَلَا يَنْتَقِلُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ إلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَصْفٌ مُجَرَّدٌ إذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَشِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ فَلَا يُمْكِنُ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ الثَّانِي إنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ قَدْ ثَبَتَ لِلْعَاقِدِ بِحَسَبِ النَّصِّ وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَى مَالًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَصْبَحَ الْبَيْعُ لَازِمًا وَمَلَكَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 322) لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ] (الْمَادَّةُ 322) : لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ مَثَلًا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ مَالًا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ وَكَانَ لَمْ يَرَهُ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِلَا خِيَارٍ لِلْبَائِعِ. الْبَائِعُ الَّذِي يَبِيعُ مَالَهُ بِثَمَنٍ سَوَاءٌ أَكَانَ بَصِيرًا أَمْ أَعْمَى فَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ فَظَهَرَ سَلِيمًا لَا يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ (201) بَاعَ أَرْضَهُ فِي الْبَصْرَةِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لِعُثْمَانَ إنَّك غَبَنْت وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِطَلْحَةَ إنَّك غُبِنْت فَقَالَ عُثْمَانُ أَنَا بِالْخِيَارِ لِأَنِّي بِعْتُ مَا لَمْ أَرَهُ وَقَالَ طَلْحَةُ إنِّي بِالْخِيَارِ لِإِنِّي اشْتَرَيْتُ مَا لَمْ أَرَهُ فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ لِفَصْلِ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَحَكَمَ بِالْخِيَارِ لِطَلْحَةَ وَكَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

(المادة 333) المراد من الرؤية في بحث خيار

أَجْمَعِينَ (أَبُو السُّعُودِ) وَإِذَا تُقَايَض الطَّرَفَانِ بِمَالِ لَمْ يَرَيَاهُ فَلَهُمَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ ذَلِكَ الْمَالِ (أَبُو السُّعُودِ شُرُنْبُلَالِيّ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَبِيعِ فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَيْضًا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 320) . مِثَالُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا بِخَمْسِينَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً ثَابِتَةً فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْخَمْسِينَ كَيْلَةً إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْحِنْطَةَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ غَبْنٌ وَتَغْرِيرٌ بِالْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 200 وَالْمَادَّةِ 357) . [ (الْمَادَّةُ 333) الْمُرَادُ مِنْ الرُّؤْيَةِ فِي بَحْثِ خِيَارِ] (الْمَادَّةُ 333) الْمُرَادُ مِنْ الرُّؤْيَةِ فِي بَحْثِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ هُوَ الْوُقُوفُ عَلَى الْحَالِ وَالْمَحَلِّ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الْمَبِيعِ مَثَلًا الْكِرْبَاسُ وَالْقُمَاشُ الَّذِي يَكُونُ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ مُتَسَاوِيَيْنِ تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ وَالْقُمَاشُ الْمَنْقُوشُ وَالْمُدَرَّبُ تَلْزَمُ رُؤْيَةُ نَقْشِهِ وَدُرُوبِهِ وَالشَّاةُ الْمُشْتَرَاةُ لِأَجْلِ التَّنَاسُلِ وَالتَّوَالُدِ يَلْزَمُ رُؤْيَةُ ثَدْيِهَا وَالشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ لِأَجْلِ اللَّحْمِ يَقْتَضِي جَسُّ ظَهْرِهَا وَأَلْيَتِهَا وَالْمَأْكُولَاتُ وَالْمَشْرُوبَاتُ يَلْزَمُ أَنْ يَذُوقَ طَعْمَهَا فَالْمُشْتَرِي إذَا عَرَفَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ عَلَى الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالشَّيْءِ يَكُونُ بِاسْتِعْمَالِ إدْرَاكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَالرُّؤْيَةُ هُنَا مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ وَلَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ (عَبْدُ الْحَلِيمِ. شُرُنْبُلَالِيّ) . إذْ لَيْسَ مَقْصُودًا بِهَا الْإِبْصَارُ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ رُؤْيَةَ الْمَبِيعِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ (هِدَايَةٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 17) . وَعَلَى ذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْمِسْكُ يُعْرَفُ بِالشَّمِّ وَالْمَأْكُولُ بِالذَّوْقِ وَالْمِزْمَارُ بِالسَّمْعِ فَشَمُّ الْمِسْكِ وَذَوْقُ الْمَأْكُولِ وَسَمَاعُ الْمِزْمَارِ رُؤْيَةٌ. لَهَا حَتَّى أَنَّ الطَّبْلَ وَالْمِزْمَارَ اللَّذَيْنِ يُشْتَرَيَانِ لِلْجُيُوشِ يَلْزَمُ سَمَاعُهُمَا وَلَا تَكْفِي رُؤْيَتُهُمَا وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِسْكًا وَرَآهُ بِعَيْنِهِ دُونَ أَنْ يَشُمَّهُ أَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلنِّتَاجِ وَرَأَى جَمِيعَ أَطْرَافِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرَ ضَرْعَهَا أَوْ شَاةً لِلذَّبْحِ وَرَآهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجُسَّ كَانَ مُخَيَّرًا عِنْدَ شَمِّهِ الْمِسْكَ وَرُؤْيَتِهِ ضَرْعَ الْبَقَرَةِ وَجَسِّهِ ظَهْرَ الشَّاةِ (هِنْدِيَّةٌ) وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا مَعْدُودًا مُتَقَارِبًا فَرَأَى سَطْحَ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ وَاشْتَرَى الصُّبْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّ سُقُوطَ الْخِيَارِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَقْسَامِهَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رُؤْيَةُ الْكُلِّ وَعَلَامَةُ عَدَمِ التَّفَاوُتِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُعْتَادِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَةِ نَمُوذَجِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ أَسْفَلَ الصُّبْرَةِ دُونَ أَعْلَاهَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ لَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 320) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ رُؤْيَةَ وَجْهِ الدَّابَّةِ الَّتِي تُشْتَرَى لِلرُّكُوبِ كَافِيَةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ أَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكِفْلَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا حَاجَةَ إلَى رُؤْيَةِ رِجْلَيْهَا أَمَّا إذَا قَالَ الْخَبِيرُونَ بِالدَّوَابِّ يَجِبُ رُؤْيَةُ أَرْجُلِ الدَّوَابِّ لِمَعْرِفَتِهَا فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِدُونِ ذَلِكَ فَإِذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ بَغْلَةً وَبَعْدَ أَنْ رَأَى وَجْهَهَا

(المادة 324) الأشياء التي تباع على مقتضى أنموذجها تكفي رؤية الأنموذج منها فقط

رَضِيَ فَحِينَمَا يَرَى كِفْلَهَا يَكُونُ مُخَيَّرًا وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِسْكًا فِي الظَّلَامِ بَعْدَ أَنْ شَمَّهُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ فِي الصَّبَاحِ حِينَمَا يَرَاهُ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ شَرَابًا فِي الظَّلَامِ وَذَاقَهُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ إذَا رَآهُ فِي النَّهَارِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرَ مَا ذَاقَهُ بِعَيْنِهِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ قَفِيزَ أُرْزٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بَعْدَ أَنْ رَأَى أَحَدَهُمَا وَتَصَرَّفَ بِهِ فَإِذَا رَأَى الْآخَرَ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ أُرْزُهُ دُونَ الْأَوَّلِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (أَنْقِرْوِيّ. هِنْدِيَّةٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. عَبْدُ الْحَلِيمِ) . (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 324 و 325 و 335) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ ثَوْبًا ذَا بِطَانَةٍ فَرَأَى الْبِطَانَةَ فَقَطْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ أَدْوَنَ ثَمَنًا مِنْ وَجْهِ الثَّوْبِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِسُقُوطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْبِطَانَةُ أَغْلَى قِيمَةً فَيَكْفِي ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْوَجْهُ يَفُوقُ الْبِطَانَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الِاثْنَيْنِ مَعًا (بَزَّازِيَّةٌ) وَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَقَبَضَهُ وَرَآهُ وَصَمَتَ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 22) لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. [ (الْمَادَّةُ 324) الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى مُقْتَضَى أُنْمُوذَجِهَا تَكْفِي رُؤْيَةُ الْأُنْمُوذَجِ مِنْهَا فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 324) الْأَشْيَاءُ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى مُقْتَضَى أُنْمُوذَجِهَا تَكْفِي رُؤْيَةُ الْأُنْمُوذَجِ مِنْهَا فَقَطْ. كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالثِّيَابِ الَّتِي تَكُونُ نَسِيجَ مَكَان وَاحِدٍ فَرُؤْيَةُ الْأُنْمُوذَجِ مِنْهُ أَوْ بَعْضِهِ تَكْفِي لِسُقُوطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ صِفَةِ الْمَبِيعِ فَبِرُؤْيَةِ الْأُنْمُوذَجِ يَحْصُلُ ذَلِكَ وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 45) . فَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ رُؤْيَةِ أُنْمُوذَجِهِ فَلَيْسَ خِيَارُ رُؤْيَةٍ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَاقِي مَا لَمْ يَكُنِ الْبَاقِي أَدْنَى مِنْ الْأُنْمُوذَجِ أَوْ مِنْ الْبَعْضِ الَّذِي رُئِيَ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ (الْمُلْتَقَى. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَرُؤْيَةُ نَمَاذِجِ الثِّيَابِ الَّتِي اعْتَادَ التُّجَّارُ بَيْعَهَا بِعَرْضِ هَذِهِ النَّمَاذِجِ الَّتِي تُبَيِّنُ طُولَ الثَّوْبِ وَعَرْضَهُ وَشَكْلَهُ مُسْقِطَةٌ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ بَيْنَ التُّجَّارِ بَيْعُ هَذِهِ الثِّيَابِ بِعَرْضِ نَمَاذِجِهَا وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِثْلِيًّا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ أَمْ أَوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ تُجْزِئُ عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ (بَزَّازِيَّةٌ) لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْبَاقِي فِيمَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ بِاعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لَا بِاعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْوِعَاءِ (طَحْطَاوِيٌّ) فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ رُؤْيَةِ نَمُوذَجِهِ وَالرِّضَا بِهِ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْبَاقِي إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي لَمْ يَرَهُ قَبْلًا دُونَ مَا رَأَى نَمُوذَجِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ التَّالِيَةَ) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ جِنْسٍ مِنْهَا لِإِسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي الْأَجْنَاسِ الْأُخْرَى وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِيمَا رَآهُ وَمَا لَمْ يَرَهُ. [ (الْمَادَّةُ 325) مَا بِيعَ عَلَى مُقْتَضَى الْأُنْمُوذَجِ إذَا ظَهَرَ دُونَ الْأُنْمُوذَجِ] (الْمَادَّةُ 325) مَا بِيعَ عَلَى مُقْتَضَى الْأُنْمُوذَجِ إذَا ظَهَرَ دُونَ الْأُنْمُوذَجِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ مَثَلًا الْحِنْطَةُ وَالسَّمْنُ وَالزَّيْتُ وَمَا صُنِعَ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ وَالْجُوخِ وَأَشْبَاهِهَا إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي أُنْمُوذَجَهَا ثُمَّ

(المادة 336) في شراء الدار والخان ونحوهما من العقار تلزم رؤية كل بيت منها

اشْتَرَاهَا عَلَى مُقْتَضَاهُ فَظَهَرَتْ أَدْنَى مِنْ الْأُنْمُوذَجِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ. إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ أَدْوَنَ مِنْ الْأُنْمُوذَجِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْمَبِيعِ الَّذِي رَآهُ الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ فِيمَا رَآهُ نَمُوذَجًا وَفِيمَا لَمْ يَرَهُ وَلَهُ قَبُولُ الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَوْ رَدُّهُ وَفَسْخُ الْبَيْعِ (دُرَرٌ غَرَّرَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 337) . وَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي الْأُنْمُوذَجِ أَوْ بَعْضِ الْمَبِيعِ الَّذِي أُرِيه الْمُشْتَرِي وَمُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ مَانِعٌ لِتَمَامِ الصَّفْقَةِ فَلَوْ عُدَّ الْبَيْعُ لَازِمًا فِيمَا رُئِيَ وَرُدَّ مَا لَمْ يَرَ لَزِمَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ (زَيْلَعِيٌّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 238) وَكَذَلِكَ إذَا رُئِيَ أُنْمُوذَجُ الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَجَرَى الْعَقْدُ ثُمَّ تَلِفَ الْأُنْمُوذَجُ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلْأُنْمُوذَجِ الَّذِي رَآهُ وَأَنَّهُ أَدْوَنُ مِنْهُ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ مُطَابِقٌ فَالْأَوْجُهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُ أَنَّ مَا أُحْضِرَ لَهُ هُوَ الْمَبِيعُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَكَانَ مَخْبُوءًا فِي صَنَادِيقَ أَوْ أَعْدَالٍ (أَكْيَاسٍ) وَعُرِضَ عَلَى الْمُشْتَرِي أُنْمُوذَجٌ مِنْهُ ثُمَّ حَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي هَلْ الْمَبِيعُ مُطَابِقٌ أَوْ غَيْرُ مُطَابِقٍ فَإِذَا كَانَ الْأُنْمُوذَجُ بَاقِيًا يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى رَأْيِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 77) (رَدُّ الْمُحْتَارِ. هِنْدِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 336) فِي شِرَاءِ الدَّارِ وَالْخَانِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْعَقَارِ تَلْزَمُ رُؤْيَةُ كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا] (الْمَادَّةُ 336) فِي شِرَاءِ الدَّارِ وَالْخَانِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْعَقَارِ تَلْزَمُ رُؤْيَةُ كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا إلَّا أَنَّ مَا كَانَتْ بُيُوتُهَا مَصْنُوعَةً عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ فَتَكْفِي رُؤْيَةُ بَيْتٍ وَاحِدٍ مِنْهَا. وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ رُؤْيَةُ دَاخِلِ الدَّارِ أَوْ الْخَانِ وَرُؤْيَةُ سَاحَتِهِ وَمَطْبَخِهِ وَطَبَقَتِهِ الْعُلْوِيَّةِ وَالسُّفْلِيَّةِ وَكَذَلِكَ سَطْحُ الدَّارِ إنْ كَانَ مَقْصُودًا فِي الْبَيْعِ تَجِبُ رُؤْيَتُهُ عَلَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ مَا لَمْ يَرَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ سَبَبُهُ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ لَا اخْتِلَافُ الدَّلِيلِ وَالْبُرْهَانِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 39) (دُرَرٌ) . أَمَّا الدَّارُ الَّتِي تَكُونُ غُرَفُهَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ غَرْفَةٍ مِنْهَا لِسُقُوطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ رُؤْيَةَ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ يَحْصُلُ بِهَا الْعِلْمُ بِالْغُرَفِ الْأُخْرَى وَكَذَلِكَ فِي اشْتِرَاءِ الْبُسْتَانِ يَجِبُ رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَفِي اشْتِرَاءِ الْكُرُومِ يَجِبُ رُؤْيَةُ أَشْجَارِ الْعِنَبِ بِأَنْوَاعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 327) اشْتَرَى أَشْيَاءَ مُتَفَاوِتَةٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً] (الْمَادَّةُ 327) إذَا اُشْتُرِيَتْ أَشْيَاءُ مُتَفَاوِتَةٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً تَلْزَمُ رُؤْيَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ. يَعْنِي يَجِبُ رُؤْيَةُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا وَلَا تُجْزِئُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِنْهَا عَنْ سَائِرِهَا فَمَا لَمْ يَرَ الْمُشْتَرِي الْجَمِيعَ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي الْجَمِيعِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:

(المادة 328) اشترى أشياء متفاوتة صفقة واحدة وكان المشتري رأى بعضها

الْأُولَى: لَوْ رَأَى شَخْصٌ بَغْلَةً وَبَعْدَ أَنْ رَآهَا اشْتَرَاهَا مَعَ أُخْرَى لَمْ يَرَهَا فَعِنْدَ رُؤْيَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ أَيْ فِي الْبَغْلَتَيْنِ لِأَنَّ عَدَّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ لَازِمًا إلْزَامٌ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ لَمْ يَرَهُ وَذَلِكَ خِلَافُ النَّصِّ. الثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ صُنْدُوقَ ثِيَابٍ أَوْ سَفِينَةَ بِطِّيخٍ أَوْ سَلَّةَ تُفَّاحٍ أَوْ رُمَّانٍ أَوْ سَفَرْجَلٍ بَعْدَ أَنْ رَأَى بَعْضَ ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ الْبَاقِي يَكُونُ مُخَيَّرًا إذَا رَأَى الْبَاقِي لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ مِنْهَا لَا تَكْفِي لِلْعِلْمِ بِالْبَاقِي. الثَّالِثَةُ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ الثَّمَرَ عَلَى شَجَرِهِ وَرَأَى بَعْضَ ثَمَرِ كُلِّ شَجَرَةٍ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي خِيَارُ رُؤْيَةٍ. الرَّابِعَةُ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَزَوْجِ النَّعْلَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى الزَّوْجَيْنِ فَعِنْدَ رُؤْيَةِ الزَّوْجِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَرَهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الزَّوْجَيْنِ (أَنْقِرْوِيّ. طَحْطَاوِيٌّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْخَامِسَةُ: خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ [ (الْمَادَّةُ 328) اشْتَرَى أَشْيَاء مُتَفَاوِتَة صَفْقَة وَاحِدَة وَكَانَ الْمُشْتَرِي رَأَى بَعْضهَا] (الْمَادَّةُ 328) إذَا اُشْتُرِيَتْ أَشْيَاءُ مُتَفَاوِتَةٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَكَانَ الْمُشْتَرِي رَأَى بَعْضَهَا وَلَمْ يَرَ الْبَاقِي فَمَتَى رَأَى ذَلِكَ الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَخَذَ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ جَمِيعَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا رَآهُ وَيَتْرُكَ الْبَاقِي. إنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ بِالنَّظَرِ إلَى أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْمَبِيعُ. فَإِذَا رَأَى الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَلَمْ يَرَ الْبَاقِي قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْكُلَّ صَفْقَةً وَاحِدَةً. سَوَاءٌ أَعَيَّنَ الثَّمَنَ جُمْلَةً أَمْ تَفْصِيلًا فَعِنْدَمَا يَرَى الْمُشْتَرِي الْبَعْضَ الَّذِي لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ كُلَّهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كُلَّهُ لِأَنَّ الرِّضَا بِوَاحِدٍ لَا يَسْتَوْجِبُ الرِّضَا بِالْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا رَدَّ أَحَدَهُمَا فَمِنْ الضَّرُورِيِّ رَدُّ الْبَاقِي الَّذِي رَضِيَ بِهِ حَتَّى لَا يَحْصُلَ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ الصَّفْقَةَ وَيَأْخُذَ مَا رَغِبَ فِيهِ وَيَتْرُكَ مَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَإِذَا رَغِبَ الْمُشْتَرِي فِي أَحَدِ الْحِصَانَيْنِ اللَّذَيْنِ بِيعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَرَضِيَ بِهِ قَوْلًا وَجَبَ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ الْحِصَانَيْنِ مَعًا أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (بَزَّازِيَّةٌ) قَوْلُ (إذَا رَضِيَ قَوْلًا) وَعَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئَيْنِ مُتَفَاوِتَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ رَآهُمَا بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْآخَرِ (هِنْدِيَّةٌ) . وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ حِصَانَيْنِ بِدُونِ أَنْ يَرَاهُمَا ثُمَّ رَآهُمَا فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ فِي الْحِصَانَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ بِالْعَرْضِ لِلْبَيْعِ يَثْبُتُ اللُّزُومُ حُكْمًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّ الثَّابِتِ بِالْحُكْمِ فَالْبَيْعُ يَكُونُ لَازِمًا بِالضَّرُورَةِ فِي الْكُلِّ (بَزَّازِيَّةٌ) .

(المادة 329) بيع الأعمى وشراؤه

وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْفُجْلِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ فَإِذَا رَأَى الْمُشْتَرِي نَمُوذَجًا مِنْهُ بَعْدَ شِرَائِهِ وَرَضِيَ بِهِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ وَزْنًا أَوْ كَيْلًا فَعَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّ التَّعَامُلَ جَرَى بِهِ وَالِاحْتِيَاجُ دَاعٍ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُبَاعُ عَدًّا كَالْفُجْلِ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ لَا تُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (شُرُنْبُلَالِيّ) . الثَّانِي: الْمُشْتَرِي. فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ثَابِتًا لِأَحَدِهِمَا غَيْرَ ثَابِتٍ لِلْآخَرِ فَلَهُمَا الرَّدُّ بِالِاتِّفَاقِ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصَانِ مَالًا لَمْ يَرَيَاهُ ثُمَّ رَأَيَاهُ فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَلَهُ رَدُّهُ جَمِيعِهِ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الْمَبِيعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يَرَهُ الْآخَرُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ فَالِاثْنَانِ يَرُدَّانِ الْمَبِيعَ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى لَوْ رَضِيَ الشَّخْصُ الَّذِي رَأَى الْمَبِيعَ أَوَّلًا بِالْبَيْعِ وَأَجَازَهُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرُ فَعِنْدَمَا يَرَى الشَّخْصُ الَّذِي لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ لَهُ رَدُّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (شُرُنْبُلَالِيّ. هِنْدِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 329) بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ] (الْمَادَّةُ 329) بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ وَصْفَهُ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى دَارًا لَا يَعْلَمُ وَصْفَهَا كَانَ مُخَيَّرًا فَمَتَى عَلِمَ وَصْفَهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي شِرَاءِ الْأَعْمَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَمْتَدُّ خِيَارُهُ جَمِيعَ عُمْرِهِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْمَبِيعِ أَوْ يَتَعَيَّبُ فِي يَدِهِ أَوْ يَهْلَكُ بَعْضُهُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 320) وَالْأَعْمَى فِي هَذَا الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ كَالْبَصِيرِ إلَّا فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْهَا الشَّهَادَةُ وَالْقَضَاءُ وَالدِّيَةُ لِعَيْنِهِ (أَشْبَاهٌ) أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْأَعْمَى وَلَا شِرَاؤُهُ إلَّا إذَا كَانَ رَأَى شَيْئًا قَبْلَ الْعَمَى مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ كَالْحَدِيدِ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَهُ قُصُورٌ عَنْ إدْرَاكِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ فَرُبَّمَا نَدِمَ إذَا أَخْبَرَهُ الْغَيْرُ بِرَدَاءَةِ لَوْنِهِ مَثَلًا وَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّهِ مَعَ الْحَيَاءِ. بَعْضُ مَا يُسْقِطُ خِيَارَ الْأَعْمَى - إذَا اشْتَرَى الْأَعْمَى مَالًا غَيْرَ عَالِمٍ بِوَصْفِهِ وَتَعَيَّبَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ هَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى آخَرَ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَرْضًا فَأَمَرَ الْأَكَّارِينَ بِزَرْعِهَا يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ مَا يَجْرِي فِي الْمَبِيعِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ كَأَنَّهُ وَاقِعٌ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ وَعُدَّ الْبَيْعُ لَازِمًا فِي بَعْضِهِ غَيْرَ لَازِمٍ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفَرُّقَ الصَّفْقَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ مَعِيبًا لِأَنَّهُ إذَا رُدَّ إلَى الْبَائِعِ مَعِيبًا تَضَرَّرَ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. طَحْطَاوِيٌّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 335) . يَجِبُ أَنْ يُوصَفَ الْمَبِيعُ وَصْفًا مُطَابِقًا لَهُ حَتَّى يَكُونَ الْوَصْفُ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَتِهِ فَإِذَا وُصِفَ الْمَبِيعُ لِلْأَعْمَى وَظَهَرَ مُخَالِفًا لِلْوَصْفِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْأَعْمَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ حِينَ كَانَ بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَا يُسْقِطُ خِيَارَ الْأَعْمَى كَالْوَصْفِ

(المادة 330) إذا وصف شيء للأعمى وعرف وصفه ثم اشتراه لا يكون مخيرا

وَالتَّعْرِيفِ وَالشَّمِّ وَالْجَسِّ وَالذَّوْقِ لِأَنَّ الْعَجْزَ قَدْ وُجِدَ قَبْلَ الْعِلْمِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 53) كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَعْمَى مَالًا وَسَقَطَ خِيَارُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَعُودُ إذَا أَصْبَحَ بَصِيرًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. هِنْدِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 330) إذَا وُصِفَ شَيْءٌ لِلْأَعْمَى وَعَرَفَ وَصْفَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لَا يَكُونُ مُخَيَّرًا] يَنْقَسِمُ مَا يَشْتَرِيهِ الْأَعْمَى إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ مَا يُعْلَمُ بِالْوَصْفِ وَالتَّعْرِيفِ فَإِذَا وُصِفَ هَذَا النَّوْعُ إلَى الْأَعْمَى وَصْفًا كَامِلًا بَلِيغًا قَبْلَ الشِّرَاءِ فَاشْتَرَاهُ الْأَعْمَى فَلَا يَكُونُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِأَنَّ الْوَصْفَ وَالتَّعْرِيفَ لِلْأَعْمَى بِمَنْزِلَةِ الرُّؤْيَةِ لِلْبَصِيرِ وَتَكُونُ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ الْأَعْمَى الْوَصْفَ وَالتَّعْرِيفَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَصْفُ وَالتَّعْرِيفُ حَيْثُ الْمَبِيعُ مَوْجُودٌ كَأَنْ يَكُونَ عَقَارًا فَيُوقَفُ الْأَعْمَى عِنْدَهُ وَيُعْرَضُ وَيُوصَفُ لَهُ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا وُصِفَ لِلْأَعْمَى عَقَارٌ وَعُرِّفَ لَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْعَقَارَ فَلَا يَبْقَى لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ وَعَلَى قَوْلٍ يَجِبُ مَعَ وَصْفِ الْمَبِيعِ وَتَعْرِيفِهِ لَهُ أَنْ يُوقَفَ بِحَيْثُ يَرَاهُ لَوْ كَانَ بَصِيرًا فَشِرَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ إذَا وَكَّلَ الْأَعْمَى وَكِيلًا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَةِ الْأَعْمَى وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ يَجِبُ تَعْرِيفُ الْمَبِيعِ وَوَصْفُهُ لِلْأَعْمَى فَإِنْ كَانَ عَقَارًا أَوْ شَجَرًا يَجِبُ أَنْ يَمَسَّهُ فَإِذَا شَرَى مَا وُصِفَ لَهُ وَعُرِّفَ وَمَسَّهُ سَقَطَ خِيَارُهُ فِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا وُصِفَ الْمَبِيعُ لِلْأَعْمَى وَمَسَّهُ أَوْ ذَاقَهُ وَسَقَطَ خِيَارُهُ ثُمَّ رَجَعَ بَصِيرًا فَلَا يَرْجِعُ خِيَارُهُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. هِنْدِيَّةٌ) الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يُعْلَمُ بِاللَّمْسِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 331) الْأَعْمَى يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِلَمْسِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعْرَفُ بِاللَّمْسِ] (الْمَادَّةُ 331) : الْأَعْمَى يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِلَمْسِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعْرَفُ بِاللَّمْسِ وَشَمِّ الْمَشْمُومَاتِ وَذَوْقِ الْمَذُوقَاتِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمَسَ وَشَمَّ وَذَاقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا كَانَ شِرَاؤُهُ صَحِيحًا لَازِمًا. وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْأَعْمَى تِلْكَ الْأَشْيَاءَ فَلَمَسَهَا بَعْدَ شِرَائِهَا أَوْ شَمَّهَا أَوْ ذَاقَهَا وَرَضِيَ بِهَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ صَحِيحًا وَلَازِمًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَمَّا الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا تُعْرَفُ بِاللَّمْسِ أَوْ الشَّمِّ أَوْ الذَّوْقِ فَإِذَا لَمْ تُعَرَّفْ وَتُوصَفْ لِلْأَعْمَى لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ 330 قَوْلُهُ (ثُمَّ اشْتَرَاهَا) أَمَّا إذَا اشْتَرَى تِلْكَ الْأَشْيَاءَ ثُمَّ لَمَسَهَا أَوْ شَمَّهَا أَوْ ذَاقَهَا فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ حَتَّى حُصُولِ ذَلِكَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 329) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ رِضَا الْأَعْمَى بِالْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ يُوصَفَ لَهُ الْمَبِيعُ فَإِذَا رَضِيَ الْأَعْمَى قَبْلَ أَنْ يُوصَفَ لَهُ الْمَبِيعُ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 32) يَسْقُطُ خِيَارُ الْأَعْمَى أَيْضًا بِالْحَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (333) وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ.

(المادة 332) رأى شيئا بقصد الشراء ثم اشتراه بعد مدة وهو يعلم أنه الشيء الذي رآه

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يُعْلَمُ بِالْوَصْفِ وَالتَّعْرِيفِ وَاللَّمْسِ مَعًا: أَيْ مَا لَا يُعْلَمُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْمَبِيعِ مِنْهُ لِلْأَعْمَى وَلَمْسِهِ إيَّاهُ مَثَلًا إذَا أَرَادَ الْأَعْمَى أَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا وَجَبَ بَيَانُ طُولِ هَذَا الثَّوْبِ وَعَرْضِهِ لِلْأَعْمَى وَأَنْ يَجُسَّهُ بِيَدِهِ وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْأَعْمَى شِرَاءَ حِنْطَةٍ يَجِبُ أَنْ يَلْمِسَهَا وَأَنْ تُوصَفَ لَهُ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ " هِنْدِيَّةٌ ". [ (الْمَادَّةُ 332) رَأَى شَيْئًا بِقَصْدِ الشِّرَاء ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْد مُدَّة وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ الشَّيْء الَّذِي رَآهُ] (الْمَادَّةُ 332) مَنْ رَأَى شَيْئًا بِقَصْدِ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ مُدَّةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي رَآهُ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَدْ تَغَيَّرَ عَنْ الْحَالِ الَّذِي رَآهُ فِيهِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ حِينَئِذٍ. فَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَرَى الْمَبِيعَ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ فَإِذَا رَأَى شَخْصٌ مَالًا غَيْرَ قَاصِدٍ شِرَاءَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُخَيَّرًا لِأَنَّ الرُّؤْيَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ فَلَا تُسْتَوْفَى وَكَذَلِكَ لَوْ قَصَدَ الشِّرَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا أَيْضًا " طَحْطَاوِيٌّ ". الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ الَّذِي رَآهُ أَوَّلًا بِقَصْدِ الشِّرَاءِ فَلَوْ رَآهُ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالُ الَّذِي رَآهُ كَانَ مُخَيَّرًا وَذَلِكَ كَأَنْ يَرَى الْمُشْتَرِي سَرَاوِيلَ بِقَصْدِ شِرَائِهَا ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بَعْدَ مُدَّةٍ فِي صُوَانِهِ " مَا يُحْفَظُ فِيهِ " وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الَّذِي رَآهُ. الِاخْتِلَافُ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَأَى الْمَبِيعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِقَصْدِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَرَهُ مُطْلَقًا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا مَعَ يَمِينِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 95) الْمُلْتَقَى. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". أَمَّا إذَا حَصَلَ تَغْيِيرٌ فِي الْمَالِ بَعْدَ أَنْ رَآهُ أَيْ اخْتَلَفَتْ بَعْضُ صِفَاتِهِ أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ وَلَوْ رَآهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ بِتَغَيُّرِ ذَلِكَ الْمَالِ أَصْبَحَ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي كَأَنْ لَمْ يَرَهُ. الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ذَلِكَ فَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ تَغَيَّرَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ قَصِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَبِيعُ فِي الْغَالِبِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ مَعَ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ طَوِيلَةً بِحَيْثُ يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَبِيعُ فِي الْغَالِبِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. وَالْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ فِي الْحَيَوَانِ شَهْرٌ وَأَقَلُّ مِنْهُ قَصِيرَةٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ أَحْوَالِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْمُتَقَلِّبَةِ أَنَّهُ لَا يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ طَوِيلًا بِلَا تَغَيُّرٍ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ بَغْلَةً كَأَنْ رَآهَا قَبْلَ عِشْرِينَ يَوْمًا بِقَصْدِ الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهَا حِينَ الشِّرَاءِ فَقَالَ لَمَّا رَآهَا إنَّهَا انْحَطَّتْ قُوَّتُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ مُنْذُ عِشْرِينَ يَوْمًا إذْ رَآهَا وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ هِيَ عَلَى حَالِهَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبَغْلَةَ لَا تَتَغَيَّرُ فِي أَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ شَهْرٍ " اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 5 و 78 ". وَإِذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ قُبِلَتْ مِنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا قَبْلَ شَهْرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّغَيُّرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". إنَّ الشِّرَاءَ الْمُبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الشِّرَاءُ أَصَالَةً أَمَّا الشِّرَاءُ وَكَالَةً فَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي رَآهُ مُوَكِّلُهُ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْمَالُ الَّذِي رَآهُ مُوَكِّلُهُ فَلِلْوَكِيلِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. " اُنْظُرْ

(المادة 333) الوكيل بشراء شيء والوكيل بقبضه

الْمَادَّةَ 1641 " إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ وَكِيلًا بِشِرَاءِ مَالٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 320 [ (الْمَادَّةُ 333) الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ] (الْمَادَّةُ 333) : الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ تَكُونُ رُؤْيَتُهُمَا لِذَلِكَ الشَّيْءِ كَرُؤْيَةِ الْأَصِيلِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ الَّذِي يُوَكَّلُ لِيَنْظُرَ الْمَبِيعَ وَيُجِيزَهُ إذَا رَضِيَ بِهِ أَوْ يَفْسَخَهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُوَكَّلُ بَصِيرًا أَمْ أَعْمَى فَلَا يَبْقَى بَعْدَئِذٍ لِلْوَكِيلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1441) لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ وَكَّلَهُ بِالْقَبْضِ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ. أَمَّا رُؤْيَةُ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّوْكِيلِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمٌ أَوْ أَثَرٌ مُطْلَقًا فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِهَا. الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ - كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ وَكَّلْتُك بِأَنْ تَشْتَرِيَ لِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ وَلِلْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ وَكَّلْتُك بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ أَرَهُ فَلِذَلِكَ تَكُونُ رُؤْيَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ كَرُؤْيَةِ الْأَصِيلِ إلَّا أَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْقَبْضُ التَّامُّ وَهُوَ قَبْضُ الْوَكِيلِ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ يَرَاهُ وَهَذَا الْقَبْضُ يُسْقِطُ خِيَارَ الْمُوَكِّلِ. الثَّانِي: الْقَبْضُ النَّاقِصُ وَهُوَ قَبْضُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ. فَلَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ الْمَبِيعَ وَهُوَ مَسْتُورٌ بِشَيْءٍ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَآهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَرَضِيَ بِهِ وَأَسْقَطَ خِيَارَهُ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُوَكِّلِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54 " لِأَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِلْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ مَسْتُورٌ يَجْعَلُ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ مُنْتَهِيَةً بِذَلِكَ الْقَبْضِ النَّاقِصِ وَيَكُونُ مُنْعَزِلًا وَبِمَا أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُ خِيَارِ رُؤْيَةِ الْأَصِيلِ. الْوَكِيلُ بِالنَّظَرِ - إذَا وَكَّلَ الْمُشْتَرِي شَخْصًا لِيَنْظُرَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَرَهُ عَلَى أَنْ يُبْرِمَ الْعَقْدَ إذَا رَضِيَ بِهِ أَوْ يَفْسَخَهُ إذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَنَظَرُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ يَقُومُ مَقَامَ نَظَرِ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرَّأْيَ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ فَيَصِحُّ " هِنْدِيَّةٌ " أَمَّا رُؤْيَةُ الرَّسُولِ بِالشِّرَاءِ كَرُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِرُؤْيَةِ الرَّسُولِ بِالشِّرَاءِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَالرَّسُولِ بِالشِّرَاءِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ أَمَّا الرَّسُولُ بِالشِّرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ " أَبُو السُّعُودِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. زَيْلَعِيٌّ شُرُنْبُلَالِيّ. دُرَرٌ ". " اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 1450 و 1454 ". وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالرُّؤْيَةِ قَصْدًا لَا تَصِحُّ فَرُؤْيَةُ الْوَكِيلِ بِالرُّؤْيَةِ لَا تَكُونُ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ خِيَارُ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي. وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْمُوَكَّلُ أَوْ الْمُرْسَلُ بِالذَّاتِ الْمَالَ الَّذِي رَآهُ وَكِيلُهُ بِالشِّرَاءِ أَوْ رَسُولُهُ يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا خِيَارَ لِلْوَكِيلِ " بَزَّازِيَّةٌ ".

(المادة 334) الرسول يعني من أرسل من طرف المشتري لأخذ المبيع وإرساله فقط

[ (الْمَادَّةُ 334) الرَّسُولُ يَعْنِي مَنْ أُرْسِلَ مِنْ طَرَفِ الْمُشْتَرِي لِأَخْذِ الْمَبِيعِ وَإِرْسَالُهُ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 334) : الرَّسُولُ يَعْنِي مَنْ أُرْسِلَ مِنْ طَرَفِ الْمُشْتَرِي لِأَخْذِ الْمَبِيعِ وَإِرْسَالُهُ فَقَطْ لَا تُسْقِطُ رُؤْيَتُهُ خِيَارَ الْمُشْتَرِي الرَّسُولُ الَّذِي لَا تَكُونُ رُؤْيَتُهُ لِلْمَبِيعِ كَرُؤْيَةِ الْأَصِيلِ ضَرْبَانِ: الْأَوَّلُ: الرَّسُولُ بِالْقَبْضِ. الثَّانِي الرَّسُولُ بِالشِّرَاءِ. فَرُؤْيَةُ هَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ لِلْمَبِيعِ لَا تُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ آنِفًا أَنَّ رُؤْيَةَ الرَّسُولِ لِلْمَبِيعِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَسُولًا بِالْقَبْضِ أَمْ بِالشِّرَاءِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَهُنَا سِتَّةً: وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ. رَسُولًا بِالشِّرَاءِ. وَكِيلًا بِالْقَبْضِ. رَسُولًا بِالْقَبْضِ. وَكِيلًا بِالنَّظَرِ وَكِيلًا بِالرُّؤْيَةِ فَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَالْخَامِسُ يُسْقِطُونَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ أَمَّا الثَّانِي وَالرَّابِعُ وَالسَّادِسُ فَلَا. الرِّسَالَةُ بِالْقَبْضِ - إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: كُنْ رَسُولًا عَنِّي بِقَبْضِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ بِدُونِ أَنْ أَرَاهُ، أَوْ قَالَ: قَدْ أَرْسَلْتُك لِقَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ قَالَ لَهُ قُلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْك الْمَبِيعَ فَيَكُونَ ذَلِكَ رِسَالَةً. قَبْضُ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِلْمُوَكِّلِ وَالْمُرْسِلِ كَقَبْضِهِ بَزَّازِيَّةٌ. هِنْدِيَّةٌ ". [ (الْمَادَّةُ 335) تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَتِهِ] (الْمَادَّةُ 335) : تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَتِهِ وَكَذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْغَيْرِ يُسْقِطُ خِيَارَ رُؤْيَتِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67 " وَالْأَحْوَالُ الَّتِي تُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ أَوْ لَا تُسْقِطُهُ تَرْجِعُ إلَى أَرْبَعَةِ أُصُولٍ: الْأَوَّلُ: إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ بِالْمَبِيعِ خِيَارَ رُؤْيَةٍ عَلَى وَجْهٍ يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ لِلْغَيْرِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ أَمْ بَعْدَهَا وَهَذَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا جَازَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 20) . وَالْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ: (1) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ بِبَيْعٍ مُطْلَقٍ أَوْ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ دُونَ أَنْ يُشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ قَبْلَ أَنْ رَآهُ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ حَتَّى لَوْ رَدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَا يَعُودُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51 ". 2 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ أَوْ عَشْرَ شِيَاهٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ بَعْدَ الْقَبْضِ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ فِي الْكُلِّ حَتَّى لَوْ عَادَتْ الثِّيَابُ إلَى مِلْكِهِ كَأَنْ يَكُونَ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا وَرَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51 " (بَحْرٌ. تَنْقِيحٌ) . 3 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا زِرَاعِيَّةً بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا فَأَعَارَ شَخْصًا إيَّاهَا قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِيَزْرَعَهَا

فَزَرَعَهَا يَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمُحْتَارِ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 832 " أَمَّا إذَا لَمْ يَزْرَعْهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ خِيَارُ رُؤْيَةِ الْمُشْتَرِي. الْأَصْلُ الثَّانِي: إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ لِلْغَيْرِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ مَثَلًا إذَا عَرَضَ الْمُشْتَرِي كُلَّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَشَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَلَّا يَسْقُطَ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تُفِيدُ سِوَى أَنَّهُ رَضِيَ بِالْمَبِيعِ وَالرِّضَا تَصْرِيحًا بِالْمَبِيعِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ. فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا لَمْ يَرَهَا وَبِيعَتْ فِي جِوَارِهَا دَارٌ أُخْرَى فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ بِسَبَبِ تِلْكَ الدَّارِ فَإِذَا رُدَّتْ تِلْكَ الدَّارُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَنْ يَبْقَى الْعَقَارُ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الشُّفْعَةِ فِي يَدِهِ وَلَكِنْ إذَا رَأَى تِلْكَ الدَّارَ وَأَخَذَ الْعَقَارَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تُفِيدُ الرِّضَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ تُسْقِطُ خِيَارَهَا. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا عَرَضَ الْمُشْتَرِي الْمُخَيَّرُ خِيَارَ رُؤْيَةٍ كُلَّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ وَهَبَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ أَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ أَدَّى الثَّمَنَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالَيْنِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَ أَنْ رَآهُمَا قَبَضَ أَحَدَهُمَا يَكُونُ بِذَلِكَ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ فِي الْمَالَيْنِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِدُونِ أَنْ يَرَاهُمَا وَتَقَايَلَ الطَّرَفَانِ الْبَيْعَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ. الْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْأُمُورُ الَّتِي تُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ تُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَزْرَعَةً بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا وَأَبْقَى الْمُشْتَرِي الزُّرَّاعَ الَّذِينَ كَانُوا فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ فَزَرَعُوا تِلْكَ الْأَرْضَ فَلَا يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ لِأَنَّ فِعْلَ أُولَئِكَ الزُّرَّاعِ يُضَافُ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ إذَا زَرَعَ الْمُشْتَرِي نَفْسُهُ تِلْكَ الْأَرْضَ أَوْ أَمَرَ شَخْصًا آخَرَ بِزِرَاعَتِهَا فَزَرَعَهَا الشَّخْصُ يَسْقُطُ خِيَارُهُ. 2 - إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ لَا يَزُولُ أَوْ هَلَكَ بَعْضُهُ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي وَأَصْبَحَ رَدُّهُ إلَى الْبَائِعِ مُتَعَذِّرًا يَسْقُطُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ. الْأَصْلُ الرَّابِعُ: حُصُولُ الزِّيَادَةِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلِهِ يُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا فَيُنْتِجُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ كَرْمًا فَيُثْمِرُ عِنَبًا فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَمْ لَا. إلَّا إنَّهُ إذَا تَلِفَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ نَفْسِهَا يَعُودُ حَقُّ خِيَارِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24 " (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرَرُ، الْخُلَاصَةُ) . خِيَارُ الْكَمِّيَّةِ: لَيْسَ فِي النُّقُودِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ بَلْ خِيَارُ كَمِّيَّةٍ.

مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ بِهَذِهِ الرِّيَالَاتِ الَّتِي فِي كِيسِي فَبَاعَ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ مِقْدَارَ الرِّيَالَاتِ الَّتِي فِي الْكِيسِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 229 " إلَّا أَنَّهُ حِينَمَا يَطَّلِعُ الْبَائِعُ عَلَى مِقْدَارِ تِلْكَ الرِّيَالَاتِ الَّتِي فِي الْكِيسِ يَكُونُ مُخَيَّرًا لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَمِّيَّةَ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْكِيسِ مِنْ الْخَارِجِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ خِيَارَ الْكَمِّيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ النُّقُودُ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا. أَمَّا لَوْ أَشَارَ شَخْصٌ إلَى النُّقُودِ الَّتِي فِي كِيسِهِ وَقَالَ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْك بِهَذِهِ النُّقُودِ فِي الْكِيسِ فَبَاعَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمِقْدَارِ النُّقُودِ الْحَقِيقِيِّ فِي ذَلِكَ الْكِيسِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَارُ كَمِّيَّةٍ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ الْخَارِجِ مِقْدَارَ النُّقُودِ الَّتِي فِي الْكِيسِ إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَتْ تِلْكَ النُّقُودُ غَيْرَ رَائِجَةٍ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ تِلْكَ النُّقُودَ وَأَنْ يَطْلُبَ نُقُودًا رَائِجَةً فِي الْبَلَدِ لِأَنَّ ذِكْرَ الدَّرَاهِمِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ.

الفصل السادس في بيان خيار العيب

[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ خِيَارِ الْعَيْبِ] إضَافَةُ الْخِيَارِ إلَى الْعَيْبِ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ أَيْ الْخِيَارُ الَّذِي يَثْبُتُ بِسَبَبِ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَبِلَا مُدَّةٍ أَيْ لَيْسَ لِخِيَارِ الْعَيْبِ أَجَلٌ مُعَيَّنٌ فَلِذَلِكَ إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ مَا يُبْطِلُ خِيَارَ الْعَيْبِ أَوْ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْمَبِيعِ دَامَ لَهُ الْخِيَارُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ لِتَعَوُّدِهِ عَنْ الْمُخَاصِمَةِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْمُخَاصَمَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) حَتَّى لَوْ وَجَدَ فِي الدَّابَّةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا عَيْبًا وَقَصَدَ رَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَمْسَكَهَا عِنْدَهُ وَأَطْعَمَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا تَصَرُّفًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْعَيْبِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا حِينَمَا يَجِدُ الْبَائِعَ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ خِلَالَ مُدَّةِ الْإِمْسَاكِ أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَخِيَارُ الْعَيْبِ عَلَى الْفَوْرِ وَيَبْطُلُ بِتَأْخِيرِهِ بِلَا عُذْرٍ وَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ حَسَبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسَارَعَةُ خِلَافَ الْمُعْتَادِ (بَاجُورِيّ) وَيَجْرِي خِيَارُ الْعَيْبِ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ (اُنْظُرْ كِتَابَ الْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ وَالْقِسْمَةِ) وَيَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْمَهْرِ وَبَدَلِ الْمُخَالَصَةِ (هِنْدِيَّةٌ) [خُلَاصَةُ الْفَصْلِ يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَبِلَا مُدَّة] خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَبِلَا مُدَّةٍ أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَفَوْرًا. 2 - يَجْرِي خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْمُخَالَصَةِ " هِنْدِيَّةٌ ". 3 - يَقْتَضِي الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ سَالِمًا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ. 4 - الْعَيْبُ الْفَاحِشُ وَالْيَسِيرُ سِيَّانِ فِي إيجَابِ الْخِيَارِ. 5 - يَجِبُ لِثُبُوتِ خِيَارِ الْعَيْبِ تَحَقُّقُ سِتَّةِ شُرُوطٍ. 6 - يَحِقُّ لِلْمُخَيَّرِ خِيَارَ الْعَيْبِ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَسْخُ الْبَيْعِ إلَّا فِي خَمْسِ مَسَائِلَ. 7 - مَئُونَةُ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ تَلْزَمُ الْمُشْتَرِي. 8 - صَاحِبُ خِيَارِ الْعَيْبِ لَهُ قَبُولُ الْمَبِيعِ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى كُلِّهِ وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُ وَنَقْصُ الثَّمَنِ بِمَا يُقَابِلُ الْعَيْبَ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَوْ كَانَ ثَمَّةَ مَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَوْصَافِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. 9 - إذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِمَا يُقَابِلُ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ. 10 - فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ

11 - لِدَعْوَى رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أُصُولُ مُحَاكِمَةٍ خَاصَّةٌ. 12 - إذَا كَانَتْ دَعْوَى رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ يَجِبُ إثْبَاتُهَا بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ لِلْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ حُكْمٌ. 13 - يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْعَيْبِ إلَى الْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لِلْمُوَرَّثِ 14 - إذَا كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَقَعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْمَبِيعِ مِنْ نَفْسِهِ رَأْسًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ حَاضِرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي. 15 - الرِّضَا بِالْفَسْخِ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً. 16 - الْعَيْبُ هُوَ الْقُصُورُ الظَّاهِرُ الَّذِي يُورِثُ النُّقْصَانَ فِي قِيمَةِ الْمَالِ فِي رَأْيِ أَصْحَابِ الْخِبْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَاَلَّذِي يَخْلُو مِنْهُ الْمَالُ فِي أَصْلِ خِلْقَتِهِ السَّلِيمَةِ أَوْ الْقُصُورُ الْمُفَوِّتُ لِلْمَقْصُودِ مِنْ الْمَبِيعِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ. 17 - الْعَيْبُ الْقَدِيمُ هُوَ الْقُصُورُ الْمَوْجُودُ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ. 18 - يَحْصُلُ الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ فِي خَمْسِ صُوَرٍ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا. 19 - لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا بَيَّنَ الْبَائِعُ عَيْبَ الْمَبِيعِ حِينَ الْبَيْعِ. الثَّانِيَةُ: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ. الثَّالِثَةُ: إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ. الرَّابِعَةُ: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ آخَرُ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ. الْخَامِسَةُ: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا مِنْ كُلِّ دَعْوَى عَيْبٍ. السَّادِسَةُ: إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ وَيَسْقُطُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي. 20 - إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَلِلْأَوَّلِ رَدُّهُ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ فِي أَرْبَعٍ. 21 - إذَا حَدَثَ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبٌ جَدِيدٌ وَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْعَ تَوْلِيَةٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا. 22 - يُرْجَعُ إلَى رَأْيِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْخَالِينَ مِنْ الْغَرَضِ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ وَفِي هَذَا أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ. 23 - إذَا زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ فَالْقَدِيمُ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ. 24 - كُلُّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَ فِيهِ رَدُّ الْمَبِيعِ الْقَائِمِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِرِضًا مِنْهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضًا إذَا أَزَالَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِهِ فَلَيْسَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ.

(المادة 336) البيع المطلق يقتضي سلامة المبيع من العيوب

كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ رَدُّ الْمَبِيعِ الْقَائِمِ فِي الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ بِرِضًا مِنْهُ أَوْ بِغَيْرِ رِضًا إذَا أَزَالَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. 26 - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مَانِعَةٌ لِلرَّدِّ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ فَلَا تَمْنَعَانِ الرَّدَّ. 27 - إذَا وُجِدَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ فَلَوْ رَضِيَ الطَّرَفَانِ أَيْضًا فِي الرَّدِّ لَا يُحْكَمُ بِالرَّدِّ بَلْ يُؤْخَذُ نُقْصَانُ الثَّمَنِ. 28 - إذَا ظَهَرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي بِيعَتْ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعِيبٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَجُوزُ رَدُّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ لَيْسَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ يُرَدُّ الْمَعِيبُ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ فَيَلْزَمُ إمَّا قَبُولُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. 29 - إذَا أُخِذَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ فِي الْبَاقِي أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ أَخْذُ الْبَعْضِ يُورِثُ عَيْبًا فِي الْبَاقِي فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ وَإِلَّا فَلَا. 30 - إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ. 31 - إذَا ظَهَرَ فِي الْحِنْطَةِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْحُبُوبِ تُرَابٌ فَإِنْ يَسِيرًا عُفِيَ وَإِنْ كَثِيرًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ وَإِذَا ظَهَرَ فِي الْبَيْضِ وَنَحْوِهِ ثَلَاثٌ فِي الْمِائَةِ فَاسِدَةً فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ وَإِنْ أَكْثَرَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ. 32 - إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِالْمَبِيعِ فِي شَيْءٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. [ (الْمَادَّةُ 336) الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ] (الْمَادَّةُ 336) : الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمَالِ بِدُونِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَبِلَا ذِكْرِ أَنَّهُ مَعِيبٌ أَوْ سَالِمٌ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ سَالِمًا خَالِيًا مِنْ الْعَيْبِ. يَعْنِي بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ مَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعَيْبِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِسَلَامَةِ الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ وَهَذَا الْمُرَادُ مِنْ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (64) وَلَا مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (251 و 285) لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعُيُوبِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ عَادَةً وَعُرْفًا فَكَأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 43 قَدْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ. فَإِذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ السَّلَامَةُ فِي الْمَبِيعِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا حَتَّى لَا يُضَرَّ بِإِلْزَامِهِ بِشَيْءٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَلِذَلِكَ تَكُونُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ كَأَنَّمَا شُرِطَتْ فِي الْعَقْدِ فَبَيْعُ مَا فِيهِ عَيْبٌ بِغَيْرِ بَيَانِ الْعَيْبِ تَغْرِيرٌ وَحَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ بَيْعَ مَالٍ فِيهِ عَيْبٌ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي كَأَنْ يَقُولَ لَهُ إنَّ فِي هَذَا الْمَالِ الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ فَإِذَا أَرَدْت فَخُذْهُ عَلَى عَيْبِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْبَائِعِ ثَمَنًا فِيهِ عَيْبٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ الْعَيْبَ كَأَنْ يُبَيِّنَ نُقْصَانَ وَزْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْفِيَ عَيْبَهُ وَيَزْعُمَ سَلَامَتَهُ تَرْوِيجًا لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) . (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. دُرُّ الْمُخْتَارِ) . . [ (الْمَادَّةُ 337) مَا بِيعَ مُطْلَقًا إذَا بِيعَ وَفِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ] (الْمَادَّةُ 337) : مَا بِيعَ مُطْلَقًا إذَا بِيعَ وَفِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيَأْخُذَ مَا نَقَصَهُ

الْعَيْبُ وَهَذَا يُقَالُ لَهُ خِيَارَ الْعَيْبِ. أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا عَلَى التَّرَاخِي بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 341 " وَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْعَيْبِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ: 1 - أَلَّا يَرَى الْمُشْتَرِي حِينَ الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ ذَلِكَ الْعَيْبَ وَإِذَا رَآهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ عَيْبٌ عِنْدَ التُّجَّارِ. 2 - أَلَّا تَحْصُلَ حَالٌ تَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ. 3 - أَلَّا يُشْتَرَطَ فِي الْبَيْعِ بَرَاءَةُ الْبَائِعِ مِنْ دَعْوَى الْعَيْبِ. 4 - أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ قَدِيمًا. 5 - أَلَّا يُمْكِنَ إزَالَةُ الْعَيْبِ بِلَا مَشَقَّةٍ. 6 - أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا. 7 - أَلَّا يَزُولَ ذَلِكَ الْعَيْبُ قَبْلَ الْفَسْخِ. 8 - أَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ لَوَازِمِ الْخِلْقَةِ السَّلِيمَةِ. وَيَتَّضِحُ هَذَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا أَمْ فَاحِشًا. الْعَيْبُ الْيَسِيرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ مَثَلًا إذَا قَدَّرَ شَخْصٌ مَالًا سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَدَّرَهُ وَهُوَ مَعِيبٌ بِتِسْعِمِائَةٍ وَقَدَّرَهُ آخَرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِأَلْفِ قِرْشٍ يَكُونُ الْعَيْبُ يَسِيرًا. وَالْعَيْبُ الْفَاحِشُ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ مَثَلًا إذَا قَوَّمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ جَمِيعًا قِيمَةَ الْمَالِ سَالِمًا مِنْ الْعُيُوبِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا أَقَلُّ مِنْ أَلْفٍ يَكُونُ الْعَيْبُ فَاحِشًا (بَزَّازِيَّةٌ) . وَالْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ إمَّا بِالذَّاتِ وَإِمَّا بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ إمَّا إلَى الْبَائِعِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ الثَّمَنَ إذَا كَانَ قَدْ أَدَّاهُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ مَالًا بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَتُهٌ فَلَيْسَ لَهُمَا رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) وَلَكِنْ لَهُمَا فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 301 و 320) . الثَّانِيَةُ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا وَسَلَّمَهُ وَقَبْلَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ وَهَبَهُ ذَلِكَ الثَّمَنَ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبِ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيُّ ضَرَرٍ مِنْ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِلَا ثَمَنٍ أَمَّا إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرَى وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَاطَّلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعَيْبِ فَلَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ. الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي مَالًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَظَهَرَ لَهُ أَنَّ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا حِينَمَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى أَحَدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 98) . مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ بَاعَ

شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا وَبَاعَ الْآخَرُ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى آخَرَ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ الْأَخِيرَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ بَائِعِهِ فَوَجَدَ فِيهِ بَائِعُهُ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى بَائِعِهِ هَذَا كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى بَائِعِهِ الْأَخِيرِ جَازَ لِبَائِعِهِ الْأَخِيرِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةً لِهَذَا الرَّدِّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْهُ آخَرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الرَّابِعَةُ: إذَا نَقَلَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرَ مَوْضِعِ الشِّرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ أَوْجَبَ النَّقْلُ زِيَادَةً فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعَادَهُ إلَى مَوْضِعِ الشِّرَاءِ فَلَهُ أَيْضًا رَدُّهُ. إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبِ الْمَبِيعِ وَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَّا أَنَّهُ زَالَ الْعَيْبُ قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَ خِيَارُ عَيْبِهِ وَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَمَئُونَةُ رَدِّهِ وَنَفَقَتُهُ تَلْزَمُهُ. الِاخْتِلَافُ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا هُوَ الْمَبِيعُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ هُوَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي. اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ - إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ بِرِضَاهُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ رِيَالَاتٍ فِضِّيَّةً ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ذَهَبًا لَا الرِّيَالَاتِ الَّتِي دَفَعَهَا إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ إعْطَاءَ الرِّيَالَاتِ عِوَضًا عَنْ الدَّنَانِيرِ عَقْدٌ ثَانٍ فَلَا يَتَطَرَّقُ الْخَلَلُ الَّذِي أَصَابَ الْأَوَّلَ إلَى الثَّانِي وَالْحُكْمُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا " أَنْقِرْوِيّ ". مُسْتَثْنًى - لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَهِيَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ وَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت الثَّمَنَ وَقَدْ تَلِفَ فِي يَدِي أَوْ دَفَعْته إلَى الْبَائِعِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ قَبْضَ الْوَكِيلِ لِلثَّمَنِ وَالتَّلَفَ فِي يَدِهِ أَوْ تَسْلِيمَ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ إلَيْهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي بَرِيئًا مِنْ الثَّمَنِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774 " ثُمَّ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ عَلَى زَعْمِ الْبَائِعِ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بَيْعٌ وَتَصْدِيقُ الْوَكِيلِ لِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا صَدَّقَ الْآمِرُ الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ دُونَ الْقَابِضِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَحَمَّلَ ضَرَرَ الْبَيْعِ وَيَسْقُطُ حَقُّ رَدِّهِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ أَوْ يَكُونُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 341 " وَالْمَوَادَّ " 345 و 348 و 349 " لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا وَلَا تُعَدُّ مِنْ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَصْفُ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ.

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تَعَيَّبَ مَالٌ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي ذَلِكَ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ. وَيُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ خِيَارَ الْعَيْبِ وَخِيَارَ النَّقِيصَةِ. . وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ عِبَارَةُ (إذَا ظَهَرَ) فَالْمُحَاكَمَةُ الَّتِي تُجْرَى لِإِظْهَارِ الْعَيْبِ تَجْرِي عَلَى النِّظَامِ الْآتِي: 1 - لِتَوَجُّهِ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَائِعِ يَجِبُ الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ وُجُودُ ذَلِكَ الْعَيْبِ يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَدَّعِي الْعَيْبَ إثْبَاتُهُ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَلَا تَتَوَجَّهُ خُصُومَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ يَكُونُ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ فِي الْمَبِيعِ وَأَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ قَدِيمًا أَوْ حَادِثًا كَمَا يَتَّضِحُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ. الثَّانِي: بِالْمُشَاهَدَةِ إذْ أَنَّ الْمَعِيبَ عَلَى قِسْمَيْنِ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ فَالظَّاهِرُ مَا يُعْرَفُ بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْقُرُوحِ وَالْعَمَى وَالْعُضْوِ الزَّائِدِ وَالْعَرَجِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَاهَاتِ الظَّاهِرَةِ فَلِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ يَكْفِي رُؤْيَةُ الْحَاكِمِ لِذَلِكَ وَإِذَا أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْحَاكِمِ. الثَّانِي الْعَيْبُ الْبَاطِنُ وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ كَالْأَمْرَاضِ الدَّاخِلِيَّةِ. الثَّالِثُ: بِإِخْبَارِ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ بَاطِنِيًّا فَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ كَذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُهُ الطَّبِيبُ أَوْ الْبَيْطَارُ بِالْفَحْصِ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَجَبَ أَنْ يُحِيلَ الْحَاكِمُ الْمَبِيعَ إلَى طَبِيبٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ بَيْطَارٍ أَوْ اثْنَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ بِالشَّهَادَةِ فِي خَبَرِ الطَّبِيبِ أَوْ الْبَيْطَارِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَدَالَةُ مُشْتَرَطَةً " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1679 ". وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِ الطَّبِيبِ أَوْ الْبَيْطَارِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَوْنِ الْعَيْبِ قَدِيمًا كَمَا سَيَأْتِي. الرَّابِعُ: بِنُكُولِ الْبَائِعِ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ الْعَيْبِ فِي الْحَالِ فِي الْمَبِيعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِوُجُودِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُعْتَبَرَةٌ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَكَذَا يَتَرَتَّبُ التَّحْلِيفُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَرَتَّبُ بِالدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَصِحَّةُ الدَّعْوَى هُنَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ وَبِدُونِ الْعَيْبِ لَا تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ. 2 - يَجِبُ لِلْحُكْمِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ تَحَقُّقُ قِدَمِهِ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ: الْأَوَّلُ: بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ أَوْ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ يُسْأَلُ الْبَائِعُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1816 " فَإِذَا أَقَرَّ يُحْكَمُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَيْهِ أَوْ نُقْصَانِ الثَّمَنِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87 و 1817 " وَحِينَئِذٍ تَنْتَهِي الدَّعْوَى وَالْمُحَاكَمَةُ " خُلَاصَةٌ " إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ سُقُوطَ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي رَدِّ الْمَبِيعِ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ " شَارِحٌ ".

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ الْمُشَاهَدُ غَيْرَ مُمْكِنٍ حُدُوثُهُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَسَلَّمَ فِيهَا الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ كَأَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ عُضْوًا زَائِدًا كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ كَانَ لَيْسَ مُحْتَمَلًا حُدُوثُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيُحْكَمُ بِفَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ بِالرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ لِأَنَّ وُجُودَ الْعَيْبِ فِي الْحَالِ قَدْ عُلِمَ بِالْمُشَاهَدَةِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ عَدَمُ إمْكَانِ حُدُوثِهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ رَدِّهِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ وَحِينَئِذٍ إنْ ثَبَتَ هَذَا فِيهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76 " وَيَكُونُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ نَصًّا وَلَا دَلَالَةً حَسَبَ الْمَادَّةِ " 244 " كَمَا يَدَّعِي " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1632 ". الِاخْتِلَافُ - إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْحَيَوَانِ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْبَيْعِ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى حَيَوَانًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِنَّ - مِثْلَ هَذَا الْعَيْبِ لَا يَحْدُثُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ قَائِلًا بِعْت هَذَا الْحَيَوَانَ قَبْلَ شَهْرٍ وَإِنَّ مِثْلُ هَذَا الْعَيْبِ يَحْدُثُ فِي شَهْرٍ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلْبَائِعِ " هِنْدِيَّةٌ ". - الثَّالِثُ: بِإِثْبَاتِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ مُحْتَمَلًا وُقُوعُهُ فِيمَا بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَبَيْنَ الْخُصُومَةِ وَبَيْنَ أَنَّهُ حَاصِلٌ قَبْلَ وَقْتِ الْبَيْعِ كَالْجُرُوحِ أَيْ إنَّ الْجَزْمَ بِإِمْكَانِ حُدُوثِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَعَدَمِ إمْكَانِهِ مُتَعَذِّرٌ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ وَأَنَّهُ كَانَ حِينَمَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ يُحْكَمُ بِالرَّدِّ. مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الْعَيْبُ غَيْرَ مُحْتَمَلِ الْوُقُوعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يَطْلُبُ الْحَاكِمُ مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْكُمُ بِالرَّدِّ " اُنْظُرْ مَادَّةَ 1697 ". - الرَّابِعُ: بِنُكُولِ الْبَائِعِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ قِدَمِ الْعَيْبِ بِالْبَيِّنَةِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرَّدِّ بِسَبَبِ هَذَا الْعَيْبِ الَّذِي يَدَّعِيهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ دَعْوَى الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَا تَثْبُتُ تِلْكَ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ مَثَلًا إذَا بَاعَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ مَتَاعًا مِنْ الْغَنَائِمِ الْمُحَرَّزَةِ وَوَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ يُنْصَبُ وَكِيلٌ بِإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ لِيُخَاصِمَ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرِي مُكَلَّفٌ بِأَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُقِرَّ بِدَعْوَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الدَّعْوَى لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِدَعْوَى الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ مُلْزِمًا فَضْلًا عَنْ أَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ عَنْ وَكَالَتِهِ " هِنْدِيَّةٌ ". " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1518 ". انْتِقَالُ خِيَارِ الْعَيْبِ إلَى الْوَارِثِ - إنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا فَكَذَلِكَ وَارِثُهُ " رَدُّ الْمُحْتَارِ هِنْدِيَّةٌ " وَلَيْسَ هَذَا الِانْتِقَالُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ. وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ انْتِقَالَ خِيَارِ الْعَيْبِ إلَى الْوَارِثِ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْعَيْبُ الْحَاصِلُ فِي تِلْكَ الْحَالِ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْقَدِيمِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 340 " وَعَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَالْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ وَفَاةِ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ خِيَارٌ إلَّا أَنَّهُ ثَبَتَ لِوَارِثِهِ. . وَهَلْ يَجِبُ حُضُورُ الْبَائِعِ عِنْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي لِلْبَيْعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَقَضَاءِ الْحَاكِمِ وَإِذَا كَانَ اطِّلَاعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ وَتَحَقُّقُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ قَدْ حَصَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ

(المادة 338) العيب هو ما ينقص ثمن المبيع عند التجارب وأرباب الخبرة

رَأْسًا بِحُضُورِ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَسَخْت الْبَيْعَ أَوْ رَدَدْت الْمَبِيعَ وَلَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى رِضَا الْبَائِعِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي لِأَنَّ خِيَارَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ مَانِعًا لِتَمَامِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ فَسْخُ الْبَيْعِ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ رِضَا الْبَائِعِ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ حَاضِرٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ أَبْطَلْت الْبَيْعَ أَوْ رَدَدْت الْمَبِيعَ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ بِذَلِكَ. لَاحِقَةٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّقَابُضِ رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَاخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي عَدَدِ الْمَبِيعِ أَوْ فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ فِي قَدْرِ الْمَقْبُوضِ هَلْ هُوَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ وَفِي الْوَصْفِ وَتَعْيِينِهِ. وَهَلْ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ. مِثَالُ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ بَغْلَةً بِأَلْفَيْ قِرْشٍ وَاسْتَلَمَهَا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا وَاسْتِرْجَاعَ الثَّمَنِ لِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهَا فَأَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ تِلْكَ الْبَغْلَةَ مَعَ بَغْلَةٍ أُخْرَى بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّتَهَا مِنْ الثَّمَنِ فَقَطْ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بَغْلَةً وَاحِدَةً بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ بَغْلَتَيْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَلِمْ مِنْهُمَا إلَّا هَذِهِ الْبَغْلَةَ الَّتِي وَجَدَ فِيهَا الْعَيْبَ وَأَنَّهُ يُرِيدُ رَدَّهَا وَاسْتِرْجَاعَ كُلِّ الثَّمَنِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَلَمَ مِنْهُ الْبَغْلَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَرُدُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حِصَّةَ هَذِهِ الْبَغْلَةِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ قَابِضٌ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْبَائِعُ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ بِالرَّدِّ مُسْقِطٌ لِلثَّمَنِ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ ظُهُورِ سَبَبِ السُّقُوطِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ إلَّا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ إذَا أَرَادَ. كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ شَيْئَيْنِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِصَفْقَتَيْنِ أَحَدَهُمَا بِأَلْفِ قِرْشٍ وَالْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَاسْتَلَمَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ فَرَدَّهُ لِلْبَائِعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَرْدُودِ بِأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ الَّذِي رُدَّ لَهُ هُوَ الَّذِي قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَكْسَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ عَبْدَيْنِ مِنْ آخَرَ بِصَفْقَتَيْنِ أَوْ صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ أَحَدِهِمَا مُعَجَّلًا وَثَمَنُ الْآخَرِ مُؤَجَّلًا فَرَدَّ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّك رَدَدْت الْعَبْدَ الْمُؤَجَّلَ ثَمَنُهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَدَّ الْمُعَجَّلَ ثَمَنُهُ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلْبَائِعِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَبْدُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَوْجُودًا أَمْ لَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئَيْنِ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَهُمَا تَلِفَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ مَا فِي يَدِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ ذَهَبًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ فِضَّةً فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. [ (الْمَادَّةُ 338) الْعَيْبُ هُوَ مَا يُنْقِصُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عِنْدَ التَّجَارِبِ وَأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ] (الْمَادَّةُ 338) الْعَيْبُ هُوَ مَا يُنْقِصُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عِنْدَ التُّجَّارِ وَأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ

الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ نَقْصًا فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ أَمْثَالَهُ أَوْ الَّذِي تَقْتَضِي الْخِلْقَةُ السَّلِيمَةُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَارِيًّا وَخَالِيًا مِنْهُ أَوْ الَّذِي يُفَوِّتُ الْغَرَضَ وَالْمَقْصُودَ مِنْهُ أَوْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْمَالِيَّةِ وَالنُّقْصَانُ فِي الْمَالِيَّةِ يُوجِبُ الِانْتِقَاصَ فِي الْقِيمَةِ " مُلْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: التُّجَّارِ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ. مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُجَوْهَرًا مِنْ الْمُجَوْهَرَاتِ كَالْمَاسِ وَاللُّؤْلُؤِ فَتُجَّارُهُ وَأَرْبَابُ الْخِبْرَةِ فِيهِ هُمْ الصُّيَّاغُ: وَإِذَا كَانَ كِتَابًا فَأَرْبَابُهُ الْعُلَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْمَكَاتِبِ، وَعَلَيْهِ فَاَلَّذِي يُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ يُدْعَى عَيْبًا وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ النُّقْصَانِ فِي الْقِيمَةِ عِنْدَ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ فِي تِجَارَةِ وَصَنْعَةِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ " طَحْطَاوِيٌّ ". وَالْمَقْصُودُ مِنْ النُّقْصَانِ هُنَا هُوَ حُصُولُ النُّقْصَانِ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ لَا فِي ثَمَنِهِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِدَرَجَةٍ فَاحِشَةٍ وَالنُّقْصَانُ الَّذِي يَطْرَأُ عَلَى الثَّمَنِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ لَا يُؤَدِّي إلَى حُصُولِ نُقْصَانٍ فِي الْمَبِيعِ. الْخِلْقَةُ السَّلِيمَةُ: أَمَّا الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُقْتَضَى الْخِلْقَةِ السَّلِيمَةِ فَلَا يُدْعَى عَيْبًا وَعَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حِنْطَةً فَوَجَدَهَا رَدِيئَةً فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ تِلْكَ الْحِنْطَةِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ تِلْكَ الْحِنْطَةَ رَدِيئَةٌ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ فِي خِلْقَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إمَّا رَدِيئَةً وَإِمَّا حَسَنَةً وَإِمَّا مُتَوَسِّطَةً أَمَّا الْحِنْطَةُ الَّتِي تَكُونُ حَبَّاتُهُ فَارِغَةً مِنْ تَأْثِيرِ الطَّقْسِ فِيهَا وَاَلَّتِي لَا تُدْرَكُ جَيِّدًا وَاَلَّتِي أَصَابَهَا بَلَلٌ فَهِيَ مَعِيبَةٌ وَلَيْسَ مَنْ اشْتَرَى كَأْسًا فِضِّيًّا لَا عَيْبَ فِيهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِسَبَبِ رَدَاءَتِهِ وَلَا لِمَنْ اشْتَرَى حِصَانًا كَبِيرَ السِّنِّ أَنْ يَرُدَّهُ لِكِبَرِهِ مَا لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ صَغِيرَ السِّنِّ. الْغَرَضُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيعِ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَاةً لِأَجْلِ الْأُضْحِيَّةِ فَكَانَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ أَنْ يُضَحَّى بِهَا كَأَنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ أَنْ لَا يَكُونَ مَقْطُوعَ الْأُذُنِ مَثَلًا وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ مُفَوِّتٌ لِغَرَضِ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ اشْتَرَى تِلْكَ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْأُضْحِيَّةِ فَوَجَدَهَا مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ فَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَطْعُ عَيْبًا عِنْدَ التُّجَّارِ وَأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ فَلَا يَرُدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَّا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ. وَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ وَكَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضَحِّيَ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَجَرَةً لِيَقْطَعَهَا وَيَعْمَلَ مِنْهَا بَابًا وَبَعْدَ الْقَطْعِ تَبَيَّنَ أَنَّ خَشَبَهَا لَا يَصْلُحُ لِلْأَبْوَابِ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّ الْقَطْعَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ. إزَالَةُ الْعَيْبِ بِلَا مَشَقَّةٍ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْعَيْبِ أَنْ لَا يُمْكِنَ إزَالَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا ضَرَرٍ فَعَلَيْهِ فَوُجُودُ نَجَاسَةٍ فِي ثَوْبٍ لَا يَضُرُّهُ الْغَسْلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَإِنْ ضَرَّهُ الْغَسْلُ كَانَ عَيْبًا. وَوُجُودُ آثَارِ الزَّيْتِ فِي الثَّوْبِ عَيْبٌ إذْ لَا يُمْكِنُ إزَالَةُ الزَّيْتِ مِنْهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ. يَجِبُ فِي الْعَيْبِ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا عِنْدَ الْكُلِّ: فَلَوْ قَالَ بَعْضُ التُّجَّارِ إنَّ هَذَا عَيْبٌ وَقَالَ آخَرُونَ إنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4) .

إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ ضَابِطٌ كُلِّيٌّ تُبَيِّنُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ الْعُيُوبَ الْمُوجِبَةَ لِلْخِيَارِ وَإِلَيْك الْأَشْيَاءُ الْمَعْدُودَةُ مِنْ الْعُيُوبِ وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَعْدُودَةً مِنْهَا. الْمَسَائِلُ الَّتِي صُرِّحَ أَنَّهَا مَعْدُودَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ: أَوَّلًا: عَدَمُ نَهْقِ الْحِمَارِ حَسَبَ الْمُعْتَادِ. أَنْ تَكُونَ الدَّارُ أَوْ الْعَرْصَةُ مَشْئُومَةً أَوْ فِي ضِمْنِهَا قَبْرٌ. أَنْ يَكُونَ فِي الْحِنْطَةِ تُرَابٌ أَوْ سُوسٌ أَوْ تَكُونَ ذَاتَ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ أَوْ حَبَّاتُهَا ضَئِيلَةً أَوْ غَيْرَ مُدْرَكَةٍ. أَنْ يَكُونَ فِي الْكَرْمِ نَمْلٌ كَثِيرٌ فَوْقَ الْعَادَةِ. أَنْ يَكُونَ فِي الْحَائِطِ خَرْقٌ كَبِيرٌ. أَنْ يَظْهَرَ الْجَمَلُ الَّذِي بِيعَ عَلَى كَوْنِهِ هَجِينًا أَنَّهُ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ. أَنْ يَظْهَرَ فِي الْكِتَابِ الْمُبَاعِ نَقْصُ جُزْءٍ أَوْ جُزْأَيْنِ مِنْهُ. أَنْ يَظْهَرَ فِي الْفَرْوِ الْمُبَاعِ نَحْتٌ. أَنْ يَتَبَيَّنَ اللَّحْمُ الْمُبَاعُ عَلَى أَنَّهُ ضَأْنٌ أَنَّهُ لَحْمُ مَاعِزٍ. أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي بِيعَتْ تُرْضِعُ جَمِيعَ مَا فِي ضَرْعِهَا مِنْ اللَّبَنِ. أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ الْمُبَاعُ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ. أَنْ يَتَوَقَّفَ الْحِصَانُ الْمُبَاعُ عَنْ الْمَشْيِ أَوْ الِانْقِيَادِ. وَأَنْ يَكُونَ الْحِذَاءُ ضَيِّقًا لَا يُمْكِنُ لُبْسُهُ. أَنْ تَكُونَ الْعَرْصَةُ طَرِيقًا لِلنَّاسِ أَوْ مَسِيلًا لَهُمْ. أَنْ يَكُونَ فِي الْكَرْمِ حِصَّةٌ لِآخَرَ فِي حَائِطِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الدُّهْنِ مِلْحٌ زَائِدٌ عَنْ الْمُعْتَادِ. أَنْ تُشْتَرَى دَارٌ مَعَ مَسِيلٍ لَهَا فِي مِلْكِ آخَرَ فَيُتَبَيَّنُ أَنَّ الْمَسِيلَ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ عُيُوبٌ. ثَانِيًا: إذَا اشْتَرَى عَرْصَةً عَلَى أَنَّ ضَرِيبَةَ الْأَمْلَاكِ الَّتِي تَأْخُذُهَا الْحُكُومَةُ عَنْهَا مِائَةُ قِرْشٍ فَظَهَرَ أَنَّ ضَرِيبَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا عُدَّ ذَلِكَ عَيْبًا عِنْدَ التُّجَّارِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ. ثَالِثًا: إذَا اشْتَرَى عَقَارًا عَلَى كَوْنِهِ لَا ضَرِيبَةَ عَلَيْهِ فَظَهَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ عَلَيْهِ ضَرِيبَةً فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ ضَرِيبَتِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ. رَابِعًا: الْحِمَارُ الَّذِي بِيعَ عَلَى كَوْنِهِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ عُمْرِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ فِي الْعَاشِرَةِ مِنْهُ وَعُدَّ ذَلِكَ عَيْبًا يُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ. خَامِسًا: قِلَّةُ أَكْلِ الْحَيَوَانِ الْعَلَفَ عَنْ الْمُعْتَادِ وَعُثُورُهُ وَوُقُوعُهُ دَائِمًا عَيْبٌ أَمَّا كَثْرَةُ أَكْلِهِ فَوْقَ الْعَادَةِ وَعُثُورُهُ وَوُقُوعُهُ أَحْيَانًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ. سَادِسًا: أَكْلُ الْحَيَوَانَاتِ كَالْبَقَرِ النَّجِسَ إنْ كَانَ دَائِمًا فَهُوَ عَيْبٌ وَإِلَّا فَلَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (42) .

(المادة 339) العيب القديم هو ما يكون موجودا في المبيع وهو عند البائع

سَابِعًا: نَزْوُ الْحَمِيرِ عَلَى الْحِمَارِ الذَّكَرِ الْمُبَاعِ بِمُطَاوَعَتِهِ عَيْبٌ وَإِنْ كَانَ بِالْجَبْرِ وَالْقَهْرِ فَلَا. ثَامِنًا: إذَا ظَهَرَتْ فَرْدَةُ الْحِذَاءِ أَضْيَقَ مِنْ الْفَرْدَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الضِّيقُ خِلَافَ الْمُعْتَادِ وَغَيْرَ نَاشِئٍ عَنْ عِلَّةٍ فِي رِجْلِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْبَقَرَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا غَيْرُ حَلُوبٍ فَإِنْ كَانَتْ تُشْتَرَى لِلَّبَنِ فَلَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ وَإِذَا كَانَتْ تُشْتَرَى لِلذَّبْحِ فَلَا. مَشْيُ الْحِمَارِ بِبُطْءٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ سَرِيعًا فِي سَيْرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (310) . وَلَيْسَ بِعَيْبٍ وُجُودُ كِتَابَةٍ عَلَى بَابِ الدَّارِ الْمُبَاعَةِ " إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَوْقُوفَةٌ " لِأَنَّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1736) إذْ لَا يُبْنَى عَلَى مِثْلِ هَذَا الْخَطِّ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ وَقْفِيَّةُ تِلْكَ الدَّارِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ (1736) . [ (الْمَادَّةُ 339) الْعَيْبُ الْقَدِيمُ هُوَ مَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ عِنْدَ الْبَائِعِ] (الْمَادَّةُ 339) : الْعَيْبُ الْقَدِيمُ هُوَ مَا يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ عِنْدَ الْبَائِعِ. يَعْنِي يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ خِيَارِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ فِي الْمَبِيعِ مَوْجُودًا وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَاَلَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا وَأَنَّهُ حَدَثَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُحْتَمَلِ حُصُولُهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) لِأَنَّ الْبَائِعَ مُنْكِرٌ لِلْخِيَارِ إلَّا أَنَّهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي حَقِّ قِدَمِ ذَلِكَ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) " رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ. أَنْوَاعُ الْعُيُوبِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ: الْعُيُوبُ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ عَلَى خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ: 1: بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ آخَرُ قَدِيمٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ الْحَاصِلِ فِي الْمَبِيعِ بِفِعْلِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ. 2 -: بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي: وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ الَّذِي حَصَلَ بِفِعْلِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ نُقْصَانِ الثَّمَنِ الْحَاصِلِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ. 3 -: بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ: وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ الْأَجْنَبِيُّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ إلَى بَائِعِهِ إلَّا أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَ نُقْصَانِ الثَّمَنِ إذَا ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ. 4 -: بِفِعْلِ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. 5 -: بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا وُجِدَ

(المادة 340) العيب الذي يحدث في المبيع وهو في يد البائع بعد العقد وقبل القبض

فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ آخَرُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ " طَحْطَاوِيٌّ ". [ (الْمَادَّةُ 340) الْعَيْب الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْمَبِيع وَهُوَ فِي يَد الْبَائِع بَعْد الْعَقْد وَقَبْل القبض] (الْمَادَّةُ 340) : الْعَيْبُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّدَّ. سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ الشَّرْطِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَكَذَا بَعْدَ الْقَبْضِ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ " بَاجُورِيّ ". أَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ الْعُيُوبِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " فَلِذَلِكَ إذَا حَدَثَ عَيْبٌ فِيمَا يُرَادُ بَيْعُهُ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ ثُمَّ زَالَ مِنْهُ ذَلِكَ الْعَيْبُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ مَثَلًا: إذَا كَانَ مَا يُبَاعُ أَعْرَجَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَبَعْدَ أَنْ زَالَ عَرَجُهُ بِيعَ مِنْ آخَرَ فَعَادَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْعَرَجُ وَهُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ. وَقِيلَ إذَا كَانَ عَوْدَةُ الْعَرَجِ إلَيْهِ بِسَبَبِ عَرَجِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُ رَدُّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْعَيْبِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْبَاجُورِيّ ". أَنْوَاعُ الْعُيُوبِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ: إنَّ الْعُيُوبَ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: 1: بِفِعْلِ الْبَائِعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَهُ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ النُّقْصَانِ لِأَنَّ لِلْأَوْصَافِ إذَا كَانَتْ مَقْصُودَةً بِالْإِتْلَافِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ آخَرُ أَوْ لَا. 2: بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي: وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا حَبَسَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَكَانَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى غَيْرَ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْبَائِعِ النُّقْصَانَ الَّذِي حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ بِفِعْلِهِ (طَحْطَاوِيٌّ) . 3: بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتَضْمِينِ الْجَانِي النُّقْصَانَ وَبَيْنَ تَرْكِهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى. 4: بِفِعْلِ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ الْمُشْتَرِي وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ وَيُنَزِّلَ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ النُّقْصَانِ " طَحْطَاوِيٌّ " وَمَعَ الْعَيْبِ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ نَفْسِهِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّدُّ بِعَيْبَيْنِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ نَاقِصًا " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". 5: بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الْوَصْفِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَرْكِهِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ تَنْزِيلُ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الْقَدْرِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُنَزِّلَ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ ذَلِكَ النُّقْصَانِ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَهُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مِنْ الْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَتَلِفَ جُزْءٌ مِنْهُ. الْوَصْفُ: هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ كَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَكَالْأَطْرَافِ مِنْ نَحْوِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْأُذُنِ فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ

(المادة 341) ذكر البائع أن في المبيع عيب كذا وكذا وقبل المشتري

وَكَالْجَوْدَةِ فِي بَيْعِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَلَا حِصَّةَ لِلْأَوْصَافِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا وَاسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا فَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 341) ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبُ كَذَا وَكَذَا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 341) إذَا ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبُ كَذَا وَكَذَا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ لَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ. لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ: أَوَّلًا - إذَا ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبَ كَذَا وَكَذَا وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ. ثَانِيًا - إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْعَيْبَ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ. ثَالِثًا - إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ حِينَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَإِنَّمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَرَضِيَ. رَابِعًا - إذَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ شَخْصٌ ثَالِثٌ بِوُجُودِ عَيْبٍ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْخِيَارِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ رَأَى جُرْحًا فِي الْبَغْلَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَثْنَاءَ الشِّرَاءِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ إنَّ هَذَا الْجُرْحَ حَادِثٌ مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ جُرْحٌ بَسِيطٌ يَلْتَئِمُ فِي مُدَّةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ قَالَ لَهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْجُرْحَ قَدِيمٌ أَوْ سَيِّئُ الْعَاقِبَةِ فَإِنَّنِي مُسْتَعِدٌّ حِينَئِذٍ لِإِعْطَاءِ الْجَوَابِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ. الْجُرْحَ قَدِيمٌ وَمُهْلِكٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ " مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ وَنُقُولُ الْبَهْجَةِ، وَالْهِنْدِيَّةُ " فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ فَرَسًا فِيهَا جُرْحٌ وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي لَا تَخَفْ مِنْ هَذَا الْجُرْحِ وَإِذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ مِنْهُ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ آخَرَ أَنَّ فِي الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ عَيْبًا فَاشْتَرَاهُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا " مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ " بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ: لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ رِضَاءٍ بِذَلِكَ الْعَيْبِ الْآخَرِ. وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنَّ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي بَلْ قَالَ إنَّ غَرَضَهُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَيْهِ فَقَبْضُهُ إيَّاهُ لَا يَكُونُ رِضَاءً بِالْعَيْبِ وَكَذَا تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ لَكِنْ الِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْ لَا أَعْلَمَ بِذَلِكَ وَلَا أَرْضَى بِالْعَيْبِ فَلَوْ ظَهَرَ عِنْدِي أَرُدُّهُ عَلَيْك " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ حَيَوَانًا مَجْرُوحًا مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ هَذَا وَبَعْد أَنْ عَالَجَ ذَلِكَ الْجُرْحَ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ آخَرُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بِالْعَيْبِ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ تَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ عَلَى مَالٍ فَظَهَرَ لَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ عَيْبٌ آخَرُ قَدِيمٌ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ بَدَلِ الصُّلْحِ " الْبَزَّازِيَّةُ " (الْفُصُولَيْنِ) (الْهِنْدِيَّةُ) مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ عَيْبٌ فَعَلَيْهِ لَوْ رَأَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ حِينَ الشِّرَاءِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ عَيْبٌ عِنْدَ التُّجَّارِ وَلَكِنْ عَلِمَ بِهِ فِيمَا بَعْدُ فَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ الْعُيُوبِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَعْلَمُهَا كُلُّ إنْسَانٍ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ " رَدُّ الْمُحْتَارِ "

(المادة 342) إذا باع مالا على أنه بريء من كل عيب ظهر فيه

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا رَأَى الْمُشْتَرِي جُرْحًا فِي الْبَغْلَةِ الَّتِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا فَاشْتَرَاهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْجُرْحَ عَيْبٌ عِنْدَ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَهُ رَدُّهَا. (الصُّلْحُ عَنْ الْعُيُوبِ) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا فَظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ وُجُودَ ذَلِكَ الْعَيْبِ حِينَ الْبَيْعِ فَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ إلَى الْمُشْتَرِي كَذَا قِرْشًا مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَأَنْ لَا يَرُدَّ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْمَبِيعَ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَيَكُونَ حَطًّا مِنْ الثَّمَنِ بِالْعَيْبِ أَمَّا إذَا تَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ كَذَا قِرْشًا وَأَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعَ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا الصُّلْحُ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ أَوْ بِنَاءً عَلَى حُدُوثِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي رِشْوَةً. وَإِذَا تَصَالَحَا عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ كَذَا قِرْشًا ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِدُونِ أَنْ يُدَاوِيَهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الصُّلْحِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) أَمَّا إذَا زَالَ الْعَيْبُ بِتَدَاوِي الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ الْبَدَلِ (دُرُّ الْمُخْتَارِ) وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا فِي الْمَبِيعِ وَتَصَالَحَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى مَالٍ فَظَهَرَ عَيْبٌ فِيهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَ الصُّلْحِ (بَزَّازِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 342) إذَا بَاعَ مَالًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ظَهَرَ فِيهِ] (الْمَادَّةُ 342) إذَا بَاعَ مَالًا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ظَهَرَ فِيهِ لَا يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ عَيْبٍ. لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَيْبُ مَوْجُودًا أَثْنَاءَ الْبَيْعِ أَمْ حَدَثَ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا أَمْ غَيْرَ حَيَوَانٍ لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ تَمْلِيكٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسَلُّمٍ وَتَسْلِيمٍ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ تَدْعُو إلَى النِّزَاعِ وَلَا تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ (دُرَرٌ) اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 51 و 83 و 1562. مَثَلًا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي حِينَ إجْرَاءِ الْبَيْعِ قَدْ بِعْتُك بَغْلَتِي هَذِهِ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ أَكُونَ بَرِيئًا مِنْ دَعْوَى الْعَيْبِ أَوْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَوْ مَا يُفِيدُهُ رَجُلٌ آخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 188 سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ يَعْلَمَانِ بِالْعُيُوبِ الَّتِي فِي الْبَغْلَةِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ أُشِيرَ فِي الْإِبْرَاءِ إلَى تِلْكَ الْعُيُوبِ أَوْ لَا وَيَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْعُيُوبُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ فَقَطْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَدْخُلُ الْعُيُوبُ الَّتِي تَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَيَبْرَأُ الْبَائِعُ مِنْ الْجَمِيعِ فَلَا يَدَّعِي عَلَيْهِ بِأَيَّةِ دَعْوَى عَيْبٍ (شُرُنْبُلَالِيّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1592. فَعَلَى ذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِي اخْتِلَافِ الطَّرَفَيْنِ فِي أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ وَلَكِنْ كَيْفَ يُفْعَلُ إذَا عُقِدَ هَذَا الْبَيْعُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَحَدَثَ عَيْبٌ أَنْ يَكُونَ لِلْإِبْرَاءِ السَّابِقِ تَأْثِيرٌ عَلَى الْحُقُوقِ اللَّاحِقَةِ (شَارِحٌ) - مِنْ كُلِّ دَعْوَى عَيْبٍ - أَمَّا إذَا بَاعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَائِمٍ وَمَوْجُودٍ فِي الْمَبِيعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْإِبْرَاءِ إلَّا الْعُيُوبُ الْمَوْجُودَةُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَقَطْ.

(المادة 343) اشترى مالا وقبله بجميع العيوب

وَإِذَا لَمْ تُشْتَرَطْ الْبَرَاءَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقْتَ الْبَيْعِ بَلْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ إبْرَاءُ الْعَيْبِ أَمَّا الدَّرَكُ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ لِأَنَّ الْعَيْبَ حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الدَّرَكِ " هِنْدِيَّةٌ " وَيُرَاجَعُ فِي شَأْنِ الدَّرَكِ الْمَادَّةُ (616) . مِثَالُ دُخُولِ الْعَيْبِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَائِلًا لَهُ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ حَقٍّ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْبٌ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1562) إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَائِعَهُ مِنْ الْعَيْبِ بَعْدَمَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِهِ عَيْبًا قَبْلَ رَدِّهِ صَحَّ حَتَّى لَوْ رَدَّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ (بَزَّازِيَّةٌ) . عَدَمُ دُخُولِ الدَّرَكِ - بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ أَيْ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فَضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّرَكِ لَا عَلَى الْبَائِعِ وَحَقُّ الرُّجُوعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَعَلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَصِيلِ رَدُّ الثَّمَنِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (مِنْ كُلِّ عَيْبٍ) أَيْ مِنْ عُمُومِ دَعَاوَى الْعَيْبِ أَمَّا إذَا بَاعَ شَيْئًا عَلَى أَنْ تَكُونَ ذِمَّتُهُ بَرِيئَةً مِنْ دَعْوَى عَيْبٍ خَاصٍّ فَالتَّخْصِيصُ مُعْتَبَرٌ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَّا مِنْ دَعْوَى ذَلِكَ الْعَيْبِ فَقَطْ (هِنْدِيَّةٌ) [ (الْمَادَّةُ 343) اشْتَرَى مَالًا وَقَبِلَهُ بِجَمِيعِ الْعُيُوبِ] (الْمَادَّةُ 343) مَنْ اشْتَرَى مَالًا وَقَبِلَهُ بِجَمِيعِ الْعُيُوبِ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْعَيْبِ بَعْدَ ذَلِكَ، مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى حَيَوَانًا بِجَمِيعِ الْعُيُوبِ وَقَالَ: قَبِلْتُهُ مُكَسَّرًا مُحَطَّمًا أَعْرَجَ مَعِيبًا؛ فَلَا صَلَاحِيَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَيْ إذَا اشْتَرَى حَيَوَانًا وَشَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا بِكُلِّ عَيْبٍ فِيهِ وَتَمَّ الْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْبَائِعِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ فَلَا يَحِقُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الْعَيْبِ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 51 و 1562. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُتَّحِدَةٌ مَعَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فِي الْمَآلِ وَالْمَعْنَى إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَادَّةِ الْأُولَى كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَالْقَبُولَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالْعَكْسِ. الْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي عِنْدَ ادِّعَاءِ الْبَائِعِ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَبْرَأَهُ مِنْ دَعْوَى الْعَيْبِ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَقَبِلَهُ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِادِّعَاءِ الْبَائِعِ أَوْ أَثْبَتَ الْبَائِعُ مَا ادَّعَاهُ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَقْتَ الْمَبِيعِ أَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْ الْبَائِعَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1632) فَإِنْ حَلَفَ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَإِنْ نَكَلَ؛ فَلَا " دُرُّ الْمُخْتَارِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". [ (الْمَادَّةُ 344) اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ] (الْمَادَّةُ 344) بَعْدَ اطِّلَاعِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ سَقَطَ خِيَارُهُ، مَثَلًا: لَوْ عَرَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَانَ عَرْضُ الْمَبِيعِ لِلْبَيْعِ رِضًا بِالْعَيْبِ؛ فَلَا يَرُدُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

الْغَرَضُ مِنْ الْعَيْبِ هُنَا الْعَيْبُ الْقَدِيمُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِالشَّيْءِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مُسْتَثْنًى -: أَوَّلًا: وَإِذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ مَالَهُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِهِ فِي الْبَرِّيَّةِ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ (قُهُسْتَانِيٌّ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا: إذَا رَكِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ بِقَصْدِ رَدِّهِ إلَى الْبَائِعِ. ثَالِثًا: إذَا رَكِبَهُ لِجَلْبِ عَلَفٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ حَشِيشٍ لَهُ أَوْ بِقَصْدِ إسْقَائِهِ الْمَاءَ وَوُجِدَتْ ضَرُورَةٌ لِلرُّكُوبِ كَأَنْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْمَشْيِ؛ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ هُنَالِكَ ضَرُورَةٌ وَرَكِبَهُ الْمُشْتَرِي لِجَلْبِ عَلَفٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ حَشِيشٍ لَهُ وَلِحَيَوَانِ آخَرَ مَعَهُ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ذَلِكَ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَكِبَهُ لِنَفْسِهِ وَأَنَّهُ سَقَطَ خِيَارُهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَكِبَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَيْهِ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لَهُ. تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ: أَوَّلًا: الْعَرْضُ لِلْبَيْعِ. ثَانِيًا: الْمُسَاوَمَةُ. ثَالِثًا: الْبَيْعُ. رَابِعًا: الِاسْتِعْمَالُ كَالرُّكُوبِ وَالتَّحْمِيلِ وَالْمُدَاوَاةِ وَاللُّبْسِ. خَامِسًا: الْإِيجَارُ وَالرَّهْنُ أَوْ السُّكْنَى فِي الدَّارِ وَطَلَبُ الْكِرَاءِ وَالتَّعْمِيرُ وَالْهَدْمُ وَقَصُّ الصُّوفِ وَالزِّرَاعَةُ وَالصَّبْغُ وَجَمْعُ الثَّمَرِ وَمَا إلَى ذَلِكَ. سَادِسًا: الْهِبَةُ وَأَدَاءُ بَاقِي الثَّمَنِ وَالْإِرْضَاعُ - وَحَلْبُ اللَّبَنِ وَقَصُّ الثَّوْبِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَإِلَيْكَ التَّفْصِيلُ: 1 - إذَا عَرَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ عَرَضَهُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَفِي ذَلِكَ رِضَاءٌ مِنْهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَلَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا وَجَدَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ زَائِفًا فَعَرَضَهُ لِلْبَيْعِ؛ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رِضَاءً بِالْعَيْبِ (شَارِحٌ) حَتَّى لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: اعْرِضْ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ رُدَّهُ عَلَيَّ فَفَعَلَ؛ فَلَا خِيَارَ لَهُ أَمَّا إرْسَالُ الْمَبِيعِ إلَى السُّوقِ؛ فَلَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ مَا لَمْ يُعْرَضْ لِلْبَيْعِ وَكَذَا لَا يُسْقِطُهُ إرْسَالُ الْقُمَاشِ لِلْخَيَّاطِ لِيَعْرِفَ الْمِقْدَارَ الْكَافِيَ مِنْهُ لِلثَّوْبِ أَوْ عَرْضُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِينَ لِيَعْرِفُوا قِيمَتَهُ. 2 - إذَا سَاوَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ لَهُ هَلْ تَبِيعَهُ مِنِّي فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ نَعَمْ فَقَدْ بَطَلَ حَقُّ رَدِّهِ بِالْعَيْبِ (أَنْقِرْوِيّ) . 3 - إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْحِذَاءِ لِضِيقِهِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إذَا لَبِسْته يَوْمًا يَتَّسِعُ عَلَيْك فَلَبِسَهُ فَلَمْ يَتَّسِعْ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ. 4 - إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي آخَرَ بِبَيْعِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِهِ وَلَمْ يَعْتَرِضْ فَذَلِكَ رِضَاءٌ مِنْهُ بِالْعَيْبِ

رَدُّ الْمُحْتَارِ) إلَّا إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ إقَالَةَ الْبَيْعِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يُعْتَبَرُ عَرْضًا لِلْبَيْعِ وَلِهَذَا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ بِالْإِقَالَةِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ. 5 - إذَا رَكِبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ بِقَصْدِ اخْتِبَارِ سَيْرِهِ أَوْ عَالَجَ عَيْبَهُ وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ حِينَ الْمُعَالَجَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْعَيْبَ قَدِيمٌ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ لِلتَّجْرِبَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ فَقَدْ سَقَطَ خِيَارُهُ. 6 - إذَا أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهَا، أَوْ عَرَضَهَا لِذَلِكَ، أَوْ رَهَنَهَا، أَوْ ابْتَدَأَ بِالسُّكْنَى، أَوْ طَلَبَ الْكِرَاءَ مِمَّنْ يَسْكُنُهَا، أَوْ عَمَّرَهَا، أَوْ هَدَمَ مَحِلًّا فِيهَا، أَوْ قَصَّ صُوفَ الشَّاةِ، أَوْ أَسْقَى الْأَرْضَ أَوْ زَرَعَهَا، أَوْ قَطَعَ أَغْصَانَ الْكَرْمِ، أَوْ جَمَعَ ثَمَرَهَا بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْعُيُوبِ؛ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْخِيَارِ. أَمَّا دَوَامُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الْمُبَاعَةِ لَهُ وَقَدْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ؛ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُ عَيْبِهِ. 7 - إذَا وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ، أَوْ أَدَّى لِلْبَائِعِ بَاقِيَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بَقَرَةً فَأَرْضَعَ ابْنَهَا مِنْهَا، أَوْ حَلَبَ لَبَنَهَا، أَوْ قَصَّ الْقُمَاشَ الْمَبِيعَ ثَوْبًا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَقَدْ سَقَطَ خِيَارُهُ أَمَّا إذَا أَرْضَعَ ابْنَ الْبَقَرَةِ مِنْهَا بِنَفْسِهِ؛ فَلَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ. إذَا أَجَّرَ إنْسَانٌ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ؛ فَلَهُ نَقْضُ الْإِجَارَةِ وَرَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. أَمَّا إذَا رَهَنَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ؛ فَلَهُ رَدُّهُ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ وَفَكِّ الرَّهْنِ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الرَّهْنِ. إذَا دَاوَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ فَذَلِكَ رِضَاءٌ مِنْهُ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْبٌ قَدِيمٌ؛ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ لَا غَيْرُ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْضَى بِعَيْبٍ وَاحِدٍ وَلَا يَرْضَى بِعَيْبَيْنِ. الْبَيْعُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ: إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ كَانَ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْبَائِعُ الثَّانِي الْعَيْبَ؛ فَلَا بُدَّ: (1) - أَنْ يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْعَيْبَ الْقَدِيمَ بِالْبَيِّنَةِ. (2) - أَنْ يُثْبِتَ أَيْضًا أَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ أَقَرَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فِي الْمَبِيعِ. (3) - أَنْ يُكَلِّفَ الْبَائِعَ الثَّانِيَ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ فَيَنْكُلُ عَنْهُ. (4) - أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ يَبُتُّ وَيَمْتَنِعُ عَنْ اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ. وَإِذَا أَعَادَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ فَلِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَتَقَاضَى مَعَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَيُثْبِتَ مُدَّعَاهُ، أَوْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ وَيَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَيْهِ وَالرَّدُّ فَسْخٌ لِحُكْمِ عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1654 و 1655) وَلَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِالرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ إنْكَارُ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْعَيْبَ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ قَدْ تَكَذَّبَ شَرْعًا بِحُكْمِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (59)

(المادة 345) حدث في المبيع عيب عند المشتري ثم ظهر فيه عيب قديم

وَشَرْحَهَا. قَدْ ذُكِرَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (إذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ إذَا بَاعَ الْمَنْقُولَ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِحُكْمِ الْقَاضِي، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرُ جَائِزٍ؛ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ الرَّدُّ بَيْعًا جَدِيدًا وَإِنَّمَا هُوَ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْعَقَارَ فَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ. لَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالصُّوَرِ الْآتِيَةِ: (1) - إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ الثَّانِي بَعْدَ رَدِّ الْمَبِيعِ لَهُ بِعَدَمِ وُجُودِ عَيْبٍ فِيهِ. (2) - إذَا حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ آخَرُ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الثَّانِي. (3) - إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي فَقَبِلَهُ بِرِضَاهُ. (4) - إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي حُدُوثَ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الثَّانِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ. إيضَاحُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ: إذَا حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ آخَرُ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الثَّانِي فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَإِذَا حَدَثَ ذَلِكَ الْعَيْبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ كَمَا هُوَ مَنْطُوقُ الْمَادَّةِ (345) . وَرُجُوعُهُ بِذَلِكَ هُوَ رَأْيُ الصَّاحِبِينَ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (348) . إيضَاحُ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ: إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِلَا قَضَاءِ الْقَاضِي وَقَبِلَ الْبَائِعُ الثَّانِي ذَلِكَ الرَّدَّ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَلَا طَلَبُ نُقْصَانِ الثَّمَنِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فِي حُكْمِ الْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ جَدِيدٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (196) وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ هُنَا فِي حُكْمِ شَخْصٍ ثَالِثٍ. إيضَاحُ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ: إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي وُجُودَ الْعَيْبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الثَّانِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (79) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 345) حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ] (الْمَادَّةُ 345) لَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ فَقَطْ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَ قُمَاشٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهُ وَفَصَّلَهُ بُرُودًا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَبِمَا أَنَّ قَطْعَهُ وَتَفْصِيلَهُ عَيْبٌ حَادِثٌ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ فَقَطْ. سَوَاءٌ حَدَثَ الْعَيْبُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ فَلَيْسَ

(المادة 346) نقصان الثمن

لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ فِي غَيْرِ بَيْعِ التَّوْلِيَةِ لَهُ الِادِّعَاءُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (31 و 46) مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِقَبُولِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا وَلَا يَدْفَعُ نُقْصَانَ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (348) . كَذَلِكَ إذَا ذَهَبَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ لِيَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ فَتَلِفَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ تَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ حَسْبَ الْمَادَّةِ 294 أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ " الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ " إلَّا إذَا قَبِلَهُ الْبَائِعُ مَعًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ فِي الْمَبِيعِ حَاصِلًا بِفِعْلِ الْبَائِعِ، أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ؛ فَلَهُ مَعَ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ، أَوْ الْأَجْنَبِيَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ الْحَادِثَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ كَذَلِكَ إذَا بَلَّ الْمُشْتَرِي خَيْطَ الْحَرِيرِ، أَوْ السِّخْتِيَانِ بِالْمَاءِ، أَوْ وَضَعَ الْحَدِيدَ عَلَى النَّارِ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ فَبَلِيَ، أَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ، أَوْ سَنَّ السِّكِّينَ بِمِبْرَدٍ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْبُهُ الْقَدِيمُ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا سَنَّ السِّكِّينَ بِحَجَرٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ؛ فَلَهُ رَدُّهُ " الطَّحْطَاوِيُّ ". كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا خَشَبًا فَظَهَرَتْ مُجَوَّفَةً، أَوْ أَنَّهَا لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلْحَطَبِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ إلَّا إذَا رَضِيَ بِهَا الْبَائِعُ مَقْطُوعَةً وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَجِبُ اسْتِرْدَادُ كُلِّ الثَّمَنِ وَقَبُولُهَا عَلَى حَالِهَا " خَيْرِيَّةٌ ". كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً لِلزَّرْعِ فَزَرَعَهَا فَلَمْ تُنْبِتْ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ نَاشِئًا عَنْ عَيْبٍ فِيهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنُّقْصَانِ وَإِلَّا؛ فَلَا إذْ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ نَبَاتِهَا نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ آخَرَ كَرَدَاءَةِ الْحَرْثِ، أَوْ جَفَافِ الْأَرْضِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَنْقِرْوِيّ ". وَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ بِالْقَضَاءِ، أَوْ بِالرِّضَاءِ، أَوْ بِالْإِقَالَةِ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ فِيهِ فَاطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى ذَلِكَ الْعَيْبِ؛ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَدْفَعَ إلَيْهِ نُقْصَانَ الثَّمَنِ كَمَا لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ بِعَيْبِهِ وَلَا يُطَالِبَهُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَإِذَا أَعَادَ الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ ثَانِيَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ وَهُوَ فِي يَدِهِ؛ فَلَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ الْحَاصِلِ بِالْعَيْبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَقْبَلْهُ بِالْعَيْبِ الْأَخِيرِ (طَحْطَاوِيٌّ) . مُسْتَثْنًى - إذَا ظَهَرَ فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْبٌ قَدِيمٌ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لَكَانَ ثَمَنُهُ الْآنَ أَنْقَصُ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالتَّوْلِيَةُ تَكُونُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". [ (الْمَادَّةُ 346) نُقْصَانُ الثَّمَنِ] (الْمَادَّةُ 346) : نُقْصَانُ الثَّمَنِ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْخَالِينَ عَنْ الْغَرَضِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ ذَلِكَ الثَّوْبُ سَالِمًا ثُمَّ يُقَوَّمَ مَعِيبًا فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ يُنْسَبُ إلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَعَلَى مُقْتَضَى تِلْكَ النِّسْبَةِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى

الْبَائِعِ بِالنُّقْصَانِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَ قُمَاشٍ بِسِتِّينَ قِرْشًا وَبَعْدَ أَنْ قَطَعَهُ وَفَصَّلَهُ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَقَوَّمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ ذَلِكَ الثَّوْبَ سَالِمًا بِسِتِّينَ قِرْشًا أَيْضًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ قِرْشًا كَانَ نُقْصَانُ الثَّمَنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا فَيَرْجِعُ بِهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الثَّوْبِ سَالِمًا ثَمَانُونَ قِرْشًا وَمَعِيبًا سِتُّونَ قِرْشًا فَبِمَا أَنَّ التَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِشْرُونَ قِرْشًا وَهِيَ رُبْعُ الثَّمَانِينَ قِرْشًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا الَّتِي هِيَ رُبْعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَوْ أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الثَّوْبِ سَالِمًا خَمْسُونَ قِرْشًا وَمَعِيبًا أَرْبَعُونَ قِرْشًا فَبِمَا أَنَّ التَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَهِيَ خُمْسُ الْخَمْسِينَ قِرْشًا يُعْتَبَرُ النُّقْصَانُ خُمْسَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ قِرْشًا. إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عُدُولًا وَأَنْ يَبْلُغُوا نِصَابَ الشَّهَادَةِ وَأَنْ يَكُونَ إخْبَارُهُمْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ. قَوْلُهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا: أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بِدُونِ وُجُودِ عَيْبٍ حَادِثٍ فِيهِ (شُرُنْبُلَالِيّ) وَيَجْرِي التَّقْوِيمُ لِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْبَيْعِ. وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ احْتِمَالَاتٍ: (1) - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ سَالِمًا مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا أَنْقَصَ مِنْهُ. (2) - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ سَالِمًا زَائِدَةً عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا مُسَاوِيَةً لَهُ. (3) - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا أَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. (4) - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. وَنُورِدُ فِيمَا يَلِي أَمْثِلَةً عَلَى ذَلِكَ مُشِيرِينَ إلَى كُلِّ مِثَالٍ بِرَقْمٍ: (1) إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي قُمَاشًا فَقَصَّهُ وَفَصَّلَهُ ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ إذَا أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الْقُمَاشِ سَالِمًا يَوْمَ الْبَيْعِ سِتُّونَ قِرْشًا وَقِيمَتَهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ خَمْسَةً وَأَرْبَعُونَ قِرْشًا فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا مِنْ الْبَائِعِ وَإِقَامَةُ الدَّعْوَى. أَمَّا إذَا قَصَّ الْقُمَاشَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهُوَ رِضَاءٌ بِالْعَيْبِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (344) ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ. (2) إذَا أَخْبَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا ثَمَانُونَ قِرْشًا وَمَعِيبًا سِتُّونَ قِرْشًا. فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْبَائِعِ خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا

(المادة 347) إذا زال العيب الحادث

وَهُوَ مَا يُعَادِلُ رُبْعَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَيُرَتَّبُ التَّنَاسُبُ لِحَلِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْحِسَابِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي 80: 20: 60 س 15. (3) - إذَا أَخْبَرُوا أَنَّ قِيمَتَهُ سَالِمًا يَوْمَ الْبَيْعِ خَمْسُونَ قِرْشًا وَقِيمَتَهُ مَعِيبًا أَرْبَعُونَ قُرَشًا فَالتَّفَاوُتُ الْمَوْجُودُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ قُرُوشٍ خُمْسُ الْخَمْسِينَ قِرْشًا فَيُعْتَبَرُ نُقْصَانُ الثَّمَنِ اثْنَا عَشَرَ قِرْشًا. الْمَسْأَلَةُ الْحِسَابِيَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: 50: 10: 60 12. (4) إذَا أَخْبَرُوا أَنَّ قِيمَةَ الْقُمَاشِ سَالِمًا ثَمَانُونَ قِرْشًا وَقِيمَتَهُ مَعِيبًا سَبْعُونَ قِرْشًا فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ قُرُوشٍ عَنْ الثَّمَانِينَ قِرْشًا فَيُعْتَبَرُ نُقْصَانُ الثَّمَنِ سَبْعَةُ قُرُوشٍ وَنِصْفُ قِرْشٍ. 80 -: 10: 60 5.7 الرُّجُوعُ إلَى بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ بِالنُّقْصَانِ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ عُشْرَ الْقِيمَةِ مَثَلًا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الشَّيْءِ، الَّذِي تَلْحَقُهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ " الْبَاءُ " أَدَاةُ الثَّمَنِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ بِبَغْلَةٍ حِصَانَ شَخْصٍ آخَرَ وَحَصَلَ التَّقَايُضُ بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ لَهُ فِي الْحِصَانِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَمَاتَ الْحِصَانُ عَلَى الْأَثَرِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَيُقَوَّمُ الْحِصَانُ سَالِمًا وَمَعِيبًا فَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِقْدَارَ الْعُشْرِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِعُشْرِ الْبَغْلَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ بَدَلُ الْحِصَانِ " أَنْقِرْوِيّ " فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى عُشْرُ الْبَغْلَةِ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ. [ (الْمَادَّةُ 347) إذَا زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ] (الْمَادَّةُ 347) : إذَا زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ صَارَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُوجِبًا لِلرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى حَيَوَانًا فَمَرِضَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ؛ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ لَكِنْ إذَا زَالَ ذَلِكَ الْمَرَضُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْحَيَوَانَ لِلْبَائِعِ بِالسَّبَبِ الْقَدِيمِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ. الْعَيْبُ الْحَادِثُ هُوَ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. إذَا زَالَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ فَالْعَيْبُ الْقَدِيمُ يُوجِبُ رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ أَخَذَ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ إلَى الْبَائِعِ نُقْصَانَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) فَإِذَا كَانَ نُقْصَانُ الثَّمَنِ مَوْجُودًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا رَدَّ بَدَلَهُ " أَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ " وَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ نُقْصَانِ الثَّمَنِ. إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِد فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَدْ وَرَدَتْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِطْرَادِ، أَمَّا الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ الْمِثَالُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ.

(المادة 348) رضي البائع أن يأخذ المبيع الذي ظهر به عيب قديم بعد أن حدث به عيب عند المشتري

[ (الْمَادَّةُ 348) رَضِيَ الْبَائِع أَنْ يَأْخُذ الْمَبِيع الَّذِي ظَهْرِ بِهِ عَيْب قَدِيم بَعْد أَنْ حدث بِهِ عَيْب عِنْد الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 348) إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ بَعْدَ أَنْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ لِلرَّدِّ لَا تَبْقَى لِلْمُشْتَرِي صَلَاحِيَّةُ الِادِّعَاءِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ بَلْ يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى رَدِّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ، أَوْ قَبُولِهِ حَتَّى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ بِأَنْ يَدَّعِيَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ، مَثَلًا: لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَطَعَ الثَّوْبَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَفَصَّلَهُ قَمِيصًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: كُنْتُ أَقْبَلُهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ فَبِمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ كَانَ قَدْ أَمْسَكَهُ وَحَبَسَهُ عَنْ الْبَائِعِ. ضَابِطٌ - كُلُّ مَوْضِعٍ يُمْكِنُ فِيهِ رَدُّ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ بِرِضَائِهِ أَوْ بِغَيْرِ رِضَائِهِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ مِلْكِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ (رَدَّ الْمُحْتَارِ) وَ (أَنْقِرْوِيَّ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى: إذَا كَانَ مُتَعَذَّرُ أَخْذِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ الْمَعِيبِ نَاشِئًا عَنْ صُنْعِ الْمُشْتَرِي أَيْ كَانَ بِفِعْلٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الْآنِفِ الذِّكْرِ وَإِلَّا؛ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. " خُلَاصَةٌ " أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اطِّلَاعِهِ صَرَاحَةً، أَوْ دَلَالَةً عَلَى عَيْبٍ فِيهِ، أَوْ قَبْلَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ آخَرَ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي صَلَاحِيَّةُ الِادِّعَاءِ بِنُقْصَانٍ مِنْ الثَّمَنِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَيَسْتَرِدَّ كُلَّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 167 ". قَدْ جَعَلَ فِي الرَّدِّ الْمَذْكُورِ رِضَاءَ الْبَائِعِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فَرَدُّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إضْرَارٌ؛ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَائِهِ وَإِذَا رَضِيَ بِأَنْ يَقْبَلَهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى قُمَاشَ جُوخٍ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ فَقَصَّهُ وَقَبْلَ أَنْ يَخِيطَهُ عَلِمَ أَنَّهُ بَالٍ فَإِذَا قَبِلَهُ الْبَائِعُ مَقْصُوصًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ كَذَلِكَ، أَوْ أَنْ يَقْبَلَهُ بِثَمَنِهِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْقِيَهُ فِي يَدِهِ وَيُطَالِبَ بِنُقْصَانِ ثَمَنِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي كُلَّ مَا ظَهَرَ فِيهِ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبِهِ الْجَدِيدِ، أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ لِلْغَيْرِ، أَوْ بِإِتْلَافِهِ بِصُورَةٍ لَا تُبْقِي أَثَرَ الْمِلْكِيَّةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الِادِّعَاءِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إخْرَاجُهُ لَهُ عَنْ مِلْكِهِ نَاشِئًا عَنْ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ.

مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى سَمَكَةً مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ غَابَ بَائِعُهَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهَا أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَتْلَفَ لَوْ أَبْقَاهَا إلَى حِينِ حُضُورِ الْبَائِعِ الْغَائِبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ فِي مَتْنِ الْمَادَّةِ " بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ، لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذْ يَتَوَقَّفُ إخْرَاجُ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ، أَوْ عَدَمِهِ. مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ حَتَّى بَلِيَ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَوْ أَكَلَ بَعْضَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ؛ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ ثَمَنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَيَرُدَّ الْبَاقِيَ " شُرُنْبُلَالِيّ، وَالدُّرَرُ " وَمِثْلُهُ لَوْ اشْتَرَى قُمَاشًا فَقَطَعَ مِنْهُ قَمِيصًا ثُمَّ عَلِمَ بِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (345) وَيَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْبَلَهُ مَقْطُوعًا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ، أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ آخَرَ قَبْلَ حُدُوثِ الْعَيْبِ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بَعْدَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ إلَّا إذَا أَحْدَثَ فِيهِ زِيَادَةً كَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا " رَدُّ الْمُحْتَارِ " أَمَّا إذَا قَصَّهُ ثَوْبًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِقَصِّهِ ثَوْبًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَلَدِ فَخَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ وَذَلِكَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الضَّابِطِ الَّذِي شُرِحَ آنِفًا. وَمِثْلُهُ إذَا أَخْرَجَ بَعْضَهُ مِنْ مِلْكِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي أَخْرَجَهُ وَلَا رَدُّ الْبَاقِي بِالْعَيْبِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْبَائِعُ: إنَّنِي آخِذُهُ بِعَيْبِهِ الْحَادِثِ وَبِبَيْعِهِ لَهُ، أَوْ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِصُورَةٍ أُخْرَى يَكُونُ قَدْ حَبَسَهُ وَأَمْسَكَهُ حَتَّى لَوْ تَقَايَلَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَيْعَ الَّذِي عُقِدَ بَيْنَهُمَا؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ ثَوْبًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَاعَهُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِمَا أَنَّهُ لَيْسَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَإِذَا اشْتَرَى بَغْلَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ وَهَبَهَا مِنْ آخَرَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ الَّذِي فِيهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (98) وَشَرْحُ الْمَادَّةِ " 196 " وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ جَدِيدٌ، أَوْ تَلِفَ وَهُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبُهُ الْقَدِيمُ؛ فَلَهُ الْحَقُّ فِي الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الْبَائِعِ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ سَوَاءٌ كَانَ زَيْدٌ حَاضِرًا، أَوْ غَائِبًا وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ، أَوْ الْحَاضِرِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ سَوَاءٌ ادَّعَى فُلَانٌ وُقُوعَ الْبَيْعِ لَهُ وَأَقَرَّ بِهِ، أَوْ أَنْكَرَهُ مَعَ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالْبَائِعِ الثَّانِي ذَلِكَ الْبَيْعَ فِي حُكْمِ الْإِقَالَةِ " بَزَّازِيَّةٌ " أَنْقِرْوِيّ، دُرُّ الْمُخْتَارِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ ". إذَا بَاعَ: بِمَعْنَى إذَا أَخْرَجَ الْبَائِعُ الْمِلْكَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ فِي مِلْكِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 344 " إذَا حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ فَأَجَرَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ رَهَنَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ ثُمَّ اطَّلَعَ

(المادة 349) الزيادة وهي ضم شيء من مال المشتري وعلاوته إلى المبيع

عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ؛ فَلَهُ بَعْدَ فَسْخِ الْإِيجَارِ وَفَكِّ الرَّهْنِ رَدُّ الْمَبِيعِ (1) . [ (الْمَادَّةُ 349) الزِّيَادَةُ وَهِيَ ضَمُّ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعِلَاوَتُهُ إلَى الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 349) الزِّيَادَةُ وَهِيَ ضَمُّ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي وَعِلَاوَتُهُ إلَى الْمَبِيعِ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ، مَثَلًا: ضَمُّ الْخَيْطِ وَالصَّبْغِ إلَى الثَّوْبِ بِالْخِيَاطَةِ وَالصِّبَاغَةِ وَغَرْسِ الشَّجَرِ فِي الْأَرْضِ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي مَانِعٌ لِلرَّدِّ. ضَابِطٌ: كُلُّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ فِيهِ الْمَبِيعَ الْقَائِمَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِرِضَائِهِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَائِهِ إذَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ تَمْنَعُ الرَّدَّ. الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: (1) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ. (2) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَهِيَ تَمْنَعُ الرَّدَّ. (3) الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ وَهِيَ تَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِلَّا؛ فَلَا. (4) الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ. التَّفْصِيلُ: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ. فَإِذَا كَبِرَ الْحَيَوَانُ الْمَبِيعُ وَحَصَلَ فِيهِ سِمَنٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ، أَوْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي فَكِبَرُهُ أَوْ سِمَنُهُ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ مِلْكِهِ بَعْدَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ " شُرُنْبُلَالِيّ ". وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ (الْهِنْدِيَّةُ) : فَإِنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُعْطِيك نُقْصَانَ الثَّمَنِ وَلَكِنْ رُدَّ عَلَيَّ الْمَبِيعَ حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْك جَمِيعَ الثَّمَنِ؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ فَلَهُ ذَلِكَ. ثَانِيًا: الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالصِّبْغَةِ وَنَحْوِهَا مَانِعَةٌ مِنْ الرَّدِّ، وَلَوْ حَصَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ بِهَا كَالْقَابِضِ لِلْمَبِيعِ وَهِيَ كَأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْأَصْلِ فَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي الْقُمَاشِ الَّذِي ذُكِرَ مِثَالًا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ؛ فَلَا وَجْهَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَكُنْ مَبِيعًا وَالْفَسْخُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْمَبِيعِ فَقَطْ كَمَا أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِفَسْخِ الْعَقْدِ فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ مَعًا وَإِذَا رُدَّتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ إلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ لَهَا مُقَابِلٌ فَهِيَ رِبَاءٌ، أَوْ شِبْهُ رِبَاءٍ فَخِيَاطَةُ الْقُمَاشِ، أَوْ صَبْغُهُ بِأَيِّ لَوْنٍ كَانَ بِخَيْطِ الْمُشْتَرِي وَصِبْغَتِهِ وَغَرْسُ الشَّجَرِ فِي الْعَرْصَةِ وَإِنْشَاءُ الْأَبْنِيَةِ عَلَيْهَا وَجَعْلُ الطَّحِينِ خُبْزًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَكُلُّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ، أَمَّا إذَا حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ؛ فَلَا رُجُوعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 244 (طَحْطَاوِيٌّ) إنَّ امْتِنَاعَ

(المادة 350) إذا وجد مانع للرد

الرَّدِّ بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ لَمْ يَكُنْ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فَقَطْ بَلْ لَهُ وَلِحَقِّ الشَّرْعِ فَعَلَيْهِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ وَرَضِيَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ وَبِرَدِّ الْمَبِيعِ وَقَبِلَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ؛ فَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ شَرْعًا. إنَّ الصِّبْغَةَ السَّوْدَاءَ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا تَكُونُ زِيَادَةً فِي الْبَيْعِ بَلْ هِيَ نُقْصَانٌ فِيهِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلْبَائِعِ حَقُّ أَخْذِهِ عِنْدَهُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَهِيَ زِيَادَةٌ فِيهِ كَالْأَلْوَانِ الْأُخْرَى؛ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْأَخْذِ عِنْدَهُمَا وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ أَطْلَقَتْ الصَّبْغَ فَيُفَسَّرُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ إبْقَاءً لِلْمُطْلَقِ عَلَى إطْلَاقِهِ. ثَالِثًا: الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ كَالْوَلَدِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَبِيعِ إذَا حَصَلَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الرَّدِّ وَإِلَّا فَهِيَ مَانِعَةٌ يَعْنِي تَكُونُ مَانِعَةً مِنْ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَمَانِعَةً مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ بِكُلِّ أَسْبَابِ الْفَسْخِ، مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ بَقَرَةً فَوَلَدَتْ عِجْلًا، أَوْ شَجَرَةً فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا أَيْ حَصَلَتْ فِي الْمَبِيعِ زِيَادَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَهِيَ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الرَّدِّ فَلِلْمُشْتَرِي عِنْدَمَا يَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِزِيَادَتِهِ عَلَى بَائِعِهِ، أَوْ يَقْبَلَهُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهِيَ مَانِعَةٌ لِلرَّدِّ؛ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، حَتَّى لَوْ أَنَّ شَخْصَيْنِ تَقَايَضَا بِثَوْرٍ وَبَقَرَةٍ وَبَعْدَ التَّقَايُضِ وَلَدَتْ الْبَقَرَةُ عِجْلًا فَوَجَدَ الَّذِي أَخَذَ الثَّوْرَ عَيْبًا قَدِيمًا فِيهِ رَدَّ الثَّوْرَ وَأَخَذَ قِيمَةَ الْبَقَرَةِ وَلَا يَرُدُّ الْأَصْلَ إذَا تَلِفَتْ بِالْعَيْبِ وَلَا إذَا تَلِفَتْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَوْتِ الْعِجْلِ، أَوْ تَلَفِ الثَّمَرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (42) . أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الزِّيَادَةَ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى بَقَرَةً وَحَلَبَ لَبَنَهَا وَشَرِبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ كَذَلِكَ إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْكَرْمِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ مِنْ ثَمَرِهِ (1) " مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ، هِنْدِيَّةٌ ". رَابِعًا: الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الرَّدِّ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ، مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا فَأَجَرَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ مِنْهُ بَدَلَ الْإِيجَارِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ يَعْنِي يَفْسَخُ الْبَيْعَ فِي الْأَصْلِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَنَافِعِ وَبِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْهَا بِمُقَابِلِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا مَلَكَهَا بِمُقَابِلِ الضَّمَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) " رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ ". [ (الْمَادَّةُ 350) إذَا وُجِدَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ] (الْمَادَّةُ 350) إذَا وُجِدَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَلَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بَلْ يَصِيرُ مُجْبَرًا عَلَى إعْطَاءِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ حَتَّى أَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، مَثَلًا: إنَّ مُشْتَرِيَ الثَّوْبِ لَوْ فَصَّلَ مِنْهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ

(المادة 351) ما بيع صفقة واحدة إذا ظهر بعضه معيبا

ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَلَوْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي هَذَا الثَّوْبَ أَيْضًا؛ لَا يَكُونُ بَيْعُهُ مَانِعًا لَهُ مِنْ طَلَبِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَارَ ضَمُّ الْخَيْطِ الَّذِي هُوَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مَخِيطًا لَا يَكُونُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ حَبْسًا وَإِمْسَاكًا لِلْمَبِيعِ. إذَا وُجِدَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ اسْتِرْجَاعُ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُجْبَرًا عَلَى إعْطَاءِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ فَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ الرَّدَّ؛ فَلَا يُحْكَمُ بِالرَّدِّ بَلْ يُحْكَمُ لَدَى الطَّلَبِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ حَسْبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ 453 حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ، أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِأَيَّةِ صُورَةٍ كَانَتْ، أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ؛ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ نُقْصَانَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِتَصَرُّفِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ لَا يَكُونُ قَدْ حَبَسَ الْمَبِيعَ أَيْ لَا يَكُونُ أَزَالَ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ وَإِنْ يَكُنْ الْمَادَّةُ 443 تُفِيدُ أَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ، أَوْ عَرْضِهِ لِلْبَيْعِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِهِ هُوَ رِضَاءٌ بِالْعَيْبِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَانِعٌ لِلرَّدِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنَّهُ يَتَقَرَّرُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْعَرْضِ لِلْبَيْعِ فَلِذَلِكَ لَا تُعَدُّ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ رِضَاءً بِالْعَيْبِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ "، مَثَلًا: إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ قُمَاشَ الْقَمِيصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ رَدِيءٌ بَعْدَ أَنْ قَصَّ الْقُمَاشَ وَخَاطَهُ قَمِيصًا؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بِذَلِكَ بَلْ يَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى إعْطَاءِ نُقْصَانِ الثَّمَنِ. وَإِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْقَمِيصَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِصُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ؛ فَلَهُ حَسْبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ 543 أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ نُقْصَانَ ثَمَنِ ذَلِكَ الْقُمَاشِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ انْضَمَّ مَالُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْخَيْطُ إلَى الْمَبِيعِ أَيْ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِمَّا يُعَدُّ حَسْبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَانِعًا لِلرَّدِّ فَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ أَخْذَ ذَلِكَ الْقُمَاشِ بَعْدَ أَنْ قُصَّ وَخِيطَ فَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْقَمِيصَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ، أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ؛ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَمْسَكَهُ وَحَبَسَ الْمَبِيعَ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " أَمَّا إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْقُمَاشِ بَعْدَ أَنْ قَصَّهُ ثُمَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ خَاطَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ حَسْبَ الْمَادَّةِ 443 هُوَ رِضَاءٌ بِالْعَيْبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 351) مَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً إذَا ظَهَرَ بَعْضُهُ مَعِيبًا] (الْمَادَّةُ 351) : مَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً إذَا ظَهَرَ بَعْضُهُ مَعِيبًا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَدَّ مَجْمُوعَهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَحْدَهُ وَيُمْسِكَ الْبَاقِيَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّفْرِيقِ ضَرَرٌ؛ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ سَالِمًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ حِينَئِذٍ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ رَدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ قَبِلَ

الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى قُلُنْسُوَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ قِرْشًا فَظَهَرَتْ إحْدَاهُمَا مَعِيبَةً قَبْلَ الْقَبْضِ يَرُدُّهُمَا مَعًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْمَعِيبَةَ وَحْدَهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ سَالِمَةً وَيُمْسِكُ الثَّانِيَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَيْ خُفٍّ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ لَهُ رَدُّهُمَا مَعًا لِلْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِمَا مِنْهُ. الْمُرَادُ مِنْ الْقَبْضِ قَبْضَ الْجَمِيعِ فَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِقْدَارًا مِنْ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْقِسْمَ الْآخَرَ مِنْهُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ مَجْمُوعَهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ الَّذِي ظَهَرَ مَعِيبًا كَانَ الْقِسْمَ الْمَقْبُوضَ أَوْ كَانَ الْقِسْمَ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ (هِنْدِيَّةٌ) . أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ فِي الْمَعِيبِ الْمَقْبُوضِ وَفِي السَّالِمِ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئَيْنِ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا وَالْآخَرُ سَالِمًا وَبَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ قَبَضَ السَّالِمَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَعِيبَ فَيَبْقَى خِيَارُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبِلَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا مَعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ أَحَدَهُمَا وَيَرُدَّ الثَّانِيَ وَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ أَيْ تَفْرِيقُ عَقْدِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَ الْمَبِيعَ الْمَقْبُوضَ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ أَحَدَهُمَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ يَحْصُلُ بِالْقَبْضِ فَالتَّفْرِيقُ فِي الْقَبْضِ كَالتَّفْرِيقِ فِي الْمَقْبُوضِ فَلِذَلِكَ بِمَا أَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ الْمِلْكَ التَّصَرُّفِيَّ فَالْقَبْضُ يُشْبِهُ الْمَقْبُوضَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ: أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً وَكَانَتْ مُتَعَدِّدَةً؛ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ فَقَطْ. وَتَعَدُّدُ صَفْقَةِ الْبَيْعِ يَحْصُلُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ مَعَ تَكْرَارِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَلَا يَكْفِي تَفْصِيلُ الثَّمَنِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 179 وَالْمَادَّةِ 180 " أَبُو السُّعُودِ، زَيْلَعِيٌّ ". وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ بَعْضُ مَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعِيبَةً بَعْدَ الْقَبْضِ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّفْرِيقِ ضَرَرٌ كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بَغْلَيْنِ، أَوْ دَارَيْنِ، أَوْ حِصَانَيْنِ، أَوْ ثَوْرَيْنِ غَيْرَ مُعْتَادَيْنِ عَلَى الْعَمَلِ مَعًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ انْفِكَاكُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الِانْتِفَاعِ مِنْهُمَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ رِضَاءً، أَوْ قَضَاءً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ سَالِمًا؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ قَدْ تَمَّتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ بَاقٍ فِي الْمَبِيعِ السَّالِمِ وَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ؛ فَلَهُ رَدُّهُمَا بِرِضَائِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 190 فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ أَحَدِ الْمَبِيعَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَإِذَا كَانَ قَدْ عَيَّنَ الْبَائِعُ حِصَّةَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ الثَّمَنِ فَتَكُونُ الْحِصَّةُ مُعَيَّنَةً وَمَعْلُومَةً وَإِلَّا؛ تُعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قِيمَةِ الْمَبِيعَاتِ وَقْتَ الْبَيْعِ. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ حِصَانَيْنِ لِآخَرَ أَحَدُهُمَا أَدْهَمُ وَالثَّانِي أَشْقَرُ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَمِئَتَيْ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُمَا لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَ ثَمَنَهُمَا ظَهَرَ الْحِصَانُ الْأَدْهَمُ سَالِمًا وَقْتَ الْبَيْعِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْأَشْقَرِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَبِمَا أَنْ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ الْأَدْهَمِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ هِيَ ثُلُثَا مَجْمُوعِ قِيمَةِ الْحِصَانَيْنِ الَّتِي هِيَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَالْمُشْتَرِي يَسْتَرِدُّ مِنْ الْبَائِعِ ثَمَانمِائَةِ قِرْشٍ وَهِيَ ثُلُثَا الْأَلْفِ وَالْمِئَتَيْ قِرْشٍ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَيَرُدُّ الْحِصَانَ الْأَدْهَمَ لِلْبَائِعِ وَالْعَمَلِيَّةُ الْحِسَابِيَّةُ تَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ 1500: 1000:

س 800 فَحَسَبُ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ تَكُونُ حِصَّةُ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى سَالِمًا ثَمَانمِائَةِ قِرْشٍ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي سَلَّمَ الْبَائِعَ الْأَلْفَ وَالْمِئَتَيْ قِرْشٍ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ ذَلِكَ ثَمَانمِائَةِ قِرْشٍ وَإِذَا كَانَ لَمْ يَدْفَعْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَيُسَلِّمْ لِلْبَائِعِ أَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ وَهِيَ حِصَّةُ الْحِصَانِ غَيْرِ الْمَعِيبِ. الِاخْتِلَافُ: إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ قِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ الْمَعِيبِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَلْفُ قِرْشٍ وَقِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَشْقَرِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَطَلَبَ اسْتِرْدَادَ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَخَالَفَهُ الْبَائِعُ مُدَّعِيًا أَنَّ قِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ الْمَعِيبِ وَقْتَ الْبَيْعِ كَانَتْ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَقِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَشْقَرِ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَنَّ عَلَيْهِ رَدَّ ثُلُثِ الثَّمَنِ فَقَطْ؛ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ أَحَدِهِمَا بَلْ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْحِصَانَيْنِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 5) ، فَمَثَلًا: إذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحِصَانَيْنِ أَلْفَ قِرْشٍ فَبَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى الْآخَرِ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَأْخُذُ نِصْفَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. أَمَّا إذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي يَدَّعِيَانِهَا، مَثَلًا: إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةَ الْأَشْقَرِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ بِالْعَكْسِ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْأَشْقَرِ أَلْفُ قِرْشٍ وَالْأَدْهَمِ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ؛ يُحْكَمُ بِمُوجَبِ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ أَلْفُ قِرْشٍ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا أَنَّ قِيمَةَ الْحِصَانِ الْأَشْقَرِ أَلْفُ قِرْشٍ وَلِلْمُشْتَرِي عِنْدَ رَدِّ الْحِصَانِ الْأَدْهَمِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبِضَ نِصْفَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ أَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ لِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ الْآخَرُ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ وَفِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ الَّذِي هَلَكَ وَكَانَ لَيْسَ لَدَى أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي قِيمَةِ الَّذِي تَلِفَ وَأَمَّا الْمَوْجُودُ فَيُقَوَّمُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَةِ الْحَيَوَانِ الْمُتْلَفِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ، أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَعْرِيفِهِ ضَرَرٌ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُمْكِنٍ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فِي الِانْتِفَاعِ رَدَّ الْجَمِيعَ أَوْ قَبِلَ الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَعْضِ وَقَبُولُ الْبَعْضِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي الْمَعْنَى فَكَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَيْئًا وَاحِدًا وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْقِسْمِ الْمَعِيبِ مِنْهُ فَكَذَلِكَ مَا فِي مَعْنَاهُ فَعَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي قُلُنْسُوَتَيْنِ بِأَرْبَعِينَ قِرْشًا فَظَهَرَتْ إحْدَاهُمَا مَعِيبَةً قَبْلَ قَبْضِهِمَا يَرُدُّهُمَا مَعًا كَذَلِكَ إذَا قَبَضَ إحْدَى الْقَلَنْسُوَتَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْقَلَنْسُوَةَ الْمَقْبُوضَةَ، أَوْ غَيْرَ الْمَقْبُوضَةِ مَعِيبَةً؛ فَلَهُ أَيْضًا رَدُّهُمَا مَعًا. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْمَعِيبَةَ وَحْدَهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ سَالِمَةً وَيُمْسِكُ الثَّانِيَةَ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ لَيْسَ فِي تَفْرِيقِ القَلَنْسُوَتَيْن ضَرَرٌ مَا، أَمَّا إذَا ظَهَرَتْ الْقَلَنْسُوَتَانِ مَعِيبَتَيْنِ فَيَرُدُّهُمَا مَعًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 733) . أَمَّا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَ حِذَاءٍ، أَوْ دَفَّتَيْ بَابٍ، أَوْ حِصَانَيْنِ أَلِفَا بَعْضُهُمَا بَعْضًا وَلَا يَشْتَغِلَانِ إلَّا مَعًا أَوْ ثَوْرَيْنِ أَلِفَا بَعْضَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَظَهَرَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَنَّ أَحَدَهُمَا مَعِيبٌ؛ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُمَا مَعًا لِلْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِمَا مِنْهُ، أَوْ إبْقَائِهِمَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ فِي تَفْرِيقِهَا ضَرَرًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي شَيْئَيْنِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعَدُّ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ فِي الْآخَرِ عَيْبٌ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ (خُلَاصَةٌ) .

(المادة 352) اشترى شخص مقدارا معينا من جنس واحد ثم وجد بعضه معيبا

خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ: يُعَدُّ ضَبْطُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ مُوجِبًا لِلْخِيَارِ فَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا قِيَمِيًّا، أَوْ مِثْلِيًّا وَقَبْلَ قَبْضِ كُلِّ الْمَبِيعِ ضَبَطَ شَخْصٌ آخَرُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَمَا لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ؛ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي سَوَاءٌ كَانَ الضَّبْطُ الْمَذْكُورُ يُورِثُ الْعَيْبَ فِي بَاقِي الْمَبِيعِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ حِصَانًا فَيُضْبَطُ نِصْفُهُ، أَوْ كَانَ لَا يُورِثُ الْعَيْبَ فِي الْمَبِيعِ الْبَاقِي كَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ رَأْسَيْ خَيْلٍ فَيُضْبَطُ أَحَدُهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ؛ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، أَوْ قَبِلَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَفَرَّقَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تَتِمَّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ: خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالَيْنِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ أَحَدَهُمَا -، أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ الثَّانِيَ ضُبِطَ أَحَدُ - ذَلِكَ الْمَالَيْنِ بِالِاسْتِحْقَاقِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَضْبُوطُ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ، أَوْ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ الْغَيْرِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الْمَالَ غَيْرَ الْمَضْبُوطِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَالًا وَاحِدًا وَضَبَطَ قَبْلَ الْقَبْضِ نِصْفَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ هُوَ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. لَا يُوجَدُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ خِيَارُ اسْتِحْقَاقٍ. أَوَّلًا: إذَا أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ؛ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ اسْتِحْقَاقٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 43) . ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَى أَمْوَالًا مُتَعَدِّدَةً بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْلَمُ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّ أَحَدَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ هِيَ مِلْكُ غَيْرِ الْبَائِعِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذَا الْحَالِ خِيَارُ اسْتِحْقَاقٍ وَالْبَيْعُ يَكُونُ لَازِمًا فِي بَاقِي الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (خُلَاصَةٌ) . وَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كُلَّ الْمَبِيعِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا، أَوْ لِبَاسًا، أَوْ بَغْلَةً، أَوْ بُسْتَانًا، أَوْ حِذَاءً مِمَّا يُوَرَّثُ ضُبِطَ جُزْءٌ - مِنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ؛ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ دَارَيْنِ، أَوْ بَغْلَيْنِ فَضُبِطَ أَحَدُهُمَا، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ، أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ، أَوْ كَانَ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا ضَرَرٌ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ بَاقِي الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (طَحْطَاوِيٌّ) (هِنْدِيَّةٌ) . مَسْأَلَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ إذَا اشْتَرَى شَخْصَانِ بِالِاشْتِرَاكِ بَغْلَةً فَضُبِطَ نِصْفُهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَكُونَا الْمُشْتَرِيَانِ مُخَيَّرَيْنِ حَسَبَ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ فَإِنْ شَاءَا قَبِلَا النِّصْفَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَا تَرَكَاهُ. أَمَّا إذَا قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَيَأْخُذُ رُبْعَ الْبَغْلَةِ بِرُبْعِ الثَّمَنِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَسْقُطُ خِيَارُ الْآخَرِ فَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى قَبُولِ الرُّبْعِ بِرُبْعِ الثَّمَنِ (خُلَاصَةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 352) اشْتَرَى شَخْصٌ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهُ مَعِيبًا] (الْمَادَّةُ 352) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَمَا قَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهُ مَعِيبًا كَانَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهُ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ جَمِيعًا. إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً

(المادة 353) وجد المشتري في الحنطة أو الشعير ترابا

وَمِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَبَضَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْضُهُ مَعِيبًا وَكَانَ كُلُّهُ قَائِمًا وَمَوْجُودًا فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَ جَمِيعَهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَيْ الْمَعِيبَ وَغَيْرَ الْمَعِيبِ مِنْ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْرِزَ الْمَعِيبَ وَيَرُدَّهُ وَيُمْسِكَ السَّالِمَ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ أَشْيَاءُ مُتَعَدِّدَةٌ وَلَكِنَّهَا حُكْمًا وَتَقْدِيرًا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْحَبَّةَ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً وَحْدَهَا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فَعَلَيْهِ فَالتَّقَوُّمُ بِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ وَانْضِمَامِ الْحَبَّاتِ إلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُ الْقِسْمِ الْمَعِيبِ وَرَدُّهُ وَقَبُولُ الْقِسْمِ غَيْرِ الْمَعِيبِ مِنْهُ؛ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ التَّفْرِيقُ أَيْضًا. قَدْ قُلْنَا: مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمَكِيلَاتُ الْمُشْتَرَاةُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَانَتْ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَأَنْ يَكُونَ الْمُبَاعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً وَمِائَةَ كَيْلَةٍ شَعِيرًا فَظَهَرَ عَيْبٌ فِي الْحِنْطَةِ أَوْ فِي الشَّعِيرِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ 153. قَدْ قِيلَ: إذَا كَانَ مَوْجُودًا كُلُّ الْمَبِيعِ وَقَائِمًا فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُبَاعَةُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً جَمِيعُهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي وَهَبَ وَسَلَّمَ بَعْضًا مِنْهَا، أَوْ بَاعَهُ فَيَرُدُّ حِينَئِذٍ الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِنُقْصَانِ قِيمَةِ الْمِقْدَارِ الَّذِي وَهَبَهُ، أَوْ بَاعَهُ. أَمَّا إذَا اطَّلَعَ شَخْصٌ بَعْدَ أَنْ خَبَزَ الدَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَلَى وُجُودِ مَرَارَةٍ فِيهِ؛ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي مِنْ الدَّقِيقِ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ فِي الدَّقِيقِ الْمُسْتَهْلَكِ فَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ بَيْعِ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ أَكْلِهِ وَتَنَاوُلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 353) وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ تُرَابًا] (الْمَادَّةُ 353) إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ الْمُشْتَرَاةِ تُرَابًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ التُّرَابُ يُعَدُّ قَلِيلًا فِي الْعُرْفِ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بِحَيْثُ يُعَدُّ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا. إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنْ الْحُبُوبِ الْمُشْتَرَاةِ تُرَابًا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي وَجَدَ فِي الْحُبُوبِ جُزْئِيًّا بِحَيْثُ يُعَدُّ عَادَةً قَلِيلًا فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَازِمًا وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَفْرِيقَ التُّرَابِ وَرَدَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَقَبُولَ الْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ لَيْسَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْمُعْتَادِ رَدُّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ الْمِقْدَارِ الْقَلِيلِ بَلْ إنَّ الْمُعْتَادَ قَبُولُ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 63) . ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي فِي الْحُبُوبِ زَائِدًا زِيَادَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ وَلَكِنْ كَانَتْ بِدَرَجَةٍ يَعْتَبِرُهَا النَّاسُ عَيْبًا فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَدَّ كُلَّ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 63 وَالْمَادَّةَ 733) . ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ التُّرَابُ الَّذِي فِي الْحُبُوبِ زَائِدًا زِيَادَةً فَاحِشَةً جِدًّا فَالْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ

(المادة 453) البيض والجوز وما شاكلهما إذا ظهر بعضها فاسدا

مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْحُبُوبَاتِ فَقَطْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى " رَدُّ الْمُحْتَارِ " فَعَلَى هَذَا الْحَالِ إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي أَنَّ التُّرَابَ وَالْحَصَى الَّذِي فِي الْحُبُوبِ كَثِيرًا بِدَرَجَةٍ تُعْتَبَرُ عَيْبًا وَكَانَ بَعْدَ أَنْ فَرَّقَهُ عَنْ الْحُبُوبِ عَادَ فَخَلَطَهُ بِهِ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ الْمَبِيعِ يُنْظَرُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَى مِقْدَارِهِ نُقْصَانٌ بَعْدَ خَلْطِ التُّرَابِ بِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْحُبُوبُ أَمَّا إذَا نَقَصَ مِقْدَارُ الْحُبُوبِ بِالتَّنْقِيَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ يَعْنِي بِنُقْصَانِ الْحِنْطَةِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ نَاقِصًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 843 " رَدُّ الْمُحْتَارِ " " هِنْدِيَّةٌ ". إذَا شَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَنْ لَا يَكُونَ تُرَابٌ فِي الْحُبُوبِ وَلَوْ بِدَرَجَةٍ تُعَدُّ عَادَةً قَلِيلَةً فَهَلْ هَذِهِ الْمُقَاوَلَةُ مُعْتَبَرَةٌ أَمْ لَا؟ إنَّنَا بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 31 أَنَّ التَّصْرِيحَ رَاجِعٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ " شَارِحٌ ". مُسْتَثْنًى: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْقُطْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْقُطْنَ الْمَذْكُورَ مَخْلُوطٌ بِمَوَادَّ غَرِيبَةٍ عَنْهُ فَإِذَا كَانَ بَيْنَ التُّجَّارِ مَعْرُوفًا ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي تَنْزِيلُهُ يَعْنِي يُوزَنُ ذَلِكَ الْقُطْنُ مَعَ الْمَوَادِّ الْغَرِيبَةِ الَّتِي فِيهِ ثُمَّ يُوزِنُهُ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَوَادِّ وَيُنْزِلُ مِنْ الثَّمَنِ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 44 (بَزَّازِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 453) الْبَيْضُ وَالْجَوْزُ وَمَا شَاكَلَهُمَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُهَا فَاسِدًا] (الْمَادَّةُ 453) : الْبَيْضُ وَالْجَوْزُ وَمَا شَاكَلَهُمَا إذَا ظَهَرَ بَعْضُهَا فَاسِدًا؛ فَلَا يُسْتَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ كَالِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ يَكُونُ مَعْفُوًّا وَإِنْ كَانَ الْفَاسِدُ كَثِيرًا كَالْعَشَرَةِ فِي الْمِائَةِ؛ كَانَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ جَمِيعِهِ لِلْبَائِعِ وَاسْتِرْدَادُ ثَمَنِهِ مِنْهُ كَامِلًا. إذَا كَانَ الْفَاسِدُ فِي ذَلِكَ قَلِيلًا لَا يُسْتَكْثَرُ عُرْفًا وَعَادَةً فَهُوَ مَعْفُوٌّ وَلَيْسَ فِيهِ خِيَارُ عَيْبٍ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَكُونُ خَالِيًا مِنْ فَاسِدٍ بِهَذِهِ الدَّرَجَةِ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْ ذَلِكَ كَالْحِنْطَةِ الْقَلِيلَةِ التُّرَابِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ) وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفَاسِدُ كَثِيرًا كَأَنْ يَكُونَ فِي الْمِائَةِ عَشَرَةٌ مِمَّا يُسْتَكْثَرُ عُرْفًا وَعَادَةً؛ فَلَا يَكُونُ مَعْفُوًّا وَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا لِلْجَمِيعِ بَيْنَ الْمَالِ وَبَيْنَ مَا لَا يُعَدُّ مَالًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْإِمَامِ رَدُّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ أَوْ اسْتِرْدَادُ ثَمَنِهِ مِنْهُ كَامِلًا. (اُنْظُرْ مَادَّةَ 62) (مُلْتَقَى، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَزَيْلَعِيٌّ، وَالْبَحْرُ، وَالْبَزَّازِيَّةُ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْفَاسِدُ مَا يُسْتَكْثَرُ فَرَدُّ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ لَا يَكُون بِسَبَبِ خِيَارِ الْعَيْبِ بَلْ بِسَبَبِ فَسَادِ الْعَقْدِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِي السَّالِمِ مِنْ الْمَبِيعِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمَجَلَّةُ قَدْ رَجَّحَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ: إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ بَيَّنَتْ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَبِيعِ بِدَرَجَةِ فِي الْمِائَةِ ثَلَاثَةٍ غَيْرُ مُسْتَكْثَرٍ عُرْفًا وَأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمِائَةِ عَشَرَةٌ مُسْتَكْثَرٌ عُرْفًا إلَّا أَنَّهَا لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا حُكْمُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ. إنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ بَيَّنُوا أَنَّ فِي الْمِائَةِ ثَلَاثَةً وَمَا دُونَهُ يُعْتَبَرُ قَلِيلًا وَمَا يَزِيدُ عَنْهُ يَعْنِي فِي الْمِائَةِ أَرْبَعَةٌ، أَوْ خَمْسَةٌ يُعَدُّ كَثِيرًا وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَدْ اعْتَبَرَ أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْمَبِيعِ بِالْمِائَةِ خَمْسَةٌ وَسِتَّةٌ يُعَدُّ قَلِيلًا وَمَعْفُوًّا فَإِذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي بَيْضًا، أَوْ خِيَارًا، أَوْ مَا مَاثَلَهُمَا كَالْبِطِّيخِ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِمَا قَبْلَ الْكَسْرِ وَالْقَطْعِ؛ فَلَهُ رَدُّهُمَا بِسَبَبِ خِيَارِ الْعَيْبِ أَمَّا إذَا كَسَرَهُمَا، أَوْ قَطَعَهُمَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِمَا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 344) (هِنْدِيَّةٌ) . [ (الْمَادَّةُ 553) ظَهَرَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَصْلًا] (الْمَادَّةُ 553) إذَا ظَهَرَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَصْلًا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ جَمِيعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى جَوْزًا، أَوْ بَيْضًا فَظَهَرَ

جَمِيعُهُ فَاسِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ ثَمَنِهِ كَامِلًا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَكُونُ مَالًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 363. كَذَلِكَ إذَا كَسَرَ الْجَوْزَ، أَوْ الْبِطِّيخَ وَكَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَتَّى لِعَلَفِ الْحَيَوَانِ أَوْ ظَهَرَ مُرًّا فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْجَوْزَ وَلَوْ كَانَ فَارِغًا يُنْتَفَعُ بِقِشْرِهِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْجَوْزِ بِاعْتِبَارِ لُبِّهِ وَقَلْبِهِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا يَتَرَتَّبُ شَيْءٌ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَبِيعَ لَا يُعْتَبَرُ مَالًا أَصْلًا أَمَّا إذَا كَانَ الْجَوْزُ بَعْدَ كَسْرِهِ فَاسِدًا فِي حَالَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْفُقَرَاءُ، أَوْ يَصْلُحَ لَأَنْ يَكُونَ عَلَفًا لِلْحَيَوَانَاتِ، وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 345) مَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 843. أَمَّا إذَا أَكَلَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ الْجَوْزِ بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 344) . إنَّ عِبَارَةَ بَعْدَ كَسْرِهِ، أَوْ قَطْعِهِ الْمَذْكُورَةَ فِي الشَّرْحِ لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَعَلَيْهِ لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ قَطْعِهِ، أَوْ كَسْرِهِ؛ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَمَّا إذَا قَطَعَهُ، أَوْ كَسَرَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي حَالَةِ ظُهُورِ الْمَبِيعِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَصْلًا أَمَّا إذَا ظَهَرَ بَعْضُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ بِالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

الفصل السابع في بيان خيار الغبن والتغرير

[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ خِيَارِ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ] خُلَاصَةُ الْفَصْلِ 1 - يَنْقَسِمُ خِيَارُ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّغْرِيرُ الْقَوْلِيُّ. الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ. 2 - لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ إلَّا أَنَّ بَيْعَ مَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ يُعَدُّ بَاطِلًا وَعِنْدَ الْإِمَامِ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ صَحِيحٌ. 3 - شِرَاءُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ مَالًا لِلصَّغِيرِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ نَافِذٍ بِحَقِّ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّهُ نَافِذٌ بِحَقِّهِمَا. 4 - إذَا غَرَّرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ الدَّلَّالُ الطَّرَفَ الْآخَرَ وَكَانَ فِي الْبَيْعِ غَبَنٌ فَاحِشٌ فَيَثْبُتُ لِلْمَغْبُونِ خِيَارُ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ. أَمَّا التَّغْرِيرُ الْقَوْلِيُّ؛ فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ. 5 - أَوَّلًا إذَا غَرَّرَ الْأَجْنَبِيُّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ. ثَانِيًا: إذَا غَرَّرَ الْمُشْتَرِي بَائِعَهُ ثُمَّ إنْ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ تَغْرِيرٍ. ثَالِثًا: إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: إنَّنِي ضَامِنٌ لَكَ إذَا خَسِرْتَ فِي هَذَا الْمَالِ؛ فَلَا يَتَوَجَّبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. 6 - لَا يُوَرَّثُ خِيَارُ الْغَبَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ. 7 - يَسْقُطُ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِوَفَاةِ الْمُغِرِّ. 8 - لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي تَغَرَّرَ أَنْ يَدَّعِيَ فَسْخَ عَقْدِ الْبَيْعِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ. 9 - لَا يَجْرِي فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ خِيَارُ الْخِيَانَةِ. 10 - يُعْتَبَرُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسْتَبْدَلِ. 11 - إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا سَالِمًا وَتَعَيَّبَ فِي يَدِهِ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِطَرِيقِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ كَانَ أَخَذَهُ سَالِمًا وَتَعَيَّبَ أَخِيرًا. 12 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. 13 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومًا. 14 - لَا يُشْتَرَطُ بِالْمُرَابَحَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. 15 - بَيْعُ الْمَالِ الْمُشْتَرَى بِمِثْلِيَّاتٍ بِرِبْحٍ نِسْبِيٍّ صَحِيحٌ وَأَمَّا بَيْعُ الْمَالِ الْمُشْتَرَى بِقِيَمِيَّاتٍ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. 16 - إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَبِيعَاتٍ مُتَعَدِّدَةً مِثْلِيَّةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَبَيْعُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا مُرَابَحَةً صَحِيحٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالًا قِيَمِيًّا فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ.

(المادة 356) وجد غبن فاحش في البيع ولم يوجد تغرير

يَجُوزُ ضَمُّ الْمَصَارِيفِ الَّتِي تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، أَوْ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ. 18 - إذَا كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ ضَمُّ الْمَصَارِيفِ السَّفَرِيَّةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَصَارِيفِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَتُضَمُّ عَلَيْهِ. 19 - إذَا ظَهَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ قَبِلَ الْمَبِيعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ. 20 - الْخِيَانَةُ تَكُونُ أَوَّلًا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، ثَانِيًا فِي الْأَجَلِ. 21 - إذَا ظَهَرَ فِي التَّوْلِيَةِ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي حَطُّ وَتَنْزِيلُ مِقْدَارِ الْخِيَانَةِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. 22 - إذَا ظَهَرَتْ الْخِيَانَةُ فِي الْوَضِيعَةِ فَإِنْ بَقِيَتْ الْوَضِيعَةُ مَعَ وُجُودِ الْخِيَانَةِ فَلِلْمُشْتَرِي تَرْكُ الْمَبِيعِ إنْ شَاءَ، أَوْ قَبُولُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ خَرَجَ عَنْ الْوَضِيعَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُنْزِلَ مِقْدَارَ الْخِيَانَةِ مِنْ الثَّمَنِ. 23 - إنَّ خِيَارَ الْخِيَانَةِ يَسْقُطُ بِحُدُوثِ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ لِلرَّدِّ كَوَفَاةِ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَلَفِ الْمَبِيعِ. خِيَارُ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّغْرِيرُ الْقَوْلِيُّ وَيُبْحَثُ عَنْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي شَرْحِ عُنْوَانِ الْبَابِ السَّادِسِ. [ (الْمَادَّةُ 356) وُجِدَ غَبَنٌ فَاحِشٌ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ تَغْرِيرٌ] (الْمَادَّةُ 356) إذَا وُجِدَ غَبَنٌ فَاحِشٌ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ تَغْرِيرٌ؛ فَلَيْسَ لِلْمَغْبُونِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ إلَّا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْغَبَنَ وَحْدَهُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَمَالُ الْوَقْفِ وَبَيْتُ الْمَالِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَالِ الْيَتِيمِ. الْمُرَادُ مِنْ كَلِمَةِ بِلَا تَغْرِيرٍ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَمْ يُغَرِّرْ بِالْآخَرِ فَعَلَيْهِ إذَا وَقَعَ الْغَبَنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ بِأَنْ يُغْبَنَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْغَبَنِ وَلِذَلِكَ لَا يَحِقُّ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ حَتَّى لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالَهُ الَّذِي بِقِيمَةِ قِرْشٍ وَاحِدٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ أَيْ لَا يُوجَدُ فِي الْبَيْعِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ خَلَلٌ وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِسَبَبِ بَيْعِهِ بِثَمَنٍ فَاحِشٍ جِدًّا إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ مَكْرُوهٌ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ (أَنْقِرْوِيّ) ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ لِآخَرَ بِلَا تَغْرِيرٍ لَهُ بِخَمْسِينَ أَلْفِ قِرْشٍ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ دَارِي تُسَاوِي خَمْسِينَ أَلْفَ قِرْشٍ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِدَاعٍ أَنَّهُ تَغَرَّرَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصَ تِلْكَ الدَّارَ لِآخَرَ وَتَغَرَّرَ بِمِقْدَارٍ أَيْ خَسِرَ بِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِضَمَانِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ الَّذِي خَسِرَهُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ دَارِهِ بِلَا تَغْرِيرٍ بِأَرْبَعِينَ أَلْفِ قِرْشٍ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: إنَّ دَارَكَ لَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفِ قِرْشٍ؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِدَاعٍ أَنَّهُ بَاعَ الدَّارَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَمَّا بَيْعُ الْوَصِيِّ، أَوْ الْوَلِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَلَوْ كَانَ بِلَا تَغْرِيرٍ، أَوْ شِرَاؤُهُمَا مَالًا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ لِلْيَتِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ (أَنْقِرْوِيّ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) مِثَالُ الْبَيْعِ: إذَا بَاعَ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ عَقَارًا، أَوْ

(المادة 357) غر أحد المتبايعين الآخر وتحقق أن في البيع غبنا فاحشا

عُرُوضَ الصَّغِيرِ أَوْ التَّرِكَةَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ؛ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، فَلَوْ أَنَّ الْوَصِيَّ الثَّانِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّ الْأَوَّلَ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَأَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْبَيْعِ هُوَ مِقْدَارُ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْغَبَنِ (أَنْقِرْوِيّ) . قَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَقَالَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ بِبُطْلَانِهِ وَمِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ يُفْهَمُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ قَالُوا بِالْبُطْلَانِ. مِثَالُ الشِّرَاءِ: إذَا اشْتَرَى الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ مَالًا لِلصَّغِيرِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ عَنْ قِيمَتِهِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِحَقِّ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا وَنَافِذًا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ وَيُصْبِحُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مِلْكًا لَهُمَا (فُصُولَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُبَيِّنُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لِلْغَيْرِ وَلَمْ يَنْفُذْ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَيَنْفُذْ الْبَيْعُ بِحَقٍّ وَيُصْبِحُ الشِّرَاءُ لَازِمًا. إنَّ مَالَ الْوَقْفِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ هُوَ فِي حُكْمِ مَالِ الْيَتِيمِ فَلِذَلِكَ؛ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَلَوْ كَانَ بِلَا تَغْرِيرٍ أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيهِمَا بَاطِلٌ. وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ وَإِنْ يَكُنْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بَيْعُ الْمَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ فَيَكُونُ حَسَبَ رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ أَنَّ دَعْوَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ بِلَا تَغْرِيرٍ تُسْمَعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَالْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلَتْ فِي الْمَادَّةِ 1494 قَوْلَ الْإِمَامِ (كَفَوِيٌّ) . [ (الْمَادَّةُ 357) غَرَّ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي الْبَيْعِ غَبَنًا فَاحِشًا] (الْمَادَّةُ 357) إذَا غَرَّ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ وَتَحَقَّقَ أَنَّ فِي الْبَيْعِ غَبَنًا فَاحِشًا فَلِلْمَغْبُونِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ كَمَا أَنَّ خِيَارَ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ فَقَطْ وَيَثْبُتُ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ أَيْضًا لِلِاثْنَيْنِ مَعًا. إنَّ اجْتِمَاعَ الْغَبَنِ الْفَاحِشِ وَالتَّغْرِيرِ يُوجِبُ الْخِيَارَ وَفَسْخَ الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ فَالْغَبَنُ الْفَاحِشُ مُنْفَرِدًا لَا يَسْتَلْزِمُ الْخِيَارَ وَفَسْخَ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّ وُجُودَ التَّغْرِيرِ لِوَحْدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخِيَارَ. وَيُسَمَّى الْخِيَارُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِيَارِ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ، مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ قِيمَةَ كَذَا الْمَالِ كَذَا قِرْشًا، أَوْ إنَّهُ يُسَاوِي كَذَا قِرْشًا وَقَدْ أَرَادَ فُلَانٌ شِرَاءَهُ مِنِّي بِكَذَا فَاشْتَرَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قِيمَتَهُ تَنْقُصُ نُقْصَانًا فَاحِشًا وَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَمْ يُسَاوِمْ الْبَائِعَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) كَذَلِكَ لَوْ غَرَّرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا فَسْخُ الْبَيْعِ. الْغَبَنُ الْفَاحِشُ هُوَ الْغَبَنُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ 165 بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ الَّتِي بِقِيمَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ لِشَخْصٍ آخَرَ بِأَلْفَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مُبَيِّنًا لَهُ أَنَّهَا تُسَاوِي ذَلِكَ الثَّمَنَ؛ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ قَدْ غَرَّرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ إلَّا أَنَّ الْغَبَنَ الْفَاحِشَ فِي الْعَقَارِ هُوَ مِقْدَارُ الْخُمْسِ وَالثَّلَاثمِائَةِ قِرْشٍ الَّذِي تَغَرَّرَ بِهَا الْمُشْتَرِي هِيَ أَقَلُّ مِنْ خُمْسِ الْأَلْفَيْ قِرْشٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْعِ خِيَارُ غَبَنٍ وَتَغْرِيرٍ (عَبْدُ الرَّحِيمِ) أَمَّا التَّغْرِيرُ الْقَوْلِيُّ وَحْدَهُ؛ فَلَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنَّ مَالِي هَذَا يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ وَقَدْ طَلَبَ فُلَانٌ شِرَاءَهُ مِنِّي بِهَذَا الْمَبْلَغِ

(المادة 358) إذا مات من غرر بغبن فاحش

فَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ أَلْفُ قِرْشٍ بِالْحَقِيقَةِ إلَّا أَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَطْلُبْ شِرَاءَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِأَلْفِ قِرْشٍ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ بِدَاعٍ وُقُوعَ الْكَذِبِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْبَيْعِ. ثُمَّ إنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ الْفَاحِشِ وَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا غَرَّرَ أَجْنَبِيٌّ أَحَدَ الْمُتَبَايِعَيْنِ؛ فَلَيْسَ لِلْمَغْبُونِ خِيَارٌ. ثَانِيًا: إذَا غَرَّرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ أَثْنَاءَ شِرَاءِ عَقَارٍ مِنْهُ فَاشْتَرَاهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ ظَهَرَ شَفِيعٌ وَضَبَطَ ذَلِكَ الْعَقَارَ؛ فَالْأَوْفَقُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ تَغْرِيرٍ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَمْ يُغَرِّرْ الْبَائِعَ بَلْ الَّذِي غَرَّرَهُ هُوَ الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا: إذَا كَانَ لَيْسَ فِي الْبَيْعِ تَغْرِيرٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: إنَّنِي سَأَخْسَرُ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ: بِعْهُ وَخَسَارَتُك عَلَيَّ فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَخَسِرَ فِيهِ؛ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْخَسَارَةِ. الْمِثَالُ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي مَعًا هُوَ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ عَرْصَةً مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ صَفْقَةً وَاحِدَةً إلَّا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ فَإِذَا غَرَّرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْعَرْصَةِ وَغَرَّرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الْبِنَاءِ وَكَانَ يُوجَدُ غَبَنٌ فَاحِشٌ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي هُوَ مَغْبُونٌ بِهَا. [ (الْمَادَّةُ 358) إذَا مَاتَ مَنْ غَرَّرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ] (الْمَادَّةُ 358) إذَا مَاتَ مَنْ غَرَّرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ لَا تَنْتَقِلُ دَعْوَى التَّغْرِيرِ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ لَا يُوَرَّثُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْبُونُ الْبَائِعَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ هُوَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي؛ وَلِذَلِكَ لَا تُوَرَّثُ وَلَا تَنْتَقِلُ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ فِي صِحَّتِهِ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي تُوُفِّيَ الْبَائِعُ؛ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى وَرَثَتِهِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ بِالتَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ الْفَاحِشِ (كَفَوِيٌّ) . أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمَغْبُونُ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ وَقَبْلَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِرَدِّ وَإِعَادَةِ الْمَبِيعِ تُوُفِّيَ الْمُدَّعِي فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ هَذَا الْحَقُّ إلَى وَرَثَتِهِ (شَارِحٌ) . وَأَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْمُغَرُّ؛ فَلَا تَسْقُطُ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ الْفَاحِشِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ عَرْصَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى وَرَثَةِ الْمَذْكُورِ وُقُوعَ الْبَيْعِ بِغَبَنٍ وَتَغْرِيرٍ وَعِنْدَ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، كَذَلِكَ: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مَتَاعَهُ لِآخَرَ وَبَعْدَ تَسْلِيمِهِ تُوُفِّيَ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الشِّرَاءَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ بِغَبَنٍ وَتَغْرِيرٍ وَأَقَامَ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) [ (الْمَادَّةُ 359) اطَّلَعَ عَلَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ] (الْمَادَّةُ 359) : الْمُشْتَرِي الَّذِي حَصَلَ لَهُ تَغْرِيرٌ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ ثُمَّ تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ سَقَطَ حَقُّ فَسْخِهِ. لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي غُرِّرَ الِادِّعَاءُ بِفَسْخِ عَقْدِ الْبَيْعِ فِي سِتَّةِ مَسَائِلَ: أَوَّلًا: إذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ بِتَصَرُّفٍ مَعْدُودٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ وَمِنْ تَصَرُّفَاتِ الْمُلَّاكِ بَعْدَ

(المادة 360) هلك أو استهلك المبيع الذي صار في بيعه غبن فاحش وغرر

اطِّلَاعِهِ عَلَى وُجُودِ غَبَنٍ فَاحِشٍ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ هُوَ رِضَاءٌ بِالْغَبَنِ فَلِذَلِكَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ فَسْخِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68) . مَثَلًا: إذَا أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي الْمَغْبُونُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَأَحْدَثَ فِيهَا بَعْضَ أَبْنِيَةٍ، أَوْ أَجَّرَهَا؛ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ (فَيْضِيَّةٌ وَأَنْقِرْوِيٌّ) بَعْدَ أَنْ اطَّلَعَ: فَعَلَيْهِ إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي الَّذِي تَغَرَّرَ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ، أَوْ أَتْلَفَهُ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلْفَسْخِ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (تَنْقِيحٌ) . تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ: أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي تَصَرُّفَ الْأَمِينِ؛ فَلَا يُسْقِطُ تَصَرُّفُهُ هَذَا حَقَّ الْفَسْخِ (أَنْقِرْوِيّ) ، مَثَلًا: إذَا حَفِظَ الْمُشْتَرِي الْمَغْرُورُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْغَبَنِ الْفَاحِشِ السَّاعَةَ الْمُبَاعَةَ وَدَاوَمَ عَلَى حِفْظِهِ لَهَا؛ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ خِيَارَهُ. ثَانِيًا: الْإِبْرَاءُ يُسْقِطُ حَقَّ الْفَسْخِ. ، مَثَلًا: إذَا غَرَّرَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ فَأَبْرَأَ الْمَغْرُورُ الْمُغَرُّ مِنْ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبَنِ الْفَاحِشِ؛ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 51 وَ 1564 (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . ثَالِثًا: أَنْ يَتْلَفَ الْمَبِيعُ وَيُسْتَهْلَكَ. رَابِعًا: أَنْ يُبَاعَ الْمَبِيعُ لِآخَرَ. خَامِسًا: أَنْ يُوقَفَ الْمَبِيعُ وَقْفًا صَحِيحًا. سَادِسًا: أَنْ يَحْصُلَ فِي الْمَبِيعِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ وَسَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 360) هَلَكَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ الَّذِي صَارَ فِي بَيْعِهِ غَبَنٌ فَاحِشٌ وَغَرَرٌ] (الْمَادَّةُ 360) إذَا هَلَكَ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ الَّذِي صَارَ فِي بَيْعِهِ غَبَنٌ فَاحِشٌ وَغَرَرٌ، أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ، أَوْ بَنَى مُشْتَرِي الْعَرْصَةَ عَلَيْهَا بِنَاءً لَا يَكُونُ لِلْمَغْبُونِ حَقٌّ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. أَيْ إذَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُهْلِكَ كُلُّ الْمَبِيعِ يَعْنِي إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ، أَوْ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِآخَرَ بِلَا شَرْطِ الْخِيَارِ، أَوْ أَوْقَفَهُ وَقْفًا صَحِيحًا، أَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرْصَةً فَبَنَى أَبْنِيَةً عَلَيْهَا؛ فَلَيْسَ لِلْمَغْبُونِ فَسْخُ الْبَيْعِ بِسَبَبِ التَّغْرِيرِ، أَوْ أَخْذُ نُقْصَانِ الثَّمَنِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَخْذُ الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيَمِيًّا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 46. أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي الْمَغْبُونُ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ، أَوْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ؛ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ فَيَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَبِيعِ عَيْنًا وَيَرُدُّ مَا تَلِفَ مِثْلًا لِلْبَائِعِ وَيَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ الَّذِي أَدَّاهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قِيَمِيًّا وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِهِ، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَاطَّلَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى وُجُودِ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ؛ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ ثَوْبًا وَاحِدًا مِمَّا يُوجِبُ تَبْعِيضَهُ الضَّرَرُ.

لاحقة تحتوي على ستة مباحث

[لَاحِقَةٌ تَحْتَوِي عَلَى سِتَّةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ] إنَّ الْمَبِيعَ الْكَثِيرَ الْوُقُوعِ وَالْمُعْتَادَ هُوَ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ؛ فَلَا يَجْرِي فِي هَذَا الْبَيْعِ خِيَارُ الْخِيَانَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ السَّائِرَةُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي هَذِهِ اللَّاحِقَةِ. 1 - الْمُرَابَحَةُ تَكُونُ فِي الْمَالِ الَّذِي يُتَمَلَّكُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَالْغَصْبِ وَالضَّمَانِ. فَعَلَيْهِ يَجُوزُ لِشَخْصٍ مَالِكٍ لِعُرُوضٍ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمُبَيَّنَةِ أَعْلَاهُ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا لَهَا وَيَتَّخِذَهُ فِي مَنْزِلَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبِيعَ تِلْكَ الْعُرُوضَ مُرَابَحَةً وَالْحُكْمُ فِي التَّوْلِيَةِ هُوَ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ يَمْلِكُ عُرُوضًا بِسَبَبِ الشِّرَاءِ، أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ وَالْإِرْثِ، أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الضَّمَانِ أَنْ يُقَدِّرَ ثَمَنًا لَهَا وَيَبِيعَهَا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَبِيعَ مَالًا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ فَقَالَ فِي إيجَابِهِ: قَدْ بِعْت مَالِي هَذَا بِطَرِيقِ التَّوْلِيَةِ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَائِعُهُ بِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ بَائِعُهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَبِهَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 24 وَ 327. 2 - يُعْتَبَرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ الثَّمَنُ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّانِي الَّذِي كَانَ بَدَلًا عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، مَثَلًا: لَوْ أَدَّى شَخْصٌ مُقَابِلَ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ حِصَانًا؛ فَلَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ رَأْسَ الْمَالِ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَأَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَبِرَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَنَّ الْحِصَانَ رَأْسُ مَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ الثَّانِيَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا عِبَارَةً عَنْ مُعَامَلَةِ اسْتِبْدَالٍ وَمَا هِيَ إلَّا عَقْدٌ آخَرُ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَرَهَنَ مَالًا عِنْدَ الْبَائِعِ مُقَابِلَ ذَلِكَ الثَّمَنِ فَتَلِفَ ذَلِكَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا تَجْرِي الْمُرَابَحَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ بَلْ تَجْرِي عَلَى الْخَمْسِينَ رِيَالًا. 3 - إذَا بَاعَ شَخْصٌ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ مَالًا مُرَابَحَةً عَلَى كَوْنِ رَأْسِ مَالِهِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي تَأْدِيَةَ الثَّمَنِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ مَقْصِدَهُ مِنْ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ، ذَهَبَاتٌ إنْكِلِيزِيَّةٌ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَقْصِدَ كَانَ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةً وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ؛ فَالْبَائِعُ إنَّمَا يَأْخُذُ رَأْسَ الْمَالِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة الذَّهَبُ الْعُثْمَانِيُّ أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ إنْكِلِيزِيَّةٍ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا. 4 - إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ فَيُبَاعُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ

عَلَى مِائَةِ قِرْشٍ. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِآخَرَ ثُمَّ رَدَّ لَهُ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، أَوْ بِالْإِقَالَةِ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً فَيُبَاعُ مُرَابَحَةً عَلَى مِائَةِ قِرْشٍ. 5 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ عَرْصَةً بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهَا لِشَخْصٍ آخَرَ بِسِتِّينَ دِينَارًا وَسَلَّمَهَا لَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُشْتَرِي ثَانِيَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يُبَاعُ ذَلِكَ الْمَالُ مُرَابَحَةً بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَخِيرُ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ ثَانِيًا تِلْكَ الْعَرْصَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ فَلَهُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بِاِتِّخَاذِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ رَأْسَ مَالٍ. 6 - الْمُضَارَبَةُ بِالنِّصْفِ إذَا اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ حَيَوَانًا كَأَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِائَةِ رِيَالٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رِيَالًا؛ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِاِتِّخَاذِ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رِيَالًا رَأْسَ مَالٍ. 7 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ نِصْفَ شَائِعٍ مِنْ دَارِ بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ الشَّائِعَ الْآخَرَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ بِمِئَتَيْ قِرْشٍ؛ فَلَهُ بَيْعُ كُلِّ نِصْفٍ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مُرَابَحَةً يَعْنِي أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَأَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِئَتَيْ قِرْشٍ مُرَابَحَةً أَوْ أَنْ يَبِيعَ كُلَّ الدَّارِ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مُرَابَحَةً. 8 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا فَحَصَلَ عَيْبٌ حَادِثٌ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ إمَّا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ، أَوْ أَنْ يَحْصُلَ فِي الْمَبِيعِ صَدَأٌ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً، أَوْ أَنْ يَتَغَيَّرَ، أَوْ أَنْ يُمَزِّقَهُ الْفِيرَانُ وَيَحْصُلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ هَذِهِ الْعُيُوبَ لَمْ تَكُنْ حِينَ اشْتِرَائِهِ وَأَنَّهَا حَصَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ نَفْسِ الْعَيْبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 226) كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَرَضِيَ بِهِ، أَوْ اشْتَرَى مَالًا مِنْ شَخْصٍ. مُرَابَحَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى خِيَانَتِهِ وَرَضِيَ بِالْبَيْعِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ وَقْتَ الْغَلَاءِ فَحَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ رُخْصٌ فِيهِ؛ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ مُرَابَحَةً أَوْ تَوْلِيَةً بِدُونِ بَيَانِ تِلْكَ الْأُمُورِ لِلْمُشْتَرِي. 9 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فَحَطَّ الْبَائِعُ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَوَهَبَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ مُرَابَحَةً بِاعْتِبَارِ الْخَمْسِينَ رِيَالًا رَأْسَ مَالٍ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 361. أَمَّا إذَا حَطَّ الْبَائِعُ بَعْضَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَأَنْ يَحُطَّ مِنْهُ عِشْرِينَ رِيَالًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْبَاقِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 257) . 10 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا بِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ زِيدَ عَلَى الثَّمَنِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ مُرَابَحَةً عَلَى مِائَةِ قِرْشٍ وَعَشَرَةِ قُرُوشٍ.

المبحث الثاني في حق ما يشترط وما لا يشترط في المرابحة والتولية

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي حَقِّ مَا يُشْتَرَطُ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ] الْمَبْحَثُ الثَّانِي: فِي حَقِّ مَا يُشْتَرَطُ وَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ 11 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ قِيَمِيًّا؛ فَلَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْقِيَمِيُّ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ عَلَى رِبْحٍ مَعْلُومٍ فَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ حِصَانًا مُقَابِلَ بَغْلَةٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً لِشَخْصٍ ثَالِثٍ مَا لَمْ تَدْخُلْ تِلْكَ الْبَغْلَةُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحِقُّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بَيْعُ حِصَانِهِ تَوْلِيَةً مُقَابِلَ تِلْكَ الْبَغْلَةِ وَمُرَابَحَةً مُقَابِلَ تِلْكَ الْبَغْلَةِ مَعَ كَذَا قِرْشًا، أَوْ كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الثَّالِثِ. 12 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومًا فَإِذَا كَانَ الرِّبْحُ مَجْهُولًا؛ لَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَاعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ ذَلِكَ الشَّخْصُ حِصَانَهُ تِلْكَ الْبَغْلَةَ مَعَ رِبْحٍ فِي الْمِائَةِ عَشَرَةٌ؛ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْقِيَمِيِّ الْحَقِيقِيَّةِ هِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَأَصْبَحَ الرِّبْحُ أَيْضًا مَجْهُولًا. 13 - لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَابَحَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَعَلَيْهِ يُبَاعُ الْمَالُ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِمِائَةِ دِينَارٍ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَسَجَّادَةٍ. [الْمَبْحَث الثَّالِث فِي حَقّ الْبَيْع بِرِبْحِ نَسَبِي وَفِي حَقّ بَيْع بَعْض الْمَال الْمُشْتَرَى صَفْقَة وَاحِدَة بَيْع مُرَابَحَة] الْمَالُ الْمُشْتَرَى بِثَمَنٍ مِثْلِيٍّ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحٍ مِثْلِيٍّ كَأَنْ يُجْعَلَ الرِّبْحُ فِي الْمِائَةِ اثْنَيْنِ، مَثَلًا. فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ كَانَ مَعْلُومًا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفِ رِيَالٍ فَبِعْتُهَا بِأَلْفِ رِيَالٍ وَرِبْحٍ فِي الْمِائَةِ اثْنَيْنِ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِأَدَاءِ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ رِيَالًا لِلْبَائِعِ. 15 - الْمَالُ الْمُشْتَرَى بِمَالِ قِيَمِيٍّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِرِبْحٍ نِسْبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الرِّبْحُ مَجْهُولًا. 16 - الْمَبِيعُ الْمُتَعَدِّدُ الَّذِي يُبَاعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيُسَمَّى لَهُ ثَمَنٌ وَاحِدٌ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا فَيَجُوزُ بَيْعُ جُزْئِهِ مُرَابَحَةً، مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِخَمْسِينَ رِيَالًا؛ فَلَهُ إفْرَازُ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ كَيْلَةً مِنْهَا وَبَيْعُهَا بِالْمُرَابَحَةِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ رِيَالًا، أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ قِيَمِيًّا؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ

المبحث الرابع في حق المصاريف المشروع ضمها على رأس المال وغير المشروع ضمها

هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ نِصْفِ الْمَالِ الْقِيَمِيِّ الشَّائِعِ مُرَابَحَةً. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا؛ فَلَهُ بَيْعُ نِصْفِهَا مُرَابَحَةً بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ رِيَالًا. 17 - إذَا اشْتَرَى أَمْوَالًا قِيَمِيَّةً مُتَعَدِّدَةً بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَعَيَّنَ حِصَّةَ كُلِّ مَالٍ مِنْ الثَّمَنِ فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ مُرَابَحَةً بِأَنْ يَضُمَّ عَلَى ثَمَنِ كُلِّ مَبِيعٍ رِبْحًا مَعْلُومًا. [الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ الْمَصَارِيفِ الْمَشْرُوعِ ضَمُّهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَغَيْرِ الْمَشْرُوعِ ضَمُّهَا] 18 - الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ الْمَصَارِيفِ الْمَشْرُوعِ ضَمُّهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَغَيْرِ الْمَشْرُوعِ ضَمُّهَا - تُضَمُّ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى مِقْدَارِ الثَّمَنِ الْمَصَارِيفُ الَّتِي تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، أَوْ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَتُهٌ كَمَصَارِيفِ صَبْغٍ وَتَعْمِيرٍ وَنَقْلِ الْمَبِيعِ إلَى مَكَان آخَرَ فَعَلَيْهِ إذَا صَبَغَ شَخْصٌ الْقُمَاشَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ؛ فَلِلْمُشْتَرِي عَنْ رَأْسِ مَالِ ذَلِكَ الْقُمَاشِ مِائَةٌ وَعَشَرَةُ قُرُوشٍ وَبَيْعُهُ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً. كَذَلِكَ إذَا نَقَلَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَصَرَفَ عَلَيْهِ مَصَارِيفَ نَقْلٍ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا؛ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً لِآخَرَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ رَأْسَ مَالِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِائَةٌ وَخَمْسَةُ دَنَانِيرَ كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَضُمَّ مَصْرِفَ الْمَخْزَنِ الَّذِي حَفِظَ فِيهِ الْمَبِيعَ، أَوْ مَا صَرَفَهُ عَلَفًا لِلْحَيَوَانِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي بَيْعِهِ مُرَابَحَةً وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَزِيدَ تِلْكَ الْمَصَارِيفُ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَعْرُوفِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ كَرْمًا فَصَرَفَ الْبَائِعُ مَصْرُوفًا لِأَجْلِ تَقْلِيمِهِ، أَوْ لِأَجْلِ غَرْسِ أَشْجَارٍ فِيهِ، أَوْ لِإِسْقَائِهِ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَزْرَعَةً فَصَرَفَ مَصْرُوفًا فِي سَبِيلِ إصْلَاحِ قَنَاةِ السَّقْيِ؛ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَضُمَّ تِلْكَ الْأُجُورَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، كَذَلِكَ يَجُوزُ لِلَّذِي يَمْلِكُ مَالًا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ ثَمَنًا كَأَنْ يُقَدِّرَ لَهُ أَوَّلَ مِلْكِهِ بِالْهِبَةِ ثَمَنًا مِائَةَ قِرْشٍ، أَوْ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْوَضِيعَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. 19 - إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَمُعْتَادًا ضَمُّ مَصَارِيفِ الْبَائِعِ الذَّاتِيَّةِ وَالسَّفَرِيَّةِ كَمَصَارِيفِ أَكْلِهِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ وَأُجْرَةِ الْحَيَوَانِ أَوْ السَّفِينَةِ الَّتِي رَكِبَهَا وَالْخَسَائِرِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَثْنَاءَ السَّفَرِ فَإِنَّهَا تُضَمُّ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . 20 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ بَقَرَةً أَوْ شَاةً، أَوْ دَجَاجَةً فَصَرَفَ عَلَى عَلَفِهَا مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ ثُمَّ انْتَفَعَ مِنْ اللَّبَنِ وَالسَّمْنِ وَالصُّوفِ وَالْبَيْضِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَبِيعِ وَأَضَافَ مَا صَرَفَهُ مِنْ الْعَلَفِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَأَرَادَ بَيْعَهُ فَيَجِبُ أَنْ يُنْزِلَ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْمَصْرِفِ الَّذِي صَرَفَهُ عَلَى عَلْفِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الِانْتِفَاعَ حَصَلَ بِجُزْءِ نَفْسِ الْمَبِيعِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ دَارًا بِمِائَةِ رِيَالٍ فَأَجَّرَهَا مُدَّةً وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَى الدَّارِ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَيْبٌ مَا وَأَخَذَ مِنْ إجَارِهَا عِشْرِينَ رِيَالًا مَثَلًا؛ فَلَهُ بَيْعُ تِلْكَ الدَّارِ مُرَابَحَةً بِاعْتِبَارِ رَأْسِ الْمَالِ مِائَةُ رِيَالٍ وَلَيْسَ

المبحث الخامس في حق ما يجب وما لا يجب بيانه أثناء البيع بالمرابحة أو بالتولية أو بالوضيعة

عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حِينَ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي الْإِيجَارَ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَفْسِ الْمَبِيعِ وَلَمْ تَكُنْ أَيْضًا مِنْ أَجْزَائِهَا. 21 - إذَا تَبَرَّعَ شَخْصٌ وَعَمِلَ بَعْضَ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَوْ عُمِلَتْ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْجَائِزِ ضَمُّ أُجْرَتِهَا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ عَمِلَ الْبَائِعُ تِلْكَ الْأَعْمَالَ؛ فَلَيْسَ لَهُ ضَمُّ شَيْءٍ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِاسْمِ أُجْرَةٍ، مَثَلًا: لَوْ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى سِرْوَالًا بِمِائَةِ قِرْشٍ فَصَبَغَهُ لَهُ الصَّبَّاغُ مَجَّانًا، أَوْ أَنَّهُ نَقَلَ بِالذَّاتِ الْقُمَاشَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ نَقَلَهُ شَخْصٌ آخَرُ بِلَا أُجْرَةٍ؛ فَلَا يُضَمُّ شَيْءٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ بِاسْمِ أُجْرَةٍ. 22 - إذَا ضَمَّ الْبَائِعُ الْمَصَارِيفَ الْمَشْرُوعَ ضَمُّهَا إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَأَرَادَ بَيْعَ الْمَالِ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ فِي بَيْعِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ كَلَّفَنِي كَذَا قِرْشًا فَإِنَّنِي أَبِيعُهُ لَكَ بِكَذَا قِرْشًا مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضِيعَةً وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَقُولَ: إنَّنِي اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا فَأَبِيعُهُ لَكَ بِكَذَا قِرْشًا رِبْحًا، أَوْ بِكَذَا قِرْشًا خَسَارَةً؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِهَذَا قَدْ كَذَبَ بِكَلَامِهِ. كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ شَخْصٌ بَيْعَ الْمَالِ الْمَمْلُوكِ لَهُ إرْثًا، أَوْ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةً بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ قِيمَةَ هَذَا الْمَالِ كَذَا قِرْشًا فَأَبِيعُهُ لَكَ بِكَذَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَلَّفَنِي كَذَا، أَوْ اشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا. [الْمَبْحَث الْخَامِس فِي حَقّ مَا يَجِب وَمَا لَا يَجِب بَيَانه أَثْنَاء الْبَيْع بِالْمُرَابَحَةِ أَوْ بِالتَّوْلِيَةِ أَوْ بِالْوَضِيعَةِ] . 23 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فَحَصَلَ فِيهِ بِالْمُبَاشَرَةِ عَيْبٌ حَادِثٌ أَيْ بِغَيْرِ آفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ بَلْ حَصَلَ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، أَوْ بِفِعْلِ شَخْصٍ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ حِينَ بَيْعِهِ ذَلِكَ الْمَالَ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً أَوْ وَضِيعَةً أَنْ يُبَيِّنَ حُدُوثَ ذَلِكَ الْعَيْبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ سَالِمًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَأَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ مُؤَخَّرًا إذْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً، أَوْ وَضَيْعَةً بِلَا بَيَانِ ذَلِكَ. 24 - إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ مَدْيُونِهِ، أَوْ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ فَأَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ إذْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِدُونِ بَيَانِ ذَلِكَ. 25 - كُلُّ مَوْضِعٍ يَجِبُ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ الْبَيَانُ فَبَاعَ الْبَائِعُ بِدُونِ ذَلِكَ الْبَيَانِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ.

المبحث السادس في بيان خيار الخيانة

[الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ خِيَارِ الْخِيَانَةِ] إذَا ظَهَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّ رِضَاءَ الْمُشْتَرِي قَدْ زَالَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيُقَالُ لِهَذَا الْخِيَارِ " خِيَارُ الْخِيَانَةِ ". الْخِيَانَةُ: تَكُونُ أَوَّلًا فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ كَأَنْ يَضُمَّ الْبَائِعُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ مَصْرِفًا لَا يَجُوزُ ضَمُّهُ عَلَيْهِ، أَوْ أَنْ يُبَيِّنَ مَثَلًا مَالًا كَلَّفَهُ تِسْعَةَ رِيَالَاتٍ فَيَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا ثُمَّ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا بِالْإِقْرَارِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَلَّفَهُ ثَمَانِيَةَ رِيَالَاتٍ فَقَطْ؛ فَلِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. ثَانِيًا: تَكُونُ الْخِيَانَةُ فِي الْأَجَلِ وَمِثَالُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا ثَمَنًا مُؤَجَّلًا فَيَبِيعَ ذَلِكَ مُرَابَحَةً، أَوْ تَوْلِيَةً بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءَهُ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ اطِّلَاعِهِ مُخَيَّرًا؛ فَلَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ وَلَهُ قَبُولُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى مُعَجَّلًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ شَبَهٌ بِالْمَبِيعِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ بَلْ كَانَ تَأْجِيلُهُ مَعْرُوفًا وَثَبَتَ تَأْجِيلُهُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ 251 فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ لَا يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ وَلَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ خِيَارُ الْخِيَانَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا. كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ ذَلِكَ. 27 - إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فِي التَّوْلِيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ مِقْدَارَ الْخِيَانَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى مُعْتَبَرًا؛ فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ تَوْلِيَةً بَلْ يَكُونُ مُرَابَحَةً. أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى فِي الْمُرَابَحَةِ؛ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ انْقِلَابَ صِفَةِ الْمَبِيعِ بَلْ يَبْقَى كَمَا كَانَ عَقْدَ مُرَابَحَةٍ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِي الْمُرَابَحَةِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى مَعَ حِفْظِ حَقِّ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي. 28 - إذَا ظَهَرَتْ الْخِيَانَةُ فِي الْوَضِيعَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْوَضِيعَةُ تَبْقَى وَضِيعَةً مَعَ الْخِيَانَةِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِذَا خَرَجَتْ الْوَضِيعَةُ عَنْ الْوَضِيعَةِ فَالْمُشْتَرِي يَضْبِطُ الْمَبِيعَ مَعَ تَنْزِيلِ مِقْدَارِ الْخِيَانَةِ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا مُبَيِّنًا أَنَّهُ كَلَّفَهُ عِشْرِينَ قِرْشًا فَظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَلَّفَهُ ثَمَانِيَةَ قُرُوشٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ؛ فَلَهُ أَخْذُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَلَهُ تَرْكُ الْمَبِيعِ. 29 - يَسْقُطُ خِيَارُ الْخِيَانَةِ أَوَّلًا بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ لَا تُوَرَّثُ فَعَلَيْهِ إذَا اطَّلَعَ الْوَارِثُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُشْتَرِي عَلَى خِيَانَةِ الْبَائِعِ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ. ثَانِيًا: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ، أَوْ حَدَثَ سَبَبٌ آخَرُ مَانِعٌ

فائدة في حق اجتماعات الخيارات

لِلرَّدِّ يُسْقِطُ خِيَارَ الْخِيَانَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ تَلَفُ الْمَبِيعِ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعِ فَفِي هَذَا الْحَالِ يُؤَدِّي الْمُشْتَرِي كُلَّ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْخِيَانَةِ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ وَلَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بَيْعَ مُرَابَحَةٍ، أَوْ تَوْلِيَةٍ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءَهُ إيَّاهُ بِالتَّأْجِيلِ فَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرَّدِّ؛ فَيَسْقُطُ خِيَارُ الْخِيَانَةِ وَيَتَوَجَّبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَدَاءُ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا. (دُرُّ الْمُخْتَارِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [فَائِدَةٌ فِي حَقِّ اجْتِمَاعَاتِ الْخِيَارَاتِ] تَثْبُتُ بَعْضُ الْخِيَارَاتِ مُجْتَمِعَةً وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا لَمْ يَرَهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَكَانَ فِيهِ غَبَنٌ وَتَغْرِيرٌ وَظَهَرَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا فَيَثْبُتُ أَوَّلًا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. ثَانِيًا: خِيَارُ الشَّرْطِ. ثَالِثًا: خِيَارُ الْعَيْبِ. رَابِعًا: خِيَارُ الْغَبَنِ وَالتَّغْرِيرِ.

الباب السابع في بيان أنواع البيع وأحكامه وينقسم إلى ستة فصول

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَأَحْكَامِهِ وَيَنْقَسِمُ إلَى سِتَّةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ خُلَاصَةُ الْفَصْلِ. 1 - لِلْبَيْعِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الِانْعِقَادُ، وَالنَّفَاذُ، وَالصِّحَّةُ، وَاللُّزُومُ. 2 - فَشَرْطُ الِانْعِقَادِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ. 3 - وَشَرْطُ النَّفَاذِ ثَلَاثَةٌ. 4 - وَشَرْطُ الصِّحَّةِ قِسْمَانِ. 5 - وَشَرْطُ اللُّزُومِ قِسْمَانِ أَيْضًا. 6 - لِنَفَاذِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، وَيَنْفُذُ بَيْعُ الْمَالِكِ، وَبَيْعُ الْوَلِيِّ، وَبَيْعُ الْوَصِيِّ. 7 - تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْبَيْعِ لَا تَنْفُذُ. 8 - شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِذًا عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ مَوْقُوفًا. 9 - الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ لِلْبَيْعِ الْمُنْعَقِدِ امْتِلَاكُ الْبَدَلَيْنِ. 10 - الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ أَصْلًا. 11 - إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يُفِيدُ الْحُكْمَ وَالْإِذْنَ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً. 12 - يَكُونُ الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَحْيَانًا حَقِيقِيًّا وَأُخْرَى حُكْمِيًّا. 13 - نُقْصَانُ الْعُرُوضِ فِي الْمَقْبُوضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ. 14 - يَسْتَلْزِمُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ إذَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سَبَبًا وَإِلَّا؛ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ. 15 - إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفَسَخَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَرُدَّ لَهُ الثَّمَنَ وَلِقَوْلِهِ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ فَائِدَةٌ. 16 - الْبَيْعُ النَّافِذُ يُفِيدُ الْحُكْمَ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ. 17 - بَيْعُ الْفُضُولِيِّ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ إلَّا أَنَّ لِلْإِجَازَةِ ثَمَانِيَةَ شُرُوطٍ. 18 - هُنَاكَ تَفْصِيلَاتٌ مُهِمَّةٌ لِشِرَاءِ الْفُضُولِيِّ.

(الْمَادَّة 361) يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ صُدُورُ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ وَإِضَافَتُهُ إلَى مَحَلٍّ قَابِلٍ لِحُكْمِهِ. أَيْ يُشْتَرَطُ فِي إفَادَةِ الْبَيْعِ حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ فِي الْمَادَّة (369) صُدُورُ رُكْنَيْ الْبَيْعِ وَهُمَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ: 1 - مِنْ أَهْلِهِ أَيْ الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ. 2 - مِنْ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ. 3 - وَسَمَاعُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدِينَ كَلَامَ الْآخَرِ. 4 - وَإِضَافَةُ حُكْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمِلْكِيَّةُ إلَى مَحَلٍّ قَابِلٍ لِحُكْمِهِ أَيْ إلَى مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مَوْجُودٍ وَمَقْدُورِ التَّسْلِيمِ رَاجِعْ الْمَوَادَّ (وَ 198 وَ 199) الْهِنْدِيَّةُ. وَالْمَحَلُّ الْقَابِلُ لِحُكْمِ الْبَيْعِ قَدْ أُثْبِتَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (362 و 363) كَمَا بَيَّنَ رُكْنَ الْبَيْعِ فِي الْمَادَّةِ (149) وَتَعْرِيفُ الْمُمَيِّزِ مُفَصَّلٌ فِي الْمَادَّة 943. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 157 وَالْمَادَّتَانِ (362، 363) فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّة. شُرُوطُ الْبَيْعِ الْأَرْبَعَةُ. لِلْبَيْعِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَشَرْطُ النَّفَاذِ، وَشَرْطُ الصِّحَّةِ وَشَرْطُ اللُّزُومِ. شُرُوطُ الِانْعِقَادِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ أَيْضًا: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَى الْعَاقِدِ وَهُوَ كَوْنُ الْعَاقِدِ عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا وَمُتَعَدِّدًا " وَإِنْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ إلَى عَدَم صِحَّةِ بَيْعِ الصَّبِيِّ فَقَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ إلَى صِحَّتِهِ " اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (957، 966، 979) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (168) . النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَى الْعَقْدِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مُوَافَقَةِ الْإِيجَابِ لِلْقَبُولِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (177) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا يَرْجِعُ مِنْهَا إلَى الْبَدَلَيْنِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ: 1 - أَنْ يَكُونَ الْبَدَلَانِ مَالًا مُتَقَوِّمًا. 2 - أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا. 3 - أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي نَفْسِهِ مَمْلُوكًا. 4 - أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ. لِذَلِكَ فَبَيْعُ الْمَعْدُومِ بَاطِلٌ كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمُحْتَمَلِ وُجُودُهُ بَاطِلٌ أَيْضًا كَبَيْعِ نِتَاجِ النِّتَاجِ وَالْحَمْلِ. رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (197، 205) . وَكَذَلِكَ بَيْعُ مَالٍ يَكُونُ مَمْلُوكًا فِي نَفْسِهِ كَبَيْعِ الْعُشْبِ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَزْرَعَةِ الْبَائِعِ، أَوْ

مَزْرَعَةِ غَيْرِهِ أَوْ مَزْرَعَةٍ مُشَاعَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1241، 1256) . كَذَلِكَ بَيْعُ الشَّيْءِ الَّذِي سَيَتَمَلَّكُهُ الْبَائِعُ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَاعَهُ بَيْعَ سَلَمٍ. وَكَذَلِكَ الْبُيُوعُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (209، 211) بَاطِلَةٌ. النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حِينَ الْعَقْدِ مُسْتَمِعًا إلَى حَدِيثِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (167) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: يُرْجَعُ إلَى الْمَكَانِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (181) وَمَا يَتْلُوهَا. أَنْوَاعُ شَرْطِ النَّفَاذِ ثَلَاثَةٌ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمِلْكُ، أَوْ الْوِلَايَةُ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْبَائِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (365، 368) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: اجْتِمَاعُ أَنْوَاعِ الِانْعِقَادِ فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ أَنْوَاعُ الِانْعِقَادِ؛ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَلَا يَكُونُ نَافِذًا. شُرُوطُ الصِّحَّةِ: قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ أَيْ الشَّامِلَةُ لِكُلِّ بَيْعٍ وَهِيَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: عِبَارَةٌ عَنْ شَرْطِ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرَ الْمُنْعَقِدِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ غَيْرَ الصَّحِيحِ أَيْ الْفَاسِدِ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ مُوَقَّتًا رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (199) فَإِذَا كَانَ مُوَقَّتًا؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا. النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومَيْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ وَجْهٌ لِلنِّزَاعِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (200، 213، 237، 238) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْعِ فَائِدَةٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (200) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ خَالِيًا مِنْ شُرُوطِ الْفَسَادِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (189) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الشُّرُوطُ الْخَاصَّةُ أَيْ الْمَرْعِيَّةُ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا فِي الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ وَيَكُونَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا الْمَبِيعَ عِنْدَ بَيْعِهِ إيَّاهُ مِنْ آخَرَ. وَالْبَائِعُ لَدَى بَيْعِهِ الدَّيْنَ قَابِضًا إيَّاهُ مِنْ الْمَدِينِ. وَذَلِكَ مَا يَحْدُثُ أَحْيَانًا فِي الدَّيْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْمَذْكُورِ فِي مَادَّتَيْ (248، 253) فَلَوْ بِيعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، أَوْ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَابْتِيعَ شَيْءٌ مِنْ إنْسَانٍ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ لَمْ يُسْتَوْفَ بَعْدُ؛ فَلَيْسَ بِصَحِيحَيْنِ. شَرْطُ اللُّزُومِ: قِسْمَانِ أَيْضًا. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: خُلُوُّ الْبَيْعِ مِنْ أَحَدِ الْخِيَارَاتِ.

(المادة 362) البيع الذي في ركنه خلل

الْقِسْمُ الثَّانِي: وُجُودُ شَرْطَيْ الِانْعِقَادِ وَالصِّحَّةِ فِي الْبَيْعِ. فَلَوْ بَاعَ إنْسَانٌ جِيفَةً بَيْعًا عَارِيًّا مِنْ الْخِيَارَاتِ؛ فَلَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَوْ بَاعَ مَالًا مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا. وَلِلطَّرَفَيْنِ الْفَسْخُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (372) " رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 362) الْبَيْعُ الَّذِي فِي رُكْنِهِ خَلَلٌ] (الْمَادَّةُ 362) : الْبَيْعُ الَّذِي فِي رُكْنِهِ خَلَلٌ كَبَيْعِ الْمَجْنُونِ بَاطِلٌ يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمَجْنُونِ جُنُونًا مُطْبِقًا، أَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ فِي حَالِ جُنُونِهِ، أَوْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ الشِّرَاءُ. وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَجْنُونِ رُجُوعُهُ إلَى رُشْدِهِ، أَوْ بُلُوغُ الصَّبِيِّ، أَوْ إجَازَةُ الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (957، 966، 979) " الزَّيْلَعِيّ ". وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 944 تَعْرِيفُ الْمَجْنُونِ وَأَقْسَامُهُ. وَلَوْ بَاعَ ذُو الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ مَالَهُ، أَوْ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْ آخَرَ فَلِوَلِيِّهِ، أَوْ وَصِيِّهِ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (97) . وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَنْ كَانَ مَرِيضًا وَفَاقِدًا عَقْلَهُ فَقْدًا تَامًّا وَلَوْ تَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ. أَمَّا بَيْعُ الْمَجْنُونِ جُنُونًا غَيْرَ مُطْبِقٍ فَصَحِيحٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 980 (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجْزِ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . اخْتِلَافٌ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَ فِي حَالِ صَحْوِهِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَى فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الصَّحْوِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (706) وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى بِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ سَكْرَانُ؛ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلَوْ أَثْبَتَهَا وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا. وَحُكْمُ شِرَاءِ السَّكْرَانِ كَذَلِكَ. " الْكَفَوِيُّ، وَتَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ لِلْخِصَالِ فِي الْبَيْعِ ". أَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَبَيْعُهُ، أَوْ شِرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَنَافِذٌ وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَكَانَ بَيْعُهُ، أَوْ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ فِيهِ غَبَنٌ فَاحِشٌ عَلَى أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ وَالشِّرَاءُ بِنِصْفِهَا وَكَانَ ذَا نَفْعٍ لَهُ فَإِذَا أَجَازَ الْوَلِيُّ الْبَيْعَ، أَوْ الشِّرَاءَ، أَوْ أَجَازَهُ هُوَ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ نَفَذَ وَلَزِمَ وَإِلَّا صَارَ مُنْفَسِخًا وَلِوَلِيِّ الصَّبِيِّ، أَوْ لِلصَّبِيِّ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَحْجُورُ طَاحُونَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ بِفَرَسٍ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي وَاسْتَلَمَ هُوَ الْفَرَسَ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الْوَلِيُّ وَلَا هُوَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُنْتِجَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَرَدَّ الصَّبِيُّ الطَّاحُونَ فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ فَرَسِهِ مَعَ نَوَاتِجِهِ مِنْ الصَّبِيِّ. " عَلِيٌّ أَفَنْدِي قَبْلَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ " وَإِذَا أَجَازَ الصَّبِيُّ بَيْعَهُ، أَوْ شِرَاءَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ نَفَذَ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي، أَوْ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَلِيُّ قَدْ فَسَخَهُ. أَمَّا الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ؛ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ. " الْأَنْقِرْوِيّ فِي: فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ ". اخْتِلَافٌ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ قَائِلًا: إنَّنِي بِعْت مَالِي هَذَا فِي حَالٍ صِغَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَيْعَهُ إيَّاهُ

(المادة 363) المحل القابل لحكم البيع

بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةُ إثْبَاتٍ لِلْأَمْرِ الْعَارِضِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْبَيْعَ فِي حَالِ الصِّغَرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْأَصْلِ. (تَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ، وَتَوْجِيهُ الْمُهِمَّاتِ) . لَكِنَّ بَيْعَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ، أَوْ شِرَاءَهُ إذَا كَانَ فِيهِ غَبَنٌ فَاحِشٌ عَلَيْهِ بَطَلَ وَلَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ أَجَازَهُ هُوَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إذْ لَا يَصِحُّ هَذَا الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ لَوْ وَقَعَ مِنْ الْوَلِيِّ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 58 فَبِالْأَحْرَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إذَا وَقَعَ مِنْهُ. إلَّا أَنَّ بَيْعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ أَوْ شِرَاءَهُ بِالْوَكَالَةِ صَحِيحٌ وَنَافِذٌ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْعُهْدَةُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1458 " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ") . أَمَّا إذَا بَاعَ إنْسَانٌ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَاسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ الْمَالَ فَيَكُونُ الصَّبِيُّ ضَامِنًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الثَّانِي كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 960 وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ ". وَأَمَّا إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِنَفْسِهِ؛ فَلَا يَكُونُ الصَّبِيُّ ضَامِنًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 370) . [ (الْمَادَّةُ 363) الْمَحَلُّ الْقَابِلُ لِحُكْمِ الْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 363) : الْمَحَلُّ الْقَابِلُ لِحُكْمِ الْبَيْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَبِيعِ الَّذِي يَكُونُ مَوْجُودًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا. فَبَيْعُ الْمَعْدُومِ وَمَا لَيْسَ بِمَقْدُورِ التَّسْلِيمِ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ بَاطِلٌ. يَعْنِي الْبَيْعَ الَّذِي يَقَعُ عَلَى مَحَلٍّ أَيْ مَبِيعٍ غَيْرِ مُسْتَكْمِلٍ لِلشُّرُوطِ الْآتِيَةِ: 1 - أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا. 2 - أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ. 3 - أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا. 4 - أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا فِي نَفْسِهِ. كَالْأَثْمَارِ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ وَالْحَمْلِ الَّذِي لَمْ يُنْتَجْ وَالْمَالِ الَّذِي سَيَتَمَلَّكُهُ الْبَائِعُ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُومَةِ وَكَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ مِنْ الْأَشْيَاءِ غَيْرِ الْمَقْدُورَةِ التَّسْلِيمِ وَكَالْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمَةِ وَكَالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ تُحْرَزْ بَعْدُ كَنَبَاتِ الْحُقُولِ الَّتِي هِيَ مِلْكُ الْبَائِعِ، أَوْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَكَمِيَاهِ الْآبَارِ وَالْبِرَكِ الَّتِي لَا تَكُونُ مَمْلُوكَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (205، 209، 210، 211) وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْوَقْفِ بَاطِلٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ بَيْعِ الْوَقْفِ مَعَ بَيْعِ الْمِلْكِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 210 وَمَعَ أَنَّ الْعُشْبَ النَّابِتَ بِطَبْعِهِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَبَيْعُهُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ غَيْرُ جَائِزٍ فَلِصَاحِبِ الْمَزْرَعَةِ مَنْعُ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ دُخُولِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96.

(المادة 364) وجد شرط انعقاد البيع ولم يكن مشروعا باعتبار بعض أوصافه الخارجة

إلَّا أَنَّ بَيْعَ الْأَعْشَابِ الَّتِي تَنْمُو بِسَعْيِ الْإِنْسَانِ وَعَمَلِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْرَزَةً وَالْمِيَاهِ الَّتِي يَضَعُهَا الْإِنْسَانُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَهُ صَحِيحٌ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1241) . وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعُشْبِ وَالشَّعِيرِ وَهُوَ أَخْضَرُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ حُصِدَ وَقُدِّمَ إلَى الدَّابَّةِ، أَوْ أُطْلِقَتْ الدَّابَّةُ فِيهِ تَرْعَاهُ. " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبُيُوعِ ". اخْتِلَافٌ إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِهِ؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 76. أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ بِمَيْتَةٍ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنُقُودٍ؛ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ بَعْدَ أَنْ بَاعَ خَمْسِينَ أُوقِيَّةَ قُطْنٍ مِنْ آخَرَ بُطْلَانَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ؛ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الْقُطْنِ مَوْجُودًا يَوْمَ الْخُصُومَةِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْقُطْنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَنَّ الْقُطْنَ قَدْ صَارَ فِي حَوْزَتِهِ وَمِلْكِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْبَائِعِ حِينَ الْبَيْعِ فَتُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ. " الْخَيْرِيَّةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ". [ (الْمَادَّةُ 364) وُجِدَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ] (الْمَادَّةُ 364) إذَا وُجِدَ شَرْطُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا، أَوْ كَانَ فِي الثَّمَنِ خَلَلٌ صَارَ بَيْعًا فَاسِدًا. أَيْ إذَا وُجِدَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ 371 وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مَشْرُوعًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ الثَّمَنُ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ مَجْهُولًا، أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ، أَوْ كَانَ أَجَلُ الثَّمَنِ مَجْهُولًا، أَوْ وُجِدَ فِي النَّقْدِ شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ صَارَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ ". أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي لَا يُسَمَّى فِيهِ ثَمَنٌ يَكُونُ فَاسِدًا، أَمَّا الْبَيْعُ الَّذِي يُنْفَى فِيهِ الثَّمَنُ فَبَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ رُكْنُ الْبَيْعِ مَعْدُومًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 237. اخْتِلَافٌ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ، أَوْ ادَّعَى فَسَادَهُ لِفَسَادِ الْأَجَلِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْفَسَادِ. " الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، [ (الْمَادَّةُ 365) يُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ الْبَيْعِ كون الْبَائِعُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 365) : يُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ، أَوْ وَكِيلًا لِمَالِكِهِ، أَوْ وَصِيِّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقٌّ آخَرُ. لِنَفَاذِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ، أَوْ وَكِيلًا لِمَالِكِهِ، أَوْ وَصِيِّهِ. لِذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ نَافِذًا. 2 - أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْبَائِعِ. لِذَلِكَ لَا يَكُونُ بَيْعُ الْمَرْهُونِ وَبَيْعُ الْمَأْجُورِ نَافِذَيْنِ.

أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ جَامِعًا لِشُرُوطِ الِانْعِقَادِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (361) " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ ". اخْتِلَافٌ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى وَاحِدٌ مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ بِالْفُضُولِ وَادَّعَى الثَّانِي أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ، أَوْ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مِنْ وَكِيلِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالنَّفَاذِ وَقَوْلُ الثَّانِي غَيْرُ مَقْبُولٍ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 100. أَمَّا إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ فُضُولِيٌّ فَيُفْسَخُ عَقْدُ الْبَيْعِ إلَّا إذَا حَضَرَ صَاحِبُ الْمَالِ وَصَدَّقَهُمَا وَإِذَا ادَّعَى مَنْ لَهُ الْمَالُ أَنَّ الْبَائِعَ وَكِيلٌ مِنْ طَرَفِهِ بِالْبَيْعِ؛ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (78) . وَلَا يُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ الْبَيْعِ كَوْنُ الثَّمَنِ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي لِذَلِكَ، فَلَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ بُسْتَانًا بِمَالٍ مُغْتَصَبٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ ضَمِنَ لِصَاحِبِ الْمَالِ مِثْلَ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ بَقَرَةً لِرَجُلٍ آخَرَ بِفَرَسِهِ بِدُونِ إذْنِهِ تَكُونُ الْبَقَرَةُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَرَسِ إذَا أَجَازَ ذَلِكَ الشِّرَاءَ وَإِلَّا؛ فَلَا. " فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْبُيُوعِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ ". وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ إنْسَانٌ: إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذَا الْمَبِيعَ بِمَالِ فُلَانٍ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مِلْكًا لَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمَالِ " الْخَيْرِيَّةُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ ". بَيْعُ الْمَالِكِ، وَبَيْعُ الْوَكِيلِ: إذَا كَانَ الْبَائِعُ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ الَّذِي أَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا لِلْمَالِكِ. وَقَدْ بُيِّنَ بَيْعُ الْوَكِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ مِنْ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ. بَيْعُ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ: لِأَبِ الصَّغِيرِ الْعَدْلِ الْمَسْتُورِ الْحَالِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ آخَرَ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَنْقُولًا كَانَ، أَوْ عَقَارًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَيَعْسُرُ لِلصَّغِيرِ فَسْخُ هَذَا الْبَيْعِ عِنْدَ بُلُوغِهِ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ شَفَقَةً تَامَّةً عَلَى وَلَدِهِ. " السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ ". وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْأَبُ ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَيْهِ فَلِلصَّغِيرِ عِنْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (788) . إلَّا إذَا قَالَ الْأَبُ: قَدْ تَلِفَ الْمَالُ مِنِّي بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ أَنْفَقْتُهُ عَلَى وَلَدِي؛ يُصَدَّقُ الْأَبُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ نَفَقَةً لِمِثْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَدَّعِي صَرْفَ الْمَالِ فِيهَا. (الْكَفَوِيُّ فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774. وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ الرُّشْدَ بَعْدَ أَنْ بَاعَ أَبُوهُ مَالًا لَهُ فَتُصْبِحُ حُقُوقُ الْعَقْدِ رَاجِعَةً إلَى الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ. اخْتِلَافٌ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ سِنَّ الرُّشْدِ حِينَ الْبَيْعِ فَادَّعَى الصَّغِيرُ عَدَمَ صِحَّةِ بَيْعِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَوَلَدُهُ صَغِيرٌ؛ فَالْقَوْلُ لِلْوَلَدِ

رَاجِعْ الْمَادَّةَ 11) الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ عَشَرَ فِي بَيْعِ الْأَبِ. وَإِذَا قَالَ إنْسَانٌ لِرَجُلٍ: إنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِكَ مَالِي؛ لِأَنَّ أَبِي بَاعَهُ وَأَنَا بَالِغٌ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ: إنِّي اشْتَرَيْتُهُ مِنْ أَبِيكَ وَأَنْتَ صَغِيرٌ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا جَاءَ فِي الْمُحِيطِ. وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا بَاعَ الْأَبُ الْفَاسِقُ، أَوْ الْمُسْرِفُ عَقَارَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ مَالَهُ الْمَنْقُولَ مِنْ آخَرَ؛ فَبَيْعُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِلصَّغِيرِ عِنْدَ بُلُوغِهِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَاعَ مَالَ وَلَدِهِ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ فَيَكُونُ صَحِيحًا وَيُؤْخَذُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْأَبِ وَيُسَلَّمُ لِرَجُلٍ عَدْلٍ لِحِفْظِهِ لِلصَّغِيرِ. إذَا بَاعَ أَبُ الصَّغِيرِ عَقَارَ وَلَدِهِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَاحْتَاجَ إلَيْهِ؛ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الثَّمَنِ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالْكَفَوِيُّ، فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالًا لِوَلَدٍ صَغِيرٍ لَهُ مِنْ وَلَدٍ صَغِيرٍ لَهُ آخَرَ عَلَى أَنْ تَعُودَ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْبُلُوغِ. لِلْأَبِ الْمَحْمُودِ السِّيرَةِ أَيْ الْعَادِلِ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبَنٌ يَسِيرٌ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ صَحِيحًا رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (168) الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ عَشَرَ. لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ لِضَرُورَةِ التَّعَيُّشِ مَا شَاءَ مِنْ عُرُوضِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ " نُقُودُ الْفَيْضِيَّةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ ". لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ الصَّغِيرُ مُسْتَلِمًا لِلْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْعَقْدِ. لِذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الِابْنُ مِنْ الْقَبْضِ حَقِيقَةً فَتَلَفُهُ عَائِدٌ عَلَى الْأَبِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) . وَإِذَا بَاعَ الْأَبُ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْلِيَ الدَّارَ وَيُسَلِّمَهَا لِأَمِينِ الْقَاضِي وَإِلَّا؛ فَلَا يَكُونُ التَّسْلِيمُ بِنَوْعٍ آخَرَ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 293) . وَمَتَى اشْتَرَى الْأَبُ مَالًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ يُنَصَّبُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِلصَّغِيرِ مِنْ طَرَفِهِ لِقَبْضِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ الْوَكِيلُ يُودِعُ مَا قَبَضَهُ عِنْدَ الْأَبِ وَمَا لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ؛ فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْأَبِ مِنْهُ. وَلِمَعْرِفَةِ ثَمَنَ الْمِثْلِ لِشَيْءٍ مَا يُؤْخَذُ رَأْيُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْخَالِينَ مِنْ الْغَرَضِ وَلَا اعْتِبَارَ لِمَا يَزِيدُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ. بَيْعُ الْجَدِّ: يَقُومُ الْجَدُّ لِلصَّغِيرِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ وَصِيٍّ لَهُ مَقَامَ الْأَبِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ هُنَا أَبُو الْأَبِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ عَشَرَ وَالْفُصُولَيْنِ فِي 27 وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي 2 وَالْخَانِيَّةُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ " بَيْعُ الْوَصِيِّ: لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عُرُوضِ الصَّغِيرِ حَتَّى وَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ لِلْبَيْعِ، مِثَالٌ: فَلَوْ بَاعَ وَصِيُّ صِغَارٍ بُسْتَانًا لَهُمْ، أَرْضُهُ أَمِيرِيَّةٌ وَكَرْمُهُ مِلْكٌ مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي بَلَغَ الصِّغَارُ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ. " الْعِمَادِيَّة فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ ". وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ آخَرَ فَقَامَ شَخْصٌ وَطَلَبَ الْمَالَ بِقِيمَةٍ أَكْثَرَ؛ يُنْظَرُ فَإِذَا قَالَ اثْنَانِ عَدْلَانِ

إنَّ الْمَالَ قَدْ بِيعَ بِقِيمَتِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَا يُنْظَرُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ. " الْأَنْقِرْوِيّ فِي السَّلَمِ ". لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الصَّغِيرِ الْمَنْقُولِ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِمَّنْ لَا يُنْكِرُ الدَّيْنَ وَلَا يُمَاطِلُ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَإِلَّا؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الصَّغِيرِ مُؤَجَّلًا لِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ إنْسَانٍ يُنْكِرُ الدَّيْنَ وَيُمَاطِلُ فِي أَدَائِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. حَتَّى إذَا جَاءَهُ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَدَفَعَ أَلْفَ قِرْشٍ وَثَانِيهِمَا مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي وَدَفَعَ أَلْفًا وَمِائَةَ قِرْشٍ وَجَبَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْأَوَّلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58 " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَصِيُّ الْمَيِّتِ: " أَيْ الْوَصِيُّ الَّذِي يُقِيمُهُ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيَخْتَارُهُ لِيَكُونَ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ " لَيْسَ لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِقَرِيبِهِ الَّذِي لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ. " الْبَزَّازِيَّة ". وَإِنْ فَعَلَ فَلِلصَّغِيرِ عِنْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْحُكْمُ فِي بَيْعِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ مَالُهُ لِوَصِيِّهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ وَصِيَّانِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَ الصَّبِيِّ مِنْ الْآخَرِ. وَلِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ وُجُودِ نَفْعٍ ظَاهِرٍ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ مِنْهُ عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ " النَّفْعَ الظَّاهِرَ " بِأَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُسَاوِي تِسْعَةَ قُرُوشٍ فَيَشْتَرِيهِ الْوَصِيُّ بِعَشَرَةٍ، أَوْ يَكُونَ لِلْوَصِيِّ مَالٌ يُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ فَيَبِيعَهُ الْوَصِيُّ مِنْ الصَّغِيرِ بِتِسْعَةٍ. الْبَزَّازِيَّة، الْخُلَاصَةُ ". وَفَسَّرَهُ آخَرُونَ بِأَنْ يَكُونَ لِلْوَصِيِّ مَالٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا فَيَبِيعَهُ مِنْ الصَّغِيرِ بِعَشَرَةٍ، أَوْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ فَيَشْتَرِيهِ الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ. وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَإِذَا كَانَ لِلْوَصِيِّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الصَّغِيرِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَإِذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ. مِثَالٌ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ مَالًا لِلصَّغِيرِ مَنْقُولًا يُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا، أَوْ بَاعَ مِنْ الصَّغِيرِ مَالًا لَهُ يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا بِعَشَرَةٍ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ صَحِيحًا. أَمَّا الْقَاضِي؛ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَا شِرَاءُ مَالٍ مِنْهُ مُطْلَقًا وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ مِنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ وَلَوْ نَصَّبَ ذَلِكَ الْوَصِيَّ مِنْ طَرَفِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ لَا عَنْ الْقَاضِي. " الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ ". وَصِيُّ الْحَاكِمِ: " أَيْ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ ". لَيْسَ لِوَصِيِّ الْحَاكِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُهُ غَيْرُهُ وَلَوْ نِصْفَ الْقِيمَةِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ؛ لِأَنَّ وَصِيَّ الْحَاكِمِ وَكِيلٌ وَالْوَكِيلُ بِمُقْتَضَى أَحْكَامِ الْمَادَّةِ 1496، 497 1 مِنْ الْمَجَلَّةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. " دُرُّ الْمُخْتَارِ فِي بَابٍ وَالْأَنْقِرْوِيُّ قُبَيْلَ السَّلَمِ، وَالْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ ". إذَا تُوُفِّيَ إنْسَانٌ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ؛ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ أَنْ تَبِيعَ شَيْئًا مِنْ مَنْقُولَاتِهِ وَلَا مِنْ عَقَارَاتِهِ مِنْ التَّرِكَةِ لِنَفَقَةِ الصِّغَارِ مِنْ أَوْلَادِهَا الضَّرُورِيَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي النَّفَقَاتِ) .

(المادة 366) البيع الفاسد

لَيْسَ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ. وَلَوْ فَعَلَ فَلِلصَّبِيِّ عِنْدَ بُلُوغِهِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا وُجِدَ الْمُسَوِّغُ الشَّرْعِيُّ لِلْبَيْعِ فَلِلْوَصِيِّ ذَلِكَ. وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي الْمُسَوِّغَاتُ الشَّرْعِيَّةُ لِبَيْعِ عَقَارِ الصَّغِيرِ: (1) احْتِيَاجُ الصَّغِيرِ إلَى ثَمَنِ الْعَقَارِ لِلنَّفَقَةِ. (2) إيفَاءُ دَيْنٍ عَلَى الْمُتَوَفَّى لَا يُمْكِنُ أَدَاؤُهُ إلَّا بِبَيْعِ الْعَقَارِ. (3) وَصِيَّةُ الْمُتَوَفَّى الْمُرْسَلَةُ بِحَيْثُ يُضْطَرُّ إلَى بَيْعِ الْعَقَارِ، وَالْوَصِيَّةُ الْمُرْسَلَةُ هِيَ أَنَّ الْمُوصِيَ الْمُتَوَفَّى بِرُبْعِ مَالِهِ، أَوْ ثُلُثِهِ. (4) كَوْنُ الْمُتَوَفَّى أَوْصَى لِأَحَدٍ بِبَعْضِ عَقَارِهِ وَالْعَقَارُ غَيْرُ قَابِلِ الْقِسْمَةِ. (5) وُجُودُ طَالِبٍ لِلْعَقَارِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ. (6) كَوْنُ نَفَقَاتِ الْعَقَارِ وَضَرِيبَتِهِ تَرْبُو عَلَى نَوَاتِجِهِ. (7) كَوْنُ الْعَقَارِ دُكَّانًا، أَوْ دَارًا وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْخَرَابِ. (8) وُجُودُ ضَرُورَةٍ لِبَيْعِ الْعَقَارِ بِأَنْ كَانَتْ حِصَّةُ الصَّغِيرِ قَلِيلَةً جِدًّا وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيمَا لَوْ قُسِمَتْ. (9) الْخَوْفُ مِنْ اسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ عَلَى الْعَقَارِ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ اسْتِخْلَاصُهُ مِنْهُ. فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَلِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الصَّغِيرِ (الْكَفَوِيُّ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى مَنْقُولَاتٌ كَافِيَةٌ لِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَبَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارًا لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. أَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا مُسْتَغْرِقَةً لِلدَّيْنِ؛ فَلَهُ بَيْعُهَا كُلُّهَا عَقَارَاتٍ وَمَنْقُولَاتٍ " وَتَقُولُ الْفَيْضِيَّةُ قُبَيْلَ خِيَارِ الشَّرْطِ " فَإِنْ لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا مُسْتَغْرِقَةً لِلدَّيْنِ؛ فَلَهُ بَيْعُ مَا يَقُومُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَقَطْ. وَلَوْ أَقَامَ الْوَصِيُّ اللَّاحِقُ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِ الْوَصِيِّ السَّابِقِ لِمَالِ الصَّغِيرِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، أَوْ بَيْعِهِ الْعَقَارَ مِنْ التَّرِكَةِ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْقُولَاتِ فِيهَا قِيلَ وَبَطَلَ الْبَيْعُ (فِي بَيْعِ الْأَبِ الْوَصِيِّ) . لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْمَنْقُولَاتِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فِي غِيَابِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَى الْمُتَوَفَّى، أَوْ وَصِيَّةٌ مِنْهُ حِفْظًا لَهَا مِنْ الضَّيَاعِ أَمَّا الْعَقَارَاتُ؛ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْشَى التَّلَفَ وَالضَّيَاعَ وَإِلَّا عَلَى غَيْرِ الْعَقَارَاتِ وَفِي الْبَيْعِ حِفْظٌ لَهَا مِنْ الضَّيَاعِ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) . وَلِلْوَصِيِّ إذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا وَالْبَعْضُ مِنْهُمْ حَاضِرًا أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْغَائِبِينَ مِنْهُمْ حِفْظًا لَهَا وَلَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بَيْعُ حِصَّةِ الْحَاضِرِينَ أَيْضًا تَبَعًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ 54 (الْأَنْقِرْوِيّ) . اخْتِلَافٌ: إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ مَعْزُولٌ مِنْ الْوِصَايَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فِي حَالٍ وِصَايَتِهِ وَأَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي (تَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ وَتَوْجِيهُ الْمُهِمَّاتِ عَنْ الْقُنْيَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 366) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ] (الْمَادَّةُ 366) : الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يَصِيرُ نَافِذًا عِنْدَ الْقَبْضِ. يَعْنِي يَصِيرُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ جَائِزًا حِينَئِذٍ. أَيْ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ الْمَبِيعَ فِي هَذَا الْبَيْعِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَرَاحَةً، أَوْ دَلَالَةً وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ خِيَارٌ فِي الْبَيْعِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَيَصِيرُ حِينَئِذٍ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَاهُ جَائِزًا.

(المادة 367) إذا وجد في البيع أحد الخيارات

وَالْإِذْنُ صَرَاحَةً كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: اسْتَلِمْ الْمَبِيعَ. وَالْإِذْنُ دَلَالَةً كَأَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَالْبَائِعُ يَرَاهُ وَلَا يَمْنَعُهُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 67) . يَعْنِي إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ، أَوْ وَقَفَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ فَتَصَرُّفُهُ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّةَ خِيَارُ شَرْطٍ فِي الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؛ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ مَانِعٌ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِيَّةِ الْمُشْتَرِي لَهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 308) . وَعَلَى كَوْنِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ غَيْرَ نَافِذٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَوْ أَجَرَ، أَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ مِنْ آخَرَ فَإِجَارُهُ، أَوْ بَيْعُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. [ (الْمَادَّةُ 367) إذَا وُجِدَ فِي الْبَيْعِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ] (الْمَادَّةُ 367) إذَا وُجِدَ فِي الْبَيْعِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ لَا يَكُونُ لَازِمًا. يَعْنِي إذَا وُجِدَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ مِنْ الْخِيَارَاتِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ لَازِمٍ. " دُرُّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ". وَمَا بَقِيَ الْخِيَارُ؛ فَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمُخَيَّرِ فَسْخُ الْبَيْعِ. مِثَالٌ: إذَا وُجِدَ خِيَارُ عَيْبٍ، أَوْ خِيَارُ رُؤْيَةٍ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ لِلْبَائِعِ مِمَّا لَمْ يُسْقِطْ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعُ خِيَارَهُ، أَوْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْخِيَارِ؛ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا. [ (الْمَادَّةُ 368) الْبَيْعُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 368) : الْبَيْعُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آخَرَ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَبَيْعِ الْمَرْهُونِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْآخَرِ. يَعْنِي أَنَّ الْبُيُوعَ الْمَذْكُورَةَ وَأَشْبَاهَهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي تَعْدَادُ الْبُيُوعِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ: (1) بَيْعُ الْفُضُولِيِّ. (2) بَيْعُ الْمَرْهُونِ. (3) بَيْعُ الْمَأْجُورِ. (4) بَيْعُ الْأَرَاضِي الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ مُزَارَعَةِ الْغَيْرِ. (5) بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ. (6) بَيْعُ الْمَعْتُوهِ الْمَحْجُوزِ. (7) بَيْعُ الَّذِي يَبْلُغُ وَهُوَ سَفِيهٌ. (8) بَيْعُ أَحَدِ وَرَثَةِ الْمَرِيضِ. (9) بَيْعُ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ مُحَابَاةً. وَإِنَّمَا تَكُونُ هَذِهِ الْبُيُوعُ مَوْقُوفَةً عَلَى إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُزَارِعِ وَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِجَازَتِهِمْ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ. مِنْ الْمَذْكُورِينَ عَاقِلًا وَسَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 377 وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ 365. أَمَّا إذَا كَانَ مَجْنُونًا، أَوْ صَبِيًّا فَيَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَصِيٌّ، أَوْ وَلِيٌّ فَعَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي. " دُرُّ الْمُخْتَارِ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 378) . وَإِلَيْكَ الضَّابِطُ لِمَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ، أَوْ غَيْرَ مَوْقُوفٍ: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَصْدُرُ مِنْ الْفُضُولِيِّ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي حَالِ وُقُوعِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ مَنْ لَهُ مَقْدِرَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَيُعْقَدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تِلْكَ الْحَالَ مَنْ لَهُ مَقْدِرَةٌ عَلَيْهَا؛ فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا. إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمَأْذُونِ مَالًا لَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِجَازَتُهُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الصَّبِيِّ

مَوْقُوفٌ وَيُوجَدُ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا مَنْ يُجِيزُ؛ وَعَلَيْهِ فَبَيْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ مَالًا لَهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَقَدْ صَارَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 362. كَذَلِكَ بَيْعُ الْمَعْتُوهِ الْمَحْجُورِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، أَوْ الْقَاضِي. (رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 967) . وَكَذَلِكَ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الَّذِي يَبْلُغُ سِنَّ الرُّشْدِ وَهُوَ سَفِيهٌ فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَوْقُوفَانِ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي وَالْوَصِيِّ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ: شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ يَكُونُ مَوْقُوفًا أَيْضًا. وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِيَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَيُضِيفَ الْعَقْدَ تَغَيُّرَهُ بِدُونِ إذْنِهِ فَيَكُونَ ذَلِكَ الشِّرَاءُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْعَقْدُ. مِثَالُ ذَلِكَ: اشْتَرَى إنْسَانٌ لِآخَرَ فَرَسًا بِدُونِ أَمْرٍ مِنْهُ بِالشِّرَاءِ وَأَضَافَ الشِّرَاءَ لِذَلِكَ الْآخَرِ قَائِلًا: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْفَرَسَ بِكَذَا قِرْشًا لِفُلَانٍ يَكُونُ ذَلِكَ الشِّرَاءُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الشِّرَاءُ أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْعَقْدَ لِأَحَدٍ، أَوْ اشْتَرَى الْفَرَسَ مُضِيفًا الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ؛ فَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا بَلْ يَنْفُذُ عَلَيْهِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ شَيْئًا وَقَدْ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ فِي جِنْسِ مَا اشْتَرَاهُ؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشِّرَاءُ نَافِذًا عَلَى الْوَكِيلِ. (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 1470، 1471، 1480، 1481) وَالتَّفْصِيلَاتُ بِخُصُوصِ شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ سَتَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (387) . التَّصَرُّفُ الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيحٍ: هِبَةُ الصَّغِيرِ مَالَهُ وَتَسَلُّمُهُ لِمَنْ وَهَبَهُ إلَيْهِ وَبَيْعُهُ مَا يَمْلِكُ، أَوْ شِرَاؤُهُ مَالَ غَيْرِهِ مَعَ الْغَبَنِ الْفَاحِشِ تَصَرُّفٌ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ، أَوْ الْوَلِيِّ، أَوْ الْحَاكِمِ إجَازَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ فَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ أَنْ يُجِيزَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. عَدَمُ وُجُودِ الْمُجِيزِ حَالٍ وُقُوعِ الْعَقْدِ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا لِصَغِيرٍ مِنْ آخَرَ فُضُولِيٍّ وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ، أَوْ وَلِيٌّ وَلَا حَاكِمَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الصَّبِيُّ يُجِيزُ ذَلِكَ؛ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْبَطَلَ.

الفصل الثاني في بيان أحكام أنواع البيوع

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ] (الْمَادَّةُ 369) : حُكْمُ الْبَيْعِ الْمُنْعَقِدِ الْمِلْكِيَّةِ يَعْنِي صَيْرُورَةَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْمَبِيعِ وَالْبَائِعِ مَالِكًا لِلثَّمَنِ. أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لِأَنْوَاعِ الْبَيْعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ 106 مَلَكِيَّةُ الْبَدَلَيْنِ. دَائِرُ الْمِلْكِيَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَقْدِرَةِ ابْتِدَاءً عَلَى التَّصَرُّفِ " مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ " وَقَدْ صَرَّحَ بِقَيْدِ " ابْتِدَاءً " مَقْدِرَةُ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَيُقَيِّدُ " مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ " الْمَبِيعَ الْمَنْقُولَ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ كَانَ مَالِكًا الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ بِعَدَمِ الْقَبْضِ غَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى التَّصَرُّفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ وَالْبَائِعَ يَمْلِكُ الثَّمَنَ مَالًا فِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَبَعْدَ الْإِجَازَةِ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ أَيْ أَنَّ مِلْكِيَّةَ الْمَبِيعِ تَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي، وَمِلْكِيَّةَ الثَّمَنِ تَنْتَقِلُ لِلْبَائِعِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1247) وَسَوَاءٌ ذُكِرَ فِي الْعَقْدِ تَمَلُّكُ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ؛ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْمُقْتَضَى بَعْدَ حُصُولِ الْمُوجِبِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ شَيْءٌ مُوجِبًا لِآخَرَ؛ فَلَا يَلْزَمُ التَّصْرِيحُ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَخْصِيصٌ؛ لِأَنَّ حُصُولَهُ لَازِمٌ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا عُقِدَتْ إجَارَةٌ؛ فَلَيْسَ مِنْ حَاجَةٍ إلَى التَّصْرِيحِ بِصَيْرُورَةِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْأُجْرَةِ مِلْكًا لِلْمُؤَجِّرِ. أَمَّا الْحُكْمُ التَّابِعُ لِلْبَيْعِ الْمُنْعَقِدِ. أَوَّلًا: وُجُوبُ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي. ثَانِيًا: دَفْعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَقَارًا مَمْلُوكًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ " دُرُّ الْمُخْتَارِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ، أَبُو السُّعُودِ ". [ (الْمَادَّةُ 370) الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ أَصْلًا] فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ؛ كَانَ الْمَبِيعُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلَوْ هَلَكَ بِلَا تَعَدٍّ يَضْمَنُهُ. يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْبَاطِلَ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَبِيعَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ لَا يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ مُطْلَقًا سِوَى أَنَّهُ يَكُونُ أَمَانَةً إذَا قَبَضَ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ مَالًا وَوَقَفَهُ؛ فَلَا يَكُونُ الْوَقْفُ صَحِيحًا.

(المادة 371) البيع الفاسد يفيد حكما عند القبض

وَبِمَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ، أَوْ قَبْضَهُ وَتَمَلُّكَهُ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ كَانَ دَاخِلًا فِي قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْأَمَانَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (762) فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ بَاطِلًا بَقِيَ مُجَرَّدُ الْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِدُونِ تَعَدٍّ. " الزَّيْلَعِيّ " (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (768) مَعَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (771)) . أَمَّا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْبَائِعِ فَيُعَدُّ الْمُشْتَرِي غَاصِبًا وَالْمَبِيعُ فِي يَدِهِ مَالًا مَغْصُوبًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (881) الدُّرَرُ، وَالْغُرَرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) . أَمَّا إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ وَقَدْ قَبَضَهُ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. [ (الْمَادَّةُ 371) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ حُكْمًا عِنْدَ الْقَبْضِ] يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الضَّمَانُ. يَعْنِي أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَإِذَا كَانَ قِيَمِيًّا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْقَبْضِ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَيُفِيدُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَالْقَبْضُ إمَّا حَقِيقِيٌّ وَإِمَّا حُكْمِيٌّ) يَعْنِي يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ بِأَحَدِ نَوْعَيْهِ فِي إفَادَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْحُكْمَ. فَإِذَا طَحَنَ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَنْ قَالَ لِلْبَائِعِ: اطْحَنْهَا فَطَحَنَهَا، أَوْ ذَبَحَ الْمُشْتَرِي خَرُوفًا بِأَنْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِذَبْحِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَذَبَحَهُ، فَالطَّحِينُ وَالْخَرُوفُ الْمَذْبُوحُ لِلْبَائِعِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . فَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَرَاحَةً، أَوْ دَلَالَةً يُصْبِحُ مَالِكًا، وَتَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1026) الْقَبْضُ - فَسَّرَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إلَى كَوْنِ الْمَبِيعِ بَقِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْلُ. أَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَدِيعَةً فَالْمُشْتَرِي يَتَمَلَّكُهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ. وَكَيْفِيَّةُ قِيَامِ قَبْضِ الْأَمَانَةِ مَقَامَ قَبْضِ الْمَضْمُونِ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى الْمَادَّةِ 262. وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ؛ فَلَا يَكُونُ مَالِكًا لَهُ. " التَّمْكِينُ، وَالطَّحْطَاوِيّ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَالزَّيْلَعِيُّ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَيَكُونُ الْقَبْضُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 366 بِالْإِذْنِ صَرَاحَةً كَأَنْ يَأْمُرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَفِي الْحَالِ يُعْتَبَرُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ سَوَاءٌ كَانَ فِي حُضُورِ الْبَائِعِ، أَوْ فِي غِيَابِهِ، أَوْ دَلَالَةً وَهَذَا يَكُونُ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَلَى مَرْأَى مِنْ الْبَائِعِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَسُكُوتِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِ مَنْعِهِ إيَّاهُ عَنْ الْقَبْضِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 67) . " أَمَّا إذَا مَنَعَهُ وَنَهَاهُ عَنْ قَبْضِهِ؛ فَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي صَحِيحًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 13) وَالْإِذْنُ دَلَالَةً قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ كَافٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَسْلِيطٌ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ الْمَبِيعِ إذْ مُرَادُ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ تَمْلِيكُ

الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالْقَبْضِ. " الزَّيْلَعِيُّ ". إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً بَعْد انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ غَيْرُ صَحِيحٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَإِنَّ قَبْضَهُ الثَّمَنَ مِمَّا يُخَوِّلُ الْمُشْتَرِيَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ هُنَا أَلَّا يَكُونَ الثَّمَنُ الْمَقْبُوضُ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْخَمْرِ. " الزَّيْلَعِيُّ الطَّحْطَاوِيُّ ". الْقَبْضُ أَحْيَانًا حَقِيقِيٌّ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَأَحْيَانًا حُكْمِيٌّ وَهَذَا كَمَا إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَأَمَرَ بِتَفْرِيغِهَا عَلَى حِنْطَةٍ لَهُ فَفَعَلَ الْبَائِعُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَ الْحِنْطَةَ الْمُبَاعَةَ مِنْهُ حُكْمًا. " رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ ". فَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَلَى وَجْهَيْنِ: 1 - الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ صَرَاحَةً. 2 - الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً. وَأَنَّ الْقَبْضَ قِسْمَانِ: (1) قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ. (2) قَبْضٌ حُكْمِيٌّ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أُتْلِفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْفَسْخِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ وَهَبَهُ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي سَيَصِيرُ بَيَانُهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا يَجْعَلُ رَدَّ الْمَبِيعِ عَيْنًا مُتَعَذِّرًا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَا الثَّمَنُ الْمُسَمَّى حَتَّى إنَّهُ لَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِهِ وَالْبَائِعُ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي وَتَلِفَ الْمَبِيعُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا تَكُونُ ذِمَّةُ الْمُشْتَرِي بَرِيئَةً مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ وَهُوَ مَوْجُودٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِنْ عَيْنِ الْمَبِيعِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ مَالٍ قُبِضَ فَاسْتَوْجَبَ الضَّمَانَ يَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ. " مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ". وَالضَّمَانُ بِالْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَكَانَ مِثْلُهُ مَوْجُودًا. ثَانِيًا: بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إذَا انْقَطَعَ وُجُودُ مِثْلِهِ. ثَالِثًا: بِإِعْطَاءِ الْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْكَمِّيَّاتِ وَقَدْ اعْتَبَرُوا يَوْمَ الْقَبْضِ هُنَا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَإِذَا ازْدَادَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقِيمَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَئِذٍ فِي الْمَبِيعِ لَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً. الِاخْتِلَافُ فِي الْمِثْلِيَّةِ، أَوْ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ، أَوْ فِي الْمَقْبُوضِ: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي إعْطَاءَ الْبَائِعِ مِثْلَ الْمَبِيعِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَقَالَ الْبَائِعُ: إنَّهُ لَيْسَ كَالْبَيْعِ وَالْمَبِيعُ خَيْرٌ مِنْهُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُثْبِتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ. (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) . كَذَلِكَ الْمَالُ الْقِيَمِيُّ إذَا وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَاخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قِيمَتُهٌ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 8) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ ضَامِنًا كَالْغَاصِبِ، أَوْ مُؤْتَمَنًا كَاَلَّذِي عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ. وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَهِيَ لِلْبَائِعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 77) .

(المادة 372) لكل من المتعاقدين فسخ البيع الفاسد

أَمَّا إذَا حَصَلَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا نَقْصٌ عَارِضٌ. (1) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (2) بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي. (3) بِفِعْلِ الْمَبِيعِ. (4) بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ؛ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ قِيمَةِ النَّقْصِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِاسْتِرْدَادِهِ الْمَبِيعَ وَلَا يُتْرَكُ لِلْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ كُلَّهَا إزَالَةً لِلْفَسَادِ. (الْأَنْقِرْوِيَّ) مِثَالٌ: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ بُسْتَانًا شِرَاءً فَاسِدًا بِأَلْفِ قِرْشٍ مَدْفُوعَةً وَقَبَضَهُ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ نَشَفَ مِنْ شَجَرِهِ وَأَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَسْتَرِدَّ بُسْتَانَهُ؛ فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَحْسِمَ مِقْدَارَ النَّقْصِ الَّذِي طَرَأَ عَلَى الْبُسْتَانِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ وَيَرُدَّ الْبَاقِيَ إلَى الْمُشْتَرِي. إلَّا أَنَّ الْبَائِعَ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّمَنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ النَّقْصِ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْفَاعِلَ. أَمَّا إذَا حَصَلَ نَقْصٌ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ حَتَّى إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَخْذِهِ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَخَسَارَتُهُ تَعُودُ عَلَى الْبَائِعِ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْفَيْضِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 372) لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ] (الْمَادَّةُ 372) لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ، أَوْ بِهِبَةٍ مِنْ آخَرَ أَوْ زَادَ فِيهِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ مَالِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَعَمَّرَهَا، أَوْ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا، أَوْ تَغَيَّرَ اسْمُ الْمَبِيعِ بِأَنْ كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا وَجَعَلَهَا دَقِيقًا؛ بَطَلَ حَقُّ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ. لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عِلْمُ الْآخَرِ لَاحِقًا لَهُ مَا بَقِيَ الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ الْمَوَانِعِ الْمَذْكُورَةِ لِلْفَسْخِ فَيَسْتَرِدُّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْ. فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِإِزَالَةِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مَعْصِيَةٌ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِالْفَسْخِ الَّذِي يَقَعُ وَلَمَّا يُقْبَضْ الْمَبِيعُ امْتِنَاعٌ عَنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ الْمَذْكُورِ عِلْمُ صَاحِبِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُكْمُ الْقَاضِي، أَوْ رِضَاءُ الطَّرَفِ الْآخَرِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْوَاجِبَ شَرْعًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ؛ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِمُرَادِهِ سَوَاءٌ كَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَفَسَادِ وُقُوعِ الْعَقْدِ بِثَمَنٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، أَوْ كَانَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَوْ الْمُثَمَّنِ كَأَنْ يُشْتَرَطَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ زَائِدٌ يَكُونُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَإِنَّمَا لَزِمَ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ لِيَكُونَ لَهُ مُتَّسَعٌ مِنْ الْوَقْتِ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى مَصْلَحَتِهِ فَإِذَا كَانَ الْبَائِعَ فَهُوَ فِي حَاجَةٍ لَأَنْ يَبْحَثَ عَنْ مُشْتَرٍ لِمَالِهِ فَيَبِيعَهُ مِنْهُ، أَوْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَوْعٍ آخَرَ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِيَ فَهُوَ فِي حَاجَةٍ لَأَنْ يَنْتَفِعَ بِنُقُودِهِ وَيَتَصَرَّفَ فِيهَا كَمَا يَشَاءُ. قُلْنَا إنَّ رِضَاءَ الطَّرَفِ الْآخَرِ، أَوْ قَضَاءَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَيْسَ بِلَازِمٍ حَتَّى إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَرُدَّ مَا اشْتَرَاهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ إلَى الْبَائِعِ بِدَاعِي فَسَادِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ مِنْهُ

أَرْجَعَهُ إلَى بَيْتِهِ فَتَلِفَ هُنَاكَ؛ فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا. (الدُّرُّ، الْأَنْقِرْوِيّ، دُرُّ الْمُخْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) . إلَّا أَنَّهُ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ بِإِلْحَاقِ شَرْطٍ زَائِدٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَى أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ لِلطَّرَفِ الَّذِي يَعُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الشَّرْطِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى رِضَاءٍ، أَوْ قَضَاءٍ فَفَسْخُ الطَّرَفِ الْآخَرِ لِلْبَيْعِ يَتَوَقَّفُ غَلَى الْقَضَاءِ، أَوْ الرِّضَاءِ. (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . أَقْسَامُ رَدِّ الْمَبِيعِ: لِرَدِّ الْمَبِيعِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: رَدٌّ حَقِيقِيٌّ وَهَذَا ظَاهِرٌ. النَّوْعُ الثَّانِي: حُكْمِيٌّ. إلَيْكَ الْقَاعِدَةُ فِي الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ: إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ حَقٌّ مِنْ جِهَةٍ مَا وَتَقَاضَى حَقَّهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى مِنْ الْمُسْتَحَقِّ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا وَإِلَّا لَا. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَيُّ إنْسَانٍ شَيْئًا مِنْ آخَرَ شِرَاءً فَوَهَبَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ، أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ أَعَارَهُ إلَيْهِ، أَوْ أَجَرَهُ لَهُ، أَوْ رَهَنَهُ عِنْدَهُ، أَوْ تَوَصَّلَ إلَيْهِ الْبَائِعُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَالْغَصْبِ مَثَلًا فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَيُصْبِحُ الْمُشْتَرِي كَأَحَدِ الضَّمَانَيْنِ. إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ الْبَائِعِ، أَوْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ، أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ فَيُعَدُّ كَأَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ مُتَارَكَةٌ فِي الْبَيْعِ وَيَكُونُ الْبَائِعُ مُسْتَحِقًّا لِاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ وَمَتَى سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَيِّ شَكْلٍ مِنْ الْأَشْكَالِ الْمَذْكُورَةِ فَيَكُونُ قَدْ رَدَّهُ إلَيْهِ. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ وَكِيلِ الْبَائِعِ وَقَبَضَهُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ حَتَّى إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. " الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ". وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ ثَوْبَ قُمَاشٍ مِنْ آخَرَ شِرَاءً فَاسِدًا وَفَصَّلَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَيْهِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ؛ فَلَا يَضْمَنُ غَيْرَ قِيمَةِ النَّقْصِ الَّذِي حَدَثَ بِالتَّفْصِيلِ "؛ لِأَنَّ بِالْإِيدَاعِ مِنْهُ صَارَ رَادًّا إلَيْهِ إلَّا قَدْرَ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فَبِأَيِّ وَجْهٍ وُجِدَ وُضِعَ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ النُّقْصَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْبَائِعِ فِيهِ فِي الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَطَلَ لَمَا صَحَّ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ. " الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الْبُيُوعِ ". وَيُقَالُ لِهَذَا الرَّدِّ: رَدٌّ حُكْمِيٌّ. أَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ الْمَبِيعُ إلَى يَدِ الْبَائِعِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بَلْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ؛ فَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ مُتَارَكَةٌ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ آخَرَ، أَوْ وَهَبَهُ إلَيْهِ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَذَلِكَ الشَّخْصُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ وَهَبَهُ إلَيْهِ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَيْضًا؛ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَارَكَةً بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِقِيمَةِ الْمَالِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 98) " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ".

وَقَوْلُهُ (لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) لَيْسَ بِاحْتِرَازٍ عَنْ الْوَارِثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ؛ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْفَسْخِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ وَرَثَتِهِ كَمَا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا تُوُفِّيَ الْبَائِعُ أَنْ يَرُدَّهُ لِوَرَثَتِهِ وَيَسْتَرِدَّ ثَمَنَهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَالْإِبْرَاءُ الَّذِي يَكُونُ ضِمْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلْفَسْخِ أَيْضًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا، أَوْ بَاطِلًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ أَبْرَأَهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَالْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ وَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ. (الْفَيْضِيَّةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 52) أَحَقِّيَّةُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا: إذَا تُوُفِّيَ الْبَائِعُ مُفْلِسًا بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، أَوْ قَبْلَهُ؛ يَكُونُ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَرَهْنٍ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ الْمُتَوَفَّى غَيْرُهُ، وَيُعْطَى لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ لَا يَزِيدُ عَمَّا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ زَادَ فَالزِّيَادَةُ تُوَزَّعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَإِنْ نَقَصَ فَالْمُشْتَرِي كَغَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي انْتِظَارِ ظُهُورِ شَيْءٍ يَسْتَوْفِي مِنْهُ نُقْصَانَ الثَّمَنِ. وَكَذَا إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ، أَوْ بَعْدَهُ يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فِي قِيمَةِ الْمَبِيعِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ الْبَائِعُ؛ كَانَتْ الزِّيَادَةُ رَاجِعَةً إلَى الْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ. " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ ". وَفِي الصُّوَرِ التَّالِيَةِ لَا يُفْسَخُ فِيهَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ: 1 - إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالِهِ. 2 - إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي. 3 - إذَا أَخْرَجَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ يَدِهِ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْبَائِعِ بَيْعًا صَحِيحًا لَازِمًا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي. 4 - إذَا وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ. 5 - إذَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى آخَرَ. 6 - إذَا رَهَنَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ. 7 - إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ أَوْصَى بِهِ إلَى آخَرَ. 8 -، 9 - إذَا جُعِلَ بَدَلَ صُلْحٍ، أَوْ إجَارَةٍ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي. 10 - إذَا حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِي الْمَبِيعِ مُتَّصِلَةٌ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا فَعُمِّرَتْ، أَوْ عَرْصَةً فَغُرِسَتْ أَشْجَارًا، أَوْ لِبَاسًا فَصُنِعَ، أَوْ خِيطَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. 11 - إذَا تَغَيَّرَ الْمَبِيعُ بِأَنْ كَانَ بُرًّا فَطَحَنَهُ وَجَعَلَهُ دَقِيقًا، أَوْ قُطْنًا فَنَسَجَهُ. فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَكُونُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَازِمًا وَلَا يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ وَالِاسْتِرْدَادِ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا بِبَدَلِ الْمَبِيعِ. إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا عِنْدَمَا طَلَبَ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ سُقُوطَ حَقِّ الْفَسْخِ وَقَدْ بَاعَهُ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ غَائِبٍ وَصُدِّقَ الْبَائِعُ عَلَى قَوْلِهِ؛ فَلَا يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ وَيُحْكَمُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا يُحْكَمُ.

بِالْقِيمَةِ لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَصُدِّقَ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ لَا وَلَا يَبْقَى لِلْبَائِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ. فَإِنْ لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغَائِبِ؛ فَلَا تُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ عَيْنِهِ لِلْبَائِعِ (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ، وَرَدَّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَلَوْ حَضَرَ بَعْدَئِذٍ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ الْمَبِيعَ يَبْقَى ذَلِكَ الرَّدُّ كَمَا كَانَ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَرْصَةً وَغَرَسَ فِيهَا الْمُشْتَرِي أَشْجَارًا، أَوْ أَنْشَأَ أَبْنِيَةً كَانَ ذَلِكَ مَانِعًا لِلْفَسْخِ إذْ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِإِجْبَارِهِ عَلَى الْقَلْعِ أَوْ الْهَدْمِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 19) . أَمَّا إذَا أَقْلَعَ الْمُشْتَرِي مَا غَرَسَهُ، أَوْ مَا بَنَاهُ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِإِخْلَاءِ الْعَرْصَةِ بِنَفْسِهِ؛ رُدَّ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَئِذٍ يَكُونُ رَاضِيًا بِضَرَرِ الْقَلْعِ وَالْهَدْمِ. وَإِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا صَحِيحًا؛ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ بَدَلَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَصَحِّ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) . رُجُوعُ حَقِّ الْفَسْخِ بَعْدَ الزَّوَالِ: إذَا زَالَ مَانِعُ الْفَسْخِ لِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ إلَى سَائِرِ النَّاسِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ رَجَعَ حَقُّ الْفَسْخِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا وَهَبَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ، أَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ تِلْكَ الْهِبَةِ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ لِأَدَاءِ دَيْنٍ كَانَ لِلْعَاقِدَيْنِ حَقُّ الْفَسْخِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 24) (الْأَنْقِرْوِيّ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ، أَوْ الْمِثْلِ؛ فَلَا يَرْجِعُ حَقُّ الْفَسْخِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي لَمَّا أَبْطَلَ حَقَّ الْبَيْعِ فِي الْعَيْنِ وَنَقَلَهُ إلَى الْقِيمَةِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ؛ فَلَا يَعُودُ حَقُّهُ إلَى الْعَيْنِ وَإِنْ ارْتَفَعَ السَّبَبُ كَمَا لَوْ قَضَى عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ ثُمَّ عَادَ. (رَدَّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِرِضَاهُ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي يُرَدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ مَعَ التَّرَاضِي لَيْسَ بِفَسْخٍ لِلْبَيْعِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي حُكْمِ شِرَاءٍ ثَانٍ لِلْمَبِيعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (98) أَنْوَاعُ الزِّيَادَةِ وَأَحْكَامُهَا: الزِّيَادَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: 1 - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ. 2 - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ. 3 - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ. 4 - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ. وَكُلُّهَا لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ مَا عَدَا النَّوْعَ الثَّانِيَ أَيْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ أَصْلِ الْمَبِيعِ كَالْكِبَرِ وَالْحُسْنِ وَالسِّمَنِ، أَوْ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ كَوَلَدِ النِّعَاجِ وَصُوفِهَا. وَالْمُنْفَصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْبَغْلَةِ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْفَسْخِ وَمَتَى فُسِخَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْمَبِيعِ بَعْدَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ

(المادة 373) إذا فسخ البيع الفاسد

وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إذَا أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ تَلَفُهَا نَاشِئًا عَنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ، أَوْ تَقْصِيرٍ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ بُسْتَانَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ فَاسْتَهْلَكَ نَوَاتِجَهُ طُولَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِدُونِ إبَاحَةٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَرَادَ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَهُ بِالنَّظَرِ إلَى فَسَادِ الْبَيْعِ فَرَدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَاسْتَرَدَّ الْبُسْتَانَ؛ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي نَوَاتِجَ الثَّلَاثِ سَنَوَاتٍ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ أَصْلِهِ قَائِمَةٌ؛ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ وَيَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَبِيعِ. وَقْتَ الْقَبْضِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ أَيْضًا مِنْ الْمُشْتَرِي. وَإِذَا هَلَكَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَيْسَ مِنْ ضَمَانٍ عَلَيْهِ أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَقُولَانِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ. وَإِذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَبِيعُ وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ بَاقِيَةٌ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ ضَامِنًا الْمَبِيعَ وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فَقَدْ تَقَرَّرَ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 373) إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ] (الْمَادَّةُ 373) إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ وَيَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْبَائِعِ. أَيْ إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي بَاعَهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ أَيْ أَنَّ لَهُ إمْسَاكَهُ كَالرَّهْنِ إلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ وَيَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمَّا كَانَ مُقَابِلًا لِلثَّمَنِ فَيُحْبَسُ لَهُ كَمَا يُحْبَسُ الرَّهْنُ فَكَمَا أَنَّ مِقْدَارَ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ بِالرَّهْنِ فَالْمَبِيعُ الَّذِي يُبَاعُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ مَضْمُونٌ أَيْضًا بِثَمَنِهِ حَتَّى إنَّ الْبَائِعَ لَوْ تُوُفِّيَ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ بَلْ وَمِنْ شِرَاءِ كَفَنٍ لِلْمَيِّتِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 372) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ وَأَبُو السُّعُودِ) وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْفَسْخِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ قَبْلِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَبْلَ الْفَسْخِ أَحْرَى بِأَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إذْ إنَّ إمْسَاكَ الْمَبِيعِ قَبْلَهُ يَكُونُ بِسَبَبِ الْمِلْكِيَّةِ. وَقَوْلُهُ أَحَقُّ مِنْ تَجْهِيزِهِ أَيْ بِأَنْ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ وَاحْتِيجَ لِتَكْفِينِهِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ وَقَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَفْقُودٍ، أَوْ دَيْنًا وَلِلْمُشْتَرِي دَيْنٌ عَلَى الْبَائِعِ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا بِمُقَابِلِ دَيْنِهِ شِرَاءً فَاسِدًا وَأُرِيدَ فَسْخُ الْمَبِيعِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ دَيْنَهُ مِنْهُ. وَهَا هُوَ الْفَرْقُ: لَمَّا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مَادِّيًّا فِي الْوَصْفِ لِلدَّيْنِ الَّذِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ كَأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَوْفَى مَالَهُ حَقِيقَةً. أَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَمَّا كَانَ الْبَائِعُ لَا يَمْلِكُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ وَسُقُوطُ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُحْتَمَلٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَالْقِيمَةُ لَا تَكُونُ مُتَقَرِّرَةً قَبْلَ الْقَبْضِ وَقِيمَةُ الدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مُتَقَرِّرَةٌ فَالتَّقَاصُّ الْوَاقِعُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَسَاوٍ فِي الْوَصْفِ فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْحَبْسِ. (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 374) البيع النافذ قد يفيد الحكم في الحال

[ (الْمَادَّةُ 374) الْبَيْعُ النَّافِذُ قَدْ يُفِيدُ الْحُكْمَ فِي الْحَالِ] أَيْ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ الْعَقْدِ يُفِيدُ الْبَيْعَ النَّافِذَ الَّذِي هُوَ مِلْكِيَّةُ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ وَتَصَرُّفَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدِهِ وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (252، 253) وَالْمَادَّةَ (369 وَشَرْحَهَا) (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 375) إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ] أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ وَرَثَتِهِ فِي الْبَيْعِ النَّافِذِ اللَّازِمِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) وَلَوْ لَمْ يَتَفَرَّقَا مِنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ تَامًّا بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ وَأَصْبَحَ الْمَبِيعُ دَاخِلًا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَبَقَاءُ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ لِإِبْطَالِ حَقِّ الْآخَرِ وَفِيهِ مِنْ الضَّرَرِ مَا لَا يَخْفَى وَالضَّرَرُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (19) مَمْنُوعٌ. وَقَوْلُهُ " لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ "، لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْوَرَثَةِ فَإِذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ؛ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْمَبِيعِ. (الْأَشْبَاهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ، وَأَبُو السُّعُودِ وَالدُّرَرُ، وَالْغُرَرُ) أَمَّا الطَّرَفَانِ؛ فَلَهُمَا بِالتَّرَاضِي أَنْ يَتَقَايَلَا الْبَيْعَ كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ لِلْبَابِ الْأَوَّلِ. [ (الْمَادَّةُ 376) إذَا كَانَ الْبَيْعُ غَيْرَ لَازِمٍ كَانَ حَقُّ الْفَسْخِ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ] (الْمَادَّةُ 376) : إذَا كَانَ الْبَيْعُ غَيْرَ لَازِمٍ كَانَ حَقُّ الْفَسْخِ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ. أَيْ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ الَّذِي لَا يَكُونُ لَازِمًا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ مُدَّةَ خِيَارِهِ رَاجِعْ الْمَوَادَّ (301، 310، 313، 316، 320، 337، 357،) الْبَحْرُ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُبَيِّنُ أَحْكَامَ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يَلْزَمُ إجْمَالًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مُفَصَّلَةً فِي الْمَوَادِّ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا. [ (الْمَادَّةُ 377) الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ] (الْمَادَّةُ 377) : الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ. أَيْ يُفِيدُ الْحُكْمَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ عِنْدَ إجَازَةِ مَنْ لَهُ حَقُّ الْإِجَازَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ فَرَسًا لِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مُهْرًا وَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ فَهِيَ وَالْمُهْرُ لِلْمُشْتَرِي. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: وَبِمَا أَنَّ لِلْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ أَنْوَاعًا عَدِيدَةً فَسَنَذْكُرُهَا مَعَ أَحْكَامِهَا: 1 - بَيْعُ الْفُضُولِيِّ: وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ تَفْصِيلَاتِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ مُفَصَّلَةً فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: 2 - بَيْعُ، أَوْ شِرَاءُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْقَاضِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 3 - بَيْعُ الْمَأْجُورِ: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ مِنْ إنْسَانٍ بَيْتًا مُؤَجَّرًا مِنْ آخَرَ فَشِرَاؤُهُ صَحِيحٌ عَلِمَ بِأَنَّهُ

مُؤَجَّرٌ، أَوْ لَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْعَقْدِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ رِضَائِهِ. وَعَلَى هَذَا فَإِذَا لَمْ يَشَأْ الْمُسْتَأْجِرُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُرَاجِعَ الْمَحْكَمَةَ لِفَسْخِ الْبَيْعِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 590) . وَإِذَا أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْعَ الْمَأْجُورِ؛ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا. وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُشْتَرِي: أَبْقِ الْمَأْجُورَ بِيَدِي حَتَّى آخُذَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ مَا دَفَعْتُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ وَكَانَ نَافِذًا كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ بَيْتَهُ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ فَقَالَ أَحَدُ النَّاسِ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ: إنَّ فُلَانًا بَاعَ مَالَهُ الْمُؤَجَّرَ لَكَ مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ (اللَّهُ يُبَارِكُ لَهُ) فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ مَالَهُ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَيْنِ الْبَيْعَيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً نَفَذَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي. 4 - بَيْعُ الْمَرْهُونِ: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ شَيْئًا مَرْهُونًا عِنْدَ آخَرَ عَلِمَ بِكَوْنِهِ مَرْهُونًا أَوْ لَا؛ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ هَذَا الشِّرَاءِ وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ الرَّهْنُ مِنْ يَدِهِ بِدُونِ رِضَائِهِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فِي الْحَالِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْتَظِرَ إلَى أَنْ يَفُكَّ الرَّهْنَ، أَوْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ لِفَسْخِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 747) . وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ إذَا أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ وَتَنْتَقِلُ الرَّهْنِيَّةُ إلَى ثَمَنٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ إذَا أَدَّى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ رَدَّ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ. وَإِذَا أَجَرَ الرَّاهِنُ الْمَالَ الْمَرْهُونَ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ فَأَجَازَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِيجَارَ وَالرَّهْنَ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَالْإِيجَارُ أَوْ الرَّهْنُ بَاطِلًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْخَيْرِيَّةُ، وَالتَّنْقِيحُ) وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ إنْسَانٍ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ فَكِّهِ ثُمَّ فَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ إذَا بَاعَ ثُمَّ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ نَفَذَ إجْمَاعًا وَكَذَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ (الْبَزَّازِيَّة) . 5 - بَيْعُ الْمَغْصُوبِ: إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا، فَإِذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ أَوْ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيِّنَةٌ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَالْبَيْعُ مُنْفَسِخٌ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 293) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْبُيُوعِ بِوَفِيِّ الْفُضُولِيِّ) 6 - بَيْعُ الْأَرَاضِي الْمُعْطَاةِ لِآخَرَ بِالْمُزَارَعَةِ: إذَا أَجَازَ الْمُزَارِعُ هَذَا الْبَيْعَ؛ كَانَ لَازِمًا وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ فَيَفْسَخَ الْبَيْعَ. (مُؤَيَّدُ زَادَهُ فِي أَحْكَامِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ) . 7 - بَيْعُ أَحَدِ وَرَثَةِ الْمَرِيضِ. 8 - بَيْعُ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ

(المادة 378) بيع الفضولي

9 - بَيْعُ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ الْمُسْتَغْرَقَةَ بِالدَّيْنِ. 10 - وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْبُيُوعِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ السَّابِعِ. [ (الْمَادَّةُ 378) بَيْعُ الْفُضُولِيِّ] (الْمَادَّةُ 378) : بَيْعُ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ صَاحِبُ الْمَالِ، أَوْ وَكِيلُهُ، أَوْ وَصِيُّهُ، أَوْ وَلِيُّهُ نَفَذَ وَإِلَّا انْفَسَخَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُجِيزِ وَالْمَبِيعِ قَائِمًا وَإِلَّا؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ، أَوْ وَكِيلُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ بَائِعًا فُضُولًا (حَتَّى إنَّهُ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالَ آخَرَ فُضُولًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَّلَهُ لِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ وَأَجَازَ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَ الصَّبِيِّ فُضُولًا وَبَعْدَ أَنْ بَاعَهُ نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا عَلَى ذَلِكَ الصَّبِيِّ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ فَيَكُونُ جَائِزًا) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَوْ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ صَبِيًّا مَحْجُورًا، أَوْ مَجْنُونًا نَفَذَ وَإِلَّا فَيُفْسَخُ (وَهَذَا لَا يُعَدُّ مِنْ شِرَاءِ الْإِجَازَةِ) . وَيُقَالُ لَهُ (عَقْدُ فُضُولِيٍّ لِخِيَارِ الْإِجَازَةِ) وَإِلَّا فَإِذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ مَالَ الْغَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَغَيْرُ قَابِلٍ لِلْإِجَازَةِ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (167) وَمِنْ الْمَادَّةِ (1496) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يَمْلِكُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ. (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) . وَالْوَلِيُّ هُنَا يَعُمُّ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لِلصَّبِيِّ وَلِيٌّ خَاصٌّ يُجِيزُ الْبَيْعَ الْفُضُولِيَّ فَلِلْقَاضِي الَّذِي يَكُونُ الْوَلَدُ تَحْتَ وِلَايَتِهِ إجَازَتُهُ. وَمَتَى أَجَازَ الْوَلِيُّ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ الْبَيْعَ قَوْلًا، أَوْ فِعْلًا نَفَذَ وَأَصْبَحَ الْمَبِيعُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَصْبَحَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمَالِ إذَا كَانَ دَيْنًا كَالْمَكِيلَاتِ وَغَيْرِهَا الَّتِي لَيْسَتْ بِدَرَاهِمَ وَلَا دَنَانِيرَ وَلَا مَعِيبَةً، أَوْ مُشَارًا إلَيْهَا وَإِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الثَّمَنُ وَهُوَ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْأَمَانَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1463، 1453) . وَإِذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالَ الْيَتِيمِ فُضُولًا ثُمَّ أَجَازَهُ بَعْدَ أَنْ نُصِّبَ وَصِيًّا؛ صَحَّ اسْتِحْسَانًا. وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ نِصْفَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وُزِّعَ النِّصْفُ الْمُبَاعُ عَلَى حِصَّةِ الِاثْنَيْنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَلَمْ يُجِزْهُ الثَّانِي فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ الْبَيْعُ فِي كُلِّ حِصَّةِ الْمُجِيزِ لَا فِي الرُّبْعِ فَقَطْ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ يَجُوزُ فِي الرُّبْعِ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 214) وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أُجِيزَ الْبَيْعُ الْفُضُولِيُّ فَالزِّيَادَةُ الَّتِي تَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ تَكُونُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي كَأَصْلِ الْمَبِيعِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ) قُلْنَا: إنَّ الْبَيْعَ الْفُضُولِيَّ يَكُونُ نَافِذًا إذَا أُجِيزَ وَإِلَّا؛ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا بِمُجَرَّدِ وِرَاثَةِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ، أَوْ شِرَائِهِ إيَّاهُ مِنْ صَاحِبِهِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَ وَالِدِهِ مِنْ آخَرَ فُضُولًا وَتُوُفِّيَ وَالِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَصْبَحَ ذَلِكَ إرْثًا لِذَلِكَ الْبَائِعِ فَمَا لَمْ يُجَدِّدْ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا. (الْبَزَّازِيَّةُ) .

أَقْسَامُ الْإِجَازَةِ: الْإِجَازَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِجَازَةُ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْمَالِ لَدَى عِلْمِهِ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ: قَدْ أَجَزْتُ، أَوْ يَقُولَ لِلْفُضُولِيِّ: أَصَبْتَ أَوْ أَصَبْتَ تَوْفِيقًا، أَوْ إذَا كُنْتَ صَحِيحًا فَأَنَا رَاضٍ بِالْبَيْعِ، أَوْ أَجَزْتُ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَادًّا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ بِهَازِلٍ وَيُفْهَمُ الْهَزْلُ مِنْ عَدَمِهِ بِالْقَرَائِنِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ قَرِينَةٌ تُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا فَيُرَجَّحُ الْجِدُّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ. الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ، وَتَكُونُ بِقَبْضِ صَاحِبِ الْمَالِ الثَّمَنَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ، أَوْ بِطَلَبِهِ لَهُ، أَوْ بِكِتَابَتِهِ سَنَدًا فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ بِهِبَتِهِ إلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ تَصَدُّقِهِ عَلَيْهِ بِهِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْإِجَازَةُ بِسَبَبِ التَّقَدُّمِ، وَهِيَ الْإِجَازَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْمِلْكِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ لِذَلِكَ إذَا ضَمَّنَ صَاحِبُ الْمَغْصُوبِ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ مِنْ آخَرَ يَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ وَقْتَ الْغَصْبِ صَارَ مَالِكًا لَهُ اسْتِنَادًا عَلَى ذَلِكَ. وَسَبَبُ الْمِلْكِ هُنَا قَدْ تَقَدَّمَ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. أَمَّا إذَا تَأَخَّرَ سَبَبُ الْمِلْكِ عَنْ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ حَاصِلَةً وَعَلَيْهِ فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ بِرِضَاءِ الْمَالِكِ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ وَهَبَهُ صَاحِبُهُ إلَيْهِ، أَوْ وَرِثَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْ صَاحِبِهِ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ السَّابِقُ الْفُضُولِيُّ نَافِذًا. الْأَحْوَالُ الَّتِي لَا تُعَدُّ مِنْ الْإِجَازَةِ: 1 - السُّكُوتُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ؛ فَلَا يُعَدُّ صَاحِبُ الْمَالِ إذَا أُخْبِرَ بِالْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَسَكَتَ مُجِيزًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُجِيزًا لَوْ سَكَتَ لَدَى مُعَايَنَةِ الْمَبِيعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 67) الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ، وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ فِي الْبَيْعِ. 2 - لَا يَكُونُ الْمَالِكُ مُجِيزًا لَوْ قَالَ لَدَى اسْتِمَاعِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ: امْسِكْ الْمَبِيعَ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ (الْبَزَّازِيَّة فِي 10 مِنْ الْبُيُوعِ) . الِاخْتِلَافُ فِي الْإِجَازَةِ وَعَدَمِهَا: إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ رَدَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَجَازَهُ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا مُلْزِمَةُ. (غَانِمٌ بَغْدَادِيٌّ فِي الْبَيْعِ) وَإِذَا لَمْ يُجِزْ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ كَانَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مُنْفَسِخًا وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَعْطَى إنْسَانٌ بُسْتَانًا لِآخَرَ مُسَاقَاةً بِرُبْعِ النَّاتِجِ فَأَخَذَ يَعْمَلُ فِيهِ حَتَّى ظَهَرَ الثَّمَرُ فَبَاعَ الثَّمَرَ كُلَّهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعَ الْبُسْتَانِ كَانَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ صَاحِبِ الْبُسْتَانِ فَإِنْ أَذِنَ؛ جَازَ وَقُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبُسْتَانِ وَالثَّمَرِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَلْحَقُ حِصَّتَهُ فِي الثَّمَنِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصْلُحُ تَعْلِيقُهُ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا. لِثَلَاثَةٍ فَسْخُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ: 1 - الْمَالِكُ، وَالْوَلِيُّ، وَالْوَصِيُّ وَمَنْ إلَيْهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَجَلَّةِ فَقَطْ.

2 - الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ. 3 - الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَيْهِ؛ فَلَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. (الْبَزَّازِيَّة فِي الْعَاشِرِ مِنْ الْبُيُوعِ) . إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ، أَوْ وَكِيلِهِ، أَوْ وَلِيِّهِ، أَوْ وَصِيِّهِ، أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: وُجُودُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُجِيزِ، وَكَوْنُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَائِمَيْنِ لِلْإِجَازَةِ، وُقُوعُ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَفِي الْإِجَازَةِ بِشَرْطِ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْعُرُوضِ وُجُودُهُ فَإِذَا هَلَكَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى، أَوْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ مِنْ الْبَوَاقِي فَالْإِجَازَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ. تَفْصِيلُ الْهَلَاكِ: 1 - هَلَاكُ الْبَائِعِ: فَإِذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ وَفَاةِ الْبَائِعِ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ جَائِزَةً. 2 - هَلَاكُ الْمُشْتَرِي: فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ بَعْدَ وَفَاةِ مَنْ اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا. 3 - هَلَاكُ الْمُجِيزِ: إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَأَجَازَ وَارِثُهُ؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ. 4 - هَلَاكُ الْمَبِيعِ: وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْهَلَاكُ الْحَقِيقِيُّ كَتَلَفِ الْمَبِيعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الْهَلَاكُ الْحُكْمِيُّ كَتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ تَغَيُّرًا يُعَدُّ بِهِ شَيْئًا آخَرَ. فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قُمَاشًا، مَثَلًا: فَتَفْصِيلُهُ وَجَعْلُهُ ثَوْبًا فِي حُكْمِ الْهَلَاكِ؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا صِبَاغَتُهُ؛ فَلَيْسَتْ فِي حُكْمِ الْهَلَاكِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ) وَلَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْبَيْعُ مُنْفَسِخًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 293) أَمَّا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ فَالْمَالِكُ يُضَمِّنُ قِيمَتَهُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ، أَوْ الْمُشْتَرِي. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 910) وَإِذَا اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا صَارَ الْآخَرُ بَرِيئًا؛ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ. فَإِنْ ضَمَّنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِمَا ضَمِنَهُ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَإِنْ ضَمَّنَ الْبَائِعَ؛ فَفِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: أَوَّلًا - إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ الْمَالَ قَبْضًا يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ بِأَنْ كَانَ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ. ثَانِيًا - إذَا قَبَضَهُ قَبْضًا لَا يَسْتَوْجِبُ الضَّمَانَ وَسَلَّمَهُ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهُ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا. ثَالِثًا - إذَا قَبَضَهُ أَمَانَةً ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ؛ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا فَقَدْ تَأَخَّرَ سَبَبُ الْمِلْكِ عَنْ الْعَقْدِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَعَلَيْهِ؛ فَلَا ضَمَانَ.

تَفْصِيلٌ لِلشُّرُوطِ الْمُخْتَلِفَةِ: 5 - أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى: فَوُقُوعُهَا عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ شَرْطٌ فَلَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ عَلَى ثَمَنٍ آخَرَ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ. 6 - أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْفَسْخِ: فَلَوْ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا تَكُونُ إجَازَتُهُ صَحِيحَةً. وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ لَدَى بَيْعِ مَالِهِ مِنْ آخَرَ فُضُولًا لَا أُجِيزُ، أَوْ سَكَتَ فَلَمْ يُحَبِّذْ الْبَيْعَ وَلَمْ يُقَبِّحْهُ فَقَدْ فَسَخَهُ وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ. فَلَوْ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ مِقْدَارَ الثَّمَنِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرُقْ لَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ ذَلِكَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . 7 - إذَا عُلِّقَتْ الْإِجَازَةُ عَلَى شَرْطٍ وَجَبَ وُجُودُ ذَلِكَ الشَّرْطِ: فَلَوْ أُخْبِرَ رَجُلٌ بِبَيْعِ مَالِهِ فُضُولًا فَقَالَ: إذَا بِيعَ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَقَدْ أَجَزْتُ فَتَكُونُ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً إذَا بِيعَ حَقِيقَةً بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ، أَوْ أَكْثَرَ. أَمَّا إذَا فَهِمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الثَّمَنَ مِائَةُ مَجِيدِي، مَثَلًا: فَالْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 82 مَتْنًا وَشَرْحًا) . 8 - وُجُودُ الثَّمَنِ إذَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ: وُجُودُ الثَّمَنِ إذَا كَانَ عُرُوضَ تِجَارَةٍ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ أَمَّا إذَا كَانَ نُقُودًا؛ فَلَا. كَمَا لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ آخَرَ فُضُولًا وَقَبَضَ ثَمَنَهُ ذَهَبَا فَتَلِفَ الثَّمَنُ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ؛ فَالْإِجَازَةُ صَحِيحَةٌ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، أَوْ بَعْدَهَا؛ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (رَاجِعْ مَادَّتَيْ 1453 و 1463) ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَارَ تَصَرُّفُهُ بِهَا نَافِذًا. أَمَّا إذَا بَاعَ دَارَ غَيْرِهِ مِنْ آخَرَ بِفَرَسٍ وَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ أَنْ يُجِيزَهُ؛ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ مِنْ وُجُودِ الْفَرَسِ أَيْضًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 379 مَتْنًا وَشَرْحًا) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي بَابِ الْحُقُوقِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الْبُيُوعِ وَمُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي بَيْعِ الْمَوْقُوفِ) . وَإِذَا بِيعَ مَالٌ فُضُولًا بِثَمَنِ عَيْنٍ كَهَذَا كَانَ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ مِثْلَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَكُونُ مَوْقُوفًا بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ كَمَا سَنُوَضِّحُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي: مِثَالٌ: لَوْ وُجِدَ عِنْدَ إنْسَانٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْحِنْطَةِ أَمَانَةً فَبَاعَهَا بِمِلْحٍ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَأَجَازَ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمِلْحِ مِنْ الْبَائِعِ؛ إذْ إنَّهُ مِلْكٌ لَهُ بَلْ لَهُ إلْزَامُهُ بِمِثْلِ حِنْطَتِهِ لَا غَيْرَ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ فَرَسَ غَيْرِهِ مِنْ آخَرَ بِلَا إذْنٍ بِمُقَابِلِ قُمَاشٍ مُقَايَضَةً وَتَقَاضَيَا ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُ الْفَرَسِ الْبَيْعَ وَشُرُوطُ الْإِجَازَةِ مُتَوَفِّرَةٌ فَالْقُمَاشُ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ سِوَى تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا (الْفَيْضِيَّةُ فِي الْفُضُولِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْبَدَلُ لَهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ مُسْتَقْرِضًا لَهُ فِي ضِمْنِ الشِّرَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ، وَاسْتِقْرَاضُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَصْدًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي بَابِ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 54) . 1 - إذَا اشْتَرَى شَيْئًا بِنُقُودِ آخَرَ فَشِرَاؤُهُ غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى إذْنِ صَاحِبِ النُّقُودِ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ

مِلْكًا لَهُ وَإِنَّمَا لِصَاحِبِ النُّقُودِ أَنْ يُضَمِّنُهُ مِثْلَ نُقُودِهِ وَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِلْكًا لِصَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ إجَازَتِهِ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ وَالْإِجَازَةُ لَا تُصَيِّرُ الْعَقْدَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ نَفَذَ عَلَى الْعَاقِدِ إلَّا أَنَّهَا تَجْعَلُ النُّقُودَ فِي يَدِ الْعَاقِدِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ مِنْهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِثْلُهَا. (نُقُولُ الْبَهْجَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبُيُوعِ) وَكَذَا إذَا اشْتَرَى بِالذَّهَبِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ بُسْتَانًا لِنَفْسِهِ فَالْبُسْتَانُ مِلْكٌ لَهُ لَا لِصَاحِبِ الذَّهَبِ 2 - إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ مَالَ غَيْرِهِ فُضُولًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثَانٍ مَرَّةً ثَانِيَةً فَالْعَقْدَانِ مَوْقُوفَانِ فَإِنْ أَجَازَهُمَا صَاحِبُ الْمَالِ كَانَا نَافِذَيْنِ وَكَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ؛ إذْ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِ الْبَيْعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنَّ لِلْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَقْبَلَاهُ مُنَاصَفَةً، أَوْ يَرُدَّاهُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْبُيُوعِ) . وَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ الثَّانِيَ فَقَطْ نَفَذَ الثَّانِي وَبَطَلَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ قَائِمٌ فِي ذَاتِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِيهِ بِعَيْنِهِ فَبَقِيَ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ الثَّانِي فَإِذَا أُجِيزَ هَذَا بَطَلَ الْآخَرُ. (نُقُولُ النَّتِيجَةِ فِي بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْفُضُولِيِّ) . وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ اثْنَيْنِ وَبَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ آخَرَ عَلَى حِدَتِهِ وَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَيْنِ مَعًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الَّذِي مَرَّ. 3 - الْبَيْعُ أَحَقُّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَبِيعَ إنْسَانٌ مَالَ آخَرَ فُضُولًا وَآخَرُ يُؤَجِّرُهُ، أَوْ يَرْهَنُهُ وَيُجِيزُ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَالْإِيجَارَ، أَوْ الرَّهْنَ مَعًا. فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْإِيجَارُ، أَوْ الرَّهْنُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِهِ تَمْلِيكُ الرَّقَبَةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ. وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ أَحَقُّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْهِبَةُ أَحَقُّ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَالْبَيْعُ فِي الْعَقَارِ أَحَقُّ مِنْ الْهِبَةِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 4 - إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ وَاخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمَالِكُ: إجَازَتِي صَحِيحَةٌ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ بَعْدَهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إجَازَتُكَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَازَةِ وَهُوَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَهَا؛ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ) . 5 - إذَا ادَّعَى صَاحِبُ مَالٍ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ صُدِّقَ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّنِي أَجَزْتُ الْبَيْعَ لَدَى اسْتِمَاعِي إيَّاهُ؛ فَلَا يُصَدَّقُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 6 - مَتَى أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً عَلَى ذَلِكَ الْبَائِعِ فَيَسْتَلِمُ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَهُوَ يُسَلِّمُهُ لِلْمَالِكِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ الثَّمَنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 1453، أَوْ 1426) مَا لَمْ يُوَكِّلْهُ الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ بِقَبْضِهِ. (إذَا بَرْهَنَ الْمَالِكُ عَلَى الْإِجَازَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ وَمُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ) . 7 - لِصَاحِبِ الْمَالِ اسْتِرْدَادُ مَالِهِ إذَا بَاعَهُ فُضُولِيٌّ مَا لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ كَمَا أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَ مَا يَحْدُثُ فِيهِ بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ الزَّوَائِدِ مِثَالٌ: إذَا وَلَدَتْ الْفَرَسُ الْمُبَاعَةُ بَيْعًا فُضُولِيًّا، أَوْ الْمُغْتَصَبَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْغَاصِبِ فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ اسْتِرْدَادُهَا مَعَ مَا وَلَدَتْهُ مِنْ مُهْرٍ، أَوْ مُهْرَةٍ.

كَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ إذَا بِيعَ بُسْتَانُهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فُضُولِيًّا فَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي نَوَاتِجَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ تِلْكَ النَّوَاتِجَ وَيَسْتَرِدَّ بُسْتَانَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 903) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَخْذَتْهُ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ) . 8 - إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا مَنْقُولًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْبَيْعُ الثَّانِي غَيْرُ نَافِذٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا فُضُولِيًّا وَمَتَى أُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَقْبُوضًا فَالْإِجَازَةُ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا؛ فَلَا أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَالْإِجَازَةُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 253) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 9 - إذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ عَلَى أَمَلِ إجَازَةِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ؛ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا نَدِمَ عَلَى تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 100) ، وَلَكِنْ قَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ. 10 - إذَا اشْتَرَى مِنْ فُضُولِيٍّ شَيْئًا بِنَقْدٍ وَتَلِفَ النَّقْدُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ الْبَيْعَ فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ؛ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ وَإِلَّا؛ فَلَهُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا وَتَلِفَ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ؛ فَلَهُ تَضْمِينُ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ) . 11 - إذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ آخَرَ فَأَجَازَهُ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَهُ الثَّانِي نَفَذَ الْبَيْعُ فِي كُلِّ حِصَّةِ الْفَاسِخِ كُلِّهَا. إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَبِلَ حِصَّةَ الْمُجِيزِ بِحِصَّتِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا (لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَغِبَ فِي شِرَائِهِ لِيُسَلِّمَ لَهُ جَمِيعَ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ يُخَيَّرُ لِكَوْنِهِ مَعِيبًا لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 12 - إذَا بَاعَ مَالَ آخَرَ مِنْ آخَرَ فُضُولًا ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ، أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ نَفَذَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ وَلَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ الثَّانِي بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَا الْبَيْعُ الْأَوَّلُ هُنَا. (الْبَزَّازِيَّةُ) . 13 - إذَا بَاعَ مَالًا مِنْ آخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا وُقُوعَ الْعَقْدِ فُضُولًا وَأَنْكَرَ الثَّانِي ذَلِكَ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ بِلَا يَمِينٍ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْبَائِعِ: أَنْتَ أَقْرَرْتَ بِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَأْمُرْكَ بِبَيْعِهِ، أَوْ أَنَّكَ بِعْتَهُ فُضُولًا؛ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَبَيِّنَتُهُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 111) إذًا فَالْإِقْدَامُ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى دَعْوَى الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الْأَمْرِ تَنَاقُضٌ وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْإِقَالَةِ) أَمَّا إذَا اتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فُضُولًا وَتَصَادُقًا عَلَى ذَلِكَ يُنْقَضُ الْبَيْعُ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِفُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ: قَدْ رَضِيتُ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَمْنَعَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ مُسْتَقِلٍّ بَيْنَهُمَا (انْتَهَى عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) (الْبَحْرُ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ) إلَّا أَنَّ اتِّفَاقَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى هَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى حَقِّ الْمَالِ فَلِلْمَالِكِ طَلَبُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 78) لَا مِنْ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461 رَدُّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 379) يشترط في بيع الفضولي وجود الثمن عند الإجازة

14 - إذَا بَاعَ مَالَ آخَرَ مِنْ آخَرَ فَاتَّفَقَ صَاحِبُ الْمَالِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ بَاعَهُ فُضُولًا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِذَا أَثْبَتَ فَبِهَا وَإِلَّا فَعَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْبَيْعُ فُضُولِيًّا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ) . شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ: 15 - إذَا اشْتَرَى لِرَجُلٍ آخَرُ مَالًا بِدُونِ تَوْكِيلٍ مِنْهُ فَإِنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ نَفَذَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَجَازَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الشِّرَاءَ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَوَقَّفُ الشِّرَاءُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ. (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) مِثَالٌ: لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (إنَّنِي بِعْتُهُ لَكَ) وَقَالَ الْمُشْتَرِي (اشْتَرَيْتُهُ) ، أَوْ (قَبِلْتُهُ) فَهُوَ لَهُ وَلَوْ نَوَى الشِّرَاءَ لِلْغَائِبِ وَكَذَا يَكُونُ لَهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ (بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا لِفُلَانٍ) وَقَالَ الْآخَرُ (أَخَذْتُهُ، أَوْ قَبِلْتُهُ) ، أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي (اشْتَرَيْتُ هَذَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا) وَقَالَ الْبَائِعُ (بِعْتُهُ) وَإِنْ نَوَى الشِّرَاءَ لِلْغَائِبِ. " الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ الْعَشْرِ وَمُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ " مَا لَمْ يَكُنْ الْعَاقِدُ صَبِيًّا غَيْرَ مَأْذُونٍ أَوْ مَحْجُورًا فَيَكُونُ مَا يَشْتَرِي لِغَيْرِهِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ. وَإِنْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْغَائِبِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ. مِثَالٌ: إذَا قَالَ الْبَائِعُ (بِعْتُ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، أَوْ لِأَجْلِهِ) وَقَالَ الْفُضُولِيُّ (اشْتَرَيْتُهُ لَهُ، أَوْ قَبِلْتُهُ لِأَجْلِهِ) أَوْ قَالَ (قَبِلْتُ) فَقَطْ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مَنْ أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَيْهِ. (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي كَوْنِهِ مَوْقُوفًا أَنْ يُضَافَ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى فُلَانٍ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 16 - إذَا اشْتَرَى مَالًا لِآخَرَ مُضِيفًا الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ ظَانًّا أَنَّهُ لَهُ وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 171) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 17 - إذَا اشْتَرَى مَالًا لِآخَرَ وَأَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ (إنَّكَ اشْتَرَيْتَهُ لِي بِأَمْرِي) فَقَالَ لَهُ (هُوَ لِي فَإِنِّي اشْتَرَيْتُ لَكَ بِدُونِ أَمْرِكَ) مُخْتَلِفِينَ؛ فَالْقَوْلُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ لَكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَمْرِهِ. (الْهِنْدِيَّةُ) . 18 - إذَا أَوْجَبَ الْمُشْتَرِي فُضُولًا قَائِلًا لِلْبَائِعِ (اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ) وَقَبِلَ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ (بِعْتُهُ لَكَ) فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 177) وَبِالْعَكْسِ يَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا. (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ) . [ (الْمَادَّةُ 379) يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وُجُودُ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ] (الْمَادَّةُ 379) بِمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْبَدَلَيْنِ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ حُكْمَ الْمَبِيعِ تُعْتَبَرُ فِيهِمَا شَرَائِطُ الْمَبِيعِ. فَإِذَا وَقَعَتْ مُنَازَعَةٌ فِي أَمْرِ التَّسْلِيمِ لَزِمَ أَنْ يُسَلِّمَ وَيَتَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا.

وَلِهَذَا فَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وُجُودُ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ عَيْنًا فَضْلًا عَنْ الشُّرُوطِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي بَيْعِ الْمَوْقُوفِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ قَبْضِهَا، وَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ؛ فَلَا تَصِحُّ وَلَزِمَ ضَمَانُ مِثْلِ تِلْكَ الْعَيْنِ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. (الْبَزَّازِيَّة فِي الْعَاشِرِ مِنْ الْبُيُوعِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ مُنَازَعَةٌ فِي أَمْرِ التَّسْلِيمِ فِي هَذَا الْبَيْعِ وَفِي الْبَيْعِ الصِّرْفِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (سَلِّمْنِي الْبَدَلَ أَوَّلًا حَتَّى أُسَلِّمَكَ الْمَبِيعَ) وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَهُ (سَلِّمْنِي أَنْتَ الْمَبِيعَ أَوَّلًا حَتَّى أُسَلِّمَكَ الْبَدَلَ) فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يُسَلِّمَ وَيَتَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا وَإِلَّا؛ فَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ بِنَاءً عَلَى الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة مِنْ الْمَادَّةِ (262) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَدَلَانِ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ مُتَعَيِّنَيْنِ؛ فَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ يَدْعُو إلَى دَفْعِ الثَّمَنِ مِنْ النُّقُودِ أَوَّلًا

الفصل الثالث في السلم

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي السَّلَمِ] السَّلَمُ، بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ مَصْدَرُهُ إسْلَامٌ يُقَالُ (أَسْلَمَ فِي شَعِيرٍ) أَيْ أَعْطَى سَلَمًا فِيهِ. السَّلَمُ، قَدْ شُرِعَ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ بَيْعٌ مَعْدُومٌ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَالْمَبِيعُ فِي السَّلَمِ لَيْسَ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَلَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ خِيَارُ الْعَيْبِ. خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - رُكْنُ السَّلَمِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ. 2 - يَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ. 3 - حُكْمُ السَّلَمِ ثُبُوتُ مِلْكِيَّةِ الْبَدَلَيْنِ. 4 - السَّلَمُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَقْبَلُ التَّعْيِينَ بِالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مِثْلُهُ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. 5 - تَعْيِينُ مِقْدَارِ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ أَوَّلًا بِالْعَدِّ ثَانِيًا بِالْكَيْلِ ثَالِثًا بِالْوَزْنِ. 6 - يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْوَرِقِ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ مَعًا. 7 - يَجِبُ تَعْيِينُ اللَّبِنِ وَالْآجُرِّ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ ذَاتِ الْقَوَالِبِ بِالذِّرَاعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَقَايِيسِ. 8 - يَجِبُ بَيَانُ طُولِ الْقُمَاشِ مِنْ جُوخٍ، أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا وَعَرْضِهِ وَرِقَّتِهِ وَكَثَافَتِهِ وَمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ وَذِكْرُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُصْنَعُ فِيهِ. 9 - لِصِحَّةِ السَّلَمِ تِسْعَةُ شُرُوطٍ. (الْمَادَّةُ 380) : السَّلَمُ كَالْبَيْعِ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ يَعْنِي إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَسْلَمْتُكَ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى مِائَةِ كَيْلٍ حِنْطَةٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ انْعَقَدَ السَّلَمُ إلَى شَهْرٍ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْلَ. فَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (167) يَنْعَقِدُ السَّلَمُ بِهِمَا وَعَلَى ذَلِكَ فَرُكْنُ السَّلَمِ عِبَارَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. (الْبَحْرُ) . فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أَسْلَمْتُكَ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تُسْلِمَنِي مِائَةَ كَيْلٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَقَبِلَ الْآخَرُ انْعَقَدَ السَّلَمُ.

(المادة 381) السلم إنما يكون صحيحا في الأشياء التي تقبل التعيين بالقدر والوصف

يَكُونُ السَّلَمُ مُنْعَقِدًا بِلَفْظِ الْبَيْعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ) . فَلَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: بِعْتُكَ مِقْدَارَ كَذَا حِنْطَةٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَخَذْتُ، انْعَقَدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ سَلَمٌ وَلَزِمَ فِيهِ مُرَاعَاةُ شَرَائِطِ السَّلَمِ. وَلَا يَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ (خُلَاصَةٌ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَحُكْمُ السَّلَمِ كَحُكْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ ثُبُوتُ مِلْكِيَّةِ الْبَدَلَيْنِ. يَعْنِي صَيْرُورَةُ رَأْسِ الْمَالِ مِلْكًا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ مُعَجَّلًا مُعَجَّلًا وَالْمُسْلَمِ فِيهِ مِلْكًا لِرَبِّ السَّلَمِ مُؤَجَّلًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . إلَّا أَنَّ السَّلَمَ إذَا كَانَ فَاسِدًا؛ فَلَيْسَ لِرَبِّ السَّلَمِ أَخْذُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ رَأْسَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (الْخَيْرِيَّةُ فِي السَّلَمِ) . [ (الْمَادَّةُ 381) السَّلَم إنَّمَا يَكُون صَحِيحًا فِي الْأَشْيَاء الَّتِي تَقْبَل التَّعْيِين بِالْقَدْرِ وَالْوَصْف] (الْمَادَّةُ 381) السَّلَمُ إنَّمَا يَكُونُ صَحِيحًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَقْبَلُ التَّعْيِينَ بِالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ كَالْجَوْدَةِ وَالْخِسَّةِ اللَّتَيْنِ يُمْكِنُ ضَبْطُهُمَا بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَالدِّبْسِ وَالْفَحْمِ. السَّلَمُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا إلَّا فِيمَا يَقْبَلُ التَّعَيُّنَ. أَوَّلًا بِمِقْدَارِهِ أَيْ كَيْلِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ ذَرْعِهِ. وَثَانِيًا: بِصِفَتِهِ أَيْ جُودَتِهِ وَخِسَّتِهِ. ثَالِثًا: بِوُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ زَمَنِ الْعَقْدِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. رَابِعًا: كَوْنُهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يُفْضِي إلَى النِّزَاعِ. الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا السَّلَمُ وَتُبْنَى عَلَيْهَا مَسَائِلُهُ يَكُونُ السَّلَمُ صَحِيحًا فِي الْحِنْطَةِ وَالسِّمْسِمِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَفِي الزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالْمِسْكِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْحِنَّاءِ وَالنُّحَاسِ، وَالْقَصْدِيرِ، وَالْحَدِيدِ، وَالْأُرْزِ، وَالْقُطْنِ، وَالْجُبْنِ، وَالْفَحْمِ، وَالتِّبْنِ، وَاللَّحْمِ، وَالْحَطَبِ، وَالْوَرَقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ مَا عَدَا النُّقُودَ وَفِي أَلْوَاحِ الْخَشَبِ وَالْبُرْتُقَالِ وَاللَّيْمُونِ وَالْأَوَانِي الْمَصْنُوعَةِ مِنْ التُّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ وَالْمَذْرُوعَاتِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَكِيلَاتِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ سَلَمًا أَيْ مُسْلَمٌ فِيهِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، وَخُلَاصَةٌ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) كَذَا السَّلَمُ فِي الْحَطَبِ صَحِيحٌ أَمَّا فِي الصُّوفِ فَبَاطِلٌ إلَّا إذَا بُيِّنَ فِيهِ طُولُ الْحَبْلِ الَّذِي سَيُرْبَطُ بِهِ وَعَرْضُهُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِحَيْثُ لَا تَكُونُ مُنَازَعَةٌ فِيمَا بَعْدُ. وَكَذَلِكَ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْوَرِقِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَفِي الْأَوَانِي وَالْأَدَوَاتِ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ التُّرَابِ إذَا بُيِّنَتْ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّفَاوُتَ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْخُلَاصَةُ، وَالْمُلْتَقَى، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا يَكُونُ مِقْدَارُهَا وَوَصْفُهَا قَابِلًا لِلتَّعْيِينِ وَلَا فِي الْحَيَوَانَاتِ

(المادة 382) المكيلات والموزونات والمذروعات تتعين مقاديرها بالكيل والذرع والوزن

عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا فِيمَا لَا يُوجَدُ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ مِقْدَارُهُ وَوَصْفُهُ يَكُونُ مَجْهُولًا وَذَلِكَ مَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَعَلَيْهِ؛ فَلَا يَكُونُ السَّلَمُ صَحِيحًا فِي الْبِطِّيخِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. مَا لَمْ يَكُنْ بِصُورَةِ غَيْرِ الْعَدِّ كَأَنْ يُبَيَّنَ طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَيُوصَفَ وَيُعَرَّفَ (مُنْلَا مِسْكِينٍ، الزَّيْلَعِيُّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَكَذَا فِيمَا يَكُونُ مَوْجُودًا مِنْ نَيْسَانَ إلَى أَيْلُولَ وَمُنْقَطِعًا مِنْ تِشْرِينَ أَوَّلٍ إلَى مَارِسَ أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ لَدَى عَقْدِ السَّلَمِ فِي بَلْدَةٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجَلُ فِيهِ شَهْرَ أَيْلُولَ وَإِلَّا كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ جَائِزٍ وَعَلَيْهِ؛ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي: 1 - مَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمُنْقَطِعًا وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ. 2 - مَا كَانَ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَوْجُودًا وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ. 3 - مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَعِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَكِنَّهُ يَنْقَطِعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي حِنْطَةِ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حِنْطَةَ تِلْكَ السَّنَةِ مُنْقَطِعَةٌ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ. أَمَّا الَّتِي تُوجَدُ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَتَنْقَطِعُ فِي غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا السَّلَمُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي تَنْقَطِعُ فِيهَا (لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهَا إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ فَيَعْجَزُ عَنْ التَّسْلِيمِ) أَمَّا فِي الْبِلَادِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا فَجَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ وَانْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ رَبُّ السَّلَمِ فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَى أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا أَوْ يَفْسَخَ عَقْدَ السَّلَمِ وَيَسْتَرِدَّ مَالَهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (دُرُّ الْمُخْتَارِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 382) الْمَكِيلَات وَالْمَوْزُونَات وَالْمَذْرُوعَات تَتَعَيَّن مَقَادِيرهَا بِالْكَيْلِ وَالذَّرع وَالْوَزْن] (الْمَادَّةُ 382) : الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْمَذْرُوعَاتُ تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا بِالْكَيْلِ وَالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ وَالْمَعْلُومَات؛ فَلَا تَجُوزُ بِمَجْهُولٍ وَلَا بِمَا يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ. إنَّ عِبَارَةَ الْمَجَلَّةِ فِيهَا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ إلَّا أَنَّ تَعْيِينَ الْمَكِيلَاتِ بِالْوَزْنِ وَالْمَوْزُونَاتِ بِالْكَيْلِ صَحِيحٌ أَيْضًا فَلَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ أَعْطَيْتُكَ مِائَتَيْ قِرْشٍ سَلَمًا عَلَى أَلْفِ أُوقِيَّةِ قَمْحٍ فَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 386) . [ (الْمَادَّةُ 383) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ] (الْمَادَّةُ 383) : الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ كَمَا تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا بِالْعَدِّ تَتَعَيَّنُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْضًا. أَيْ أَنَّ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةَ تَتَعَيَّنُ مَقَادِيرُهَا: أَوَّلًا: بِالْعَدِّ بِلَا تَفْرِيقٍ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. ثَانِيًا: بِالْكَيْلِ. ثَالِثًا: بِالْوَزْنِ. " دُرُّ الْمُخْتَارِ ". فَكَمَا يَصِحُّ السَّلَمُ بِقَوْلِكَ أَعْطَيْتُ كَذَا قِرْشًا سَلَمًا عَلَى أَلْفِ جَوْزَةٍ يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ أَعْطَيْتُ هَذَا قِرْشًا عَلَى كَذَا كَيْلَةِ جَوْزٍ، أَوْ أُوقِيَّةِ جَوْزٍ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي عَقْدِ السَّلَمِ عَلَى الْبَيْضِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ أَنَّهُ بَيْضُ دَجَاجٍ أَوْ بَطٍّ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ بَيَانُ صِفَتِهِ مِنْ جَوْدَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّفَاوُتُ فِيهِ مِنْ حَيْثُ

(المادة 384) ما كان من العدديات كاللبن والآجر يلزم كون قالبه أيضا معينا

الْقَدْرِ سَاقِطًا فَبِالْأَوْلَى سُقُوطُهُ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . كَذَلِكَ فِي الْوَرِقِ فَكَمَا يَجُوزُ بِالْمَاعُونِ يَجُوزُ بِالْوَزْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 384) مَا كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ كَاللَّبِنِ وَالْآجُرِّ يَلْزَمُ كون قَالِبُهُ أَيْضًا مُعَيَّنًا] (الْمَادَّةُ 384) : مَا كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ كَاللَّبِنِ وَالْآجُرِّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ قَالِبُهُ أَيْضًا مُعَيَّنًا. يَلْزَمُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِيمَا كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ كَاللَّبِنِ وَالْآجُرِّ طَرِيًّا كَانَ، أَوْ يَابِسًا أَنْ يَكُونَ قَالِبُهُ مُعَيَّنًا وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْقَالِبِ بِمَعْرِفَةِ أَبْعَادِهِ الثَّلَاثَةِ: طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَعُمْقُهُ مَا لَمْ يَصْطَلِحْ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى قَالِبٍ مَخْصُوصٍ لَا يُشْرَطُ تَعْيِينُهُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 45) . [ (الْمَادَّةُ 385) الْكِرْبَاسُ وَالْجُوخُ وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ يَلْزَمُ تَعْيِينُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا] (الْمَادَّةُ 385) : الْكِرْبَاسُ وَالْجُوخُ وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ الْمَذْرُوعَاتِ يَلْزَمُ تَعْيِينُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَرِقَّتِهَا وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تُنْسَجُ وَمِنْ نَسْجِ أَيِّ مَحَلٍّ هِيَ. وَيَلْزَمُ أَيْضًا بَيَانُ الْوَزْنِ إذَا كَانَ الْكِرْبَاسُ مَعْمُولًا مِنْ الْحَرِيرِ. (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 386) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ بَيَانُ جِنْسِ الْمَبِيعِ] (الْمَادَّةُ 386) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ السَّلَمِ بَيَانُ جِنْسِ الْمَبِيعِ، مَثَلًا: أَنَّهُ حِنْطَةٌ أَوْ أُرْزٌ، أَوْ تَمْرٌ وَنَوْعُهُ كَكَوْنِهِ يُسْقَى مِنْ مَاءِ مَطَرٍ (وَهُوَ الَّذِي نُسَمِّيهِ فِي عُرْفِنَا بَعْلًا) ، أَوْ بِمَاءِ النَّهْرِ وَالْعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (وَهُوَ مَا يُسَمَّى عِنْدَنَا سَقْيًا) وَصِفَتُهُ كَالْجَيِّدِ وَالْخَسِيسِ وَبَيَانُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَزَمَانِ تَسْلِيمِهِ وَمَكَانِهِ. لِصِحَّةِ السَّلَمِ تِسْعَةُ شُرُوطٍ: أَوَّلُهَا: بَيَانُ جِنْسِ الْمَبِيعِ كَكَوْنِهَا حِنْطَةً، أَوْ أُرْزًا، أَوْ تَمْرًا. ثَانِيهَا: بَيَانُ نَوْعِهِ كَكَوْنِهِ يُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ، أَوْ بِمَاءِ الْعَيْنِ وَأَنَّهُ مِنْ مَحْصُولِ الْجَبَلِ، أَوْ السَّهْلِ. ثَالِثُهَا: بَيَانُ صِفَتِهِ كَالْجَوْدَةِ وَالْخِسَّةِ. رَابِعُهَا: بَيَانُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ خَامِسُهَا: بَيَانُ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ سَادِسُهَا: بَيَانُ زَمَانِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ. سَابِعُهَا: بَيَانُ مَكَانِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إذَا احْتَاجَ تَسْلِيمُهُ وَنَقْلُهُ إلَى نَفَقَاتٍ. ثَامِنُهَا: كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ. تَاسِعُهَا: تَسَلُّمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَسَيُذْكَرُ الشَّرْطُ التَّاسِعُ فِي الْمَادَّةِ 387 (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي السَّلَمِ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَاللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْقَلِيلَةِ مِمَّا لَا يُحْتَاجُ فِي نَقْلِهِ إلَى نَفَقَاتٍ؛ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فَيُسَلِّمُهُ الْبَائِعُ أَيْنَمَا شَاءَ أَمَّا إذَا بُيِّنَ فِيهِ مَكَانُ التَّسْلِيمِ فَقَدْ لَزِمَ التَّسْلِيمُ فِيهِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 83) . ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . تَفْصِيلَاتُ الشُّرُوطِ التِّسْعَةِ: نَرَى بَعْدَ ذِكْرِنَا مُجْمَلَ الشُّرُوطِ التِّسْعَةِ أَنْ نَأْتِيَ عَلَيْهَا مُفَصَّلَةً فَنَقُولَ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: بَيَانُ جِنْسِ الْمَبِيعِ. يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جِنْسَيْنِ بَيَانُ

حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ لَا. (بِنَاءً عَلَى أَنَّ إعْلَامَ رَأْسِ الْمَالِ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا) (وَالْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ) . فَيَجِبُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنْ يُقَالَ أَعْطَيْتُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ مَجِيدِيًّا مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مَجِيدِيًّا سَلَمًا فِي خَمْسِينَ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةُ فِي خَمْسِينَ كَيْلَةِ شَعِيرٍ حَتَّى إذَا لَمْ يُبَيَّنُ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ السَّلَمُ فَاسِدًا. فَلَوْ قَالَ أَعْطَيْتُ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مَجِيدِيًّا سَلَمًا فِي خَمْسِينَ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ وَخَمْسِينَ كَيْلَةِ شَعِيرٍ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: بَيَانُ نَوْعِ الْمَبِيعِ. يَلْزَمُ هَذَا الشَّرْطُ إذَا كَانَ لِلْمَبِيعِ أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَإِلَّا؛ فَلَا (الْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: بَيَانُ صِفَةِ الْمَبِيعِ. إنَّ نِسْبَةَ الشَّيْءِ إلَى بَلَدٍ، أَوْ قَرْيَةٍ مَا لِبَيَانِ صِفَتِهِ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ السَّلَمِ فَإِنَّ بَعْضَ الْمَحَالِّ قَدْ تَكُونُ مَشْهُورَةً بِجَوْدَةِ حَاصِلَاتِهَا فَإِذَا نَسَبَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ إلَيْهَا فَقَدْ بَيَّنَ صِفَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَيْرِ الْأَنْوَاعِ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِذَلِكَ الْعَقْدِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ النِّسْبَةُ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِغَيْرِ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ لِلْإِعْطَاءِ مِنْ حَاصِلَاتِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَقَطْ فَعَقْدُ السَّلَمِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْ أَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَى أَنْ يُعْطَى الْمُسْلَمُ فِيهِ مِنْ حِنْطَةٍ قَرِيبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ تَمْرِ نَخْلَةٍ مَعْدُومَةٍ بَاطِلٌ. إذْ قَدْ يَعْرِضُ لِنَاتِجِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، أَوْ تَمْرِ تِلْكَ النَّخْلَةِ آفَةٌ فَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ مِنْ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ (الْخُلَاصَةُ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ: بَيَانُ الْمِقْدَارِ. إذَا اُسْتُعْمِلَ لِبَيَانِ مِقْدَارِ الْمَبِيعِ وِعَاءٌ، أَوْ مِقْيَاسٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَعَقْدُ السَّلَمِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا فَلَوْ قُلْتَ: أَعْطَيْتُ أَلْفَ قِرْشٍ سَلَمًا فِي مِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ، أَوْ هَذَا الْمَخْزَنِ حِنْطَةً، أَوْ فِي وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ زَيْتًا، أَوْ فِي طُولِ هَذِهِ الْعِمَامَةِ أَوْ فِي طُولِ ذِرَاعٍ، أَوْ ذِرَاعِ فُلَانٍ كِرْبَاسًا وَلَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ ذَلِكَ مَعْلُومًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَقَايِيسِ الْعَامَّةِ؛ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَيُشْتَرَطُ فِي التَّقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِمِعْيَارٍ، أَوْ ذِرَاعٍ يُؤْمَنُ فَقْدُهُ. وَجُمْلَةُ هَذَا أَنَّ إعْلَامَ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ، أَوْ الْمَذْرُوعِ بِكَيْلٍ أَوْ مِيزَانٍ، أَوْ ذِرَاعٍ مَعْرُوفٍ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلَوْ أَسْلَمَ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ بِقَفِيزٍ لَا يُعْرَفُ مِعْيَارُهُ فَالسَّلَم فَاسِدٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ. (الْخُلَاصَةُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قِيلَ إنَّ مِقْدَارَ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَدْ عُيِّنَ بِكَيْلَةِ فُلَانٍ، أَوْ بِذِرَاعِهِ وَكَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْمَقَايِيسِ الْمُسْتَعْمَلَةِ بَيْنَ النَّاسِ فَالسَّلَمُ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَمَّا إذَا كَانَ مُوَافِقًا فَصَحِيحٌ وَالتَّقَيُّدُ لَغْوٌ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْمِكْيَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ؛ فَلَا يَكُونُ نِزَاعٌ فِيمَا بَعْدُ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمَاءِ مَعَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِنَاءً عَلَى التَّعَامُلِ فِيهِ. (الْهِنْدِيَّةُ) . الشَّرْطُ الْخَامِسُ: بَيَانُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ. بِأَنْ تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِمِقْدَارِهِ بِأَنْ تَنْقَسِمَ أَجْزَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى

أَجْزَائِهِ (فَتْحٌ) أَيْ بِأَنْ يُقَابَلَ النِّصْفُ بِالنِّصْفِ وَالرُّبْعُ بِالرُّبْعِ وَهَكَذَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ أَعْطَيْتُكَ مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً، أَوْ عِشْرِينَ ذَهَبَةٍ سَلَمًا فِي كَذَا أُوقِيَّةٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ، مَثَلًا: أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ مِقْدَارُ الثَّمَنِ كَأَنْ يُقَالَ أَعْطَيْتُ هَذِهِ الْكَوْمَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ، أَوْ هَذِهِ الذَّهَبَاتِ سَلَمًا فِي كَذَا زَعْفَرَانًا وَلَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُ الْكَوْمَةِ، أَوْ عَدَدُ الذَّهَبَاتِ فَالسَّلَمُ بَاطِلٌ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ تَكْفِي الْإِشَارَةُ. أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَالْمَذْرُوعَاتِ فَتَكْفِي فِيهِ الْإِشَارَةُ اتِّفَاقًا. فَلَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: أَعْطَيْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ مِنْ الْقُمَاشِ سَلَمًا فِي مِائَةِ كَيْلَةٍ حِنْطَةً صَحَّ السَّلَمُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ أَذْرُعِهِ مَعْلُومًا. وَكَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ بَيَانُ مِقْدَارِهِ يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً قَمْحًا، أَوْ شَعِيرًا وَبَيَانُ نَوْعِهِ عُثْمَانِيٌّ، أَوْ إفْرِنْسِيٌّ وَصِفَتُهُ جَيِّدًا، أَوْ رَدِيئًا مَا لَمْ تَكُنْ الْعُمْلَةُ الدَّارِجَةُ غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ؛ فَلَا لُزُومَ لِبَيَانِ نَوْعِهَا وَبَيَانُ الْجِنْسِ كَافٍ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ السَّادِسُ: بَيَانُ الْأَجَلِ. يَلْزَمُ أَنْ لَا يَقِلَّ أَجَلُ الثَّمَنِ عَنْ شَهْرٍ فَعَلَيْهِ فَالسَّلَمُ الْمُعَجَّلُ لَيْسَ بِجَائِزٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الطَّرَفَانِ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَى أَنَّهُ مُعَجَّلٌ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَقَبْلَ اسْتِهْلَاكِ رَأْسِ الْمَالِ؛ انْقَلَبَ السَّلَمُ صَحِيحًا. " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ " " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 24 ". وَلَيْسَ الْأَجَلُ الْوَاحِدُ فِي السَّلَمِ بِشَرْطٍ فَيُعْقَدُ السَّلَمُ عَلَى أَنْ تُسَلَّمَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَيْلَةً عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَخَمْسُونَ كَيْلَةً عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَعَشْرُ كَيْلَاتٍ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ السَّادِسِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) يَبْطُلُ الْأَجَلُ بِوَفَاةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَيُسْتَوْفَى الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الْحَالِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِوَفَاةِ رَبِّ السَّلَمِ - (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الْبُيُوعِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 257) وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَقَالَ الْأَوَّلُ: إنَّهُ شَهْرٌ وَقَالَ الثَّانِي: إنَّهُ شَهْرَانِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَعُمِلَ بِمُوجَبِهَا. فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِرَبِّ السَّلَمِ وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . الشَّرْطُ السَّابِعُ: بَيَانُ مَكَانِ التَّسْلِيمِ: إذَا لَزِمَ بَيَانُ مَكَانِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ؛ فَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ بَيَانُ مَكَانِ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ (فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانَ الْعَقْدِ لِإِيفَائِهِ اتِّفَاقًا) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) وَإِذَا اكْتَفَى فِي بَيَانِ الْمَكَانِ بِقَوْلِهِ يُسَلَّمُ فِي الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ تَسْلِيمُهُ فِي أَيِّ حَيٍّ

(المادة 387) يشترط لصحة بقاء السلم تسليم الثمن في مجلس العقد

مِنْ أَحْيَاءِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا سَلَّمَهُ فِي حَيٍّ مِنْ أَحْيَائِهَا فَقَدْ بَرِئَ وَلَا يُطَالَبُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً أُخْرَى فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى (الْبَزَّازِيَّةُ) . إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَالُوا بِلُزُومِ بَيَانِ النَّاحِيَةِ الَّتِي يُرَادُ التَّسْلِيمُ فِيهَا إذَا كَانَتْ الْمَدِينَةُ كَبِيرَةً وَتَبْلُغُ نَوَاحِيهَا فَرْسَخًا (لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَفَسَادِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ وَفَسَادِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ السَّلَمَ صَحِيحٌ لِتَوَفُّرِ الشُّرُوطِ فِيهِ وَقَالَ الْآخَرُ: فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفُلَانِيَّ مَفْقُودٌ مِنْهُ؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. (الْخَيْرِيَّةُ فِي السَّلَمِ) . [ (الْمَادَّةُ 387) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 387) يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِذَا تَفَرَّقَ الْعَاقِدَانِ قَبْلَ تَسْلِيمِ رَأْسِ السَّلَمِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ. أَيْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ بَقَاءِ السَّلَمِ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَهُوَ جَامِعٌ لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَيْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَيْ قَبْلَ افْتِرَاقِ الطَّرَفَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ بَيْعُ مُؤَجَّلٍ بِمُعَجَّلٍ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ التَّسَلُّمُ فِي أَوَّلِ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي آخِرِهِ بَعْدَ التَّأَنِّي وَالتَّطْوِيلِ. " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ "، وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبْضِهِ. (لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ لَهَا حُكْمُ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ) فَإِذَا افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ افْتِرَاقَ أَبَدَانً قَبْلَ تَسَلُّمِ رَأْسِ الْمَالِ فَالْعَقْدُ مُنْفَسِخٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَإِنْ كَانَ انْعِقَادُهُ صَحِيحًا وَذَلِكَ لِعَدَمِ إيفَاءِ الثَّمَنِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ. قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ (فَلَوْ انْتَقَضَ الْقَبْضُ بَطَلَ السَّلَمُ كَمَا لَوْ كَانَ عَيْنًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا أَوْ مُسْتَحَقًّا وَلَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمُسْتَحِقُّ، أَوْ دَيْنًا فَاسْتُحِقَّ وَلَمْ يُجِزْهُ وَاسْتُبْدِلَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ فَلَوْ قَبِلَهُ صَحَّ) انْتَهَى. لِهَذَا لَمْ يَكُنْ مَكَانُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ. كَذَلِكَ لَا يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَقَالَ لَهُ: إنَّ مَالِي عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ سَلَمٌ فِي كَذَا كَيْلَةِ حِنْطَةٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي مَكَانِ كَذَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَبْضُهُ الثَّمَنَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَتَّى إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَسَلَّمَ نِصْفَهُ نَقْدًا وَبَقِيَ النِّصْفُ الثَّانِي دَيْنًا فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ فِي حِصَّةِ النِّصْفِ الْمُسْلَمِ وَبَاطِلٌ فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ. (لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي السَّلَمِ) . افْتِرَاقُ الْأَبَدَانِ: يُتِمُّ ذَلِكَ بِغِيَابِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَنْ نَظَرِ الْآخَرِ وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَلْ قَامَا وَمَشَيَا مَعًا فَرْسَخًا، أَوْ فَرْسَخَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَتَقَابَضَا قَبْلَ افْتِرَاقِ أَبْدَانِهِمَا فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ.

وَيَنْفَسِخُ عَقْدُ السَّلَمِ إذَا ذَهَبَ رَبُّ السَّلَمِ بَعْدَ الْعَقْدِ إلَى بَيْتِهِ لِاسْتِحْضَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَتَوَارَى عَنْ نَظَرِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَارَ عَنْ نَظَرِهِ؛ فَلَا. وَلَا يَضُرُّ إغْفَاؤُهُمَا، أَوْ إغْفَاءُ أَحَدِهِمَا وَهُمَا فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ بَعْدَ الْعَقْدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 1 - إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَرُدَّ بِالْعَيْبِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ، أَوْ ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ، أَوْ الضَّبْطُ بَعْدَ إجْرَاءِ عَقْدِ السَّلَمِ وَبَعْدَ الِافْتِرَاقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَالسَّلَمُ مُنْفَسِخٌ وَلَوْ دَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَدَلًا مِنْ الْمَالِ الْمَرْدُودِ، أَوْ الْمَضْبُوطِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ، أَوْ الضَّبْطِ؛ فَلَا يَكُونُ السَّلَمُ صَحِيحًا. أَمَّا إذَا كَانَ الرَّدُّ وَالضِّبَاطُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَدَفَعَ رَبُّ السَّلَمِ بَدَلًا مِنْهُ فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ. 2 - إذَا رَضِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمَذْكُورُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِعَيْبِ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَالْعَقْدُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ رَبَّ السَّلَمِ مَالَهُ الْمُسْتَحَقَّ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 3 - إذَا كَفَلَ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ السَّلَمِ أَحَدٌ بِرَأْسِ الْمَالِ، أَوْ حَوَّلَ رَأْسَ الْمَالِ عَلَى أَحَدِ النَّاسِ فَإِنْ سَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ رَبُّ السَّلَمِ، أَوْ الْكَفِيلُ أَوْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ كَانَ السَّلَمُ صَحِيحًا. وَإِلَّا فَهُوَ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ مَعَ الْبُطْلَانِ بِمَكَانٍ " فَإِنْ فَارَقَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ " بَطَلَ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَ الْكَفِيلُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا يَضُرُّهُمَا افْتِرَاقُ الْكَفِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 4 - إذَا أَخَذَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ رَهْنًا بِمُقَابِلِ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ وَتَلِفَ الرَّهْنُ؛ فَالسَّلَمُ صَحِيحٌ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ وَمُنْفَسِخٌ فِي الْبَاقِي. وَإِذَا افْتَرَقَ الطَّرَفَانِ قُبَيْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ الرَّهْنِ لِرَبِّ السَّلَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) . 5 - يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ فِي السَّلَمِ خِيَارُ شَرْطٍ. لِذَلِكَ يَبْطُلُ إذَا كَانَ فِيهِ شَرْطٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ لَهُمَا مَعًا مَا لَمْ يَسْقُطْ الشَّرْطُ عِنْدَ تَسَلُّمِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَوُجُودِهِ فِي يَدِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ لَا يَطْرَأُ عَلَى صِحَّةِ السَّلَمِ خَلَلٌ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 24) أَمَّا إذَا سَقَطَ خِيَارُ الشَّرْطِ بَعْدَ تَلَفِ رَأْسِ الْمَالِ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحِيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 6 - إذَا حَدَثَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِ رَبِّ السَّلَمِ عَيْبٌ غَيْرُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ فِيهِ مِنْ قَبْلُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ اسْتِرْجَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبِذَلِكَ يَعُودُ السَّلَمُ وَبَيْنَ تَرْكِهِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (الْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 7 - لَيْسَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِيمَا مَلَكَهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي

استدراك في السلم وفيه مبحثان

السَّلَمِ) (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 230) مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْرُوطِ فَيُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى إحْضَارِهِ كَمَا شُرِطَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 8 - إذَا أَبْرَأَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَقَدْ أَقَالَ السَّلَمَ أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَبَّ السَّلَمِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ رَأْسِ الْمَالِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ وَقَبِلَ رَبُّ السَّلَمِ ذَلِكَ؛ فَلَا يَبْطُلُ السَّلَمُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 9 - إذَا زَادَ رَبُّ السَّلَمِ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَقَبِلَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ أَيْضًا وَقَبَضَهَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَازِمَةٌ وَإِلَّا؛ فَلَا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) . 10 - لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَحُطَّ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ رَبِّ السَّلَمِ. 11 - إذَا تَلِفَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقَدْ هَيَّأَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ رَبُّ السَّلَمِ فَالْخَسَارَةُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ عَقْدُ السَّلَمِ. وَيُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى عَلَى تَسْلِيمِ مِثْلِهِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ. 12 - يَجُوزُ التَّحْوِيلُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ عَلَى آخَرَ وَبِذَلِكَ يَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 960) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ إنْ شَاءَ وَعَلَى ذَلِكَ فَلِرَبِّ السَّلَمِ مُطَالَبَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، أَوْ الْكَفِيلِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 644) . 13 - لَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا لِرَبِّ السَّلَمِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَقُّ الْبَيْعِ وَالِاسْتِبْدَالِ وَالْمُشَارَكَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ. مِثَالٌ: فَلَوْ بَاعَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ؛ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا سَوَاءٌ بَاعَهُ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ إقَالَةً لِلسَّلَمِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ) . [اسْتِدْرَاكٌ فِي السَّلَمِ وَفِيهِ مَبْحَثَانِ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي اخْتِلَافِ رَبِّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ] اسْتِدْرَاكٌ وَفِيهِ مَبْحَثَانِ: الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ: فِي اخْتِلَافِ رَبِّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ. 14 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: إنِّي أَعْطَيْتُكَ كَذَا قِرْشًا سَلَمًا فِي خَمْسِينَ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ: إنَّكَ أَعْطَيْتَنِي سَلَمًا فِي خَمْسِينَ كَيْلَةِ شَعِيرٍ؛ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْهُمَا وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ رَبِّ السَّلَمِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الثَّمَنَ.

وَإِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ جَرَى التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا وَيُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ رَبِّ السَّلَمِ فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فُسِخَ عَقْدُ السَّلَمِ بِطَلَبِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ طَلَبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. وَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ فِي هَذِهِ الْحَالِ تُرِكَ عَلَى أَمَلِ أَنْ يُصَدِّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ. (الْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 15 - وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوْ فِي وَصْفِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ أَذْرُعِهِ، أَوْ فِي جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، أَوْ وَصْفِهِ أَوْ أَذْرُعِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَيُقِيمُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْبَيِّنَةَ فَيُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (الْأَنْقِرْوِيّ عَنْ الْوَجِيزِ فِي السَّلَمِ) . 16 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ جَيِّدًا فَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ: إنَّهُ جَيِّدٌ وَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: إنَّهُ رَدِيءٌ عَرَضَهُ الْقَاضِي عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ مِمَّنْ لَهُمْ وُقُوفٌ تَامٌّ عَلَى جَيِّدِهِ، أَوْ رَدِيئِهِ فَإِنْ قَالَا بِجَوْدَتِهِ أَلْزَمَ الْقَاضِي رَبَّ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِعَرْضِهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ إلَّا أَنَّ الْحَيْطَةَ تَقْضِي بِأَنْ لَا يَعْرِضَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي السَّلَمِ عَنْ الْخُلَاصَةِ) . 17 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَعَاقِدَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّنَا شَرَطْنَا الْجَوْدَةَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَوْ الْحَسَنَةَ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَقَالَ الثَّانِي: لَمْ تَشْتَرِطْ شَيْئًا وَلَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُدَّعِي الشَّرْطِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِذَا أَقَامَاهَا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ رَبِّ السَّلَمِ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) . 18 - إذَا اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَحُكِمَ بِمُوجَبِهَا وَإِنْ أَقَامَاهَا مَعًا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْأَجَلِ وَإِنْ لَمْ تُقَمْ بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَجَلِ مِنْهُمَا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ) . 19 - إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى الْأَجَلِ كَأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ شَهْرُ كَذَا وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مُرُورِ الْأَجَلِ وَحُلُولِهِ فَقَالَ رَبُّ السَّلَمِ: مَرَّ الْأَجَلُ وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَمْ يَمُرَّ فَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ؛ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي السَّلَمِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . 20 - إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ وَفِي مُرُورِهِ، أَوْ عَدَمِهِ؛ فَالْقَوْلُ فِي الْمِقْدَارِ لِرَبِّ السَّلَمِ وَفِي الْمُرُورِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ)

المبحث الثاني في إقالة السلم

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي إقَالَةِ السَّلَمِ] 21 - تَكُونُ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ إذَا كَانَتْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ سَوَاءٌ حَصَلَتْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، أَوْ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، أَوْ لَا عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مُعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ (الْمُسْلَمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا حَقِيقَةً؛ فَلَهُ حُكْمُ الْعَيْنِ حَتَّى وَلَا يَجُوزَ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِقَالَةِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يُسْلِمَ عَيْنَهُ إلَى رَبِّ السَّلَمِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ هَالِكًا وَكَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تُعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ هَالِكًا. وَلَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ لَوْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ إقَالَةِ السَّلَمِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَإِذَا قَالَ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ فِي يَدِهِ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ ذَاتَ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْمُعَيَّنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَكِنْ إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَاشْتُرِطَ التَّعْجِيلُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ تَحْصُلْ فِيهِ الْإِقَالَةُ فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ. (الْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 22 - قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي إبْقَاءِ إقَالَةِ السَّلَمِ صَحِيحَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . 23 - إذَا وَهَبَ رَبُّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ قَدْ أَقَالَ السَّلَمَ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِرَبِّ السَّلَمِ أَنْ يَسْتَرِدَّ رَأْسَ الْمَالِ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ إذَا وَهَبَهُ الْبَعْضَ. 24 - إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ بَعْدَ إقَالَةِ الثَّمَنِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ رَبُّ السَّلَمِ لَمْ يَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِلَّا جَرَى التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا. (الْهِنْدِيَّةُ) .

الفصل الرابع في بيان الاستصناع

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الِاسْتِصْنَاعِ] إنَّ الِاسْتِصْنَاعَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٌ فَقَدْ ثَبَتَتْ مَشْرُوعِيَّتُهُ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَقَدْ اسْتَصْنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَاتَمَ وَالْمِنْبَرَ. خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - قَدْ صَارَ الِاسْتِصْنَاعُ مَشْرُوعًا بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. 2 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ وَالْعَيْنُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ مِنْ الصَّانِعِ. 3 - يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِصْنَاعُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَعَامَلِ فِيهَا أَمَّا الَّتِي لَمْ يَجْرِ التَّعَامُلُ فِيهَا فَالْعَقْدُ فِيهَا فَاسِدٌ وَلَمْ تُبَيَّنْ لَهَا مُدَّةٌ. 4 - يَلْزَمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ تَعْرِيفُ الْمَصْنُوعِ. 5 - لَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ النُّقُودُ سَلَفًا فِي الِاسْتِصْنَاعِ. 6 - الِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ وَلَيْسَ بِوَعْدٍ مُجَرَّدٍ. 7 - يَبْطُلُ الِاسْتِصْنَاعُ بِوَفَاةِ الصَّانِعِ وَالْمُسْتَصْنِعِ. (الْمَادَّةُ 388) إذَا قَالَ شَخْصٌ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ: اصْنَعْ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الصَّانِعُ ذَلِكَ انْعَقَدَ الْبَيْعُ اسْتِصْنَاعًا. مَثَلًا: لَوْ أَرَى الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ لِخَفَّافٍ وَقَالَ لَهُ اصْنَعْ لِي زَوْجَيْ خُفٍّ مِنْ نَوْعِ السِّخْتِيَانِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الْبَائِعُ، أَوْ تَقَاوَلَ مَعَ نَجَّارٍ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ لَهُ زَوْرَقًا، أَوْ سَفِينَةً وَبَيَّنَ لَهُ طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَأَوْصَافَهَا اللَّازِمَةَ وَقَبِلَ النَّجَّارُ انْعَقَدَ الِاسْتِصْنَاعُ. كَذَلِكَ لَوْ تَقَاوَلَ مَعَ صَاحِبِ مَعْمَلٍ أَنْ يَصْنَعَ لَهُ كَذَا بُنْدُقِيَّةً، كُلُّ وَاحِدَةٍ بِكَذَا قِرْشًا وَبَيَّنَ الطُّولَ وَالْحَجْمَ وَسَائِرَ أَوْصَافِهَا اللَّازِمَةِ وَقَبِلَ صَاحِبُ الْمَعْمَلِ انْعَقَدَ الِاسْتِصْنَاعُ. أَيْ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِأَحَدِ أَرْبَابِ الْمَصَانِعِ: اصْنَعْ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ الْجَامِعَ لِلْأَوْصَافِ الْفُلَانِيَّةِ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الصَّانِعُ ذَلِكَ؛ انْعَقَدَ الْبَيْعُ اسْتِصْنَاعًا. فَلَوْ أَرَى الْمُشْتَرِي رِجْلَهُ لِخَفَّافٍ وَقَالَ لَهُ اصْنَعْ لِي زَوْجَيْ خُفٍّ مِنْ نَوْعِ السِّخْتِيَانِ الْفُلَانِيِّ عَلَى أَنْ يَكُونَ السِّخْتِيَانُ مِنْكَ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الْبَائِعُ، أَوْ تَقَاوَلَ مَعَ نَجَّارٍ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ لَهُ زَوْرَقًا، أَوْ سَفِينَةً وَبَيَّنَ لَهُ طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَأَوْصَافَهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ

(المادة 389) كل شيء تعومل استصناعه يصح فيه الاستصناع

مَوَادُّ الْبِنَاءِ كُلُّهَا مِنْ النَّجَّارِ فِي مُقَابِلِ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ وَقَبِلَ النَّجَّارُ ذَلِكَ انْعَقَدَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى أَنَّهُ بَيْعُ اسْتِصْنَاعٍ وَالْمَبِيعُ هُوَ الْخُفُّ وَالزَّوْرَقُ، أَوْ غَيْرُهُ. كَذَلِكَ لَوْ تَقَاوَلَ مَعَ صَاحِبِ مَعْمَلٍ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ لَهُ كَذَا بُنْدُقِيَّةً كُلُّ وَاحِدَةٍ بِكَذَا قِرْشًا وَبَيَّنَ الطُّولَ وَالْحَجْمَ وَسَائِرَ أَوْصَافِهَا اللَّازِمَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْحَدِيدُ وَمَوَادُّ صُنْعِهَا مِنْ صَاحِبِ الْمَعْمَلِ وَقَبِلَ صَاحِبُ الْمَعْمَلِ انْعَقَدَ ذَلِكَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّهُ اسْتِصْنَاعٌ وَالْمَبِيعُ هُوَ الْبُنْدُقِيَّاتُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَيُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ وَالْعَيْنُ كِلَاهُمَا مِنْ الصَّانِعِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ كَانَ الْعَقْدُ إجَارَةَ آدَمِيٍّ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3) وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ اسْتِطْرَادًا فِي الْمَادَّةِ (421) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ) . الْمَبِيعُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ هُوَ الْعَيْنُ لَا عَمَلُ الصَّانِعِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَتَى الصَّانِعُ لِلْمُسْتَصْنِعِ بِخُفٍّ مِنْ صُنْعِهِ، أَوْ مِنْ صُنْعِ غَيْرِهِ قَبْلَ الِاسْتِصْنَاعِ وَقَبِلَهُ كَانَ صَحِيحًا. (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) [ (الْمَادَّةُ 389) كُلُّ شَيْءٍ تُعُومِلَ اسْتِصْنَاعُهُ يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِصْنَاعُ] (الْمَادَّةُ 389) : كُلُّ شَيْءٍ تُعُومِلَ اسْتِصْنَاعُهُ يَصِحُّ فِيهِ الِاسْتِصْنَاعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا مَا لَمْ يُتَعَامَلْ بِاسْتِصْنَاعِهِ إذَا بُيِّنَ فِيهِ الْمُدَّةُ صَارَ سَلَمًا وَتُعْتَبَرُ فِيهِ حِينَئِذٍ شُرُوطُ السَّلَمِ وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ الْمُدَّةُ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِصْنَاعِ أَيْضًا. أَيْ أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ صَحِيحٌ فِي كُلِّ مَا تُعُومِلَ بِهِ عَادَةً وَعُرْفًا كَالْأَوَانِي الْمَعْدِنِيَّةِ وَالنُّحَاسِيَّةِ وَالْأَخْفَافِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ سَوَاءٌ ذُكِرَ الْأَجْرُ وَالْمُدَّةُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ فِي الِاسْتِصْنَاعِ حَقِيقَةٌ فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَيْ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَنْعَقِدُ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِصْنَاعٌ لَا سَلَمٌ؛ وَلِهَذَا لَا تَجِبُ فِيهِ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ السَّلَمِ وَإِذَا بُيِّنَ الْأَجَلُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعُومِلَ اسْتِصْنَاعُهَا حُمِلَ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِذَا بُيِّنَ الْأَجَلُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَرَى التَّعَامُلُ عَلَى اسْتِصْنَاعِهَا فَقَدْ وَجَبَتْ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ السَّلَمِ فِيهَا لِانْقِلَابِ الْعَقْدِ إلَى سَلَمٍ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَمَا أَمْكَنَ حَمْلُ الِاسْتِصْنَاعِ عَلَيْهِ لَا يُصَارُ إلَى غَيْرِهِ. أَمَّا الِاسْتِصْنَاعُ فَإِنَّمَا يَكُونُ بِنَاءً عَلَى التَّعَامُلِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَجْرِي التَّعَامُلُ فِيهَا. (الْبَحْرُ) فَالسَّلَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِصْنَاعِ. أَمَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ التَّعَامُلُ بِهَا فَإِذَا بُيِّنَتْ فِيهَا الْمُدَّةُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْهَالِ كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ سَلَمٍ بِالْإِجْمَاعِ فَيَجْرِي فِيهِ كُلُّ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (368) مَتْنًا وَشَرْحًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ يَتَعَذَّرُ فِيمَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّعَامُلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَتَعَامَلُ فِيهِ النَّاسُ فَيَلْزَمُ جَعْلُهُ سَلَمًا (الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا لَمْ تُبَيَّنْ الْمُدَّةُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْهَالِ كَأَنْ يُقَالَ غَدًا، أَوْ بَعْدَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْجَالِ؛ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ سَلَمًا بِالْإِجْمَاعِ لِمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (386) مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ السَّادِسَ لِلسَّلَمِ الْأَجَلُ وَلَا سَلَمَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَجَلٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (وَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ فِيهِ الْمُدَّةُ كَانَ الْعَقْدُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِصْنَاعِ أَيْضًا) غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا جَاءَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا التَّعَامُلُ بِهِ؛ فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُلْتَقَى وَشَرْحِهِ وَالزَّيْلَعِيُّ وَالْقُهُسْتَانِيّ وَفِي الْكَافِي شَرْحِ الْوَافِي (وَإِنْ ذَكَرَ بَعْضُ

(المادة 390) يلزم في الاستصناع وصف المصنوع وتعريفه على الوجه الموافق المطلوب

شَارِحِي الْمَجَلَّةِ جَوَازَ الِاسْتِصْنَاعِ فِي الْبِلَادِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ التَّعَامُلُ بِهِ نَقْلًا عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ فَذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يَرِدْ فِيهِ) . مَسَائِلُ خَمْسٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ:. 1 - لَمْ تُبَيَّنْ الْمُدَّةُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي جَرَى التَّعَامُلُ بِاسْتِصْنَاعِهَا فَالْعَقْدُ عَقْدُ اسْتِصْنَاعٍ بِالْإِجْمَاعِ. 2 - إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الْمُبَيَّنَةُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ أَيْ لَمْ تَبْلُغْ الْمُدَّةَ الَّتِي يَصِحُّ بِهَا السَّلَمُ وَالْأَشْيَاءُ مِمَّا جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ فَهُوَ كَذَلِكَ عَقْدُ اسْتِصْنَاعٍ بِالْإِجْمَاعِ. 3 - إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُسْتَصْنَعُ عَادَةً شَهْرًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَهُوَ عَقْدُ اسْتِصْنَاعٍ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَعَقْدُ سَلَمٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتُؤْخَذُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى. 4 - إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ لِأَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ أَيْ لِلْأَجَلِ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ السَّلَمُ وَالْأَشْيَاءُ مِمَّا لَمْ تُسْتَصْنَعْ عَادَةً فَهُوَ سَلَمٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ. 5 - إذَا لَمْ تُبَيَّنْ الْمُدَّةُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ التَّعَامُلُ بِهَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِصْنَاعِ فَظَاهِرُ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ عَقْدُ اسْتِصْنَاعٍ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ. [ (الْمَادَّةُ 390) يَلْزَمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَصْفُ الْمَصْنُوعِ وَتَعْرِيفُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُوَافِقِ الْمَطْلُوبِ] أَيْ يَلْزَمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَصْفُ الْمَصْنُوعِ وَصْفًا يَمْنَعُ حُدُوثَ أَيِّ نِزَاعٍ لِجَهَالَةِ شَيْءٍ مِنْ أَوْصَافِهِ وَتَعْرِيفُهُ تَعْرِيفًا يَتَّضِحُ بِهِ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ وَلَمَّا كَانَ الْمَصْنُوعُ بَيْعًا بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (200) ؛ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ الْعِلْمُ بِهِ تَمَامًا. (عَبْدُ الْحَلِيمِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 201) . [ (الْمَادَّةُ 391) لَا يَلْزَمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ دَفْعُ الثَّمَنِ حَالًا] (الْمَادَّةُ 391) : لَا يَلْزَمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ دَفْعُ الثَّمَنِ حَالًا أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ. أَيْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ تَعْجِيلُ الدَّفْعِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (387) أَنَّ تَعْجِيلَ دَفْعِ الثَّمَنِ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ لَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ. وَعَلَى كُلٍّ فَكَمَا يَكُونُ الِاسْتِصْنَاعُ صَحِيحًا بِالتَّعْجِيلِ يَكُونُ صَحِيحًا بِتَأْجِيلِ بَعْضِ الثَّمَنِ، أَوْ كُلِّهِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ فِيهِ لِشَهْرٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ وَلَا يُقَاسُ عَلَى السَّلَمِ. (الدُّرَرُ. وَالْغُرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، عَزْمِي زَادَهْ) . [ (الْمَادَّةُ 392) إذَا انْعَقَدَ الِاسْتِصْنَاعُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ] (الْمَادَّةُ 392) وَإِذَا انْعَقَدَ الِاسْتِصْنَاعُ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَصْنُوعُ عَلَى الْأَوْصَافِ الْمَطْلُوبَةِ الْمُبَيَّنَةِ كَانَ الْمُسْتَصْنِعُ مُخَيَّرًا. الِاسْتِصْنَاعُ بَيْعٌ وَلَيْسَ وَعْدًا مُجَرَّدًا. (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) فَإِذَا انْعَقَدَ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ

أَبِي يُوسُفَ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (375) . فَيُجْبَرُ الصَّانِعُ عَلَى عَمَلِ الشَّيْءِ الْمَطْلُوبِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَبِيعُ مَالًا لَمْ يَزِدْ لَهُ خِيَارٌ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (332) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَصْنِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ لَلَحِقَ الْبَائِعَ إضْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْغَبُ فِي الْمَصْنُوعِ أَحَدٌ غَيْرُ الْمُسْتَصْنِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (20) لَيْسَ لِلصَّانِعِ بَعْدَ عَمَلِ الْمَصْنُوعِ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُسْتَصْنِعِ وَإِذَا امْتَنَعَ الصَّانِعُ بَعْدَمَا رَآهُ الْمُسْتَصْنِعُ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ أَمَّا إذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَقَدْ رَآهُ الْمُسْتَصْنِعُ وَكَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبُولِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِلْأَوْصَافِ الْمَطْلُوبَةِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ الْمَوْجُودُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الْعَيْبِ فَلِلْمُسْتَصْنِعِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ؛ فَلَهُ خِيَارُ الْوَصْفِ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ. وَمَتَى قَبِلَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَيْسَ لِلْمُسْتَصْنِعِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ قُبِلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ فَلَا يَكُونُ الْخِيَارُ الْوَارِدُ هُنَا خِيَارَ رُؤْيَةٍ. وَيَكُونُ الِاسْتِصْنَاعُ بَاطِلًا بِوَفَاةِ الْمُسْتَصْنِعِ، أَوْ الصَّانِعِ. " الزَّيْلَعِيُّ، وَالْحَمَوِيُّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ "،.

الفصل الخامس في بيان أحكام بيع المريض

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ بَيْعِ الْمَرِيضِ] بِمَا أَنَّ لِبَيْعِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ أَحْكَامًا مُهِمَّةً وَمُخْتَلِفَةً عَنْ أَحْكَامِ بَيْعِ غَيْرِ الْمَرِيضِ فَقَدْ خُصِّصَ لَهَا فَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ وَقَدْ عُرِّفَ مَرَضُ الْمَوْتِ فِي الْمَادَّةِ (1595) . خُلَاصَةُ الْفَصْلِ. 1 - بَيْعُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ أَوْ شِرَاؤُهُ مِنْهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ. 2 - بَيْعُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ صَحِيحٌ إذَا كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ كَانَ بِمُحَابَاةٍ، لَهُ ثُلُثُ مَالِهِ يَتَحَمَّلُهَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ. 3 - بَيْعُ الْمَرِيضِ الَّذِي تَكُونُ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ بِنَقْصٍ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ مَوْقُوفٌ (الْمَادَّةُ 393) إذَا بَاعَ شَخْصٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ يَنْفُذْ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا لَا يَنْفُذْ. إذَا بَاعَ شَخْصٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ، أَوْ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِضِعْفِهِ فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرِيضُ فَالْبَيْعُ، أَوْ الشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى إجَازَةِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَجَازُوا بَعْدَ الْمَوْتِ نَفَذَ وَإِلَّا؛ فَلَا (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْغَبَنِ وَالْمُحَابَاةِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ كَانَ مُنْفَسِخًا وَبَاطِلًا رَاجِعْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ مَعَ (1599) . أَمَّا الْإِجَازَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْإِجَازَةِ، أَوْ الْفَسْخِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ مِنْ أَحَدِ أَوْلَادٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَأَجَازَهُ الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ وَالْمَرِيضُ حَيٌّ؛ فَلَيْسَ لِتِلْكَ الْإِجَازَةِ حُكْمٌ؛ فَلَهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ إجَازَتُهُ، أَوْ فَسْخُهُ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَتْ امْرَأَةٌ دَارَهَا الْمَمْلُوكَةَ لَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَمَاتَتْ فَلِوَرَثَتِهَا الْآخَرِينَ إدْخَالُ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْمِيرَاثِ. وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ جَائِزٌ إذَا كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ ضِعْفَهُ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الشِّرَاءِ فَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ شَيْئًا مِنْ وَارِثِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ عَنْهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ، أَوْ نَافِذٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إذَا

(المادة 394) باع المريض في مرض موته شيئا لأجنبي بثمن المثل

اشْتَرَى الْمَرِيضُ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مَالًا مِنْ وَارِثِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مَعَ مُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لَهُ وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُهُ هُنَا (إذَا بَاعَ) احْتِرَازٌ عَنْ الشِّرَاءِ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْغَبَنِ وَالْمُحَابَاةِ، وَالتَّنْقِيحُ فِي الْبُيُوعِ) . وَلَوْ بَاعَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ شَيْئًا مِنْ أَحَدِ إخْوَتِهِ وَهُوَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَتُوُفِّيَ الْوَلَدُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فَالْبَيْعُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الْأَخَ وَإِنْ كَانَ مَعَ وُجُودِ الِابْنِ غَيْرُ وَارِثٍ فَقَدْ أَصْبَحَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَرِيضِ وَارِثًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ وَلَدٌ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فَالْبَيْعُ مُقَيَّدٌ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ. وَإِذَا بَاعَ مَرِيضٌ مَالًا لَهُ مِنْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ فَأَبَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَازِمًا. (الْهِنْدِيَّةُ) . فَقَدْ تَحَقَّقَ بِإِبْلَالِهِ أَنَّ مَرَضَهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ مَوْتٍ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1597) [ (الْمَادَّةُ 394) بَاعَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنِ الْمِثْلِ] (الْمَادَّةُ 394) إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ بَيْعُهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ بَيْعَ مُحَابَاةٍ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ وَافِيًا بِهَا صَحَّ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَفِي بِهَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إكْمَالُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِعْطَاؤُهُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ أَكْمَلَ لَزِمَ الْبَيْعُ وَإِلَّا كَانَ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُهُ، مَثَلًا: لَوْ كَانَ شَخْصٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَبَاعَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ وَارِثٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَبِمَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ الَّذِي يَفِي بِمَا حَابَى لَهُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُهُ حِينَئِذٍ وَإِذَا كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ بَاعَ هَذِهِ الدَّارَ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي فَبِمَا أَنَّ ثُلُثَ مَالِهِ الَّذِي هُوَ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ يَعْدِلُ نِصْفَ مَا حَابَى بِهِ وَهُوَ أَلْفُ قِرْشٍ فَحِينَئِذٍ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ الْمُشْتَرِي نِصْفَ مَا حَابَى بِهِ مُوَرِّثُهُمْ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَإِنْ أَدَّاهَا لِلتَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا كَانَ لِلْوَرَثَةِ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ الدَّارِ. إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَيْ بِدُونِ مُحَابَاةٍ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ الْوَفَاةِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّنَا لَا نَعْتَرِفُ بِهَذَا الْمَبِيعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 375) (الْكَفَوِيُّ فِي بَيْعِ الْمَرِيضِ بِزِيَادَةٍ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ مَرَضَ مَوْتٍ وَارِثٌ ثُمَّ صَارَ لَهُ وَارِثٌ فِي زَمَنِ الْبَيْعِ، فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. إذَا بَاعَ الْمَرِيضُ شَيْئًا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَسَلَّمَهُ لِمُشْتَرِيهِ كَانَ بَيْعَ مُحَابَاةٍ فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ

(المادة 395) باع شخص في مرض موته ماله بأقل من ثمن المثل ثم مات مديونا وتركته مستغرقة

الثُّلُثُ وَافِيًا بِهَا صَحَّ وَلَزِمَ الْوَرَثَةَ (التَّنْقِيحُ فِي الْبُيُوعِ) ، وَكَذَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لِلْمُشْتَرِي وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ عَدَمَ التَّسْلِيمِ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلصِّحَّةِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 262) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثُلُثُ الْمَالِ وَافِيًا بِالْمُحَابَاةِ؛ فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ عُمُومًا فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى إكْمَالِ الْمِقْدَارِ الَّذِي لَمْ يَتَّسِعْ لَهُ الثُّلُثُ. وَإِنْ أَجَازَ الْبَعْضُ فَقَطْ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إكْمَالُ مَا يَلْحَقُ حِصَصَ غَيْرِ الْمُجِيزِ لَا غَيْرُ. وَإِذَا لَمْ يُكْمِلْ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ النُّقْصَانَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَسْتَرِدُّوا الْمَبِيعَ وَيَرُدُّوا إلَى الْمُشْتَرِي مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الثَّمَنِ (الْكَفَوِيُّ) فَلَوْ كَانَ شَخْصٌ لَا يَمْلِكُ إلَّا دَارًا تُسَاوِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَبَاعَهَا وَهُوَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ إنْسَانٍ لَيْسَ بِوَارِثٍ لَهُ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ؛ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ مِنْهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَتُوُفِّيَ وَثُلُثُ مَالِهِ يَفِي بِمَا حَابَى، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُ ذَلِكَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا بَاعَهَا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهَا؛ فَلِلْوَرَثَةِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِإِبْلَاغِ الثَّمَنِ إلَى الثُّلُثَيْنِ أَيْ إلَى أَلْفِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمُحَابَى بِهِ أَلْفُ قِرْشٍ وَهُوَ ضِعْفُ ثُلُثِ الْمَالِ فَإِذَا أَبْلَغَ الثَّمَنَ إلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ؛ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ؛ فَلَهُمْ اسْتِرْدَادُ الدَّارِ وَإِدْخَالُهَا فِي التَّرِكَةِ. (التَّنْقِيحُ فِي الْبُيُوعِ) . وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي شِرَاءِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ اشْتَرَى إنْسَانٌ مَالًا بِغَبَنٍ فَاحِشٍ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ وَمَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ فَأُسْقِطَ خِيَارُهُ، أَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ أَوْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُحَابَاةِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا. (الْأَنْقِرْوِيّ قُبَيْلَ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْبُيُوعِ) . [ (الْمَادَّةُ 395) بَاعَ شَخْص فِي مَرَض مَوْته مَاله بِأَقَلّ مِنْ ثَمَن الْمِثْل ثُمَّ مَاتَ مَدْيُونًا وَتركته مُسْتَغْرَقَة] (الْمَادَّةُ 395) إذَا بَاعَ شَخْصٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ثُمَّ مَاتَ مَدْيُونًا وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ كَانَ لِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يُكَلِّفُوا الْمُشْتَرِيَ بِإِبْلَاغِ قِيمَةِ مَا اشْتَرَاهُ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِكْمَالِهِ وَأَدَائِهِ لِلتَّرِكَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَسَخُوا الْبَيْعَ. أَيْ إذَا بَاعَ إنْسَانٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَيْ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ، أَوْ يَسِيرٍ وَمَاتَ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ بِأَنْ كَانَ مَجْمُوعُ دَيْنِهِ مُسَاوِيًا لِلتَّرِكَةِ، أَوْ زَائِدًا عَنْهَا فَلِلدَّائِنِينَ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِإِكْمَالِ الثَّمَنِ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ سَوَاءٌ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ، أَوْ لَمْ يُجِيزُوهُ فَإِنْ أَكْمَلَهُ فَبِهَا، وَإِلَّا؛ فَسَخَ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ وَاقْتَسَمُوا الْمَبِيعَ بَيْنَهُمْ. فَإِنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَلَا حُكْمَ لِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ عِنْدَ اسْتِغْرَاقِ التَّرِكَةِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدُّيُونَ لَا تَجْعَلُ لِلْوَرَثَةِ حَقًّا فِي التَّرِكَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَبَيْعُ تِلْكَ التَّرِكَةِ مِنْ وَظَائِفِ الْقَاضِي. (الْخَيْرِيَّةُ، الْكَفَوِيُّ، التَّنْقِيحُ) . وَعَلَيْهِ فَبَيْعُ الْوَرَثَةِ لِلتَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ، أَوْ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ بِنَافِذٍ فَلِلْحَاكِمِ، أَوْ الْغُرَمَاءِ نَقْضُهُ أَمَّا إذَا بَاعَهَا بِثَمَنٍ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 58) .

الفصل السادس في بيع الوفاء

[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ] ِ خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 -: الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ مُقْتَدِرَانِ عَلَى الْفَسْخِ. 2 -: كَوْنُ الْمَبِيعِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ غَيْرَ مُشَاعٍ شَرْطٌ. 3 -: لَيْسَ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بَيْعُ الْمَبِيعِ وَفَاءً مِنْ آخَرَ. 4 -: يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. 5 -: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَفَاءً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ. 6 -: إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ لِلْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ قَامَتْ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ. 7 -: يُمَيَّزُ الْمُشْتَرِي وَفَاءً عَنْ غَيْرِهِ فِي أَخْذِ الْمَبِيعِ. (الْمَادَّةُ 396) كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ وَفَاءً لَهُ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ. لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ فَلِلْبَائِعِ وَفَاءً أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ وَكَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الثَّمَنَ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مُقَاوَلَةٌ خُصُوصِيَّةٌ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ حَتَّى إنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يُسْلِمَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْمَبِيعَ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبُولِ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ حَقٌّ لِلْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ إسْقَاطُ حَقِّهِ. وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بِدُونِ رَدِّ الثَّمَنِ. (مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ، الْأَنْقِرْوِيّ قَبْلَ الْإِقَالَةِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت مِنْك الْمَبِيعَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا قِرْشًا عَلَى أَنْ أَرُدَّهُ لَك أَوْ أَبِيعَهُ مِنْك مَتَى أَرْجَعْت إلَيْهِ ثَمَنَهُ، أَوْ أَدَّيْتنِي إيَّاهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْته مِنْك عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ وَإِذَا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الَّذِي سَيَجْرِي بَيْنَهُمَا عَقْدَ بَيْعِ وَفَاءٍ ثُمَّ عَقَدَا الْبَيْعَ وَلَمْ يُصَرِّحَا فِيهِ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ اتِّفَاقٍ سَابِقٍ فَهُوَ بَيْعُ وَفَاءٍ وَإِلَّا فَبَيْعٌ لَازِمٌ صَحِيحٌ. " الْبَزَّازِيَّة فِي الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَالْخَيْرِيَّةُ "،

(المادة 397) ليس للبائع ولا للمشتري بيع مبيع الوفاء لشخص آخر

وَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ مِنْ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَقَالَ لَهُ: مَتَى رَدَدْتَ إلَيَّ الثَّمَنَ أَفْسَخُ الْبَيْعَ فَالْبَيْعُ أَيْضًا بَيْعُ وَفَاءٍ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (85) مَتْنًا وَشَرْحًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ وَوَعَدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِفَسْخِهِ مَتَى رَدَّ إلَيْهِ ثَمَنَهُ؛ فَلَا يَكُونُ بَيْعَ وَفَاءٍ بَلْ بَيْعًا بَاتًّا. (التَّنْقِيحُ فِي الْبُيُوعِ وَالْخَيْرِيَّةُ) . وَيُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمَدْيُونُ بُسْتَانَه مِنْ دَائِنِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ وَفَاءً وَقَالَ لَهُ: إذَا لَمْ أَرُدَّ لَك الدَّيْنَ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَالْبَيْعُ بَاتٌّ وَلَمْ يَرُدَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ؛ فَلَهُ أَخْذُ بُسْتَانِهِ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهِ لِمُجَرَّدِ عَدَمِ رَدِّهِ الدَّيْنَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ) . لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْعَقَدَ عَلَى أَنَّهُ وَفَاءٌ؛ فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَى بَيْعٍ قَطْعِيٍّ بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ. تَابِعٌ فِي بَعْضِ شُرُوطِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ. يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ الْمَالُ الْمُبَاعُ وَفَاءً مَالًا مُشَاعًا. (عَبْدُ الرَّحِيمِ فِي الْوَفَاءِ) فَإِذَا بِيعَتْ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ فِي عَقَارٍ بِيعَ وَفَاءً كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، أَوْ لَا وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ لِلشَّرِيكِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ كَالشُّيُوعِ الْمُقَارِنِ فَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ أَيْضًا. حُكْمُ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ الَّذِي يَقَعُ فَاسِدًا كَحُكْمِ الْبَيْعِ الَّذِي يَقَعُ صَحِيحًا؛ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَيْ لِلْمَدِينِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ الدَّائِنِ إلَّا إذَا كَانَ بَيْعُ الْوَفَاءِ الْفَاسِدِ سَابِقًا لِلدَّيْنِ. 3 - لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ أَنْ يُعْطَى شَيْءٌ لِلْبَائِعِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ. [ (الْمَادَّةُ 397) لَيْسَ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ مَبِيعِ الْوَفَاءِ لِشَخْصٍ آخَرَ] إنَّ الْبَيْعَ بِالْوَفَاءِ فِي حُكْمِ الرَّهْنِ فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِهِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ (3) وَعَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ مَبِيعَ الْوَفَاءِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 756) حَتَّى لَوْ بَاعَهُ الْبَائِعُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ وَفَاءٍ، أَوْ بَيْعًا بَاتًّا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَلِذَلِكَ الْبَائِعِ، أَوْ وَارِثِهِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَارِثُهُ عَلَى رَدِّهِ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بَيْعُهُ بِإِذْنِ الْآخَرِ فَإِذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالَهُ الْمُبَاعَ بَيْعَ وَفَاءٍ مِنْ آخَرَ بَيْعًا بَاتًّا وَأَجَازَهُ الْمُشْتَرِي الْوَفَائِيُّ كَانَ جَائِزًا. وَإِذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ مِنْ آخَرَ أَيْضًا نَفَذَ مِنْهُمَا الْبَيْعُ الَّذِي يُجِيزُهُ الْمُشْتَرِي الْوَفَائِيُّ. وَكَمَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ بِالْقَوْلِ تَكُونُ بِالْفِعْلِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ الْوَفَائِيُّ لِلْمُشْتَرِي إنَّنِي بِعْتُ هَذَا الْمَبِيعَ بَيْعًا بَاتًّا مِنْ آخَرَ فَخُذْ دَيْنَكَ فَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي فَقَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَدُرَرُ الْمُخْتَارِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 398) إذا شرط في الوفاء أن يكون قدر من منافع المبيع للمشتري

وَلِلْمَدِينِ، أَوْ الرَّاهِنِ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ. لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَةِ الْمَبِيعِ مَتَى أَخَذَ مَالَهُ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمَدِينِ؛ فَلَهُ إبْطَالُهُ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ طَلَبُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ؛ فَلَا يَقُولُ لِلْمَدِينِ: أَعْطِنِي دَيْنِي وَخُذْ الْمَبِيعَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا؛ فَلَهُ ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 398) إذَا شُرِطَ فِي الْوَفَاءِ أَنْ يَكُونَ قَدْرٌ مِنْ مَنَافِعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 398) إذَا شُرِطَ فِي الْوَفَاءِ أَنْ يَكُونَ قَدْرٌ مِنْ مَنَافِعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي صَحَّ ذَلِكَ، مَثَلًا: لَوْ تَقَاوَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْكَرْمَ الْمَبِيعَ بَيْعَ وَفَاءٍ تَكُونُ غَلَّتُهُ مُنَاصَفَةً بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي صَحَّ وَلَزِمَ الْإِيفَاءُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 83) أَمَّا إذَا لَمْ تُشْرَطْ الْمَنَافِعُ لِلْمُشْتَرِي وَاسْتَهْلَكَهَا بِدُونِ إذْنٍ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْلِكُ مَا يُنْتَجُ مِنْ الْمَبِيعِ بَيْعَ وَفَاءٍ، مَثَلًا: إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي ثَمَرَ الْبُسْتَانِ الَّذِي اشْتَرَاهُ شِرَاءَ وَفَاءٍ وَلَمْ يُبِحْ الْبَائِعُ لَهُ ذَلِكَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مَا أَخَذَ مِنْ الثَّمَرِ مَتَى أَدَّاهُ دَيْنَهُ أَمَّا إذَا أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ؛ فَلَا ضَمَانَ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ (750)) . وَإِذَا تَلِفَتْ الْغَلَّةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ غَيْرَ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ بَدَلِ إيجَارِ الْمَبِيعِ وَفَاءً لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، مَثَلًا: لَوْ أَجَرَ الطَّاحُونَ الَّتِي اشْتَرَاهَا شِرَاءَ وَفَاءٍ بِدُونِ إذْنِ الْبَائِعِ وَاسْتَهْلَكَ أُجْرَتَهَا وَأَرَادَ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَ الطَّاحُونِ وَأَدَاءَ مَا عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِيَ الْأُجْرَةَ وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (477) وَشَرْحِهَا (الْخَيْرِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْفُصُولَيْنِ فِي 18) [ (الْمَادَّةُ 399) كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ بِالْوَفَاءِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 399) : إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ بِالْوَفَاءِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ الدَّيْنُ فِي مُقَابَلَتِهِ. يَعْنِي إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَتْلَفَهُ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالِ الْهَالِكِ، أَوْ الْمُتْلَفِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 741) . فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ بَلْ طَرَأَ عَلَيْهِ عَيْبٌ أَوْجَبَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ قُسِمَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى قِيمَةِ مَا هَلَكَ مِنْهُ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي يُصِيبُ الْحِصَّةَ الَّتِي تَلِفَتْ وَيَبْقَى مَا يَلْحَقُ الْحِصَّةَ الْبَاقِيَةَ مِنْهُ. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ دَارًا قِيمَتُهَا أَلْفَ قِرْشٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَفَاءً وَتَسَلَّمَهَا فَطَرَأَ عَلَيْهَا خَرَابٌ أَنْزَلَ قِيمَتَهَا إلَى خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَيُسْقَطُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ خَمْسُونَ قِرْشًا وَقَدْ قُيِّدَتْ الْقِيمَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ هُوَ الْقَبْضُ فَيَجِبُ أَنْ تُعْتَبَرَ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَبْضِ.

(المادة 400) كانت قيمة المال المبيع ناقصة عن الدين وهلك المبيع في يد المشتري

وَيَجْرِي الْفَرَاغُ بِالْوَفَاءِ فِي مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ أَيْضًا فَلِمَنْ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْوَقْفِ بِالْإِجَارَتَيْنِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِالْوَقْفِ بِمُقَابِلِ دَيْنِهِ وَفَاءً بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي. وَإِنَّمَا لَا تَجْرِي فِي هَذَا أَحْكَامُ هَذِهِ الْمَادَّةِ (399) وَالْمَادَّتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ (400 و 401) ، مَثَلًا: إذَا احْتَرَقَتْ الْمُسَقَّفَاتُ الْمَوْقُوفَةُ ذَاتُ الْإِجَارَتَيْنِ الْمُتَفَرَّغُ بِهَا وَفَاءً، أَوْ اسْتِغْلَالًا وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُتَفَرِّغِ لَهُ؛ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمُتَفَرِّغِ بَلْ لِلْمُتَفَرِّغِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَيَجْرِي التَّفَرُّغُ بِالْوَفَاءِ أَيْضًا فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ السَّابِقِ فِي التَّلَفِ. [ (الْمَادَّةُ 400) كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ نَاقِصَةً عَنْ الدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 400) : إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ نَاقِصَةً عَنْ الدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَاسْتَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْبَاقِيَ وَأَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْقَبْضِ نَاقِصَةً عَنْ الدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ قَدْرَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ وَاسْتَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْبَاقِيَ وَأَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ. قَوْلُهُ (إذَا تَلِفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ وَإِتْلَافِهِ. فَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ مَمْلُوكَةٌ تُسَاوِي ثَمَانِمِائَةِ قِرْشٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ بَيْعَ وَفَاءً فَاحْتَرَقَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرَ عَرْصَتِهَا الَّتِي تُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ سَبْعَمِائَةِ قِرْشٍ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّلَاثَمِائَةِ الْبَاقِيَةَ مِنْ الْبَائِعِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الرَّابِعِ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْفُصُولَيْنِ فِي 18، وَالْمُلْتَقَى، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الرَّهْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 401) كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَفَاءً زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 401) : إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ وَفَاءً زَائِدَةٍ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ إنْ كَانَ هَلَاكُهُ بِالتَّعَدِّي وَأَمَّا إنْ كَانَ بِلَا تَعَدٍّ؛ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَبِيعِ وَفَاءً يَوْمَ الْقَبْضِ زَائِدَةً عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي سَقَطَ مِنْ قِيمَتِهِ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ الدَّيْنَ سَوَاءٌ حَصَلَ التَّلَفُ بِتَعَدٍّ، أَوْ لَا. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ مَا زَادَ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) . أَمَّا إذَا تَلِفَ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَالزِّيَادَةُ فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ؛ فَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَدَاؤُهَا. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ (768)) . مَثَلًا: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مَالًا يُسَاوِي أَلْفَيْنِ وَمِائَةَ قِرْشٍ بَيْعًا وَفَائِيًّا فِي مُقَابِلِ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَتَلِفَ وَهُوَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الْأَلْفُ الدَّيْنُ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ الْأَلْفَ الْأُخْرَى

(المادة 402) مات أحد المتبايعين وفاء

فَائِدَةٌ: إنَّ أَحْكَامَ الْمَوَادِّ (399، 400، 401) تَجْرِي فِي الرُّهُونَاتِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي بُيِّنَتْ فِي الْكِتَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ 128 مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِصُورَةٍ مُجْمَلَةٍ وَقَدْ فُصِّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 741. [ (الْمَادَّةُ 402) مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَفَاءً] (الْمَادَّةُ 402) إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَفَاءً انْتَقَلَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلْوَارِثِ يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَفَاءً أَوْ الِاثْنَانِ مَعًا؛ انْتَقَلَ حَقُّ الْفَسْخِ أَيْ الْمُعَامَلَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (796) وَسَائِرُ أَحْكَامِ بَيْعِ الْوَفَاءِ لِلْوَارِثِ، أَيْ يَكُونُ لِلْوَارِثِ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 734، 739) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَبْلَ كِتَابِ الشُّفْعَةِ) . مَثَلًا: إذَا بَاعَ إنْسَانٌ دَارِهِ الْمِلْكَ بِخَمْسَةِ آلَافِ قِرْشٍ مِنْ آخَرَ بَيْعًا وَفَائِيًّا فَتُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي فَلِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ الَّذِي دَفَعَهُ مُوَرِّثُهُمْ وَرَدُّ الدَّارِ لِصَاحِبِهَا. [ (الْمَادَّةُ 403) لَيْسَ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ التَّعَرُّضُ لِلْمَبِيعِ وَفَاءً] (الْمَادَّةُ 403) : لَيْسَ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ التَّعَرُّضُ لِلْمَبِيعِ وَفَاءً مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْمُشْتَرِي دَيْنَهُ أَيْ لَيْسَ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ التَّعَرُّضُ لِلْمَبِيعِ وَفَاءً وَأَخْذُهُ وَاقْتِسَامُهُ بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الْمُشْتَرِي دَيْنَهُ تَامًّا فَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ رُدَّ إلَى الْغُرَمَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 799) ، مَثَلًا: إذَا بَاعَ دَارِهِ الْمِلْكَ مِنْ آخَرَ بِمُقَابِلِ مَا اسْتَقْرَضَهُ مِنْهُ مِنْ النُّقُودِ بَيْعًا وَفَائِيًّا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ تُوُفِّيَ الدَّائِنُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ وَدُيُونُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَتُبَاعُ تِلْكَ الدَّارُ فَيَسْتَوْفِي الدَّائِنُ كُلَّ دَيْنِهِ أَوَّلًا ثُمَّ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ. الِاخْتِلَافُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ بَاتٌّ، أَوْ وَفَاءٌ: أَوَّلًا - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ بَاتٌّ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ وَفَاءً؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْبَاتِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ أَنْ تَقَعَ بَاتَّةً مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَفَاءٌ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ بِنَقْصٍ فَاحِشٍ عَنْ غَيْرِهِ وَوَضْعِ رِبْحٍ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَاسْتِئْجَارِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ اسْتِغْلَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَمَا إلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْوَفَاءِ. ثَانِيًا - إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ بِيعَ بِنُقْصَانٍ فِي الثَّمَنِ؛ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْوَفَاءِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَنْ يُثْبِتَ تَغَيُّرَ السِّعْرِ وَالْقِيمَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ فَالْقَوْلُ حِينَئِذٍ لِمُدَّعِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَنَّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ بَيْعُ وَفَاءٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ بَاتٌّ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَفَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَفَاءَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي الْبُيُوعِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ. (الْكَفَوِيُّ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ) . وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الكتاب الثاني الإجارة ويشتمل على مقدمة وثمانية أبواب

[الْكِتَابُ الثَّانِي الْإِجَارَةُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَثَمَانِيَة أَبْوَاب] الْكِتَابُ الثَّانِي الْإِجَارَةُ. وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَثَمَانِيَة أَبْوَاب بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْمَجَلَّةُ مِنْ بَيَانِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ بِعِوَضٍ شَرَعَتْ فِي بَيَانِ الْإِجَارَةِ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَتْ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ قَدْرًا وَكَوْنًا. وَالتَّمْلِيكُ نَوْعَانِ: تَمْلِيكُ الْعَيْنِ وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ. وَكِلَاهُمَا نَوْعَانِ: تَمْلِيكٌ بِعِوَضٍ وَتَمْلِيكٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ. فَالْأَوَّلُ: هُوَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِعِوَضِ بَيْعٍ. وَالثَّانِي: هُوَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلَا عِوَضٍ: هِبَةً، أَوْ صَدَقَةً، أَوْ وَصِيَّةً. وَالثَّالِثُ: هُوَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بَعُوضِ إجَارَةٍ. وَالرَّابِعُ: هُوَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضِ إعَارَةٍ. وَالْحِكْمَةُ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ دَفْعُ الِاحْتِيَاجِ الْعَظِيمِ بِعِوَضٍ قَلِيلٍ كَانْتِفَاعِ الْفَقِيرِ بِالِاسْتِحْمَامِ فَإِنَّ الْفَقِيرَ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ بِصَرْفِ نُقُودٍ قَلِيلَةٍ مَنْفَعَةَ الْغَنِيِّ الَّذِي يُنْفِقُ لِلْحُصُولِ عَلَيْهَا نُقُودًا كَثِيرَةً. وَالْإِجَارَةُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَلَكِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ مَعْدُومَةٌ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عَدَمُ جَوَازِ الْإِجَارَةِ وَلَكِنْ أُجِيزَتْ لِلْحَاجَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُحْتَاجٌ إلَى مَنَافِعَ أَعْيَانٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى ابْتِيَاعِهَا إذْ لَيْسَ كُلُّ إنْسَانٍ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَشْتَرِيَ الدَّارَ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَى سُكْنَاهَا، وَالْحَمَّامَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الِاغْتِسَالِ فِيهِ، وَالدَّابَّةَ الَّتِي تَحْمِلُ ثِقَلَهُ وَمَتَاعَهُ لَكِنْ يَسْهُلُ إلَيْهِ اسْتِئْجَارُ ذَلِكَ وَتَحْصِيلُ مَنْفَعَتِهِ مِنْهُ. وَجَوَازُ الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا عِمْرَانُ الْبِلَادِ وَرَفَاهِيَةُ الْعِبَادِ وَإِنَّكَ لَتَجِدُ شَرِكَةً تُنْفِقُ أُلُوفَ الْأُلُوفِ مِنْ الْجُنَيْهَاتِ فِي إنْشَاءِ السِّكَكِ الْحَدِيدِيَّةِ وَالسُّفُنِ فَتُسَهِّلُ بِذَلِكَ لِلنَّاسِ التَّنَقُّلَ بَيْنَ الْبِلَادِ وَنَقْلَ أَمْوَالِهِمْ وَأَثْقَالِهِمْ بِأُجْرَةٍ تَأْخُذُهَا. وَإِنَّ الْمُؤَجِّرَ لَمُحْتَاجٌ إلَى الْإِجَارَةِ فَهُوَ يُؤَجِّرُ أَعْيَانَهُ، وَيَنْتَفِعُ بِأُجْرَتِهَا، وَيَسْتَبْقِيهَا وَالْأَجِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ كِلَاهُمَا مُحْتَاجٌ إلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ مُحْتَاجٌ لِلْمَالِ، وَالْغَنِيَّ مُحْتَاجٌ لِلْأَعْمَالِ وَبِذَلِكَ تَثْبُتُ الْحَاجَةُ إلَى الْإِجَارَةِ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ الْعَمَلِ فَلَوْ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ ضِيقٌ وَحَرَجٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 18) وَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] عَلَى لِسَانِ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ مَا يَنْسَخُهُ وَلَا سِيَّمَا إذَا ذُكِرَ الشَّرْعُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَيْضًا {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 24] وقَوْله تَعَالَى {لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: 77] فَهَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ مَشْرُوعَةٌ.

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَعْطِ الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» «وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْطِهِ أَجْرَهُ» فَالْأَمْرُ بِإِعْطَاءِ الْأُجْرَةِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ. وَأَمَّا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَقَدْ انْعَقَدَ فِي كُلِّ عَصْرٍ عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (الْهِدَايَةُ) و (زَيْلَعِيٌّ) وَالْإِجَارَاتُ جَمْعُ إجَارَةٍ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَنْوَاعِ؛ لِأَنَّهَا تَنْقَسِمُ إلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ فَهِيَ أَنْوَاعٌ عِدَّةٌ.

المقدمة في الاصطلاحات الفقهية المتعلقة بالإجارة

[الْمُقَدِّمَةُ فِي الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ] ِ إنَّ الْمَوَادَّ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ لَيْسَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَحْكَامٍ وَإِنَّمَا قُصِدَ مِنْهَا إفْهَامُ مَعَانِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي سَتَرِدُ فِي الْفُصُولِ الْآتِيَةِ. (الْمَادَّةُ 404) الْأُجْرَةُ الْكِرَاءُ أَيْ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ وَالْإِيجَارُ الْمُكَارَاةُ وَالِاسْتِئْجَارُ الِاكْتِرَاءُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْأُجْرَةُ هِيَ الْعِوَضُ الَّذِي يُعْطَى مُقَابِلَ مَنْفَعَةِ الْأَعْيَانِ، أَوْ مَنْفَعَةِ الْآدَمِيِّ، مَثَلًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَ بَيْتٌ، أَوْ خَادِمٌ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَالْمَبْلَغُ هُوَ الْأُجْرَةُ وَقَدْ عُرِّفَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأُجْرَةُ أَوَّلًا وَالْإِيجَارُ ثَانِيًا وَالِاسْتِئْجَارُ ثَالِثًا فَالْأَوَّلُ اسْمٌ وَالثَّانِي مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُؤَجَّرِ وَالثَّالِثُ مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُسْتَأْجِرِ [ (الْمَادَّةُ 405) الْإِجَارَةُ فِي اللُّغَةِ] (الْمَادَّةُ 405) الْإِجَارَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الْإِيجَارِ أَيْضًا وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ مَعْلُومٍ. الْإِجَارَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فَهِيَ مُثَلَّثَةُ الْهَمْزَةِ. وَلِلْإِجَارَةِ مَعْنَيَانِ: الْأَوَّلُ: الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْأُجْرَةُ. وَالثَّانِي: الْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلَةُ فِيهِ وَهُوَ الْإِيجَارُ وَالْأَوَّلُ مُسَبَّبٌ عَنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِيجَارَ سَبَبٌ لِلْأُجْرَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اسْتِعْمَالُ لَفْظَةِ الْإِجَارَةِ بِمَعْنَى (الْإِيجَارِ) مَجَازًا لُغَوِيًّا. وَبَيَانُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي اللُّغَةِ وَالِاسْتِطْرَادُ إلَيْهِ مَعَ أَنَّ عُنْوَانَ الْبَحْثِ قَاصِرٌ عَلَى الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ لِإِيضَاحِ الْمُنَاسَبَةِ فِي نَقْلِهَا مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إلَى الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ، و (الْبَدَلُ) فِي الْإِجَارَةِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي الْمَادَّةِ 463 يَكُونُ: (1) عَيْنًا (2) دَيْنًا (3) مَنْفَعَةً مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْعَمَلَ مَعْدُودٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 420 و 421 فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَكُونُ مُشْتَمِلًا عَلَى نَوْعَيْ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ 421. تَوْضِيحُ الْقُيُودِ: يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي يُعْقَدُ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ مَقْصُودَةً فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ. فَلَوْ

اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ حِصَانًا لِيَرْبِطَهُ أَمَامَ دَارِهِ، أَوْ لِيُجَنِّبَهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ لِيَظُنَّ النَّاسُ أَنَّ لَهُ حِصَانًا، أَوْ ثِيَابًا نَفِيسَةً لِيَرَاهَا النَّاسُ وَيَظْهَرَ بِهَا بِمَظْهَرِ الْأَغْنِيَاءِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ مِنْ الْعَيْنِ فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ. وَلَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الشَّرْعِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ. وَالْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْإِجَارَةُ مَعْقُودَةً عَلَى مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَاسْتِئْجَارُ التُّفَّاحِ لِلشَّمِّ وَالْحُلِيِّ لِوَضْعِهَا فِي مَحَلٍّ مَنْظُورٍ مِنْ الْبَيْتِ فَاسِدٌ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحُلِيِّ لِلتَّزَيُّنِ بِهَا وَهَذَا مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْإِعَارَةُ عَنْ الْإِجَارَةِ فَالْإِعَارَةُ فِيهِ جَائِزَةٌ وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ قَابِلَةً لِلْبَدَلِ وَبِهَذَا الْقَيْدِ تَخْرُجُ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ النِّكَاحِ؛ فَإِنَّ مَنَافِعَ النِّكَاحِ (وَهِيَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ) الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا النِّكَاحُ لَيْسَتْ إجَارَةً بَلْ تُسَمَّى نِكَاحًا (الْبَاجُورِيّ) . حَتَّى إنَّ الْإِجَارَةَ يَجِبُ أَنْ تُعْقَدَ عَلَى مُدَّةٍ مُوَقَّتَةٍ أَيْ أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الْإِجَارَةِ لَازِمٌ بِعَكْسِ النِّكَاحِ؛ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْقِيتُ. (تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَبِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (الْمَنْفَعَةُ) أَشَارَتْ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ مِنْ ثَوْبٍ قُبَاءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ قُمَاشُ الْكُمَّيْنِ مِنْهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَنَّاءً لِيَبْنِيَ لَهُ دَارًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَوَازِمُ الْبِنَاءِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ بَيْعَ عَيْنٍ (الْبَحْرُ) . وَسَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 262 مَزِيدُ إيضَاحٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. قَوْلُهُ (مَعْلُومَةٌ) : الْعِلْمُ بِالْمَنْفَعَةِ يَكُونُ تَارَةً بِبَيَانِ الْمُدَّةِ كَمَا فِي اسْتِئْجَارِ الدُّورِ لِلسُّكْنَى وَالْأَرَاضِي لِلزَّرْعِ كَمَا جَاءَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّسْمِيَةِ كَاسْتِئْجَارِ صَبَّاغٍ، أَوْ خَيَّاطٍ لِصَبْغِ ثَوْبٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ. وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّعْيِينِ وَالْإِشَارَةِ وَذَلِكَ كَاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ لِنَقْلِ حِمْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ إلَى مَحَلٍّ مُشَارٍ إلَيْهِ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَوَادِّ 452 و 455 و 456. وَتُعَرَّفُ الْإِجَارَةُ بِثَلَاثَةِ تَعَارِيفَ: الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَقْيِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْعِوَضِ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا وَتَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي الْمَوَادِّ (450 و 451 و 460) مَعَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ أَيْضًا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ لِلشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 429 فَإِذَا اعْتَبَرْنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُعَرَّفَةَ هُنَا هِيَ الصَّحِيحَةُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ لِلشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ الْمَارِّ ذِكْرُهَا وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ. وَإِذَا اعْتَبَرْنَا أَنَّ الْمُعَرَّفَ هَهُنَا الْأَعَمُّ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ تِلْكَ الْإِجَارَاتُ الْمُنْدَرِجَةُ تَحْتَهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ بِجَهْلِ الْبَدَلِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ

(المادة 406) الإجارة اللازمة

الدُّرَرُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِنَّمَا اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا التَّعْرِيفَ لِأَنَّ بَعْضَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ عَرَّفُوا بِهِ الْإِجَارَةَ (شُرُنْبُلَالِيّ) . التَّعْرِيفُ الثَّانِي: بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ (تَنْوِيرُ) وَهَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ الِاعْتِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَشْمَلُ الْإِجَارَةَ صَحِيحَةً وَالْفَاسِدَةَ بِجَهَالَةِ الْبَدَلِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ؛ فَلَا يَشْمَلُ الْفَاسِدَةَ بِوُقُوعِهَا بِلَا بَدَلٍ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ. التَّعْرِيفُ الثَّالِثُ: بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ الشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ وَالشَّرْطِ الْمُفْسِدِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا التَّعْرِيفُ أَيْضًا فِيهِ بَعْضُ الضَّعْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجَامِعٍ إذْ إنَّ الشُّيُوعَ الْأَصْلِيَّ لَا يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَ الْإِيجَارُ لِلشَّرِيكِ. وَالْأَجْوِبَةُ عَنْ الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى التَّعَارِيفِ تُؤْخَذُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: قَوْلُهُ (عِوَضٌ) أَمَّا الْإِجَارَةُ الَّتِي يَكُونُ بِلَا عِوَضٍ فَفَاسِدَةٌ عَلَى قَوْلٍ وَإِعَارَةٌ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ أَوْ آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ بِلَا عِوَضٍ شَهْرَيْنِ فَقَبِلَ الْآخَرُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَاسِدَةٌ عَلَى قَوْلٍ وَلَيْسَتْ بِإِعَارَةٍ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ تَنْعَقِدُ إعَارَةً (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3) . فَإِذَا اعْتَبَرْنَا الْإِجَارَةَ بِلَا بَدَلٍ عَارِيَّةً أَصْبَحَ التَّعْرِيفُ الثَّانِي سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ حِينَئِذٍ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ وَالْإِجَارَةُ بِلَا بَدَلٍ لَيْسَتْ إلَّا عَارِيَّةً وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ التَّعْرِيفُ بِالْمُسَاوِي يَجُوزُ بِالْأَعَمِّ وَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ (الْبَاجُورِيّ. الدُّرُّ الْمُنْتَقَى. الْبَحْرُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. دُرَرٌ. الْخَانِيَّةُ. الْهِدَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 406) الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ] (الْمَادَّةُ 406) : الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ هِيَ الْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ الْعَارِيَّةُ عَنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 441 وَالْمَادَّةِ 114 أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ وَذَلِكَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَنْ يَفْسَخَهَا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَسْخَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ مَادَّتَيْ 163 وَ 443) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عُذْرٌ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ 443 شَيْءٌ مِنْ الْإِيضَاحِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْإِجَارَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبٌ لِلْفَسْخِ مِمَّا تُفْسَخُ بِهِ الْعُقُودُ اللَّازِمَةُ لِوُجُودِ عَيْبٍ فِي الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ. أَمَّا أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ فَقَدْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ إنَّمَا تُفْسَخُ لِوُجُودِ عُذْرٍ كَإِفْلَاسِ مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ أَوْ سَرِقَةِ مَالِهِ وَغَصْبِهِ (مِيزَانُ الشَّعْرَانِيِّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 443) .

(المادة 407) الإجارة المنجزة

الْإِجَارَةُ اللَّازِمَةُ: هِيَ مُقَابِلَةٌ لِلْإِجَارَةِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا كَانَ فِي الْإِجَارَةِ أَحَدُ الْخِيَارَاتِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا يُقَالُ لَهَا إجَارَةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 115) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَهُنَا يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ مَعْدُومَةً لَمْ تَجْرِ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَيْهَا وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمَعْدُومُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْعَقْدِ. وَالْمُرَادُ مِنْ انْعِقَادِ الْعِلَّةِ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ هُوَ عَمَلُ الْعِلَّةِ وَنَفَاذُهَا فِي الْمَحَلِّ سَاعَةً فَسَاعَةً لَا ارْتِبَاطَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كُلَّ سَاعَةٍ (الْبَحْرُ) . وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ قَادِرًا عَلَى الرُّجُوعِ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا شَهْرًا؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِلَا عُذْرٍ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ فَمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ؟ . وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمَنْفَعَةِ أُقِيمَ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ نَفْسِهَا وَإِقَامَةُ السَّبَبِ مَقَام الْمُسَبِّبِ مَعْهُودَةٌ فِي الشَّرْعِ كَإِقَامَةِ السَّفَرِ مَقَامَ الْمَشَقَّةِ وَالْبُلُوغِ مَقَامَ كَمَالِ الْعَقْلِ، وَأَثَرُ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ الْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَتَرَتَّبُ عَلَى حُصُولِهِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ قَابِلًا لِلتَّرَاخِي كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَيْ عَيْنُ الْمُسْتَأْجَرِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ تُقَامُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ لِصِحَّةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَمْتَدُّ حَتَّى حُدُوثَ الْمَنْفَعَةِ (الشِّبْلِيُّ وَالْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 407) الْإِجَارَةُ الْمُنَجَّزَةُ] (الْمَادَّةُ 407) : الْإِجَارَةُ الْمُنَجَّزَةُ هِيَ إيجَارٌ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ. هَذِهِ الْإِجَارَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ، وَهُوَ كَإِيجَارِ دَارٍ إلَى أَجَلٍ بِكَذَا قِرْشًا اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 485 و 486) . وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ مَبْدَأُ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ تَنْصَرِفُ إلَى الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ. وَعَلَى هَذَا فَلِلْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ صُورَتَانِ: الْأُولَى: أَنْ يُعَيَّنَ مَبْدَأُ الْإِجَارَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ. وَالثَّانِيَةُ: أَلَّا يُبَيَّنَ مَبْدَأُ الْإِجَارَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ، كَقَوْلِكَ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً (وَمُنَجَّزَةٌ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّنْجِيزِ. [ (الْمَادَّةُ 408) الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ] (الْمَادَّةُ 408) : الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ إيجَارٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ مُسْتَقْبَلٍ، مَثَلًا: لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَارٌ بِكَذَا نُقُودًا لِكَذَا مُدَّةٍ اعْتِبَارًا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ الْآتِي تَنْعَقِدُ حَالَ كَوْنِهَا إجَارَةً مُضَافَةً. رَاجِعْ الْمَادَّةَ 440 شَرْحَ الْمَادَّةِ 82 (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَ مِنْ رَجُلٍ دَارِهِ مِنْ غُرَّةِ مُحَرَّمٍ شَهْرًا كَامِلًا وَآجَرَهَا مِنْ آخَرَ غَيْرِهِ مِنْ غُرَّةِ صَفَرٍ مُدَّةً فِي الْوَقْتِ عَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ الْأُولَى مُنَجَّزَةٌ وَالثَّانِيَةُ مُضَافَةٌ وَعَلَى ذَلِكَ فَتُسَلَّمُ الدَّارُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إلَى انْتِهَاءِ مُحَرَّمٍ ثُمَّ تُسَلَّمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ الْبَابُ الثَّالِثُ. التَّنْقِيحُ) . وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ

(المادة 409) الآجر هو الذي أعطي المأجور بالإجارة

وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْإِجَارَةَ بِاعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ قِسْمَانِ: (1) مُنَجَّزَةٌ وَ (2) مُضَافَةٌ. وَهَهُنَا نَوْعٌ آخَرُ لِلْإِجَارَةِ يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ الْمُعَلَّقَةُ، وَذَلِكَ كَقَوْلِكَ لِشَخْصٍ: إذَا رَجَعَ زَيْدٌ مِنْ سَفْرَتِهِ آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ بِكَذَا قِرْشًا وَلَكِنْ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ عَلَى شَيْءٍ بَاطِلٌ وَالْإِجَارَةُ بِمَنْزِلَةِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِيجَارُهَا قَدْ صَرَفَ النَّظَرَ عَنْ هَذَا شَرْعًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 440 و 82) (فِي الْبَيْعِ فِيمَا يَبْطُلُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ) وَالْإِجَارَتَانِ الْمُنَجَّزَةُ وَالْمُضَافَةُ كَمَا تَكُونَانِ لَازِمَتَيْنِ تَكُونَانِ غَيْرَ لَازِمَتَيْنِ، وَلِذَلِكَ قَدْ لَا تُعْتَبَرَانِ قِسْمَيْنِ وَمُقَابِلَيْنِ لِلْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. [ (الْمَادَّةُ 409) الْآجِرُ هُوَ الَّذِي أُعْطِيَ الْمَأْجُورَ بِالْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 409) الْآجِرُ هُوَ الَّذِي أُعْطِيَ الْمَأْجُورَ بِالْإِجَارَةِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْمُكَارِي بِضَمِّ الْمِيمِ وَمُؤَجِّرٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَمَّا قَوْلُ الْبَعْضِ مُؤَجَّرًا فَخَطَأٌ وَقَبِيحٌ (زَيْلَعِيٌّ) أَمَّا خَطَؤُهُ؛ فَلِأَنَّ (آجَرَ) مِنْ بَابِ أَفْعَلَ لَا فَاعَلَ وَأَمَّا قُبْحُهُ فَلِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي مَوْضِعِ الْقُبْحِ (شِبْلِيٌّ) . وَالِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهَا خَيْرٌ مِنْ التَّطْوِيلِ وَلَا دَاعِيَ لِذِكْرِهَا جَمِيعِهَا. [ (الْمَادَّةُ 410) مَعْنَى الْمُسْتَأْجِرُ] (الْمَادَّةُ 410) : الْمُسْتَأْجِرُ بِكَسْرِ الْجِيمِ هُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ. الْمُسْتَأْجِرُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ اسْمُ فَاعِلٍ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ مَالًا، أَوْ أَجِيرًا وَيُقَالُ لِلْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ طَرَفَانِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 46 فَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُ دُكَّانًا بِمِائَةِ قِرْشٍ، أَوْ يَسْتَأْجِرُ خَادِمًا يُقَالُ لَهُ مُسْتَأْجِرٌ. [ (الْمَادَّةُ 411) الْمَأْجُورُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أُعْطَى بِالْكِرَاءِ] (الْمَادَّةُ 411) الْمَأْجُورُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أُعْطَى بِالْكِرَاءِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُؤَجَّرُ وَالْمُسْتَأْجَرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ فِيهِمَا. كَمَا يُقَالُ لِلْمُعْطَى بِالْكِرَاءِ مَأْجُورٌ يُقَالُ لَهُ مُؤَجَّرٌ وَمُسْتَأْجَرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ فِيهِمَا بِصِيغَةِ اسْمِ مَفْعُولٍ وَالْمَأْجُورُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَجَرَ يَأْجُرُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ (الزَّيْلَعِيُّ) وَعَلَى ذَلِكَ الْحَانُوتُ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. (مَأْجُورٌ وَمُؤَجَّرٌ وَمُسْتَأْجَرٌ) وَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَتَا مُؤَجَّرٌ وَمُسْتَأْجَرٌ تَلْتَبِسَانِ رَسْمًا بِكَلِمَةِ (مُؤَجِّرٍ) الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ 409 وَكَلِمَةِ (مُسْتَأْجِرٍ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَكَانَ فِي إزَالَةِ

(المادة 412) معنى المستأجر فيه

الِالْتِبَاسِ تَطْوِيلٌ رَأَيْنَا الِاقْتِصَارَ عَلَى كَلِمَةِ (مَأْجُورٍ) وَهِيَ مُطَابِقَةٌ لَهُمَا كُلَّ الْمُطَابَقَةِ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ جَمِيعِهَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُمَا فِي هَذِهِ الْمَوَادِّ أَيْضًا [ (الْمَادَّةُ 412) مَعْنَى الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ] (الْمَادَّةُ 412) الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِفَتْحِ الْجِيم هُوَ الْمَالُ الَّذِي سَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْأَجِيرِ لِأَجْلِ إيفَاءِ الْعَمَلِ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَالثِّيَابِ الَّذِي أُعْطِيت لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا وَالْحُمُولَةِ الَّتِي أُعْطِيت لِلْحَمَّالِ لِيَنْقُلَهَا. الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ أَمَّا السَّاعَةُ الَّتِي تُدْفَعُ إلَى مَنْ يَصْنَعُ لَهَا غِلَافًا وَالصَّوَّانُ (البقجة) الَّذِي يُرْسَلُ الثَّوْبُ فِيهِ إلَى الْخَيَّاطِ لِيَقْطَعَهُ جُبَّةً؛ فَلَا يُعَدَّانِ مُسْتَأْجَرًا فِيهِمَا (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ لَيْسَ فِي السَّاعَةِ نَفْسِهَا وَلَا فِي الصَّوَّانِ بَلْ فِي غِلَافِ السَّاعَةِ وَصَوَّانِ الثَّوْبِ. [ (الْمَادَّةُ 413) الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي آجَرَ نَفْسَهُ] (الْمَادَّةُ 413) الْأَجِيرُ هُوَ الَّذِي آجَرَ نَفْسَهُ وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 422 الْآتِيَةِ كَالْخَادِمِ وَالنَّجَّارِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعُمَّالِ. [ (الْمَادَّةُ 414) أَجْرُ الْمِثْلِ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي قَدَّرَتْهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ السَّالِمِينَ عَنْ الْغَرَضِ] يُعَيَّنُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى تَعَيُّنُهُ بِتَقْدِيرِ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ الْخَالِينَ عَنْ الْغَرَضِ. وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يُنْتَخَبَ اثْنَانِ، مَثَلًا: مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ الْخَالِينَ عَنْ الْغَرَضِ فَيُقَدِّرَانِ الْأُجْرَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا مَثِيلُ ذَلِكَ الْمَالِ، أَوْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي عَمَلِهِ مَعَ الْمُدَّةِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهَا. وَلَمَّا كَانَتْ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ تُزَادُ عَلَى الْأَعْيَانِ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي تَقْدِيرِ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَى شَيْئَيْنِ: (1) إلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُعَادِلَةِ لِمَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ. (2) إلَى زَمَانِ الْإِجَارَةِ وَمَكَانِهَا. وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى الْعَمَلِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى شَيْئَيْنِ: (1) إلَى شَخْصٍ مُمَاثِلٍ لِلْأَجِيرِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ. (2) إلَى زَمَانِ الْإِجَارَةِ وَمَكَانِهَا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْمَالِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمَاكِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ)

فَفِي إجَارَةِ الْأَجِيرِ الْفَاسِدَةِ، مَثَلًا: يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ عِنْدَ إتْمَامِهِ الْعَمَلَ الْأُجْرَةَ الْمَعْرُوفَةَ بَيْنَ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَيُعَيَّنُ أَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا مِنْ جِنْسِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فَالْإِجَارَةُ الَّتِي سُمِّيَ أَجْرُهَا مِنْ الْحِنْطَةِ، مَثَلًا: إذَا لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيهَا بِفَسَادِهَا يُقَدَّرُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا مِنْ الْحِنْطَةِ هَذَا إذَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفُوا وَقَدَّرُوا تَقْدِيرًا مُتَفَاوِتًا فَيُؤْخَذُ وَسَطُ مَا قَدَّرُوهُ كَمَا لَوْ قَدَّرَ بَعْضُهُمْ أَجْرَ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَبَعْضُهُمْ قَدَّرَهُ عَشَرَةً وَبَعْضُهُمْ أَحَدَ عَشَرَ فَحَقُّ الْأَجِيرِ حِينَئِذٍ أَحَدَ عَشَرَ. قَوْلُهُ (السَّالِمِينَ مِنْ الْغَرَضِ) يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ لِلْخَبِيرِ غَرَضٌ لِيَصِحَّ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَالْعَمَلُ بِرَأْيِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1700) (كُفُوِي) . وَهَذَا التَّقْدِيرُ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَلْفَاظُ الشَّهَادَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ نِصَابُهَا. أَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَدْ اشْتَرَطَ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إشَارَةٌ إلَى اخْتِيَارِ أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ. وَنَذْكُرُ هَهُنَا بَعْضَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُعْمَلُ فِيهَا بِرَأْيِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِيمَا إذَا أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، أَوْ وَصِيُّ الْيَتِيمِ مَالَ الْوَقْفِ أَوْ مَالَ الْيَتِيمِ، وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرَانِ فِي هَذَا الْإِيجَارِ غَبَنًا فَاحِشًا فَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَمْثَالِهَا لَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ مَا لَمْ يُرْجَعْ إلَى آرَاءِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيُصَدَّقُوا بِالْغَبَنِ الْفَاحِشِ حَسَبَ الدَّعْوَى فَحِينَئِذٍ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 441) إذَا بَاعَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ مَالًا لَهُ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ آخَرَ فَادَّعَى الْغَبَنَ الْفَاحِشَ فِي بَيْعِهِ، وَطَلَبَ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (356) . فَيُسْأَلُ حِينَئِذٍ أَهْلُ الْخِبْرَةِ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ فَإِنْ كَانَ هُنَالِكَ غَبَنٌ فُسِخَ الْبَيْعُ وَإِلَّا؛ فَلَا وَلَيْسَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ شَرْطًا فِي قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِخْبَارِهِمْ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَعْيِينُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: تَعْيِينُهُ بِالشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ عَلَى مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَادَّعَى الْأَجِيرُ أَنَّهُ دِينَارَانِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الدِّينَارَ وَلَا يُكْتَفَى هُنَا فِي إخْبَارِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِغَيْرِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُمْ هَذَا شَهَادَةٌ فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ سَائِرِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ فِيهِ الَّتِي مِنْهَا التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1675 وَمَا يَتْلُوهَا) . فَإِذَا أَقَامَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ شُهُودًا عَلَى مِقْدَارِ مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الزِّيَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1762) .

(المادة 415) الأجر المسمى هو الأجرة التي ذكرت وتعينت حين العقد

الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: تَعْيِينُهُ بِالْيَمِينِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ صَاحِبُ الْمَالِ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ لِمَا لَهُ مِنْ مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَدَّعِيَ صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ لِمَالِهِ مِائَةُ قِرْشٍ، وَيَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَيَعْجِزُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ، فَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ لَا يَجْتَازُ الْخَمْسِينَ قِرْشًا الَّتِي ادَّعَى أَنَّهَا أَجْرُ الْمِثْلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 7) . وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ النَّاسِ حِينَئِذٍ اسْتِئْجَارَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ أَجْرُ مِثْلٍ لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ إنَّمَا هُوَ أَجْرٌ مُسَمًّى. وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى كَمَا يَكُونُ زَائِدًا عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يَكُونُ نَاقِصًا. (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْإِجَارَةِ. عَلِيٌّ أَفَنْدِي الْأَشْبَاهُ فِي أَجْرِ الْمِثْلِ. الْحَمَوِيُّ) . وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْخَادِمِ بِالشَّهَادَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ مِنْ مَخْدُومِهِ السَّابِقِ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَذَا قِرْشًا وَلِلدُّكَّانِ بِالشَّهَادَةِ الْمُعْطَاةِ لِصَاحِبِهَا مِنْ نَقَابَةِ الطَّبَقَةِ الَّتِي يَنْتَسِبُ إلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ السَّابِقُ، وَلَا اعْتِبَارَ لِلْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِنْ مُسْتَأْجِرِ الدُّكَّانِ مُطْلَقًا وَلَا يُتَّخَذُ دَلِيلًا عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. [ (الْمَادَّةُ 415) الْأَجْرُ الْمُسَمَّى هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي ذُكِرَتْ وَتَعَيَّنَتْ حِينَ الْعَقْدِ] أَيْ هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حِينَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ حَانُوتًا مِنْ آخَرَ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَالْمِائَةُ الْقِرْشُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَلِلْأَجْرِ الْمُسَمَّى ثَلَاثُ أَحْوَالٍ: (1) أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِأَجْرِ الْمِثْلِ. (2) أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. (3) أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ. فَلَوْ كَانَ مَالُ أَجْرِ مِثْلِهِ مِائَةً وَأُوجِرَ بِمِائَةٍ فَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُسَاوٍ لِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَوْ أُوجِرَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى زَائِدٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ خَمْسِينَ وَلَوْ أُوجِرَ بِخَمْسِينَ فَأَجْرُهُ الْمُسَمَّى نَاقِصٌ خَمْسِينَ. وَلِذَلِكَ لَا يَكْفِي لِإِثْبَاتِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِمَالٍ مَا أَنَّهُ مِائَةٌ بِمُجَرَّدِ اسْتِئْجَارِهِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ، بَلْ لَا بُدَّ فِي إثْبَاتِهِ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَ إيضَاحُهَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَمِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ بَيْنَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَأَجْرِ الْمِثْلِ عُمُومًا وَخُصُوصًا وَجْهِيًّا. هَذَا وَأَنَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى فِي حُكْمِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِي الْمَادَّةِ 153، وَأَجْرَ الْمِثْلِ فِي حُكْمِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ 154 وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قُدِّمَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى الْمَادَّةِ 414 لَكَانَ أَنْسَبَ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ. [ (الْمَادَّةُ 416) الضَّمَانُ هُوَ إعْطَاءُ مِثْلِ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا] (الْمَادَّةُ 416) الضَّمَانُ هُوَ إعْطَاءُ مِثْلِ الشَّيْءِ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ

(المادة 417) المعد للاستغلال هو الشيء الذي أعد وعين على أن يعطى بالكراء

أَيْ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ. فَإِذَا أَتْلَفَ إنْسَانٌ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ لِآخَرَ فَأَعْطَاهُ مِثْلَهَا، أَوْ حِصَانًا فَأَعْطَاهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ إتْلَافِهِ فَيُقَالُ لِذَلِكَ (ضَمَانٌ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 891) . وَقَدْ عُرِّفَ الْمِثْلِيُّ فِي الْمَادَّةِ 145 وَالْقِيَمِيُّ فِي الْمَادَّةِ 146 وَيُقْبَلُ فِي التَّقْوِيمِ قَوْلُ الْوَاحِدِ مِنْ الْعُدُولِ (أَشْبَاهٌ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالدَّعَاوَى) . فَلَوْ أَتْلَفَ إنْسَانٌ مَالَ آخَرَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّ مَالَهُ يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ، فَأَنْكَرَ الْمُتْلِفُ ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُسَاوِي خَمْسِينَ قِرْشًا فَيُقْبَلُ تَقْوِيمُ عَدْلٍ وَاحِدٍ لِذَلِكَ الْمَالِ وَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ (أَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى تَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ لِمَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ التَّقْوِيمِ نِصَابُ السَّرِقَةِ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ حَمَوِيٌّ) [ (الْمَادَّةُ 417) الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أُعِدَّ وَعُيِّنَ عَلَى أَنْ يُعْطَى بِالْكِرَاءِ] (الْمَادَّةُ 417) : الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أُعِدَّ وَعُيِّنَ عَلَى أَنْ يُعْطَى بِالْكِرَاءِ كَالْخَانِ وَالدَّارِ وَالْحَمَّامِ وَالدُّكَّانِ مِنْ الْعَقَارَاتِ الَّتِي بُنِيَتْ وَاشْتُرِيَتْ عَلَى أَنْ تُؤْجَرَ وَكَذَا كَرْوَسَاتُ الْكِرَاءِ وَدَوَابُّ الْمُكَارِينَ، وَإِيجَارُ الشَّيْءِ ثَلَاثُ سِنِينَ عَلَى التَّوَالِي دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَالشَّيْءُ الَّذِي أَنْشَأَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ يَصِيرُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِعْلَامِهِ النَّاسَ بِكَوْنِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُعَدَّةَ لِلِاسْتِغْلَالِ لَيْسَتْ قَاصِرَةً عَلَى الْعَقَارَاتِ فَقَطْ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَلْ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالْمَنْقُولَاتِ مَا يَكُونُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَقَدْ جَرَتْ الْمَجَلَّةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) وَعَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ يَلْزَمُ الْمِثْلُ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارَاتِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ (إنَّ إيجَارَ الشَّيْءِ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى التَّوَالِي دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بَطَلَ كَوْنُهُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَيَبْقَى مِنْ قَبِيلِ مَا أُخِذَ لِيُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ فِي الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ مَالَهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِذَا بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ، أَوْ تُوُفِّيَ؛ فَلَا يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِذَا أَعَدَّهُ الْمُشْتَرِي لِلِاسْتِغْلَالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى عَلَى التَّوَالِي يُعْتَبَرُ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَمَّا إيجَارُهُ سَنَةً، أَوْ سَنَتَيْنِ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ كَذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ مَأْجُورًا فِيهَا وَالْمُرَادُ مِنْ السَّنَةِ هُنَا كَمَا فِي مُرُورِ الزَّمَنِ السَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ لَا الشَّمْسِيَّةُ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ إذَا أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ إلَى السَّنَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ لَكِنْ إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ أَرْضٌ لَا يَقُومُ هُوَ عَلَى زِرَاعَتِهَا بِنَفْسِهِ فِي قَرْيَةٍ اعْتَادَ أَهْلُهَا أَسْتِئْجَارَ أَرَاضِي الْغَيْرِ لِلزِّرَاعَةِ، فَإِنَّ أَرْضَهُ تُعْتَبَرُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِذَا زَرَعَهَا أَحَدٌ فَلِصَاحِبِهَا مُطَالَبَةُ هَذَا الزَّارِعِ بِالْأُجْرَةِ الْمُتَعَارَفَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) (رَدُّ الْمُحْتَارِ بَزَّازِيَّةٌ) . أَمَّا الْمَالُ الَّذِي أَنْشَأَهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ فَشَرْطُ إلْزَامِ مُسْتَعْمِلِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَلِذَلِكَ قَالَ الْمَتْنُ (وَالشَّيْءُ الَّذِي أَنْشَأَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ يَصِيرُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِعْلَامِهِ النَّاسَ

(المادة 418) المسترضع هو الذي التزم ظئرا بالأجرة

بِكَوْنِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ) . وَسَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (595) تَفْصِيلٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. إنَّ بَيْنَ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَغَيْرِ الْمُعَدِّ فَرْقًا مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ وَسَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (596) . [ (الْمَادَّةُ 418) الْمُسْتَرْضِعُ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَ ظِئْرًا بِالْأُجْرَةِ] (الْمَادَّةُ 418) الْمُسْتَرْضِعُ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَ ظِئْرًا بِالْأُجْرَةِ. الْمُسْتَرْضِعُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اسْتَرْضَعَ وَيُقَالُ لِلظِّئْرِ مُرْضِعَةٌ قَالَ تَعَالَى {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} [الحج: 2] الْآيَةُ. [ (الْمَادَّةُ 419) الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْمَنَافِعِ] (الْمَادَّةُ 419) الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْمَنَافِعِ كَإِعْطَاءِ الْقَرَارِ عَلَى انْتِفَاعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ سَنَةً وَالْآخَرِ أُخْرَى مُنَاوَبَةً فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُنَاصَفَةً، مَثَلًا. الْمُهَايَأَةُ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ وَهِيَ لُغَةً: اتِّفَاقُ أَشْخَاصٍ عَلَى أَمْرٍ مَا شَرْعًا فَهُوَ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي الْمَتْنِ وَكَمَا يَجُوزُ قِرَاءَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِالْهَمْزَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا عَلَى لُغَةٍ بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا (مُهَايَأَةً) فَإِذَا كَانَ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً مَثَلًا يُعْطَى الْقَرَارُ إمَّا رِضَاءً أَوْ قَضَاءً بِأَنْ يَسْكُنَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ الدَّارَ سَنَةً، أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ وَأَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إيجَارُهَا مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ (مُهَايَأَةُ زَمَنٍ) وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ 1176. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقِسْمَةِ) . وَمَعَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (429) مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَعُرِّفَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَدْ جَاءَ تَعْرِيفُهَا فِي الْمَادَّةِ (1174) وَبُحِثَ فِيهَا الْمَوَادُّ التَّالِيَةُ.

الباب الأول في بيان الضوابط العمومية للإجارة

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الضَّوَابِطِ الْعُمُومِيَّةِ لِلْإِجَارَةِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الضَّوَابِطِ الْعُمُومِيَّةِ. خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ: الضَّوَابِطُ جَمْعُ ضَابِطَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ. 1 - يُعْقَدُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْعَيْنِ ابْتِدَاءً وَعَلَى الْمَنْفَعَةِ انْتِهَاءً فَإِذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ انْتِهَاءً عَلَى الْعَيْنِ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً. 2 - الْإِجَارَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى نَوْعَيْنِ. 3 - الْأَجِيرُ عَلَى نَوْعَيْنِ أَجِيرٌ خَاصٌّ وَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ. 4 - إجَارَةُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ تَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُقَيَّدَ فِيهَا الْأَجِيرُ بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ. الثَّانِي: أَنْ تُعْقَدَ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ مُدَّةٍ لِإِنْجَازِهِ. 5 - الْأَجِيرُ الْخَاصُّ نَوْعَانِ: أَجِيرٌ وَاحِدٌ وَأَجِيرٌ غَيْرُ وَاحِدٍ. 6 - بَيْنَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَرْقٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: (1) مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ (2) مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامِ. (3) مِنْ حَيْثُ الْفُرُوعِ. [ (الْمَادَّةُ 420) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 420) : الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ. أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمَبِيعُ فِي أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ حِينَ الْعَقْدِ مَعْدُومَةً وَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى مَا سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا تَصِحُّ فَالْقِيَاسُ أَلَّا تَكُونَ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً حَسَبَ الْمَادَّةِ (205) لَكِنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 23 وَشَرْحَهَا) . (الْهِنْدِيَّةُ. الزَّيْلَعِيُّ) وَقَدْ أَوَّلَ الْكِتَابُ الْبَحْثَ فِي الِاحْتِيَاجِ. وَمَنَافِعُ الْأَعْيَانِ الَّتِي تَقَعُ عَلَيْهَا الْإِجَارَةُ ابْتِدَاءً تُسَمَّى مَأْجُورًا وَالشَّخْصُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ يُسَمَّى أَجِيرًا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 434) . وَقَدْ جِيءَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ تَوْطِئَةً لِلْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ: (تَجُوزُ إجَارَةُ كُلِّ مَالٍ

(المادة 421) الإجارة باعتبار المعقود عليه على نوعين

قَابِلٍ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (405) بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي فَسَادِ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَقَعُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ. تَوْضِيحُ الْإِجَارَةِ: الْمَنْفَعَةُ. فَالْإِجَارَةُ الَّتِي يُقْصَدُ مِنْهَا اسْتِهْلَاكُ الْعَيْنِ بَاطِلَةٌ. (خَيْرِيَّةٌ) مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى ذَلِكَ: -. (1) اسْتِئْجَارُ الْبُحَيْرَةِ لِصَيْدِ السَّمَكِ، أَوْ سَقْيِ الْمَزْرَعَةِ وَالْبُسْتَانِ، أَوْ الْبَيَّارَةِ عَلَى أَنْ تَرْعَى فِيهِ الدَّوَابُّ، أَوْ يُقْطَعَ مِنْهُ الْخَشَبُ وَالشَّجَرُ وَالِانْتِفَاعُ بِثَمَرِهِ. وَالْأَرْضُ عَلَى أَنْ يُعْمَلَ مِنْهَا اللَّبِنُ وَالْآجُرُّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَدْ جَاءَ فِي (الْبَزَّازِيَّةُ) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيُلَبِّنَ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ ضَمِنَ قِيمَةَ التُّرَابِ وَاللَّبِنُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاللَّبِنُ لَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ ضَمِنَ نُقْصَانَهَا وَيَدْخُلُ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ فِي نُقْصَانِهَا وَإِلَّا؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. مِثَالٌ: إذَا آجَرَ أَهْلُ قَرْيَةٍ أَرْضًا غَيْرَ مَرَاعِيهِمْ الْقَدِيمَةِ مِنْ أُنَاسٍ لِيَرْعَوْا فِيهَا مَوَاشِيَهُمْ فَالْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ؛ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَنْفَقَ جَبْرًا أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَكِنْ لَا يَلِيقُ بِالْآجِرِ أَنْ يُضَيِّعَهُ عَلَيْهِ. (2) اسْتِئْجَارُ الدَّرَاهِمِ لِلصَّرْفِ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ لِلْأَكْلِ وَأَشْجَارُ الْتَوَتْ لِأَخْذِ وَرَقِهَا وَالْمُمَالَح لِأَخْذِ الْمِلْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 405) . (3) اسْتِئْجَارُ الْغَنَمِ لِجَزِّ صُوفِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِذَا جَزَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَعَلَيْهِ دَفْعُ بَدَلِهَا لِصَاحِبِهَا. (4) اسْتِئْجَارُ الْبَقَرَةِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِلَبَنِهَا غَيْرُ جَائِزٍ. (خَيْرِيَّةٌ. النَّتِيجَةُ. التَّنْقِيحُ) . وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَلَّا يَجُوزَ اسْتِئْجَارُ الْمُرْضِعِ الَّذِي نَصَّتْ الْمَادَّةُ (562) عَلَى جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي ذَلِكَ يُقْصَدُ مِنْهَا اسْتِهْلَاكُ عَيْنِ اللَّبَنِ فَصَارَ كَاسْتِئْجَارِ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ لِلَبَنِهِمَا وَالْبُسْتَانِ لِأَكْلِ ثَمَرِهِ لَكِنْ جُوِّزَ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهِ وَجَرَيَانِ التَّعَامُلِ عَلَيْهِ وَدَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي ذَلِكَ وَجَرَى التَّعَامُلُ بِهِ. قَوْلُهُ (اسْتِهْلَاكُ الْعَيْنِ قَصْدًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا آجَرَ الْمَرْعَى لِوَضْعِ الْحَيَوَانَاتِ فِيهِ وَأَبَاحَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجَرِ رَعْيَ الْحَيَوَانَاتِ فِيهِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ أُوجِرَ قَصْرُ الْبُسْتَانِ وَأُبِيحَتْ نَوَاتِجُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ [ (الْمَادَّةُ 421) الْإِجَارَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى نَوْعَيْنِ] (الْمَادَّةُ 421) : الْإِجَارَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ الْوَارِدِ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ عَيْنُ الْمَأْجُورِ وَعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرِ أَيْضًا وَهَذَا النَّوْعُ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: إجَارَةُ الْعَقَارِ كَإِيجَارِ الدُّورِ وَالْأَرَاضِي. الْقِسْمُ الثَّانِي: إجَارَةُ الْعُرُوضِ كَإِيجَارِ الْمُلَابِسِ وَالْأَوَانِي. الْقِسْمُ الثَّالِثُ

(المادة 422) الأجير على قسمين

إجَارَةُ الدَّوَابِّ. النَّوْعُ الثَّانِي: عَقْدُ الْإِجَارَةِ الْوَارِدِ عَلَى الْعَمَلِ وَهُنَا يُقَالُ لِلْمَأْجُورِ أَجِيرٌ كَاسْتِئْجَارِ الْخَدَمَةِ وَالْعَمَلَةِ وَاسْتِئْجَارِ أَرْبَابِ الْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. حَيْثُ إنَّ إعْطَاءَ السِّلْعَة لِلْخَيَّاطِ مَثَلًا لِيَخِيطَ ثَوْبًا يَصِيرُ إجَارَةً عَلَى الْعَمَلِ كَمَا أَنَّ تَقْطِيعَ الثَّوْبِ عَلَى أَنَّ السِّلْعَةَ مِنْ عِنْدِ الْخَيَّاطِ اسْتِصْنَاعٌ. وَمَعَ أَنَّ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مِنْ الْعُرُوضِ أَيْضًا فَلَمْ يَأْتِ ذِكْرُهَا وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى أَنْ تُسْتَهْلَكَ فَإِجَارَتُهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ وَلَوْ أُوجِرَ شَيْءٌ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ عَلَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِاسْتِعْمَالِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَالْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْعُرُوضِ. أَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ: إجَارَةُ الْحَيَوَانَاتِ، كَإِيجَارِ الْحِصَانِ وَالْبَغْلِ وَالْجَمَلِ وَالثَّوْرِ وَغَيْرِهَا فَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ (538) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَهُوَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ الْوَارِدِ عَلَى عَمَلِ الْإِنْسَانِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 413) . لَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (الْمَنْفَعَةُ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ) فَيَكُونُ فِي تَقْسِيمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَى إجَارَةٍ وَارِدَةٍ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ وَإِلَى أُخْرَى وَارِدَةٌ عَلَى الْعَمَلِ - تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا التَّقْسِيمِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَرِدُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْفَعَةِ الْأَعْيَانِ وَأَحْيَانًا تَرِدُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْآدَمِيِّ (تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ) . فَمَثَلًا: يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَادَّةِ (455) : (تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً) أَنَّ الْإِجَارَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الْعَمَلِ تَرِدُ أَيْضًا عَلَى الْمَنْفَعَةِ. هَذَا وَلَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَرِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ، فَقَطْعُ قُبَاءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْ الْخَيَّاطِ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ خُصُوصِيَّةٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 405) قَوْلُهُ (حِرَفٌ) جَمْعُ حِرْفَةٍ (وَصَنَائِعُ) جَمْعُ صَنْعَةٍ وَكِلْتَاهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَمَّا قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ تَقْطِيعَ الثَّوْبِ عَلَى أَنَّ السِّلْعَةَ مِنْ الْخَيَّاطِ اسْتِصْنَاعٌ فَقَدْ جَاءَ اسْتِطْرَادًا وَلَمَّا كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُذْكَرَ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِصْنَاعِ فَقَدْ بَحَثَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (388) (الْهِنْدِيَّةُ. فِي الْبَابِ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَسَيُبَيِّنُ فِي الْفُصُولِ: الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَقْسَامَ نَوْعَيْ الْإِجَارَةِ هَذَيْنِ وَأَحْكَامَهُمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [ (الْمَادَّةُ 422) الْأَجِيرُ عَلَى قِسْمَيْنِ] (الْمَادَّةُ 422) : الْأَجِيرُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ كَالْخَادِمِ الْمُوَظَّفِ. الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَيْسَ بِمُقَيَّدٍ بِشَرْطِ أَلَّا يَعْمَلَ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَالْحَمَّالِ وَالدَّلَّالِ وَالْخَيَّاطِ والسَّاعَاتِيِّ وَالصَّائِغِ وَأَصْحَابِ كَرْوَسَاتِ الْكِرَاءِ وَأَصْحَابِ الزَّوَارِقِ الَّذِينَ هُمْ يُكَارُونَ فِي الشَّوَارِعِ وَالْجُوَّالُ مَثَلًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ لَا يَخْتَصُّ بِشَخْصٍ

وَاحِدٍ وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِكُلِّ أَحَدٍ. لَكِنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَكُونُ أَجِيرًا خَاصًّا فِي مُدَّةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَمَّالٌ، أَوْ ذُو كَرْوَسَةٍ أَوْ ذُو زَوْرَقٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِالْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ لَا يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى هَذَا فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ بِقِسْمَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (423) وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِعَمَلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ الْعَائِدَةِ إلَيْهِ لِغَيْرِهِ. فَلَوْ عَمِلَ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ بِإِنْسَانٍ عَمَلًا لِغَيْرِهِ فَقَصَّرَ فِي عَمَلِ مُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ لِاشْتِغَالِهِ بِعَمَلِ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهَا لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْأَجِيرِ بِقَدْرِ تَقْصِيرِهِ فِي عَمَلِهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ ظِئْرًا مُدَّةً فَأَجَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ آخَرَ بِدُونِ عِلْمٍ مِنْهُ فِي خِلَالِ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا فِيهَا لَكِنْ قَامَتْ بِإِرْضَاعِ وَلَدَيْ الْمُسْتَأْجَرِينَ أَتَمَّ الْقِيَامِ؛ فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ كَامِلَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ غَابَتْ عَنْ أَحَدِهِمَا بِاشْتِغَالِهَا بِالْآخَرِ فَلِلْأَوَّلِ نَقْصُ أُجْرَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي انْقَطَعَتْ فِيهَا عَنْ إرْضَاعِ ابْنِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِإِيجَارِ الظِّئْرِ نَفْسَهَا مِنْ الْآخَرِ. أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَاسْتِئْجَارُهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُسْتَأْجَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَيَّدَ بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِغَيْرِهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْعَمَلِ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ مَا دَامَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِعَدَمِ الْعَمَلِ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ عَمِلَ أَمْ لَمْ يَعْمَلْ. الثَّانِي: أَنْ يُسْتَأْجَرَ لِعَمَلٍ مَا مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ لِهَذَا الْعَمَلِ فَهَذَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا فَالْإِجَارَةُ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ صَحِيحَةٌ وَذَلِكَ كَاسْتِئْجَارِ إنْسَانٍ لِنَقْلِ حِمْلٍ إلَى مَكَان وَخَيَّاطٍ لِقَطْعِ قَمِيصٍ أَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ خَيَّاطًا عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ قَمِيصًا فِي بَيْتِهِ بِدُونِ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ سَوَاءٌ عَمِلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ أَمْ لَمْ يَعْمَلْ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ آخَرَ لِيَرْعَى لَهُ غَنَمَهُ بِمَبْلَغِ كَذَا فِي كُلِّ شَهْرٍ فَهَذَا الْأَجِيرُ مُشْتَرَكٌ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بَعْدَ رَعْيِ أَغْنَامِ الْغَيْرِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ. رَدُّ الْمُحْتَارِ أَنْقِرْوِيّ، الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ التَّكْمِلَةُ) . لَكِنْ إذَا صَرَّحَ فِي الْإِجَارَةِ بِكَوْنِ الْأَجِيرِ أَجِيرًا خَاصًّا طِوَالَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهَا فَهُوَ أَجِيرٌ خَاصٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حُصِرَتْ مَنَافِعُ الْأَجِيرِ فِي الْمُسْتَأْجِرِ فَقَدْ امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِ فِي الْوَقْتِ عَيْنِهِ. كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ عَرَبَةً مُعَدَّةً لِلْكِرَاءِ مَعَ سَائِقِهَا يَوْمًا كَامِلًا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، فَالْعَرَبَةُ أَجِيرٌ خَاصٌّ طِوَالَ

الْيَوْمِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ رَاعِيًا مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ لِرَعْيِ أَغْنَامِهِ، عَلَى أَلَّا يَرْعَى لِغَيْرِهِ فَذَلِكَ الرَّاعِي أَجِيرٌ خَاصٌّ طَوَالَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهَا. وَبَيْنَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُشْتَرَكِ فَرْقٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ 424 و 425، وَفِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 425، وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. الْفَرْقُ الثَّانِي: مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِضَابِطَيْنِ: الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ بِدُونِ تَعْيِينِ الْوَقْتِ، فَالْأَجِيرُ مُشْتَرَكٌ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي. وَيَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: وَذَلِكَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُذْكَرَ الْعَمَلُ وَحْدَهُ فِي الْعَقْدِ، أَوْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّةِ، أَوْ الْأُجْرَةِ، وَفِي هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ الْأَجِيرُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُذْكَرُ الْعَمَلُ فَقَطْ، وَفِي الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ تُعْقَدُ الْإِجَارَةُ بِذِكْرِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْعَقْدِ فِي الْأَوَّلِ وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُذْكَرُ الْعَمَلُ فَقَطْ وَذَلِكَ كَمَا ذَهَبْتَ إلَى نَجَّارٍ وَطَلَبْتَ مِنْهُ عَمَلَ خِزَانَةٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُذْكَرُ الْعَمَلُ ثُمَّ الْمُدَّةُ ثُمَّ الْأُجْرَةُ وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالْعَمَلُ هُنَا مَعْلُومٌ وَذِكْرُ الْمُدَّةِ لَمْ يُقْصَدْ مِنْهُ إيرَادُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعْطُوفًا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لِلْإِسْرَاعِ فِي إنْجَازِ الْعَمَلِ الْمُقَاوَلِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ لِيَعْمَلَ لَهُ وَاسْتَأْجَرَهُ لِأَجْلِهِ فِي أَوَّلِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ إتْمَامِهِ وَإِنْجَازِهِ فِيهِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْأَجِيرُ هُنَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أَيْضًا. وَإِلَّا؛ فَلَيْسَتْ الْمُدَّةُ هِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا حَتَّى يَكُونَ الْأَجِيرُ هُنَا أَجِيرًا خَاصًّا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ آخَرَ لِيَصْبُغَ لَهُ رِدَاءً فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ بِكَذَا قِرْشًا فَقَالَ لَهُ: اُصْبُغْ هَذَا الرِّدَاءَ الْيَوْمَ، أَوْ فِي هَذَا الْيَوْمِ إلَى الْمَسَاءِ بِكَذَا قِرْشًا فَفِي هَذَا الْمِثَالِ الصَّبْغُ الْعَمَلُ وَالْيَوْمُ هُوَ الْمُدَّةُ وَ (كَذَا قِرْشًا) الْأُجْرَةُ. فَالصَّبَّاغُ إذَا أَتَمَّ صَبْغَ الرِّدَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ الظُّهْرِ؛ فَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً كَمَا لَوْ أَتَمَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَإِنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ كَامِلَةً. وَقَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ إلَى فَسَادِ الْإِجَارَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَجْهِ (لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْوَقْتِ يُوجِبُ كَوْنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَذِكْرُ الْعَمَلِ يُوجِبُ كَوْنَ الْعَمَلِ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَنَفْعُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْعَمَلِ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَنَفْعُ الْأَجِيرِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَمِلَ، أَوْ لَمْ يَعْمَلْ فَفَسَدَ الْعَقْدُ) (الزَّيْلَعِيُّ) . وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ يُذْكَرُ الْعَمَلُ أَوَّلًا ثُمَّ الْأُجْرَةُ ثُمَّ الْمُدَّةُ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ الْعَمَلُ أَيْضًا فَالْأَجِيرُ مُشْتَرَكٌ أَيْضًا وَالْإِجَارَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحَةٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَتِمُّ بِذِكْرِ الْأُجْرَةِ وَذِكْرُ الْوَقْتِ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّعْجِيلِ وَلَيْسَ لِإِيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ آخَرَ

(المادة 423) يجوز أن يكون الأشخاص المتعددة الذين هم في حكم شخص واحد مستأجري أجير خاص

لِرَعْيِ غَنَمِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةَ شَهْرٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَنْ يَشْفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ كَلَامَهُ هَذَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجِيرَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِهِ. الضَّابِطُ الثَّانِي: حَيْثُمَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمُدَّةَ فَالْأَجِيرُ خَاصٌّ وَفِي هَذَا أَيْضًا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ تُذْكَرَ الْمُدَّةُ فَقَطْ. الْوَجْهَانِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ: أَنْ تُذْكَرَ الْمُدَّةُ وَالْعَمَلُ فَتُذْكَرَ الْمُدَّةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَمَلُ وَعَلَى الْكَيْفِيَّةِ هَذِهِ يَجْرِي عَقْدُ الْإِجَارَةِ. مِثَالُ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَحْدَهَا كَقَوْلِكَ أَسْتَأْجِرُ مُدَّةَ شَهْرٍ وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ تَكُونُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا. مِثَالُ الْوَجْهِ الثَّانِي: أَنْ تُعْقَدَ الْإِجَارَةُ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ الْعَمَلِ ثُمَّ الْأُجْرَةِ وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِيهَا الْمُدَّةُ، وَالْأَجِيرُ أَجِيرٌ خَاصٌّ. إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجِيرَ الْمَذْكُورَ أَجِيرٌ خَاصٌّ كَاسْتِئْجَارِكَ حَمَّالًا لِنَقْلِ حِمْلٍ مَعْلُومٍ إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ بِكَذَا قِرْشًا، أَوْ اسْتِئْجَارِكَ إنْسَانًا لِرَعْيِ غَنَمِكَ شَهْرًا بِمِائَةِ قِرْشٍ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُذْكَرَ فِيهِ الْمُدَّةُ أَوَّلًا ثُمَّ الْأُجْرَةُ ثُمَّ الْعَمَلُ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هِيَ الْمُدَّةُ وَالْأَجِيرُ خَاصٌّ فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَارَ تَامًّا بِذِكْرِ الْأُجْرَةِ ثُمَّ الْعَمَلِ وَمُسْتَنِدٌ إلَى قَصْدِ إتْمَامِ الْعَمَلِ بِالْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ وَذَلِكَ كَاسْتِئْجَارِ رَاعٍ عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمًا مَعْلُومَةً شَهْرًا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ وَيَكُونُ الْأَجِيرُ هَهُنَا أَجِيرًا خَاصًّا إلَّا إذَا أَضَافَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْأَجِيرِ مُشْتَرَكًا كَأَنْ يَقُولَ: ارْعَ غَنَمِي وَغَنَمَ غَيْرِي. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ تُذْكَرَ الْمُدَّةُ مَعَ إيقَاعِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا. فَالْإِجَارَةُ فِي هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ الْعَمَلُ وَتَكُونُ وَاقِعَةً عَلَى الْمُدَّةِ وَيَكُونُ الْأَجِيرُ خَاصًّا وَذَلِكَ كَاسْتِئْجَارِ رَجُلٍ لِلنِّجَارَةِ فِي دَارٍ يَوْمًا مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُبَيَّنْ مِقْدَارُ الْعَمَلِ فَإِيقَاعُ الْعَقْدِ عَلَى الْعَمَلِ غَيْرُ جَائِزٍ فَيَقَعُ عَلَى الْمُدَّةِ وَذَكَرَ (النِّجَارَةَ) لِبَيَانِ نَوْعِ الْعَمَلِ فَقَطْ. (الْهِنْدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ، الزَّيْلَعِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 423) يَجُوز أَنْ يَكُون الْأَشْخَاص الْمُتَعَدِّدَة الَّذِينَ هُمْ فِي حُكْم شَخْص وَاحِد مُسْتَأْجرِي أَجِير خَاصّ] (الْمَادَّةُ 423) كَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ شَخْصًا وَاحِدًا كَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْأَشْخَاصُ الْمُتَعَدِّدَةُ الَّذِينَ هُمْ فِي حُكْمِ شَخْصٍ وَاحِدٍ مُسْتَأْجِرِي أَجِيرٍ خَاصٍّ - بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَهْلُ قَرْيَةٍ رَاعِيًا عَلَى أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِمْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، يَكُونُ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا وَلَكِنْ لَوْ جَوَّزُوا أَنْ يَرْعَى دَوَابَّ غَيْرِهِمْ كَانَ حِينَئِذٍ ذَلِكَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا. وَقَدْ عُدَّ الْأَشْخَاصُ الْمُتَعَدِّدُونَ فِي حُكْمِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ بِالْعَقْدِ الْوَاحِدِ الَّذِي عَقَدُوهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ التَّفَارِيعُ الْآتِيَةُ: -

(المادة 424) الأجير المشترك لا يستحق الأجرة إلا بالعمل

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ رَجُلًا لِرَعْيِ غَنَمٍ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ خَاصَّةً كَانَ أَجِيرًا خَاصًّا. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَلَا يَلْزَمُ النَّصُّ عَلَى التَّخْصِيصِ لِاعْتِبَارِ الْأَجِيرِ خَاصًّا بَلْ عَدَمُ ذِكْرِ التَّعْمِيمِ كَافٍ فِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْقَصْدُ مِنْ قَوْلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (مَخْصُوصًا) عَدَمُ ذِكْرِ التَّعْمِيمِ لَيْسَ غَيْرُهُ سَوَاءٌ أَذُكِرَ التَّخْصِيصُ أَمْ لَمْ يُذْكَرْ. أَمَّا إذَا ذُكِرَ التَّعْمِيمُ بِأَنْ صَرَّحَ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِحُكْمِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَبَاحَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، أَوْ الرَّجُلَانِ، أَوْ الثَّلَاثَةُ لِلرَّاعِي رَعْيَ غَنَمِ غَيْرِهِمْ فَإِنَّ الرَّاعِيَ يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا. وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَكُونُ خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا بِحَسَبِ مُسْتَأْجِرِهِ فَكَمَا يَكُونُ الْأَجِيرُ خَاصًّا، أَوْ مُشْتَرَكًا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَاحِدًا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَعَدِّدًا حَسَبَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِنْ التَّعْرِيفِ الْوَارِدِ هُنَا أَنَّ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَعْمَلَ لِغَيْرِ وَاحِدٍ فَالْخَيَّاطُ، مَثَلًا: كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ قَمِيصًا لِزَيْدٍ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ غَيْرَهُ لِعَمْرٍو وَلِبَكْرٍ وَلِخَالِدٍ وَغَيْرِهِمْ وَلَا يَمْنَعُ الْتِزَامُهُ الْعَمَلَ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَلْتَزِمَ الْعَمَلَ لِسِوَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْعَمَلُ، أَوْ بِعِبَارَةٍ، أَوْضَحُ أَثَرُهُ وَعَلَى هَذَا؛ فَلَا تُعَدُّ مَنَافِعُ الْأَجِيرِ مِلْكًا لِإِنْسَانٍ مَا. أَمَّا الْأَجِيرُ الْخَاصُّ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْتَزِمَ عَمَلًا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ، أَوْ مُسْتَأْجِرِيهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ فِيهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لِمُسْتَأْجِرِهِ، أَوْ مُسْتَأْجِرِيهِ؛ فَلَا يُمْكِنُهُ تَمْلِيكُهَا فِي عَيْنِ الْوَقْتِ لِغَيْرِهِمْ وَيُقَالُ لِلْأَجِيرِ الْخَاصِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ وَاحِدٌ (أَجِيرُ وَحْدٍ) وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ اثْنَانِ، أَوْ أَكْثَرُ فَكُلُّ (أَجِيرِ وَحْدٍ) أَجِيرٌ خَاصٌّ وَلَيْسَ كُلُّ أَجِيرٍ خَاصٍّ أَجِيرًا وَحْدًا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا جَاءَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ. [ (الْمَادَّةُ 424) الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِالْعَمَلِ] (الْمَادَّةُ 424) : الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِالْعَمَلِ. أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِعَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَتَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا فَمَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا يُسَلَّمُ لَهُ الْعِوَضُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هُوَ الْعَمَلُ، أَوْ أَثَرُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا؛ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ. (زَيْلَعِيٌّ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَمَتَى، أَوْفَى الْعَامِلُ الْعَمَلَ اُسْتُحِقَّتْ الْأُجْرَةُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 469 وَشَرْحَهَا) . وَعَلَى ذَلِكَ لَا تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يَكُونُ لَهَا أَثَرٌ كَالْخِيَاطَةِ إلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ كَحَمْلِ الْحِمْلِ فَتُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ فِيهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 475 وَشَرْحَهَا) . فَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُجَرَّدِ اسْتِعْدَادِهِ كَالْأَجِيرِ الْخَاصِّ، مَا لَمْ يَقُمْ بِعَمَلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ

(المادة 425) الأجير يستحق الأجرة إذا كان في مدة الإجارة حاضرا للعمل

لَهُ وَإِنْجَازِهِ وَمَهْمَا مَضَى مِنْ الزَّمَنِ وَهُوَ حَاضِرٌ لِلْعَمَلِ؛ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ خَيَّاطًا لِيَصْنَعَ لَهُ قُبَاءَ فَمَا لَمْ يَعْمَلْهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً. اخْتِلَافُ الطَّرَفَيْنِ فِي أَدَاءِ الْعَمَلِ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فِي أَدَاءِ الْعَمَلِ وَعَدَمِهِ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَجِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَدَّعِي أَدَاءَ الْعَمَلِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ ذَلِكَ (تَنْقِيحُ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلَوْ ادَّعَى الْأَجِيرُ أَدَاءَ الْعَمَلِ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ حَلِفُ الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَجِيرِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . [ (الْمَادَّةُ 425) الْأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ] (الْمَادَّةُ 425) : الْأَجِيرُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ وَلَا يُشْرَطُ عَمَلُهُ بِالْفِعْلِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْعَمَلِ وَإِذَا امْتَنَعَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. وَمَعْنَى كَوْنِهِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ وَيَكُونَ قَادِرًا وَفِي حَالِ تَمَكُّنِهِ مِنْ إيفَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ. أَمَّا الْأَجِيرُ الَّذِي يُسَلِّمُ نَفْسَهُ بَعْضَ الْمُدَّةِ، فَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يَلْحَقُ ذَلِكَ الْبَعْضَ مِنْ الْأُجْرَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 470) مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ لِيَخْدِمَهُ سَنَةً عَلَى أَجْرٍ مُعَيَّنٍ فَخَدَمَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَرَكَ خِدْمَتَهُ وَسَافَرَ إلَى بِلَادٍ أُخْرَى ثُمَّ عَادَ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَطَلَبَ مِنْ مَخْدُومِهِ أَجْرَ سِتَّةِ الْأَشْهُرِ الَّتِي خَدَمَهُ فِيهَا؛ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِمَخْدُومِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهَا بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ الْمُدَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ لِيَخْدِمَهُ فِيهَا. (الْبَهْجَةُ) . وَإِنَّمَا لَا يُشْتَرَطُ عَمَلُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِالْفِعْلِ كَمَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ مَنَافِعُ الْأَجِيرِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ مُسْتَحَقَّةً لِلْمُسْتَأْجِرِ وَتِلْكَ الْمَنَافِعُ قَدْ تُهُيِّئَتْ وَالْأُجْرَةُ مُقَابِلُ الْمَنَافِعِ، فَالْمُسْتَأْجِرُ إذَا قَصَّرَ فِي اسْتِعْمَالِ الْأَجِيرِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْأَجِيرِ مَانِعٌ حِسِّيٌّ عَنْ الْعَمَلِ كَمَرَضٍ وَمَطَرٍ فَلِلْأَجِيرِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلَ (الزَّيْلَعِيُّ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلرَّاعِي الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ تَامَّةً مَا دَامَ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ وَلَوْ هَلَكَ بَعْضُ الْمَوَاشِي، أَوْ كُلُّهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . صُورَةُ تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ: -. تَقْسِيمُ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّءُوسِ إذَا كَانَ الْأُجَرَاءُ مُتَعَدِّدِينَ: فَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ خَمْسَةَ رِجَالٍ لِحَفْرِ بِئْرٍ بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَالْأُجْرَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالتَّسَاوِي وَلَوْ كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ مِنْهُمْ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةُ قُرُوشٍ يَوْمِيًّا فَإِذَا مَرِضَ أَحَدُهُمْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانُوا قَدْ قَبِلُوا الْعَمَلَ مُشْتَرِكِينَ؛ فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَةُ الْمَرِيضِ بَلْ يَأْخُذُهَا كَامِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (389) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُونُوا قَدْ قَبِلُوا الْعَمَلَ مُشْتَرِكِينَ فَتَسْقُطُ أُجْرَةُ الْمَرِيضِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ أُجْرَتَهُ لَا تُضَمُّ إلَى شُرَكَائِهِ فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَامُوا بِعَمَلِهِ دُونَ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَهُمْ مُتَبَرِّعُونَ إلَّا أَنَّ مِنْ الْمُسْتَحْسَنِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ إيَّاهَا.

(المادة 426) من استحق منفعة معينة بعقد الإجارة

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَغْلَيْنِ: أَدْهَمَ وَأَشْهَبَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِمَا 20 كَيْلَةَ حِنْطَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ يَحْمِلَ عَشَرَةً عَلَى الْأَشْهَبِ وَعَشَرَةً عَلَى الْأَدْهَمِ فَإِذَا حَمَّلَ أَحَدَهُمَا زِيَادَةً عَنْ الْآخَرِ تُقْسَمُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا حَسَبَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الدَّابَّتَيْنِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ يَخْتَلِفُ الْأَجْرُ بِمِثْلِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجَرَاءِ فِي عَمَلٍ وَاحِدٍ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ؛ فَلَا يُعْتَبَرُ. (هِنْدِيَّةٌ الْبَابُ الثَّامِنَ عَشَرَ) . وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ هَذَا الْحُكْمِ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّابَّتَانِ لِرَجُلَيْنِ وَلِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِكُلٍّ مِنْ الْبَغْلَيْنِ نَنْظُرُ إلَى أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلِ الْأَدْهَمِ كَمْ يَبْلُغُ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلَيْنِ وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ يَكُونُ أَجْرُهُ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَجْرُ الْمِثْلِ الْمَجْمُوعُ مِائَةً، وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى خَمْسِينَ وَأَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ الْأَدْهَمِ خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ وَإِذْ إنَّ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ هِيَ رُبْعُ الْمِائَةِ، وَهِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ فَرُبْعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (5، 15) أَجْرُ الْأَدْهَمِ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مَجْمُوعُ أَجْرِ الْمِثْلِ 100 مَجْمُوعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى 50 أَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ الْأَدْهَمِ عَلَى حِدَةٍ 25 112 مِثَالٌ ثَانٍ: مَجْمُوعُ أَجْرِ الْمِثْلِ 200 مَجْمُوعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى 80 أَجْرُ مِثْلِ الْبَغْلِ الْأَدْهَمِ 40 210 (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 177) أَمَّا الْأَجِيرُ الْخَاصُّ إذَا امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِصَيْرُورَتِهِ عَاجِزًا عَنْ الْعَمَلِ؛ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. فَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَنَّاءً لِيَبْنِيَ لَهُ دَارًا فَمَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَطَرُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ كَمَا أَنَّ الْخَادِمَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ سَنَةً إذَا مَرِضَ شَهْرًا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ ذَلِكَ الشَّهْرِ. (الْبَهْجَةُ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ مُجْبَرٌ عَلَى رَعْيِ نِتَاجِ مَا يَرْعَاهَا أَيْضًا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ) وَهَذَا مِنْ وُجُوهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَيْضًا فَتَكُونُ أَوْجُهُ الْفَرْقِ ثَلَاثَةً: (1) مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ. (2) مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ. (3) مِنْ حَيْثُ رَعْيِ النِّتَاجِ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ زِيَادَةُ عَدَدِ الْأَغْنَامِ إلَى حَدٍّ يَسْتَطِيعُ الرَّاعِي الْقِيَامَ مَعَهُ بِالرَّعْيِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الرَّعْيُ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ لَا رَعْيَ الْأَغْنَامِ بِعَيْنِهَا (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ زِيَادَتُهَا إلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ رَعْيُهَا (الْبَزَّازِيَّةُ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 426) مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُعَيَّنَةً بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 426) مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُعَيَّنَةً بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ عَيْنَهَا، أَوْ مِثْلَهَا، أَوْ مَا دُونَهَا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا فَوْقَهَا. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْحَدَّادُ

حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ أَيْ يَعْمَلَ فِيهِ صَنْعَةً مُسَاوِيَةً فِي الْمَضَرَّةِ لِصَنْعَةِ الْحَدَّادِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِلْعِطَارَةِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ صَنْعَةَ الْحَدَّادِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَشْرُوطَةَ فِي الْعَقْدِ لِمَنْ اسْتَحَقَّهَا أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا (1) بِعَيْنِهَا. (2) بِمِثْلِهَا أَيْ بِمَا يُسَاوِيهَا مَضَرَّةً. (3) بِمَا دُونَهَا مَضَرَّةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْعُقُودِ إنَّمَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فَائِدَةٌ. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فَائِدَةٌ؛ فَلَا يَكُونُ التَّعْيِينُ مُعْتَبَرًا (الشِّبْلِيُّ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَالِاسْتِيفَاءُ لَازِمٌ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ إلَى أَكْبَرَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَكُونُ ضَرَرُهَا عَلَى الْمَأْجُورِ أَشَدَّ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا رَضِيَ بِشَيْءٍ يَكُونُ رَاضِيًا عَادَةً وَدَلَالَةً بِاسْتِيفَاءِ مَا دُونَهُ، أَوْ مَا يُسَاوِيهِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ رَاضِيًا بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ ضَرَرًا. (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ مَادَّةَ 559 وَمَادَّةَ 5 60 فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. وَلِلتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ مَا هُوَ صَرَّحَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ: لُزُومُ الضَّمَانِ لِمَنْ يَتَجَاوَزُ فَيُتْلِفُ الْمَأْجُورَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الثَّانِي: أَجْرُ الْمِثْلِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا جَاوَزَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ وَعَمِلَ مَا لَمْ يُؤْذَنْ بِهِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمَأْجُورَ سَالِمًا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ أَدْنَى خَلَلٍ وَلَا أَقَلُّ ضَرَرٍ. الثَّالِثُ: فِيمَا إذَا كَانَ التَّجَاوُزُ غَصْبًا؛ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إلَّا إذَا كَانَ فِي مَالٍ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ، أَوْ مَالِ يَتِيمٍ، أَوْ وَقْفٍ، أَوْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ، لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِالتَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا وَضَابِطُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَرْعِيٌّ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَرَاضِي وَالْحَيَوَانِ وَإِيضَاحُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي: اخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ فِي تَحْمِيلِ الدَّابَّةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: -. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِالثِّقَلِ، وَالْعُدُولُ إلَى الْأَخَفِّ فِي هَذَا جَائِزٌ كَتَحْمِيلِ عَدْلِ شَعِيرٍ بَدَلًا مِنْ عَدْلِ حِنْطَةٍ. أَمَّا الْعُدُولُ مِنْ الْخَفِيفِ إلَى الثَّقِيلِ كَتَحْمِيلِ عَدْلِ حِنْطَةٍ بَدَلًا مِنْ عَدْلِ شَعِيرٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ بِالْجِنْسِ لَا بِالثِّقَلِ وَذَاكَ كَتَحْمِيلِ مِائَةِ أُقَّةٍ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْ أَقَلَّ مَكَانَ مِائَةِ أُقَّةٍ مِنْ الْقُطْنِ، أَوْ إرْكَابِكَ رَجُلًا مِثْلَكَ زِنَةَ دَابَّةٍ اسْتَأْجَرْتَهَا لِتَرْكَبَهَا أَنْتَ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الضَّمَانُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَيُؤْذِيهَا بِخِلَافِ الْقُطْنِ فَإِنَّهُ مُنْبَسِطٌ؛ فَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَكَذَلِكَ الرُّكَّابُ يَخْتَلِفُونَ فِي اقْتِدَارِهِمْ عَلَى الرُّكُوبِ وَحِذْقِهِمْ فِيهِ حَتَّى أَنَّ الرَّاكِبَ الَّذِي يَجْهَلُ طُرُقَ الرُّكُوبِ وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا لَيَكُونُ أَشَدَّ وَطْئًا عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ ثَقِيلِ الْجُثَّةِ الَّذِي يَعْلَمُ طُرُقَ الرُّكُوبِ. مُرَاعَاتُهَا فِي الْأَبْنِيَةِ: مِثَالُ ذَلِكَ: يَسْتَأْجِرُ حَدَّادٌ حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ (1) بِصِنَاعَتِهِ (2)

بِصِنَاعَةٍ أُخْرَى تُمَاثِلُهَا مَضَرَّةً (3) بِصِنَاعَةٍ أَخَفَّ مِنْهَا ضَرَرًا كَالْعِطَارَةِ وَلَهُ أَنْ يَأْجُرَهَا مِنْ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَجْنَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (الزَّيْلَعِيُّ، الشَّلَبِيُّ) . وَبَيْنَ الْمِثَالِ وَالْمُمَثَّلِ لَهُ تَرْتِيبٌ فِي نَشْرِهِ وَلَفِّهِ مُرَاعَاتُهَا فِي الدَّوَابِّ: وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً لَهُ؛ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا مِثْلَهَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ عَلَى الدَّابَّةِ وَاحِدٌ (الشِّبْلِيُّ) وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ سِمْسِمًا (الشِّبْلِيُّ) . وَكَذَلِكَ الطَّاحُونُ الَّذِي تُسْتَأْجَرُ عَلَى أَنْ يُطْحَنَ بِهَا حِنْطَةٌ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْحَنَ بِهَا مَا يُمَاثِلُ الْحِنْطَةَ مِنْ الْحُبُوبِ مَضَرَّةً، أَوْ أَهْوَنُ مِنْهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْحَنَ بِهَا مَا يَزِيدُ عَنْهَا مَضَرَّةً فَإِذَا فَعَلَ كَانَ غَاصِبًا وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا لِيَسْكُنَهَا فَكَمَا يَجُوزُ لَهُ سُكْنَاهَا يَجُوزُ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ إيَّاهَا وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْكُنَهَا وَلَيْسَ لِلْآجِرِ مُعَارَضَتُهُ فِي ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ. قَوْلُهُ (عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا) إلَخْ الْوَارِدُ فِي الْمِثَالِ هُوَ مِثَالٌ مُخْتَصٌّ بِالْفِقْرَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ ثَلَاثَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَكَذَلِكَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَنْ يُحَمِّلَهَا مَكَانَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْبَزَّازِيَّة فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ فِي السَّادِسِ فِي الضَّمَانِ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ حَانُوتًا عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ بِالْعِطَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ، أَوْ فِي الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِلسَّكَنِ بِالْحِدَادَةِ أَوْ الْعِطَارَةِ وَإِذَا اشْتَغَلَ بِذَلِكَ يُعَدُّ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ فِيمَا لَوْ احْتَرَقَ الْحَانُوتَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْفَصْلِ الَّذِي يَلِي الْمَادَّةَ 904) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ الدَّارِ، أَوْ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَيْنِ طَاحُونًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَدُورُ بِالْمَاءِ أَمْ بِالْبِغَالِ أَمَّا طَاحُونُ الْيَدِ فَإِذَا كَانَ نَصْبُهَا بِالنَّظَرِ إلَى يَدِهَا مُضِرًّا بِالدَّارِ فَيُمْنَعُ وَإِلَّا؛ فَلَا؛ لِأَنَّ طَاحُونَ الْيَدِ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى وَقَدْ اُسْتُحْسِنَ فِي تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ الْحَانُوتِ الَّتِي اشْتَغَلَ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِالْحِدَادَةِ وَسَلَّمَهَا سَالِمَةً أَلَّا يُلْزَمَ بِغَيْرِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ السُّكْنَى وَفِي الْحِدَادَةِ وَأَخَوَاتِهَا السُّكْنَى وَزِيَادَةٌ فَيَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرًا مَعْلُومًا فَزَادَ عَلَيْهِ وَسَلِمَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَالْقِيَاسُ أَلَّا يَجِبَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْعَقْدِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا سَالِمَةً وَانْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِسَبَبِ عِلْمِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) (الْبَحْرُ) وَقَوْلُهُ (أَمَّا الْعِطَارَةُ) إلَخْ مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا فَوْقَهَا) إلَخْ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا أَنْ يُحَمِّلَهَا

(المادة 427) استكرى أحد لركوبه دابة ليس له أن يركبها غيره

مَكَانَهَا حِنْطَةً، أَوْ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسِينَ أُقَّةٍ حِنْطَةً، أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسِينَ أُقَّةٍ حَدِيدًا أَوْ آجُرًّا؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ لَمَّا كَانَ يَتَنَاوَلُ مِنْ الدَّابَّةِ مَكَانًا أَوْسَعَ مِمَّا تَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةُ مِنْهَا وَالْحَدِيدُ فَيَكُونُ حَمْلُهُ أَخَفَّ عَلَى الدَّابَّةِ. وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ الَّتِي تُسْتَأْجَرُ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسِينَ أُقَّةٍ قُطْنًا؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمَّا كَانَ يَشْغَلُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ مَكَانًا، أَوْسَعَ مِنْ الْحِنْطَةِ، فَإِنَّهُ يَزِيدُهَا حَرَارَةً مِمَّا يَضُرُّ بِهَا. (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ، الزَّيْلَعِيُّ) . (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 559) . مُرَاعَاتُهَا فِي الْأَرْضِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا نَوْعًا مِنْ الْحُبُوبِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا إلَّا مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ، أَوْ مَا يُمَاثِلُهُ فِي الْإِضْرَارِ بِالْأَرْضِ أَوْ أَخَفَّ ضَرَرًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ لَا ضَرَرَ فِيهَا؛ فَلَا يُعَدُّ الْمُسْتَأْجِرُ بِهَا غَاصِبًا وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مِمَّا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا لِزَرْعِهِ. فَإِذَا فَعَلَ يُعَدُّ غَاصِبًا فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ جَمِيعِهِ دُونَ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 596 (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 907) . حَتَّى أَنَّ مَنْ يَسْتَأْجِرُ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا حِنْطَةً لِيَزْرَعَهَا بِرْسِيمًا أَوْ قِثَّاءً، أَوْ بِطِّيخًا، أَوْ بَاذِنْجَانًا يَكُونُ ضَامِنًا لِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَزْرُوعَاتِ لَمَّا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْعُرُوقِ وَمُنْتَشِرَةً فِي الْأَرْضِ كَثِيرًا فَإِنَّهَا تَمْتَصُّ مِنْ مَائِهَا وَمَوَادِّهَا كَثِيرًا فَيُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ قَدْ حَصَلَ تَجَنُّبُ الضَّرَرِ. مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ 596 يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ أَرْضًا سَنَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا نَوْعًا مِنْ الْحُبُوبِ وَزَرَعَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْبُتْ مَا زَرَعَهُ، أَوْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ وَلَمْ يَبْقَ وَقْتٌ لِإِعَادَةِ زَرْعِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ نَوْعًا آخَرَ يُمَاثِلُهُ ضَرَرًا، أَوْ يَقِلُّ عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مِمَّا هُوَ أَعْظَمُ ضَرَرًا. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِهَا وَيُؤَدِّيَهُ أَجْرَ الْمُدَّةِ الَّتِي انْقَضَتْ وَالْأَرْضُ فِي يَدِهِ. (الْأَنْقِرْوِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ) . الِاخْتِلَافُ فِي نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ: هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُؤَجِّرِ اسْتَأْجَرْتُ حَانُوتَكَ عَلَى أَنْ أَشْتَغِلَ فِيهَا بِالْحِدَادَةِ فَيَقُولَ الْمُؤَجِّرُ: آجَرْتُهَا مِنْكَ عَلَى أَنْ تَشْتَغِلَ فِيهَا بِالْعِطَارَةِ. أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ نَوْعًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَادَّعَى الْمُؤَجِّرُ مَنْفَعَةً غَيْرَهَا؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ. كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ أَصْلَ الْعَقْدِ؛ فَالْقَوْلُ لَهُ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْتَأْجِرِ لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 427) اسْتَكْرَى أَحَدٌ لِرُكُوبِهِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ] (الْمَادَّةُ 427) كُلُّ مَا اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّقْيِيدُ، مَثَلًا: لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ لِرُكُوبِهِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ أَيْ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَجَاوُزُ الْقَيْدِ، فَإِذَا تَجَاوَزَهُ فَتَلِفَ مَا اسْتَأْجَرَ كَانَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 602) كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الْأَلْبِسَةِ

(المادة 428) استأجر أحد دارا على أن يسكنها له أن يسكن غيره فيها

وَعِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي اسْتِعْمَالُ الْفُسْطَاطِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) قَوْلُهُ (لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ لِرُكُوبِهِ دَابَّةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ) وَمِثْلُ الْإِجَارَةِ الْإِعَارَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ التَّقْيِيدُ فِيهِ مُفِيدًا وَمُخَالَفَتُهُ تَعَدِّيًا؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ الْخَفِيفَ الَّذِي يَجْهَلُ طُرُقَ الرُّكُوبِ أَشَدُّ وَطْأَةً عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ الرَّاكِبِ الثَّقِيلِ الْعَالِمِ بِطُرُقِ الرُّكُوبِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا هُوَ فَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَتَلِفَتْ؛ لَزِمَهُ الضَّمَانُ هُوَ وَمَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَلَمَّا كَانَ مُقْتَضَى الْمَادَّةِ 86 أَلَّا يَجْتَمِعَ أَجْرٌ وَضَمَانٌ لَمْ تَلْزَمْ الْأُجْرَةُ فَإِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ، الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرٌ ثَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 658) . أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْمُؤَجِّرُ الثَّانِي؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إذَا كَانَ التَّلَفُ نَاشِئًا عَنْ تَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 600 و 601 و 602) (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا إذَا لَمْ تَعْطَبْ؛ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ غَاصِبًا وَالْمَنَافِعُ إذَا غُصِبَتْ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مَلَابِسَ لِيَلْبَسَهَا هُوَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ التَّاجِرَ غَيْرُ الْجَزَّارِ فِي اللِّبْسِ. فَإِنَّ مَا يَلْبَسُ الْجَزَّارُ يُصِيبُهُ مِنْ الضَّرَرِ أَضْعَافُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ التَّاجِرِ، وَالْفُسْطَاطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي كَالْأَلْبِسَةِ أَيْضًا لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي نَصْبِهِ وَاخْتِيَارِ مَكَانِهِ وَضَرْبِ أَوْتَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ فَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ فُسْطَاطًا لِنَفْسِهِ فَآجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ أَعَارَهُ وَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا لَهُ وَالْفُسْطَاطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ كَالدَّارِ (الزَّيْلَعِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ) . إنَّ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 536 مَعَ الْمَادَّتَيْنِ 552 و 553 فُرُوعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ 551 فُرُوعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي الْمِثَالِ فَذِكْرُ الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَادَّةِ عَلَى حِدَةٍ إعَادَةٌ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا. [ (الْمَادَّةُ 428) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا لَهُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ فِيهَا] (الْمَادَّةُ 428) كُلُّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَالتَّقْيِيدُ فِيهِ لَغْوٌ، مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا لَهُ أَنْ يُسَكِّنَ غَيْرَهُ فِيهَا. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 528) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَسْكُنَهَا هُوَ؛ فَلَهُ إيجَارُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَإِعَارَتُهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ 426؛ لِأَنَّ السُّكْنَى لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُتَفَاوِتَةً لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ الْقَيْدُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ. أَمَّا لَوْ قِيلَ إنَّ السُّكْنَى قَدْ تَكُونُ مَعَ الِاشْتِغَالِ بِصَنْعَةِ الْحِدَادَةِ فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا وَيُنْظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ السُّكْنَى ضَرَرًا. فَنَقُولُ إنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْحِدَادَةِ دَاخِلَ الدُّورِ وَإِيقَادَ الْحَطَبِ فَوْقَ الْمُعْتَادِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُسَبِّبُ تَوْهِينَ الْبِنَاءِ لَمَّا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ خَارِجًا بِدَلَالَةِ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 62) ؛ فَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ أَنْ يَتَّخِذَهَا لِلْحِدَادَةِ، أَوْ طَاحُونًا إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِرِضَا صَاحِبِهَا أَوْ بِشَرْطٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَكِنْ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ سُكْنَاهَا وَإِسْكَانُهَا وَمُسَاكَنَةُ سِوَاهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السُّكَّانِ فِي الْبَيْتِ

(المادة 429) للمالك أن يؤجر حصته الشائعة من الدار المشتركة لشريكه

لَا تَضُرُّ بَلْ قَدْ تَنْفَعُ وَقَدْ تَخْرَبُ الدَّارُ بِخُلُوِّهَا مِنْ السُّكَّانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1081) (الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُفِيدُ حُكْمَ الْمَادَّةِ 587 وَزِيَادَةً فَإِيرَادُهَا عَبَثٌ مَحْضٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ أَرْضًا لِيَزْرَعَ فِيهَا نَوْعًا مِنْ الْحُبُوبِ؛ فَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ لِيَزْرَعَهَا مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ مِمَّا هُوَ أَهْوَنُ مَضَرَّةً. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ، أَوْ يُعِيرَهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِيفَاؤُهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ إيجَارُهَا، أَوْ إعَارَتُهَا لِمَنْ يَشْتَغِلُ فِيهَا بِمَا يُوجِبُ تَوْهِينَ بِنَائِهَا كَالْحِدَادَةِ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا هَذَا التَّصَرُّفَ. [ (الْمَادَّةُ 429) لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِشَرِيكِهِ] (الْمَادَّةُ 329) لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِغَيْرِهِ وَلَكِنْ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَوْبَتَهُ لِلْغَيْرِ. إنَّ الشُّيُوعَ الْمُقَارِنَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُفْسِدٌ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ بَيَّنَ الْآجِرُ مِقْدَارَ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمَالِ كَإِيجَارِ إنْسَانٍ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي دَابَّةٍ، أَوْ دَارٍ لِأَجْنَبِيٍّ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ آجَرَ حِصَّتَهُ هَذِهِ مِنْ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَمْ غَيْرَ قَابِلَةٍ وَكَانَتْ وَقْفًا أَمْ غَيْرَ وَقْفٍ وَمَنْقُولًا أَمْ غَيْرَ مَنْقُولٍ فَإِيجَارُهُ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ نِصْفِ مَا يَمْلِكُهُ الْآجِرُ جَمِيعَهُ كَمَا لَا تَجُوزُ إجَارَةُ مَا لَا يَمْلِكُ الْآجِرُ سِوَى نِصْفِهِ. وَمَعَ أَنَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ رِوَايَتَيْنِ فَالْأَظْهَرُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَيُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِ جَوَازِ إيجَارِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ لِلشَّرِيكِ، جَوَازُ إيجَارِ جَمِيعِهَا، أَوْ بَعْضِهَا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسَ عَشَرَ) . وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أُوجِرَتْ الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ مِنْ إنْسَانٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فَاسِدَةً فَإِذَا سَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 462) . وَإِذْ كَانَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَمُسْتَوْجِبَةً لِلْفَسْخِ فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدِينَ مِنْ الْمَحْكَمَةِ فَسْخَهَا أَجَابَتْهُ الْمَحْكَمَةُ إلَى ذَلِكَ. وَمِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ مِنْ حَقِّ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدِينَ إقَامَةُ الدَّعْوَى فِي طَلَبِ الْفَسْخِ وَلَكِنْ هَلْ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْمُتَعَاقِدِينَ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى حِسْبَةً فِي بَيَانِ فَسَادِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ كَأَنْ تَكُونَ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُؤَجِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَيُسَلِّمُ إلَيْهِ الدَّارَ كُلَّهَا فَيَأْتِي الشَّرِيكُ الثَّانِي مُطَالِبًا بِحِصَّتِهِ؛ فَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ إخْلَائِهَا فَهَلْ يُحْكَمُ بِإِخْلَاءِ الدَّارِ كُلِّهَا لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ؟ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُحْتَاجَةٌ إلَى الْحَلِّ فَلَمَّا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُؤَجِّرُ يَعُودُ إلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الثَّانِي ادِّعَاءُ الشَّرِكَةِ فِيهِ وَالْإِجَارَةُ الْمُشَاعَةُ بَاطِلَةٌ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ وَسَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَ الْمَأْجُورُ أَمْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فَالْأُجْرَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَسَبَبُ الْفَسَادِ أَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ شُرِعَتْ لِلِانْتِفَاعِ بِعَيْنِ الْمَأْجُورِ فَلَمَّا كَانَتْ الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ لَا

يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا مُفْرَدَةً لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مَقْدُورًا. فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 457) . أَمَّا الْبَيْعُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ مِنْهُ الْمِلْكُ فَلِذَلِكَ أُجِيزَ بَيْعُ الشَّائِعِ وَلَمْ تَجُزْ إجَارَتُهُ. وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ إجَارَةُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ لِلشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَتِهَا مَقْدُورٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ بَعْضُهُ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ وَبَعْضُهُ لِلشَّرِيكِ الْمُسْتَأْجِرِ فَبِانْتِفَاعِ الْمُسْتَأْجِرِ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ بِالْإِجَارَةِ وَحِصَّتِهِ بِالْمِلْكِ قَدْ تَمَّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ وَاسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الَّتِي قَصَدَهَا مِنْ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ لَهُ؛ إذْ لَا اعْتِبَارَ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ عِنْدَ اتِّخَاذِ الْحَاجَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَكَمَا لَا يَحِقُّ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَكِنْ إذَا أَجَرَهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَعًا؛ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ. وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي الشَّائِعِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ إذَا سُلِّمَ الْمَالُ عَقِبَ مَجْلِسِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَقُسِمَ وَأُفْرِزَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) وَلَوْ أَبْطَلَهَا ثُمَّ قُسِمَ وَسُلِّمَ لَمْ يَجُزْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ (رَحْمَتِي، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) أَقُولُ: بَلْ لَا يَنْبَغِي إذَا كَانَ التَّعَاطِي مَبْنِيًّا عَلَى الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 152) وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ نِصْفًا شَائِعًا فِي دَارٍ وَدَارًا كَامِلَةً بِأَجْمَعِهَا فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ فِي الدَّارِ الْكَامِلَةِ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ فِي النِّصْفِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسَ عَشَرَ، أَنْقِرْوِيّ) وَسَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ صَلَاحِيَةُ الشَّرِيكِ عِنْدَ إيجَارِ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ ذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إلَى أَنَّ إجَارَةَ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ جَائِزَةٌ إذَا بُيِّنَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلشَّرِيكِ، أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ الْمُؤَجَّرُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيَّنْ نَصِيبُ الْمُؤَجِّرِ؛ فَلَيْسَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَقَدْ رَجَّحَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلَهُمَا. أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَقَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَمَّا كَانَتْ الْعَقَارَاتُ الشَّائِعَةُ فِي زَمَانِنَا تُؤَجَّرُ عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ فِي الْغَالِبِ وَحَمْلُ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ الْفَاسِدَةِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ أَوْلَى كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ. (وَلَكِنْ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَوْبَتَهُ لِلْغَيْرِ) أَيْ أَنْ يُؤَجِّرَ الدَّارَ بِأَجْمَعِهَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ حِينَئِذٍ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ وَيُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ كُلَّهَا وَبِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ؛ إذْ لَا شُيُوعَ حِينَئِذٍ أَلْبَتَّةَ وَهَذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي نَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى إيجَارِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إيجَارًا صَحِيحًا. قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1139 و 1140) مَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَفِي الْمَادَّةِ (1141) مَا لَا يَقْبَلُهَا وَفِي (1174) وَمَا يَلِيهَا مِنْ الْمَوَادِّ الْمُهَايَأَةُ وَفِي (139) الْحِصَّةُ الشَّائِعَةُ. وَلَا شُيُوعَ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: (1) إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ بِنَاءً لِإِنْسَانٍ وَالْبِنَاءُ وَقْفٌ لِآخَرَ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ؛ إذْ لَا شُيُوعَ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(المادة 430) الشيوع الطارئ لا يفسد عقد الإجارة

إذَا آجَرَ الدَّارَ صَاحِبُهَا مِنْ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِالِاتِّفَاقِ. وَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ مِلْكًا وَالْعَرْصَةُ وَقْفًا فَآجَرَ الْمُتَوَلِّي الْبِنَاءَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ تَنْقَسِمُ الْأُجْرَةُ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. الدُّرُّ الْمُنْتَقَى. الْأَنْقِرْوِيّ) . وَكَيْفِيَّةُ قِسْمَتِهَا بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ أَنْ يُقَدَّرَ أَجْرُ مِثْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبِقَاعِدَةِ النِّسْبَةِ يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ عَلَى حِدَةٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 425) . (3) الْإِجَارَةُ الْوَاقِعَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 432 لَا شُيُوعَ فِيهَا أَصْلًا. [ (الْمَادَّةُ 430) الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 430) : الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ، مَثَلًا: لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ ثُمَّ ظَهَرَ لِنِصْفِهَا مُسْتَحِقٌّ تَبْقَى الْإِجَارَةُ فِي نِصْفِهَا الْآخَرِ الشَّائِعِ. يَعْنِي الشُّيُوعُ الَّذِي يَعْرِضُ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لَا يُفْسِدُهَا (دُرَرٌ) وَالشُّيُوعُ الطَّارِئُ يَكُونُ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ وَهِيَ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ بِصُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ دَارِهِ كُلَّهَا فَظَهَرَ مَنْ يَسْتَحِقُّ نِصْفَهَا فَإِجَارَةُ هَذَا النِّصْفِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَتِهِ. فَإِذَا أَجَازَ وَكَانَتْ شُرُوطُ الْإِجَارَةِ مُتَوَفِّرَةً تَنْفُذُ وَإِلَّا؛ فَلَا وَعِنْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ يَقَعُ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى فَسْخِ الْإِجَارَةِ؛ فَلَا شُيُوعَ؛ لِأَنَّ الْإِيجَارَ يُعَدُّ فُضُولًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الشُّيُوعَ الَّذِي يَعْرِضُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَ شُيُوعًا مُقَارِنًا وَلَكِنْ إذَا فُسِخَ إيجَارُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً فِي النِّصْفِ الْآخَرِ بِنِصْفِ بَدَلِ الْإِيجَارِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 55 و 56) . وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ وَاقِفُونَ عَلَى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ، إنَّ الشُّيُوعَ الْعَارِضَ فِي الْمَأْجُورِ بِالِاسْتِحْقَاقِ شُيُوعٌ مُقَارَنٌ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ الْمَجَلَّةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ غَيْرَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنِصْفِ الْمَأْجُورِ مِنْ الْبَدَلِ وَأَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَتْرُكَ الْمَأْجُورَ (اُنْظُرْ شَرْحَ بَابِ الْبُيُوعِ السَّادِسِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَا شُيُوعَ حِينَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فِي عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ أَجَرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بَلْ إنَّ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّةِ الْآجِرِ جَائِزَةٌ وَفِي حِصَّةِ مَنْ عَدَاهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ فُضُولٌ. فَإِذَا رَضِيَ هَؤُلَاءِ بِالْإِجَارَةِ فَقَدْ جَازَتْ وَإِلَّا فُسِخَتْ. وَإِذَا تَوَفَّرَتْ الشَّرَائِطُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (447) فِي الْإِجَارَةِ كَانَتْ نَافِذَةً وَأَخَذُوا بَدَلَ حِصَصِهِمْ مِنْ الْأُجْرَةِ وَكَذَا إذَا مَرَّتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، أَوْ بَعْضُهَا دُونَ أَنْ تُفْسَخَ الْإِجَارَةُ، أَوْ تُجَازَ يُعْمَلُ فِي بَدَلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1077) أَيْ لِلشَّرِيكِ غَيْرِ الْآجِرِ مُطَالَبَةُ الشَّرِيكِ الْآجِرِ بِحَقِّهِ مِنْ الْبَدَلِ فَإِذَا كَانَ الشَّرِيكُ الْآجِرُ لَمْ يَأْخُذْ بَدَلَ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ. وَإِذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ غَيْرُ الْآجِرِ. فَسْخَ الْإِجَارَةِ فُسِخَتْ فِي حِصَّتِهِ وَبَقِيَتْ صَحِيحَةً فِي الْحِصَّةِ

الْأُخْرَى وَلَا يُحْكَمُ بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ فِي الْكُلِّ بِدَاعِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ وَلَكِنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا قُلْنَا فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِخِيَارِ عَيْبِ الشَّرِكَةِ. وَقَدْ قُلْنَا آنِفًا: إنَّ لِلشَّرِيكِ غَيْرِ الْآجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ وَيَسْتَرِدَّهَا وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ اسْتِرْدَادُ الْحِصَّةِ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ حَمَّامًا، أَوْ طَاحُونًا، أَوْ حَانُوتًا صَغِيرًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَارَاتِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ يَخْطُرُ فِي الْبَالِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِحَلِّ هَذَا الْإِشْكَالِ: (1) إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالشَّرِيكِ غَيْرِ الْآجِرِ وَهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَقَدْ جَاءَ فِيهَا: (إذَا كَانَتْ طَاحُونٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا فَآجَرَ الثُّلُثَيْنِ صَاحِبُهُمَا مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ الطَّاحُونِ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخْذُ أَجْرِ ثُلُثِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ غَاصِبٌ لِلثُّلُثِ غَيْرِ الْمَأْجُورِ وَلَا تُؤَجَّرُ هَذِهِ الْحِصَّةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمَالِ الشَّائِعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ بَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا يَوْمَيْنِ وَيَتْرُكَهَا يَوْمًا لِانْتِفَاعِ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَفِي هَذَا الْيَوْمِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يُعَطِّلَ الطَّاحُونَ؛ لِأَنَّ تَعْطِيلَ الطَّاحُونِ غَيْرُ مُضِرٍّ بِهَا فَإِذَا كَانَ حَمَّامٌ مُشْتَرَكًا عَلَى نَحْوِ الِاشْتِرَاكِ فِي الطَّاحُونِ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ تَعْطِيلُ الْحَمَّامِ فِي يَوْمِهِ؛ لِأَنَّ تَعْطِيلَ الْحَمَّامِ مُضِرٌّ وَالْأَوْلَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ تَجْرِيَ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَاحِبِ الثُّلُثِ فَيَتَسَلَّمُ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَمَّامَ شَهْرَيْنِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ شَهْرًا، أَوْ أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ عَلَى مُدَّةٍ أَطْوَلَ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الِانْتِفَاعُ بِالْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْحَمَّامِ عَلَى مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ مُضِرَّةٌ) . (بِتَصَرُّفٍ) . وَيُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْهِنْدِيَّةِ هَذِهِ جَوَازُ الْمُهَايَأَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَالِكِ. (2) أَنْ يَفْسَخَ الشَّرِيكُ غَيْرُ الْآجِرِ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَيَخْرَجُ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1070) فَيَكُونُ انْتِفَاعُ الْمَالِكِ بِالْمَأْجُورِ حَسَبَ الْمَادَّتَيْنِ (1184 و 1185) وَلَا يُجَابُ طَلَبُ الْآجِرِ تَسَلُّمَ الْمَالِ كُلِّهِ بَعْدَ الْإِخْلَاءِ فِيمَا لَوْ طَلَبَ ذَلِكَ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ وَإِنْ كَانَتْ قَاطِعَةً لِلنِّزَاعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلشَّرِيكِ الْآجِرِ مِنْ نَفَاذِ مَا اتَّخَذَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِحِصَّتِهِ وَلَمْ يَرِدْ نَقْلٌ يُجِيزُ ذَلِكَ. (3) أَنْ يُحْكَمَ بِإِدْخَالِ ثُلُثِ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي الْمَأْجُورِ وَفِي ذَلِكَ تَقْوِيَةُ النِّزَاعِ لَا قَطْعُهُ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ لَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا حِينَمَا تُوضَعُ الْيَدُ عَلَى الْمَأْجُورِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ بِصُورَةِ الْإِقَالَةِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا أَجَرَ شُرَكَاءُ دَارًا لَهُمْ فَيَتَقَابَلُ الطَّرَفَانِ فِي نِصْفِهَا فَالْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ وَهَذِهِ حِيلَةٌ. فِي الْإِجَارَةِ الْمُشَاعَةِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ تَكُونَ بِالْوَفَاةِ كَأَنْ يُؤَجِّرَ رَجُلَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا مِنْ إنْسَانٍ فَيَتَوَفَّى أَحَدُهُمَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الْمُتَوَفَّى وَتَبْقَى فِي حِصَّةِ الْحَيِّ وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ دَارًا فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِهِمَا فِي حِصَّتِهِ وَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. الْأَنْقِرْوِيّ. الْهِنْدِيَّةُ. الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

(المادة 431) للشريكين أن يؤجرا مالهما المشترك لآخر معا

الرَّابِعَةُ: بِالْمِلْكِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 442) . [ (الْمَادَّةُ 431) لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَا مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ مَعًا] (الْمَادَّةُ 431) يُسَوَّغُ لِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَجِّرَا مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ مَعًا. أَيْ يَجُوزُ لِلشَّرِيكَيْنِ، أَوْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يُؤَجِّرُوا مَالَهُمْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ مِنْ شُرَكَائِهِ الْآخَرِينَ مَعًا. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا شُيُوعَ فَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِوَفَاتِهِ بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ سَارِيَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ) . (الدُّرَرُ) . وَقَدْ وُضِعَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ إيجَارِ كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ مُتَرَاخِيًا عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا آجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالَهُ مِنْ شَخْصٍ عَلَى انْفِرَادٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 429) . أَمَّا إيجَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ كُلَّهُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (1077) وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِنَا (شَخْصٌ آخَرُ) اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَاحِدًا وَلَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ الْمُتَعَدِّدِينَ. فَلَوْ آجَرَ الشَّرِيكَانِ مَالَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. [ (الْمَادَّةُ 432) إيجَارُ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ] (الْمَادَّةُ 432) يَجُوزُ إيجَارُ شَيْءٍ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ أَعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ مِقْدَارَ مَا تَرَتَّبَ عَلَى حِصَّتِهِ لَمْ يُطَالَبْ بِأُجْرَةِ حِصَّةِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا لَهُ. يَعْنِي يَجُوزُ إيجَارُ شَيْءٍ وَاحِدٍ مِلْكٍ لِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُضَافٌ إلَى الْجَمِيعِ وَلَا شُيُوعَ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ؛ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا الشُّيُوعُ فِي تَمَلُّكِ الْمَنْفَعَةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَهَذَا لَيْسَ مَانِعًا لِلْإِجَارَةِ. كَمَا لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ دَارِهِ مِنْ اثْنَيْنِ مَعًا وَقَبِلَا الْإِجَارَةَ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ أَمَّا لَوْ قَبِلَ الْإِجَارَةَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ؛ فَلَا تَصِحُّ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى أُجْرَةِ الْأَشْخَاصِ الْمُتَعَدِّدِينَ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: (1) صَيْرُورَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِينَ مَالِكًا لِنِصْفِ الْمَنْفَعَةِ الشَّائِعَةِ وَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُسْتَأْجَرِينَ قِسْمَةُ الْمَأْجُورِ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ كَسِتَارٍ أَوْ غَيْرِهِ. (2) إذَا شَرَطَ مُسْتَأْجِرُ حَانُوتٍ مَعًا أَنْ يُقِيمَ أَحَدُهُمَا فِي جَانِبٍ مِنْهُ وَالْآخَرُ فِي جَانِبٍ آخَرَ فَهَذَا الشَّرْطُ لَاغٍ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ الْآخَرِ فَسَدَ الْعَقْدُ (الْهِنْدِيَّةُ. فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) . (3) لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ اتِّخَاذِ أَجِيرٍ لِنَفْسِهِ فَقَطْ إلَّا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ؛ فَلَهُ مَنْعُهُ. (4) إذَا كَانَتْ أَمْتِعَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَزِيدُ عَنْ أَمْتِعَةِ الْآخَرِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ الثَّانِي؛ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ وَضْعِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 20)

(5) إذَا رَأَى الشَّرِيكَانِ عَدَمَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا مَا بَقِيَا مُشْتَرِكَيْنِ مَعًا؛ فَلَهُمَا إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ الزَّمَانِيَّةِ فِي الْمَأْجُورِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ فَيَجُوزُ إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ قَضَاءً وَجَبْرًا كَمَا حَقَّقَهُ مُفْتِي الشَّامِ الْأَسْبَقُ الْمَرْحُومُ مَحْمُودُ حَمْزَةُ فِي رِسَالَةٍ لَهُ. وَقَدْ أَوَرَدْتُ الْإِجَارَةَ هُنَا مُجْمَلَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَحَدِ الْمُسْتَأْجِرِينَ: آجَرْتُكَ نِصْفَ هَذَا الْحَانُوتِ، أَوْ ثُلُثَيْهَا وَلِلْآخَرِ نِصْفُهَا، أَوْ ثُلُثُهَا عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شُيُوعًا أَيْضًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ آجَرْتُكُمَا هَذِهِ الدَّارَ سَوِيَّةً؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التَّفْصِيلِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ يَكُونَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: -. (1) أَنْ يَكُونَ الْآجِرُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُسْتَأْجِرُ وَاحِدًا. (2) أَنْ يَكُونَ الْآجِرُ مُتَعَدِّدًا وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَعَدِّدًا. (3) أَنْ يَكُونَ الْآجِرُ وَاحِدًا وَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَعَدِّدًا. وَفِي هَذِهِ الْأَضْرُبِ كُلِّهَا الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ إذَا كَانَ الْعَقْدُ وَاحِدًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ - 179) . (6) كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ لَا يُطَالَبُ بِحِصَّةِ الْآخَرِ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا إذَا كَانَ كَفِيلًا لِلْآخَرِ، وَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمُجَرَّدِ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَالِ مُطَالَبًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي الِاسْتِئْجَارِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرَ بِغَيْرِ سَبَبٍ مَشْرُوعٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 79) ، مَثَلًا: لَوْ آجَرَ إنْسَانٌ دَارِهِ مِنْ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً بِمِائَتَيْ قِرْشٍ شَهْرِيًّا فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَيَسْتَوْفِي الْآخَرُ مِنْ أَحَدِ الْمُسْتَأْجَرِينَ مِائَةً وَمَنْ الْآخَرِ مِائَةً أُخْرَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَحَدَهُمَا بِحِصَّةِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ كَفِيلَهُ وَالْكَفَالَةُ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ وَلَا يَكُونُ الثَّانِي كَفِيلًا لِلْأَوَّلِ فَيُطَالِبُ الْآجِرُ الْكَفِيلَ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ أَصَالَةً وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ كَفَالَةً وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ مُطَالَبَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَجْمُوعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 643 و 644) . الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ أَيْ الْبَدَلِ النِّصْفُ بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْكَفَالَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 646) . وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرِينَ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّكَافُلِ وَعَدَمِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: -. (1) أَلَّا يَكُونَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ كَفِيلًا لِلْآخَرِ. (2) أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ كَفِيلًا لِلثَّانِي. (3) أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ. وَقَدْ تَبَيَّنَتْ أَحْكَامُ هَذِهِ الْأَضْرُبِ كُلِّهَا فِيمَا تَقَدَّمَ. وَيُفْهَمُ مِنْ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ هَذِهِ جَائِزَةٌ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ

حَالًّا، أَوْ غَيْرَ حَالٍّ، بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 631) (أَنْقِرْوِيّ فِي الْكَفَالَةِ مَعَ زِيَادَةٍ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ هَذِهِ مِنْ الْمَجَلَّةِ الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: أَنَّ الْمَدِينَيْنِ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ إنَّمَا يُجْبَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى أَدَاءِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضُ وَالْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْغَصْبُ وَالْإِتْلَافُ وَالْقَتْلُ. ثَمَنُ الْمَبِيعِ: إذَا اشْتَرَى رَجُلَانِ شَيْئًا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَدَاءُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ؛ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ حِصَّةُ غَيْرِهِ. الْقَرْضُ: إذَا اقْتَرَضَ جَمَاعَةٌ مِنْ إنْسَانٍ وَاحِدٍ مَالًا عَلَى أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ مِنْ الْقَرْضِ كَذَا مَعَ رِضَا الْمُقْرِضِ وَتَسَلَّمَ الْحِصَّةَ صَاحِبُهَا؛ فَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِشَيْءٍ غَيْرِ حِصَّتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا (الْبَزَّازِيَّة رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1113) . الْحَوَالَةُ: إذَا أَخَذَ اثْنَانِ عَلَى نَفْسِهِمَا أَدَاءَ دَيْنٍ بِحَوَالَةٍ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُلْزَمٌ بِأَدَاءِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُحَالِ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ؛ فَلَا تُطْلَبُ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ. الْكَفَالَةُ: إذَا كَفَلَ اثْنَانِ بِدَيْنٍ مَعًا طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ فِي الْكَفَالَةِ؛ فَلَا تُطْلَبُ حِصَّةُ الْآخَرِ مِنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 647) . الْغَصْبُ وَالْإِتْلَافُ: إذَا غَصَبَ اثْنَانِ آخَرَ مَالَهُ وَأَتْلَفَاهُ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ فَقَطْ إلَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ. الْقَتْلُ: إذَا قَتَلَ اثْنَانِ آخَرَ قَتْلًا مُوجِبًا لِلدِّيَةِ يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ؛ فَلَا يَدْفَعُ حِصَّةَ غَيْرِهِ.

الباب الثاني في بيان المسائل المتعلقة بالإجارة ويشتمل على أربعة فصول

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرُكْنِ الْإِجَارَةِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرُكْنِ الْإِجَارَةِ: أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِجْمَالِ ثَلَاثَةٌ، وَتَفْصِيلًا سِتَّةٌ: (1) الْعَاقِدُ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. (2) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ: وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأُجْرَةِ وَالْمَنْفَعَةِ. (3) الصِّيغَةُ: وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ - 149) . حُكْمُ الْإِجَارَةِ: هُوَ امْتِلَاكُ الْبَدَلَيْنِ أَيْ امْتِلَاكُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ وَالْأَجِيرِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . خُلَاصَةُ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ: (1) بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. (2) بِالْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ. (3) بِالتَّعَاطِي. (4) بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ. (5) بِسُكُوتِ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْغَاصِبِ. (6) بِالرِّسَالَةِ. تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لَا الْحُكْمُ: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ: (1) يَلْزَمُ فِيهِمَا لَفْظُ الْإِيجَارِ، أَوْ الِاسْتِئْجَارِ، أَوْ الْكِرَاءِ، أَوْ الْقَبُولِ، أَوْ الْعَارِيَّةِ، أَوْ الْهِبَةِ أَوْ التَّمْلِيكِ. (2) صِيغَةُ الْمَاضِي. (3) أَنْ يَكُونَا مِنْ مُتَعَدِّدٍ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَالْإِيجَارُ وَالْقَبُولُ إذَا أُضِيفَا إلَى مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنْفَعَةِ يَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ وَإِذَا كُرِّرَ الْإِيجَابُ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ.

وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي الْبَدَلِ وَالْحَطِّ مِنْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (1) مَعَ بَقَاءِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. (2) مَعَ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ. وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ مَعَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: (1) زِيَادَةُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ. (2) زِيَادَةُ الْمَأْجُورِ. (3) الْحَطُّ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَلُزُومِهَا مَسْأَلَتَانِ. وَفَسْخُ الْإِجَارَةِ الْمُضَافِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَمَا يَأْتِي لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ: (1) الزِّيَادَةُ عَلَى الْأُجْرَةِ. (2) الْحَطُّ مِنْهَا. (3) فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ. (4) احْتِيَاجُ الْمُؤَجِّرِ لِلدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ. (5) إرَادَةُ الْمُؤَجِّرِ بَيْعَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لِسَدَادِ دَيْنٍ عَلَيْهِ. (6) وُجُودُ حَانُوتٍ أَقَلُّ أُجْرَةً مِنْ الْحَانُوتِ الْمُسْتَأْجَرِ. (7) رَغْبَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ جَمَلًا فِي الذَّهَابِ عَلَى بَغْلٍ. (8) عَزْمُ الْمُكَارِي عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ. (9) عَزْمُ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فِي عَقَارٍ عَلَى السَّفَرِ. (10) وَفَاةُ عَاقِدٍ لِغَيْرِهِ كَوَكِيلٍ بِالْإِجَارَةِ. (11) بُلُوغُ الصَّغِيرِ بَعْدَ إيجَارِ مَالِهِ بِالْوِلَايَةِ. وَبِالْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ، أَوْ تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا وَهِيَ: (1) إذَا أَصْبَحَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكًا لِبَعْضِ الْمَأْجُورِ، أَوْ كُلِّهِ. (2) إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَأْجُورُ مَالَ يَتِيمٍ، أَوْ وَقْفٍ وَأُوجِرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ. (3) إذَا ازْدَادَ أَجْرُ مَالِ الْوَقْفِ زِيَادَةً فَاحِشَةً بَعْدَ إيجَارِهِ. (4) إذَا ظَهَرَ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ لِلْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ (وَهَذَا الْمَانِعُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ) . (5) إذَا تُوُفِّيَ الْعَاقِدُ لِنَفْسِهِ (وَلِهَذَا مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ) . (6) هَلَاكُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (7) إقَالَةُ الْإِجَارَةِ. (8) وُجُودُ خِيَارِ الشَّرْطِ، أَوْ الْعَيْبِ، أَوْ الرُّؤْيَةِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْإِجَارَةِ. (9) بُلُوغُ الصَّبِيِّ الَّذِي آجَرَهُ وَلِيُّهُ سِنَّ الْبُلُوغِ. وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ فَرْقٌ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ: -. (1) جَوَازُ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعُذْرِ وَامْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ.

(المادة 433) تنعقد الإجارة بالإيجاب والقبول

فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِحُدُوثِ عَيْبٍ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَامْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ. (3) فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَامْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ. (4) أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الْإِجَارَةِ مُصَحِّحٌ لِلْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ. (5) أَنَّ امْتِلَاكَ الْعِوَضِ فِي الْبَيْعِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي الْإِجَارَةِ. (6) أَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (7) أَنَّ الْمَأْجُورَ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا أُوجِرَ إجَارَةً صَحِيحَةً كَانَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ قَابِلَةً لِلْفَسْخِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا؛ فَلَا فَسْخَ فِيهِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي الصَّحِيحِ. [ (الْمَادَّةُ 433) تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ] (الْمَادَّةُ 433) : تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ. أَيْ تَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْأَلْفَاظِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِجَارَةِ إذَا صَدَرَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ مِنْ أَشْخَاصٍ مُخْتَلِفِينَ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا مِنْ آخَرَ سَنَةً وَمَضَى شَهْرٌ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ فَأَقَامَ عَلَيْهِ دَعْوَى بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ وَلَزِمَ تَسْلِيمُهَا؛ فَلَا يَحِقُّ لِلْمُؤَجِّرِ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّسْلِيمِ كَمَا لَا يَحِقُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الِاسْتِلَامُ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ وَإِنَّمَا قَالَ (مِنْ أَشْخَاصٍ مُخْتَلِفِينَ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ أَنْ يَصْدُرَ الْإِيجَابُ مِنْ شَخْصٍ، أَوْ أَشْخَاصٍ وَالْقَبُولُ مِنْ آخَرَ، أَوْ آخَرِينَ وَلَيْسَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 167) وَعَلَيْهِ فَلَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي نَفْسَهُ لِلْوَقْفِ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ؛ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ أَرْضِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ يَكُنْ ذَلِكَ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ (أَنْقِرْوِيّ فِي الْوَقْفِ) . مُسْتَثْنًى: لِلْأَبِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَكَذَا لِلْوَصِيِّ إذَا عَقَدَ الْإِجَارَةَ بِلَا غَبَنٍ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَقَوْلُهُ (بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِدُونِ الْقَبُولِ لَا تَنْعَقِدُ كَمَا يَأْتِي: فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِلْخَيَّاطِ: خِطْ لِي هَذِهِ الْجُبَّةَ بِكَذَا قِرْشًا فَقَالَ لَهُ الْخَيَّاطُ: لَا أُرِيدُ أُجْرَةً وَخَاطَهَا فَالْخَيَّاطُ مُتَبَرِّعٌ فِي عَمَلِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً بَعْدَ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ، الْخَانِيَّةُ) . وَقَوْلُهُ (فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ فِي حَقِّ الْحُكْمِ يَكُونُ بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ وَوُجُودِ الْمَنَافِعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 406) . السُّؤَالُ الْأَوَّلُ - الْعَقْدُ عِلَّةُ الِانْعِقَادِ فَإِذَا وُجِدَ الْعَقْدُ وَفَرَضْنَا أَنَّ الِانْعِقَادَ لَمْ يُوجَدْ لَزِمَ انْفِكَاكُ الْعِلَّةِ عَنْ مَعْلُولِهَا أَيْ لَزِمَ انْعِدَامُ الْمَعْلُولِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. الْجَوَابُ - إنَّ الْعِلَّةَ الْفِعْلِيَّةَ لَا تَنْفَكُّ فِي الْوَاقِعِ عَنْ مَعْلُولِهَا كَالْكَسْرِ وَالِانْكِسَارِ فَمَتَى وُجِدَ الْكَسْرُ وُجِدَ فِي الْحَالِ الِانْكِسَارُ. أَمَّا الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ فَيَجُوزُ تَرَاخِي مَعْلُولِهَا عَنْهَا كَانْعِقَادِ الْإِيجَارِ فَإِنَّهُ يَحْدُثُ بِنِسْبَةِ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَكَالْمِلْكِ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ (الزَّيْلَعِيُّ) .

(المادة 434) الإيجاب والقبول في الإجارة هما الكلمات التي تستعمل لعقد الإجارة

السُّؤَالُ الثَّانِي - مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي قَبُولِ الْبَاقِي فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ إذَا تَلِفَتْ بَعْضُ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فِي قَبُولِ الْبَاقِي مِنْهَا؛ لِأَنَّ تَلَفَ بَعْضِهَا كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ. الْجَوَابُ - إنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَاحِدٌ، فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْبَاقِي كَأَنَّهُ مَعِيبٌ. فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَلِفَتْ بَعْضُ الْمَنَافِعِ، الْخِيَارُ فِي بَاقِيهَا (الشِّبْلِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 434) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْإِجَارَةِ هُمَا الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 434) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْإِجَارَةِ هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَآجَرْتُ وَكَرَيْتُ وَاسْتَأْجَرْتُ وَقَبِلْتُ. وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي. يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ: 1 - أَنَّهُ لَمْ يُعَيَّنُ لَفْظٌ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) . 2 - كَمَا تَصِحُّ إضَافَةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِعَيْنِ الْمَأْجُورِ تَصِحُّ إضَافَتُهُ لِمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ قَوْلَ الْبَائِعِ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْمَتَاعَ أَيْ نَفْسَ الْمَبِيعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ: آجَرْتُكَ هَذَا الْمَحَلَّ؛ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْسَ الْمَأْجُورِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنْفَعَتُهُ. وَلَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ إضَافَةَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِلْعَيْنِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ الْمَنَافِعُ وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ. لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ سَنَةً، أَوْ بِعْتُكَ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ مِنْ الْإِجَارَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ كَمَا عَلِمْتَ وَمَا ذَكَرَهَا فِي الْإِجَارَةِ إلَّا لِلتَّأْكِيدِ (شَرْحُ الْمِنْهَاجِ، الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ حَذَفَتْ الْمَجَلَّةُ (الْمَأْجُورَ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ صَحِيحَانِ. وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ أَرْبَعَ صُوَرٍ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ: 1 - آجَرْتُ: اسْتَأْجَرْتُ. 2 - آجَرْتُ: قَبِلْتُ. 3 - كَرَيْتُ: اسْتَأْجَرْتُ. 4 - كَرَيْتُ: قَبِلْتُ. وَقَدْ تَرْتَقِي هَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ إلَى ثَمَانِي صُوَرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُضَافُ إلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ عَيْنِ الْمَأْجُورِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ. وَقَدْ أُشِيرَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَتْنِ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ

(المادة 435) الإجارة تنعقد بصيغة الماضي ولا تنعقد بصيغة المستقبل

الْأَلْفَاظِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِأَلْفَاظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ، وَكَذَا بِأَلْفَاظِ الْعَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ الَّتِي تَكُونُ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ إجَارَةٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تَكُونُ بِلَا عِوَضٍ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَارِيَّةٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 405) (الدُّرَرُ) . فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُكَ، أَوْ مَلَّكْتُكَ، أَوْ: وَهَبْتُكَ، أَوْ: أَعَرْتُكَ دَارِي شَهْرَ كَذَا بِكَذَا قِرْشًا، أَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَنَافِعِهَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ. كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ. لَوْ قَالَ الرَّجُلُ الْحُرُّ لِآخَرَ: بِعْتُ مِنْكَ نَفْسِي لِلْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 3) . أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا بَيْعَ الْمَعْدُومِ، وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ بِأَلْفَاظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ (الْهِنْدِيَّةُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الدُّرَرُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: سَنَوِيَّةُ هَذِهِ الدَّارِ دِينَارٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتَ رَاضٍ بِهَا؟ . فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَأَعْطَاهُ الْمِفْتَاحَ فَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . إعَادَةُ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ تُبْطِلُ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 185) مِثَالٌ: لَوْ قَالَ لِآخَرَ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ سَنَةً بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ مِائَةً فَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ فِي الشَّهْرِ مِائَةً قَدْ فَسَخَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ خَطَأٍ فِي الْحِسَابِ؛ فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِلْأَوَّلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ: إنَّنِي قَصَدْتُ فَسْخَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْكَ غَلَطًا؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّانِي فِي صِفَتِهَا فِي تَفْرِيعَاتٍ عَلَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . [ (الْمَادَّةُ 435) الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ] (الْمَادَّةُ 435) : الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ أَيْضًا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ، مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: سَأُؤَجِّرُ، وَقَالَ الْآخَرُ: اسْتَأْجَرْتُ، أَوْ قَالَ أَحَدٌ: آجِرْ وَقَالَ الْآخَرُ: آجَرْتُ فَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ. يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ 169 و 170 تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلَا تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْ الْأَمْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الصِّيغَةُ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ، أَوْ مِنْ الطَّرَفَيْنِ مَعًا (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 171 و 172. لِسَانُ الْحُكَّامِ) . إلَّا إذَا أُرِيدَ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الْحَالُ فَتَنْعَقِدُ بِهَا كَمَا فِي الْبَيْعِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ سَأُؤَجِّرُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا قِرْشًا وَقَالَ الْآخَرُ: اسْتَأْجَرْتُ، أَوْ قَالَ: آجِرْ، وَقَالَ الْآخَرُ: آجَرْتُ فَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا يَجُوزُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ (سَأُؤَجِّرُ) مُسْتَقْبَلٌ وَصِيغَةَ آجِرْ أَمْرٌ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمِثَالَ يُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِمَّا يُفِيدُهُ الْمُمَثَّلُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ لَفْظَ (الْمُسْتَقْبَلِ) يَشْمَلُ الْأَمْرَ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

(المادة 436) انعقاد بالمكاتبة وبإشارة الأخرس المعروفة

[ (الْمَادَّةُ 436) انْعِقَادُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ] (الْمَادَّةُ 436) كَمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِالْمُشَافَهَةِ كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ. أَيْ أَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ كَمَا أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّذَيْنِ يَقَعَانِ بِالْمُشَافَهَةِ كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّذَيْنِ يَقَعَانِ بِالْمُكَاتَبَةِ وَبِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ. وَيَكُونُ أَيْضًا مَجْلِسُ بُلُوغِ الْكِتَابِ وَأَدَاءِ الرِّسَالَةِ مُعْتَبَرًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 69 و 70 و 173 و 174) (أَشْبَاهٌ) . مِثَالٌ لِلْمُكَاتَبَةِ وَالْكِتَابِ: إذَا كَتَبَ شَخْصٌ لِلْآخَرِ كِتَابًا قَائِلًا: اسْتَأْجَرْتُ دَارَكَ الْفُلَانِيَّةَ سَنَةً بِكَذَا قِرْشًا فَلَمَّا وَصَلَهُ الْكِتَابُ قَالَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي اسْتَلَمَهُ فِيهِ: آجَرْتُ، أَوْ كَتَبَ لَهُ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ كِتَابًا يُنْبِئُهُ بِقَبُولِهِ؛ فَعَلَى الصُّورَتَيْنِ تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ وَالصُّورَةُ الْأُولَى تُدْعَى (كِتَابًا) وَالثَّانِيَةُ تُدْعَى مُكَاتَبَةً أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ إلَّا بَعْدَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ فَقَدْ بَطَلَ الْإِيجَابُ؛ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ مَحَلٌّ لِلْقَبُولِ. الرِّسَالَةُ: كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالرِّسَالَةِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا قَبُولُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي تَبْلُغُهُ فِيهِ الرِّسَالَةُ. كَذَا لِلْأَخْرَسِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ آخَرَ دَارِهِ، أَوْ يُؤَجِّرَ دَارِهِ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ، أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إشَارَتُهُ مَعْرُوفَةً فَغَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ إشَارَةُ غَيْرِ الْأَخْرَسِ. [ (الْمَادَّةُ 437) انْعِقَادُ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي] (الْمَادَّةُ 437) : وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا كَالرُّكُوبِ فِي بَاخِرَةِ الْمُسَافِرِينَ وَزَوَارِقِ الْمَوَانِي وَدَوَابِّ الْكِرَاءِ مِنْ دُونِ مُقَاوَلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً أُعْطِيت وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ. أَيْ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي كَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 175؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الرِّضَا فَلَمَّا كَانَ تَعَاطِي الطَّرَفَيْنِ نَاشِئًا عَنْ رِضَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ كَانَتْ لَازِمَةً لَا مَحَالَةَ وَلِذَلِكَ فَالشُّرُوطُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّتَيْنِ 450 و 451 مُعْتَبَرَةٌ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تَقَعُ بِالتَّعَاطِي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . إلَّا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إعْطَاءِ الطَّرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 175) (الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَا حَاجَةَ إلَى مُقَاوَلَةٍ فِيهَا كَالرُّكُوبِ فِي بَاخِرَةِ الْمُسَافِرِينَ وَزَوَارِقِ الْمَوَانِي وَدَوَابِّ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً أُعْطِيت وَإِلَّا أُعْطِيت أُجْرَةُ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 43 و 462 و 565) وَفِي زَمَانِنَا أُجْرَةُ الْبَوَاخِرِ والتِّرَامَاتِ وَالْقِطَارَاتِ وَالسَّيَّارَاتِ مَعْلُومَةٌ بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ بَلَدٍ. وَإِذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَوَانِيَ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَإِنْ سَلَّمَهُ الْمُؤَجِّرُ نَوْعًا مِنْ الْأَوَانِي فَقَبِلَهَا انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ بِطَرِيقِ التَّعَاطِي فَكَانَتْ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَإِلَّا؛ فَلَا تَنْعَقِدُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ 449. صُورَةٌ أُخْرَى لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي: إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ قَيِّمِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ عَلَى

(المادة 438) السكوت في الإجارة يعد قبولا ورضاء

أَنَّ أُجْرَتَهَا السَّنَوِيَّةَ كَذَا قِرْشًا وَبَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ بَقِيَ فِيهَا مُدَّةً بِدُونِ عَقْدٍ آخَرَ فَأَخَذَ الْقَيِّمُ مِنْهُ قِسْمًا مِنْ الْأُجْرَةِ انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كُلِّهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 438) السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ يُعَدُّ قَبُولًا وَرِضَاءً] (الْمَادَّةُ 438) : السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ يُعَدُّ قَبُولًا وَرِضَاءً. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ حَانُوتًا فِي الشَّهْرِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِيهِ مُدَّةَ أَشْهُرٍ أَتَى الْآجِرُ وَقَالَ: إنْ رَضِيتَ بِسِتِّينَ فَاسْكُنْ وَإِلَّا فَاخْرُجْ وَرَدَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَقَالَ: لَمْ أَرْضَ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا يَلْزَمُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا كَمَا فِي السَّابِقِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحَانُوتِ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ سِتِّينَ قِرْشًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ: مِائَةُ قِرْشٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ ثَمَانُونَ وَأَبْقَى الْمَالِكُ الْمُسْتَأْجِرَ وَبَقِيَ هُوَ سَاكِنًا أَيْضًا يَلْزَمُهُ ثَمَانُونَ وَلَوْ أَصَرَّ الطَّرَفَانِ عَلَى كَلَامِهِمَا وَاسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68 إنَّ الْفِقْرَةَ الثَّالِثَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 472 فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ السُّكُوتُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: 1 - سُكُوتُ الْمُؤَجِّرِ: كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 494 حَانُوتًا فِي الشَّهْرِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِيهِ مُدَّةَ أَشْهُرٍ أَتَى لَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَقَالَ: إنْ رَضِيتَ بِسِتِّينَ فَاسْكُنْ هَذَا الْحَانُوتَ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ فَاخْرُجْ مِنْهُ فَرَدَّهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَائِلًا: لَمْ أَرْضَ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا وَلَمْ يُعَارِضْهُ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لَزِمَهُ خَمْسُونَ قِرْشًا كَمَا فِي السَّابِقِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُؤَجِّرِ وَقَدْ أَعْلَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ عَدَمَ رِضَائِهِ بِالزِّيَادَةِ وَتَرْكَهُ إيَّاهُ سَاكِنًا فِي الْحَانُوتِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى رِضَائِهِ بِالْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ. 2 - سُكُوتُ الْمُسْتَأْجِرِ: كَمَا لَوْ طَلَبَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ عَنْ الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا أَيْ لَمْ يَقُلْ: إنَّنِي لَا أَرْضَى بِالزِّيَادَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحَانُوتِ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا إلَى مَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ نَقْلِ أَمْتِعَتِهِ وَأَشْيَائِهِ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مَا زِيدَ عَلَى الْبَدَلِ بِنَاءً عَلَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ 67 اعْتِبَارًا مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الزِّيَادَةَ إذَا كَانَ غَيْرَ رَاضٍ بِهَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَائِهِ بِهَا. وَلَوْ طَلَبَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مُدَّةٍ سِتِّينَ قِرْشًا أُجْرَةً وَقَدْ كَانَتْ مِنْ قَبْلُ خَمْسِينَ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنِي لَمْ أَسْمَعْ طَلَبَكَ الزِّيَادَةَ حَتَّى أَكُونَ رَاضِيًا بِهَا فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَطْرَشَ صُدِّقَ كَلَامُهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَإِلَّا؛ فَلَا. مِثَالٌ آخَرُ لِسُكُوتِ الْمُؤَجِّرِ: إذَا قَالَ صَاحِبُ الْحَانُوتِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ: إذَا كُنْتَ تَرْضَى بِمِائَةِ قِرْشٍ فِيهَا وَإِلَّا فَاتْرُكْ الْحَانُوتَ؛ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنِي أَرْضَى بِثَمَانِينَ قِرْشًا وَسَكَتَ الْمُؤَجِّرُ وَبَقِيَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا فَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارًا مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ ثَمَانُونَ قِرْشًا. أَمَّا إذَا أَصَرَّ الطَّرَفَانِ عَلَى كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْمِثَالِ وَاسْتَمَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا فِي الْحَانُوتِ فَسُكْنَاهُ فِيهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ 462 بِدُونِ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ

(المادة 439) تقاولا بعد العقد على تبديل البدل أو تزييده أو تنزيله

فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ إذْ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَدْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُعْقَدْ عَقْدٌ ثَانٍ بِإِصْرَارِهِمَا فَبَقِيَ الْحَانُوتُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِلَا عَقْدٍ وَهُوَ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ كَأَنَّهُ قَدْ سَكَنَ الْحَانُوتَ بِنِيَّةِ دَفْعِ الْأُجْرَةِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ اسْتِطْرَادًا وَإِتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ. 3 - سُكُوتُ الْغَاصِبِ: سُكُوتُ الْغَاصِبِ فِي الْقَبُولِ وَالرِّضَا، كَسُكُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ. فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَاصِبِ دَارِهِ: أَخْلِ الدَّارَ وَإِلَّا فَقَدْ آجَرْتُكَ إيَّاهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا قِرْشًا فَلَمْ يُخْلِهَا فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُنْكِرًا مِلْكِيَّةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ لِلدَّارِ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْمَالِكُ مَلَكِيَّتَهُ لَهَا. وَكَذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالْمِلْكِيَّةِ إذَا كَانَ غَيْرَ رَاضٍ عَنْ الْأُجْرَةِ صَرَاحَةً بِأَنْ قَالَ: إنِّي لَا أَرْضَى بِذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ مَالَ وَقْفٍ، أَوْ مَالَ يَتِيمٍ، أَوْ مَالًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ الْغَاصِبُ: إنَّنِي غَيْرُ رَاضٍ بِالْأُجْرَةِ فَسُكُوتُهُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ رِضَاءٌ وَقَبُولٌ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِعَدَمِ تَخْلِيَةِ الدَّارِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ رَاضِيًا بِالْأُجْرَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَجِّرُ كَلَامَهُ الْمَذْكُورَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ قَالَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ 494 وَلَمْ يَقُلْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا وَبَقِيَ سَاكِنًا فِي الْحَانُوتِ؛ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ سِوَى الْأُجْرَةِ السَّابِقَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ فِي أَثْنَاءِ الْإِجَارَةِ ذَلِكَ الْقَوْلَ وَسَكَتَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ رِضَاءً بِالزِّيَادَةِ. مِثَالٌ: لَوْ آجَرَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ سَنَةً وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ادْفَعْ كَذَا زِيَادَةً عَنْ الْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَاخْرُجْ مِنْ الدَّارِ فَسَكَتَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ قَبُولًا بِالزِّيَادَةِ؛ إذْ لَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ الْمُنْعَقِدَةَ اللَّازِمَةَ قَدْ انْعَقَدَتْ بِسُكُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ مَرَّةً أُخْرَى فَيَكُونُ بِسُكُوتِهِ رَاضِيًا بِالضَّمِّ عَلَى الْأُجْرَةِ وَسَتَعْلَمُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 439) تَقَاوَلَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَبْدِيلِ الْبَدَلِ أَوْ تَزْيِيدِهِ أَوْ تَنْزِيلِهِ] (الْمَادَّةُ 439) لَوْ تَقَاوَلَا بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَبْدِيلِ الْبَدَلِ، أَوْ تَزْيِيدِهِ، أَوْ تَنْزِيلِهِ يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ الثَّانِي. لِتَبْدِيلِ الْبَدَلِ وَتَنْزِيلِهِ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: بِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ. يَعْنِي لَوْ تَقَاوَلَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِيجَارِ عَلَى تَبْدِيلِ الْبَدَلِ، أَوْ تَزْيِيدِهِ، أَوْ تَنْزِيلِهِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَاعْتُبِرَ الْعَقْدُ الثَّانِي أَمَّا إذَا عُقِدَ الْعَقْدُ مَرَّةً ثَانِيَةً بِلَا تَبْدِيلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ، أَوْ تَزْيِيدِهِ، أَوْ تَنْزِيلِهِ فَالْعَقْدُ الثَّانِي لَغْوٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 176) . مِثَالٌ: لَوْ آجَرَ حَانُوتَهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ فِضَّةً وَبَعْدَ ذَلِكَ اتَّفَقَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ تَكُونَ ذَهَبًا وَعَقَدَا الْعَقْدَ عَلَى صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَكَانَ الْعَقْدُ الثَّانِي مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ دَارًا بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ ذَهَبَةً سَنَوِيًّا فَجَاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ وَطَلَبَ إلَيْهِ اسْتِئْجَارَهَا بِزِيَادَةِ

(المادة 440) الإجارة المضافة

ذَهَبَةٍ عَنْ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَآجَرَهُ إيَّاهَا ثُمَّ زَادَهُ ذَهَبَةً أُخْرَى فَآجَرَهُ أَيْضًا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةَ (الْبَهْجَةُ) . الزِّيَادَةُ: أَمَّا الْوَعْدُ بِالزِّيَادَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مِنْ مُكَارٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْعُمْلَةِ الْمَغْشُوشَةِ أَيْ الْمُخْتَلِطَةِ، ثُمَّ طَلَبَ إلَيْهِ الْمُؤَجِّرُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مِنْ غَيْرِ الْمَغْشُوشَةِ، أَوْ طَلَبَ إلَيْهِ الزِّيَادَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنِي أَفْعَلُ مَا تُرِيدُ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِهَذَا الْوَعْدِ الْمُجَرَّدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 84) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الزِّيَادَةُ وَالتَّنْزِيلُ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ؛ فَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 450) أَمَّا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَأْجُورِ؛ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ أَيْضًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 463) وَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَكَانَتْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَصَحِيحَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ فِي مُنْتَصَفِهَا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 255) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ مُرُورِ بَعْضِ الْمُدَّةِ فَهِيَ لِبَاقِي الْمُدَّةِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ (مُحَمَّدًا) قَدْ اسْتَحْسَنَ تَقْسِيمَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ وَثَمَرَةُ هَذَا تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كُلِّهَا؛ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَقْدِ قَدْ فَاتَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَزَّازِيَّةُ) وَذَلِكَ كَعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَلَفِهِ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 255) . الْوَجْهُ الثَّانِي: زِيَادَةُ الْمَأْجُورِ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْمَأْجُورِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ؛ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 449) وَإِلَّا فَصَحِيحَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَأْجُورِ، أَوْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 254) (الْهِنْدِيَّةُ) . تَنْزِيلُ الْأُجْرَةِ: يَجُوزُ تَنْزِيلُ الْأُجْرَةِ فَلَوْ حَطَّ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ وَأَنْزَلَهَا، أَوْ أَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ بَعْضِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ صَحَّ وَلَحِقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 256) . أَمَّا إذَا وَقَعَ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ؛ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَالْإِبْرَاءُ مِنْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ (الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 440) الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ] (الْمَادَّةُ 440) : الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ صَحِيحَةٌ وَتَلْزَمُ قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: مَا آنَ وَقْتُهَا. تَصِحُّ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَتَلْزَمُ قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِهَا عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْعَقَدَ بِحَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا بِحَقِّ الْحُكْمِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ حَقُّ الرُّجُوعِ كَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا لِإِبْطَالِ حَقِّ الطَّرَفِ الثَّانِي (الشِّبْلِيُّ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 82) . غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِبُطْلَانِهَا وَالْمَجَلَّةُ عَلَى قَوْلِ الْأَوَّلِ حَسَبَ قَوْلِهَا (صَحِيحَةٌ) وَقَدْ انْقَسَمَ الْقَائِلُونَ

(المادة 441) الإجارة بعد ما انعقدت صحيحة لا يسوغ للآجر فسخها

بِجَوَازِهَا إلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ يَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِهَا، وَقِسْمٌ يَقُولُ بِلُزُومِهَا. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ إذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِ الْإِجَارَةِ نَفَذَ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِاللُّزُومِ لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ حُكْمُ الْمَادَّةِ 590 وَالْمَجَلَّةُ هِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَسَبَ قَوْلِهَا (وَتَلْزَمُ) وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ: 1 - كَوْنُ الْإِضَافَةِ فِي الْإِجَارَةِ صَحِيحَةً وَمُعْتَبَرَةً وَمُتَفَرِّعٌ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اسْتَأْجَرَتْكَ غَدًا لِتَخِيطَ لِي هَذَا الرِّدَاءَ فَخَاطَهُ لَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ؛ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ صَحِيحَةٌ فِي الْإِجَارَةِ وَالْوَقْتُ الْمُضَافُ إلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا. 2 - لُزُومُ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَوْ بَيْعُ الْمَأْجُورِ، أَوْ هِبَتُهُ وَتَسْلِيمُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مَا آنَ وَقْتُهَا فَإِذَا بَاعَهُ، أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ؛ فَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 590) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 114 أَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ الْآنَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا مُقَرَّرٌ فِي الْآتِي. كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ آخَرُ دَابَّتَهُ لِيَرْكَبَهَا فِي الْغَدِ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ فَلَا يَكُونُ الْإِيجَارُ الثَّانِي مُعْتَبَرًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ 589 أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ حُلُولِ الْوَقْتِ نَقْضُ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ. صِحَّةُ إضَافَةِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ: فَكَمَا تَصِحُّ الْإِضَافَةُ فِي الْإِجَارَةِ تَصِحُّ فِي فَسْخِهَا فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ: قَدْ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ انْفَسَخَتْ فِي ابْتِدَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمَادَّةِ 494 (وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ: فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ اعْتِبَارًا مِنْ الشَّهْرِ الْآتِي تَنْفَسِخُ عِنْدَ حُلُولِهِ) . أَمَّا الْإِجَارَةُ الْمُعَلَّقَةُ؛ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكِ عَلَى شَرْطٍ بَاطِلٌ، وَالْمَنْفَعَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْأُجْرَةُ مِنْ التَّمْلِيكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الشِّبْلِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ) وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ لِآخَرَ: إذَا حَضَرَ فُلَانٌ فَقَدْ آجَرْتُكَ دَارِي؛ فَلَا حُكْمَ لِلْإِجَارَةِ وَلَوْ حَضَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 408) فَرْقٌ: بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ: إنَّ التَّصَرُّفَ فِي صُورَةِ الْإِضَافَةِ إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ يَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْحُكْمِ فِي الْحَالِ. إلَّا أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ يَتَأَخَّرُ إلَى الزَّمَنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. أَمَّا فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ فَهُوَ مَانِعٌ لِلِانْعِقَادِ فِي الْحَالِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عِلَّةٌ لِلتَّصَرُّفِ. [ (الْمَادَّةُ 441) الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُهَا] (الْمَادَّةُ 441) الْإِجَارَةُ بَعْدَ مَا انْعَقَدَتْ صَحِيحَةً لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُهَا بِمُجَرَّدِ ضَمِّ الْخَارِجِ عَنْ الْأُجْرَةِ لَكِنْ لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَقَارَ الْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ بِأَنْقَصَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ. لَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ فِي الْإِجَارَةِ النَّافِذَةِ اللَّازِمَةِ وَعَلَيْهِ فَالضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ أَوْ التَّنْزِيلُ

مِنْهَا لَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ، أَوْ عَلَى مَنَافِعِ الْإِنْسَانِ. ضَمُّ الْأُجْرَةِ: مِثَالٌ لِمَا تَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ: لَا يَسُوغُ لِلْآجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا صَحِيحَةً بِمُجَرَّدِ ضَمِّ الْخَارِجِ عَلَى الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمُّ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ بَعْدَ مُرُورِ جُزْءٍ مِنْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَلَوْ كَانَتْ مُضَافَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 443) . مِثَالٌ: لَوْ آجَرَ مَزْرَعَتَهُ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِمُوجَبِ سَنَدِ طَابُو مِنْ آخَرَ أَنْ يَزْرَعَهَا ثُمَّ فَسَخَ الْإِجَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . تَنْزِيلُ الْأُجْرَةِ: لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مَحَلًّا مِلْكًا، أَوْ وَقْفًا بِخَمْسِينَ قِرْشًا فَنَزَلَتْ الْأُجْرَةُ إلَى ثَلَاثِينَ أَيْ نَقَصَ مِنْهَا عِشْرُونَ قِرْشًا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْأَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ إذَا وَجَدَ دُكَّانًا مُمَاثِلَةً لِلدُّكَّانِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، أَوْ أَحْسَنَ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ تِلْكَ الدُّكَّانِ كَمَا لَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ زِيَادَةَ الْأُجْرَةِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عُدَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي تُجِيزُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لَمَا سَلِمَتْ إجَارَةٌ مَا مِنْ عُذْرٍ كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ دَارًا وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 406) ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 528) إلَّا أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ بَعِيرًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحَلِّ كَذَا فَاشْتَرَى لِنَفْسِهِ آخَرَ وَأَرَادَ رُكُوبَهُ؛ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ 551 و 587) الْبَزَّازِيَّةَ. أَمْثِلَةٌ لِمَا يَرِدُ عَلَى مَنَافِعِ الْآدَمِيِّ: لَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ رِدَاءً لِصَبَّاغٍ لِيَصْبُغَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَقَالَ أَعِدْ لِي الرِّدَاءَ وَلَا تَصْبُغْهُ فَلَمْ يَرُدَّهُ الصَّبَّاغُ وَتَلِفَ عِنْدَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا يَكُونُ الصَّبَّاغُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا بِلَا عُذْرٍ بَاقِيَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا تَصْبُغْهُ كَمَا فِي السَّابِقِ وَالتَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إيجَارِ مَالِ الصَّغِيرِ وَالْوَقْفِ وَبَيْتِ الْمَالِ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ مِمَّنْ ذُكِرَ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ كَأَجْرِ الْمِثْلِ، أَوْ دُونَهُ فَالْإِيجَارُ الَّذِي يَقَعُ لِمَنْ ذُكِرَ إذَا كَانَ فَاحِشًا فَاسِدٌ وَالِاسْتِئْجَارُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ نَافِذٌ بِحَقِّ الْعَاقِدِ الْمُسْتَأْجِرِ. إيضَاحٌ لِفَسَادِ الْإِيجَارِ: لَوْ آجَرَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ، أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، أَوْ مَأْمُورُ بَيْتِ الْمَالِ عَقَارًا لِلْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ سَوَاءٌ كَانَ بِإِجَارَةٍ، أَوْ بِإِجَارَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ غَلَّةُ الْوَقْفِ مَشْرُوطَةً لِلْمُتَوَلِّي، أَوْ لِغَيْرِهِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 258) وَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ أَمَّا إذَا أُجِرَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ بِغَبَنٍ يَسِيرٍ؛ فَلَا تَكُونُ فَاسِدَةً لِذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ الْمَالُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ قَبْلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ

الْحَمَوِيُّ) (بِخِلَافِ مَا لَوْ أُجِرَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَتَكُونُ صَحِيحَةً دُونَ اسْتِرْدَادِ شَيْءٍ) هَذَا إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَنْقُولًا، أَوْ عَقَارًا وَإِلَّا؛ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ، أَوْ أَمِينَ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَالِ نُقْصَانُ أَجْرِ الْمِثْلِ. فَلَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَالْآخَرُ أَجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا فَإِكْمَالُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي. (وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ فِي الْجَوَابِ يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي النِّصْفَ وَالْمُسْتَأْجِرُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى رِوَايَةٍ) (الْفَتَاوَى الْخَانِيَّةُ) وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ، أَوْفَقُ. أَمَّا الْفَتْوَى فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي (هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيّ) فَلَوْ ادَّعَى أَحَدٌ وُقُوعَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ؛ فَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَالِادِّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا كَانَ مُتَّهَمًا بِالرَّغْبَةِ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَأْجُورِ وَإِذَا كَانَ الْمُؤَجِّرَ كَانَ مُتَّهَمًا بِرَغْبَتِهِ فِي إيجَارِهِ مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ، الْخَيْرِيَّةُ، الْكَفَوِيُّ) وَعَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ إلَى قَوْلِ وَأَمَانَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. وَيَكْفِي عَلَى رَأْي الشَّيْخَيْنِ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِوُقُوعِ الْإِجَارِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَلَا اعْتِبَارَ لِقَوْلِ اثْنَيْنِ بِمُسَاوَاةِ الْأُجْرَةِ لِأَجْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْخَصْمِ وَقَدْ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي، أَوْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْحَالِ وَإِجَارُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْإِجَازَةِ فَلَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ مَالًا لِلصَّبِيِّ مِنْ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ؛ فَلَا يَنْفُذُ. يَتَرَتَّبُ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: 1 - أَنْ يَفْسَخَ الْحَاكِمُ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَلَوْ وَقَعَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْمَحْكَمَةِ فَعَلَى الْحَاكِمِ فَسْخُهَا ثُمَّ يُؤَجِّرُ الْمَالَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بِاسْتِئْجَارِهِ تَكْلِيفًا عَلَى كُلِّ حَالٍ (الْحَمَوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يُعْزَلُ الْمُتَوَلِّي إذَا كَانَ أَمِينًا وَكَانَ الْإِيجَارُ مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ غَفْلَةً وَسَهْوًا وَإِلَّا عُزِلَ مِنْ التَّوْلِيَةِ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ (الْكَفَوِيُّ) . 2 - أَنْ يَفْسَخَ الْمُتَوَلِّي هَذِهِ الْإِجَارَةَ فَلَوْ أَجَرَ الْمُتَوَلِّي عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ لِلْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُقَالُ هُنَا (إنَّ سَعْيَهُ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ 100) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ لَمْ تَتِمَّ لِكَوْنِهَا فَاسِدَةً. 3 - أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهَا كُلُّهَا أَمَّا إذَا انْقَضَى بَعْضُهَا فَأَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ. الْغَبَنُ الْفَاحِشُ وَالنُّقْصَانُ فِي الْإِجَارَةِ مَا كَانَ مِقْدَارَ الْخُمْسِ أَوْ أَكْثَرَ وَالْيَسِيرُ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْخُمْسِ فَالْوَاحِدُ مِنْ الْعَشَرَةِ غَبَنٌ يَسِيرٌ وَالِاثْنَانِ مِنْهَا غَبَنٌ فَاحِشٌ. مَثَلًا: لَوْ أُجِرَ مَالٌ لِيَتِيمٍ يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا بِأَحَدَ عَشَرَ فَذَلِكَ غَبَنٌ يَسِيرٌ وَإِذَا أُجِرَ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ فَهُوَ غَبَنٌ فَاحِشٌ. (الْأَنْقِرْوِيّ) . مِثَالٌ لِلْإِجَارَتَيْنِ: لَوْ أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِآخَرَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَلَوْ تَعَيَّنَ مُتَوَلٍّ

غَيْرُهُ أَلْزَمَهُ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِكْمَالِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَكْمَلَهُ فَبِهَا وَإِلَّا فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَخَصَمَ مِنْ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ مُعَجَّلًا مَا تَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّةُ الَّتِي انْتَفَعَ فِيهَا بِالْمَأْجُورِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَرَدَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْبَاقِيَ وَأَجَرَ الْوَقْفَ مِنْ آخَرَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. إيضَاحٌ لِنَفَاذِ الِاسْتِئْجَارِ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ لِلْيَتِيمِ، أَوْ لِلْوَقْفِ، أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي أَوْ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا لِلْيَتِيمِ، أَوْ الْوَقْفِ، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَجْرٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةً عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُتَوَلِّي، أَوْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ لَا تُخِلُّ بِالِاسْتِئْجَارِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُتَوَلِّي بَنَّاءً لِعِمَارَةِ الْوَقْفِ بِزِيَادَةٍ فَاحِشَةٍ وَأَدَّاهُ أُجْرَةً مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْفِ وَإِنَّمَا تَنْعَقِدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ ضَامِنًا مَا أَعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالْكَفَوِيُّ) . إذَا أَجَرَ الْوَقْفَ بِأُجْرَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي وَقْتِ الْإِيجَارِ ثُمَّ ارْتَفَعَتْ الْأُجْرَةُ ارْتِفَاعًا فَاحِشًا وَتَزَايَدَتْ تَزَايُدًا كَبِيرًا عَنْ ذِي قَبْلِ فِي خِلَالِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَجَرَ الْمُتَوَلِّي عَقَارَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَازْدَادَتْ أُجْرَةُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِحَيْثُ أَصْبَحَ يَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ فَسَخَ الْمُتَوَلِّي الْإِجَارَةَ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ ذَلِكَ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي فَيَحْكُمُ بِفَسْخِهَا وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ عَنْ فَسْخِ ذَلِكَ؛ فَالْحَاكِمُ يَفْسَخُهُ (أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُ وَإِيجَارُ الْمَالِ لِمَنْ أَرَادَ وَلَيْسَ تَكْلِيفُ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ) . الضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، فِي صُورَةِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمَأْجُورِ بِنَفْسِهَا:. إذَا أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَأْجُورِ أَبْنِيَةً وَزَادَ عَلَيْهِ بَعْضَ الزِّيَادَاتِ وَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ ارْتِفَاعُ أُجْرَتِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَضُمَّ عَلَى الْأُجْرَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَاتِ قَدْ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا إذَا لَمْ تَتَصَاعَدْ عَنْ الْأُجْرَةِ حَقِيقَةً بَلْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ أَشْخَاصٍ ذَوِي أَغْرَاضٍ؛ فَلَا يُلْتَفَتُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ عِنَادٍ مِمَّنْ زَادُوا عَلَيْهِ قُبِلَتْ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَالزِّيَادَةُ الَّتِي تَكُونُ عَنْ عِنَادٍ وَتَعَنُّتٍ الَّتِي لَا يُقْبِلُ بِهَا إلَّا شَخْصٌ، أَوْ شَخْصَانِ. (الْحَمَوِيُّ، التَّنْقِيحُ) . هَذَا وَفِي الْحَالَةِ الَّتِي يَزْدَادُ فِيهَا بَدَلُ الْإِجَارَةِ ازْدِيَادًا فَاحِشًا يَفْسَخُهَا الْحَاكِمُ لَدَى مُرَاجَعَتِهِ وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ لِوُقُوعِهَا فِي الْأَوَّلِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ قَدْ يَكُونُ حَادِثَةً أُخْرَى لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا حُكْمٌ وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي أَجْرِ الْمِثْلِ وَقْتُ الْعَقْدِ. وَعَلَيْهِ فَالِازْدِيَادُ فِي الْأُجْرَةِ الَّذِي ذُكِرَ سَابِقًا لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ (الْحَمَوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيّ) . وَلَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ بَحْثٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ (الْحَمَوِيُّ) . وَالزِّيَادَةُ الْفَاحِشَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مِقْدَارُ اثْنَيْنِ مِنْ عَشَرَةٍ وَعِنْدَ الْآخَرِينَ مِقْدَارُ النِّصْفِ مِنْ الْبَدَلِ الْأَوَّلِ وَقَدْ قَبِلَ الْعَلَّامَةُ (الْبِيرِيّ وَالْحَامِدِيُّ) الْقَوْلَ الثَّانِيَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، التَّنْقِيحُ) .

مِثَالٌ لَوْ أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَرْضًا لَهُ مِنْ آخَرَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اعْتِبَارًا مِنْ مُحَرَّمِ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ بِأَلْفِ قِرْشٍ سَنَوِيًّا وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ فِي خِتَامِ السَّنَةِ الْأُولَى ازْدَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلسَّنَةِ الْوَاحِدَةِ فَصَارَ أَلْفَيْ قِرْشٍ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْسَخْهَا؛ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ. الْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي بَعْدَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ: إذَا فَسَخَ الْمُتَوَلِّي، أَوْ الْقَاضِي إجَارَةَ الْوَقْفِ لِلزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْأُجْرَةِ. فَإِنْ كَانَ الْمَأْجُورُ خَالِيًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ وَكَانَ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَالْأَرَاضِي الْقِرَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَرَضَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَكَلَّفَهُ بِاسْتِئْجَارِهِ مُجَدَّدًا مَعَ دَفْعِ الزِّيَادَةِ فَإِذَا قَبِلَ بِالزِّيَادَةِ الطَّارِئَةِ؛ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ إذْ بِقَبُولِهِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَدْ زَالَ السَّبَبُ الدَّاعِي لِلْفَسْخِ مَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَمْ تَزَلْ بَاقِيَةً وَتَلْزَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا لَا مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ لِلْإِجَارَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ عَنْ الْمُدَّةِ السَّابِقَةِ لِوَقْتِ الْفَسْخِ إلَّا الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْمُتَوَلِّي يُؤَجِّرُهُ مِنْ آخَرَ وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَقَالَ: إنَّ الِادِّعَاءَ بِالزِّيَادَةِ إضْرَارٌ لَزِمَ إثْبَاتُ أَجْرِ الْمِثْلِ بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى حَالِهِ. رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (76 و 5) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ لَهُ لَمْ يُدْرِكْ؛ فَلَا يُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ قَبْلَ حَصَادِ الزَّرْعِ سَوَاءٌ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، أَوْ لَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَتُضَمُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ وَقْتِ الزِّيَادَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَأْجُورَةُ مَشْغُولَةً بِأَبْنِيَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَغِرَاسِهِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ نِهَايَتُهَا؛ فَلَا يُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ مَا دَامَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَاقِيَةً وَإِنَّمَا تُضَمُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ كَالْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ مُنْقَضِيَةً (فَتُؤَجَّرُ مُشَاهَرَةً إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ الشَّهْرُ) . فَإِذَا قُبِلَتْ الزِّيَادَةُ فَعَلَى الْمُتَوَلِّي إيجَارُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَتَأْجِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ. أَمَّا ضَمُّ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورُ إيضَاحُهُ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ، وَإِلَّا هُدِمَتْ الْأَبْنِيَةُ وَقُلِعَتْ الْغِرَاسُ وَأُجِرَ الْمَأْجُورُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَمَا مَرَّ مِنْ حُكْمِ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ فِي الْوَقْفِ لَا يَجْرِي فِي الْمِلْكِ وَلَوْ كَانَ لِيَتِيمٍ، مَثَلًا: لَوْ أَجَرَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ مُدَّةَ سَنَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ شَهْرِيًّا وَفِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ ارْتَفَعَ أَجْرُهُ الْمِثْلَ إلَى ثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَطْلُبَ زِيَادَةً عَنْ مِائَةِ قِرْشٍ فِي الشَّهْرِ. الْأَعْذَارُ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْفَسْخَ: 1 - الضَّمُّ عَلَى الْأُجْرَةِ. 2 - التَّنْزِيلُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ هَذَيْنِ. 3 - فِسْقُ الْمُسْتَأْجِرِ

أَيْ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا ارْتَكَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْجِيرَانِ فَسْخُهَا لِأَجْلِهِ وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَنْهَوْهُ عَنْ ارْتِكَابِ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ. وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَطْ إخْرَاجُهُ إذَا تَوَقَّفَتْ الْمَصْلَحَةُ عَلَيْهِ. 4 - احْتِيَاجُ الْمُؤَجِّرِ إلَى الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ كَأَنْ انْهَدَمَتْ دَارُهُ الَّتِي يَسْكُنُهَا فَاحْتَاجَ إلَى سُكْنَى تِلْكَ الدَّارِ، أَوْ دُفِعَ لَهُ ثَمَنٌ كَبِيرٌ فِيهَا فَرَغِبَ فِي بَيْعِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (الْبَزَّازِيَّة وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ الْأَنْقِرْوِيّ) . 5 - إرَادَةُ الْمُؤَجِّرِ بَيْعَ الْمَأْجُورِ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ: فَلَوْ أَرَادَ الْمُؤَجِّرُ بَيْعَ الْمَأْجُورِ لِتَأْدِيَةِ دَيْنٍ لَاحِقٍ عَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّ لَهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ سِوَاهَا أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَالْحَاكِمُ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فَيَبِيعُهُ وَيُؤَدِّي دَيْنَهُ؛ إذْ لَوْ لَمْ تُفْسَخْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَتَضَرَّرَ الْمُؤَجِّرُ الْمَدِينُ بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ ثَابِتًا بِإِقْرَارِ الْمُؤَجِّرِ، أَوْ لَا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 78) . مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي قَبَضَهُ الْمُؤَجِّرُ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ بِأَنْ كَانَ ثَمَنُهُ فِيمَا لَوْ بِيعَ مُوَازِيًا أُجْرَتَهُ الْمُعَجَّلَةَ؛ فَلَا يُبَاعُ (التَّنْقِيحُ) إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (443) أَنْ يَحْبِسَ الْمَأْجُورَ لِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْإِيجَارِ؛ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ الْبَيْعِ. 6 - الرَّغْبَةُ فِي الِاشْتِغَالِ فِي عَمَلٍ آخَرَ: لَوْ أَرَادَ إنْسَانٌ بَعْدَ أَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ لِعَمَلٍ مَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَيَشْتَغِلَ فِي عَمَلٍ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ (وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَا يُعَابُ بِهِ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . 7 - عُثُورُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى حَانُوتٍ أَقَلَّ أُجْرَةً مِنْ الْمَأْجُورِ: إذَا عَثَرَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِعَمَلٍ مَا عَلَى حَانُوتٍ آخَرَ أَقَلَّ أُجْرَةً مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَ اتِّسَاعًا؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ مَا لَمْ يُرِدْ تَعَاطِيَ عَمَلٍ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِي الْحَانُوتِ الْمَأْجُورِ فَيَكُونَ لَهُ ذَلِكَ (التَّتَارْخَانِيَّة) . 8 - إذَا اسْتَكْرَى جَمَلًا إلَى مَحَلٍّ فَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الذَّهَابَ عَلَى بَغْلٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . 9 - إذَا عَزَمَ الْمُكَارِي عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ لِلسَّفَرِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؛ إذْ يُمْكِنُهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّهَابِ بِنَفْسِهِ أَنْ يَبْعَثَ بِخَادِمِهِ. (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 10 - إذَا غَابَ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ تَأْجِيرِ عَقَارِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ وَإِنْ غَابَ الْمُؤَجِّرُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . 11 - مَوْتُ مَنْ لَا يَكُونُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَاقِعًا لَهُ وَلَوْ كَانَ عَاقِدًا: كَمَا إذَا تُوُفِّيَ الْحَاكِمُ، أَوْ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ، أَوْ الْوَكِيلُ، أَوْ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِلصَّغِيرِ، أَوْ الْمُوَكِّلِ، أَوْ الْوَقْفِ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَالْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ لَمْ يَزَالَا بَاقِيَيْنِ (الزَّيْلَعِيُّ، وَالْهِنْدِيَّةُ) وَكَذَا لَا تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ فُضُولِيًّا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ أُجِيزَ الْإِيجَارُ أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَالْإِجَازَةُ بَاطِلَةٌ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

(المادة 442) لو ملك المستأجر عين المأجور بإرث أو هبة يزول حكم الإجارة

وَقَدْ بُنِيَ قَوْلُ الْمَادَّةِ 443 (وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ الْمُسْتَرْضِعِ) عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ. 12 - إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِمَالِهِ الْمُؤَجَّرِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْقَاضِي؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَمَّا إذَا أَجَرَ الْأَبُ نَفْسَ الصَّبِيِّ لِآخَرَ وَبَلَغَ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ فَلَهُ فَسْخُهَا (الْخَانِيَّةُ) . 13 - لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ لِأَجْلِ الْكِسَاءِ وَوُقُوفِ الْحَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (479) . [ (الْمَادَّةُ 442) لَوْ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ عَيْنَ الْمَأْجُورِ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ يَزُولُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ الْمَادَّةُ 442) وَلَوْ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ عَيْنَ الْمَأْجُورِ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ يَزُولُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى صُوَرٍ سَبْعٍ: 1 - لَوْ مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كُلَّ الْمَأْجُورِ، أَوْ بَعْضَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ هِبَةٍ صَحِيحَةٍ، أَوْ شِرَاءٍ صَحِيحٍ، أَوْ فَاسِدٍ وَقَبَضَ يَزُولُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ عَنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَمْلِكُهُ؛ إذْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابِلِ انْتِفَاعِهِ بِمَا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى الْمُسْتَأْجِرُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَأْجُورَ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْأُجْرَةُ كَذَلِكَ إذَا مَلَكَ بَعْضَهُ؛ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْإِجَارَةِ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي السَّابِعِ فِي فَسْخِهَا وَابْنُ نُجَيْمٍ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ اشْتَرَى الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ أَحَدٍ وَزَرَعَهَا بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ آخَرَ فَالْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ عَنْ حِصَّتِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَعَنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ بِالرِّضَاءِ بِقَصْدِ الْبَيْعِ وَيَبْقَى الزَّرْعُ لِوَقْتِ الْحَصَادِ وَيُعْطَى لِلشَّرِيكِ نِصْفُ أَجْرِ الْمِثْلِ لِتِلْكَ الْأَرْضِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . وَلَعَلَّهُ إذَا جُدِّدَ الْعَقْدُ عَلَى الْأُصُولِ الْمَشْرُوعَةِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَإِلَّا؛ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ، أَوْ مَالَ يَتِيمٍ، أَوْ وَقْفٍ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ ثُلُثَ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الثُّلُثِ وَلَا يَبْقَى لَهَا حُكْمٌ. أَمَّا إذَا تَمَلَّكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ فَيَلْزَمُهُ تَأْدِيَةُ الْأَجْرِ. كَمَا لَوْ تَمَلَّكَ دَارًا مُؤَجَّرَةً لَهُ مُدَّةَ سَنَةٍ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ مَا يَلْحَقُ تِلْكَ الْمُدَّةَ الْمَاضِيَةَ مِنْ الْأَجْرِ. أَمَّا بَدَلُ الْأَشْهُرِ الْآتِيَةِ؛ فَلَا تَلْزَمُهُ تَأْدِيَتُهُ. 2 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْأَمْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فِيمَا لَوْ أُجِرَتْ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ. 3 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا ازْدَادَ بَدَلُهَا ازْدِيَادًا فَاحِشًا وَفَسَخَهَا الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي كَمَا مَرَّ أَيْضًا. 4 - سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 443) لَوْ حَدَثَ عُذْرٌ مَانِعٌ لِإِجْرَاءِ مُوجَبِ الْعَقْدِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ] (الْمَادَّةُ 443) لَوْ حَدَثَ عُذْرٌ مَانِعٌ لِإِجْرَاءِ مُوجَبِ الْعَقْدِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ، مَثَلًا: لَوْ اُسْتُؤْجِرَ طَبَّاخٌ لِلْعُرْسِ وَمَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ مَنْ

كَانَ فِي سِنِّهِ أَلَمٌ وَقَاوَلَ الطَّبِيبَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا ثُمَّ زَالَ الْأَلَمُ بِنَفْسِهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ الصَّبِيِّ، أَوْ الظِّئْرِ وَلَا تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الْمُسْتَرْضِعِ. قَوْلُهُ (لِإِجْرَاءِ مُوجَبِ الْعَقْدِ) : أَيْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَمُوجَبُ بِصِيغَةِ اسْم الْمَفْعُولِ. قَوْلُهُ (لَوْ حَدَثَ عُذْرٌ مَانِعٌ) : كَأَنْ لَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِإِجْرَاءِ مُوجَبِ الْعَقْدِ. إنَّ الْمَادَّةَ (580) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا سَتَعْلَمُ فِي شَرْحِهَا. لِذَلِكَ الْمَانِعِ أَنْوَاعٌ عِدَّةٌ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ بِاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِالنَّفْسِ أَوْ الْمَالِ فَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمَنَافِعُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ وَذَلِكَ الْعُذْرُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدْ جَازَ فَسْخُهَا لِأَجْلِ الْعُذْرِ (الزَّيْلَعِيُّ) . تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ إذَا اسْتَلْزَمَتْ ضَرَرًا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ إذْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ ضَرَرًا لَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 19) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا بَعْضُ مَسَائِلَ نَذْكُرُهَا فِيمَا يَلِي: 1 - لِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَتْ مِمَّا تُؤَدِّي إلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ بِدُونِ عِوَضٍ كَمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ خَطَّاطٌ لِكِتَابَةِ كِتَابٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْوَرَقُ وَالْحِبْرُ مِنْهُ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ كِتَابَةِ الْكِتَابِ الَّذِي كُلِّفَ بِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 2 - لِلْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا عَلِمَ أَنَّ مُسْتَأْجِرَ أَرْضِ الْوَقْفِ يُنْكِرُ كَوْنَهَا وَقْفًا وَاشْتَبَهَ فِي أَنَّهُ يُرِيدُ ضَيَاعَ الْوَقْفِ لِيَتَمَلَّكَهُ (التَّنْقِيحُ) . لَوْ اُسْتُؤْجِرَ طَبَّاخٌ لِطَبْخِ طَعَامِ الْعُرْسِ فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ تَخَالَعَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَلَا حَاجَةَ لِفَسْخِهَا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ امْتَنَعَ بِذَلِكَ إجْرَاءُ مُوجَبِ الْعَقْدِ؛ وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِطَبْعِهَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُتَوَفَّى هُوَ الزَّوْجُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُوْفِيَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالزَّوْجَةُ هِيَ الْمُتَوَفَّاةُ؛ لَكَانَ لِغَيْرِ مَا عُقِدَ لِأَجْلِهِ الْعَقْدُ وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنْ يُلْحِقَ الضَّرَرَ بِمَالِ الزَّوْجِ (الدُّرَرُ) . كَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلَوْ لَمْ يُتَوَفَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ؛ إذْ لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ وَإِطْعَامِ مَنْ لَا يَحْمَدُونَهُ بَلْ يُلْحِقُونَ بِهِ ضَرَرًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . 4 - إذَا اسْتَأْجَرَ بَنَّاءً لِلْبِنَاءِ أَوْ حَرَّاثًا لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ؛ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقْدِ مُوجِبٌ لِإِتْلَافِ مَالِهِ. هَذَا الشَّرْحُ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْمِجَلَّةِ إذْ يُفِيدُ قَوْلَهَا (تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) إنَّ الْأَعْذَارَ الْمَذْكُورَةَ أَعْذَارٌ تَجْعَلُهَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا.

إذَا اسْتَأْجَرَ بَنَّاءً لِهَدْمِ بِنَاءٍ لَهُ ظَنَّ فِيهِ خَلَلًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا خَلَلَ فِيهِ فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا لِلسَّبَبِ الَّذِي مَرَّ آنِفًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . 6 - إذَا اسْتَأْجَرَ حَيَوَانًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحَلِّ كَذَا وَلَمَّا بَلَغَ نِصْفَ طَرِيقِهِ مَرِضَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى التَّقَدُّمِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْمَسَافَةِ الَّتِي قَطَعَهَا (النَّتِيجَةُ) وَهَذِهِ الْحِصَّةُ تُعَيَّنُ بَيْنَ حَزَنِ الطَّرِيقِ وَسَهْلِهَا لَا بِالْمِسَاحَةِ وَالسَّاعَةِ. 7 - إذَا اسْتَكْرَى دَابَّةً لِنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ عَلَيْهَا إلَى بَلَدِ كَذَا وَبَيْنَمَا هُوَ فِي الطَّرِيقِ إذْ خَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطُّرُقِ فَنَهَبُوا أَمْتِعَتَهُ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ لِصَاحِبِهَا فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ إلَّا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ الْمَسَافَةِ الَّتِي قَطَعَهَا وَإِذَا دَفَعَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ زِيَادَةً عَنْهَا اسْتَرَدَّ الزِّيَادَةَ (الْفَيْضِيَّةُ، النَّتِيجَةُ) . 8 - وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي سِنِّهِ أَلَمٌ وَقَاوَلَ الطَّبِيبَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا ثُمَّ زَالَ الْأَلَمُ بِنَفْسِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ إذْ لَوْ لَمْ تَنْفَسِخْ تِلْكَ الْإِجَارَةُ وَقُلِعَتْ السِّنُّ الَّتِي زَالَ الْأَلَمُ مِنْهَا لَكَانَ فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا فِيهِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَقْلًا. عَلَى أَنَّ لَهُ فَسْخَهَا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْأَلَمُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إتْلَافِ جَسَدٍ إذْ قَدْ يَحْصُلُ لِلِّثَةِ ضَرَرٌ مِنْ جَرَّاءِ إخْرَاجِ السِّنِّ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . 9 - إذَا اسْتَأْجَرَ جَرَّاحًا لِقَطْعِ مَا ظَهَرَ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ الْقُرُوحِ الْآكِلَةِ - كَالسَّرَطَانِ - ثُمَّ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا مُوجِبًا لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . 10 - إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِحَفْرِ بِئْرٍ مَعْلُومِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ فَحَفَرَ مِقْدَارًا مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ صَخْرٌ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَا يُصِيبُ الْمِقْدَارَ الْمَحْفُورَ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (النَّتِيجَةُ) . 11 - كَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذَا تُوُفِّيَتْ الْمُرْضِعُ، أَوْ الْوَلَدُ الَّذِي تُرْضِعُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَرْضِعُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْمُرْضِعَ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهَا لِغَيْرِهِ؛ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاتِهِ وَفِي هَذَا حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ الْوَلَدِ أَوْ الْمُرْضِعِ. الْحُكْمُ الثَّانِي: عَدَمُ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ الْمُسْتَرْضِعِ وَقَدْ صَارَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ (11) مِنْ (شَرْحِ الْمَادَّةِ 441) . فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ مُرْضِعٌ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فَتُوُفِّيَ الْوَلَدُ بَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ؛ فَلَا تَأْخُذُ إلَّا أُجْرَةَ سَنَةٍ (الْأَنْقِرْوِيّ) . كَذَلِكَ تَسْقُطُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْمُرْضِعِ فِيمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِإِرْضَاعِ وَلَدَيْنِ فَتُوُفِّيَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِصَبِيٍّ آخَرَ عِوَضًا عَنْ الْمُتَوَفَّى (الْهِنْدِيَّةُ) . 12 - إذَا مَرِضَ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا وَأَصْبَحَ عَاجِزًا عَنْ زَرْعِهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَزْرَعُ وَيَفْلَحُ بِنَفْسِهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِلَّا؛ فَلَا. أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِيَزْرَعَهَا فَعَدَلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ، الْأَنْقِرْوِيّ) .

إذَا اسْتَأْجَرَ حَصَادَيْنِ لِلْحَصَادِ فَتَلِفَ الزَّرْعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَنُزُولِ بَرَدٍ وَاجْتِيَاحِ جَرَادٍ؛ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (580) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي مَرَّتْ فَقَطْ لَا كُلُّهَا كَذَلِكَ إذَا اُسْتُؤْجِرَ شَيْءٌ سَنَةً بِمُقَابِلِ خَمْسِينَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ مُرُورِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ نِصْفُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ فَقَطْ وَهُوَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَيْلَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 14 - إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَعَدَلَ عَنْ الذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ، أَوْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ عِنْدَمَا وَصَلَهُ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. وَعَلَيْهِ فِي الْحَالِ الْأَخِيرَةِ أُجْرَةُ الْمَسَافَةِ الَّتِي قَطَعَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَسَافَةِ الْبَاقِيَةِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً وَسَيَصِيرُ تَعْيِينُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (445) . 15 - إذَا أَجَرَ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ وَمَنْ كَانَ فِي مَرْتَبَتِهِمْ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ فَبَلَغَ سِنَّ الْبُلُوغِ؛ فَلَهُ إذْ ذَاكَ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ نَحْوِهِمَا (الْبَزَّازِيَّة الْأَنْقِرْوِيّ) وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (441) . 16 - إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَأَجَرَهُ مِنْ آخَرَ فَظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 20 و 27) . النَّوْعُ الثَّانِي: إفْلَاسُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ حَانُوتًا لِأَجْلِ التِّجَارَةِ وَأَفْلَسَ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ. كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطٌ يَشْتَغِلُ فِي مَالِهِ حَانُوتًا فَأَفْلَسَ؛ فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ فِي الْخِيَاطَةِ؛ فَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِإِفْلَاسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ إفْلَاسُهُ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُعْطِيهِ شُغْلًا؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِفَوْتِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا. فَلَوْ اسْتَكْرَى إنْسَانٌ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ لِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ فِيهَا فَحَضَرَ الْمَدِينُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلِاحْتِيَاجِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تُفْسَخُ بِعُذْرٍ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، أَوْ عَدَمِهِ وُضِعَتْ الْقَاعِدَةُ الْآتِيَةُ: الْقَاعِدَةُ: إذَا ظَهَرَ عُذْرٌ مُوجِبٌ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فُسِخَتْ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرٍ كَزَوَالِ أَلَمِ السِّنِّ وَوَفَاةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَوُقُوعِ الْمُخَالَعَةِ بَيْنَهُمَا؛ فَلَا تُفْسَخُ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، أَوْ بِرِضَاءِ الْمُؤَجِّرِ كَالدَّيْنِ الَّذِي يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْمَأْجُورَ قَبْلَ الْحُكْمِ؛ فَلَا يَكُونُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحُكْمِ لِلِاخْتِلَافِ الْحَاصِلِ فِي جَوَازِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ (التَّنْقِيحُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَائِدَةٌ: فِي الْفُرُوقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ. فِي الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ:

أَوَّلًا: لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فِي الْبَيْعِ النَّافِذِ اللَّازِمِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ (375) الرُّجُوعُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ أَمَّا الْإِجَارَةُ فَتَنْفَسِخُ بِمَا مَرَّ مِنْ الْأَعْذَارِ (أَشْبَاهٌ) . ثَانِيًا: يَجُوزُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِالْعَيْبِ الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا فَسْخُ الْبَيْعِ بِذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (339 و 340) . ثَالِثًا: وَفَاةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مُوجِبَةٌ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. رَابِعًا: يَمْلِكُ الْبَائِعُ الْعِوَضَ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمُؤَجِّرِ؛ فَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ مَا لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ تَعْجِيلٌ، أَوْ شَرْطٌ لِلتَّعْجِيلِ، أَوْ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ، أَوْ تَمَكُّنٌ مِنْ اسْتِيفَائِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (664) . خَامِسًا: التَّوْقِيتُ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَمُصَحِّحٌ لَهَا (الْحَمَوِيُّ، الْأَشْبَاهُ) . سَادِسًا: يَدْخُلُ حَقُّ الشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَمْ يُذْكَرْ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (454)) . سَابِعًا: إذَا اسْتَأْجَرَ شَيْئًا اسْتِئْجَارًا فَاسِدًا فَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ إيجَارًا صَحِيحًا فَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ وَقَدْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى نَقْضَ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ وَاسْتِرْدَادَ الْمَأْجُورِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 372 و 588 وَشَرْحَيْهِمَا) . ثَامِنًا: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِيمَا إذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 478) بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. تَاسِعًا: لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ مَعِيبًا بَعْدَ الْقَبْضِ مَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ، أَوْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِفَسْخِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَا حَاجَةَ لِرِضَاءِ الْمُؤَجِّرِ، أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي. 5 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ إذَا تُوُفِّيَ مَنْ كَانَتْ وَاقِعَةً لَهُ بِدُونِ حَاجَةٍ لِلْفَسْخِ وَقَدْ بُنِيَ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمَادَّةِ (تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ الصَّبِيِّ) وَلَا فَائِدَةَ فِي إجَازَةِ الْوَارِثِ لِهَذِهِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِالْوَفَاةِ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ فَتُصْبِحُ الْمَنْفَعَةُ مِنْ ذَلِكَ الْحِينِ مِلْكًا لَهُ وَهُوَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا رَاضٍ بِالْعَقْدِ وَالْمُسْتَأْجِرُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَهِيَ لَمْ تَبْقَ بِوَفَاةِ الْمُوَرِّثِ لِلْوَارِثِ (الزَّيْلَعِيُّ) . إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجَدِّدَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ إذَا طَلَبَ الْوَارِثُ أُجْرَةً مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَسَكَتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَبَقِيَ فِي الدُّكَّانِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ: الْإِجَارَةُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا لَا تَنْفَسِخُ بِوَفَاتِهِمَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ كَالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ لَا يَنْفَسِخُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ فِيمَا لَوْ تُوُفِّيَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ الِاثْنَانِ مَعًا. وَعَلَيْهِ فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ كَمَا يَقُومُ وَارِثُ الْمُسْتَأْجِرِ مَقَامَهُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ نَفْسِ الْمَأْجُورِ.

وَفِي الْوَاقِعِ إذَا انْتَقَلَ الْمَأْجُورُ بِوَفَاةِ الْإِيجَارِ إلَى وَرَثَتِهِ وَلَمْ يَرْضَوْا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيُعَدُّ بَقَاءُ حُكْمِ الْعَقْدِ ذَا ضَرَرٍ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارِ. وَذَلِكَ كَانْتِقَالِ الْعَيْنِ الَّتِي أَوْصَى الْمَالِكُ بِمَنْفَعَتِهَا إلَى الْوَرَثَةِ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُقَالُ لَا ضَرَرَ يَلْحَقُ بِالْوَرَثَةِ؛ إذْ قَدْ يَأْخُذُونَ بَدَلَ الْإِجَارَةِ. مُلَاحَظَاتٌ: يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْمَجَلَّةِ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَعَلَيْهِ فَيُحْكَمُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَفَاتِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الْقُضَاةَ مُنْذُ تَأْسِيسِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَلَوْ كَانُوا مِنْ الْمُقَلِّدِينَ لِمَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى مَا دَامُوا فِي مَحَاكِمِهَا. وَهُنَاكَ مَسْأَلَةٌ جَدِيرَةٌ بِالتَّأَمُّلِ هِيَ مَعْرِفَةُ الْمَذْهَبِ الَّذِي سَيَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَكْثَرَ مُوَافَقَةً لِرُوحِ الْعَصْرِ وَلِلنَّاسِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ لِيُرَجَّحَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِرَادَةٍ سَنِيَّةٍ وَقَدْ يَتَوَلَّدُ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَضْرَارٌ جَمَّةٌ. كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ تَاجِرٌ عِمَارَةً كَبِيرَةً مِنْ آخَرَ بِخَمْسَةِ آلَافِ جُنَيْهٍ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَهَا وَأَتَمَّ لَوَازِمَهُ فِيهَا وَشَرَعَ فِي مُعَاطَاةِ أَشْغَالِهِ تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ فَإِذَا لَمْ يُوَافِقْ وَارِثُ الْمُؤَجِّرِ عَلَى تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ فَقَدْ يَلْحَقُ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِخْلَاءِ تِلْكَ الْعِمَارَةِ ضَرَرٌ جَسِيمٌ. كَذَلِكَ لَوْ فَرَضْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ مَعَ وَفَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ وَارِثٍ يُمْكِنُهُ إدَارَةُ أُمُورِ التِّجَارَةِ كَأَنْ يَكُونَ وَلَدًا رَضِيعًا فَإِنَّ إعْطَاءَ ذَلِكَ الْبَدَلِ الْعَظِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ أَيْضًا. قَدْ نُشِرَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ 1284 قَانُونُ سَنَدِ الْمُقَاوَلَةِ وَقَدْ صُرِّحَ فِي مَادَّتِهِ الْأُولَى بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ إلَّا أَنَّ قَانُونَ إيجَارِ الْعَقَارِ الَّذِي كَانَ مَرْعِيَّ الْإِجْرَاءِ مُنْذُ 10 رَبِيعِ الْأَوَّلِ سَنَةَ 1291 يَقُولُ فِي مَادَّتِهِ الْوَاحِدَةِ وَالْعِشْرِينَ (إذَا ادَّعَى بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ وَفَاتِهِمَا مَعًا؛ فَلَا يُسْمَعُ) . وَقَدْ نُشِرَ بَعْدَ هَذَا الْقَانُونِ. قَانُونٌ ثَالِثٌ لِإِيجَارِ الْعَقَارِ لَمْ يَأْتِ فِيهِ ذِكْرٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا عَنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ، أَوْ عَدَمِهِ لِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. وَمِمَّا مَرَّ نَعْلَمُ أَنَّ الدَّوْلَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ قَدْ أَخَذَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ تَرَكَتْهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ فَلَمْ تَذْكُرْهَا كَأَنَّهَا رَأَتْ أَنَّ الْأَنْسَبَ فِيهَا أَنْ تَجْرِيَ عَلَى أَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ وَالْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ. أَمْثِلَةٌ: لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ: أَوَّلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ آخَرَ سَنَةً فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ بِوَفَاةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ثَانِيًا: إذَا اسْتَأْجَرَ عَقَارًا ثُمَّ آجَرَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَالْإِجَارَتَانِ مُنْفَسِخَتَانِ (التَّنْقِيحُ) . ثَالِثًا: إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اثْنَيْنِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا فَالْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةٌ عَنْ صِحَّةِ الْمُتَوَفَّى فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 430) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . مُسْتَثْنًى: إذَا تُوُفِّيَ مُؤَجِّرُ السَّفِينَةِ فِي عَرْضِ الْبَحْرِ وَمُؤَجِّرُ الدَّابَّةِ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ لَا تَنْفَسِخُ

الْإِجَارَةُ إلَّا بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى مَكَان أَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَعْذَارَ كَمَا تُؤَثِّرُ فِي نَقْضِ الْإِجَارَةِ تُؤَثِّرُ فِي بَقَائِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 480) وَإِذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَلَمَّا تَنْتَهِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمَّا يُدْرِكْ الزَّرْعُ؛ بَقِيَتْ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (الْبَزَّازِيَّة) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 526) وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا زَرْعٌ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . رَابِعًا: إذَا بَقِيَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا فِي الْمَأْجُورِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُؤَجِّرِ؛ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ عَلَى قَوْلٍ وَلَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَعْدَ مُطَالَبَةِ وَارِثِ الْمُؤَجِّرِ لَهُ بِالْأُجْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 478) وَتَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْمُسْتَأْجِرِ سَاكِنًا بَعْدَ وَفَاةِ الْمُؤَجِّرِ رِضَاءٌ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 433) . 6 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. مَثَلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً فَتَلِفَتْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ؛ فَلَا تَنْفَسِخُ. وَعَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرَ غَيْرَهَا حَتَّى يَصِلَ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 538 و 539 و 540) (الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 7 - تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِالْإِقَالَةِ وَالْإِقَالَةُ فِي الْإِجَارَةِ كَالْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 190) وَالْمَوَادَّ الَّتِي تَتْلُوهَا. فَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا مِنْ أَحَدِ النَّاسِ ثُمَّ آجَرَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ فَكَمَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ (لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَيَصِحُّ التَّقَايُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِالْإِقَالَةِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنَافِعِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمٍ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأُولَى) (الْحَامِدِيَّةُ، ابْنُ نُجَيْمٍ) . وَإِذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ اثْنَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرُ وَاحِدًا وَفَسَخَ أَحَدُ الْمُؤَجِّرَيْنِ الْإِجَارَةَ فَالْفَسْخُ فِي حِصَّتِهِ لَا غَيْرَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ شَرِيكَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ مِفْتَاحَهَا إلَى أَحَدِهِمَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُسْتَلِمِ فَقَطْ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 3) . وَلَوْ تَقَايَلَ الْمُتَوَلِّي وَالْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ نَفَذَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى الْوَقْفِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ حِينَ الْإِقَالَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَقْبُوضَةً؛ فَلَا تَنْفُذُ عَلَيْهِ (الْأَنْقِرْوِيّ، الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ فِي فَسْخِهَا) وَلَيْسَ الْفَسْخُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَالْإِقَالَةِ أَيْ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا أَجَرَ عَقَارًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي الْفَسْخِ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفَسَخَهَا يَنْفُذُ قَبْلَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ نَافِذًا عَلَى الْوَقْفِ وَصَحِيحًا (الْأَنْقِرْوِيّ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ) . تَتَفَرَّعُ عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَارٌ عَلَى أَنْ يُدْفَعَ بَدَلُهَا ذَهَبًا فَدَفَعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَقْدًا فِضِّيًّا بِرِضَاءِ الْمُؤَجِّرِ

فَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْأُجْرَةَ ذَهَبًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 196) إلَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَيَسْتَرِدَّهَا فِضَّةً كَمَا أَعْطَاهَا (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّانِي فِي مَا يَكُونُ فَسْخًا) . ثَانِيًا: إذَا اشْتَرَى الْمُؤَجِّرُ شَيْئًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ الْأُجْرَةِ ثُمَّ تَعَذَّرَ الْقِيَامُ بِالْعَمَلِ وَلَزِمَهُ رَدُّ الْأُجْرَةِ فَيَرُدُّهَا نَقْدًا لَا عَيْنَ مَا اسْتَلَمَ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَالِثًا: لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَقَدْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُؤَجِّرِ: بِعْ الْمَأْجُورَ فَأَجَابَهُ (بِنَعَمْ) إذَا هُوَ لَمْ يَبِعْهُ. (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ مَسَائِلِ الْعُذْرِ) . رَابِعًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ وَبَعْدَ أَنْ زُرِعَتْ وَلَمَّا يُدْرِكْ الزَّرْعُ فِيهَا فَسَخَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ وَيُسَلِّمَ الْأَرْضَ لِلْمُؤَجِّرِ وَلَا صَلَاحِيَةَ لَهُ فِي إبْقَاءِ الزَّرْعِ لِحِينِ إدْرَاكِهِ قِيَاسًا عَلَى الْمَادَّةِ 526 عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أَجْرَ الْمِثْلِ (لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ حَيْثُ أَقْدَمَ عَلَى الْفَسْخِ اخْتِيَارًا) (الْبَزَّازِيَّةُ) . خَامِسًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ حَبْسُ الْمَأْجُورِ إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِسَبَبٍ مَا، أَوْ انْفَسَخَتْ وَلَمْ يَسْتَوْفِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مِقْدَارَ مَا أَدَّى سَلَفًا مِنْ الْأُجْرَةِ لِحِينِ اسْتِيفَائِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، أَوْ فَاسِدَةً. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ فَيُبَاعُ الْمَأْجُورُ حِينَئِذٍ وَيُؤَدَّى مَا لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْبَدَلِ بِتَمَامِهِ وَيُوَزَّعُ مَا بَقِيَ عَلَى الْغُرَمَاءِ. إلَّا أَنَّ الْمَأْجُورَ لَا يُحْبَسُ إذَا كَانَ وَقْفًا. وَكَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ، أَوْ انْتَهَى حُكْمُ الْأُجْرَةِ بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ إحْدَاثُ يَدِهِ عَلَى الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مَا دَفَعَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ سَلَفًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً، أَوْ فَاسِدَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْبَزَّازِيَّة فِي الثَّانِي مِنْ مَسَائِلِ الشُّيُوعِ) . فَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ الَّذِي يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إمْسَاكُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ فَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . سَادِسًا: إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا بِمُقَابِلِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى صَاحِبِهَا؛ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ وَيَكُونَ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ مَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الْبَزَّازِيَّةُ فِي مَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ، الْأَشْبَاهُ) . سَابِعًا: إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَدِينِهِ دَارًا وَتَقَاصَّا بِبَعْضِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كُلُّهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَأْجُورِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ الْبَاقِي وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا ضَمَانَ الْغَاصِبِ. ثَامِنًا: إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِالتَّخْيِيرِ انْفَسَحَتْ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 497 و 570 و 513)

الفصل الثاني في شروط انعقاد الإجارة ونفاذها

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَنَفَاذِهَا] شُرُوطُ الْإِجَارَةِ أَرْبَعَةٌ: شَرْطُ الِانْعِقَادِ، شَرْطُ النَّفَاذِ، شَرْطُ الصِّحَّةِ، شَرْطُ اللُّزُومِ. شُرُوطُ الِانْعِقَادِ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 444) . النَّوْعُ الثَّانِي: يَرْجِعُ إلَى الْعَقْدِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مُوَافِقًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 445) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: يَرْجِعُ إلَى الْمَكَانِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 445) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ صَيْرُورَةِ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ مِلْكًا لِذَلِكَ لَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً إذَا جُعِلَ بَدَلُهَا مَيِّتَةً، أَوْ إنْسَانًا حُرًّا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 451) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: يَرْجِعُ إلَى الْمَأْجُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَعَارَفًا إيجَارُهُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 451) . النَّوْعُ السَّادِسُ: يَرْجِعُ إلَى الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَقْصُودَةً مِنْ الْعَيْنِ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَنَظَرِ الْعُقَلَاءِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 405) وَأَلَّا يَفْرِضَ الْعَمَلَ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ الْإِجَارَةُ نَفْسُ الْأَجِيرِ. شُرُوطُ النَّفَاذِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمِلْكُ، أَوْ الْوِلَايَةُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 446 و 447) . النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ تَعَلُّقٌ لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ فَلِذَلِكَ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَارٌ مُدَّةً مَعْلُومَةً ثُمَّ أُجِرَتْ بِعَيْنِهَا لِآخَرَ فَالْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ نَافِذَةٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 589) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: وُجُودُ شَرْطَيْ الصِّحَّةِ وَالِانْعِقَادِ. شُرُوطُ الصِّحَّةِ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: رِضَاءُ الْعَاقِدَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 448) . النَّوْعُ الثَّانِي: تَعْيِينُ الْمَأْجُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 449) .

(المادة 444) يشترط في انعقاد الإجارة أهلية العاقدين

النَّوْعُ الثَّالِثُ: تَعْيِينُ الْأُجْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 450) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 451) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: أَنْ يُمْكِنَ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 457) . النَّوْعُ السَّادِسُ: وُجُودُ شَرْطِ الِانْعِقَادِ. وَشُرُوطُ اللُّزُومِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وُجُودُ شُرُوطِ الِانْعِقَادِ وَالنَّفَاذِ وَالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي لَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً لَا تَكُونُ لَازِمَةً. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ خَالِيَةً مِنْ أَحَدِ الْخِيَارَاتِ وَلِذَلِكَ فَاَلَّتِي يَكُونُ فِيهَا أَحَدُ الْخِيَارَاتِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 406 و 367) . [ (الْمَادَّةُ 444) يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ] (الْمَادَّةُ 444) : يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ يَعْنِي كَوْنَهُمَا عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ. لِذَلِكَ لَا تَنْعَقِدُ إجَارَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَالْبَيْعِ وَمَادَّةُ 458 فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 361 و 957 و 966) . أَمَّا الْبُلُوغُ؛ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ الْإِجَارَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ آجَرَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَكَانَ مَأْذُونًا فَإِيجَارُهُ نَافِذٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 967) (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ، وَأَوْفَى الْعَمَلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَهْلَكْ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيُعَدُّ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا وَضَامِنًا لِتَشْغِيلِهِ إيَّاهُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ وَلِهَذَا لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) . إيجَارُ الْمَرِيضِ: لَا تُشْتَرَطُ صِحَّةُ الْمُؤَجِّرِ وَلِذَلِكَ لَوْ آجَرَ وَهُوَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لَهُ مِنْ آخَرَ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَالْإِجَارَةُ نَافِذَةٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْمَالِ لَا فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ إعَارَتَهُ وَهُوَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَائِزَةٌ فَكَذَا إجَارَتُهُ جَائِزَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِهَا وَنَفَاذِهَا الْمُؤَجِّرُ طَائِعًا مُتَعَمِّدًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 445) يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاتِّحَادِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 445) يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَاتِّحَادِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْبُيُوعِ. يَنْطَبِقُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْإِجَارَةِ كُلُّ مَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْمَسَائِلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مُوَافَقَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بِمَا يُوجِبُهُ الْمُوجِبُ فِي إيجَابِهِ عَيْنًا وَلَيْسَ لِلَّذِي

(المادة 446) يلزم كون الآجر متصرفا بما يؤجره

يَقْبَلُ أَنْ يُغَيِّرَ الْمَأْجُورَ، أَوْ الْمُدَّةَ، أَوْ يُفَرِّقَ الْمَنْفَعَةَ، أَوْ يُبَعِّضَهَا، أَوْ يُبْدِلَهَا بِشَيْءٍ مَا. وَإِذَا كَانَ الْإِيجَابُ وَاحِدًا وَالْمَأْجُورُ مُتَعَدِّدًا؛ فَلَا يَكُونُ الْقَابِلُ مُخَيَّرًا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَقْبَلَ بِهِ جَمِيعًا بِمَا سُمِّيَ مِنْ الْبَدَلِ. اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ: اتِّحَادُ مَجْلِسِ الْعَقْدِ شَرْطٌ سَوَاءٌ أَكَانَ اتِّحَادًا حَقِيقِيًّا كَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَجِّرُ آجَرْتُكَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقُولُ قَبِلْتُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؛ فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ إذَا قِيلَ الْإِيجَابُ فِي مَجْلِسٍ وَالْقَبُولُ فِي آخَرَ، أَوْ كَانَ حُكْمِيًّا كَأَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ الرِّسَالَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 436) . وَيَكُونُ الْقَابِلُ مُخَيَّرًا فِي الْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ حَتَّى انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَهَذَا يُقَالُ لَهُ (خِيَارُ الْقَبُولِ) وَكَذَلِكَ الْمُوجِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنْ شَاءَ ثَبَتَ عَلَى إيجَابِهِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ الْحُكْمُ فِي الْبُيُوعِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. [ (الْمَادَّةُ 446) يَلْزَمُ كون الْآجِرُ مُتَصَرِّفًا بِمَا يُؤْجَرُهُ] (الْمَادَّةُ 446) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْآجِرُ مُتَصَرِّفًا بِمَا يُؤْجَرُهُ، أَوْ وَكِيلُ الْمُتَصَرِّفِ، أَوْ وَلِيُّهُ، أَوْ وَصِيُّهُ. الْمِلْكُ أَوْ الْوِلَايَةُ وَعَدَمُ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْمَأْجُورِ شَرْطٌ فِي نَفَاذِ الْإِجَارَةِ. إيضَاحُ الْمِلْكِ أَوْ الْوِلَايَةِ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْآجِرُ (1) مُتَصَرِّفًا بِمَا يُؤَجِّرُهُ (2) ، أَوْ وَكِيلًا عَنْ الْمُتَصَرِّفِ (3) ، أَوْ وَصِيًّا، أَوْ وَلِيًّا لَهُ كَالْأَبِ وَالْقَاضِي (4) أَوْ مُتَوَلِّيًا عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ (5) ، أَوْ مُسْتَأْجِرًا مِنْ الْمُتَصَرِّفِ. لِذَلِكَ كَانَ إيجَارُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 96 و 365) وَالْمَادَّةُ الْآتِيَةُ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. 1 - الْمِلْكُ: الْمِلْكُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ. النَّوْعُ الثَّانِي: مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ فَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْمُتَصَرِّفِ الْمَأْجُورَ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ اسْتِعْمَالُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ مِنْ آخِرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، كَانَ إيجَارُهُ نَافِذًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 586، 587، 588) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ إيجَارُ الْمُتَصَرِّفِ بِمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ أَوْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. 2 - الْوِلَايَةُ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْوَكَالَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1459) . النَّوْعُ الثَّانِي: وِلَايَةُ الْأَبِ: فَلِأَبِ الصَّغِيرِ إيجَارُ مَالِ الصَّغِيرِ لِآخَرَ وَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ أَثْنَاءَ الْإِجَارَةِ سِنَّ الرُّشْدِ؛ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 406) وَكَمَا لِلْأَبِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، أَوْ مَالَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِنَفْسِهِ مَالَ الصَّغِيرِ وَنَفْسَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 447) إجارة الفضولي

كَذَلِكَ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَجِّرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ مِنْ آخَرَ لِلْأَعْمَالِ الَّتِي لَهُ مَقْدِرَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا إلَّا أَنَّ لِلصَّغِيرِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ إذَا بَلَغَ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ صَغِيرٌ قَدْ يُعَدُّ مُخِلًّا بِشَرَفِهِ إذَا تَعَاطَاهُ وَهُوَ كَبِيرٌ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: وِلَايَةُ الْوَصِيِّ وَوَصِيُّ الْأَبِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَبِ. النَّوْعُ الرَّابِعُ: وِلَايَةُ الْجَدِّ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ، أَوْ وَصِيُّ أَبٍ فَجَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحْكَامِ كَالْأَبِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَبَ وَوَصِيَّ الْأَبِ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 974) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: وِلَايَةُ مَنْ يَقُومُ عَلَى تَرْبِيَةِ الصَّغِيرِ وَحِجْرِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ لِأَبِيهِ، أَوْ جَدٌّ لِأَبِيهِ فَلِمُرَبِّيهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ دُونَ أَمْوَالِهِ. النَّوْعُ السَّادِسُ: وِلَايَةُ الْقَاضِي: إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ عَنْهُ، أَوْ جَدٌّ لِأَبِيهِ، أَوْ وَصِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ خَاصٌّ فَلِلْقَاضِي، أَوْ أَمِينِهِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَهُ مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا بَيْعَ مَالِ الصَّغِيرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا حَقُّ إيجَارِهِ. النَّوْعُ السَّابِعُ: وِلَايَةُ الْمُتَوَلِّي: فَإِيجَارُ الْمُتَوَلِّي لِلْوَقْفِ صَحِيحٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُتَوَلِّيًا، أَوْ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَآجَرَ مَالَ الْوَقْفِ فَإِيجَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَالَ الْوَقْفِ وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِعِمَارَتِهِ فَعَمَّرَهُ فَالْمُسْتَأْجِرُ مُتَبَرِّعٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِوَقْفٍ مُتَوَلِّيَانِ وَآجَرَهُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ عِلْمِ الْآخَرِ؛ فَالْإِيجَارُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُتَوَلِّي الثَّانِي. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْوَصِيِّ (النَّتِيجَةُ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ) . إيضَاحٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ: إذَا تَعَلَّقَ فِي الْإِجَارَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَانَ نَفَاذُهَا مُتَوَقِّفًا عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَعَلَى هَذَا؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ 589 نَافِدَةً كَمَا يَتَوَقَّفُ إيجَارُ الرَّاهِنِ لِلْمَرْهُونِ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ. [ (الْمَادَّةُ 447) إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ] (الْمَادَّةُ 447) تَنْعَقِدُ إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْمُتَصَرِّفِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تَنْعَقِدُ إجَارَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، أَوْ وَصِيِّهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ قِيَامُ وَبَقَاءُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءِ: الْعَاقِدَيْنِ، وَالْمَالِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ وَإِذَا عُدِمَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ مَعَ الْمَادَّةِ 368 وَالْإِجَارَةُ تُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 377) . الْإِجَازَةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: 1 - تَكُونُ حَقِيقِيَّةً: كَأَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ وَالْمُتَصَرِّفُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَتَكُونُ الْإِجَازَةُ نَافِذَةً وَالْأُجْرَةُ لِلْمَالِكِ.

تَكُونُ حُكْمِيَّةً كَأَنْ يُغْصَبَ إنْسَانٌ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ آخَرَ يَظْهَرُ أَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ فَالْإِجَازَةُ نَافِذَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْإِجَازَةُ تَكُونُ قَوْلًا كَأَجَزْتُ وَأَعْطَيْتُ الْإِجَازَةَ وَتَكُونُ فِعْلًا كَطَلَبِ بَدَلِ الْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. وَيُسْتَفَادُ قَوْلُهُ (وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) مِنْ الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ 441 وَإِذَا شَاءَ فَسَخَ وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةً. فَلَوْ سَمِعَ إنْسَانٌ بِإِيجَارِ دَارِهِ فَقَالَ: أَنَا لَا أُجِيزُ يَكُونُ قَدْ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَا يَجُوزُ الْفَسْخُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْفَسْخِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1 5) (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَمَا سَبَقَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 378 و 379 فِي صِحَّةِ الْإِجَازَةِ قِيَامُ وَبَقَاءُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: (1) الْآجِرِ الْفُضُولِيِّ. (2) الْمُسْتَأْجِرِ. (3) الْمَالِكِ، أَوْ وَصِيِّهِ، أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ الْمُتَوَلِّي. (4) الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَيْ الْمَنْفَعَةِ. وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ فَإِذَا انْعَدَمَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . فَقِيَامُ الْعَاقِدَيْنِ وَالْمَالِكُ: هُوَ أَنْ يَكُونُوا عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَقِيَامُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا. مِثَالٌ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ الْفُضُولِيُّ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ بَطَلَتْ وَالْإِجَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَقِيَامُ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا يَكُونُ بِعَدَمِ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَشُرِطَ قِيَامُ الْمَنْفَعَةِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْإِجَارَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ فَكَمَا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ قِيَامُ الْمَبِيعِ اُشْتُرِطَ فِي الْإِجَارَةِ قِيَامُ الْمَنْفَعَةِ وَلِانْعِدَامِ الْمَنْفَعَةِ وَجْهَانِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: مُرُورُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كُلِّهَا: كَمَا لَوْ أَجَازَ صَاحِبُ الشَّيْءِ الْمُغْتَصَبِ إيجَارَ الْغَاصِبِ لَهُ شَهْرَيْنِ مِنْ غُرَّةِ مُحَرَّمٍ إلَى نِهَايَةِ صَفَرٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: مُرُورُ بَعْضِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ: كَمَا لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْإِجَارَةَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ انْتِهَاءِ شَهْرِ مُحَرَّمٍ؛ فَلَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ صَحِيحَةً وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَعَلَى رَأْيِ أَبِي يُوسُفَ تَعُودُ أُجْرَةُ مَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَمَا بَعْدَهَا لِلْمَالِكِ وَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أُجْرَةُ مَا بَعْدَهَا فَقَطْ. اخْتِلَافٌ: إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ قَدْ أَجَازَ إيجَارَ الْغَاصِبِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ فَلَا يُصَدَّقُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ بِإِيجَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ غَصْبَ الْمُؤَجِّرِ لِلْمَأْجُورِ؛ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ فِي الظَّاهِرِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ وَالْبَيِّنَةُ هُنَا لِإِبْطَالِ ذَلِكَ وَالْبَيِّنَةُ إنَّمَا وُضِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ. وَلَكِنْ إذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ فَلِلْمَالِكِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عَيَانًا. وَمَتَى ثَبَتَ الْإِقْرَارُ كَانَ حُكْمُ الْقَرَارِ تَابِعًا لَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ، الْخَانِيَّةُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجَلَّةِ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِتَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ

انْعِدَامِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَعَدُّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعْدُومًا فِي الْمُدَّةِ الْمُنْقَضِيَةِ. كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا الْمَيْلُ إلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَقَاضِي خَانْ كَذَلِكَ يَمِيلُ إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ. يُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ مِنْ ضَابِطِ (كَوْنِ الْأُجْرَةِ لِلْعَاقِدِ إذَا وَقَعَتْ الْإِجَازَةُ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ) . 1 - لَوْ آجَرَ زَيْدٌ دُكَّانًا لِوَقْفٍ اُشْتُرِطَتْ التَّوْلِيَةُ فِيهِ لِلْأَبْنَاءِ فَلِمُتَوَلِّي عَمْرٍو أَنْ يَأْخُذَ مِنْ زَيْدٍ الْأُجْرَةَ الَّتِي أَخَذَهَا فُضُولًا عَلَى رَأْيِ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ فَقَطْ وَأَخْذُهَا لِنَفْسِهِ غَيْرُ حَلَالٍ دِيَانَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ (الْبَهْجَةُ) . 2 - تَأْجِيرُ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ الْمِلْكَ مِنْ آخَرَ كَأَنْ يُؤَجِّرَهُ حَوَانِيتَ الشَّرِكَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شُرَكَائِهِ وَيَسْتَلِمَ الْأُجْرَةَ وَيَسْتَهْلِكَهَا فَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يُضَمِّنُوهُ مَا يَخُصُّهُمْ مِنْ الْأُجْرَةِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 77 1) .

الفصل الثالث في شروط صحة الإجارة

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شُرُوطِ صِحَّة الْإِجَارَة] ِ (الْمَادَّةُ 448) : يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ رِضَا الْعَاقِدَيْنِ رِضَا الْعَاقِدَيْنِ فِي صِحَّةِ الْعُقُودِ شَرْطٌ. وَإِلَيْك بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِيمَا يَلِي: الْبَيْعُ: لَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ الْوَاقِعَانِ جَبْرًا وَإِكْرَاهًا. الْإِجَارَةُ: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ لُزُومِهَا وَنَفَاذِهَا رِضَا الْعَاقِدَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1006) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ الْإِنْسَانُ إذَا أَجَرَ مِلْكَهُ بِإِكْرَاهِ مُلْجِئٍ أَوْ غَيْرِ مُلْجِئٍ مِنْ آخَرَ أَوْ اسْتَأْجَرَ مِلْكَ آخَرَ كَذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْإِكْرَاهِ بَيْنَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ إجَازَتِهَا، إذْ إنَّ الْإِكْرَاهَ مُلْجِئًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُلْجِئٍ مُفْسِدٌ لِلرِّضَاءِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (الطُّورِيُّ فِي الْإِكْرَاهِ) . الْكَفَالَةُ: لَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ مُعْتَبَرَةً إذَا وَقَعَتْ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (628) . الْحَوَالَةُ: الْحَوَالَةُ وَقَبُولُهَا لَا يَكُونَانِ مُعْتَبَرَيْنِ إذَا وَقَعَا بِإِكْرَاهٍ. الرَّهْنُ: وَالرَّهْنُ الَّذِي يَقَعُ بِإِكْرَاهٍ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ مُعْتَبَرًا. الْأَمَانَةُ: قَبُولُ الْوَدِيعَةِ بِإِكْرَاهٍ لَا يُعَدُّ أَيْضًا مُعْتَبَرًا. فَعَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْوَدِيعَةِ بَعْدَ تَلَفِهَا بِيَدِ الْمُودِعِ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُكْرِهَ (بِكَسْرِ الرَّاءِ) . الْهِبَةُ: رِضَاءُ الْوَاهِبِ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 86) . الشُّفْعَةُ: لَا يُعْتَبَرُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ الْوَاقِعُ بِالْإِكْرَاهِ. الْوَكَالَةُ: إذَا وَكَّلَ إنْسَانٌ آخَرَ مُكْرَهًا بِبَيْعِ أَمْوَالِهِ لَا تَكُونُ وَكَالَتُهُ مُعْتَبَرَةً. الْإِقْرَارُ: وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِإِكْرَاهٍ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.

(المادة 449) تعيين المأجور

الصُّلْحُ: وَمِثْلُهُ الصُّلْحُ إذَا كَانَ بِإِكْرَاهٍ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ تَجِدُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1006) . [ (الْمَادَّةُ 449) تَعْيِينُ الْمَأْجُورِ] (الْمَادَّةُ 449) يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمَأْجُورِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُ أَحَدِ الْحَانُوتَيْنِ مِنْ دُونِ تَعْيِينٍ أَوْ تَمْيِيزٍ. يَلْزَمُ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (أَيْ عَدَمِ فَسَادِهَا) تَعْيِينُ الْمَأْجُورِ رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (200 وَ 213) مَتْنًا وَشَرْحًا لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْمَأْجُورِ يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ بِالْمَنْفَعَةِ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ فَإِنْ تَعَيَّنَ الْمَأْجُورُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحَصَلَ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (24) (الْهِنْدِيَّةُ) فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُ حَانُوتٍ مِنْ حَانُوتَيْنِ فَأَكْثَرَ بِدُونِ تَعْيِينٍ. فَلَوْ أَجَرَ شَخْصٌ حِصَّتَهُ فِي عَقَارٍ يَجْهَلُ مِقْدَارَهَا مِنْ شَرِيكِهِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَلَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْخَيْرِيَّةُ) كَذَا إذَا وُجِدَ فِي مَكَانٍ حَمَّامَانِ أَحَدُهُمَا لِلرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِلنِّسَاءِ وَبَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ الْحُدُودَ بِوَجْهٍ يَشْمَلُ الْحَمَّامَيْنِ وَقَالَ (أَجَّرْتُك الْحَمَّامَ الَّذِي فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ) فَإِذَا كَانَ لِلْحَمَّامَيْنِ بَابٌ وَاحِدٌ وَمَدْخَلٌ وَاحِدٌ. فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَتَكُونُ لِلْحَمَّامَيْنِ مَعًا. وَإِذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَابٌ عَلَى حِدَتِهِ وَمَدْخَلٌ خَاصٌّ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِقَرْيَةٍ تُسَمَّى كوجك شكمجة وَالْأُخْرَى لِقَرْيَةٍ تُسَمَّى (بيوك شكمجة) تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّعَيُّنُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْمَادَّةُ (541) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. مِثَالٌ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْأَجِيرِ: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَحَدَ هَذَيْنِ الْأَجِيرَيْنِ فَلَا يَكُونُ الْإِيجَارُ صَحِيحًا وَكَذَا فِي الْجِعَالَةِ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مَجْهُولًا فَلَوْ فَقَدَ شَخْصٌ مَالًا لَهُ وَأَعْلَنَ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِمَنْ يَجِدُهُ كَذَا قِرْشًا فَوَجَدَهُ شَخْصٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَالْإِجَارَةُ الَّتِي لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْأَجِيرُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَدَلَّهُ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ بِدُونِ عَمَلٍ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ وَالْإِشَارَةَ لَيْسَتَا مَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِمَا أَجْرٌ. أَمَّا إذَا ذَهَبَ مَعَهُ لِيَدُلَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الذَّهَابَ عَمَلٌ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابِلِهِ. وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تُعَيَّنْ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْحَمَوِيُّ) مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ: الْجِعَالَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ جَائِزَةٌ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهَا

(المادة 450) كون الأجرة معلومة

وَالْجِعَالَةُ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْتِزَامِ التَّصَرُّفِ الْمُطْلَقِ فِي عَمَلٍ (مَعْلُومًا كَانَ أَوْ مَجْهُولًا) لِشَخْصٍ (مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) وَالتَّفْصِيلَاتُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 450) كون الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً] (الْمَادَّةُ 450) : يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً. يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ عَدَمِ فَسَادِهَا أَوَّلًا أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً تَمَامًا قَدْرًا وَنَوْعًا. أَيْ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهَا مَجْهُولًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِأَنَّ جَهْلَ الْأُجْرَةِ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْطِهِ أَجْرَهُ» (الْهِنْدِيَّةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ 238 وَشَرْحَ الْمَادَّةِ 463 ثَانِيًا أَلَّا تَكُونَ الْأُجْرَةُ مِنْ نَوْعِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا. إيضَاحُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ. الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ: يَكُونُ بِبَيَانِ الْعَدَدِ كَقَوْلِك بِعْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا ذَهَبًا. الْعِلْمُ بِالنَّوْعِ: وَذَلِكَ يَكُونُ بِبَيَانِ نَوْعِ الدِّينَارِ الْمُرَادِ فِي الْعَقْدِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي بَلَدٍ كَانَ فِيهِ الدِّينَارُ مُتَعَدِّدَ الْأَنْوَاعِ وَلَا يَكْفِي بِأَنْ يُقَالَ فِي الْعَقْدِ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت بِكَذَا دِينَارًا بِدُونِ تَعْيِينِ نَوْعِ الدِّينَارِ (الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أُجْرَةَ أَمْثَالِهَا مِنْ الدَّوَابِّ وَكَانَتْ أُجْرَةُ أَمْثَالِهَا مَعْلُومَةً صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ أَمْثَالِهَا مُخْتَلِفَةً تَكُونُ فَاسِدَةً وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ: نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَكَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ بِالْأُجْرَةِ قَدْ جَاءَتْ فِي الْمَادَّتَيْنِ (464، 465) وَهُنَاكَ سَنُورِدُ الْإِيضَاحَ اللَّازِمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا مَجْهُولَةً تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ الْقِيمَاتِ أَوْ مَنْفَعَةً أُخْرَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمِنْ ذَلِكَ تَتَفَرَّعُ الْمَوَادُّ (563 و 564، 565 و 566) جَهَالَةُ الْكُلِّ: وَذَلِكَ أَوَّلًا: كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَارًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بِفَرَسٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَأُقِيمَتْ فِي ذَلِكَ الدَّعْوَى بَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِي الدَّارِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يُلْزَمُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا يَبْلُغُ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (462) وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الشَّهْرَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ. ثَانِيًا: إذَا أَقْرَضَ شَخْصٌ آخَرَ مَبْلَغًا مِنْ الْقُرُوشِ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهُ دَابَّتَهُ أَوْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ سَكَنَ الدَّارَ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَيْسَ بِبَدَلِ إجَارَةٍ وَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْإِيجَارُ بِدُونِ أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (الْخَيْرِيَّةُ) . ثَالِثًا: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دُكَّانًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ مُرْبِحِهِ فِيهَا إلَى الْآخَرِ يَكُونُ الْإِيجَارُ فَاسِدًا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَإِنَّمَا لِلْآجِرِ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ)

(المادة 451) يشترط في الإجارة كون المنفعة مملوءة بوجه يكون مانعا للمنازعة

رَابِعًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَ شَيْءٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهُ بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ أَوْ بِقَدْرِ مَا يَقُولُ فُلَانٌ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. خَامِسًا: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَانُوتًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ كَأُجْرَةِ الْحَوَانِيتِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا أَصْحَابُهَا وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً وَلَا مُعَيَّنَةً بَلْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَمُتَفَاوِتَةً فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَلَمْ تَكُنْ مُخْتَلِفَةً فَتَجُوزُ وَيُلْزَمُ بِإِعْطَاءِ مِثْلِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) جَهَالَةُ الْبَعْضِ: أَوَّلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ آخَرَ لِلصَّيْدِ بِكَذَا قِرْشًا فِي الْيَوْمِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَالصَّيْدُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ مِثْلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ عَقَارًا بِخَمْسَةِ جُنَيْهَاتٍ شَهْرِيًّا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ نَفَقَاتِ الْعِمَارَةِ أَيْضًا تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِجَهَالَةِ نَفَقَاتِ الْعِمَارَةِ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْمُرْضِعِ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِإِطْعَامِهَا وَكُسْوَتِهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (566) لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَاعِثًا عَلَى النِّزَاعِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُوَسَّعَ عَلَى الْمُرْضِعِ لِشَفَقَتِهَا عَلَى الرَّضِيعِ. أَيْضًا الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُ الْأُجْرَةِ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا شَرْطٌ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (32) كَمَا سَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (453) . [ (الْمَادَّةُ 451) يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ كون الْمَنْفَعَةُ مَمْلُوءَةً بِوَجْهٍ يَكُونُ مَانِعًا لِلْمُنَازَعَةِ] (الْمَادَّةُ 451) : يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَمْلُوءَةً بِوَجْهٍ يَكُونُ مَانِعًا لِلْمُنَازَعَةِ. أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ أَيْ فِي صِحَّتِهَا، أَوَّلًا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً بِوَجْهٍ يَكُونُ مَانِعًا لِلْمُنَازَعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (200 وَ 405) فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَجْهُولَةً بِحَيْثُ تُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ تَكُونُ فَاسِدَةً (الْهِنْدِيَّةُ) وَيَخْتَلِفُ الْعِلْمُ بِالْمَنْفَعَةِ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ: 1 - فِي إيجَارِ الدَّارِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْمُرْضِعِ بِبَيَانِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ بَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ شَرْطًا فِي ذَلِكَ. 2 - أَمَّا فِي الْحَيَوَانِ فَبَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ شَرْطٌ أَيْ يَجِبُ فِيهِ بَيَانُ مَا إذَا كَانَ لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلْحَمْلِ وَإِذَا كَانَ لِلرُّكُوبِ يَجِبُ تَعْيِينُ الرَّاكِبِ أَوْ إطْلَاقُهُ وَإِذَا كَانَ لِلْحَمْلِ يَجِبُ بَيَانُ نَوْعِ الْحَمْلِ. 3 - يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي إذَا كَانَتْ لِلزِّرَاعَةِ بَيَانُ مُدَّةِ الْإِيجَارِ وَمَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَيَجِبُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَضِينَ لِلزِّرَاعَةِ تَعْيِينُ النَّوْعِ الَّذِي يُرَادُ زَرْعُهُ فِيهَا أَوْ تَعْمِيمُهُ. 4 - وَفِي اسْتِئْجَارِ الطَّرِيقِ يَجِبُ بَيَانُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَحْدِيدُ الطَّرِيقِ. 5 - وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً أَحْيَانًا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَأَحْيَانًا بِتَسْمِيَةِ الْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ مَاسِحِ الْأَحْذِيَةِ، وَالرَّاعِي، وَالْبَنَّاءِ، وَحَافِرِ الْآبَارِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (455)

(المادة 452) بيان مدة الإجارة

وَتَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ لِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ بِالْإِشَارَةِ إلَى الْأَمْتِعَةِ مَعَ بَيَانِ الْمَكَانِ الْمُرَادِ نَقْلُ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ. وَهَذِهِ الْخُلَاصَةُ سَتُوَضَّحُ وَيَصِيرُ تَفْصِيلُهَا فِي الْآتِي: وَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي شُرِطَ الْعِلْمُ بِهَا تُعْلَمُ مِنْ تَعْرِيفِهَا الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (405) . وَكَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ بِالْمَنْفَعَةِ قَدْ صَارَ بَيَانُهَا فِي الْمَوَادِّ (452 و 453 و 454 و 455 و 456) . وَالْمَادَّةُ (24) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ حَتَّى إنَّ الْمَنْفَعَةَ إذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً بِحَيْثُ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا: الْحُصُولُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ الْمُعْتَادَةِ وَالْمَقْصُودَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَعَلَيْهِ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ شَجَرَةٌ لِنَشْرِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا وَتَجْفِيفِهَا فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً. أَمَّا اسْتِئْجَارُ سَطْحٍ لِنَشْرِ الثِّيَابِ وَتَجْفِيفِهَا فَجَائِزٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 452) بَيَانِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 452) الْمَنْفَعَةُ تَكُونُ مَعْلُومَةً بِبَيَانِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي أَمْثَالِ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَالظِّئْرِ. يَعْنِي تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي أَمْثَالِ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالظِّئْرِ وَغُرَفِ الْخَانِ وَالنُّزُلِ بِبَيَانِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ بِالْعِلْمِ بِهَا وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَبْقَيَا إلَى نِهَايَتِهَا فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ قَصِيرَةً. وَإِنْ تَأَخَّرَتْ مُدَّةُ الْإِيجَارِ عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ أَوْ لَمْ تَتَأَخَّرْ كَالْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا عُلِمَتْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ تَعْيِينُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَبَيَانُهُ شَرْطًا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ مَا يُؤْجَرُ يُعْلَمُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ) (484 و 552) . غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَدْ قَالُوا بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تَقَعُ لِمُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَبْقَى فِيهَا الْعَاقِدَانِ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الْمُؤَبَّدَةِ. (وَالتَّأْبِيدُ) فِي الْإِجَارَةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ كَالْخَصَّافِ اخْتَارَ جَوَازَهَا لِأَنَّ حَقَّ الِاخْتِيَارِ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْعَاقِدَيْنِ. وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ يُفِيدُ جَوَازَهَا فَقَدْ شَرَحْنَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ. الزَّيْلَعِيُّ) . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: (1) إنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ عَنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. (2) صِحَّةُ الْإِجَارَةِ لِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالزِّيَادَةُ مِنْهَا لَيْسَتْ صَحِيحَةً. (3) صِحَّةُ الْإِجَارَةِ مُؤَبَّدَةٌ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنَافِعِ كَبَيْعِ الْأَعْيَانِ. فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ اسْتَأْجَرْت مِنْك الْحَانُوتَ الْفُلَانِيَّ لِأَسْكُنَ فِيهَا شَهْرًا بِكَذَا قِرْشًا تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً وَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ الْمُدَّةُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَإِذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا حَقِيقَةً فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ.

(المادة 453) يلزم عند استئجار الدابة تعيين المنفعة

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ ظِئْرًا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ ابْنَهُ إلَى أَنْ يَمْشِيَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَكُونُ أَرْضَعَتْ فِيهَا الصَّبِيَّ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ رَجُلٌ لِدَائِنِهِ ابْقَ سَاكِنًا فِي دَارِي إلَى أَنْ أُؤَدِّيَك دَيْنَك فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَإِذَا سَكَنَ الدَّائِنُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ: (الْخَيْرِيَّةُ، وَالْكَفَوِيُّ) . إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ فِي اسْتِئْجَارِ السِّمْسَارِ وَالدَّلَّالِ وَالِاغْتِسَالُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ الْعَمَلِ وَالْوَقْتِ لَهَا: أَيْ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ فِيهَا الْمُدَّةُ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَكُلُّ شَيْءٍ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَالْقِيَاسُ فِيهِ الْجَوَازُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَاجُورِيّ) . إنَّ اسْتِئْجَارَ رَاعٍ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ صَحِيحٌ. وَفِي اسْتِئْجَارِ أَجِيرٍ خَاصٍّ كَالرَّاعِي لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الْحَيَوَانَاتِ وَتَعْيِينُ مَكَانِ رَعْيِهَا: (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 453) يَلْزَمُ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ] (الْمَادَّةُ 453) : يَلْزَمُ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ تَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ إنْ كَانَتْ لِلرُّكُوبِ أَوْ لِلْحَمْلِ أَوْ لِإِرْكَابِ مَنْ شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ مَعَ بَيَانِ الْمَسَافَةِ أَوْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْعِلْمُ بِالْمَنْفَعَةِ فِي اسْتِئْجَارِ الْحَيَوَانَاتِ: أَوَّلًا: ا - بَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ. ب - بَيَانُ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ الرُّكُوبَ يَجِبُ تَعْيِينُ مَنْ يَرْكَبُ أَوْ إطْلَاقُهُ. ثَالِثًا: وَإِذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ لِلْحَمْلِ يَجِبُ تَعْيِينُ الْحِمْلِ أَوْ إطْلَاقُهُ. أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ بَيَانُ أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلرُّكُوبِ (لِلْعِلْمِ وَبِالْمَنْفَعَةِ) فَإِذَا كَانَتْ لِلْحَمْلِ فَمَا الَّذِي يُرَادُ تَحْمِيلُهُ أَوْ لِلرُّكُوبِ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْكَبُهَا. أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ عِنْدَ الِاسْتِئْجَارِ ذِكْرُ هَذِهِ الْجِهَاتِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَتَعْيِينُ الْمَنْفَعَةِ بِكَوْنِهَا لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ أَوْ إرْكَابُ مَنْ شَاءَ أَوْ تَحْمِيلُ مَا أَرَادَ عَلَى التَّعْمِيمِ مَعَ بَيَانِ الْمَسَافَةِ أَوْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِبَيَانِ ذَلِكَ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، شَلَبِيّ) مِثَالٌ لِتَعْيِينِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ وَالْمُدَّةِ: قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ شَهْرًا لِحَمْلِ حِنْطَةٍ. مِثَالٌ لِتَعْيِينِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ مَعَ بَيَانِ الْمَسَافَةِ: كَقَوْلِك قَدْ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ لِنَقْلِ هَذِهِ الْأَمْتِعَةِ إلَى قَرْيَةِ (بيوك شكمجة) أَوْ هَذَا الْفَرَسَ لِأَرْكَبَهُ إلَيْهَا بِكَذَا قِرْشًا. أَمَّا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّابَّةُ لِلْحَمْلِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَا يُحْمَلُ أَوْ إطْلَاقُهُ أَوْ لِلرُّكُوبِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الرَّاكِبِ أَوْ إطْلَاقُهُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (456 و 553) . وَإِذَا رَاجَعَ الطَّرَفَانِ الْقَاضِيَ قَبْلَ تَحْمِيلِ الدَّابَّةِ أَوْ رُكُوبِهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ يَحْكُمُ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِفَسَادِهَا. أَمَّا إذَا حَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ يُلْزَمُ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا. أَمَّا إذَا عُيِّنَ الرَّاكِبُ أَوْ الْحَمْلُ قَبْلَ فَسْخِ

(المادة 454) يلزم في استئجار الأراضي بيان كونها لأي شيء مع تعيين المدة

الْإِجَارَةِ وَرَضِيَ الْآجِرُ بِذَلِكَ فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَهَذَا الْمِثَالُ لَيْسَ مُنَافِيًا لِلْمَادَّةِ (555) كَمَا يَتَبَادَرُ لِلْأَذْهَانِ. وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ أَوْ الْمَسَافَةَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (460) . كَاسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ لِتَشْيِيعِ مُسَافِرٍ أَوْ اسْتِقْبَالِ حَاجٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرَرُ) . [ (الْمَادَّةُ 454) يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي بَيَانُ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ] (الْمَادَّةُ 454) : يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي بَيَانُ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتْ مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ. فَإِنْ كَانَتْ لِلزَّرْعِ يَلْزَمُ بَيَانُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا أَوْ يُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ. تُعْلَمُ الْمَنْفَعَةُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي بِأُمُورٍ أَوَّلًا: (أ) بِبَيَانِ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ. (ب) بِبَيَانِ الْمُدَّةِ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ اسْتِئْجَارُ الْأَرَاضِي لِلزِّرَاعَةِ يَجِبُ بَيَانُ مَا سَيُزْرَعُ فِيهَا أَوْ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَتَعْمِيمُ صَاحِبِ الْأَرْضِ يَكُونُ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَيَجُوزُ. يَعْنِي يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي لِلْعِلْمِ بِالْمَنْفَعَةِ بَيَانُ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ أَيْ لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتْ إنْ كَانَتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ لِإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ لِنَصْبِ الشِّبَاكِ لِلصَّيْدِ مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ تَخْيِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ حَتَّى لَا يَقَعَ نِزَاعٌ. وَفِي حَالِ التَّعْمِيمِ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ النَّوْعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِيمَا لَوْ فُقِدَ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (524) لِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْتَأْجَرُ تَارَةً لِلزِّرَاعَةِ وَأُخْرَى لِإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ أَنْوَاعِ الْحُبُوبِ يَخْتَلِفُ عَنْ الْبَعْضِ بِمَا يُمْتَصُّ مِنْ قُوَى الْأَرْضِ الْغِذَائِيَّةِ فَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ فِي الْإِجَارَةِ فَلَا يَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرَرُ) مَا يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ بِلَا ذِكْرٍ: كَمَا يَدْخُلُ فِي إجَارَةِ الْأَرْضِ طَرِيقُهَا وَشُرْبُهَا وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ دُخُولَهَا فِي الْعَقْدِ تَدْخُلُ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ طَرِيقُهَا. وَلَا حَاجَةَ لِلْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (235) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ الِانْتِفَاعُ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ لَا يُنْتَفَعُ مِنْ الْمَأْجُورِ. وَلَيْسَتْ كَالْبَيْعِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ وَلَيْسَ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ حَتَّى جَازَ بَيْعُ الْجَحْشِ وَالْأَرْضِ السَّبِخَةِ دُونَ إجَارَتِهِمَا (الْمِنَحُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) اسْتِئْجَارُ الطَّرِيقِ: يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الطَّرِيقِ لِلْمُرُورِ تَعْيِينُ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ وَتَحْدِيدِ الطَّرِيقِ وَإِلَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (أَشْبَاهٌ) . [ (الْمَادَّةُ 455) كون الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي اسْتِئْجَارِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ] (الْمَادَّةُ 455) تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي اسْتِئْجَارِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ بِبَيَانِ الْعَمَلِ. يَعْنِي بِتَعْيِينِ مَا يَعْمَلُ الْأَجِيرُ أَوْ تَعْيِينِ كَيْفِيَّةِ عَمَلِهِ فَإِذَا أُرِيدَ صَبْغُ الثِّيَابِ يَلْزَمُ إرَادَتُهَا لِلصَّبَّاغِ أَوْ بَيَانُ لَوْنِهَا أَوْ إعْلَامُ رِقَّتِهَا مَثَلًا.

(المادة 456) تكون المنفعة معلومة في نقل الأشياء بالإشارة وبتعيين المحل الذي ينقل إليه

يَلْزَمُ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بَيَانُ الْعَمَلِ وَالْمَنْفَعَةِ بِحَيْثُ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ بِهِمَا كُلَّ الِارْتِفَاعِ وَتُعْلَمُ الْمَنْفَعَةُ تَارَةً بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَأُخْرَى بِتَسْمِيَةِ الْعَمَلِ فَعَلَيْهِ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي اسْتِئْجَارِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ كَالْخَيَّاطِ وَالنَّجَّارِ وَالطَّبَّاخِ وَالصَّبَّاغِ مَعْلُومَةً بِبَيَانِ الْعَمَلِ. يَعْنِي بِتَعْيِينِ مَا يَعْمَلُ الْأَجِيرُ أَوْ تَعْيِينِ كَيْفِيَّةِ عَمَلِهِ. يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ تَارَةً تُعْلَمُ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ وَتَارَةً بِمُجَرَّدِ التَّسْمِيَةِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (شَلَبِيّ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (224) . اسْتِئْجَارُ الصَّبَّاغِ: إذَا أُرِيدَ صَبْغُ أَثْوَابٍ مَثَلًا يَجِبُ إرَاءَتُهَا لِلصَّبَّاغِ أَوْ بَيَانُ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَقَدْرِهَا وَصِفَتِهَا لَهُ أَيْ غِلَظِهَا وَرِقَّتِهَا وَلَوْنِ الصَّبْغِ الْمُرَادِ مَعَ إذَا كَانَ الصَّبَّاغُ يَخْتَلِفُ رِقَّةً وَغِلْظَةً يَجِبُ بَيَانُ مِقْدَارِهِ أَيْضًا فَإِذَا لَمْ يُعْمَلْ كَذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَثْوَابِ تَخْتَلِفُ بِنِسْبَةِ غِلَظِهَا وَرِقَّتِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِئْجَارُ الْخَيَّاطِ: وَإِذَا أُرِيدَ خِيَاطَةُ أَثْوَابٍ يَلْزَمُ أَنْ يُرِيَ الْأَثْوَابَ وَنَوْعَ الْخِيَاطَةِ الْمَطْلُوبَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . اسْتِئْجَارُ الرَّاعِي: يَلْزَمُ فِي اسْتِئْجَارِ الرَّاعِي إذَا كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا، بَيَانُ جِنْسِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُرَادِ رَعْيُهَا وَعَدَدِهَا إنْ كَانَتْ أَفْرَاسًا أَوْ جِمَالًا أَوْ غَنَمًا. اسْتِئْجَارُ الْبَنَّاءِ: وَفِي اسْتِئْجَارِ الْبَنَّاءِ حَائِطٌ بِلَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ، أَوْ حَجَرٍ إذَا بَيَّنَ طُولَ الْحَائِطُ وَعَرْضَهُ يَكُونُ جَائِزًا (الْهِنْدِيَّةُ) وَذَلِكَ مُقَاوَلَةٌ عَلَى بِنَاءِ الْحَائِطِ لَا مُيَاوَمَةٌ. اسْتِئْجَارُ حَافِرِي الْآبَارِ: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ اسْتِحْسَانًا فِي اسْتِئْجَارِ أَجِيرٍ لِحَفْرِ بِئْرٍ بِدُونِ بَيَانِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ وَيَكُونُ الْأَجِيرُ مُجْبَرًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ وَسَطًا حَسَبَ الْمُعْتَادِ (الْهِنْدِيَّةُ) . اسْتِئْجَارُ النَّجَّارِ: وَإِذَا أُرِيدَ اسْتِئْجَارُ نَجَّارٍ لِصُنْعِ خِزَانَةٍ خَشَبٍ تَلْزَمُ إرَاءَةُ الْخَشَبِ لِلنَّجَّارِ أَوْ بَيَانُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ مَعَ بَيَانِ أَوْصَافِ الْخِزَانَةِ وَشَكْلِهَا وَتَعْرِيفِهَا بِصُورَةٍ تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ النِّزَاعِ فِيمَا بَعْدُ. الْخُلَاصَةُ: أَنَّ الشُّرُوطَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ هِيَ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَيْ فِي اسْتِئْجَارِهِ إذْ لَيْسَ بَيَانُ جِنْسِ الْمَعْمُولِ فِيهِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ شَرْطًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخَاصِّ. وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِئْجَارِهِ بَيَانُ الْمُدَّةِ فَقَطْ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (562) [ (الْمَادَّةُ 456) تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي نَقْلِ الْأَشْيَاءِ بِالْإِشَارَةِ وَبِتَعْيِينِ الْمَحَلِّ الَّذِي يُنْقَلُ إلَيْهِ] مَثَلًا: لَوْ قِيلَ لِلْحَمَّالِ اُنْقُلْ هَذَا الْحِمْلَ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً لِكَوْنِ الْحِمْلِ مُشَاهَدًا وَالْمَسَافَةِ مَعْلُومَةً. تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً فِي نَقْلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُرَادُ نَقْلُهَا مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ اُنْقُلْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ هُنَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَتَكُونُ الْإِشَارَةُ وَتَعْيِينُ الْمَحَلِّ الَّذِي يُرَادُ النَّقْلُ لَهُ مُغْنِيَةً عَنْ بَيَانِ الْمُدَّةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بِذَلِكَ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ

(المادة 457) كون المنفعة ممكنة الحصول

صَحِيحَةً بِدُونِ بَيَانِ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَكُونُ مَعْلُومَةً بِالْعِلْمِ بِالْمَنْقُولِ أَوْ الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ. مَثَلًا: لَوْ قِيلَ لِلْحَمَّالِ اُنْقُلْ هَذَا الْحِمْلَ وَهُوَ بِمَرْأًى مِنْهُ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَعْلُومَةٌ لِكَوْنِ الْحِمْلِ مُشَاهَدًا وَالْمَسَافَةِ مَعْلُومَةً. أَيْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَعْدُومَةً وَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا رَأْسًا تَكُونُ الْإِشَارَةُ إلَى الْمَنْفَعَةِ حَاصِلَةً تَبَعًا لِلْإِشَارَةِ إلَى الشَّيْءِ الْمُرَادِ نَقْلُهُ وَالْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ ضِمْنًا. (الدُّرَرُ وَالْهِدَايَةُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهُوَ النَّوْعُ مِنْ الْعِلْمِ يَقْرُبُ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصُّوفُ الَّذِي يُرَادُ نَقْلُهُ حَاضِرًا تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً بِبَيَانِ نَوْعِ الصُّوفِ وَمِقْدَارِهِ مَعَ تَعْيِينِ الْمَكَانِ الْمُرَادِ النَّقْلُ إلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 457) كون الْمَنْفَعَةُ مُمْكِنَةَ الْحُصُولِ] (الْمَادَّةُ 457) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُمْكِنَةَ الْحُصُولِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الدَّابَّةِ الضَّارَّةِ. يُشْتَرَطُ: 1 - أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُمْكِنَةَ الْحُصُولِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا أَيْ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ الْمَقْصِدِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِأَجْلِهِ الْمِلْكُ مُمْكِنًا. 2 - أَنْ لَا يَكُونَ الْعَمَلُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ الْأَجِيرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَوْ فَرْضًا قَبْلَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُعْقَدُ لِلِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الَّذِي يُقْصَدُ مِنْهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ الْمُوَقَّتُ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ الْجَحْشِ وَالْأَرْضِ السَّبِخَةِ دُونَ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) تَوْضِيحُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ: إنَّ إيجَارَ الدَّابَّةِ الضَّارَّةِ أَوْ الْمَغْصُوبَةِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ لَيْسَ صَحِيحًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ الْمَنْفَعَةَ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (420) تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْمَادَّةِ (198 و 209) (وَمَا لَمْ تُسَلَّمْ الدَّابَّةُ الْمَغْصُوبَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ) . كَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ فَاسِدٌ كَاسْتِئْجَارِ أَرْضٍ لَا يَنْبُتُ فِيهَا الزَّرْعُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ وَلَا تُمْكِنُهُ زِرَاعَتُهَا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى السَّقْيِ أَوْ كَرْيِ الْأَنْهَارِ أَوْ مَجِيءِ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ تُمْكِنُ الزِّرَاعَةُ فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (بَحْرٌ) . وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا فِي الشِّتَاءِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا فِي الشِّتَاءِ جَازَ لِمَا أَمْكَنَ فِي الْمُدَّةِ وَيَكُونُ الْأَجْرُ مُقَابِلًا لِكُلِّ الْمُدَّةِ لَا بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَحَسْبُ وَقِيلَ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، بَحْرٌ) وَتَكُونُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ ظَاهِرَةً فِي الْفَسْخِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْجَحْشِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَالِ لَيْسَ صَحِيحًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَرَضُ مِنْ الْإِجَارَةِ الِانْتِفَاعَ بِالْمَأْجُورِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ مُمْكِنًا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةٍ. كَذَلِكَ التَّمَكُّنُ فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي مِنْ زِرَاعَتِهَا شَرْطٌ وَفِي الْأَرَاضِي الَّتِي تُسْتَأْجَرُ لِلْبِنَاءِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مُمْكِنًا وَلَا.

يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَوْنُهَا قَابِلَةً لِلزِّرَاعَةِ وَإِذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الْأَرْضُ لِوَضْعِ الْغَنَمِ فِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ حِينَئِذٍ أَنْ تَكُونَ قَابِلَةً لِلزَّرْعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) تَوْضِيحُ الشَّرْطِ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَمَلِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لَهُ الْعَامِلُ غَيْرَ وَاجِبٍ وَلَا مَفْرُوضٍ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ (أنقروي، هِنْدِيَّةٌ) . فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ زَوْجَتَهُ لِإِرْضَاعِ ابْنٍ لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أُخْرَى أَوْ لِطَبْخِ طَعَامٍ لِلْبَيْعِ أَوْ لِرَعْيِ غَنَمِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ خِدْمَاتِ الْبَيْتِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَإِذَا كَانَتْ الْأُمُورُ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَاجِبَةً عَلَى الْأَجِيرِ أَوْ فَرْضًا عَلَيْهِ فَالْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ زَوْجَةً لِطَبْخِ طَعَامِ بَيْتِهِ أَوْ لِخِدْمَةِ أُخْرَى مِنْ الْخِدْمَاتِ الْبَيْتِيَّةِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَجْرٌ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا دِيَانَةً لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ الْأَعْمَالَ بَيْنَ فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ فَجَعَلَ عَمَلَ الدَّاخِلِ عَلَى فَاطِمَةَ وَعَمَلَ الْخَارِجِ عَلَى عَلِيٍّ فَلَا تَنْعَقِدُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْفَيْضِيَّةُ، أنقروي، هِنْدِيَّةٌ) .

الفصل الرابع في فساد الإجارة وبطلانها

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي فَسَادِ الْإِجَارَةِ وَبُطْلَانِهَا] إنَّ مَوَادَّ هَذَا الْفَصْلِ فَرْعٌ لِلْمَوَادِّ الْوَارِدَةِ فِي الْفَصْلَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَسَنُشِيرُ إلَى ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ. الْإِجَارَةُ الْبَاطِلَةُ: هِيَ الَّتِي لَيْسَتْ صَحِيحَةً أَصْلًا وَلَا مَشْرُوعَةً. وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ إذَا فُقِدَ مِنْهَا شَرْطٌ مِمَّا يَعُودُ عَلَى رُكْنِ الْعَقْدِ. وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْجُورُ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ مَجْنُونٍ. الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ: هِيَ الصَّحِيحَةُ أَصْلًا لَا وَصْفًا وَهُوَ: (مَا عُرِضَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ جَهَالَةٍ أَوْ اُشْتُرِطَ فِيهِ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ) (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 109 و 110) (التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ نَافِذَةٌ وَيَلْزَمُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ لَا الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَحْيَانًا بَالِغًا مَا بَلَغَ وَأَحْيَانًا يَلْزَمُ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 462) . وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ وَالشُّرُوطُ فِيهَا مُعْتَبَرَةٌ: 1 - إذَا كَانَتْ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. 2 - إذَا كَانَتْ مُتَعَارَفَةً. وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً مَعَ الشَّرْطِ الْآتِي وَالشَّرْطُ لَغْوٌ. 1 - إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ. وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا وَقَعَ فِيهِ شَرْطٌ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ. (الْمَادَّةُ 458) تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ شُرُوطِهَا. مَثَلًا إيجَارُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَاسْتِئْجَارِهِمَا بَاطِلٌ لَكِنْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِجُنُونِ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا. تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ شُرُوطِهَا الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ 444 و 445 وَاَلَّتِي تَرْجِعُ إلَى رُكْنِ الْعَقْدِ كَمَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ الَّذِي يَكُونُ فِي رُكْنِهِ خَلَلٌ، مَثَلًا: إيجَارُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَاسْتِئْجَارِهِمَا بَاطِلٌ وَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِإِجَازَةِ أَوْلِيَائِهِمَا

(المادة 459) لا تلزم الأجرة في الإجارة الباطلة بالاستعمال

وَلَا يَكُونُ نَافِذًا. حَتَّى إنَّ الْمَجْنُونَ جُنُونًا مُطْبِقًا إذَا أَجَرَ بَعْضَ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 362 و 579 و 966) (الْبَهْجَةُ، الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . لَكِنْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِجُنُونِ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ جُنُونًا مُطْبِقًا أَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ بَعْدَ حُصُولِ الْعَقْدِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 55) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَقَوْلُ جُنُونِ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ احْتِرَازٌ عَنْ (الْمَوْتِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 443 (هِنْدِيَّةٌ)) . [ (الْمَادَّةُ 459) لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ] (الْمَادَّةُ 459) لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ تَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَالُ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ. وَالْمَجْنُونُ - فِي حُكْمِ الْيَتِيمِ. لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ حِينَئِذٍ بَاطِلَةً وَغَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ أَصْلًا كَانَ مَا فِي ضِمْنِهَا بَاطِلًا أَيْضًا فَيَكُونُ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْمَأْجُورِ بِدُونِ عَقْدٍ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ 472 (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 52) . وَبِمَا أَنَّ الْمَأْجُورَ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ فَعَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةِ 598 لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيمَا اُسْتُعْمِلَ عَلَى هَذَا السَّبِيلِ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مُوجِبٌ لِلْأُجْرَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ سَالِبًا لَهَا. نَعَمْ الْمِلْكُ سَالِبٌ لِلْأُجْرَةِ فَيَكُونُ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ وَأَيْضًا الْبَاطِلُ لَا حُكْمَ لَهُ أَصْلًا فَوُجُودُهُ كَالْعَدَمِ. لَكِنْ تَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ مَالَ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. وَمَالُ الْمَجْنُونِ لَمَّا كَانَ فِي حُكْمِ مَالِ الْيَتِيمِ فَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 596 و 472 بِدُونِ عَقْدٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا اشْتَرَى إنْسَانٌ دَارًا فَظَهَرَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِيَتِيمٍ أَوْ وَقْفٌ بَعْدَ أَنْ سَكَنَهَا مُدَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ الْمُتَأَخِّرُونَ حِفْظًا لِمَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَيُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ حُكْمَ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فِي هَذَا الْبَابِ لَيْسَ كَمَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ الْمُسْتَعْمِلُ لَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ مُتَعَهِّدًا ضِمْنًا بِأَجْرِ الْمِثْلِ. أَمَّا بِاسْتِعْمَالِ مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ فَكَمَا لَا يُوجَدُ تَعَهُّدٌ ضِمْنِيٌّ فَقَدْ صَارَ التَّعَهُّدُ الصَّرِيحُ فِيهَا بَاطِلًا (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ وَتَغْيِيرٍ) . [ (الْمَادَّةُ 460) إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ] (الْمَادَّةُ 460) تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لَوْ وُجِدَتْ شُرُوطُ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ. تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لَوْ وُجِدَ شُرُوطُ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ الَّتِي مَرَّتْ فِي الْمَادَّتَيْنِ 444 و 445 وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَوَادِّ 448 و 49 4 و 450 و 451 - و 457 وَإِلَيْك تَعْدَادَ - الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلْإِجَارَةِ فِيمَا يَلِي:

أَوَّلًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مُشَاعًا (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 429) . ثَانِيًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَأُوجِرَ بِنَقْصٍ فَاحِشٍ، عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 441) . ثَالِثًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً بِجَهَالَةِ الْمَأْجُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 449) . رَابِعًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا وَقَعَتْ بِدُونِ رِضَاءِ الْعَاقِدَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 448) . خَامِسًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً بِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 450) . سَادِسًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا وَقَعَتْ مَعَ جَهْلِ الْمَنْفَعَةِ وَجَهْلُ الْمَنْفَعَةِ يَكُونُ بِجَهْلِ الْعَمَلِ أَوْ جَهْلِ الْمُدَّةِ وَمَا إلَيْهَا (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 451 و 452 و 453 و 454 و 455) . سَابِعًا - الْإِجَارَةُ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ غَيْرُ الْمُمْكِنَةِ الْحُصُولُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 457) . ثَامِنًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا رُبِطَتْ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْمَنَافِعَ يُصْبِحَانِ مَالًا مُتَقَوِّمًا. فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ مُعَاوَضَةً مَالِيَّةً وَالْبَيْعُ يَفْسُدُ بِأَمْثَالِ هَذَا الشَّرْطِ فَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِهِ أَيْضًا (الزَّيْلَعِيّ) . تَاسِعًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ جِنْسِ مَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 463) . عَاشِرًا - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِي مَالِ الْوَقْفِ إذَا وَقَعَتْ لِمُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ أَوْ الْمُعَيَّنَةِ شَرْعًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 497) . الْحَادِيَ عَشَرَ - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اُسْتُؤْجِرَ الْأَجِيرُ عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي مَوْسِمِ الصَّيْفِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 496) الثَّانِيَ عَشَرَ - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا كَانَ فِيهَا خِيَارٌ وَلَمْ يُعَيَّنْ الشَّرْطُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 497) . وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. (ثَامِنًا) . مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: 1 - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا أُوجِرَ الْمَأْجُورُ عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ. لِأَنَّ شَرْطَ عَدَمِ السُّكْنَى شَرْطٌ نَافِعٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَبِذَلِكَ لَا تَمْتَلِئُ حُفَرُ الْأَوْسَاخِ وَلَا تَفْسُدُ مَجَارِي الْمِيَاهِ وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ مَانِعٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ.

إنَّ اشْتِرَاطَ ضَمَانِ الْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ إذَا تَلِفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ 610 أَوْ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مُفْسِدٌ لِلْإِجَارَةِ. 3 - إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي حَالٍ تَعَيُّبِ أَوْ هَلَاكِ الْمَأْجُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ شُرِطَ رَدُّ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُؤَجِّرِ بِلَا عَيْبٍ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ) . 4 - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اُسْتُؤْجِرَ الْمَأْجُورُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ تُعْطَى ضَرِيبَتُهُ أَوْ يَسْكُنَ بِدُونِ أُجْرَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ) فَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ (التَّنْقِيحُ، الْبَحْرُ) . مَثَلًا: لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَارٌ عَلَى أَنْ تُطَيَّنَ وَتُكَلَّسَ وَيُعَمَّرَ مَا بِهَا مِنْ أَبْوَابٍ مَكْسُورَةٍ وَحُفَرٍ وَوِهَادٍ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الشِّبْلِيُّ) . 5 - إذَا اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ سَنَةً عَلَى أَنَّهُ إذَا مَرِضَ فِي خِلَالِهَا يُعْمَلُ مِقْدَارُ مَا مَرِضَ فِيهِ بَعْدَهَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . 6 - إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ طَاحُونٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ عَنْهَا زَمَنًا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُعَادُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يَخُصُّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَنْقَطِعُ الْمِيَاهُ فِيهَا. أَوْ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ تُعَادَ إلَى الْمُؤَجِّرِ مَكْرُوبَةً أَوْ مَزْبُولَةً تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الشِّبْلِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) . 7 - إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ مَعَ الْمُكَارِي عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ أَخْذِ الْأُجْرَةِ أَوْ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأُجْرَةَ تَامَّةً إذَا رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ أَوْ إذَا خَرَجَ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ بَعْدَ زَمَانٍ قَبْلَ خِتَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ أَدَاءُ أُجْرَتِهَا كَامِلَةً - تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 8 - إذَا شُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ نَفَقَةُ حَمْلِ الْمَأْجُورِ أَوْ إعَادَتِهِ إلَى الْمُؤَجِّرِ فِيمَا يَقْتَضِي الْحَمْلَ وَالْكُلْفَةَ فِي الْإِعَادَةِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . فَائِدَةٌ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَفَسَادِهَا فَالْقَوْل لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُؤَجِّرُ: إنَّ الْأَرْضَ الْمَأْجُورَةَ كَانَتْ حِينَ الْإِجَارَةِ مَزْرُوعَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ. وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ حِينَئِذٍ مُنْكِرٌ لِلْإِجَارَةِ أَلْبَتَّةَ (الْأَنْقِرْوِيّ) . إنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي تُقْبَضُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونَةٌ كَالثَّمَنِ الَّذِي يُقْبَضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِالشَّرْطِ الصَّحِيحِ وَالْإِجَارَةُ بِالشَّرْطِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: - النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْإِجَارَةُ بِشَرْطٍ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (186) (الْكَفَوِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:

(المادة 461) الإجارة الفاسدة نافذة

إذَا اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ يَكْرِيَهَا وَيَزْرَعَهَا أَوْ يَسْقِيَهَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً لِأَنَّهُ لَمَّا اكْتَسَبَ الْمُسْتَأْجِرُ بِسَبَبِ الْعَقْدِ حَقَّ زِرَاعَتِهَا، وَزِرَاعَتُهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْكِرَابِ وَالْإِرْوَاءِ، كَانَ الْكِرَابُ وَالسَّقْيُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ. (الزَّيْلَعِيّ) . 2 - إذَا اُسْتُؤْجِرَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لِكُلِّ خَسَارَةٍ تَتَوَلَّدُ عَنْ فِعْلِهِ وَصُنْعِهِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 611) . 3 - إذَا شُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَفْعُ الرَّمَادِ وَالْكُنَاسَةِ مِنْ الْحَمَّامِ الْمُسْتَأْجَرِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (532) . 4 - إذَا اُشْتُرِطَ عَلَى الْأَجِيرِ إنْجَازُ الْعَمَلِ إلَى يَوْمِ كَذَا أَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ لِرُكُوبِهَا إلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَالْإِيَابَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى لَهُ الْأَجْرُ عِنْدَ الْإِيَابِ تَكُونُ صَحِيحَةً وَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ بِالْمُطَالَبَةِ قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الذَّهَابِ فَقَطْ إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ بُلُوغِهِ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ (الْبَحْرُ، الشِّبْلِيُّ) . النَّوْعُ الثَّانِي: إنَّ الْإِجَارَةَ مَعَ شَرْطٍ يُوجِبُهُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (188) . إذَا سَاوَمَ شَخْصٌ خَيَّاطًا قَائِلًا خِطْ لِي مِنْ هَذَا الْقُمَاشِ ثَوْبًا عَلَى أَنْ تَكُونَ بِطَانَتُهُ مِنْك وَكَانَ ذَلِكَ مُتَعَارَفًا فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً. كَمَا لَوْ أَعْطَى الْحَذَّاءَ جِلْدًا لِيَخِيطَ لَهُ مِنْهُ حِذَاءً وَقَاوَلَهُ عَلَى أَنَّ بِطَانَتَهُ وَلَوَازِمَهُ مِنْ الصَّانِعِ كَانَتْ صَحِيحَةً بِنَاءً عَلَى التَّعَامُلِ. هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ الْإِجَارَةُ فِيهَا بَيْعًا فَقَدْ جُوِّزَتْ بِالتَّعَامُلِ (التَّنْقِيحُ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْإِجَارَةُ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ. فَلَوْ أَجَّرَ شَخْصٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا وَلَا يُسْكِنَ غَيْرَهُ فِيهَا فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي السَّكَنِ تَفَاوُتٌ فَإِسْكَانُ غَيْرِهِ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ لَهُ خَاصَّةً لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ (الشِّبْلِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 461) الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ نَافِذَةٌ] (الْمَادَّةُ 461) الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ نَافِذَةٌ لَكِنَّ الْآجِرَ يَمْلِكُ فِيهَا أَجْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَمْلِكُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ مُنْعَقِدَةٌ وَتُفِيدُ حُكْمًا وَالْمَادَّةُ (588) لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَلِلْآجِرِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (471) إذَا انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ انْتِفَاعًا حَقِيقِيًّا أَجْرُ الْمِثْلِ الْمُعَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِمُجَرَّدِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَقَطْ دُونَ الِانْتِفَاعِ حَقِيقَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 471) . حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مَالًا إجَارَةً فَاسِدَةً وَآجَرَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إجَارَةً صَحِيحَةً لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمَأْجُورَ وَلَا يَكُونُ بِفِعْلِ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ غَاصِبًا حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لَا يُقَالُ لَمَّا كَانَ تَقَوُّمُ الْمَنَافِعِ بِالْعَقْدِ فَإِذَا فَسَدَ الْعَقْدُ يَنْبَغِي أَنْ لَا

(المادة 462) فساد الإجارة

يَجِبَ شَيْءٌ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ لِكَوْنِهَا تَبَعًا لَهَا (الْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) أَمَّا إذَا أَجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةً فَاسِدَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا إيجَارًا صَحِيحًا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى الْبَدَلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (588) (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ قَابِلَةٌ لِلْفَسْخِ. فَعَلَيْهِ إذَا تَنَازَعَ الطَّرَفَانِ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ إيجَارًا فَاسِدًا وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِإِزَالَةِ الْفَسَادِ الَّذِي هُوَ مَعْصِيَةٌ. وَالْإِيجَارُ وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إعْدَامًا لِلْفَسَادِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَيَجِبُ رَفْعُهَا وَإِذَا أَصَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى إمْسَاكِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَهُ فَسْخُهُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا حَقًّا لِلشَّرْعِ (الْهِنْدِيَّةُ، التَّنْقِيحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . مِثَالٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يُعَيَّنْ فِي الْعَقْدِ النَّوْعُ الْمُرَادُ زَرْعُهُ وَلَمْ يُطْلَقْ أَنْ يَزْرَعَ مَا يُرِيدُ وَرُفِعَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَسَخَهَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (454) فَاسِدَةٌ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ مُشَاعًا وَدَفَعَ أُجْرَتَهُ سَلَفًا فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْمَادَّةُ (494) مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا. وَحَقُّ الْفَسْخِ هَذَا وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُخْفَضُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْفَسْخِ فِي الْمَادَّةِ 524. وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ 494 بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ فَسَادِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ فَعُدِمَ التَّصْرِيحُ بِهِ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 462) فَسَادُ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 462) فَسَادُ الْإِجَارَةِ يَنْشَأُ بَعْضُهُ عَنْ كَوْنِ الْبَدَلِ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ عَنْ فِقْدَانِ بَاقِي شَرَائِطِ الصِّحَّةِ. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. يَنْشَأُ فَسَادُ الْإِجَارَةِ بَعْضُهُ عَنْ كَوْنِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ مَجْهُولًا وَبَعْضُهُ عَنْ فِقْدَانِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ الْأُخْرَى كَوُجُودِ شَرْطٍ فَاسِدٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 460) وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (1) أَلَّا يُسَمَّى مُطْلَقًا كَأَنْ يُقَالَ آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَدَلِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا كَقَوْلِك آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِهَذِهِ الْجِيفَةِ. لَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا؟ (2) كَوْنُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّى مَجْهُولًا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ

جَهَالَةَ الْكُلِّ، كَالْعِبَارَةِ عَنْ الْبَدَلِ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ رَأْسَ غَنَمٍ أَوْ دِينَارًا فِي الْبِلَادِ الَّتِي تُتَدَاوَلُ فِيهَا دَنَانِيرُ مُخْتَلِفَةٌ (الْأَنْقِرْوِيّ) . كَذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ أَوْلَادُهَا وَصُوفُهَا وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَنَافِعِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ كُلِّهِ (التَّنْقِيحُ) وَالْمَادَّةُ 566 مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. جَهَالَةُ الْبَعْضِ كَاسْتِئْجَارِ دَارِ بِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَاتُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتِئْجَارُ خَادِمٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُسْتَأْجِرُ كُسْوَتَهُ. لِأَنَّ نَفَقَاتِ الْعِمَارَةِ وَالْكُسْوَةِ قَدْ جُعِلَتْ أُجْرَةً أَيْضًا وَمِقْدَارُهَا لَيْسَ مَعْلُومًا. وَبِضَمِّ الْمَجْهُولِ إلَى الْمَعْلُومِ يُصْبِحُ مَجْمُوعُهُ مَجْهُولًا. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (563 و 564 و 565) . (الْأَنْقِرْوِيّ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْبَدَلِ أَوْ بَعْضُهُ مَجْهُولًا وَانْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (471) يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا (الْخَيْرِيَّةُ) . وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ مَثَلًا بِعَدَمِ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ مُطْلَقًا. أَوْ بِكَوْنِ الْأُجْرَةِ الْمُسَمَّاةِ جِيفَةً أَوْ مَا شَابَهَهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ مُطْلَقًا. أَوْ تَسْمِيَةِ بَدَلٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَاتُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْبَزَّازِيَّةُ) لَا أَجْرَ مِثْلٍ لَا يَتَجَاوَزُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَجَاوُزُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى إذْ إنَّ الْمُسَمَّى مَفْقُودٌ هُنَا (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . مُسْتَثْنَى: إذَا بَيَّنَ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ بَدَلَ الْإِيجَارِ أَوْ قَبِلَ مِقْدَارًا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مِقْدَارٍ زَائِدٍ عَنْ ذَلِكَ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُؤَجِّرَ الْأُجْرَةَ الَّتِي يَطْلُبُهَا عِنْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَطَلَبَ الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ بُلُوغِ الْمَكَانِ (عِشْرِينَ قِرْشًا) فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْعِشْرِينَ فَلَا يُعْطِي غَيْرَهَا لِأَنَّهُ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الزِّيَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ بُسْتَانِيًّا وَاسْتَخْدَمَهُ وَتُوُفِّيَ فَقَالَ وَصِيُّهُ لِلْبُسْتَانِيِّ ثَابِرْ عَلَى عَمَلِك وَأُجْرَتُك السَّابِقَةُ تَبْقَى كَمَا كَانَتْ وَبَعْدَ أَنْ اشْتَغَلَ مُدَّةً بَاعَ الْوَصِيُّ الْبُسْتَانَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَقَالَ الْمُشْتَرِي ثَابِرْ عَلَى عَمَلِك فَلَا أَقْطَعُ أُجْرَتَك السَّابِقَةَ فَلِلْبُسْتَانِيِّ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِعَمَلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ الْوَصِيِّ لِلْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَغَلَهَا بَعْدَ قَبُولِهِ بِهَا وَأَجْرُ الْمِثْلِ كَذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمُدَّةِ الَّتِي اشْتَغَلَ بِهَا بَعْدَ قَبُولِ هَذَا أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ وَالْمُشْتَرِي عَالِمَيْنِ بِالْأَجْرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْبُسْتَانِيِّ وَالْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . عَدَمُ نَقْصِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى: إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِلْعِلْمِ بِبَعْضِهَا وَالْجَهْلِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ فَقَطْ كَتَسْمِيَةِ مِائَةِ قِرْشٍ بَدَلًا لِلْإِيجَارِ عَلَى أَنْ تَكُونَ نَفَقَةُ الْعِمَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يُنْتَقَصُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى حَتَّى إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ الْمَعْلُومُ خَمْسِينَ قِرْشًا لَزِمَ مِائَةُ قِرْشٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ)

يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: 1 - قَدْ مَرَّ بَيَانُهُ آنِفًا وَصَارَ تَوْضِيحُهُ فِي الشَّرْحِ. 2 - إنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ الْمَأْجُورَةَ فَاسِدَةٌ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَنْقُصُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. وَوَجْهُ فَسَادِ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ فَفِي ذَلِكَ نَفْعٌ لِلْمُؤَجِّرِ إذْ إنَّهُ لِعَدَمِ سُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَمْتَلِئُ الْبِئْرُ وَالْبَالُوعَةُ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْجُورِ حُفْرَةُ بَالُوعَةٍ وَمُتَوَضَّأٌ لَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا يَأْتِي: وَوَجْهُهُ أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ السُّكْنَى فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَقَدْ جَعَلَهُ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى بَدَلَ الْإِجَارَةِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَجَرَ دَارِهِ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُرَمِّمَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَأَضْحَى بَعْضُ الْأَجْرِ مَجْهُولًا لِصَيْرُورَةِ الْأَجْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَوَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ جَهَالَةَ الْبَعْضِ كَجَهَالَةِ الْكُلِّ، إنَّمَا فَسَدَ هَذَا الْعَقْدُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لِرَبِّ الدَّارِ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا لَا تَمْتَلِئُ الْبَالُوعَةُ وَالْمُتَوَضَّأُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ بَالُوعَةٌ أَوْ بِئْرُ وُضُوءٍ لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ مَا قُلْنَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (460) سَبَبٌ آخَرُ لِلْفَسَادِ وَذُكِرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ بِشَرْطٍ كَهَذَا هُوَ مَا مَنَعَ لِمُقْتَضَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا وَقَدْ سَمَّى الْبَدَلَ عَيْنًا مُعَيَّنَةً وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِي الدَّارِ هَلَكَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَفَسَادُ الْإِجَارَةِ لَيْسَ بِنَاشِئٍ عَنْ مَجْهُولِيَّةِ الْبَدَلِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ وُجُودِ بَعْضِ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ الْأُخْرَى مَعَ كَوْنِ الْبَدَلِ مَعْلُومًا وَذَلِكَ كَالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَوْ الشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ جَهَالَةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ 471 فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (أَشْبَاهٌ) وَرِضَاءُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ أَسْقَطَا الزِّيَادَةَ فَالْإِسْقَاطُ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِ التَّسْمِيَةِ لَكِنْ لَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهَا لِرِضَائِهِ بِسُقُوطِ الزِّيَادَةِ وَعَدَمِ تَقَوُّمِ الْمَنَافِعِ فِي نَفْسِهَا (الْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51)) . أَجَلْ فَالْوَاقِعُ أَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ وَقَعَ ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (52) لَكِنْ بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ فِي حَدِّ ذَاتِهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَالْإِسْقَاطُ لَا يَكُونُ بَاطِلًا أَوْ فَاسِدًا وَجَازَ تَنْقِيصُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (52) فَاسِدَةً فَقَدْ فَسَدَ مَا فِي ضِمْنِهَا وَهِيَ التَّسْمِيَةُ أَيْ تَعْيِينُ بَدَلِ الْإِيجَارِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالشِّبْلِيُّ، وَالزَّيْلَعِيّ) . وَقَدْ قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي الْكُلِّ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا فَتَجِبُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ. كَمَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ أَوْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَلَنَا أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ بِنَفْسِهَا لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يَسْتَدْعِي سَابِقِيَّةَ الْإِحْرَازِ وَمَا لَا بَقَاءَ لَهُ لَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ فَلَا يُتَقَوَّمُ وَإِنَّمَا تَقَوَّمَتْ بِالْعَقْدِ شَرْعًا لِضَرُورَةِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَإِذَا لَزِمَ

تَتَقَوَّمُ فِي أَنْفُسِهَا وَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا قُوِّمَ الْعَقْدُ بِهِ وَسَقَطَ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ (شَلَبِيّ) وَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَجَبَ أَنْ لَا تَجِبَ الْأُجْرَةُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْهَا كَافٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَاسِدِ إلَّا أَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ كُلِّ عَقْدٍ مُلْحَقٌ بِصَحِيحِهِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لَهُ وَالتَّبَعُ يَثْبُتُ بِثُبُوتِ الْأَصْلِ. وَهَذَا لِأَنَّ الْفَاسِدَ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ (الشَّلَبِيُّ) وَكَانَتْ بَاقِيَةً مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَهْتَدِي إلَى الصَّحِيحِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إلْحَاقِهَا بِهِ فَيَكُونُ لَا قِيمَةَ بِقَدْرِ مَا وُجِدَ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَقْدِ وَهُوَ قَدْرُ الْمُسَمَّى. فَيَجِبُ فِي الْمُسَمَّى بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى لَمْ يُوجَدْ فِيهِ عَقْدٌ وَلَا شُبْهَةٌ فَلَا يُتَقَوَّمُ وَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ بِنَفْسِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا نِهَايَةَ لِلْمَجْهُولِ وَلَا لِغَيْرِ الْمُسَمَّى فَيَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الزَّيْلَعِيّ) . الْخُلَاصَةُ: يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى مُسَاوِيًا لِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ الْآجِرَ الْمُسَمَّى الَّذِي يَزِيدُ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا زَادَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 72) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا: فَلَوْ كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَأَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا أَيْضًا أَوْ كَانَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَأَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ فَقَطْ لَزِمَ اثْنَا عَشَرَ قِرْشًا. وَلَوْ كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى خَمْسَةَ قُرُوشٍ لَزِمَتْ الْخَمْسَةُ الْقُرُوشِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مُسْتَثْنَى: أَمَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ اللَّذَيْنِ يُؤَجَّرَانِ إيجَارًا فَاسِدًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَيْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ وَفَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِفِقْدَانِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: 1 - يَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. 2 - يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. 3 - يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ فَسَادُ الْإِجَارَةِ نَاشِئًا مِنْ جِهَتَيْنِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِجَهَالَةِ الْبَدَلِ وَلِوُجُودِ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِيهَا يُنْظَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُجْرَةِ إلَى الْفَسَادِ النَّاشِئِ عَنْ الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَجْرٍ مُسَمًّى (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا آجَرَ شَخْصٌ الْمُشَاعَ بِدُونِ تَسْمِيَةِ بَدَلِ إيجَارٍ لَهُ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِكَوْنِ الْمَأْجُورِ مُشَاعًا مِنْ جِهَةٍ وَالْبَدَلِ مَجْهُولًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى (الْحَمَوِيُّ) .

وَقَالَ الْحَمَوِيُّ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تَفْسُدْ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ بَلْ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالشُّيُوعِ الْأَصْلِيِّ أَوْ بِجَهَالَةِ الْوَقْتِ وَالْمُسَمَّى مَعْلُومٌ لَمْ يَزِدْ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى انْتَهَى. وَإِذَا أُعْطِيت فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أُجْرَةٌ زَائِدَةٌ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْعِلْمِ وَالرِّضَاءِ لَا تُسْتَرَدُّ الزِّيَادَةُ. فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إذَا قُمْت بِالْخِدْمَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِي فَإِنِّي أُكْرِمُك وَبَعْدَ أَنْ قَامَ بِهَا أَعْطَاهُ مِقْدَارًا زَائِدًا عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُهُ (الْفَيْضِيَّةُ) .

الباب الثالث في بيان مسائل تتعلق بالأجرة وفيه ثلاثة فصول

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْأُجْرَةِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَأَوْصَافِهِ وَأَحْوَالِهِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَأَوْصَافِهِ وَأَحْوَالِهِ الْأَوْصَافُ: هِيَ كَبَيَانِ الْمِقْدَارِ وَبَيَانِ الْوَصْفِ وَمَا إلَيْهَا. وَالْأَحْوَالُ كَالصَّلَاحِيَةِ لِصَيْرُورَتِهِ بَدَلَ إجَارَةٍ، والمكانع الْوَاجِبِ تَسْلِيمُهُ فِيهِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ أَيْضًا. خُلَاصَةُ الْفَصْلِ: 1 - مَا صَلُحَ لَأَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلَ إجَارَةٍ. وَبَعْضُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ ثَمَنًا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ بَدَلًا بِخِلَافِ الْبَعْضِ الْآخَرِ كَالْجِيفَةِ. 2 - إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ نَقْدًا وَكَانَ مَوْجُودًا يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْحَاضِرِ يُعْلَمُ بِبَيَانِ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ. 3 - إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ مِنْ الْعُرُوضِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَمِقْدَارِهِ. 4 - يُسَلَّمُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا فِي الْمَكَانِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ عَمَلًا فَفِي الْمَكَانِ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ. (الْمَادَّةُ 6463) مَا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْإِجَارَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْإِجَارَةِ الشَّيْءُ الَّذِي لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ أَيْضًا. مِثَالُ ذَلِكَ: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بُسْتَانٌ فِي مُقَابَلَةِ رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ سَكَنِ دَارٍ. مَا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ دَيْنٍ بِمَالٍ مِثْلِيٍّ، يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ إجَارَةٍ كَمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْإِجَارَةِ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ كَالْقِيَمِيَّاتِ وَالْمَنَافِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِثْلِيَّةً. أَيْ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ الْعَيْنُ، وَفِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ.

الْعَيْنُ: أَصْلٌ وَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَمَا صَلُحَ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا لِلْعَيْنِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا لِتَابِعِهَا (الطُّورِيُّ) . فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فِقْرَتَانِ: 1 - مَا صَلُحَ فِي الْبَيْعِ لَأَنْ يَكُونَ ثَمَنًا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ فِي الْإِجَارَةِ بَدَلًا؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ ثَمَنُ الْمَنْفَعَةِ فَتُعْتَبَرُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ (الطُّورِيُّ) وَيُسْتَعْمَلُ الثَّمَنُ فِي هَذَا عَلَى مَعْنَيَيْنِ: الْأَوَّلُ: هُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 152 بَدَلُ الْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَيَلْزَمُهَا. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالنُّقُودِ. أَمَّا الْأَعْيَانُ فَبِمَا أَنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تُثْبِتَ الذِّمَّةَ فَلَا تَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى ثَمَنًا. الثَّانِي: الْبَدَلُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ كُلُّ مَا يُجْعَلُ عِوَضًا لِلْمَبِيعِ، فَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ النُّقُودِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالثِّيَابِ. فَعَلَيْهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي هُوَ الْمَعْنَى الْمُرَادَ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَعْنَاهُ الْأَوَّلَ. الْخُلَاصَةُ: كُلُّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةً وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ تَصْدُقُ عَلَى أَنَّهَا كُلِّيَّةٌ لَا تَنْعَكِسُ إذْ لَا يُقَالُ كُلُّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِأَنَّ مَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلْمَنَافِعِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلَ إجَارَةٍ إذَا كَانَ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَحْرُ، الزَّيْلَعِيّ، النَّتَائِجُ، الْهِنْدِيَّةُ، الطُّورِيُّ) . 2 - مَا لَا يَصْلُحُ فِي الْبَيْعِ ثَمَنًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي الْإِجَارَةِ بَدَلًا. وَمَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا إذَا اُسْتُعْمِلَ الثَّمَنُ فِي مَعْنَاهُ الْأَوَّلِ يَكُونُ مَنَافِعَ وَأَعْيَانًا. وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ الثَّانِي إنَّمَا يَكُونُ مَنَافِعَ. وَعَلَى ذَلِكَ فَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأَمْلَاكُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا يَلِي بَدَلَ إجَارَةٍ: 1 - النُّقُودُ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ دَيْنًا أَمْ عَيْنًا. مِثَالٌ لِلدَّيْنِ: كَمَا يَصْلُحُ الدَّيْنُ لَأَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلَ إجَارَةٍ أَيْضًا. كَمَا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دَيْنٌ فَاسْتَأْجَرَ مِلْكًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ نَفْسَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ كَذَلِكَ لَوْ أَجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِآخَرَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ وَيَكُونُ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا الْأُجْرَةَ لِلْوَقْفِ (الْهِنْدِيَّةُ، التَّنْقِيحُ) . 2 - مَا عَدَا النُّقُودِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا. 3 - الْقِيَمِيَّاتُ: وَيُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً وَمَعْلُومَةً. 4 - الْمَنَافِعُ: إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةُ مُخَالِفَةً لِمَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ.

(المادة 464) بدل الإجارة يكون معلوما

مَثَلًا: يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بُسْتَانٌ فِي مُقَابِلِ دَابَّةٍ أَيْ أَنْ تُجْعَلَ بَدَلَ إجَارَةٍ أَوْ سَكَنِ دَارٍ. كَذَا لَوْ أَجَرَ شَخْصٌ آخَرَ دُكَّانَهُ سَنَةً فِي مُقَابِلِ خِدْمَتِهِ إيَّاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ صَحَّ (النَّتِيجَةُ) . وَإِذَا نَظَرْنَا فِي هَذَا الْمِثَالِ نَجِدُهُ نَوْعَيْنِ: الْأَوَّلُ اسْتِئْجَارُ بُسْتَانٍ بِدَابَّةٍ. وَالثَّانِي، اسْتِئْجَارُ بُسْتَانٍ بِسُكْنَى دَارٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهَذَا الْمِثَالُ بِنَوْعَيْهِ مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِلثَّمَنِ وَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ الْفِقْرَةُ الْأُولَى جَاءَتْ بِدُونِ مِثَالٍ لِأَنَّهَا ظَاهِرَةُ الْمَعْنَى. وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى الثَّانِي يَكُونُ فِي الْمَادَّةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ وَيَكُونُ الْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى وَالْمِثَالُ الثَّانِي لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ. وَلَمَّا كَانَ الثَّمَنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى الثَّانِي بِمَعْنَى الْمَالِ الَّذِي يُجْعَلُ بَدَلًا لِشَيْءٍ وَالْعَيْنُ كَذَلِكَ تَكُونُ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ بَدَلًا فَكَانَ الثَّمَنُ شَامِلًا لِلْعَيْنِ فَقَدْ تَكُونُ الْعَيْنُ بَدَلَ إجَارَةٍ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ أُشِيرَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ إيجَارِ الْمَنْفَعَةِ فِي مُقَابِلِ مَنْفَعَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَتَانِ مُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ. أَمَّا إذَا كَانَ جِنْسُهَا وَاحِدًا فَالْإِجَارَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ أُجِيزَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِئْجَارِ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي بِمَا عِنْدَهُ مِنْهَا فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا كَذَلِكَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لِأَنَّ حَاجَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُ بَاقِيَةً (الزَّيْلَعِيّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (32 و 450) فَعَلَيْهِ لَا تُسْتَأْجَرُ دَارٌ فِي مُقَابِلِ دَارٍ أُخْرَى وَفَرَسٌ فِي مُقَابِلِ فَرَسٍ أُخْرَى أَوْ أَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ فِي مُقَابِلِ أَرْضٍ أُخْرَى غَيْرِهَا وَإِذَا اُسْتُؤْجِرَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 464) بَدَلُ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَعْلُومًا] (الْمَادَّةُ 464) بَدَلُ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِتَعْيِينِ مِقْدَارِهِ إنْ كَانَ نَقْدًا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ بَدَلُ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ نَقْدًا يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَعَلَى مُقْتَضَى الْمَادَّةِ (239) بِبَيَانِ وَصْفِهِ وَتَعْيِينِ مِقْدَارِهِ وَنَوْعِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ. الْعِلْمُ بِالْإِشَارَةِ: يَكُونُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ مَعْلُومًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْإِشَارَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى وَصْفِهِ كَبَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ. الْعِلْمُ بِبَيَانِ الْمِقْدَارِ وَالْوَصْفِ: يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِهِ كَقَوْلِك دَنَانِيرَ، وَوَصْفِهِ كَقَوْلِك عُثْمَانِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا، وَمِقْدَارِهِ كَقَوْلِك عِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا. مَعَ إذَا كَانَتْ النُّقُودُ الرَّائِجَةُ فِي بَلْدَةٍ مُخْتَلِفَةٍ تَجْرِي فِيهَا الْأَحْكَامُ الْبَيِّنَةُ فِي الْمَادَّةِ (240) وَشَرْحِهَا فَعَلَيْهِ لَوْ أُوجِرَ مِلْكٌ فِي بَلْدَةٍ يَتَدَاوَلُ فِيهَا النَّاسُ دَنَانِيرَ مُخْتَلِفَةً بِكَذَا دِينَارًا بِدُونِ تَعْيِينِ نَوْعِهِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً أَمَّا إذَا كَانَ النَّقْدُ فِي الْبَلَدِ وَاحِدًا يَنْصَرِفُ الْكَلَامُ إلَيْهِ. وَإِذَا تَعَدَّدَ النَّقْدُ وَكَانَ الْغَالِبُ

(المادة 465) يلزم بيان مقدار بدل الإجارة ووصفه

التَّعَامُلَ بِنَوْعٍ مِنْهَا يَنْصَرِفُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ إلَى النَّقْدِ الَّذِي يَغْلِبُ رَوَاجُهُ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ صَحِيحَةً (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، التَّنْقِيحُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى قُرُوشٍ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعْطِيَ الْأُجْرَةَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ الرَّائِجَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 241) . وَيُعْتَبَرُ نَقْدُ الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ يَعْنِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ لِلنَّقْلِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ يُعْتَبَرُ فِي إعْطَاءِ الْأُجْرَةِ النَّقْدُ الرَّائِجُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْعَقْدُ. مَثَلًا: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ مِنْ إسْتَانْبُولَ إلَى أَدِرْنَةَ بِكَذَا قِرْشًا فَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ مِنْ نَقْدِ إسْتَانْبُولَ الرَّائِجِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) لِأَنَّهَا مَكَانُ الْعَقْدِ فَيَنْصَرِفُ مُطْلَقُ الدَّرَاهِمِ إلَى الْمُتَعَارَفِ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ (الطُّورِيُّ) . وَلَا يَتَعَيَّنُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي يَكُونُ نَقْدًا بِتَعْيِينِهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (242) مَتْنًا وَشَرْحًا) لِأَنَّ النَّقْدَ خُلِقَ ثَمَنًا فَالْأَصْلُ فِيهِ وُجُوبُهُ فِي الذِّمَّةِ لِتَوَصُّلِهِ إلَى الْعَيْنِ الْمَقْصُودَةِ وَاعْتِبَارُ التَّعْيِينِ فِيهِ يُخَالِفُ ذَلِكَ. مَثَلًا: لَوْ أَظْهَرَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَهَبَةً بِمِائَةِ قِرْشٍ قَائِلًا اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِهَذِهِ الذَّهَبَةِ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ آجَرْتُك إيَّاهَا فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ تِلْكَ الذَّهَبَةِ عَيْنًا. حَتَّى إنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُرْجِعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى مَحَلِّهَا وَيُعْطِيَ غَيْرَهَا وَإِذَا تَلِفَ الْبَدَلُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَدَلُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، غَيْرَ النَّقْدِ كَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي الْفِضِّيَّةِ أَوْ الذَّهَبِيَّةِ فَكَمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْبَدَلُ عَيْنًا وَتَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (293) أَشْبَاهٌ) . [ (الْمَادَّةُ 465) يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَوَصْفِهِ] (الْمَادَّةُ 465) يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَوَصْفِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ. وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي شُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ عَمَلًا فَفِي مَحَلِّ عَمَلِ الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَ حُمُولَةً فَفِي مَكَانِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ. وَأَمَّا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ مُحْتَاجَةً إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَفِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُخْتَارُ لِلتَّسْلِيمِ. يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَجِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ (أَيْ إنْ كَانَ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا) إنْ كَانَ الْبَدَلُ مِنْ الْعُرُوضِ وَكَانَ مَعْلُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (201، 202) أَوْ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَتَكْفِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ ذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 238 و 239 وَشَرْحَهُمَا) وَإِذَا كَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ دَابَّةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي شُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِيهِ فِيمَا لَوْ شُرِطَ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ بَيَانَ مَكَانِ التَّسْلِيمِ فِي الْإِجَارَةِ غَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَقَدْ أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ بِهِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ شَرْطٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83)) . وَإِذَا لَمْ يُشْرَطْ فِي بَدَلِ إجَارَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَة مَكَانَ التَّسْلِيمِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُخِلُّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا فَيُسَلَّمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْعَقَارُ. وَإِنْ كَانَ عَمَلًا غَيْرَ نَقْلِ الْحُمُولَةِ فَفِي مَحَلِّ عَمَلِ الْأَجِيرِ. وَإِنْ كَانَ حُمُولَةً بِلَا نَقْلٍ وَوُجِدَ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي فَفِي مَكَانِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ. حَتَّى إنَّ الْآجِرَ إذَا طَلَبَ الْأُجْرَةَ فِي مَكَان آخَرَ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرًا عَلَى أَدَائِهَا، وَلِلْآجِرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِكَفِيلٍ لِتَأْدِيَةِ الْبَدَلِ فِي الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (656)) . أَمَّا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ وَلَمْ يُعَيَّنْ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ فَيَأْخُذُهُ الْآجِرُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَيُسَلِّمُهُ الْمُسْتَأْجِرَ حَيْثُ أَرَادَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (239)) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، النَّتِيجَةُ، الْبَحْرُ) .

الفصل الثاني المسائل المتعلقة بسبب لزوم الأجرة

[الْفَصْلُ الثَّانِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسَبَبِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ] الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسَبَبِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَكَيْفِيَّةِ اسْتِحْقَاقِ الْآجِرِ الْأُجْرَةَ بِمَا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي هَذَا الْفَصْلِ سَبَبَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَكَيْفِيَّةَ اسْتِحْقَاقِهَا، رُئِيَ مِنْ الْمُنَاسِبِ الْإِتْيَانُ بِإِيضَاحٍ لِلْأُجْرَةِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ وَمَنْ يَمْلِكُهَا وَيَسْتَحِقُّهَا كَمَا يَأْتِي: تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ كُلَّ مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: (1) إذَا صَنَعَ خَيَّاطٌ ثَوْبًا وَدَفَعَهُ إلَى غُلَامِ رَجُلٍ سَلَّمَهُ إلَيْهِ هَذَا الْغُلَامُ لَزِمَتْ الْغُلَامَ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَيَّاطِ إنَّ الثَّوْبَ لِسَيِّدِي فَخُذْ الْأُجْرَةَ مِنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) " الْفَيْضِيَّةُ ") . (2) إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّ اسْمَهُ فِيهِ عَارِيَّةٌ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَانَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَحَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْأُجْرَةِ وَتَوْجِيهُ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ (التَّنْقِيحُ) . (3) إذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً تَسْكُنُ دَارًا بِالْأُجْرَةِ وَطَلَبَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمَرْأَةِ بَعْدَ وُصُولِهِمَا وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا (إنَّنِي قُلْت لَك هَذِهِ الدَّارُ بِالْأُجْرَةِ فَيَلْزَمُك أَجْرُهَا) فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهَا. وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمَرْأَةَ لِكَوْنِهَا عَاقِدَةً. إذَا كَانَ كَفِيلًا لِمَا يَلْزَمُ ذِمَّةَ زَوْجَتِهِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْهَا. أَمَّا إذَا ضَمِنَ الزَّوْجُ الْبَدَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . (4) إذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ كَمِّيَّةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَاسْتَأْجَرَ الْمُقْرِضُ حَمَّالًا فَنَقَلَهَا إلَى دَارِهِ لَزِمَتْ أُجْرَةُ الْحَمْلِ الْمُقْرِضَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ الْحَمَّالَ بِحَمْلِهَا فَلِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَقْرَضِ بِأُجْرَةِ الْحَمَّالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْأُجْرَةُ لِمَنْ يُؤَجِّرُ: وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَا تَجْرِي فِي الْبَيْعِ فَلِذَا لَا يَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ لِمَنْ بَاعَهُ. مَثَلًا: إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِلْكَ آخَرَ فُضُولًا فَظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَالثَّمَنُ لِلْمُسْتَحِقِّ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ: أَنَّ الْمَنَافِعَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فِي حَدِّ ذَاتِهَا وَإِنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا عَقَدَ

(المادة 466) لا تلزم الأجرة بالعقد المطلق

الْفُضُولِيُّ الْإِجَارَةَ يَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ قَوَّمَ الْمَنَافِعَ وَمَلَكَ بَدَلَهَا لَكِنَّ الْمَبِيعَ مُتَقَوِّمٌ فِي ذَاتِهِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: (1) إذَا أَجَرَ شَخْصٌ دَارًا مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهَا فَالْأُجْرَةُ تَكُونُ قَضَاءً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَيْسَتْ لِلْمُسْتَحِقِّ. (الْهِنْدِيَّةُ، الْفَيْضِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . (2) إذَا غَصَبَ شَخْصٌ مَالًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مَالَ وَقْفٍ وَأَجَرَهُ مِنْ آخَرَ أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ لَا صَاحِبُ الْمَالِ أَوْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْوَصِيُّ (الْأَنْقِرْوِيّ) . أَمَّا إذَا انْعَزَلَ قَيِّمُ الْوَقْفِ بَعْدَ أَنْ أَجَرَ مِلْكَ الْوَقْفِ أَوْ تُوُفِّيَ أَصْبَحَ تَقَاضِي الْأُجْرَةِ عَائِدًا عَلَى الْقَيِّمِ اللَّاحِقِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . (وَلَيْسَ عَلَى الْقَيِّمِ السَّابِقِ أَوْ عَلَى وَرَثَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ) . حَتَّى إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ الْقَيِّمَ الْمَعْزُولَ فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى إعْطَائِهِ مَرَّةً أُخْرَى لِلْقَيِّمِ اللَّاحِقِ عَلَى أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَ مَا أَعْطَى الْقَيِّمَ الْمَعْزُولَ لِأَنَّ الْمَعْزُولَ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ بِدُونِ حَقٍّ (الْخَيْرِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 466) لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ] (الْمَادَّةُ 466) لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ. يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ بِمُجَرَّدِ انْعِقَادِهَا حَالًا. لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَالْمُضَافَةِ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ الثَّمَنُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ. وَإِلَيْك الْفَرْقَ: تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ. أَمَّا فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ فَمُعَاوَضَةٌ. وَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَحْصُلُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَاسْتِيفَاؤُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً غَيْرُ مُمْكِنٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ جَانِبُ الْمَنْفَعَةِ مُتَرَاخِيًا فَمِنْ الضَّرُورِيِّ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ أَنْ يَتَرَاخَى اسْتِيفَاءُ الْبَدَلِ وَيَتَأَخَّرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ مُعَاوَضَةٌ فَكَمَا يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ مِلْكِيَّةِ الْمَنَافِعِ وَقْتَ الْعَقْدِ يَمْتَنِعُ ثُبُوتُ مِلْكِيَّةِ الْبَدَلِ أَيْضًا. أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ. فَعَلَيْهِ مَتَى اسْتَلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ يَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنْ كَانَتْ مَعْدُومَةً فَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُشَارِ إلَيْهِ أَصْبَحَتْ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ حُكْمًا (الزَّيْلَعِيّ) . وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ (بِعَقْدٍ كَهَذَا) صَحِيحَةً، وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ الْخَاصُّ لِتَأْجِيلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ أَوْ تَعْجِيلِهِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (251) يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ بَدَلِ الْإِجَارَةِ لِلْآجِرِ عَقِيبَ انْعِقَادِهَا حَالًا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ أَوْ تَأْجِيلِهِ (1) وَلَا يُطَالَبُ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَسْلِيمِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَوَادِّ الْأَرْبَعِ الْآتِيَةِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ.

وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَ مَنْفَعَةٌ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مَوْجُودٍ فَلَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهَا حَالًا. إنَّ الْمَادَّةَ (475) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. (الدُّرَرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ، وَأَشْبَاهٌ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَفَيْضِيَّةٌ) . الْخُلَاصَةُ: إمَّا أَنْ يُشْرَطَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ أَوْ تَأْجِيلُهَا أَوْ تَقْسِيطُهَا وَإِمَّا أَنْ يُسْكَتَ فَلَا يُذْكَرُ شَيْءٌ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْجِيلٍ أَوْ تَقْسِيطٍ. فَحُكْمُ الصُّورَةِ الْأُولَى سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (475) (النَّتِيجَةُ) (الطُّورِيُّ) وَلَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ عَيْنًا اتِّفَاقًا وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَقَارًا مُعَيَّنًا وَلَمْ يُشْرَطْ فِي الْإِجَارَةِ تَعْجِيلُ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَبَاعَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ آخَرَ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ قِيَاسًا) إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا فَلَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّ الْآجِرَ لَا يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَدَاؤُهَا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَالْحَاصِلُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا لَا يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ دَيْنًا عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قَالَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مِنْ الْفُقَهَاءِ إنَّ الْآجِرَ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إيفَاؤُهَا أَيْ أَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ هَذَا الْفَرِيقِ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَمْلِكُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَتْ دَيْنًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَاؤُهَا لَازِمًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . (الْأُجْرَةُ إذَا كَانَتْ عَيْنًا لَا تُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ دَيْنًا تُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ) . (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) قَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ أَيْ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهَا وَتَسْلِيمُهَا. وَعَدَمُ لُزُومِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأُجْرَةَ، وَعَدَمُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ تَسْلِيمِ الشَّيْءِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ أَوْلَى. إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُفْهَمْ فِي عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُرَجِّحُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ. سُؤَالٌ: إنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْآجِرَ لَمْ يَصِرْ مَالِكًا لِلْأُجْرَةِ فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ إبْرَاؤُهُ غَيْرَ صَحِيحٍ فَلَوْ آجَرَ شَخْصٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ سَنَةً وَبَعْدَ ذَلِكَ أَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَانَ إبْرَاؤُهُ أَوْ هِبَتُهُ صَحِيحَةً عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَرَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ (وَبِهِ نَأْخُذُ) (الشَّارِحُ) . أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُسْتَأْجِرَ بَعْدَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ فِي الْكُلِّ. وَإِذَا آجَرَهَا فِي مُحَرَّمٍ مُشَاهَرَةً وَأَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ بَدَلِ إيجَارٍ مُحَرَّمٍ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ وَهَبَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ أَوْ أَبْرَأَ مِنْهَا جَازَ إجْمَاعًا أَمَّا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَجُوزُ عِنْدَهُ فِي الْجَمِيعِ

(المادة 467) تلزم الأجرة بالتعجيل

فَكَذَا فِي الْبَعْضِ) . وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ فَهِبَةُ الْبَعْضِ حَقٌّ يَلْحَقُ بِالْأَصْلِ فَيَصِيرُ كَالْمَوْجُودِ فِي حَالِ الْعَقْدِ (وَهِبَةُ الْجَمِيعِ لَا تَلْحَقُ بِالْعَقْدِ فَتَثْبُتُ فِي الْحَالِ وَلَيْسَ هُنَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ فَلَا يَصِحُّ) (الشَّلَبِيُّ) . وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ الْآجِرُ فِي مُقَابِلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ كَفِيلًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ ثَابِتَةٍ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَكَانَ ذَلِكَ كَفَالَةً لِدَيْنٍ مَعْدُومٍ أَوْ رَهْنٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْعَقْدَ (الَّذِي هُوَ مُسَبِّبٌ فِي وُجُوبِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ) مَوْجُودٌ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُودِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْقِصَاصِ بَعْدَ الْجُرْحِ (الطُّورِيُّ) أَمَّا الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ فَبِمَا أَنَّهُمَا لِلتَّوْفِيقِ فَقَطْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ كَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهْنُ فِي الْبَيْعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَفِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ. كَذَلِكَ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِي الدَّرَكِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ (الزَّيْلَعِيّ) [ (الْمَادَّةُ 467) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ] (الْمَادَّةُ 467) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ يَعْنِي لَوْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ نَقْدًا مَلَكَهَا الْآجِرُ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِرْدَادُهَا. تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَابٍ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ: تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالتَّعْجِيلِ، أَيْ إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهَا التَّعْجِيلُ وَلَمْ تَكُنْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةً الْمُسْتَأْجِرَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمُؤَجِّرَ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ مُنَجَّزَةً أَوْ مُضَافَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِتَسَلُّمِ الْبَدَلِ لِلْمُؤَجِّرِ مُعَجَّلًا قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ الثَّابِتَ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمُسَاوَاةِ اللَّازِمَةِ فِي الْحُقُوقِ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يُوجِبُهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. أَيْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا سَلَّمَ الْآجِرَ الْأُجْرَةَ سَلَفًا وَلَمْ يَشْرِطْ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَعْجِيلَهَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَقُّ اسْتِرْدَادِهَا بِدَاعِي عَدَمِ وُجُودِ شَرْطٍ لِتَعْجِيلِ الْبَدَلِ أَوْ بِدَاعِي عَدَمِ اسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) لِأَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ مَالًا لِغَرَضٍ مَا فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ مَا بَقِيَ الْغَرَضُ (مَنَافِعُ الدَّقَائِقِ) . وَذَلِكَ مَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حِينَئِذٍ اسْتِرْدَادُ مَا زَادَ مِنْ الْأُجْرَةِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا الدَّارَ مِنْ الْآجِرِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 443) . وَتَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَلُزُومُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْجِيلِهَا وَلُزُومِهَا فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِهَا وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِهَا. وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ قَالَتْ بِتَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَلُزُومِهَا فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ

(المادة 468) تلزم الأجرة بشرط التعجيل

أَنَّهَا تُرَجِّحُ قَوْلَ مَنْ قَالَ بِالتَّعْجِيلِ وَلُزُومُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ أَيْضًا لِذَلِكَ فَقَدْ شَرَحْنَاهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. التَّعْجِيلُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: التَّعْجِيلُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. النَّوْعُ الثَّانِي: التَّعْجِيلُ الْحُكْمِيُّ. الْأُجْرَةُ: وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا وَأَعَارَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِلْآجِرِ أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ أَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي مُقَابِلِ الْأُجْرَةِ مَالًا مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَقَبَضَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا وَهُوَ فِي حُكْمِ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) . السَّبَبُ الثَّانِي: شَرْطُ التَّعْجِيلِ وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ السَّبَبُ الثَّالِثُ: اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ 469. السَّبَبُ الرَّابِعُ: الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ 470. [ (الْمَادَّةُ 468) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ] (الْمَادَّةُ 468) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ يَعْنِي لَوْ شُرِطَ كَوْنُ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً، يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَسْلِيمُهَا إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَارِدًا عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ أَوْ عَلَى الْعَمَلِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِلْآجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا الْأُجْرَةَ وَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ بِالْأُجْرَةِ نَقْدًا فَإِنْ امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الْإِيفَاءِ فَلَهُمَا فَسْخُ الْإِجَارَةِ. تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ: أَيْ إذَا شُرِطَ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعْدَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) . سُؤَالٌ: إنَّ شَرْطَ التَّعْجِيلِ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ تَفْسُدَ بِهِ الْإِجَارَةُ فَلِمَ لَمْ تَفْسُدْ؟ الْجَوَابُ: بِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَكُونُ شَرْطُ التَّعْجِيلِ فِي الْأُجْرَةِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ يَجِبُ التَّعْجِيلُ فِيهِ وَلَكِنْ يَسْقُطُ التَّعْجِيلُ فِي الْإِجَارَةِ لِمَانِعِ الْمُسَاوَاةِ. وَبِمَا أَنَّ الْمُسَاوَاةَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْتَأْجِرِ فَبِالتَّعْجِيلِ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ ذَلِكَ الْحَقَّ فَيَعُودُ الْمَمْنُوعُ بِزَوَالِ الْمَانِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24)) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْأُجْرَةِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ أَدَاءِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى أَنْ يَقُولَ إنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي أَدَّيْتهَا تَزِيدُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا قِرْشًا وَيَطْلُبَ اسْتِرْدَادَ الزِّيَادَةِ. وَالْحُكْمُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (469 وَ 470) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . يَعْنِي لَوْ شَرَطَ الْآجِرُ حِينَ الْعَقْدِ كَوْنَ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً كَمَا فُصِّلَ فِي الْمَادَّةِ (421) لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ تَسْلِيمُهَا إلَى الْآجِرِ إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَارِدًا (1) عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ (2) عَلَى الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ مَنَافِعُ الْآدَمِيِّ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْآجِرِ الْمُطَالَبَةُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ.

(المادة 469) تلزم الأجرة باستيفاء المنفعة

فَلَوْ أَجَرَ شَخْصٌ دَارًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَبَعْدَ مُرُورِ شَهْرَيْنِ مِنْ السَّنَةِ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْبَدَلَ كَامِلًا وَقَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ وَتَعَهَّدَ بِهِ لَزِمَ أَدَاءُ الْبَدَلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ (الشَّلَبِيُّ) وَلِلْآجِرِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْبِسَهُ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْأَجْرَ. كَمَا أَنَّ لِلْأَجِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِرَقْمِ اثْنَيْنِ (2) الِامْتِنَاعَ عَنْ الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْآجِرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَبْدَأُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مَا امْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى إمْسَاكِ الْمَأْجُورِ أَوْ إضْرَابِ الْأَجِيرِ عَنْ الْعَمَلِ ضَرَرٌ فَلِلْآجِرِ وَلِلْأَجِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا طَالَبَا بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ تُدْفَعْ لَهُمَا سَلَفًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ. (الطُّورِيُّ) وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَ الْمَأْجُورَ قَبْلَ الْفَسْخِ بِدَاعِي عَدَمِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (490) . وَلُزُومُ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. غَيْرَ أَنَّهُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ، فَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِبُطْلَانِ التَّعْجِيلِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ وَعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْتِ الَّذِي تُضَافُ إلَيْهِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَإِنَّمَا يُمْنَعُ التَّصْرِيحُ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتِ مُسْتَقْبَلِ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً لِأَنَّ مَا يُضَافُ إلَى وَقْتٍ فَلَا يَكُونُ مَوْجُودًا قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْتِ أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ يَجِبُ فِي الْحَالِ وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ حَتَّى يُسَلَّمَ الثَّمَنُ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ ثُمَّ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ تَأَخَّرَ بِالْعَقْدِ صَرِيحًا (الزَّيْلَعِيّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ وَبِمَا أَنَّ الْمَادَّةَ (440) مِنْ الْمَجَلَّةِ قَبِلَتْ بِالرَّأْيِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (476) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا الْأُجْرَةَ فِي الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَمِنْ اللَّائِقِ أَيْضًا أَنْ يُقْبَلَ بِذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا وَأَنَّ إطْلَاقَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَدَمَ تَقْيِيدِهَا بِقَيْدِ الْإِجَارَةِ الْمُنَجَّزَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 469) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ] (الْمَادَّةُ 469) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ رَكِبَهَا وَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَسْتَحِقُّ آجِرُهَا الْأُجْرَةَ. تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ إيفَاءِ الْأَجِيرِ الْعَمَلَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِأَجْلِهِ وَإِتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً، إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَفِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ. غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ لِلُزُومِ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَوْفَاةُ هِيَ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا.

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً مَعَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ وَرَكِبَ فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ عَقْدٍ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ وَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَسْتَحِقُّ آجِرُهَا الْأُجْرَةَ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَدَاؤُهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَتُسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةُ كُلُّهَا كَمَا وَرَدَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْمَأْجُورِ إذَا كَانَ دَابَّةً. وَالْحُكْمُ فِي الْعَقَارِ وَالْأَجِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا. مِثَالٌ لِلْعَقَارِ: إذَا آجَرَ شَخْصٌ دَارِهِ آخَرَ لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ سَنَةً فِي الدَّارِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَدَاءُ بَدَلِ الْإِيجَارِ إلَى الْمُؤَجِّرِ مِثَالٌ لِلْأَجِيرِ: إذَا أَعْطَى شَخْصٌ حَمَّالًا حِمْلًا لِيُوَصِّلَهُ إلَى مَحَلٍّ وَأَوْصَلَهُ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ أَدَاءُ الْأُجْرَةِ إلَى الْأَجِيرِ. وَهَكَذَا إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الْمَنْفَعَةُ كُلُّهَا لَزِمَ بَدَلُ الْإِيجَارِ كُلُّهُ. كَمَا أَنَّهُ قَدْ يُسْتَوْفَى بَعْضُهَا، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً عَلَى الْمُدَّةِ كَمَا فِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ إعْطَاءُ مَا يَلْحَقُ الْمُدَّةَ الَّتِي اسْتَوْفَى مَنَافِعَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَوْفَاةِ تُعْلَمُ بِدُونِ مَشَقَّةٍ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَالْقِيَاسُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَلْزَمَ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ. إلَّا أَنَّهُ فِي حِسَابِ ذَلِكَ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 17) وَقَدْ جَاءَ (فَفِي الدَّارِ يَجِبُ لِكُلِّ يَوْمٍ لِأَنَّ الْيَوْمَ مَقْصُودٌ بِالِانْتِفَاعِ وَأَخْذُ الْبَدَلِ عَنْهُ لَا يُفْضِي إلَى الضَّرَرِ وَفِي الْمَسَافَةِ لِكُلِّ مَرْحَلَةٍ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِحِسَابِهِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ إلَّا أَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ لِأَنَّهُ لَا تُعْلَمُ حِصَّتُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ وَلَا يَتَفَرَّغُ - لِغَيْرِهِ؛ أَيْ لِأَنَّهُ كُلَّمَا يَفْرُغُ مِنْ تَسْلِيمِ أُجْرَةِ سَاعَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ سَاعَةٍ أُخْرَى عَلَى التَّوَالِي فَرَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مَعْلُومَةٌ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ وَهَذَا الْقَدْرُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ مَقْصُودٌ فَيَجِبُ الْبَدَلُ بِحِصَّتِهِ) . مِثَالُ الْعَقَارِ: لَوْ آجَرَ شَخْصٌ دَارِهِ شَهْرًا بِثَلَاثِينَ قِرْشًا وَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ يَوْمًا وَاحِدًا اقْتَضَى بِذَلِكَ إعْطَاءَ الْمُؤَجِّرِ قِرْشًا وَاحِدًا نَصِيبَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَلِلْمُؤَجِّرِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ أُجْرَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِدَاعِي أَنَّهُ سَيُؤَدِّي أُجْرَةَ الشَّهْرِ كَامِلَةً فِي آخِرِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (الزَّيْلَعِيّ) . مِثَالٌ آخَرُ: إذَا آجَرَ شَخْصٌ عَرْصَتَهُ مِنْ آخَرَ لِمُدَّةِ شَهْرٍ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُؤَجِّرِ خَمْسَةَ قُرُوشٍ أُجْرَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْإِعْطَاءِ بِدَاعِي أَنَّهُ سَيُؤَدِّي الْأُجْرَةَ تَامَّةً فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ زُفَرَ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ الْمَنْفَعَةُ بِرُمَّتِهَا وَيُوَفَّى الْعَامِلُ الْعَمَلَ بِجُمْلَتِهِ (لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ جُمْلَةُ الْمَنَافِعِ وَالْعَمَلِ فَلَا يَتَوَزَّعُ الْأَجْرُ عَلَى أَجْزَائِهَا وَالْمَنَافِعُ لَمْ تَصِرْ مُسَلَّمَةً إلَيْهِ فَلَا يُطَالِبُ بِبَدَلِهَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ فِي الدَّيْنِ) . غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ قَدْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ بِلُزُومِ أُجْرَةِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْمَنَافِعِ. أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْأَعْمَالِ فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ

مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْبَعْضِ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِمُقَابَلَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الْعَمَلِ فَيَسْتَحِقُّ الْكُلَّ (الزَّيْلَعِيّ. الشَّلَبِيُّ) . وَالْفِقْرَةُ الْوَارِدَةُ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ (وَوَصَلَ إلَى الْمَحَلِّ) فَكَمَا أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ تَمَامَ الْمُوَافَقَةِ مَذْهَبَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَهِيَ مُطَابِقَةٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْأَخِيرِ غَيْرَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَرْجِيحُ مَذْهَبِ زُفَرَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (475)) بَعْضُ مَسَائِلَ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ بِاسْتِيفَاءِ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ: 1 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَجِيرًا لِرُؤْيَةِ مَصْلَحَةٍ مَا وَالْأَجِيرُ قَامَ بِتِلْكَ الْمَصْلَحَةِ اسْتَحَقَّ الْأَجِيرُ بِمَا أَنَّهُ أَوْفَى الْعَمَلَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 424) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَيُوَصِّلَهُ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ مُقَابِلَ فَرَسٍ مُعَيَّنٍ فَأَوْصَلَهُ الْمَذْكُورُ إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ الْفَرَسَ بَدَلَ إجَارَةٍ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ أَوْ يَقُومَ بِخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِكَذَا قِرْشًا وَقَامَ بِخِدْمَتِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِأَحَدِ الْعُلَمَاءِ عِظْ النَّاسَ يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوعِ فِي الْجَامِعِ الْفُلَانِيِّ وَلَك مِنِّي فِي السَّنَةِ كَذَا قِرْشًا وَقَامَ بِذَلِكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فَكَانَ يَأْتِي إلَى ذَلِكَ الْجَامِعِ يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوعِ وَيَعِظُ النَّاسَ وَيَنْصَحُهُمْ فَلِذَلِكَ الْعَالِمِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْبَهْجَةُ) . 2 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لِخَبْزِ الْخُبْزِ فِي بَيْتِهِ فِي التَّنُّورِ وَقَامَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِمَا عُهِدَ إلَيْهِ بِهِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى بِمُجَرَّدِ خَبْزِهِ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ. لِأَنَّ تَمَامَهُ بِذَلِكَ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهِ بِحِسَابِهِ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ صَارَ مُسَلَّمًا إلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ مُلَخَّصًا) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ الْخُبْزُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ التَّنُّورِ بِدُونِ دَخْلِ الْأَجِيرِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِثْلِهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي اسْتَأْجَرَهُ لِيَخْبِزَ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ التَّنُّورِ احْتَرَقَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، قَالُوا: لَهُ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَهْلِكْ مِنْ صُنْعِهِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ (شَلَبِيّ مُلَخَّصًا) . وَإِنْ احْتَرَقَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لَا أَجْرَ لَهُ وَيَغْرَمُ اتِّفَاقًا لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخُبْزُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَيْتِ الْخَبَّازِ أَوْ لَا فَاحْتَرَقَ أَوْ سُرِقَ فَلَا أَجْرَ لَهُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ حَقِيقَةً وَلَا ضَمَانَ لَوْ سُرِقَ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ خِلَافًا لَهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . 3 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَجِيرًا لِيَعْمَلَ مِقْدَارًا مِنْ اللَّبِنِ وَعَمِلَ لَهُ الْمِقْدَارَ الْمَطْلُوبَ وَجَفَّفَهُ وَكَوَّمَهُ كَوْمَةً وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَصَابَهُ مَطَرٌ قَبْلَ جَفَافِهِ فَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَمَّالًا بِقَوْلِهِ: (اُنْقُلْ هَذَا الْحِمْلَ مِنْ هُنَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ) وَنَقَلَهُ

(المادة 470) تلزم الأجرة في الإجارة الصحيحة بالاقتدار على استيفاء المنفعة

الْحَمَّالُ إلَى الْمَحَلِّ الْمَطْلُوبِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ نَقْلُهُ مُدَّةً أَطْوَلَ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (422) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْعَمَلُ وَقَدْ حَصَلَ (الْأَنْقِرْوِيّ) . 5 - إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ آخَرَ لِإِحْضَارِ عِيَالِهِ مِنْ مَحَلٍّ عَلَى أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ النَّقْلِ مِنْ الْأَجِيرِ وَتُوُفِّيَ بَعْضُ عِيَالِهِ وَأَحْضَرَ الْأَجِيرُ الْبَعْضَ الْآخَرَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ عَدَدُ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ مَعْلُومًا لَدَى الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَعْلَمَ الْأَجِيرَ بِعَدَدِهِمْ يَأْخُذُ الْأَجِيرُ أُجْرَةَ الذَّهَابِ كَامِلَةً كَمَا يَأْخُذُ أُجْرَةَ مَنْ أُحْضِرَ مِنْهُمْ رَاجِعًا؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ إذَا وَجَدَ الْأَجِيرُ كُلَّ الْعَائِلَةِ وَقَدْ تُوُفِّيَتْ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَجِيءُ بِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ ذَهَبَ وَلَمْ يَحْمِلْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْإِجَارَةِ) . أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيُرَافِقَ عَائِلَتَهُ فِي سَفَرِهِمْ فَقَطْ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَتُوُفِّيَ بَعْضُ الْعَائِلَةِ وَأَحْضَرَ الْبَعْضَ الْآخَرَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ تَامَّةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) . 6 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَمَّالًا لِإِحْضَارِ حِمْلٍ مَعْلُومٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَكَانٍ وَذَهَبَ الْحَمَّالُ لِإِحْضَارِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ وَرَجَعَ فَارِغًا لَزِمَ إعْطَاؤُهُ مَا يَلْحَقُ ذَهَابَهُ وَإِيَابَهُ فَارِغًا مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الذَّهَابَ حَصَلَ لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ. أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِإِحْضَارِ مِقْدَارٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ مَعْلُومَةً وَمُعَيَّنَةً وَذَهَبَ وَلَمْ يُحْضِرْهَا لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى شَرْطِ أَلَا يَتَجَاوَزَ حِصَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ، الْبَهْجَةُ) . 7 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَجِيرًا لِيُوَصِّلَ شَيْئًا إلَى أَحَدِ النَّاسِ كَرِسَالَةٍ مِمَّا لَا يُحْتَاجُ فِي حَمْلِهِ إلَى مَئُونَة أَوْ كَطَعَامٍ مِمَّا يُحْتَاجُ فِي حَمْلِهِ إلَى مَئُونَة وَذَهَبَ ذَلِكَ الْأَجِيرُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ الرَّجُلَ بَلْ وَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ أَوْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَقَفَلَ رَاجِعًا بِمَا مَعَهُ، فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَقَضَ عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ. أَمَّا إذَا سَلَّمَ مَا مَعَهُ لِوَرَثَةِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (إذَا كَانَ غَائِبًا) فَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِذَهَابِهِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ (التَّنْوِيرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . 8 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ آخَرَ لِيُبَلِّغَ آخَرَ كَلَامًا وَيَدْعُوَهُ وَوَصَلَ الْأَجِيرُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فَوَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ فَبَلَّغَ وَرَثَتَهُ ذَلِكَ أَوْ وَجَدَهُ غَائِبًا فَبَلَّغَ ذَلِكَ إلَى أَحَدِ النَّاسِ لِيُبَلِّغَهُ إيَّاهُ عِنْدَ عَوْدَتِهِ أَوْ عَادَ بِدُونِ أَنْ يُبَلِّغَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ أَخَذَ الْأُجْرَةَ كَامِلَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَلْزَمُ الْمُرْسِلَ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ إيصَالِ الْكِتَابِ أَنَّ الرِّسَالَةَ قَدْ تَكُونُ سِرًّا لَا يَرْضَى الْمُرْسِلُ بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا غَيْرُهُ أَمَّا الْكِتَابُ فَمَخْتُومٌ فَلَوْ تَرَكَهُ مَخْتُومًا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 470) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ] (الْمَادَّةُ 470) تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا فَبَعْدَ قَبْضِهَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا. تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الْمُدَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْعَقْدِ وَفِي الْمَكَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا تَلْزَمُ بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بِالْفِعْلِ. وَلَوْ ذُكِرَتْ الْمُدَّةُ وَالْمَسَافَةُ فَرَكِبَهَا إلَى ذَلِكَ

الْمَكَانِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ تَجِبْ الْأُجْرَةُ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَإِلَّا فَالِانْتِفَاعُ الْحَقِيقِيُّ لَيْسَ شَرْطًا فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَمَّا كَانَتْ عَرَضًا مِنْ الْأَعْرَاضِ لَا تَبْقَى فِي زَمَانَيْنِ مَعًا فَلَيْسَ مِنْ الْمُتَصَوَّرِ تَسْلِيمُهَا. وَقَدْ أُقِيمَ تَسْلِيمُ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمَأْجُورُ مَقَامَ تَسْلِيمِهَا فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِاسْتِلَامِ الْمَأْجُورِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُؤَجِّرِ أَكْثَرَ مِنْ تَمْكِينِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَمَتَى تَحَقَّقَ وَجَبَ الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا كَمَا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (479) (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، شَلَبِيّ) . مُسْتَثْنًى. قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ وَرَبَطَهَا فِي إصْطَبْلِهِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ اسكدار إلَى أزميت وَأَمْسَكَهَا فِي اسكدار وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى أزميت وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَبَسَهَا فِي بَيْتِهِ لَمْ تَجِبْ الْأُجْرَةُ (الطُّورِيُّ) . وَهَذَا وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ: إنَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ وَحَبْسِهَا ضَرَرًا فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْإِمْسَاكِ الْمَذْكُورِ مُتَعَدِّيًا وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. (الطُّورِيُّ، الشَّلَبِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ فَبَعْدَ قَبْضِهَا (خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ) يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا أَصْلًا مَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَأَنْ تُغْصَبَ الدَّارُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَدْ أُرِيدَ بِقَيْدِ (خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ) الِاحْتِرَازُ عَنْ تَسْلِيمِ الدَّارِ وَفِيهَا شَيْءٌ كَأَثَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَسْلِيمُ الْمُؤَجِّرِ الدَّارَ وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَثَاثِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (523، 584)) . وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حُلِيًّا لِتَزْدَانَ بِهَا عَرُوسٌ وَقَبَضَهَا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا وَلَوْ لَمْ تَتَزَيَّنْ بِهَا الْعَرُوسُ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا شَهْرًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ فِيهَا يَوْمَيْنِ فَقَطْ انْتَقَلَ لِغَيْرِهَا بِدُونِ عُذْرٍ فَلِلْآجِرِ أُجْرَةُ الشَّهْرِ كَامِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ مِنْ صَبَاحِ يَوْمٍ إلَى مَسَائِهِ وَأَبْقَاهُ فِي بَيْتِهِ إلَى الْمَسَاءِ دُونَ أَنْ يَلْبَسَهُ لَزِمَ أَدَاءَ أُجْرَتِهِ كَامِلَةً. وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي الْمَسَاءِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ مَكَّنَهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الثَّوْبِ إلَيْهِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ؛ انْتَهَى بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. وَالْإِذْنُ فِي اللُّبْسِ كَانَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ. (الشَّلَبِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً لِنَقْلِ حِمْلٍ إلَى مَحَلٍّ وَلَمْ يُحَمِّلْهَا الْحِمْلَ وَلَمْ يَرْكَبْهَا بَلْ سَاقَهَا سَوْقًا إلَى الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ عُذْرٍ مَنَعَهُ عَنْ تَحْمِيلِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ حِينَئِذٍ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (518) " الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ ") كَذَلِكَ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ وَلَمْ يَرْكَبْهَا بَلْ تَرَكَهَا تَمْشِي فِي جَانِبِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ (الشَّلَبِيُّ)

كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ تَنُّورًا مُدَّةَ سَنَةٍ وَسَدَّهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَغَلَ فِيهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مَعَ إمْكَانِ التَّصَرُّفِ فِيهِ لَزِمَتْهُ السَّنَةُ كَامِلَةً (الْفَيْضِيَّةُ) مَا لَمْ يَقُلْ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا أَقَامَ الْمُتَعَاقِدَانِ الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْآجِرِ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا مَا شَاءَ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا وَزَرَعَهَا أَكَلَ الْجَرَادُ زَرْعَهَا لَزِمَهُ أَجْرُهَا الْمُسَمَّى إذْ كَانَ زَرْعُهَا فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مُمْكِنَةً لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الصَّحِيحَةِ تَعْتَمِدُ التَّمَكُّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ لَا حَقِيقَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَإِنْ أَكَلَهُ الْجَرَادُ بِالْإِجْمَاعِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (425) أَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ إذَا كَانَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَعَلَيْهِ تُعَدُّ الْمَادَّةُ (425) فَرْعًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَيَكُونُ الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ تَسْلِيمَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ أَنَّهُ يَقْبِضُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ وَلَا يُوجَدُ مَانِعٌ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ التَّسْلِيمُ (الْبَزَّازِيَّةُ) قَالَ الْمُحِيطُ " وَالتَّمَكُّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا لَا يَكْفِي لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَكَذَا التَّمَكُّنُ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ لَا يَكْفِي لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ (الطُّورِيُّ) ". الْخُلَاصَةُ أَنَّ لُزُومَ الْأُجْرَةِ فِي الصَّحِيحَةِ مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ: (1) التَّمَكُّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ أَصْلًا وَلَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ مَشْغُولًا أَوْ عَرَضَ سَبَبٌ مَانِعٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ كَأَنْ يُغْتَصَبَ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِرْدَادُهُ مِنْهُ بِشَفَاعَةٍ أَوْ حِمَايَةٍ بِدُونِ إنْفَاقِ مَالٍ لِزَوَالِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَهُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ لَا حَقِيقَةِ الِانْتِفَاعِ (الزَّيْلَعِيّ) قَوْلُهُ سَقَطَ الْأَجْرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّعْجِيلُ إمَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ أَوْ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِاسْتِيفَاءُ وَالتَّمَكُّنُ مِنْهُ أَصْلًا فَلَا تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ (شَلَبِيّ) . وَإِذَا اُغْتُصِبَ الْمَأْجُورُ فِي بَعْضِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِمِقْدَارِ الْمُسْقَطِ. وَإِذَا أَمْكَنَ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ بِحِمَايَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ لَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ لِعَدَمِ الْإِخْرَاجِ (أَشْبَاهٌ، حَمَوِيٌّ) وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ إلَّا بِإِنْفَاقِ مَالٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ فِي عُرُوضِ الْمَانِعِ، كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الْمَأْجُورَ قَدْ اُغْتُصِبَ وَيُنْكِرَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْمَانِعُ قَائِمًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَانِعُ قَائِمًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُؤَجِّرِ. أَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى حُدُوثِ الْمَانِعِ وَاخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ بَقَائِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ فِي خَارِجِ الْمَدِينَةِ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَخَذَهَا الْآجِرُ مِنْ يَدِهِ وَحَبَسَهَا عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (478))

(المادة 471) لا يكون الاقتدار على استيفاء المنفعة كافيا في الإجارة الفاسدة

كَذَلِكَ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تُسْقَى لِأَجْلِ الزِّرَاعَةِ إذَا انْقَطَعَتْ عَنْهَا الْمِيَاهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهَا. كَذَلِكَ إذَا تَعَطَّلَ النَّهْرُ الْأَعْظَمُ وَلَمْ يُمْكِنْ سَقْيٌ مِنْهُ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . لِذَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ مَزْرَعَةٌ تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ وَلَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ وَلَيْسَ مَاءٌ آخَرُ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ بِذَلِكَ مِنْ الزَّرْعِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ اقْتِدَارٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) وَإِنْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْقَاضِي فَخْرُ الدِّينِ (زَيْلَعِيٌّ) . وَعَلَيْهِ إذَا اُسْتُخْلِصَ الْمَأْجُورُ مِنْ الْمُغْتَصِبِ وَسُلِّمَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بَقِيَ بَدَلُ الْإِيجَارِ سَارِيًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 478) . كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ هَا هِيَ الدَّارُ فَخُذْهَا وَاسْكُنْهَا وَلَمْ يَفْتَحْ الْمُسْتَأْجِرُ بَابَهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنِّي لَمْ أَسْكُنْهَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَسْتَطِيعُ فَتْحَ الْبَابِ بِدُونِ كُلْفَةٍ لَزِمَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا لَا. وَلَا حَقَّ لِلْمُؤَجِّرِ فِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَأْجِرِ هَلَّا كَسَرْت الْقُفْلَ وَدَخَلْت الدَّارَ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيهَا - كَوْنُ الْإِجَارَةِ صَحِيحَةً. وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِالتَّمَكُّنِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ) . ثَالِثُهَا - كَوْنُ التَّمَكُّنِ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ، حَتَّى إنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيمَا لَوْ سُلِّمَتْ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ كوجك شكمجه فِي بيوك شكمجه. رَابِعُهَا - يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّمَكُّنُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ حَتَّى إنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ فَرَسًا لِيَرْكَبَهُ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ إلَى بيوك شكمجه وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْفَرَسَ فِي غَيْرِهِ وَرَكِبَهُ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَمَكَّنَ بَعْدَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ (الطُّورِيُّ) . اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى الْكُوفَةِ فَسَلَّمَهَا الْمُؤَجِّرُ وَأَمْسَكَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِبَغْدَادَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ الْمَسِيرَ فِيهَا إلَى الْكُوفَةِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَاقَهَا مَعَهُ إلَى الْكُوفَةِ وَلَمْ يَرْكَبْهَا وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَسَافَةٍ فَالتَّسْلِيمُ فِي غَيْرِهَا لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْبَدَلُ فَإِنْ قِيلَ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَبَضَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ تَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا فَوَجَبَ أَنْ تَسْتَقِرَّ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، أَصْلُهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا شَهْرًا لِلرُّكُوبِ قِيلَ لَهُ التَّمَكُّنُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالتَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فِي غَيْرِ الْمُدَّةِ وَالْمَعْنَى فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمُدَّةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى الْعَمَلِ وَفَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِلْخِيَاطَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِلْخِيَاطَةِ (شَلَبِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 471) لَا يَكُونُ الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَافِيًا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ] (الْمَادَّةُ 471) لَا يَكُونُ الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَافِيًا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يَحْصُلْ الِانْتِفَاعُ حَقِيقَةً.

لَا يَكُونُ الِاقْتِدَارُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ قَبْضِ الْمَأْجُورِ وَكَوْنِ الْأَجِيرِ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الْأَجِيرِ كَافِيًا لِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَهْمَا كَانَ السَّبَبُ فِي فَسَادِهَا. وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَنْتَفِعْ بِهِ حَقِيقَةً وَمَا لَمْ يَقُمْ الْأَجِيرُ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ بِالْعَمَلِ فِعْلًا. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُوَافِقٌ لِلْمَادَّةِ (271) نَظِيرَتِهَا فِي الْبُيُوعِ وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: فَكَمَا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ امْتِلَاكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى الْقَبْضِ، كَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ امْتِلَاكُ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَنَافِعِ الْمَأْجُورِ عَلَى قَبْضِهَا أَيْ عَلَى اسْتِيفَائِهَا بِالْفِعْلِ. وَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ عَلَى الثَّمَنِ الْمُسَمَّى يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى دَفْعِ بَدَلِ الْمِثْلِ لَا عَلَى الْبَدَلِ الْمُسَمَّى أَيْضًا. تَوْضِيحٌ لِإِجَارَةِ الْأَمْوَالِ: يَلْزَمُ بِمُقْتَضَى التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ فِي الْمَادَّةِ (462) أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ انْتِفَاعًا حَقِيقِيًّا. فَلَوْ أَجَرَ شَخْصٌ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي طَاحُونٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فِي دِيَارٍ أُخْرَى مِنْ رَجُلٍ بِكَذَا قِرْشًا وَلَمْ يَذْهَبْ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى تِلْكَ الدِّيَارِ وَلَمْ يَسْتَلِمْ الطَّاحُونَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ مِنْهُ سَلَفًا وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي الْحَالِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَخَذَهَا الْآجِرُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) " عَلِيٌّ أَفَنْدِي ") . وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يَقَعْ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ جِهَةِ الْآجِرِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا مَسْأَلَتَانِ: 1 - إذَا أَجَرَ شَخْصٌ الْفَرَسَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ مِنْهُ فَلَيْسَ الِاسْتِئْجَارُ جَائِزًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (253) وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَسْلِيمٌ فِي الْمَأْجُورِ إذْ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَبِوُجُودِهِ فِي يَدٍ لَا يُعَدُّ مُسْتَلِمًا. 2 - لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا اغْتَصَبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لِامْتِنَاعِهِ عَنْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَاسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ الظَّاهِرِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ حِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ مُسْتَلِمًا لِلْمَأْجُورِ بَلْ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ اغْتَصَبَهُ اغْتِصَابًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ وَغُصِبَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ. تَوْضِيحٌ لِإِجَارَةِ الْآدَمِيِّ: يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ كَوْنُ الْأَجِيرِ قَدْ أَدَّى الْعَمَلَ فِعْلًا، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (568) . مُسْتَثْنَيَات: إنَّ مَالَ الْوَقْفِ وَمَالَ الْيَتِيمِ إذَا أُوجِرَا إيجَارًا فَاسِدًا تَلْزَمُ فِيهِمَا الْأُجْرَةُ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ (أَشْبَاهٌ 0 حَمَوِيٌّ، أنقروي، رَدُّ الْمُحْتَارِ) قُلْت وَهَلْ مَالُ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي الْبَيْعِ وَفَاءٌ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الرُّومِ كَذَلِكَ؟ فَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ فَلْيُرَاجَعْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . قُلْت: لَا تَرَدُّدَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَهَذَا مِنْ

(المادة 472) استعمل مال غيره بدون عقد ولا إذن

قَبِيلِهِ (سائحاني، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . عَلَى أَنَّهُ فَفِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فِي الْبَيْعِ وَفَاءٌ مُحِلٌّ لِلتَّرَدُّدِ. [ (الْمَادَّةُ 472) اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا إذْنٍ] (الْمَادَّةُ 472) مَنْ اسْتَعْمَلَ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا إذْنٍ فَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْأُجْرَةِ لَزِمَهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّهُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ رَاضِيًا بِإِعْطَاءِ الْأُجْرَةِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ وَقْفٍ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ فِي ذَاتِهَا مُتَقَوِّمَةً؛ لِأَنَّ التَّقَوُّمَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ الْإِحْرَازِ وَمَا لَا يَبْقَى كَيْفَ يُحْرَزُ وَإِنَّمَا صَارَتْ مُتَقَوِّمَةً شَرْعًا بِالْعَقْدِ لِضَرُورَةِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا. (الْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) . وَإِنَّمَا تَتَقَوَّمُ الْمَنَافِعُ بِالْعَقْدِ كَمَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بِالْعَقْدِ تَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ وَتَصِيرُ بِهِ مَالًا. (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَمَنَافِعُ الدَّقَائِقِ) فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَدَاءُ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (596) . مَثَلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا شَهْرًا فَقَطْ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَكَنَ فِيهَا شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمِائَةُ الْقِرْشِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِذَا دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ أُجْرَةَ الشَّهْرِ الثَّانِي لِلْمُؤَجِّرِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَالَ بَعْدَ مُطَالَبَةِ صَاحِبِهِ لَهُ بِالْأُجْرَةِ وَسَكَتَ لَزِمَهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (438) . وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَالِ فِي هَذَا الْحَالِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ بِالْأُجْرَةِ وَسُكُوتِهِ يَكُونُ رَاضِيًا بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْأُجْرَةَ وَالْغَاصِبُ رَضِيَ بِهِ ظَاهِرًا فَانْعَقَدَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ إجَارَةٍ (الدُّرَرُ) . مَثَلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ فِي دَارِ حِصَّتَيْ شَرِيكَيْهِ فِيهَا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُخْلِهِمَا وَطَالَبَهُ شَرِيكَاهُ بِالْأُجْرَةِ وَسَكَتَ لَزِمَتْهُ (التَّنْقِيحُ) . إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ الْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكًا لِلْمَأْجُورِ وَمُقِرًّا بِمِلْكِيَّةِ طَالِبِ الْأُجْرَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ مُنْكِرًا الْمِلْكِيَّةَ وَمُدَّعِيًا إيَّاهَا لِنَفْسِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . (الْخَانِيَّةُ)) . كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ أُجْرَةً مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَسَكَتَ، يَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (596) " رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْجُزْءِ الثَّالِثِ ") . وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى ثَلَاثِ فِقَرٍ: 1 - إذَا اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا إذْنٍ وَكَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ.

(المادة 473) اعتبار ومراعاة كل ما اشترطه العاقدان في تعجيل الأجرة وتأجيلها

إذَا اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا إذْنٍ وَلَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. 3 - إذَا اسْتَعْمَلَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا إذْنٍ وَبَعْدَ أَنْ طَالَبَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِالْأُجْرَةِ اسْتَمَرَّ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُمَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ إذْ لَيْسَتْ الْفِقْرَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ مَقْصُودَتَيْنِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ بِالذَّاتِ. أَمَّا الْفِقْرَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ (لَكِنْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ صَاحِبِ الْمَالِ إلَخْ) فَلَيْسَتْ شَيْئًا غَيْرَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (438) أَيْضًا فَلَا لُزُومَ إلَى إعَادَتِهَا هُنَا مَرَّةً ثَانِيَةً. وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَمَادَّةُ (438) لَا تُفِيدَانِ شَيْئًا غَيْرَ مَا تُفِيدُهُ الْمَوَادُّ الَّتِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ. هَذَا وَلَمَّا كَانَتْ الْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ تَذْكُرْ مَالَ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ كَمَا لَمْ تَذْكُرْ الْفِقْرَةُ الثَّالِثَةُ (سُكُوتَ السَّاكِتِ) ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ. إذْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى مَا جَاءَ فِيهِ مِنْ الْإِيضَاحِ وَالتَّقْيِيدِ. [ (الْمَادَّةُ 473) اعْتِبَارُ وَمُرَاعَاة كُلُّ مَا اشْتَرَطَهُ الْعَاقِدَانِ فِي تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلِهَا] (الْمَادَّةُ 473) يُعْتَبَرُ وَيُرَاعَى كُلُّ مَا اشْتَرَطَهُ الْعَاقِدَانِ فِي تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ وَتَأْجِيلِهَا. أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ وَيُرَاعَى كُلُّ مَا اشْتَرَطَهُ الْعَاقِدَانِ مِنْ تَأْجِيلِ الْأُجْرَةِ أَوْ تَقْسِيطِهَا أَوْ تَأْجِيلِهَا (الطُّورِيُّ) فَعَلَيْهِ لَوْ شَرَطَ الْعَاقِدَانِ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ لَزِمَ أَدَاؤُهَا مُعَجَّلَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (468)) وَإِذَا شُرِطَ التَّأْجِيلُ أَوْ التَّقْسِيطُ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (83، 245)) . وَلَمْ تَذْكُرْ الْمَجَلَّةُ شَرْطَ التَّقْسِيطِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ أَعَمُّ مِنْهُ فَهُوَ شَامِلٌ لَهُ. إذْ فِي كُلِّ تَقْسِيطٍ تَأْجِيلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (157) . سُؤَالٌ: أَلَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ شَرْطَ التَّعْجِيلِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَفِيهِ نَفْعٌ ظَاهِرٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْإِجَارَةُ تَكُونُ بِذَلِكَ فَاسِدَةً؟ الْجَوَابُ: كَلًّا لِأَنَّ قَبُولَ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعْجِيلِ الْبَدَلِ إسْقَاطٌ لِمَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ الْمُسَاوَاةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا الْعَقْدُ. وَهِيَ حَقُّهُ فَيُمْكِنُهُ إسْقَاطُهَا كَإِسْقَاطِ الْبَائِعِ حَقَّهُ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ إذَا أَجَّلَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَكَإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ فِي وَصْفِ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ إذَا قَبِلَ الْمَبِيعَ بِكُلِّ عُيُوبِهِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ وَقَبْضَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (341 و 342 و 343) . وَيُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي حُكْمِ الْأَصْلِ لِلْمَوَادِّ (468 و 474 و 476) فَكَانَ الْأَنْسَبُ الْإِتْيَانَ بِهَا قَبْلَ الْمَادَّةِ (468) .

(المادة 474) إذا شرط تأجيل البدل يلزم على الآجر تسليم المأجور وعلى الأجير إيفاء العمل

[ (الْمَادَّةُ 474) إذَا شَرْط تأجيل الْبَدَل يَلْزَم عَلَى الْآجُرّ تَسْلِيم الْمَأْجُور وَعَلَى الْأَجِير إيفَاء الْعَمَل] (الْمَادَّةُ 474) إذَا شُرِطَ تَأْجِيلُ الْبَدَلِ يَلْزَمُ عَلَى الْآجِرِ أَوَّلًا تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ وَعَلَى الْأَجِيرِ إيفَاءُ الْعَمَلِ. وَالْأُجْرَةُ لَا تُلْزَمُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي شُرِطَتْ. إنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ بِشَرْطِ التَّأْجِيلِ أَوْ التَّقْسِيطِ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ. وَالتَّأْجِيلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَاحَةً أَوْ يَكُونَ ضِمْنًا كَمَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ (476) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ فِي عَقْدِ إجَارَةِ تَأْجِيلُ الْبَدَلِ أَوْ تَقْسِيطُهُ وَكَانَ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَلَى مَنَافِعِ أَعْيَانٍ يَلْزَمُ عَلَى الْآجِرِ أَوَّلًا تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ وَارِدًا عَلَى الْعَمَلِ فَعَلَى الْأَجِيرِ الْقِيَامُ بِالْعَمَلِ وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي شُرِطَتْ لِلتَّأْدِيَةِ أَوْ حُلُولِ أَجَلِ الْقِسْطِ. وَلَيْسَ لِلْآجِرِ قَبْلَ ذَلِكَ طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) (الْبَهْجَةُ، النَّتِيجَةُ)) . فَلِذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (283) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ النَّسِيئَةِ حَقٌّ فِي حَبْسِ الْمَبِيعِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ. [ (الْمَادَّةُ 475) يَلْزَم الْآجُرّ تَسْلِيم الْمَأْجُور وَعَلَى الْأَجِير إيفَاء الْعَمَل فِي الْإِجَارَة الْمُطَلَّقَة] (الْمَادَّةُ 475) يَلْزَمُ الْآجِرَ أَوَّلًا تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ وَعَلَى الْأَجِيرِ إيفَاءُ الْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي عُقِدَتْ مِنْ دُونِ شَرْطِ التَّعْجِيلِ. وَالتَّأْجِيلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَعْنِي إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ أَوْ عَلَى الْعَمَلِ. أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآجِرَ فِي الْإِجَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي عُقِدَتْ مِنْ دُونِ شَرْطِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ وَالتَّقْسِيطِ فِي كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَارِدًا (أ) عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ. (ب) أَوْ عَلَى الْعَمَلِ: أَوَّلًا تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ وَعَلَى الْأَجِيرِ أَدَاءُ الْعَمَلِ وَلَا تَلْزَمُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 466 الْأُجْرَةُ فِي الْحَالِ بَلْ تَلْزَمُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ وَأَدَاءِ الْعَمَلِ. وَإِذَا سَلَّمَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَكَانَ عَقَارًا كَالْأَرَاضِيِ، لَزِمَ إعْطَاءُ نَصِيبِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي يَوْمِهِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ (الْهِدَايَةُ) . وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ إعْطَاءُ أُجْرَةِ كُلِّ سَاعَةٍ فِيهَا قِيَاسًا وَمُرَاعَاةَ الْمُسَاوَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا إلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ إذْ إنَّهُ تَسْتَلْزِمُ الْمُطَالَبَةُ بِالْأُجْرَةِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَجَعَلَ الْمُسْتَأْجِرَ مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ الْأُجْرَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ عَدَمُ اشْتِغَالِ الطَّرَفَيْنِ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ. فَقَدْ رُئِيَ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ الْقَائِلَةِ (الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ) لُزُومُ إعْطَاءِ الْأُجْرَةِ يَوْمِيًّا وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ (لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ تُفْضِي إلَى أَنْ لَا يَتَفَرَّغَ لِغَيْرِهِ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ فَقَدَّرْنَاهُ بِمَا ذَكَرْنَا) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (469) . مَثَلًا: إذَا آجَرَ شَخْصٌ بِعَقْدٍ مُطْلَقٍ دَارِهِ مِنْ آخَرَ شَهْرًا وَاحِدًا بِثَلَاثِينَ قِرْشًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي آخِرِ كُلِّ يَوْمٍ إعْطَاءُ الْآجِرِ أَرْبَعِينَ بارة أَجْرًا لِلدَّارِ مُيَاوَمَةً. وَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةٍ كُلَّ سَاعَةٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ يُوجِبُ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ عَنْ كُلِّ سَاعَةٍ

إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي تَعْيِينِ الْأُجْرَةِ وَإِعْطَائِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَقَدْ عُدِلَ عَنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (17 وَ 18)) . وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَتَى قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ وَأَتَمَّهُ. وَلَا تَلْزَمُهُ فِيهَا الْأُجْرَةُ بِبَعْضِ الْعَمَلِ بِنِسْبَتِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِبَعْضِ الْعَمَلِ. مَثَلًا: إذَا خَاطَ الْأَجِيرُ الَّذِي هُوَ الْخَيَّاطُ الثِّيَابَ كَامِلَةً فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَفَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ أَخَذَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا لَوْ خَاطَ بَعْضَ أَجْزَاءِ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالثِّيَابِ بِخِيَاطَةِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا. أَمَّا إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ فِي غَيْرِ دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْإِجْمَاعِ أُجْرَةُ بَعْضِ الْعَمَلِ بِحِسَابِهِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ بِنِسْبَةِ الْعَمَلِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِهَا. وَقَدْ قَبِلَتْ الْخَانِيَّةُ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فَإِنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْعَمَلِ يَصِيرُ مُسَلَّمًا إلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ بِالْفَرَاغِ وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّسْلِيمُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ عَلَى حُصُولِ كَمَالِ الْمَقْصُودِ. وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ لَهُ ثَوْبًا فِي بَيْتِهِ أَيْ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَعْدَ أَنْ خَاطَ بَعْضَهُ سُرِقَ الثَّوْبُ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْبَعْضِ الَّذِي خَاطَهُ (الْكِفَايَةُ) . نَعَمْ، لَوْ سُرِقَ بَعْدَ مَا خَاطَ بَعْضَهُ أَوْ انْهَدَمَ بِنَاؤُهُ أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ بِنَائِهِ فَلَهُ الْأَجْرُ بِحِسَابِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَى بَعْضَهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَهُ أَجْرُ مَا بَنَى فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِبَعْضِ الْعَمَلِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (الطُّورِيُّ) . إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ عَامِلًا مِمَّنْ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَفَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ أَيْ أَنَّهُ خَاطَ الثَّوْبَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَخَذَ مِنْهُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى إلَّا أَنَّهُ بِتَلَفِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ بِيَدِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (482) (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) . أَمَّا الْعُمَّالُ الَّذِينَ لَيْسَ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ فَيَسْتَحِقُّونَ الْأَجْرَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَلَوْ لَمْ يُسَلَّمْ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَالْأُجْرَةُ فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى عَمَلٍ هِيَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ مَثَلًا: لَوْ فَتَقَ الْخَيَّاطُ مَا خَاطَهُ أَيْ أَفْسَدَ مَا عَمِلَهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْخِيَاطَةِ مِنْ أَجْرٍ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ بِحُكْمِ الْإِجَازَةِ عَلَى خِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَرَّةً ثَانِيَةً لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَا إذَا أَفْسَدَ شَخْصٌ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ بَعْدَ أَنْ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ مِمَّا لَهُ أَثَرٌ فَلَا أَجْرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. إلَّا أَنَّ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَةَ الْخِيَاطَةِ مِمَّنْ أَفْسَدَهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْخِيَاطَةَ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي هَذَا لَا يُجْبَرُ الْأَجِيرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْعَمَلَ وَوَفَّى بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا رَجَعَ الْمُكَارِي مِنْ مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ بِالْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ لِنَقْلِهِ خَوْفًا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي حَمَلَ مِنْهُ الْمَالَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ بِذَلِكَ أُجْرَةٌ مُطْلَقًا لِنَقْضِ عَمَلِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى نَقْلِ الْحِمْلِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ إلَيْهِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 476) كانت الأجرة موقتة بوقت معين

وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ سَفِينَةً لِنَقْلِ حُبُوبٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ، فَلَمَّا اقْتَرَبَتْ مِنْ الْمَكَانِ أَوْ كَادَتْ هَبَّتْ عَلَيْهَا عَاصِفَةٌ وَصَرَفَتْهَا عَنْ وُجْهَتِهَا إلَى الْمِينَاءِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْحُبُوبِ فِيهَا فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ لِأَنَّ الْحُبُوبَ لَمْ تُسَلَّمْ فِي الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ. أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْحُبُوبِ فِيهَا فَقَدْ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فِي يَدِ صَاحِبِهَا فَكَأَنَّهَا قَدْ وَصَلَتْ الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) رَدَّ السَّفِينَةَ إنْسَانٌ لَا أَجْرَ لِلْمَلَّاحِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا وَإِنْ رَدَّهَا الْمَلَّاحُ لَزِمَهُ الرَّدُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسَائِلُ أُجْرَةِ الظِّئْرِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - تُعْطَى أُجْرَةُ الظِّئْرِ وَثَمَنُ طَعَامِ الصَّبِيِّ مِنْ مَالِهِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ حِينَ اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ مَالٌ وَصَارَ بَعْدَئِذٍ ذَا مَالٍ فَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ الْمُسْتَأْجِرَةُ وَأُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْآتِيَةِ تُعْطَى مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَارِثٌ أَيْ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَيُعْطَى ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87)) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - وَإِذَا غَذَّتْ الظِّئْرُ الْوَلَدَ مُدَّةً بِلَبَنِ الْغَنَمِ أَوْ بِنَوْعٍ آخَرَ مِنْ الْأَطْعِمَةِ فَلَيْسَ لَهَا أُجْرَةٌ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الْإِرْضَاعُ وَالتَّرْبِيَةُ وَلَيْسَ اللَّبَنَ وَالتَّغْذِيَةَ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الظِّئْرُ غَيْرَ قَائِمَةٍ بِالْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا. وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْجِهَةُ بِإِقْرَارِ الظِّئْرِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ غُذِّيَ بِلَبَنِ الْغَنَمِ أَوْ بِالْأَطْعِمَةِ. أَمَّا الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ لَمْ يُغَذَّ بِلَبَنِ الظِّئْرِ فَلَا تُسْمَعُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1699) . وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الظِّئْرِ. (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 476) كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ] (الْمَادَّةُ 476) إنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالشَّهْرِيَّةِ أَوْ السَّنَوِيَّةِ مَثَلًا يَلْزَمُ إيفَاؤُهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. أَيْ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ غَيْرَ مُطْلَقَةٍ بَلْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَالسَّنَوِيَّةِ وَالشَّهْرِيَّةِ مَثَلًا لَزِمَ أَدَاؤُهَا إلَى الْأَجْرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَا يُطَالَبُ قَبْلَ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 474) إذْ الِاسْتِحْقَاقُ يَتَحَقَّقُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ، وَالتَّأْجِيلُ يُسْقِطُ اسْتِحْقَاقَ الْمُطَالَبَةِ إلَى انْتِهَاءِ الْأَجَلِ (الْعِنَايَةُ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ (إذَا بُيِّنَ زَمَانُ الطَّلَبِ عِنْدَ الْعَقْدِ يُوقِفُ الْمُؤَجِّرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّأْجِيلِ. انْتَهَى) وَالْأُجْرَةُ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الْأُجْرَةُ الشَّهْرِيَّةُ غَيْرَ أَنَّ هُنَاكَ عَقْدًا شَهْرِيًّا أَيْ (مُشَاهَرَةً) وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِيهِ مُشَاهَرَةً. مَثَلًا: يَلْزَمُ أَدَاءُ الْأُجْرَةِ الْأُسْبُوعِيَّةِ فِي نِهَايَةِ الْأُسْبُوعِ وَالشَّهْرِيَّةِ فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ وَالسَّنَوِيَّةِ فِي نِهَايَةِ السَّنَةِ وَهَلُمَّ جَرًّا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَابَّةً إلَى مَدِينَةِ كَذَا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أُجْرَتَهَا عِنْدَ عَوْدَتِهِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَلَيْسَ لِلْمُكَارِي قَبْلَ ذَلِكَ طَلَبُ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 477) تسليم المأجور شرط في لزوم الأجرة

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَادَّةِ هَذِهِ وَالْمَادَّةِ (474) أَنَّهُ هُنَاكَ قَدْ ذُكِرَ تَأْجِيلُ الْبَدَلِ صَرَاحَةً. وَهُنَا قَدْ وَقَعَ التَّأْجِيلُ ضِمْنًا بِذِكْرِ وَقْتِ اسْتِحْقَاقِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 477) تَسْلِيمُ الْمَأْجُورُ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ] (الْمَادَّةُ 477) : تَسْلِيمُ الْمَأْجُورُ شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ يَعْنِي تَلْزَمُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ. فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْآجِرِ مُطَالَبَةُ أُجْرَةِ مُدَّةٍ مَضَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْآجِرُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ. أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأُصُولِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ بِالِاسْتِئْجَارِ. وَسَتَأْتِي كَيْفِيَّةُ التَّسْلِيمِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ السَّابِعِ. يَعْنِي تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ أَيْ مِنْ وَقْتِ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ وَكِيلِهِ. وَقَبْضُ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ كَقَبْضِ الْمُوَكَّلِ. إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَأْجُورَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) أَمَّا (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) فَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ الْمُوَكِّلِ وَوَقَعَ الْقَبْضُ أَوَّلًا لِلْمُوَكِّلِ وَمِنْ ثَمَّ اغْتَصَبَهُ الْوَكِيلُ فَلَا تَلْزَمُ الْوَكِيلَ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (481) " رَدُّ الْمُحْتَارِ ") وَفِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْغَصْبَ مُسْقِطٌ لِأَخْذِ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 470) وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (481) . فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْآجِرِ الْمُطَالَبَةُ بِأُجْرَةِ مُدَّةٍ مَضَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِحِسَابِ الْقِسْطِ الْيَوْمِيِّ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا شَهْرِيًّا مِنْ غُرَّةِ مُحَرَّمٍ وَأَمْسَكَهَا الْآجِرُ فِي يَدِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ سَلَّمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْآجِرِ أُجْرَةُ نِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَرَتْ امْرَأَةٌ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُمَا يَسْكُنَانِ فِيهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَرَ شَخْصٌ حَانُوتَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَكَا فِي الْعَمَلِ فِيهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا عَمِلَا فِيهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ نَوْعٍ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ) . وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كُلُّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَسْتَحِقُّ الْآجِرُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَلَمَّا كَانَ الْآجِرُ قَدْ حُرِمَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِعَدَمِ تَسْلِيمِهِ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَاخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَقَالَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ: إنِّي سَلَّمْتُك الْمَأْجُورَ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ: لَمْ تُسَلِّمْنِي إيَّاهُ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْآجِرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ الْآجِرُ الْبَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ) . مِثَالٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً فَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى مَضَى شَهْرٌ وَطَلَبَ التَّسْلِيمَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ ثُمَّ تَحَاكَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْقَبْضِ فِي بَاقِي السَّنَةِ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْخِيَارَ لَوْ ثَبَتَ إنَّمَا ثَبَتَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْعَقْدُ كَيْفَمَا وَقَعَ وَقَعَ مُتَفَرِّقًا فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً.

(المادة 478) فات الانتفاع بالمأجور بالكلية

فَصَارَ الْجُزْءُ الثَّانِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ مُسْتَحَقًّا بِعَقْدٍ آخَرَ وَمَا مُلِكَ بِعَقْدَيْنِ فَتَعَذَّرَ التَّسْلِيمُ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْآخَرِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ عِنْدَهُ كَالْأَعْيَانِ فَإِذَا فَاتَ بَعْضُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُجْبَرُ فِيمَا بَقِيَ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ. كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ (الْكِفَايَةُ) . قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (293) إنَّهُ إذَا بِيعَتْ أَمْوَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَتَلِفَ أَحَدُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا بِقَبُولِهِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ. فَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ هُنَا مُخَيَّرًا أَيْضًا؟ جَوَابٌ: بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ حَادِثَةٌ فَتَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِانْعِقَادُ وَصَفَقَاتُ الْبَيْعِ مُتَعَدِّدَةٌ أَصْلًا فَالْإِجَارَةُ الْمُنْعَقِدَةُ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي مَرَّتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ هِيَ غَيْرُ الْإِجَارَةِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَإِنَّ عَقْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ عَقْدِ الْأُخْرَى. لِذَلِكَ فَعَدَمُ تَسْلِيمِ مَنَافِعِ الْمُدَّةِ الَّتِي مَرَّتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا تُؤَثِّرُ عَلَى الْمَنَافِعِ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ (الْكِفَايَةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ مُدَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي زَمَانٍ يُرْغَبُ فِيهِ فِي الْمَأْجُورِ رَغْبَةً زَائِدَةً وَيَمْضِي ذَلِكَ الزَّمَنُ فَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرًا إذَا شَاءَ قَبِلَ الْمَأْجُورُ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ وَإِذَا شَاءَ تَرَكَهُ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا مِنْ آخَرَ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ فِي مَكَّةَ وَمِنًى وَسُلِّمَتْ الدَّارُ إلَيْهِ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْحَجِّ فَالْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرٌ بَعْدَ الْمَوْسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهَا بَعْدَ الْمَوْسِمِ. فَلَوْ لَمْ يُسَلَّمْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَرْغَبُ لِأَجْلِهِ خُيِّرَ فِي قَبْضِ الْبَاقِي كَمَا فِي الْبَيْعِ أَيْ إذَا اشْتَرَى نَحْوَ بُيُوتِ مَكَّةَ قَبْلَ زَمَنِ الْمَوْسِمِ فَلَمْ يَقَعْ التَّسْلِيمُ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِهِ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرَّغْبَةِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَيْضًا. وَذَلِكَ كَمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْأَجِيرُ حَاضِرًا لِلْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (425) فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ. [ (الْمَادَّةُ 478) فَاتَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ] (الْمَادَّةُ 478) لَوْ فَاتَ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ مَثَلًا لَوْ احْتَاجَ الْحَمَّامُ إلَى التَّعْمِيرِ وَتَعَطَّلَ فِي أَثْنَاءِ تَعْمِيرِهِ تَسْقُطُ حِصَّةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى وَتَعَطَّلَتْ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ وَلَكِنْ لَوْ انْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِغَيْرِ صُورَةِ الطَّحْنِ مِنْ بَيْتِ الرَّحَى يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مَا أَصَابَ حِصَّةَ ذَلِكَ الِانْتِفَاعِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ. أَيْ لَوْ أَصْبَحَ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَلْبَتَّةَ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا أَوَعَيْنًا أَوْ مَتَاعًا أَوْ حَيَوَانًا. أَمَّا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا. فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي فَسَادِهِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ بِحُكْمِ الْحَالِ وَالْقَوْلُ فِي الْمَاضِي قَوْلُ مَنْ شَهِدَ لَهُ الْحَالَ، وَإِنْ كَانَ سَالِمًا فِي الْحَالِ وَاتَّفَقَا عَلَى فَسَادِهِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) .

وَيَنْشَأُ فَوْتُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ عَنْ عِدَّةِ أَسْبَابٍ وَغَصْبُ الْمَأْجُورِ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَيْضًا. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: (1) - لَوْ احْتَاجَ الْحَمَّامُ إلَى الْعِمَارَةِ فَتَعَطَّلَ لِذَلِكَ أَوْ لِطُغْيَانِ السَّيْلِ مُدَّةً عَلَيْهِ أَوْ لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهُ تَسْقُطُ حِصَّةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ كُلِّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ. (2) - إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ كُلُّهَا وَتَعَطَّلَتْ مُدَّةً لِعِمَارَتِهَا تَسْقُطُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي تَعَطَّلَتْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (3) - إذَا اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا فِي قَرْيَةٍ وَتَفَرَّقَ أَهْلُوهَا كُلُّهُمْ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ أَمَّا لَوْ تَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَيْهَا (الْبَزَّازِيَّةُ) . (4) - إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا فِي حَيٍّ وَأُصِيبَ ذَلِكَ الْحَيُّ بِجَائِحَةٍ فَرَّقَتْ سَاكِنِيهِ لِأَيِّ سَبَبٍ وَتَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . (5) - لَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى أَوْ طَغَتْ الْمِيَاهُ، وَتَعَطَّلَتْ الرَّحَى مُدَّةً تَسْقُطُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ فِيهَا الرَّحَى مُعَطَّلَةً، اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ الْمِيَاهِ أَوْ طُغْيَانِهَا. وَيَلْزَمُ فَصْلُ مَا يَقَعُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذَا الشَّأْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1776) (التَّنْقِيحُ) . وَلَوْ أَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى شَرْطِ عَدَمِ سُقُوطِ الْأُجْرَةِ إذَا انْقَطَعَ الْمَاءُ وَأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ حَقَّ فَسْخِهَا فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ مُطْلَقًا. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رَحًى سَنَةً بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْ قِرْشٍ سَنَوِيًّا وَانْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ وَتَعَطَّلَتْ شَهْرًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مِائَةُ قِرْشٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (516) (التَّنْقِيحُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الرَّحَى هُنَا، الرَّحَى الْمَأْجُورَةُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ غَيْرَ الرَّحَى بَلْ كَانَ عَرْصَةً لِتُبْنَى فِيهَا الرَّحَى وَيَشْتَغِلَ فِيهَا، وَبَنَى الْمُسْتَأْجِرُ الرَّحَى فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ وَانْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ بَعْدَ أَنْ اشْتَغَلَ فِيهَا مُدَّةً وَتَعَطَّلَتْ عَنْ الْعَمَلِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ إذَا لَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا أَجَرَ صَاحِبُ الرَّحَى حَجَرَهَا وَبِنَاءَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ آلَاتٍ وَأَدَوَاتٍ فَقَطْ خَوْفًا مِنْ سُقُوطِ الْأُجْرَةِ بِانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ الذِّكْرُ وَانْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا (عَلَى قَوْلٍ) حَقُّ الْفَسْخِ (وَعَلَى آخَرَ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ انْكَسَرَ الْحَجَرَانِ أَوْ الدَّوَّارَةُ أَوْ انْهَدَمَ الْبَيْتُ، لَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ أَصْلَحَهُ فَلَا. (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالرَّحَى بِغَيْرِ الطَّحْنِ كَالسَّكَنِ وَرَبْطِ الدَّوَابِّ لَزِمَهُ أَدَاءُ نَصِيبِ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْهَا مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ (الزَّيْلَعِيّ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ) وَهَذِهِ الْحِصَّةُ تُعَيَّنُ بِعَمَلِيَّةِ التَّنَاسُبِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْآتِيَةِ: بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِلْمَحَلِّ عَلَى أَنَّهُ رَحًى ثُمَّ يُقَدَّرُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ إصْطَبْلٍ وَأَدَوَاتٍ

أُخْرَى فَإِذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَحَلَّ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ الطَّاحُونِ إصْطَبْلًا أَوْ نُزُلًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ مَا يَلْحَقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ. مَثَلًا: إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَحَلِّ عَلَى أَنَّهُ رَحًى أَرْبَعِينَ قِرْشًا وَعِشْرِينَ قِرْشًا إذَا اُتُّخِذَ إصْطَبْلًا أَوْ نُزُلًا فَبِمَا أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْأَجْرَيْنِ النِّصْفُ فَيُعْطِي الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجْرَ إذَا اسْتَعْمَلَ الْمَحَلَّ إصْطَبْلًا أَوْ نُزُلًا نِصْفَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (445) . وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَعْنَى فِقْرَةِ (لَكِنَّ. ..) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ: الْمُرَادُ مِنْهَا أَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ إذَا كَانَ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَى مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ وَمَنْفَعَةِ السَّكَنِ وَرَبْطِ الدَّوَابِّ وَادِّخَارِ الْحُبُوبِ مَعًا فَلَوْ كَانَ فِي بَيْتِ الرَّحَى غُرَفٌ لِلسَّكَنِ وَمَخَازِنُ لِادِّخَارِ الْحُبُوبِ وَإِصْطَبْلٌ لِرَبْطِ الدَّوَابِّ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً فِي الْعَقْدِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ وَارِدًا عَلَى مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ فَقَطْ وَانْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ وَانْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِسَكَنِ بَيْتِ الطَّاحُونِ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْفَعَةُ السَّكَنِ دَاخِلَةً فِي الْعَقْدِ مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوْلٍ وَيُمْكِنُنَا الْقَوْلُ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَجَلَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . 6 - إذَا تَعَطَّلَتْ الرَّحَى بِازْدِيَادِ الْمِيَاهِ ازْدِيَادًا فَاحِشًا وَلَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ تَسْقُطُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (التَّنْقِيحُ) . 7 - إذَا غَرِقَتْ الْمَزْرَعَةُ الْمَأْجُورَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . 8 - إذَا اجْتَاحَ الْجَرَادُ الْمَزْرَعَةَ الْمَأْجُورَةَ بَعْدَ زَرْعِهَا فَأَكَلَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ بَعْدَ ذَلِكَ زِرَاعَةٌ مِثْلُ الْمَأْكُولِ أَوْ مَا هُوَ أَقَلُّ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ مِنْهُ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَلَتْ أَكْلَ الْجَرَادِ. وَتَلْزَمُ حِصَّةُ مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَطْ. 9 - سُئِلَ فِي جَمَاعَةٍ اسْتَأْجَرُوا أَرْضَ قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِيَزْرَعُوهَا فَقَلَّ مَاؤُهَا الْمَعْلُومُ لَهَا بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا بَلْ يَذْهَبُ فِي مَجْرَاهُ فَأَرَادُوا مُخَاصَمَةَ الْمُتَوَلِّي لِيَفْسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ (التَّنْقِيحُ) . 10 - وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ إذَا انْقَطَعَ الْمَطَرُ وَلَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهَا كَمَا إذَا انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ عَنْ الْأَرَاضِي الْمَأْجُورَةِ مَعَ شُرْبِهَا وَلَمْ تُزْرَعْ فَلَا تَلْزَمُ فِيهَا أُجْرَةٌ (التَّنْقِيحُ) . 11 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَرَاضِي تُسْقَى بِمَاءِ صِهْرِيجٍ لِزِرَاعَةِ (التَّبَغِ) وَانْهَدَمَ الصِّهْرِيجُ وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِمَائِهِ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ. لَكِنْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِفَوْتِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَنَافِعَ فَاتَتْ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهَا وَلِأَنَّ أَصْلَ الْمَوْضِعِ مَسْكَنٌ قَبْلَ انْهِدَامِ الْبِنَاءِ وَتُمْكِنُ فِيهِ السُّكْنَى بِنَصْبِ الْفُسْطَاطِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ لَكِنْ لَا أُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ بِالِاسْتِئْجَارِ. (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ) . غَيْرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ كَانَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (514 وَ 518)

أَمَّا إذَا عَادَتْ مِيَاهُ الرَّحَى قَبْلَ الْفَسْخِ كَمَا جَاءَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ عَوْدَتِهَا لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ سَبَبُ الْفَسْخِ قَبْلَ أَنْ تُفْسَخَ الْإِجَارَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ دَارًا وَخَرِبَتْ وَسَقَطَتْ الْأُجْرَةُ وَلَكِنْ لَوْ بَنَاهَا الْآجِرُ كَمَا كَانَتْ فَلَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ لِزَوَالِ سَبَبِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا بَنَاهَا كَمَا كَانَتْ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ يَتَوَجَّهُ بِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا الْآجِرِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَسَخَ الْآجِرُ الْإِجَارَةَ فَلَيْسَ لِفَسْخِهِ حُكْمٌ حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا وَانْهَدَمَ أَوْ احْتَرَقَ فَبَنَاهُ الْآجِرُ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْهُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ بَقِيَّةَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ الِامْتِنَاعُ عَنْ ذَلِكَ أَوْ طَلَبُ الزِّيَادَةِ فِي الْأُجْرَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَفُتْ الِانْتِفَاعُ بِالْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ إنَّمَا فَسَدَ فَسَادًا فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ فِيهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (516) . تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ بِمَنْعِ الِانْتِفَاعِ لَا بِمُحَاوِلَةِ مَنْعِهِ فَقَطْ. فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ رَحًى مِنْ آخَرَ وَادَّعَى الْجِيرَانُ (أَنَّ دَوَرَانَهَا يُوهِنُ أَبْنِيَتَنَا وَيُلْحِقُ بِنَا أَضْرَارًا فَاحِشَةً) وَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبُوا تَعْطِيلَهَا عَنْ الْعَمَلِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَمَا لَمْ يُنَفَّذْ ذَلِكَ الْحُكْمُ وَيُمْنَعْ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ فَإِنَّ عَدَمَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ مُسْقِطٌ لِلْأُجْرَةِ. فَلَوْ شُرِطَ فِي الْإِجَارَةِ تَنْزِيلُ أُجْرَةِ الْمَادَّةِ الَّتِي تَقِفُ فِيهَا الرَّحَى عَنْ الْعَمَلِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (462)) أَمَّا إذَا نُزِّلَتْ أُجْرَةُ شَهْرَيْنِ فِي مُقَابِلِ التَّعْطِيلِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِأَنَّ تَنْزِيلَ أُجْرَةِ التَّعْطِيلِ مِنْ مُقْتَضَيَات عَقْدِ الْإِجَارَةِ. وَتِلْكَ الْمُدَّةُ إمَّا أَنْ تَنْقُصَ أَوْ تَزِيدَ عَنْ مُدَّةِ التَّعْطِيلِ. وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ شَرْطُ تَنْزِيلِ شَهْرَيْنِ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . تَوْضِيحٌ لِفَوْتِ الْمَنَافِعِ بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ: تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِجَارَةِ يَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ نَفْسِهَا فَلَوْ اغْتَصَبَ شَخْصٌ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ (بِالشَّفَاعَةِ أَوْ الْحِمَايَةِ) فَقَطْ بِدُونِ نَفَقَةٍ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ. فَالشَّفَاعَةُ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْطَافِ خَاطِرِ الْغَاصِبِ وَاسْتِنْزَالٍ عَنْ الْمَغْصُوبِ وَالْحِمَايَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعَانَةِ لِرَدِّ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا. أَمَّا إذَا احْتَاجَ ذَلِكَ إلَى الْإِنْفَاقِ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرًا عَلَيْهِ. مَعَ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ اثْنَيْنِ وَاغْتُصِبَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْمَغْصُوبِ فَقَطْ. أَمَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ لَا يَفُوتُ بِغَصْبِ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ، كَمَا إذَا اغْتَصَبَ شَخْصٌ الْأَرْضَ الْمَأْجُورَةَ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا مُسْتَأْجِرُهَا وَرُدَّتْ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةٍ عَلَى حَالِهَا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ

مِنْهُ أَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُقَصِّرُ. غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ مِنْهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْغَاصِبِ (التَّنْقِيحُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596)) . وَالْغَصْبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ بِمَعْنَى الْمَادَّةِ (881) وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَيْنِ الْمَأْجُورِ. مَثَلًا لَوْ أُبْعِدَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ مَكَانِ الْمَأْجُورِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . إذَا غُصِبَ الْمَأْجُورُ فِي بَعْضِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّمَا يَسْقُطُ أَجْرُ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِمِقْدَارِ الْمُسْقَطِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَانُوتًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِسِتِّمِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِي الْحَانُوتِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ غَصَبَهُ مِنْهُ غَاصِبٌ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ لَزِمَهُ أَجْرُ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ الْأُولَى، أَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ سَقَطَ أَجْرُهَا عَنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ غَصْبَ الْمَأْجُورِ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ أَيْ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَأْجُورَ إذَا غُصِبَ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. بَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ مُدَّةَ الْغَصْبِ حَقُّ الْفَسْخِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) . فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَانُوتًا بِأَلْفَيْنِ وَسِتّمِائَةِ قِرْشٍ فِي السَّنَةِ وَغَصَبَهُ مِنْهُ آخَرُ وَبَقِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ شَهْرَيْنِ ثُمَّ رَدَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَتْ أَرْبَعُمِائَةِ قِرْشٍ أُجْرَةُ الشَّهْرَيْنِ وَيُعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ أَلْفَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ بَاقِيَ - السَّنَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الْأُجْرَةَ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهُ بِغَصْبِ الْمَأْجُورِ مِنْ يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْآجِرُ دَعْوَاهُ هَذِهِ يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً. فَإِذَا كَانَ غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ سَاكِنًا فِي الْمَأْجُورِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ. وَإِذَا كَانَ هُوَ السَّاكِنَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَا الْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ إذَا كَانَ الْعَقَارُ خَالِيًا. وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ قَوْلُ الَّذِي غَصَبَ الْمَأْجُورَ. أَيْ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ قَوْلِ غَاصِبِ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ (إنَّنِي غَصَبْته أَوْ لَمْ أَغْصِبْهُ) لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْغَيْرِ أَوْ مُقِرٌّ. وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ عَلَى الْغَيْرِ وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78)) . مُسْتَثْنًى: لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا لِسَنَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا وَسَكَنَ فِيهَا مُدَّةً أَخَذَ الْآجِرِ مِفْتَاحَ الدَّارِ لِعَدَمِ تَأْدِيَةِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَبَقِيَتْ مُقْفَلَةً شَهْرًا فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ فِي إمْكَانِ الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأُجْرَةَ إلَى الْآجِرِ وَيَسْكُنَ الْمَأْجُورَ (الْبَزَّازِيَّةُ) كَيْفِيَّةُ حَلِّ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يَقَعُ فِي فَوْتِ الْمَنَافِعِ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي فَوَاتِ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَثْبَتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَوَاتَهَا يُقْبَلُ إثْبَاتُهُ

(المادة 479) استأجر حانوتا وقبضه ثم عرض للبيع والشراء كساد

وَلَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ فِي الْحَالِ الْحَاضِرِ قَابِلًا لِلِانْتِفَاعِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ وَالْقَوْلُ لِلطَّرَفِ الَّذِي يُصَدِّقُهُ الْحَالُ الْحَاضِرُ. وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ قَابِلًا لِلِانْتِفَاعِ فِي الْحَالِ الْحَاضِرِ وَالطَّرَفَانِ اتَّفَقَا عَلَى فَوْتِ الْمَنَافِعِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُنْكِرٌ لِبَعْضِ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قَبْلَ الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 479) اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ عَرَضَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَسَادٌ] (الْمَادَّةُ 479) مَنْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ عَرَضَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَسَادٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ أُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِقَوْلِهِ إنَّ الصَّنْعَةَ مَا رَاجَتْ وَالْحَانُوتَ بَقِيَ مُوصَدًا. أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ حَانُوتًا مُدَّةً لِيُزَاوِلَ فِيهِ صَنْعَةً وَقَبَضَهُ فَارِغًا فَعَرَضَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَسَادٌ وَطَلَبَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ تَامَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهِ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِدَاعِي أَنَّ الصَّنْعَةَ لَمْ تَرُجْ وَالْحَانُوتَ بَقِيَ مُقْفَلًا لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (470) وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ كَمَا وَرَدَ فِي (الْمُنْيَةِ) فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهَا خِلَافًا لِلْهِنْدِيَّةِ فَقَدْ قَالَتْ (لَهُ ذَلِكَ) وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي الْمُنْيَةِ عَلَى نَوْعِ كَسَادٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 480) لَوْ اسْتَأْجَرَ زَوْرَقًا عَلَى مُدَّةٍ وَانْقَضَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ] (الْمَادَّةُ 480) لَوْ اسْتَأْجَرَ زَوْرَقًا عَلَى مُدَّةٍ وَانْقَضَتْ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ تَمْتَدُّ الْإِجَارَةُ إلَى الْوُصُولِ إلَى السَّاحِلِ وَيُعْطِي الْمُسْتَأْجِرُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْفَاضِلَةِ. تَبْقَى الْإِجَارَةُ لِعُذْرٍ وَتُمَدَّدُ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: 1 - لَوْ اسْتَأْجَرَ زَوْرَقًا عَلَى مُدَّةٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى السَّاحِلِ فَتَمْتَدُّ الْإِجَارَةُ إلَى السَّاحِلِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَى صَاحِبُ الزَّوْرَقِ بِذَلِكَ. وَالْمُرَادُ مِنْ السَّاحِلِ هُنَا هُوَ السَّاحِلُ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ بِهِ السَّفِينَةُ إلَى سَاحِلٍ آخَرَ وَكَانَ يُمْكِنُ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَجِدَ وَاسِطَةً أُخْرَى تُوَصِّلُهُ إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فَلَا يَتَحَتَّمُ عَلَى صَاحِبِ الزَّوْرَقِ أَنْ يُوَصِّلَهُ إلَيْهِ. وَرِضَا الْعَاقِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنْظَرْ هُنَا لِرِضَا الْمُؤَجِّرِ لِلضَّرُورَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21)) عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْفَاضِلَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (33)) . 2 - إنَّ مَادَّةَ (526) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيّ) . 3 - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ سَفِينَةً شَهْرًا لِيَنْقُلَ أَمْتِعَتَهُ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَوَصَلَتْ السَّفِينَةُ إلَى الْبَلَدِ

(المادة 481) أعطى أحد داره إلى آخر على أن يرمها ويسكنها بلا أجرة

بَعْدَ الشَّهْرِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ وَأَجْرُ الْمِثْلِ لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ يَوْمًا (الْفَيْضِيَّةُ) . 4 - وَكَذَا الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْقَفْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 5 - إذَا اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا مَعْرُوفَةً بِتَأْجِيرِ نَفْسِهَا لِلْإِرْضَاعِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْمُرْضِعِ أَنْ تَمْتَنِعَ عَنْ تَجْدِيدِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ لَا يَأْخُذُ بِثَدْيِ غَيْرِهَا مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عُذْرٌ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (580) (الْأَنْقِرْوِيّ) 60 - إذَا أُوجِرَتْ أَرْضٌ لِغَرْسِهَا شَجَرًا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَنْضَجْ الثَّمَرُ تُمَدَّدُ الْإِجَارَةُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ نُضُوجِ الثَّمَرِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 481) أَعْطَى أَحَدٌ دَارِهِ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا وَيَسْكُنَهَا بِلَا أُجْرَةٍ] (الْمَادَّةُ 481) لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ دَارِهِ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَرُمَّهَا وَيَسْكُنَهَا بِلَا أُجْرَةٍ، ثُمَّ رَمَّهَا وَسَكَنَهَا ذَلِكَ الْآخَرُ كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ الْعَارِيَّةِ. وَمَصَارِيفُ التَّعْمِيرِ عَائِدَةٌ عَلَى الَّذِي أَنْفَقَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً عَنْ مُدَّةِ سُكْنَاهُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا بِلَا أُجْرَةٍ مُقَابِلَ عِمَارَتِهَا وَرَمَّمَهَا الْآخَرُ وَسَكَنَهَا مُدَّةً بَعْدَ أَنْ عَمَّرَهَا وَرَمَّ مِنْهَا مَا اسْتَرَمَّ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْعَقْدُ عَقْدَ إجَارَةٍ بَلْ هُوَ عَقْدُ إعَارَةٍ وَبِمَا أَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْعِمَارَةِ وَالرَّمِّ مِنْ قَبِيلِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُسْتَعَارِ فَلَا يُخِلُّ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ وَيَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ مُلْزَمًا بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (88 وَ 815) . لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ إعَارَةٌ لَا إجَارَةٌ، وَلِأَنَّ ذِكْرَ التَّرْمِيمِ عَلَى وَجْهِ الْمَشُورَةِ لَا الشَّرْطِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِذِكْرِ التَّرْمِيمِ فِي الْعَقْدِ كَأُجْرَةٍ مَجْهُولَةِ الْمِقْدَارِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بِاسْمِ أُجْرَةٍ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (812) . (الْبَزَّازِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْعَارِيَّةِ) كَمَا لَا تَلْزَمُهُ الْمَرَمَّةُ الَّتِي عَلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (الْأَشْبَاهُ، الْحَمَوِيُّ) وَلَيْسَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُؤَجِّرَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ آخَرَ وَإِذَا فَعَلَ وَانْهَدَمَتْ الدَّارُ وَهِيَ فِي يَدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ (الْأَنْقِرْوِيّ) . لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِعَقْدِ إجَارَةٍ بَلْ هُوَ عَقْدُ إعَارَةٍ كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَجَلَّةِ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إيجَارُ الْمُسْتَعَارِ مِنْ آخَرَ فَيُعَدُّ غَاصِبًا إذَا آجَرَهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (790) . هَذَا الْكَلَامُ فِي الدَّارِ إذَا كَانَتْ مِلْكًا أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُسْكِنَ آخَرَ فِيهَا بِدُونِ أَجْرٍ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَ السَّاكِنَ أَجْرُ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَا. (التَّنْقِيحُ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 596) . قَالَ: " وَإِذَا رَمَّ الدَّارَ وَسَكَنَهَا مُدَّةً " لِأَنَّهُ إذَا قَالَ صَاحِبُ الدَّارِ لِأَحَدِ النَّاسِ رُمَّ الدَّارَ وَاسْكُنْهَا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ رَمَّهَا لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا تُؤْخَذُ نَفَقَاتُ التَّرْمِيمِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ (الْخَيْرِيَّةُ) .

وَلَفْظُ الدَّارِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا، فَعَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى بَغْلًا لِآخَرَ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ وَيَسْتَعْمِلَهُ فَيَكُونَ ذَلِكَ عَارِيَّةً أَيْضًا وَلَا يُعَدُّ إجَارَةً فَاسِدَةً. الْوَكَالَةُ بِالِاسْتِئْجَارِ: 1 - إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ مَالًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْأَجْرُ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461) وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَدَلِ الَّذِي أَدَّاهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِنِيَابَتِهِ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ فَصَارَ قَابِضًا لِلْمَأْجُورِ حُكْمًا. أَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُوَكِّلُ مِنْ وَكِيلِهِ تَسْلِيمَ الْمَأْجُورِ إلَيْهِ وَامْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ بِالْحَبْسِ صَارَ غَاصِبًا وَالْغَصْبُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ مُتَصَوَّرٌ. 2 - إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ مَالًا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ وَقَبَضَهُ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ لِعَدَمِ طَلَبِ الْوَكِيلِ إيَّاهُ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الِاسْتِئْجَارِ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْبَدَلِ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْآجِرِ لِصَيْرُورَةِ الْمُوَكِّلِ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ. أَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُوَكِّلُ الْمَأْجُورَ مِنْ الْوَكِيلِ وَحَبَسَهُ الْوَكِيلُ فِي يَدِهِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ الَّذِي دَفَعَهُ مُعَجَّلًا عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ وَمَرَّتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَدَلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ بِحَقٍّ لَمْ تَبْقَ يَدُهُ نِيَابَةً فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا فَلَا يُرَى إلْزَامُهُ الْأَجْرَ. إذَا وَهَبَ الْآجِرُ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ صَحَّ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِالْبَدَلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرَرُ)

الفصل الثالث ما يصح للأجير أن يحبس المستأجر فيه وما لا يصح

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ مَا يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ وَمَا لَا يَصِحُّ] الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ وَمَا لَا يَصِحُّ (الْمَادَّةُ 483) يَصِحُّ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَسِيئَتَهَا. وَبِهَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ ذَلِكَ الْمَالَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ بَعْدَ تَلَفِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْأُجْرَةَ. أَيْ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ (الْغَسَّالِ) وَالصَّائِغِ وَالنَّجَّارِ وَالْإِسْكَافِ وَالْخَفَّافِ وَمَنْ إلَيْهِمْ مِمَّنْ لِعَمَلِهِمْ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ أَوْ أَنَّ عَمَلَهُمْ مِمَّا يَجْعَلُ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ شَيْئًا آخَرَ أَيْ أَنَّ مَنْ يَعْمَلُونَ عَمَلًا بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ مَا لَوْ عَمِلَهُ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ لَزَالَتْ مِلْكِيَّتُهُ عَنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (899) أَنْ يُحْبَسَ الْمُسْتَأْجِرُ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ بِشَرْطَيْنِ: (1) - أَنْ لَا تَكُونَ شُرِطَتْ نَسِيئَتُهَا. (2) - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ عَمِلَ عَمَلَهُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ فِي دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ إذْ إنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِالْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (469) وَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ بَعْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ لِحِينِ اسْتِيفَائِهِ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الْمَحَلِّ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ. (الشَّلَبِيُّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (278)) . الْأَثَرُ، هُوَ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَّصِلَةِ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلْأَجِيرِ كَالْخَيْطِ وَالصِّبْغِ. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ عِبَارَةٌ عَمَّا يُرَى فِي مَحَلِّ الْعَمَلِ وَيُعَايَنُ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا كَالْخُيُوطِ أَوْ عَرْضًا كَكَسْرِ الْحَطَبِ أَوْ الْفُسْتُقِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَهَذَا الْمَعْنَى أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَالْخَيَّاطُ مَثَلًا يُدْمِجُ الْخَيْطَ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ بِالْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْآخَرِ وَأَثَرُ الْعَمَلِ هُنَا عِبَارَةٌ عَنْ الْعَيْنِ الْمُتَّصِلَةِ. وَالصَّبَّاغُ أَيْضًا يُدْمِجُ الصِّبْغَةَ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ بِالْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ وَأَثَرُ عَمَلِهِ أَيْضًا ظَاهِرٌ يُرَى. وَالْأَثَرُ فِي عَمَلِ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ أَثَرٌ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَعًا. أَمَّا غَسْلُ الثِّيَابِ فَأَثَرُهُ إذَا كَانَ بِالْمَاءِ فَقَطْ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَاضِهَا الظَّاهِرِ لِلْعِيَانِ الَّذِي كَانَ مُسْتَتِرًا وَرَاءَ الْأَدْرَانِ وَالْأَوْسَاخِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْغَسْلُ بِصَابُونٍ أَوْ (بِالصُّودَا) وَمَا إلَيْهِ مَا مِمَّا يَكُونُ مِنْ مَالِ

الْقَصَّارِ أَيْ الْغَسَّالِ (إذْ إنَّ مَنْ يَغْسِلُ الثِّيَابَ بِإِضَافَةِ أَشْيَاءَ كَهَذِهِ إلَيْهَا يُسَمَّى قَصَّارًا) فَهُوَ الْمَالُ الْقَائِمُ الَّذِي اتَّصَلَ بِالثَّوْبِ كَمَا فِي الصَّبْغِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَبْسِ مَا يُغْسَلُ لِلتَّحْسِينِ بِالْمَاءِ فَقَطْ وَعَدَمِهِ وَقَدْ اخْتَارَ عَامَّةُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ عَدَمَ جَوَازِ الْحَبْسِ. كَمَا أَنَّ قَاضِي خَانْ وَبَعْضَ الْفُقَهَاءِ اخْتَارُوا جَوَازَهُ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ قَبُولَهَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَيْضًا وَالْأَصَحُّ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَيُرَادُ بِالْأَثَرِ مَعْنَاهُ الثَّانِي. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي كَسْرِ الْحَطَبِ وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْحَطَبِ وَالدَّقِيقِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَلَهُ الْحَبْسُ عَلَى الثَّانِي (الطُّورِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الثَّوْبِ الَّذِي يُغْسَلُ لِتَطْهِيرِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَلَفًا وَأَمْسَكَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْحَبْسِ أَمَانَةً فَقَدْ بَقِيَ أَمَانَةً بَعْدَ الْحَبْسِ. كَذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَبْسِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَدِي مِنْ ضَمَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 768) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمَا مَضْمُونٌ قَبْلَ الْحَبْسِ وَبِمَا أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْحَبْسِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 607) أَمَّا بِالتَّعَدِّي فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ أُجْرَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ إذَا حَبَسَهُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْآنِفَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَهَذَا مُوجِبٌ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 293) . تَفْصِيلُ الشُّرُوطِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً وَحَبَسَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ عُدَّ غَاصِبًا إذْ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ بِذَلِكَ التَّأْجِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 483 و 474) . الشَّرْطُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ الْأَجِيرُ قَدْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. فَالتَّسْلِيمُ الْحَقِيقِيُّ ظَاهِرٌ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ مَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَبْسُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ الْقِيَامُ بِالْعَمَلِ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى إنَّ الْأَجِيرَ إذَا أَدَّى الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ قَدْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ حُكْمًا. وَالتَّسْلِيمُ الْحُكْمِيُّ بِمَنْزِلَةِ التَّسْلِيمِ الْحَقِيقِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَإِنْ حَبَسَهُ عُدَّ غَاصِبًا وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَهُ الْأَجِيرُ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ لَمْ تَسْقُطْ أُجْرَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْإِجَارَةِ) . فَائِدَةٌ: إذَا نَسَجَ الْأَجِيرُ قِطْعَةً مِنْ الْجُوخِ وَأَحْضَرَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَقَالَ لَهُ هَذَا (خُذْهَا لِبَيْتِك

(المادة 483) ليس للأجير الذي ليس لعمله أثر أن يحبس المستأجر فيه

وَعَمَّيْ قَلِيلٍ أَدْفَعُ لَك أُجْرَتَهَا) فَاغْتُصِبَتْ مِنْهُ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ إعْطَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ قِطْعَةَ الْجُوخِ إلَيْهِ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ تَوْفِيقًا لِأَحْكَامِ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ وَتَلِفَتْ أَخَذَ أُجْرَةَ النَّسِيجِ؛ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَ أَجْرُ عَمَلِهِ (الطُّورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 483) لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ] (الْمَادَّةُ 483) - (لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ كَالْحَمَّالِ وَالْمَلَّاحِ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ. وَبِهَذَا الْحَالِ لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الْمَالَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ وَصَاحِبُ الْمَالِ فِي هَذَا مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ إيَّاهُ مَحْمُولًا وَأَعْطَى أُجْرَتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَحْمُولٍ وَلَمْ يُعْطِ أُجْرَتَهُ) . أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ الَّذِي لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ كَالْحَمَّالِ وَالْجَمَّالِ وَالْحَمَّارِ أَوْ الْبَغَّالِ وَالْمَلَّاحِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّأْجِيلُ أَنْ يَحْبِسَ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ فِي يَدِهِ وَيُوقِفَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ يَضْمَنُ الْعَمَلَ وَهُوَ عَرَضٌ زَائِلٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَقَاؤُهُ كَمَا لَا يُتَصَوَّرُ حَبْسُ الْأَثَرِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُ. وَبِهَذَا الْحَالِ لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الْمَالَ أَيْ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى صَاحِبِهِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ بِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ لِصَاحِبِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) كَمَالِ مَغْصُوبٍ، إذْ إنَّهُ يُعَدُّ بِذَلِكَ غَاصِبًا وَمُتْلِفًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 794) غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ فِي هَذَا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ مَحْمُولًا إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَحِينَئِذٍ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْأَجِيرِ أُجْرَتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمَبِيعَ هُنَا يَكُونُ مُسَلَّمًا بِتَسْلِيمِ الْبَدَلِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَحْمُولٍ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ أَجْرٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا لَمْ يُسَلَّمْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، التَّنْوِيرُ) وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْتَارَ الصُّورَةَ الَّتِي تُوَافِقُهُ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. أَمَّا إذَا أَمْسَكَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجِرَ فِيهِ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. مَثَلًا لَوْ أَوْصَلَ الْحَمَّالُ الْحِمْلَ إلَى الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ إيصَالُهُ إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَبْقِهِ فِي يَدِكَ، وَأَبْقَاهُ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ وَلِلْحَمَّالِ أَخْذُ أُجْرَتِهِ كَامِلَةً. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الباب الرابع في بيان المسائل التي تتعلق بمدة الإجارة

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ] ِ (الْمَادَّةُ 484) لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَهُ وَمِلْكَهُ لِغَيْرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَصِيرَةً كَانَتْ كَالْيَوْمِ أَوْ طَوِيلَةً كَالسَّنَةِ. أَيْ أَنَّهُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَهُ وَمِلْكَهُ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ عَلَى إيجَارِ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَصِيرَةً كَانَتْ كَالْيَوْمِ وَالْأُسْبُوعِ وَالشَّهْرِ، أَوْ طَوِيلَةً كَالسَّنَةِ أَوْ عِدَّةَ السِّنِينَ. حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ طَوِيلَةً جِدًّا كَمِائَتَيْ سَنَةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يَعِيشَهَا الْعَاقِدُ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ كَمَا يَشَاءُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْ تَصَرُّفِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِغَيْرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1192) (مَنَافِعُ الدَّقَائِقِ، وَالْأَشْبَاهُ) . وَقَدْ قَالَ الْخَصَّافُ بِجَوَازِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَهَا الْعَاقِدَانِ عَادَةً إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْإِجَارَةِ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ يَعِيشَهَا الطَّرَفَانِ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمُتُونِ وَالْمَجَلَّةِ أَيْضًا بِدَلِيلِ إطْلَاقِهَا ظَاهِرًا أَنَّهَا تُرَجِّحُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إيجَارُ مَا لَيْسَ مُتَعَارَفًا فَلَيْسَ جَائِزًا. فَلَوْ اسْتَأْجَرَ شَاةً مَثَلًا لِإِرْضَاعِ ابْنِهِ الرَّضِيعِ أَوْ حَمْلِهِ فَلَا يَكُونُ اسْتِئْجَارُهُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (451) وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ (مُدَّةً مَعْلُومَةً) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (451 و 452) . أَمَّا قَوْلُهُ (مَالَهُ وَمِلْكَهُ) فَقَدْ أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ مَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ تَوْضِيحٌ فِي مَالِ الْوَقْفِ: يَجِبُ أَوَّلًا فِي إيجَارِ الْوَقْفِ مُرَاعَاةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَاتِّبَاعِهِ. فَإِنْ شَرَطَ إيجَارَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً فَيُؤَجَّرُ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ قَصِيرَةٍ فَيُؤَجَّرُ بِمِقْدَارِهَا. مَثَلًا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ إيجَارَ الْعَقَارِ الَّذِي وَقَفَهُ لِمُدَّةٍ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ أَوْ خَمْسٍ يُؤَجَّرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ حَتَّى إنَّهُ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَلَّا يُؤَجَّرَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُدَّةٍ أَزْيَدَ وَإِنْ أَجَرَ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي انْتَفَعَ بِهِ فِيهَا. كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَلَّا يُؤَجِّرَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَلَا يُؤَجَّرُ لِمُدَّةٍ تَتَعَدَّى السَّنَةَ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَالْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ لِسَنَةٍ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُؤَجِّرُهُ لِسَنَتَيْنِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤْذِنَ الْمُتَوَلِّيَ فِي إيجَارِهِ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ أَيْضًا. ثَانِيًا: وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً فِي إيجَارِ وَقْفِهِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَ الْقُرَى وَالْمَزَارِعَ لِثَلَاثِ سَنَوَاتٍ. أَمَّا الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِلَى سَنَةٍ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ فَوْقَ ذَلِكَ.

وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِعَةِ مِنْ قَانُونِ إيجَارِ الْعَقَارِ الْأَخِيرِ مَا يَأْتِي: لَا يُمْكِنُ إيجَارُ الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ ذَاتِ الْإِجَارَةِ الْوَاحِدَةِ لِمُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَلِكُلٍّ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةُ (484) أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَهُ وَمِلْكَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً قَصِيرَةً كَانَتْ كَالْيَوْمِ أَوْ طَوِيلَةً كَانَتْ كَعِدَّةِ سَنَوَاتٍ. وَالْعَقَارُ ذُو الْإِجَارَتَيْنِ تَابِعٌ لِهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا. حَتَّى إنَّ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ إذَا آجَرَهُ بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ إجَارَةً طَوِيلَةً كَمَا لَوْ أَجَرَهُ بِعُقُودِ خَمْسِ سَنَوَاتٍ (وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مُنَجَّزَةً وَالسِّنِينَ الْأُخْرَى مُضَافَةً) تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. وَلَا يُمْكِنُ إيجَارُ الْوَقْفِ زِيَادَةً عَمَّا ذُكِرَ صِيَانَةً لَهُ مِنْ الضَّيَاعِ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يُدَّعَى بِمِلْكِيَّتِهِ لِطُولِ مُدَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيجَارُ الْوَقْفِ لِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ فَعَلَ فَكَمَا أَنَّ الْإِيجَارَ غَيْرُ صَحِيحٍ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْمُدَّةِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا فَسَدَتْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَسَدَتْ كُلُّهَا، وَلَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ إنَّمَا يَكُونُ الْفَسْخُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي تَزِيدُ عَنْ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ فِي الْقُرَى وَعَنْ السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا أُوجِرَتْ قَرْيَةٌ مَثَلًا أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ كَانَتْ صَحِيحَةً فِي ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَقَطْ. ثَالِثًا: أَمَّا إذَا كَانَ إيجَارُ الْوَقْفِ لِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي صَالِحِ الْوَقْفِ وَمَنْفَعَتُهُ فِي ذَلِكَ مُتَحَقِّقَةٌ بِأَنْ كَانَ النَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا سَنَةً وَإِيجَارُهَا أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ أَدَرُّ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ جَازَ إيجَارُهُ بِرَأْيِ الْقَاضِي. رَابِعًا: لَوْ أَجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ إلَى عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلًا كَانَ صَحِيحًا. وَهُنَا فَرْقٌ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي فِي إيجَارِ الْوَقْفِ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ: لَوْ أَجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَجَرَ لِغَيْرِهِ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ (التَّنْقِيحُ) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُؤَجِّرْ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْوَاقِفُ بَعْدَ انْقِضَاءِ خَمْسِ سَنَوَاتٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي أُوجِرَ لَهَا الْوَقْفُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا، وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِوَفَاتِهِ لِانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى مُصَرِّفِ آخَرَ، فَلِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَا دَفَعَهُ مُعَجَّلًا مِنْ الْآجِرِ لِلْخَمْسِ سَنَوَاتٍ الْبَاقِيَةِ مِنْ تَرِكَةِ الْوَاقِفِ. خَامِسًا: إذَا احْتَاجَ الْوَقْفُ إلَى إجَارَةٍ طَوِيلَةٍ لِعِمَارَتِهِ يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَإِذَا أَجَرَهُ الْقَاضِي لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَانَ إيجَارُهُ صَحِيحًا إذَا احْتَاجَ الْقَيِّمُ أَنْ يُؤَاجِرَ الْوَقْفَ إجَارَةً طَوِيلَةً فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَعْقِدَ عُقُودًا مُتَفَرِّقَةً كُلُّ عَقْدٍ سَنَةً بِكَذَا فَيَلْزَمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ لَا الْبَاقِي لِأَنَّهُ مُضَافٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَيُكْتَبُ فِي الصَّكِّ اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ أَرْضَ كَذَا أَوْ دَارَ كَذَا ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا كُلُّ سُنَّةٍ بِكَذَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا شَرْطًا فِي بَعْضٍ وَلْنَنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى كُلِّ سَنَةٍ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُ اسْتَأْجَرْت ثَلَاثِينَ سَنَةً بِثَلَاثِينَ عَقْدًا فَيَنُوبُ عَنْ تَكْرَارِ الْعَقْدِ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

(المادة 485) ابتداء مدة الإجارة

تَوْضِيحٌ فِي مَالِ الْيَتِيمِ: وَمَالُ الْيَتِيمِ فِي حُكْمِ مَالِ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَ مَالَ الْيَتِيمِ لِمُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي جَاءَتْ فِي قَوْلِهِ (ثَانِيًا) فَإِنْ فَعَلَ فُسِخَتْ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ (عَلَى قَوْلٍ) وَفِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ عَلَى آخَرَ أَمَّا إذَا كَانَتْ عِمَارَتُهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى إجَارَةٍ طَوِيلَةٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُؤَجِّرَهُ. تَوْضِيحٌ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ: وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ فِي حُكْمِ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ يُؤَجَّرُ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ إلَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ إذَا كَانَ كَالْأَرَاضِيِ وَالْمَزَارِعِ الْكُبْرَى. وَإِلَى سَنَةٍ إذَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى (الْكَازُونِيَّة) مَا يَأْتِي: لَكِنَّ إطْلَاقَ الْفُقَهَاءِ فِي إجَارَةِ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ يُفِيدُ جَوَازَهَا مُطْلَقًا كَثِيرَةً كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ قَلِيلَةً. وَتَوَسُّعُهُمْ فِي جَوَازِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ فِيهَا بَيْعًا وَإِقْطَاعًا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. (الزَّيْلَعِيّ، التَّنْقِيحُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ، الْفَيْضِيَّةُ، الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 485) ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 485) ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي سُمِّيَ أَيْ عُيِّنَ وَذُكِرَ عِنْدَ الْعَقْدِ. إنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُعَيَّنُ وَيُذْكَرُ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِجَارَةِ خِيَارُ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي سُمِّيَ أَيْ عُيِّنَ وَذُكِرَ عِنْدَ الْعَقْدِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَقِيبَ الْعَقْدِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُنَجَّزَةً. وَإِذَا كَانَ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كَانَتْ مُضَافَةً. كَمَا إذَا أَجَرَ دَارِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَهُمَا فِي رَجَبٍ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ غُرَّةِ رَمَضَانَ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ مُضَافَةً. (الشَّلَبِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ: آجَرْتُك دَارِي مِنْ رَجَبٍ هَذِهِ السَّنَةَ كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ أَيَّامًا سَقَطَتْ أُجْرَةُ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 477) . أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْإِجَارَةِ خِيَارُ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ سُقُوطِ الْخِيَارِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 502) (التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 486) إنْ لَمْ يَذْكُرْ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حِينَ الْعَقْدِ اعْتَبَرَتْ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ] (الْمَادَّةُ 486) إنْ لَمْ يَذْكُرْ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ حِينَ الْعَقْدِ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ. أَيْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يُذْكَرْ عِنْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُعَيَّنْ. وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنَجَّزَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأَزْمَانُ كُلُّهَا فِي حُكْمِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ مُتَسَاوِيَةً اُعْتُبِرَ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ الزَّمَنُ الَّذِي يَعْقُبُ الْعَقْدَ كَالْأَجَلِ وَالْيَمِينِ أَنْ لَا يَكَلَّمَ خِلَافًا شَهْرًا (الزَّيْلَعِيّ) إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِجَهَالَةِ مُدَّتِهَا لَكِنَّ إقْدَامَ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَالظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى احْتِيَاجِهِمَا إلَيْهَا وَقَصْدِهِمَا الْعَقْدَ الصَّحِيحَ (الزَّيْلَعِيّ، الْكِفَايَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 487) إيجار عقار لسنة بكذا دراهم من دون بيان شهريته

مَثَلًا، لَوْ قَالَ شَخْصٌ أَجَرْتُك دَارِي اُعْتُبِرَ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ (التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّة (496) أَيْضًا. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ أَيْضًا: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الدَّارِ شَهْرَيْنِ عَلَى أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِائَةً وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِائَتَيْنِ، وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِائَةٌ وَفِي الشَّهْرِ الثَّانِي مِائَتَانِ حَتَّى إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ سَكَنَ فِي الدَّارِ شَهْرًا وَاحِدًا وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ قَبْلَ الشَّهْرِ الْآخَرِ لَزِمَهُ إعْطَاءُ مِائَةِ الْقِرْشِ كَمَا يَلْزَمُهُ لَوْ سَكَنَ الشَّهْرَ الثَّانِي إعْطَاءُ مِائَتَيْ الْقِرْشِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، التَّنْوِيرُ) . لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْصَرِفْ الشَّهْرُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ لَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الْعَقْدِ شَهْرًا مُنَكَّرًا مِنْ شُهُورِ عُمُرِهِ وَهَذَا فَاسِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ إلَى مَا يَلِي الْعَقْدَ تَحَرِّيًا بِالْجَوَازِ. وَكَذَا الْإِقْدَامُ عَلَى الْإِجَارَةِ دَلِيلُ تَنَجُّزِ الْحَاجَةِ إلَى تَمَلُّكِ الْمَنْفَعَةِ فَوَجَبَ صَرْفُ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا إلَى مَا يَلِيهِ قَضَاءً لِلْحَاجَةِ النَّاجِزَةِ (الْكِفَايَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ فِي الْإِجَارَةِ خِيَارُ شَرْطٍ فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ مِنْ سُقُوطِ الْخِيَارِ. [ (الْمَادَّةُ 487) إيجَارُ عَقَارٍ لِسَنَةٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ بَيَانِ شَهْرِيَّتِهِ] (الْمَادَّةُ 487) كَمَا يَجُوزُ إيجَارُ عَقَارٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِسَنَةٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ أُجْرَتُهُ كَذَا دَرَاهِمَ، كَذَلِكَ يَصِحُّ إيجَارُهُ لِسَنَةٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ بَيَانِ شَهْرِيَّتِهِ أَيْضًا. أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ عَقَارٍ لِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا قُرُوشًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقٌّ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ هَذِهِ حَتَّى انْتِهَائِهَا وَيَصِحُّ إيجَارُهُ كَذَلِكَ دُونَ بَيَانِ أُجْرَةِ كُلِّ شَهْرٍ وَيَكُونُ لَازِمًا وَلَا تَخْتَلِفُ مِقْدَارُ الْأُجْرَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَشْهُرِ بَلْ يَكُونَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ مُنْقَسِمًا عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ بِالتَّسَاوِي (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً بِبَيَانِ مَنْفَعَتِهَا وَمُدَّتِهَا وَأُجْرَتِهَا وَلَا يَلْزَمُ لِأَجْلِ ذَلِكَ بَيَانُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَكَذَلِكَ يَصِحُّ إيجَارُ الشَّهْرِ بِكَذَا قُرُوشًا بِدُونِ بَيَانِ أُجْرَةِ كُلِّ يَوْمٍ (الزَّيْلَعِيّ) . وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ تَقْسِيمِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِيمَا لَوْ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهَا مَثَلًا. فَكَمَا يَجُوزُ إيجَارُ بَعْضِ عَقَارِهِ لِسَنَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ مِائَتَيْ قِرْشٍ كَذَلِكَ يَصِحُّ إيجَارُهُ لِسَنَةٍ بِأَلْفَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَفِي هَذَا يُقْسَمُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ فَيَكُونُ نَصِيبُ الشَّهْرِ مِائَتَيْ قِرْشٍ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَسَخَ الطَّرَفَانِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ مُرُورِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَزِمَ إعْطَاءُ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ قِرْشٍ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَطْ الْمَوَادُّ (490، 492، 493) تُفَصِّلُ هَذِهِ الْمَادَّةَ وَتُوَضِّحُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 488) إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ شَهْرٍ] (الْمَادَّةُ 488) : إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْيَدَ

(المادة 489) لو اشترط أن تكون الإجارة لشهر واحد وقد مضى من الشهر جزء

مِنْ شَهْرٍ، انْعَقَدَتْ مُشَاهَرَةً. وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُ دَفْعُ أُجْرَةِ شَهْرٍ كَامِلٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّهْرُ نَاقِصًا عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. أَيْ أَنَّهُ إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَيْ فِي غُرَّتِهِ وَأَوَّلِ يَوْمٍ فِيهِ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ شَهْرٍ انْعَقَدَتْ مُشَاهَرَةً أَيْ مُشَاهَرَةَ شَهْرٍ قَمَرِيٍّ. يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (486) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشُّهُورِ الْأَهِلَّةُ وَالْأَيَّامُ بَدَلٌ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَصْلُ فَلَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 53) وَعَلَيْهِ فَإِذَا نَقَصَ الشَّهْرُ عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لَزِمَ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الشَّهْرِ كَامِلَةً. وَلَا يَلْزَمُ تَنْقِيصُ نَصِيبِ الْيَوْمِ مِنْ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ أَشْمَلُ مِنْ الْمَادَّةِ (492) . ابْتِدَاءُ الشَّهْرِ: هُوَ غُرَّتُهُ وَأَوَّلُ يَوْمٍ فِيهِ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَيْسَ اللَّيْلَةَ الْأُولَى الَّتِي يُرَى فِيهَا الْهِلَالُ وَهَذَا الْمَعْنَى لِابْتِدَاءِ الشَّهْرِ مَعْنًى عُرْفِيٌّ وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَفِي الْوَاقِعِ إنَّ مَبْدَأَ الشَّهْرِ الْقَمَرِيِّ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُرَى فِيهَا الْهِلَالُ فِي الْأُفُقِ الْغَرْبِيِّ وَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِلضَّرُورَةِ لَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ مَقْصُودًا هُنَا. وَيُحْمَلُ الشَّهْرُ أَوَالسَّنَةُ إذَا ذُكِرَا بِدُونِ تَعْيِينٍ عَلَى الشَّهْرِ وَالسَّنَةِ الْعَرَبِيَّيْنِ. أَمَّا إذَا وُصِفَتْ السَّنَةُ بِالشَّمْسِيَّةِ مَثَلًا حُمِلَتْ السَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ عَلَى مَا عَيَّنَ مِنْ السِّنِينَ وَالشُّهُورِ بِالْوَصْفِ. [ (الْمَادَّةُ 489) لَوْ اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِشَهْرٍ وَاحِدٍ وَقَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ جُزْءٌ] (الْمَادَّةُ 489) لَوْ اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِشَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ جُزْءٌ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ جُزْءٌ أَيْ إذَا مَضَتْ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مِنْ الشَّهْرِ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَاشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِشَهْرٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، فَبِمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْإِجَارَةِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ (كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 486) يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْإِجَارَةِ كَامِلَةً إذَا بَقِيَ الْمَأْجُورُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا تَحْتَ الْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ هُنَا اعْتِبَارُ الشَّهْرِ بِالْهِلَالِ لَزِمَ أَنْ يُصَارَ إلَى الْبَدَلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 53) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 490) إذَا اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِكَذَا شُهُورٍ وَقَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ بَعْضُهُ] (الْمَادَّةُ 490) إذَا اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِكَذَا شُهُورٍ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ بَعْضُهُ يُتَمَّمُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ النَّاقِصُ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَتُوفَى أُجْرَتُهُ بِحِسَابِ الْيَوْمِيَّةِ، أَمَّا الشُّهُورُ الْبَاقِيَةُ فَتُعْتَبَرُ وَتُحْسَبُ بِالْغُرَّةِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ لِمُدَّةِ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ جُزْءٌ أَيْ قَدْ مَضَتْ غُرَّتُهُ يُتَمَّمُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا عَلَى رَأْيِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بِمُقْتَضَى (الْمَادَّةِ 486) مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ.

(المادة 491) إذا عقدت الإجارة مشاهرة بدون بيان عدد الأشهر وقد مضى بعض الشهر

لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُتَعَذَّرًا فَقَدْ أُصِيرَ إلَى الْبَدَلِ ضَرُورَةً. أَمَّا الشُّهُورُ الْمُتَوَسِّطَةُ فَتُعْتَبَرُ وَتُحْسَبُ بِالْغُرَّةِ وِفَاقًا لِلْمَادَّةِ 488 وَعَلَى هَذَا فَلَوْ نَقَصَتْ الشُّهُورُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَزِمَ إعْطَاءُ الشَّهْرِيَّةِ تَامَّةً لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الشُّهُورِ لَمَّا كَانَ الْأَصْلُ غَيْرَ مُتَعَذَّرٍ فَلَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ. مَثَلًا إذَا عُقِدَتْ اتِّفَاقِيَّةٌ لِسَنَةٍ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَلِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْمَذْكُورُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا يَجِبُ أَنْ تَنْتَهِيَ السَّنَةُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ السَّنَةِ التَّالِيَةِ وَيَكُونُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ خَارِجًا عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا تَكُونُ نِهَايَةُ السَّنَةِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَيَكُونُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ حِينَئِذٍ دَاخِلًا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ فِي إيجَارِهِ السَّنَوِيِّ عِيدَا أَضْحَى: عِيدٌ فِي أَوَّلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَعِيدٌ فِي آخِرِ مُدَّتِهَا (الْقُهُسْتَانِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي السَّنَةِ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ عِيدِ أَضْحَى وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ اجْتِمَاعَ عِيدَيْنِ فِي إجَارَةٍ سَنَوِيَّةٍ لَيْسَ فِيهِ مَحْظُورٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَحْظُورُ غَيْرُ لَازِمٍ وَاللَّازِمُ غَيْرُ مَحْظُورٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالزَّيْلَعِيُّ) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (488 و 489) كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ أَيْ أَنَّهَا مَادَّةٌ جُمِعَ فِيهَا حُكْمَا الْمَادَّتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ فَكَانَتْ مَادَّةً وَاحِدَةً، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ أَتَمُّ مِنْ الْمَادَّةِ (493) . أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَإِنَّهُ يَرَى اعْتِبَارَ الشُّهُورِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْأَيَّامِ أَيْ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الشُّهُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: 189] وَالْأَيَّامُ بَدَلٌ عَنْ الْأَهِلَّةِ وَلَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَصْلِ. وَلَا تَعَذُّرَ إلَّا فِي الشَّهْرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْأَوَّلُ وَقَدْ أَمْكَنَ تَكْمِيلُهُ مِنْ الْأَخِيرِ فَيُكَمَّلُ، وَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ. أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيَرَى كَمَا قُلْنَا اعْتِبَارَ الْأَشْهُرِ بِالْأَيَّامِ، لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِالْهِلَالِ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ لَمَّا وَجَبَ تَكْمِيلُهُ مِنْ الثَّانِي لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِهِ نَقَصَ الثَّانِي فَوَجَبَ تَكْمِيلُهُ مِنْ الثَّالِثِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الْمُدَّةِ. وَالْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى رِوَايَةٍ يُوَافِقُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَعَلَى أُخْرَى يُوَافِقُ مُحَمَّدًا. [ (الْمَادَّةُ 491) إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ مُشَاهَرَةً بِدُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ وَقَدْ مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ] (الْمَادَّةُ 491) إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ مُشَاهَرَةً بِدُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ وَكَانَ قَدْ مَضَى بَعْضُ الشَّهْرِ فَكَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَذَلِكَ بَقِيَّةُ الشُّهُورِ الَّتِي بَعْدَهُ تُعْتَبَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كُلٌّ مِنْهَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا. أَيْ إذَا اُشْتُرِطَ أَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (494) عِنْدَ مُضِيِّ الْبَعْضِ مِنْ الشَّهْرِ فَكَمَا يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ النَّاقِصُ أَيْ الَّذِي يَلِي عَقْدَ الْإِجَارَةِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا تُعْتَبَرُ سَائِرُ الشُّهُورِ الَّتِي سَتَأْتِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِلُزُومِ الْإِجَارَةِ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (494) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ لَا يُعْتَبَرُ الْهِلَالُ اتِّفَاقًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .

(المادة 492) لو عقدت الإجارة في أول الشهر لسنة

مَثَلًا لَوْ عُقِدَتْ اتِّفَاقِيَّةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ مُحَرَّمٍ لَزِمَ إعْطَاءُ الشَّهْرِيَّةِ لِكُلِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا اعْتِبَارًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْهِلَالُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْأَشْهُرِ الْمُتَوَسِّطَةِ بِالْأَهِلَّةِ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي يَكُونُ آخِرُهَا مَعْلُومًا وَيُمْكِنُ إكْمَالُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ هُنَا آخَرَ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَلَا يُمْكِنُ إكْمَالُ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ شَهْرٍ مِنْهَا بِالْهِلَالِ. فَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ إنْ وُجِدَتْ فِي وَسَطِهِ يُعْتَبَرُ كُلُّ شَهْرٍ بِالْأَيَّامِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَعْتَبِرَانِ الْأَهِلَّةَ إذَا عُلِمَ آخِرُ الْمُدَّةِ لِيُمْكِنَ تَكْمِيلُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 492) لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ لِسَنَةٍ] (الْمَادَّةُ 492) لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ لِسَنَةٍ تُعْتَبَرُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا. أَيْ أَنَّهُ إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ لِسَنَةٍ فَبِمَا أَنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُصَادِفُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ الشَّهْرِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (485 و 486) تُعْتَبَرُ السَّنَةُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لِأَنَّ الْأَهِلَّةَ هِيَ الْأَصْلُ فِي الشُّهُورِ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ الْهِلَالُ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا» وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى الْبَدَلِ إذَا تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ الْأَصْلِ وَتَنْقُصُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ عَنْ (360) يَوْمًا بِقَدْرِ الْأَشْهُرِ الَّتِي تَنْقُصُ عَنْ الثَّلَاثِينَ (الْهِنْدِيَّةُ، الْكِفَايَةُ) . وَالسَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ (354) يَوْمًا وَثُلُثُ يَوْمٍ أَمَّا الشَّمْسِيَّةُ فَهِيَ (365) يَوْمًا (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) . وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ لَمْ تَأْتِ بِحُكْمٍ زَائِدٍ عَمَّا أَتَتْ بِهِ الْمَادَّةُ (488) فَالْإِتْيَانُ بِهَا مِنْ الْعَبَثِ. [ (الْمَادَّةُ 493) لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ لِسَنَةٍ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ الْبَعْضُ] (الْمَادَّةُ 493) لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ لِسَنَةٍ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ الْبَعْضُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا شَهْرٌ أَيَّامًا وَبَاقِي الشُّهُورِ الْإِحْدَى عَشَرَ بِالْهِلَالِ. أَيْ إذَا عُقِدَتْ إجَارَةُ السَّنَةِ وَكَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الشَّهْرِ بَعْضُهُ يُعْتَبَرُ مِنْهَا شَهْرٌ أَيَّامًا أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيَبْلُغُ إلَى الثَّلَاثِينَ مِنْ آخَرِ شَهْرٍ فِي السَّنَةِ. وَبَاقِي الشُّهُورِ الْأَحَدَ عَشَرَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْهِلَالِ وَإِنْ نَقَصَتْ بِذَلِكَ عَنْ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا عُدَّتْ تَامَّةً عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (488) . كَذَلِكَ إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَمَضَى مِنْ الشَّهْر بَعْضُهُ يُعْتَبَرُ شَهْرٌ بِالْأَيَّامِ وَالشَّهْرَانِ الْبَاقِيَانِ بِالْهِلَالِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَتُعْتَبَرُ السَّنَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْأَيَّامِ وَتَنْتَهِي بِمُرُورِ (360) يَوْمًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَهَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ فِيمَا إذَا عُيِّنَتْ السَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ أَوْ تُرِكَتْ مُطْلَقَةً. أَمَّا إذَا قُيِّدَتْ السَّنَةُ أَوْ الشَّهْرُ بِالشَّمْسِيَّةِ يُعْتَبَرُ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ لَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْهِلَالُ. وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ لَا تُفِيدُ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (490) فَهِيَ إعَادَةٌ بِدُونِ إفَادَةٍ

(المادة 494) لو استؤجر عقار شهرية كذا دراهم من دون بيان عدد الأشهر

فَائِدَةٌ: إنَّ الْحُكْمَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ الْمُؤَقَّتَةِ بِزَمَنٍ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِسَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ صُرِفَتْ إلَى الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَا مُقَيَّدَيْنِ بِقَيْدٍ كَالشَّمْسِيَّةِ صُرِفَا إلَيْهَا. [ (الْمَادَّةُ 494) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَقَارٌ شَهْرِيَّةً كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ] (الْمَادَّةُ 494) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَقَارٌ شَهْرِيَّةً كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ يَصِحُّ الْعَقْدُ. لَكِنْ عِنْدَ خِتَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ لِكُلٍّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ وَأَمَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ، تَنْفَسِخُ فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ وَإِنْ قَالَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَسَخْت الْإِجَارَةَ اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ الْآتِي تَنْفَسِخُ عِنْدَ حُلُولِهِ. وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُبِضَتْ أُجْرَةُ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُ إجَارَةِ الشَّهْرِ الْمَقْبُوضِ أُجْرَتُهُ. يَكُونُ بَيَانُ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: 1 - بِقَوْلِك لِشَهْرٍ وَاحِدٍ بِكَذَا. 2 - بِقَوْلِك مُشَاهَرَةً بِكَذَا. 3 - بِقَوْلِك كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا. فَتُعْقَدُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ وَلَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً عَلَى الشَّهْرِ الثَّانِي الَّذِي يَلِيهِ. أَمَّا تَوْضِيحُ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَهُوَ كَمَا يَلِي: لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَقَارٌ بِكَذَا دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ دُونِ بَيَانِ وَتَعْيِينِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ فَاسِدًا فِي الْأَشْهُرِ الْآتِيَةِ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً فِي أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ كَشَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (الزَّيْلَعِيّ) وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ إنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ لِأَنَّ التَّعَامُلَ الْمُخَالِفَ لِلدَّلِيلِ لَا يُعْتَبَرُ (الزَّيْلَعِيّ) . وَصِحَّتُهُ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ وَفَسَادُهُ فِي الْبَاقِي مُقَيَّدَانِ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: 1 - عَدَمُ إقَامَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَأْجُورِ بَعْدَ خِتَامِ الشَّهْرِ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي. 2 - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ أَعْطَى أُجْرَةَ الشُّهُورِ الزَّائِدَةِ سَلَفًا. 3 - أَلَّا تَكُونَ الشُّهُورُ قَدْ سُمِّيَتْ جُمْلَةً أَيْ أَلَّا يَكُونَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مَثَلًا وَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْصِيلَاتٍ أُخْرَى فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ لِأَنَّهَا قَدْ أَصْبَحَتْ مَفْهُومَةً تَمَامًا بِمَا مَرَّ مِنْ التَّوْضِيحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْقَاعِدَةُ فِي هَذَا هِيَ: إذَا دَخَلَتْ كَلِمَةُ (كُلٍّ) عَلَى السَّنَةِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ الْأُسْبُوعِ أَوْ الْيَوْمِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُعْلَمُ

نِهَايَتُهُ بِتَعَيُّنِ أَدْنَاهُ وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْهُ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَكُونُ مَعْلُومًا وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فِي الْبَاقِي لِمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ الْجَهَالَةِ. سُؤَالٌ - فَإِنْ قِيلَ: كَمَا أَنَّ الشَّهْرَ الْأَوَّلَ مَعْلُومٌ فَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الثَّانِي مَعْلُومٌ فَلِمَ خَصَّصْتُمْ الْأَوَّلَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ؟ الْجَوَابُ - قُلْنَا: إنَّمَا اُخْتُصَّ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْهُ وَحُصُولِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الشُّهُورِ حَتَّى إذَا سَكَنَ سَاعَةً مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مِثْلُهُ (شَلَبِيّ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (220) إذَا بِيعَتْ صُبْرَةٌ مِنْ الْحِنْطَةِ كُلُّ كَيْلَةٍ بِكَذَا قِرْشًا فَالْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ نَافِذٌ فِي الْكُلِّ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّمَا يَنْفُذُ فِي كَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَكُونُ فَاسِدًا فِي الْبَاقِي. وَقَدْ اُعْتُبِرَ هُنَاكَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ وَلَكِنْ فِي الْإِجَارَةِ لَمْ يَحْصُلْ مِثْلُ هَذَا الِاخْتِلَافِ وَالْإِمَامَانِ فِي اتِّفَاقٍ مَعَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِيهَا. وَإِلَيْك الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ: بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشُّهُورِ نِهَايَةٌ فِي الْإِجَارَةِ فَرَفْعُ الْجَهْلِ بِهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَبِمَا أَنَّ لِلصُّبْرَةِ آخِرُ فَيُمْكِنُ رَفْعُ الْجَهْلِ بِهَا بِالْكَيْلِ لَكِنْ عِنْدَ خِتَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَانْتِهَاءِ الْإِجَارَةِ الَّتِي عُقِدَتْ صَحِيحَةً وَلَازِمَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا كُلٌّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مُخَيَّرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي بِحُضُورِ الْآخَرِ عَنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَالشُّهُورِ الْأُخْرَى لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ قَدْ انْتَهَى وَبَقِيَ الْعَقْدُ الْفَاسِدُ. وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (461) أَنَّ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ فَسْخُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. وَسَبَبُ الْفَسْخِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي هُوَ الْفَسَادُ الْمُحَرَّرُ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ وَلَيْسَ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى الشَّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِأَنَّ الْمَجَلَّةَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (440) قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ بِلُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهَا (الطُّورِيُّ) . قُلْنَا إنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي فَكَمَا يَكُونُ لِلْآجِرِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّانِي وَالْمُسْتَأْجِرُ حَاضِرٌ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ وَلَيْلَتِهِ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ. وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ أَحَدُهُمَا الْإِجَارَةَ لَزِمَتْ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَيْلَتِهِ مِنْ الشَّهْرِ الثَّالِثِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا شَاءَ وَهَكَذَا. وَهُنَا قَدْ أَصْبَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِئْجَارِ بِقَوْلِك لِشَهْرٍ وَاحِدٍ وَالِاسْتِئْجَارُ بِقَوْلِك (لِكُلِّ شَهْرٍ) . (الْأَنْقِرْوِيّ) . أَمَّا إذَا مَضَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَلَيْلَتُهُ وَلَمْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهَا إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ الثَّانِي لِلُزُومِ الْعَقْدِ وَانْقِلَابِهِ بِذَلِكَ إلَى الصِّحَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (438) لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا فَتَمَّ الْعَقْدُ فِيهِ بِتَرَاضِيهِمَا فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ عَنْ الْمُضِيِّ (الزَّيْلَعِيّ) فَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الدَّارِ حَلَفَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَهَا فَتَرَكَهَا فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَصَارَ يَتَقَاضَى الْأُجْرَةَ آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الِانْعِقَادَ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اخْتِيَارِهِ فَلَا يَكُونُ آجِرًا وَلَوْ طَلَبَ أُجْرَةَ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنْهُ بَعْدُ

يَحْنَثُ (الشَّلَبِيُّ) . وَإِلَّا فَلَيْسَ لُزُومُ الْإِجَارَةِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي وَالشُّهُورِ الْأُخْرَى لِمُرُورِ سَاعَةٍ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ السَّاعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَرَجًا عَظِيمًا. وَالْمَقْصُودُ هُوَ الْفَسْخُ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا عُرْفًا (الزَّيْلَعِيّ) . (1) وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ أَيْ بَعْدَ مُرُورِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا أَوْ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَسَخْت الْإِجَارَةُ أَيْ إذَا فَسَخَ الْإِجَارَةَ مُنَجِّزًا بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ لَا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَوْقِيتُهُ إلَى وَقْتٍ يَمْلِكُ فِيهِ الْفَسْخَ (الزَّيْلَعِيّ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا حُكْمَ لَهُ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَا فِي نِهَايَةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَيْضًا. وَالْبَعْضُ الْآخَرُ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهَا تَنْفَسِخُ فِي ابْتِدَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِي (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْفَسْخُ بِالْقَوْلِ: يَكُونُ بِقَوْلِكَ (فَسَخْت) وَمِثَالُ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ: كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ مِنْ آخَرَ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي نِهَايَةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْفَسْخِ - انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةُ الْفَسْخِ فَلَا يُصَدَّقُ دُونَ بَيِّنَةٍ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّانِي فَبِمَا يَكُونُ فَسْخًا) يَعْنِي إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُ الْمَأْجُورَ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ بِقَوْلِ الْمُؤَجِّرِ الْمَذْكُورِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. (2) وَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ الْآتِي أَيْ إذَا أَضَافَ فَسْخَ الْإِجَارَةَ إلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ صَحِيحًا وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الشَّهْرِ. إنَّ الْفِقْرَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أُشِيرَ إلَيْهِمَا بِرَقْمِ (1) وَ (2) بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْحُكْمِ لَكِنَّ الْفَسْخَ فِي الْأُولَى (فَسْخٌ مُنَجَّزٌ) وَفِي الثَّانِيَةِ (فَسْخٌ مُضَافٌ) (الزَّيْلَعِيّ) . وَتُفْسَخُ إجَارَةٌ كَهَذِهِ كَمَا تَبَيَّنَ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا - الْفَسْخُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَيَوْمِهَا وَهَذَا الْفَسْخُ كَمَا أَنَّهُ مُنَجَّزٌ يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي الْحَالِ. ثَانِيهَا - بِقَوْلِك فَسَخْت أَثْنَاءَ الشَّهْرِ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةً آخِرَ الشَّهْرِ وَهَذَا الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَ مُنَجَّزًا إلَّا أَنَّ حُكْمَهُ يَثْبُتُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. ثَالِثُهَا - بِقَوْلِك فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ فَسَخْت الْإِجَارَةَ مِنْ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ الْآتِي فَتَنْفَسِخُ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَهَذَا الْفَسْخُ كَمَا تَرَيْ لَيْسَ مُنَجَّزًا بَلْ مُضَافًا (الْقُهُسْتَانِيّ) . وَإِنْ كَانَ أَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ أُجْرَةَ شَهْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَسِتَّةٍ مَثَلًا سَلَفًا إلَى الْآجِرِ، وَالْآجِرُ قَدْ قِبَلَهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُ إجَارَةِ كُلِّ شَهْرٍ أُدِّيَتْ أَجَرْتُهُ سَلَفًا لِأَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُعَجَّلَةَ دَالَّةٌ عَلَى تَعَيُّنِ الْأَشْهُرِ وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ بِذَلِكَ كَأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيّ لِأَنَّهُ بِالتَّقْدِيمِ أَيْ تَقْدِيمِ الْأُجْرَةِ زَالَتْ

(المادة 495) استأجر أحد أجيرا على أن يعمل يوما

الْجَهَالَةُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ فَيَكُونُ كَالْمُسَمَّى. وَكَذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ. قِيلَ (مِنْ دُونِ بَيَانِ عَدَدِ الْأَشْهُرِ) أَمَّا إذَا ذَكَرَ عَدَدَهَا فَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ فِي الْأَشْهُرِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (487) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمُدَّةِ عَشَرَةٍ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ لَزِمَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَشْهُرِ. وَقَدْ جَاءَتْ كَلِمَتَا (شَهْرِيَّة وَعَقَار) فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ فَقَطْ فَعَلَيْهِ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ مُسَانَهَةً أَوْ أُسْبُوعِيَّةً أَوْ يَوْمِيَّةً بِكَذَا مِنْ دُونِ بَيَانِ عَدَدِ السِّنِينَ أَوْ الْأَسَابِيعِ أَوْ الْأَيَّامِ، فَحُكْمُهُ أَيْضًا كَمَا شَرَحْنَا. فَمَثَلًا إذَا أَجَرَ شَخْصٌ حَمَّامًا فِي السَّنَةِ بِكَذَا قِرْشًا وَلَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ سِنِي الْإِجَارَةِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَمَّا لَمْ يَفْسَخْ الْآخَرُ الْإِجَارَةَ فِي أَوَاخِرِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَأَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَمَّامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ فَلَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِلَا عُذْرٍ قَبْلَ انْتِهَاءِ السَّنَةِ الرَّابِعَةِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ حَبَسَ الْمُسْتَأْجِر الْحُلِيَّ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى أَنْ تَكُونَ أُجْرَتُهَا الْيَوْمِيَّةُ كَذَا قِرْشًا شَهْرًا لَزِمَهُ إعْطَاءُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الثَّوْرِ الَّذِي يُسْتَأْجَرُ بِكَذَا قِرْشًا يَوْمِيَّةً بِدُونِ تَعْيِينِ عَدَدِ الْأَيَّامِ لِيُدِيرَ مَنْجَنُونًا (نَاعُورَةً) أَيْضًا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) . وَلَكِنْ إذَا قِيلَ فِي الْإِجَارَةِ هَذِهِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْأُجْرَةُ الْيَوْمِيَّةُ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ يَوْمِهَا الْأَوَّلِ أَوْ فَسَخَهَا اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ الْيَوْمِ الْآتِي انْفَسَخَتْ فِي الْيَوْمِ الْآتِي. شَرْطُ الْفَسْخِ: يُشْتَرَطُ فِي الْفَسْخِ هَذَا حُضُورُ الْآجِرِ أَيْ عِلْمُهُ. وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْفَسْخُ صَحِيحًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآجِرُ حَاضِرًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَمَا كَانَ الْآجِرُ مُزْمِعًا عَلَى فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِمُقْتَضَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَمَتَاعَهُ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِلْآجِرِ الْفَسْخُ مَعَ الْمَرْأَةِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ، وَحُضُورُ الْخَصْمِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ شَرْطٌ وَالْحِيلَةُ إجَارَتُهَا مِنْ آجِرٍ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ فَإِذَا تَمَّ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى فَتَنْفُذُ الثَّانِيَةُ فَتَخْرُجُ مِنْهَا الْمَرْأَةُ وَتُسَلِّمُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي لِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ بِالذَّاتِ يَجُوزُ بِالتَّبَعِيَّةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) رَدُّ الْمُحْتَارِ. [ (الْمَادَّةُ 495) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ يَوْمًا] (الْمَادَّةُ 495) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَجِيرًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ يَوْمًا يَعْمَلُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْعَصْرِ أَوْ إلَى الْغُرُوبِ عَلَى وَفْقِ عُرْفِ الْبَلْدَةِ فِي خُصُوصِ الْعَمَلِ. يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى الْأَجِيرِ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ فِي الْبَلْدَةِ يَعْمَلُ عَادَةً مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْعَصْرِ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْعَصْرِ وَإِذَا كَانَ يَعْمَلُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِهَا يَعْمَلُ كَذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . أَمَّا إذَا كَانَ عُرْفُ الْبَلْدَةِ مُشْتَرَكًا لَزِمَ أَنْ يُعْتَبَرُ الْيَوْمُ بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَيَشْتَغِلُ الْأَجِيرُ إلَى الْغُرُوبِ

(المادة 496) استؤجر نجار على أن يعمل عشرة أيام

الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ الْعَادَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (41) إذَا اطَّرَدَتْ أَوْ غَلَبَتْ. فَإِذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً فَكَمَا لَا تَكُونُ مُطَّرِدَةً لَا تَكُونُ غَالِبَةً. وَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ بِالْإِمْكَانِ هُنَا الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ كَذَلِكَ تُسْتَعْمَلُ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِيَوْمٍ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ. وَكَذَلِكَ الدَّابَّةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْغُرُوبِ تُسْتَعْمَلُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِأَنَّ اسْمَ الْعِشَاءِ فِي عُرْفِنَا إنَّمَا يَنْطَبِقُ عَلَى مَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ قَدْ انْتَهَتْ بِزَوَالِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الْإِجَارَةِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . وَيُتَّبَعُ عُرْفُ الْبَلْدَةِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَاقِدَانِ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الْعَمَلِ مَعَ انْتِهَائِهِ أَمَّا إذَا اتَّفَقَ الْعَاقِدَانِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ لَزِمَ الْعَمَلُ بِمُوجَبِ ذَلِكَ وَلَا يُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتِهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) . [ (الْمَادَّةُ 496) اُسْتُؤْجِرَ نَجَّارٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ] (الْمَادَّةُ 496) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ نَجَّارٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ تُعْتَبَرُ الْأَيَّامُ الَّتِي تَلِي الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي الصَّيْفِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ يَعْمَلُ اعْتِبَارًا مِنْ أَيِّ شَهْرٍ وَأَيِّ يَوْمٍ. يَعْنِي لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ نَجَّارًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ 455 تُعْتَبَرُ الْأَيَّامُ الَّتِي تَلِي عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَيَلْزَمُ الْأَجِيرُ أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي الْيَوْمَ الَّذِي عُقِدَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَنْصَرِفْ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْأَيَّامِ الَّتِي تَلِي يَوْمَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَانَتْ وَاقِعَةً عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ مِنْ أَيَّامِ الْعُمْرِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. وَلَمَّا كَانَ حَمْلُ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْفَسَادِ لَزِمَ اعْتِبَارُ الْأَيَّامِ الَّتِي تَلِي الْعَقْدَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 486) رَدُّ الْمُحْتَارِ وَإِنْ كَانَ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي الصَّيْفِ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْيَوْمَ وَالشَّهْرَ الَّذِي سَيَعْمَلُ اعْتِبَارًا مِنْهُ. أَيْ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَكُونُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 451) لِأَنَّهُ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَعْيِينُ وَقْتٍ لَهَا. وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ مُضَافَةٌ إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ مُدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَا يُمْكِنُ تَطْبِيقُهَا عَلَى أَحْكَامِ الْمَادَّةِ 486 وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ عَمِلَ الْأَجِيرُ الْعَمَلَ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 464) (الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ صَحَّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . كَذَلِكَ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ أَجِيرًا يَوْمَيْنِ مِنْ الْأَيَّامِ بِدُونِ تَعْيِينٍ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا مَعْلُومًا وَإِذَا عَمِلَ الْأَجِيرُ الْعَمَلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا أَجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ قَائِلًا آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ مِنْ السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَا يَكُونُ الْإِيجَارُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مَبْدَأً لِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ) .

الباب الخامس في الخيارات الثلاث ويحتوي على ثلاثة فصول

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ نَوْعًا مِنْ الْخِيَارِ كَمَا أَوْضَحَ فِي شَرْحِ الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ. وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي تَعْدَادُ الْخِيَارَاتِ الْجَارِيَةِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا: 1 - خِيَارُ الشَّرْطِ 2 - خِيَارُ الرُّؤْيَةِ 3 - خِيَارُ الْعَيْبِ وَهَذِهِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَجَلَّةِ. 4 - خِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (585) 5 - خِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ (447) . 6 - خِيَارُ الْقَبُولِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ الْإِجَارَةَ فَالثَّانِي مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ إذَا شَاءَ قَبِلَ وَإِذَا شَاءَ رَدَّ. 7 - خِيَارُ وَصْفِ الثَّمَنِ. فَالْإِجَارَةُ بِشَرْطِ رَهْنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ فِي مُقَابِلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ أَوْ تَقْدِيمِ فُلَانٍ كَفِيلًا صَحِيحٌ وَإِذَا لَمْ يُرَاعِ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 187 وَشَرْحَهَا) . 8 - خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ. فَإِذَا غَرَّرَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بِالْآخَرِ وَكَانَ فِي الْإِجَارَةِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَلِلطَّرَفِ الْمَغْبُونِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 356 وَمَا يَتْلُوَهَا مِنْ الْمَوَادِّ) . وَلَكِنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ هُنَا بِمِقْدَارِ الْخُمُسِ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا، وَالْعُشْرِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا. 9 - خِيَارُ الْعَيْبِ فِي الثَّمَنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 242) . 10 - خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِظُهُورِ الْمَأْجُورِ نَاقِصًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 585 وَشَرْحَ الْمَادَّةِ 223) . 11 - خِيَارُ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَأْجُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 519 وَشَرْحَ الْمَادَّةِ 293) . 12 - خِيَارُ تَفَرُّقِ الْمَأْجُورِ بِهَلَاكِ بَعْضِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 520 وَشَرْحَ الْمَادَّةِ 293) . 13 - خِيَارُ عَيْبِ الشَّرِكَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 430) . 14 - خِيَارُ الْوَصْفِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 503 مَعَ شَرْحِهَا وَالْمَادَّةَ 226) . 15 - خِيَارُ الْخِيَانَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنِّي اسْتَأْجَرْت هَذَا الْعَقَارَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فِي الشَّهْرِ

وَأُؤَجِّرُك إيَّاهُ بِسِتَّةٍ وَفُهِمَ أَنَّهُ أَسْتَأْجَرَهُ بِأَرْبَعَةٍ فَالْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 351) . 16 - خِيَارُ التَّعَيُّنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 316 و 506) . وَهَذِهِ الْخِيَارَاتُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ شَيْءٌ صَرِيحٌ بِجَرَيَانِهَا جَمِيعِهَا فِي الْإِجَارَةِ سِوَى مَا جَاءَ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ. بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ تَجْرِي فِي الْبَيْعِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ، وَالْإِجَارَةُ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ فَتَجْرِي هَذِهِ الْخِيَارَاتُ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ.

الفصل الأول ويحتوي على ثلاثة مباحث

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لَا يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ يَفْنَى وَيَزُولُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَلَا يُسْتَطَاعُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَامِلًا وَإِذَا اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فَلَا يَكُونُ الْمُؤَجِّرُ قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَهَذَا الْأَمْرُ مَانِعٌ لِلْخِيَارِ. وَقَدْ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا أَنَّ فَوَاتَ بَعْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ لَيْسَ مَانِعًا بِخِيَارِ الْعَيْبِ، فَلَا يُمْنَعُ الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَيْضًا. لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي الْإِجَارَةِ رَدُّ الْكُلِّ وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّكْلِيفُ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ (الْهِدَايَةُ، الْكِفَايَةُ، الطُّورِيُّ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبْضِ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي الْمَبِيعِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَلَاكِ الْبَعْضِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ. (الْمَادَّةُ 497) يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ وَيَجُوزُ الْإِيجَارُ وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مُخَيَّرًا كَذَا أَيَّامًا. يَعْنِي يَجْرِي خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَارَةُ مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ كَمَا جَرَى فِي الْبَيْعِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (300) وَيَجُوزُ الْإِيجَارُ وَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا أَيْ أَنْ يَكُونَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُخَيَّرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ قِرْشٍ شَهْرِيًّا عَلَى أَنِّي مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ تُفْسَخُ لِأَسْبَابٍ كَالْإِقَالَةِ فَشَرْطُ الْخِيَارِ فِيهَا صَحِيحٌ. وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ قَدْ جُعِلَ لِلتَّرَوِّي وَالتَّفْكِيرِ وَكُلٌّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ فِي حَاجَةٍ إلَى التَّرَوِّي وَالتَّفْكِيرِ فِي الْإِجَارَةِ قَبْلَ إبْرَامِهَا لِأَنَّ الْخِيَارَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ بِالتَّرَوِّي فَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ لِأَنَّهَا تَقَعُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ تَأَمُّلٍ فَيُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ غَيْرُ مُوَافِقٍ. فَيَحْتَاجُ إلَى الْإِقَالَةِ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ فِيهَا (الزَّيْلَعِيّ) .

(المادة 498) المخير إن شاء فسخ الإجارة وإن شاء أجازها مدة خياره

يُقْسَمُ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ لِلْمُؤَجِّرِ فَقَطْ. 2 - أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ. 3 - أَنْ يَكُونَ لِكِلَيْهِمَا مَعًا. 4 - أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 300) . وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهَا (كَذَا أَيَّامًا) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَكْثَرَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَعْلُومَةً فَعَلَيْهِ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْعَاقِدَانِ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي وَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. وَلَكِنْ إذَا اتَّفَقَا عَلَى تَعَيُّنِ مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ انْفِضَاضِ الْمَجْلِسِ وَعَيَّنَاهَا انْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . وَكَمَا يَصِحُّ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ فِي إجَارَةِ الْمِلْكِ يَصِحُّ فِي إجَارَةِ الْأَوْقَافِ. وَعَلَيْهِ لَوْ آجَرَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ كَذَا يَوْمًا صَحَّ فَإِذَا شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَإِذَا شَاءَ أَجَازَهَا (الْأَنْقِرْوِيّ) . وَيَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ وُجُودُ سَائِرِ الشُّرُوطِ الْأُخْرَى أَيْضًا حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ قَبِلَهَا بِمِائَةِ قِرْشٍ وَإِنْ شَاءَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. وَإِذَا سَكَنَهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَهَا لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 450) . (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَا يَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ لَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِصَاحِبِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 498) الْمُخَيَّرُ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا مُدَّةَ خِيَارِهِ] (الْمَادَّةُ 498) : الْمُخَيَّرُ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا مُدَّةَ خِيَارِهِ. الْمُخَيَّرُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْآجِرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ إيَّاهُمَا مَعًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَتَنْفَسِخُ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهَا فَتَنْفُذُ وَتَكُونُ لَازِمَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 301) وَإِذَا كَانَ الطَّرَفَانِ مُخَيَّرَيْنِ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ الْإِجَارَةَ سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَا يَطْرَأُ بِذَلِكَ خَلَلٌ عَلَى خِيَارِ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْفَسْخِ عِنْدَ الْإِمَامِ حُضُورُ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَعِلْمُهُ كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى حُكْمِ الْقَاضِي أَوْ رِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْآجِرُ مُخَيَّرًا فَلَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَوْ إجَازَتُهَا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ يُجِيزَهَا. لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يُشْتَرَطُ فِي فَسْخِ الطَّرَفِ

(المادة 499) كان الآجر مخيرا وتصرف في المأجور بوجه من لوازم التملك

الْمُخَيَّرِ حُضُورُ الطَّرَفِ الثَّانِي وَعِلْمُهُ (الْقُهُسْتَانِيّ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ مُخَيَّرَيْنِ فَيَجْرِي الْخِيَارُ عَلَى مَا جَاءَ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي مَتْنِ الْمَادَّةِ (307) وَشَرْحِهَا وَقَوْلُهُ (فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (500) . [ (الْمَادَّةُ 499) كَانَ الْآجِرُ مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ فِي الْمَأْجُورِ بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ] (الْمَادَّةُ 499) كَمَا أَنَّ الْفَسْخَ وَالْإِجَازَةَ عَلَى مَا تَبَيَّنَ فِي الْمَوَادِّ 302 وَ 303 وَ 304 يَكُونَانِ قَوْلًا كَذَلِكَ يَكُونَانِ فِعْلًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْآجِرُ مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ فِي الْمَأْجُورِ بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ فَهُوَ فَسْخٌ فِعْلِيٌّ وَتَصَرُّفُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُخَيَّرِ فِي الْمَأْجُورِ كَتَصَرُّفِ الْمُسْتَأْجِرِينَ إجَارَةٌ فِعْلِيَّةٌ. أَيْ كَمَا أَنَّ فَسْخَ الطَّرَفِ الْمُخَيَّرِ الْإِجَارَةِ وَإِجَازَتَهُ يَكُونَانِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ فِي الْمَوَادِّ 230 وَ 303 وَ 304 فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ قَوْلًا يَكُونَانِ كَذَلِكَ فِعْلًا وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: 1 - الْفَسْخُ الْقَوْلِيُّ. 2 - الْفَسْخُ الْفِعْلِيُّ. 3 - الْإِجَازَةُ الْقَوْلِيَّةُ. 4 - الْإِجَازَةُ الْفِعْلِيَّةُ. وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْآجِرُ مُخَيَّرًا وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ بِقَوْلِهِ (فَسَخْت) كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فَسْخًا قَوْلِيًّا. كَمَا أَنَّهُ لَوْ فَسَخَهَا بِتَصَرُّفِهِ بِالْمَأْجُورِ بِأَنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوَجْهٍ آخَرَ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَانَ ذَلِكَ فَسْخًا فِعْلِيًّا. كَمَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرًا وَقَالَ أَجَزْت أَوْ أَسْقَطْت خِيَارِي كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إجَازَةً قَوْلِيَّةً. كَمَا أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ الْعَقَارَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ أَجَرَهُ مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُسْتَأْجِرِينَ كَانَ مِنْهُ إجَازَةً فِعْلِيَّةً. حَتَّى إنَّهُ لَوْ سَكَنَ الدَّارَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَانْهَدَمَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّ سُكْنَاهُ إيَّاهَا كَانَ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ لِسُقُوطِ خِيَارِهِ بِالسُّكْنَى وَلُزُومِ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْآجِرِ فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَضْمَنُ قِيمَةَ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُكْنَاهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (505) يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَسُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ وَلَيْسَ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 500) لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ قَبْلَ فَسْخِ الْمُخَيَّرِ وَإِنْفَاذِهِ الْإِجَارَةَ] (الْمَادَّةُ 500) لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ قَبْلَ فَسْخِ الْمُخَيَّرِ وَإِنْفَاذِهِ الْإِجَارَةَ يَسْقُطُ الْخِيَارُ وَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ قَبْلَ فَسْخِ الْمُخَيِّرِ (أَيْ الْآجِرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ) لِلْإِجَارَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَإِنْفَاذُهُ إيَّاهَا سَقَطَ الْخِيَارُ وَلَزِمَتْ الْإِجَارَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 305) . سُقُوطُ الْخِيَارِ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: 1 - بِالْإِجَازَةِ الْقَوْلِيَّةِ.

(المادة 501) مدة الخيار تعتبر من وقت عقد الإجارة

بِالْإِجَازَةِ الْفِعْلِيَّةِ. 3 - بِمُرُورِ الْمُدَّةِ. 4 - بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ. حَتَّى إنَّ الْمُخَيَّرَ إذَا جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ سَكِرَ أَوْ نَامَ وَمَرَّتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِهَا سَقَطَ خِيَارُهُ. وَلَا يَنْتَقِلُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَةِ إلَى الْوَارِثِ فَعَلَيْهِ لَوْ تُوُفِّيَ الطَّرَفُ الْمُخَيَّرُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ وَلَا تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 306) وَالْإِجَازَةُ تَنْفَسِخُ بِالْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَازِمًا. [ (الْمَادَّةُ 501) مُدَّةُ الْخِيَارِ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 501) مُدَّةُ الْخِيَارِ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ. أَيْ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (هِنْدِيَّةٌ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا مِنْ غُرَّةِ مُحَرَّمٍ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْخِيَارِ مِنْ غُرَّةِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَتَنْقَضِي مُدَّةُ الْخِيَارِ بِمُرُورِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُنْذُ ذَلِكَ التَّارِيخِ. لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ مُحَرَّمٍ فَمَاذَا الْحُكْمُ؟ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ اعْتِبَارًا مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مُوَافِقًا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُنَا هُنَا نَقْلٌ صَرِيحٌ لِلْحُكْمِ. [ (الْمَادَّةُ 502) ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ] يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ مُنْذُ سُقُوطِ الْخِيَارِ بِمُقْتَضَى إحْدَى الْمَوَادِّ (498 وَ 499 وَ 500) . فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا لِشَهْرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْيَوْمَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ. لِأَنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَفِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَكُونُ إجَارَةً حَتَّى يَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا ابْتَدَأَ بِالِانْتِفَاعِ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ لِاسْتِلْزَامِ ذَلِكَ سُقُوطَ الْخِيَارِ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ بِكَذَا قِرْشًا عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَأُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ لَازِمَةٍ وَيَضْمَنُ مَا انْهَدَمَ بِسُكْنَاهُ. كَذَلِكَ إذَا أَجَرَ الْمُكَارِي دَابَّتَهُ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ كَذَا سَاعَةً وَرَكِبَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ بِلَا إذْنِ الْآجِرِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَسُرِقَتْ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ ضَمِنَهَا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ غَاصِبًا بِاسْتِعْمَالِهِ الْمَأْجُورَ بِدُونِ إجَازَةٍ مِنْ الْمُؤَجِّرِ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ حِينَئِذٍ وَلِكَيْ لَا تَكُونَ الْأُجْرَةُ لَازِمَةً فِي هَذِهِ الْحَالِ وَإِذَا

المبحث الثاني في بيان مسائل متعلقة في كيفية إجارة المأجور

كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَسُرِقَتْ مِنْ يَدِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ إجَازَةٌ فِعْلِيَّةٌ مِنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 499) (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ) . هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِجَارَةِ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى هَذَا الْخِيَارِ أَمَّا ابْتِدَاءُ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا خِيَارٌ فَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (486 وَ 496) . [الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ فِي كَيْفِيَّةِ إجَارَةِ الْمَأْجُورِ] (الْمَادَّةُ 503) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا ذِرَاعًا أَوْ دُونَمًا وَخَرَجَتْ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لَكِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُخَيَّرٌ حَالَ نُقْصَانِهَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إنْ شَاءَ. إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا ذِرَاعًا أَوْ دُونَمًا أَيْ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ أَذْرُعِهَا أَوْ دُونَمَاتِهَا كَذَا ذِرَاعًا أَوْ دُونَمًا وَبُيِّنَتْ حُدُودُهَا الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ تُبَيَّنْ أُجْرَةُ كُلِّ ذِرَاعٍ أَوْ دُونَمٍ فَإِذَا ظَهَرَتْ عِنْدَ التَّسْلِيمِ تَامَّةً كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَلَازِمَةً وَإِذَا خَرَجَتْ زَائِدَةً ذِرَاعًا أَوْ ذِرَاعَيْنِ أَوْ دُونَمًا أَوْ دُونَمَيْنِ أَوْ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ دُونَمَاتٍ أَوْ نَاقِصَةً كَانَتْ الْإِجَارَةُ أَيْضًا صَحِيحَةً وَاقِعَةً عَلَى الْأَرْضِ الْمَحْدُودَةِ فَقَطْ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ وَقْفًا وَيَلْزَمُ فِي كُلِّ حَالٍ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فَقَطْ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 221) وَلَا تَلْزَمُ زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ لِلْأَذْرُعِ أَوْ الدُّونَمَاتِ الزَّائِدَةِ كَمَا لَا يَلْزَمُ نَقْصُهَا إذَا نَقَصَتْ الْأَذْرُعُ أَوْ الدُّونَمَاتُ. (التَّنْقِيحُ) . لَكِنْ إذَا نَقَصَتْ الْأَذْرُعُ أَوْ الدُّونَمَاتُ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ، فَالْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرٌ إذَا شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِذَا شَاءَ أَجَازَهَا وَلَيْسَ لَهُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ فِي مُقَابِلِ النُّقْصَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 224 وَ 226) أَمَّا فِي حَالِ الزِّيَادَةِ فَلَيْسَ الْمُؤَجِّرُ مُخَيَّرًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَصْفًا فَلَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ. وَلَمَّا كَانَ الْخِيَارُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ خِيَارَ عَيْبٍ فَذِكْرُهُ فِي الْفَصْلِ الْمَوْضُوعِ لِبَيَانِ خِيَارِ الشَّرْطِ غَيْرُ لَائِقٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَقَدْ ذُكِرَ نَظِيرُهُ فِي الْبَيْعِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (224 وَ 226) (تَحْتَ عُنْوَانِ) (الْمَوَادُّ الْمُتَعَلِّقَةُ بِكَيْفِيَّةِ الْمَبِيعِ) فَقَدْ وَضَعْنَا لَهُ فِي الشَّرْحِ عُنْوَانًا تَمْيِيزًا عَنْ خِيَارِ الشَّرْطِ قِيَاسًا عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ. لَقَدْ جَاءَ (وَيَسْكُتُ عَنْ بَيَانِ الْأُجْرَةِ لِكُلِّ ذِرَاعٍ أَوْ دُونَمٍ) لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الْآجِرُ أُجْرَةَ كُلِّ ذِرَاعٍ أَوَدُونَمً كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرًا فِي حَالَتَيْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الْمَأْجُورَ بِحِسَابِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 226) لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الذَّارِعُ وَصْفًا لَيْسَ لَهُ مُقَابِلٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ أَصْبَحَ أَصْلًا لِأَفْرَادِهِ بِذِكْرِ الْبَدَلِ.

(المادة 504) لو استؤجرت أرض على أن يكون كل دونم منها بكذا دراهم

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الشَّرْحِ هِيَ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ بَيَّنَ مِقْدَارَ الْمَجْمُوعِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. وَتَنْطَبِقُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْحَيَوَانِ أَيْضًا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ بِالْخِيَارِ رَجُلٌ ثَوْرًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَ كَيْلَاتٍ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ بِتَمَامِهِ وَإِنْ رَدَّ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْيَوْمِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ بِتَمَامِهِ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ النُّقْصَانِ عَنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى الْوَقْتِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقَّ الْأَجْرَ وَإِنْ لَمْ يَطْحَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 504) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ دُونَمٍ مِنْهَا بِكَذَا دَرَاهِمَ] (الْمَادَّةُ 504) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ دُونَمٍ مِنْهَا بِكَذَا دَرَاهِمَ يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ الدُّونَمِ. إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ دُونَمٍ أَوْ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا قِرْشًا لَزِمَ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ الْبَدَلِ الْمُسَمَّى لِكُلِّ دُونَمٍ أَوْ ذِرَاعٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ كُلِّ دُونَمٍ مِنْهَا عَشَرَةُ قُرُوشٍ فَكَانَتْ عِشْرِينَ دُونَمًا لَزِمَ إعْطَاءُ مِائَتَيْ قِرْشٍ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ أَيْضًا لَا تَتَعَلَّقُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا حُشِرَتْ هُنَا لِبَيَانِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. [الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطٍ] الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطٍ (الْمَادَّةُ 505) يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ عُيِّنَتْ أُجْرَتُهُ وَشُرِطَ إيفَاؤُهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ إلَى الْخَيَّاطِ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يُفَصِّلَهَا وَيُنَجِّزَ خِيَاطَتَهَا هَذَا الْيَوْمَ أَوْ لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَلِيلًا بِشَرْطِ أَنْ يُوَصِّلَهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَى مَكَّةَ، تَجُوزُ الْإِجَارَةُ. وَالْآجِرُ إنْ أَوْفَى الشَّرْطَ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَإِلَّا اسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. أَيْ إنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ عُيِّنَتْ أُجْرَتُهُ وَشُرِطَ إيفَاؤُهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَيَكُونُ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَلَى الْعَمَلِ وَالشَّرْطِ مُعْتَبَرًا وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى إذَا أَوْفَى الْأَجِيرُ الْعَمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ جُمِعَ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَقْدِ بَيْنَ الْوَقْتِ وَالْعَمَلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا هُوَ الْمَعْقُودُ

(المادة 506) يصح ترديد الأجرة على صورتين أو ثلاث

عَلَيْهِ وَالْقَرِينَةُ لِقَصْدِ التَّعْجِيلِ مَعْدُومَةٌ بِذِكْرِ الْوَقْتِ، فَوَجَبَ أَنْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِلْجَهْلِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْعَمَلِ يُوجِبُ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَعْمَلْ. وَذِكْرُ الْوَقْتِ يُوجِبُ وُجُوبَهَا عِنْدَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْمُدَّةِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. وَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ أَوْفَى الْعَمَلَ أَوْ لَمْ يُوفِهِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَهَذَا الْعَقْدُ مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ. لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَقْدُ هُنَا وَاقِعًا عَلَى الْعَمَلِ وَذُكِرَ الْوَقْتُ لِلِاسْتِعْجَالِ فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَرُفِعَتْ الْجَهَالَةُ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ (الزَّيْلَعِيّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْكَنْزِ أَوْ لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا، الْيَوْمَ، بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ الْخَيَّاطَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يُفَصِّلَهَا وَيَخِيطَهَا هَذَا الْيَوْمَ أَيْ لِيُنْجِزَ خِيَاطَتَهَا أَوْ اكْتَرَى أَحَدٌ دَلِيلًا بِشَرْطِ أَنْ يُوصِلَهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ. وَقَدْ جَمَعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْعَمَلِ. فَإِذَا خَاطَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَأَنْجَزَهُ وَأَوْصَلَهُ الدَّلِيلُ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَغَ الْعَمَلُ فِي مُنْتَصَفِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يُنْجِزَ الْخَيَّاطُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ ظُهْرَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ أَخَذَ الْأَجِيرُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْعَقْدَ صَارَ وَارِدًا عَلَى الْعَمَلِ وَإِذَا لَمْ يَفِ الْأَجِيرُ أَوْ الْآجِرُ الْعَمَلَ حَسَبَ الشَّرْطِ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 462) . وَإِذَا تَبَاطَأَ الْأَجِيرُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ مَعَ مُطَالَبَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ مِرَارًا وَسُرِقَتْ مِنْهُ ضَمِنَ. أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي إيرَادِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلَوْ أَنَّ الْخَيَّاطَ لَمْ يَخِطْ الثِّيَابَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطَالَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِرَارًا وَتَمَاهَلَ وَلَمْ يَعْمَلْ حَتَّى سُرِقَتْ الثِّيَابُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا قَالَهُ (شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) . وَاسْتَفْتَيْت أَئِمَّةَ بُخَارَى عَنْ قَصَّارٍ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرُغْ وَتَلِفَ الثَّوْبُ فِي الْغَدِ أَجَابُوا يَضْمَنُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتِلْوِهَا خِيَارُ الشَّرْطِ الَّذِي جَاءَ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (498) وَإِنَّمَا هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ إجَارَةٍ بِشَرْطٍ وَقَدْ وُضِعَتَا تَحْتَ عُنْوَانٍ خَاصٍّ كَنَظَائِرِهِمَا فِي الْبَيْعِ. لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَرْدِيدٌ قَطُّ بِخِلَافِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. [ (الْمَادَّةُ 506) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ] (الْمَادَّةُ 506) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ وَالْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى مُوجِبِ

الصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِعْلًا. مَثَلًا لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنَّ خِطْت دَقِيقًا فَلَكَ كَذَا وَإِنْ خِطْت خَشِنًا فَلَكَ كَذَا، فَأَيُّ الصُّورَتَيْنِ عَمِلَ لَهُ أُجْرَتُهَا، أَوْ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَانُوتٌ بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ أَجْرَى فِيهِ عَمَلَ الْعِطَارَةِ فَأُجْرَتُهُ كَذَا وَإِنْ أَجْرَى فِيهِ عَمَلُ الْحِدَادَةِ فَكَذَا فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ أَجْرَى فِيهِ يُعْطِي أُجْرَتُهُ الَّتِي شُرِطَتْ. وَكَذَا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ بِشَرْطِ إنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً فَأُجْرَتُهَا كَذَا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَكَذَا، فَأَيُّهُمَا حُمِلَ يُعْطَى أُجْرَتُهُ الَّتِي عُيِّنَتْ. أَوْ لَوْ قِيلَ لِلْمُكَارِي اسْتَكْرَيْتُ مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ إلَى (شورلي) بِمِائَةٍ وَإِلَى أَدْرِنَةٍ بِمِائَتَيْنِ وَإِلَى فلبه بِثَلَاثِمِائَةٍ فَإِلَى أَيُّهَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ أَجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِمِائَتَيْنِ وَهَذِهِ بِثَلَاثِمِائَةٍ فَبَعْدَ قَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْحُجْرَةِ الَّتِي سَكَنَهَا وَكَذَلِكَ لَوْ سَاوَمَ أَحَدٌ الْخَيَّاطَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ جُبَّةً بِشَرْطِ إنْ خَاطَهَا الْيَوْمَ فَلَهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهَا غَدًا فَلَهُ ثَلَاثُونَ تُعْتَبَرُ الشُّرُوطُ. يَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ: (1) فِي الْعَمَلِ (2) فِي الْعَامِلِ (3) فِي الْحَمْلِ (4) فِي الْمَسَافَةِ (5) فِي الْمَكَانِ (6) فِي الزَّمَانِ (7) فِي أَنْوَاعِ الزِّرَاعَةِ (8) فِي نَقْلِ الْحَمْلِ. وَيَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَتَسْمِيَةُ أُجْرَةٍ لِكُلِّ صُورَةٍ غَيْرُ أُجْرَةِ الصُّورَةِ الْأُخْرَى، وَيُعْتَبَرُ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِهَا دَفْعًا لِلْحَاجَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ مَنَافِعَ فَتُقَاسُ عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الزَّيْلَعِيّ) . يَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي الْعَمَلِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْأَجْرُ قَدْ يَجِبُ بِالْعَمَلِ وَعِنْدَ الْعَمَلِ يَرْتَفِعُ الْجَهْلُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا فِي الْعَامِلِ فَقَدْ قَالَ بِجَوَازِهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ عَقْدَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَالْجَهَالَةُ فِي الْعَمَلِ تَرْتَفِعُ عِنْدَ الْمُبَاشَرَةِ خِلَافًا لَهُمَا أَيْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَالْأَجْرَانِ مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا يَجِبُ فَلَا يَجُوزُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى مُوجِبِ الصُّورَةِ الَّتِي تَظْهَرُ فِعْلًا أَيْ أُجْرَةُ تِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي شُرِطَتْ، وَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: 1 - حُصُولُ الصُّوَرِ الْمُرَدَّدَةِ كُلِّهَا. 2 - عَدَمُ حُصُولِ شَيْءٍ مِنْهَا. 3 - عَدَمُ حُصُولِ إحْدَاهَا فَقَطْ.

وَالْبَحْثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُسْتَوْفًى فِي الشَّرْحِ الْآتِي: أَمَّا تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ زِيَادَةً عَنْ ثَلَاثِ صُوَرٍ كَأَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ فَلَا يَجُوزُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 316) . غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ بِالْعَمَلِ وَإِذَا وُجِدَ يَصِيرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الثَّمَنَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَالْمَبِيعُ مَجْهُولٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْجَهَالَةَ الَّتِي فِي طَرَفِ الْأُجْرَةِ تَرْتَفِعُ كَمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْجَهَالَةُ الَّتِي فِي طَرَفِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي نَحْوِ قَوْلِ أَجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ فَهِيَ ثَابِتَةٌ وَتُفْضِي إلَى النِّزَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْعَيْنِ وَتَسَلُّمِهَا. إذْ الْمُسْتَأْجِرُ يُرِيدُ هَذِهِ وَالْمُؤَجِّرُ يُرِيدُ الْأُخْرَى فَتَحَقَّقَ النِّزَاعُ فَيَبْقَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِدُونِ اشْتِرَاطِ خِيَارِ التَّعْيِينِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . (1) مَثَلًا لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت دَقِيقًا فَلَكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خِطْت خَشِنًا فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ، فَأَيُّ الصُّورَتَيْنِ عَمِلَ لَهُ أُجْرَتُهَا أَيْ إنْ خَاطَ الثَّوْبَ خِيَاطَةً دَقِيقَةً أَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهُ خَشِنًا أَخَذَ مِائَةَ قِرْشٍ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ عَلَى صُورَةٍ مَا فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ مُطْلَقًا وَيُجْبَرُ عَلَى الْخِيَاطَةِ. وَلَيْسَ ظُهُورُ الصُّورَتَيْنِ مَعًا بِالْفِعْلِ مُمْكِنًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ خَاطَ قِسْمًا بِصُورَةٍ وَالْآخَرَ بِصُورَةٍ أُخْرَى؟ فِي هَذَا الِاحْتِمَالَاتِ الْآتِيَةِ: 1 - أَنْ يَخِيطَ دَقِيقًا. 2 - أَنْ يَخِيطَ خَشِنًا. 3 - أَنْ لَا يَخِيطَ مُطْلَقًا. 4 - أَنْ يَخِيطَ قِسْمًا دَقِيقًا وَقِسْمًا خَشِنًا. 5 - أَنْ يَخِيطَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ مَعًا أَيْضًا. وَقَدْ بُحِثَ فِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ جَمِيعِهَا وَهَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْعَمَلِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ بِنَفْسِك فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ خَاطَهُ أَحَدُ أُجَرَائِك فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشٍ فَقَطْ. فَإِنْ لَمْ يَخِطْهُ هُوَ وَلَا أَحَدُ أُجَرَائِهِ أُجْبِرَ عَلَى خِيَاطَتِهِ وَمِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَنْ يَخِيطَ الْخَيَّاطُ وَأَجِيرُهُ الثَّوْبَ مَعًا. وَلَكِنْ كَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ لَوْ خَاطَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمًا؟ وَيُرَى فِي هَذَا أَيْضًا الصُّوَرُ الْخَمْسُ الَّتِي مَرَّتْ آنِفًا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلصَّبَّاغِ إذَا صَبَغْت الثَّوْبَ بِهَذَا النَّوْعِ فَلَكَ ثَمَانُونَ قِرْشًا وَبِالنَّوْعِ الْفُلَانِيِّ الْآخَرِ خَمْسُونَ أَمَّا إذَا صَبَغْته بِاللَّوْنِ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ أَرْبَعُونَ قِرْشًا (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . فَإِذَا لَمْ يَصْبُغْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ يُجْبَرُ عَلَى صِبَاغَتِهِ. وَأَمَّا بِالثَّلَاثَةِ الْأَنْوَاعِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ وَيُلَاحِظُ هُنَا أَيْضًا خَمْسُ مَسَائِلَ.

أَوْ لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مِنْ آخَرَ بِشَرْطِ أَنَّهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لِلْعِطَارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مِائَةَ قِرْشٍ وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ لِلْحِدَادَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا. فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ عَمِلَ فِي الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ يُعْطَى أُجْرَتُهُ الَّتِي شُرِطَتْ فَإِذَا اشْتَغَلَ بِالْعِطَارَةِ لَزِمَهُ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْحِدَادَةِ فَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا (الطُّورِيُّ) . هَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْعَامِلِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَلَا لِعَمَلٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَعَلَى آخَرَ نِصْفُ مَجْمُوعِ الْأَجْرَيْنِ. وَلَكِنْ كَيْفَ الْحُكْمُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ نِصْفًا لِلْعِطَارَةِ وَنِصْفًا لِلْحِدَادَةِ أَوَنِصْفَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلْعِطَارَةِ وَنِصْفَهَا الْآخَرِ لِلْحِدَادَةِ، وَيُلَاحِظُ هُنَا سِتُّ مَسَائِلَ أَيْضًا. وَقَدْ أُشِيرَ إلَى هَذَا الْمِثَالِ فِي الشَّرْحِ بِرَقْمِ اثْنَيْنِ. كَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِكَذَا إذَا زُرِعَ النَّوْعُ الْفُلَانِيُّ مِنْ الْحُبُوبِ فِيهَا وَبِكَذَا إذَا زُرِعَ نَوْعٌ آخَرُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَزْرَعْ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا. أَمَّا زِرَاعَتُهَا كُلُّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِالنَّوْعَيْنِ فَلَا يُمْكِنُ وَلَكِنْ كَيْفَ الْحُكْمُ إذَا زُرِعَ نِصْفٌ مِنْهَا بِنَوْعٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْآخَرِ؟ وَفِي هَذَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ أَيْضًا. (3) وَكَذَا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ بِشَرْطِ إنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً فَأُجْرَتُهَا أَرْبَعُونَ قِرْشًا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَسِتُّونَ قِرْشًا فَإِنْ حَمَلَتْ حِنْطَةً لَزِمَ أَرْبَعُونَ قِرْشًا وَإِنْ حَمَلَتْ حَدِيدًا فَسِتُّونَ قِرْشًا. وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَأَحْضَرَتْ (قُفْلًا) لَزِمَ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ أَوْ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا. وَإِنْ حَمَّلَهَا مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ لَزِمَ أَكْثَرُ الْأَجْرَيْنِ. أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، نِصْفُ الْحَمْلِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الْحَدِيدِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْحُكْمُ؟ وَيُلَاحَظُ فِي هَذَا أَيْضًا خَمْسُ صُوَرٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا حَانُوتًا أَوْ دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَقَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ أَوْ لَمْ يُحَمِّلْ الدَّابَّةَ أَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ مُطْلَقًا. أَيْ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْحَانُوتَ لِلْعِطَارَةِ وَلَا لِلْحِدَادَةِ وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى الدَّابَّةِ حِنْطَةً وَلَا حَدِيدًا وَلَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ شَيْئًا مِنْ إمْكَانِ زَرْعِهَا لَزِمَهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الزَّائِدُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ بِالشَّكِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِأَقَلِّهِمَا ضَرَرًا قَالَ فِي إشَارَاتِ الْأَسْرَارِ فَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْتَحِقُّ الْأَقَلَّ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةٍ زَائِدَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَوَجَبَ بِالتَّخْلِيَةِ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ نِصْفُ أُجْرَتِهَا لِأَنَّ الْمَأْجُورَ بِمَا أَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ فَلَيْسَ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِشَيْءٍ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ يَعْنِي يَلْزَمُ نِصْفُ أُجْرَةِ الْعِطَارَةِ وَأُجْرَةِ الْحِدَادَةِ فِي الْحَانُوتِ وَنِصْفُ أُجْرَةِ تَحْمِيلِ الْحِنْطَةِ وَالْحَدِيدِ فِي الدَّابَّةِ (الطُّورِيُّ) . وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ لِلرُّكُوبِ بِخَمْسِينَ وَلِلْحَمْلِ بِمِائَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ

فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْبَزَّازِيَّة) أَمَّا إذَا رَكِبَهَا وَحَمَّلَهَا لَزِمَ أَكْثَرُ الْأَجْرَيْنِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لَا لِلرُّكُوبِ وَلَا لِلتَّحْمِيلِ لَزِمَ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ الْآنِفُ هُوَ لِتَرْدِيدِ الْحَمْلِ. (4) أَوْ لَوْ قَالَ الْمُكَارِي: أَجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ إلَى (شورلي) بِمِائَةِ قِرْشٍ إلَى (أَدِرْنَهُ) بِمِائَتَيْنِ وَإِلَى (فَلَبّه) بِثَلَاثِمِائَةٍ وَقَبِلَ بِذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ أُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقْصِدُهُ مِنْ الْمَحَالِّ الْمَذْكُورَةِ. فَإِذَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ (شورلي) أَخَذَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَهَا وَإِذَا قَصَدَ (أدرنه) أَخَذَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لَهَا وَإِذَا قَصَدَ فلبه أَخَذَ كَذَلِكَ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاة لَهَا (الْمُلْتَقَى) وَهَذَا الْمِثَالُ لِتَرْدِيدِ الْمَسَافَةِ وَفِيهِ تَرْدِيدٌ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَإِذَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى الْمَحَالِّ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ أَكْثَرُ الْأَجْرِ. أَمَّا إذَا اسْتَلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ وَلَمْ يَذْهَبْ بِهِ إلَى مَكَان مَا فَيُعْلَمُ حُكْمُ ذَلِكَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمَادَّتَيْنِ (470 وَ 546) وَشَرْحِهِمَا. 5 - وَكَذَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ أَجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةٍ وَهَذِهِ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ وَهَذِهِ الدَّارَ الْأُخْرَى بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ فَبَعْدَ قَبُولِ الْمُسْتَأْجِرِ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ لِلدَّارِ الَّتِي سَكَنَهَا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَهَذَا الْمِثَالُ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِرَقْمِ (5) مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الْمَكَانِ. لَكِنْ إذَا اسْتَلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ دَارَيْنِ مِنْ الدُّورِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَسْكُنْ إحْدَاهُمَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ أَقَلُّ الْأَجْرَيْنِ وَعَلَى آخَرَ نِصْفُ مَجْمُوعِهِمَا. أَمَّا إذَا سَكَنَ كِلْتَا الدَّارَيْنِ لَزِمَهُ أَعْظَمُ الْأُجْرَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلدَّارِ ذَاتِ الْأُجْرَةِ الْأَقَلِّ مَا لَمْ تَكُنْ مَالُ وَقْفٍ أَوْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ أُجْرَتُهَا الْمِثْلِيَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت هَذَا الثَّوْبَ فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِنْ خِطْت الْآخَرَ فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشًا لَزِمَتْ أُجْرَةُ مَا يَخِيطُهُ مِنْهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَإِذَا خَاطَهُمَا كِلَيْهِمَا لَزِمَتْ أُجْرَةُ الثَّوْبِ الَّذِي يَخِيطُهُ أَوَّلًا وَيُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي الْآخَرِ وَإِذَا خَاطَ الِاثْنَيْنِ مَعًا لَزِمَ أَكْبَرُ الْأُجْرَتَيْنِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي أَقَلِّهِمَا. 6 - كَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت (الْجُبَّةَ) فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَكَ خَمْسُونَ قِرْشًا وَإِنْ خِطْتهَا غَدًا فَلَكَ ثَلَاثُونَ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا. فَيَأْخُذُ إنْ خَاطَهَا الْيَوْمَ خَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ خَاطَهَا غَدًا يَأْخُذُ ثَلَاثِينَ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا خَاطَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَوْ الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْد ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى أَيْ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ ثَلَاثِينَ قِرْشًا أَوْ دُونَهَا وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّلَاثِينَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَبَى أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِينَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَأَوْلَى أَلَّا يَزِيدَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُقَاوِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُكَارِيَ عَلَى أَنْ يُوصِلَهُ إلَى الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ إنْ أَوْصَلَهُ بِيَوْمَيْنِ وَبِمِائَةٍ فَقَطْ إنْ أَوْصَلَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) وَهَذَا مِثَالٌ لِتَرْدِيدِ الزَّمَانِ. وَقَدْ أَصْبَحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَعَ أَمْثِلَتِهَا ظَاهِرَةً بِمَا مَرَّ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ.

وَحُكْمُ التَّرْدِيدِ فِي أَنْوَاعِ الزِّرَاعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضُ لِلْمُزَارِعِ إذَا زَرَعْت الْأَرْضَ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَكَ رُبُعُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بِكِرَابٍ وَاحِدٍ فَلَكَ ثُلُثُ الْمَحْصُولِ وَإِنْ زَرَعْتهَا بكرابين فَلَكَ نِصْفُ الْمَحْصُولِ فَلِلْمُزَارِعِ نَصِيبُهُ حَسْبَمَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ (الْكِفَايَةُ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ) وَإِذَا لَمْ يَزْرَعْهَا مُطْلَقًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ حَاصِلَاتٌ. وَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ زِرَاعَتُهَا بِنَوْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَعًا. لَكِنَّهُ إذَا زَرَعَ قِسْمًا مِنْهَا بِنَوْعٍ وَالْقِسْمَ الْآخَرَ بِنَوْعٍ آخَرَ لَزِمَتْ فِي كُلِّ قِسْمٍ ظَاهِرُ أُجْرَةِ النَّوْعِ الَّذِي زُرِعَ بِهِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ التَّعَيُّنِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (316) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. 8 - وَيَجُوزُ التَّرْدِيدُ فِي نَقْلِ الْحَمْلِ أَيْضًا. وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجَرُ لِلْحَمَّالِ إذَا نَقَلْت هَذَا الْحِمْلَ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَإِذَا نَقَلْت ذَلِكَ الْحَمْلَ فَلَكَ خَمْسُونَ. فَيَجُوزُ وَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْحَمْلِ الَّذِي يُنْقَلُ أَوَّلًا وَإِذَا نَقَلَ الثَّانِي بَعْدَ ذَلِكَ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ أُجْرَةً وَيَكُونُ ضَامِنًا فِيمَا لَوْ تَلِفَ. وَإِذَا نَقَلَ الْحِمْلَيْنِ مَعًا أَخَذَ نِصْفَ أُجْرَتَيْهِمَا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَلِفَا بِيَدِهِ ضَمِنَ نِصْفَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَضْمَنُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . وَلَيْسَ قَيْدُ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَرْدِيدِ الْأُجْرَةِ وَنَفْيِهَا. أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ بِطَرِيقَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مَثَلًا لَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ إنْ خِطْت الثَّوْبَ الْيَوْمَ فَلَكَ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَإِنْ خِطْته غَدًا فَلَا أَجْرَ لَك فَإِذَا خَاطَهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ أَخَذَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ وَإِنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ الثَّانِي أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ إسْقَاطَ الْأَجْرِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَا يَنْفِي وُجُوبَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَنَفْيُ التَّسْمِيَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَا يَنْفِي أَصْلَ الْعَقْدِ فَكَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَقْدٌ لَا تَسْمِيَةٌ فِيهِ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الطُّورِيُّ) .

الفصل الثاني في مسائل خيار الرؤية

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَسَائِلِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ] ِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا لَمْ يُرَدْ الْمَأْجُورُ لِوُجُودِ الْجَهَالَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْجَهَالَةُ مَانِعَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِلنِّزَاعِ. وَلَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ بِحُكْمِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ إذَا لَمْ يَرُقْ لَهُ الْمَأْجُورُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْجَهَالَةُ مُوجِبَةً لِلنِّزَاعِ وَلِذَلِكَ فَلَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ (الطُّورِيُّ) . (الْمَادَّةُ 507) لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ مَالًا بِدُونِ أَنْ يَرَاهُ فَلِلْأَجِيرِ الْخِيَارُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ. وَيَكُونُ بِرُؤْيَتِهِ الْمَأْجُورَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 320) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ قَبِيلِ شِرَاءِ الْمَنَافِعِ فَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «مَنْ اشْتَرَى وَلَمْ يَرَ فَلَهُ الْخِيَارُ» ظَاهِرُهُ يَتَنَاوَلُ الْإِجَارَةَ أَيْضًا. وَفَضْلًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَا رِضَاءَ بِدُونِ الْعِلْمِ (الطُّورِيُّ، الزَّيْلَعِيّ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (510) فَرْعٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. لِذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ قِطَعًا مِنْ أَرَاضٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِدُونِ أَنْ يَرَاهَا وَرَأَى بَعْضَهَا فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ عَنْهَا جُمْلَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 328) وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ عَنْ بَعْضِهَا وَإِبْقَائِهَا فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الْمُؤَجِّرُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 322) . فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ مُخْتَصًّا بِالْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَكَمَا يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَكُونُ لِلْآجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ وَالْمَادَّةُ 509 الْآتِيَةُ مُؤَدَّاهُمَا وَاحِدٌ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُغْنٍ عَنْ الْأُخْرَى. (الْمَادَّةُ 508) رُؤْيَةُ الْمَأْجُورِ كَرُؤْيَةِ الْمَنَافِعِ. أَيْ أَنَّهُ بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ الْحَقِيقِيَّةَ مَعْدُومَةٌ وَتَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ تَعَلُّقُ الرُّؤْيَةِ بِهَا وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا رَأَى الْمَأْجُورَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ كَأَنَّهُ قَدْ رَآهَا. فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بَعْدَ أَنْ رَآهَا فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .

(المادة 509) لو استأجر أحد عقارا من دون أن يراه يكون مخيرا عند رؤيته

إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (510) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 509) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ دُونِ أَنْ يَرَاهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ] (الْمَادَّةُ 509) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ دُونِ أَنْ يَرَاهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا أَوْ مَالًا آخَرَ أَوْ أَجِيرًا مِنْ دُونِ أَنْ يَرَاهُ كَانَ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 507) فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الِاسْتِئْجَارَ قَوْلًا وَفِعْلًا وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَإِذَا فَسَخَ فَلَيْسَ هَذَا الْفَسْخُ بِحَاجَةٍ إلَى حُكْمِ قَاضٍ أَوْ رِضَاءِ الْآجِرِ. وَإِذَا فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَاهُ قَبْلًا مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ إجَارَةٍ إلَى الْآجِرِ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَهُ إنْ اُسْتُهْلِكَ. حَتَّى إنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ سَنَةً مُقَابِلَ سُكْنَى دَارِ لَهُ وَرَأَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الدَّارَ بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْفَرَسَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ تَرُقْ لَهُ وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ فَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ مِثْلِ الْفَرَسِ. وَالْإِجَازَةُ بِالْقَوْلِ ظَاهِرَةٌ. أَمَّا الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ تَصَرُّفِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَأْجُورِ تَصَرُّفَ الْمُسْتَأْجِرِينَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 335) الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ. [ (الْمَادَّةُ 510) اسْتَأْجَرَ دَارًا كَانَ قَدْ رَآهَا مِنْ قَبْلُ] (الْمَادَّةُ 510) : مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا كَانَ قَدْ رَآهَا مِنْ قَبْلُ لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَّا إذَا تَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهَا الْأُولَى بِانْهِدَامِ مَحَلٍّ يَكُونُ مُضِرًّا بِالسُّكْنَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُخَيَّرًا. مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا كَانَ قَدْ رَآهَا قَبْلَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا حِينَ الِاسْتِئْجَارِ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَأْجُورَةَ هِيَ نَفْسُ الدَّارِ الَّتِي كَانَ قَدْ رَأَى قَبْلًا بِقَصْدِ الِاسْتِئْجَارِ مَا لَمْ تَكُنْ بَعْدَ أَنْ رَآهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهَا الْأُولَى بِانْهِدَامِ مَحِلٍّ يَكُونُ مُضِرًّا بِالسُّكْنَى فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُخَيَّرًا بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّغْيِير (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَاب الْخَامِس) . (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 332 وَ 507) . (1) الْخِلَافُ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (1) إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَقَالَ الْأَوَّلُ لَيْسَ لَك خِيَارُ رُؤْيَةٍ لِأَنَّك كُنْت قَدْ رَأَيْتهَا قَبْلَ الْإِيجَارِ وَقَالَ الثَّانِي لَمْ أَرَهَا فَلِيَ الْخِيَارُ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الرُّؤْيَةَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 9) . (2) لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ فَقَالَ الْأَوَّلِ: إنَّهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ فَلِيَ الْخِيَارُ وَقَالَ الثَّانِي: إنَّهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَإِذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ قَرِيبَةً فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَإِذَا كَانَتْ بَعِيدَةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً فَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّغَيُّرِ وَإِذَا كَانَتْ بَعِيدَةً فَالظَّاهِرُ التَّغَيُّرُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 332) . وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ (أَيْ الْمَادَّةِ هَذِهِ وَالْمَادَّةِ 509) خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَسَيُبَيِّنُ فِي الْآتِيَةِ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لِلْأَجِيرِ. [ (الْمَادَّةُ 511) كُلُّ عَمَلٍ يَخْتَلِفُ ذَاتًا بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَلِلْأَجِيرِ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ] (الْمَادَّةُ 511) كُلُّ عَمَلٍ يَخْتَلِفُ ذَاتًا بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَلِلْأَجِيرِ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ مَثَلًا لَوْ سَاوَمَ أَحَدٌ الْخَيَّاطَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ جُبَّةً فَالْخَيَّاطُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ رُؤْيَةِ

(المادة 512) كل عمل لا يختلف باختلاف المحل فليس فيه خيار الرؤية

الْجُوخِ أَوْ الشَّالِ الَّذِي سَيَخِيطُهُ: يَثْبُتُ لِلْأَجِيرِ أَيْضًا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فِي كُلِّ عَمَلٍ يَخْتَلِفُ ذَاتًا بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ أَيْ يَكُونُ لِلْأَجِيرِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَثُبُوتُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِلْأَجِيرِ وَعَدَمُ ثُبُوتِهِ أَصْلٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَادَّةِ هَذِهِ وَالْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَإِلَيْك ثَلَاثَةُ أَمْثِلَةٍ تَفْرِيعًا عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ. 1 - مَثَلًا لَوْ سَاوَمَ أَحَدٌ الْخَيَّاطَ عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَهُ جُبَّةً فَالْخَيَّاطُ بِالْخِيَارِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْجُوخِ أَوْ الشَّالِ الَّذِي سَيَخِيطُهُ. فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الْإِجَارَةَ وَخَاطَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهَا. 2 - لَوْ اسْتَأْجَرَ قَصَّارًا لِغَسْلِ ثِيَابٍ كَانَ الْقَصَّارُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَةِ الثِّيَابِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . 3 - كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِكَسْرِ الْحَطَبِ بِكَذَا قِرْشًا عَلَى (الجكي) الْوَاحِدِ (أَيْ 400 رِطْلٍ) كَانَ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَةِ الْحَطَبِ. [ (الْمَادَّةُ 512) كُلُّ عَمَلٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَلَيْسَ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ] (الْمَادَّةُ 512) كُلُّ عَمَلٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَلَيْسَ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ مَثَلًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ حَبَّ خَمْسِ أَوَاقٍ قُطْنٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَرَ الْأَجِيرُ الْقُطْنَ فَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ فِي كُلِّ عَمَلٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً عِنْدَ رُؤْيَةِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَتَّضِحُ ذَلِكَ بِالْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: 1 - لَوْ اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ حَبَّ خَمْسِ أَوَاقٍ قُطْنٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَرَ الْأَجِيرُ الْقُطْنَ قَبْلَ الْمُقَاوَلَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْقُطْنَ. 2 - كَذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ كَيَّالٌ عَلَى أَنْ يَكِيلَ صُبْرَةً مِنْ الْحِنْطَةِ مَعْلُومَةً وَلَمْ يَرَ الْكَيَّالُ الْحِنْطَةَ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - كَذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَجَّامٌ عَلَى أَنْ يَحْجُمُ أَحَدًا فِي مَكَانٍ مَعْلُومٍ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ عِنْدَ كَشْفِهِ عَلَى الْمَكَانِ وَرُؤْيَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ هُنَا لَا يَخْتَلِفُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) .

الفصل الثالث في مسائل خيار العيب

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَسَائِلِ خِيَارِ الْعَيْبِ] ِ (الْمَادَّةُ 513) فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا خِيَارُ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي الْإِجَارَةِ عَيْبٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 337) لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْبَدَلِ عَنْ الْعَيْبِ فَإِذَا فَاتَ رِضَاهُ فَيُفْسَخُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَنَافِعُ وَهِيَ تَحْدُثُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَمَا وُجِدَ مِنْ الْعَيْبِ يَكُونُ حَادِثًا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي حَقِّ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَنَافِعِ فَوَجَبَ الْخِيَارُ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ) . وَالْعَيْبُ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِحَسَبِ الْوُجُودِ. 1 - أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ. 2 - أَنْ يَكُونَ حَصَلَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ. 3 - أَنْ يَحْصُلَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ. وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ جَمِيعُهَا تَسْتَلْزِمُ خِيَارَ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ تَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِوُجُودِ الْمَنَافِعِ فَالْعَيْبُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْمَأْجُورِ بَعْدَ قَبْضِهِ يَكُونُ قَدْ حَصَلَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَمْ تُسْتَوْفَ وَكَمَا أَنَّ حُصُولَ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ وَهُوَ فِي الْبَائِعِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (340) مُوجِبٌ لِرَدِّهِ فَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَبِهَذَا تَنْدَفِعُ شُبْهَةُ مَنْ قَالَ إنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ كَالْبَيْعِ. ثُمَّ إنَّ الْعَيْبَ إذَا حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَمَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرَدَّ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا فَقَالَ: إنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ فِي الْإِجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ. هِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَمَا وُجِدَ مِنْ الْعَيْبِ يَكُونُ حَادِثًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُوجِبُ الْخِيَارَ كَمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ، الْكِفَايَةُ) . أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ أَنْ رَأَى الْعَيْبَ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ سَقَطَ خِيَارُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 341) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَزِمَ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ كُلُّهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَلَوْ فِي غِيَابِ الْأَجْرِ كَمَا فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ لَا يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى حُكْمِ قَاضٍ أَوْ رِضَاءِ الْآجِرِ. سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ. أَمَّا فِي الْأَحْوَالِ الَّتِي يَنْهَدِمُ فِيهَا حَائِطٌ مَثَلًا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي غِيَابِ

الْآجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ فَسْخَ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِحُضُورِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْبَزَّازِيَّةُ، الْقُهُسْتَانِيّ، الْهِدَايَةُ وَالشَّلَبِيّ) . وَالْعَيْبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُوجِبٌ فَسْخَ الْإِجَارَةِ أَوْ غَيْرُ مُوجِبٍ: 1 - مَا أَفَاتَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالْكُلِّيَّةِ. 2 - مَا أَخَلَّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ فَقَطْ. 3 - مَا أَفَاتَ الْمَنْفَعَةَ غَيْرَ الْمَقْصُودَةِ أَوْ أَخَلَّ بِهَا. فَالِاثْنَانِ الْأَوَّلَانِ يُوجِبَانِ خِيَارَ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُهُ كَمَا سَيَبِينُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. (الْمَادَّةُ 514) الْعَيْبُ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ إخْلَالِهَا كَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الدَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ بِانْهِدَامِهَا وَمِنْ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا أَوْ كَإِخْلَالِهَا بِهُبُوطِ سَطْحِ الدَّارِ أَوْ بِانْهِدَامِ مَحَلٍّ مُضِرٍّ بِالسُّكْنَى أَوْ بِانْجِرَاحِ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهَؤُلَاءِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ وَأَمَّا النَّوَاقِصُ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ كَانْهِدَامِ بَعْضِ مَحَالِّ الْحُجُرَاتِ بِحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ بَرْدٌ وَلَا مَطَرٌ وَكَانْقِطَاعِ عُرْفِ الدَّابَّةِ وَذَيْلِهَا فَلَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ. الْعَيْبُ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ فِي الْإِجَارَةِ بِالْكُلِّيَّةِ أَيْ أَنْ تُصْبِحَ الْعَيْنُ الْمَأْجُورَةُ أَوْ الدَّابَّةُ أَوْ الْمَتَاعُ أَوْ الْعَقَارُ بِحَالَةٍ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَوَإِخْلَالُهَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ الْمَنَافِعُ فَكُلُّ مَا يُؤَثِّرُ فِيهَا أَوْ يُخِلُّ بِهَا كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ. وَإِذَا فَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ وَبَقِيَتْ الْمَنَافِعُ غَيْرُ الْمَقْصُودَةِ فَلَا تَلْزَمُ لِهَذِهِ أُجْرَةٌ. كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا لِأَجْلِ السُّكْنَى وَاحْتَرَقَتْ وَأَصْبَحَتْ عَرْصَةً خَالِيَةً وَكَانَ تُمْكِنُ السُّكْنَى فِي الْعَرْصَةِ بِنَصْبِ فُسْطَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيهَا كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُمْكِنًا بِتَعَاطِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فِيهَا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ الِانْتِفَاعِ. أَمَّا الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ وَارِدًا عَلَيْهَا فَخَلَلُهَا لَيْسَ مُوجِبًا لِلْخِيَارِ. وَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك صِحَّةُ الْإِجَارَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمُرَاحًا قَاصِدًا بِذَلِكَ إلْزَامَ الْأُجْرَةِ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ شَمِلَهَا الْمَاءُ وَأَمْكَنَ زِرَاعَتُهَا أَوْ لَا، وَلَا شَكَّ فِي زِرَاعَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا لِلزِّرَاعَةِ بِخُصُوصِهَا حَتَّى يَكُونَ عَدَمُ رَيِّهَا عَيْبًا تَنْفَسِخُ بِهِ (الطُّورِيُّ) . يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: فَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ عَيْنِ الْمَأْجُورِ بِالْكُلِّيَّةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: حُصُولُ خَلَلٍ فِي الْمَأْجُورِ فَقَطْ لَا يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ.

وَتُبَيَّنُ أَحْكَامُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (518) . أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ فَإِنَّمَا تَخْتَصُّ بِتَمْيِيزِ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجِبُ الْخِيَارَ عَنْ الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُوجِبُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 338) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قُلْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ: إنَّ الْعَيْبَ الْمُوجِبَ لِلْخِيَارِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ إخْلَالِهَا، وَذَلِكَ: 1 - كَفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ بِانْهِدَامِهَا وَمِنْ الرَّحَى بِانْقِطَاعِ مَائِهَا انْقِطَاعًا تَامًّا وَمِنْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِمَرَضِهِ مَرَضًا لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ خِدْمَةٍ مَا. 2 - كَإِخْلَالِهَا بِهُبُوطِ سَطْحِ الدَّارِ أَوْ بِانْهِدَامِ مَحَلٍّ مُضِرٍّ بِالسُّكْنَى أَوْ عُرُوضِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى الْبِنَاءِ يُورِثُهُ الْوَهْنَ وَسَوَاءٌ كَانَ انْهِدَامُ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنَّ الْآجِرَ هَدَمَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ أَوْ بِجُرْحِ ظَهْرِ دَابَّةِ الْكِرَاءِ وَإِصَابَةِ دَابَّةِ الْكِرَاءِ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ بِمَرَضٍ لَا يُمْكِنُهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ بَعْدَهُ إلَّا الْقِيَامُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَا كَانَ يَشْتَغِلُ قَبْلًا. فَهَذِهِ الصُّورَةُ وَمَا قَبْلَهَا الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) مُوجِبَةٌ لِلْخِيَارِ وَتُعَدُّ مِنْ الْعُيُوبِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَفِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْأَنْقِرْوِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى إنَّ الْأَجْرَ لَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ خِيَارٍ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ عَنْ الطَّاحُونِ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الشَّرْطِ حُكْمٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) مَتْنَهَا وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) . فَالصُّورَةُ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) هِيَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِلْعَيْبِ وَالصُّورَةُ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (2) هِيَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي لَهُ وَقَدْ عُدَّتْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ الْعُيُوبِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَحُدُوثُ الْعَيْبِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ يُوجِبُ الْخِيَارَ. أَمَّا النَّوَاقِصُ الَّتِي لَا تُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ كَانْهِدَامِ بَعْضِ مَحَالِّ الْحُجُرَاتِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ بَرْدٌ وَلَا مَطَرٌ أَوْ كَانْهِدَامِ حَائِطٍ لَيْسَ مِنْهُ نَفْعٌ لِلسُّكْنَى بَلْ كَانَتْ لِلتَّزْيِينِ فَقَطْ أَوْ كَانْقِطَاعِ عُرْفِ الدَّابَّةِ وَذَيْلِهَا أَوْ ذَهَابِ عَيْنِ الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ سُقُوطِ شَعْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَفُوتُ مَعَهُ الْمَنْفَعَةُ أَوْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا خَلَلٌ فَأَمْثَالُ هَذَا النَّقْصِ لَا يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ وَهَذَا النَّقْصُ حَصَلَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الشِّبْلِيُّ) . الْخُلَاصَةُ: الْعَيْبُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْمَأْجُورِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْ إنَّهُ الْعَيْبُ الَّذِي يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَهَذَا مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَطَعَ الْآجِرُ شَجَرَةً مِنْ الْعَرْصَةِ الْمَأْجُورَةِ وَكَانَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةً فِي الْعَقْدِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ كَمَا أَنَّ ظُهُورَ كَوْنِ الْمَأْجُورِ مَغْصُوبًا عَيْبٌ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيّ. لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ تَصَرَّفَ بِمَالِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ) .

(المادة 515) حدث في المأجور عيب قبل استيفاء المنفعة

وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ طَاحُونَيْنِ وَكَانَتْ مَجَارِي الْمِيَاهِ تَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ وَلَمْ تَكُنْ الْمِيَاهُ كَافِيَةً لِإِدَارَةِ طَاحُونَةٍ وَاحِدَةٍ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ إصْلَاحُ مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ عَلَى الْآجِرِ وَتَسْلِيطُ الْمِيَاهِ عَلَى الطَّاحُونَيْنِ يُدِيرُهُمَا إدَارَةً غَيْرَ كَافِيَةٍ لِلطَّحْنِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ تَامَّةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 16 5) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ قَلِيلَةً لِدَرَجَةٍ لَوْ سُلِّطَتْ عَلَى كِلَا الطَّاحُونَيْنِ مَعًا فَلَا تُدِيرُهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا سُلِّطَتْ عَلَى طَاحُونٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ أَدَارَتْهَا لَزِمَتْهُ أُجْرَةُ طَاحُونٍ وَاحِدَةٍ فِي حَالِ عَدَمِ فَسْخِهِ الْإِجَارَةَ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ وَإِذَا وُجِدَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ وَكَانَتْ الْمِيَاهُ تُدِيرُ ذَاتَ الْأُجْرَةِ الْكَثِيرَةِ لَزِمَتْ أُجْرَتُهَا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ إصْلَاحُ النَّهْرِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ عَائِدًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَهُ أَجْرُ كِلَا الطَّاحُونَيْنِ تَامًّا لِأَنَّهُ يَكُونُ هُوَ الْمُعَطِّلُ (الْأَنْقِرْوِيّ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ إصْلَاحُ مِيَاهِ الطَّاحُونَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ لِلطَّاحُونِ الَّتِي انْقَطَعَتْ مِيَاهُهَا مَاءً مِنْ نَهْرٍ آخَرَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ تَصْرِيفُ الْمِيَاهِ مِنْ النَّهْرِ إلَى الطَّاحُونَةِ مُمْكِنًا بِلَا حَفْرٍ وَلَا مَئُونَةٍ فَالِاسْتِئْجَارُ صَحِيحٌ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَازِمَةً سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ مِيَاهَ النَّهْرِ أَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (470) بِالِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ تَصْرِيفُ الْمِيَاهِ يَحْتَاجُ إلَى حَفْرٍ وَمَئُونَةٍ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتْرُكَ قَبْلَ إتْمَامِ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُجْبَرًا عَلَى إصْلَاحِ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ أَمَّا بَعْدَ إتْمَامِ الْحَفْرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ الْمَاءَ إلَى زَرْعِهِ وَيَتْرُكَ الْإِجَارَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ فَإِنْ جَاءَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ فِيهِ ضَرَرٌ عَظِيمٌ يَذْهَبُ فِيهِ زَرْعُهُ وَيُضَرُّ مَالُهُ أَضْرَارًا عَظِيمَةً إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهُ جُعِلَ هَذَا عُذْرًا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْإِجَارَةَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَالْبَزَّازِيَّة) . النَّوْعُ الثَّانِي: الْعَيْبُ الَّذِي لَا يُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ وَذَلِكَ كَذَهَابِ عَيْنِ الْخَادِمِ أَوْ سُقُوطِ شَعْرِهِ أَوْ كَانْهِدَامِ حَائِطٍ فِي الدَّارِ لَا مَنْفَعَةَ مِنْهَا مُطْلَقًا وَهَذَا النَّوْعُ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَارِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ الْعَيْنُ وَهَذَا النَّقْصُ حَصَلَ بِالْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَالنَّقْصُ بِغَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 515) حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ] (الْمَادَّةُ 515) لَوْ حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ كَالْمَوْجُودِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ. إذَا حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ مِنْ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورِينَ آنِفًا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ كُلِّهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ.

(المادة 516) لو حدث في المأجور عيب فالمستأجر بالخيار

أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا خِيَارُ عَيْبٍ كَمَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ. الصُّورَةُ الْأُولَى: كَوْنُ مِقْدَارٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ اُسْتُوْفِيَ وَآخَرُ لَمْ يُسْتَوْفَ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَ أَنْ سَكَنَهَا شَهْرًا وَاحِدًا حَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 513) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يُسْتَوْفَ شَيْءٌ مِنْهَا وَذَلِكَ كَحُدُوثِ عَيْبٍ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ إيجَارًا مُضَافًا لِمُدَّةٍ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ وَهَذَا يُوجِبُ خِيَارَ الْعَيْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 516) لَوْ حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ] (الْمَادَّةُ 516) لَوْ حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ عَيْبٌ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ مَعَ الْعَيْبِ وَأَعْطَى تَمَامَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ. أَيْ لَوْ حَدَثَ فِي الْمَأْجُورَةِ عَيْبٌ مُخِلٌّ بِالْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ مَعَ الْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِرِضَائِهِ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ الْأُجْرَةَ تَامَّةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 337) (الْكِفَايَةُ) . مَثَلًا. لَوْ مَرِضَ الْبَغْلُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ مِائَةَ أُقَّةِ شَعِيرٍ وَحَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ خَمْسِينَ أُقَّةً إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ فَلَيْسَ لَهُ بِذَلِكَ تَنْقِيصُ نِصْفِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. وَالْمَادَّةُ (519) مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِذَا شَاءَ فَلَهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّة (518) فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِحُضُورِ الْآجِرِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْحِصَّةَ الَّتِي تُصِيبُ الْمُدَّةَ الْمَاضِيَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ. وَذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْفَسْخُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا حَصَلَ قَبْلَهُ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ) . كَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالسُّكْنَى فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِذَا كَانَ يَضُرُّ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ تَامَّةً. وَكَذَلِكَ إذَا تَنَاقَصَتْ الْمِيَاهُ عَنْ الطَّاحُونِ تَنَاقُصًا فَاحِشًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَفْسَخْهَا وَاسْتَعْمَلَ الطَّاحُونَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَدُّهَا إلَى الْآجِرِ أَوْ تَنْقِيصِ الْأُجْرَةِ لِرِضَاهُ بِالْعَيْبِ (الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ. عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَقَدْ وَرَدَتْ كَلِمَةُ نُقْصَانٍ فَاحِشٍ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الْفَاحِشِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ غَيْرَ الْفَاحِشِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْخِيَارِ. وَالْمُرَادُ بِالنُّقْصَانِ الْفَاحِشِ عَلَى قَوْلٍ هُوَ أَنْ يُصْبِحَ مَا تَطْحَنُهُ الطَّاحُونُ بَعْد تَنَاقُصِ الْمِيَاهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَا كَانَتْ تَطْحَنُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ هُوَ النِّصْفُ تَمَامًا وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَوْ يَطْحَنُ النِّصْفَ لَهُ الْفَسْخَ. وَهَذِهِ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْقُدُورِيُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا مَرِضَ الْأَجِيرُ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ آخَرُ لِلْخِدْمَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى الْعَمَلِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَتُهُ (رَاجِعِ الْفِقْرَةَ الرَّابِعَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 518) أَمَّا إذَا كَانَ أَصْبَحَ أَقَلَّ قُدْرَةً بِقَلِيلٍ عَلَى الْعَمَلِ عَنْ ذِي قَبْلِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِذَا لَمْ يَفْسَخَا وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ

(المادة 517) أزال الآجر العيب الحادث قبل فسخ المستأجر الإجارة

كَامِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَالْبَزَّازِيَّة وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الرَّحَى يَجِبُ أَنْ يُقَالَ إذَا عَمِلَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ لَهُ الرَّدُّ وَالْمَادَّةُ (519) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا. وَقَدْ أَرَدْنَا بِقَوْلِنَا فِي الشَّرْحِ " الْعَيْبُ الْحَادِثُ "، الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الْعَيْبِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (514) لِأَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ إذَا كَانَ حَادِثًا فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ فَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (518) قَالَ فِي الْأَصْلِ الْمَاءُ إذَا انْقَطَعَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَلَمْ يَفْسَخْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَإِذَا شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ. فَإِذَا زَالَ الْعَيْبُ قَبْلَ انْتِهَاءِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ اسْتَعْمَلَ الْمَأْجُورُ الْمُدَّةَ الْبَاقِيَةَ أَمَّا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَزُلْ الْعَيْبُ فَلَا يُعْطِي أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي جَاءَتْ بَعْدَ حُدُوثِ الْعَيْبِ. [ (الْمَادَّةُ 517) أَزَالَ الْآجِرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ فَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ الْإِجَارَةَ] (الْمَادَّةُ 517) - إنْ أَزَالَ الْآجِرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ فَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ الْإِجَارَةَ لَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ التَّصَرُّفَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ مَنْعُهُ أَيْضًا. أَيْ أَنَّهُ إذَا أَزَالَ الْآجِرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ كَإِرْجَاعِهِ الدَّارَ إلَى هَيْئَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ أَوْ إذَا زَالَ الْعَيْبُ بِنَفْسِهِ لَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ لَازِمَةً كِلَا الطَّرَفَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 406) وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي الْوَارِدَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (514) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمَّا كَانَ يَتَجَدَّدُ فِي الْإِجَارَةِ سَاعَةً فَسَاعَةً فَيَسْقُطُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ وُجُودِ عَيْبٍ فِي الْإِجَارَةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ زَوَالِ سَبَبِ الْفَسْخِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ التَّصَرُّفَ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ مَنْعُهُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ حُدُوثِ الْعَيْبِ بَلْ بِفَسْخِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا. حَتَّى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا بَنَى قَبْلَ الْفَسْخِ الدَّارَ الَّتِي تَهَدَّمَتْ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا كَانَتْ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْإِجَارَةِ. السَّفِينَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ إذْ انْقَضَّتْ وَصَارَتْ أَلْوَاحًا ثُمَّ رُكِّبَتْ وَأُعِيدَتْ سَفِينَةً لَمْ يُجْبَرْ عَلَى تَسْلِيمِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهَا بِالنَّقْضِ لَمْ تَبْقَ سَفِينَةً فَفَاتَ الْمَحَلُّ كَمَوْتِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ انْهِدَامِ الدَّارِ تَأَمَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْكِفَايَةُ، الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ إذَا مَرِضَ الْأَجِيرُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَبَلَّ مِنْ مَرَضِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 518) أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ رَفْعِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ الَّذِي أَخَلَّ بِالْمَنَافِعِ] (الْمَادَّةُ 518) إنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ رَفْعِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ الَّذِي أَخَلَّ بِالْمَنَافِعِ فَلَهُ فَسْخُهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا فِي غِيَابِهِ. وَإِنْ فَسَخَهَا فِي غِيَابِهِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فَسْخُهُ. وَكِرَاءُ الْمَأْجُورِ يَسْتَمِرُّ كَمَا كَانَ وَأَمَّا لَوْ

فَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَهُ فَسْخُهَا بِغِيَابِ الْآجِرِ أَيْضًا وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إنْ فَسَخَ أَوْ لَمْ يَفْسَخْ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ 478. مَثَلًا لَوْ انْهَدَمَ مَحَلٌّ يُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ وَإِلَّا فَلَوْ خَرَجَ مِنْ الدَّارِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ كَأَنَّهُ مَا خَرَجَ. وَأَمَّا لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِالْكُلِّيَّةِ فَمِنْ دُونِ احْتِيَاجٍ إلَى حُضُورِ الْآجِرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (515) قَبْلَ رَفْعِ عَيْبٍ حَادِثٍ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ عُيُوبِ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (514) فَلَهُ فَسْخُهَا بِحُضُورِ الْآجِرِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَلْحَقَ عِلْمُ الْمُؤَجِّرِ بِالْفَسْخِ حَتَّى يَكُونَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عَدَمِ بَقَاءِ الْإِجَارَةِ فَيُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَحْدَهُ حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى رِضَاءِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ حُكْمِ الْقَاضِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 513) . وَإِنْ فَسَخَهَا فِي غِيَابِ الْآجِرِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فَسْخُهُ وَكِرَاءُ الْمَأْجُورِ يَسْتَمِرُّ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْفَسْخِ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا وَالْمُسْتَأْجِرُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مَعَ ذَلِكَ التَّغْيِيرِ أَيْ النَّقْصِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 470، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَفِي الْبَابِ الْخَامِسِ، وَالطُّورِيُّ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ الْآجِرُ الدَّارَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْهُ رِضَاءً بِالْفَسْخِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ الْحَادِثُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ عُيُوبِ الْمَادَّةِ (514) فَفَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي غِيَابِ الْآجِرِ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ وَهَذَا الْفَسْخُ أَيْضًا لَيْسَ يَحْتَاجُ إلَى رِضَاءِ الْآجِرِ أَوْ قَضَاءِ الْحَاكِمِ، وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْهَا فَلَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا (رَاجِعِ شَرْحَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ) . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهَا تَنْفَسِخُ بِنَفْسِهَا دُونَ فَسْخٍ (الْأَنْقِرْوِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سُؤَالٌ: أَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاجِبِ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ بِفَوْتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِثْلَمَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمَأْجُورَةِ وَمِثْلَمَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ؟ الْجَوَابُ: إنَّ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ مَبْنِيٌّ عَلَى سَبَبَيْنِ. الْأَوَّلُ: تَصَوُّرُ عَوْدَةِ الْمَنَافِعِ وَفَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُشْبِهُ فِرَارَ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَأْجُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَالثَّانِي إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ. عَلَى وَجْهٍ آخَرَ كَضَرْبِ فُسْطَاطٍ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ الْمُنْهَدِمَةِ وَبِذَلِكَ تُصْبِحُ الدَّارُ مَوْضِعًا لِلسُّكْنَى أَيْضًا. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (الزَّيْلَعِيّ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعَيْبِ) .

(المادة 519) انهدم حائط الدار ولم يفسخ المستأجر الإجارة وسكن في باقيها

وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ فَوْتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (478) سَوَاءٌ فَسَخَ الْإِجَارَةَ أَوْ لَمْ يَفْسَخْهَا أَمَّا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَكُونُ مَضَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ إعْطَاؤُهَا. حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ لِشَهْرٍ وَاحِدٍ دَارًا مِنْ آخَرَ وَانْهَدَمَتْ بَعْدَ أَنْ سَكَنَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ لَزِمَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . مَثَلًا لَوْ انْهَدَمَ مَحَلٌّ كَحُجْرَةٍ أَوْ حَائِطٍ يُخِلُّ بِالْمَنَافِعِ مِنْ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ انْهَدَمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ. لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْسَخَهَا فِي حُضُورِ الْآجِرِ وَإِلَّا فَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي غِيَابِ الْآجِرِ أَيْ دُونَ أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ وَخَرَجَ مِنْ الدَّارِ لَزِمَهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا. وَإِذَا كَانَ الْآجِرُ غَائِبًا أَوْ مُتَمَرِّدًا وَلَمْ يُمْكِنُ إحْضَارُهُ إلَى الْمَحْكَمَةِ يَنْصِبُ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ فِي حُضُورِ هَذَا الْوَكِيلِ (الْأَنْقِرْوِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) . وَفِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا لَفٌّ وَنَشْرٌ فَهُوَ إلَى هُنَا مِثَالٌ إلَى كُلٍّ مِنْ فِقْرَتَيْ (الَّذِي أَخَلَّ بِالْمَنَافِعِ) وَ (كِرَاءُ الْمَأْجُورِ يَسْتَمِرُّ) كَمَا أَنَّهُ مِثَالٌ لِفِقْرَةٍ (وَأَمَّا لَوْ فَاتَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ) الَّتِي بَعْدَهُمَا أَيْضًا. أَمَّا لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ نَقَضَ الْآجِرُ بِنَاءَهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ دُونَ احْتِيَاجٍ إلَى حُضُورِ الْآجِرِ فَسْخُهَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ بِالْكُلِّيَّةِ سَوَاءٌ فَسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ أَوْ لَمْ يَفْسَخْهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ بِحُضُورِ الْآجِرِ أَوْ غِيَابِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ سُكْنَى الْعَرْصَةِ لَا تُعَدُّ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 514. فِي اخْتِلَافِ الطَّرَفَيْنِ: إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّ الْأُجْرَةَ أَصْبَحَتْ سَاقِطَةً بِفَوَاتِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَقَالَ الْآجِرُ: إنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ تَفُتْ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِذَا لَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ عَلَى مُدَّعَاهُ حُكْمَ الْحَالِ الْحَاضِرَةِ وَالْقَوْلُ فِي الْمَاضِي لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْحَالُ الْحَاضِرَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1776) . أَمَّا إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَى خُلُوِّ الْمَأْجُورِ مِنْ الْعَيْبِ فِي الْحَالِ وَعَلَى فَوَاتِ الْمَنَافِعِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَإِنَّمَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ عَلَى مِقْدَارِ الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 519) انْهَدَمَ حَائِطُ الدَّارِ وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ فِي بَاقِيهَا] (الْمَادَّةُ 519) لَوْ انْهَدَمَ حَائِطُ الدَّارِ أَوْ إحْدَى حُجَرِهَا وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَسَكَنَ فِي بَاقِيهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ. إذَا انْهَدَمَتْ حُجْرَةٌ مِنْ الدَّارِ أَوْ حَائِطٌ مُوجِبٌ لِلْإِخْلَالِ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَكَانَتْ الدَّارُ مُسْتَأْجَرَةً بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمَّ لِكُلِّ حُجْرَةٍ فِيهَا بَدَلٌ عَلَى حِدَةٍ أَيْ لَوْ حَدَثَ فِي الدَّارِ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (514) وَلَمْ يَفْسَخْ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ مَعَ ثُبُوتِ حَقِّ الْفَسْخِ لَهُ. وَسَكَنَ فِي بَاقِيهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَجْلِ تِلْكَ الْحُجْرَةِ الْمُنْهَدِمَةِ أَوْ ذَلِكَ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ بِاسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ

(المادة 520) استأجر أحد دارين معا بكذا دراهم وانهدمت إحداهما

يَكُونُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68) بِخِلَافِ مَا إذَا أَشْغَلَ الْمُؤَجِّرُ بَيْتًا مِنْهَا لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ فَيَسْقُطُ بِحِسَابِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ انْهَدَمَتْ حُجْرَةٌ مِنْ الدَّارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُجْبَرُ أَحَدٌ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى بِنَائِهَا، أَمَّا عَدَمُ مُؤَاخَذَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْبِنَاءِ فَظَاهِرٌ. أَمَّا الْمُؤَجِّرُ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (التَّنْقِيحُ) . وَإِذَا انْهَدَمَتْ حُجْرَةٌ فِي الدَّارِ أَوْ حَائِطٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَسَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ مُدَّةً بِدُونِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ أَيْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا لِسَنَةٍ أَوْ سَكَنَ فِيهَا شَهْرَيْنِ فَحَدَثَ فِيهَا عَيْبٌ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ وَبَقِيَ سَاكِنًا فِيهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أُخْرَى وَلَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَسْخُ الْإِجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الطَّاحُونِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (516) . أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا ذَاتَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حُجْرَةً بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَجِيدِيًّا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ حُجْرَةٍ مَجِيدَيْنِ وَانْهَدَمَتْ حُجْرَةٌ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ الَّتِي لِتِلْكَ الْحُجْرَةِ. وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي التَّنْقِيحِ إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ هَذِهِ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي التَّنْقِيحِ كَمَا يَأْتِي: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا فَانْهَدَمَ بَيْتٌ يُرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِبِنَائِهِ. [ (الْمَادَّةُ 520) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارَيْنِ مَعًا بِكَذَا دَرَاهِمَ وَانْهَدَمَتْ إحْدَاهُمَا] (الْمَادَّةُ 520) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارَيْنِ مَعًا بِكَذَا دَرَاهِمَ وَانْهَدَمَتْ إحْدَاهُمَا فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الِاثْنَتَيْنِ مَعًا. إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارَيْنِ أَوْ حَمَّامَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِكَذَا دَرَاهِمَ وَانْهَدَمَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَوْ أَحَدُ الْحَمَّامَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حَدَثَ مَانِعٌ آخَرُ يَمْنَعُ سُكْنَاهَا أَوْ حَدَثَ عَيْبٌ أَخَلَّ بِمَنْفَعَتِهَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَأْجُورَيْنِ مَعًا أَيْ الدَّارَ الْمُنْهَدِمَةَ وَالدَّارَ الَّتِي لَمْ تُهْدَمْ أَوْ الَّتِي حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ سُكْنَاهَا وَاَلَّتِي لَمْ يَحْصُلْ أَوْ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا عَيْبٌ أَخَلَّ بِمَنْفَعَتَيْهَا وَاَلَّتِي لَمْ يَحْصُلْ لَهَا ذَلِكَ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ السَّالِمَةَ وَيَتْرُكَ الْمَعِيبَةَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطُّورِيُّ) لِأَنَّ ذَلِكَ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ مَانِعٌ مِنْ تَمَامِ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 507) . قَالَ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِأَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ أَحَدُ الْمَأْجُورَيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ عَنْ الَّذِي انْهَدَمَ مِنْهُمَا فَقَطْ أَمَّا الثَّانِي فَتَبْقَى الْإِجَارَةُ فِيهِ وَتَلْزَمُ حِصَّتُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْصُلْ تَفْرِيقٌ لِلصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 351) مَتْنًا وَشَرْحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) وَتَتَعَيَّنُ حِصَّتُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 425. وَقَدْ فُهِمَ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ وَإِنْ جَاءَتْ مُطْلَقَةً فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ.

(المادة 521) المستأجر بالخيار في دار استأجرها على أن تكون كذا حجرة وظهرت ناقصة

وَقَالَ (لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارَيْنِ مَعًا أَيْ صَفْقَةً وَاحِدَةً) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهُمَا مَعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَاسْتَأْجَرَ كُلًّا مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ وَانْهَدَمَتْ إحْدَاهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ سِوَى الدَّارِ الَّتِي انْهَدَمَتْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 521) الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ فِي دَارٍ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا حُجْرَةً وَظَهَرَتْ نَاقِصَةً] (الْمَادَّةُ 521) الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ فِي دَارٍ اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا حُجْرَةً وَظَهَرَتْ نَاقِصَةً إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى. وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ إبْقَاءُ الْإِجَارَةِ وَتَنْقِيصُ مِقْدَارٍ مِنْ الْأُجْرَةِ. إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا حُجْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ حُجْرَةٍ أُجْرَةً عَلَى حِدَةٍ. 1 - تَلْزَمُ الْإِجَارَةُ إذَا ظَهَرَتْ حُجَرُهَا بِالْمِقْدَارِ الَّذِي بُيِّنَ حِينَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. 2 - يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إذَا ظَهَرَتْ نَاقِصَةً. إنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ إبْقَاءُ الْإِجَارَةِ وَتَنْقِيصُ مَبْلَغٍ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْحُجَرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ وَالْوَصْفُ لَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الْبَدَلِ قَصْدًا فَلَا يُمْكِنُ تَنْقِيصُ الْأُجْرَةِ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْبَيْعِ الْمَادَّةُ (224) (رَاجِعْ الْمَادَّةُ 516) . 3 - أَمَّا إذَا ظَهَرَتْ زَائِدَةً فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إعْطَاءُ زِيَادَةٍ عَنْ الْأُجْرَةِ. لَكِنْ إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّارَ بِكَذَا قِرْشًا عَلَى أَنْ تَكُونَ كَذَا حُجْرَةً وَلِكُلِّ حُجْرَةٍ كَذَا قِرْشًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَهُ تَنْقِيصُ أُجْرَةِ الْحُجْرَةِ الَّتِي تَنْقُصُ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَةً عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ دُونَمَاتٍ وَظَهَرَتْ: (1) تَامَّةً (2) أَوْ زَائِدَةً لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ. (3) أَمَّا إذَا ظَهَرَتْ نَاقِصَةً فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى. أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا كَذَا دُونَمًا لِكُلِّ دُونَمٍ عَشَرَةَ قُرُوشٍ، أَعْطَى أُجْرَةَ مَا يَظْهَرُ مِنْ الدُّونَمَاتِ وَإِنْ أَعْطَى زِيَادَةً عَنْ ذَلِكَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا أَعْطَاهُ زَائِدًا مِنْ الْآجِرِ. مَثَلًا: لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ عَرْصَةً مَمْلُوكَةً لَهُ عَلَى أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دُونَمًا مِنْ آخَرَ كُلُّ دُونَمٍ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةِ قُرُوشٍ لِسَنَةٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دُونَمًا وَأَعْطَى أُجْرَتَهَا تَامَّةً إلَى الْآجِرِ وَبَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ فِيهَا إلَى نِهَايَةِ السَّنَةِ ظَهَرَتْ نَاقِصَةً عَنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دُونَمًا كَأَنْ ظَهَرَتْ أَحَدَ عَشَرَ دُونَمًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْآجِرِ أَجْرَ الْأَرْبَعَةِ الدُّونَمَاتِ النَّاقِصَةِ (الْفَيْضِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 503 مَتْنًا وَشَرْحًا) .

الباب السادس في بيان أنواع المأجور وأحكامه ويشتمل على أربعة فصول

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْمَأْجُورِ وَأَحْكَامِهِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِإِجَارَةِ الْعَقَارِ وَأَحْكَامِهَا] ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِإِجَارَةِ الْعَقَارِ وَأَحْكَامِهَا الْعَقَارُ كَالْأَرَاضِيِ وَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ مَعَ عَرَصَاتِهَا وَمَا إلَى ذَلِكَ وَيَجُوزُ إيجَارُ الْأَرَاضِيِ لِلزِّرَاعَةِ وَإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ مَقْصُودَةٌ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِئْجَارِهَا لِلزِّرَاعَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا عَمَلًا (الزَّيْلَعِيّ) وَكَمَا يُفْهَمُ جَوَازُ إيجَارِ الْأَرَضِينَ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (454 وَ 542) يُفْهَمُ أَيْضًا جَوَازُ إيجَارِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ الْأُخْرَى مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (522 وَ 523) . (الْمَادَّةُ 522) يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ بِدُونِ بَيَانِ أَنَّهَا لِسُكْنَى أَحَدٍ. أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا اسْتِئْجَارُ دَارِ أَوْ حَانُوتٍ بِدُونِ بَيَانِ أَنَّهَا لِسُكْنَى أَحَدٍ وَحَتَّى بِدُونِ بَيَانِ مَا يُرَادُ عَمَلُهُ فِيهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (527) وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ (بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ 528) قَادِرًا عَلَى اسْتِعْمَالِهَا. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَا يُعْمَلُ فِيهَا لِأَنَّ الدَّارَ تَصْلُحُ لِلسُّكْنَى وَلِغَيْرِهَا كَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ وَكَذَا الْحَوَانِيتُ تَصْلُحُ لِأَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا يُعْمَلْ فِيهَا كَاسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَالثِّيَابِ لِلُّبْسِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَعَارَفَ فِيهَا السُّكْنَى وَلِذَا تُسَمَّى مَسْكَنًا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ كَالْمَشْرُوطِ وَلِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ وَالْعَمَلِ فَجَازَتْ إجَارَتُهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالثِّيَابِ فَإِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْمَزْرُوعِ وَاللَّابِسِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ. (الزَّيْلَعِيّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 45) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اسْتَأْجَرْت دَارَك الْفُلَانِيَّةَ أَوْ حَانُوتَك الْفُلَانِيَّ لِلسُّكْنَى بِكَذَا قِرْشًا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ الْمَعْقُودَةُ وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْلِ اسْتَأْجَرْت الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ لِلسُّكْنَى أَوْ لِإِسْكَانِ فُلَانٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَالدَّارُ الَّتِي تُسْتَأْجَرُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ. كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْكُنَهَا فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُسْكِنَهَا آخَرَ بِإِيجَارٍ أَوْ بِأَيِّ طَرِيقٍ آخَرَ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَسْكُنَهَا وَيُسْكِنَ غَيْرَهُ مَعَهُ وَيَضَعَ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 428 (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)) . وَقَدْ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ مِنْ الثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَمَا إلَيْهَا مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ

(المادة 523) أجر داره أو حانوته وكانت فيه أمتعته وأشياؤه

الْمُسْتَعْمِلِينَ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَبَيُّنُ أَنْ يُعَيَّنَ الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْ أَنْ يُتْرَكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً [ (الْمَادَّةُ 523) أَجَرَ دَارِهِ أَوْ حَانُوتَهُ وَكَانَتْ فِيهِ أَمْتِعَتُهُ وَأَشْيَاؤُهُ] (الْمَادَّةُ 523) مَنْ أَجَرَ دَارِهِ أَوْ حَانُوتَهُ وَكَانَتْ فِيهِ أَمْتِعَتُهُ وَأَشْيَاؤُهُ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى تَخْلِيَتِهِ مِنْ أَمْتِعَتِهِ وَأَشْيَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ. إيجَارُ الْمَشْغُولِ صَحِيحٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَخْلِيَتِهِ ضَرَرٌ كَبَيْعِ الْمَشْغُولِ. فَلَوْ أَجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ أَوْ حَانُوتَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَارَاتِ وَكَانَ فِيهَا أَمْتِعَةُ الْآجِرِ أَوْ أَمْتِعَةُ غَيْرِهِ صَحَّ الْإِيجَارُ وَكَانَ الْآجِرُ مُرْغَمًا عَلَى تَخْلِيَتِهِ مِنْ أَمْتِعَتِهِ أَوْ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِهِ وَتَسْلِيمِهَا خَالِيًا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَيُعْتَبَرُ الْإِيجَارُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (477) وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَخْذُ شَيْءٍ لِلْمُدَّةِ الَّتِي مَضَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ الْمَأْجُورِ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ، وَلَكِنْ فِي الْأَرْضِ الْمُؤَجَّرَةِ لِلزِّرَاعَةِ إذَا أَمْسَكَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ فِي يَدِهِ وَمَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ وَأُرِيدَ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَقْبَلَهُ فَإِنْ مَضَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا ثُمَّ قُلِعَ الزَّرْعُ فَالْمُسْتَأْجِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبَضَهَا وَرَفَعَ عَنْهُ أُجْرَةَ مَا لَمْ يَقْبِضْ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَمَنَعَهُ الْمُؤَجِّرُ عَنْ السُّكْنَى فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي الْبَاقِي وَلَا خِيَارَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَجَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَيْضًا: وَعَلَى ذَلِكَ، يَجُوزُ إيجَارُ الْمَزْرَعَةِ إذَا كَانَتْ مُسْتَحْصِدَة وَيَأْمُرُ الْمُسْتَأْجِرُ الْآجِرَ بِرَفْعِ زَرْعِهِ مِنْهَا وَتَسْلِيمِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . جَاءَ (إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ التَّفْرِيغُ ضَرَرًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ الْإِجَارَةِ كَمَا يَسْتَلْزِمُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرُ فَسَادِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 209) . مَثَلًا لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَتَهُ الْمَزْرُوعَةَ بِصُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَحِينَ وَقْتُ حَصَادِ زَرْعِهَا كَانَ الْإِيجَارُ فَاسِدًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت مِنْك الْأَرْضَ وَهِيَ فَارِغَةٌ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: لَا بَلْ هِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِي يَحْكُمُ الْحَالُ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى وَفِي فَتَاوَى الْفُضَيْلِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْآجِرِ (الطُّورِيُّ) إلَّا أَنَّهُ إذَا قَلَعَ الْآجِرُ الزَّرْعَ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ خَالِيَةً انْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا تَخَاصَمَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ إلَى الْقَاضِي وَحَكَمَ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لِفَسَادِهَا وَأَخْلَاهَا الْآجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ لِيُسْلِمَهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ مَا لَمْ يُجَدَّدْ الْعَقْدُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالْمُرَادُ بِالزَّرْعِ هُنَا زَرْعُ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا وَالْغَيْرُ يَشْمَلُ الْمُؤَجِّرَ وَالْأَجْنَبِيَّ فَلَوْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ أَيْ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ يُؤَجِّرُهُ الْأَرْضَ وَكَذَا لَوْ سَاقَاهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ لَا بَعْدَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّرْعُ قَدْ زُرِعَ عَلَى صُورَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ كَأَنْ زُرِعَ غَصْبًا فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً سَوَاءٌ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ لِأَنَّهُ لَمَّا زُرِعَ بِوَجْهٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ يُمْكِنُ تَسْلِيمُ الْأَرْضِ إلَى

الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُجْبَرٌ عَلَى قَلْعِ الزَّرْعِ وَإِخْلَاءَ الْمَأْجُورِ وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ التَّنْقِيحُ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَجَرَ أَحَدٌ أَرْضَهُ مِنْ آخَرَ وَفِيهَا زَرْعٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُدْرِكْ فَإِيجَارُهُ فَاسِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُ الزَّرْعِ قَدْ زَرَعَ زَرْعَهُ بِاسْتِئْجَارٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ بِاسْتِعَارَةٍ أَمَّا إذَا رُفِعَ الزَّرْعُ وَسُلِّمَتْ الْأَرْضُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ انْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ (24) . إيجَارُ الْفَارِغِ وَالْمَشْغُولِ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ تَفْرِيغُهُ ضَرَرًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ: لَوْ آجَرَ فَارِغًا وَمَشْغُولًا يَسْتَلْزِمُ تَفْرِيغُهُ ضَرَرًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ وَكَانَ فَاسِدًا فِي الْمَشْغُولِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا سُمِّيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَدَلٌ عَلَى حِدَةٍ يَكُونُ نَصِيبُ الْفَارِغِ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْبَدَلَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُعَيَّنُ نَصِيبُ الْفَارِغِ مِنْ الْبَدَلِ تَوْفِيقًا لِلْقَاعِدَةِ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (425) (رَدُّ الْمُحْتَارِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ وَالْفَصْلِ الرَّابِعِ بِزِيَادَةٍ) . اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ. اسْتَأْجَرَ عَيْنًا بَعْضُهَا فَارِغٌ وَبَعْضُهَا مَشْغُولٌ وَفِي تَفْرِيغِ الْمَشْغُولِ ضَرَرٌ صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَجُلٌ آجَرَ أَرْضًا بَعْضُهَا مَزْرُوعَةٌ وَبَعْضُهَا فَارِغَةٌ فَفِي الْمَزْرُوعَةِ فَاسِدَةٌ وَفِي الْفَارِغَةِ أَيْضًا فَاسِدَةٌ بِفَسَادِهَا كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَفِي فَتَاوَى الْفُضَيْلِيِّ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا مَزْرُوعَةٌ وَبَعْضُهَا فَارِغَةٌ يَجُوزُ فِي الْفَارِغَةِ دُونَ الْمَشْغُولَةِ وَإِذَا اخْتَلَفَ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) . أَمَّا اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ الْمُشَجَّرَةِ أَيْ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَوِي عَلَى شَجَرٍ فَلَا يَجُوزُ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا كَانَتْ لِقَطْعِ الْأَشْجَارِ فَإِنَّهَا تَكُونُ وَاقِعَةً حِينَئِذٍ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ لَيْسَتْ بِجَائِزَةٍ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 420) وَإِذَا وَقَعَتْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِمَا لَا يُمْكِنُ إخْلَاؤُهَا مِنْهُ بِدُونِ أَنْ يَلْحَقَ الْمُؤَجِّرَ ضَرَرٌ فَلَيْسَتْ بِجَائِزَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ أَرْضٌ مُشَجَّرَةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ اسْتِئْجَارُ أَطْرَافِهَا أَيْ مَا حَوَالَيْ الشَّجَرِ مِنْ الْأَرْضِ جَائِزًا وَاسْتِئْجَارُ وَسَطِهَا غَيْرُ جَائِزٍ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّجَرُ الَّذِي فِي وَسَطِهَا شَجَرَةً أَوْ شَجَرَتَيْنِ وَالْحِيلَةُ فِي اسْتِئْجَارِ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ الْمُشَجَّرَةِ أَنْ يَعْقِدَ الطَّرَفَانِ عَلَى الْقِسْمِ الْمَشْغُولِ بِالشَّجَرِ عَقْدَ مَسَافَةٍ وَمِنْ ثَمَّ يُمْكِنُهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الْإِجَارَةَ عَلَى الْأَرْضِ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْمَسَافَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ لِئَلَّا تَكُونَ الْإِجَارَةُ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى مَشْغُولٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا قُدِّمَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَسَافَةِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَحْصُلُ بِعَقْدِ الْمَسَافَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (الْبَزَّازِيَّةُ التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا آجَرَ أَرَاضِيه الْمَشْغُولَةَ بِالزَّرْعِ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ يَصِيرُ فِيهِ حَصَادُ الزَّرْعِ يَكُونُ

(المادة 524) استأجر أرضا على أن يزرع ما شاء

الْإِيجَارُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (408) وَيَكُونُ صَحِيحًا عَلَى كُلِّ حَالٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا قَوْلُهُ (لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ) احْتِرَازٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْأَمْتِعَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إخْلَائِهِ مِنْ الْأَمْتِعَةِ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ الذُّرَقَ (نَبَاتٌ) الْمَوْجُودَ فِي أَرْضِهِ بِأُصُولِهِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ يَقْلَعُهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَرْضَ مِنْهُ لِإِبْقَائِهِ فِيهَا مُدَّةً صَحَّ اسْتِئْجَارُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) فِي الْخِلَافِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ: إذَا اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: اسْتَأْجَرْت مِنْك الْمَأْجُورَ وَهُوَ فَارِغٌ وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: لَا بَلْ وَهُوَ مَشْغُولٌ يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ. وَلَكِنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُؤَجِّرِ (الطُّورِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 524) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ] (الْمَادَّةُ 524) مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يَزْرَعُهُ فِيهَا وَلَمْ يُعَمِّمْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ فَإِجَارَتُهُ فَاسِدَةٌ، وَلَكِنْ لَوْ عَيَّنَ قَبْلَ الْفَسْخِ وَرَضِيَ الْآجِرُ تَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ. أَيْ إنَّهُ كَمَا يَكُونُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتْ أَوْ تَعْمِيمُهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (454) فَاسِدًا يَكُونُ فَاسِدًا أَيْضًا فِي أَرْضٍ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يَزْرَعُ فِيهَا وَلَمْ يُعَمِّمْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ مَا شَاءَ وَتَكُونُ بِمُقْتَضَى شَرْحِ الْمَادَّةِ (461) مُسْتَحِقَّةً لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَزْرُوعَاتِ أَضَرُّ بِالْأَرْضِ مِنْ بَعْضٍ فَمَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ لَا تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً وَهَذَا مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 454) - (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالدُّرَرُ، وَالْغُرَرُ) لِأَنَّ الرِّطَابَ أَضَرُّ بِالْأَرْضِ مِنْ الْحِنْطَةِ لِانْتِشَارِ عُرُوقِهَا فِيهَا وَكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَى سَقْيِهَا (الْهِدَايَةُ) . قَالَ فِي الْكِفَايَةِ لِأَنَّ الْأَرْضَ قَدْ تُسْتَأْجَرُ لِزِرَاعَةِ الْبُرِّ وَلِزِرَاعَةِ الشَّعِيرِ وَلِزِرَاعَةِ الذُّرَةِ وَالْأَرُزِّ وَغَيْرِهَا وَبَعْضُهَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ لِأَنَّ الْبَعْضَ قَرِيبُ الْإِدْرَاكِ وَالْبَعْضُ بَعِيدُهُ أَوْ لِأَنَّ الْبَعْضَ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ كَالذُّرَةِ وَالْبَعْضُ لَا يَضُرُّ بِهَا كَالْبِطِّيخِ، فَمَا لَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يَصِيرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا وَالْعِلْمُ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ. انْتَهَى. فَعَلَيْهِ إذَا تَنَازَعَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَرَفَعَا ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ (النَّتِيجَةُ) أَمَّا إذَا عُيِّنَ الشَّيْءُ الْمُرَادُ زَرْعُهُ أَوْ عُمِّمَ كَانَتْ جَائِزَةً لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى قَدْ ارْتَفَعَتْ أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَالْجَهَالَةُ الْمَوْجُودَةُ لَيْسَتْ مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) . تَنْقَلِبُ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ إذَا عُقِدَتْ فَاسِدَةً عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الذِّكْرِ بِوَجْهَيْنِ: 1 - إذَا عَيَّنَ مَا يُرَادُ عَمَلُهُ فِي الْمَأْجُورِ قَبْلَ الْفَسْخِ أَوْ إذَا كَانَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَعَيَّنَ مَا يُرَادُ زَرْعُهُ فِيهَا وَرَضِيَ الْآجِرُ بِهِ انْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ اسْتِحْسَانًا وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْفَسَادُ كَانَ لِأَجْلِ الْجَهَالَةِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ كَانَ الِارْتِفَاعُ فِي

(المادة 525) استأجر أرضا على أن يزرعها ما شاء فله زرعها مكررا في ظرف السنة

هَذِهِ السَّاعَةِ كَالِارْتِفَاعِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَعُودُ جَائِزًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَانْقِلَابُ الْإِجَارَةِ إلَى الصِّحَّةِ إنَّمَا كَانَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ الْفَسَادُ وَبِذَلِكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى أَجْرَ الْمِثْلِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ (الشَّلَبِيُّ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ الْآجِرُ فَفِيهِ مَوْضِعٌ لِلنِّزَاعِ. 2 - إذَا زَرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ الْمَأْجُورَةَ قَبْلَ تَعْيِينِ مَا يُرَادُ زَرْعُهُ فِيهَا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ انْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ اسْتِحْسَانًا أَيْضًا وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَدْ عُلِمَ بِالِاسْتِعْمَالِ. وَبِمَا أَنَّ الْفَسَادَ نَاشِئٌ عَنْ احْتِمَالِ وُقُوعِ الْخِلَافِ وَالنِّزَاعِ النَّاشِئِ عَنْ الْجَهَالَةِ فَبِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) فَإِنْ قَبِلَ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ بِمُجَرَّدِ الزِّرَاعَةِ لَكِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ مَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ وَهُوَ احْتِمَالُ أَنْ يَزْرَعَ مَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ، لِأَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَزْرُوعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَتَقَعُ بَيْنَهُمَا الْمُنَازَعَةُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْفَسَادِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ كَانَ احْتِمَالَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّعْيِينِ، ثُمَّ إذَا تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِالِاسْتِعْمَالِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ - قُلْنَا الْأَصْلُ إجَازَةُ الْعَقْدِ عَقْدِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ لِأَنَّ عُقُودَ الْإِنْسَانِ تَصِحُّ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَالْمَانِعُ الَّذِي فَسَدَ بِاعْتِبَارِهِ يُوقِعُ الْمُنَازَعَةَ بَيْنَهُمَا فِي تَعَيُّنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ اسْتِيفَاءِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ يَزُولُ هَذَا التَّوَقُّعُ وَيَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ. وَلِهَذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ عِنْدَ انْتِفَاءِ هَذَا التَّوَقُّعِ، وَفِي الْقِيَاسِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ قَدْ اُسْتُوْفِيَتْ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ (النَّتِيجَةُ، وَالدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ وَالْكِفَايَةُ) . أَمَّا إذَا أَجَرَ أَحَدٌ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُزْرَعَ كَذَا وَالْمُسْتَأْجِرُ زَرَعَهَا نَوْعًا آخَرَ مِنْ الْحُبُوبِ فَحُكْمُ ذَلِكَ عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (426) . وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِيِ لِلزِّرَاعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَدْخُلُ الشُّرْبُ وَالطَّرِيقُ غَيْرُ ذِكْرٍ وَيُعْتَبَرُ شَرْطًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 454) . [ (الْمَادَّةُ 525) اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ فَلَهُ زَرعهَا مُكَرِّرًا فِي ظَرْفِ السَّنَةِ] (الْمَادَّةُ 525) مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا مُكَرِّرًا فِي ظَرْفِ السَّنَةِ صَيْفِيًّا وَشِتْوِيًّا. أَيْ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَرْضًا لِسَنَةٍ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ فَلَهُ أَنْ يُكَرِّرَ زِرَاعَتَهَا فِي ظَرْفِ السَّنَةِ صَيْفِيًّا وَشَتْوِيًّا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) بِشَرْطِ: (1) إمْكَانِ زَرْعِهَا مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ. (2) عَدَمِ تَخْصِيصِ زِرَاعَتِهَا بِالصَّيْفِيِّ فَقَطْ أَوْ بِالشِّتْوِيِّ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بِمِقْدَارِ زَرْعِهَا صَيْفِيًّا فَقَطْ أَوْ شِتَائِيًّا فَقَطْ وَجَبَ أَنْ يَزْرَعَ مَا يَكُونُ لَهُ فَقَطْ كَمَا لَوْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مُقَيَّدًا بِالزِّرَاعَةِ الصَّيْفِيَّةِ لَا مُطْلَقًا لِيُمْكِنَ زَرْعُهَا شِتَائِيًّا وَجَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا يَلِي: كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا فِي الشِّتَاءِ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا فِي الشِّتَاءِ جَازَ لِمَا أَمْكَنَ فِي الْمُدَّةِ.

(المادة 526) انقضت مدة الإجارة قبل إدراك الزرع

[ (الْمَادَّةُ 526) انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ] (الْمَادَّةُ 526) لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُبْقِيَ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ إلَى إدْرَاكِهِ وَيُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. تَجُوزُ الْإِجَارَةُ الْجَبْرِيَّةُ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ وَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يُدْرِكْ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ - إذَا شَاءَ - قَلْعُ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ (الْأَنْقِرْوِيّ) لِأَنَّ الزَّرْعَ مَالُهُ وَلَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1192) أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمِلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَحْصِلَ عَلَى رِضَاءِ الْآجِرِ وَيَبْقَى زَرْعُهُ فِي الْأَرْضِ إلَى إدْرَاكِهِ وَيُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالْأَرْضُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِلْكًا أَوْ أَمِيرِيَّةً أَوْ وَقْفًا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَمُرَاعَاتُهَا فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ مُمْكِنَةٌ أَيْ بِأَخْذِ الْمُؤَجِّرِ أَجْرَ الْمِثْلِ وَإِبْقَاءَ زَرْعِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى حِينِ إدْرَاكِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ بِانْقِضَائِهَا وَإِذَا نَبَتَ الزَّرْعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَرْضِ إلَى صَاحِبِهَا فَهُوَ لِصَاحِبِهِ أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أَجْرِ الْمِثْلِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَى الْآجِرِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21 وَ 33) وَإِبْقَاءُ الزَّرْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إمَّا بِرِضَاءِ الْآجِرِ أَوْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ. أَمَّا إذَا أَبْقَى الْمُسْتَأْجِرُ زَرْعَهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْآجِرِ أَوْ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَقَوِّمَةً لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَنْقِرْوِيّ تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الزَّرْعُ بِحِسَابِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَلَا حُكْمُ الْحَاكِمِ شَرْطًا فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ الْأَنْقِرْوِيّ دِيَانَةً، وَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ مَالُ وَقْفٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ وَيَلْزَمُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمُدَّةِ التَّالِيَةِ لِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقِيَ الزَّرْعُ إلَى إدْرَاكِهِ وَيُحْكَمُ بِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) . وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا لِوَقْفٍ لِلزِّرَاعَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ بَقِيَ الْبُسْتَانُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَلْعَ مَزْرُوعَاتِهِ قَبْلَ إدْرَاكِهَا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُتَوَلِّي بِقِيمَةِ مَا لَمْ يَنْضُجْ مِنْ الْمَزْرُوعَاتِ (التَّنْقِيحُ) وَذَلِكَ كَزِرَاعَةِ الْفُجْلِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَمَا إلَيْهَا مَا تَكُونُ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْبُقُولَ إذَا أَدْرَكَتْ قُلِعَتْ وَلَا يَبْقَى مِنْهَا مَا يَظْهَرُ ثَانِيَةً. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ثَانِيًا: إذَا غَصَبَ أَحَدٌ سَفِينَةَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ قَطَعَ فِيهَا مَسَافَةً وَبَلَغَ عُرْضَ الْبَحْرِ أَدْرَكَهُ صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهَا مِنْ الْغَاصِبِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى السَّاحِلِ.

(المادة 527) استئجار الدار والحانوت بدون بيان كونه لأي شيء

ثَالِثًا: لَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ مُنْفَسِخَةً حُكْمًا إذَا انْفَسَخَتْ حَقِيقَةً بِوَفَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 527) اسْتِئْجَارُ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهِ لِأَيِّ شَيْءٍ] (الْمَادَّةُ 527) يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهِ لِأَيِّ شَيْءٍ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ اسْتِعْمَالِهِ فَتُصْرَفُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. لَا يُشْتَرَطُ فِي اسْتِئْجَارِ الْمَنَازِلِ بَيَانُ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ، فَعَلَيْهِ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا اسْتِئْجَارُ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتْ أَمَّا كَيْفِيَّةُ اسْتِعْمَالِهَا فَتُصْرَفُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (43) إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ التَّصَرُّفُ فِيهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاسْتِعْمَالُ الْمُتَعَارَفُ فِيهَا هُوَ السُّكْنَى فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ إلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (552) وَشَرْحَهَا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ كَالْمَشْرُوطِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا بِقَوْلِهِ اسْتَأْجَرْت الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ مُسَانَهَةً بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا كَذَا قِرْشًا صَحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ كَقَوْلِهِ (اسْتَأْجَرْت الدَّارَ لِأَسْكُنَهَا وَمَا أَشْبَهُ) . الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ الِانْتِفَاعُ قَدْ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ السُّكْنَى وَقَدْ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ وَضْعُ الْأَمْتِعَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ مَا لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْلُومٌ بِالْعُرْفِ وَهُوَ السُّكْنَى فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ نَصًّا (الْكِفَايَةُ) . أَمَّا فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ وَالدَّوَابِّ فَبَيَانُ مَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ شَرْطٌ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (453 وَ 454 وَشَرْحَهُمَا) . [ (الْمَادَّةُ 528) اسْتَأْجَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا غَيْرُهُ] (الْمَادَّةُ 528) كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ كَذَلِكَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا غَيْرُهُ أَيْضًا وَلَهُ أَنْ يَضَعَ فِيهَا أَشْيَاءَهُ وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ عَمَلٍ لَا يُورِثُ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ لِلْبِنَاءِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُورِثُ الضَّرَرَ وَالْوَهْنَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَأَمَّا بِخُصُوصِ رَبْطِ الدَّوَابِّ فَعُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتِهَا مُعْتَبَرٌ وَمَرْعِيٌّ وَحُكْمُ الْحَانُوتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَيْ أَوَّلًا لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ، ثَانِيًا أَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرُهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ حَتَّى إنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ دَارًا عَلَى أَنْ يُسْكِنَهَا وَحْدَهُ أَنْ يَسْكُنَ غَيْرُهُ مَعَهُ وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنَّ حَقَّ الْإِسْكَانِ هَذَا خَاصٌّ بِالْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ مَنْ يَمْلِكُ هَذَا الْحَقَّ سِوَاهُ وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا وَبَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَهَا لَوْ أَسْكَنَ ابْنَ الْمُسْتَأْجِرِ بِدُونِ أَمْرِهِ وَبِلَا إذْنِهِ شَخْصًا بِلَا أَجْرٍ وَانْهَدَمَتْ الدَّارُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الِانْهِدَامُ نَاشِئًا عَنْ سُكْنَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ لَمْ

يَكُنْ لَكِنْ إذَا كَانَ الِانْهِدَامُ نَاشِئًا عَنْ سُكْنَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ. وَإِذَا كَانَ الِانْهِدَامُ غَيْرَ نَاشِئٍ عَنْ سُكْنَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ ابْنَ الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانٌ أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ إذَا شَاءَ ضَمِنَهَا ابْنُ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، وَإِذَا ضَمِنَ الِابْنُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّاكِنِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ السَّاكِنُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الِابْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ) وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ الِاخْتِلَافُ فِي جَرَيَان الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ وَعَدَمِهِ وَسَيَأْتِي إيضَاحَاتُ هَذَا فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ. ثَالِثًا: لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ مَعَهُ أَيْضًا. وَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْكُنَ وَحْدَهُ لِأَنَّ كَثْرَةَ السُّكَّانِ لَا تُورِثُ الدَّارَ ضَرَرًا بَلْ الْعَكْسُ تَزِيدُ فِي إعْمَارِهَا لِأَنَّ خَرَابَ الْمَسَاكِنِ بِتَرْكِ سُكْنَاهَا وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُفِيدٍ بَطَلَ (الزَّيْلَعِيّ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ انْهَدَمَ الْمَأْجُورُ بِسُكْنَى ذَلِكَ الْغَيْرِ فَلَا تَلْزَمُ ضَمَانُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (91 و 428) . رَابِعًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَةً وَلَيْسَ لِلْآجِرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مِنْ تَمَامِ السُّكْنَى (الْكِفَايَةُ وَالزَّيْلَعِيّ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَلَمْ يَسْكُنْهَا وَوَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَتَهُ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ. خَامِسًا: لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ الَّتِي فِيهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى إصْلَاحِ الْبِئْرِ وَطُرُقِ الْمَاءِ وَحُفَرِ الْأَقْذَارِ وَمَا أَشْبَهَ إذَا خَرِبَتْ وَإِنَّمَا إصْلَاحُهَا مِنْ وَظَائِفِ الْمُؤَجِّرِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ 529. سَادِسًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكْسِرَ الْحَطَبَ عَلَى الصُّورَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَمَا تَحْتَهَا مِنْ مَجَارِي الْمِيَاهِ وَأَنْ يَدُقَّ الْمَسَامِيرَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ بِالْقِصَارَةِ. وَجَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ قَوْلُهُ: وَيَكْسِرُ حَطَبَهُ، يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ بِالْأَرْضِ وَمَا تَحْتَهَا مِنْ مَجْرَى الْمَاءِ. قَالَ الزَّيْلَعِيّ وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يَكْسِرَ الْحَطَبَ الْمُعْتَادَ لِلطَّبْخِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ يُوهِنُ الْبِنَاءَ فَلَا إلَّا بِرِضَى الْمَالِكِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّقُّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. سَابِعًا: لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ فِي الْمَأْجُورِ فِي أَيِّ عَمَلٍ لَا يُورِثُ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ لِلْبِنَاءِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُطْلَقَةً. ثَامِنًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْحَنَ فِي الدَّارِ بِطَاحُونِ الْيَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّحْنُ مُضِرًّا بِهَا. تَاسِعًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الدَّارِ تَنُّورًا وَإِذَا احْتَرَقَتْ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) وَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ الْعَمَلِ كَالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَكَسْرِ الْحَطَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى وَبِهِ تَتِمُّ السُّكْنَى (الزَّيْلَعِيّ) إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الضَّرَرُ بِالدَّارِ لِإِنْشَاءِ التَّنُّورِ قُرْبَ حَائِلٍ خَشَبِيٍّ أَوْ فِي مَحَلٍّ إنْشَاؤُهُ فِيهِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لَزِمَ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (602) . عَاشِرًا: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَغْسِلَ ثِيَابَهُ فِي الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ لِذَلِكَ مِنْ الدَّارِ (الزَّيْلَعِيّ) .

الْحَادِيَ عَشَرَ: لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَشْغَلَ فِي الْحَانُوتِ عَمَلًا آخَرَ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لَهُ فِي الْمَضَرَّةِ وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ - (64) أَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفَاتُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَشْتَغِلَ فِي الْمَأْجُورِ بِمَا يُورِثُ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ لِلْبِنَاءِ بِدُونِ رِضَا الْآجِرِ كَالْحِدَادَةِ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ وَالشَّيْءُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ أَنْ يَعْمَلَهُ، فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا كُلَّ مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ فِيهِ ضَرَرٌ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَيَجُوزُ لَهُ كُلُّ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ وَيَسْتَحِقُّهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيًا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْسِرَ حَطَبًا زِيَادَةً عَنْ الْمُعْتَادِ بِصُورَةٍ تُورِثُ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ لِلْبِنَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إيرَاثُ ذَلِكَ الضَّرَرِ وَالْوَهْنِ لِلْمَأْجُورِ ظَاهِرًا لِلْبِنَاءِ فَقَدْ قَيَّدَهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِهَا (الدُّرَرُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 426) وَإِذَا عَمِلَ أَمْثَالَ ذَلِكَ بِالْمَأْجُورِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لِلْبِنَاءِ لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا أَيْضًا لِأَنَّ السُّكْنَى الْمَعْقُودَةَ عَلَيْهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْحِدَادَةِ أَيْضًا فَضْلًا عَمَّا يُوجَدُ فِيهَا مِنْ الشَّغْلِ زَائِدًا عَنْ السُّكْنَى، وَعَلَى ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ سَيُسْتَوْفَى لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى بِشَرْطِ السَّلَامَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا لَوْ مَضَى بَعْضُهَا هَلْ يَسْقُطُ أَجْرُهُ أَوْ يَجِبُ؟ يُحَرَّرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ضَمِنَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذَا مُتَعَدٍّ لِأَنَّ الِانْهِدَامَ أَثَرُ الْحِدَادَةِ وَالْقِصَارَةِ لَا أَثَرُ السُّكْنَى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 602 وَ 603) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ فِي حِصَّةِ الْبِنَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ دَارًا وَحَفَرَ فِيهَا بِئْرًا لِيَتَوَضَّأَ فِيهَا فَعَطِبَ فِيهَا إنْسَانٌ يَنْظُرُ إنْ كَانَ حَفَرَ بِإِذْنِ رَبِّ الدَّارِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ حَفَرَ رَبُّ الدَّارِ نَفْسُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَفَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الدَّارِ فَهُوَ ضَامِنٌ (الْهِنْدِيَّةُ) وَعَلَى ذَلِكَ فَالْإِذْنُ بِعَمَلِ الشَّيْءِ الْمُضِرِّ مُعْتَبَرٌ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ وَقْفًا فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْذَنَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَشْيَاءَ كَهَذِهِ تُورِثُ الْبِنَاءَ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58 رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُعْتَبَرُ عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا فِي خُصُوصِ رَبْطِ الدَّوَابِّ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَكُونُ عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا تَلْزَمُ رِعَايَتُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِرَبْطِ الدَّوَابِّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إفْسَادِ الدَّارِ. إذْ رَبْطُ الدَّوَابِّ فِي مَوْضِعِ السُّكْنَى إفْسَادٌ (الشَّلَبِيُّ) . أَمَّا بَعْدَ دُخُولِ الْمُسْتَأْجِرِ الدَّارَ الْمَأْجُورَةَ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَرْبِطَ فِيهَا دَابَّتَهُ حَتَّى إنَّهُ لَوْ رَبَطَهَا وَحَدَثَ مِنْهَا ضَرَرٌ ضَمِنَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 924) مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ رَبَطَهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعَارَ دَارِهِ ثُمَّ أَدْخَلَ الدَّابَّةَ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَعِيرِ يَجُوزُ وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ هَذَا إذَا آجَرَهُ كُلَّ الدَّارِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَجِّرْ صَحْنَهُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهِ الدَّابَّةَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ) . وَحُكْمُ الْحَانُوتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهِ لِأَيِّ شَيْءٍ فَكَمَا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْكُنَهُ فَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهُ غَيْرَهُ، لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَمَلِ لَا يُورِثُ الْبِنَاءَ الْوَهْنَ، أَمَّا مَا يُورِثُ الْوَهْنَ لِلْبِنَاءِ وَيَضُرُّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَمَلُهُ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي

(المادة 529) أعمال الأشياء التي تخل بالمنفعة المقصودة عائدة على الآجر

عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْبِنَاءِ تَصَرُّفًا مُضِرًّا كَالْهَدْمِ مَثَلًا. حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ النَّاسِ حَانُوتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ وَفَتَحَ بَيْنَهُمَا بَابًا لِيَمُرَّ مِنْ الْوَاحِدَةِ إلَى الْأُخْرَى ضَمِنَ الْحَائِطَ الَّذِي هَدَمَهُ وَأَعْطَى أُجْرَةَ الْحَانُوتَيْنِ كَامِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . اخْتِلَافُ الْعَاقِدَيْنِ: - لَوْ اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنَا اشْتَرَطْنَا فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ الِاشْتِغَالَ فِي الْمَأْجُورِ بِمَا يُورِثُ الْبِنَاءَ الْوَهْنَ وَالضَّرَرَ وَقَالَ الْآجِرُ: لَمْ نَشْتَرِطْ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ لِلْآجِرِ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْإِجَارَةِ فَالْقَوْلُ لَهُ أَيْضًا عِنْدَ إنْكَارِهِ نَوْعَ الِانْتِفَاعِ وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهَا لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْوِيرُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 76 وَ 77) وَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي نَوْعِ الْإِجَارَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ كَمَا وَرَدَ (فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 426) . قِيلَ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتْ أَمَّا إذَا بَيَّنَ كَوْنَهَا لِأَيِّ شَيْءٍ أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ: اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ لِلسُّكْنَى، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا شَيْئًا أَضَرُّ مِنْ السُّكْنَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ تُبَيِّنُ حُكْمَ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ اللَّتَيْنِ تُسْتَأْجَرَانِ بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهِمَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتَا أَمَّا إذَا بُيِّنَ وَقْتَ الْعَقْدِ كَوْنُهُمَا لِأَيِّ شَيْءٍ اُسْتُؤْجِرَتَا فَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُ ذَلِكَ (فِي الْمَادَّةِ 426) . [ (الْمَادَّةُ 529) أَعْمَالُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ عَائِدَةٌ عَلَى الْآجِرِ] (الْمَادَّةُ 529) أَعْمَالُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ عَائِدَةٌ عَلَى الْآجِرِ: مَثَلًا تَطْهِيرُ الرَّحَى عَلَى صَاحِبِهَا، كَذَلِكَ تَعْمِيرُ الدَّارِ وَطُرُقُ الْمَاءِ وَإِصْلَاحُ مَنَافِذِهِ وَإِنْشَاءُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخِلُّ بِالسُّكْنَى وَسَائِرُ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْبِنَاءِ كُلِّهَا لَازِمَةٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ وَإِنْ امْتَنَعَ صَاحِبُهَا عَنْ أَعْمَالِ هَؤُلَاءِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ حِينَ اسْتِئْجَارِهِ إيَّاهَا كَانَتْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَكَانَ قَدْ رَآهَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ هَذَا وَسِيلَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ بَعْدُ وَإِنْ عَمِلَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ ذَلِكَ الْمَصْرُوفِ مِنْ الْآجِرِ. عَلَى الْآجِرِ أَنْ يُصْلِحَ مِنْ الْمَأْجُورِ مَا يُخِلُّ بِمَنْفَعَتِهِ أَوْ بِالْبِنَاءِ، أَيْ يَعُودُ عَلَى الْآجِرِ نَوْعَانِ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الْمَأْجُورِ: 1 - مَا يُخِلُّ بِمَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ. 2 - مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبِنَاءِ أَيْ فِيمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْبِنَاءِ (التَّنْوِيرُ) . فَقَوْلُهُ (تَطْهِيرُ الرَّحَى عَلَى صَاحِبِهَا) مِثَالٌ لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ (تَعْمِيرُ الدَّارِ وَطُرُقُ الْمَاءِ وَإِصْلَاحُ نَافِذِهِ وَإِنْشَاءُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخِلُّ بِالسُّكْنَى. .. إلَخْ) . مِثَالٌ لِلنَّوْعِ الثَّانِي

مَثَلًا تَطْهِيرُ الرَّحَى الْمَأْجُورَةِ عَلَى الْآجِرِ، وَلَوْ نَشَأَ الْخَرَابُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا (التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالرَّحَى إلَّا بِالْمَاءِ، وَالْمَاءُ لَا يَجْرِي إلَّا بِكَرْيِ النَّهْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ شُرِطَ الْكَرْيُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ وَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمَادَّةِ 514) . أَمَّا كَرْيُ مَسِيلِ الْحَمَّامِ وَرَفْعِ مَا بِهِ مِنْ أَوْسَاخٍ وَمِيَاهٍ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُعْتَبَرُ فِي رَفْعِ الثَّلْجِ عُرْفُ الْبَلْدَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . وَكَذَا تَطْيِينُ سَطْحِ الدَّارِ أَيْ أَنَّ إصْلَاحَ السَّطْحِ لِمَنْعِ تَسَرُّبِ مِيَاهِ الْمَطَرِ إلَى دَاخِلِ الدَّارِ عَائِدٌ عَلَى الْآجِرِ لِأَنَّ عَدَمَهُ مُخِلٌّ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ تَكْلِيسِ جُدْرَانِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ تَعْمِيرُ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ وَطُرُقِ الْمَاءِ وَإِصْلَاحُ مَجَارِيهِ وَكَرْيُ بِئْرِ الْمَاءِ وَإِصْلَاحُهَا وَلَوْ خَرِبَتْ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا، وَإِنْشَاءِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخِلُّ بِالسُّكْنَى وَوَضْعُ الزُّجَاجِ لِلنَّوَافِذِ وَغَيْرِهَا وَإِصْلَاحُ الدَّرَجِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْبِنَاءِ كُلُّهَا لَازِمَةٌ عَلَى الْآجِرِ إذَا كَانَتْ مِلْكًا وَعَلَى الْوَاقِفِ إذَا كَانَتْ وَقْفًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ وَالْخَيْرِيَّةُ) . وَلَوْ خَرِبَتْ بِئْرُ الْحَمَّامِ أَوْ بَالُوعَتُهُ بِسُكْنَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ اسْتِعْمَالِهِ فَيَلْزَمُ الْآجِرَ إصْلَاحُ الْبِئْرِ اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الشُّغْلَ حَصَلَ مِنْ جِهَتِهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمَشْغُولَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَاطِنُ الْأَرْضِ فَلَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعَقْدِ، وَلَوْ شَرَطَهُ رَبُّ الدَّارِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ أَجَرَ لَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ وَلِأَحَدِهِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ عَنْ عَمَلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (25) أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ فَلَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (505 وَ 516) أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَخْرُجَ مِنْهَا. مَثَلًا لَوْ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ أَوْ نَزَلَ بِهَا آفَةٌ فَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَطْهِيرُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) قَالَ الْحَمَوِيُّ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ وَقْفًا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْعَمَلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ وَالْآجِرُ حَاضِرٌ وَيَخْرُجُ مِنْ الْمَأْجُورِ وَإِلَّا فَلَوْ امْتَنَعَ الْآجِرُ عَنْ أَعْمَالِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ مُدَّةً فِي الْمَأْجُورِ فَيَكُونُ رَاضِيًا بِاسْتِعْمَالِهِ مَعِيبًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَرْكُهُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 519) . وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ حِينَ اسْتِئْجَارُهُ إيَّاهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَكَانَ قَدْ رَآهُ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ اتِّخَاذُ وُجُودِ أَشْيَاءَ تُخِلُّ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَسِيلَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الدَّارِ بَعْدُ (اُنْظُرْ الْفِقْرَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ 516) وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَيْ الدَّارَ وَلَا زُجَاجَ فِيهَا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا ثَلْجٌ وَعَلِمَ بِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . وَإِنْ عَمِلَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْهُ كَانَتْ مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ ذَلِكَ الْمَصْرُوفِ مِنْ الْآجِرِ أَوْ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَمَّا إذَا عَمِلَهُ بِإِذْنِ الْآجِرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَالْمَادَّةَ 1508) أَمَّا إذَا عَمِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ بِدُونِ إذْنِ الْآجِرِ فَيُنْظَرُ إذَا كَانَ مَا أَجْرَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ

التَّرْمِيمِ وَالْإِصْلَاحِ تَرْمِيمَ غَيْرِ مُسْتَهْلَكٍ (كَأَخْشَابٍ وَحِجَارَةٍ وَلَبِنٍ وَآجُرٍّ) فَلِلْمُسْتَأْجِرِ قَلْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَأْجُورِ وَإِلَّا فَلَا. وَالتَّرْمِيمُ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكِ هُوَ مَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ وَتَفْرِيقُهُ عَنْ أَبْنِيَةِ الْمَأْجُورِ دُونَ أَنْ يُحْدِثَ ذَلِكَ ضَرَرًا لَهُ كَإِضَافَةِ بِنَاءٍ إلَى الْمَأْجُورِ. مَثَلًا لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَوَافِذِ الدَّارِ أَبْوَابًا زُجَاجِيَّةً بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَلَهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَلْعُهَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضِرًّا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ (النَّتِيجَةُ) وَكَذَلِكَ لَوْ بَلَّطَ الدَّارَ أَوْ وَضَعَ لَهَا أَقْفَالًا فَلَهُ قَلْعُ الْبَلَاطِ وَالْأَقْفَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ (الْأَنْقِرْوِيّ) . التَّرْمِيمُ الْمُسْتَهْلَكُ: كَالصِّبْغِ (الدِّهَانِ) وَالتَّكْلِيسِ مَا لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ عَنْ الْبِنَاءِ. مَثَلًا لَوْ كَلَّسَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَفْعٌ لِأَنَّ الْكِلْسَ إذَا وَقَعَ صَارَ تُرَابًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا يَعُودُ إلَى أَصْلِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَمَّرَ بِمَا لَوْ نُقِضَ يَبْقَى مَالًا فَلَهُ نَقْضُهُ وَإِلَّا فَلَا وَمُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) غَيْرَ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا كَانَ نَقْضُ وَقَلْعُ مَا عَمِلَهُ لِنَفْسِهِ فِي الْمَأْجُورِ يَضُرُّ بِهِ (أَيْ بِالْمَأْجُورِ) فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَقَلْعُهُ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . وَإِلَيْك بَعْضُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَقْلَعَ الْبَلَاطَ الَّذِي بَلَّطَ بِهِ الْمَأْجُورَ أَوْ الْأَقْفَالَ وَالْأَبْوَابَ الَّتِي وَضَعَهَا إذَا كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْمَأْجُورِ. ثَانِيًا: إذَا قَالَ أَحَدٌ عِنْدَ إيجَارِهِ حَانُوتًا لَهُ مِنْ آخَرَ: ابْنِ مَا شِئْت فِيهَا فَإِنِّي لَا أُخْرِجُكَ مِنْهَا، أَيْ إنَّهُ إذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً فِي الْحَانُوتِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الْآجِرُ لَهُ بِالْبِنَاءِ وَأَخْرَجَهُ الْآجِرُ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ بَلْ لَهُ ثَمَنُ الْأَشْيَاءِ مَقْلُوعَةً (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . ثَالِثًا: إذَا وَضَعَ أَحَدٌ لِلرَّحَى الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا حَجَرًا مَعَ سَائِرِ لَوَازِمِهِ لِنَفْسِهِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا وَضَعَهُ بِأَمْرِ الْآجِرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ أَمَّا إذَا عَمِلَهُ لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَمْرٍ فَمَا كَانَ لَيْسَ بِمُسَمَّرٍ وَقَدْ وُضِعَ عَلَى أَنْ يُقْلَعَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ رَفْعُهُ وَمَا كَانَ مُسَمَّرًا وَقَلْعُهُ مُضِرٌّ بِالْبِنَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ السَّالِفَةِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا يَوْمَ الْخُصُومَةِ. (الْأَنْقِرْوِيّ، التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَمَّامًا مِنْ اثْنَيْنِ وَعَمَّرَهُ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا أَخَذَ مَا صَرَفَهُ مِنْ الْآجِرِ الَّذِي أَمَرَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الثَّانِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1311) مَا لَمْ يَكُنْ أَمَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالتَّعْمِيرِ أَيْضًا أَوْ أَذِنَ الْقَاضِي بِهِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 1309 وَ 1313 وَ 1508) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ) . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ رَحًى ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ آخَرَ وَأَذِنَ لَهُ بِتَعْمِيرِهَا وَرَمَّهَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي يَعْلَمُ بِأَنَّ آجِرَهُ مُسْتَأْجِرٌ فَلَيْسَ لَهُ مَا أَنْفَقَ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ كَمَا جَاءَ فِي

(المادة 530) التعميرات التي أنشأها المستأجر بإذن الآجر

الْمَادَّةِ (95) أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُ الْمَالِ رَجَعَ بِمَا صَرَفَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 658) (الْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . ضَرِيبَةُ الْمَأْجُورِ: ضَرِيبَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْآجِرِ. فَعَلَيْهِ إذَا أُخِذَتْ ضَرِيبَةُ الْمَأْجُورِ الْأَمِيرِيَّةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا بِأَمْرِ الْآجِرِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهَا. وَكَذَلِكَ تُعْطَى ضَرِيبَةُ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ عَشْرٌ مِنْ حَاصِلَاتِهِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إعْطَاؤُهُ. كَذَلِكَ إذَا أُخِذَ مِنْ الْمَزَارِعِ ضَرِيبَةُ الْأَرَاضِيِ وَكَانَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا بِأَمْرِ الْآجِرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1506) وَكَذَلِكَ إذَا أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِدُونِ أَمْرِ الْآجِرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآجِرِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 530) التَّعْمِيرَاتُ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْآجِرِ] (الْمَادَّةُ 530) التَّعْمِيرَاتُ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْآجِرِ إنْ كَانَتْ عَائِدَةً لِإِصْلَاحِ الْمَأْجُورِ وَصِيَانَتِهِ عَنْ تَطَرُّقِ الْخَلَلِ كَتَنْظِيمِ الكرميد (أَيْ الْقِرْمِيدِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْآجُرِّ يُوضَعُ عَلَى السُّطُوحِ لِحِفْظِهِ مِنْ الْمَطَرِ) فَالْمُسْتَأْجِرُ يَأْخُذُ مَصْرُوفَاتِ هَذِهِ التَّعْمِيرَاتِ مِنْ الْآجِرِ وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَائِدَةً لِمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ كَتَعْمِيرِ الْمَطَابِخِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ مَصْرُوفَاتِهَا مَا لَمْ يُذْكَرْ شَرْطُ أَخْذِهَا بَيْنَهُمَا، أَيْ أَنَّ التَّعْمِيرَاتِ الَّتِي يُنْشِئَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْآجِرِ الَّذِي يَكُونُ هُوَ الْمَالِكُ إنْ كَانَتْ عَائِدَةً لِإِصْلَاحِ الْمَأْجُورِ وَصِيَانَتِهِ عَنْ تَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِتَنْظِيمِ الْآجِرِ (الْقِرْمِيدِ) فَالْمُسْتَأْجِرُ يَأْخُذُ مَصْرُوفَاتٍ مِثْلَ هَذِهِ التَّعْمِيرَاتِ مِنْ الْآجِرِ أَوْ يَحْسِبُهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الشَّرْطُ وَيُصَرَّحُ بِهِ لِأَنَّ التَّعْمِيرَ يُحَسِّنُ حَالَةَ الْمِلْكِ وَيَصُونُهُ مِنْ أَنْ يَتَطَرَّقَ إلَيْهِ خَلَلٌ: فَمَصْرُوفُهُ عَائِدٌ إلَى الْآجِرِ وَكَذَا الْقَيِّمِ، وَإِنْ كَانَتْ عَائِدَةً لِمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَجْرِ شَرْطٌ كَهَذَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَتَعْمِيرِ الْمَطَابِخِ وَإِصْلَاحِ التَّنُّورِ وَكَرْيِ حُفْرَةٍ (بَيْتِ الْخَلَاءِ) فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ مَصْرُوفَاتِهَا بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ مَا لَمْ يُذْكَرُ شَرْطُ أَخْذِهَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَنَافِعَ ذَلِكَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْغُرْمُ بِالْغُنْمِ أَمَّا إذَا شُرِطَ ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُهُ كَأَنْ يَقُولَ الْآجِرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اعْمَلْ التَّنُّورَ وَاحْسِبْ أُجْرَتَهُ فَلَهُ أَنْ يَحْسِبَهَا وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْقِيحِ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ وَصِيَانَةِ دَارِهِ عَنْ الِاخْتِلَالِ فَرَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ بِخِلَافِ التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ فَإِنَّهَا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْتَأْجِرِ (قُنْيَةٌ) حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْآجِرُ: ابْنِ تَنُّورًا وَاحْسِبْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، يَرْجِعُ، وَلَوْ قَالَ: ابْنِ تَنُّورًا، لَا يَرْجِعُ. اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الْإِنْفَاقِ: إذَا عَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَأْجُورِ شَيْئًا بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَزِمَ الرُّجُوعُ عَلَى الْآجِرِ بِالنَّفَقَةِ وَحَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فِي مِقْدَارِهَا تُعْرَضُ الْعِمَارَةُ عَلَى أَهْلِ الصَّنْعَةِ فَمَنْ

(المادة 531) أحدث المستأجر بناء في العقار المأجور أو غرس شجرة

صَدَّقُوا مِنْ الطَّرَفَيْنِ قَوْلَهُ كَانَ لَهُ الْقَوْلُ، لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يَشْهَدُ لَهُ وَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الصَّنْعَةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِمَا قَالَ بِهِ الْآجِرُ يُعْتَبَرُ الِادِّعَاءُ وَالْإِنْكَارُ حِينَئِذٍ؛ أَيْ يَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ وَالْبَيِّنَةُ تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَصْرُوفَاتِ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ بَلْ إذَا كَانَ فِي أَسَاسِ التَّعْمِيرِ كَمَا إذَا أَمَرَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعَمِّرَ الْمَأْجُورَ عَلَى أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قَدْ عَمَّرْته وَقَالَ الْآجِرُ لَمْ تُعَمِّرْهُ فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . الْوَسِيلَةُ إلَى مَنْعِ مَا سَيَقَعُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا أَذِنَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى تَعْمِيرِ الْمَأْجُورِ هِيَ: أَنْ يُعْطِيَ الْمُسْتَأْجِرُ قِسْمًا مِنْ الْأُجْرَةِ إلَى الْآجِرِ وَيَرُدَّهُ الْآجِرُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَأْمُرَهُ بِإِنْفَاقِهِ فِي تَعْمِيرِ الْمَأْجُورِ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَمِينًا. وَقَدْ يَكُونُ الْإِذْنُ بِالتَّعْمِيرِ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ كَأَنْ يُعْطِيَ الْآجِرُ إذْنًا بِالتَّعْمِيرِ بِشَرْطِ أَنْ يَجْرِيَ الْإِنْفَاقُ وَالتَّعْمِيرُ بِاطِّلَاعِهِ أَوْ بِاطِّلَاعِ وَكِيلِهِ فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ بِدُونِ اطِّلَاعِهِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَأَذِنَهُ النَّاظِرُ أَنْ يُنْفِقَ مَا يَلْزَمُ لِلتَّعْمِيرِ إلَّا أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ بِاطِّلَاعِهِ أَوْ اطِّلَاعِ وَكِيلِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا وَنَظَّمَ بِذَلِكَ سَنَدًا ثُمَّ صَرَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ وَعَمَّرَهُ بِدُونِ اطِّلَاعِ النَّاظِرِ أَوْ اطِّلَاعِ وَكِيلِهِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (التَّنْقِيحُ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ قَيْدٌ (إذَا كَانَ مِلْكًا) لِأَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ غَيْرُ حُكْمِ الْمِلْكِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فِي تَغْيِيرِ مُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ الْمَأْجُورِ: إذَا هَدَمَ أَحَدٌ دَارَ الْوَقْفِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا ثُمَّ بَنَاهَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَكْثَرَ نَفْعًا لِلْوَقْفِ وَمُوجِبًا لِازْدِيَادِ أُجْرَتِهَا أُخِذَتْ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَأُبْقِيَ الْبِنَاءُ الْجَدِيدُ لِلْوَقْفِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ التَّغْيِيرُ أَكْثَرَ نَفْعًا لِلْوَقْفِ وَلَا مُوجِبًا لِازْدِيَادِ أُجْرَتِهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ لِتَغْيِيرِهِ الْوَقْفَ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا وَقْفًا فَهَدَمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَا صَارَتْ إلَيْهِ أَنْفَعَ وَأَكْثَرَ رِيعًا أُخِذَ مِنْهُ وَأُبْقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِلْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَإِلَّا أُلْزِمَ بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ) . [ (الْمَادَّةُ 531) أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً] (الْمَادَّةُ 531) لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَاءً فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ أَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فَالْآجِرُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ شَاءَ قَلَعَ الْبِنَاءَ أَوْ الشَّجَرَةَ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَى ذَلِكَ وَأَعْطَى قِيمَتَهُ كَثِيرَةً كَانَتْ أَمْ قَلِيلَةً.

أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرَةً أَوْ ذُرَقًا (وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ النَّبَاتِ) أَوْ نَوْعًا آخَرَ مِمَّا يُغْرَسُ لِلثَّمَرِ أَوْ لِلْوَرَقِ وَلَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ أَوَكَانَ لَهُ نِهَايَةٌ بَعِيدَةُ كَقَصَبِ السُّكَّرِ كَانَ الْمُؤَجِّرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُخَيَّرًا عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: 1 - لِلْآجِرِ أَنْ يُبْقِيَ الشَّجَرَ أَوْ الذُّرَقَ مَثَلًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَلَهُ أَنْ يُبْقِيَهُ بِأَجْرٍ أَوَبِلَا أَجْرٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِعَارَةِ، قَالَ الزَّيْلَعِيّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِذَا رَضِيَ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَحِينَئِذٍ تَجِبُ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ لِبَقَاءِ الشَّجَرِ فَإِذَا عُقِدَتْ إجَارَةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَانَ ذَلِكَ إجَارَةٌ جَدِيدَةٌ وَإِلَّا فَإِعَارَةٌ وَالشَّجَرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ، وَالْعَقَارُ لِلْآجِرِ أَوْ الْمُعِيرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا آجَرَ الْأَرْضَ مَعًا قُسِمَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) وَتُعَيَّنُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (425) . 2 - وَلَهُ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ الذُّرَقِ وَاسْتِلَامُ الْمَأْجُورِ فَارِغًا وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إبْقَاءُ الْبِنَاءِ أَوَالشَّجَرِ فِي حَالِ عَدَمِ رِضَاءِ الْآجِرِ بِبَقَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إعَادَةُ الْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَارِغًا كَمَا أَخَذَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَلْعُ مَا حَدَثَ فِي الْمَأْجُورِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْآجِرُ بِبَقَائِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَبَقَاؤُهُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ بَقَاءٌ دَائِمِيًّا مِمَّا يَضُرُّ بِالْآجِرِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (96 وَ 591 وَ 593) غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرٌ لَمْ يُدْرِكْ أَبْقَى الشَّجَرَ فِي أَرْضِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِ ثَمَرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (480) شَرْحًا وَمَتْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ اتَّحَدَ الْجَوَابُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ الْإِجَارَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْغَصْبُ حَيْثُ يَجِبُ فِيهِمَا الْقَلْعُ وَالتَّسْلِيمُ فَارِغًا. وَفِي الزَّرْعِ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ فَفِي الْغَصْبِ يَلْزَمُ الْقَلْعُ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الزِّرَاعَةِ وَفِي الْإِجَارَةِ يُتْرَكُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ اسْتِحْسَانًا بِأَجْرِ الْمِثْلِ. وَفِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ وَغَيْرِ الْمُوَقَّتَةِ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّرَاعَةِ بِجِهَةِ الْعَارِيَّةِ. وَلِإِدْرَاكِ الزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُتْرَكُ، قَالُوا: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ (الشِّبْلِيُّ) . 3 - إذَا كَانَ هَدْمُ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعُ الشَّجَرِ مُضِرًّا بِالْعَقَارِ الْمَأْجُورِ مَثَلًا فَلِلْآجِرِ إبْقَاءُ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ وَإِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مُسْتَحَقًّا لِلْقَلْعِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً وَسَوَاءٌ أَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَرْضَ وَيَتَمَلَّكُهَا بِالرَّغْمِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ وَبِذَلِكَ يَتَضَرَّرُ الْمُؤَجِّرُ. وَقَدْ جُعِلَ لِدَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْمُحْدَثَاتِ بِإِعْطَائِهِ قِيمَتَهَا دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (31) لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهُمَا حَيْثُ أَوْجَبْنَا لِلْمُؤَجِّرِ تَسَلُّمَ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ قِيمَتُهُمَا مُسْتَحِقَّيْ الْقَلْعِ لِأَنَّ أَصْلَ وَصْلِهِمَا بِحَقٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَبِذَلِكَ فَقَدْ أُزِيلَ الضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِكِلَا الْعَاقِدَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَأَمَّا اقْتِصَارُ التَّمَلُّكِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَهُوَ نَاشِئٌ عَمَّا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَلْحَقُهُ شَيْءٌ مِنْ الضَّرَرِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا تَقُومُ مَقَامَ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ، وَتَعْرِيفُ قِيمَتِهِ مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ. قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (885) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْمَأْجُورِ فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِغَيْرِ رِضَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرِضَاءُ الْمُسْتَأْجَرِ فِي إبْقَائِهِ وَتَمَلُّكِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ مُتَسَاوِيَانِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ فَلَا يُرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (الدُّرَرُ الْهِنْدِيَّة، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَيْرِيَّةُ) . فَلَا بُدّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا فِي التَّرْكِ بِخِلَافِ الْقَلْعِ حَيْثُ يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالِ دُون الْآخَرِ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَأْجُورُ أَرْضًا لِوَقْفٍ أَوْ أَرْضًا لِبَيْتِ الْمَالِ فَتَجْرِي فِيهِ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: مَثَلًا لَوْ أَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِمُسْتَأْجِرِ عَرْصَةِ الْوَقْفِ أَنْ يَبْنِيَهَا لِنَفْسِهِ وَعَلَى ذَلِكَ بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ الْعَرْصَةَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا شَاءَ أَنْ يُبْقِيَ الْبِنَاءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْأَرْضِ وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَلْحَقْ الْوَقْفَ ضَرَرٌ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَلْعَ الْبِنَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ، وَالْخَيْرِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْجُورَ إذَا كَانَ وَقْفًا مَشْرُوطًا فِيهِ الِاسْتِغْلَالُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِيرِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ وَضَرَرٌ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أَمَّا إذَا زَادَ الْغَيْرُ عَلَى الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ بِهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُؤَجِّرُ مِنْ الْغَيْرِ وَلَهُ إذَا شَاءَ رَفْعُ بِنَائِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي رَفْعِهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَأْجُورِ. وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَوْقَافِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَرْفَعَ الْبِنَاءَ وَغَرْسَهُ أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ نَفْعٌ وَغِبْطَةٌ لِلْوَقْفِ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا كَانَ رَفْعُهُ مُضِرًّا فَلَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ وَيَأْخُذُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ وَيَتْرُكُهُ لِلْوَقْفِ وَعَلَى الْمُتَوَلِّي أَنْ يُعْطِيَهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا وَمَقْلُوعًا وَيَضْبِطَهُ لِلْوَقْفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهُنَا لَا يُجْبَرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إعْطَاءِ بَدَلِ الْبِنَاءِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى التَّرَاضِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. لَكِنْ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يَنْتَظِرَ إلَى أَنْ يَخْلُصَ بِنَاؤُهُ مِنْ الْعَرْصَةِ وَيَسْتَلِمَهُ حِينَئِذٍ وَإِذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ الْبِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أُعْطِيَ إلَيْهِ أَيْ إلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلنَّاظِرِ حِينَئِذٍ بَيْنَ تَمَلُّكِهِ جَبْرًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهُ إلَى أَنْ يَتَخَلَّصَ بِنَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْأَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ) . وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ أَرْضِ الْوَقْفِ بِلَا شُبْهَةٍ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْبِنَاءِ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ لَا لِمَصْلَحَتِهِ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لَزِمَهُ ضَرَرَانِ أَحَدُهُمَا الْتَزَمَ بِهِ بِفِعْلِهِ وَالْآخَرُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِهِ وَهُمَا ضَرَرُ التَّرَبُّصِ إلَى وَقْتِ التَّخَلُّصِ وَقَدْ الْتَزَمَ بِفِعْلِهِ إذْ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِحُسْنِ اخْتِيَارِهِ بِنَاءً لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرِ الْوَقْفِ فَيَلْزَمُهُ وَضَرَرُ الْأُجْرَةِ مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ (الْخَيْرِيَّةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُخَيَّرُ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ. كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمَأْجُورَةِ مِنْهُ تَرْمِيمًا غَيْرَ مُسْتَهْلَكٍ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ

فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا دَفَعَ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا إذَا كَانَ قَلْعُهُ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ وَيَبْقَى الْبِنَاءُ مِلْكًا. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ وَعَمَّرَ فِيهَا وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ يَأْذَنُ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا أَوْ هَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ فَأَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةِ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفُ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِهَا وَتَسْوِيَةِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلُ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ: الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةُ هِيَ مَا تُؤَجَّرُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ وَهِيَ وَقْفٌ أَيْضًا وَالِاسْتِحْكَارُ عَقْدُ إجَارَةٍ يُرَادُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْأَرْضِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَوَجْهُهُ إمْكَانُ رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الْقَلْعِ إذْ لَوْ قُلِعَتْ لَا تُؤَجَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَلِوَرَثَتِهِ اسْتِبْقَاؤُهُ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِأَنْ كَانَ هُوَ وَوَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ مُتَغَلِّبًا سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْقِيمَةُ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرَاضِيِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَمْتَلِكَهَا، وَالْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي الْعِبَارَةُ الَّتِي جَاءَتْ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِرُمَّتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِلْكًا لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا. كَذَلِكَ إنْ أَبَى الْمَالِكُ إلَّا الْقَلْعَ بَلْ يُكَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْغِرَاسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِلْمَالِكِ فَتَكُونُ الْغِرَاسُ وَالْأَرْضُ لِلْغَارِسِ وَفِي الْعَكْسِ يَضْمَنُ الْمَالِكُ قِيمَةَ الْغِرَاسِ فَتَكُونُ الْأَرْض وَالْأَشْجَارُ لَهُ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةِ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرْصَةُ الْمَأْجُورَةُ وَقْفًا وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ امْتِلَاكِ الْعَرْصَةِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهَا وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَيْضًا. إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ الَّذِي يَغْتَصِبُ أَرْضًا مِنْ آخَرَ وَيَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا يُؤْمَرُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (906) مِنْ الْمَجَلَّةِ بِقَلْعِ أَشْجَارِهِ أَوْ هَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا، غَيْرَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَاءَتْ أَقْوَالُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: عَلَى الْغَاصِبِ قَلْعُ الشَّجَرِ أَوْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَإِخْلَاءُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَرَدُّهَا لِصَاحِبِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ أَوْ ذَلِكَ الْبِنَاءِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلِلْغَاصِبِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ بَعْدَ أَدَاءِ ثَمَنِهَا إلَى مَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ، وَهُنَا يَتْبَعُ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالْبِنَاءِ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ مِنْهَا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا بَنَى الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ أَوْ غَرَسَ شَجَرًا بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَلِلْغَاصِبِ حِينَئِذٍ أَنْ يُؤَدِّيَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَتَهَا وَيَمْتَلِكَهَا أَمَّا إذَا لَمْ

(المادة 532) إزالة الغبار والتراب والكناسة والرماد وغير ذلك أثناء مدة الإجارة

يَكُنْ ثَمَّةَ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَالْغَاصِبُ مُجْبَرٌ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشَّجَرِ أَوْ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ. وَقَدْ بَيَّنَتْ الْمَادَّةُ (906) الْآتِيَةُ الذِّكْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ. وَيُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ عِبَارَةَ (سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ صَحِيحَةٌ وَمَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي التَّنْقِيبِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالتَّنْقِيحُ) وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (906) لِأَنَّهُ الْمَكَانُ اللَّائِقُ بِإِيضَاحِهَا. وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (526) اتِّحَادُ حُكْمِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْغَصْبِ أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ وَتَسْلِيمُ الْأَرْضِ إلَى صَاحِبِهَا خَالِيَةً أَمَّا الزَّرْعُ فَحُكْمُهُ الْقَلْعُ حَالًا فِي حَالِ الْغَصْبِ. وَفِي حَالِ الْإِعَارَةِ يَبْقَى إلَى حِينِ إدْرَاكِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (الشَّلَبِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 532) إزَالَة الْغُبَار وَالتُّرَاب وَالْكُنَاسَة وَالرَّمَاد وَغَيْر ذَلِكَ أَثْنَاء مُدَّة الْإِجَارَة] (الْمَادَّةُ 532) : إزَالَةُ الْغُبَارِ وَالتُّرَابِ وَالْكُنَاسَةِ وَالرَّمَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. فَإِزَالَةُ الرَّمَادِ وَالسِّرْقِينِ مِنْ الْحَمَّامِ الْمُسْتَأْجَرِ عِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَفْرِيغُ مَوْضُوعِ الْغُسَالَةِ تَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَرْطٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شُرِطَ هَذَا الشَّرْطُ فَلَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (462) . غَيْرَ أَنَّ شَرْطَ ذَلِكَ عَلَى الْآجِرِ مُفْسِدٌ لَهَا أَمَّا كَرْيُ الْأَقْنِيَةِ وَالْحُفَرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَفْرِيغُ الْبَالُوعَةِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِذَا فَرَّغَهَا بِلَا أَمْرِ الْمُؤَجِّرِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا أَنْفَقَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ. إلَّا إذَا كَانَ مَسِيلًا لِحَمَّامٍ وَلَوْ كَانَ مَسْقُوفًا فَتَفْرِيغُهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. اخْتِلَافٌ: عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّ هَذِهِ الْكُنَاسَةَ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ اسْتِئْجَارِي، وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ: إنَّهَا لَمْ تَكُنْ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِإِنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَزَّازِيَّة) . [ (الْمَادَّةُ 533) كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يُخَرِّبُ الْمَأْجُورَ وَلَمْ يَقْدِرْ الْآجِرُ عَلَى مَنْعِهِ] (الْمَادَّةُ 533) إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يُخَرِّبُ الْمَأْجُورَ بِإِحْدَى الصُّوَرِ وَلَمْ يَقْدِرْ الْآجِرُ عَلَى مَنْعِهِ رَاجَعَ الْحَاكِمَ وَفَسَخَ الْإِجَارَةَ. أَيْ إنَّ لِلْآجِرِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَامِلًا عَلَى تَخْرِيبِ الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ كَأَنْ يَقْلَعَ بَلَاطَهَا أَوْ يَقْلَعَ أَخْشَابَ سَقْفِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا إذَا ثَبَتَ لَدَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ عُذْرٌ مُوجِبٌ لِفَسْخِهَا. وَلَيْسَ لِلْآجِرِ الْفَسْخُ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 20) . أَيْ أَنَّ حَقَّ الْفَسْخِ بِهَذَا الْعُذْرِ عَائِدٌ لِلْقَاضِي وَلَيْسَ لَلْمُؤَجِّرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِنَفْسِهِ

الْبَهْجَةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) أَمَّا إذَا بَلِيَ الْمَأْجُورُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهُ حَسَبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَوْ الْجِيرَانِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَتَّخِذُ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مَكَانًا لِارْتِكَابِ الْمُوبِقَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَكُلُّ مَا يُمْكِنُهُمْ تَقْدِيمُ النُّصْحِ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 44) . وَذِكْرُهُ هُنَا الدَّارَ لَيْسَ بِقَيْدٍ أُرِيدَ الِاحْتِرَازُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا جَاءَتْ هُنَا كَمِثَالٍ فَقَطْ وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَخَذَ مُسْتَأْجِرُ الْأَرْضِ فِي تَخْرِيبِهَا تَخْرِيبًا ظَاهِرًا، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْآجِرُ مِنْ مَنْعِهِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ بِهَذَا السَّبَبِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِبَيْعِ الِاسْتِغْلَالِ إنَّ بَيْعَ الِاسْتِغْلَالِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (119) عَقْدٌ مُرَكَّبٌ مِنْ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَالْإِجَارَةِ مَعًا وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْمُنَاسِبِ الْبَحْثَ فِيهِ فِيمَا يَلِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا بَاعَ إنْسَانٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ مِنْ آخَرَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ بَيْعًا وَفَائِيًّا وَبَعْدَ أَنْ أَخْلَاهُ لَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ صَحَّ الْإِيجَارُ وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى، وَهَذَا يُقَالُ لَهُ بَيْعُ الِاسْتِغْلَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي فَرَاغِ اسْتِغْلَالِ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ أَيْضًا. فَلَوْ تَفَرَّغَ الْمُتَوَلِّي الْمَأْذُونُ لِأَحَدٍ بِالْوَقْفِ ذِي الْإِيجَارَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ أَخْلَاهُ الْمُتَفَرِّغُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُتَفَرَّغِ لَهُ أَجَرَهُ مِنْ الْمُتَفَرِّغِ صَحَّ الْإِيجَارُ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الِاسْتِئْجَارُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ شَرْطٌ. فَعَلَيْهِ إذَا وَقَعَ الِاسْتِئْجَارُ قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ اسْتِئْجَارٌ مُطْلَقًا فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ. مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ مُتَوَلٍّ نُقُودًا مَوْقُوفَةً مَبْلَغًا مِنْهَا لِآخَرَ وَبَاعَ هَذَا مِنْهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ دَارًا مَمْلُوكَةً لَهُ بَيْعًا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْلَالِ وَأَخْلَاهَا لَهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يُؤَجِّرْهُ إيَّاهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْأُجْرَةِ كَمَا لَوْ أَجَرَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَهْجَةُ) مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ وَسَيُبَيِّنُ هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - يَكُونُ الْبَيْعُ بِالِاسْتِغْلَالِ ضِمْنَ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلَا يَكُونُ ضِمْنَ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهُ وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ (الْبَيْعِ بِالِاسْتِغْلَالِ) لِأَنَّ الْمَرْهُونَ بِمَا أَنَّهُ مَالُ الرَّاهِنِ ذَاتًا وَرَقَبَةً. فَلَيْسَ جَائِزًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْإِنْسَانُ مَالَهُ فِي مُقَابِلِ أُجْرَةٍ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ الْمَدِينُ عِنْدَ دَائِنِهِ دَارًا لَهُ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِنْ الرَّاهِنِ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَأْجُورِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا وَفَائِيًّا مُدَّةً بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مَالًا لِيَتِيمٍ أَوْ مَالًا لِوَقْفٍ لَزِمَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَوْ لَمْ يُجَدَّدْ الْعَقْدُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مِنْ مَالٍ لِيَتِيمٍ أَوْ بَاعَ دَارًا لِوَصِيِّ الْيَتِيمِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْلَالِ وَأَخْلَاهَا لَهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ اسْتَأْجَرَهَا لِسَنَةٍ بِكَذَا قِرْشًا وَاسْتَلَمَهَا مِنْهُ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقِيَ سَاكِنًا فِيهَا عِدَّةَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى وَلَمْ يُجَدَّدْ الْعَقْدُ فَلِلْوَصِيِّ أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ هَذِهِ السَّنَوَاتِ الَّتِي لَمْ يُجَدَّدْ فِيهَا الْعَقْدُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي بَيْعِ الِاسْتِغْلَالِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مَالًا لِيَتِيمٍ أَوْ لِوَقْفٍ وَإِنْ سَكَنَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مِنْ مُتَوَلٍّ لِوَقْفٍ دَارًا لَهُ بَيْعًا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِغْلَالِ فِي مُقَابِلِ نُقُودٍ مَوْقُوفَةٍ اسْتَقْرَضَهَا مِنْهُ وَلَكِنْ قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِكَذَا مَبْلَغًا وَبَقِيَ سَاكِنًا فِيهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْلِ أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا بَعْدَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَالًا لِوَقْفٍ أَوْ مَالًا لِيَتِيمٍ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ بَيْعًا وَفَائِيًّا وَاسْتَأْجَرَهَا وَسَكَنَهَا وَادَّعَى بِمَا أَنَّنِي قَدْ اسْتَأْجَرْتُهَا قَبْلَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ فَالْأُجْرَةُ الَّتِي أَدَّيْتهَا مَحْسُوبَةٌ مِنْ الدَّيْنِ وَادَّعَى الْمُؤَجِّرُ دَافِعًا دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ أَجَرَهُ إيَّاهَا بَعْدَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ وَحَتَّى إنَّك أَقْرَرْت بِذَلِكَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْآجِرُ دَفْعَهُ هَذَا كَانَ مَسْمُوعًا. (النَّتِيجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْفَيْضِيَّةُ وَالْبَهْجَةُ) . وَإِذَا ادَّعَى قَائِلًا قَدْ أَقْرَرْت عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَحَرَّرْت عَلَى نَفْسِك حُجَّةً بِذَلِكَ وَأَبْرَزَ حُجَّةً مُطَابِقَةً لِتَقْرِيرِهِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ الْمُقِرِّ بِذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُدَّعِي حُصُولَ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ (الْبَهْجَةُ) . يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوْلِ الطَّرَفَيْنِ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي قِيلَ فِي الْمَادَّةِ (1589) مِنْ الْمَجَلَّةِ يُوجِبُ تَحْلِيفَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْكَذِبِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (الشَّارِحُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْبَائِعُ الْمَالَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعَ اسْتِغْلَالٍ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ سَقَطَ الدَّيْنُ بِمُقْتَضَى الْمَوَادِّ (399، 400، 401) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ بِطَرِيقِ الِاسْتِغْلَالِ مَنْزِلَهُ الْمِلْكِ الْمَبْنِيِّ عَلَى أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ وَاَلَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسُونَ جُنَيْهًا أَيْضًا وَبَعْدَ الْإِخْلَاءِ وَالتَّسْلِيمِ اسْتَأْجَرَهُ بِكَذَا قِرْشًا لِسَنَةٍ وَقَبَضَ فَحُرِقَ الْمَنْزِلُ كُلُّهُ سَقَطَ الدَّيْنُ كُلُّهُ (الْبَهْجَةُ) وَهَذَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِالْمِلْكِ.

الفصل الثاني في إجارة العروض

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي إجَارَةِ الْعُرُوضِ] (الْمَادَّةُ 534) يَجُوزُ إجَارَةُ الْأَلْبِسَةِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْخِيَامِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ مَعْلُومٍ. أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ إجَازَةُ الثِّيَابِ وَالْأَسْلِحَةِ وَالْخِيَامِ وَالْبَرْذعَةِ وَالرَّحْلِ وَاللَّبَبِ وَالْقِدْرِ لِأَجْلِ الطَّبْخِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَضْلًا عَنْ أَنَّ لَهَا مَنَافِعَ مَعْلُومَةً فَقَدْ اُعْتِيدَ إيجَارُهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 405) . مَثَلًا لَوْ أَجَرَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مِرْجَلًا مَمْلُوكًا لَهُ بِكَذَا قِرْشًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاسْتَلَمَهُ الشَّخْصُ وَاسْتَعْمَلَهُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي إيجَارِ الثِّيَابِ الشَّخْصَ الَّذِي يُرَادُ إلْبَاسُهُ إيَّاهَا أَوْ إذَا لَمْ يَحْصُلُ الْخِيَارُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي إلْبَاسِهَا لِمَنْ شَاءَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. وَلَكِنْ فَإِنْ لَبِسَ الثَّوْبَ وَطَبَخَ فِي الْقِدْرِ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَلِلْآجِرِ مَا سَمَّى اسْتِحْسَانًا وَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ لِأَجْلِ الْفَسَادِ ثُمَّ لَبِسَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، الدُّرَرُ) . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ فُسْطَاطًا أَوْ أَسْلِحَةً مِنْ آخَرَ وَضَرَبَهُ حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَاحْتَرَقَ مِنْ الشَّمْسِ أَوْ خَرِبَ مِنْ الثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ أَوْ صَارَ فِيهِ خُرُوقٌ مِنْ دُونِ عُنْفٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْلِحَةِ إذَا خَرِبَتْ وَهُوَ يَسْتَعْمِلُهَا كَالْعَادَةِ فِي دَرْءِ الْأَعْدَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنْهَا وَقَدْ جَاءَ فِي (الْهِنْدِيَّةِ) فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ لَوْ اسْتَأْجَرَ فُسْطَاطًا يَخْرُجُ بِهِ إلَى مَكَّةَ لِيَسْتَظِلَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لِعَدَمِ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِيهِ وَإِنْ أَسْرَجَ فِي الْخَيْمَةِ أَوْ فِي الْفُسْطَاطِ أَوْ الْقُبَّةِ أَوْ عَلَّقَ بِهِ قِنْدِيلًا فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّخَذَ فِيهِ مَطْبَخًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَا لَا يَصْنَعُ النَّاسُ عَادَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَدًّا لِذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِذَا أَوْقَدَ نَارًا فِي الْفُسْطَاطِ فَأَفْسَدَ الْفُسْطَاطَ أَوْ احْتَرَقَ الْفُسْطَاطُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَاوَزَ الْمُتَعَارَفَ فَهُوَ ضَامِنٌ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَفْسَدَهُ كُلَّهُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكُلِّ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَسَدَ بَعْضُهُ لَزِمَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إذَا كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِالْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَفْسُدْ شَيْءٌ مِنْهُ وَسَلِمَ وَكَانَ جَاوَزَ الْمُعْتَادَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ. الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الْفُسْطَاطِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ لَا يُوقِدَ فِيهِ وَلَا يُسْرِجَ فِيهِ

(المادة 535) استأجر أحد ثيابا على أن يذهب بها إلى محل ثم لم يذهب

فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ كَامِلًا إذَا سَلِمَ الْفُسْطَاطُ وَإِذَا انْقَطَعَتْ أَطْنَابُ الْفُسْطَاطِ وَكُسِرَ عَمُودُهُ وَأَصْبَحَ بِحَالِهِ لَا يُمْكِنُ الْمُسْتَأْجِرَ اسْتِعْمَالُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 518) أَمَّا إذَا انْكَسَرَتْ الْأَوْتَادُ فَلَا عِبْرَةَ لِأَنَّ الْأَوْتَادَ تَكُونُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً إلَّا إذَا كَانَتْ حَدِيدًا فَهِيَ كَالْعَمُودِ وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْصِبْهَا مَعَ الْإِمْكَانِ يَجِبُ الْأَجْرُ مِنْ الْمَحَلِّ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي مِقْدَارِ الْمُدَّةِ الَّتِي انْقَطَعَ فِيهَا الِانْتِفَاعُ مِنْ الْمَأْجُورِ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقَالَ الْمُؤَجِّرُ إنَّهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ انْقِطَاعَ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ فَيُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1776) فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اتَّخَذَ أَطْنَابًا أَوْ عَمُودًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَنَصَبَهُ حَتَّى رَجَعَ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ. وَوَصْفُ الْمُدَّةِ هُنَا (الْمَعْلُومَةُ) مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَوَادِّ (451 و 452) وَوَصْفُ الْبَدَلِ بِالْمَعْلُومِ مَبْنِيٌّ عَلَى حِدَةٍ. لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ بَرْذعَةً لِلرُّكُوبِ مُدَّةَ شَهْرٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا لِغَيْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (427) وَإِذَا فَعَلَ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86) الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ رَحْلًا لِنَقْلِ حِنْطَةٍ فَلَهُ أَنْ يَنْقُلَ عَلَيْهِ حِنْطَةَ غَيْرِهِ وَالْحُكْمُ فِي الجولق عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (426) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ)) . [ (الْمَادَّةُ 535) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ] (الْمَادَّةُ 535) لَوْ أَسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ وَلَبِسَهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَتِهَا. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ وَلَبِسَهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ لَمْ يَلْبَسْهَا وَتَلِفَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَيَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَتِهَا إذَا لَمْ تَتْلَفْ وَالْأُجْرَةُ فِي مُقَابِلِ اللُّبْسِ وَلَيْسَ فِي مُقَابِلِ الذَّهَابِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (470) الْهِنْدِيَّةُ. وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ دَابَّةً فَلَا تَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلٍ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (546) وَمَنْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَلْبَسَهَا فَلَهُ أَنْ يَلْبَسَهَا حَسَبَ الْعَادَةِ وَلَا يُسْأَلُ عَنْهَا إذَا فَسَدَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثِيَابًا لِيَلْبَسَهَا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ فِي الشَّهْرِ كَذَا قِرْشًا أُجْرَةً وَحَفِظَهَا فِي بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَلْبُوسَةٌ وَبَالِيَةٌ فَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلْمُدَّةِ الَّتِي مَضَتْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ، أَمَّا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَسْقُطُ (الْبَحْرُ) . وَحِكْمَةُ ذَلِكَ كَوْنُهَا تُعَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ مَعْدُومَةً وَكَيْفَ يَصِحُّ عَدُّ الْمَعْدُومِ مَوْجُودًا. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَلَبِسَهُ دَاخِلَهَا لَزِمَهُ أَدَاءُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى خَيْرٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 536) استأجر ثيابا على أن يلبسها بنفسه فليس له أن يلبسها غيره

أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ فِي بَيْتِهِ فَلَيْسَ لَهُ لُبْسَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ الثَّوْبُ ضَمِنَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلُزُومُ الْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّة فِي حَالِ وُجُودِ الثَّوْبِ أَمَّا إذَا فُقِدَ فَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِيَلْبَسَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَيَذْهَبَ بِهِ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَفُقِدَ الثَّوْبُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ عُثِرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 470) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي ضَيَاعِ الْوَقْتِ فَقَالَ الْمَالِكُ إنَّهُ لَمْ يُفْقَدْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّهُ فُقِدَ فَيُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ فَإِذَا كَانَ الثَّوْبُ فِي وَقْتِ الْخُصُومَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَالِكِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5) شَرْحًا وَمَتْنًا) وَهَذَا إذَا ضَاعَ ثُمَّ وُجِدَ. كَذَلِكَ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ الثَّوْبُ بَتَاتًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 536) اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَلْبَسَهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ] (الْمَادَّةُ 536) : مَنْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَلْبَسَهَا بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ. لَيْسَ لِأَحَدٍ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا لِيَلْبَسهَا أَوْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ بِإِعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ هُنَا مُفِيدٌ إذْ أَنَّ النَّاسَ تَتَفَاوَتُ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ فَلَيْسَ لُبْسُ الرَّجُلِ الَّذِي يَجْلِسُ إلَى مَكْتَبِهِ طُولَ النَّهَارِ كَلُبْسِ الْجَزَّارِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ 427. فِي اسْتِئْجَارِ الثِّيَابِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: الْأَوَّلُ: عَدَمُ تَعْيِينِ اللَّابِسِ أَيْ السُّكُوتُ عَنْ ذِكْرِهِ. كَقَوْلِك اسْتَأْجَرْت هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا قِرْشًا. الثَّانِي: تَعْيِينُ اللَّابِسِ. الثَّالِثُ: التَّعْمِيمُ فِي اللَّابِسِ. فَالْإِجَارَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَاسِدَةٌ أَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ فَصَحِيحَةٌ وَبِالْجُمْلَةِ تُذْكَرُ هُنَا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يَصِيرُ بَيَانُهَا فِي الشَّرْحِ أَيْضًا. وَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ اللَّابِسُ وَتَكُونُ الْجَهَالَةُ كَالْإِطْلَاقِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ أَوْ جِنْسَيْنِ لِلرُّكُوبِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا. وَإِذَا حَصَلَ التَّعْمِيمُ صَحَّ الْإِيجَارُ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ لِأَيٍّ كَانَ فِي صُورَةِ التَّعْمِيمِ يَكُونُ دَاخِلًا فِي ضِمْنِ مَا رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) . لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ ثِيَابًا عَلَى الْوَجْهِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ وَأَلْبَسَهَا خَادِمَهُ أَوْ إلَى أَيْ إنْسَانٍ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ ضَمِنَهَا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا إذَا طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُوجِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعَدٍّ مِنْهُ وَاغْتِصَابٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ إذَا لَمْ تَتْلَفْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 537) أحكام استئجار الحلي واستعمالها

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ) لِأَنَّهُ إذَا لَبِسَ خَادِمُ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّوْبَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بَلْ يَلْزَمُ الْخَادِمَ. كَذَلِكَ لَوْ أَسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثَوْبًا لِيُلْبِسَهُ إنْسَانًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْبِسَهُ غَيْرَهُ وَإِنْ فَعَلَ لَزِمَ الضَّمَانُ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا عَلَى أَنْ يُلْبِسَهَا مَنْ شَاءَ فَلَهُ أَنْ يَلْبَسَهَا هُوَ أَوْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64 مَتْنَهَا وَشَرْحَهَا) وَمَنْ لَبِسَهَا تَعَيَّنَ بِهِ الْمُرَادُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 552) (الْهِنْدِيَّةُ، وَالدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَتْ امْرَأَةٌ ثَوْبًا وَكَانَ صَحِيحًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْغُرُوبِ إذَا كَانَ مِنْ أَثْوَابِ التَّبَذُّلِ كَمَا أَنَّ لَهَا أَنْ تَنَامَ وَهِيَ لَابِسَةٌ إيَّاهُ لَيْلًا كَمَا تَلْبَسُهُ نَهَارًا أَمَّا إذَا كَانَ الثَّوْبُ لِلزِّينَةِ فِي الْأَعْرَاسِ مَثَلًا كَثِيَابِ الْعَرَائِسِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الزِّينَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا إلَى أَنْ تَنَامَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَلْبَسَهُ فِي مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنَامَ فِي النَّهَارِ وَهِيَ لَابِسَةٌ الثَّوْبَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُزَاوِلَ أَيَّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبَيْتِ كَالْغَسْلِ وَالطَّبْخِ وَهِيَ تَلْبَسُهُ. وَالْحَاصِلُ يَجِبُ أَنْ تُعْنَى بِهِ عِنَايَةً تَحْفَظُهُ مِنْ الْبَلَاءِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ لَبِسَتْهُ طُولَ اللَّيْلِ وَأَصْبَحَ بَالِيًا فَيَلْزَمُهَا ضَمَانٌ. وَاَلَّذِي يَلْبَسُهُ فِي حَالِ بَلَائِهِ عُدَّ غَاصِبًا فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ وَإِذَا لَمْ يَبْلَ فِي ذَلِكَ اللَّيْلِ وَانْخَرَقَ صَبَاحًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُهُ أَيْضًا. أَمَّا إذَا بَلِيَ الثَّوْبُ بِلُبْسِهِ فِي النَّهَارِ كَالْعَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَإِذَا بَلِيَ الثَّوْبُ بِالنَّوْمِ فِيهِ نَهَارًا لَزِمَ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 537) أَحْكَامُ اسْتِئْجَارِ الْحُلِيِّ وَاسْتِعْمَالِهَا] (الْمَادَّةُ 537) الْحُلِيُّ كَاللِّبَاسِ. أَحْكَامُ اسْتِئْجَارِ الْحُلِيِّ وَاسْتِعْمَالِهَا كَأَحْكَامِ اللِّبَاسِ الْمَارِّ الذِّكْرِ. وَهِيَ: أَوَّلًا - يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَلْمَاسِ وَاللُّؤْلُؤِ لِاسْتِعْمَالِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا لِتَتَزَيَّنَ بِهِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُزَيِّنَ غَيْرَهَا بِهِ، وَإِنْ فَعَلَتْ ضَمِنَتْ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْحُلِيِّ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَعَلَى ذَلِكَ فَالتَّقْيِيدُ فِي هَذَا مُفِيدٌ وَمُعْتَبَرٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ) . ثَانِيًا - إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حُلِيًّا لِلذَّهَابِ بِهِ إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ إنْ تَزَيَّنَ بِهِ فِي الْبَيْتِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَزَيَّنْ بِهِ مُطْلَقًا. ثَالِثًا - إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حُلِيًّا لِيَسْتَعْمِلَهُ هُوَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِيحَ اسْتِعْمَالَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ أَوَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا. رَابِعًا - إذَا اسْتَأْجَرَ حُلِيًّا عَلَى أَنْ يَضَعَهُ لِمَنْ شَاءَ فَلَهُ إذَا شَاءَ أَنْ يَضَعَهُ هُوَ أَوْ يَضَعَهُ لِغَيْرِهِ وَمَنْ تَزَيَّنَ بِهِ تَعَيَّنَ بِهِ الْمَقْصُودُ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَضَعَهُ لِغَيْرِهِ.

الفصل الثالث في إجارة الدواب

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ] الْمَادَّةُ 538) كَمَا يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَذَلِكَ يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ عَلَى الْمُكَارِي الْإِيصَالُ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ. يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لِلتَّحْمِيلِ أَوْ لِلرُّكُوبِ وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الدَّابَّةِ بِعَيْنِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ غَيْرَهَا وَلَوْ سُلِّمَتْ غَيْرُ الدَّابَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ كَذَلِكَ يَصِحُّ الِاشْتِرَاطُ عَلَى الْمُكَارِي الْإِيصَالَ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ. وَتَتَفَرَّعُ الصُّورَةُ الْأُولَى عَنْ الْمَادَّةِ (539) وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ تَتَفَرَّعُ عَنْ الْمَادَّةِ (540) (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ هُنَا كَلِمَةُ (الْإِيصَالِ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اشْتِرَاطِ إيصَالِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ إيصَالِ الْحِمْلِ وَلَيْسَ الْقَصْدُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُقَاوَلَةِ عَلَى الْإِيصَالِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا عَدَمَ تَعْيِينِ الدَّابَّةِ الْمُرَادِ الْإِيصَالُ عَلَيْهَا إذْ إنَّ اسْتِئْجَارَ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَيْسَ بِجَائِزٍ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ يَكُونُ مَجْهُولًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) . وَلَيْسَ لِلْآجِرِ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَمْتِعَتَهُ مَعَ أَمْتِعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَكِنْ إذَا حَمَّلَهَا وَبَلَغَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَنْقِيصُ شَيْءٍ مِنْ أُجْرَتِهِ (الْأَنْقِرْوِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ أَنَّ هَذَا لَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَادَّةِ (585) . الْمَعْقُودُ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ أَوْ تَحْمِيلِ الْمَتَاعِ مَثَلًا فِي نَظَرِ الشَّرْعِ وَالْعُقَلَاءِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (455) (الْأَنْقِرْوِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)) . [ (الْمَادَّةُ 539) اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَتَعِبَتْ فِي الطَّرِيقِ] (الْمَادَّةُ 539) لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَتَعِبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَالْمُسْتَأْجِرُ يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ انْتَظَرَهَا حَتَّى تَسْتَرِيحَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْإِجَارَةَ وَبِهَذِهِ الْحَالِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُعْطِيَ حِصَّةَ مَا أَصَابَ تِلْكَ الْمَسَافَةَ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِلْآجِرِ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ مُعَيَّنَةٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَتَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى السَّفَرِ

فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (443)) وَإِذَا تَعِبَتْ وَكَلَّتْ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (516) الْخِيَارُ إنْ شَاءَ انْتَظَرَ الدَّابَّةَ إلَى أَنْ تَسْتَرِيحَ وَتَسْتَطِيعَ أَنْ تَحْمِلَ مَا اُسْتُؤْجِرَتْ لِأَجْلِهِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْإِجَارَةَ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ لِصَاحِبِهَا إنْ كَانَ مَعَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ دَابَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَاقِعٌ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَغَيْرَهَا لَمْ تَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَهُ وَتَرَكَ الدَّابَّةَ حَيْثُ تَعِبَتْ فَتَلِفَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ إذَا كَانَتْ لَا تَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ وَالْحَرَكَةَ بِالْكُلِّيَّةِ (الْأَنْقِرْوِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ مِنْهُ ضَرُورَةً وَعُذْرًا؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الدَّابَّةِ أَنْ تَمْشِيَ مَا بَقِيَ فِيهَا رَمَقٌ مِنْ الْحَيَاةِ فَإِذَا عَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ تَمُوتُ فِي مَقَامِهَا. (جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى، نُقُولُ الْبَهْجَةِ) . وَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي إمْكَانِهَا الْمَشْيُ نَوْعًا مَا إلَى أَقْرَبِ مَكَان مَسْكُونٍ وَتَرَكَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَرَكَهَا فِيهِ (الْبَهْجَةُ) وَإِنْ بَاعَهَا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ وَأَخْذُ الْإِذْنِ فِي بَيْعِهَا مُمْكِنَةً؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ مُمْكِنَةً ضَمِنَ (التَّنْقِيحُ) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي التَّنْقِيحِ وَالْحَامِدِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَإِنْ بَاعَهَا وَأَخَذَ ثَمَنَهَا إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِبَيْعِهَا؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الدَّابَّةِ وَلَا فِي ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَطِيعُ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا؛ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْ إذَا تَعِبَتْ الدَّابَّةُ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ أَوْ هَلَكَتْ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ نَقْضُ الْإِجَارَةِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَدَاءَ نَصِيبِ الْمَسَافَةِ الَّتِي قَطَعَهَا بِالدَّابَّةِ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. يُنْظَرُ فِي تَقْسِيمِ الْبَدَلِ إلَى الطَّرِيقِ وَسُهُولَتِهَا فَضْلًا عَنْ الْمَسَافَةِ وَالِامْتِدَادِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ تَعِبَتْ الدَّابَّةُ فِي مُنْتَصَفِ الطَّرِيقِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُ نِصْفُ الْبَدَلِ الْمُسَمَّى بَلْ يُنْظَرُ إلَى وُعُورَةِ النِّصْفِ الَّذِي قُطِعَ وَسُهُولَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى النِّصْفِ الْبَاقِي وَعَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ يُقْسَمُ الْبَدَلُ؛ لِأَنَّ رُبَّ فَرْسَخٍ كِرَاؤُهُ خَمْسَةُ قُرُوشٍ وَرُبَّ فَرْسَخٍ كِرَاؤُهُ عَشَرَةُ قُرُوشٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) . وَإِذْ لَمْ يَفْسَخْ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ وَسَاقَ الدَّابَّةَ أَمَامَهُ دُونَ أَنْ يَرْكَبَهَا لَزِمَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى كُلُّهُ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ احْتِمَالِهَا الرُّكُوبَ مُطْلَقًا وَلِسَوْقِهَا إلَى صَاحِبِهَا وَإِيصَالِهَا إلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِتَحْمِلَ مَتَاعًا مَعْلُومًا وَمَرِضَتْ فَحَمَّلَهَا شَيْئًا دُونَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْأُجْرَةِ تَمَامًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَبِمَا أَنَّ الدَّابَّةَ فِي اسْتِكْرَائِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِإِيصَالِهِ حَمْلًا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَأَوْصَلَهُ الْمُكَارِي عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ اللِّيَاقَةِ عَدَمُ تَأْدِيَتِهَا. لَكِنْ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِنَقْلِ حِمْلٍ إلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ وَمَرِضَتْ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَحَمَلَ الْمُكَارِي الْحِمْلَ عَلَى دَابَّةٍ دُونَهَا وَأَوْصَلَهُ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُمْسِكَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ بِدَاعِي نُقْصَانِ أُجْرَةِ هَذِهِ عَنْ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهَا حِينَ التَّحْمِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 540) اشترط إيصال حمل معين إلى محل معين وتعبت الدابة في الطريق

لَيْسَ عَلَى الْمُكَارِي الذَّهَابُ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ أَنْ يُرْسِلَ رَجُلًا آخَرَ بَدَلًا عَنْهُ وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ بِتَسْلِيمِ الدَّابَّةِ الْمَأْجُورَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 540) اشْتَرَطَ إيصَالَ حِمْلٍ مُعَيَّنٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ فِي الطَّرِيقِ] (الْمَادَّةُ 540) لَوْ اشْتَرَطَ إيصَالَ حِمْلٍ مُعَيَّنٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ فِي الطَّرِيقِ فَالْمُكَارِي مَجْبُورٌ عَلَى تَحْمِيلِهِ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى وَإِيصَالِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ. لَوْ اشْتَرَطَ عَلَى مُكَارٍ إيصَالَ حِمْلٍ مُعَيَّنٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ أَوْ اُسْتُكْرِيَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لِإِيصَالِهِ وَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَيَكُونُ الْمُكَارِي مُجْبَرًا عَلَى تَحْمِيلِهِ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى وَإِيصَالِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ الدَّابَّةَ بَلْ نَقْلَ الْمَتَاعِ (اُنْظُرْ مَتْنَ الْمَادَّةِ (538) وَشَرْحَهَا) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 541) اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ مِنْ دُونِ تَعْيِينٍ] (الْمَادَّةُ 541) لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ مِنْ دُونِ تَعْيِينٍ وَلَكِنْ إنْ عُيِّنَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ يَجُوزُ أَيْضًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ مِنْ نَوْعٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ بِلَا تَعْيِينٍ يَجُوزُ وَيُصْرَفُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ الْمُطْلَقِ مَثَلًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ مِنْ الْمُكَارِي إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ يَلْزَمُ الْمُكَارِيَ إيصَالُ الْمُسْتَأْجِرِ بِدَابَّةٍ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ. لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ دَابَّةٍ مِنْ دُونِ تَعْيِينٍ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ بِمَا أَنَّ الدَّوَابَّ تَخْتَلِفُ مَنَافِعُهَا فَيَكُونُ الْجَهْلُ بِهَا مُؤَدِّيًا إلَى النِّزَاعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (538) وَالْمَادَّةَ (451)) لَكِنْ إذَا عُيِّنَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالدَّابَّةِ الَّتِي صَارَ تَعْيِينُهَا؛ جَازَ وَانْقَلَبَتْ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24)) . وَلَيْسَ قَوْلُهُ (الدَّابَّةَ) قَيْدٌ أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ غَيْرِ الدَّوَابِّ إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ عَيْنٍ مَا بِدُونِ تَعْيِينٍ وَلَكِنْ إذَا عُيِّنَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبِلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ؛ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ) . وَأَيْضًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ مِنْ نَوْعٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ بِلَا تَعْيِينٍ أَيْ إذَا تَعَهَّدَ الْمُكَارِي بِحَمْلِ الْحِمْلِ جَازَ وَصُرِفَ الْحِمْلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ الْمُطْلَقِ، وَالشَّيْءُ الَّذِي يُتَعَهَّدُ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ هُوَ النَّقْلُ وَالْحَمْلُ الْخَاصُّ. مَثَلًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ فَرَسٌ مِنْ الْمُكَارِي إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْمُتَعَارَفُ؛ كَانَتْ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً وَيَلْزَمُ الْمُكَارِي إيصَالُ الْمُسْتَأْجِرِ بِفَرَسٍ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَتْ شَيْئًا سِوَى فِقْرَةٍ (إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (538) وَلَا تُفِيدُ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَاهَا وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ ذِكْرِهَا هُنَا.

(المادة 542) لا يكفي في الإجارة تعيين اسم الخطة والمسافة فقط

وَقَدْ أُرِيدَ بِقَيْدِ (عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ) عَدَمُ صِحَّةِ اشْتِرَاطِ مَا يُخَالِفُ الْمُتَعَارَفَ الْمُعْتَادَ فِي هَذَا الْخُصُوصِ (الْبَزَّازِيَّةُ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 542) لَا يَكْفِي فِي الْإِجَارَةِ تَعْيِينُ اسْمِ الْخُطَّةِ وَالْمَسَافَةِ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 542) لَا يَكْفِي فِي الْإِجَارَةِ تَعْيِينُ اسْمِ الْخُطَّةِ وَالْمَسَافَةِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْخُطَّةِ عَلَمًا مُتَعَارَفًا لِبَلْدَةٍ مَثَلًا. لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى بُوسْنَةَ أَوْ إلَى الْعِرَاقِ لَا يَصِحُّ إذْ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُذْهَبُ إلَيْهَا وَلَكِنَّ لَفْظَ الشَّامِ مَعَ كَوْنِهِ اسْمَ قِطْعَةٍ قَدْ تُعُورِفَ إطْلَاقُهُ عَلَى بَلْدَةِ دِمَشْقَ فَلِهَذَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى الشَّامِ صَحَّ. أَيْ لَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ تَعْيِينُ اسْمِ الْخُطَّةِ وَالْمَسَافَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى عِدَّةِ مُدُنٍ وَقُرَى فَقَطْ، وَيَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ وَتَخْصِيصِهِ، وَمَا لَمْ يُعَيَّنْ وَيُخَصَّصْ؛ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْخُطَّةِ عَلَمًا مُتَعَارَفًا لِبَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَتُصْرَفُ إلَى الْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِذَلِكَ الِاسْمِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45)) . مَثَلًا: لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى بُوسْنَةَ أَوْ إلَى الْعِرَاقِ أَوْ إلَى الْيَمَنِ أَوْ بِلَادِ خَوَارِزْم أَوْ إلَى خُرَاسَانَ وَحُدِّدَتْ الْمَسَافَةُ لَا يَصِحُّ إذْ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُرَادُ الذَّهَابُ إلَيْهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (451) . وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُ مِثَالٌ لِلْفَقَرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا فَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ. وَلَكِنَّ لَفْظَ الشَّامِ مَعَ كَوْنِهِ اسْمَ قِطْعَةٍ قَدْ تُعُورِفَ إطْلَاقُهُ عَلَى بَلْدَةِ دِمَشْقَ فَلِهَذَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى الشَّامِ صَحَّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ تُعَيَّنْ سِوَى مَسَافَةِ الْخُطَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَقَطْ فَسَدَتْ وَعَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَقْرَبِ مَحَلٍّ فِي تِلْكَ الْخُطَّةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي هَذَا بِمَا أَنَّهُ كُلُّ مَوْضِعٍ فِي تِلْكَ الْخُطَّةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَقْرَبِ مَكَان مِنْهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ غَيْرُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: [ (الْمَادَّةُ 543) اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى مَكَان وَكَانَ يُطْلَقُ اسْمُهُ عَلَى بَلْدَتَيْنِ] (الْمَادَّةُ 543) لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى مَكَانٍ وَكَانَ يُطْلَقُ اسْمُهُ عَلَى بَلْدَتَيْنِ فَأَيَّتُهُمَا قُصِدَتْ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ، مَثَلًا: لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ مِنْ إسْلَامْبُولْ إلَى جكمجه وَلَمْ يُصَرَّحْ هَلْ إلَى كُبْرَاهُمَا أَوْ إلَى صُغْرَاهُمَا فَأَيَّتُهُمَا قُصِدَتْ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِنِسْبَةِ مَسَافَتِهِمَا. لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى مَكَانٍ وَكَانَ يُطْلَقُ اسْمُهُ عَلَى مَكَانَيْنِ أَوْ بَلْدَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يُصَرَّحْ بِأَحَدِهَا وَلَمْ يُعَيَّنْ فَبِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ تَكُونُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَاسِدَةً فَأَيَّتُهُمَا قَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا الْمِثْلِيَّةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (451 وَ 462)) .

(المادة 544) استكريت دابة إلى بلدة للركوب أو الحمل

مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً مِنْ إسْتَانْبُولَ إلَى (جكمجه) بِكَذَا غرشا وَبِمَا أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى بَلْدَتَيْنِ قُرْبِ إسْتَانْبُولَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُسْتَأْجِرُ أَيَّتَهُمَا أَرَادَ، الْكُبْرَى أَمْ الصُّغْرَى وَالْإِجَارَةُ هَذِهِ بِمُقْتَضَى الْمَوَادِّ (451 وَ 453 وَ 460) تَكُونُ فَاسِدَةً فَإِلَى أَيَّتِهِمَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ؛ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا الْمِثْلِيَّةُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَسَادُ الْإِجَارَةِ نَاشِئًا عَنْ الْجَهْلِ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (462) وَكَانَ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ وُجُودِ بَعْضِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ الْأُخْرَى يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى (جكمجه الصُّغْرَى) ؛ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِيمَا لَوْ ذَهَبَ إلَى (جكمجه الْكُبْرَى) أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 544) اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ إلَى بَلْدَةٍ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ] (الْمَادَّةُ 544) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ إلَى بَلْدَةٍ لِلرُّكُوبِ أَوْ الْحَمْلِ يَلْزَمُ اسْتِحْسَانًا إرْكَابُ الْمُسَافِرِ أَوْ تَحْمِيلُ الْحِمْلِ مِنْ دَارِهِ وَإِيصَالِهِ إلَى النُّزُلِ أَوْ الدَّارِ الَّتِي يُرِيدُ النُّزُولَ فِيهَا فِي الْبَلَدِ الْمَقْصُودِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّة) . وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّنِي أَخْطَأْتُ فَقُلْتُ بَدَلًا مِنْ قَوْلِي دَارِي هَذِهِ عَنْ دَارٍ أُخْرَى؛ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَلَامِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُكَارِي نَقْلُهُ مَرَّةً أُخْرَى إلَى دَارِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَعَلَى الْمُكَارِي أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الدَّابَّةَ إلَى بَابِ بَيْتِهِ وَقْتَ الرُّكُوبِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهَا إلَى بَابِ دَارِهِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي وَقْتِ الرُّجُوعِ أَيْضًا. مُسْتَثْنًى: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً مِنْ مَكَانِهَا لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ وَيَعُودَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا رَاكِبًا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَصِلَ بِهَا إلَى دَارِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 545) اسْتَكْرَى دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ] (الْمَادَّةُ 545) مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِدُونِ إذْنِ الْمُكَارِي فَإِذَا تَجَاوَزَ فَالدَّابَّةُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا سَالِمَةً وَإِنْ تَلِفَتْ فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَهَا لِيَصِلَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَقَطْ أَوْ لِيَصِلَ إلَيْهِ وَيَعُودَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُكَارِي؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ عُقِدَتْ عَلَى مَنْفَعَةِ الذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ لَيْسَ إلَّا. وَإِذَا تَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُكَارِي سَوَاءٌ تَجَاوَزَهُ رَاكِبًا الدَّابَّةَ أَوْ غَيْرَ رَاكِبِهَا عُدَّ غَاصِبًا وَأَصْبَحَتْ الدَّابَّةُ فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا سَالِمَةً إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ مَعَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِلْمَسَافَةِ الَّتِي تَجَاوَزَهَا (اُنْظُرْ مَتْنَ الْمَادَّةِ " 86 " وَشَرْحَهَا " رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ ") وَالرُّجُوعُ بِهَا سَالِمَةً بَعْدَ تَجَاوُزِ الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ لَا يُنَجِّي الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الضَّمَانِ.

اخْتِلَافٌ لِلْفُقَهَاءِ: قَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّابَّةُ لِلذَّهَابِ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ دُونَ أَنْ تُسْتَأْجَرَ لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مَعًا. وَعَلَى هَذَا فَسَبَبُ الضَّمَانِ هُوَ انْتِهَاءُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ بِالْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ الْمَقْصُودِ وَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا تَجَاوَزَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ وَعَادَ مِنْهُ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى نَائِبِ الْآجِرِ قَدْ رَدَّهَا إلَيْهِ، أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَبَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ إلَيْهِ تَجَاوَزَهُ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِرُجُوعِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ يَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُودَعًا مَعْنًى فَهُوَ نَائِبُ الْمَالِكِ وَالرَّدُّ إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ رَدٌّ إلَى الْمَالِكِ مَعْنًى فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ (الْهِدَايَةُ، الْعِنَايَةُ) . أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَقَدْ قَالُوا بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ الدَّابَّةُ لِلذَّهَابِ فَقَطْ أَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلذَّهَابِ وَالْإِيَابِ مَعًا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُودَعَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مَقْصُودًا فَبَقِيَ الْأَمْرُ بِالْحِفْظِ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ فَحَصَلَ الرَّدُّ إلَى يَدِ نَائِبِ الْمَالِكِ أَيْ الْمُودَعِ نَفْسِهِ. وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ لَا مَقْصُودًا فَإِذَا انْقَطَعَ الِاسْتِعْمَالُ لَمْ يَبْقَ هُوَ نَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَهَذَا أَصَحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) . قَوْلُهُ وَفِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ يَصِيرُ الْحِفْظُ مَأْمُورًا بِهِ تَبَعًا لِلِاسْتِعْمَالِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْمَالِكَ مَا أَمَرَ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمُسْتَعِيرَ بِالْحِفْظِ قَصْدًا أَوْ نَصًّا، وَإِنَّمَا أَمَرَهُمَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَالِانْتِفَاعِ فَكَانَ لَهُمَا وِلَايَةُ الْحِفْظِ ضَرُورَةَ الِانْتِفَاعِ فَإِذَا جَاوَزَ الْحِيرَةَ أَيْ الْمَحَلَّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ صَارَ غَاصِبًا لِلدَّابَّةِ وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ. وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ عَلَى مَنْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَمْ يُوجَدْ. فَإِنْ قِيلَ: لَا كَذَلِكَ فَإِنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الرَّدُّ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ قُلْنَا نَزِيدُ فِي الْمَأْخُوذِ أَوْ عَلَى مَنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ فَسَبَبُ الضَّمَانِ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ. وَقَدْ طَعَنَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ: يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ كَيْدِ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا لَحِقَهُ عَلَى الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَبِدَلِيلِ أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ فِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْعَارِيَّةِ وَلَكِنَّا نَقُولُ: رُجُوعُهُ بِالضَّمَانِ لِلْغُرُورِ الْمُتَمَكِّنِ بِسَبَبِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِيَدِ نَفْسِهِ كَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ بِضَمَانِ الْغُرُورِ وَكَذَلِكَ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِالنَّقْلِ فَأَمَّا يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ فَهِيَ يَدُ نَفْسِهِ (كِفَايَةٌ) . غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي الْمَجَلَّةِ شَيْءٌ صَرِيحٌ فِي اخْتِيَارُ أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ مَرَّ تَفْصِيلُهُمَا إلَّا أَنَّ مَجِيءَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى قَبُولِهَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ. وَقَدْ مَرَّ بِنَا أَنَّ صَاحِبَيْ الْهِدَايَةِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَدْ قَالَا بِأَصَحِّيَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي. أَمَّا إذَا لَمْ تَهْلَكْ الدَّابَّةُ وَسُلِّمَتْ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لِلْآجِرِ طَلَبُ زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596)) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ يَبْعُدُ مَسَافَةَ سِتِّ سَاعَاتٍ فَجَاوَزَ بِهَا ذَلِكَ الْمَحَلَّ مِقْدَارَ سَاعَتَيْنِ أَيْ إذَا ذَهَبَ إلَى مَكَان يَبْعُدُ ثَمَانِ سَاعَاتٍ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَيُعَدُّ غَاصِبًا

(المادة 546) من استكري دابة إلى محل معين فليس له أن يذهب بها إلى محل آخر

فِي السَّاعَتَيْنِ الزَّائِدَتَيْنِ (الْفَيْضِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّة) . وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لَيُحَمِّلَهَا حِنْطَةً مِنْ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَحَمَّلَهَا مِلْحًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا فَتَلِفَتْ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ؛ كَانَ ضَامِنًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 546) مَنْ اُسْتُكْرِيَ دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 546) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَذْهَبَ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ ذَهَبَ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ. مَثَلًا: لَوْ ذَهَبَ إلَى (أَسْلَمِيَّة) بِالدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَكْرَاهَا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى تكفور طَاغٍ وَعَطِبَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَالْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرٌ عَلَى الذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا فِي دَارِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ قَرِيبًا مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ غَصْبًا مِنْهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُخَالِفًا لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ إلَى الْمَكَانِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا؛ لِأَنَّ رُبَّ طَرِيقٍ يُفْسِدُ الدَّابَّةَ السَّيْرُ فِيهَا يَوْمًا لِصُعُوبَتِهَا وَطَرِيقٍ لَا يُفْسِدُ الدَّابَّةَ السَّيْرُ فِيهَا شَهْرًا لِسُهُولَتِهَا فَاخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ فَاسْتَوْفَى جِنْسًا آخَرَ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ (الشَّلَبِيُّ، الطُّورِيُّ) . وَسَوَاءٌ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ أَوْ لَمْ تَهْلَكْ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (596) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (86) الشِّبْلِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلذَّهَابِ إلَى تكفور طَاغٍ وَذَهَبَ إلَى أَسْلَمِيَّة أَوْ إلَى كوجك جكمجه وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ؛ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ الضَّمَانُ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ غَصْبِ الْمَنَافِعِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَكَانٍ مُجَاوِرٍ لِلْمَدِينَةِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ ذَهَبَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ دَاخِلِ الْمَدِينَةِ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ بَلْ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ فِي بَيْتِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ؛ لَزِمَهُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ وَرَدَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَرْكَبْهَا وَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ لَزِمَهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِلْأَيَّامِ الزَّائِدَةِ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْهِنْدِيَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (535) بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي اسْتِئْجَارِ الثِّيَابِ وَلَكِنْ بِنَاءً عَلَى بَيَانِ الْعِمَادِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ الدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، الْبَحْرُ) إذْ إنَّ بَقَاءَ الدَّابَّةِ فِي الْإِصْطَبْلِ مُدَّةً بِدُونِ حَرَكَةٍ مِمَّا يَضُرُّ بِهَا بِخِلَافِ عَدَمِ اسْتِعْمَالِ الثِّيَابِ فَلَيْسَ مِمَّا يَضُرُّ بِالثِّيَابِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ بَيَانَ الْهِنْدِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ فَالْأَنْسَبُ الْعَمَلُ بِمُوجَبِهِ.

(المادة 547) استؤجر حيوان إلى محل معين وكانت طرقه متعددة

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً إلَى مَحَلٍّ بِعِشْرِينَ قِرْشًا لِيَذْهَبَ بِهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ وَيَعُودَ مِنْهُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ فَإِذَا لَمْ يَعُدْ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ؛ لَزِمَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَبِمَا أَنَّهُ يُعَدُّ مُخَالِفًا بِعَدَمِ مَجِيئِهِ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ الثَّانِي بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (596) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ بِذَلِكَ غَاصِبًا. " الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ ". وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ إذْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هَذَا الْيَوْمَ إلَى مَكَانٍ دَاخِلِ الْمَدِينَةِ فَخَرَجَ بِهَا إلَى مَكَانٍ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَنُقِلَتْ الدَّابَّةُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ إلَى دَاخِلِ الْمَدِينَةِ أَصْبَحَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ هَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (545) أَمْ أَنَّهُ مُطْلَقٌ؟ فَهَذَا أَمْرٌ يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي وَالتَّحْقِيقِ. [ (الْمَادَّةُ 547) اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً] (الْمَادَّةُ 547) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَذْهَبَ فِي أَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ وَلَوْ ذَهَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّرِيقُ أَصْعَبَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَسْهَلَ فَلَا. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ طُرُقُهُ مُتَعَدِّدَةً فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: أَوَّلًا: أَلَّا يَكُونَ صَاحِبُهُ قَدْ عَيَّنَ الطَّرِيقَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَسْلُكَ أَيَّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِمَسِيرِهِ فِي إحْدَى الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91)) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي عُيِّنَ وَقْتَ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ. ثَانِيًا - إذَا عَيَّنَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ طَرِيقًا مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَعَدِّدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَسَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ طَرِيقًا غَيْرَ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الطُّرُقُ مُتَفَاوِتَةً أَيْ كَأَنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ، أَوْ أَوْعَرَ أَوْ أَخْوَفَ؛ فَفِي هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ يَكُونُ تَعْيِينُ الطَّرِيقِ صَحِيحًا وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا بِمُخَالَفَتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الطَّرِيقِ فِيهَا مُفِيدٌ. أَمَّا إذَا لَمْ تَتْلَفْ الدَّابَّةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ وَبَلَغَتْ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ سَالِمَةً فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فَقَطْ (الْعَيْنِيُّ، وَالْبَزَّازِيَّة وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جِنْسُ الطُّرُقِ وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَظْهَرُ حُكْمُ الْمُخَالَفَةِ بِظُهُورِ أَثَرِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهَا أَلَا وَهُوَ هَلَاكُ الدَّابَّةِ وَمَتَى سَلِمَتْ الدَّابَّةُ وَسُلِّمَتْ إلَى صَاحِبِهَا لَا عَيْبَ فِيهَا؛ لَمْ يَكُنْ التَّفَاوُتُ بَيْنَهَا حَقِيقِيًّا بَلْ صُورِيًّا فَقَطْ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. سُؤَالٌ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ إذَا سَلِمَ يَجِبُ الْأَجْرُ وَبَيْنَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبِ مُعَيَّنٍ فَإِنْ رَكِبَ غَيْرَهُ وَسَلِمَتْ حَيْثُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ؟ .

(المادة 548) ليس للمستأجر استعمال دابة أزيد من المدة التي عينها

الْجَوَابُ - قُلْتُ: الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَا وَافَقَ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُصُولُ الْمَتَاعِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَهُنَاكَ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رُكُوبُ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الطُّورِيِّ كَمَا يَلِي: فَإِذَا خَالَفَ حِينَئِذٍ فَقَدْ تَعَدَّى فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ هَلَكَ، وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ وَبَلَغَ؛ فَلَهُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ وَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الضَّمَانِ وَالْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَتَيْنِ وَنَظِيرُهُ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ إذَا آجَرَ نَفْسَهُ فَإِنْ تَلِفَ فِي الْعَمَلِ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الضَّمَانُ وَإِنْ سَلِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ. ثَالِثًا - كَوْنُ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مُسَاوِيًا أَوْ أَسْهَلَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ فَبِمَا أَنَّ التَّعْيِينَ هُنَا لَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ فِيمَا إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَيْسَ قَوْلُهُ هُنَا " الدَّابَّةُ " احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ الدَّوَابِّ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَمَّالًا لِنَقْلِ أَمْتِعَتِهِ إلَى مَكَان وَكَانَ لِهَذَا الْمَحَلِّ عِدَّةُ طُرُقٍ تُؤَدِّي إلَيْهِ فَلِلْحَمَّالِ أَنْ يَسْلُكَ أَيَّ الطُّرُقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا النَّاسُ عَادَةً وَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَ الْحِمْلُ أَمَّا إذَا عَيَّنَ لَهُ صَاحِبُ الْحِمْلِ طَرِيقًا مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الْمُتَعَدِّدَةِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَهَا وَإِنْ سَلَكَ غَيْرَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا تَلِفَ وَكَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ أَبْعَدَ أَوْ أَصْعَبَ أَوْ أَخْوَفَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْمَالِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَهْوَنَ مِنْهُ فَلَا يُفْسِدُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْحِمْلُ وَسَلَّمَهُ وَأَوْصَلَهُ الْحَمَّالُ إلَى الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ سَالِمًا فَلَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى عَلَى كُلِّ حَالٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 548) لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ دَابَّةٍ أَزْيَدَ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا] (الْمَادَّةُ 548) لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ دَابَّةٍ أَزْيَدَ مِنْ الْمُدَّةِ الَّتِي عَيَّنَهَا وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ. لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ مُدَّةً أَزْيَدَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّ اسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَمَتَى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِتَخْوِيلِ هَذَا وَالِاسْتِعْمَالُ الَّذِي يَقَعُ بَعْدَئِذٍ يَكُونُ بِلَا إذْنٍ. وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي بَعْضُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ: أَوَّلًا: لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِمُدَّةٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا مُدَّةً أَزْيَدَ مِنْ تِلْكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْقَضِي بِانْقِضَائِهَا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَذْهَبَ بِهَا مِنْ هُنَا الْيَوْمَ إلَى إحْدَى الْقُرَى وَيَعُودَ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ نَفْسِهِ فَذَهَبَ بِهَا إلَى الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَعَادَ مِنْهَا فِي صَبَاحِ الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ بِمُقْتَضَى

(المادة 549) استكراء دابة على أن يركبها المستأجر من شاء

حُكْمِ الْإِجَارَةِ غَيْرُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (654) وَإِذَا اسْتَعْمَلَهَا زِيَادَةً عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ غَصْبٌ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعْمَلَ فِيهَا الْمَأْجُورَ زِيَادَةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَتْلَفَ الْمَأْجُورَ أَوْ لَمْ يُتْلِفْ فَعَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي حَالِ التَّلَفِ لِكَوْنِ الْأُجْرَةِ وَالضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فِي حَالِ عَدَمِ التَّلَفِ لِكَوْنِ الْمَنَافِعِ لَا تُضْمَنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86)) وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (596) (الْأَنْقِرْوِيّ بِزِيَادَةٍ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّتَيْنِ (591 وَ 592) . ثَانِيًا: إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِفَلْحِ ثَمَانِيَةِ دُونَمَاتٍ مِنْ مَزْرَعَةٍ فِي الْيَوْمِ وَفَلَحَ عَلَيْهِ اثْنَيْ عَشَرَ دُونَمًا وَهَلَكَ الثَّوْرُ؛ لَزِمَتْهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . ثَالِثًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثَوْرًا لِطَحْنِ عَشْرِ كَيْلَاتٍ حِنْطَةٍ فَطَحَنَ عَلَيْهِ إحْدَى عَشَرَةَ كَيْلَةً فَتَلِفَ الثَّوْرُ عِنْدَ خِتَامِ الْكَيْلَةِ الْعَاشِرَةِ وَهُوَ يَطْحَنُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشَرَةً انْتَهَى الْعَقْدُ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي طَحْنِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مُخَالِفٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مُخَالَفَةِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (559) ؛ لِأَنَّ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَبَعْضُ الْحِمْلِ قَدْ أُذِنَ بِحَمْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ أَمَّا الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ بِحَمْلِهِ فَيَضْمَنُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 549) اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ] (الْمَادَّةُ 549) كَمَا يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ كَذَلِكَ يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ أَيْضًا. أَيْ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ بِالتَّخْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَذَلِكَ يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ أَيْضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 453) . وَفِيمَا يَلِي إيضَاحٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ: لِاسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: (1) . أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَابَّةً بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيٍّ اُسْتُؤْجِرَتْ. (2) أَوْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا لِلرُّكُوبِ مُطْلَقًا. (3) أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا لِرُكُوبِ فُلَانٍ. (4) أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي إرْكَابِهَا مَنْ شَاءَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ. فَالْإِجَارَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ مُخْتَلِفٌ اخْتِلَافًا فَاحِشًا (الطُّورِيُّ) فَصَارَ الرُّكُوبَانِ مِنْ شَخْصَيْنِ كَالْجِنْسَيْنِ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ (شَلَبَيّ) كَمَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (553) .

(المادة 550) الدابة التي استكريت للركوب لا تحمل

وَهِيَ فِي الصُّورَةِ. الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ صَحِيحَةٌ وَالْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَيَانُ جَوَازِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ. فَإِذَا قَالَ: تُرْكِبُ مَنْ شِئْتَ؛ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّنَا إنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ صِحَّتِهِ لَمَّا لَحِقَ الْمَالِكَ الضَّرَرُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي بَعْضِ الرُّكُوبِ فَإِذَا رَضِيَ بِهِ؛ صَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا فَجَازَ كَمَا فِي الْأَرْضِ إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا شَاءَ ثُمَّ إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فِي إطْلَاقِ الرُّكُوبِ وَاسْتَعْمَلَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ تَعَيَّنَ أَوَّلُ رَاكِبٍ وَكَذَا فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ (الشَّلَبِيُّ) . أَمَّا حُكْمُ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (551) ، وَالصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فِي الْمَادَّةِ (552) (الْهِنْدِيَّةُ ورَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ جَاءَ جَمْعُ بَيَانِ الْجَوَازِ وَبَيَانِ الْحُكْمِ فِي مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ مُنَاسِبًا. [ (الْمَادَّةُ 550) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ لِلرُّكُوبِ لَا تُحَمَّلُ] (الْمَادَّةُ 550) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ لِلرُّكُوبِ لَا تُحَمَّلُ وَإِنْ حُمِّلَتْ وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَبِهَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ لِلرُّكُوبِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحِمْلُ بِثِقَلِ الرَّاكِبِ أَوْ أَزِيدَ أَوْ أَقَلَّ وَحَتَّى لَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا صَبِيًّا صَغِيرًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ ضَامِنًا قِيمَتَهَا كَمَا لَوْ حَمَلَ مَكَانَ الصَّبِيِّ حِمْلًا آخَرَ (الْخَانِيَّةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى (كوجك جكمجه) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلًا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَإِذَا حَمَّلَهَا وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ. وَلَكِنْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَيْ إذَا حُمِّلَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ لِلرُّكُوبِ. لَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ أَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ أَوْ لَمْ تَعْطَبْ (" اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 85 " وَالْمَادَّةَ " 596 ") . أَمَّا الدَّابَّةُ الَّتِي تُسْتَكْرَى لِلْحَمْلِ فَيُمْكِنُ رُكُوبُهَا كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (558) . وَمَتَى اُسْتُعْمِلَتْ الدَّابَّةُ لِلرُّكُوبِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْجَوَازِ؛ فَلَا يَجُوزُ تَحْمِيلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيّ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (426) . لِاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ الَّتِي تُسْتَكْرَى لِلرُّكُوبِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - لِلرُّكُوبِ وَهَذَا جَائِزٌ. 2 - لِلتَّحْمِيلِ. 3 - الْجَمْعُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالتَّحْمِيلِ. أَمَّا الثَّانِي فَغَيْرُ جَائِزٍ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِهِ. أَمَّا الثَّالِثُ فَمَمْنُوعٌ وَسَيَصِيرُ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً يَوْمًا وَاحِدًا لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا مِنْ مَحَلٍّ حِنْطَةً إلَى دَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ مِنْ دَارِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِيَعُودَ بِهَا إلَيْهِ لَيُحَمِّلَهَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَادًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ إذَا رَكِبَهَا وَتَلِفَتْ ضَمِنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ، وَالْبَزَّازِيَّة وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 551) الدابة التي استكريت على أن يركبها فلان لا يصح إركابها غيره

[ (الْمَادَّةُ 551) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ لَا يَصِحُّ إرْكَابُهَا غَيْرَهُ] الْمَادَّةُ 551) الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ لَا يَصِحُّ إرْكَابُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ صَارَ إرْكَابُهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (549) لَا يَصِحُّ: (1) إرْكَابُهَا غَيْرَهُ. (2) إعَارَتُهَا لِآخَرَ. (3) إيدَاعُهَا عِنْدَ آخَرَ. (4) إرْدَافُ آخَرَ. مِثَالٌ لِلْإِرْكَابِ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا آخَرَ وَلَوْ كَانَ وَلَدًا صَغِيرًا أَخَفَّ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الرُّكُوبِ فَصَحَّ التَّعَيُّنُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ (الْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبهَا فُلَانًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَهَا غَيْرَهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 427) أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِمْلًا لَهُ فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلًا آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (426) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَوْ أَعَارَهَا لِآخَرَ أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّقَيُّدَ مُفِيدٌ لِلْمُؤَجِّرِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ أَيْ فِي الْعِلْمِ بِالرُّكُوبِ فَرُبَّ خَفِيفٍ يَكُونُ رُكُوبُهُ أَضَرُّ عَلَى الدَّابَّةِ لِجَهْلِهِ وَرُبَّ ثَقِيلٍ لَا يَضُرُّ رُكُوبُهُ بِالدَّابَّةِ لِعِلْمِهِ فَيُعْتَبَرُ فَإِذَا خَالَفَ صَارَ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ (الزَّيْلَعِيّ، وَالشَّلَبِيّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ وَبَعْدَ أَنْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَنْزَلَهُ عَنْهَا وَرَكِبَهَا فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَال يُعَدُّ غَاصِبًا وَمُتَعَدِّيًا وَلَا يَخْلُصُ مِنْ حُكْمِ الْغَصْبِ إلَّا بِرَدِّ الدَّابَّةِ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ إذَا أَرْكَبَ شَخْصًا الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا هُوَ أَوْ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ، وَلَكِنْ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ سَوَاءٌ أَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ أَمْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86)) مَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (596) (عَبْدُ الْحَلِيمِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ، وَالشَّلَبِيّ) . وَفِي الْحَانُوتِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْعِدَ فِيهِ الْقَصَّارَ وَالْحَدَّادَ وَالطَّحَّانَ وَلَوْ أَقْعَدَهُ صَارَ مُخَالِفًا وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إذَا عَطِبَتْ وَإِنْ سَلِمَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلِمَتْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوهِنُ الدَّارَ وَلَا يُشْبِهُ الدَّابَّةَ وَالثَّوْبَ (شَلَبِيّ) . مِثَالٌ لِلْإِيدَاعِ: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا هُوَ وَسَلَّمَهَا لِأَجِيرِهِ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا فَعَطِبَتْ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِنَفْسِهِ فَأَرْكَبَهَا آخَرَ وَجَعَلَ نَفْسَهُ رَدِيفًا أَيْ رَكِبَ خَلْفَهُ عَلَى الدَّابَّةِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا عَلَى قَوْلٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ مَعًا أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَصْبَحَ غَاصِبًا بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الدَّابَّةِ وَجَعْلِهِ إيَّاهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَيَضْمَنُ النِّصْفَ فَقَطْ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ

رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَالَ الْحَدَّادِيُّ لَوْ جَعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْسَهُ رَدِيفًا وَغَيْرَهُ أَصْلًا؛ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ يَعْنِي ضَمِنَ النِّصْفَ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) . تَوْضِيحٌ لِلْإِرْدَافِ: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ وَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ آخَرَ خَلْفَهُ فَقَوِيَتْ الدَّابَّةُ عَلَى حَمْلِهِمَا وَلَمْ تُصَبْ بِأَذًى فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ فِي مُقَابِلِ إرْدَافِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ، لَكِنْ إذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْإِرْدَافِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَجُلًا أَوْ كَانَ صَبِيَّا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَيَسُوقَهَا بِنَفْسِهِ؛ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ أَرْدَفَهُ كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا (الطُّورِيُّ) . وَهُنَا لَا يُنْظَرُ إلَى ثِقَلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَدِيفِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى أَنَّ رُكُوبَ أَحَدِهِمَا قَدْ أُذِنَ فِيهِ وَرُكُوبَ الْآخَرِ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ وَبِذَلِكَ يَلْزَمُ ضَمَانُ نِصْفِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَقَطْ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الثِّقَلُ وَالْخِفَّةُ إذْ رُبَّ خَفِيفٍ فِي الْوَزْنِ ثَقِيلٌ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَثَقِيلٍ فِي الْوَزْنِ خَفِيفٌ عَلَيْهَا كَمَا قُلْنَا فِي إحْدَى الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ. وَبِمَا أَنَّ الْآدَمِيَّ غَيْرُ مَوْزُونٍ فَلَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْوَزْنِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْعَدَدِ (الطُّورِيُّ) حَتَّى إنَّهُ إذَا جُرِحَ رَجُلٌ جِرَاحَةً وَاحِدَةً وَالْآخَرُ عَشْرُ جِرَاحَاتٍ خَطَأً فَمَاتَ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمَا - أَنْصَافًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَكُونُ جِرَاحَةٌ وَاحِدَةٌ أَكْثَرَ تَأْثِيرًا مِنْ عَشْرِ جِرَاحَاتٍ؛ فَلِذَلِكَ سَقَطَ اعْتِبَارُ الثِّقَلِ لِمَا ذُكِرَ وَاعْتُبِرَ عَدَدُ الرَّاكِبِ كِفَايَةٌ. سُؤَالٌ: فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ كُلَّ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ وَهَهُنَا وُجِدَ إرْكَابُ الْغَيْرِ مَعَ رُكُوبِ نَفْسِهِ. فَرُكُوبُهُ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ زِيَادَةَ ضَمَانٍ عَلَى ضَمَانِ الْإِرْكَابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجِبَ نُقْصَانَ ضَمَانِ نَفْسِهِ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَهُنَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الضَّمَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ؟ . الْجَوَابُ - قُلْنَا: إنَّمَا يَنْتَفِي الْأَجْرُ عِنْدَ وُجُودِ الضَّمَانِ إذَا مَلَكَهُ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَجْرَ فِي مِلْكِهِ وَهَهُنَا لَمْ يَمْلِكْ بِهَذَا الضَّمَانِ شَيْئًا مِمَّا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ غَيْرُهُ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الضَّرَرَ فِي الدَّابَّةِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ ثِقَلِ الرَّاكِبِ وَخِفَّتِهِ فَلِهَذَا تَوَزَّعَ الضَّمَانُ نِصْفَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَمَّا سَأَلَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نِصْفٍ وَقَدْ مَلَكَ نِصْفَ الدَّابَّةِ مِنْ حِينِ ضَمِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ نِصْفُ الْأَجْرِ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي مِثْلِهِ لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ كُلِّ الْقِيمَةِ أَنَّهُ إذَا أَرْكَبَ غَيْرَهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي الْكُلِّ وَإِذَا رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِنَفْسِهِ، مُخَالِفٌ فِيمَا شَغَلَهُ بِغَيْرِهِ (شَلَبِيّ) . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَغِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ كَانَ الرَّدِيفُ مَتَاعًا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِمِقْدَارِ ثِقَلِهِ أَيْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ رَأْيُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي تَأْثِيرِ ثِقَلِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَتَاعِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِنِسْبَتِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَرْكَبْ مَوْضِعَ الْحِمْلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضْمَنُ كُلَّ الْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 553) استكرى دابة على أن يركبها من شاء

وَيَلْزَمُ فِي الْإِرْدَافِ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ حَمْلَ اثْنَيْنِ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى خِفَّةِ الرَّدِيفِ وَثِقَلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إتْلَافَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشَّلَبِيّ) . ثَانِيًا: لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ فَرَكِبَهَا هُوَ وَأَرْكَبَ مَعَهُ آخَرَ عَلَى كَتِفِهِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَهُمَا مَعًا. لِأَنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ الثِّقَلُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ كَانَ شَاقًّا عَلَيْهَا. وَإِذَا بَقِيَتْ الدَّابَّةُ سَالِمَةً فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ أَنْ أَوْصَلَتْ الْمُسْتَأْجِرَ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى مَعَ ضَمَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا مَعَ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ الرُّكُوبَ لَا يَخْتَلِفُ بِأَنْ يُرْدِفَ مَعَهُ غَيْرَهُ أَوْ لَا يُرْدِفَ (كِفَايَةٌ) وَلَا يُقَالُ هُنَا: كَيْفَ اجْتَمَعَتْ الْأُجْرَةُ وَالضَّمَانُ؟ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُزُومُ الْأُجْرَةِ لِرُكُوبِهِ، وَالضَّمَانُ لِإِرْكَابِهِ غَيْرَهُ؛ فَلَمْ يَكُنْ اجْتِمَاعُهُمَا لِسَبَبٍ وَاحِدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) مَتْنًا وَشَرْحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَإِنْ قِيلَ: الْأَجْرُ مَعَ الضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يَجِبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَجْرِ. قُلْنَا: إنَّمَا يُنْفَى الْأَجْرُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ. وَهَهُنَا لَا يَمْلِكُ شَيْئًا بِهَذَا الضَّمَانِ مِمَّا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ نَفْسِهِ، وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا شَغَلَهُ بِرُكُوبِ الْغَيْرِ وَلَا أَجْرَ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ. فِي رُجُوعِ الرَّاكِبِ عَلَى الرَّدِيفِ وَرُجُوعِ الرَّدِيفِ عَلَى الرَّاكِبِ: إذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ الرَّاكِبَ أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ قِيمَةَ الدَّابَّةِ فَلَيْسَ لِلرَّاكِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّدِيفِ مُسْتَأْجِرًا كَانَ الرَّدِيفُ أَوْ مُسْتَعِيرًا (الْكِفَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكًا الدَّابَّةَ فَرُكُوبُ الرَّدِيفِ يَكُونُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ. وَإِذَا ضَمَّنَ الرَّدِيفَ يَنْظُرُ فَإِذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا مِنْ الرَّاكِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658)) وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ تَغْرِيرٌ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ضِمْنَ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَلَيْسَ الْغَارُّ ضَامِنًا صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ وَسَيَصِيرُ تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) . هَذَا إذَا أَرْدَفَهُ حَتَّى صَارَ الْأَجْنَبِيُّ كَالتَّابِعِ لَهُ أَمَّا إذَا أَقْعَدَهُ فِي السَّرْجِ صَارَ غَاصِبًا وَلَمْ يَجِبْ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ يَدَهُ عَنْ الدَّابَّةِ وَأَوْقَعَهَا فِي يَدٍ مُتَعَدِّيَةٍ فَصَارَ ضَامِنًا وَالْأَجْرُ لَا يُجَامِعُ الضَّمَانَ (الشَّلَبِيُّ) . وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ فَرَكِبَهَا وَهُوَ مُكْثِرٌ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ قَدْ لَبِسَ مَا لَا يُلْبَسُ عَادَةً وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ أَمَّا إذَا لَبِسَ مَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ عَادَةً فَلَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 553) اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ] (الْمَادَّةُ 553) مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَلَكِنْ إنْ رَكِبَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَقَدْ تَعَيَّنَ الْمُرَادُ وَتَخَصَّصَ فَلَا يَصِحُّ إرْكَابُ آخَرَ.

(المادة 553) استكرى أحد دابة للركوب من دون تعيين من يركبها

أَيْ أَنَّهُ مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَلَهُ إيدَاعُهَا عِنْدَ مَنْ شَاءَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . وَعِبَارَةُ (عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ) يُرَادُ بِهَا الْإِجَارَةُ الَّتِي وَقَعَتْ وَفِيهَا نَصٌّ عَلَى التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الرُّكُوبِ مُطْلَقًا وَبِدُونِ تَعْمِيمٍ تَكُونُ فَاسِدَةً؛ وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ مِمَّا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ تُرْكِبَ مَنْ شِئْتَ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ (الْكِفَايَةُ) . لَكِنْ إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ وَأَرْكَبَهَا امْرَأَةً ضَخْمَةً ثَقِيلَةً وَتَلِفَتْ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ قَادِرَةٍ عَلَى حَمْلِهَا ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إتْلَافًا أَمَّا إذَا كَانَتْ قَادِرَةً فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْإِنْسَانِ يَتَنَاوَلُهَا وَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَوَاءٌ أَرَكِبَهَا هُوَ أَوْ أَرْكَبَهَا آخَرَ فَقَدْ تَعَيَّنَ الْمُرَادُ وَتَخَصَّصَ كَأَنَّهُ قَدْ خَصَّصَهَا بِرُكُوبِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إرْكَابُ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرَ مَنْ تَعَيَّنَ لِرُكُوبِهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ رَكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَوَّلًا ثُمَّ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَوَّلًا ثُمَّ رَكِبَهَا هُوَ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ كَمَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 553) اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ مَنْ يَرْكَبُهَا] (الْمَادَّةُ 553) لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ مَنْ يَرْكَبُهَا وَلَا التَّعْمِيمِ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ. وَلَكِنْ لَوْ عَيَّنَ وَبَيَّنَ قَبْلَ الْفَسْخِ تَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا لَا يَرْكَبُ غَيْرُ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً مِنْ دُونِ تَعْيِينِ مَنْ يَرْكَبُهَا وَلَا التَّعْمِيمِ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ وَإِذَا رُفِعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ إلَى الْمَحْكَمَةِ حُكِمَ بِفَسْخِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (453)) ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ مِمَّا يَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا (الْكِفَايَةُ) . وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عِدَّةُ أَشْخَاصٍ دَابَّةً وَاحِدَةً مَثَلًا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا مَنْ يَتْعَبُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ يُصِيبُهُ مَرَضٌ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ وَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ الِانْتِفَاعُ حَقِيقَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (471)) . وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَتَعَاقَبَانِهَا فَيَنْزِلُ أَحَدُهُمَا وَيَرْكَبُ الْآخَرُ وَلَمْ يُبَيِّنَا مِقْدَارَ رُكُوبِ كُلِّ وَاحِدٍ جَازَ لِلْعُرْفِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (الشِّبْلِيُّ) . لَكِنْ لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَعَيَّنَ الرَّاكِبُ وَبَيَّنَ قَبْلَ أَنْ تُفْسَخَ الْإِجَارَةُ بِنَاءً عَلَى فَسَادِهَا انْقَلَبَتْ إلَى الصِّحَّةِ اسْتِحْسَانًا وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24)) وَإِذَا رَكِبَهُ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ فَعَلَيْهِ مَا سَمَّاهُ مِنْ الْكِرَاءِ اسْتِحْسَانًا (شَلَبِيّ) . وَوَجْهُ اسْتِحْسَانِهِمْ هَذَا زَوَالُ الْجَهَالَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْفَسَادِ قَبْلَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَالتَّعْيِينُ فِي الِانْتِهَاءِ كَالتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ

(المادة 554) استكريت دابة للحمل

لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ الْمُوجِبُ لِلْفَسَادِ وَهُوَ الْجَهَالَةُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَتْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (الطُّورِيُّ) . قَالَ الزَّيْلَعِيّ فَلَوْ أَرْكَبَهَا أَوْ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَلْبَسَ غَيْرَهُ أَوْ لَبِسَ نَفْسُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ. وَوُجُوبُ الْمُسَمَّى بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَلَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُفْسِدَ وَهُوَ الْجَهَالَةُ الَّتِي تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ قَدْ زَالَ فَيَزُولُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ التَّعْيِينَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالتَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ سَوَاءٌ أَلْبَسَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَلْبَسَ غَيْرَهُ (الطُّورِيُّ وَالشَّلَبِيّ) وَحُكْمُ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (524) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا لَا يُرْكِبُ غَيْرَ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ وَإِنْ أَرْكَبَهُ؛ كَانَ ذَلِكَ غَصْبًا وَلَزِمَ الضَّمَانُ وَحُكْمُ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَصَارَ كَأَنَّهُ نَصَّ عَلَى رُكُوبِهِ ابْتِدَاءً (الْكِفَايَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ لِلْحَمْلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يُرَادُ تَحْمِيلُهُ عَلَيْهَا فَكَمَا تَنْقَلِبُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ إلَى الصِّحَّةِ إذَا عَيَّنَ الْحَمْلَ قَبْلَ الْفَسْخِ تَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ إذَا عَيَّنَ رُكُوبَ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَتَنَاوَلُ الرُّكُوبَ أَيْضًا؛ وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ يُسَمَّى حَمْلًا. يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ وَحَمَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُسَمَّى الْحَمْلُ رُكُوبًا أَصْلًا وَمَتَى تَعَيَّنَ حَمْلُ شَيْءٍ أَوْ شَخْصٍ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا وَضَامِنًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ، وَالْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 554) اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ لِلْحَمْلِ] (الْمَادَّةُ 554) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ لِلْحَمْلِ يُعْتَبَرُ فِي الْإِكَافِ وَالْحَبْلِ وَالْعِدْلِ عُرْفُ الْبَلْدَةِ. لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ لِلْحَمْلِ أَوْ حَمَّالًا أَوْ رَجُلًا لِتَحْمِيلِ أَحْمَالٍ عَلَى دَوَابَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْبَلْدَةِ فِي الْإِكَافِ وَالْحَبْلِ وَالْعِدْلِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْآجِرِ فَعَلَيْهِ إحْضَارُهَا وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) (الْأَنْقِرْوِيّ) . غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُحْضِرَ رَجُلًا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحِمْلِ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ الْحَمَّالِ وَعَلَيْهِ: لَوْ أَحْضَرَ الْمُكَارِي رَجُلًا بِأُجْرَةٍ لِحِفْظِ الْحِمْلِ مِنْ اللُّصُوصِ مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَفِي اسْتِئْجَارِ الْفُسْطَاطِ تَكُونُ الْأَوْتَادُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا الْأَطْنَابُ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 555) اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ مِنْ دُونِ بَيَانِ مِقْدَارِ الْحِمْلِ] (الْمَادَّةُ 555) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ مِنْ دُونِ بَيَانِ مِقْدَارِ الْحِمْلِ وَلَا التَّعْيِينِ بِإِشَارَةٍ يُحْمَلُ مِقْدَارُهُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ مَا يُرَادُ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ إيَّاهُ وَلَكِنْ مِنْ دُونِ بَيَانِ مِقْدَارِهِ أَوْ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ بِالْإِشَارَةِ

(المادة 556) ضرب دابة الكراء من دون إذن صاحبها

بِأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجِرُ أُرِيدُ تَحْمِيلَهَا مِنْ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ يُحْمَلُ مِقْدَارَ الْحِمْلِ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ مِثْلُ تِلْكَ الدَّابَّةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَادَةً وَعُرْفًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ حَمَّلَهَا مَا تَحْمِلُهُ عَادَةً وَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا زِيَادَةً عَمَّا هُوَ مُتَعَارَفٌ وَتَلِفَتْ فَيُنْظَرُ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الْكُلِّ فَيَضْمَنُ بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا عَطِبَتْ بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَمَا هُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَالسَّبَبُ الثِّقَلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا (الْهِدَايَةُ) مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشَرَةً يُقَسَّمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَيَضْمَنُ جُزْءًا (الْكِفَايَةُ) أَيْ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ قَادِرَةٍ عَلَى حَمْلِ الْجَمِيعِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا أَصْلًا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعَادَةِ (الْهِدَايَةُ) لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا يُرَادُ حَمْلُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 453 مَتْنًا وَشَرْحًا عَلَى أَنَّ حُكْمَ تِلْكَ الْمَادَّةِ كَحُكْمِ هَذِهِ أَيْضًا) . وَلِلْمُسْتَأْجِرِ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ مَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً هَذَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ أَمَّا إذَا تَعَدَّى ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91 وَ 600) وَإِذَا لَمْ تَعْطَبْ الدَّابَّةُ وَأَوْصَلَتْهُ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْإِجَارَةَ انْقَلَبَتْ إلَى الصِّحَّةِ بِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ بِتَحْمِيلِ مَا هُوَ الْمُعْتَادُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . جَاءَ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ مِقْدَارِ الْحَمْلِ لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْمِقْدَارَ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (559) مِنْ التَّفْصِيلَاتِ. [ (الْمَادَّةُ 556) ضَرْبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ مِنْ دُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا] (الْمَادَّةُ 556) لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ضَرْبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ مِنْ دُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَلَوْ ضَرَبَهَا وَتَلِفَتْ بِسَبَبِهِ ضَمِنَ. لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ضَرْبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ مِنْ دُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا أَصْلًا لِأَنَّهُ يُمْكِنْ لِلرَّاكِبِ أَنْ يَجْعَلَهَا تُسْرِعُ فِي مَسِيرِهَا مِنْ دُونِهِ. وَإِنْ ضَرَبَهَا مِنْ دُونِ إذْنٍ وَعَطِبَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. مَثَلًا لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ حِمَارًا لِيُحْضِرَ عَلَيْهِ حَطَبًا مِنْ مَحَلٍّ فَضَرَبَهُ فَوَقَعَ وَتَلِفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (الْأَنْقِرْوِيّ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكْبَحَ الدَّابَّةَ بِاللِّجَامِ لِإِيقَافِهَا فَإِنْ كَبَحَهَا وَعَطِبَتْ ضَمِنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 602 " الْكِفَايَةُ ") . وَالْكَبْحُ هُوَ أَنْ يَجْذِبَهَا لِنَفْسِهِ لِإِيقَافِهَا فَلَا تَجْرِي. لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسُوقَ الدَّابَّةَ حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَإِذَا سَاقَهَا بِمَا يُخَالِفُ الْمُعْتَادِ بِالْعُنْفِ وَالشِّدَّةِ وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (702) رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَزَّازِيَّة وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَلِلْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ ضَرْبُ الدَّابَّةِ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ وَإِذْ تَجَاوَزَ الضَّرْبَ الْمُعْتَادَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ التَّعَارُفَ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا وَرُبَّمَا لَا تَنْقَادُ الدَّابَّةُ إلَّا بِهِ؛ فَيَكُونُ الْإِذْنُ ثَابِتًا مِنْهُ بِالْعُرْفِ وَالْمُتَعَارَفُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ فَكَانَتْ هَالِكَةً بِالْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا يَضْمَنُهُ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . وَبِمَا أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَفْتَى بِهِ فَقَدْ رَجَّحَتْهُ الْمَجَلَّةُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَاصِلٌ بِالْإِذْنِ لَكِنْ الْإِذْنُ فَيَا يَنْدَفِعُ الْمَأْذُونُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ

(المادة 557) أذن صاحب دابة الكراء بضربها

السَّلَامَةِ إذْ يَتَحَقَّقُ السَّوْقُ بِدُونِهِ وَهُوَ لِلْمُبَالَغَةِ فَيَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ بِوَجْهِ الْإِلْحَاقِ بِهِ أَيْ لِلْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ حَيْثُ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ لَا بِغَيْرِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ أُبِيحَ لَهُ الضَّرْبُ هَهُنَا إنَّمَا أُبِيحَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ لَا لِحَقِّ الْمَالِكِ فَإِنَّ حَقَّ الْمَالِكِ فِي الْأَجْرِ يَتَقَرَّرُ بِدُونِهِ وَمِثْلُهُ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الصَّيْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ بِهِ نَصًّا فَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَانَ كَفِعْلِ الْمَالِكِ وَهَذَا إذَا ضَرَبَهُ ضَرْبًا يُضْرَبُ مِثْلُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَيَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الْعَقْدِ لَا نَصًّا وَلَا عُرْفًا (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 557) أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ بِضَرْبِهَا] (الْمَادَّةُ 557) لَوْ أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ بِضَرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ وَإِنْ ضَرَبَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُعْتَادُ ضَرْبَهَا عَلَى عَرْفِهَا وَضَرَبَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ صَاحِبُ دَابَّةِ الْكِرَاءِ الْمُسْتَأْجِرَ بِضَرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الضَّرْبُ عَلَى الْمَوْضِعِ. الْمُعْتَادِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36)) وَحِينَئِذٍ لَوْ عَطِبَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91)) . وَإِنْ ضَرَبَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ وَلَوْ بِمُوجِبٍ كَأَنْ ضَرَبَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَالْمُعْتَادُ ضَرْبُهَا عَلَى عَرْفِهَا وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ الْمَالِكُ نَصًّا وَصَرَاحَةً بِالضَّرْبِ عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ الَّذِي لَمْ يُعْتَدْ الضَّرْبَ عَلَيْهِ. وَحِينَئِذٍ لَوْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ لِضَرْبِهَا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّ ضَرْبَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَضَرْبِ الْمَالِكِ. فَكَمَا أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ عَطِبَتْ الدَّابَّةُ بِضَرْبِهِ فَالْمُسْتَأْجِرُ لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ بِإِذْنِهِ وَعَطِبَتْ لِأَنَّ الْإِذْنَ وَالْإِجَازَةَ تَوْكِيلٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 558) الرُّكُوبُ عَلَى دَابَّةٍ اُسْتُكْرِيَتْ لِلْحَمْلِ] (الْمَادَّةُ 558) يَصِحُّ الرُّكُوبُ عَلَى دَابَّةٍ اُسْتُكْرِيَتْ لِلْحَمْلِ. أَيْ أَنَّكَ إذَا اسْتَكْرَيْتَ دَابَّةً لِتُحَمِّلَهَا يَصِحَّ لَك أَنْ تَرْكَبَهَا بَدَلًا مِنْ ذَلِكَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 426) لِأَنَّ الرُّكُوبَ أَقَلُّ ضَرَرًا مِنْ الْحَمْلِ وَالرِّضَاءُ بِالضَّرَرِ الْأَشَدِّ رِضَاءٌ بِمَا يُمَاثِلُهُ أَوْ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهُ وَلِأَنَّ الرُّكُوبَ يُسَمَّى حَمْلًا يُقَالُ رَكِبَ فُلَانٌ وَحَمَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا مَعْلُومًا فَلَمْ يَحْمِلْ عَلَيْهَا الْحَمْلَ وَرَكِبَهَا هُوَ أَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ جَازَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) . وَمَرَّ لِهَذَا صُورَةٌ أُخْرَى فِي الْمَادَّةِ (550) . [ (الْمَادَّةُ 559) اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ] (الْمَادَّةُ 559) لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا حَمْلًا آخَرَ مُمَاثِلًا لَهُ أَوْ أَهْوَنَ مِنْهُ فِي الْمَضَرَّةِ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ. مَثَلًا مَنْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَةَ أَكْيَالٍ حِنْطَةً كَمَا يَصِحُّ لَهُ

أَنْ يُحَمِّلَهَا مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَيَّ نَوْعٍ كَانَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ. وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ كَمَا لَا يَصِحُّ أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَدِيدٍ دَابَّةٌ اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ قُطْنٍ. إذَا قُيِّدَتْ الْإِجَارَةُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ إلَى أَكْثَرَ مَا هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى مَا يُمَاثِلُهُ أَوْ إلَى مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّضَاءَ بِمَضَرَّةٍ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَاءِ بِمَا يُمَاثِلُهَا أَوْ بِمَا أَهْوَنُ مِنْهَا. مَثَلًا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عُيِّنَ نَوْعُ حِمْلِهَا وَمِقْدَارُهُ فَكَمَا يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا ذَلِكَ الْحَمْلِ يَصِحُّ. - 1 - تَحْمِيلُهَا حِمْلًا آخَرَ مُمَاثِلًا مِنْ نَوْعِهِ. (2) تَحْمِيلُهَا حِمْلًا أَهْوَنَ مِنْهُ فِي الْمَضَرَّةِ أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَحْمِيلُهَا حِمْلًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِذَلِكَ الْحِمْلِ فِي الْمِقْدَارِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ لِيُحْمَلَ عَلَيْهَا. مِقْدَارٌ مِنْ الزَّادِ مُعَيَّنٌ وَاسْتُهْلِكَ مِقْدَارٌ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ مَا يُعَادِلُهُ مِنْ مَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَكَذَا غَيْرُ الزَّادِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا اُنْتُقِصَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عِوَضَ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُخَالِفَ إلَى مَا هُوَ شَرٌّ. (1) فِي نَوْعِهِ. (2) فِي مِقْدَارِ الْحِمْلِ الْمُتَّفِقِ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ وَلَا بِمُسَاوٍ لَهُ فِي الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُقَدَّرَةً بِالْعَقْدِ فَاسْتَوْفَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ أَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا؛ جَازَ وَإِنْ اسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ كُرَّ حِنْطَةٍ لِغَيْرِهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ كُرِّ حِنْطَةٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ (بَحْرٌ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (426) وَالظَّاهِرُ مِنْ فِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ) أَنَّهُ تَرْجِعُ إلَى النَّوْعِ فَقَطْ وَلَكِنْ يَصِحُّ أَنْ تُرْجِعَهَا إلَى الْمِقْدَارِ أَيْضًا وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَمْثِلَةُ الْآتِيَةُ كُلُّهَا أَمْثِلَةً عَلَى النَّوْعِ فَقَدْ تُرِكَ إيرَادَ الْأَمْثِلَةِ عَلَى الْمِقْدَارِ لِظُهُورِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَكْرَى دَابَّةً عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ كَمَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْحِنْطَةِ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ شَعِيرٍ أَوْ سِمْسِمٍ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إجَازَةِ كُرِّ حِنْطَةٍ وَمَنْعِ كُرِّ شَعِيرٍ بَلْ الشَّعِيرُ أَخَفُّ مِنْهُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ (الْهِنْدِيَّةُ، وَالطُّورِيُّ) . وَهَذَا الْمِثَالُ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ مُرَتَّبًا عَلَى قَاعِدَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ. وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّعِيرُ أَخَفَّ مِنْ الْحِنْطَةِ فَضَرَرُ مِقْدَارٍ مِنْ الشَّعِيرِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْكَيْلِ مِنْ الْحِنْطَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَذِكْرُهُ الْكَيْلَ فِي مِثَالِ الْمَتْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا

أُوقِيَّةً حِنْطَةً فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا قَدْرَ ذَلِكَ شَعِيرًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْحَمْلِ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّعِيرَ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ مَا يُسَاوِيهِ وَزْنًا مِنْ الْقَمْحِ وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الشَّعِيرَ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْقَمْحِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ، بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) بَلْ يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ " لِأَنَّ الْحِنْطَةَ أَثْقَلُ مِنْ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَصْلَبُ وَأَشَدُّ انْدِمَاجًا مِنْهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا "، وَإِنْ فَعَلَ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (603) وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) . غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ لِيُحْمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَكْيَالِ شَعِيرٍ فَحُمِلَ عَلَيْهَا كَيْلَتَانِ وَنِصْفٌ مِنْ الْقَمْحِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا وَلِهَذَا قَدْ جَاءَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . وَفِقْرَةُ (وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ تَحْمِيلُ خَمْسَةِ أَكْيَالِ حِنْطَةٍ دَابَّةً اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَةَ أَكْيَالِ شَعِيرٍ) مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَحْمِيلُ شَيْءٍ أَزْيَدَ فِي الْمَضَرَّةِ) . كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَدِيدٍ دَابَّةٌ اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ مِائَةَ أُوقِيَّةِ قُطْنٍ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَيَضُرُّ بِهَا أَكْثَرَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ، وَالطُّورِيُّ) وَهَذَا مِثَالٌ آخَرُ لِلْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى حِدَةٍ. قَاعِدَتَانِ فِي أَنْوَاعِ الْأَحْمَالِ الَّتِي تَكُونُ أَقَلَّ مَضَرَّةً وَالْأَنْوَاعِ الَّتِي تَكُونُ أَكْثَرَ مَضَرَّةً. الْأُولَى: إذَا كَانَ الْحِمْلُ الْمَحْمُولُ أَيْ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ دُونِ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى يَشْغَلُ مَكَانًا مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَقَلَّ مِمَّا يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْوَزْنِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ الْمُسَمَّى لَمَّا كَانَ مِمَّا يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ أَخَفُّ عَلَيْهَا مِنْ الْمَحْمُولِ الَّذِي يَتَجَمَّعُ عَلَى مَوْضِعٍ صَغِيرٍ مِنْ ظَهْرِهَا. مَثَلًا لَوْ اُسْتُكْرِيَتْ دَابَّةٌ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسِينَ أُوقِيَّةَ شَعِيرٍ أَوْ حِنْطَةٍ وَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسِينَ أُوقِيَّةَ حِجَارَةٍ أَوْ حَدِيدٍ وَعَطِبَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا كَانَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَحْمُولُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى بِشَرْطِ أَلَّا يَتَجَاوَزَ مَوْضِعَ الْحِمْلِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ كَمَا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَتْنِ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَجَاوَزَ الْحِمْلُ مَوْضِعَ الْحَمْلِ أَيْ أَنَّهُ إذَا سَمَّى حِمْلًا وَحَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ غَيْرَهُ وَتَجَاوَزَ الْمَكَانَ الَّذِي يَشْغَلُهُ الْحِمْلُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ لَزِمَ الضَّمَانُ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُوقِيَّةِ حِنْطَةٍ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُوقِيَّةِ حَطَبٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ لَبِنٍ وَكَانَ الْحِمْلُ خَارِجًا عَنْ مَوْضِعِ الْحَمْلِ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمَامِ أَوْ مِنْ الْخَلْفِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

لِأَنَّ هَذَا الْحِمْلَ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مِنْ جِهَةٍ لِانْبِسَاطِهِ فَهُوَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَشَدَّ مَضَرَّةً بِهَا. وَلِذَلِكَ رَجَحَتْ جِهَةُ الضَّرَرِ وَحَظَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْئَيْنِ مَتَى كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَرَرٌ فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِذْنِ فِي أَحَدِهِمَا الْإِذْنُ فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (الطُّورِيُّ) . تَفْصِيلَاتٌ فِي الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ إمَّا بِالْجِنْسِ أَوْ بِالْمِقْدَارِ وَتَقَعُ إمَّا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بِالْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْقِيمَةِ. مَثَلًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ؛ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا. لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهَا أَصْلًا (الْعِنَايَةُ) وَإِذَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَعِيرًا نِصْفَ الْحِمْلِ شَعِيرًا وَنِصْفَهُ حِنْطَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ مَعَ نِصْفِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ الشَّعِيرِ وَهِيَ أَثْقَلُ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَحَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَكِيلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةٍ مِنْ الْقُطْنِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا مِائَةَ أُقَّةِ حَدِيدٍ أَوْ أَقَلَّ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ. وَهُنَا لَا تَلْزَمُهُ الْأَجْرُ لِمُخَالَفَةِ الْجِنْسِ وَلَوْ سَلَّمَ الدَّابَّةَ إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا قَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ الدَّابَّةِ اغْتِصَابًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . ثَانِيًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْقِيمَةِ جَمِيعِهَا وَلِلْمُؤَجِّرِ هُنَا إذَا شَاءَ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ، وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي وَإِذَا ضَمِنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا فَأَجَّرَهَا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا آخَرَ أَكْثَرَ مَضَرَّةً مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَتَلِفَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا. ثَالِثًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ فِي هَذِهِ الْحَالِ ضَمَانٌ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّوْضِيحِ الْآتِي قَرِيبًا: رَابِعًا: إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي مِقْدَارٍ وَوَقَعَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَتَلِفَتْ بِسَبَبِهِ كَثِيرًا بِدَرَجَةٍ لَا تُطِيقُ حَمْلَهُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِلدَّابَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالزَّيْلَعِيّ) . وَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ الْمُسَمَّى مَعَ الزِّيَادَةِ مِمَّا تُطِيقُ الدَّابَّةُ حَمْلَهَا مَعًا سَوَاءٌ. (1) أَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ غَيْرَ مُتَأَثِّرَةٍ مِنْ ذَلِكَ. (2) أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْمَكَانِ

الْمَقْصُودِ، ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ بِنِسْبَةِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ إلَى الْحِمْلِ. فَإِذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ رُبْعَ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مَثَلًا ضَمِنَ رُبْعَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِفِعْلِ الْكُلِّ وَبَعْضُهُ مَأْذُونٌ فِيهِ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ الْحِمْلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَتَجِبُ حِصَّةُ الْبَاقِي؛ وَلِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الثِّقَلِ لَا يَصْلُحُ عِلَّةً بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ صَارَ الْكُلُّ عِلَّةً وَاحِدَةً فَتَوَزَّعَ الضَّمَانُ عَلَى أَجْزَائِهَا (شَلَبِيّ) . وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا سِتَّ كَيْلَاتٍ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ سِتِّ كَيْلَاتٍ لَزِمَهُ أَنْ يَضْمَنَ سُدُسَ قِيمَتِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا إحْدَى عَشْرَةَ كَيْلَةً فَكَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَضْمَنُ الْمِقْدَارَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِيهِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ وَالْحِمْلُ الْمُسَمَّى دَفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى الدَّابَّةِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا الْحِمْلَ الْمُسَمَّى أَوَّلًا ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهَا الزِّيَادَةَ ثَانِيًا وَعَطِبَتْ؛ لَزِمَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا. مَا لَمْ يُعَلِّقْ الزِّيَادَةَ عَلَى كَفْلِ الدَّابَّةِ؛ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ ضَمَانُ مِقْدَارِ الزِّيَادَةِ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَبَعْدَ أَنْ حَمَلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ حَمَّلَهَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَاحِدَةٍ أُخْرَى عَلَى حِدَةٍ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا. إلَّا أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ الْكَيْلَةَ عَلَى كَفْلِ الدَّابَّةِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشْرَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ فَطَحَنَ إحْدَى عَشْرَةَ كَيْلَةً فَهَلَكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ انْتَهَى إذْنُ الْمَالِكِ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي الطَّحْنِ مُخَالِفٌ فِي جَمِيعِ الدَّابَّةِ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا فَأَمَّا الْحِمْلُ فَيَكُونُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَهُوَ فِي الْبَعْضِ مُسْتَعْمِلٌ لَهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَفِي الْبَعْضِ مُخَالِفٌ فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ (الْكِفَايَةُ) . خَامِسًا - إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ وَوَقَعَتْ مِنْ الْآجِرِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَ هُوَ الْآجِرُ أَيْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ. مَثَلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا فَأَحْضَرَ الْمُسْتَأْجِرُ عِدْلًا فِيهِ سِتُّ كَيْلَاتٍ شَعِيرًا وَقَالَ أَمَامَ الْآجِرِ: إنَّهُ خَمْسُ كَيْلَاتٍ فَأَخَذَهُ الْآجِرُ وَوَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مِنْ دُونِ أَنْ يَتَثَبَّتَ مِنْ صِحَّةِ قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ (الطُّورِيُّ) . إذْ كَانَ عَلَى الْآجِرِ أَلَّا يَثِقَ بِقَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ دُونِ كَيْلِ الشَّعِيرِ.

(المادة 560) وضع الحمل عن الدابة على المكاري

سَادِسًا - إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْمِقْدَارِ وَوَقَعَتْ بِصُنْعِ كُلٍّ مِنْ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ كَأَنْ يَحْمِلَ الِاثْنَانِ الْحِمْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيَضَعَاهُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ مَعًا وَتَعْطَبُ بِهِ فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ سِوَى ضَمَانِ مَا يُصِيبُ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ أَيْ إنَّ فِعْلَ الْمُسْتَأْجِرِ يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ وَفِعْلَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ هَدَرًا (الطُّورِيُّ) مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ مِنْ آخَرَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ وَرَفَعَ هُوَ وَالْمُسْتَأْجِرُ عِدْلًا فِيهِ سِتُّ كَيْلَاتٍ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِمِقْدَارِهِ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ضَمَانُ نِصْفِ سُدُسِ قِيمَةِ الدَّابَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ، والشُّرُنْبُلاليّ) . وَإِذَا كَانَ الْحِمْلُ مَقْسُومًا فِي غِرَارَتَيْنِ وَحَمَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ الدَّابَّةَ غِرَارَةً وَاحِدَةً مَعًا أَوْ حَمَّلَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا غِرَارَةً وَاحِدَةً وَكَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْبَادِئُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ مُطْلَقًا وَيَكُونُ مَا حَمَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْبَاقِي يَكُونُ هَدَرًا أَمَّا إذَا حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ غِرَارَةً بَعْدَ مَا حَمَلَ الْآجِرُ الثَّانِيَةَ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ (الطُّورِيُّ) . وَإِذَا عَطِبَتْ الدَّابَّةُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الضَّمَانُ بِتَحْمِيلِ زِيَادَةٍ مِنْ جِنْسِ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ يَلْزَمُ مَعَ الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ جَمِيعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فَكَمَا أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُقَابِلِ الزِّيَادَةِ فَالْأَجْرُ الْمُسَمَّى فِي مُقَابِلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. وَهُنَا لَا يَكُونُ قَدْ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ وَالضَّمَانُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 86) . وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِمَ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَجَاءَ بِالْحِمَارِ سَلِيمًا وَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحِمَارَ يُطِيقُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ وَكَمَالُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا بَلَغَتْ الدَّابَّةُ الْمَحَلَّ الْمَقْصُودَ وَلَمْ تَعْطَبْ لَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى فَقَطْ وَلَا تَلْزَمُ زِيَادَةُ الْأَجْرِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى حَمْلِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ مَنَافِعَ تَحْمِيلِ الزِّيَادَةِ قَدْ اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ دُونِ عَقْدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالشَّلَبِيّ) وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا قَدْ اسْتَوْفَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الزِّيَادَةِ. سَابِعًا - وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ وَوَقَعَتْ مِنْ مُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً فَآجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشْرَ كَيْلَاتٍ وَحَمَلَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَتَلِفَتْ فَلِصَاحِبِهَا الْخِيَارُ إذَا شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 428 وَشَرْحَهَا) وَلَيْسَ لِهَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فِي شَيْءٍ وَإِذَا شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ وَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 658) (الطُّورِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 560) وَضَعَ الْحِمْلَ عَنْ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكَارِي] (الْمَادَّةُ 560) وَضَعَ الْحِمْلَ عَنْ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكَارِي. أَيْ عَلَى الْمُكَارِي وَضْعُ الْحِمْلِ عَنْ ظُهْرِ الدَّابَّةِ الَّتِي أَجَّرَهَا عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) أَمَّا إدْخَالُ الْحَمْلِ إلَى الدَّارِ فَيَجْرِي حُكْمُهُ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (575) مَتْنًا وَشَرْحًا. (الْمَادَّةُ 561) نَفَقَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْآخَرِ

الْمَادَّةُ 561) نَفَقَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْآخَرِ مَثَلًا عَلَفُ الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ وَسَقْيُهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَلَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرَ عَلَفَ الدَّابَّةِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا تَبَرُّعًا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مِنْ صَاحِبِهَا بَعْدَ. نَفَقَةِ الْمَأْجُورِ عَلَى الْآجِرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا لِأَنَّ الْمَأْجُورَ مِلْكُ الْآجِرِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الدَّابَّةِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً. لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ نَفْعٌ وَفَائِدَةٌ لِلْمُؤَجِّرِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 462) وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الدَّابَّةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ حَسَبَ ذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ قَدْرَ الْعَلَفِ ثُمَّ يُوَكِّلُهُ رَبُّهَا بِصَرْفِهِ عَلَيْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا عَلَفُ الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ وَسَقْيُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَفًا لِلدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَكْرَاهَا وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ تَقْدِيمَ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ لَهُ وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْخَامِسَ عَشَرَ) . وَلَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ عَلَفَ الدَّابَّةِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا عُدَّ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ مِنْ صَاحِبِهَا بَعْدُ. (الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . كَذَا لَوْ أَمَرَ الْمُسْتَأْجِرُ شَخْصًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا. فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا الرَّجُلُ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الْآمِرَ لَيْسَ هُوَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ بَلْ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ وَيُعَدُّ مُتَبَرِّعًا بِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَهُ فِي أَمْرِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 529 وَشَرْحُهَا) وَإِذَا أَمَرَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يَحْسِبَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا مِنْ الْأُجْرَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْفَقَ وَلَكِنَّ إذَا أَنْكَرَ الْآجِرُ حُصُولُ الْإِنْفَاقِ أَوْ الزِّيَادَةِ عَنْ مِقْدَارِ النَّفَقَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْإِثْبَاتُ وَإِذَا خَافَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدَمَ تَصْدِيقِ الْآجِرِ فِيمَا يُنْفِقُ عَلَى الدَّابَّةِ وَعَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِي الْإِنْفَاقِ مُطْلَقًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْآجِرِ مِقْدَارًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَالْآجِرُ يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينًا وَيُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) . (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 530) رَدُّ الْمُحْتَارِ.

الفصل الرابع في بيان إجارة الآدمي

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ إجَارَة الْآدَمِيِّ] (الْمَادَّةُ 562) تَجُوزُ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ أَوْ لِإِجْرَاءِ صَنْعَةٍ بِبَيَانِ مُدَّةٍ أَوْ بِتَعْيِينِ الْعَمَلِ بِصُورَةٍ أُخْرَى، كَمَا بُيِّنَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. تَجُوزُ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَةِ، أَوْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوَدِيعَةِ، أَوْ لِإِجْرَاءِ صَنْعَةٍ مَا كَالْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ، أَوْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، أَوْ عِلْمِ الصَّرْفِ وَالنَّحْوِ وَالْفِقْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بِبَيَانِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ، أَوْ بِتَعْيِينِ الْعَمَلِ بِصُورَةٍ أُخْرَى، كَمَا بُيِّنَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) . أَيْ إنَّهُ يَلْزَمُ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ تَعَيُّنُ الْعَمَلِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ فِي الْإِجَارَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْعَمَلِ بَيَانُ مُدَّتِهَا، أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُ بَيَانُ الْعَمَلِ مَعَ الْمُدَّةِ. فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْعَمَلَ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 445) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَصْطَادَ لَهُ صَيْدًا كَذَا يَوْمًا، أَوْ يَحْتَطِبَ حَطَبًا وَيَكُونُ مَا يَصْطَادُهُ الرَّجُلُ مِنْ الصَّيْدِ وَيَحْتَطِبُهُ مِنْ الْحَطَبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ يُنْظَرُ، فَإِذَا عَيَّنَ الشَّجَرَ الَّذِي يَحْتَطِبُ مِنْهُ وَكَانَ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّجَرُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ، بَلْ مُبَاحًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَمَا احْتَطَبَهُ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلِلْأَجِيرِ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ الشَّجَرُ الَّذِي يَحْتَطِبُ مِنْهُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَالْحَطَبُ الَّذِي اُحْتُطِبَ لِلْأَجِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ كَاسْتِئْجَارِ خَبَّازٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كَذَا أُوقِيَّةَ دَقِيقٍ خُبْزًا فِي هَذَا الْيَوْمِ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَصَحِيحَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 422 و 505 شَرْحًا وَمَتْنًا) . إنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِقِيَامِهِ بِالْعَمَلِ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (424) . وَعَلَى ذَلِكَ إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِعَمَلٍ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَفَسَدَ ذَلِكَ الْعَمَلُ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى، وَلَا يُجْبَرُ الْأَجِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ وَإِصْلَاحِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً، مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَجِيرًا لِإِصْلَاحِ مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي دَارِهِ، وَبَعْدَ أَنْ أَصْلَحَهَا وَجَعَلَ الْمِيَاهَ تَجْرِي فِيهَا كَالْعَادَةِ خَرِبَتْ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى أُجْرَةِ الْأَجِيرِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً. (الْفَيْضِيَّةُ) .

(المادة 563) خدم أحد آخر بناء على طلبه من دون مقاولة على أجرة

الْأُمُورُ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا إجَارَةُ الْآدَمِيِّ: تَجُوزُ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ لِلْخِدْمَاتِ وَإِجْرَاءِ الصِّنَاعَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ، أَمَّا الْكَفَالَةُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَيْسَ بِصَنْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ، فَلَا تَجُوزُ. إذْ الْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ نَفْعٍ بِعِوَضٍ وَالْكَفَالَةُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ (الْخَيْرِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 563) خَدَمَ أَحَدٌ آخَرَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ مِنْ دُونِ مُقَاوَلَةٍ عَلَى أُجْرَةٍ] (الْمَادَّةُ 563) لَوْ خَدَمَ أَحَدٌ آخَرَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ مِنْ دُونِ مُقَاوَلَةٍ عَلَى أُجْرَةٍ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ وَإِلَّا فَلَا، أَيْ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَ أَحَدٌ آخَرَ بِطَلَبِهِ مِنْ دُونِ أَنْ يَتَقَاوَلَا عَلَى أُجْرَةٍ أَوْ يَعْقِدَا إجَارَةً لِمُدَّةٍ، فَلِذَلِكَ الشَّخْصُ أُجْرَتُهُ الْيَوْمِيَّةُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ، وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ مَعْلُومَةً، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ عَلَى الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَخْدَمَهُ، وَيَأْخُذُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِدُونِ أُجْرَةٍ " عَلِيٌّ أَفَنْدِي " وَفِقْرَةُ " إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ " سَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ " 565 " اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ " 451 و 462 " أَيْضًا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا فِي عَمَلِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ عَمِلَ عَمَلًا بِالْأُجْرَةِ. وَعَلَيْهِ لَوْ خَدَمَ زَيْدٌ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ أَنْ اشْتَغَلَ بِالْأُجْرَةِ أَحَدًا بِطَلَبِهِ مِنْ دُونِ مُقَاوَلَةِ أُجْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِدُونِ أُجْرَةٍ عَادَةً فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ وَإِلَّا أَخَذَ " أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ ". وَلَا يُعَدُّ الرَّجُلُ الْغَنِيُّ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ، وَبِالْعَكْسِ فَالرَّجُلُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَسْعَى لِقُوتِهِ الْيَوْمِيِّ يُعَدُّ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: أَوَّلًا: إذَا أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِعَمَلٍ مَا لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً وَعَمِلَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَشْتَغِلُ ذَلِكَ الْعَمَلَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ غَيْرِهِ عَادَةً بِلَا أُجْرَةٍ، كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ، وَإِذَا كَانَ مِمَّنْ يَشْتَغِلُ ذَلِكَ بِالْأُجْرَةِ فَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، حَتَّى إذَا أَحْضَرَ أَحَدٌ قُمَاشًا لِخَيَّاطٍ وَقَالَ لَهُ خِطْهُ ثَوْبًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْخَيَّاطُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ يَخِيطُ بِالْأُجْرَةِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا. ثَانِيًا: إذَا أَعْطَى أَحَدٌ حِمْلًا لِآخَرَ لِيَنْقُلَهُ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ يَنْقُلُ بِالْأُجْرَةِ فَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا لَا (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَالِثًا: إذَا غَاصَ أَحَدٌ فِي الْبَحْرِ وَأَخْرَجَ مَالًا لِأَحَدٍ بِطَلَبِهِ مِنْ دُونِ ذِكْرِ أُجْرَةٍ، اسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَغُوصُونَ بِالْأُجْرَةِ (الْفَيْضِيَّةُ) . رَابِعًا: إذَا كَانَ رَجُلٌ مَعْرُوفًا بِالْحِرَاسَةِ بِالْأُجْرَةِ وَمَكَثَ مُدَّةً يَحْرُسُ مَحِلًّا لِأَحَدٍ فَلَهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ (الْخَيْرِيَّةُ) . خَامِسًا: إذَا أَعْطَى أَحَدٌ مَتَاعًا لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ مِنْ دُونِ أَنْ يُقَاوِلَهُ عَلَى أَجْرٍ وَبَاعَ الدَّلَّالُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ لَزِمَ صَاحِبَ الْمَتَاعِ أَجْرُ الْمِثْلِ. لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بِأَنَّ الدَّلَّالَ يَبِيعُ بِالْأُجْرَةِ وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ

(المادة 564) جهالة الأجرة مفسدة للإجارة

شَرْطًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) . سَادِسًا: لَوْ اسْتَعَانَ أَحَدٌ بِآخَرَ لِيَبِيعَ لَهُ شَيْئًا فِي السُّوقِ وَبَاعَ الرَّجُلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَخْدُمُونَ بِالْأُجْرَةِ عُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ إعَانَةً، وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ اُشْتُرِطَ فِي الْمَجَلَّةِ " أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ " كَمَا مَرَّ. وَجَاءَ (دُرّ وَسَكَتَ عَنْ الْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْخَيَّاطِ: خِطْ هَذَا الْقُمَاشَ ثَوْبًا بِالْأُجْرَةِ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ: لَا أُرِيدُ أُجْرَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ بَعْدَ الْخَيَّاطَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (434) . الِاخْتِلَافُ فِي نَفْيِ الْأُجْرَةِ، أَوْ الْمُقَاوَلَةِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ بَعْدَ قِيَامِ الْأَجِيرِ بِالْعَمَلِ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّك قَبِلْت بِأَنْ تَعْمَلَهُ بِلَا أَجْرٍ. وَقَالَ الْأَجِيرُ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنِّي. يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَجِيرُ مَعْرُوفًا بِأَنَّهُ يَشْتَغِلُ هَذِهِ الصَّنْعَةَ بِالْأُجْرَةِ، فَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ ذَلِكَ الْعَمَلَ تَبَرُّعًا مَعَ الْيَمِينِ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقُمْ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ وَاخْتَلَفَ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ، فَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالتَّنْقِيحُ " وَجَاءَ قَوْلُهُ (بِطَلَبِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ إذَا خَدَمَ أَحَدٌ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ، أَوْ اشْتَغَلَ عَمَلًا لَهُ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَالِغًا وَقْتَ اشْتِغَالِهِ بِالْعَمَلِ، وَكَانَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ عُدَّ مُتَبَرِّعًا، وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُونَ بِالْأُجْرَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (599) (الْخَيْرِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَمَّالَيْنِ لِنَقْلِ حِمْلٍ مُعَيَّنٍ، وَنَقَلَ ذَلِكَ الْحِمْلَ كُلَّهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَهُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي النِّصْفِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْحِمْلِ الثَّانِي بِلَا أَمْرٍ وَلَا طَلَبٍ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْحَمَّالَانِ قَدْ عَقَدَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا فِي الْحَمْلِ وَالْعَمَلِ قَبْلَ الْحَمْلِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَأْخُذُ الْحَمَّالُ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَتُقْسَمُ الْأُجْرَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ، وَيَكُونُ عَمَلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ عَمَلِ الْآخَرِ بِحُكْمِ الشَّرِكَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1389) . كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرَانِ لِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ (أَشْبَاهٌ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ عَشَرَ) . [ (الْمَادَّةُ 564) جَهَالَةُ الْأُجْرَةِ مُفْسِدَةٌ لِلْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 564) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ هَذَا الْعَمَلَ أُكْرِمْكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ مَا يُكْرِمُهُ بِهِ فَعَمِلَ الْعَمَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ اسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ. جَهَالَةُ الْأُجْرَةِ مُفْسِدَةٌ لِلْإِجَارَةِ. وَإِلَيْكَ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ: أَوَّلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اعْمَلْ هَذَا الْعَمَلَ أُكْرِمْكَ، أَوْ أُعْطِك أُجْرَةً، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ مَا يُكْرِمُهُ بِهِ، أَوْ مَا يُعْطِيهِ إيَّاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَعَمِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْعَمَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ اسْتَحَقَّ أَجْرَ

(المادة 565) لو استخدمت العملة من دون تسمية أجرة

الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (451 و 462) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَخْدُمُونَ بِالْأُجْرَةِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. لِأَنَّ الْإِكْرَامَ هُنَا مَعْنَاهُ أُجْرَةٌ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْأُجْرَةُ هُنَا مَجْهُولَةً، وَجَهَالَةُ الْبَدَلِ مُفْسِدَةٌ لِلْإِجَارَةِ فَأَصْبَحَ مُسْتَحِقًّا لِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِذَا أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ زِيَادَةً عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ بِرِضَاهُ، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ حَلَالًا لِلْمُؤَجَّرِ، لَكِنْ إذَا قَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَا أُرِيدُ شَيْئًا وَقَامَ بِالْخِدْمَةِ، فَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (الْفَيْضِيَّةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) كَمَا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (471) . ثَانِيًا: إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أُشْرِكُك فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَرْبَاحِ مِنْ هَذِهِ التِّجَارَةِ فِي مُقَابِلِ اشْتِغَالِك فِي خِدْمَتِهَا، وَلَمْ يَخْدُمْهَا مُطْلَقًا، فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةِ) . ثَالِثًا: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: اشْتَغِلْ فِي كَرْمِي أُزَوِّجْك ابْنَتِي فَجَاءَ الرَّجُلُ وَاشْتَغَلَ فِي ذَلِكَ الْكَرْمِ، فَلَهُ أَخْذُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. سَوَاءٌ أَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ أَوْ لَمْ يُزَوِّجْهُ إيَّاهَا (الْحَامِدِيَّةُ) . رَابِعًا: إذَا أَعْطَى مَدْيُونٌ دَابَّتَهُ إلَى دَائِنِهِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا إلَى أَنْ يُوفِيَهُ دَيْنَهُ وَانْتَفَعَ بِهَا الدَّائِنُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 565) لَوْ اُسْتُخْدِمَتْ الْعَمَلَةُ مِنْ دُونِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ] (الْمَادَّةُ 565) لَوْ اُسْتُخْدِمَتْ الْعَمَلَةُ مِنْ دُونِ تَسْمِيَةِ أُجْرَةٍ تُعْطَى أُجْرَتُهُمْ إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ وَمُعَامَلَةُ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ يُمَاثِلُونَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. لَوْ اُسْتُخْدِمَتْ الْعَمَلَةُ كَالْحَمَّالِ وَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ وَالسِّمْسَارِ وَمَنْ شَابَهَهُمْ مِمَّنْ يُعْرَفُونَ بِتَعَاطِي الْأَعْمَالِ بِالْأُجْرَةِ تُعْطَى أُجْرَتُهُمْ الْيَوْمِيَّةُ إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً فَيُعْطَوْنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (450 و 461، 462) ، وَإِذَا أَعْطَاهُمْ الْمُسْتَأْجِرُ زِيَادَةً عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِرِضَاهُ، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ الْأَنْقِرْوِيّ) وَمُعَامَلَةُ الْأَصْنَافِ الَّذِينَ يُمَاثِلُونَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ فِي زَمَانِنَا نُحَاسَهُ إلَى الْمُبَيِّضِ، وَالْمُبَيِّضُ بَيَّضَ النُّحَاسَ، لَزِمَ إعْطَاؤُهُ الْأُجْرَةَ الْمَعْرُوفَةَ لِكُلِّ قِطْعَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَانَ أَحَدٌ بِآخَرَ فِي بَيْعِ مَالِهِ فِي السُّوقِ بِدُونِ أَنْ يُسَمِّيَ لَهُ أُجْرَةً وَبَعْدَ أَنْ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ طَلَبَ أُجْرَةً يُنْظَرُ إلَى عَادَةِ ذَلِكَ السُّوقِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ يُعْمَلُ بِأُجْرَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي اسْتِخْدَامِ رَجُلٍ فِي حَانُوتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَشْبَاهٌ) . اسْتِخْدَامٌ - طَلَبُ الْخِدْمَةِ. أَمَّا إذَا عَمِلَ أَحَدٌ مِمَّنْ يُعْرَفُونَ بِالِاشْتِغَالِ بِالْأُجْرَةِ عَمَلًا مِنْ دُونِ طَلَبٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَأَنْ يَنْقُلَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ بِتَعَاطِي حِرْفَةٍ الْحِمْلَ بِالْأُجْرَةِ مَالًا لِآخَر إلَى بَيْتِهِ مِنْ دُونِ إذْنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ أُجْرَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (563) . ثَانِيًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِحْضَارِ وَدِيعَتِهِ الْعَيْنِ مِنْ عِنْدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَجَعَلَ لَهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ أُجْرَةً صَحَّ، وَلَوْ لَمْ تُعَيَّنْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ.

ثَالِثًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِتَعْلِيمِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عِلْمَ الصَّرْفِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا قِرْشًا فِي السَّنَةِ وَعَلَّمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الصَّغِيرَ فَلَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . رَابِعًا: تَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْخُصُومَةِ وَالْمُحَاكِمَةِ إذَا ذُكِرَتْ الْمُدَّةُ، أَمَّا إذَا لَمْ تُذْكَرْ مُدَّةٌ، فَلَا تَجُوزُ (الْأَنْقِرْوِيّ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِتَحْصِيلِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدِ النَّاسِ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ لِإِقَامَةِ الدَّعْوَى وَتَحْصِيلِ الدَّيْنِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ. فَلَوْ اشْتَغَلَ فِي إقَامَةِ الدَّعْوَى وَتَحْصِيلِ الدَّيْنِ مُدَّةَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، أَوْ عَشْرَةٍ وَحَصَّلَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . خَامِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِبِنَاءِ حَانُوتٍ فِي عَرْصَةٍ لَهُ مَمْلُوكَةٍ مِنْ حِجَارَتِهِ وَكِلْسِهِ، وَبَيَّنَ لَهُ طُولَهُ وَعَرْضَهُ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ، أَيْ إنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى تَعَامُلِ النَّاسِ مُقَاوَلَةَ بِنَاءٍ لِإِنْشَاءِ أَبْنِيَةٍ مَعَ تَعْيِينِ طُولِهَا وَعَرْضِهَا وَمِسَاحَتِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَوَادُّ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (الْفَيْضِيَّةُ) . لَكِنْ لَوْ قَاوَلَ أَحَدٌ بَنَّاءً عَلَى إنْشَاءِ دَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ بَعْضُ مَوَادِّ الْبِنَاءِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ كُلُّهَا، كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي زَمَانِنَا، فَلَيْسَ بِجَائِزٍ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَنْشَأَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إعْطَاءُ قِيمَةِ مَوَادِّ الْبِنَاءِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. وَتُعَيَّنُ قِيمَةِ مَوَادِّ الْبِنَاءِ كَالْحِجَارَةِ، وَالْخَشَبِ، وَالرَّمْلِ، وَالْكِلْسِ، وَغَيْرِهَا يَوْمَ الْخُصُومَةِ. مَثَلًا لَوْ ظَهَرَتْ قِيمَةُ مَوَادِّ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورَةِ ثَلَاثَمِائَةِ جُنَيْهٍ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ عُمُومًا أَرْبَعَمِائَةٍ فَيُفْهَمُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَوَادِّ الْمَذْكُورَةِ ثَلَاثُمِائَةِ جُنَيْهٍ، وَمِائَةُ الْجُنَيْهِ الْبَاقِيَةُ أُجْرَةُ إنْشَاءِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَجَاوَزَ أُجْرَةُ الْإِنْشَاءِ أَيْ أُجْرَتُهُ الْمِثْلِيَّةُ الْمِائَةَ جُنَيْهٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَالْمُقَاوَلَةُ الْفَاسِدَةُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا كَثِيرَةُ الِانْتِشَارِ فِي زَمَانِنَا، فَالْأَبْنِيَةُ الَّتِي تُنْشِئُهَا الْحُكُومَةُ كُلُّهَا تَقْرِيبًا يَصِيرُ إنْشَاؤُهَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَى تَرْكِ التَّعَامُلِ بِهَا مُطْلَقًا، وَبِمَا أَنَّ حَمْلَ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ مَا أَمْكَنَ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهَا إلَى الْفَسَادِ، وَحَمْلَ مِثْلِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الِاسْتِصْنَاعِ قَابِلٌ؛ لِأَنَّ اسْتِصْنَاعَ كُلِّ مَا تُعُومِلَ اسْتِصْنَاعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ صَحِيحٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (389) فَهَلْ يَرَى فُقَهَاؤُنَا هَذَا الْحَلَّ أَمْ أَنَّهُمْ يُجَوِّزُونَ حَالَةَ أُجْرَةِ الْعَمَلِ مَقْطُوعَةً كَمَا هُوَ مُتَعَارَفٌ، فَلَهُمْ الْقَوْلُ الْفَصْلُ فِي ذَلِكَ. سَادِسًا: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ خَادِمٍ مُشَاهَرَةً. وَعَلَى ذَلِكَ الْأَجِيرِ أَنْ يَقُومَ بِتَنْظِيفِ الْمَصَابِيحِ وَغَسْلِهَا وَتَوْضِئَةِ مَوْلَاهُ وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَإِشْعَالِ النَّارِ فِي الشِّتَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ إلَى بَعْدَ الْعِشَاءِ وَإِلَى أَنْ يَنَامَ النَّاسُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) فِي اسْتِئْجَارِ الْمَرْأَةِ إجَارَةُ الْآدَمِيِّ تَشْمَلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَأْجِرَ الْمَرْأَةَ وَيُكْرَهُ اسْتِخْدَامُ الرَّجُلِ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ عَلَى أَنْ يَخْلُوَ بِهَا.

(المادة 566) عقدت الإجارة على أن يعطى للأجير شيء من القيميات لا على التعيين

لَكِنْ لَا بَأْسَ مِنْ اسْتِئْجَارِ الرَّجُلِ الْمُتَزَوِّجِ امْرَأَةً حُرَّةً لِلْخِدْمَةِ عَلَى أَنْ لَا يَخْلُوَ بِهَا " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ " نَتَائِجُ اسْتِئْجَارِ الْآدَمِيِّ: لَوْ عَمِلَ الْأَجِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَمَلَ الَّذِي تُوجِبُهُ الْمُقَاوَلَةُ، فَالْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرٌ عَلَى الْقَبُولِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ كَمِّيَّةً مِنْ الْحَدِيدِ إلَى حَدَّادٍ، وَقَاوَلَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا كَذَا وَعَمَلهَا الْحَدَّادُ حَسْبَ أَمْرِهِ فَهُوَ مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِ مَا عَمِلَ، أَمَّا إذَا خَالَفَ أَمْرَهُ فِيمَا عَمِلَهُ، وَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ ضَمِنَ الْحَدَّادُ قِيمَةَ الْحَدِيدِ، وَيَبْقَى لَهُ مَا عَمِلَ، وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْوَصْفِ فَصَاحِبُ الْحَدِيدِ مُخَيَّرٌ إذَا شَاءَ ضَمَّنَهُ الْحَدِيدَ وَتَرَكَ لَهُ مَا صَنَعَ، وَإِذَا شَاءَ قَبِلَهُ وَأَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ) . لَوْ صَنَعَ الْحَدَّادُ مِعْوَلًا مِنْ الْحَدِيدِ الَّذِي أُعْطِيَ إلَيْهِ لِيَعْمَلَ مِنْهُ مِنْحَتًا ضَمِنَ الْحَدِيدَ الْمُعْطَى إلَيْهِ وَيَبْقَى الْمِعْوَلُ لَهُ وَهُنَا لَا يَكُونُ صَاحِبُ الْحَدِيدِ مُخَيَّرًا، كَمَا مَرَّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 899) أَمَّا إذَا صَنَعَ الْحَدَّادُ مِنْحَتًا لِقَطْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْحَدِيدِ الَّذِي أُعْطِيَ إلَيْهِ لِيَصْنَعَ مِنْهُ مِنْحَتَ نَجَّارٍ فَلِصَاحِبِ الْحَدِيدِ هُنَا الْخِيَارُ إذَا شَاءَ ضَمَّنَهُ الْحَدِيدَ وَتَرَكَهُ لَهُ، وَإِذَا شَاءَ قَبِلَ الْمِنْحَتَ الَّذِي صَنَعَ وَأَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ خَطَّاطًا لِنَسْخِ كِتَابٍ وَأَخْطَأَ فِيهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ الْخَطَأُ مَوْجُودًا فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ وَيُعْطِي الْخَطَّاطَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ عَلَى أَلَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، وَإِذَا شَاءَ تَرَكَ لِلْخَطَّاطِ الْكِتَابَ الْمَنْقُولَ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْوَرَقِ وَالْحِبْرِ، وَإِذَا كَانَ الْخَطَأُ فِي بَعْضِ صَفَحَاتِ الْكِتَابِ فَقَطْ فَعَلَيْهِ قَبُولُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ أُجْرَةَ صَفَحَاتِهِ الَّتِي نُسِخَتْ صَوَابًا بِنَصِيبِهَا مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةَ صَفَحَاتِ الْخَطَأِ بِأُجْرَتِهَا الْمِثْلِيَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ: إنَّهُ وَإِنْ لَزِمَ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ بَيَانُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ تَعْيِينُ الْعَمَلِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ السِّمْسَارُ وَالدَّلَّالُ وَالْحَمَّامِيُّ وَالْحَكَّاكُ وَمَنْ إلَيْهِمْ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ الْوَقْتِ أَوْ الْعَمَلِ فِي اسْتِئْجَارِهِمْ، وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُهُمْ بِلَا بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمُدَّةِ اسْتِحْسَانًا لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهِمْ، وَالْأُجْرَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ تَكُونُ حَلَالًا لِآخِذِهَا إذَا كَانَتْ بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ. [ (الْمَادَّةُ 566) عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنْ يُعْطَى لِلْأَجِيرِ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ] (الْمَادَّةُ 566) لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنْ يُعْطَى لِلْأَجِيرِ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ، مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ: إنْ خَدَمْتَنِي كَذَا أَيَّامًا أَعْطَيْتُكَ زَوْجًا وَاحِدًا مِنْ الْبَقَرِ لَا يَلْزَمُ الْبَقَرُ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهَا أَلْبِسَةً وَيُطْعِمَهَا مِنْ دُونِ تَعْيِينِ الثِّيَابِ وَالطَّعَامِ، كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ الْأَلْبِسَةُ وَلَمْ تُعْرَفْ تَلْزَمْ مِنْ الدَّرَجَةِ الْوُسْطَى 0 لَوْ عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنْ يُعْطَى لِلْأَجِيرِ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الْمَنْفَعَةُ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ " 471 " (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 460 و 461 و 462) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ: إنْ خَدَمْتنِي كَذَا أَيَّامًا أَعْطَيْتُكَ زَوْجًا وَاحِدًا مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ عَمِلْت لَك ثِيَابًا، وَلَمْ يُعَيِّنْ

(المادة 567) العطية التي أعطيت للخدمة من الخارج لا تحسب من الأجرة

الْبَقَرَتَيْنِ، أَوْ نَوْعَ الثِّيَابِ فَقَامَ الْأَجِيرُ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْبَقَرَتَانِ، أَوْ الثِّيَابُ، وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَقَطْ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَكِنْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ عَلَى أَنْ يَصْنَعَ لَهَا أَلْبِسَةً وَيُطْعِمَهَا مِنْ دُونِ تَعْيِينِ الثِّيَابِ وَالطَّعَامِ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ، وَلَا يَكُونُ عَدَمُ بَيَانِ نَوْعِ الثِّيَابِ وَوَصْفِهَا وَطُولِهَا وَعَرْضِهَا وَنَوْعِ الطَّعَامِ وَوَصْفِهِ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ، كَمَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ. وَتَلْزَمُ الثِّيَابُ أَوْ الطَّعَامُ مِنْ الدَّرَجَةِ الْوُسْطَى إنْ لَمْ تُوصَفْ وَلَمْ تُعْرَفْ. وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ بِمُقَابِلِ عَمَلِ أَلْبِسَةٍ كَهَذِهِ لِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا لَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ نَظَرًا لِشَفَقَةِ الْأَبِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْمُعْتَادُ أَنْ يَتَهَاوَدَ النَّاسُ مَعَ الظِّئْرِ وَيُكْرِمُوهَا وَالْجَهَالَةُ لِذَاتِهَا لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا لِلنِّزَاعِ الَّذِي تُفْضِي إلَيْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي، التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَمَّا إذَا عُرِفَتْ الْأَلْبِسَةُ وَوُصِفَتْ بِمَا سَتَكُونُ عَلَيْهِ لَزِمَ إعْطَاؤُهَا عَلَى مَا وُصِفَتْ وَعُرِفَتْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 465) وَمَا تُجْبَرُ الظِّئْرِ عَلَى الْقِيَامِ بِهِ مِنْ الْخِدْمَاتِ هُوَ غَسْلُ الصَّغِيرِ وَثِيَابِهِ مِنْ الْأَقْذَارِ كَالْبَوْلِ وَطَبْخُ طَعَامِهِ. وَعَدَمُ أَكْلِهَا مَا يُفْسِدُ حَلِيبَهَا، أَمَّا غَسْلُ الصَّبِيِّ وَثِيَابِهِ مِنْ الْأَوْسَاخِ، فَلَا يَلْزَمُهَا (الْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ الصَّغِيرَ لَبَنَ حَيَوَانٍ وَإِنْ فَعَلَتْ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَلَيْسَ لَهَا أَجْرٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْإِرْضَاعُ وَالتَّرْبِيَةُ، وَلَيْسَ اللَّبَنَ وَالتَّغْذِيَةَ أَيْ إنَّهَا لَمْ تَأْتِ بِالْعَمَلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْإِرْضَاعُ، وَهَذَا إيجَارٌ، وَلَيْسَ بِإِرْضَاعٍ وَفِي الْمُحِيطِ اسْتَأْجَرْت شَاةً لِتُرْضِعَ جَدْيًا، أَوْ ضَبًّا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ لِلَبَنِ الْبَهَائِمِ قِيمَةٌ فَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَلَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ لِلَبَنِ الْمَرْأَةِ قِيمَةٌ، فَلَا تَقَعُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَقَعُ عَلَى فِعْلِ الْإِرْضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالْحَضَانَةِ (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 567) الْعَطِيَّةُ الَّتِي أُعْطِيت لِلْخِدْمَةِ مِنْ الْخَارِجِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ] (الْمَادَّةُ 567) الْعَطِيَّةُ الَّتِي أُعْطِيت لِلْخِدْمَةِ مِنْ الْخَارِجِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ. الْعَطِيَّةُ الَّتِي تُعْطَى لِلْخَادِمِ مِنْ أَحَدِ النَّاسِ لَا تُحْسَبُ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا مِنْ سَيِّدِهِ. وَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ تُعْطَى لَهُ أُجْرَتُهُ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هِبَةٌ وَالْهِبَةُ تَكُونُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (861) مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقَبْضِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْخَادِمُ، وَلَيْسَ سَيِّدَهُ أَيْ إنَّ الْعَطِيَّةَ لَمْ تُوهَبْ إلَى السَّيِّدِ، وَلَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مَالِكَهَا. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ خَادِمًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ فِي الشَّهْرِ كَذَا قِرْشًا وَوَهَبَ أَحَدُ النَّاسِ ذَلِكَ الْخَادِمَ فِي أَيَّامِ عِيدٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَسَلَّمَهَا لَهُ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الْمَوْهُوبَة مَالًا لِلْخَادِمِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَقُولَ (إنَّ تِلْكَ الْهِبَةَ لِي لِكَوْنِهِ فِي خِدْمَتِي، وَلِذَلِكَ فَلِي أَنْ أَحْسِبُهَا مِنْ أُجْرَتِهِ) . [ (الْمَادَّةُ 568) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ أُسْتَاذٌ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ صَنْعَةٍ] (الْمَادَّةُ 568) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ أُسْتَاذٌ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَإِنْ ذُكِرَتْ مُدَّةٌ

(المادة 569) أعطى أستاذا ولده ليعلمه صنعة من دون أن يشترط أحدهما للآخر أجرة

انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمُدَّةِ حَتَّى أَنَّ الْأُسْتَاذَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِكَوْنِهِ حَاضِرًا وَمُهَيَّأً لِلتَّعْلِيمِ قَرَأَ التِّلْمِيذُ، أَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ مُدَّةٌ انْعَقَدَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنْ قَرَأَ التِّلْمِيذُ فَالْأُسْتَاذُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَإِلَّا، فَلَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ أُسْتَاذٌ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ كَالْفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ وَالطِّبِّ وَالنُّجُومِ وَاللُّغَةِ وَالْأَدَبِ وَالْخَطِّ وَالْحِسَابِ، أَوْ أَيْ صَنْعَةٍ فَإِنْ ذُكِرَتْ مُدَّةٌ كَالشَّهْرِ وَالسُّنَّةِ وَذُكِرَتْ الْأُجْرَةِ أَيْضًا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَانْعَقَدَتْ عَلَى الْمُدَّةِ حَتَّى أَنَّ الْأُسْتَاذَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِكَوْنِهِ حَاضِرًا وَمُهَيِّئًا لِلتَّعْلِيمِ قَرَأَ التِّلْمِيذُ، أَوْ لَمْ يَقْرَأْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بُيِّنَتْ فِي الْإِجَارَةِ الْأُجْرَةُ وَعُيِّنَتْ الْمُدَّةُ انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَمَتَى سَلَّمَ الْأُسْتَاذُ نَفْسَهُ لِلتَّعْلِيمِ وَكَانَ مُسْتَعِدًّا لِلْقِيَامِ بِذَلِكَ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْأُسْتَاذَ قَدْ أَصْبَحَ أَجِيرًا خَاصًّا لَكِنْ لَيْسَ لِلْأُسْتَاذِ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّعْلِيمِ وَإِنْ امْتَنَعَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (الْبَزَّازِيَّة) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 425) ، وَإِذَا انْقَضَى بَعْضُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يَتَعَلَّمْ التِّلْمِيذُ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَفْسَخَهَا " الْخَانِيَّةُ " وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ مُدَّةٌ انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (451، 462) ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنْ قَرَأَ التِّلْمِيذُ يَسْتَحِقُّ الْأُسْتَاذُ أَجْرَ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَلَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، وَإِلَّا، فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 471) [ (الْمَادَّةَ 569) أَعْطَى أُسْتَاذًا وَلَدَهُ لِيُعَلِّمَهُ صَنْعَةً مِنْ دُونِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أُجْرَةً] (الْمَادَّةَ 569) مَنْ أَعْطَى أُسْتَاذًا وَلَدَهُ لِيُعَلِّمَهُ صَنْعَةً مِنْ دُونِ أَنْ يُشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أُجْرَةً فَبَعْدَ تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ أُجْرَةً يُعْمَلُ بِعُرْفِ الْبَلْدَةِ وَعَادَتِهَا. مَنْ أَعْطَى أُسْتَاذًا وَلَدَهُ لِيُعَلِّمَهُ صَنْعَةً كَنَسْجِ الْأَقْمِشَةِ وَصُنْعِ النِّعَالِ وَتَعْمِيرِ السَّاعَاتِ كَذَا مُدَّةً، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أُجْرَةً أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْأُسْتَاذُ لِلْوَلَدِ أُجْرَةً، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْأَبُ لِلْأُسْتَاذِ أُجْرَةً فَبَعْدَ تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ أُجْرَةً يُعْمَلُ بِعُرْفِ الْبَلْدَةِ وَعَادَتِهَا أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ عُرْفُ الْبَلْدَةِ يَقْضِي بِأَخْذِ الْأُسْتَاذِ أُجْرَةً مِنْ التِّلْمِيذِ فَلِلْأُسْتَاذِ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْمِثْلِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْأُسْتَاذَ قَدْ عَلَّمَ التِّلْمِيذَ الصَّنْعَةَ، وَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْضِي بِإِعْطَاءِ الْأُسْتَاذِ أُجْرَةً إلَى تِلْمِيذِهِ فَلِأَبِ التِّلْمِيذِ أَخْذُ أُجْرَةِ ابْنِهِ الْمِثْلِيَّةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ التِّلْمِيذَ قَدْ أَعَانَ الْأُسْتَاذَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَعْمَالِ صِنَاعَتِهِ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (36 و 44) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالدُّرُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَمَّا إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا الْأُجْرَةَ عَلَى الْآخَرِ فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ حَسْبَ الشَّرْطِ وَيَلْزَمُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُنْظَرُ إلَى الْعُرْفِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (37) مَثَلًا لَوْ شَرَطَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا لِلْأُسْتَاذِ فِي مُقَابِلِ تَعْلِيمِ وَلَدِهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ

(المادة 570) استأجر أهل قرية معلما أو إماما أو مؤذنا وأوفى خدمته

الْأُجْرَةُ الَّتِي سَمَّاهَا وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ الْأُسْتَاذُ لِلْوَلَدِ كَذَا غرشا أُجْرَةً فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا لِوَالِدِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ - فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ، وَالدُّرَرُ، والشُّرُنْبُلاليّ) . [ (الْمَادَّةُ 570) اسْتَأْجَرَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مُعَلِّمًا أَوْ إمَامًا أَوْ مُؤَذِّنًا وَأَوْفَى خِدْمَتَهُ] (الْمَادَّةُ 570) لَوْ اسْتَأْجَرَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مُعَلِّمًا، أَوْ إمَامًا أَوْ مُؤَذِّنًا وَأَوْفَى خِدْمَتَهُ يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ. لَوْ اسْتَأْجَرَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مُعَلِّمًا لِيُعَلِّمَ أَوْلَادَهُمْ الْقُرْآنَ، أَوْ الْفِقْهَ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ الْعُلُومِ، أَوْ إمَامًا لِيُصَلِّيَ بِهِمْ أَوْ مُؤْذِنًا، أَوْ وَاعِظًا لِيَنْصَحَهُمْ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَوْفَى فِي خِدْمَتِهِ بِالْفِعْلِ، أَوْ كَانَ مُهَيَّأً لِلْقِيَامِ بِهَا فَلَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (469) ، وَإِذَا لَمْ يُعْطُوهُ أُجْرَتَهُ يُجْبَرُونَ عَلَى ذَلِكَ إجْبَارًا. فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهُمْ الْبَلْخِيُّونَ عَلَى خِلَافٍ فِي بَعْضِهِ مُخَالِفِينَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبَاهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الْعِبَادَاتِ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ جَمِيعًا عَلَى التَّعْلِيلِ بِالضَّرُورَةِ، وَهِيَ خَشْيَةُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . " إذَا كَانُوا مُتَهَيِّئِينَ لِلْخِدْمَةِ " فَقَوْلُهُ: إيفَاءُ الْخِدْمَةِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُتَهَيِّئِينَ لِلْعَمَلِ اسْتَحَقُّوا الْأُجْرَةَ، عَمِلُوا أَوْ لَمْ يَعْمَلُوا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (423 و 425) غَيْرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُعَيَّنْ الْأُجْرَةُ أَوْ الْوَقْتُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيهَا إذَا قَامَ الْأَجِيرُ بِالْعَمَلِ فِعْلًا، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (471) . (الدُّرُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا إذَا قَاوَلَ أَهْلُ قَرْيَةٍ أَحَدَ النَّاسِ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ مُسَانَهَةً وَقَامَ الرَّجُلُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ فِي الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الْحِنْطَةِ سَنَوِيًّا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ (أَهْلُ قَرْيَةٍ) قَوْلًا أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَاوَلَ إمَامُ جَامِعٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ مُدَّةً فِي ذَلِكَ الْجَامِعِ نِيَابَةً عَنْهُ بِكَذَا قِرْشًا مُشَاهَرَةً وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالصَّلَاةِ بِالنَّاسِ مُدَّةً فَلَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِتِلْكَ الْمُدَّةِ (النَّتِيجَةُ) وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ مُتَوَلٍّ عَلَى مَسْجِدٍ أَحَدًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ لِلصَّلَاةِ بِالنَّاسِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَلِإِيقَادِ الْمَصَابِيحِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُدَّةَ سَنَةٍ بِتِلْكَ الْخِدْمَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَتِهِ مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَاوَلَ أُسْتَاذٌ فِي مُدَرِّسَةٍ لِإِزْمَاعِهِ السَّفَرَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى آخَرَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ تَلَامِذَةَ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا قِرْشًا فِي الشَّهْرِ وَقَامَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ أَخَذَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، أَمَّا إذَا لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّةٌ وَأَقَامَ الرَّجُلُ بِالْخِدْمَةِ فِعْلًا فَبِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ هُنَا فَاسِدَةٌ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْبَزَّازِيَّة وَالْأَنْقِرْوِيّ وَالتَّنْقِيحُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ مِنْ دُونِ أَنْ يُبَيِّنَ مُدَّةً (عَلِّمْ ابْنِي الْقُرْآنَ فِي مَنْزِلِي كُلَّ يَوْمٍ وَمَتَى خَتَمَهُ أُعْطِك كَذَا قِرْشًا أُجْرَةً) وَعَلَّمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْوَلَدَ الْقُرْآنَ إلَى أَنْ خَتْمَهُ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَزِيدَ عَلَى الْأَجْرِ الْمُسَمَّى.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ مُؤَذِّنٌ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ إلَى بِلَادٍ أُخْرَى إلَى آخَرَ قُمْ بِالْأَذَانِ إلَى أَنْ أَعُودَ مِنْ غِيَابِي عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ كَذَا قِرْشًا أُجْرَةً وَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْأَذَانِ مُدَّةَ سَنَةٍ فَلَهُ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَلَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (462) (النَّتِيجَةُ 0 وَالْبَهْجَةُ) جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُهُ (لَوْ اسْتَأْجَرَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ أَحَدٌ وَلَدَهُ إلَى أُسْتَاذٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ) لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ وَلَدَهُ إلَى مُدَرِّسَةٍ لِيَتَعَلَّمَ وَلَمَّا تَعَلَّمَ مُدَّةً وَكَادَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ أَخْرَجَ وَلَدَهُ مِنْ عِنْدِ الْأُسْتَاذِ حَتَّى لَا يُعْطِيَ الْأُجْرَةَ وَالْهَدَايَا الْمُعْتَادَةَ فَلِلْأُسْتَاذِ أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ (التَّنْقِيحُ) اسْتِئْجَارُ الْآدَمِيِّ لِلطَّاعَةِ: اسْتِئْجَارُ الْآدَمِيِّ لِلطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ مَتَى حَصَلَتْ تَحْصُلُ لِلْعَامِلِ، وَلَيْسَ لِلْآمِرِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِي الْعِبَادَاتِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْغَيْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيُصَلِّيَ وَيَصُومَ لَهُ، فَلَا يَصِحُّ، وَبِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا لِلْمَيِّتِ، وَلَا لِلْقَارِئِ، وَمُنِعَ الْقَارِئُ لِلدُّنْيَا وَالْآخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ (الْأَنْقِرْوِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ أَنَّ التَّعْلِيمَ وَالْإِمَامَةَ وَالْأَذَانَ وَالْوَعْظَ هِيَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فَقَدْ جَازَ اسْتِئْجَارُهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ خَصَّصَتْ الْمَجَلَّةُ حُكْمَهَا بِهَا. وَقَدْ جَوَّزَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِئْجَارَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّمِينَ كَانُوا يُكَافِئُونَ الْمُعَلِّمِينَ فِي الزَّمَنِ الْقَدِيمِ مِنْ دُونِ شَرْطٍ، وَلَا قَيْدٍ عَمَلًا بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَذَهَبَ ذَلِكَ وَاشْتَغَلَ الْحُفَّاظُ بِمَعَاشِهِمْ وَقَلَّ مَنْ يُعَلِّمُ حِسْبَةً، وَلَا يَتَفَرَّغُونَ لَهُ أَيْضًا فَإِنَّ حَاجَتَهُمْ تَمْنَعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَلَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ لَذَهَبَ الْقُرْآنُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِ ذَلِكَ وَرَأَوْهُ حَسَنًا وَقَالُوا الْأَحْكَامُ قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ (الزَّيْلَعِيّ) اتَّفَقَتْ النُّقُولُ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الطَّاعَاتِ بَاطِلٌ لَكِنْ جَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ فَأَفْتَوْا بِصِحَّتِهِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْمُعَلِّمِينَ عَطَايَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَانْقَطَعَتْ، فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ وَأَخْذُ الْأُجْرَةِ لَضَاعَ الْقُرْآنُ وَفِيهِ ضَيَاعُ الدِّينِ لِاحْتِيَاجِ الْمُعَلِّمِينَ إلَى الِاكْتِسَابِ وَأَفْتَى مَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا مِنْ أَمْثَالِهِمْ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَجَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِمَا لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا فَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ لَوْ كَانُوا فِي عَصْرِهِمْ لَقَالُوا بِذَلِكَ. وَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ أَئِمَّةُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى عَلَى نَقْلِهِمْ بُطْلَانَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ إلَّا فِيمَا ذُكِرَ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. وَمَنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلْيَتَفَضَّلْ بِمُرَاجَعَةِ آخَرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفَتَاوَى الْمُسَمَّاةِ (تَنْقِيحٌ الْحَامِدِيُّ) (وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأُسْتَاذِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّلَامِيذِ الْمُرَادِ تَعْلِيمُهُمْ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ " أَيْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّالِبُونَ مَعْلُومِينَ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ مَا عَلَى صِحَّةِ الْإِجَارَةِ. وَكَمَا أَنَّ لِلْمُعَلِّمِينَ أَخْذُ أُجْرَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذُوا الْهَدَايَا الَّتِي

(المادة 571) الأجير الذي استؤجر على أن يعمل بنفسه ليس له أن يستعمل غيره

تُعْطَى عَادَةً لِلْمُعَلِّمِينَ كَالْهَدَايَا الَّتِي تُعْطَى لِلْمُعَلِّمِ عِنْدَمَا يَخْتِمُ الطَّالِبُ الْقُرْآنَ، أَوْ بَعْضَ السُّوَرِ وَالْهَدَايَا الَّتِي تُعْطَى لِلْمُعَلِّمِ فِي الْأَعْيَادِ وَفِي غَيْرِهَا، وَوَلِيُّ الطَّالِبِ أَيْ مَنْ أَرْسَلَهُ لِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ مُكَلَّفٌ بِتَأْدِيَةِ ذَلِكَ لِلْأُسْتَاذِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . إذَا اسْتَأْجَرَ رَئِيسُ سُوقٍ أَوْ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ مِنْ أَهْلِهِ حَارِسًا لِحِرَاسَتِهِ جَازَ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36 مَتْنًا وَشَرْحًا) (الْبَزَّازِيَّة) . وَحُكْمُ الْمَنَافِعِ فِي الْقُرَى عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (أَشْبَاهٌ) . [ (الْمَادَّةُ 571) الْأَجِيرُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ] (الْمَادَّةُ 571) الْأَجِيرُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ جُبَّةً لِخَيَّاطٍ عَلَى أَنْ يَخِيطهَا بِنَفْسِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ، فَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ خَاطَهَا بِغَيْرِهِ وَتَلِفَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ. أَيْ إنَّ الْأَجِيرَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلَهُ أَوْ خَادِمًا سَوَاءٌ أَشُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ عَمَلِهَا بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا قَالَ لِلْخَيَّاطِ مَثَلًا عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِنَفْسِكَ أَوْ بِيَدِكَ. أَمَّا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فَهُوَ مُطْلِقٌ (شَلَبِيّ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِمَا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّانِعِ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً فَالشَّرْطُ مُقَيَّدٌ وَيَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَكَذَلِكَ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمَا أَنَّهُ مَحَلٌّ مُعَيَّنٌ، فَلَا يُقِيمُ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَجِيرًا لِعَمَلٍ، فَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُقِيمَ مَكَانَهُ آخَرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ بِلَا عَقْدٍ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ خَالَفَ إلَى خَيْرٍ بِأَنْ اسْتَعْمَلَ مَنْ هُوَ أَصْنَعُ مِنْهُ أَوْ سَلَّمَ دَابَّةً أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُجَوِّزَاهُ، وَأَجَابَ السائحاني بِأَنَّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ فَإِنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ مُفِيدٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَفِي الْخَانِيَّةِ دَفَعَتْ إلَيْهِ غُلَامَهُ أَوْ تِلْمِيذَهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ اسْتِعْمَالُ مَنْ هُوَ أَحْذَقُ مِنْهُ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 427 أَيْضًا.) مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ جُبَّةً لِخَيَّاطٍ عَلَى أَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ، فَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا بِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ ابْنَهُ أَوْ وَكِيلَهُ وَإِنْ خَاطَهَا بِغَيْرِهِ، فَلَا تَلْزَمُ لَهُ أُجْرَةٌ وَإِنْ تَلِفَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 762 و 890) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ جُبَّةً إلَى خَيَّاطٍ عَلَى أَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ وَأَعْطَاهَا الْخَيَّاطُ إلَى ابْنِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ شَخْصٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ لِيَخِيطَهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْخَيَّاطِ أُجْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ لِعَدَمِ الْعَقْدِ بَيْنَهَا أَصْلًا وَعَلَيْهِ أَدَاءُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِابْنِهِ أَوْ وَكِيلِهِ، أَوْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ مَنْ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ ذَلِكَ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنْ فَعَلَتْ

(المادة 572) أطلق العقد حين الاستئجار

لَيْسَ لِلظِّئْرِ الْأُولَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرٌ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْقَصَّارُ الثِّيَابَ الَّتِي أُعْطِيت إلَيْهِ لِيَغْسِلَهَا بِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهَا إلَى غَيْرِهِ لِيَغْسِلَهَا، فَإِذَا تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِذَا لَمْ تَتْلَفْ، فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ (أنقروي) . قَدْ قُصِرَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى شَرْطِ الْعَمَلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا شُرِطَ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَتَهَاوَنَ الْأَجِيرُ فَلَمْ يُتِمَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَسُرِقَ الْمُسْتَأْجَرُ - فِيهِ مِنْ الْأَجِيرِ مِنْ دُونِ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْيَوْمِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِلِاسْتِعْمَالِ فَقَطْ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِهِ. وَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شُرِطَ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِيهِ هَلْ هُوَ الْيَوْمَ أَوْ غَدِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ. ثُمَّ لَوْ شُرِطَ وَقَصَّرَ بَعْدَ أَيَّامٍ يَنْبَغِي أَلَا يَجِبَ الْأَجْرُ إذْ لَمْ يَبْقَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَوْ هَلَكَ وَصَارَ كَمَا لَوْ جَحَدَ الثَّوْبَ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ مَقْصُورًا بَعْدَ جُحُودِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 572) أَطْلَقَ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ] (الْمَادَّةُ 572) لَوْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ. أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَجِيرَ بِأَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فَلِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ كَوَكِيلِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 64 و 78) وَسَوَاءٌ أَعَمِلَ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَمِلَهُ بِوَكِيلِهِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ. لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِطْلَاقِهِ يَكُونُ رَاضِيًا بِعَمَلِ غَيْرِهِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِذَاتِ الْأَجِيرِ بَلْ بِذِمَّتِهِ، وَهَذِهِ الذِّمَّةُ كَمَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَفِّيَهَا بِنَفْسِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوَفِّيَهَا بِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَمَلٌ - فِي ذِمَّتِهِ وَيُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَبِالِاسْتِعَانَةِ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إيفَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى، وَقَالَ الشِّبْلِيُّ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُعْتَادِ وَالْمُتَعَارَفِ فِيمَا لَمْ يُشْتَرَطْ، وَالصُّنَّاعُ يَعْمَلُونَ فِي الْعَادَاتِ بِأَنْفُسِهِمْ وَبِأُجَرَائِهِمْ، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ وَأَجِيرِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُطْلَقُ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَفِّيَهُ بِاسْتِعَانَةِ غَيْرِهِ، كَمَا فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ انْتَهَى وَالْمَقْصُودُ بِغَيْرِهِ هُوَ وَكِيلُهُ، كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي يَشْتَغِلُ عِنْدَهُ بِالْأُجْرَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَكِيلَهُ وَأَعْطَى الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لَهُ عَلَى هَذِهِ الصَّنْعَةِ كَانَ الْأَجِيرُ الْأَوَّلُ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 790) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَمَّا الْأَجِيرُ الثَّانِي، فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ كَإِتْلَافِهِمْ فِي مُودَعِ الْمُودَعِ - (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أنقروي، الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نَسَّاجًا مِقْدَارًا مِنْ الْحَرِيرِ - لِنَسْجِهِ وَالنَّسَّاجُ أَعْطَاهُ إلَى نَسَّاجٍ آخَرَ وَسُرِقَ مِنْهُ الْحَرِيرُ، فَإِذَا كَانَ النَّسَّاجُ الثَّانِي أَجِيرًا لِلنَّسَّاجِ الْأَوَّلِ، فَلَيْسَ عَلَى أَحَدِهِمَا مِنْ ضَمَانٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) ، أَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا لَزِمَ النَّسَّاجَ الْأَوَّلَ ضَمَانُ الْحَرِيرِ. كَذَلِكَ إذَا أَرْضَعَتْ الظِّئْرُ الْمُسْتَرْضَعَةُ عَلَى وَجْهِ

(المادة 573) قول المستأجر للأجير اعمل هذا الشغل إطلاق

الْإِطْلَاقِ الْوَلَدَ مِنْ أُخْرَى اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ تَارَةً يَعْمَلُ بِنَفْسِهِ وَتَارَةً بِغَيْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى مَالٍ فَأَعْطَاهُ الرَّجُلُ إلَى آخَرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ إذَا لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ وَالْعَيْنُ وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً عِنْدَهُ وَالْمُودِعُ لَا يَلِي الْإِيدَاعَ لَكِنَّهُ أَمَانَةٌ ضِمْنًا وَالضِّمْنِيُّ يُخَالِفُ الْقَصْدِيَّ (الْأَنْقِرْوِيّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 54) . [ (الْمَادَّةَ 573) قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ هَذَا الشَّغْلَ إطْلَاقٌ] (الْمَادَّةَ 573) قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ هَذَا الشَّغْلَ إطْلَاقٌ، مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْخَيَّاطِ خِطْ هَذِهِ الْجُبَّةَ بِكَذَا دَرَاهِمَ مِنْ دُونِ تَقْيِيدٍ بِقَوْلِهِ خِطْهَا بِنَفْسِكَ أَوْ بِالذَّاتِ وَخَاطَهَا الْخَيَّاطُ بِخَلِيفَتِهِ أَوْ خَيَّاطٍ آخَرَ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَإِنْ تَلِفَتْ الْجُبَّةُ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ. قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ اعْمَلْ هَذَا الشَّغْلَ إطْلَاقٌ، وَلَيْسَ بِتَقْيِيدٍ. فَعَلَى ذَلِكَ لِلْأَجِيرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ خَلِيفَتَهُ أَيْ الشَّخْصَ الَّذِي يَشْتَغِلُ عِنْدَهُ بِالْأُجْرَةِ بَدَلًا عَنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خِلَافٌ: - إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّنِي اشْتَرَطْتُ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَ الثَّوْبَ بِنَفْسِهِ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ إنَّكَ أَطْلَقْتَ إطْلَاقًا. فَالْقَوْلُ لِلْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشَّرْطِ وَالضَّمَانُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْخَيَّاطِ: خِطْ هَذِهِ الْجُبَّةَ مِنْ دُونِ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِعَمَلِهَا بِنَفْسِهِ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (571) أَوْ لِلصَّبَّاغِ: اُصْبُغْهَا بِكَذَا غرشا وَخَاطَهَا الْخَيَّاطُ وَصَبَغَهَا الصَّبَّاغُ بِخَلِيفَتِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ لَهَا خَيَّاطًا آخَرَ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَإِنْ تَلِفَتْ الْجُبَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِلَا تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ عِنْدَ خَلِيفَتِهِ أَوْ عِنْدَ الْخَيَّاطِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهَا أَوْ الصَّبَّاغِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ لِصَبْغِهَا لَا يَضْمَنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . فِي تَلَفِ الْحِمْلِ بِمُخَالِفَةِ الْحَمَّالِ الْأَمْرَ وَتَوَقُّفِهِ عَنْ الْمَسِيرِ فِي الطَّرِيقِ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حَمَّالًا حِمْلًا، وَقَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ اذْهَبْ مَعَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَعَيَّنَهُمَا لَهُ وَسَارَ وَحْدَهُ فِي الطَّرِيقِ فَخَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَغَصَبُوا مِنْهُ الْحِمْلَ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ مَخُوفَةً لَا يَسِيرُ فِيهَا الْإِنْسَانُ وَحْدَهُ ضَمِنَ الْحَمَّالُ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَخُوفَةً وَالنَّاسُ يَرُوحُونَ وَيَفِدُونَ فِيهَا مُنْفَرِدِينَ، فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، وَلَيْسَ لِلْحَمَّالِ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي الطَّرِيقِ عِدَّةَ أَيَّامٍ فَإِنْ فَعَلَ عُدَّ مُخَالِفًا وَغَاصِبًا وَعَلَيْهِ رَدُّ نَصِيبِ الْقِسْمِ الْبَاقِي مِنْ الطَّرِيقِ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَى صَاحِبِ الْأَحْمَالِ. وَإِذَا لَزِمَ صَاحِبَ الْأَحْمَالِ مَبْلَغٌ كَبِيرٌ أُجْرَةً لِلْأَوْعِيَةِ وَالظُّرُوفِ الَّتِي وُضِعَتْ فِيهَا أَمْتِعَتُهُ فَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْحَمَّالَ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ تَأَخَّرَ فِي الطَّرِيقِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّامِنِ عَشَرَ، التَّنْقِيحُ) .

(المادة 574) كل ما كان من توابع العمل ولم يشترط على الأجير يعتبر فيه عرف البلدة وعادتها

[ (الْمَادَّةُ 574) كُلُّ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْعَمَلِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَجِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا] (الْمَادَّةُ 574) كُلُّ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْعَمَلِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَجِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا، كَمَا أَنَّ الْعَادَةَ فِي كَوْنِ الْخَيْطِ عَلَى الْخَيَّاطِ. كُلُّ مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْعَمَلِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَجِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ الْبَلَدِ الَّذِي عُقِدَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ، وَالْمَادَّتَانِ (554 و 575) مُتَفَرِّعَتَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 37) . وَقَدْ قَالُوا فِي تَوَابِعِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا ذِكْرَ لِلشُّرُوطِ فِيهَا إنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى عَادَةِ كُلِّ بَلَدٍ كَالسِّلْكِ عَلَى الْخَيَّاطِ وَالدَّقِيقِ الَّذِي يُصْلِحُ الْحَائِكُ بِهِ الثَّوْبَ عَلَى رَدِّ الثَّوْبِ وَإِدْخَالِ الْحِنْطَةِ الْمَنْزِلَ عَلَى الْمَكَّارِي بِخِلَافِ الصُّعُودِ بِهَا إلَى الْغُرْفَةِ أَوْ السَّطْحِ وَالْإِكَافُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ وَالْحِبَالُ وَالْجَوَالِقُ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَمَا هِيَ الْعَادَةُ فِي زَمَانِنَا كَوْنُ الْخَيْطِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَوْ تَحْمِيلِ الْحِمْلِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكَارِي وَالْحِبْرِ عَلَى الْكَاتِبِ. مَثَلًا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مُكَارٍ لِنَقْلِ حِمْلٍ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ فَعَلَيْهِ الْحَبْلُ لِلتَّحْمِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَبْلَ يَكُونُ لِصِيَانَةِ الْحِمْلِ عَنْ الْوُقُوعِ. وَاذَا شُرِطَ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْجُوَالِقِ فَعَلَيْهِ اسْتِحْضَارُهُ أَيْضًا. كَذَلِكَ عَلَى الطَّبَّاخِ الَّذِي يُسْتَأْجَرُ لِطَبْخِ طَعَامٍ لِوَلِيمَةٍ أَنْ يَصُبَّهُ فِي أَوَانِي الْأَكْلِ. وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِطَبْخِ قَدْرٍ خَاصٍّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الطَّبَّاخِ (الْهِنْدِيَّةُ) فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا اسْتَأْجَرَ حَيَوَانًا فَالْإِكَافُ وَالْحِبَالُ وَالْجُوَالِقُ عَلَى مَا تَعَارَفُوهُ وَكَذَلِكَ اللِّجَامُ وَالسَّرْجُ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ لِلرُّكُوبِ مِنْ الدَّوَابِّ عَلَى مَا تَعَارَفَ النَّاسُ وَاعْتَادُوهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ) . وَعَلَى الظِّئْرِ، كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 566 " أَنْ تُطَهِّرَ الْوَلَدَ وَثِيَابَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَتَطْبُخَ لَهُ الطَّعَامَ. وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَصْرِفَ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (مَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ الْعَمَلِ) . لِأَنَّ أُجْرَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ لِلْحَمْلِ سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: فَلَوْ نَقَلَ الْحَمَّالُ الْحِمْلَ إلَى الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ وَوَزَنَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ هُنَاكَ وَبَقِيَ مُدَّةً فِيهِ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْمَحَلِّ أُجْرَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْحَمَّالُ اسْتَأْجَرَ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لِوَضْعِ الْحِمْلِ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمْلِ هُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لَزِمَتْهُ هُوَ اُنْظُرْ الشَّرْحَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهُ أَحَدُهُمَا لَزِمَتْ صَاحِبَ الْحِمْلِ أُجْرَةُ مَا بَعْدَ الْوَضْعِ وَالتَّسْلِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ عَشَرَ) (الْمَادَّةُ 575) يَلْزَمُ الْحَمَّالَ إدْخَالُ الْحِمْلِ إلَى الدَّارِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ وَضْعُهُ فِي مَحَلِّهِ مَثَلًا لَيْسَ عَلَى الْحَمَّالِ إخْرَاجُ الْحِمْلِ إلَى فَوْقِ الدَّارِ، وَلَا وَضْعُ الذَّخِيرَةِ فِي الْأَنْبَارِ.

(المادة 576) لا يلزم المستأجر إطعام الأجير

يَلْزَمُ الْحَمَّالَ أَيْ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ إدْخَالُ الْحِمْلِ إلَى الدَّارِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ وَضْعُهُ فِي مَحَلِّهِ مَا لَمْ يُشْرَطْ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ " الْهِنْدِيَّةُ ". مَثَلًا: لَيْسَ عَلَى الْحَمَّالِ الصُّعُودُ بِالْحِمْلِ إلَى الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ مِنْ الدَّارِ وَوَضْعُ الذَّخِيرَةِ فِي الْأَنْبَارِ. أَمَّا الْحَمَّالُونَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْأَحْمَالَ عَلَى الدَّوَابِّ فَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَحُطُّوا عَنْهَا الْأَحْمَالَ وَيُتَّبَعُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِي إدْخَالِهَا الدَّارَ. وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْعَدُوا بِهَا إلَى الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ أَيْضًا. مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ شَرْطٌ " الْبَزَّازِيَّةُ "، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ عَشَرَ ". [ (الْمَادَّةُ 576) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إطْعَامُ الْأَجِيرِ] (الْمَادَّةُ 576) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إطْعَامُ الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُ الْبَلْدَةِ كَذَلِكَ. لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إطْعَامُ الْأَجِيرِ مِنْ مَالِهِ، مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ نَجَّارًا فِي هَذَا الزَّمَانِ فِي الْآسَتَانَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إطْعَامُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 43) وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ خَادِمًا فِي إسْتَانْبُولَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إطْعَامِهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهَا، كَذَلِكَ إذَا اُسْتُؤْجِرَ ظِئْرٌ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ إطْعَامُهَا وَكِسْوَتُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهَا إطْعَامُ نَفْسِهَا وَكِسْوَتُهَا (الْبَزَّازِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ الْمُتَعَارَفُ فِي زَمَانِنَا هُوَ أَنَّ الظِّئْرَ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَرْضِعِ فَعَلَيْهِ إطْعَامُهَا. [ (الْمَادَّةُ 577) أُعْطِيَ دَلَّالٌ مَالًا وَلَمْ يَبِعْهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ] (الْمَادَّةُ 577) إنْ أُعْطِيَ دَلَّالٌ مَالًا، وَلَمْ يَبِعْهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ، فَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ بَاعَهُ دَلَّالٌ آخَرُ، فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ وَتَمَامُ الْأُجْرَةِ لِلثَّانِي. إنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ إذَا لَمْ يَعْمَلْ الْعَمَلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ وَفِي مَا يَلِي الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: إذَا قُووِلَ دَلَّالٌ عَلَى بَيْعِ مَالٍ بِكَذَا قِرْشًا فَدَارَ بِهِ الدَّلَّالُ وَلَمْ يَبِعْهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يَبِعْهُ، فَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 424 "؛ لِأَنَّ أُجْرَةَ الدَّلَالَةِ فِي مُقَابِلِ الْبَيْعِ، وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ عَرْضِهِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ مُدَّةً؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 36 ". وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ (إنَّ دَوْرَ الدَّلَّالِ) مُطْلَقًا وَإِنْ نَالَ الدَّلَّالَ مِنْ الدَّوَرَانِ بِالْمَالِ وَعَرْضِهِ عَلَى النَّاسِ لِبَيْعِهِ مَشَقَّةٌ، فَلَيْسَ لَهُ لَا الْأَجْرُ الْمُسَمَّى، وَلَا أَجْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ دَلَّالٌ آخَرُ، فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ شَيْءٌ لِدَوَرَانِهِ بِالْمَالِ وَتَمَامِ الْأُجْرَةِ لِلثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 469 " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ ".

(المادة 578) أعطى أحد ماله لدلال وقال بعه بكذا دراهم

ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِمُبَاشَرَةِ عَمَلٍ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ ذَلِكَ الْعَمَلَ، بَلْ اشْتَغَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْأَجِيرِ مِنْ أَجْرٍ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَصْلًا " الْفَيْضِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ ". أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَيَّنَ لِلْإِجَارَةِ وَقْتًا جَازَ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ أَبَاعَ أَوْ لَمْ يَبِعْ، وَإِذَا تَبَيَّنَ مُدَّةً، فَلَيْسَ بِجَائِزٍ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خِلَافُ الْمَسْأَلَةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَجَلَّةِ " الْأَنْقِرْوِيّ، وَالنَّتِيجَةُ. [ (الْمَادَّةُ 578) أَعْطَى أَحَدٌ مَالَهُ لِدَلَّالٍ وَقَالَ بِعْهُ بِكَذَا دَرَاهِمَ] (الْمَادَّةُ 578) لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَالَهُ لِدَلَّالٍ، وَقَالَ بِعْهُ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَإِنْ بَاعَهُ الدَّلَّالُ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَالْفَضْلُ أَيْضًا لِصَاحِبِ الْمَالِ، وَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ سِوَى الْأُجْرَةِ. لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لِلدَّلَّالِ، وَقَالَ بِعْهُ الْيَوْمَ بِكَذَا قِرْشًا فَإِنْ بَاعَهُ الدَّلَّالُ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَالْفَضْلُ أَيْضًا لِصَاحِبِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَضْلَ بَدَلُ مَالِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، فَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُبَدَّلَ كَانَ مَالَهُ فَالْبَدَلُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ سِوَى أُجْرَةِ الدَّلَالَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِزِيَادَةٍ) وَإِذَا لَمْ تُسَلَّمْ لَهُ أُجْرَةٌ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لِلدَّلَّالِ قَائِلًا: إذَا بِعْتَ الْمَالَ بِزِيَادَةٍ عَنْ كَذَا فَلَكَ الزِّيَادَةُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (450) (النَّتِيجَةُ) وَحُكْمُ هَذَا الدَّلَّالِ كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ (الْبَزَّازِيَّة) . وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ مَالَهُ لِلدَّلَّالِ قَائِلًا: إذَا بِعْته بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ قُرُوشٍ فَالزِّيَادَةُ بَيْنَنَا مُشْتَرَكَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَبِعْ الْمَالَ أَوْ بَاعَهُ بِعَشْرَةِ قُرُوشٍ فَقَطْ، فَلَيْسَ لِلدَّلَّالِ أُجْرَةٌ، وَلَوْ نَالَ تَعَبًا فِي سَبِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَتَضَمَّنُ لِنَفْيِ الْأُجْرَةِ إذَا لَمْ يَبِعْ الْمَالَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ قُرُوشٍ وَإِنْ بَاعَ الْمَالَ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ نِصْفَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ، وَالنَّتِيجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 579) لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقٌّ بَعْدَ أَخْذِ الدَّلَّالِ أَجَرْتَهُ وَضُبِطَ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ] (الْمَادَّةُ 579) لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقٌّ بَعْدَ أَخْذِ الدَّلَّالِ أَجَرْتَهُ وَضُبِطَ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ لَا تُسْتَرَدُّ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ. لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى أُجْرَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا قَامَ بِالْعَمَلِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُسْتَأْجِر وَفَسَدَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمَبِيعِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الدَّلَّالُ وَأَخَذَ دَلَالَتَهُ وَضَبَطَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ. أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ مِنْ الْأَسْبَابِ لَا تُسْتَرَدُّ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (469) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَهْجَةُ) لِأَنَّ الدَّلَالَةَ أُجْرَةُ عَمَلِ الدَّلَّالِ وَمَتَى تَمَّ الْعَمَلُ وَأُخِذَتْ الْأُجْرَةُ، فَلَا تُسْتَرَدُّ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ قَدْ أُعْطِيت الْأُجْرَةُ لِلدَّلَّالِ لَزِمَ إعْطَاؤُهَا لَهُ ثَانِيًا، لَوْ أَفْسَدَ أَحَدٌ الثَّوْبَ بَعْدَ أَنْ خَاطَهُ الْخَيَّاطُ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى أُجْرَتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 580) استأجر حصادين ليحصدوا زرعه الذي في أرضه

ثَالِثًا، إذَا هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ بَعْدَ أَنْ بَنَاهَا الْبَنَّاءُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ أُجْرَتَهُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ انْفِسَاخُ عَقْدِ الْبَيْعِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بَعْدَ وُجُودِهِ، أَمَّا إذَا ظَهَرَ مُؤَخَّرًا أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الدَّلَالَة، كَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ وَقَفَ، وَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ بِوَجْهٍ بِهَذَا اُسْتُرِدَّتْ الْأُجْرَةُ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّة 580) اسْتَأْجَرَ حَصَّادِينَ لِيَحْصُدُوا زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضِهِ] (الْمَادَّة 580) مَنْ اسْتَأْجَرَ حَصَّادِينَ لِيَحْصُدُوا زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضِهِ وَبَعْدَ حَصَادِهِمْ مِقْدَارًا مِنْهُ لَوْ تَلِفَ الْبَاقِي بِنُزُولِ آفَةٍ أَوْ بِقَضَاءٍ آخَرَ فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِقْدَارَ حِصَّةِ مَا حَصَدُوهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُ أَجْرِ الْبَاقِي. إذَا اشْتَغَلَ الْأَجِيرُ مِقْدَارًا مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي صَارَتْ مُقَاوَلَتُهُ عَلَيْهِ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ مَا اُشْتُغِلَ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: مَنْ اسْتَأْجَرَ حَصَادَيْنِ لِيَحْصُدُوا زَرْعَهُ الَّذِي فِي أَرْضِهِ، وَبَعْدَ حَصَادِهِمْ مِقْدَارًا مِنْهُ لَوْ تَلِفَ الْبَاقِي بِنُزُولِ آفَةٍ أَوْ بِقَضَاءٍ آخَرَ فَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِقْدَارَ حِصَّةِ مَا حَصَدُوهُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُ أَجْرِ الْبَاقِي. هَذِهِ الْمَادَّةُ تَحْتَوِي عَلَى فِقْرَتَيْنِ: الْأُولَى أَنَّ لِلْحَصَّادِينَ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى مِقْدَارَ حِصَّةِ مَا حَصَدُوهُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَيْسَ لَهُمْ أَخْذُ أَجْرِ الْبَاقِي، وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (469) وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (443) (الْبَهْجَةُ) . ثَانِيًا، لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ عُمْقُهَا كَذَا وَاتِّسَاعُهَا كَذَا وَبَعْدَ أَنْ حَفَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِقْدَارًا مِنْهَا إذَا اعْتَرَضَتْهُ طَبَقَةٌ يَسْتَلْزِمُ حَفْرُهَا مَشَقَّاتٍ كَثِيرَةً وَنَفَقَاتٍ بَاهِظَةً، يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ حَفْرُهَا بِالْآلَاتِ الْمُسْتَعْمَلَةِ لِحَفْرِ الْآبَارِ مُمْكِنًا، فَلَا يُنْظَرُ إلَى تِلْكَ الْمَشَقَّاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَيُجْبَرُ الْأَجِيرُ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَفْرُ مُمْكِنًا، فَلَيْسَ بِمُجْبَرٍ عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا أُجْرَةُ الْمِقْدَارِ الَّذِي تَمَّ حَفْرُهُ مِنْ الْبِئْرِ، فَإِذَا كَانَتْ الْبِئْرُ فِي بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ لَزِمَ حِصَّةُ الْمِقْدَارِ الَّذِي حَفَرَهُ، وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (482) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ عَشَرَ) . ثَالِثًا إذَا اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ لِسَنَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ جُنَيْهًا وَبَعْدَ أَنْ خَدَمَ الْمُسْتَأْجِرَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ جَاءَهُ فِي مُنْتَهَى السَّنَةِ وَطَلَبَ مِنْهُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي خَدَمَهَا عِنْدَهُ لَزِمَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَدَاؤُهَا إلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 581) لِأَب الطِّفْل فَسْخ الْإِجَارَة إذَا مَرِضَتْ أَوْ لَمْ يَأْخُذ الصَّبِيّ ثَدْيهَا أَوْ قَاءَ لَبَنهَا] (الْمَادَّةُ 581) كَمَا أَنَّ لِلظِّئْرِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لَوْ مَرِضَتْ كَذَلِكَ لِأَبِ الطِّفْلِ فَسْخُهَا إذَا مَرِضَتْ أَوْ حَمَلَتْ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ الصَّبِيُّ ثَدْيَهَا أَوْ قَاءَ لَبَنَهَا.

كَمَا أَنَّ لِلظِّئْرِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ إذَا مَرِضَتْ كَذَلِكَ لِأَبِ الطِّفْلِ فَسْخُهَا إذَا مَرِضَتْ أَوْ حَمَلَتْ أَوْ كَانَتْ بَذِيئَةَ اللِّسَانِ أَوْ سَارِقَةً أَوْ لَمْ يَأْخُذْ الصَّبِيُّ ثَدْيَهَا، أَوْ قَاءَ لَبَنَهَا؛ لِأَنَّ الظِّئْرَ إذَا مَرِضَتْ أَوْ حَمَلَتْ، فَكَمَا أَنَّ لَبَنَهَا يَضُرُّ بِالرَّضِيعِ، وَالرَّضَاعَةُ تَضُرُّ بِهَا فَلِذَلِكَ كَانَ لِلطَّرَفَيْنِ حَقُّ فَسْخِ الْإِجَارَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ تَجْرِ لَهَا عَادَةٌ بِإِرْضَاعِ وَلَدِ غَيْرِهَا وَكَذَا إذَا عَيَّرُوهَا بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِهِ عَلَى مَا قِيلَ: تَجُوعُ الْحُرَّةُ وَلَا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْهَا. وَهَذَا إذَا أَمْكَنَ مُعَالَجَتُهُ بِالْغِذَاءِ أَوْ بِأَخْذِ لَبَنِ الْغَيْرِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَمَا أَنَّ لِطَرَفِ الصَّغِيرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَ يُرِيدُ السَّفَرَ، وَلَمْ تَقْبَلْ الظِّئْرُ أَنْ تَصْحَبَهُ فِي سَفَرِهِ، فَلِطَرَفِ الظِّئْرِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ أَيْضًا إذَا كَانَ طَرَفُ الْمُسْتَرْضِعِ يُؤْذِيهَا. كَذَلِكَ لِلْمُسْتَرْضِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ إذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الظِّئْرَ زَانِيَةٌ، أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ حَمْقَاءُ. وَفَسْخُ الْإِجَارَةِ لِلزِّنَا نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ إمْكَانِهَا الْمُحَافَظَةَ عَلَى الصَّبِيِّ لِانْشِغَالِهَا فِي تَعَاطِي الْفُجُورِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَوْلُهُ فِي الْمَادَّةِ (لِلظِّئْرِ أَنْ تَفْسَخَ الْإِجَارَةَ) لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ الظِّئْرَ إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا مِنْ دُونِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِعُذْرٍ أَوْ بِدُونِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهِ، وَلِأَنَّ الْإِرْضَاعَ وَالسَّهَرَ فِي اللَّيْلِ لِلْعِنَايَةِ بِالصَّبِيِّ مُضِرٌّ بِصِحَّةِ الْمُرْضِعِ وَمُذْهِبٌ جَمَالَهَا، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ، وَلَوْ خِيفَ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ الْهَلَاكِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ ثَدْيَ ظِئْرٍ أُخْرَى. وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَ الظِّئْرِ وَذَلِكَ الرَّجُلِ ظَاهِرَةً فِي إقْرَارِهِ وَإِقْرَارِ الظِّئْرِ بِهَا، أَمَّا إذَا عَلِمَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِإِقْرَارِهِمَا فَقَطْ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". 1 - لِلظِّئْرِ أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ فِي بَيْتِهَا مَا لَمْ يَكُنْ إرْضَاعُ الصَّبِيِّ فِي بَيْتِهِ مَعْرُوفًا أَوْ مَشْرُوطًا (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 43 وَالْمَادَّةَ 82) وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بَعْضُ مَسَائِلَ فِي اخْتِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجِيرِ وَفِي أَيَّامِ التَّعْطِيلِ لِلْأَجِيرِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّنِي أَمَرْتُ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ، وَقَالَ الْخَيَّاطُ إنَّك أَمَرْتَنِي بِخِيَاطَةِ قَمِيصٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، كَذَلِكَ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا اخْتَلَفَ مَعَ الْأَجِيرِ، فَقَالَ إنَّنِي أَمَرْتُ بِصَبْغِ الثَّوْبِ بِلَوْنٍ أَحْمَرَ، وَقَالَ الْأَجِيرُ إنَّكَ أَمَرْتَنِي بِصَبْغِهِ بِلَوْنٍ أَصْفَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِعَمَلٍ مَا مُدَّةَ شَهْرٍ، فَلَا تَدْخُلُ أَيَّامُ الْجُمُعَةِ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الباب السابع في وظيفة الآجر والمستأجر وصلاحيتهما بعد العقد ويشتمل على ثلاثة فصول

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي وَظِيفَةِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَصَلَاحِيَّتهمَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَشْتَمِل عَلَى ثَلَاثَة فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ] ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ إذَا امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ الَّتِي أُجِّرَتْ إجَارَةً صَحِيحَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَحَتَّى يُضَيَّقَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ (الْخَيْرِيَّةُ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ الطِّرْفَيْنِ. (الْمَادَّةُ 582) تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إجَازَةِ الْآجِرِ وَرُخْصَتُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِلَا مَانِعٍ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إجَارَةِ الْآجِرِ وَرُخْصَتُهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِقَبْضِ الْمَأْجُورِ وَتَسْلِيمِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ بِلَا مَانِعٍ، وَلَا حَائِلٍ وَبِهَذَا الْإِذْنِ وَالتَّرْخِيصِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَكُونُ فِي حَوْزَةِ الْمُؤَجِّرِ وَمُلْكِهِ إنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمِثْلِ تِلْكَ الرُّخْصَةِ وَالْإِذْنِ اللَّذَيْنِ مَرَّ الْكَلَامُ عَنْهُمَا، وَالتَّسْلِيمُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ فِعْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَيْسَ الْمُؤَجِّرُ بِمُكَلَّفٍ بِهِ وَمَسْئُولٍ عَنْهُ وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 477 " أَيْ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ وَمَتَى سَلَّمَ الْمَأْجُورَ تَجِبْ الْأُجْرَةُ، وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ، فَلَا تَجِبُ وَالْمَوَادُّ (583 و 584 و 585) تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) وَعَدَمُ التَّسْلِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ أَخْذِ الْمُؤَجِّرِ أُجْرَةً، مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا لَهُ مُقْفَلًا فِي مَدِينَةٍ وَسَلَّمَ مِفْتَاحَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَرَخَّصَ لَهُ بِالْقَبْضِ وَالِاسْتِلَامِ فَيَكُونُ قَدْ سَلَّمَهُ لَهُ فَيَجِبُ الْأَجْرُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ وَقَيَّدَهُ فِي الْقُنْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمِصْرِ حَيْثُ قَالَ: وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ فِي السَّوَادِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِلدَّارِ وَإِنْ حَضَرَ فِي الْمِصْرِ وَالْمِفْتَاحُ فِي يَدِهِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَأَقَرَّهُ مَحْشُوُّ الْأَشْبَاهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ يُفْتَحُ بِالْمِفْتَاحِ مِنْ دُونِ كُلْفَةٍ كَانَ التَّسْلِيمُ صَحِيحًا، وَإِلَّا فَلَا " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 271 " مَتْنًا وَشَرْحًا

(المادة 583) إذا انعقدت الإجارة الصحيحة على المدة أو المسافة

وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مِفْتَاحَ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَتْحَ الْعَقَارِ بِذَلِكَ الْمِفْتَاحِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّسْلِيمُ، وَلَا تَجْرِي الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَالْأَنْقِرْوِيّ " خِلَافٌ: إذَا اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ، فَقَالَ الْأَجِيرُ إنَّ التَّسْلِيمَ تَحَقَّقَ لِتَمَكُّنِك مِنْ فَتْحِ بَابِ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ قَالَ بِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فَتْحِهِ. وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ دَعْوَاهُ يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ، فَإِذَا كَانَ الْمِفْتَاحُ الْمُعْطَى لِلْمُسْتَأْجِرِ مُرَافِقًا لِقُفْلِ الْعَقَارِ، فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ، وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 10 ". وَلَوْ بَرْهَنَّا فَبِنِيَّةِ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى. وَإِنْ كَانَ الْمِفْتَاحُ لَا يُلَائِمُ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِتَحْكِيمِ الْحَالِ مَتَى جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ كَمَسْأَلَةِ الطَّاحُونَةِ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ يَدَّعِي أَنَّهُ كَانَ يُلَائِمُ الْغَلْقَ، وَلَكِنَّ غَيْرَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَقُولُ لَا، بَلْ لَمْ يَكُنْ مُلَائِمًا مِنْ الْأَصْلِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْآجِرُ بِأَنَّ الْمِفْتَاحَ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ هَذَا الْمِفْتَاحَ، بَلْ الَّذِي أَعْطَيْتُهُ مُوَافِقًا لِلْقُفْلِ، وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ هَذَا الْمِفْتَاحَ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْآجِرِ، وَهُوَ لَمْ يُلَائِمْ الْقُفْلَ مِنْ الْأَصْلِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ لَا يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". كَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مِفْتَاحًا مِنْ الْآجِرِ لِفَتْحِ الْعَقَارِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ وَفُقِدَ مِنْهُ الْمِفْتَاحُ قَبْلَ أَنْ يُفْتَحَ الْعَقَارُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَثَرَ عَلَيْهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ فَتْحُ الْعَقَارِ مُمْكِنًا بِهِ فَقَدْ تَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَجَرَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمِفْتَاحُ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَابِ، وَلَمْ يُمْكِنْ فَتْحُ الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ بِهِ مُطْلَقًا، فَلَا تَجْرِي الْأُجْرَةُ. وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَانَ عَلَيْكَ أَنْ تَكْسِرَ بَابَ الْمَأْجُورِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَإِذَا غُصِبَ الْمَأْجُورُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ الْغَصْبِ لِزَوَالِ التَّسْلِيمِ. وَإِذَا أَرَادَ الْآجِرُ تَسْلِيمَ الْمَأْجُورِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 477 ". الِاخْتِلَافُ فِي تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ: إذَا اخْتَلَفَ الْآجِرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَقَالَ الْآجِرُ قَدْ سَلَّمْتُك الْمَأْجُورَ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّك لَمْ تُسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَبَقِيَ فِي يَدِكَ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْآجِرِ، وَإِذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 76 " " الحضالي ". وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ وَاخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ الْعَارِضِ، فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ عَرَضَ لِي مَانِعٌ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ غَصْبٍ مَثَلًا وَجَحَدَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْعَارِضُ قَائِمًا عِنْدَ الْخُصُومَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى حُدُوثِ الْمَنْعِ وَاخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ بَقَاءِ الْمَانِعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ (الْهِنْدِيَّةُ. فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 583) إذَا انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ] (الْمَادَّةُ 583) إذَا انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ يَلْزَمُ

(المادة 584) آجر أحد ملكه وكان فيه ماله

تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى أَنْ يَبْقَى فِي يَدِهِ مُتَّصِلًا وَمُسْتَمِرًّا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ خِتَامِ الْمَسَافَةِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَرْكَبَةً لِكَذَا مُدَّةً أَوْ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَرْكَبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي ظَرْفِ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ إلَى أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ الْمَحِلَّ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ فِي أُمُورِهِ إذَا انْعَقَدَتْ الْإِجَارَةُ الصَّحِيحَةُ عَلَى الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى أَنْ يَبْقَى فِي يَدِهِ مُتَّصِلًا وَمُسْتَمِرًّا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَخِتَامِ الْمَسَافَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَذَلِكَ لَازِمٌ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ حَالٌ مَانِعٌ سَقَطَتْ أُجْرَةُ مُدَّةِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ بَيَانُهُ يَلْزَمُ لِلُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الِاقْتِدَارِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَرْكَبَةً لِكَذَا مُدَّةً أَوْ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمَرْكَبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي ظَرْفِ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ إلَى أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ الْمَحِلَّ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ فِي أُمُورِهِ، أَوْ أَنْ يُمْسِكَهَا عِنْدَهُ أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْ آخَرَ أَوْ يُعِيرَهَا إلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَهَا صَاحِبُهَا بِلَا إذْنٍ تَسْقُطُ أُجْرَتُهَا عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا فِي يَدِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْقُطْ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا فِي يَدِهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَتُؤْخَذُ الْأُجْرَةُ فِي الِاسْتِمْرَارِ مُنْذُ الِاسْتِرْدَادِ. وَلَيْسَ قَوْلُهُ إذَا أَخَذَهَا صَاحِبُهَا أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَسْقُطُ أَيْضًا إذَا غَصَبَ الْمَأْجُورَ غَاصِبٌ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ: 1 - أَخَذَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّوَرِ الْأُولَى الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَتَكُونُ لَازِمَةً. 2 - أَخَذَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّوَرِ الْأُولَى الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَتَكُونُ لَازِمَةً. 3 - أَخَذَ أَجْنَبِيُّ الْمَأْجُورَ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّوَرِ الْأُولَى الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَتَكُونُ لَازِمَةً. 4 - أَخَذَ أَجْنَبِيٌّ الْمَأْجُورَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ فِي الصُّوَرِ الْأُولَى الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ فَتَكُونُ لَازِمَةً. اخْتِلَافٌ: إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى وُقُوعِ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ الْمَنْعِ لِلِانْتِفَاعِ يَحْكُمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ، فَإِذَا كَانَ الْمَانِعُ الْمَذْكُورُ مَوْجُودًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ لِلْمُؤَجِّرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 10) ، أَمَّا إذَا اتَّفَقَا عَلَى حُدُوثِ الْمَانِعِ وَاخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ بَقَائِهِ فَقَطْ، فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 584) آجَرَ أَحَدٌ مِلْكَهُ وَكَانَ فِيهِ مَالُهُ] (الْمَادَّةُ 584) لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مِلْكَهُ وَكَانَ فِيهِ مَالُهُ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فَارِغًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا

(المادة 585) سلم الآجر الدار ولم يسلم حجرة وضع فيها أشياءه

لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ مِلْكَهُ وَكَانَ فِيهِ مَالُهُ فَالْإِيجَارُ صَحِيحٌ وَالْمُؤَجِّرُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (523) مُجْبَرٌ عَلَى إخْلَاءِ الْمَأْجُورِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فَارِغًا لَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 477) إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا. أَيْ يَجِبُ أَنْ يُسَلِّمَهُ فَارِغًا أَوْ أَنْ يَكُونَ بَاعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى يَكُونَ التَّسْلِيمُ صَحِيحًا وَتَلْزَمَ الْأُجْرَةُ. كَمَا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ حَانُوتَهُ مِنْ آخَرَ وَاشْتَغَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْآجِرِ، فَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا وَقَبَضَهَا وَكَانَ بَعْضُ أَقْسَامِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مَشْغُولًا بِأَمْتِعَةِ الْآجِرِ سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِمِقْدَارِ الْمَكَانِ الْمَشْغُولِ مِنْ الدَّارِ. كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ أَرْضَهُ، وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِهِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةٌ، فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ دَارًا مِنْ امْرَأَتِهِ وَيَسْكُنُهَا هُوَ وَامْرَأَتُهُ مَعًا أُجْرَةٌ لِزَوْجِهِ (الْبَهْجَةُ، الْأَنْقِرْوِيّ الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 585) سَلَّمَ الْآجِرُ الدَّارَ وَلَمْ يُسَلِّمْ حُجْرَةً وَضَعَ فِيهَا أَشْيَاءَهُ] (الْمَادَّةُ 585) لَوْ سَلَّمَ الْآجِرُ الدَّارَ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حُجْرَةً وَضَعَ فِيهَا أَشْيَاءَهُ، يَسْقُطُ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ مِقْدَارُ حِصَّةِ تِلْكَ الْحُجْرَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرٌ فِي بَاقِي الدَّارِ وَإِنْ أَخْلَى الْآجِرُ الدَّارَ وَسَلَّمَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ تَلْزَمُ الْإِجَارَةُ يَعْنِي لَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ. لَوْ سَلَّمَ الْآجِرُ الدَّارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حُجْرَةً وَضَعَ فِيهَا أَشْيَاءَهُ أَوْ أَخَذَ حُجْرَةً مِنْ الدَّارِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ الدَّارَ جَمِيعَهَا سَقَطَ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ مِقْدَارُ حِصَّةِ تِلْكَ الْحُجْرَةِ. وَحِصَّةُ الْحُجْرَةِ مِنْ الْأُجْرَةِ تُعْلَمُ بِالطَّرِيقَةِ الْآتِيَةِ: فَإِذَا كَانَ مُعَيِّنًا لِكُلِّ حُجْرَةٍ أُجْرَةٌ عَلَى حِدَةٍ، فَذَلِكَ الْبَدَلُ يَكُونُ حِصَّةَ تِلْكَ الْحُجْرَةِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ، كَقَوْلِ الْآجِرِ هَذِهِ الدَّارُ ذَاتُ عَشْرِ حُجَرٍ، وَقَدْ أَجَّرْتُ كُلَّ غُرْفَةٍ مِنْهَا بِرِيَالٍ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ أُجْرَةُ كُلِّ حُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَعُيِّنَ بَدَلُ الدَّارِ جَمِيعِهَا فَتُعَيَّنُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْحُجْرَةِ بِالنِّسْبَةِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ أُجْرَةُ الدَّارِ الْمِثْلِيَّةُ بِحُجُرَاتِهَا جَمِيعِهَا اثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا وَأُجْرَتُهَا الْمِثْلِيَّةُ مَا عَدَا تِلْكَ الْحُجْرَةِ عَشْرُ رِيَالَاتٍ فَبِمَا أَنَّ الرِّيَالَيْنِ خُمْسُ الْعَشَرَةِ فَيَكُونُ مَا يُصِيبُ تِلْكَ الْحُجْرَةِ مِنْ الْأُجْرَةِ خُمْسَ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى. كَذَلِكَ لَوْ سَكَنَ الْمُؤَجِّرُ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يُصِيبُ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَسْكُنُهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ الدَّارِ. وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرًا فِي بَاقِي الدَّارِ لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَإِنْ شَاءَ سَكَنَ الْحُجَرَ الْبَاقِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 513) وَإِنْ شَاءَ أَجْبَرَ الْآجِرَ عَلَى إخْلَاءِ الْمَأْجُورِ جَمِيعِهِ. وَإِذَا أَخْلَى الْآجِرُ الدَّارَ مِنْ أَمْتِعَتِهِ أَيْ إذَا أَخْلَى تِلْكَ الْأُجْرَةَ لَزِمَتْ الْإِجَارَةُ أَيْ إنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْفَسْخِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) .

وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِالْحُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ نَاشِئٌ عَنْ فِعْلِ الْآجِرِ وَعَلَيْهِ يَسْقُطُ مِقْدَارُ حِصَّتِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ، أَمَّا عَدَمُ الِانْتِفَاعِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (519 و 521) لَيْسَ بِفِعْلِ الْآجِرِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) ، وَلَيْسَ لِلْآجِرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْمَأْجُورِ. مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الْآجِرُ رَبْطَ دَابَّتَهُ فِي الْمَأْجُورِ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ رَبَطَهَا مِنْ دُونِ إذْنٍ ضَمِنَ كُلَّ خَسَارَةٍ تُسَبِّبُهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 528) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ) .

الفصل الثاني في تصرف العاقدين في المأجور وبدل الإجارة بعد العقد

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَصَرُّفِ الْعَاقِدِينَ فِي الْمَأْجُورِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ] الْمَادَّةُ 586) لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ الْمَأْجُورِ لِآخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ عَقَارًا، وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَلَا. لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى قَوْلِ إيجَارِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 253) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ بِهَلَاكِ الْمَأْجُورِ يَحْصُلُ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ فَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي وَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ: (وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ قِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ وَمَنْفَعَةُ الْعَقَارِ يُتَصَوَّرُ هَلَاكُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بِهَلَاكِ الْبِنَاءِ فَيُتَمَكَّنُ فِيهِ الْغَرَرُ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ، فَلَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُتَمَكَّنُ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ بِهَلَاكِ الْمُسْتَأْجِرِ) انْتَهَى. مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ صَحَّ إذَا رَخَّصَ الْمُؤَجِّرُ الْأَوَّلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي بِالْقَبْضِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِيجَارِ خِلَافَ جِنْسِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الثَّانِي أَوْ مُعَادِلًا لَهُ أَوْ أَقَلَّ فَيَحِلُّ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الثَّانِي لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا كَانَ زَائِدًا وَكَانَ الْمُسْتَأْجِر الْأَوَّلُ زَادَ فِي الْمَأْجُورِ شَيْئًا، وَإِنْ كَلَسَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجِرَةَ فَتَحِلُّ لَهُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّق بِالزِّيَادَةِ. كَنْسُ الدَّارِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ لَوْ أَجَّرَهَا بِمِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً، كَمَا لَوْ وَتَدَ فِيهَا وَتَدًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ طِينًا، أَوْ أَصْلَحَ أَبْوَابَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ حَوَائِطِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، أَمَّا الْكَنْسُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ زِيَادَةٌ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مَنْ شَاءَ إلَّا الْحَدَّادَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَيُوهِنُهُ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ الْمَنَافِعُ الَّتِي يُقْتَدَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا: لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ مَنَافِعِ الْمَأْجُورِ مَا لَيْسَ بِمُقْتَدِرٍ هُوَ عَلَى اسْتِيفَائِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا لِلسُّكْنَى، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا عَلَى أَنْ تُسْتَعْمَلَ حَانُوتًا لِحَدَّادٍ أَوْ لِوَضْعِ طَاحُونٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ آخَرَ - لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا آجَرَ الشَّيْءَ الْمَأْجُورَ مِنْ مُؤَجِّرِهِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُؤَجَّرُ صَاحِبَ الْمَالِ أَوْ مُسْتَأْجِرًا. وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ شَخْصٌ ثَالِثٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَقُومُ فِي الْمَنْفَعَةِ مَقَامَ الْمُؤَجَّرِ وَإِيجَارُ الْمَأْجُورِ مِنْ الْآجِرِ تَمْلِيكُهُ مَنَافِعَ مِلْكِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَآجَرَهَا هَذَا مِنْ الْآجِرِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى خَلَلٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ الْأُولَى الصَّحِيحَةِ، وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَيْ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ أُجْرَةٌ. وَلَكِنْ إذَا قَبَضَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ. عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِرْدَادَ الْمَأْجُورِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (التَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ، فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا إذَا أَعَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْآجِرِ. أَيْ إنَّ الْمَأْجُورَ إذَا بَقِيَ فِي يَدِ الْآجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِرْدَادُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْوَكِيلِ بِالْإِيجَارِ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 477) (الْأَشْبَاهُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَاذَا تَقَايَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَالْآجِرُ الْإِجَارَةَ بَعْدَ أَنْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (443) ، وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مَنْقُولًا، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ ". هَذَا وَبَعْدَ بَيَانِ التَّصَرُّفِ بِالْمَأْجُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ نَأْتِي عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيمَا يَلِي: أَوَّلًا: لِلْآجِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مُقَابِلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . ثَانِيًا: إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانَاتٍ أَوْ مَكِيلَاتٍ أَوْ مَوْزُونَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ. ثَالِثًا: إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَيْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ كَالْمَوْزُونَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مُقَابِلِهِ عَيْنًا يَجُوزُ حَسْبَ حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا بَلْ كَانَ دَيْنًا فَيَجِبُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِذَا حَصَلَ افْتِرَاقٌ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ ". رَابِعًا: إذَا وَهَبَ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ الَّتِي تَكُونُ دَيْنًا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا أَنْ

(المادة 587) إيجار ما لم يتفاوت استعماله وانتفاعه باختلاف الناس لآجر

تَكُونُ مُعَجَّلَةً أَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ قَدْ اُسْتُوْفِيَتْ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ خَلَلٌ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً وَالْمَنْفَعَةُ لَمْ تُسْتَوْفَ أَيْضًا، فَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمُؤَجِّرِ وَإِبْرَاؤُهُ أَيْضًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الثَّانِي أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُجْرَةُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (466) . وَلَوْ أَبْرَأَ الْآجِرُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ كُلِّهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ نِصْفِ الْمَنْفَعَةِ صَحَّ فِي النِّصْفِ فَقَطْ عَلَى رَأْي الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ، وَفِي النِّصْفِ الْبَاقِي لَا يَكُونُ صَحِيحًا، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْكُلِّ إلَّا دِرْهَمًا صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 587) إيجَارُ مَا لَمْ يَتَفَاوَتْ اسْتِعْمَالُهُ وَانْتِفَاعُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ لِآجِرٍ] (الْمَادَّةُ 587) لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ مَا لَمْ يَتَفَاوَتْ اسْتِعْمَالُهُ وَانْتِفَاعُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ لِآجِرٍ. لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ الْمَأْجُورِ كَالدُّورِ وَالْأَرَاضِي مَا لَمْ يَتَفَاوَتْ اسْتِعْمَالُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ، الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى أَنْ تُسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةُ الَّتِي يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَوْ بِبَدَلٍ زَائِدٍ عَنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَإِعَارَتُهُ أَوْ إيدَاعُهُ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَيْسَ لَهُ إيجَارُهُ مِنْ غَيْرِهِ (التَّنْقِيحُ) هَذِهِ الْمَادَّةُ لَا تُفِيدُ حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (428) . وَالْمَادَّةُ (528) مُتَفَرِّعَةٌ عَنْهَا بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَمَّامًا عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ آجَرَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، فَلَيْسَ لِلْآجِرِ الْأَوَّلِ أَيْ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهَا بِدَاعِي أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يَضْبِطْهُ هُوَ وَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ، فَلَا يَرْضَى بِذَلِكَ (الْبَهْجَةُ) . وَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ الَّتِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي، بَلْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ " فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ " اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْمُحَرَّرَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْبَابِ الثَّانِي. ثَانِيًا: إذَا آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ مُعَجَّلًا وَكَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَهُ مُؤَجَّلًا، فَلَيْسَ لِلْمُؤَجَّرِ أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي. ثَالِثًا: إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي مُقِرًّا بِاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ: إنَّ الْمَأْجُورَ لَيْسَ مَالَكَ وَمَا لَمْ تُثْبِتْ أَنَّهُ مَالُكَ، فَلَا أُعْطِيكَ أُجْرَتَهُ (التَّنْقِيحُ) . وَقَوْلُ (مَا لَمْ يَتَفَاوَتْ اسْتِعْمَالُهُ وَانْتِفَاعُهُ) ؛ لِأَنَّ مَا يَتَفَاوَتُ اسْتِعْمَالُهُ وَانْتِفَاعُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَدَوَابِّ الرُّكُوبِ لَا يَصِحُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُهُ مِنْ آخَرَ أَوْ إعَارَتُهُ أَوْ إيدَاعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (427) (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَوْ يُعِيرَهَا لِآخَرَ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ أَوْ تُرْكَبَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (536 و 551) وَالْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (552) (الْبَزَّازِيَّةُ) . لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي بَيْدَرٍ دَابَّةَ لِنَقْلِ ذَلِكَ الْبَيْدَرِ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَلَمَهَا سَلَّمَهَا إلَى أَحَدِ

(المادة 588) المستأجر بإجارة فاسدة إذا آجر المأجور لآخر بعد القبض بإجارة صحيحة

شُرَكَائِهِ لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا الْبَيْدَرَ وَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ، فَإِذَا كَانَ مُتَعَارَفًا وَمُعْتَادًا اسْتِعْمَالُ الشَّرِيكِ الدَّابَّةَ الَّتِي يَسْتَأْجِرُهَا شَرِيكُهُ، فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . وَقَوْلُهُ (مَا يُقْتَدَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَنَافِعَ الَّتِي يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا) وَقَوْلُ (بِمِقْدَارِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا لِسَنَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ آخَرَ لِسَنَتَيْنِ فَإِنْ فَعَلَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى تُفْسَخْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي إيجَارِ الْمَأْجُورِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فُضُولِيًّا فَلِصَاحِبِ الْمَالِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ) . وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِبَدَلٍ زَائِدٍ) إذْ أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ شَيْئًا بِكَذَا قِرَشًا أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْبَدَلِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ الْبَدَلُ الَّذِي اسْتَأْجَرَ بِهِ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ عَنْ الْبَدَلِ الَّذِي أَجَّرَ بِهِ فَالزِّيَادَةُ تَكُونُ حَلَالًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (586) . [ (الْمَادَّةُ 588) المستأجر بِإِجَارَةِ فَاسِدَة إذَا آجرّ الْمَأْجُور لِآخِرِ بَعْد القبض بِإِجَارَةِ صَحِيحَة] (الْمَادَّةُ 588) الْمُسْتَأْجِرُ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا آجَرَ ذَلِكَ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِإِجَارَةٍ صَحِيحَةٍ جَازَ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْجُورُ مِمَّا يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُهُ مِنْ آخَرَ حَسْبَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ جُوِّزَ إيجَارَ الْمَأْجُورِ بِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى قَوْلٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي آجَرَ مِنْهُ الْمَأْجُورُ، أَمَّا هُوَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ إلَى آجِرِهِ أَجْرَ الْمِثْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْمُؤَجَّرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَيَسْتَرِدُّ الْمَأْجُورَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْأَشْبَاهُ) مَعَ أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 372) . وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ: أَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْمَبِيعِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، فَلَا يُمْكِنُ قَبْضُ الْمَنَافِعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا حَتَّى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ إذَا اسْتَوْفَى الْمَنَافِعَ كَامِلَةً، فَلَيْسَ لَهُ إجَارَتُهَا لِآخَر إذْ تَكُونُ قَدْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ فَرْقٌ، فَإِنَّ الْفَاسِدَ مِنْ الْبَيْعِ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَالْفَاسِدَ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا يُمْلَكُ الْمَنَافِعُ بِالْقَبْضِ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا. وَلَوْ آجَرَهَا وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَلِلْآجِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْقُضَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ، وَعَلَى قَوْلٍ إنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لِلْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ هُوَ: لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مُسْتَأْجِرِهِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَجْرَ الْمِثْلِ. [ (الْمَادَّةُ 589) آجَرَ أَحَدٌ مَالَهُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ آخَرَ إجَارَةً لَازِمَةً] (الْمَادَّةُ 589) لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالَهُ عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ آخَرَ إجَارَةً لَازِمَةً، ثُمَّ

أَجَرَهُ أَيْضًا تِلْكَ الْمُدَّةَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِهِ لَا تَنْفُذُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَلَا تُعْتَبَرُ. لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالًا لَهُ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا عَلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ إجَارَةً لَازِمَةً، ثُمَّ آجَرَ أَيْضًا ذَلِكَ الْمَالَ تِلْكَ الْمُدَّةَ نَفْسَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى، وَلَا تَكُونُ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ نَافِذَةً، وَلَا مُنْعَقِدَةً، وَتَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ بَتَاتًا لَا فِي حَقِّ الْآجِرِ، وَلَا الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ نَفَاذِهِ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ مَسْأَلَتَانِ: 1 - بِمَا أَنَّ إجَارَةَ الْآجِرِ ثَانِيَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ مَوْقُوفَةً بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَلَهُ إذَا شَاءَ أَنْ يُجِيزَهَا وَالْأُجْرَةُ تَكُونُ لَهُ أَيْ إنَّهَا تَكُونُ مِلْكَهُ، وَإِذَا شَاءَ فَسَخَهَا وَأَبْطَلَهَا. 2 - لَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَيْنِ ادَّعَيَا الْإِجَارَةَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِجَارَةِ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ إجَارَةَ الْآخَرَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ أَنْ يُحَلِّفَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّفَهُ وَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ إجَارَتُهُ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ بِإِقْرَارِهِ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ إجَارَتِهِ الْمَأْجُورَ مَرَّةً ثَانِيَةً لِآخَرَ بَعْدَ أَنْ أَجَرَهُ مَرَّةً أُولَى مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (خَانِيَّةٌ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ نَفَاذِهَا فِي حَقِّ الْآجِرِ أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: لَوْ آجَرَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ ثَانِيَةً مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى بِالْإِقَالَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَلَا يَلْزَمُ الْآجِرَ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ (حَمَوِيٌّ) أَيْ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مَقِيسَةٍ عَلَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَشْبَاهُ) . وَلَيْسَ قَوْلُهُ (إجَارَةٌ لَازِمَةٌ) الْمُشْتَمِلُ عَلَى مَعْنَى الصِّحَّةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَبِمَا أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ مَا لَمْ تُفْسَخْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا (الْخَيْرِيَّةُ) . غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ احْتِرَازٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ لِلْمُؤَجَّرِ خِيَارُ شَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارُ كَذَا أَيَّامًا وَفِي خِلَالِ مُدَّةِ الْخِيَارِ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَنَفَذَتْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا وَآجَرَ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عُدَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَسْخًا لِلْإِجَارَةِ فِعْلًا. وَقَوْلُهُ (تِلْكَ الْمُدَّةُ) لِأَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُؤَجَّرُ ثَانِيَةً مُدَّةً أُخْرَى غَيْرَ تِلْكَ صَحَّ. مَثَلًا لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُخَلِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ أَجَرَهُ صَاحِبُهُ مِنْ آخَرَ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ، وَلَا تُحْسَبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةٌ مَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَأْجُورُ لَهُ فَارِغًا (الْبَزَّازِيَّة) . كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ مِنْ آخَرِ الشَّهْرِ، ثُمَّ آجَرَ تِلْكَ الدَّارَ فِي الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِهِ لِشَهْرِ صَفَرٍ فَالْإِجَارَتَانِ صَحِيحَتَانِ. فَتُسَلَّمُ الدَّارُ أَوَّلًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ شَهْرِ مُحَرَّمٍ

(المادة 590) باع الآجر المأجور بدون إذن المستأجر

الْمَذْكُورِ وَانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ تُسَلَّمُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فِي غُرَّةِ صَفَرٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 440) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَقَوْلُهُ (فَلَيْسَ لَهُ إيجَارُ ذَلِكَ الْمَالِ) إذْ لِلْآجِرِ إيجَارُ مَالٍ لِآخَرَ. مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ حُجْرَةً مِنْ دَارِهِ فَلَهُ إيجَارُ تِلْكَ الدَّارِ لِمُسْتَأْجِرٍ آخَرَ غَيْرَ تِلْكَ الْغَرْفَةِ الْمُؤَجَّرَةِ (التَّنْقِيحُ) وَقَوْلُهُ لِغَيْرِهِ - لِأَنَّ إيجَارَهَا لِلْآجِرِ نَفْسِهِ هُنَا غَيْرُ مَعْقُولٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ لَا يَكُونُ مُؤَجِّرًا وَمُسْتَأْجِرًا مَعًا [ (الْمَادَّةُ 590) بَاعَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ] (الْمَادَّةُ 590) لَوْ بَاعَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ الِاشْتِرَاءِ إلَّا أَنْ يَطْلُبَ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَيَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِقْدَارُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ نَقْدًا، وَلَوْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ذَلِكَ سَقَطَ حَقُّ حَبْسِهِ. لَوْ بَاعَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا بِحَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَيْ إنَّهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ فَكِّ الْإِجَارَةِ. وَإِنْ كَانَ نَافِذًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّ الْمَبِيعَ مَأْجُورٌ أَوْ لَا. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ فَعَلَ فَلَا حُكْمَ لِفَسْخِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ نَفَاذِهِ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ إنَّمَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى حَقِّهِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِعَدَمِ نَفَاذِ الْبَيْعِ وَإِعْطَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ الصَّلَاحِيَّةَ بِالْفَسْخِ زَائِدٌ عَنْ اللُّزُومِ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ أَوْ فَسَخَهُ، ثُمَّ عَادَ وَأَجَازَهُ كَانَتْ الْإِجَازَةُ جَائِزَةً (الْبَزَّازِيَّة) حَتَّى أَنَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ لِكَوْنِهِ نَافِذًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ عَنْ الِاشْتِرَاءِ أَيْ عَنْ قَبُولِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ الطَّرَفَيْنِ مَا لَمْ يَطْلُبْ الْمُشْتَرِي تَسَلُّمَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَقَبِلَ لُزُومَ الْبَيْعِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مَأْجُورًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ، وَهُوَ إلَى الْقَاضِي (الْعِنَايَةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَاب التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ، والْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَشَرَ) ، وَلَا يَنْقَلِبُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الصِّحَّةِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . وَاسْتِعْمَالُ الْمُشْتَرِي هَذَا الْحَقَّ أَيْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِفَسْخِ الْبَيْعِ عَلَى قَوْلٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا عِنْدَ الِاشْتِرَاءِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ مَأْجُورٌ أَوْ لَا

فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ الْمَبِيعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ عِنْدَ عَجْزِ الْبَائِعِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِإِيجَارِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا، فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ حَقَّ الْفَسْخِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهَا قَبِلَتْ قَوْلَ الطَّرَفَيْنِ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَالصَّحِيحَ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الطَّرَفَيْنِ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) . فَعَلَى ذَلِكَ إذَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى الْمُؤَجِّرِ الْبَائِعِ بِخِيَارِ الْبَيْعِ، فَلَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ مَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، فَلَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ أَيْضًا عَلَى قَوْلٍ وَتَعُودُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ (هِنْدِيَّةٌ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَشَرُ) . فَلَوْ بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ حَقَّ الْفَسْخُ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الْمَأْجُورَ عَلَى الْآجِرِ بِعَيْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لَا تَعُودُ الْإِجَارَةُ، وَلَا بِشَكْلٍ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ هَلْ تَعُودُ الْإِجَارَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى، أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ الزربخري أَنَّهَا لَا تَعُودُ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى جَدِّي شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ الْحُسَيْنِ أَنَّهَا تَعُودُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَشَرَ) . وَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمْ أَيْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ، وَلَا تَعُودُ بَعْدَ انْفِسَاخِهَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِ الْفَسْخِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ بِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ أَيْ يُرَدَّ إلَيْهِ مِقْدَارُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ نَقْدًا لِلْآجِرِ وَرِضَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْبَيْعِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ رِضَاءٌ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي حَبْسِ الْمَأْجُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ إجَازَتِهِ الْبَيْعَ أَنْ يُمْسِكَ الْمَأْجُورَ فِي يَدِهِ لِاسْتِرْدَادِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ. وَلَوْ سَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ذَلِكَ الْبَدَلَ سَقَطَ حَقُّ حَبْسِهِ. حَتَّى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ بَاعَ الْمَأْجُورَ وَسَلَّمَهُ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ، ثُمَّ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ، فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَأْجُورِ، أَمَّا إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ فَقَطْ، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِهِ. وَإِذَا بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الدَّابَّةَ الْمُسْتَأْجَرَةَ مِنْ أَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ دُونِ عُذْرٍ وَعَطِبَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ تِلْكَ الدَّابَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَابِ التَّاسِعِ الْبَزَّازِيَّة) . وَلْتُرَاجَعْ التَّفْصِيلَاتُ الْوَارِدَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (355) فِي شَأْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَقِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ إذَا بَاعَ الْمَأْجُورَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ، وَلَوْ رَخَّصَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْعَ الْمَأْجُورِ مِنْ أَحَدِ النَّاسِ وَبَاعَهُ الْآجِرُ مِنْ غَيْرِهِ فَالْبَيْعُ يَكُونُ نَافِذًا أَيْضًا، أَمَّا لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مِنْ أَحَدٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا يَجُوزُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ) . وَالْفَرْقُ: هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقٌّ فِي بَدَلِ الْمَأْجُورِ أَيْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَوْ اسْتَبْدَلَ حَانُوتَهُ بِحَانُوتٍ

آخَرَ بِجَانِبِهِ وَأَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا الْبَيْعَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ إتْمَامَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الْحَانُوتِ الثَّانِي. أَمَّا إذَا بِيعَ الرَّهْنُ وَأَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ ثَمَنُ الرَّهْنِ رَهْنًا، وَعَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِعْ الرَّهْنَ مِنْ فُلَانٍ وَعَيَّنَهُ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ قَدْ يَكُونُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُرْتَهِنُ أَغْنَى مِنْ الَّذِي يُرِيدُ الرَّاهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ مِنْهُ فَلِذَلِكَ كَانَ تَعْيِينُ الْمُرْتَهِنِ لِلْمُشْتَرِي صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ مُخَالِفَتُهُ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ إذَا بَاعَهُ قَيْدًا أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ؛ لِأَنَّ الْآجِرَ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَأْجُورَةَ مَثَلًا مِلْكٌ لِفُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ يَنْفُذُ فِي حَقِّهِ وَيَكُونُ بَاطِلًا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ مَتَى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ تُسَلَّمُ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ مُدَاخَلَةٌ فِيهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) . فِي طَلَبِ الْمُشْتَرِي الْأُجْرَةَ وَأَخْذِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي بَيْعِ الْمَأْجُورِ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَأْجُورَةَ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ مُدَّةٍ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أُجْرَةً مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْأُجْرَةُ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُسْتَقِلَّةٌ. وَلَوْ وَعَدَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ قَائِلًا: إنَّك مَتَى رَدَدْت إلَيَّ الثَّمَنَ أَرُدَّ إِلَيْكَ الْمَبِيعَ وَأَحْسِبُ لَك مَا أَخَذْته مِنْ الْأَجْرِ مِنْ أَصْلِ الثَّمَنِ، فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى إنْجَازِ وَعْدِهِ هَذَا بِأَنْ يُحْسَبَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ مِنْ أَصْلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ أَنْجَزَ وَعْدَهُ فَيَكُونُ قَدْ أَحْسَنَ، وَإِذَا شُرِطَ وَعْدٌ كَهَذَا فِي الْبَيْعِ حِينَ الْعَقْدِ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) .

الفصل الثالث في بيان المواد المتعلقة برد المأجور وإعادته

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَدِّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتِهِ] الْمَادَّةُ 591) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الْمَأْجُورِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. لَا يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ حَقٍّ فِي الْمَأْجُورِ مَتَى انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ فَعَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ: أَوَّلًا: أَنْ يَرْفَعَ يَدَهُ عَنْ الْمَأْجُورِ أَيْ أَلَا يَسْتَعْمِلَهُ. ثَانِيًا: أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُؤَجَّرِ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ. وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: يُلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الْمَأْجُورِ أَيْ عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْآجِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْجُورُ مُحْتَاجًا إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ أَوْ لَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 594) وَالْمَادَّتَانِ (592 و 593) الْآتِيَتَانِ فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ؛ لِأَنَّ تَسَلُّمَ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَأْجُورَ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ وَمَتَى اُسْتُوْفِيَتْ تِلْكَ الْمَنَافِعُ، فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِذَلِكَ الْعَقْدِ. فَوَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَأْجُورِ بَعْدَ ذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ رِضَاءِ الْمُؤَجَّرِ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ. وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ رَفْعُ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا - لَوْ اسْتَأْجَرَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا لِتَتَزَيَّنَ بِهَا يَوْمًا وَاحِدًا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا زِيَادَةً عَنْ يَوْمٍ فَإِنْ اسْتَعْمَلَتْهَا أَوْ طَلَبَهَا مِنْهَا الْآجِرُ، وَلَمْ تُعْطِهَا لَهُ عُدَّتْ غَاصِبَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالِبْهَا وَبَقِيَتْ فِي يَدِهَا وَحَفِظَتْهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (التَّنْقِيحُ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ لِلْحِفْظِ وَالْإِمْسَاكِ لِلِاسْتِعْمَالِ هُوَ كَمَا يَأْتِي: كُلُّ مَوْضِعٍ يُمْسَكُ فِيهِ الْمَأْجُورُ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِمْسَاكُ اسْتِعْمَالًا، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُمْسَكُ فِيهِ الْمَأْجُورُ لِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ حِفْظٌ. فَعَلَى هَذَا إذَا تَسَوَّرَتْ الْمَرْأَةُ بِالْخَلْخَالِ أَوْ تَخَلَّلَتْ بِالسِّوَارِ أَوْ تَعَمَّمَ الرَّجُلُ بِالْقَمِيصِ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى الْعَاتِقِ فَهَذَا كُلُّهُ حِفْظٌ، وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ وَكَذَلِكَ وَضْعُ الْخَاتَمِ فِي الْجَيْبِ وَوَضْعُ غِطَاءِ الرَّأْسِ تَحْتَ جَنَاحِهِ هُوَ حِفْظٌ، وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ. وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ (طَبَقًا) وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَضَعَهُ عَلَى رَأْسِ إنَاءٍ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ مَا بِدَاخِلِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَحْتَاجُ إلَى وِقَايَةٍ فَيَكُونُ وَضْعُ ذَلِكَ الطَّبَقِ اسْتِعْمَالًا. وَإِلَّا فَيَكُونُ

حِفْظًا (هِنْدِيَّةٌ قُبَيْلَ الْبَابِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ) . ثَانِيًا - مَنْ يَسْتَأْجِرُ عَقَارًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ لَيْسَ لَهُ إيجَارُهُ لِمُدَّةِ سَنَتَيْنِ مِنْ آخَرَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 587) الْبَزَّازِيَّةُ. ثَالِثًا - إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ دَارًا وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَرَكَ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا، وَلَمْ يُعْطِ الْمِفْتَاحَ لِلْمُؤَجِّرِ فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُفْتَحَ الدَّارَ وَيَضَعَ الْأَمْتِعَةَ فِي جَانِبٍ مِنْهَا وَيَسْكُنَهَا، وَلَا حَاجَةَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) . رَابِعًا - لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا لِوَقْفٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَثَ فِيهِ بِنَاءً بِدُونِ إذْنِ مُتَوَلِّيهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ رَفْعُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ غَيْرُ مُضِرٍّ بِالْوَقْفِ يَرْفَعُ، وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ الْبَانِي مَجْبُورًا عَلَى انْتِظَارِ انْفِصَالِهِ عَنْ الْوَقْفِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ مَانِعًا مِنْ إيجَارِ جَانِبِ الْوَقْفِ مِنْ الْحَانُوتِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 531) أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . خَامِسًا - تَتَفَرَّعُ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: (الْمَادَّةُ 592) لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُؤَجِّرِ مُطْلَقًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) ، وَإِنْ فَعَلَ عُدَّ غَاصِبًا وَيَكُونُ ضَامِنًا إنْ تَلِفَ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 600 و 792) وَتَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِلْمُدَّةِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ بِدُونِ عَقْدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 596) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مِرْجَلًا عَلَى أَنْ يَطْبُخَ فِيهِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِشَهْرٍ وَفَرَغَ مِنْ الطَّبْخِ فِي مُدَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ الشَّهْرِ كُلِّهَا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ فِي يَدِهِ مَهْمَا كَانَتْ الْمُدَّةُ. سَادِسًا - تَتَفَرَّعُ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: (الْمَادَّةُ 593) لَوْ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَأَرَادَ الْآجِرُ قَبْضَ مَالِهِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَسْلِيمُهُ إيَّاهُ. لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَأَرَادَ الْآجِرُ قَبْضَ الْمَأْجُورِ الْمُسْتَأْجَرِ لَزِمَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمُهُ إيَّاهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 600 و 794) وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 606) لِأَنَّهُ بِإِمْسَاكِهِ إيَّاهُ بَعْدَ الطَّلَبِ يُعَدُّ مُتَعَدِّيًا. جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (591) يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَفْعُ يَدِهِ وَهُنَا قَدْ جَاءَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ. وَبَيْنَ الرَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ فَرْقٌ، إذْ أَنَّ رَفْعَ الْيَدِ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، أَمَّا التَّسْلِيمُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ حِينَ الطَّلَبِ، وَإِذَا أَرَادَ الْآجِرُ إيجَارَ مَالِهِ مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَقُولَ (إنَّنِي أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِي؛ لِأَنَّنِي

(المادة 594) لا يلزم المستأجر رد المأجور وإعادته

وَاضِعُ الْيَدِ فَأَجْرُهُ مِنِّي) ؛ لِأَنَّ لَهُ عَدَمَ إيجَارِهِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ إلَّا إنْ زَادَ عَلَيْهِ آخَرُ فِي الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ فَتُؤَجَّرُ مِنْ الْآخَرِ، مِنْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ (التَّنْقِيحُ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ عَرْصَةً لِوَقْفٍ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِيهَا بِنَاءٌ أَوْ غَرْسٌ وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ إيجَارَهُ مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ قَبِلَ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا غَيْرُهُ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا فَيُمْكِنُ إيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ طَلَبَ إيجَارَهُ مِنْهُ، أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَالْمُسْتَأْجِرُ أَوْلَى بِالْمَأْجُورِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَعْلَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ مَجْرَى مَاءٍ لِوَقْفٍ مَعَ مَائِهِ لِيَسْقِيَ مِنْهُ الشَّجَرَ الَّذِي غَرَسَهُ. وَبَعْدَ أَنْ غَرَسَ الشَّجَرَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ طَالِبًا اسْتِئْجَارَ الْمَجْرَى مَعَ الْمَاءِ وَكَانَ مِنْ الْمُحَقَّقِ أَنَّ الْمَجْرَى مَعَ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ تَذْبُلُ غِرَاسُهُ فَيُصِيبُهُ ضَرَرٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ طَالَبَ الِاسْتِئْجَارَ بِبَدَلِ الْمِثْلِ فَتُؤَجَّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ بِبَدَلِ الْمِثْلِ، وَلَا تُؤْجَرُ لِلثَّانِي (التَّنْقِيحُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . وَإِلَيْكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لِلْمَالِكِ عَدَمُ إيجَارِ مِلْكِهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَالِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَعَدَمُ إيجَارِ مَالِ الْوَقْفِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِهِ تَعَنُّتٌ كَمَا مَرَّ. وَقَدْ ذَكَر فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (511) أَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمُسْتَأْجِرُ مِفْتَاحَ الْمَأْجُورِ وَسَافَرَ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى فَلِلْآجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ، وَإِذَا وَجَدَ فِي الدَّارِ أَمْتِعَةً لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَتُوضَعُ فِي مَكَان مِنْ الدَّارِ، وَلَا لُزُومَ إلَى مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 594) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ] (الْمَادَّةُ 594) لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ وَيَلْزَمُ الْآجِرَ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ. مَثَلًا لَوْ انْقَضَتْ إجَارَةُ دَارٍ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا الذَّهَابُ إلَيْهَا وَتَسَلُّمُهَا كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرْتَ دَابَّةً إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ وَيَتَسَلَّمَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ، وَلَمْ يَسْتَلِمْهَا وَتَلْفِتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ لَا يَضْمَنُ. أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ، وَالرُّجُوعِ مِنْهُ يَلْزَمُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ وَأَحْضَرَهَا إلَى دَارِهِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ. تَعُودُ مَئُونَةُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ إلَى مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنْفَعَةُ قَبْضِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87) ، فَإِذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْقَابِضِ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ تَكُونُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ لِلدَّافِعِ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ تَكُونُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهَا نَفْعٌ فِي الرَّدِّ فَمَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ تَكُونُ لَهُ الْمَنْفَعَةُ الْعَيْنِيَّةُ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ:

أَوَّلًا - لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ لِلْآجِرِ وَإِعَادَتُهُ وَيَلْزَمُ الْآجِرَ أَنْ يَأْخُذَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 794) . وَبِمَا أَنَّ الْمَأْجُورَ لَمْ يَكُنْ كَالْعَارِيَّةِ، فَلَا تَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْمَادَّةِ (830) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (595) . (الْهِنْدِيَّةُ، التَّنْقِيحُ، الْأَنْقِرْوِيّ) وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا مَعْلُومًا إلَى اللَّيْلِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِتَلْبَسَهُ فَحَبَسَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَارَتْ غَاصِبَةً قَالُوا، وَهَذَا إذَا حَبَسَتْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ حَبَسَتْهُ مُسْتَعْمِلَةً، أَمَّا إذَا حَبَسَتْهُ لِلْحِفْظِ غَيْرَ مُسْتَعْمِلَةٍ لَا تَصِيرُ غَاصِبَةً قَبْلَ وُجُودِ الطَّلَبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهَا، فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونَةً إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ كَالْوَدِيعَةِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا أَمْسَكَ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ وُجِدَ الطَّلَبُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَمَّا فِي الْإِيجَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الطَّلَبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَلَمْ يُوجَدْ الِاسْتِعْمَالُ، وَلَا الْمَنْعُ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ (التَّنْقِيحُ) . مَثَلًا لَوْ انْقَضَتْ إجَارَةُ دَارِ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا الذَّهَابُ إلَيْهَا وَتَسَلُّمُهَا أَيْ لَهُ إذَا شَاءَ الذَّهَابَ إلَيْهَا وَتَسَلُّمَهَا. كَذَلِكَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ دَابَّةٌ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ أَيْ لِلذَّهَابِ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَقَطْ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا أَنْ يُوجَدَ هُنَاكَ ويَتَسَلَّمَهَا. إنْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى الْآجِرِ فِي دَارِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْآجِرُ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ، وَلَمْ يَتَسَلَّمْهَا وَعَطِبَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِدُونِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَطَالَبَ الْآجِرُ بِرَدِّهَا أَوْ لَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ - عَشَرَ، وَالْبَزَّازِيَّة) . عَلَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ رَدَّ الدَّابَّةِ لِصَاحِبِهَا وَعَطِبَتْ فِي يَدِهِ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَا يَضْمَنُ، أَمَّا إذَا ذَهَبَ الْمُؤَجِّرُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاسْتِئْجَارُ فَأَخَذَهَا الْمُسْتَأْجِرُ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ لِيُوصِلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ غَاصِبًا بِمِثْلِ هَذَا التَّصَرُّفِ (الْبَزَّازِيَّة، الْهِنْدِيَّةُ) . كُلُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الْمَأْجُورِ حِينَ رَدِّ الْمَأْجُورِ لَهُ إذَا عَمِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمَأْجُورِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ فَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا إلَى دَارِ الْمُؤَجِّرِ وَرَبَطَهَا فِي الْإِصْطَبْلِ أَوْ وَضَعَهَا فِي الْإِصْطَبْلِ وَقَفَلَ الْبَابَ عَلَيْهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. أَمَّا إذَا وَضَعَهَا فِي الْإِصْطَبْلِ، وَلَمْ يَرْبِطْهَا أَوْ لَمْ يُقْفِلْ الْبَابَ عَلَيْهَا وَفُقِدَتْ الدَّابَّةُ يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْبَزَّازِيَّة) . وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُهَا لِأَخْذِهَا وَتَلِفَتْ، فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَادَةَ لَا يَلْزَمَانِ الْمُسْتَأْجِرَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقٌ. أَيْ إنَّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا كَالدَّارِ أَوْ كَانَ مَنْقُولًا كَالدَّابَّةِ. وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ فِي الْمَأْجُورِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا سَوَاءٌ أَكَانَ يَحْتَاجُ رَدُّهُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ كَيَدِ الرَّحَى أَوْ لَا كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ. وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ رَدُّ الْمَأْجُورِ إذَا كَانَ لَيْسَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مَئُونَةٍ

لِلنَّقْلِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الْقَوْلَ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ وَيَرْجِعُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَأَحْضَرَهَا إلَى دَارِهِ وَتَلِفَتْ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِنَقْلِهِ إيَّاهَا إلَى غَيْرِ مَوْضِعِ الْعَقْدِ مُتَعَدِّيًا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ تِلْكَ الدَّابَّةَ سَوَاءٌ أَطَلَبَهَا الْمُؤَجِّرُ مِنْهُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا. وَلُزُومُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَ قَائِمًا عَلَى لُزُومِ رَدِّ الْمَأْجُورِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنَّمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى أَنَّ الْمَسَافَةَ الَّتِي يَتَنَاوَلُهَا عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا تَنْتَهِي إلَّا بِالرَّدِّ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عَشَرَ) . وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ وَيَعُودَ بِهَا إلَى دَارِهِ، فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْبَرًا عَلَى إيصَالِ الدَّابَّةِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ، وَعَلَى الْآجِرِ أَنْ يَأْتِيَ إلَى دَارِ الْمُسْتَأْجِرِ لِاسْتِرْدَادِهَا؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ إنَّمَا تَنْقَضِي بِوُصُولِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى دَارِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا - رَدُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ لِلْآجِرِ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ كَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) . لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَادَةَ نَقْضٌ لِلْقَبْضِ السَّابِقِ وَمَنْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْقَبْضِ لَهُ فَنَقْضُ الْقَبْضِ مِنْ وَاجِبَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ فَمَنْفَعَةُ النَّقْضِ بِالْإِجَارَةِ تَعُودُ لِلْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ يَأْخُذُ عَيْنًا، وَهُوَ بَدَلُ الْإِيجَارِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ انْتَفَعَ مِنْ الْقَبْضِ أَيْضًا بِانْتِفَاعِهِ بِالْمَأْجُورِ إلَّا أَنَّ الْأَعْيَانَ أَوْلَى مِنْ الْمَنَافِعِ فَالْمَنْفَعَةُ الْعَيْنِيَّةُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ فِيهِ هِيَ لِلْأَجِيرِ وَمَنْفَعَةُ الْمُسْتَأْجِرِ هِيَ لَمْ تَكُنْ عَيْنًا (الْهِنْدِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) مَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى إلَى قَصَّارٍ ثَوْبَ قُمَاشٍ لِقَصْرِهِ، فَعَلَى الْقَصَّارِ بَعْدَ قَصْرِ الثَّوْبِ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ) . ثَالِثًا - يَجِبُ عَلَى الرَّاعِي الَّذِي يَكُونُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا أَنْ يُعِيدَ الدَّوَابَّ إلَى أَصْحَابِهَا وَيُسَلِّمَهُمْ إيَّاهَا، وَعَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ فُقِدَتْ بَقَرَةٌ وَتَلِفَتْ، وَقَالَ الرَّاعِي إنِّي أَوْصَلْتهَا إلَى الْقَرْيَةِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ عَدَمُ لُزُومِ تَسْلِيمِ الرَّاعِي لِكُلِّ دَوَابِّهِ وَيَكْفِي إدْخَالُهَا الْقَرْيَةَ يُصَدَّقُ الرَّاعِي بِإِدْخَالِ الْبَقَرَةِ الْقَرْيَةَ مَعَ الْيَمِينِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) ، وَإِذَا نَكِلَ ضَمِنَ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا صَرْفِيَّاتُ نَقْلِ الدَّقِيقِ بَعْدَ طَحْنِ الْحُبُوبِ فِي الطَّاحُونِ، فَعَلَى صَاحِبِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الطَّحَّانِ. رَابِعًا - الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: (الْمَادَّةُ 595) احْتَاجَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَأُجْرَةُ نَقْلِهِ عَلَى الْآجِرِ.

إنْ احْتَاجَ رَدُّ الْمَأْجُورِ وَإِعَادَتُهُ إلَى الْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَتَلْزَمُ الْآجِرَ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بِمُجَرَّدِ اسْتِلَامِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْأَجِيرِ حَتَّى إنَّهُ إذَا شُرِطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا كَانَ لَا يَنَالُ مَنَافِعَ الْمَأْجُورِ مَجَّانًا، فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَحَمَّلَ مَئُونَةَ الرَّدِّ وَمَضَرَّتَهُ. كَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ رَحَى يَدٍ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ، فَعَلَى الْآجِرِ تَسْلِيمُهَا وَأُجْرَةُ نَقْلِهَا. (التَّنْقِيحُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّ الْعَيْنَ إلَى الْآجِرِ وَلَهَا حَمْلٌ وَمَئُونَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَمَئُونَةٌ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَاب الْخَامِسِ)

الباب الثامن في بيان الضمانات ويحتوي على ثلاثة فصول

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ الضَّمَانَاتِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِلُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ] ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَوَادِّ الْمُتَعَلِّقَةِ بِلُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِهِ أَيْ إنَّ مَوْضُوعَ هَذَا الْفَصْلِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، أَمَّا الْمَوَادُّ الْمُتَعَلِّقَةُ بِضَمَانِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ، وَضَمَانِ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ فَسَتَأْتِي فِي الْكِتَابِ الثَّامِنِ (الْمَادَّةُ 596) لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ مَنَافِعِهِ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ صَغِيرٍ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرَ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ، أَوْ عَقْدٍ. مَثَلًا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارِ آخَرَ مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ وَقْفًا أَوْ مَالَ صَغِيرٍ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ تَلْزَمُهُ يَعْنِي إنْ كَانَ ثَمَّ تَأْوِيلُ مِلْكٍ وَعَقْدٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ الْمُدَّةَ الَّتِي سَكَنَهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَارَ كِرَاءٍ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ تَأْوِيلُ مِلْكٍ وَعَقْدٍ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ دَابَّةَ الْكِرَاءِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ. مَنَافِعُ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً. أَيْ إنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ مَالًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ أَوْ عَطَّلَهَا أَيْ إنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ وَأَمْسَكَهُ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَمَنَعَ بِذَلِكَ صَاحِبَ الْمَالِ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ غَصْبِ الْمَنَافِعِ، لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الْمَغْصُوبَةِ، أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ انْتِفَاعِهِ بِهِ، وَلَكِنْ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْمَالِ بِاسْتِعْمَالِ إيَّاهُ وَاسْتَهْلَكَ بَعْضَ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ لَزِمَهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَالْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّفِقُونَ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْمَنْفَعَةِ فِي هَذَا، أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَرَى أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ كَأَعْيَانِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْغَصْبِ) . يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَيَثْبُتُ عَدَمُ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنَافِعِ بِدَلِيلَيْنِ: أَوَّلًا: بِمَا أَنَّ الضَّمَانَ يَلْزَمُ بِسَبَبِ الْغَصْبِ وَحَيْثُ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالضَّمَانَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ " 86 "، فَلَا تُعْطَى الْأُجْرَةُ. ثَانِيًا: لَيْسَ مِنْ مُمَاثَلَةٍ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالْمَالِ أَيْ النُّقُودَ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَمَّا كَانَتْ أَعْرَاضًا لَيْسَ لَهَا بَقَاءٌ، فَلَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً لِذَاتِهَا وَإِنَّمَا بِضَرُورَةِ وُرُودِ الْعَقْدِ. فَيُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ الْمُمَاثَلَةُ. وَقَدْ وَرَدَتْ بِالنَّصِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بِالْإِجْمَاعِ ضَمَانُ الْمَنَافِعِ بِالْمَنَافِعِ (شَرْحُ الْمَجَامِعِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ فِي الْغَصْبِ) . وَبِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْأَدِلَّةِ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ لِمَالِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الْيَتِيمِ، وَلَكِنْ جَوَّزَ الْفُقَهَاءُ الْمُتَأَخِّرُونَ تَضْمِينَ مَنَافِعِهَا اسْتِحْسَانًا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ طَمَعِ النَّاسِ فِي أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) مَتْنًا وَشَرْحًا. وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فُقَهَاءَنَا الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ أَخَذُوا فِي جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَقْوَالِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ وَلِلْمَنَافِعِ قِيمَةٌ كُبْرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ، كَمَا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ بِنَفْسِهِ قَصْرًا لِلِاصْطِيَافِ وَكَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ السَّنَوِيِّ لِهَذَا الْقَصْرِ سَبْعِينَ جُنَيْهًا فَانْتَهَزَ شَخْصٌ آخَرَ غِيَابَ صَاحِبِ الْقَصْرِ وَسَكَنَهُ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ غَصْبًا، فَعَلَى رَأْيِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرٌ. أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُهُ، وَبِمَا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ قَالُوا بِضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ فَيَجِبُ عَلَى فُقَهَاءِ عَصْرِنَا هَذَا أَنْ يَتَشَاوَرُوا وَيَتَّخِذُوا قَرَارًا بِخُصُوصِ قَبُولِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي عُمُومِ مَنَافِعِ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يُسْتَحْصَلَ عَلَى إرَادَةٍ سُنِّيَّةٍ بِالْعَمَلِ بِهِ. وَلَزِمَ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا هُوَ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ يَقُومُ مَقَامَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ " لَوْ اسْتَعْمَلَ أَحَدٌ إلَخْ " فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِالذَّاتِ أَوْ أَجَّرَهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مِنْ مُقَابِلٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَعَرُّضٌ لِمَا أَخَذَ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) مَتْنًا وَشَرْحًا. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمَالُ وَقْفًا فَيَجْرِي فِيهِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (598) ، وَلَكِنَّ الْمَالَ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ هَكَذَا غَصْبًا أَوْ عُطِّلَ إذَا كَانَ وَقْفًا أَوْ مَالًا لِصَغِيرٍ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ لَا يَجِبُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَلْزَمُ أَيْضًا

ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَجْرُ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مُسْتَعْمِلًا لَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ قَدْ آجَرَهُ لِلْمُسْتَعْمِلِ وَأَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِذَلِكَ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ التَّعَهُّدِ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ وَقَبُولِهِ عَقَدَ الْإِيجَارِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَدَلَ إيجَارٍ لَزِمَ أَدَاءُ أَجْرِ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (450) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ عَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ. أَوَّلًا: لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارِ آخَرَ مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِتِلْكَ الْمُدَّةِ لَكِنْ إذَا سَكَنَ الدَّارَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَعْطَى أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا. ثَانِيًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا فُلَانًا وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ دَوَابِّ الْأُجْرَةِ. ثَالِثًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لَمْ تَكُنْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَأَنْكَرَ الْإِجَارَةَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَلَا تَلْزَمُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أُجْرَةُ الطَّرِيقِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُصْبِحُ حِينَئِذٍ غَاصِبًا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (901) ، أَمَّا أُجْرَةُ الطَّرِيقِ الَّتِي قَطَعَهَا قَبْلَ الْإِنْكَارِ فَتَلْزَمُهُ، وَلَوْ أَنَّ الْمَأْجُورَ هَلَكَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَكُونُ اجْتَمَعَ الْآجِرُ وَالضَّمَانُ لِاخْتِلَافِ الْوُجْهَةِ. رَابِعًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا مِنْ آخَرَ شَهْرًا وَبَقِيَ سَاكِنًا فِي الدَّارِ لِغِيَابِ الْمَالِكِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّهْرِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ. خَامِسًا: إذَا غَابَ أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا شَهْرًا وَتَرَكَ عِيَالَهُ فِي الدَّارِ وَبَقُوا سَاكِنِينَ فِي تِلْكَ الدَّارِ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْعَائِلَةَ لَمْ تَسْتَأْجِرْ الدَّارَ. سَادِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَةً فِي الْقَفْرِ وَلِقِلَّةِ الْأَمْطَارِ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهَا أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَنَبَتَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَجَمِيعُ الزَّرْعِ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ طَلَبُ الْأُجْرَةِ بِدُونِ عَقْدٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ. سَابِعًا: إذَا آجَرَ شَخْصٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ إيجَارِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا قِرْشًا وَبِأَثْنَاءِ الشَّهْرِ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ بِلَا عَقْدٍ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يُوجِبُ حُكْمَ الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة مِنْ الْمَادَّةِ (472) . ثَامِنًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا الْيَوْمَ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ فَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا الْيَوْمَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَذَهَبَ بِهَا فِي الْغَدِ، فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى (الْخَانِيَّةُ فِي ضَمَانِ مَنْفَعَةِ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ مَالًا مَوْقُوفًا، أَوْ مَالًا لِصَغِيرٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ

هُنَاكَ تَأْوِيلُ مِلْكٍ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (597) أَوْ تَأْوِيلُ عَقْدٍ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (589) أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَسْكَنَهُ فِيهَا الْمُتَوَلِّي بِدُونِ أُجْرَةٍ أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا أَوْ لَا. أَوْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْوَقْفِ كَوْنُهُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِغَيْرِهَا، أَوْ سَكَنَهَا بِدُونِ عَقْدٍ أَوْ عَطَّلَهَا، وَذَلِكَ إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ النُّقْصَانِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْعَقَارِ بِسَبَبِ السُّكْنَى. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ. أَوَّلًا: إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا وَسَكَنَهَا، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مَالٌ مَوْقُوفٌ أَوْ مَالُ صَغِيرٍ أَوْ سَكَنَ أَحَدٌ دَارًا لِوَقْفٍ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَ فِيهَا فِي الدَّارِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ أَنْ ضَبَطَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ مُدَّةً قَامَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّعِيًا بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِنْ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَحُكِمَ عَلَى نَهْجٍ شَرْعِيٍّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ لِلْوَقْفِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي تَصَرَّفَ فِيهَا بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ نِصْفُ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِلْكًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَقْفًا وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ الْمِثْلِ النِّصْفَ الْعَائِدَ لِلْوَقْفِ. ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا لِصَغِيرٍ أَوْ لِوَقْفٍ لِشَهْرٍ وَسَكَنَ فِيهِ شَهْرَيْنِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا: لَوْ بَاعَ مُتَوَلٍّ لِوَقْفٍ مَالًا لِلْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ عُزِلَ وَنُصِبَ آخَرُ بَدَلًا عَنْهُ أَقَامَ الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدُ دَعْوِي عَلَى الْمُشْتَرِي وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِاسْتِرْدَادِهِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. رَابِعًا: لَوْ أَسْكَنَ إمَامُ مَسْجِدٍ آخَرَ مَجَّانًا فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ لِسُكْنَاهُ لَزِمَ السَّاكِنَ أَجْرُ الْمِثْلِ. خَامِسًا: إذَا رَهَنَ الْمُتَوَلَّى أَوْ الْمَوْقُوفُ عِنْدَ آخَرَ وَسَكَنَهُ الْمُرْتَهِنُ لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. سَادِسًا: إذَا وُجِدَتْ دَارٌ مَوْقُوفَةٌ لِسُكْنَى اثْنَيْنِ وَاسْتَبَدَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَسَكَنَهَا وَحْدَهُ بِدُونِ إذْنِ الثَّانِي لَزِمَهُ لِلْوَقْفِ أَجْرُ الْمِثْلِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَتَبْقَى تِلْكَ الْأُجْرَةُ بَعْدَ أَخْذِهَا مَحْفُوظَةً عِنْدَ الْمُتَوَلِّي لِتُصْرَفَ فِي مَرَافِقِ الْوَقْفِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّارُ مَوْقُوفَةً لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَنَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَسْكُنْهَا الثَّانِي لِعَدَمِ وُجُودِ مُحَلِّلٍ لَهُ لِلسُّكْنَى وَحِينَئِذٍ لَا تَلْزَمُ السَّاكِنَ أُجْرَةٌ مَا. سَابِعًا: إذَا سَكَنَتْ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا فِي دَارٍ لِوَلَدِهَا الْيَتِيمِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ أَجْرُ الْمِثْلِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ وَسَكَنَهَا الْبَالِغُ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّةِ الصَّغِيرِ (التَّنْقِيحُ، وَالنَّتِيجَةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، وَالْبَهْجَةُ، وَالنَّتِيجَةُ، وَالْخَيْرِيَّةُ) . ثَامِنًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا مَوْقُوفًا مُدَّةً وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَفَلَهُ وَعَطَّلَهُ مُدَّةً يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

إذَا سَكَنَ شَخْصٌ مَعَ عَائِلَتِهِ دَارًا لِوَقْفٍ أَوْ لِيَتِيمٍ لَزِمَ. الرُّجُوعُ عَلَى الْمَتْبُوعِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (النَّتِيجَةُ، وَالتَّنْقِيحُ) . تَاسِعًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً لِوَقْفٍ وَاِتَّخَذَهَا مَقْهًى لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُدَّةَ الْإِشْغَالِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ لُزُومِ ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. أَوَّلًا: إذَا كَانَتْ الدَّارُ لِلْكِرَاءِ أَيْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي اسْتِعْمَالِهَا تَأْوِيلُ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ يَلْزَمُ الْمُسْتَعْمِلَ أَجْرُ الْمِثْلِ. ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا أَوْ حَمَّامًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِشَهْرٍ وَسَكَنَهَا شَهْرَيْنِ، فَكَمَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلشَّهْرِ الثَّانِي، وَلَيْسَ الْأَجْرُ الَّذِي سُمِّيَ لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) . ثَالِثًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَقَارًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَفَسَخَ الْإِجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَبَسَ الْمَأْجُورَ فِي يَدِهِ لِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُؤَجِّرِ سَلَفًا وَسَكَنَهُ مُدَّةً بِتَأْوِيلِ كَوْنِهِ لَهُ الْحَقُّ بِالْحَبْسِ لَزِمَهُ أَدَاءُ أُجْرَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . رَابِعًا: وَلَوْ دَخَلَ أَحَدٌ مَحِلًّا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ كَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ، وَادَّعَى غَصْبَهُ لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا: وَإِذَا زَرَعَ أَحَدٌ أَرْضَ غَيْرِهِ فِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ بِدُونِ إذْنِهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنْ يُعْطِي الَّذِي يَزْرَعُ الْأَرْضَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ لِصَاحِبِهَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَهَذَا فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْمِثْلِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (التَّنْقِيحُ) . سَادِسًا: كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ دَوَابِّ الْكِرَاءِ أَوْ حَمْلًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَاسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً لَزِمَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ. أَمَّا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي مَحِلٍّ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ لَا يَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةً، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَحِلِّ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأُجْرَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّة) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (812) . وَقَدْ قُيِّدَتْ الْأَمْثِلَةُ كُلُّهَا بِمَا قُيِّدَ بِهِ مَتْنُ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهِ (بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ) . شَرْطُ ضَمَانِ مَنْفَعَةِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ: يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الْمُسْتَعْمِلِ لِلْمَالِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (417) إلَى لُزُومِ ذَلِكَ، وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي لُحُوقِ عِلْمِ الْمُسْتَعْمِلِ مِنْ عَدَمِ لُحُوقِهِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَعْمِلِ.

(المادة 597) لا يلزم ضمان المنفعة في مال استعمل بتأويل ملك

أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَ فِي لُحُوقِ عِلْمِ الْمُسْتَعْمِلِ فِي أَمْثَالِ الْحَمَّامِ وَالْخَانِ مِنْ الشَّارَاتِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِكَوْنِهِ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ، وَادَّعَى الْغَاصِبُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ، فَلَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ. هَذَا إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِاسْتِعْمَالِ أَرَاضِي الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ أَيِّ عَقَارٍ لَهُمَا وَكَانَ النُّقْصَانُ الَّذِي حَصَلَ لِلْعَقَارِ بِسَبَبِ الِاسْتِعْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَيَعْدِلُ إلَيْهِ وَيَضْمَنُهُ الْمُسْتَعْمِلُ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْعَارِضُ لِعَقَارِ الْيَتِيمِ أَوْ الْوَقْفِ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ غَصْبًا أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ، أَمَّا إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ النُّقْصَانِ ضَمِنَ أَجْرَ الْمِثْلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَزَّازِيَّة) . وَيُعْلَمُ النُّقْصَانُ الْعَارِضُ بِسَبَبِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (886) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً أَوْ أَرْضًا وَقْفِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ الْمُخَصَّصَاتِ فَالْحُكْمُ فِيهَا يَجْرِي عَلَى مَا جَاءَ فِي قَانُونِهَا الْخَاصِّ، وَلَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 597) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ] (الْمَادَّةُ 597) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ، وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. مَثَلًا لَوْ تَصَرَّفَ مُدَّةً أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ مُسْتَقِلًّا، فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَخْذُ أُجْرَةِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ. لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ أَوْ عُطِّلَ بِتَأْوِيلٍ، وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مَوْقُوفٌ أَوْ مَالٌ لِصَغِيرٍ، بَلْ كَانَ جَمِيعُهُ مِلْكًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1075) ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ لَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا بِالْأُجْرَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا هُوَ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ. وَيُسْتَفَادُ مِمَّا مِنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ تَأْوِيلَ الْمِلْكِ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْمِلْكِ، أَمَّا فِي الْوَقْفِ وَمِلْكِ الصَّغِيرِ، فَلَا يَجْرِي فِيهِمَا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الْمَادَّةُ (596) يُسْتَفَادُ مِنْهَا هَذَا الْأَمْرُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ. أَوَّلًا: مَثَلًا لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ تَغَلُّبًا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ مُدَّةً بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ مُسْتَقِلًّا وَاسْتَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَخْذُ أُجْرَةِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِسُكْنَى الدَّارِ وَحْدَهُ بِقَدْرِ مَا سَكَنَهَا شَرِيكُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1083) حَتَّى أَنَّ السَّاكِنَ إذَا دَفَعَ إلَى شَرِيكِهِ أُجْرَةَ حِصَّتِهِ يَزْعُمُ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) .

(المادة 598) لا يلزم ضمان المنفعة في مال استعمل بتأويل عقد

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْكُنَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ سَوَاءٌ أَكَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا. إذْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ. ثَانِيًا: إذَا تَسَبَّبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِتَعْطِيلِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الثَّانِي أُجْرَةٌ. ثَالِثًا: إذَا آجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ سَنَةً وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ سَنَتَيْنِ، فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ. وَحُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يَخْلُفُ الشَّرِيكَ فَهُوَ كَالشَّرِيكِ أَيْضًا وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمِثَالِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِاسْتِعْمَالِ الشَّرِيكِ بِالذَّاتِ، وَلَا دَخْلَ لِإِيجَارِهِ مِنْ آخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَأَجَرَهُ كُلَّهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ لَزِمَهُ رَدُّ أُجْرَةِ شَرِيكِهِ إلَيْهِ. مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْحَمَّامَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثَهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِشَرِيكَيْهِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَسَنُفَصِّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (1077) لَكِنَّ إيجَارَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ إعَارَتَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ دِيَانَةً. إذْ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ حَرَامٌ، وَلَا يُمْنَعُ قَضَاءً إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ فِيهِ أَحَدٌ (التَّنْقِيحُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 598) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ] (الْمَادَّةُ 598) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ، وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ الْحَانُوتَ الَّذِي يَمْلِكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي مُدَّةً، ثُمَّ لَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ وَضَبَطَ حِصَّتَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَعْمَلَهُ بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ رَحًى عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي لَوْ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِتَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْضًا تَأْوِيلُ عَقْدٍ. لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا الْأُجْرَةَ وَذِكْرُ كَلِمَةِ الْعَقْدِ مُطْلَقَةً يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ كَالرَّهْنِ، كَمَا سَيَأْتِي مِثَالُهُ. مِثَالٌ لِتَأْوِيلٍ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ: مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي يَمْلِكُهُ مُشْتَرَكًا مَعَ آخَرَ مِنْ شَخْصٍ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَيْ إنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْأَصَالَةِ وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ فُضُولًا وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي مُدَّةً، ثُمَّ أَنَّ الشَّرِيكَ الثَّانِي لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ بِمَا لَهُ مِنْ صَلَاحِيَةٍ فِي ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (378) وَاسْتَرَدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَضَبَطَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَعْمَلَهُ

(المادة 599) استخدم أحد صغيرا بدون إذن وليه

بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ سَالِبَةٌ لِلْأُجْرَةِ، كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (442) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ رَحًى عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِتَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا أَيْضًا تَأْوِيلَ عَقْدِ بَيْعٍ، كَمَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. مِثَالٌ لِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ فِي الرَّهْنِ: لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ دَارًا عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَظَهَرَ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الدَّارَ مُدَّةً إنَّهَا لَيْسَتْ لِلرَّاهِنِ بَلْ لِغَيْرِهِ، فَلَا تَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ أُجْرَةٌ وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الرَّاهِنَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ غَاصِبًا. كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمُعَدَّةَ لِلِاسْتِغْلَالِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ، فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ الدَّارَ بِتَأْوِيلِ عَقْدِ الرَّهْنِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ وَجَبَ عَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَيُرَدُّ الزَّائِدُ أَيْضًا إلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ لِلْوَقْفِ وَبِهِ يُفْتَى وَكَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ فُضُولِيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 599) اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ] (الْمَادَّةُ 599) لَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِذَا بَلَغَ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ، وَلَوْ تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَأْخُذُوا أَجْرَ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ. لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الصَّغِيرَ بِدُونِ عِوَضٍ مَا عَدَا الْأَبَ وَالْجَدَّ وَالْوَصِيَّ. وَلِهَؤُلَاءِ اسْتِخْدَامُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّهْذِيبِ وَالرِّيَاضَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدٌ صَغِيرًا مُدَّةً، وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ أَوْ كَانَ زَوْجَ أُمِّهِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَيْ بِدُونِ أُجْرَةٍ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ سِنَّ الرُّشْدِ أَخَذَ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسَاوِيًا أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِذَا اشْتَرَى الصَّغِيرُ مَالًا بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ مُقَابِلَ أَجْرِ مِثْلِهِ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الْمَالَ (خَيْرِيَّةٌ) ، فَكَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلصَّغِيرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ مِثْلِهِ فَلِوَلِيِّهِ وَلِوَصِيِّهِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1616) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ أُجْرَتِهِ فَلِوَرَثَتِهِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذُوا أَجْرَ مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ مَا أَنْفَقَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ لِبَاسٍ وَغَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ يُحْسَبُ ذَلِكَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُسَاوِيًا لِأَجْرِ الْمِثْلِ، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَخْذُ شَيْءٍ.

لِأَبٍ أَنْ يُعِيرَ الصَّغِيرَ لِلتَّعَلُّمِ مِنْ أُسْتَاذٍ أَوْ تَعَلُّمِ حِرْفَةٍ، أَوْ صِنَاعَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِ الصَّغِيرِ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ. مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ ابْنَتَهُ لِامْرَأَةٍ لِتَهْذِيبِ أَخْلَاقِهَا وَتَعْلِيمِهَا الْآدَابَ وَالْعُلُومَ وَاسْتَخْدَمَتْ الْمَرْأَةُ الْبِنْتَ فِي بَيْتِهَا وَعَلَّمَتْهَا وَأَطْعَمَتْهَا الطَّعَامَ وَكَسَتْهَا الثِّيَابَ وَبَلَغَتْ الْبِنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ بِاسْمِ أَجْرٍ لِلْمُدَّةِ الَّتِي مَكَثَتْهَا فِي دَارِهَا. وَلِلْأَبِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ أَنْ يُؤَجِّرَ الصَّغِيرَ مِنْ آخَرَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ. (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي الْإِجَارَةِ، هَامِشُ الْبَهْجَةِ، وَالتَّنْقِيحُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْهِنْدِيَّةُ) .

الفصل الثاني المأجور أمانة في يد المستأجر

[الْفَصْلُ الثَّانِي الْمَأْجُورُ أَمَانَةٌ فِي يَد المستأجر] الْفَصْلُ الثَّانِي (الْمَادَّةُ 600) الْمَأْجُورُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ صَحِيحًا أَوْ لَمْ يَكُنْ. الْمَأْجُورُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّفَاقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (762) . كُلُّ مَوْضِعٍ يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ فِي الْعَارِيَّةِ لَا يَجِبُ فِيهِ الضَّمَانُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86) وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهِ فِي الْإِجَارَةِ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ وَمَا يُبَيَّنُ هُنَا إنَّمَا مَسْأَلَةُ كَوْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَّا الْبَحْثُ فِي كَوْنِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْأَجِيرِ فَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ أَصْلٌ لِلْمَوَادِّ السَّبْعِ الْآتِيَةِ وَقَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ لَهَا حَيْثُ إنَّ الْمَأْجُورَ أَمَانَةٌ فَتُرَتَّبُ فِيهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْأَمَانَةِ. أَوَّلًا: إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ مُجْهَلًا يُضْمَنُ مِنْ تِرْكَتِهِ بَدَلُ الْمَأْجُورِ وَقْتَ التَّجْهِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 80) . ثَانِيًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَلْبِسَةً عَلَى أَنْ يَلْبَسَهَا وَسُرِقَتْ مِنْ يَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) . ثَالِثًا: إذَا اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ شَيْئًا وَاحِدًا وَأَعْطَاهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ لِإِمْسَاكِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (783) . كَذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى مَعَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ يَكُونُ وَدِيعَةً. مِثْلُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ سَيْفًا وَمَعَهُ سِكِّينٌ إلَى الْحَدَّادِ لِإِصْلَاحِ السَّيْفِ فَقَطْ أَوْ إصْلَاحِ السِّكِّينِ فَقَطْ وَفُقِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ كِتَابًا إلَى مُجَلِّدٍ لِإِصْلَاحِهِ وَمَعَهُ غِلَافُهُ وَفَقَدَ الْغِلَافَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُجَلِّدَ ضَمَانٌ. إنَّ الْمَأْجُورَ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِر أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَحِقِّ فَهُوَ كَالْمَضْمُونِ وَالْمَغْصُوبِ: مَثَلًا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْمَأْجُورِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. وَأَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ دَعْوَاهُ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَا يُنْجِيه مِنْ الضَّمَانِ كَوْنُهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِدُونِ

(المادة 601) لا يلزم الضمان إذا تلف المأجور في يد المستأجر

تَعَدِّيهِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآجِرِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) " الْهِنْدِيَّةُ، أنقروي، وَالتَّنْقِيحُ، الْبَزَّازِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 601) لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ] (الْمَادَّةُ 601) لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا لَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ لِمَأْذُونِيَّتِهِ. لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِهِ أَوْ فُقِدَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ تَعَدِّيه أَوْ مُخَالَفَتِهِ لِمَأْذُونِيَّتِهِ وَلَوْ شُرِطَ الضَّمَانُ، وَإِذَا تَلِفَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَتْ عَنْ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (762 و 777) لَمَّا كَانَ الْمَأْجُورُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَكُلُّ أَمَانَةٍ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُهَا إذَا تَلِفَتْ بِدُونِ تَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (768) وَمُخَالَفَةُ الْمَأْذُونِيَّةِ دَاخِلَةٌ فِي التَّعَدِّي فَكَانَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ غِنًى عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ زِيَادَةً فِي التَّوْضِيحِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَإِنَّمَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَنْ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (443) وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ أَعْطَى الْبَدَلَ سَلَفًا فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا يُصِيبُ الْمُدَّةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) . ثَانِيًا: إذَا تَخَلَّصَتْ الدَّابَّةُ جَبْرًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَفَرَّتْ بِدُونِ تَعَدِّيه وَتَقْصِيرِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إمْسَاكِهَا وَتَلِفَتْ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. ثَالِثًا: إذَا اسْتَكْرَى أَحَدٌ حِمَارًا وَأَخَذَ يَسُوقُهُ السَّوْقَ الْمُعْتَادَ فِي الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ فَسَقَطَ إلَى الْأَرْضِ وَعَطِبَ فَلَا تَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. كَمَا أَنَّهُ إذَا غُصِبَتْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ فِي اقْتِدَارِهِ إقَامَةُ الدَّعْوَى عَلَى الْغَاصِبِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَأْجُورِ مِنْهُ فَلَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ. رَابِعًا: إذَا سَقَطَتْ الْآنِيَةُ الْمَأْجُورَةُ إلَى الْأَرْضِ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَكُسِرَتْ قَضَاءً فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ. خَامِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ فَأْسًا فِي قَطْعِ الْحَطَبِ فَأَعْطَاهَا إلَى أَجِيرِهِ لِتَكْسِيرِ الْحَطَبِ فَأَخَذَهَا الْأَجِيرُ وَخَرَّبَهَا يُنْظَرُ إذَا كَانَ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْأَجِيرُ مَعْرُوفًا بِالْخِيَانَةِ وَإِذَا كَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَاسْتَأْجَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِهَا بِنَفْسِهِ ضَمِنَ بِإِعْطَائِهَا إلَى أَجِيرِهِ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ الْمُسْتَعْمِلَ لِلْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِ بِهَا بِنَفْسِهِ وَإِعْطَائِهَا إلَى أَجِيرِهِ لِلِاشْتِغَالِ بِهَا وَإِذَا أَعْطَاهَا إلَى أَجِيرِهِ بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهَا بِنَفْسِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ.

(المادة 602) يلزم الضمان على المستأجر لو تلف المأجور بتعديه

سَادِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَوَانِي وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا حَمَلَهَا عَلَى دَابَّةٍ لِيُحْضِرَهَا إلَى الْآجِرِ فَزَلَقَتْ الدَّابَّةُ وَسَقَطَتْ الْأَوَانِي إلَى الْأَرْضِ فَتَلِفَتْ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ ذَلِكَ الْحَمْلِ فَلَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَهَا. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقًا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ ضَمَانَ الْمَأْجُورِ إذَا تَلِفَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَلَا حُكْمَ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ فِي الْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (82) (أَشْبَاهٌ، هِنْدِيَّةٌ، أنقروي) . [ (الْمَادَّةُ 602) يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِتَعَدِّيهِ] (الْمَادَّةُ 602) يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ بِتَعَدِّيهِ. مَثَلًا لَوْ ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ دَابَّةَ الْكِرَاءِ فَمَاتَتْ مِنْهُ أَوْ سَاقَهَا بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ هَلَكَتْ لَزِمَهُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا. يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتُهٌ نُقْصَانٌ بِتَعَدِّيهِ أَيْ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ كُلِّ قِيمَتِهِ إذَا تَلِفَ وَقِيمَةُ النُّقْصَانِ فِي حَالِ طُرُوءِ نُقْصَانٍ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787 و 803) . وَإِذَا طَرَأَ عَلَى الْمَأْجُورِ نُقْصَانٌ فَيَجْرِي حُكْمُهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (900) وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَيْدُ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ تَعَدِّيه أَوْ مُخَالَفَتِهِ مَأْذُونِيَّتَهُ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: مَثَلًا لَوْ ضَرَبَ الْمُسْتَأْجِرُ دَابَّةَ الْكِرَاءِ ضَرْبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ أَوْ سَاقَهَا لِلْمُرُورِ مِنْ مَحَلٍّ امْتَنَعَتْ عَنْ الْمُرُورِ مِنْهُ أَوْ كَبَحَهَا بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ لَتَقِفَ فَمَاتَتْ لَزِمَهُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا. ثَانِيًا: وَالْمَوَادُّ 545 و 548 و 550 و 556 و 557 مِنْ فُرُوعَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. ثَالِثًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى سَرْجٍ فَرَفَعَ السَّرْجَ عَنْ ظَهْرِهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِ بَرْذعَةً وَعَطِبَتْ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَكَانَ مُعْتَادًا أَنْ تُوضَعَ بَرْذعَةٌ عَلَى مِثْلِ تِلْكَ الدَّابَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُخْتَلِفٌ وَلِأَنَّ الْبَرْذَعَةَ لِلْحَمْلِ وَالسَّرْجَ لِلرُّكُوبِ وَلِأَنَّ السَّرْجَ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْبَرْذَعَةِ فَصَارَ نَظِيرَ اخْتِلَافِ الْحِنْطَةِ وَالْحَدِيدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا: لَا تُرْكَبُ بِدُونِ السَّرْجِ الدَّابَّةُ الَّتِي اُسْتُكْرِيَتْ عَلَى أَنْ تُرْكَبَ بِسَرْجٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَلْقِيَ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ يَتَّكِئَ وَإِنَّمَا تُرْكَبُ الرُّكْبَةُ الْمُعْتَادَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النَّاسِ. خَامِسًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى سَرْجٍ فَنَزَعَ سَرْجَهَا وَوَضَعَ عَلَيْهَا سَرْجَ غَيْرِهَا وَهُوَ لَا يُوَافِقُهَا وَعَطِبَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا. أَمَّا إذَا وَضَعَ عَلَى ظَهْرِهَا سَرْجًا مُوَافِقًا لَهَا وَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) مَا لَمْ يَكُنْ أَثْقَلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِذَا كَانَ أَثْقَلَ مِنْهُ فِي الْوَزْنِ ضَمِنَ مِقْدَارَ الثِّقَلِ

(المادة 603) حركة المستأجر على خلاف المعتاد

سَادِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً لِيَنْقُلَ عَلَيْهَا تُرَابًا مِنْ بَعْضِ الْأَبْنِيَةِ الْخَارِبَةِ فَإِذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ بَيْنَمَا كَانَ يَأْخُذُ التُّرَابُ مِنْهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَهَلَكَتْ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ الِانْهِدَامُ بِعَمَلِ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِعَمَلِهِ بَلْ كَانَ الِانْهِدَامُ نَاشِئًا عَنْ رَخَاوَةِ التُّرَابِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِذَلِكَ حَتَّى يَحْتَاطَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّة 603) حَرَكَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ] (الْمَادَّة 603) حَرَكَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ تُعَدُّ وَيَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مَعَهَا مَثَلًا لَوْ اسْتَعْمَلَ الثِّيَابَ الَّتِي اسْتَكْرَاهَا عَلَى خِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ وَبَلِيَتْ يَضْمَنُ كَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ بِظُهُورِ حَرِيقٍ فِيهَا بِسَبَبِ إشْعَالِ الْمُسْتَأْجِرِ النَّارَ أَزْيَدَ مِنْ النَّاسِ يَضْمَنُ. حَرَكَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ تُعَدُّ وَيَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْهَا. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا بِنَفْسِهِ وَاسْتَعْمَلَهَا عَلَى خِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ وَبَلِيَتْ يَضْمَنُ وَهُنَا تُقَدَّرُ قِيمَةُ الْأَلْبِسَةِ سَالِمَةً وَقِيمَتُهَا بَالِيَةً وَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (900) . ثَانِيًا: وَإِذَا قَرَضَتْهَا الْجُرْذَانُ أَوْ أَكَلَتْهَا الْعُثَّةُ أَوْ حَرَقَتْهَا النَّارُ ضَمِنَ. أَمَّا إذَا بَلِيَتْ بِلُبْسِهَا حَسَبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ عِتْقِهَا اُنْظُرْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (535) . ثَالِثًا: كَذَلِكَ إذَا أَشْعَلَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ نَارًا زِيَادَةً عَنْ الَّذِي يُشْعِلُهُ النَّاسُ أَيْ أَنَّهُ تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ فِي إشْعَالِ النَّارِ. فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ حَرِيقٌ أَحْرَقَ تِلْكَ الدَّارَ أَوْ أَحْرَقَهَا مَعَ الدُّورِ الْمُجَاوِرَةِ لَهَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ جَمِيعَ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَ مَا أَشْعَلَهُ لَمْ يَكُنْ خِلَافًا لِلْمُعْتَادِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ إشْعَالُهُ النَّارَ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ بِلَا إذْنٍ وَاحْتَرَقَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ وَحْدَهَا أَوْ احْتَرَقَ مَعَهَا دُورُ الْجِيرَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1 59) (1 0 6) . رَابِعًا: إذَا بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فُرْنًا وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ أَوْ احْتَرَقَتْ دُورُ الْجِيرَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 9) سَوَاءٌ أَبَنَى الْفُرْنَ بِإِذْنِ الْآجِرِ أَوْ مِنْ دُونِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ صَلَاحِيَّةً بِانْتِفَاعٍ كَهَذَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) وَلِأَنَّ هَذَا الِانْتِفَاعَ بِظَاهِرِ الدَّارِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَتَغَيَّرُ هَيْئَةُ الْبَاقِي إلَى النُّقْصَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا بَنَى الْفُرْنَ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ وَبِلَا احْتِيَاطٍ وَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ ضَمِنَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (528) مَتْنًا وَشَرْحًا (الْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 604) تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِتَقْصِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ] (الْمَادَّةُ 604) لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِتَقْصِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ طَرَأَ

عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ لَزِمَ الضَّمَانُ مَثَلًا لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَأْجَرُ دَابَّةَ الْكِرَاءِ حَبْلُهَا عَلَى غَارِبِهَا وَضَاعَتْ يَضْمَنُ. لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ بِتَقْصِيرِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ لَزِمَ الضَّمَانُ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَأْجُورُ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ ضَمِنَ قِيمَةَ النُّقْصَانِ وَفِي حَالِ النُّقْصَانِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْمَادَّةِ (900) مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا: لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ دَابَّةَ الْكِرَاءِ حَبْلُهَا عَلَى غَارِبِهَا أَوْ رَآهَا تَسِيرُ وَحْدَهَا وَتَرَكَهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِصُورَةٍ أُخْرَى ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا. ثَانِيًا: لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِ الدَّارِ مَرْبُوطَةً أَوْ بِدُونِ رَبْطٍ وَدَخَلَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِقَضَاءِ شُغْلٍ وَتَلِفَتْ بَعْدَ غِيَابِهَا عَنْ نَظَرِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ تَرْكُ الدَّابَّةِ فِيهِ تَضْيِيعًا كَأَنْ يَتْرُكَهَا فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ أَوْ بَعْضِ الْقُرَى وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. ثَالِثًا: لَوْ أَوْقَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ الْمَأْجُورَةَ فِي مَكَانٍ وَأَخَذَ فِي الصَّلَاةِ وَرَأَى الدَّابَّةَ تَسِيرُ إلَى جِهَةٍ أَوْ رَأَى أَحَدًا اخْتَطَفَ الدَّابَّةَ وَلَمْ يَتْرُكْ الصَّلَاةَ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ. رَابِعًا: لَوْ تَخَلَّفَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الطَّرِيقِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ وَقَفَ نَاحِيَةً يُحَادِثُ آخَرَ وَتَلِفَتْ بَعْدَ غِيَابِهَا عَنْ نَظَرِهِ أَوْ فُقِدَتْ ضَمِنَهَا، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ أَوْ فُقِدَتْ مِنْ دُونِ أَنْ تَغِيبَ عَنْ نَظَرِهِ فَلَا يَضْمَنُ. أَيْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ غِيَابُ الدَّابَّةِ عَنْ نَظَرِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْمُسْتَأْجِرُ مُحَافِظًا عَلَى الدَّابَّةِ إذَا تَرَكَهَا تَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ وَلَوْ رَبَطَهَا بِشَيْءٍ. خَامِسًا: لَوْ دَخَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْفُرْنَ لِيَشْتَرِيَ خُبْزًا وَغَابَتْ الدَّابَّةُ عَنْ نَظَرِهِ أَثْنَاءَ اشْتِغَالِهِ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ فُقِدَتْ ضَمِنَهَا. وَإِلَّا فَلَا. سَادِسًا: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا وَذَهَبَ بِهَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَمْتَنِعُونَ عَنْ الذَّهَابِ لِشُيُوعِ مِثْلِ هَذَا الْخَبَرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ الْخَانِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . سَابِعًا: إذَا نَامَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الطَّرِيقِ وَفُقِدَتْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ فَإِذَا نَامَ وَهُوَ قَاعِدٌ وَالدَّابَّةُ أَمَامَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَإِذَا نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ (الْحَامِدِيَّةُ) . قِيلَ فِي الْمِثَالِ: لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَأْجِرُ دَابَّةَ الْكِرَاءِ حَبْلُهَا عَلَى غَارِبِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتْرُكْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَبْلُهَا عَلَى غَارِبِهَا وَخَرَجَتْ الدَّابَّةُ بِنَفْسِهَا بِدُونِ عِلْمِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمَّا عَلِمَ فَتَّشَ عَنْهَا وَلَمْ يَجِدْهَا أَوْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ عَدَمُ الْعُثُورِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُفَتِّشْ عَنْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَيُصَدَّقُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يُفَتِّشْ عَنْهَا لِتَرَجُّحِهِ عَدَمَ الْعُثُورِ عَلَيْهَا (الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 605) مخالفة المستأجر مأذونيته بالتجاوز إلى ما فوق المشروط

وَالتَّقْصِيرُ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ تَقْصِيرُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي حِفْظِ الْمَأْجُورِ بِلَا عُذْرٍ. مَثَلًا لَوْ فَرَّتْ دَابَّةُ الْكِرَاءِ بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مَشْغُولًا بِدَابَّةٍ أُخْرَى لَهُ كَانَتْ مَعَهُ لِسُقُوطِهَا إلَى الْأَرْضِ وَتَلِفَتْ دَابَّةُ الْكِرَاءِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ فِيمَا إذَا كَانَ يَخْشَى عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ حِمْلِهَا التَّلَفَ إذَا لَحِقَ بِدَابَّةِ الْكِرَاءِ وَإِلَّا ضَمِنَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (609) (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 605) مُخَالَفَةُ الْمُسْتَأْجِرِ مَأْذُونِيَّتَهُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَشْرُوطِ] (الْمَادَّةُ 605) مُخَالَفَةُ الْمُسْتَأْجِرِ مَأْذُونِيَّتَهُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَشْرُوطِ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ بِالْعُدُولِ إلَى مَا دُونَ الْمَشْرُوطِ أَوْ مِثْلِهِ لَا تُوجِبُهُ مَثَلًا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ خَمْسِينَ أُقَّةَ حَدِيدٍ عَلَى دَابَّةٍ اسْتَكْرَاهَا لَأَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسِينَ أُقَّةَ سَمْنٍ وَعَطِبَتْ يَضْمَنُ، وَأَمَّا لَوْ حَمَّلَهَا حُمُولَةً مُسَاوِيَةً لِلدُّهْنِ فِي الْمَضَرَّةِ أَوْ أَخَفَّ وَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ. مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُعَيَّنَةً بِعَقْدِ إجَارَةٍ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مِثْلِهَا أَوْ مَا دُونَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَهَا: فَعَلَيْهِ إذَا خَالَفَ الْمُسْتَأْجِرُ مَأْذُونِيَّتَهُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَشْرُوطِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِكَوْنِهِ تَعَدَّى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (779) . أَمَّا إذَا خَالَفَهَا بِالْعُدُولِ إلَى مِثْلِ الْمَشْرُوطِ أَوْ إلَى مَا دُونَهُ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُتَعَدِّيًا. مَثَلًا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ خَمْسِينَ أُقَّةَ حَدِيدٍ عَلَى دَابَّةٍ اسْتَكْرَاهَا لَأَنْ يُحَمِّلَهَا خَمْسِينَ أُقَّةَ سَمْنٍ وَتَلِفَتْ الدَّابَّة بِتَجَاوُزِهِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَشْرُوطِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهَا. وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (86) . وَقَوْلُهُ كَذَا أُقَّةَ حَدِيدٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ الْحَدِيدُ أَقَلَّ مِنْ السَّمْنِ وَزْنًا؛ لِأَنَّ الْحَدِيدَ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِهَا فَيَضُرُّهَا فَحَاصِلُهُ مَتَى كَانَ ضَرَرُ أَحَدِهِمَا فَوْقَ ضَرَرِ الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ ضَرَرًا مِنْ وَجْهٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) . وَأَمَّا لَوْ حَمَّلَهَا حُمُولَةً مُسَاوِيَةً لِلسَّمْنِ فِي الْمَضَرَّةِ أَوْ أَخَفَّ وَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ الْمَوَادُّ (426 و 545 و 546 و 547 و 548 و 550 و 551 و 556 و 557 و 559) مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَفَرَّعَتْ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 606) يَبْقَى الْمَأْجُورُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ] (الْمَادَّةُ 606) يَبْقَى الْمَأْجُورُ كَالْوَدِيعَةِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ كَمَا كَانَ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَلِفَ يَضْمَنُ كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الْآجِرُ مَالَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ الْإِمْسَاكِ تَلِفَ يَضْمَنُ.

يَبْقَى الْمَأْجُورُ كَالْوَدِيعَةِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ كَمَا كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْأَوَانِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَثْنَاءَ رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 594) . وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَأْجُورَ بَعْدَ انْقِطَاعِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَتَلِفَ يَضْمَنُ وَالْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 787) وَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 86) لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ غَصْبٌ وَالْمَنَافِعُ الْمَغْصُوبَةُ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 59 و 596) مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْيَوْمَ فَحَصَلَ مَانِعٌ حَالٍ دُونَ رُكُوبِهِ إيَّاهَا الْيَوْمَ فَرَكِبَهَا فِي الْغَدِ وَتَلِفَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَهُنَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ. كَذَا لَوْ حَمَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَانِيَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ عَلَى دَابَّةٍ لِيُوَصِّلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَزَلَقَتْ الدَّابَّةُ فَتَحَطَّمَتْ الْأَوَانِي فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ مِثْلَ ذَلِكَ الْحَمْلِ ضَمِنَ أَمَّا إذَا كَانَتْ تُطِيقُهُ لَا يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (93) وَشَرْحِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الْآجِرُ مَالَهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يُعْطِهِ ثُمَّ بَعْدَ الْإِمْسَاكِ تَلِفَ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا أَوْ مُتَعَدِّيًا وَحُكْمُ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 794)

الفصل الثالث في حق ضمان الأجير

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ ضَمَانِ الْأَجِيرِ] أَيْ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. (الْمَادَّةُ 607) لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِتَعَدِّي الْأَجِيرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ يَضْمَنُ. لِضَمَانِ الْأَجِيرِ ثَلَاثُ قَوَاعِدَ : الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَوْ فُقِدَ بِتَعَدِّي الْأَجِيرِ أَيْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ ضَمِنَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ، الْأَنْقِرْوِيّ) . وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ الْأَجِيرَ أَمِينٌ وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْمَوَادِّ (768 و 777 و 787) وَيَصِيرُ إيضَاحُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (8 0 6 و 9 0 6) الْآتِيَتَيْنِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا - لَوْ فَارَقَ الْمُكَارِي الْحِمْلَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إلَى آخَرَ بِدُونِ إذْنٍ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ الْمُكَارِي الْأَوَّلُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 790) . ثَانِيًا - وَكَمَا يَضْمَنُ الرَّاعِي إذَا ضَرَبَ الْحَيَوَانَ فَقُلِعَتْ عَيْنُهُ أَوْ كُسِرَتْ رِجْلُهُ يَضْمَنُ أَيْضًا فِيهَا إذَا خَلَطَ غَنَمَ أَحَدِ النَّاسِ بِغَنَمِ آخَرَ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّمَيُّزُ بَيْنَهَا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْخَلْطِ هُوَ يَوْمُ الِاسْتِهْلَاك (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 788) وَالْقَوْلُ لِلرَّاعِي فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ التَّمْيِيزُ مُمْكِنًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَالْقَوْلُ لِلرَّاعِي فِي تَعْيِينِ غَنَمِ كُلٍّ مَنْ أَصْحَابِ الْغَنَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيّ، الْخَيْرِيَّةُ) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مِنْ دُونِ تَعَدِّي الْأَجِيرِ وَلَا تَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجِيرُ خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا: إذَا طَارَتْ شَرَارَةٌ مِنْ مِصْبَاحِ الْقَصَّارِ بَعْدَ أَنْ أَطْفَأَهُ وَتَرَكَهُ فِي حَانُوتِهِ فَأَصَابَتْ الثَّوْبَ وَأَفْسَدَتْهُ فَلَا ضَمَانَ.

ثَانِيًا - لَوْ نَشَرَ الصَّبَّاغُ الثَّوْبَ الَّذِي صَبَغَهُ مَعَ ثِيَابٍ أُخْرَى فَفُقِدَ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ نَشَرَهُ دَاخِلَ الْحَانُوتِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ (أنقروي) . الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ - يَكُونُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ ضَامِنًا الْخَسَارَةَ الَّتِي تَتَوَلَّدُ عَنْ فِعْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَنْشَأْ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (611) . اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ: قَدْ أَجْمَع الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ يَدَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ (يَدُ أَمَانَةٍ) كَمَا صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (0 1 6) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا. أَمَّا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَزُفَرَ وَحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَحَمَّادٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى (وَهُوَ الْقِيَاسُ) . إنَّ يَدَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدُ أَمَانَةٍ كَيَدِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَدُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدُ ضَمَانٍ. وَقَدْ رَجَحَ الزَّيْلَعِيّ هَذَا الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا سَيَجِيءُ تَوْضِيحُهُ (أنقروي وَزَيْلَعِيٌّ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الِاخْتِلَافِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: إذَا ادَّعَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّهُ رَدَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ فُقِدَ مِنْهُ أَوْ سُرِقَ يُصَدَّقُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) . وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يُصَدَّقُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الشَّلَبِيِّ (وَعِنْدَهُ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ عِنْدَهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةِ) . مَثَلًا لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ الْخَيَّاطِ الثَّوْبَ الَّذِي أَعْطَاهُ إلَيْهِ لِيَمْنَحَهُ وَادَّعَى الْخَيَّاطُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَعِنْدَ الْإِمَامِ. يُصَدَّقُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، الْفَتَاوَى وَابْنُ نُجَيْمٍ) . ثَانِيًا: لَا يَلْزَمُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ ضَمَانٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِلَا صُنْعِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ تَلَفُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا فَأَكَلَ الذِّئْبُ الْغَنَمَ الَّتِي يَرْعَاهَا أَوْ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ أَشُرِطَ الضَّمَانُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ (زَيْلَعِيٌّ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا مَثَلًا وَفُقِدَتْ مِنْهُ شَاهٌ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَلَوْ قَالَ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ فِقْدَانُهَا. (الْخَيْرِيَّةُ) .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ فَرَأْيُهُمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالْمَوْتِ حَتْفَ الْأَنْفِ وَحُصُولِ حَرِيقٍ كَبِيرٍ وَهُجُومِ جَمَاعَةٍ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ كَانَ مَرْعَى الْقَرْيَةِ غَابَةً فَلَا يَتَمَكَّنُ الرَّاعِي مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى كَافَّةِ الْأَغْنَامِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمَا. أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بِسَبَبٍ كَالسَّرِقَةِ أَوْ لِخَطْفِهِ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْأَنْقِرْوِيّ، وَالتَّنْقِيحُ) . مَثَلًا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ رَاعِيًا وَفُقِدَ حَيَوَانٌ مِنْ يَدِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ (الْخَيْرِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (611) هَذَا أَيْضًا: وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: 1 - بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِتَعَدِّيهِ 2 - بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الَّذِي يَقَعُ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. 3 - بِالشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَيَقَعُ بِشَيْءٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ. 4 - بِالشَّيْءِ الَّذِي يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا أَمْ لَا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مُطْلَقًا. وَجْهُ الِاخْتِلَافِ: هُوَ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ يَقُولُ إنَّ الْأُجْرَةَ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ وَالْحِفْظِ مَعًا فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مَضْمُونٌ وَلَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (777) . أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَقُولَانِ إنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ فِي مُقَابِل الْعَمَلِ مَعَ الْحِفْظِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَادَّةِ (777) (وَتَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) . وَقَدْ رَجَّحَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْهُ؛ لِأَنَّهَا: أَوَّلًا: ذَكَرْته فِي الْمَادَّةِ (609) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ أَنَّ عَدَمَ تَخْصِيصِ الْمَجَلَّةِ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِيَارِهَا مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْمُشَارَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُشْتَرَكًا وَكَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مِثَالِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا وَهُنَاكَ سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيًا: إنَّ الْفِقْرَةَ (وَبِهَذَا الْوَجْهِ لَوْ حَبَسَ ذَلِكَ الْمَالُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ) مِنْ الْمَادَّةِ (472) هِيَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ " هِدَايَةٌ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (482) .

وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ صَانِعٍ بِعَمَلِهِ أَثَّرَ فِي الْعَيْنِ كَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ عَمَلِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَجْرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَصْفٌ قَائِمٌ فِي الثَّوْبِ فَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ حَبَسَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَبْسِ فَيَبْقَى أَمَانَةً كَمَا كَانَ عِنْدَهُ وَلَا أَجْرَ لَهُ لِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَانَتْ مَضْمُونَةً قَبْلَ الْحَبْسِ فَكَذَا بَعْدَهُ لَكِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَلَهُ الْأَجْرُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (482) . الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَدْ رَأَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَنْ يَجْرِيَ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ جَبْرًا إذَا تَلِفَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَيْ أَنَّهُمْ قَدْ اخْتَارُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقِسْمًا مِنْ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ يَلْزَمُ الْإِفْتَاءُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ بَعْدِ صُدُورِ الْمَجَلَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) . الْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّمَانُ إذَا كَانَ مُصْلِحًا وَإِذَا كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُصَالِحُ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ تَحْبِيذٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمَا بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالتَّنْقِيحُ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي سُلِّمَ إلَى الْأَجِيرِ لَيْسَ مَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ بِتَلَفِهِ مِنْ دُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مُصْحَفًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمُصْحَفُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمُصْحَفَ لَا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ لَيْسَ الْمُصْحَفُ مِمَّا يَحْدُثُ فِيهِ الْعَمَلُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالتَّنْقِيحُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ وَخُولِفَ الشَّرْطُ فَيَجْرِي عَلَى مَا يَجِيءُ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: 1 - إذَا أَعْطَى أَحَدٌ صَبَّاغًا ثِيَابًا عَلَى أَنْ يَصْبُغَهَا بِلَوْنِ كَذَا وَخَالَفَ الشَّرْطَ بِأَنْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا إذَا شَاءَ ضَمَّنَ الصَّبَّاغَ الثِّيَابَ بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَتَرَكَهَا لَهُ. وَإِذَا شَاءَ أَخَذَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْوَصْفِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا أَيْضًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثِّيَابَ لِلصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا بِلَوْنِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثِيَابَهُ وَدَفَعَ إلَى الْأَجِيرِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَدَثَتْ بِذَلِكَ الْوَصْفِ. 2 - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حَكَاك الْأَخْتَامِ خَتْمًا لِيَنْقُشَ عَلَيْهِ اسْمَهُ فَنَقَشَ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْمَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَجِيرَ قِيمَةَ الْخَتْمِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَنْقُوشًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِ الْأَجِيرِ عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.

(المادة 608) تعدي الأجير

3 - إذَا أَعْطَى أَحَدٌ نَقَّاشًا لَوْحًا لِيَنْقُشَ عَلَيْهِ عِبَارَةً وَنَقَشَ النَّقَّاشُ عَلَى اللَّوْحِ عِبَارَةً أُخْرَى فَالْمُسْتَأْجِرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ اللَّوْحِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِعَمَلِ الْأَجِيرِ هَذَا عَلَى أَلَّا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. 4 - وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ قُمَاشًا إلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهُ قَمِيصًا فَخَاطَهُ سِرْوَالًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ السَّابِقِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَاب السَّابِع وَالْعِشْرِينَ) . فِي رَعْيِ مَاشِيَةِ قَرْيَةٍ مُنَاوَبَةً: إذَا اتَّفَقَ أَهْلُ قَرْيَةٍ عَلَى أَنْ يَرْعَوْا مَوَاشِيَهُمْ مُنَاوَبَةً وَفُقِدَتْ مَوَاشِي أَحَدِهِمْ فِي نَوْبَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ النَّوْبَةِ ضَمَانٌ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِإِجَارَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ تَعَاوُنٌ (الْبَهْجَةُ وَالْفَتَاوَى، أَبُو السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 608) تَعَدِّي الْأَجِيرِ] (الْمَادَّةُ 608) تَعَدِّي الْأَجِيرِ هُوَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا أَوْ يَتَحَرَّكَ حَرَكَةً مُخَالِفَتَيْنِ لِأَمْرِ الْآجِرِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً مَثَلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلرَّاعِي الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ خَاصٌّ ارْعَ هَذِهِ الدَّوَابَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَلَا تَذْهَبْ بِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَرْعَهَا الرَّاعِي فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَرَعَاهَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا فَإِنْ عَطِبَتْ الدَّوَابُّ عِنْدَ رَعْيِهَا هُنَاكَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي، كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ قُمَاشًا إلَى خَيَّاطٍ وَقَالَ إنْ خَرَجَ قَبَاءً فَصِّلْهُ وَقَالَ الْخَيَّاطُ يَخْرُجُ وَفَصَّلَهُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْخَيَّاطَ الْقُمَاشَ. أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: تَعَدِّي الْأَجِيرِ أَيْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَوْ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ هُوَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا أَوْ يَتَحَرَّكَ حَرَكَةً مُخَالِفَتَيْنِ لِأَمْرِ الْآجِرِ أَوْ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ يَسْتَهْلِكَ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ، وَتَقْيِيدُ الْأَجِيرِ فِي الْمِثَالِ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ إنَّمَا هُوَ عَرْضًا وَاتِّفَاقًا لَا يُقْصَدُ الِاحْتِرَازُ. وَإِذَا عَادَ الْأَجِيرُ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ مَرَّةً إلَى الْوِفَاقِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيّ) . وَالْمُرَادُ مِنْ التَّعَدِّي فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الِاسْتِهْلَاكُ وَجِنَايَةُ الْيَدِ وَمِنْ التَّقْصِيرِ هُوَ التَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ وَهَذَانِ اللَّفْظَانِ إنَّمَا هُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ (هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيّ) مِثَالٌ لِلْحَرَكَةِ الْمُخَالِفَة لِلْأَمْرِ صَرَاحَةً: مَثَلًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلرَّاعِي الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ خَاصٌّ أَيْ أَجِيرٌ وَاحِدٌ ارْعَ هَذِهِ الدَّوَابَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَلَا تَذْهَبْ بِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ لَمْ يَرْعَهَا الرَّاعِي فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَذَهَبَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَرَعَاهَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِحَرَكَتِهِ الْمُخَالِفَةِ لِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الصَّرِيحِ فَإِنْ عَطِبَتْ الدَّوَابُّ عِنْدَ رَعْيِهَا هُنَاكَ

يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي وَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّ تَعَدِّيًا آخَرَ أَيْ أَنَّهُ إذَا رَعَى الْحَيَوَانَ فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الْمَشْرُوطِ وَتَلِفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَجْرٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَيَلْزَمُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ شَرَطْنَا رَعْيَ الْمَوَاشِي فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ، وَقَالَ الْأَجِيرُ لَمْ نَشْتَرِطْ ذَلِكَ قُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا مِنْهُمَا وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الرَّاعِي وَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ (الْأَنْقِرْوِيّ والخصالي، وَالْبَزَّازِيَّة) مِثَالٌ لِلْحَرَكَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلْأَمْرِ دَلَالَةً: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ قُمَاشًا وَقَالَ إنْ خَرَجَ قَبَاءً فَصِّلْهُ بِكَذَا قِرْشًا أُجْرَةً فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَلِصَاحِبِ الْقُمَاشِ أَنْ يُضَمِّنَ الْخَيَّاطَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّفْصِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِخُرُوجِهِ قَبَاءً وَلِذَلِكَ يُفْهَمُ أَنَّ الْخَيَّاطَ لَيْسَ مَأْذُونًا بِتَفْصِيلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا لِقَبَاءٍ وَإِنْ فَصَّلَهُ الْخَيَّاطُ وَلَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَيَكُونُ قَدْ خَالَفَ أَمْرَ الْمُسْتَأْجِرِ دَلَالَةً أَمَّا إذَا أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ الْقُمَاشَ وَقَالَ لَهُ هَلْ يَكْفِي قَبَاءً لِي فَقَالَ الْخَيَّاطُ يَكْفِي فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ فَصِّلْهُ فَفَصَّلَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ قَبَاءً فَلَا يَلْزَمُ الْخَيَّاطَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطْلَقٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَيَكُونُ قَاطِعًا بِإِذْنٍ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ نَعَمْ إغْرَارًا لَهُ حَتَّى يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْغَارِّ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ أَنْ لَوْ كَانَ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَضْمَنُ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْخَيَّاطُ: نَعَمْ فَقَالَ: الْمَالِكُ اقْطَعْهُ إذَنْ ضَمِنَ إذْ عَلَّقَ الْإِذْنَ بِشَرْطٍ. إذَا نَزَلَ الْمُكَارِي فِي مُنْقَطِعٍ عَنْ الْعَمَارِ وَكَانَ فِي إمْكَانِهِ أَنْ يُفَارِقَ ذَلِكَ الْمَكَانَ وَلَمْ يُفَارِقْهُ لِكَوْنِهِ مَبَاءَةَ اللُّصُوصِ وَنُزُولِ الْأَمْطَارِ الْغَزِيرَةِ وَبَقِيَ فِيهِ فَأَفْسَدَ الْمَطَرُ مَا مَعَهُ مِنْ الْأَحْمَالِ أَوْ سَرَقَهَا اللُّصُوصُ مِنْهُ يَكُونُ ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيّ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْفَلَّاحِ اُنْقُلْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ مِنْ هُنَا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ؛ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ هُنَا تُفْسِدُهَا إنْ بَقِيَتْ وَقَبِلَ الْفَلَّاحُ ذَلِكَ أَيْ تَعَهَّدَ بِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ الْحِنْطَةَ وَفَسَدَتْ ضَمِنَ بَدَلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا ذَهَبَ الْحَمَّالُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهَا لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَلِفَ الْحَمْلُ ضَمِنَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (573) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ) . ثَانِيًا: مُخَالَفَةُ الْأَجِيرِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (483) . ثَالِثًا: إنْكَارُ الْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ أَيْضًا مَثَلًا إذَا أَنْكَرَ الْقَصَّارُ الثِّيَابَ الْمُعْطَاةَ إلَيْهِ لِقَصْرِهَا عِنْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سُرِقَتْ أَوْ حُرِقَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ أَصْبَحَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ غَاصِبًا وَإِذَا اسْتَحْصَلَهَا صَاحِبُهَا بَعْدَئِذٍ مِمَّنْ سَرَقَهَا مَثَلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَجِيرَ أُجْرَتَهُ إذَا غَسَلَهَا قَبْلَ الْجُحُودِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِصَاحِبِ الثِّيَابِ أَمَّا إذَا كَانَ الْغَسْلُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ أُجْرَةٍ لِأَنَّ الْقَصَّارَ قَصَّرَهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ (الْخَانِيَّةُ) وَإِذَا كَانَ الْأَجِيرُ صَبَّاغًا فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا صَبَغَهُ قَبْلَ الْجُحُودِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ

وَإِذَا صَبَغَهُ بَعْدَ الْجُحُودِ يَكُونُ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَخَذَ الثِّيَابَ وَأَدَّى الصَّبَّاغُ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الصِّبَاغِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الثِّيَابَ لِلصَّبَّاغِ وَضَمَّنَهُ مَجْمُوعَ قِيمَتِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (897) . رَابِعًا: إذَا دَفَعَ لِلطَّحَّانِ حِنْطَةً كَيْ يَطْحَنَهَا وَأَنْكَرَهَا الطَّحَّانُ فَإِذَا طَحَنَهَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَتَبْقَى الْحِنْطَةُ لِلطَّحَّانِ وَيَضْمَنُ حِنْطَةَ صَاحِبِ الْمَالِ. كَمَا لَوْ دَفَعَ لِلنَّسَّاجِ خِيطَانًا كَيْ يَنْسِجَ لَهُ قُمَاشًا فَالْحُكْمُ فِي هَذَا كَحُكْمِ الْحِنْطَةِ عَلَى مَا شُرِحَ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا هَلَكَتْ الدَّابَّةُ بِدُونِ تَعَدِّي الرَّاعِي وَتَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا أَوْ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا مَثَلًا وَإِذَا هَلَكَتْ الدَّابَّةُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَهِيَ فِي يَدِ الرَّاعِي لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَهَاكَ إيضَاحُ الْأَحْوَالِ الَّتِي تُوجِبُ ضَمَانَ الْأَجِيرِ وَاَلَّتِي لَا تُوجِبُهُ وَهِيَ: 1 - لَيْسَ لِلرَّاعِي إنْزَاءُ الذَّكَرِ مِنْ الْحَيَوَانِ عَلَى الْأُنْثَى بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ. فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ الْحَيَوَانُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا نَزَا الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يُعَدُّ مُتَعَدِّيًا بِإِتْيَانِهِ عَمَلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ مِنْ عَمَلٍ. 2 - إذَا جَذَبَ الثَّوْبَ صَاحِبُهُ عِنْدَمَا أَحْضَرَهُ الْخَيَّاطُ لَهُ وَتَمَزَّقَ بِسَبَبِ شَدِّ الْمَالِكِ إيَّاهُ لَا يَلْزَمُ الْخَيَّاطَ ضَمَانٌ، وَأَمَّا إذَا تَمَزَّقَ مِنْ جَذْبِ كُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْخَيَّاطِ مَعًا لَزِمَ الْخَيَّاطَ ضَمَانُ نِصْفِ قِيمَتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (915) . 3 - إذَا أَرْسَلَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ بَعْدَ خِيَاطَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ مَعَ وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ وَهَلَكَ الثَّوْبُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ بَالِغًا عَاقِلًا مُقْتَدِرًا عَلَى الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُ الْأَجِيرَ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 795) وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَضْيِيعِهِ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّة وَالْأَنْقِرْوِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - لِلرَّاعِي أَنْ يَرُدَّ الْحَيَوَانَاتِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ أَجِيرِهِ الْخَاصِّ وَابْنِهِ الْكَبِيرِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ. وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ. فَإِنْ رَدَّهَا وَهَلَكَتْ ضَمِنَ (اُنْظُرْ مَتْنَ الْمَادَّةِ 795 وَشَرْحِهَا) . 5 - إذَا دَفَعَ رَجُلٌ لِلنَّسَّاجِ خِيطَانًا كَيْ يَنْسِجَ لَهُ قُمَاشًا فَأَعْطَى النَّسَّاجُ الْخِيطَانَ لِشَخْصٍ آخَرَ وَهَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْآخَرُ أَجِيرَ النَّسَّاجِ فَلَا ضَمَانَ. وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 795) . (الْبَزَّازِيَّة وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . 6 - إذَا تَرَكَ الدَّلَّالُ الْمَالَ بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يُسَوَّمُ لِلشِّرَاءِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَضَاعَ الْمَالُ بِيَدِ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الدَّلَّالِ لَزِمَ الدَّلَّالَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّلَّالَ وَدِيعٌ وَلَيْسَ لِلْوَدِيعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ (التَّنْقِيحُ) " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 790 ". 7 - إذَا دَفَعَ شَخْصٌ لِلصَّبَّاغِ ثَوْبًا لِصَبْغِهِ بِلَوْنٍ أَحْمَرَ فَصَبَغَهُ الصَّبَّاغُ بِلَوْنٍ أَصْفَرَ فَذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الصَّبَّاغَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَهُوَ بِحَالَةِ الْبَيَاضِ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَأَدَّى لِلصَّبَّاغِ فَضْلَ الْقِيمَةِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ الصِّبَاغِ الْأَصْفَرِ. وَعَلَى كُلٍّ الْأُجْرَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ. وَأَمَّا إذَا صَبَغَهُ الصَّبَّاغُ

(المادة 609) تقصير الأجير

أَحْمَرَ وَلَكِنْ بِصِبَاغٍ رَدِيءٍ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَتْ رَدَاءَةُ الصِّبَاغِ فَاحِشَةً فِي نَظَرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ ضَمِنَ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ فَاحِشَةٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيُؤَدِّي الْأَجْرَ الْمُسَمَّى " رَدُّ الْمُحْتَارِ. 8 - إذَا أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَأَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَارْتَدَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِفَسَادِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّضْمِينُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِعَيْبِهِ " الْأَنْقِرْوِيّ ". [ (الْمَادَّةُ 609) تَقْصِيرُ الْأَجِيرِ] (الْمَادَّةُ 609) تَقْصِيرُ الْأَجِيرِ هُوَ قُصُورُهُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ مَثَلًا إذَا فَرَّ مِنْ الْقَطِيعِ رَأْسُ غَنَمٍ لِعَدَمِ لَحَاقِ الرَّاعِي لَهُ تَكَاسُلًا وَإِهْمَالًا فَضَاعَ لِذَلِكَ رَأْسُ الْغَنَمِ فَيَضْمَنُ الرَّاعِي لِتَقْصِيرِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ عَدَمُ لَحَاقِهِ لَهُ نَاشِئًا عَنْ غَلَبَةِ احْتِمَالِ ضَيَاعِ الْغَنَمِ الْبَاقِيَةِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. تَقْصِيرُ الْأَجِيرِ أَيْ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ أَوْ الْمُشْتَرَكِ التَّقْصِيرُ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 607، هُوَ كَأَنْ يُقَصِّرَ بِلَا عُذْرٍ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ حِفْظَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ لِعُذْرٍ مَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ تَقْصِيرًا. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا: 1 - إذَا فَرَّتْ شَاةٌ مِنْ الْقَطِيعِ مَثَلًا وَضَاعَتْ لِعَدَمِ لَحَاقِ الرَّاعِي بِهَا وَالْقَبْضِ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ احْتِمَالِ ضَيَاعِ الْغَنَمِ الْبَاقِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ تَعْقِيبِهِ إيَّاهَا تَكَاسُلًا وَإِهْمَالًا مِنْهُ يَضْمَنُ الرَّاعِي بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا أَوْ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ عَدَمُ لَحَاقِ الرَّاعِي لِلْحَيَوَانِ الْهَارِبِ وَقَبْضِهِ عَلَيْهِ نَاشِئًا عَنْ غَلَبَةِ احْتِمَالِ ضَيَاعِ الْحَيَوَانَاتِ الْبَاقِيَةِ عَلَى تَقْدِيرِ تَعْقِيبِهِ إيَّاهَا وَعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُرْسِلُهُ خَلْفَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا أَوْ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا. لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرَكَ الْحِفْظَ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِاقْتِرَانِهِ بِعُذْرٍ (النَّتِيجَةُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَمَا هُوَ فِي الْوَدِيعَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 787) . وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْأَجِيرُ خَاصًّا. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَجِيرُ مُشْتَرَكًا فَعَدَمُ الضَّمَانِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (الْخُلَاصَةُ) وَلُزُومُ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْأَجِيرَ طَمَعًا بِالْأَجْرِ الْوَافِرِ يَتَقَبَّلُ الْكَثِيرَ مِنْ الْحَيَوَانِ فَوْقَ اقْتِدَارِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. ثَانِيًا - إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ أَثْنَاءَ نَوْمِ الرَّاعِي لَزِمَهُ الضَّمَانُ لِتَرْكِهِ الْحِفْظَ كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ أَثْنَاءَ غَلَبَةِ النَّوْمِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَحَلِّهِ وَبَعْدَ أَنْ غَابَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ عَنْ نَظَرِهِ (الْأَنْقِرْوِيّ) .

(المادة 610) الأجير الخاص أمين

ثَالِثًا - إذَا فَاضَ مَجْرَى الطَّاحُونِ وَتَلِفَتْ الْحِنْطَةُ فَكَمَا أَنَّ الطَّحَّانَ يَضْمَنُ كَذَلِكَ إذَا تَرَكَ الطَّحَّانُ الطَّاحُونَ بِدُونِ أَنْ يَقْفِلَ بَابَهَا وَسُرِقَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ سُرِقَ الدَّقِيقُ (الْهِنْدِيَّةُ قَبْلَ الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . رَابِعًا - إذَا أَجْفَلَتْ الدَّوَابُّ وَتَفَرَّقَتْ فِي أَنْحَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الرَّاعِي مِنْ مُطَارَدَتِهَا وَجَمْعِهَا كُلِّهَا لَا ضَمَانَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا - إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ فِي الطَّرِيقِ. بَيْنَمَا كَانَ الرَّاعِي الْمُشْتَرَكُ يَرُدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ مَعَ أَوْلَادِهِ غَيْرِ الْقَادِرِينَ عَلَى الْحِفْظِ أَوْ مَعَ شَخْصٍ لَيْسَ بِأَمِينٍ لَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا هَلَكَ أَثْنَاءَ رَدِّهِ مَعَ أَمِينِهِ فَلَا ضَمَانَ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 7 6) (التَّنْقِيحُ) . سَادِسًا - إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ بَغْلًا وَبَيْنَمَا كَانَ يَسُوقُهُ مَعَ حِمَارٍ لَهُ وَقَعَ الْحِمَارُ فَانْشَغَلَ بِتَخْلِيصِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَهْلِكَ فَدَفَعَ الْبَغْلَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إلَى رَفِيقِهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ حِفْظِهِ وَهَلَكَ الْبَغْلُ بِيَدِ رَفِيقِهِ الْمَرْقُومِ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ (الْخَيْرِيَّةُ) . سَابِعًا - إذَا تَرَكَ النَّسَّاجُ فِي زَمَنٍ كَثُرَتْ فِيهِ اللُّصُوصُ فِي دُكَّانِهِ الشَّيْءَ الَّذِي نَسَجَهُ وَسُرِقَ وَبَعْدَ أَنْ قَفَلَ الْبَابَ وَذَهَبَ إلَى دَارِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ تَرْكُ دُكَّانٍ كَهَذِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِلَّا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُقَصِّرًا فِي الْحِفْظِ وَمُضَيِّعًا الْمَالَ (الْأَنْقِرْوِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 610) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ أَمِينٌ] (الْمَادَّةُ 610) الْأَجِيرُ الْخَاصُّ أَمِينٌ. فَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الْهَالِكَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ الْهَالِكَ بِعَمَلِهِ بِلَا تَعَدٍّ. الْأَجِيرُ الْخَاصُّ أَمِينٌ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَيُعَدُّ أَمِينًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَطْ وَبِالِاتِّفَاقِ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْمَالَ الْهَالِكَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ يَعْنِي بِدُونِ سَبْقِ عَمَلٍ مِنْهُ وَإِنْ شُرِطَ الضَّمَانُ وَلَا تَنْقُصُ أُجْرَةُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِكَوْنِهِ حَاضِرًا وَمُهَيَّئًا لِلْعَمَلِ. مَثَلًا إذَا تَلِفَتْ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا خَاصًّا وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَجِيرُ مُهَيِّئًا لِلْعَمَلِ فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ أُجْرَتِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الزَّيْلَعِيّ) . الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا - لَا يَضْمَنُ حَارِسُ الْخَانِ الشَّيْءَ الَّذِي سُرِقَ فِي غُرَفِ الْخَانِ أَوْ فِي سَاحَتِهِ. وَكَذَلِكَ حَارِسُ السُّوقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَمَا عَلَى الْحَارِسِ شَيْءٌ لَوْ نُقِبْ ... فِي السُّوقِ حَانُوتٌ عَلَى مَا فِيهِ كُتِبْ وَلَيْسَ يَضْمَنُ الَّذِي مِنْهَا سَرَقْ ... إذْ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ ذَاكَ يَلْتَحِقْ

إذَا فُقِدَ الْوَلَدُ أَوْ فُقِدَتْ الْحُلِيُّ الَّتِي عَلَيْهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِ الظِّئْرِ وَتُوُفِّيَ لَا ضَمَانَ عَلَى الظِّئْرِ الَّتِي هِيَ أَجِيرٌ خَاصٌّ (الَّتِي مَرَّ وَالْأَنْقِرْوِيّ) . الْحُكْمُ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) أَيْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ الْهَالِكَ وَهُوَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَإِنْ تَلِفَ وَهُوَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا خِلَافًا لَهُمَا (الشِّبْلِيُّ) وَسَوَاءٌ أَتَلِفَ الْمَالُ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَوْ بِسَبَبٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ رَجَّحَتْ وَاخْتَارَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْمُشَارَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 607 السَّالِفَةِ الذِّكْرِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ اللَّازِمِ تَخْصِيصُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ بَلْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ (الْأَجِيرُ أَمِينٌ) . وَأَنْ تُخَصَّصَ الْفِقْرَةُ الْآتِيَةُ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْفِقْرَةَ الْمَذْكُورَةَ مَخْصُوصَةٌ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَلَا يَجْرِي حُكْمُهَا عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ. كَمَا سَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ 611 (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ) . ثَالِثًا - وَكَذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ الْمَالَ الْهَالِكَ بِصُنْعِهِ بِلَا تَعَدٍّ أَيْضًا أَيْ بِعَمَلِهِ الشَّيْءَ الَّذِي أُذِنَ بِهِ. وَيَأْخُذُ كَامِلَ أُجْرَتِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ مِلْكُ الْمُسْتَأْجِرِ فَمَتَى أَمَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَأْجُورِ صَحَّ ذَلِكَ وَكَانَ الْأَجِيرُ قَائِمًا مَقَامَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَبِلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ (الدُّرَرُ) . مَثَلًا إذَا تَلِفَتْ الْحَيَوَانَاتُ بَيْنَمَا كَانَ الرَّاعِي يَرْعَاهَا أَوْ يُورِدُهَا الْمَاءَ لَا يَضْمَنُ. رَابِعًا - إذَا أَتْلَفَتْ الْحَيَوَانَاتُ بَعْضَهَا بَعْضًا بَيْنَمَا كَانَ الرَّاعِي الْأَجِيرُ الْخَاصُّ يَسُوقُهَا لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا - إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ إنَاءً مِنْ السُّوقِ وَأَرْسَلَهُ مَعَ خَادِمِهِ إلَى دَارِهِ فَزَلَّتْ قَدَمُ الْخَادِمِ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ وَانْكَسَرَ الْإِنَاءُ لَا يَضْمَنُهُ. وَأَمَّا إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ بِإِتْيَانِ الْأَجِيرِ عَمَلًا غَيْرَ الْعَمَلِ الَّذِي أَمَرَهُ وَأَذِنَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ الْأَجِيرُ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (608) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ السُّوقِ إنَاءَيْنِ وَأَمَرَ خَادِمَهُ بِنَقْلِ أَحَدِهِمَا وَعَيَّنَهُ لَهُ إلَى دَارِهِ فَنَقَلَ خَادِمُهُ الْإِنَاءَ الثَّانِي بِلَا أَمْرٍ وَلَا إذْنٍ فَعَثَرَ فِي الطَّرِيقِ وَوَقَعَ وَانْكَسَرَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ كَانَ الْخَادِمُ ضَامِنًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِإِجْرَائِهِ غَيْرَ الْعَمَلِ الَّذِي أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِهِ. وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (بِلَا تَعَدٍّ) ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْخَاصَّ إذَا أَتْلَفَ الْمَالَ قَصْدًا وَتَعَدِّيًا يَضْمَنُ. كَمَا هُوَ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا - إذَا تَرَكَ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ الْغَنَمَ الَّتِي كَانَ يَرْعَاهَا وَحْدَهَا بِدُونِ مُحَافِظٍ وَفَقَدَ مِقْدَارًا مِنْهَا يَكُونُ ضَامِنًا (التَّنْقِيحُ)

(المادة 611) الأجير المشترك يضمن الضرر والخسائر

ثَانِيًا - إذَا ضَرَبَ الرَّاعِي عَمْدًا رِجْلَ الشَّاةِ فَكَسَرَهَا أَوْ قَلَعَ عَيْنَهَا يَضْمَنُ " عَبْدُ الْحَلِيمِ " وَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ كَسْرِ رِجْلِهِ بِمُدَّةٍ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ كُسِرَتْ رِجْلُهُ. لَا قِيمَتَهُ يَوْمَ هَلَاكِهِ (الْخَيْرِيَّةُ) . ثَالِثًا - إذَا ذَبَحَ الْأَجِيرُ الْحَيَوَانَ يَضْمَنُ. وَأَمَّا إذَا ذَبَحَهُ الْأَجِيرُ وَالْأَجْنَبِيُّ بِسَبَبِ مَرَضِهِ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ خَلَاصُهُ مَأْمُولًا أَوْ مَشْكُوكًا بِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ مُتَيَقَّنًا لَا يَضْمَنُ وَلَكِنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ لَحْمُهَا كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ لَا تُذْبَحُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِقَوْلِ إنِّي ذَبَحْتهَا لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِلَحْمِهَا. وَلَا يُذْبَحُ الْحِمَارُ وَلَا الْبَغْلُ إذْ لَا يَصْلُحُ لَحْمُهَا وَلَا الْفَرَسُ عِنْدَهُ لِكَرَاهَتِهِ تَحْرِيمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إذَا قَالَ الْأَجِيرُ ذَبَحْتُهُ لِيُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ لَا يُصَدَّقُ الْأَجِيرُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُصَادِقْ صَاحِبُهُ عَلَى تَيَقُّنِ مَوْتِهِ لِإِقْرَارِهِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمَوْتَ لِصَاحِبِ الْحَيَوَانِ وَعَلَى الذَّابِحِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ مَوْتَهُ مُتَيَقَّنٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيّ) فَإِذَا لَمْ يَقْتَدِرْ الذَّابِحُ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَحَلَفَ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ الْيَمِينَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الذَّبْحِ وَاذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (8) لِلذَّابِحِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي يَدَّعِي الزِّيَادَةَ (الْخَيْرِيَّةُ) وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّاعِي بِأَنَّ الْحَيَوَانَ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 607 " وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إحْضَارَ جِلْدِهِ إذَا هَلَكَ وَالضَّمَانَ عِنْدَ عَدَمِ إحْضَارِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ. رَابِعًا - إذَا أَعْطَى الرَّاعِي شَاةَ رَجُلٍ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَاسْتَهْلَكَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ لَزِمَ الرَّاعِي الضَّمَانُ، إنْ أَقَرَّ الرَّاعِي بِذَلِكَ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ إقْرَارِ الرَّاعِي بِأَنَّ الشَّاةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَّهُ إيَّاهَا " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". [ (الْمَادَّةُ 611) الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ يَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَائِرَ] (الْمَادَّةُ 611) الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ يَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَائِرَ الَّتِي تَوَلَّدَتْ عَنْ فِعْلِهِ وَوَصْفِهِ إنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. يَضْمَنُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْخَسَائِرَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ فِعْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ ضَامِنٌ لِلْخَسَارَةِ الَّتِي تَتَوَلَّدُ عَنْ فِعْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَعَدِّيًا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ؛ لِأَنَّ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ هُوَ الْعَمَلُ السَّلِيمُ. وَأَمَّا الْعَمَلُ الْفَاسِدُ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِجَارَةِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَعَلَ شَيْئًا غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ مَأْذُونًا بِعَمَلِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ. وَالْمُسْتَأْجِرُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ بِحَالِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْمُولٍ وَإِعْطَاءُ أُجْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ لَمْ يَفِ مَنْفَعَةً بَلْ أَوْرَثَ ضَرَرًا " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ أَجْرَ مِثْلِهِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ ". يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ الْعَمَلِ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُوَرِهِ مُطْلَقَةً أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ سَوَاءٌ تَجَاوَزَ الْعَامِلُ الْمُعْتَادَ

أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا - إذَا مَزَّقَ الْقَصَّارُ الثِّيَابَ وَهُوَ يَغْسِلُهَا أَوْ زَلَقَتْ رِجْلُ الْحَمَّالِ وَتَلِفَ الْحَمْلُ يَكُونُ ضَامِنًا مَا أَتْلَفَ كَمَا يَكُونُ ضَامِنًا إذَا غَرِقَ الزَّوْرَقُ فِي أَثْنَاءِ تَجْدِيفِهِ بِالْمِجْدَافِ وَهَلَكَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَشْخَاصِ وَالْأَمْوَالِ. " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". ثَانِيًا - إذَا زَلِقَ الْحَيَوَانُ وَهُوَ يَسُوقُهُ أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ وَالْمُكَارِي يَشُدُّهُ فَوَقَعَ الْحَمْلُ وَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ مِنْ تَرْكِ الِاحْتِيَاطِ وَالتَّوَثُّقِ فِي الرَّبْطِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَبْلُ مَالَ صَاحِبِ الْحَمْلِ أَوْ إنَّ انْقِطَاعَ الْحَبْلِ لَمْ يَكُنْ مِنْ سَوْقِ الْمُكَارِي بَلْ هَبَّتْ الرِّيحُ وَالْحَيَوَانُ وَاقِفٌ فَجَفَلَ الْحَيَوَانُ فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَتَلِفَ الْحَمْلُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ " رَدُّ الْمُحْتَارِ وَشِبْلِيٌّ وَالْهِنْدِيَّةُ ". ثَالِثًا - إذَا تَلِفَ الْحَمْلُ بِأَنْ زَلِقَ الْحَمَّالُ أَوْ بِأَنْ زَحَمَهُ النَّاسُ فَوَقَعَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ زَلَقِهِ حَصَلَ مِنْ تَرْكِهِ التَّثَبُّتَ فِي الْمَشْيِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". وَصَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَحْمُولًا وَأَعْطَاهُ أُجْرَتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَحْمُولٍ وَلَمْ يُعْطِهِ أُجْرَتَهُ. وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ازْدِحَامٌ عَلَى الْحَمَّالِ وَتَلِفَ الْحَمْلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الضَّمَانُ " الْأَنْقِرْوِيّ، وَالْبَزَّازِيَّة ". رَابِعًا - إذَا سَاقَ الرَّاعِي الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ الْحَيَوَانَاتِ بِسُرْعَةٍ فَسَقَطَتْ فِي الْمَاءِ أَثْنَاءَ تَسَابُقِهَا أَوْ هَلَكَتْ بِصُورَةٍ أُخْرَى يَضْمَنُ كَذَا لَوْ ضَرَبَ الْحَيَوَانَ فِي أَثْنَاءِ سَوْقِهِ وَهَلَكَ يَضْمَنُ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ. خَامِسًا - إذَا سُلِّمَ عِنَبٌ إلَى الْحَمَّالِ عَلَى أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَتَأَخَّرَ الْحَمَّالُ وَفَسَدَ الْعِنَبُ أَوْ حَرَقَ الطَّاهِي الطَّعَامَ بِطَبْخِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ " الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ ". سَادِسًا - إذَا احْتَرَقَ الْخُبْزُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ خَبَّازُ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ الَّذِي فِي بَيْتِهِ التَّنُّورُ لَزِمَ الضَّمَانُ. سَابِعًا - إذَا أَسْقَطَ النَّحْيَ الَّذِي جَلَبَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ السَّوَائِلِ كَالْخَلِّ وَالزَّيْتِ وَهُوَ يُنْزِلُهُ عَنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَانْشَقَّ وَسَالَ مَا فِيهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ كَمَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فِي الْقِيمَةِ الَّذِي طَرَأَ عَلَى النَّحْيِ (التَّنْقِيحُ) . ثَامِنًا - إذَا سَلَّمَ شَخْصٌ أَمْتِعَتَهُ لِلْمَلَّاحِ كَيْ يُوصِلَهَا إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهَا فِي السَّفِينَةِ وَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ وَهُوَ ذَاهِبٌ مِنْ مَدِّ تَجْدِيفِهِ يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ الْأَمْتِعَةَ. سَوَاءً تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ فِي التَّجْدِيفِ أَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ وَلَكِنْ إذَا غَرِقَتْ مِنْ الرِّيحِ أَوْ مِنْ الْمَوْجِ أَوْ مِنْ وُقُوعِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَيْهَا لَا يَضْمَنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (مِنْ فِعْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَوَلَّدْ الْخَسَارَةُ وَالضَّرَرُ الْمَذْكُورُ مِنْ فِعْلِ الْأَجِيرِ وَصُنْعِهِ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزُ مِنْهُ أَوْ عَنْ سَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ

التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالْحَرِيقِ الْعَظِيمِ أَوْ هُجُومِ شِرْذِمَةٍ مِنْ اللُّصُوصِ وَغَرَقِ الزَّوْرَقِ مِنْ الرِّيحِ وَالْمَوْجِ. وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ إنَّمَا كَانَ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَتَكُونُ الْعَيْنُ أَمَانَةً بِيَدِهِ. وَيَكُونُ شَرْطُ الضَّمَانِ شَرْطٌ فِيهِ لَا نَفْعَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ انْشَقَّ النَّحْيُ بَيْنَمَا كَانَ الْمُكَارِي يَنْقُلُ مَا فِيهِ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ مِنْ السَّوَائِلِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ يَكُونُ وَقَعَ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَأْجِرِ لِوَضْعِهِ السَّوَائِلَ بِنِحْيٍ غَيْرِ مَتِينٍ (التَّنْقِيحُ) . وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْهُمَامَيْنِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ إذَا هَلَكَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (608) . وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال مِنْ تَخْصِيصِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِفِعْلِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَقَطْ عَلَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . عَمَلُ أَجِيرِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ مُضَافٌ لَهُ أَيْ لِلْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أُعْطِيَ ثَوْبٌ لِخَيَّاطٍ فَهَلَكَ وَالْأَجِيرُ يَخِيطُهُ كَانَ ذَلِكَ الْخَيَّاطُ ضَامِنًا. كَمَا لَوْ هَلَكَ الثَّوْبُ الْمُعْطَى لِلْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِ الْقَصَّارِ نَفْسِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ. وَالْأَجِيرُ بَرِيءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التِّلْمِيذَ أَجِيرُ ذَلِكَ الْأَجِيرِ وَحْدَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالزَّيْلَعِيّ) - فِي بَيَانِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ فِي حَقِّ ضَمَانِ الْأَجِيرِ وَخِلَافِهِ - إذَا وَضَعَ الْمُسْتَأْجِرُ حِمْلًا عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَكْرَاهَا وَرَكِبَ فَوْقَهُ وَبَيْنَمَا كَانَ الْمُكَارِي يَسُوقُهُ زَلِقَ الْحَيَوَانُ فَتَلِفَ الْحِمْلُ لَا يَلْزَمُ الْمُكَارِي الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَالْمَتَاعُ فِي يَدِهِ. كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْحِمْلُ بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ كِلَاهُمَا رَاكِبَيْنِ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ سَوْقِهِمَا أَوْ قَوْدِهِمَا إيَّاهَا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا سُرِقَ الْمَتَاعُ مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْحَمَّالِ وَكَانَ صَاحِبُهُ مَوْجُودًا مَعَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ لَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْأَجِيرِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ) . 2 - لَيْسَ لِلرَّاعِي أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ مَنَافِعِ الْحَيَوَانَاتِ كَلَبَنِهَا. 3 - إذَا سُرِقَ شَيْءٌ مِنْ الْحَيِّ لَا يَلْزَمُ الْحَارِسَ ضَمَانٌ. 4 - إذَا اقْتَلَعَ شَخْصٌ سِنَّهُ بِمَعْرِفَةِ شَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى قَائِلًا إنَّك لَمْ تَقْلَعْ السِّنَّ الَّذِي قُلْت لَك اقْلَعْهُ بَلْ قَلَعَتْ السَّالِمَ مِنْهُ وَانْكَسَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذَلِكَ الشَّخْصِ. 5 - إذَا قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ آخَرَ وَبَيْنَمَا هُوَ يَخْلَعُ السِّنَّ الْفَاسِدَ خَلَعَ مَعَهَا السِّنَّ الَّتِي بِجَانِبِهَا فَلَا ضَمَانَ " الْبَزَّازِيَّةُ " فِي الْخِلَافِ بَيْنَ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ. 6 - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ. وَيَحْلِفُ هُنَا عَلَى الْحَاصِلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1749) يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى (أَنَّ الْإِجَارَةَ اللَّازِمَةَ التَّامَّةَ بَيْنَك

وَبَيْنَ فُلَانٍ. فِي الْمَالِ الْفُلَانِيِّ لَيْسَتْ بَاقِيَةً وَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي هَذَا عِنْدَك حَقٌّ مِنْ جِهَةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ.) (التَّنْقِيحُ) . 7 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ أَنْ سَكَنَ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ: كُنْتُ سَاكِنًا فِيهَا بِلَا أُجْرَةٍ وَقَالَ الْآجِرُ: كُنْتَ سَاكِنًا فِيهَا بِأُجْرَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْآجِرِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ مُسْتَأْجِرٌ وَخَيَّاطٌ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: أَمَرْتُك بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَقَالَ الْخَيَّاطُ: أَمَرْتَ بِخِيَاطَةِ قَمِيصٍ، أَوْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ مُسْتَأْجِرٍ وَصَبَّاغٍ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: قُلْت اُصْبُغْهُ صِبَاغًا أَحْمَرَ وَقَالَ الصَّبَّاغُ: قُلْت صِبَاغًا أَصْفَرَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ. فَإِذَا حَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْيَمِينَ يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا يَدْفَعُ أُجْرَةً. وَإِنْ شَاءَ قِبَلَ الْقُمَاشَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَأَعْطَى أَجْرَ الْمِثْلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى مَا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (608) . 8 - إذَا اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ. مَثَلًا إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ كَمَا لَوْ قَالَ الْآجِرُ إنِّي أَجَّرْتُك دَابَّتِي هَذِهِ حَتَّى تَذْهَبَ إلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّك أَجَرْتنِي بِمِائَةِ قِرْشٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْآجِرِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ. (الْبَزَّازِيَّةُ) . إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمَنْفَعَةِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ أَجَّرْت شَهْرًا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِر أَجَّرْت شَهْرَيْنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ (الخصالي) . 9 - إذَا حَصَلَتْ الْمُسَاوَمَةُ مَعَ مُكَارٍ عَلَى نَقْلِ حِمْلٍ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ بِكَذَا قِرْشًا كُلُّ كَيْلَةٍ وَلَمَّا نُقِلَ الْحِمْلُ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحِمْلِ. وَتَلْزَمُ الْأُجْرَةُ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ. وَإِنْ شَاءَ الْحَمَّالُ كَالَهَا (الْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ) . 10 - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاعِي وَالْمَالِكُ عَلَى عَدَدِ الْحَيَوَانَاتِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاعِي وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِكِ. 11 - إذَا قَالَ صَاحِبُ الْحِمْلِ أَعْطَيْت أُجْرَةَ الْحِمْلِ وَقَالَ الْحَمَّالُ لَمْ آخُذْ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَمَّالِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . 12 - إذَا أَرْسَلَ شَخْصٌ مَعَ حَمَّالٍ مِنْ بَلْدَةٍ حِمْلًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلسِّمْسَارِ فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَلَدَى الْوَزْنِ تَبَيَّنَ أَنْ الْحِمْلَ نَاقِصٌ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمُحَرَّرِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ إلَى السِّمْسَارِ فَلَيْسَ لِلسِّمْسَارِ حَقُّ الْخُصُومَةِ مَعَ الْحَمَّالِ بَلْ تَكُونُ بَيْنَ الْحَمَّالِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ. 13 - إذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَالِ عِنْدَمَا أَحْضَرَ الْغَسَّالُ لَهُ الثِّيَابَ لَيْسَتْ هَذِهِ ثِيَابِي بَلْ ثِيَابِي غَيْرُهَا وَقَالَ الْغَسَّالُ هَذِهِ هِيَ ثِيَابُك وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَسَّالِ (الْبَزَّازِيَّةُ)

14 - إذَا سَلَّمَ شَخْصٌ إلَى خَيَّاطٍ قُمَاشًا مَعَ بِطَانَتِهِ وَقَالَ بَعْدَ أَنْ خَيَّطَهُ هَذِهِ الْبِطَانَةُ لَيْسَتْ لِي، وَقَالَ الْخَيَّاطُ: بَلْ هِيَ لَك وَاخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْخَيَّاطِ. وَلِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الثَّوْبَ مَعَ تِلْكَ الْبِطَانَةِ. 15 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فِي الْعَمَلِ الَّذِي أَوْفَى فِي الْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْغَسَّالُ وَالثِّيَابُ عِنْدَهُ غَسَلْت الثِّيَابَ فَأُرِيدُ أُجْرَتَهَا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا غَسَلْتهَا فِي بَيْتِك أَوْ خَادِمِي غَسَلَهَا فَلَيْسَ لَك حَقٌّ فِي الْأُجْرَةِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَسَّالِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي يَدِ صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ فِي يَدِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا شَاءَ عَلَى أَنْ لَيْسَ بِذِمَّتِهِ دَيْنٌ كَذَا قِرْشًا لِلْغَسَّالِ مِنْ جِهَةِ الْغَسْلِ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ الْغَسَّالُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْإِجَارَةِ) . 16 - مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ الصَّبَّاغُ دُكَّانًا وَبَعْدَ أَنْ مَكَثَ فِيهَا مُدَّةً اخْتَلَفَ هُوَ وَالْآجِرُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُحْدِثُهَا وَيُنْشِئُهَا الصَّبَّاغُ عَادَةً وَعُرْفًا كَأَنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: أَنَا أَنْشَأْتهَا وَقَالَ الْآجِرُ بِأَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْإِجَارَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ. وَلَكِنْ إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ عَلَى بِنَاءِ الدُّكَّانِ وَعَلَى الْأَخْشَابِ وَالْجُسُورِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى السَّقْفِ وَخِلَافِهِ أَوْ عَلَى أَشْيَاءَ مَوْجُودَةٍ فِي دَاخِلِ الدُّكَّانِ. كَالْحَطَبِ وَالْآجُرِّ وَالْكِلْسِ وَاللَّبِنِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْآجِرِ. وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ فَتَكُونُ عَلَى الْآجِرِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْبَزَّازِيَّة) . 17 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ أَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا وَقَبْلَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ مَعَ الْآجِرِ فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ أَوْ فِي الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (1779) (الْأَنْقِرْوِيّ) . 18 - إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَعْطَيْته شَهْرَيْنِ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَالَ الْآجِرُ أَعْطَيْتُك شَهْرًا بِمِائَةِ قِرْشٍ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْبَلُ مِنْهُ. إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. 19 - إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ كِلْتَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْبَلُ وَإِنْ أَقَامَهَا كِلَاهُمَا يُحْكَمُ بِالْبَيِّنَتَيْنِ إذْ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ فِي زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ وَبِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي زِيَادَةِ الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْهُمَا عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ فَأَيُّهُمَا ادَّعَى فِي الْأَوَّلِ يَحْلِفُ خَصْمُهُ أَوَّلًا وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ حَصَلَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ كَامِلِ الْمَنْفَعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِر وَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ (الْأَنْقِرْوِيّ) . 20 - إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ بَعْدَ مُرُورِ بَعْضِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْضَ الطَّرِيقِ يَجْرِي التَّحَالُفُ فَإِنْ حَلَفَ كِلَاهُمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ وَأَمَّا فِي الْمُدَّةِ الْمُنْقَضِيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِر. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1781) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الكتاب الثالث الكفالة ويحتوي على مقدمة وثلاثة أبواب

[الْكِتَابُ الثَّالِثُ الْكَفَالَةُ وَيَحْتَوِي عَلَى مُقَدِّمَة وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ] ٍ مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَالَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ فَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» أَيْ الْكَفِيلُ ضَامِنٌ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 643) . لِلْكَفَالَةِ عِدَّةُ مَحَاسِنَ جَلِيلَةٍ. كَإِزَالَةِ خَوْفِ الدَّائِنِ وَآلَامِهِ مِنْ ضَيَاعِ مَالِهِ وَخَوْفِ الْمَدِينِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ لِلْكَفِيلِ بِذَلِكَ يَدٌ عَلَى الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مَعًا وَالْكَفَالَةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ تُعَدُّ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ حَتَّى امْتَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا حَيْثُ قَالَ {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] فِي قِرَاءَةِ التَّشْدِيدِ يَتَضَمَّنُ الِامْتِنَانَ عَلَى مَرْيَمَ إذْ جَعَلَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهَا وَيَقُومُ بِهَا بِأَنْ أَتَاحَ لَهَا ذَلِكَ وَسُمِّيَ نَبِيًّا بِذِي الْكِفْلِ لَمَّا كَفَلَ جَمَاعَةً مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِمَلِكٍ أَرَادَ قَتْلَهُمْ (الشِّبْلِيُّ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَالِامْتِنَاعُ عَنْ الْكَفَالَةِ أَقْرَبُ لِلْحِيطَةِ وَالْحَذَرِ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي التَّوْرَاةِ (الزَّعَامَةُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ وَأَوْسَطهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا غَرَامَةٌ) . وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ الْكَفِيلَ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلَوْمِ النَّاسِ وَقَدْ يَلُومُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى مُجَازَفَتِهِ بِالْكَفَالَةِ وَبِمَا أَنَّهُ يَكُون مُطَالَبًا بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ بِتَأْدِيَةِ دَيْنِ غَيْرِهِ قَدْ يَنْدَمُ لِتَطْوِيحِهِ مَالَهُ فِي سَبِيلِ غَيْرِهِ وَقَدْ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِضَمَانِهِ الْمَالَ الَّذِي تَعَهَّدَ بِهِ وَنَصَبَ وَتَعِبَ فِي السَّعْيِ وَرَاءَ الْحُصُولِ عَلَى الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ. لِأَنَّ الْغُرْمَ لُزُومُ الضَّرَرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

المقدمة في اصطلاحات فقهية تتعلق بالكفالة

[الْمُقَدِّمَةُ فِي اصْطِلَاحَاتٍ فِقْهِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْكَفَالَةِ] ِ الْكَفَالَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الضَّمِّ وَالْعِلَاوَةِ وَعَلَيْهِ فَنَقْلُهَا إلَى مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] أَيْ ضَمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ» أَيْ ضَامُّ الْيَتِيمِ إلَى نَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ قَدْ أَدْرَجْنَا هُنَا خُلَاصَةَ الْمَسَائِلِ إلَى الْبَابِ الثَّانِي. تَعْرِيفُ الْكَفَالَةِ: ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ وَتَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ الِاعْتِرَاضَاتُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ صَبِيٍّ بِلَا أَمْرٍ كَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَالْأَصِيلُ غَيْرَ مُطَالَبٍ. 2 - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا عَلَى آخَرَ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الدَّيْنَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ دُونَ الْأَصِيلِ. جَوَابُ الْأَوَّلِ - التَّعْرِيفُ بِالْأَخَصِّ. جَوَابُ الثَّانِي - يَكْفِي زَعْمُ الْكَفَالَةِ لِثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ بِالْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالنَّفْسِ وَلَا يَكُونُ دَيْنًا لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَا يُوجَدُ دَيْنٌ أَسَاسًا وَفِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى قَوْلٍ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ غَيْرُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ. وَلَيْسَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ: أَوَّلًا: يَحْصُلُ تَوْثِيقُ الْحَقِّ بِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْكَفِيلِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ. ثَانِيًا: بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ فَإِثْبَاتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ قَلْبٌ لِلْحَقِيقَةِ وَلَكِنْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الثَّانِي بِأَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَيُمْكِنُ تَطْبِيقُ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ: بِأَنَّهُ لِلدَّائِنِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ أَوْ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يُطَالِبَ وَاحِدًا مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَقَطْ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ لَهُ إذَا طَالَبَ أَحَدَهُمَا بِهِ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ. ثَالِثًا: إذَا ثَبَتَ دَيْنَانِ تَسْتَحِيلُ الْمُطَالَبَةُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.

(المادة 612) الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بشيء

شُرُوطُ الْكَفَالَةِ فِي الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ لَهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ. 1 - الْكَفِيلُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَاقِلًا، بَالِغًا. يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ رَاضِيًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 628 يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ، يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَكْفُولِ لَهُ. 2 - الْمَكْفُولُ عَنْهُ: 1 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْهُوِيَّةِ أَيْ شَخْصِهِ. 2 - وَكَوْنُهُ عَاقِلًا بَالِغًا لَيْسَ بِشَرْطٍ. 3 - وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الِاسْمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. 4 - وَإِذَا كَانَ مُفْلِسًا وَكَانَ حَيًّا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِذَا تُوُفِّيَ فَلَيْسَتْ صَحِيحَةً عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ ذَهَبَا إلَى صِحَّتِهَا. 3 - الْمَكْفُولُ بِهِ: 1 - يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ الْعِلْمُ بِالشَّخْصِ وَالْمَكَانِ. 2 - وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ بِنَفْسِهِ. 3 - وَالْمَعْلُومِيَّة فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ. 4 - يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ هَلْ النَّفْسُ أَوْ الْمَالُ. 5 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَعْلُومًا [ (الْمَادَّةُ 612) الْكَفَالَةُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ] (الْمَادَّةُ 612) الْكَفَالَةُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ يَعْنِي أَنْ يَضُمَّ أَحَدٌ ذِمَّةَ آخَرَ وَيَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْكَفَالَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ ضَمُّ الْكَفِيلِ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْأَصِيلِ أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى إلَى ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِالشَّيْءِ الْمَكْفُولِ بِهِ.

وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ. (شَيْءٌ) لِيَشْمَلَ ذَلِكَ الْكَفَالَةَ بِالْعَيْنِ وَالْكَفَالَةَ بِالدَّيْنِ وَالْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةَ بِالتَّسْلِيمِ. إذًا إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا كَالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَمَا هُوَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَفْسًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمًا كَمَا هُوَ فِي الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَيُقْصَدُ مِنْ الذِّمَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي التَّعْرِيفِ الذَّاتُ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (يَعْنِي أَنْ يَضُمَّ أَحَدُ إلَخْ) إلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذِّمَّةِ هُوَ الذَّاتُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ مَرَّ تَعْرِيفُ الذِّمَّةِ وَإِيضَاحُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (8) . أَيْ أَنْ يَضُمَّ أَحَدٌ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ آخَرَ فِي حَقِّ الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ وَأَنْ يَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَتَعَهَّدَ بِهَا. تَقْسِيمَاتُ الْكَفَالَةِ - تُقَسَّمُ الْكَفَالَةُ عَلَى أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ: التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ - تُقَسَّمُ الْكَفَالَةُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَوَادِّ (613 و 614 و 615) إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ بِاعْتِبَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ. أَوَّلُهَا الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ، ثَانِيهَا الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ، ثَالِثُهَا الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ. وَتُقَسَّمُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ إلَى قِسْمَيْنِ، بِالنِّسْبَةِ إلَى كَوْنِ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَبِذَلِكَ تَبْلُغُ أَنْوَاعُ الْكَفَالَةِ الْأَرْبَعَةَ. النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْعَيْنِ كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةً مِنْ آخَرَ وَكَفَلَ شَخْصٌ ذَلِكَ بِعَيْنِ الشَّاةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بِيَدِهِ صَحَّ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْكَفِيلُ قَدْ ضَمَّ ذَاتَه إلَى ذَاتِ الْغَاصِبِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِتِلْكَ الشَّاةِ وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِتِلْكَ الشَّاةِ الْغَاصِبِ أَوْ كَفِيلِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي - الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الدَّيْنِ كَكَفَالَةِ أَحَدٍ آخَرَ بِدَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ عَلَيْهِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ - الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدٍ عِنْدَ آخَرَ حَقٌّ وَطَلَبٌ وَيَكْفُلُ آخَرُ نَفْسَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمُطَالَبِ. وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ يُوجَدُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ. لِذَلِكَ الطَّالِبِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ وَبِإِحْضَارِ خَصْمِهِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَيَحِقُّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْكَفِيلِ أَنْ يُحْضِرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَعَلَيْهِ فَالشَّيْءُ الَّذِي يُطَالَبُ بِهِ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَيْ نَفْسُ الْمَكْفُولِ بِهِ. النَّوْعُ الرَّابِعُ - الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا وَيَكْفُلَ الْبَائِعَ ثَالِثٌ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي. وَلَمَّا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ تَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي فَكَانَ مِنْ الصَّوَابِ عَدُّهُمَا قِسْمًا وَاحِدًا وَاعْتِبَارُ الْكَفَالَةِ فِي التَّقْسِيمِ. الْأَوَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَلِذَلِكَ سَنَجْعَلُ الْكَفَالَةَ بِهَذَا الْوَجْهِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ التَّقْسِيمُ الثَّانِي: لِلْكَفَالَةِ تَقْسِيمٌ آخَرُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (617) إنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْعَقْدِ وَالْكَفَالَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تُقَسَّمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْكَفَالَةُ الْمُنْجَزَةُ، الْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ، الْكَفَالَةُ الْمُضَافَةُ، الْكَفَالَةُ الْمَشْرُوطَةُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 617) وَشَرْحَهَا وَشَرْحَ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي.

أَمَّا الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَلَا تَتَدَاخَلُ بِبَعْضِهَا وَكَذَلِكَ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَقْسَامِ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ لَا يَتَدَاخَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَمَّا الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى فَتَتَدَاخَلُ وَتَجْتَمِعُ بِالْأَقْسَامِ الثَّانِيَةِ التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ - يُفْهَمُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (625 و 626) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تُقَسَّمُ بِاعْتِبَارِ الْقَيْدِ وَالْوَصْفِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْكَفَالَةُ الْمُطْلَقَةُ، الْكَفَالَةُ الْمُوَقَّتَةُ، الْكَفَالَةُ الْمُعَجَّلَةُ، الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ. وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْدُ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ بَيَانِ أَحْكَامِهَا مَتْنًا وَشَرْحًا. " أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ " قَدْ عُرِّفَتْ الْكَفَالَةُ فِي التَّنْوِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْمَجَلَّةُ أَخَذَتْ عَنْهُ. إلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ: أَوَّلًا - قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (629) أَنَّهُ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ نَفْسَ صَبِيٍّ بِدُونِ أَمْرِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ. فَالْكَفِيلُ يَكُونُ مُطَالَبًا دُونَ الصَّبِيِّ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إحْضَارُ الصَّبِيِّ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ تَرَتُّبُ الشَّيْءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْمَكْفُولِ وَلَا تَدْخُلُ الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ الَّتِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ قَدْ أَصْبَحَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا مَعَ أَنَّ الْأَصِيلَ لَمْ يَكُنْ مُطَالَبًا بِشَيْءٍ. ثَانِيًا - إذَا قَالَ شَخْصٌ إنَّنِي أَكْفُلُ فُلَانًا بِالدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ لِفُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْأَصِيلُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الدَّائِنُ إثْبَاتَ الدَّيْنِ فَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا مَعَ أَنَّ الْأَصِيلَ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ. فَبِذَلِكَ تَخْرُجُ الْكَفَالَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 81) . وَيُجَابُ عَلَى السُّؤَالِ الثَّانِي أَنَّهُ فِي ثُبُوتِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّ الْأَصِيلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا وُجُودُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ الْمُطَالَبَةِ بِزَعْمِ الْكَفِيلِ. تَفْصِيلُ الِاخْتِلَافِ - فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: الدَّيْنُ. وَثَانِيهِمَا: حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ. وَالضَّمُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَكُونُ أَحْيَانًا فِي الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ فِي الدَّيْنِ وَإِلَيْك بَعْضُ ذَلِكَ: أَوَّلًا - كَالْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْمُوَكِّلِ فَالدَّيْنُ لِلْمُوَكِّلِ يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ كَمَا تَثْبُتُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ أَمَّا الْوَكِيلُ فَلَا يَكُونُ لَهُ غَيْرُ الْمُطَالَبَةِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ رَجُلًا بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ فَيَكُونُ قَدْ ضُمَّ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ الضَّمَّ يَنْحَصِرُ فِي حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ. ثَانِيًا - يَكُونُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُطَالَبًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ. مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةٍ الْمُوَكِّلِ وَدَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَبْرَأَ الْمُوَكِّلَ مِنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ وَعَلَيْهِ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا يَكُونُ ضَمُّ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ ضَمًّا فِي الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَ فِي الدَّيْنِ. وَبِمَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1461) لَيْسَ مُطَالَبًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ تِجَاهَ الْبَائِعِ فَكَيْفَ يَجُوزُ ضَمُّ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إلَيْهِ فَالْمُوَكِّلُ لَيْسَ مُطَالَبًا بِذَلِكَ قَضَاءً وَإِنَّمَا هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ دِيَانَةً.

ثَالِثًا - الْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ مُطَالَبُونَ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي يَلْزَمُ دَفْعُهَا وَأَدَاؤُهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمْ شَيْءٌ مَثَلًا لَوْ أَتْلَفَ صَبِيٌّ مَالَ آخَرَ وَلَزِمَهُ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (916) فَيُطَالَبُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِأَدَاءِ ضَمَانِهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ فَذَلِكَ إنَّمَا ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَلَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ. وَمِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَعْيَانِ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ. لِأَنَّ فِيهِمَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ دَيْنٌ وَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ غَيْرُ الْمُطَالَبَةِ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ. لَكِنْ مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ أَنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ الدَّيْنُ وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ مَعًا أَمَّا الْكَفِيلُ فَهَلْ يَكُونُ الشَّيْءُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّتِهِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ أَمْ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ مَعَ الدَّيْنِ؟ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ هُوَ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ الدَّيْنُ. وَقَدْ بَيَّنَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَابْنُ الْهُمَامِ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْأَصَحُّ وَدَلِيلُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَأَوْا هَذَا الرَّأْيَ هُوَ: أَوَّلًا: إنَّ التَّوَثُّقَ الَّذِي يُوجِبُ الْكَفَالَةَ يَحْصُلُ بِثُبُوتِ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَلَا حَاجَةَ إلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي مِثَالِ الْوَلِيِّ وَأَمْثَالِهِ فَمَا دَامَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِدُونِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُسْتَلْزَمُ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْفَتْحِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتَيْنِ وَإِنْ أَمْكَنَ شَرْعًا لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ كُلِّ مُمْكِنٍ إلَّا بِمُوجِبٍ وَلَا مُوجِبَ هُنَا لِأَنَّ التَّوْثِيقَ يَحْصُلُ بِالْمُطَالَبَةِ وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ اعْتِبَارِ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ. ثَانِيًا - إنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ دَيْنَيْنِ وَذَلِكَ قَلْبٌ لِلْحَقِيقَةِ. وَعَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ ضَرُورَةٍ لَا يُرَى هَذَا الرَّأْيُ. وَفِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ قَدْ وُجِدَتْ ضَرُورَةٌ لِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ دَيْنَيْنِ فَلِذَلِكَ قَدْ حُكِمَ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا كَمَا جَاءَ فِي شَرْح الْمَادَّةِ (660) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ صَحَّ ذَلِكَ وَأَصْبَحَ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ. فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ضَرُورَةٌ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَإِلَّا لَكَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَهَذَا بَاطِلٌ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا مِنْ آخَرَ فِي مُقَابِلِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ

مَطْلُوبَةٍ لَهُ مِنْ آخَرَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فَعَلَيْهِ يَجِبُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَجَعْلُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ فِي حُكْمِ الدَّيْنَيْنِ. أَمَّا فِي الْأُمُورِ السَّائِرَةِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ ضَرُورَةٌ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ دَيْنَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 22) . إذَا قِيلَ إنَّهُ يَثْبُتُ فِي الْكَفَالَةِ دَيْنَانِ أَحَدُهُمَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ وَالثَّانِي فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ يَكُونُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. لِأَنَّهُ إذَا جُوِّزَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَفِي ذِمَّةِ عَمْرٍو عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أُخْرَى وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَ أَنْ اُسْتُوْفِيَ مِنْ زَيْدٍ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ هُوَ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ وَهُوَ الدَّيْنُ وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ إلَّا أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رِوَايَةٍ قَدْ ذَهَبَ إلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. وَأَدِلَّةُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هِيَ كَمَا يَأْتِي: أَوَّلًا - يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ كَالْأَصِيلِ. وَالْمُطَالَبَةُ بِمَا أَنَّهَا فَرْعٌ لِلدَّيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْفَرْعُ بِدُونِ الْأَصْلِ وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ دَيْنٌ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الزَّيْلَعِيّ. وَقَدْ أَجَابَ الْعُلَمَاءُ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ بِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا تُتَصَوَّرُ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَوْجُودًا وَالدَّيْنُ لَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ حَالٍ مَنْ يُطَالَبُ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ مُطَالَبٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ وَدَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَبْرَأَ الْمُوَكِّلَ مِنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ صَحَّ إبْرَاؤُهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي - وَقَدْ تَنْفَصِلُ الْمُطَالَبَةُ فِي حَقِّ الدَّائِنِ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ لِلدَّائِنِ الْمُطَالَبَةُ بِدَيْنٍ لَمْ يَكُنْ مَطْلُوبًا لَهُ وَذَلِكَ كَمُطَالَبَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ حَقًّا لِلْوَكِيلِ بَلْ مَالُ الْمُوَكِّلِ. فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ انْفَصَلَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَتَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْكَفِيلِ لِكَفَالَتِهِ مَعَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - وَالْمُطَالَبَةُ كَمَا تَنْفَصِلُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ بِتَأْجِيلِهِ تَنْفَصِلُ فِي الْكَفَالَةِ عَنْهُ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَقِيَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِائَةُ جُنَيْهٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَثَلًا وَأَجَّلَهُ إلَى سَنَةٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ مُدَّةَ سَنَةٍ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ انْفَصَلَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الدَّيْنِ فَيُمْكِنُ انْفِصَالُهَا كَذَلِكَ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ - وَنِسْبَةُ الْمُطَالَبَةِ لِلدَّيْنِ كَنِسْبَةِ مِلْكِ التَّصَرُّفِ إلَى مِلْكِ الْعَيْنِ. وَكَمَا يَجُوزُ انْفِصَالُ مِلْكِ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ عَنْ مِلْكِ الْعَيْنِ " أَيْ أَنَّ الرَّاهِنَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ مَالِكًا

لَعَيْنِ الْمَرْهُونِ فَلَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ " يَجُوزُ انْفِصَالُ الْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْكَفَالَةِ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ (الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) . ثَانِيًا - إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ صَحَّ وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ كَفَالَةً بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ كَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى هِبَةِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ وَتَمْلِيكِهِ إيَّاهُ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ الزَّيْلَعِيّ. لِأَنَّهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مَا لَمْ يَهَبْهُ إلَى آخَرَ وَيُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَقْبِضْهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 848) . ثَالِثًا - وَاشْتِرَاءُ الدَّائِنِ شَيْئًا مِنْ الْكَفِيلِ، فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ صَحِيحٌ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ شَيْئًا مِنْ ثَالِثٍ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا آنِفًا وَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَلَى هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي آنِفًا. رَابِعًا - إذَا قِيلَ إنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةُ وَلَيْسَ الدَّيْنُ فَكَانَ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْكَفَالَةِ لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لِوَفَاتِهِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 666) وَالْحَالُ أَنَّ وَفَاةَ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لَا تُوجِبُ بُطْلَانَ الْكَفَالَةِ وَيُسْتَوْفَى الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 670) وَيُورِدُ الْعُلَمَاءُ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ الْآتِي: مَا يَثْبُتُ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ. وَتَتَعَلَّقُ هَذِهِ الْمُطَالَبَةُ بِتَرِكَةِ الْكَفِيلِ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ لِإِمْكَانِ الْمُطَالَبَةِ مِنْ التَّرِكَةِ. أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَبِمَا أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ هُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولِ بِهَا لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، كَمَا لَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِأَخْذِ بَدَلِ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ. خَامِسًا - يَصِحُّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (626) أَنْ يَكُونَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ وَإِذَا أَدَّى ذَلِكَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ بِمَا دَفَعَ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ فَكَانَ يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ لِلْكَفِيلِ الثَّانِي حَقٌّ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الرُّجُوعَ أَمْرٌ مُتَفَرِّعٌ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1506) . (فَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ اعْتِبَارٌ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ فِي ذِمَّتَيْنِ) " الْفَتْحُ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ ". وَلَكِنَّ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْعُلَمَاءِ قَدْ اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ الْآتِي: إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ أَيْضًا أَوْ بِعِبَارَةٍ إذَا كَانَ دَيْنُ الدَّائِنِ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ عَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ وَثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ عَشَرَةُ جُنَيْهَاتٍ أُخْرَى فَيُصْبِحُ دَيْنُ الدَّائِنِ عِشْرِينَ جُنَيْهًا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَشَرَةً وَوَجَبَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مُضَاعَفًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 165) وَيُقَالُ جَوَابًا عَلَى ذَلِكَ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ بِتَمَامِهِ غَيْرَ جَائِزٍ

بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1651) فَثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ جَائِزٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا سَقَطَ عَنْ الْآخَرِ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِمُضَاعَفَةِ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ الزَّيْلَعِيّ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ كَثِيرٌ كَالْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (910) ضَامِنُ الْبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَذَلِكَ الْبَدَلُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اسْتِيفَاءُ غَيْرِ بَدَلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ حَقَّهُ بَدَلٌ وَاحِدٌ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَغَصَبَ آخَرُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْضًا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ الثَّانِي. وَإِذَا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ فَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ الثَّانِي بَرِيئًا أَمَّا إذَا ضَمِنَ الثَّانِي أَصْبَحَ الْأَوَّلُ بَرِيئًا، الشَّلَبِيُّ. لَكِنْ هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلدَّائِنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (644) إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَحْدَهُ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَحْدَهُ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِمِقْدَارٍ وَالْكَفِيلَ بِمِقْدَارٍ وَلَهُ فِي ذَلِكَ حَقٌّ أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ أَصْبَحَ الثَّانِي بَرِيئًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَيْ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ غَاصِبِ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا أَوْجَبَ ذَلِكَ تَمْلِيكَهُ الْمَغْصُوبَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ وَفَتْحٌ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ اخْتِيَارُهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا قَدْ عَرَّفَتْهُ (فِي مُطَالَبَةِ شَيْءٍ إلَخْ) (وَيَلْتَزِمُ الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ إلَخْ) وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ مُرَجِّحًا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَيْضًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَجِبَ دَيْنَانِ وَلَا يُسْتَوْفَى إلَّا أَحَدُهُمَا وَأَمَّا وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِهِ فَمُمْكِنٌ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ عَلَى الْمُوَكَّلِ وَصِحَّةُ الْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ بِجَعْلِ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ فِي حُكْمِ دَيْنَيْنِ لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ وَلَا ضَرُورَةَ قِبَلَهُ أَيْ قِبَلَ الْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ وَفِي الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ لَا يَجِبُ إلَّا دَيْنٌ وَاحِدٌ عَلَى أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلِذَا إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ لِتَضَمُّنِهِ التَّمْلِيكَ انْتَهَى (أَبُو السُّعُودِ فِي الْكَفَالَةِ) . وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي بَيَانِهِ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ الْعُلَمَاءِ شَيْئًا فِي ثَمَرَةِ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ. إذَا حَلَفَ الْكَفِيلُ أَنَّ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَيَحْنَثُ فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. مُقَايَسَةُ التَّعْرِيفَاتِ - قَدْ عَرَّفَتْ الْمَجَلَّةُ الْكَفَالَةَ بِ " ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي مُطَالَبَةِ شَيْءٍ ". لَكِنْ قَدْ عَرَّفَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِ (ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي مُطَالَبَةِ دَيْنٍ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ (أَنْ يَضُمَّ أَحَدٌ ذَاتَه إلَى ذَاتِ غَيْرِهِ) وَيَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَهَذَا التَّعْرِيفُ خَاصٌّ بِالْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ أَمَّا تَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ فَبِمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ الْكَفَالَةَ بِالْعَيْنِ وَالْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةَ بِالتَّسْلِيمِ فَهُوَ مُرَجَّحٌ عَلَى ذَلِكَ التَّعْرِيفِ الثَّانِي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَالْأَحْكَامُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْرِيفِ وَاَلَّتِي تُسْتَخْرَجُ مِنْ تَعْرِيفِ الْكَفَالَةِ: أَنَّ مَا يُسْتَنْبَطُ مِنْ عِبَارَةِ (وَيَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ) فِي التَّعْرِيفِ أَنَّهُ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِدَيْنٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 690) وَذَلِكَ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 648) .

الْمَسَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ عِبَارَةِ (وَيَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ. .. إلَخْ) - وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ هَذَا (وَيَلْتَزِمَ أَيْضًا الْمُطَالَبَةَ الَّتِي لَزِمَتْ فِي حَقِّ ذَلِكَ) إذَا الْتَزَمَ الْكَفِيلُ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ فَلَيْسَتْ كَفَالَتُهُ صَحِيحَةً وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إذَا هُدِمَتْ دَارُك فَأَنَا ضَامِنُهَا) فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ فَإِذَا هُدِمَتْ الدَّارُ فَكَمَا لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِإِجْبَارِ الْأَصِيلِ عَلَى الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْكَفِيلِ أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مَالًا مُضِيفًا الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ طَالَبَ الْبَائِعُ الْمُوَكِّلَ بِالثَّمَنِ فَكَفَلَهُ لَهُ آخَرُ أَيْ جُعِلَ الْمُوَكِّلُ مَكْفُولًا عَنْهُ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِنَاءً عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1461) مُطَالَبٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ الْمُوَكِّلُ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْكَفِيلُ قَدْ كَفَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُوَكِّلَ فِي مَبْلَغٍ لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمُسَافِرٍ خَائِفٍ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ تَعْطَبَ أَوْ مِنْ الذِّئَابِ (إذَا أَكَلَتْ الذِّئَابُ الدَّابَّةَ أَوْ عَطَبَتْ أَضْمَنُهَا) لَا حُكْمَ لِذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ الْأَصِيلُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْكَفِيلُ. لِأَنَّ أَصْلَهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لِحَدِيثِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 94) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اسْتَأْجِرْ رَحَى فُلَانٍ وَكُلُّ ضَرَرٍ يَنْشَأُ مِنْ ذَلِكَ عَلَيَّ) فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِذَا حَصَلَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ ضَرَرٌ بِسَبَبِ اسْتِئْجَارِ الرَّحَى فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي يَأْتِيه ذَلِكَ الشَّخْصُ لَيْسَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْكَفِيلُ قَدْ كَفَلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِمَا لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّهِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ تَعَهَّدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ كَذَا قِرْشًا إذَا حُرِقَتْ دَارُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ صَحِيحًا. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَالًا مِنْ أَحَدٍ وَكَفَلَهُ آخَرُ بِالثَّمَنِ فَكَمَا لَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ بِمُقْتَضَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (967) لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الثَّمَنُ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَيْ أَنَّ الْكَفَالَةَ هَذِهِ لَيْسَتْ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَا يَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِأَجَلٍ مُؤَجَّلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً وَكَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَالْكَفَالَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنَّمَا يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (376) عَيْنَ الْمَبِيعَ أَوْ بَدَلَهُ وَلَيْسَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ لَازِمًا (الْخَيْرِيَّةُ فِي آخِرِ الْكَفَالَةِ) . وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْكَفِيلُ قَدْ كَفَلَ مَالًا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (بِعْ مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مَالًا وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ) وَبَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ مِنْ الصَّبِيِّ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَالصَّبِيُّ اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ شَيْءٌ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) وَلَا يُقَالُ إنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ يُؤَاخَذُ بِاسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا جَاءَ فِي

(المادة 613) الكفالة بالنفس

الْمَادَّةِ (960) بِمُؤَاخَذَتِهِ بِأَفْعَالِهِ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مَبْلَغًا وَبَعْدَ ذَلِكَ كَفَلَهُ آخَرُ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ لَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ (الْأَنْقِرْوِيّ) لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا مُمَيِّزًا وَبِمَا أَنَّ اسْتِقْرَاضَ الصَّبِيِّ بِذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَبْلَغُ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ كَانَتْ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (أَقْرِضْ هَذَا الصَّبِيَّ كَذَا قِرْشًا لِيَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَنَا بِهِ كَفِيلٌ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ بِمَبْلَغٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ سَلَّمَ إلَيْهِ كَانَتْ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ. (الْأَنْقِرْوِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) وَفِي هَذَا يَكُونُ الْكَفِيلُ هُوَ الْمُسْتَقْرِضُ وَالصَّبِيُّ وَكِيلُ الْكَفِيلِ بِقَبْضِ الْقَرْضِ لِأَمْرِهِ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ: فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ضَمِنَ الْكَفِيلُ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ يُعَدُّ الْكَفِيلُ مُسْتَقْرِضًا وَأَنَّهُ أَمَرَ بِتَسْلِيمِ الْقَرْضِ إلَى الصَّبِيِّ الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَالًا مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ كَفَلَهُ أَحَدٌ بِالدَّرَكِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 614) أَمَّا إذَا كَفَلَ الصَّبِيَّ بِالدَّرَكِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) . [ (الْمَادَّةُ 613) الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ] (الْمَادَّةُ 613) الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ هِيَ الْكَفَالَةُ الَّتِي يُكْفَلُ فِيهَا شَخْصٌ. أَيْ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ هِيَ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ شَخْصٍ مَعْلُومٍ. (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَأَنْ يَكْفُلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 642) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ أَيْضًا وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَدَلِيلُ الْأَئِمَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ فِي جَوَازِ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا. سُؤَالٌ أَوَّلُ - بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ غُرْمٌ أَيْ ضَمَانٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ. الْجَوَابُ - الْغُرْمُ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّرَرِ اللَّازِمِ. وَيَلْزَمُ الضَّرَرُ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا لِكَوْنِ الْكَفِيلِ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ) وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ بِهِ. سُؤَالٌ ثَانٍ - لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مُقْتَدِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ كَافِلًا شَيْئًا غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَعَلَى ذَلِكَ أَلَّا يَكُونُ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الْجَوَابُ - لِلْكَفِيلِ أَنْ يُرْشِدَ الطَّالِبَ إلَى مَكَانِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِتَسْلِيمِهِ وَيَتْرُكَهُمَا وَشَأْنَهُمَا كَمَا أَنَّهُ لَهُ

(المادة 614) الكفالة بالمال

أَنْ يَسْتَعِينَ لِتَسْلِيمِهِ بِأَعْوَانِ الْقَاضِي (الْهِدَايَةُ) . السُّؤَالُ الثَّالِثُ - بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ هِيَ عَيْنُ الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ شَيْئًا مُسْتَقِلًّا عَنْ الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (615) أَفَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْوَاحِدَةِ مُسْتَقِلَّةً عَنْ الْأُخْرَى؟ الْجَوَابُ - إنَّ أَحْكَامَ هَاتَيْنِ الْكَفَالَتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ بَعْضِهَا كُلَّ الِاخْتِلَافِ. وَقَدْ ذُكِرَتْ أَحْكَامُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فِي الْمَادَّةِ (642) وَكَذَلِكَ الَّتِي تَبْدَأُ بِالْمَادَّةِ (663) وَأَحْكَامُ الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (631) [ (الْمَادَّةُ 614) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ] (الْمَادَّةُ 614) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ هِيَ الْكَفَالَةُ بِأَدَاءِ مَالٍ. كَكَفَالَةِ أَحَدٍ مَالًا مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا صَحِيحًا. الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ قِسْمَانِ: أَوَّلُهُمَا - الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ ثَانِيهَا - الْكَفَالَةُ بِالدُّيُونِ (الزَّيْلَعِيّ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ صَحِيحَةً فِي الْأَعْيَانِ وَفِي الدُّيُونِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَالَ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَالِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَالُ حُكْمًا وَمَآلًا كَمَا وَضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (612) . الْمَالُ الْحَقِيقِيُّ - كَعَيْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَالُ حُكْمًا وَمَآلًا عِبَارَةٌ عَنْ الدَّيْنِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَعَلَيْهِ فَالدَّيْنُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْنًا يُنْتَفَعُ بِهَا وَمَالًا قَابِلًا التَّصَرُّفَ فِيهِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ مَالًا بِالنَّظَرِ إلَى الْعَاقِبَةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا وُجِدَتْ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ فِي الدَّيْنِ صَحَّتْ هِبَتُهُ إلَى الْمَدِينِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْقَبُولُ شَرْطًا. وَهَذَا الْحُكْمُ أَيْ عَدَمُ شَرْطِ الْقَبُولِ فِي الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَهِبَتُهُ مِنْ قَبِيلِ إسْقَاطِهِ وَبِالْإِسْقَاطِ تَتِمُّ. وَإِنْ يَكُنْ بِرَدِّهِ يَكُونُ مَرْدُودًا وَهَذَا الْحُكْمُ أَيْ كَوْنُهُ يَصِيرُ مَرْدُودًا بِرَدِّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ عَيْنُ مَالٍ مَآلًا وَهَذِهِ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ وَالتَّمْلِيكُ يُرَدُّ بِرَدِّ الْمُتَمَلِّكِ. قِيلَ إنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ مَالًا حَقِيقِيًّا وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَالٌ مِنْ الْأَعْيَانِ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ فَلَا يَحْنَثُ (الْبَحْرُ قَبِيلُ الْحُدُودِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) . وَالْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ أَيْضًا قِسْمَانِ: أَوَّلُهُمَا: الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا كَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْكَفَالَةِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. ثَانِيهِمَا - الْكَفَالَةُ بِالْأَعْيَانِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا وَهَذِهِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا لَيْسَ تَسْلِيمُهُ وَاجِبًا أَيْ الْأَمَانَاتُ الَّتِي لَا يَلْزَمُ وَاضِعِي الْيَدِ إعَادَتُهَا إلَى

(المادة 615) الكفالة بالتسليم

أَصْحَابِهَا كَالْوَدَائِعِ وَأَمْوَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَأَمْوَالِ الشَّرِكَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْأَمَانَاتُ الَّتِي تَسْلِيمُهَا وَاجِبٌ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمَأْجُورِ. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تَرَاهَا مُفَصَّلَةً فِي الْمَادَّةِ 631 وَشَرْحِهَا (الزَّيْلَعِيّ، الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي 0 رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 615) الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ] (الْمَادَّةُ 615) الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ هِيَ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ. وَذَلِكَ كَالْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْمَرْهُونِ، وَالْمَأْجُورِ وَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (631) . وَالْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ تَصِحُّ بِالْأَعْيَانِ أَيْضًا (الزَّيْلَعِيّ) وَسَتَأْتِي التَّفْصِيلَاتُ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) . يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ وَبَيْنَ الْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ وَمِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْعَيْنِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (614 و 615) عِبَارَةٌ عَنْ الْكَفَالَةِ بِأَدَاءِ ثَمَنِ الْعَيْنِ وَالْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ عِبَارَةٌ عَنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ. وَهَذَا الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْكَفِيلَ مَجْبُورٌ فِي الْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ عَلَى تَسْلِيمِهَا عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَبَدَلِهَا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ وَالْكَفِيلُ لَا يَخْلُصُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ فَيَكُونُ مُطَالَبًا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً وَإِذَا تَلِفَتْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ وَهَذَا الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ. [ (الْمَادَّةُ 616) الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ] (الْمَادَّةُ 616) الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ هِيَ الْكَفَالَةُ بِأَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ أَوْ بِنَفْسِ الْبَائِعِ إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ. الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ - هَذَا لَفْظٌ مَرْكَبٌ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْمُقَدِّمَةِ مَعْنَى الْكَفَالَةِ اللُّغَوِيُّ وَالشَّرْعِيُّ فَسَنَذْكُرُ هُنَا مَعْنَى لَفْظِ الدَّرَكِ اللُّغَوِيَّ وَالدَّرَكُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنْ أَدْرَكْت الرَّجُلَ أَيْ لَحِقْته. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ» أَيْ مِنْ لِحَاقِ الشَّقَاءِ وَسُكُونُ الرَّاءِ لُغَةٌ. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هِيَ الْكَفَالَةُ بِأَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَتَسَلُّمِهِ إلَيْهِ إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ وَضُبِطَ مِنْ يَدِهِ أَوْ بِنَفْسِ الْبَائِعِ أَيْ كَفَالَةٌ بِنَفْسِ الْبَائِعِ إنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ وَضُبِطَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ تُحْذَفَ عِبَارَةُ (وَتَسْلِيمِهِ) لِأَنَّ قِسْمَ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ هَذَا كَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ كَمَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (614) هِيَ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ مَالٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّرَكِ قِسْمَانِ: أَوَّلُهُمَا، تَتَحَقَّقُ ضِمْنَ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَثَانِيهِمَا تَتَحَقَّقُ ضِمْنَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ. لِذَلِكَ لَمْ تُعَدَّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فِي التَّقْسِيمِ الْوَارِدِ فِي شَرْحِ

(المادة 617) الكفالة المنجزة

الْمَادَّةِ (612) قِسْمًا مُنْفَرِدًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ لِلْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ بَعْضُ أَحْكَامٍ شُرِعَتْ خَاصَّةً سَتَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (638) فَقَدْ وُسِمَتْ بِاسْمٍ مُسْتَقِلٍّ وَعُرِّفَتْ عَلَى حِدَةٍ. الِاسْتِحْقَاقُ، هُوَ ظُهُورُ حَقٍّ لِلْغَيْرِ فِي مَالٍ وَهُوَ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، هُوَ مَا يُبْطِلُ - مِلْكِيَّةَ كُلِّ أَحَدٍ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِهِ كَظُهُورِ الْمَبِيعِ وَقْفًا أَوْ مَسْجِدًا. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ ادَّعَى مُتَوَلٍّ لِوَقْفٍ أَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقْفٌ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحُكِمَ لَهُ بِوَقْفِيَّةِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ فَيُبْطِلُ هَذَا الِاسْتِحْقَاقُ الْمِلْكِيَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَبْقَى صَلَاحِيَّةٌ لِأَحَدٍ فِي تَمَلُّكِ ذَلِكَ الْمَالِ. الْقِسْمُ الثَّانِي مَا يَنْقُلُ الْمِلْكِيَّةَ مِنْ وَاحِدٍ إلَى آخَرَ كَأَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مَالًا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِآخَرَ فَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ يَنْقُلُ وَيُحَوِّلُ مِلْكِيَّةَ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى ذَلِكَ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الْكَفَالَةِ) وَلِلْمُشْتَرِي فِي قِسْمَيْ الِاسْتِحْقَاقِ مُرَاجَعَةُ بَائِعِهِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَأَحْكَامُ الِاسْتِحْقَاقِ تَجِدُهَا مُفَصَّلَةً فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عُنْوَانِ (بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) . وَقَدْ شُرِعَتْ الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ لِتَأْمِينِ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي مُرَاجَعَةِ الْبَائِعِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَتَشْمَلُ هَذِهِ الْمَادَّةَ وَتُقَسَّمُ الِاسْتِحْقَاقُ بِقِسْمَيْهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (638) . وَلَيْسَ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ التُّرْكِيِّ (نَقُودُهُ) وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْمَتْنِ الْعَرَبِيِّ " الثَّمَنُ " بِتَعْبِيرٍ أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ بَلْ اسْتَعْمَلَهَا مَكَانَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ - بَدَلِهِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ نُقُودًا أَوْ غَيْرَ نُقُودٍ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ النُّقُودِ وَكَفَلَ أَحَدٌ ذَلِكَ الثَّمَنَ فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ كَفَالَةٌ بِالدَّرَكِ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ (النُّقُودُ) مَبْنِيٌّ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْغَالِبِ نُقُودًا. [ (الْمَادَّةُ 617) الْكَفَالَةُ الْمُنَجَّزَةُ] (الْمَادَّةُ 617) الْكَفَالَةُ الْمُنَجَّزَةُ هِيَ الْكَفَالَةُ الَّتِي لَيْسَتْ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ وَلَا مُضَافَةً إلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ. وَكَمَا يُقَالُ لِلْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ (كَفَالَةٌ مُعَلَّقَةٌ) . يُقَالُ أَيْضًا لِلْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ " كَفَالَةٌ مُضَافَةٌ " (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (636) . وَقَدْ وَضَحَ لَفْظُ (مُعَلَّقٍ) فِي الْمَادَّةِ (82) . مِثَالٌ لِلْكَفَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ: وَذَلِكَ كَقَوْلِ أَحَدٍ - إنِّي كَفِيلُ فُلَانٍ عَنْ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ أَكْفُلُ تَسْلِيمَهُ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ أَوْ تَسْلِيمَهُ نَفْسَ فُلَانٍ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (635) . مِثَالٌ لِلْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ: إنَّ مِثَالَ الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (623) كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْمَادَّةِ

(المادة 618) الكفيل هو الذي ضم ذمته إلى ذمة الآخر

مِثَالٌ لِلْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ أَيْضًا. وَتُقَسَّمُ الْكَفَالَةُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْعَقْدِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (612) إلَى كَفَالَةٍ مُنَجَّزَةٍ، وَكَفَالَةٍ مُعَلَّقَةٍ، وَكَفَالَةٍ مُضَافَةٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ وَإِضَافَتُهَا إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ [ (الْمَادَّةُ 618) الْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْآخَرِ] (الْمَادَّةُ 618) الْكَفِيلُ هُوَ الَّذِي ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْآخَرِ أَيْ الَّذِي تَعَهَّدَ بِمَا تَعَهَّدَ بِهِ الْآخَرُ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْآخَرِ الْأَصِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ. أَيْ أَنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الَّذِي ضَمَّ ذِمَّتَهُ إلَى ذِمَّةِ الْآخَرِ أَيْ الَّذِي تَعَهَّدَ بِمَا تَعَهَّدَ بِهِ الْآخَرُ أَيْ الْمَكْفُولُ بِهِ وَيَكُونُ مُطَالَبًا بِهِ أَيْضًا وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْآخَرِ الْأَصِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ أَيْضًا. (الدُّرُّ) وَلَكِنْ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ فَرْقٌ بَيْنَ تَعَهُّدِ الْكَفِيلِ وَتَعَهُّدُ الْأَصِيلِ لِأَنَّ مَا يَتَعَهَّدُ بِهِ الْكَفِيلُ مُجَرَّدُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَمَا يَتَعَهَّدُ بِهِ الْأَصِيلُ الْمُطَالَبَةُ مَعَ الدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ هَذَا التَّعْرِيفُ شَامِلًا الْكَفِيلَ الْكَفِيلَ وَهَلُمَّ جَرَّا -. فَلَا يَشْمَلُ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ بِلَا أَمْرٍ وَكَذَلِكَ لَا تَشْمَلُ كَفَالَةَ الدَّيْنِ الَّذِي لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْكَفِيلِ وَقَدْ وَضَحَتْ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (612) [ (الْمَادَّةُ 619) الْمَكْفُولُ لَهُ هُوَ الطَّالِبُ وَالدَّائِنُ فِي خُصُوصِ الْكَفَالَةِ] (الْمَادَّةُ 619) الْمَكْفُولُ لَهُ هُوَ الطَّالِبُ وَالدَّائِنُ فِي خُصُوصِ الْكَفَالَةِ. الْمَكْفُولُ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْ تَعُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْكَفَالَةِ هُوَ الطَّالِبُ أَيْ طَالِبُ الْحَقِّ وَالدَّائِنُ فِي خُصُوصِ الْكَفَالَةِ وَيُقَالُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (طَالِبٌ) أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (664) (وَالتَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . وَالْمَكْفُولُ لَهُ - وَاَلَّذِي يَسْتَفِيدُ مِنْ الْكَفَالَةِ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (630) . بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (هُوَ الطَّالِبُ فِي خُصُوصِ الْكَفَالَةِ) فَقَدْ عُرِّفَ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي أَنْوَاعِ الْكَفَالَةِ الثَّلَاثَةِ تَعْرِيفًا عَامًا أَمَّا عَطْفُ لَفْظِ (دَائِنٍ) إلَى لَفْظِ طَالِبٍ فَمِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَالتَّعْرِيفُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْمَعْطُوفِ هُوَ (أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ هُوَ الدَّائِنُ فِي خُصُوصِ الْكَفَالَةِ) ، إنَّمَا يُعَرَّفُ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ. وَقَدْ عَرَّفَتْ بَعْضُ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَكْفُولَ لَهُ أَنَّهُ الْمُدَّعِي أَيْ الطَّالِبُ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ قَدْ عَرَّفَهُ أَنَّهُ الدَّائِنُ. فَالتَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ مَانِعٌ لِلْمُعَرَّفِ وَجَامِعٌ لِأَفْرَادِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَخَصُّ مِنْهُ. وَقَدْ جَمَعَتْ الْمَجَلَّةُ بَيْنَ هَذَيْنِ التَّعْرِيفَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ سَبَبٍ لِهَذَا الْجَمْعِ وَلَا فَائِدَةَ مِنْهُ.

(المادة 620) المكفول به هو الشيء الذي تعهد الكفيل بأدائه وتسليمه

[ (الْمَادَّةُ 620) الْمَكْفُولُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَهَّدَ الْكَفِيلُ بِأَدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ] (الْمَادَّةُ 620) الْمَكْفُولُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَهَّدَ الْكَفِيلُ بِأَدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَالْمَكْفُولُ بِهِ سَوَاءٌ. الْمَكْفُولُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَهَّدَ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ. وَأَدَائِهِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَيْ كَالْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ وَبِالدَّيْنِ (التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَذَلِكَ الشَّيْءُ يُدْعَى فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ مَكْفُولًا بِهِ وَمَكْفُولًا عَنْهُ أَيْضًا لَكِنْ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَالْمَكْفُولُ بِهِ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَصِلٌ عَنْ الْآخَرِ فَالْمَكْفُولُ بِهِ هُوَ الْمَالُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ الْحَقُّ أَيْ الْمَطْلُوبُ وَالْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ كَفَالَةِ الدَّرَكِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي الْبَائِعُ وَالْمَكْفُولُ هُوَ الْمُشْتَرِي وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ هُوَ الْبَائِعُ أَيْضًا. وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَعُمُّ أَوْ يَشْمَلُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُتَعَهَّدُ بِتَسْلِيمِهِ فِي الْكَفَالَةِ الْمَذْكُورَةِ الْعَيْنُ.

الباب الأول في عقد الكفالة ويحتوي على فصلين

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي رُكْنِ الْكَفَالَةِ] ِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي رُكْنِ الْكَفَالَةِ أَيْ فِي الْمَوَادِّ الَّتِي فِي رُكْنِ الْكَفَالَةِ رُكْنُ الْكَفَالَةِ، عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابِ الْكَفِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَالْمَادَّةَ (149) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) رُكْنُ الْكَفَالَةِ الْإِيجَابُ فَقَطْ أَمَّا الرُّكْنُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكَفَالَةِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي الْبَيْعِ مُتَعَهِّدٌ تُجَاهَ الْآخَرِ أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ يَتَعَهَّدُ وَيَلْتَزِمُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَتَعَهَّدُ وَيَلْتَزِمُ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ وَالتَّعَهُّدُ فِي الْكَفَالَةِ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْكَفِيلِ. سَبَبُ الْكَفَالَةِ: تَكْثِيرُ مَحَلِّ الْمُطَالَبَةِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَتَسْهِيلُ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ وَطَلَبُ الْكَفِيلِ لِتَأْمِينِ ذَلِكَ الْحَقِّ هُوَ السَّبَبُ فِي الْكَفَالَةِ [ (الْمَادَّةُ 621) تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ وَتَنْفُذُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ] (الْمَادَّةُ 621) : تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ وَتَنْفُذُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَلَكِنْ إنْ شَاءَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَدَّهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَتَبْقَى الْكَفَالَةُ مَا لَمْ يَرُدَّهَا الْمَكْفُولُ لَهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي غِيَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَمَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ خَبَرُ الْكَفَالَةِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِكَفَالَتِهِ هَذِهِ وَيُؤْخَذُ بِهَا. تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ فِي رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَتَنْفُذُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَتَنْعَقِدُ بِالِاتِّفَاقِ بِإِيجَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَقَبُولِ الْكَفِيلِ وَتَنْفُذُ (الْأَنْقِرْوِيّ) وَالْغَرَضُ مِنْ الْقَبُولِ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَمَّا قَبُولُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمٌ أَيْ إنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ أَيْ أَنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ الْكَفَالَةِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِإِيجَابٍ الْكَفِيلِ فَقَطْ. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ النَّفْسِيَّةَ وَالْكَفَالَةَ الْمَالِيَّةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ فَلَيْسَ مِنْ حَاجَةٍ إلَى شَيْءٍ آخَرَ كَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ الْإِيجَابَ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ أَوْ قَبُولِ أَجْنَبِيٍّ مِنْ طَرَفِ الْمَكْفُولِ

لَهُ ذَلِكَ الْإِيجَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَالْكَفَالَةُ فِي غِيَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ صَحِيحَةٌ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْفُذُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَلَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْغَائِبِ وَرِضَاهُ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (640) أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدُ. وَلَكِنْ إنْ شَاءَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَدَّ الْكَفَالَةِ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ إبْرَاءُ الْكَفِيلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (660) وَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِرَدِّ الْإِيجَابِ مُطْلَقًا أَمَّا الْكَفَالَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِالْإِبْرَاءِ فَتَسْقُطُ. وَمَا لَمْ يَرُدَّ الْمَكْفُولُ لَهُ إيجَابَ الْكَفَالَةِ تَبْقَى صَحِيحَةً نَافِذَةً وَلَا يَسْتَطِيعُ الْكَفِيلُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (640) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَعَلَى هَذَا أَيْ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفَالَةَ وَبَقِيَتْ، لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي غِيَابِ الْمَكْفُولِ لَهُ مَثَلًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَمَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ خَبَرُ الْكَفَالَةِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِكَفَالَتِهِ هَذِهِ وَيُؤَاخَذُ بِهَا. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا كَفَلَ أَحَدٌ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ آخَرَ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ آخَرَ بِطَلَبٍ لَهُ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ وَتَنْفُذُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِتَقَبُّلِ الْعَقْدِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (960) لِعَدَمِ لُزُومِ الْقَبُولِ فِي الْكَفَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (629) . اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي رُكْنِ الْكَفَالَةِ: قَالَ الطَّرَفَانِ أَيْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ بِلُزُومِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْكَفِيلِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ أَمَّا الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَيْ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَدْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّهُ لَا لُزُومَ لِلْقَبُولِ فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ وَأَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ. وَلَكِنْ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى - هِيَ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ قَبْلَ قَبُولِ الْكَفَالَةِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ - هِيَ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَتَنْفُذُ أَيْضًا وَلَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقُّ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ لَوْ تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَلَمْ يَرُدَّ الْكَفَالَةَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّتِهَا.

(المادة 622) ألفاظ الكفالة

وَإِلَيْك ثَمَرَةُ الْخِلَافِ لِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ: إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَلَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ، أَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَمُؤَاخَذًا (الشِّبْلِيُّ) وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ) تَكُونُ قَدْ اخْتَارَتْ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهَا (وَتَنْفُذُ) قَدْ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ أَصْبَحَ مِنْ الثَّابِتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ تَأَسَّسَتْ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (الْهِنْدِيَّةُ، الْكَفَالَةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 622) أَلْفَاظُ الْكَفَالَةِ] (الْمَادَّةُ 622) إيجَابُ الْكَفِيلِ أَيْ أَلْفَاظُ الْكَفَالَةِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ كَفَلْتُ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ. إيجَابُ الْكَفِيلِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (36 و 37) كَقَوْلِك الْكَفَالَةُ أَوْ الضَّمَانُ أَوْ الزَّعَامَةُ عَلَيَّ أَوْ كَقَوْلِك أَنَا قَبِيلٌ، وَحَمِيلٌ بِمَعْنَى كَفِيلٍ وَإِلَيَّ وَلَك عِنْدِي هَذَا الرَّجُلُ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك بِهِ أَوْ دَعْهُ إلَيَّ وَغَيْرُ ذَلِكَ. (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشَّلَبِيّ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ تُوَافِقُ الْمَادَّتَيْنِ (168 و 434) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ كَفَلْت نَفْسَ هَذَا الرَّجُلِ أَوْ دَيْنَهُ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ أَنَا زَعِيمٌ أَوْ أَنَا أَلْتَزِمُ دَيْنَ فُلَانٍ أَوْ فَلْيَكُنْ هَذَا الرَّجُلُ وَهَذَا الدَّيْنُ عَلَيَّ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ. وَحَذْفُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْمِثَالِ وَقَوْلُهُ (أَنَا كَفِيلٌ) عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ يُرَادُ بِهِ التَّعْمِيمُ أَيْ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمَانِ النَّفْسِ وَضَمَانِ الْمَالِ يَعْنِي إذَا قَالَ ضَمِنْتُ زَيْدًا أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ يَكُونُ كَفَالَةُ نَفْسٍ وَإِذَا قَالَ ضَمِنْتُ لَكَ مَالَكَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ إلَخْ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ قَطْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى طَالِبِهِ وَقَالَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (اُتْرُكْ الْمَكْفُولَ بِهِ فَإِنِّي بَاقٍ عَلَى كَفَالَتِي) . وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا تُوُفِّيَ فُلَانٌ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْك مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَدْفَعُهُ إلَيْك، جَازَ وَتَنْعَقِدُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ مُعَلَّقَةً. كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِقَوْلِ " أَنَا أَكْفُلُ فُلَانًا أَوْ نَفْسَهُ أَوْ أَنَّ فُلَانًا عَلَيَّ ". تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِإِضَافَتِهَا إلَى أَحَدِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ كَالْبَدَنِ، وَالْعُنُقِ،

وَالْجَسَدِ، وَالرَّأْسِ، وَالرُّوحِ وَتَنْعَقِدُ عَلَى الْكُلِّ لِأَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ لَا تَتَجَزَّأُ بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا كَفِيلًا وَبَعْضُهَا غَيْرَ كَفِيلٍ (الشِّبْلِيُّ) فَذِكْرُ بَعْضِهَا شَائِعًا كَذِكْرِ كُلِّهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا أُضِيفَتْ الْكَفَالَةُ إلَى الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَقَوْلِك أَكْفُلُ يَدَ فُلَانٍ أَوْ رِجْلَهُ فَلَا تَصِحُّ (الْهِدَايَةُ وَالْخَيْرِيَّةُ) وَالْكَفَالَةُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا تَنْعَقِدُ وَلَوْ أُضِيفَتْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَنِصْفِهِ وَرُبْعِهِ أَمَّا إذَا أَضَافَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ وَنَسَبَهَا إلَى جُزْئِهِ الشَّائِعِ كَمَا إذَا قَالَ الْكَفِيلُ نِصْفِي يَكْفُلُك أَوْ ثُلُثِي فَلَا تَصِحُّ. إذَا اُسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ (عِنْدِي) فِي الدَّيْنِ كَانَ ذَلِكَ كَفَالَةً مَثَلًا لَوْ طَالَبَ أَحَدٌ مَدِينَهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ آخَرُ لَا تُطَالِبْهُ بِالدَّيْنِ فَدَيْنُك عِنْدِي فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ كَفَلَ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَلَوْ قَالَ (أَنَا كَفِيلٌ بِتَسْلِيمِكَ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ وَإِذَا لَمْ أُسَلِّمْكَ إيَّاهُ فَعِنْدِي مَا لَكَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ) انْعَقَدَتْ كَفَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ مُنْجَزَةٌ وَكَفَالَةٌ مَالِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ (التَّنْقِيحُ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . فَهَلْ تُعَدُّ كَلِمَةُ " دَيْنِي " مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ أَوْ لَا؟ مَثَلًا لَوْ قَالَ إنَّ الْأَلْفَ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ دَيْنٌ عَلَى عُمَرَ لِزَيْدٍ فِي دَيْنِي فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِقَوْلِهِ هَذَا كَفِيلًا بِالْمَبْلَغِ؟ لَا يُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ الْمَشْهُورَةِ صَرَاحَةٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَإِنَّمَا جَاءَ فِي مَجَلَّةِ (عَاكِفٍ زَادَهْ) مَا يَأْتِي: كَذَلِكَ إنَّ تَعْبِيرَ دَيْنِي هِيَ مِنْ أَقْوَى أَدَوَاتِ الِالْتِزَامِ فِي مَقَامِ الْكَفَالَةِ حَسَبَ الْعُرْفِ الْجَارِي فِي دِيَارِنَا فَلِذَلِكَ إذَا قِيلَ فِي مَعْرِضِ الْكَفَالَةِ عِبَارَةُ دَيْنِي أَوْ خُذْ مِنِّي أَوْ أُعْطِيكَ فَهِيَ مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ الظَّاهِرَةِ وَيَجِبُ أَلَّا يُغْفَلَ عَنْ قَوْلِنَا مَعْرِضِ الْكَفَالَةِ. وَمَقَامُ الْكَفَالَةِ هُوَ كَسُؤَالِ الْمَدِينِ لِآخَرَ قَائِلًا لَهُ أَتَكْفُلُنِي أَوْ أَمْرِهِ لِآخَرَ بِقَوْلِهِ اُكْفُلْنِي أَوْ كَقَوْلِهِ مِثْلًا إنَّ هَذَا كَفِيلِي (الْخُلَاصَةُ) إنَّ قَوْلِ الشَّخْصِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ إنَّ الدَّيْنَ دَيْنِي هُوَ بِمَعْنَى بَلَى قَدْ كَفَلْتُكَ وَإِنَّنِي أَصْبَحْتُ مَدِينًا بِكَفَالَتِي لَكَ وَفِي الِالْتِزَامِ يَجْرِي حُكْمُ الصَّرِيحِ وَالْعُرْفِ وَلَكِنَّ قَوْلَ (دَيْنِي) فِي هَذَا الْمَقَامِ مُجَرَّدًا لَيْسَ بِكَفَالَةٍ كَذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي مَبْحَثِ الْكَفَالَةِ مِنْ كِتَابِ دُرَرِ الصُّكُوكِ مِنْ أَنَّهُ سُئِلَتْ دَائِرَةُ الْفَتْوَى الْعُلْيَا عَنْ هَلْ تُعَدُّ عِبَارَةُ (دَيْنِي) مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ؟ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ أَمَّا الْأَلْفَاظُ الَّتِي لَا تَدُلُّ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ وَالنَّفْسِيَّةُ بِهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُعَلَّقَةً بِالشَّرْطِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 84 و 636) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أُعْطِيك أَوْ أَدْفَعُ. أَوْ أُسَلِّمُكَ أَوْ آخُذُ لَكَ أَوْ أَطْلُبُ لَكَ أَوْ خُذْ مِنِّي أَوْ اعْرِفْ مِنِّي مَا لَك بِذِمَّةِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ: انجه تراير فلانست مِنْ بدهم جَواب مَال توبر مِنْ أَوْ جَواب كويم ياخود هرجه ترابروي آيد بِرّ مِنْ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَوْلِ الْمُجَرَّدِ وَكَقَوْلِهِ أكرتن فَلَا نرانمي توانم كردن جَواب أَيْنَ مَال بِرّ مِنْ

(المادة 623) تكون الكفالة بالوعد المعلق

وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَدُلُّ عَلَى الْكَفَالَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا الْكَفَالَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وأنقروي فِي الْكَفَالَةِ وَشِبْلِيٌّ) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَسَأَلَ شَخْصًا: هَلْ تَعْرِفُ هَذَا الشَّخْصَ؟ فَقَالَ الْمَسْئُولُ: نَعَمْ أَعْرِفُهُ رَجُلًا طَيِّبًا. فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ هَذَا كَفِيلًا بِالْمَالِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ بِعْ مَالَك الْفُلَانِيَّ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ وَبَاعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَالَهُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ كُنْ كَفِيلًا بِدَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ إذَا كَفَلْتُك فَمَاذَا يَجْرِي عَلَيَّ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَفِيلًا. وَقَوْلُ الْمَادَّةِ الْأَلْفَاظُ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْكِتَابَةِ اللَّفْظِيَّةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْكَفَالَةُ تَنْعَقِدُ بِكِتَابَةِ الْأَخْرَسِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 70 وَشَرْحَهَا) مَثَلًا لَوْ كَتَبَ أَخْرَسُ أَنَّهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِمَالِ الْأَخْرَسِ أَوْ نَفْسِهِ وَقَبِلَ الْأَخْرَسُ ذَلِكَ كِتَابَةً صَحَّ (مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةِ) كَمَا أَنَّهُ تَكُونُ صَحِيحَةً أَيْضًا إذَا لَمْ يَقْبَلْ بِهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 621) كَوْنُ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ أَدْنَيْ مِنْ الْمَالِيَّةِ: الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ أَدْنَى مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَهَلْ قَالَ أَحَدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ إنَّ (أَنَا كَفِيلٌ لِفُلَانٍ) يُحْمَلُ عَلَى الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَبِعِبَارَةِ أُخْرَى يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَتَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّهَا نَفْسِيَّةٌ مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَفَالَةٌ بِالْمَالِ وَإِذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ كَانَتْ كَفَالَةً بِالْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ، وَالشَّلَبِيّ) . وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لَوْ اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مَعَ بَيِّنَةِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1762) (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا كَفَلَ مُصَرِّحًا إنَّنِي كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً وَلَا يُقَالُ هُنَا (بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ نَفْسِيَّةٌ فَيَجِبُ أَنْ تَنْعَقِدَ نَفْسِيَّةً) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 623) تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْوَعْدِ الْمُعَلَّقِ] (الْمَادَّةُ 623) تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْوَعْدِ الْمُعَلَّقِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 84 مَثَلًا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَطْلُوبَك فَأَنَا أُعْطِيكَهُ تَكُونُ كَفَالَةً فَلَوْ طَالَبَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بِحَقِّهِ وَلَمْ يُعْطِهِ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ. تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِالْوَعْدِ الْمُعَلَّقِ أَيْضًا أَيْ الْوَعْدِ الَّذِي يَكْتَسِبُ صُورَةَ التَّعْلِيقِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْوَعْدُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَلَا تَكُونُ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (84) وَشَرْحَهَا.

(المادة 624) قال أنا كفيل من هذا اليوم إلى الوقت الفلاني

مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا: مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَطْلُوبَك فَأَنَا أُعْطِيكَهُ، تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً فَلَوْ طَالَبَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بِحَقِّهِ وَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ إعْطَائِهِ إيَّاهُ لَزِمَ الْمَالَ الْكَفِيلُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فِي الْحَالِ وَيُطَالَبُ بِهِ. وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَعْدٍ مُجَرَّدٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَتَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ إذَا اكْتَسَبَ صُورَةَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (84) أَنَّ الْوَعْدَ إذَا اكْتَسَبَ صُورَةَ التَّعْلِيقِ ظَهَرَ فِيهِ مَعْنَى الِالْتِزَامِ وَالتَّعَهُّدِ. جَاءَ (فَلَوْ طَالَبَ وَلَمْ يُعْطِهِ) أَمَّا مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) إذَا لَمْ يَثْبُتْ الشَّرْطُ فَتَنْعَدِمُ الْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (636) . ثَانِيًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا لَمْ يُعْطِك مَدِينُك زَيْدٌ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَأَنَا أُعْطِيكَهُ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَدِينُ دَيْنَهُ كَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ بِعْ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ يُعْطِكَ الثَّمَنَ فَأَنَا أُعْطِيكَهُ انْعَقَدَتْ الْكَفَالَةُ وَإِذَا طَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ. ثَالِثًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا لَمْ أُسَلِّمْك مَدِينُك غَدًا أُعْطِيك مَا لَك عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا جَاءَ الْغَدُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ مَدِينَهُ لَزِمَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْوَعْدِ الْمُعَلَّقِ أَدَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ الْوَارِدَةِ هِيَ الْمَادَّةُ (636) وَتُفِيدُ الْمَعْنَى الَّذِي تُفِيدُهُ تِلْكَ فَلِذَلِكَ تُعَدُّ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُكَرَّرَةً نَظَرًا لِلْمَادَّةِ (636) . أَمَّا إذَا. كَانَ الْوَعْدُ مُعَلَّقًا فَلَا تُعَدُّ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّعَهُّدِ وَالِالْتِزَامِ عُرْفًا وَعَادَةً وَهُوَ مُجَرَّدُ وَعْدٍ وَالْوَعْدُ الْمُجَرَّدُ لَا يَلْزَمُ الْقِيَامُ بِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (622) . رَابِعًا: كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ مِنْ مَالِهِ وَوَعَدَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالدَّفْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يُؤَدِّهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي شَتَّى الْكَفَالَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1511) . [ (الْمَادَّةُ 624) قَالَ أَنَا كَفِيلٌ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ] (الْمَادَّةُ 624) لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ تَنْعَقِدُ مُنْجَزَةً حَالَ كَوْنِهَا كَفَالَةً مُؤَقَّتَةً لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَنْعَقِدُ كَفَالَةً نَفْسِيَّةً وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَنْعَقِدُ كَفَالَةً مُنْجَزَةً حَالَ كَوْنِهَا كَفَالَةً مُؤَقَّتَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ الْمُؤَقَّتَةَ تَكُونُ كَفَالَةً مَالِيَّةً تَكُونُ أَيْضًا كَفَالَةً نَفْسِيَّةً وَتَكُونُ كَذَلِكَ كَفَالَةً بِالتَّسْلِيمِ. تَفْصِيلَاتٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ: وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا يَأْتِي:

لِأَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ. أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَذْكُرَ مَعْنَى " مِنْ " و " إلَى " أَيْ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَبْدَأَ وَالْمُنْتَهَى كَمَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْجُمْلَةِ هُوَ هَذَا كَقَوْلِك أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الْيَوْمِ إلَى الشَّهْرِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: عَدَمُ ذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ أَلَّا تُذْكَرَ " إلَى " و " مِنْ " أَوْ مَعْنَاهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَلَّا يُذْكَرَ لَا الْمَبْدَأُ وَلَا الْمُنْتَهَى كَقَوْلِك كَفَلْتُهُ شَهْرًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَكُونُ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَجْرِي حُكْمُهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (639) وَلَكِنْ قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْكَفَالَةَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَتْ مُؤَقَّتَةً وَإِنَّمَا هِيَ كَفَالَةٌ أَبَدِيَّةٌ وَهَذِهِ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ تُذْكَرَ " إلَى " أَوْ مَعْنَاهَا أَيْ الْمُنْتَهَى وَلَا تُذْكَرَ " مِنْ " وَذَلِكَ كَأَنْ تَقُولَ كَفَلْتُهُ إلَى شَهْرٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ لَيْسَتْ الْكَفَالَةُ مُؤَقَّتَةً بَلْ مُؤَجَّلَةً. وَالْكَفِيلُ إنَّمَا يُطَالَبُ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَا يُطَالَبُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِمُرُورِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ التَّوْقِيتَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَ لِتَوْقِيتِ الْكَفَالَةِ وَلَقَدْ أَفْتَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْبَهْجَةِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ أَنَا أَكْفُلُ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا بَعْدَ مُرُورِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذِهِ هِيَ الْحِيلَةُ لَأَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ غَيْرَ لَازِمَةٍ الْكَفِيلَ. لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِقَوْلِهِ " إلَى " فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا فِي بَحْرِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بَعْدَ مُرُورِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ بِاشْتِرَاطِهِ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ " الْأَنْقِرْوِيّ الْهِنْدِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ، والشُّرُنْبُلاليّ ". وَلَكِنْ قَالَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ لِاخْتِيَارِ صُورَةِ الْكَفَالَةِ الْمُوَقَّتَةِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ قُلْت وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي زَمَانِنَا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ لِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إلَّا تَوْقِيتَ الْكَفَالَةِ بِالْمُدَّةِ وَأَنَّهُ لَا كَفَالَةَ بَعْدَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَبْنَى أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيّ يَقُولُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهَ بِعُرْفِ النَّاسِ إذَا كَفَلُوا إلَى مُدَّةٍ يَفْهَمُونَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ أَنَّهُمْ يُطَالَبُونَ فِي الْمُدَّةِ لَا بَعْدَهَا. انْتَهَى الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ " مِنْ " أَيْ الْمَبْدَأَ وَلَا يَذْكُرَ الْمُنْتَهَى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، كَوْنُ الْمَبْدَأِ مِنْ الْيَوْمِ كَقَوْلِك أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الْيَوْمِ وَهَذِهِ الْكَفَالَةُ مُنْجَزَةٌ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَبْدَأِ مِنْ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كَقَوْلِكَ أَنَا كَفِيلٌ مِنْ الشَّهْرِ الْآتِي وَهَذِهِ الْكَفَالَةُ

(المادة 625) تنعقد الكفالة بقيد التعجيل والتأجيل

مُضَافَةٌ وَهَذِهِ الْكَفَالَاتُ لَيْسَتْ مُؤَقَّتَةً الْخُلَاصَةُ - إنَّ الْكَفَالَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُؤَقَّتَةٌ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَجَلَّةِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ لَيْسَتْ مُؤَقَّتَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ أَمَّا الرَّابِعَةُ فَهِيَ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ بِلَا رَيْبٍ وَبَقِيَتْ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مَوْضِعًا لِلِاخْتِلَافِ. [ (الْمَادَّةُ 625) تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِقَيْدِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ] (الْمَادَّةُ 625) كَمَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً كَذَلِكَ تَنْعَقِدُ بِقَيْدِ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْجِيلِ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا كَفِيلٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْإِيفَاءُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ كَمَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً بِدُونِ ذِكْرِ شَرْطِ التَّأْجِيلِ أَوْ التَّقْسِيطِ أَوْ التَّعْجِيلِ - وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا (كَفَالَةٌ مُرْسَلَةٌ) - تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِقَيْدِ التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا كَفِيلٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْإِيفَاءُ أَيْ - الْأَدَاءُ وَالتَّسْلِيمُ - فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي فِي الْكَفَالَةِ) وَيُفَسَّرُ قَوْلُهُ (فِي الْحَالِ) بِالتَّعْجِيلِ (وَفِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) بِالتَّأْجِيلِ. وَتُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَجَّلَةِ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يُشْتَرَطُ فِي الْأَجَلِ لِيَكُونَ مُعْتَبَرًا أَلَّا يَكُونَ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) إلَى ذَلِكَ. فَعَلَيْهِ إذَا أُجِّلَتْ كَفَالَةٌ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً كَانَ الْأَجَلُ بَاطِلًا وَانْعَقَدَتْ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً أَيْ أَنَّ تِلْكَ الْكَفَالَةَ تُعْتَبَرُ (مُرْسَلَةً) كَمَا لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا أَجَلٌ كَالتَّأْجِيلِ إلَى أَنْ يَهُبَّ الْهَوَاءُ أَوْ تَتَسَاقَطُ الْأَمْطَارُ. أَمَّا الْجَهْلُ الْيَسِيرُ بِالْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ التَّأْجِيلِ فَعَلَى ذَلِكَ فَتَأْجِيلُ الْكَفَالَةِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ أَوْ صَوْمِ النَّصَارَى صَحِيحٌ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ) وَيَحِلُّ الْأَجَلُ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْحَصَادِ مَثَلًا وَإِلَيْك تَوْضِيحُ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ فِي الْأَجَلِ وَالْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ فِيمَا يَلِي: إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ الْمَجْهُولُ فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهُ فِي الْحَالِ فَهُوَ جَائِزٌ كَزَمَانِ قَصِّ الْغَنَمِ وَزَمَانِ الْعِنَبِ. وَزَمَانِ الْبَيْدَرِ وَإِنْ كَانَ يُؤْمَلُ حُلُولُهُ فِي الْحَالِ فَلَيْسَ جَائِزًا كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَسُقُوطِ الْأَمْطَارِ وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (248) إيضَاحٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ. وَقَدْ جَاءَ حُكْمُ الْكَفَالَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَادَّةِ (652) وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (653 و 654) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ وَيَجُوزُ تَأْجِيلُ الْكَفَالَةِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَالْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فِيهَا مُتَحَمَّلَةٌ وَجَمِيعُ الْآجَالِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ وَفِعْلُ مَا يُثْبِتُ الْأَجَلَ، إنْ كَانَ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ يُثْبِتُ سَوَاءٌ أَكَانَ آجِلًا يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ لِلْحَالِ أَوْ لَا يُتَوَهَّمُ كَمَا لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ إلَى أَنْ يَقْدُمَ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ سَفَرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْآجَالِ الْمُتَعَارَفَةِ إنْ لَمْ يُتَوَهَّمْ حُلُولُهُ فِي الْحَالِ أَصْلًا كَمَا لَوْ كَفَلَ إلَى الْغِطَاسِ أَوْ إلَى النَّيْرُوزِ أَوْ إلَى الْحَصَادِ أَوْ إلَى الدَّبَّاسِ جَازَ وَيَثْبُتُ الْأَجَلُ وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ حُلُولُهُ فِي الْحَالِ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ كَمَا

(المادة 626) الكفالة عن الكفيل

لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى أَنْ تَهُبَّ الرِّيحُ أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ. انْتَهَى [ (الْمَادَّةُ 626) الْكَفَالَةُ عَنْ الْكَفِيلِ] (الْمَادَّةُ 626) تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ الْكَفِيلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَحُكْمُ كَفِيلِ الْكَفِيلِ هَذَا كَحُكْمِ الْكَفِيلِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً كَأَنْ يَكْفُلَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ ثُمَّ يَكْفُلَ شَخْصٌ آخَرُ ذَلِكَ الْكَفِيلَ عَمَّا يُطْلَبُ بِذِمَّتِهِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ صِحَّةَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ (654) وَالْفِقْرَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (647) قَدْ بَيَّنَتْ حُكْمَ الْكَفَالَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَيْرِيَّةُ) . أَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً: لَوْ جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ وَكَفَلَ نَفْسَ الْمَكْفُولِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّتْ الْكَفَالَتَانِ الْأُولَى كَفَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ مُنْجَزَةٌ وَالثَّانِيَةُ كَفَالَةٌ مَالِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ كَفَالَةً بِالتَّسْلِيمِ. فَكَمَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمَجَلَّةِ (تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ الْكَفِيلِ) تَشْمَلُ كَفَالَةَ الْكَفِيلِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ كَفِيلَ كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَهَلُمَّ جَرَّا. فَإِذَا كَانَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ كَفِيلًا بِالْمَالِ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ الثَّانِي كَفِيلًا بِالْمُطَالَبَةِ الَّتِي تَلْزَمُ ذِمَّةَ الْأَوَّلِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ الثَّانِي كَفِيلًا بِنَفْسِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ كَفِيلٌ بِالْمَالِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ فَالْكَفِيلُ الثَّانِي يَكُونُ كَفِيلًا بِنَفْسِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ. [ (الْمَادَّةُ 627) تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ] (الْمَادَّةُ 627) يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ وَالْمَكْفُولِ لَهُمْ كَاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ اسْتِحْقَاقُ الْمُطَالَبَةِ وَيَحْتَمِلُ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَذْكُورُ التَّعَدُّدَ. مَثَلًا فَكَمَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ بِمَا عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمَا وَمَنْ بِكْرٍ وَبِشْرٍ أَيْضًا. فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشَيْءٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ كَفَلَ آخَرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ نَفْسَهُ فَلَا يَخْلُصُ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ كَفَالَةً بِالْمَالِ أَمْ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ أَمْ كَفَالَةً بِالتَّسْلِيمِ وَتَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَحْكَامُ الْمَادَّةِ (647) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِ آخَرَ كَفِيلًا وَبَعْدَ ذَلِكَ كَفَلَ لَهُ آخَرُ نَفْسَ الرَّجُلِ الْمَكْفُولِ أَيْضًا صَحَّ ذَلِكَ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ مُنْفَرِدًا عَنْ الْآخَرِ (الْهِدَايَةُ) . وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَيْضًا كَمَا قُلْنَا فَكَمَا أَنَّ لِرَجُلٍ أَنْ يَكْفُلَ رَجُلًا وَاحِدًا فَلَهُ أَنْ يَكْفُلَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ كَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِعِدَّةِ دُيُونٍ أَيْضًا. بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ السَّابِقَةِ: فَمَوْضُوعُ هَذِهِ تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ رَأْسًا. أَمَّا الْمَادَّةُ السَّابِقَةُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَعَدُّدُ كُفَلَاءِ إلَّا أَنَّ كُفَلَاءَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لَمْ يَتَعَدَّدُوا رَأْسًا

الفصل الثاني في بيان مسائل شروط الكفالة

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ مَسَائِلِ شُرُوطِ الْكَفَالَةِ] وَهَذِهِ الشُّرُوطُ يَتَحَرَّى عَلَيْهَا وُجُودًا وَعَدَمًا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: فِي الْكَفِيلِ وَهَذِهِ هِيَ كَمَا سَتَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: كَوْنُ الْكَفِيلِ عَاقِلًا بَالِغًا. ثَانِيًا: كَوْنُ الْكَفِيلِ رَاضِيًا. ثَالِثًا: كَوْنُ الْكَفِيلِ غَيْرَ الْمَكْفُولِ لَهُ. رَابِعًا: كَوْنُ الْكَفِيلِ غَيْرَ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ. الثَّانِي: الْمَكْفُولُ عَنْهُ. وَهُوَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (629) وَالْمَادَّةِ (633) أَوَّلًا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا. ثَانِيًا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومًا هَلْ هُوَ النَّفْسُ أَوْ الْمَالُ. ثَالِثًا: عَدَمُ لُزُومِ كَوْنِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَاقِلًا بَالِغًا. الثَّالِثُ: الْمَكْفُولُ بِهِ. وَهِيَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (630) و (631) ، أَوَّلًا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومًا شَخْصًا وَمَكَانًا إذَا كَانَ نَفْسًا. ثَانِيًا: عَدَمُ لُزُومِ الْعِلْمِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا كَانَ مَالًا. ثَالِثًا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ. إذَا كَانَ مَالًا. رَابِعًا: كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ الْمُقَرَّرِ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِحْصَالِ عَلَيْهِ مِنْ الْكَفِيلِ مُمْكِنًا. الرَّابِعُ: الْمَكْفُولُ لَهُ، هُوَ الْعِلْمُ بِالْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (629) . (الْمَادَّةُ 628) يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ كَوْنُ الْكَفِيلِ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ وَلَوْ كَفَلَ حَالَ صِبَاهُ لَا يُؤَاخَذُ وَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ. يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ كَوْنُ الْكَفِيلِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ بِأَنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفِيلِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَوْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفِيلِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَفَالَةُ الدَّيْنِ وَكَفَالَةُ النَّفْسِ وَكَفَالَةُ التَّسْلِيمِ. وَلَا تَنْعَقِدُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوْ إجَازَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ إجَازَةِ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمَعْتُوهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَا يُحْتَمَلُ النَّفَاذُ (الشَّلَبِيُّ) .

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (966) وَالْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (927) . لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِلَا أَمْرٍ فَهِيَ تَبَرُّعٌ بِلَا رَيْبٍ أَمَّا الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَهِيَ تَضُرُّ بِالصَّبِيِّ أَيْضًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْآمِرِ مَا أَعْطَاهُ إلَى الطَّالِبِ وَإِذَا كَفَلَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ أَوْ بِالتَّسْلِيمِ لَا يُؤَاخَذُ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ بَاطِلَةٌ بِوُقُوعِهَا فِي حَالِ الصِّغَرِ أَوْ الْجُنُونِ. وَمَا لَمْ يُجَدِّدْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لَا اعْتِبَارَ لَهَا. (الْحَمَوِيُّ) . مُسْتَثْنَى - وَلَكِنْ تَصِحُّ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: لَوْ اسْتَقْرَضَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيُّهُ مَالًا لِلْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّبِيِّ وَكِسْوَتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ اللَّوَازِمِ الضَّرُورِيَّةِ أَوْ لِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ لَهُ وَأَمَرَ الصَّبِيَّ بِكَفَالَتِهِ بِالْقَرْضِ أَيْ بِالْمَالِ الَّذِي اسْتَدَانَهُ لِأَجْلِهِ وَكَفَلَهُ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ طُولِبَ الصَّبِيُّ بِالْكَفَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ، الْأَنْقِرْوِيّ) . لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الدَّيْنِ يَرْجِعُ إلَى مَالِ الصَّبِيِّ وَلَوْ لَمْ يَكْفُلْ بِهِ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ إنَّمَا هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَأْكِيدٍ لِلْمُطَالَبَةِ الثَّابِتَةِ قَبْلًا فَلَا تُعَدُّ تَبَرُّعًا. أَمَّا إذَا كَفَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَ وَلِيِّهِ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ بِمَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ تَسْلِيمُ نَفْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَتُعَدُّ مِثْلُ هَذِهِ الْكَفَالَةِ تَبَرُّعًا. وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَالطَّالِبُ وَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّنِي كَفَلْت فِي صِغَرِي وَقَالَ الطَّالِبُ إنَّك كَفَلْت حَالٍ بُلُوغِك فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَيَحْتَاجُ الطَّالِبُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ إنَّنِي كَفَلْت وَأَنَا مَجْنُونٌ وَقَالَ الطَّالِبُ إنَّك كَفَلْت وَأَنْتَ عَاقِلٌ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) . وَإِذَا كَانَ الْكَفِيلُ أَهْلًا لِلْكَفَالَةِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ رِضَاءُ الْكَفِيلِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَفَلَ كَفَالَةً بِمَالٍ أَوْ كَفَالَةً بِنَفْسٍ أَوْ كَفَالَةً بِتَسْلِيمٍ لَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَتْ وَاقِعَةً بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1006) (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ بِزِيَادَةٍ) . مَثَلًا لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ مِنْهُ بِدَيْنٍ لِغَرِيمِهِ وَكَفَلَ ذَلِكَ مُكْرَهًا فَلَا يُؤْخَذُ بِالْكَفَالَةِ هَذِهِ وَلَا يُطَالَبُ (التَّنْقِيحُ) كَفَالَةُ الْمَرِيضِ: يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَلَّا يَكُونَ الْكَفِيلُ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 160) لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ لَيْسَ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الزَّيْلَعِيّ) .

(المادة 629) لا يشترط كون المكفول عنه عاقلا وبالغا

وَكَفَالَةُ الْمَرِيضِ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ وَأَحْكَامُهَا مُفَصَّلَةٌ فِيمَا يَأْتِي: إنَّ كَفَالَةَ الْمَرِيضِ الْمَالِيَّةَ عَنْ أَجْنَبِيٍّ تُعْتَبَرُ إلَى ثُلُثِ مَالِهِ وَمَا لَمْ تُجِزْ وَرَثَتُهُ الزِّيَادَةَ عَنْ الثُّلُثِ فَلَا تُعْتَبَرُ وَتَكُونُ بَاطِلَةً فِيمَا يَزِيدُ عَنْ الثُّلُثِ كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ الْمَرِيضُ الَّذِي تَكُونُ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ فَلَيْسَ لِكَفَالَتِهِ حُكْمٌ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ حِينَ الْكَفَالَةِ وَلَكِنْ لَوْ اُسْتُغْرِقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَرِكَتُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَقَرَّ لَهُ الْمَرِيضُ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْكَفَالَةِ أَيْضًا وَلِلْمُقِرِّ لَهُ أَنْ يَضْبِطَ كُلَّ التَّرِكَةِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ وَيَسْتَوْفِيَهُ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً لَيَسْتَوْفِيَ الدَّائِنُ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْكَفِيلِ إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَكْفِي لِإِيفَائِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا فَيَسْتَوْفِي الثُّلُثَ مَهْمَا كَانَ. إلَّا إذَا كَانَ الْمَرِيضُ قَدْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَفَلَ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَحِينَئِذٍ يُؤْخَذُ الدَّيْنُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1605) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَوْ تَكُونُ كَفَالَتُهُ لِوَارِثٍ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ سَتَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (1605) . وَإِنَّمَا إذَا عُلِّقَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى شَرْطٍ فِي حَالٍ الصِّحَّةِ وَوُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ الْمَرَضِ وَلَزِمَ الْمَرِيضَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (82) فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كُلُّ مَا يُقِرُّ بِهِ فُلَانٌ لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ وَمَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَضَ الْمَوْتِ أَوْ تُوُفِّيَ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَلْفِ قِرْشٍ لِلْمَكْفُولِ لَهُ لَزِمَتْ الْأَلْفُ قِرْشٍ مِنْ جَمِيعِ مَالِ الْمُتَوَفَّى وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ. وَيُخَاصِمُ الْمَكْفُولَ لَهُ غُرَمَاءُ الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَهَامِشُ الْأَنْقِرْوِيّ) . أَمَّا الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ فَلَيْسَتْ بِمَالٍ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَارِثَهُ مِنْ كَفَالَةٍ بِالنَّفْسِ يَكُونُ صَحِيحًا فَلَوْ أَبْرَأَ أَجْنَبِيًّا مِنْ ذَلِكَ صَحَّ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ الَّذِي تَكُونُ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ آخَرَ مِنْ الْكَفَالَةِ صَحَّ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) أَمَّا إبْرَاءُ الْمَرِيضِ أَحَدًا مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ فَلَا يَصِحُّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1581) . [ (الْمَادَّةُ 629) لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا] (الْمَادَّةُ 629) لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ. أَيْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ الْمَكْفُولُ لَهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ وَنَفَاذِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ مَا يَضُرُّ بِالْمَكْفُولِ عَنْهُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَكُونُ الضَّرَرُ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ إذَا أَدَّى أَحَدٌ مَا عَلَى صَبِيٍّ مِنْ الدَّيْنِ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ إيَّاهُ عُدَّ مُتَبَرِّعًا بِهِ وَذَلِكَ مَا يَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى الصَّبِيِّ فَعَلَيْهِ وَكَمَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِنَفْسِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ أَوْ مَالِهِ وَتَكُونُ نَافِذَةً تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِنَفْسِ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَوْ دَيْنِهِ وَتَكُونُ كَفَالَتُهُ نَافِذَةً وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ. وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ مَا عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ

الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِمْ أَوْ بِدُونِ ذَلِكَ فَعَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ الْأَمْرِ هُوَ لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1573) فَيَكُونُ الْأَمْرُ الصَّادِرُ مِنْهُمْ فِي الْكَفَالَةِ لَيْسَ صَحِيحًا أَيْضًا أَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ مَعَ عَدَمِ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدُونِ الْأَمْرِ تَبَرُّعٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 657 وَشَرْحَهَا) . حَتَّى لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَكَفَلَ آخَرُ الْمَجْنُونَ أَوْ الصَّبِيَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِدَيْنِهِ بِدُونِ إذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ وَإِذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ تَسْلِيمَ الصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَهُوَ مَأْذُونٌ فَلَهُ إحْضَارُ الصَّبِيِّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ جَبْرًا وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الصَّبِيَّ عَلَى الْحُضُورِ وَتَسْلِيمِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْح الْمَادَّةِ (612) . كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ صَبِيٍّ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَضْرُوبِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ جَازَتْ كَفَالَتُهُ. وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الصَّبِيَّ ضَمِنَ الْكَفِيلُ مَا يُحْكَمُ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ. وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ فِيمَا يَضْمَنُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. مَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِالتِّجَارَةِ كَمَا سَتُفَصِّلُ ذَلِكَ الْمَادَّةُ (657) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالنَّتِيجَةُ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا فَلَيْسَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (621) تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ قَبُولُ أَحَدٍ مِنْ طَرَفِهِ الْكَفَالَةَ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ لِتَحَرِّي كَوْنِهِ عَاقِلًا بَالِغًا. وَعَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى شَخْصٍ فَكَفَالَتُهُ صَحِيحَةٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَالِك عَلَى النَّاسِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ بِكُلِّ مَا يَخْرُجُ لَك عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الدَّيْنِ) تَصِحُّ كَفَالَتُهُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ لَكُمْ أَوْ لِغَيْرِكُمْ أَثْمَانَ كُلِّ مَالٍ يُبَاعُ مِنْ فُلَانٍ) فَكَفَالَتُهُ فِي قَوْلِهِ (أَكْفُلُ لَكُمْ) لِلْمُخَاطَبِينَ صَحِيحَةٌ وَلِغَيْرِهِمْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْعِلْمُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ هَلْ هُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ وَلَمْ يَقُلْ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَالِهِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مَا لَمْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْهُمَا. كَذَلِكَ فَكَمَا تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اُكْفُلْ لِي هَذَا الرَّجُلَ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً لَوْ قَالَ اُكْفُلْ لِي دَيْنِي الَّذِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ قَدْ كَفَلْتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَار) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (66) مَتْنًا وَشَرْحًا. .

(المادة 630) إن كان المكفول به نفسا يشترط أن يكون معلوما وإن كان مالا لا يشترط

[ (الْمَادَّةُ 630) إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَالًا لَا يُشْتَرَطُ] (الْمَادَّةُ 630) إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسًا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَالًا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فَلَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانِ عَلَى فُلَانٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا. يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسًا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا شَخْصًا وَمَكَانًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَلَّا يَكُونَ شَخْصُهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. الْعِلْمُ بِشَخْصِهِ: إذَا كَانَ شَخْصُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّنِي كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَخْصُهُ مَعْلُومًا فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلُ مَنْ يَغْتَصِبُ مِنْك مَالًا أَوْ مَنْ يَبِيعُهُ مِنْكَ أَوْ مَنْ يَتَبَايَعُ مَعَك فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ قِيلَ فِي الشَّرْحِ (كَوْنُ شَخْصِهِ مَعْلُومًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ مَعْلُومًا فَعَلَيْهِ لَوْ (قَالَ إنَّنِي كَفِيلٌ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَلَكِنْ إذَا رَأَيْته عَرَفْته) فَإِقْرَارُهُ هَذَا جَائِزٌ وَإِذَا سَلَّمَ إلَيْهِ أَيَّ رَجُلٍ وَحَلَفَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ الْمُدَّعِي بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالْمُقِرِّ بِهِ لَا يَمْنَعُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1579) مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَقَدْ أُشِيرَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ إلَى أَنَّهُ يُرَادُ بِقَوْلِهِ مَعْلُومًا الِاحْتِرَازُ مِنْ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ أَيْ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ لَا تَكُونُ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (أَنَا كَفِيلٌ بِالشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِنَفْسِ الرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ) صَحَّ وَيَعُودُ إلَى الْكَفِيلِ بَيَانُ الْمَكْفُولِ بِهِ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ أَوْ الرَّجُلَ الْفُلَانِيَّ وَمَنْ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ مِنْهُمَا بَرِيءَ الْكَفِيلُ. قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ لِفُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ كَانَ جَائِزًا يَدْفَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ فَيَبْرَأُ عَنْ الْكَفَالَةِ انْتَهَى. الْعِلْمُ بِمَكَانِ الْمَكْفُولِ بِهِ: يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ إذَا كَانَ نَفْسًا أَنْ يَكُونَ مَكَانُهُ مَعْلُومًا فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ أَحَدٌ غَائِبًا فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالْبَزَّازِيَّة) وَإِذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَالًا فَلَيْسَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا وَكَوْنُ الدَّعْوَى صَحِيحَةً بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّوَسُّعِ وَقَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ لِهَذَا السَّبَبِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ لَا يَكُونُ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُضْبَطُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا. وَمَعَ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً أَمْ يَسِيرَةً. (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ وَحَاشِيَتُهُ) . مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَجْهُولِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، فَكَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ تَصِحُّ أَيْضًا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا وَفِي هَذِهِ الْحَالِ عَلَى الْكَفِيلِ تَعْيِينُ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ مَا يُقِرُّ بِهِ وَيُعَيِّنُهُ وَإِنْ كَانَ زَائِدًا عَمَّا يُقِرُّ بِهِ الْأَصِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (81) وَإِذَا ادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْكَفِيلُ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ ضَمِنَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ أَيْضًا

لِأَنَّهُ قَدْ كَفَلَ بِمَا يَتَبَيَّنُ عَلَى الْأَصِيلِ مَضْمُونًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (75، 76) . وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْمَكْفُولُ لَهُ الزِّيَادَةَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ الْمُجَرَّدُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ حُجَّةً عَلَى الْأَصِيلِ وَبِذَلِكَ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْكَفِيلِ أَيْضًا وَلِلْكَفِيلِ (بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ) الْقَوْلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ زَائِدٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ. لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَا الْتَزَمَ بِهِ الْكَفِيلُ مَالًا فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي الْتَزَمَ بِهِ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1748) وَإِذَا أَقَرَّ الْأَصِيلُ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ أَوْ النُّكُولُ قَاصِرٌ عَلَى نَفْسِ الْأَصِيلِ وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ. لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُقِرِّ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى سِوَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِإِقْرَارِهِ بِشَيْءٍ يَكُونُ مُقِرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ وَمُدَّعِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا يَثْبُتُ صِدْقُ الْمُدَّعِي إلَّا بِحُجَّةٍ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إنَّنِي كَفَلْت بَعْضَ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ وَيَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ تَعْيِينُ مِقْدَارِ ذَلِكَ الْبَعْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، وَفِقْرَةٌ (وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ. .. إلَخْ) الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (636) مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلِ الْمَكْفُولِ بِهِ الْمَجْهُولِ وَفِي الْكَفَالَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (636) يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْأَصِيلُ. قَالَ عَبْدُ الْحَلِيمِ لَوْ كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَك عَلَيْهِ فَعَلَيَّ إنَّ مَا ثَبَتَ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَالٍ لَزِمَ الْكَفِيلُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ حَصَلَ بِقَوْلِهِ. وَذَابَ بِمَعْنَى حَصَلَ وَوَجَبَ. وَقَدْ وَجَبَ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَفَلْتُ بِمَا لَكَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّيْنِ الْقَائِمِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْمَقْدِسِيَّ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأُجْرَةٍ فَقَالَ الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ الْأُجْرَةَ مِائَةَ قِرْشٍ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ إنَّهَا خَمْسُونَ قِرْشًا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ قِرْشًا لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُنْكِرُ الزِّيَادَةِ وَيُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِمِائَةِ قِرْشٍ حَسَبَ إقْرَارِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1587) . وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ قِرْشًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْآجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (762) . أَمَّا إذَا أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْكَفِيلِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مَا يَزِيدُ (الْهِنْدِيَّةُ وَفِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ) . صِحَّةُ الدَّعْوَى لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ: فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِمَالِ عَلَى آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ مَعَ بَيَان الْمِقْدَارِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1626) غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ اُتْرُكْ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ، فَإِذَا لَمْ أُسَلِّمْهُ إلَيْك غَدًا فَلِيَكُنْ مَا تَدَّعِيهِ قِبَلَهُ عَلَيَّ، فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ الْمُعَلَّقَةُ صَحِيحَةٌ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ لَزِمَ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ وَإِذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِي صِفَةِ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ. (التَّنْوِيرُ، وَالْمِنَحُ) . وَبَعْدَ إيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلْنَذْكُرْ الْمَسَائِلَ الَّتِي أُشِيرَ إلَى تَعْرِيبِهَا فِي الْمَجَلَّةِ:. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (عَلَى فُلَانٍ) لِأَنَّ مَعْلُومِيَّةَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ (التَّنْوِيرُ) .

فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إنَّنِي أَكْفُلُ كُلَّ مَالٍ سَيَغْصِبُهُ مِنْك النَّاسُ أَوْ يَسْتَقْرِضُونَهُ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَيْدٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ كُلَّ دَيْنٍ يَظْهَرُ لَك عَلَى النَّاسِ) فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً لَكِنْ تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) مِنْ ذَلِكَ. لَكِنَّ الْكَفَالَةَ بِالتَّرْدِيدِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ صَحِيحَةٌ. وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ عَنْ التَّرْدِيدِ الْمَذْكُورِ تَخْيِيرٌ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَكُونُ مُخَيَّرًا كَمَا سَيَأْتِي: قَالَ فِي الدُّرَرِ لَا تَصِحُّ أَيْضًا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي تَعْيِينٍ وَإِضَافَةٍ لَا تَخْيِيرٍ كَكَفَلْت بِمَا لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ فَتَصِحُّ. انْتَهَى. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِالشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِمَا لَك عَلَى الرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الدَّيْنِ) فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُخَيَّرًا فِي تَعْيِينِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ وَاحِدًا مِنْ الشَّيْئَيْنِ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . لَكِنْ تَخْيِيرُ الْمَكْفُولِ لَهُ مَانِعٌ لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ كَمَا سَيُذْكَرُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّنِي أَكْفُلُ نَفْسَ فُلَانٍ أَوْ بِالْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ جَازَ وَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يُعِينَ أَحَدَهُمَا وَيُوفِيَهُ وَإِذَا أَوْفَى أَحَدُهُمَا بَرِئَ مِنْ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (بِدَيْنِ فُلَانٍ) لِأَنَّ مَعْلُومِيَّةَ الْمَكْفُولِ لَهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ، وَالْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ وَجَهَالَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ مَانِعَةٌ مِنْ صِحَّتِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا كَانَتْ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ مُخَاطِبًا عِشْرِينَ شَخْصًا مَعْلُومِينَ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا سَتَبِيعُونَهُ مِنْ فُلَانٍ وَتُسَلِّمُونَهُ إلَيْهِ) صَحَّتْ كَفَالَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَجْهُولًا فَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي أَكْفُلُ بِمَا تَغْصِبُهُ مِنْ أَيِّ أَحَدٍ أَوْ بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْك لِأَيِّ إنْسَانٍ أَوْ بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْك مِنْ الْحُقُوقِ لِأَيِّ شَخْصٍ) أَوْ لَوْ قَالَ (إنَّنِي أَكْفُلُ الْيَوْمَ لِمَنْ يَبِيعُ شَيْئًا لِفُلَانٍ ثَمَنَ مَبِيعِهِ) فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ صَحِيحَةً (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ تَعَاطَى أَحَدٌ الدَّلَالَةَ فَقَالَ آخَرُ إنَّنِي أَكْفُلُ مَا يَقَعُ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ مِنْ الضَّرَرِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِيمَا يَصِحُّ مِنْ الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى شَخْصٍ وَظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ لَهُ تَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً (التَّنْقِيحُ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (إنَّنِي كَفِيلٌ بِدَيْنِ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ بِمَطْلُوبِ ذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّنِي أُكْفَلُ لِكُلِّ مَنْ يَبِيعُ مِنْ فُلَانٍ هَذَا الْيَوْمَ شَيْئًا بِثَمَنِهِ فَلَوْ بَاعَ مِنْهُ بَعْضُ النَّاسِ شَيْئًا فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ شَيْءُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ مُخَاطِبًا ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ (إنَّنِي أَكْفُلُ لَكُمْ وَلِغَيْرِكُمْ ثَمَنَ مَا تَبِيعُونَهُ مِنْ فُلَانٍ) فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ الْمَعْلُومِينَ وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . مُسْتَثْنَى: وَتُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ مَانِعَةً مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ (الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ) . وَهِيَ لَيْسَتْ جَهَالَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ (فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي ضِمْنَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ) مَانِعَةً لَصِحَّتِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (54 و 1334 و 1356) فِي الْمُتَفَاوِضَاتِ. فَإِذَا افْتَرَقَا فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ. .. إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ غَيْرَ الْمَكْفُولِ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ كَفِيلًا لِنَفْسِهِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَفَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ لِمُوَكِّلِهِ فَلَا تَكُونُ كَفَالَتُهُ صَحِيحَةً سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ حَقَّ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1461) عَائِدٌ إلَى الْوَكِيلِ أَصَالَةً فَإِنْ كَفَلَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ جَائِزَةً، لِأَنَّ حَقَّ الْقَبْضِ لَهُ بِالْأَصَالَةِ وَلِذَا لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوكِلِ وَبِعَزْلِهِ وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى إنَّ الْكَفِيلَ لَوْ أَعْطَى الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْكَفَالَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِهِ، وَيَسْتَرِدَّهُ وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ أَعْطَاهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْكَفَالَةِ بَلْ أَعْطَاهُ مُتَبَرِّعًا صَحَّ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . عَلَى أَنْ الرَّسُولَ بِالْبَيْعِ إذَا كَفَلَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ صَحَّ أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَبِمَا أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فَلَا تَصِحُّ. كَذَلِكَ لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْوَصِيِّ أَوْ النَّاظِرِ الْمُشْتَرِي لِلصَّغِيرِ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ نُقُودًا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَهُ الْوِصَايَةُ عَلَيْهِ وَكَفَلَ عَنْهُ بِالْمَالِ لِلصَّبِيِّ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ (النَّتِيجَةُ) .

وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَفَلَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ بِالْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ. مَا لَمْ يَكْفُلْ الْأَوْصِيَاءُ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى لِوَارِثٍ لَهُ كَبِيرٍ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَفِي هَذَا الدَّيْنِ يَخْرُجُ الْأَوْصِيَاءُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ قَبْضُهُ بَعْدُ وَيُعَيِّنُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا جَدِيدًا لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ الْوَصِيِّ الْكَفِيلِ. كَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ عِنْدَ آخَرَ أَمَانَةً وَكَفَلَ الْمُودَعَ بِتَسْلِيمِ الْأَمَانَةِ إلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ، نَعَمْ وَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْأَمَانَةِ جَائِزَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَمَا تَقَعُ مِنْ غَيْرِ الْمُودِعِ. قَالَ فِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الثَّمَنُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْوَكِيلِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَالْكَفَالَةُ غَرَامَةٌ وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ بَعْدَ ضَمَانِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَأَيْضًا كَفَالَتُهُ لِمَا قَبَضَهُ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْأَمَانَةِ فَذَاكَ فِي كَفَالَةِ مَنْ لَيْسَتْ الْأَمَانَةُ عِنْدَهُ انْتَهَى بِتَغْيِيرِ مَا قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ. وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَضَمِنَهُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِلصَّغِيرِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ ضَمِنَاهُ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ جَازَ وَخَرَجَ عَنْ الْوِصَايَةِ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُمَا مُقَاضَاتُهُ فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا آخَرَ فَيَطْلُبُهُ وَيُقْبِضُهُ. انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا. وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُضَارِبِ لِرَبِّ الْمَالِ بِالْمَالِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِنْ آخَرَ وَكَفَلَ لِرَبِّ الْمَالِ بَعْدَ ثَمَنِهِ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ) لِأَنَّ كَفَالَةَ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ صَحِيحَةٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مَعَ آخَرَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ عِنْدَ آخَرَ وَلَوْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ إرْثٍ وَكَانَ الدَّيْنُ صَحِيحًا فَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى الْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ دَفَعَ لِشَرِيكِهِ طَلَبَتُهُ الْمَكْفُولَ بِهَا بِنَاءً عَلَى الْكَفَالَةِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَ أَحَدٌ مَالًا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ إلَى آخَرَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (97) وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ صِحَّةِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا هُوَ وُقُوعُ الْكَفَالَةُ إمَّا عَلَى النِّصْفِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يُصِيبُ الْمَكْفُولَ لَهُ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ قِسْمَةَ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1123) لَيْسَ بِجَائِزٍ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِفْرَازِ وَالْحِيَازَةِ وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُفْرَزًا فِي حَيِّزٍ عَلَى جِهَةٍ وَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ إذْ الْفِعْلُ الْحِسِّيُّ يَسْتَدْعِي مَحَلًّا حِسِّيًّا وَالدَّيْنُ حُكْمِيٌّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَوْ تَكُونُ وَاقِعَةً عَلَى نِصْفٍ شَائِعٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1101) أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَقْبُوضِ لِنَفْسِهِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ كَفِيلًا لِنَفْسِهِ أَيْضًا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَفَالَةُ الشَّرِيكِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ صَحِيحَةً فَإِذَا كَفَلَ أَجْنَبِيٌّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنِهِ فَمَا يُؤَدِّيه الْكَفِيلُ لِأَحَدِهِمَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا أَدَّاهُ الْأَصِيلُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1101) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ كَمَا إذَا بَاعَ اثْنَانِ مَالًا صَفْقَتَيْنِ مِنْ آخَرَ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِدَيْنِهِ. الْخُلَاصَةُ أَنَّ كُلَّ كَفَالَةٍ تَتَضَمَّنُ كَفَالَةَ الْكَفِيلِ نَفْسِهِ لَيْسَتْ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 631) يشترط في الكفالة بالمال أن يكون المكفول به مضمونا على الأصيل

[ (الْمَادَّةُ 631) يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ] (الْمَادَّةُ 631) يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ يَعْنِي أَنَّ إيفَاءَهُ يَلْزَمُ الْأَصِيلَ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَعِنْدَ الْمُطَالَبَةِ يَكُونُ الْكَفِيلُ مَجْبُورًا عَلَى إيفَائِهِ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَقْبُولِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا تَكُونُ عَيْنُ الْمَبِيعِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَعَارِ وَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ لَكِنْ لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ إنْ أَضَاعَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ وَاسْتَهْلَكَهَا، وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَبِتَسْلِيمِ هَؤُلَاءِ وَعِنْدَ الْمُطَالَبَةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَفِيلِ حَقُّ حَبْسِهَا مِنْ جِهَةٍ يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا إلَّا أَنَّهُ كَمَا كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ أَيْ أَنْ يَكُونَ إيفَاؤُهُ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا لَازِمًا عَلَى الْأَصِيلِ سَوَاءً أَكَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمَالُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَشْمَلُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ. وَالْوَاقِعُ أَنَّ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا حُكْمِيًّا وَلَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِنَاءً عَلَى الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (126) مَالًا فِي الْحَالِ بَلْ هُوَ مَالٌ حُكْمًا بِالنَّظَرِ إلَى عَاقِبَةِ الْقَبْضِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ يُصْبِحُ عَيْنًا يُنْتَفَعُ بِهِ عِنْدَ قَبْضِهِ فِي الزَّمَنِ الْآتِي (الْبَحْرُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْكَنْزِ وَعَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ. لِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ إيفَاؤُهُ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْكَفِيلِ. لِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ. بِمَا لَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ أَدَاؤُهُ كَالرِّشْوَةِ، وَالْقِمَارِ وَالْجِيفَةِ وَثَمَنِ الرَّجُلِ الْحُرِّ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَلْزَمُهُ إيفَاؤُهَا. وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ أَنَّ كَفَالَتَهُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً لِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ رِشْوَةٌ أَوْ قِمَارٌ، أَوْ جِيفَةٌ أَوْ ثَمَنُ آدَمِيٍّ حُرٍّ، عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ فَيُخْرِجُ الْحَاكِمُ الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ لِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ. لَكِنْ لَوْ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَصِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ ثَمَنٌ لِمَبِيعٍ أَوْ قَرْضٌ وَصَدَّقَ الْمَكْفُولُ لَهُ هَذَا الْإِقْرَارَ أَيْضًا لَزِمَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ الْأَصِيلَ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .

هَذَا وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِقْرَةٌ (وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. .. إلَخْ) وَفِقْرَةٌ (وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَعَارِ) الْحُكْمُ الثَّانِي - إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ. فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ الْمُعَجَّلِ أَوْ الْمُؤَجَّلِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا وَكَذَلِكَ بِالْمَهْرِ وَبَدَلِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ الصَّحِيحَةِ الْقَائِمَةِ كَالْخَرَاجِ الْمُعَيَّنِ وَالضَّرَائِبِ فِي أَحْوَالٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ أَيْضًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا مَحْجُورًا فَكَفَالَتُهُ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْأَصِيلِ لَكِنْ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مَالًا مِنْ آخَرَ وَكَفَلَ لَهُ أَحَدٌ كَفَالَةَ دَرَكٍ فَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّتْ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 612) (الْبَحْرُ) . وَقَدْ قُيِّدَ (ثَمَنُ الْمَبِيعِ) هُنَا بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي يُبَاعُ بَيْعًا صَحِيحًا لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ فَسَادُ الْبَيْعِ ظَهَرَ فَسَادُ الْكَفَالَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (52) وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ إعْطَاءُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ. فَضْلًا عَنْ أَنَّ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى لَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (371) حَتَّى يَلْزَمَ الْكَفِيلَ. وَإِنْ أَعْطَى الْكَفِيلُ الثَّمَنَ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ شَاءَ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي (الْخَيْرِيَّةُ) لِأَنَّهُ مِنْ الْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ إذَا أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ شَيْئًا ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَظَهَرَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِمَا أَعْطَاهُ أَيْ أَنَّهُ لَهُ صَلَاحِيَّةُ اسْتِرْدَادِ مَا أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ (التَّنْقِيحُ) . فَإِذَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَأَمَّا إذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الْكَفِيلُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِلَا أَمْرٍ أَخَذَ الْكَفِيلُ مَا أَعْطَى مِنْ الْبَائِعِ فَقَطْ لِأَنَّهُ أَدَّى الْكَفَالَةَ فَاسِدَةً عَلَى أَنَّهُ إذَا وَقَعَ أَوَّلًا الْبَيْعُ صَحِيحًا وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ بِالثَّمَنِ أَحَدٌ أَلْحَقَ الْمُتَبَايِعَانِ بِهِ شَرْطًا فَاسِدًا فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ أَدَائِهِ إلَى الْبَائِعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ (الْكَفَوِيُّ فِيمَا تَقَعُ بِهِ الْبَرَاءَةُ مَالًا) . وَقَدْ قُيِّدَتْ الدُّيُونُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ بِالدُّيُونِ (الصَّحِيحَةِ) لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالدُّيُونِ غَيْرِ الصَّحِيحَةِ كَمَا إذَا أَقَرَّ صَغِيرٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ بِدَيْنٍ كَذَا قِرْشًا لِشَخْصٍ وَكَفَلَهُ بِهِ أَحَدٌ فَكَمَا أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1574) غَيْرُ صَحِيحٍ فَالْكَفَالَةُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ (الْبَهْجَةُ) . مُسْتَثْنَى - عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَا يُقَرَّرُ وَيُقَدَّرُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا تُمْكِنُ اسْتِدَانَتُهُ أَوْ النَّفَقَةُ الْمُقَرَّرَةُ الَّتِي تُقَرَّرُ وَتُقَدَّرُ بِرِضَاءِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَتَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَلَيْسَتْ دُيُونًا صَحِيحَةً تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا اسْتِحْسَانًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَالْأَشْبَاهُ) . وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ أَيْضًا بِالنَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَةِ الْغَيْرِ كَفَلْت لَك بِالنَّفَقَةِ أَبَدًا مَا دَامَتْ الزَّوْجِيَّةُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ مُلَخَّصًا) . الدُّيُونُ: جَمْعُ دَيْنٍ. (الدَّيْنُ الصَّحِيحُ) هُوَ مَا لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. كَالْقَرْضِ، وَثَمَنُ الْمَبِيعِ، وَبَدَلُ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ. وَالْمَالُ الْمُحَالُ بِهِ، وَمَهْرُ الْمِثْلِ (وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى، وَبَدَلُ الْمُخَالَعَةِ) وَالنَّفَقَةُ الَّتِي تُسْتَقْرَضُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى مَنْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ.

الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالنَّتِيجَةُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ) . وَالْإِبْرَاءُ الْحَقِيقِيُّ: مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1536) مِنْ الْمَجَلَّةِ وَالْإِبْرَاءُ حُكْمًا هُوَ إذَا طَاوَعَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ ابْنَ زَوْجِهَا سَقَطَ عَنْهُ دَيْنُ الْمَهْرِ، لِأَنَّ تَعَمُّدَهَا ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ مُسْقِطٌ مَهْرَهَا فَكَأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا أَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. وَأَخَذَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ كَفِيلًا بِضَمَانِ الْأُجْرَةِ فِيمَا إذَا لَمْ تُسْتَوْفَ الْمَنْفَعَةُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ. تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (أنقروي فِي الْفَصْل الثَّانِي) . وَيُزَادُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ لِلدَّيْنِ الصَّحِيحِ السُّؤَالَانِ الْآتِيَانِ. السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: - بِمَا أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ بِضَبْطِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (671) فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ. جَوَابٌ - فَسُقُوطُ الثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ نَاشِئٌ عَنْ عُرُوضِ أَسْبَابٍ تَبْطُلُ وَتَفْسَخُ حُكْمَ الْعَقْدِ بِلُزُومِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَإِظْهَارَ الثَّمَنِ غَيْرُ مُلْزِمٍ بِالْعَقْدِ. وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ بِوَجْهٍ آخَرَ دُونَ عُرُوضِ سَبَبٍ مُسْقِطٍ لِقَضَاءِ الْعَقْدِ وَالثَّمَنِ وَيُفْسَخُ حُكْمُ الْعَقْدِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . السُّؤَالُ الثَّانِي - بِمَا أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ يَسْقُطُ أَيْضًا بِغَيْرِ الْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنْ تَعْرِيفِ الدَّيْنِ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِهِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ فَمَا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ وَفَاةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالْإِبْرَاءِ أَمْرٌ بَعِيدٌ وَنَادِرٌ وُقُوعُهُ فَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 42) (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الْكَفَالَة) . وَالدَّيْنُ الْغَيْرُ صَحِيحٍ هُوَ مَا يَسْقُطُ بِدُونِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ. كَالنَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ وَدَيْنِ الزَّكَاةِ فَكَمَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَيَسْقُطُ دَيْنُ الزَّكَاةِ أَيْضًا بِوَفَاةِ الْمَدِينِ أَوْ هَلَاكِ الْمَالِ وَإِنَّمَا جُوِّزْت الْكَفَالَةِ فِي النَّفَقَةِ الْمُقَرَّرَةِ اسْتِحْسَانًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ. لَكِنْ لَوْ قَدَّرَ الْحَاكِمُ النَّفَقَةَ وَأَذِنَ الزَّوْجَةَ بِالِاسْتِدَانَةِ وَاسْتَدَانَتْ فَتَكُونُ هَذِهِ النَّفَقَةُ الَّتِي اسْتَدَانَتْهَا الزَّوْجَةُ دَيْنًا صَحِيحًا عَلَى الزَّوْجِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ. كَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَالِ الَّذِي أُقْرِضَ إقْرَاضًا فَاسِدًا وَالْأَعْيَانُ الْأُخْرَى السَّائِرَةِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا وَعِنْدَ الْمُطَالَبَةِ يَكُونُ الْكَفِيلُ مَجْبُورًا عَلَى إيفَائِهِ عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوْ بَدَلًا وَإِنْ اُسْتُهْلِكَتْ أَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْكَفَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عَلَيْهِ مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِلْمَكْفُولِ لَهُ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . وَيَلْزَمُ بِحَسَبِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (890 و 891) عَلَى الْأَصِيلِ ضَمَانُ وَإِيفَاءٌ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْقَرْضِ الْفَاسِدِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِشَاةٍ غَصَبَهَا أَحَدٌ مِنْ آخَرَ وَذَبَحَهَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَلَى رَأْيِ أَبِي يُوسُفَ

وَيَضْمَنُ الْكَفِيلُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصَبَهَا مِنْ مَكَانِهَا. وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الشَّاةَ لِأَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَلَيْسَ فِي بَدَلِهِ. أَمَّا رَأْيُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِشَاةٍ تُسْتَهْلَكُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ حَقَّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِبَدَلِهِ وَلَيْسَ بِعَيْنِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَفَالَةُ تِلْكَ الشَّاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ كَفَالَةٌ بِمَا لَا يَلْزَمُ عَلَى الْأَصِيلِ أَدَاؤُهُ فَلِذَلِكَ فَالْكَفَالَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَثَلًا إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ كَفَالَتِهِ وَلَزِمَتْ قِيمَتُهُ وَاخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ لَهُ فِي مِقْدَارِهَا فَإِنْ أَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْبَيِّنَةَ فَبِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . وَإِذَا أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِزِيَادَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يُؤَاخَذَ بِهَا لَكِنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ لَا يَسْرِي عَلَى الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 78) وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا حُكِمَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ إقْرَارُ الْأَصِيلِ وَدَعْوَاهُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنَّهَا أَلْفٌ وَنَكَلَ الْأَصِيلُ عَنْ الْيَمِينِ لَدَى اسْتِحْلَافِهِ لَزِمَ الْأَصِيلَ أَلْفٌ وَالْكَفِيلَ - كَمَا هُوَ إقْرَارُ الْأَصِيلِ - خَمْسُمِائَةٍ. وَإِذَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ أَلْفٌ وَسَكَتَ الْأَصِيلُ وَلَدَى اسْتِحْلَافِهِ نَكَلَ مِنْ الْيَمِينِ فَكَمَا تَلْزَمُ الْأَصِيلَ الْأَلْفُ تَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى إيفَائِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ لَدَى الْمُطَالَبَةِ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (298) . وَقَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ (إنْ كَانَ قَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ كَمَا هُوَ مُعَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (298) وَبِمَا أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْفِقْرَةِ (وَلَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمَرْهُونِ. .. إلَخْ) مِنْ هَذِهِ فَلَا تَصِحُّ فِيهَا الْكَفَالَةُ. كَذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي يُبَاعُ بَيْعًا فَاسِدًا يَكُونُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُ إيفَاؤُهُ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (371) . فَالْكَفَالَةُ بِهِ أَيْضًا صَحِيحَةٌ (الْمُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَأَمَّا الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَيْ مَالِيَّتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ. فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (293) شَرْحًا وَمَتْنًا لَا تَكُونُ عَيْنُ الْمَبِيعِ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بَلْ إنَّمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ (عَزْمِي زَادَهْ) . الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ أَيْ بِثَمَنِ الْبَيْعِ وَيَكُونُ بَعْدَهُ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ. لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَزِمَ أَنْ يَجْتَمِعَ ضِمْنَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ يُخَالِفُ بَعْضُهُمَا بَعْضًا فِي ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا لَيْسَ بِجَائِزٍ وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِعَيْنِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ وَالْمَالِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَأْجُورِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ،

وَمَالُ الشَّرِكَةِ، الْوَدِيعَةِ، وَالْمَالُ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ وَسَائِرُ الْأَمَانَاتِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ بِنَفْسِهَا وَإِنْ اكْتَسَبَتْ الْأَمَانَاتُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ صِفَةَ الْمَضْمُونِيَّةِ فَلَا تَنْقَلِبُ الْكَفَالَةُ إلَى الصِّحَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ الْوَدِيعَةِ ذَلِكَ وَاكْتُسِبَتْ الْوَدِيعَةُ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعِ إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صِفَةَ الْمَضْمُونِيَّةِ عَلَى الْوَدِيعِ فَلَا تَنْقَلِبُ الْكَفَالَةُ السَّابِقَةُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَالْكَفَالَةُ بِالْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا مَرَّ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ ثَوْبًا إلَى الْخَيَّاطِ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِذَلِكَ الثَّوْبِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ أَمَّا هَذِهِ الْكَفَالَةُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ عَلَى رَأْيِهِمَا مَضْمُونٌ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 607) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ) يُرَادُ بِهِ كَمَا أُشِيرَ فِي الشَّرْحِ أَلَّا تَكُونَ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا. لِأَنَّ الْأَعْيَانَ تَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ أَوْ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - مَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا عَلَى الْأَصِيلِ بِالْقِيمَةِ وَالْبَدَلِ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ الَّذِي يُقْبَضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَيُسَمَّى ثَمَنُهُ أَوْ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الَّتِي يَلْزَمُ بَدَلُهَا عِنْدَ الْهَلَاكِ، وَيَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) الْغَاصِبَ ضَمَانُ بَدَلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ التَّلَفِ كَمَا صَارَ تَقْرِيرُهُ آنِفًا (الْبَحْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - مَا كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْأَصِيلِ بِغَيْرِهَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَا لَا يَلْزَمُ تَأْدِيَةُ بَدَلِهَا عِنْدَ الْهَلَاكِ بَلْ يَلْزَمُ شَيْءٌ آخَرُ كَالْمَرْهُونِ وَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا لَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَأْدِيَةُ بَدَلِهِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابِلِهِ كَمَا ذُكِرَ مُجْمَلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (410) . وَكَمَا سَيُذْكَرُ مُفَصَّلًا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَرْهُونَ لَيْسَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ وَوَاجِبًا فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْكَفِيلِ. وَقَدْ أَطْلَقَهُ هُنَا فَشَمِلَ مَا إذَا ضَمِنَ الرَّهْنَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ أَوْ عَكْسُهُ (الْبَحْرُ) وَذَلِكَ كَمَالِ الشَّرِكَةِ، وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمَأْجُورِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَالْمَالِ الَّذِي يُقْبَضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ النَّظَرِ وَالْمَالِ الَّذِي يَقْبِضُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُسَمَّ لَهُ ثَمَنٌ. فَلَا يَجِبُ فِي هَذِهِ عَلَى الْكَفِيلِ ضَمَانٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَضْمُونَةً عَلَى الْأَصِيلِ (الْبَحْرُ) وَهُنَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَرْهُونَ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَكِنْ لَيْسَ بِنَفْسِهِ أَيْ بِبَدَلِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَيْ بِالدَّيْنِ الَّذِي يُقَابِلُهُ. لَكِنَّ الْكَفَالَةَ فِيهَا تَكُونُ مُضَافَةً إلَى سَبَبِ الضَّمَانِ أَوْ مُعَلَّقَةً وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ أَنَا كَفِيلٌ لَوْ أَضَاعَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ أَيْ (الْمَرْهُونُ وَالْمُسْتَعَارُ وَالْمَأْجُورُ وَالْأَمَانَاتُ السَّائِرَةِ) صَحَّتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ مُعَلَّقَةً كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحٍ الْمَادَّةِ (636) . لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَمِينُ الْأَمَانَةَ أَوْ تَلِفَتْ بِصُنْعِهِ تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (787) وَبِذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ عَلَى الْكَفِيلِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِتَسَلُّمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَبِتَسَلُّمِ هَؤُلَاءِ أَيْ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُسْتَعَارِ إلَى الْمُعِيرِ، وَالْمَأْجُورِ إلَى الْآجِرِ وَالْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ إلَى أَصْحَابِهَا كَفَالَةً بِالتَّسْلِيمِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 641) . وَعِنْدَ مُطَالَبَةِ

الْمَكْفُولِ لَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ. لِذَوِي الْيَدِ حَقُّ حَبْسِهَا مِنْ جِهَةٍ يَكُونُ الْكَفِيلُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا. فَعَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ رَدُّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (825 و 830) وَتَسْلِيمُهُ إلَى أَصْحَابِهِ يَلْزَمُ رَدُّ الْمَرْهُونِ كَذَلِكَ بَعْدَ تَخْلِيصِهِ عَلَى وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى صَاحِبِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ كَمَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (794) أَيْضًا وَتَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (593 و 594) . (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ مُخْتَصَّةً بِهَؤُلَاءِ. وَتَصِحُّ فِي الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا أَيْضًا مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (890) وَلَوْ رُدَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ وَشَمِلَ عَمَلُهُ أَجْرَ عَمَلِهِ وَلَوْ أَخَذَ بِهِ وَكِيلًا لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ الْكَفِيلِ، (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ حَبْسِهَا) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَثَلًا فَلِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (278) حَبْسُ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ لِلْمُرْتَهِنِ إمْسَاكُ الْمَرْهُونِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (729) إذَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ تَسْلِيمُهُمَا قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَالدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِنَاءً عَلَى الْفِقْرَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (590) حَقُّ حَبْسِ الْمَأْجُورِ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ حِينَئِذٍ. إلَّا أَنَّهُ كَمَا كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (666) يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ أَيْ الْمَبِيعُ وَالْمَرْهُونُ وَالْمُسْتَعَارُ وَالْأَمَانَاتُ السَّائِرَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. مَثَلًا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ أَوْ الْمَرْهُونُ أَوْ الْمَأْجُورُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ أَصْلًا أَيْ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَلَدَى إعْطَائِهِ الثَّمَنَ وَلَمَّا يَقْبِضُ الْمَبِيعَ وَكَفَلَ لَهُ شَخْصٌ بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا تَلْزَمُ الْكَفِيلَ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَلَا يَلْزَمْهُ إعَادَةُ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَفَالَةٌ بِهَؤُلَاءِ أَمَّا لُزُومُ الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ فَقَدْ صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْمَادَّةُ. لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَوْفَى دَيْنَهُ وَالْمَرْهُونُ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَفَلَ تَسْلِيمَ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الرَّهْنِ - رَدُّ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي مُقَابِلِ الرَّهْنِ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الْوَاحِدِ وَالْعِشْرِينَ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِالْأُجْرَةِ وَكَانَتْ عَيْنًا وَتَلِفَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. أَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ فَيَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْإِجَارَةِ) . وَفِي فِقْرَةِ (إلَّا أَنَّهُ كَمَا كَانَ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ) اسْتِطْرَادٌ وَبِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ هِيَ مَسْأَلَةُ (كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ. .. إلَخْ) فَلَا تُعَدُّ الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (666) مُسْتَدْرِكَةً.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِثَمَرِ النَّخِيلِ وَهُوَ أَخْضَرُ وَحُكِمَ عَلَى الْأَصِيلِ بِقِيمَةِ الثَّمَرِ بِمُرُورِ زَمَنِ الثَّمَرِ الْأَخْضَرِ فَتَبْقَى كَفَالَةُ الْكَفِيلِ عَلَى الثَّمَرِ الْأَخْضَرِ أَيْضًا وَلَا تَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ سَبَبٌ يُوجِبُ تَحْوِيلَهَا إلَى الْقِيمَةِ. وَإِذَا أُخِذَتْ الْقِيمَةُ مِنْ الْأَصِيلِ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْكَفِيلِ وَمَتَى أَدَّى الْكَفِيلُ الثَّمَرَ الْأَخْضَرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) لَاحِقَةً - فِي شُرُوطٍ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ. يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْكَفِيلِ مُمْكِنًا. فَعَدَمُ جَوَازِ الْكَفَالَةِ بِالْقِصَاصِ مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. كَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مَحَلٌّ (الْبَزَّازِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (630) . كَذَلِكَ ضَمَانُ الْخَلَاصِ بَاطِلٌ أَيْضًا إذَا كَفَلَ أَحَدٌ بِخَلَاصِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ إذَا ظَهَرَ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ فَلَا يَقْتَدِرُ الْكَفِيلُ عَلَى الْقِيَامِ بِكَفَالَتِهِ أَمَّا إذَا كَفَلَ بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِحَمْلِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ اُسْتُكْرِيَتْ لِلتَّحْمِيلِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَكْرَى أَحَدٌ دَابَّةً مُعَيَّنَةً مِنْ آخَرَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِمْلًا مَعْلُومًا إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِنَقْلِ ذَلِكَ الْحِمْلِ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ فَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ حِمْلُ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ. وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ الْكَفِيلَ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ تَسْلِيمِهَا فَلَوْ سَلَّمَ دَابَّةً أُخْرَى مِنْ عِنْدِهِ وَنَقَلَتْ الْحِمْلَ فَلَا يَكُونُ لَهَا أُجْرَةً لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ مُعَيَّنَةً فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَنْقُلُ الْكَفِيلُ الْحِمْلَ عَلَى دَابَّتِهِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْحَمْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ الْمُؤَجَّرُ مَا يَقْتَدِر عَلَيْهِ الْكَفِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (541) وَإِذَا نَقَلَ الْكَفِيلُ الْحِمْلَ وَكَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَارِي بِأَجْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ الضَّمَانِ أَيْ يَوْمَ نَقْلِ الْحِمْلِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِبَيْعِ مَالِ الْمَدِينِ الْفُلَانِيِّ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ. وَالْحُكْمُ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (696) عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ تَعَهَّدَ الْأَجِيرُ بِشَيْءٍ كَالْبِنَاءِ مَثَلًا وَأَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِ الْعَمَلِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَتْ. الْمُقَاوَلَةُ مُطْلَقَةً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (572) صَحَّتْ الْكَفَالَةُ. وَإِذَا أَوْفَى الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ. أَمَّا إذَا اشْتَرَطَ أَنَّ الْعَمَلَ الْمُؤَجَّرَ بِنَفْسِهِ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْعَمَلِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْمُؤَجَّرِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْإِجَارَةِ)

(المادة 632) لا تجري النيابة في العقوبات

[ (الْمَادَّةُ 632) لَا تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ] (الْمَادَّةُ 632) لَا تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْقِصَاصِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ وَالْمُجَازَاةِ الشَّخْصِيَّةِ وَلَكِنْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَرْشِ وَالدِّيَةِ اللَّذَيْنِ يَلْزَمَانِ الْجَارِحَ وَالْقَاتِلَ. لَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي الْعُقُوبَاتِ وَلَا تَجْرِي فِيهَا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إنْزَالُ الْعِقَابِ بِأَحَدٍ نِيَابَةً عَنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْعُقُوبَةِ الزَّجْرُ فَإِذَا صَحَّ إنْزَالُ الْعُقُوبَةِ بِالْمَنُوبِ عَنْهُ فَلَا يَحْصُلُ الزَّجْرُ الْمَطْلُوبُ لِلْفَاعِلِ (الْكَفَالَةُ) . وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ التَّشْكِيكَ الْآتِيَ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّجْرِ إمَّا زَجْرُ الْجَانِي وَهَذَا قَائِمٌ عَلَى فِكْرَةِ مُجَازَاةِ الْجَانِي حَتَّى يَنْزَجِرَ فَلَا يَعُودَ إلَى مِثْلِهَا وَهَذَا الْغَرَضُ يَتَوَفَّرُ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ لَكِنْ لَا يَكُونُ حُصُولُ هَذَا الْغَرَضِ قَطْعِيًّا إذْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لَا يَحْصُلُ فَكَثِيرًا مَا نُشَاهِدُ الْجُنَاةَ الْمُنْهَمِكِينَ يُعَاوِدُونَ الْجِنَايَاتِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَهُمْ يُشَاهِدُونَ مَنْ يُعَاقَبُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ هَذَا. أَمَّا فِي الْقِصَاصِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مُعَاوَدَةُ الْجَانِي الْجُرْمَ بَعْدَ نُزُولِ الْعِقَابِ بِهِ فَلِذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُ زَجْرِ الْجَانِي بِعِقَابِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْهُ زَجْرَ - غَيْرِ الْجَانِي وَهَذَا أَيْضًا يَحْصُلُ بِإِقَامَةِ الْعُقُوبَةِ عَلَى غَيْرِ الْجَانِي أَيْضًا فَعَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ لَا يُسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النِّيَابَةِ فِي الْعُقُوبَةِ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا بَلْ يُسْتَدَلُّ عَلَيْهَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِجَوَازِ الْعُقُوبَةِ نِيَابَةً وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدُهُمْ الْقَوْلَ بِعَدَمِ جَرَيَانِ النِّيَابَةِ فِي الْعُقُوبَاتِ فَبِمَا أَنَّ هَذَا التَّشْكِيكَ تَشْكِيكٌ بِالْمُسَلَّمَاتِ فَلَيْسَ مَسْمُوعًا. انْتَهَى. غَيْرَ أَنَّ تَشْكِيكَ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ هَذَا مَوْضِعٌ لِلسُّؤَالِ: لِأَنَّ إقَامَةَ الْعُقُوبَةِ عَلَى نَائِبِ الْجَانِي يَسْتَلْزِمُ انْفِتَاحَ بَابِ الْجِنَايَاتِ وَالْجَرَائِمِ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ إذْ - إنَّ الْأَغْنِيَاءَ إذَا جَنَوْا جِنَايَةً أَوْ أَوْقَعُوا جُرْمًا، اتَّخَذُوا لَهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ نُوَّابًا يَحْمِلُونَ دُونَهُمْ جَزَاءَ مَا جَنَوْا وَبِذَلِكَ لَا يَبْقَى أَثَرٌ لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْجِنَايَاتِ أَمَّا مُعَاوَدَةُ الْمُنْهَمِكِينَ الْجُرْمَ بَعْدَ إنْزَالِ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ فَهَذَا شَيْءٌ نَادِرُ الْوُقُوعِ وَلِذَلِكَ لَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُعَاوَدَةُ سَبَبًا صَالِحًا لِلِاجْتِهَادِ بِتَجْوِيزِ مُعَاقَبَةِ نَائِبِ الْمُجْرِمِ إذْ إنَّهُ إذَا عَاوَدَ الْمُجْرِمُ وَارْتَكَبَ جُرْمَهُ يُمْنَعُ مِنْ ارْتِكَابِهِ بِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ عَلَى أَنَّ ضَرَرَ مُعَاوَدَةِ الْمُجْرِمِ عَلَى جُرْمِهِ أَقَلُّ مِنْ ضَرَرِ انْفِتَاحِ بَابِ الْجِنَايَاتِ. فَعَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْقِصَاصِ وَالْقَوَدِ وَسَائِرِ الْعُقُوبَاتِ وَالْمُجَازَاةِ الشَّخْصِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ شَرْعًا اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الْكَفِيلِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ. وَلَكِنْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الشَّخْصِ الظَّنِينِ فِي الْمُجَازَاةِ الَّتِي لِلْعِبَادِ فِيهَا حَقٌّ عَلَى أَنَّهَا كَفَالَةٌ نَفْسِيَّةٌ وَبِالْأَرْشِ، وَالدِّيَةِ اللَّذَيْنِ يَلْزَمَانِ الْجَارِحَ وَالْقَاتِلَ خَطَأً عَلَى أَنَّهَا كَفَالَةٌ مَالِيَّةٌ (التَّنْوِيرُ

(المادة 633) الكفالة عن المفلس

وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ قَتْلًا مُوجِبًا قِصَاصَ الْقَتْلِ وَتَصَالَحَ الْقَاتِلُ مَعَ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقِصَاصِ بِكَذَا قِرْشًا وَكَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الصُّلْحِ صَحَّتْ كَفَالَتُهُ (النَّتِيجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 633) الْكَفَالَةُ عَنْ الْمُفْلِسِ] (الْمَادَّةُ 633) لَا يُشْتَرَطُ يَسَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ عَنْ الْمُفْلِسِ أَيْضًا. لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ يَسَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَعَلَيْهِ كَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ عَنْ غَيْرِ الْمُفْلِسِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ عَنْ الْمُفْلِسِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَفِيلُ وَارِثًا لِلْأَصِيلِ أَوْ أَجْنَبِيًّا. وَالْمُفْلِسُ هُنَا هُوَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ وَلَا كَفِيلَ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ رَهْنٌ فِي مُقَابِلِهِ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (999) مَقْصُودًا هُنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلِيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ لِلْمُفْلِسِ اعْتِبَارَيْنِ: الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْمُفْلِسِ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ وَكَفَالَةُ الْمُفْلِسِ الَّذِي يَكُونُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ صَحِيحَةٌ بِالِاتِّفَاقِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ الْحَيِّ وَعَلَى ذَلِكَ يَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ أَفْلَسَ، مَثَلًا لَوْ طَرَأَ عَلَى أَحَدٍ إفْلَاسٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مُطْلَقًا وَكَفَلَ أَحَدٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَأَصْبَحَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَلَوْ لَمْ يَكْفُلْهُ أَحَدٌ فِي حَالِ يَسَارِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَهْنٌ. الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - كَوْنُ الْمُفْلِسِ قَدْ تُوُفِّيَ. لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ مَدِينًا وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَلَا كَفِيلًا بِدَيْنِهِ وَلَا رَهْنًا عَلَيْهِ وَكَفَلَ أَحَدٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي جَوَازِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَعَدَمِهِ. فَالْكَفَالَةُ هَذِهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا لَمْ يَتْرُكْ مَالًا أَوْ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا فَيَكُونُ الْكَفِيلُ قَدْ كَفَلَ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ بِضَرُورَةِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ سَاقِطٍ لَا تَجُوزُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَتَبَرَّعَ أَحَدٌ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَنْ يُتَوَفَّى مُفْلِسًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَجَوَازُ تَبَرُّعٍ كَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا ظَهَرَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَالِ لِلْمُفْلِسِ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَتَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي مَا عَدَاهُ. إلَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ لَاحِقًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُفْلِسُ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ مَثَلًا لَوْ حَفَرَ الْمَيِّتُ الْمُفْلِسُ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا أَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَتَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. لِأَنَّ الدَّيْنَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ أَيْ مِنْ وَقْتِ السَّبَبِ وَكَانَتْ ذِمَّةُ الْمُفْلِسِ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْمُسْتَنِدُ يَثْبُتُ أَوَّلًا فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ الضَّمَانِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَقُيِّدَ بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَمْ تَبْطُلْ الْكَفَالَةُ وَكَذَا لَوْ كَانَ بِهِ رَهْنٌ ثُمَّ مَاتَ مُفْلِسًا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ لِأَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ عَنْهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا فِي حَقِّهِ لِلضَّرُورَةِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَأَبْقَيْنَاهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالرَّهْنِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ (الْبَحْرُ) .

أَمَّا الْإِمَامَانِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فَقَدْ ذَهَبَا إلَى أَنَّهُ تَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُفْلِسِ الْمَيِّتِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَأَلَ هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالُوا نَعَمْ دِرْهَمَانِ أَوْ دِينَارَانِ فَامْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَالَ صَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ فَقَامَ أَبُو قَتَادَةَ فَقَالَ هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ كَفَلَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِحَقِّ الطَّالِبِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُسْقِطُ وَلِهَذَا يُطَالَبُ بِهِ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ إنْسَانٌ يَصِحُّ وَلِذَا يَبْقَى إذَا كَانَ بِهِ كَفِيلٌ (الْبَحْرُ) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ كَانَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ إلَى أَنْ نَشَرَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ لِقَوْلِهَا بِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِالْمُفْلِسِ مُطْلَقًا بِدُونِ تَقَيُّدٍ بِالْحَيِّ أَوْ الْمَيِّتِ.

الباب الثاني في بيان أحكام الكفالة

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكَفَالَةِ] [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَحْكَامُ الْكَفَالَةُ] وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ قَدْ ذُكِرَتْ فِيمَا يَلِي خُلَاصَةُ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ الْمُهِمَّةِ. خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي أَحْكَامُ الْكَفَالَةِ: 1 - حُكْمُ الْكَفَالَةِ مُطَالَبَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ. 2 - لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَتَرَتَّبَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا خِيَارَ شَرْطُ أَوْ خِيَارَ رَهْنُ. 3 - الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونٌ وَلِلْمَكْفُولِ لَهُ إنْ شَاءَ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ وَإِنْ شَاءَ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ. إلَّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: (1) إذَا اُشْتُرِطَ فِي الْكَفَالَةِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُرَاجَعَتُهُ. (2) إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ وَأَنْكَرَهُ الْأَصِيلُ وَحَلَفَ فَلَا يُطَالَبُ الْأَصِيلُ بَلْ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ الْفَرْعُ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ. 4 - الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ. 5 - الْكَفِيلُ الَّذِي يُؤَدِّي الدَّيْنَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَصِيلَ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِالْأَمْرِ. الْكَفَالَةُ الْمُطْلَقَةُ: - يَجِبُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْكَيْفِيَّةِ وَالصِّفَةِ الَّتِي يَجِبُ بِهَا عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّ الْفَرْعَ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ.

الْكَفَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ - يُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَيْدُ وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ. وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي الْقَيْدِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْكَفِيلِ. الْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ - إذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُلَائِمُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ طُولِبَ الْكَفِيلُ وَإِلَّا فَلَا. رَاجِعْ خُلَاصَةَ الْبَابِ الْأَوَّلِ. وَالْكَفَالَةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ ابْتِدَاءً كَالنَّذْرِ وَانْتِهَاءً كَالْبَيْعِ. وَلِاقْتِضَاءِ مُشَابَهَتِهَا النَّذْرَ تَعْلِيقُهَا بِأَيِّ نَوْعٍ لِلشَّرْطِ وَاقْتِضَاءُ مُشَابَهَتِهَا الْبَيْعَ عَدَمُ جَوَازِ تَعْلِيقِهَا بِشَرْطٍ فَقَدْ نَظَرَ الْفُقَهَاءُ إلَيْهَا مِنْ كِلْتَا الْجِهَتَيْنِ فَقَالُوا مُشَابَهَتُهَا الْبَيْعَ بِعَدَمِ جَوَازِ تَعْلِيقِهَا بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ وَمُشَابَهَتُهَا النَّذْرَ بِتَعْلِيقِهَا بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ. وَيَلْزَمُ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ تَحَقُّقُ الْقَيْدِ وَالْوَصْفِ. الْكَفَالَةُ الْمُضَافَةُ - لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةُ إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ مَا لَمْ يَحِلَّ الزَّمَنُ الْمُضَافُ إلَيْهِ. الْكَفَالَةُ الْمَشْرُوطَةُ - (1) الْكَفَالَةُ بِالشَّرْطِ الصَّحِيحِ. (2) الْكَفَالَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَإِدْخَالُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْكَفَالَةِ لَا يُبْطِلُهَا. الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ - عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ. الْكَفَالَةُ الْمُؤَقَّتَةُ - لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مَسْئُولًا إلَّا فِي مُدَّةِ الْكَفَالَةِ. الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ - لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ مَا لَمْ يُثَبِّتْ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْمَبِيعَ لَهُ وَيُحْكَمُ بِلُزُومِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي. الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ - إذَا كَفَلَ مَدِينَانِ مُشْتَرِكَانِ فِي دَيْنٍ بَعْضَهُمَا بَعْضًا طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَتُرَجَّحُ فِي تَأْدِيَةِ الدُّيُونِ الْمُتَسَاوِيَةِ سَبَبًا وَصِفَةً جِهَةُ الْأَصَالَةِ عَلَى جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَفِي تَأْدِيَةِ غَيْرِ الْمُتَسَاوِيَةِ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُؤَدِّي. إذَا تَكَفَّلَ الْمُسْتَوْدِعُ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ الْمُودَعِ صَحَّ وَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ. الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ - الْقَوْلُ فِي كَيْفِيَّةِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَرَثَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْكَفِيلِ تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ. الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ عِنْدَ انْتِهَاءِ بَعْضِ الْأَجَلِ. وَلَكِنَّ إلَيْك بَعْدُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ: 1 - إذَا أَبْرَأَ الْكَفِيلَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الْأَصِيلَ مِنْ الدَّيْنِ وَوَهَبَهُ إيَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بَعْدُ.

إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ لَا بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ. 3 - إذَا أَنْكَرَ الطَّالِبُ تَأْدِيَةَ الْكَفِيلِ الدَّيْنَ وَأَدَّاهُ أَبِيهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ حَلِفِ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهَذِهِ التَّأْدِيَةِ الثَّانِيَةِ. 4 - إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ إلَى الطَّالِبِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ. الْكَفَالَةُ الْمُعَجَّلَةُ - تَثْبُتُ بِهَا الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ.

الفصل الأول في بيان حكم الكفالة

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الْكَفَالَةِ] ِ الْمُنْجَزَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ وَالْكَفَالَةِ الْمَشْرُوطَةِ بِالشَّرْطِ الصَّحِيحِ وَالْكَفَالَةِ الْمَشْرُوطَةِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. لِيَكُونَ مَعْلُومًا أَنَّ الْكَفَالَةَ قَدْ تَكُونُ مَشْرُوطَةً أَيْضًا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى شَرْطٍ مُتَعَارَفٍ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ. وَلَمْ تَبْحَثْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّنِي أَضْمَنُ دَيْنَك الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ أُحَوِّلَك بِهِ عَلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ) صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ فِيمَا لَوْ حَوَّلَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ الدَّائِنَ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي شَرَطَ الْحَوَالَةَ عَلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُحَوَّلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ حَتَّى إنَّهُ يَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْحَوَالَةَ كَمَا يُطَالَبُ بِهَا لَوْ تُوُفِّيَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُمْكِنْ إجْرَاءُ الْحَوَالَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ الْحَوَالَةَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الضَّمَانِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، قُبَيْلَ الْقَضَاءِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَفِي الْحَوَالَةِ بِهَذَا الشَّرْطِ جِهَتَانِ تَقْتَضِيَانِ التَّأَمُّلَ: أَوَّلُهُمَا: قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ الْحَوَالَةَ. وَيُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ لِأَنَّهُ قَابِلُ التَّنْفِيذَ. ثَانِيهُمَا: قَبُولُ الرَّجُلِ الَّذِي سَيُحَالُ عَلَيْهِ، فَهَذَا الشَّرْطُ الَّذِي يَصِيرُ إيرَادُهُ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالدَّائِنِ لَيْسَ قَابِلًا التَّنْفِيذَ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَوْقَ اسْتِطَاعَةِ كُلٍّ مِنْ الدَّائِنِ وَالْكَفِيلِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ لَغْوًا وَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ. وَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ تَكُونُ صَحِيحَةً وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إدْخَالُ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِي الْكَفَالَةِ لَا يُخِلُّ بِهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 82، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكْفُلَ بِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَيْضًا صَحَّتْ كَفَالَتُهُ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي تَرْكِ الْكَفَالَةِ إذَا امْتَنَعَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ الْمَذْكُورَانِ عَنْ الْكَفَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ) وَلَمَّا كَانَ إجْرَاءُ هَذَا الشَّرْطِ وَالْقِيَامُ بِهِ لَيْسَ فِي اسْتِطَاعَةِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ أَصْبَحَ لَا حُكْمَ لَهُ. (الْمَادَّةُ 634) حُكْمُ الْكَفَالَةِ الْمُطَالَبَةُ يَعْنِي لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْكَفِيلِ

(المادة 635) يطالب الكفيل في الكفالة المنجزة حالا

لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ مِنْ الْأَثَرِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْكَفَالَةِ وَالْحُكْمُ بِمَعْنَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ. أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْكَفِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُنْجَزَةً أَوْ مُعَلَّقَةً أَوْ مُضَافَةً أَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسًا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَوْ كَانَ مَالُ عَيْنٍ مَضْمُونًا بِعَيْنِهِ أَوْ مَالُ دَيْنٍ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَوْ تَسْلِيمًا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَنَظَرًا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَرَتُّبِ الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ وَالْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ أَوْ الْمُضَافَةِ إلَى تَفْصِيلٍ فَقَدْ أُفْرِدَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَادَّةٌ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ وَيُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَوْ الْمُنْجَزَةِ حَالًا وَفِي الْمُؤَجَّلَةِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَفِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَفِي الْمُضَافَةِ عِنْدَ حُلُولِ الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ. حَقُّ الْمُطَالَبَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ وُرُودِهَا مُطْلَقَةً أَنَّهُ إذَا طَالَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَحَدًا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ بِهِ لَا يَبْرَأُ الْآخَرُ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الدَّيْنَ حَقِيقَةً فَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنْ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ بِالدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْكَفِيلَ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ إذَا طَالَبَ الْأَصِيلَ، وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ لِمُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ أَوَّلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ. [ (الْمَادَّةُ 635) يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ حَالًا] (الْمَادَّةُ 635) : يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ حَالًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَعِنْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ عَنْ دَيْنِ فُلَانٍ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ مُعَجَّلًا وَعِنْدَ خِتَامِ مُدَّتِهِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا. أَيْ يَجِبُ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (652) إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً أَيْ كَفَالَةً مُرْسَلَةً بِالصِّفَةِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ أَيْ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْجَزَةِ حَالًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَعِنْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا (الْأَنْقِرْوِيّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَإِذَا كَانَ مِقْدَارٌ مِنْهُ مُعَجَّلًا وَمِقْدَارٌ مِنْهُ مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ طُولِبَ الْكَفِيلُ حَالًا بِالْمِقْدَارِ الْمُعَجَّلُ وَعِنْدَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ بِالْمِقْدَارِ الْمُؤَجَّلِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْكَفِيلِ تَابِعَةٌ لِذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ. وَيَتْبَعُ التَّابِعَ فِي الْوُجُودِ لِشَيْءٍ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي الْحُكْمِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (47) مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَيُطَالَبُ الْأَصِيلُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (644) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ الْمَذْكُورَةُ مُقَيَّدَةً فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي الْمَادَّةِ (643) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ عَنْ دَيْنِ فُلَانٍ أَيْ لَوْ كَفَلَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَفَالَةً مُطْلَقَةً أَيْ

(المادة 636) الكفالة التي انعقدت معلقة بشرط أو مضافة إلى زمان مستقبل

مُرْسَلَةً فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ وَكَذَا الْأَصِيلَ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَعِنْدَ خِتَامِ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا. وَقَيْدُ (الْمُنَجَّزَةِ) فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا. لِأَنَّهُ يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ أَوْ الْمُضَافَةِ عِنْدَ كَسْبِ الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ وَالْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ بِحُلُولِ الزَّمَنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ حَالَ الْكَفَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَعَدَمُ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ ذَلِكَ عَلَى حِدَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمُعَلَّقَةَ مَثَلًا إذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ تُصْبِحُ مُنَجَّزَةً وَبِمَا أَنَّ مَفْهُومَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ (652) وَاحِدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَرُبَّمَا كَانَتْ الْمَادَّةُ (656) أَشْمَلَ مِنْ هَذِهِ لِعَدَمِ قَيْدِهَا بِالْمُنَجَّزَةِ [ (الْمَادَّةُ 636) الْكَفَالَةِ الَّتِي انْعَقَدَتْ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافَةً إلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ] (الْمَادَّةُ 636) أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي انْعَقَدَتْ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافَةً إلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ وَيَحِلَّ الزَّمَانُ مَثَلًا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَطْلُوبَك فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا إنْ لَمْ يُعْطِهِ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ مِنْ الْأَصِيلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ سَرَقَ فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ فَإِذَا أُثْبِتَتْ سَرِقَةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ وَكَذَا لَوْ كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَهُ مُهْلَةٌ كَذَا يَوْمًا فَمِنْ وَقْتِ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ تُعْطَى مُهْلَةٌ لِلْكَفِيلِ إلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَبَعْدَ مُضِيِّهَا يُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ ثَانِيًا مُهْلَةً كَذَا يَوْمًا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي تُقْرِضُهُ فُلَانًا أَوْ بِمَا يَغْصِبُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ بِثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَيْ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالْإِقْرَاضِ وَتَحَقُّقِ الْغَصْبِ وَبَيْعِ الْمَالِ وَتَسْلِيمِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي انْعَقَدَتْ مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَمُلَائِمٍ لِلْكَفَالَةِ أَوْ مُضَافَةً إلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَوْ يَحِلَّ الزَّمَنُ الْمُسْتَقْبَلُ الْمُضَافُ إلَيْهِ. فَإِذَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَحَلَّ الزَّمَنُ الْمُسْتَقْبَلُ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (651) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82 وَشَرْحَهَا) . وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ صَرَاحَةً وَضِمْنًا أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى شَرْطٍ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الشَّرْطُ وَيُسْتَفَادُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِنْ الْمَادَّةِ (651) صَرَاحَةً. لِأَنَّ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ

تَقُولُ (لَا يَتَرَتَّبُ شَيْءٌ) الْحُكْمُ الثَّانِي - يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ وَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى شَرْطٍ إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ الشَّرْطُ. وَيُسْتَفَادُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ ضِمْنًا وَمِنْ الْمَادَّةِ (651) صَرَاحَةً. الْحُكْمُ الرَّابِعُ - إذَا حَلَّ الزَّمَانُ الْمُسْتَقْبَلُ الَّذِي انْعَقَدَتْ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً إلَيْهِ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ. وَسَيُشَارُ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ إلَى الْحُكْمِ الَّذِي تَتَفَرَّعُ عَنْهُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ الْأَرْبَعَةُ فَيُشَارُ إلَى مَا يَتَفَرَّعُ مِنْهَا عَنْ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بِرَقْمِ. (1) وَإِلَى مَا يَتَفَرَّعُ مِنْهَا عَنْ الْحُكْمِ الثَّانِي بِرَقْمِ (2) . (1) مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ آخَرَ وَبِدَيْنِهِ إذَا غَابَ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْكَفَالَةِ دَيْنُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ أَيْ إذَا لَمْ يَغِبْ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ) . (1) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ لِي عَنْ فُلَانٍ بِمَا لِي عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَأَكْفُلُ بِهِ أَيْضًا) وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إنْ كَفَلَ فُلَانٌ فَأَنَا أَكْفُلُ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالْقَوْلِ كَفِيلًا أَمَّا إذَا كَفَلَ الرَّجُلُ بِالدَّيْنِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (624) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . (1) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا أَتَاك فُلَانٌ وَأَقَرَّ لَك بِدَيْنٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ وَجَاءَ ذَلِكَ وَلَمْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ شَيْءٌ (الْفَيْضِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُقِرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِالدَّيْنِ وَلَكِنَّ الدَّائِنَ أَثْبَتَ دَيْنَهُ بِشُهُودٍ أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ شَيْءٌ أَيْضًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. وَالْمَقْصُودُ بِالشَّرْطِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ أَيْضًا هُوَ الشَّرْطُ الْمُلَائِمُ. وَالشَّرْطُ الْمُلَائِمُ هُوَ مَا وَافَقَ الْكَفَالَةَ وَيَنْحَصِرُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الشَّرْطُ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا فِي لُزُومِ الْأَصِيلِ إيفَاءُ الْمَكْفُولِ بِهِ. فَفِي كَفَالَةِ الْأَمَانَاتِ، وَالْكَفَالَةِ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَالْإِنْكَارِ وَفِي كَفَالَةِ الْوَدِيعَةِ وَوَفَاةِ الْوَدِيعِ مُجَهِّلًا الْوَدِيعَةَ وَفِي كَفَالَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ وَغَصْبِ الْمَالِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَبِيعِ وَضَبْطِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعُ وَدِيعَتَك أَوْ أَنْكَرَهَا أَوْ تُوُفِّيَ مُجَهِّلًا إيَّاهَا فَأَنَا كَفِيلٌ بِتِلْكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ قَالَ إذَا بِعْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِهِ أَوْ إذَا غَصَبَ فُلَانٌ مَالَك فَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ أَوْ قَالَ إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِك بِالِاسْتِحْقَاقِ فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ إذَا حَلَّ أَجَلُ دَيْنِك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ لِأَنَّ اسْتِهْلَاكَ أَوْ إنْكَارَ الْأَمَانَةِ وَكَذَا وَفَاةَ الْوَدِيعِ مُجَهِّلًا يُسَبِّبُ لُزُومَ الضَّمَانِ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (787 و 801) . كَذَلِكَ السَّبَبُ فِي لُزُومِ الثَّمَنِ وَعَقْدِ الْبَيْعِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (369) وَلُزُومِ الضَّمَانِ هُوَ بِالْغَصْبِ

بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (890 و 891) وَلُزُومِ رَدِّ الْبَائِعِ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ ضَبْطِ الْمَبِيعِ مِنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ بِالضَّبْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالسَّبَبُ فِي لُزُومِ الْأَصِيلِ أَدَاءُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي فِقْرَةِ (وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ سَرَقَ فُلَانٌ مَالَك) هُوَ الشَّرْطُ. النَّوْعُ الثَّانِي - هُوَ الشَّرْطُ الَّذِي يُوجِبُ بِسُهُولَةٍ أَخْذَ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لِتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ عَلَى مَجِيءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ الْمُضَارِبِ أَوْ الْوَدِيعِ أَوْ الْغَاصِبِ مِنْ مَكَان آخَرَ لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ مُوَصِّلٌ لِاسْتِيفَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ أَنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَأْخُذُ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْ مِنْ الْمُضَارِبِ أَوْ مِنْ الْوَدِيعِ وَيُعْطِيهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ. كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا حَضَرَ مَدِينُك أَوْ مُضَارِبُ ذَلِكَ الْمَدِينِ أَوْ وَدِيعُهُ أَوْ غَاصِبُهُ فَأَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِك لِأَنَّهُ مَتَى حَضَرَ مُضَارِبُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِنْ غِيبَتِهِ أَمْكَنَهُ أَخْذُ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ أَيْ إذَا حَضَرَ مُضَارِبُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِنْ مَكَان آخَرَ أَمْكَنَ الْكَفِيلُ أَنْ يَأْخُذَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ وَبِذَلِكَ يَسْهُلُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُمْ وَحُضُورُ فُلَانٍ يَكُونُ فِي الْجُمْلَةِ لَازِمًا وَوَسِيلَةٌ لِلْأَدَاءِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَصِيلًا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَعُلِّقَتْ الْكَفَالَةُ عَلَى قُدُومِهِ فَلَيْسَتْ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْأَنْقِرْوِيّ) كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ - الشَّرْطُ الَّذِي يُوجِبُ تَعَذُّرَ اسْتِيفَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَيَجْعَلُهُ مُتَعَسِّرًا وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ كَتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ عَلَى غِيَابِ الْمَدِينِ - أَيْ عَلَى ذَهَابِهِ إلَى مَكَان آخَرَ - أَوْ عَلَى وَفَاتِهِ مُفْلِسًا أَوْ عَلَى عَدَمِ أَدَائِهِ الدَّيْنَ أَوْ عَلَى عَجْزِهِ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إذَا غَابَ مَدِينُك قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إذَا مَاتَ فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ) أَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إذَا تَلِفَ دَيْنُك الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا ضَامِنٌ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ إذَا أَصْبَحَ مَدِينُك عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَلْيَكُنْ الدَّيْنُ عَلَيَّ صَحَّ. وَيَتَحَقَّقُ عَجْزُ الْمَدِينِ بِحَبْسِهِ مُدَّةً لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ (لَوْ كَانَ الْمَدِينُ قَادِرًا عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ مَا كَانَ يَتَحَمَّلُ حَبْسَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَكَانَ أَدَّى الدَّيْنَ) . وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ الْأَوَّلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِرَقْمِ (2) الْآتِي شَرْحًا هُوَ مِنْ النَّوْعِ الثَّالِثِ. وَتَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ صَحِيحٌ وَمَتَى وَقَعَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طُولِبَ الْكَفِيلُ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا: (2) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَطْلُوبَك لَدَى الْمُطَالَبَةِ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ تَنْعَقِدُ

الْكَفَالَةُ مَشْرُوطَةً مُعَلَّقَةً وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا إنْ لَمْ يُعْطِهِ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ أَيْ إذَا قَالَ لَا أُعْطِي أَوْ قَالَ أُعْطِي وَمَضَتْ مُدَّةٌ دُونَ أَنْ يُعْطِيَ وَهُوَ يُمَاطِلُ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَثْبُتُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (644) حَقُّ مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ بِهِ أَيْضًا. (1) وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ مِنْ الْأَصِيلِ أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَالَبْ الْأَصِيلُ وَيَتَحَقَّقُ مِنْ عَدَمِ إعْطَائِهِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ تَكُونُ الْكَفَالَةُ مَعْدُومَةً حَتَّى إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْأَصِيلُ قَبْلَ الطَّلَبِ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) . (2) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ الْيَوْمَ بِثَمَنِ كُلِّ مَا تَبِيعُهُ مِنْ فُلَانٍ وَبَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْهُ مَالَيْنِ لَزِمَهُ أَدَاءُ ثَمَنِ الْمَالَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (لَوْ أَقَرَّ فُلَانٌ بِدَيْنٍ لِفُلَانٍ فَأَنَا ضَامِنٌ) ، وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِأَلْفِ قِرْشٍ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهَا وَلَا حَاجَةَ فِي إثْبَاتِ هَذَا الدَّيْنِ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْإِقْرَارُ فِي حَيَاةِ الْكَفِيلِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ وَإِذَا كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ يُسْتَوْفَى الْمُقِرُّ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. (1) أَمَّا إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ حَصَلَ قَبْلَ الْكَفَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ كَمَا لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ بِمَبْلَغٍ وَأَنْكَرَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَلَدَى اسْتِحْلَافِهِ الْيَمِينَ نَكَلَ عَنْهَا وَمَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ النُّكُولُ إقْرَارًا لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِالْمَبْلَغِ لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَ الْإِمَامِ بَذْلٌ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْبَزَّازِيَّة، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . (2) كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ قَائِلًا أَكْفُلُ نَفْسَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُسَلِّمَهُ الْيَوْمَ وَإِذَا لَمْ أُسَلِّمْهُ فَمَا يُقِرُّ بِهِ عَلَيَّ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا كَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِمَا أَقَرَّ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ الْأَصِيلُ فِي صُورَةِ الْإِضَافَةِ إلَى الْإِقْرَارِ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ بِالْبَيِّنَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ مَا؟ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسًا آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِأَحَدِ النَّاسِ غَدًا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْغَدِ فَمَا يَدَّعِي بِهِ الطَّالِبُ عَلَيْهِ وَفِي الْغَدِ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَادَّعَى الطَّالِبُ بِأَلْفِ قِرْشٍ مَثَلًا وَأَنْكَرَ مَعَهَا الْكَفِيلُ مَعَ إقْرَارِ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِهَا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ مَعَ الْيَمِينِ. (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . إذَا نَكَلَ الْكَفِيلُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الضَّمَانُ أَيْضًا. الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالْإِقْرَارِ وَالتَّعْلِيقِ بِالدَّعْوَى: بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ مُضَافَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَى سَبَبِ وُجُوبِ الْمَالِ جَازَ هَذَا التَّعْلِيقُ بِنَاءً عَلَى التَّعَامُلِ، أَمَّا الْكَفَالَةُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى فَهِيَ مُضَافَةٌ مِنْ وَجْهٍ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ فَالدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي فَهِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لَا يُوجَدُ تَعَامُلٌ بِإِضَافَةِ الْكَفَالَةِ إلَى سَبَبِ الْوُجُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) .

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إذَا تُوُفِّيَ مَدِينُك قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يُعْطِكَهُ فَأَنَا كَفِيلٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ) جَازَ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ دَيْنَ الْأَصِيلِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَوْ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ جَازَ أَيْضًا. (2) كَذَلِكَ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ فِيمَا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِنَفْسِ فُلَانٍ وَكَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) فَعَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ ذَلِكَ الرَّجُلُ انْعَقَدَتْ تِلْكَ الْكَفَالَةُ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ الثَّانِي إلَى الطَّالِبِ عِنْدَ الطَّلَبِ. (2) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إذَا سَرَقَ فُلَانٌ مَالَك أَوْ أَتْلَفَ فُلَانٌ وَدِيعَتَك فَأَنَا ضَامِنٌ انْعَقَدَتْ الْكَفَالَةُ مُعَلَّقَةً عَلَى الشَّرْطِ صَحِيحَةً وَمَتَى ثَبَتَتْ سَرِقَةُ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْ إتْلَافُهُ الْوَدِيعَةَ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ أَوْ الْوَدِيعَةِ الْمُتْلَفَةِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا لَزِمَ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ عَيْنًا وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا لَزِمَهُ رَدُّ بَدَلِهِ إلَى صَاحِبِهِ كَذَلِكَ يَلْزَمُ رَدُّ بَدَلِ الْوَدِيعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِإِقْرَارِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي يُقِيمُهَا الْمَكْفُولُ لَهُ لَكِنْ إذَا ثَبَتَتْ بِإِقْرَارِ الْكَفِيلِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ غَيْرُ الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْإِقْرَارُ إلَى الْأَصِيلِ أَمَّا إذَا أَثْبَتَهَا صَاحِبُهَا بِالْبَيِّنَةِ يَسْرِي أَيْضًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) . (2) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي تَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوَّلًا نِصْفَ بَغْلٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَاعَ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ النِّصْفِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ بِثَمَنِ النِّصْفِ الثَّانِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ مُكَرَّرًا. (2) كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ أَحَدٍ وَإِذَا غَابَ يَكُونُ كَفِيلًا بِدَيْنِهِ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً حَتَّى إنَّهُ لَوْ حَضَرَ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ انْعَقَدَتْ مَالِيَّةً وَالْخَلَاصُ مِنْهَا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (659 و 660) يَكُونُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (640) أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْهَا. (2) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إذَا بِعْت مِنْ فُلَانٍ مَالًا فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ) يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ أَوَّلِ مَالٍ يَبِيعُهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَمَّا مَا يَبِيعُهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِثَمَنِهِ. مَا لَمْ يَقُلْ الْكَفِيلُ (كُلَّمَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ) أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةِ وَهَلُمَّ جَرَّا لِأَنَّ لَفْظَ (كُلَّمَا) يُفِيدُ التَّكْرَارَ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَلِمَةِ (مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ) فَمُعْظَمُهُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّهَا مِثْلُ (كُلَّمَا) وَبَعْضُهُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ (2) وَكَذَا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِالْمَالِ أَوْ بِالنَّفْسِ أَوْ بِالتَّسْلِيمِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فَلَهُ مُهْلَةٌ كَذَا يَوْمًا أَيْ أَنْ تُشْرَطَ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ فَمِنْ وَقْتِ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ

بِالْمَكْفُولِ بِهِ تُعْطَى مُهْلَةٌ لِلْكَفِيلِ إلَى مُضِيِّ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَبَعْدَ مُضِيِّهَا يُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ ثَانِيًا مُهْلَةً كَذَا يَوْمًا مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ مَطْلُوبَةٍ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فَلَهُ مُهْلَةُ شَهْرٍ فَمِنْ وَقْتِ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ يُعْطَى مُهْلَةً لِلْكَفِيلِ إلَى مُضِيِّ شَهْرٍ وَبَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ يُطَالِبُ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُطَالِبَ ثَانِيًا مُهْلَةَ شَهْرٍ. لَكِنْ إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِلَفْظِ (كَفَلَتْهُ بِكَذَا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ) مِمَّا يُوجِبُ تَكْرَارَ الْمُطَالَبَةِ وَالْمُهْلَةِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ مَالِيَّةً يُجْبَرُ الْكَفِيلُ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَيَبْرَأُ بِهَذَا التَّسْلِيمِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (659) . وَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدُ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مَرَّتَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1651) وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ لِلْمُطَالَبَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً فَالْكَفِيلُ مُجْبَرٌ أَيْضًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ لَفْظَ (كُلَّمَا) أَيْ الْقَوْلَ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ التَّكْرَارَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِمَّا يَجْعَلُ الطَّلَبَ الْأَوَّلَ بَعْدَ التَّسْلِيم لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ مَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَبُ مُكَرَّرًا بَعْدَ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَلِلْكَفِيلِ إذَا وَقَعَتْ الْمُطَالَبَةُ تَكْرَارًا أَنْ يُطَالِبَ بِكَذَا أَيَّامًا مُهْلَةً اعْتِبَارًا مِنْ تِلْكَ الْمُطَالَبَةِ. وَبَعْدَ مُرُورِ هَذِهِ الْمُهْلَةِ فَلِلْمَكْفُولِ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. وَقَدْ تُكَرَّرُ هَذِهِ الْمُطَالَبَاتُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْمُهْلَةُ مِرَارًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. مَا لَمْ يُقِرَّ الْكَفِيلُ لَدَى التَّسْلِيمِ مَرَّةً وَاحِدَةً (إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ تَكْرَارِ التَّسْلِيمِ فِي الْآتِي) وَعَلَى ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ تَكْرَارًا بِمُطَالَبَتِهِ ثَانِيَةً (الْبَزَّازِيَّةُ اُنْظُرْ فِقْرَةَ وَلَكِنَّ. .. إلَخْ) مِنْ مَادَّةِ (640) . قِيلَ إذَا (شُرِطَتْ الْمُهْلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ) لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ تَقَعَ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّهَا فِي الْحَالِ قَابَلَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ قَائِلًا (كُلَّمَا طَالَبَك فَلَكَ مُهْلَةُ شَهْرٍ) فَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ وَلِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَتُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي نَوْعِ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ غَائِبًا) . (4) وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي تُقْرِضُهُ فُلَانًا أَوْ بِمَا يَغْصِبُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ بِثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَيْ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالْإِقْرَاضِ بِإِقْرَارِ الْأَصِيلِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَتَحَقُّقِ الْغَصْبِ وَبَيْعِ الْمَالِ وَتَسْلِيمِهِ. وَفِي آخِرِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ: وَعَلَى ذَلِكَ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بَعْدَ أَنْ يَكْفُلَ بِالْمُبَايَعَةِ بِثَمَنِ جَمِيعِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْهُ الطَّالِبُ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ الْمَالُ وَمَهْمَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَلِلطَّالِبِ فِي حَالِ إنْكَارِ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ أَنْ يُثْبِتَهُ إنْ شَاءَ فِي مُوَاجِهَةِ الْأَصِيلِ أَوْ فِي مُوَاجِهَةِ الْكَفِيلِ. وَيَلْزَمُ الثَّمَنَ الِاثْنَيْنِ أَيًّا وَاجَهَ مِنْهُمَا حِينَ الْإِثْبَاتِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1830) .

وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ مِنْ فُلَانٍ إلَخْ) لِأَنَّ ضَمَانَ الْخُسْرَانِ بَاطِلٌ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ خُذْ وَأَعْطِ مَعَ فُلَانٍ أَيْ تَبَايَعْ مَعَهُ فَأَنَا ضَامِنٌ لِكُلِّ خَسَارَةٍ تَلْحَقُك فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْخَسَارَةَ لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عَلَى الْأَصِيلِ. (3) كَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْفَرَسِ الَّتِي سَتَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ حِنْطَةً فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. (3) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ إنَّ الْقَرْضَ الَّذِي سَتُعْطِيهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَالِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . (3) كَذَا لَوْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أُحْضِرَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ مُضَافَةً وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ قُيِّدَ الشَّرْطُ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ بِالْمُتَعَارَفِ وَالْمُلَائِمِ لِلْكَفَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ لَيْسَ بِمُتَعَارَفٍ وَلَا مُلَائِمٍ لِلْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ تَسْلِيمِيَّةً، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا حُكْمَ لِذَلِكَ التَّعْلِيقِ وَإِنْ وَقَعَ الشَّرْطُ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الْمَكْفُولُ بِهِ وَسَبَبُ ذَلِكَ: مُشَابَهَةُ الْكَفَالَةِ النَّذْرَ ابْتِدَاءً وَالْبَيْعَ انْتِهَاءً فَمَعَ أَنَّ مُشَابَهَتَهَا لِلنَّذْرِ تُوجِبُ جَوَازَ تَعْلِيقِهَا عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرْطِ فَمُشَابَهَتُهَا لِلْبَيْعِ تَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ مَا. وَلِذَلِكَ فَقَدْ عَمِلَ الْفُقَهَاءُ بِالْمُشَابَهَتَيْنِ مَعًا فَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ تَعْلِيقِهَا عَلَى الشَّرْطِ غَيْرِ الْمُلَائِمِ لِمُشَابَهَتِهَا الْبَيْعَ وَبِجَوَازِ تَعْلِيقِهَا عَلَى الشَّرْطِ الْمُلَائِمِ لِمُشَابَهَتِهَا النَّذْرَ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ تَسَاقَطَتْ الْأَمْطَارُ أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ مَثَلًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَرَفِ الْكَفِيلِ شَيْءٌ مَالِيٌّ وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنَّ الْكَثِيرِ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ يَقُولُ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْحَالِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى انْتِظَارِ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِيهَا بَاطِلٌ وَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ. لَكِنَّ أَصْحَابَ التَّبْيِينِ، وَالْبَحْرِ، وَالنَّهْرِ، وَالْمُلْتَقَى، قَالُوا بِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَانِيَّةِ مُحَرَّرًا وَمَسْطُورًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ شُرِحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِالْمُبَايَعَةِ عَلَى مَا مَرَّ مَعَنَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقَالَ لَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ هَذِهِ أَعْطِنِي كَذَا قِرْشًا لِأَنَّ بِعْت الْمَالَ الْفُلَانِيَّ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مُنْكِرٌ. يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُدَّعَى بَيْعُهُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ لِأَنَّهُمَا يُخْبِرَانِ بِالشَّيْءِ اللَّذَيْنِ يُمْكِنُهُمَا إنْشَاؤُهُ وَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي الْحَالِ يُقْبَلُ كَلَامُهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى بَيْعِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الطَّالِبُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ وَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّكَ بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِأَلْفٍ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) .

(المادة 637) يلزم عند تحقق الشرط تحقق الوصف والقيد

لَاحِقَةٌ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (بِعْ هَذَا الْبَغْلَ مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ) وَبَاعَهُ الرَّجُلُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِأَلْفَيْنِ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَقَطْ. لِأَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ مَا يَتَجَزَّأُ لَيْسَ كَذِكْرِ كُلِّهِ. وَإِذَا بَاعَهُ ذَلِكَ الْبَغْلَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ طُولِبَ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا إنَّك غَصَبْت بَغْلِي وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدٌ فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْكَفِيلِ (إذَا لَمْ تَرُدَّ لِي بَغْلِي غَدًا فَهُوَ عَلَيْك بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشِ) وَقَالَ لَهُ (لَا بَلْ عَلَيَّ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ) وَسَكَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ الْكَفِيلُ الْبَغْلَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ لَزِمَهُ مِائَتَا قِرْشٍ (الْهِنْدِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ ادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ (وَالْأَصِيلُ غَائِبٌ) عَلَى الْكَفِيلِ بِتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ كَهَذَا وَبِوُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى بِتَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ كَهَذَا وَلَمْ يَدَّعِ بِوُجُودِهِ فَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي غِيَابِ الْأَصِيلِ (نُقُولُ النَّتِيجَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 637) يَلْزَمُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ تَحَقُّقُ الْوَصْفِ وَالْقَيْدِ] (الْمَادَّةُ 637) يَلْزَمُ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ تَحَقُّقُ الْوَصْفِ وَالْقَيْدِ أَيْضًا مَثَلًا لَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ أَيِّ شَيْءٍ يُحْكَمُ بِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَأَقَرَّ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ بِكَذَا دَرَاهِمَ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَدَاؤُهُ مَا لَمْ يَلْحَقْهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ. يَلْزَمُ لِانْعِقَادِ الْكَفَالَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ تَحَقُّقُ الْوَصْفِ وَالْقَيْدِ أَيْضًا أَيْ إذَا كَانَ الشَّرْطُ الَّذِي عُلِّقَتْ عَلَيْهِ الْكَفَالَةُ مَوْصُوفًا بِوَصْفٍ أَوْ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ فَيَتِمُّ تَحَقُّقُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَيَثْبُتُ بِتَحَقُّقِ ذَلِكَ الْوَصْفِ أَوْ الْقَيْدِ. وَلَا يَكْفِي تَحَقُّقُ الشَّرْطِ مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَالْقَيْدِ لِانْعِقَادِ؛ الْكَفَالَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ أَيِّ شَيْءٍ يُحْكَمُ لَك بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَأَقَرَّ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ بِكَذَا دَرَاهِمَ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوَصْفُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَهُوَ قَوْلُهُ (أَيِّ شَيْءٍ يُحْكَمُ بِهِ) مَا لَمْ يَلْحَقْ الْإِقْرَارَ حُكْمُ الْحَاكِمِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَصِيلُ غَائِبًا، وَقَالَ الدَّائِنُ: إنَّ لِي عَلَيْهِ كَذَا قِرْشًا وَكَفَلَ بِهِ الْكَفِيلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَأَقَامَ الدَّائِنُ دَعْوَاهُ بِمُوَاجِهَةِ الْكَفِيلِ وَأَثْبَتَهَا فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَكْفُولَ بِهِ لَمَّا كَانَ مَوْصُوفًا بِالْحُكْمِ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ فَالدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتُ يَلْزَمَانِ الْكَفِيلَ دَيْنًا مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ وَالْكَفِيلُ لَمْ يَكْفُلْ بِدَيْنٍ كَهَذَا مُطْلَقًا فَتَكُونُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَاقِعَةً عَلَى كَفَالَةٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْأَصِيلُ غَائِبًا وَقَالَ الدَّائِنُ: (إنَّنِي قَدْ ادَّعَيْت بَعْدَ الْكَفَالَةِ بِدَيْنِ كَذَا قِرْشًا عَلَى الْأَصِيلِ وَأَثْبَتَ دَعْوَايَ وَاسْتَحْصَلْت حُكْمًا بِذَلِكَ) وَادَّعَى عَلَى الْكَفِيلِ كَمَا مَرَّ وَأَثْبَتَ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ الْغَائِبِ أَوْ لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ حُكِمَ بِهِ سَابِقًا وَبِذَلِكَ قَدْ تَحَقَّقَ الْوَصْفُ الَّذِي وُصِفَ بِهِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ

مِنْ الْكَفَالَةِ) . لَكِنْ إذَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ مُقَيَّدَةً بِوَصْفٍ أَوْ قَيْدٍ كَهَذَا وَغَابَ الْأَصِيلُ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الدَّائِنِ فِي مُوَاجِهَةِ الْكَفِيلِ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا: إنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ دَيْنًا كَذَا قِرْشًا وَفُلَانٌ الْحَاضِرُ فِي الْمَجْلِسِ هُوَ كَفِيلٌ بِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ، وَلَوْ أَثْبَتَ الدَّائِنُ وُقُوعَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ بِأَمْرِ الْغَائِبِ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ أَيْضًا. وَإِذَا ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَيْضًا وَحَضَرَ الْغَائِبُ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ بِدُونِ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَادَّةُ زِيَادَةً عَمَّا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1830) وَبِمَا أَنَّ قَوْلَهُ (أَيِّ شَيْءٍ يُحْكَمُ بِهِ إلَخْ) صِيغَةُ اسْتِقْبَالٍ فَلَوْ حُكِمَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ بِدَيْنٍ لِلدَّائِنِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَشْمَلُ الْكَفَالَةُ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَلَا تَتَعَلَّقُ. لَكِنْ إذَا لَمْ يَقُلْ (أَيِّ شَيْءٍ يُحْكَمُ بِهِ) وَقَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ أَيِّ شَيْءٍ يَثْبُتُ أَوْ يَلْزَمُ أَوْ يَجِبُ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا لَزِمَ الْكَفِيلَ أَدَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ إقْرَارَهُ حُكْمُ حَاكِمٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: إنَّ مَطْلُوبَهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَلَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ بِالزِّيَادَةِ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ الْأَصِيلُ كَمَا أَنَّهُ يُطَالِبُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْأَصِيلُ فِيمَا لَوْ أَنْكَرَ أَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ دَيْنًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْكَفَالَةِ بِدَيْنٍ قَائِمٍ فِي الْحَالِ كَقَوْلِ: كَفَلْت بِمَا لَك عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْأَصِيلُ وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْكَفَالَةِ بِدَيْنٍ يَجِبُ كَقَوْلِهِ: مَا ثَبَتَ لَك عَلَيْهِ أَوْ لَزِمَ فَيَلْزَمُ مِنِّي مَا أَقَرَّ بِهِ، كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ فِي النَّفَقَةِ) . الْخُلَاصَةُ، يَخْتَلِفُ ثُبُوتُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِاخْتِلَافِ صُوَرِ الْكَفَالَةِ: أَوَّلًا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ لَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي سَيَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا يَثْبُتُ أَوْ بِمَا يَجِبُ أَوْ بِمَا يَلْزَمُ سَوَاءٌ أَثْبَتَ الدَّيْنَ بِإِقْرَارِ الْمَدِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. ثَانِيًا: لَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا يُقِرُّ بِهِ فُلَانٌ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِكُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَدِينُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا غَيْرُ قَابِلٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ سُوِّمَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. ثَالِثًا: لَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا تَدَّعِيهِ عَلَى فُلَانٍ، وَالطَّالِبُ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ، فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ هَذَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (636) . رَابِعًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِك الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَالِك الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ بِالْبَيِّنَةِ لَزِمَ الْكَفِيلَ الضَّمَانُ. وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْأَصِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (637) .

(المادة 638) لا يؤاخذ الكفيل بالدرك

مِثَالٌ ثَانٍ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ أَنَا كَفِيلٌ بِأَدَاءِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ الْفُلَانِيُّ عَلَى فُلَانٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ حَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ آخَرُ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ قَالَ: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ بِشَيْءٍ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ أَمَّا لَوْ قَالَ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمُ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ بِدَيْنٍ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِأَدَائِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ آخَرُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمَسَائِلِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَذْهَبِ مِنْ حَنَفِيٍّ إلَى شَافِعِيٍّ. وَلَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ حُكْمِ حَاكِمَيْنِ يَنْتَسِبَانِ إلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ. [ (الْمَادَّةُ 638) لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ] (الْمَادَّةُ 638) لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ مَا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ. يَعْنِي لَا يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِالدَّرَكِ مَا لَمْ يَدَّعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَيُثْبِتُ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1746) وَيَحْكُمُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَيَدَّعِي الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى الْبَائِعِ بِطَلَبِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِسَبَبِ ضَبْطِ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَيَحْكُمُ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي فَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ الِادِّعَاءِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ إعَادَةُ الثَّمَنِ (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ إجَازَتُهُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ. وَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ قَابِلٌ لِلْإِجَازَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (378) . وَالْقَاعِدَةُ فِي هَذَا الْبَابِ هِيَ: يُؤَاخَذُ الْأَصِيلُ أَيْ الْبَائِعُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَكْفُولِ بِهِ عِنْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِبْطَالِهِ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ كَمَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِهِ أَمَّا قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِبْطَالِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ. وَبَعْدَ مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلْنُبَادِرْ إلَى التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: فَهُنَا دَعْوَيَانِ وَحُكْمَانِ: الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ: دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) . مَثَلًا كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَقَامَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ وَأَثْبَتَ مِلْكِيَّتَهُ عَلَى الْأُصُولِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1846) وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ فَيُقَالُ لِهَذَا الْحُكْمِ: (الْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ) . إلَّا أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ عَقْدَ الْبَيْعِ الَّذِي بَيْنَ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ بِهَذَا الْحُكْمِ أَوْ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَلْ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الشَّخْصِ الْمُسْتَحِقِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (368) وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ نَفَذَ وَعَلَى ذَلِكَ فَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي بِهَذَا الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ الثَّانِي: دَعْوَى الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالْحُكْمُ بِالرُّجُوعِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (مَا لَمْ يُحْكَمْ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنِ) . مَثَلًا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) الَّذِي أَعْطَاهُ إلَى الْبَائِعِ وَاَلَّذِي ضُبِطَ مِنْ يَدِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحُكْمِ وَسَيَحْصُلُ بِرَدِّ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ إلَيْهِ وَبِذَلِكَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْبَيْعِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَيُطَالَبُ الْبَائِعُ بِرَدِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَصْبَحَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (51) غَيْرَ قَابِلٍ لِإِجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِسِرَايَةِ هَذَا الْحُكْمِ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى صَلَاحِيَّتِهِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (644) إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا أَيْضًا أَنَّهُ إذَا فَسَخَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ صَرَاحَةً بَعْدِ إقَامَةِ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ بِمُوجِبِهَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (378) . وَبِمَا أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْبَائِعَ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِعَادَتُهُ إلَيْهِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ أَيْضًا بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَيْهِ مَا أَيْ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ وَالْحُكْمِ الثَّانِي وَمِنْ هُنَا يُفْهَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: (بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْكَفَالَةِ) . وَالْمَقْصُودُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقِسْمُ الثَّانِي، أَيْ الِاسْتِحْقَاقُ الَّذِي يَنْقُلُ الْمِلْكِيَّةَ أَمَّا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي يُبْطِلُ الْمِلْكِيَّةَ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى مُحَاكَمَةٍ ثَانِيَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَهَذَانِ الِاسْتِحْقَاقَانِ قَدْ مَرَّ إيضَاحُهُمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (616) . مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى أَنَّ الْعَرْصَةَ الَّتِي بَاعَهَا أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ هِيَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ ادِّعَاءَهُ فَحُكِمَ لَهُ بِذَلِكَ يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ فِي الْحَالِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَيْسَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وُضِعَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ لَشَمِلَتْ جَمِيعَ الصُّوَرِ الَّتِي مَرَّ بَيَانُهَا فِي الشَّرْحِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبِيعِ مَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَكُونُ أَحْيَانًا بِرَدِّ الثَّمَنِ وَأَحْيَانًا بِالْحُكْمِ بِالْوَقْفِيَّةِ أَوْ بِفَسْخِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيْعَ بَعْدَ الدَّعْوَى الْأُولَى وَالْحُكْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. لَكِنْ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) احْتِرَازٌ عَنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي كَفَالَةِ الْكَفِيلِ مُقَيَّدٌ بِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ. وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ يَضْمَنُ الْمَكْفُولَ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ مَعَ الْمَكْفُولِ بِهِ الضَّرَرَ الْمُبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (658) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ كَفَالَةٌ بِذَلِكَ. اسْتِطْرَادٌ - فِي كَوْنِ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ مَانِعَةً لِدَعْوَى التَّمَلُّكِ وَالشُّفْعَةِ وَالْإِجَارَةِ. إنَّ الشَّخْصَ الْكَفِيلَ بِالدَّرَكِ بِكَفَالَتِهِ يَكُونُ قَدْ صَدَّقَ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ

(المادة 639) لا يطالب الكفيل في الكفالة الموقتة إلا في مدة الكفالة

مَشْرُوطَةً فِي الْبَيْعِ فَتَمَامُهُ بِقَبُولِ الْكَفِيلِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فَالْمُرَادُ بِهَا أَحْكَامُ الْمَبِيعِ وَتَرْغِيبُ الْمُشْتَرِي فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ بِالْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: اشْتَرِهَا فَإِنَّهَا مِلْكُ الْبَائِعِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ فَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1648) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ الْمَذْكُورُ شَفِيعًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِشِرَاءِ الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 639) لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُوَقَّتَةِ إلَّا فِي مُدَّةِ الْكَفَالَةِ] (الْمَادَّةُ 639) لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُوَقَّتَةِ إلَّا فِي مُدَّةِ الْكَفَالَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ إلَى شَهْرٍ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ إلَّا فِي ظَرْفِ هَذَا الشَّهْرِ وَبَعْدَ مُرُورِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ. أَمَّا بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْكَفَالَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ فِي أَثْنَائِهَا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِمُرُورِ مُدَّتِهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ أَوْ بِنَفْسِهِ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ إلَى شَهْرٍ لَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْكَفَالَةِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إلَّا فِي ظَرْفِ هَذَا الشَّهْرِ وَبَعْدَ مُرُورِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَإِذَا طُولِبَ الْكَفِيلُ فِي ظَرْفِ هَذَا الشَّهْرِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَانْقَضَى الشَّهْرُ وَلَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهُ مِنْهُ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. حَتَّى أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ طَالَبَ الْكَفِيلَ لِمُدَّةِ شَهْرٍ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ فَأَرْجَأَهُ مُغْفِلًا أَيَّامًا أُخَرَ وَمَرَّ الشَّهْرُ فَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَبْلَغِ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: إنَّهُ أَغْفَلَنِي إغْفَالًا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَخْلُصُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِمُرُورِ مُدَّتِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ التَّفْصِيلَاتِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (624) فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ. عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ طُولِبَ فِي مُدَّةِ الشَّهْرِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَرَفَعَ الْمَكْفُولُ لَهُ الدَّعْوَى مُطَالِبًا بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَأَخَذَ حُكْمًا وَلَكِنْ مَرَّ الشَّهْرُ قَبْلَ أَنْ يُنَفَّذَ ذَلِكَ الْحُكْمُ فَهَلْ يَخْلُصُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْتَضَى إعْطَاؤُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الِاسْتِحْصَالِ عَلَى نَقْلٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ (إنَّنِي كَفَلْت إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى أَنْ أَكُونَ بَرِيئًا بَعْدَهُ وَقَدْ بَرِئْت مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِمُرُورِ الشَّهْرِ) وَقَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ (إنَّك كَفَلْت إلَى شَهْرٍ مُؤَجَّلٍ وَلَمْ تَشْتَرِطْ أَنْ تَكُونَ بَرِيئًا بَعْدَ مُرُورِهِ) فَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ عَلَى أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ بَعْدَ شَهْرٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) أَمَّا إذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْكَفِيلِ، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ) . [ (الْمَادَّةُ 640) لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا] (الْمَادَّةُ 640) لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَلَكِنْ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ تَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ فَكَمَا أَنَّهُ

لَيْسَ لِمَنْ كَفَلَ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِهِ مُنَجَّزًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ عَقْدِ الْكَفَالَةِ لَكِنَّ تَرَتُّبَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى عَقْدِ الْكَفَالَةِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: مَا تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ فَثَمَنُهُ عَلَيَّ، أَوْ قَالَ: أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي تَبِيعُهُ لِفُلَانٍ يَضْمَنُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ لِفُلَانٍ الْمَذْكُورِ، إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تَبِعْ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ مَالًا فَلَوْ بَاعَ الْمَكْفُولُ لَهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ. أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا وَنَفَاذِهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (621) مَا لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَكَانَ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ أَوْ بِالْمَالِ أَوْ بِالتَّسْلِيمِ وَلَوْ فِي حُضُورِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ. وَإِنْ فَعَلَ بَقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ نَفْسِهِ كَفِيلًا كَمَا فِي الْأَوَّلِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ طَرَفَ الْكَفِيلِ. وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَفْسَخَهَا بِنَفْسِهِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 114) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ) لِأَنَّهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا كَمَا أَنَّ لِوَارِثِ الْمَكْفُولِ لَهُ إخْرَاجُهُ أَيْضًا (كَقَوْلِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي السَّابِعِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 660) وَقَدْ ضَمَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ كَلِمَةَ (غَيْرَ مُخَيَّرٍ) ؛ لِأَنَّ لِلْكَفِيلِ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ. وَخِيَارُهُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: خِيَارُ الشَّرْطِ. لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ تَسْلِيمٍ مُخَيَّرًا كَذَا أَيَّامًا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنَّ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (300) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي كَفَلَتْ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنِّي مُخَيَّرٌ كَذَا يَوْمًا، وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا يَصَدَّقُ الْكَفِيلُ بِالْخِيَارِ بِدُونِ بَيِّنَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْكَفِيلِ إقْرَارٌ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ وَالْمَرْءُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الْخِيَارِ فَادِّعَاءٌ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ الِادِّعَاءِ. النَّوْعُ الثَّانِي: خِيَارُ الرَّهْنِ. لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ عَنْ آخَرَ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ رَهْنًا وَشَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ صَحَّ وَتَلْزَمُ الْكَفَالَةُ الْكَفِيلَ إذَا أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الرَّهْنَ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِهِ رَهْنًا فَالْكَفِيلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْكَفَالَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهَا، أَمَّا إذَا شَرَطَ هَذَا الشَّرْطَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَفْسَخَ الْكَفَالَةَ بِدَاعِي عَدَمِ إعْطَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الرَّهْنَ إلَيْهِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ عِنْدِي هَذَا الْمَالَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ الْمَالَ رَهْنًا فَالْكَفِيلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْكَفَالَةَ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي أَكْفُلُ بِدَيْنِك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ عِنْدِي وَإِذْ لَمْ يَرْهَنْهُ عِنْدِي فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ هَذَا إذَا رَهَنَ ذَلِكَ الْمَالَ وَإِذَا لَمْ يَرْهَنْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ أَصْبَحَ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَنَا كَفِيلٌ بِمَا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَ هَذَا الْمَالَ عِنْدِي، فَتَبْقَى كَفَالَتُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ الرَّهْنَ وَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي فَسْخِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَلَكِنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ تَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَالْمُضَافَةِ. أَمَّا بَعْدَ تَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْهَا. (1) مَثَلًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ كَفَلَ أَحَدًا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِهِ مُنَجَّزًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ (2) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ بِمَا يَثْبُتُ لَك عَلَى فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ عَقْدِ الْكَفَالَةِ لَكِنَّ تَرَتُّبَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُقَدَّمٌ عَلَى عَقْدِ الْكَفَالَةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ دَيْنًا مُتَرَتِّبًا فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ. وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ: إذَا بِعْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ (أَنَا كَفِيلٌ بِثَمَنِ مَا سَتَبِيعُهُ مِنْ فُلَانٍ) يَضْمَنُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (636) مَا هُوَ بِمَعْنَاهَا وَإِنَّمَا جَاءَتْ تَوْطِئَةً لِلْفِقْرَةِ الَّتِي تَلِيهَا. لَكِنْ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْكَفِيلِ ثَمَنَ مَالٍ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلِلْكَفِيلِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَيْضًا أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَلْزَمُ بَعْدَ الْمُبَايَعَةِ وَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ قَبْلَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ ذِمَّتَهُ. وَالسَّبَبُ فِي وُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدَ الْمُبَايَعَةِ أَنَّ الدَّائِنَ أَوْ الطَّالِبَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي بِعْت مَالِي مِنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنِّي كُنْت عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَخْذِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْكَفِيلِ، وَالرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ تَغْرِيرٌ بِالدَّائِنِ، أَمَّا الرُّجُوعُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَنَظَرًا لِكَوْنِهِ عِبَارَةً عَنْ نَهْيٍ عَنْ الْمُبَايَعَةِ وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ تَغْرِيرٍ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ الطَّالِبَ بِإِخْرَاجِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِئَلَّا يَبْقَى مَغْرُورًا بِكَفَالَتِهِ. وَالْإِعْلَامُ يَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تَبِعْ إلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ مَالًا، فَلَوْ بَاعَ الْمَكْفُولُ لَهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى (أَيْ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ) مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَمْرِ وَهَذَا الْأَمْرُ غَيْرُ لَازِمٍ وَفِي الثَّانِيَةِ

(المادة 461) من كان كفيلا برد المال المغصوب أو المستعار وتسليمهما

وَهِيَ الَّتِي أَشَرْنَا إلَيْهَا بِهَذِهِ الْأَرْقَامِ 1 و 2) مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَا هُوَ لَازِمٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (494) وَكَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي إجَارَةٍ كَهَذِهِ يَتَجَدَّدُ وَيَتَجَدَّدُ بِذَلِكَ سَبَبُ الْأُجْرَةِ فَلِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيَجِبُ أَلَا يُسْتَدَلَّ بِإِتْيَانِ الْمَجَلَّةِ قَوْلَ الْكَفِيلِ (رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ) وَقَوْلَهُ (لَا تَبِعْ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ) مَعًا عَلَى لُزُومِهَا فِي إخْرَاجِ الْكَفِيلِ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْصُلُ إخْرَاجُهُ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِقَوْلِهِ: إنِّي رَجَعْت عَنْ الْكَفَالَةِ، فَقَدْ يَحْصُلُ أَيْضًا بِنَهْيِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ قَائِلًا (لَا تَبِعْ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) وَقَدْ أُشِيرُ إلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ لَكِنَّ عَلَى الْكَفِيلِ فِي الرُّجُوعِ عَنْ كَفَالَةٍ كَهَذِهِ أَنْ يُعْلِمَ الْمَكْفُولَ لَهُ رُجُوعَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ. وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ عَنْ زَوْجِهَا بِنَفَقَتِهَا كُلَّ شَهْرٍ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الضَّمَانِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ. وَلَوْ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ يَجِبُ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَسَبَبُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 461) مَنْ كَانَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمُسْتَعَارِ وَتَسْلِيمِهِمَا] (الْمَادَّةُ 461) مَنْ كَانَ كَفِيلًا بِرَدِّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْمُسْتَعَارِ وَتَسْلِيمِهِمَا فَإِذَا سَلَّمَهُمَا إلَى صَاحِبِهِمَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ نَقْلِهِمَا عَلَى الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ أَيْ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا. أَيْ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْمُسْتَعَارِ إلَى الْمُعِيرِ. وَكَمَا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْأَصِيلُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (890 و 830) عَلَى رَدِّ الْمَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَصَارِيفُ نَقْلِهِ وَمَئُونَةُ رَدِّهِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى رَدِّهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (631) . وَإِذَا سَلَّمَهُمَا الْكَفِيلُ إلَى صَاحِبِهِمَا يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ نَقْلِهِمَا بِأَجْرِ مِثْلِ الْعُمَّالِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ أَيْ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَأُجْرَةُ النَّقْلِ الْمَقْصُودَةُ هِيَ الْأُجْرَةُ الْمِثْلِيَّةُ لِلْعُمَّالِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ وَلَيْسَ صَرْفِيَّاتِهِ فَكَمَا يَكُونُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُعَادِلًا لِلصَّرْفِيَّاتِ قَدْ يَزِيدُ أَوْ يَنْقُصُ عَنْهَا هَذَا وَإِنْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ رُجُوعَ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَيْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِأُجْرَةِ النَّقْلِ مُطْلَقًا فَحَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ دُفُوعِ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِمَا. فَظَهَرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) وَهَا هِيَ عِبَارَةُ ابْنِ عَابِدِينَ مُحَشِّي الْبَحْرِ (وَلَوْ رَدَّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ إذْ الْكَفِيلُ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ) وَكَمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُهُ (إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الرُّجُوعِ فِيهَا

أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ فِي حَمْلِهَا بِالْأَمْرِ) وَكَذَلِكَ مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (657) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مُنْحَصِرٌ فِي صُورَةِ وُقُوعِ الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ اسْتِحْسَانِيٌّ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الشَّخْصُ الَّذِي يَكْفُلُ) احْتِرَازًا عَنْ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ وَالْغَاصِبَ لَوْ وَكَّلَا شَخْصًا بِرَدِّ الْمُسْتَعَارِ أَوْ الْمَغْصُوبِ إلَى دَارِ صَاحِبِهِ أَوْ إلَى مَكَانِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْغَصْبِ صَحَّ. لَكِنَّ الْوَكِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى النَّقْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْوِكَالَةَ لَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقِيَامِ بِصَرْفِيَّاتِ الْوِكَالَةِ وَيُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْهَا. وَكَمَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِالتَّسْلِيمِ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَعَارِ تَجُوزُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (631) فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَرْهُونِ وَالْمَأْجُورِ وَفِي الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ صَرْفِيَّاتِ النَّقْلِ فِي الْمَأْجُورِ الْوَدِيعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمَانَاتِ لَيْسَتْ عَائِدَةً عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَوْدَعِ أَيْ وَاضِعِ الْبَدِيلِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمُودِعِ فَلَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ فَتَسْلِيمُهُ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ إخْلَاءِ الْمَأْجُورِ كَالْأَصِيلِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى صَرْفِيَّاتٍ لِلنَّقْلِ. أَمَّا الْكَفِيلُ بِالتَّسْلِيمِ فَبِمَا أَنَّهُ تَعُودُ صَرْفِيَّاتُ النَّقْلِ عَلَى وَاضِعِ الْيَدِ فِيمَا عَدَا الْمَغْصُوبَ وَالْمُسْتَعَارَ مِنْ الْأَعْيَانِ هُوَ كَفِيلٌ بِالْأَمْرِ، فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِصَرْفِيَّاتِ النَّقْلِ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ الْأَعْيَانَ الْمَذْكُورَةَ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ. إذْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ كَمَا قُلْنَا.

الفصل الثاني في بيان حكم الكفالة بالنفس

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ حُكْمِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ] (الْمَادَّةُ 642) حُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَيْ لِأَيِّ وَقْتٍ كَانَ قَدْ شَرَطَ تَسْلِيمَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَيَلْزَمُ إحْضَارُهُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا وَإِلَّا يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ. أَيْ يَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ إحْضَارُ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَرَطَ لِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي طَلَبِ مُهْلَةٍ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَحِلُّ الْمَكْفُولِ بِهِ مَعْلُومًا وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَكَانِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (663) . وَهَذَا اللُّزُومُ مُسْتَنِدٌ عَلَى قَصْدِ قِيَامِ الْكَفِيلِ بِأَدَاءِ مَا الْتَزَمَ بِهِ (بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ) لَكِنَّ لِلْكَفِيلِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (665) أَنْ يُسَلِّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ وَقْتٌ لِلتَّسْلِيمِ أَنْ يُحْضِرَ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُبُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ فِيهِ. فَإِنْ أَحْضَرَهُ فَبِهَا أَيْ يَكْتَفِي بِهَا وَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِهِ وَيُحْبَسُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ حَقٍّ لَازِمٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَتْ الْجِهَةُ الَّتِي قَصَدَهَا الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَعْلُومَةً يُعْطِي الْحَاكِمُ مُهْلَةً لِلْكَفِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِهَةُ بَعِيدَةً أَمْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهَا وَيَجِيءَ وَلِلْمَكْفُولِ بِهِ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْكَفِيلِ كَفِيلًا؛ لِئَلَّا يَخْتَفِيَ فَإِذَا أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فِي نِهَايَةِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ فَبِهَا وَإِلَّا يُحْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ. كَذَلِكَ يُحْبَسُ الْكَفِيلُ وَيُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ. لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحِلُّ بَعِيدًا أَوْ بَلَدًا أَجْنَبِيًّا. مَثَلًا لَوْ فَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إلَى بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ وَالْتَحَقَ بِهَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِإِحْضَارِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ دَوْلَتِهِ وَالدَّوْلَةِ الَّتِي فَرَّ إلَى بِلَادِهَا مُعَاهَدَةٌ عَلَى تَسْلِيمِ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْفَارِّينَ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى تِلْكَ الدَّوْلَةِ وَكَانَ بَيْنَ الدَّوْلَتَيْنِ صُلْحٌ وَسَلَامٌ. أَمَّا إذَا وُجِدَ فِي طَرِيقِ الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ فَلَا يُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى الذَّهَابِ إلَيْهِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَحِلُّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مَعْلُومًا وَتَصَادَقَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَلَى ذَلِكَ تَتَأَخَّرُ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ إلَى أَنْ يَعْرِفَ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي مَعْلُومِيَّةِ الْمَحِلِّ

فَقَالَ الْكَفِيلُ: لَا أَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا مِنْهُمَا. وَإِذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا كَانَ يُوجَدُ مَكَانٌ يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَادَةً لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ كَالتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَيَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لِلتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مَحِلٌّ كَهَذَا يَقْصِدُهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَحِلَّ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالتَّنْوِيرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِلْكَفِيلِ أَنْ يُجْبَرَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْحُضُورِ، أَيْ أَنَّهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ يَصْدَعَ لِتَكْلِيفِ الْكَفِيلِ إيَّاهُ بِالتَّسْلِيمِ وَإِذَا لَمْ يَصْدَعْ لِتَكْلِيفِهِ وَلَمْ يَقْتَدِرْ الْكَفِيلُ عَلَى التَّسْلِيمِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فَيُعِينُهُ بِأَعْوَانِهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَإِلَّا فَيُرْشِدُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَى مَكَانِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَيُخْلِي بَيْنَهُمَا (الْفَتْحُ، الْهِنْدِيَّةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ أَحَدٍ لَيْسَ الْمَكْفُولُ لَهُ قَبْلَهُ شَيْءٌ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فِيمَا لَوْ بَيَّنَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ عَدَّ إجْبَارَ الْكَفِيلِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ يَسْتَحِقُّهُ عَبَثًا فَالْكَفَالَةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى زَعْمِ الطَّالِبِ إنَّمَا تَكُونُ لِحَقٍّ يَلْزَمُ الْأَصِيلَ أَدَاؤُهُ. وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا وَهَا هُوَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ فُلَانٍ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ دَيْنَهُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِفُلَانٍ يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ لِزَعْمِهِ وُجُودَ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْفَرْعِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الْأَصْلِ وَارِدٌ (الْهِنْدِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) . وَيَكُونُ الْكَفِيلُ مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِطَلَبِ الطَّالِبِ. عَلَى أَنَّهُ لِلْكَفِيلِ حَقٌّ بِالتَّسْلِيمِ بِدُونِ طَلَبٍ أَيْضًا. وَسَيُبَيِّنُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَيْنِ التَّسْلِيمَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (664) .

الفصل الثالث في بيان أحكام الكفالة بالمال

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ] يُسْتَدَلُّ مِنْ هَذَا الْعِنْوَانِ أَنَّ الْمَوَادَّ الْمُنْدَرِجَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مُخْتَصَّةٌ بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ. مَا عَدَا الْمَادَّةَ (643) الْآتِيَةَ فَإِنَّ حُكْمَهَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ الْكَفَالَةَ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ. وَالْمَجَلَّةُ وَإِنْ بَحَثَتْ عَنْ أَحْكَامِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَضَعْ بَابًا خَاصًّا لِأَحْكَامِ الْكَفَالَةِ بِالتَّسْلِيمِ. إذْ بَعْضُ أَحْكَامِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (641) وَبَعْضُهَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ التَّالِيَةِ: (الْمَادَّةُ 643) الْكَفِيلُ ضَامِنٌ. هَذِهِ الْمَادَّةُ تَرْجَمَتْ الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» كَمَا بَيَّنَ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ. أَيْ عَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَكْفُولَ بِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا كَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمْ عَيْنًا مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَقَدْ سَمَّى ثَمَنَهُ وَالْمَبِيعِ الْفَاسِدِ وَالْمَغْصُوبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَوْ نَفْسًا كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَهَلْ فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ غُرْمٌ وَضَمَانٌ؟ وَهَذَا السُّؤَالُ قَدْ مَرَّ جَوَابُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (613) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَشْمَلُ الْكَفَالَةَ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ. وَسَتُفَصَّلُ كَيْفِيَّةُ ضَمَانِ الْكَفِيلِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَالْمَادَّةِ (645) الَّتِي بَعْدَهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بِدَيْنِ أَحَدٍ أَنَّ الْكَفَالَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (631) ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ مَالُ رِشْوَةٍ أَوْ قِمَارٍ وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْكَفِيلِ إقَامَةُ الشُّهُودِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ رِشْوَةٌ أَوْ قِمَارٌ أَوْ أَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ أَقَرَّ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مَالُ رِشْوَةٍ أَوْ قِمَارٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ) ؛ لِأَنَّ كَفَالَةَ الْكَفِيلِ بِدَيْنٍ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَادِّعَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الِادِّعَاءَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ؛ لِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بِثَمَنِ مَبِيعٍ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فَاسِدًا وَأَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ فَلَا يُسْمَعُ ادِّعَاؤُهُ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 100)

(المادة 644) الطالب مخير إن شاء طالب الأصيل بالدين وإن شاء طالب الكفيل

وَكَمَا تَشْمَلُ عِبَارَةُ (الْكَفِيلُ ضَامِنٌ) الْكَفِيلَ، تَشْمَلُ كَفِيلَ الْكَفِيلِ وَكَفِيلَ كَفِيلِ الْكَفِيلِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِكَفِيلِ الْكَفِيلِ مَادَّةً خَاصَّةً. وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ فِي بَيَانِ مَحِلِّ ضَمَانِ الْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لَهَا ذِكْرٌ فِي الْمَتْنِ: يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِيهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 83) أَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَهُ فِي أَيِّ مَحِلٍّ أَرَادَ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ نِصْفَهَا فِي إسْتَانْبُولَ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ فِي إزمير فَلِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَلْفَ كُلَّهَا فِي إسْتَانْبُولَ أَوْ فِي إزمير أَوْ فِي مَكَان آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) . وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ مَكَانٌ لِلتَّسْلِيمِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَأَيْنَ يَصِيرُ تَسْلِيمُهَا؟ قَدْ مَرَّ نَظِيرَانِ لِهَذَا فِي الْمَجَلَّةِ. فَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ (285) يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ بِعَقْدٍ مُطْلَقٍ فِي مَكَانِ الْمَبِيعِ وَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ (465) وَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ مَكَانُ التَّسَلُّمِ فَالْمَأْجُورُ إنْ كَانَ عَقَارًا يُسَلَّمُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمَلًا فَفِي مَحِلِّ عَمَلِ الْأَجِيرِ وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَفِي مَكَانِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ. فَهَلْ تُقَاسُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى ذَلِكَ؟ وَيُقَالُ: يَلْزَمُ الْكَفِيلَ التَّسْلِيمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ أَوْ التَّسْلِيمُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ؟ [ (الْمَادَّةُ 644) الطَّالِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ] (الْمَادَّةُ 644) : الطَّالِبُ مُخَيَّرٌ فِي الْمُطَالَبَةِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ، وَمُطَالَبَةُ أَحَدِهِمَا لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُطَالَبَتِهِ الْآخَرَ وَبَعْدَ مُطَالَبَتِهِ أَحَدَهُمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ وَيُطَالِبَهُمَا مَعًا. وَإِنْ كَانَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ فَلَهُ إنْ شَاءَ مُطَالَبَتُهُ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَقٌّ فِي مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ) فَذِكْرُ ذَلِكَ هُنَا إنَّمَا هُوَ تَوْطِئَةٌ لِمَا سَيَأْتِي بَعْدُ مِنْ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْكَفَالَةِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ. وَهَذَا يُوجِبُ قِيَامَ الذِّمَّةِ الْأُولَى وَلَيْسَ بَرَاءَتَهَا (الدُّرُّ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ خِيَارِ الطَّالِبِ مَسْأَلَتَانِ فَلَا يُطَالِبُ فِيهِمَا غَيْرَ الْكَفِيلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 648) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا كَفِيلٌ بِالْعَشْرِ جُنَيْهَاتِ الَّتِي لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو، وَأَنْكَرَ زَيْدٌ هَذَا الدَّيْنَ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْأَصِيلَ شَيْءٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 81) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْ تَخْيِيرِ الطَّالِبِ فِي الْمُطَالَبَةِ وَإِنْ شَمِلَ الْكَفَالَةَ بِأَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ اخْتَصَّ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِالدَّيْنِ) بِالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ. وَبِمُجَرَّدِ مُطَالَبَتِهِ أَحَدَهُمَا بِالدَّيْنِ أَيْ إذَا طَالَبَهُ وَلَمْ يَفِهِ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ الْآخَرَ حَتَّى لَوْ

أَخَذَ مِنْهُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِالْبَاقِي. وَلَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا بِجَمِيعِهِ كَمَا لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ كُلًّا مِنْهُمَا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ بِجَمِيعِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِهِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ ضَمٌّ وَلَيْسَتْ بِتَمْلِيكٍ. لَكِنْ إذَا اسْتَوْفَى الطَّالِبُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَفِيلَ أَوْ كَفِيلَ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ مِنْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ الْأَصِيلَ أَوْ الْكَفِيلَ الْآخَرَ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفَ قِرْشٍ وَاسْتَوْفَى الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ الْأَصِيلِ أَرْبَعُمِائَةٍ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاءُ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَى الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (659) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1651) وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ عِنْدَ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالدَّيْنِ (إنَّك قَدْ اسْتَوْفَيْتَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ أَنْ صِرْتَ كَفِيلًا مِنْ الْأَصِيلِ وَقَدْ أَقْرَرْت عَلَى أَخْذِك إيَّاهُ) وَرَفَعَ دَعْوَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِذَا دَفَعَ الْمَكْفُولُ لَهُ هَذِهِ الدَّعْوَى فَيَكُونُ قَدْ خَلَصَ مِنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى مَدِينِهِ بِكَذَا قِرْشًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ (قَدْ أَخَذْت هَذَا مِنْ كَفِيلِي فُلَانٍ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ) وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ فَالدَّائِنُ يَنْدَفِعُ عَنْ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1632) . وَإِذَا طَالَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَكَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ إلَى الْأَصِيلِ أَنْ يُوَفِّيَ الطَّالِبَ دَيْنَهُ وَيَطْلُبَ تَخْلِيصَهُ مِنْ الطَّالِبِ مَا لَمْ تَكُنْ لِلْأَصِيلِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ ذَلِكَ بَلْ يَقَعُ التَّقَاصُّ. لَاحِقَةٌ: تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ: الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ - فِي الِادِّعَاءِ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَالْأَصِيلُ غَائِبٌ: 1 - إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ قَائِلًا (إنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَفِيلٌ بِدَيْنِي عَلَى فُلَانٍ بِأَمْرِهِ) وَأَثْبَتَ هَذَا الدَّيْنَ وَهَذِهِ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ فَالْحَاكِمُ يَحْكُمُ بِالْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ مَعًا. وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَّةِ الْمُخَوَّلَةِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (657) أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى الطَّالِبِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ الْغَائِبَ قَدْ حُكِمَ عَلَيْهِ ضِمْنًا. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَادَّعَى بِالْكَفَالَةِ مَعَ الدَّيْنِ وَأَثْبَتَهُمَا فَلَا يُحْكَمُ إلَّا عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ (التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَبْحَثُ الثَّانِي - فِي اخْتِلَافِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ.

(المادة 645) كفل أحد المبالغ التي لزمت ذمة الكفيل بالمال حسب كفالته

لَوْ ادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ لَهُ أَحَدٌ دَيْنَهُ أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ جُنَيْهًا وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَنَّهُ مِائَةُ رِيَالٍ وَالْكَفِيلُ بِأَنَّهُ خَمْسُونَ كَيْلَةً حِنْطَةً فَيَحْلِفُ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ بِطَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ فَإِنْ حَلَفَا الْيَمِينَ، بَرِئَا مِمَّا يَدَّعِي بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَإِذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الثَّانِي فَالدَّيْنُ يَلْزَمُ النَّاكِلَ وَاَلَّذِي حَلَفَ يَبْرَأُ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 645) كَفَلَ أَحَدٌ الْمَبَالِغَ الَّتِي لَزِمَتْ ذِمَّةَ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ حَسَبَ كَفَالَتِهِ] (الْمَادَّةُ 645) لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ الْمَبَالِغَ الَّتِي لَزِمَتْ ذِمَّةَ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ حَسَبَ كَفَالَتِهِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. وَهَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (626) وَلِلدَّائِنِ أَيْضًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (644) أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ. كَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُمَا مَعًا. وَعَلَيْهِ فَالدَّائِنُ مُخَيَّرٌ، فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَإِنْ أَرَادَ طَالَبَ الْكَفِيلَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ كَفِيلَ الْكَفِيلِ أَوْ الْكَفِيلَ الثَّالِثَ. وَإِذَا طَالَبَ أَحَدَهُمْ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي مُطَالَبَةِ الْآخَرِينَ لَكِنْ إذَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمْ بَرِئَ الْآخَرُونَ. مَثَلًا لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ جَمِيعَ الدَّيْنِ بَرِئَ كَفِيلُ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَدَّاهُ كَفِيلُ الْكَفِيلِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1651) . وَإِذَا أَوْفَى كَفِيلُ الْكَفِيلِ الدَّائِنَ الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ مُبَاشَرَةً، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ بِلَا أَمْرٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَقُّ الرُّجُوعِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ كَفَالَةُ كَفِيلِ الْكَفِيلِ بِأَمْرِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ وَكَفَالَةُ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ بِلَا أَمْرِ الْأَصِيلِ وَأَدَّى كَفِيلُ الْكَفِيلِ الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (675) شَرْحًا وَمَتْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي تَعْرِيفِ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 646) عَلَيْهِمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ كَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ] (الْمَادَّةُ 646) : عَلَيْهِمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ كَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. أَيْ يَجُوزُ لِلِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ أَيْ يَكْفُلُ كُلٌّ الْمُطَالَبَةَ الَّتِي تَلْزَمُ ذِمَّةَ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ، النِّصْفُ بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ بِالْكَفَالَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ اثْنَانِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ وَكَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ بِالْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ نِصْفُهُ أَصَالَةً وَالنِّصْفُ الثَّانِي بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ.

أَمَّا إذَا كَفَلَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَعْضَ الْآخَرَ فَقَطْ فَالْبَعْضُ الَّذِي يَكْفُلُ يُطَالَبُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالَبُ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِأَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفِيلًا بِدَيْنٍ عَنْ الْآخَرِ يُطَالَبُ كُلٌّ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالَبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ (الْبَهْجَةُ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَقْرَضَ اثْنَانِ مِنْ أَحَدٍ أَلْفَ قِرْشٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1113) طَالَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُطَالِبُ أَحَدَ الْمُشْتَرِيَيْنِ بِدَيْنِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ كَفَلَ بِهِ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ) لَا يَقْصِدُ بِهِ الْمَعْنَى الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ (1091) وَالْمَوَادِّ التَّالِيَةِ لَهَا وَلَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهَا (مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ) كَمَا تَبَيَّنَ بَعْدَ بَدَاهَةٍ فِي الشَّرْحِ (كَوْنَهُ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ) . وَكَذَا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (432) مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٌ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِائَةِ قِرْشٍ أَمَّا إذَا كَفَلَ الْمُسْتَأْجِرَانِ بَعْضُهُمَا بَعْضًا بِالْأُجْرَةِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ، نِصْفُهَا بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْكَفَالَةِ أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ الْآخَرَ يُطَالِبُ الْمُسْتَأْجِرُ الْكَفِيلَ بِالْمِائَتَيْ قِرْشٍ، النِّصْفُ بِالْأَصَالَةِ وَالنِّصْفُ بِالْكَفَالَةِ. أَمَّا الثَّانِي الَّذِي لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِحِصَّتِهِ الْمِائَةِ قِرْشٍ. وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ بَغْلًا مِنْ شَخْصٍ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثُلُثُهُ لِأَحَدِهِمَا، وَثُلُثَاهُ لِلْآخَرِ وَأَصْبَحَا بِذَلِكَ مَدِينَيْنِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِمَا عَلَيْهِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ فَيُطَالَبُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِالثُّلُثِ بِالْأَصَالَةِ، وَبِالثُّلُثَيْنِ بِالْكَفَالَةِ وَيُطَالَبُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ بِالْأَصَالَةِ وَبِالثُّلُثِ بِالْكَفَالَةِ أَمَّا لَوْ كَفَلَ صَاحِبُ الثُّلُثِ عَنْ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ فَقَطْ طُولِبَ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ بِالثُّلُثِ بِالْأَصَالَةِ وَبِالثُّلُثَيْنِ أَمَّا صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بِمِائَتَيْ قِرْشٍ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ. لَوْ أَدَّى أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِالْأَصَالَةِ أَوْ مِمَّا يَلْزَمُهُ بِالْكَفَالَةِ، فَفِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ الْبَيَانُ: تُرَجَّحُ جِهَةُ الْأَصَالَةِ عَلَى جِهَةِ الْكَفَالَةِ فِي تَأْدِيَةِ الدُّيُونِ الَّتِي تَتَسَاوَى صِفَةً وَسَبَبًا أَيْ أَنَّهُ إذَا أَدَّى أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَكَفَلَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ يُسَاوِي مَا عَلَيْهِ أَوْ يَنْقُصُ يُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ لِأَصَالَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ دَفَعَهُ عَنْ الثَّانِي وَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَصِحُّ ادِّعَاؤُهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ. (لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ بِنِصْفِهِ لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُؤَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَقُولَ: أَدَاؤُك كَأَدَائِي فَإِنْ جَعَلْت شَيْئًا مِنْ الْمُؤَدَّى عَنِّي وَرَجَعْت عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلِي أَنْ أَجْعَلَ الْمُؤَدَّى عَنْك كَمَا لَوْ أَدَّيْت بِنَفْسِي فَيُفْضِي إلَى الدَّوْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الدَّوْرِ فَإِنَّهُ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ اللَّازِمُ فِي الْحَقِيقَةِ التَّسَلْسُلُ فِي الرُّجُوعَاتِ بَيْنَهُمَا فَيُمْتَنَعُ الرُّجُوعُ فِي الْمُؤَدَّى إلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) . أَمَّا إذَا أَدَّى زِيَادَةً عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْآخَرِ فَقَطْ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأُجْرَةٍ.

مَثَلًا لَوْ كَفَلَ ثَلَاثَةُ شُرَكَاءَ مُتَسَاوِينَ فِي دَيْنِ ثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ أَحَدُهُمْ إلَى الدَّائِنِ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةَ قِرْشٍ فَبِمَا أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِثُلُثَيْ التِّسْعِينَ قِرْشًا أَوْ الْمِائَةِ عَلَى الْآخَرَيْنِ بِدَاعِي أَنَّهُ دَفَعَهَا عَنْهُمَا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالتِّسْعِينَ أَوْ الْمِائَةِ كُلِّهَا عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا بِدَاعِي أَنَّهُ دَفَعَهَا عَنْهُمَا أَوْ عَنْهُ. أَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى الدَّائِنِ مِائَةً وَخَمْسِينَ قِرْشًا فَتُحْسَبُ الْمِائَةُ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَالْخَمْسُونَ مِمَّا عَلَى شَرِيكِهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِهَا إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِمَا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 657) مَتْنًا وَشَرْحًا. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى رَجُلَيْنِ دَيْنٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَقَدْ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِالنِّصْفِ الثَّانِي عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (647) فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ زِيَادَةً عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) . وَكَذَا لَوْ كَانَ لِدَيْنٍ كَفِيلَانِ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ الْآخَرَ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمُحَرَّرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا عَنْ الْأَصِيلِ بِالْجَمِيعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ. كَذَلِكَ لَدَائِنِ شَرِيكَيْ مُفَاوَضَةٍ لَدَى افْتِرَاقِهِمَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَإِذَا أَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَدَّى أَمَّا إذَا أَدَّى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي النِّصْفِ وَكَفِيلٌ فِي الْآخَرِ فَمَا أَدَّى يُصْرَفُ إلَى مَا عَلَيْهِ بِحَقِّ الْأَصَالَةِ وَإِنْ زَادَ عَلَى النِّصْفِ كَانَ الزَّائِدُ عَنْ الْكَفَالَةِ فَيَرْجِعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) . وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ (أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا صِفَةً) ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً أَيْ إذَا كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا مُؤَجَّلًا وَدَيْنُ الْآخَرِ مُعَجَّلًا وَعَيَّنَ الدَّيْنَ الْمُعْطَى بِقَوْلِهِ عَنْ الشَّرِيكِ صَحَّ. مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَى اثْنَيْنِ دَيْنٌ مِائَتَا قِرْشٍ نِصْفُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا مُعَجَّلًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُؤَجَّلًا لِشَهْرٍ، وَكَفَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَأَعْطَى الْمَدِينَ الَّذِي أَجَّلَ دَيْنَهُ الْمِائَةَ قِرْشٍ الَّتِي عَلَى شَرِيكِهِ قَائِلًا لِشَرِيكِهِ (أَعْطَيْتهَا بِمُقْتَضَى كَفَالَتِي عَنْك) فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ قِرْشٍ، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ. أَمَّا لَوْ أَعْطَى الْمَدِينَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا مِائَةَ قِرْشٍ، وَقَالَ (إنَّنِي أَعْطَيْتهَا عَنْ شَرِيكِي بِمُقْتَضَى كَفَالَتِي عَنْهُ) وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ إذَا عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) . (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 657) . كَذَلِكَ لَوْ أَجَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فِي دَيْنٍ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ أَحَدٌ الْآخَرَ وَأَدَّى الشَّخْصُ الَّذِي أَجَّلَ دَيْنَهُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ دَيْنِهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ عَنْ رَفِيقِهِ قُبِلَ كَلَامُهُ.

(المادة 647) كان لدين كفلاء متعددون

وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ سَبَبًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ دَيْنِ أَحَدِهِمَا مُخْتَلِفًا عَنْ دَيْنِ سَبَبِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدِهِمَا قَرْضًا وَدَيْنُ الثَّانِي ثَمَنَ مَبِيعٍ فَإِعْطَاءُ أَحَدِهِمَا شَيْئًا عَنْ شَرِيكِهِ بِالتَّعْيِينِ صَحَّ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ فِي الْجِنْسَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مُعْتَبَرَةٌ وَفِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَغْوٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَى اثْنَيْنِ دَيْنٌ مِائَتَا قِرْشٍ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَحَدِهِمَا قَرْضًا وَعَلَى الثَّانِي ثَمَنَ مَبِيعٍ وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَعْطَى الَّذِي دَيْنُهُ قَرْضًا مِائَةَ قِرْشٍ عَنْ شَرِيكِهِ قَائِلًا لَهُ: (أَعْطَيْتهَا عَنْك حَسَبَ كَفَالَتِي) فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ شَرِيكِهِ الْمَدِينِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةَ قِرْشٍ وَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْفُلْ الثَّانِي بِمَا فِي ذِمَّتِهِ وَأَدَّى الْكَفِيلُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ عَنْ شَرِيكِهِ قُبِلَ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصَانِ (بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْنَا دَيْنٌ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي أَخْذِهِ مِنْ أَيِّنَا شَاءَ) فَهَذَا الْإِقْرَارُ فِي حُكْمِ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 647) كَانَ لِدَيْنٍ كُفَلَاءُ مُتَعَدِّدُونَ] (الْمَادَّةُ 647) لَوْ كَانَ لِدَيْنٍ كُفَلَاءُ مُتَعَدِّدُونَ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ كَفَلَ عَلَى حِدَةٍ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ كَفَلُوا مَعًا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ قَدْ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمَبْلَغَ الَّذِي لَزِمَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَلْفٍ ثُمَّ كَفَلَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ غَيْرُهُ أَيْضًا فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَأَمَّا لَوْ كَفَلَا مَعًا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ كَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَبْلَغَ الَّذِي لَزِمَهُ الْآخَرُ فَعَلَى ذَلِكَ الْحَالِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ. أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (627) تَعَدُّدُ الْكُفَلَاءِ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ إذَا كَفَلَ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ وَإِذَا أَبْرَأ الْكَفِيلُ بَعْضَ الْكُفَلَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْ الْبَاقِينَ بِمَجْمُوعِهِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلدَّائِنِ إنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ كَفِيلًا وَاحِدًا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ الْكُفَلَاءَ وَالْأَصِيلَ مَعًا كُلًّا بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ الْمُتَعَدِّدُونَ اثْنَيْنِ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ أَوْ يُطَالَبُ الْأَصِيلُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ، وَيَبْرَأُ الْجَمِيعُ مِمَّا يُؤَدِّيهِ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا وَلَيْسَ لِلْمُؤَدِّي هَذَا أَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْكُفَلَاءِ: (أَعْطُونِي حِصَّتَكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ أَنْتُمْ كُفَلَاءُ أَيْضًا) مَا لَمْ يَكُونُوا كُفَلَاءَ لِبَعْضٍ بِالْأَمْرِ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُعْطِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَاجَعَ الْكُفَلَاءَ الْبَاقِينَ بِحِصَصِهِمْ مَا يَدْفَعُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. لِكَوْنِ الْكُلِّ كُفَلَاءَ هُنَا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَبَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يُرَاجِعُوا الْأَصِيلَ؛ لَأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَنْهُ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِنَائِبِهِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْأَصِيلَ لِكَوْنِهِ كَفَلَ بِالْكُلِّ بِأَمْرِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَإِذَا تَصَالَحَ أَحَدُ الْكُفَلَاءِ مَعَ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بَاعَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فِي مُقَابِلِ الْمَكْفُولِ بِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. (الْبَزَّازِيَّةُ فِي نَوْعٍ آخَرَ) . إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا. وَقَوْلُ الْمَادَّةِ (عَلَى حِدَةٍ) احْتِرَازٌ مِنْ كَفَالَةِ الْكَفِيلَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا وَلَا فَرْقَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ. إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مُتَعَاقِبِينَ أَوْ فِي وَقْتٍ مَعًا فِي الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا كَفَلَ الْكُفَلَاءُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَعًا يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى تَعْدَادِ رُءُوسِهِمْ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ الَّذِينَ يَكْفُلُونَ مَعًا اثْنَيْنِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِرُبُعِ الدَّيْنِ وَلَا يُطَالِبُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يُؤَدِّي حِصَّتَهُ يَبْرَأُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) . وَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ مَنْ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ هُنَا (مَعًا) أَيْ أَنْ يَكْفُلَ كُلٌّ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ إذَا كَفَلَ كُلٌّ مِنْ الْكُفَلَاءِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يُقَسَّمُ الْمَكْفُولُ بِهِ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ. مَثَلًا إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ: نَكْفُلُ بِهَذَا الدَّيْنِ يُقَسَّمُ ذَلِكَ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِثُلُثِهِ. وَفِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَدْ يَجْتَمِعُ حُكْمُ الْفِقْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مَعًا ثُمَّ جَاءَ اثْنَانِ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْأَلْفَ وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى حِدَةٍ صَحَّ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْخَاصِ الْأَوَّلِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَلَا يَنْقَسِمُ الْمَكْفُولُ بِهِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ عَلَى عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْكُفَلَاءِ الْأَوَّلِ وَالِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ. لَكِنْ لَوْ كَانُوا كُفَلَاءَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَعًا وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْمُطَالَبَةَ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي لَزِمَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ صَحَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (645) وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِ الْكُفَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْكُفَلَاءُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ اثْنَيْنِ يُؤَاخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالنِّصْفِ بِكَفَالَتِهِ عَنْ الْأَصِيلِ وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِكَفَالَةٍ عَنْ الْكَفِيلِ. مَثَلًا لِلْكَفِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ رَأْسًا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْكَفِيلِ الثَّانِي. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ عَلَى آخَرَ فَجَاءَ آخَرُ ثُمَّ آخَرُ وَكَفَلَا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ أَحَدَ هَؤُلَاءِ الْكُفَلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. وَإِذَا أَدَّى أَحَدُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ ثُلُثَيْ مَا دَفَعَ إلَى الطَّالِبِ وَيَقُولُ لَهُمَا: (أَعْطَيَانِي ثُلُثَيْ مَا دَفَعْت؛ لِأَنَّكُمَا أَنْتُمَا أَيْضًا كَفِيلَانِ) مَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ قَدْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (645) وَفِي هَذِهِ الْحَال لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَيْنِك الِاثْنَيْنِ بِثُلُثَيْ مَا دَفَعَهُ إلَى الطَّالِبِ، وَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَحَدَ الْكَفِيلَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى ذَلِكَ الْكَفِيلِ الْمَوْجُودِ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ، وَمِنْ ثَمَّ لِلِاثْنَيْنِ مَعًا أَنْ يَرْجِعَا عَلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ بِثُلُثِ الدَّيْنِ أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِسُدُسِهِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالتَّنْقِيحُ) . وَلِهَؤُلَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْأَصِيلِ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُمْ بِأَمْرِهِ.

(المادة 648) اشترط في الكفالة براءة الأصيل

أَمَّا إذَا كَفَلَ ذَانِكَ الْكَفِيلَانِ الْأَلْفَ قِرْشٍ مَعًا فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الْكَفَالَةِ) . جَاءَ (إذَا كَفَلَ ذَانِكَ الِاثْنَانِ مَعًا) فَلَوْ جَاءَ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ ذَانِكَ الِاثْنَانِ مَعًا ثَلَاثَةٌ وَكَفَلُوا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ الشَّيْءَ نَفْسَهُ فَكَمَا يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ بِنِصْفِ الدَّيْنِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ قِرْشٍ، وَلَا يُقَالُ: بِمَا أَنَّ الْكُفَلَاءَ أَصْبَحُوا خَمْسَةً فَيَلْزَمُ أَنْ يُقَسَّمَ الدَّيْنُ عَلَى عَدَدِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْكَفِيلَيْنِ كَفِيلًا لِلْآخَرِ، فَتَلْزَمُ كُلًّا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي لَزِمَ ذِمَّةَ الْآخَرِ فَعَلَى تِلْكَ الْحَالِ يُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ، وَأَيُّهُمَا دَفَعَهُ يَبْرَأُ الثَّانِي وَلَا يُطَالَبُ الثَّانِي مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1651) لَا يُسْتَوْفَى الْحَقُّ الْوَاحِدُ مِنْ اثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 648) اُشْتُرِطَ فِي الْكَفَالَةِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ] (الْمَادَّةُ 648) (لَوْ اُشْتُرِطَ فِي الْكَفَالَةِ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تَنْقَلِبُ إلَى الْحَوَالَةِ) . وَيُصْبِحُ الْأَصِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْمَكْفُولِ بِهِ وَلَيْسَ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةٌ، سِوَى الْكَفِيلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ لَا يُطَالِبُ فِي الْحَوَالَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (790) الْأَصِيلَ الْمُحِيلَ مَعَ الْكَفِيلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) . كُنَّا ذَكَرْنَا فِي الْمَادَّةِ (621) أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ وَتَنْفُذُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ فَقَطْ، وَلَكِنْ الْكَفَالَةُ هُنَا بِمَا أَنَّهَا حَوَالَةٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا قَبُولُ الطَّالِبِ وَالدَّائِنِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحَوَالَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (680) شَرْحًا وَمَتْنًا قَبُولُ الطَّالِبِ وَالْمُحَالِ لَهُ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً رَاجِعَةً إلَى الْحَوَالَةِ وَيَجِبُ أَنْ تَأْتِيَ فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهَا وَالْمَادَّةُ الْآتِيَةُ تَوْأَمَانِ يَأْتِيَانِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَالْمَادَّةُ الْآتِيَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ فَرَأَتْ الْمَجَلَّةُ إيرَادَ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ مَعَ أَنَّ كِتَابَ الْحَوَالَةِ هُوَ الْمَكَانُ اللَّائِقُ بِهَا. [ (الْمَادَّةُ 649) الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ] (الْمَادَّةُ 649) " الْحَوَالَةُ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْمَدِينِ: أُحِلُّ بِمَالِيِ عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ ضَامِنًا أَيْضًا فَأَحَالَهُ الْمَدِينُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ طَلَبَهُ مِمَّنْ شَاءَ ". هَذَا الْعَقْدُ عَقْدُ كَفَالَةٍ مَجَازًا وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ هُوَ الْكَفِيلُ. سُؤَالٌ بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ تُشْعِرُ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِعَكْسِ الْحَوَالَةِ فَهِيَ تُنْبِئُ عَنْ زَوَالِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ وَفِي ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ لَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَلَّا يُسْتَعْمَلَ لَفْظُ الْكَفَالَةِ فِي مَعْنَى الْحَوَالَةِ. وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (191) أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ احْتِمَالِ اسْتِعْمَالِ الْبَيْعِ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِقَالَةَ ضِدَّانِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُبَايِنُ الْآخَرَ؟ الْجَوَابُ لَمَّا كَانَتْ الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ قَدْ شُرِعَتَا لِلِاسْتِيثَاقِ أَيْ لِتَأْمِينِ الدَّيْنِ وَتَوْثِيقِ الْمَطْلُوبِ

فَهُمَا مُتَّفِقَتَانِ فِي الْفَرْضِ وَالْقَصْدِ أَيْ فَلْيَكُنْ وَجْهُ الِاسْتِعَارَةِ فِيهِمَا قَصْدُ تَوْثِيقِ الدَّيْنِ، (شَرْحُ الْهِدَايَةِ لِمَوْلَانَا اللَّهِ دَادَ الْهِنْدِ، وَمِثْلُهُ فِي الْعِنَايَةِ) . فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْمَدِينِ: أُحِلُّ بِمَالِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ أَنْتَ ضَامِنًا أَيْضًا فَأَحَالَهُ الْمَدِينُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ طَلَبَهُ مِمَّنْ شَاءَ. وَكَمَا أَنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ يَأْخُذُ الْمَدِينُ الْمُحِيلَ لِسَبَبِ كَوْنِهِ أَصِيلًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 644) وَإِلَّا فَيَجْرِي فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ حُكْمُ الْمَادَّةِ (690) أَيْ عَدَمُ صَيْرُورَةِ الْمُحِيلِ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ. وَفِي الْكَفَالَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ. لَكِنْ بِمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (621) أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ وَتَنْفُذُ بِدُونِ الْقَبُولِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعْدُودَةٌ مِنْ الْكَفَالَةِ فَتَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِهَا وَتَنْفُذُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: (قَبِلْت الْحَوَالَةَ بِعَشْرِ جُنَيْهَاتٍ دَيْنًا عَلَيَّ لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَكُونَ عَمْرٌو ضَامِنًا) تَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ وَتَنْفُذُ. وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْحَوَالَةَ الَّتِي تَقَعُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ تَكُونُ كَفَالَةً وَلَكِنْ مَنْ مِنْهُمَا الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ؟ فَهَذَا لَمْ يُبَيَّنْ هُنَا. وَقَدْ ذَكَرَ فِي إحْدَى شُرُوحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْكَفِيلَ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْأَصِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ (الْمَكْفُولُ عَنْهُ) وَعِبَارَةُ الْعَيْنِيِّ (كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ - وَهِيَ نَقْلُ دَيْنٍ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا أَيْ بِالْحَوَالَةِ الْمُحِيلُ وَهُوَ الْمَدِينُ - كَفَالَةً فَحِينَئِذٍ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ أَوْ الْمُحِيلَ؛ لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ فَيَتَخَيَّرُ فِي طَلَبِ أَيُّهَا شَاءَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ طَالَبَ إلَخْ) وَقَدْ قَبِلَتْ دَارُ الْفَتْوَى هَذَا الْوَجْهَ. وَذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَقِلْ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ كَفَالَةُ الْمُحِيلِ بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَهَذَا لَيْسَ لَهُ مَعْنًى وَفَائِدَةٌ، مُطْلَقًا أَيْ بِمَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ هُنَا ضَمُّ ذِمَّةٍ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْمُحِيلِ كَفِيلًا وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ أَصِيلًا. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ مِنْ الضَّرُورِيِّ هُنَا أَنْ نَقُولَ: إنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ. لَكِنْ إذَا قِيلَ: إنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ اُعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ عَقْدَانِ أَيْ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ بِقَوْلِ: (أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ) وَبِذَلِكَ يَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَبِقَوْلِهِ (عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) يُصْبِحُ الْمُحِيلُ كَفِيلًا وَإِذْ لَا يَكُونُ الْمُحِيلُ بِذَلِكَ كَفَلَ دَيْنَ نَفْسِهِ. بَيْدَ أَنَّهُ لِأَجْلِ انْتِقَالِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةً عَلَى قَاعِدَةِ (الِاعْتِبَارِ لِلْمَعَانِي، لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي) وَالْحَالُ قَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَحْرِ عَلَى كَوْنِهَا مُتَفَرِّعَةً عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَعِبَارَةُ الْعَيْنِيِّ هِيَ: قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ حَوَالَةً كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْرَأَ بِهَا الْمُحِيلُ كَفَالَةٌ اعْتِبَارًا لِلْمَعْنَى فِيهِمَا مَجَازًا لَا لِلَّفْظِ وَإِذَا صَارَتْ حَوَالَةً تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُهَا وَكَذَا فِي عَكْسِهِ تَجْرِي أَحْكَامُ الْكَفَالَةِ انْتَهَى. لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْحَوَالَةِ قَوْلُهُ: بَرِئَ الْمُحِيلُ بِالْقَبُولِ مِنْ الدَّيْنِ غَيْرُ شَامِلٍ لِمَا

(المادة 650) كفل أحد بدين أحد على أن يؤديه من المال المودع عنده

إذَا كَانَ الْمُحِيلُ كَفِيلًا. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ بِأَنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ إلَّا أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْبَحْرِ هُوَ أَنْ تُعْقَدَ الْحَوَالَةُ بِلَا شَرْطٍ فَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (960) ثُمَّ يَكْفُلُ الْمُحِيلُ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ، وَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ مِنْ الْحَوَالَةِ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلًا إلَّا أَنَّهُ أَصْبَحَ مُؤَاخَذًا بِكَفَالَتِهِ الَّتِي وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَبِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْعِبَارَاتِ الَّتِي تُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ هُوَ الْمُحِيلُ عَلَى مَعَانٍ أُخْرَى، فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْكَفِيلِ هُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ قَبْلًا وَقَدْ قَبِلَتْهُ دَارُ الْفَتْوَى الْعُلْيَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ سَابِقًا. [ (الْمَادَّةُ 650) كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ] (الْمَادَّةُ 650) لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ يَجُوزُ وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَلَكِنْ لَوْ رَدَّ ذَلِكَ الْمَالَ الْمُودِعَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ يَكُونُ ضَامِنًا. تَكُونُ الْكَفَالَةُ بِإِيفَاءِ دَيْنٍ مِنْ مَالٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: الْأُولَى أَنْ يُعْطَى مِنْ مَالِ الْأَمَانَةِ الَّذِي فِي يَدِ الْكَفِيلِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ بِأَمْرِهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ كَالْأَمَانَةِ تَجُوزُ هَذِهِ اسْتِحْسَانًا وَيُجْبَرُ الْكَفِيلُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ. قَالَتْ الْمَجَلَّةُ: (مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ بِعِشْرِينَ جُنَيْهًا دَيْنًا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ خَمْسَةَ عَشْرَ جُنَيْهًا الَّتِي فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الْخَمْسَةَ عَشْرَ جُنَيْهًا، أَمَّا الْخَمْسَةُ جُنَيْهَاتٍ الْبَاقِيَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْكَفَالَةُ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْهَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهَا كَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوفِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ ذَلِكَ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ فَلَيْسَ الْمُحَالُ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ، (الذَّخِيرَةُ) . وَهَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَمَانَةِ الَّتِي مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ؟ أَمْ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ الْأَمَانَةُ عَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ كَالدَّيْنِ فَالْكَفِيلُ مُجْبَرٌ عَلَى إعْطَاءِ الْعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةُ جُنَيْهَاتٍ وَالْأَمَانَةُ فَرَسًا وَكَفَلَ بِالدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى مِنْ الْأَمَانَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَعَلَى الْكَفِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْأَمَانَةَ وَيُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ بَدَلِهَا وَلَكِنْ هَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ مَشَقَّةِ الْبَيْعِ وَمَئُونَتِهِ؟ قَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (761) أَنَّ الْعَدْلَ الَّذِي وُكِّلَ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا لَكِنْ يُسْتَفَادُ أَنَّ هَذِهِ الْوَدِيعَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ مُحْتَاجٌ لِلتَّحَرِّي أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَحْتَاجُ إلَى الْحَلِّ وَإِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ عِنْدَ الْكَفِيلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (777) ؟ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْقَوْلُ فِي تَلَفِهِ لِلْكَفِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774)

فَالْمَجَلَّةُ لَا تَقْصِدُ بِقَوْلِهَا: (إذَا تَلِفَ) ، الِاحْتِرَازَ عَنْ شَيْءٍ آخَرَ فَإِذَا غَصَبَهُ صَاحِبُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْوَدِيعِ وَأَتْلَفَهُ أَصْبَحَ الْوَدِيعُ أَيْ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانٌ. لَكِنْ لَوْ رَدَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ الْمُودَعَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ أَوْ أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِإِذْنِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَيُؤَاخَذُ بِكَفَالَتِهِ وَالْمَقْصُودُ بِالرَّدِّ هُنَا أَنْ يُعْطَى بِرِضَاءِ الْكَفِيلِ. أَمَّا إذَا أَخَذَهُ الْأَصِيلُ جَبْرًا فَلَيْسَ الْكَفِيلُ بِمَسْئُولٍ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا. وَقَدْ قُيِّدَتْ هَذِهِ الْكَفَالَةُ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ بِقَصْدِ كَوْنِهَا وَقَعَتْ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي الْكَفَالَةِ بِدُونِ أَمْرٍ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (963) . وَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الدَّيْنَ مِنْ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ الْآتِيَةَ. وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (يَكُونُ ضَامِنًا) فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا بِالْمَكْفُولِ بِهِ أَيْ يَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ؟ يَكُونُ ضَامِنًا بَدَلَ الْوَدِيعَةِ. وَسَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (754) أَيْ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْعَدْلِ أَنْ يُعْطَى الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ رِضَا الْآخَرِ وَإِنْ أَعْطَاهُ وَتَلِفَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِهِ ضَمِنَ بَدَلَ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَ الدَّيْنَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ بَدَلُ الْوَدِيعَةِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ أَدَاءُ بَدَلِهَا تَامًّا وَعِنْدَمَا يَكُونُ بَدَلُهَا أَقَلَّ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ الدَّيْنِ عَنْ الْبَدَلِ وَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ ضَمِنَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَيَكُونُ قَدْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْكَفَالَةُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الَّذِي سَيَصِيرُ كَفِيلًا مَالٌ كَذَا وَدِيعَةً وَكَفَلَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ بِبَيْعِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ الْأَصِيلِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْكَفِيلِ صَلَاحِيَّةٌ وَحَقٌّ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا وَقَعَتْ كَفَالَةٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ قَدْ عُقِدَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ الْكَفِيلُ مَعَهُ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّنْفِيذِ فَلَا حُكْمَ لَهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْمَكْفُولِ لَهُ (مِنْ ضَمَانٍ كردم ويذير فَتَمّ كه بَاغَ ويرا فروشهم، آن مَال بتودهم) أَوْ قَالَ يذير فَتُيَمّ كُهْ أَيْنَ مَال أُزْكِهِ وي بُدّهمْ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إضَافَةُ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ، مَثَلًا لَوْ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى مَالِهِ كَأَنْ يَكْفُلُ أَحَدٌ بِدَيْنِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ هَذَا الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ هَذِهِ فَإِذَا لَمْ يَبِعْ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ احْتَرَقَتْ قَبْلَ بَيْعِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهَا مِنْ نَفْسِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الدَّارَ بِيعَتْ بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ وَالْمَكْفُولُ بِهِ أَلْفُ قِرْشٍ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ غَيْرِ مِقْدَارِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ثَمَنِ فَرَسِهِ وَتَلِفَ الْفَرَسُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ. وَإِذَا لَمْ يَبِعْ الْكَفِيلُ الْفَرَسَ بِنُقُودٍ بَلْ أَبْدَلَهَا بِبَغْلٍ كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ

(المادة 651) كفل أحد بنفس شخص على أن يحضره في الوقت الفلاني

ذَلِكَ الْبَغْلِ بِنُقُودٍ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ، إلَّا أَنَّهُ إنْ بَاعَ أَخِيرًا ذَلِكَ الْبَغْلَ بِنَقْدٍ فَيُؤْمَرُ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ، لَكِنْ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ثَمَنِ بَغْلِهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَغْلٌ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا لَوْ كَفَلَ بِدَيْنٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ثَمَنِ مَالِهِ هَذَا عِنْدَ بَيْعِهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَيُجْبَرُ عِنْدَ بَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ تَعَهَّدَ بَيْعَ مَالِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكْفُلَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ أَجْنَبِيٍّ. أَيْ إذَا أَضَافَ الْكَفِيلُ كَفَالَتَهُ إلَى مَالٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنٍ عَلَى أَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْبَغْلِ وَلَيْسَ الْبَغْلُ مَالًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَالْبَزَّازِيَّة فِي الثَّانِي فِي الْمُعَلَّقَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 651) كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ] (الْمَادَّةُ 651) لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ دَيْنِهِ فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ فَإِنْ سَلَّمَتْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَرَفِ الْكَفِيلِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ هُوَ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ يَلْزَمُ أَدَاءُ الْمَالِ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ، وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ طَالَبَ وَرَثَتَهُ وَلَوْ أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ وَاخْتَفَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ رَاجَعَ الْكَفِيلُ الْحَاكِمَ عَلَى أَنْ يُنَصِّبَ وَكِيلًا عِوَضًا عَنْهُ وَيُسَلِّمُهُ. تَصِحُّ الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ الْمُضَافَةُ وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى شَرْطٍ مُتَعَارَفٍ فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الْمُضَافَةِ زَيْدٌ وَالْمَكْفُولَ لَهُ بَكْرٌ وَكَذَلِكَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ الْمَكْفُولُ عَنْهُ زَيْدٌ وَالْمَكْفُولُ لَهُ بَكْرٌ، فَلَوْ أَحْضَرَ الْكَفِيلُ زَيْدًا فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَسَلَّمَهُ إلَى بَكْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَالِيٌّ؛ لِأَنَّهُ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) أَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَلَا يَثْبُتُ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ أَيْ لَا تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ أَيْ يَكُونُ الشَّرْطُ مَعْدُومًا. وَقَدْ أُشِيرَ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ: (أَدَاءُ دَيْنِهِ) إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَدْ بَنَى عَدَمَ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ فِي قَوْلِهِ (أَدَاءُ دَيْنِهِ) عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (630) وَعَلَى التَّقْدِيرِ لَوْ ثَبَتَ الشَّرْطُ وَثَبَتَتْ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ لَزِمَ الْكَفِيلَ كُلُّ مَا يُقِرُّ بِهِ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الْمَالِ أَوْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ.

وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْكَفِيلُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ تَعْبِيرَ (لِأَدَاءِ دَيْنِهِ) احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ إذَا لَمْ يَتَعَهَّدْ بِتَأْدِيَةِ دَيْنِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَإِنَّمَا تَعَهَّدَ الْكَفِيلُ بِإِعْطَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ رِشْوَةً (أَيْ تَعْوِيضًا) وَهَذَا لَا يَصِحُّ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الْكَفَالَةِ) . فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ سَبَبٍ مَشْرُوعٍ كَأَنْ يَمْرَضَ الْكَفِيلُ أَوْ يُحْبَسَ أَوْ يَخْتَفِيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَلَمْ يَعْلَمْ مَقَرَّهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ الَّتِي تَجْعَلُهُ عَاجِزًا عَنْ إحْضَارِهِ وَتَسْلِيمِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لَزِمَهُ أَدَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (636) . وَلَا يَخْلُصُ الْكَفِيلُ بِمُجَرَّدِ تَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ هَكَذَا مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الْمُضَافَةِ وَيَكُونُ مُطَالَبًا بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) لِمَا بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ مِنْ الْمُنَافَاةِ؛ لِأَنَّ كِلْتَيْهِمَا لِلتَّوَثُّقِ فَلَعَلَّ لِلْمَكْفُولِ لَهُ طِلْبَةً أُخْرَى عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَفَالَةً مُعَلَّقَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا عَجَزَ الْكَفِيلُ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا بِأَنْ حُبِسَ أَوْ مَرِضَ أَوْ اخْتَفَى الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاهْتِدَاءُ إلَيْهِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مَالِيٌّ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ مَعَ الِاقْتِدَارِ، وَبِمَا أَنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ الْكَفِيلُ عَنْ إحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَنْ مَاتَ أَوْ حُبِسَ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْهِنْدِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَيْ سَقَطَتْ عَنْ الْكَفِيلِ فَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بِهَا، وَمَوْتُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أَبْطَلَ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ تَسْلِيمِهِ إلَى الطَّالِبِ لَا فِي حَقِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَيَّدَ صَاحِبُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفَاةَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ التَّسْلِيمَ وَبِهَذَا يَزُولُ إشْكَالُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ هُوَ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ بِالْمَطْلُوبِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا قَيَّدَ الْمَوْتَ بِمَا بَعْدَ الْغَدِ يَكُونُ قَدْ وَجَدَ شَرْطَ الضَّمَانِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ بِهِ غَدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ: وَإِذَا كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ قَائِلًا: إنَّنِي إنْ لَمْ أُوفِ بِهِ غَدًا فَالْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ فَهُوَ عَلَيَّ. فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ ثُمَّ مَضَى الْغَدُ يَصِيرُ كَفِيلًا بِالْمَالِ. فَبَيْنَ مَا جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ وَمَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مُبَايِنَةٌ. وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (أَنْ يُحْضِرَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَطْلُبُهُ الْمَكْفُولُ لَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَعَلَيْهِ دَيْنُهُ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ

فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أَدَاءُ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ لَا تَصِحُّ بَعْدَ الْمَوْتِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ الَّذِي يُوجِبُ الْمَالَ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . لَوْ أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ كَفَالَةً حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَلَمْ يُحْضِرْ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مَالِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ شَرْطُ الضَّمَانِ بَقَاءَ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ فَقَدْ زَالَ بِالْإِبْرَاءِ وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ فَإِنَّهَا بِالْمَوْتِ زَالَتْ أَيْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وُضِعَ لِفَسْخِ الْكَفَالَةِ فَتُفْسَخُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالِانْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ الْمُقَيَّدِ فَيَقْتَصِرُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعَدِّيهِ إلَى الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، نَهْرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَالَتْ الْمَجَلَّةُ (فَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ) ؛ لَأَنْ لَوْ كَفَلَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ عَلَى أَنْ يُحْضِرَ فُلَانًا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانٌ وَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِبُطْلَانِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ هُنَا إذَا شَرَطَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ خَيْرًا وَيَتَصَدَّقَ بِهِ لِلُزُومِهِ مَالَهُ فَذَلِكَ شَرْطٌ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ وَلَا يَجُوزُ التَّعْلِيقُ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ فِي الْكَفَالَةِ كَمَا وَضَحَ آنِفًا ضَمَانٌ إذَا أَحْضَرَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَالِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْكَفِيلُ فِي إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَسْلِيمِهِ وَأَثْبَتَ الْكَفِيلُ إحْضَارَهُ وَتَسْلِيمَهُ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَيَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الْمَالِ. قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرَحَهُ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُهَا (أَيْ الْمُوَافَاةِ) وَلِكَوْنِ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ فَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْبَرَاءَةَ وَالطَّالِبُ الْوُجُوبَ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَسَلَّمَتْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِنَاءً عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ بِإِحْضَارِهِ وَتَسْلِيمِهِ، أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ قَبْلَ مُرُورِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ مُصَرِّحًا بِذَلِكَ. فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى طَرَفِ الْكَفِيلِ شَيْءٌ مَالِيٌّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) قَبْلَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ يَنْعَدِمُ الشَّيْءُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَزِمَ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ الشَّرْطِ. وَإِذَا لَمْ تُسَلِّمْ الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَمَرَّ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ يَلْزَمُ أَدَاءُ الْمَالِ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي الْكَفَالَةِ إذَا تَحَقَّقَ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي مِنْ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمُحَرَّرَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (636) وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمَالِ. قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجَلَّةِ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ لَهُ وَفِيمَا يَلِي بَيَانٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ:

إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي شُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِيهِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ. أَمَّا الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ فَتَبْقَى، وَإِذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ لَزِمَتْ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ. أَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْفَتْحِ فَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ هَذِهِ أَيْضًا وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلًا فِي ذَلِكَ. وَلَوْ أَحْضَرَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَاخْتَفَى الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ أَيْ إذَا اخْتَفَى كَيْ لَا تُسَلَّمَ إلَيْهِ نَفْسُ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَنْعَقِدُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فَيُرَاجِعُ الْكَفِيلُ الْحَاكِمَ عَلَى أَنْ يُنَصِّبَ وَكِيلًا عِوَضًا عَنْهُ وَيَسْتَلِمُهُ. وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَكِيلِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذَا الْوَكِيلُ أَحَدُ الْوُكَلَاءِ الَّذِينَ يُنَصِّبُهُمْ الْحَاكِمُ عَنْ الْغَائِبِينَ وَسَيَأْتِي الْبَاقِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1830) فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُطْلَبُ تَسْلِيمُهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دَيْنُهُ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ تَسْلِيمُهُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ. (إذَا أَرَادَ التَّسْلِيمَ) مَعْنَاهَا التَّشَبُّثُ بِالْإِحْضَارِ وَالتَّسْلِيمِ حَسَبَ بَيَانِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) . وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ التَّسْلِيمُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ. صُوَرٌ ثَلَاثٌ لِلْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الْمُضَافَةِ وَالْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ. فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ - الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ - فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الْمُضَافَةِ وَالْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ - وَاحِدًا كَمَا مَرَّ مَعَنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ هُمَا نَفْسَيْهِمَا فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ؛ لِأَنَّ بَكْرًا الْمَكْفُولَ لَهُ فِي الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ مَكْفُولٌ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ مَعًا، كَمَا أَنَّ زَيْدًا مَكْفُولٌ عَنْهُ فِي الِاثْنَيْنِ مَعًا أَيْضًا. فَالْكَفَالَةُ النَّفْسِيَّةُ الْمُضَافَةُ وَالْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ الْمُعَلَّقَةُ عَلَى هَذِهِ صَحِيحَتَانِ. وَبِمَا أَنَّ تَفْصِيلَ ذَلِكَ وَإِيضَاحَهُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا فَلَا لُزُومَ إلَى إعَادَتِهِ هُنَا. الثَّانِيَةُ - أَنْ يَتَعَدَّدَ الْمَطْلُوبُ - الْمَكْفُولُ عَنْهُ - فِي هَاتَيْنِ الْكَفَالَتَيْنِ وَالْمَكْفُولُ لَهُ وَاحِدٌ فِيهِمَا. وَهَذِهِ الصُّورَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةُ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى قَوْلٍ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهَا الْمَجَلَّةُ. مَثَلًا - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ غَدًا إلَى زَيْدٍ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِدَيْنِ زَيْدٍ الَّذِي عَلَى بَكْرٍ وَكَانَ عَمْرٌو أَجْنَبِيًّا عَنْ بَكْرٍ بِالْكُلِّيَّةِ أَيْ أَنَّ الْكَفَالَةَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ الدَّيْنُ

الْمَكْفُولُ بِهِ بِوَجْهٍ كَأَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا أَوْ يَكْفُلُ الشُّرَكَاءُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ إذَا سَلَّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّن، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ (زَيْدٌ) وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ (عَمْرٌو) وَفِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ (بَكْرٌ) . الثَّالِثَةُ - تَعَدُّدُ الطَّالِبِ (الْمَكْفُولِ لَهُ) فِي الْكَفَالَتَيْنِ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فِي الْكَفَالَتَيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا: مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى أَحَدٍ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ يَكُونُ كَفِيلًا بِمَطْلُوبِ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ. كَذَا لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِنَفْسِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ غَدًا إلَى فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِدَيْنِ فُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ فَالْكَفَالَةُ الثَّانِيَةُ - الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ - لَيْسَتْ صَحِيحَةً. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 636) (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ مَدِين وَلَدَى مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْمَدِينِ كَفَلَ آخَرُ نَفْسَ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ وَيُسَلِّمَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِدَيْنِ الْمَدِينِ الْمَذْكُورِ كَانَ صَحِيحًا. وَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالٌ وَلَمْ يَكْفُلْ بِهِ أَحَدٌ كَذَا فِي (كَافِي الْحَاكِمِ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ أُولَى - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُحْضِرْهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِإِعْطَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ مِائَةَ قِرْشٍ (أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَا كَفِيلٌ بِدَيْنِ الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ) وَلَمْ يُحْضِرْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ يُنْظَرُ: فَإِذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ مِائَةُ قِرْشٍ طُولِبَ الْكَفِيلُ بِهَا، وَإِذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ دَيْنٌ مَا وَبِمَا أَنَّ كَفَالَتَهُ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ إقْرَارٌ مُعَلَّقٌ لِلْمَكْفُولِ لَهُ الطَّالِبِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ عَلَى أَنَّ لَهُ مِائَةَ قِرْشٍ عَلَى الْأَصِيلِ وَأَنَّ الْكَفِيلَ قَدْ كَفَلَهَا كَفَالَةً مُعَلَّقَةً عَلَى الْمُوَافَاةِ، أَمَّا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَلْزَمُ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَتَعَهَّدَ بِإِعْطَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ مِائَةَ قِرْشٍ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ: فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى دَيْنٍ آخَرَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ وَلِذَلِكَ قَالُوا بِاقْتِضَاءِ إعْطَاءِ الْمِائَةِ قِرْشٍ إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) . مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ الْحَقَّ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ شَخْصٌ قَائِلًا (أَتْرُكْ هَذَا الرَّجُلَ وَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ أَحْضُرْ غَدًا أَكُونُ كَفِيلًا بِحَقِّك الْمَذْكُورِ) فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْكَفِيلُ فِي الْغَدِ لَزِمَ الْكَفِيلَ ضَمَانُ ذَلِكَ الْحَقِّ. وَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فِي بَيَانِ مَا هُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي

(المادة 652) إن كان الدين معجلا على الأصيل في الكفالة المطلقة

الصِّحَّةَ وَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْفَسَادَ (وَفِي النِّهَايَةِ) فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي يَنْصَرِفُ بَيَانُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى وَالْمُلَازَمَةِ فَيُظْهِرُ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْكَفَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِعَشْرَةِ جُنَيْهَاتٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَضْعَهَا أَنَّهَا جُنَيْهَاتٌ عُثْمَانِيَّةٌ أَوْ فَرَنْسِيَّةٌ فَتَقَدَّمَ شَخْصٌ قَائِلًا (اُتْرُكْ هَذَا الرَّجُلَ وَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ وَإِذَا لَمْ أُحْضِرْهُ غَدًا فَعَلَيَّ الْعَشَرَةُ جُنَيْهَاتٍ) فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَزِمَ الْكَفِيلَ ضَمَانُ الْعَشَرَةِ جُنَيْهَاتٍ وَالْقَوْلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فِي بَيَانِ وَضْعِهَا. كَذَلِكَ إذَا قَالَ عِنْدَمَا أَرَادَ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ أَحَدٍ: (أَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَإِذَا لَمْ أُسَلِّمْهُ غَدًا فَأَنَا كَفِيلٌ بِالشَّيْءِ الَّذِي لِلطَّالِبِ) فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْمَالِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ: لَيْسَ لَك عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ، فَالْقَوْلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْكَفِيلِ. كَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فَقَالَ الْكَفِيلُ: إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِلطَّالِبِ عَلَيْك مِائَةُ قِرْشٍ، وَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ: إنَّ مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ لِلطَّالِبِ مِائَتَا قِرْشٍ يَكُونُ إقْرَارُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَاصِرًا عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ قِرْشٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يَقُلْ: (إذَا لَمْ أُسَلِّمْهُ غَدًا فَأَنَا ضَامِنٌ بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ) وَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ الْكَفِيلُ مَا يُقِرُّ بِهِ الْمَكْفُولُ عَنْهُ. وَلَوْ قَالَ فَعَلَيْهِ مَا يَدَّعِي الطَّالِبُ وَلَوْ ادَّعَى أَلْفًا وَأَقَرَّ لَهُ بِهَا الْمَطْلُوبُ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ إلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ كَفَلَ بِمَالِهِ وَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ إذَا أَحْضَرَهُ إلَى الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَجِدْ الرَّجُلَ الْمُعَيَّنَ لِلتَّسْلِيمِ وَوُجِدَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَلَمْ يَجِدْ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَيْ الطَّالِبَ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بِكَفَالَةٍ نَفْسِيَّةٍ فَقَطْ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 652) إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُطْلِقَةِ] (الْمَادَّةُ 652) إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْكَفَالَةِ الْمُطْلِقَةِ فَفِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَثْبُتُ مُعَجَّلًا وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فَفِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَثْبُتُ مُؤَجَّلًا. أَيْ إنَّ الدَّيْنَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ بِدُونِ ذِكْرِ شَرْطِ التَّأْجِيلِ أَوْ التَّقْسِيطِ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا الْكَفَالَةُ الْمُرْسَلَةُ - يَجِبُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ كَمَا يَجِبُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فَفِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَثْبُتُ مُعَجَّلًا وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى الْأَصِيلِ فَفِي حَقِّ الْكَفِيلِ أَيْضًا يَثْبُتُ مُؤَجَّلًا وَإِنْ كَانَ مُقَسَّطًا عَلَى الْأَصِيلِ فَفِي حَقِّ الْكَفِيلِ يَثْبُتُ مُقَسَّطًا وَفِي هَذَا قَدْ تَبِعَ الْفَرْعُ الْأَصْلَ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّة (635) . مِثَالٌ لِلْمُعَجَّلَةِ: لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِمَا فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُعَجَّلًا كَفَالَةً مُطْلَقَةً لَزِمَ الْكَفِيلَ أَدَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ فِي الْحَالِ.

(المادة 653) يطالب الكفيل في الكفالة المقيدة بالوصف الذي قيدت به

مِثَالٌ لِلْمُؤَجَّلَةِ، لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدِ النَّاسِ مِنْ ثَمَنِ الْبَيْعِ كَفَالَةً مُطْلَقَةً مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِهِ أَيْضًا (الْبَهْجَةُ) . مِثَالٌ لِلْمُقَسَّطَةِ، لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنٍ عَلَى آخَرَ كَفَالَةً مُطْلَقَةً وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ وَمُقَسَّطٌ عَلَى عَشَرَةِ أَشْهُرٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ مِنْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةَ قُرُوشٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ كُلِّهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِلْأَقْسَاطِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا الْكَفِيلَ (النَّتِيجَةُ) وَقَيَّدَ الْمُطْلَقَةَ هُنَا احْتِرَازًا عَنْ الْمُقَيَّدَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ حُكْمُ الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ. [ (الْمَادَّةُ 653) يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْوَصْفِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ] (الْمَادَّةُ 653) : يُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْوَصْفِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ. وَالتَّقْسِيطِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يُرَاعَى الشَّرْطُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (83) بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَيَكُونُ التَّأْجِيلُ إلَى الْوَفَاةِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: (أَنَا كَفِيلٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنْ لَا أُؤَدِّيَهُ فِي حَيَاتِي) صَحَّ. وَيُسْتَوْفَى بَعْدَ وَفَاةِ الْكَفِيلِ مِنْ تَرِكَتِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّنِي كَفِيلٌ بِالْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ عَلَى أَنْ لَا أَدْفَعَهَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بَاطِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ كَفَالَةً مُطْلَقَةً أَنَّهُ تَجُوزُ كَفَالَةُ الدَّيْنِ الْحَالِّ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . لِلْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ الَّتِي تَقَعُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً تِسْعُ صُوَرٍ: لِأَنَّ الدَّيْنَ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مُقَسَّطًا وَالْكَفَالَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ حَالِّيَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً أَوْ مُقَسَّطَةً فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ تِسْعُ مَسَائِلَ: 1 - الْكَفَالَةُ الْحَالِّيَّةُ بِدَيْنٍ حَالِيٍّ. 2 - الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِدَيْنٍ حَالِّيٍّ. 3 - الْكَفَالَةُ بِدَيْنٍ حَالِّيٍّ مُقَسَّطَةً. 4 - الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. 5 - الْكَفَالَةُ الْحَالِيَّةُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. 6 - الْكَفَالَةُ الْمُقَسَّطَةُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. 7 - الْكَفَالَةُ الْمُقَسَّطَةُ بِدَيْنٍ مُقَسَّطٍ. 8 - الْكَفَالَةُ الْحَالِّيَّةُ بِدَيْنٍ مُقَسَّطٍ. 9 - الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِدَيْنٍ مُقَسَّطٍ. وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ. وَإِنَّمَا يَلْزَمُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. فَإِذَا كَانَ الْكَفِيلُ كَفِيلًا كَفَالَةً مُعَجَّلَةً أَوْ كَفِيلًا كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً أَوْ مُقَسَّطَةً يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ الْمُعَجَّلَةِ حَالًا وَبِالْكَفَالَةِ الْمُؤَجَّلَةِ عِنْدَ

(المادة 654) الكفالة تصح مؤجلة بالمدة المعلومة وتصح بمدة أزيد

حُلُولِ الْأَجَلِ وَبِالْكَفَالَةِ الْمُقَسَّطَةِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الْقِسْطِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً فَالدَّائِنُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِهِ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. كَذَلِكَ عَلَى الدَّائِنِ أَيْضًا الِانْتِظَارُ إلَى حُلُولِ أَجَلِ الْقِسْمِ الْمُؤَجَّلِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ. الِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ وَالْقَيْدُ - إذَا اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ وَالطَّالِبُ فَقَالَ الطَّالِبُ (إنَّك كَفَلْت فِي الْحَالِ) وَقَالَ الْكَفِيلُ (إنَّنِي كَفَلْت بِالدَّيْنِ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَك حَقُّ الْمُطَالَبَةُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ) فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ مُنْكِرٌ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الْحُكْمُ فِي الْإِقْرَارِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ أَلْفَ قِرْشٍ مُؤَجَّلَةً إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ لَهُ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مُعَجَّلٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ لَهُ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمُقِرَّ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ يَدَّعِي بِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ شَهْرًا لِنَفْسِهِ أَمَّا الدَّائِنُ بِمَا أَنَّهُ مُنْكِرٌ تَأْخِيرَ الْمُطَالَبَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي أَيْ الْمُقِرِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ يُقِرَّ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ عَلَى الْكَفِيلِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَاَلَّذِي يَثْبُتُ فِي حَقِّهِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الْمُطَالَبَةِ. فَإِذَا ادَّعَى الطَّالِبُ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ وَأَنْكَرَ الْكَفِيلُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الطَّالِبِ. وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْمُطَالَبَةِ يَتَنَوَّعُ إلَى الْتِزَامِهَا فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْكَفَالَةِ بِمَا ذَابَ أَوْ بِالدَّرَكِ فَإِنَّمَا أَقَرَّ بِنَوْعٍ مِنْهَا فَلَا يُلْزَمُ بِالنَّوْعِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 654) الْكَفَالَةُ تَصِحّ مُؤَجَّلَةً بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ وَتَصِحُّ بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ] (الْمَادَّةُ 654) كَمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مُؤَجَّلَةً بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ الَّتِي أُجِّلَ بِهَا الدَّيْنُ كَذَلِكَ تَصِحُّ مُؤَجَّلَةً بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَيْضًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا. وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ تَصِحُّ كَفَالَةُ الدَّيْنِ الْحَالِيِّ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً. مَثَلًا كَمَا تَصِحُّ كَفَالَةُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إلَى شَهْرٍ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً تَصِحُّ كَفَالَتُهُ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً إلَى خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْمُسَمَّى، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . عَوْدَةُ الْأَجَلِ بَعْدَ السُّقُوطِ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ - لَوْ بَاعَ الْكَفِيلُ مَالًا لِلْأَصِيلِ وَسَلَّمَهُ إلَى الطَّالِبِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَبَعْدَ تَأْدِيَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ضَبَطَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ رَدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ عَادَ الْأَجَلُ. أَيْ أَنَّ الْكَفِيلَ يُطَالَبُ بِالْمَكْفُولِ بِهِ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ أَمَّا إذَا أَقَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْبَيْعَ أَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ فِي الْحَالِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 196) وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ مَالًا وَلَكِنْ فَضَاهَا وَعَجَّلَهَا فَوَجَدَهَا سَتُّوقَةً فَرَدَّهَا كَانَ الْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى أَجَلِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَجَدَهَا زُيُوفًا أَوْ مُبَهْرَجَةً وَرَدَّهَا بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) .

سُقُوطُ الْأَجَلِ بِوَفَاةِ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ بِوَفَاتِهِمَا) . قُلْنَا: إنَّ الْكَفِيلَ لَا يُطَالَبُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. لَكِنْ يَسْقُطُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِوَفَاتِهِ. وَيُسْتَوْفَى الْمَكْفُولُ بِهِ حَالًا مِنْ تَرِكَتِهِ أَمَّا الْأَجَلُ فَلَا يَسْقُطُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ. وَعَلَيْهِ إذَا أَدَّى الْوَرَثَةُ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ التَّرِكَةِ كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِكَوْنِ الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ. وَلَيْسَ لَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ فِي حَيَاتِهِ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْأَصِيلُ بَطَلَ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ وَحَلَّ الدَّيْنُ. أَمَّا الْأَجَلُ فَلَا يَبْطُلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لِوَفَاةِ الْأَصِيلِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْمَكْفُولُ لَهُ تَضْمِينَ الْكَفِيلِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِانْتِظَارِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ طَلَبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُؤَدَّى إلَيْهِ حَالًا. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ كِلَاهُمَا فَالْأَجَلُ يَبْطُلُ فِي حَقِّهِمَا فَإِنْ شَاءَ الطَّالِبُ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ حَالًا وَإِنْ شَاءَ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ كَمَا هُوَ ثَابِتٌ قَبْلَ ذَلِكَ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ أُولَى - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ مُعَجَّلٌ كَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ مَبِيعٍ وَأَجَّلَ عَلَى أَنْ يَكْفُلَ بِهِ فُلَانٌ يَصِحُّ التَّأْجِيلُ إذَا كَانَتْ كَفَالَةُ فُلَانٍ مَقْبُولَةً سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ غَيْرِ الْقَرْضِ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَيُؤَجَّلُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ أَيْضًا، وَإِنْ اتَّفَقَا أَيْ الشَّاهِدَانِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَفِيلٌ بِهِ إلَى شَهْرٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقْرَبَ الْأَجَلَيْنِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) . لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ يَسْتَلْزِمُ التَّأْجِيلَ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ أَيْضًا. لَكِنْ إذَا شَرَطَ الطَّالِبُ وَقْتَ الْكَفَالَةِ التَّأْجِيلَ لِلْكَفِيلِ فَقَطْ أَوْ أَضَافَ التَّأْجِيلَ إلَى نَفْسِ الْكَفِيلِ فَلَا يُؤَجَّلُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ أَمَّا إذَا كَفَلَ قَرْضًا كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً ثَبَتَ التَّأْجِيلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ قَالَ الْكَفِيلُ: أَجِّلْنِي وَأَضَافَ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا مَرَّ ذِكْرُهُ ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ فَقَطْ، وَإِذَا قَالَ لِلطَّالِبِ: أَجِّلْ الدَّيْنَ وَلَمْ يُضِفْ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ وَقَبِلَ الطَّالِبُ ثَبَتَ التَّأْجِيلُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ كَفِيلٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى فُلَانٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ

(المادة 655) لو أجل الدائن دينه في حق الأصيل

كَفَالَةً حَالِيَّةً، وَأَنْكَرَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ مُطْلَقًا أَوْ أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ وَادَّعَى التَّأْجِيلَ وَشَهِدَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِأَنَّهَا مُؤَجَّلَةً إلَى سَنَةٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ شَهِدَ أَنَّهَا حَالِيَّةٌ تَثْبُتُ الْكَفَالَةُ مُعَجَّلَةً فِي الصُّورَتَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 655) لَوْ أَجَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ] (الْمَادَّةُ 655) لَوْ أَجَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ يَكُونُ مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ أَيْضًا. وَالتَّأْجِيلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ تَأْجِيلٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الثَّانِي أَيْضًا، وَأَمَّا تَأْجِيلُهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ. أَيْ لَوْ أَجَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ وَكَانَ الْكَفِيلُ مُطَالَبًا بِالدَّيْنِ مُعَجَّلًا كَأَنْ كَفَلَهُ كَفَالَةً مُطْلَقَةً يَكُونُ مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ الْأَصْلَ. وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. أَمَّا إذَا رَدَّ الْأَصِيلُ التَّأْجِيلَ فَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ حَالًا بِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا وُجِدَ كَفِيلٌ لِلْكَفِيلِ يَكُونُ التَّأْجِيلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ تَأْجِيلٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الثَّانِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّانِي كَالْأَصِيلِ وَكَفِيلَ الْكَفِيلِ كَالْكَفِيلِ عَنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ مُبَاشَرَةً. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ هُنَا كَمَا بَيَّنَّاهُ شَرْحًا هُوَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ الَّذِي يَكْفُلُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (626) أَمَّا إذَا كَفَلَ عَمْرٌو بِدَيْنٍ بَعْدَ أَنْ كَفَلَهُ بِهِ زَيْدٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (627) فَلَا يُؤَجَّلُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ عَمْرٍو إذَا أَجَّلَهُ الدَّائِنُ فِي حَقِّ زَيْدٍ كَمَا لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ زَيْدًا مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ إبْرَاؤُهُ عُمْرًا مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْضًا وَالْإِبْرَاءُ الْمُوَقَّتُ أَيْ التَّأْجِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ. أَمَّا لَوْ أَجَّلَهُ الدَّائِنُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَقَبِلَ الْكَفِيلُ صَحَّ وَلَكِنَّ تَأْجِيلَهُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ لَيْسَ بِتَأْجِيلٍ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ. وَعَلَيْهِ فَلِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ بِالدَّيْنِ الْأَصِيلَ حَالًا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ قَبْلَ حُلُولِهِ، أَمَّا إذَا رَدَّ الْكَفِيلُ التَّأْجِيلَ فَيُرَدُّ وَيُطَالَبُ بِالْمَكْفُولِ حَالًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ الَّذِي يَقَعُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَوْ أَجَّلَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ عَنْ الْكَفِيلِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ بِهِ كَفَالَةً حَالِيَّةً، أَمَّا لَوْ كَفَلَ بِدَيْنٍ قَرْضًا كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً فَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْأَصِيلِ، وَالْكَفِيلِ كِلَيْهِمَا مَعًا. مَسْأَلَةٌ أُولَى - إذَا أَجَّلَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ صَحَّ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي حَقِّ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَا يَكُونُ الْمَكْفُولُ لَهُ قَدْ أَجَّلَ دَيْنَهُ أَمَّا لَوْ أَجَّلَ الْمَكْفُولُ لَهُ الدَّيْنَ صَحَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَدِينِ وَالْكَفِيلِ كِلَيْهِمَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَجَلَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - إذَا اجْتَمَعَتْ آجَالٌ انْقَضَتْ فِي مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا لَوْ أَجَّلَ أَحَدٌ الْأَصِيلَ وَالْكَفِيلَ

(المادة 656) المدين مؤجلا لو أراد الذهاب إلى ديار أخرى وراجع الدائن الحاكم وطلب كفيلا

سَنَةً بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُمَا شَهْرًا كَانَ الشَّهْرُ دَاخِلًا فِي السَّنَةِ وَيَنْتَهِي الْأَجَلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يُعَدُّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَيَكُونُ الْأَجَلُ سَنَةً وَشَهْرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) . [ (الْمَادَّةُ 656) الْمدين مُؤَجَّلًا لَوْ أَرَادَ الذَّهَاب إلَى دِيَار أُخْرَى وَرَاجَعَ الدَّائِن الْحَاكِم وَطَلَب كَفِيلًا] (الْمَادَّةُ 656) : الْمَدِينُ مُؤَجَّلًا لَوْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى وَرَاجَعَ الدَّائِنُ الْحَاكِمَ وَطَلَبَ كَفِيلًا يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ. وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ رَهْنًا أَيْضًا. وَإِذَا لَمْ يُعْطِ الْمَدِينَ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا فَالْحَاكِمُ يَمْنَعُهُ عَنْ السَّفَرِ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَالًّا. وَلَا يُقَالُ لِلدَّائِنِ: عَلَيْك أَنْ تَذْهَبَ إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ الْمَدِينُ وَتُطَالِبَهُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّائِنُ مُجْبَرًا عَلَى ذَلِكَ كَانَ لَهُ طَلَبُ نَفَقَاتِ السَّفَرِ فَضْلًا عَنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ. وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ عِدَّةِ كُفَلَاءَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ السَّفَرَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ كَفِيلٍ وَاحِدٍ، (التَّنْقِيحُ، الْأَنْقِرْوِيّ) . كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْأَصِيلُ الذَّهَابَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ السَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (رُدَّ الدَّيْنَ إلَيَّ أَوْ إلَى الطَّالِبِ أَوْ خَلِّصْنِي مِنْ الْكَفَالَةِ بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ إيَّايَ مِنْهَا) وَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَكْفُلُ بِدُونِ أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ مِنْ حَقٍّ فِي مُطَالَبَةِ الْأَصِيلِ. حَتَّى أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ مَعَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْكَفَالَةِ) . كَذَلِكَ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَنْ يَمْنَعَ الْأَصِيلَ عَنْ السَّفَرِ بِقَوْلِهِ: (سَلِّمْ نَفْسَك إلَى الطَّالِبِ وَخَلِّصْنِي مِنْ الْكَفَالَةِ) وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 657) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَكْفِلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي هُوَ لِفُلَانٍ] (الْمَادَّةُ 657) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَكْفِلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي هُوَ لِفُلَانٍ فَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ وَأَدَّى عِوَضًا بَدَلَ الدَّيْنِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ يَرْجِعُ بِالشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى، وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ مَثَلًا لَوْ كَفَلَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ فَأَدَّاهَا زُيُوفًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ، وَبِالْعَكْسِ لَوْ كَفَلَ بِزُيُوفٍ وَأَدَّى جِيَادًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِزُيُوفٍ لَا بِجِيَادٍ وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَصَالَحَ عَلَى عُرُوضٍ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي كَفَلَهَا وَأَمَّا لَوْ كَفَلَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَدَّى خَمْسَمِائَةٍ صُلْحًا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِخَمْسِمِائَةٍ. لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اُكْفُلْنِي أَوْ اضْمَنِّي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ فَقَدْ أَمَرَهُ بِكَفَالَتِهِ عَنْ دَيْنِهِ فَبَعْدَ أَنْ كَفَلَهُ وَأَدَّى ذَلِكَ الدَّيْنَ عَنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِأَمْرِ الْأَصِيلِ

حَتَّى يُمْكِنَ الْكَفِيلُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صُورَةِ الْأَمْرِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَالْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ بِقَوْلِ الْمَدِينِ لِآخَرَ (اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا تَضَمُّنُهُ عَلَيَّ) تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: اضْمَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ وَكَفَلَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْأَمْرُ الرُّجُوعَ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ مَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الرُّجُوعَ أَوْ طَلَبَ التَّبَرُّعِ فَلَا يَلْزَمُ الْأَمْرُ الْمَالَ مَا لَمْ يَكُنْ خَلِيطَ الْمَأْمُورِ. لَكِنْ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الثَّانِي لَوْ قَالَ: اضْمَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ فَذَلِكَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ (عَنِّي) وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ لَوْ كَانَ خَلِيطًا رَجَعَ وَهُوَ الَّذِي فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجِيرِ الشَّرِيكِ شَرِكَةَ عَنَانٍ قَالَ فِي الْأَصِيلِ: وَالْخَلِيطُ أَيْضًا الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ وَيُدَايِنُهُ وَيَضَعُ عِنْدَهُ الْمَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكُلَّ يُعْطَى لَهُمْ حُكْمُ الْخَلِيطِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، انْتَهَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ مَا) وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ يُوَافِقُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْمُشَارُ إلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ مَسْأَلَتَانِ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ إذَا أَدَّى: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ بَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ الْأَصِيلُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِتَأْدِيَتِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَبْلَغِهِ مِنْ الدَّائِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مُؤَدِّيًا الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ أَدَّاهُ مِنْ قَبْلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ؛ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ وَهُوَ لَمْ يُؤَدِّهِ وَإِنْ كَانَ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ. ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَمْلِكُ دَيْنَ الْمَكْفُولِ عَلَى أَنَّ الْأَصِيلَ بَعْدَ أَدَائِهِ وَلَيْسَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْأَصِيلُ إلَى الْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَى الْأَصِيلِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ الْكَفِيلُ إلَى الطَّالِبِ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْفِقْهِيَّةَ هِيَ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ شَيْئًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ مِنْهُ مَا بَقِيَ ذَلِكَ الْغَرَضُ. وَلَمَّا كَانَ الْغَرَضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَأْدِيَةَ الدَّيْنِ، فَقَدْ تَعَلَّقَ بِحَقِّ الْكَفِيلِ الَّذِي قَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَمَا بَقِيَ ذَلِكَ الْغَرَضُ فَلَا تُسْتَرَدُّ الدَّرَاهِمُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْأَصِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ وَكَذَا إذَا أَجَّلَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَنَهْيُ الْأَصِيلِ عَنْ إعْطَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مُعْتَبَرٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِ الْأَصِيلُ ذَلِكَ بِقَصْدِ إعْطَائِهِ إلَى الطَّالِبِ وَأَعْطَاهُ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَتِهِ، بِقَوْلِهِ كَأَعْطَيْته إلَى الطَّالِبِ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِي عَنْك. (الْأَنْقِرْوِيّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمُؤَدَّى مِلْكًا لِلْكَفِيلِ بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ يَدِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْمُؤَدَّى حَقُّ الطَّالِبِ وَهُوَ بِالِاسْتِرْدَادِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ فَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ (التَّنْقِيحُ فِي الْكَفَالَةِ) . وَحَقُّ الْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ بَعْدَ التَّأْدِيَةِ هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَا دَخْلَ لَهُ بِالرَّهْنِ. مَثَلًا: لَوْ أَدَّى الْكَفِيلُ بِدَيْنِ ذِي رَهْنٍ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الدَّائِنِ الرَّهْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ عِنْدَهُ كَرَهْنٍ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْحِلِّ الْمَزْبُورِ) .

كَذَا لَا دَخَلَ لِمَنْ يَكْفُلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَأْدِيَتِهِ إيَّاهُ فِي الْمَبِيعِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِلْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ وَيُوقِفَهُ فِي يَدِهِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (278) لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ (التَّنْقِيحُ) يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ (اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَنْ تَقَعَ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ. وَالْأَمْرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا. الْأَمْرُ الْحَقِيقِيُّ: هُوَ كَقَوْلِ الْمَدِينِ لِأَحَدٍ: اُكْفُلْنِي عَنْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ. وَلْنُوَضِّحْ الْأَمْرَ الْحُكْمِيَّ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثَةٍ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - كَكَفَالَةِ الْأَبِ بِمَهْرِ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. مَثَلًا لَوْ اُسْتُوْفِيَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَبِ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ مُرَاجَعَةُ حِصَّةِ الِابْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يُعَدُّ بِكَفَالَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَفِيلًا بِالْأَمْرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ. (فَإِنْ أَدَّى بِنَفْسِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا كَفَالَةُ الِابْنِ الْكَبِيرِ بِدُونِ أَمْرٍ فَتُعَدُّ تَبَرُّعًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ هَذِهِ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَصِيلَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ وَقَبِلَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ آنِفًا وَلَوْ لَمْ يَشْرُطْ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَصِيلِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ ضَمَانَ الْأَصِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ إذَا أَدَّاهُ الْكَفِيلُ. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْأَمْرَ فَلِلْكَفِيلِ إثْبَاتُ ذَلِكَ (الْبَزَّازِيَّةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ بِأَمْرِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (672) وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْبَدَلَ إلَى الْآجِرِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَقَوْلُهُ: (دَيْنِي) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْأَمْرِ مَتَى أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ الْأُجْرَةُ أَدَّى الْكَفِيلُ بَدَلَ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْحَالِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْآتِي. وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَهِيَ تَبَرُّعٌ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ (الدُّرَرُ) . مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ بِلَا أَمْرِ الْمَدِينِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الطَّالِبُ أَيْ الدَّائِنُ الْكَفَالَةَ عَنْهُ بِهَا عِنْدَ سَمَاعِهِ بِوُقُوعِهَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ. لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْوَاقِعَةَ بِمَا أَنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى صُورَةٍ لَا تُوجِبُ الرُّجُوعَ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَوْلِ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَا تَنْقَلِبُ إلَى حَالَةٍ تُوجِبُ الرُّجُوعَ بَعْدُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ. وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْكَفَالَةِ) . لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَا يَرَيَانِ أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ وَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ. أَمَّا الْإِمَامُ الثَّانِي فَبِمَا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ إيجَابِ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ مِنْ تَفْرِيقٍ

فِي هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (621) أَيْ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الثَّانِي. الْمِثَالُ الثَّانِي - لَوْ أَنْكَرَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ وَأَثْبَتَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَنَّهُ كَفِيلٌ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ فَأَدَّى الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي طَلَبِ الرُّجُوعِ بَعْدَ إنْكَارِ الْكَفِيلِ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ تَنَاقُضٌ فَقَدْ عُفِيَ عَنْ هَذَا التَّنَاقُضِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1654) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا كَذَّبَ الْكَفِيلُ الشُّهُودَ وَأَنْكَرَ كَفَالَتَهُ بِالْأَمْرِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ يُعَدُّ إبْرَاءً (الْبَهْجَةُ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا) . قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الَّذِي يَأْمُرُ بِالْكَفَالَةِ هُوَ الْمَدِينُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الَّتِي تَقَعُ بِأَمْرِ أَجْنَبِيٍّ فَهِيَ كَالْكَفَالَةِ الَّتِي تَقَعُ بِلَا أَمْرٍ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اُكْفُلْ عَنْ فُلَانٍ دَيْنَهُ الَّذِي لِفُلَانٍ. وَكَفَلَ الرَّجُلُ عَنْهُ بِالدَّيْنِ وَأَدَّى الْمَكْفُولَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَبِمَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصُ كَفِيلًا عَنْ الْمَدِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حُكِمَ عَلَيْهِ كَذَا قِرْشًا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُؤَاخِذَ الْوَكِيلَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَأَمْرُ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَيْسَ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَمَرَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ أَحَدًا قَائِلًا (اُكْفُلْ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ) وَقَبِلَ الرَّجُلُ وَأَوْفَى الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ الْآمِرِ. أَمَّا أَمْرُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فَهُوَ كَأَمْرِ الْبَالِغِ مُعْتَبَرٌ وَمُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) وَأَمْرُ الْوَصِيِّ أَيْضًا مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْوَصِيُّ أَحَدًا بِأَنْ يَكْفُلَ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى وَكَفَلَهُ وَأَدَّاهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ عَلَى مَالِ الْآمِرِ (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ) . الْمِثَالُ الثَّالِثُ - لَوْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى تُرَاجَعُ تَرِكَتُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) . وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ لَازِمًا أَصَالَةً أَوْ كَفَالَةً مُطْلَقًا. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْأَصِيلُ أَحَدًا بِكَفَالَةِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ الَّذِي لَزِمَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَبْلَغِ ذِمَّتَهُ وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ

هَذَا اسْتَوْفَى الطَّالِبُ دَيْنَهُ مِنْ الْكَفِيلِ الثَّانِي فَلِلْكَفِيلِ هَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ الْمُؤَجَّلَ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ حَالًّا - فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأُجْرَةٍ وَأَعْطَى الْكَفِيلُ الْأُجْرَةَ إلَى الْآجِرِ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ - إيفَاؤُهَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا عِنْدَ لُزُومِهَا إيَّاهُ وَوُجُوبِ أَدَائِهَا عَلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 467 و 468 و 469 و 470) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ، (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . إذَا نَقَلَ الْكَفِيلُ بِالْحِمْلِ الْحِمْلَ إلَى الْمَحِلِّ الْمَشْرُوطِ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ الْآخَرَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَتْ مِنْهُ دَابَّةٌ مُعَيَّنَةٌ لِنَقْلِ كَذَا إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ وَنَقَلَ الْكَفِيلُ الْحِمْلَ الْمَذْكُورَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ يَوْمَ النَّقْلِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ. وَالْحُكْمُ فِي كَفَالَةِ الْخِيَاطَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 631) . بَعْضُ مَسَائِلَ فِي عَدَمِ حَقِّ الرُّجُوعِ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ: لَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ عَنْهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوْ وَهَبَهُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى - إنَّ الْكَفِيلَ لَوْ أَدَّى الدَّيْنَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَالْخُلَاصَةُ: هِيَ أَنَّ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ الْأَصِيلَ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْكَفِيلُ قَدْ أَدَّى الدَّيْنَ إلَى الطَّالِبِ بَعْدُ. مَثَلًا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ إبْرَاءً عَامًّا بَعْدَ أَنْ كَفَلَ عَنْهُ بِدَيْنٍ لِأَحَدِ النَّاسِ قَائِلًا: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ مُطْلَقًا. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَدَّاهُ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ مِثْلُ مَا وَجَبَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْمُطَالَبَةَ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَلِهَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْكَفِيلُ الْأَصِيلَ قَبْلَ الْأَدَاءِ صَحَّ (النَّتِيجَةُ، وَالْهِدَايَةُ) . ثَانِيًا: لَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالْأَمْرِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ. بَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ، كَقَوْلِهِ لِلْكَفِيلِ: أَبْرَأْتُك أَوْ لِيَكُنْ الْمَكْفُولُ بِهِ لَك حَلَالًا وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ.

وَإِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ الْإِبْرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ. بَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ، كَقَوْلِهِ: أَخَذْت مِنْك الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ بِمَا أَنَّك قَدْ أَدَّيْت الدَّيْنَ فَذِمَّتُك بَرِيئَةٌ وَمَا شَأْنُهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ. إذَا وَقَعَ شَكٌّ فِي الْبَرَاءَةِ هَلْ وَقَعَتْ بِإِبْرَاءِ إسْقَاطٍ أَوْ بِإِبْرَاءِ اسْتِيفَاءٍ يُسْأَلُ الطَّالِبُ (أَيْ الْمُبْرِئُ) أَيُّهُمَا أَرَادَ وَيُقْبَلُ جَوَابُهُ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا: إذَا أَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَ الدَّيْنِ وَكَانَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ إنْ أَوْفَاهُ إيَّاهُ فِي حُضُورِ الْأَصِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْ الْكَفِيلِ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً. أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَأَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ فِي حُضُورِ الْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ اسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْكَفِيلِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهَذَا الْأَدَاءِ الثَّانِي، (الْأَنْقِرْوِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) . رَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ أَدَاءَ الدَّيْنِ وَصَدَّقَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَاسْتَوْفَى الطَّالِبُ الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ أَخْذَهُ وَحَلِفِهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَدَائِهِ الدَّيْنَ قُبِلَتْ مِنْهُ وَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فَتُقَامُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَصِيلِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . وَلَوْ أَنَّ الْآمِرَ قَالَ لِلْمَأْمُورِ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفًا فَبِعْهُ فَرَسَك بِهَا، كَانَ هَذَا جَائِزًا فَإِنْ بَاعَهُ الْفَرَسَ بِهَا ثُمَّ اخْتَلَفَا، فَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: بَاعَنِي إلَّا أَنِّي لَمْ أَقْبِضْ الْفَرَسَ حَتَّى هَلَكَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ الْآمِرُ وَالْبَائِعُ: لَا بَلْ قَبَضْته، فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثَبَتَ هَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمُقَاصَّةِ وَكَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَرِيمِهِ وَهُوَ الْآمِرُ وَلَا يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ وَإِنْ صَدَّقَهُ، أَمَّا لَوْ جَحَدَ الْآمِرُ قَبْضَ الطَّالِبِ فَأَقَامَ الْمَأْمُورُ بَيِّنَةً عَلَى الْآمِرِ عَلَى قَبْضِ الطَّالِبِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَيَكُونُ هَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَكَانَ الْمُؤَدَّى هُوَ الشَّيْءَ الَّذِي كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالْمُؤَدَّى وَإِذَا كَانَ الْمُؤَدَّى غَيْرَ مَا كَفَلَ بِهِ رُجُوعٌ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَهُ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ شَيْئًا غَيْرَ الشَّيْءِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الْكَفِيلِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ الْكَفِيلُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ مَالِكًا لِلدَّيْنِ بَعْدَ أَدَائِهِ فَيَكُونُ كَالْكَفِيلِ الْأَصْلِيِّ فَكَمَا لِلدَّائِنِ الْأَصْلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ فَلِلْكَفِيلِ أَيْضًا أَخْذُهُ. فَصَارَ كَمَا إذَا مَلَكَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ بِالْإِرْثِ بِأَنْ مَاتَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَارِثُهُ فَإِنَّمَا لَهُ عَيْنُهُ وَكَذَا إذَا وَهَبَ الطَّالِبُ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ

فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيُطَالِبُ بِهِ الْمَكْفُولَ بِعَيْنِهِ وَصَحَّتْ الْهِبَةُ مَعَ أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ إلَّا مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَلَيْسَ الدَّيْنُ عَلَى الْكَفِيلِ عَلَى الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ إذَا أَذِنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَهُنَا بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الدَّيْنَ بِالْأَدَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا كَفَلَ أَحَدٌ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ الْقِيَمِيِّ وَبَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ كَأَنْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ مَجِيدِيٍّ. صَالَحَ عَنْ ثَمَانِمِائَةٍ يَرْجِعُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَدِينِ قَدْ بَرَأَتْ بِذَلِكَ الصُّلْحِ مِنْ الْبَاقِي وَسَقَطَ عَنْهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1552) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَدَّى بَدَلَ الصُّلْحِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ مَلَكَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ أَيْ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَقَطْ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا سَقَطَ كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا. وَإِذَا أَعْطَى مَالًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ بَدَلًا عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ يَرْجِعُ أَيْضًا بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ بِجِنْسِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُعْطَى أَوْ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ مَالٍ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ مُعَاوَضَةً بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالدَّائِنِ لَا دَخْلَ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ فِيهَا وَرِبْحُ وَخَسَارَةُ تِلْكَ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى مَنْ يَتَوَلَّاهَا وَالشَّخْصُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْمَدِينُ لَا يَنْتَفِعُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْبَاقِي وَإِسْقَاطَهُ فَلَا يَمْلِكُ الْكَفِيلُ الْبَاقِيَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ رُجُوعِ الْكَفِيلِ نَاشِئٌ بِمَا يَمْلِكُ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ بَلْ وَقَعَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ تَصَالَحَ عَلَى دَيْنِ مِائَةِ مَجِيدِيٍّ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ رَجَعَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْفِقْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَتُسْتَفَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُمَا. كَذَلِكَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ إذَا تَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَهَبَهُ الدَّائِنُ الْبَاقِيَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (667) . مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ وَأَدَّى الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ رَجَعَ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ كَمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدَرَاهِمَ جِيَادٍ. أَيْضًا إذَا أَدَّى زُيُوفًا وَلَيْسَ بِزُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِالْمَدِينِ بِزُيُوفٍ وَأَدَّى الْمَكْفُولَ بِهِ زُيُوفًا رَجَعَ عَلَيْهِ زُيُوفٌ كَمَا لَوْ أَدَّى جِيَادًا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا بِزُيُوفٍ وَلَيْسَ بِجِيَادٍ. وَهَذَانِ الْمِثَالَانِ أَمْثِلَةٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَصَالَحَ عَلَى عُرُوضٍ كَالْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَكَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارَاتِ وَالْأَمْتِعَةِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَعْلُومَةِ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي كَفَلَهَا. وَلَيْسَ بِبَدَلِ الْأَشْيَاءِ الْمُؤَدَّاةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ لَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ

مُبَادَلَةٌ وَيَعُودُ مَا يَنْشَأُ عَنْ هَذِهِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ رِبْحٍ أَوْ خَسَارَةٍ عَلَى الْكَفِيلِ وَالدَّائِنِ اللَّذَيْنِ أَجْرَيَا الْمُبَادَلَةَ وَبِهَذِهِ الْمُبَادَلَةِ يَمْلِكُ الْكَفِيلُ مَا فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ دَيْنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ. وَهَذَا الْمِثَالُ فَكَمَا أَنَّهُ مِثَالٌ لَلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى حِدَةٍ فَهُوَ مِثَالٌ لَلْفِقْرَةِ (إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ) الْوَارِدَةِ فِي الشَّرْحِ. أَمَّا لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمَدِينِ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَدَّى خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ صُلْحًا، فَلَهُ أَخْذُ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ صُلْحًا وَلَيْسَ جَمِيعَ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ لِفَقَرَةِ (وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ) . مَسْأَلَةٌ أُولَى - لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ وَكَفَلَ شَخْصٌ آخَرُ هَذَا الْمَبْلَغَ بِالْأَمْرِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ وَتَصَادَقَ الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ عَلَى الْمَدِينِ دَيْنٌ مُطْلَقًا يَرُدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَبْلَغَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ إلَى الْمَدِينِ وَهُوَ يَرُدُّهُ إلَى الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) . مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ضُبِطَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْكَفِيلُ غَائِبٌ يُنْظَرُ فَإِذَا رَجَعَ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَالْمُشْتَرِي أَيْضًا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَ لَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مَا لَمْ يَحْضُرُ الْكَفِيلُ وَإِذَا حَضَرَ الْكَفِيلُ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ، وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ إلَى الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) . مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ إلَى الْبَائِعِ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ أَرْجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يُرْجِعْ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إلَى الْبَائِعِ أَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) . مَسْأَلَةٌ رَابِعَةٌ - إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الدَّيْنَ وَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَوْ أَرَادَ الْأَصِيلُ الِادِّعَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ بِبُطْلَانِ الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ رِشْوَةٌ أَوْ قِمَارٌ أَوْ جِيفَةٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُؤْمَرُ الْأَصِيلُ بِتَأْدِيَةِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْكَفِيلِ وَبَعْدَ تَأْدِيَتِهِ إيَّاهُ. فَإِذَا حَضَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ رِشْوَةٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَيْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ غَيْرُ صَحِيحٍ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مَعًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ خَامِسَةٌ - يَجُوزُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (719) إعْطَاءُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْكَفِيلَ رَهْنًا وَإِذَا تَلِفَ

(المادة 658) لو غر أحد آخر في ضمن عقد المعاوضة

الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا سَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ عُدَّ الْكَفِيلُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ سَادِسَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا ذَا رَهْنٍ بِأَمْرِ الْمَدِينِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّاهُ إذَا سَقَطَ الدَّيْنُ بِتَلَفِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ فِي يَدِ الدَّائِنِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذَا يَسْتَرِدُّ مَا أَعْطَى مِنْ الدَّائِنِ كَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ الثَّمَنُ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَهُ شَخْصٌ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي وَأَدَّاهُ إلَى الْبَائِعِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ إلَى الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) . مَسْأَلَةٌ سَابِعَةٌ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِدَيْنِ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الدَّائِنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا رَهْنًا مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ ثُمَّ أَخَذَ آخَرَ مِنْ الثَّانِي وَتَلِفَ هَذَا الرَّهْنُ الثَّانِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ سَقَطَ مِنْ الدَّيْن نِصْفُهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ تَفِي بِالدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) . [ (الْمَادَّةُ 658) لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ] (الْمَادَّةُ 658) لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ يَضْمَنُ ضَرَرَهُ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً وَبَنَى عَلَيْهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ ثَمَنَ الْأَرْضِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ التَّسْلِيمِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا الصَّغِيرُ وَلَدِي بِيعُوهُ بِضَاعَةً فَإِنِّي أَذِنْته بِالتِّجَارَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَلَدُ غَيْرِهِ فَلِأَهْلِ السُّوقِ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِثَمَنِ الْبِضَاعَةِ الَّتِي بَاعُوهَا لِلصَّبِيِّ. لَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ كَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ يَضْمَنُ ضَرَرَهُ. وَتُسْتَثْنَى الشُّفْعَةُ مِنْ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يُوجِبُ التَّغْرِيرُ فِي الشُّفْعَةِ ضَمَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي مُجْبَرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ لِلشَّفِيعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ جَبْرًا فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ غَرَّهُ. مَثَلًا لَوْ ضُبِطَتْ عَرْصَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا أَحَدٌ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَنْشَأَ فِيهَا أَبْنِيَةً فَلَا يَأْخُذُ ذَلِكَ الشَّخْصُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي، (أَبُو السُّعُودِ فِي الشُّفْعَةِ) . مِثَالٌ مِنْ الْبَيْعِ - مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً مِنْ آخَرَ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَبَعْدَ أَنْ بَنَى عَلَيْهَا ظَهَرَ لِلْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْتَحِقٌّ فَضَبَطَهَا بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ وَالْحَلِفِ أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ وَصِيَّ الْيَتِيمَ ثَمَنَ الْأَرْضِ أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ (التَّنْقِيحُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَصِيَّ الْيَتِيمِ لَزِمَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ. وَفِي هَذَا الْمِثَالِ بَيَانٌ لِلرُّجُوعِ بِشَيْئَيْنِ: أَوَّلُهُمَا - الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ بَدَلُ الْمَبِيعِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الشَّرْحِ أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي إلَى بَائِعِهِ، وَالسَّبَبُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ هَذَا هُوَ:

إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَذَلِكَ أَكْبَرُ الْعُيُوبِ فِي الْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ الْمُطْلَقُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (336) يَقْتَضِي سَلَامَةً مِنْ الْعُيُوبِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْبَائِعَ بَدَلَ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) . ثَانِيهِمَا - الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ حِينَ تَسْلِيمِهِ وَإِلَيْك فِيمَا يَلِي إيضَاحُ ذَلِكَ: بَعْضُ أَحْكَامٍ مُسْتَنْبَطَةٍ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا شَرْحًا وَمَتْنًا وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - يَلْزَمُ أَنْ يُسَلَّمَ الْبِنَاءُ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ حَتَّى تُؤْخَذَ قِيمَتُهُ مِنْهُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (قِيمَتِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ. وَإِذَا سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ هَدْمِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِقِيمَتِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ) . مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً وَبَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ضُبِطَ آخِرُ الْعَرْصَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا احْتَرَقَ الْبِنَاءُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ. كَذَلِكَ إذَا أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ وَقَلَعَهُ وَسَلَّمَ الْعَرْصَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ دُونَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ. كَذَا لَوْ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا وَبَعْدَ أَنْ هَدَمَ بَعْضَهُ حَضَرَ الْبَائِعُ وَسَلَّمَ هَذَا الْقِسْمَ الْقَائِمَ لِلْبَائِعِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْهُ وَالْبَائِعُ يَهْدِمُ ذَلِكَ الْقِسْمَ وَيَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي إذَا شَاءَ أَنْ يَهْدِمَ الْبِنَاءَ وَيَأْخُذَ أَنْقَاضَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْوَاقِعَاتُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَاعِدَةَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْبِنَاءِ مِنْ الْبَائِعِ بِإِعَادَتِهِ إلَيْهِ وُضِعَتْ لَنَفْعِ الْمُشْتَرِي وَفَائِدَتِهِ. وَلَا يَسْتَفِيدُ الْبَائِعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِإِعَادَةِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: لَا بُدَّ أَنْ آخُذَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ غَائِبٌ: فَلْيَبْقَ الْبِنَاءُ بِدُونِ هَدْمٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ الْغَائِبُ وَأُسَلِّمُهُ إيَّاهُ قَائِمًا لِآخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ (الْوَاقِعَاتُ) . وَهَذِهِ الْإِيضَاحَاتُ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَرَى إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا أَنْ تُقَدَّرَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ ثُمَّ يُهْدَمُ الْبِنَاءُ وَتُحْفَظُ أَنْقَاضُهُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي إذَا هَدَمَ الْبِنَاءَ وَحَفِظَ أَنْقَاضَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى الْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا، أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْأَنْقَاضَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالضَّرَرِ، (الْوَاقِعَاتُ) . (وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ الْبِنَاءَ قَائِمًا فَهَدَمَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَا كَلَّفَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْهَدْمَ فَهَدَمَهُ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ ثُمَّ سَلَّمَ نَقْضَهُ إلَى الْبَائِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِتَغْيِيرٍ مَا) . الْخُلَاصَةُ - إذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَنْشَأَ فِيهَا الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا فَمَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ قِيمَةُ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَقَلْعُهُ مِنْ الشَّجَرِ

وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ بِالْكِلْسِ وَالطِّينِ وَصَرْفِيَّاتِ حَفْرِ الْبِئْرِ وَتَنْظِيفِ الْقَنَوَاتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ الثَّانِي - قَدْ ذَكَرَ فِي الْمِثَالِ وَبَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِنَاءً وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبْنِيَهُ مِنْ مَالِهِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ بَنَى بِالْأَنْقَاضِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْعَرْصَةِ بِنَاءً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ الْيَوْمِيَّةِ لِلنَّجَّارِينَ وَأَنْفَقَ عَلَى ذَلِكَ الْبِنَاءِ مِنْ النَّفَقَاتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ - وَالْغَرَضُ مِنْ عِبَارَةِ (إذَا ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهَا) كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ ظُهُورُ مُسْتَحِقٍّ لِلْعَرْصَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَاءِ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَاءِ أَيْضًا وَضَبَطَ الْبِنَاءَ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْبِنَاءِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْعَرْصَةَ لَهُ كَمَا ادَّعَى أَنَّ الْبِنَاءَ بَنَاهُ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ وَمِنْ مَالِهِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَضَبَطَ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ مَعًا فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ. الْحُكْمُ الرَّابِعُ - وَالْغَرَضُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا قِيمَتُهُ مَبْنِيًّا وَلَيْسَ مَقْلُوعًا قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: أَيْ يُقَوَّمُ مَبْنِيًّا فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَا مَقْلُوعًا وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ مِنْ طِينٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. انْتَهَى. الْحُكْمُ الْخَامِسُ - وَذِكْرُ الْبِنَاءِ فِي الْمِثَالِ لَيْسَ بِاحْتِرَازٍ عَنْ الشَّجَرِ فَالْحُكْمُ فِي الشَّجَرِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَرْصَةِ بَعْدَ أَنْ غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي شَجَرًا وَضَبَطَهَا يُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَلِمُ ثَمَنَهُ هُوَ كَذَلِكَ. لَكِنْ لَوْ غَابَ الْبَائِعُ وَلَمْ يُمْكِنْ تَسْلِيمُهُ الشَّجَرَ قَائِمًا بِإِجْبَارِ الْمُسْتَحِقِّ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ فَلَيْسَ لَهُ مُرَاجَعَةُ الْبَائِعِ إلَّا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ قَائِمًا وَإِذَا كَانَ قَلْعُ الشَّجَرِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَالْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ قَلَعَ الشَّجَرَ وَضَمِنَ الْبَائِعُ نُقْصَانَهَا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَتَمَلَّكَهُ قَائِمًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَإِذَا حَضَرَ الْبَائِعُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَشْجَارِ أَوْ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ الَّذِي ضَمِنَهُ (الْوَاقِعَاتُ) . الْحُكْمُ السَّادِسُ - يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ) أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ رَحًى وَبَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا وَضَبَطَهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَا مَرَّ إلَّا أَخْذُ الرَّحَى وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَلَّةِ الْمُدَّةِ الَّتِي انْتَفَعَ بِهَا؛ (لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ مِنْ كَسْبِهِ وَفِعْلِهِ وَاقِعَاتٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) . الْحُكْمُ السَّابِعُ - لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ. ثُمَّ فَهَلْ لِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ؟ لِلْبَائِعِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِ الْعَرْصَةِ فَقَطْ دُونَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ. أَمَّا الْإِمَامَانِ فَيَرَيَانِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْعَرْصَةِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِيمَا ذُكِرَ أَنْفًا) .

الْحُكْمُ الثَّامِنُ - جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (قِيمَتُهُ حِينَ التَّسْلِيمِ) وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ سَكَنَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ إنْشَائِهِ مُدَّةً وَهُدِمَتْ بَعْضُ جِهَاتِهِ فَحَصَلَ نُقْصَانٌ فِي قِيمَتُهٌ أَعْطَى الْبَائِعُ قِيمَتَهُ حِينَ التَّسْلِيمِ، لَا قِيمَتَهُ عِنْدَ الْإِنْشَاءِ وَلَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ أَخِيرًا لَزِمَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . الْحُكْمُ التَّاسِعُ - لَوْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ: كُنْت بِعْته الْعَرْصَةَ مَعَ بِنَائِهَا فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى حِدَةٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا بَنَيْته وَعَلَيْهِ لِي حَقُّ الرُّجُوعِ بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِحَقِّ الرُّجُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَجَّرَهَا مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَذِنَ لَهُ بِصَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فِي تَرْمِيمِ الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْبَاقِيَ وَصَرَفَ عَمْرٌو مَا أَذِنَ لَهُ بِصَرْفِهِ وَسَكَنَ الدَّارَ وَمَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَهُ عَتِيقٌ أَثْبَتَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ زَيْدًا كَانَ وَهَبَهُ الدَّارَ قَبْلَ إيجَارِ زَيْدٍ لَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَبْلَ أَنْ آذَنَ لَهُ فِي صَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ كَمَا ذَكَرَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بِالْبَاقِي لَهُ فِي مَصْرِفِهِ وَمِمَّا قَبَضَهُ مِنْهُ زَيْدٌ بَعْدَ ثُبُوتِ كُلِّ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ أَقُولُ: يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى اسْتِدَانَةِ النَّاظِرِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْوَقْفِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَتَأَمَّلْ) (التَّنْقِيحَ فِي الْكَفَالَةِ) . مِثَالٌ ثَانٍ لِلْبَيْعِ - كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِأَهْلِ السُّوقِ: هَذَا الصَّغِيرُ وَلَدِي بِيعُوهُ بِضَاعَةً فَإِنِّي أَذِنْته لِلتِّجَارَةِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَلَدُ غَيْرِهِ فَلِأَهْلِ السُّوقِ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِثَمَنِ الْبِضَاعَةِ الَّتِي بَاعُوهَا لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْوَاقِعَ قَبْلَ الْبَيْعِ يَكُونُ مَوْجُودًا أَيْضًا حِينَ عَقْدِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 5 و 10) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ أَنَّهُ يُوجَدُ لِلضَّمَانِ فِي هَذَا الْبَابِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا - إضَافَةُ الْغَارِّ الْوَلَدَ الصَّغِيرِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ: (ابْنِي) . ثَانِيهِمَا - كَوْنُهُ قَدْ أَمَرَ أَهْلَ السُّوقِ بِمُبَايَعَتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمُرَابَحَةِ) . الْمِثَالُ الْأَوَّلُ مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَابَّةً مِنْ آخَرَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ (الْحَمَوِيُّ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ) . الْمِثَالُ الثَّانِي مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَائِطًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا وَبَعْدَ أَنْ فَتَحَ الْبَابَ ظَهَرَ أَنَّهَا لِآخَرَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ الْحَائِطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (918) وَلَهُ الرُّجُوعُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. مِثَالٌ ثَالِثٌ مِنْ الْإِجَارَةِ - لَوْ قَالَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ لِمَنْ أَحْضَرَ إلَيْهِ حِنْطَةً لِيَطْحَنَهَا: ضَعْهَا فِي

الدَّلْوِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الدَّلْوَ فِيهِ خَرْقٌ وَلَمْ يُخْبِرْ صَاحِبَ الْحِنْطَةِ بِذَلِكَ وَالرَّجُلُ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَانْتَثَرَتْ فِي الْمَاءِ ضَمِنَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ بَدَلَ الْحِنْطَةِ. أَمَّا لَوْ غَرَّ أَحَدٌ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ ضَرَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَصْفَ السَّلَامَةِ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) كَمَا سَيُوَضَّحُ فِيمَا هُوَ آتٍ. حُكْمٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَيُقَابِلُهُ عَقْدُ التَّبَرُّعِ وَعَقْدُ التَّبَرُّعِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الْقَابِضِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَارِيَّةِ فَلَوْ غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يَضْمَنُ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ وَصْفَ السَّلَامَةِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الْهِبَةِ) وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَوْهُوبِ وَضَمَّنَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ، (الْهِدَايَةُ، وَالْكَنْزُ فِي الْهِبَةِ) مَا لَمْ يَكُنْ الْوَاهِبُ قَدْ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ كَمَا سَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (861) . كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُعَارِ إلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَضَمَّنَهُ الْمُعَارُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ، (الْأَشْبَاهُ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ) وَإِنَّمَا لَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ بِضَمَانِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِهِ يُسَبِّبُ الْغُرُورَ وَهُوَ يَغُرَّهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مُتَبَرِّعٌ كَالْوَاهِبِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْعَارِيَّةِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - عَقْدُ التَّبَرُّعِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى الدَّافِعِ كَالْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ إذَا غَرَّ أَحَدٌ آخَرَ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ عُقُودِ التَّبَرُّعِ ضَمِنَ ضَرَرَهُ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازِيًّا بِالنَّظَرِ إلَى هَذَا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ مَالًا عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدِعِ وَضَمَّنَهُ الْمُسْتَحِقُّ بَدَلَ الْوَدِيعَةِ لِكَوْنِ الْوَدِيعِ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ الرُّجُوعُ بِمَا ضُمِّنَّهُ عَلَى الْمُودِعِ أَيْضًا (لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْوَدِيعَةَ مِلْكِي) (حَمَوِيٌّ فِي الْمَحِلِّ الْمَزْبُورِ) . مِثَالٌ مِنْ الْقِسْمَةِ - قَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ التَّغْرِيرَ فِي الْقِسْمَةِ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْقِسْمَةَ قَضَاءٌ لَا تَجْرِي فِيمَا كَانَ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ كَعِدَّةِ قُصُورٍ وَجَوَانِيتَ وَمَزَارِعَ وَلْنَفْرِضْ عَرْصَتَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ قُسِّمَتَا بَيْنَهُمَا بِالرِّضَاءِ فَأَخَذَ عَمْرٌو إحْدَاهُمَا وَأَخَذَ الْأُخْرَى زَيْدٌ، وَمِنْ ثَمَّ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بِنَاءً فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ لِعَرْصَةِ زَيْدٍ وَضَبَطَهَا فَلِزَيْدٍ أَنْ يُسَلِّمَ نِصْفَ الْبِنَاءِ إلَى شَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا عِنْدَ تَسْلِيمِهِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ كَعَرْصَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ قَصْرٍ وَاحِدٍ أَوْ حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ مَزْرَعَةٍ وَاحِدَةٍ وَجَرَتْ الْقِسْمَةُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1133) فَالتَّغْرِيرُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ وَاحِدَةٌ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَعْدَ أَنْ بَنَى زَيْدٌ فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ

الْقِسْمَةِ بِنَاءً ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِحِصَّتِهِ وَأَخَذَهَا فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا نِصْفَ الْبِنَاءِ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقِسْمَةِ، وَنَقُولُ الْبَهْجَةِ قُبَيْلَ السَّلَمِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَتَيْنِ عَدَمُ جَوَازِ الْجَبْرِ فِي الْأُولَى وَجَوَازُهُ فِي الثَّانِيَةِ. وَضَمَانُ الْغَارِّ صِفَةَ السَّلَامَةِ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَر " اذْهَبْ مِنْ الطَّرِيقِ الْفُلَانِيِّ فَالطَّرِيقُ أَمَانٌ. وَإِذَا كَانَ مَخُوفًا وَسُلِبَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ " فَإِذَا سُلِبَ مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمُرُورِهِ مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ الضَّامِنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْغُرُورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَعْلُومًا أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْغَارُّ صِفَةَ السَّلَامَةِ فَلَا رُجُوعَ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اذْهَبْ مِنْ الطَّرِيقِ الْفُلَانِيِّ فَالطَّرِيقُ أَمَانٌ) وَلَمْ يُعْقِبْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (فَأَنَا ضَامِنٌ مَالِكِ إذَا أُخِذَ) فَإِذَا سَلَكَ الرَّجُلُ ذَلِكَ الطَّرِيقَ وَسُلِبَ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ ضَمَانٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَى الْمَسْلُوبِ بَدَلَ مَالِهِ بِزَعْمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا أَعْطَى، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) .

الباب الثالث في البراءة من الكفالة

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ] [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ] ِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ وَسَتُدْرَجُ خُلَاصَةُ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ الْمُبْهَمَةِ فِيمَا يَلِي: خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ. الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ. يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: 1 - إذَا سَلَّمَ الْأَصِيلُ أَوْ الْكَفِيلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ الْمَكْفُولَ بِهِ. 2 - إذَا أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عِنْدَهُ. لَكِنْ لَا تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ، بِخِلَافِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْأَصْلُ سَقَطَ الْفَرْعُ. 3 - الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ: أَوَّلًا: تَكُونُ بِإِبْرَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ الْكَفِيلَ. ثَانِيًا: بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الطَّالِبِ، وَمَكَانُ التَّسْلِيمِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِيهَا وَإِلَّا فَفِي الْمَكَانِ الَّذِي تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ. ثَالِثًا: بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ الْكَفِيلِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بِتَسْلِيمِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ الْأَوْصِيَاءِ الْمَكْفُولَ بِهِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْآخَرِينَ. 4 - الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ: أَوَّلًا: تَكُونُ بِوَفَاةِ الدَّائِنِ مُنْحَصِرًا إرْثُهُ فِي الْمَدِينِ. ثَانِيًا: بِوَفَاةِ الدَّائِنِ مُنْحَصِرًا إرْثُهُ فِي الْكَفِيلِ. ثَالِثًا: بِإِحَالَةِ الْكَفِيلِ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى آخَرَ وَقَبُولِ كُلٍّ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ تِلْكَ الْإِحَالَةَ.

رَابِعًا: يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ الْحَالِيَّةِ فِيمَا لَوْ كَفَلَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَفُسِخَ الْبَيْعُ أَوْ ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ اسْتَرَدَّ الْبَائِعُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاقِعَ غَيْرُ مُلْزِمٍ بِالثَّمَنِ. خَامِسًا: يَخْلُصُ الشَّخْصُ مِنْ الْكَفَالَةِ فِيمَا لَوْ كَفَلَ بَدَلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَانْتَهَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ. يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حَالَتَانِ (1) إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ، (ب) أَوْ أَحَالَ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى آخَرَ، فَالْأَصِيلُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ. (2) يُسْتَثْنَى مَا لَوْ حَلَفَ الْأَصِيلُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ دُونَهُ. (3) وَقَيْدُ الْإِحَالَةِ هُنَا لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا لَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَطَالَبَ إحَالَتَهُ عَلَيْهِ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ، ثَانِيًا لَوْ أَحَالَ الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى آخَرَ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ مَعًا.

الفصل الأول في بيان بعض الضوابط العمومية

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الضَّوَابِطِ الْعُمُومِيَّةِ] يُبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي الْبَرَاءَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْكَفَالَاتِ كَمَا فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، وَفِي الْفُصُولِ الْآتِيَةِ يُبْحَثُ عَنْ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ كَفَالَةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ جَاءَ فِي عُنْوَانِ هَذَا الْفَصْلِ (الضَّوَابِطُ الْعُمُومِيَّةُ) . (الْمَادَّةُ 659) لَوْ سُلِّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ طَرَفِ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلَّمُ النَّفْسَ أَمْ الْمَالَ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسَلِّمُ الْأَصِيلَ أَمْ الْكَفِيلَ أَمْ كَفِيلُ الْكَفِيلِ. (التَّنْوِيرُ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1651) لَا يُسْتَوْفَى مِنْ اثْنَيْنِ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ بِتَمَامِهِ. وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُجْمَلَةٌ لِلْغَايَةِ وَمُحْتَاجَةٌ إلَى بَعْضِ تَفْصِيلَاتٍ فَلْنُبَادِرْ إلَى الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: نَفْسٌ، وَمَالٌ، وَتَسْلِيمٌ وَيُقَسَّمُ كُلٌّ بِحَسَبِ إيفَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ الْكَفِيلِ إلَى قِسْمَيْنِ وَإِذَا ضُرِبَتْ هَذِهِ التَّقْسِيمَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ يَظْهَرُ سِتَّةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا سَلَّمَ الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ النَّفْسَ أَيْ إذَا سَلَّمَ الْأَصِيلُ نَفْسَهُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ، وَذَلِكَ فِيمَا لَوْ بَيْنَ حِينِ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُهَا بِكَفَالَتِهِ إيَّاهُ أَوْ بِمُقْتَضَى كَفَالَتِهِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ لِكَفَالَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَفَالَةِ التَّسْلِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَمَتَى وَقَعَ التَّسْلِيمُ الْمَذْكُورُ انْتَهَتْ الْكَفَالَةُ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ كَمَا يُسْتَخْرَجُ لُزُومُ هَذَا الْقَيْدِ مِنْ فِقْرَةِ (أَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ) مِنْ الْمَادَّةِ (651) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَابَلَ الْمَكْفُولُ بِهِ الْمَكْفُولَ لَهُ بِنَفْسِهِ وَبَقِيَ الِاثْنَانِ مَعًا مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَكْفُولُ بِهِ أَنَّهُ حَضَرَ إلَيْهِ لِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا تَكُونُ إذَا وَقَعَتْ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ بِدُونِ أَمْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ نَفْسَهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ نَفْسِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَيْسَ بِمُطَالَبٍ بِذَلِكَ (النَّهْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَا يُجْبَرُ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ الَّتِي بِلَا أَمْرٍ كَهَذِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا قَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (642) وَإِذَا صَادَفَ التَّسْلِيمُ مَحِلًّا مُحَاذِيًا فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَأْثَمُ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَهْرُبَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِ وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ (أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ الثَّانِي - إذَا سَلَّمَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْحُكْمُ مُجْمَلًا لِأَنَّنَا لَمْ نَرَ حَاجَةً إلَى ذِكْرِهِ هُنَا بِالتَّفْصِيلِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (663 و 665) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ - إذَا أَوْفَى الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ يَبْرَأُ كَمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَلَا يَأْخُذُ الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ الْكَفِيلِ. كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (634) ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إيفَاءُ الْأَصِيلِ يَكُونُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ بِإِعْطَائِهِ الدَّيْنَ نَقْدًا وَبَيْعِهِ مِنْهُ مَالًا فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ وَتَحْوِيلِ الْمَكْفُولِ لَهُ آخَرَ عَلَى الْأَصِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً. مِثَالٌ لِلْبَيْعِ، إذَا بَاعَ الْأَصِيلُ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ كَمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ مِنْ الدَّيْنِ، كَمَا إذَا بَاعَ الْأَصِيلُ مَالًا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ وَوَقَعَ التَّقَاصُّ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ مِنْ الدَّيْنِ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لَكِنْ إذَا بَاعَ الْأَصِيلُ مَالًا مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ وَضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ يَدِ الْمَكْفُولِ لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ رَدَّهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إلَى الْأَصِيلِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ رَجَعَتْ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ الْمَالِيَّةُ، وَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ أَمَّا لَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِإِقَالَةِ الْبَيْعِ أَوْ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا تَعُودُ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ، (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ، وَالْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ، وَالْفَيْضِيَّةُ فِيمَا تَقَعُ بِهِ الْبَرَاءَةُ مَالًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 196) . وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ فَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْفَيْضِيَّةِ: (لَوْ كَفَلَ بَكْرٌ مَا لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مِنْ الدَّيْنِ وَبَعْدَ أَنْ بَاعَ عَمْرٌو حَانُوتًا لَهُ مِنْ زَيْدٍ فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ بَيْعًا وَفَائِيًّا وَسَلَّمَهُ لَهُ وَفَسَخَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْعَقْدَ وَاسْتَرْجَعَ عَمْرٌو الْحَانُوتَ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ بَكْرٍ) . مِثَالٌ لِلْحَوَالَةِ إذَا حَوَّلَ الْمَكْفُولُ لَهُ دَائِنَهُ عَلَى الْأَصِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً يَخْلُصُ الْأَصِيلُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (690) وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ مُؤَاخَذَةُ الْكَفِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . لَكِنْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، وَإِذَا كَفَلَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي كَفِيلٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ دَيْنٌ عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ، وَأَقَامَ الْأَصِيلُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ قَبْلَ الْكَفَالَةِ يَبْرَأُ

الْأَصِيلُ دُونَ الْكَفِيلِ وَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ أَوْفَاهُ لَهُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بَرِئَ الِاثْنَانِ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ أَنَّ الْأَلْفَ عَلَى الْأَصِيلِ، وَبِالْإِثْبَاتِ تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَى الْأَصِيلِ، وَالْكَفِيلُ عُومِلَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْأَدَاءِ قَبْلَ الْكَفَالَةِ عُلِمَ أَنَّ مَا كَفَلَ بِهِ الْكَفِيلُ غَيْرُ هَذَا الدَّيْنِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَدَّى الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ الْمَالَ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ هَذَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْهُ كَمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ لَكِنْ إذَا كَانَ لِدَيْنِ أَحَدٍ كَفِيلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفِيلٌ بِنِصْفِهِ وَأَدَّى الْأَصِيلُ نِصْفَ دَيْنِهِ يُحْسَبُ عَنْ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ الَّذِي أَدَّى الْأَصِيلُ النِّصْفَ مِنْ جِهَةِ كَفَالَتِهِ " لِأَنَّهُ جُعِلَ فِعْلُهُ لِأَحَدِ مَا يَحْتَمِلُهُ فَيَقَعُ عَنْهُ وَيُصَدِّقُهُ فِيهِ ". أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَكْفُولُ لَهُ أَحَدَهُمَا فَيُحْسَبُ مَا أَدَّاهُ مِنْ جِهَةِ كَفَالَةِ الِاثْنَيْنِ مَعًا. إلَّا أَنَّهُ يَنْدَفِعُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ كَفَالَتُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ وَاحِدًا وَكَفَلَ نِصْفَ الدَّيْنِ فَقَطْ وَأَدَّى الْأَصِيلُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ وَبَيَّنَ أَنَّ مَا أَدَّاهُ مِنْ جِهَةِ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ يُقْبَلُ كَلَامُهُ وَيُحْسَبُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْأَنْقِرْوِيّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . أَمَّا إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا بِدَيْنٍ أَلْفِ قِرْشٍ نِصْفُهُ مُعَجَّلٌ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُؤَجَّلٌ، وَكَفَلَ كُلًّا مِنْهُمَا شَخْصٌ عَلَى حِدَةٍ وَدَفَعَ الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ حَالًا إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ يُحْسَبُ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ الْمُعَجَّلِ وَإِنْ لَمْ يَفِهِ بِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ التَّأْدِيَةِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْأَصِيلُ: إنَّهُ أَدَّاهَا عَنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ الْمُؤَجَّلَةِ فَيُقْبَلُ كَلَامُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَاب الرَّابِع مِنْ الْكَفَالَة) . الْحُكْمُ الرَّابِعُ: إذَا أَوْفَى الْكَفِيلُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ الْمَالَ أَيْ الْمَكْفُولَ بِهِ بِنَقْدٍ أَوْ بِبَيْعِهِ مِنْهُ مَالًا أَوْ بِحَوَالَةٍ مُقَيَّدَةٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَذَا قِرْشًا دَيْنًا، فَقَالَ الْمَدِينُ: إنَّكَ قَدْ اسْتَوْفَيْتَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ فُلَانٍ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ بِهَذَا الدَّيْنِ، وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ هَذَا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . مِثَالٌ لِلْأَدَاءِ بَيْعًا: إذَا اشْتَرَى الْمَكْفُولُ لَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ مِنْ الْكَفِيلِ مَالًا صَحَّ ذَلِكَ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ الْخَامِسُ: إذَا أَوْفَى الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّسْلِيمِ بَرِئَ الْكَفِيلُ كَمَا بَرِئَ الْأَصِيلُ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ بِتَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَ آخَرَ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِنَفْسِهِ يَبْرَأُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الْكَفَالَةِ. الْحُكْمُ السَّادِسُ: إذَا أَوْفَى الْكَفِيلُ التَّسْلِيمَ الْمَكْفُولَ بِهِ فَبَرِئَ الْأَصِيلُ كَمَا بَرِئَ الْكَفِيلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (641) وَشَرْحَهَا.

(المادة 660) لو قال المكفول له أبرأت الكفيل أو ليس لي عند الكفيل شيء

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ أَوْ الْمَكْفُولَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوْ تُوُفِّيَ الطَّالِبُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي الْكَفِيلِ أَوْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ كَالْمَالِ فِي الْإِبْرَاءِ. وَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (667) وَشَرْحِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 660) لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَبْرَأْتُ الْكَفِيلَ أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ الْكَفِيلِ شَيْءٌ] (الْمَادَّةُ 660) لَوْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: أَبْرَأْتُ الْكَفِيلَ أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ الْكَفِيلِ شَيْءٌ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَتُهُ وَنَدَامَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ بَعْدَئِذٍ لَا تُجْدِيهِ نَفْعًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ نَفْسِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ تَسْلِيمِيَّةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1561) (الْهِنْدِيَّةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالْإِبْرَاءُ الْمُرَادُ هُنَا: هُوَ إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ وَلَيْسَ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ عِبَارَةٌ: عَنْ بَيَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَكْفُولِ لَهُ مِنْ الْكَفِيلِ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْمَادَّةِ (659) . يَعْنِي إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الدَّائِنَ بَرِئَ الْكَفِيلُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَيُقَسَّمُ الْإِبْرَاءُ إلَى قِسْمَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1536) . وَلَا يُرَدُّ الْإِبْرَاءُ وَإِنْ رَدَّهُ الْكَفِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1568) لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ لَا تَمْلِيكٌ؛ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ إنَّمَا هِيَ الْمُطَالَبَةُ وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَنْقَسِمُ الْإِبْرَاءُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1568) مِنْ الْمَجَلَّةِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ وَالْإِبْرَاءُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَلَكِنَّهُ يُرَدُّ بِالرَّدِّ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فِي الزَّمَنِ الْحَالِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَيَتِمُّ إبْرَاؤُهُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بِإِبْرَاءِ الْمُبْرِئِ أَيْ: الْمُسْقِطِ وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى الْقَبُولِ، وَذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَبُولِ، وَالدَّيْنُ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَةِ الْقَبْضِ مَالٌ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَمْلِيكَهُ لِلْمَدِينِ، وَكَمَا تُرَدُّ عُقُودُ التَّمْلِيكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِرَدِّ الْإِيجَابِ فِيهَا فَيُرَدُّ الْإِبْرَاءُ بِالرَّدِّ أَيْضًا، وَقَدْ نَشَأَ عَنْ هَذَا التَّرْدَادِ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّهِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَهَذَا الْقِسْمُ إبْرَاءٌ وَيُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ أَيْضًا كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْبَدَلِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالْعَقْدُ حَقٌّ لِلطَّرَفَيْنِ وَعَلَيْهِ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِفَسْخِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إيَّاهُ أَيْ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ - وَلِذَلِكَ يَتَوَقَّفُ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَبُولِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْإِبْرَاءُ لَا يَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ بَلْ يَظَلُّ مَوْقُوفًا عَلَى اقْتِرَانِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ وَإِذَا رُدَّ الْإِيجَابُ مِنْ الطَّرَفِ الثَّانِي ارْتَدَّ.

وَإِذَا أُبْرِئَ الْكَفِيلُ أُبْرِئَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إبْرَاءِ إسْقَاطٍ وَكَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا بِهَذَا الْإِبْرَاءِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أُبْرِئَ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ. لَكِنْ إذَا وَهَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الدَّيْنَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى قَبُولِ الْكَفِيلِ، وَإِذَا قَبِلَ الْكَفِيلُ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْضًا. فَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ تَبَيَّنَ هُنَا اخْتِلَافُ حُكْمِ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ لِلْكَفِيلِ. أَمَّا حُكْمُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِلْأَصِيلِ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْإِبْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (662) (النُّزْهَةُ عَلَى الْأَشْبَاهِ) ، وَتُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: الْأُولَى - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ أَسْتَحِقُّهُ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ مَا لَمْ يَقُلْ الْمَكْفُولُ لَهُ: (لَيْسَ لِي حَقٌّ أَسْتَحِقُّهُ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ وِلَايَةٌ أَوْ وَكَالَةٌ أَوْ وِصَايَةٌ مُطْلَقًا) فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ حِينَئِذٍ مِنْ الْكَفَالَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نُقُودًا مَوْقُوفَةً وَبَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الْمُتَوَلِّي الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي هُوَ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ لِنَفْسِهِ فَإِبْرَاؤُهُ الْكَفِيلَ أَوْ إخْرَاجُهُ إيَّاهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَيَكُونُ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا مَالَ الْوَقْفِ أَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي أَخَذَ الْكَفِيلَ مُتَوَلِّيًا غَيْرَهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ التَّوْلِيَةِ أَوْ تُوُفِّيَ وَنُصِّبَ هَذَا بَعْدَهُ مُؤَخَّرًا فَإِخْرَاجُهُ الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي قُبَيْلَ نَوْعٍ آخَرَ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ) . لَاحِقَةٌ - فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ بِشَرْطٍ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ ، فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِصِحَّتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَالَ آخَرُونَ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ مُطْلَقًا وَقَالَ فَرِيقٌ بِصِحَّتِهِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُلَائِمًا، وَعَدَمِ صِحَّتِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَائِمٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (82) . فَإِذَا قِيلَ (إذَا جَاءَ الْغَدُ) أَوْ (إذَا دَخَلَ فُلَانٌ دَارِهِ) فَالتَّعْلِيقُ بَاطِلٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ أَمَّا إذَا قِيلَ: (إذَا أَعْطَيْتَنِي ثَمَانِمِائَةِ قِرْشٍ سَلَفًا مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ الَّتِي عَلَيْكَ دَيْنًا أَوْ إذَا أَعْطَيْتَنِي مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ الْمَكْفُولِ بِهَا مُؤَجَّلَةً ثَمَانِمِائَةٍ سَلَفًا أُبْرِئُكَ بِالْبَاقِي) صَحَّ هَذَا التَّعْلِيقُ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْمُلْتَقَى وَشَرْحُهُمَا) أَمَّا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَعَلَى وُجُوهٍ: فَفِي وَجْهٍ تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْكَفِيلُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي وَجْهٍ يَصِحَّانِ كَمَا إذَا كَانَ كَفِيلًا بِالْمَالِ أَيْضًا وَشَرَطَ الطَّالِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ وَيُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَفِي وَجْهٍ يَبْطُلَانِ كَمَا إذَا

(المادة 661) لا تلزم براءة الأصيل ببراءة الكفيل

شَرَطَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ وَيَرْجِعَ عَلَى الْمَطْلُوبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 661) لَا تَلْزَمُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيل] أَيْ إذَا أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ مِنْ الْكَفَالَةِ أَوْ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَكَانَ أَصِيلًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ مِنْ وَجْهٍ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ فَقَطْ، وَيُطَالِبُ الْأَصِيلَ بِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الْفَرْعِ إذْ الْأَصْلُ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، وَتَتَفَرَّعُ الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (668) عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مِثَالٌ لِلْأَصِيلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ - لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ لِآخَرَ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ عَلَى أَحَدِ النَّاسِ وَبَعْدَئِذٍ أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَكْفُولِ بِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ فَقَطْ وَاسْتَوْفَى الْمَكْفُولُ لَهُ الْمَبْلَغَ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إلَى الْأَصِيلِ (الْبَهْجَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مُسْتَثْنًى: بِمَا أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بِإِحَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ آخَرَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَتَلْزَمُ هُنَا بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ بِبَرَاءَتِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ. (544 وَ 659) وَشَرْحِهِمَا، وَمَادَّةِ (669) فَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ تَلْزَمُ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِهَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ. مِثَالٌ لِلْأَصِيلِ مِنْ وَجْهٍ - لَوْ كَفَلَ عِدَّةُ أَشْخَاصٍ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ دَيْنًا وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ بَعْضُهُمْ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَبْرَأَ الطَّالِبُ وَاحِدًا مِنْ الْكُفَلَاءِ بَقِيَ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عَلَى بَاقِي الْكُفَلَاءِ، وَلَا يَبْرَأُ الْكُفَلَاءُ الْآخَرُونَ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ الَّذِي أُبْرِئَ بِمَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْأَصِيلِ الَّذِي لَمْ يَبْرَأْ فَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 662) بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ] أَيْ أَنَّهُ إذَا بَرِئَ الْأَصِيلُ مِنْ الْمَكْفُولِ بِهِ بِتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَوْ أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ لَهُ إيَّاهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ بِبَيَانِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ مُطْلَقًا أَوْ بِهِبَتِهِ إيَّاهُ مِنْ الْأَصِيلِ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَكَفِيلُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَ الْكُفَلَاءُ سَوَاءٌ أَوَقَعَتْ كَفَالَتُهُمْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَمْ بِعِدَّةِ عُقُودٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْأَصْلِ يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَ فَرْعِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 50) (الْهِدَايَةُ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . وَالْمَادَّتَانِ (666 و 667) ، وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (668) مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ دَيْنًا لَهُ عَلَى أَحَدِ النَّاسِ فَقَالَ الْأَصِيلُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ: (قَدْ كَفَلَ فُلَانٌ مَا عَلَيَّ لَكَ مِنْ الدَّيْنِ فَأَبْرِئْنِي مِنْهُ وَخَلِّصْنِي عَلَى أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْهُ) ، وَأَبْرَأَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْأَصِيلَ مِنْ الدَّيْنِ بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تَلْزَمُ بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ، وَهَذِهِ حِيلَةٌ يَلْزَمُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى حُقُوقِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) .

لَكِنَّ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ بِإِبْرَاءِ الطَّالِبِ الْأَصِيلَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِهِبَتِهِ لَهُ هِيَ فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ (أَشْبَاهٌ) وَلَيْسَ فِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لِلطَّالِبِ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْمَكْفُولِ بِهِ حَقٌّ، فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ إحْضَارَهُ لِحَقٍّ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْوِلَايَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . مَا لَمْ يَقُلْ الْمَكْفُولُ لَهُ مُبْرِئًا إيَّاهُ (لَيْسَ لِي عَلَى الْأَصِيلِ حَقٌّ أَسْتَحِقُّهُ لَا لِنَفْسِي وَلَا مِنْ جِهَةِ مُوَكِّلِي وَلَا مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ الَّذِي أَنَا مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَالْيَتِيمِ الَّذِي أَنَا وَصِيُّهُ) وَبِالْإِبْرَاءِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ كَمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 160) . وَلِتَوْضِيحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِمِثَالَيْنِ: أَوَّلًا - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى شَخْصٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَدَّى الْمَدِينُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ فَكَمَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (659 و 663) . ثَانِيًا - وَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ دَيْنِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْهُ كَمَا بَرِئَ الْمَدِينُ الْأَصِيلُ، وَتُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا حَلَفَ الْأَصِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ قَبْلَ الْكَفَالَةِ فَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ مِنْهُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 659) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ بِلَا أَمْرٍ: (أَنَا كَفِيلٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ) وَبَعْدَئِذٍ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الدَّائِنُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَدِينِ فَبَيَّنَ الْمَدِينُ أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُطْلَقًا، وَحَلَفَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْيَمِينَ لَدَى عَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ بَرِئَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ، لَكِنَّ الْكَفِيلَ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ وَيُطَالَبُ بِمُوجِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ يُفِيدُ بَرَاءَةَ الْحَالِفِ حَسْبُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . جَاءَ قَوْلُهُ: (بِلَا أَمْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اُكْفُلْ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَيَّ لِفُلَانٍ، يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ بَعْدُ لَيْسَ عَلَيَّ دَيْنٌ أَوْ إنَّنِي أَدَّيْتُ ذَلِكَ الدَّيْنَ قَبْلَ الْكَفَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ أَنَّهُ كَانَ مَدِينًا لِلْمَكْفُولِ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَلَكِنَّهُ أَوْفَاهُ إيَّاهُ قَبْلَ كَفَالَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بَرِئَ الْأَصِيلُ دُونَ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ أَنَّ الْأَلْفَ عَلَى الْأَصِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَجَاءَ (قَبْلَ الْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ بَعْدَ الْكَفَالَةِ بَرِئَ الْأَصِيلُ، وَالْكَفِيلُ مَعًا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - أَنَّ لُزُومَ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكْفُلْ الْكَفِيلُ (بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ) أَمَّا إذَا كَفَلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ حَوَالَةٌ (اُنْظُرْ

الْمَادَّةُ 648) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتِهِ لَهُ كَمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ لَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا إذَا لَمْ يَرُدَّ الْأَصِيلُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْهِبَةَ، وَوَفَاةُ الْأَصِيلِ قَبْلَ الرَّدِّ فِي حُكْمِ الْقَبُولِ أَمَّا إذَا رَدَّ الْأَصِيلُ الْهِبَةَ فَتُرَدُّ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1568) وَلَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ مِنْ الدَّيْنِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأَصِيلُ الْإِبْرَاءَ يُرَدُّ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1568) وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ. لَكِنْ قَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الْكَفِيلَ هَلْ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَبْرَأُ؟ فَبَعْضُهُمْ قَالَ: بِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ وَلَا تَأْثِيرَ لِرَدِّ الْأَصِيلِ الْإِبْرَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ، وَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إلَى عَدَمِ بَرَاءَتِهِ كَالْأَصِيلِ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ اكْتَفَى فِي مَوْضِعِ الْمُجْتَهِدِ فِي الْمَسَائِلِ فَخْرُ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ قَاضِيًا بِذِكْرِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الطَّالِبَ إذَا أَبْرَأَ الْأَصِيلَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَعَلَى الْإِمَامِ الثَّانِي (أَبِي يُوسُفَ) يَعُودُ حَتَّى الْقَبُولُ وَالرَّدُّ لِلْإِبْرَاءِ، وَالْهِبَةُ إلَى وَرَثَةِ الْأَصِيلِ وَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الثَّالِثِ (الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ) أَنَّ الْإِبْرَاءَ وَالْهِبَةَ يَنْفُذَانِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ حَقُّ الْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فِيهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الثاني في البراءة من الكفالة بالنفس

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ] مُجْمَلُ هَذَا الْفَصْلِ - تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا - إبْرَاءُ الْمَكْفُولِ لَهُ الْكَفِيلَ - الْمَادَّةُ (460) . ثَانِيهَا - تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ لِلطَّالِبِ - الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ وَالْمَادَّةُ (659) . ثَالِثُهَا - وَفَاةُ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ وَفَاةُ الْكَفِيلِ - الْمَادَّةُ (666) ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي. (الْمَادَّةُ 663) لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي مَحِلٍّ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُخَاصَمَةُ كَالْمِصْرِ أَوْ الْقَصَبَةِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَقَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَكِنْ لَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ فِي الزُّقَاقِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَكِنْ لَوْ سَلَّمَهُ بِحُضُورِ ضَابِطٍ يَبْرَأُ. لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ أَوْ كَفِيلُ الْكَفِيلِ. (2) أَوْ وَكِيلُ الْكَفِيلِ. (3) أَوْ رَسُولُ الْكَفِيلِ الْمَكْفُولَ بِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَحِلٍّ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُخَاصَمَةُ كَالْمِصْرِ أَوْ الْقَصَبَةِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَحِلُّ هُوَ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ عَقْدُ الْكَفَالَةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَقَالَ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ الْمَكْفُولَ بِهِ: (إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ لِأَنَّنِي قَدْ سَلَّمْت الْمَكْفُولَ بِهِ) أَمْ لَا. أَوَّلًا - يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَكَفِيلُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ مَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْكَفَالَةِ أَلْفَاظٌ تُوجِبُ إعَادَةَ لَفْظِ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ فِي الْمِثَالِ الثَّالِثِ مِنْ الْمَادَّةِ (636) . تَسْلِيمُ الْمَكْفُولِ بِهِ - يَكُونُ بِإِحْضَارِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ مَانِعٌ مِنْ قَبْضِهِ إيَّاهُ مَعَ قَوْلِهِ لَهُ: (إنْ شِئْتَ فَاقْبِضْهُ أَوْ إنْ أَرَدْتَ فَخُذْهُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُقَابِلًا لِلْفَقَرَةِ الْآتِيَةِ بِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَقْصُودَةَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ الْكَفَالَةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ أَيْ الَّتِي لَمْ يُشْرَطْ فِيهَا التَّسْلِيمُ فِي مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ.

وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَجُوزُ التَّسْلِيمُ فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهَا أَمَّا الْإِمَامَانِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ اشْتَرَطَا التَّسْلِيمَ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ قَبُولُهَا قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (فِي مَحِلٍّ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُخَاصَمَةُ) لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي مَحِلٍّ لَا تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ كَالْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ وَالْقَفْرِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمَحَالِّ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا حَاكِمٌ. وَإِذَا وَقَعَ التَّسْلِيمُ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ. لِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ يُعَدُّ قَابِضًا حُكْمًا وَذَلِكَ كَمَا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْمَدِينُ الدَّيْنَ إلَى دَائِنِهِ وَلَمْ يَقْبَلَا فَيُعَدَّانِ قَابِضَيْنِ حُكْمًا لَكِنْ إذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَزِمَ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (82) فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ فِي بَلْدَةٍ غَيْرِهَا فِيهَا حَاكِمٌ مِثْلُهَا فَلَوْ شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي الْقُدْسِ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالتَّسْلِيمِ فِي غَزَّةَ (الْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِي مِصْرٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّسْلِيمَ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَزِمَ التَّسْلِيمُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْكَفَالَةُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامَانِ آنِفًا وَلَا يُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ فِي مِصْرٍ آخَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ فِي غَيْرِهِ أَيْضًا كَمَا قُلْنَا، وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ كَمَا ذَكَرْنَا قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِإِتْيَانِهَا عَلَى الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا مُطْلَقَةً، وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ: إنَّهُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا اخْتِلَافُ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ وَبَيَانُهُ فِي الزَّيْلَعِيّ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ. وَلَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِهِ فِي إحْدَى أَزِقَّةِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَوْ فِي سُوقِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُفِيدٌ بِسَبَبِ أَغْلَبِيَّةِ الْفِسْقِ فِي النَّاسِ إذْ قَلَّمَا مَنْ يَجِدُ مِنْهُمْ مِنْ نَفْسِهِ زَاجِرًا يَزْجُرُهُ عَنْ إتْيَانِ مَا يَجْرُؤُ بِهِ الْمَدِينُ مِنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ الْمُومِئِ إلَيْهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي حَبْسِ ضَابِطِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَآمِرِهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ حَبْسُ الْمَكْفُولِ بِهِ بِسَبَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَمْ لَا كَذَلِكَ يَبْرَأُ لَوْ سَلَّمَهُ فِي حُضُورِ الضَّابِطِ أَوْ لَوْ اشْتَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي حُضُورِ الْوَالِي، سُلِّمَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ لَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ الْوَالِي بَرِئَ. أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ وَهُوَ فِي حَبْسِ حَاكِمِ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَا يَصِحُّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ الْفُلَانِيِّ وَفُصِلَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بَعْدَئِذٍ عَنْ وَظِيفَتِهِ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ خَلَفِهِ بَرِئَ (الْهِنْدِيَّةُ) .

كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِي حُضُورِ الْوَالِي الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمَهُ بِسَبَبِ انْفِصَالِهِ عَنْ الْوِلَايَةِ إلَى خَلَفِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. (الْبَزَّازِيَّة فِي الثَّالِثِ) . وَفِي الْمُسَلِّمِ أَيْ الَّذِي يُسَلِّمُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ خَمْسَةُ احْتِمَالَاتٍ: (1) الْكَفِيلُ، (2) وَكِيلُ الْكَفِيلِ، (3) رَسُولُ الْكَفِيلِ، (4) رَسُولُ الْكَفِيلِ الْمُرْسَلُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، (5) الْأَجْنَبِيُّ، وَفِيمَا يَلِي تَوْضِيحُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ: تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ: إنَّ لَفْظَ الْكَفِيلِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاحْتِرَازُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ وَكِيلُ الْكَفِيلِ الْمَكْفُولَ بِهِ مَعَ بَيَانِ كَوْنِهِ بِحُكْمِ كَفَالَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ جِهَتِهَا بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ تَسْلِيمَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَبْرَأُ (التَّنْوِيرُ وَشُرُوحُهُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْكُفَلَاءُ لَزِمَ الْوَكِيلَ أَنْ يُبَيِّنَ عَنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُفَلَاءِ أَرَادَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الثَّالِث) . تَسْلِيمُ الرَّسُولِ: يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الرَّسُولِ (الَّذِي أُرْسِلَ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ) بِالْمَكْفُولِ بِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ (بِأَنْ يَدْفَعَ الْكَفِيلُ الْمَطْلُوبَ إلَى رَجُلٍ يُسَلِّمُهُ إلَى الطَّالِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ إنَّ الْكَفِيلَ أَرْسَلَ مَعِي هَذَا لِأُسَلِّمَهُ إلَيْكَ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَسْلِيمَهُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ فَيَجْرِي الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا جَاءَ فِي فِقْرَةِ لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ. .. إلَخْ أَيْضًا. تَسْلِيمُ الرَّسُولِ الْمُرْسَلِ لِغَيْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَتَسْلِيمُ الْأَجْنَبِيِّ: لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ لَوْ سَلَّمَ الرَّسُولُ الْمُرْسَلُ مِنْ طَرَفِهِ لِغَيْرِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ قَالَا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ. وَالسُّكُوتُ هُنَا لَا يُعَدُّ قَبُولًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) . مَسْأَلَةٌ أُولَى - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِأَخْذِ كَفِيلٍ بِنَفْسِ مَدِينِهِ وَأَخَذَ الْوَكِيلُ الْكَفِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُنْظَرُ فَإِذَا أَضَافَ الْكَفَالَةَ لِنَفْسِهِ فَلِلْوَكِيلِ الْحَقُّ فِي مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ بِالْمَكْفُولِ بِهِ حَتَّى أَنَّ الْكَفِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِلْوَكِيلِ يَبْرَأُ، وَإِذَا أَضَافَهَا إلَى مُوَكِّلِهِ فَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ لِلْمُوَكِّلِ، وَلَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى الْوَكِيلِ لَا يَبْرَأُ. لَكِنْ فِي الصُّورَتَيْنِ لَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ بَرِئَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ - إذَا تَعَدَّدَ الْكُفَلَاءُ بِنَفْسِ أَحَدٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ كَفَلَ بِمُفْرَدِهِ فَلَا يَبْرَأُ جَمِيعُهُمْ بِتَسْلِيمِ أَحَدِهِمْ الْمَكْفُولَ بِهِ أَمَّا إذَا كَانُوا كُفَلَاءَ مَعًا فَيَبْرَءُونَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) . مَسْأَلَةٌ ثَالِثَةٌ - إذَا أَوْفَى الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الطَّالِبَ دَيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ

(المادة 664) يبرأ الكفيل بمجرد تسليم المكفول به بطلب الطالب

صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، وَجَازَتْ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) . أَمَّا لَوْ أَدَّى الشَّخْصُ الْمَكْفُولُ بِهِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ طَلَبَتَهُ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ شَيْءٌ آخَرُ يَدَّعِيهِ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (662) لَكِنْ لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى مَالٍ بِشَرْطِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ صَحَّ الصُّلْحُ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالُ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . لَاحِقَةٌ - فِي أَخْذِ الْحَاكِمِ فِي أَثْنَاءِ الدَّعْوَى كَفِيلًا بِالنَّفْسِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ كَفِيلًا بِنَفْسٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي أَوْ بِدُونِ طَلَبِهِ وَسَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ أَوْ لِرَسُولِهِ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ لِلْمُدَّعِي فَلَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَضَافَ الْحَاكِمُ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُدَّعِي فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ حِينَئِذٍ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَبْرَأُ إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى. [ (الْمَادَّةُ 664) يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِمُجَرَّدِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ بِطَلَبِ الطَّالِبِ] (الْمَادَّةُ 664) يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِمُجَرَّدِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ بِطَلَبِ الطَّالِبِ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ بِدُونِ طَلَبِ الطَّالِبِ فَلَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَقُلْ سَلَّمْتُهُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ. أَيْ سَوَاءٌ أَقَالَ سَلَّمْتُهُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ أَمْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْكَفَالَةِ وَمُقْتَضَاهَا قَدْ حَصَلَا وَيَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ مَرَّةً أُخْرَى إلَّا إذَا وُجِدَ فِي الْكَفَالَةِ عِبَارَةٌ تَقْتَضِي تَكْرَارَ التَّسْلِيمِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (636) . أَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِدُونِ طَلَبِ الطَّالِبِ وَلَمْ يَقُلْ سَلَّمْتُهُ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ أَوْ سَلَّمْتُهُ مِنْ جِهَتِهَا فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ وُقُوعُ التَّسْلِيمِ لِجِهَةٍ أُخْرَى. [ (الْمَادَّةُ 665) لَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ] (الْمَادَّةُ 665) لَوْ كَفَلَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ. أَيْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ قَبْلَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (663) بَرِئَ وَلَا يُطَالَبُ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْكَفِيلِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ الْأَجَلَ بِالتَّسْلِيمِ قَبْلَ حُلُولِهِ كَذَلِكَ يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ إذَا أَدَّاهُ إلَيْهِ الْمَدِينُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ الَّتِي تَقَعُ بِقَوْلِهِ: (أَيْ كَفِيلٌ بِنَفْسِ فُلَانٍ لِمُدَّةِ شَهْرٍ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ قَبْلَ انْتِهَاءِ الشَّهْرِ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ بِالِاسْتِلَامِ. كَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسِ آخَرَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ عِنْدَ طَلَبِ

(المادة 666) لو مات المكفول به

الطَّالِبِ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ وُجُوبُ التَّسْلِيمِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ (الْأَنْقِرْوِيّ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 666) لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ] (الْمَادَّةُ 666) لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فَكَمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ يَبْرَأُ كَفِيلُ الْكَفِيلِ كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ فَكَمَا يَبْرَأُ هُوَ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَلِكَ يَبْرَأُ كَفِيلُهُ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَيُطَالِبُ وَارِثُهُ. لِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ بِهِ امْتَنَعَ عَلَى الْكَفِيلِ إحْضَارُهُ وَكَانَ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ عَجْزًا مُسْتَمِرًّا أَمَّا الْكَفَالَةُ فَلَا تَبْطُلُ لِعَدَمِ اقْتِدَارِ الْكَفِيلِ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ مَحِلَّهُ. بَلْ يَجِبُ إيقَافُ الْمُطَالَبَةِ إلَى أَنْ يَقِفَ عَلَى مَكَانِهِ، وَأَمَّا حَقُّ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَحَقُّهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى. كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ فَكَمَا يَبْرَأُ هُوَ مِنْ الْكَفَالَةِ بِسُقُوطِ الِاقْتِدَارِ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ كَذَلِكَ يَبْرَأُ وَارِثُهُ مَعَ كَفِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسًا فَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مَالًا بَدَلًا مِنْ النَّفْسِ (الدُّرُّ) لَكِنْ لَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ وَتُرَاجَعُ تَرِكَتُهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (679) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ تُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِإِحْضَارِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ بِهِ إلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَحَدِ الْأَوْصِيَاءِ فَلِلْبَاقِينَ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ وَلَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوا بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَهُمْ عَلَى حِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي مَادَّةِ (1642) خَصْمًا فِي الدَّعَاوَى الَّتِي لِلْمُتَوَفَّى، وَالدَّعَاوَى الَّتِي عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ الْوَارِثِ قَبْضُ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ حِصَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِذَلِكَ إذَا سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ تَسَلُّمِ الْآخَرِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ بِنَفْسٍ آخَرَ لِشَخْصَيْنِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَكْفُولَ بِهِ لِأَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ تُجَاهَ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَقَطْ، أَمَّا الشَّخْصُ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى حِدَةٍ (الْأَنْقِرْوِيِّ قَبْلَ الْفَصْلِ السَّابِعِ) .

الفصل الثالث في البراءة من الكفالة بالمال

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ] [ (الْمَادَّةُ 667) لَوْ تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَكَانَتْ الْوِرَاثَةُ مُنْحَصِرَةً فِي الْمَدِينِ] (الْمَادَّةُ 667) لَوْ تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَكَانَتْ الْوِرَاثَةُ مُنْحَصِرَةً فِي الْمَدِينِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِنْ كَانَ لِلدَّائِنِ وَارِثٌ آخَرُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ حِصَّةِ الْمَدِينِ فَقَطْ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ. أَيْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ لَوْ تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ الشَّرْعِيُّ فِي مَدِينِهِ وَلَا يُوجَدُ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ كَمَا بَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (662) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الْمَدِينُ يُعَدُّ مُفْلِسًا فَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الدَّائِنِ مُؤَاخَذَةُ الْكَفِيلِ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمَّا أَصْبَحَ مَالِكًا لِمَا فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مُوجِبَةٌ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ (الْبَهْجَةُ فِيمَا تَقَعُ بِهِ الْبَرَاءَةُ وَفِيمَا لَا تَقَعُ) ، وَإِنْ كَانَ لِلدَّائِنِ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَدِينِ هَذَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ حِصَّةِ الْمَدِينِ فَقَطْ كَمَا يَبْرَأُ هُوَ مِنْهَا، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى ابْنِهِ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَانْحَصَرَتْ تَرِكَتُهُ فِي ابْنِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ كَمَا بَرِئَ الِابْنُ مِنْ الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ ثَانٍ فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ كَمَا بَرِئَ الِابْنُ مِنْهُ، وَلِلِابْنِ الثَّانِي طَلَبُ النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الْكَفِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ لِامْرَأَةٍ مَهْرَهَا الْبَالِغَ قَدْرُهُ أَلْفَ قِرْشٍ وَتُوُفِّيَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَأَخٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ حِصَّةِ الزَّوْجِ وَضَمِنَ حِصَّةَ الْأَخِ فَقَطْ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (إذَا كَانَ الْمَدِينُ وَارِثًا) وَفِيمَا يَلِي سَنُوَضِّحُ مَسْأَلَةَ صَيْرُورَةِ الْكَفِيلِ وَارِثًا: إذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي الْكَفِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اُنْظُرْ الْبَحْثَ فِي الْكَفَالَةِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (646) وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْأَصِيلِ بَرِئَ الْأَصِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الطَّالِبُ صَارَ ذَلِكَ الْمَالُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ مَلَكَ الْكَفِيلُ الْمَالَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِالْقَضَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا مَلَكَ الْكَفِيلُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) .

(المادة 668) لو صالح الكفيل أو الأصيل الدائن على مقدار من الدين

أَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْأَصِيلِ فَلَا يَبْرَأُ فَيَكُونُ مَدِينًا لِلْكَفِيلِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ إذَا كَانَ غَنِيًّا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَقَبِلَ الْكَفِيلُ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ صَحَّتْ وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْأَصِيلِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي تَعْرِيفِ الْكَفَالَةِ وَفِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْ الْكَفَالَةِ) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَئِذٍ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ إلَى الْكَفِيلِ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ إلَى الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا دَخْلَ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مُطْلَقًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ) وَعَقْدُ الْكَفَالَةِ فِي حُكْمِ التَّسْلِيطِ عَلَى الْقَبْضِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (848) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 668) لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 668) لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَبْرَآنِ إنْ اُشْتُرِطَتْ بَرَاءَتُهُمَا أَوْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ فَقَطْ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ فَقَطْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ فَقَطْ وَيَكُونُ الطَّالِبُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ مَجْمُوعَ دَيْنِهِ مِنْ الْأَصِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ الْكَفِيلِ وَالْبَاقِي مِنْ الْأَصِيلِ. لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعِ صُوَرٍ إمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ بَرَاءَتُهُمَا أَيْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ أَوْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ فَقَطْ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ شَيْءٌ مُطْلَقًا فَفِي صُورَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ، وَالْكَفِيلُ مَعًا مِمَّا زَادَ عَلَى بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَا بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الصُّلْحِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1552) ؛ لِأَنَّ الْمَصَالِحَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَفِيلُ أَوْ الْأَصِيلُ لَوْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَجْمُوعِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ الدَّيْنُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْأَصِيلِ تَجِبُ بَرَاءَتُهُ فِيمَا عَدَا بَدَلَ الصُّلْحِ وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ (الدُّرَرُ) . وَإِذَا صَالَحَ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ غَيْرِ بَدَلِ الصُّلْحِ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْكُلِّ، وَيَكُونُ الطَّالِبُ حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَإِذَا اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْبَدَلَ مِنْ أَيِّهِمَا بَرِئَ الِاثْنَانِ مَعًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (659) وَالْبَرَاءَةُ عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ تَكُونُ بِالتَّأْدِيَةِ وَالْبَرَاءَةُ عَنْ بَاقِي الدَّيْنِ تَكُونُ بِالصُّلْحِ. أَمَّا الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: فَهِيَ إنْ اُشْتُرِطَتْ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ فَقَطْ فَبِمَا أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ عِبَارَةٌ عَنْ فَسْخِ الْكَفَالَةِ عَنْ قِسْمٍ مِنْ الدَّيْنِ بَرِئَ الْكَفِيلُ فَقَطْ عَمَّا فُصِلَ عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (661) بِعَقْدِ الصُّلْحِ، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَالطَّالِبُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ أَوْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالْبَاقِي. وَهَذِهِ الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ هِيَ فَسْخٌ

(المادة 669) لو أحال الكفيل المكفول له على أحد وقبل المكفول له والمحال عليه

لِلْكَفَالَةِ عَنْ قِسْمٍ مِنْ الدَّيْنِ وَلَيْسَتْ بِإِسْقَاطِ دَيْنِ الْأَصِيلِ وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ أَخْذُ الدَّائِنِ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي مُقَابِلِ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يُحْسَبَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَفِيلِ مِمَّا هُوَ عَلَى الْأَصِيلِ عَلَى أَنْ يُسْتَوْفَى الْبَاقِي مِنْ الْأَصِيلِ. وَإِذَا اسْتَوْفَى الدَّائِنُ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ مِنْ الْأَصِيلِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا بَعْدُ مِنْ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ زِيَادَةً عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ. وَإِذَا أَوْفَى الْكَفِيلُ الدَّائِنَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ بَدَلَ الصُّلْحِ أَصْبَحَ الْكَفِيلُ بَرِيئًا مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ عَنْ بَدَلِ الصُّلْحِ بِوَفَائِهِ وَعَنْ الْبَاقِي بِعَقْدِ الصُّلْحِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِبْرَاءِ بِبَعْضِ الْحَقِّ وَأَخْذِ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَخَذَ الطَّالِبُ بَعْضَ حَقِّهِ وَأَبْرَأَ عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ سَقَطَتْ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ أَلْبَتَّةَ، وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 657 وَشَرْحَهَا. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ. ..) لِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ فَحُكْمُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (657) فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِائَةَ مَجِيدِيٍّ، وَلَمْ يُصَالِحْ الْأَصِيلُ الدَّائِنَ عَلَى خَمْسِينَ مَجِيدِيًّا بَلْ صَالَحَهُ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ) لِأَنَّ الْأَصِيلَ حِينَئِذٍ بِمُصَالَحَتِهِ الدَّائِنَ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ يَكُونُ قَدْ بَاعَ مِنْهُ الْمَالَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ كَمَا قَدْ جَاءَ بَيَانُهُ فِي الْحُكْمِ الثَّالِثِ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (659) وَأُشِيرَ إلَيْهِ. وَالصُّلْحُ فِي الْمَجَلَّةِ خَاصٌّ بِالصُّلْحِ عَلَى الْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ. وَلَكِنْ لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ الدَّائِنَ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ الَّتِي تُوجِبُهَا الْكَفَالَةُ بَرِئَ الْكَفِيلُ فَقَطْ أَمَّا الْأَصِيلُ فَلَا لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْكَفَالَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِبَارَةٌ عَنْ فَسْخِ الْكَفَالَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِإِسْقَاطِ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ، وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ لَازِمٌ أَيْضًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ بِكَفَالَةٍ نَفْسِيَّةٍ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْمَالِ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ عَنْ مُوجِبِ الْكَفَالَةِ تَسْقُطُ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ الْوَارِدَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ هُوَ لِلْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَالِ الْبَاقِي مِنْ الْمَكْفُولِ بِهِ، وَأَمَّا بَدَلُ الصُّلْحِ الْوَارِدُ فِي الشَّرْحِ فَهُوَ لِلْإِبْرَاءِ مِنْ الْكَفَالَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 669) لَوْ أَحَالَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ] (الْمَادَّةُ 669) لَوْ أَحَالَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَبِلَ الْمَكْفُولُ لَهُ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ أَيْضًا. وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (660) مَسَائِلُ هِبَةِ الدَّائِنِ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ أَوْ تَصَدُّقِهِ بِهِ عَلَيْهِ، وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ أَيْضًا عَنْ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْأَصِيلِ، أَمَّا الْحَوَالَةُ فَبِمَا أَنَّهَا تَقَعُ عَلَى أَصْلِ

الدَّيْنِ فَتَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ الِاثْنَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 689 وَ 690) . مَثَلًا لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ مَا عَنْ آخَرَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، وَأَحَالَ الْكَفِيلُ الْمَذْكُورُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى آخَرَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ، وَقَبِلَ الْمُحَالُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فَكَمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ يَبْرَأُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدِينَ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي الْكَفَالَةِ وَقُبَيْلَ كِتَابِ الْقَاضِي) . أَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْكَفِيلُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ فَإِنَّمَا يَبْرَأُ هُوَ فَقَطْ دُونَ الْأَصِيلِ فَالْمَكْفُولُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ إنْ شَاءَ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَمَا لَمْ يَتْلَفْ الْمُحَالُ بِهِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بَعْدَئِذٍ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ) . وَإِذَا بَرِئَ الْكَفِيلُ مَعَ الْأَصِيلِ بِالْإِحَالَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمُحَالِ بِهِ فَيَعُودُ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصِيلِ وَبِذَلِكَ تَرْجِعُ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ الْأَصِيلَ بِدَيْنِهِ أَوْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لَوْ أَحَالَ الْكَفِيلُ. .. إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ: أَوَّلًا: لَوْ قَبِلَ أَحَدٌ الْحَوَالَةَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ تَبَرُّعًا بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ عَنْهُ مَعًا. أَمَّا لَوْ قَبِلَ الْحَوَالَةَ عَلَى أَنْ يَبْرَأَ الْكَفِيلُ فَقَطْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ حِينَئِذٍ فَقَطْ دُونَ الْأَصِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . ثَانِيًا: لَوْ أَحَالَ الْأَصِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (690) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ تُجَاهَ الْمَكْفُولِ لَهُ هُوَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ دَائِنَهُ عَلَى الْأَصِيلِ - الْمَدِينِ - حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَلِلْمُحَالِ لَهُ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ يَكُونُ مُحَالًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَكْفُلْ لَهُ. مَثَلًا لَوْ أَحَالَ أَحَدٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي كَفَلَهُ آخَرُ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَرَاءَةً مُؤَقَّتَةً، حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى الْكَفَالَةِ السَّابِقَةِ (التَّنْقِيحُ قُبَيْلَ الْقَضَاءِ) كَذَلِكَ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (692) . أَمَّا لَوْ أَحَالَ الطَّالِبُ عَلَى الْكَفِيلِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بَرِئَ الْكَفِيلُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (692) مِنْ مُطَالَبَةِ الطَّالِبِ وَانْتَقَلَ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ. وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ وَلِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ حَتَّى يُخَلِّصَهُ مِنْ الْحَوَالَةِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ عَلَى اثْنَيْنِ أَلْفُ قِرْشٍ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ مَكْفُولٌ بِهِ وَأَحَالَ أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ الدَّائِنَ عَلَى آخَرَ بِالدَّيْنِ بَرِئَ الْمُحِيلُ مِنْ دَيْنِهِ أَصَالَةً كَمَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ عَمَّا يُصِيبُهُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ

(المادة 670) لو مات الكفيل بالمال

فَقَطْ أَمَّا الَّذِي لَمْ يُحِلْ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْأَصَالَةِ وَلِذَلِكَ فَالْمَكْفُولُ لَهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَلْفَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ مِمَّنْ لَمْ يُحِلْ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 670) لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ] (الْمَادَّةُ 670) لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ يُطَالَبُ بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِمَوْتِهِ، فَيَكُونُ مُطَالَبًا بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُ تَرِكَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَالِيَّةَ لَا تَبْطُلُ كَالنَّفْسِيَّةِ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّ وَفَاءَ حُكْمِ الْكَفَالَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْكَفِيلِ مُمْكِنٌ وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ اسْتَوْفَى الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ فَلِوَرَثَةِ الْكَفِيلِ الرُّجُوعُ بَعْدَئِذٍ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِهِ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ أَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ تَرِكَةٌ لِلْكَفِيلِ فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكَفَالَةِ) لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ آخَرَ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ. مَثَلًا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُطَالِبَ وَارِثَ الْمُتَوَفَّى بِتَأْدِيَةِ مَا لَهُ عَلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ الدَّيْنِ مِنْ مَالٍ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ وَارِثًا إذَا لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. وَإِذَا كَفَلَ أَحَدٌ بِمَا عَلَى آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِأَمْرِهِ، وَبَطَلَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ بِوَفَاتِهِ وَاسْتُوْفِيَ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْكَفَالَةِ) . وَبِمَا أَنَّ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ كَفَالَةٌ بِالْمَالِ فَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) . إذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ وَلِتَرِكَتِهِ غَرِيمٌ فَإِنْ شَاءَ الطَّالِبُ دَخَّلَ فِي التَّرِكَةِ غَرَامَةً، وَيَسْتَوْفِي الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا كَانَ مُتَوَصِّيًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 671) الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ] (الْمَادَّةُ 671) : الْكَفِيلُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ. أَيْ أَوَّلًا: إذَا انْفَسَخَ أَوْ أُقِيلَ ثَانِيًا: إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ، ثَالِثًا: وَإِذَا رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، رَابِعًا: إذَا رُدَّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، خَامِسًا: إذَا رُدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، وَسَادِسًا: إذَا رُدَّ بِظُهُورِ فَسَادٍ فِي الْبَيْعِ. فَبِمَا أَنَّ الثَّمَنَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ السِّتِّ فِي الْعَقْدِ قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ فَيَكُونُ قَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ. بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْأَصِيلِ أَوْ مِنْ الْكَفِيلِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ.

(المادة 672) استؤجر مال إلى تمام مدة معلومة وكفل أحد بدل الإجارة التي سميت

ثَانِيًا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ دَائِنَهُ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (693) وَبَعْدَ أَنْ كَفَلَ لِلْمُحَالِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ، وَضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْضًا. أَمَّا إذَا لَمْ يُضْبَطْ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّامِنَةِ وَرُدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. قَالَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي مَوْضِعِ: (وَقَالُوا لَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ لِغَرِيمِ الْبَائِعِ) لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ بَرِئَ الْكَفِيلُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ لِغَرِيمٍ فَلَا يَبْرَأُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ وُجِدَ الْمُسْقِطُ بَعْدَمَا تَعَلَّقَ الْغَرِيمُ بِهِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِالثَّمَنِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَلَوْ بِلَا قَضَاءٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ بِفَسَادِ الْبَيْعِ بَرِئَ الْكَفِيلُ وَكَذَا لَوْ بَطَلَ الْمَهْرُ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ الزَّوْجِ بِوَجْهٍ بَرِئَ مِمَّا بَطَلَ عَنْ الزَّوْجِ أَوْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِتَبَرُّعِ الْبَائِعِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْحَوَالَةُ أَمَّا لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ أَوْ بِلَا قَضَاءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ ضَمِنَ الزَّوْجُ مِنْ الْمَرْأَةِ لِغَرِيمِهَا ثُمَّ وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فُرْقَةٌ مِنْ قِبَلِهِ أَوْ مِنْ قِبَلِهَا لَمْ يَبْطُلْ الضَّمَانُ انْتَهَى. [ (الْمَادَّةُ 672) اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ إلَى تَمَامِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَكَفَلَ أَحَدٌ بَدَلَ الْإِجَارَةِ الَّتِي سُمِّيَتْ] (الْمَادَّةُ 672) لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ إلَى تَمَامِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَكَفَلَ أَحَدٌ بَدَلَ الْإِجَارَةِ الَّتِي سُمِّيَتْ تَنْتَهِي كَفَالَتُهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ انْعَقَدَتْ إجَارَةٌ جَدِيدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ لَا تَكُونُ تِلْكَ الْكَفَالَةُ شَامِلَةً لِهَذَا الْعَقْدِ. إذَا كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا لَازِمًا بِسَبَبِ عَقْدٍ، وَفُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَئِذٍ أَوْ انْفَسَخَ وَجُدِّدَ الْعَقْدُ بَعْدَئِذٍ فَلَا يُطَالِبُ الْكَفِيلَ الْأَوَّلَ بِالدَّيْنِ اللَّازِمِ بِسَبَبِ هَذَا الْعَقْدِ الْجَدِيدِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: أَوَّلًا - لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَالٌ إلَى تَمَامِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَ أَحَدٌ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّتِي سُمِّيَتْ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً أَمْ مُؤَجَّلَةً وَطُولِبَ الْكَفِيلُ بِالْبَدَلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (466) وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ الْمُطْلَقِ فَإِذَا وُجِدَ السَّبَبُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ الْأُجْرَةَ وَأُوقِفَتْ الْكَفَالَةُ تَكُونُ صَحِيحَةً. لَكِنْ تَنْتَهِي كَفَالَتُهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقْتَ أَنْ يَفْسَخَ الطَّرَفَانِ الْإِجَارَةَ أَوْ يَتَقَايَلَاهَا فَإِنْ انْعَقَدَتْ بِتَسْمِيَةِ بَدَلٍ مَعْلُومٍ إجَارَةٌ جَدِيدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَلَا تَكُونُ شَامِلَةً لِهَذَا الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ مُؤَخَّرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْكَفِيلَ يُطَالَبُ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ مُؤَخَّرًا إذَا كَفَلَ بِهَا. ثَانِيًا - لَوْ كَفَلَ شَخْصٌ بِقَرْضٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْمَدِينُ دَيْنَهُ إلَى الدَّائِنِ

اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مَبْلَغًا آخَرَ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالْقَرْضِ الثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَفِيلٌ لِلْقَرْضِ الْأَوَّلِ (الْفَيْضِيَّةُ) . ثَالِثًا - إذَا عُقِدَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (494) بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ كَفِيلًا بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ لَزِمَ الْكَفِيلَ بَدَلُ إجَارَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَلْزَمُ الْكَفِيلَ أُجْرَةُ الشُّهُورِ الْآتِيَةِ بِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ فِيهَا (وَلْوَالِجِيَّةٌ) . لَكِنْ لِلْكَفِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ فِي غُرَّةِ الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبُ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَةٍ كَهَذِهِ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَلِلْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَنْ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . وَإِذَا أَخْرَجَ الْكَفِيلُ نَفْسَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي يَحْدُثُ فِيمَا بَعْدُ. أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْكَفِيلُ فِي الْإِجَارَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ. حَتَّى إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ وَلَمْ يُخْرِجْ نَفْسَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَبَقِيَ الْمُسْتَأْجِرُ سَاكِنًا بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً يُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَةِ الْكَفِيلِ مَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَجْرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأَجْرَ فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . رَابِعًا - لَوْ اسْتَوْفَى الدَّائِنُ مِقْدَارًا مِنْ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ لَهُ بِهِ كَفِيلٌ وَعِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ جَدَّدَ الدَّائِنُ عَلَى الْقِسْمِ الْبَاقِي مَعَ ضَمِّ الرِّبْحِ فِي سَنَدٍ جَدِيدٍ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ السَّابِقُ بِالدَّيْنِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ انْفَسَخَ بِفَسْخِ الْقَرْضِ وَتَجْدِيدِ الْعَقْدِ (التَّنْقِيحُ فِي الْكَفَالَةِ) . أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْقَرْضَ الْأَوَّلَ لَا يُفْسَخُ وَاكْتُفِيَ بِتَجْدِيدِ السَّنَدِ فَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْحَامِدِيَّةِ أَنَّ الدَّيْنَ يَتَغَيَّرُ بِتَجْدِيدِ السَّنَدِ وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ الْمُدَايَنَةُ الْأُولَى مُنْفَسِخَةً فَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ. لَكِنَّ صَاحِبَ التَّنْقِيحِ لَمْ يَقْبَلْ الْقَوْلَ بِانْفِسَاخِ الْمُدَايَنَةِ الْأُولَى بِتَجْدِيدِ السَّنَدِ وَيَقُولُ بِبَقَاءِ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ كَالْأَوَّلِ، وَالظَّاهِرُ هُوَ هَذَا؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ السَّنَدِ لَيْسَ تَجْدِيدًا لِلْمُدَايَنَةِ بَلْ تَوْثِيقٌ لَهَا.

الكتاب الرابع الحوالة

[الْكِتَابُ الرَّابِعُ الْحَوَالَةُ] إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْحَوَالَةِ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، إذْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «مَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ» فَالْأَمْرُ بِالِاتِّبَاعِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ وَالْأَمْرُ الْوَاقِعُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِأَجْلِ الِاسْتِحْبَابِ. وَلَكِنْ فِي الرِّوَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ هُوَ لِلْوُجُوبِ وَنَظَرًا لِبَيَانِ صَاحِبِ الْبَحْرِ الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ مُبَاحٌ، فَهُوَ دَلِيلُ جَوَازِ نَقْلِ الدَّيْنِ شَرْعًا (الْبَحْرُ) . الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْعَائِدَةِ لِلْحَوَالَةِ: الْحَوَالَةُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ اسْمٌ مِنْ الْإِحَالَةِ، تَأْتِي بِمَعْنَى النَّقْلِ الْمُطْلَقِ، يَعْنِي: سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْقُولُ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا. (وَحَوَالَةُ الْغِرَاسِ) تُفِيدُ نَقْلَ فُرُوعِ الشَّجَرَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ (الْفَتْحُ وَالْبَحْرُ) . (الْمَادَّةُ 673) الْحَوَالَةُ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى أَيْ نَقْلُ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ بِهِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَبَعْدَ هَذَا النَّقْلِ يَنْتَقِلُ أَمْرُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ مِنْ الْمُحِيلِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، يَعْنِي أَنَّهُ بَيْنَمَا كَانَ الْمُطَالَبُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْحَوَالَةِ الْمُحِيلَ فَيَصِيرُ الْمُطَالَبُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ. اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ - ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ إلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ مَعًا، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَدَلِيلُهُمْ هُوَ هَذَا: إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحِيلِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْهُ لَا تَكُونُ هِبَتُهُ وَبَرَاءَتُهُ صَحِيحَتَيْنِ. فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لَكَانَتْ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهِبَتُهُ صَحِيحَتَيْنِ وَبِالْعَكْسِ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهِبَتُهُ إيَّاهُ الدَّيْنَ. (الْفَتْحُ وَالْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ (نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقَوْلُ (يَبْرَأُ الْمُحِيلُ) الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (690) دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ الْمَجَلَّةِ هَذَا الْقَوْلَ. سُؤَالٌ (1) - لَمْ تَقْبَلْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ وَلَا الْقَوْلَ الْآتِيَ. بَلْ إنَّهَا قَبِلَتْ صُورَةً ثَالِثَةً لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَمَا إنَّهُ هُوَ نَقْلُ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ مَعًا فَالْقَوْلُ الْآتِي نَقْلُ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ. فَالْمَجَلَّةُ تَقُولُ بِنَقْلِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَلَا تَقُولُ بِنَقْلِ الْمُطَالَبَةِ، إذْ لَيْسَ مِنْ لَفْظٍ بِخُصُوصِ الْمُطَالَبَةِ.

الْجَوَابُ - إنَّ انْتِقَالَ الدَّيْنِ بِلَا مُطَالَبَةٍ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَلْزُومِ بِلَا لَازِمٍ وَهَذَا مُمْتَنِعٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ اكْتَفَتْ الْمَجَلَّةُ بِذَكَرِ الدَّيْنِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ عِنْدَمَا يُذْكَرُ الدَّيْنُ تَكُونُ الْمُطَالَبَةُ كَأَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ أَضَفْنَا شَرْحًا عِبَارَةَ (الْمُطَالَبَةِ) . وَلَيْسَ فِي الْحَوَالَةِ - الَّتِي تُعْقَدُ عَلَى أَنْ يُؤَدَّى الدَّيْنُ مِنْ الْأَمَانَةِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (964) - نَقْلُ دَيْنٍ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْغَصْبِ عَلَى رَأْيِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْغَصْبِ رَدُّ الْعَيْنِ وَأَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ مُخَلَّصٌ سُؤَالٌ (2) - نَظَرًا لِلْمَادَّةِ (694) لَا يُنْقَلُ الدَّيْنُ فِي الْحَوَالَةِ الْمَشْرُوطِ إعْطَاؤُهَا فِي مَالِ الْأَمَانَةِ، كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا عِنْدَ مَنْ يَقُولُونَ (الْوَاجِبُ فِي الْغَصْبِ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ وَأَنَّ ضَمَانَ الْقِيمَةِ مُخَلَّصٌ) الْجَوَابُ - الْحَوَالَةُ الْوَدِيعَةِ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ وَكَالَةٌ. سُؤَالٌ (3) - لَا نَقْلَ لِلدَّيْنِ فِي الْحَوَالَةِ الْوَاقِعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمُحِيلِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ. الْجَوَابُ - الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُحِيلِ لَيْسَتْ حَوَالَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ هِيَ الْإِحَالَةُ الْحَاصِلَةُ بِفِعْلِ الْمُحِيلِ وَهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذِهِ مُنْتَفٍ، بَلْ فِيهَا شَطْرٌ مِنْ الْحَوَالَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اللُّزُومِ عَلَى الْمُحَالِ. وَأَمَّا الشَّطْرُ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ انْتِقَالُ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ فَهُوَ مَفْقُودٌ (الْفَتْحُ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَذَكَرَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْحَوَالَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ وَأَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ كَدَلِيلٍ عَلَى مُدَّعَيَاتِهِمْ الْمَوَادَّ الْآتِيَةَ: أَوَّلًا - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إبْرَاءً صَحِيحًا. وَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا بَرِئَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَإِبْرَاءِ الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (660) ، فَيُفْهَمُ مِنْ عَدَمِ رَدِّ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ بِالرَّدِّ أَنَّ الثَّابِتَ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ هِيَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ، وَالدَّيْنَ لَيْسَ بِثَابِتٍ. وَأَمَّا إسْقَاطُ الْمُطَالَبَةِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ يَعْنِي غَيْرَ مُتَضَمِّنٍ التَّمْلِيكَ، وَرَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَلَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ أَيْضًا إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَكَانَ مُتَضَمِّنًا التَّمْلِيكَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَرْدُودًا بِالرَّدِّ، كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْمَادَّةِ (1568) وَكَمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُحَالُ الْمُحِيلَ قَبْلَ الْحَوَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ (الْفَتْحُ) . ثَانِيًا - إذَا أَوْفَى الْمُحِيلُ الدَّيْنَ أَيْ الْمُحَالَ بِهِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ فَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَبُولِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ بِالْحَوَالَةِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُحِيلُ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعًا لَمَا كَانَ مَجْبُورًا عَلَى الْقَبُولِ، لِأَنَّهُ إذَا أَوْفَى شَخْصٌ ثَالِثٌ تَبَرُّعًا الدَّيْنَ الَّذِي لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ لَا يُجْبَرُ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبُولِ، فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، لِأَنَّ الْمُتَبَرِّعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلدَّائِنِ (قُطْلُوبُغَا) . تَفْصِيلٌ - إذَا أُحِيلَ دَيْنٌ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَفِيَهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ أَدَّاهُ الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ

يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورًا عَلَى الْقَبُولِ، وَلَا يَكُونُ الْمُحِيلُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ، لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مُوَقَّتَةٌ كَمَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) وَحَيْثُ إنَّ صُوَرَ رُجُوعِ الْمُحَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ يَثْبُتُ بَعْضَ الْأَحْيَانِ فَالْمُحِيلُ يَكُونُ بِهَذِهِ التَّأْدِيَةِ أَوْفَى الدَّيْنَ كَامِلًا وَأَبَدًا وَيَكُونُ الْمُحِيلُ قَدْ اسْتَفَادَ بِالتَّأْدِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ لِشَخْصٍ عَنْ آخَرَ دَيْنٌ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلًا وَحَوَّلَ دَائِنُهُ عَلَى الْآخِرِ الْمَذْكُورِ مُؤَجِّلًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَى هُوَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ يَأْخُذُ مَطْلُوبَهُ مِنْ مَدِينِهِ مُعَجَّلًا، كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ مِنْ الْمُحِيلِ مَطْلُوبَهُ تَغَلُّبًا بِسَبَبِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ فَيَسْتَوْفِي الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَيَعُودُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ الَّذِي ذُكِرَ انْقِطَاعُهُ فِي الْمَادَّةِ (692) . (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا - إذَا وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَصَارَ الْمُحِيلُ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ كَانَ تَوْكِيلُ الْأَجْنَبِيِّ لِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحِيحًا لَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَصِحَّ وَكَالَةً بِقَبْضِ الدَّيْنِ. رَابِعًا - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمُحَالِ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ، وَأَمَّا إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ بِالْأَمْرِ. وَإِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَقَعُ التَّقَاصُّ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ كَانَ الدِّينُ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَوَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَى حُكْمُ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ فِي كِلْتَا. الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ الْمَحْكِيِّ آنِفًا فِي مَوْضِعَيْنِ: - إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْمُحِيلَ مِنْ أَصْلِهِ صَارَ بَرِيءَ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ بِالْحَوَالَةِ، وَيَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَيَصِيرُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الدَّيْنَ بِالنَّظَرِ لِهَذَا الْقَوْلِ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَالْمُطَالَبَةَ فَقَطْ تَحَوَّلَتْ أَيْ انْتَقَلَتْ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِذَا حَوَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى شَخْصٍ فَلَهُ بِالنَّظَرِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُ الْمَرْهُونِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا أَنَّ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ إذَا أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الدَّيْنِ. وَأَمَّا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ إذَا أَجَّلَ وَأَخَّرَ الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَأَفْتَى بِالْقَوْلِ الثَّانِي فِي أَوَائِلِ مَبَاحِثِ الرَّهْنِ فِي كِتَابِ الْفَتْوَى أَيْضًا الْمُسَمَّى بِالْبَهْجَةِ وَصَمَّمَ فِي الْمُنْيَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُرْتَهِنُ إنْ أَحَالَ غَرِيمًا لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّوَى (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْحَوَالَةِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (690) . تَوْفِيقُ الِاخْتِلَافِ: أَنْكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الِاخْتِلَافَ الْحَاصِلَ فِي انْتِقَالِ الْمُطَالَبَةِ فَقَطْ بِالْحَوَالَةِ وَعَدَمِ انْتِقَالِ الدَّيْنِ أَوْ انْتِقَالِ الِاثْنَيْنِ مَعًا، وَقَالُوا: الْمَنْقُولُ هُوَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ وَلَيْسَ الدَّيْنُ وَهَذَا غَيْرُ مَرْوِيٍّ نَصًّا عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا ذَكَرَ الْمُشَارُ إلَيْهِ الْأَحْكَامَ الْمُتَشَابِهَةَ وَكَمَا أَنَّهُ أَوْجَبَ أَنَّ الْحَوَالَةَ فِي

الْبَعْضِ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ هِيَ تَأْجِيلٌ وَأَنَّ مَا نُقِلَ هُوَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ وَلَيْسَ الدَّيْنُ أَوْجَبَ فِي بَعْضِ أَحْكَامٍ أُخَرَ أَنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ الدَّيْنُ وَالْمُطَالَبَةُ كِلَاهُمَا، وَسَبَبُ ذِكْرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَشَابِهَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ: فِي الْحَوَالَةِ اعْتِبَارَانِ: الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْحَوَالَةِ عِبَارَةً عَنْ نَقْلِ الدَّيْنِ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَبِحَسَبِ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ، فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ الْحَوَالَةُ إبْرَاءً وَيَكُونُ الْمُحَالُ بِهِ الدَّيْنَ وَالْمُطَالَبَةَ مَعًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ لَفْظِ الْحَوَالَةِ تُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ وَنَقْلَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُفِيدُ النَّقْلَ وَجُعِلَتْ مُضَافَةً لِلدَّائِنِ أَيْضًا، إذْ مَعْنَى الْحَوَالَةِ لُغَةً النَّقْلُ، يُقَالُ أَحَالَ الْغَرِيمُ بِدَيْنِهِ عَلَى آخَرَ: صَرَفَهُ عَنْهُ إلَيْهِ: فَهُوَ (مُحِيلٌ) وَالْغَرِيمُ (مُحَالٌ) وَالْغَرِيمُ الْآخَرُ (مُحَالٌ عَلَيْهِ) وَالْمَالُ (مُحَالٌ بِهِ) وَالْأَسْهُمُ (الْحَوَالَةُ) (الْفَتْحُ) بِنَاءً عَلَيْهِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ الْحَوَالَةُ نَقْلًا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْأَدِلَّةِ الَّتِي سَرَدَهَا الْمَشَايِخُ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُحِيلَ بِالْمُحَالِ بِهِ أَبَدًا. الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - كَوْنُ الْحَوَالَةِ تَأْجِيلًا بِحَسَبِ الْمَعْنَى، إذَا هَلَكَ الْمُحَالُ بِهِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَثُبُوتُ حَقِّ مُرَاجَعَةِ الْمُحَالِ لَهُ لِلْمُحِيلِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا قَدْ اُعْتُبِرَ تَأْجِيلًا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَمَا جَاءَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي اتَّخَذَهَا الْمَشَايِخُ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ أَقْوَالِهِمْ، نَظَرًا لِعَدَمِ جَوَازِ الْحَوَالَةِ فِي الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 687 الَّتِي خُصِّصَتْ لِلدَّيْنِ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَمَا أَنَّهَا تُفِيدُ مَعْنَى النَّقْلِ أَيْ كَمَا أَنَّهَا نَقْلٌ شَرْعِيٌّ فَالدَّيْنُ أَيْضًا بِصِفَتِهِ وَصْفًا شَرْعِيًّا جَوَّزَ تَأْثِيرَ النَّقْلِ الشَّرْعِيِّ فِيمَا ثَبَتَ شَرْعًا. وَأَمَّا الْعَيْنُ فَحَيْثُ إنَّهَا مَحْسُوسَةٌ فَلَا تَنْتَقِلُ بِالنَّقْلِ الشَّرْعِيِّ بَلْ إنَّهَا مُحْتَاجَةٌ لِلنَّقْلِ الْحِسِّيِّ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ أَلْفَ مَرَّةٍ: نَقَلْتُ هَذَا الْكِتَابَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَنْتَقِلُ الْكِتَابُ مِنْ مَحَلِّهِ بِهَذَا الْقَوْلِ بَلْ يَلْزَمُ لِذَلِكَ نَقْلٌ حِسِّيٌّ (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - يَجِبُ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ مَدِينًا لِلْمُحَالِ لَهُ، فَلِذَلِكَ إذَا أَحَالَ رَجُلٌ شَخْصًا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ لَيْسَتْ فِي الْحَقِيقَةِ حَوَالَةٌ بَلْ وَكَالَةٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَكَّلَ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ مِنْ الشَّخْصِ الْآخَرِ (التَّنْوِيرُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إحَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُوَكَّلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ هِيَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَيْنَمَا كَانَ قَبْضُ الثَّمَنِ حَقَّ الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1461) ثَبَتَ هَذَا الْحَقُّ بِالْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُوَكَّلِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (3) فِيهَا أَنَّهُ نَظَرًا لِعَدَمِ وُجُودِ دَيْنٍ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ عَلَى مُوَكَّلِهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُحِيلَ الْوَكِيلَ غَيْرُ مَدِينٍ لِمُوَكَّلِهِ الْمُحَالِ لَهُ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ حَوَالَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحَوَالَةِ) .

(المادة 674) المحيل هو الشخص الذي أحال أي المدين

وَعَلَيْهِ أَيْضًا إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بَيْنَمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحِيلِ وَلَا لِلْمُحِيلِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ مَا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ حَوَالَةً حَقِيقَةً وَلَا تَكُونُ وَكَالَةً أَيْضًا، وَحَيْثُ إنَّهُ لَا حُكْمَ لَهَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْحَوَالَةِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (62) . الْحُكْمُ الثَّانِي - وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا، أَنَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ يَعْنِي بِنَاءً عَلَى انْتِقَالِ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَصِيرُ الْمُحِيلُ بِسَبَبِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ كَمَا صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (690) . وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ بَعْدَ إجْرَاءِ الْحَوَالَةِ الْمُحِيلَ مِنْ دَيْنِهِ لَا حُكْمَ لِهَذَا الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُحَالِ لَهُ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحِيلِ حَتَّى يَكُونَ إبْرَاؤُهُ صَحِيحًا، عَلَى مَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي التَّعْرِيفِ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ - ظَهَرَ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا اُسْتُنْبِطَ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الْحَوَالَةِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ أَيْ الْمُحِيلِ مِنْ الدَّيْنِ فَفِي الْكَفَالَةِ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَخَالَفَ الْإِمَامُ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ نَقْلِ الدَّيْنِ هَذِهِ ذَاهِبًا إلَى أَنَّ الْحَوَالَةَ مُشَابِهَةٌ لِلْكَفَالَةِ وَإِلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْحَوَالَةِ كَمَا أَنَّهُ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِي الْكَفَالَةِ (الْهِدَايَةُ) وَلَكِنَّ الْمَجَلَّةَ قَبِلَتْ قَوْلَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّةِ (690) . [ (الْمَادَّةُ 674) الْمُحِيلُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي أَحَالَ أَيْ الْمَدِينُ] (الْمَادَّةُ 674) الْمُحِيلُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي أَحَالَ أَيْ الْمَدِينُ. لَفْظُ مَدِينٍ تَفْسِيرٌ لِعِبَارَةِ (الشَّخْصُ) وَلَدَى تَفْصِيلِ هَذَا التَّفْسِيرِ يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (الْمُحِيلُ هُوَ الْمَدِينُ الَّذِي أَحَالَ) . وَيَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ أَيْضًا عَلَى لُزُومِ كَوْنِ الْمُحِيلِ مَدِينًا لِلْمُحَالِ لَهُ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ. وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُحِيلِ مُحْتَالٌ أَيْضًا وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ لَمْ تَذْكُرْهُ الْمَجَلَّةُ. [ (الْمَادَّةُ 675) الْمُحَالُ هُوَ مِنْ الشَّخْصِ الدَّائِنِ] (الْمَادَّةُ 675) الْمُحَالُ هُوَ مِنْ الشَّخْصِ الدَّائِنِ، الْمُحَالُ لَهُ هُوَ مَنْ أَخَذَ الْحَوَالَةَ يَعْنِي الَّذِي لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ، تَدُلُّ هَذِهِ الْمَادَّةُ أَيْضًا عَلَى الْخُصُوصِ الَّذِي ذُكِرَ شَرْحًا أَنَّ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ. تَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ هَذَا لَيْسَ مُتَنَاسِبًا مَعَ التَّعْرِيفِ السَّابِقِ. فَلَوْ عُرِّفَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (الشَّخْصُ الَّذِي أَخَذَ الْحَوَالَةَ أَيْ الدَّائِنُ) لَكَانَ مُنَاسِبًا، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْحَوَالَةَ مُحَالٌ وَمُحْتَالٌ لَهُ. وَحَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ هَذَيْنِ التَّعْبِيرَيْنِ لَمْ تُعَرِّفْهُمَا.

(المادة 676) المحال عليه

[ (الْمَادَّةُ 676) الْمُحَالُ عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ 676) الْمُحَالُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَبِلَ الْحَوَالَةَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُقَالُ لَهُ مُحْتَالٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ هَذَا اللَّفْظُ أَيْضًا فِي الْمَجَلَّةِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَمْ يُعَرَّفْ اللَّفْظُ الْمَذْكُورُ هُنَا، وَيَقُومُ هَذَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْحَوَالَةِ مَقَامَ الْمَدِينِ لِلْمُحَالِ لَهُ وَفِي الْمَدْيُونِيَّةِ مَقَامَ الْمُحِيلِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ، وَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (686) . [ (الْمَادَّةُ 677) الْمُحَالُ بِهِ] (الْمَادَّةُ 677) الْمُحَالُ بِهِ هُوَ الْمَالُ الْمُحَالُ هَذَا الْمَالُ هُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (688) عِبَارَةٌ عَنْ الدَّيْنِ الصَّحِيحِ الثَّابِتِ لِلْمُحَالِ بِذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَالدَّيْنُ الَّذِي ذُكِرَ فِي تَعْرِيفِ الْحَوَالَةِ هُوَ هَذَا الْمَالُ، وَيُقَالُ لِلْمَالِ الْمُحَالِ مُحْتَالٌ بِهِ أَيْضًا وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ هَذَا التَّعْبِيرُ فِي الْمَجَلَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 678) الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ] (الْمَادَّةُ 678) الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ هِيَ الْحَوَالَةُ الَّتِي قُيِّدَتْ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، أَيْ الَّتِي قُيِّدَتْ بِأَنْ يُعْطِيَهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ أَوْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّتِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَيْ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَحُكْمُ الْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ يَأْتِي بَيَانُهَا فِي الْمَادَّةِ (692) . تَقْسِيمَاتُ الْحَوَالَةِ: تُقَسَّمُ الْحَوَالَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ: الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ. وَالْآخَرُ: الْمُقَيَّدَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَنَظَرًا لِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ضِمْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُقَيَّدَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْحَوَالَةُ الَّتِي تُقَيَّدُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ لَهَا الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالدَّيْنِ، كَإِحَالَةِ رَجُلٍ شَخْصًا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَلْفُ قِرْشٍ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَتَقْيِيدِهِ الْحَوَالَةَ بِأَنْ تُدْفَعَ مِنْ مَطْلُوبِهِ الْمَذْكُورِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَكَانَ لِبِكْرٍ أَيْضًا بِذِمَّةِ زَيْدٍ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَقَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ: إنِّي أَحَلْتُكَ بِالْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ عَلَى عَمْرٍو عَلَى أَنْ تَأْخُذَهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِي عِنْدَهُ وَقَبِلَ بَكْرٌ وَزَيْدٌ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ تَكُونُ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْحَوَالَةُ الَّتِي تُقَيَّدُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ وَدِيعَةٌ لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحَيَوَانِ، وَيُقَالُ لَهَا الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْمُودَعَةِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَوَالَةُ الَّتِي تُقَيَّدُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ

كَالْمَغْصُوبِ وَيُقَالُ لَهَا الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونِ. أَنْوَاعُ الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ جَائِزَةٌ وَمَوْجُودَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَحْكَامُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمَوَادِّ (692، 693، 694، 695) . الْوَجْهُ الثَّانِي - تَنْقَسِمُ الْحَوَالَةُ إلَى مُبْهَمَةٍ وَغَيْرِ مُبْهَمَةٍ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (689) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - تَنْقَسِمُ الْحَوَالَةُ بِاعْتِبَارِ صِفَتِهَا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ إلَى حَوَالَةٍ لَازِمَةٍ وَحَوَالَةٍ جَائِزَةٍ وَحَوَالَةٍ فَاسِدَةٍ. (الْمَادَّةُ 679) الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَيْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ أَوْ غَيْرِ الْمَضْمُونِ الَّذِي بِيَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْحَوَالَةِ فِي الْمَادَّةِ (691) سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَ لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ أَوْ فِي يَدِهِ مَالٌ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ الْحَوَالَةُ الَّتِي تَجْرِي دُونَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحِيلِ مَالٌ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَكُونُ حَوَالَةً مُطْلَقَةً وَالْحَوَالَةُ الَّتِي تَجْرِي حَالَةَ كَوْنِ مَالٍ لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُقَيَّدْ بِقَيْدِ إعْطَائِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ تَكُونُ حَوَالَةً مُطْلَقَةً أَيْضًا. مَثَلًا إذَا أَحَالَ رَجُلٌ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ لَيْسَ لَهُ مَطْلُوبٌ عِنْدَهُ فَكَمَا أَنَّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ تَكُونُ حَوَالَةً مُطْلَقَةً وَإِذَا أَحَالَ دَيْنَهُ عَلَى مَدِينِهِ دُونَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِأَنْ تُدْفَعَ مِنْ مَطْلُوبِهِ تَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً أَيْضًا، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (691) وَشَرْحِهَا (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْفُرُوقُ الْمَوْجُودَةُ بَيْنَ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ: يُوجَدُ بَيْنَ الْحَوَالَتَيْنِ فَرْقٌ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ، وَهَذَا يَجِيءُ بَيَانُهُ فِي الْمَوَادِّ (692، 693، 694، 695) . وَكَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ الْمُطْلَقَةَ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فِي الْمَوَادِّ (625، 652، 653) مِنْ الْمَجَلَّةِ تَقَدَّمَتْ الْمَادَّةُ (285) عَلَى الْمَادَّةِ (287) وَتَقَدَّمَتْ الْمَادَّةُ (336) أَيْضًا عَلَى الْمَوَادِّ (341، 342، 343) فَكَانَ ذِكْرُ الْمَادَّةِ (679) هَذِهِ قَبْلَ الْمَادَّةِ (678) أَنْسَبَ إلَى السِّيَاقِ.

الباب الأول في بيان عقد الحوالة وينقسم إلى فصلين

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ: وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ يُدْرَجُ هُنَا خُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ تَعْرِيفُ الْحَوَالَةِ: الْحَوَالَةُ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَفِي هَذَا الْخُصُوصِ قَوْلَانِ: (الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) نَقْلُ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ مَعًا فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّ (الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ) يَقُولُ: (1) إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ الدَّيْنَ لِلْمُحِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لَصَحَّ ذَلِكَ. (2) إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ صَحَّ ذَلِكَ. (الْقَوْلُ الثَّانِي) تُنْقَلُ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّ (الْإِمَامَ مُحَمَّدًا) يَقُولُ: (1) إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ غَيْرَ مَرْدُودٍ بِالرَّدِّ، وَالْإِبْرَاءُ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ هُوَ الْإِبْرَاءُ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ. (2) إذَا أَوْفَى الْمُحِيلُ الدَّيْنَ لِلْمُحَالِ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَبُولِ فَيَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ كَمَا كَانَ. الْجَوَابُ، بَرَاءَةُ الْمُحِيلِ مُؤَقَّتَةٌ. (3) إذَا وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ. (4) إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ، وَلَكِنْ إذَا وَهَبَهُ يَرْجِعُ، فَلَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ لَتَسَاوَى الدَّيْنُ وَالْهِبَةُ، ثَمَرَةُ الْخِلَافِ. (1) إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ الْمُحِيلَ لَا يَصِحُّ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ أَسَاسًا وَيَصِحُّ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي.

إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى أَحَدٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ (أَبِي يُوسُفَ) يَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. التَّأْلِيفُ: الْحَوَالَةُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ نَقْلُ الدَّيْنِ وَنَقْلُ الْمُطَالَبَةِ مَعًا وَفِي بَعْضِ مَسَائِلَ أُخَرَ الْحَوَالَةُ هِيَ تَأْجِيلٌ، وَمَا يُنْقَلُ هُوَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ.

التَّقْسِيمَاتُ وَجْهٌ 3 وَجْهٌ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ 1 الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالدَّيْنِ أَيْ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَطْلُوبِ الْمُحِيلِ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، 2 - الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْعَيْنِ الْأَمَانَةِ الْمَوْجُودَةِ لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْأَمَانَةِ) . 3 - الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ) . 2 وَجْهٌ 2 الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ الْحَوَالَةُ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضًا جَائِزٌ. 3 وَجْهٌ 1 الْحَوَالَةُ الْمُبْهَمَةُ: الْحَوَالَةُ الَّتِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا تَعْجِيلُ وَتَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ نَظِيرُهَا فِي الْكَفَالَةِ (الْكَفَالَةُ الْمُطْلَقَةُ) . 2 الْحَوَالَةُ غَيْرُ الْمُبْهَمَةِ الْحَوَالَةُ الَّتِي بُيِّنَ فِيهَا تَعْجِيلُ أَوْ تَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ. نَظِيرُهَا فِي الْكَفَالَةِ (الْكَفَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ) . 1 الْحَوَالَةُ اللَّازِمَةُ أَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ عَلَى شَخْصٍ وَأَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ. 2 الْحَوَالَةُ الْجَائِزَةُ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ ثَمَنِ بَيْتِ الْمُحِيلِ أَوْ فَرَسِهِ أَيْ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أُحِيلَ فِيهَا بِشَيْءٍ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى إيفَائِهِ، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ بَاطِلٌ. عَقْدُ الْحَوَالَةِ 1 أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ رُكْنُ الْحَوَالَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيُوجَدُ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ:

الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: عَقْدُ الْحَوَالَةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ. رِضَا الْمُحَالِ لَهُ وَقَبُولُهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ. رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطٌ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ لِلدَّيْنِ بِلَا الْتِزَامٍ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي طَلَبِ الدَّيْنِ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحِيلِ بِهِ؟ (قَوْلَانِ) : الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: شَرْطُ الصُّورَةِ الْأُولَى هَذَا الشَّرْطُ مُطْلَقٌ لِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ لَا يَرْضَوْنَ أَنْ تُتَحَمَّلَ دُيُونُهُمْ مِنْ طَرَفِ غَيْرِهِمْ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ هَذَا الشَّرْطُ لِأَجْلِ إمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ هَذَا الشَّرْطُ جَارٍ فَقَطْ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَنْقَطِعُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطًا، وَتُشَكِّلُ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ هَذِهِ اسْتِثْنَاءً لِلْمَادَّةِ الْقَانُونِيَّةِ الْقَوْلُ الثَّانِي لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ إلْزَامَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ تَصَرُّفٌ بِحَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا يَلْحَقُ الْمُحِيلَ ضَرَرٌ مِنْهُ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ لَهُ فَائِدَةٌ إذَا وَقَعَ بِدُونِ أَمْرٍ إذْ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. التَّوْفِيقُ: الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ أَسَاسِيًّا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنْ كَانَتْ إحَالَةً فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَتْ احْتِيَالًا فَرِضَا الْمُحِيلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ. الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ الْحَوَالَةُ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا قَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ تَكُونُ صَحِيحَةً وَتَامَّةً وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ تَكُونُ بَاطِلَةً مُسْتَثْنَاةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 682) . الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ الْحَوَالَةُ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ فَإِذَنْ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ، بَلْ إنَّهُ شَرْطٌ فِي نَفَاذِهَا.

شَرَائِطُ الْحَوَالَةِ (تُطْلَبُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ) 1 فِي الْمُحِيلِ 1 فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ عَاقِلًا. اعْتِرَاضٌ - إنْ لَمْ يَكُنْ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطًا، فَلِمَاذَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَاقِلًا الْجَوَابُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ طَرَفِ إيجَابِ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ عَاقِلًا يَكُونُ قَدْ قَبِلَ إيجَابًا بَاطِلًا وَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْعَقْدِ، فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ بَالِغًا - اعْتِرَاضٌ - الْحَوَالَةُ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلْمُحِيلِ، لَا أَهَمِّيَّةَ لِشَرْطِ الْبُلُوغِ. الْجَوَابُ هَذَا الْقَيْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى نُقْطَةِ وُجُوبِ الرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحِيلُ بَالِغًا فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ. 2 فِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ - يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَوْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَاقِلًا وَبَالِغًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ. 3 فِي الْمُحَالِ لَهُ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَوْنُ الْمُحَالِ لَهُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ لَهُ بَالِغًا فِي نَفَاذِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَالِ لَهُ مُتَرَاوِحَةٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ. 4 فِي الْمُحَالِ بِهِ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا وَمَعْلُومًا، قَاعِدَةٌ: الدُّيُونُ الَّتِي لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لَهَا لَا تَجُوزُ حَوَالَتُهَا.

الفصل الأول في بيان ركن الحوالة

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ رُكْنِ الْحَوَالَةِ] رُكْنُ الْحَوَالَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَنْ تَجْرِيَ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ لَهُ بِاتِّفَاقٍ يَعْنِي بِاتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ، وَمَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي الْمَادَّةِ 680 هُوَ هَذَا الِاحْتِمَالُ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - إجْرَاءُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ فَقَطْ وَمَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي الْمَادَّةِ 682 هُوَ هَذَا الِاحْتِمَالُ. الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ - إجْرَاءُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَالْمَسْطُورُ فِي الْمَادَّةِ 683 هُوَ هَذَا الِاحْتِمَالُ. الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ - إجْرَاءُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ. الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ 681 هُوَ هَذَا الِاحْتِمَالُ. احْتِمَالَاتُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ الْأَرْبَعَةُ هَذِهِ مَوْجُودَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَصَحِيحَةٌ. وَكُلُّ مَادَّةٍ مِنْ الْمَوَادِّ الْأَرْبَعِ الَّتِي يَحْتَوِيهَا هَذَا الْفَصْلُ تَبْحَثُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ. وَتَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ بِهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ بِقَوْلِ الدَّائِنِ لِمَدِينِهِ مَثَلًا (أَعْطِهِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الَّتِي بِذِمَّتِكَ لِي لِزَيْدٍ) ، بَلْ يَكُونُ وَكَّلَ الدَّائِنُ زَيْدًا بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) سُؤَالٌ - بَيْنَمَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الْكَفِيلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (621) فَلِمَاذَا لَا تَنْعَقِدُ هُنَا بِإِيجَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْكَفِيلِ؟ الْجَوَابُ - لَوْ انْعَقَدَتْ الْحَوَالَةُ بِإِيجَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ ضَرَرَ الْمُحَالِ لَهُ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: تَقْسِيمُ الْحَوَالَةِ بِاعْتِبَارِ صِفَتِهَا - وَلِلْحَوَالَةِ صِفَةٌ أَيْضًا. فَالْحَوَالَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْحَوَالَةُ اللَّازِمَةُ: الْحَوَالَةُ اللَّازِمَةُ هِيَ أَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ عَلَى شَخْصٍ وَيَقْبَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْحَوَالَةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُقَيَّدَةً، وَالْحَوَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ وَأَكْثَرُ مَوَادِّ الْمَجَلَّةِ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْقِسْمِ. الْقِسْمُ الثَّانِي الْحَوَالَةُ الْجَائِزَةُ وَهِيَ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ

فَرَسِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى بَيْعِ تِلْكَ الْعَيْنِ يَعْنِي عَلَى بَيْعِ دَارِهِ مَثَلًا وَأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَالْحَوَالَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ وَقْتَ الْحَصَادِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيُبْحَثُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 696 عَنْ هَذِهِ الْحَوَالَةِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْحَوَالَةُ الْفَاسِدَةُ. الْحَوَالَةُ الْفَاسِدَةُ: هِيَ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ أَوْ فَرَسِهِ. وَسَبَبُ فَسَادِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ هُوَ كَوْنُهَا أُحِيلَتْ بِشَيْءٍ لَا يَقْتَدِرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى إيفَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ لَا يَكُونُ وُكِّلَ بِبَيْعِ الدَّارِ أَوْ الْفَرَسِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا اقْتِدَارَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمُحِيلِ (الْبَحْرُ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) . (الْمَادَّةُ 680) إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِدَائِنِهِ: أَحَلْتُكَ عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ. يَجُوزُ أَنْ تَنْعَقِدَ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُحِيلُ لِدَائِنِهِ: إنِّي أَحَلْتُكَ بِدَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عَلَى فُلَانٍ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِإِيرَادِهِمَا أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَرَضِيتُ أَوْ قَبِلْتُ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ وَتَكُونُ نَافِذَةً. رِضَا الْمُحَالِ لَهُ لَهُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ وَالنَّاسُ نَظَرًا لِكَوْنِهِمْ مُتَفَاوِتِينَ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ فَالذِّمَمُ أَيْضًا مُتَفَاوِتَةٌ. فَانْتِقَالُ مَطْلُوبِ الْمُحَالِ لَهُ إلَى ذِمَّةِ مَنْ لَا أَرْضَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ. وَرِضَا وَقَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا شَرْطٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ بِطَلَبِ الدَّيْنِ، فَبَعْضُهُمْ يُمْهِلُ وَيَتَسَامَحُ وَبَعْضُهُمْ بِالْعَكْسِ يَتَعَجَّلُ وَيَتَشَدَّدُ، وَحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ سَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَالْتِزَامُهُ لِأَجْلِ اللُّزُومِ الْمَذْكُورِ شَرْطٌ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى أَنْ تُدْفَعَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ اجْتَهَدَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَدَمِ لُزُومِ قَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ وَبِإِمْكَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُحِيلِ، فَكَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِيفَائِهِ بِذَاتِهِ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ أَيْضًا عَلَى اسْتِيفَائِهِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِهِ، وَلَنَا أَنَّ الْحَوَالَةَ تُصْرَفُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِنَقْلِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِهِ وَرِضَاهُ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ بِقَبْضِهِ الدَّيْنَ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا عَلَيْهِ بِنَقْلِ الْوَاجِبِ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِأَدَاءِ الْوَاجِبِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَرِضَاهُ (سَعْدِي حَلَبِيٌّ) . الْحَوَالَةُ بِالْإِكْرَاهِ - يَكُونُ الْمُحِيلُ دَاخِلًا فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنْ كَانَ رِضَاهُ حَصَلَ بِهَذَا الدُّخُولِ وَسَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيلِ بِحَدِّ ذَاتِهِ.

(المادة 681) يجوز عقد الحوالة بين المحال له والمحال عليه فقط

وَإِنَّمَا لَمَّا كَانَ رِضَا وَقَبُولُ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ لَازِمَيْنِ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْحَوَالَةَ بِإِكْرَاهِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا مَعًا لَا تَكُونُ صَحِيحَةً، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1006) ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذُكِرَتْ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ ثُمَّ أُوضِحَتْ بِالْأَمْثِلَةِ فَلَوْ كُتِبَ عُنْوَانُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى (الْوَجْهُ الْمَشْرُوحُ) حَتَّى لَجَاءَ ذَلِكَ أَنْسَبَ لِلسِّيَاقِ وَمُوَافِقًا لِلْمُعْتَادِ وَأَوْضَحَ لِإِفَادَةِ الْمَرَامِ. [ (الْمَادَّةُ 681) يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 681) يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ، مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ دَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عِنْدَ فُلَانٍ، وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ " قَبِلْتُ "، أَوْ قَالَ لَهُ: أَقْبَلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَكَ عِنْدَ فُلَانٍ بِكَذَا قِرْشًا حَوَالَةً عَلَيَّ، وَقَبِلَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ نَدِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُجْدِيهِ نَدَامَتُهُ نَفْعًا، وَهَذِهِ الْحَوَالَةُ تَكُونُ نَافِذَةً، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى انْضِمَامِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ فِي الْوَاقِعِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّ أَرْبَابَ الْحَيْثِيَّةِ وَالْمُرُوءَةِ لَا يَرْضَوْنَ بِأَنْ يَتَحَمَّلَ الْغَيْرُ دُيُونَهُمْ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ، مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ دَيْنِي الَّذِي عِنْدَ فُلَانٍ الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ مِنْ جَانِبِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ إذَا قَالَ شَخْصٌ، لِآخَرَ أَقْبَلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا حَوَالَةً عَلَيَّ وَقَبِلَ الْآخَرُ يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ وَإِذَا نَدِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَدَامَتُهُ لَا تُفِيدُهُ وَلَا تُخِلُّ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنْ جِهَةٍ وَبِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ جِهَةٍ الْمُتَوَفَّى، وَتَفْتَرِقُ الْحَوَالَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ وَأَمْرَهُ لَيْسَا بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ خَلَلٌ مَا حَقُّ الْمُحِيلِ فِي حَوَالَةٍ كَهَذِهِ، بَلْ إنَّهُ بِالْعَكْسِ يَسْتَفِيدُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ بِدُونِ أَمْرِ وَرِضَا الْمُحِيلِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْرِيَ خَصْمَ حِسَابِهِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، بِنَاءً عَلَى مَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 698. وَنَظِيرُ هَذِهِ (الْكَفَالَةُ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدُونِ رِضَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ صَحِيحَةٌ. وَاشْتِرَاطُ رِضَا الْمُحِيلِ هُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ قَالُوا: لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ إيفَاءَ مَا عَلَيْهِ

مِنْ أَيْ جِهَةٍ شَاءَ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْجِهَاتِ قَهْرًا (الْفَتْحُ) وَقَدْ ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمْ إلَى أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَفِيَ دَيْنَهُ بِالصُّورَةِ الَّتِي يَشَاؤُهَا يَعْنِي إنْ شَاءَ أَدَّاهُ بِذَاتِهِ وَإِنْ شَاءَ بِوَاسِطَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنَّ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ وَبِلُزُومِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ بِدُونِ رِضَا الْمُحِيلِ تَكُونُ الصَّلَاحِيَّةُ الثَّابِتَةُ لَهُ قَدْ ضَاقَتْ (الْفَتْحُ وَالْبَاجُورِيُّ) . اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَعُقِدَتْ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مُقَيَّدَةً عَلَى أَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ، فَرِضَا الْمُحِيلِ فِي هَذِهِ أَيْضًا شَرْطٌ لِأَنَّ الْمُحِيلَ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي عُقِدَتْ بِهَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ إنَّهُ سَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ فَرِضَاهُ لَازِمٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، فَلْنَذْكُرْ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: إذَا قَالَ رَجُلٌ لِشَخْصٍ: إنَّ فُلَانًا أَحَالَنِي عَلَيْك بِأَلْفِ قِرْشٍ فَأَعْطِنِي إيَّاهَا وَإِذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ أَحَالَ خُذْ الْمَبْلَغَ مِنِّي، وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلرَّجُلِ الْمَرْقُومِ بِأَلْفِ قِرْشٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا عَلَى وَجْهِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ صَادَقَ فُلَانٌ الْمَارُّ الذِّكْرُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الرَّجُلِ الْمَرْقُومِ، كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ أَوْ فُقِدَ وَلَمْ يَعُدْ مُمْكِنًا مَعْرِفَةُ مَا إذَا كَانَ يُصَادِقُ عَلَى الْحَوَالَةِ أَمْ لَا فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ الذِّكْرُ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَلَكِنْ إذَا أَنْكَرَ فُلَانٌ الْحَوَالَةَ فَحَيْثُ إنَّهُ لَا يَكُونُ لِإِقْرَارِ الشَّخْصِ الْمَرْقُومِ وَتَصْدِيقِهِ بِحَقِّهِ حُكْمٌ مَا يَسْتَرِدُّ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ مِنْ الرَّجُلِ الْآنِفِ الذِّكْرِ مَا كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ (التَّنْقِيحُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ) . تَفْصِيلُ الِاخْتِلَافِ: اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ رِضَا الْمُحِيلِ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - رِوَايَةُ الْإِمَامِ الْقُدُورِيُّ، وَنَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ: وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الشَّرْطِ أَيْضًا، فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هَذَا الشَّرْطُ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَةِ وَأَصْحَابَ النَّامُوسِ مِنْ النَّاسِ يَأْنَفُونَ أَنْ يُتَحَمَّلَ دَيْنُهُمْ مِنْ جَانِبِ الْغَيْرِ فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ، وَعِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ إمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ، وَلَيْسَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ، وَبِرِضَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. " وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً "، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (691 وَ 698) . وَبَعْضُ عُلَمَاء أُخَرَ قَالُوا: هَذَا الشَّرْطُ يَكُونُ فِي الْحَوَالَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ أَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ: وَحَيْثُ إنَّ مُطَالَبَةَ الْمُحِيلِ بِمَطْلُوبِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ سَتَنْقَطِعُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (692) فَرِضَاهُ شَرْطٌ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ فَقَطْ. الْقَوْلُ الثَّانِي، رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ (رِضَا الْمُحِيلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ) لِأَنَّ الْتِزَامَ الْمُحَالِ

(المادة 682) لدى إعلام الحوالة التي أجريت بين المحيل والمحال له فقط إلى المحال عليه

عَلَيْهِ الدَّيْنَ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ لِلْمُحِيلِ مِنْ هَذَا التَّصَرُّفِ بَلْ بِالْعَكْسِ تَأْتِيهِ بِالْفَائِدَةِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، التَّوْفِيقُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ - الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تَبْتَدِئُ تَارَةً مِنْ الْمُحِيلِ وَهَذَا إحَالَةٌ، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ فَلَا يُتَصَوَّرُ حُصُولُهُ بِدُونِ الْإِرَادَةِ وَالرِّضَا، فَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ هُوَ هَذَا وَتَارَةً تَبْتَدِئُ الْحَوَالَةُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَهَذَا احْتِيَالٌ، وَإِنْ يَكُنْ رِضَا وَإِرَادَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطَيْنِ فِي هَذَا فَقَطْ لَكِنْ نَظَرًا لِعَدَمِ لُزُومِ إرَادَةِ رِضَا الْمُحِيلِ تَتِمُّ الْحَوَالَةُ بِدُونِ إرَادَتِهِ وَرِضَاهُ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ هَذَا. الْخُلَاصَةُ أَنَّ رِضَا وَإِرَادَةَ الْمُحِيلِ شَرْطَانِ بِالِاتِّفَاقِ لِتَكُونَ حَوَالَةً وَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ بِالْإِجْمَاعِ لِتَكُونَ احْتِيَالًا، فَبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ مِنْ الْمُنَاسِبِ الْقَوْلُ بِأَنَّ مَشْرُوطِيَّةَ رِضَا الْمُحِيلِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْحَوَالَةُ إحَالَةً أَوْ احْتِيَالًا فَلَا يَلِيقُ الْقَوْلُ أَيْضًا بِأَنَّ عَدَمَ مَشْرُوطِيَّةِ رِضَا الْمُحِيلِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مُطْلَقٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْحَوَالَةُ إحَالَةً أَوْ احْتِيَالًا. (الْعِنَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) [ (الْمَادَّةُ 682) لَدَى إعْلَام الْحَوَالَةِ الَّتِي أَجريت بَيْن الْمُحِيل وَالْمحَال لَهُ فَقَطْ إلَى الْمحَال عَلَيْهِ] . (الْمَادَّةُ 682) لَدَى إعْلَامِ الْحَوَالَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ فَقَطْ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا قَبِلَهَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَتَامَّةً، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى رَجُلٍ فِي دِيَارٍ أُخْرَى وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَهَا الدَّائِنُ إذَا أُبْلِغَتْ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَبِلَهَا تَصِيرُ الْحَوَالَةُ تَامَّةً. الْحَوَالَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ فَقَطْ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى رِضَا وَقَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، بِنَاءً عَلَى إعْلَامِ الْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ قَبِلَهَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَتَامَّةً (التَّنْقِيحُ) . وَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَرُدُّ أَوْ لَا يَقْبَلُهَا لَا يَكُونُ لَهَا حُكْمٌ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِحْصَالِ قَبُولِهِ وَرِضَاهُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً، بِنَاءً عَلَيْهِ وَحَيْثُ إنَّ الْحَوَالَةَ لَا تَتِمُّ قَبْلَ قَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلِلْمُحَالِ لَهُ حَقُّ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ مِنْ الْمُحِيلِ قَبْلَ الْقَبُولِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ وَالنَّتِيجَةُ) ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ حَتَّى يَجْرِيَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (690) . الْحَاصِلُ أَنَّ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرْطٌ، وَحُضُورَهُ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَانَ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطًا، لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ لَازِمًا بِسَبَبِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا لُزُومَ بِلَا الْتِزَامٍ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَرِضَاهُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي طَلَبِ

(المادة 683) الحوالة التي تجري بين المحيل والمحال عليه فقط

الدَّيْنِ فَبَعْضُهُمْ يَسْتَعْجِلُ وَيَتَشَدَّدُ وَبَعْضُهُمْ يُمْهِلُ وَيَتَسَامَحُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْبَحْرُ) . وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (680 وَ 682) ، مَثَلًا إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى رَجُلٍ فِي دِيَارٍ أُخْرَى وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الدَّائِنُ الْحَوَالَةَ الْمَذْكُورَةَ إذَا بَلَغَتْ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْبَلُهَا تَصِيرُ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً تَامَّةً وَنَافِذَةً. (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) حَتَّى أَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا قَابَلَ الدَّائِنُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَأَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِكَذَا قِرْشًا فَإِنْ صَادَقَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلَهُ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ، وَلَوْ كَانَ الْمُحِيلُ غَائِبًا أَثْنَاءَ هَذَا الْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْحَوَالَةِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَبُولَهُ الْحَوَالَةِ شَرْطَانِ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ، عَلَى مَا ذُكِرَ شَرْحًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (64) . الْمَسْأَلَةُ كَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْحَوَالَةِ فَلَا يَكُونُ لُزُومُ دَيْنٍ بِدُونِ الْتِزَامِهِ، وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَمَعْمُولٌ بِهِ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ، مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ الْجُرْجَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَنَفِيَّةِ ذَهَبَ إلَى أَنَّ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَصَاحِبَ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ الْمُحِيلُ إنْ شَاءَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِذَاتِهِ وَإِنْ شَاءَ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ، وَكَمَا أَنَّ لِلنَّائِبِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلَ الْمُحِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُحَالًا لَهُ أَيْضًا. (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَاجُورِيُّ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (680) . اسْتِثْنَاءٌ وَلَكِنْ قَالَ الرَّدُّ الْمُحْتَارُ نَقْلًا عَنْ سَائِحَاتِهِ: إنَّهُ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ أَيْضًا بِدُونِ رِضَا وَقَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا قُدِّرَ لِلزَّوْجَةِ نَفَقَةٌ عَلَى زَوْجِهَا مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ وَاسْتَدَانَتْ لِأَجْلِ نَفَقَتِهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي مِنْ شَخْصٍ فَلَهَا أَنْ تُحِيلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ عَلَى زَوْجِهَا، فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِضَا الزَّوْجِ وَقَبُولُهُ الْحَوَالَةَ لَيْسَ لَازِمًا. [ (الْمَادَّةُ 683) الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 683) الْحَوَالَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِرَجُلٍ آخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ دَيْنِي الَّذِي لِفُلَانٍ حَوَالَةً وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً فَإِذَا قَبِلَهَا الْمُحَالُ لَهُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ نَافِذَةً، إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ تَنْعَقِدُ تِلْكَ الْحَوَالَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى رِضَا وَقَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ فَإِذَا قَبِلَ تَكُونُ صَحِيحَةً وَنَافِدَةً وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ تَنْفَسِخُ، وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ شَخْصٍ الْحَوَالَةَ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ لَهُ، إذْ أَنَّ قَبُولَ الْمُحَالِ لَهُ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ لَازِمٌ

عَلَى مَا اُسْتُنْبِطَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّائِنُ وَحَيْثُ إنَّ الذِّمَمَ مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْبَعْضَ مِنْ النَّاسِ يُوقِعُونَ الْمُشْكِلَاتِ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ وَيُمَاطِلُونَ مَعَ اقْتِدَارِهِمْ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَأَنَّ الْبَعْضَ الْآخَرَ لَيْسَ لَهُ اقْتِدَارٌ أَلْبَتَّةَ فَالْقَوْلُ بِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ بِدُونِ قَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ يَضُرُّ الْمُحَالَ لَهُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (19 وَ 680) النِّهَايَةُ، مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِرَجُلٍ آخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيَّ لِفُلَانٍ وَقَبِلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ فُلَانٍ فَإِنْ قَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ - فُلَانٌ - تَكُونُ الْحَوَالَةُ نَافِذَةً وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَتَكُونُ مُنْفَسِخَةً، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ اتِّحَادَ مَجْلِسِ الْحَوَالَةِ يَعْنِي حُضُورَ الْمُحَالِ لَهُ أَوْ نَائِبِهِ فِي مَجْلِسِ الْحَوَالَةِ، وَقَبُولُهُ الْحَوَالَةَ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ بَلْ لِنَفَاذِهَا، وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - اجْتَهَدَا بِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ شَرْطٌ لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ، أَنَّ الْحَوَالَةَ الَّتِي أُجْرِيَتْ فِي غِيَابِ الْمُحَالِ لَهُ لَا تَنْعَقِدُ وَلَوْ قَبِلَهَا عِنْدَ إعْلَامِهِ، إذْ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ اجْتَهَدَ بِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ بَلْ لِنَفَاذِهَا، فَأُسِّسَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَهِيَ مَعْمُولٌ بِهَا الْيَوْمَ بِالْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) .

الفصل الثاني في بيان شروط الحوالة

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحَوَالَةِ] إنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: رَاجِعٌ لِلْمُحِيلِ بِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي: لِلْمُحَالِ لَهُ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَالنَّوْعُ الرَّابِعُ: لِلْمُحَالِ بِهِ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى التَّرِكَةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، لِأَنَّ الشَّخْصَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهَا (الْبَاجُورِيُّ) . (الْمَادَّةُ 684) يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ عَاقِلَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَكَمَا أَنَّ إحَالَةَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ وَأَخْذَهُ مُمَيَّزًا أَوْ حَوَالَةً مِنْ أَحَدٍ بَاطِلَانِ فَقَبُولُهُ حَوَالَةً مِنْ أَحَدٍ عَلَى نَفْسِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا. فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَوْنُ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ عَاقِلَيْنِ فَقَطْ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ، وَأَمَّا الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَمَشْرُوطٌ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَبَالِغًا أَيْضًا، فمشروطية عَقْلِ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَوَادِّ 657 وَ 666 وَ 979 وَاشْتِرَاطُ بُلُوغِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (967) . بِنَاءً عَلَيْهِ إحَالَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ - بِأَنْ يَكُونَ مُحِيلًا - وَأَخْذُهُ دَيْنًا حَوَالَةً عَلَى أَحَدٍ - بِأَنْ يَكُونَ مُحَالًا لَهُ - بَاطِلٌ كَمَا أَنَّ أَخْذَ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ مُمَيِّزًا أَوْ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَأَخْذَ الْمَجْنُونِ حَوَالَةً مِنْ أَحَدٍ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُحَالًا عَلَيْهِ - بَاطِلٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا قَبِلَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيُّهُ حَوَالَةً عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) . وَلَكِنَّ صِحَّةَ الْمُحِيلِ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، بِنَاءً عَلَيْهِ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُحِيلَ دَيْنًا عَلَى آخَرَ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) . بَحْثٌ فِي شَرْطِ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا: فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّهُ كَمَا فُصِّلَ فِي الْمَوَادِّ 680 وَ 682 وَ 683 وَإِنْ كَانَ رِضَا الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطًا فِي الْحَوَالَةِ فَالرِّوَايَةُ فِي لُزُومِ رِضَا الْمُحِيلِ وَعَدَمِهِ مُخْتَلِفَةٌ: فَفِي رِوَايَةٍ - وَيُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ (رِوَايَةُ الْقُدُورِيُّ) رِضَا الْمُحِيلِ أَيْضًا لَازِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ

أُخْرَى وَيُقَالُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ - رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ - عَدَا عَنْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ بِدُونِ رِضَا الْمُحِيلِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَحَيْثُ إنَّ لِلْمُحِيلِ مَنْفَعَةً فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ فَرِضَا الْمُحِيلِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ غَيْرُ لَازِمٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (681) وَالْمَادَّةِ (681) مِنْ الْمَجَلَّةِ أُسِّسَتْ عَلَى (رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ) هَذِهِ، وَكَمَا وَضَحَ شَرْحُ الْمَادَّةِ 681 الْمَارِّ ذِكْرُهَا فَيَحْصُلُ مِنْ تَفْصِيلَاتِ (صَاحِبِ الْعِنَايَةِ) تَوْفِيقٌ حَسَنٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْ الذِّكْرِ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَنَظَرًا لِلتَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ شُرِطَ عَلَيْهِ كَوْنُ الْمُحِيلِ عَاقِلًا وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْحَوَالَةُ إحَالَةً بِنَاءً عَلَى عَدَمِ لُزُومِ حُضُورِ الْمُحِيلِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عُقِدَتْ فِيهِ الْحَوَالَةُ وَعَدَمِ لُزُومِ انْضِمَامِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لِشَخْصٍ فِي يَافَا أَنْ يَكْفُلَ دَيْنَ رَجُلٍ مَوْجُودٍ فِي الْقُدْسِ حَوَالَةً عَلَيْهِ، وَنَظَرًا لِعَدَمِ وُجُودِ فَائِدَةٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَاقِلًا أَمْ لَا حَالَةَ كَوْنِهِ فِي يَافَا وَلَا دَخْلَ وَلَا مَعْلُومَاتِ لَهُ فِي الْعَقْدِ، فَمِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ كَوْنُ الْمُحِيلِ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (681) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ بِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْمَادَّةِ (681) وَبِذِكْرِهَا شَرْطَ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا تَكُونُ قَبِلَتْ الرِّوَايَةَ الْأُولَى. وَأَمَّا حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَوَادِّ 680، 682، 683 فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي كَانَ دَاخِلًا فِيهَا وَاَلَّتِي كَانَ إيجَابُهَا وَقَبُولُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْعَاقِلِ الْقَوْلِيَّةَ حَتَّى الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ بِحَقِّهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا اعْتِبَارَ لِإِيجَابِهِ وَقَبُولِهِ، فَاشْتِرَاطُ الْمَجَلَّةِ كَوْنَ الْمُحِيلِ عَاقِلًا هُوَ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي عُقِدَتْ عَلَى مُوجَبِ الْمَوَادِّ 680، 682، 683، وَلَا يُوجَدُ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ 681، وَهَذَا جَوَابٌ عَلَى السُّؤَالِ السَّابِقِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ عِبَارَةُ (بِنَاءً عَلَيْهِ. .. إحَالَتُهُ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَإِذَا قُبِلَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ قَدْ أَخْرَجَ شَرْطَ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا مِنْ الْإِطْلَاقِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ، وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ لَفْظُ (مُحِيلٌ) وَمَعْنَاهُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ 674 الَّذِي يُحِيلُ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ هَذَا الْجَوَابِ، فَلْنُفَصِّلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَلِيلًا أَيْضًا: لَدَى عَقْدِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (680) يَعْنِي إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ، وَلَكِنَّ كَوْنَ الْمُحِيلِ عَاقِلًا شَرْطٌ فِي هَذِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمُحِيلُ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَهَلْ يَكُونُ إيجَابُهُ بَاطِلًا وَهَلْ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ 681 بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ؟ الظَّاهِرُ هُوَ أَنَّ إيجَابَ الْمُحِيلِ بَاطِلٌ، وَتَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ احْتِيَالًا، إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ 682 يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحِيلُ عَاقِلًا فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ يَكُونُ الْإِيجَابُ بَاطِلًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ إذَا أَعْلَمَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ

(المادة 685) يشترط في نفاذ الحوالة أن يكون المحيل والمحال له بالغين

الْحَوَالَةِ وَقَبِلَهَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَبِلَ حَوَالَةً لَمْ تَنْعَقِدْ. وَإِذَا جَرَتْ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ (683) وَكَانَ الْمُحِيلُ غَيْرَ عَاقِلٍ تَكُونُ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً حَتَّى وَلَوْ قَبِلَهَا الْمُحَالُ لَهُ لَا تَنْعَقِدُ، لِأَنَّهُ قَبِلَ حَوَالَةً غَيْرَ مُنْعَقِدَةٍ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى شَرْطِ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا، وَأَمَّا فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (681) فَكَوْنُ الْمُحِيلِ عَاقِلًا لَيْسَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّ الْمُحِيلَ أَيْ الْمَدِينَ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ أَحَدٌ أَرْكَانَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ تُلْحَظُ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَاقِلًا، وَنَظَرًا لِأَنَّ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ الْوَارِدَيْنِ عَلَى شَرْطِ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا غَيْرُ مُسْتَنِدَيْنِ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ بَلْ إنَّهُمَا فِكْرُ الْمُؤَلِّفِ الْخَاصُّ فَإِذَا وَجَبَ فَصْلُ دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْخُصُوصِ نَقُولُ: إنَّهُ مِنْ اللَّازِمِ رُؤْيَةُ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَائِدَةِ لَهَا وَنَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ. [ (الْمَادَّةُ 685) يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ بَالِغَيْنِ] (الْمَادَّةُ 685) يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ بَالِغَيْنِ، بِنَاءً عَلَيْهِ حَوَالَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولُهُ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَإِذَا أَجَازَ الْوَلِيُّ كَانَتْ نَافِذَةً، وَإِذَا قَبِلَ الصَّبِيُّ الْحَوَالَةَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ أَيْ أَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ " هَذَا الِاشْتِرَاطُ لِأَجْلِ نَفَاذِ الْحَوَالَةِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ انْعِقَادِهَا (الْبَحْرُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ حَوَالَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ قَبُولُهُ حَوَالَةً مِنْ غَيْرِهِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ تَنْعَقِدُ الْحَوَالَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ (الْبَحْرُ) فَإِنْ أَجَازَ الْوَلِيُّ نَفَذَتْ الْحَوَالَةُ. رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الثَّالِثَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (967) ، بَحْثٌ وَمُنَاظَرَةٌ - ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - كَوْنُ الْمُحِيلِ بَالِغًا شَرْطٌ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - كَوْنُ الْمُحَالِ لَهُ بَالِغًا شَرْطٌ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ. سَبَبُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ هَذَا: الْحَوَالَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَالِ لَهُ مِنْ الْعُقُودِ الْمُتَرَاوِحَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ وَأَغْنَى يَكُونُ لِلْمُحَالِ لَهُ نَفْعٌ فِي الْحَوَالَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقِيرًا كَانَ لِلْمُحَالِ لَهُ ضَرَرٌ مِنْهَا، وَعُقُودُ الصَّبِيِّ الَّتِي كَهَذِهِ مُتَرَاوِحَةٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (967) . وَأَمَّا الشَّرْطُ الْمُدْرَجُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَمُوجِبٌ لِلِاعْتِرَاضِ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُحِيلِ نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُحِيلُ صَبِيًّا عَاقِلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ وَأَجْرَى حَوَالَةً يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ حَيْثُ إنَّ أَمْرَ

الصَّبِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرْقُومِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 657 أَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ فِي الْكَفَالَةِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلرُّجُوعِ، وَلَا يَأْتِي الْجَوَابُ الْمُعْطَى عَلَى الْبَحْثِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ بِخُصُوصِ شَرْطِ كَوْنِ الْمُحِيلِ عَاقِلًا بِفَائِدَةٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ إرَادَةَ وَاخْتِيَارَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ مَوْجُودَتَانِ، وَإِحَالَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْإِحَالَةُ احْتِيَالًا، عَلَى أَنَّهُ صُرِّحَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ إحَالَةَ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمَحْجُورِ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ لِلْمُحَالِ لَهُ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ، فَنُقِلَ مَا جَاءَ فِيهَا كَمَا يَلِي: إذَا أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ بِمَالِ لِأَحَدٍ وَفِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ أَحَالَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَوَالَةَ فَلِلشَّخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الْمَالِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْحَوَالَةِ) . الْجَوَابُ - إنَّ اشْتِرَاطَ بُلُوغِ الْمُحِيلِ فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هُوَ لِإِمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ، فَإِذَا بَلَغَ الْمُحِيلُ أَثْنَاءَ الْحَوَالَةِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُحِيلُ غَيْرَ بَالِغٍ وَإِنْ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَصِحَّةُ هَذَا الْجَوَابِ تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ صَرَاحَةٍ تَنُصُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إحَالَةِ الْمُحِيلِ كَافِيَةٌ لِرُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَفِي الْوَاقِعِ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 657 أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ وَرَضِيَ الْأَصِيلُ قَبْلَ رِضَا وَقَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ كَانَ هَذَا الرِّضَا مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 691 وَ 678) ، فَهَذَا السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ أَيْضًا فِكْرُ الْمُؤَلِّفِ الْخَاصُّ وَعَلَيْهِ لَدَى الْإِيجَابِ يَلْزَمُ تَحَرِّي الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا إذَا قَبِلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ حَوَالَةً وَصَارَ مُحَالًا لَهُ وَأَذِنَ وَلِيُّهُ فَلِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ وَالْإِجَازَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ وَأَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) ، كَمَا أَنَّهُ فِي قَبُولِ الْأَبِ بِالْوِلَايَةِ وَالْوَصِيِّ بِالْوِصَايَةِ مَالَ الْيَتِيمِ يَعْنِي دَيْنَهُ الَّذِي لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِ هَذَا الْأَبِ أَوْ هَذَا الْوَصِيِّ بَلْ وَجَبَ بِعَقْدِ الْمُتَوَفَّى وَانْتَقَلَ بِوَفَاتِهِ إلَى الْيَتِيمِ حَوَالَةً يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ وَأَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ فَائِدَةٌ لِأَجْلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِمْ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ 58 وَالْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (967) ، وَمِنْهُ مَا لَوْ احْتَالَ إلَى أَجَلٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِكَوْنِهِ إبْرَاءً مُوَقَّتًا فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي قَبِلَهَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ فَلَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْيَسَارِ، وَالْحَوَالَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ بِتَعْبِيرِ (أَمْلَأُ) أَيْ بِاسْمِ التَّفْضِيلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جُعِلَ مَشْرُوعًا لِأَجْلِ الْفَائِدَةِ، وَالْعَقْدُ الَّذِي

(المادة 686) لا يشترط أن يكون المحال عليه مدينا للمحيل

لَا فَائِدَةَ مِنْهُ سَاقِطٌ مِنْ الِاعْتِبَارِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي آخِرِ الْحَوَالَةِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (200) ، وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي الْمَبْسُوطِ فِي حِيلَةِ إسْقَاطِ بَعْضِ صَدَاقِ الصَّغِيرَةِ أَنَّ الْأَبَ يُحِيلُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ فَيُبْرِئُ ذِمَّةَ الزَّوْجِ عَنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ مِثْلَ الزَّوْجِ فِي الْيَسَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَيْضًا (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْحَوَالَةِ) ، غَيْرُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ مَخْصُوصًا بِالصُّورَةِ الَّتِي يَقْبَلُ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فِيهَا حَوَالَةً وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَحَالَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ دَيْنًا عَلَى أَحَدٍ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ إجَازَةِ الْوَلِيِّ هَذِهِ الْحَوَالَةَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ يَسَارًا مِنْ الْمُحِيلِ. قَبُولُ الْمُتَوَلِّي الْحَوَالَةَ - يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْمُتَوَلِّي مَالَ الْوَقْفِ حَوَالَةً أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 58) . قَبُولُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ الْحَوَالَةَ - إذَا لَزِمَ الدَّيْنُ بِعَقْدِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ وَقَبِلَهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ حَوَالَةً عَلَى شَخْصٍ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ يَصِحُّ وَيَكُونُ لَازِمًا، وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ أَنْ يَفْسَخَ الْحَوَالَةَ الْمُنْعَقِدَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّهُ لِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَا الدَّيْنَ اللَّازِمَ بِعَقْدِهِمَا حَوَالَةً عَلَى مَنْ هُوَ أَفْقَرُ مِنْ الْمُحِيلِ حَتَّى عَلَى رَجُلٍ مُفْلِسٍ وَأَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَتَرَتَّبُ ضَمَانٌ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْحَوَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَيْضًا (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الْحَوَالَةِ) ، كَمَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَصِيُّ الْمَدِينَ كَامِلًا أَوْ أَجَّلَ الدَّيْنَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ عَقْدٍ أَجْرَاهُ الْوَصِيُّ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَكَانَ الْوَصِيُّ ضَامِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ فِي بَابِ الْوَصِيِّ وَآدَابُ الْأَوْصِيَاءِ فِي فَصْلٍ فِي الصُّلْحِ) . عِبَارَةُ (وَلَكِنْ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا تُفِيدُ حَصْرًا فِي أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا، كَمَا أَنَّ الْمَادَّتَيْنِ وَ 1540 لَا تَعْنِيَانِ أَحَدًا مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَلْيَتَأَمَّلْ. الْحَوَالَةُ بِالْإِكْرَاهِ - رِضَا الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (680) ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَخَذَ رَجُلٌ حَوَالَةً بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ أَوْ قَبِلَهَا لَا تَكُونُ صَحِيحَةً، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ الْحَوَالَةَ حَصَلَتْ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ يَأْخُذُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحِيلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَهْجَةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (1006 وَ 1007) . [ (الْمَادَّةُ 686) لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ] (الْمَادَّةُ 686) لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عِنْدَهُ، أَوْ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحِيلِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ أَوْ مَالٌ مَغْصُوبٌ وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ

(المادة 687) كل دين لا تصح الكفالة به لا تصح الحوالة به أيضا

لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ أَمَانَةٌ أَوْ مَالٌ مَغْصُوبٌ بِيَدِهِ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ حَوَالَةً مُطْلَقَةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّة (679) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ الْمُحَالِ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بَعْدَ قَبُولِ الْحَوَالَةِ مُدَّعِيًا أَنْ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (691) ، وَلِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَوَالَةِ فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ إلَى الْأَقْسَامِ الْمُدْرَجَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (678 وَ 679) ، يَعْنِي لَوْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَوَالَةِ لَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ الْحَوَالَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُقَيَّدَةً وَفِيهَا شَرْطٌ وَمُطْلَقَةٌ عَارِيَّةٌ عَنْ الشَّرْطِ وَلَكِنَّ تَقْسِيمَ الْحَوَالَةِ إلَى الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (678 وَ 679) تُقَسِّمُ الشَّيْءَ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ، وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (673) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ ، فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ تَطَوُّعًا حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَدِينٍ لِلْمُحِيلِ فَتَكُونَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مِنْ قَبِيلِ تَأْدِيَةِ دَيْنِ الْغَيْرِ وَلَا تَكُونُ حَوَالَةً (الْبَاجُورِيّ) ، لَاحِقَةٌ - فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْمَدِينِ مَعًا فِي الدَّيْنِ الْمَكْفُولِ. إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ ثُمَّ أَحَالَ دَائِنَهُ الْآخَرَ عَلَى كَفِيلِ الْمَدِينِ الْمَرْقُومِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْكَفِيلِ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ لَا تَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ الثَّانِيَةُ صَحِيحَةً، وَتَلْزَمُ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ بِبَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، وَلَوْ أَحَالَ أَوَّلًا عَلَى الْكَفِيلِ ثُمَّ بِذَلِكَ عَلَى الْمَدِينِ وَكَانَتْ الْحَوَالَتَانِ مَعًا وَالْكَفَالَتَانِ مَعًا صَحَّتَا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحَوَالَةِ) ، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا اسْتِيفَاءُ الْمُحِيلِ حَقَّهُ مِنْ الْمَدِينِ وَالْكَفِيلِ مَعًا، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إيفَاءِ أَحَدِهِمَا بَرَاءَةُ الْآخَرِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْكَفَالَةِ (الشَّارِحُ) . [ (الْمَادَّةُ 687) كُلُّ دَيْنٍ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ أَيْضًا] (الْمَادَّةُ 687) كُلُّ دَيْنٍ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ أَيْضًا، يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ بِهِ دَيْنًا صَحِيحًا، عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (673) أَيْضًا، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ حَوَالَةُ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ إذْ كُلُّ دَيْنٍ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ لَا تَصِحُّ حَوَالَةُ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لَهُ لَيْسَ بِدَيْنٍ صَحِيحٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ) ، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا الدَّيْنَ وُضِّحَ كَمَا يَجِبُ فِي الْمَادَّةِ (631) وَشَرْحِهَا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّكْرَارِ هُنَا.

(المادة 688) كل دين تصح الكفالة به تصح الحوالة به أيضا

مِثَالٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ حَوَالَةِ الْأَعْيَانِ: إذَا أَحَالَ الْوَدِيعُ الْمُودِعَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ بِالْخَمْسِينَ ذَهَبًا الْمَوْجُودَةِ عَيْنًا بِيَدِهِ وَالْعِشْرِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ لَا يَصِحُّ، كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِهَذَا أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ. مِثَالٌ لِحَوَالَةِ الدَّيْنِ غَيْرِ الصَّحِيحِ: لَوْ لَعِبَ رَجُلٌ مَعَ آخَرَ قِمَارًا وَصَارَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مَدِينًا لِلْآخَرِ بِسَبَبِ الْقِمَارِ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَأَحَالَهُ بِهَا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً، كَمَا لَوْ فُرِضَ لِرَجُلٍ عَلَى شَخْصٍ جَرِيمَةٌ بِكَذَا قِرْشًا ثُمَّ أَحَالَ دَائِنَهُ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ كَيْ يُعْطِيَ مِنْ تِلْكَ الْجَرِيمَةِ لَا تَصِحُّ تِلْكَ الْحَوَالَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اخْتِلَافُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحِيلِ فِي صِحَّةِ الدَّيْنِ - لَوْ ادَّعَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ بِغِيَابِ الْمُحِيلِ بِأَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَبْلَغٌ نَاشِئٌ عَنْ الْقِمَارِ أَوْ الْجِيفَةِ أَوْ مِنْ أَعْرَاضِ بَنِي آدَمَ فَالْحَوَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلَوْ صَادَقَ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى ادِّعَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ هَذَا وَأَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِذَا كَانَ الْمُحِيلُ حَاضِرًا وَادَّعَى أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَبْلَغٌ قَرْضٌ وَصَادَقَ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَتْ تَأْدِيَةُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحِيلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) ، وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُحَالُ لَهُ فَلَا يُقَامُ شَاهِدٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ بِغِيَابِ الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . [ (الْمَادَّةُ 688) كُلُّ دَيْنٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ أَيْضًا] (الْمَادَّةُ 688) كُلُّ دَيْنٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ أَيْضًا، لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ بِهِ مَعْلُومًا، بِنَاءً عَلَيْهِ حَوَالَةُ الدَّيْنِ الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مَثَلًا لَوْ قَالَ: إنِّي قَبِلْتُ حَوَالَةَ مَا يَثْبُتُ لَكَ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ فُلَانٍ لَا تَكُونُ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ هُوَ الدَّيْنُ الصَّحِيحُ (الْبَهْجَةُ) ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَكْفُولِ بِهِ غَيْرَ مَشْرُوطٍ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (630) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ بِهِ مَعْلُومًا، وَكَلِمَةُ (لَكِنْ) هَذِهِ تُفِيدُ اسْتِثْنَاءَ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ يَعْنِي فِقْرَةَ (كُلُّ دَيْنٍ) وَكَلَامَ (بِنَاءً عَلَيْهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة. وَحَوَالَةُ الدَّيْنِ الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مَعَ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ، مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِشَخْصٍ آخَرَ إنِّي قَبِلْت حَوَالَةً عَلَى مَا يَثْبُتُ لَك مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ فُلَانٍ وَرَضِيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَلَا يُجْبَرُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ عَلَى التَّأْدِيَةِ إذَا ثَبَتَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَطْلُوبٌ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الذِّمَّةِ، وَيَصِيرُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا بِهَذَا النَّقْلِ، وَحَيْثُ إنَّهُ بَعْدَ هَذَا النَّقْلِ لَا يُطْلَبُ شَيْءٌ مِنْ الْمُحِيلِ فَلَا يَعُودُ مِنْ الْمُمْكِنِ الِادِّعَاءُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِثْبَاتُ ذِمَّتِهِ بَعْدَ النَّقْلِ وَلَكِنْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْكَفَالَةُ ضَمَّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فَيَبْقَى مِنْ الْمُمْكِنِ

(المادة 689) الحوالة بالدين المترتب على الذمة من جهة الكفالة والحوالة صحيحة

بَعْدَ الْكَفَالَةِ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ وَإِثْبَاتُ الدَّيْنِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ الْكَفَالَةُ بِالْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَالْحَوَالَةُ بِهِ لَا تَجُوزُ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (وَ 688) . جُمِعَتَا فِي الْمَادَّةِ (631) مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ فَكَانَ مِنْ الْأَنْسَبِ لِلسِّيَاقِ الْمَذْكُورِ أَنْ تُجْمَعَ الْمَوَادُّ الْمَذْكُورَةُ فِي مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 689) الْحَوَالَةَ بِالدَّيْنِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الذِّمَّةِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ صَحِيحَةٌ] (الْمَادَّةُ 689) كَمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ بِالدُّيُونِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الذِّمَّةِ أَصَالَةً صَحِيحَةٌ فَالْحَوَالَةَ بِالدَّيْنِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الذِّمَّةِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا. إنَّ حَوَالَةَ الدُّيُونِ الصَّحِيحَةِ كَثَمَنِ الْبَيْعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَالْقَرْضِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَبَدَلِ الْمَغْصُوبَاتِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَصَالَةً، كَمَا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَحَوَالَةُ الدَّيْنِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى ذِمَّةِ الْكَفِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ الْحَوَالَةِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّ قِسْمًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُتَرَتِّبِ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ دَيْنٌ مَجْهُولٌ وَحَوَالَتُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ. وَالْكَفَالَةُ بِهَذِهِ الدُّيُونِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَحَالَهُ بِالْمَالِ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ جَائِزًا لِأَنَّهُ لَمَّا تَحَوَّلَ الْمَالُ إلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ الْتَحَقَ بِمَا كَانَ وَاجِبًا فِي الْأَصْلِ وَكَمَا يَصِحُّ التَّحْوِيلُ مِنْ الذِّمَّةِ الْأُولَى إلَى ذِمَّتِهِ يَصِحُّ التَّحْوِيلُ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى ذِمَّةٍ الْمُتَوَفَّى (مَبْسُوطُ السَّرَخْسِيِّ فِي الْحَوَالَةِ نُقُولُ الْبَهْجَةِ) ، وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فَرْعُ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَانَ إيرَادُهَا تَفْرِيعًا لَهَا مُنَاسِبًا، مَثَلًا كَمَا أَنَّ حَوَالَةَ شَخْصٍ دَيْنَهُ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ وَالْمُتَسَبِّبَ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ جِهَةِ الْقَرْضِ صَحِيحَةٌ فَحَوَالَةُ الْمَبْلَغِ الَّذِي لَزِمَ ذِمَّتَهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ دَيْنًا آخَرَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (668) ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَحَالَ شَخْصٌ الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لَزِمَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (690) ، وَكَذَلِكَ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ الدَّيْنَ الَّذِي قَبِلَهُ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ أَوْ عَلَى الْمُحِيلِ صَحَّ ذَلِكَ، وَيَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ - ذَلِكَ الشَّخْصُ - بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ أَوْ إلَى الْمُحِيلِ الْأَوَّلِ.

الباب الثاني في بيان أحكام الحوالة

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَوَالَةِ] أَحْكَامٌ جَمْعُ حُكْمٍ، يُقْصَدُ مِنْهُ هُنَا مَعْنَى الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْحُكْمِ يَعْنِي أَنَّ مَعْنَى حُكْمِ الْحَوَالَةِ الْأَثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْحَوَالَةِ، وَهَذَا الْأَثَرُ هُنَا أَشْيَاءُ كَبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ وَحُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ جَارٍ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْحَوَالَةِ، وَخُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ مُدْرَجَةٌ هُنَا كَمَا يَأْتِي: خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي: أَحْكَامُ الْحَوَالَةِ: 1 - الْأَحْكَامُ الْعُمُومِيَّةُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ الْمُحِيلُ يَصِيرُ بَرِيئًا مُوَقَّتًا مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ نَقْلٌ وَتَحْوِيلٌ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِفَرَاغِ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَإِنْ وُجِدَ كَفِيلٌ فَهُوَ يَبْرَأُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ تَلْزَمُ مِنْ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ، قُيِّدَ (مُوَقَّتًا) لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ جِهَاتِ انْتِهَاءِ حُكْمِ الْحَوَالَةِ بِصُورَةِ التَّوَى وَفَسْخِ الْحَوَالَةِ وَعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. التَّوَى الْحَوَالَةُ تَنْتَهِي بِتَوَى الدَّيْنِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُحَالُ لَهُ دَيْنَهُ، وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّ الْمُحَالِ لَهُ، فَإِذَا انْعَدَمَتْ السَّلَامَةُ تَزُولُ الْبَرَاءَةُ أَيْضًا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، يَكُونُ التَّوَى عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى وَجْهَيْنِ: 1 - وَجْهٌ لِعَدَمِ وُجُودِ بَيِّنَةٍ عِنْدَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ تُثْبِتُ الْحَوَالَةَ إذَا أَنْكَرَهَا. 2 - وَجْهٌ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ التَّوَى نَظَرًا لِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ عَدَا عَنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ.

فَسْخُ الْحَوَالَةِ يَكُونُ بِصُدُورِ حُكْمٍ بِإِفْلَاسِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ، تَكُونُ 1 - بِالْإِقَالَةِ. 2 - بِخِيَارِ الشَّرْطِ الْحُكْمُ الثَّانِي يَثْبُتُ حَقُّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ. 2 - الْأَحْكَامُ الْخُصُوصِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ الثَّابِتُ بِسَبَبِ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَلِكَوْنِ الْحَوَالَةِ تَقَيَّدَتْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الطَّالِبِ بِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ إلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْطَى يَكُونُ ضَامِنًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَتَدَاخَلُوا فِي ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِذَا أَحَالَ شَخْصٌ الدَّائِنَ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالًا مُعَيَّنًا مِنْ أَمْوَالِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَقَبِلَ ذَلِكَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوَّلًا عَلَى بَيْعِ الْمَالِ وَثَانِيًا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ وُكِّلَ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ. الْمَسَائِلُ الَّتِي يَعُودُ فِيهَا الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ: مَسْأَلَةٌ 1 - إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ أَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ أُقِيلَ الْبَيْعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَة بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِكَوْنِ الْمَبِيعِ ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُحِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ فَاسِدَةٌ، فِي صُورَةِ التَّوَى. مَسْأَلَةٌ 2 - إذَا ضُبِطَتْ الْأَمَانَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَمَانَةً تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ لِأَنَّهُ لَمَّا يَصِلُ الْمَالُ إلَى صَاحِبِهِ يَكُونُ الْغَاصِبُ وَغَاصِبُ الْغَاصِبِ بَرِيئَيْنِ مِنْ الضَّمَانِ، وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. مَسْأَلَةٌ 3 - إذَا هَلَكَ الْمَبْلَغُ وَكَانَ غَيْرَ مَضْمُونٍ (كَالْأَمَانَةِ) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُؤَدَّى مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبْطُلُ

الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْتَزَمَ الْحَوَالَةَ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ. فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةً وَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ وَعْدَتِهَا، وَإِنْ عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فَالْأَجَلُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ. إحَالَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ دَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُعَجَّلِ مُؤَجَّلًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ نَتِيجَةَ عَقْدِهِمْ. فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْحَوَالَةِ 1 - إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَكَمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِذَلِكَ الشَّخْصِ يَصِيرُ الْكَفِيلُ بَرِيئًا أَيْضًا، مَثَلًا إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ بِحَبْسِ الرَّاهِنِ وَتَوْقِيفِهِ. 2 - يَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ: 1 - بِأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ. 2 - بِإِحَالَةِ الْمُحَالِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. 3 - بِإِبْرَاءِ الْمُحَالِ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ. 4 - بِهِبَةِ الْمُحَالِ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ أَوْ تَصَدُّقِهِ بِهِ وَقَبُولِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تِلْكَ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ. 3 - إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَارِثَهُ فَقَطْ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُطَالِبُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ. وَإِذَا كَانَ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ الْإرْثِيَّةِ فَقَطْ وَمُطَالِبًا بِحِصَصِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ. (الْمَادَّةُ 690) : حُكْمُ الْحَوَالَةِ هُوَ أَنْ يَكُونُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ أَنْ يَبْرَأَ الْكَفِيلُ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَأَنْ يَثْبُتَ حَقُّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ أَوْ إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ لَا تَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ الرَّهْنِ وَتَوْقِيفِهِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ لِلْحَوَالَةِ هُوَ بَرَاءَةُ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ وَبَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ قَبَضَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ بَعْدُ. وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ التَّوَى عَلَى مَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا.

وَيَصِيرُ الْمُحِيلُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ. لِأَنَّ مَعْنَى الْحَوَالَةِ النَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ، وَالنَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ إنَّمَا يَتَحَقَّقَانِ بِفَرَاغِ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ، وَالْكَفِيلُ يَصِيرُ أَيْضًا بَرِيئًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (662) تَلْزَمُ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ مِنْ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ: 1 - مَسْأَلَةٌ: حَيْثُ إنَّ الْمُحِيلَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ، حَتَّى وَلَوْ غَابَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَ طَلَبُ الدَّيْنِ مِنْهُ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَفَائِدَةُ بَرَاءَتِهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَا يَأْخُذُ الْمُحَالُ لَهُ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ كَفِيلًا مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ مِنْ الْغُرَمَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يُتْوَى حَقُّهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَعْطَى الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ رَهْنًا مُقَابِلَ دَيْنٍ أُجْرِيَتْ حَوَالَتُهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (701) أَنَّ الرَّهْنَ هُوَ حَبْسُ مَالٍ مُقَابِلَ حَقٍّ فَمَتَى انْعَدَمَ الْحَقُّ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحِيلِ حَقٌّ بَعْدَ الْحَوَالَةِ. 3 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْحَوَالَةِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ مُفْلِسًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ كَمَا سَيُبَيَّنُ قَرِيبًا وَلَا يَكُونُ لِلْإِبْرَاءِ السَّابِقِ الْمَذْكُورِ تَأْثِيرٌ وَحُكْمٌ عَلَى هَذَا (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ) . 4 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ لَهُ بِالدَّيْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ وَقَبِلَ هَذَا الْأَخِيرُ يَصِيرُ الْكَفِيلُ الْمَرْقُومُ بَرِيئًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ الثَّانِي هُوَ ثُبُوتُ حَقِّ مُطَالَبَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ بِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي: 1 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ أَوْ وَهَبَ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (847) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - مَسْأَلَةٌ: لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِجُنُونِهِ وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يَسْتَوْفِي الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْفَيْضِيَّةُ) . 3 - مَسْأَلَةٌ: إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ شَخْصَيْنِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَخَذَ شَخْصَانِ مَعًا دَيْنًا حَوَالَةً عَلَيْهِمَا يُطَالِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَكَانَ الْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (647) . (النَّتِيجَةُ) . وَلَكِنَّهُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْكَفَالَةِ لَا يُمْكِنُ فِي الْحَوَالَةِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ ذَيْنَكَ الشَّخْصَيْنِ عَلَى حِدَةٍ مَجْمُوعَ الدَّيْنِ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ. وَالْحُكْمُ الثَّالِثُ: هُوَ أَنَّهُ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ عَلَى مَدِينِهِ زَيْدٍ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ فَكَمَا أَنَّ زَيْدًا

يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ كَذَلِكَ الشَّخْصُ إنْ كَانَ لَهُ كَفِيلٌ يَبْرَأُ أَيْضًا. وَيَطْلُبُ الْمُحَالُ لَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الدَّيْنَ مِنْ الْأَصِيلِ يَعْنِي مِنْ زَيْدٍ، وَلَيْسَ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يَكُنْ كَفِيلًا لِمَطْلُوبِ الدَّائِنِ بَلْ كَفِيلًا لِدَيْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ: 1 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى دَائِنِهِ - بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ الرَّاهِنِ وَتَوْقِيفِهِ. يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِهَذِهِ الْحَوَالَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (729) هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ فِيهِ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَمَّا انْقَطَعَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ بِسَبَبِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِإِجْرَاءِ الْحَوَالَةِ فَلَمْ يَعُدْ إمْكَانٌ لِحَبْسِ الرَّهْنِ وَإِلَّا لَا يَبْقَى هَذَا الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُحَالِ لَهُ بِصِفَةِ رَهْنٍ. 2 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَحَالَ شَخْصًا عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (282) يَكُونُ أَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ فِي الْمَبِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْبَائِعِ. وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ (إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدًا عَلَى الرَّاهِنِ. ..) لِأَنَّهُ إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى أَحَدٍ فَقَبِلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ الْمَبْلَغَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَصِلْ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ إلَى يَدِهِ بَعْدُ يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَجَلَّةِ حَيْثُ إنَّ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ سَقَطَ فَسَقَطَ أَيْضًا حَقُّ حَبْسِهِ لِلرَّهْنِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الشَّرْحِ فَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ بَاقٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَأَفَادَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةُ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ - مَسْأَلَةَ الشَّرْحِ - عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى بِهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْفَتَاوَى التُّرْكِيَّةِ الْمُسَمَّى (الْبَهْجَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ حَصْرِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ وَالْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَالَا بِسُقُوطِ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَفِي الْحَقِيقَةِ إنْ كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَعِنْدَ الْعَاجِزِ يَلْزَمُ تَرْجِيحُ هَذَا الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ سُؤَالٌ بِالْوَجْهِ الْآتِي عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَرْوِيِّ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي عَدَّتْهُ الْبَهْجَةُ مُفْتًى بِهِ وَهُوَ إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبِلَ هَذَا الْحَوَالَةَ يَصِيرُ الرَّاهِنُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الرَّاهِنِ انْتَقَلَ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَصَارَ الْمَدِينُ تِجَاهَ الْمُرْتَهِنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الرَّاهِنِ، فَفِي الْحَالَةِ هَذِهِ أَيْ حَتَّى يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ بِأَنْ يَحْبِسَ وَيَمْسِكَ الرَّهْنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فِي مُقَابَلَةِ مَطْلُوبِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الرَّهْنَ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ دَيْنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ بَاقِيًا فَهَذَا الْحَقُّ لَيْسَ مُتَوَجِّهًا إلَى الرَّاهِنِ بَلْ إلَى

الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ نَظِيرَةٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْقُطُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَقُّ حَبْسِ الْبَائِعِ. وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ: إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى شَخْصٍ لِأَجْلِ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَسْقُطُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةَ (282) . مَعْنَى كَوْنِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ مُوَقَّتَةً: إنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِهِ مُوَقَّتَةٌ كَمَا ذُكِرَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. كَوْنُ الدَّيْنِ يَعُودُ إلَى الْمُحِيلِ بِإِنْهَاءِ حُكْمِ الْحَوَالَةِ أَحْيَانًا وَيَنْتَهِي حُكْمُ الْحَوَالَةِ بِوَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: التَّوَى. تَنْتَهِي الْحَوَالَةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ بِتَوَى مَطْلُوبِ الْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُحَالِ لَهُ الْمَطْلُوبَ الْمَذْكُورَ. وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا هَلَكَ دَيْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَلْزَمُ الْمُحِيلَ إعْطَاؤُهُ. وَفِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ أَيْضًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ (693، 694، 695) . وَأَمَّا سَبَبُ عَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ فِي التَّوَى فَإِنَّ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مَشْرُوطَةٌ بِسَلَامَةِ حَقِّ الْمُحَالِ لَهُ كَمَا أَنَّ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ شَرْطٌ أَيْضًا. فَلَمَّا انْعَدَمَتْ السَّلَامَةُ زَالَتْ الْبَرَاءَةُ أَيْضًا وَلَزِمَ رُجُوعُ الْمُحَالِ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - " لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ التَّوَى مَهْمَا كَانَ الْوَجْهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ فِيهِ " ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَهُ عِنْدَ الْمُحِيلِ قَدْ سَقَطَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ حَتَّى إنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ الرُّجُوعَ عِنْدَ التَّوَى عَلَى الْمُحِيلِ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ (مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْحَوَالَةِ) (الْبَاجُورِيُّ) . وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْصُلُ التَّوَى أَيْ هَلَاكُ الدَّيْنِ بِوَجْهَيْنِ لَا غَيْرُ: الْأَوَّلُ: عِنْدَ إنْكَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ وَعَدَمِ اقْتِدَارِ كُلٍّ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحِيلِ عَلَى إثْبَاتِهَا بِحَلِفِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الدَّيْنَ حَوَالَةً عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْحَوَالَةِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِعَدَمِ الْحَوَالَةِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . (الدُّرَرُ) . وَأَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُحَالُ لَهُ أَوْ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكْفِي وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّوَى. الثَّانِي: بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَعْنِي بِوَفَاتِهِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مَالٍ لَهُ يَكْفِي لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ كَفِيلٍ لِجَمِيعِ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ قَدْ خَرِبَتْ. وَلِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْوُصُولِ يَتَحَقَّقُ بِكُلِّ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّوَى فِي الْحَقِيقَةِ (الْبَحْرُ) . وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُتَوَفَّى كَفِيلٌ فَسَوَاءٌ أَكَانَ الْكَفِيلُ الْمَرْقُومُ كَفِيلًا بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ بِلَا أَمْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً أَوْ أُجِّلَتْ بَعْدَ الْإِحَالَةِ فَيُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ وَلَا

يَعُودُ إلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (643) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ كَفِيلٌ وَلَكِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ وَرَهَنَ بِهِ رَهْنًا ثُمَّ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا عَادَ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. وَلَوْ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ وَالثَّمَنُ لِصَاحِبِ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا غَابَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَحَلُّ إقَامَتِهِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ بِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ بِسَبَبِ غِيَابِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ حَالَ حَيَاتِهِ مَا لَمْ تَثْبُتْ وَفَاتُهُ مُفْلِسًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَيَحْصُلُ التَّوَى عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بِوَجْهٍ ثَالِثٍ غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ آنِفًا. كَمَا لَوْ ثَبَتَ عَدَمُ اقْتِدَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِهِ يَتَحَقَّقُ التَّوَى 2 أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ الْحُكْمِ مِنْ جَانِبِ الْحَاكِمِ بِإِفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْمُحَالِ لَهُ مِنْ مُلَازَمَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَحَيْثُ إنَّ الْمُحَالَ لَهُ بَقِيَ عَاجِزًا عَنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ يَتَحَقَّقُ التَّوَى وَهَذَا الْعَجْزُ أَيْضًا هُوَ كَجُحُودِ الْحَوَالَةِ وَالْعَجْزِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (الْبَحْرُ) . وَلَكِنْ إذَا صَارَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَثْنَاءَ الْحَوَالَةِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ لَهُ الْحَوَالَةَ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَهُ؟ الْجَوَابُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ نَظَرًا لِلسَّبَبِ الَّذِي هُوَ بِحَقِّ عَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ بِالتَّوَى. وَيَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ قَصَّرَ بِتَرْكِ التَّدْقِيقِ وَالتَّحَرِّي فِي هَذَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ (الْبَاجُورِيُّ) . وَلَكِنْ قَدْ رَجَحَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِخُصُوصِ التَّوَى فِي مُتُونِ وَشُرُوحِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا فَقَطْ. حَتَّى إنَّ صَاحِبَ رَدِّ الْمُحْتَارِ قَالَ (إنِّي لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ) . وَلَكِنْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَشْهُورُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَفْتَى بِتَحَقُّقِ التَّوَى بِسَبَبٍ ثَالِثٍ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا وَيَنْقَسِمُ التَّوَى بِصُورَةِ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّوَى كُلًّا يَحْصُلُ بِعَدَمِ وُجُودِ مَالٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ لِيُؤْخَذَ مِقْدَارُهَا مِنْ الْمُحَالِ بِهِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّوَى بَعْضًا، وَهُوَ أَنْ يُتَوَفَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ تَارِكًا مَا يَكْفِي لِأَدَاءِ قِسْمٍ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ فَيَأْخُذَ الْمُحَالُ لَهُ الْمَالَ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ وَيَظْهَرُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ بِالْبَاقِي عَلَى الْمُحِيلِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ) . كَمَا لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا وَوُجِدَ كَفِيلٌ لِقِسْمٍ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ فَقَطْ فَحَيْثُ إنَّ التَّوَى تَحَقَّقَ فِي الْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَكْفُولِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَرْجِعُ بِالتَّوَى إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ بِالتَّوَى إلَى الْمُحِيلِ فِيهَا. وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ: إذَا أَحَالَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ ثَانِيَةً فَعِنْدَ تَحَقُّقِ التَّوَى عِنْدَ الشَّخْصِ الْمُحِيلِ أَوَّلًا وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَانِيًا لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثَانِيًا أَيْ الْمُحِيلِ أَوَّلًا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَحَالَ

شَخْصٌ دَيْنَهُ الَّذِي لِآخَرَ عَلَى شَخْصٍ غَيْرِهِ وَأَحَالَ هَذَا الشَّخْصُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ عَلَى الشَّخْصِ الْأَوَّلِ وَهَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ هَذَا الْأَخِيرِ لَا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي فَسْخُ الْحَوَالَةِ وَهَذَا أَيْضًا نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْفَسْخُ بِالْإِقَالَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحِيلِ، وَيَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ. وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ وَالْمُطَالَبَةُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ فِي الْحَوَالَةِ مَعْنَى مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ. وَتَكُونُ هَذِهِ مُتَحَمِّلَةٌ لِلْفَسْخِ وَالْإِقَالَةِ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (الْبَدَائِعُ فِي الْحَوَالَةِ) . كَمَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ رَجُلٍ حَوَالَةً عَلَى شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ سَنَدًا مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أُحِيلَ أُخْبِرَ الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مُفْلِسٌ فَطَلَبَ الْمُحِيلُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ السَّنَدَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَتْرُكَ الْحَوَالَةَ وَأَعْطَاهُ السَّنَدَ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ شَيْئًا بِلِسَانِهِ. (الْبَزَّازِيَّةُ) . النَّوْعُ الثَّانِي، الْفَسْخُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ. وَخِيَارُ الشَّرْطِ هَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْمُحَالِ لَهُ وَشَرْطُ الْخِيَارِ لِلْمُحَالِ لَهُ جَائِزٌ فِي الْحَوَالَةِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ أَمْضَى الْحَوَالَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْحَوَالَةَ وَرَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحَالَ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى أَنْ يَظَلَّ حَقُّ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُحِيلِ بَاقِيًا مَتَى شَاءَ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (682، 649) . وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ الْمُحَالُ لَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْمُحِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْحَوَالَةِ) . وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا فَسَخَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ تَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. بَعْضُ مَسَائِلَ فِي التَّوَى: مَسْأَلَةٌ 1: إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْكَرَ الْحَوَالَةَ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ غَائِبٌ وَقَصَدَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَإِنْ صَادَقَ الْمُحِيلُ صَحَّ ذَلِكَ وَرَجَعَ الْمُحَالُ لَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُصَادِقْ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي غِيَابِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحِيحَةً وَلَا بَيِّنَتُهُ مَسْمُوعَةً. وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا وَأَنْكَرَ الْحَوَالَةَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْحَوَالَةَ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (77) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي آخِرِ الْحَوَالَةِ وَالْبَهْجَةُ عَنْ الْبَحْرِ) . مَسْأَلَةٌ 2: إذَا قَدَّمَ الْمُحَالُ لَهُ دَعْوَى بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ تُوُفِّيَ مُفْلِسًا وَادَّعَى الْمُحِيلُ وَفَاتِهِ غَنِيًّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ يَسَارِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ يَدَّعِي الظَّاهِرَ وَالْأَصْلَ وَهُوَ الْعُسْرَةُ وَعَدَمُ الْيَسَارِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ فِي الْحَوَالَةِ وَالْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَوَالَةِ) .

مَسْأَلَةٌ 3: إذَا اخْتَلَفَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا فَقَالَ الْمُحِيلُ: إنَّك كُنْتَ اسْتَوْفَيْتَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْهُ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ، وَقَالَ الْمُحَالُ لَهُ: لَمْ أَسْتَوْفِ وَإِنِّي أَرْجِعُ عَلَيْك لِوَفَاتِهِ مُفْلِسًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ. لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ مُتَمَسِّكٌ بِعَدَمِ الِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، وَالِاسْتِيفَاءُ صِفَةٌ عَارِضَةٌ، الْأَصْلُ فِيهَا الْعَدَمُ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (9) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (76) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْحَوَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ 4: إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ وَعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لِسَبَبِ وَفَاتِهِ مُفْلِسًا وَلِعَدَمِ عِلْمِهِ أَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا مَطْلُوبًا بِذِمَّةِ شَخْصٍ مِلْءٍ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ شَخْصٍ فَيُبْطِلُ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ. يَعْنِي يَسْتَرْجِعُهُ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (72) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ أَخَذَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمُحِيلِ يُعِيدُهَا وَيَسْتَوْفِيهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي ظَهَرَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . تَحَقُّقُ التَّوَى فِي حَالِ وُجُودِ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ الْمُحَالِ بِهِ: مَسْأَلَةٌ 5: إذَا وُجِدَ رَهْنٌ بِيَدِ الْمُحَالِ لَهُ مُقَابِلَ الْمُحَالِ بِهِ وَكَانَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مُسْتَعَارًا أَوْ مُتَبَرَّعًا بِهِ - كَرَهْنِ شَخْصٍ مَالَهُ تَبَرُّعًا - فَعِنْدَ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَخْرُجُ ذَلِكَ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَسْتَرِدُّ صَاحِبُ الرَّهْنِ مَالَهُ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُحَالُ لَهُ مَأْذُونًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الْمُحَالُ مَأْذُونًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَ أَنْ بَاعَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَيَرْجِعُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ إلَى صَاحِبِ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُ صَاحِبُهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَخْلَصَهُ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ. عَلَى مَا سَيُفَصَّلُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ رَهَنَهُ تَبَرُّعًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ اسْتَعَارَهُ وَرَهَنَهُ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَوَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ 6: إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بَعْدَ أَنْ أَعْطَى كَفِيلًا بِالْمُحَالِ بِهِ وَأَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْكَفِيلَ يَتَحَقَّقُ التَّوَى وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْعَائِدَةِ لِعَوْدَةِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ: تَنْقَسِمُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْعَوْدَةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ الْآتِي بَيَانُهَا:

(المادة 691) أحال المحيل بصورة مطلقة ولم يكن له دين عند المحال عليه

مَسْأَلَةٌ 1 - يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ بِتَوَى الْمُحَالِ بِهِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ اللَّازِمَةُ عَلَى التَّوَى. مَسْأَلَةٌ 2 - تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ بِفَسْخِ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَإِقَالَتِهِمَا إيَّاهَا وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةُ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ يَمْلِكَانِ النَّقْضَ فَيَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْحَوَالَةِ) . مَسْأَلَةٌ 3 - إذَا اُشْتُرِطَ خِيَارٌ لِلْمُحَالِ لَهُ وَفَسَخَ الْحَوَالَةَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. مَسْأَلَةٌ 4 - إذَا اُشْتُرِطَ خِيَارٌ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفَسَخَ الْحَوَالَةَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ تَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - الْعَوْدَةُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ. عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْآتِي ذِكْرُهَا: مَسْأَلَةٌ 1 - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبِيعِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ - بِأَنْ يُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْبَائِعِ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ - وَضُبِطَ فَبِمَا أَنَّهُ تَبَيَّنَ إذْ ذَاكَ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَتَكُونُ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. مَسْأَلَةٌ 2 - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ أَوْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَمَانَةً لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (692) وَضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ. مَسْأَلَةٌ 3 - إذَا هَلَكَ الْمَبْلَغُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ يُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَوْجُودِ أَمَانَةً لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَضْمُونٍ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَرْجِعُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ. [ (الْمَادَّةُ 691) أَحَالَ الْمُحِيلُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ] (الْمَادَّةُ 691) إذَا أَحَالَ الْمُحِيلُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَتَقَاصُّ بِدَيْنِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. إذَا أَحَالَ الْمُحِيلُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْحَوَالَةَ أُجْرِيَتْ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَبِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (698) يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَصُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (698) أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْأَدَاءِ. وَإِنَّمَا إذَا طَالَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ وَشَدَّدَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَالْمُحَالُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَخَلُّصًا مِنْ مُطَالَبَةِ وَتَضْيِيقِ الْمُحَالِ لَهُ يُطَالِبُ الْمُحِيلَ وَيُشَدِّدُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُضَايِقَ الْمُحِيلَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يُضَايِقَ الْمُحِيلَ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) .

وَإِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُحَالِ بِهِ يَتَقَاصَّانِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ يُسْتَوْفَى الْمُحَالُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. فَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ يَأْخُذُ الْمُحَالُ لَهُ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ غَرَامَةً، وَبِخُصُوصِ الْبَاقِي تُوَفَّقُ الْمُعَامَلَةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَسَنَسْرُدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحْكَامَ الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَإِنَّ خُصُوصَ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ الْمَذْكُورِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَا حَقَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَتَقَاصُّ بِدَيْنِهِ بَعْد الْأَدَاءِ. كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (698) . كَمَا لَوْ أَمَرَ الْمُحِيلُ شَخْصًا بِأَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ حَوَالَةً عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمَدِينِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَكَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى مُوجَبِ الْمَادَّةِ (682) أَمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (680 وَ 683) بَعْدَ أَنْ أَمَرَ الْمَدِينُ صَرَاحَةً عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْمَدِينُ وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ يَعْنِي إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (682) فَقَدْ سُرِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْ الْمَدِينُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ صَرَاحَةً بِقَبُولِ الْحَوَالَةِ، وَلَكِنَّهُ دَخَلَ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا عُقِدَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَوَادِّ (680، 682، 683) ، هَلْ تَكُونُ مُوجِبَةً لِلرُّجُوعِ؟ قَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْمُسَمَّى الْعِنَايَةَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيُّ فَائِدَةُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ، إنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَنَظَرًا لِعِلَاوَةِ هَذَا الْقَيْدِ بَعْدَ أَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِضَا الْمُحِيلِ فَمُجَرَّدُ دُخُولِ الْمَدْيُونِ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَمْرِ. وَمَعَ ذَلِكَ وَلِأَجْلِ إمْكَانِ الْحُكْمِ بِهَذَا يَجِبُ وُجُودُ نَقْلٍ صَرِيحٍ، وَفِقْرَةُ " إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (692 وَ 693) وَأَحْكَامُ الْمَادَّتَيْنِ (694 وَ 695) لَا تَجْرِي فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ". إذَا طَلَبَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ مِثْلَ مَا أَدَّاهُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَقَالَ الْمُحِيلُ: إنِّي كُنْتُ أَحَلْتُكَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَ مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِي عِنْدَكَ، لَا يُقْبَلُ كَلَامُهُ بِلَا حُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الْحَوَالَةِ صَحِيحَةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْمُحِيلِ فَلَا يُعَدُّ قَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ إقْرَارًا مِنْهُ لِلْمُحِيلِ بِالدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَطْلُوبٌ أَوْ مَالٌ آخَرُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُحَالِ لَهُ بِهَذَا الْمَالِ، بَلْ بِالنَّظَرِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى تَأْدِيَتِهِ مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِمَا لَهُ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالْمَالِ فَيَقْبِضُهُ مِنْهُ عَلَى حِدَةٍ

(المادة 692) ينقطع في الحوالة المقيدة حق مطالبة المحيل بالمحال به

وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَذَا الْقَبْضِ. وَعِنْدَ وَفَاةِ الْمُحِيلِ لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَضْبِطَ مَالَهُ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، بَلْ يُقَسَّمَ عَلَى غُرَمَائِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ؛ لِأَنَّ الْمُحِيلَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ عَلَى مَا أُوضِحَ فِي الْمَادَّةِ (690) مَتْنًا وَشَرْحًا. وَإِذَا أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُحَالِ لَهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ يَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ضَامِنًا (النَّتِيجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 692) يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ] (الْمَادَّةُ 692) يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَإِذَا أَعْطَاهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَيَرْجِعُ بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَدُيُونُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لِسَائِرِ دَائِنِيهِ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ فِي الْمُحَالِ بِهِ. الْحُكْمُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ لِلْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ هُوَ هَذَا: يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْحَوَالَةَ تَقَيَّدَتْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ فِي يَدِهِ فَحَقُّ اسْتِيفَاءِ الطَّالِبِ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ تَعَلَّقَ بِهِ أَيْضًا، كَمَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَحَيْثُ إنَّ أَخْذَ الْمُحِيلِ هَذَا الْمَالَ يُبْطِلُ حَقَّ الطَّالِبِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ، وَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 677 وَاسْتُنْبِطَ مِنْ الْمَادَّةِ 688 فَالْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ لِأَجْلِ الْمُحَالِ بِهِ هُوَ الْمَالُ الَّذِي أُحِيلَ أَيْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلَيْسَ الْمَالُ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَحَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ الْمُحَالِ بِهِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْحَوَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا لَيْسَ لِلْمُحِيلِ بَلْ لِلْمُحَالِ لَهُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَجَلَّةِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا فَلَا يَكُونُ تَعْبِيرُ (يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ) صَحِيحًا، فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ هَكَذَا، يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (لَا يَمْلِكُ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَالدَّيْنِ) ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا (مُحَالٌ بِهِ) وَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ عِبَارَةَ (مُحَالٌ بِهِ) هُنَا لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (677) ، وَبَعْدَ هَذَا تُوَضَّحُ الْمَادَّةُ كَمَا يَأْتِي: لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْ مَالَ الْمُحِيلِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لِلْمُحَالِ لَهُ حَقُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ الْمَالَ فَلَهُ الْحَقُّ أَيْضًا بِتَمْلِيكِهِ لِغَيْرِهِ (الْبَحْرُ) ، كَذَلِكَ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ بَالِغٍ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى مَدِينٍ لَهُ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ قَدْرُهُ

أَلْفُ قِرْشٍ أَيْضًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَمْهَلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَدِينِ: أَعْطِنِي الْآنَ الْأَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ إيَّاهُ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَإِذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ يَسْتَرِدُّهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَيْ أَنْ يُعْطِيَ الْمَالَ الْمَارَّ الذِّكْرِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَبَعْدَ إجْرَاءِ الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا غَابَ الْمُحَالُ لَهُ فَأَرَادَ الْمُحِيلُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِادِّعَائِهِ أَنْ لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ بِذِمَّتِهِ دَيْنٌ، وَإِحَالَتُهُ إيَّاهُ كَانَتْ بِصُورَةِ وَكَالَةٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَفِي رِوَايَةٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَحُكِمَ يَكُونُ حُكْمٌ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ هُوَ لِلْمُحِيلِ وَهُوَ يُنْكِرُ سُقُوطَ حَقِّهِ بِالْحَوَالَةِ، كَمَا أَنَّهُ نَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا نَهَى الْمُحِيلُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَائِلًا: لَا تُعْطِ هَذَا الْمَبْلَغَ لِلْمُحَالِ لَهُ فَإِنَّ نَهْيَهُ مُعْتَبَرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ غَائِبًا (الْبَحْرُ) . وَالْبَاجُورِيُّ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ: وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لِي بِذِمَّةِ فُلَانٍ، وَقَالَ الدَّائِنُ: أَحَلْتَنِي بِمَطْلُوبِي الَّذِي عِنْدَكَ، أَوْ قَالَ الْمَدِينُ: قَصَدْت الْوَكَالَةَ، وَقَالَ الدَّائِنُ لَكَ: أُحِلْتَ، فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ وَقْتَ الْحَوَالَةِ مُحْتَمِلًا لِلْوَكَالَةِ يُصَدَّقُ مُنْكِرُ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقِّ، وَالْمَدِينُ أَعْلَمُ بِمَقْصُودِ ذَاتِهِ مِنْ سِوَاهُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لِلْوَكَالَةِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَدِينُ بِادِّعَائِهِ أَنَّهُ قَصَدَ الْوَكَالَةَ، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ: إنِّي أَحَلْتُكَ بِالْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ الَّتِي لَك عِنْدِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ فَالِادِّعَاءُ بِأَنَّهُ كَانَ وَكَالَةً لَا يُقْبَلُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لَدَايَنَهُ: إنِّي أَحَلْتُكَ عَلَى مَدِينِي فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ الدَّائِنُ: إنَّك وَكَّلْتَنِي بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ إنَّك قَصَدْت مِنْ لَفْظِ الْحَوَالَةِ الْوَكَالَةَ يُصَدَّقُ الدَّائِنُ بِقَوْلِهِ مَعَ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّ الدَّائِنِ عِنْدَ الْمَدِينِ. أَمَّا إذَا كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لِلْوَكَالَةِ فَلَا يُصَدَّقُ الدَّائِنُ فِي قَوْلِهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (698) . وَإِذَا أَعْطَاهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحِيلِ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، وَيَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ضَامِنًا لِأَنَّهُ يَكُونُ اسْتَهْلَكَ مَالًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُحَالِ لَهُ، كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ الرَّهْنَ الَّذِي بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِلْمُرْتَهِنِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ، وَيَرْجِعُ بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُحِيلِ، يَعْنِي إذَا أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُحِيلُ مَالَهُ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَبِلَ الْحَوَالَةَ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ (الذَّخِيرَةُ) . تَعْبِيرُ (إذَا أَعْطَى) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَى بِرِضَاهُ وَأَمَّا، إذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ ذَلِكَ الدَّيْنَ أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كُرْهًا وَجَبْرًا فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

(المادة 693) إذا وقعت الحوالة مقيدة

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الَّذِي أَخَذَهُ حَوَالَةً، وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ لَهُ، وَدُيُونُهُ أَزْيَدُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ الْمُدَاخَلَةُ بِالْمُحَالِ بِهِ وَإِدْخَالُهُ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَهُ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِالدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ، كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَيَصِيرُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَكَمَا أَنَّهُ - بَعْدَ أَنْ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ لِلْمُحَالِ لَهُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمُحِيلِ أَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ - لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ دُونَ أَنْ يَتْرُكَ مَالًا غَيْرَهُ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ أَنْ يُتَدَاخَلُوا فِيهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ تَعْبِيرَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، بَلْ إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ أَدَّى الدَّيْنَ وَهُوَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَعَدَمُ مُدَاخَلَةِ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ مَسْأَلَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا. وَأَمَّا فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ وَيَأْخُذُ الْمُحِيلُ هَذَا الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. الْفِقْرَةُ (إذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ قَبْلَ الْأَدَاءِ. ..) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ زُفَرَ فَقَطْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ، وَاخْتِيرَ هَذَا الْمَذْهَبُ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ. وَيَقِيسُ الْإِمَامُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هَذَا الْخُصُوصَ عَلَى الرَّهْنِ يَعْنِي عَلَى الْمَادَّةِ (729) ، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ الْمُشَارُ إلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَهُ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ فِي أَثْنَاءِ حَيَاةِ الْمُحِيلِ حَتَّى إنَّهُ لِعَدَمِ اقْتِدَارِ الْمُحِيلِ عَلَى أَخْذِهِ يَكُونُ كَأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مُلْكِهِ، وَلَا تُقْضَى دُيُونُهُ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَيْضًا (الزَّيْلَعِيُّ) ، وَكَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَضْبَطَةِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي صَدْرِ الْمَجَلَّةِ، وَحَيْثُ إنَّ الْعَمَلَ بِمُوجَبِ الْقَوْلِ الَّذِي أَمَرَ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ الْعَمَلَ بِمُوجَبِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا وَاجِبٌ قَدْ أَصْبَحَ هَذَا الْقَوْلُ الْيَوْمَ مَعْمُولًا بِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالصَّاحِبَيْنِ يَكُونُ الْمُحَالُ لَهُ مُشَارِكًا لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ فِي مَالِ الْمُحِيلِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَدْخُلُ مَالُ الْمُحِيلِ الْمَذْكُورِ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ، وَيَأْخُذُ الْمُحَالُ لَهُ مِنْهُ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ فَقَطْ: 1 - إذَا أَمْسَكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْعَيْنَ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْعَيْنِ وَأَدَّى الْمُحَالَ بِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، بِنَاءً عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (698) (الْهِنْدِيَّةُ) . 2 - إذَا لَمْ يَفِ الدَّيْنَ الْمُحَالَ بِهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الذَّخِيرَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 693) إذَا وَقَعَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً] (الْمَادَّةُ 693) إذَا وَقَعَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَطْلُوبِ الْبَائِعِ النَّاشِئِ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً عَلَى الْوَجْهِ

الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (252) مِنْ الْمَجَلَّةِ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ أَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ أُقِيلَ الْبَيْعُ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَأْخُذُ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْمُحِيلِ، وَلَكِنْ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَ الْمَبِيعَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ. إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَطْلُوبِ الْبَائِعِ الثَّابِتِ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ تَكُونُ صَحِيحَةً بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (252) وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بِالدَّيْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُشْتَرِي وَسَقَطَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ - الْمُشْتَرِي - نَظَرًا لِأَنَّ خَسَارَتَهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (293) ، أَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ خِيَارِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ - وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ مُقَارِنًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ - أَوْ أُقِيلَ الْبَيْعُ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ أَيْضًا وَإِنْ سَقَطَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْحَوَالَةِ وَانْعِقَادِ الْحَوَالَةِ صَحِيحَةً وَلَازِمَةً لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الْحَوَالَةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِعُرُوضِ أَحْوَالٍ كَهَذِهِ تُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا وَبِنَاءً عَلَى هَذَا فَالْمُحَالُ عَلَيْهِ مَجْبُورٌ لِإِعْطَاءِ الْمُحَالِ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) . وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ بِالْمُحَالِ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ يَعْنِي يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْمُحِيلِ، هَذَا إنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِالْأَمْرِ، وَسَيَأْتِي إيضَاحُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فِي الْمَادَّةِ (698) . وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ (بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَطْلُوبِ الْبَائِعِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبِيعِ وَضُبِطَ وَثَبَتَ حِينَئِذٍ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَيْ مِنْ ثَمَنِ الْبَيْعِ فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُؤَاخِذَ الْمُشْتَرِيَ وَيَعُودُ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، إذَا ضُبِطَ الثَّمَنُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِلْمُحَالِ لَهُ وَتَحَقَّقَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُحِيلِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ (الْوَاقِعَاتُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ فِي الْحَوَالَةِ الْفَاسِدَةِ يَكُونُ مُخَيَّرًا: فَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ (التَّنْوِيرُ) ، كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ (بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ دَيْنِ الْمُؤَجَّرِ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ عَلَى أَنْ تُعْطَى مِنْ الْأُجْرَةِ) أَنَّ الْمَأْجُورَ مَالُ الْغَيْرِ، وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ إجَازَةِ صَاحِبِهِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ (التَّنْقِيحُ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَعْنِي بَيْنَ صُورَةِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ

(المادة 694) إذا ظهر مستحق في الحوالة المقيدة

صُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ هَذَا: فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى حَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي تَقَيَّدَتْ بِهِ الْحَوَالَةُ سَقَطَ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَلَمْ تَتَبَيَّنْ بَرَاءَةُ الْأَصِيلِ مِنْ الدَّيْنِ وَقْتَ الْحَوَالَةِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ إنَّ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَيَّنَتْ وَقْتَ الْحَوَالَةِ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً. وَفِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَهَذَا كَمَا مَرَّ مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (691) بَلْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَجْبُورٌ لِتَأْدِيَةِ الْمُحَالِ بِهِ. صَوَّرَ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُحِيلًا وَالْمُشْتَرِيَ مُحَالًا عَلَيْهِ فَقَطْ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُحِيلًا وَمَدِينُ الْمُشْتَرِي مُحَالًا عَلَيْهِ وَالْبَائِعِ مُحَالًا لَهُ يَعْنِي لَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِدَيْنِهِ الَّذِي لِلْبَائِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى مَدِينِهِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، ثُمَّ رُدَّ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ إلَى الْبَائِعِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَجَّلَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَإِنَّ الْأَجَلَ يَنْقَضِي أَيْضًا إذَا كَانَ الرَّدُّ بِحُكْمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ حُكْمٍ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْبَائِعَ بِهِ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ أَجَّلَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ، بَيْدَ أَنَّهُ ثَمَّةَ فَرْقٌ بَيْنَ إحَالَةِ الْبَائِعِ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ إحَالَةِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى غَرِيمِهِ، حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْأُولَى بِالْفَسْخِ وَتَبْطُلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ فِي الْأُولَى تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَهِيَ تَصِحُّ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ ظَهَرَ أَنَّ الْمُحِيلَ لَيْسَ بِمَدِينٍ فَبَطَلَتْ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 694) إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ] (الْمَادَّةُ 694) إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَوْجُودِ لِلْمُحِيلِ أَمَانَةً بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَعُودُ هَذَا الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا أُعْطِيت مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَغْصُوبِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ، لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ وَصَلَ لِصَاحِبِهِ وَحَصَلَتْ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ مِنْ الضَّمَانِ بِهَذَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَصِيرُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ لَازِمَةً عَلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 695) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ] (الْمَادَّةُ 695) فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا، وَيَعُودُ هَذَا الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكٍ كَهَذَا، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ أَحَدُهُمْ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى مِنْ دَرَاهِمِ الْأَمَانَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَهَلَكَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ قَبْلَ الْأَخْذِ بِلَا تَعَدٍّ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَعُودُ مَطْلُوبُ الدَّيْنِ إلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ مَغْصُوبَةً أَوْ كَانَتْ أَمَانَةً وَلَزِمَتْ تَأْدِيَتُهَا بِاسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ.

(المادة 696) أحال رجل على شخص بناء على شرط معين وقبل الشخص المذكور الحوالة

وَإِذَا هَلَكَ الْمَبْلَغُ أَوْ الْمَالُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَبْلَغِ أَوْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبْلَغُ أَوْ الْمَالُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ عَيْنًا مَأْجُورَةً انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْتَزَمَ ذَلِكَ الدَّيْنَ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَمَّا هَلَكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ أَمَانَةً لَزِمَ أَيْضًا بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَيَثْبُتُ الْهَلَاكُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بِادِّعَاءِ الْأَمِينِ أَيْ الْوَدِيعِ مَثَلًا، وَيَمِينِهِ (الذَّخِيرَةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1774) ، وَيَعُودُ هَذَا الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُحَالِ لَهُ هَلَكَ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ التَّوَى يَتَحَقَّقُ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ وَلَا رَابِعَ لَهَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) وَالْمَذْكُورُ هُنَاكَ هُوَ هَلَاكُ الدَّيْنِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَيْسَ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ أَوْ ذَلِكَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ مَغْصُوبًا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَلَاكٍ كَهَذَا، لِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ بِهَلَاكِ الْمَضْمُونِ، وَيَكُونُ وَاضِعُ الْيَدِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ - ضَامِنًا بَدَلَهُ يَعْنِي مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَيَقُومُ بَدَلُ الضَّمَانِ هَذَا مَقَامَ الْمَالِ الْهَالِكِ، وَلَكِنْ إذَا ضُبِطَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ الْمَذْكُورُ الِاسْتِحْقَاقِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَفَرْقٌ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْهَلَاكِ: فَفِي الِاسْتِحْقَاقِ يَكُونُ الْمَالُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَأَمَّا فِي الْهَلَاكِ، فَتَتَحَوَّلُ إلَى الضَّمَانِ وَيَقُومُ بَدَلُ الضَّمَانِ مَقَامَ أَصْلِ الْمَالِ، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ أَحَدُهُمْ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُعْطَى مِنْ مَبْلَغِ الْأَمَانَةِ الَّتِي لِلْمُحِيلِ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ فِي يَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُحَالُ لَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَلَا يُلْزَمُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. رَاجَعَ الْمَادَّةَ (768) . وَيَعُودُ مَطْلُوبُ الدَّائِنِ عَلَى الْمُحِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ مَغْصُوبًا أَوْ أَمَانَةً يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا بِاسْتِهْلَاكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَيَبْقَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذًا بِالْمُحَالِ بِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّهُ فَاتَ إلَى خَلَفٍ وَهُوَ الضَّمَانُ، وَالْخَلَفُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ وَكَأَنَّ الْمَغْصُوبَ قَائِمٌ مَعْنًى فَلَا يَبْطُلُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مَالًا مَغْصُوبًا فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَمِينُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ قَدْ هَلَكَ. [ (الْمَادَّةُ 696) أَحَالَ رَجُلٌ عَلَى شَخْصٍ بِنَاءً عَلَى شَرْط مَعِين وَقَبِلَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الْحَوَالَةَ] (الْمَادَّةُ 696) إذَا أَحَالَ رَجُلٌ عَلَى شَخْصٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالًا مُعَيَّنًا لَهُ وَيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ وَقَبِلَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الْحَوَالَةَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ تَصِحُّ وَيُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ.

تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي حَوَالَةِ دَيْنٍ بِشَرْطِ أَنْ يُبَاعَ مَالٌ وَيُوفَى ثَمَنُهُ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُحِيلَ أَحَدُهُمْ دَائِنَهُ عَلَى شَخْصٍ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالًا مُعَيَّنًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُحِيلِ، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ مَعَ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ وَقْتَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَبِيعَ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُحِيلِ وَيُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ ثَمَنِهِ وَيَرْضَى الْمُحَالُ لَهُ أَيْضًا، تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا؛ لِأَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ قُدْرَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَإِيفَاءِ الْمُحَالِ بِهِ، وَحَيْثُ إنَّ فِي هَذَا الْخُصُوصِ نَظِيرَ الْمَادَّةِ (760) يُجْبَرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَدَاءِ، الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ. فَإِذًا الْإِجْبَارُ لِلْبَيْعِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مَعًا وَإِلَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ. كَمَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ صَحَّ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا بَاعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَى ثَمَنَهُ لِلْمُحَالِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَفِ الدَّيْنَ تَمَامًا لَا يُطْلَبُ بَاقِيهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَيَقُولُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) : إنَّهُ فِي حَالَةِ إذْنِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ مَالِهِ لَهُ - أَيْ لِلْمُحِيلِ - أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إذْنِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْبَيْعِ وَأَنْ يَنْهَى الْمُحَالَ عَلَيْهِ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ قِيَاسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَنَّ الرُّجُوعَ غَيْرُ جَائِزٍ وَأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْبَيْعِ جَائِزٌ أَيْضًا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ (عَبْدِ الْحَلِيمِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إذْنِهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أَذِنَ بِبَيْعِ مَالِهِ بَعْدَ أَنْ تَجْرِيَ وَتَتِمَّ الْحَوَالَةُ بِلَا شَرْطٍ، وَتُسْتَفَادُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَصْوِيرِ صُدُورِ هَذَا الشَّرْطِ أَيْ شَرْطِ بَيْعِ مَالِ الْمُحِيلِ مِنْ الْمُحَالِ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُحِيلِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (681) شَرْطٌ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً. وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى إجْرَاءِ ذَلِكَ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . مِثَالٌ: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: (خُذْ عَلَيْك حَوَالَةَ دَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عِنْدَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَ كَذَا مِنْ مَالِهِ وَتُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ) وَقَبِلَ الْآخَرُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ فَاسِدَةً. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - قَبُولُ الْحَوَالَةِ عَلَى أَنْ يُبَاعَ مَالُ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدَّى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ. يَعْنِي لَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةُ) فَعَلَيْهِ تَعْبِيرُ (مَالًا لَهُ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ كَانَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - قَبُولُ شَخْصٍ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَبِيعَ مَالًا لَهُ وَيَفِيَ الدَّيْنَ، يَعْنِي إذَا قَبِلَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالًا لَهُ وَيَفِيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ تَجُوزُ الْحَوَالَةُ

(المادة 697) في الحوالة المبهمة

وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ بِالْمُحَالِ بِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الْأَدَاءِ، لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ قَبْلَ الْبَيْعِ (الدُّرَرُ) ، بَلْ إنَّهُ حِينَمَا يَبِيعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ يُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الْمُحَالِ بِهِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِتَحَقُّقِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ (الدُّرَرُ) . وَلَا يَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَسْئُولًا عَنْ الْبَاقِي فِي حَالَةِ بَيْعِهِ الْمَالَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَتَأْدِيَتِهِ الدَّيْنَ وَعَدَمِ وَفَائِهِ بِالْمُحَالِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَدَاءَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ أَدَّى الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْتَزَمَ أَدَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَأَدَّى الثَّمَنَ كَامِلًا حَسَبَ الْتِزَامِهِ، وَتَعْبِيرُ (مَالًا لَهُ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ هَذَا. خُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي هَذَا أَرْبَعَ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةٌ 1: أَنْ يُذْكَرَ فِي الْحَوَالَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطُ بَيْعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُحِيلِ، وَتَأْدِيَةُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، وَأَنْ يَقْبَلَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ لَهُ الْحَوَالَةَ بِهَذَا الشَّرْطِ. وَالْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ هَذِهِ الصُّورَةُ. مَسْأَلَةٌ 2: أَنْ يُشْرَطَ فِي الْحَوَالَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ بَيْعُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالَ الْمُحِيلِ وَأَدَاءُ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ الْمُحِيلُ الْحَوَالَةَ مَعَ دُخُولِهِ بِهَا. مَسْأَلَةٌ 3: عَقْدُ الْحَوَالَةِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالَ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ. مَسْأَلَةٌ 4: عَقْدُ الْحَوَالَةِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَبِيعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَالَ ذَاتِهِ وَيُؤَدِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ. فَالصُّورَتَانِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ غَيْرُ صَحِيحَتَيْنِ وَالْأُولَى وَالرَّابِعَةُ صَحِيحَتَانِ وَقَدْ فُصِّلَتْ أَحْكَامُهُمَا آنِفًا. [ (الْمَادَّةُ 697) فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ] (الْمَادَّةُ 697) فِي الْحَوَالَةِ الْمُبْهَمَةِ أَيْ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا تَعْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ وَتَأْجِيلُهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ فَالْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةٌ أَيْضًا وَيَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا حَالًا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَالْحَوَالَةُ تَكُونُ أَيْضًا مُؤَجَّلَةً وَيَلْزَمُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ وَعْدَتِهَا. إنَّ الْمُحَالَ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَوَالَةِ يَتَقَيَّدُ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُعَجَّلَةً أَيْضًا وَلَزِمَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَأْدِيَتُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمُحِيلِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُؤَجَّلَةً أَيْضًا بِتِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَزِمَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَانَتْ لِأَجْلِ نَقْلِ الدَّيْنِ وَتَحْوِيلِهِ، وَالدَّيْنُ يَتَحَوَّلُ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ الْأَصِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (652) ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ بِوَفَاةِ الْمُحِيلِ قَبْلَ تَمَامِ الْوَعْدَةِ، وَأَمَّا بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ حَالًّا. وَسَبَبُ بُطْلَانِ الْأَجَلِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ الْأَجَلَ إنَّمَا كَانَ لِمَنْفَعَةِ

(المادة 698) ليس للمحال عليه أن يرجع على المحيل قبل أداء الدين

الْمَدِينِ كَيْ يُتَاجِرَ وَيَرْبَحَ وَيُعْطِيَ دَايِنَهُ، فَبِوَفَاتِهِ لَا يَبْقَى إمْكَانٌ لِلِاتِّجَارِ وَالرِّبْحِ، وَإِنَّمَا إذَا عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) فَيُعَدُّ أَجَلُ الْمُحِيلِ بَاقِيًا كَمَا كَانَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ الْمُتَوَفَّى كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ سَقَطَ حُكْمًا لِلْحَوَالَةِ وَقَدْ انْتَقَضَتْ بِالتَّوَى فَيَنْتَقِضُ مَا فِي ضِمْنِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَرَسًا مِنْ الطَّالِبِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْفَرَسَ عَادَ الْأَجَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَغَيُّرٍ مَا) . وَحَيْثُ إنَّ الْحَوَالَةَ الْمُبْهَمَةَ لَمْ تُعَرَّفْ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الْكِتَابِ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَرَدَ تَعْرِيفُهَا هُنَا بِعِبَارَةِ (أَيْ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا تَعْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ.) . وَأَمَّا فِي الْحَوَالَةِ غَيْرِ الْمُبْهَمَةِ فَيُطَالَبُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِلْوَصْفِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (653) . وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سُرِدَتْ شَرْحًا نَظِيرَةٌ لِلْمَادَّةِ (653) فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ تُورَدَ مَتْنًا عَقِبَ الْمَادَّةِ (697) . وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا كَمَا أَنَّ حَوَالَةَ الدَّيْنِ مُؤَجَّلَةٌ بِالْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا بِهَا كَانَ صَحِيحَةً فَحَوَالَتُهُ بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا هَكَذَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (654) . وَكَمَا أَنَّ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الْمُعَجَّلِ جَائِزَةٌ فَحَوَالَتُهُ مُؤَجَّلًا جَائِزَةٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ شَخْصٌ دَيْنَهُ النَّاشِئَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ عَلَى آخَرَ مُؤَجَّلًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْأَجَلُ بِحَقِّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرًا، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ لِسَبَبِ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بِنَاءً عَلَى التَّفْصِيلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (69) يَعُودُ بِصِفَتِهِ الْأُولَى (مُعَجَّلًا) ، إنَّمَا إحَالَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ دَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُعَجَّلِ مُؤَجَّلًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ عَقْدِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِحَالَتُهُ مُؤَجَّلًا تَجُوزُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (685) . وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ فِي الْحَوَالَةِ لَازِمًا كَمَا هِيَ فِي الْكَفَالَةِ فَجَهَالَتُهُ جَهَالَةً يَسِيرَةً جَائِزَةٌ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (625) . تَأْجِيلُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ تَأْجِيلَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ غَيْرُ جَائِزٍ بَلْ الصَّحِيحُ كَمَا ذُكِرَ سَابِقًا هُوَ تَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ. وَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ بِهِ قَرْضًا (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 698) لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 698) : لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ. وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْمُحَالِ بِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ الْجِنْسَ الَّذِي

أَجَّلَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمُؤَدَّى، مَثَلًا لَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فِضَّةٌ وَأَعْطَى ذَهَبًا يَأْخُذُ فِضَّةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَدَّى أَمْوَالًا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أُحِيلَتْ. لَا يَحِقُّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ شَخْصًا بَعْدَ أَنْ قَبِلَ مِنْ آخَرَ عَلَى نَفْسِهِ حَوَالَةً مُؤَجَّلَةً بِمُدَّةٍ أَحَالَهَا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مُؤَجَّلَةً بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الشَّخْصِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ. وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (691) أَنَّهُ إذَا ضُويِقَ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ لَهُ يُضَايَقُ هُوَ أَيْضًا الْمُحِيلَ وَإِذَا احْتَالَ رَجُلٌ بِالْمَالِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَحَالَهُ عَلَى آخَرَ إلَى أَجَلٍ مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الطَّالِبُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ كَانَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ. وَسَبَبُ الرُّجُوعِ هُوَ: أَنَّهُ أَدَّى دَيْنَ الْمُحِيلِ بِأَمْرِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (657) وَشَرْحَهَا، مَثَلًا لَوْ أُحِيلَ مِنْ قِبَلِ الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فِضِّيَّةٌ. أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بِطَرِيقَةِ بَيْعِ الصَّرْفِ ذَهَبًا يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ فِضَّةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالذَّهَبِ، وَبِالْعَكْسِ إذَا أُحِيلَ دَرَاهِمُ ذَهَبِيَّةٌ وَأَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِضَّةً يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ ذَهَبًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْفِضَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُحِيلَ مَسْكُوكَةٌ خَالِصَةٌ وَأَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَغْشُوشَةً يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ خَالِصَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ صُلْحًا مِنْ الْمُحَالِ بِهِ بِإِعْطَائِهِ أَمْوَالًا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أُحِيلَتْ وَإِلَّا لَا يَأْخُذُ قِيمَةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي أُعْطِيت بِصِفَةِ بَدَلِ الصُّلْحِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَزْيَدَ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ أَمْ أَنْقَصَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ مُصَالَحَةِ الْمُحَالِ لَهُ مَعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ وَأَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَيَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَلَيْسَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (657) وَشَرْحِهَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَسَبَبُ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُؤَدَّى هُوَ: أَنَّهُ حِينَمَا يُعْطِي الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ أَمْوَالًا مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ فَقَبُولُ الْمُحَالِ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ إنَّمَا هُوَ عَقْدُ مُعَارَضَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَيْنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْعَقْدِ حُكْمٌ أَوْ تَأْثِيرٌ بِحَقِّ الْمُحِيلِ الَّذِي هُوَ شَخْصٌ ثَالِثٌ وَيَكُونُ نَفْعُهُ وَضَرَرُهُ عَائِدَيْنِ عَلَى الْعَاقِدِينَ. جَاءَ فِي الشَّرْحِ (بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ يَكُونُ الْمُحَالُ

عَلَيْهِ مُتَبَرِّعًا بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَاصَّ مَا أَعْطَاهُ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ، حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ أَنْ تُجْرَى الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُحِيلِ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَصَارَ الْمُحِيلُ وَارِثًا لَهُ يَأْخُذُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْوِرَاثَةِ، وَلَكِنْ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَحَيْثُ إنَّهُ سَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ (الذَّخِيرَةُ) . كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 657) . الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْوِرَاثَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يُؤَدِّي الدَّيْنَ إلَى الْمُحَالِ لَهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، لَكِنَّ تَعْبِيرَ (تَأْدِيَةٌ) هُنَا لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّصَدُّقَ حُكْمًا كَالتَّأْدِيَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ هَذَا الْأَخِيرُ أَيْضًا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ. وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ بِعَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ بِالدَّيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمِثْلُهُ فِي (الذَّخِيرَةِ فِي الْكَفَالَةِ) ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُحَالُ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (تَرَكْتُ لَكَ الْمُحَالَ بِهِ) يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَسْتَفِيدُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقَطْ مِنْ هَذَا التَّرْكِ. الْوِرَاثَةُ لِلْمُحَالِ لَهُ كَالْهِبَةِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَبَرِئَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَارِثًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (700) يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ لِلْمُحِيلِ مِنْ عَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالذَّخِيرَةُ) . لَا رُجُوعَ فِي الْإِبْرَاءِ - وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ مَثَلًا يَأْخُذُ الْمُحِيلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِهِ. كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 657) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْخُلَاصَةُ فِي هَذَا أُمُورٌ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ - التَّأْدِيَةُ. الثَّانِي - الْهِبَةُ. الثَّالِثُ - التَّصَدُّقُ. الرَّابِعُ - الْوِرَاثَةُ. وَالْخَامِسُ - الْإِبْرَاءُ. وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا وَفُصِّلَتْ آنِفًا. إذَا أَدَّى أَجْنَبِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ فَحَقُّ الرُّجُوعِ مَوْجُودٌ أَيْضًا - ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ إذَا أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ، بَلْ أَدَّاهُ فُضُولِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا أَدَّى فُضُولِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا إذَا أَدَّاهُ تَبَرُّعًا مِنْ طَرَفِ الْمُحِيلِ

فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ لَيْسَ مَدِينًا لَهُ بِمُوجَبِ (676) ثُمَّ أَدَّى فُضُولِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَبِالْعَكْسِ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَدَّى فُضُولِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ بِهِ يَأْخُذُ الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ، إذْ الْفُضُولِيُّ الْمَرْقُومُ مُتَبَرِّعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْفُضُولِيُّ عِنْدَ التَّأْدِيَةِ الْجِهَةَ الَّتِي تَبَرَّعَ عَلَى حِسَابِهَا وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّ ادَّعَى الْمُحِيلُ أَنَّ التَّبَرُّعَ كَانَ لِحِسَابِهِ وَادَّعَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْعَكْسَ أَيْ أَنَّ التَّبَرُّعَ كَانَ مِنْ طَرَفِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُرَاجَعُ الْفُضُولِيُّ، وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فَصْلًا عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي دَفَعَ عَنْهَا وَإِذَا تُوُفِّيَ الْفُضُولِيُّ أَوْ غَابَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا مِنْ جِهَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ بِإِقْرَارٍ حَصَلَ سَابِقًا مِنْ الْمُتَوَفَّى وَالْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . وَإِذَا أَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَادَّعَى الْمُحِيلُ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَالُ رِشْوَةٍ أَوْ مَالُ قِمَارٍ وَأَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا شُهُودُهُ، بَلْ يُقَالُ لَهُ أَدِّ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ تَرَافَعْ مَعَ الْمُحَالِ لَهُ بِهَذَا الْخُصُوصِ، فَإِذَا تَرَافَعَ الْمُحِيلُ مَعَ الْمُحَالِ لَهُ وَأَثْبَتَ بِمُوَاجَهَتِهِ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَالُ قِمَارٍ مَثَلًا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَعْطَى الْمُحَالَ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ: (لَمْ يَكُنْ لَك دَيْنٌ عِنْدِي إنَّمَا وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ رُدَّ لِي الْمُحَالَ بِهِ الَّذِي قَبَضْته) وَقَدَّمَ دَعْوَى بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحِيلِ دَيْنًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُحِيلِ، إذْ إقْرَارُ الْمُحِيلِ بِالْحَوَالَةِ أَوْ مُبَاشَرَتُهُ الْحَوَالَةَ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا مِنْهُ بِالدَّيْنِ لِلْمُحَالِ لَهُ. وَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى رَدِّ مَا قَبَضَهُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُسْتَعْمَلُ أَحْيَانَا فِي الْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (692) . قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَلَفْظُ الْحَوَالَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوَكَالَةِ مَجَازًا لِمَا فِي التَّوْكِيلِ مِنْ نَقْلِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قِيلَ: قُلْتُمْ إنَّ الْمُحِيلَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْحَوَالَةِ فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْمُحَالُ مُسْتَحَقًّا لَمَلَكَ الْمُحِيلُ إبْطَالَهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ، قُلْنَا الْحَوَالَةُ قَدْ صُمَّتْ، وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ بِمَالٍ هُوَ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ الْحَوَالَةِ بِالِاحْتِمَالِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، فِي الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ قَالَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ: اضْمَنْ عَنِّي هَذَا الْمَالَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ " اضْمَنْ عَنِّي " لَا يَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ ضَامِنًا عَنْهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُحِيلِ دَيْنٌ فَكَانَ إقْرَارًا هُنَا بِالْمَالِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. إذَا أَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (698) فَقَالَ الْمُحِيلُ: كَانَ لِي عِنْدَك مَطْلُوبٌ كَذَا قِرْشًا وَأَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (8) (الدُّرَرُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَزْمِي زَادَهْ) وَبِمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى مُوجَبِ الْمَادَّةِ (686) جَائِزَةٌ

(المادة 699) المحال عليه يبرأ من الدين بأداء المحال به

أَيْضًا وَحَيْثُ إنَّ إقْرَارَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْحَوَالَةِ أَوْ قَبُولَهُ إيَّاهَا لَا يُعَدُّ إقْرَارًا مِنْهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُحِيلِ فَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 699) الْمُحَالَ عَلَيْهِ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ] (الْمَادَّةُ 699) كَمَا أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءِ الْمُحَالِ بِهِ أَوْ إذَا أَخَذَهُ أَحَدٌ حَوَالَةً عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْمُحَالِ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَإِذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا. وَإِذَا أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ أَوْ أَحَالَ شَخْصٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُحَالَ لَهُ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ - وَلَوْ كَانَ هَذَا الْغَيْرُ الْمُحِيلَ - أَوْ أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ فَكَمَا أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يَصِيرُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا فِيمَا إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْهِبَةَ وَالتَّصْدِيقَ وَرَدَّهُمَا فَيَكُونَانِ مَرْدُودَيْنِ. وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ وَالتَّصَدُّقَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّهُمَا بَلْ سَكَتَ، فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ صَحِيحَتَيْنِ وَيَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ. كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَادَّةِ (847) إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ مَطْلُوبَهُ إلَى الْمَدِينِ وَلَمْ يَرُدَّهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ حَالًّا. وَسَبَبُ فَصْلِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِعِبَارَةِ (كَمَا أَنَّهُ) يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ (وَإِنْ رَدَّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِبْرَاءَ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا وَإِنْ سَكَتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ قَبِلَ الْإِبْرَاءَ أَوْ رَدَّهُ، يَعْنِي أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَكُونُ مَرْدُودًا بِرَدِّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِحَسَبِ الْمَعْنَى كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (673) عِبَارَةٌ عَنْ التَّأْجِيلِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطُ الْمَذْكُورُ هُوَ إسْقَاطٌ لِلْمُطَالَبَةِ وَهُوَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ وَغَيْرُ مُتَضَمِّنٍ التَّمْلِيكَ وَبِنَاءً عَلَيْهِ الرَّدُّ الَّذِي هُوَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ غَيْرُ مُمْكِنٍ. وَعَلَى هَذِهِ التَّقْدِيرَاتِ حَيْثُ إنَّ الْمَسَائِلَ الْعَائِدَةَ لِرُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ فُصِّلَتْ فِي شُرُوحِ الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ فَلْتُرَاجَعْ، ثُمَّ إذَا أَحَالَ الْمَدِينُ دَايِنَهُ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَحَالَهُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ فَالْحَوَالَةُ الثَّانِيَةُ صَحِيحَةٌ وَتَنْفَسِخُ الْحَوَالَةُ الْأُولَى وَيَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 700) إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَارِثًا لَهُ فَقَطْ] (الْمَادَّةُ 700) إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَارِثًا لَهُ فَقَطْ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْحَوَالَةِ. إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَكَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَارِثَهُ فَقَطْ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْحَوَالَةِ. وَلَا يُطَالَبُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ طَرَفِ أَحَدٍ وَيَصِيرُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَنْ يُطَالِبُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ بِالْمُحَالِ بِهِ، وَطَلَبُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ لَا مَعْنَى لَهُ، كَمَا أَنَّ الْكَفِيلَ صَارَ بَرِيئًا لَمَّا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَكَانَ هُوَ وَارِثًا لَهُ فَقَطْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 667) .

وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (698) أَنَّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ (وَارِثٌ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَمَا يَكُونُ لِلْمُحَالِ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ وَيُطَالَبُ بِحِصَصِ الْوَرَثَةِ الْبَاقِيَةِ وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (667) ، مَثَلًا لَوْ كَانَ وَرَثَةُ الْمُحَالِ لَهُ ابْنَهُ (الْمُحَالَ عَلَيْهِ) وَوَلَدًا آخَرَ. يَبْرَأُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ نِصْفِ الْمُحَالِ بِهِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ النِّصْفَ الثَّانِيَ إلَى الْوَارِثِ الثَّانِي وَهُوَ أَخُوهُ الْآخَرُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْمَسْرُودَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ يَبْرَأُ فِي سَبْعِ صُوَرٍ. 1 - الْأَدَاءُ - 2 - الْحَوَالَةُ عَلَى الْغَيْرِ - 3 - الْإِبْرَاءُ - 4 - الْهِبَةُ - 5 - التَّصَدُّقُ - 6 - إحَالَةُ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ لَهُ عَلَى غَيْرِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ - 7 - وَفَاةُ الْمُحَالِ لَهُ وَانْحِصَارُ إرْثِهِ فِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ. تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ: 25 صَفَرَ سَنَةَ 288 بِعَوْنِهِ تَمَّ شَرْحُ الْحَوَالَةِ وَيَلِيهِ شَرْحُ الرَّهْنِ.

الكتاب الخامس في الرهن

[الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ] [الْمُقَدِّمَةُ مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ] شَرْحُ كِتَابِ الرَّهْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاجِبِ الْوُجُودِ بِالْإِيقَانِ ذِي اللُّطْفِ وَالْجُودِ وَالْكَرْمِ وَالْإِحْسَانِ رَاهِنِ النَّفْسِ بِمَا كَسَبَتْ يَوْمَ الْحَشْرِ وَالْمِيزَانِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا الْمُصْطَفَى مِنْ أَشْرَفِ الْأَنْسَابِ مِنْ نَسْلِ عَدْنَانَ الشَّفِيعِ الْمُشَفَّعِ لِأَهْلِ الْعِصْيَانِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْحَابِسِينَ أَنْفُسَهُمْ لِنُصْرَةِ الْحَقِّ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ. الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ: الْمُقَدِّمَةُ: مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْقِيَاسِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَهُوَ أَمْرٌ وَارِدٌ بِصِيغَةِ الْإِخْبَارِ وَمَعْنَاهُ مَعَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ كَمَا فَسَّرَهَا الْمُفَسِّرُونَ، أَيْ: وَإِنْ كُنْتُمْ مُسَافِرِينَ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَارْتَهِنُوا رَهْنًا مَقْبُوضَةً وَثِيقَةً بِأَمْوَالِكُمْ، وَالسُّنَّةُ الشَّرِيفَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الرَّسُولِ وَتَقْرِيرِهِ، أَمَّا فِعْلُ الرَّسُولِ فَقَدْ اشْتَرَى مِنْ الْيَهُودِيِّ الْمُسَمَّى أَبُو الشَّحْمِ وَسْقَ شَعِيرٍ وَرَهَنَ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ عِنْدَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ دِرْعَهُ الَّذِي كَانَ يَتَقَلَّدُهُ وَقْتَ الْجِهَادِ وَقَدْ تُوُفِّيَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَفُكُّهَا بِهِ وَقَدْ اسْتَخْلَصَ ذَلِكَ الدِّرْعَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِإِعْطَاءِ مُقَابِلِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَهَذِهِ السَّنَةُ الشَّرِيفَةُ تَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ تَوَاضُعِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ وَعَلَى إعْرَاضِهِ عَنْ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً عِنْدَ النَّبِيِّ بَلْ كَانَ جُلُّ مَقْصِدِهِ إرْضَاءَ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ. وَقَدْ اخْتَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَامَلَةَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْيَهُودِيِّ وَلَمْ يَتَعَامَلْ مَعَ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ الَّذِينَ يُضَحُّونَ أَرْوَاحَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِهِ وَقَدْ قَصَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ عَدَمَ إزْعَاجِ

الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَوْفُونَ مَا يَأْخُذُهُ الرَّسُولُ مِنْهُمْ (شَرْحُ الشَّمَائِلِ لِعَلِيٍّ الْقَارِيّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ) (الزَّيْلَعِيُّ الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) . وَقَدْ اسْتَخْرَجَ مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - مِنْ هَذِهِ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ بِضْعَةَ أَحْكَامٍ: أَوَّلًا - رَهْنُ كُلِّ مَالٍ مُتَقَوِّمٌ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مُعَدًّا لِلطَّاعَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الدِّرْعَ الَّذِي رَهَنَهُ النَّبِيُّ كَانَ مُعَدًّا لِلْجِهَادِ فَلِذَلِكَ يَدُلُّ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى جَوَازِ رَهْنِ الْمُصْحَفِ، وَلَا يُقَالُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْمُتَعَسِّفِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ رَهْنِ الْأَشْيَاءِ الْمُعَدَّةِ لِلطَّاعَةِ. ثَانِيًا - يَجُوزُ الرَّهْنُ فِي حَالٍ السَّفَرِ كَمَا يَجُوزُ أَيْضًا فِي حَالِ الْحَضَرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ الْكَرِيمَ قَدْ رَهَنَ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ حَالَ إقَامَتِهِ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَإِنْ يَكُنْ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عِبَارَةُ {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ بَيَانَ جَوَازِ الرَّهْنِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي حَالِ السَّفَرِ فَقَطْ بَلْ الْمَقْصِدُ ذِكْرُ مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ فِي ذَاكَ الْوَقْتِ حَيْثُ كَانَ النَّاسُ يَمِيلُونَ فِي الْغَالِبِ إلَى تَوْفِيقِ الدَّيْنِ بِالرَّهْنِ حِينَمَا يَتَعَذَّرُ تَأْمِينُهُ بِالسَّنَدِ وَالشُّهُودِ، وَقَدْ كَانَ يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْأَكْثَرِ فِي حَالِ السَّفَرِ. ثَالِثًا - يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِالْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ سَوَاءٌ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ أَمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ دِرْعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَقِيَ مَرْهُونًا بَعْدَ وَفَاتِهِ (الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) وَقَدْ صُرِّحَ بِالْأَحَقِّيَّةِ فِي الْمَادَّةِ (729) . رَابِعًا - لَا بَأْسَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ شِرَاءَ النَّبِيِّ كَانَ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ. خَامِسًا - لَا بَأْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ نَسِيئَةُ اسْتِدَانَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ اللَّائِقُ بِالْإِنْسَانِ الْإِسْرَاعُ بِإِيفَاءِ دَيْنِهِ حَتَّى لَا يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ فَيَمُوتَ مَدِينًا. وَتَقْرِيرُ الرَّسُولِ هُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ إلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَعَامَلُونَ بِالرَّهْنِ وَقَدْ أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ أَنْ بُعِثَ بِالرِّسَالَةِ لَمْ يَمْنَعْ النَّاسَ مِنْ الرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ. وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ: قَدْ حَصَلَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ. وَالْقِيَاسُ: مَشْرُوعِيَّةُ الرَّهْنِ ثَابِتَةٌ بِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ أَيْ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَهُ طَرَفَانِ: طَرَفُ وُجُوبٍ، وَطَرَفُ اسْتِيفَاءٍ حَيْثُ يَثْبُتُ الدَّيْنُ أَوَّلًا فِي الذِّمَّةِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ طَرَفُ الْوُجُوبِ، وَثَانِيًا يُسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَالُ وَبِذَلِكَ يَتَحَقَّقُ طَرَفُ الِاسْتِيفَاءِ (الْعِنَايَةُ) ، فَكَمَا أَنَّهُ يَتَوَثَّقُ الطَّرَفُ الْمُخْتَصُّ بِالذِّمَّةِ بِالْكَفَالَةِ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَتَوَثَّقَ طَرَفُ الْمَالِ بِالرَّهْنِ حَتَّى إنَّ جَوَازَ ذَلِكَ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الِاسْتِيفَاءُ وَوُجُوبُ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَسِيلَةً (الْهِدَايَةُ وَشُرُوحُهَا) وَفِي الرَّهْنِ فَائِدَةٌ لِلدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مَعًا وَهُوَ كَمَا بَيَّنَّا فِي أَوَائِلِ شَرْحِ الْكَفَالَةِ أَنَّ فِي الْكَفَالَةِ نَفْعًا لِلدَّائِنِ وَالْمَدِينِ مَعًا كَذَلِكَ يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ نَفْعٌ لِلدَّائِنِ وَالْمَدْيُونِ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَدِينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَا يَجِدُ مَنْ يُدَايِنُهُ بِلَا رَهْنٍ فَيَتَضَرَّرُ مِنْ عَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ كَمَا أَنَّ الدَّائِنَ يَكُونُ

أَمِينًا بِالرَّهْنِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ تَلَفِ حَقِّهِ كَامِلًا أَوْ قِسْمًا بِأَنْ يُنْكِرَ الْمَدْيُونُ دَيْنَهُ أَوْ أَنْ لَا يَتْرُكَ مِنْ أَمْوَالِهِ شَيْئًا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهَا أَوْ أَنْ يُسْرِفَ الْمَدْيُونُ فِي أَمْوَالِهِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ الدَّائِنُونَ الْآخَرُونَ حِصَّتَهُمْ فِي أَمْوَالِ الْمَدْيُونِ وَيَضِيعُ حَقُّ الدَّائِنِ كَامِلًا أَوْ قِسْمًا، وَلِذَلِكَ كَانَ فِي الرَّهْنِ فَائِدَةٌ وَنَفْعٌ لِلدَّائِنِ وَالْمَدْيُونِ مَعًا وَإِذَا جُرِيَ مُقَايَسَةٌ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَنْفَعَتَيْنِ يُرَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ فَلِذَلِكَ تَعُودُ الْمَصَارِفُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (724) عَلَى الرَّاهِنِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَرْهُونِ بَعْدَ تَلَفِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَضْمِينِهِ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . الْوَثِيقَةُ أَرْبَعَةٌ: الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَلَكِنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهَا إذْ أَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ وَثِيقَةٍ بِمَالٍ أَمَّا الْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ فَهُمَا عَقْدَا وَثِيقَةٍ بِذِمَّةٍ، وَأَمَّا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ وَثِيقَةً إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يُوَثَّقُ وَيُؤَكَّدُ بِهِ شَيْءٌ وَثِيقَةٌ (الشِّبْلِيُّ) . الرَّهْنُ فِي اللُّغَةِ حَبْسُ وَوَقْفُ شَيْءٍ لِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ سَوَاءٌ كَانَ السَّبَبُ دَيْنًا أَوْ أَيَّ سَبَبٍ آخَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] أَيْ مَحْبُوسَةٌ بِمَا نَالَتْ وَكَسَبَتْ مِنْ الْمَعَاصِي (شَرْحُ الْهِدَايَةِ) فَعَلَيْهِ يَكُونُ نَقْلُ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ فِي مَعْنَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ.

الْكِتَابُ الْخَامِسُ فِي الرَّهْنِ: وَهُوَ يَحْتَوِي عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ الْمُقَدِّمَةُ (الْمَادَّةُ 701) الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمُحَالِ (الْمَادَّةُ 701) الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمُحَالِ وَكَمَا يُقَالُ لَهُ مَرْهُونٌ يُقَالُ لَهُ أَيْضًا رَهْنٌ. الرَّهْنُ لُغَةً جَعْلُ شَيْءٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا لِسَبَبٍ مَا، سَوَاءٌ أَكَانَ السَّبَبُ دَيْنًا أَوْ خِلَافَهُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَكُونُ نَقْلُ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ لِلْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ كَمَا وَرَدَ فِي كِتَابِ الْهِدَايَةِ. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الرَّهْنُ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ بِيَدِ الْعَدْلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ لِقَاءَ حَقٍّ مَعْلُومٍ وَعَلَى رِوَايَةِ مَجْهُولٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَرْكُ الرَّاهِنِ مَالًا مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِالْمَرْهُونِ وَبِالرَّهْنِ. مِنْ قَبِيلِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِدَايَةُ) . وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِهِ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا بَدَلًا مِنْ حَبْسِ وَتَوْقِيفِ مَالٍ إلَخْ هُوَ لِأَنَّ الْحَبْسَ وَالتَّوْقِيفَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَلَيْسَ مِنْ الرَّاهِنِ وَأَمَّا جَعْلُ الْمَالِ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا فَهُوَ مِنْ الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَحَيْثُ إنَّ جَعْلَ الْمَالِ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا هُوَ نَقْلٌ اخْتِيَارِيٌّ عَائِدٌ إلَى الرَّاهِنِ فَيُمْكِنُ الْقَوْلُ إنَّهُ لَمْ يُرَ لُزُومًا لِتَصْرِيحِ قَيْدٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ فِي تَعْرِيفِ الرَّهْنِ، وَعَطْفُ مَوْقُوفٍ عَلَى مَحْبُوسٍ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ وَالِاسْتِيفَاءُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي التَّعْرِيفِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ شَامِلٌ لِلْكُلِّ وَالْبَعْضِ فَمَتَى كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ يَكُونُ الِاسْتِيفَاءُ كُلِّيًّا وَإِذَا نَقَصَتْ عَنْهُ يَكُونُ جُزَيْئًا، رَاجِعْ الْمَوَادَّ (399 و 400 و 401) ، فَبِنَاءً عَلَى هَذَا عِنْدَمَا يَكُونُ مِقْدَارُ الدَّيْنِ زَائِدًا عَنْ الرَّهْنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ غَيْرَ قَابِلٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِرَاضُ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الرَّهْنِ الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ غَيْرُ شَامِلٍ لِلْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَغَيْرُ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الِاسْتِيفَاءُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الِاسْتِيفَاءُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (760 وَ 761) ، كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ

بِبَيْعِ الرَّهْنِ بِالْوَكَالَةِ وَإِجْرَاءِ حِسَابِهِ بِالدَّيْنِ يَكُونُ أَيْضًا بِبَيْعِهِ بِدُونِ وَكَالَةٍ وَحِسَابِهِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (757 وَ 758) . الْوَجْهُ الثَّانِي - الِاسْتِيفَاءُ الْحُكْمِيُّ وَهَذَا يَحْصُلُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) ، وَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلُ حَقٍّ مَعْلُومٍ كَمَا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا مَعْلُومًا عِنْدَ آخَرَ لِقَاءَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَيْضًا عَلَى رِوَايَةِ مُقَابِلِ حَقٍّ مَجْهُولٍ وَسَيَرِدُ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . وَكَلِمَةُ الرَّهْنِ الْوَارِدَةُ فِي قَوْلِهِ (وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا رَهْنٌ) هِيَ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ لَا الرَّهْنِ الْوَاقِعَةِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ فَيُسْتَنْتَجُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ خُلَاصَةَ تَعْرِيفِ الرَّهْنِ هِيَ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا لِقَاءَ حَقٍّ عَلَى أَنْ يَكُونَ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ الْحَقِّ مُمْكِنًا مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ (هِدَايَةٌ) ، فَكَلِمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِي بَيَانُهَا كَمَا أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ تَارَةً بِمَعْنَى (مَالٌ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ) تُسْتَعْمَلُ تَارَةً بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ تَفْسِيرُ مَعْنَاهَا بِحَسَبِ الْمَقَامِ وَالْقَرِينَةِ فَالْمَوَادُّ 702 وَ 703 وَ 704 وَ 705 وَارِدَةٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي وَالْمَادَّتَانِ 706 وَ 707 مُسْتَعْمَلَتَانِ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ كَافِيَانِ لِانْعِقَادِ الرَّهْنِ فَلَا لُزُومَ لِقَبْضِ الْمَرْهُونِ، وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ لِإِتْمَامِ الرَّهْنِ فَبِذِكْرِ قَيْدِ (مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ) يَكُونُ تَعْرِيفُ الرَّهْنِ الْوَارِدُ فِي الْمَادَّةِ قَدْ انْصَرَفَ لِلرَّهْنِ اللَّازِمِ التَّامِّ، إذْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَحْصُلُ حَبْسُ وَتَوْقِيفُ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ لِلْمَرْهُونِ وَلِذَلِكَ كَانَ لِلرَّاهِنِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَيْدُ (مَحْبُوسٍ وَمَوْقُوفٍ) جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الرَّهْنِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ مَاهِيَّةِ الرَّهْنِ اللَّازِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَلِمَةُ مَالٍ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ شَامِلَةٌ لِأَيِّ مَالٍ كَانَ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا فَالْمَرْهُونُ يَكُونُ مَثَلًا خَاتَمًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّهُ تَعْبِيرُ (مَالٍ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَاتَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سَاعَاتٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (731) وَتَعْبِيرُ (مَالٍ) هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَمِثْلِ الْجِيفَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَإِشَارَةٌ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ مَا هُوَ لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ، وَأُشِيرَ أَيْضًا بِلَفْظِ مَالٍ إلَى عَدَمِ جَوَازِ رَهْنِ الْوَقْفِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَإِنْ يَكُنْ فَرَاغُ الْمُسَقَّفَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْمَوْقُوفَةِ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَفَاءً مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ تَخْتَلِفُ عَنْ الرَّهْنِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - اسْمًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ رَهْنًا بَلْ يُطْلَقُ عَلَيْهَا فَرَاغًا بِالْوَفَاءِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - حُكْمًا فَكَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَبِتَلَفِ هَذِهِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ احْتَرَقَ الْعَقَارُ الْمُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ بِيَدِ الْمَفْرُوعِ لَهُ أَوْ لَوْ اسْتَوْلَى السَّيْلُ عَلَى الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَلَمْ يَعُدْ الِانْتِفَاعُ مُمْكِنًا بِهَا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - إذَا رُهِنَتْ الْمُسَقَّفَاتُ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةُ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ

كَالْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ وَلَمْ تَفْرُغْ وَفَاءً يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِلَا شَيْءٍ وَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ الطَّلَبِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْبَاطِلَ لَا حُكْمَ لَهُ، وَلَكِنْ إذَا رُهِنَ مَالٌ وَسَلِمَ صَحَّ يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ لِبَيْعٍ بِالْوَفَاءِ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا لِلرَّاهِنِ اسْتِرْدَادُ الرَّهْنِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ. الْكَلِمَاتُ الَّتِي تُعْتَبَرُ أَسْمَاءَ جِنْسٍ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّعَارِيفِ هِيَ مِنْ وَجْهٍ مَدْخَلٌ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ مَخْرَجٌ، مَثَلًا نَظَرًا لِتَعْرِيفِ (مَالٍ) الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (126) بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَخْرَجٌ، يَعْنِي أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الْمَالِ كَالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةِ وَأَسَاسًا إخْرَاجُهَا لَازِمٌ وَإِنْ تَكُنْ كَلِمَةُ حَقٍّ قَدْ جَاءَتْ فِي الْمَادَّةِ بَعْدَ تَعْبِيرِ جَعْلِ مَالٍ إلَخْ. فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَقِّ الْحَقُّ الْمَالِيُّ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (710) وَسَيُوَضَّحُ قَرِيبًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ وَصْفُهُ بِاسْتِيفَاءٍ إلَخْ. يَعْنِي حَقٌّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ. فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ مُقَابِلَ حَقِّ الْقِصَاصِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَغَيْرُ صَحِيحٍ وَأَيْضًا مُقَابِلَ حَقِّ الْيَمِينِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَالْيَمِينَ مَثَلًا لَيْسَا مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ، وَمَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا إذَا عَقَدَ شَخْصٌ مُقَاوَلَةً مَعَ خَيَّاطٍ عَلَى أَنْ يَخِيطَ بِنَفْسِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْخَيَّاطِ رَهْنًا مُقَابِلَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً كَيْ يُحَمِّلَهَا شَيْئًا أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا مِنْ الْمُؤَجِّرِ مُقَابِلَ الْحُمُولَةِ، إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ نَقْلِ الْحُمُولَةِ مِنْ هَذَا الرَّهْنِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَيْضًا إذَا نَزَلَ شَخْصٌ فِي خَانٍ، وَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إنْ لَمْ تَتْرُكْ شَيْئًا لَا أَقْبَلُك عِنْدِي، وَتَرَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَالًا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ الشَّخْصُ هُوَ مُقَابِلُ إجَارِ الْخَانِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَالشَّيْءُ الْمَتْرُوكُ يَكُونُ مَضْمُونًا لِقَاءَ الْإِجَارِ كَمَا وَرَدَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَإِذَا كَانَ مَا تَرَكَهُ هُوَ بِمَقَامِ تَأْمِينَاتٍ مُقَابِلَ سَرِقَةٍ فَالرَّهْنُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُقَابِلٌ مِنْ الْمَالِ، وَلَكِنْ إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِ صَاحِبِ الْخَانِ يَضْمَنُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَالَ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَالَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الرَّجُلِ بِالْإِكْرَاهِ (بَزَّازِيَّةٌ وَخَانِيَّةٌ) فَيَتَوَجَّهُ هُنَا سُؤَالٌ مُؤَدَّاهُ أَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا سَبَبُ الضَّمَانِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالٌ مُقَابِلَ الرَّهْنِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا حُكْمَ لَهُ وَهُوَ بِمَثَابَةِ الْأَمَانَةِ وَلِذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ ضَمَانٌ عَلَيْهَا؟ وَالْجَوَابُ هُوَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى الرَّجُلُ الْمَالَ إلَى صَاحِبِ الْخَانِ طَلَبَهُ مِنْهُ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَيَضْمَنْهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُعْطِهِ هَذَا إيَّاهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (794) . وَالْمُرَادُ مِنْ الْحَقِّ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي التَّعْرِيفِ هُوَ الدَّيْنُ، وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُ الدَّيْنِ فِي الْمَادَّةِ 158 فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الشَّيْءِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ بِدَيْنٍ كَالْعَيْنِ مَثَلًا فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا لِقَاءَ ذَهَبَاتٍ مَعْدُودَةٍ وَرَهَنَ مَالًا لِأَجْلِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الذَّهَبَاتِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (243) لَا تَتَعَيَّنُ بِتَعَيُّنِهَا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي هُوَ بِالْفَرْضِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ خَمْسُ لِيرَاتٍ، وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُضَفْ إلَى الْمَبْلَغِ الثَّابِتِ بِالذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْعَقِدُ. وَيَنْقَسِمُ

الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ كَمَا يَأْتِي: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّيْنُ الْحَقِيقِيُّ، كَالْقَرْضِ، ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ، وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ، وَبَدَلِ الْمَغْصُوبِ، وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَالْمُسْلَمِ فِيهِ، بَدَلِ الصَّرْفِ، الدَّيْنُ الْحَقِيقِيُّ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الدَّيْنُ اللَّازِمُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَيَعْنِي الدَّيْنُ الْوَاجِبُ تَأْدِيَتُهُ عَلَى الْمَدِينِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ، وَمَنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْخَرَاجُ وَالْأَرْشُ فَهُمَا دَاخِلَانِ فِي الدَّيْنِ وَيَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ الْمُضَارِبُ هَلَاكَ مَالِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ الِاسْتِهْلَاكَ وَتَصَالَحَا وَأَعْطَى رَهْنًا مُقَابِلَ بَدَلِ الصُّلْحِ يَصِحُّ. النَّوْعُ الثَّانِي - الدَّيْنُ اللَّازِمُ ظَاهِرًا وَغَيْرُ اللَّازِمِ بَاطِنًا كَمَا لَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى شَخْصٌ رَهْنًا لِآخَرَ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ تَصَادَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ رَأْسًا، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَنْكَرَ هَذَا، وَبَعْدَ أَنْ تَصَالَحَا عَلَى أَرْبَعِ مِائَةِ قِرْشٍ رَهَنَ عِنْدَهُ مَالًا بِقِيمَةِ أَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَصَادَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ قِيمَةِ الرَّهْنِ (خَانِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ إذَا ضُبِطَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ فَبِالنَّظَرِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ فَبِتَقْدِيرِ هَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا هُوَ أَدْنَى قِيمَةٍ مِنْ الرَّهْنِ وَالْمَبِيعِ بِحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ ثَابِتٌ ظَاهِرًا فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرَّهْنِ، وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ تُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ، وَالْأَحْوَالُ سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّهَا مَكْشُوفَةٌ لَهُ، وَلَيْسَتْ مَكْشُوفَةً لِعِبَادِهِ (زَيْلَعِيٌّ هِنْدِيَّةٌ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَحْمًا ظَنًّا بِأَنَّهُ لَحْمُ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ رَهْنًا مُقَابِلَ ثَمَنِهِ ظَهَرَ أَنَّ ذَلِكَ اللَّحْمَ جِيفَةٌ فَالرَّهْنُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَلَدَى التَّلَفِ يَلْزَمُ ضَمَانُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مَثَلًا إذَا بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ جِيفَةً بِمِائَةِ قِرْشٍ وَأَخَذَ مُقَابِلَهَا رَهْنًا مَالًا بِتِلْكَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَتَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ هَذَا لِلرَّاهِنِ مِائَةَ قِرْشٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ قِرْشٍ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَقَطْ، وَلَيْسَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَإِذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ خَلًّا وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ مُقَابِلَهُ مَالًا ضَاعَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْخَلَّ نَبِيذٌ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ (خَانِيَّةٌ) وَالْخُلَاصَةُ وُجُوبُ الدَّيْنِ ظَاهِرًا كَافٍ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْوَاجِبَ ظَاهِرًا آكَدُ وَأَقْوَى مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ فَالرَّهْنُ مُقَابِلُ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ كَجَوَازِ الرَّهْنِ مُقَابِلُ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ ظَاهِرًا. فَهَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ النَّوْعِ الثَّانِي هَذَا مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا صَحِيحٌ وَهُوَ مِثْلُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ عِنْدَ هَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَتَرَتَّبُ ضَمَانُهُ عَلَى مَا سَيَرِدُ فِي التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 741 إنَّمَا تَجْرِي فِي هَذَا الضَّمَانِ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ: مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ لِآخَرَ خَاتَمًا بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ هَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّيْنِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَصَادَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ مَوْجُودٍ رَأْسًا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ التَّصَادُقُ حَصَلَ بَعْدَ

هَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يُرَدُّ هَذَا الدَّيْنُ لِلرَّاهِنِ الَّذِي أَعْطَى الرَّهْنَ مُقَابَلَةً وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ فَلَا يُسْأَلُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الزِّيَادَةِ (خَانِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ كَانَ وَاجِبَ الْأَدَاءِ ظَاهِرًا، وَوُجُوبُ الدَّيْنِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ كَافٍ لِضَمَانِ الرَّهْنِ، وَإِذَا كَانَ التَّصَادُقُ الْمَذْكُورُ حَصَلَ قَبْلَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَهَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّصَادُقِ وَقَبْلَ طَلَبِ الرَّاهِنِ وَمَنْعِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَفِي هَذَا اخْتَلَفَ مَشَايِخُ الْمُسْلِمِينَ، فَصَاحِبُ الْهِدَايَةُ قَالَ بِتَلَفِهِ مَضْمُونًا، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ ذَهَبَ لِتَلَفِهِ أَمَانَةً، وَتَعْلِيلُهُ أَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ يَنْتَفِي هَذَا مِنْ الْأَصْلِ وَعِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ لَا يَبْقَى ضَمَانٌ لِلرَّهْنِ، وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ: إنَّ هَذَا الرَّأْيَ هُوَ الصَّائِبُ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الْجِنَايَاتِ بَزَّازِيَّةٌ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) حَتَّى إنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ أَنْكَرَ الِاخْتِلَافَ بِخُصُوصِ عَدَمِ ضَمَانِ الرَّهْنِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ هَذِهِ، وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بَعْدَ التَّصَادُقِ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ رَدِّهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَيْهِ وَتَلِفَ بَعْدَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ قِيمَةَ زَمَنِ امْتِنَاعِهِ عَنْ الرَّدِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 794) . النَّوْعُ الثَّالِثُ - الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَلْزَمُ حَالًّا وَإِنَّمَا سَبَبُ لُزُومِهِ مَوْجُودٌ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ كَالرَّهْنِ - مُقَابِلَ الْأُجْرَةِ مَثَلًا إذَا أَجَّرَ شَخْصٌ بَيْتَهُ لِآخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ سَنَوِيًّا وَهَلَكَ الرَّهْنُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُؤَجِّرِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِوَجْهِ شَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ هَلَكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ الْآجِرُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى بَدَلَ الْإِيجَارِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ يَعْنِي بِهَذِهِ الصُّورَةِ يُعْمَلُ بِحَسَبِ إفَادَةِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَأَمَّا إذَا كَانَ هَلَاكُ الرَّهْنِ حَصَلَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَلَكِنْ هَلْ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ رَدُّ قِيمَةِ الرَّهْنِ كَامِلَةً أَوْ بِمِقْدَارِ مَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ فَأَجَابَتْ دَارُ الْفَتْوَى الْعَالِيَةُ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ رَدُّ كَامِلِ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مُقَابِلَ دَيْنٍ لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ، وَسَبَبُ لُزُومِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ أَيْضًا كَالرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرَكِ كَمَا لَوْ أَعْطَى رَجُلٌ لِآخَرَ مَالًا قَائِلًا لَهُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ فَأُعْطِيَكَ أُجْرَةً وَسَمَّاهَا وَفُقِدَ الرَّهْنُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مُقَابِلَ تِلْكَ الْأُجْرَةِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - لَا يَجِبُ ضَمَانُ الرَّهْنِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الدَّيْنُ حُكْمًا كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا الْمَقْبُوضَةِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَسَوْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي لَدَى هَلَاكِهَا عِنْدَ مَنْ وَضَعَ الْيَدَ عَلَيْهَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ هِيَ بِحُكْمِ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ أَخْذُ رَهْنٍ مُقَابِلَهَا وَيَسُوغُ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُ وَتَوْقِيفُ الرَّهْنِ لِبَيْنَمَا يَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَسَبَبُ كَوْنِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ دَيْنًا هُوَ لِأَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ الْقِيمَةُ أَوْ الْبَدَلُ وَرَدُّ الْعَيْنِ (مُخَلِّصٌ) . أَمَّا الْبَدَلُ فَهُوَ دَيْنٌ وَبِنَاءً عَلَيْهِ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ مُقَابِلَهُ وَإِنْ يَكُنْ وُجُوبُ الْبَدَلِ فِيهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ إنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا وَبِالنَّظَرِ لِوُجُودِ سَبَبِ وُجُوبِ الدَّيْنِ يَكُونُ رَهْنًا وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِهِ بِهَلَاكِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ (هِدَايَةٌ) .

وَإِنَّ الْمَهْرَ وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ الْعَمْدِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَعْيَانِ فَهُمَا أَيْضًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَحُكْمُ إيضَاحِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . سُؤَالٌ - إذَا فُرِضَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ لَفْظِ (الْحَقِّ) الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْعَيْنُ تَدْخُلُ الْأَعْيَانَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا فِي التَّعْرِيفِ، وَتَعْبِيرُ كَلِمَةِ الْحَقِّ بِلَا تَأْوِيلٍ فَإِذًا لَا يَجِبُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الدَّيْنُ. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ أَلَمْ يُرَ أَنَّ مَتَى رُهِنَتْ سَاعَةٌ مُقَابِلَ خَاتَمٍ مَغْصُوبٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْخَاتَمِ عَيْنًا مِنْ السَّاعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ رَهْنٍ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْأَعْيَانِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا تَلِفَ رَهْنٌ كَهَذَا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (هِنْدِيَّةٌ) وَسَيَصِيرُ تَصْرِيحُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ سَبَبِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) ، مَثَلًا إذَا طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ خَيَّاطٍ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إرَاءَتِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِطَرِيقِ رُسُومِ النَّظَرِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ مَالًا بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِهِ عَنْ إعْطَاءِ الثَّوْبِ بِدُونِ رَهْنٍ فَأَخَذَ الثَّوْبَ وَهَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالثَّوْبُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 631) وَالْإِيضَاحَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِهَا. تَعْبِيرُ الْحَقِّ الْوَارِدُ فِي التَّعْرِيفِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَقْتَ الرَّهْنِ وَلِهَذَا كَانَ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَعْدُومِ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ بِثُبُوتِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالثُّبُوتِ (كِفَايَةٌ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) . مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَقَدَّمَ لِدَائِنِهِ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ قَائِلًا لَهُ: إنِّي لَا أَعْلَمُ إذَا كَانَ بَقِيَ لَك بِذِمَّتِي شَيْءٌ أَمْ لَا، وَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ خُذْ هَذَا الْمَالَ رَهْنًا مُقَابِلَهُ فَأَخَذَهُ الدَّائِنُ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ، وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الرَّهْنَ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى (خَانِيَّةٌ) ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ دَيْنٍ سَيُلْزَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَاطِلٌ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي سَيَلْزَمُ مُسْتَقْبَلًا غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَيْ مَعْدُومًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ رَهْنٍ مِنْ الْآنَ مُقَابِلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ لَازِمًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمْ غَيْرَ لَازِمٍ كَقَوْلِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي رَهَنْت عِنْدَك هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي سَيُسْتَحَقُّ لَك بِذِمَّتِي، وَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْ فُلَانًا مَالًا وَلْيَكُنْ ثَمَنُهُ لِي، ثُمَّ رَهَنَ عِنْدَهُ مَالًا مِنْ قَبِيلِ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ رَهْنًا لَا يَصِحُّ (خِزَانَةٌ وَخَانِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ آخَرَ كَيْ يُسَلِّمَهُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ كَفَلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ وَأَعْطَى الْمَكْفُولُ عَنْهُ لِلْكَفِيلِ رَهْنًا لِأَجْلِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ

الْمَكْفُولَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْكَفِيلِ بَعْدُ، وَلُزُومُهُ عِنْدَ عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ نَفْسَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (636) أَنَّ الْكَفَالَةَ بِدَيْنٍ كَهَذَا هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْكَفَالَةِ الْمُضَافَةِ وَصَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ دَيْنٍ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لَهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَهُ. وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّرَكِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الدَّرَكَ لَيْسَ بِحَقٍّ مُمْكِنٍ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ، إذْ حَيْثُ إنَّ إعَادَةَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَمْ تَلْزَمْ بَعْدُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ قَبْلَ الْوُجُوبِ (كِفَايَةٌ) ، وَسَوَاءٌ أَضُبِطَ الْمَبِيعُ مُؤَخَّرًا بِالِاسْتِحْقَاقِ أَمْ لَمْ يُضْبَطْ (دُرَرٌ) ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يُضْبَطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَخَذَ مُقَابِلَ ثَمَنِهِ رَهْنًا عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَحْدُثَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَالْمَالُ الْمَرْهُونُ يَكُونُ أَمَانَةً مَحْضَةً بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا قَبَضَ الرَّهْنَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ الْحُكْمُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِعَادَةِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ وَلَوْ ضُبِطَ الْمَبِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْبَاطِلَ لَا وُجُودَ لَهُ (زَيْلَعِيٌّ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ وَإِنْ تَحَقَّقَ الدَّرَكُ بِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَنْقَلِبُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بَعْدَ لُحُوقِ الدَّرَكِ أَيْضًا بَلْ يَجِبَ إعَادَتُهُ إلَى الرَّهْنِ (شِبْلِيٌّ) ، وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ ضَمَانَةٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ مَالَهُ فَإِعْطَاءُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرَكِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَعْدُومِ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ يُؤْخَذَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي يَصِحُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُشْتَرِي مَالًا آخَرَ بِصِفَةِ رَهْنٍ؛ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ قَدْ ثَبَتَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ (كِفَايَةٌ) . وَالرَّهْنُ مُقَابِلَ دَيْنٍ غَيْرُ لَازِمٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مَعًا وَغَيْرُ لَازِمٍ ظَاهِرًا فَقَطْ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَاطِلٌ كَإِعْطَاءِ رَهْنٍ مُقَابِلَ ثَمَنِ جِيفَةٍ بِيعَتْ بِاعْتِبَارِهَا جِيفَةً فَإِذَا هَلَكَ هَذَا الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (710) وَشَرْحَهَا. وَلَكِنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّائِنِ الْمَوْعُودِ جَائِزٌ مَعَ أَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مَعْدُومًا وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يَكُونَ جَائِزًا قِيَاسًا عَلَى الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرَكِ إنَّمَا الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُخْلِفُ وَعْدَهُ وَأَنَّ الْوَعْدَ الْمَذْكُورَ يُؤَدَّى وَيُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ غَالِبًا، وَالِاعْتِبَارُ لِلْغَالِبِ التَّابِعِ وَلَيْسَ لِلْمَغْلُوبِ النَّادِرِ، اُنْظُرْ الْمَبْحَثَ الثَّانِيَ الْعَائِدَ لِشَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . وَأَمَّا الدَّرَكُ فَهُوَ بِعَكْسِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِمَا تَقَدَّمَ آنِفًا (الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ مَالَ نَفْسِهِ) ، فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ هِيَ الصِّفَةُ الْمُخَصِّصَةُ لَفْظَ الْحَقِّ، يَعْنِي هُوَ حَقٌّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ تَسْتَلْزِمُ تَقْيِيدَ الْحَقِّ بِالْمَالِيِّ فَتَخْرُجُ، كَمَا ذُكِرَ أَيْضًا الْحُقُوقُ الَّتِي هِيَ مِثْلُ حَقِّ الْقِصَاصِ وَيَتَقَيَّدُ الْمَالُ أَيْضًا بِهَذِهِ الصِّفَةِ، إذْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَالًا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ الْحَقِّ مِنْهُ، يَعْنِي أَنْ يَكُونَ إيفَاءُ الْحَقِّ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ الْمَالِ مُمْكِنًا وَاحْتُرِزَ بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَالِ الْفَاسِدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَاحْتُرِزَ أَيْضًا بِتَوْصِيفِهِ بِصِفَةِ (اسْتِيفَائِهِ) مِنْ الْحَقِّ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَأَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ مَالِ أَمَانَةٍ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (768) حَيْثُ إنَّ الْأَمَانَةَ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً إذَا هَلَكَتْ

بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (710) وَإِنْ تَكُنْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةً بِأَنْ اُسْتُهْلِكَتْ فَالْأَمَانَةُ حِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ كَوْنِهَا أَمَانَةً وَتُعَدُّ مَغْصُوبَةً، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: وَلَوْ أَنَّ الْأَمَانَةَ الْمَذْكُورَةَ اُسْتُهْلِكَتْ فَلَا يُؤْخَذُ بَدَلُ الْأَمَانَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ لَمْ يُرْهَنْ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُقَابِلَ الْأَمَانَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، بَلْ إنَّهُ رُهِنَ مُقَابِلَ الْأَمَانَةِ الْمَوْجُودَةِ وَغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ آنِفًا بِالتَّفْصِيلِ. قِيلَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْبَرَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ عَلَى إعْطَاءِ الرَّهْنِ وَأَخَذَهُ جَبْرًا فَهَذَا الرَّهْنُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1006 وَ 1007) رَدُّ الْمُحْتَارِ. وَلِهَذَا إذَا بَاعَ رَجُلٌ لِآخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَ شَيْئًا مُعَيَّنًا مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. فَقَطْ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّهْنِ إذَا امْتَنَعَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ الْمُتَبَرِّعِ وَلَا إجْبَارَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْبَيْعِ بِدُونِ رَهْنٍ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ مُقَابِلَهُ رَهْنٌ أَوْثَقُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَا يُوجَدُ مُقَابِلَهُ رَهْنٌ، وَإِنَّ الرَّهْنَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ لِلثَّمَنِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بِخُصُوصِ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِوَصْفِ الثَّمَنِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الرَّهْنِ) مَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ سَلَفًا أَوْ يُعْطِ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ رَهْنًا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ لَا يَكُونُ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَقْصُودُ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ وَتَوَثَّقَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي الْمَادَّةِ (187) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ يُرْهَنَ الْمَالُ وَيُسَلَّمَ إذَا ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُرْتَهِنُ إجْبَارَ الرَّاهِنِ عَلَى إعْطَاءِ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمَضْبُوطِ أَوْ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ قَيْدَ التَّبَرُّعِ فِي الرَّهْنِ مُعْتَبَرٌ (بَزَّازِيَّةٌ فِي الثَّالِثِ هِنْدِيَّةٌ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ وأنقروي) وَلِذَلِكَ أَيْضًا لَا يُمْكِنُ الدَّائِنُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَدِينِهِ مَالًا غَيْرَ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ وَيُمْسِكَهُ عِنْدَهُ عَلَى سَبِيلِ الرَّهْنِ بِلَا إذْنِهِ فَإِذَا رَضِيَ الْمَدِينُ مُؤَخَّرًا وَأَجَازَ ذَلِكَ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَغَصْبًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الرَّهْنِ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ فَإِذَا فَعَلَ وَلَمْ يُخْبِرْ صَاحِبَ الْمَالِ يُدْعَى وَيَسْتَرِدُّ هَذَا مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ، وَلَا يَقْدِرُ الْأَبُ أَيْضًا أَنْ يَرْهَنَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِدُونِ إذْنِهِ فَإِذَا فَعَلَ يَسْتَرِدُّهُ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ أَوْ وَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1637) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا ارْتَهَنَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ دَارًا وَبَعْدَ قَبْضِهَا وَفِي غَيْبَةِ الْمَرْأَةِ حَضَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَعْطَى دَيْنَهَا فُضُولِيًّا وَارْتَهَنَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ وَكَفَلَ أَيْضًا بَعْضُ الْجِيرَانِ الْمَبْلَغَ فَيُمْكِنُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْتَرِدَّ الدَّارَ عِنْدَ حُضُورِهَا وَلَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنْ يُطَالِبَهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهَا بِدُونِ إذْنِهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1506) ، وَلَا يَسُوغُ أَيْضًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى الْحَقَّ الْمُسْتَحَقَّ لَهُ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ عَلَى الْجِيرَانِ الَّذِينَ كَفَلُوا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ بِكَفَالَتِهِمْ وَضَمَانِهِمْ لِشَيْءٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَا تَكُونُ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً (تَنْقِيحٌ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (612) . وَتَفْصِيلُ كَيْفِيَّةِ الْمُرَاجَعَةِ وَالتَّضْمِينِ عِنْدَ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ عَلَى

في تقسيمات وتعريفات الرهن

الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَرْهُونِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ تَلِفَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ بِصِفَةِ أَنَّ الرَّاهِنَ غَاصِبٌ لِلْمَرْهُونِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَحِقُّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِمَا ضَمِنَهُ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ كَمَا سَتُذْكَرُ لَاحِقَةٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ الرَّاهِنِ بِضَمَانَةِ الْمَرْهُونِ يَكُونُ مَالِكًا اسْتِنَادًا لِمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَهُ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ (بَزَّازِيَّةٌ فِي الثُّلُثِ وَهِنْدِيَّةٌ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ إذْ ذَاكَ غَاصِبَ الْغَاصِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 910) وَيُمْكِنُ بَعْدَ التَّضْمِينِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ بِرَهْنِهِ وَتَسْلِيمِهِ مَالَ الْغَيْرِ يَكُونُ غَرَّرَ الْمُرْتَهِنَ وَهَذَا يَكُونُ بِالْقَبْضِ عَامِلًا لِلرَّاهِنِ (بَزَّازِيَّةٌ) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) وَعَدَا عَنْ ذَلِكَ عِنْدَمَا يُضَمِّنُ الْمُرْتَهِنَ حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِأَخْذِ الْمُرْتَهِنِ مَالَهُ أَيْضًا مِنْ الرَّاهِنِ (خَانِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ انْتَقَضَ وَعَادَ حَقُّهُ كَمَا كَانَ. الْقَاعِدَةُ هِيَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَضْمُونِ يَثْبُتُ لِمَنْ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي تَضْمِينِ الْمُسْتَحِقِّ لِلرَّاهِنِ وَبِنَاءً عَلَى هَذَا حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَعْدَ أَنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ وَرَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ تَقَرَّرَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَ مِلْكَهُ. سُؤَالٌ - إنَّهُ لَمَّا رَهَنَ الرَّاهِنُ مِلْكَهُ وَتَلِفَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَ سُقُوطُ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ الْقِيمَةِ كَانَ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَيْضًا أَنْ يَسْقُطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. الْجَوَابُ - عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - السَّبَبُ فِي رُجُوعِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ هُوَ الْغَرُورُ وَيَحْصُلُ بِتَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَمَّا ضَمِنَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ قَدْ مَلَكَ الْمَرْهُونَ اعْتِبَارًا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ سَابِقٌ لِوَقْتِ التَّسْلِيمِ زَمَانًا أَيْ أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ كَأَنَّهُ رَهَنَ مَالَ غَيْرِهِ لَا مَالَهُ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى مَالَهُ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ بِمَالِ الْغَيْرِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - وَالْمُرْتَهِنُ بِضَمَانَةِ الْمَرْهُونِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَكُونُ مَلَكَهُ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ اشْتَرَى الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَبَاعَهُ لِلرَّاهِنِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ مِلْكِيَّةُ الرَّاهِنِ لِلْمَرْهُونِ مُتَأَخِّرَةً عَنْ عَقْدِ الرَّهْنِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ رَهَنَ مِلْكَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ، وَلَكِنَّ مَسْأَلَةَ تَضْمِينِ الْمُسْتَحِقِّ لِلرَّاهِنِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ كَانَ سَابِقًا لِعَقْدِ الرَّهْنِ وَضَامِنًا بِالْقَبْضِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ اسْتَنَدَ الْمِلْكُ لِلْقَبْضِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكُهُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . [فِي تَقْسِيمَاتِ وَتَعْرِيفَاتِ الرَّهْنِ] يَنْقَسِمُ الرَّهْنُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الرَّهْنُ الصَّحِيحُ وَهُوَ الرَّهْنُ الْمَشْرُوعُ ذَاتًا وَوَصْفًا كَالْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 108) .

(المادة 702) الارتهان هو أخذ الرهن

الْقِسْمُ الثَّانِي - الرَّهْنُ الْفَاسِدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَصْلًا وَغَيْرُ الصَّحِيحِ وَصْفًا، يَعْنِي الرَّهْنُ الَّذِي وَإِنْ انْعَقَدَ فَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجِيَّةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 109) وَاللَّاحِقَةَ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) وَلَمْ يُبْحَثْ فِي الْمَجَلَّةِ عَنْ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الرَّهْنُ الْبَاطِلُ وَهُوَ الرَّهْنُ غَيْرُ الصَّحِيحِ أَصْلًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (110) وَاللَّاحِقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) (شُرُنْبُلَالِيٌّ) يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا فِي الصُّورَتَيْنِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا: الصُّورَةُ الْأُولَى - كُلُّ مَوْضِعٍ لَيْسَ الرَّهْنُ فِيهِ مَالًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ مَوْضِعٍ لَيْسَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ فِيهِ مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ (الشِّبْلِيُّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 709 وَ 710) . [ (الْمَادَّةُ 702) الِارْتِهَانُ هُوَ أَخْذُ الرَّهْنِ] (الْمَادَّةُ 702) الِارْتِهَانُ هُوَ أَخْذُ الرَّهْنِ، يَعْنِي أَخْذَ الْمَالِ الْمَرْهُونِ وَهُوَ أَمْرٌ قَائِمٌ بِالْمُرْتَهِنِ، وَحَيْثُ إنَّ لَفْظَ الِارْتِهَانِ هَذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَادَّةِ (708) مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَقَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ لِتَعْرِيفِهِ هُنَا. [ (الْمَادَّةُ 703) الرَّاهِنُ هُوَ الشَّخْص الَّذِي يُعْطِي الرَّهْنَ] (الْمَادَّةُ 703) الرَّاهِنُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يُعْطِي الرَّهْنَ، أَيْ الْمَدِينُ الَّذِي يُعْطِي الْمَرْهُونَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَيُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) أَنَّ الْمَدِينَ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَدِينِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَتَأْتِي كَلِمَةُ الرَّهْنِ أَحْيَانًا بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ أَيْضًا كَمَا تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالرَّهْنُ فِي هَذِهِ أَيْضًا مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ، وَالْقَرِينَةُ هِيَ عِبَارَةُ (الَّذِي يُعْطِي) ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَتَعَلَّقُ بِالْأَعْيَانِ الْمَرْهُونَةِ، وَفِعْلُ الْإِعْطَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَغَانِي الَّتِي هِيَ حَبْسٌ وَتَوْقِيفٌ. [ (الْمَادَّةُ 704) الْمُرْتَهِنُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَأْخُذُ الرَّهْنَ] (الْمَادَّةُ 704) الْمُرْتَهِنُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَأْخُذُ الرَّهْنَ، أَيْ الدَّائِنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَلَفْظُ الرَّهْنِ هُنَا أَيْضًا بِمَعْنَى الْمَرْهُونِ، وَالْقَرِينَةُ عِبَارَةُ (الَّذِي يَأْخُذُ) ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَرْهُونِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَلَيْسَ فِي الْحَبْسِ وَالتَّوْقِيفِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمَغَانِي. [ (الْمَادَّةُ 705) الْعَدْلُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي ائْتَمَنَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ] (الْمَادَّةُ 705) الْعَدْلُ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي ائْتَمَنَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَأَوْدَعَاهُ وَسَلَّمَاهُ الرَّهْنَ، وَالْعَدْلُ اثْنَانِ: الْأَوَّلُ - مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالثَّانِي - هُوَ الشَّخْصُ الْعَاقِلُ الَّذِي سَلَّمَهُ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ

وَلَا يُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ هَذَا الْعَدْلِ لِبَيْعِ الرَّهْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا إنْ تَوَكَّلَ أَوْ لَمْ يَتَوَكَّلْ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْعَدْلَ هُنَا لَيْسَ بِمَعْنَى الْعَدْلِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (1705) ، يَعْنِي: الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ بِلَفْظِ عَدْلٍ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِهِ عَدْلًا بِزَعْمِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَلَيْسَ بِحَيْثُ إنَّهُ شَخْصٌ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةٌ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ الشَّخْصَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا فِي الرَّهْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدْلًا بِمَعْنَى الْمَادَّةِ (1705) أَمْ لَمْ يَكُنْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) . يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّهُ يُطْلَقُ الْعَدْلُ أَيْضًا عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَوْدَعَهُ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ لَيْسَ بِجَامِعٍ أَفْرَادَهُ. شَرْطُ الْعَدْلِ - قَدْ صُرِّحَ بِقَيْدِ (عَاقِلٍ) فِي التَّعْرِيفِ شَرْحًا؛ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ الطَّرَفَانِ الرَّهْنَ فِي يَدِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِ الْحَائِزِ التَّعَرُّفَ أَوْ فِي يَدِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَاكْتَفَيَا بِقَبْضِهِ فَلَا 0 يَكُونُ بِالْإِجْمَاعِ هَذَا الْقَبْضُ وَالرَّهْنُ أَيْضًا مُعْتَبَرًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) فَإِذَنْ قَيْدُ (عَاقِلٍ) لَازِمٌ فِي التَّعْرِيفِ، إنَّمَا لَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ لُزُومًا لِتَصْرِيحِهِ هُنَا نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ سَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (708) . الصَّغِيرُ مَنْ كَانَ مُخَيَّرًا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ مَعَ وَكَالَتِهِ لِبَيْعِ الرَّهْنِ مَأْذُونًا فَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَعُهْدَةُ الْبَيْعِ لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1458) ، وَإِذَا بَاعَ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ الرَّهْنَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِحَسَبِ الْوَكَالَةِ حَالٍ كَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الصَّغِيرِ بَلْ إنْ شَاءَ طَلَبَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ هُوَ الَّذِي انْتَفَعَ مِنْ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ بِأَخْذِهِ الثَّمَنَ. وَإِنْ شَاءَ طَلَبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ الْبَائِعَ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْبَيْعِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ فَبَيْعُهُ وَقَبْضُهُ الثَّمَنَ هُوَ لِأَجْلِ الرَّاهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ قَبْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ) ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ لِشَخْصٍ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا لِنَفْسِهِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لِلْأَشْخَاصِ الْآتِيَةِ أَنْ يَكُونُوا عُدُولًا فِي الرَّهْنِ: أَوَّلًا - الْمَكْفُولُ عَنْهُ لِرَهْنِ الْكَفِيلِ. ثَانِيًا - الْكَفِيلُ لِرَهْنِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ. ثَالِثًا - رَبُّ الْمَالِ لِرَهْنِ الْمُضَارِبِ. رَابِعًا - الْمُضَارِبُ لِرَهْنِ رَبِّ الْمَالِ. خَامِسًا - إذَا أَعْطَى أَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ الْعِنَانِ رَهْنًا لِأَجْلِ دَيْنِ التِّجَارَةِ شَرِيكَهُ الْآخَرَ لِهَذَا الرَّهْنِ. سَادِسًا - الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْخَامِسَةِ فَيَجُوزُ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا لِدَيْنٍ غَيْرِ دَيْنِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْآخَرِ وَلَا تَكُونُ يَدُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ كَيَدِ الْآخَرِ. وَفِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ إنْ اُشْتُرِطَ وُجُودُ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَعَقْدُ الرَّهْنِ

يَكُونُ فَاسِدًا. (هِنْدِيَّةٌ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ وَفِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) . وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ فَإِذَا أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهُ إلَى الرَّاهِنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَجُوزُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (749) ، وَإِذَا اشْتَرَى الْأَبُ مَالًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَرَهَنَهُ مُقَابِلَ ثَمَنِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُوضَعَ فِي يَدِهِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ وَالرَّهْنُ بَاطِلٌ، رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (706) .

الباب الأول في بيان المسائل الدائرة لعقد الرهن

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانُ الْمَسَائِلِ الدَّائِرَةِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ بَيَانُ الْمَسَائِلِ الدَّائِرَةِ لِعَقْدِ الرَّهْنِ: وَيَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَتُدْرَجُ خُلَاصَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ الرَّهْنُ تَعْرِيفُهُ: هُوَ جَعْلُ مَالٍ مَحْبُوسًا وَمَوْقُوفًا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ مُقَابِلَ حَقٍّ مُمْكِنِ الِاسْتِيفَاءِ - مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ الْحَقِّ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ: (1) الْحَقُّ الْمَالِيُّ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الْحُقُوقُ الَّتِي هِيَ مِثْلُ الْقِصَاصِ، وَالْيَمِينِ خَارِجَةٌ. (2) حَقُّ الدَّيْنِ؛ الدَّيْنُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّيْنُ الْحَقِيقِيُّ (1) مَا وَجَبَتْ تَأْدِيَتُهُ عَلَى الْمَدِينِ. (2) الدَّيْنُ اللَّازِمُ ظَاهِرًا وَغَيْرُ اللَّازِمِ بَاطِنًا. (3) الدَّيْنُ الَّذِي لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ، وَاَلَّذِي سَبَبُ لُزُومِهِ مَوْجُودٌ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الدَّيْنُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ الْعَيْنُ الَّتِي عِنْدَ هَلَاكِهَا بِيَدِ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَضَمَانُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الدَّيْنُ الْمَعْدُومُ وَلِهَذَا السَّبَبِ الرَّهْنُ فِيهِ بَاطِلٌ. الدَّيْنُ الْمَوْعُودُ مُسْتَثْنًى تَقْسِيمُهُ: (1) الرَّهْنُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الرَّهْنُ الْمَشْرُوعُ ذَاتًا وَوَصْفًا. (2) الرَّهْنُ الْفَاسِدُ، وَهُوَ الرَّهْنُ الصَّحِيحُ أَصْلًا وَغَيْرُ الصَّحِيحِ وَصْفًا. (3) الرَّهْنُ الْبَاطِلُ، وَهُوَ الرَّهْنُ غَيْرُ الصَّحِيحِ أَصْلًا وَيَكُونُ عَلَى شَكْلَيْنِ: أ - إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا. ب - إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَضْمُونًا

عَقْدُ الرَّهْنِ 1 (رُكْنُ الرَّهْنِ) الرَّهْنُ يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ وَقَبُولِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَيَتِمُّ بِالْقَبْضِ، وَالْإِيجَابُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ، وَالْقَبُولُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ مُقَابِلَ الرَّهْنِ عِنْدَ هَلَاكِهِ فَالْقَوْلُ إذًا بِجَوَازِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ بِلَا قَبُولِ الْمُرْتَهِنِ يُوجِبُ حَزْرَهُ، وَالْقَبْضُ لَازِمٌ لِإِتْمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا - الرَّهْنُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ. ثَانِيًا - الرَّهْنُ حُكْمًا اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ فَكَمَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ فَالِاسْتِيفَاءُ الْحُكْمِيُّ أَيْضًا لَا يَكُونُ صَحِيحًا بِدُونِ الْقَبْضِ. ثَالِثًا - الْقَصْدُ مِنْ الرَّهْنِ إجْبَارُ الرَّاهِنِ عَلَى تَعْجِيلِ إيفَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا مُمْكِنٌ بِالْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ يَكُونُ حَقِيقَةً كَوَضْعِ الْمُرْتَهِنِ يَدَهُ عَلَى الْمَرْهُونِ بِالْفِعْلِ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا بِالتَّخْلِيَةِ. وَلِصِحَّةِ الْقَبْضِ يَلْزَمُ أَوَّلًا: وُجُودُ أَهْلِيَّةِ الْقَابِضِ لِلْقَبْضِ ثَانِيًا: وُجُودُ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَهَذَا الْإِذْنُ يَكُونُ صَرَاحَةً، وَفِيهِ يَجُوزُ الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا بَعْدَ تَفَرُّقِ مَجْلِسِ الرَّهْنِ أَوْ دَلَالَةً، (وَفِي هَذَا يَتَقَيَّدُ الْقَبْضُ بِمَجْلِسِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَ التَّفَرُّقِ) . 2 - شَرَائِطُ الرَّهْنِ: 1 - يُشْتَرَطُ كَوْنُ الرَّاهِنِ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ لَازِمٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ. 2 - لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُرْتَهِنِ بَالِغًا فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَجُوزُ رَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ، وَيَنْفُذُ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ. 3 - يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ مَالًا مَعْلُومًا وَمُتَقَوِّمًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَهَذَا يُمْكِنُ بِوُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ، لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ. 4 - يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّهْنُ شَرْطًا مُعَلَّقًا وَلَا مُضَافًا لِوَقْتٍ، يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالًا مَضْمُونًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا أَيْ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ عِنْدَ هَلَاكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ أَوْ

فَاسِدًا أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ سَابِقًا لِلدَّيْنِ يَكْتَسِبُ حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانَ لَاحِقًا لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِحُكْمِ الصَّحِيحِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ هَذَا الْمَرْهُونَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. 3 - مَبَاحِثُ مُتَفَرِّعَةٌ: 1 - زَوَائِدُ الْمَرْهُونِ الْمُتَّصِلَةُ مَا دَخَلَ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ بَعْضُ مَا لَمْ يَدْخُلْ دَاخِلٌ (كَالْمَزْرُوعَاتِ، وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَرْهُونَةِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ دَاخِلَةً لَوُجِدَتْ مَشْغُولِيَّةُ الْأَرْضِ بِمِلْكِ الرَّاهِنِ، وَأَفْضَى ذَلِكَ لِفَسَادِ الرَّهْنِ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا غَيْرُ دَاخِلٍ، وَمَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَرْهُونِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. 2 - تَبْدِيلُ الرَّهْنِ لَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: (1) رِضَا الطَّرَفَيْنِ. (2) رَدُّ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِلرَّاهِنِ. (3) قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ الثَّانِيَ. 3 - زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ وَهِيَ قِسْمَانِ: (1) الزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ مُتَوَلِّدَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَهِيَ بِحُكْمِ أَصْلِ الرَّهْنِ مُنْفَصِلَةٌ تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الْمَرْهُونِ (الْمَادَّةُ 715) غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مُتَّصِلَةٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ. (2) الزِّيَادَةُ الْقَصْدِيَّةُ زِيَادَةُ الرَّاهِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ لِلرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ جَائِزَةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصْلِ الرَّهْنِ وَزِيَادَةِ الرَّهْنِ هُوَ أَنَّ الزِّيَادَةَ تَكُونُ مَرْهُونَةً مُقَابِلَ مَا تَبَقَّى مِنْ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ، وَأَصْلُ الرَّهْنِ يَكُونُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ فِي الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مَا يُصِيبُهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ. (4) زِيَادَةُ الدَّيْنِ وَهُوَ جَائِزٌ مُقَابِلَ عَيْنِ الْمَرْهُونِ، وَيَكُونُ الْمَالُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ كِلَا الدَّيْنَيْنِ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرُكْنِ الرَّهْنِ. رُكْنُ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَرُكْنِ الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 149) ، الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ عَلَى ثَلَاثَةِ صُوَرٍ. أَوَّلًا - لَفْظًا ثَانِيًا - بِالْمُكَاتَبَةِ ثَالِثًا - بِالتَّعَاطِي وَيَأْتِي الْكَلَامُ بِالتَّفْصِيلِ عَلَيْهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 69) رَدُّ الْمُحْتَارِ. أَرْكَانُ الرَّهْنِ خَمْسَةٌ: (1) الرَّهْنُ. (2) الْمُرْتَهِنُ. (3) الْمَرْهُونُ. (4) الْمَرْهُونُ بِهِ. (5) الصِّيغَةُ. (الْبَاجُورِيُّ) فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ ذُكِرَتْ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَسَتُذْكَرُ الرَّابِعَةُ فِي الْمَادَّةِ (710) وَالْخَامِسَةُ تُفَصَّلُ فِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا. (الْمَادَّةُ 706) يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَقَطْ لَكِنْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكُونُ لَازِمًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا وَبِالتَّعَاطِي وَالْمُكَاتَبَةِ، يَعْنِي بِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا، وَسَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ انْعِقَادُ الرَّهْنِ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ وَالتَّعَاطِي. الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ نَوْعَانِ: الْأَوَّلُ - عَقْدُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِمَا. الثَّانِي - مِنْ النَّائِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَحَيْثُ إنَّ مَسْأَلَةَ عَقْدِ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالرَّهْنِ بِالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ سَتُذْكَرُ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (708) فَلْنُوَضِّحْ هُنَا عَقْدَ رَهْنِ الْوَكِيلِ، وَكَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1460) أَنَّ إضَافَةَ الْوَكِيلِ عَقْدَ الرَّهْنِ كُلِّهِ لَازِمَةٌ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَوَكَّلَهُ بِرَهْنِهِ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا عَقَدَ الْآخَرُ الرَّهْنَ بِقَوْلِهِ: إنَّ فُلَانًا أَرْسَلَ لَكَ هَذَا الْمَالَ لِتَأْخُذَهُ رَهْنًا وَتُقْرِضَهُ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَرْضَةُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَكُونُ كَمَا ذُكِرَ

فِي الْمَادَّةِ (1461) رَسُولًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَعْدَئِذٍ اسْتِرْدَادُ الْمَرْهُونِ وَلَا يُطَالِبُ أَيْضًا بِالْمَبْلَغِ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ الرَّهْنَ قَائِلًا: خُذْ هَذَا الْمَالَ رَهْنًا وَأَقْرِضْنِي مِائَةَ قِرْشٍ فَالْمَبْلَغُ يَكُونُ مَالَهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ لِآمِرِهِ الَّذِي هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، وَإِذَا تَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْآخَرِ يَكُونُ تَلِفَ مِنْ مَالِهِ (أَنْقِرْوِيٌّ قُبَيْلَ الْوَصَايَا) وَيُمْكِنُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْدَادُ مَالِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْتَهِنِ. وَسَبَبُ لُزُومِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كِلَيْهِمَا فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ هُوَ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْعُقُودَ السَّائِرَةَ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَفِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَيْضًا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كِلَاهُمَا لَازِمٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (167 و 433) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ وَعَلَيْهِ وُجُودُ الشَّطْرَيْنِ لَازِمٌ وَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . سُؤَالٌ - لِمَاذَا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ فَقَطْ مِثْلُ الْكَفَالَةِ؟ الْجَوَابُ - مَتَى هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَسْقُطُ الدَّيْنُ مُقَابَلَةً فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ بِلَا رِضَا الْمُرْتَهِنِ يُوجِبُ ضَرَرًا بِسُقُوطِ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ، وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (19) (عَيْنِيٌّ) وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَالرَّهْنُ لَا يُعَدُّ تَبَرُّعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْكَفَالَةِ بَلْ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ وَحْدَهُ، وَقَبُولُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا لَازِمٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ عَيْنِيٌّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . الْخُلَاصَةُ لَيْسَ الرَّهْنُ كَالْكَفَالَةِ مَنْفَعَةً مَحْضَةً بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ قَبُولُ الْمُرْتَهِنِ لَازِمٌ وَلَا يُقَاسُ لِلْمَادَّةِ (621) ، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْقَبُولَ أَيْضًا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الرَّهْنِ كَالْإِيجَابِ وَعَلَيْهِ إذَا حَلَفَ شَخْصٌ بِأَنَّهُ لَا يُعْطِي رَهْنًا ثُمَّ أُوجِبَ الرَّهْنُ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمُرْتَهِنُ لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ (شَلَبِيٌّ) ، وَلَكِنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِمُجَرَّدِ انْعِقَادِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ يَقْتَضِي لِذَلِكَ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ كَمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ صَحَّتْ فِقْرَةُ: (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ لَا يَتِمُّ وَلَا يَكُونُ لَازِمًا) إلَى آخِرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، يَعْنِي إذَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ الْمُتَّصِفُ بِالشَّرَائِطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ نَائِبِهِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَقَطْ تَامًّا لَازِمًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ وَدَاخِلًا فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ. يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ أَنْ يَكُونَ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُحْرَزًا، يَعْنِي مَقْسُومًا وَغَيْرَ مُشَاعٍ. ثَانِيًا - أَنْ لَا يَكُونَ مَشْغُولًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا، يَعْنِي غَيْرَ مُتَّصِلٍ. رَابِعًا - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسَلِّمُ وَالْمُسْتَلِمُ مُتَّحِدَيْنِ. فَالشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ سَيَأْتِي إيضَاحُهَا قَرِيبًا وَإِيضَاحُ الشَّرْطِ الرَّابِعِ كَمَا يَلِي: إنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ يُمْكِنُهُ إنَابَةُ شَخْصٍ آخَرَ بِخُصُوصِ قَبْضِ الرَّهْنِ وَتَسْلِيمِهِ، وَلَكِنْ لَا

يَصِحُّ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُسَلِّمِ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِنَائِبِهِ: كُنْ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِي لِقَبْضِ الرَّهْنِ، فَقَبَضَهُ فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِذَلِكَ مَقْبُوضًا (الْبَاجُورِيُّ) ، وَقَدْ ثَبَتَ لُزُومُ الْقَبْضِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الرَّاهِنُ، وَهُوَ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ مُقَابِلَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ أَخَذَ قَرْضًا فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَائِهِ فَالرَّهْنُ يَكُونُ عَقْدَ تَبَرُّعٍ، وَالتَّبَرُّعُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (57) يَتِمُّ بِالْقَبْضِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - الرَّهْنُ حُكْمًا هُوَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَالِاسْتِيفَاءُ حُكْمًا كَالِاسْتِيفَاءِ حَقِيقَةً لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَحَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ حَقِيقَةً بِدُونِ الْقَبْضِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (97) فَإِذَا قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ: (أَلْقِ فِي الْمَاءِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الَّتِي لِي بِذِمَّتِك) ، وَفَعَلَ الْمَدِينُ ذَلِكَ لَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِهِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ إجْبَارُ الدَّائِنِ عَلَى تَعْجِيلِ إيفَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِبَقَاءِ يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ، وَالْبَقَاءُ أَيْضًا يَظْهَرُ لِلْوُجُودِ بِقَبْضِ الرَّهْنِ (كِفَايَةٌ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ بَقَاءُ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَوْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ، وَأَمَّا إذَا وَرَدَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ قَبَضَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (705) . الْخُلَاصَةُ - الْأَحْكَامُ الَّتِي سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَرْهُونِ مَا لَمْ يَقْبِضْ. وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى التَّبَرُّعِ. وَفِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَلْزَمُ الرَّاهِنَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُشَابِهٌ لِلْكَفَالَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَبْضُ الْوَثِيقَةِ. (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ) جَاءَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ قَيْدُ (بِحَقِّ الرَّاهِنِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (716) ، لَا يَكُونُ الرَّهْنُ لَازِمًا بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ الْمَرْهُونَ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ تَقْسِيمِ الْعُقُودِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (114) . بَيَانُ الِاخْتِلَافِ - يُوجَدُ فِي الرَّهْنِ شَيْئَانِ: الْأَوَّلُ - انْعِقَادُ الرَّهْنِ. الثَّانِي - لُزُومُ الرَّهْنِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إتْمَامُ الرَّهْنِ. فَالْأَوَّلُ يَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالثَّانِي يَحْصُلُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالْقَبْضِ. وَفِي رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الرَّهْنُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْقَبْضِ، يَعْنِي بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ فَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَا دَخْلَ لِلْقَبْضِ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ، وَإِنْ يَكُنْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ رَجَحَ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فَقَدْ قُبِلَ

الثَّانِي فِي الْمَجَلَّةِ بِدَلَالَةِ عِبَارَةِ (يَنْعَقِدُ) فَنَظَرًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ الرَّهْنُ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَمُنْعَقِدًا فَهُوَ غَيْرُ تَامٍّ، وَلَكِنْ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، هَلْ مِنْ ثَمَرَةٍ لِهَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْمُعَامَلَاتِ؟ فَيُمْكِنُ التَّوْجِيهُ بِأَنَّهُ حَسَبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ يَقَعَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّهْنِ الصَّرِيحِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (183) ، وَأَمَّا بِحَسَبِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَجُوزُ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ الصَّرِيحِ حَتَّى بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَسَيُفَصَّلُ هَذَا فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ. الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَغَيْرُ الصَّحِيحَةِ فِي الرَّهْنِ - حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ يَتِمُّ بِالْقَبْضِ كَمَا سَبَقَ بِوَجْهِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ مَتَى ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ، يَعْنِي إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنِّي ارْتَهَنْتُ وَقَبَضْتُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا إذَا أَقَامَ الدَّعْوَى عَلَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَبْضَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا، وَنَظَرًا لِمَا تَقَدَّمَ يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ وَيَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا الرَّهْنُ تَبَرُّعٌ وَلَا لُزُومَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (زَيْلَعِيٌّ) وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ يَكُونُ الرَّاهِنُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الرَّهْنِ، (وَلَيْسَ رِضَا الْمُرْتَهِنِ شَرْطًا لِصِحَّةِ هَذَا الرُّجُوعِ) ، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَأَكْمَلَ عَقْدَ الرَّهْنِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْهِبَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (737 وَ 849) . وَفِقْرَةُ (بِنَاءً عَلَيْهِ) الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ هِيَ تَفْرِيعٌ عَلَى فِقْرَةِ (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ) . وَلِهَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (187) إذَا بِيعَ مَالٌ بِشَرْطِ رَهْنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ مُقَابِلَ ثَمَنِهِ فَلَا يُمْكِنُ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَهْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِلْبَائِعِ، وَقَدْ أُوضِحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) الدُّرَرُ. وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَبَضَ الْمَرْهُونَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِعَقْدِ الرَّهْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1634) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَأَقَامَ الشُّهُودَ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الرَّاهِنِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الرَّهْنِ بِلَا قَبْضٍ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (تَنْقِيحٌ) ، وَفِي تِلْكَ الْحَالِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَرَدَتْ عَلَى الدَّعْوَى غَيْرِ الصَّحِيحَةِ وَعَلَيْهِ مَنْ شَهِدَ عَلَى رَهِينَةِ دَارٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ رُهِنَ لِعُمَرَ لَا يَكْفِي، إذْ يَلْزَمُ ذِكْرُ التَّسْلِيمِ وَالْقَبْضِ (أَبُو السُّعُودِ) ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَ الْمُرْتَهِنَ سَنَدَ الدَّارِ وَحُجَّتَهَا فَقَطْ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ سَنَدِ الدَّارِ وَحُجَّتِهَا لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَقُومُ مَقَامَ تَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمِلْكِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لَاحِقَةٌ - فِي أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَفَاءً شَرْطٍ.

حَيْثُ إنَّ الْبَيْعَ بِالْوَفَاءِ هُوَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فَفِيهِ أَيْضًا قَبْضُ الْمَبِيعِ لَازِمٌ كَيْ يَكُونَ تَامًّا فَالْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ لَا يَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (118) ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُسَلَّمْ الْمَالُ الَّذِي بِيعَ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي وَبَعْدَهُ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُ لَهُ وَادَّعَى بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا مَاتَ الْبَائِعُ وَفَاءً قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ وَفَاءً هُوَ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ فِي الْمَبِيعِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَفْهُومِ الْمُخَالِفِ لِفِقْرَةِ (فَقَطْ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ. إلَخْ) أَنَّهُ حِينَمَا يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يَصِيرُ الرَّهْنُ لَازِمًا وَتَامًّا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرَّهْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعِنَايَةٌ) (، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 717) ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إنَّك غَصَبْت مِنْ الرَّهْنِ أَوْ إنِّي أَعْطَيْتُكَ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ لَا بِوَجْهِ الرَّهْنِ وَادَّعَى بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الرَّاهِنِ أَمْ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَثْنَاءَ الِاخْتِلَافِ (الْبَاجُورِيُّ) . أَنْوَاعُ الْقَبْضِ وَشَرَائِطُهُ - يَصِحُّ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَمَا يَصِحُّ بَعْدَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَبِإِذْنِ الرَّاهِنِ الصَّرِيحِ وَكَذَلِكَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ بِالذَّاتِ أَوْ نَائِبِهِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْعَدْلِ أَيْضًا صَحِيحٌ. إنَّمَا يُقْتَضَى وُجُودُ الشَّرَائِطِ الْآتِي ذِكْرُهَا لِصِحَّةِ الْقَبْضِ: أَوَّلًا - أَهْلِيَّةُ الْقَابِضِ لِلْقَبْضِ وَلِهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (705) قَبْضُ الْعَدْلِ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَيْسَ صَحِيحًا وَلَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِهِ. ثَانِيًا - إذْنُ الرَّاهِنِ لِلْقَبْضِ وَعَلَيْهِ لَا حُكْمَ لِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (842 وَ 843 وَ 844) أَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا هَكَذَا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَنْوَاعُ الْإِذْنِ - الْإِذْنُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - إعْطَاءُ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنَ إذْنًا صَرِيحًا بِقَبْضِ الرَّهْنِ كَقَوْلِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي آذَنْتُكَ بِقَبْضِ الرَّهْنِ، أَوْ اقْبِضْ الرَّهْنَ، أَوْ رَضِيتُ بِقَبْضِكَ الرَّهْنَ. النَّوْعُ الثَّانِي - الْإِذْنُ دَلَالَةً كَسُكُوتِ الرَّاهِنِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ أَيْ عَدَمِ نَهْيِهِ عَنْهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) . الْفَرْقُ بَيْنَ نَوْعَيْ الْإِذْنِ حُكْمًا. يَفْتَرِقُ حُكْمًا الْإِذْنُ الصَّرِيحُ عَنْ الْإِذْنِ دَلَالَةً فَكَمَا أَنَّ قَبْضَ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ فِي مَجْلِسِ عَقْدِ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْإِذْنِ الصَّرِيحِ صَحِيحٌ فَقَبْضُهُ إيَّاهُ بَعْدَ تَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ أَيْضًا يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَأَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَيَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا هَكَذَا كَمَا صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (844) . ثَالِثًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُفَرَّغًا، يَعْنِي غَيْرَ مَشْغُولٍ بِالرَّاهِنِ أَوْ بِمَتَاعِهِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إذَا سُلِّمَتْ الدَّارُ الْمَرْهُونَةُ مَشْغُولَةً بِالرَّاهِنِ أَوْ بِأَشْيَاءَ، أَوْ بِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا سُلِّمَتْ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ حَالَ كَوْنِ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعِهِ مَوْجُودًا فِيهَا لَا يَصِحُّ، مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنُهَا وَسَلَّمَهَا لِلْمُرْتَهِنِ

وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا وَقَبَضَهَا الْمُرْتَهِنُ مَشْغُولَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ بَاطِلٌ يَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى الرَّاهِنِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا وَيُخْرِجَ أَشْيَاءَهُ وَيُسَلِّمَهَا بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مُجَدَّدًا (الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَأَمَّا إذَا رَهَنَ الدَّارَ مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا وَسَلَّمَهَا مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْهَا فَيَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا. رَابِعًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُحْرَزًا أَيْ مَقْسُومًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ رَهْنُ الْمُشَاعِ غَيْرُ جَائِزٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشَاعُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ غَيْرَ قَابِلٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ دَوَامِ الْحَبْسِ، وَحَيْثُ إنَّ فِي الْمُشَاعِ تَجِبُ الْمُهَايَئَةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ دَوَامُ الْحَبْسِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، وَإِنَّمَا الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الرَّهْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبُو يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَيُفْسِدُهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . خَامِسًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مُتَمَيِّزًا، يَعْنِي أَنْ لَا يَكُونَ مُتَّصِلًا خِلْقَةً بِغَيْرِ الْمَرْهُونِ بِنَاءً عَلَيْهِ رَهْنُ الثَّمَرِ بِدُونِ الشَّجَرِ، وَتَسْلِيمُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . وَإِذَا وُجِدَ الْمَرْهُونُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ هَلْ يَلْزَمُ قَبْضُهُ بَعْدُ؟ إذَا وُجِدَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَالْقَبْضُ اللَّازِمُ وُقُوعُهُ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ كِلَاهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ الْقَبْضُ السَّابِقُ أَقْوَى مِنْ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ يَقُومُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ، وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُ قَبْضٌ جَدِيدٌ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْأَوَّلِ) ، مَثَلًا لَوْ غَصَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ مَالًا ثُمَّ رَهَنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَتَامٌّ بِدُونِ أَنْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَغْصُوبِ قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ وَبِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ فَإِنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَأَدْنَى مِنْهُ. وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مُجَدَّدًا فَيَصِحُّ الرَّهْنُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (744) ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ أَيْ لَا يَتِمُّ بِلَا تَسْلِيمٍ وَقَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (600) وَقَبْضَ الْمَرْهُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مُجَدِّدًا فَيَصِحُّ الرَّهْنُ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (744) ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ أَيْ لَا يَتِمُّ بِلَا تَسْلِيمٍ وَقَبْضٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (600) وَقَبْضَ الْمَرْهُونِ كَمَا سَيَأْتِي فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَقُومُ قَبْضُ الْأَمَانَةِ مَقَامَ الْقَبْضِ الْمَضْمُونِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلِذَلِكَ إذَا رَهَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ الَّتِي بِيَدِهِ إلَى الْمُودِعِ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً

(المادة 707) الإيجاب والقبول في الرهن

بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا يَكْتَسِبُ حُكْمَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَطَالَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَتَثَبَّتُ حُكْمُ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْمَرْهُونِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . بِنَاءً عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ قَبْضٌ بِحُكْمِ الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا بَيِّنَةٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُنْكِرٌ الْقَبْضَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) ، مَعَ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ دَعْوَى بِأَنَّ الرَّهْنَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمَرْهُونَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ إيفَاءَ الدَّيْنِ. تَقْسِيمُ الْقَبْضِ - الْقَبْضُ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْقَبْضُ حَقِيقَةً. كَوَضْعِ الْمُرْتَهِنِ يَدَهُ عَلَى الْمَنْقُولِ وَدُخُولِهِ الْعَقَارَ الَّذِي رُهِنَ بَعْدَ تَخْلِيَتِهِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقَبْضُ حُكْمًا، وَهَذَا هُوَ أَيْضًا التَّخْلِيَةُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . التَّخْلِيَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَبْضِ بِإِزَالَةِ مَوَانِعِهِ (الْعِنَايَةُ وَالزَّيْلَعِيُّ) وَسَبَبُ كِفَايَةِ التَّخْلِيَةِ هُوَ أَنَّ نِهَايَةَ مَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ عَمَلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّخْلِيَةِ، وَحَيْثُ إنَّ الْقَبْضَ حَقِيقَةً هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ فَلَا يُكَلَّفُ الرَّاهِنُ بِهِ فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنَّ وَضْعَ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَ بِحَالَةٍ يَتَمَكَّنُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَنْ يَقْبِضَهُ بِلَا مَانِعٍ وَإِذْنَهُ بِقَبْضِهِ يُعَدُّ تَسْلِيمًا وَبِهَذَا يُعْتَبَرُ الرَّهْنُ قَبْضًا حُكْمًا كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (263 وَ 264) (الْعِنَايَةُ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخْلَى الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِحُضُورِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَأْخُذْ هَذَا الْأَخِيرُ الرَّهْنَ الْمَنْقُولَ لِيَدِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ لِغَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ وَفُقِدَ يَضْمَنُ الرَّهْنَ بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الطَّحَاوِيَّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِدَايَةُ، الْهِنْدِيَّةُ، وَالدُّرَرُ) ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُنْقَلُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا مَا لَمْ يَنْقُلْ (الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا تَصَادَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى وُقُوعِ الْقَبْضِ وَلَمْ يُقْبَضْ الرَّهْنُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيَكُنْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْقَبْضِ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) ، حَتَّى إنَّهُ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ بِقَبْضِ الرَّهْنِ، لَمْ يَقُولُوا (رَأَيْنَاهُ وَهُوَ يَقْبِضُ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَوُجُودُ الرَّهْنِ بِيَدِ الرَّاهِنِ وَقْتَ الدَّعْوَى لَا يَمْنَعُ إثْبَاتَ قَبْضِهِ مُقَدَّمًا، أَوْ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ حَالِيًّا تَكُونُ أَيْضًا عَارِيَّةً.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (749) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الرَّهْنِ) . وَبِالْإِقْرَارِ بِالرَّهْنِ لَا يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ، وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ لَازِمًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ، فَالرَّاهِنُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ بِعَقْدِ الرَّهْنِ لَا يَكُونُ أَقَرَّ بِالتَّسْلِيمِ، يَعْنِي بِقَبْضِ الرَّهْنِ، بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرَجْ قَبْضُ الرَّهْنِ فِي سَنَدِ عَقْدِ الرَّهْنِ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِلُزُومِ الرَّهْنِ بِذَلِكَ السَّنَدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَوْلٌ وَالْقَبْضَ فِعْلٌ فَلَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ بِسَنَدٍ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الْقَوْلِ فِيهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 707) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الرَّهْنِ] (الْمَادَّةُ 707) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الرَّهْنِ هُوَ قَوْلُ الرَّاهِنِ: إنِّي رَهَنْتُ

عِنْدَكَ هَذَا الشَّيْءَ مُقَابِلَ دَيْنِي أَوْ كَلَامًا آخَرَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِثْلَ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ، وَلَيْسَ ذِكْرُ لَفْظِ الرَّهْنِ شَرْطًا، مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ شَيْئًا وَأَعْطَى الْبَائِعَ مَالًا قَائِلًا لَهُ: احْفَظْهُ عِنْدَك لِبَيْنَمَا أَنْقُدُكَ الثَّمَنَ يَكُونُ قَدْ رَهَنَ الْمَالَ، وَقَوْلُ الرَّاهِنِ أَيْضًا فَلْيَكُنْ هَذَا الشَّيْءُ رَهْنًا عِنْدَكَ مُقَابِلَ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَذَا ذَهَبَاتٍ، يَعْنِي عِنْدَ وُقُوعِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِأَلْفَاظٍ كَهَذِهِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِأَلْفَاظٍ لَا تَدُلُّ عَلَى الرَّهْنِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِمِائَةِ مَجِيدِي وَأَعْطَاهُ إيَّاهَا قَائِلًا: أَشْهَدُ أَنَّكَ قَبَضْتَهَا وَأَمْسَكْتَهَا مُقَابِلَ حَقِّكَ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ لَا تَكُونُ رَهْنًا بَلْ إيفَاءَ دَيْنٍ (الْخَانِيَّةُ) ، وَكَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الرَّهْنَ يَنْعَقِدُ بِإِيجَابِ الرَّاهِنِ وَقَبُولِ الْمُرْتَهِنِ يَنْعَقِدُ أَيْضًا بِإِيجَابِ الْمُرْتَهِنِ وَقَبُولِ الرَّاهِنِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَوَالَةِ وَلِذَلِكَ إيرَادُ الْإِيجَابِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ أَمْرًا احْتِرَازِيًّا، وَذِكْرُ لَفْظِ الرَّهْنِ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ يَكْفِي لِذَلِكَ قَوْلٌ يُفِيدُ الرَّهْنَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُمْكِنُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِدُونِ أَنْ تُلْفَظَ كَلِمَةُ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَإِذَا اشْتَرَى أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ آخَرَ وَأَعْطَاهُ مَالًا قَائِلًا لَهُ: أَبْقِ هَذَا عِنْدَكَ لِبَيْنَمَا أُعْطِيكَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، وَأَبْقَى الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي رَهَنَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ عِنْدَ الْبَائِعِ مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَقْصِدَ الرَّاهِنِ الرَّهْنُ بِتَجْدِيدِهِ إمْسَاكَ الرَّهْنِ لِحِينِ تَأْدِيَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَيْثُ إنَّ الْإِمْسَاكَ لِحِينِ إعْطَاءِ الْمَبْلَغِ هُوَ مَعْنَى الرَّهْنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (729) وَنَظَرًا لِلْمَادَّةِ (3) فَالِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَبْقِ مُقَابِلَ الدَّرَاهِمِ، وَلَا يَكُونُ تَرْكُ الْمَالِ بِصِفَةِ وَدِيعَةٍ، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِدَائِنِهِ: خُذْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ وَخَمْسِينَ مَجِيدِيًّا وَأَبْقِهَا عِنْدَكَ لِبَيْنَمَا أُعْطِيكَ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةَ تَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ رَهْنًا، وَلَيْسَتْ إيفَاءَ دَيْنٍ (الْخَانِيَّةُ) . هَذَا مِثَالٌ لِكَوْنِ ذِكْرِ لَفْظِ الرَّهْنِ لَيْسَ شَرْطًا وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فَبِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ بَلْ تَنْعَقِدُ وَدِيعَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرَّهْنَ وَالْإِيدَاعَ، وَحَيْثُ إنَّ الْإِيدَاعَ أَقَلُّ مِنْ الرَّهْنِ اقْتَضَى ثُبُوتَ الْإِيدَاعِ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَمَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ، وَلَكِنْ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: أَمْسِكْهُ مُقَابِلَ دَيْنِكَ أَوْ مَالِكَ يَكُونُ عَنْ جِهَةِ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ بِالِاتِّفَاقِ رَهْنًا (الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا كَانَ رَهْنُ الْمَبِيعِ مُقَابِلَ ثَمَنِهِ جَائِزًا بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ وَلِهَذَا قَوْلُ الْمَجَلَّةِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَأَعْطَى الْبَائِعَ مَالًا، يَعْنِي أَنَّ إيرَادَ الْمَرْهُونِ مُسْتَقِلًّا عَنْ الْمَبِيعِ لَيْسَ بِقَصْدِ الْإِشْعَارِ بِوُجُوبِ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَالِ غَيْرَ الشَّيْءِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَالِحٌ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا مُقَابِلَ ثَمَنِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالدُّرَرُ)

وَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ قَائِلًا لَهُ: أَبْقِ هَذَا عِنْدَك إلَى أَنْ أَنْقُدُكَ ثَمَنَهُ فَالْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ رَهْنُ الْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (293) ، وَحَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلشَّيْءِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِضَمَانَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مَضْمُونًا بِالرَّهْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ الضَّمَانَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ مُحَالٌ. وَبَيَانُ اخْتِلَافِ الضَّمَانَيْنِ أَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ ثَابِتٌ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدَّيْنِ، وَأَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْمَبِيعُ مَضْمُونٌ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَأَبُو السُّعُودِ) وَعَلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ الرَّهْنُ جَائِزًا قَبْلَ الْقَبْضِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ مَالًا مَعَ الْمَبِيعِ كَيْ يَكُونَ رَهْنًا مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ بَعْدُ، فَيَكُونُ الْمَالُ فَقَطْ مَرْهُونًا بِحِصَّتِهِ وَالْمَبِيعُ لَا يَكُونُ مَرْهُونًا (الْهِنْدِيَّةُ قَبْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يُمْكِنُ الْبَائِعَ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ أَدْنَى مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (293) وَشَرْحَهَا، وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يَفْسُدُ بِالْمُكْثِ كَاللَّحْمِ وَالْحَلِيبِ وَرَهَنَهَا مُقَابِلَ ثَمَنِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا وَذَهَبَ فِي حَالٍ سَبِيلِهِ، يَعْنِي إذَا أَهْمَلَ أَخْذَ الْمَبِيعِ وَإِعْطَاءَ ثَمَنِهِ فَيُمْكِنُ الْبَائِعُ أَنْ يَبِيعَهُ لِخِلَافِهِ، وَبِإِمْكَانِ الْآخَرِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَيْضًا مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ فَلَا يُطَالِبُ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الْآخَرَ بِشَيْءٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِيمَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) . إنَّ انْعِقَادَ الرَّهْنِ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِيِّ فَقَطْ فَيَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي وَالْكِتَابَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (69) كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (175 وَ 437) . وَعَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَجَلَّةِ نَاشِئٌ عَنْ أَنَّهَا تَكُونُ مَعْلُومَةً قِيَاسًا لِلْمَوَادِّ الْمَذْكُورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) .

فصل في بيان شروط انعقاد الرهن

[فَصَلِّ فِي بَيَانِ شُرُوطِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ] يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ أَهْلِهِ، يَعْنِي مِنْ الْعَاقِلِ وَالْمُمَيِّزِ وَيُضَافُ إلَى مَحَلِّهِ فَالرَّهْنُ الَّذِي يُوجَدُ خَلَلٌ فِي رُكْنِهِ كَرَهْنِ الْمَجْنُونِ بَاطِلٌ. تَلْخِيصُ الشُّرُوطِ: الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ تَتَعَلَّقُ بِالرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ وَالْمَالِ الْمُقَابِلِ الرَّهْنَ، فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ مَذْكُورَانِ فِي الْمَادَّةِ (708) ، وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (709) ، وَالرَّابِعُ فِي الْمَادَّةِ (710) فَكُلُّ عَقْدِ رَهْنٍ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَاطِلٌ، وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا هُوَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمُحَرَّرِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 361 وَ 362 وَ 444 وَ 458) . وُجُوهٌ أَرْبَعَةٌ فِي بُطْلَانِ عَقْدِ الرَّهْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - لِفِقْدَانِ الشُّرُوطِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (708) الْوَجْهُ الثَّانِي - لِعَدَمِ وُجُودِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (709) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - لِجَهْلِ الْمَرْهُونِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْوَجْهُ الرَّابِعُ - لِعَدَمِ وُجُودِ الشُّرُوطِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (71) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَفِي الْمَادَّةِ (709) عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَفِي الْمَادَّةِ (710) عَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ (عَيْنِيٌّ) . وَيُوجَدُ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ شَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (705) أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلًا لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِقَبْضِهِ وَيُوجَدُ لِلرَّهْنِ شَرَائِطُ أُخَرُ، وَعَدَا عَنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي الرَّهْنِ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) . وَإِذَا وُجِدَ شَرْطُ الرَّهْنِ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجِيَّةِ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا، وَالْمَجَلَّةُ تَبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ، وَحَيْثُ إنَّ أَحْكَامَ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مُهِمَّةٌ أَيْضًا فَسَنَبْحَثُ عَنْهَا فِي الشَّرْحِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ، وَعَدَمُ ذِكْرِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ فِي الْمَجَلَّةِ (مَعَ أَنَّهُ صُرِّحَ فِي فُصُولِهَا الْعَائِدَةِ لِلْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ أَنَّ الْعُقُودَ الْمَذْكُورَةَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ مَعْلُومًا بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ

(الْمَادَّةُ 708) : 1 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَاقِلَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا حَتَّى إنَّ رَهْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ، يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَاقِلَيْنِ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 957 وَ 966) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ رَهْنُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ وَارْتِهَانُهُمَا بَاطِلَانِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِأَنْفُسِهِمَا أَمْ بِوَكِيلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونَ لَا عَقْلَ لَهُمَا، وَالْعَقْلُ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ لِعَدَمِ اقْتِدَارِ الصَّبِيِّ عَلَى حِفْظِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَمَّا الْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ رَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ صَحِيحَانِ وَنَافِذَانِ إذَا كَانَ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ بِالتِّجَارَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا أَيْضًا بِتَوَابِعِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 967) ، مَثَلًا كَمَا أَنَّ بَيْعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَالًا نَافِذٌ فَاسْتِيفَاؤُهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْضًا صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ، وَالِارْتِهَانُ هُوَ حُكْمُ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَاسْتِيفَاءُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ حُكْمًا جَائِزٌ كَاسْتِيفَائِهِ الْحَقِيقِيِّ فَإِذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ مَالًا وَأَوْفَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَالرَّهْنُ حُكْمًا هُوَ إيفَاءُ الدَّيْنِ، وَالْإِيفَاءُ حُكْمًا جَائِزٌ كَالْإِيفَاءِ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ، وَرَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ جَائِزَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا أَمْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ: إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَكَمَا أَنَّ رَهْنَهُ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ فَهُمَا نَافِذَانِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَرَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ جَائِزَانِ، وَلَكِنَّهُمَا غَيْرُ نَافِذَيْنِ بَلْ مَوْقُوفَانِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ أَجَازَهُمَا نَفَذَا وَإِلَّا انْفَسَخَا كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي بَيْعِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَشِرَائِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (967) . وَسَبَبُ تَوَقُّفِ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى الْإِذْنِ هُوَ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَتَى صَارَ مُمَيِّزًا يُحْتَمَلُ حُصُولُ الضَّرَرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ نَظَرًا لِنَقْصِ عَقْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ نَافِذًا بِلَا إذْنٍ فَعِنْدَمَا يَقْتَرِنُ بِالْإِذْنِ تَرْجَحُ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، إذْ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الْوَصِيَّ يَكُونُ دَقَّقَ مُعَامَلَةَ الرَّهْنِ وَتَيَقَّنَ الْمَنْفَعَةَ مِنْهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) (أَبُو السُّعُودِ فِي الْحَجَرِ) . وَلَمَّا كَانَ رَهْنُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلَيْنِ فَيُمْكِنُ وَلِيَّهُمَا أَوْ وَصِيَّهُمَا الِارْتِهَانُ لِأَجْلِهِمَا. وَيَنْقَسِمُ رَهْنُ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُمَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ لِلصَّغِيرِ وَإِيضَاحُهُ فِي ضَابِطَيْنِ: الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - إنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ رَاجِعٌ لِلْأَشْخَاصِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (974) فَالْأَبُ يُمْكِنُهُ رَهْنُ مَالِ الصَّبِيِّ لِأَجْلِ دَيْنِ الصَّبِيِّ، وَعِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْأَبِ تَعُودُ هَذِهِ الصَّلَاحِيَةُ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ وَالْجَدِّ الصَّحِيحِ لِلْأَبِ بِتَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ، وَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ نَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الصَّغِيرِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ أَحَدِ صَغِيرَيْهِ عِنْدَ الْآخَرِ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَوَلَّى كِلَا طَرَفَيْ عَقْدِ

الرَّهْنِ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَزَّازِيَّةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 167) وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ الْأَبَ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ وَيَحْبِسَهُ لِأَجْلِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ لِلصَّغِيرِ، وَالْوَصِيُّ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إنَّمَا رَهْنُ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُ لِأَجْلِ الصَّبِيِّ أَوْ التَّرِكَةِ جَائِزَانِ، مَثَلًا إذَا اسْتَقْرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ وَرَهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَتَعَاطَى التِّجَارَةَ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ. أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِحِسَابِ الصَّغِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) فَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا اسْتَقْرَضَ وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى دَرَاهِمَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ الْوَرَثَةِ وَرَهَنَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَرَثَةِ مُقَابِلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا صَحَّ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَنْقُضَ الرَّهْنَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ عِنْدَ بُلُوغِهِ، إلَّا إذَا أَوْفَوْا الدَّيْنَ بِتَمَامِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 729) ، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا وَبَعْضُهُمْ صِغَارًا تَنْفُذُ الِاسْتِدَانَةُ وَتَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ فَقَطْ، وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالِاسْتِقْرَاضُ كِلَاهُمَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَرَثَةُ حَاضِرِينَ أَمْ غَائِبِينَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 701) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) . وَمَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إذَا اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ وَرَهَنَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ حَيَوَانَاتِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالِاسْتِدَانَةُ كِلَاهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ كِبَارًا وَالْبَعْضُ مِنْهُمْ صِغَارًا فَالِاسْتِدَانَةُ وَالرَّهْنُ يَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ بِحَقِّ الصِّغَارِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا يَصِحَّانِ بِحَقِّ الْكِبَارِ وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا. إذَا اسْتَقْرَضَ الْوَصِيُّ لِأَجْلَ نَفَقَةِ دَوَابِّ الْوَرَثَةِ وَرَهَنَ مُقَابِلَهُ فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا وَغَائِبِينَ فَالِاسْتِدَانَةُ وَالرَّهْنُ جَائِزَانِ، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا وَكَانَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ غَائِبًا وَالْبَعْضُ حَاضِرًا فَالْمُعَامَلَةُ تَصِحُّ بِحَقِّ الْغَائِبِينَ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا تَصِحُّ بِحَقِّ الْحَاضِرِينَ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا وَحَاضِرِينَ فَلَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ وَلَا الرَّهْنُ (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) ، وَلَيْسَ بِإِمْكَانِ الْوَصِيِّ أَنْ يَتَوَلَّى جِهَتَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ الرَّهْنِ كَالْأَبِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ عِنْدَ نَفْسِهِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عِنْدَ الصَّغِيرِ وَلَا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ عِنْدَ الْآخَرِ (زَيْلَعِيٌّ) فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنَّ الْأَبَ نَظَرًا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَخْصٍ وَتَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ عِنْدَ بَيْعِ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ يَكُنْ الْأَصْلُ عَدَمَ تَوَلِّي الْوَاحِدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فَقَدْ اُسْتُثْنِيَ الْأَبُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُعْدَلُ لِأَجْلِهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ نَظَرًا لِقُصُورِ شَفَقَتِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَيْضًا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ مَا عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ الدَّيْنِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ وَكِيلٌ مَحْضٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ لِأَبِيهِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَلَا عَلَى أَبِيهِ كَمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 149 وَفِي الرَّهْنِ لَيْسَ مِنْ تُهْمَةٍ أَيْضًا.

الضَّابِطُ الثَّانِي - لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَشْخَاصِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (974) حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ الصَّغِيرِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْأُمِّ مَالَ صَغِيرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً أَوْ مَأْذُونَةً أَيْ وَكِيلَةً مِنْ قِبَلِ الْأَشْخَاصِ الْمَرْقُومَةِ.، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 974 الْمَارِّ ذِكْرُهَا. إذَا أَعْطَى الْحَاكِمُ الْإِذْنَ لِأُمِّ الصَّغِيرِ بِرَهْنِ مَالِهِ يَصِحُّ ذَلِكَ الرَّهْنُ، وَإِذَا رَهَنَتْ الْأُمُّ مَالَ صَغِيرِهَا بِلَا إذْنٍ وَوَكَّلَتْ شَخْصًا فِي بَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 760 يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ إنْ أَجَازَ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ وَالتَّوْكِيلَ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ وُكِّلَ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1453 (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي الَّذِي أَجَازَ الرَّهْنَ وَالْبَيْعَ وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ غَيْرُهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ بِحُضُورِهِ إجَازَةُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ الرَّهْنَ وَالْبَيْعَ يَنْفُذُ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ، وَإِلَّا يَرُدُّهُمَا وَيُبْطِلُهُمَا، هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ مَنْفَعَةٌ لِلصَّغِيرِ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) . رَهْنُ الْمَرِيضِ - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّاهِنُ مَرِيضًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ رَهْنَ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ وَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الرَّهْنِ، وَمَتَى زَادَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي قَابَلَهُ لَا تُحْسَبُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَكُونُ قَدْ أَوْدَعَ مَالَهُ لِيَدِ الْأَمِينِ، إنَّمَا رَهْنُ الْمَرِيضِ لَا يَنْفُذُ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ بِهَذَا الرَّهْنِ يَكُونُ أَوْفَى حُكْمًا مَطَالِيب الْغُرَمَاءِ تَرْجِيحًا، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1604) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ) ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا مَاتَ الْمَرِيضُ وَدُيُونُهُ زَائِدَةٌ عَلَى مَتْرُوكَاتِهِ أَدْخَلَ الدَّائِنُونَ الرَّهْنَ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (729) ، وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِي الرَّهْنِ (الْبَهْجَةُ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - رَهْنُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ دُيُونِهِمْ. رَهْنُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ دُيُونِهِمْ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، فَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ اسْتَقْرَضَهُ لِنَفْسِهِ وَلِلصَّغِيرِ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ فَبِطَرِيقٍ أَوْلَى يَكُونُونَ مُقْتَدِرِينَ عَلَى رَهْنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا تَلِفَتْ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً، وَأَمَّا الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا، فَقَطْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الرَّهْنَ هُوَ أَدَاءُ الْأَبِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَمْ يَجُزْ قِيَاسًا لَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْإِيفَاءِ فَحَقِيقَةُ الْإِيفَاءِ تُفِيدُ الْإِزَالَةَ فِي الْحَالِ بِمِلْكِ الصَّغِيرِ بِدُونِ عِوَضٍ مُقَابِلٍ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَمَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الصَّغِيرِ يَتَضَمَّنُ نَصْبَ حَافِظٍ لِأَجْلِ حِفْظِ مَالِهِ (الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ، وَالْكِفَايَةُ) . وَعَلَيْهِ مَتَى صَحَّ هَذَا الرَّهْنُ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ عِنْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ الدَّيْنَ إنَّمَا يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِعَادَةِ الرَّهْنِ إلَى صَاحِبِهِ.، وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَكَمَا سَيُذْكَرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) .

أَنَّهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ لَا بِمَا زَادَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ أَمَانَةٌ وَوَدِيعَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيُّ) . مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الَّذِي رُهِنَ - مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ - أَلْفَيْ قِرْشٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ لِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ مِقْدَارَ أَلْفِ قِرْشٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ بِمَالِ الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ بِمَا زَادَ عَنْهُ (الْكِفَايَةُ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ، وَذَهَبَ الْأَنْقِرْوِيُّ إلَى أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَقِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ يَضْمَنُ قَدْرَ الدَّيْنِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَفِيَ تَمَامَ الدَّيْنِ وَيَسْتَخْلِصَ الْمَالَ مِنْ الرَّهِينَةِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّ تَعَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ لَازِمٌ وَنَافِذٌ (الْكِفَايَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) لَا يُعَدُّ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ فَيُرْجَعُ عَلَى تَرِكَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ - كَمُعِيرِ الرَّهْنِ - مَجْبُورٌ عَلَى التَّأْدِيَةِ.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (732) وَشَرْحَهَا، وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ لِشَخْصٍ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنُ وَالزَّيْلَعِيُّ) . وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ ذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - رَهْنُ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُ بِالْوَصِيَّةِ مُقَابِلَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِ الْمُتَوَفَّى، وَلَوْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَالْوَصِيُّ كَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا (أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ) . وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْوَصِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ عَلَى مَا ذُكِرَ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) لَا يَلْزَمُ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) ، وَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى بِإِمْسَاكِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُتَوَفَّى بِحَالِ حَيَاتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى وَكِيلًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (760) فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (وَ 1452) . وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى فِي حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَإِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ الْأَصْلِيَّةِ، إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُتَوَفَّى لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَإِذَا فَعَلَ يَكُونُ مُتَوَقِّفًا عَلَى رِضَاءِ بَقِيَّةِ الدَّائِنِينَ فَإِنْ شَاءُوا نَقَضُوا الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ يَحْصُلُ تَرْجِيحٌ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ، وَأَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الرَّهْنِ) مَا لَمْ تُوَفَّ دُيُونُ سَائِرِ الدَّائِنِينَ كَامِلَةً وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ) . وَلَا يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ بِذَلِكَ تَفَرَّقَ

(المادة 709) شرط كون المرهون صالحا للبيع

بِمَا هُوَ مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَإِذَا رَهَنَ الْوَصِيُّ مَالَ الْمُتَوَفَّى عِنْدَ الْوَرَثَةِ وَمُقَابِلَ الدَّيْنِ الْحَاصِلِ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَكَانُوا حَاضِرِينَ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ الرَّهْنُ بِالِاتِّفَاقِ لَا عَلَى الْكِبَارِ وَلَا عَلَى الصِّغَارِ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ بِحَقِّ كِلَا الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ مَشَاعِيَّةَ الرَّهْنِ فِي نَصِيبِ الْكِبَارِ وَالْفَسَادُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ. وَسَنَخْتِمُ هَذَا الْبَحْثَ بِبَيَانِ ثَلَاثِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَهْنِ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ التَّرِكَةِ: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ الْمُنْحَصِرُ الْإِرْثِ فِيهِ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ يَصِحُّ، وَإِذَا وُجِدَ دَيْنٌ فَيَبْطُلُ الرَّهْنُ بِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ الدَّائِنِ وَيُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُوفَى الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَلَكِنْ إذَا أَوْفَى الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ جَازَ الرَّهْنُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) . ثَانِيًا - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّالِفَةِ هُوَ دَيْنُ التَّرِكَةِ الْمَوْجُودِ حِينَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ الْحَاصِلُ عَلَى التَّرِكَةِ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الرَّهْنِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ حَيَاتِهِ لِآخَرَ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ تُوُفِّيَ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ عِنْدَ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا بِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ مِنْ التَّرِكَةِ فَالدَّيْنُ الَّذِي طَرَأَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى التَّرِكَةِ لَا يُخِلُّ بِجَوَازِ الرَّهْنِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ وَقْتَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ فَالْمَرْهُونُ يَكُونُ خَالِيًا مِنْ حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَمِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَقِلِّ، وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَلُحُوقُ الدَّيْنِ لَا يُخِلُّ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يُبْطِلُهُ. ثَالِثًا - إنَّ ضَبْطَ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ كَوْنَهُ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٌ لَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ الَّتِي صُوِّرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ رَهَنَ الْوَارِثُ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ ضُبِطَ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاتِهِ مِنْ قِبَلِ مُسْتَحِقٍّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَوَجَبَ رَدُّ ثَمَنِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ إذَا وَقَعَ أَحَدٌ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي حَفَرَهَا الْمُتَوَفَّى فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَاتَ لَزِمَتْ دِيَتُهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الْمَذْكُورُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَالْوَصِيُّ كَالْوَارِثِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 709) شَرْطُ كون الْمَرْهُون صَالِحًا لِلْبَيْعِ] (الْمَادَّةُ 709) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ صَالِحًا لِلْبَيْعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ. يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُرَادَ رَهْنُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الشَّيْءِ غَيْرِ الصَّالِحِ لِلْبَيْعِ (الْهِدَايَةُ فِيمَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ - مِثْلَ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَمَالًا وَمُتَقَوِّمًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورُهُ التَّسْلِيمَ.

فَهَذِهِ الْمَادَّةُ شَامِلَةٌ حُكْمَيْنِ وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ تَتَفَرَّعُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهَا عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ يَعْنِي مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَمَالًا مُتَقَوِّمًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ يَجُوزُ رَهْنُهُ. فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ تُرْهَنُ مُقَابِلَ أَجْنَاسِهَا وَخِلَافَ أَجْنَاسِهَا فَإِذَا رُهِنَتْ مُقَابِلَ جِنْسِهَا وَهَلَكَتْ فَتَهْلَكُ بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهَا وَلَا يُنْظَرُ لِجُودَتِهَا (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ الِاعْتِيَادِيَّةِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَاسْتَقْرَضَ مُقَابِلَهَا خَمْسِينَ كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ لِأَجْلِ الْبَذْرِ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا هَلَكَتْ بِيَدِهِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يُمْكِنُ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّ الْحِنْطَةَ الَّتِي أَقْرَضَهَا هِيَ مِنْ الْجِنْسِ الْجَيِّدِ وَقِيمَتَهَا زَائِدَةٌ وَأَنْ يُطَالِبَ بِزِيَادَةِ حِنْطَةٍ أَوْ زِيَادَةِ دَرَاهِمَ. فَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ هَذَا صَادِقٌ كَقَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ يَعْنِي يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ كُلَّ مَرْهُونٍ صَالِحٌ لِلْبَيْعِ وَلَكِنْ عَكْسُهَا لَا يَكُونُ صَادِقًا كَقَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبَيْعِ يَكُونُ صَالِحًا لِلرَّهْنِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَشَاعِ وَالْمَشْغُولِ جَائِزٌ وَرَهْنَهُ غَيْرُ جَائِزٍ وَبَيْعَ الشَّاغِلِ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ وَرَهْنَهُ فَاسِدٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى كُلِّ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مَعَ إنَّهُ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ الْحِمْلَ الْمَوْجُودَ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ وَسَلَّمَ الْحَيَوَانَ مَعَ الْحِمْلِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالْحَيَوَانُ يَكُونُ مَرْهُونًا أَيْضًا مَعَ الْحَمْلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْبَيْعِ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ يَعْنِي يَكُونُ رَهْنُهُ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلًا. فَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ مَالًا وَكَانَ مُقَابِلُهُ مَضْمُونًا وَبَعْضُ شَرَائِطِ الْجَوَازِ مَفْقُودًا يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا وَمُقَابِلُهُ مَضْمُونًا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ: أَوَّلًا - إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا كَالْمَيِّتِ وَبَنِي آدَمَ الَّذِي هُوَ حُرٌّ أَوْ كَانَ مَعْدُومًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (205 وَ 209 وَ 211) أَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ وَالْمَالَ غَيْرَ الْمُتَقَوِّمِ وَغَيْرَ الْمَقْدُورِ التَّسْلِيمِ بَاطِلٌ. ثَانِيًا - رَهْنُ الدَّيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ) . قِيلَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ رَهْنَ الدَّيْنِ انْتِهَاءً جَائِزٌ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (670) . ثَالِثًا - كَمَا أَنَّ رَهْنَ الْعِنَبِ الَّذِي سَيُحَصَّلُ هَذِهِ السَّنَةَ مِنْ الْكَرْمِ أَوْ الْخِرْفَانِ الَّتِي سَتَلِدُهَا الْغَنَمُ بَاطِلٌ كَذَلِكَ رَهْنُ الْمُبَاحَاتِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ كَالصَّيْدِ وَالْحَطَبِ غَيْرَ الْمُحْرَزِ بَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ وَالْحَطَبَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ لَيْسَ بِمَالِ أَحَدٍ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1247 و 1243) . رَابِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مَعْلُومًا فَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ. كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (200 و 213) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ (دِرْهَمَيْنِ) قَائِلًا لَهُ: خُذْ مِنْهُمَا

الَّذِي تَخْتَارُهُ وَاجْعَلْهُ رَهْنًا عِنْدَك مُقَابِلَ الْمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي لَك دَيْنٌ عَلَيَّ وَفَعَلَ ذَلِكَ يَعْنِي إذَا لَمْ يُعَيِّنْ أَيَّهُمَا هُوَ الْمَرْهُونُ وَدُونَ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا وَهَلَكَ الدِّرْهَمَانِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَانِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الرَّهْنِ) وَجُعِلَ هَذَا بِمُنْزِلَةِ رَجُلٍ عَلَيْهِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَدَفَعَ الْمَدِينُ إلَى الطَّالِبِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَهَا فَضَاعَتْ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتَكُونُ ضَاعَتْ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ وَالدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ. خَامِسًا - إذَا أَعْطَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دِينَارَيْنِ وَقَالَ لَهُ: خُذْ أَحَدِهِمَا رَهْنًا فَالْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) وَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَقَالَ: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا بِدَيْنِك، فَأَخْذُهُمَا وَقِيمَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ. قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: يَذْهَبُ نِصْفُ قِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ مِثْلَ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِلْآخَرِ مِائَةَ قِرْشٍ وَقَالَ: خُذْ مِنْهُمَا دَيْنَك الْبَالِغَ عِشْرِينَ قِرْشًا وَتَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَسْقُطُ مَطْلُوبُهُ الْعِشْرُونَ قِرْشًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ، الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: رَأَيْنَا أَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ وَسَلَّمَهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) وَلَكِنْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى إقْرَارِ الرَّهْنِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ رَهَنَ كَذَا مَالًا وَسَلَّمَهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ بِارْتِهَانِهِ مَالًا وَلَمْ يَصِفُوا أَوْ يُعَيِّنُوا الْمَرْهُونَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَيَانِ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَالْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) . كَمَا لَوْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَخْذَ مَالٍ رَهْنًا أَبْرَزَ دِرْهَمًا وَقَالَ: هَذَا هُوَ الرَّهْنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ الْيَمِينِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَةِ) . سَادِسًا - يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَرْهُونُ مَجْهُولًا بِدَرَجَةٍ تَقْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي صَدَدِ الضَّمَانِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ رَأْسَيْ غَنَمٍ مُقَابِلَ ثَلَاثِينَ ذَهَبًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا مَرْهُونًا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَالْآخَرُ مُقَابِلَ عِشْرِينَ ذَهَبًا وَلَمْ يُصَرَّحْ أَيُّهُمَا الْمَرْهُونُ مُقَابِلَ الْعَشْرِ وَأَيَّهمَا مُقَابِلَ الْعِشْرِينَ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ أَحَدِ رَأْسِ الْغَنَمِ لَا يُعْلَمُ وَجْهُ الضَّمَانِ وَلَا يُعْلَمُ أَيْضًا أَيُّهُمَا يَجِبُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا أَوْفَى الدَّيْنَ الْعِشْرِينَ ذَهَبًا مَثَلًا (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ بِدُونِ إذْنِهِ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (701) وَالْمَادَّةَ (708) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّهْنِ) .

(المادة 710) شرط كون مقابل الرهن مالا مضمونا

[ (الْمَادَّةُ 710) شَرْطُ كون مُقَابِل الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا] الْمَادَّةُ 710) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا فَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ مَالٍ هُوَ أَمَانَةٌ. يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا وَمَضْمُونًا بِنَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ جَامِعًا صِفَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ مَالًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَالًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ. فَكُلُّ حَقٍّ وُجِدَتْ فِيهِ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الصِّفَتَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَالرَّهْنُ الَّذِي مُقَابِلُهُ لَا يَصِحُّ. وَيُسْتَفَادُ حُكْمَانِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالثَّمَنِ الصَّرْفِ، وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَبَدَلَ الْإِجَارَةِ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِمِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا مِثْلَ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ (الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْعَيْنِيُّ، وَالزَّيْلَعِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (890 و 891) يَعْنِي يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهِ وَهَاكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. فَحُكْمُ الرَّهْنِ مُقَابِلُ الدَّيْنِ ذُكِرَ إجْمَالًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (709) وَيُفَصَّلُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) أَيْضًا وَوَرَدَ بَعْضُ التَّفْصِيلَاتِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) بِخُصُوصِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ وَذُكِرَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَأْخُوذُ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْمُسْلَمَ فِيهِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ كَافِيًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ السَّلَمُ تَامًّا. (الزَّيْلَعِيُّ، وَشِبْلِيٌّ، وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ - إنَّ الرَّهْنَ الْمَأْخُوذَ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يُعَدُّ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْبَدَلَ الصِّرْفَ وَرَأْسَ مَالِ السَّلَمِ. هَذَا إذَا كَانَ بَدَلُ الْمَرْهُونِ كَافِيًا لِلْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ بَاطِلَيْنِ إذْ لَا يَكُونُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَبَدَلُ الصَّرْفِ قَبْضًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ مَشْرُوطٌ وَلَا يَكُونَانِ قَبْضًا أَيْضًا حُكْمًا.

اسْتِثْنَاءٌ - لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ رَهْنٍ مُقَابِلَ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَقِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ وَلِلْمُشْتَرِي حَقٌّ فِي اسْتِرْدَادِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ. مَثَلًا إذَا بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ حِصَانًا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي رَهَنَ مُقَابِلَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ سَاعَةً بِقِيمَةِ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَلِفَتْ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ مُتَسَاوِيَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ تُضْمَنُ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ (الْخَانِيَّةُ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فَيَكُونُ إمَّا بَاطِلًا وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ مَجَّانًا لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُفِيدُ حُكْمًا أَلْبَتَّةَ (أَوْ فَاسِدًا) وَتَفْصِيلُهُ يَأْتِي قَرِيبًا وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ لِأَجْلِ مَالٍ هُوَ أَمَانَةٌ) تَتَفَرَّعُ عَنْ الْحُكْمِ الثَّانِي. وَلَا يَصِحُّ أَخْذَ الرَّهْنِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالِ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْعَيْبِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَبِيعِ وَالنَّقْدِ الْمُزَيَّفِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ الدَّائِنُ وَالْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِإِنْسَانٍ حُرٍّ وَثَمَنِ الْجِيفَةِ وَالْقِمَارِ وَالرِّشْوَةِ فَإِذَا رُهِنَ مَالٌ مُقَابِلَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَبَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (210) يَكُونُ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَاطِلًا وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالرَّهْنُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ أَيْضًا بَاطِلًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ النَّائِحَةُ وَالْمُغَنِّيَةُ وَأُعْطِيَ رَهْنٌ مُقَابِلَ أُجْرَتِهَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلِنُفَصِّلَ الْآنَ أَحْكَامَهَا. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إذَا رَهَنَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مَالًا عِنْدَ الْمَكْفُولِ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لِزَيْدٍ لِحَدِّ سَنَةٍ مِنْ الزَّمَانِ يَكُونُ ضَامِنًا دَيْنَهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ أُعْطِيَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ رَهْنًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنٌ. وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّكَ فَهُوَ عَلَيَّ ثُمَّ أَعْطَاهُ عَمْرٌو رَهْنًا لَمْ يَجُزْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّرْكِ - ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّرْكِ بَاطِلٌ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ وَالرَّهْنِ بِالدَّرْكِ: قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (638) أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّرْكِ صَحِيحَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ بِالدَّرْكِ غَيْرُ صَحِيحٍ صَارَ مِنْ الْمُقْتَضَى إظْهَارُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. فَالْفَرْقُ هُوَ هَذَا: جَعْلُ الرَّهْنِ مَشْرُوعًا لِأَجْلِ الِاسْتِيفَاءِ. وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاءٌ قَبْلَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ قِسْمًا مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمَانِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. مَعَ أَنَّ الضَّمَانَ الْمَذْكُورَ لِكَوْنِهِ مُضَافًا لِوُجُوبِ الدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ. وَأَمَّا الْكَفَالَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَتْ عَنْ الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ الْإِضَافَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ وَلِهَذَا إنَّ الْكَفَالَةَ لِمَا سَيَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ جَائِزَةٌ وَالرَّهْنُ لَا يَجُوزُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي سَيَثْبُتُ عِنْدَ فُلَانٍ (الْكِفَايَةُ وَالزَّيْلَعِيُّ) وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي

هِيَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَغَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَأْجُورِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا أَخَذَ الرَّهْنَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَالضَّمَانُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (416) هُوَ رَدُّ بَدَلِ الْهَالِكِ مِثْلًا إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَ رَدُّهَا عَيْنًا وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مُقَابِلَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ الْأَمَانَاتُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ أُتْلِفَتْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ لَا تَبْقَى أَمَانَةٌ وَتَصِيرُ مَضْمُونَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكِفَايَةُ) مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَاقِعَ هُوَ مُقَابِلُ الْأَمَانَةِ وَلَيْسَ مُقَابِلَ الْمَضْمُونِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ صَحِيحًا بَعْدَهُ. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ سَاعَةً وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَعْطَاهُ الْبَائِعُ مُقَابِلَهَا رَهْنًا فَلَا يَصِحُّ وَحَسَبَ بَيَانِ الزَّيْلَعِيّ وَصَاحِبِ الْكِفَايَةِ الرَّهْنُ بَاطِلٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ قَدْ تَلِفَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْءٌ (الشِّبْلِيُّ) وَلَكِنْ الِاخْتِيَارُ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ ذَكَرُوا أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ فَاسِدٌ عَلَى هَذَا الْفَتْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالسَّيْفِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ (الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا عُدَّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاسِدًا وَحَيْثُ إنَّ أَحْكَامَ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَجْرِي فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ أَيْ الْمَبِيعِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَهَذَا الْوَجْهُ مُحَرَّرٌ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ: إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ رَهْنًا لِأَجْلِ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ فَهَذَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ. (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) حَتَّى إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا لَمْ يَحْبِسْ رَهْنًا كَهَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ الْأَمَانَةَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَهُ تَمَسُّكًا بِالْمَادَّةِ (729) يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ عِنْدَ الطَّلَبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) وَشَرْحَهَا. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ اسْتِنَادًا لِلْمَادَّةِ (901) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الطَّلَبِ يَكُونُ هَلَكَ أَمَانَةً وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ وَالرَّهْنُ الْبَاطِلُ لَا حُكْمَ لَهُ. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْعَارِيَّةِ: مَثَلًا إذَا اشْتَرَطَ وَاقِفُ الْكُتُبِ عَدَمَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَكْتَبَةِ بِدُونِ رَهْنٍ فَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ مَنْ أَخْرَجَهَا وَبِتَقْدِيرِ هَلَاكِهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ نَظَرًا لِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الرَّهْنُ هُنَا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّذَكُّرِ أَيْ أَنْ يَتَذَكَّرَ خَازِنُ الْكُتُبِ لُزُومَ وَضْعِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الْمَكْتَبَةِ وَيُطَالِبُ بِهِ الْمُسْتَعِيرَ بِالْكِتَابِ الْمَرْهُونِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ وَفِي الرَّهْنِ) . إيضَاحَاتٌ - ذُكِرَ شَرْحًا (لِأَجْلِ نَفْسِ الْأَمَانَةِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مُقَابِلَ الْعَارِيَّةِ

الَّتِي يَحْتَاجُ رَدُّهَا إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ إلَى الْمُعِيرِ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ لِأَجْلِ رَدِّ الْمُسْتَعِيرِ بِذَاتِهِ. وَالْحُكْمُ فِي الْخَيَّاطَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. وَالْحَاصِلُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ لِأَجْلِ الْخَيَّاطَةِ وَنَقْلِ الْحُمُولَةِ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ وَاقِعًا عَلَى مُطْلَقِ الْخَيَّاطَةِ وَمُطْلَقِ نَقْلِ الْحُمُولَةِ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجِيرِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عُقِدَتْ عَلَى أَنْ يَخِيطَ بِذَاتِهِ وَيَنْقُلَ الْحِمَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا. الْخُلَاصَةُ: كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْأَعْيَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ: الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا. الثَّانِي: الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا. الثَّالِثُ: الْأَعْيَانُ غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ. فَالرَّهْنُ مُقَابِلُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ وَالرَّهْنُ مُقَابِلُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بَاطِلٌ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِهَلَاكِهِ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ الْمَنْعِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ بَدَلِهِ بِضَمَانِ الْغَصْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) . (الْخَانِيَّةُ) .

لاحقة وهي تحتوي على ثلاثة مباحث

[لَاحِقَةٌ وَهِيَ تَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ عَدَمِ فَسَادِ الرَّهْنِ] مَسْأَلَةٌ (1) : الْمَرْهُونُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (709) مَالٌ وَمَضْمُونٌ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (710) فِي الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهُ فَقَطْ إذَا لَمْ تُوجَدْ بَعْضُ شُرُوطِ الْجَوَازِ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا كَرَهْنِ الْمَشَاعِ وَرَهْنِ الْمَشْغُولِ. فَإِذًا رَهْنُ الْمَشَاعِ وَرَهْنُ الْمَشْغُولِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الِانْعِقَادِ مَوْجُودٌ وَشَرْطَ الصِّحَّةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ فَكُلُّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ فِيهِ مَالًا وَلَا مُقَابِلَهُ مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا كَمَا سَيُفْهَمُ وَاضِحًا مِنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ. مَسْأَلَةٌ (2) : يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ أَلَّا يَكُونَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَلَا مُؤَجَّلًا بِوَقْتٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ تَأْجِيلُ الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ دَوَامُ الْحَبْسِ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّأْجِيلُ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَلَكِنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ صَحِيحٌ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ (3) : يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ الرَّهْنُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الرَّاهِنِ فَبِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا رَهَنْت الشَّجَرَةُ بِدُونِ الثَّمَرِ أَوْ الْأَرْضُ بِدُونِ الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهَا أَوْ الْأَرْضُ بِدُونِ الزَّرْعِ يَعْنِي إذَا صُرِّحَ عَدَمُ دُخُولِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الرَّهْنِ وَرُهِنَتْ الْأَرْضُ وَالشَّجَرَةُ فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَتَى كَانَ الْمَرْهُونُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إذْ ذَاكَ قَبَضُ الْمَرْهُونِ مُسْتَقِلًّا وَلَكِنْ إذَا رُهِنَتْ الْأَرْضُ وَسَكَتَ عَنْ الزَّرْعِ الَّذِي عَلَيْهَا فَيَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (711) ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُتَّصِلٌ بِالْمَرْهُونِ (شرنبلالي) . وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ أَوْ مَتَاعُهُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا مَشْغُولَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَصِحُّ وَيَلْزَمُ تَسْلِيمٌ جَدِيدٌ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ دَارِهِ عِنْدَ آخَرَ وَهُوَ وَالْمُرْتَهِنُ جَالِسَانِ فِيهَا وَقَالَ الرَّاهِن لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي سَلَّمْتُك إيَّاهَا وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ قَائِلًا: إنِّي تَسَلَّمْتهَا لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِذَلِكَ. وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَرْهَنَ جَوَالِقَ وَأَمْوَالُهُ وَأَمْتِعَتُهُ مَوْجُودَةٌ فِيهَا مُقَابِلَ دَيْنِهِ فَإِذَا رَهَنَهَا وَسَلَّمَهَا مَشْغُولَةً بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ وَلَكِنْ إذَا الرَّاهِنُ أَوْدَعَ أَوَّلًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَشْيَاءَ الْمَوْجُودَةَ فِي الدَّارِ الَّتِي رُهِنَتْ ثُمَّ سَلَّمَهَا مَعَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فَالرَّهْنُ وَالتَّسْلِيمُ صَحِيحَانِ.

الْخَانِيَّةُ) إنَّمَا انْشِغَالُ الرَّهْنِ بِحَقِّ غَيْرِ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الرَّهْنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَصِحُّ رَهْنُ دَارٍ مَشْغُولَةٍ بِمَتَاعِ شَخْصٍ غَيْرِ الرِّهَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ (4) : يَلْزَمُ لِعَدَمِ فَسَادِ الرَّهْنِ أَنْ لَا يَكُونَ مَشَاعًا وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ حَبْسُ الرَّهْنِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ فِي الْمَشَاعِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ فِي الْمَشَاعِ ثَانِيَةٌ فِي جُزْءٍ مُعَيَّنٍ يَعْنِي فِي الْقِسْمِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمَشَاعِ فَلَوْ جَازَ الرَّهْنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَمْسِكَ الْمُرْتَهِنُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ يَوْمًا وَيُعِيدُهُ إلَى الرَّاهِنِ يَوْمًا (شِبْلِيٌّ وَأَبُو السُّعُودِ) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ قَابِلًا لِلتَّقْسِيمِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَرُهِنَ عِنْدَ الشَّرِيكِ أَمْ عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الشُّيُوعُ طَارِئًا أَمْ مُقَارَنًا. الشُّيُوعُ الطَّارِئُ هُوَ بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ فَسَخَ الرَّهْنَ فِي جُزْءٍ مِنْهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . فَعَلَيْهِ رَهْنُ نِصْفِ الدَّارِ أَوْ الْحَيَوَانِ الشَّائِعِ فَاسِدٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَصَرَّحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (وَقْتَ الْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَشَاعًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَزَالَتْ مشاعيته عِنْدَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ بِالتَّقْسِيمِ وَالْإِفْرَازِ صَحَّ الرَّهْنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . وَرَهْنُ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ الْمَوْجُودِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِحُكْمِ رَهْنِ الْمَشَاعِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . وَرَهْنُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَغَيْرُ جَائِزٍ. وَلِهَذَا إذَا بَاعَ الْعَدْلُ نِصْفَ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى وَكَالَتِهِ الْمُطْلَقَةِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى طُرُوءِ الشُّيُوعِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا رَهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ فَسَخَ الطَّرَفَانِ الرَّهْنَ فِي نِصْفِهِ الشَّائِعِ وَرَدَّهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فَيَفْسُدُ الرَّهْنُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ أَيْضًا (شِبْلِيٌّ) . فَسَادُ الرَّهْنِ بِسَبَبِ الشُّيُوعِ الطَّارِئِ مَذْهَبُ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَشَاعَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلرَّهْنِ. وَفِي الشَّيْءِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ مَحَلًّا فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ سِيَّانِ وَلَكِنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 56) (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْخَانِيَّةُ، وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا إذَا رَهَنَ مَالًا بِأَجْمَعِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ ضَبَطَ نِصْفَهُ الشَّائِعَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي بَاقِيَةٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا رَهَنَ مَالًا بِكَامِلِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ ضَبَطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ نِصْفَ مُعَيَّنٍ مُفْرَزٍ مِنْهُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْبَاقِي مَحْبُوسًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ كُلِّهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي مُقَدَّمَةِ الرَّهْنِ الْأَنْقِرْوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَإِذَا تَلِفَ الْبَاقِي الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ تَلِفَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي كَافِيَةً لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ الدَّائِنِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ حِصَانَيْنِ تُسَاوِي قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَلْفَ قِرْشٍ. وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا ثُمَّ ضَبَطَ أَحَدَهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَبْقَى الْآخَرُ رَهْنًا مُقَابِلَ حِصَّتِهِ لِأَلْفِ قِرْشٍ يَجِبُ إيفَاءُ كُلِّ الدَّيْنِ لِأَجْلِ فَكِّ الْحِصَانِ.

وَلَكِنْ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَشِبْلِيٌّ) . وَلِهَذَا السَّبَبِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (721) إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى رَجُلَيْنِ بِأَنَّهُ ارْتَهَنَ وَقَبَضَ مِنْهُمَا مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمَا الْمُشْتَرَكَةِ وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِهِمَا أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَأَثْبَتَ الْقَبْضَ وَالرَّهْنَ وَنَكَلَ الثَّانِي عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي كُلِّفَ بِحَلِفِهَا فَيُحْكَمُ بِالرَّهْنِيَّةِ عَلَى كِلَا الِاثْنَيْنِ. وَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلرَّهْنِ الْأَوَّلِ غَيْرَ أَنَّ سَبَبَ الْحُكْمِ مُخْتَلِفٌ وَأَخَذَ بِالْبَيِّنَةِ وَالْآخَرُ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. وَلَكِنْ إذَا حَلَفَ الْآخَرُ الْيَمِينَ فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِحَقِّهِ لَا يُحْكَمُ بِالرَّهْنِيَّةِ بِحَقِّ الْأَوَّلِ الَّذِي ثَبَتَ رَهْنُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدُّ الْمَرْهُونِ إلَيْهِ مَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ بِالرَّهْنِيَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ حُكْمٌ بِرَهْنِيَّةِ الْمَشَاعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ الرَّاهِنُ مَالًا لِمُرْتَهِنَيْنِ عَلَى دَيْنٍ مُصَادِقٍ عَلَيْهِ مِنْ الرَّاهِنِ وَمِنْ الْمُرْتَهِنَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ: إنَّهُ لَيْسَ لَنَا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ دَيْنٌ، وَالْآخَرُ قَالَ: بَلْ لَنَا عِنْدَهُ دَيْنٌ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَصَحِيحٌ فِي حِصَّةِ الْمُنْكِرِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (721) إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُرْتَهِنَيْنِ أَنَّهُمَا ارْتَهَنَا وَقَبَضَا مَعًا هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الرَّاهِنِ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي الِارْتِهَانَ فَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يُحْكَمُ بِالرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى وَهَذَا الْإِثْبَاتِ وَيُرَدُّ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِحَقِّ الْوَاحِدِ فَقَطْ وَلَا تُسْمَعُ بِحَقِّ رَفِيقِهِ وَحَيْثُ إنَّ الشُّيُوعَ حَاصِلٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَكُونُ الْمَرْهُونُ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُدَّعِي مُقَابِلَ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ. وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا بِإِنْكَارِ الْآخَرِينَ وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ (الْخَانِيَّةُ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يُحْكَمُ بِالرَّهْنِيَّةِ لِلْمُدَّعِي الْمُرْتَهِنِ وَيَدْفَعُ الرَّهْنَ لِيَدِهِ وَيَدِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعِيَ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَهَذَا الثُّبُوتُ مُعْتَبَرٌ عَلَيْهِ وَعَلَى رَفِيقِهِ. وَأَمَّا إنْكَارُ رَفِيقِهِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي شَأْنِ رَفِيقِهِ وَحَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي ثَبَتَ عَلَى كُلِّ الرَّهْنِ فَلَا يَحْصُلُ الشُّيُوعُ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَمَتَى أَوْفَى الرَّاهِنُ حِصَّتَهُ الْمُرْتَهِنَ الْمُدَّعِي مِنْ الدَّيْنِ يَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ. وَقَبْلَ التَّأْدِيَةِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ الْمُدَّعَى مِنْ الدَّيْنِ. تَتِمَّةٌ: إنَّ بُطْلَانَ أَوْ فَسَادَ الرَّهْنِ بِالشُّيُوعِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَالَ: إنَّهُ بَاطِلٌ، وَالْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ وَفَرِيقٌ آخَرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِفَسَادِهِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ (شِبْلِيٌّ) . اسْتِثْنَاءٌ: لَا يَفْسُدُ الرَّهْنُ بِالشُّيُوعِ الثَّابِتِ لِضَرُورَةٍ. مَثَلًا إذَا أَعْطَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دِينَارَيْنِ قَائِلًا: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ بِضَاعَةً فَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الِاثْنَيْنِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ إنَّ أَحَدَ الدِّينَارَيْنِ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فَأَصْبَحَتْ الرَّهْنِيَّةُ شَائِعَةً بِدَاعِي الضَّرُورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ

فِيمَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ) . حِيلَةٌ فِي رَهْنِ الْمَشَاعِ - الْحِيلَةُ رَهْنُ الْمَشَاعِ هِيَ هَذِهِ: مَتَى رَغِبَ شَخْصٌ فِي رَهْنِ نِصْفِ دَارِهِ مَشَاعًا فَبَعْدَ أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُخَيِّرًا لِلشَّخْصِ الَّذِي يُرِيدُ ارْتِهَانَهُ شَائِعًا وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ وَيَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ. يَفْسَخُ الْمُشْتَرِي عَقْدَ الْبَيْعِ بِحُكْمِ خِيَارِهِ وَتَبْقَى الدَّارُ بِمَثَابَةِ الرَّهْنِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ لَيْسَ بِرَهْنٍ صَحِيحٍ وَلَا بِرَهْنٍ فَاسِدٍ بَلْ إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الدَّارَ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَقْبِضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَإِذَا طَرَأَ عَلَيْهَا عَيْبٌ وَهِيَ فِي يَدِهِ يَسْقُطُ عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ الْعَيْبِ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. وَإِذَا هَلَكَتْ الدَّارُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ يَسْقُطُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ بِتَمَامِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ يَسْقُطُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَهَا أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ أَصْبَحَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. هَذَا الْبَيْعُ يَفْتَرِقُ عَنْ الرَّهْنِ: إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّارِ الْهَالِكَةِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِلْبَائِعِ وَالْحَالَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ الْهَالِكِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَا لَمْ يَكُنْ هَلَكَ بِتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ لَاحِقِهِ شَرْحَ الْمَادَّةِ (741) . مَسْأَلَةٌ (5) : يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مُفْرَزًا وَمُجْتَمِعًا وَبِتَعْبِيرٍ وَاضِحٍ أَنْ لَا يَكُونَ شَاغِلًا مُتَّصِلًا وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ عَلَى حِدَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْقَبْضُ الْكَامِلُ - مُمْتَنِعٌ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الزَّرْعِ النَّابِتِ عَلَى الْأَرْضِ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ رَهْنُ الْأَرْضِ بِدُونِ الزَّرْعِ النَّابِتِ عَلَيْهَا أَوْ الثَّمَرُ الْمَوْجُودُ عَلَى الشَّجَرَةِ بِدُونِهَا، أَوْ الشَّجَرَةُ. أَوْ الْبِنَاءُ بِدُونِ الْعَرْصَةِ أَوْ الشَّجَرَةُ بِدُونِ الثَّمَرِ الَّذِي عَلَيْهَا، وَهَذَا الرَّهْنُ فَاسِدٌ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 52) . الْخُلَاصَةُ - الْأَصْلُ هُوَ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَرْهُونُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِ الْمَرْهُونِ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ. فَرَهْنُ الصُّوفِ الْمَوْجُودِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ يَعْنِي: فَاسِدٌ. وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ قَابِضًا إلَّا بَعْدَ جَزِّهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُتَّصِلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ التَّابِعُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ السَّرْجَ الْمَوْجُودَ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ أَوْ اللِّجَامَ الَّذِي فِي رَأْسِهِ وَسُلِّمَ مَعَ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَيْسَ مَرْهُونًا لَا يَنْقَلِبُ الرَّهْنُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَكِنْ إذَا نَزَعَ السَّرْجَ أَوْ اللِّجَامَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَسَلَّمَ عَلَى حِدَةٍ يَنْقَلِبُ الرَّهْنُ إلَى الصِّحَّةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (شَاغِلًا مُتَّصِلًا) ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الشَّاغِلِ الْمُنْفَصِلِ جَائِزٌ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ الثَّوْبَ الْمَوْجُودَ فِي بَيْتِهِ وَسَلَّمَ الثَّوْبَ مَعَ الدَّارِ فَالرَّهْنُ لَازِمٌ. كَمَا أَنَّهُ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ الْحِمْلَ الْمَوْجُودَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ وَسَلَّمَ الْحِمْلَ مَعَ الدَّابَّةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) .

المبحث الثاني في أحكام الرهن الباطل والرهن الفاسد

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ وَالرَّهْنِ الْفَاسِدِ] مَسْأَلَةٌ (6) : الْمَالُ الْمَقْبُوضُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ الْبَاطِلِ أَمَانَةٌ قَطْعًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْقَابِضِ. (اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 771) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ قُبِضَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ. وَعَلَيْهِ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِالرَّهْنِ الْبَاطِلِ فِي يَدِ قَابِضِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ مِنْ أَجْلِهِ عَلَى الْقَابِضِ لَا يُوجَدُ سُقُوطُ الدَّيْنِ أَيْضًا. وَلِذَلِكَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ الْبَاطِلَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مَتَى شَاءَ. (اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ 794) . حَتَّى إذَا أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ حَبْسَهُ وَأَرَادَ الرَّاهِنُ أَخْذَهُ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إعْطَائِهِ ثُمَّ هَلَكَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَاجِعْ شَرْحَ مَادَّتَيْ (701 و 710) . مَسْأَلَةٌ (7) : الْمَالُ الْمَقْبُوضُ بِالرَّهْنِ الْفَاسِدِ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِالرَّهْنِ الصَّحِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يُرْهَنُ وَيُسَلَّمُ فَاسِدًا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) مَضْمُونًا وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ سَوَاءٌ أَكَانَ فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ أَمْ فِي مَمَاتِهِ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا فَسَخَ الرَّاهِنُ الْعَقْدَ بِنَاءً عَلَى فَسَادِ عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ مِنْ الرَّاهِنِ مَا لَمْ يَفِ الدَّيْنَ كَمَا أَنَّهُ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ أَيْضًا عِنْدَ فَسْخِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ، الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (718) . (مِنَحٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ) . الْخُلَاصَةُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ كَحُكْمِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ. بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ سَابِقًا لِلدَّيْنِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ لَاحِقًا لِلدَّيْنِ لَا يَكُونُ كَحُكْمِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. وَلَكِنْ مَتَى كَانَ عَقْدُ الرَّهْنِ صَحِيحًا فَالْحُكْمُ فِيهِ وَاحِدٌ إنْ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ أَوْ تَأَخَّرَ. وَيَكُونُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ سَابِقًا لِلدَّيْنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَاسِدًا مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ سَيَسْتَقْرِضُهُ ثُمَّ أَعْطَى الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ. وَكَوْنُ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ لَاحِقًا لِلدَّيْنِ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَ شَخْصٌ مَالًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَهَنَ مُقَابِلَهُ مَالًا وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَاسِدًا. فَكَمَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ يَجْرِي حُكْمُ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَا يَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلِذَلِكَ إذَا فُسِخَ عَقْدُ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ

يَحْبِسَ الْمَرْهُونَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ بَلْ إنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى رَدِّهِ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَا سَتُفَادُ تِلْكَ الْيَدُ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الْمَالِ. وَإِنْ تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمَحِلِّ يَدٌ مُسْتَحَقٌّ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ.

المبحث الثالث في الرهن مقابل الدين الموعود المجهول

[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي الرَّهْنِ مُقَابِلِ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ] يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الرَّهْنِ الْوَاقِعِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ. يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ كِلَاهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّعْبِيرِ فَقَطْ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الرَّهْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . مَسْأَلَةٌ (8) : يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ 0 يَعْنِي إذَا أَعْطَى رَجُلٌ آخَرَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَهُ بِإِقْرَاضِهِ إيَّاهُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْعُودَ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْجُودِ صَحِيحٌ فَقَدْ جُوِّزَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا (زَيْلَعِيٌّ) . سُؤَالٌ: كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ تَجْوِيزُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرْكِ بِجَعْلِ الْمَعْدُومِ مَوْجُودًا بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ أَيْضًا هُنَا. وَإِذَا كَانَ مِقْدَارُ الْقَرْضِ الْمَوْعُودِ غَيْرَ مَعْلُومٍ - كَرَهْنِ شَخْصٍ مَالَهُ الْمَعْلُومَ عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ كَمْ قِرْشٍ - فَالرِّوَايَةُ فِي هَذَا مُخْتَلِفَةٌ. وَفِي رِوَايَةٍ هَذَا الرَّهْنُ لَيْسَ مَضْمُونًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَشَارِحُهُ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ هِيَ الْأَصَحُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى إقْرَاضِ الرَّاهِنِ مِقْدَارَ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَوْفَى مِقْدَارَ شَيْءٍ مِنْ الرَّهْنِ فَيَعُودُ بَيَانُ مِقْدَارِ هَذَا الشَّيْءِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي أَقْدَارِ الْمَجْهُولِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) (الزَّيْلَعِيّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . يُجْعَلُ الْمَعْدُومُ كَالْمَوْجُودِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَعْدُومُ عَلَى شَرَفِ الْوُجُودِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْإِنْسَانِ أَنْ يُنْجِزَ وَعْدَهُ أَمَّا فِي الدَّرْكِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ إنَّ الشَّخْصَ الْعَاقِلَ لَا يَقْدُمُ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ فِيهِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (الْعِنَايَةُ) أَمَّا حُكْمُ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ فَهُوَ إذَا تَلِفَ الدَّيْنُ الْمَوْعُودُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ قَبْلَ إعْطَائِهِ لِلرَّاهِنِ يُنْظَرُ إذَا كَانَ مِقْدَارُ الْمَوْعُودِ مَعْلُومًا وَكَانَ مُسَاوِيًا لِقِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورًا بِأَدَاءِ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ لِلرَّاهِنِ أَيْ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَ بِأَدَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَدَاءُ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ إعْطَاءِ الْمِقْدَارِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِسَوْمِ الرَّهْنِ هُوَ كَالْمَقْبُولِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْبُوضُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونًا فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) . فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الَّذِي قُبِضَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى

رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ أَدَاءُ قِيمَةِ الرَّهْنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَدْفَعَ مِقْدَارَ دِرْهَمِ فِضَّةٍ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي رُهِنَ سُلِّمَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ هَالِكًا قَبْلَ الْإِقْرَاضِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إعْطَاءِ الرَّهْنِ الدَّيْنَ الْمَوْعُودَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. بَلْ يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ عَدَمِ هَلَاكِ الرَّهْنِ فَالْمُرْتَهِنُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. وَلَا إكْرَاهَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ. (الْحَمَوِيُّ شَرْحُ الْأَشْبَاهِ فِي الرَّهْنِ مُنْيَةُ الْمُفْتِي وَالزَّيْلَعِيّ وَالْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ (9) : إذَا أَعْطَى الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مِقْدَارًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ عَنْ إعْطَاءِ الْبَاقِي فَكَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إعْطَاءِ الْبَاقِي. فَيَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْمُعْطَى وَلَيْسَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ كُلِّهِ (عَبْدُ الْحَمِيدِ وَالْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْمَسْأَلَةُ (10) : إذَا كَانَ عَلَى أَحَدٍ دَيْنٌ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا الثَّوْبَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْبَعْضِ مِنْ مَطْلُوبِك، وَأَخَذَهُ الدَّائِنُ فَيَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَهْنًا مَوْقُوفًا. حَتَّى إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ عَدَّهُ هَلَكَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ اعْتَبَرَهُ هَلَكَ بِبَعْضِ الدَّيْنِ وَطَلَبَ الْبَاقِيَ مِنْ الرَّاهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخَذَ الرَّهْنَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهَلَكَ يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ) قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) .

الفصل الثالث في زوائد المرهون المتصلة والتبديل والزيادة الحاصلة بعد عقد الرهن

[الْفَصْل الثَّالِث فِي زَوَائِد الْمَرْهُون الْمُتَّصِلَة وَالتَّبْدِيل وَالزِّيَادَة الْحَاصِلَة بَعْد عَقْدِ الرَّهْن] يُبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ: (1) عَنْ زَوَائِدِ الرَّهْنِ الْمُتَّصِلَةِ (الْمَادَّةُ 711) . (2) عَنْ تَبْدِيلِ الرَّهْنِ (الْمَادَّةُ 712) . (3) عَنْ زِيَادَةِ الرَّهْنِ (مَادَّتَيْ 713 و 715) (4) عَنْ زِيَادَةِ الدَّيْنِ (مَادَّةُ 714) . فَالْأَنْسَبُ لِلسِّيَاقِ أَنْ يَكُونَ الْعُنْوَانُ هَكَذَا: فِي التَّبْدِيلِ الْوَاقِعِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ، فِي الزِّيَادَةِ وَزَوَائِدِ الْمَرْهُونِ الْمُتَّصِلَةِ. فَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ التَّبْدِيلُ خَاصًّا فِي الرَّهْنِ - وَالزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ. كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ مُطَالَعَةِ هَذَا الْفَصْلِ. 1 - زَوَائِدُ الْمَرْهُونِ الْمُتَّصِلَةُ. (الْمَادَّةُ 711) كَمَا أَنَّ الْمُشْتَمَلَاتِ - الدَّاخِلَةَ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ تَدْخُلُ - فِي الرَّهْنِ أَيْضًا؛ لَوْ رُهِنَتْ عَرْصَةٌ تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ أَشْجَارُهَا وَأَثْمَارُهَا وَسَائِرُ مَغْرُوسَاتِهَا وَمَزْرُوعَاتِهَا وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ صَرَاحَةً. إنَّ الْمُشْتَمَلَاتِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَوَادِّ (230، 231، 232) تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا وَتَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ صَرَاحَةً بِأَنْ لَمْ يُشْتَرَطْ دُخُولُهَا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْمَرْهُونِ بِاتِّصَالِ الْقَرَارِ كَالْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ أَوْ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِاتِّصَالِ الْقَرَارِ بَلْ هِيَ لِأَجْلِ الْقَلْعِ تَدْخُلُ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِدُخُولِهَا. فَالشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ يَدْخُلَانِ فِي الرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يُصَرَّحْ بِدُخُولِهِمَا أَوْ لَمْ يُضَفْ أَلْفَاظٌ عُمُومِيَّةٌ مِثْلُ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ. مَعَ أَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ وَتَصْرِيحٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 233) . فَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ عِنْدَ رَهْنِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يُعَدَّ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ اللَّذَانِ عَلَيْهَا دَاخِلَيْنِ فِي الرَّهْنِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الرَّاهِنِ مَعَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّهْنُ وَيَكُونُ فَاسِدًا، وَحَيْثُ إنَّ حَمْلَ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَيُعْتَبَرَانِ دَاخِلَيْنِ لِأَجْلِ تَصْحِيحِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يُصَرَّحْ

(المادة 712) تبديل الرهن برهن آخر

بِعَدَمِ دُخُولِهِمَا (الْبَزَّازِيَّةُ قَبْلَ الْبَابِ السَّادِسِ) وَأَمَّا كَوْنُ بَيْعِ الْمَشْغُولِ جَائِزًا فَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةٍ لِإِدْخَالِهِمَا عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ (الْهِدَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ) . فَكَمَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ أَنَّ الْمُشْتَمِلَاتِ الْمُتَّصِلَةَ بِالْمَرْهُونِ تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَّصِلَةِ فَلَا تَدْخُلُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رُهِنَتْ دَارٌ لَا تَدْخُلُ الْأَمْتِعَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا فِي الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ تَابِعَةً لِلْمَرْهُونِ بِوَجْهٍ مَا (الْهِدَايَةُ) . كَمَا أَنَّهُ صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ 41 (233) أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَدْخُلُ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ. وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ الْأَرْضَ بِكُلٍّ فِي قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ بِهَا وَمِنْهَا لَا يَدْخُلُ الْمَشَاعُ فِي الْبَيْعِ (الزَّيْلَعِيّ) . فَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَتَّضِحُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِأَنَّ (كُلَّ مَا كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْبَيْعِ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ) . فَقَطْ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا لَوْ لَمْ يُصَرَّحْ فِي الرَّهْنِ بِدُخُولِ الْمُشْتَمِلَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ عَدَمِ دُخُولِهَا وَجُعِلَ ذَلِكَ مَسْكُوتًا عَنْهُ. وَأَمَّا إذَا رُهِنَتْ عَرْصَةً وَاسْتُثْنِيَتْ جَمِيعُ الْأَشْجَارِ الَّتِي عَلَيْهَا مَعَ أَثِمَارهَا وَسَائِرِ مَغْرُوسَاتِهَا وَمَزْرُوعَاتِهَا فَلَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13) . وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ التَّقْدِيرِ الرَّهْنُ فَاسِدًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . [ (الْمَادَّةُ 712) تَبْدِيلُ الرَّهْنِ بِرَهْنٍ آخَرَ] 2 - تَبْدِيلُ الرَّهْنِ. (الْمَادَّةُ 712) يَجُوزُ تَبْدِيلُ الرَّهْنِ بِرَهْنٍ آخَرَ مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ سَاعَتَهُ مُقَابِلَ كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَى بِسَيْفٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا بَدَلَ السَّاعَةِ وَرَدَّ الْمُرْتَهِنُ السَّاعَةَ وَأَخَذَ السَّيْفَ يَكُونُ السَّيْفُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ. جَوَازُ تَبْدِيلِ الرَّهْنِ بِرَهْنٍ آخَرَ إنَّمَا يَكُونُ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ يُرْهَنَ مَالٌ وَيُسَلَّمَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ الرَّاهِنُ بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ وَيَرْهَنُ مَحَلَّهُ مَالًا آخَرَ وَيُسَلِّمُهُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَابِلٌ لِلنَّقْضِ وَالْمَالَ الثَّانِي لِلرَّهْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . فَعُلِمَ أَنَّ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ فِي هَذَا التَّبْدِيلِ شَرْطٌ. فَرِضَا الرَّاهِنِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا عَلَى الثَّانِي. وَرِضَا الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا شَرْطٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ فِي الرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ بِدُونِ رِضَاهُ. وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الثَّانِي أَزْيَدَ مِنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 19) . شُرُوطُ التَّبْدِيلِ - إنَّ هَذَا التَّبْدِيلَ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: (الْأَوَّلُ) رَدُّ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لِلرَّاهِنِ. (الثَّانِي) قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ الثَّانِيَ. وَفِي الْمِثَالِ الْمَدْرَجِ فِي الْمَجَلَّةِ إشَارَةٌ لِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ بِتَعْبِيرِ (رَدَّ السَّيْفَ وَأَخَذَ السَّاعَةَ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قُبِضَ الرَّهْنُ الثَّانِي وَالرَّهْنُ الْأَوَّلُ بَاقٍ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَكْتَسِبُ صِفَةَ الرَّهْنِ. وَيَبْقَى بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةً مَحْضَةً؛ لِأَنَّ دُخُولَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ بِالْقَبْضِ وَالدَّيْنِ مَعًا يَعْنِي بِمَجْمُوعِ

هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فَمَا زَالَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ بَاقِيَيْنِ لَا يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ. وَمَا زَالَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي مَا لَمْ يُنْقَضْ قَبْضُ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لَا يَدْخُلُ الرَّهْنُ الثَّانِي فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ لَيْسَا رَاضِيَيْنِ أَنْ يُدْخِلَ كِلَا الْمَالَيْنِ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَيَكُونَا مَرْهُونَيْنِ وَإِنَّمَا رَضِيَا بِأَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ فَقَطْ مِنْهُمَا رَهْنًا (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الرَّهْنِ) . وَذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إذَا قُبِضَ الرَّهْنُ الثَّانِي يَكُونُ رَهْنًا أَيْضًا قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ يَبْقَى أَمَانَةً مَحْضَةً. وَلَكِنْ الْمَجَلَّةُ لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الرَّأْيَ. وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الرَّهْنَ لَمْ يَخْلُصْ بَعْدُ مِنْ كَوْنِهِ رَهْنًا يَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَبِالنَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَمِينٌ فِي الرَّهْنِ الثَّانِي فَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ يَهْلَكُ أَمَانَةً وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 771) . وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا إذَا كَانَ الرَّهْنُ حِنْطَةً وَأُعْطِيَ بَدَلَهَا شَعِيرًا رَهْنًا وَسُلِّمَ ثُمَّ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ أَنْ رَدَّ نِصْفَهَا فَقَطْ هَلَكَ فِي يَدِهِ الشَّعِيرَ وَبَقِيَّةَ الْحِنْطَةِ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ بِحِصَّةِ الْحِنْطَةِ وَهَلَاكُ الشَّعِيرِ يَكُونُ مَجَّانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . بِيَدِ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَجْتَمِعَ كِلَا الْمَالَيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إذَا رَدَّ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ لِلرَّاهِنِ فَيَكْتَسِبُ الرَّهْنُ الثَّانِي صِفَةَ كَوْنِهِ رَهْنًا. وَلَكِنْ عَلَى قَوْلٍ: يَجِبُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ فِي الرَّهْنِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّهْنِ الثَّانِي أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ، وَحَيْثُ إنَّ يَدَ الرَّهْنِ يَدُ اسْتِيفَاءٍ وَضَمَانٍ فَلَا تَقُومُ يَدُ الْأَمَانَةِ مَقَامَ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالضَّمَانِ. كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (262) وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ قَاضِي خَانْ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ وَنَظَرًا لِلنَّقْلِ الْمُحَرَّرِ فِي الْهَامِشِيِّ فِي الصَّحِيفَةِ الْأُخْرَى يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ قَاضِي خَانْ قَائِلًا بِذَلِكَ. وَلَكِنْ نَظَرًا لِقَوْلِ آخَرَ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ وَعَيْنِ الْأَمَانَةِ وَالْمَضْمُونِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ فِيهَا وَالسَّابِقُ يَكْفِي عَلَى قَوْلِ (أَبِي السُّعُودِ وَالدُّرَرِ) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ دَايِنِهِ سَاعَةً فِي مُقَابِلِ كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا أَتَى بِسَيْفٍ وَقَالَ: خُذْ هَذَا بَدَلَ السَّاعَةِ، وَرَدَّ الْمُرْتَهِنُ السَّاعَةَ لِلرَّاهِنِ وَأَخَذَ السَّيْفَ وَقَبَضَهُ يَكُونُ السَّيْفُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَتَخْرُجُ السَّاعَةُ مِنْ الرَّهْنِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ بَعْدَ هَذَا لَيْسَ لِلْوَاحِدِ أَنْ يُعِيدَ السَّاعَةَ لِلرَّهْنِيَّةِ بِدُونِ رِضَا الْآخَرِ وَإِذَا هَلَكَ السَّيْفُ يُسْقَطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِهِ. فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ السَّيْفِ أَلْفًا حَالَ كَوْنِ قِيمَةِ السَّاعَةِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَتَلِفَ السَّيْفُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ كَامِلًا. اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ 741. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .

(المادة 713) للراهن أن يزيد في المرهون بعد العقد

[ (الْمَادَّةُ 713) لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْعَقْدِ] زِيَادَةُ الرَّهْنِ تَنْقَسِمُ الزِّيَادَةُ إلَى قِسْمَيْنِ: قَصْدِيَّةٌ وَضِمْنِيَّةٌ وَسَيَجِيءُ بَيَانُ أَحْكَامِ الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ وَتَقْسِيمَاتِهَا فِي أَوَائِلِ الْمَادَّةِ (715) الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الزِّيَادَةُ الْقَصْدِيَّةُ. (الْمَادَّةُ 713) (يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزِيدَ فِي الْمَرْهُونِ بَعْدَ الْعَقْدِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ مَالًا آخَرَ رَهْنًا وَالْعَقْدُ بَاقٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَعْنِي أَنَّ أَصْلَ الْعَقْدِ يَكُونُ كَأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى كِلَا الْمَالَيْنِ) وَمَجْمُوعُ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ يَكُونُ مَرْهُونًا لِقَاءَ الدَّيْنِ الْقَائِمِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ. بَعْدَ أَنْ تَمَّ عَقْدُ الرَّهْنِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَقَبْضُ الْمَرْهُونِ وَحَالَ كَوْنِ الْعَقْدِ بَاقِيًا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ وَالْكَفِيلِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَزِيدَ فِي الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ زِيَادَةِ الرَّهْنِ يَحْصُلُ الشُّيُوعُ فِي الدَّيْنِ. وَالرَّهْنُ الَّذِي زِيدَ يَكُونُ مَرْهُونًا فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَالشُّيُوعُ فِي الدَّيْنِ لَا يَخْلُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ. وَلِهَذَا فَإِنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ بَعْضِ الدَّيْنِ جَائِزٌ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ الدَّيْنِ يَنْقَسِمُ بَيْنَ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْأَصْلِيِّ يَوْمَ الْقَبْضِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ وَقِيمَةِ الرَّهْنِ الزَّائِدِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ أَيْضًا. قِيلَ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ جَائِزَةً قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ. مَثَلًا إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ دَائِنَهُ سَاعَةً رَهْنًا مُقَابِلَ هَذَا الدَّيْنِ فَقَالَ الدَّائِنُ: إنَّ السَّاعَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ فَزَادَ عَلَيْهَا شَيْئًا وَزَادَ الْمَدِينُ كِتَابًا وَسَلَّمَهُ مَعَ السَّاعَةِ رَهْنًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ صَحَّ فَلَا يَكُونُ الْمَرْهُونُ زِيدَ بِالْكِتَابِ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّ السَّاعَةَ لَمْ تُقْبَضْ. وَلَمْ تَكْتَسِبْ صِفَةَ الْمَرْهُونِيَّةِ بَعْدُ. إيضَاحُ زِيَادَةِ الرَّاهِنِ: يَعْنِي بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ الرَّاهِنُ شَيْئًا مُقَابِلَ حَقٍّ وَيُسَلِّمُهُ حَالَ كَوْنِ عَقْدِ الرَّهْنِ بَاقِيًا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُضِيفَ مَالًا آخَرَ بِصِفَةِ رَهْنٍ إلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَكَمَا هِيَ الْحَالُ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ فَمَتَى قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ هَذِهِ الْعِلَاوَةَ يَتِمُّ الرَّهْنُ. اُنْظُرْ إلَى الْفِقْرَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة مِنْ الْمَادَّةِ 706، سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ أَمْ نَاقِصَةً أَمْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهُ فَفِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ زِيَادَةُ الرَّهْنِ صَحِيحَةٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَوَادِّ 399، 400، 401 يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً عَنْهُ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ الرَّهْنِيِّ يَعْنِي يَكُونُ أَصْلُ الْعَقْدِ كَأَنَّهُ وَرَدَ عَلَى هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ

وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُصْبِحُ مَجْمُوعُ الْمَالَيْنِ مَرْهُونًا مُقَابِلَ مَجْمُوعِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الدَّيْنُ الْقَائِمُ حِينَ الزِّيَادَةِ وَمُقَابِلُ مَا بَقِيَ مِنْ مَجْمُوعِهِ إذَا كَانَ مِقْدَارٌ مِنْهُ فَقَطْ قَائِلًا وَقْتَ الزِّيَادَةِ وَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ قِيمَةِ أَصْلِ الْمَرْهُونِ وَقِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا أَنَّ قِيمَةَ أَصْلِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ مُعْتَبَرَةٌ فَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَيْضًا مُعْتَبَرَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ مَالًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ رَهَنَ مَالًا آخَرَ عِلَاوَةً عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُ الرَّهْنَيْنِ فَيَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ فَقَطْ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَهْلَكُ أَمَانَةً. وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُضِفْ إلَى الرَّهْنِ شَيْئًا لَسَقَطَ الدَّيْنُ كُلُّهُ. وَبِأَدَاءِ نِصْفِ الدَّيْنِ لَا تَلْزَمُ إعَادَةُ نِصْفِ الرَّهْنِ يَعْنِي أَصْلَ الرَّهْنِ وَلَا إعَادَةَ الزِّيَادَةِ. وَإِذَا لَمْ يُوفِ الدَّيْنَ بِكَامِلِهِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ شَيْئًا مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (731) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهِ مَالًا بِقِيمَةِ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ تَلِفَتْ الزِّيَادَةُ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ ثُلُثُهُ فَقَطْ وَإِذَا هَلَكَ أَصْلُ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الثُّلُثَانِ. مَعَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّ فِي الرَّهْنِ أَخِيرًا لَسَقَطَ الدَّيْنُ كُلُّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ الدَّيْنُ الْقَائِمُ حِينَ الزِّيَادَةِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى الْفَرْقِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ أَصْلِ الرَّهْنِ وَزِيَادَةِ الرَّهْنِ إذْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِمَرْهُونَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ السَّاقِطِ وَالْمُسْتَوْفَى وَأَمَّا أَصْلُ الرَّهْنِ فَهُوَ مَرْهُونٌ أَيْضًا مُقَابَلَةً أَيْ مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ وَالْمُسْتَوْفِي. مَثَلًا لَوْ أَوْفَى مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةُ الرَّهْنِ حَصَلَتْ بَعْدَ هَذَا الْإِيفَاءِ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْمُسْتَوْفَى. بَلْ تَكُونُ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ إيفَاءُ السَّاقِطِ وَالْمُسْتَوْفِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . وَسَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 731 أَنَّ أَصْلَ الرَّهْنِ يَبْقَى رَهْنًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْمُسْتَوْفَى. مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ كِتَابًا تُسَاوِي قِيمَتُهٌ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ أَوْفَى مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ ثُمَّ زَادَ الرَّهْنُ بِأَنْ رَهَنَ أَيْضًا سَاعَةً تُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ وَسَلَّمَهَا لِلْمُرْتَهِنِ فَتَكُونُ السَّاعَةُ مَرْهُونَةً مَعَ الْكِتَابِ مُقَابِلَ الْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا الْكِتَابُ فَيَبْقَى مَرْهُونًا كَالْأَوَّلِ مُقَابِلَ الْأَلْفِ قِرْشٍ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ تَلِفَتْ السَّاعَةُ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ قِرْشٍ وَأَمَّا إذَا تَلِفَ الْكِتَابُ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ قِرْشًا وَأَمَّا إذَا تَلِفَا مَعًا أَوْ تَلِفَ وَاحِدٌ عَقِبَ الْآخَرِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ لِلرَّاهِنِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ. إيضَاحُ زِيَادَةِ رَهْنِ الْكَفِيلِ. كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ الرَّهْنِ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمَدِينِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ طَرَفِ الْكَفِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ يَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كَفِيلِهِ

(المادة 714) إذا رهن مقابل مال دين تصح زيادة الدين في مقابلة ذلك الرهن

وَتَجْرِي أَحْكَامُ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ بِحَقِّ زِيَادَةِ الرَّهْنِ فِي هَذَا أَيْضًا. سَوَاءٌ أَعْطَى الْمَدِينُ أَوَّلًا الرَّهْنَ ثُمَّ الْكَفِيلَ أَمْ بِالْعَكْسِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاهِنُ الثَّانِي عَالِمًا بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 644 كُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالْكَفِيلِ مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلِهَذَا يُجْعَلُ الرَّهْنُ الثَّانِي زِيَادَةً فِي الرَّهْنِ. وَأَيُّ الرَّهْنَيْنِ هَلَكَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الِاثْنَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَلَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَبِهِ كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا وَمِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا أَيْضًا وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّهْنَيْنِ وَفَاءً بِالدَّيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ عَلِمَ الثَّانِي بِرَهْنِ الْأَوَّلِ حِينَ رَهَنَ يَهْلَكُ الثَّانِي بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلَكَ بِالْجَمِيعِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ هَلَكَ الثَّانِي يَهْلَكُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْعِلْمُ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ زِيَادَةِ رَهْنِ الْأَجْنَبِيِّ: تَكُونُ زِيَادَةُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ تَبَرَّعَ شَخْصٌ آخَرَ وَرَهَنَ مَالًا بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ الدَّيْنِ بِدُونِ أَمْرِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَسَلَّمَ الْمَالَ جَازَ ذَلِكَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ فَكُّ أَحَدِ الرَّهْنَيْنِ بِتَأْدِيَةِ نِصْفِ الدَّيْنِ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنَانِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ كَمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَإِذَا رَهَنَ الْمَدِينُ بِالدَّيْنِ مَتَاعًا وَتَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ فَرَهَنَ بِهِ مَتَاعًا آخَرَ فَإِنْ هَلَكَ رَهْنُ الْمَدِينِ يَهْلَكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَإِنْ هَلَكَ رَهْنُ الْأَجْنَبِيِّ يَهْلَكُ بِنِصْفِ الْمَالِ (الْخَانِيَّةُ) . كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا وَسَلَّمَهُ بِلَا أَمْرٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ فَيَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا وَيُسَلِّمَهُ أَيْضًا بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . فَإِذَا تَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ قَيْدَ الرَّاهِنِ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ غَيْرُ احْتِرَازِيٍّ فَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّهْنِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ الرَّاهِنِ كَالْكَفِيلِ وَالْأَجْنَبِيِّ. [ (الْمَادَّةُ 714) إذَا رُهِنَ مُقَابِلَ مَالِ دَيْنٍ تَصِحُّ زِيَادَةُ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ] - زِيَادَةُ الدَّيْنِ. (الْمَادَّةُ 714) إذَا رُهِنَ مُقَابِلَ مَالِ دَيْنٍ تَصِحُّ زِيَادَةُ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنَهُ سَاعَةً ثَمَنُهَا أَلْفَا قِرْشٍ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ أَخَذَ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ مُقَابِلَ ذَلِكَ الرَّهْنِ أَيْضًا فَتَكُونُ السَّاعَةُ رَهْنًا بِمُقَابَلَةِ أَلْفِ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ. يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ زِيَادَةَ الدَّيْنِ مُقَابِلَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ الْمَالُ مَرْهُونًا فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ كَمَا أَنَّ الْحَاجَةَ تُمَسُّ لِزِيَادَةِ الرَّهْنِ قَدْ تُمَسُّ أَيْضًا لِزِيَادَةِ الدَّيْنِ. يَعْنِي إذَا وُجِدَتْ زِيَادَةٌ فِي مَالِيَّةِ الرَّهْنِ وَاحْتَاجَ الرَّاهِنُ إلَى دَرَاهِمَ أُخْرَى يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ مُقَابِلَ

مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَالِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ. (الْكِفَايَةُ قُبَيْلَ الْجِنَايَاتِ) . قَوْلُهُ (مُقَابِلَ ذَلِكَ الرَّهْنِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجِهَةَ هِيَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ الْآتِي ذِكْرُهُ وَهِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ هُنَا مَالًا فَزِيَادَةُ الدَّيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ بِغَيْرِ مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ بِالِاتِّفَاقِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ بَعْدَ الِاسْتِقْرَاضِ أَيْ أَخَذِ الْإِنْسَانِ قَرْضًا ثَانِيَ مَرَّةٍ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْقَرْضَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا وَرَدَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ بَعْدَ أَنْ رَهَنَ السَّاعَةَ أَخَذَ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ فَلِتَكُنْ رَهْنًا مُقَابِلَ كِلَا الدَّيْنَيْنِ فَهَذَا الِاسْتِقْرَاضُ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا لَا تَكُونُ السَّاعَةُ رَهْنًا مُقَابِلَ الْخَمْسمِائَةِ قِرْشٍ هَذِهِ بِالِاتِّفَاقِ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَدَلِيلُ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ عَلَى جَوَازِهِ: أَنَّ الرَّهْنَ فِي الدَّيْنِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالدَّيْنَ كَالْمُثَمَّنِ وَبِمُوجِبِ الْمَادَّتَيْنِ 254 و 255 كَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ يَجُوزُ أَيْضًا فِي الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ. وَقَاسَ الْإِمَامُ الْمُشَارَ إلَيْهِ زِيَادَةَ الدَّيْنِ عَلَى زِيَادَةِ الرَّهْنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَزِيَادَةُ الدَّيْنِ غَيْرُ جَائِزَةٍ يَعْنِي أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ يُرْهَنَ مَالٌ مُقَابِلَ دَيْنٍ وَيَجْرِي تَسْلِيمُهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ بِمُقَابَلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ السَّابِقُ مُقَابِلًا لِلدَّيْنِ الَّذِي زِيدَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الرَّهْنِ وَتُفْضِي إلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَرْهُونِ رَهْنًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَعْضُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الثَّانِي. وَهَذَا لَيْسَ مَشْرُوعًا. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ فَتَسْتَلْزِمُ الشُّيُوعَ فِي الدَّيْنِ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّهْنِ. وَلِذَلِكَ إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَعْطَى رَهْنًا مُقَابِلَ خَمْسَمِائَةٍ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا شُيُوعٌ فِي الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . إذَا هَلَكَتْ السَّاعَةُ الْمَرْهُونَةُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْمَذْكُورَةُ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ يَسْقُطُ كِلَا الدَّيْنَيْنِ بِهَلَاكِهَا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَإِذَا أَدَّى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الثَّانِيَ أَيْ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ كَامِلَةً. وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ حَيْثُ إنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ مَرْهُونَةً مُقَابِلَ الْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي زِيدَتْ مُؤَخَّرًا فَمَتَى أَوْفَى الرَّاهِنُ الْأَلْفَ قِرْشٍ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ السَّاعَةَ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ إمْسَاكُهَا مُقَابِلَ الْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) . تَعْمِيمُ الدَّيْنِ - يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ الدَّيْنِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ زِيَادَةِ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي زِيدَ مُؤَخَّرًا مِنْ نَوْعِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ سَابِقًا. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَزِيدُ عَلَيْهِ قَرْضًا فَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ قَرْضًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ بَدَلَ إجَارَةٍ وَيَجُوزُ عَكْسُهُمَا أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الرَّهْنِ) .

(المادة 715) الزيادة المتولدة من المرهون تكون مرهونة مع أصل الرهن

تَعْمِيمُ الرَّهْنِ - فُهِمَ مِنْ الْمَوَادِّ 399 و 400 و 401 أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً عَنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي زِيَادَةِ الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ زَائِدَةً عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ كَوْنُ قِيمَةِ الرَّهْنِ زَائِدَةً فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ لِأَجْلِ بَيَانِ حُكْمِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ لِلدَّيْنِ وَمُوَافَقَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ تَحْصُلُ عَلَى الْأَكْثَرِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ فِي الْمَادَّةِ (مَالٌ) احْتِرَازًا عَنْ الْمُسْتَغِلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَفْرَغَ شَخْصٌ لِآخَرَ أَرَاضِيهِ الْأَمِيرِيَّةَ أَوْ مُسْتَغِلَّاتِهِ الْوَقْفِيَّةِ وَفَاءً مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَصَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَا يَصِحُّ بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةُ الدَّيْنِ بَيْنَهُمَا وَيُشْتَرَطُ لِأَجْلِ زِيَادَةِ الدَّيْنِ هَذِهِ فَرَاغُهَا وَفَاءً مُجَدَّدًا. وَلَوْ زِيدَ الدَّيْنُ مُقَابِلَ الْمَفْرُوغِ وَفَاءً بِلَا إذْنِ الْمُتَوَلِّي وَبِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ الْعَقَارُ مَفْرُوغًا مُقَابِلَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ. يَحْصُلُ نَوْعَانِ مِنْ الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ بِاعْتِبَارَاتِهَا مُتَوَلِّدَةً أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الرَّهْنِ وَنَوْعَانِ آخَرَانِ بِاعْتِبَارَاتِهَا مُتَّصِلَةً أَوْ غَيْرَ مُتَّصِلَةٍ فِي الرَّهْنِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ، كَالنُّمُوِّ وَالسِّمَنِ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي حُكْمِ أَصْلِ الرَّهْنِ (أَبُو السُّعُودِ) . النَّوْعُ الثَّانِي - الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ الرَّاهِنُ عَرْصَةَ الْمِلْكِ وَسَلَّمَهَا وَأَنْشَأَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهَا فَهَذَا الْبِنَاءُ لَا يَكُونُ مَرْهُونًا بِدُونِ عَقْدٍ مُسْتَقِلٍّ. وَلَدَى الْإِيجَابِ إذَا بِيعَتْ الْعَرْصَةُ الْمَرْهُونَةُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ يَلْزَمُ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَرَفْعِهِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَهِيَ كَأُجْرَةِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ وَبَدَلِ مَنْفَعَةِ الْمَرْهُونِ لَا تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ (الدُّرُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . النَّوْعُ الرَّابِعُ - الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ الْأَتِيَّةِ [ (الْمَادَّةُ 715) الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَرْهُونِ تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ] وَهِيَ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ مِلْكَ الرَّاهِنِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (47) تَكُونُ مَرْهُونَةً مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ حَيْثُ إنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَابِعَةٌ لِلْمَرْهُونِ وَلِلُزُومِ رَهِينَةِ الْحَقِّ فِي الْمَرْهُونِ تَسْرِي الرَّهْنِيَّةُ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَيْضًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالدُّرَرُ) .

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا يُعْطَى حُكْمُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِلشَّيْءِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ كَالْأَرْشِ أَيْ دِيَةِ الْجُرْحِ إنَّمَا مَعْنَى كَوْنِ هَذَا النَّمَاءِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُحْبَسُ كَمَا يُحْبَسُ الْمَرْهُونُ. (الْهِنْدِيَّةُ) . سَوَاءٌ أَحَصَلَتْ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ فِي يَدِ آخَرَ أَمْ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فِي حَالَةِ إعَارَةِ الْمَرْهُونِ لَهُمَا كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (749 و 748) . وَلِهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (741) فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَهْلِكَ أَصْلَ الرَّهْنِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَهْلِكَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَيْضًا. لَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَحْيَانًا أَنْ يَبِيعَهَا كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (759) . وَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَهْلِكَهَا أَيْضًا وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا يَضْمَنُهَا وَيَقُومُ بَدَلُ الضَّمَانِ مَقَامَ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَكُونُ مَرْهُونًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُرْتَهِنُ مَحْصُولَ الْكَرْمِ الْمَرْهُونِ بِدُونِ إبَاحَتِهِ فَيُضَمِّنُهُ إيَّاهُ الرَّاهِنُ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ كَمَا لَهُ أَنْ يَحْبِسَ أَصْلَ الرَّهْنِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (729) . (الْكِفَايَةُ) . وَلِذَلِكَ أَيْضًا يَحْفَظُ الْمُرْتَهِنُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ كَمَا يَحْفَظُ أَصْلَ الرَّهْنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (723) وَحَتَّى إذَا كَانَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ كَعِنَبِ الْكَرْمِ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَجْمَعَ الْعِنَبَ مِنْ الْكَرْمِ كَالْمُعْتَادِ. وَلَا يَلْزَمُ إذْنُ الْحُكْمِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَمْعَ الْعِنَبِ حِفْظٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (751) . وَلَكِنْ إذَا تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ أَثْنَاءَ الْجَمْعِ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْكَرْمِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (741) . الْفَرْقُ بَيْنَ الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ وَالزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ: يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ - وَسَبَقَ أَنْ بُحِثَ عَنْهَا فِي الْمَادَّةِ (713) - وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ: فَلَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَدْخُلُ وَقْتَ الْعَقْدِ بِصُورَةٍ مَقْصُودَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ تَبَعًا وَالتَّابِعُ لَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الشَّيْءِ الْمُقَابِلِ الْأَصْلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (48) . سَوَاءٌ أُهْلِكَتْ مَعَ أَصْلِ الرَّهْنِ أَمْ عَلَى حِدَةٍ وَأَصْلُ الرَّهْنِ بَاقٍ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى أَصْلُ الرَّهْنِ مَرْهُونًا مُقَابِلَ تَمَامِ الدَّيْنِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (713) إذَا تَلِفَتْ الزِّيَادَةُ الْقَصْدِيَّةُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي يُصِيبُهَا. وَأَمَّا بِعَكْسِ الْحَالِ أَيْ إذَا تَلِفَ أَصْلُ الرَّهْنِ بِآفَةٍ وَالزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ بَاقِيَةٌ فَتُفَكُّ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الدَّيْنِ وَيُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْفَكِّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ وَالزِّيَادَةُ الضِّمْنِيَّةُ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً لِحِينِ الْفِكَاكِ فَتُضْمَنُ بِهِ أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ إنَّهُ سَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ أَصْلَ الرَّهْنِ فَيَجِبُ إيفَاءُ

الدَّيْنِ الَّذِي يُصِيبُ الزِّيَادَةَ الضِّمْنِيَّةَ وَفَكُّ تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنْ الرَّهْنِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ مِقْدَارَهَا مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِفَكِّ الزِّيَادَةِ الضِّمْنِيَّةِ. وَالْحَالُ مَتَى كَانَ التَّابِعُ هُوَ الْمَقْصُودَ كَانَتْ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الشَّيْءِ الْمُقَابِلِ الْأَصْلِ. كَفُلُوِّ الْفَرَسِ الْمُبَاعَةِ فَلَيْسَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا مَتَى صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ يَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ هَلَكَ الْفُلُوُّ بَعْدَ إقَالَةِ الْبَيْعِ يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ بَيْنَ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَقِيمَةَ فُلُوِّهَا فَيَسْقُطُ الثَّمَنُ الَّذِي يُصِيبُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي يُصِيبُ الْفَرَسَ وَيَسْتَرِدُّهَا (أَبُو السُّعُودِ) مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ فَكُّهَا بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْفَرَسِ أَلْفَا قِرْشٍ وَقِيمَةُ فُلُوِّهَا أَيْضًا أَلْفَ قِرْشٍ فَيَنْقَسِمُ الدَّيْنُ عَلَيْهَا مُنَاصَفَةً. وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (713) عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الزِّيَادَتَيْنِ. فَقَطْ إذَا هَلَكَ الْفُلُوُّ وَالْفَرَسُ بَاقِيَةٌ فَيَهْلَكُ مَجَّانًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ. وَالْفَرَسُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبْقَى مَرْهُونَةً بِمُقَابَلَةِ الدَّيْنِ كُلِّهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحُكْمَ بِخُصُوصِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (713) لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ. وَإِذَا هَلَكَتْ الْفَرَسُ أَوَّلًا وَالْفُلُوُّ بَعْدَهَا فَيَهْلَكُ الْفُلُوُّ كَذَلِكَ مَجَّانًا وَالدَّيْنُ يَسْقُطُ تَمَامًا بِهَلَاكِ الْفَرَسِ - وَالْحَالُ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فِي الزِّيَادَةِ الْقَصْدِيَّةِ. وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْفَرَسُ وَبَقِيَ الْفُلُوُّ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْفَكِّ أَلْفَ قِرْشٍ يُفَكُّ الْفُلُوُّ بِتَأْدِيَةِ نِصْفِ الدَّيْنِ. (الزَّيْلَعِيّ) . بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ أَصْلُ الرَّهْنِ فَيَكُونُ لِلزِّيَادَةِ نَصِيبٌ مِنْ الدَّيْنِ وَحِينَئِذٍ يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بَيْنَ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَقِيمَةِ أَصْلِ الرَّهْنِ فَيَسْقُطُ مَا يُصِيبُ الْأَصْلَ وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّهْنِ مَا يُصِيبُ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الزِّيَادَةِ لَمَّا كَانَ بِتَسْلِيطِ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ كَأَنَّ الرَّاهِنَ أَخَذَهَا مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَاسْتَهْلَكَهَا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (750) (شَرْحُ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ وَأَبُو السُّعُودِ) . الْأَحْكَامُ فِي حَالَةِ تَزَايُدِ أَوْ تَنَاقُصِ الْأَصْلِ أَوْ الزِّيَادَةِ: لَوْ لَمْ يَهْلَكْ الْأَصْلُ، وَلَا الزِّيَادَةُ وَإِنَّمَا تَرَاجَعَتْ أَيْ نَزَلَتْ قِيمَةُ الْأَصْلِ يَعْنِي الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ إلَى خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ أَوْ تَزَايَدَتْ وَارْتَفَعَتْ إلَى أَلْفَيْ قِرْشٍ مَثَلًا يَظَلُّ الدَّيْنُ مُنْقَسِمًا كَمَا كَانَ مُنَاصَفَةً وَلَا يَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ الْأَوَّلِ. وَلَكِنْ إذَا بَقِيَتْ الْفَرَسُ عَلَى حَالِهَا أَيْ أَلْفِ قِرْشٍ وَتَنَاقَصَتْ قِيمَةُ فُلُوِّهَا إلَى خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا يَنْقَسِمُ الدَّيْنُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مُثَالَثَةً الثُّلُثَانِ يُصِيبَانِ الْفَرَسَ وَالثُّلُثُ يُصِيبُ فُلُوَّهَا وَعَلَيْهِ إذَا تَزَايَدَتْ قِيمَةُ الْفُلُوِّ وَبَلَغَتْ أَلْفَيْ قِرْشٍ فَيَنْقَسِمُ ثُلُثَا الدَّيْنِ لِلْفُلُوِّ وَالثُّلُثُ لِلْفَرَسِ وَإِذَا هَلَكَتْ الْفَرَسُ وَبَقِيَ الْفُلُوُّ يُصِيبُ ثُلُثَا الدَّيْنِ حِصَّةَ الْفُلُوِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ) .

الباب الثاني في بعض المسائل المتعلقة بالراهن والمرتهن

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ] ِ وَتُدْرَجُ هُنَا خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي وَالْبَابِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ عَائِدَةٍ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ. الرَّهْنُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلرَّاهِنِ. 1 - الرَّاهِنُ الرَّهْنُ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مُدَّةَ الْخِيَارِ وَفِي حَالِ هَلَاكِهِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. الرَّهْنُ لَيْسَ عَقْدًا لَازِمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ إذْ مُجَرَّدُ الْفَسْخِ لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ الْعَقْدُ بِذَاتِهِ مَازَالَ الْقَبْضُ وَالرَّهْنُ قَائِمَيْنِ مَعًا فَالرَّهْنُ يَكُونُ دَائِمًا مَضْمُونًا. لِلرَّاهِنِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ شَرْطَانِ 2 الْمُرْتَهِنُ (1) أَنْ يَكُونَ لِلْعَقْدِ وَاحِدًا (2) أَنْ لَا يَكُونَ نَصٌّ فِي التَّبْعِيضِ. وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ وَاحِدًا وَالرَّاهِنُ اثْنَيْنِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ وَاحِدًا. إلَّا أَنَّهُ لِكَيْ يَكُونَ هَذَا الْفَسْخُ مُسْقِطًا لِحَقِّ الْإِمْسَاكِ فِي الرَّهْنِ يَلْزَمُ أَوَّلًا: رَدُّ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ ثَانِيًا: تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ. ثَالِثًا: إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ. رَابِعًا: هِبَةُ الدَّيْنِ لِلرَّاهِنِ. 3 - الْمَرْهُونُ (1) يَكُونُ الْمَرْهُونُ مَالَ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ يَحْفَظُ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ وَإِذَا هَلَكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) . فَالْفِعْلُ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْغَصْبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَدَى عَوْدَتِهِ لِلْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ يَبْرَأُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَهَذَا لَيْسَ كَالْإِيجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَخِّرَ فِي الْإِجَارَةِ يَعْمَلُ بِاسْمِهِ وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَيَحْفَظُهُ بِاسْمِ الرَّاهِنِ. وَمَئُونَةُ مُحَافَظَةِ الرَّهْنِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِذَا أَنْفَقَ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِلَا أَمْرٍ يَكُونُ

مُتَبَرِّعًا. (اُسْتُثْنِيَ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ فِي الْبَلْدَةِ) . فَالِاتِّفَاقُ لِأَجْلِ بَقَاءِ وَإِصْلَاحِ الرَّهْنِ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ. (وَإِذَا أَنْفَقَ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِلَا أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا) . وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ الْمَصَارِيفَ مِنْ نَمَاءِ الرَّهْنِ. (2) الْمَرْهُونُ يَكُونُ مُسْتَعَارًا. إذْنُ صَاحِبِ الْمَالِ. رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ جَائِزٌ وَيَخْتَلِفُ عَنْ الْعَارِيَّةِ إنْ كَانَ مُطْلَقًا يَرْهَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ بِكُلِّ وَجْهٍ (الْمَادَّةُ 64) إذَا اُخْتُلِفَ فِي قَيْدِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ إنْ كَانَ مُقَيَّدًا تَلْزَمُ رِعَايَةُ الشَّرْطِ وَالْقَيْدِ إذَا لَمْ يُرَاعِ يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا وَالْمُرْتَهِنُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَبِحَالِ تَلَفِهِ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ. وَلَيْسَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ فَقَطْ. التَّقْيِيدُ فِي الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ يَكُونُ عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ: (1) مِقْدَارُ الدَّيْنِ (2) جِنْسُ الدَّيْنِ (3) مَكَانُ الرَّهْنِ (4) تَعْيِينُ الْمُرْتَهِنِ (5) التَّوْقِيتُ. هَذِهِ الشَّرَائِطُ تُفِيدُ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا الشَّرْطَ وَإِذَا خَالَفَهُ يَكُونُ غَاصِبًا وَتَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ. فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ. (الْمَادَّةُ 716) (لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ وَحْدَهُ) . الرَّهْنُ لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) . حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْحَبْسِ فِي الرَّهْنِ عَائِدٌ إلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (729) فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ هَذَا الْحَقِّ وَحْدَهُ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ: أَوَّلًا - الْمُرْتَهِنُ مَتَى شَاءَ لَهُ أَنَّهُ يَفْسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ وَحْدَهُ كُلِّيًّا أَوْ قِسْمًا صَرَاحَةً أَوْ ضِمْنًا وَأَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ. وَمَتَى فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ اسْتِنَادًا إلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا شَكَّ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (718) تَجْرِي حِينَئِذٍ.

الْفَسْخُ صَرَاحَةً مَذْكُورَةً فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْفَسْخُ ضِمْنًا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (818) شَرْطُ إتْمَامِ الْفَسْخِ: يُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِ الْفَسْخِ وَبُطْلَانِ الرَّهْنِ إعَادَةُ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ (الْهِدَايَةُ) . بِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُعَادَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ الْعَقْدِ. بَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ مَضْمُونًا بَعْدَ الْفَسْخِ أَيْضًا مَا زَالَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ قَائِمَيْنِ مَعًا (الْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا فَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ أُعِيدَ الرَّهْنُ أَوْ الرَّاهِنُ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى إذْ ذَاكَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ هِيَ أَنَّهُ لَمَّا تَكُونُ عِلَّةٌ مُتَّصِفَةٌ بِوَصْفَيْنِ تَنْعَدِمُ تِلْكَ الْعِلَّةُ بِانْعِدَامِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ. وَالرَّهْنُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ لِضَمَانِ الرَّهْنِ عِلَّتَيْنِ: الْأُولَى الدَّيْنُ وَالْأُخْرَى قَبْضُ الرَّهْنِ، فَمَتَى كَانَتْ الْعِلَّتَانِ مَوْجُودَتَيْنِ يَكُونُ الضَّمَانُ مَوْجُودًا إذَا زَالَتْ إحْدَاهُمَا سَقَطَ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ مَتَى أُعِيدَ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا وَإِذَا أَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ قَبْضِ الرَّهْنِ. سُؤَالٌ - لَمَّا كَانَ سُقُوطُ الضَّمَانِ لَازِمًا بِفَوَاتِ الدَّيْنِ وَجَبَ عَدَمُ ضَمَانِ الرَّهْنِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. مَعَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ مَضْمُونًا وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إعَادَةُ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَى الرَّاهِنِ. الْجَوَابُ - قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) أَنَّ الذِّمَّةَ تَبْقَى فِي الْمَدِينِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَيْضًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ ضَمَانُ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ وَيَظَلُّ بَاقِيًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ: حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي قَبَضَهُ الدَّائِنُ وَيَضْبِطُ فَمَا دَامَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَظَلُّ احْتِمَالُ حَقِّ حَبْسِهِ مَوْجُودًا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يُوجِبُ الضَّمَانَ. لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي لَمْ يَنْشَأَ عَنْ دَلِيلٍ لَا يُوجِبُ التَّحْقِيقَ. قَدْ ذُكِرَ أَنْفًا أَنَّ إتْمَامَ الْفَسْخِ يَحْصُلُ بِرَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا وَمُنْفَسِخًا (الْكِفَايَةُ) . ثَانِيًا - لَا حَاجَةَ لِجَعْلِ شَرْطِ الْخِيَارِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ حَتَّى إنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُقْتَدِرٌ عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ بِدُونِ شَرْطِ الْخِيَارِ. فَلَا يَكُونُ مِنْ فَائِدَةٍ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَكُونُ فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَالْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ كَمَا جَاءَ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (300) . ثَالِثًا - إذَا أَعَادَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ فَسَخَ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ

(المادة 717) ليس للراهن أن يفسخ عقد الرهن بدون رضا المرتهن

الرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ لَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ. رَابِعًا - إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهُ رَهَنَ وَسَلَّمَ ذَاكَ الْمَالَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ الرَّهْنَ فَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالرَّهْنِيَّةِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْمُرْتَهِنِ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ. إنَّمَا إذَا أَنْكَرَ الدَّائِنُ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ وَيُحْكَمُ بِالرَّهْنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُ عَقْدِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَرْهُونِ وَيَجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَلِأَنَّ إنْكَارَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَرْهُونِ لَا احْتِمَالَ لَهُ لِلْفَسْخِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ الْإِنْكَارَ الْمَذْكُورَ يُعَدُّ إنْكَارًا لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ حُكْمًا فَالرَّاهِنُ مُقْتَدِرٌ عَلَى إثْبَاتِ أَصْلِ الْعَقْدِ وَالْإِيفَاءِ حُكْمًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . فَسْخُ الرَّهْنِ قِسْمًا: يَجُوزُ فَسْخُ الرَّهْنِ قِسْمًا كَمَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ خَاتَمَيْنِ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ الرَّاهِنُ: أَعِدْ لِي أَحَدَهُمَا لِحَاجَتِي إلَيْهِ، وَأَعَادَ الْمُرْتَهِنُ أَحَدَ الْخَاتَمَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْفَسْخِ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ الَّذِي أُعِيدَ فَقَطْ وَيَكُونُ الْخَاتَمُ الْآخَرُ مَرْهُونًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لَيْسَ إلَّا. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا هَلَكَ الْخَاتَمُ الْآخَرُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَى مَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) سُقُوطُ الدَّيْنِ كُلِّهِ. بَلْ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ فَقَطْ. وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَاتَمَ الْمَذْكُورَ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ كُلُّهُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ) . [ (الْمَادَّةُ 717) لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ] الرَّهْنُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَقْدٌ لَازِمٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ. وَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَحْدَهُ أَيْ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ الْمُنْعَقِدَ صَحِيحًا يَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ بِإِذْنِهِ. وَسَوَاءٌ فِيهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا لِلرَّهْنِ أَوْ لَاحِقًا لَهُ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ قُبَيْلَ الْوَصَايَا) . ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَبَقَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ حَيْثُ إنَّ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَقَّ الْحَبْسِ فَلَا يُمْكِنُ الرَّاهِنَ إسْقَاطُ هَذَا الْحَقِّ. الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّهْنِ هُنَا الرَّهْنُ التَّامُّ يَعْنِي الرَّهْنَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ الْمَرْهُونُ.؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (607) لِلرَّاهِنِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ وَيَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ. فَسَخَ الرَّاهِنِ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ: إذَا اُشْتُرِطَ حِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ خِيَارٌ لِلرَّاهِنِ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ. وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ. حُكْمُ الرَّهْنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ

(المادة 718) للراهن والمرتهن أن يفسخا عقد الرهن بالاتفاق

جَعَلَ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ) . [ (الْمَادَّةُ 718) لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَا عَقْدَ الرَّهْنِ بِالِاتِّفَاقِ] (الْمَادَّةُ 718) (لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَا عَقْدَ الرَّهْنِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ وَإِمْسَاكِ الرَّهْنِ لِبَيْنَمَا يَسْتَوْفِي مَطْلُوبَهُ الْمُقَابِلَ ذَلِكَ الرَّهْنِ) . يُمْكِنُ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَا وَيَقْبَلَا عَقْدَ الرَّهْنِ بِرِضَاهُمَا صَرَاحَةً أَوْ ضِمْنًا بَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ وَكَمَا وَضَّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (6 71) أَنَّ إتْمَامَ هَذَا الْفَسْخِ يَحْصُلُ بِإِعَادَةِ الرَّهْنِ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْفَسْخِ وَقَبْلَ أَنْ يُعَادَ إلَى الرَّاهِنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . لَا يَلْزَمُ فِي هَذَا الْفَسْخِ اتِّفَاقُ الرَّاهِنِ يَعْنِي مُوَافَقَتَهُ عَلَى الْفَسْخِ. وَحَيْثُ إنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ " 6 71 " وَشَرْحِهَا أَنَّ صِحَّةَ الْفَسْخِ الْمَذْكُورِ نَاشِئَةٌ عَنْ رِضَا الْمُرْتَهِنِ فَقَطْ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَادِرٌ عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ إنْ رَضِيَ الرَّاهِنُ أَوْ لَمْ يَرْضَ فَلَا أَهَمِّيَّةَ لِمُوَافَقَةِ الرَّاهِنِ فِي هَذَا أَوْ عَدَمِهَا وَعَلَيْهِ فَلَا تُفِيدُ هَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ الْمَادَّةِ حُكْمًا زَائِدًا عَلَى الْمَادَّةِ " 716 " السَّابِقَةِ الذِّكْرِ. وَلَكِنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْسِكَ الْمَرْهُونَ بَعْدَ الْفَسْخِ أَيْضًا إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ الرَّاهِنِ مَطْلُوبَهُ الْمُقَابِلَ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَلَكِنَّهُ كَمَا سَبَقَ إيضَاحُهُ لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ الصَّحِيحَ وَلَا يُسْقِطُ حُكْمَهُ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ فَسْخِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِالِاتِّفَاقِ مَعًا وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ فَسْخَ الرَّهْنِ قَوْلًا وَعَدَمَ فَسْخِهِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْحُكْمِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ مَا دَامَ الْوَصْفَانِ اللَّذَانِ هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ الدَّيْنِ وَقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ قَائِمَيْنِ يَظَلُّ عَقْدُ الرَّهْنِ أَيْضًا بَاقِيًا. يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ مُقَابِلَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الدَّيْنُ وَالْآخَرُ الْقَبْضُ. وَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا كَمَا لَوْ أُعِيدَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى الرَّهْنُ أَيْضًا وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (716) مَتَى كَانَتْ الْعِلَّةُ ذَاتَ وَصْفَيْنِ فَبِانْعِدَامِ أَحَدِهِمَا يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ " الْبَزَّازِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ عَبْدُ الْحَلِيمِ. الْأَحْوَالُ الَّتِي تُسْقِطُ حَقَّ الْإِمْسَاكِ فِي الرَّهْنِ صَرَاحَةً أَرْبَعَةٌ وَاَلَّتِي تُسْقِطُهُ ضِمْنًا خَمْسَةٌ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الَّذِي يُسْقِطُ حَقَّ الْحَبْسِ فِي الرَّهْنِ تِسْعَةُ أَسْبَابٍ. يَسْقُطُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي حَبْسِ وَإِمْسَاكِ الرَّهْنِ صَرَاحَةً فِي أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إذَا فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ عَقْدَ الرَّهْنِ وَأَعَادَ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى طَرِيقِ الْفَسْخِ وَأَخْرَجَ الْمَرْهُونُ مِنْ قَبْضَتِهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (51) . فَإِذًا كَمَا أَنَّ إتْمَامَ عَقْدِ الرَّهْنِ بِقَبْضِهِ فَإِتْمَامُ فَسْخِ الرَّهْنِ أَيْضًا يَكُونُ بِإِعَادَةِ الرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ إلَى الرَّاهِنِ. وَيَلْزَمُ أَيْضًا أَنْ

(المادة 719) إعطاء المكفول عنه رهنا لكفيله

تَكُونَ هَذِهِ الْإِعَادَةُ عَلَى طَرِيقِ الْفَسْخِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعُدْ عَلَى طَرِيقِ الْفَسْخِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الْحُكْمِ عَبْدُ الْحَلِيمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (749) وَشَرْحَهَا. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا أَوْفَى الدَّيْنَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا أُبْرِئَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: إذَا وُهِبَ الدَّيْنُ لِلرَّاهِنِ. فَلَا يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْإِمْسَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَسْخُ الرَّهْنِ ضِمْنًا: يُمْكِنُ أَنْ يَنْفَسِخَ عَقْدُ الرَّهْنِ فِي الْوُجُوهِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - إذَا أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَالْإِيجَارُ صَحِيحٌ وَيَنْفَسِخُ عَقْدُ الرَّهْنِ وَيَبْطُلُ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِيجَارِ بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَلَا يَفْسَخُ الرَّهْنَ الْحَمَوِيُّ وَالْأُجْرَةُ فِي هَذَا الْإِيجَارِ تَكُونُ لِلرَّاهِنِ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ وَكِيلًا بِالْإِيجَارِ. الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ مَذْكُورَانِ فِي مَادَّتَيْ (474 و 574) . الْوَجْهُ الرَّابِعُ: إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَالرَّهْنُ يَنْفَسِخُ ضِمْنًا. حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ لَوْ بَقَّى الدَّيْنُ فَلَا يَعُودُ عَقْدُ الرَّهْنِ السَّابِقِ يَعْنِي أَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ لَا يَكْتَسِبُ صِفَةَ كَوْنِهِ مَرْهُونًا كَالْأَوَّلِ. وَتَجْدِيدُ الْعَقْدِ لَازِمٌ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ يَنْفَسِخُ عَقْدَ الرَّهْنِ. وَلَوْ أَقَالَ الطَّرَفَانِ بَعْدَ ذَلِكَ عَقْدَ الْبَيْعِ لَا يَعُودُ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ إلَى الرَّهْنِيَّةِ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَقْدُ الرَّهْنِ مُجَدَّدًا بِالتَّرَاضِي (فَتَاوَى ابْنِ نَجِيمٍ) . [ (الْمَادَّةُ 719) إعْطَاء الْمَكْفُول عَنْهُ رَهْنًا لِكَفِيلِهِ] (الْمَادَّةُ 719) (يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا لِكَفِيلِهِ) . الْمَقْصُودُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوَّلًا الْكَفِيلُ لِلْمَالِ، ثَانِيًا الْكَفِيلُ مُنْجِزًا، ثَالِثًا الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ. يَعْنِي إذَا كَفَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَمْرِهِ أَلْفَ قِرْشٍ دَيْنَهُ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ أَوْ لِجَانِبِ الْحُكُومَةِ وَأَعْطَى هَذَا الْآخَرُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ رَهْنًا صَحَّ ذَلِكَ. سَوَاءٌ أَدَفَعَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولُ بِهِ إلَى الدَّائِنِ وَتَحَقَّقَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَطْلُوبَهُ عِنْدَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فِي الْحَالِ أَمْ لَمْ يَدْفَعْ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ مَطْلُوبُهُ عِنْدَهُ فِي الْحَالِ وَجَازَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ أَصْبَحَ مَالِكَ الدَّيْنِ بِأَدَائِهِ إيَّاهُ فَيَكُونُ الرَّهْنُ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ صَحِيحٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 657) وَشَرْحَهَا. وَجَازَ الرَّهْنُ أَيْضًا قَبْلَ تَأْدِيَةِ الْكَفِيلِ الْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ تُوجِبُ دَيْنَ الطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ وَدَيْنَ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ. إنَّمَا مَطْلُوبُ الْكَفِيلِ مِنْ الْأَصِيلِ مُؤَجَّلٌ لِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَمَطْلُوبُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ

(المادة 720) أخذ الدائنين رهنا من المدين الواحد

الطَّالِبِ مِنْ الْأَصِيلِ حَالٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الْكَفَالَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ دَيْنَ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ وَاَلَّتِي سَبَّبَتْ الدَّيْنَ مَوْجُودًا وَحَيْثُ إنَّ وُجُودَ الدَّيْنِ مَحْجُوزٌ لِلرَّهْنِ فَهَذَا الرَّهْنُ أَيْضًا يَكُونُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1 70) . حُكْمُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْكَفِيلِ: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ يُعَدُّ كَأَنَّ الْكَفِيلَ قَدْ اسْتَوْفَى الْمَالَ الَّذِي سَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْكَفَالَةِ) . انْفِسَاخُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْكَفِيلِ: إذَا أَوْفَى الْمَدِينُ وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ دَيْنَهُ إلَى دَايِنِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَعْطَى رَهْنًا لِكَفِيلِهِ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ سَقَطَ عَنْ الْكَفِيلِ أَيْضًا بِالْأَدَاءِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 718) وَشَرْحَهَا. إذًا هَلْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ بَعْدَ أَنْ يَفِيَ الْأَصِيلَ الدَّيْنَ وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ امْتَنَعَ الْكَفِيلُ عَنْ إعْطَائِهِ فَبِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْأَصِيلِ يَضْمَنُ الْكَفِيلُ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ قِيمَةَ الرَّهْنِ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالْمَنْعِ يَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا لِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الرَّهْنِ. فَلِيُحَرَّرَ. تَتَقَيَّدُ مَسْأَلَةُ إعْطَاءِ الرَّهْنِ لِلْكَفِيلِ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: الْأَوَّلُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ كَفِيلَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) أَنَّ إعْطَاءَ الرَّهْنِ لِلْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ غَيْرُ صَحِيحٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . الثَّانِي - يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ مُنْجِزَةً أَمَّا إعْطَاءُ الْأَصِيلِ الْكَفِيلَ رَهْنًا فِي الْمَالِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ لَمْ تَحِلَّ بَعْدُ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . الثَّالِثُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِلَا أَمْرٍ تَبَرُّعٌ وَلَا حَقَّ لِلْكَفِيلِ فِي مُرَاجَعَةِ الْأَصِيلِ فِي الْحَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْكَفِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْأَصِيلِ وَبِنَاءَ عَلَيْهِ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ مَعْدُومٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1 70) . [ (الْمَادَّةُ 720) أَخَذَ الدَّائِنَيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ الْوَاحِدِ] (الْمَادَّةُ 0 72) (يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّائِنَانِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ أَكَانَا شَرِيكَيْنِ أَمْ لَا يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ مَجْمُوعِ الدَّيْنَيْنِ) . يَعْنِي لَا فَرْقَ فِيمَا إذَا كَانَ هَذَانِ الدَّائِنَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ أَمْ لَا أَوْ كَانَ دَيْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ كَمَا لَوْ كَانَ دَيْنُ الْوَاحِدِ ذَهَبًا وَدَيْنُ الْآخَرُ فِضَّةً فَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ ذَلِكَ الْمَدِينِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَبِدُونِ أَنْ يُنَصَّ فِي التَّبْعِيضِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الرَّهْنِ شُيُوعٌ يُخِلُّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ لِجَوَازِ أَخْذِ الدَّائِنَيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ الْوَاحِدِ شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ: وِحْدَةُ الْعَقْدِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِعَقْدَيْنِ فَالرَّهْنُ فَاسِدٌ.

فَعَلَيْهِ لَوْ ارْتَهَنَ أَحَدُ هَذَيْنِ الدَّائِنَيْنِ النِّصْفَ الشَّائِعَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بِعَقْدٍ وَقَبَضَهُ وَارْتَهَنَ الثَّانِي النِّصْفَ الْآخَرَ وَقَبَضَهُ بِعَقْدٍ غَيْرِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنَ مَشَاعٍ اُنْظُرْ الْأَرْبَعَ مَسَائِلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . الثَّانِي، يَجِبُ أَنْ لَا يَنُصَّ عَلَى التَّبْعِيضِ فَإِذَا نَصَّ عَلَى التَّبْعِيضِ يَفْسُدُ الرَّهْنُ. وَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: قَدْ رَهَنْت نِصْفَ مَالِي هَذَا لِدَائِنِي هَذَا وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِدَائِنِي ذَاكَ، وَنَصَّ عَلَى التَّفْرِيقِ وَالتَّبْعِيضِ وَرَهَنَ وَارْتَهَنَ الدَّائِنَانِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا (الْخَانِيَّةُ) . وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَيْضًا إذَا قَالَ: رَهَنْت نِصْفَ مَالِي هَذَا مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِمُقَابَلَةِ سِتِّ مِائَةِ قِرْشٍ وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا إذَا قَبِلَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ إيجَابَ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (710) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي مُقَدِّمَةِ الرَّهْنِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إذَا ارْتَهَنَ الدَّائِنَانِ الرَّهْنَ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الرَّهْنَ تَلْجِئَةٌ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ سَيَطْرَأُ عَلَيْهِ شُيُوعٌ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ فِي حِصَّةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَلَا يَسْرِي إلَى حَقِّ الْآخَرِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ " وَيَكُونُ الرَّهْنُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ مَجْمُوعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى مَجْمُوعِ الدَّيْنَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ نِصْفُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ نِصْفٍ مِنْ الدَّيْنِ وَنِصْفُهُ الثَّانِي مُقَابِلَ النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ الدَّيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَيْهِ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَ الْوَاحِدِ مِنْ الدَّائِنَيْنِ كَامِلًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ شَيْئًا مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ بَقِيَ مِقْدَارٌ جُزْئِيٌّ مِنْ مَطْلُوبِ الْمُرْتَهِنِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَيَأْتِي إيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَادَّةِ (739) وَشَرْحِهَا. كَيْفِيَّةُ حِفْظِ الدَّائِنَيْنِ لِلرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَاهُ مِنْ مَدِينٍ وَاحِدٍ: إنْ كَانَ الرَّهْنُ غَيْرَ قَابِلِ الْقِسْمَةِ يَحْفَظُهُ الدَّائِنَانِ بِالْمُنَاوَبَةِ. وَالْوَاحِدُ فِي نَوْبَةِ حِفْظِهِ كَعَدْلِ الْآخَرِ (التَّنْوِيرُ) . وَلَدَى هَلَاكِ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ ضَمَانُ الْغَصْبِ وَلَا الْمُعْطَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الرَّاهِنَ عَالِمٌ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ دَائِمًا فِي حِفْظِ الرَّهْنِ يَكُونُ بِرَهْنِهِ عِنْدَهُمَا مَالًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ رَضِيَ بِحِفْظِهِمَا إيَّاهُ مُنَاوَبَةً شَرْحُ الْمَجْمَعِ ". وَأَمَّا إنْ كَانَ قَابِلَ الْقِسْمَةِ فَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ حَصَلَ اخْتِلَافٌ: فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يَجِبُ بَعْدَ التَّقْسِيمِ أَنْ يَحْفَظَ كُلٌّ مِنْهُمَا النِّصْفَ مِنْهُ. يَعْنِي تُقَاسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ " 783 ".

(المادة 721) للدائن الواحد أن يأخذ رهنا لأجل الدين الذي له على اثنين

حَتَّى لَوْ أَعْطَى دَائِنٌ كُلَّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ لِلْآخَرِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَكُونُ الْمُعْطِيَ ضَامِنًا نِصْفَ حِصَّتِهِ بِضَمَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ بِدَفْعِهِ الْمَالَ إلَى مَنْ لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْغَصْبِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي دَفْعِهِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ شَرْحُ الْمَجْمَعِ. وَلَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يَضْمَنُ بِضَمَانِ الْغَصْبِ الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " وَالْمَجَلَّةُ قَبِلَتْ فِي مَادَّتِهَا " 783 " قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ نَظِيرَةٌ لَهَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ فِيهَا أَيْضًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ. الْحُكْمُ فِي تَلَفِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ دَائِنَانِ مِنْ مَدِينٍ وَاحِدٍ. بِحَسَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَالُ الْمَرْهُونُ عِنْدَ هَلَاكِهِ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الدَّائِنِ ضَامِنًا لِذَلِكَ الرَّهْنِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1 74 " التَّنْوِيرُ "؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ قَابِلٌ لِلتَّجَزِّي فَيَنْقَسِمُ الْمَرْهُونُ عَلَى كِلَا الدَّيْنَيْنِ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ،. مَثَلًا لَوْ كَانَ مَطْلُوبُ الِاثْنَيْنِ مِائَةَ قِرْشٍ يَضْمَنَانِ الرَّهْنَ أَيْ يَكُونَانِ اسْتَوْفَيَا مَطْلُوبَهُمَا مُنَاصَفَةً وَإِذَا كَانَ مَطْلُوبُ الْوَاحِدِ مِائَةَ قِرْشٍ وَمَطْلُوبُ الْآخَرِ مِائَتَيْ قِرْشٍ يَضْمَنَانِهِ أَيْ يَكُونَانِ اسْتَوْفَيَا الْمَطْلُوبَ بِنِسْبَةِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ (الدُّرَرُ) . وَإِذَا تَلِفَ بَعْضُ الرَّهْنِ فَالْحُكْمُ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ مَثَلًا لَوْ كَانَ مَطْلُوبُ أَحَدِ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الرَّاهِنِ عَشْرَةَ مَجِيدِيَّاتٍ وَمَطْلُوبُ الْآخَرِ خَمْسَةٌ وَكَانَ الْمَرْهُونُ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ وَهَلَكَ عِشْرُونَ ذَهَبًا مِنْ الثَّلَاثِينَ فَكَمَا أَنَّ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةَ تَظَلُّ مَرْهُونَةً أَثْلَاثًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ ثُلُثَا مَطْلُوبِ صَاحِبِ الْعَشَرَةِ مَجِيدِيَّاتٍ وَثُلُثُ مَطْلُوبِ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ الدُّرَرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ [ (الْمَادَّةُ 721) لِلدَّائِنِ الْوَاحِدِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى اثْنَيْنِ] (الْمَادَّةُ 721) (يَجُوزُ لِلدَّائِنِ الْوَاحِدِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى اثْنَيْنِ وَيَكُونُ هَذَا أَيْضًا مَرْهُونًا مُقَابِلَ مَجْمُوعِ الدَّيْنَيْنِ) . يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّائِنُ رَهْنًا وَاحِدًا لِأَجْلِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى شَخْصَيْنِ. وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءً أَكَانَ هَذَا الْمَطْلُوبُ ثَابِتًا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ رَهْنًا وَاحِدًا لِأَجْلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لَهُ عَلَى شَخْصٍ جَازَ ذَلِكَ. فَيَكُونُ هَذَا أَيْضًا مَرْهُونًا مُقَابِلَ مَجْمُوعِ الدَّيْنَيْنِ الْأَنْقِرْوِيُّ سَوَاءً أَكَانَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا أَمْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرَكًا وَكَانَ مَالُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ هَذَا الْمَالُ رَهْنًا مُسْتَعَارًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْمَالِ. وَلَيْسَ فِيهِ مِنْ شُيُوعٍ يُخِلُّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ عَبْدُ الْحَلِيمِ. وَتَفَرُّقُ الْمَالِكَيْنِ لَا يُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الرَّهْنِ. يَعْنِي لَا يُقَالُ: إنَّهُ (لَمَّا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَالَ الْمَدِينَيْنِ مُشْتَرَكًا فَرَهْنُ كُلٍّ مِنْهَا حِصَّتُهُ لِلدَّائِنِ يُوجَدُ شُيُوعًا فِي الرَّهْنِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَرْهَنَ أَحَدٌ مَالَهُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِ الْآخَرِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) .

وَشَرْطُ أَخْذِ الدَّائِنِ رَهْنًا وَاحِدًا مِنْ مَدِينَيْنِ اثْنَيْنِ: نَظَرًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ وَاحِدًا أَيْضًا. مَثَلًا إذَا قَالَ شَخْصَانِ لِدَائِنِهِمَا: إذَا رَهَنَا عِنْدَك هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَيْنَا وَقَبِلَ الدَّائِنُ صَحَّ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ وَاحِدًا بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ سَبَقَ الْإِيضَاحُ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ تَعْرِيفِ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ نِصْفًا مِنْ مَالٍ لَا يَجُوزُ (الْعِنَايَةُ) . سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَنْشَأَ الِاثْنَانِ الْعَقْدَ مَعًا أَيْ أَخْرَجَا كَلَامَهُمَا دَفْعَةً أَوْ مُتَعَاقِبًا. كَرَهْنِ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الِاثْنَيْنِ نِصْفَ مَالٍ أَوَّلًا ثُمَّ رَهَنَ الْآخَرُ النِّصْفَ الثَّانِيَ الْأَنْقِرْوِيُّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شُيُوعٌ لِاتِّحَادِ الْعَقْدِ بِمُلَابَسَةٍ. وَخُرُوجُ الْكَلَامِ دَفْعَةً عِنْدَ إنْشَاءِ الْعَقْدِ مَعًا إنَّمَا يَطْرَأُ الشُّيُوعُ أَخِيرًا. إذْ إنَّهُ لَمَّا رَهَنَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ عَلَى حِدَةٍ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَبِأَدَائِهِ يَكْتَسِبُ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْمَرْهُونِ فَتَمَسُّ إذًا الْحَاجَةَ أَخِيرًا لِلْمُهَايَأَةِ فِي الْقَبْضِ لِحُصُولِ الشُّيُوعِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَبْسُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ دَائِمًا مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَقِّ الْحَبْسِ الدَّائِمِ فِي الرَّهْنِ. فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَمَا يَهْلَكُ الْمَالُ الَّذِي رُهِنَ وَسُلِّمَ بِعَقْدَيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا كَانَ الْهَلَاكُ وَقَعَ بِدُونِ امْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ بَعْدَ طَلَبِ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ قَدْ هَلَكَ أَمَانَةً وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 768) . وَأَمَّا إذَا هَلَكَ بَعْدَ طَلَبِ الرَّاهِنِ وَامْتِنَاعِ الْمُرْتَهِنِ عَنْ رَدِّهِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُتَعَدِّيًا بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْإِعَادَةِ وَضَامِنًا بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي أَوَائِلِ الرَّهْنِ، أَبُو السُّعُودِ، الْخُلَاصَةُ، شِبْلِيٌّ) .

الباب الثالث في بيان المسائل المتعلقة بالمرهون

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَرْهُونِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مُؤْنَةِ الْمَرْهُونِ وَمَصَارِيفِهِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ مُؤْنَةِ الْمَرْهُونِ وَمَصَارِيفِهِ وَيُبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ مَحَافِظِ الرَّهْنِ وَمُؤْنَةِ حِفْظِ الْمَرْهُونِ وَمَصَارِيفِهِ 1 - مَحَافِظُ الْمَرْهُونِ (الْمَادَّةُ 722) (عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ هُوَ أَمِينُهُ كَعِيَالِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ خَادِمِهِ) . يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ بِذَاتِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ مَنْ هُوَ أَمِينٌ مِنْهُ كَزَوْجَتِهِ أَوْ كَبِيرِ أَوْلَادِهِ أَوْ شَرِيكِهِ بِالْمُفَاوَضَةِ أَوْ بِالْعِنَانِ أَوْ أَجِيرِهِ الْخَاصِّ الْمُسْتَخْدَمِ عِنْدَهُ شَهْرِيًّا أَوْ سَنَوِيًّا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْأَمِينُ سَاكِنًا مَعَهُ أَمْ لَا. الْمُعْتَبَرُ فِي الْعِيَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الدَّاخِلُ فِي عِيَالِ الْآخَرِ سَاكِنًا مَعَهُ. وَلَيْسَ الِاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ لِلنَّفَقَةِ. يَعْنِي سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفَقَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَازِمَةً عَلَيْهِ أَمْ لَا كَالزَّوْجَةِ مَثَلًا فَهِيَ مِنْ جِهَةٍ سَاكِنَةٍ مَعَ زَوْجِهَا وَنَفَقَتُهَا لَازِمَةٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى وَأَمَّا الزَّوْجُ فَهُوَ مَنْ كَانَ سَاكِنًا مَعَ زَوْجَتِهِ فَنَفَقَتُهُ لَيْسَتْ عَلَيْهَا وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا حَفِظَتْ الزَّوْجَةُ الرَّهْنَ بِوَاسِطَةِ زَوْجِهَا جَازَ بِالِاتِّفَاقِ يَعْنِي إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الزَّوْجِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ الضَّمَانُ بِضَمَانِ الْغَصْبِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حِفْظِ حَقِّ الزَّوْجِ الرَّهْنُ بِوَاسِطَةِ زَوْجَتِهِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فِي عِيَالِ زَوْجِهَا الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحُكْمُ فِي حِفْظِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْمُقْتَدِرِ عَلَى الْحِفْظِ هُوَ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَالْبَحْرُ فِي الْوَدِيعَةِ. الْخُلَاصَةُ - إنَّ حِفْظَ الْمَرْهُونِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ الْأَمِينِ وَاجِبٌ وَلَازِمٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا كَمَا حُرِّرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 780 وَشَرْحَهَا) وَلَوْ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ لِأَجْلِ حِفْظِ الرَّاهِنِ أُجْرَةً فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَهَا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 457) . وَلَكِنْ

لِلْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مُقَابِلَ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 777) ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سُؤَالٌ - إذَا شَاءَ الْمُسْتَوْدِعُ أَمْسَكَ الْوَدِيعَةَ. وَيَجِبُ حِفْظُهَا عَلَيْهِ مَا زَالَ مُمْسِكُهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْوَدِيعَةَ لِلْمُوَدِّعِ وَيَسْقُطُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وُجُوبُ الْحِفْظِ عَنْهُ. وَهَذَا الرَّهْنُ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ إنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنُ أَمْسَكَهُ وَتَجِبُ حِينَئِذٍ مُحَافَظَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ وَيَسْقُطُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ وُجُوبُ حِفْظِهِ عَنْهُ فَوَالْحَالَةُ هَذِهِ مَا هُوَ الْفَرْقُ إذًا بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ بِهِ؟ (الشَّارِحُ) . الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ صَلَاحِيَّةَ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ الْمَرْهُونِ فَيَكُونُ الْمَرْهُونُ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فَكَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً فِي مُقَابَلَةِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى مَالِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ أُجْرَةٌ مُقَابِلَ حِفْظِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدِعِ مِنْ حَقٍّ فِي الْوَدِيعَةِ (دَارُ الْفَتْوَى الْعَالِيَةُ) . وَجَوَابُ دَارِ الْفَتْوَى هَذَا جَيِّدٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلِذَلِكَ يُمْكِنُ إعْطَاءُ الْجَوَابِ بِالصُّورَةِ الْآتِيَةِ: حِينَمَا اُشْتُرِطَتْ الْأُجْرَةُ لِلْمُسْتَوْدِعِ أَصْبَحَ الْعَقْدُ عَقْدَ إجَارَةٍ وَالْمُسْتَوْدِعُ أَجِيرًا. وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ أَصْبَحَ الْمُسْتَوْدِعُ مَجْبُورًا عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ الَّتِي عُقِدَتْ الْمُقَاوَلَةُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؟ لِلْمُودَعِ وَيَقُولُ: لَا أَحْفَظُهَا يَعْنِي أَنَّ أَخْذَ الْمُسْتَوْدِعِ أُجْرَةً هُوَ نَتِيجَةُ عَقْدِ الْإِيجَارِ وَلَيْسَ نَتِيجَةَ مُجَرَّدِ عَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ (الشَّارِحُ) . الْأَصْلُ فِيمَا يُوجِبُ الضَّمَانُ وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ: ذُكِرَ الْأَصْلُ الْآتِي فِي هَذَا الصَّدَدِ وَهُوَ: كُلُّ فِعْلٍ يَلْزَمُ مِنْ أَجْلِهِ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ يَجِبُ ضَمَانُ الْغَصْبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا مِنْ أَجْلِهِ وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَلْزَمُ بِسَبَبِهِ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ لَا يَجِبُ ضَمَانُ الْغَصْبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا بِسَبَبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ (ضَمَانُ الْغَصْبِ) لِأَنَّ الْمَرْهُونَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا مَضْمُونٌ مِنْ الْوَجْهِ الْوَارِدِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) فَإِذَا أَمْسَكَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ ضَامِنًا وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْإِمْسَاكِ مَثَلًا إذَا أَمْسَكَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي مَوْضِعٍ يُمْسَكُ فِيهِ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ فَإِمْسَاكُهُ هَذَا يَكُونُ إمْسَاكَ اسْتِعْمَالٍ. وَأَمَّا إذَا أَمْسَكَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْسَكُ فِيهِ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِمْسَاكُ إمْسَاكَ حِفْظٍ فَعَلَيْهِ إذَا وَضَعَ الْخَاتَمَ فِي كِيسِهِ أَوْ وَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى كَتِفِهِ أَوْ لَفَّ الْقَمِيصَ عَلَى رَأْسِهِ تَكُونُ هَذِهِ الْحَالَاتُ حِفْظًا وَأَمَّا إذَا وَضَعَ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ تَقَلَّدَ السَّيْفَ أَوْ لَفَّ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ لَبِسَ الْقَمِيصَ فَهَذِهِ الْحَالَاتُ اسْتِعْمَالٌ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَهَاكَ بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. أَوَّلًا - لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُودِعَ الرَّهْنَ زَوْجَتَهُ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَبِهَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ

زَوْجَتَهُ وَهَلَكَ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ جَبْرًا عِنْدَ وَفَائِهِ الدَّيْنَ (الْبَهْجَةُ فِي الرَّهْنِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1637) . ثَانِيًا - لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْفَظَ الرَّهْنَ بِوَاسِطَةِ غَيْرِ الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينَهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْأَيْدِي تَخْتَلِفُ فِي الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ. وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِ الْمُرْتَهِنِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ إذَا حَفِظَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ غَيْرِ زَوْجَتِهِ مَثَلًا وَهَلَكَ يَضْمَنُ بِضَمَانِ الْغَصْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 78) . ثَالِثًا - إذَا أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ غَيْرِ الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدِعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَكُونُ ضَامِنًا الْمَرْهُونَ بِضَمَانِ الْغَصْبِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ. وَلَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ شِبْلِيٌّ رَابِعًا - إذَا وَضَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي بَيْتِهِ وَتَرَكَتْهُ زَوْجَتُهُ غَيْرُ الْأَمِينَةِ أَيْضًا وَذَهَبَتْ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَمَتَاعُ الرَّهْنِ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. (الْبَحْرُ فِي الْوَدِيعَةِ) . خَامِسًا - إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ الْخَيْرِيَّةُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 80) . سَادِسًا - إذَا أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَعَارَهُ لِآخَرَ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَتَلِفَ الرَّهْنُ فَيَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ ضَمَانُ كُلِّ قِيمَتِهِ وَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ يَضْمَنُ جَمِيعَ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى قِيمَةِ الْمَرْهُونِ أَمَانَةٌ وَالْأَمَانَةُ مَضْمُونَةٌ بِالتَّعَدِّي الْهِدَايَةُ " اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 787 وَ 790 و 792 ". مَثَلًا لَوْ لَبِسَ الْمُرْتَهِنُ الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ أَوْ رَكِبَ الْحَيَوَانَ الْمَرْهُونَ بِلَا إذْنٍ وَهَلَكَ الْمَرْهُونُ فَكَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ يَضْمَنُ أَيْضًا نُقْصَانَ الْقِيمَةِ إذَا طَرَأَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَرْهُونِ. وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الضَّمَانِ دَيْنًا وَكَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا يَقَعُ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَجِّلًا يَبْقَى بَدَلُ الضَّمَانِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِصِفَةِ رَهْنٍ وَيَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الضَّمَانِ دَيْنًا لَا يَقَعُ تَقَاصٌّ بَلْ تَبْقَى الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مَرْهُونَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ " وَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1 74 ". عَوْدَةُ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ - إذَا عَادَ الْمُرْتَهِنُ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ أَيْ إذَا تَرَكَ التَّعَدِّيَ وَالْحَالَ الَّتِي تُوجِبُ الضَّمَانَ فَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَلَكِنْ إذَا أَنْكَرَ الرَّاهِنُ عَوْدَةَ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْوِفَاقِ وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إثْبَاتُهَا فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ وَبِطَلَبِهِ حَلَفَ الرَّاهِنُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ لَزِمَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97 ". بَيَانُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمِينِ: إنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ بِوَاسِطَةِ الْأَمِينِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إذَا كَانَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمِينُ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدِعِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا. فَاشْتَرَطَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنْ يَكُونَ الْأَمِينُ فِي الْعِيَالِ. وَعِنْدَهُمْ إذَا حَلَّ الرَّهْنُ عِنْدَ الْأَمِينِ الَّذِي لَيْسَ فِي

(المادة 723) المصرف المقتضى لأجل محافظة الرهن عائد على المرتهن

الْعِيَالِ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: إنَّ كَوْنَ الْأَمِينِ فِي الْعِيَالِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيُمْكِنُ مُحَافَظَتُهُ بِالْأَمِينِ الَّذِي لَيْسَ فِي الْعِيَالِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ عِنْدَ هَلَاكِهِ. وَمِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ " شَرِيكُهُ أَوْ خَادِمُهُ " يَتَحَقَّقُ أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ شَرِيكٍ كَمَا أَنَّهَا ذُكِرَتْ بِمُقَابِلَةِ عِيَالٍ فَشَرِيكُ الْمَرْءِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا لَا يَكُونُ فِي عِيَالٍ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 723) الْمُصْرَفُ الْمُقْتَضَى لِأَجْلِ مُحَافَظَةِ الرَّهْنِ عَائِدٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ] مَئُونَة حِفْظِ الرَّهْنِ. (الْمَادَّةُ 723) (الْمُصْرَفُ الْمُقْتَضَى لِأَجْلِ مُحَافَظَةِ الرَّهْنِ كَإِيجَارِ الْمَحَلِّ وَأُجْرَةِ النَّاطُورِ عَائِدٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) . أَوَّلًا: إنَّ إيجَارَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ الرَّهْنَ كَمَرَاحِ الْغَنَمِ وَالْإِصْطَبْلِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُمَاثِلَةِ. ثَانِيًا: أُجْرَةُ النَّاطُورِ الَّذِي يُحَافِظُ عَلَى الرَّهْنِ. ثَالِثًا: مَا يَلْزَمُ لِرَدِّ الرَّهْنِ كَامِلًا أَوْ جُزْءٍ مِنْهُ فَإِنَّ مَصْرِفَ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ يَعُودُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ اُشْتُرِطَ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ حَقَّ إمْسَاكِ الرَّهْنِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَحِفْظُهُ أَيْضًا وَاجِبٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَمُؤْنَةُ إمْسَاكِهِ وَحِفْظِهِ أَيْضًا عَائِدَةٌ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيّ. ثُمَّ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُسْتَفِيدٌ وَمُنْتَفِعٌ مِنْ حِفْظِ الرَّهْنِ وَجَبَ أَنْ يَتَحَمَّلَ أَيْضًا مَضَرَّتَهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (78) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْمَصَارِيفَ تَعُودُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ فِي يَدِ الْعَدْلِ. إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ نَشَأَ مِنْ حَقِّ الْحَبْسِ وَحَقُّ الْحَبْسِ ثَابِتٌ فِي الْكُلِّ أَيْ بِمَا زَادَ عَنْ الدَّيْنِ أَيْضًا. وَإِنْ اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أُجْرَةً مُقَابِلَ حِفْظِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً. كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. وَلَا تَلْزَمُ الْمَصَارِيفُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الرَّاهِنِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83) . يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَصَارِيفَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ " 786 " وَكَذَلِكَ إذَا فَرَّ الْمَرْهُونُ فَأُجْرَةُ رَدِّهِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ حَيَوَانًا فَمُعَالَجَةُ أَمْرَاضِهِ وَقُرُوحِهِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِسَانُ الْحُكَّامِ " هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَتُقَسَّمُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ بَيْنَ الْمَضْمُونِ وَالْأَمَانَةِ فَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْمَضْمُونَ يَعُودُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبَ الْأَمَانَةَ يَكُونُ عَائِدًا عَلَى الرَّاهِنِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ "؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ عَلَى مَا زَادَ مِنْ الْمَرْهُونِ عَلَى الدَّيْنِ كَيَدِ الْمُسْتَوْدِعِ فَلَا يَلْحَقُهَا ضَمَانٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ ". مَثَلًا إذَا رُهِنَ حَيَوَانٌ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ قِرْشٍ ثُمَّ فَرَّ الْحَيَوَانُ وَضَاعَ فَإِذَا اقْتَضَى صَرْفَ تِسْعِينَ

(المادة 724) الرهن إن كان حيوانا أو عقارا

قِرْشًا لِإِعَادَتِهِ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ فَيُعْطَى الْمُرْتَهِنُ ثَلَاثِينَ وَالرَّاهِنُ سِتِّينَ قِرْشًا تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ وَالْخَانِيَّةِ ". [ (الْمَادَّةُ 724) الرَّهْنُ إنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا] 3 - مَصَارِفُ الْمَرْهُونِ (الْمَادَّةُ 724) (الرَّهْنُ إنْ كَانَ حَيَوَانًا فَعَلَفَهُ وَأُجْرَةُ رَاعِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنْ كَانَ عَقَارًا فَتَعْمِيرُهُ وَسَقْيُهُ وَتَلْقِيحُهُ وَتَطْهِيرُ خِرَقِهِ وَسَائِرُ مَصَارِيفِهِ الَّتِي هِيَ لِإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ وَبَقَائِهِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا) . يَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ نَوْعَانِ مِنْ الْمَصَارِيفِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَصَارِيفُ الَّتِي هِيَ لِأَجْلِ بَقَاءِ الرَّهْنِ. كَعَلَفِ الْحَيَوَانِ وَأُجْرَةِ الرَّاعِي وَتَعْمِيرِ الْعَقَارِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْمَصَارِيفُ الَّتِي هِيَ لِأَجْلِ إصْلَاحِ مَنَافِعِ الرَّهْنِ كَالسَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَتَعْشِيبِ الزَّرْعِ وَعَلَفِ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ أَيْ مَأْكُولُهُ وَمَشْرُوبُهُ وَأُجْرَةُ رَاعِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْغَنَمِ فَأُجْرَةُ جَزِّ صُوفِهِ وَإِنْ كَانَ عَقَارًا فَتَعْمِيرُهُ وَإِنْ كَانَ حَقْلًا أَوْ بُسْتَانًا فَسَقْيُهُ أَوْ شَجَرًا مُثْمِرًا فَتَلْقِيحُهُ وَتَعْشِيبُ كُلِّ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَتَطْهِيرُ خِرَقِهَا يَعْنِي كُلَّ هَذِهِ الْمَصَارِيفِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِلِقَاءِ ذَاتِ الْمَرْهُونِ وَإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ وَخَرَاجِ الْمَرْهُونِ وَضَرِيبَتِهِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاهِنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمْ فِي يَدِ الْعَدْلِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَتُهُ زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ أَمْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَمَنَافِعَهُ مَعَ بَقَائِهِ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ فَمُعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْإِمْسَاكِ تَرْجِعُ إلَيْهِ فَبِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ (الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ) كَانَتْ كُلُّ هَذِهِ الْمُؤْنَاتِ عَائِدَةً عَلَى الرَّاهِنِ (الدُّرَرُ، الزَّيْلَعِيّ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) حَتَّى وَلَوْ شَرَطَ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا حُكْمَ لَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83. ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ الضَّابِطَ وَالْقَاعِدَةَ لِأَجْلِ تَعْيِينِ أَنْوَاعِ الْمَصَارِيفِ الْعَائِدَةِ عَلَى الرَّاهِنِ فِي عِبَارَةِ (بَقَاءِ الرَّهْنِ وَإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ) وَبَيَّنَتْ أَمْثِلَةَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِبَارَةِ (وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي كَأُجْرَةِ الرَّاعِي) (الزَّيْلَعِيّ) وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ عَنْ لُزُومِ عَلَفِ الْحَيَوَانِ عَلَى الرَّاهِنِ: إذَا ارْتَهَنَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانًا وَقَبَضَهُ مُقَابِلَ كَيْلَةِ شَعِيرٍ أَقْرَضَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَكَلَ الْحَيَوَانُ الشَّعِيرَ فَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ؛ لِأَنَّ عَلَفَ الْحَيَوَانِ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أُجْرَةُ الرَّاعِي تَلْزَمُ الرَّاهِنَ؛ لِأَنَّ الرَّاعِيَ لِكَوْنِهِ وَاسِطَةَ إيصَالِ الْعَلَفِ إلَى الْحَيَوَانِ يَكُونُ سَبَبًا لِعَلَفِهِ. سُؤَالٌ - الرَّاعِي كَمَا أَنَّهُ يَسُوقُ الْحَيَوَانَ إلَى الْمَرْعَى وَالْعَلَفَ فَهُوَ يَحْفَظُهُ أَيْضًا، فَإِذَنْ الرَّاعِي جَامِعٌ

(المادة 725) وفاء الراهن أو المرتهن المصروف العائد على الآخر من تلقاء نفسه

لِلْأَعْلَافِ وَالْمُحَافَظَةِ مَعًا وَالْحَالُ أَنَّ الْعَلَفَ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُحَافَظَةَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَنْ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَتُهُ مُنَاصَفَةً مِنْ الِاثْنَيْنِ. الْجَوَابُ - الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ الرَّاعِي الْأَعْلَافُ وَالْحِفْظُ تَبَعِيٌّ. وَلِذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاعِيَ يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ مُقَابِلَ الْأَعْلَافِ وَلَيْسَ مُقَابِلَ الْمُحَافَظَةِ الَّتِي هِيَ أَمْرٌ تَبَعِيٌّ. كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالثَّمَنُ فِيهِ مُقَابِلُ أَصْلِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ مُقَابِلَ أَطْرَافِهِ كَأُذُنِهِ وَرِجْلِهِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا. أَوْ لَا تَرَى أَنَّهُ لِهَذَا السَّبَبِ لَا يَجْرِي حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَى مَا سَرَقَ حَيَوَانًا مِنْ الْمَرْعَى وَيَجْرِي عَلَى مَنْ سَرَقَهُ مِنْ إصْطَبْلِهِ الْكِفَايَةُ وَشَرْحُ الْهِدَايَةِ. لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ النَّفَقَةَ الْعَائِدَةَ عَلَيْهِ مِنْ نَمَاءِ الرَّهْنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَمَاءً فِي الرَّهْنِ وَقَصَدَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفِيَ الْمَصْرُوفَ الْمُقْتَضَى لِلرَّهْنِ مِنْ النَّمَاءِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَسْمَحُ لَهُ بِذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 729 (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ) . مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَبِيعَ ثِمَارَ الْكَرْمِ الْمَرْهُونِ الَّتِي هِيَ مِنْ زَوَائِدِهِ وَيَفِيَ مِنْ أَثْمَانِهَا مَصَارِيفَ حَفْرِهِ وَشُغْلِهِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ لَا يَسْمَحَ لَهُ بِذَلِكَ. ضَرَائِبُ الرَّهْنِ: الضَّرِيبَةُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى الرَّهْنِ وَعُشْرِهِ وَخَرَاجِهِ أَيْضًا عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ هِيَ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إنْ أَعْطَاهَا بِرِضَاهُ تَطَوُّعًا لَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا إنْ أَعْطَاهَا مُكْرَهًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (519) . (لِسَانُ الْحُكَّامِ) مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ أَمَرَ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِهَا. فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1506) . [ (الْمَادَّةُ 725) وَفَاء الرَّاهِن أَوْ الْمُرْتَهِن الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ عَلَى الْآخَرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ] (الْمَادَّةُ 725) إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ عَلَى الْآخَرِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَئِذٍ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ. الْقَاعِدَةُ هِيَ أَنَّهُ إذَا أَوْفَى شَخْصٌ مَصْرُوفًا عَائِدًا عَلَى غَيْرِهِ بِدُونِ أَمْرِهِ أَوْ إذْنِ الْحَاكِمِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابِ عِلْمِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ. الرَّهْنُ: إذَا أَدَّى الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ مَصْرُوفًا عَائِدًا عَلَى الْآخَرِ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ أَمْرِ الْآخَرِ بَلْ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْأَدَاءُ تَبَرُّعًا كَتَأْدِيَةِ أَحَدٍ دَيْنَ الْمَدِينِ بِدُونِ أَمْرِهِ الزَّيْلَعِيّ. بِنَاءً عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ بِرِضَاهُ لَا تَحِقُّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1508) . (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُضْطَرًّا بِالْإِنْفَاقِ طَالَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِحْصَالِ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِالْإِنْفَاقِ وَتَأْمِينُ حَقِّ مُرَاجَعَتِهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ الْمَصْرُوفَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَادَّةِ (722) تَطَوُّعًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ لَوْ أَوْفَى الْمَصْرُوفَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَإِذَا حَصَلَ لِلرَّهْنِ بِذَلِكَ الْمُصْرَفِ شَرَفٌ وَزِيَادَةٌ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ بِهَيْئَتِهِ مَئُونَةِ الْمَرْهُونِ

أَيْ بِذَلِكَ الشَّرَفِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الرَّاهِنِ مُقَابِلَ ذَلِكَ شَيْئًا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بِئْرًا وَلِإِبَاحَةِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِهِ رَمَّمَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ أَمْرٍ وَازْدَادَتْ مِيَاهُهُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ بِالْهَيْئَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الرَّهْنِ) . اسْتِثْنَاءٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ قَاضٍ وَأَثْبَتَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَوْفَى الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ لِلرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَهُ الرُّجُوعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ (مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ) يُشَارُ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: مَسْأَلَةُ " 1 ": إذَا أَوْفَى أَحَدٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ عَلَى الْآخَرِ بِأَمْرِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ. مَثَلًا لَوْ أَوْفَى الْمُرْتَهِنُ الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ عَلَى الرَّاهِنِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1508) . مَسْأَلَةٌ " 2 ": إذَا امْتَنَعَ أَحَدٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَنْ أَدَاءِ الْمَصْرِفِ الْعَائِدِ عَلَى نَفْسِهِ يُرَاجِعُ الْآخَرُ الْحَاكِمَ. وَالْحَاكِمُ يَأْمُرُ الَّذِي رَاجَعَهُ أَنْ يَفِيَ الْمَصْرُوفَ الْعَائِدَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَئِذٍ. فَإِذَا أَوْفَى الْمَصْرُوفَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يَأْخُذُهُ مِنْ الَّذِي امْتَنَعَ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْمَصْرِفِ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا أَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ مَوْجُودًا أَمْ غَيْرَ مَوْجُودٍ فَإِذَا أَدَّى الْمُرْتَهِنُ الْمَصْرُوفَ مَثَلًا الْعَائِدَ عَلَى الرَّاهِنِ بِنَاءً عَلَى أَمْرٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ الْإِنْفَاقِ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْحَاكِمُ فِي أَمْرِهِ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَلَيْسَ لِلْمُنْفِقِ أَنْ يَرْجِعَ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي اللُّقَطَةِ الزَّيْلَعِيّ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ الْإِنْفَاقِ لَيْسَ لِلْإِلْزَامِ بَلْ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حِسْبِيًّا لِأَجْلِ الثَّوَابِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا وَحَيْثُ إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَقْرَبُ فَطَالَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْأَبْعَدِ فَصَرْفُهُ إلَى الْأَقْرَبِ يَكُونُ أَوْلَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا سَيُوضِحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1315) إذَا كَانَ الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ لِشَخْصٍ وَاحْتَرَقَتْ أَوْ انْهَدَمَتْ أَبْنِيَتُهُ وَالطَّابَقُ السُّفْلِيُّ لِآخَرَ وَقَالَ صَاحِبُ الطَّابَقِ الْعُلْوِيِّ لِصَاحِبِ السُّفْلِيِّ: أَنْشِئْ أَنْتَ أَبْنِيَتَك حَتَّى أُقِيمَ أَبْنِيَتِي عَلَيْهَا وَامْتَنَعَ صَاحِبُ السُّفْلِيِّ عَنْ إنْشَاءِ بِنَائِهِ فَأَنْشَأَهُ صَاحِبُ الْعُلْوِيِّ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ صَحَّ لَهُ الرُّجُوعُ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَصِحُّ الْمُرَاجَعَةُ بِالصَّدَقَاتِ الْحَاصِلَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ. فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ الْجَوَابُ - إنَّهُ مَتَى رَاجَعَ صَاحِبُ الْعُلْوِيِّ الْحَاكِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ السُّفْلِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ وَإِنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِيِّ مُضْطَرٌّ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ طَرِيقٍ لِإِصْلَاحِ حَقِّهِ وَالِانْتِفَاعِ مِنْ مِلْكِهِ سِوَى بِنَاءِ الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ. وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْمُرْتَهِنُ لَيْسَ مُضْطَرًّا لِلْإِنْفَاقِ وَعِنْدَ مُرَاجَعَتِهِ الْحَاكِمَ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا يُجْبِرُهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَأْمُرُ الْمُرْتَهِنَ كَمَا ذُكِرَ مُفَصَّلًا آنِفًا أَبُو السُّعُودِ حَلَّ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَصْرُوفِ - مَتَى أَمَرَ الْحَاكِمُ الْمُرْتَهِنَ بِإِيفَاءِ الْمَصْرُوفِ الْعَائِدِ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ صَرَفَ كَذَا مِقْدَارًا وَطَلَبَ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ فَإِنْ أَقَرَّ

الرَّاهِنُ بِذَلِكَ فِيهَا وَإِنْ أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا ثَبَتَ فِيهَا لَا يَحْلِفُ الرَّاهِنُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الرَّهْنِ ". سُؤَالٌ - إذَا كَانَ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْإِنْفَاقِ هُوَ الرَّاهِنُ وَصَرَفَ الْمُرْتَهِنُ نُقُودًا عَلَى الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْأَمْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ الْحَاكِمُ فَهَلْ يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الرَّاهِنِ؛ لِكَيْ يَأْخُذَ النَّفَقَةَ؟ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَقْوَالٌ مُتَخَالِفَةٌ بِحَقِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. نَظَرًا لِلنَّقْلِ الْوَارِدِ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ وَنَقْلِ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَنَقْلِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ خِلَافًا لِنَقْلِ صَاحِبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَحْكِيِّ آنِفًا لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ نَظَرًا لِمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةُ كَمَا يَأْتِي: إذَا صَرَفَ الْمُرْتَهِنُ نُقُودًا عَلَى الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ الرَّاهِنِ وَأَمْرِ الْحَاكِمِ وَإِذْنِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ هَذَا الْمَصْرِفِ أَيْضًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَصْرُوفِ الْمَذْكُورِ مِنْ الرَّاهِنِ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ كَافِيَةً فَكَمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ أَصْلُ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَسْقُطُ الْمَصْرُوفُ أَيْضًا وَلَا يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُرَاجِعَ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ الْمَصْرُوفِ بَعْدَ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الْمَصْرُوفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: إنَّهُ نَظَرًا لِقَوْلِ الْإِمَامِ زُفَرَ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الْمَصْرُوفِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ مَرْهُونًا. الْبَيْعُ - إذَا زَادَ أَجْنَبِيٌّ بِلَا أَمْرٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (255) . الْإِجَارَةُ - إذَا أَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَصَارِيفَ الْعَائِدَةَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِلَا أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (29 5) وَفِي شَرْحِهَا. وَإِذَا أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ الْحَيَوَانَ الْمَأْجُورَ عَلَفًا بِدُونِ أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1 56) . الْكَفَالَةُ - إذَا كَفَلَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ بِدُونِ أَمْرِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (657) . الْأَمَانَاتُ - إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا أَمْرٍ وَلَا إذْنٍ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (786) . وَإِذَا صَرَفَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللَّقِيطَةِ بِلَا أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا سَيُبَيِّنُ شَرْحُهَا فِي مَبَاحِثِ اللُّقَطَةِ وَكِتَابِ الْأَمَانَاتِ الشَّرِكَةُ - الْمُشَارِكُ الَّذِي يُرَمِّمُ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1131) . الْوَكَالَةُ - إذَا أَوْفَى شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ بِدُونِ أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1506 ". الصُّلْحُ وَالْإِبْرَاءُ - إذَا صَالَحَ أَحَدٌ فُضُولًا عَنْ دَعْوَى غَيْرِهِ وَأَدَّى بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ، كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ " 1544 ".

الفصل الثاني في رهن المستعار

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ] الْمَادَّةُ 726) (يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَسْتَعِيرَ مَالَ غَيْرِهِ وَيَرْهَنَهُ - بِإِذْنِهِ وَيُقَالُ لَهُ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَسْتَعِيرَ مَالًا مِنْ مَالِكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ مُبَيِّنًا لَهُ ذَلِكَ وَيَرْهَنَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِشَخْصٍ أَنْ يَرْضَى بِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْغَيْرِ بِذِمَّتِهِ بِالْكَفَالَةِ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَرْضَى بِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ بِمَالِهِ - (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَمَا أَنَّهُ لِشَخْصٍ أَنْ يَفِيَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِمَالِهِ الْخَاصِّ حَقِيقَةً يُزِيلُ بِهَذَا الْوَجْهِ يَدَهُ وَمِلْكَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَفِيَ دَيْنَ غَيْرِهِ حُكْمًا بِمَالِهِ الْخَاصِّ، وَيَتَبَرَّعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِإِعَارَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ حُكْمًا الْهِنْدِيَّةُ وَالْعَيْنِيُّ. وَأَمَّا إذَا اسْتَعَارَهُ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ وَرَهَنَهُ يَكُونُ غَاصِبًا كَمَا لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَرَهَنَهُ فَيَكُونُ غَاصِبًا أَيْضًا وَبَيَانُ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْمَغْصُوبِ يَأْتِي فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 728 ". وَيُقَالُ لِهَذَا أَيْ لِلْمَالِ الَّذِي اُسْتُعِيرَ بِقَصْدِ الرَّهْنِ وَرُهِنَ حَقِيقَةً: رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الِاسْتِعَارَةُ ابْتِدَاءً ثُمَّ الرَّهْنُ وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: الِاسْتِعَارَةُ إجَازَةً وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ فُضُولًا وَبَعْدَ أَنْ يَرْهَنَهُ إذَا أَجَازَهُ صَاحِبُ الْمَالِ جَازَ وَكَانَ هَذَا الْمَالُ رَهْنًا مُسْتَعَارًا أَنْقِرْوِيٌّ فِي الرَّهْنِ ". اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1452 ". وَتَعْرِيفُ الِاسْتِعَارَةِ وَالْمُسْتَعَارِ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (765، و 767) . وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالرَّهْنِ وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ وَلَا بَعْدَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ ثُمَّ رَهَنَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ يَبْرَأُ عَنْ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ هَذَا كَرَجُلٍ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَخَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ (الْخَانِيَّةُ) . ذِكْرُ الْعَارِيَّةِ الْمُعْطَاةِ لِتُرْهَنَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَعَ ذِكْرِ الْعَارِيَّةِ فِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ نَاشِئٌ عَنْ أَنَّ رَهْنَ الْمُسْتَعَارِ فِي بَعْضِ، الْأَحْكَامِ كَالْعَارِيَّةِ وَفِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ يَفْتَرِقُ عَنْهَا. وَالْأَحْكَامُ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ عَنْ الْعَارِيَّةِ هِيَ هَذِهِ: (1) مَتَى أَوْفَى الْمُعِيرُ مَطْلُوبَ الْمُرْتَهِنِ لِاسْتِخْلَاصِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ مِنْ يَدِهِ وَاسْتَخْلَصَهُ يَرْجِعُ

(المادة 727) إذا أذن صاحب المال مطلقا كان للمستعير أن يرهنه بكل وجه

عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ بِالْمُنَاسَبَةِ. (2) مَتَى هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَسَقَطَ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الرَّاهِنِ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا. كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَسَقَطَ الدَّيْنُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَادَّةِ (741) يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ وَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يَفِيَ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ يُعِيدُ الْمُرْتَهِنُ الْمَبْلَغَ الَّذِي أَخَذَهُ إلَى الرَّاهِنِ وَيَكُونُ الرَّاهِنُ ضَامِنًا لِلْمُعِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. سُؤَالٌ، نَظَرًا لِلْمَادَّةِ (771) مِنْ الْمَجَلَّةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاجِبِ تَرَتُّبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ إذَا قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ وَاسْتَلَمَهُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ؟ الْجَوَابُ - ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ لِلْمُسْتَعَارِ لَيْسَ بِسَبَبِ الْقَبْضِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُسْتَعَارِ وَكُلُّ مَنْ أَوْفَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ وَبِإِذْنِ الْغَيْرِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. (3) إذَا كَانَ رَدُّ الْمُسْتَعَارِ يَحْتَاجُ إلَى مَصَارِيفَ لِحَمْلِهِ فَهَذِهِ الْمَصَارِيفُ تَعُودُ عَلَى الْمُعِيرِ. وَفَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا الْعَارِيَّاتُ وَفِي غَيْرِ هَذَا يَكُونُ الرَّدُّ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا إعَارَةٌ فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِهَا فَإِنَّهَا مَضْمُونَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَتِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ وَفِي الْإِجَارَةِ يَكُونُ الرَّدُّ عَلَى الْأَجْرِ (الْخَانِيَّةُ) . وَتَجْرِي بَعْضُ أَحْكَامِ الْعَارِيَّةِ فِي الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا بَيَانُهُ: أَوَّلًا إذَا فَكَّ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعَارَ وَرَدَّهُ إلَى الْمُعِيرِ مَعَ وَكِيلِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ أَمِينَ الرَّاهِنِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 828) . ثَانِيًا - بَعْدَ أَنْ أَوْفَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ إذَا أَرْسَلَ رَجُلًا إلَى الْمُرْتَهِنِ كَيْ يَقْبِضَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ وَيَحْضُرُهُ وَقَبَضَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 727) إذَا أَذِنَ صَاحِبُ الْمَالِ مُطْلَقًا كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ] إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنُ صَاحِبِ الْمَالِ أَيْ الْمُعِيرِ مُقَيَّدًا بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الَّتِي سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا بَلْ كَانَ مُطْلَقًا جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَهُ أَوَّلًا مُقَابِلَ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ مِنْ الدَّيْنِ، ثَانِيًا مُقَابِلَ أَيْ جِنْسٍ كَانَ مِنْ الدَّيْنِ، ثَالِثًا أَيْنَمَا شَاءَ رَابِعًا لِمَنْ شَاءَ (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ حَيْثُ إنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ يَجِبُ اعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِيهَا. وَالْإِطْلَاقُ هُوَ كَمَالُ الْمُسَامَحَةِ. حَتَّى إنَّهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا لَا تُفْضِي الْجَهَالَةُ فِي الْعَارِيَّةِ إلَى النِّزَاعِ (الْهِدَايَةُ) . وَقَدْ مَرَّ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (816) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَدَمُ وُجُودِ أَحَدِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.

(المادة 728) إذن صاحب المال بالرهن مقابل كذا مقدارا من القروش

وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا كَانَ الْإِذْنُ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ مُقَيَّدًا وَلَيْسَ إذْ ذَاكَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَهَا. وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْقُيُودِ مَوْجُودًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مُطْلَقًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ الْمُقَيَّدَ مِنْهَا وَلَهُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الْجِهَةِ الْمُطْلَقَةِ مِنْهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُعِيرُ: ارْهَنْ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مُقَابِلَ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ وَأَيِّ جِنْسٍ مِنْ الدَّيْنِ لِمَنْ شَاءَ مِنْ النَّاسِ. تَقْسِيمُ الْإِعَارَةِ لِأَجْلِ الرَّهْنِ - تُقَسَّمُ الْإِعَارَةُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْإِعَارَةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْإِعَارَةُ الْمُقَيَّدَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهَذَا الْقِسْمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي الْمَجَلَّةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْإِعَارَةُ الْمُقَيَّدَةُ فِي بَعْضِ جِهَاتِهَا وَالْمُطْلَقَةُ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الِاخْتِلَافُ فِي إطْلَاقِ أَوْ تَقْيِيدِ الْإِعَارَةِ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ فِي الْإِعَارَةِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَادَّعَى الْمُعِيرُ التَّقْيِيدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ حَيْثُ إنَّهُ صَاحِبُ الْمَالِ يَعْلَمُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَعْطَى مَنَافِعَ مَالِهِ إلَى الْغَيْرِ ثُمَّ بِالنَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ لِلْمُعِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهَا لَهُ أَيْضًا. وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ، تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ وَيَبْرَأُ عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُعِيرُ: إنِّي أَذِنْت بِالرَّهْنِ مُقَابِلَ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ، وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: مُقَابِلَ عِشْرِينَ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالتَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 728) إِذْن صَاحِب الْمَالِ بِالرَّهْنِ مُقَابِل كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْقُرُوشِ] (الْمَادَّةُ 827) (إذَا أَذِنَ صَاحِبُ الْمَالِ بِالرَّهْنِ مُقَابِلَ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْقُرُوشِ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ مَا فِي جِنْسِهِ كَذَا أَوْ لِلرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ إلَّا بِصُورَةٍ مُوَافَقَةٍ الْقَيْدَ وَالشَّرْطَ) . لِأَنَّ هَذِهِ الْقُيُودَ كُلَّهَا مُفِيدَةٌ لِلْمُعِيرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِ الَّذِي يَحْصُلُ مُقَابَلَةَ الرَّهْنِ يَكُونُ أَكْثَرَ يُسْرًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِإِيفَاءِ الْمُعِيرِ الدَّيْنَ وَاسْتِخْلَاصِهِ الْمَرْهُونَ كَمَا أَنَّ الْأَشْخَاصَ يَتَفَاوَتُونَ أَيْضًا فِي الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَسَيَجِيءُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ قَرِيبًا. حُكْمُ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ الْمَرْهُونِ بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِلْقَيْدِ وَالشَّرْطِ أَوْ مُخَالِفَةٍ لَهُ: إذَا رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِلْقَيْدِ وَالشَّرْطِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَضْمَنُ

قِيمَتَهُ. بَلْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ الْهَالِكِ بِمِقْدَارِ مَا أَوْفَى مِنْ دَيْنِهِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (732) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَكُونُ أَوْفَى بِمَالِ غَيْرِهِ دَيْنًا بِمِقْدَارِ ذَلِكَ الْمَالِ. إذْ إنَّهُ لَمَّا اسْتَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ وَأَعَارَ الْمُعِيرُ يَكُونُ كَأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ أَمَرَ الْمُعِيرَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ الْمُعِيرِ وَالْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ يُرَاجِعُ أَمْرَهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي أَدَّاهُ الْعَيْنِيُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6 0 5 1) وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَ ذَلِكَ الْقَيْدَ وَالشَّرْطَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (817) . وَتَفْصِيلُ عَدَمِ إمْكَانِهِ الْمُخَالَفَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: لَمَّا أَذِنَ صَاحِبُ الْمَالِ بِإِعْطَاءِ رَهْنٍ مُقَابِلَ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَيَّدَهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَتَّى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُعِيرُ الدَّيْنَ وَيَحْتَاجُ إلَى اسْتِخْلَاصِ مَالٍ. فَإِذَا رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَزْيَدُ يُصْبِحُ الْمُعِيرُ مَجْبُورًا عَلَى أَدَاءِ دَيْنٍ زَائِدٍ عَنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي عَيَّنَهُ وَمُتَضَرِّرًا مِنْ ذَلِكَ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ أَيْضًا مُقَابِلَ دَيْنٍ أَنْقَصَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يَزِيدُ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ عَلَى الدَّيْنِ أَمَانَةً وَالْمُعِيرُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالْأَمَانَةِ بَلْ مُرَجِّحًا جِهَةَ الضَّمَانِ وَكَانَ التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا لَهُ. وَالتَّقْيِيدُ بِجِنْسِ كَذَا مُفِيدٌ وَبِالْمُرْتَهِنِ وَالْبَلْدَةِ أَيْضًا مُفِيدٌ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ بَعْضِ الدَّيْنِ أَسْهَلُ لِلْمُعِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ قَدْ يَكُونُ تَخْلِيصُ الرَّهْنِ فِي كَذَا بَلْدَةً أَسْهَلَ مِنْ غَيْرِهَا لِلْمُعِيرِ كَمَا أَنَّ الْأَشْخَاصَ تَتَفَاوَتُ أَيْضًا فِي الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ. مَثَلًا لَوْ أَذِنَ شَخْصٌ لِلْآخَرِ بِالرَّهْنِ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَالِ جِنْسِهِ كَذَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَهُ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ أَوْ مَالًا مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ أَوْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى. وَعَلَيْهِ إذَا خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ شُرُوطَ الْمُعِيرِ وَقُيُودَهُ يَكُونُ الرَّهْنُ فُضُولِيًّا فَإِنْ شَاءَ الْمُعِيرُ أَجَازَهُ وَيُتِمُّ الرَّهْنَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ. وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الرَّهْنَ. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَتَى كَانَ الرَّهْنُ مَوْجُودًا وَفُسِخَ فَالْمُعِيرُ يَدَّعِي الرَّهْنَ بِحُضُورِ الرَّاهِنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ فَسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ وَيَأْخُذُ الْمَرْهُونَ. وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: الْمُعِيرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ بِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِالصُّورَةِ الَّتِي لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِهَا يَكُونُ غَاصِبًا وَيُتِمُّ الرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اُنْظُرْ اللَّاحِقَةَ الْآتِيَ ذِكْرُهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مَالِكٌ الْمَرْهُونَ بِالضَّمَانِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ رَهَنَ مِلْكَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ بِأَخْذِهِ وَقَبْضِهِ مَالَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ يَكُونُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) . وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ مِنْ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَيَتَسَنَّى رُجُوعُهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِسَبَبِ فُلَانٍ مِنْ جِهَتِهِ وَعَلَى شَرْحِ الْمَادَّةِ (685) مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَرُجُوعُهُ بِالدَّيْنِ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى عَوْدَةِ حَقِّهِ بِانْتِقَاضِ الْقَبْضِ (أَبُو السُّعُودِ. الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ، رَدُّ الْمُحْتَارِ الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ، الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (701) .

اسْتِثْنَاءٌ إذَا أَذِنَ الْمُعِيرُ بِالرَّهْنِ مُقَابِلَ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَحْصُلُ فِي هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ فَقَطْ: الصُّورَةُ الْأُولَى - تَسَاوِي قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ كَوْنُ قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى. وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ الْمُسْتَعَارَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ مُقَابِلَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. فَإِنْ فَعَلَ يَضْمَنُ وَأَسْبَابُهُ ذُكِرَتْ آنِفًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - كَوْنُ قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ الْمُسْتَعَارَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَكْثَرَ وَسَبَبُهُ ذُكِرَ أَعْلَاهُ. وَأَمَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا رَهَنَ الْمُسْتَعَارَ بِمُقَابَلَةِ دَيْنٍ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى يُنْظَرُ: 1 - إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُرَادُ الرَّهْنُ فِي مُقَابِلِهِ غَيْرَ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى وَكَانَ مُسَاوِيًا لِقِيمَةِ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ. وَفِي حَالِ هَلَاكِهِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ مُخَالِفَةٌ لِلْخَيْرِ وَهِيَ جَائِزَةٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 9) . 2 - وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَلَا يَكُونُ نَافِذًا وَفِي حَالِ هَلَاكِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. مَثَلًا - إذَا أَذِنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا لَهُ بِقِيمَةِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ مِقْدَارُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَ ذَلِكَ الْمَالَ مُقَابِلَ دَيْنٍ بِمِقْدَارِ مِائَةٍ أَوْ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْبَالِغِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَوْ تِسْعِينَ قِرْشًا. فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَ الْمَرْهُونُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمُعِيرِ مِنْ تَعْيِينِ مِقْدَارِ الدَّيْنِ غَرَضَانِ: الْأَوَّلُ: كَوْنُ الدَّيْنِ قَلِيلًا لِأَجْلِ أَنْ يَفِيَهُ الْمُعِيرُ بِالذَّاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَسْتَخْلِصُ مَالَهُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ بِمُوجِبِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (732) . الثَّانِي كَوْنُ الدَّيْنِ كَثِيرًا لِأَجْلِ أَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ هَذَا قَدْ اسْتَوْفَى هَذَا مِقْدَارًا زَائِدًا عَنْ مَطْلُوبِهِ وَيَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. كَمَا سَيَبِينُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) . إذَا لَمْ يَجُزْ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى بِنَاءً عَلَى الْغَرَضِ الْأَوَّلِ وَجُوِّزَ الرَّهْنُ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْنَى مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى الْغَرَضِ الثَّانِي. وَحَيْثُ إنَّ الْغَرَضَيْنِ يُمْكِنُ حُصُولُهُمَا فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا بِرَقْمِ (1) يَعْنِي نَظَرًا لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا تُوَرِّثُ ضَرَرًا لِلْمُعِيرِ فَتَكُونُ الْمُخَالَفَةُ لِأَمْرِ الْمُعِيرِ قَدْ جُوِّزَتْ فِي هَذَا الْخُصُوصِ ظَاهِرًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8 1 8) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَشْرُوحَةِ أَنَّ فِقْرَةَ الْمَجَلَّةِ (إلَّا بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِلْقَيْدِ وَالشَّرْطِ) لَيْسَتْ

لاحقة في رهن المغصوب

عَلَى الْإِطْلَاقِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . قَدْ ذَكَرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مِنْ التَّقْيِيدِ فَالتَّقْيِيدُ بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُ يُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ مِنْهُ مَوْجُودًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ غَيْرَ مَوْجُودٍ كَمَا تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ وَيُوجَدُ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ تَقْيِيدُ الْعَارِيَّةِ بِالتَّوْقِيتِ. وَحَيْثُ إنَّهُ يَجُوزُ تَوْقِيتُ الْعَارِيَّةِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (826) فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي جَرَى تَوْقِيتُهَا لِأَجْلِ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا عِنْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ وَيُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى تَخْلِيصِ الْمَرْهُونِ وَرَدِّهِ إلَى الْمُعِيرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 732 ". لَكِنْ بَيْنَمَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُقَيَّدًا لِلْمُعِيرِ فِي الْمَجَلَّةِ أَصْبَحَتْ فَائِدَتُهُ عَائِدَةً إلَى الْمُسْتَعِيرِ. إنَّمَا يَجِبُ الِانْتِبَاهُ إلَى أَنَّ مَوْضُوعَ الْبَحْثِ هُنَا هُوَ تَوْقِيتُ الْعَارِيَّةِ بِقَصْدِ الرَّهْنِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ رَهْنِ الْمُسْتَعِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يُمْنَعُ الْمُعِيرُ مِنْ طَلَبِ الْمُسْتَعَارِ فِي الْحَالِ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ رَجُلٌ وَسَلَّمَ مَالًا اسْتَعَارَهُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي أَجَّلَهُ لِمُدَّةِ سَنَةٍ فَلِلْمُعِيرِ حَقٌّ بِأَنْ يُؤَاخِذَ الْمُسْتَعِيرَ فِي الْحَالِ يَعْنِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ اسْتِخْلَاصَ الْمُسْتَعَارِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ الْأَنْقِرْوِيُّ [لَاحِقَةٌ فِي رَهْنِ الْمَغْصُوبِ] إذَا اغْتَصَبَ رَجُلٌ مَالَ رَجُلٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَهُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَكُونُ الرَّهْنُ السَّابِقُ نَافِذًا وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بِهَلَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مِلْكِيَّةَ الرَّاهِنِ ثَبَتَتْ بَعْدَ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلرَّاهِنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (910) وَيَنْقَلِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرَّهْنُ إلَى الصِّحَّةِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَا سَيَبِينُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ مِلْكَ الْمَرْهُونِ بِالضَّمَانِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَيَكُونُ تَقَدُّمُ مِلْكِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ. (الدُّرَرُ) وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ الْقَبْضُ وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا يَنْفُذُ الرَّهْنُ بِمِلْكٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْعَقْدِ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلِ فِيمَنْ يَرْهَنُ مَالَ الْغَيْرِ مِنْ الرَّهْنِ وَفِيهِ تَفْصِيلُ رَهْنِ الْمَغْصُوبِ فَلْيُرَاجَعْ) . فَإِذَا ادَّعَى فِي هَذِهِ " الصُّورَةِ صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّ الْمَرْهُونَ غُصِبَ مِنْهُ وَأَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ عَلَى الرَّاهِنِ. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَوْجُودَ فِي يَدِهِ مِلْكَ فُلَانٍ غَصَبَهُ الرَّاهِنُ مِنْهُ وَرَهَنَهُ عِنْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ. كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الرَّاهِنِ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) بِنَاءً عَلَيْهِ يَأْخُذُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ. وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ

أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ إقْرَارِ الْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ أَيْضًا فِي الْمَطْلُوبِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ. وَلَكِنْ إذَا هَلَكَ هَذَا الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مَطْلُوبُهُ وَيَضْمَنُ أَيْضًا لِلْمُقَرِّ لَهُ جَمِيعَ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَ الْمُقَرِّ لَهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَكَانَ إقْرَارُهُ هَذَا حُجَّةً عَلَيْهِ. فَلَمَّا تَعَذَّرَ رَدُّ الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ هَلَاكِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) .

الباب الرابع في بيان أحكام الرهن وينقسم إلى أربعة فصول

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّهْنِ وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّهْنِ: وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ خُلَاصَةُ الْبَابِ الرَّابِعِ أَحْكَامُ الرَّهْنِ: (1) لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ حَبْسِ الرَّهْنِ لِحِينِ فِكَاكِهِ. (2) قَبْلَ الْفِكَاكِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ أَوَفَلِسَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. (3) إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ بِمِقْدَارِهِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا أَتْلَفَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إذَا أَحْدَثَ عَيْبًا فِي الرَّهْنِ إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ. (4) الْمَرْهُونُ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَبِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي الرَّهْنِ اعْتِبَارَانِ إقْرَارُ الرَّاهِنِ أَنَّ الْمَرْهُونَ لِلْغَيْرِ لَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ، الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُ الرَّهْنَ. فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَكُونُ الرَّاهِنُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَيَكُونُ بَدَلُ الرَّهْنِ مَرْهُونًا لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَإِنْ كَانَ مُعَجَّلًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُرْتَهِنِ جَمِيعَ الدَّيْنِ. يَضْمَنُ مِقْدَارَ النَّقْصِ الْمُحْدَثِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ. فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا يَكُونُ ضَامِنًا الْقِيمَةَ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَتَكُونُ مَرْهُونَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ مُعَجَّلًا يَسْقُطُ مِقْدَارُ قِيمَتِهِ (إنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ فِي حُكْمِ الْإِتْلَافِ) مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ عَيْنُ الرَّهْنِ. وَهَذَا وَدِيعَةٌ - بِنَاءً عَلَيْهِ كُلُّ فِعْلٍ يُوجِبُ ضَمَانَ الْمُسْتَوْدِعِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا.

مَالِيَّةُ الرَّهْنِ وَهَذَا مَضْمُونٌ وَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا هَلَكَ بِلَا تَعَدٍّ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ حَتَّى لَوْ فُقِدَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَدَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ يَجِبُ عَلَى الدَّائِنِ أَنْ يَرُدَّ لِلْمَدِينِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مَرَّتَيْنِ (5) الرَّهْنُ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ مُطَالَبَةِ الدَّيْنِ (6) إذَا تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ فِي الْمَرْهُونِ بِصُورَةٍ مُمْكِنَةِ الْفَسْخِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَا يَنْفُذُ هَذَا التَّصَرُّفُ مَا لَمْ يَلْحَقْهُ رِضَا الْمُرْتَهِنِ (7) الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى إحْضَارِ الْمُرْتَهِنِ عِنْدَمَا يَطْلُبُ دَيْنَهُ. اسْتِثْنَاءٌ: 1: إذَا كَانَ إحْضَارُ الرَّهْنِ مُحْتَاجًا إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ. 2 -: إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْعَدْلِ وَكَانَ هَذَا غَائِبًا. 3 -: إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَقْبِضْ. 4 -: إذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَكَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْعَدْلِ. فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ إحْضَارُ الرَّهْنِ. (8) فِي الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ اسْتِخْلَاصِ الرَّهْنِ. فَفِي قَوْلٍ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ السَّاقِطِ لَدَى التَّلَفِ وَفِي قَوْلٍ آخَرَ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُؤَدِّيهِ الْمُعِيرُ إلَى الْمُرْتَهِنِ. (9) لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بَلْ تَنْتَقِلُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ إلَى الْوَرَثَةِ وَيُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْ التَّرِكَةِ. (10) لِلرَّاهِنِ أَنْ يُودِعَ الرَّهْنَ إلَى آخَرَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ. وَإِذَا أَذِنَ لَهُ وَهَلَكَ أَثْنَاءَ الِانْتِفَاعِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِكَوْنِهِ عَارِيَّةً. (11) يَدُ الْعَدْلِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ. (12) إذَا لَمْ يُوفِ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ يُجْبَرُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ لِأَجْلِ وَفَاءِ الدَّيْنِ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَيْعِ إكْرَاهٌ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلًا: الْإِجْبَارُ لَيْسَ بِغَيْرِ حَقٍّ. ثَانِيًا: الْإِجْبَارُ لَيْسَ خَاصًّا بِبَيْعِ الرَّهْنِ بَلْ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ

الفصل الأول في بيان أحكام الرهن العمومية

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْعُمُومِيَّةِ] الْمَادَّةُ 729) حُكْمُ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ حَبْسِ الرَّهْنِ لِحِينِ فِكَاكِهِ وَأَنْ يَكُونَ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ. لِلرَّهْنِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ حَبْسِ الْمَرْهُونِ أَيْ صَلَاحِيَّةُ تَوْقِيفِهِ لِبَيْنَمَا يُؤَدِّي الْمَدِينُ أَيْ الرَّاهِنُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ الدَّيْنَ الَّذِي جُعِلَ الرَّهْنُ فِي مُقَابَلَتِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ إلَى نَائِبِهِ كَوَكِيلِهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ يَهَبُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ يُبَرِّئُهُ مِنْهُ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ وَأَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ قَبْلَ الْفِكَاكِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ أَوْ كَانَ حَيًّا. الثَّالِثُ: يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ هَلَاكِ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِمِقْدَارِ الْمَرْهُونِ. تَفْصِيلُ الْأَحْكَامِ - الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: مَسْأَلَةٌ 1 - إذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِالرَّهْنِ لِلْغَيْرِ لَا يُنْزَعُ الْمَرْهُونُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْإِقْرَارِ. وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 78) . بَلْ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ اسْتِخْلَاصِ الْمَرْهُونِ وَرَدِّهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَنْقِرْوِيُّ. مَسْأَلَةٌ 2 - إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ بَيْعِهِ فِي السُّوقِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ فَلَا يُؤْخَذُ الرَّهْنُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَيُعَادُ إلَى الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ لِحِينِ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ بَيْعَهُ وَإِيفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ الزَّيْلَعِيّ. وَلَوْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ فَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْعَدْلِ: بِعْ الرَّهْنَ وَخُذْ حَقَّهُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أُرِيدُ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا أُرِيدُ حَقِّي كَانَ لَهُ ذَلِكَ الْخَانِيَّةُ وَالدُّرُّ والشرنبلالي وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرًا: إنْ شَاءَ مَكَّنَ الرَّاهِنَ مِنْ بَيْعِ الرَّهْنِ وَأَسْقَطَ حَقَّ حَبْسِهِ. وَإِنْ شَاءَ لَا يُمَكِّنُهُ. وَلَكِنْ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ آخَرَ وَأَوْفَى دَيْنَهُ بِثَمَنِهِ لِلدَّائِنِ يَتَخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إعَادَةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا آخُذُ الدَّرَاهِمَ وَلَا أُعِيدُ الرَّهْنَ.

مَسْأَلَةٌ 3 - لَا يُمْكِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْلِكَ الْمَرْهُونَ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ لَيْسَ الْمِلْكِيَّةَ بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَقَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إذَا لَمْ أُعْطِك مَطْلُوبَك لِحِينِ الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فَلْيَكُنْ الْمَرْهُونُ مَالًا لَك مُقَابِلَ دَيْنِي فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الرَّهْنِ. وَحَيْثُ إنَّهُ لَا حُكْمَ لِهَذَا الْكَلَامِ يَبْقَى الْمَرْهُونُ مَرْهُونًا كَالْأَوَّلِ وَإِنْ مَرَّ الْوَقْتُ الْمَذْكُورُ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . وَبَيْنَمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَرْعِيَّةً فِي زَمَانِ الْجَاهِلِيَّةِ أَبْطَلَهَا الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ الْمُبَارَكِ «لَا تُغَلِّقْ الرَّهْنَ» وَالْمُرَادُ مِنْهُ لَا يَكُونُ الْمَرْهُونُ بِالْحَبْسِ الْكُلِّيِّ عَبُوسًا بِصُورَةِ أَنْ يُصْبِحَ مَمْلُوكًا لِلْمُرْتَهِنِ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . مَسْأَلَةٌ 4 - لَا يَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ بَعْدَ فِكَاكِ الرَّهْنِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ إلَى الرَّاهِنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 97) . كَمَا يُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ الْمَادَّةِ (731) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ مَالًا مُقَابِلَ دَيْنٍ إذَا أَوْفَى هَذَا الدَّيْنَ فَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ إلَى الرَّهْنِيَّةِ مُقَابِلَ مَطْلُوبٍ آخَرَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (الْعِنَايَةُ) . مَثَلًا: لَوْ كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِخَمْسِينَ مَجِيدِيًّا وَعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا مُقَابِلَ خَمْسِينَ مَجِيدِيًّا ثُمَّ أَدَّى هَذَا الدَّيْنَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَقٌّ بِحَبْسِ الرَّهْنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي إبْرَاءِ الدَّيْنِ وَهِبَتِهِ الزَّيْلَعِيّ وَإِذَا كَانَ الْمَرْهُونُ شَيْئَيْنِ وَرُهِنَا مُقَابِلَ دَيْنَيْنِ بِعَقْدٍ مُتَعَدِّدٍ وَمُسْتَقِلٍّ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَرْهُونًا مِنْ أَجْلِ الْحَقِّ الَّذِي يُقَابِلُهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ وَكَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِ الرَّهْنَيْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَنْقَصَ مِنْهُ فَيَرُدُّ الدَّائِنُ زِيَادَةَ الرَّهْنِ إلَى الْغُرَمَاءِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بَقِيَّةَ مَطْلُوبِهِ الْآخَرِ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ هَذِهِ الْبَقِيَّةِ غَرَامَةً. مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَهْنٌ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفُسِخَ عَقْدُ السَّلَمِ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ اسْتِحْسَانًا رَهْنًا مُقَابِلَ رَأْسِ الْمَالِ وَيَجُوزُ حَبْسُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَجْلِ رَأْسِ الْمَالِ الزَّيْلَعِيّ. وَبَعْدَ أَنْ يُوَفَّى الدَّيْنُ كَامِلًا أَوْ يُوهَبَ أَوْ يُبَرَّأَ الرَّاهِنُ مِنْهُ إذَا طَلَبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُعْطِهِ حَالَ كَوْنِ تَسْلِيمِهِ مُمْكِنًا يَكُونُ إذْ ذَاكَ بِحُكْمِ الْغَاصِبِ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 4 79) . (نُقُولُ الْبَهْجَةِ) . مَسْأَلَةٌ 5 - الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَبْسِ الدَّائِمِ فَعِنْدَمَا يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ لَا يُحْبَسُ لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَنْقِرْوِيُّ. فِكَاكُ الرَّهْنِ يَكُونُ بِخَمْسَةِ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ - يَكُونُ بِعَدَمِ رَدِّ الرَّاهِنِ الْإِبْرَاءَ مَتَى أَبْرَأْهُ الْمُرْتَهِنُ. الثَّانِي - يَكُونُ بِعَدَمِ رَدِّ الرَّاهِنِ الْهِبَةَ مَتَى وَهَبَهُ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 847) . الثَّالِثُ - يَكُونُ بِإِيفَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِنَائِبِهِ حَتَّى إنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ وَهُوَ

(المادة 730) لا يكون الراهن مانعا للمطالبة بالدين

فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَوْفَى مَطْلُوبَ الْمُرْتَهِنِ يُؤْخَذُ حِينَئِذٍ الرَّهْنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَيُسَلَّمُ إلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ زَالَ مَانِعُ التَّسْلِيمِ بِوُصُولِ الْحَقِّ إلَى الْمُرْتَهِنِ شرنبلالي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . يُوَفَّى الدَّيْنُ أَيْضًا إلَى النَّائِبِ. فَلَوْ جُنَّ الْمُرْتَهِنُ وَعُيِّنَ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ يُوَفَّى الدَّيْنُ إلَى الْوَصِيِّ الْمَرْقُومِ وَيُرَدُّ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ (فَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ) . رَابِعًا: يَكُونُ بِإِيفَاءِ شَخْصٍ آخَرَ الدَّيْنَ تَبَرُّعًا. كَمَا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ سَاعَةً قِيمَتُهَا عَشْرُ ذَهَبَاتٍ مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ دَيْنَهُ وَأَدَّى شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ ذَلِكَ الدَّيْنَ تَبَرُّعًا فَيَجِبُ حِينَئِذٍ أَنْ تُعَادَ السَّاعَةُ إلَى الرَّهْنِ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَوْفَى الدَّيْنَ تَبَرُّعًا إذَا هَلَكَتْ السَّاعَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ أَنْ تُعَادَ إلَى الرَّاهِنِ وَسَقَطَ الدَّيْنُ وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ إلَى الشَّخْصِ الْمُتَبَرِّعِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ الَّتِي أَخَذَهَا وَلَيْسَ إلَى الرَّاهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ) . خَامِسًا: يَكُونُ بِحَوَالَةِ الْمُرْتَهِنِ أَحَدُ دَائِنِيهِ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (690) . وَأَمَّا إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى شَخْصٍ فَلَا يَفُكُّ الرَّهْنَ وَلَيْسَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُعْتَبَرَ كَأَنَّهُ قَدْ فَكَّ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) . وَقَوْلُهُ (أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ) يَعْنِي أَنَّ سَائِرَ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُتَدَاخَلُوا فِي الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ أَوْ أَنْ يَدْخُلَ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّاهِنُ تُوُفِّيَ أَمْ حَيًّا أَمْ مُفْلِسًا فَوَالْحَالَةُ هَذِهِ تَعْبِيرُ (وَفَاةً) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا. الْمَسْأَلَةُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي: وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُوَفَّى الدَّيْنُ كَامِلًا مِنْ ثَمَنِهِ. فَإِذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ يُقَسَّمُ غَرَامَةً بَيْنَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَإِذَا لَمْ يُوَفِّ ثَمَنُهُ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ يَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ بَاقِيَ الدَّيْنِ غَرَامَةً مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الرَّاهِنِ (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . إيضَاحُ الْحُكْمِ الثَّالِثِ: سَتَذْكُرُ التَّفْصِيلَاتُ الْعَائِدَةُ لَهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) . [ (الْمَادَّةُ 730) لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ مَانِعًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 730) (لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ مَانِعًا لِلْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ أَيْضًا فَصَلَاحِيَّةُ الْمُرْتَهِنِ فِي مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ بَاقِيَةٌ) . الرَّهْنُ لَا يَمْنَعُ الْمُطَالَبَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهُ وَبَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ وَحَبْسِهِ أَيْضًا فَصَلَاحِيَّةُ الْمُرْتَهِنِ فِي مُطَالَبَةِ الرَّاهِنِ بِمَطْلُوبِهِ الْمُعَجَّلِ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ وَحَتَّى فِي حَبْسِ الْمَدِينِ الرَّاهِنِ بَاقِيَةً لِأَجْلِ أَخْذِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَاقٍ أَيْضًا بَعْدَ الرَّهْنِ وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ لِزِيَادَةِ الصِّيَانَةِ فَلَا

يَسْقُطُ حَقُّ طَلَبِ الدَّائِنِ (الْكِفَايَةُ) غَيْرَ أَنَّهُ فِي زَمَانِنَا نَظَرًا لِلْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ إذَا كَانَ لِلرَّاهِنِ مَالٌ مَرْهُونٌ أَوْ مَالٌ آخَرُ كَافٍ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسُ بَلْ إنَّ مَالَهُ يُبَاعُ بِمَعْرِفَةِ الْمُحَكِّمَةِ وَيُسَدَّدُ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ وَالدَّائِنِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَدِينُ بِبَيْعِ مَالِهِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَتَى طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ كَامِلَ دَيْنِهِ الْمُعَجَّلِ أَوْ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ أَوْ التَّقْسِيطَ الَّذِي حَلَّ مِنْهُ فَعِنْدَمَا يَعْتَرِفُ الرَّاهِنُ بِوُجُودِ الرَّهْنِ سَالِمًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ فِي ذَلِكَ التَّقْدِيرِ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ إلَى مَجْلِسِ الْمُرَافَعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ إحْضَارِ الرَّهْنِ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِبَقَائِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَالْكِفَايَةُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ كَامِلًا فَأَوَّلًا يُسَلِّمُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ. وَثَانِيًا يَلْزَمُ تَقْدِيمُ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَلَى رَدِّ وَتَسْلِيمِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ فَتَسْلِيمُ الْمَرْهُونِ أَوَّلًا يُبْطِلُ الْوَثِيقَةَ فَلَوْ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَرْهُونِ أَوَّلًا فَنَظَرًا لِاحْتِمَالِ وَفَاةِ الرَّاهِنِ يَلْزَمُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنْ يُشَارِكَ الْمُرْتَهِنُ الْغُرَمَاءَ مَعَ أَنَّ بُطْلَانَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذَا ثَابِتٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا (الْخَانِيَّةُ) . ثُمَّ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ عَيَّنَ حَقَّ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ يَعْنِي لِأَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ فِي الْمَرْهُونِ مُتَعَيِّنٌ وَمُتَقَرِّرٌ يَقْتَضِي أَنْ يُعَيِّنَ الرَّاهِنُ أَيْضًا حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الدَّيْنِ وَأَنْ تَحْصُلَ الْمُسَاوَاةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ حَيْثُ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فَلَا يَحْصُلُ التَّعَيُّنُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْمُخْتَارُ وَالدُّرُّ وَالزَّيْلَعِيّ. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَسُقُوطَ الدَّيْنِ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) وَطَلَبَ لِتَظَاهُرِ الْحَقِيقَةِ إحْضَارَ الرَّهْنِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ فَإِذَا كَانَ إحْضَارُ الرَّهْنِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى مَصَارِيفَ نَقْلِيَّةٍ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّهْنُ سَاعَةً أَوْ خَاتَمًا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْمُرْتَهِنَ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ إلَى الْمَجْلِسِ الزَّيْلَعِيّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي بَلْدَةِ الرَّهْنِ أَوْ فِي غَيْرِهَا الْأَنْقِرْوِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَهْلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ فَإِذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ هَذِهِ الْمَرَّةَ يَكُونُ قَدْ أَعْطَاهُ مَرَّتَيْنِ (مَرَّةً بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ وَمَرَّةً بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَإِذَا أَحْضَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْحَاكِمِ يُوفِي الرَّاهِنُ دَيْنَهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَرُدُّ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ غَيْرَ أَنَّهُ فِي سِتِّ مَسَائِلَ لَيْسَ الْمُرْتَهِنُ مُكَلَّفًا بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ: مَسْأَلَةٌ (1) إنْ كَانَ لِلرَّهْنِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إحْضَارِهِ أَيْ عَلَى نَقْلِهِ بِدَرَاهِمَ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ كَمَا سَيُوَضَّحُ شَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (732) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ التَّخْلِيَةُ وَالتَّسْلِيمُ وَلَيْسَ النَّقْلَ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَرَرٌ لَمْ يَلْتَزِمْهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَلَمْ يُعْتَبَرْ هُنَاكَ احْتِمَالُ تَكْرَارِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى اعْتِبَارِ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ مَوْهُومٌ فَلَا يَظْهَرُ فِي مُقَابِلِهِ ضَرَرٌ مُتَعَيَّنٌ وَهُوَ تَأْخِيرُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَأَفَادَ الْمُرْتَهِنُ بَقَاءَهُ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى

عَدَمِ هَلَاكِهِ بَتَاتًا لِطَلَبِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ وُجُودِ الرَّهْنِ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكِمَةِ يُحْتَمَلُ هَلَاكُهُ وَبُطْلَانُ الدَّيْنِ (شِبْلِيٌّ) . وَجَرَى هَذَا لِتَحْلِيفِهِ عَلَى الثَّبَاتِ بِنَاءً عَلَى احْتِمَالِ وُقُوعِ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَيُقْبَضُ الرَّهْنُ بَعْدَ الْإِيفَاءِ. وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُرْتَهِنُ لَا يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَلَقِيَهُ الْبَائِعُ فِي غَيْرِ مِصْرِهِمَا وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَأَبِي الْمُشْتَرِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ إحْضَارِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الرَّهْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَبِيعَ مَعَ الثَّمَنِ عِوَضَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا تَأَخَّرَ قَبْضُ أَحَدِهِمَا لَا بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا يَتَأَخَّرُ الْآخَرُ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَلَيْسَ بِعِوَضٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَأَخُّرُ أَحَدِهِمَا لَا يُوجِبُ تَأَخُّرَ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ فِي الْبَيْعِ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَفِيلٌ حَتَّى يَحْضُرَ ذَلِكَ الْمِصْرَ أَوْ يَبْعَثَ وَكِيلًا لِيَدْفَعَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ نَظَرًا لَهُمَا (الْخَانِيَّةُ) . وَهَا أَنَّ مَسْأَلَةَ إحْضَارِ الرَّهْنِ قَدْ اُخْتِيرَتْ وَوَضَحَتْ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ وَإِنَّمَا إذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فِي غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي عُقِدَ فِيهَا الرَّهْنُ وَاسْتَدْعَى الرَّاهِنُ إحْضَارَ الرَّهْنِ فَفِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بَعْضُ رِوَايَاتٍ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِصْرِ كَمَكَانٍ وَاحِدٍ (شِبْلِيٌّ وَالْخَانِيَّةُ) . مَسْأَلَةٌ 2: وَمَتَى طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ لَا يُكَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الرَّهْنِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ بِوَضْعِهِ الرَّهْنَ فِي يَدِ الْعَدْلِ يَكُونُ أَظْهَرَ عَدَمَ تَأْمِينِ الْمُرْتَهِنِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِ الرَّهْنِ مِنْ يَدِ الْعَدْلِ وَإِحْضَارِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (754) (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَلَكِنْ مَتَى ادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْعَدْلِ يَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِهَلَاكِهِ فَإِذَا حَلَفَ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا نَكَلَ لَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ. إنْكَارُ الْعَدْلِ الرَّهْنَ بِحُكْمِ هَلَاكِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَأَفَادَ أَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى رَهِينَةً هُوَ مَالُهُ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ الزَّيْلَعِيّ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَثْبَتَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ رَهْنٌ مَوْدُوعٌ فِي يَدِ الْعَدْلِ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ الْخَانِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ. مَسْأَلَةٌ 3: إذَا أَوْدَعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ الَّذِي وَضَعَ فِي يَدِ الْأَمِينِ مِنْ عِيَالِهِ فَفُقِدَ وَقَالَ الْأَمِينُ الْمَذْكُورُ: إنَّهُ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْعَدْلِ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ مَالَ مَنْ هِيَ فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ مُكَلَّفًا بِإِحْضَارِهَا " لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَقْبِضْ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ. فَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الرَّهْنَ قَدْ تُمُلِّكَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ حَلَفَ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يُجْبَرْ (الْخَانِيَّةُ) . مَسْأَلَة: إذَا أَوْدَعَ الرَّهْنَ فِي يَدِ الْعَدْلِ وَغَابَ الْعَدْلُ وَلَمْ يُعْلَمُ مَحَلُّ إقَامَتِهِ فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى إحْضَارِ الرَّهْنِ (الزَّيْلَعِيّ)

(المادة 731) إذا قضي مقدار من الدين لا يلزم رد مقدار من الرهن مقابل ذلك

مَسْأَلَةٌ 5: إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَبَاعَهُ بِمُوجَبِ الْوَكَالَةِ لَا يُكَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ بِإِحْضَارِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَأَصْبَحَ الرَّهْنُ دَيْنًا وَيَكُونُ كَأَنَّ الرَّاهِنَ رَهَنَهُ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ اقْتِدَارٌ عَلَى إحْضَارِهِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَلَكِنْ عِنْدَمَا يَقْبِضُهُ يُكَلَّفُ بِإِحْضَارِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ. وَاَلَّذِي يَقْبِضُ الثَّمَنَ هُوَ الْبَائِعُ مُرْتَهِنًا كَانَ أَوْ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَسْأَلَةٌ 6: إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ الْأَجْنَبِيَّ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ مُطْلَقًا وَبَاعَهُ الْعَدْلُ الْمَذْكُورُ حَالًا أَوْ نَسِيئَةً وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ نَسِيئَةً فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ إحْضَارِ الثَّمَنِ (الْخَانِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 731) إذَا قُضِيَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُ رَدُّ مِقْدَارٍ مِنْ الرَّهْنِ مُقَابِلَ ذَلِكَ] (الْمَادَّةُ 731) إذَا قُضِيَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُ رَدُّ مِقْدَارٍ مِنْ الرَّهْنِ مُقَابِلَ ذَلِكَ وَلِلْمُرْتَهِنِ الْحَقُّ بِحَبْسِ الرَّهْنِ وَإِمْسَاكِهِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ بَقِيَّةَ الدَّيْنِ تَمَامًا لَكِنْ إذَا رَهَنَ شَيْئَيْنِ وَتَعَيَّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ فَعِنْدَ أَدَاءِ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ لِأَحَدِهِمَا فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْتَخْلِصَهُ وَحْدَهُ. إذَا تَخَلَّصَتْ ذِمَّةُ الْمَدِينِ مِنْ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ يَبْقَى الْمَرْهُونُ مَحْبُوسًا وَمَرْهُونًا كَمَا كَانَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ السَّاقِطِ وَمُقَابِلَ الدَّيْنِ الْبَاقِي. وَعَلَيْهِ إذَا أُوفِيَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ قِبَلِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أُبْرِئَ وَأُسْقِطَ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَوْ وُهِبَ لِلرَّاهِنِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا صَارَ الْمَدِينُ بَرِيئًا مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ إحْدَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ مِقْدَارٍ مِنْ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الَّذِي قَضَى وَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ مُتَعَدِّدًا بَلْ يَبْقَى كُلُّ الرَّهْنِ مَحْبُوسًا كَمَا كَانَ مُقَابِلَ كُلِّ الدَّيْنِ وَتَبْقَى لِلْمُرْتَهِنِ صَلَاحِيَّةٌ بِحَبْسِ مَجْمُوعِ الرَّهْنِ وَإِمْسَاكِهِ لِبَيْنَمَا يَسْتَوْفِي بَقِيَّةَ الدَّيْنِ تَمَامًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ كُلَّ الرَّهْنِ مَحْبُوسٌ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ الدَّيْنِ فَلِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي حَمْلِ الدَّائِنِ وَإِجْبَارِهِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ يُعْتَبَرُ كُلُّ الْمَرْهُونِ مَحْبُوسًا مُقَابِلَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ وَنَظِيرَ هَذَا الْمَبِيعِ الَّذِي فِي يَدِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 278 و 279 إذَا أَوْفَى الْمُشْتَرِي مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ مِنْ الْمَبِيعِ الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ لِأَجْلِ دَيْنِهِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ خَاتَمًا قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ أَوْ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا ثُمَّ أَدَّى خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ أَحَدَ الْخَاتَمَيْنِ بِلَا رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ أَيْ خَمْسَ مِائَةٍ مِنْهُ ذَهَبًا وَخَمْسَ مِائَةٍ فِضَّةٍ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ ". كَمَا إنَّ الْحُكْمَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 379 ". وَلَكِنَّهُ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 6 1 7 " أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ الْمَرْهُونَ، يَفْسَخَ قِسْمًا مِنْ الرَّهْنِ. وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَسَقَطَ الدَّيْنُ وَكَانَ قَدْ أَوْفَى مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مَا كَانَ أَعْطَاهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1 74 " عَبْدُ الْحَلِيمِ يَعْنِي أَنَّهُ بِقَضَاءِ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ لَا يُصْبِحُ الْمَرْهُونُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْبَاقِي وَحَيْثُ إنَّهُ يَبْقَى

مَرْهُونًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ كُلَّهُ كَمَا كَانَ فَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ الرَّاهِنُ مَالًا مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَوْفَى لِلْمُرْتَهِنِ أَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْهُ وَقَالَ: فَلْيَبْقَ الرَّهْنُ مُقَابِلَ السِّتِّمِائَةِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْكَلَامِ وَيَبْقَى مَرْهُونًا مُقَابِلَ كُلِّ الدَّيْنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَلَكِنْ إذَا رَهَنَ شَيْئَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ مُقَابِلَ دَيْنٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَأَوْفَى الْمِقْدَارَ الَّذِي تَعَيَّنَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ أَبْرَأَ أَوْ وَهَبَ لِلرَّاهِنِ فَلِلرَّاهِنِ حِينَئِذٍ أَنْ يَسْتَخْلِصَهُ وَحْدَهُ فَقَطْ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 729) . وَيُقْبَلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِخُصُوصِ أَيِّ رَهْنٍ أَعْطَاهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 775 1) . سُؤَالٌ وَجَوَابٌ: بِمَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَعَدَّدُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَتَعَدَّدُ الرَّهْنُ مِثْلَ الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ الرِّوَايَةُ مُخْتَلِفَةٌ بِخُصُوصِ تَعَدُّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ: فَعَلَى رِوَايَةٍ يَتَعَدَّدُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرِيرُ الْعَقْدِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ الْمَادَّةِ (179) وَشَرْحِهَا لَا يَتَعَدَّدُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ فِي قَبُولِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ إضْرَارٌ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ هِيَ أَنْ يُضَمَّ الرَّدِيءُ إلَى الْجَيِّدِ وَيُبَاعُ الرَّدِيءُ وَالْجَيِّدُ مَعًا. وَحَيْثُ إنَّ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَا يَزُولُ فِي الرَّهْنِ فَلَيْسَ مِنْ ضَرَرٍ لِلْمُرْتَهِنِ فِي قَبُولِ الرَّهْنِ وَفِي أَحَدٍ مِنْ الْمَرْهُونِ الْمُتَعَدِّدِ. فَهَا أَنَّهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا السَّبَبِ وَهَذِهِ الْحِكْمَةِ حِينَمَا يَقُولُ الْبَائِعُ: بِعْت حِصَانِي هَذَا بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَفَرَسِي هَذِهِ بِخَمْسَ عَشَرَةَ ذَهَبًا، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الِاثْنَيْنِ بِهَذَا الْوَجْهِ وَأَمَّا إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْتُك حِصَانِي هَذَا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ مِنْ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ ذَهَبًا مِنْ الَّتِي لَك عَلَيَّ وَرَهَنْتُك فَرَسِي هَذِهِ مُقَابِلَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ ذَهَبًا الْبَاقِيَةِ، فَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قَبُولِ الِاثْنَيْنِ وَأَمَّا إنْ قَالَ: ارْتَهَنْت هَذَا الْحِصَانَ مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ صَحَّ ذَلِكَ الْهِدَايَةُ وَعَيْنِيٌّ. وَأَمَّا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَيْضًا نَظِيرُ حُكْمِ الْفِقْرَةِ السَّالِفَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يَتَعَدَّدُ عَقْدُ الرَّهْنِ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَبِلَتْ الرِّوَايَةَ الْأُولَى (أَبُو السُّعُودِ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَلِنُوَضِّحَ بِمِثَالِ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ الثَّانِيَةِ هَذِهِ: مَثَلًا إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: رَهَنْت هَذِهِ السَّاعَةَ مُقَابِلَ عَشْر ذَهَبَاتٍ مِنْ الدَّيْنِ الْبَالِغِ خَمْسَ عَشَرَةَ ذَهَبًا أَوْ رَهَنْت هَذَا السَّيْفَ فِي مُقَابَلَةِ خَمْسِ ذَهَبَاتٍ مِنْهُ، وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الِاثْنَيْنِ إذَا أُعْطِيَ خَمْسَ ذَهَبَاتٍ لِلرَّاهِنِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ السَّيْفَ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقُولَ: لَا، اعْطِنِي السَّيْفَ مَا لَمْ يُوفِ كُلَّ الدَّيْنِ. وَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ إعْطَائِهِ يَكُونُ غَاصِبًا. وَالْإِتْيَانُ شَرْحًا بِقَوْلِهِ: بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الْمَجَلَّةِ. وَإِلَّا فَإِنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ جَارٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذَا كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَدِّدًا. كَمَا لَوْ رُهِنَ مَالٌ وَسُلِّمَ بِعَقْدٍ مُقَابِلَ دَيْنٍ ثُمَّ رُهِنَ مَالٌ آخَرُ

(المادة 732) لصاحب الرهن المستعار أن يؤاخذ الراهن المستعير لتخليص الرهن وتسليمه إياه

وَسُلِّمَ بِعَقْدٍ آخَرَ مُقَابِلَ دَيْنٍ آخَرَ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. يَعْنِي أَنَّهُ مَتَى أُوفِيَ دَيْنٌ يَسْتَخْلِصُ الْمَالَ الَّذِي فِي مُقَابِلَتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . يُشَارُ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ: أَوَّلًا: ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ (شَيْئَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْهَنَ نِصْفُ شَيْءٍ مُقَابِلَ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ وَيُرْهَنَ النِّصْفُ الثَّانِي مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْبَاقِي. وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) . ثَانِيًا: قِيلَ أَيْضًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ دُونَ أَنْ يَتَعَيَّنَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ. مَثَلًا إذَا قَصَدَ رَجُلٌ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ الْآخَرِ خَاتَمَيْنِ مُقَابِلَ ثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَقَالَ: رَهَنْت أَحَدَ الْخَاتَمَيْنِ لِمِائَةٍ وَالْآخَرَ لِمِائَتَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ الْخَاتَمَيْنِ لِمِائَةٍ وَأَيَّهُمَا لِمِائَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْخَاتَمَيْنِ فَمَا يُصِيبُهُ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إذْ ذَاكَ أَيَّ الدَّيْنِ يَسْقُطُ مُقَابِلَ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (709) . [ (الْمَادَّةُ 732) لِصَاحِبِ الرَّهْن الْمُسْتَعَار أَنْ يُؤَاخِذ الرَّاهِن الْمُسْتَعِير لِتَخْلِيصِ الرَّهْن وَتَسْلِيمه إيَّاهُ] (الْمَادَّةُ 732) - لِصَاحِبِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَنْ يُؤَاخِذَ الرَّاهِنَ الْمُسْتَعِيرَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَفِيَهُ وَيُخَلِّصَ مَالَهُ. لِلْمُعِيرِ مَتَى شَاءَ أَنْ يُؤَاخِذَ الْمُسْتَعِيرَ الْحَاضِرَ كَيْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيُخَلِّصَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (825) وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (735) . مَعَ إنَّمَا مَتَى كَانَتْ الْإِعَارَةُ الَّتِي بِقَصْدِ الرَّهْنِ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا أَنْ يُؤَاخِذَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (728) . يَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ تَوْكِيلُ شَخْصٍ آخَرَ أَمِينًا لَهُ لِقَبْضِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ هَذَا الْوَكِيلِ لَا يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمِينَ الْمُسْتَعِيرِ وَتَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ. (الْخَانِيَّةُ) . الْحَمْلُ وَالْمُؤْنَةُ يَعْنِي الْمَصَارِيفَ النَّقْلِيَّةَ. لِإِعَادَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ وَلَيْسَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قِيَاسًا لِلْمَادَّةِ (830) (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُمْكِنِ لِلْمُعِيرِ مُؤَاخَذَتُهُ يُؤَدِّي الْمُعِيرُ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ مَثَلًا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ غَائِبًا وَادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِلْكُهُ وَاسْتُعِيرَ مِنْ قِبَلِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ وَرُهِنَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَأَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ كَامِلَ مَطْلُوبِهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَرُدُّ الْمَرْهُونَ إلَيْهِ. وَلَكِنْ إذَا أَفَادَ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1637) . وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ لِسَبَبِ فَقْرِهِ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَتَخْلِيصِ الرَّهْنِ يَجُوزُ لِلْمُعِيرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ تَمَامًا لِلْمُرْتَهِنِ وَيَسْتَخْلِصَ مَالَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَيَأْخُذَهُ وَأَنْ يَرْجِعَ بَعْدَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِالدَّيْنِ

الَّذِي أَدَّاهُ. وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَ تَمَامَ مَطْلُوبِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ بِتَقْدِيرِ إثْبَاتِهِ أَنَّهُ مَالٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . يَعْنِي مَتَى نَقَدَ الْمُعِيرُ الْمُرْتَهِنَ دَيْنَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقُولَ: مَطْلُوبِي لَيْسَ عِنْدَك أَنْتَ لَسْت خَصْمًا لِي، لَا آخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَعْطَيْتنِي إيَّاهَا. وَفِي الْوَاقِعِ مَتَى أَقْدَمَ شَخْصٌ ثَالِثٌ عَلَى إعْطَاءِ مَا لِشَخْصٍ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقٌّ فِي عَدَمِ أَخْذِهَا فَالْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى قَبُولِ تَأْدِيَةِ الْمُعِيرِ. وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعٌ وَلَيْسَ سَاعِيًا لِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ سَاعِيًا أَيْضًا لِتَخْلِيصِ الْمِلْكِ وَأَمَّا الْمُعِيرُ فَهُوَ سَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ (الْهِدَايَةُ) . وَعَلَيْهِ فَمَتَى أَرَادَ الْمُعِيرُ تَخْلِيصَ الْمَرْهُونِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ حَاضِرًا فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الْمُعِيرِ أَوْ يُنْكِرَ وَعِنْدَمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مِلْكَ الْمُعِيرِ فَكَمَا أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَأْخُذَ الرَّهْنَ وَبِتَقْدِيرِ غِيَابِ الْمُسْتَعِيرِ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِمِلْكِيَّةِ الْمُعِيرِ لِلْمَرْهُونِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ. وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ حَاضِرًا لَا يُؤَثِّرُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِقْرَارُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِمِلْكِيَّةِ الْمُعِيرِ لِلْمَرْهُونِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْمَرْهُونِ فِي حَالِ عَدَمِ حُضُورِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ. الْفِقْرَةُ (لِسَبَبِ فَقْرِهِ) الْوَارِدَةُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَنِيًّا إذَا أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِمُرَاجَعَتِهِ رَأْسًا دُونَ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُسْتَعِيرَ مَتَى كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُ الْمُعِيرِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى أَخْذِ كَامِلِ مَطْلُوبِهِ وَرَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . تَعْبِيرُ (مُعِيرٍ) فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. مَتَى أَدَّى أَجْنَبِيٌّ مَطْلُوبَ الْمُرْتَهِنِ تَمَامًا وَطَلَبَ إعَادَةَ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الِامْتِنَاعِ أَيْ لَهُ حَقٌّ أَنْ لَا يَقْبَلَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَعْطَاهَا ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْأَجْنَبِيِّ هُوَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَالْمُعِيرُ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ سَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَأَمَّا هَذَا الْأَجْنَبِيُّ فَلَيْسَ بِسَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَلَا لِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ وَلِذَلِكَ لَا تُوجَدُ خُصُومَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْأَجْنَبِيِّ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . أُشِيرُ بِعِبَارَةِ (ذَلِكَ الدَّيْنُ) فِي الْمَجَلَّةِ إلَى وُجُوبِ أَدَاءِ الدَّيْنِ كَامِلًا يَعْنِي أَنَّ الْمُعِيرَ يُمْكِنُهُ تَخْلِيصَ مَالٍ بِأَدَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ وَإِلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَعَارِ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ بِأَدَاءِ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَلْفَ قِرْشٍ وَرَهَنَهَا الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفَيْ قِرْشٍ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ بِتَأْدِيَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ. وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْلَاصُهُ بِتَأْدِيَةِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ مَالًا آخَرَ لَهُ مُقَابِلَ دَيْنٍ بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِقَيْدِ وَشَرْطِ الْمُعِيرِ وَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ مَالَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّ الدَّيْنِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ بِإِعْطَاءِ مَا يُصِيبُ الْمُسْتَعَارُ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ أَبُو السُّعُودِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ وَأَدَّى رَهْنَهُ وَأَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَابِلُهُ مُعَيِّنًا أَنَّ حِصَّةَ الدَّيْنِ

الَّتِي أَعْطَاهَا هِيَ الدَّيْنُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْمَالِ الْعَائِدِ إلَى فُلَانٍ مِنْ ذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بَلْ يُعَدُّ الْمَبْلَغُ الْمُعْطَى كَأَنَّهُ أُدِّيَ لِأَجْلِ الِاثْنَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ بَاقِي الدَّيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ يَسْتَخْلِصَانِ مَالَهُمَا. (الْهِنْدِيَّةُ) . رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الْأَدَاةِ أَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ. لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ وَيَسْتَخْلِصَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ الْمُسْتَعِيرَ صَرَاحَةً بِقَوْلِهِ (اقْضِ دَيْنِي) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمَادَّةِ (1506) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَجْلِ اسْتِخْلَاصِ الْمُسْتَعَارِ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي هَذَا الْأَدَاءِ الزَّيْلَعِيّ. وَلَكِنَّهُ اخْتَلَفَ فِي الْكَمْيَّةِ الَّتِي يُرَاجِعُ فِيهَا الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ: فَنَظَرًا لِمَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرُ وَكَمَا سَيُبَيِّنُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 " عَنْ مِقْدَارِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَحِقُّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فَقَطْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَفِي مَا زَادَ عَنْهُ يَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا يَعْنِي لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَبْسُوطِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ شَرْحًا تَحْتَ عِنْوَانِ " ذَلِكَ الدَّيْنِ ". وَلَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ وَيَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا فِي تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ لَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ فَقَطْ أَيْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ إلَى الْمُعِيرِ. وَلَمَّا كَانَ ضَامِنًا الزِّيَادَةَ عَنْ قِيمَتِهِ فَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْهَلَاكِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْحُكْمُ فِي الْفَكِّ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَالْمُعِيرُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ. (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ) . سُؤَالٌ: مَا دَامَ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِخْلَاصِ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ كُلَّهُ وَهُوَ مُضْطَرٌّ وَمَجْبُورٌ عَلَى إيفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ. الْجَوَابُ: إنْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَشَأَ عَنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِهِ بِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَيْ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ أَدَاءُ الدَّيْنِ بِهِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ سُقُوطُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالزِّيَادَةِ أَبُو السُّعُودِ. وَالْوَاقِعُ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُعِيرُ بِسَبَبِ أَدَائِهِ مَبْلَغًا زَائِدًا وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَيِّدْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الرَّهْنَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ فَالتَّقْصِيرُ حَصَلَ مِنْهُ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بَلْ مُخْتَارًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَفِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ عَلَى الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا هُمَا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ وَلَكِنَّهُ تَعَيَّبَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَعَلَيْهِ لِلْمُعِيرِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْأَنْقِرْوِيُّ. وَلَكِنَّهُ نَظَرًا لِبَيَانِ صَاحِبِ الْمُلْتَقَى يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَدَّاهُ لِلْمُرْتَهِنِ. يَعْنِي يَرْجِعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَالزَّيْلَعِيّ أَيْضًا رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ " لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ مَجْبُورًا أَوْ مُضْطَرًّا عَلَى تَأْدِيَةِ جَمِيعِ الدَّيْنِ لِيَسْتَرْجِعَ مَالَهُ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ الزَّائِدِ عَنْ قِيمَةِ

(المادة 733) لا يبطل الرهن بوفاة الراهن والمرتهن

الْمُسْتَعَارِ وَالْمُوَافِقُ لِلْعَدَالَةِ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ وَلَيْسَ مِنْ قَيْدٍ وَلَا إشَارَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي لَيْسَ لِلْمُعِيرِ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ فِي حَالِ هَلَاكِ رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ حَقَّ رُجُوعِ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ يَنْتِجُ عَنْ تَأْدِيَةِ الْمُسْتَعِيرِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الْمُعِيرِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ أَنْ يُرْهَنَ إلَى الدَّائِنِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِقُّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِبَدَلِ الرَّهْنِ أَوْ بِالدَّيْنِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ يَفُكَّ هَذَا الْأَخِيرُ الرَّهْنَ وَيَقْبِضَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (813) ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمَرْهُونَ لَمْ يَهْلَكْ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ قَضَى دَيْنَهُ بِهَذَا الرَّهْنِ وَلِكَوْنِهِ عَارِيَّةً مَحْضَةً بِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (الْهِدَايَةُ عَيْنِيٌّ وَالْخَانِيَّةُ) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ قَبْلَ الرَّهْنِ يَعْنِي لَوْ كَانَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ حَيَوَانًا مَثَلًا فَرَكِبَهُ أَوْ كَانَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ وَعَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْمُلْتَقَى) . الِاسْتِعَارَةُ فِي هَذَا لَا تُقَاسُ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ بِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ. الْمُسْتَعِيرُ فِي الِاسْتِعَارَةِ بِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَبْرَأُ بِعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ بَلْ يَبْقَى الْمَالُ فِي ضَمَانَةٍ إلَى أَنْ يُعِيدَهُ إلَى صَاحِبِهِ سَالِمًا. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي الِاسْتِعَارَةِ بِقَصْدِ الرَّهْنِ بِعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ يَكُونُ فِي مَقَامِ مُسْتَوْدَعٍ وَلَيْسَ فِي مَقَامِ مُسْتَعِيرٍ. وَأَمَّا الْمُسْتَعِيرُ فِي الِاسْتِعَارَةِ بِقَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ حَيْثُ إنَّ يَدَهُ لَمْ تَزَلْ بَاقِيَةً عَلَى الْمُسْتَعَارِ فَيَضِلُّ الْمُسْتَعَارُ فِي ضَمَانِهِ إلَى حِينِ إعَادَتِهِ إلَى مَالِكِهِ. الْهِدَايَةُ وَعَيْنِيٌّ تُفَصَّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 787 ". إنَّمَا يَتَبَادَرُ هُنَا إلَى الذِّهْنِ مَسْأَلَةٌ يُحْتَاجُ إلَى حَلِّهَا وَهِيَ مِنْ الْمُسْلَمِ، إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ اسْتَرْجَعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَلَكِنْ هَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؟ مِنْ الْمُحَقَّقِ أَنَّهُ هَلَكَ الرَّهْنُ وَالْمُسْتَعِيرُ يَسْتَعْمِلُهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ وَالظَّاهِرُ وُجُوبٌ عَلَيْهِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ وَهَلَكَ الْمَرْهُونُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ الْعَمَلِ " الشَّارِحُ ". اخْتِلَافُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي زَمَانِ الْهَلَاكِ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَنَّ الضَّمَانَ لَازِمٌ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: إنَّهُ هَلَكَ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ الرَّهْنِ وَبَعْدَ الْفَكِّ وَالِاسْتِرْدَادِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ الْمُسْتَعِيرَ يُنْكِرُ الضَّمَانَ. وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلْمُعِيرِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76 وَإِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْمُعِيرُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ وَالْخَانِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 733) لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ] إنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الِاثْنَيْنِ مَعًا. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَسْتَرِدُّوا الرَّهْنَ مَا لَمْ يُؤَدُّوا الدَّيْنَ كَامِلًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ يَتَقَدَّمُ عَلَى حَقِّ وَرَثَةِ الرَّاهِنِ الزَّيْلَعِيّ

(المادة 734) توفي الراهن وكانت ورثته كبارا

وَوَفَاءُ الدُّيُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ يَبْقَى الرَّهْنُ فِي يَدِ وَرَثَتِهِ رَهْنًا وَتَجْرِي فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَحْكَامُ الْمُدْرَجَةُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ " 734 و 735. وَفُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ وَرَدَتْ بِالْإِجْمَالِ وَسَتُفَصَّلُ فِي الْمَوَادِّ التَّالِيَةِ. وَعَادَةُ الْمُؤَلِّفِينَ إجْمَالُ الشَّيْءِ ثُمَّ تَفْصِيلُهُ. [ (الْمَادَّةُ 734) تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ كِبَارًا] (الْمَادَّةُ 734) - إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ كِبَارًا قَامُوا مَقَامَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ أَدَاءُ الدَّيْنِ تَمَامًا مِنْ التَّرِكَةِ وَتَخْلِيصِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا غَائِبِينَ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ مُدَّةَ السَّفَرِ فَيَبِيعُ وَصِيُّهُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَيُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ. إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ. فَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كِبَارًا وَلَمْ يَكُونُوا غَائِبِينَ أَوْ مَجَانِينَ فَيَقُومُونَ مَقَامَ الرَّاهِنِ الْمُتَوَفَّى وَكَمَا أَنَّ لِلرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ أَدَاءَ الدَّيْنِ وَاسْتِخْلَاصَ الرَّهْنِ يَلْزَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْضًا أَنْ يُوفُوا كَامِلَ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ وَخَلَّصُوا الرَّهْنَ. يَعْنِي إنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ وَعِنْدَ امْتِنَاعِهِمْ يُجْبَرُونَ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ " 7 75 ". وَإِذَا أَبَوْا وَأَصَرُّوا عَلَى الْعِنَادِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ وَيُؤَدِّي الدَّيْنَ. وَالْأُصُولُ الْمَرْعِيَّةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ هِيَ أَنْ تُبَاعَ هَذِهِ الْأَمْوَالُ بِمَعْرِفَةِ دَائِرَةِ الْإِجْرَاءِ وَيُسَدَّدُ الدَّيْنَ وَلَا يُضْغَطُ عَلَى الْمَدِينِ بِالْحَبْسِ. قِيلَ (مِنْ التَّرِكَةِ) لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَيْسُوا مَجْبُورِينَ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى مِنْ أَمْوَالِهِمْ. وَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ كَانُوا كِبَارًا غَائِبِينَ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ مُدَّةَ السَّفَرِ أَيْ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَاعَةً فَلِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَّاتِهِ (وَيُقَالُ لَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ) أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ لِلصِّغَارِ أَوْ الْكِبَارِ الْغَائِبِينَ - عِنْدَ عَدَمِ نَصَبِ الْمُتَوَفَّى وَصِيًّا حَالَ حَيَّاتِهِ - (وَيُقَالُ لَهُ الْوَصِيُّ الْمَنْصُوبُ) بَيْعُ الرَّهْن بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَيُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَقُومُ مَقَامَ الرَّاهِنِ الْمُتَوَفَّى. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفِّي وَصِيٌّ كَمَا وَضَحَ آنِفًا فَيُنَصِّبُ الْحَاكِمُ لَهُ وَصِيًّا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ نَصَّبَ نَاظِرًا وَحَافِظًا عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ الْعَاجِزِينَ عَنْ مُحَافَظَةِ حُقُوقِهِمْ وَالنَّظَرِ فِي شُؤُونِهِمْ أَبُو السُّعُودِ. وَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفِّي وَرَثَةٌ يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ، وَالْحَاكِمُ أَيْضًا يَبِيعُ الرَّهْنَ وَيُؤَدِّي الدَّيْنَ (التَّنْقِيحُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) . قَيْدُ (بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي أُوضِحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (729) . [ (الْمَادَّةُ 735) لَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَخَذَ مَاله مِنْ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يُؤَدِّي الدَّيْنَ] (الْمَادَّةُ 735) لَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ حَيًّا أَمْ تُوُفِّيَ قَبْلَ فَكِّ الرَّهْنِ.

(المادة 736) وفاة الراهن المستعير وهو مدين مفلس

أَيْ إنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعِيرِ أَوْ مِنْ قِبَلِ وَرَثَتِهِمَا أَوْ مِنْ طَرَفِ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَوْ يُوهَبْ إلَى الْمَدِينِ - فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ رَضِيَ بِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ فِي مَالِهِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (729) حَقُّ الْحَبْسِ فِيهِ. وَالْحُكْمُ فِي حَالِ وَفَاةِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ تُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَقَطْ لِلْمُعِيرِ حَقٌّ فِي مُؤَاخَذَةِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ كَيْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ وَيُسَلِّمَهُ إيَّاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (732) يَعْنِي لِلْمُعِيرِ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَيُجْبِرَ الرَّاهِنَ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى تَخْلِيصِ الرَّهْنِ وَأَنْ يَطْلُبَ حَبْسَهُ إلَى أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ لِلْمُعِيرِ حَقٌّ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيُخَلِّصَ مَالَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ تَمَامًا. حَتَّى إنَّهُ إذَا رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ مَعَ مَالِهِ سَوِيَّةً لَا يَقْتَدِرُ الْمُعِيرُ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ بِأَدَائِهِ الْحِصَّةَ الَّتِي تُصِيبُ الْمُسْتَعَارَ مِنْ الدَّيْنِ. بَلْ إنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَائِهِ كَامِلًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 732 وَشَرْحَهَا. إذَا تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ يَبْقَى الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ عَلَى حَالِهِ رَهْنًا. وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمُسْتَعَارَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الِاسْتِرْدَادِ إزَالَةَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَإِبْطَالَ حَقِّهِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . كَمَا أَنَّهُ لَدَى وَفَاةِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا يَبْقَى الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ مَرْهُونًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (733) . الْخُلَاصَةُ أَنَّ رَهِينَةَ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ لَا تَبْطُلُ بِوَفَاةِ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُرْتَهِنِ يَعْنِي بِوَفَاةِ الْبَعْضِ مِنْهُمْ أَوْ بِوَفَاةِ كَافَّتِهِمْ. [ (الْمَادَّةُ 736) وَفَاة الرَّاهِن الْمُسْتَعِير وَهُوَ مَدِينٌ مُفْلِسٌ] (الْمَادَّةُ 736) إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ مَدِينٌ مُفْلِسٌ يَبْقَى الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ عَلَى حَالِهِ مَرْهُونًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بِدُونِ رِضَا الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَتَى أَرَادَ الْمُعِيرُ بَيْعَ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَكْفِي لِأَدَاءِ الدَّيْنِ يُبَاعُ بِدُونِ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِي لِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ. وَإِذَا تُوُفِّيَ وَهُوَ غَائِبٌ وَلَمْ يُمْكِنْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُؤَاخِذَهُ يَبْقَى الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ مَرْهُونًا كَمَا هِيَ الْحَالِ وَهُوَ حَيٌّ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَحَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ يَدُومُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُرْتَهِنُ كَامِلَ مَطْلُوبِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (729) وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ وَغَيْرِ الْمُسْتَعَارِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ وَاسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْ ثَمَنِهِ لَا يُبَاعُ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ. يَعْنِي إذَا رَاجَعَ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الْمُعِيرِ وَقَدْ رَضِيَ بِحَبْسِهِ فَقَطْ بِإِعَارَتِهِ إيَّاهُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ. وَلَيْسَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 6 9، 5 36، 358، الْحَالُ أَنَّ جَوَازَ بَيْعِ الرَّهْنِ غَيْرِ الْمُسْتَعَارِ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (757) . كَمَا أَنَّهُ لَا صَلَاحِيَّةَ لِلْمُرْتَهِنِ بِمُؤَاخَذَةِ الْمُعِيرِ لِأَدَاءِ " الدَّيْنِ وَأَخْذِ مَالِهِ وَلَا لِلتَّشَبُّثِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ

(المادة 737) توفي المعير ودينه أكثر من تركته

دَيْنَ غَيْرِهِ دُونَ أَنْ يُوجَدَ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ لِذَلِكَ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ. وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ أَبًا أَوْ ابْنًا (الْبَهْجَةُ وَالتَّنْقِيحُ) . وَعَدَمُ تَحْمِيلِ الضَّمَانِ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ فِي الْمَادَّةِ (916) مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا السَّبَبِ. وَمَتَى أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ كَافِيًا لِأَدَاءِ الدَّيْنِ يُبَاعُ دُونَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَيُؤَدِّي مِنْ ثَمَنِهِ الدَّيْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ يُرَدُّ إلَى الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ إمْسَاكَ الْمَرْهُونِ فَقَطْ بَلْ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ بَعْدَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَالًا غَيْرَهُ يَرْجِعُ الْمُعِيرُ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (532) . وَلَكِنْ لَا يُعَادُ إلَى الْمُعِيرِ لِأَجْلِ بَيْعِهِ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ وَمَوْقُوفٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَبَعْدَ أَنْ يُوَفِّيَ الدَّيْنَ بِثَمَنِهِ يُسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا فُهِمَ أَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ لَا يَكْفِي لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ رِضًا بِذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يُوجَدُ مَنْفَعَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ فِي حَبْسِ الْمَرْهُونِ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمُعِيرُ مَجْبُورًا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْمَرْهُونِ أَوْ مُقْتَدِرًا عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ تَمَامًا بِزِيَادَةِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ السِّعْرِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 739) . الْخُلَاصَةُ - لَا يُمْكِنُ بَيْعُ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ رِضًا بِذَلِكَ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى رِضَا الْمُسْتَعَارِ أَلْبَتَّةَ وَأَمَّا رِضَا الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ كَافِيَةً لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا حَاجَةَ لِرِضَاهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ غَيْرَ كَافِيَةٍ فَفِي تِلْكَ الصُّورَةِ رِضَاهُ لَازِمٌ. [ (الْمَادَّةُ 737) تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ وَدَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَرِكَتِهِ] (الْمَادَّةُ 737) - إذَا تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ وَدَيْنُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَرِكَتِهِ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ بِالنَّفْسِ وَتَخْلِيصِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ وَرَدِّهِ، إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ يَبْقَى ذَلِكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ عَلَى حَالِهِ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنَّهُ لِوَرَثَةِ الْمُعِيرِ أَنْ يُؤَدُّوا الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصُوهُ وَإِذَا طَالَبَ دَايِنُوا الْمُعِيرِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَفِي الدَّيْنَ يُبَاعُ بِلَا رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَفِي الدَّيْنَ لَا يُبَاعُ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ. إذَا تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ وَدَيْنُهُ يَزِيدُ عَلَى تَرِكَتِهِ يُؤْمَرُ الْمُسْتَعِيرُ الرَّاهِنُ وَيُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بِالنَّفْسِ أَيْ مِنْ مَالِهِ وَتَخْلِيصِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ مَعَ إعَادَتِهِ إلَى تَرِكَةِ الْمُعِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (732) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ إجْبَارُهُ لِيَظْفَرَ الْمُرْتَهِنُ بِمَطْلُوبِهِ الَّذِي عِنْدَ الرَّاهِنِ وَيَسْتَوْفِيَ دَايَنُوا الْمُعِيرِ مَطْلُوبَهُمْ مِنْ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ دَيْنُ الرَّاهِنِ مُؤَجَّلًا هَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ فِي الْحَالِ أَوْ يَنْتَظِرُ لِحُلُولِ الْأَجْلِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ أَيْ سَبَبٍ يُوجِبُ إبْطَالَ الْأَجَلِ. فَلْيُحَرَّرْ (شَارِحٌ) . وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ أَدَائِهِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ يَبْقَى ذَلِكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ عَلَى حَالِهِ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يُسْتَرَدُّ الْمَرْهُونُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِسَبَبِ إفْلَاسِ الْمُعِيرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 735) . إنَّمَا لِوَرَثَةِ الْمُعِيرِ أَنْ يُؤَدُّوا الدَّيْنَ كَامِلًا وَيَسْتَخْلِصُوا الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (732) أَنَّ الْمُعِيرَ أَيْضًا مَالِكٌ لِهَذَا الْحَقِّ.

(المادة 739) قضى الراهن الدين الذي عليه لواحد منهما

وَلَا يُمْكِنُ بَيْعُ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ بِدُونِ رِضَا دَايِنِي الْمُعَيَّرِ. كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْمُعِيرُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ بِدُونِ رِضَاهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ) .؛ لِأَنَّهُ تُوجَدُ فَائِدَةٌ لِلدَّائِنِينَ فِي عَدَمِ رِضَاهُمْ إذْ إنَّهُ حِينَمَا لَا يُبَاعُ الرَّهْنُ يُؤَدِّيهِ الرَّاهِنُ بِنَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَبْقَى الْمَرْهُونُ سَالِمًا لِلدَّائِنِينَ. تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ. وَإِذَا طَلَبَ دَايَنُوا الْمُعِيرِ بَيْعَ الرَّهْنِ لِتَأْدِيَةِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ - وَلَيْسَ دَيْنُهُمْ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَفِي الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ يُبَاعُ دُونَ أَنْ يُلْتَفَتَ إلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ فَيُؤَدَّى ذَلِكَ الدَّيْنُ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ فِي مَقَامِ فِقْرَةِ (إذَا أَرَادَ الْمُعِيرُ بَيْعَ الرَّهْنِ وَتَأْدِيَةَ الدَّيْنِ) الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الرَّهْنِ لَا يَفِي الدَّيْنَ فَلَا يُبَاعُ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ. وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ سَبَبِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذَا لَوْ كَانَ الْمُعِيرُ حَيًّا هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . (الْمَادَّةُ 837) إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ يَبْقَى الرَّهْنُ مَرْهُونًا عِنْدَ وَرَثَتِهِ. يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَفُكَّ الرَّهْنَ بِوَجْهٍ مَا كَالِاسْتِيفَاءِ وَالْإِبْرَاءِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِوَفَاةِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الرَّهِينَةِ وَحِصَّةُ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (729) تَنْتَقِلُ كَامِلًا إلَى وَرَثَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 733) وَتَكُونُ الْوَرَثَةُ مُشْتَرِكِينَ فِي مُحَافَظَةِ الرَّهْنِ كَمَا أُفِيدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) . وَأَمَّا إذَا كَانَتْ وَرَثَةُ الْمُرْتَهِنِ غَائِبِينَ أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةُ يُنَصِّبُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا كَيْ يُحَافِظَ عَلَى الرَّهْنِ وَيَرُدَّهُ إلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَهَذَا الْوَصِيُّ يَحْفَظُ الْمَرْهُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ، وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ يُعِيدُ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ. [ (الْمَادَّةُ 739) قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا] (الْمَادَّةُ 739) إذَا قَضَى الرَّاهِنُ الَّذِي أَعْطَى رَهْنًا وَاحِدًا لِأَجْلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِشَخْصَيْنِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ نِصْفَ الْمَرْهُونِ وَلَا صَلَاحِيَّةَ لَهُ أَيْضًا بِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَفِ دَيْنَ الِاثْنَيْنِ تَمَامًا. إذَا أَعْطَى شَخْصٌ رَهْنًا وَاحِدًا فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِشَخْصَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (720) وَأَوْفَى الدَّيْنَ الْوَاحِدَ مِنْ ذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ يَبْقَى الرَّهْنُ كُلُّهُ مَرْهُونًا عِنْدَ الدَّائِنِ الْآخَرِ كَالْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ كُلَّ الرَّهْنِ أَوْ نِصْفَهُ يَعْنِي الْقِسْمَ الْعَائِدَ إلَى الْمُرْتَهِنِ الَّذِي أَدَّى لَهُ دَيْنَهُ وَلَا حَقَّ لَهُ بِاسْتِخْلَاصِ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَفِ دَيْنَ الِاثْنَيْنِ تَمَامًا. وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَسَاعَتَيْنِ مَثَلًا. وَيَبْقَى هَذَا الرَّهْنُ كَمَا كَانَ مَرْهُونًا فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ وَعَقْدِ الرَّهْنِ أَيْضًا قَائِمًا بِحَقِّ الِاثْنَيْنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِ الدَّائِنِ الْآخَرِ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى أَحَدُ الدَّائِنِينَ حِصَّتَهُ فَنَظَرًا لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ مَضْمُونًا بِنِسْبَةِ الدَّيْنَيْنِ كَمَا فُصِّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) يَلْزَمُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الدَّائِنَ الَّذِي اسْتَوْفَى أَحَدَ مَطْلُوبِهِ أَنْ يُعِيدَ مِقْدَارَ مَا سَقَطَ مِنْ الَّذِي أَخَذَهُ إلَى الْمَدِينِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرَ الِاسْتِيفَاءُ بِحَقِّهِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْهَالِكِ مُسَاوِيَةً لِحِصَّةِ الدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَدِينُ كُلَّ مَا أَوْفَاهُ

(المادة 740) للدائن الذي أخذ رهنا واحدا من مدينيه إمساك الرهن إلى أن يستوفي مطلوبه منهما

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ فَقَطْ. وَسَبَبُ ثُبُوتِ حَقِّ اسْتِرْدَادِهِ هُوَ لِأَنَّ ارْتِهَانَ الِاثْنَيْنِ بَاقٍ طَالَمَا لَمْ يَصِلْ الْمَرْهُونُ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الَّذِي اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ بِوَسِيلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْمُرْتَهِنِينَ عَدْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَهْلَكُ الرَّهْنُ فِيهَا بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ يُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ " 741، وَشَرْحِهَا. [ (الْمَادَّةُ 740) لِلدَّائِنِ الَّذِي أَخَذَ رَهْنًا وَاحِدًا مِنْ مَدِينَيْهِ إمْسَاكُ الرَّهْنَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُمَا] (الْمَادَّةُ 740) لِلدَّائِنِ الَّذِي أَخَذَ رَهْنًا وَاحِدًا مِنْ مَدِينَيْهِ الِاثْنَيْنِ أَنْ يُمْسِكَ الرَّهْنَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ. عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (721) . أَنَّهُ أَوْفَى أَحَدُ الْمَدِينَيْنِ الدَّيْنَ الْعَائِدَ لَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ كُلَّهُ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ أَيْضًا الْقِسْمَ الَّذِي يَخُصُّهُ (الْبَهْجَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَابِلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ لَوَجَبَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الْحَبْسِ وَالْإِمْسَاكِ. مَثَلًا، لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَيْنُ أَلْفَيْ قِرْشٍ عَلَى شَخْصَيْنِ مُنَاصَفَةً وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَا سَاعَةً مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا أَوْفَى أَحَدُهُمَا الْأَلْفَ قِرْشٍ الْعَائِدَةَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِأَجْلِ اسْتِرْدَادِ نِصْفِ السَّاعَةِ: فَلْتَبْقَ يَوْمًا عِنْدِي وَيَوْمًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ. بَلْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُمْسِكَ كُلَّ الْمَرْهُونِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ جَمِيعَهُ. وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ إيفَاءِ أَحَدِ الرَّاهِنَيْنِ حِصَّةَ الدَّيْنِ وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ مِقْدَارِ مَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ غَائِبًا فَلِلْحَاضِرِ مِنْهُمَا أَنْ يَفِيَ كُلَّ الدَّيْنِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ. وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذَا الْإِيفَاءِ وَتَبْقَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي حُكْمِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ وَلَهُ إمْسَاكُهَا لِبَيْنَمَا يُسْتَوْفَى الْقِسْمُ الْعَائِدُ لِلرَّاهِنِ مِنْ شَرِيكِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا هَلَكَتْ السَّاعَةُ فِي يَدِهِ يَسْقُطُ مَا لِلرَّاهِنِ الْمُؤَدِّي عِنْدَ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَطْلُوبِ. فَإِنْ قَبَضَ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الشَّرِيكِ حِصَّتُهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَهَلَكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ يَهْلَكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . مَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 741) أَهْلَكَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ] (الْمَادَّةُ 741) - إذَا أَهْلَكَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ. أَيْ إذَا أَهْلَكَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ بَدَلِهِ كَذَلِكَ إذَا أَعَارَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى آخَرَ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَهَلَكَ الرَّهْنُ بِسَبَبِ تَعَدِّيهِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ عَيْبًا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ كِلَاهُمَا مُحْتَرَمٌ فَمَنْ أَهْلَكَهُ أَوْ عَيَّبَهُ يَضْمَنُ حَقَّ الْآخَرِ، وَصُورَةُ الضَّمَانِ يَرِدُ تَفْصِيلُهَا أَثْنَاءَ الشَّرْحِ أَبُو السُّعُودِ.

وَإِذَا أَهْلَكَهُ أَوْ عَيَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّ الْمَرْهُونَ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهُوَ ضَمَانٌ بِغَيْرِهِ وَأَمَّا الضَّمَانُ فِي حَالَةِ الْإِتْلَافِ فَهُوَ ضَمَانٌ بِنَفْسِهِ. وَتَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ وَلِأَجْلِ تَوْضِيحِهَا نُفَصِّلُهَا كَمَا يَلِي: 1 - إتْلَافُ الرَّهْنِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا أَتْلَفَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ يَنْظُرُ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَضْمَنُ الرَّاهِنُ بَدَلَ الرَّهْنِ. يَعْنِي إنْ كَانَ وَقْتَ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَمْ يَحِلَّ بَعْدُ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْبَدَلُ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ لِحِينِ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ. سُؤَالٌ: حَيْثُ إنَّ الْمَرْهُونَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ إنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ مُقْتَدِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ كَيْفَ مَا شَاءَ فِي مِلِكِهِ وَعَلَى إتْلَافِهِ وَتَضْيِيعِهِ أَيْضًا فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. الْجَوَابُ: نَظَرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي فِي الْمَادَّةِ (729) بِالرَّهْنِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ الرَّاهِنُ أَجْنَبِيًّا فِي حَقِّ الضَّمَانِ يَعْنِي مَتَى كَانَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِيًّا حَقِيقَةً فَكَمَا إنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا فَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ الْمُتْلِفُ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا التَّنْقِيحُ وَأَبُو السُّعُودِ وَبَعْدَ هَذَا مَتَى حَلَّ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ فَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَدَلُ الْمَرْقُومُ بَدَلَ مِثْلِهِ أَمْ بَدَلَ قِيمَتِهِ فَإِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَظْفَرُ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ بِلَا إذْنِ الْمَدِينِ (الدُّرَرُ) . إذَا زَادَ يَرُدُّ الزِّيَادَةَ لِلرَّاهِنِ. وَبِالْعَكْسِ أَيْ إذَا نَقَصَ يَطْلُبُ الدَّائِنُ مِقْدَارَ النَّقْصِ مِنْ مَدِينِهِ الرَّاهِنِ عَلَى حِدَةٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَجَلُهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بَلْ لَزِمَهُ أَدَاءُ كُلِّ الدَّيْنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ. 1 - تَعْيِيبُ الرَّاهِنِ: الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا عَيَّبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ يَكُونُ ضَامِنًا مِقْدَارَ النَّقْصِ الْعَارِضِ عَلَى الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ التَّعْيِيبِ وَيَكُونُ بَدَلُ ضَمَانِ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ مَرْهُونًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ. هَذَا إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ مُؤَجَّلًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُعَجَّلًا فَسَوَاءٌ أَكَانَ مُعَجَّلًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ أَمْ مُؤَجَّلًا وَاكْتَسَبَ حُكْمُ الْمُعَجَّلِ بِحُلُولِ وَقْتِ الْأَدَاءِ فَإِذَا كَانَ بَدَلُ ضَمَانِ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ حِسَابَ ذَلِكَ الْبَدَلِ بِمَطْلُوبِهِ وَإِذَا أَوْفَى الدَّيْنَ كَامِلًا بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ الْبَاقِي مِنْهُ أَيْ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ وَإِلَّا فَيُمْسِكُهُ فِي يَدِهِ كَيْ يَكُونَ رَهْنًا كَمَا فِي السَّابِقِ وَيَطْلُبُ بَاقِيَ دَيْنِهِ مِنْ الرَّاهِنِ. 3 - إتْلَافُ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْكَارُهُ: الْحُكْمُ الثَّالِثُ - إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا يَجِدُ ذَاتَهُ أَوْ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ أَجَلُهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ بِجِنْسِ الدَّيْنِ يَقَعُ التَّقَاضِي بِمُجَرَّدِ

الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الضَّمَانِ غَيْرَ جِنْسِ الدَّيْنِ فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَبْقَى الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مَرْهُونًا بِمَقَامِ أَصْلِ الرَّهْنِ وَعُدَّتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ. يَعْنِي يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مَرْهُونَةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَعِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ التَّقَاضِيَ عَلَى مُوجِبِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ. فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مَا زَادَ عَنْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا زَادَ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ عَنْ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ وَالْأَمَانَةُ إذَا هَلَكَتْ بِالتَّعَدِّي تُضْمَنُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 401 و 787) . وَإِلَّا فَضَمَانُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَيْسَ بِسَبَبِ عَقْدِ الرَّهْنِ أَبُو السُّعُودِ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ بَاقِيَهُ مِنْ الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مِثْلَهُ وَيَكُونُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ بِمَقَامِ أَصْلِ الرَّهْنِ. إنْكَارُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِحُكْمِ الْإِتْلَافِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 779) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ رَهَنَ كَذَا مَالًا لَهُ بِقِيمَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ عِنْدَ هَذَا الشَّخْصِ وَسَلَّمَهُ لَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ غَيْرَ حَاضِرٍ وَأَثْبَتَهُ الرَّاهِنُ فَكَمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ تَمَامًا يَكُونُ ضَامِنًا لِلرَّاهِنِ الْأَلْفَ قِرْشٍ الْبَاقِيَةَ أَيْضًا (الْبَهْجَةُ) . سُؤَالٌ - عِنْدَ إتْلَافِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فَضَمَانَةُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْإِتْلَافِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مُنَافٍ لِمَسْأَلَةِ (الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ) . الْجَوَابُ - لَيْسَ مُنَافِيًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَمَانُ الْمُرْتَهِنِ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْإِتْلَافِ هُوَ ضَمَانُ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَأَمَّا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَضَمَانُ الرَّهْنِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ ضَمَانُ الرَّهْنِ. وَلَيْسَ مِنْ مُنَافَاةٍ بَيْنَ الضَّمَانَيْنِ بَلْ مُمْكِنٌ اجْتِمَاعُهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. مَثَلًا بَيْنَمَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَرْهُونِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ فِي شَهْرِ مُحْرِمٍ أَلْفَ قِرْشٍ تَنَزَّلَتْ بِسَبَبِ تَرَاجُعِ السِّعْرِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ إلَى سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ يَضْمَنُ السِّتَّمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ بِضَمَانِ الْغَصْبِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ الْبَاقِيَةَ بِضَمَانِ الرَّهْنِ وَيُعْتَبَرُ الدَّيْنُ أُوفِيَ كَامِلًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ) . 4 - تَعْيِيبُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ: الْحُكْمُ الرَّابِعُ - إذَا عَيَّبَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ قِيمَةِ النَّقْصِ الْعَارِضِ عَلَى الْمَرْهُونِ بِسَبَبِ التَّعَبِ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الضَّمَانِ هَذَا مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ يَكُونُ أُوفِيَ تَمَامًا مَعَ إذَا زَادَ شَيْءٌ يَرُدُّهُ إلَى الرَّاهِنِ مَعَ الرَّهْنِ. وَإِذَا نَقَصَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ مَدِينِهِ وَيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ الرَّهْنِ. فَائِدَةٌ - فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ لَمَّا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاهِنِ أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُ الضَّمَانِ وَأُعْطِيَ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَجْدُرُ بِالتَّدْقِيقِ. وَلَكِنْ مَتَى وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ يَعْنِي مَتَى اقْتَضَى تَأْدِيَةُ بَدَلِ الضَّمَانِ كَيْ تَكُونَ صُورَةُ التَّضْمِينِ مُعْتَبَرَةً يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: يُؤْخَذُ بَدَلُ الضَّمَانِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَيُعْطَى إلَى الرَّاهِنِ ثُمَّ يُعْطِيهِ الرَّاهِنُ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِصِفَةِ رَهْنٍ وَإِلَّا

لاحقة في بيان المسائل العائدة لسقوط الدين بهلاك الرهن في يد المرتهن أو العدل

يَبْقَى الضَّمَانُ الْوَاقِعُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ مَا لَمْ يُؤْخَذْ وَيُقْبَضْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مَدِينٌ بِبَدَلِ الضَّمَانِ فَتَأْدِيَتُهُ لَا تَصِحُّ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ يَدِهِ وَيُقْبَضَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلدَّيْنِ وَقَابِضًا لَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ. (الشَّارِحُ) . عَوْدَةُ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ مُخَالَفَتِهِ: قَوْلُهُ - (إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ عَيَّبَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الرَّاهِنِ وَعَمِلَ شَيْئًا يُوجِبُ الضَّمَانَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ نَقْصٌ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) رَدُّ الْمُحْتَارِ. فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ تَعْبِيرَ (يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنْ الضَّمَانِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَإِلَّا فَكَمَا سَيَذْكُرُ فِي اللَّاحِقَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَكُونُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ. [لَاحِقَة فِي بَيَان الْمَسَائِل الْعَائِدَة لِسُقُوطِ الدِّين بِهَلَاكِ الرَّهْن فِي يَد المرتهن أَوْ الْعَدْل] لَاحِقَةٌ. فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْعَائِدَةِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَإِنْ تَكُنْ سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ إجْمَالًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 0 4) فَقَدْ شُرِّعَ بِتَفْصِيلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بِنَاءً عَلَى الْمُنَاسَبَةِ الْمَوْقِعِيَّةِ: مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ وَلَكِنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ كُلًّا أَوْ قِسْمًا عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَسَرَدَ مَا يَأْتِي فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ (إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الرَّهْنِ كَانَتْ لِأَجْلِ الطُّمَأْنِينَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَيْ لِأَجْلِ تَأْمِينِ اسْتِيفَائِهِ فَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا وَكَانَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ فَيَكُونُ مَعْنَى التَّوْثِيقِ قَدْ فَاتَ) . وَاجْتِهَادُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُ الْبَاجُورِيِّ وَهُوَ مِنْ مُحَقِّقِي الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ مُطَابِقٌ لِلْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُتَعَدِّيًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَمْ قَبْلَهَا. وَعَدَمُ إعْطَاءِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فِي حَالِ طَلَبِ الرَّاهِنِ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ تَعَدٍّ. (انْتَهَى) . وَرَغْمًا عَنْ أَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ مِنْ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْعُمُومِيَّةِ وَمِنْ الْمُهِمِّ فِيهَا فَلَمْ يُكْتَبُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ شَيْءٌ عَنْهَا لَا صَرَاحَةً وَلَا إشَارَةً بَلْ إنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَادَّةِ (1108) . أَدِلَّةُ الْحَنَفِيَّةِ - اسْتَدَلَّ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ السُّنَّةُ: الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْمَرْوِيُّ عَنْ الرَّسُولِ وَهُوَ «أَنَّ رَجُلًا ارْتَهَنَ فَرَسًا فَمَاتَ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَهَبَ حَقُّك» فَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الدَّيْنِ بِضَيَاعِ الرَّهْنِ شِبْلِيٌّ

إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: حَيْثُ إنَّ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَاقِعٌ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ فَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ (الْعِنَايَةُ) . الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ - الرَّهْنُ مَقْبُوضٌ لِأَجْلِ الدَّيْنِ. فَعِنْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ يَكُونُ مَضْمُونًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَقَعُ التَّقَاضِي بَيْنَ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ. لَمَّا كَانَ قَبْضُ الدَّيْنِ مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ الْمَقْبُوضُ أَيْضًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ يَكُونُ مُلْحَقًا بِالدَّيْنِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ هُوَ أَيْضًا مَضْمُونًا. كَمَا جُعِلَ الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونًا وَكَالْمَالِ الَّذِي قُبِضَ بَعْدَ الْبَيْعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ مَالِكِ الْعَيْنِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ أَنْوَاعُ الضَّمَانِ - أَنْوَاعُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ - ضَمَانُ الْغَصْبِ ضَمَانُ الْغَصْبِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِقِيمَتِهِ وَبِبَدَلِهِ وَتَفْصِيلُهُ يَرِدُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. الثَّانِي - ضَمَانُ الْمَبِيعِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا وَهَذَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ. الثَّالِثُ - ضَمَانُ الرَّهْنِ ضَمَانُ الرَّهْنِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) وَهَا نَحْنُ نُبَاشِرُ بِتَفْصِيلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: فِي الرَّهْنِ اعْتِبَارَانِ: الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ: عَيْنُ الرَّهْنِ. عَيْنُ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالْوَدِيعَةِ. وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا أَنْوَاعٌ هِيَ كَمَا يَأْتِي أَوَّلًا: كُلُّ فِعْلٍ إذَا أَوْقَعَهُ - الْمُسْتَوْدَعُ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِذَا أَوْقَعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَثَلًا إذَا حَفِظَ الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ الْمَرْهُونَ فِي جَيْبِهِ وَهَلَكَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ عِبَارَةٌ عَنْ مُحَافَظَةٍ وَخُصُوصًا الْمُرْتَهِنُ مَأْمُورٌ بِالْمُحَافَظَةِ. كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ قَمِيصًا وَعَلَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى كَتِفِهِ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حِفْظٌ وَلَيْسَ اسْتِعْمَالًا (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (722) . ثَانِيًا: نَفَقَةُ الرَّهْنِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا تَبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (724) . كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْوَدِيعَةِ عَائِدَةٌ لِلْمُودِعِ. ثَالِثًا: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ وَهُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ. حَتَّى إنَّهُ مَتَى هَلَكَ الْحَيَوَانُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَمَصَارِيفُ رَمْيِهِ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا: لَا يَقُومُ قَبْضُ الرَّهْنِ مَقَامَ قَبْضِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حَيْثُ إنَّهُ أَمَانَةٌ فَالْقَبْضُ فِيهِ أَمَانَةٌ أَيْضًا وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (262) . خَامِسًا: كُلُّ فِعْلٍ بِتَقْدِيرِ إيقَاعِهِ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ - فِي الْوَدِيعَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ. إذَا أَوْقَعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا ضَمَانُ الْغَصْبِ. مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إعَارَةُ الْوَدِيعَةِ مَعَ إيجَارِهَا وَتَرْهِينِهَا لِلْغَيْرِ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا إعَارَةُ الرَّهْنِ وَإِيجَارُهُ وَتَرْهِينُهُ لِلْغَيْرِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ رَهَنَهُ آخَرَ - أَوْ اسْتَعْمَلَهُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ لِكَوْنِهِ قَدْ تَعَدَّى فِي حَالِ هَلَاكِهِ يَكُونُ ضَامِنًا بِضَمَانِ الْغَصْبِ (التَّنْقِيحُ) .

سَادِسًا: إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا فَكَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (801) يَلْزَمُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ زَائِدَةً عَنْ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَتُؤَدَّى الزِّيَادَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ (التَّنْقِيحُ) . سَابِعًا: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَيْ قِرْشٍ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنَهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْإِنْكَارِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالرَّهْنِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجْرِي حِسَابُ أَلْفِ قِرْشٍ وَتَلْزَمُ إعَادَةُ الْأَلْفِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ ضَمَانًا إلَى الرَّاهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (901) . الِاعْتِبَارُ الثَّانِي: مَالِيَّةُ الرَّهْنِ. مَالِيَّةُ الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ شَيْءٌ عِنْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَقْصِيرٍ وَلَا تَعَدٍّ فَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ - يَجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ. وَهَاكَ بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ. أَوَّلًا: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ فَيُعَدُّ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى يَوْمَ قَبْضِ الرَّهْنِ، يَعْنِي يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ. وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِشَيْءٍ وَلَا الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ (التَّنْوِيرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (399) . فَإِذَا فُقِدَ الْمَرْهُونُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَدَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ يَلْزَمُ عَلَى الدَّائِنِ أَنْ يَرُدَّ لِلْمَدِينِ الدَّيْنَ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ حِينَمَا قَبَضَ الرَّهْنَ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ أَخْذَهُ مَطْلُوبَهُ ثَانِيَ مَرَّةٍ يَكُونُ اسْتِيفَاءً بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي قَبَّضَهُ إلَى الرَّاهِنِ التَّنْقِيحُ وَالزَّيْلَعِيّ. وَإِذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ سَاعَةً بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتِ دَيْنٍ ثُمَّ أَوْفَى سِتَّ ذَهَبَاتٍ مِنْ الدَّيْنِ وَقَالَ: فَلِتَبْقَ السَّاعَةَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْأَرْبَعِ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ السَّاعَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا الْقَوْلِ فَتَهْلَكُ بِكَامِلِ الدَّيْنِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ السِّتِّ ذَهَبَاتٍ إلَى الرَّاهِنِ الْأَنْقِرْوِيُّ. ثَانِيًا: إذَا أَوْفَى رَجُلٌ دَيْنَ آخَرَ تَبَرُّعًا وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ مُلِّكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَنَظَرًا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ يَرُدُّ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّجُلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ يُرْجِعُهَا الْمُرْتَهِنُ الْمُتَبَرِّعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايِنَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَبَرِّعَ أَوْفَى دِينًا غَيْرَ وَاجِبِ الْأَدَاءِ. وَعَلَيْهِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ إلَى الْمُتَبَرِّعِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَفَّلَ إنْسَانًا بِإِذْنِ الدَّائِنِ فَأَعْطَى الْمَدِينَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ رَهْنًا بِذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ قَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الطَّالِبِ وَيَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ (الْخَانِيَّةُ) . ثَالِثًا: إذَا رَهَنَ الْمَدِينُ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ حَوَّلَ دَايِنَهُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مِنْ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّاهِنُ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الدَّائِنِ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ مُطْلَقٌ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . رَابِعًا: إذَا هَلَكَ بَعْضُ الرَّهْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ مَثَلًا إذَا هَلَكَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ

الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ رَجُلٌ خَاتَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُمَا ثُمَّ هَلَكَ خَاتَمٌ مِنْهُمَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ مَا يُصِيبُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ، أَيْ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَيْنِ فَيَبْقَى الثُّلُثَانِ مِنْ الدَّيْنِ يَعْنِي مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي وَإِلَّا فَكَوْنُ قِيمَةِ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ كَامِلًا. خَامِسًا: إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ دَيْنٍ مِائَةَ قِرْشٍ فَرْوًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَفْسَدَتْ الْعُثَّةُ الْفَرْوَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَنَزَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَيُؤَدِّي الْمَدِينُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ قِرْشًا إلَى الدَّائِنِ وَيَسْتَرِدُّ الْفَرْوَ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ (التَّنْقِيحُ) . سَادِسًا - إذَا رُهِنَتْ دَارٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ وَخَرِبَتْ بِدَرَجَةِ أَنْ صَارَتْ عَرْصَةً صِرْفَةً يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا فَيَسْقُطُ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْبِنَاءَ وَيَبْقَى الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْعَرْصَةَ. وَلَوْ رَهَنَ شَيْئَيْنِ يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ ظَهَرَ حُرًّا يَهْلَكُ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . سَابِعًا - إذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا كَمَا أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ وَهَلَكَ الرَّهْنَانِ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِيًا لِلدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِكَوْنِ الرَّهْنِ الثَّانِي عُدَّ زِيَادَةٍ فِي الرَّهْنِ، أَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلَكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيَمِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً هَلَكَ الْمَرْهُونُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (713) . الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ: الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ هِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. إذْ إنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (713) إذَا زِيدَ فِي الرَّهْنِ فَكَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ يَكُونُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ أَيْضًا يَوْمَ قَبْضِهِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ بِحُكْمِ الزِّيَادَةِ وَإِلَيْك بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ رَجُلٌ مَالَهُ الَّذِي تَبْلُغُ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَعَادَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ وَبَعْدَ مُدَّةٍ اسْتَرَدَّهُ وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَهَلَكَ بَعْدَئِذٍ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ بِأَلْفِ قِرْشٍ. بِخِلَافِ الْغَصْبِ إذَا تَكَرَّرَ بَعْدَ الرَّدِّ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لَا الْأَوَّلُ لِانْتِسَاخِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ) . وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ مَالَهُ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَ وَتَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَى سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ بِسَبَبِ تَرَاجُعِ السِّعْرِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ) (2 91) . وَحَيْثُ إنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ مَضْمُونَةٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَمَا يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ الْأَجْنَبِيِّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ يَكُونُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ دَيْنِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ) .

ثَانِيًا - إذَا رَهَنَ رَجُلٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ مُقَابِلَ دَيْنٍ وَظَهَرَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَعِيبًا ثُمَّ هَلَكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ يَوْمَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَعِيبًا كَافِيَةً لِلدَّيْنِ يَسْقُطُ أَيْضًا كُلَّ الدَّيْنِ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَالِثًا - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَالٍ كَوْنِ قِيمَتُهٌ يَوْمَ قَبْضِهِ نَاقِصَةً عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ. وَيَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ الْبَقِيَّةَ مِنْ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِيَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (400) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ مَالًا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَلْفَ قِرْشٍ وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ (الدُّرَرُ) . رَابِعًا - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَالٍ كَوْنِ قِيمَتِهِ زَائِدَةً عَنْ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَأَمَّا مَا زَادَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُ الرَّهْنِ بِتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ فَبِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (741) يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مَا زَادَ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (701) بِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ بَدَلَ مَا زَادَ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ أَيْضًا نَظَرًا لِيَوْمِ إتْلَافِهِ وَتَعَدِّيهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) . وَإِذَا كَانَ هَلَاكُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَبِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (768) لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنُ أَدَاءَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ ثُبُوتُ هَلَاكِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ وَيَمِينِهِ يَعْنِي يَكُونُ الْمَضْمُونُ مَرْهُونًا عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَالْقِيمَةِ (أَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ، وَالضَّمَانُ بِالْمِقْدَارِ الْمُسْتَوْفَى مَثَلًا لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدٍ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ فَقَطْ وَأَعْطَى دَايِنَهُ كِيسًا يَحْتَوِي عَلَى عِشْرِينَ ذَهَبًا وَهَلَكَتْ كُلُّهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَحَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ يَكُونُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَدْ أَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ، وَالْعَشْرُ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةُ تَكُونُ هَلَكَتْ أَمَانَةً عِنْدَ الدَّائِنِ. رَهْنُ الْمِقْدَارِ الزَّائِدِ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَبْسُ الْمَرْهُونِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ. وَبِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (22) مَا ثَبَتَ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارِ تِلْكَ الضَّرُورَةِ. يَعْنِي أَنَّ الضَّرُورَةَ تَثْبُتُ فِي مَرْهُونِيَّةٍ وَمَحْبُوسِيَّةٍ الرَّهْنِ فَقَطْ. وَإِلَّا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةٍ فِي مَضْمُونِيَّةِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ مُمْكِنٌ. كَمَا هِيَ الْحَالَةُ فِي اسْتِعَارَةِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. فَفِي حَالَةِ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ مَا زَالَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الِاسْتِعَارَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْعِنَايَةُ، الْفَتْحُ، الْهِنْدِيَّةُ وَالْكَفَالَةُ ". مَثَلًا إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ سُرِقَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ التَّنْقِيحُ ". وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ زِيَادَةِ الْمَرْهُونِ عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ. وَأَمَّا إذَا ذَبَحَ الْمُرْتَهِنُ النَّعْجَةَ الْمَرْهُونَةَ وَاسْتَهْلَكَهَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَتْ ذُبِحَتْ تِلْكَ النَّعْجَةُ لِمَرَضِهَا وَلِخَوْفٍ مِنْ هَلَاكِهَا الْبَزَّازِيَّةُ. وَكَذَلِكَ إذَا رُهِنَتْ أَمْتِعَةٌ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ وَهَلَكَ مِنْهَا بِتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ قِسْمٌ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ فَحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ تَمَامًا يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ بَاقِيَ أَمْتِعَتِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْفَيْضِيَّةُ " اُنْظُرْ الْحُكْمَ الثَّالِثَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 ".

وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ ثَوْبًا بِقِيمَةِ عِشْرِينَ قِرْشًا مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَهُ تَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِرْشًا لِاسْتِعْمَالِ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ مُدَّةً بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ بِلَا إذْنٍ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نَقْصُ أَرْبَعَةِ قُرُوشٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ وَهُوَ بِقِيمَةِ عَشَرَةِ قُرُوشٍ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرَّاهِنِ قِرْشًا وَاحِدًا فَقَطْ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ وَتَسْقُطُ التِّسْعَةُ قُرُوشٍ الْبَاقِيَةُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الثَّوْبِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ أَمَانَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَلَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَاسْتِعْمَالِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ وَكَانَ النَّقْصُ الطَّارِئُ بِسَبَبِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النُّقْصَانَ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ فَقَطْ (الْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ يَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشْرَةٌ يَكُونُ نِصْفُهَا مَضْمُونًا وَنِصْفُهَا أَمَانَةً فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ وَبَقِيَ قِرْشٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ (الْخَانِيَّةُ) . مَعْنَى هَلَاكِ الرَّهْنِ - هَلَاكُ الرَّهْنِ صَيْرُورَتُهُ فِي حَالَةٍ لَا يَصْلُحُ الِانْتِفَاعُ مَعَهَا بِهِ. مَثَلًا كَمَوْتِ النَّعْجَةِ الْمَرْهُونَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ الْمَرْهُونَةُ بُحَيْرَةً بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ عَلَيْهَا فَهَذِهِ الْحَالَةُ أَيْضًا بِحُكْمِ الْهَلَاكِ فَسَقَطَ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ. وَلَكِنْ إذَا انْسَحَبَتْ الْمِيَاهُ أَخِيرًا تَعُودُ كَمَا كَانَتْ رَهْنًا. أَمَّا إذَا طَرَأَ عَلَى الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ ثُمَّ انْسِحَابِهَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا فَرَّ الْحَيَوَانُ الْمَرْهُونُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُعْتَبِرًا الدَّائِنَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْحَيَوَانُ تَرْجِعُ رَهِينَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ إنَّمَا يَكُونُ اسْتِيفَاءَ حَقِيقَةٍ إذَا هَلَكَ وَلَمَّا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَهْلَكْ بَقِيَ مَحْبُوسًا عَلَى الرَّهِينَةِ لَا مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْخَانِيَّةُ) وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا فَرَّ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ قَيْدَ الْفِرَارِ فَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ. وَإِذَا اُغْتُصِبَ الْمَرْهُونُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْهَالِكِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (0 75) بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَغُصِبَ مِنْهُ أَثْنَاءَ الِانْتِفَاعِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَصِيرُ عَارِيَّةً فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَإِذَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَى الرَّهْنِ خَلَلٌ بِالِاغْتِصَابِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ. الرَّهْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 1 7) أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا. فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسٍ وَالْمُقَابِلَةُ الرَّهْنُ مَوْجُودَةٌ عَيْنًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا وَيُسَلِّمُهَا وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَرْهُونِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي مُقَابِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ حَيْثُ إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فَحَيْثُمَا تَصِلُ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعْطِيَ مِقْدَارَهَا الْمَضْمُونَ إلَى الرَّاهِنِ، وَمَا زَادَ عَنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ وَبَقِيَ الرَّهْنُ فَيَصِيرُ الرَّهْنُ مَرْهُونًا فِي مُقَابَلَةِ بَدَلِ الْعَيْنِ وَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَيْنِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَدَلِهَا وَبَدَلُ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) . وَبَعْدَ هَذَا

إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الْمَذْكُورِ وَبَدَلِ تِلْكَ الْعَيْنِ وَقِيمَتِهَا حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الرَّاهِنِ. وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ كَمَا إذَا كَانَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَفِيهِ فَضْلٌ الزَّيْلَعِيّ. الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ: أَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْضًا صَحِيحٌ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ عَقْدُ السَّلَمِ تَامًّا وَالرَّهْنُ عِوَضًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ الْخَانِيَّةُ " كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ السَّلَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ يَهْلَكُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الدُّرَرُ ". الرَّهْنُ مُقَابِلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ: إذَا أَخَذَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ رَهْنًا لِأَجْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يُعَدُّ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَيَبْقَى السَّلَمُ صَحِيحًا. وَإِذَا لَمْ يَهْلَكْ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَهَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَيُرَدُّ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصَّرْفِ أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَانِيَّةُ،. الشَّرْطُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ تَعَيَّبَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ وَلَوْ اُشْتُرِطَ عَدَمُ سُقُوطِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. " اُنْظُرْ الْمَادَّةُ 83 وَشَرْحَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ: إنِّي آخُذُ مِنْك الرَّهْنَ بِشَرْطِ عَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَهَلَاكُ الْمَرْهُونِ بِلَا شَيْءٍ عِنْدَ هَلَاكِهِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: فَلِيَكُنْ ذَلِكَ فَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ وَالشَّرْطَ بَاطِلَانِ فَإِذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي يُقَابِلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَبَقَ تَفْصِيلُهُ الْخَانِيَّةُ ". حُكْمُ الْحُكْمِ فِي تَنَاقُصِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ بِتَرَاجُعِ الْأَسْعَارِ: إذَا تَنَاقَصَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ وَالْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا رُهِنَ مَالٌ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ مِائَتَيْ قِرْشٍ دَيْنٍ وَسُلِّمَ ثُمَّ تَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ بِسَبَبِ تَنَزُّلِ الْأَسْعَارِ فَلَا يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا هِيَ الْحَالَةُ فِي الْغَصْبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 0 900) حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَمَرَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْمَالَ وَبَاعَ الْمُرْتَهِنُ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَبَعْدَ أَنْ يَحْسِبَ الْمِائَةَ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِهِ يَأْخُذُ الْمِائَةَ قِرْشٍ الْبَاقِيَةَ أَيْضًا مِنْ الرَّاهِنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِتَرَاجُعِ الْأَسْعَارِ بَقَاءُ الرَّهْنِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِقِيمَتِهِ بَعْدَ التَّرَاجُعِ. الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهَلَاكِ: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ فَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ: إنَّ الْمَرْهُونَ بَيْعٌ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (760) بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ بَقِيَ فَضْلُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى دَيْنًا (فَبِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ) عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَهُمْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ (الدُّرَرُ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الرَّهْنُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ وَبَعْدَ إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ غَيْرُ مَضْمُونٍ يَعْنِي بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ يَبْقَى الرَّهْنُ مَرْهُونًا وَمَضْمُونًا كَالْأَوَّلِ مَا لَمْ يُسْتَرَدَّ الرَّهْنُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) .

بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا إذَا اسْتَقْرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ كَيْلَاتِ قَمْحٍ وَقَبَضَهَا وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ مُقَابِلَهَا مَالًا وَسَلَّمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْقَمْحَ الَّذِي بِذِمَّتِهِ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَدَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ ذَلِكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَمَّا كَانَ بَدَلُ ذَلِكَ الْمَالِ يُعَادِلُ خَمْسَ كَيْلَاتِ قَمْحٍ يَكُونُ قَدْ هَلَكَ بِخَمْسِ كَيْلَاتِ قَمْحٍ وَعَلَيْهِ يُعِيدُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ الْمِائَةَ قِرْشٍ الَّتِي أَخَذَهَا. ثَانِيًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا بِأَلْفِ قِرْشٍ عِنْدَ دَائِنِهِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ تَبَرُّعًا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَلْزَمُ الدَّائِنَ أَنْ يُعِيدَ إلَى الشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُعِيدَ مَا قَبَضَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ. ثَالِثًا إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الدَّيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمَدِينُ إلَى الدَّائِنِ فِي يَدِ الدَّائِنِ سَقَطَ الدَّيْنُ. وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ إلَى الْمَدِينِ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّائِنِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الدَّائِنِ رَأْسًا. رَابِعًا: إذَا حَوَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ وَالْحَوَالَةُ مُنْفَسِخَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِطَرِيقِ الْأَدَاءِ بَرَاءَةٌ خِلَافَ الْحَوَالَةِ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَرَاءَةً الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ. إنَّمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِمَا زَادَ (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالدُّرُّ وَالْهِدَايَةُ) . خَامِسًا: إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْمُرْتَهِنِ ضَامِنًا لِلْمَرْهُونِ. سَادِسًا: إذَا اشْتَرَى الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ مَالًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ أَوْ صَالَحَ الرَّاهِنُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ وَلَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ وَالصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَالصُّلْحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَلَا يَبْطُلُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سَابِعًا: إذَا أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ أَوْ وَهَبَهُ مَطْلُوبَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْمَنْعِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمْتَنِعَ الْمَرْءُ عَنْ إعَادَةِ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الرَّاهِنِ - لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ. وَيَهْلَكُ مَجَّانًا (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ لَا يَبْقَ رَهِينَةً وَيَكُونُ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ قَبْضَ أَمَانَةٍ لَا قَبْضَ اسْتِيفَاءٍ شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالزَّيْلَعِيّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ بِأَمْرَيْنِ بِالْقَبْضِ وَالدَّيْنِ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْقَ رَهْنًا الزَّيْلَعِيّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَأَمَّا إذَا هَلَكَ بَعْدَ الْمَنْعِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ غَاصِبًا لِلرَّهْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَيْنِيٌّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ - أَيْ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَإِبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ - هُوَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يُسْقِطُ الدَّيْنَ أَصْلًا وَأَمَّا الِاسْتِيفَاءُ لَا يُسْقِطُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَوْجُودٌ وَالِاسْتِيفَاءَ مُتَعَذِّرٌ فَقَطْ أَبُو السُّعُودِ رَاجِعْ

شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) . نُقْصَانُ الْعَيْنِ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ. يَعْنِي نُقْصَانَ الرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنِ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِهِ (الْخَانِيَّةُ) كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِأَنْ كَانَ قَلْبًا فَانْكَسَرَ وَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَذْهَبُ قَدْرُ النُّقْصَانِ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ (الْخَانِيَّةُ) . لِذَلِكَ إذَا رَهَنَ فَرْوًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ أَكَلَتْ الْعُثَّةُ الْفَرْوَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَيْ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ قِرْشًا وَعِنْدَ أَدَاءِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا يَسْتَخْلِصُ الْفَرْوَ (الْبَزَّازِيَّةُ الْوَاقِعَاتُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ حَيَوَانًا وَعَمِيَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زِيَادَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْحَيَوَانِ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ عَيْنَيْنِ لِلْحَيَوَانِ وَعَيْنَيْنِ لِلَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَرَدَّهُ مَعِيبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَقَالَ: كَذَلِكَ قَبَضَتْهُ وَقِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشْرَةٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى لِسَانُ الْحُكَّامِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا فَعَوِرَتْ عَيْنَيْهِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَلْفًا ذَهَبَتْ بِالْعَوَارِ خَمْسُمِائَةٍ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ وَذَهَبَ بِالْعَوَارِ رُبْعُ الدَّيْنِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرْهَنُ بِالْآلَافِ إلَّا مَا يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ وَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . رَهْنُ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا رُهِنَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مُقَابِلَ خِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا تُرْهَنُ الْمِثْلِيَّاتُ مِنْ سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ رُهِنَ الذَّهَبُ مُقَابِلَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ وَهَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ وَتَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا. وَأَمَّا إذَا رُهِنَتْ الْمِثْلِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ مُقَابِلَ جِنْسِهَا وَهَلَكَ الرَّهْنُ فَيَهْلَكُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا وَكِيلًا وَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْجَوْدَةُ وَالْقِيمَةُ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مُقَابِلَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَتَلِفَ الرَّهْنُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى جَوْدَةِ الدَّيْنِ أَوْ الرَّهْنِ وَإِلَى رَدَاءَةِ الْآخَرِ. يَعْنِي لَا يُبْحَثُ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ كَيْلَةً فَيَسْقُطُ الْخَمْسُونَ وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ الْبَاقِيَ مِنْ الرَّاهِنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ كَيْلَةً يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَتَبْقَى الْخَمْسُ كَيْلَاتٍ أَمَانَةً وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْأَمَانَةِ. إثْبَاتُ هَلَاكِ الرَّهْنِ هَلَاكُ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ وَبِيَمِينِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَلَاكِ الرَّهْنِ فِيهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى هَلَاكِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ مَنْقُولًا كَالْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ وَالْحُلِيِّ أَوْ كَانَ عَقَارًا. وَلَا يُقَالُ: حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَرْهُونِ وَلَمْ يَدَّعِ هَلَاكَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ مَالِهِ فَادِّعَاؤُهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ لَا يُسْمَعُ، وَعِنْدَ إثْبَاتِ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِهَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ وَلَا

يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى تَقْدِيرِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) . الِاخْتِلَافُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ زِيَادَةَ الضَّمَانِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (2 76 1) . مَثَلًا لَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: إنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَسَقَطَ الدَّيْنُ كَامِلًا، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّ قِيمَتَهُ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَبَقِيَ لِي بِذِمَّتِك خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَالْبَيِّنَةُ لِلرَّاهِنِ. وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الطَّرَفَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ فَقَطْ. يَعْنِي بَعْدَ أَنْ أَدَّى الدَّيْنَ فَقَطْ. وَأَفَادَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قَوْلٌ صَرَاحَةً بِخُصُوصِ مَا يَجِبُ عَمَلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ مُحَقَّقًا أَنَّ الرَّهْنَ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ مَعَ جَهَالَةِ قِيمَتِهِ. الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ فِيهَا الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ وَالرَّهْنِ: 1 - الْمَبِيعُ فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يُقَابِلُهُ يَسْقُطُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْعَادِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 399، 400، 1 0 4. 2 - كَمَا أَنَّ لَيْسَ لِلْبَائِعِ بِالْوَفَاءِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ أَوْ يَرْهَنَهُ لِآخَرَ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ لِآخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (756) . 3 - إذَا اشْتَرَطَ أَنْ تَعُودَ بَعْضُ مَنَافِعِ الْبَيْعِ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (398) إذَا أُبِيحَتْ مَنَافِعُ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ جَازَ ذَلِكَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 75) . 4 - كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَبِيعِ وَفَاءً فَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا أَحَقُّ فِي الْمَرْهُونِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 3 0 4 و 729. 5 - إذَا اُدُّعِيَ الْمَرْهُونُ مِنْ قِبَلِ آخَرَ فَكَمَا إنَّهُ يُشْتَرَطُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 637 1 حُضُورُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَثْنَاءَ الْمُحَاكِمَةِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اُدُّعِيَ الْمَبِيعُ وَفَاءً مِنْ طَرَفِ آخَرَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى. 6 - إذَا تُوُفِّيَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْمَبِيعِ وَفَاءً فَكَمَا أَنَّ وَرَثَةَ الْمُتَوَفَّى تَقُومُ مَقَامَهُ فَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا مِثْلُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 733 و 737. 7 - كَمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَفَاءً لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمَرْهُونِ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 2 0 1) . 8 - إذَا بِيعَ عَقَارٌ مُجَاوِرٌ لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَفَاءً تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ وَفَاءً وَلَا تَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي وَفَاءً كَمَا أَنَّهُ إذَا بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِالْعَقَارِ الْمَرْهُونِ، فَالشُّفْعَةُ فِي هَذَا الْعَقَارِ الْمَبِيعِ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَتْ لِلْمُرْتَهِنِ. 9 - كَمَا أَنَّ تَعْمِيرَ الْمَرْهُونِ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (724) فَتَعْمِيرُ الْمَبِيعِ وَفَاءً عَائِدٌ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ (الفصولية) . 0 - 1 - كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي إتْمَامِ الرَّهْنِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ. (607) فَالْقَبْضُ شَرْطٌ أَيْضًا فِي إتْمَامِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي رَاجِعْ الْمَادَّةَ (6 70) .

(المادة 742) إتلاف أجنبي للرهن

الْأَحْكَامُ الَّتِي يَخْتَلِفَانِ فِيهَا: 1 - إذَا أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَفَاءً يُعَدُّ الْقَبْضُ لِلْبَائِعِ صَحِيحٌ وَلَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَأَمَّا إذَا أَجَّرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ يَطْلُبُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ عَقْدُ الرَّهْنِ كَالْأَوَّلِ وَلَا تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ. 2 - فِي الْبَيْعِ بِطَرِيقِ الِاسْتِغْلَالِ اسْتِئْجَارُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَالتَّسَلُّمُ صَحِيحٌ، وَالْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ وَأَمَّا فِي الرَّهْنِ فَمُقَاوَلَةُ الِاسْتِغْلَالِ وَإِيجَارُهُ لَا يَجُوزَانِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ) . [ (الْمَادَّةُ 742) إتْلَاف أجنبي لِلرَّهْنِ] (الْمَادَّةُ 742) إذَا أَتْلَفَ آخَرُ الرَّهْنَ يُعْطِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ وَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ. إذَا أَتْلَفَ الرَّهْنَ شَخْصٌ آخَرُ أَيْ غَيْرُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ عَيَّبَهُ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يُعْطَى الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ هَلَاكِهِ وَإِذَا عَيَّبَهُ يُعْطَى نُقْصَانَ قِيمَتِهِ يَوْمَ التَّعْيِيبِ سَوَاءٌ أَتْلَفَهُ بِقَصْدٍ أَمْ بِغَيْرِ قَصْدٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 912) . يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِيًّا يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْهُ. وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ خَصْمًا لِلْمُتْلِفِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ كَمَا أَنَّهُ أَحَقُّ فِي عَيْنِ الرَّهْنِ يَكُونُ أَحَقَّ أَيْضًا فِي اسْتِرْدَادِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (11637) . وَتَكُونُ تِلْكَ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الدَّيْنِ يَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا رِضَا الرَّاهِنِ. وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ يُرَدُّ الْفَضْلُ إلَى الرَّاهِنِ. وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا يَحْبِسُ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ لِوَقْتِ حُلُولِ أَدَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَمَا يَحِلُّ الْأَجَلُ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، يَجْرِي حِسَابُهَا مِنْ مَطْلُوبِهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَإِنْ بَقِيَ فَضْلٌ يَرُدُّهُ إلَى الرَّهْنِ. كَمَا أَنَّهُ يَمْسِكُ بَدَلَ الضَّمَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِثْلَهُ مِنْ الْمُتْلِفِ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمِثْلُ. مَرْهُونًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 89) . فَإِذًا، إذَا كَانَ الْمُتْلِفُ أَجْنَبِيًّا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَإِذَا كَانَ الْمُتْلِفُ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) (التَّنْقِيحُ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) مَثَلًا لَوْ رَهَنَ مَالًا بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِي رَجَبٍ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ إلَى سِتِّ مِائَةِ قِرْشٍ فَاسْتَهْلَكَهُ أَجْنَبِيٌّ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي رَجَبٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ ضَامِنًا السِّتَّمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ هَلَاكِهِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ أَرْبَعُمِائَةِ قِرْشٍ وَيَكُونُ كَأَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الرَّهْنِ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَتَكُونُ السِّتُّمِائَةِ قِرْشٍ مَرْهُونَةً بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ مُقَابِلَ الرَّهْنِ الَّذِي تَنَاقَصَتْ قِيمَتُهُ

بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ فَسُقُوطُ أَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفٌ لَهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الرَّهْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بَاقِيَةٌ كَمَا كَانَتْ، وَفِي هَذِهِ عَيْنُ الرَّهْنِ قَدْ هَلَكَتْ وَإِيضَاحُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا كَانَ الْمَرْهُونُ فِي حَالَةٍ يُمْكِنْ مَعَهَا الرُّجُوعُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ بِتَرَقِّي الْأَسْعَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ هَالِكًا يَكُونُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ قَدْ تَقَرَّرَ وَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالٌ أَنْ يَرْجِعَ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى بِتَرَقِّي السِّعْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الثاني في تصرف الراهن والمرتهن في الرهن

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ] الْقَاعِدَةُ فِي هَذَا هِيَ: إذَا تَصَرَّفَ الْوَاحِدُ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ فِي الْمَرْهُونِ تَصَرُّفًا مَشْرُوعًا لَا يَقْبَلُ الْفَسْخُ، يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ بِسَبَبِ هَذَا التَّصَرُّفِ. وَإِلَّا فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالْمَسَائِلُ الْآتِي ذِكْرُهَا تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ خُلَاصَةُ الْفَصْلِ. التَّصَرُّفَاتُ فِي الرَّهْنِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: التَّصَرُّفُ الْأَوَّلُ الْعَارِيَّةُ. الْإِعَارَةُ تَكُونُ: 1 - لِلرَّاهِنِ. 2 - لِلْمُرْتَهِنِ. 3 - لِلْأَجْنَبِيِّ. وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ تُوجِبُ سُقُوطَ الرَّهْنِ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ الرَّاهِنَ أَمْ الْأَجْنَبِيَّ أَوْ الْمُرْتَهِنَ بِشَرْطِ هَلَاكِهِ حَالَ اسْتِعْمَالِهِ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَفْسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ وَتُزِيلَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 748 و 749) . التَّصَرُّفُ الثَّانِي الْوَدِيعَةُ. يَكُونُ الْمُسْتَوْدِعُ: 1 - الرَّاهِنُ. 2 - الْمُرْتَهِنُ. 3 - الْأَجْنَبِيُّ. 1 - إذَا أَوْدَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ فَمَا زَالَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَيَنْتَقِضُ الْقَبْضُ وَيَبْطُلُ ضَمَانُ الرَّهْنِ أَيْضًا وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الرَّهِينَةِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ الرَّهْنَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (749) . 2 - إيدَاعُ الرَّاهِنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ ذَاتًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَأَمَانَتِهِ. 3 - يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُودِعَ وَيُسَلِّمَ الرَّهْنَ إلَى شَخْصٍ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَلِلرَّاهِنِ ذَلِكَ أَيْضًا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَدْلًا. وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَا يَسْقُط ضَمَانُ الرَّهْنِ أَيْضًا.

التَّصَرُّفُ الثَّالِثُ - الرَّهْنُ. الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي يَكُونُ: 1 - الرَّاهِنُ. 2 - الْمُرْتَهِنُ. 3 - الْأَجْنَبِيُّ. 1 - حَيْثُ إنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَلَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى رَهْنِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّاهِنِ. غَيْرَ أَنَّهُ حِينَمَا يُسَلِّمُهُ وَيُعِيدُهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الرَّهْنِ يَبْطُلُ ضَمَانُ الرَّهْنِ وَيُنْتَقَضُ الْقَبْضُ. وَلَكِنْ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الرَّهِينَةِ السَّابِقَةِ. 2 - وَأَمَّا رَهْنُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ فَمَا دَامَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ بَاقِيًا لَا حُكْمَ لِلرَّهْنِ الثَّانِي. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا فُسِخَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ وَأُقِيلَ وَأُعِيدَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ وَأُكْمِلَ أَمْرُ الْفَسْخِ يُصْبِحُ الرَّهْنُ وَالتَّسْلِيمُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ آخَرَ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَيُعْتَبَرُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ زَمَانُ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ ثَانِيًا. 3 - إذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَى شَخْصٍ ثَالِثٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ يَبْطُلُ عَقْدُ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ مُقَابَلَةَ دَيْنِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ بِسَبَبِ هَذَا الرَّهْنِ وَيَكُونُ الرَّهْنُ الثَّانِي رَهْنَ الْمُسْتَعَارِ. التَّصَرُّفُ الرَّابِعُ - الْإِجَارَةُ، يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ: 1 الرَّاهِنُ. 2 الْمُرْتَهِنُ. 3 الْأَجْنَبِيُّ. 1 - إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الرَّاهِنَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ كَأَنَّهُ أَعَارَ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ. 2 - إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُرْتَهِنَ وَتَجَدَّدَ الْقَبْضُ لِأَجْلِ الْإِيجَارِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ. 3 - إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ أَجْنَبِيًّا وَأَجْرَى أَحَدُهُمَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ بِإِذْنِ الْآخَرِ وَسَلَّمَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَتُبْطِلُ الرَّهْنَ وَالْأُجْرَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ حَقُّ قَبْضِ الْأُجْرَةِ رَاجِعٌ لِلْعَاقِدِ. كَذَلِكَ الْمُؤَجِّرُ يَكُونُ: 1 الرَّاهِنُ. 2 الْمُرْتَهِنُ. 3 الْأَجْنَبِيُّ. 1 - إذَا آجَرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ تَكُونُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً يَعْنِي لَا تَكُونُ لَازِمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّهِينَةِ. وَالْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ. 2 - إذَا آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى آخَرَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ فَالْأُجْرَةُ لِلْمُرْتَهِنِ. بَيْدَ أَنَّهُ لَا تَكُونُ تِلْكَ

(المادة 743) رهن الراهن أو المرتهن لشخص آخر بدون إذن الثاني باطل

الْأُجْرَةُ حَلَالًا لَهُ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا. وَيُعِيدُ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّهِينَةِ. وَإِذَا هَلَكَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بَعْدَ تَعَدٍّ لَزِمَ الضَّمَانُ 3 إذَا آجَرَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ الْمَرْهُونَ فُضُولًا لِآخَرَ أَجَازَهُ الطَّرَفَانِ (الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ) جَازَ وَبَطَلَ الرَّهْنُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ. إذَا أَجَازَهُ الرَّاهِنُ فَقَطْ فَالْأُجْرَةُ أَيْضًا لِلرَّاهِنِ بَيْد أَنَّهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الرَّهِينَةِ وَإِذَا أَجَازَهُ الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ: فَالْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْآجِرِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ حَلَالًا لَهُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الرَّهِينَةِ (الْخَانِيَّةُ) . التَّصَرُّفُ الْخَامِسُ: الْبَيْعُ يَكُونُ الْمُشْتَرِي: 1 - الرَّاهِنُ. 2 - الْمُرْتَهِنُ. 3 - أَجْنَبِيٌّ. الصُّورَةُ الْأُولَى كَوْنُ الْمُشْتَرِي الرَّاهِنَ، حَيْثُ إنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَإِذَا كَانَ لَا حُكْمَ لِبَيْعِ الْمُرْتَهِنِ فَالرَّهْنُ لَهُ، وَإِذَا أَعَادَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْبَيْعِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِانْتِقَاضِ الْقَبْضِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا. رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (746 و 147) وَشَرْحَهُمَا. التَّصَرُّفُ السَّادِسُ الْهِبَةُ وَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْبَيْعِ الَّذِي فُصِّلَ آنِفًا الْأَصْلُ فِي تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ هُوَ هَذَا: إذَا تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ فِي الْمَرْهُونِ قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِوَجْهٍ مُمْكِنِ الْفَسْخِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ فَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ هَذَا لَا يَكُونُ نَافِذًا بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ وَلَكِنْ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ بَعْدَ هَذَا دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ وَتَكُونُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ نَافِذَةً كَمَا سَيَتَّضِحُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) الْهِنْدِيَّةُ. [ (الْمَادَّةُ 743) رَهْنُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ الثَّانِي بَاطِلٌ] حَتَّى إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ عَلَى رَجُلٍ قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ رَهَنَ عِنْدِي هَذَا الْمَالَ وَسَلَّمَنِي إيَّاهُ وَأَنَا أَعَرْتُهُ أَوْ آجَرْتُهُ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَلَّمْتُهُ إيَّاهُ فَلْيُعِدْهُ لِي، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُعَادُ الْمَرْهُونُ إلَى الْمُدَّعِي الْأَنْقِرْوِيُّ تَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى حُكْمَيْنِ وَإِيضَاحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ رَهْنُ الرَّاهِنِ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ بَاطِلٌ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (46) .

(المادة 744) رهن الراهن الرهن عند آخر بإذن المرتهن

مَثَلًا إنَّ الرَّاهِنَ بَعْدَ أَنْ رَهَنَ مَالًا عِنْدَ شَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ إذَا رَهَنَ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ أَيْضًا وَأَخَذَهُ مِنْ يَدِ الشَّخْصِ الْأَوَّلِ بِدُونِ إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ لِلثَّانِي فَيَكُونُ الرَّهْنُ الثَّانِي هَذَا بَاطِلًا وَيَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي. وَإِنْ أَدَّى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْأَوَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْقَلِبُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ إلَى الصِّحَّةِ (التَّنْقِيحُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) بِخِلَافِ بَيْعِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ دُونَ الرَّهْنِ. وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 174 و 274) . قِيلَ (بِدُونِ إذْنِهِ) ؛ لِأَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ لِشَخْصٍ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الْحُكْمُ الثَّانِي - رَهْنُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ بَاطِلٌ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) حَتَّى إذَا رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ وَهَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِعَادَةِ فَالرَّاهِنُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ بِكُلِّ قِيمَتِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (1 90 و 891) وَتَوْفِيقًا لِحُكْمِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يُعْطَى بَدَلُ الضَّمَانِ رَهْنًا لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ، يَعْنِي يَجْرِي الْحُكْمُ فِي هَذَا الْبَدَلِ كَالْحُكْمِ الْأَوَّلِ الْمَدْرَجِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . مَثَلًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَبَدَلَ الضَّمَانِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَإِنْ كَانَ فَضْلٌ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَالْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ الْفَضْلَ أَيْضًا لِلرَّاهِنِ التَّنْقِيحُ وَعَيْنِيٌّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ يَكُونُ مَالِكًا لِذَلِكَ الْمَالِ بِالضَّمَانِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ رَهَنَ مَالَ نَفْسِهِ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَبِسَبَبِ هَلَاكِهِ فِي يَدِ هَذَا الْأَخِيرِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 72) . وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَةَ ذَلِكَ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي، بِصِفَتِهِ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعْطِي بَدَلَ الضَّمَانِ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ الثَّانِي وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَبِمَطْلُوبِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 0 7) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي يَدَّعِي الرَّاهِنُ ذَلِكَ الرَّهْنَ بِحُضُورِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ يُوضَعُ كَمَا كَانَ رَهْنًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ. وَوَرَدَ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَيْضًا بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ لِشَخْصٍ آخَرَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ. كَمَا سَيَبِينُ فِي الْمَادَّةِ (745) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ قَدْ بُسِطَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّتَيْنِ 4 74 و 745 الْآتِي ذِكْرُهُمَا فَائِدَةُ قَيْدِ (بِدُونِ إذْنِهِ) وَالْمُحْتَرِزِ عَنْهُ بِهِ. [ (الْمَادَّةُ 744) رَهْن الرَّاهِن الرَّهْنَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ] (الْمَادَّةُ 744) إذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ وَيَصِيرُ الرَّهْنُ الثَّانِي صَحِيحًا. أَيْ (1) إذَا رَهَنَهُ الرَّاهِنُ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ. (2) إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ وَجَدَّدَ الْقَبْضَ أَوْ. (3) إذَا أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ مُزَارَعَةً يَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَعْنِي أَنَّهُ يَصِيرُ مُنْفَسِخًا وَيَكُونُ الرَّهْنُ الثَّانِي صَحِيحًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (18 7) . فَلْنُوضِحْ الْآنَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْمَذْكُورَةَ:

(المادة 745) رهن المرتهن الرهن بإذن الراهن

الصُّورَةُ الْأُولَى: بَعْدَ أَنْ يَرْهَنَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي، وَيَضْبِطَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا كَالْأَوَّلِ بِدَعْوَاهُ إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ رَهْنٌ عِنْدَهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (51) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلشَّخْصِ الْآخَرِ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا. (وَرَدَ فِي الشَّرْحِ وَسَلَّمَهُ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ بِدُونِ التَّسْلِيمِ لَا حُكْمَ لَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (706) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ وَحَدَّدَ الْقَبْضَ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً وَيَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا. وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَحَدَّدَ الْقَبْضَ فَحِينَمَا يَمُرُّ زَمَنٌ يَكُونُ اُسْتُحِقَّ فِيهِ مِقْدَارٌ مِنْ الْأُجْرَةِ يَصِيرُ الرَّهْنُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ بِإِمْكَانِ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّهِينَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهَا بِدُونِ رِضَا الطَّرَفَيْنِ وَلَكِنَّ إعَارَةَ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ لَا تُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ فُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ (728) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ مُزَارَعَةً فَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاوَلَةُ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُؤْنَةُ الْبَذْرِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ تَكُونُ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ وَيَصِيرُ الرَّهْنُ فِيهَا بَاطِلًا وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ تَكُونَ الْمُؤْنَةُ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 745) رَهْن الْمُرْتَهِن الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ] (الْمَادَّةُ 745) - إذَا رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ يَصِيرُ الْأَوَّلُ بَاطِلًا. أَيْ إذَا رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِشَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ صَحِيحًا وَيَصِيرُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ بَاطِلًا يَعْنِي مُنْفَسِخًا وَيَصِيرُ الرَّاهِنُ الْأَوَّلُ مُعِيرًا وَالرَّاهِنُ الثَّانِي - الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ - مُسْتَعِيرًا وَالشَّخْصُ الْآخَرُ مُرْتَهِنًا وَتُجْرَى الْأَحْكَامُ الْمَارُّ ذِكْرُهَا بِشَأْنِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي الْمَوَادِّ 727، 728، 732، 735، 736، 737 فِي هَذَا أَيْضًا. إنَّمَا التَّسْلِيمُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا لَازِمٌ لِأَنَّهُ بِدُونِهِ لَا حُكْمَ لِلرَّهْنِ. وَبَعْدَ هَذَا لَا يَعُودُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ الْبَاطِلُ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ كَمَا كَانَ رَهْنًا بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 746) بَيْع الْمُرْتَهِن الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ] (الْمَادَّةُ 746) - إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَالرَّاهِنُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَنَفَّذَهُ. لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُجْرِيَ تَصَرُّفًا فِي الْمَرْهُونِ يُوجِبُ إزَالَةَ مِلْكِ الرَّهْنِ مِنْهُ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي. وَلَوْ كَانَ لِأَجْلِ حِفْظِهِ مِنْ الْفَسَادِ وَتَحْصِينِهِ، كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْهَدِيَّةِ مَعَ التَّسْلِيمِ فَإِذَا فَعَلَ يَكُونُ ضَامِنًا (التَّنْقِيحُ) .

(المادة 747) بيع الراهن الرهن بدون رضا المرتهن

فَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ أَمْرِ الْحَاكِمِ أَوْ بِلَا ضَرُورَةٍ يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ فُضُولًا وَيَكُونُ الرَّاهِنُ مُخَيَّرًا فِيهِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ 367 إنْ شَاءَ فَسَخَهُ وَأَعَادَ الْمَرْهُونَ كَالْأَوَّلِ رَهْنًا حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَخْصٌ - الْمَالَ الْمَوْجُودَ فِي عُهْدَتِهِ وَفَاءً إلَى شَخْصٍ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَسَلَّمَهُ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَطْلُبَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَدَّعِيَهُ وَيَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْمُرْتَهِنِ فَلِكَوْنِ الرَّاهِنِ مَالِكًا لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي أَمْسَكَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَبَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ عِنْدَ حُضُورِهِ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الرَّاهِنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِنْ شَاءَ وَكَانَتْ الشُّرُوطُ الْمُحَرَّرَةُ فِي الْمَادَّةِ (378) مَوْجُودَةً أَجَازَ الْبَيْعَ وَنَفَّذَهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . أَمَّا إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ بَعْدَهُ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ ضَمَّنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ شَاءَ لِلْمُشْتَرِي اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 901 و 910. وَإِذَا أَجَازَهُ الرَّاهِنُ وَنَفَّذَهُ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يَصِيرُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الْخُلَاصَةُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِنَاءً عَلَى الْمَسَاغِ وَالْجَوَازِ الْمُسْتَفَادَيْنِ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ 747 و 759 وَإِذَا بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ فُضُولًا وَأَجَازَهُ الرَّاهِنُ يُقَوَّمُ ثَمَنُ الْمَرْقُومِ مَقَامَهُ وَيَصِيرُ مَرْهُونًا وَحَيْثُ إنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ أَيْ ثَمَنَ الْمَرْهُونِ الْمَبِيعِ يَصِيرُ مَرْهُونًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ سَوَاءٌ أَقَبَضَهُ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ، فَإِذَا أُهْلِكَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ حَتَّى بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمُوجِبِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) (الْخَانِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَزَّازِيَّةُ) جَاءَ " بِدُونِ رِضَا الرَّاهِنِ " لِأَنَّهُ إذَا وُكِّلَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ لِبَيْعِ الرَّهْنِ فَبَيْعُهُ لِلرَّهْنِ يَكُونُ صَحِيحًا وَنَافِذًا وَكَأَنَّهُ بَيْعٌ بِإِذْنِهِ ابْتِدَاءً. حَتَّى إذَا قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: أَعْطِ الْمَرْهُونَ لِلدَّلَّالِ كَيْ يَبِيعَهُ وَأَعْطَاهُ الْمُرْتَهِنُ لِلدَّلَالَةِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الدَّلَالَةِ لَا يَجِبُ ضَمَانٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ إذْنٍ ثُمَّ أَجَازَهُ الرَّاهِنُ. وَجَاءَ أَيْضًا " بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ " لِأَنَّهُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّة " 759 " لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَجَاءَ أَيْضًا " بِدُونِ ضَرُورَةٍ " لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ إذَا خِيفَ مِنْ فَسَادِهِ وَلَمْ يَكُنْ إمْكَانٌ لِمُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ. [ (الْمَادَّةُ 747) بَيْع الرَّاهِن الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ] (الْمَادَّةُ 747) إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ بَيْعُهُ نَافِذًا وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ بَيْدَ أَنَّهُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ يَصِيرُ الْبَيْعُ نَافِذًا. وَإِذَا أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ الْبَيْعَ يَصِيرُ نَافِذًا وَيَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ. وَيَصِيرُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ رَهْنًا مَقَامَ الْمَبِيعِ. وَإِذَا لَمْ يُجِزْهُ الْمُرْتَهِنُ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ لِحِينِ فَكِّ الرَّهْنِ وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْحَاكِمَ وَفَسَخَ الْبَيْعَ بِمَعْرِفَتِهِ. إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ يَنْعَقِدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ إنْ

شَاءَ أَجَازَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ حَقَّ إمْسَاكِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ وَحَبْسِهِ فِي يَدِهِ وَحِفْظِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ نَافِذٍ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِإِعْطَائِهِ حَقًّا لِفَسْخِ الْبَيْعِ. مَعْنَى (يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا) : أَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُرْتَهِنُ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْبَيْعِ أَمْ غَيْرَ وَاقِفٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 67 "، وَهَذِهِ الموقوفية بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ إثْبَاتُ هَذِهِ الموقوفية عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَكَوْنُ الْمَبِيعِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَا يَمْنَعُ موقوفية الْبَيْعِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لِوَارِثِهِ أَوْ أَوْصَى لِأَجْنَبِيٍّ زِيَادَةً عَنْ ثُلُثِ مَالِهِ تَبْقَى تَصَرُّفَاتُهُ هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ. الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا قُدْرَةَ لِلرَّاهِنِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ مَانِعَةٌ لِلتَّسْلِيمِ. وَالْبَيْعُ كَمَا أَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَى الْمِلْكِ فَهُوَ مُفْتَقِرٌ أَيْضًا إلَى الْقُدْرَةِ لِلتَّسْلِيمِ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . كَمَا أَنَّ بَيْعَ غَيْرِ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ لَا يَجُوزُ حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (209) . فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَى الْمُرْتَهِنِ وَأَخَذَهُ مِنْ الرَّاهِنِ خِلْسَةً وَبِلَا إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ بِمُوجِبِ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَنَفَّذَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ رَهْنًا وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَحَفِظَهُ كَالْأَوَّلِ رَهْنًا. وَإِذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنُ ضَمَّنَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُشْتَرِي رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 1635 وَ (741) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ بِدُونِ إذْنٍ يَكُونُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ مُنْفَسِخًا. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ وَبِتَعْبِيرٍ أَهَمَّ وَأَشْمَلَ إذَا سَقَطَ حَقُّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ يَصِيرُ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) وَكَمَا تُشِيرُ إلَيْهِ شَرْحًا عِبَارَةُ (إذَا قَضَى الدَّيْنَ) مَذْكُورَةً عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ. وَالْمَقْصِدُ سُقُوطُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ عَنْ الرَّهْنِ وَهَذَا السُّقُوطُ يَكُونُ كَمَا بُسِطَ أَعْلَاهُ أَوَّلًا بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ ثَانِيًا بِإِبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ ثَالِثًا بِهِبَةِ الْمُرْتَهِنِ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (729) . جَاءَ (بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ وَرِضَى الْمُرْتَهِنِ ابْتِدَاءً يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَثَمَنُهُ مَرْهُونًا مَقَامَهُ. تَعْيِينُ الْمُرْتَهِنِ الْمُشْتَرِي مُعْتَبَرٌ حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِقَوْلِهِ بِعْ الْمَرْهُونَ لِفُلَانٍ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا إذَا أَمَرَ الْمُؤَجِّرُ بِبَيْعِ الْمَأْجُورِ لِفُلَانٍ مَثَلًا وَبَاعَهُ الْمُؤَجِّرُ لِغَيْرِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِكَوْنِ بَدَلِ الْمَبِيعِ سَيَصِيرُ مَرْهُونًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَحَيْثُ إنَّهُ تَخْتَلِفُ ذِمَمُ النَّاسِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَكُونُ التَّخْصِيصُ ذَا فَائِدَةٍ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ إنَّ بَدَلَ الْمَبِيعِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمَأْجُورِ

فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّخْصِيصِ. وَإِذَا أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ الْبَيْعَ أَيْ بَيْعَ الرَّاهِنِ الْوَاقِعَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَلَزِمَ الرَّاهِنَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْمُشْتَرِي فَيَخْرُجُ الرَّهْنُ إذْ ذَاكَ مِنْ الرَّهِينَةِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ وَصَارَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا لِأَنَّهُ بِزَوَالِ الْمَانِعِ الَّذِي هُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَعَدَمُ اقْتِدَارِ الرَّاهِنِ لِلتَّسْلِيمِ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ إجَازَةَ الْمُرْتَهِنِ لِبَيْعِ الرَّهْنِ لَيْسَتْ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ. وَكَمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ عِنْدَ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ تَصَرُّفَاتِ الرَّاهِنِ كَإِقْرَارِهِ أَنَّ الْمَرْهُونَ لِلْغَيْرِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لَا تُوجِبُ أَيْضًا سُقُوطَ الدَّيْنِ بَلْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ. (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّاهِنِ يَصِيرُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ رَهْنًا مَقَامَ الْمَبِيعِ. سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ مَقْبُوضًا أَمْ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي. وَإِنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ رَهْنًا فِي كِلَا الصُّورَتَيْنِ إنْ اُشْتُرِطَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَرْهُونًا مَقَامَ الْمَبِيعِ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ بَدَلُ الْمَالِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَلِلْمُبْدَلِ حُكْمُ الْبَدَلِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ وَجَبَ انْتِقَالُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْبَدَلِ. لِأَنَّ الرِّضَا بِالْبَيْعِ لَا يَسْتَلْزِمُ الرِّضَا بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) سُؤَالٌ: ثَمَنُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ دَيْنٌ وَحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ مَعْدُومٌ فَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ. الْجَوَابُ: وَإِنْ كَانَ رَهْنُ الدَّيْنِ غَيْرَ جَائِزٍ ابْتِدَاءً فَالرَّهْنُ فِي هَذَا بَقَاءٌ وَلِذَلِكَ جَازَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَتَفَرَّعُ عَلَى رَهْنِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ مَسْأَلَتَانِ: مَسْأَلَةٌ 1: إذَا لَمْ يُمْكِنْ اسْتِيفَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ. مَسْأَلَةٌ 2: إذَا هَلَكَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ قَبْضِهِ يَكُونُ بِمُوجِبِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ اشْتِرَاطِ رَهْنِيَّةٍ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَعَدَمِهِ - فَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ يَكُونُ رَهْنًا إنْ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ وَقْتَ الْإِجَازَةِ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَذُكِرَ سَبَبُهُ آنِفًا وَصُرِّحَ أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَيَدُلُّ إطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الِاخْتِيَارُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ تُشْتَرَطْ رَهْنِيَّةٌ الثَّمَنِ مَقَامَ الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ رَهْنًا فَإِذَا نَدِمَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا تُجْدِي تِلْكَ النَّدَامَةُ نَفْعًا لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ هَذِهِ سَقَطَ حَقُّهُ فِي عَدَمِ الْإِجَازَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) . لَا يَكُونُ بَدَلُ الْإِيجَارِ مَرْهُونًا بِلَا شَرْطٍ. فَلَوْ آجَرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ هَذَا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيُوَضَّحُ وَلَكِنْ إذَا أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ لَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ مَرْهُونَةً مَا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِيجَارِ هُوَ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَيْسَتْ بَدَلَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْعَيْنِ، وَحَيْثُ إنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْمَنْفَعَةِ. وَإِذَا آجَرَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا

إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ آجَرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُؤَجِّرُ الْمَأْجُورَ وَأَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ لَا يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْبَدَلِ. لِأَنَّ بَدَلَ، الْمَبِيعِ بَدَلُ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ. وَأَمَّا حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَنْفَعَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا لَوْ بَادَلَ الْمُؤَجِّرُ الدُّكَّانَ الْمَأْجُورَةَ بِحَانُوتٍ فِي جِوَارِهَا فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ هَذَا فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ بِأَنَّ حَقَّهُ فِي الدُّكَّانِ انْتَقَلَ إلَى الْحَانُوتِ وَلَا طَلَبُ إكْمَالِ مُدَّتِهِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِيهَا. وَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّ عَدَمَ نَفَاذِ الْبَيْعِ نَاشِئٌ عَنْ حَقِّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ. وَعَدُّ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا لَا يَصْرِفُ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي أَنَّهُ بِهَذَا الْقَدْرِ يَكُونُ حَفِظَ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ انْعِقَادُ الْبَيْعِ وَبَقَاؤُهُ مَوْقُوفًا لَا يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ. لِأَنَّ حَقَّ حَبْسِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ بِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَا نَفَاذٍ إنَّمَا الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِرَهْنِ الْمَالِ أَمْ غَيْرَ عَالَمٍ إنْ شَاءَ تَرَبَّصَ لِحِينِ فَكِّ الرَّهْنِ. سُؤَالٌ - بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (209) مِنْ الْمَجَلَّةِ بَيْعُ مَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ. كَمَا ذُكِرَ فِي أَوَائِلِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَعَلَيْهِ فَمِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا الْبَيْعُ صَحِيحًا. الْجَوَابُ - كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ هُنَا يَعْنِي عَجْزَ الرَّاهِنِ الْبَائِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُشْتَرِي هُوَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ (أَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْحَاكِمَ وَفَسَخَهُ بِمَعْرِفَتِهِ بِعَجْزِ الرَّاهِنِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَهُ. فَإِذَنْ فَسْخُ هَذَا الْبَيْعِ عَائِدٌ لِلْحَاكِمِ وَإِلَّا فَلَا الْمُرْتَهِنُ وَلَا الرَّاهِنُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ مُسْتَقِلًّا لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَقَطْعُ النِّزَاعِ عَائِدٌ لِلْحَاكِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بَيْعُ الرَّهْنِ مُكَرَّرًا - مَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الرَّهْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَمَسْأَلَةُ بَيْعِهِ مُكَرَّرًا تُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: مَثَلًا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِشَخْصٍ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ بَاعَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَكَمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي مَوْقُوفًا عَلَيْهَا أَيْضًا وَأَيَّ الْبَيْعَيْنِ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الصَّحِيحُ وَيَكُونُ الْآخَرُ بَاطِلًا مَثَلًا لَوْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَالثَّانِي مُنْفَسِخًا وَبِالْعَكْسِ إذَا أَجَازَ الثَّانِي كَانَ نَافِذًا وَأَصْبَحَ الْأَوَّلُ مُنْفَسِخًا وَسَبَبُ اخْتِيَارِ الْمُرْتَهِنِ هُوَ: حَيْثُ إنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ سَيَكُونُ رَهْنًا بَدَلًا عَنْ الْمَرْهُونِ فَمَنْ وَجَدَهُ الْمُرْتَهِنُ أَمِينًا مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَيُّ بَيْعٍ ظَهَرَ لَهُ أَنْفَعَ جَعَلَهُ مُخْتَارًا بِتَرْجِيحِهِ وَإِذَا قِيلَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَمِينًا وَالثَّمَنُ زَائِدًا أَوْ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ وَأُحْضِرَ كَيْ يُعْطَى لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنًا فَلَا يَبْقَى السَّبَبُ الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا لِأَجْلِ اخْتِيَارِ الْمُرْتَهِنِ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْحُكْمَ يَعْنِي السَّبَبَ يُسْتَقْصَى عَنْهُ فِي أَجْنَاسِهِ وَلَيْسَ فِي الْمَسَائِلِ الْخُصُوصِيَّةِ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (189) (الشَّارِحُ) . وَأَمَّا إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ قَبِلَ الْإِجَازَةَ وَوَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ آجَرَهُ لِرَجُلٍ ثَانٍ فَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ الرَّهْنَ وَتِلْكَ الْهِبَةَ وَالْإِجَارَةَ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ

وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) لِأَنَّ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ فَائِدَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَبِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمَرْهُونِ. وَأَمَّا إجَازَةُ التَّصَرُّفَاتِ الْأُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَنَظَرًا لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْ اخْتِيَارِ مَا يَضُرُّهُ وَتَرْكِ مَا يُفِيدُهُ وَلَا يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِهَذَا الدَّلِيلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا صَرَّحَ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ أَوْ بَدَلُهُ رَهْنًا وَأَفَادَ أَنَّهُ أَجَازَ الْهِبَةَ وَالرَّهْنَ وَالْإِجَارَةَ، فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَالْهِبَةُ وَغَيْرُهَا صَحِيحَةً. (الشَّارِحُ) . هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَحْدُثُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ مَثَلًا وَأَمَّا إذَا وَهَبَ الْمَالَ الْمَرْهُونَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَجَازَ الْمُرْتَهِنُ فَبِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الرَّهْنُ وَتَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً. كَمَا سَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا. حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ تَفْصِيلَاتٌ بِخُصُوصِ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّانِي مِنْ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (355) فَلْتُرَاجَعْ. اخْتِلَافٌ فِي مَقْدِرَةِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى فَسْخِ الْبَيْعِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي - نَظَرًا لِوُجُودِ نُقْطَتَيْ اخْتِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِلَيْكَ بَيَانُ الِاخْتِلَافَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَالْقَوْلُ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهِ فِي الْمَجَلَّةِ: الِاخْتِلَافُ الْأَوَّلُ - إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ وَفَسَخَ الْمُرْتَهِنُ هَذَا الْبَيْعَ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَفِي رِوَايَةٍ - (وَهِيَ الْأَصَحُّ) - لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ هُوَ فِي حَبْسِ الرَّهْنِ فَإِيقَافُ الْبَيْعِ يَكْفِي لِذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ) . حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ لَزِمَ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مُنْعَقِدٌ صَحِيحًا وَلَازِمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالتَّأْخِيرِ نَظَرًا لِلْمُرْتَهِنِ فَقَطْ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 100) . (أَبُو السُّعُودِ) . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِفَسْخِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الثَّابِتَ لِلْمُرْتَهِنِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ كَالْمَالِكِ (الزَّيْلَعِيّ) . حَتَّى أَنَّهُ نَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ إذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. إذًا مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (رَاجِعْ الْحَاكِمَ) يُفْهَمُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِيَارُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا حَاجَةَ لِمُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ. الِاخْتِلَافُ الثَّانِي - إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ الْمَالَ الْمَرْهُونَ فَإِنْ لَمْ يَحُزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ فَكَمَا صَرَّحَ فِي الْمَجَلَّةِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الْحَقُّ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ وَيَفْسَخَ الْبَيْعَ بِمَعْرِفَتِهِ وَلَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ ذَلِكَ الِاخْتِيَارُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالَمٍ بِرَهْنِيَّتِهِ أَثْنَاءَ الشِّرَاءِ وَأَمَّا إذَا عَلِمَ عِنْدَمَا اشْتَرَاهُ أَنَّهُ مَرْهُونٌ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْمُشَارَ إلَيْهِ اعْتَبَرَ ظُهُورَ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا أَوْ مَأْجُورًا عَيْبًا فَحِينَمَا يَشْتَرِي الْوَاحِدُ مَالًا مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ عَيْبٍ فِي هَذَا أَيْضًا (أَبُو السُّعُودِ) . وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ سَوَاءٌ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِرَهْنِيَّتِهِ أَوْ غَيْرَ عَالَمٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَجَعَلَ الْإِمَامَانِ الْمُشَارُ إلَيْهِ مَا كَوْنَ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا أَوْ مَأْجُورًا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ ضُبِطَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ

(المادة 748) لكل من الراهن والمرتهن أن يعيد الرهن بإذن رفيقه إلى شخص آخر

مَالُ غَيْرِ الْبَائِعِ فَكَمَا أَنَّ حَقَّ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بَاقٍ فَفِي هَذَا أَيْضًا حَقُّ فَسْخِهِ بَاقٍ (أَبُو السُّعُودِ) وَلِذِكْرِ الْمَجَلَّةِ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً بِقَوْلِهَا (الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ) يَعْنِي لِعَدَمِ تَقْيِيدِهَا بِقَيْدِ (إذَا اشْتَرَاهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ مَرْهُونٌ مَثَلًا) يُفْهَمُ أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَيْضًا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِمَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) إيجَارُ الْمَرْهُونِ وَهِبَتُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَوَقْفُهُ وَالْإِقْرَارُ بِهِ لِآخَرَ - قَوْلٌ (إذَا بَاعَ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَالْحُكْمُ فِي الْإِيجَارِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِقْرَارِ لِآخَرَ وَفِي الْوَقْفِ أَيْضًا عَلَى الْمِنْوَالِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فَلَوْ آجَرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِدُونِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ لِآخَرَ وَوَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ أَقَرَّ بِالرَّهْنِ الْمَذْكُورِ لِآخَرَ فَجَمِيعُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا تُورِثُ خَلَلًا فِي حَقِّ حَبْسِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . بَيْدَ أَنَّهُ إذَا فَكَّ الرَّهْنَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَتَصَرُّفَاتُ الرَّاهِنِ الْمَذْكُورَةِ تَكُونُ نَافِذَةً إذَا أَجَازَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَيْ الْإِيجَارِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ لُحُوقِ إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ يَخْرُجُ الْمَرْهُونُ مِنْ الرَّهِينَةِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ (الْوَاقِعَاتُ) وَمَثَلًا فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ لَا يَكُونُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ مَرْهُونًا مَحِلَّ الْمَأْجُورِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا لِأَنَّ بَدَلَ الْإِجَارَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ فِي مَالِيَّةِ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَ فِي مَنْفَعَتِهِ فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إجَازَةُ الْمُرْتَهِنِ الْإِجَازَةَ تَكُونُ إسْقَاطًا لَحَقِّهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقْفُ الْمَرْهُونِ: إذَا وَقَفَ الرَّهْنَ مَالًا بَعْدَ أَنْ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ لَا يُنْتَقَضُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِسَبَبِ هَذَا الْوَقْفِ وَفِي التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ حَيًّا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيَكُونُ الْوَقْفُ صَحِيحًا وَيَجْبُرُ الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ عَلَى وَفَاءِ الدِّينِ مِنْ أَمْوَالِهِ الْأُخَرَ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ يَكُونُ مُتَوَفَّى وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ إنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ أَمْوَالٌ أُخْرَى كَافِيَةٌ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ تِلْكَ الْأَمْوَالِ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ أَمْوَالٌ أُخْرَى فَيُبَاعُ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ وَيُوَفَّى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ الْإِقْرَارُ - إذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ لَا يُصَدَّقُ بِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَرْهُونُ الْمَذْكُورُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْإِقْرَارِ دُونَ أَنْ تُقَامَ الْبَيِّنَةُ مِنْ قِبَلِ الْمُقِرِّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (78) بَلْ يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ نَفْسُهُ فَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْمَرْهُونِ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَائِهِ حَالًا عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ يَجِبُ الِانْتِظَارُ إلَى أَنْ يَحِلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ: فَتِلْكَ مَسْأَلَةٌ جَدِيرَةٌ بِالتَّدْقِيقِ [ (الْمَادَّةُ 748) لِكُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ بِإِذْنِ رَفِيقِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 748) : لِكُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ بِإِذْنِ رَفِيقِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الرَّهْنِيَّةِ بَعْدَهُ تَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى حُكْمَيْنِ:

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - لِلرَّاهِنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيرَ الرَّهْنَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ لِأَنَّ عَدَمَ نَفَاذِ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي الْمَرْهُونِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ بِسَبَبِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَمَا يَرْضَى الْمُرْتَهِنُ يَصِيرُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) . الْحُكْمُ الثَّانِي - لِلْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَنْ يُعِيرَ الرَّهْنَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ فِي هَذِهِ الْإِعَارَةِ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 1459 و 1460) . حُكْمُ إعَارَةِ الرَّهْنِ وَالْحِيلَةِ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ، مَتَى وَقَعَ قَبْضُ الْمُسْتَعِيرِ لِلْإِعَارَةِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ - لَيْسَ مِنْ الرَّهِينَةِ - لِأَنَّ الضَّمَانَ بِاعْتِبَارِ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَالْقَبْضُ قَدْ انْتَقَضَ (أَبُو السُّعُودِ) فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِمُوجِبِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَصِحُّ اعْتِبَارُ إعَارَةِ الرَّهْنِ حِيلَةً لِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ. قَيْدٌ (آخَرُ) لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ إعَارَةِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ عَلَى حِدَةٍ. وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنِيَّةَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ هَذِهِ الْإِعَارَةِ فَلِكُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا بِالِاتِّفَاقِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الرَّهْنِيَّةِ مِنْ دُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ أَيْضًا: وَبَيْنَمَا كَانَ رَهْنُ الرَّهْنِ لِلْآخَرِ يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَإِعَارَتُهُ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا وَلَا تُبْطِلُ الرَّهْنَ. مَسْأَلَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى بَقَاءِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْإِعَارَةِ حَيْثُ إنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يَبْقَى بَعْدَ الْإِعَارَةِ فَإِذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ وَالْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (729) وَلَمْ تُذْكَرْ هَذِهِ الْأَحَقِّيَّةُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (749) . لَفْظُ الْإِعَارَةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْإِيدَاعِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُودِعَ الرَّهْنَ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ. وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ أَيْضًا بِهَذَا الْإِيدَاعِ. حَتَّى إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَعْنِي أَنَّهُ بِإِيدَاعِ الرَّهْنِ عِنْدَ آخَرَ لَا يَكُونُ خَرَجَ مِنْ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَيُحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ وَيُسْتَفَادُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْمَادَّةِ (753) كَمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: (أَعْطِ الرَّهْنَ الدَّلَّالَ لِبَيْعِهِ وَخُذْ حَقَّك) وَفَعَلَ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الدَّلَّالِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ وَأَمَّا لَفْظُ الْإِعَارَةِ فَهُوَ احْتِرَازٌ مِنْ إيجَارِ الْمَرْهُونِ وَهِبَتِهِ لِآخَرَ. لِأَنَّهُ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ بِإِذْنِ الثَّانِي مِنْ آخَرَ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا آجَرَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِآخَرَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَتُوُفِّيَ الرَّاهِنُ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ غُرَمَاءِ الْمُتَوَفَّى وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ لَا يَسْقُطُ مَطْلُوبُ الْمُرْتَهِنِ (بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمَرْهُونَ كَالْوَدِيعَةِ لَا يُعَارُ بِلَا إذْنِ الثَّانِي فَلَا يُؤَجَّرُ وَلَا يُودَعُ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ (790، 791، 792)

(المادة 749) للمرتهن أن يعير الرهن للراهن

حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ لِآخَرَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ بِضَمَانِ الْغَصْبِ. وَأَمَّا بِالْعَكْسِ فَإِذَا أَعَارَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ خِلْسَةً يَسْقُطُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُرْتَهِنِ بِاعْتِبَارِ قَبْضِهِ وَهَذَا الْقَبْضُ قَدْ انْتَقَضَ بِإِعَارَةِ الرَّاهِنِ وَتَسْلِيمِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 749) لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيرَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ] (الْمَادَّةُ 749) لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيرَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ. د - لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيرَ وَيُودِعَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ. وَلَكِنْ إذَا آجَرَهُ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً. وَلَا يُنْتَقَضُ الرَّهْنُ بِهَذِهِ الْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعُ وَالْإِجَارَةُ: مَثَلًا لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعْطِيَ إذْنًا لِلرَّاهِنِ بِزِرَاعَةِ الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ وَلِلرَّاهِنِ زَرْعُهَا. كَذَلِكَ يُعْطِي الْمُرْتَهِنُ إذْنًا لِلرَّاهِنِ كَيْ يَسْكُنَ فِي الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ وَلَكِنْ إذَا قَبَضَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ يَسْقُطُ ضَمَانُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُرْتَهِنِ قَائِمٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ قَابِضٌ لِلْمَرْهُونِ وَالْقَبْضُ حَيْثُ إنَّهُ انْتَقَضَ بِرَدِّ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ فَيَصِيرُ الضَّمَانُ أَيْضًا مُرْتَفِعًا (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . حِيلَةٌ فِي عَدَمِ إسْقَاطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ لِأَجْلِ عَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الْمَرْهُونِ وَفْقًا لِلَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) يَجِبُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إعَارَةُ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْإِعَارَةَ لَا تُخِلُّ فِي الرَّهْنِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ. وَمَتَى عَادَ قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَعُودُ الضَّمَانُ أَيْضًا. اسْتِعَارَةِ الْوَصِيِّ وَغَصْبُهُ الْمَرْهُونَ: إذَا رَهَنَ الصَّبِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِأَجْلِ دَيْنِ الْيَتِيمِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ اسْتَعَارَهُ لِأَجْلِ أُمُورِ الْوَصِيِّ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَهْلِكُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ. وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ عَلَى حِدَةٍ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ. وَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ اسْتَعَارَهُ لِأَجْلِ أُمُورِ نَفْسِهِ يَضْمَنُ الْوَصِيَّ ذَلِكَ الْمَالَ لِلصَّبِيِّ. وَإِذَا اغْتَصَبَ الْوَصِيُّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَاسْتَعْمَلَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ اسْتَعْمَلَهُ فِي أُمُورِ الصَّبِيِّ فَبَعْدَ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِبَدَلِ الضَّمَانِ. وَإِنْ كَانَ اسْتَعْمَلَهُ الْوَصِيُّ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ قِيمَةَ الرَّهْنِ مِنْ مَالِهِ. وَكَمَا فُصِّلَ فِي لَاحِقَةِ شَرْجِ الْمَادَّةِ (741) يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيهَا. وَإِنْ بَقِيَ فَضْلٌ يَكُونُ لِلْيَتِيمِ. وَإِنْ نَقَصَتْ يُكَمَّلُ النَّقْصُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَفِي تَعْبِيرِ (إعَارَةٌ) الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسَامَحَةٌ. لِأَنَّهُ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (765 و 766) أَنَّ

الْإِعَارَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَالْحَالُ أَنَّهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهَا لِلرَّاهِنِ. فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَكُونُ انْتِفَاعُ الرَّاهِنِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ لَا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ. وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّاهِنُ مَمْنُوعًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَرْهُونِ بِسَبَبِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ يَزُولُ مَانِعُ الِانْتِفَاعِ. وَلَكِنْ نَظَرًا لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَائِزٌ عَلَى حَقِّ اسْتِرْدَادِ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ مَتَى شَاءَ مَعَ عَدَمِ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْإِعَارَةِ أَطْلَقَ إعَارَةً مِنْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ بِتَقْدِيرِ إعَارَةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ حَيْثُ إنَّ الرَّهْنِيَّةَ بَاقِيَةٌ، فَعِنْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ سَائِرِ دَائِنِي الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ بَاقِيًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةِ. لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ لَازِمٍ. وَالْمُرْتَهِنُ كَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِرْدَادِ الْمَرْهُونِ فِي حَالِ حَيَاةِ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَيْضًا. (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْخَانِيَّةُ) . سُؤَالٌ: إذَا أُعِيرَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ كَمَا أَوْضَحَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ السَّابِعَةِ يَسْقُطُ ضَمَانُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَمَّا لَمْ يَبْقَ ضَمَانٌ لَزِمَ أَنْ لَا تَبْقَى الرَّهْنِيَّةُ أَيْضًا. الْجَوَابُ: عَدَمُ ضَمَانِ الْمَرْهُونِ عَلَى الرَّاهِنِ لَا يُنَافِي الرَّهْنِيَّةَ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ الرَّهْنِ غَيْرِ الْمُنْفَكَّةِ إذْ يُمْكِنُ انْفِكَاكُ الضَّمَانِ عَنْ الرَّهْنِ أَلَا يُرَى أَنَّ وَلَدَ الْحَيَوَانِ الْمَرْهُونِ مَرْهُونٌ أَيْضًا مَعَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عِنْدَ هَلَاكِهِ يَعْنِي يَهْلِكُ مَجَّانًا (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) . وَاحْتُرِزَ بِلَفْظِ (الْإِعَارَةُ لِلرَّاهِنِ) مِنْ الْإِجَارَةِ إذْ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ إيجَارُ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَدَلَ إيجَارٍ مِنْ الرَّاهِنِ تُحْسَبُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ مِنْ مَطْلُوبِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (533) (الْبَهْجَةُ) . فَقَطْ إذَا آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ إعَارَةِ أَوْ إيدَاعِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ مَتَى شَاءَ. وَمَا زَالَ فِي قَبْضِ الرَّاهِنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُودِعَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ، حَيْثُ إنَّ هَذَا الْإِيدَاعَ لَا يُبْطِلُ عَقْدَ الرَّهْنِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ مَتَى شَاءَ (الْخَانِيَّةُ) . احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ (يُعِيرُ الرَّاهِنَ) مِنْ الْإِيدَاعِ لِشَخْصٍ آخَرَ. لِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ إيدَاعُ الرَّهْنِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ فَلَا يَجْرِي فِي هَذَا الْحُكْمِ الْجَارِي فِي الْإِعَارَةِ لِلرَّاهِنِ بَلْ يَكُونُ بَقَاءُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي حُكْمِ بَقَائِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَكَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (753) فَائِدَةٌ: الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ هِيَ الْقِيمَةُ وَقْتَ قَبْضِ الرَّهْنِ. وَلَيْسَتْ الْقِيمَةَ وَقْتَ اسْتِرْدَادِ

الرَّهْنِ بَعْدَ إعَارَتِهِ لِلرَّاهِنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْعَكْسِ فِي الْغَصْبِ. يَعْنِي إذَا اغْتَصَبَ الْغَاصِبُ مَالًا وَأَمْسَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً فِي يَدِهِ ثُمَّ رَدَّهُ سَالِمًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَاغْتَصَبَ أَخِيرًا وَثَانِيَةً مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ الْمَرْقُومَ فَالْقِيمَةُ وَقْتَ هَذَا الْغَصْبِ الثَّانِي هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ مَالَهُ الْبَالِغَ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ لِآخَرَ فِي مُحَرَّمٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِلرَّاهِنِ فِي صَفَرٍ اسْتَرَدَّهُ، قَبَضَهُ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَنَزَّلَتْ إلَى خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ دَيْنٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ بِمُوجِبِ التَّفْصِيلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَلَا يَسْقُطُ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

الفصل الثالث في بيان أحكام الرهن في يد العدل

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْعَدْلِ] [ (الْمَادَّةُ 752) يَدُ الْعَدْلِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ] (الْمَادَّةُ 752) يَدُ الْعَدْلِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي إذَا اتَّفَقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى أَنْ يُودِعَا الرَّهْنَ عِنْدَ الشَّخْصِ الَّذِي ائْتَمَنَاهُ وَرَضِيَ هُوَ وَقَبَضَهُ يَصِيرُ الرَّهْنُ تَامًّا وَلَازِمًا وَيَقُومُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَقَامَ الْمُرْتَهِنِ. . فِي يَدِ الْعَدْلِ اعْتِبَارَانِ: فَهِيَ بِاعْتِبَارٍ تَقُومُ مَقَامَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ مَقَامَ يَدِ الرَّاهِنِ: الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ: يَدُ الْعَدْلِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَمَا يَقُومُ قَبْضُ الْعَدْلِ مَقَامَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ إذَا اتَّفَقَا لَدَى عَقْدِ الرَّهْنِ عَلَى إيدَاعِ الرَّهْنِ لِشَخْصٍ عَاقِلٍ ائْتَمَنَاهُ وَرَضِيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَقَبَضَ الرَّهْنَ يَكُونُ الرَّهْنُ تَامًّا وَلَازِمًا وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْعَدْلِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . الِاعْتِبَارُ الثَّانِي: يَدُ الْعَدْلِ كَيَدِ الرَّاهِنِ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ حِفْظَ الْعَدْلِ يَقُومُ مَقَامَ حِفْظِ الرَّاهِنِ أَيْ أَنَّ يَدَ الْعَدْلِ فِي الْحِفْظِ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِ الرَّاهِنِ. وَيَقُومُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَقَامَ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ مَالِيَّةِ الْمَرْهُونِ وَمَقَامَ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ حِفْظِ الرَّهْنِ. وَتَكُونُ عُدَّتْ الْيَدُ الْوَاحِدَةُ فِي حُكْمِ الْيَدَيْنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . لِلْعَدْلِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَرْهُونَ لِأَجْلِ حِفْظِهِ إلَى أَمِينِهِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَأَجِيرِهِ الْمَوْجُودِينَ فِي عِيَالِهِ (الْخَانِيَّةُ) . مَعْنَى قِيَامِ الْعَدْلِ مَقَامَ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَالِيَّةِ: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَوْ يَدِ أَمِينِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَخَادِمِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ أَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمُنْدَرِجَةُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . ثَمَرَةُ قِيَامِ الْعَدْلِ مَقَامَ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ الْحِفْظِ: حَيْثُ إنَّ يَدَ الْعَدْلِ كَيَدِ الرَّاهِنِ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَرْهُونِ بَعْدَ هَلَاكِهِ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَالْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ - لِلرَّاهِنِ لِكَوْنِهِ غَاصِبًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْعَدْلِ بِصِفَتِهِ غَاصِبَ - الْغَاصِبِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (910) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهَا - لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ ضَمَانُ الْغَصْبِ. وَضَمَانُ الْغَصْبِ يَتَحَقَّقُ وَالتَّحْوِيلُ. وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (881) . وَالنَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ الْمَذْكُورَانِ صَدَرَا مِنْ الْعَدْلِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْعَدْلَ يَرْجِعُ هَذَا عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (أَبُو السُّعُودِ) .

(المادة 753) اشترط حين العقد قبض المرتهن الرهن ثم وضعاه في يد عدل

كَمَا أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ ضُبِطَ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَضَمِنَهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ هَذَا عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ عَلَى مَا أَوْضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) . وَلَا يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ عَدْلٍ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَاحِدًا لِأَنَّ الْعَدْلَ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ وَاحِدًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا، وَيَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (873) فِي هَذَا التَّقْدِيرِ. إذْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْعَدْلُ وَكَانَ الْمَرْهُونُ غَيْرَ قَابِلِ الْقِسْمَةِ يَحْفَظُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِإِذْنِ الْآخَرِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ ضَاعَ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا ضَمَانُ الْغَصْبِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) . وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ يَقْسِمُهُ الْعُدُولُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوَاءِ وَيَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ وَإِذَا أَعْطَى أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِآخَرَ بِلَا إذْنٍ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ. وَأَمَّا الْمُعْطِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّتَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 783) . (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وُكِّلَ مِنْ طَرَفِ الرَّاهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ. سَوَاءٌ أَكَانَ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَالْإِصْلَاحِيَّة لِلْعَدْلِ الْمَرْقُومِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِذَلِكَ وَفْقًا لِمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (760) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ) . وَلَا يَحِقُّ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا لِلْعَدْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الرَّهْنِ سِوَى الْإِمْسَاكِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَلَّطًا عَلَى الْبَيْعِ فَلَا يَبِيعُ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يَسْتَخْدِمُ (الْخَانِيَّةُ) . (وَقَبَضَهُ) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّاهِنِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْعَدْلُ، لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (706) أَنَّ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبْضِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ وَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْعَدْلُ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَتَبْقَى الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ (الْخَانِيَّةُ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالِ مَتَى بَاعَ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ أَعْطَى ثَمَنَهُ وَسَلَّمَهُ إلَى الرَّاهِنِ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِفَةِ الْعَدْلِ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ وَفَاتِهِمَا بَلْ يُمْسِكُ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَيَحْبِسُهُ كَالْأَوَّلِ. لَاحِقَةٌ: إيدَاعُ الْمَبِيعِ لِيَدِ الْعَدْلِ. إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَالًا وَاتَّفَقَ عَلَى أَنْ يَبْقَى الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْعَدْلِ لِبَيْنَمَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ وَوُضِعَ فِي يَدِهِ جَازَ ذَلِكَ وَقَامَتْ يَدُهُ مَقَامَ يَدِ الْبَائِعِ. حَتَّى إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْعَدْلِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ. (الْخَانِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 753) اُشْتُرِطَ حِينَ الْعَقْدِ قبض الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ثُمَّ وَضَعَاهُ فِي يَدِ عَدْل] (الْمَادَّةُ 753) إذَا اُشْتُرِطَ حِينَ الْعَقْدِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ثُمَّ وَضَعَهُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالِاتِّفَاقِ فِي يَدِ الْعَدْلِ جَازَ ذَلِكَ. يَجُوزُ إيدَاعُ الرَّهْنِ إلَى الْعَدْلِ بِرِضَى الطَّرَفَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْضِ الْمَرْهُونِ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ، يَعْنِي أَنَّهُ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ أَيْ الْمَرْهُونَ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا عُقِدَ الرَّهْنُ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَتَمَّ يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً وَوَضَعَاهُ بِالِاتِّفَاقِ فِي يَدِ عَدْلٍ جَازَ ذَلِكَ.

(المادة 754) إعطاء العدل الرهن إلى الراهن أو المرتهن بلا إذن الآخر

وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ يَكُونُ كَأَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 ". لِأَنَّهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ الْعَدْلُ مَقَامَ الْمُرْتَهِنِ ابْتِدَاءً يَجُوزُ بَقَاؤُهُ أَيْضًا بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. شُرِطَ اتِّفَاقُ الطَّرَفَيْنِ فِي هَذَا الْوَضْعِ. لِأَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الرَّهْنِ مِلْكَ الرَّاهِنِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَضَعَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفًا مُنِعَ عَنْهُ وَفْقًا لِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ (96) وَحَيْثُ إنَّ الْأَيْدِي تَخْتَلِفُ فِي الْحِفْظِ وَالْأَمَانَةِ فَلَا يُعَدُّ الرَّاهِنُ بِرِضَاهُ بِحِفْظِ الْمُرْتَهِنِ رَاضِيًا بِحِفْظِ الْعَدْلِ. وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَتْ مُوَافَقَةُ الرَّاهِنِ فِي هَذَا الْوَضْعِ. وَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ " 729 " حَيْثُ إنَّ حَقَّ حِفْظِ وَحَبْسِ وَإِمْسَاكِ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ ثَابِتٌ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُخِلَّ بِهَذَا الْحَقِّ رَاجِعْ الْمَادَّةَ " 46 ". فَبِنَاءً عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الْمُرْتَهِنِ لِهَذَا الْوَضْعِ اُشْتُرِطَتْ أَيْضًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ: إنَّ وُقُوعَ مُقَاوَلَةِ إيدَاعِ الرَّهْنِ لِلْعَدْلِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ كَانَ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ كَانَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَبَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ فَتَفْتَرِقُ الْمَادَّتَانِ عَنْ بَعْضِهِمَا فِي هَذِهِ الْجِهَةِ وَلَا يُسْتَغْنَى بِإِحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى " الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 754) إعْطَاء الْعَدْلِ الرَّهْن إلَى الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ] (الْمَادَّةُ 754) : لَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يُعْطِيَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ حَالَةَ كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا وَإِنْ فَعَلَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ يَضْمَنُ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ. . يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَدْلِ وَالدَّيْنُ بَاقٍ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَنْ يُعْطِيَ الرَّهْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ إلَى الرَّاهِنِ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ كِلَيْهِمَا تَعَلَّقَ بِالرَّهْنِ وَلَفْظُ عَدْلٍ هُنَا مَذْكُورٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْعَدْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (752) وَالْعَدْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (753) وَلِذَلِكَ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي كِلَا الْعَدْلَيْنِ. وَكَمَا أَنَّ حَقَّ الرَّاهِنِ تَعَلَّقَ بِسَبَبِ يَدِ الْعَدْلِ وَأَمَانَتِهِ بِحِفْظِ الْمَرْهُونِ فَتَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَلِهَذَا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّ الْآخَرِ (الدُّرَرُ) . تَعْبِيرُ (لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْآخَرِ) لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ إعْطَائِهِ أَمِينَهُ. لِأَنَّهُ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَمِينَهُ (الْخَانِيَّةُ) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَرْهُونَ وَدِيعَةً لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ بِأَمِينِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ فَعَلَ يَكُونُ ضَامِنًا بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ الرَّاهِنُ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ مَثَلًا أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيُعِيدَهُ كَالْأَوَّلِ إلَى يَدِهِ. لِأَنَّهُ مِنْ اللَّازِمِ إعَادَةُ مَا أَخَذَ بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يُعَادَ إلَى الْعَدْلِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. لِأَنَّ الْعَدْلَ كَمَا أَنَّهُ مُسْتَوْدَعُ الرَّاهِنِ فِي حَقِّ عَيْنِ الْمَرْهُونِ فَهُوَ مُسْتَوْدَعُ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ مَالِيَّةِ الْمَرْهُونِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (790) أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ (الْهِدَايَةُ) . ثُمَّ أَنَّهُ أَعْطَى الْعَدْلَ الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنُ يَكُونُ قَدْ أَعْطَى مِلْكَ الْغَيْرِ آخَرَ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (96) غَيْرُ جَائِزٍ إذَا أَعْطَاهُ الرَّاهِنُ أَيْضًا يَكُونُ أَبْطَلَ يَدَ الْمُرْتَهِنِ وَهَذَا تَعَدٍّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (30) . . مَاذَا يَكُونُ بَدَلُ الضَّمَانِ؟ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَقْبِضُ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْعَدْلِ وَيُعْطِيَانِهَا بِالتَّرَاضِي الْعَدْلَ الْمَرْقُومَ أَوْ عَدْلًا آخَرَ. وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا يُرَاجِعَانِ الْحَاكِمَ وَالْحَاكِمُ يَضَعُهَا فِي يَدِ عَدْلٍ. وَالْأَمْثَلُ أَنْ تُقْبَضَ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ وَلَا تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِيمَةُ مَوْضُوعَةً رَهْنًا عِنْدَ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَدْلِ فَإِذَا قَصَدَ إقَامَتَهَا رَهْنًا فِي يَدِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَ أَنْ يَكُونُ الْعَدْلُ مُوفِيًا وَمُسْتَوْفِيًا لِلدَّيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَبِالنَّظَرِ لِوُجُودِ الْمُنَافَاةِ التَّامَّةِ بَيْنَ الْإِيفَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَلَا يُمْكِنُ لِهَاتَيْنِ الصَّفْقَتَيْنِ أَنْ تَجْتَمِعَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَكِنْ تَجْرِي فِي هَذَا التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ. حُكْمُ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ الرَّاهِنَ: إذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ الرَّاهِنَ وَلِهَلَاكِهِ فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ وَتُودَعُ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِرَأْيِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ بِرَأْيِ الْحَاكِمِ عِنْدَهُ ثَانِيَةً أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ آخَرَ فَإِذَا أَوْفَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ تَبْقَى الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مَالًا لِلْعَدْلِ وَيَأْخُذُهَا مِمَّنْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ أَخَذَ مَالَهُ بِالتَّسْلِيمِ الْأَوَّلِ فَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا يَكُونُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ. فَلَوْ صَارَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَوَجَبَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ. حُكْمُ الضَّمَانِ لَوْ أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ: إذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنٍ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ يَأْخُذُ الرَّاهِنُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْعَدْلِ الْمَرْقُومِ أَوْ مِمَّنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَرْهُونِ لَمْ تَصِلْ إلَى يَدِ الرَّاهِنِ وَصَارَ الْعَدْلُ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ بِالضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُنْظَرُ: إذَا كَانَ الْعَدْلُ أَعْطَى الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا وَقَالَ لَهُ مَثَلًا (هَذَا رَهْنُكَ خُذْهُ مُقَابِلَ مَطْلُوبِكَ) يَرْجِعُ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ أَيْضًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِقِيمَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، سَوَاءً أَكَانَ هَلَاكُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِاسْتِهْلَاكِهِ أَمْ بِدُونِهِ لِأَنَّ هَذَا الْإِعْطَاءَ عَلَى وَجْهِ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ عَلَى وَجْهِ الرَّهْنِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ يَأْخُذُ الْعَدْلُ قِيمَتَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 787 و 814) . (الْهِنْدِيَّةُ والشرنبلالي) . وَأَمَّا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي صُورَةِ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّ الْعَدْلَ حَيْثُ إنَّهُ مَالِكُ الْمَرْهُونِ بِالضَّمَانِ اسْتِنَادًا لِوَقْتِ التَّسْلِيمِ فَيُفْهَمُ أَنَّهُ

(المادة 755) إذا توفي العدل يودع الرهن عند عدل غيره

أَعَارَ أَوْ أَوْدَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ تَعَدِّي وَتَقْصِيرِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَوْدَعِ فَعَدَمُ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمَا أَمْرٌ وَاضِحٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الزَّيْلَعِيّ) . (بِدُونِ رِضَاهُ) لِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ. اسْتِثْنَاءٌ - إذَا اُشْتُرِطَ حِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْعَدْلِ وَإِيدَاعَهُ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنْ يُعْطِيَهُ غَيْرَهُ وَإِذَا أُودِعَ الْمَرْهُونُ لِلْعَدْلِ بِدُونِ سَبْقِ ذَلِكَ الشَّرْطِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ بِرِضَاءِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ وَحْدَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْعَدْلِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَأَمَّا الرَّاهِنُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. [ (الْمَادَّةُ 755) إذَا تُوُفِّيَ الْعَدْلُ يُودَعُ الرَّهْنُ عِنْدَ عَدْلٍ غَيْرِهِ] (الْمَادَّةُ 755) إذَا تُوُفِّيَ الْعَدْلُ يُودَعُ الرَّهْنُ عِنْدَ عَدْلٍ غَيْرِهِ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا يَضَعُهُ الْحَاكِمُ فِي يَدِ عَدْلٍ. لَا يَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْعَدْلِ عِنْدَ وَفَاتِهِ بَلْ يُودَعُ الرَّهْنُ بِتَرَاضِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عِنْدَ عَدْلٍ غَيْرِهِ وَكَمَا أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ إيدَاعُ الرَّهْنِ الْمُرْتَهِنَ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ يَجُوزُ إيدَاعُهُ الرَّاهِنَ أَيْضًا بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (749) لِأَنَّ الْحَقَّ لِلطَّرَفَيْنِ فَلَهُمَا أَنْ يُوَسِّعَاهُ كَيْفَمَا أَرَادَا. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَجَلَّةِ " إلَى عَدْلٍ آخَرَ " لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ غَيْرِ الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا يُرَاجِعَا الْحَاكِمَ وَهَذَا عِنْدَ وُقُوعِ الْمُرَاجَعَةِ عَلَى الْأُصُولِ يَضَعُ الرَّهْنَ فِي يَدِ عَدْلٍ " الْخَانِيَّةُ " وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْحَاكِمِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُعَادِلٌ لِلْعَدْلِ الْمُتَوَفَّى فِي الْعَدَالَةِ أَنْ يَضَعَ الرَّهْنَ عِنْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ " الْهِنْدِيَّةُ ". وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ مَسَاغٌ أَنْ يَضَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّاهِنِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. لَا يُعَدُّ الْعَدْلُ اللَّاحِقُ حَائِزًا عَلَى وَكَالَةِ الْمُتَوَفَّى بِبَيْعِ الرَّهْنِ بِمُجَرَّدِ قِيَامِهِ مَقَامَ الْعَدْلِ الْمُتَوَفَّى " الْخَانِيَّةُ " بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَاعَ الْعَدْلُ اللَّاحِقُ الرَّهْنَ اسْتِنَادًا عَلَى وَكَالَةِ الْعَدْلِ السَّابِقِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ " الْهِنْدِيَّةُ ". لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكَّلِ حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ " 1529 " وَالرَّهْنُ لَمْ يُوَكَّلْ الْعَدْلُ الْجَدِيدُ فِي الْبَيْعِ. " الْخَانِيَّةُ ".

الفصل الرابع في بيع الرهن

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ] [ (الْمَادَّةُ 756) بَيْعُ الرَّاهِن أَوْ المرتهن الرَّهْنِ بِلَا إذْنِ رَفِيقِهِ] (الْمَادَّةُ 756) : لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِلَا إذْنِ رَفِيقِهِ. لَيْسَ لِلرَّاهِنِ وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِدُونِ إذْنِ وَرِضَا الْآخَرِ وَلَا بِسَبَبٍ مَا؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ وُجُودِ حَقِّ مِلْكِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ فَكَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ لَا يَنْفُذُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ " 365 ". نَظَرًا لِوُجُودِ حَقِّ مَالِيَّةِ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي حَقَّ حَبْسِهِ وَإِمْسَاكِهِ وَاسْتِيفَاءِ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ فَبَيْعُ الرَّاهِنِ وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ تَصَرُّفًا يُبْطِلُ الْحَقَّ الْمَذْكُورَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا. " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 46 " " الطَّحْطَاوِيُّ ". وَإِذَا بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ هَذَا الْمَبِيعُ فُضُولًا. وَمَتَى كَانَ الْمَرْهُونُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ الرَّاهِنُ أَجَازَ الْبَيْعَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ مَرْهُونًا وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَعِنْدَمَا يَنْفَسِخُ يُعَادُ الرَّهْنُ لِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ بَعْد هَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ. " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 378 " وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الرَّاهِنُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ الْمُرْتَهِنُ " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 910 ". إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ إيفَاءَ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ فَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورًا عَلَى أَنْ يَأْذَنَ لِلرَّاهِنِ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ لِحِينِ أَدَاءِ الدَّيْنِ (التَّنْوِيرُ) كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (729) . هَذِهِ الْمَادَّةُ مُجَمِّلَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (736، 747) تَحْتَوِيَانِ أَيْضًا عَلَى حُكْمِهَا فَلَيْسَ لَهَا لُزُومٌ حَقِيقِيٌّ هُنَا. وَيُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّهَا ذُكِرَتْ هُنَا تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا لِلْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 757) حَلَّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ عَنْ أَدَائِهِ] (الْمَادَّةُ 757) إذَا حَلَّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ الرَّاهِنُ عَنْ أَدَائِهِ يُؤْمَرُ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ إذَا أَبَى يَبِيعُ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ وَيَفِي الدَّيْنَ. . مَتَى حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَامْتَنَعَ ذُو الرَّهْنِ عَنْ أَدَائِهِ أَوْ أَبَى عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ الْمُعَجَّلِ يُؤْمَرُ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (20) فَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْإِجْبَارِ لَا يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعَ إكْرَاهٍ. كَمَا سَيُوَضَّحُ شَرْحًا فِي تَعْرِيفِ الْإِكْرَاهِ. وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْإِجْبَارِ وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْ ثَمَنِهِ الدَّيْنَ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ وَأَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ مَبْلَغٍ آخَرَ فِيهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقُولَ لَهُ (لَا أَقْبَلُ إنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ لَيْسَ ثَمَنَ الرَّهْنِ بَلْ عَلَيْكَ أَنْ تَبِيعَ الرَّهْنَ وَتُعْطِيَ مِنْ ثَمَنِهِ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ مِنْ جِنْسِ

(المادة 758) غاب الراهن ولم تعلم حياته ومماته

الدَّيْنِ، فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ رَجُلٌ مُقَابِلَ دَيْنٍ نِصْفُهُ مُؤَجَّلٌ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِسَنَةٍ وَمِقْدَارُهُ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ قِطْعَتَيْ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِخَمْسِ ذَهَبَاتٍ فَعِنْدَ حُلُولِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَضْبِطَ نِصْفَ الْمَرْهُونِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ عِنْدَ حُلُولِ السَّنَةِ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ (الْخَانِيَّةُ) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا رِضَاءُ الرَّاهِنِ أَوْ حُكْمُ الْحَاكِمِ. وَإِذَا أَبَى الرَّاهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ وَامْتَنَعَ بِصُورَةٍ أُخْرَى عَنْ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ فَالْحَاكِمُ عِنْدَ وُقُوعِ الْمُرَاجَعَةِ لَهُ عَلَى الْأُصُولِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ وَيُؤَدِّي الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ فُضُولًا بَلْ نَافِذٌ وَمُعْتَبَرٌ. الْأُصُولُ الْمَرْعِيَّةُ الْيَوْمَ بِخُصُوصِ بَيْعِ الْحَاكِمِ هِيَ هَذِهِ: يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْمَحْكَمَةَ مُدَّعِيًا مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَطَالِبًا بَيْعَ الرَّهْنِ. وَعِنْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ والمرهونية تَحْكُمُ الْمَحْكَمَةُ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ. وَبَعْدَ تَبْلِيغِ الْإِعْلَامِ الْحَاوِي هَذَا الْحُكْمَ لِلرَّاهِنِ يُبَاعُ الْمَرْهُونُ عَلَى الْأُصُولِ بِمَعْرِفَةِ دَائِرَةِ الْإِجْرَاءِ (الشَّارِحُ) . فِي هَذَا التَّقْدِيرِ عُهْدَةُ الْبَيْعِ رَاجِعَةٌ لِلرَّاهِنِ. وَإِلَّا لَا تَعُودُ بِالذَّاتِ لِلْحَاكِمِ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ أَوْ لِأَمِينِهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1461) وَلَوْ كَانَتْ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَائِدَةً لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعِ وَكِيلًا - تَعُودُ لِلْمَدِينِ فِي هَذَا كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَتْهُ دَائِرَةُ الْإِجْرَاءِ بِمُوجِبِ الْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ فِي يَوْمِنَا هَذَا فَعُهْدَةُ الْبَيْعِ عَائِدَةٌ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَ لِدَائِرَةِ الْإِجْرَاءِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا جَاءَ ثَمَنُ الْمَرْهُونِ مُسَاوِيًا أَوْ زَائِدًا عَنْ الدَّيْنِ فَبِهَا. وَيُرَدُّ فَضْلُهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ جَاءَ نَاقِصًا يَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ بَاقِيَ الْمَبْلَغِ مِنْ الرَّاهِنِ. وَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ. وَيُبَاعُ هَذَا الرَّهْنُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ مَخْصُوصًا لِسُكْنَى الرَّاهِنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْ إذَا تُوُفِّيَ لِوَرَثَتِهِ دَارٌ يَسْكُنُونَ فِيهَا. لِأَنَّهُ نَظَرًا لَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ لَا يُقَاسَ عَلَى الْمَادَّةِ (999) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَجِبْ أَنْ لَا يَغِيبَ عَنْ الذِّهْنِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ وَأَحْكَامَ الْمَادَّتَيْنِ 758، 759 الْآتِيَةَ تَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ وَكَّلَ أَحَدًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ وَأَمَّا إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ أَحَدًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَحُكْمُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّتَيْنِ 76 و 761. . وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُ الرَّهْنِ بَلْ يُحْبَسُ الرَّاهِنُ إلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْ ذَاتِهِ الرَّهْنَ أَوْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ بِصُورَةٍ أُخْرَى. وَهَذَا فَرْعُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ (شِبْلِيٌّ) [ (الْمَادَّةُ 758) غَابَ الرَّاهِنُ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ] (الْمَادَّةُ 758) إذَا غَابَ الرَّاهِنُ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ فَالْمُرْتَهِنُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ وَاسْتِيفَاءِ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ. إذَا غَابَ الرَّاهِنُ غِيبَةً مُنْقَطِعَةً وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ وَاسْتِيفَاءِ مَطْلُوبِهِ مِنْهُ يَعْنِي أَنَّ

(المادة 759) الخوف من فساد الرهن

الْمُرْتَهِنَ يَأْخُذُ إذْنًا مِنْ الْحَاكِمِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَيَبِيعُهُ بِنَاءً عَلَى الْإِذْنِ الَّذِي يُعْطِيهِ الْحَاكِمُ وَيَسْتَوْفِي مَطْلُوبَهُ مِنْهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) وَإِذَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ بِالذَّاتِ بِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ وَأَدَّى مَطْلُوبَ الْمُرْتَهِنِ جَازَ ذَلِكَ أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا جَاءَ بَدَلُ الرَّهْنِ مُسَاوِيًا لِلدَّيْنِ فِيهَا. وَإِذَا بَقِيَ فَضْلٌ يُحَافِظُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِمَعْرِفَةِ الْقَيِّمِ الَّذِي يُنَصِّبُهُ لِأَجْلِ الْغَائِبِ. وَنَظَرًا لِلْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ الْيَوْمَ يُحْفَظُ هَذَا الْفَضْلُ فِي خَزَائِنِ دَوَائِرِ الْإِجْرَاءِ وَإِنْ نَاقِصًا يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ النُّقْصَانَ عِنْدَ ظَفَرِهِ بِهِ مِنْ الرَّاهِنِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الرَّاهِنُ يَبِيعُ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ أَوْ يَأْذَنُ لِلْعَدْلِ بِبَيْعِهِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 759) الْخَوْف مِنْ فَسَادِ الرَّهْنِ] (الْمَادَّةُ 759) إذَا خِيفَ مِنْ فَسَادِ الرَّهْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. وَيَبْقَى الثَّمَنُ فِي يَدِهِ. وَإِذَا بَاعَهُ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ يَكُونُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ إذَا أَدْرَكَتْ ثِمَارٌ وَخُضْرَةُ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ الْمَرْهُونَ وَخِيفَ مِنْ هَلَاكِهَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا بِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَإِذَا بَاعَهَا الْمُرْتَهِنُ مِنْ ذَاتِهِ كَانَ ضَامِنًا. إذَا حَصَلَ خَوْفٌ مِنْ فَسَادِ الرَّهْنِ لِبَقَائِهِ مُدَّةً فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مَثَلًا لَوْ خِيفَ مِنْ إشْرَافِ الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ عَلَى الْخَرَابِ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا يُرَاجَعُ. لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مَالُهُ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَجِبُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَنْ يُرَاجَعَ وَيُفْهَمُ لُزُومُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (757) . وَلِهَذَا لَمْ تُذْكَرْ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَلَمْ تَكُنْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ مَعْلُومَتَيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مَفْقُودًا فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ وَالْحَاكِمُ إنْ شَاءَ بَاعَهُ هُوَ وَإِنْ شَاءَ أَذِنَ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِهِ. لِأَنَّ الْحَاكِمَ ذُو صَلَاحِيَةٍ فِي بَيْعِ مَالِ الْمَفْقُودِ الَّذِي يَخَافُ مِنْ فَسَادِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (58) . حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُنْحَصِرٌ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الرَّاهِنُ غَائِبًا فِيهَا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً. وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ تَالِيَةً الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ مَفْقُودًا لَزِمَتْ مُرَاجَعَتُهُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَالِ. وَالرَّهْنُ الَّذِي يُبَاعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِ الْمُرْتَهِنِ وَكَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا سِرَايَةُ مِنْ دَيْنِهِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَأْخُذُهُ الْمُرْتَهِنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي يَدِهِ كَأَصْلِ الرَّهْنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ إذْنِ الْحَاكِمِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ إذْنِ الرَّاهِنِ وَكَانَتْ شُرُوطُ الْإِجَازَةِ الْحُرَّةِ فِي الْمَادَّةِ (358) مَوْجُودَةً يَكُونُ الرَّاهِنُ مُخَيَّرًا عِنْدَ حُضُورِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَرْهُونًا. وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ إلَى الرَّهْنِيَّةِ وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ بَدَلَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (891) . كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلرَّاهِنِ حَقُّ تَضْمِينِهِ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ الْمَادَّةِ (1636) . لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْغَائِبِ الْمَفْقُودِ وَالْوِلَايَةَ عَلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْمَنْفَعَةِ ثَابِتَانِ لِلْحَاكِمِ لَا غَيْرُ " رَدُّ الْمُحْتَارِ "

(المادة 760) وكل الراهن المرتهن أو العدل أو غيرهما لأجل بيع الرهن

كَذَلِكَ زَوَائِدُ الرَّهْنِ أَيْضًا هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. مَثَلًا إذَا أَدْرَكَتْ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (715) كَالثِّمَارِ وَخُضْرَةِ الْكَرْمِ أَوْ الْبُسْتَانِ الْمَرْهُونِ وَخِيفَ مِنْ أَنْ تَفْسُدَ وَتَهْلِكَ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا يُمْكِنُ بَيْعُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَبِإِذْنِ الرَّاهِنِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ فَإِنْ شَاءَ الْحَاكِمُ بَاعَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ بِالذَّاتِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ وَإِنْ شَاءَ يَأْذَنُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِهَا. وَبِأَيِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَبَيْعُ الرَّاهِنِ الْمَبِيعَ نَافِذٌ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى أَحَدٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَهُ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُرْتَهِنِ فِي حَبْسِ الْمَرْهُونِ. وَلَيْسَتْ فِي الْبَيْعِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ حِينَمَا يَكُونُ الرَّاهِنُ غَائِبًا فَالْمُرْتَهِنُ مُقْتَدِرٌ عَلَى عَرْضِ الْأَمْرِ عَلَى الْحَاكِمِ وَاسْتِحْصَالِ رَأْيِهِ. حَتَّى أَنَّهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ رَفْعُ الْمَسْأَلَةِ إلَى الْحَاكِمِ غَيْرَ مُتَيَسِّرٍ فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الزِّيَادَةِ مِنْ ذَاتِهِ وَلِلرَّاهِنِ أَيْضًا بَيْعُ زَوَائِدِ الْمَرْهُونِ الْمَذْكُورَةِ إذَا أَشْرَفَتْ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ الْهَلَاكِ بِسَبَبِ مُرُورِ الْوَقْتِ يَرْفَعُ الْمُرْتَهِنُ الْمَسْأَلَةَ إلَى الْحَاكِمِ وَمُبَاشَرَتَهُ لِاسْتِحْصَالِ رَأْيِهِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الرَّهْنِ " يُوضَعُ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (21) تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. وَالْحَاصِلُ مَتَى خِيفَ مِنْ فَسَادِ الْمَرْهُونِ فَإِمْكَانُ بَيْعِهِ مَشْرُوطٌ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فِي حَالِ غَيْبَةِ الرَّاهِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَصْلُ الْمَرْهُونِ أَمْ زَوَائِدُهُ. وَأَمَّا إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الثِّمَارَ وَالْخُضْرَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ ذَاتِهِ يَعْنِي بِدُونِ التَّحَصُّلِ عَلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ أَوْ إذْنِ الرَّاهِنِ، يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ (96 و 715) . وَأَمَّا صُورَةُ الضَّمَانِ فَإِنْ شَاءَ الرَّاهِنُ ضَمِنَهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهَا الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ كَمَا أَنَّ لِلرَّاهِنِ إجَازَةَ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ شُرُوطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةً. وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْمَرْهُونِ تَصَرُّفًا يُوجِبُ إزَالَةَ الْمَرْهُونِ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ. وَنَظَرًا لِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَلَفْظُ الْبَيْعِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا. كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ شَاةً وَمَرِضَتْ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَذْبَحَهَا وَإِنْ خِيفَ مِنْ هَلَاكِهَا. فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (التَّنْقِيحُ) . تَعْبِيرُ (الْبَيْعِ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازِيٌّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ. لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُجْرِيَ التَّصَرُّفَ الَّذِي فِيهِ حِفْظُ الْمَرْهُونِ مِنْ الْفَسَادِ دُونَ أَنْ يُوجِبَ إزَالَةَ عَيْنِ الْمَرْهُونِ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ. كَمَا لَوْ جَمَعَ ثَمَرَ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ الْمَرْهُونَ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ وَحَفِظَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ حِفْظٌ. وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ. لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ لَا يُحْدِثَ نَقْصًا فِي الْكَرْمِ وَالْأَشْجَارِ أَثْنَاءَ الْجَمْعِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَصَلَ نَقْصٌ سَقَطَ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ (التَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 760) وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ] (الْمَادَّةُ 760) إذَا حَلَّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَوَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ أَحَدًا غَيْرَهُمَا لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ صَحَّ ذَلِكَ. وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَعْزِلَ ذَلِكَ الْوَكِيلَ بَعْدَهَا. وَلَا يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَيْضًا.

إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَوَكَّلَ الرَّاهِنُ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (1459) . (الْخَانِيَّةُ) . فَالْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ الْوَكَالَةُ الْمُضَافَةُ. وَذِكْرُ صُورَةِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِشَكْلِ الْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ الْغَالِبِ. بِنَاءً عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ بِالْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ أَيْضًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ جَائِزٌ وَصَحِيحٌ. لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ لِبَيْعِ مَالِهِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا (أَبُو السُّعُودِ) وَلِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1192) كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ وَلَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَكَالَتَيْنِ مَثَلًا لِلْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ حِينَمَا يَحِلُّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1456) . . وَلَكِنَّهُ إذَا وُكِّلَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ حِينَمَا يَحِلُّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَيْ إذَا وُكِّلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْفِ أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِدُونِ حُكْمِ الْمَحْكَمَةِ أَيْضًا. وَمَتَى بَاعَهُ وَكَالَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقُومُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَقَامَ الْمَرْهُونِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ أَهْلًا لِلْوَكَالَةِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ كَمَا لَوْ كَانَ صَغِيرًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً رَاجِعْ الْمَوَادَّ (1458 و 957 و 966) (الْفَيْضِيَّةُ) . حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَرْقُومُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالْوَكَالَةَ بَطَلَا؛ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الْأَمْرِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَنْقَلِبُ الْوَكَالَةُ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ هَذَا الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَحِيحٌ. لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الِامْتِثَالِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا وَقْتَ التَّوْكِيلِ (أَبُو السُّعُودِ) . فَإِذَنْ مِنْ اللَّازِمِ إثْبَاتُ أَهْلِيَّةِ الْمَأْمُورِ لِلْوَكَالَةِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَوَقْتَ الِامْتِثَالِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ. وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَقْدِ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ حِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ يَجُوزُ أَيْضًا إجْرَاؤُهَا بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَيَكُونُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْوَكَالَةِ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ بَيْعُ الرَّهْنِ بِدُونِ وَكَالَةٍ كَهَذِهِ مِنْ الرَّاهِنِ (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 96 و 365) وَحِينَمَا يَبِيعُ الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِهِ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ يَبْقَى الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ رَهْنًا فِي يَدِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ وَهُوَ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) " شَرْحُ الْمَجْمَعِ ". كَمَا لَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي أَيْ حَالَةِ كَوْنِهِ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا فَإِنَّمَا يَهْلِكُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ بِمُوجِبِ اللَّاحِقَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَإِذَا هَلَكَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ بَيْعِ الْمَرْهُونِ يَسْقُطُ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا وَلَا تَسْقُطُ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْحَقِيقِيَّةُ.

فَلَوْ بَاعَ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَثَلًا الْمَالَ الْمَرْهُونَ مُقَابِلَ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ هَلَكَ فِي يَدِهِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ أَلْفُ قِرْشٍ فَقَطْ. وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْحَقِيقِيَّةُ أَلْفًا وَخَمْسِينَ قِرْشًا فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا لَا يَسْقُطُ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ. فَيُنْتَجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْخُصُوصَ لَيْسَ مَقِيسًا عَلَى مَسْأَلَةِ " الْقِيمَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ هِيَ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهِ " الْمَارُّ إيضَاحُهَا فِي الْمَادَّةِ (741) (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) . وَإِذَا اُشْتُرِطَتْ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ حِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ أُجْرِيَتْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ أَيْ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْوَكَالَةِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ دَوْرِيَّةً. لِأَنَّهُ لَمَّا اُشْتُرِطَتْ الْوَكَالَةُ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَصَارَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِ الرَّهْنِ وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَازِمٌ صَارَتْ الْوَكَالَةُ الَّتِي هِيَ وَصْفُهُ لَازِمَةً أَيْضًا ثُمَّ حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ فَلَوْ كَانَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى ضَيَاعِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ (الْهِدَايَةُ) فَهَا أَنَّ الْوَكَالَةَ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُقْتَدِرٌ عَلَى عَزْلِ وَكِيلِهِ مَتَى شَاءَ فَعَدَمُ اقْتِدَارِ الْمُوَكِّلِ الرَّاهِنِ عَلَى عَزْلِ هَذَا الْوَكِيلِ نَاشِئٌ عَنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُهُ) لَيْسَ بِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. وَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ هَذَا الْوَكِيلَ وَيَمْنَعَهُ مِنْ بَيْعِ الرَّهْنِ (الْخَانِيَّةُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ الْمُرْتَهِنُ، وَهَذِهِ الْوَكَالَةُ كَمَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ أَصْلًا لَازِمَةٌ وَصْفًا أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّاهِنُ الْوَكِيلَ الْمَرْقُومَ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ إذَا مَنَعَهُ وَنَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً لَا يُعْتَبَرُ الْمَنْعُ وَالنَّهْيُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَأَمَّا إذَا نَهَى الرَّاهِنُ وَكِيلَهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَحِينَ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ فَالنَّهْيُ مُعْتَبَرٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1498) (الدُّرَرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْعَزْلِ مِنْ التَّوْكِيلِ بَعْدَ الرَّهْنِ: اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ عَزْلِ الْوَكِيلِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَعَدَمِهِ. فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى جَوَازِ عَزْلِهِ وَانْعِزَالِهِ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ أَيْضًا وَذَهَبَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِعَزْلِ الرَّاهِنِ وَلَا بِوَفَاتِهِ. وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى فَخْرَ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ قَاضِي خَانْ رَجَّحَ وَصَحَّحَ جِهَةَ عَزْلِ هَذَا الْوَكِيلِ أَيْضًا وَعَدَمَ انْعِزَالِهِ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ وَإِطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمُخْتَارُ. جَاءَ فِي الشَّرْحِ " بِدُونِ رِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ ". لِأَنَّهُ بِرِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلَ. وَلَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وُصُولُ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1523) سَوَاءٌ كَلَا غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يُوَكِّلَا. وَبِنَاءً عَلَيْهِ تُعَدُّ الْوَكَالَةُ بَاقِيَةً لِبَيْنَمَا يَصِلُ خَبَرُ الْعَزْلِ إلَى ذَلِكَ الْوَكِيلِ " الْهِنْدِيَّةُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) . وَلَا

يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ يَعْنِي الْوَكِيلَ غَيْرَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِوَفَاةِ أَحَدٍ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كِلَيْهِمَا أَوْ بِجُنُونِ أَحَدِهِمَا أَوْ هُمَا مَعًا. وَلَمْ يَنْعَزِلْ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ صَارَتْ لَازِمَةً بِلُزُومِ عَقْدِ الرَّهْنِ. لِأَنَّهُ لَمَّا اُشْتُرِطَتْ الْوَكَالَةُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ وَأَصْبَحَتْ وَصْفًا مِنْ أَوْصَافِهِ وَحَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ صَارَتْ الْوَكَالَةُ لَازِمَةً بِلُزُومِ الْأَصْلِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ أُجْرِيَتْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ. عَلَى مَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ آنِفًا. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 1521 و 1522 و 1527 وَلَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يُوَكِّلْهُ " أَبُو السُّعُودِ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ. فَعَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ أَيْضًا الْمُرْتَهِنُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَثَلًا لَهُ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَلَوْ كَانَتْ وَرَثَةٌ الرَّاهِنِ غَيْرَ حَاضِرَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . حَتَّى لَوْ حَضَرَ الْوَارِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ وَلِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بَيْعُ الرَّهْنِ فِي غِيَابِ الرَّاهِنِ وَحَالَ حَيَاتِهِ أَيْضًا وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الرَّاهِنِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ وَقَضَاؤُهُ تَعْبِيرُ وَوَفَاةُ الْمُوَكِّلِ يَعْنِي الرَّاهِنَ إقْرَارٌ مِنْ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ أَوْ بِجُنُونِهِ بِدَرَجَةِ أَنْ يُقْطَعَ الْأَمَلُ مِنْ شِفَائِهِ لَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْوَكَالَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1529) سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَكِيلُ الْمُرْتَهِنُ أَمْ الْعَدْلُ أَمْ غَيْرَهُمَا وَأَمَّا الرَّهْنِيَّةُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَلِذَلِكَ لَا يَقُومُ وَارِثُ الْوَكِيلِ الْمُتَوَفَّى أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ وَصِيُّهُ مَقَامَهُ " الْخَانِيَّةُ " لِأَنَّ الْإِرْثَ لَا يَجْرِي فِي الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَيْ الرَّاهِنَ قَدْ اعْتَمَدَ عَلَى رَأْيِ الْوَكِيلِ الْمُتَوَفَّى وَرَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى رَأْيِ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ " الدُّرَرُ وَالْعِنَايَةُ ". حَتَّى لَوْ بَاعَ هَذَا الْوَصِيُّ أَوَالْوَارِثُ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا. وَلَكِنْ إذَا كَانَ لِلْوَكِيلِ مَأْذُونِيَّةٌ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ كَانَ لِوَصِيِّ هَذَا الْوَكِيلِ بَيْعُ الرَّهْنِ. وَالْمَأْذُونِيَّة بِالتَّوْكِيلِ تَكُونُ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ: وَهِيَ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ فِي أَصْلِ الْوَكَالَةِ: وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَأَجَزْتُ كُلَّ مَا تَعْمَلُهُ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ. وَلَكِنْ لَيْسَ لِوَصِيِّ هَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ لِآخَرَ (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا جُنَّ الْوَكِيلُ وَكَانَ شِفَاؤُهُ مَأْمُولًا لَا يَنْعَزِلُ مِنْ الْوَكَالَةِ. وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ عِنْدَ إفَاقَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَابْنُ نُجَيْمٍ) . وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ حَالَ جُنُونِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 979 و 980. . اسْتِثْنَاءٌ - إذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ مَالًا وَوَكَّلَ الْعَدْلَ بِبَيْعِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا الْعَدْلُ فَبِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (706) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّهْنِ حُكْمٌ فَالْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ صَحِيحَةٌ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ 1449 وَإِذَا بَاعَهُ الْعَدْلُ كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا. وَيُعْطِي الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ الثَّمَنَ إلَى الرَّاهِنِ وَلَيْسَ إلَى الْمُرْتَهِنِ. مَعَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْعَدْلُ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. لِأَنَّهُ يَكُونُ أَعْطَى الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَخَدَمَ الْعَدَالَةَ. وَالْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ لَازِمَةً وَكَمَا أَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَعْزِلَ الْعَدْلَ يَنْعَزِلُ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِوَفَاةِ الرَّاهِنِ أَوْ بِجُنُونِهِ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . تَتِمَّةٌ: لِلْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ أَنْ يَبِيعَ الْمَرْهُونَ مِنْ ذَاتِهِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ لِمُرَاجَعَةِ الْمَحْكَمَةِ وَاسْتِحْصَالِ حُكْمٍ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا

مَثَلًا إذَا اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عِشْرِينَ ذَهَبًا وَرَهَنَ عِنْدَهُ مُقَابِلَ ذَلِكَ سَاعَةً وَمَعَ تَسْلِيمِهِ إيَّاهَا أَعْطَاهُ وَكَالَةً بِبَيْعِ السَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ بَدَلِهَا فَيَبِيعُ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ السَّاعَةَ وَيَسْتَوْفِي دَيْنَهُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّكَ لَمْ تُخْبِرْنِي أَوْ لَمْ تَأْخُذْ إعْلَامًا مِنْ الْمَحْكَمَةِ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ دَوْرِيَّةً أَمْ غَيْرَ دَوْرِيَّةٍ. مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ عَقَارًا فَحَيْثُ إنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ تَابِعٌ لِبَعْضِ مُعَامَلَاتٍ رَسْمِيَّةٍ فَالْمُرْتَهِنُ الْحَائِزُ عَلَى وَكَالَةِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْعَقَارِ مُسْتَقِلًّا وَالْأُصُولُ الْآتِيَةُ مَرْعِيَّةٌ الْيَوْمَ فِي بَيْعِهِ وَإِلَيْك الْبَيَانُ: يُرَاجِعُ الدَّائِنُونَ مَأْمُورِي التَّسْجِيلِ بِشَأْنِ بَيْعِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ الْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ الَّتِي رُهِنَتْ بِسَنَدَاتِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ وَبِطَرِيقِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَالْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ. وَيُبْرِزُ لَهُمْ السَّنَدَ الْخَاقَانَيَّ الْمُتَضَمِّنَ الْوَكَالَةَ وَالْبَيْعَ بِالْوَفَاءِ. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا يُخْبِرُ مَأْمُورُو التَّسْجِيلِ الْمَدِينَ بِالْكَيْفِيَّةِ تَحْرِيرًا فَإِذَا لَمْ يَفِ الْمَدِينُ دَيْنَهُ بِظَرْفِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يَبِيعُ مَأْمُورُو التَّسْجِيلِ هَذَا الْعَقَارَ بِالْمُزَايَدَةِ وَيُؤَدُّونَ مَطْلُوبَ الدَّائِنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَكِنْ إذَا رَاجَعَ الرَّاهِنُ الْمَحْكَمَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ وَفَّى الدَّيْنَ سَابِقًا وَوَقَعَ إشْعَارٌ مِنْ الْمَحْكَمَةِ إلَى مَأْمُورِي التَّسْجِيلِ لِلُزُومِ تَأْخِيرِ مُعَامَلَاتِ الْبَيْعِ يُؤَخَّرُ أَمْرُ الْمُزَايَدَةِ انْتِظَارًا لِلْحُكْمِ الَّذِي يُصْدَرُ بِهَذَا الشَّأْنِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ صَارَتْ مَرْعِيَّةَ الْإِجْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ الصَّادِرَةِ فِي 1 أَيْلُولَ سَنَةَ 1306. وَفُهِمَ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْفَرَاغَ هَذَا مَخْصُوصٌ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ وَأَمَّا إذَا جَرَى فَرَاغُ الْمُسَقَّفَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةُ وَفَاءً مُقَابِلَ الدَّيْنِ فَبَيْعُهَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى حُكْمِ الْمَحْكَمَةِ وَإِعْلَامِهَا وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ ذَاتِهِ يَعْنِي أَنَّ مَأْمُورَ التَّسْجِيلِ لَا يَسْمَحُ بِفَرَاغِ هَذَا الْوَكِيلِ (الشَّارِحُ) . الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ وَيَفْتَرِقُ فِيهَا الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي: يَفْتَرِقُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَنْ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْأَمْوَالِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: يُجْبَرُ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى بَيْعِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (715) رَاجِعْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. سَوَاءٌ اُشْتُرِطَتْ الْوَكَالَةُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَإِجْبَارُ الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ إيضَاحُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. وَأَمَّا إذَا نَظَرْنَا لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا إجْبَارَ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي بَعْدَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِسِرَايَةِ اللُّزُومِ مِنْ الرَّهْنِ إلَيْهَا فَإِذَا ثَبَتَ قَصْدًا يُعْطِي لَهُ حُكْمَ نَفْسِهِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا إعَانَةٌ وَالْمُعِيرُ لَا يُجْبَرُ وَهَذَا أَصَحُّ (الْكِفَايَةُ) وَلَكِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ عَادَةً لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِبَيْعِهِ. لِأَنَّهُ حَيْثُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَبِيعَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُوَكَّلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إيفَاءِ لَوَازِمِ الْوَكَالَةِ وَأَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1522) . أَمَّا الْمُدَّعِي فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ الرَّاهِنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1521) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ الرَّاهِنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي فَيَنْعَزِلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) . . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ مُقَابِلَ ثَمَنٍ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ

إلَى جِنْسِ الدَّيْنِ بِبَيْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِطَرِيقَةِ بَيْعِ الصَّرْفِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْعَارِي هَذِهِ الصَّلَاحِيَّةُ (أَبُو السُّعُودِ) وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ هَاتَيْنِ الْوَكَالَتَيْنِ تَفْتَرِقَانِ بِصُورَةٍ خَامِسَةٍ أَيْضًا وَلَكِنَّهُ يَجِبُ مُرَاجَعَةُ التَّنْوِيرِ لِأَجْلِ ذَلِكَ. . وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ مِنْ الْخُصُوصَاتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْعَارِي بَلْ إنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْأَحْكَامِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَبَيَانُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الْوَكِيلُ يَبِيعُ الرَّهْنَ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ الْعَارِي لَهُمَا أَنْ يَبِيعَا الرَّهْنَ بِالْأَجَلِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ وَنَقْدًا وَبِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ مُطْلَقَةٌ وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي أُودِعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ وَبَعْدَ أَنْ بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ نَسِيئَةً عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَإِذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَقُولَ: لَا أُعْطِيهِ مَا لَمْ يُحْضِرْ الْعَدْلُ ثَمَنَ الْمَرْهُونِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 730) . لِأَنَّ الرَّهْنَ صَارَ دَيْنًا بِالْبَيْعِ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ فَكَأَنَّهُمَا تَفَاسَخَا الرَّهْنَ وَصَارَ الثَّمَنُ رَهْنًا بِتَرَاضِيهِمَا ابْتِدَاءً لَا بِطَرِيقِ انْتِقَالِ حُكْمِ الرَّهْنِ إلَى الثَّمَنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الرَّهْنَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَهُ وَلَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ بَلْ وَضَعَهُ فِي يَدِ عَدْلٍ (الْعِنَايَةُ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ هُوَ الْمُرْتَهِنُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَيُكَلَّفُ بِإِحْضَارِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ (الْفَتْحُ) لَكِنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ الْمَرْهُونَ لِأَجَلٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ النَّاسِ كَوَكِيلِ الْبَيْعِ الْعَارِي. كَالْبَيْعِ مُؤَجَّلًا لِعَشْرِ سَنَوَاتٍ (أَبُو السُّعُودِ) إنَّمَا إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ عَدْلٌ وَوَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ وَاسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْهُ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَهُ نَسِيئَةً. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ نَسِيئَةً عِنْدَ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ نَقْدًا، رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (1494 و 1498) . الْهِنْدِيَّةُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْوَكِيلِ: (إنَّ الْمُرْتَهِنَ يُطَالِبُنِي بِدَيْنِهِ وَيُضَايِقُنِي فَبِعْ الرَّهْنَ حَتَّى أَتَخَلَّصَ مِنْهُ) فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَبِيعَ الْمَرْهُونَ نَسِيئَةً. 2 - إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ ثُمَّ وَهَبَ ثَمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ ذَلِكَ وَضَمِنَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461) وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ إذَا وَهَبَهُ لِلْمُشْتَرِي عَيْنًا كُلًّا أَوْ قِسْمًا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 857) . إنَّمَا هَذَا الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا حَطَّ وَأَسْقَطَ مِقْدَارًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَبِنَاءً عَلَى شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) كَانَ الْحَطُّ وَالْإِسْقَاطُ صَحِيحًا وَلَزِمَ الْعَدْلَ الْمَرْقُومَ أَنْ يُعِيدَ الْمِقْدَارَ السَّاقِطَ مِنْ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهُ مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْعَارِي عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. 3 -. إذَا ادَّعَى الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ أَنَّ الثَّمَنَ هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الرَّهْنَ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ يُصَدَّقُ الْعَدْلُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (777 و 1774) وَمِلْكُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. 4 - إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَادَّعَى أَنَّهُ سَلَّمَ الثَّمَنَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِلْمُرْتَهِنِ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ يُصَدَّقُ الْعَدْلُ

بِيَمِينِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 777 و 1774) وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ 5 -. الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ لِابْنِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1417) بَيْدَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ وَأَجَازَهُ كُلٌّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ صَارَ جَائِزًا وَلَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْحُكْمُ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْعَارِي أَيْضًا هَكَذَا. الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ إذَا وَكَّلَ شَخْصًا آخَرَ كَيْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَبَاعَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يُنْظَرُ: فَإِذَا بَاعَهُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ بِحُضُورِ الْوَكِيلِ أَوْ أَخْبَرَهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي سَيَبِيعُهُ بِهِ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَإِذَا بَاعَهُ فِي غِيَابِهِ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْهُ بَعْدَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1453) . 7 - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ شَخْصَيْنِ وَبَاعَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْ الْوَكِيلُ الْآخَرُ أَوْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الرَّأْيِ وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الِاثْنَيْنِ وَلَا يَجُوزُ إذَا أَجَازَهُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461) . 8 - إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمُرْتَهِنَ الثَّمَنَ وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِي الْعَدْلَ الْمَرْقُومَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1461) فَإِذَا أُثْبِتَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ بِالْبَيِّنَةِ وَحُكِمَ بِرَدِّهِ يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87) إذْ أَنَّهُ حِينَمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِرَدِّ الْمَبِيعِ إلَى الْعَدْلِ لِثُبُوتِ الْعَيْبِ بِالْبَيِّنَةِ يَكُونُ ضَامِنًا الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْعَدْلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ - إنْ كَانَ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ - بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ وَقَدْ فُهِمَتْ سِرَايَةُ الْحُكْمِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعُودُ الْمَبِيعُ كَالْأَوَّلِ إلَى الرَّهِينَةِ وَلِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِي مَرَّةٍ وَكَذَلِكَ إذَا رُدَّ الْمَبِيعُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ إلَى الْعَدْلِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ بِالْبَيِّنَةِ فَلِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا وَقَدْ فُهِمَتْ سِرَايَةُ الْحُكْمِ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ بِالْبَيِّنَةِ بَلْ أَقَرَّ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ بِالْعَيْبِ وَرُدَّ إلَيْهِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي تَجْرِي فِي هَذَا الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ الذِّكْرِ وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَهُ الْعَدْلُ وَحُكِمَ بِرَدِّهِ لِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ لَدَى اسْتِحْلَافِهِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا وَلَكِنْ إذَا أَقَرَّ الْعَدْلُ بِالْعَيْبِ الَّذِي يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الَّتِي مَكَثَ فِيهَا الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَرُدَّ إلَيْهِ الْمَبِيعُ يَبْقَى الْمَذْكُورُ مَالًا لِلْعَدْلِ. وَلَا يَكُونُ لِلرَّدِّ الَّذِي وَقَعَ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ حُكْمٌ وَلَا تَأْثِيرٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 87) كَمَا لَوْ أَقَالَ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ الْبَيْعَ أَوْ اسْتَرْجَعَ الْمَبِيعَ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ - وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي - يَبْقَى أَيْضًا الْمَبِيعُ لِلْعَدْلِ وَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ تَأْثِيرٌ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ كَمَا أُوضِحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (196) تُعْتَبَرُ الْإِقَالَةُ بَيْعًا جَدِيدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ.

فائدة في ضبط الرهن بالاستحقاق

[فَائِدَةٌ فِي ضَبْطِ الرَّهْنِ بِالِاسْتِحْقَاقِ] ِ بَعْدَ أَنْ يَبِيعَهُ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَيُعْطِي ثَمَنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ: إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ وَأَعْطَى ثَمَنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ ثُمَّ ضُبِطَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الثَّمَنَ عَنْ قَبْضِهِ مِنْهُ. يَعْنِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْعَدْلِ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ لِلْعَدْلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1641) . وَيَأْخُذُ الْعَدْلُ إنْ شَاءَ مِنْ الرَّاهِنِ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي عُهْدَةِ الْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ. وَيَعُودُ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى حَالِهِ (الْخَانِيَّةُ) وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْطَاهُ لِلْمُرْتَهِنِ يَأْخُذُ مِنْهُ وَإِلَّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْعَدْلِ. لِأَنَّ الْعَدْلَ عَامِلٌ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ (الزَّيْلَعِيّ) . . وَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُسْتَحِقُّ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ. لِأَنَّ الرَّاهِنَ غَاصِبٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَفِي حَالِ تَضْمِينِهِ لِلرَّاهِنِ يَكُونُ بَيْعُ الْعَدْلِ وَقَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ صَحِيحَيْنِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ إذْ ذَاكَ أَنَّ الرَّاهِنَ أَمَرَ الْعَدْلَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ لِكَوْنِهِ مَالِكًا لِلرَّهْنِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: وَإِنْ شَاءَ يَضْمَنُهُ لِلْعَدْلِ الْمُتَعَدِّي بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَرْجِعُ الْعَدْلُ الْمَرْقُومُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا أَرَادَ لِأَنَّ الْعَدْلَ وَكِيلٌ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ وَعَامِلٌ لَهُ وَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ عُهْدَةِ الْبَيْعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ بَيْعُ الْعَدْلِ وَقَبْضُ الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَ الرَّاهِنُ ضَامِنًا وَقَرَارُ الضَّمَانِ وَقَعَ عَلَيْهِ يَصِيرُ مَالِكًا لِلْمَرْهُونِ بِأَدَاءِ بَدَلِ الضَّمَانِ وَيَتَبَيَّنُ إذْ ذَاكَ أَنَّهُ أَمَرَ بِبَيْعِ مَالِ نَفْسِهِ وَحَيْثُ إنَّ اسْتِيفَاءَ الْمُرْتَهِنِ مَطْلُوبَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ صَحِيحٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ) . بَقِيَ أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ كَالزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ الْعَدْلَ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْقِيمَةِ تَبِعُوا فِيهِ صَاحِبَ الْهِدَايَةُ قَالَ الشِّبْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الزَّيْلَعِيّ: وَقَدْ قَالَ شَارِحُهَا الْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ الثَّمَنُ وَعَزَاهُ إلَى الْكَافِي (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي أَخَذَ مِنْهُ مَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَخَذَ الثَّمَنَ بِغَيْرِ حَقٍّ. لِأَنَّ الْعَدْلَ صَارَ مَالِكًا الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ بِالضَّمَانِ. وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَدْلُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ الْعَدْلُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ؟ قَالَ والشرنبلالي: الْمُنَاسِبُ أَنْ يَرْجِعَ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ الْمَذْكُورَانِ بَاطِلَيْنِ وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُشْتَرِي الْمُتَعَدِّي بِالْأَخْذِ وَالتَّسَلُّمِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْعَدْلِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْمُسْتَحِقُّ صُورَةً مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَأْسًا، مَا لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. جَاءَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ (وَأَعْطَى الْعَدْلُ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ) . لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ وَضَبَطَ الْمَبِيعَ

(المادة 761) عند حلول أداء الدين يبيع الوكيل الرهن ويسلم الثمن إلى المرتهن

بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَيْسَ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. ذُكِرَ فِي الدُّرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْوُقَايَةِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَجْرِي فِيمَا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ فِيهِ وَحَيْثُ إنَّ الْبَيْعَ حَصَلَ لِأَجْلِ حَقِّهِ جَازَ لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يُوَكِّلُ فِيهَا الرَّاهِنُ الْعَدْلَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ يَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ فَقَطْ. سَوَاءٌ أَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الثَّمَنَ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَذَا التَّوْكِيلِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الْمُفْرَدَةِ عَنْ الرَّهْنِ وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ إلَى مَنْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ ثُمَّ لَحِقَهُ عُهْدَةٌ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُقْتَضَى بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْعَقْدِ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ لَحَقِّهِ (الزَّيْلَعِيّ) [ (الْمَادَّةُ 761) عِنْدَ حُلُولِ أَدَاءِ الدَّيْنِ يَبِيعُ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ] (الْمَادَّةُ 761) : عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِ أَدَاءِ الدَّيْنِ يَبِيعُ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَإِذَا امْتَنَعَ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ وَإِذَا أَبَى الرَّاهِنُ أُجْبِرَ بِبَيْعِ الْحَاكِمِ وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ أَوْ وَرَثَتُهُ غَائِبِينَ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِذَا امْتَنَعَ يَبِيعُ الْحَاكِمُ بِنَفْسِهِ. إنَّ الشَّخْصَ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ عِنْدَمَا يَحِلُّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ يَبِيعُ الرَّهْنَ وَزَوَائِدَهُ الْمُحَرَّرَةَ فِي الْمَادَّةِ (815) وَيُسَلِّمُ الثَّمَنَ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ مُضَافَةً أَيْ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِ أَدَاءِ الدَّيْنِ. حَتَّى أَنَّهُ حِينَمَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ مُضَافًا لِوَقْتٍ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ شَخْصًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ وَيَفِيَ الدَّيْنَ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ لِحَدِّ كَذَا مِنْ الزَّمَنِ مَثَلًا وَبَاعَ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الزَّمَنِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1456) وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا يَحْدُثُ مِنْ الرَّهْنِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ ثَمَرٍ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ (الْخَانِيَّةُ) . فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَرْهُونَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ يَخْرُجُ الْمَرْهُونُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَإِنْ بَقِيَ ثَمَنُ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي يَقُومُ ذَلِكَ الثَّمَنُ مَقَامَ الْمُثَمَّنِ. يَعْنِي كَمَا أَنَّ الثَّمَنَ أَيْضًا رَهْنًا (الْخَانِيَّةُ) . وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ بِذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِوَفَاتِهِ مُفْلِسًا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي يُقَابِلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَالثَّمَنُ الْمُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ يَعْنِي ثَمَنَ الْمَرْهُونِ وَلَيْسَ قِيمَةَ الْمَرْهُونِ الْحَقِيقِيَّةَ وَقْتَ الْقَبْضِ مَثَلًا. وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَقْبِضْ هَذَا الثَّمَنَ بَعْدُ حَيْثُ إنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ اُعْتُبِرَ كَأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ. إذَا ادَّعَى الْعَدْلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَدْلِ وَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي يَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ أَوْفَى. سُؤَالٌ - إذَا كَانَ كَلَامُ الْعَدْلِ هَذَا إقْرَارًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ. وَإِذَا كَانَ شَهَادَةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَا حُكْمَ لَهَا. فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا الْكَلَامُ حُجَّةً عَلَى الْمُرْتَهِنِ؟ الْجَوَابُ - كَلَامُ الْعَدْلِ هَذَا لَيْسَ أَدْنَى مِنْ قَوْلِهِ: (هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ) فَبِقَوْلِهِ هَلَكَ بِلَا تَعَدٍّ يُقْبَلُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 1774 وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) .

وَإِذَا امْتَنَعَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ عَنْ بَيْعِ الرَّهْنِ أَوْ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ فَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ قَوْلَانِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فِي تَقْدِيرِ غِيَابِ الرَّاهِنِ أَوْ وَرَثَتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. وَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) وَكَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ تَحْصُلُ بِحَبْسِ الْحَاكِمِ الْوَكِيلَ بِضْعَةَ أَيَّامٍ. يَعْنِي عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَنْ الْبَيْعِ يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ. يَعْنِي عِنْدَمَا يُثْبِتُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَوَكَالَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيْعِ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. وَإِذَا امْتَنَعَ بَعْدَ هَذَا يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ (الْخَانِيَّةُ) . الْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ الْإِمَامِ الْكَرْخِيِّ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُتَبَرِّعٌ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُجْبَرُ خُصُوصًا إذَا كَانَ إجْبَارُ الْمُوَكِّلِ مُمْكِنًا. وَحَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ صَرَّحَتْ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَدْ قُبِلَ. وَاذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى الْجَبْرِ الْوَاقِعِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا. يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَا يُقَاسَ عَلَى الْبَيْعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ (1006) لِأَنَّ الْإِجْبَارَ فِي هَذَا بِحَقٍّ وَالْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِ مُحِقٍّ مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ بَيْعًا مُكْرَهًا وَهَذَا الْإِجْبَارُ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَبِعْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَأَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ مِنْ مَبْلَغٍ صَحَّ ذَلِكَ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِإِجْبَارِهِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. (عَيْنِيٌّ) . وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّاهِنُ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الرَّهْنِ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ وَيُعْطِي ثَمَنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَبَيْعُ الْحَاكِمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (20) مِنْ الْمَجَلَّةِ الضَّرَرُ يُزَالُ - وَالْأُصُولُ الْمَرْعِيَّةُ فِي يَوْمِنَا هَذَا هِيَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَحْصِلُ مِنْ الْمَحْكَمَةِ إعْلَامًا بِتَحْصِيلِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الرَّهْنِ وَيُودِعُ هَذَا الْإِعْلَامَ إلَى دَائِرَةِ الْإِجْرَاء فَيُبَلَّغُ إخْبَارٌ إلَى الرَّاهِنِ بِلُزُومِ إيفَائِهِ الدَّيْنَ وَأَنْ سَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ إذْ لَمْ يَفْعَلْ. وَيُوضَعُ الْمَرْهُونُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمَزَادِ وَبَعْدَ أَنْ يَتَقَرَّرَ عَلَى أَحَدٍ يُبَلَّغُ إلَى الْمَدَّيْنِ مِنْ طَرَفِ دَائِرَةِ الْإِجْرَاءِ إنْذَارٌ آخَرُ يُخْبَرُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ الدَّيْنَ يُسَلَّمُ الْمَرْهُونُ إلَى الْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يُسَلَّمْ الْمَرْهُونُ إلَى الْمُشْتَرِي وَيُؤْخَذْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَيُوَفَّى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ فَأُقِيمَ الْإِنْذَارُ مَقَامَ الْإِجْبَارِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ أَوْ وَرَثَتُهُ فِي حَالٍ وَفَاتِهِ غَائِبِينَ وَلَمْ يُمْكِنْ إجْبَارُهُمْ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ بِحَبْسِهِ بِضْعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَكَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى الِادِّعَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ الْغَائِبِ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَةٌ أَيْضًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) . فَعَلَى قَوْلِ إجْبَارُ الْوَكِيلِ مُطْلَقٌ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَكَالَةُ مَشْرُوطَةً بِالْعَقْدِ أَمْ عُقِدَتْ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الرَّهْنِ. وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قَالَ: إنْ كَانَ التَّسْلِيطُ عَلَى الْبَيْعِ أَيْ الْوَكَالَةِ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ وَأَمَّا إذَا أُجْرِيَتْ الْوَكَالَةُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ. وَإِنَّمَا إطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ (أَبُو السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ) .

وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَرْهُونَ بِحَسَبِ وِكَالَتِهِ تَرْجِعُ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1461) وَيَرْجِعُ الْعَدْلُ عَلَى الرَّاهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَنْكَرَ الْعَبْدُ الْوَكِيلُ كَوْنَ الْمَالِ الْمَرْهُونِ هُوَ هَذَا الْمَالُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَرْهُونُ هُوَ هَذَا الْمَالُ أَمْ لَا بِالْقَوْلِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ قَوْلُ الْعَدْلِ. فَإِنْ حَلَفَ الْعَدْلُ الْيَمِينَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ إنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَيْعِ وَإِذَا امْتَنَعَ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ وَلَكِنْ إذَا نَكَلَ الْعَدْلُ عَنْ الْيَمِينِ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ (الْخَانِيَّةُ) . أَوْ إذَا امْتَنَعَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ عَنْ الْبَيْعِ وَأَصَرَّ عَلَى عِنَادِهِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ بِالذَّاتِ وَإِذَا بَاعَ الْحَاكِمُ تُعَادُ عُهْدَةُ الْبَيْعِ إلَى الرَّاهِنِ فَكَمَا تَقَدَّمَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْعَدْلَ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْعَدْلُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ إذَا أَرَادَ إقَامَتَهَا (مَا يُخَالِفُهُ فِي الْأَنْقِرْوِيُّ) وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ مَثَلًا وَبَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِدَرَاهِمَ فِضِّيَّةٍ أَوْ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِضَّةً وَبَاعَهُ بِذَهَبٍ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيُبَدَّلُ بَعْدَهُ الْمَبْلَغُ بِحَبْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حِنْطَةً وَبَاعَ الرَّهْنَ بِدَرَاهِمَ فِضِّيَّةٍ صَحَّ ذَلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِي الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ بِالدَّرَاهِمِ الْفِضِّيَّةِ حِنْطَةً وَيُعْطِيَهَا لِلدَّائِنِ. قَوْلُهُ (عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِ أَدَاءِ الدَّيْنِ) لِأَجْلِ بَيَانِ الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا الْوَكَالَةُ مُضَافَةً أَوْ مُعَلَّقَةً كَمَا وَضَحَ شَرْحًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ مُضَافَةً إلَى وَقْتٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ وَكَانَتْ مُطْلَقَةً فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُلُولِ وَقْتِ الْأَدَاءِ أَيْضًا. وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ التَّسْلِيطِ عَلَى الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ وَكَالَةُ الْعَدْلِ مَثَلًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ مُضَافَةً إلَى حُلُولِ أَجَلٍ كَمَا سَبَقَ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّ الْأَجَلَ لِرَمَضَانَ وَهَا قَدْ حَلَّ قَالَ الرَّاهِنُ: إنَّهُ كَانَ لِشَوَّالٍ وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ. لِأَنَّ التَّسْلِيطَ حَيْثُ إنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الرَّاهِنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَأَمَّا إذَا اُخْتُلِفَ فِي حُلُولِ وَقْتِ الْأَدَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ.

لاحقة في الاختلافات المتعلقة بالرهن

[لَاحِقَةٌ فِي الِاخْتِلَافَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّهْنِ] [الْمَبْحَث الْأَوَّل اخْتِلَاف الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن فِي أَصْلِ الرَّهْن أَوْ تُعَيِّيَنه وَردّه أَوْ مِقْدَار الْمَرْهُون بِهِ] الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي أَصْلِ الرَّهْنِ أَوْ تَعْيِينِ وَرَدِّ الرَّهْنِ أَوْ فِي مِقْدَارِ الْمَرْهُونِ بِهِ. مَسْأَلَةٌ 1 - الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الرَّهْنِ (الْأَشْبَاهُ قُبَيْلَ الْجِنَايَاتِ) " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 86 ". . مَسْأَلَةٌ 2 - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ الرَّهْنُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّهُ هُوَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْقَابِضَ هُوَ الْمُرْتَهِنُ (الْأَشْبَاهُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَ مَالَهُ الَّذِي بِقِيمَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ هُوَ هَذَا وَأَحْضَرَ مَالًا بِقِيمَةِ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ الرَّاهِنُ أَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ هُوَ هَذَا الْمَالُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ هَذَا. لِأَنَّهُ بَيْنَمَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ بِقِيمَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ فَالِادِّعَاءُ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ هُوَ هَذَا الَّذِي أَحْضَرَ يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الرَّهْنِ) . وَلَوْ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ بِفَرَسٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ فَقَالَ الرَّاهِنُ " لَيْسَ هَذَا الْفَرَسُ الْمَرْهُونَ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: هَذَا ذَلِكَ الْفَرَسُ وَانْتَقَصَ سِعْرُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَيَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ يُجْعَلُ الْفَرَسُ هَالِكًا بِالدَّيْنِ فِي زَعْمِهِ (الْخَانِيَّةُ بِتَغْيِيرٍ وَفِيهَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ) . . مَسْأَلَةٌ 3 - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا إذَا قَالَ الرَّاهِنُ: إنِّي كُنْتُ رَهَنْت وَسَلَّمْتُ هَذَا الثَّوْبَ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: كُنْتُ رَهَنْت وَسَلَّمْتُ هَذَا الْبَغْلَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ وَالْبَغْلُ مَوْجُودَيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. وَأَمَّا إذَا كَانَا هَالِكَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الَّذِي ادَّعَى الرَّاهِنُ رَهْنَهَا وَتَسْلِيمَهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْبَغْلِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّكَ كُنْتَ رَهَنْتَ وَسَلَّمْتَ الثَّوْبَ وَالْبَغْلَ كِلَيْهِمَا وَقَالَ الرَّاهِنُ: إنِّي رَهَنْتُ وَسَلَّمْتُ الثَّوْبَ فَقَطْ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1762) وَأَمَّا الْقَوْلُ فَلِلرَّاهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . . مَسْأَلَةٌ 4 - إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ قَبْضِ الرَّهْنِ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِلرَّاهِنِ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ يَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ اتَّفَقَا عَلَى دُخُولِ الْمَرْهُونِ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَدَّعِي الْمُرْتَهِنُ

المبحث الثاني في الاختلاف على بيع المرهون وثمنه

الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ وَالرَّاهِنُ يُنْكِرُهُ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ. وَلَا يُقَالُ إنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) . لِأَنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ بِخُصُوصِ الْأَمَانَةِ الْمَحْضَةِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَلَيْسَ بِالْأَمَانَةِ الْمَحْضَةِ بَلْ إنَّهُ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ. عَلَى مَا وَرَدَ تَفْصِيلُهُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رِوَايَةً صَحِيحَةً بِخُصُوصِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فَكَوْنُ الْقَوْلِ مَعَ الْيَمِينِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَيَلْزَمُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (1774) السَّالِفَةِ الذِّكْرِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ وَادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّاهِنِ. وَتُرَجَّحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ وَالْخَانِيَّةُ) . مَسْأَلَةٌ 5 - إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمُوجِبِ لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1762) . وَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ فَقَطْ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1769) . (والشرنبلالي رَدُّ الْمُحْتَارِ التَّنْقِيحُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . . مَسْأَلَةٌ 6 - إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الرَّهْنَ هَلَكَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَادَّعَى الرَّاهِنُ هَلَاكَهُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يُنْكِرُ أَسَاسًا دُخُولَ الْمَرْهُونِ فِي ضَمَانِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) . وَإِنْ أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ. لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1762) " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ الْبَزَّازِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ ". [الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي الِاخْتِلَافِ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَثَمَنِهِ] مَسْأَلَةٌ 7 - إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَلْفَ قِرْشٍ وَأَفَادَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِتِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ يُسْأَلُ الرَّاهِنُ فَإِذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ تِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَدْلِ وَالْمُرْتَهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) وَالْبَيِّنَةُ لِلرَّاهِنِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1762) . . وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الرَّاهِنُ الْبَيْعَ مُدَّعِيًا أَنَّ الرَّهْنَ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدِّينِ. . مَسْأَلَةٌ 8 - إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَالْوَكِيلُ بِتِسْعِمِائَةٍ وَالْمُرْتَهِنُ بِثَمَانِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَ الثَّمَانَمِائَةِ قِرْشٍ الْمَذْكُورَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَيَأْخُذُ الْمِائَتَيْ قِرْشٍ مِنْ الرَّاهِنِ عَلَى حِدَةٍ. وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلرَّاهِنِ.

المبحث الثالث في اختلاف الراهن والمرتهن على مقدار المرهون به

مَسْأَلَةٌ 9 - إذَا أَقَامَ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ بَاعَ الرَّهْنَ بِتِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ وَأَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يُبَعْ وَأَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ . مَسْأَلَةٌ 10 - إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا هُوَ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنٍ بَالِغٍ أَلْفَ قِرْشٍ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنِّي بِعْته بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ تَبِعْهُ بَلْ إنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِكَ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى بَيْعِهِ فَبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفْ الرَّاهِنُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِبَيْعِ الْمُرْتَهِنِ. وَلَا يَحْلِفُ عَلَى أَنَّ الْمَرْهُونَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَإِنْ حَلَفَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ (الْخَانِيَّةُ) (اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ 741) . . مَسْأَلَةٌ 11 - إذَا بَاعَ الْعَدْلُ الْمَرْهُونَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ أَنْ حَصَلَ التَّصَادُقُ عَلَى ذَلِكَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ الرَّاهِنُ: بَاعَهُ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ (وَلَمَّا صَارَ كُلٌّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الرَّهْنِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ) وَصَادَقَ الْعَدْلُ عَلَى قَوْلِ الرَّاهِنِ. مَعَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يُصَادِقْ وَقَالَ: لَا بَلْ بِيعَ بِخَمْسِ ذَهَبَاتٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُرْتَهِنِ. وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلرَّاهِنِ (الْخَانِيَّةُ) . [الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَلَى مِقْدَارِ الْمَرْهُونِ بِهِ] . مَسْأَلَةٌ 12 - إذَا رَهَنَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ مَالًا مُقَابِلَ دَيْنٍ بَالِغٍ أَلْفَ قِرْشٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: إنِّي رَهَنْته مُقَابِلَ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: رَهَنْته - مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ تَمَامًا وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُنْكِرٌ تَعَلُّقَ الْمَرْهُونِ بِزِيَادَةِ الدَّيْنِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . (الْخَانِيَّةُ) . . مَسْأَلَةٌ 13 - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِيمَا لَوْ قَالَ الرَّاهِنُ: أَعْطَيْتُ رَهْنًا مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَهَنْت مُقَابِلَ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مَوْجُودًا وَقِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ يَجْرِي التَّحَالُفُ، فَإِنْ حَلَفَا كِلَاهُمَا يُرَدُّ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ. وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ التَّحَالُفِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يُنْكِرُ سُقُوطَ زِيَادَةِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . فَإِذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ عَلَى مِقْدَارِ الْمَرْهُونِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ مَثَلًا: إنَّكَ كُنْتَ رَهَنْتَ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ مُقَابِلَ مَطْلُوبِي الْبَالِغِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ: كُنْتُ رَهَنْتُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ يَجْرِي التَّحَالُفُ. وَإِنْ أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ رُجِّحَ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. [الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي نِزَاعِ شَخْصَيْنِ عَلَى رَهْنٍ وَاحِدٍ] مَسْأَلَةٌ 14 - إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ شَخْصَيْنِ فِي مَالٍ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مَرْهُونٌ عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي حَيَاةِ الرَّاهِنِ وَفِي هَذَا ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ أَيْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْ ذَيْنِكَ الشَّخْصَيْنِ. فَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إنْ بَيَّنَ الْآخَرُ تَارِيخًا يُحْكَمُ بِرَهْنِيَّةٍ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لَدَى الْيَدِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذِي الْيَدِ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ عَقْدِهِ وَالْأَسْبَقُ عَقْدًا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ الْآخَرُ وُقُوعَ عَقْدِهِ وَقَبْضِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْأَوَّلُ الرَّهْنَ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ ذَيْنِكَ الشَّخْصَيْنِ مَعًا. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ وَضَعَا الْيَدَ عَلَيْهِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَقَطْ. وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إذَا بَيَّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَكَانَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا سَابِقًا يُحْكَمُ لَهُ. لِأَنَّ مَنْ كَانَ تَارِيخُهُ سَابِقًا أَثْبَتَ يَدَهُ وَثَبَتَ حَقُّهُ فِي زَمَنٍ لَمْ تَكُنْ لِلْآخَرِ مُنَازَعَةٌ فِيهِ. وَإِذَا بَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَارِيخًا يُحْكَمُ لَهُ. لِأَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ لِكَوْنِ ثُبُوتِ عَقْدِ الرَّهْنِ بِحَقِّ الَّذِي بَيَّنَ تَارِيخًا فِي التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ وَبِحَقِّ الْآخَرِ فِي الْحَالِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدٌ مِنْهُمَا تَارِيخًا أَوْ إذَا بَيَّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَاحِدًا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ لِأَنَّهَا بَاطِلَةٌ. حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مِلْكٌ وَاحِدٌ مَرْهُونًا عِنْدَ شَخْصَيْنِ وَلَا مَسَاغَ فِي رَهْنِهِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا أَيْضًا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ شُيُوعٌ. وَرَهْنُ الْمَشَاعِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فَإِنَّمَا يَهْلِكُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلرَّهْنِ الْبَاطِلِ (أَبُو السُّعُودِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ وَفَاةِ الرَّاهِنِ وَفِيهَا أَيْضًا ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يُبَيِّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا لِلِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا سَابِقًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَحْكُمُ لِمَنْ كَانَ تَارِيخُهُ مُقَدَّمًا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُبَيِّنَ الِاثْنَانِ تَارِيخًا وَاحِدًا أَيْ مُسَاوِيًا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يُبَيِّنَ أَحَدٌ مِنْهُمَا تَارِيخًا. وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُنْظَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ فِي يَدِهِمَا - كَوُجُودِهِ فِي تَرِكَةِ الرَّاهِنِ - فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُحْكَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمُنَاصَفَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ هُوَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الرَّهْنِ بِأَنْ يُبَاعَ لِدَيْنِهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلشَّرِكَةِ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا بَرْهَنَا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ لَا يُقْبَلُ فَإِذَا بَرْهَنَا بَعْدَ مَوْتِهَا قُبِلَ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمَا الْمَالُ فَيُقْتَضَى لِكُلٍّ نِصْفُ مِيرَاثِ زَوْجٍ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ لِأَنَّ قَبْضَهُ دَلِيلٌ عَلَى سَبَقِهِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)

الخاتمة في بيان دعوى الرهنية

[الْخَاتِمَةُ فِي بَيَانِ دَعْوَى الرَّهْنِيَّةِ] ِ وَالِاسْتِيدَاعِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ التَّصَدُّقِ مَعَ التَّسْلِيمِ فِي مَالٍ. مَسْأَلَةٌ 15 - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الْوَدِيعَةِ. كَمَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ بِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَخَذَ مِنِّي هَذَا الْمَالَ الْمَوْجُودَ فِي يَدِهِ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّهُ أَخَذَهُ رَهْنًا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ الْمُرْتَهِنِ. لِأَنَّهُ فِي اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ عَلَى الْإِيدَاعِ فَيَعْتَبِرُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ أَوَّلًا ثُمَّ رَهَنَ بَعْدَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ شُهُودُ الطَّرَفَيْنِ صَادِقِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ. . مَسْأَلَةٌ 16: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْمَالَ إلَى هَذَا الشَّخْصِ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّهُ رَهَنَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَا الْمُدَّعَى تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ. فَيُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ رَهْنٌ أَوَّلًا ثُمَّ بَيْعٌ مُؤَخَّرًا فَتَبْطُلُ الرَّهْنِيَّةُ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا يُعَدُّ شُهُودُ الطَّرَفَيْنِ صَادِقِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ. . مَسْأَلَةٌ 17: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَالتَّسْلِيمَ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الْهِبَةَ وَالْقَبْضَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْوَاحِدُ مِنْ الْخَارِجِينَ الرَّهْنَ وَالْقَبْضَ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ وَالْخَارِجُ الْآخَرُ ادَّعَى الصَّدَقَةَ وَالْقَبْضَ. تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ. مَا لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ الْخَارِجُ الْآخَرُ أَنَّ الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ حَصَلَ قَبْلَ وُقُوعِ الرَّهْنِ . مَسْأَلَةٌ 18: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ الشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ فِي مَالٍ وَادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ الرَّهْنَ وَالْقَبْضَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَأَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَا مُدَّعَاهُمَا فَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّ الرَّهْنَ وَقَعَ فِي تَارِيخٍ أَقْدَمَ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ. مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ تَارِيخَ الشِّرَاءِ مُقَدَّمٌ. تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ: 25 صَفَرِ 1288.

الكتاب السادس الأمانات

[الْكِتَابُ السَّادِسُ الْأَمَانَاتُ] ُ الْأَمَانَاتُ الْأَمَانَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. لِأَنَّ مُعَامَلَةَ الْإِنْسَانِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ رَبِّهِ أَوْ مَعَ الْعِبَادِ أَوْ مَعَ نَفْسِهِ. وَالرِّعَايَةُ لِلْأَمَانَةِ لَازِمَةٌ فِيهَا كُلِّهَا. وَرِعَايَةُ الْإِنْسَانِ لِلْأَمَانَةِ مَعَ رَبِّهِ تَكُونُ بِإِجْرَاءِ جَمِيعِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكِ كَافَّةِ الْمَنْهِيَّاتِ وَكُلُّ شَيْءٍ يُكَلِّفُ اللَّهُ الْإِنْسَانَ بِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَاجِبَةُ التَّأْدِيَةِ عَلَى الْإِنْسَانِ الْمُكَلَّفِ وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْأَمَانَةِ شَبِيهٌ بِبَحْرٍ لَيْسَ لَهُ سَاحِلٌ. وَأَمَانَةُ الْإِنْسَانِ مَعَ الْعِبَادِ أَيْضًا تَكُونُ بِمُحَافَظَتِهِ عَلَى حُقُوقِ كَافَّةِ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ كَأَوْلَادِهِ وَزَوْجَتِهِ وَمَمَالِكِهِ وَأَصْحَابِهِ وَجِيرَانِهِ وَعُمُومِ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ وَبِعَدَمِ خِيَانَتِهِ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ. وَالْأَمَانَاتُ الْمَبْحُوثُ عَنْهَا فِي هَذَا الْكِتَابِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْ مِنْ جُمْلَةِ أَمَانَةِ الْإِنْسَانِ مَعَ الْعِبَادِ وَرِعَايَةُ الْإِنْسَانِ لِلْأَمَانَةِ مَعَ نَفْسِهِ أَيْضًا عِبَارَةٌ عَنْ اخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ مَا كَانَ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَحِفْظُهُ وَوِقَايَةُ نَفْسِهِ مِمَّا هُوَ مُضِرٌّ لَهَا فِي الْعُقْبَى (شَيْخُ زَادَهْ عَلَى تَفْسِيرِ الْقَاضِي) .

(المادة 762) الأمانة هي الشيء الموجود عند الشخص الذي اتخذ أمينا

الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمَانَاتِ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمَانَاتِ. الْأَمَانَاتُ جَمْعُ أَمَانَةٍ وَتُعَرَّفُ الْأَمَانَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِي ذِكْرُهَا. وَالْأَمَانَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرًا أَيْ بِمَعْنَى كَوْنِ الْإِنْسَانِ أَمِينًا فَقَدْ جُمِعَتْ هُنَا بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَتِهِ اسْمَ الْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ (شَيْخُ زَادَهْ) . ذِكْرُ الْأَمَانَةِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَدُّدِ أَنْوَاعِ الْأَمَانَةِ الْمَبْحُوثِ فِيهَا هُنَا مِثْلُ اللُّقَطَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ. وَجَمْعُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْعَائِدَةِ لِلُّقَطَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَذْكُورٌ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابٍ) فِي أَكْثَرِ كُتُبِ الْفِقْهِ وَحَيْثُ إنَّ الثَّلَاثَةَ مَعَ اتِّحَادِهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا أَمَانَةً بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا فَكَانَ جَمْعُهَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ تَحْتَ عِنْوَانِ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ مُنَاسِبًا وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ الْمَأْجُورَ أَيْضًا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (600) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1350) أَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ أَيْضًا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشَارِكِينَ. وَلَكِنْ بِالنَّظَرِ لِكَثْرَةِ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ فَقَدْ وُجِدَ مِنْ الْمُنَاسِبِ إيرَادُهَا فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ. بَحَثَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي أَشْبَاهِهِ تَحْتَ عِنْوَانِ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ فِي اللُّقَطَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الْوَقْفِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي وَمَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي يَدِ الْأَبِ وَالْحَاكِمِ أَوْ الْوَصِيِّ وَسَرَدَ بَعْضَ أَحْكَامِ هَذِهِ الْأَمَانَاتِ وَلَكِنْ لَمْ تُوضَعْ الْأَمَانَاتُ الَّتِي هِيَ كَمَالِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ مَوْضِعَ الْبَحْثِ فِي الْمَجَلَّةِ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ الْمَجَلَّةُ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ وَأَسَّسَ أُصُولَ ذِكْرِ اللُّقَطَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ. تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابِ الْأَمَانَاتِ) . وَكَمَا أَنَّ حِفْظَ الْأَمَانَةِ مُوجِبٌ لِلسَّعَادَةِ فِي الدَّارَيْنِ فَالْخِيَانَةُ لِلْأَمَانَةِ تَسْتَلْزِمُ الشَّقَاءَ. وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَمَانَةُ تَجُرُّ الْغِنَى وَالْخِيَانَةُ تَجُرُّ الْفَقْرَ» . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 762) الْأَمَانَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الشَّخْصِ الَّذِي اُتُّخِذَ أَمِينًا] (الْمَادَّةُ 762) : الْأَمَانَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الشَّخْصِ الَّذِي اُتُّخِذَ أَمِينًا. سَوَاءٌ أَجُعِلَ أَمَانَةً بِعَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ كَالْوَدِيعَةِ أَمْ كَانَ أَمَانَةً ضِمْنَ عَقْدٍ كَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ. أَوْ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِ شَخْصٍ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا قَصْدٍ. كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي دَارِ أَحَدٍ مَالَ جَارِهِ فَنَظَرًا لِكَوْنِهِ لَمْ يُوجَدْ عَقْدٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيْتِ بَلْ أَمَانَةٌ فَقَطْ.

(المادة 764) الإيداع إحالة الشخص محافظة ماله إلى آخر

الْأَمَانَةُ لُغَةً مَصْدَرٌ بِمَعْنَى كَوْنِ الْإِنْسَانِ أَمِينًا. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْأَمَانَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ مَنْ اُتُّخِذَ أَمِينًا يَعْنِي الْمَالَ. . الْوَدِيعَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْمَالُ الَّذِي يُودَعُ عِنْدَ شَخْصٍ بِقَصْدِ الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ) . وَعُرِّفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِعِلَاوَةِ قَيْدِ " فَقَطْ " عَلَى تَعْرِيفِهَا وَقُصِدَ بِذَلِكَ الْقَيْدِ إخْرَاجُ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تُعْطَى لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَلِأَجَلِ الِانْتِفَاعِ مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بَيْدَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحِفْظُ مَقْصُودًا فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ كَمَا هُوَ مَعْقُودٌ فِي الْعَارِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَهَذَا الْمَقْصُودُ لَيْسَ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ وَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ فِيهَا هُوَ شَيْءٌ آخَرُ وَالْحِفْظُ ضِمْنِيٌّ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَحَيْثُ إنَّ الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةَ تَبْقَى خَارِجَةً بِتَعْبِيرِ (لِأَجَلِ الْحِفْظِ) الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ فَلَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ لُزُومًا لِذِكْرِ وَعِلَاوَةِ قَيْدِ (فَقَطْ) . سُؤَالٌ - تَعْرِيفُ الْوَدِيعَةِ هَذَا مَعَ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِتَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ يُوجَدُ فِيهِ تَكْرَارٌ. لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ عَرَّفُوا الْأَمَانَةَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (الْأَمَانَةُ الَّتِي تُتْرَكُ لِأَجَلِ الْحِفْظِ) . فَهَا قَدْ فُهِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِتَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ. وَالْمَجَلَّةُ ذَكَرَتْ الْإِيدَاعَ فِي التَّعْرِيفِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْإِيدَاعِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لَدَى التَّعْرِيفِ تُحَصِّلُ هَذِهِ الْمَجَلَّةُ (الْمَالُ الَّذِي تُحَالُ مُحَافَظَتُهُ إلَى شَخْصٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ) وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وُجِدَ التَّكْرَارُ. الْجَوَابُ - حَيْثُ إنَّ لَفْظَ إيدَاعٍ الْوَاقِعِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ مُسْتَعْمَلٌ لُغَةً بِمَعْنَى الْوَضْعِ أَمَانَةً يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ عَيْنَ تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ يَعْنِي أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ يَصِيرُ هَكَذَا: الْوَدِيعَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ أَمَانَةً عِنْدَ شَخْصٍ. وَكَمَا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ لَفْظَ إيدَاعٍ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى وَضْعِ شَيْءٍ أَمَانَةً. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَفْظُ إيدَاعٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّجْرِيدِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَفْظُ إيدَاعٍ بِمَعْنَى مُجَرَّدِ الْإِحَالَةِ إلَى الْغَيْرِ فَيُجَابُ عَلَى السُّؤَالِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَلَا لُزُومَ لِارْتِكَابِ الْمَجَازِ غَيْرِ الْمُنَاسِبِ فِي التَّعْرِيفِ. [ (الْمَادَّةُ 764) الْإِيدَاعُ إحَالَةُ الشَّخْصِ مُحَافَظَةَ مَالِهِ إلَى آخَرَ] (الْمَادَّةُ 764) الْإِيدَاعُ إحَالَةُ الشَّخْصِ مُحَافَظَةَ مَالِهِ إلَى آخَرَ وَيُقَالُ لِلْمُحِيلِ مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ وَلِلَّذِي قَبِلَ وَدِيعٌ وَمُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ. الْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ إحَالَةُ شَخْصٍ مُحَافَظَةَ مَالِ نَفْسِهِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً إلَى آخَرَ وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي قَبِلَ الْإِحَالَةَ وَدِيعٌ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَمُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ وَمُودَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْضًا (التَّنْوِيرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَشِبْلِيٌّ) . الْإِحَالَةُ صَرَاحَةً: تَكُونُ بِقَوْلِهِ كَلَامًا مِثْلَ أَوْدَعْتُكَ مَالِي هَذَا أَوْ أَعْطَيْتُهُ أَمَانَةً. الْإِحَالَةُ دَلَالَةً: مَثَلًا إذَا أَخَذَ رَجُلٌ زِقًّا قَدْ انْفَتَحَ وَسَالَ الدُّهْنُ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فِي غِيَابِ مَالِكِهِ يَكُونُ الْتَزَمَ الْحِفْظَ دَلَالَةً حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ وَسَالَ الدُّهْنُ مِنْهُ يَضْمَنُ مَا سَالَ بَعْدَ أَخْذِهِ إيَّاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ قَطُّ أَوْ إنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا حِينَمَا أَخَذَهُ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا مِنْ حَالَةِ أَخْذِهِ إيَّاهُ ثُمَّ سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَضَاعَ لَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ (الْبَحْرُ)

(المادة 765) العارية هي المال الذي تمتلك منفعته لآخر مجانا

سُؤَالٌ، فِي مَسْأَلَةِ الظَّرْفِ لَا يُوجَدُ إحَالَةُ مُحَافَظَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِحَالَةَ فِعْلُ الْمَالِكِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْتِزَامُ مُحَافَظَتِهِ. لَكِنَّ - الِالْتِزَامَ فِعْلُ الْأَمِينِ. الْجَوَابُ، الْمَقْصُودُ هُوَ إحَالَةُ الشَّرْعِ. إذْ أَنَّهُ بِأَخْذِهِ الظَّرْفَ قَدْ الْتَزَمَ الْمُحَافَظَةَ شَرْعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَحَيْثُ إنَّ لَفْظَ وَدِيعٍ لَمْ تُسْتَعْمَلْ فِي الْمَوَادِّ الَّتِي سَيَأْتِي ذِكْرُهَا اُسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ مُسْتَوْدَعٍ فَذِكْرُ كَلِمَةِ وَدِيعٍ فِي الْمَادَّةِ (1637) لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا مُتَعَيِّنَةٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ. سُؤَالٌ - هَذَا التَّعْرِيفُ لَيْسَ جَامِعًا أَفْرَادَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِوُجُودِ تَعْبِيرِ (مَالِ ذَاتِهِ) فِي التَّعْرِيفِ فَلَا يَكُونُ مُتَنَاوِلًا إيدَاعَ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ يَعْنِي الْإِيدَاعَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَادَّةِ 791. فَبِنَاءً عَلَيْهِ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ (الْإِيدَاعُ هُوَ إحَالَةُ مُحَافَظَةِ مَالٍ إلَى آخَرَ) . الْجَوَابُ - إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ 791 فَفِي هَذَا لَا يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَوْدَعُ هُوَ الَّذِي أَوْدَعَ بَلْ صَاحِبُ الْمَالِ بِحُكْمِ الْمَادَّتَيْنِ 1460 و 1462 مِنْ الْمَجَلَّةِ وَالْمُسْتَوْدَعُ رَسُولٌ بَيْنَهُمَا. سُؤَالٌ 2 - لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يُودِعَ مَالَ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1379) وَالْحَالُ أَنَّ قِسْمًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَوْدَعَهُ لَيْسَ مَالَهُ الْخَاصَّ. سُؤَالٌ 3 - جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 78 مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ فَكَمَا أَنَّ الْحِفْظَ أَيْضًا هُوَ إيدَاعٌ فَلِأَحَدِ الْمُسْتَوْدَعِينَ عِنْدَ تَعَدُّدِهِمْ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّقْسِيمَ بِإِذْنِ الْآخَرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (783) وَهَذَا الْإِذْنُ إيدَاعٌ لِلْوَدِيعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَيْسَ هَذَا التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ. الْجَوَابُ عَلَى السُّؤَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِمَا أَنَّ إيدَاعَ الْمُسْتَوْدَعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِإِذْنِ الْمُودِعِ دَلَالَةً فَالْمُودِعُ هُوَ صَاحِبُ الْمَالِ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ. جَوَابٌ آخَرُ عَلَى الْأَسْئِلَةِ الثَّلَاثَةِ جُمْلَةً (كَمَا يَجُوزُ التَّعْرِيفُ بِالْمُسَاوِي وَالتَّعْرِيفُ بِالْأَعَمِّ وَالتَّعْرِيفُ بِالْأَخَصِّ جَائِزَانِ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا التَّعْرِيفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ يَعْنِي هُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَخَصِّ) . [ (الْمَادَّةُ 765) الْعَارِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي تُمْتَلَكُ مَنْفَعَتُهُ لِآخَرَ مَجَّانًا] (الْمَادَّةُ 765) الْعَارِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي تُمْتَلَكُ مَنْفَعَتُهُ لِآخَرَ مَجَّانًا أَيْ بِلَا بَدَلٍ وَيُسَمَّى مُعَارًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَيْضًا. . الْعَارِيَّةُ تَجُوزُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَالتَّشْدِيدُ أَفْصَحُ وَفِي ذَلِكَ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ أَيْضًا وَهُوَ عَارَةٌ عَلَى وَزْنِ نَاقَةٍ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ بِسُرْعَةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عَارَ إذَا ذَهَبَ أَيْ مِنْ مَصْدَرِهَا إنْ أُرِيدَ الِاشْتِقَاقُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ (بَاجُورِيٌّ) وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هِيَ الْمَالُ الَّذِي تُمْتَلَكُ مَنْفَعَتُهُ لِآخَرَ مَجَّانًا أَيْ بِلَا بَدَلٍ وَكَمَا يُسَمَّى مُعَارًا وَمُسْتَعَارًا بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا وَلَفْظُ الْعَارِيَّةِ لَيْسَ مَنْسُوبًا إلَى الْعَارَةِ الَّتِي بِمَعْنَى الْمُنَاوَبَةِ.

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ فَقَدْ عَرَّفَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ الْكَرْخِيُّ الْعَارِيَّةَ بِأَنَّهَا إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ عَلَى كَوْنِ الْعَارِيَّةِ إبَاحَةً (أَوَّلًا) : تَنْعَقِدُ الْعَارِيَّةُ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ، (ثَانِيًا) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَارِيَّةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ وَالْحَالُ أَنَّ التَّمْلِيكَ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِجَائِزٍ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 452) . سُؤَالٌ - الِاتِّخَاذُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى حُصُولِ الْإِنْسَانِ عَلَى شَيْءٍ يَعْمَلُهُ. فَبِنَاءً عَلَى هَذَا لَا يَكُونُ صُنْعٌ وَلَا عَمَلٌ فِي الْأَمَانَةِ الَّتِي تَصِلُ لِيَدِ شَخْصٍ فِي حَالَةِ وُقُوعِ مَالِ الْجَارِ فِي بَيْتِ جَارِهِ فِيمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَأَلْقَتْ الْمَالَ فِي الْبَيْتِ الْآخَرِ مَثَلًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْجَارَ لَمْ يُتَّخَذْ أَمِينًا عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ وَمَالِكِ الْأَمَانَةِ. فَإِذَنْ الْقَسِيمُ مُبَايِنٌ لِلْمُقْسِمِ. الْجَوَابُ - الْمَقْصُودُ مِنْ الِاتِّخَاذِ لَيْسَ اتِّخَاذَ مَالِكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ حَصْرًا فَقَطْ بَلْ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاتِّخَاذُ مِنْ طَرَفِ مَالِكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَمَا هِيَ الْحَالَةُ فِي الْمَبِيعِ الْمَقْبُوضِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَفِي الْمَأْجُورِ الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمِينًا وَمُعْتَمَدًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمَّا مِنْ قِبَلِ الشَّرِيعَةِ كَمَا هُوَ الْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ وَفِي الْمَالِ الَّذِي أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِ الْجِيرَانِ. وَلَا شَكَّ بِأَنَّهُ إذَا صَارَ مَالٌ فِي يَدِ شَخْصٍ بِدُونِ عَقْدٍ وَلَا قَصْدٍ يَتَّخِذُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَمِينًا أَيْ يَأْمُرُهُ بِالْمُحَافَظَةِ كَيْ يَرُدَّهُ أَخِيرًا إلَى صَاحِبِهِ وَسَوَاءٌ أَجُعِلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ أَمَانَةً بِعَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ كَالْوَدِيعَةِ وَبِمَا أَنَّ الْأَمَانَةَ لَا تَكُونُ بِعَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ إلَّا فِي الْوَدِيعَةِ (فَكَافُ) التَّشْبِيهِ هُنَا زَائِدَةٌ أَمْ كَانَ أَمَانَةً ضِمْنَ عَقْدٍ آخَرَ صَحِيحٍ أَوْ غَيْرِ صَحِيحٍ كَالْمَبِيعِ الَّذِي قَبَضَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَالْمَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قِبَلِ الْوَكِيلِ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ. إذْ أَنَّ الْمَأْجُورَ صَارَ أَمَانَةً ضِمْنَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْمَرْهُونَ ضِمْنَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَمَالَ الْمُضَارَبَةِ وَغَيْرَهُ ضِمْنَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ. يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ عَقْدَ الْإِيدَاعِ كَانَ لِأَجْلِ الِاسْتِحْفَاظِ فَقَطْ وَالْأَمَانَاتُ الْأُخْرَى لَيْسَتْ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْفَاظِ أَيْ أَنَّ الْمَقْصُودَ وَالْأَصْلِيَّ فِيهِ لَيْسَ الِاسْتِحْفَاظُ بَلْ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُهُ فَالْمَأْجُورُ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً فَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ فِيهِ لَيْسَ الْحِفْظُ بَلْ تَمْلِيكٌ وَالْحِفْظُ فِيهَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) تَبَعِيٌّ وَضِمْنِيٌّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. لِأَنَّ حِفْظَ الْمَأْجُورِ لَازِمٌ لِتَأْمِينِ الِانْتِفَاعِ الْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ وَسَوَاءٌ أَصَارَ أَمَانَةً فِي يَدِ شَخْصٍ بِدُونِ سَبْقِ عَقْدٍ وَقَصْدٍ مَا كَمَالِ الْيَتِيمِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْأَبِ وَالْحَاكِمِ وَاللُّقَطَةِ الَّتِي وَجَدَهَا الْمُلْتَقِطُ فَحَفِظَهَا لِأَجْلِ أَنْ يُعِيدَهَا إلَى مَالِكِهَا. أَوْ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِ رَجُلٍ بِلَا قَصْدٍ. فَمَالُ الْيَتِيمِ الْمَوْجُودُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ وَمَالُ الْوَقْفِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي وَالْعَيْنُ الْمَوْجُودَةُ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ بِالِانْتِفَاعِ مِنْهَا أَمَانَةٌ وَلَيْسَتْ وَدِيعَةً (الْبَحْرُ) . كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْ الرِّيحُ مَالَ أَحَدٍ عَلَى بَيْتِ جَارِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَنَظَرًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَصْدِ وَالْعَقْدِ لَا

(المادة 763) الوديعة هي المال الذي يودع عند شخص لأجل الحفظ

يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً - عِنْدَ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَلَا يَكُونُ أَيْضًا لُقَطَةً لِلْعِلْمِ بِصَاحِبِهِ بَلْ يَكُونُ أَمَانَةً فَقَطْ وَلَفْظُ (كَمَا لَوْ. ..) هَذَا مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (بِدُونِ قَصْدٍ وَعَقْدٍ. ..) وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ بَيْنَ الْأَمَانَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ. وَالْحَمْلُ فِي قَوْلِهِمْ (الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَالْمُسْتَعَارُ أَمَانَةٌ وَالْمَأْجُورُ أَمَانَةٌ) مِنْ قَبِيلِ حَمْلِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ كَالْحَمْلِ فِي قَوْلِهِمْ (كُلُّ إنْسَانٍ حَيَوَانٌ) وَهُوَ حَمْلٌ صَحِيحٌ وَأَمَّا عَكْسُهُ أَيْ حَمْلُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ كَالْقَوْلِ كُلُّ حَيَوَانٍ إنْسَانٌ لَا يَجُوزُ. مَادَّةُ الِاجْتِمَاعِ وَمَادَّةُ الِافْتِرَاقِ - يَجْتَمِعُ خُصُوصُ كَوْنِ الشَّيْءِ أَمَانَةً وَدِيعَةً فِي الْمَالِ الَّذِي أُعْطِيَ ضِمْنَ عَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ أَيْ فِي الْوَدِيعَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَالَ الَّذِي أُعْطِيَ لِأَجْلِ عَقْدِ الِاسْتِحْفَاظِ يَكُونُ أَمَانَةً وَدِيعَةً مَعًا. وَأَمَّا إذَا وَقَعَ مَالُ شَخْصٍ عَلَى بَيْتِ جَارِهِ بِسَبَبِ هُبُوبِ الرِّيحِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَلَيْسَ وَدِيعَةً. فَتَفْتَرِقُ الْأَمَانَةُ عَنْ الْوَدِيعَةِ فِي هَذَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بَيْنَ الْأَمَانَةِ الْوَدِيعَةِ فَرْقَانِ مُخْتَلِفَانِ: الْأَوَّلُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وُجُودُ عُمُومٍ وَخُصُوصٍ مُطْلَقٍ بَيْنَهُمَا. الثَّانِي - اخْتِلَافُ الْأَمَانَةِ عَنْ الْوَدِيعَةِ حُكْمًا أَيْضًا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. مَثَلًا بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ فِي الْوَدِيعَةِ وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْمُضَارِبُ وَالْمُسْتَبْضَعُ وَالشَّرِيكُ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ بَعْدَ مُخَالِفَتِهِ وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ فَلَا يَبْرَأُ الْأَمِينُ بَعْدَ الْمُخَالِفَةِ وَالْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ، يَعْنِي حَتَّى وَلَوْ أَزَالَ الْأَمِينُ تَعَدِّيهِ بِقَصْدِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى مَرَّةً أُخْرَى لَا يَزُولُ حُكْمُ الضَّمَانِ وَلَا تَنْقَلِبُ يَدُ الْغَصْبِ أَيْ يَدُ الضَّمَانِ إلَى يَدِ الْأَمَانَةِ بِمُجَرَّدِ إزَالَةِ التَّعَدِّي بِنِيَّةِ أَنْ لَا يَتَعَدَّى مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ أَنْ يَكُونَ تَعَدَّى عَلَى الْأَمَانَةِ بَلْ تَبْقَى فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يَرُدَّهَا سَالِمَةً. وَسَيَأْتِي إيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ مُطَالَعَةِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَبْحَثْ فِيهِ فِي عُمُومِ الْأَمَانَةِ الْمَذْكُورَةِ بِصُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَلْ أَنَّهُ بَحَثَ فِي بَعْضِ الْأَمَانَاتِ كَاللُّقَطَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَلَكِنَّهُ جَرَى الْبَحْثُ فِي الْمَادَّةِ (370) عَلَى أَمَانَةِ الْمَبِيعِ بَاطِلًا وَفِي الْمَادَّةِ (600) عَلَى أَمَانَةِ الْمَأْجُورِ وَفِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) عَلَى أَمَانَةِ الْمَرْهُونِ وَفِي الْمَادَّةِ (1350) عَلَى أَمَانَةِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَفِي الْمَادَّةِ (1413) عَلَى أَمَانَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَفِي الْمَادَّةِ (1461) عَلَى أَمَانَةِ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ مِنْ قِبَلِ الْوَكِيلِ بِسَبَبِ الْوَكَالَةِ. [ (الْمَادَّةُ 763) الْوَدِيعَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُودَعُ عِنْدَ شَخْصٍ لِأَجْلِ الْحِفْظ] الْوَدِيعَةُ لُغَةً مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْوَدْعِ الَّذِي هُوَ عَلَى وَزْنِ رَدْعِ وَمَعْنَى الْوَدْعُ التَّرْكُ مُطْلَقًا. وَإِنْ كَانَ وَزْنُ فَعِيلٍ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَرَحِيمٍ وَبِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ كَقَتِيلٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْرِيفِهِ الشَّرْعِيِّ الْآتِي أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ هُنَا بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ. إذَنْ فَاسْتِعْمَالُ وَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ يَكُونُ تَذْكِيرُهُ وَتَأْنِيثُهُ سَوَاءٌ حِينَمَا يَتَقَدَّمُ مَوْصُوفُهُ عَلَيْهِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ وَحَيْثُ إنَّ تَعْبِيرَيْ رَجُلٌ قَتِيلٌ وَامْرَأَةٌ قَتِيلٌ صَحِيحٌ فَالتَّاءُ الَّتِي فِي آخِرِ كَلِمَةِ وَدِيعَةٍ لَيْسَتْ عَلَامَةً

لِلتَّأْنِيثِ بَلْ أَنَّهَا عَلَامَةٌ عَلَى انْتِقَالِهَا مِنْ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ إلَى الِاسْمِيَّةِ. وَاسْتِعْمَالُ الْمَصْدَرِ (وَدْعٍ) وَمَاضِيهِ فِي اللُّغَةِ وَاقِعٌ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْعَالِي (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجَمَاعَاتِ) وَفِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى: 3] بِتَخْفِيفِ وَدَّعَكَ (الزَّيْلَعِيّ) . وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ الزنجاني قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى عِزِّي وَأَمَاتُوا مَاضِي يَدَعُ أَيْ أَنَّهُمْ تَرَكُوا اسْتِعْمَالَ الْمَاضِي الَّذِي مُضَارِعُهُ يَدَعُ وَلَا يُقَالُ وَدَعَهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ: تَرَكَهُ وَلَا وَادِعٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ: تَارِكٌ (سَعْدُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْعَزِيُّ) . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا أَمَاتُوهُ غَالِبًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ نَطَقُوا بِهِ نَادِرًا فَيَكُونُ هَهُنَا مِنْ قَبِيلِ النَّادِرِ (الْبَاجُورِيُّ) . وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ الشَّائِعَ اسْتِعْمَالُ مَصْدَرِهِ وَمَاضِيهِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ يَعْنِي تَوْدِيعٌ وَوَدَّعَ أَوْ مِنْ بَابِ إفْعَالٍ أَيْ إيدَاعٌ وَأَوْدَعَ فَاسْتَعْمَلَتْهُ الْمَجَلَّةُ مِنْ بَابِ إفْعَالٍ. ثَالِثًا - النَّهْيُ وَالْمَنْعُ فِي الْعَارِيَّةِ لَهُ عَمَلٌ وَتَأْثِيرٌ وَالْحَالُ لَا عَمَلَ وَلَا تَأْثِيرَ لِلنَّهْيِ فِي التَّمَلُّكِ كَالْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا نَهَى الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعَارِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَأَمَّا إذَا نَهَى الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَأْجُورِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ النَّهْيِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَيَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا أَوْ مَا كَانَ مُسَاوِيًا لَهَا أَوْ مَا دُونَهَا. رَابِعًا - إجَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ لَا تَجُوزُ فَلَوْ كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَمْلِيكًا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ تَمْلِيكٌ وَإِجَارَةٌ مَمْلُوكَةٌ (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي مَلَكَهَا بَعْدَ الْإِجَارَةِ لِلْآخَرِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 428) وَشَرْحَهَا. وَذَهَبَ عُلَمَاءُ آخَرُونَ إلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْلِيكِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَأَدِلَّةُ هَؤُلَاءِ هِيَ هَذِهِ: أَوَّلًا - لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ كَمَا ذُكِرَ عِبَارَةً عَنْ الْإِبَاحَةِ لَمَا كَانَ لِلْمُبَاحِ أَنْ يُبِيحَهَا لِلْآخَرِ مَثَلًا مَتَى أُبِيحَ الطَّعَامُ لِأَحَدٍ فَمَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَتَنَاوَلَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبِيحَهُ وَيُطْعِمَهُ غَيْرَهُ وَلَمَّا جَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ الْآخَرِ وَالْحَالُ أَنَّ عِبَارَةَ لِلْآخَرِ جَائِزَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (819) (الزَّيْلَعِيّ) . ثَانِيًا - انْعِقَادُ الْإِعَارَةِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ يَشْهَدُ عَلَى تَمْلِيكٍ وَلَيْسَتْ إبَاحَةً (الْبَحْرُ) وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْقَائِلُ بِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَبِمَا أَنَّ عَامَّةَ الْحَنَفِيَّةِ ذَهَبُوا لِهَذَا الْقَوْلِ فَالْمَجَلَّةُ اخْتَارَتْهُ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُمْكِنُ إعْطَاءُ الْجَوَابِ عَلَى أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا إبَاحَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْجَوَابُ عَلَى الْأَوَّلِ - الِاعْتِبَارُ فِي الْعُقُودِ لِلْمَقَاصِدِ وَالْمَعَانِي وَلَيْسَ لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 3) . . الْجَوَابُ عَلَى الثَّانِي - بِمَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا وَأَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ مَتَى شَاءَ فَجَهَالَةُ الْمُدَّةِ لَا تُوجِبُ النِّزَاعَ. وَكُلُّ جَهَالَةٍ لَا تَكُونُ جَالِبَةً لِلنِّزَاعِ لَا تَسْتَلْزِمُ فَسَادَ الْعَقْدِ. كَبَيْعِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمٍ وَتَسَلُّمٍ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (200) . وَأَمَّا الْمُعَاوَضَاتُ كَالْإِجَارَةِ فَحَيْثُ إنَّهَا لَازِمَةٌ وَإِنَّ الْجَهَالَةَ

فِيهَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ لَازِمٌ فِيهَا (الزَّيْلَعِيّ) وَلِذَلِكَ قَيَّدَتْ الْمَجَلَّةُ الْمَنْفَعَةَ فِي الْإِجَارَةِ بِقَيْدِ (مَعْلُومَةٌ) وَتَرَكَتْ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا. الْجَوَابُ عَلَى الثَّالِثِ - حَيْثُ إنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَإِنَّ لِلْمُعِيرِ حَقَّ الرُّجُوعِ مَتَى أَرَادَ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (6 80) فَلَا عَمَلَ وَلَا تَأْثِيرَ لِلنَّهْيِ. يَعْنِي أَنَّ هَذَا النَّهْيَ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْإِعَارَةِ. الْجَوَابُ عَلَى الرَّابِعِ - إنَّ عَدَمَ جَوَازِ إجَازَةِ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (823) مَبْنِيٌّ عَلَى اسْتِلْزَامِهِ شَيْئًا غَيْرَ جَائِزٍ كَلُزُومِ مَا لَا يَلْزَمُ أَوْ عَدَمِ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ وَلَيْسَ نَاتِجًا عَنْ كَوْنِهِ غَيْرَ تَمْلِيكٍ حَتَّى أَنَّهُ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ جَائِزَةٌ بِسَبَبِ أَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكٌ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 815) . تَقْسِيمُ التَّمْلِيكَاتِ: الشَّيْءُ الَّذِي يُمْلَكُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا أَوْ مَنْفَعَةً وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ إمَّا أَنْ يُمْلَكَ فِي مُقَابِلِهِ بَدَلٌ أَوْ مَجَّانًا فَتَمْلِيكُ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ بَدَلٍ يَكُونُ بَيْعًا وَالتَّمْلِيكُ مَجَّانًا يَكُونُ هِبَةً كَمَا وَأَنَّ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ فِي مُقَابَلَةِ بَدَلٍ يَكُونُ إجَارَةً وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ مَجَّانًا يَكُونُ عَارِيَّةً. فَبَيْنَ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَتَمْلِيكِ الْعَيْنِ بِحَسَبِ التَّحْقِيقِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهُ أَيْنَمَا يُوجَدُ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ يُوجَدُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ. أَفَلَا يُرَى أَنَّهُ مِنْ مَلَّكَ شَخْصًا مَالًا بِالِاشْتِرَاءِ أَوْ بِالْهِبَةِ يَصِيرُ مَالِكًا أَيْضًا لِمَنْفَعَتِهِ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْإِعَارَةِ وَالْوَصِيَّةِ. فَلْنَشْرَحْ الْآنَ الْقُيُودَ الْوَاقِعَةَ فِي التَّعْرِيفِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ (مَجَّانًا) - قَيْدُ مَجَّانًا هُنَا مَرْبُوطٌ بِالتَّمْلِيكِ وَمَوْقِعُهُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى بَعْدَ قَيْدِ مَنْفَعَتِهِ فَبِقَيْدِ (مَجَّانًا) يَبْقَى الْمَأْجُورُ خَارِجًا كَمَا وَأَنَّهُ بِقَيْدِ (مَنْفَعَتِهِ) أَيْضًا بَقِيَتْ الْأَشْيَاءُ الَّتِي مُلِكَتْ أَعْيَانُهَا خَارِجَةً مِثْلُ الْقَرْضِ وَالْمَبِيعِ وَالْمَوْهُوبِ وَالْمُوصَى بِهِ بِعَيْنِهِ. وَلَا مَجَالٍ لِلْقَوْلِ إنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْقَرْضَ وَالْمَبِيعَ يَبْقَيَانِ خَارِجَيْنِ بِقَيْدِ (مَجَّانًا) فَلَا لُزُومَ لِإِخْرَاجِهَا بِقَيْدِ (مَنْفَعَتِهِ) لِأَنَّ التَّعْرِيفَ: الْعَارِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي مُلِكَتْ مَنْفَعَتُهُ مَجَّانًا يَعْنِي بِلَا بَدَلٍ. يَتَفَرَّعُ بَعْضُ مَسَائِلَ عَلَى خُصُوصِ كَوْنِ الْعَارِيَّةِ بِلَا بَدَلٍ. 1 - مَسْأَلَةٌ - نَظَرًا لِأَنَّ قَيْدَ (بِلَا بَدَلٍ) مُعْتَبَرٌ فِي الْعَارِيَّةِ فَإِذَا اسْتَعَارَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عَرْصَةً عَلَى أَنْ يُنْشِئَ عَلَيْهَا أَبْنِيَةً وَيَسْكُنَ فِيهَا وَتَعُودَ إلَى صَاحِبِهَا مَتَى خَرَجَ مِنْهَا لَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ عَارِيَّةً بَلْ إجَارَةً فَاسِدَةً لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْأُجْرَةَ مَجْهُولَتَانِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَصِيرُ الْبِنَاءُ مِلْكَ الْمُسْتَعِيرِ وَيَأْخُذُ الْمُعِيرُ أَجْرَ مِثْلِ عَرْصَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْعَارِيَّةِ) . رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (0 5 4 و 2 46) (الْبَحْرُ) . 2 - مَسْأَلَةٌ - إذَا شُرِطَتْ تَأْدِيَةُ ضَرِيبَةِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ يَخْرُجُ هَذَا الْعَقْدُ مِنْ كَوْنِهِ إعَارَةً وَيَصِيرُ إجَارَةً فَاسِدَةً لِأَنَّ ضَرِيبَةَ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ وَلَا يُقَاسَ عَلَى الْمَادَّةِ (5 81) . وَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ فَسَادِ الْإِجَارَةِ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّرِيبَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هِيَ أَنْ يَضُمَّ مِقْدَارَ الضَّرِيبَةِ عَلَى بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَبَعْدَ أَنْ يُسَمَّى بَدَلُ الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْمُرُ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَنْ يُعْطِيَ الضَّرِيبَةَ مِنْ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ. وَيَصِيرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى أَدَاءِ هَذِهِ الضَّرِيبَةِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (59 4 1) . (الْبَزَّازِيَّةُ) .

الْقَيْدُ الثَّانِي الْمَنْفَعَةُ - بِمَا أَنَّ تَعْبِيرَ الْمَنْفَعَةِ هُنَا ذُكِرَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ شَامِلًا لِكُلِّ مَنْفَعَةٍ فَالْمَالُ يَكُونُ شَامِلًا أَيْضًا لِمَنْفَعَةِ جُزْءٍ شَايِعٍ مِنْ الْمَالِ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ إعَارَةَ الْمَشَاعِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَغَيْرِ الْقَابِلِ صَحِيحَةٌ. وَسَوَاءٌ أُعِيرَ إلَى الشَّرِيكِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ كَمَا أَنَّ إعَارَةَ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ إلَى شَخْصَيْنِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَسَوَاءٌ أُعِيرَ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ مُنَاصَفَةً أَوْ بِنِسْبَةِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ أُجْمِلَتْ كَيْفِيَّةُ الِاسْتِعْمَالِ وَلَمْ تُفَصَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْعَارِيَّة) . سُؤَالٌ - وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (29 4) إنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ. مَعَ أَنَّ إعَارَتَهُ جَائِزَةٌ. فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ . الْجَوَابُ - إنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ مُعَاوَضَةً فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَبِالنَّظَرِ لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فَلَا مُسَامَحَةَ فِيهَا. مَنْفَعَةُ الْمُسْتَعَارِ: كَمَا وَأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُسْتَعَارِ تَكُونُ بِأَشْيَاءَ كَاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ وَرَهْنِ الْمَالِ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا بِإِيجَارِ الْمُسْتَعَارِ إلَى آخَرَ وَانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْمُعِيرُ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَذِنَ لَهُ بِإِيجَارِهِ لِلْغَيْرِ وَالِانْتِفَاعِ بِبَدَلِهِ جَازَ وَكَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مِلْكَ الْمُسْتَعِيرِ. أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَتُهَا عَلَى تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ الْمَالُ الَّذِي أُوصِيَتْ مَنْفَعَتُهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ: إذَا تُوُفِّيتُ فَلْيَسْكُنْ زَيْدٌ فِي دَارِي هَذِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ وَصِيَّةٌ بِالْمَنْفَعَةِ وَحَيْثُ إنَّ تَعْرِيفَ الْعَارِيَّةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ. الْجَوَابُ: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْلِيكِ فِي الْحَالِ وَمَالِ التَّعْرِيفِ هُوَ (الْمَالُ الَّذِي مُلِكَتْ مَنْفَعَتُهُ فِي الْحَالِ) وَأَمَّا فِي الْوَصِيَّةِ فَلَا تَمْلِيكَ فِي الْحَالِ بَلْ أَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. السُّؤَالُ الثَّانِي: هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ كَمَا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ فِي عَرْصَةِ شَخْصٍ آخَرَ حَقُّ مُرُورٍ مُجَرَّدٍ عَنْ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَقَّ مُرُورِ هَذَا إلَى صَاحِبِ الْعَرْصَةِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ إسْقَاطًا كَانَتْ دَاخِلَةً فِي تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ التَّعْرِيفُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ. الْجَوَابُ: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْلِيكِ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ الْجَوَازِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ حَقُّ الرُّجُوعِ مَتَى أَرَادَ وَإِلَّا لَيْسَ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ. حَتَّى أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (6 80) لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ مَتَى شَاءَ عَنْ هَذَا التَّمْلِيكِ. فَحِينَمَا قُصِدَ مِنْ هَذَا التَّمْلِيكِ هِبَةُ الْمَنْفَعَةِ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ أَيْ هِبَةُ حَقِّ الْمُرُورِ أَبَدًا فَلَا تَكُونُ دَاخِلَةً فِي هَذَا التَّعْرِيفِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ مُوجِبٍ لِعِلَاوَةِ عِبَارَةِ (لَا عَلَى التَّأْبِيدِ) وَأَيْضًا تَعْبِيرُ (مُلِكَتْ) الْمَذْكُورُ فِي التَّعْرِيفِ لِأَجْلِ إخْرَاجِ هَذِهِ الْهِبَةِ مِنْ تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الْعَارِيَّةِ) .

(المادة 766) الإعارة هي الإعطاء عارية

[ (الْمَادَّةُ 766) الْإِعَارَةُ هِيَ الْإِعْطَاءُ عَارِيَّةً] الْمَادَّةُ 766) - الْإِعَارَةُ هِيَ الْإِعْطَاءُ عَارِيَّةً وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي أَعْطَى مُعِيرًا. يُطْلَقُ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَعْطَى الْعَارِيَّةَ مُعِيرًا. وَيَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ عَلَى أَنَّ الْإِعَارَةَ مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُعِيرِ. سُؤَالٌ: إذَا أُمْعِنَ النَّظَرُ فِي تَعْرِيفِ الْعَارِيَّةِ الْمُدْرَجِ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَوُضِعَ هَذَا التَّعْرِيفُ يَعْنِي مَعْنَى الْعَارِيَّةِ مَحِلَّهُ يَصِيرُ هَكَذَا: (الْإِعَارَةُ هِيَ إعْطَاءُ مَالٍ مُلِكَتْ مَنْفَعَتُهُ مَجَّانًا) . مَعَ أَنَّ الْإِعَارَةَ عُرِّفَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ: (تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ مَالٍ مَجَّانًا يَعْنِي بِلَا بَدَلٍ) فَيُنْتَجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمَجَلَّةِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِتَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَاهِيَّةِ الْإِعَارَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: إنِّي أَعَرْتُكَ فَرَسِي هَذِهِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُسْتَعِيرِ فَالْإِعَارَةُ فِي نَظَرِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ مَنْفَعَةِ الْفَرَسِ وَفِي نَظَرِ الْمَجَلَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ الْفَرَسِ إلَى الْمُسْتَعِيرِ. الْخُلَاصَةُ الْإِعَارَةُ بِحَسَبِ تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ مَالٍ مَخْصُوصٍ وَبِحَسَبِ تَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَلَمْ أُصَادِفْ كِتَابًا يُعَرِّفُ الْإِعَارَةَ كَمَا عَرَّفَتْهَا الْمَجَلَّةُ. [ (الْمَادَّةُ 767) الِاسْتِعَارَةُ هِيَ الْأَخْذُ عَارِيَّةً] (الْمَادَّةُ 767) - الِاسْتِعَارَةُ هِيَ الْأَخْذُ عَارِيَّةً وَيُقَالُ لِلَّذِي أَخَذَ مُسْتَعِيرًا. يُطْلَقُ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَ عَارِيَّةً مُسْتَعِيرًا. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ مَصْدَرٌ قَائِمٌ بِالْمُسْتَعِيرِ. إذَا فُصِّلَ لَفْظُ عَارِيَّةٍ الْمَذْكُورِ فِي التَّعْرِيفِ بِحَسَبِ الْمَعْنَى الَّذِي سُرِدَ فِي الْمَادَّةِ 5 76 فَالِاسْتِعَارَةُ نَظَرًا لِلْمَجَلَّةِ هِيَ أَخْذُ الْمَالِ الَّذِي مُلِكَتْ مَنْفَعَتُهُ مَجَّانًا يَعْنِي بِلَا بَدَلٍ. وَأَمَّا نَظَرًا لِلْفُقَهَاءِ فَالِاسْتِعَارَةُ هِيَ اسْتَمْلَاك مَنْفَعَةِ مَالٍ. .

الباب الأول في بيان بعض الأحكام العمومية المتعلقة بالأمانات

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ الْعُمُومِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمَانَاتِ] إنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَادَّةِ (768) الْآتِي بَيَانُهَا شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأَمَانَاتِ يَعْنِي لِلُّقَطَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَعَامٌّ لِأَمَانَاتٍ أُخْرَى أَيْضًا وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْمَادَّةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ أَحْكَامِ الْأَمَانَاتِ الْعُمُومِيَّةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (762) وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمَوَادِّ السَّائِرَةِ الَّتِي فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ هَذَا لَا يَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الْأَحْكَامِ الْعُمُومِيَّةِ وَالْمَادَّتَانِ (769) وَ (771) . عَصَبٌ وَمُرَكَّبَتَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمَانَةِ وَالْمَادَّةُ 77. أَيْضًا مَخْصُوصَةٌ فِي اللُّقَطَةِ. (الْمَادَّةُ 768) - الْأَمَانَةُ غَيْرُ مَضْمُونَةٌ. يَعْنِي عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا بِدُونِ صُنِعَ الْأَمِينِ وَتَقْصِيرِهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فِي الْأَمَانَةِ قَاعِدَتَانِ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: الْأَمَانَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْأَمِينِ وَحَيْثُ إنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ الْأَمَانَةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً حَتَّى وَلَوْ هَلَكَتْ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ وَلِذَلِكَ فَسَّرَتْهُ الْمَجَلَّةُ كَمَا يَأْتِي لَكِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مَقْصُودٍ. يَعْنِي إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ أَوْ فُقِدَتْ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فِي يَدِ الْأَمِينِ بِدُونِ صُنْعِهِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ. سَوَاءٌ أَهَلَكَتْ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَالسَّرِقَةِ أَمْ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ. وَسَوَاءٌ أَهْلَكَ مَالُ الْأَمِينِ مَعَ الْأَمَانَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَمْ يَهْلِكْ وَسَوَاءٌ أَشُرِطَ الضَّمَانُ أَمْ لَمْ يُشْرَطْ رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83) . وَلِهَذَا السَّبَبِ كَانَتْ الْأَمَانَةُ اسْمًا لِلْمَالِ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَيُقَالُ مَثَلًا لِلْوَدِيعَةِ فِي الْمَادَّةِ (777) أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَيْ أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابِ عِلْمِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَهَاكَ بَيَانُ الْبَعْضِ مِنْهَا: 1 - الْبُيُوعُ: الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي رَاجِعْ الْمَادَّةَ (7 9 2) . 2 - الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِطَرِيقِ سَوْمِ النَّظَرِ أَمَانَةٌ فِي الْمُشْتَرِي. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (299) . . 3 - أَحَدُ الْمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ قُبِضَا مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ أَوْ الِاثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8 13) . . 4 - الْمَالُ الَّذِي بِيعَ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَقُبِضَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (370) .

5 - الْمِقْدَارُ الزَّائِدُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي قُبِضَ وَفَاءً وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ. أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 0 4) . . 6 - إجَارَةُ: الْمَأْجُورِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 0 6) . 7 - الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَجِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6 1) . . 8 - رَهْنُ: الْمِقْدَارِ الزَّائِدُ عَنْ الدَّيْنِ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ. رَاجِعْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) . . 9 - الْأَمَانَاتُ: اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ. رَاجِعْ الْمَادَّةِ (769) . . 0 - 1 - الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (770) . . 11 - الْوَدِيعَةُ الَّتِي أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِأَمِينِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 78) . . 2 - 1 - إذَا أَرْسَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ أَمِينِهِ إلَى الْمُودَعِ فَهَذِهِ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (579) . 3 - 1 - إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ فَالْوَدِيعَةُ الَّتِي تُوجَدُ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ وَصِيِّهِ أَوْ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 801) . . 4 - 1 - الْغَصْبُ: زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَتَوْضِيحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3 0 9) . . 51 - الْإِكْرَاهُ: أَثْنَاءَ اشْتِرَاءِ الشَّخْصِ الْمُكْرَهِ عَلَى الشِّرَاءِ وَمَالُ غَيْرِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَقَبْضُهُ إيَّاهُ بِالْإِكْرَاهِ أَيْضًا إذَا قَبَضَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ لِقَصْدِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ فَهَذَا الْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْمُكْرَهِ. وَيَأْتِي إيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَادَّةِ (1006) . . 6 - 1 - الشَّرِكَةُ: حِصَّةُ أَحَدِ الْمُشَارِكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87 0 1) . 17 - مَالُ الشَّرِكَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 135) . 18 - رَأْسَ الْمَالِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (13 4 1) . 19 - الْوَكَالَةُ: الْمَالُ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ وَمِنْ جِهَةِ الرِّسَالَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِمَا رَاجِعْ الْمَادَّةَ (63 4 1) . . 0 - 2 - الْوَصِيَّةُ: إذَا أُوصِيَتْ مَنْفَعَةُ مَالٍ إلَى شَخْصٍ وَسُلِّمَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِذَلِكَ الشَّخْصِ كَيْ يَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى مُوجِبِ الْوَصِيَّةِ فَالْمَالُ الْمَذْكُورُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ (الْبَحْرُ) . اسْتِثْنَاءٌ: الْفِقْرَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (777) وَهِيَ: (أَوْ إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَتْ السَّاعَةُ لَزِمَ الضَّمَانُ) مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ (الْأَشْبَاهُ) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ بِسَبَبِ صُنِعَ الْأَمِينِ وَفِعْلِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ مِنْ جِهَةِ مُخَالَفَةِ صَاحِبِ الْمَالِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَغَيْرِ الْجَائِزِ مُخَالِفَتُهُ يَكُونُ الْأَمِينُ ضَامِنًا. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ. فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا: 1 - الْبُيُوعُ: إذَا تَعَدَّى الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَهَلَكَ يَضْمَنُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 4) .

(المادة 769) وجد شيئا في الطريق أو في محل آخر وأخذه على أنه مال له

الْإِجَارَةُ: إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمَأْجُورِ أَوْ خَالَفَ أَمْرَ الْمُؤَجِّرِ الْمُعْتَبَرِ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 545، 546، 547، 548، 550، 551، 552، 556، 557، 559، 602، 603، 4 60،. 3 - إذَا هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِمُخَالِفَةِ الْأَجِيرِ لِأَمْرِ مُسْتَأْجِرِهِ أَوْ بِتَعَدِّيهِ يَضْمَنُهُ الْأَجِيرُ رَاجِعْ الْمَوَادَّ 571، 807، 608، 609، 1 61. . مَثَلًا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ الْحَمَّامَ وَتَرَكَ ثِيَابَهُ عِنْدَ حَارِسِ الثِّيَابِ وَبَعْدَ دُخُولِهِ رَأَى الْحَارِسُ شَخْصًا آخَرَ وَهُوَ يَرْتَدِي الثِّيَابَ وَظَنَّ أَنَّهُ صَاحِبُهَا لَكِنْ، تَبَيَّنَ أَنَّ الثِّيَابَ لَيْسَتْ لَهُ بَلْ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ يَضْمَنُهَا الْحَارِسُ الْمَذْكُورُ كَمَا لَوْ نَامَ الْحَمَّامِيُّ وَسُرِقَتْ الثِّيَابُ فَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 4 - الْكَفَالَةُ: إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ مَالٌ أَمَانَةٌ لِشَخْصٍ وَكَفَلَ ذَلِكَ الرَّجُلُ دَيْنَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعَادَ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 5 6) . 5 - الرَّهْنُ: إذَا تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمَرْهُونِ وَهَلَكَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ. اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) وَالْمَادَّةُ (9 5 7) . . 6 - إذَا خَالَفَ الْعَدْلُ يَضْمَنُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (4 75) . 7 - الْأَمَانَاتُ: إذَا قَصَّرَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْأَجْرِ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777) . 8 - إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَهَلَكَتْ أَوْ طَرَأَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 779، 882، 783، 784، 794، 799، 1 80، 2 80. . 9 - إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْعَارِيَّةِ وَهَلَكَتْ أَوْ طَرَأَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَكُونُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 814، 815، 816، 817، 818، 0 82، 1 82، 823، 825، 826، 827، 828، 829. . 0 - 1 - الشَّرِكَةُ: إذَا تَعَدَّى شَرِيكُ الْمِلْكِ وَهَلَكَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ أَوْ عَرَضَ نَقْصٌ عَلَى قِيمَتُهٌ يَضْمَنُ الْحِصَّةَ الْعَائِدَةَ إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (87 0 1) . . 11 - إذَا تَعَدَّى شَرِيكُ الْعَقْدِ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ: 1379، 1380، 1382، 1383. . 2 - 1 - إذَا تَعَدَّى الْمُضَارِبُ يَضْمَنُ رَاجِعْ الْمَوَادَّ 15 4 1، 416 1، 421 1، 422 1، 430 1. . 13 - الْوَكَالَةُ: إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ وَتَرَتَّبَ ضَرَرٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ الضَّرَرَ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 1494، 1498، 1150، 1515 [ (الْمَادَّةُ 769) وَجَدَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ وَأَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ مَالٌ لَهُ] (الْمَادَّةُ 769) - إذَا وَجَدَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ وَأَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ مَالٌ لَهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَعَلَى هَذَا إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ فُقِدَ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صُنْعٌ وَتَقْصِيرٌ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا فَهُوَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَأَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي وَجَدَهُ وَأَخَذَهُ

إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مَالًا لَيْسَ لَهُ لِنَفْسِهِ يَكُونُ غَاصِبًا حُكْمًا (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ كَانَ عَنْ عِلْمٍ أَمْ جَهْلٍ. مِثَالُ أَخْذِهِ عَنْ عِلْمٍ: إذَا وَجَدَ شَخْصٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ كَمَا الْمَنْقُولَاتُ وَالْحَيَوَانَاتُ الَّتِي يَفْقِدُهَا صَاحِبُهَا وَأَخَذَهُ فَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: 1 - إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لِنَفْسِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ. سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . وَإِمَّا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّجُلِ الشَّيْءَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ مَمْنُوعٌ وَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَسَبَبُ الْقَوْلِ هُنَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ عِوَضٌ عَنْ الْقَوْلِ يَكُونُ غَاصِبًا هُوَ أَنَّ الْغَصْبَ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي تَعْرِيفِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ يَحْصُلُ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ فُقِدَ يَعْنِي أَنَّ يَدَ صَاحِبِهِ لَمْ تُوجَدْ عَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ الْيَدُ الْمُحِقَّةُ أُزِيلَتْ يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ نُزِعَ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ بِنَاءً عَلَى أَخْذِ الرَّجُلِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَالًا لَهُ فَإِذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صُنْعٌ وَتَقْصِيرٌ فِي هَلَاكِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 89) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَعَادَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ لَا يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ بَلْ يَبْقَى فِي ضَمَانِهِ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 89) . . مِثَالٌ أَوَّلٌ: إذَا أَخَذَ رَجُلٌ شَاةً فَرَّتْ مِنْ قَطِيعِ غَيْرِهِ وَالْتَحَقَتْ بِقَطِيعِهِ ظَانًّا أَنَّهَا مِنْ غَنَمِهِ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) . . مِثَالٌ ثَانٍ عَلَى الْأَخْذِ عَنْ جَهْلٍ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ضِمْنَ الثَّوْبِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً ثَوْبًا لَهُ ثُمَّ أَعْطَى الثِّيَابَ إلَى صَاحِبِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ وَنَسِيَ ثَوْبَهُ وَأَخَذَهُ الْمُودِعُ مَعَ الْوَدِيعَةِ وَبَعْدَ اطِّلَاعِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عَلَى ذَلِكَ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَجَهْلُ الْمُودِعِ لَيْسَ بِعُذْرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) وَفِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ دَفَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهِ نَاسِيًا فِيهِ ثَوْبَهُ فَقَدْ دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ مَا لَهُ إلَى غَيْرِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْمَادَّةِ (1 77) حَيْثُ دَفَعَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْغَيْرُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَقْصُودَ يُلْزِمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ وَأَخْفَاهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (901) وَيُقَالُ: إنَّ الْمُودِعَ أَخَذَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَكَانَ فِيهِ ثَوْبُ الْمُسْتَوْدَعِ وَذَهَبَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ حَيْثُ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا أَمْرٍ مِنْ صَاحِبِهِ. (الشَّارِحُ) . 2 - وَأَمَّا إذَا كَانَ أَخْذُهُ الشَّيْءَ بِقَصْدِ إعْطَائِهِ إلَى صَاحِبِهِ مَعْلُومًا فَهُوَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَلَيْسَتْ اللُّقَطَةُ كَالْمَالِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ السَّكْرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ ذَاهِبٌ فِي الطَّرِيقِ وَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ أَنْ يَرَى الشَّخْصَ الَّذِي سَقَطَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالُ. كَمَا لَوْ وَجَدَ شَخْصٌ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَاهُ نُقُودًا مَدْفُونَةً فَيُنْظَرُ. إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا مِلْكَهُ

تَكُونُ لَهُ وَيُجِبْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنَّهَا لَيْسَتْ مَالَهُ فَتَكُونُ لُقَطَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ الشَّيْءُ الْمَفْقُودُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى. وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ (فُقِدَ) مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْأَشْيَاءُ الَّتِي رَمَاهَا وَتَرَكَهَا صَاحِبُهَا قَصْدًا فَكَمَا أَنَّهَا لَا تُعَدُّ لُقَطَةً لَا يَلْزَمُ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ مَعْلُومًا. مَثَلًا فِي زَمَانِنَا عِنْدَمَا يُعَطِّلُ أَصْحَابُ الْكُرُومِ وَالْبَسَاتِينِ كُرُومَهُمْ وَبَسَاتِينَهُمْ يَتْرُكُونَ بَقَايَا الْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ وَيَتْرُكُ أَصْحَابُ الْمَزْرُوعَاتِ أَيْضًا بَعْدَ الْحَصَادِ بَقِيَّةَ السَّنَابِلِ فِي الْحُقُولِ. فَإِنْ كَانَ تَرْكُ أَصْحَابِهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كَيْ يَأْخُذَهَا مَنْ شَاءَ فَلَا بَأْسَ فِي أَخْذِهَا فَهِيَ بِحُكْمِ الْمُبَاحِ مَعَ مَعْلُومِيَّةِ أَصْحَابِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ السَّرِيعَةَ الْفَسَادِ وَالْمُعْتَادَ رَمْيُهَا وَاَلَّتِي لَيْسَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ لَا تُعَدُّ لُقَطَةً وَبِنَاءً عَلَيْهِ الْكُمَّثْرَى مَثَلًا الْمَعْدُودَةُ مِنْ الْأَثْمَارِ إذَا وُجِدَتْ فِي النَّهْرِ الْجَارِي لَا تَكُونُ لُقَطَةً وَحَيْثُ إنَّ أَصْحَابَهَا رَمَوْهَا قَصْدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَهَا فَأَخَذَهَا لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا جَائِزٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ عَنْ الْخُلَاصَةِ) . وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْقَيِّمَةُ الَّتِي يُسَارِعُ الْفَسَادُ إلَيْهَا كَالْأَشْجَارِ وَالْأَخْشَابِ إذَا وُجِدَتْ فِي النَّهْرِ الْجَارِي فَتَكُونُ لُقَطَةً إنْ كَانَ أَصْحَابُهَا غَيْرَ مَعْلُومِينَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الْأَشْيَاءُ الْمَوْجُودَةُ فِي يَدِ أَصْحَابِهَا وَاَلَّتِي لَمْ تُفْقَدْ لَيْسَتْ لُقَطَةً. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ خُفْيَةً أَوْ جَهْرًا وَقَهْرًا مَالَ شَخْصٍ آخَرَ مِنْ جَيْبِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِهِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ بِنِيَّةِ أَنْ يُعِيدَهُ لَهُ يَكُونُ سَارِقًا أَوْ غَاصِبًا بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا يَلْزَمُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ عَيْنًا لِصَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ تُوُفِّيَ فَلِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (4 79) وَإِذَا كَانَ قَدْ هَلَكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ وَيَلْزَمُ إنْ كَانَ هَلَاكُهُ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ وَشَرْحَهَا. فَهَا إنَّ الْمَالَ الَّذِي يُعْلَمُ صَاحِبُهُ لَا يَكُونُ لُقَطَةً عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ لِلْإِشْهَادِ وَلَا لِلْإِعْلَانِ لِأَجْلِ التَّفْتِيشِ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (770) . وَفِي قَوْلٍ إنَّ هَذَا لُقَطَةٌ وَعَلَيْهِ أَيْضًا لَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَانِ. وَالْمَجَلَّةُ بِتَعْبِيرِ (مَحْضَةٍ) اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. 3 - وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ وَأَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقَطِ. وَإِذَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ شَخْصَانِ فَكِلَاهُمَا يُعَرِّفَانِ وَيَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي حُكْمِ اللَّقْطَةِ. وَذِكْرُ لَفْظَةِ شَخْصٍ الْوَارِدِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَلْ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّنْكِيرُ وَالتَّعْمِيمُ يَعْنِي أَيًّا كَانَ مِنْ النَّاسِ. وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بَيَانُ تَعْرِيفِ اللُّقَطَةِ وَبَيَانُ حُكْمِهَا مَعًا. . مَسَائِلُ اللُّقَطَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كِتَابٍ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابِ اللُّقَطَةِ) وَفِيهَا تَفْصِيلَاتٌ مُهِمَّةٌ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا مَسَائِلُ قَلِيلَةٌ تَتَعَلَّقُ بِهَا وَجَبَ أَنْ نُوَسِّعَ هَذَا الْمَبْحَثَ وَنُفَصِّلَ بَعْضَ التَّفْصِيلِ. الْمَسَائِلُ الْعَائِدَةُ لَهَا. وَالْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - تَعْرِيفُ اللُّقْطَةِ

ثَانِيًا - أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ. ثَالِثًا - شَرَائِطُ اللُّقَطَةِ. رَابِعًا - حِلُّ أَخْذِ اللُّقَطَةِ. خَامِسًا - الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ اللَّازِمَانِ فِي اللُّقَطَةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالْوَاحِدِ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ. سَادِسًا - مَحِلُّ إشْهَادِ اللُّقَطَةِ. سَابِعًا - إعَادَةُ اللُّقَطَةِ إلَى مَحِلِّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا. ثَامِنًا - زَمَانُ إعْلَانِ اللُّقَطَةِ وَمُدَّتُهُ وَمِقْدَارُهُ. تَاسِعًا - تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى الَّذِي طَلَبَهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ. عَاشِرًا - الْمُعَامَلَةُ الَّتِي يَجِبُ إجْرَاؤُهَا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ ظُهُورِ صَاحِبِهَا. حَادِي عَشَرَ - صُورَةُ تَدَارُكِ تَسْوِيَةِ نَفَقَةِ اللُّقَطَةِ. 1 - تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ: اللَّقْطَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي فُقِدَ وَوَجَدَهُ آخَرُ وَكَانَ غَيْرَ مُبَاحٍ وَمَالِكُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ. سَوَاءٌ أَفُقِدَ مِنْ مَالِكِهِ أَمْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرُ الْغَاصِبُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ سَبَبُ الْفَقْدِ سُقُوطَ الْمَالِ بِدُونِ عِلْمٍ أَمْ النَّوْمَ أَمْ الْفِرَارَ أَمْ تَرْكَ الْحِمْلِ لِثِقَلِهِ. (الْبَاجُورِيُّ) . يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي وُجِدَ يَكُونُ أَمَانَةً سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُهُ مَعْلُومًا أَمْ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مَعْلُومًا فَلَا يَكُونُ لُقَطَةً وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: فُقِدَ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ تَبْقَى الْأَمْوَالُ الَّتِي فِي الْمَنَازِلِ وَعِنْدَ مُحَافِظِيهَا خَارِجَةً. وَآخِذُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ سَارِقٌ أَوْ غَاصِبٌ. وَيَجِيءُ تَعْرِيفُ وَبَيَانُ أَحْكَامِهِ فِي الْكِتَابِ الثَّامِنِ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إنَّ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْمَنَازِلِ وَفِي جِوَارِ الْقُرَى وَفِي الْمَرَاعِي وَفِي أَطْرَافِ الْعَشَائِرِ وَالْبَدْوِ وَالرُّحُلِ وَبِجِوَارِ الْقَوَافِلِ النَّازِلَةِ فِي مَحِلٍّ لَا تُعَدُّ لُقَطَةً وَمَنْ أَخَذَهَا يَكُونُ غَاصِبًا أَوْ سَارِقًا. وَبِتَعْبِيرِ (فُقِدَ) يَبْقَى الْمَالُ الَّذِي أَلْقَاهُ صَاحِبُهُ خَارِجًا. وَإِلْقَاءُ مَالٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إبَاحَةٌ. مَثَلًا: لَوْ رَمَى شَخْصٌ مَالًا وَقَالَ: مَنْ وَجَدَهُ فَهُوَ لَهُ فَكَانَ لِمَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ بِالذَّاتِ حَقُّ أَخْذِ وَتَمْلِيكِ الْمَالِ الْمَرْقُومِ كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ الْقَوْلَ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعَهُ بِالْوَاسِطَةِ صَلَاحِيَةٌ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَتَمَلُّكِهِ. وَكَذَلِكَ كَمَا أَنَّ أَخْذَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تُنْثَرُ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْوَلَائِمِ وَاسْتَمْلَاكهَا جَائِزٌ فَالشُّرْبُ مِنْ الْمَاءِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَ الْبَابِ خُصُوصًا حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ النَّاسُ جَائِزٌ أَيْضًا. كَذَلِكَ إذَا غَرَسَ رَجُلٌ شَجَرَةً ذَاتَ فَاكِهَةٍ فِي مَفَازَةٍ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ وَأَبَاحَ ثَمَرَهَا لِلنَّاسِ جَازَ لِلْكُلِّ تَنَاوُلُ ثِمَارِهَا. مَالِكُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ تَخْرُجُ الْأَمَانَةُ الَّتِي مَالِكُهَا مَعْلُومٌ وَتُرَدُّ هَذِهِ الْأَمَانَةُ إلَى صَاحِبِهَا وَلَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَانِ. وَيُفْهَمُ مِنْ مَادَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ لُقَطَةً (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . غَيْرُ مُبَاحٍ: بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ يَخْرُجُ الْمَالُ الَّذِي يُغْتَنَمُ مِنْ الْحَرْبِيِّ أَثْنَاءَ الْمُحَارَبَةِ. وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ غَنِيمَةً وَهَذَا. الْمَالُ لَيْسَ لُقَطَةً.

الْمَالُ: بِهَذَا اللَّفْظِ يَبْقَى اللَّقِيطُ خَارِجًا. يَعْنِي إنَّ مَا وُجِدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَكَانَ وَلَدًا فَلَا يُقَالُ لَهُ لُقَطَةٌ بَلْ يُسَمَّى لَقِيطًا. وَفِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِاللَّقِيطِ. وَحَيْثُ إنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ مَسَائِلُ عَائِدَةٌ لَهُ صُرِفَ النَّظَرُ عَنْ تَصْرِيفِ أَحْكَامِهِ. 2 - أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ: أَرْكَانُ اللُّقَطَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: اللَّاقِطُ أَيْ آخِذُ اللُّقَطَةِ؛ الْمَلْقُوطُ أَيْ اللُّقَطَةُ؛ اللُّقْطَةُ يَعْنِي أَخْذَ اللُّقَطَةِ (الْبَاجُورِيُّ) . 3 - شُرُوطُ اللُّقَطَةِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَقِطُ عَاقِلًا، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ عَاقِلًا فَالْتِقَاطُهُ صَحِيحٌ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ اللُّقَطَةَ جَبْرًا مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ الْعَاقِلِ أَوْ فُقِدَتْ اللُّقَطَةُ وَوَجَدَهَا شَخْصٌ آخَرُ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدَّعِيَهَا وَيَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا فَلَهُ حَقُّ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ الْإِعْلَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا أَنَّ أَخْذَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ اللُّقَطَةَ جَائِزٌ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا يُجْرِي الْإِعْلَانَ الْمَسْرُودَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِشْهَادِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي أَخَذَ اللُّقَطَةَ مِنْهُ وَتَرَكَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ عَاقِلٍ فَالْتِقَاطُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ، الْتِقَاطُ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَنْهُوشِ غَيْرُ صَحِيحٍ. حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخَذَ مَجْنُونٌ مَالًا لُقَطَةً وَانْتَزَعَهُ مِنْهُ شَخْصٌ ثُمَّ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيَأْخُذَ اللُّقَطَةَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - حِلُّ أَخْذِ اللُّقَطَةِ: اُخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمَفْقُودِ إذَا بِقَصْدِ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ هَلْ هُوَ حَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ. فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: بِمَا أَنَّهُ فِي هَذَا الْأَخْذِ وَالِالْتِقَاطِ وَضْعُ يَدٍ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ فَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (6 9) لَا يَكُونُ أَخْذُهُ وَالْتِقَاطُهُ حَلَالًا. وَقَالَ غَيْرُهُمْ بِجَوَازِ الِالْتِقَاطِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الِالْتِقَاطِ هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ: «مَنْ أَصَابَ لُقَطَةً فَلْيُشْهِدْ ذَا عَدْلٍ» . وَلَكِنْ يَجُوزُ أَيْضًا عَدَمُ أَخْذِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ. لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي فُقِدَ مِنْهُ وَيَجِدُهُ. وَيَظْفَرُ بِمَالِهِ. (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . هَلْ الْأَوْلَى أَخْذُ اللُّقَطَةِ أَوْ عَدَمُ أَخْذِهَا؟ هَذِهِ الْجِهَةُ تَحْتَاجُ إلَى إيضَاحٍ. الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ أَخْذَ الْمَالِ الْمَفْقُودِ بِقَصْدِ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ جَائِزٌ. سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْمَالُ بِرْذَوْنًا أَوْ حَيَوَانًا آخَرَ أَوْ طَيْرًا أَوْ أَمْتِعَةً أَوْ أَشْيَاءَ أُخْرَى كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَمِينًا مِنْ نَفْسِهِ فَأَخْذُهُ لِأَجْلِ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ ضَيَاعَ اللُّقَطَةِ مُتَوَهَّمٌ هُنَاكَ يَجِبُ أَخْذُهَا وَإِعْلَانُهَا لِأَجْلِ صِيَانَةِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ النَّاسِ. مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ جَائِزٌ أَيْضًا. لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا فِي الْمَحِلِّ الَّذِي فَقَدَهَا وَيَجِدُهَا وَيَظْفَرُ بِمَالِهِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَحَظَ أَنَّهُ يَسْتَهْلِكُهَا بِسَبَبِ حِرْصِهِ وَطَمَعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَلْتَقِطَهَا (الْفَتْحُ وَالْهِدَايَةُ

وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) ، وَإِنَّمَا عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَكَانَ الشَّخْصُ الَّذِي وَجَدَهَا أَمِينًا فَالْتِقَاطُهَا لَازِمٌ وَوَاجِبٌ وَتَرْكُ هَذَا اللُّزُومِ مُوجِبٌ لِلْإِثْمِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ. يَعْنِي فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ الَّذِي لَمْ يَلْتَقِطْهَا الضَّمَانُ عَلَى تَقْدِيرِ ضَيَاعِ اللُّقَطَةِ الْمَذْكُورَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَأَمَّا إنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا وَلَا يُفَتِّشُ عَلَيْهَا كَقُشُورِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَفَضَلَاتِ الْخُضْرَةِ فَيُعْتَبَرُ رَمْيُهَا وَإِلْقَاؤُهَا إبَاحَةً فَلِلَّذِي وَجَدَهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ. وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ سَتَبْقَى فِي مِلْكِيَّةِ مَالِكِهَا فَلِصَاحِبِهَا اسْتِرْدَادُهَا مِنْ يَدِ الْآخِذِ إذَا وُجِدَتْ عَيْنًا، لِأَنَّ رَمْيَهَا إبَاحَةٌ وَلَيْسَ تَمْلِيكًا. وَفِي الْإِبَاحَةِ حَيْثُ إنَّ الْمَالَ الَّذِي أُبِيحَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِيَّةِ صَاحِبِ الْمَالِ فَحَقُّ اسْتِرْدَادِهِ بَاقٍ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) 5 - الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ اللَّازِمَانِ فِي اللُّقَطَةِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ: مَتَى تَكُونُ اللُّقَطَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ يَلْزَمُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: عِنْدَ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَرَفْعِهَا مِنْ الْمَحِلِّ. الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ أَنْ تُؤْخَذَ بِقَصْدِ إعَادَتِهَا إلَى صَاحِبِهَا. أُفِيدَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ بِفِقْرَةِ (إذَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ) . الثَّانِي: الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمَجَلَّةِ. الثَّالِثُ: الْإِعْلَانُ بَعْدَ الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (0 77) . فَلْنُوَضِّحْ الشَّرْطَ الثَّانِي: إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ أَثْنَاءَ الْتِقَاطِهِ اللُّقَطَةَ يَعْنِي عِنْدَمَا يَرْفَعُ اللُّقَطَةَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِدُهَا فِيهِ أَنَّهُ وَجَدَ اللُّقَطَةَ وَأَخَذَهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا يُفْهَمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ أَخَذَهَا حَتَّى يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا. وَحَيْثُ إنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْإِشْهَادِ إثْبَاتُ الِالْتِقَاطِ لِأَجْلِ رَدِّ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا لَدَى الْإِيجَابِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الشُّهُودُ أَشْخَاصًا عُدُولًا وَمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ. وَيَحْصُلُ الْإِشْهَادُ بِقَوْلِ الْآخِذِ لِلشُّهُودِ: عِنْدِي شَيْءٌ مَفْقُودٌ أَخْبِرُوا عَنِّي كُلَّ مَنْ سَمِعْتُمْ بِأَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَى اللُّقَطَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا (الْإِشْهَادُ عَلَى اللَّقْطَةِ) . وَالْإِشْهَادُ لَازِمٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّقَطَةُ ذَاتَ قِيمَةٍ أَوْ كَانَتْ لَا أَهَمِّيَّةَ لَهَا. وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِشْهَادِ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ اللُّقَطَةِ أَوْ بَيَانِ جِنْسِهَا بِأَنَّ اللُّقَطَةَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . الْمَالُ الَّذِي يُلْتَقَطُ تَحْتَ هَذِهِ الشُّرُوطِ يَكُونُ أَمَانَةً. وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ اللُّقَطَةِ أَمَانَةً. أَوَّلًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا لَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحٍ الْمَادَّةِ (768) وَإِذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ أَنَّ اللُّقَطَةَ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (774 1) . ثَانِيًا - لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَ اللُّقَطَةَ إلَى أَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (780) وَإِذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ وَلَا أَمِينَهُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1 9) رَدُّ الْمُحْتَارِ. ثَالِثًا - إذَا هَلَكَتْ اللُّقَطَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِسَبَبِ تَعَدِّي أَوْ تَقْصِيرِ الْمُلْتَقِطِ لَزِمَ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهَا وَإِذَا

حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي الْقِيمَةِ يَجِبُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ. رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَالْمَادَّةَ (787) (الْهِنْدِيَّةُ) . رَابِعًا - إذَا امْتَنَعَ الْمُلْتَقِطُ عَنْ تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِصَاحِبِهَا مَعَ أَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا. وَأَمَّا كَوْنُ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ مُغْنِيًا أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ. فَتَعْرِيفُ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لَا يُفِيدُ الِاسْتِغْنَاءَ يَعْنِي أَنَّ التَّعْرِيفَ وَالْإِعْلَانَ أَيْضًا لَازِمٌ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. وَهُنَاكَ قَوْلٌ الْإِعْلَانُ غَيْرُ لَازِمٍ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فَهُوَ لَا يُغْنِي عَنْ الْإِشْهَادِ. بِنَاءً عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ قَبْلَ الْإِعْلَانِ لَازِمٌ فَإِذَا حَصَلَ الْإِعْلَانُ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ فَفِي هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْإِعْلَانَ لَا يَكْفِي لِلْإِشْهَادِ الَّذِي لَمْ يُجَدْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 6 - مَحِلُّ إشْهَادِ اللُّقَطَةِ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ عَلَى اللُّقَطَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا حِينَ أَخَذَهَا وَرَفَعَهَا وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُوجِبُ الضَّمَانَ. حَتَّى أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِشْهَادِ حِينَمَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَلَمْ يُشْهِدْ وَتَجَاوَزَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ يَكُونُ ضَامِنًا (الْبَزَّازِيَّةُ) مَا لَمْ تَكُنْ اللُّقَطَةُ فِي الْمَفَازَةِ وَالصَّحْرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ أُنَاسٌ يَسْتَشْهِدُ بِهِمْ أَوْ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِشْهَادِ يَخَافُ مِنْ اغْتِصَابِ اللُّقَطَةِ مِنْ يَدِهِ وَتَرَكَ الْإِشْهَادَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ فَلَا يُوجَبُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ. لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِشْهَادِ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ صِيَانَةِ الْأَمْوَالِ يَعْنِي لِأَجْلِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ ظُهُورِهِ فَالْإِشْهَادُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ سَيُعْتَبَرُ غَاصِبًا يَكُونُ سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلَيْسَ لِحِفْظِهِ (الْهِدَايَةُ وَالْفَتْحُ) . وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ - فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْإِشْهَادِ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ - قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ. يَعْنِي إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ: إنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ لِلسَّبَبِ الْفُلَانِيِّ يُقْبَلُ مَعَ الْيَمِينِ بَيْدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَمُ الشَّهَادَةِ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ وُجُودِ الشُّهُودِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُشْهِدَ بَعْدَئِذٍ حِينَمَا يَظْفَرُ بِالشُّهُودِ وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ. وَلَكِنْ تَرْكُ الْإِشْهَادِ بِلَا سَبَبٍ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: 1 - مَسْأَلَةٌ، إذَا لَمْ يُشْهِدْ الْمُلْتَقِطُ وَلَكِنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ أَقَرَّ بِأَنَّ أَخَذَ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ وَرَفْعَهُ إيَّاهَا كَانَ بِقَصْدِ رَدَّهَا وَإِعَادَتِهَا لَهُ وَلَيْسَ بِقَصْدِ أَنْ يَمْتَلِكَهَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ تَصِيرُ حُجَّةً فِي حَقِّهِمَا (الْعِنَايَةُ) . 2 - مَسْأَلَةٌ، إذَا ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ الَّذِي تَرَكَ الْإِشْهَادَ بِغَيْرِ عُذْرٍ أَنَّ الْتِقَاطَهُ كَانَ لِأَجْلِ رَدِّ اللُّقَطَةِ وَإِعَادَتِهَا لِصَاحِبِهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ: إنَّهُ أَخَذَهَا لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ مَعَ يَمِينِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَدَّعِي الضَّمَانَ وَوُجُوبَ الْبَدَلِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَهَذَا يُنْكِرُ. فَنَظَرًا لِلْمَادَّةِ (8) مِنْ الْمَجَلَّةِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (76) عَلَى الْمُنْكِرِ وَحَيْثُ إنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْإِنْسَانِ الْكَامِلِ يَدُلُّ وَيَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْتَكِبُ الْمَعْصِيَةَ وَيَخْتَارُ الثَّوَابَ فَأَخْذُهُ وَالْتِقَاطُهُ جَائِزٌ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَخْذَ حَلَالٌ. وَهُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ لِأَجْلِ إعَادَتِهِ إلَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لِنَفْسِهِ. وَهَذَا الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِشْهَادِ. وَرَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ هَذَا بِعِبَارَةِ (وَبِهِ نَأْخُذُ) . وَتَرْكُ الْإِشْهَادِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. وَرُجِّحَ هَذَا الْمَذْهَبَ

بِالنَّظَرِ إلَى ظَاهِرِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ. وَلَا يُوجَدُ قَيْدٌ وَلَا إشَارَةٌ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ وَمَعَ ذَلِكَ يُمْكِنُ الْقَوْلُ إنَّ الْمَجَلَّةَ بِعَدَمِ ذِكْرِهَا لُزُومَ الْإِشْهَادِ قَدْ قَبِلَتْ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. إنَّمَا مَحِلُّ هَذَا الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ آنِفًا مُحْتَاجٌ لِلْإِيضَاحِ. وَيَحْصُلُ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا لَوْ اتَّفَقَ صَاحِبُ الْمَالِ وَالْمُلْتَقِطُ عَلَى كَوْنِ الْمَالِ لُقَطَةً وَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُلْتَقِطُ: إنِّي أَخَذْتُ الْمَالَ وَرَفَعْتُهُ بِصِفَةِ لُقَطَةٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَهُ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُفْقَدْ مِنِّي بَلْ أَنْتَ غَصَبْتَهُ وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِلَا تَفْصِيلٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَيْرِيَّةُ فِي اللُّقَطَةِ) . 7 - إعَادَةُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ الْأَخْذِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ: إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى مَحِلِّهَا وَتَرَكَهَا هُنَاكَ بَعْدَ أَنَّ الْتَقَطَهَا فَفِي ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ: 1 - مَسْأَلَةٌ: بَعْدَ أَنْ الْتَقَطَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا لِصَاحِبِهَا إذَا أَعَادَهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَتَرَكَهَا هُنَاكَ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. سَوَاءٌ أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ تَجَاوَزَ الْمَحِلَّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ أَمْ قَبْلَ التَّجَاوُزِ. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا هُوَ هَذَا (الْبَحْرُ) . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا وَرَدَ فِي الْغَصْبِ فِي الْبَزَّازِيَّةُ أَنَّهُ إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ قَبْلَ مُغَادَرَةِ الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ وَتَجَاوُزِهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَإِنْ أَعَادَهَا بَعْدَ الْمُغَادِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ تَبْقَى فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يُعِيدَهَا وَيُسَلِّمَهَا لِصَاحِبِهَا سَالِمَةً. 2 - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَعَادَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ بَعْدَ أَنْ الْتَقَطَهَا كَيْ تَكُونَ مَالًا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ إعْطَائِهَا لِصَاحِبِهَا لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَتَبْقَى تَحْتَ ضَمَانِ الْمُلْتَقِطِ وَمَسْئُولِيَّتِهِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى صَاحِبِهَا سَالِمَةً (الْخَانِيَّةُ) . 8 - زَمَانُ إعْلَانِ اللُّقَطَةِ وَمُدَّتُهُ وَمِقْدَارُهُ: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْلَانُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَقْتَ الْأَخْذِ. فَكَمَا أَنَّ الْإِعْلَانَ يَجُوزُ وَقْتَ الْأَخْذِ فَإِذَا أَعْلَنَ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ يَكُونُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا أَيْضًا وَإِذَا أَعْلَنَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يُفْهَمُ أَنَّهُ الْتَقَطَهَا بِقَصْدِ رَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ لِأَجْلِ تَمَلُّكِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 68 (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَإِنْ كَانَ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ الْإِعْلَانِ فَقَدْ قِيلَ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُخَصَّصَةً بِوَقْتٍ كَسَنَةٍ مَثَلًا. وَتَكُونُ مُدَّةُ الْإِعْلَانِ مُفَوَّضَةً لِرَأْيِ الْمُلْتَقِطِ فَإِنَّهُ يُعْلِنُهَا لِوَقْتِ حُصُولِ الظَّنِّ الْغَالِبِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا لَنْ يَطْلُبَهَا أَوْ لِزَمَنٍ لَا يَحْصُلُ فِيهِ فَسَادُهَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَثْمَارِ مَثَلًا بِبَقَائِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً. وَإِنْ كَانَ إعْلَانُ الْمُلْتَقِطِ مَرَّةً كَافِيًا لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّمَانِ فَالْوَاجِبُ تَكْرَارُ الْإِعْلَانِ (الْفَتْحُ) . 9 - صُورَةُ تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ لِمَنْ يَطْلُبُهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ وَأَحْكَامُهَا إذَا ظَهَرَ صَاحِبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ: الْأَسْبَابُ الَّتِي يَجُوزُ تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ يَطْلُبُهَا مُدَّعِيًا أَنَّهَا مَالَهُ ثَلَاثَةٌ: أَوَّلًا: إثْبَاتُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ لَهُ وَيُسْرَدُ تَفْصِيلَاتٌ بِهَذَا الْخُصُوصِ فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَشَرْحِهَا. ثَانِيًا: إذَا عَدَّدَ شَخْصٌ وَوَصَفَ جَمِيعَ عَلَامَاتِ اللُّقَطَةِ الْمُوَافِقَةِ لِنَفْسِ الْأَمْرِ مَثَلًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا نُقُودٌ

إذَا بَيَّنَ عَدَدَهَا وَجِنْسَهَا وَالْكِيسَ الْمَوْضُوعَةَ فِيهِ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَ تِلْكَ اللُّقَطَةَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِرِضَاهُ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا. لَكِنْ إذَا لَمْ يُعْطِهَا بِرِضَاهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَهُ الْحَقُّ أَنْ يَطْلُبَ بَيِّنَةً. وَابْنُ الْهُمَامِ يُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلَ. كَمَا لَوْ ظَهَرَ شَخْصَانِ وَوَصَفَ كِلَاهُمَا اللُّقَطَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ فَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعْطِيَهُمَا لَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ بِلَا إجْبَارٍ. وَلَكِنْ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ بِفِقْرَةِ (ثَانِيًا) أَعْلَاهُ لِلْمُلْتَقِطِ حَقٌّ بِأَنْ يَطْلُبَ كَفِيلًا مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي سَيُسَلِّمُهُ اللُّقَطَةَ وَأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ التَّسْلِيمِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ إعْطَائِهِ كَفِيلًا. ثَالِثًا - إذَا ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى بِأَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ وَأَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ وَصَادَقَ عَلَى ذَلِكَ يُسَلِّمُهُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ وَإِنْ لَمْ يُوَصِّفْهَا وَيُعَرِّفْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ هَذِهِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ وَطَلَبَ بَيِّنَةً يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَرَجَّحَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ كَمَالٍ هَذِهِ الْجِهَةَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَا يُجْبَرُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ. لِأَنَّهُ حَيْثُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَاقِعٌ عَلَى الْغَيْرِ. فَلَيْسَ حَائِزًا صِفَةً تُوجِبُ الْإِلْزَامَ. وَعَلَيْهِ فَلِلْمُلْتَقِطِ حَقٌّ بِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ. وَمَا جَاءَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ مِنْ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ اللُّقَطَةَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ وَلَا مَسْئُولًا مِنْ جِهَةِ الْآخِرَةِ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْغَيْرِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ لَيْسَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ تُجَاهَ صَاحِبِهَا الْحَقِيقِيِّ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ إلَى شَخْصٍ بِبَيَانِ الْعَلَامَةِ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالَهُ فَكَمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ اللُّقَطَةَ عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَهُ الْخِيَارُ إذَا هَلَكَتْ. فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ وَإِنْ شَاءَ لِلشَّخْصِ الَّذِي قَبَضَهَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 91) . وَإِذَا ضَمَّنَهَا لِلْقَابِضِ فَلَيْسَ لِلْقَابِضِ أَنْ يُضَمِّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُلْتَقِطِ وَتَصْدِيقَهُ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَكَأَنَّهُ سَلَّمَ بِلَا تَصْدِيقٍ وَفَهِمَ أَخِيرًا أَنَّ اللُّقَطَةَ لَيْسَتْ مَالَهُ. (الْفَتْحُ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 79 مِنْ الْمَجَلَّةِ وَالْمَادَّةَ 4651. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْأَظْهَرَ هُوَ هَذَا فَإِنْ سَلَّمَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى بَيَانِ الْعَلَامَةِ وَصَارَ ضَامِنًا تُجَاهَ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ الْحَقِيقِيِّ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَهَا بِبَدَلِ الضَّمَانِ وَأَمَّا إذَا سَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) يَعْنِي قَالُوا: إنَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا رُجُوعًا وَلَيْسَ مِنْ رُجُوعٍ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ. اسْتِثْنَاءٌ: إذَا أَقَرَّ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ لِشَخْصٍ وَسُلِّمَتْ لَهُ بِسَبَبِ لُحُوقِ الْحَاكِمِ بِالتَّسْلِيمِ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. . 10 - الْمُعَامَلَةُ الَّتِي يَجِبُ إجْرَاؤُهَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لِلُّقَطَةِ صَاحِبٌ: إذَا أَعْلَنَ الْمُلْتَقِطُ وَعَرَّفَ بِظَرْفِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَتْنًا وَشَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (0 77) وَلَمْ يَظْهَرْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ

يَكُونُ مُخَيَّرًا بِالتَّصَرُّفِ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا: 1 - إنْ شَاءَ يُدَاوِمُ عَلَى حِفْظِ اللُّقَطَةِ لِأَجْلِ صَاحِبِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِنْدَ وَفَاتِهِ يُوصِي بِهَا آخَرَ حَتَّى لَا يُدْخِلَهَا وَرَثَتُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يَقْتَسِمُوهَا. يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لُقَطَةٌ وَيُوصِي بِحِفْظِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ (الْفَتْحُ) . 2 - وَإِنْ شَاءَ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَيْ تُرَدَّ إلَى صَاحِبِهَا عِنْدَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَوُجُودُ خَزِينَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمُحَافَظَةِ اللُّقَطَاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ. 3 - وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى اللُّقَطَةَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَحْفَظَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْحَاكِمُ يُقْرِضُهَا إلَى غَنِيٍّ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْإِقْرَاضِ. وَإِذَا اسْتَقْرَضَهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ الْحَاكِمِ يَجُوزُ أَيْضًا. أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُعْطِيهَا إلَى غَنِيٍّ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ. وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ يَبِيعُهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا. وَإِذَا بَاعَهَا الْحَاكِمُ لَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَئِذٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا قَابِلًا لِلْفَسَادِ وَلَمْ يَبِعْهَا الْمُلْتَقِطُ وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (785) . . 4 - وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ عَلَى أَنْ يَعُودَ الثَّوَابُ عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ. يَعْنِي وَإِنْ يَكُنْ الْمُلْتَقِطُ مَجْبُورًا عَلَى إيصَالِ عَيْنِ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ أَوْصَلَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ صَاحِبَهَا يُجِيزُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِ الْغَنِيِّ الصَّغِيرِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَإِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الْفَقِيرِ وَزَوْجَتِهِ وَأَنْ يَبِيعَهَا إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلْبَيْعِ وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْحَاكِمِ مَتَى أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ قَالُوا: إنَّ صَرْفَهَا بِدُونِ إذْنٍ لَا يَحِلُّ فَعَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ حِلَّ صَرْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَإِذَا وُجِدَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ التَّصَدُّقِ فَإِنْ أَجَازَ التَّصَدُّقَ يَكُونُ ثَوَابُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ. وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً. وَإِنْ كَانَ عَدَمُ لُحُوقِ الْإِجَازَةِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْ مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ بَعْدَ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ مُسْتَثْنَاةٌ. وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ قَاصِرًا فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعَاتِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنْ يُجِيزَ التَّصَدُّقَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ كَمَا سَيُذْكَرُ رَاجِعْ مَادَّتَيْ (58 و 80) . وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُخْتَارًا فِي التَّصَرُّفِ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَبْعَثُ هَذَا الِاخْتِيَارُ إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ وَالتَّصَدُّقِ لِصَاحِبِ الْمَالِ حَقُّ التَّضْمِينِ كَمَا يَأْتِي: حَقُّ التَّضْمِينِ فِي التَّصَدُّقِ:

إذَا تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى فَقِيرٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ فَقِيرًا ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُ الْمَالِ وَإِنْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مُقْتَرِنًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا وَيَأْخُذَهَا مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يُضَمِّنُهَا لِلْمُلْتَقِطِ أَوْ لِلْفَقِيرِ (الْهِدَايَةُ) يُضَمِّنُهَا لِلْمُلْتَقِطِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَالَ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ إلَى الْغَيْرِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . . سُؤَالٌ: نَعَمْ فِي الْوَاقِعِ سَلَّمَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا لَكِنَّهُ سَلَّمَهَا بِإِذْنِ وَإِبَاحَةِ الشَّرْعِ وَحَيْثُ إنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (91) فَمَا كَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَتَرَتَّب الضَّمَانُ. الْجَوَابُ: إنَّ الثَّابِتَ مِنْ الشَّارِعِ هُوَ الْإِذْنُ بِالتَّصَدُّقِ وَلَيْسَ إيجَابُ التَّصَدُّقِ يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ التَّصَدُّقَ بِاللُّقَطَةِ وَاجِبًا عَلَى الْمُلْتَقِطِ. بَلْ أَنَّهُ رَخَّصَ بِالتَّصَدُّقِ فَقَطْ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْعَمَلِ بِهَذِهِ الرُّخْصَةِ وَعَدَمِهِ. فَلَا يَبْقَى بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُتَخَلِّصًا مِنْ الضَّمَانِ. وَيُضَمِّنُهَا لِلْفَقِيرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ. سُؤَالٌ: لَمَّا قَبَضَ الْفَقِيرُ اللُّقَطَةَ وَثَبَّتَ مِلْكِيَّتَهُ فِيهَا بِإِذْنِ الشَّرْعِ فَكَيْفَ يَسْتَرْجِعُهَا؟ يَعْنِي كَيْفَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَسْتَرِدُّهَا مِنْ الْفَقِيرِ بِالتَّضْمِينِ؟ الْجَوَابُ: ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حَقِّ الِاسْتِرْدَادِ كَمَا هُوَ فِي الْهِبَةِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (864) الْفَتْحُ. وَلَيْسَ لِمَنْ ضُمِّنَ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى رَفِيقِهِ. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ وَاسْتَهْلَكَهَا هَذَا ثُمَّ ظُهْر صَاحِبُهَا وَضَمَّنَهَا لِلْفَقِيرِ فَلَيْسَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْفَقِيرَ مَغْرُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمُلْتَقِطِ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَحِقَّ لَهُ الرُّجُوعُ. الْجَوَابُ: حَيْثُ إنَّ الْغُرُورَ لَمْ يَقَعْ ضِمْنَ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ عَقْدِ التَّبَرُّعِ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الدَّافِعِ فَلَيْسَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لِلرُّجُوعِ (الْعِنَايَةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (658) . . كَمَا أَنَّهُ إذَا ضَمَّنَهَا لِلْمُلْتَقِطِ فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ يَصِيرُ كَأَنَّهُ مَالِكٌ لِلُّقَطَةِ بِالضَّمَانِ اسْتِنَادًا عَلَى وَقْتِ أَخْذِهِ إيَّاهَا وَكَأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِمَالِ نَفْسِهِ. كَذَلِكَ إذَا دُفِعَتْ اللُّقَطَةُ لِلْحَاكِمِ وَبَعْدَ أَنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ظَهَرَ صَاحِبُهَا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَأْمُورٌ بِمُحَافَظَةِ أَمْوَالِ الْغُيَّابِ وَلَيْسَ بِاسْتِهْلَاكِهَا (الْفَتْحُ) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْفَقِيرِ. وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . حَقُّ التَّضْمِينِ فِي بَيْعِ الْمُلْتَقِطِ وَبَيْعِ الْحَاكِمِ: إذَا بَاعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ عَلَى بِنَاءِ أَنْ يَحْفَظَ ثَمَنَهَا ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ بَاعَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ يَأْخُذُ صَاحِبُ الْمَالِ الثَّمَنَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْحَاكِمُ بِالذَّاتِ فَالْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ وَاسْتَرَدَّ مَالَهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (378) . وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ

لِلْبَائِعِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 1 9) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ. جُعْلُ اللُّقَطَةِ وَنَفَقَتُهَا: لَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَطْلُبَ جُعْلًا أَيْ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْتِقَاطِهِ. سَوَاءٌ الْتَقَطَهَا مِنْ مَحِلٍّ قَرِيبٍ أَوْ مِنْ مَحِلٍّ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهَا قَالَ: (إنِّي أَدْفَعُ كَذَا مَالًا لِمَنْ وَجَدَهَا وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا) . وَيَكُونُ الْمُلْتَقِطُ مُتَبَرِّعًا فِي إنْفَاقِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْإِنْفَاقِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَرْجِعُ بَعْدَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ. كَمَا لَوْ رَاجَعَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ قَائِلًا: إنَّ فِي يَدِهِ حَيَوَانًا لُقَطَةً وَطَلَبَ إذْنًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ لُقَطَةً فِي يَدِهِ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَلَى مَالِ الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ فَائِدَةٌ فِي هَذَا الْإِنْفَاقِ (الْهِدَايَةُ) . وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ إقَامَتِهَا وَلَكِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لِأَجْلِ كَشْفِ الْحَالِ يَعْنِي لِكَيْ يَنْكَشِفَ أَمَامَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ لُقَطَةٌ. وَإِلَّا بِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ فَالْخَصْمُ لَيْسَ بِلَازِمٍ حِينَ اسْتِمَاعِهَا (الْفَتْحُ) . وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ لَيْسَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ لُقَطَةٌ يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمُلْتَقِطِ بِحُضُورِ شُهُودٍ ثِقَاتٍ: (إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي قَوْلِكَ فَأَنْفِقْ عَلَيْهِ) ، وَسَبَبُ إعْطَاءِ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ بِهَذَا الْوَجْهِ الْحَذَرُ مِنْ لُزُومِ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ وَمُطْلَقَةٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَغْصُوبًا يَتَقَرَّرُ عَلَى الْمَالِكِ الضَّمَانُ أَيْ لُزُومُ النَّفَقَةِ وَهَذَا ضَرَرٌ لِلْمَالِكِ. وَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْإِنْفَاقِ فَبِصُورَةِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ لُقَطَةً وَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِإِنْفَاقِهِ وَمُتَضَرِّرًا مِنْ ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) . صُورَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَمَرْهُونِيَّةِ اللُّقَطَةِ مُقَابِلَ هَذَا الْمَصْرِفِ: لِيَكُنْ مَعْلُومًا نَظَرًا لِأَصَحِّ الرِّوَايَاتِ أَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِالْإِنْفَاقِ فَقَطْ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ إلَى صَاحِبِهِ أَخِيرًا؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ يَتَرَاوَحُ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَالْحِسْبَةِ فَيَحْصُلُ الشَّكُّ بِجِهَةِ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ. وَالْحَالُ أَنْ لَا دَيْنَ بِالشَّكِّ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (8) . . فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْحَاكِمِ فِي الصُّورَةِ الْمَشْرُوحَةِ يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ مِنْ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. سَوَاءٌ أَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِهِ أَمْ اسْتَدَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَأَنْفَقَ حَتَّى إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ عَنْ إعْطَاءِ الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ اللُّقَطَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيُؤَدِّي مَصْرِفَهَا مِنْ ثَمَنِهَا وَيَرُدُّ الْبَقِيَّةَ إلَى صَاحِبِهَا. وَهَلَاكُ اللُّقَطَةِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ هَذَا الْمَصْرِفِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ الَّتِي صَرَفَهَا الْمُلْتَقِطُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَصْرِفِهِ هَذَا عَلَى صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُلْتَقِطِ حَقُّ إمْسَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَسْلِيمِهَا لِصَاحِبِهَا لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي - (الْهِدَايَةِ وَالْغُرَرِ وَالْمُنْتَقَى وَرَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ) . وَإِنَّمَا نَظَرًا لِلْإِيضَاحَاتِ الَّتِي سَرَدَهَا والشرنبلالي:

(المادة 770) إعلان الملتقط أنه وجد لقطة وحفظها عنده أمانة

إنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ زُفَرَ وَأَمَّا فِي مَذْهَبِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ فَلَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ. . صُورَةُ تَدَارُكِ النَّفَقَةِ وَكَوْنُ الْإِنْفَاقِ مُؤَقَّتًا: تُتَدَارَكُ النَّفَقَةُ أَوَّلًا مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ قَابِلَةً لِلْإِيجَارِ كَالْحِمَارِ وَالْبَغْلِ وَالْحِصَانِ فَيُؤَجِّرُهَا الْمُلْتَقِطُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا. ثَانِيًا: يُنْفِقُ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مُؤَقَّتًا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. كَمَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَأْجِرٌ لِلُّقَطَةِ وَخِيفَ مِنْ أَنْ تَسْتَغْرِقَ النَّفَقَةُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ أَوْ كَانَتْ شَاةً مَثَلًا أَيْ حَيَوَانًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْإِيجَارِ فَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْمُلْتَقِطَ بِالْإِنْفَاقِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَبِيعُهَا وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ نَظَرِيٌّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ. وَيُعْطِي الْحَاكِمُ الْمُلْتَقِطَ مَصْرِفَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ. (" 1 " رَاجِعْ الْمَادَّةَ (58) وَقَدْ أُوضِحَ بَيْعُ اللُّقَطَةِ آنِفًا) . وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْحَاكِمِ أَنْ يُثْبِتَ الْمُلْتَقِطُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ لُقَطَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَدُرُّ الْمُخْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . تَبَدُّلُ الْحِذَاءِ فِي الِازْدِحَامِ: إذَا تَرَكَ إنْسَانٌ عِنْدَ ازْدِحَامِ النَّاسِ حِذَاءَهُ سَهْوًا وَأَخَذَ حِذَاءَ غَيْرِهِ يَكُونُ لُقَطَةً. وَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَمَّا إذَا أَخَذَ حِذَاءَ أَحَدِهِمْ قَصْدًا فِي الِازْدِحَامِ وَتَرَكَ مَحِلَّهُ حِذَاءً أَدْنَى مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَذَا الْحِذَاءِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ وَتَرَكَ الْأَدْنَى مِنْهُ يَكُونُ أَظْهَرَ رِضًا بِانْتِفَاعِ الْغَيْرِ بِذَلِكَ الْأَدْنَى وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ جَوَازُ وَمَشْرُوعِيَّةُ انْتِفَاعِ الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَ الْأَعْلَى بِهِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْحِذَاءُ الَّذِي تُرِكَ مُسَاوِيًا لِلَّذِي أُخِذَ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ يَكُونُ فِي حُكْمِ اللُّقَطَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) [ (الْمَادَّةُ 770) إعْلَانُ الْمُلْتَقِط أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً وَحِفْظُهَا عِنْدَهُ أَمَانَةً] (الْمَادَّةُ 770) يُعْلِنُ الْمُلْتَقِطُ أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً وَيَحْفَظُهَا عِنْدَهُ أَمَانَةً لِبَيْنَمَا يَظْهَرُ صَاحِبُهَا فَإِذَا ظَهَرَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهَا مَالَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إيَّاهَا. يُعْلِنُ الْمُلْتَقِطُ بِوَاسِطَةِ الْمُنَادِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَ اللُّقَطَةَ فِيهِ وَفِي الْأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ أَنَّهُ وَجَدَ لُقَطَةً أَوْ يُعْلِنُ هُوَ بِذَاتِهِ. وَيَقُولُ الْفُقَهَاءُ لِهَذَا الْإِعْلَانِ (تَعْرِيفٌ) . سَبَبُ الْإِعْلَانِ فِي الْمَحَالِّ الْمَذْكُورَةِ هُوَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَانِ ظُهُورُ صَاحِبِ الْمَالِ وَتَسْلِيمُهُ إيَّاهُ وَنَوَالُ صَاحِبِ الْمَالِ مَالَهُ فَالْإِعْلَانُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يُسَهِّلُ الْمَقْصُودَ الْمَذْكُورَ. وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فِي الْجَرَائِدِ فَلَمْ تَكُنْ أَوْرَاقَ حَوَادِثَ فِي عَصْرِ الْفُقَهَاءِ كَمَا هُوَ فِي زَمَانِنَا فَلَا يُوجَدُ بَحْثٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِشَأْنِ الْإِعْلَانِ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ. وَلَكِنَّ الْإِعْلَانَ فِي زَمَانِنَا بِوَاسِطَةِ الْأَوْرَاقِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا جَائِزٌ. وَلَكِنْ بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْجَرَائِدَ وَيَعْرِفُونَ قِرَاءَتَهَا وَبِمَا أَنَّهُ لَا تُوجَدُ جَرَائِدُ فِي كُلِّ مَحِلٍّ فَيَجِبُ الْإِعْلَانُ أَيْضًا بِوَاسِطَةِ الْمُنَادِي فِي مَجَامِعِ النَّاسِ كَمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ.

(المادة 771) هلك مال شخص عند آخر قضاء

وَيَحْفَظُ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ أَمَانَةً عِنْدَهُ لِبَيْنَمَا يَظْهَرُ صَاحِبُهَا. الصُّوَرُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى مَنْ قَالَ: إنَّهَا مَالِي، وَاَلَّتِي لَا تَجُوزُ الْأَحْوَالُ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا تَسْلِيمُ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا يَعْنِي لِمَنْ قَالَ: إنَّهَا مَالِي ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ - إذَا ظَهَرَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِمُوجِبِ الْبَيِّنَةِ بِتَسْلِيمِهَا لَهُ لَزِمَ الْمُلْتَقِطَ تَسْلِيمُهَا لَهُ. يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ مَجْبُورٌ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَعْنِي إذَا ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَأَرَادَ أَخْذَهَا فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ أَوْ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ (الْهِدَايَةُ) وَلَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى تَسْلِيمِ اللُّقَطَةِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَحُكْمٍ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعِي فِي هَذَا هُوَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ فَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (76) يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ (الْفَتْحُ) . إذَا أَثْبَتَ شَخْصٌ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ وَأَخَذَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ حُكْمًا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى وَأَثْبَتَ أَنَّ اللُّقَطَةَ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُلْتَقِطَ الضَّمَانُ أَلْبَتَّةَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 9) . وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَدْ مَرَّتْ الْإِيضَاحَاتُ بِهَذَا الْخُصُوصِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. الثَّانِي - بَيَانُ جَمِيعِ عَلَامَاتِ اللُّقَطَةِ. وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُ الْمُلْتَقِطِ. وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُ هَذَيْنِ الِاثْنَيْنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. [ (الْمَادَّةُ 771) هَلَكَ مَالُ شَخْصٍ عِنْدَ آخَرَ قَضَاءً] (الْمَادَّةُ 771) إذَا هَلَكَ مَالُ شَخْصٍ عِنْدَ آخَرَ قَضَاءً فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ يَضْمَنُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَهُ بِصُورَةِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَسُمِّيَ الثَّمَنُ فَهَلَكَ الْمَالُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ مَثَلًا إذَا أَخَذَ شَخْصٌ إنَاءَ بِلَّوْرٍ مِنْ دُكَّانِ الْبَائِعِ بِدُونِ إذْنِهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ بِلَا قَصْدٍ أَثْنَاءَ النَّظَرِ وَانْكَسَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ عَلَى إنَاءٍ آخَرَ فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ فَقَطْ وَأَمَّا الْإِنَاءُ الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ: بِكَمْ هَذَا الْإِنَاءُ؟ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: بِكَذَا قِرْشًا خُذْهُ فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَانْكَسَرَ ضَمِنَ ثَمَنَهُ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ كَأْسُ الْفُقَّاعَيْ مِنْ يَدِ أَحَدٍ فَانْكَسَرَ وَهُوَ يَشْرَبُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ مِنْ قَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ بِسَبَبِ سُوءِ اسْتِعْمَالِهِ فَانْكَسَرَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. إذَا هَلَكَ فِي يَدِ شَخْصٍ مَالُ شَخْصٍ آخَرَ قَضَاءً يَعْنِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَخَذَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَمْ غَيْرَ عَالَمٍ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُصُوصَ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1 88) فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1 89) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - إذَا كَانَ أَخَذَهُ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْأَخْذِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ هُنَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَمْ غَيْرَ عَالَمٍ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ ظَنًّا بِأَنَّهُ مَالُهُ يَكُونُ ضَامِنًا. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْقَصَّارُ أَحَدًا ثَوْبَ الْغَيْرِ ظَانًّا بِأَنَّهُ لَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَكُونُ الِاثْنَانِ ضَامِنَيْنِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (912) . وَالْجَهْلُ لَيْسَ عُذْرًا. وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْهُمَا وَإِنْ ضَمَّنَّهُ لِلْمُسْتَهْلِكِ فَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَصَّارِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (658) . وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهُ لِلْقَصَّارِ يَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - عَلَى كُلِّ حَالٍ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ وَيُلَاحَظُ هَذَا التَّعْبِيرُ بِثَلَاثَةِ وُجُوهِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - بِمَعْنَى أَنَّهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَلَاكُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَمْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ وَعَدَمُ إتْيَانِ قَيْدِ قَضَاءً فِي الْمِثَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّعْمِيمُ فَلَا شُبْهَةَ بِأَنَّ التَّعْمِيمَ الْمَذْكُورَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى مَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (891) . إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِيءُ مُلَائِمًا قَيْدَ قَضَاءٍ الْمَذْكُورَ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ بِمَقَامٍ بِلَا تَعَدٍّ. الْوَجْهُ الثَّانِي - يَعْنِي أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ لِأَجْلِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِأَجْلِ إرَاءَتِهِ لِلْغَيْرِ أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ كَالِاسْتِعْمَالِ مَثَلًا. وَهَذَا التَّعْمِيمُ أَيْضًا صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَزَّازِيَّةُ وَلَكِنْ لَا يُوجَدُ فِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - بِمَعْنَى أَنَّهُ سَوَاءٌ أَسُمِّيَ الثَّمَنُ أَوْ لَمْ يُسَمَّ. وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ بِالنَّظَرِ لِرِوَايَةِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مُلَاءَمَةِ الْعِبَارَةِ لَا شَكَّ فِي صِحَّةِ التَّعْمِيمِ بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - إذَا كَانَ أَخْذُهُ لِلْمَالِ الَّذِي هَلَكَ قَضَاءً فِي يَدِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَلِكَوْنِ ذَلِكَ الْمَالِ أَمَانَةً فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُهُ فِي حَالَةِ هَلَاكِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 786) . . وَلَا اشْتِبَاهَ فِي أَنَّ قَيْدَ (قَضَاءً الْوَارِدَ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ مُعْتَبَرٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ عَلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ) . كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمِثَالَيْنِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا أَيْضًا. هَذِهِ الْفِقْرَةُ أَيْ فِقْرَةُ (الْمَالُ الْمَأْخُوذُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَمَانَةٌ) قَاعِدَةٌ تَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابِ عِلْمِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ. فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا: 1 - الْإِقْرَاضُ. إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ ذَهَبًا قَرْضًا فَأَعْطَاهُ سَهْوًا سِتِّينَ ذَهَبًا وَبَيْنَمَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ آيِبًا فِي الطَّرِيقِ كَيْ يَرُدَّ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَفْرَزَهَا هَلَكَتْ فَحَيْثُ إنَّ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ قَرْضًا يَضْمَنُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ أَسْدَاسٍ. يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ وَأَمَّا الْبَاقِي مِنْهُ فَحَيْثُ إنَّهُ وَدِيعَةٌ وَأُخِذَتْ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَالْخَمْسُونَ ذَهَبًا الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ دَيْنُ الْمُقْرِضِ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ (الشَّارِحُ) . 2 - أَدَاءُ الدَّيْنِ. إذَا كَانَ الشَّخْصُ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَأَعْطَاهُ سَهْوًا اثْنَيْ عَشْرَ ذَهَبًا وَاطَّلَعَ الْقَابِضُ عَلَى ذَلِكَ أَخِيرًا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ تَكُونُ الِاثْنَتَانِ الْبَاقِيَتَانِ أَمَانَةً (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .

3 - الْبُيُوعُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْمَالَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ أَمْوَالٍ الَّتِي قُبِضَتْ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ مَبِيعًا تَكُونُ الْبَاقِيَةُ أَمَانَةً لِأَنَّهَا قُبِضَتْ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَإِذَا هَلَكَتْ قَضَاءً فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُهَا. 4 - الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِطَرِيقِ سَوْمِ النَّظَرِ أَمَانَةٌ. فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْقَابِضِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (299) . 5 - الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ أَمَانَةٌ، وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْقَابِضِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (298) . 6 - إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (370) . 7 - حَيْثُ إنَّ الْمَبِيعَ وَفَاءً قُبِضَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ. وَإِذَا هَلَكَ قَضَاءً فِي يَدِ الْقَابِضِ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ ضَمَانُ الزِّيَادَةِ عَنْ الدَّيْنِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (401) . 8 - الْإِجَارَةُ: حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَبَضَ الْمَأْجُورَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَضَاءً لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (601) . . 9 - إذَا هَلَكَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ قَضَاءً لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (610) . 10 - الْكَفَالَةُ: إذَا هَلَكَتْ الْأَمَانَةُ الَّتِي فِي يَدِ الْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مَالِ الْأَمَانَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الضَّمَانُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (650) . 11 - الرَّهْنُ: إذَا هَلَكَ الْمَالُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَفَضَلَ ذَلِكَ الْمَالُ عَنْ الدَّيْنِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (741) . 12 - الْأَمَانَاتُ: إذَا دَخَلَ رَجُلٌ إلَى بَيْتِ آخَرَ بِإِذْنِهِ وَبَيْنَمَا كَانَ يَشْرَبُ مَاءً بِالْقَدَحِ الْمَوْجُودِ فِي الْعَرْصَةِ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً وَانْكَسَرَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (772) . 13 - إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777) . 14 - إذَا هَلَكَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ لَا يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (713) . 15 - الشَّرِكَةُ: إذَا هَلَكَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ لَا يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمَرْقُومُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1350) . 9716 - إذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ الْمَرْقُومُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1413) . 17 - الْوَكَالَةُ: إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1463) . غَيْرَ أَنَّ أَرْبَعَ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَفِيهَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مَالًا بِصُورَةِ سَوْمِ الشِّرَاءِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي حَالِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَلَوْ شُرِطَ عَدَمُ الضَّمَانِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ) . وَبِمَا أَنَّ تَفْصِيلَاتِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَبَقَتْ فِي الْمَادَّةِ (298) وَشَرْحِهَا فَلْتُرَاجَعْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَالِ الَّذِي قُبِضَ بِصُورَةِ سَوْمِ الرَّهْنِ وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي الْمَبْحَثِ الثَّالِثِ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (710) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الْمَالُ الَّذِي قَبْضُهُ بِجِهَةِ الْبَيْعِ هَذَا الْمَالُ كَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ خَطَأً غَيْرَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي ظَنًّا بِأَنَّهُ الْمَبِيعُ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْمَرْقُومِ يَكُونُ ضَامِنًا بَدَلَهُ. (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - الْمَالُ الْمَقْبُوضُ بِطَرِيقِ الْوَثِيقَةِ يَعْنِي بِصُورَةِ الرَّهْنِ. فَالْمِقْدَارُ الْمُعَادِلُ لِلدَّيْنِ مِنْ هَذَا الْمَقْبُوضِ مَضْمُونٌ بِدَيْنِهِ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 741) . . 1 - مَثَلًا إذَا أَخَذَ رَجُلٌ إنَاءً مِنْ دُكَّانِ الْبَائِعِ الَّذِي يَبِيعُ الْأَوَانِيَ الزُّجَاجِيَّةَ بِدُونِ إذْنِهِ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ وَانْكَسَرَ يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ لَيْسَ مَأْذُونًا بِهِ دَلَالَةً. وَدُخُولُهُ إلَى الدُّكَّانِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ دَلَالَةً بِأَخْذِ الْإِنَاءِ (الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . سَوَاءٌ أَكَانَ وُقُوعُهُ قَضَاءً أَوْ عَنْ تَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ. وَالْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي هَذَا وَاحِدٌ وَلَيْسَ مَا وُضِعَ لِلْبَيْعِ نَظِيرَ دُخُولِ الرَّجُلِ مَنْزِلَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ فِي مَسَائِلِ الضَّمَانِ مِنْ الْبَيْعِ) . هَذَا الْمِثَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. 2 - وَإِذَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَبَيْنَمَا كَانَ يَنْظُرُ فِيهِ سَقَطَ إلَى الْأَرْضِ قَضَاءً وَانْكَسَرَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَالْأَمَانَةُ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (768) . وَهَذَا الْمِثَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. كَمَا لَوْ دَخَلَ رَجُلٌ إلَى دُكَّانِ سَمَّانٍ بِقَصْدِ شِرَاءِ سَمْنٍ وَلَمَّا نَظَرَ إلَى الْكُوبِ الْمَوْضُوعِ فِيهِ السَّمْنُ سَالَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ قَضَاءً فَتَنَجَّسَ السَّمْنُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ نَظَرُهُ بِإِذْنِ السَّمَّانِ لَا يَضْمَنُ. وَإِلَّا يَكُونُ ضَامِنًا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنْ كَانَ السَّمْنُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَأْكُولٍ يَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا يَضْمَنُ كُلَّ بَدَلِهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْكُولٍ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مِنْ سَيَلَانِ الدَّمِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. 3 - وَإِذَا سَقَطَ ذَلِكَ الْإِنَاءُ أَيْ الْإِنَاءُ الَّذِي أُخِذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَوَانٍ أُخْرَى قَضَاءً فَانْكَسَرَ وَكُسِرَتْ تِلْكَ الْأَوَانِي لَزِمَ ضَمَانُ الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ أَيْ الْأَوَانِي الَّتِي سَقَطَ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْإِنَاءُ. لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوَانِي انْكَسَرَتْ بِفِعْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (912) (الْخَانِيَّةُ) . بُحِثَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَمَّا أُخِذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ. وَحَيْثُ إنَّ تِلْكَ الْأَوَانِي لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ اسْتِطْرَادًا هُنَا وَإِلَّا لَيْسَتْ مِثَالًا عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَلَعَلَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ الثَّالِثَةَ فَرْعٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْعُمُومِيَّةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (912) الَّتِي هِيَ " إذَا اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ مَالَ الْآخَرِ الْمَوْجُودَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ قَصْدًا أَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَكُونُ ضَامِنًا ".

(المادة 772) الإذن دلالة كالإذن صراحة

وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الْإِنَاءَ الَّذِي نُظِرَ فِيهِ أُخِذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُهُ أَيْضًا يَعْنِي كَمَا كَانَ فِي فِقْرَةِ (إذَا أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَبَيْنَمَا كَانَ يَنْظُرُ فِيهِ. ..) فَالْمِثَالُ الرَّابِعُ هَذَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ عَيْنَ الْفِقْرَةِ الْمِثَالِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي الَّتِي هِيَ (إذَا أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ فِيهِ. ..) فَمَعَ أَنَّ ذِكْرَهُ تَكْرَارٌ فَوُقُوعُ اسْتِعْمَالِ لَفْظِ أَيْضًا فِي مَوْقِعِهِ جَدِيرٌ بِالتَّأَمُّلِ. 5 - أَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ: بِكَمْ هَذَا الْإِنَاءُ؟ فَأَجَابَهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: بِكَذَا قِرْشًا خُذْهُ فَأَخَذَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بَعْدَ أَنْ تَقَرَّرَ الثَّمَنُ ثُمَّ سَقَطَ إلَى الْأَرْضِ وَانْكَسَرَ وَحْدَهُ أَوْ انْكَسَرَ وَكَسَرَ أَوَانٍ أُخْرَى مَعَهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ جَمِيعِ مَا انْكَسَرَ مِنْ الْأَوَانِي. وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ يَعْنِي مِثَالٌ لِفِقْرَةِ (مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَهُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ) . 6 - كَذَلِكَ إذَا وَقَعَ كَأْسُ الشُّرْبِ الْفَقَّاعِي قَضَاءً مِنْ يَدِ شَخْصٍ وَهُوَ يَشْرَبُ شَرَابًا وَانْكَسَرَ فَلِكَوْنِ ذَلِكَ الْكَأْسِ مِنْ قَبِيلِ الْعَارِيَّةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (813) . وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَقْدَانِ: الْعَقْدُ الْأَوَّلُ: بَيْعُ الشَّرَابِ وَالْآخَرُ إعَارَةُ الْكَأْسِ فَإِذَا قَبَضَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الشَّرَابَ مَعَ الْكَأْسِ فَوَقَعَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ فَانْكَسَرَتْ وَسَالَ الشَّرَابُ أَيْضًا لَزِمَهُ إعْطَاءُ ثَمَنِ الشَّرَابِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (294) وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْكَأْسِ كَمَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ. وَالْمِثَالُ السَّادِسُ هَذَا مِثَالٌ مُسْتَقِلٌّ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. 7 - غَيْرَ أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْكَأْسُ بِسَبَبِ سُوءِ اسْتِعْمَالِهِ أَوْ أَنَّهُ رَمَاهُ قَصْدًا أَوْ كَسَرَهُ يَصِيرُ ضَامِنًا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (787) . اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (768) . كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ ذَلِكَ الْكَأْسُ أَوَانِيَ أُخْرَى وَجَبَ ضَمَانُهَا أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (912) الْمِثَالُ السَّابِعُ هَذَا لِأَجْلِ بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ فِي قَيْدِ (قَضَاءً) الَّذِي وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمَسْأَلَةُ الْعُمُومِيَّةُ فِي هَذَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 787 هِيَ (إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ) . [ (الْمَادَّةُ 772) الْإِذْنُ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ صَرَاحَةً] (الْمَادَّةُ 772) - الْإِذْنُ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ صَرَاحَةً. بَيْدَ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِ النَّهْيِ صَرَاحَةً لَا اعْتِبَارَ لِلدَّلَالَةِ. مَثَلًا إذَا دَخَلَ رَجُلٌ بَيْتَ آخَرَ فَهُوَ مَأْذُونٌ دَلَالَةً بِشُرْبِ الْمَاءِ بِالْإِنَاءِ الْمَخْصُوصِ لَهُ. وَإِذَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً وَهُوَ يَشْرَبُ وَانْكَسَرَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَلَكِنْ إذَا أَخَذَهُ بِيَدِهِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ نَهَاهُ بِقَوْلِهِ: لَا تَمَسَّهُ فَسَقَطَ وَانْكَسَرَ يَصِيرُ ضَامِنًا. الْإِذْنُ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ صَرَاحَةً فِي الْحُكْمِ: فَلِذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَالِ الْهَالِكِ قَضَاءً فِي يَدِ الَّذِي أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ الصَّرِيحِ وَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا ضَمَانُ الْمَالِ الْهَالِكِ فِي يَدِ الَّذِي أَخَذَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ دَلَالَةً.

غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ نَهْيٌ وَمَنْعٌ صَرِيحَانِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْإِذْنِ دَلَالَةً. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (13) . وَتَرِدُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى أَيْ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ صَرَاحَةً كَالْإِذْنِ دَلَالَةً وَهِيَ: 1 - مَثَلًا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ بَيْتَ أَوْ دُكَّانَ آخَرَ بِإِذْنِهِ يَكُونُ مَأْذُونًا دَلَالَةً لِشُرْبِ الْمَاءِ بِالْإِنَاءِ الْمَوْضُوعِ خُصُوصًا يَعْنِي أَنَّ دُخُولَهُ الْبَيْتَ بِإِذْنِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالشُّرْبِ بِالْكَأْسِ الْمَوْضُوعِ لِأَجْلِ ذَلِكَ. وَإِذَا أَخَذَ الْكَأْسَ بِيَدِهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْإِذْنِ دَلَالَةً وَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً وَهُوَ يَشْرَبُ بِهِ وَانْكَسَرَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ. كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَ الْكَأْسُ بِلَا قَصْدٍ وَلَا تَقْصِيرٍ بَيْنَمَا كَانَ يَشْرَبُ بِهِ شَخْصٌ بِنَاءً عَلَى إذْنِ صَاحِبِهِ الصَّرِيحِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (813) . وَلَكِنْ إذَا أَخَذَ الْكَأْسَ الصِّينِيَّ الْمَوْضُوعَ لِأَجْلِ الزِّينَةِ وَغَيْرَ الْمُعَدِّ لِلشُّرْبِ أَوْ أَحَدَ الْآنِيَةِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الدُّكَّانِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ بِلَا إذْنٍ وَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً وَهُوَ يَشْرَبُ بِهِ وَانْكَسَرَ لَزِمَ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . 2 - إذَا دَخَلَ رَجُلٌ حَمَّامًا وَأَخَذَ طَاسَ الْجُرْنِ وَأَعْطَاهُ لِأَحَدِ الزَّبَائِنِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْحَمَّامِ وَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُعْطِي وَلَا عَلَى الْآخِذِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ مَأْذُونٌ بِهِ دَلَالَةً. 3 - إذَا دَخَلَ نَفَرٌ مِنْ النَّاسِ بَيْتَ رَجُلٍ وَأَخَذَ أَحَدُهُمْ الْمِرْآةَ الْمَوْضُوعَةَ فِي مَحِلٍّ ظَاهِرٍ وَبَعْدَ أَنْ نَظَرَ فِيهَا أَعْطَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ فُقِدَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ إذْنٌ دَلَالَةً لِلنَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ. وَأَمَّا إذَا أَخَذَ شَيْئًا أَخْذُهُ مَمْنُوعٌ فَيَكُونُ غَاصِبًا. كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. 4 - إذَا ذَهَبَ الْأَبُ بِبَغْلِ ابْنِهِ أَوْ الِابْنُ بِبَغْلِ أَبِيهِ أَوْ الزَّوْجُ بِبَغْلِ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَةُ بِبَغْلِ الزَّوْجِ إلَى الطَّاحُونِ وَهَلَكَ الْبَغْلُ قَضَاءً لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ، لِأَنَّهُ يُوجَدُ إذْنٌ بِذَلِكَ. 5 - إذَا أَرْسَلَ شَخْصٌ رَجُلًا إلَى مَحِلٍّ لِأَجْلِ شَغْلِهِ وَأَخَذَ الرَّسُولُ حَيَوَانَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ وَرَكِبَهُ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْآمِرِ وَالرَّسُولِ صَدَاقَةٌ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يَضْمَنُ. 6 - إذَا مَرِضَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكٌ وَرَأَى الْبَيْطَارُ لُزُومًا لِكَيِّهِ وَكَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَكْوِيَهُ فَإِذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَضْمَنُ الْمُشَارِكُ الَّذِي حَمَلَ عَلَى كيه. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . 7 - إذَا ذَبَحَ الرَّاعِي حَيَوَانًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ كَالشَّاةِ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ الرَّجَاءَ مِنْ دَوَامِ حَيَاتِهِ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا نَظَرًا لِلْقَوْلِ الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا إذْنًا دَلَالَةً. وَإِذَا ذَبَحَهُ أَجْنَبِيٌّ فَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا يَضْمَنُ. وَأَمَّا إذَا ذَبَحَ الرَّاعِي حَيَوَانًا غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَالْحِمَارِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي حَالِ الذَّبْحِ أَيْ فِي الْحَالَةِ الَّتِي قَطَعَ الْأَمَلَ مِنْ حَيَاتِهِ (الْفُصُولَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مُصَادِفٌ مَالًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. 8 - إذَا ذَبَحَ شَخْصٌ الشَّاةَ الَّتِي رَبَطَ الْجَزَّارُ أَرْجُلَهَا لِأَجْلَ ذَبْحِهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَإِذَا وَضَعَ رَجُلٌ

اللَّحْمَ فِي الْقِدْرِ لِأَجْلِ طَبْخِهَا وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَهَا عَلَى الْمُوقَدَةِ وَضَعَ شَخْصٌ آخَرُ النَّارَ تَحْتَهَا وَطَبَخَهَا لَا يَكُونُ ضَامِنًا. 9 - إذَا وَقَعَ الْحَمْلُ عَنْ دَابَّةٍ وَحَمَّلَهُ شَخْصٌ عَلَيْهَا بِلَا إذْنٍ وَهَلَكَتْ فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ دَلَالَةً بِهَذَا ثَابِتٌ. 10 - إذَا أَرْسَلَ شَخْصٌ لِآخَرَ هَدِيَّةً ضِمْنَ إنَاءٍ وَكَانَتْ تِلْكَ مِنْ قَبِيلِ مَا تَزُولُ لَذَّتُهُ بِتَفْرِيغِهَا إلَى إنَاءٍ آخَرَ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إذْنًا دَلَالَةً. وَإِذَا انْكَسَرَ الْإِنَاءُ قَضَاءً أَثْنَاءَ الْأَكْلِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ الَّتِي تَزُولُ لَذَّتُهَا بِتَفْرِيغِهَا إلَى إنَاءٍ آخَرَ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ إلَّا أَنْ يَأْكُلَهَا فِيهِ. مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى لَهُ صَدَاقَةٌ وَمُسَامَحَةٌ. 11 - إذَا دَخَلَ شَخْصٌ كَرْمَ صَدِيقِهِ وَتَنَاوَلَ شَيْئًا يَعْنِي مِقْدَارًا مِنْ الْعِنَبِ مَثَلًا بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يُبَالِي بِذَلِكَ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ بَأْسٌ فِي هَذَا التَّنَاوُلِ. 12 - إذَا خَرَجَ رَجُلَانِ لِسَفَرٍ وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ فِيهِ حَاكِمٌ يُرَاجَعُ فَلِرَفِيقِهِ الْبَاقِي بِقَيْدِ الْحَيَاةِ أَنْ يَبِيعَ أَمْتِعَتَهُ وَحَيَوَانَاتِهِ وَيُسَلِّمُ ثَمَنَهَا لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِعْهَا وَقَصَدَ نَقْلَهَا عَيْنًا فَيَضْطَرُّ إلَى مَصَارِيفَ نَقْلِيَّةٍ كَثِيرَةٍ مَعَ أَنَّ رَفِيقَهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً بِالْبَيْعِ فِي مَوَاضِعَ كَهَذِهِ. إنَّمَا هَذَا الْمَسَاغُ بِمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ لَا يُعَاقَبَانِ مِنْ جَرَّاءِ بَيْعِ وَشِرَاءِ مَالِ الْغَيْرِ وَإِلَّا لَا يَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ نَافِذٌ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (378) . وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ نَقُودَهُ وَأَشْيَاءَهُ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ أَيْضًا لِأَجْلِ حِفْظِهَا وَاذَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) وَشَرْحَهَا. وَلَكِنْ إذَا أَخَذَ ذَلِكَ الْإِنَاءَ بِيَدِهِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيْتِ أَوْ صَاحِبَ الدُّكَّانِ نَهَاهُ بِقَوْلِهِ: لَا تَمَسَّهُ، يَعْنِي بَعْدَ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً وَانْكَسَرَ يَصِيرُ ضَامِنًا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (891) . وَلَكِنْ إذَا نُهِيَ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ فَبِنَاءً عَلَى الْمَأْذُونِيَّةِ دَلَالَةً وَبَعْدَ هَلَاكِهِ قَضَاءً فِي يَدِهِ فَلَا حُكْمَ لِلنَّهْيِ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 13) .

الباب الثاني في الوديعة وفيه فصلان

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْوَدِيعَةِ وَفِيهِ فَصْلَانِ] ِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِيدَاعِ ثَابِتَةٌ بِأَدِلَّةٍ أَرْبَعَةٍ بِالْكِتَابِ. كَمَا وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَغَنِيٌّ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ أَدَاءَ الْأَمَانَاتِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبُولِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَالَّةً عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِيدَاعِ. نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْجَلِيلَةُ بِحَقِّ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ. يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إذْ أَقْفَلَ عُثْمَانُ الْكَعْبَةَ وَصَعِدَ عَلَى سَطْحِهَا فَطَلَبَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِفْتَاحَ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ عِنْدَ عُثْمَانَ. فَطَلَبَهُ مِنْهُ، فَامْتَنَعَ عُثْمَانُ عَنْ إعْطَائِهِ وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّك رَسُولُ اللَّهِ لَأَعْطَيْتُكَ، فَضَغَطَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى يَدِ عُثْمَانَ، وَأَخَذَ الْمِفْتَاحَ وَفَتَحَ الْبَابَ فَدَخَلَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَعْبَةَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْكَعْبَةِ، فَطَلَبَ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ وَأَنْ يَجْمَعَ فِيهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ السِّقَايَةَ وَالسِّدَانَةَ أَيْ شَرَفَ خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْجَلِيلَةُ عَقِبَ ذَلِكَ. فَأَمَرَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ عَلِيًّا فَرَدَّ الْمِفْتَاحَ إلَى عُثْمَان، وَقَدَّمَ مَعْذِرَةً بِوَاسِطَتِهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا عَلِيُّ جِئْتَ قَبْلًا وَأَخَذْتَ الْمِفْتَاحَ مِنِّي بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ، وَالْآنَ أَتَيْتَ بِالرِّفْقِ وَاللُّطْفِ. فَأَخْبَرَهُ عَلِيٌّ بِنُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَلَفَظَ عُثْمَانُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ. وَنَزَلَ جَبْرَائِيلُ مُخَيِّرًا أَنَّ السِّقَايَةَ وَالسِّدَانَةَ لِعُثْمَانَ وَأَوْلَادِهِ أَبَدًا بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ. وَلَمَّا هَاجَرَ عُثْمَانُ أَخِيرًا أَعْطَى الْمِفْتَاحَ لِأَخِيهِ شَيْبَةَ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَحَقَّ حِفْظُ الْمِفْتَاحِ وَالسِّدَانَةِ مَنُوطَانِ بِشَيْبَةَ وَأَوْلَادِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (شَيْخُ زَادَهْ) . ثُمَّ إنَّ قَبُولَ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَابِ إعَانَةِ الْإِنْسَانِ إخْوَانَهُ وَالْإِعَانَةُ مَنْدُوبَةٌ بِنَصِّ الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَمَوْضُوعُ عِلْمِ الْفِقْهِ هُوَ أَفْعَالُ الْمُكَلَّفِ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ فَذَكَرَ الْفُقَهَاءُ بِنَاءً عَلَى هَذَا بَعْضَ الْمَبَاحِثِ بِالْعِنْوَانِ الْمَذْكُورِ فَقَالُوا: كِتَابُ النِّكَاحِ وَكِتَابُ الْبُيُوعِ وَذَكَرُوا بَعْضَ الْمَبَاحِثِ الْأُخْرَى تَحْتَ عِنْوَانِ شَيْءٍ مُتَعَلِّقٍ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِ فَقَالُوا كِتَابُ الْعَارِيَّةُ وَكِتَابُ الْمَأْذُونِ. وَسَبَبُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ كَانَتْ الْمَجَلَّةُ أَيْضًا حَرَّرَتْ هَذَا الْعِنْوَانَ هُنَا هَكَذَا فَالظَّاهِرُ وَالْمُوَافِقُ لِمَوْضُوعِ عِلْمِ الْفِقْهِ أَنْ يُقَالَ (فِي الْإِيدَاعِ) .

الفصل الأول في المسألة المتعلقة بعقد وشرط الإيداع

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ وَشَرْطِ الْإِيدَاعِ] بِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ أَدْخَلَتْ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ فِي عِنْوَانِ الْعَقْدِ وَجَعَلَتْ تَعْبِيرَ الْعَقْدِ شَامِلًا لِلرُّكْنِ وَالشَّرْطِ فَقَدْ تَغَيَّرَ أُسْلُوبُهَا هُنَا. أَرْكَانُ الْإِيدَاعِ أَرْبَعَةٌ: (1) الْوَدِيعَةُ يَعْنِي الْعَيْنَ الْمُودَعَةَ. (2) الصِّيغَةُ (3) الْمُودِعُ (4) الْوَدِيعُ. يُبْحَثُ عَنْ الْأَوَّلِ فِي الْمَادَّةِ (775) وَعَنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِي الْمَادَّةِ (776) وَعَنْ الرَّابِعِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: (الْمَادَّةُ 773) يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً أَوْ صَرَاحَةً. مَثَلًا لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ: أَوْدَعْتُكَ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَمَّنْتُكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْمُسْتَوْدِعُ أَيْضًا: قَبِلْتُ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ صَرَاحَةً. وَإِذَا دَخَلَ شَخْصٌ إلَى الْخَانِ وَقَالَ لِصَاحِبِ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُ حَيَوَانِي؟ فَأَرَاهُ مَحِلًّا وَرَبَطَ حَيَوَانَهُ فِيهِ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ دَلَالَةً وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالَهُ بِجَانِبِ صَاحِبِ الدُّكَّانِ وَذَهَبَ وَرَآهُ هُوَ أَيْضًا وَسَكَتَ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ صَاحِبِ الدُّكَّانِ وَإِذَا تَرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ قَائِلًا لَهُ: هَذَا وَدِيعَةٌ عِنْدَك، وَذَهَبَ وَرَآهُ هُوَ أَيْضًا وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: لَا أَقْبَلُ، وَرَدَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. وَإِذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالَهُ بِجَانِبِ جُمْلَةِ أَشْخَاصٍ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَذَهَبَ وَرَأَوْهُ هُمْ أَيْضًا وَسَكَتُوا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. وَلَكِنْ إذَا انْصَرَفُوا مِنْ ذَلِكَ الْمَحِلِّ الْوَاحِدُ بَعْدَ الْآخَرِ يَتَعَيَّنُ الَّذِي بَقِيَ أَخِيرًا لِلْحِفْظِ وَيَكُونُ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ. رُكْنَا الْإِيدَاعِ: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِالصَّرَاحَةِ أَوْ دَلَالَةً. وَبِتَعْبِيرِ (دَلَالَةً) يَعْنِي: بِالدَّلَالَةِ الْقَوْلِيَّةِ، وَبِالدَّلَالَةِ الْفِعْلِيَّةِ وَبِالْكِنَايَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 149. الْمَسَائِلُ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْقَبُولُ أَوْ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ الْإِيجَابِ: وَلَا يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. كَمَا يُفْهَمُ أَيْضًا مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ (وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ صَاحِبُ الدُّكَّانِ) . لِأَنَّهُ حَيْثُ سَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ نَتِيجَةَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَكُونُ الْتِزَامٌ بِلَا لُزُومٍ غَيْرَ أَنَّ لُزُومَ

الْقَبُولِ فِي الْإِيدَاعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ هُوَ لِأَجْلِ وُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَلَكِنْ لِاكْتِسَابِ الْمَالِ صِفَةَ الْأَمَانَةِ فَالْإِيجَابُ وَحْدَهُ كَافٍ وَالْقَبُولُ لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِ الَّذِي سَيَكُونُ مُسْتَوْدَعًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ: أَوْدَعْتُكَ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِكَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْغَاصِبُ لَا يُجَابُ، وَلَوْ رَدَّهُ أَيْضًا يَكُونُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ يَكْتَسِبُ صِفَةَ الْأَمَانَةِ فِي يَدِهِ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِخَمْسَةِ وُجُوهٍ الْأَرْبَعَةُ مِنْهَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجَلَّةِ لَفْظِ صَرَاحَةً وَدَلَالَةً الْوَارِدَيْنِ بَعْدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِنَاءً مِنْ احْتِمَالِ ارْتِبَاطِهِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كِلَيْهِمَا فَيَكُونُ انْعِقَادُ الْإِيدَاعِ بِالنَّظَرِ لِلْمِجَلَّةِ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: انْعِقَادُ الْإِيدَاعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ صَرَاحَةً. كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَجَلَّةِ الْآتِي ذِكْرُهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: انْعِقَادُ الْإِيدَاعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً. وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الدَّلَالَةُ الْقَوْلِيَّةُ كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ الْمَجَلَّةِ الْآتِي ذِكْرُهُ. وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الدَّلَالَةُ الْفِعْلِيَّةُ. كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الثَّالِثِ الْآتِي ذِكْرُهُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: انْعِقَادُ الْإِيدَاعِ بِالْإِيجَابِ صَرَاحَةً وَالْقَبُولِ دَلَالَةً. كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الرَّابِعِ مِنْ الْمَجَلَّةِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: انْعِقَادُ الْإِيدَاعِ بِالْإِيجَابِ دَلَالَةً وَالْقَبُولِ صَرَاحَةً. وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ مِثَالٌ عَلَى هَذَا فِي الْمَجَلَّةِ فَنَذْكُرُ لَهُمْ مِثَالًا كَمَا يَأْتِي: مَثَلًا لَوْ تَرَكَ رَجُلٌ مَالًا بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ وَبَيْنَمَا هُوَ ذَاهِبٌ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا قَالَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ: إنِّي قَبِلْتُ هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةً فَيَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ دَلَالَةً وَالْقَبُولِ صَرَاحَةً. وَفُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ سَبَبُ تَعَدُّدِ الْأَمْثِلَةِ وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّلَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ أَعَمُّ مِنْ الدَّلَالَةِ الْفِعْلِيَّةِ وَالدَّلَالَةِ الْقَوْلِيَّةِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ كِنَايَةً. كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ وَأَعْطَاهُ يَكُونُ وَدِيعَةً؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الدَّرَاهِمِ أَوْ الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِلْهِبَةِ أَيْضًا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى مِنْ الْهِبَةِ تَكُونُ الْوَدِيعَةُ مُتَيَقَّنَةً وَالْهِبَةُ مَشْكُوكَةً وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ كِنَايَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ: أَوْدَعْتُكَ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَمَّنْتُكَ عَلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُسْتَوْدَعُ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ صَرَاحَةً وَبِالْقَبُولِ صَرَاحَةً. وَإِذَا رَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْإِيجَابَ بِأَنْ رَفَضَ قَبُولَ الْوَدِيعَةِ. وَلَكِنَّ الْمُودِعَ مَعَ ذَلِكَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ فَهَلَكَتْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى بَيْتِهِ كَيْ يَكُونَ مَالًا لَهُ يَكُونُ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (769) . وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ لِصَاحِبِهِ فَاللَّائِقُ وَالْمُنَاسِبُ أَيْضًا أَنْ يُعَدَّ غَاصِبًا نَظَرًا لِمَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ

فِي يَدِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَيْضًا أَنْ يَضْمَنَ، وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْفُصُولَيْنِ اعْتَرَضَ عَلَى الذَّخِيرَةِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ قَائِلًا: إنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَكُونَ ضَامِنًا. لِنُبَيِّنَ هَذِهِ الِاعْتِرَاضَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي مَعَ ذِكْرِ أَجْوِبَتِهَا اللَّازِمَةِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: حَيْثُ إنَّ الْغَصْبَ عِبَارَةٌ عَنْ إزَالَةِ يَدِ الْمَالِكِ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ يَدُ مَالِكٍ وَأَزَالَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَكُونُ غَصْبًا. فَنَقُولُ جَوَابًا عَلَى هَذَا: إنَّ الْحَالَ وَالْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تُسَاوِي الْغَصْبَ فِي إزَالَةِ التَّصَرُّفِ تُعَدُّ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ حُكْمًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (901) . الْوَجْهُ الثَّانِي: أَخْذُ الْمُسْتَوْدَعِ ذَلِكَ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الضَّرَرِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِقَصْدِ النَّفْعِ، جَوَابُهُ: لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْغَصْبِ بِالنِّيَّةِ. وَلِهَذَا إذَا أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ جَيْبِ السَّكْرَانِ كِيسَ دَرَاهِمِهِ حَتَّى لَا يَضِيعَ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ حِينَمَا يَزُولُ سُكْرُهُ وَيُفِيقُ يَكُونُ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: تَرْكُ الْمَالِكِ الْمَالَ بَعْدَ رَدِّ الْمُسْتَوْدَعِ إيدَاعٌ ثَانٍ وَأَخْذُ الْمُسْتَوْدَعِ وَرَفْعُهُ أَيْضًا قَبُولٌ ضِمْنِيٌّ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الظَّاهِرُ عَدَمُ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ. الْجَوَابُ: حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ رَدَّ صَرَاحَةً وَلِكَوْنِ الصَّرَاحَةِ أَقْوَى مِنْ الدَّلَالَةِ وَالضِّمْنِيَّاتِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الدَّلَالَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الصَّرَاحَةُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (13) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ الِاعْتِرَاضَاتِ الَّتِي وَجَّهَهَا صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ إلَى صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ غَيْرُ وَارِدَةٍ فَبَقِيَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَوْلُ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ (اللَّائِقُ لُزُومُ الضَّمَانِ) سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ مَتَاعًا فِي بَيْتِ شَخْصٍ آخَرَ بِلَا أَمْرٍ وَفُقِدَ لِعَدَمِ مُحَافَظَةِ الشَّخْصِ الْآخَرِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُحَافَظَةَ وَلَا لُزُومَ بِدُونِ الْتِزَامٍ. وَإِنَّمَا إذَا رَمَاهُ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْمَذْكُورُ خَارِجَ الْبَيْتِ وَفُقِدَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ اسْتِهْلَاكٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَةِ (كَمَا سَقَطَ مَالٌ شَخْصٍ بِهُبُوبِ الرِّيحِ. ..) الْمُنْدَرِجَةِ فِي الْمَادَّةِ (762) وَبَيْنَ هَذِهِ ظَاهِرٌ. فَفِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُوجَدُ إحَالَةٌ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ وَأَمَّا هُنَا وَإِنْ كَانَتْ إحَالَةُ صَاحِبِ الْمَالِ قَصْدًا مَوْجُودَةً فَقَبُولُ الْآخَرِ غَيْرُ مَوْجُودٍ. وَبِلَا قَبُولٍ لَا يَحْصُلُ إجْبَارٌ عَلَى الْمُحَافَظَةِ. وَلَكِنْ إذَا أَدْخَلَ رَجُلٌ دَابَّتَهُ إلَى دَارِ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ دَارِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مُضِرَّةٌ لِلدَّارِ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ دَابَّةُ الْغَيْرِ فِي إصْطَبْلِهِ وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا وَفُقِدَتْ فَيَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ شَخْصٌ خَانًا وَسَأَلَ صَاحِبَهُ أَيْنَ يَرْبِطُ حَيَوَانَهُ؟ فَأَرَاهُ مَحِلًّا فَرَبَطَهُ فِيهِ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً قَوْلِيَّةً وَيَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ مُسْتَوْدَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى أَنَّهُ إذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَجِدْ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلِّهِ وَسَأَلَ صَاحِبَ الْخَانِ فَأَجَابَهُ أَنَّ رَفِيقَك أَخَذَهُ لِيَسْقِيَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَفِيقٌ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ قَصَّرَ فِي الْمُحَافَظَةِ. يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الرَّجُلَ حِينَمَا رَآهُ آخِذًا الْحَيَوَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَصِيرُ ضَامِنًا

ذَلِكَ الشَّخْصَ مُسْتَوْدَعًا؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَيْنِ تَعَارَضَا فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً فِي يَدِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِيهِ أَنَّ الثَّانِيَ رُجُوعٌ عَنْ الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً؛ لِأَنَّهُ رَدُّ الْحِفْظِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ حِينَمَا دَفَعَ إلَى دَارِهِ الْمَالَ وَرَأَى صَاحِبَهُ وَسَكَتَ صَارَ قَابِلًا دَلَالَةً (الشَّارِحُ) . 3 - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَهَذَا الْمَالِ وَدِيعَةٌ عِنْدَك مَثَلًا، وَذَهَبَ وَرَآهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ وَسَكَتَ فَحَيْثُ إنَّ الْإِيدَاعَ يَنْعَقِدُ فِعْلًا أَيْ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً فَعَلَيْهِ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ صَاحِبِ الدُّكَّانِ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْوَدِيعَةَ هُنَاكَ وَذَهَبَ يَصِيرُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَرَدَ فِي هَذَا الْمِثَالِ (وَرَآهُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُ لَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ قُبِلَتْ بِالدَّلَالَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَوْ الْفِعْلِيَّةِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ لِعَدَمِ مُحَافَظَةِ صَاحِبِ الدُّكَّانِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَلَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ أَنْ يَرْمِيَ بِهِ إلَى الْخَارِجِ. فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ. عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ. 4 - وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ شَخْصٌ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ آخَرَ حَيَوَانَهُ إلَى الرَّاعِي لِأَجْلِ رَعْيِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ الرَّاعِي وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ أَعِدْهُ إلَى صَاحِبِهِ وَبَيْنَمَا كَانَ يُعِيدُهُ هَلَكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ وَلَا عَلَى الرَّاعِي؛ لِأَنَّ الرَّاعِيَ بِعَدَمِ قَبُولِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ الْأَمَانَةُ. وَحَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْآخَرَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَسْلِيمِ الْحَيَوَانِ إلَى الرَّاعِي فَلَمْ تَنْتَهِ رِسَالَتُهُ وَيَدُ أَمَانَتِهِ بَاقِيَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 5 - وَكَذَلِكَ إذَا نَزَعَ رَجُلٌ ثَوْبَهُ فِي الْحَمَّامِ وَتَرَكَهُ عِنْدَ حَارِسِ الثِّيَابِ وَرَآهُ هَذَا وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمُغْتَسَلِ، وَقَالَ الْحَارِسُ: إنَّ شَخْصًا لَبِسَ الثَّوْبَ وَذَهَبَ فَظَنَنْته لَهُ، فَلِكَوْنِهِ تَرَكَ السُّؤَالَ وَالْبَحْثَ وَقَصَّرَ فِي الْحِفْظِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَلَكِنْ إذَا قَالَ الْحَارِسُ: رَأَيْت الشَّخْصَ وَهُوَ يَرْفَعُ ثَوْبَك وَلَكِنْ ظَنَنْته إيَّاكَ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ سُرِدَ وَجْهَانِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَنَّ فِيمَنْ رَفَعَ الثَّوْبَ أَنَّهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرْت شَرْحًا وَهِيَ (حَتَّى إذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَرَ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلِّهِ وَعِنْدَ سُؤَالِهِ مِنْ صَاحِبِ الْخَانِ إلَخْ) نَظِيرَةً لِهَذِهِ. 6 - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالًا بِجَانِبِ صَاحِبِ دُكَّانٍ قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ وَدِيعَةٌ عِنْدَك وَذَهَبَ بَعْدَ أَنْ رَآهُ الْمُودِعُ وَسَكَتَ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ. وَإِذَا رَدَّ صَاحِبُ الدُّكَّانِ قَائِلًا: لَا أَقْبَلُ، لَا يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ عُرْفًا لَا يَثْبُتُ عِنْدَ الرَّدِّ صَرَاحَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا تُعَارِضُ الدَّلَالَةُ الصَّرِيحَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 13) وَشَرْحَهَا وَعَلَيْهِ إذَا فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مُرْتَبِطَةٌ فِي الْمِثَالِ الثَّالِثِ وَمُقَابِلَةٌ فِقْرَةَ (وَإِذَا رَآهُ وَسَكَتَ) .

(المادة 774) لكل من المودع والمستودع فسخ عقد الإيداع متى شاء

كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: أَوْدِعْ هَذَا الْمَالَ عِنْدِي فَتَرَكَ الْمُودِعُ ذَلِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا تَنْعَقِدُ الْوَدِيعَةُ (الْبَاجُورِيُّ) . 7 - وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالَهُ عِنْدَ جُمْلَةِ أَشْخَاصٍ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَذَهَبَ وَرَأَوْهُ هُمْ أَيْضًا وَسَكَتُوا فَيَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ هُنَا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً فِعْلِيَّةً وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُمْ جَمِيعًا. يَعْنِي أَنَّ تَرْكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَذَهَابَهُ أَيْ الْمُودِعِ الْمَرْقُومِ يَكُونُ إيدَاعًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ الْمَالُ بِنَاءً عَلَى مُغَادَرَتِهِمْ جَمِيعِهِمْ ذَلِكَ الْمَحِلَّ يَضْمَنُونَ كُلُّهُمْ بِالِاشْتِرَاكِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (787) . يَعْنِي أَنَّ بَدَلَ الضَّمَانِ يَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الَّذِينَ قَامُوا وَذَهَبُوا فَإِنْ كَانُوا خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمْسَ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ. جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (وَإِذَا رَأَوْهُ هُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَرَوْهُ لَا يُوجَدُ قَبُولٌ بِالسُّكُوتِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ شَخْصٌ فِي بَيْتِ غَيْرِهِ بِدُونِ أَمْرِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا. وَسِيَّانِ قَاعِدَةُ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَرَدِّ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ يَتِمُّ بِوَضْعِهَا أَمَامَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا وَضْعُهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِضْنِهِ. كَمَا أَنَّ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا يَتِمُّ بِوَضْعِهَا أَمَامَ الْمُودِعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وَضْعُهَا فِي يَدِهِ أَوْ فِي حِضْنِهِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ الْإِيدَاعُ وَانْتِهَاءُ الْإِيدَاعِ مُتَسَاوِيَانِ. مَعَ أَنَّهُ فِي الدَّيْنِ لَيْسَتْ الْحَالَةُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ بَلْ وَضْعُ الْمَدِينِ دَيْنَهُ فِي يَدِ الدَّائِنِ أَوْ فِي حِضْنِهِ كَانَ شَرْطًا. حَتَّى أَنَّهُ بِوَضْعِهِ الدَّيْنَ أَمَامَهُ لَا يَكُونُ أَدَّى دَيْنَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا غَادَرَ أُولَئِكَ الْأَشْخَاصُ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ ذَلِكَ الْمَحِلَّ بَعْدَ أَنْ رَأَوْهُ وَسَكَتُوا فَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فِي الْآخِرِ يَكُونُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَقَطْ (الْبَحْرُ) . فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَيْضًا الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ وَفُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ لَا غَيْرُ. يَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سُؤَالٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. إنَّ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ تَجْعَلُهُمْ جَمِيعًا مُسْتَوْدَعِينَ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى. وَحَيْثُ إنَّ مَنْ يَذْهَبُ مِنْهُمْ وَيَتْرُكُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْبَاقِي كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَلْزَمَهُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْهَلَاكِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (790) الْجَوَابُ: أَنَّ الطَّحْطَاوِيَّ حَصَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ عَادًّا إيَّاهَا مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (783) وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ فَقَالَ: إنَّ الْمُنَاسِبَ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى مَنْ ذَهَبَ ضَمَانُ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 774) لِكُلٍّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ فَسْخُ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مَتَى شَاءَ] الْإِيدَاعُ لَيْسَ عَقْدًا لَازِمًا. يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا بِحَقِّ أَحَدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ لِلْمُودِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَدِيعَتَهُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمَالِ. وَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا أَنْ يَرُدَّ الْوَدِيعَةَ مَتَى أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِخُصُوصِ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (الْبَاجُورِيُّ) . فَبِنَاءً عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ صَلَاحِيَةُ فَسْخِ الْإِيدَاعِ مَتَى أَرَادَ. سَوَاءٌ أَكَانَ عَقْدُ الْإِيدَاعِ

(المادة 775) من شروط الوديعة أن تكون قابلة لوضع اليد وصالحة للقبض

مُوَقَّتًا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا أَمْ لَمْ يَكُنْ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (794) أَنَّ لِلْمُودِعِ فَسْخُ الْإِيدَاعِ وَحْدَهُ بِالِاسْتِقْلَالِ. فَلِذَلِكَ مَتَى طَلَبَ الْمُودِعُ وَدِيعَتَهُ يُقَدِّمُهَا لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الطَّلَبَ يَتَضَمَّنُ فَسْخَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ إعَادَتِهَا ثُمَّ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَزِمَ ضَمَانُهَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَلَوْ كَانَ هَلَاكُهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. وَعِنْدَمَا تُطْلَبُ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِهَا فِي الْحَالِ قَائِلًا (حِينَمَا سَلَّمْتنِي كَانَ ذَلِكَ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ وَأَنَا أَيْضًا أُسَلِّمُك بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُصَدَّقٌ بِالْيَمِينِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ لِإِثْبَاتِ الرَّدِّ بِالشُّهُودِ وَعَلَيْهِ فَلَا حَقَّ لَهُ بِالتَّأْخِيرِ بِحُجَّةِ الْإِشْهَادِ (الْبَاجُورِيُّ) . إنَّمَا عَقْدُ الْإِيدَاعِ يَكُونُ لَازِمًا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَهِيَ: إذَا كَانَ الْحِفْظُ فِي مُقَابَلَةِ أُجْرَةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (777) فَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ هَذَا عَقْدُ حِفْظٍ وَفِيهِ الْمُسْتَوْدَعُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَيَصِيرُ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ إجَارَةٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَفْسَخَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (406) (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْعِنَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 775) مِنْ شُرُوط الْوَدِيعَةِ أَنْ تَكُونَ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ وَصَالِحَةً لِلْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 775) يُشْتَرَطُ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ تَكُونَ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ وَصَالِحَةً لِلْقَبْضِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيدَاعُ الطَّيْرِ الطَّائِرِ فِي الْهَوَاءِ. يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ وَقْتَ الْإِيدَاعِ قَابِلَةً؛ لَأَنْ يَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا وَأَنْ تَكُونَ صَالِحَةً وَقَابِلَةً لِلْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ عَقْدُ اسْتِحْفَاظٍ فَلَا يُمْكِنُ حِفْظُهَا قَبْلَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُسْتَوْدَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا وَعِبَارَةُ (صَالِحَةً لِلْقَبْضِ) عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِعِبَارَةِ (قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إيدَاعُ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالْمَالِ الْمُسْتَحِيلِ إخْرَاجُهُ مِنْ الْبَحْرِ وَالْحَيَوَانِ الْآبِقِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِوَضْعِ الْيَدِ وَقْتَ الْإِيدَاعِ. فَلِذَلِكَ إذَا فُقِدَ الطَّيْرُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِالضَّمَانِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ. هَلْ الشَّرْطُ وَضْعُ الْيَدِ فِعْلًا أَوْ الْقَابِلِيَّةُ لِوَضْعِ الْيَدِ فَقَطْ؟ إنَّ الْبَعْضَ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالزَّيْلَعِيّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ قَالُوا بِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ فِعْلًا شَرْطٌ وَذَهَبَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إلَى أَنَّ الْقَابِلِيَّةَ لِوَضْعِ الْيَدِ كَافِيَةٌ وَلَيْسَ وَضْعُ الْيَدِ فِعْلًا شَرْطًا. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فِي الْمَادَّةِ (773) مِنْ الْمَجَلَّةِ وَمَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا أَنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 776) شُرُوط صِحَّةِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ] (الْمَادَّةُ 776) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا بَالِغَيْنِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إيدَاعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولُهُمَا الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَمَّا إيدَاعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ وَقَبُولُهُ الْوَدِيعَةَ فَهُوَ صَحِيحٌ.

يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ كَوْنُ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَوْدَعُ مَأْذُونًا (الْبَحْرُ) . وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ بَالِغَيْنِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إيدَاعُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولُهُمَا الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَحَيْثُ إنَّ إيدَاعَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِذَا قَبِلَ شَخْصٌ مَالَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِنَاءً عَلَى أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَهُ يَكُونُ غَاصِبًا. وَحَيْثُ إنَّ قَبُولَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ جَائِزٍ فَإِذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ مَالَهُ عِنْدَ الْمَجْنُونِ أَوْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالْإِجْمَاعِ. يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (916) لَا يَجْرِي فِيهِ. وَلَكِنْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُودِعَ مَالَهُمَا. وَلَكِنَّ إيدَاعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ وَقَبُولَهُ الْوَدِيعَةَ صَحِيحٌ. سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا إذْنًا عَامًّا أَمْ خَاصًّا لِقَبُولِ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (966 و 967) . وَبِنَاءً عَلَى أَنَّ إيدَاعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ صَحِيحٌ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ وَدِيعَةً مِنْهُ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ مُجْهِلًا الْوَدِيعَةَ تُضْمَنُ مِنْ تَرِكَتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (801) . وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِتَعَدِّيهِ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ يَكُونُ ضَامِنًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 787) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ الْمَأْذُون مُؤَاخَذٌ بِالضَّمَانِ لِتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي حَالَةِ اسْتِهْلَاكِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْمَالَ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ: تَقْيِيدُ الصَّبِيِّ بِالْمَأْذُونِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورِ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَمَا أَنَّهُ إذَا قَبِلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ مُحَافَظَتِهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْوَدِيعَةَ فِي حَالِ صِبَاهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ تَضْيِيعُ الْأَمْوَالِ فَيَكُونُ الْمُودِعُ بِتَسْلِيمِهِ الْمَالَ مَعَ عِلْمِهِ هَذِهِ الْعَادَةَ رَضِيَ بِاسْتِهْلَاكِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ مِنْ جَرَّاءِ اسْتِهْلَاكِهِ الْوَدِيعَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلِذَلِكَ إذَا دَلَّ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ السَّارِقَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ أَوْ شَاهَدَ السَّارِقَ وَهُوَ يَسْرِقُ الْوَدِيعَةَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَالْحَالُ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَتَى بَلَغَ يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (887) . أَيْ إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا أُودِعَ مَالٌ عِنْدَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مُجْهِلًا فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ

كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَا لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 801) . الْمَعْتُوهُ كَالصَّبِيِّ فِي هَذَا. إذَا أُودِعَ مَالٌ عِنْدَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَاسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَوَافَقَهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الرَّأْيِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَجَلَّةِ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ خَاصَّةً إذَا كَانَ مَعَهُ أَحَدُ الْإِمَامَيْنِ يُعَدُّ مُرَجِّحًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَإِذَا دُفِعَ مَالٌ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ قَرْضًا أَوْ عَارِيَّةً أَوْ بِيعَ مِنْهُ وَسُلِّمَ لَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ يَحْصُلُ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا تَعَدَّى الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مِنْ غَيْرِ سَابِقِ الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِيدَاعِ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا. وَلِذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ يَضْمَنُ. وَلَا تَأْثِيرَ فِي هَذَا لِكَوْنِهِ صَبِيًّا مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ يَجْرِي فِي الْأَقْوَالِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَفْعَالِ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْمَرْقُومَ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُنَافِي هَذَا الشَّرْحُ شَرْحَ الْمَادَّةِ (778) وَالْمَادَّةِ (916) مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَلِذَلِكَ أَيْضًا إذَا أَوْدَعَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ بِلَا إذْنٍ مَالَ غَيْرِهِ عِنْدَ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ آخَرَ فَلِكَوْنِ الِاثْنَيْنِ مُتَعَدِّيَيْنِ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ لَدَى هَلَاكِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ الْإِيدَاعِ وَالِاسْتِهْلَاكِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ إذْ إنَّهُ إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ مَالَهُ عِنْدَ صَبِيٍّ مَحْجُورٍ يَكُونُ إذْنَ دَلَالَةٍ بِاسْتِهْلَاكِهِ كَمَا أُوضِحَ سَابِقًا وَأَمَّا فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِلَا سَبْقِ الْإِيدَاعِ فَلَيْسَ مِنْ إذْنٍ.

الفصل الثاني في بيان أحكام الوديعة وضماناتها

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَضَمَانَاتِهَا] عَطْفُ الضَّمَانَاتِ عَلَى الْأَحْكَامِ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَلِلْوَدِيعَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: 1 - كَوْنُ الْمَالِ أَمَانَةً وَاجِبَةَ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ. وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (777) . 2 - لُزُومُ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ. وَهَذَا مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (794) . 3 - كَوْنُ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ مُسْتَحَبًّا (الْبَحْرُ) . وَلَا ذِكْرَ لِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَجَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ. (الْمَادَّةُ 777) الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَقَطْ إذَا أُودِعَتْ بِأُجْرَةٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَهَلَكَتْ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً. مَثَلًا إذَا سَقَطَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ رَجُلٍ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا بِرِجْلِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى رَجُلٌ لِآخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ وَحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ لَازِمَةُ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُ مَعْرِفَةُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: الْحَافِظُ. الثَّانِي: عِلَّةُ الْحِفْظِ. وَالثَّالِثُ: كَيْفِيَّةُ الْحِفْظِ. فَالْأَوَّلُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (780) وَالثَّانِي فِي الْمَادَّةِ (781) وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (782) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ كَمَا لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ يَعْنِي أَنَّ خَسَائِرَهَا تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى فِي الْمَادَّةِ (768) ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» وَمَعْنَى أَهَلَكْت وَالْإِغْلَالُ الْخِيَانَةُ. ثُمَّ حَيْثُ إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِيدَاعِ أُهْلِكَتْ بِنَاءً عَلَى احْتِيَاجِ النَّاسِ فَلَوْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَلَزِمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَقَعْت الْوَدِيعَةُ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ الْوَدِيعَةُ، فَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ادِّعَاءٌ بِفِقْدَانِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (607) .

الْمَسَائِلُ الْعَدِيدَةُ. الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى كَوْنِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً: 1 مَسْأَلَةٌ - إذَا أَعْطَى رَجُلٌ مَالًا لِشَخْصٍ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِهِ الْيَوْمَ لِفُلَانٍ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَلَمْ يُعْطِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَحَيْثُ إنَّ الشَّخْصَ الْمَرْقُومَ أَيْ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِفُلَانٍ الشَّخْصِ الْآخَرِ بِقَوْلِ (نَعَمْ) وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَدِيعَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. 2 - مَسْأَلَةٌ - إذَا فُقِدَ الْبَغْلُ الْمُودَعَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَأَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ بَغْلَهُ لِلْمُودِعِ قَائِلًا لَهُ (اسْتَعْمِلْهُ لَبَيْنَمَا أَجِدُ بَغْلَك وَأُعِيدُهُ لَك) وَهَلَكَ هَذَا الْبَغْلُ بِيَدِ الْمُودِعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَ الْمُسْتَوْدَعُ الْبَغْلَ الْمَفْقُودَ وَأَعَادَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ الْبَغْلَ الْمُسْتَهْلَكَ. 3 - مَسْأَلَةٌ - إذَا طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ شَخْصٍ خَمْسِينَ ذَهَبًا قَرْضًا فَأَعْطَاهُ غَلَطًا سِتِّينَ وَعِنْدَ اطِّلَاعِ الْمُسْتَقْرِضِ عَلَى ذَلِكَ أَفْرَزَ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ وَبَيْنَمَا هُوَ آيِبٌ لِأَجْلِ إعَادَتِهَا وَقَّعَهَا فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهَا بِجِهَةِ أَنَّهَا قَرْضٌ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ السُّدْسِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ صِرْفَةٌ. وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - مَسْأَلَةٌ - إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ كُلِّهَا فَكَمَا أَنَّ الْقَوْلَ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) وَإِذَا هَلَكَ قِسْمٌ مِنْهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمِقْدَارِ الْهَالِكِ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَيْضًا. وَلَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُعَدُّ هَذَا النُّكُولُ إقْرَارًا بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُظْهِرَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يُثْبِتَ هَلَاكَهَا وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ يَعْنِي أَنَّ الْمُودِعَ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ وَالْمُسْتَوْدَعَ عَلَى هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَوْدَعِ. 5 - مَسْأَلَةٌ - إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إذَا اسْتَهْلَكَهَا شَخْصٌ آخَرُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ أَيْضًا بَلْ الضَّمَانُ يَلْزَمُ الشَّخْصَ الْمَرْقُومَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (912) . 6 - مَسْأَلَةٌ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: اسْتَهْلَكْت الْوَدِيعَةَ بِدُونِ إذْنِي، وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَنْتَ اسْتَهْلَكْتهَا أَوْ اسْتَهْلَكَهَا فُلَانٌ بِأَمْرِك فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. 7 - مَسْأَلَةٌ - إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ دَرَاهِمَ مِنْ شَخْصٍ لِأَجْلِ كَرْيِ النَّهْرِ يَعْنِي بِسَبَبِ مَشْرُوعٍ كَالْأَسْبَابِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (1321) وَأَوْدَعَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ عِنْدَ شَخْصٍ وَفُقِدَتْ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَوْدَعَهَا بِذَاتِهِ أَوْ بِاسْمِ كَرْيِ النَّهْرِ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْعُمُومِ. وَإِنْ كَانَ أَوْدَعَهَا بِاسْمِ ذَلِكَ الشَّخْصِ تَعُودُ خَسَارَتُهَا عَلَيْهِ خَاصَّةً (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1460) . 8 - مَسْأَلَةٌ - إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِشَخْصٍ آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَأَعْطَاهُ أَوَّلًا أَلْفَ قِرْشٍ ثُمَّ أَلْفَ قِرْشٍ ثَانِيَةً أَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْ قِرْشٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَقَالَ لَهُ: امْسِكْ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِك وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ بِقَوْلِهِ هَذِهِ الْأَلْفُ قِرْشٍ مَثَلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْأَلْفَا قِرْشٍ - عِنْدَ الدَّائِنِ فَتَكُونُ هَلَكَتْ أَمَانَةً. وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُدَّةَ الْأَلْفِ قِرْشٍ لِأَجْلِ دَيْنِك فَحَسِبَ أَنَّهُ أَخَذَ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ وَتَكُونُ الْأَلْفُ قِرْشٍ الْأُخْرَى هَلَكَتْ أَمَانَةً.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَفَادُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - وَإِنْ شَرَطَ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ بِصُورَةِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) . الْحُكْمُ الثَّانِي - إذَا فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ وَحْدَهَا يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا وَقِيلَ مَثَلًا: لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ لَسُرِقَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا فَمَا دَامَ أَنَّ مَالَ الْمُسْتَوْدَعِ لَمْ يُسْرَقْ فَالْوَدِيعَةُ أَيْضًا لَمْ تُسْرَقْ فَلَا يُتَّهَمُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يُحْكَمُ بِالضَّمَانِ بِأَقَاوِيلَ كَهَذِهِ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ - سَوَاءٌ أَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ أَوْ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 608) . (الْبَحْرُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ فُقِدَتْ وَلَا أَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَتْ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَمِينٌ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ بِجَانِبِي ثُمَّ نَسِيت وَقُمْت فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ عَلَى التَّقْصِيرِ بِالْمُحَافَظَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ مَالًا بِالْأُجْرَةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَفِي صُورَةِ هَلَاكِهِ أَوْ فِقْدَانِهِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَالسَّرِقَةِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَلَكِنْ إذَا هَلَكَتْ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَيَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ - وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالَ غَيْرِهِ - أُجْرَةً مُقَابِلَ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُسْتَوْدَعِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَ عَلَى الْمُودِعِ إعْطَاءُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْآدَمِيِّ. حَتَّى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَوْدَعَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَاشْتَرَطَ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْحِفْظِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ: سُؤَالٌ - ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِيَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ بِفِقْرَةِ (إذَا حَبَسَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِهِ) فِي الْمَادَّةِ (482) هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامَانِ: إنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فِي الْمَجَلَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَمُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي يُظَنُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ السَّالِفَ الْبَيَانِ جَارٍ فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجِيرِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ جَرَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا أَيْضًا فِي الزَّيْلَعِيّ وَالْهِدَايَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. يَعْنِي ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) يَجْرِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ إيدَاعِ مَالٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ وَهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَذْكُورَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَكُونُ قَبْلَ مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ اُخْتِيرَ

مَذْهَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ. الْجَوَابُ - أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ جَارِيًا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْمُسْتَوْدَعُ بِالْأُجْرَةِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَهْلِكُ بِشَيْءٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجْرِ هُوَ هَذَا. وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْعَمَلُ وَحِفْظُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ وَاجِبٌ تَبَعًا. وَمَا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْحِفْظُ مَقْصُودٌ وَوَاجِبٌ مُقَابِلَ بَدَلٍ. وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا بِالِاتِّفَاقِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ رَجُلٌ حَمَّامًا وَتَرَكَ ثِيَابَهُ عِنْدَ النَّاطُورِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ أُجْرَةً لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الَّذِي دَخَلَ الْحَمَّامَ سَيُعْطِي أُجْرَةً لِصَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ انْتِفَاعِهِ بِالْحَمَّامِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ مُحَافَظَةِ الثِّيَابِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى عَدَمِ مَضْمُونِيَّةِ الْوَدِيعَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ شَخْصٍ قَضَاءً يَعْنِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَقَفَلَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَى الْمِفْتَاحَ إلَى شَخْصٍ وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ حُضُورِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ مِفْتَاحِ الْمَحِلِّ الَّذِي حُفِظَتْ الْوَدِيعَةُ فِيهِ إلَى الْغَيْرِ لَا يُعَدُّ تَعَدِّيًا أَوْ تَقْصِيرًا. الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي صُنْدُوقٍ ثُمَّ وَضَعَ عَلَى الصُّنْدُوقِ إنَاءَ مَاءٍ فَتَقَاطَرَ وَأَفْسَدَ الْوَدِيعَةَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِصُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (787) . مَثَلًا لَوْ وَطِئَ الْمُسْتَوْدَعُ السَّاعَةَ بِقَدَمِهِ أَوْ وَقَعَ عَلَى السَّاعَةِ شَيْءٌ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حَصَلَ التَّعَدِّي. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ وَطِئَ يَعْنِي مِنْ إسْنَادِ فِعْلِ التَّعَدِّي إلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ إيقَاعِ الْمُسْتَوْدَعِ التَّعَدِّيَ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَعَدِّي فَقَطْ وَصُرِّحَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (778) . وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ - أَنَّ فِقْرَةَ (وَأَمَّا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ. .. إلَخْ) مُحْتَرَزٌ عَنْهَا بِقَيْدِ (بِدُونِ صُنْعِهِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ) وَمَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (787) . 1 - سُؤَالٌ - مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِقَدَمِهِ يَلْزَمُهُ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَوْدَعُ مَأْذُونٌ بِإِمْسَاكِ السَّاعَةِ وَحِفْظِهَا يَعْنِي أَنَّ الْإِمْسَاكَ حِفْظٌ أَيْضًا وَحَيْثُ إنَّ هَلَاكَ

الْوَدِيعَةِ يَنْتِجُ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ أَيْ عَنْ الْإِمْسَاكِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) . وَأَمَّا الْهَلَاكُ الْمُنْدَرِجُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَنْشَأْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ بَلْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِهِ. 2 - سُؤَالٌ: بَيْنَمَا كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ فَلِمَاذَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَطِئَ الْعَارِيَّةُ يَعْنِي كَمَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (813) فِيمَا لَوْ سَقَطَتْ الْمِرْآةُ الْمُسْتَعَارَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَضَاءً أَوْ زَلَّتْ رِجْلُهُ وَاصْطَدَمَ بِالْمِرْآةِ فَانْكَسَرَتْ. وَفِيمَا لَوْ سُكِبَ شَيْءٌ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَلَوَّثَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْوَدِيعَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَلَا يُوجِبُهُ فِي الْعَارِيَّةُ فَمَا هَذَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَعِيرُ مَأْذُونٌ بِهَذَا الْعَمَلِ فِي الْعَارِيَّةُ يَعْنِي حَالَ كَوْنِ الْمُسْتَعِيرِ مَأْذُونًا بِفَرْشِ الْبِسَاطِ وَالْمَشْيِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْعَارِيَّةُ مَثَلًا أَمَّا الْمُسْتَوْدَعُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا بِدَوْسِ الْوَدِيعَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِمَا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْتَلْزِمَ الْهَلَاكَ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الْوَدِيعَةِ (الْأَشْبَاهُ وَشَرْحُهَا وَتَنْوِيرُ الْأَذْهَانِ) . كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ مَالِهِ وَحِفْظِهِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَقَاوَلَ مَعَهُ عَلَى الْأُجْرَةِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ نَظِيرُ فِقْرَةِ (غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ) . وَذَكَرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ. وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ (أَيْ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ) إنَّمَا يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ الْوَدِيعَةُ مَالَ الْمُودِعِ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ فَكُلٌّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ مَسْئُولًا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ فَهَلَكَ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ بِصِفَتِهِ مَالِكًا بِالضَّمَانِ وَقْتَ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَالَهُ وَتَكُونُ الْوَدِيعَةُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (777) أَمَانَةً بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ، مَا لَمْ تَهْلِكْ بِشَيْءٍ أَوْقَعَهُ الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا كَالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ. وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْمُودِعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) . وَعَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِ رُجُوعِهِ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ. وَيُبْنَى حَقُّ تَضْمِينِهِ الْغَاصِبَ عَلَى الْمَادَّةِ (891) وَتَضْمِينِهِ الْمُسْتَوْدَعَ يَنْجُمُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ رِضَا مَالِكِهِ أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

(المادة 778) وقع شيء من يد خادم المستودع على الوديعة فتلفت

[ (الْمَادَّةُ 778) وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ يَدِ خَادِمِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ] (الْمَادَّةُ 778) إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ يَدِ خَادِمِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ يَكُونُ الْخَادِمُ ضَامِنًا. إذَا اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا وَجَلَبَ لَهَا نُقْصَانًا يَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُتَعَدِّي وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفِعْلِ يُضَافُ إلَى فَاعِلِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (89) . رَاجِعْ الْمَادَّةَ (912) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَهْلِكُ وَالْمُتَعَدِّي صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا أَمْ كَانَ ضَمَّنَ غَيْرَ الْمُسْتَوْدَعِ أَمْ أَجْنَبِيًّا. الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّفِقُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الصَّغِيرِ الْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُتَعَدِّي وَلَا يَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) هُنَا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ الْمُسْتَهْلِكِ وَالْمُتَعَدِّي مَالٌ يُنْتَظَرُ إلَى حِينِ يُسْرِهِ. وَإِلَّا لَا يَضْمَنُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ بِسَبَبِ فِعْلِ الصَّغِيرِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (916) . مَثَلًا إذَا سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ يَدِ خَادِمِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ الْخَادِمُ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اسْتَهْلَكَ أَجْنَبِيٌّ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ ضَامِنًا وَحَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُسْتَهْلِكِ فِي هَذَا لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بَدَلَهَا وَيَدَّعِيَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1637) . وَفِقْرَةُ (وَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَ شَخْصٌ غَيْرَ الْمُسْتَوْدَعِ الذَّهَبَاتِ الْمَذْكُورَةَ يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَامِنًا) الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَادَّةِ (787) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مِنْ قَبِيلِ الْمِثَالِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْعُمُومِيَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ شَرْحًا وَكَانَ إتْيَانُهَا مِثَالًا مُنَاسِبًا. [ (الْمَادَّةُ 779) فِعْلُ مَا لَا يَرْضَاهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فِي حَقِّ الْوَدِيعَةِ] (الْمَادَّةُ 779) : فِعْلُ مَا لَا يَرْضَاهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فِي حَقِّ الْوَدِيعَةِ تَعَدٍّ. فِعْلُ مَا لَا يَرْضَاهُ الْمُودِعُ وَلَا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ فِي حَقِّ الْوَدِيعَةِ تَعَدٍّ (الْعِنَايَةُ) . فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَعْرِيفُ التَّعَدِّي الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ التَّعَدِّيَ غَيْرُ التَّقْصِيرِ وَهُوَ فِعْلُ الْمُسْتَوْدَعِ الْمَخْصُوصُ. يَعْنِي أَنَّ التَّعَدِّيَ فِعْلُ الْمُسْتَوْدَعِ وَهُوَ أَشْيَاءُ كَإِتْلَافِ الْوَدِيعَةِ وَإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ لِغَيْرِ أَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَإِيدَاعِ الْوَدِيعَةِ إلَى آخَرَ أَوْ اسْتِعْمَالِهَا وَوَطْءِ السَّاعَةِ الْمُودَعَةِ قَضَاءً وَإِسْقَاطِ شَيْءٍ قَضَاءً عَلَى السَّاعَةِ. وَأَمَّا التَّقْصِيرُ فَهُوَ مِثْلُ عَدَمِ مَنْعِ السَّارِقِ أَثْنَاءَ سَرِقَةِ الْوَدِيعَةِ مَعَ وُجُودِ الِاقْتِدَارِ عَلَى ذَلِكَ وَحِفْظِ الْوَدِيعَةِ فِي مَحِلٍّ لَيْسَ مِنْ الْمُعْتَادِ حِفْظُهَا فِيهِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ فِي الْمَادَّةِ (787) . عُطِفَ التَّقْصِيرُ عَلَى التَّعَدِّي. فَمُجَرَّدُ قَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ لِلْمُودِعِ (كُنْت وَهَبْتنِي أَوْ بِعْتنِي الْوَدِيعَةَ) وَانْكِسَارُ الْمُودَعِ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُهَا (الْبَحْرُ) . إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ إعَادَةِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ أَنْ طُلِبَتْ مِنْهُ وَهَلَكَتْ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (794) .

كَمَا لَوْ أَوْدَعَ كِيسًا مَرْبُوطًا وَصُنْدُوقًا مُقْفَلًا وَفَتَحَهُمَا الْمُسْتَوْدَعُ وَضَاعَا دُونَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئًا فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. يَعْنِي أَنَّ الْفَتْحَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ تَعَدِّيًا أَوْ تَقْصِيرًا. وَنَظَرًا لِلُزُومِ دُخُولِ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا فِي الْمَادَّةِ (784) فِي التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّهُ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ مُخَالَفَةٍ لِأَحَدِ الْأَحْكَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ تَعَدِّيًا وَبِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ لَنْ يَكُونَ مَانِعًا لِغَيْرِهِ فَدَفْعًا لِلْإِشْكَالِ زِيدَ قَيْدُ (وَلَا يُجَوِّزُ الشَّرْعُ) شَرْحًا: مَثَلًا لَوْ خَالَفَ الْمُسْتَوْدَعُ الشَّرْطَ الَّذِي شَرَطَهُ الْمُودِعُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مُمْكِنَ الْإِجْرَاءِ وَمُقَيَّدًا فَذَلِكَ لَيْسَ تَعَدِّيًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُودِعُ رَاضِيًا بِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمُخَالَفَةَ جَائِزَةٌ شَرْعًا. بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمَعْدُودَةِ وَغَيْرُ الْمَعْدُودَةِ تَعَدِّيًا وَتَقْصِيرًا: 1 مَسْأَلَةُ - أَنَّ دَفْعَ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ إلَى مَنْ لَيْسَ أَمِينًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (780) تَعَدٍّ فَحِفْظُ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْتَمِنْهُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلِّ حِفْظِ مَالِ نَفْسِهِ فِيهِ تَقْصِيرٌ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (781) . 2 - مَسْأَلَةُ - عِنْدَ ذَهَابِ الْمُسْتَوْدَعِ إلَى سَفَرٍ فَأَخْذُهُ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ حَالٍ كَوْنِ الطَّرِيقِ غَيْرَ أَمِينٍ تَعَدٍّ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (781) . 3 - مَسْأَلَةُ - كَمَا أَنَّ الْعَمَلَ خِلَافَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (784) وَالْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (783) تَعَدٍّ فَالْفِقْرَاتُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَوَادِّ (788، 790، 792) وَالْفِقْرَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (793 و 794) تَعَدٍّ أَيْضًا. 4 - مَسْأَلَةُ - كَمَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (796) تَعَدٍّ فَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (799) الْوَدِيعَةُ أَيْضًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (801) تَعَدٍّ أَيْضًا. 5 - مَسْأَلَةُ - كَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَضْمَنُ إذَا قَالَ أَنَّهُ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ أَمَانَةً فِي مَحِلٍّ غَيْرِ بَيْتِهِ وَبَعْدَ أَنْ جَلَسَ وَقَامَ نَسِيَهَا وَيَضْمَنُ الدَّلَّالُ إذَا قَالَ: إنَّهُ وَضَعَ الْمَالَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ لِأَجْلِ بَيْعِهِ فِي دُكَّانٍ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ فِي أَيِّ دُكَّانٍ وَضَعَهُ. 6 - مَسْأَلَةُ - إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إنْ كَانَ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي دَارِ أُخْرَى يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 7 - مَسْأَلَةُ - إذَا أَعْطَى شَخْصٌ شَخْصًا آخَرَ ثِيَابًا كَيْ يَدَعَهَا عِنْدَ الْخَيَّاطِ فَأَعْطَى الْخَيَّاطُ إيَّاهَا وَنَسِيَ الْخَيَّاطُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: لَا أَعْلَمُ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ فُقِدَتْ أَمْ لَا، لَا يَضْمَنُ وَلَكِنَّهُ إنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ إنْ كُنْت أَضَعْتهَا أَمْ لَا فَقَوْلُ هَذَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا ذُكِرَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. 8 - مَسْأَلَةُ - إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ حِينَ طَلَبِ الْمُودِعُ وَنَقْلِهِ الْوَدِيعَةَ الْمَنْقُولَةَ فِي حَالٍ إنْكَارِهِ مِنْ مَحِلِّهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ تَعَدٍّ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْمُودِعِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ وَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ يَنْفَسِخُ بِهِ فَلَا يَعُودُ

بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ (الْبَحْرُ) . وَكَوْنُ إنْكَارِ الْوَدِيعَةِ تَعَدِّيًا مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْكَارُ تِجَاهَ الْمُودِعِ بِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنْكَارُهُ تِجَاهَ غَيْرِ الْمُودِعِ لَيْسَ تَعَدِّيًا. بَلْ لَرُبَّمَا كَانَ حِفْظًا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَحِلِّهَا حَالَ جُحُودِهِ أَوْ كَانَتْ عَقَارًا وَكَانَ نَقَلَهَا غَيْرَ قَابِلٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الضَّمَانُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَكِنَّهُ لَازِمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ سَأَلَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ قَائِلًا: هَلْ لِفُلَانٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَك؟ فَأَجَابَهُ الْمُسْتَوْدَعُ سَلْبًا، لَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَدِّيًا بَلْ لَرُبَّمَا كَانَ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَدِيعَةِ مِنْ سُوءِ قَصْدِ السَّائِلِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْكَارُ حِينَمَا يَطْلُبُهَا الْمُودِعُ بِقَصْدِ أَخْذِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ السُّؤَالِ عَنْ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ بِالْمُحَافَظَةِ وَشُكْرِهِ فَجَوَابُ الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ، لَا يُعَدُّ جُحُودًا وَإِنْكَارًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (الْبَحْرُ) . وَسَنَزِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَفْصِيلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ إنْكَارُ الْمُسْتَوْدَعِ مَبْنِيًّا عَلَى سَبَبٍ شَرْعِيٍّ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ عَدُوٌّ مَوْجُودًا عِنْدَ طَلَبِ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ وَكَانَ يَخَافُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَهَا جَبْرًا لَدَى الْإِقْرَارِ بِهَا فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَصَدَ الْحِفْظَ بِهَذَا الْإِنْكَارِ (الْبَحْرُ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ: يَجِبُ أَنْ لَا يُحْضِرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَحْضَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهَا وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهَا لِلْمُودِعِ قَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ لِلْمُسْتَوْدَعِ: (فَلْتَبْقَ الْوَدِيعَةُ بِيَدِك) ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَعَ أَنَّ الْمُودِعَ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِهَا فِي تِلْكَ الْأَثْنَاءِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَكُونُ إيدَاعًا جَدِيدًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُودِعُ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَارَةَ لَمْ يَتِمَّا بَعْدُ. 9 - مَسْأَلَةُ - إذَا دَلَّ الْمُسْتَوْدَعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ فَسَرَقَهَا السَّارِقُ الْمَرْقُومُ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَلَكِنْ بَعْدَ الدَّلَالَةِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَنَعَ السَّارِقَ أَثْنَاءَ السَّرِقَةِ وَأَخَذَهَا السَّارِقُ جَبْرًا وَقَهْرًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 10 - مَسْأَلَةُ - إنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ يُعْتَبَرَانِ فِي كَوْنِ بَعْضِ الْمُعَامَلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْوَدِيعَةِ تَعَدِّيًا أَمْ لَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (36) . مَثَلًا لَوْ رَبَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلٍّ يُعَدُّ رَبْطُهُ إيَّاهُ فِيهِ تَعَدِّيًا عُرْفًا فَهَلَكَ بَعْدَ أَنْ بَعُدَ عَنْ نَظَرِهِ يَضْمَنُ. كَمَا لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي بِيَدِهِ فِي دُكَّانٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ أَوْ شَدَّ شَبَكَتَهُ عَلَى بَابِ الدُّكَّانِ وَتَرَكَهَا وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِأَجْلِ شَغْلِهِ هَلَكَتْ فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ هَكَذَا يَعْنِي أَنْ يُتْرَكَ بَابُ الدُّكَّانِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ أَمْتِعَةٌ مَفْتُوحًا مَعَ عَدَمِ وُجُودِ حَارِسٍ لَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَكُونُ فِي هَذَا

حَفِظَ الْوَدِيعَةَ بِجِيرَانِهِ كَمَا حَافَظَ عَلَى أَمْوَالِهِ وَلَا يَكُونُ قَصْدُ الْإِيدَاعِ لِلْجِيرَانِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِلْمَادَّةِ (790) . وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ كَذَلِكَ يَضْمَنُ. وَتَرْكُ صَبِيٍّ غَيْرِ مُقْتَدِرٍ عَلَى الْمُحَافَظَةِ فِي الدُّكَّانِ كَتَرْكِهِ خَالِيًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي غُرْفَةٍ مِنْ غُرَفِ خَانٍ وَاكْتَفَى بِسَدِّ بَابِهِ وَلَمْ يُقْفِلْهُ بِالْمِفْتَاحِ وَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ فَإِنْ كَانَ قَفْلُ الْبَابِ فَقَطْ فِي مَوَاضِعَ كَهَذِهِ يُعَدُّ تَوْثِيقًا وَحِفْظًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا مِنْ الْإِغْفَالِ وَالتَّضْيِيعِ يَكُونُ الضَّمَانُ لَازِمًا. 11 - مَسْأَلَةُ - حَيْثُ إنَّ إطْلَاقَ الْبَقَرِ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنٍ فِي الصَّحْرَاءِ مَعْدُودٌ مِنْ التَّعَدِّي فَإِذَا فُقِدَتْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ أَتْلَفَهَا الذِّئْبُ يَضْمَنُهَا الْمُسْتَوْدَعُ. وَلَكِنْ إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ حَتْفَ أَنْفِهِ فِي الصَّحْرَاءِ فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِالضَّمَانِ وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِهِ. 12 - مَسْأَلَةُ - فَتْحِ الْقَفَصِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَدِيعَةٌ وَفَتْحُ بَابِ الْإِصْطَبْلِ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْحَيَوَانُ الْمُودَعُ تَعَدٍّ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا فَتَحَهُ الْمُسْتَوْدَعُ وَهَرَبَ الطَّيْرُ وَالْحَيَوَانُ مِنْهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَهَرَبَ عِنْدَ فَتْحِ الْبَابِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ. 13 - مَسْأَلَةُ - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ شَخْصًا آخَرَ بِالْإِكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ يَكُونُ تَعَدِّيًا. وَأَمَّا إعْطَاؤُهُ بِنَاءً عَلَى الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ فَلَيْسَ تَعَدِّيًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1007) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَكْرَهَ شَخْصٌ الْمُسْتَوْدَعَ بِقَوْلِهِ: إنْ لَمْ تُعْطِنِي الْوَدِيعَةَ أَسْجُنُك شَهْرًا فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِنَاءً عَلَى هَذَا يَضْمَنُ. وَلَكِنْ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِلْمُسْتَوْدَعِ: إنْ لَمْ تُعْطِنِي هَذِهِ الْوَدِيعَةَ أَقْتُلُك أَوْ أَقْطَعُ كَذَا عُضْوَك فَأَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ الْمَذْكُورَةَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُجْبِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لِوُقُوعِ الْإِكْرَاهِ مُسْتَجْمِعًا شُرُوطَهُ وَعُدَّ التَّهْدِيدُ بِإِتْلَافِ كُلِّ الْمَالِ يَعْنِي بِإِتْلَافِ جَمِيعِ مَالِ الْمُسْتَوْدَعِ بِحَيْثُ لَنْ يَبْقَى قَدْرُ كِفَايَةٍ مِنْهُ إكْرَاهًا مُلْجِئًا. وَعُدَّ التَّهْدِيدُ بِإِتْلَافِ بَعْضِ الْمَالِ أَيْ بِحَيْثُ إنْ يَبْقَى مِنْهُ قَدْرُ كِفَايَةٍ لِلْمُسْتَوْدَعِ إكْرَاهًا غَيْرَ مُلْجِئٍ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ كُلِّ الْمَالِ يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ التَّهْدِيدُ بِصُورَةِ إتْلَافِ مَا بَقِيَ بَعْدَ أَنْ تَرَكَ لَهُ قُوتًا كَافِيًا لَا يُعْتَبَرُ. وَهَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ قَدْرِ الْكِفَايَةِ كِفَايَةُ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كِفَايَةُ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - 1 مَسْأَلَةُ - كَمَا أَنَّ دَفْنَ النُّقُودِ فِي الْمَفَازَةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ تَعَدٍّ، فَبَيْعُ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا آخَرَ أَيْضًا تَعَدٍّ. وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ فَقَطْ وَلَمْ تُسَلَّمْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَدِّيًا. فَلِذَلِكَ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ: بِعْت الْوَدِيعَةَ وَقَبَضْت ثَمَنَهَا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِعْتهَا لِآخَرَ وَسَلَّمْته إيَّاهَا يُوجِبُ الضَّمَانَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (790) . 15 - مَسْأَلَةُ - مُعَالَجَةِ الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ تَعَدٍّ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَمَرَ الْمُسْتَوْدَعُ شَخْصًا بِمُعَالَجَةِ الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ فَتَلِفَ الْحَيَوَانُ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ. كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَيْضًا. عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْمُسْتَوْدَعَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْمُعَالِجَ وَلِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إنْ كَانَ ظَنَّ أَنَّ الْحَيَوَانَ مِلْكَ الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (658) .

(المادة 780) حفظ المستودع الوديعة

مَسْأَلَةُ - إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: كُنْت وَضَعْت الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلٍّ وَلَا أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعْتهَا وَقَدْ نَسِيت يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ: وَضَعْت الدَّرَاهِمَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِي وَبِوَقْتِهَا فَقَدْتهَا، يَضْمَنُ أَيْضًا. 17 - مَسْأَلَةُ - إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِجَانِبِهِ وَاتَّكَأَ وَنَامَ فَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُ. مَا لَمْ يُحَصِّلْ هَذَا الْمَالَ فِي السَّفَرِ. فَلَا يَضْمَنُ إذْ ذَاكَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَّكِئْ وَتَنَاوَلَ فِي مَحِلِّهِ وَفُقِدَتْ لَا يَضْمَنُ. 18 - مَسْأَلَةُ - إذَا نَزَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَلَمَّا غَطَسَ وَغَابَتْ الْوَدِيعَةُ عَنْ نَظَرِهِ سُرِقَتْ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا نَسِيَهَا هُنَاكَ وَفُقِدَتْ يَضْمَنُهَا أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 780) حِفْظُ الْمُسْتَوْدَع الْوَدِيعَة] (الْمَادَّةُ 780) : يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مِثْلَ مَالِهِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ. وَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ عِنْدَ أَمِينِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا عَلَى الْأَمِينِ. يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أُودِعَتْ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ (يَعْنِي لَمْ تُقَيَّدْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ 784) مِثْلَ مَالِهِ يَعْنِي كَمَا أَنَّهُ يَحْفَظُ مَالَهُ بِالذَّاتِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ أَيْضًا أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ أَيْ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ عَلَى مَالِهِ وَمَنْ هُوَ أَهْلٌ وَمُقْتَدِرٌ عَلَى الْحِفْظِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُودِعُ نَهَى عَنْ إعْطَائِهَا الْأَمِينَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُودِعُ مَجْبُورًا عَلَى ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَتُعْطَى لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَلَا تُعْطَى. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (784) . وَكَمَا أَنَّ الْأَمِينَ يَحْفَظُهَا بِالذَّاتِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا أَيْضًا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ (الْبَحْرُ) . فِقْرَةُ (أَوْ) مَعْطُوفَةٌ عَلَى كَلِمَةِ (بِالذَّاتِ) . يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مَالَ نَفْسِهِ بِالذَّاتِ وَبِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ أَيْضًا بِالذَّاتِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. فَإِذَا ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ وَهُوَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ مَسْئُولًا وَلَا ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ كَمَا حَفِظَ مَالَ نَفْسِهِ وَجَعَلَ الْوَدِيعَةَ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَلَكِنَّ تَرْكَ الْحِفْظِ بِلَا عُذْرٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ. وَأَمَّا تَرْكُ الْحِفْظِ بِعُذْرٍ لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ. كَمَا لَوْ سَلَّمَ شَخْصٌ أَمْتِعَتَهُ وَحِمَارَهُ الْمُحَمَّلَ إلَى رَجُلٍ ذَاهِبٍ إلَى مَحِلٍّ مَعَ بِغَالِهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا لِفُلَانٍ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَمَا هُوَ سَائِرٌ وَقَعَ بَغْلُهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمَّا كَانَ مَشْغُولًا بِهِ هَرَبَ الْحِمَارُ الْحَامِلُ الْوَدِيعَةَ وَفُقِدَ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ بَغْلَهُ وَأَمْوَالَهُ تَضِيعُ عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهِ إيَّاهَا وَانْصِرَافِهِ وَرَاءَ الْحِمَارِ الْمَفْقُودِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْحِمَارِ وَالْأَمْتِعَةِ. كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (609) وَشَرْحِهَا وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَجَلَّةِ (يَحْفَظُهَا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ) أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِأَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَأَمَّا إذَا طَلَبَهَا الْأَمِينُ كَيْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَعْطَاهُ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعُ يَضْمَنُهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . هَلْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَقَاضَى أُجْرَةً لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِلَا مُقَاوَلَةٍ؟ . لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةَ هَذَا الْحِفْظِ. إلَّا إذَا كَانَتْ مُقَاوَلَةً؛ لِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمَنْ يَعْمَلُ لِأَجْلِ الْغَيْرِ أَمَانَةً. مَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَنَاظِرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ أَوْ ضَيَاعِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (777) لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَمِينِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (91 و 777) . مَثَلًا إذَا غَسَلَ غَسَّالٌ الثِّيَابَ وَعَلَّقَهَا فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ تَرَكَ ابْنَ أَخِيهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَذَهَبَ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ مِنْ الدُّكَّانِ حِينَمَا نَزَلَ مَثَلًا ابْنُ الْأَخِ إلَى سِرْدَابِ الدُّكَّانِ فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَخِ أَجِيرَ الْغَسَّالِ وَتِلْمِيذَهُ وَكَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا مَأْذُونًا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ فِي حَالَةِ أَنَّهَا تُرَى مِنْ السِّرْدَابِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَلَا عَلَى الْغَسَّالِ. وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَسَّالِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَ الثِّيَابَ بِأَمِينِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَبِأَمِينِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ كَمَا أَنَّ عَدَمَ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ نَشَأَ عَنْ أَنَّهُ يَرَى الثِّيَابَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ. وَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ لَا تُرَى مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَسَّالِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ لَا يُؤَاخَذُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ وَتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمِينِ وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ: هَلْ إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ شَرْطُ؟ . بَيَانِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ شَرْطٌ. مِثَالٌ عَلَى الِابْنِ فِي عِيَالِ أَبِيهِ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ ابْنِهِ الْأَمِينِ الْبَالِغِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَالْغَائِبَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَيَّنَ الْبَلَدَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى ذَاكَ الشَّخْصِ الْحَاضِرِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ أَعْطَاهَا الِابْنَ الْمَرْقُومَ لِذَاكَ الشَّخْصِ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ. وَكَأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَجْعَلُ الِابْنَ الْمَرْقُومَ مَحِلَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ أَعْطَى الْوَدِيعَةَ أَمِينَهُ ابْنَهُ ذَاكَ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الِابْنُ تُوُفِّيَ وَكَانَ الْأَبُ وَارِثًا لَهُ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ. مِثَالٌ عَلَى مَنْزِلَةِ عِيَالٍ: إذَا آجَرَ شَخْصٌ غُرْفَةً مِنْ غُرَفِ بَيْتِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مَفَاتِيحُ عَلَى حِدَةٍ وَكَانَ يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَا مَانِعٍ إلَى مَحِلِّ إقَامَةِ الْآخَرِ كَانَ الضَّمَانُ غَيْرَ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِفْتَاحٌ عَلَى حِدَةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَنَظَرًا لِقَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِشَخْصٍ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ عِنْدَ هَلَاكِهَا وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ أَمِينَهُ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (272) بِخُصُوصِ تَعْرِيفِ الْعِيَالِ.

وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَتَى حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ أَمِينٍ لَهُ يَجُوزُ هَذَا الْحِفْظُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَمِينُ فِي عِيَالِهِ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ الْأَمِينِ وَشَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا، وَالْحَاصِلُ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ عَلَى حِفْظِ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَثَلًا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ كَحِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. وَكَمَا أَنَّ الْفَتْوَى هِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبِمَا أَنَّهُ أَفْتَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فِي الْفَتَاوَى الْمُسَمَّاةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي يَظْهَرُ مِنْ إتْيَانِ لَفْظِ أَمِينٍ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ وَقَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا يُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِبَارَةِ (أَوْ لِلشَّخْصِ الَّذِي اعْتَادَ حِفْظَ مَالِ نَفْسِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (874) وَمِنْ قَوْلِهِ: (يَحْفَظُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ كَخَادِمِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ عِيَالِهِ) فِي الْمَادَّةِ (722) ؛ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لِسَبَبِهِ أَيْضًا. أَمَّا كُلُّ فِعْلٍ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لِسَبَبِهِ أَيْضًا. وَلَكِنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا هَلَكَتْ لَا تُضْمَنُ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَمَّا الْمَرْهُونُ إذَا هَلَكَ يُضْمَنُ بِغَيْرِهِ. الْحِفْظُ بِوَاسِطَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ: نَظَرًا لِلْقَوْلَيْنِ السَّالِفِي الْبَيَانِ يُشْتَرَطُ لِحِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ عِيَالِهِ أَنْ تَكُونَ الْعِيَالُ أُمَنَاءَ وَأَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذَا بِلَفْظِ أَمِينٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ. أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْأَمِينِ: الْحَاصِلُ فِي الْأَمِينِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. الْمُسْتَوْدَعُ الَّذِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ: (1) إمَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ شَخْصٌ أَمِينٌ. (2) أَوْ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ أَلْبَتَّةَ. (3) أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ. وَلَهُ أَنْ يُودِعَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ أَيْضًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ إنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ زَوْجَتِهِ الْأَمِينَةِ السَّاكِنَةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِوَاسِطَةِ زَوْجَتِهِ غَيْرِ الْأَمِينَةِ. كَمَا أَنَّهُ نَظَرًا لِقَوْلِ الثَّانِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِوَاسِطَةِ شَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الشَّرِيكِ أَمِينًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ. حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَفِظَهَا بِوَاسِطَةِ الشَّرِيكِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ بِيَدِ الشَّرِيكِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا. وَبِمَا أَنَّ فَائِدَةَ قَيْدِ (بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ) سَتُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (790) فَلْتُرَاجِعْ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَمِينِ: يَظْهَرُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَخَصُّ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَعَمُّ مُطْلَقًا فَحِينَمَا يَكُونُ إيدَاعُ الْمُسْتَوْدَعِ لِغَيْرِهِ وَحِفْظُهُ بِوَاسِطَتِهِ صَحِيحًا يَكُونُ صَحِيحًا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضًا. الْحُكْمُ فِي الْحِفْظِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ، إذَا حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ الْوَدِيعَةُ فَالْمُودِعُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (790) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ

(المادة 781) للمستودع أن يحفظ الوديعة حيث يحفظ مال نفسه

الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. وَلَكِنْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فِي أَيِّ حَالٍ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْحِفْظِ عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْإِيدَاعِ لِلْغَيْرِ: إذَا حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْأَمِينِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَهَا لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (790) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ فَيَحْصُلُ بِنَاءً عَلَى هَذَا تَنَافٍ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَادَّةَ (790) مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَ آخَرَ مُطْلَقًا بَلْ عِنْدَ أَمِينِهِ فَقَطْ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 781) لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ] لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ حَيْثُ يَحْفَظُ مَالَ نَفْسِهِ الْمُمَاثِلِ لِلْوَدِيعَةِ. مَكَانُ الْحِفْظِ: يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ (حَيْثُ يَحْفَظُ) أَنَّ مَحِلَّ الْحِفْظِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْجُورَ وَالْمُسْتَعَارَ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتِهِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُ وَفِي غُرْفَتِهِ وَفِي دُكَّانِهِ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَوْ يَسْتَعِيرَ مَحِلًّا مُعَيَّنًا وَيَحْفَظَهَا فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ مَالٌ هُنَالِكَ. وَكَمَا أَنَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَضَعَ الدَّرَاهِمَ الْمَوْدُوعَةَ فِي جَيْبِهِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا وَضَعَهَا فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ إلَى مَجْلِسِ الْفِسْقِ وَسُرِقَتْ هُنَاكَ أَوْ ضَاعَتْ بِصُورَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ مَالَهُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ وَاسْتَعَارَهُ وَأَنْ يَضَعَ دَرَاهِمَهُ فِي جَيْبِهِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَيْضًا. وَإِنَّمَا إذَا سَكِرَ الْمُسْتَوْدَعُ وَزَالَ عَقْلُهُ وَفُقِدَتْ الدَّرَاهِمُ فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى لُزُومِ الضَّمَانِ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي حَفِظَ شَخْصٌ آخَرُ مَالَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ مَالَهُ الَّذِي لَيْسَ مُمَاثِلًا لِلْوَدِيعَةِ عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يَحْفَظُ فِيهِ شَخْصٌ آخَرُ مَالَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنَّمَا هُوَ بِيَدِ الشَّخْصِ الْمَرْقُومِ فَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَضْعُهُ الْوَدِيعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَلَّمَهَا لِلْغَيْرِ أَيْ لِشَخْصٍ لَيْسَ أَمِينًا وَهَذَا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (790) مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ (الْبَحْرُ) . فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يُبْحَثُ عَنْ مَحِلِّ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ. يُشْتَرَطُ فِي مَحِلِّ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَكُونَ مَحِلًّا مَحْفُوظًا. حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ شَخْصٌ الْوَدِيعَةَ فِي دَارٍ مَكْشُوفَةِ الْأَطْرَافِ غَيْرِ مُحَاطَةٍ بِحَائِطٍ وَغُرَفُهَا عَارِيَّةٌ عَنْ الْأَبْوَابِ وَخَرَجَ مِنْهَا وَذَهَبَ وَقْتُ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ. وَقَدْ سُئِلْت عَنْ خَيَّاطَةٍ فِي دَارٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ خَرَجَتْ مِنْهَا هِيَ وَزَوْجُهَا لَيْلًا لِعُرْسِ جَارَتِهَا فَسُرِقَتْ ثِيَابُهَا مِنْهَا فَأَفْتَيْت بِالضَّمَانِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُعَدُّ تَضْيِيعًا. تَأَمَّلْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَخْذُ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ: إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ذَاهِبًا إلَى مَحِلٍّ بَعِيدٍ أَوْ قَرِيبٍ وَكَانَ الطَّرِيقُ أَمِينًا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مُحْتَاجَةً إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ أَمْ لَمْ تَكُنْ (الْبَحْرُ) . كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (779) .

(المادة 782) يلزم حفظ الوديعة مثل أمثالها

لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْحِفْظِ صَادِرٌ مِنْ الْمُودِعِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ، لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَكَانِ أَيْضًا. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 64) . فَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) . وَالشَّيْءُ الْمُحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ فِي حَمْلِهِ يَعْنِي فِي نَقْلِهِ إلَى ظَهْرٍ أَوْ إلَى أُجْرَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يُقَالُ: إنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ حَيْثُ إنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ وَالْإِعَارَةِ مِنْ مَسَافَةِ السَّفَرِ تَكُونُ زِيَادَةً فَأَخْذُ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُؤْنَةَ مِنْ لَوَازِمِ الْمُودِعِ الضَّرُورِيَّةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي السَّفَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ احْتِيَاجٌ إلَى مُؤْنَةِ الْحَمْلِ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ عَائِدَةً هَلْ عَلَى الْمُودِعِ أَمْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَعَلَّهَا عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحِفْظِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 88) وَأَمَّا إذَا اخْتَارَ الْمُسْتَوْدَعُ هَذَا الْمَصْرِفَ بِلَا أَمْرٍ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُودِعِ بَعْدَهُ (الشَّارِحُ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ أَمِينٍ فَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ ضَرُورِيًّا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرُورِيًّا وَكَانَ سَفَرُهُ مَعَ أَهْلِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا كَانَ سَفَرُهُ مُنْفَرِدًا فَيَضْمَنُ. (الْبَحْرُ) . أَخْذَ الْوَدِيعَةِ فِي السَّفَرِ بَحْرًا: السَّفَرُ بَحْرًا مِنْ الْأَسْفَارِ ذَاتِ الْأَخْطَارِ وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرُ أَنَّ التَّلَفَ وَالْهَلَاكَ غَالِبٌ فِيهِ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ نَقْلَ الْأَمْوَالِ التِّجَارِيَّةِ فِي السُّفُنِ مُتَعَارَفٌ فِي زَمَانِنَا وَالسَّلَامَةُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْيَانِ غَالِبَةٌ فِيهَا فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَكُونَ فَرْقٌ بَيْنَ السَّفَرِ بَحْرًا وَالسَّفَرِ بَرًّا فَحِينَئِذٍ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مَعَهُ إنْ سَافَرَ بَرًّا أَوْ بَحْرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ السُّفُنُ التِّجَارِيَّةُ مَوْجُودَةً فِي زَمَنِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَسْفَارُ كَانَتْ تَحْصُلُ بِالسُّفُنِ ذَاتِ الشِّرَاعِ وَلِذَلِكَ كَانُوا يُعِدُّونَ السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ خَطَرًا وَمُؤَدِّيًا لِلْهَلَاكِ. وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الْحَاضِرَةِ فَنَظَرًا لِوُجُودِ سُفُنٍ تِجَارِيَّةٍ جَسِيمَةٍ فَلَا خَطَرَ فِي السَّفَرِ فِيهَا. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَقَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي سَفِينَةٍ شِرَاعِيَّةٍ يَجِبُ عَدُّهَا خَطِرَةً وَإِنْ نَقَلَهَا فِي سَفِينَةٍ تِجَارِيَّةٍ يَلْزَمُ عَدُّهَا سَالِمَةً كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ (الشَّارِحُ) . وَإِذَا عَيَّنَ الْمُودِعُ مَكَانَ الْحِفْظِ أَوْ نَهَى عَنْ السَّفَرِ بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا فِي سَفَرِهِ، يَعْنِي إذَا عَيَّنَ الْمُودِعُ مَكَانَ حِفْظٍ لِأَجْلِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُغَيِّرَهُ وَلَا أَنْ يَأْخُذَهَا فِي السَّفَرِ إذَا نَهَى الْمُودِعُ عَنْ ذَلِكَ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْفَاظَ مُقَابِلَ الْأُجْرَةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالتَّسْلِيمَ لَازِمٌ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ (قطلوبغا فِي الْوَدِيعَةِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ) . [ (الْمَادَّةُ 782) يَلْزَمُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِثْل أَمْثَالِهَا] (الْمَادَّةُ 782) يَلْزَمُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِثْلُ أَمْثَالِهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ حِفْظُ الْأَمْوَالِ كَالنُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ فِي مَحَالَّ كَالْإِصْطَبْلِ وَالتِّبْنِ تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ. بِاخْتِلَافِ الْوَدِيعَةِ يَخْتَلِفُ مَحِلُّ الْحِفْظِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ كَأَمْثَالِهَا لَازِمٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. يَعْنِي أَنَّ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا لَازِمٌ وَمَا كَانَ حِرْزًا أَيْ مَحِلَّ حِفْظٍ لِنَوْعٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ لَا يَكُونُ حِرْزًا لِنَوْعِ وَدِيعَةٍ آخَرَ.

(المادة 783) تعدد المستودع ولم تكن الوديعة تصح قسمتها

فَإِذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلٍّ لَا تُحْفَظُ فِيهَا أَمْثَالُهَا فَهَذَا الْوَضْعُ وَالْحِفْظُ تَقْصِيرٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِرْزِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ: وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ فَمَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ يَكُونُ حِرْزًا لِنَوْعِ مَالٍ آخَرَ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ سَرَقَ الْأَمْوَالَ الْغَالِيَةَ الثَّمَنِ كَالنُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ مِنْ الْإِصْطَبْلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ فِي الْحِفْظِ فِي غَيْرِ مِثْلِ الْحِرْزِ وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِ: أَوَّلًا: يُحْفَظُ الْحَيَوَانُ الْمُودَعُ فِي الْإِصْطَبْلِ وَإِذَا فُقِدَ فِيهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا حِفْظُ النُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْغَالِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا فِي مَحَالَّ مِنْ الْإِصْطَبْلِ مَحِلُّ التِّبْنِ وَالْبُسْتَانِ وَالْعَرْصَةِ فَهُوَ تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ الْأَمْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَمَاكِنَ كَهَذِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ. ثَانِيًا: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ حَيْثُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ أَشْخَاصٌ كَثِيرُونَ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُمْكِنُ حِفْظُهُ فِي حَالَةِ دُخُولِ وَخُرُوجِ أُنَاسٍ كَثِيرِينَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِلَّا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. ثَالِثًا: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِ وَتَرَكَ بَابَهَا مَفْتُوحًا وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لِعَدَمِ وُجُودِ أَحَدٍ فِي الدَّارِ كَانَ ضَامِنًا. رَابِعًا: إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَغَابَ وَفُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . خَامِسًا: إذَا تُرِكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي مَحِلٍّ يَسْكُنُهُ الْفَأْرُ فَأَفْسَدَهُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ أَعْلَمَ الْمُودِعَ بِأَنَّ الْفَأْرَ يَدْخُلُ ذَلِكَ الْمَحِلَّ وَوَضَعَهَا بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُخْبِرْ الْمُودِعَ مَعَ عِلْمِهِ بِدُخُولِ الْفَأْرِ وَلَمْ يَسُدَّ الْمَنَافِذَ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا وَأَفْسَدَ الْفَأْرُ الْوَدِيعَةَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ يَحْفَظُهَا كَأَمْثَالِهَا: وَأَمَّا إذَا ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ يَحْفَظُهَا الْمُودَعُ نَظِيرَ أَمْثَالِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (777) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْخُصُوصِ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) (وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 783) تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا] (الْمَادَّةُ 783) إذَا تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا يَحْفَظُهَا الْوَاحِدُ بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَحْفَظُونَهَا بِالْمُنَاوَبَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا؛ يُقَسِّمُونَهَا بَيْنَهُمْ بِالتَّسَاوِي وَيَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ حِصَّتَهُ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ. فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِ الْآخَرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ. يُمْكِنُ إيدَاعُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَخْصٍ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنْ كَانَ اثْنَيْنِ

أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَسُوغُ قِسْمَتُهَا يَعْنِي أَنَّ تَقْسِيمَهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أَلْبَتَّةَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا أَوْ إذَا كَانَتْ تَسُوغُ قِسْمَتُهَا وَلَكِنَّهَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عِنْدَ تَقْسِيمِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَوْبًا. يَحْفَظُهَا أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْدَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ لِأَشْخَاصٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَمَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحِفْظِ لَيْلًا وَنَهَارًا يَكُونُ رَضِيَ بِإِثْبَاتِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 772) . وَالْمَادَّةَ (790) وَلَا تُنَافِي هَذَا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ قُيِّدَ (بِلَا إذْنٍ) وَهُوَ هُنَاكَ مُعْتَبَرٌ فَكَذَا هُنَا الْإِذْنُ مَوْجُودٌ دَلَالَةً أَوْ يَحْفَظُونَهَا بِالْمُنَاوَبَةِ أَيْ بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ مُهَايَأَةً فِي الْحِفْظِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ (الْبَحْرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ: نَظَرًا لِعَطْفِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِعِبَارَةِ (أَوْ) يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ. وَظَاهِرُ الْفَرْقِ هُوَ: إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اثْنَيْنِ مَثَلًا فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ بِمُوجِبِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى. يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى هُوَ الْحِفْظُ الدَّائِمِيُّ. وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ الْحَمَوِيُّ قَدْ اشْتَبَهَ فِي جَوَازِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَالَ: إذَا قَرَّرَ الْمُسْتَوْدِعُونَ الْحِفْظَ بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ وَتَرَكَ أَحَدُهُمْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى نَوْبَتِهِ فَحُكْمُ هَذَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ انْتَهَى. لَكِنَّ الْمَجَلَّةَ جَوَّزَتْ هَذِهِ الصُّورَةَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَحَالَةِ حِفْظِ أَحَدِهِمْ بِإِذْنِ الْآخَرِ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ وَحِفْظِهِمْ بِالْمُنَاوَبَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ يَعْنِي لَا عَلَى الْآخِذِ وَلَا عَلَى الدَّافِعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ بِتَعَدٍّ أَوْ بِتَقْصِيرٍ يَضْمَنُ الْمُتَعَدِّي أَوْ الْمُقَصِّرُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (787) . وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ عَلَى الْآخَرِ. وَالْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّفِقُونَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ. وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا. كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمِثْلِيَّاتِ السَّائِرَةِ يُقَسِّمُهَا الْمُسْتَوْدِعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْحِصَّةَ الَّتِي تُصِيبُهُ. مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ الْمُودِعُ ثَلَاثِينَ ذَهَبًا عِنْدَ شَخْصَيْنِ يَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشْرَ ذَهَبًا وَإِذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ يَحْفَظُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ. وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَدْفَعَ كَامِلَ حِصَّتِهِ أَوَجُزْءًا مِنْهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ عِنْدَمَا أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَسُوغُ قِسْمَتُهَا لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ رَضِيَ بِحِفْظِ الْمُتَعَدِّدِ وَلَمْ يَرْضَ بِحِفْظِ الْبَعْضِ وَرِضَاهُ بِحِفْظِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا لَا يَسْتَلْزِمُ رِضَاهُ بِحِفْظِ الْوَاحِدِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا: (إذَا جُعِلَ فِعْلُ الشَّخْصَيْنِ مُضَافًا إلَى شَيْءٍ قَابِلِ التَّجْزِيءِ يَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ وَبِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَرْضَ بِهِ) 0 وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ جَارِيَةٌ أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِي ذِكْرُهَا كَمَا أَنَّ فِي الْمُرْتَهِنِ الْمُتَعَدِّدِ وَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ

(المادة 784) إن كان الشرط الوارد عند عقد الإيداع مفيدا فهو معتبر وإلا فهو لغو

وَالْعُدُولُ فِي الرَّهْنِ وَالْأَوْصِيَاءِ والمُسْتَبْضِعِينَ هُوَ هَكَذَا أَيْضًا. يَعْنِي أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْ أَحَدِ الْمُرْتَهَنِينَ مَثَلًا إذَا سَلَّمَ حِصَّتَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ الْآخَرِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ بِضَمَانِ الْغَصْبِ. كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَاحِدِ أَنْ يَحْفَظَ بِإِذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ تَجُوزُ قِسْمَتُهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِمْ (الْبَحْرُ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (بِدُونِ إذْنٍ) لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ إيدَاعَ الْمُسْتَوْدَعِ بِإِذْنِ الْمُودِعِ السَّابِقِ جَائِزٌ فَبِإِذْنِهِ اللَّاحِقِ جَائِزٌ أَيْضًا. كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (790 و 791) . إذَا دَفَعَ أَحَدُ الْمُسْتَوْدَعِينَ كَامِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْبَعْضَ مِنْهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُودِعِ وَهَلَكَتْ بِيَدِ الْآخَرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْقَابِضِ يَعْنِي عَلَى الْآخِذِ ضَمَانُ تِلْكَ الْحِصَّةِ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُسْتَوْدَعُ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى مُسْتَوْدَعِ الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (777) " الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". وَأَمَّا الدَّافِعُ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (790) . يَعْنِي يَضْمَنُ الَّذِي دَفَعَ خَمْسَ عَشْرَةَ ذَهَبًا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ آنِفًا وَعَشْرَ ذَهَبَاتٍ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي وَلَيْسَ عَلَى الْآخِذِ ضَمَانٌ. قِيلَ شَرْحًا تِلْكَ الْحِصَّةُ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ وَبِالذَّاتِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَمَّا عَدَمُ ضَمَانِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (777) . [ (الْمَادَّةُ 784) إِن كَانَ الشَّرْط الْوَارِد عِنْد عَقْدِ الْإِيدَاع مفيدًا فَهُوَ مُعْتَبَر وَإِلَّا فَهُوَ لَغْو] (الْمَادَّةُ 784) إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ عِنْدَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُفِيدًا وَمُمْكِنَ الْإِجْرَاءِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ وَإِلَّا فَهُوَ لَغْوٌ. مَثَلًا إذَا أُودِعَ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَحَصَلَتْ ضَرُورَةٌ فَانْتَقَلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نُقِلَتْ الْوَدِيعَةُ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ لِمَنْ اعْتَادَ حِفْظَ مَالَ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ لِإِعْطَائِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَإِذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا أَعْطَاهَا وَلَمْ يَكُنْ اضْطِرَارٌ لِذَلِكَ يَضْمَنُ، كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ حِفْظَهَا فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي غُرْفَةٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ. وَاذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الْغُرَفُ مِنْ الْحَجَرِ وَالْأُخْرَى مِنْ الْخَشَبِ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ لِكَوْنِهِ مُفِيدًا وَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى حِفْظِهَا فِي الْغُرْفَةِ الْمَشْرُوطَةِ لَهَا. وَإِذَا وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي غُرْفَةٍ أَدْنَى مِنْهَا فِي الْحِفْظِ وَهَلَكَتْ يَضْمَنُ.

لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يُورِدُهُ الْمُودِعُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ وَيَقْبَلُهُ الْمُسْتَوْدَعُ مُعْتَبَرٌ إذَا كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ يَعْنِي إنْ كَانَ تَنْفِيذُهُ وَإِيفَاؤُهُ مُمْكِنًا وَمُفِيدًا أَيْ نَافِعًا لِلْمُودِعِ. وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ حَتَّى إذَا لَمْ يُرَاعِهِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (787) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ وَمُفِيدًا فَهُوَ لَغْوٌ. وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رِعَايَةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) . يَحْصُلُ مِنْ تَحْلِيلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: اثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمُثْبِتِ وَاثْنَانِ فِي جِهَةِ الْمَنْفِيِّ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ. الْحُكْمُ الثَّانِي: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ مُفِيدًا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُمْكِنِ التَّنْفِيذِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُفِيدًا. الْحُكْمُ الرَّابِعُ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ الْوَارِدُ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْإِيدَاعِ غَيْرَ مُفِيدٍ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ كَانَ مُمْكِنَ التَّنْفِيذِ. ، وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْأَحْكَامَ الْأَرْبَعَةَ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ بِصُورَةِ النَّشْرِ عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ. مَثَلًا لَوْ أُودِعَ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَحَصَلَتْ ضَرُورَةٌ لِنَقْلِهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فَإِذَا نُقِلَتْ الْوَدِيعَةُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ هُنَاكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) . وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَرِيقُ غَالِبًا مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحَرِيقُ مُحِيطًا بِدَارِ الْمُسْتَوْدَعِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُخَافُ مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ الْوَدِيعَةُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي حَالَةِ تَسْلِيمِهَا إلَى شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ. هَذَا الْمِثَالُ الْحُكْمُ الرَّابِعُ. وَفِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَتْ رِعَايَةُ الْمُسْتَوْدَعِ بِهَذَا الشَّرْطِ مُمْكِنَةً فَإِذَا رَاعَاهُ يَكُونُ عَدَمُ نَقْلِهِ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ غَيْرَ مُفِيدٍ لِلْمُودِعِ لَا بَلْ مُضِرًّا لَهُ بِاحْتِرَاقِ الْوَدِيعَةِ. وَلَكِنْ إذَا نَقَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَادَّعَى هَذِهِ الضَّرُورَةَ بِنَاءً عَلَى هَلَاكِهَا هُنَالِكَ فَأَنْكَرَ الْمُودِعُ لَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَادِّعَاءُ الضَّرُورَةِ ادِّعَاءٌ مُسْقِطٌ الضَّمَانَ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهَذَا لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ حُصُولَ الِاضْطِرَارِ لِلنَّقْلِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي دَارِهِ فَإِنْ كَانَ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِهِ مَعْلُومًا يُصَدَّقُ الْمُسْتَوْدَعُ بِيَمِينِهِ. خُلَاصَةُ الْكَلَامِ، مَتَى ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وُقُوعُ الْحَرِيقِ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَبْقَى احْتِيَاجٌ لِإِثْبَاتِ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْآخَرِ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَحْتَرِقَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا شَرَطَ الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِالذَّاتِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ ابْنَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ شَخْصًا اعْتَادَ مِنْ الْقَدِيمِ حِفْظَ مَالَ نَفْسِهِ - أَيْ مَالِ الْمُسْتَوْدَعِ - أَوْ أَجْنَبِيًّا كَوَكِيلِهِ أَوْ شَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (780) فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ النَّهْيُ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِمْكَانِ لِتَنْفِيذِهِمَا. سُؤَالٌ، شَرْطُ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا إذْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحِفْظُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِعَقْدِ

الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (777) . فَلَا لُزُومَ إذَنْ لِلْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ " إذَا شَرَطَ وَأَمَرَ ". الْجَوَابُ، مَقْصُودُ الْحِفْظِ بِنَفْسِهِ وَبِالذَّاتِ كَمَا وَرَدَ شَرْحًا. مَتَى تَحْصُلُ ضَرُورَةُ الْإِعْطَاءِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، تَحْصُلُ ضَرُورَةُ الْإِعْطَاءِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ حِينَمَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُحْفَظُ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ مِنْ الْمُجَوْهَرَاتِ وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَاهُ عَنْ دَفْعِهَا إلَى السَّائِسِ. فَإِذَا أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا - وَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِيَدِهِ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ مُرَاعَاةِ الشَّرْطِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ مُفِيدٍ إذَنْ (الْبَحْرُ) . الظَّاهِرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنِ التَّنْفِيذِ. (الشَّارِحُ) . مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ حَيَوَانًا وَنَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهِ إلَى خَادِمِهِ فَأَعْطَاهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ خَادِمَهُ جَبْرًا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا لِإِعْطَائِهِ إيَّاهَا لِعَدَمِ وُجُودِ أَمِينٍ يَحْفَظُهَا فَضَاعَتْ بِيَدِهِ لَا يَضْمَنُ. وَأَمَّا إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا مَعَ وُجُودِ خَادِمٍ غَيْرِهِ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ وَهَلَكَتْ يَكُونُ ضَامِنًا. وَكَذَلِكَ إذَا نَهَى الْمُودِعُ عَنْ إعْطَاءِ عَقْدِ الْجَوْهَرِ الْمُودَعِ إلَى زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمِينَةٌ أُخْرَى تَحْفَظُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ كَزَوْجَةٍ أُخْرَى مَثَلًا فَالنَّهْيُ مُعْتَبَرٌ وَإِلَّا فَلَا. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) . وَفِي الشَّخْصِ الَّذِي حَصَلَ النَّهْيُ عَنْ إعْطَائِهِ الْوَدِيعَةَ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُحَافَظُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الشَّخْصِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ جَوْهَرًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهِ زَوْجَتَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهَا سَائِسَهُ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا لَا يُحْفَظُ بِيَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ. كَمَا لَوْ كَانَتْ جَوْهَرًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهِ خَادِمَهُ أَوْ فَرَسًا وَنَهَى عَنْ إعْطَائِهَا زَوْجَتَهُ. وَنَظَرًا لِإِيضَاحِ الزَّيْلَعِيّ أَنَّ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى وَأَمَّا حَيْثُ إنَّ النَّهْيَ الْمَذْكُورَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مُفِيدٌ فَمُخَالَفَتُهُ تُوجِبُ الضَّمَانَ هَذَا الْمِثَالُ مِثَالُ الْحُكْمِ الثَّالِثِ وَيَكُونُ مِثَالًا لِلْحُكْمِ الثَّانِي أَيْضًا بِاعْتِبَارِ الْفِقْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ الْآتِي ذِكْرُهَا. مِثَالٌ ثَانٍ لِلْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إذَا اقْتَرَبَ أَجَلُ الْمَرْأَةِ الْمُسْتَوْدَعَةِ وَسَلَّمَتْ الْوَدِيعَةَ إلَى جَارِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَذْكُورَةِ أَمِينٌ يَجُوزُ دَفْعُ وَتَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ لَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَيْهَا (الْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . مِثَالٌ ثَالِثٌ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إذَا قَالَ الْمُودِعُ لَا تَحْفَظْ الْوَدِيعَةَ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَصِينَةٍ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي تِلْكَ الْغُرْفَةِ وَضَاعَتْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَحِلٌّ حَصِينٌ غَيْرَ تِلْكَ الْغُرْفَةِ لَا يَضْمَنُهَا الْمُسْتَوْدَعُ. وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَحِلٌّ غَيْرَهَا وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِهَا إلَيْهَا يَجْرِي حُكْمُ الْمِثَالِ الْآتِي. مِثَالٌ رَابِعٌ عَلَى الْحُكْمِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ - إنَّ قَوْلَ الْمُودِعِ لِلْمُسْتَوْدَعِ احْفَظْ الْوَدِيعَةَ بِيَدِك وَلَا تَتْرُكْهَا

مِنْ يَدِك لَيْلًا وَنَهَارًا شَرْطٌ مُمْكِنُ التَّنْفِيذِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَإِذَا أَعْطَاهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ وَاحْتِيَاجٌ لِذَلِكَ وَتَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَحَيْثُ إنَّ النَّهْيَ مُفِيدٌ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا إنْ كَانَ هَلَاكُهَا حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَغَيْبُوبَتِهِ عَنْ عَيْنَيْهِ وَيَجْرِي فِي هَذَا الضَّمَانِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (790) . وَسَبَبُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ أَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي الْأَمَانَةِ وَالْكِيَاسَةِ وَالدِّينِ وَمَعْرِفَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجِبُ الشَّيْنَ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا. وَأَمَّا إذَا وَقَعَ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ وَضَيَاعُهَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ الْمُسْتَوْدَعَ الثَّانِيَ فَحَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ فِي حِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَعَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. يَكُونُ عَدَمُ وُجُودِ اضْطِرَارِ إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ لِلْغَيْرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَوَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ اضْطِرَارٌ) . الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا خَفِيفًا كَسَاعَةِ جَيْبٍ وَخَاتَمٍ فَيُعْطِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِأَمِينِهِ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى حِفْظِهَا وَاسْتِصْحَابِهَا بِنَفْسِهِ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَهَا بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ أَمِينَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ شَيْئًا خَفِيفًا لِغَيْرِهِ لِأَجْلِ حِفْظِهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمِينٌ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ غَيْرَ الْأَمِينِ الَّذِي نَهَى الْمُودِعُ عَنْهُ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ وَحَفِظَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ - سَوَاءٌ أَنَهَى عَنْ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا أَمْ لَمْ يَنْهَ - وَعَلَى تَقْدِيرِ حِفْظِهَا فِي غُرْفَةٍ غَيْرِهَا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْغُرْفَةُ الْأُخْرَى أَقْوَى فِي الْحِفْظِ فَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ غَيْرُ مُفِيدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ الدَّارِ حِرْزٌ وَاحِدٌ. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: أَنَّهُ إذَا نَقَلَ السَّارِقُ الْمَالَ مِنْ غُرْفَةٍ إلَى أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ حَدُّ السَّرِقَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا لَوْ شَرَطَ وَضْعَ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ فِي كَذَا كِيسٍ وَوُضِعَتْ فِي غَيْرِهِ وَفُقِدَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَضْعُ النَّقْدِ الْمُودَعِ بِشَرْطِ وَضْعِهِ فِي الْكِيسِ فِي الصُّنْدُوقِ يَجُوزُ حِفْظُ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ بِشَرْطِ أَنْ تُوضَعَ فِي الصُّنْدُوقِ فِي الْغُرْفَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَإِنْ كَانَتْ مُمْكِنَةَ التَّنْفِيذِ فَلَيْسَتْ مُفِيدَةً. وَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ فِي أَمْثِلَةِ الْحُكْمِ الرَّابِعِ وَالْحُكْمِ الثَّالِثِ فَلَا يَلْزَمُ فِي هَذَا أَيْضًا. وَكَذَلِكَ الشُّرُوطُ الَّتِي مِثْلُ (خُذْ الْوَدِيعَةَ بِيَدِك الْيُمْنَى وَلَا تَأْخُذْهَا بِالْيَدِ الْيُسْرَى) أَوْ اُنْظُرْ الْوَدِيعَةَ بِالْعَيْنِ الْيُمْنَى وَلَا تَنْظُرْ إلَيْهَا بِالْعَيْنِ الْيُسْرَى لَغْوٌ وَمُخَالَفَتُهَا لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ. كَمَا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ إلَى دَارِ آخَرَ وَنَقَلَ بِلَا إذْنٍ الثَّوْبَ مِنْ إحْدَى غُرَفِهَا إلَى غُرْفَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْغُرَفُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْحِرْزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ.

(المادة 785) غاب صاحب الوديعة ولم تعلم حياته ومماته

أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى الْغُرَفُ يَعْنِي الْغُرْفَةَ الَّتِي شَرَطَ فِي الْحِفْظِ فِيهَا حَجَرًا وَالْأُخْرَى أَيْ الَّتِي حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا مُخَالِفًا الشَّرْطَ خَشَبًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَوْقَ السُّوقِ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ فَوْقَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُمَا فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ فَالشَّرْطُ مُفِيدٌ مُعْتَبَرٌ وَالْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورٌ عَلَى حِفْظِ الْوَدِيعَةِ فِي الْغُرْفَةِ الْمَشْرُوطَةِ لَهَا أَيْ الْغُرْفَةِ الَّتِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ لَيْسَتْ فَوْقَ الطَّرِيقِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا وَضَعَهَا فِي غُرْفَةٍ أَدْنَى مِنْ تِلْكَ الْغُرْفَةِ فِي الْمُحَافَظَةِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ ضَمِنَهَا. وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالُ الْحُكْمِ الثَّانِي. كَمَا لَوْ أُودِعَتْ وَشَرَطَ الْحِفْظَ فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ وَحَفِظَهَا فِي غَيْرِ صُنْدُوقٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الصُّنْدُوقَيْنِ مِنْ خَشَبٍ وَالْآخَرُ خِزَانَةً مِنْ حَدِيدٍ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إذَا هَلَكَتْ فِي حَالَةِ حِفْظِهِ إيَّاهَا فِي صُنْدُوقٍ مِنْ الْخَشَبِ. كَذَلِكَ قَيْدُ (تِلْكَ الدَّارِ) الْوَاقِعُ فِي الْمِثَالِ وَهُوَ (كَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ الْحِفْظَ فِي الْغُرْفَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ الدَّارِ) احْتِرَازِيٌّ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي أُودِعَ بِشَرْطِ أَنْ يُحْفَظَ فِي تِلْكَ الدَّارِ الْكَائِنَةِ فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ لَا يَحْفَظُ فِي دَارٍ غَيْرَهَا. وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى أَحْرَزَ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ تَكُونَانِ غَالِبًا مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي الْحِرْزِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفِيدًا. وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ الْأُخْرَى مُسَاوِيَةً فِي الْحِفْظِ لِتِلْكَ الدَّارِ أَوْ أَحْصَنَ مِنْهَا يَجُوزُ حِفْظُهَا فِي تِلْكَ الدَّارِ الْأُخْرَى. فَقَيْدُ (تِلْكَ الدَّارِ) نَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُخْتَارُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْحِفْظَ فِي كَذَا بَلْدَةٍ وَحُفِظَتْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى يَلْزَمُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (787) وَقَدْ ظَهَرَتْ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمُحَرَّرَةِ أَسْبَابُ تَعَدُّدِ الْأَمْثِلَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 785) غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ] (الْمَادَّةُ 785) إذَا غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ يَحْفَظُهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ. إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَفْسُدُ بِالْمُكْثِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَدَتْ بِالْمُكْثِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. إذَا غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمَكَانُ الْمَوْجُودُ فِيهِ وَلَا حَيَاتُهُ وَمَمَاتُهُ يَعْنِي إذَا صَارَ مَفْقُودًا يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ وَتَتَحَقَّقَ وَرَثَتُهُ. يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْحِفْظُ لِذَلِكَ الْحِينِ وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَى فَقْدِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْبُوبَتِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُعْطِيَهَا لِوَرَثَتِهِ أَوْ يَصْرِفَهَا وَيَسْتَهْلِكَهَا عَلَى أُمُورِهِ أَوْ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ لِمَأْمُورِ بَيْتِ الْمَالِ أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِ الْمَفْقُودِ. بِنَاءً عَلَيْهِ وَكَمَا أَنَّ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الْمَوْجُودَ بِيَدِ الْمَفْقُودِ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَيْضًا. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَفْسُدُ بِالْمُكْثِ بِأَنْ كَانَتْ صُوفًا مَثَلًا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِإِذْنِ

الْحَاكِمِ وَيَحْفَظَ ثَمَنَهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ مِثْلَ أَصْلِهَا. يَعْنِي أَنَّ اللَّائِقَ وَالْمُنَاسِبَ بِالْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَبِيعَ الْوَدِيعَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَأَنْ يَحْفَظَ ثَمَنَهَا وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ حَاكِمٌ يَبِيعُهَا الْوَدِيعُ بِالذَّاتِ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا. وَأَمَّا مَا دَامَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ مُمْكِنَةً فَإِذَا بَاعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِدُونِ الْمُرَاجَعَةِ يَكُونُ بَيْعًا فُضُولِيًّا وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَدَتْ بِالْمُكْثِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ حَيْثُ إنَّ عَدَمَ بَيْعِهِ إيَّاهَا امْتِنَاعٌ عَنْ عَمَلِ الْخَيْرِ أَكْثَرُ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، فَفَسَادُ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الصُّوفِ أَوْ شَيْئًا يُفْسِدُهُ الْعُثُّ وَلَمْ يَبِعْهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُعَرِّضْهَا إلَى الشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ فِي الصَّيْفِ وَأَفْسَدَهَا الْعُثُّ فَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. ذُكِرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ عَرْضَ وَدِيعَةٍ كَهَذِهِ إلَى الشَّمْسِ وَالْهَوَاءِ وَالِارْتِدَاءِ بِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُفْسِدُهَا الْعُثُّ لَازِمٌ كَمَا أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ وَإِلْبَاسَهَا غَيْرَهُ لَازِمٌ أَحْيَانًا لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ وَاقْتُضِيَ ذَلِكَ لِأَجْلِ مُحَافَظَتِهَا مِنْ آفَاتٍ مِثْلِ هَذِهِ وَأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ هَذَا اللُّزُومَ وَفَسَدَتْ الثِّيَابُ يَكُونُ ضَامِنًا. إنَّمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ نَهَى الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ (الْبَاجُورِيُّ) . وَتَظْهَرُ وَفَاةُ الْغَائِبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ (إلَى أَنْ تَتَبَيَّنَ وَفَاتُهُ) وَتَبَيُّنُ وَفَاةِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: تَبَيُّنُ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً. تَظْهَرُ وَفَاتُهُ حَقِيقَةً وَتَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ. كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَفْقُودِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ مَالٌ أَوْ دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَدِيعَةِ وَيَطْلُبَهَا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَيَدَّعِيَ بِالدَّيْنِ وَيَطْلُبَهُ مِنْ الْمَدِينِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى ابْنُ الْمَفْقُودِ عَلَى مَدِينِ وَالِدِهِ قَائِلًا: بِمَا أَنَّ وَالِدِي تُوُفِّيَ وَقَدْ بَقِيَ دَيْنُهُ الَّذِي بِذِمَّتِك الْبَالِغُ كَذَا قِرْشًا مِيرَاثًا لِي فَاعْطِنِي إيَّاهُ وَمَعَ إقْرَارِ الْمَدِينِ وَإِثْبَاتِ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِالشُّهُودِ تَثْبُتُ وَفَاةُ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً. كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْغَائِبِ وَالْمَفْقُودِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ نَظَرًا لِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ انْتَقَلَ إرْثُ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ فَقَطْ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهَا لَهُ مُثْبِتًا الْوَفَاةَ بِالْبَيِّنَةِ يَثْبُتُ مَوْتُ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ وَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ (802) . الْوَجْهُ الثَّانِي: تَبَيُّنُ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ حُكْمًا. يَعْنِي إذَا أَكْمَلَ الْمَفْقُودُ سِنَّ التِّسْعِينَ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ وِلَادَتِهِ يُحْكَمُ بِوَفَاتِهِ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ بَعْدَ هَذَا الْوَقْتِ نَادِرَةٌ وَلَا اعْتِبَارَ لِلنَّادِرِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 42 - الْمَجَلَّةُ. إنَّمَا وَفَاةُ الْمَفْقُودِ حُكْمًا بَعْدَ إكْمَالِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ يَحْصُلُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. وَإِلَّا لَا يُعَدُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ إكْمَالِهِ سِنَّ التِّسْعِينَ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ. وَحُكْمُ الْحَاكِمِ إنَّمَا يَكُونُ ضِمْنَ دَعْوَى. كَمَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُوَرِّثِي أَكْمَلَ سِنَّ التِّسْعِينَ وَوَدِيعَتُهُ مَوْرُوثَةٌ لِي فَأَعْطِنِي إيَّاهَا وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ إكْمَالَهُ سِنَّ التِّسْعِينَ فَأَثْبَتَ الْوَارِثُ هَذِهِ الْجِهَةَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ وَإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُدَّعِي. وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ الْحَاكِمُ وَفَاةَ الْمَفْقُودِ حَقِيقَةً بِالْبَيِّنَةِ إذَا ظَهَرَ الْمَفْقُودُ حَيًّا يَكُونُ الْمُوَرِّثُ الْمَرْقُومُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَارِثَ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشُّهُودَ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ

(المادة 786) نفقة الوديعة التي تحتاج إلى نفقة

الْمُسْتَوْدَعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْوَدِيعَةَ إلَى الْوَارِثِ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَالْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) . وَلَكِنْ إذَا حُكِمَ بِوَفَاةِ الْمَفْقُودِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَبَعْدَ أَنْ أُعْطِيت الْوَدِيعَةُ إلَى الْوَارِثِ ظَهَرَ الْمَفْقُودُ حَيًّا يَأْخُذُ مَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا بِيَدِ الْوَارِثِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ مَا هَلَكَ (رِسَالَةُ الْمَفْقُودِ بِزِيَادَةٍ) . [ (الْمَادَّةُ 786) نَفَقَةُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ] (الْمَادَّةُ 786) نَفَقَةُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالْفَرَسِ وَالْبَقَرَةِ عَائِدَةٌ عَلَى صَاحِبِهَا. فَإِذَا كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا يُرَاجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَاكِمَ وَهُوَ أَيْضًا يَأْمُرُ بِإِجْرَاءِ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ أَصْلَحُ وَأَنْفَعُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ. مِثْلُ إنْ كَانَ إيجَارُ الْوَدِيعَةِ مُمْكِنًا يُؤَجِّرُهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ مِنْ أُجْرَتِهَا وَيَحْفَظُ الْفَضْلَ لِلْمُودِعِ. أَوْ يَبِيعُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا. وَإِنْ كَانَ إيجَارُهَا غَيْرَ مُمْكِنٍ يَبِيعُهَا فِي الْحَالِ بِثَمَنِ مِثْلِهَا أَوْ بَعْدَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَطْلُبَ مَصْرِفَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ صَاحِبِهَا وَأَمَّا إذَا أَنْفَقَ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْمُودِعِ. تَعُودُ نَفَقَةُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالْفَرَسِ وَالْبَقَرَةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَيْ عَلَى الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (88) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لِعَدَمِ إنْفَاقِ الْمُسْتَوْدَعِ مِنْ مَالِهِ أَوْ لِعَدَمِ تَرْكِ الْمُودِعُ نَفَقَتَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَوَرَدَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يُرَاجِعُ الْمُودِعَ أَوْ وَكِيلَهُ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ وَيَطْلُبُ إعْطَاءَهَا أَوْ اسْتِرْدَادَ الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُودِعُ تَرَكَ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُنْفِقْ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ مَعَ فَسْخِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ. إذَا كَانَ صَاحِبُهَا - هَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغَائِبِ هُنَا الْمَفْقُودُ أَوْ الشَّخْصُ الْمَوْجُودُ فِي مَسَافَةِ السَّفَرِ كَمَا هُوَ فِي الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (799) أَمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمْ الشَّخْصُ السَّاكِنُ وَالْمُقِيمُ فِي قَصَبَةٍ وَبَلْدَةٍ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ. لَمْ أَظْفَرْ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَحْتَاجُ إلَى تَحَرٍّ وَتَفْتِيشٍ - وَيُرَاجِعُ إذْ ذَاكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَاكِمَ وَعِنْدَمَا يَطْلُبُ إذْنًا وَرُخْصَةً لِإِنْفَاقٍ إذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَدِيعَةٌ بِيَدِهِ وَأَنَّ صَاحِبَهُ غَائِبٌ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْمُسْتَوْدَعَ بِإِجْرَاءِ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ نَفْعًا وَصَلَاحًا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (58) . كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا كَالْبَغْلِ وَالْحِصَانِ وَكَانَ إيجَارُهَا مُمْكِنًا فَيُؤَجِّرُهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَيُنْفِقُ مِنْ أُجْرَتِهَا وَيَحْفَظُ الْفَضْلَ لِلْمُودِعِ. وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ مُحَرَّرًا فِي الْمَادَّةِ (792) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ. أَوْ يَبِيعُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا بِرَأْيِ الْحَاكِمِ وَيَحْفَظُ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِلْمُودِعِ. وَلَا يَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ بَيْعًا فُضُولِيًّا. وَإِذَا كَانَ إيجَارُ الْوَدِيعَةِ غَيْرَ مُمْكِنٍ يَبِيعُهَا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فِي الْحَالِ يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يُنْفِقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِالْأَكْثَرِ عَلَى أَمَلِ أَنْ يَحْضُرَ الْمَالِكُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَعِنْدَمَا يَحْضُرُ صَاحِبُهَا يَطْلُبُ مِنْهُ مُصَرِّفُ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الْإِنْفَاقَ لَحَدِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هُوَ عَلَى أَمَلِ أَنْ

(المادة 787) هلكت الوديعة أو طرأ نقصان على قيمتها في حال تعدي المستودع أو تقصيره

يَحْضُرَ الْمَالِكُ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا صَرَفَ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَأْخُذَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُودِعِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ حَيَوَانًا لَا يَجِبُ أَنْ يَتَجَاوَزَ هَذَا الْمُصْرَفُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ فَإِنْ تَجَاوَزَهَا فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا. وَذَكَرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ قَبْلَ الْغَيْبَةِ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَلَمْ يُنْفِقْ وَهَلَكَ الْحَيَوَانُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنَّهُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ اخْتَارَ الْحُرْمَةَ لِسَبَبِ حُرْمَةِ ذِي الرُّوحِ (الْبَاجُورِيُّ) وَلِرُبَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرَ مُخَالِفَةٍ لِلْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ. أَمَّا إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ فِي الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الْمَذْكُورَةِ أَوْ قَبْلَهَا فَذَلِكَ تَبَرُّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمُصْرَفَ مِنْ الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْقَاعِدَةَ الْمُحَرَّرَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (725 وَ 1508) . طَلَبُ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُودِعِ الَّذِي طَلَبَ الْإِذْنَ بِالْإِنْفَاقِ: إذَا رَاجَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَاكِمَ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ لِأَجْلِ بَيْعِ الْوَدِيعَةِ كَمَا ذُكِرَ شَرْحًا يَطْلُبُ الْحَاكِمُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ وَدِيعَةٌ بِيَدِهِ وَأَنَّ صَاحِبَهُ غَائِبٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ وَدِيعَةً بِيَدِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا أَوْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ هِيَ لِأَجْلِ اسْتِكْشَافِ الْحَالِ وَلَيْسَتْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَحْضُرُ الْخَصْمُ فِيهَا. وَالْحُكْمُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى اللُّقَطَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (770) . [ (الْمَادَّةُ 787) هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالِ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ] (الْمَادَّةُ 787) إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ وَاسْتَهْلَكَهَا أَوْ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ وَجَعَلَهُ يَسْتَهْلِكُهَا يَضْمَنُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا صَرَفَ النُّقُودَ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ وَضَعَ مَحِلَّهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَضَاعَتْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ. وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ وَهَلَكَ الْحَيَوَانُ أَثْنَاءَ سَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسَبَبِ سُرْعَةِ السُّوقِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ أَمْ سُرِقَ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَرِيقِ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِ الْوَدِيعَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَلَمْ يَنْقُلْهَا وَاحْتَرَقَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ. يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِالْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَكَمَا أَنَّ وَفَاءَ بَدَلِهَا لَازِمٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا لَزِمَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (803) . وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: الْأَوَّلُ: هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ. الثَّانِي: هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ فِي حَالَةِ تَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ. الثَّالِثُ: طُرُوءُ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ. الرَّابِعُ: طُرُوءُ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ فِي حَالٍ تَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ. فَكُلُّ هَذِهِ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ وَكَمَا أَنَّ الْمِثَالَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ مِنْ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَارِدَانِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَالْمِثَالَ الثَّالِثَ وَارِدٌ أَيْضًا

عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 779 وَبَعْضُهَا مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ تَعَدِّيهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ التَّعَدِّيَ وَرَجَعَ إلَى الْوِفَاقِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ هَلْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَهَذِهِ الْجِهَةُ مُحْتَاجَةٌ لِلْإِيضَاحِ فَوَجَبَ إعْطَاءُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ كَمَا يَلِي: الْأَمَانَاتُ قِسْمَانِ فَفِي الْبَعْضِ مِنْهَا يَزُولُ الضَّمَانُ بِالْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي وَفِي الْبَعْضِ لَا يَزُولُ. كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ 864 الَّتِي هِيَ فِي مَقَامِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْعَارِيَّةُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٌ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَهَلَكَتْ الْعَارِيَّةُ بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَجَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِحَالَةِ تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ) يَعْنِي بِالْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ كَوْنَ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ مَشْرُوطٌ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَوْ بِطُرُوءِ نُقْصَانٍ عَلَى قِيمَتِهَا فِي حَالَةِ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ. وَلِذَلِكَ بَادَرْنَا بِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَلِي: الْأَمَانَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَمَانَاتُ الَّتِي نَفْعُ وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ الَّذِي اُتُّخِذَ أَمِينًا عَلَى تِلْكَ الْأَمَانَاتِ يَعْنِي فَائِدَةُ عَمَلِ حِفْظِهِ يَكُونُ عَائِدًا إلَى صَاحِبِ الْمَالِ فَقَطْ وَتَقُومُ يَدُ الْأَمِينِ مَقَامَ يَدِ مَالِكِهَا كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ نَفْعَ وَضْعِ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فِي الْوَدِيعَةِ وَفَائِدَتَهُ عَائِدَانِ إلَى الْمُودِعِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْمَالِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي وَضْعِ الْيَدِ هَذَا نَفْعٌ دُنْيَوِيٌّ مَا. وَفِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ الْأَمَانَاتِ إذَا رَجَعَ الْأَمِينُ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ يَدَ هَذَا الْأَمِينِ يَدُ صَاحِبِ الْمَالِ تَقْدِيرًا فَمَنْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي فَالْأَمَانَةُ الَّتِي اكْتَسَبَتْ حُكْمَ الْمَغْصُوبِ بِالتَّعَدِّي فَبِالْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ تَكُونُ كَأَنَّهَا أُعِيدَتْ لِيَدِ صَاحِبِ الْمَالِ. فَكَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَصِيرُ بَرِيئًا مَتَى أَعَادَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى صَاحِبِهِ حَقِيقَةً بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (892) يَبْرَأُ الْأَمِينُ أَيْضًا مِنْ حُكْمِ التَّعَدِّي مَتَى عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَمَانَاتِ هُوَ هَذَا: (1) الْوَدِيعَةُ: (2) الْمَالُ الْمُسْتَعَارُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ وَاَلَّذِي لَمْ يُرْهَنْ بَعْدُ: (3) مَالُ الشَّرِكَةِ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الشَّرِيكِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَوْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ: (4) مَالُ الْمُضَارَبَةِ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْمُضَارِبِ: (5) الْبِضَاعَةُ بِيَدِ الْمُسْتَبْضِعِ: (6) الْمَالُ الْمَوْجُودُ بِيَدِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَسَتَنْفَصِلُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (814) . إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَلَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا ضَرَرٌ مَا مِنْ هَذَا التَّعَدِّي وَتَرَكَ التَّعَدِّي عَلَى نِيَّةِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْهَلَاكُ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (2) جَاءَ (وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا) لِأَنَّهُ إذَا تَرَتَّبَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ التَّعَدِّي وَالِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ. حَيْثُ يَكُونُ حَبْسُ هَذَا النُّقْصَانِ عَنْ صَاحِبِهِ بِوَجْهِ التَّعَدِّي أَيْ

أَصْبَحَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى إعَادَةِ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ. وَبَيْنَمَا كَانَ الضَّمَانُ يَزُولُ فِي الْوَدِيعَةِ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ فِي الْعَارِيَّةُ وَالْمَأْجُورِ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي بَعْدَ وُقُوعِهِ عَلَى مَا سَيُوضَحُ قَرِيبًا؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ تَحْصُلُ بِإِعَادَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمَانَةِ إلَى يَدِ صَاحِبِ الْمَالِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَحَيْثُ إنَّ أَيْدِيَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ هِيَ نَفْسُهُمَا وَعَمَلُهُمَا لِنَفْسِهِمَا فَكَمَا أَنَّهَا لَنْ تَصِلَ حَقِيقَةً إلَى يَدِ صَاحِبِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِ الْمُخَالَفَةِ لَنْ تَصِلَ إلَى يَدِهِ حُكْمًا أَيْضًا. وَأَمَّا الْوَدِيعَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْمُسْتَوْدَعِ وَحِفْظَهُ هُوَ لِأَجْلِ الْمُودِعِ وَيَدُهُ فِي حُكْمِ يَدِ الْمُودِعِ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَلْتُوضَحْ الْمَسْأَلَةُ الْآنِفَةُ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي بَعْدَ التَّعَدِّي بِمِثَالٍ. مَثَلًا إذَا رَكِبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ الْمُودَعُ بِلَا إذْنٍ وَاسْتَعْمَلَهُ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ تَعَدَّى وَيَصِيرُ الرَّاكِبُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ. إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَدُونَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ مَا يَعْنِي دُونَ أَنْ يَهْلِكَ أَوْ يَطْرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ إذَا تَرَكَ الرُّكُوبَ عَلَى أَنْ لَا يَتَعَدَّى يَعْنِي أَنْ لَا يَرْكَبَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً وَحَفِظَهُ كَمَا فِي السَّابِقِ يَصِيرُ بَرِيئًا وَتَنْقَلِبُ يَدُ الضَّمَانِ إلَى يَدِ الْأَمَانَةِ كَمَا كَانَتْ. حَتَّى إذَا هَلَكَ الْحَيَوَانُ أَوْ فُقِدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا رَكِبَهُ يَوْمًا وَبَعْدَ ذَلِكَ رَبَطَهُ فِي الْإِصْطَبْلِ مَسَاءً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهُ صَبَاحًا أَيْ بِنِيَّةِ رُكُوبِهِ عِنْدَ الصَّبَاحِ وَسُرِقَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَوْ هَلَكَ حَتْفَ أَنْفِهِ يَضْمَنُهُ الْمُسْتَوْدَعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) (الْبَحْرُ) . وَإِذَا نَزَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الثِّيَابَ بَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا أَوْ رَفَعَ السَّجَّادَ بَعْدَ أَنْ فَرَشَهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلٍّ لَا تُحْفَظُ فِيهِ أَمْثَالُهَا رَفَعَهَا مِنْهُ وَخَبَّأَهَا فِي مَحِلِّ حِصْنٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَ أَنْ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينِهِ أَخَذَهَا مِنْهُ وَهَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. اخْتِلَافٌ فِي إزَالَةِ التَّعَدِّي: إذَا اُخْتُلِفَ فِي إزَالَةِ التَّعَدِّي وَعَدَمِهِ يُنْظَرُ. إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي فِيهَا. أَوْ أَنْكَرَ فَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لَازِمَةٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَ بَادِئَ ذِي بَدْءٍ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ نَظَرًا لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِأَنَّ عَمَلَ الْمُسْتَوْدَعِ إيَّاهُ هُوَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ ادِّعَاءٌ بِأَمْرٍ عَارِضٍ وَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصِّفَةِ الْعَارِضَةِ هُوَ الْعَدَمُ لَا يَصْدُقُ ادِّعَاؤُهُ هَذَا بِلَا بَيِّنَةٍ. (الْبَدَائِعُ بِزِيَادَةٍ) . فَمَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي حَقِّ الْعَوْدَةِ إلَى الْوِفَاقِ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَلَيْسَ مَجْبُورًا عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَنْفِي عَنْ نَفْسِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ فِعْلًا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَإِتْلَافِهِ الْوَدِيعَةَ بِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (الْبَدَائِعُ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ أَنْ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينِهِ بِقَوْلِهِ: أَعَدْتهَا لِيَدِي، وَهَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَقَابَلَهُ الْمُودِعُ بِالْقَوْلِ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ تُعِيدَهَا فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورٌ عَلَى إثْبَاتِ دَفْعِهِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1632) . كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ أَرْسَلَ الْوَدِيعَةَ مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ إلَى الْمُودَعِ وَأَنَّهَا وَصَلَتْ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ وُصُولَهَا

فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَحَلَفَ الْمُودِعُ الْيَمِينَ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. وَإِذَا صَادَقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى إيصَالِ الرَّسُولِ الْمَرْقُومِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ. وَإِنَّمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً بِيَدِ الرَّسُولِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا. اسْتِثْنَاءٌ: الْمَسَائِلُ الْآتِي ذِكْرُهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي بَعْدَ التَّعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ صَاحِبِ الْمَالِ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا بِقَوْلِهِ: لَمْ تُودِعْنِي إيَّاهَا، وَنَقَلَ الْوَدِيعَةَ الْمَنْقُولَةَ بِالْجُحُودِ تِجَاهَ الْمُودِعِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ وَلَمْ يُحْضِرْهَا مَا لَمْ يَعُدْ وَيُسَلِّمْ الْوَدِيعَةَ الْمَذْكُورَةَ إلَى صَاحِبِهَا. يَعْنِي مَعَ أَنَّ الْجُحُودَ الْمَذْكُورَ تَعَدٍّ وَلَا يُعَدُّ تَرْكُ التَّعَدِّي بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِيدَاعِ فُسِخَ فِي حَالَةِ طَلَبِ الْمُودِعِ وَدِيعَتَهُ وَالْمُسْتَوْدَعُ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْإِعَادَةِ أَصْبَحَ غَاصِبًا وَحَيْثُ إنَّ يَدَهُ لَا تَكُون كَيَدِ الْمَالِكِ فَبِإِقْرَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الرَّدُّ إلَى يَدِ الْمَالِكِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إيضَاحُ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ: 1 - قِيلَ (بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ رَدَّ وَإِعَادَةَ الْوَدِيعَةِ) لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى سُؤَالِ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ يَعْنِي عَلَى قَوْلِهِ: وَدِيعَتِي بَاقِيَةٌ حَالَةَ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ لَيْسَ إنْكَارًا فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ إنَّهُ حِفْظٌ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَلْفِتُ نَظَرَ طَائِفَةِ اللُّصُوصِ إلَى الْوَدِيعَةِ وَيُوجِبُ انْتِبَاهَهُمْ إلَيْهَا وَالْجُحُودُ مِنْ بَابِ حِفْظِهَا. 2 - جَاءَ (إذَا أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ بِقَوْلِهِ: لَمْ تُودِعْنِي إيَّاهَا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ قَائِلًا: إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَهَبَنِي إيَّاهَا أَوْ بَاعَهَا، فَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ ثُمَّ هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَهُ بِيَدِ مَنْ كَانَ مُسْتَوْدَعًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. حَيْثُ إنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْيَدِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِهَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ الَّتِي هِيَ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ. كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (779) . 3 - وَرَدَ (إذَا نَقَلَهَا مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ هُنَاكَ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَنَقَلَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا هَذَا الْوَجْهَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: وَلَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَيُحَوِّلُهَا الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَإِذَا هَلَكَتْ هُنَالِكَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ يَضْمَنُ. وَإِنْ كَانَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ لَمْ يَعْتَمِدُوا هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِعَدَمِ ظُهُورِ صِحَّتِهِ لَهُمْ وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَادَّةِ (901) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخْتَارَ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - قِيلَ (الْمَنْقُولَةُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا وَانْكَسَرَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ هَلَكَتْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ. فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: الضَّمَانُ غَيْرُ لَازِمٍ يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْجُحُودِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقَارِ. فَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْإِنْكَارِ

ضَامِنًا وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (905) . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 5 - جَاءَ (الْجُحُودُ تِجَاهَ الْمُودِعِ أَوْ وَكِيلِهِ) . لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْمُودِعِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ ثُمَّ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ هُوَ لِأَجْلِ مَنْعِ مَقْصِدٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ لِلسَّائِلِ كَأَنْ يُفَكِّرَ فِي أَخْذِ الْوَدِيعَةِ جَبْرًا فَهُوَ حِفْظٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْإِيدَاعِ عَلَى السِّتْرِ وَالْإِخْفَاءِ وَالْإِنْكَارُ تِجَاهَ الْمَالِكِ عُرْفًا وَعَادَةً مِنْ قَبِيلِ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ. 6 - (إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْجُحُودِ) لِأَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْجُحُودِ يَعْنِي هَيَّأَهَا لِيُعْطِيَهَا الْمُودِعَ فَقَالَ لَهُ الْمُودِعُ: دَعْهَا تَبْقَى وَدِيعَةً يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْإِحْضَارُ الْمَذْكُورُ بِدَرَجَةِ أَنْ يُعَدَّ الْمُودِعُ قَابِضًا لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ؛ لَانَ هَذَا إيدَاعٌ جَدِيدٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ إحْضَارُ الْمَذْكُورِ بِدَرَجَةِ أَنْ يَصِيرَ الْمُودِعُ مَعَهُ قَابِضًا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَادَةَ لَمْ يَتِمَّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَمَانَاتُ الَّتِي نَفْعُ وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ الَّذِي اتَّخَذَ أَمِينًا عَلَيْهَا وَفَائِدَةُ عَمَلِهِ يَعُودَانِ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ غَيْرَ أَنْ لَا تَقُومَ يَدُ الْأَمِينِ مَقَامَ يَدِ الْمَالِكِ بَلْ لِلْأَمِينِ نَفْعٌ فِيهَا وَمَأْمُورِيَّةُ الْأَمِينِ لِلْحِفْظِ لَيْسَتْ بِالْمَعْقُودِ الْأَصْلِيِّ بَلْ إنَّهَا تَبَعٌ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي هَذِهِ الْأَمَانَاتِ لَا يَبْرَأُ الْأَمِينُ مِنْ الضَّمَانِ بِعَوْدَتِهِ إلَى الْوَفَاءِ بَعْدَ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِ التَّعَدِّي تَحْصُلُ بِرَدِّ الْأَمَانَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدِ صَاحِبِهَا فَكَمَا أَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ التَّعَدِّي لَيْسَ إعَادَةً حَقِيقِيَّةً نَظَرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَعَمَلَهُمَا إنَّمَا هُوَ لِنَفْسِهِمَا لَا تَحْصُلُ الْإِعَادَةُ حُكْمًا أَيْضًا. مَثَلًا الْمُسْتَأْجِرُ يَحْفَظُ الْمَأْجُورَ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ فَحِفْظُهُ كَانَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ لِأَجْلِ فَائِدَةِ ذَاتِهِ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَة) . وَكَمَا أَنَّ صُورَةَ تَفَرُّعِ الْمَأْجُورِ عَلَى هَذِهِ الضَّابِطَةِ أُوضِحَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (545) فَإِيضَاحُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّعِ الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (814) . مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ بِصَرْفِهِ إيَّاهَا فِي أُمُورِ ذَاتِهِ أَوْ فِي أُمُورِ الْمُودَعِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ أَوْ أَعْطَاهَا رَجُلًا آخَرَ فَاسْتَهْلَكَهَا هَذَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ تَعَدٍّ. اسْتِهْلَاكُ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ: إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ صَرَفَ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ الْمَذْكُورَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَعَيُّنِ الْمِقْدَارِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَثِيرًا لِلْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (8) . وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ نِصْفَ الْوَدِيعَةِ مَثَلًا ثُمَّ هَلَكَ النِّصْفُ الْآخَرُ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيَ الْمُسْتَوْدَعِ وَقَعَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ وَالضَّمَانَ عَلَى مِقْدَارِ الْجِنَايَةِ. غَيْرَ أَنَّهُ يَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ يَعْنِي ضَمَانَ النِّصْفِ فَقَطْ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِ نِصْفِ الْوَدِيعَةِ فِي تَقْدِيرِ عَدَمِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لِلْوَدِيعَةِ مِنْ التَّبْعِيضِ. مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.

وَذَلِكَ كَاسْتِهْلَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذَهَبًا مِنْ الْخَمْسِينَ ذَهَبًا الْمُودَعَةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّبْعِيضُ مُضِرًّا لِلْوَدِيعَةِ وَاسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْضَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْوَدِيعَةِ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ مَعَ نُقْصَانِ مَا تَبَقَّى؟ هَذَا مَا يَجِبُ تَدْقِيقُهُ. وَيُمْكِنُ إعْطَاءُ الْجَوَابِ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بِالْوَجْهِ الْآتِي تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (900) : فَإِنْ كَانَ نُقْصَانُ الْبَاقِي دُونَ رُبْعِ قِيمَتِهِ يَضْمَنُ تَمَامَ مَا اسْتَهْلَكَهُ مَعَ نُقْصَانِ الْبَاقِي أَيْضًا وَأَمَّا إنْ كَانَ بَالِغًا رُبْعَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَالْمُودِعُ بِالْخِيَارِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَرْحِهَا. (الْأَحْكَامُ فِي حَقِّ ادِّعَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ بِأَنَّ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ كَانَ بِأَمْرِ الْمُودِعِ) . إذَا ادَّعَى الْمُسْتَهْلِكُ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ النُّقُودِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ الْأُخْرَى بِصَرْفِهِ إيَّاهَا فِي أُمُورِهِ بِالذَّاتِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِهَذَا الْإِذْنِ فِيهَا وَاذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَإِنْ أَثْبَتَ فِيهَا أَيْضًا. وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُودِعُ الْيَمِينَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . فَإِنْ حَلَفَ الْمُودِعُ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1632) . تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَقَدْ مَرَّ هَذَا الْبَحْثُ آنِفًا. إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (فِي أُمُورِهِ) هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْفَى الْمُسْتَوْدَعُ بِنُقُودِ الْوَدِيعَةِ دَيْنَ الْمُودِعِ الْمُمَاثِلَ لِلْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرٍ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُودِعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (793) . وَعَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ تِلْكَ النُّقُودَ مِنْ الدَّائِنِ. إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِمَنْ لَهُ النَّفَقَةُ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (799) . (إذَا اسْتَهْلَكَهَا بِصَرْفِهِ إيَّاهَا) . لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ كَيْ يَصْرِفَهَا فِي أُمُورِهِ وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَهَا فِي مَحِلِّهَا أَيْ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُجَرَّدٌ قُصِدَ لِإِجْرَاءِ التَّعَدِّي فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الثَّانِيَةِ. مَثَلًا لَوْ نَوَى شَخْصٌ غَصْبَ مَالَ شَخْصٍ آخَرَ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِ صَاحِبِهِ دُونَ أَنْ يَحْصُلَ الْغَصْبُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَوَى لِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الضَّمَانُ لَازِمٌ فِي صُورَةِ أَخْذِ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ صَرْفِهَا وَإِعَادَتِهَا قَبْلَ وُقُوعِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِصُورَةِ التَّعَدِّي (الْبَدَائِعُ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ بِقَصْدِ أَنْ يَصْرِفَهَا وَأَعَادَهَا إلَى مَحِلِّهَا يَعْنِي أَنَّهُ خَلَطَهَا مَعَ نُقُودِ وَدِيعَةٍ أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (حَاشِيَةُ الْأَشْبَاهِ يَبْرِي زَادَهْ عَنْ النِّهَايَةِ) . (أَوْ إذَا اسْتَهْلَكَهَا بِغَيْرِهِ) . عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْمُودِعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْمُسْتَهْلِكَ. مَثَلًا إذَا أَصَابَ الْحَيَوَانُ الْمُودَعَ مَرَضٌ وَعَالَجَهُ الْمُسْتَوْدَعُ بِوَاسِطَةِ بَيْطَارٍ فَهَلَكَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبِ الْمُعَالَجَةِ يَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تَعَدَّى بِإِتْيَانِهِ عَمَلًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ

أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَيْطَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (610) وَشَرْحَهَا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْبَيْطَارَ. فَإِنْ كَانَ الْبَيْطَارُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ هُوَ مَالُ غَيْرِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَإِلَّا فَلَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (658) وَشَرْحَهَا. غَيْرَ أَنَّهُ نَظَرًا لِبَيَانِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَرْجِعُ الْبَيْطَارُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ مَالُ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. وَإِنَّمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ أَمَرَ بِمُعَالَجَةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَيْسَ مَالَهُ فَعَالَجَهُ الْبَيْطَارُ وَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَخْلُصُ الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ الضَّمَانِ بِوَضْعِهِ، مِثْلُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا مَحِلَّهَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ ضَاعَتْ النُّقُودُ الَّتِي وَضَعَهَا مَحِلَّهَا بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ الَّتِي وَضَعَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا تُحْسَبُ لِلْوَدِيعَةِ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُودِعُ (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا وَقَابِضًا يَعْنِي مُسَلِّمًا وَمُتَسَلِّمًا فِي آنٍ وَاحِدٍ. أَلَمْ يُرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَجُلٌ مَدِينًا لِرَجُلٍ آخَرَ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ قَرْضًا فَأَفْرَزَهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ وَهُوَ يَحْفَظُهَا لِكَيْ يُعْطِيَهَا لَكِنَّهُ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ خَسَارَتُهَا تَعُودُ عَلَيْهِ. وَنَظِيرُ هَذِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَى الْمَدِينُ فِي الْمَاءِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَحْضَرَهَا كَيْ يُعْطِيَهَا دَائِنَهُ بِأَمْرِ الدَّائِنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لَا يَصِيرُ الْمَدِينُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (95) . وَكَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ نِصْفَ نُقُودِ الْأَمَانَةِ مَثَلًا وَجَلَبَ بَدَلًا مِنْهَا نُقُودًا مِنْ مَالِهِ وَمِنْ جِنْسِ الْبَاقِي وَضَمَّهَا إلَى النُّقُودِ الْبَاقِيَةِ يَعْنِي خَلَطَهَا بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهَا تَمْيِيزُهَا عَنْهَا ثُمَّ ضَاعَتْ كُلُّهَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ. يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ وَيَضْمَنُ الْبَاقِيَ لِسَبَبِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ خَلْطَ مَالِ غَيْرِهِ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (788) . خُلَاصَةُ الْكَلَامِ: أَنَّهُ يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَضَعُ مَحِلَّ الْمِقْدَارِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا وَمِنْ مَالِهِ وَيَخْلِطُهُ بِالْبَاقِي. وَلَكِنْ إذَا وَضَعَ عَلَامَةً عَلَى النُّقُودِ الَّتِي وَضَعَهَا مِنْ مَالِهِ وَكَانَ تَمْيِيزُهَا بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ مُمْكِنًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِقْدَارِ مَا اسْتَهْلَكَهُ فَقَطْ. وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنٍ فَهَلَكَ وَهُوَ ذَاهِبٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسَبَبِ سُرْعَةِ السَّيْرِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ أَمْ بِلَا سَبَبٍ أَمْ سُرِقَ فِي الطَّرِيقِ سَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا ذَلِكَ الْحَيَوَانَ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمُسْتَوْدَعِ الْحَيَوَانَ بِلَا إذْنٍ يُعَدُّ تَعَدِّيًا فَضَمَانُهُ وَاجِبٌ فِي حَالَةِ هَلَاكِهِ بِأَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ أَثْنَاءَ وُقُوعِ ذَلِكَ التَّعَدِّي. إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ الثَّانِي: 1 - (الْحَيَوَانُ) هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَإِذَا ارْتَدَى الْمُسْتَوْدَعُ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ وَضَاعَ أَثْنَاءَ اسْتِعْمَالِهِ يَضْمَنُهُ. كَمَا لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الصَّحْنَ الْمُودَعَ عَلَى كُوبِهِ فَوَقَعَ وَانْكَسَرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا كَانَ فِي الْكُوبِ

شَيْءٌ يَحْتَاجُ لِلْوِقَايَةِ وَالسِّتْرِ فَوَضْعُ الصَّحْنِ فَوْقَ الْكُوبِ يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا. فَإِذَا انْكَسَرَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكُوبِ شَيْءٌ فَلَا يُعَدُّ وَضْعُ الصَّحْنِ فَوْقَهُ اسْتِعْمَالًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا انْكَسَرَ. 2 - (وَهُوَ ذَاهِبٌ فِي الطَّرِيقِ) فَائِدَةُ هَذِهِ الْقُيُودِ تُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْمَسْرُودَةِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ. 3 - (بِلَا إذْنٍ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْكَبَ الْحَيَوَانَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (792) . 4 - (إذَا رَكِبَ) فِي هَذَا الْقَيْدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْإِصْطَبْلِ بِقَصْدِ أَنْ يَرْكَبَهُ وَهَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا أُوضِحَ فِي شَرْحِ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْمُسْتَوْدَعُ وَيُسَلِّمُ الْوَدِيعَةَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَثْنَاءَ وُقُوعِ حَرِيقٍ أَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ مَعَ وُجُودِ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَرَقَتْ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ وَيُعْلَمُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ. فَلْنَذْكُرْ بَعْضَهَا. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَثَلًا إذَا دُفِعَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَمَانَةٌ عَلَى أَنْ تُسَلَّمَ إلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فِي حَيْفَاءَ وَبَيْنَمَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَاهِبًا بِالسَّفِينَةِ إلَى حَيْفَاءَ جَنَحَتْ السَّفِينَةُ وَأَشْرَفَتْ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى الْمُسْتَوْدَعُ بِنَفْسِهِ مَعَ بَاقِي الرُّكَّابِ إلَى زَوْرَقٍ فَنَجَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَقْلِ تِلْكَ الْأَمَانَةِ إلَى الزَّوْرَقِ أَوْ إلَى سَفِينَةٍ أُخْرَى فَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَلَكِنَّهُ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِ الْأَمَانَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَمُحَافَظَتِهَا مِنْ الْغَرَقِ وَلَمْ يَفْعَلْ يَضْمَنُهَا عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا. كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا عَلَى مَا حُرِّرَ فِي الْمَادَّةِ (609) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَمَانَةَ فِي السَّفِينَةِ وَرَمَى بِنَفْسِهِ إلَى الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ الْأَسْرِ أَوْ مِنْ الْقَتْلِ وَنَجَا سِبَاحَةً لَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا خَرَجَتْ اللُّصُوصُ عَلَى الْمُكَارِي وَهُوَ سَائِرٌ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَ الْحَمْلَ وَفَرَّ مَعَ حَيَوَانِهِ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا لَهُ أَنْ يَفِرَّ بِالْحَيَوَانِ وَبِحَمْلِهِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ اللُّصُوصَ تَتْبَعُهُ وَتُدْرِكُهُ إذْ ذَاكَ فَتَأْخُذُ الْحَيَوَانَ مَعَ حَمْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُكَارِي. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا رَأَى الْمُسْتَوْدَعُ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا مُبَاشِرًا بِأَخْذِ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَيْهِ يَضْمَنُ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِظَنِّهِ الْوَدِيعَةَ مَالَ الْآخِذِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (72) ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَدِيعَتَانِ لِشَخْصَيْنِ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا وَدِيعَةَ الْآخَرِ سَهْوًا بِإِذْنِ الْمُسْتَوْدَعِ لَزِمَ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى مَنْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ. رَاجِعْ الْمَسْأَلَةَ التَّاسِعَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (779) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ وَمَوْجُودَةً فِي تِلْكَ الدَّارِ فَأَخَذَتْ الْوَدِيعَةَ وَأَضَاعَتْهَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُقَصِّرًا فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ (

(المادة 788) خلط الوديعة بلا إذن صاحبها مع مال آخر

تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 788) خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا مَعَ مَالٍ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 788) : خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا مَعَ مَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ يَتَعَذَّرُ وَلَا يُمْكِنُ مَعَهَا تَفْرِيقُهَا عَنْهُ يُعَدُّ تَعَدِّيًا. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ الْمِائَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ بِدَنَانِيرَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ يَكُونُ ضَامِنًا. خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ مَعَ مَالٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ فَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهَا عَنْهُ أَوْ أَمْكَنَ بِتَعَسُّرٍ يُعَدُّ تَعَدِّيًا. يَعْنِي مُوجِبًا لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ وَفُقِدَ إمْكَانُ وُصُولِ الْمُودِعِ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ مِنْ أَجْلِ فِعْلِ الْمُسْتَوْدَعِ. وَذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ الْخَلْطَ، وَاسْمُ فَاعِلِهِ الْخَالِطُ هُوَ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ. يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعَ أَوْ الْأَجْنَبِيَّ أَوْ شَخْصًا آخَرَ كَابْنِ الْمُسْتَوْدَعِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ. وَالضَّمَانُ يَلْزَمُ عَلَى الْخَالِطِ فِي أَيِّ وَجْهٍ كَانَ. يَعْنِي إنْ كَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعُ فَالضَّمَانُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ الْخَالِطُ ابْنُ الْمُسْتَوْدَعِ الصَّغِيرُ مَثَلًا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 778) . وَإِلَّا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِسَبَبِ الصَّغِيرِ الْمَرْقُومِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 916) . فَإِذَا خَلَطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ يُصْبِحُ الْمَخْلُوطُ الْمَذْكُورُ مَالَ الْخَالِطِ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ وَلَا لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي ذَلِكَ الْمَخْلُوطِ. وَإِنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ يَصِيرُ مَالَ الْخَالِطِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْخَالِطُ الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ أَمِينُ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَخْلُوطِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ. مَثَلًا لَوْ خَلَطَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ مِنْ حِنْطَةٍ مُودَعَةٍ عِنْدَهُ بِحِنْطَةٍ تَصِيرُ الْحِنْطَةُ الْمَخْلُوطَةُ مَالَ الْخَالِطِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مُبَاحًا لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بَدَلَهَا إلَى الْمُودِعِ. وَإِذَا كَانَ الْخَالِطُ غَيْرَ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ فَخَلَطَ شَعِيرَ الْمُودِعِ مَعَ حِنْطَةِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا ثُمَّ غَابَ بِحَيْثُ لَا تُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ فَإِذَا أَرَادَ الْمُودِعُ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ أَنْ يُعْطِيَ بَدَلَ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ الْمَخْلُوطَ وَوَافَقَ الْآخَرُ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُبَاعُ الْمَخْلُوطُ بِرِضَاهُمَا وَتُضْرَبُ قِيمَةُ حِنْطَةِ صَاحِبِ الْحِنْطَةِ غَيْرِ الْمَخْلُوطَةِ بِالثَّمَنِ وَيُضْرَبُ شَعِيرُ صَاحِبِ الشَّعِيرِ غَيْرِ الْمَخْلُوطِ بِثَمَنِهِ. وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى مَجْمُوعِ الثَّمَنِ فَخَارِجُ قِسْمَةِ الْمَضْرُوبِ يَكُونُ حِصَّةَ صَاحِبِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ عَنْ الْمَخْلُوطِ وَيَقْتَضِي كَوْنَ الْمَخْلُوطِ مِلْكًا لِلْخَالِطِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لَهُمَا التَّصَرُّفُ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي مَالِ الْغَيْرِ؟ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا بِهَذَا الْوَجْهِ إجَازَةٌ لِلْخَلْطِ وَلَا يُجْدِي نَفْعًا إذَا كَانَ الْخَلْطُ إتْلَافًا فَإِنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 1453 (الشَّارِحُ) . يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (مَعَ مَالٍ آخَرَ) أَنَّهُ سَوَاءٌ أَخَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ بِمَالِهِ أَمْ بِمَالِ غَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمَالَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ بِمَالِ شَخْصٍ آخَرَ مُودَعٍ عِنْدَهُ أَيْضًا يَضْمَنُ الْوَدِيعَتَيْنِ وَيَبْقَى الْمَخْلُوطُ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارَ الدَّنَانِيرِ ذَاتِ الْمِائَةِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ بِدَنَانِيرِ نَفْسِهِ أَوْ بِدَنَانِيرِ غَيْرِهِ بِلَا

إذْنِ الْمُودِعِ ثُمَّ ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ أَوْ وُجِدَتْ مَخْلُوطَةً بِصُورَةٍ يَتَعَسَّرُ أَوْ يَمْتَنِعُ مَعَهَا تَمْيِيزُهَا يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْخَالِطَ يُعَدُّ مُسْتَهْلِكًا الْوَدِيعَةَ لِسَبَبِ خَلْطِهِ إيَّاهَا (الْبَحْرُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - (ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ) . هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَإِذَا وُجِدَ الْمَخْلُوطُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ، عَيْنًا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ أَيْضًا وَذُكِرَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. وَهَذِهِ التَّعْبِيرَاتُ أَيْ تَعْبِيرَاتُ إذَا ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْهِدَايَةِ وَالتَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ كَمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْهَا أَيْضًا فِي مِثَالِهَا الْآتِي. 2 - (بِلَا إذْنِ) هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 789 الْآتِي بَيَانُهَا. وَكَذَلِكَ إذَا خَلَطَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ يَعْنِي دَنَانِيرَ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ دَنَانِيرَ غَيْرِهِ مَعَ دَنَانِيرِ وَدِيعَةِ الْمُودِعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بِلَا إذْنٍ يَضْمَنُ. وَسَوَاءٌ أَضَاعَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ أَمْ سُرِقَتْ أَمْ وُجِدَتْ مَخْلُوطَةً فَالْخَلْطُ الْمَذْكُورُ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَيَنْقَطِعُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى مَا سَيُفَصَّلُ حَقُّ - الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ مِنْ الْمَخْلُوطِ وَيَبْقَى الْمَخْلُوطُ الْمَذْكُورُ مَالًا لِلْمُخَالِطِ. وُجُوهُ الْخَلْطِ الْأَرْبَعَةِ وَأَحْكَامُهَا. نَشْرَعُ فِي تَفْصِيلِ الْخَلْطِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. الْخَلْطُ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا تَفْرِيقُ الْمَالَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ وَتَمْيِيزُهُمَا أَيْ إفْرَازُهُمَا وَفَصْلُهُمَا. كَخَلْطِ الْجَوْزِ مَعَ اللَّوْزِ أَوْ الذَّهَبِ مَعَ الْفِضَّةِ الْمَجِيدِيَّةِ أَوْ الْمَجِيدِيِّ التَّامِّ مَعَ قِطَعٍ: النِّصْفِ أَوْ الرُّبْعِ مِنْهُ أَوْ الدِّينَارِ الذَّهَبِ التَّامِّ مَعَ أَجْزَائِهِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ أَوْ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ مَعَ الذَّهَبِ الْإِنْكِلِيزِيِّ أَوْ الْفَرَنْسَاوِيِّ. فَالْخَلْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِالْإِجْمَاعِ فَيُفَرَّقُ الْمَخْلُوطُ وَيُرَدُّ قِسْمُ الْوَدِيعَةِ مِنْهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَإِذَا هَلَكَ الْمَخْلُوطُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ يَهْلِكُ أَمَانَةً كَمَا كَانَ قَبْلَ الْخَلْطِ تَكْمِلَةُ (رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعِبَارَةِ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهَا) . الْوَجْهُ الثَّانِي - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ مَعَ تَعَسُّرِ التَّمْيِيزِ. يَعْنِي أَنْ يَكُونَ تَفْرِيقُ الْمَالَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ عَسِرًا. كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ. فَكَوْنُ هَذَا الْخَلْطِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَوْ غَيْرَ مُوجِبٍ مَسْأَلَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْهِدَايَةِ وَوَرَدَ فِي النِّهَايَةِ إيضَاحًا لِتَعَذُّرِ تَفْرِيقِ الْمَخْلُوطِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيُعْتَبَرُ جَوَابًا لِمَا قِيلَ: إنَّ الْمَخْلُوطَ الْمَذْكُورَ حِينَمَا يُطْرَحُ فِي الْمَاءِ تَرْسُبُ الْحِنْطَةُ وَيَطْفُو الشَّعِيرُ فَيُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُقْبَلُ الْمَخْلُوطُ وَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ بِالْعَيْبِ الْحَاصِلِ مِنْ الْبَلَلِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا تَخْلُو إعَادَةُ الْحِنْطَةِ مِنْ قَلِيلٍ مِنْ الشَّعِيرِ. وَالشَّعِيرِ مِنْ قَلِيلٍ مِنْ الْقَمْحِ. فَعَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ شَرَحْت هَذِهِ الْمَادَّةَ مِنْ الْمَجَلَّةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ خَلَطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الْمَخْلُوطِ وَيَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا كَمَا ذُكِرَ فِي قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ الْآتِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ مَزْجِ جِنْسٍ بِجِنْسٍ آخَرَ. وَهَذَا يَكُونُ بِخَلْطِ نَوْعٍ مِنْ الْمَائِعِ

(المادة 789) خلط المستودع الوديعة بإذن صاحبها بمال آخر أو اختلطا بدون صنعه

بِمَائِعٍ آخَرَ كَخَلْطِ الْخَلِّ بِالسَّمْنِ وَالطَّحِينَةِ بِالدِّبْسِ. وَالْخَلْطُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ بِالِاتِّفَاقِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . الْوَجْهُ الرَّابِعُ - الْخَلْطُ بِطَرِيقِ الْمُجَاوَرَةِ لِلْجِنْسِ بِالْجِنْسِ. كَخَلْطِ الْحِنْطَةِ بِالْحِنْطَةِ أَوْ زَيْتِ الْجَوْزِ بِزَيْتِ الْجَوْزِ أَوْ اللَّبَنِ بِاللَّبَنِ أَوْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ. وَقَدْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْخَلْطِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ الْخَلْطَ الْمَذْكُورَ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ لِلْمَخْلُوطِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَخْلُوطِ وَيَصِيرُ الْمَخْلُوطُ مَالَ الْخَالِطِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْخَالِطِ يَعْنِي إنْ كَانَ الْمَخْلُوطُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَلْزَمُ أَدَاءُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَدَاءُ قِيمَتِهِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُشَارِكَ الْمَخْلُوطَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَمْيِيزُ الْمَخْلُوطِ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَالْمُودِعُ الْمَالِكُ يَبْقَى عَاجِزًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ الْوَدِيعَةِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ الْخَلْطُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إتْلَافًا وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا وَمَالِكًا لِلْمَخْلُوطِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ، فَإِذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمَخْلُوطَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ وَتُوُفِّيَ عَنْ تَرِكَةِ غَرِيمِهِ يَسْتَوْفِي الْمُودِعُ حَقَّهُ مِنْ الْمَخْلُوطِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كُلٌّ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ (الْبَدَائِعُ) . وَلَكِنْ لَا يُبَاحُ لِلْخَالِطِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَخْلُوطِ قَبْلَ أَنْ يَضْمَنَ (الْبَحْرُ) . فَقَطْ إذَا أَبْرَأَ الْمُودِعُ الْخَالِطَ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْمُودِعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْخَالِطَ وَإِنْ شَاءَ اشْتَرَكَ فِي الْمَخْلُوطِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ. وَلَكِنْ إذَا أَبْرَأَ الْمُودِعُ الْخَالِطَ فَعِنْدَ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَتَتَعَيَّنُ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ صُورَةً وَأَمْكَنَهُ مَعْنًى بِالْقِيمَةِ فَكَانَ اسْتِهْلَاكًا مِنْ وَجْهٍ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَهَذَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيمَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ إفْرَازٌ وَتَعْيِينٌ حَتَّى مَلَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ عَيْنًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ فَكَانَ إمْكَانُ الْوُصُولِ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ قَائِمًا مَعَهُ (الزَّيْلَعِيّ) . وَلَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ قَيْدٌ وَلَا إشَارَةٌ إلَى اخْتِيَارِ أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ. إنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ مُتَعَيِّنًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ. وَلَكِنْ إذَا حَمَلَ بَيَانُ الْمَجَلَّةِ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ فَيَكُونُ ذَكَرَ قِسْمًا مِنْهُ وَأَهْمَلَ الْقِسْمَ الْآخَرَ فَحَمْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْلَى. [ (الْمَادَّةُ 789) خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا بِمَالٍ آخَرَ أَوْ اخْتَلَطَا بِدُونِ صُنْعِهِ] (الْمَادَّةُ 789) إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا بِمَالِ آخَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَوْ اخْتَلَطَ الْمَالَانِ بِبَعْضِهِمَا الْبَعْضُ بِدُونِ صُنْعِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا مَثَلًا لَوْ انْخَرَقَ الْكِيسُ دَاخِلَ صُنْدُوقٍ وَاخْتَلَطَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي فِيهِ مَعَ دَنَانِيرَ أُخْرَى يَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ شَرِيكَيْنِ فِي مَجْمُوعِهَا. وَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

إذَا أَجْرَى الْمُسْتَوْدَعُ فِي الْوَدِيعَةِ التَّصَرُّفَ الْمَعْدُودَ تَعَدِّيًا بِأَمْرِ الْمُودِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْإِنْسَانِ فِي حَقِّ مِلْكِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1510) . وَلِذَلِكَ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا وَيَهَبَهَا وَيُؤَجِّرَهَا وَيَبِيعَهَا بِإِذْنِ الْمُودِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1452) . وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (792) . وَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (799) . وَأَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ كَأَهْلِ الْمُودِعِ وَعِيَالِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (799) . وَعَلَيْهِ أَيْضًا إذَا خَلَطَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ بِمَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا مَعَهَا أَوْ اخْتَلَطَ الْمَالَانِ كَذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا بِدُونِ رَأْي وَضْعِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا - هَذَا التَّمْثِيلُ عَلَى فِقْرَةِ (بِدُونِ صُنْعِهِ) - إذَا انْخَرَقَ الْكِيسُ الْمَوْجُودُ وَدِيعَةً دَاخِلَ صُنْدُوقٍ وَاخْتَلَطَتْ دَنَانِيرُ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ الَّتِي فِيهِ مَعَ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ أُخْرَى بِعَيْنِ الْوَزْنِ وَعَيْنِ الْمِقْدَارِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَطَتْ مَثَلًا عَشْرُ قِطَعِ دَنَانِيرِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَعَ خَمْسِ قِطَعِ دَنَانِيرَ عُثْمَانِيٍّ ذَهَبٍ كُلُّ قِطْعَةٍ بِمِائَةِ قِرْشٍ أَيْضًا وَكَانَ تَفْرِيقُهَا مُمْكِنًا مِنْ بَعْضِهَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ شَرِيكَيْنِ فِي مَجْمُوعِهَا أَيْ فِي الْمَخْلُوطِ بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ شَرِكَةً اخْتِيَارِيَّةً بِصُورَةِ الْخَلْطِ وَجَبْرِيَّةً بِتَقْدِيرِ الِاخْتِلَاطِ؛ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَ مُحَرَّرًا فِي الْمَادَّةِ (777) لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ بِالِاخْتِلَاطِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ مَعْلُومًا بِالْأَوْلَوِيَّةِ. وَيَثْبُتُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ أَيْضًا عِنْدَ الْخَلْطِ بِلَا صُنْعٍ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ صُنْعٌ وَتَعَدٍّ فِي الِاخْتِلَاطِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْمُودَعَةُ عَشَرَةً وَالْأُخْرَى خَمْسَةً وَاخْتَلَطَا بِبَعْضِهِمَا تَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مُشْتَرَكَةً أَثْلَاثًا ثُلُثَانِ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَثُلُثٌ لِلْآخَرِ. وَإِذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ بَعْضُ الدَّنَانِيرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ كُلِّهَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِذَا هَلَكَ بَعْضُ الذَّهَبِ الْمُخْتَلِطِ يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (1061) . اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي الْخَلْطِ بِالْإِذْنِ: اشْتِرَاكُ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُودِعُ فِي صُورَةِ خَلْطِ الْمُسْتَوْدَعِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمَخْلُوطَ يَكُونُ مِلْكَ الْخَالِطِ وَيَضْمَنُ الْخَالِطُ حَقَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. كَمَا أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ أَتْبَعَ الْقَلِيلَ لِلْكَثِيرِ يَعْنِي مَنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ يَكُونُ الْمَخْلُوطُ مِلْكَهُ وَيَضْمَنُ حَقَّهُ الْآخَرُ. وَأُشِيرَ بِقَوْلِ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُمَا) فِي الْمَجَلَّةِ إلَى أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الِاخْتِلَاطُ بِصُورَةٍ يَكُونُ التَّفْرِيقُ مُمْكِنًا فِيهَا لَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ فَيُفَرَّقُ الْمَالَانِ وَيُعْطَى لِكُلٍّ مَالُهُ. إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِالْإِذْنِ فَبِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى إثْبَاتِهِ وَفِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُودِعَ الْيَمِينَ. فَإِنْ حَلَفَ الْمُودِعُ صَارَ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا.

(المادة 790) ليس للمستودع أن يودع الوديعة عند آخر

وَإِذَا أَوْدَعَهَا الْأَجْنَبِيُّ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (787) . كَمَا أَنَّ نَظِيرَ هَذَا يَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 790) لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 790) : لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ. فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ يَضْمَنُ وَإِذَا هَلَكَتْ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَتَقْصِيرِهِ فَإِنْ شَاءَ الْمُودِعُ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ (1) بِلَا عُذْرٍ (2) بِلَا إذْنٍ (3) بِلَا قَصْدٍ (4) عِنْدَ آخَرَ يَعْنِي عِنْدَ شَخْصٍ لَيْسَ بِأَمِينِهِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 96) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَرْضَ بِحِفْظِ غَيْرِ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْأَيْدِي تَخْتَلِفُ فِي الْأَمَانَةِ. ثُمَّ لَا يُمْكِنُ لِشَيْءٍ أَنْ يَتَضَمَّنَ مِثْلَهُ. كَمَا لَا يُمْكِنُ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُضَارَبَةِ. وَتُوجَدُ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ مَالِكُهَا أَنْ يُمَلِّكَهَا لِغَيْرِهِ. أَوَّلُهَا: مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُمَلِّكَ الْحِفْظَ لِآخَرَ وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ. الثَّانِي: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (743) . الثَّالِثُ: لَيْسَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي الْبَيْعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1466) . الرَّابِعُ: لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الشَّيْءِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِينَ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 427) . الْخَامِسُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ الْمُعَارَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِينَ لِآخَرَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 820) . السَّادِسُ: لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْضَ لِآخَرَ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ. السَّابِعُ: لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ إلَى آخَرَ. الثَّامِنُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ أَنْ يُبْضِعَ. التَّاسِعُ: لَيْسَ لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . (1) " الْوَدِيعَةُ " يَظْهَرُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ إعْطَاءَ مِفْتَاحِ الْحُجْرَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهِ الْوَدِيعَةُ لِآخَرَ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا لِتِلْكَ الْحُجْرَةِ إلَيْهِ وَبِهَذَا لَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ أُودِعَتْ عِنْدَ آخَرَ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ ضَمَانٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الْبَحْرُ) . (2) " بِلَا عُذْرٍ " لِأَنَّهُ عِنْدَ وُقُوعِ حَرِيقٍ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (784) لِكَوْنِ الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِالذَّاتِ أَوْ بِأَمِينِهِ فَإِذَا وَضَعَهَا فِي دَارِ جَارِهِ وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْوَضْعَ عِنْدَ الْجَارِ مَعْدُودٌ مِنْ الْإِيدَاعِ. إنَّمَا بَعْدَ حُصُولِ الِاضْطِرَارِ لِلْإِيدَاعِ عِنْدَ الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى أَعْذَارٍ كَهَذِهِ إذَا لَمْ يَسْتَرِدَّهَا فِي حَالَةِ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ نَظَرًا لِبَيَانِ قَاضِي خَانْ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . وَلَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَدِيعَةَ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ. حَيْثُ إنَّ مَا ثَبَتَ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارِهَا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (22) وَلِكَوْنِ الضَّرُورَةِ تَرْتَفِعُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَرِيقِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ يَكُونُ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ ابْتِدَاءً وَبِلَا ضَرُورَةٍ وَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَقَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ خَطَرُ غَرَقِ السَّفِينَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمَوْجُودِ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى لِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ أَمِينٍ يَسْتَلِمُ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ هُنَاكَ لَا يَضْمَنُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 21) " تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". (3) " بِلَا إذْنٍ "؛ لِأَنَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ ابْتِدَاءً بَعْدَ إيدَاعِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُودِعُ صَارَ جَائِزًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَشَرْحَهَا) . وَحِينَمَا يُودِعُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ يَخْرُجُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ وَيَكُونُ الْآخَرُ مُسْتَوْدَعًا (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 1452، 1459) الْخُلَاصَةُ ". حَتَّى لَوْ اسْتَرْجَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْآخَرِ بِلَا إذْنٍ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ بِإِذْنِ الْمُودِعِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْقَوْلُ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. مَثَلًا لَوْ أَنَّهُ بَعْدَ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُودِعِ وَبَيْنَ الْمُسْتَوْدَعِ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُودِعُ: لَمْ آمُرْ بِإِعْطَائِهَا ذَلِكَ الشَّخْصَ، وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَمَرْتَ بِإِعْطَائِهَا ذَلِكَ الشَّخْصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ وَلِكَوْنِ الْمُسْتَوْدَعِ أَمِينًا فَقَبُولُ قَوْلِهِ لَازِمٌ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1774) . وَلَكِنْ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنِّي أَعْطَيْتهَا لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ بِأَمْرِك، لَا يَثْبُتُ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْكَلَامِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (78) . مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ بِأَنْ يُعْطِيَهَا إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنِّي أَعْطَيْته إيَّاهَا، فَأَنْكَرَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ وَقَالَ الْمُودِعُ أَيْضًا: لَمْ تُعْطِهِ فَالْقَوْلُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَ الْمُسْتَوْدَعِ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَلْزَمُ مَسْئُولِيَّتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَجْزِ عَنْ إثْبَاتِ أَخْذِهِ. كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: إنِّي بَعْدَ أَنْ أَمَرْتُ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْك نَهَيْته فَأَجَابَ الْمُسْتَوْدَعُ جَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنِّي بِمُوجِبِ أَمْرِك وَأَفَادَ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَنَّهُ وَصَلَ عِنْدَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْوَدِيعَةَ يَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ. (4) " قَصْدًا "؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ التَّبَعِيَّ جَائِزٌ. مَثَلًا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ حَمَّامًا وَبَعْدَ أَنْ نَزَعَ ثِيَابَهُ وَضَعَهَا مَعَ الْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَهُ أَمَامَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ ثُمَّ سُرِقَتْ فَالْأَنْسَبُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أُودِعَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ آخَرَ فَهَذَا الْإِيدَاعُ ضِمْنِيٌّ وَغَيْرُ قَصْدِيٍّ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 54) . (5) " عِنْدَ آخَرَ "؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ أَمِينِهِ. " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 780 ". بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا كَيْ يُعْطِيَهُ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْآخَرَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى رَجُلٍ حَتَّى يُعْطِيَهُ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَمِينَ الْآخَرِ الْمَرْقُومِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخَرِ الْمَذْكُورِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينَهُ يَضْمَنُ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".

وَإِذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنٍ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَلِلْمُسْتَوْدَعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهَا وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَإِذَا كَانَ هَلَاكُهَا حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ تَرَكَ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . صُورَةُ الضَّمَانِ، هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ وُقُوعِ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (703) . غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَيْدَانِ وَشَرْطَانِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: لُزُومُ الضَّمَانِ بِهَذَا التَّقْدِيرِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا يَكُونُ فِي صُورَةِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي نَاشِئٌ عَنْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْمَذْكُورَ قَبَضَ الْمَالَ مِنْ يَدِ الْأَمِينِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ تَرْكِهِ الْحِفْظَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَلَمْ يُفَارِقْهُ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَاقِيَةً فِي حِفْظِهِ أَيْضًا وَبَقِيَ رَأْيُهُ حَاضِرًا وَمَوْجُودًا. وَأَمَّا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَحَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تَرَكَ الْحِفْظَ الَّذِي الْتَزَمَهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (784) . كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ شَخْصٌ لِآخَرَ فِي الْقُدْسِ أَمْتِعَةً وَتَعَهَّدَ ذَلِكَ الْآخَرُ بِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى حَيَوَانِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى حَلَبَ وَبَعْدَ أَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْحَيَوَانِ أَعْطَاهَا لِشَخْصٍ آخَرَ فَهَلَكَتْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ يَضْمَنُهَا الْآخَرُ الْمَذْكُورُ. كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ شَخْصًا آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يُودِعَهُ عِنْدَ فُلَانٍ مِنْ النَّاسِ فَسَلَّمَ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى فُلَانٍ قَائِلًا لَهُ: إنَّ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ أَرْسَلَ لَك هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةً وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَهُ فُلَانٌ الْمَارُّ الذِّكْرِ أَعَادَهُ إلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ وَهَلَكَ بِيَدِهِ يَضْمَنُ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَئِمَّةُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَإِلَيْك الْبَيَانُ: إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنٍ كَمَا أُوضِحَ سَالِفًا وَهَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُشَارِ إلَيْهِ حَيْثُ إنَّ مُسْتَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعِ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ يَدِ أَمِينٍ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا. وَأَمَّا مُودَعُ الْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ أَيْضًا (الْبَحْرُ) . وَأَمَّا الْإِمَامَانِ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَجَعَلُوا الْمُودِعَ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَتَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَفِي مَذْهَبِهِمْ فِي صُورَةِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَكُونُ لِهَذَا الْأَخِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى الْإِيضَاحَاتِ الْمَسْرُودَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . وَأَمَّا فِي تَقْدِيرِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ أَصْبَحَ مَالِكًا الْوَدِيعَةَ بِضَمَانِهِ فَيَكُونُ أَوْدَعَ مَالَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) . مَا لَمْ يَكُنْ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي بِتَعَدٍّ أَوْ بِتَقْصِيرٍ.

وَنَظَرًا لِقَوْلِهِ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ فِي الْمَجَلَّةِ (يُضَمِّنُ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ) وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِإِمْكَانِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي أَيْضًا وَلِأَنَّهُ فِي حَالَةِ حَمْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ يَكُونُ ذَكَرَ قِسْمًا مِنْهَا وَأَهْمَلَ الْقِسْمَ الْآخَرَ وَمَعَ كَوْنِ الْمَادَّةِ (783) هِيَ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُ (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ) هُنَاكَ مَبْنِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَهُ. الْقَيْدُ الثَّانِي - لُزُومُ الضَّمَانِ بَعْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَأَمَّا إذَا اسْتَرَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهَا بِلَا إذْنٍ ثُمَّ هَلَكَتْ وَهِيَ بِيَدِهِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . فَإِذَا ادَّعَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْمُودِعُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَطَلَبَ الضَّمَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ هَلَاكَهَا بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا الْمُسْتَوْدَعُ الثَّانِي لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُقِرٌّ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَيْ الْإِيدَاعَ عِنْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَادِّعَاؤُهُ الْبَرَاءَةَ لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 787 و 789. وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأُعِيدَتْ إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُودِعُ بِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِيَدِ الْغَاصِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ يَبْقَى أَمِينًا كَمَا كَانَ. فَالِاخْتِلَافُ السَّالِفُ الذِّكْرُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ هُوَ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ - وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. مَا لَمْ يَكُنْ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ إذَا أَعَادَ مُودَعُ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةَ إلَى مُودِعِهِ يَبْرَأُ. كَمَا كَانَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ بَرِيئًا بِرَدِّهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (911) . وَقَدْ ذَكَرَ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرِ وَالْبَحْرِ أَنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ نَظَرًا لِنَقْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَبَيَانِ الْبَاقَانِيِّ وَالْبُرْجَنْدِيِّ رُجُوعُ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْغَاصِبِ يَكُونُ فِي صُورَةِ عَدَمِ عِلْمِ الْمُسْتَوْدَعِ بِكَوْنِ الْمُودِعِ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ (777) . وَإِذَا هَلَكَتْ بِتَعَدِّي وَتَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَوْدَعُ. فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي - وَلَيْسَ لِهَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ. كَمَا لَمْ يَكُنْ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى

(المادة 791) أودع المستودع الوديعة عند آخر وأجاز المودع ذلك

الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ بِضَمَانِهِ صَارَ مَالِكًا الْوَدِيعَةَ اسْتِنَادًا عَلَى الزَّمَانِ الَّذِي سَلَّمَهَا فِيهِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. [ (الْمَادَّةُ 791) أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ وَأَجَازَ الْمُودِعُ ذَلِكَ] (الْمَادَّةُ 791) - (إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ وَأَجَازَ الْمُودِعُ ذَلِكَ خَرَجَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَصَارَ الشَّخْصُ الْآخَرُ مُسْتَوْدَعًا) . إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ وَأَجَازَ الْمُودِعُ ذَلِكَ أَخِيرًا الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَخْرُجُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ مِنْ الْعُهْدَةِ وَيَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ الثَّانِي يَعْنِي ذَلِكَ الشَّخْصَ مُسْتَوْدَعًا. يَعْنِي تَكُونُ كَأَنَّهَا أُودِعَتْ مِنْ طَرَفِ الْمُودِعِ رَأْسًا عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ خَارِجًا مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ. وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ الَّذِي وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ كَوْنِ الْإِجَازَةِ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ كَمَا تَلْحَقُ الْأَقْوَالَ هِيَ قَاعِدَةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ جُزْءٌ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهَا، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) . وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي ثُمَّ أَجَازَ الْمُودِعُ هَذَا الْإِيدَاعَ فَهَلْ هَذِهِ الْإِجَازَةُ وَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَيْهَا وَنَظِيرُهَا مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (793) . وَكَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ بِإِذْنِ الْمُودِعِ ابْتِدَاءَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. [ (الْمَادَّةُ 792) لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَيُؤَجِّرَهَا وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا] (الْمَادَّةُ 792) - (كَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا وَأَمَّا إذَا آجَرَهَا أَوْ أَعَارَهَا أَوْ رَهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا لِآخَرَ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا) . وَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَيُعِيرَهَا وَيَرْهَنَهَا وَيَبِيعَهَا وَيَهَبَهَا وَيُسَلِّمَهَا وَأَنْ يَأْخُذَهَا لِأَجْلِ دَيْنِ نَفْسِهِ وَأَنْ يَتَقَاضَى بِهَا وَيُجْرِيَ حِسَابَهَا وَتَفْصِيلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - الِاسْتِعْمَالُ: وَإِذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا يَكُونُ هَذَا الِاسْتِعْمَالُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (765) . 2 - إذَا أَجَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِيجَارُ لِأَجْلِ الْمُودِعِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إعَارَةً أَيْ يَكُونُ الْمُودِعُ أَعَارَهَا الْمُسْتَوْدَعَ وَالْمُسْتَوْدَعُ أَجَرَ الْوَدِيعَةَ لِلْآخَرِ وَانْتَفَعَ بِهَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (765) . 3 - الْإِعَارَةُ: إذَا أَعَارَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ وَبِاسْمِهِ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ وَكِيلًا يَعْنِي رَسُولًا

بِالْإِعَارَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1460) وَإِذَا أَعَارَهَا بِاسْمِ الْمُودِعِ وَبِاسْمِ نَفْسِهِ يَجُوزُ هَذَا أَيْضًا. 4 - الرَّهْنُ: إذَا رَهَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ صَاحِبِهَا لِأَجْلِ دَيْنِ نَفْسِهِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ رَهْنِ الْمُسْتَعَارِ وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ فِي الْمَادَّةِ (726) وَالْمَوَادِّ اللَّاحِقَةِ لَهَا. وَأَمَّا إذَا رَهَنَهَا لِأَجْلِ الْمُودِعِ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الْمُودِعِ يَعْنِي رَسُولًا بِالرَّهْنِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1460) . 5 - الْبَيْعُ: إذَا بَاعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ يَكُونُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ مِنْ طَرَفِ الْمُودِعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1452) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا جَعَلَ الْمُسْتَوْدَعُ عَقْدَ الْبَيْعِ مُضَافًا لِلْمُودِعِ تَكُونُ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً لِلْمُودِعِ وَإِذَا أَضَافَهَا لِنَفْسِهِ تَكُونُ عَائِدَةً إلَى الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1461) . 6 - الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ: لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَهَبَ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمَهَا لِآخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1470) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1459) . 7 - التَّقَاصُّ وَإِجْرَاءُ الْمَحْسُوبِ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ دَيْنٌ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَأَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ عُثْمَانِيَّةٍ وَدِيعَةً فَلِلرَّجُلِ أَنْ يُجْرِيَ تَقَاصَّ وَحِسَابَ الذَّهَبَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ بِإِذْنِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَرِضَاهُ. وَإِذَا كَانَتْ الذَّهَبَاتُ الْمُودَعَةُ مَوْجُودَةً بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ حِينَ التَّرَاضِي يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدُونِ احْتِيَاجٍ إلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْمُودَعَةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ حِينَ التَّرَاضِي وَكَانَتْ فِي دَارِهِ لَا يَقَعُ التَّقَاصُّ قَبْلَ أَنْ يُحَدِّدَ الرَّجُلُ الْمَرْقُومُ الْقَبْضَ اُنْظُرْ الْفَائِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (262) وَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا أَوْ يُعِيرَهَا أَوْ يَرْهَنَهَا أَوْ يَبِيعَهَا وَيُسَلِّمَهَا أَوْ يَهَبَهَا وَيُسَلِّمَهَا لِآخَرَ وَلَا أَنْ يُجْرِيَ تَقَاصَّهَا وَحِسَابَهَا بِمَطْلُوبِهِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَإِذَا أَجْرَى وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ فِي الْفِقْرَاتِ الْآتِيَةِ. تَفْصِيلُ الْأَسْبَابِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ الْمَذْكُورَ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (96) مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْوَدِيعَةَ بِالذَّاتِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَسْتَعْمِلُهَا أَيْضًا. وَإِنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ الْمَادَّةِ (787) . اسْتِثْنَائِيَّةٌ: اُسْتُثْنِيَتْ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ مَسْأَلَةِ عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنٍ. مَثَلًا إذَا أُودِعَ عِنْدَ شَخْصٌ كُتُبُ عِلْمٍ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَنْظُرَ فِي تِلْكَ الْكُتُبِ وَأَنْ يُطَالِعَهَا. إنْ كَانَ النَّظَرُ وَتَقْلِيبُ أَوْرَاقِهَا غَيْرَ مُضِرٍّ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ. وَهَذَا النَّظَرُ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِظْلَالِ بِجِدَارِ الْغَيْرِ وَالِاسْتِضَاءَةِ بِنَارِهِ. وَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ الشَّرِيفِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ. فَإِذَا هَلَكَ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ وِلَايَةً وَاقْتِدَارًا عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَذَا الْوَجْهِ وَالْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ

الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِآخَرَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَالْإِيدَاعَ عَقْدٌ لَازِمٌ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ مَالِكًا الْإِجَارَةَ فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ لُزُومُ مَا لَا يَلْزَمُ أَيْ أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ لُزُومَ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ أَوْ عَدَمَ لُزُومٍ يَعْنِي أَنْ تَصِيرَ الْإِجَارَةُ غَيْرَ لَازِمَةٍ مَعَ أَنَّهَا لَازِمَةٌ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ لِأَجْلِ مَنَافِعِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِأَجْلِ الْمُودِعِ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . 3 - وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَالِكٍ لِمَنَافِع الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ إنَّ الْإِعَارَةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ فَلَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَمْلِكَ شَخْصٌ شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ. 4 - وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهَا عِنْدَ آخَرَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ حُكْمًا وَلَيْسَ لِشَخْصٍ أَنْ يَفِيَ دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ بِلَا أَمْرِ صَاحِبِهِ. وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْهَنَ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ لِأَجْلِ دَيْنِ نَفْسِهِ أَوْ دَيْنِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهَا لِأَجْلِ دَيْنِ الْمُودِعِ أَيْضًا بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ لَازِمٌ وَالْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا. 5 - الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَبِيعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ بِلَا إذْنٍ وَيُسَلِّمَهَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (96) . فَإِنْ فَعَلَ كَانَ بَيْعًا فُضُولِيًّا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (368) . 6 - الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَهَبَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَيُسَلِّمَهَا بِلَا إذْنٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (857) كَوْنُ الْوَاهِبِ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَوْهُوبِ شَرْطٌ. 7 - التَّقَاصُّ وَالْحِسَابُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ عِنْدَ الْمُودَعِ وَيَجْرِي تَقَاصُّهَا وَحِسَابُهَا وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ آخَرَ دَيْنٌ خَمْسُونَ ذَهَبًا وَأَوْدَعَ الشَّخْصُ الْآخَرُ عِنْدَهُ خَمْسِينَ ذَهَبًا فَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَرَاضٍ. فَإِذَا اسْتَعْمَلَهَا بِلَا إذْنٍ أَوْ آجَرَهَا أَوْ أَعَارَهَا أَوْ رَهَنَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَثْنَاءَ الِاسْتِعْمَالِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . تَفْصِيلُ الضَّمَانِ: 1 - الِاسْتِعْمَالُ: إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَثْنَاءَ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَوْدَعِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فَقَطْ. وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ هُنَا وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهَا ذُكِرَتْ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (787) فَذُكِرَتْ شَرْحًا لِأَجْلِ حُسْنِ الْمُقَابَلَةِ. 2 - الْإِيجَارُ: إذَا أَجَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا فَعِنْدَ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَالْمُودِعُ

(المادة 793) أقرض المستودع دراهم الأمانة بلا إذن إلى آخر

مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَالْغَاصِبِ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. إنْ كَانَ هَلَاكُهَا بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ حَصَلَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 600 و 601 و 831 وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ أَنَّهُ بِحُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ. وَلِأَجْلِ مَسْأَلَةِ رُجُوعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرُهُ فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمَادَّةِ (658) . 3 - الْإِعَارَةُ: إذَا أَعَارَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ وَهَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. إذَا كَانَ هَلَاكُهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَالِكٌ لِلْمُسْتَعَارِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ وَالْمُسْتَعَارُ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ، حُكْمُ الْمَادَّةِ (813) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَيْسَ لِهَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . 4 - الرَّهْنُ: إذَا رَهَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يُجِزْ الْمُودِعُ الرَّهْنَ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً فَكَمَا لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا عَيْنًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الْمُودِعُ مُخَيَّرًا إذَا هَلَكَتْ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ وَلَيْسَ لِهَذَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتَهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ بَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِتَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا ذُكِرَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُرْتَهِنِ. وَإِذَا ضَمَّنَهَا لِلْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (701) . 5 - الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ: إذَا بَاعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ لِآخَرَ وَهَلَكَتْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . 6 - الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ: إذَا وَهَبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنٍ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا فَهَلَكَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) . 7 - التَّقَاصُّ وَالْحِسَابُ: إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِأَجْلِ تَقَاصِّهَا بِدَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُودِعُ يَسْتَرِدُّهَا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً بِيَدِهِ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اسْتَهْلَكَهَا وَكَانَ الْمُسْتَهْلَكُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ يَجْرِي التَّقَاصُّ مَعَ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِلتَّضْمِينِ. [ (الْمَادَّةُ 793) أَقْرَضَ الْمُسْتَوْدَعُ دَرَاهِمَ الْأَمَانَةِ بِلَا إذْنٍ إلَى آخَرَ] (الْمَادَّةُ 793) إذَا أَقْرَضَ الْمُسْتَوْدَعُ دَرَاهِمَ الْأَمَانَةِ بِلَا إذْنٍ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهَا وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَدَّى بِالدَّرَاهِمِ الْمَوْدُوعَةِ عِنْدَهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى صَاحِبِهَا لِآخَرَ وَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا يَضْمَنُ. إذَا أَقْرَضَ الْمُسْتَوْدَعُ مَبْلَغَ الْأَمَانَةِ أَوْ مَالَ أَمَانَةٍ أُخْرَى مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ بِلَا إذْنٍ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ فَإِنْ أَجَازَ صَاحِبُهَا يَعْنِي إنْ أَجَازَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ عَيْنًا بِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَتَكُونُ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً وَإِلَّا فَيَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ. وَعَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ مَالِكًا ذَلِكَ الْقَرْضَ بِسَبَبِ

مِلْكِهِ يَعْنِي بِسَبَبِ ضَمَانِهِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) - دَرَاهِمُ الْأَمَانَةِ. هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَالْحُكْمُ فِي عُمُومِ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي يَجُوزُ إقْرَاضُهَا عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. وَكَذَلِكَ فِي الْمَكِيلَاتِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ الْأَمَانَةُ وَفِي الْمَوْزُونَاتِ كَالدَّقِيقِ وَالتِّبْنِ، وَفِي الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ. (2) - وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَهَا صَاحِبُهَا كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا. وَكَانَ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ الْقَرْضِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ عَائِدًا إلَى الْمُودِعِ. وَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِأَمْرِ الْمُودِعِ ابْتِدَاءً رَاجِعْ مَادَّتَيْ (1459 وَ 1460) . غَيْرَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُودِعُ هَذَا الْإِقْرَاضَ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَقْرِضُ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَيُضَمِّنُهَا الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. (3) - يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ لِأَجْلِ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّ لِلْمُودِعِ أَنْ يَضْمَنَ الِاحْتِرَازَ مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْقَابِضِ أَيْضًا وَيَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1635) . كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ فَلِلْمُودِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا عَيْنًا. وَلَكِنْ هَلْ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْقَابِضِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1635) كَذَلِكَ إذَا أَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ بِالدَّرَاهِمِ الْمَوْجُودَةِ أَمَانَةً عِنْدَهُ دَيْنَ صَاحِبِهَا أَيْ دَيْنَ الْمُودِعِ الَّذِي لِآخَرَ وَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا فَصَاحِبُهَا يَكُونُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَجَازَ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يُضَمِّنُ وَدِيعَتَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَتُصْبِحُ الدَّرَاهِمُ الَّتِي أُعْطِيت إلَى الدَّائِنِ مَالَهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُودِعِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الدَّائِنَ أَيْضًا وَيَسْتَرِدَّ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُتَبَرِّعٌ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي) . رَاجَعَ الْمَادَّةُ (787) . وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: عِبَارَةُ (إذَا أَدَّى) تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَدَّى الدَّرَاهِمَ لِلدَّائِنِ قَصْدًا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مَطْلُوبُ الدَّائِنِ مِنْ جِنْسِ الْوَدِيعَةِ فَلِلدَّائِنِ الْمَرْقُومِ عِنْدَ ظَفَرِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ مِقْدَارًا كَافِيًا لِمَطْلُوبِهِ. وَإِنْ كَانَ إعْطَاءُ الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرَ جَائِزٍ. وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُشَارُ بِعِبَارَةِ (لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا) إلَى أَنَّ الْمُودِعَ الَّذِي هُوَ صَاحِبُهَا مَوْجُودٌ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا مُتَوَفَّى فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ إلَى دَائِنِ الْمُتَوَفَّى إنْ كَانَ الدَّائِنُ الْمَذْكُورُ مَعْرُوفًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَتَى بِفِعْلٍ كَانَ عَلَى وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى أَنْ يَفْعَلَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ أَدَبِ الْقَاضِي) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (892) . لِأَنَّهُ قَضَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لِلِابْنِ مِيرَاثٌ حَتَّى يَقْضِيَ الدَّيْنَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 794) طلب صاحب الوديعة وديعته

كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّةِ شَخْصٍ مَطْلُوبٍ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَلِشَخْصٍ آخَرَ دَيْنٌ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَأَعْطَى لِذَلِكَ الشَّخْصِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ بِقَوْلِهِ: إنِّي أُعْطِي هَذِهِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ لِأَجْلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّتِي وَبِقَصْدِ إيفَائِهِ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى إلَى وَرَثَتِهِ (مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْبُورِ) . [ (الْمَادَّةُ 794) طَلَب صَاحِب الْوَدِيعَة وَدِيعَتَهُ] (الْمَادَّةُ 794) إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا لَزِمَ رَدُّهَا وَتَسْلِيمُهَا لَهُ. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ يَعْنِي كُلْفَتَهُ تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إعْطَاؤُهَا لِعُذْرٍ كَوُجُودِهَا فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ الطَّلَبِ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ لَزِمَ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ لِرَسُولِهِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَتَهُ هُوَ بِمَعْنَى فَسْخِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَحَقُّ الْمُودَعِ لَهُ ثَابِتٌ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - (طَلَبَ) . يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ طَلَبِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَطَلَبَهَا بِذَاتِهِ أَمْ أَرْسَلَ وَكِيلًا أَمْ رَسُولًا وَطَلَبَهَا بِوَاسِطَةِ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ الْمَرْقُومِ يَلْزَمُ رَدُّهَا. كَمَا سَيُفَصَّلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - (لَهُ) هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ جَائِزٌ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ بَانَ يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِفُلَانٍ يَلْزَمُ إعْطَاؤُهَا لَهُ. وَإِذَا أَعْطَاهَا لِفُلَانٍ يَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ وَحِينَمَا يُرِيدُ صَاحِبُهَا اسْتِرْدَادَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ الْمَذْكُورِ. الرَّدُّ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ أَوْ مَنْزِلِهِ: فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَعَدَمِهِ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ وَمَنْزِلِهِ كَزَوْجَةِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَوَلَدِهِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ قَوْلَانِ: فَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ رَدُّهَا وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَرَدِّ مِلْكِ الْمَالِكِ إلَى عِيَالِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا الرَّدُّ إيدَاعًا. وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ وَأَعَادَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ لَا يَبْرَأُ. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْ بِيَدِ أَحَدِ مَنْ هُمْ فِي عِيَالِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ (لَهُ) لَا يَكُونُ احْتِرَازًا مِنْ عِيَالِهِ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا تُرَدُّ إلَى عِيَالِهِ أَوْ إلَى مَنْزِلِهِ. فَإِذَا رُدَّتْ وَهَلَكَتْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمَجَلَّةُ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.

صُورَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ: يَحْصُلُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا بِتَخْلِيَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ يَعْنِي بِإِفْرَاغِهِ إيَّاهَا بِحَالٍ يُمْكِنُ قَبْضُهَا وَالْإِذْنُ لَهُ بِقَبْضِهَا. كَوْنُهَا أَمَامَهُ وَقَوْلُهُ: اقْبِضْ. 3 - (الرَّدُّ) يُشَارُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ حَمْلَ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ يَعْنِي نَقْلَهَا إلَى دَارِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْقُلْهَا الْمُسْتَوْدَعُ يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ عَنْ نَقْلِهَا وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ سِوَى التَّخْلِيَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - (فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا) هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ آتِيًا. 5 - وَرَدَ فِي الشَّرْحِ (بِعَيْنِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَوْجُودَةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ كَاسِدَةً يَلْزَمُ رَدُّهَا عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الدَّرَاهِمُ كَاسِدَةٌ لَا آخُذُهَا وَأُرِيدُ بَدَلَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدِيَّةً مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا وَكَانَتْ رَائِجَةً ثُمَّ مُنِعَ تَدَاوُلُهَا بِغِيَابِ الْمُودِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ التَّضْمِينَ بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْدِلْهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عَيْنًا، وَقَالَ: إنِّي أُعْطِي مِثْلَهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَائِهَا عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً. مَثَلًا إذَا أَمْسَكَ الْمُسْتَوْدَعُ دَنَانِيرَ الْوَدِيعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ أَمْثَالَهَا لِلْمُودِعِ فَلِلْمُودِعِ حَقٌّ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا وَأَنْ يَطْلُبَ عَيْنَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (243) النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فِي الْأَمَانَاتِ. طَلَبُ الْمُودِعِ وَإِنْكَارُ الْمُسْتَوْدَعِ: إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ أَوْدَعَ عِنْدَهُ مَالًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 78) . فَإِذَا نَكِلَ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ الْيَمِينِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ لَزِمَ الضَّمَانُ أَيْضًا " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 901 ". إذَا اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ وَمِقْدَارِهَا وَوَضْعِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ. " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 78 ". مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ صُنْدُوقًا مَقْفُولًا ثُمَّ لَمَّا قَبَضَهُ ادَّعَى بِأَنَّ كَذَا أَشْيَاءَ نَاقِصَةً فِي الصُّنْدُوقِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَعْلَمُ وُجُودَ أَشْيَاءَ كَهَذِهِ فِي الصُّنْدُوقِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَا الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُودِعِ أَنْ يَدَّعِيَ إيدَاعَهُ لِلْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ لِاسْتِهْلَاكِ الشَّخْصِ الْآخَرِ وَتَضْيِيعِهِ إيَّاهَا. كَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ دَرَاهِمَ فِي كِيسٍ بِلَا تَعْدَادٍ وَادَّعَى أَخِيرًا بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ بِزِيَادَةِ كَذَا لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ. مَا لَمْ يَدَّعِ لِقَوْلِهِ: إنَّهَا كَانَتْ زَائِدَةً مِقْدَارَ كَذَا وَأَنْتَ أَضَعْت الزِّيَادَةَ أَوْ حَصَلَتْ مِنْك خِيَانَةٌ بِوَجْهِ كَذَا، وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ يَحْلِفُ الْمُسْتَوْدَعُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ " 1589 ". ادِّعَاءُ الْمُسْتَوْدَعِ بِأَنَّهُ رَدَّهَا أَوْ أَنَّهَا هَلَكَتْ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ أَوْ أَنَّهَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. " رَاجِعْ

الْمَادَّةَ 1774 " وَإِذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ لَا تَحْلِفُ وَرَثَتُهُ. وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمِهَا يَعْنِي كُلْفَتُهُ وَمَصْرِفُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 797، لِأَنَّهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنْ يَعُودَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَالِ عَلَى مَنْ يَكُونُ قَبَضَهُ لِأَجْلِ مَنْفَعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (88) الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَحَيْثُ إنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ هُوَ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْمُودِعِ فَكَمَا أَنَّ مُؤْنَةَ رَدِّهَا بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ فَمُؤْنَةُ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُسْتَعَارِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (830) . وَكَمَا أَنَّ الْمَوَادَّ (594 و 595 و 8340) مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَعَائِدَةُ مُؤْنَةِ رَدِّ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (723) . وَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُودِعُ: أَحْضِرْ لِي الْوَدِيعَةَ الْيَوْمَ فَلَوْ قَالَ: نَعَمْ أُحْضِرُهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهَلَكَتْ فِي غَدِ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ هُوَ التَّخْلِيَةُ وَلَيْسَ النَّقْلُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ فَجَوَابُهُ بِقَوْلِ: نَعَمْ تَبَرُّعٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ. وَإِذَا طَلَبَ الْمُودِعُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِعْطَاءِ بَعْدَ الطَّلَبِ تَعَدٍّ (الْبَحْرُ) ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَعْنِي بِصُورَةِ عَدَمِ إعْطَائِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَرُدَّ الْوَدِيعَةَ سَالِمَةً إلَى صَاحِبِهَا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 787 ". وَالْحَاصِلُ طَلَبُ الْوَدِيعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ. 1 - طَلَبُ الْمُودِعُ بِالذَّاتِ: وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرُدَّهَا. فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا. وَلِذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَبِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ " لَيْسَ لِي اقْتِدَارٌ أَنْ أُحْضِرُهَا الْآنَ " فَتَرَكَ وَذَهَبَ فَإِنْ كَانَ ذَهَبَ بِرِضَاهُ يَكُونُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ إنْشَاءً مُجَدَّدًا فَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَأَمَّا إذَا ذَهَبَ بِدُونِ رِضَاهُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا وَإِنَّمَا إذَا كَانَ طَالِبُ الْوَدِيعَةِ وَكِيلَ الْمُودِعِ فَلِعَدَمِ مَأْذُونِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بِإِنْشَاءِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِأَيِّ حَالٍ الْبَحْرُ. كَمَا لَوْ كَانَتْ الْفَرَسُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ شَخْصَيْنِ بِيَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَطَلَبَهَا الْآخَرُ كَيْ يَنْتَفِعَ بِهَا فِي نَوْبَتِهِ فَلَمْ يُعْطِهَا مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ حِصَّتَهُ. 2 - طَلَبُ وَكِيلِ الْمُودِعِ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَدُّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ. مَثَلًا لَوْ بَعْدَ أَنْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِخَادِمِي، فَطَلَبَهَا الْخَادِمُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُعْطِهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ. وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِهَا فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَةٌ

بِالْبَيِّنَةِ وَثَبَتَ بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا فَهُوَ بِالْأَوْلَى غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى رَدِّهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَالَةَ الشَّخْصِ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا وَكِيلٌ أَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَذَّبَهَا فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ لَا يَضْمَنُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَالْحَاصِلُ - إذَا جَاءَ شَخْصٌ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ وَصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى وَكَالَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ رَدُّ الْمُحْتَارِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى الدَّفْعِ إذَا كَذَّبَ الْوَكَالَةَ أَوْ سَكَتَ. وَلَكِنْ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ قَائِلًا: إنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْمَدِينُ أَيْضًا عَلَى الْوَكَالَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ يَعْنِي بِجَبْرِ الْمَدِينِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَدِينِ فِي الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إقْرَارٌ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَيْسَ صَحِيحًا. وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ لَا يَصِيرُ خَصْمًا وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِ إلَّا أَنْ تَقَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ الْمَطْلُوب عَلَى الْعِلْمِ بِوَكَالَتِهِ إذْ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَمْ تَصِحَّ إذْ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ فَلَمْ يَصِرْ خَصْمًا إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالُ يُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَكِيلَ قَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ عِنْدَهُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ أُرْسِلُهُ مِنْ وُكَلَائِي الثَّلَاثَةِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهَا لِلْوَكِيلِ الْآخَرِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى طَلَبَ الْمُودِعُ أَوْ وَكِيلُهُ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَكُونُ لَهُ رِضًا بِإِمْسَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الطَّلَبُ الْمَذْكُورُ فَسْخًا لِعَقْدِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. 3 - طَلَبُ رَسُولِ الْمُودِعِ إذَا أَثْبَتَ رِسَالَةَ الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَزِمَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَدُّهَا لَهُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الرَّسُولِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهِ إيَّاهَا بِذَاتِهِ وَتَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ يَضْمَنُ. وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ مَنْ قَالَ: أَنَا رَسُولٌ أَوْ أَنْكَرَ رِسَالَةً وَلَمْ يَتَمَكَّنْ هُوَ أَيْضًا مِنْ إثْبَاتِ رِسَالَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ. كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ يُخْبِرُك بِكَذَا عَلَامَةً، وَجَاءَ شَخْصٌ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَهُ بِالْعَلَامَةِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُخْبِرَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ شَخْصٌ غَيْرُ الرَّسُولِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَنَّ الْعَلَامَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ عَلَامَةُ الْمُودِعِ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ ". قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطَيْتُهَا لِلرَّسُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ " جَاءَ رَسُولُك وَأَعْطَيْتُهُ الْوَدِيعَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ أَنَّهُ رَسُولٌ فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ فَبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُودِعُ أَنَّهُ لَيْسَ رَسُولًا فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الرِّسَالَةُ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ. وَاذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ الرَّسُولِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ يَعْنِي يُضَمِّنُهُ لِلرَّسُولِ الْمَرْقُومِ وَالتَّضْمِينُ يَكُونُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ رَغْمَ تَكْذِيبِهِ رِسَالَتَهُ يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا مَعَ

بَيَانِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولٍ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ دُونَ أَنْ يُصَدِّقَهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا عَلَى الرَّسُولِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي مَعَ بَيَانِهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ فَإِذَا شَرَطَ تَضْمِينَهُ وَالرُّجُوعَ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ إنْكَارِ الْمُودِعِ وَتَضْمِينِهِ الْوَدِيعَةَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِيضَاحٌ) . وَلَكِنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ إذَا عَجَزَ حِسًّا أَوْ مَعْنًى. بَيَانُ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ هُوَ كَوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ طَلَبِهَا. وَبَيَانُ الْعَجْزِ الْمَعْنَوِيِّ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ فِتْنَةٍ وَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَدْفُونَةً مَعَ مَالِهِ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِعَجْزِهِ بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ الْمُودِعُ ظَالِمًا فِي طَلَبِهِ وَدِيعَتَهُ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهَا. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَيْفًا وَكَانَ قَصْدُ الْمُودِعِ أَخْذَهُ وَضَرْبَ أَحَدٍ بِهِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهِ إيَّاهُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ الْمُودِعَ عَدَلَ عَنْ فِكْرَةِ الضَّرْبِ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمُودِعُ وَقَامَ الرَّيْبُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لِلِانْتِقَامِ أَوْ فِي الْمَسَائِلِ الْمُبَاحَةِ. فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا حَرَّرَتْ امْرَأَةٌ سَنَدًا يَحْتَوِي عَلَى إقْرَارِهَا بِأَخْذِ مَطْلُوبِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا وَأَوْدَعَتْ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ أَثْنَاءَ مَرَضِهَا عِنْدَ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ثُمَّ أَبْلَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ السَّنَدَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَةِ السَّنَدِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ إلَى الزَّوْجَةِ الْمُودِعَةِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ زَوْجِهَا. تَنَاقُضُ الْمُسْتَوْدَعِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ: مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أُعْطِيكَهَا غَدًا أَوْ خُذْهَا غَدًا. فَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَيَسْأَلُ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِيهِ. فَأَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أُعْطِيكَهَا غَدًا لَا يَضْمَنُ إذْ لَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: خُذْهَا غَدًا، إقْرَارٌ بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ أَخِيرًا ضَاعَتْ تَنَاقُضٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُودِعِ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ إنْكَارِهِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَعَادَهَا يُقْبَلُ مِنْهُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّهَا قَبْلَ الْإِنْكَارِ مُؤَوِّلًا إنْكَارَهُ بِقَوْلِهِ: أَخْطَأْت فِي إنْكَارِي أَوْ نَسِيت، يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَأَجَابَهُ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّك لَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ كُنْتَ

(المادة 795) يرد المستودع الوديعة ويسلمها بالذات أو مع أمينه

أَوْدَعْتهَا عِنْدِي وَلَكِنْ رَدَدْتهَا لَك، أَوْ ادَّعَى بِأَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى بِرَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَلَفِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَيْسَ لَك عِنْدِي شَيْءٌ، يُقْبَلُ. إذْ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُوجَدُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ فَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ ضَيَاعَ الْوَدِيعَةِ وَأَثْبَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهَا الْمُودِعُ بِالْبَيِّنَةِ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا عَلَى هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ وَالْهَلَاكُ مُطْلَقٌ إذْ إنَّهُ يُحْتَمَلُ الْهَلَاكُ قَبْلَ الْجُحُودِ وَلَا ضَمَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بَعْدَ الْجُحُودِ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَضْمُونِ يُوجِبُ تَقَرُّرَ الضَّمَانِ وَلَا يَقْتَضِي سُقُوطَهُ. فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ شَكٌّ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا يَزُولُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ (قطلوبغا فِي الْوَدِيعَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 795) يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ] (الْمَادَّةُ 795) : يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ فَإِذَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ رَدِّهَا مَعَ أَمِينِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. يَرُدُّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَيُسَلِّمُهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ الْمُقْتَدِرِ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ مَعَ أَمِينِهِ جَائِزٌ كَمَا أَنَّ حِفْظَهَا عِنْدَهُ جَائِزٌ أَيْضًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (780) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - (مُقْتَدِرٌ عَلَى الْحِفْظِ) : لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُقْتَدِرِ عَلَى حِفْظِهَا وَتَلِفَتْ بِيَدِ ذَلِكَ الصَّغِيرِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. 2 - أَمِينِهِ: يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظَةِ " أَمِينِهِ " بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ وُجُودَ الْأَمِينِ الْمَرْقُومِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (780) . فَمَتَى رَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَخْلُصُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ مَتَى إذَا ضُبِطَتْ الْوَدِيعَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ مَسْئُولًا وَلَا ضَامِنًا تِجَاهَ الْمُودِعِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِلرَّسُولِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ وَبَعْدَ أَنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الرَّسُولِ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فَالْمُسْتَحِقُّ الْمَرْقُومُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُودِعِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلرَّسُولِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 910) . وَسَبَبُ قَوْلِهِ: أَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ يَضْمَنُ. وَإِذَا ادَّعَى عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِقَوْلِ: إنِّي أَرْسَلْتُ الْوَدِيعَةَ مَعَ فُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ وَوَصَلَتْ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِالْوُصُولِ فِيهَا وَإِذَا أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودِعِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُسْتَوْدَعُ وُصُولَهَا (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 789) . صُورَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ: رَدُّ الْمُسْتَوْدَعِ عِبَارَةٌ عَنْ تَخْلِيَةِ الْوَدِيعَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى نَقْلِهَا إلَى بَيْتِ الْمُودِعِ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. 3 - (إلَى الْمُودِعِ) : لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى مَنْ يَجِبُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ أَيْ هَلْ يَجِبُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ أَوْ يَجُوزُ رَدُّهَا إلَيْهِ وَإِلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ؟ وَبِنَاءً عَلَيْهِ بَادَرْنَا إلَى إيضَاحِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ:

(المادة 796) طلب أحد الشريكين بعد أن أودعا مالا مشتركا عند شخص حصته في غياب الآخر

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمُسْتَعَارِ أَيْ عَلَى الْمَادَّةِ (829) فَيَلْزَمُ رَدُّهَا إلَى الْمُودِعِ بِالذَّاتِ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا الرَّأْي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْزِلِ الْمُودِعِ أَوْ عِيَالِهِ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ رِضًا فِي الرَّدِّ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رِضًا فِي الرَّدِّ إلَى هَؤُلَاءِ لَمَا كَانَ أَوْدَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِ (وَبِهِ يُفْتَى) وَقِيلَ: هَذَا الْقَوْلُ فِي الْكِتَابِ الْمُسَمَّى (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) أَيْضًا. وَظَاهِرُ الْمَادَّةِ 794 يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ رَجَّحَتْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ وَالْمَالِكِ يَعْنِي إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَيْضًا وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ أَيْضًا هَذَا الْقَوْلَ نَظَرًا لِنَقْلِ الْبَحْرِ بِعِبَارَةِ (وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) . وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مَعَ أَمِينِهِ إلَى صَاحِبِهَا فَتَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى صَاحِبِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْأَمِينِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَدُّ الْمُسْتَوْدَعِ بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِهِ وَإِنْكَارُ الْمُودَعِ. إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: رَدَدْتُ الْوَدِيعَةَ لَك بِالذَّاتِ أَوْ مَعَ أَمِينِي فُلَانٌ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ وَبَيْنَمَا أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ أَبَدًا عَلَى النَّفْيِ فَالْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَرِدُ عَلَى الْإِثْبَاتِ إذْ إنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمُسْتَوْدَعُ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يَبْرَأُ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ قَبْلَ حَلِفِ الْيَمِينِ وَبَعْدَ ادِّعَائِهِ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُودِعِ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 801) وَشَرْحَهَا. كَمَا لَوْ تُوُفِّيَ الْمُودِعُ وَطَلَبَ وَارِثُهُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى الْمُودِعِ أَوْ إلَى وَصِيِّهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. [ (الْمَادَّةُ 796) طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَا مَالًا مُشْتَرَكًا عِنْدَ شَخْصٍ حِصَّتَهُ فِي غِيَابِ الْآخَرِ] (الْمَادَّةُ 796) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَا مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ شَخْصٍ) حِصَّتَهُ فِي غِيَابِ الْآخَرِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ حِصَّتَهُ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. إذَا أَوْدَعَ شَخْصَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالَهُمْ الْمُشْتَرَكَ عِنْدَ شَخْصٍ وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَعْطَاهُ الْمُسْتَوْدَعُ حِصَّتَهُ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْغِيَابِ هُنَا الْفِقْدَانُ. وَهَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامَيْنِ وَالْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلْته. وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْحُكْمِ الْمُنْدَرِجِ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَالِكِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالْإِعْطَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ تَعَدِّيًا عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ.

وَدَلِيلُ الْإِمَامَيْنِ هُوَ بِمَا أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ طَلَبَ حِصَّتَهُ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَهَذَا مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَائِهِ إيَّاهَا كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَشَارِكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ وَبِدُونِ إذْنِهِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1147) . يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا لِلْمُشَارِكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ حَالَ غِيَابِهِ فَلَهُ حَقٌّ أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْضًا إذَا وُجِدَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ. وَذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ 1100 أَنَّ الْحُكْمَ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ جَارٍ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَلَيْسَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَبَعْضُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ جَاءَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَذِكْرُ الشَّرِيكَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَثْنَى لَيْسَ احْتِرَازِيًّا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا أَيْضًا إذْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا هَكَذَا كَمَا إذَا كَانَ الْمُودِعُ ثَلَاثَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا وَجَاءَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ فِي غِيَابِ الْآخَرِ فَلَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا حِصَّتَهُمَا مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. وَإِذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الَّذِي طَلَبَ حِصَّتَهُ الْحَاكِمَ فِي هَذَا الْوَجْهِ يَأْمُرُ الْمُسْتَوْدَعَ بِإِعْطَائِهِ حِصَّتَهُ. حَتَّى لَوْ أَعْطَى ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ وَدِيعَتَهُمْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ شَخْصًا آخَرَ وَأَنْذَرُوهُ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِأَحَدِهِمْ مَا لَمْ يَكُنْ الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعِينَ ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (الْخَانِيَّةُ) . الْأَحْكَامُ فِيمَا لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ الْمُتَعَدِّدِينَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. إذَا سَلَّمَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُودِعَ الْحَاضِرَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِمُوجِبِ فِقْرَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِيَدِ الْقَابِضِ تَعُودُ خَسَارَتُهَا عَلَيْهِ وَحْدَهُ. وَلَمَّا يَحْضُرُ الْمُودِعُ الْآنَ يَأْخُذُ الْحِصَّةَ الْمَوْجُودَةَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ تَمَامًا وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا. وَأَمَّا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ الطَّالِبِ حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْحِصَّةُ الْأُخْرَى بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَحَضَرَ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ وَالتَّسْلِيمُ هَذَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الْمَأْخُوذَةُ مِلْكًا لِمَنْ قَبَضَهَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانٌ وَإِنْ كَانَتْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا حِينَمَا يَحْضُرُ. إنْ شَاءَ شَارَكَ الْقَابِضَ فِي حِصَّتِهِ الَّتِي أَخَذَهَا يَعْنِي أَخَذَ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ حِصَّتَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَيَكُونُ هَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمَادَّةِ (91) . وَيَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ بِحَسَبِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى الْقَابِضِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَقَالَ الْحَمَوِيُّ: إنَّ كَوْنَ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَحْصُلُ بِأَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ مَعًا عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ. وَأَمَّا إذَا أَوْدَعَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ فَقَطْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ فَوُجُودُ الْآخَرِ حِينَ الْإِيدَاعِ لَا يَسْتَلْزِمُ اشْتِرَاكَهُ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ شَاهِدًا مَثَلًا انْتَهَى. كَوْنُ الْمُودِعِ اثْنَيْنِ يَنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ حَامِلًا الْوَدِيعَةَ مَثَلًا وَسَلَّمَهَا الِاثْنَانِ لِلْمُسْتَوْدَعِ قَائِلَيْنِ (هَذَا الْمَالُ لَنَا نُعْطِيكَهُ كَيْ يَكُونَ وَدِيعَةً عِنْدَك) يَصِيرُ الْمُودِعُ اثْنَيْنِ.

(المادة 797) مكان الإيداع في تسليم الوديعة معتبر

وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعِيرَ الْمُودِعَ حِصَّتَهُ فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا حَتَّى لَوْ رَاجَعَ الْمُحَاضِرُ الْحَاكِمَ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِإِعْطَائِهَا، وَإِذَا أَقَامَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ كَامِلَ الْوَدِيعَةِ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّ رَفِيقَهُ أَقَرَّ وَقْتَ الْإِيدَاعِ بِأَنَّ كَامِلَ الْوَدِيعَةِ مِلْكُهُ لَا تُقْبَلُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ بِمُوَاجَهَةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَقَطْ وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِثْلِيَّةً جَازَ إعْطَاءُ أَحَدِ الْمُودِعَيْنِ حِصَّتَهُ وَإِذَا كَانَتْ قِيَمِيَّةً لَا تَجُوزُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْإِفْرَازَ غَالِبٌ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمُبَادَلَةَ غَالِبَةٌ فِي الْقِيَمِيِّ عَلَى مَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّتَيْنِ 1117 و 1118 وَبِمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَيْسَ مَأْذُونًا بِالْمُبَادَلَةِ أَيْ بِتَقْسِيمِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي بِيَدِهِ بَيْنَ الْمُشَارِكِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْقِيمَةَ. وَرَدَ فِي هَذَا الْمِثَالِ تَعْبِيرُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالَهُ عِنْدَ شَخْصٍ عَلَى حِدَةٍ وَجَاءَ أَحَدُهُمَا طَالِبًا مَالَهُ فَالْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورٌ عَلَى رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْإِعْطَاءِ فِي غِيَابِ الْآخَرِ لِمُجَرَّدِ عَدَمِ إيدَاعِ الِاثْنَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ (الْفَيْضِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 797) مَكَانُ الْإِيدَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ مُعْتَبَرٌ] (الْمَادَّةُ 797) : مَكَانُ الْإِيدَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ مُعْتَبَرٌ مَثَلًا الْمَتَاعُ الَّذِي أُودِعَ فِي الشَّامِ يُسَلَّمُ فِي الشَّامِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْقُدْسِ. مَكَانُ الْإِيدَاعِ مُعْتَبَرٌ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمِهَا لِصَاحِبِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَمَا يَلْزَمُ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ هُوَ التَّخْلِيَةُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ مَادَّتَيْ (794 و 795) وَلَيْسَ نَقْلُ الْوَدِيعَةِ مِنْ مَحِلٍّ وَإِيصَالِهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَاجِبًا عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّ التَّسْلِيمَ يَتَحَقَّقُ بِالتَّخْلِيَةِ. مَثَلًا الْمَتَاعُ الَّذِي أُودِعَ فِي الشَّامِ تَجِبُ تَخْلِيَتُهُ لِأَجْلِ التَّسْلِيمِ فِي الشَّامِ وَإِلَّا لَا يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى نَقْلِهِ إلَى الْقُدْسِ وَتَسْلِيمِهِ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرْغِمَ عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْقُدْسِ لَوَجَبَتْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ مَعَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (794) أَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ. وَالْحَاصِلُ الْمُودِعُ مَجْبُورٌ عَلَى أَخْذِ الْوَدِيعَةِ فِي مَكَانِ الْإِيدَاعِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: لِي عِنْدَك كَذَا وَدِيعَةً فَأَعْطِنِي إيَّاهَا يُؤْمَرُ الْآخَرُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1621) بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ لِيُحْضِرَهَا إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ الْآخَرُ عَلَى إحْضَارِ الْوَدِيعَةِ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ وَاعْتِبَارُ مَكَانِ الْإِيدَاعِ فِي تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ مُطْلَقٌ. أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مُحْتَاجَةً إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ شَخْصٌ آخَرَ خَمْسِينَ ذَهَبًا فِي بَيْرُوتَ وَاجْتَمَعَا بَعْدَ مُدَّةٍ فِي صَيْدَا فَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَوْدَعَ عَلَى إحْضَارِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ بَيْرُوتَ وَتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي صَيْدَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يُصْبِحُ مَجْبُورًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى الذَّهَابِ لِبَيْرُوتَ وَنَقْلِ الْمَبْلَغِ إلَى صَيْدَا أَوْ أَنْ يَطْلُبَهُ بِالْبَرِيدِ وَيَتَضَرَّرَ بِأُجْرَتِهِ وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (19) .

(المادة 798) منافع الوديعة

[ (الْمَادَّةُ 798) مَنَافِعُ الْوَدِيعَةِ] (الْمَادَّةُ 798) : مَنَافِعُ الْوَدِيعَةِ لِصَاحِبِهَا. يَعْنِي أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ الْوَدِيعَةِ تَكُونُ لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ نَمَاءُ مِلْكِ صَاحِبِهَا يَعْنِي الْمُودِعَ. فَلِذَلِكَ نِتَاجُ حَيَوَانِ الْأَمَانَةِ وَلَبَنُهُ وَصُوفُهُ عَائِدٌ لِصَاحِبِهِ فَإِذَا تَجَمَّعَ مِقْدَارٌ مِنْ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ أَوْ مِنْ ثِمَارِ الْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ الْمُودَعِ وَخِيفَ مِنْ فَسَادِهِ فَبَاعَهُ الْمُسْتَوْدَعُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ يَضْمَنُ بِصِفَتِهِ غَاصِبًا. وَهَاكَ إيضَاحُ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَجْرِي عِنْدَ حُصُولِ الْخَوْفِ مِنْ فَسَادِ مَنَافِعِ الْوَدِيعَةِ وَزَوَائِدِهَا. إذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ غَائِبًا يُرَاجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَاكِمَ وَإِذَا بَاعَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَا ضَمَانَ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا بِلَا أَمْرِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ كَمَنْ فِيهِ يَضْمَنُ أَيْضًا. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 96) . وَلَكِنْ إذَا بَاعَ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ كَوُجُودِهِ فِي الْمَفَازَةِ مَثَلًا جَازَ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (21) . وَمَعَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَبِعْ الْمُسْتَوْدَعُ الزَّوَائِدَ الْمَذْكُورَةَ فَسَدَتْ بِمُكْثِهَا فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي الْوَدِيعَةِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (785) لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ مُمْكِنَةً أَمْ غَيْرَ مُمْكِنَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَنَافِعُ الَّتِي لَا تَعُودُ إلَى الْمُودِعِ: الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَنَافِعِ السَّابِقَةِ الذِّكْرِ الْمَنَافِعُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْوَدِيعَةِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا. وَأَمَّا الْمَنَافِعُ الَّتِي لَا تَتَوَلَّدُ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَلَا تَعُودُ إلَى الْمُودِعِ. كَبَدَلِ الْإِيجَارِ. كَمَا لَوْ أَجَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ وَأَخَذَ أُجْرَتَهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ مِلْكَ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا تَدَخُّلَ لِلْمُودِعِ بِهَا. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 447) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَالًا لِلْمُسْتَوْدَعِ. كَمَا لَوْ اتَّخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ نَقُودَ الْوَدِيعَةِ رَأْسَ مَالٍ وَتَاجَرَ بِهَا وَرَبِحَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ عَائِدًا لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَتَدَخَّلَ بِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي كَانَتْ رَأْسَ مَالٍ فَقَطْ. [ (الْمَادَّةُ 799) غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَقَدَّرَ الْحَاكِمُ نَفَقَةً مِنْ نُقُودِهِ الْمُودَعَةِ] (الْمَادَّةُ 799) إذَا غَابَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَبِنَاءً عَلَى مُرَاجَعَةِ مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ قَدَّرَ لَهُ الْحَاكِمُ نَفَقَةً مِنْ نُقُودِ ذَلِكَ الْغَائِبِ الْمُودَعَةِ وَصَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ عِنْدَهُ لِنَفَقَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا صَرَفَ بِلَا أَمْرِ الْحَاكِمِ يَضْمَنُ. إذَا كَانَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ غَائِبًا وَرَاجَعَ مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ الْحَاكِمَ يَعْنِي طَلَبَ تَقْدِيرَ نَفَقَةٍ لَهُ مِنْ نُقُودِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ الْمُودَعَةِ مَثَلًا فَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّ لِلْغَائِبِ الْمَرْقُومِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَبِالسَّبَبِ الَّذِي يُوجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُودِعِ الْغَائِبِ لِأَجْلِ الْمُدَّعِي يُحَلِّفُ الْحَاكِمُ أَيْضًا طَالِبَ النَّفَقَةِ وَفْقًا

لِلْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ وَبَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالْمَالِ يُقَدِّرُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ نَفَقَةً مِنْ نُقُودِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ الْمُودَعَةِ أَوْ مِنْ مَالِ الْآخَرِ الْمُودَعِ وَالصَّالِحِ لِلنَّفَقَةِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْأَقْمِشَةِ أَوْ يَأْمُرُ وَيَأْذَنُ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِالصَّرْفِ عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُودِعِ فَإِذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مِنْ نُقُودِ الْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ بِيَدِهِ أَوْ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْأَقْمِشَةِ وَأَعْطَى النَّفَقَةَ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. سُؤَالٌ وَجَوَابٌ: سُؤَالٌ - إذَا قَدَّرَ الْحَاكِمُ نَفَقَةً مِنْ مَالِ الْمُودِعِ وَفِي غَيْبَتِهِ يَكُونُ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَيْهِ وَهَذَا نَظَرًا لِلْمَادَّةِ (1830) غَيْرُ جَائِزٍ. الْجَوَابُ - النَّفَقَةُ الْمَذْكُورَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُودِعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَيْضًا فَقَضَاءُ الْحَاكِمِ بِالنَّفَقَةِ وَحُكْمُهُ لَيْسَ سِوَى إعَانَةٍ لِمَنْ لَهُ النَّفَقَةُ. إيضَاحُ الْقُيُودُ: 1 - غَائِبٌ: الْمَقْصُودُ مِنْ الْغَائِبِ هُنَا الشَّخْصُ الْبَعِيدُ مُدَّةَ السَّفَرِ. وَحَيْثُ إنَّ مُرَاجَعَةَ مَنْ كَانَ بَعِيدًا بِأَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ السَّفَرِ تَكُونُ سَهْلَةً فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ فِي غِيَابِهِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 2 -: إذَا أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ وَبِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلنَّفَقَةِ جَازَ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ مِنْ مَالٍ كَهَذَا مَوْجُودٍ بِيَدِ الْمُضَارِبِ أَوْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَهَذَا مَشْرُوطٌ بِإِقْرَارِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْوَدِيعَةِ فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَبِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ النَّفَقَةِ الَّتِي سَتُذْكَرُ يَسْتَحِقُّ طَالِبُ النَّفَقَةِ النَّفَقَةَ 3 - تَحْلِيفُ طَالِبِ النَّفَقَةِ، إذَا كَانَ الشَّخْصُ الطَّالِبُ لِلنَّفَقَةِ زَوْجَةَ الْمُودِعِ الْغَائِبِ مَثَلًا فَعِنْدَ لُزُومِ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ تَحْلِفُ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَاشِزٍ وَإِنْ كَانَ طَالِبُ النَّفَقَةِ وَلَدَ الْغَائِبِ يَحْلِفُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ عَلَى أَنَّ وَالِدَهُ الْغَائِبَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ نَفَقَةً وَهَذِهِ الْيَمِينُ هِيَ إحْدَى الْأَيْمَانِ الْخَمْسِ الَّتِي تُحَلَّفُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ بِلَا طَلَبٍ وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ 1746 مِنْ الْمَجَلَّةِ. 4 -: كَفِيلٌ بِالْمَالِ. إذَا كَانَ طَالِبُ النَّفَقَةِ الزَّوْجَةَ مَثَلًا وَلَزِمَ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ لَهَا فَيَلْزَمُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا كَفِيلًا ثِقَةً يَسْتَعِدُّ وَيَتَعَهَّدُ بِأَنْ يَضْمَنَ مَا تَأْخُذُهُ الزَّوْجَةُ مِنْ النَّفَقَةِ إذَا حَضَرَ زَوْجُهَا وَتَبَيَّنَ لَدَى الْمُحَاكَمَةِ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ تِلْكَ النَّفَقَةَ إمَّا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا تَرَكَ لَهَا مَا يَكْفِيهَا أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالنُّشُوزِ أَوْ الطَّلَاقِ. 5 -: أَوْ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ بِأَمْرِ الْمُودِعِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَصْرِفَ بِلَا تَقْدِيرِ الْحَاكِمِ أَيْضًا وَسَيَجِيءُ إيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَرِيبًا. 6 -: الْوَدِيعَةُ. هَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ مَخْصُوصًا الْوَدِيعَةِ. بَلْ مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ مَالُ الْغَائِبِ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمُضَارِبِ أَوْ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ أَيْضًا وَتَخْصِيصُهُ الْوَدِيعَةِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْبَحْثِ مُعَلَّقًا الْوَدِيعَةِ.

النُّقُودُ هَذَا التَّعْبِيرُ كَمَا أُوضِحَ شَرْحًا غَيْرُ احْتِرَازِيٍّ فَالْأَشْيَاءُ الصَّالِحَةُ لِلنَّفَقَةِ كَالْفَرَسِ وَالْكِتَابِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الْغَائِبِ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ. الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عِنْدَ صَرْفِ الْوَدِيعَةِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ. إذَا حَلَفَ الْمُسْتَوْدَعُ لَدَى الْإِيجَابِ بَعْدَ أَنْ صَرَفَ ثَلَاثَمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْمَوْجُودَةِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ عَلَى النَّفَقَةِ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ الْحَاكِمِ وَرَدَّ الْمِائَتَيْ قِرْشٍ الْبَاقِيَةَ إلَى الْمُودِعِ أَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْ مِنْهَا مِقْدَارًا بِيَدِهِ تُقْبَلُ مِنْهُ الْيَمِينُ وَيَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ. وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ لَهُ النَّفَقَةُ بَعْدَ تَقْدِيرِ الْحَاكِمِ النَّفَقَةَ عَلَى هَذَا يُقْبَلُ كَلَامُهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1774. 8 -: يُحَلِّفُ الْحَاكِمُ إلَخْ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الزَّوْجَةَ أَوْ أَحَدَ الْأَوْلَادِ وَصَرَفُوا مِنْ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ نَفَقَةِ أَنْفُسِهِمْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ اسْتَوْفَوْا حَقَّهُمْ إذْ نَفَقَتُهُمْ لَازِمَةٌ عَلَى الْمُودِعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَبُ مَثَلًا وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ وَدِيعَةِ الِابْنِ وَاخْتَلَفَا فِيمَا لَوْ قَالَ الِابْنُ لِأَبِيهِ: صَرَفْت وَدِيعَتِي وَأَنْتَ مَلِيءٌ فَاضْمَنْهَا، وَقَالَ أَبُوهُ: صَرَفْتهَا فِي حَالٍ عُسْرِي وَفَقْرِي. يُنْظَرُ إلَى حَالَةِ الْأَبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ رَاجِعْ مَادَّتَيْ (5 و 10) وَعِنْدَ إقَامَةِ كِلَيْهِمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِابْنِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ غَيْرَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَةِ يَضْمَنُونَ بِصَرْفِهِمْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ. 9 -: تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ. يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ وَلَوْ أَخْبَرَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّ الزَّوْجَ الْغَائِبَ مَثَلًا أَمَرَهُ بِأَنْ لَا يُعْطِيَ مِنْ الْوَدِيعَةِ شَيْئًا لِزَوْجَتِهِ الطَّالِبَةِ النَّفَقَةَ هَذِهِ لَا يَلْتَفِتُ الْحَاكِمُ إلَى كَلَامِهِ هَذَا وَيُقَدِّرُ نَفَقَةً مِنْ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ إذَا أَعْطَى الْوَدِيعَةَ بَعْدَ التَّقْدِيرِ لِأَجْلِ النَّفَقَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ اسْتِحْصَالُ أَمْرِ الْحَاكِمِ مُمْكِنًا وَصَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ دُونَ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيرُ نَفَقَةٍ وَبِلَا أَمْرِ الْحَاكِمِ وَلَا إذْنِهِ يَضْمَنُ سَوَاءٌ أَصَرَفَ عَلَى أَبَوَيْ الْمُودِعِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى أَحَدٍ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِمَالِ الْغَيْرِ بِلَا وِلَايَةٍ وَلَا نِيَابَةٍ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ نَائِبٌ مِنْ طَرَفِ الْمُودِعِ فِي الْحِفْظِ وَلَيْسَ نَائِبًا فِي شَيْءٍ آخَرَ رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ (96) وَ (793) . وَحِينَمَا يَصِيرُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا بِهَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يَصِيرُ مَالِكًا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ الْمَبْلَغَ الَّذِي صَرَفَهُ عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُودِعِ وَحَيْثُ إنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالِ نَفْسِهِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَصَارِيفِهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَنْفَقَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالذَّاتِ مِنْ تِلْكَ النُّقُودِ أَوْ سَلَّمَهُمْ

(المادة 800) عرض للمستودع جنون وانقطع الرجاء من شفائه الوديعة غير موجودة عينا

إيَّاهَا وَأَنْفَقُوا هُمْ بِأَنْفُسِهِمْ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ. إيضَاحُ الصَّرْفِ بِأَمْرِهِ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ صَرَفَ تِلْكَ النُّقُودِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ فَإِنْ أَثْبَتَ فَبِهَا. وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِرْ عَلَى الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُودِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَ أَمْرُ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَدَّعِي فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ الْوَدِيعَةِ بِأَمْرِ الْمُودِعِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ أَنَّهُ وَهَبَهَا لِفُلَانٍ. وَإِذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ بِلَا أَمْرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ أَيْ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَحَيْثُ إنَّ الْإِجَازَةَ الْمَذْكُورَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذْ ذَاكَ أَلْبَتَّةَ. الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَ اسْتِحْصَالُ أَمْرِ الْحَاكِمِ غَيْرَ مُمْكِنٍ: ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ الصَّرْفِ بِلَا أَمْرٍ هَذَا إذَا كَانَ اسْتِحْصَالُ الْأَمْرِ مُمْكِنًا وَلَمْ يُسْتَحْصَلْ عَلَيْهِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ اسْتِصْدَارُ الْأَمْرِ مِنْ الْحَاكِمِ غَيْرَ مُمْكِنٍ وَصَرَفَ فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا كَمَا نَقَلَ عَنْ النَّوَادِرِ (الْبَحْرُ فِي النَّفَقَة) إذَا طَلَبَتْ زَوْجَةُ الْمُودِعِ مَثَلًا نَفَقَةً مِنْ نُقُودِ الْوَدِيعَةِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا قَدْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ. الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تُوجِبُ النَّفَقَةَ: وَهُمْ الَّذِينَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَكَيْفَ تَصْدُرُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ؟ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عُنْوَانِ " بَابُ النَّفَقَةِ " وَبِنَاءً عَلَيْهِ سَرْدُ التَّفْصِيلَاتِ هُنَا فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ وَلَكِنْ نَقُولُ هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْمَعْلُومَاتِ الْمُجْمَلَةِ: إنَّ الْأَحْوَالَ الَّتِي تُوجِبُ النَّفَقَةَ ثَلَاثَةٌ: الْأُولَى: الزَّوْجِيَّةُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ. الثَّانِيَةُ: الْقَرَابَةُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الْفَقِيرِ لَازِمَةٌ عَلَى أَبِيهِ وَنَفَقَةَ الْأَبِ الْفَقِيرِ لَازِمَةٌ عَلَى وَلَدِهِ. الثَّالِثَةُ: الْمِلْكُ. يَعْنِي أَنَّ نَفَقَةَ الْمَمْلُوكِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ. كَمَا لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ إعَاشَتِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1320) وَرَاجَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْحَاكِمَ، يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ إمَّا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ بِإِعَاشَتِهِ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ. [ (الْمَادَّةُ 800) عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ جُنُونٌ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ الْوَدِيعَةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عَيْنًا] (الْمَادَّةُ 800) إذَا عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ جُنُونٌ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ الَّتِي أَخَذَهَا قَبْلَ الْجِنَّةِ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عَيْنًا فَلِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ حَقٌّ بِأَنْ يَرَى كَفِيلًا مُعْتَبَرًا وَيُضَمِّنَ الْوَدِيعَةَ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ. وَإِذَا أَفَاقَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَسْتَرِدُّ الْمَبْلَغَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ.

(المادة 801) توفي المستودع وكانت الوديعة موجودة عينا في تركته

إذَا عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ حَالُ جِنَّةٍ بِدَرَجَةِ أَنْ انْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ أَيْ أَنَّهُ صَارَ بِدَرَجَةِ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ (944) وَحَصَلَ يَأْسٌ مِنْ صَحْوِهِ وَإِفَاقَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً وَأَثْبَتَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فِي مُوَاجَهَةِ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَوْ وَصِيِّهِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَجْنُونُ قَبْلَ الْجِنَّةِ عَيْنًا هِيَ وَدِيعَتُهُ هَذِهِ تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عَيْنًا وَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَكَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ وَأَثْبَتَ الْمُودِعُ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي مُوَاجِهَتِهِ الْإِيدَاعَ وَقِيمَةَ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ عَلَى الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ وُجُودِ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ لِلْمَجْنُونِ لَزِمَ تَضْمِينُ الْوَدِيعَةِ وَكَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَرَى كَفِيلًا مُعْتَبَرًا أَيْ كَفِيلًا قَوِيًّا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لِلْمَجْنُونِ ثَانِيَةً لَدَى الْإِيجَابِ الشَّيْءَ الَّذِي يَضْمَنُهُ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَيَضْمَنُهَا مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنُونِ مَالٌ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ بَلْ يُنْتَظَرُ إلَى حَالِ يُسْرِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (926) . غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إذَا زَالَ جُنُونُهُ (وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ تَحْصُلُ إفَاقَتُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ مِنْهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ السَّالِفَةِ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ بِالنَّظَرِ لِاجْتِهَادِ الْبَشَرِ. وَيَجُوزُ ظُهُورُ عَكْسِهِ بِالْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ) وَأَفَادَ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) وَيَطْلُبُ الْمَبْلَغَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ أَيْ بَدَلَ التَّضْمِينِ مِنْ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَوْ مِنْ كَفِيلِهِ وَيَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (97) . [ (الْمَادَّةُ 801) تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ] (الْمَادَّةُ 801) إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ فَبِمَا أَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِ وَارِثِهِ أَيْضًا تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ لَفْظًا: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ ضَاعَتْ، أَوْ أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْوَارِثُ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ، وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ. وَوَصَفَهَا وَفَسَّرَهَا وَأَفَادَ أَنَّهَا ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فَيَكُونُ قَدْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا فَتُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ مِثْلُ سَائِرِ دُيُونِهِ. فِي الْوَدِيعَةِ احْتِمَالَانِ عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: وُجُودُ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ. فَإِذَا وُجِدَتْ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَجْرِي فِي حَقِّهَا وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ يَجْرِي عَيْنًا وَهِيَ بِيَدِ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَلِذَلِكَ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ إلَى حِينِ أَنْ تُرَدَّ لِصَاحِبِهَا وَيَسْتَمِرُّ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ فِي حِفْظِهَا كَالْمُسْتَوْدَعِ وَمَتَى طَلَبَهَا صَاحِبُهَا تُرَدُّ وَتُعَادُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَدَائِنِي الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَدَخَّلُوا فِيهَا وَيُدْخِلُوهَا فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَهَذِهِ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ التَّرِكَةِ وَالْحُكْمُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا.

وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ مَقْبُولٌ عِنْدَ ادِّعَائِهِ فِي حَيَاتِهِ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيَّةُ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ الْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ عَيْنًا. وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ إلَخْ) . مَثَلًا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَهَا وَلَمَّا طُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَتْ: إنَّهَا ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ (1774) . وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنَّهَا رَدَّتْ الْوَدِيعَةَ لِزَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهَا وَإِذَا وُجِدَ تَجْهِيلٌ مِنْ الْمُتَوَفَّى تَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ. لُزُومُ ثُبُوتِ كَوْنِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي التَّرِكَةِ وَدِيعَةً.: إثْبَاتُ وُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا أَيْ إثْبَاتُ أَنَّ الْمَالَ الْمَوْجُودَ عَيْنًا هُوَ الْمَالُ الَّذِي أُودِعَ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ عِنْدَ الْمُتَوَفَّى إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْكِبَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى غَيْرَ مُسْتَغْرَقَةٍ بِالدُّيُونِ وَإِلَّا لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِقَوْلِ الْمُودِعِ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ وَالصِّغَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1573) . ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَمَا تَنْتَقِلُ لِيَدِ وَرَثَةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ وَصِيِّهِ هُوَ عَيْنُ الْحُكْمِ حِينَمَا تَكُونُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ نَفْسِهِ إنَّمَا تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ. مَثَلًا لَوْ دَلَّ الْمُسْتَوْدَعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَأَرَاهُ إيَّاهَا وَسَرَقَهَا السَّارِقُ فَحَيْثُ إنَّهُ يُعَدُّ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّهُ إذَا دَلَّ الْوَارِثُ السَّارِقَ عَلَى طَرِيقَةِ سَرِقَتِهَا وَسَرَقَهَا لَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: عَدَمُ وُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ الْمَذْكُورَةُ عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَطَلَبَهَا الْمُودِعُ مُدَّعِيًا بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ تَجْرِي فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ بَيَّنَ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ لِصَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا ضَاعَتْ يَعْنِي أَنَّهُ سَرَدَ حَالًا مِنْ أَحْوَالِ الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ شَرْعًا أَوْ إذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ وَأَثْبَتَ الْوَارِثُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَمَا يَلْزَمُ إقْرَارُهُ أَوْ إثْبَاتُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ (رَدَدْتهَا أَوْ ضَاعَتْ) . وَبِمَا أَنَّ مَا أُثْبِتَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ التَّلَفُ وَالضَّيَاعُ فَلْتَفْتَرِقْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَثْبَتَ وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى أَوْ وَرَثَتُهُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ هَذَا كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَكَانَ يَبْرَأُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) وَإِذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (75) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْقَوْلُ: إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُ (رَدَدْت) مَثَلًا وَادَّعَوْا بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ

بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ (رَدَدْتهَا) أَوْ (ضَاعَتْ) يُقْبَلُ وَلَا يُقْبَلُ هَذَا الِادِّعَاءُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُجْهِلًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا نَصُّهُ: وَارِثُ الْمُودِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ: ضَاعَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِي فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي عِيَالِهِ حِينَ كَانَ مُودَعًا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - (رَدَدْتهَا. ..) لِأَنَّ بَيَانَ وَتَقْرِيرَ حَالِ الْوَدِيعَةِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُحَرَّرَتَيْنِ فِي الْمَجَلَّةِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَفَادَ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْمُودِعَ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الْوَدِيعَةِ لِشَخْصٍ آخَرَ وَبَاعَهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ الثَّمَنَ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَثْبَتُوا الْأَمْرَ وَالْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ يَبْرَءُونَ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (75) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 3 - إذَا أَثْبَتَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَارِثِ مَعَ الْيَمِينِ لَا يُقْبَلُ بِلَا إثْبَاتٍ (الْأَشْبَاهُ) . 4 - رَدَدْتهَا إلَخْ. سُرِدَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ادَّعَى وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجَتِهِ وَتُوُفِّيَ عَقِبَ ذَلِكَ وَعِنْدَمَا طُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَنْكَرَتْ هَذِهِ دَفْعَ زَوْجِهَا الْوَدِيعَةَ لَهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الزَّوْجَةِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (78) وَالضَّمَانُ يَلْزَمُ تَرِكَةَ الْمُتَوَفَّى بِسَبَبِ التَّجْهِيلِ. وَهَلْ تَلْزَمُ الْيَمِينُ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ الْمُتَوَفَّى (رَدَدْتهَا) ؟ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ادَّعَى وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ يَكُنْ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلَهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1874) وَحَيْثُ إنَّ صُدُورَ الِادِّعَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَجَبَ اسْتِمَاعُ شُهُودٍ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ سَالِفًا. وَلَكِنْ بَعْدَ إثْبَاتِ قَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ الْمُتَوَفَّى هَذَا هَلْ تَجِبُ يَمِينٌ كَالْيَمِينِ الَّتِي لَزِمَتْ عَلَى الْمُوَرِّثِ الْمُسْتَوْدَعِ وَهُوَ حَيٌّ وَاَلَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (1774) ؟ وَنَظَرًا لِنَقْلِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ النَّوَادِرِ فِي بَحْثِ الضَّمَانَاتِ تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنَّهُمْ (لَمْ يَعْمَلُوا بِلُزُومِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ ضَمَانِهَا عَلَى الْمُتَوَفَّى) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ نَظَرًا لِمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ وَعِبَارَتُهُ فِي هَذَا هِيَ (ادَّعَى الْمُودَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ) انْتَهَى. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالٍ الْوَدِيعَةِ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَبْسُوطِ آنِفًا فَلِوُقُوفِ وَارِثِهِ عَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ وَارِثُهُ الْوَدِيعَةَ وَوَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: نَحْنُ نَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَفَسَّرَهَا بِصُورَةٍ تُوَافِقُ أَوْصَافَهَا الْحَقِيقِيَّةَ وَأَفَادَ بِأَنَّهَا ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا وَسَلَّمَهَا لِصَاحِبِهَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ كَالْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَمَا تُفَسَّرُ الْوَدِيعَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَصِيرُ الْوَدِيعَةُ الْمَذْكُورَةُ أَمَانَةً بِيَدِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ هَلَاكِهَا وَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَجْهِيلٌ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى وَارِثُ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ مُجْهِلًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ ضَاعَتْ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْأَمِينِ مَقْبُولًا فَقَوْلُ الضَّمِينِ لَا يُقْبَلُ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَكَانَ الْمُوَرِّثُ الْمُسْتَوْدَعُ وَاقِفًا عَلَى عِلْمِ وَارِثِهِ هَذَا فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بَيَانُ وَتَقْرِيرُ حَالِ الْوَدِيعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . يَعْنِي أَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَحْصُلُ التَّجْهِيلُ بِالسُّكُوتِ عَنْ الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيرِ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ التَّوْصِيفُ وَالتَّفْسِيرُ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّ كَلَامَهُ لَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يَصِفْ وَيُفَسِّرْ. وَبِمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مُتَمِّمَةٌ لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْأَخِيرَةِ وَأَمَّا (إذْ قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ فَقَطْ) . إفَادَةٌ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا بِلَا أَجْرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا بِالْأَجْرِ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّرُ مِنْهُ فَيَلْزَمُ تَنْفِيذُ حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (777) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الْأَخِيرُ حَالَ الْوَدِيعَةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِاطِّلَاعِ الْوَارِثِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا يُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ كَسَائِرِ دُيُونِهِ أَيْ الدُّيُونِ الَّتِي تَرَتَّبَتْ بِذِمَّتِهِ فِي حَالَةِ صِحَّتِهِ يَعْنِي تُؤْخَذُ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْمِثْلِيَّاتِ. وَإِلَّا فَهَذَا الدَّيْنُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ دَيْنِ الْمَرَضِ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْشَكَتْ أَنْ تَفْسُدَ وَلَا تَسْتَقِيمَ مُدَّةً طَوِيلَةً كَالْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ. فَلِلْمُودِعِ أَنْ يَبِيعَهَا بِسِعْرِهَا الْحَاضِرِ أَوْ يَأْكُلَهَا وَيَضْمَنَ قِيمَتَهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي قَوْلِهِ: كَدُيُونِهِ السَّائِرَةِ، إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ غَرِيمَةً يَدْخُلُ الْمُودِعُ أَيْضًا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُودِعِ امْتِيَازٌ مَا عَنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْمَجْهُولَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ وَلِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ صَارَ بِالتَّجْهِيلِ مُسْتَهْلِكًا لَهَا تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَمَا يَدْخُلُ الْمُودِعُ فِي الْغُرَمَاءِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ إثْبَاتَ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ لَازِمٌ عَلَى الْمُودِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِرْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . وَإِذَا تَبَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ يُوجَدُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فِي دُكَّانِي كِيسٌ يَحْتَوِي عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ النُّقُودِ وَلَا أَعْلَمُ عَدَدَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الدُّكَّانِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَجْهِيلٌ أَيْضًا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ وَالْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ السَّالِفَتَيْ الذِّكْرِ. الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: إذَا أَوْدَعَ شَخْصَانِ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفَ قِرْشٍ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تَارِكًا وَلَدًا لَهُ وَادَّعَى الْوَاحِدُ الشَّخْصُ أَنَّ الِابْنَ الْمَرْقُومَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا هِيَ الْوَدِيعَةُ فَاَلَّذِي ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ الِابْنِ حَيْثُ إنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا حِينَ وَفَاةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِحَسَبِ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ بَلْ يَضْمَنُ الْمَرْقُومُ لَدَى الْإِثْبَاتِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ. يُطْلَبُ شَيْئَانِ فِي التَّجْهِيلِ. فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَسْرُودَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ شَيْئَانِ فِي تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ. الْأَوَّلُ عَدَمُ بَيَانِ الْمُسْتَوْدَعِ حَالَ الْوَدِيعَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ أَيْضًا. وَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ أَعْلَاهُ هُوَ هَذَا. الثَّانِي عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْوَارِثِ بِحَالِ الْوَدِيعَةِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَيُقَرِّرْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ

حَيَاتِهِ وَكَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَوْدَعُ عَالِمًا بِعِلْمِ الْإِرْثِ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ عَدَمِ بَيَانِهِ حَالَ الْوَدِيعَةِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ هُوَ هَذَا. فَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ: إنِّي أَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ وَصَدَّقَ الْمُودِعُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى مَعْلُومَاتِ الْوَارِثِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا. تَجْهِيلُ الْوَدِيعَةِ قِسْمًا: وَيَكُونُ تَجْهِيلُ الْوَدِيعَةِ فِي قِسْمٍ مِنْهَا أَيْضًا. مَثَلًا كَمَا لَوْ كَانَ قِسْمٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ مَوْجُودًا عَيْنًا وَوُجِدَ تَجْهِيلٌ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ لَزِمَ ضَمَانُ الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ تَجْهِيلٌ وَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُودِعُ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ إذَا كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُسْتَوْدَعِ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ وَيَرِدُ الْقِسْمُ الْآخَرُ عَيْنًا مَثَلًا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِشْرِينَ ذَهَبَةً وَكَانَتْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ مِنْهَا مَوْجُودَةً عَيْنًا وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى غَيْرَ مَوْجُودَةٍ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْخَمْسَةِ فَقَطْ وَتُرَدُّ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ عَيْنًا. التَّجْهِيلُ فِي الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ: كَمَا أَنَّ تَجْهِيلَ الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ فَتَجْهِيلُ الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَمَالِ الْبِضَاعَةِ وَالْمَالِ الْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ أَيْضًا، وَالْقَاعِدَةُ فِي هَذَا هِيَ: (كُلُّ أَمِينٍ مَاتَ مُجْهِلًا الْأَمَانَةَ فَالضَّمَانُ فِيهَا لَازِمٌ) . فَإِذَا ادَّعَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَمِينِ تَلَفَ الْأَمَانَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ. مَثَلًا لَوْ وُجِدَ بِيَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ شَرِكَةٍ وَتُوُفِّيَ هَذَا الشَّرِيكُ مُجْهِلًا دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ وَصْفَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) أَنَّ مَا زَادَ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ فَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَزِمَ ضَمَانُهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ (الْحَمَوِيُّ) فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ أَرْبَابِ الْفَتْوَى بِهَذَا الْقَوْلِ. اسْتِثْنَاءٌ: وَاسْتُثْنِيَتْ بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي حَقِّ تَجْهِيلِ الْأَمَانَةِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَوَاشِيهِ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْمُفِيدِ ذِكْرُ بَعْضِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ مِنْهَا هُنَا. 1 - إذَا مَاتَ النَّاظِرُ مُجْهِلًا بَعْدَ أَنْ قَبَضَ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقٌّ لِتِلْكَ الْغَلَّاتِ وَكَانَتْ مَشْرُوطَةً لِلْمَسْجِدِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَطَلَبَهَا فَلَمْ يُعْطِهَا ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا لَزِمَ الضَّمَانُ بَيْدَ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ النَّاظِرُ مُجْهِلًا عَيْنَ الْوَقْفِ وَالدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَوْقُوفَةَ أَوْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الَّتِي اُسْتُبْدِلَ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ بِهَا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ. 2 - إذَا أَوْدَعَ الْحَاكِمُ أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ عِنْدَ أَحَدٍ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الشَّخْصَ الَّذِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَأَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُجْهِلًا أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ الَّتِي وَضَعَهَا فِي دَارِهِ يَضْمَنُ.

إذَا أَوْدَعَ أَمِيرُ الْجَيْشِ الْغَنَائِمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عِنْدَ أَحَدِ الرُّوَاةِ وَتُوُفِّيَ دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. 4 - إذَا أَلْقَتْ الرِّيحُ مَالًا فِي دَارِ أَحَدٍ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا ذَلِكَ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. 5 - إذَا وَضَعَ شَخْصٌ مَالَهُ فِي دَارِ بِدُونِ عِلْمِ صَاحِبِهَا وَتُوُفِّيَ صَاحِبُ الدَّارِ مُجْهِلًا الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَا يَضْمَنُ. 6 - إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَتُوُفِّيَ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ مُجْهِلًا ذَلِكَ الْمَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِالْتِزَامِ الْحِفْظِ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ وُجِدَتْ بِيَدِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَالْحَاصِلُ - وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ غَيْرَ لَازِمٍ فِي حَالِ وَفَاةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَعَدَمِ عِلْمِ مَصِيرِ الْوَدِيعَةِ وَوَقَعَ هَلَاكُهَا إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وُجُودَ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرْقُومِ. وَأَحْكَامُ الْمَحْجُورِينَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (946) كَالْجُنُونِ وَالدَّيْنِ وَالسَّفَهِ وَالْعُنَّةِ وَالْغَفْلَةِ هِيَ كَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِقَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا بَعْدَ أَنْ قَبِلَ الْوَدِيعَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 776 وَشَرْحَهَا) . 7 - وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ أَوْ حَفِيدِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فَإِذَا تُوُفِّيَ وَصِيُّ الْأَبِ وَوَصِيُّ الْجَدِّ وَوَصِيُّ الْقَاضِي مُجْهِلًا مَالَ الصَّغِيرِ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَقَدْ ذُكِرَتْ الْأَبْيَاتُ الْآتِيَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ: وَكُلُّ أَمِينٍ بَاتَ وَالْعَيْنُ يَحْصُرُ ... وَمَا وُجِدَتْ عَيْنًا فَدَيْنًا يُصَيَّرُ سِوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ثُمَّ مُفَاوِضٍ ... وَمُودِعِ مَالِ الْغُنْمِ وَهُوَ الْمُؤَمَّرُ وَصَاحِبُ دَارٍ أَلْقَتْ الرِّيحُ مِثْلَ مَا ... لَوْ أَلْقَاهُ مَلَاكٌ بِهَا لَيْسَ يَشْعُرُ وَكَذَا وَالِدُ جَدٍّ وَقَاضٍ وَصِيُّهُمْ ... جَمِيعًا وَمَحْجُورٌ فَوَارِثُ يُسْطَرُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَصِفْ الْوَارِثُ وَيُفَسِّرُ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بَلْ قَالَ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْقَوْلُ تِجَاهَ إنْكَارِ الْمُودِعِ وَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِ ضَيَاعِ الْوَدِيعَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ التَّجْهِيلَ وَادَّعَى الْوَارِثُ تَلَفَهَا أَخِيرًا بَيْنَمَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً وَمَوْجُودَةً عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ. وَأَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ رَدَّ مُوَرِّثِهِ الْوَدِيعَةَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلَفَهَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ سُرِدَتْ لِأَجْلِ بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ مِنْ عِبَارَةِ (وَصَفَ وَفَسَّرَ) الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي تَحْتَ عُنْوَانِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ إتْيَانُهَا عَقِبَهَا لِكَيْ تَنْسَجِمَ الْعِبَارَةُ. صُورَةُ الْإِثْبَاتِ: إذَا دَفَعَ الْوَرَثَةُ الِادِّعَاءَ الْمُوَجَّهَ بِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَتْ عِنْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ مَوْجُودَةً عَيْنًا وَإِنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَالَ: هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَوْ كُنْت أَخَذْت هَذَا الْمَالَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ

أَوْ الرِّسَالَةِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَأُسَلِّمَهُ إيَّاهُ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَإِذَا ثَبَتَ دَفْعُهُمْ هَذَا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْوَارِثِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ هَذِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ أَنَّهُ عَدَا عَنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَقَدْ فَسَّرَهَا الْوَارِثُ وَلَمَّا كَانَ تَفْسِيرُهُ مُطَابِقًا لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صُدِّقَ قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ مَعْرُوفَةً فَادِّعَاؤُهُ أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ وَأَنَّهُ هُوَ يَعْرِفُهَا لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا. وَبَيَانُ حَالِ الْوَدِيعَةِ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِفَاقَتِهِ يَكُونُ تَخَلَّصَ مِنْ التَّجْهِيلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ التَّجْهِيلَ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالٍ الْوَدِيعَةِ وَقْتَ وَفَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ وَقْتَ الْوَفَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْبَيَانِ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ الِادِّعَاءُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا بَلْ يَقْتَضِي إقَامَةَ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا وَبِلَا بَيَانِ حَالِ الْوَدِيعَةِ وَتَقْرِيرِهَا فِي صُورَةِ بَيَانِ رَدِّ الْمِقْدَارِ الْمَجْهُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ (كُنْت قَبَضْت بَعْضَ الْوَدِيعَةِ) وَتُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَةُ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَقَالَ الْمُودِعُ: لَمْ آخُذْ شَيْئًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: بَقِيَ مِائَةُ قِرْشٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ مَثَلًا فَحَيْثُ إنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْبَعْضَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى تَعْيِينِ مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ وَيَثْبُتُ قَبْضُهُ لِلْمِقْدَارِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قَبَضَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُودِعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا قَالَ الْمُودِعُ: أَخَذْت مِائَةَ قِرْشٍ، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَخَذْت تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُودِعِ. ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِقَبْضِ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِهِ لَهُ أَيْ لِلْمُودِعِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ الْوَاجِبِ وُجُودُ فَرْقٍ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِنْدِيَّةِ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1774) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَوْ تَوْفِيقِهِمَا. حَاصِلُ مَسَائِلِ تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ هُوَ هَذَا: 1 - إذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ فِي تَرِكَتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ هَذَا. 2 - إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَصَادَقَ الْمُودِعَ عَلَى عِلْمِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ. 3 - إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا أَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي التَّرِكَةِ هُوَ الْوَدِيعَةُ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا. وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى. 4 - إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي

(المادة 803) إذا توفي المودع تدفع الوديعة إلى وارثه

التَّرِكَةِ يَكُونُ مَاتَ مُجْهِلًا وَتَكُونُ الْوَدِيعَةُ دَيْنًا عَلَى التَّرِكَةِ. وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 803) إذَا تُوُفِّيَ الْمُودِعُ تُدْفَعُ الْوَدِيعَةُ إلَى وَارِثِهِ] (الْمَادَّةُ 803) إذَا تُوُفِّيَ الْمُودِعُ تُدْفَعُ الْوَدِيعَةُ إلَى وَارِثِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُتَفَرِّقَةً بِالدَّيْنِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى الْوَارِثِ بِلَا مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْوَارِثُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا. تُعْطَى الْوَدِيعَةُ عِنْدَ وَفَاةِ الْمُودِعِ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ. وَلِلْوَارِثِ أَنْ يَطْلُبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَنْ يَدَّعِيَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ. وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْمُودِعِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ بِمُوجِبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) . بِقَوْلِهِ (لِوَارِثِهِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إشَارَةٌ إلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى أَمَرَ الْمُسْتَوْدَعَ بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُودِعُ أَمَرَ الْمُسْتَوْدَعَ بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ لِشَخْصٍ لَيْسَ وَارِثًا وَأَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُودِعِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِنَاءً عَلَى الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِوَفَاةِ الْمُودِعِ تَبْطُلُ وَكَالَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِقَبْضِهِ الْوَدِيعَةَ وَيُصْبِحُ أَمْرُ الْمُودِعِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1526) . تَعْبِيرُ (لِوَارِثِهِ) لَيْسَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى أَوْ دَائِنِهِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (793) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ وَارِثٌ وَاحِدٌ. أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الْوَدِيعَةِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَقَطْ يَعْنِي إلَى بَعْضِهِمْ وَإِذَا سُلِّمَتْ وَتَلِفَتْ فَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الْحَقُّ يُضَمِّنُوا حِصَّتَهُمْ الْمُسْتَوْدَعَ إنْ لَمْ يَجُزْ التَّسْلِيمُ الْمَذْكُورُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَكَانَ الْوَارِثُ عِبَارَةً عَنْ وَلَدَيْهِ مَثَلًا وَجَبَ إعْطَاءُ نِصْفِهَا إلَى أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ وَالنِّصْفِ الْآخَرِ إلَى الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ لَزِمَ تَسْلِيمُهَا إلَى الِاثْنَيْنِ مَعًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (796) . حَتَّى إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ مَالًا وَقَالَ لَهُ: ادْفَعْهُ لِابْنِي عِنْدَ وَفَاتِي ثُمَّ تُوُفِّيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَأَعْطَاهُ لِابْنِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ آخَرُ ضَمِنَ حِصَّتَهُ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا تَكُونُ مَوْرُوثَةً لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُودِعِ وَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهَا لِبَعْضِهِمْ. وَلَوْ كَانَ الْمُودِعُ أَمَرَ بِذَلِكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْوَدِيعَةِ إلَى بَيْتِ الْمَالِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُودِعُ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ فِي

دِيَارٍ أُخْرَى وَقَبَضَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ تَرِكَتَهُ فَإِنْ أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى الِابْنِ الْمَرْقُومِ وَلَمْ يُجِزْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ. مُسْتَثْنًى: يُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ مِنْ لُزُومِ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى الْوَارِثِ وَهِيَ: إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ آخَرَ صَكًّا يَنْطِقُ بِأَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ دَيْنَ - كَذَا قِرْشًا بِذِمَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ - ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُودِعُ وَعَلِمَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَدْ أُوفِيَ فَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ ذَلِكَ الصَّكَّ أَبَدًا إلَى حِينِ أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الصَّكَّ إلَى الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ لَأَلْحَقَ ضَرَرًا بِالْمَدِينِ. وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (17) الدُّرُّ الْمُخْتَارُ (وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ وَتُعْطَى الْوَدِيعَةُ بِأَمْرِهِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَقْتَضِي إعْطَاؤُهَا وَإِذَا أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ إلَى الْوَارِثِ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْوَارِثُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ الْوَدِيعَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْمَرْقُومُ أَمِينًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ وَيَفِيَ الدَّيْنَ. (إذَا اسْتَهْلَكَهَا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا بِيَدِ الْوَارِثِ يَسْتَرِدُّهَا الْغُرَمَاءُ عَيْنًا كَمَا أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ تَرِكَةُ الِابْنِ الْمُتَوَفَّى مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ إذَا أَعْطَى دَيْنَهُ لِلْوَارِثِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . (لِلْوَارِثِ) لَيْسَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ بَعْضِ الدَّائِنِينَ لِأَنَّهُ حِينَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَهَا لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ أَيْضًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ حِصَّةَ الْآخَرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ رُجْحَانٌ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ دَائِنٍ ذَا حِصَّةٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدِينِ بِنِسْبَةٍ مَطْلُوبَةٍ. إلَّا أَنَّ قَيْدَ (لِلْوَارِثِ) هُوَ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْوَصِيِّ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهَا إلَى الْوَصِيِّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) . كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ مَعْلُومٌ فِي الظَّاهِرِ وَقَبَضَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ تَرِكَتَهُ يَجُوزُ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَالْحَالَةَ هَذِهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى الِابْنِ الْمَرْقُومِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَإِنْ ظَهَرَ وَارِثُ الْمُودِعِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمَرْقُومِ أَنْ يَطْلُبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ بَلْ يَأْخُذُهَا مِنْ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ. وَلَزِمَ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ فِي إعَادَةِ الْوَدِيعَةِ يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ، يَعْنِي إذَا كَانَ لِلتَّرِكَةِ مَالٌ آخَرُ يَكْفِي لِلدَّيْنِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِإِعْطَائِهَا لِلْوَارِثِ. حُكْمُ مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ: إذَا أَعَادَ مُسْتَوْدَعُ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةَ عَيْنًا يَبْرَأُ. وَلَا يَبْقَى مَسْئُولًا تِجَاهَ صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ وَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 803) الوديعة إذا لزم ضمانها

[ (الْمَادَّةُ 803) الْوَدِيعَةُ إذَا لَزِمَ ضَمَانُهَا] (الْمَادَّةُ 803) : الْوَدِيعَةُ إذَا لَزِمَ ضَمَانُهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ تُضْمَنُ بِمِثْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ تُضْمَنُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وُقُوعِ الشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ. تَشْتَمِلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى حُكْمَيْنِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ مِثْلُ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحِنْطَةَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ غَلَاءٍ وَأَرَادَ أَنْ يُؤَدِّيَ مِثْلَهَا إلَى صَاحِبِهَا وَقْتَ الرَّخَاءِ فَطَلَبَ الْمُودِعُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الِاسْتِهْلَاكِ فَالْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِقِيمَتِهَا وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ بَلْ يَحْكُمُ بِأَدَاءِ مِثْلِهَا. وَسَيُوضَحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 891 سَبَبُ لُزُومِ مِثْلِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ لَزِمَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَ لُزُومِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ وُقُوعِ الشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ هُوَ زَمَانُ الْغَصْبِ فَتَلْزَمُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (891) وَمَسْأَلَةُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْعُمُومِيَّةِ هِيَ الْمَادَّةُ (891) كَذَلِكَ إذَا لَزِمَ تَضْمِينُ نُقْصَانِ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ فَتَلْزَمُ قِيمَةُ النُّقْصَانِ يَوْمَ وُقُوعِ الشَّيْءِ الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ. وَسَيُوضَحُ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ لُزُومُ ضَمَانِ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي مِنْ الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ يَوْمَ وُقُوعِ الشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ فَلَوْ لَزِمَ الضَّمَانُ لِوَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ مُجْهِلًا الْوَدِيعَةَ فَيَلْزَمُ إعْطَاءُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَفَاةِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ شَهْرًا بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَتْ لَزِمَتْ قِيمَتُهَا فِي ابْتِدَاءِ اسْتِعْمَالِهَا وَلَوْ نَزَلَتْ قِيمَتُهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوْ الْعَاشِرِ بِتَرَاجُعِ الْأَسْعَارِ فَيَقْتَضِي قِيمَتَهَا فِي ابْتِدَاءِ اسْتِعْمَالِهَا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ أَثْبَتَ الْمُودِعُ الْإِيدَاعَ وَقِيمَةِ الْوَدِيعَةِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ بِسَبَبِ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ لِلْوَدِيعَةِ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِالْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَعْلَمْ الشُّهُودُ قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بِقِيمَةِ الْوَدِيعَةِ يَوْمَ الْإِنْكَارِ الَّتِي يُقِرُّ بِهَا الْمُسْتَوْدَعُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَيَحْلِفُ الْمُسْتَوْدَعُ بِالطَّلَبِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا لَا تَزِيدُ عَنْ ذَلِكَ. قِيمَةُ سَنَدِ الدَّيْنِ وَدَفْتَرِ الْحِسَابِ: إنَّ قِيمَةَ دَفْتَرِ الْحِسَابِ وَسَنَدِ الدَّيْنِ هِيَ قِيمَةُ ذَلِكَ الْوَرَقِ مَكْتُوبًا لَا مَا يَحْتَوِيهِ الدَّفْتَرُ أَوْ السَّنَدُ مِنْ الْمَبَالِغِ. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ شَخْصٌ سَنَدًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا مُشَعَّرًا بِمَالِهِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَاسْتَهْلَكَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ ذَلِكَ السَّنَدِ مَكْتُوبًا مَهْمَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَبْلَغِ الَّذِي يَحْتَوِيهِ السَّنَدُ (فَيْضِيَّةٌ) ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ وَالِاسْتِهْلَاكَ قَدْ صَادَفَ الْوَرَقَ لَا الْمَبْلَغَ الَّذِي يَحْتَوِيهِ وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِضَيَاعِ سَنَدِ الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا عَجَزَ الدَّائِنُ عَنْ إثْبَاتِ الدَّيْنِ وَحَلَفَ الْمَدْيُونُ الْيَمِينَ وَتَلِفَ الدَّيْنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُضَافُ هَذَا التَّلَفُ عَلَى إنْكَارِ الْمَدْيُونِ وَحَلَّفَهُ الْيَمِينَ.

خاتمة في الوديعة تحتوي على مبحثين

[خَاتِمَةٌ فِي الْوَدِيعَةِ تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّل فِي نِزَاعِ شَخْصَيْنِ فِي وَدِيعَةٍ وَاحِدَة] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ بِأَنَّ الْمِائَةَ دِينَارٍ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ هِيَ لَهُ وَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا وَحْدَهُ وَأَنْكَرَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ أَنَّهَا لِأَحَدِهِمَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَالْقَاضِي مُخَيَّرٌ فِي الْبَدْءِ بِالْيَمِينِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الِاثْنَانِ عَلَى الْبَدْءِ بِالْيَمِينِ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ؛ فَإِذَا نَكِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ الَّذِي كُلِّفَ بِحَلِفِهِ مِنْ الِاثْنَيْنِ فَتُصْبِحُ الْمِائَةُ دِينَارٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُدَّعِينَ وَيَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ أُخْرَى وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ سَبَبٌ مُرَجِّحٌ لِلْحُكْمِ لِأَحَدِهِمَا أَمَّا إذَا حَلَفَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْيَمِينَ لِلِاثْنَيْنِ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ شَيْئًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْحُجَّةِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكِلَ عَنْ الْحَلِفِ لِلْآخَرِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمَا نَكِلَ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ تَكُنْ لِلْآخَرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أُرِيدَ تَكْلِيفُ الْيَمِينِ لِأَجْلِ الِاثْنَيْنِ حَسَبَ الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ فَإِذَا نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ حِينَمَا كُلِّفَ لِلْحَلِفِ لِأَحَدِهِمَا فَيَجِبُ عَدَمُ التَّعْجِيلِ بِالْحُكْمِ وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ لِلْآخَرِ حَتَّى إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ لِنُكُولِهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ تَكْلِيفِهِ الْحَلِفَ لِلْآخَرِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَوْدَعَ أَحَدُكُمَا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَلَكِنْ لَا أَعْلَمُ أَيُّكُمَا الْمُودَعُ فَلِلْمُدَّعِيَيْنِ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إذَا اتَّفَقَا بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الضَّمَانُ الَّذِي لَزِمَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَمَتَى اتَّفَقَ الْمُدَّعِيَانِ عَلَى أَخْذِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَسْلِيمِهِمَا إيَّاهُ. وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْمُدَّعِيَانِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ لَهُ وَإِذَا حَلَفَ لَهُمَا بَرِئَ مِنْ دَعْوَى الِاثْنَيْنِ. وَإِذَا نَكِلَ يَجْرِي الْعَمَلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (الْبَحْرُ) .

المبحث الثاني في بعض الاختلافات بين المودع والمستودع

[الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَعْضِ الِاخْتِلَافَاتِ بَيْنَ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: إنَّ لِي عِنْدَك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ وَدِيعَةً وَقَالَ لَهُ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكِي فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَوْدَعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: كَانَ لِي عِنْدَك أَلْفُ قِرْشٍ وَدِيعَةً وَأَعْطَيْتنِي إيَّاهَا فَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَمْ يَكُنْ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي أَعْطَيْتُك إيَّاهَا هِيَ لِي فَأَعِدْهَا إلَيَّ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: كُنْت أَعَرْتُك الدَّابَّةَ الْفُلَانِيَّةَ وَأَعَدْتهَا لِي بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ: إنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكِي. فَالْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمَذْكُورِ أَيْ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلْمُقِرِّ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَثْبَتَ الْمُودِعُ إيدَاعَهُ الْوَدِيعَةَ لِلْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ كَوْنِ الْمُودِعِ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعَ وَبَعْدَ ذَلِكَ ثَبَتَ تَلَفُ الْوَدِيعَةِ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ. سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ شُهُودُ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى أَنَّ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ حَصَلَ بَعْدَ الْجُحُودِ أَوْ قَبْلَهُ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ قَائِلًا: لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ. أَوْ إنَّ وَدِيعَتَك لَا تَلْزَمُنِي وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى تَلَفِهَا قَبْلَ الْجُحُودِ لَزِمَ الضَّمَانُ أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (794) (تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ) (وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَتُهُ) . وَإِذَا لَمْ تُمْكِنْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى تَلَفِهِ قَبْلَ الْجُحُودِ وَطَلَبَ الْمُودِعُ الْيَمِينَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِكَوْنِهِ تَلِفَ قَبْلَ الْجُحُودِ. إلَّا أَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُودِعُ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ بِقَوْلِ: لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ. فَلَوْ شَهِدُوا عَلَى التَّلَفِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى كَوْنِهِ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ الْجُحُودِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: لَمْ أُعْطِك الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّهَا ضَاعَتْ بَعْدَ أَنْ قَالَ لَهُ: أَعْطَيْتُك إيَّاهَا، لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ضَاعَتْ: رَدَدْتهَا وَلَكِنْ قَدْ أَخْطَأْت فِي قَوْلِي ضَاعَتْ، فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَخَذْت مِنْك أَلْفَ قِرْشٍ وَدِيعَةً وَتَلِفَتْ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَقَالَ لَهُ الْمُودِعُ: إنَّك لَمْ تَأْخُذْ الْأَلْفَ وَدِيعَةً بَلْ اغْتَصَبْته اغْتِصَابًا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَعْطَيْتنِي أَلْفَ قِرْشٍ وَدِيعَةً وَضَاعَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ الْمُودِعُ: بَلْ اغْتَصَبْته. وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ ضَمَانٌ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ مَا أَعْطَيْته مِنْ النُّقُودِ قَدْ كَانَ وَدِيعَةً وَفُقِدَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَلَوْ قَالَ الْمُودِعُ: قَدْ كَانَ قَرْضًا، فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ قَرْضًا وَأَلْفًا آخَرَ وَدِيعَةً فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: قَدْ كَانَتْ الْأَلْفُ الَّتِي أَعْطَيْتُك إيَّاهَا فِي مُقَابِلِ دَيْنِك وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الباب الثالث في العارية ويشتمل على فصلين

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْعَارِيَّةُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْعَارِيَّةِ: وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ قَدْ جِيءَ بِالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ إذْ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا أَمَانَةٌ وَقَدْ أُخِّرَتْ الْعَارِيَّةُ عَنْ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْعَارِيَّةِ تَمْلِيكًا أَيْ تَمْلِيكَ النَّفْعِ وَإِيدَاعًا وَلَيْسَ فِي الْوَدِيعَةِ إلَّا الْإِيدَاعُ وَلَا يُوجَدُ فِيهَا تَمْلِيكٌ لِذَلِكَ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مُفْرَدَةً وَالْعَارِيَّةَ مُرَكَّبَةً. وَعَلَيْهِ فَيُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ تَرَقٍّ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى فَأَوَّلُ الْغَيْثِ قَطْرَةٌ ثُمَّ يَنْهَمِرُ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَدِلَّةُ مَشْرُوعِيَّةِ الْعَارِيَّةُ: مَشْرُوعِيَّةُ الْعَارِيَّةُ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ آيَةُ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7] وَقَدْ فُسِّرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِ " وَيَمْنَعُونَ مَا يَتَعَاوَرُونَ ". وَمَعْنَى التَّعَاوُرِ التَّنَاوُبُ فِي الِانْتِفَاعِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْعَارِيَّةُ هِيَ تَنَاوُبٌ فِي الِانْتِفَاعِ فَلَا تَجُوزُ الْإِعَارَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِدُونِ اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذَمِّ اللَّهِ تَعَالَى مَنْعَ الْمَاعُونِ أَيْ ذَمِّهِ عَدَمَ الْإِعَارَةِ أَنَّ الْإِعَارَةَ مَحْمُودَةٌ. وَمَحَاسِنُ الْإِعَارَةِ، هِيَ نِيَابَةٌ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي إجَابَةِ الْمُضْطَرِّ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ كَالْقَرْضِ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْمُحْتَاجِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] فَثَوَابُ الْقَرْضِ الْحَسَنَةُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَعْنِي أَنَّ الْإِعَارَةَ تَكُونُ لِلْمُضْطَرِّ وَبِمَا أَنَّ الْمُعِيرَ بِإِعَارَتِهِ لِلْمُسْتَعِيرِ يَكُونُ قَدْ أَعَانَ الْمُضْطَرَّ فَيَكُونُ فِي إعَانَتِهِ هَذِهِ كَأَنَّهُ قَدْ نَابَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ فِعْلَ الْمُعِيرِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا نِيَابَةَ فِي الْحَقِيقَةِ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . (وَالسُّنَّةُ) «فِعْلُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ إذْ اسْتَعَارَ فَرَسًا مِنْ أَبِي طَلْحَةَ وَرَكِبَهُ» وَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ الْإِعَارَةِ إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ قَدْ قَالُوا بِكَوْنِهَا مُسْتَحَبَّةً وَذَهَبَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْعَارِيَّةَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْعِينِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: نِسْبَةً إلَى الْعَارَةِ وَهِيَ اسْمٌ مِنْ الْإِعَارَةِ، يُقَالُ: أَعَرْته الشَّيْءَ إعَارَةً وَعَارَةً؛ لِأَنَّ الِاسْتِعَارَةَ صَادِرَةٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُبَيَّنٌ آنِفًا وَالنَّبِيُّ كَانَ لَا يَرْتَكِبُ مَا يُوجِبُ الْعَارَ مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ فِي عُلُوِّ مَقَامِهِ أَرْفَعُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ الْأَفْعَالَ الَّتِي تُنْسَبُ إلَى الْعَارِ. وَقِرَاءَةُ لَفْظِ الْعَارِيَّةُ مُخَفَّفًا جَائِزٌ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الأول في بيان المسائل المتعلقة بعقد الإعارة وشروطها

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ وَشُرُوطِهَا] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ: وَشُرُوطُهَا لِلْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: (1) الصِّيغَةُ (2) الْمُعِيرُ (3) الْمُسْتَعِيرُ (4) الْمُعَارُ. الْأَنْوَاعُ الْأَرْبَعَةُ لِشُرُوطِ الْإِعَارَةِ. إنَّ شُرُوطَ الْإِعَارَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: أَوَّلُهَا تَعُودُ إلَى الْمُسْتَعَارِ وَثَانِيهَا إلَى الْمُعِيرِ وَثَالِثُهَا إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَرَابِعُهَا إلَى الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ ذُكِرَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (808 و 818) وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (809) وَالرَّابِعُ فِي الْمَادَّةِ (810) . وَلَمَّا كَانَتْ الْمَادَّتَانِ (806 و 807) لَيْسَتَا مِنْ الْمَسَائِلِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ هَذَا الْعُنْوَانِ فَقَدْ كَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ تَأْتِيَ تَحْتَ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الثَّانِي. (الْمَادَّةُ 804) : الْإِعَارَةُ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَبِالتَّعَاطِي مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك مَالِي هَذَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك إيَّاهُ عَارِيَّةً، فَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ انْعَقَدَتْ الْإِعَارَةُ. وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (101 وَ 102) مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِأَلْفَاظٍ خَاصَّةٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَذِكْرُ كَلِمَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يَكُونُ مُسْتَدْرَكًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ رُكْنُ الْإِعَارَةِ عِبَارَةً عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (149) . الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ: وَيُسْتَفَادُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ بِذِكْرِ كَوْنِ الْإِعَارَةِ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَا إيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ رَسُولًا لِآخَرَ لِاسْتِعَارَةِ مَالٍ مِنْهُ فَذَهَبَ إلَيْهِ الرَّسُولُ وَلَمَّا لَمْ يَجِدْهُ فِي بَيْتِهِ احْتَمَلَ مَا جَاءَ لِاسْتِعَارَتِهِ وَقَفَلَ إلَى مُرْسَلِهِ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَصَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّسُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّجُلَ الَّذِي قَبَضَ الْمَالَ مِنْ الرَّسُولِ وَأَيٌّ مِنْهُمَا ضَمِنَ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (891) وَ (658) وَشَرْحَهُمَا. الْحُكْمُ الثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ هُوَ الْمُعِيرُ وَيُشْتَرَطُ اسْتِمَاعُ الْمُسْتَعِيرِ لِإِعَارَتِهِ الْمَالَ.

وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَعَرْت فُلَانًا دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ ثَوْبِي هَذَا وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا يَسْمَعُ كَلَامَ الْمُعِيرِ وَأَخَذَ تِلْكَ الدَّابَّةَ أَوْ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمَاعَ شَرْطٌ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا صَارَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ (167) . أَمَّا لَوْ اسْتَمَعَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ رَسُولٌ كَلَامَ الْمُعِيرِ أَوْ فُضُولِيٌّ عَدْلٌ وَأَخْبَرَا الْمُسْتَعِيرَ بِهِ وَأَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولٌ فِعْلًا: الْحُكْمُ الثَّالِثُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَا إيجَابٍ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ الِاسْتِعَارَةِ: خُذْ دَابَّتِي هَذِهِ وَاسْتَخْدِمْهَا وَاسْتَعْمِلْهَا وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَارِيَّةً بَلْ عَقْدَ وَدِيعَةٍ وَتَكُونُ نَفَقَةُ الدَّابَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا لِإِعْطَاءِ الْمُودِعِ الْمُسْتَوْدَعَ الْإِذْنَ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَا تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (815) . 1 - مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك مَالِي هَذَا، أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُك إيَّاهُ عَارِيَّةً، أَوْ قَالَ: مَلَّكْتُك مَنْفَعَةَ مَالِي هَذَا بِلَا عِوَضٍ، فَقَالَ الْآخَرُ: قَبِلْت؛ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ وَقَبَضَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَيْضًا انْعَقَدَتْ الْإِعَارَةُ. الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةُ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَدْ تَبَيَّنَ بِقَوْلِ (مَثَلًا) أَنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةُ لَا يَنْحَصِرُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ قَدْ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ عَارِيَّةً لَا قَرْضًا فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْفَاسِدَ هُوَ أَخْذُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِاسْتِهْلَاكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ مِثْلَهَا. أَمَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِقِيمَتِهَا (الْبَحْرُ) . وَكَمَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِقَوْلِ أَحَدٍ لِآخَرَ: أَقْرَضْتُك ثَوْبِي لِتَلْبَسَهُ يَوْمًا وَاحِدًا، أَوْ أَقْرَضْتُك دَارِي لِتَسْكُنَهَا سَنَةً، وَقَبِلَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُعِيرِ: أَعْطَيْتُك دَابَّتِي هَذِهِ عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهَا وَتَعْلِفَهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بَيْدَ أَنَّهُ فِي انْعِقَادِ الْإِعَارَةِ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ قَوْلَانِ: فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَجَّرْتُك دَارِي هَذِهِ لِمُدَّةِ شَهْرٍ مَجَّانًا أَوْ قَالَ لَهُ: أَجَّرْتُك دَارِي هَذِهِ مَجَّانًا بِدُونِ لَفْظِ (شَهْرٍ) فَتَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) وَشَرْحَهَا. كَمَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهَا اعْتَمَدَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (405) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ كَمَا يَكُونُ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ يَكُونُ بِالْعَكْسِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُعِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لِلْعَارِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: أَوَّلُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ اللَّفْظِيَّانِ وَالْقَوْلِيَّانِ. ثَانِيهَا كَوْنُ الْإِيجَابِ قَوْلِيًّا وَالْآخَرُ فِعْلِيًّا أَوْ بِالْعَكْسِ. ثَالِثُهَا كَوْنُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِعْلِيَّيْنِ وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ فَقَطْ تَكُونُ تَعَاطِيًا أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فَلَا تَكُونُ تَعَاطِيًا. وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَكُونُ قَبُولُ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعِيرِ قَوْلًا يَكُونُ فِعْلًا أَيْضًا. كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: قَدْ أَعَرْتُك مَالِي هَذَا فَيَقْبِضُ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ، أَوْ يَقُولُ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمُعِيرِ: قَدْ اسْتَعَرْت مِنْك هَذَا الْمَالَ يُسَلِّمُهُ الْمُعِيرُ لَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ مِثَالٌ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِيَّيْنِ وَالْقَوْلِيَّيْنِ وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِثَالٌ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْفِعْلِيَّيْنِ. وَهَلْ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِثَالٌ لِلتَّعَاطِي؟ . وَالتَّعَاطِي مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ يَعْنِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُعَاطَاةِ أَيْ التَّنَاوُلِ وَيَحْصُلُ بِإِعْطَائِهِ مِنْ طَرَفٍ وَقَبْضِهِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَوْجَبَ طَرَفٌ قَوْلًا وَقَبِلَ الْجَانِبُ الْآخَرُ فِعْلًا أَيْ بِالْقَبْضِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَاطِيًا. كَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (175) وَعَلَيْهِ فَلَيْسَتْ فِقْرَةُ (أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا) مِثَالًا لِلتَّعَاطِي لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ فِي جُمْلَةِ (أَوْ قَالَ رَجُلٌ لِإِنْسَانٍ إلَخْ) الَّتِي تَلِيهَا مِثَالٌ لِلتَّعَاطِي. وَتَدُلُّ عِبَارَةُ (فَأَعْطَاهُ الْآخَرُ إيَّاهُ أَيْضًا) الْوَارِدَةُ فِي الْمِثَالِ عَلَى الْإِعْطَاءِ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَفْظَ (وَقَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ) مُقَدَّرٌ وَعَلَيْهِ فَتَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ بِالتَّعَاطِي بِإِعْطَاءِ الْمُعِيرِ الْمَالَ وَقَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ الْمَالَ. وَلِذَلِكَ فَعِبَارَةُ " أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً " الْوَارِدَةُ فِي الْمَجَلَّةُ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِعْطَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ قَدْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْهِبَةِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْأَعْلَى وَالْإِعَارَةُ هِيَ الْأَدْنَى فَمَا لَمْ يَكُنْ دَلِيلٌ الْأَعْلَى يُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَا تَنْعَقِدُ الْعَارِيَّةُ بِالْوَعْدِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعِرْنِي هَذِهِ الدَّابَّةَ لِلْغَدِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ: أُعِيرُك إيَّاهَا غَدًا فَذَهَبَ إلَيْهِ فِي الْغَدِ وَأَخَذَ الدَّابَّةَ بِلَا إذْنٍ عُدَّ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِنَّمَا كَانَتْ عِبَارَةً عَنْ وَعُدَّ مُجَرَّدٍ. لَكِنْ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ دَابَّةً لِلْغَدِ وَأَعَارَهُ إيَّاهَا فَجَاءَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَخَذَ الدَّابَّةَ تَحْتَ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ انْعَقَدَتْ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِلْغَدِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إنَّ جَهَالَةَ الْمَنَافِعِ الْمُمَلَّكَةِ لَا تُفْسِدُ الْإِعَارَةُ. وَعَلَى ذَلِكَ فَجَهَالَةُ الْمَنَافِعِ فِي الْإِعَارَةِ لَيْسَتْ بَاعِثَةً عَلَى النِّزَاعِ وَكُلُّ جَهَالَةٍ لَا تَبْعَثُ عَلَى النِّزَاعِ لَا تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ. وَعَدَمُ صَيْرُورَةِ هَذِهِ الْحَالَةِ بَاعِثَةً عَلَى النِّزَاعِ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِ الْإِعَارَةِ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ فَلِلْمُعِيرِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ فَسْخُ عَقْدِ الْإِعَارَةِ وَاسْتِرْدَادُ الْمُعَارِ إذَا لَمْ يَرْضَ بِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَعِيرِ لِلْمَنْفَعَةِ الَّذِي بَدَأَ بِالِانْتِفَاعِ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عُقُودُ الْمُعَاوَضَةِ لَازِمَةً فَالْجَهَالَةُ فِيهَا بَاعِثَةٌ لِلنِّزَاعِ كَعَقْدَيْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .

(المادة 805) سكوت المعير لا يعد قبولا

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَيُسْتَفَادُ (مِنْ تَعْبِيرِ مَالِي هَذَا الْوَارِدِ) فِي الْمِثَالِ أَنَّ مَعْلُومِيَّةَ عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ شَرْطٌ فِي صُحُفِ الْإِعَارَةِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (811) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: وَتَدُلُّ كَلِمَةُ (مَالِي) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ مِلْكًا لِلْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالتَّمْلِيكُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمَالِكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، بَحْرٌ) . وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (822) أَنْ تُعِيرَ فَرَسَ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ لِأَحَدٍ وَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمَالَ الْمُسْتَعَارَ مَالٌ مَغْصُوبٌ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ إذَا شَاءَ تَضْمِينُ الْمُعِيرِ وَإِذَا شَاءَ تَضْمِينُ الْمُسْتَعِيرِ وَذَلِكَ كَمَا سَيُوضَحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (813) . إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَتِهِ. وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَ آخَرَ الْمَأْجُورَ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (819، 820) أَنْ يُعِيرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ. [ (الْمَادَّةُ 805) سُكُوتُ الْمُعِيرِ لَا يُعَدُّ قَبُولًا] (الْمَادَّةُ 805) : سُكُوتُ الْمُعِيرِ لَا يُعَدُّ قَبُولًا فَلَوْ طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ إعَارَةَ شَيْءٍ فَسَكَتَ صَاحِبُ ذَلِكَ الشَّيْءِ ثُمَّ أَخَذَهُ الْمُسْتَعِيرُ كَانَ غَاصِبًا. لَا يُعَدُّ سُكُوتُ الْمُعِيرِ قَبُولًا لِإِيجَابِ الْمُسْتَعِيرِ (الْبَحْرُ) يَعْنِي لَا تَنْعَقِدُ الْإِعَارَةُ لَوْ سَكَتَ الْمُعِيرُ عَلَى إيجَابِ الْمُسْتَعِيرِ. ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ كَمَا صَارَ بَيَانُهَا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَاطِي، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (67) أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. فَلَوْ طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ إعَارَةِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَسَكَتَ صَاحِبُ ذَلِكَ الشَّيْءِ. ثُمَّ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَانَ غَاصِبًا وَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ يَضْمَنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 891) . [ (الْمَادَّةُ 806) لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ مَتَى شَاءَ] (الْمَادَّةُ 806) : لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ مَتَى شَاءَ لَيْسَتْ الْعَارِيَّةُ عَقْدًا لَازِمًا وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ حَقُّ فَسْخِ الْإِعَارَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 114) مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ. أَوَّلًا - لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ مَتَى شَاءَ وَيَسْتَرِدَّ الْمُعَارَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ مُقَيَّدَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعَارُ عَرْصَةً أَوْ مَزْرَعَةً أُعِيرَتْ لِلْبِنَاءِ أَوْ الزَّرْعِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ خِلَافَهُمَا أَوْ كَانَ فِي رُجُوعِ الْمُعِيرِ عَنْ الْعَارِيَّةُ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَيُفْهَمُ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ الْإِيضَاحَاتِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (832) أَنَّهُ لَيْسَ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَثْنًى وَيَثْبُتُ جَوَازُ الرُّجُوعِ عَنْ الْعَارِيَّةُ عَلَى نَوْعَيْنِ:

أَوَّلُهُمَا - الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّ «الْمِنْحَةَ مَرْدُودَةٌ وَالْعَارِيَّةَ مُؤَدَّاةٌ» (الْعِنَايَةُ) . ثَانِيهِمَا الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ. وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْمِلْكُ فِي الْمَنَافِعِ الْمَذْكُورَةِ يَثْبُتُ بِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ " لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ فِي الْمَعْدُومِ مُسْتَحِيلٌ فَالرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ أَيْ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ بَعْدُ عَائِدٌ لِلْمُعِيرِ أَيْ مِنْ صَلَاحِيَّتِهِ " زَيْلَعِيٌّ ". حَتَّى إنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ جَوَازُ الرُّجُوعِ وَالْفَسْخِ فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 406 " سُؤَالٌ وَجَوَابٌ فِي ذَلِكَ. كَرَاهَةُ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ: الرُّجُوعُ فِي الْإِعَارَةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ خَلْفُ وَعْدٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". إذَا حَصَلَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِعَارَةِ بَطَلَتْ وَانْفَسَخَتْ فَالْمَادَّةُ " 825 " مَعَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ لِلْمَادَّةِ " 831 " فَرْعٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَلَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَنْ الْإِعَارَةِ بَعْدَ إنْشَاءِ الْمُسْتَعِيرِ فِي الدَّارِ الْمُعَارَةِ حَائِطًا مَثَلًا بِلَا إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُعِيرَ بِنَفَقَاتِ الْعِمَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْدِمَ الْحَائِطَ إنْ كَانَ الْبِنَاءُ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ " بَحْرٌ ". ثَانِيًا - لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَارًا وَأَذِنَ لَهُ الْمُعِيرُ أَنْ يُنْشِئَ لِنَفْسِهِ بِنَاءً بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمُعِيرُ الدَّارَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا فَيَلْزَمُ هَدْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ فَرَّطَ فِي الرَّدِّ بَعْدَ الطَّلَبِ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَيْهِ كَانَ ضَامِنًا. ثَالِثًا - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ بَعْدَ أَنْ أَعَارَ حَائِطَهَا لِآخَرَ لِيَضَعَ عَلَيْهِ الْجُذُوعَ فَلِلْمُشْتَرِي رَفْعُ جُذُوعِ ذَلِكَ الْمُسْتَعِيرِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ شَرَطَ حِينَ الْبَيْعِ بَقَاءَ وَقَرَارَ الْجُذُوعِ الْمَذْكُورَةِ. وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَهَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا. رَابِعًا - لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ آخَرَ حِيطَانَ دَارِهِ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ وَتُوُفِّيَ الْمُعِيرُ بَعْدَ أَنْ وَضَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْجُذُوعَ عَلَى الْحِيطَانِ فَلِوَارِثِ الْمُعِيرِ طَلَبُ رَفْعِهَا وَلَوْ شَرَطَ عِنْدَ وَضْعِ الْجُذُوعِ قَرَارَهَا وَبَقَاءَهَا. وَعَلَيْهِ فَهُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْبَيْعِ مَعَ شَرْطِ الْقَرَارِ وَالْإِرْثِ مَعَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا - لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ أَحَدَ وَرَثَتِهِ عَرْصَتَهُ لِيَبْنِيَ فِيهَا لِنَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَتُوُفِّيَ الْمُعِيرُ بَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْوَارِثُ فِيهَا بِنَاءً، فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا رَفْعَ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ. إلَّا إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ وَكَانَتْ الْعَرْصَةُ مِنْ نَصِيبِ الْبَانِي. سَادِسًا - لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الدَّارَ فَيُجْبَرُ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ وَأَنْ يَرُدَّ الدَّارَ إلَى الْمُشْتَرِي. سَابِعًا - لَوْ أَذِنَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ لِآخَرَ فِي الْبِنَاءِ فِيهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ الْمَأْذُونُ فِيهَا عَنْ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ إنْشَاءِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ. ثَامِنًا - لِلْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْإِعَارَةِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ تَعْبِيرُ (الْمُعِيرِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ إذْ لِلْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعَرْصَةِ أَنْ يَقْلَعَ الْبِنَاءَ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ

(المادة 807) تنفسخ الإعارة بموت أي واحد من المعير والمستعير

مُوَقَّتَةً أَمْ لَا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْضًا أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْإِعَارَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّفَقَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى فَسْخِ الْإِعَارَةِ تُفْسَخُ. وَانْفِسَاخُ الْإِعَارَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فَعَلَى ذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: " 1 " بِفَسْخِ الْمُعِيرِ فَقَطْ " 2 " بِفَسْخِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ " 3 " بِاتِّفَاقِ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَلَى الْفَسْخِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْعَارِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْوَدِيعَةِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 874) . الْمَسْأَلَةُ الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا الْعَارِيَّةُ: تَلْزَمُ الْعَارِيَّةُ بِالْوَصِيَّةِ فَلَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِإِعَارَةِ شَيْءٍ وَقَبِلَهَا الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِ الْمَيِّتِ يَقُومُ بِالْمُعَارِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 807) تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ بِمَوْتِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ] (الْمَادَّةُ 807) : تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ بِمَوْتِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ. تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا إلَيْهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ أَحَدِهِمَا. أَوْ السَّبَبُ فِي انْفِسَاخِ الْإِعَارَةِ هُوَ كَمَا يَلِي. لَمَّا كَانَ الْمَعْدُومُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلْمِلْكِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَثُبُوتُ مِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي تُمَلَّكُ لَهُ يَحْصُلُ بِوُجُودِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ وَلَا مِلْكَ قَبْلَ الْوُجُودِ. وَلَوْ خَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ بِوَفَاتِهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ فِي الْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ قَبْلَ وُجُودِ الْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ وَانْتَقَلَ الْمُسْتَعَارُ إلَى وَرَثَتِهِ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْإِعَارَةِ لِكَوْنِ الْوَرَثَةِ لَمْ يَكُونُوا مُعِيرِينَ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ انْفِسَاخِ الْإِعَارَةِ. تَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ عَلَى انْفِسَاخِ الْإِعَارَةِ بِوَفَاةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ بِالْعَارِيَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَإِنْ انْتَفَعَ كَانَ غَاصِبًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَعِيرُ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمُسْتَعَارَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُعِيرُ الْمُسْتَعَارَ إلَى الْوَارِثِ فَاسْتِعْمَالُ الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ إيَّاهُ بِلَا إذْنٍ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَلِذَا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَتَلِفَ ضَمِنَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ مَعًا أَوْ تُوُفِّيَ الْوَاحِدُ مِنْهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ تَنْفَسِخُ الْإِعَارَةُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. تَجْهِيلُ الْعَارِيَّةِ: لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ الْمُعِيرِ حَسَبَ مَا هُوَ مَشْرُوحٌ فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ الْعَارِيَّةُ فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَيْ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْهِلًا لَزِمَ ضَمَانُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (801) وَشَرْحَهَا.

(المادة 808) يشترط أن يكون الشيء المستعار صالحا للانتفاع به

فَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ سَيْفًا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُجْهِلًا أَيْ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ حَالٍ السَّيْفِ وَقَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا عَنْهُ فَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى. [ (الْمَادَّةُ 808) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُسْتَعَارُ صَالِحًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ] (الْمَادَّةُ 808) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُسْتَعَارُ صَالِحًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الْحَيَوَانِ الْفَارِّ وَلَا اسْتِعَارَتُهُ. يُشْتَرَطُ: 1 - أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُسْتَعَارُ صَالِحًا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِدُونِ اسْتِهْلَاكِ عَيْنِهِ. 2 - أَلَّا يُشْتَرَطَ الْعِوَضُ فِي عَقْدِ الْعَارِيَّةِ. 3 - أَلَّا يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ صَبِيًّا تَحْتَ الْوِصَايَةِ. وَيَحْصُلُ بِعِبَارَةِ " كَوْنِ الْمُسْتَعَارِ صَالِحًا لِلِانْتِفَاعِ " ضَابِطٌ لِلْمُسْتَعَارِ وَعَلَيْهِ تَجُوزُ إعَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ صَالِحٍ لِلِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ الِانْتِفَاعُ مَوْقُوفًا عَلَى ذَهَابِ الْعَيْنِ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْإِعَارَةُ صَحِيحَةً فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إعَارَةُ الشَّمْعَةِ لِلْوَقُودِ وَالْأَطْعِمَةِ لِلْأَكْلِ، وَالصَّابُونِ لِلْغَسْلِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَحْصُلُ بِذَهَابِ الْعَيْنِ (الْبَاجُورِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) قِيلَ: بِدُونِ اسْتِهْلَاكٍ بِنَاءً عَلَيْهِ فَكَمَا لَا تَصِحُّ إعَارَةُ وَاسْتِعَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ فَلَا تَصِحُّ أَيْضًا إعَارَةُ الْحَيَوَانِ الْفَارِّ وَلَا اسْتِعَارَتُهُ يَعْنِي تَكُونُ بَاطِلَةً. حَتَّى لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْحَيَوَانَ الْفَارَّ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالضَّمَانِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ وَضَاعَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ. إعَارَةُ الْمِثْلِيَّاتِ قَرْضٌ: وَتُسْتَعْمَلُ إعَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَاسْتِعَارَتُهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِمَعْنَى الْقَرْضِ. وَوَجْهُ الِارْتِبَاطِ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالْعَارِيَّةَ هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَقْدَيْنِ عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فِيهِمَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 61 ". وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك شَعِيرِي هَذَا الْبَالِغَ قَدْرُهُ كَذَا كَيْلَةً، كَانَ قَرْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 2 ". وَالسَّبَبُ فِي حَمْلِ إعَارَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْقَرْضِ: هُوَ أَنَّ إعَارَتَهَا إذَنْ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا إنَّمَا يَكُونُ بِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا وَالِاسْتِهْلَاكُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمِلْكِ فَيَقْتَضِي بِالضَّرُورَةِ تَمْلِيكَ الْعَيْنِ، وَتَمْلِيكُ الْعَيْنِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ بِالْهِبَةِ يَكُونُ أَيْضًا بِالْقَرْضِ وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْقَرْضَ أَدْنَى مِنْ الْهِبَةِ فِي الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يَسْتَلْزِمُ رَدَّ مِثْلِهِ وَهَذَا الْمِثْلُ يَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنِ الَّتِي صَارَ إقْرَاضُهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اسْتِثْنَاءً وَإِنْ يَكُنْ إعَارَةُ الْمِثْلِيَّاتِ

(المادة 809) كون المعير والمستعير عاقلين مميزين

تُعْتَبَرُ قَرْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ فِيهَا مَنْفَعَةً لِلِاسْتِعْمَالِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ عَارِيَّةً بِلَا اشْتِبَاهٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَمَلُ بِالْإِعَارَةِ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ إذْ لَا يُذْهَبُ إلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْحَقِيقَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 17. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دِينَارًا لِيَزِنَ بِهِ دَنَانِيرَهُ أَوْ اسْتَعَارَ أَمْوَالًا لِيُزَيِّنَ بِهَا حَانُوتَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَارِيَّةً حَقِيقِيَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِهْلَاكُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا بِصُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الْمُعَيَّنَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْإِعَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَارِيَّةِ قَرْضٌ فَاسِدٌ: فَلَوْ أُعِيرَتْ الْقِيمَاتُ عَلَى أَنْ تُسْتَهْلَكَ تَكُونُ قَرْضًا مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ لَوْحًا مِنْ الْخَشَبِ أَوْ مِقْدَارًا مِنْ اللَّبِنِ لِيَسْتَعْمِلَهَا فِي بِنَائِهِ أَوْ اسْتَعَارَ قُمَاشًا لِيَرْفَعَ بِهِ ثَوْبَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اسْتِعَارَةً حَقِيقِيَّةً بَلْ يَكُونُ قَرْضًا وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَ الْقَرْضِ أَيْ قِيمَةَ الْمَالِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ لَكِنْ لَوْ اسْتَعَارَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُعِيدَهُ إلَى صَاحِبِهِ كَانَ ذَلِكَ إعَارَةً أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَعَرْتُك هَذَا الطَّبَقَ مِنْ الْحَلْوَى، فَأَخَذَهُ الْآخَرُ وَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى أَنَّهُ قَرْضٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا صَدَاقَةٌ وَعَدَمُ كُلْفَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَفِي حَالَةِ وُجُودِ ذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْعَمَلُ إبَاحَةً. 2 - قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَدَمُ شَرْطِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (765) أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْعِوَضَ فِي الْإِعَارَةِ فَلَا تَكُونُ إعَارَةً بَلْ تَكُونُ إجَارَةً؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) . 3 - قِيلَ: يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ صَبِيًّا تَحْتَ الْوِصَايَةِ وَالْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ بِمَنَافِعِ الصَّغِيرِ لَيْسَ جَائِزًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) وَذَلِكَ كَمَا صَارَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ " 599 " وَشَرْحِهَا وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يُعِيرَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لِآخَرَ إلَّا أَنَّهُ إذَا أُعِيرَ إلَى أُسْتَاذٍ لِيُعَلِّمَهُ صَنْعَةً فَلِلْأُسْتَاذِ اسْتِخْدَامُهُ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". [ (الْمَادَّةُ 809) كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ] (الْمَادَّةُ 809) : يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا بَالِغَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ إعَارَةُ وَاسْتِعَارَةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فَتَجُوزُ إعَارَتُهُ وَاسْتِعَارَتُهُ. يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ: 1 وَ 2 - كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ. 3 - كَوْنُ الْمُسْتَعِيرِ مُعَيَّنًا. 4 - كَوْنُ الْمُعِيرِ مَالِكًا وَلَوْ لِلْمَنْفَعَةِ. 5 - كَوْنُ الْمُعِيرِ غَيْرَ مُكْرَهٍ.

كَمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَقْدٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِيدَاعِ. أَمَّا كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ بَالِغَيْنِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْإِعَارَةِ كَمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (776) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ وَاسْتِعَارَةُ الْمَجْنُونِ وَلَا الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ مُعَيَّنًا فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ خِطَابًا لِشَخْصَيْنِ: وَقَدْ أَعَرْت هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِكُمَا، فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ " الْبَاجُورِيُّ وَإِذَا كَانَ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْمَالِ الَّذِي أَعَارَهُ صَحَّتْ الْإِعَارَةُ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَعَارَ الشَّخْصُ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي أُوصِيَ لَهُ بِهَا لِآخَرَ كَانَتْ صَحِيحَةً " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 82 " وَإِذَا كَانَ الْمُعِيرُ مُكْرَهًا فَلَا تَكُونُ الْإِعَارَةُ صَحِيحَةً وَيَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا " الْبَاجُورِيُّ ". الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ جَوَازِ إعَارَةِ وَاسْتِعَارَةِ الْمَحْجُورِينَ: لَمَّا كَانَتْ إعَارَةُ هَؤُلَاءِ غَيْرَ جَائِزَةٍ فَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْ الْمَجْنُونِ مَالًا وَأَخَذَهُ كَانَ غَاصِبًا وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ اسْتِعَارَتُهُمْ غَيْرَ جَائِزَةٍ فَلَوْ أَعَارَ أَحَدٌ مَالًا لِمَجْنُونٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يَحْفَظْهُ فَضَاعَ فَلَا يَكُونُ الْمَجْنُونُ مَسْئُولًا. وَلَوْ أَعَارَ صَبِيٌّ مَالًا مِنْ صَبِيٍّ آخَرَ وَكَانَ الْمَالُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الصَّبِيِّ الْمُسْتَعِيرِ فَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ الدَّافِعُ مَأْذُونًا لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ شَيْءٌ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 916 ". أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مَحْجُورًا وَالْمُعِيرِ كَذَلِكَ مَحْجُورًا فَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ وَلَوْ اسْتَعَارَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مَالًا مِنْ كَبِيرٍ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَمَا سَيَصِيرُ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (960) أَمَّا لَوْ أَتْلَفَ مَالًا آخَرَ بِلَا اسْتِعَارَةٍ كَانَ ضَامِنًا وَالْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) . الْإِعَارَةُ بِالْوِلَايَةِ وَبِالْوِصَايَةِ: لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ إعَارَةُ مَالِ الصَّغِيرِ لِآخَرَ بِالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ مِنْ التِّجَارَةِ وَلَا مِنْ تَوَابِعِهَا وَهِيَ تَبَرُّعٌ بِلَا بَدَلٍ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ ضَمِنَ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي اسْتَعْمَلَ مَالَ الصَّغِيرِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فَتَجُوزُ إعَارَتُهُ وَاسْتِعَارَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِعَارَةَ وَالِاسْتِعَارَةَ مِنْ عَادَاتِ التُّجَّارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مِثَالٌ لِلْفَقَرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَعَلَيْهِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى فَهْمِ الْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ أَحْكَامِ الْعَارِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ " 957، 966، 967 ".

(المادة 810) القبض شرط في العارية

مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ صَبِيٌّ مِنْ صَبِيٍّ آخَرَ مَالًا. فَإِذَا كَانَ الْمُعِيرُ مَأْذُونًا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ الْمُعِيرِ. ضَمِنَ الْمُعِيرُ لَكِنْ إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ صَبِيًّا مَحْجُورًا فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمُعَارِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ كَانَ بِتَسْلِيطِ الْمُعِيرِ. وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا فَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ الْمُعِيرِ بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبًا وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُعِيرِ بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبَ الْغَاصِبِ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبِ الصَّغِيرِ إعَارَةُ مَا لِوَلَدِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ لِلْعَيْنِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يُعِيرَ مَالَ نَفْسِهِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ كَوْنُ إعَارَةِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ هِيَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ وَمِنْ لَوَازِمِهَا أَمَّا إعَارَةُ الْأَبِ فَلَيْسَتْ مِنْ تَوَابِعِهَا بَلْ هِيَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ. إعْطَاءُ وَلَدِ الْمُسْتَعِيرِ الصَّغِيرِ الْمَالَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ: لَوْ أَعْطَى وَلَدُ الْمُسْتَعِيرِ الصَّغِيرِ الْمَحْجُورِ الْمَالَ الْمُسْتَعَارَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى آخَرَ وَفُقِدَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلَدِ الْمَرْقُومِ مَعَ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ يَعْنِي لِلْمُعِيرِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) . [ (الْمَادَّةُ 810) الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي الْعَارِيَّةُ] (الْمَادَّةُ 810) : الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي الْعَارِيَّةِ فَلَا حُكْمَ لَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يُشْتَرَطُ فِي الْعَارِيَّةُ قَبْضُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً وَلَا حُكْمَ لِلْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَنْتَفِعُ بِالْمُسْتَعَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَالْعَارِيَّةَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ أَيْضًا وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (57) . الْإِذْنُ صَرَاحَةً، كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك مَالِي هَذَا فَاقْبِضْهُ أَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابِ الْعَارِيَّةُ: فَإِيجَابُ الْمُعِيرِ إذْنٌ بِالْقَبْضِ دَلَالَةً. أَحْكَامُ الْإِذْنِ صَرَاحَةً وَدَلَالَةً. إذَا أُعْطِيَ الْإِذْنُ صَرَاحَةً فَلِلْمُسْتَعِيرِ بِلَا شَكٍّ أَنْ يَقْبِضَ الْعَارِيَّةُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (وَبَعْدَ التَّفَرُّقِ عَلَى مَجْلِسِ الْعَارِيَّةُ) وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْإِذْنُ دَلَالَةً فَهَلْ يَتَقَيَّدُ الضَّبْطُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ كَمَا تَقَيَّدَتْ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ حَسْبَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (840) أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ: يَظْهَرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْإِذْنَ دَلَالَةً فِي الْعَارِيَّةُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (804) وَالْمَسْأَلَةُ هِيَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إنَّنِي اسْتَعَرْت ثَوْرَك غَدًا فَأَجَابَهُ صَاحِبُ الثَّوْرِ: أَعَرْتُك إيَّاهُ فَذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْغَدِ وَقَبَضَ الثَّوْرَ صَحَّتْ الْإِعَارَةُ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْقٌ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ إذْ إنَّ فِي الْهِبَةِ تَزُولُ مِلْكِيَّةُ الْمَالِكِ بِالْمِلْكِيَّةِ عَنْ الْمِلْكِ وَعَنْ الْمَنْفَعَةِ مَعًا أَمَّا فِي الْعَارِيَّةُ فَتَزُولُ الْمَنْفَعَةُ مُؤَقَّتًا كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ.

(المادة 811) تعيين المستعار

[ (الْمَادَّةُ 811) تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ] (الْمَادَّةُ 811) : يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعَارَ شَخْصٌ إحْدَى دَابَّتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ لَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعِيرُ الدَّابَّةَ الَّتِي يُرِيدُ إعَارَتَهَا مِنْهُمَا لَكِنْ إذَا خَيَّرَهُ قَائِلًا خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت عَارِيَّةً صَحَّتْ الْعَارِيَّةُ. يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ أَوْ تَخْيِيرُ الْمُعِيرِ الْمُسْتَعِيرَ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ تُخِلُّ بِصِحَّةِ الْإِعَارَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بِدُونِ تَعَيُّنِ الزَّمَانِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْمُنْتَفِعِ كَمَا يُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ الْمَادَّةِ (816) . مَثَلًا لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ إحْدَى دَابَّتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ لَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعِيرُ الدَّابَّةَ الَّتِي يُرِيدُ إعَارَتَهَا مِنْهُمَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ دَابَّةً بِنَاءً عَلَى الْإِعَارَةِ الْوَاقِعَةِ بِلَا تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: اذْهَبْ إلَى إصْطَبْلِي فَتَجِدُ فِيهِ فَرَسَيْنِ فَخُذْ أَحَدَهُمَا، وَقَصَدَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْإِصْطَبْلِ وَأَخَذَ أَحَدَ الْفَرَسَيْنِ كَانَ غَاصِبًا. لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت عَارِيَّةً وَخَيَّرَهُ صَحَّتْ الْعَارِيَّةُ فَلَوْ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّخْيِيرِ أَحَدَ الْفَرَسَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَانَ جَائِزًا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَخْذُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ فِيمَا لَوْ هَلَكَ الْفَرَسُ الْمُعَارُ فِي يَدِهِ قَدْ قُصِدَ بِفَقْرِهِ (وَلَكِنْ إذَا خَيَّرَهُ قَائِلًا خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت) بَيَانُ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ. فِي جَوَازِ إعَارَةِ الْمُشَاعِ. لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ مُشَاعٍ. وَعَلَيْهِ فَإِعَارَةُ الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ لِلشَّرِيكِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ كَذَلِكَ يَجُوزُ إعَارَةُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِشَخْصَيْنِ مُنَاصَفَةً أَوْ ثَلَاثًا. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ لِشَخْصَيْنِ جُمْلَةً كَقَوْلِ الْمُعِيرِ: أَعَرْتُكُمَا مَالِي هَذَا، أَمْ مُفَصَّلَةً كَقَوْلِ: أَعَرْتُك نِصْفَ مَالِي هَذَا وَأَعَرْت هَذَا النِّصْفَ لِلْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ حَتَّى جَازَتْ إعَارَةُ الْمُشَاعِ وَلَمْ يَجُزْ إجَارَتُهُ؟ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (429) أَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ لَيْسَتْ جَائِزَةً وَعَلَيْهِ يُلْزِمُنَا ذَلِكَ أَنْ نَبْحَثَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ فَيَجِبُ إجْبَارُهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَمَتَى كَانَ الْمَأْجُورُ مُشَاعًا فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ غَيْرِ الْمَأْجُورِ مَعَ الْمَأْجُورِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا الْإِعَارَةُ فَبِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَوْ تَسَلَّمَ الْمُعِيرُ بِرِضَاهُ غَيْرَ الْمَأْجُورِ أَيْضًا تَمَّتْ الْإِعَارَةُ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فَلَا يَبْقَى لِلْإِعَارَةِ حُكْمٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُعَارِ

الفصل الثاني في بيان أحكام العارية وضمانها

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعَارِيَّةُ وَضَمَانِهَا] الْأَحْكَامُ: جَمْعُ حُكْمٍ، وَالْحُكْمُ مَعْنَاهُ الْأَثَرُ الْمُتَرَتِّبُ وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى هَذَا الْعُنْوَانِ الْآثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الْعَارِيَّةُ، وَالضَّمَانَاتُ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ. (مَادَّةُ 813) : الْمُسْتَعِيرُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْعَارِيَّةِ بِدُونِ بَدَلٍ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ أُجْرَةً بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ. الْمُسْتَعِيرُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْعَارِيَّةُ مَجَّانًا. وَلِلْمُعِيرِ الثَّوَابُ عَلَى خُلُوصِ نِيَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ الْخَيْرَ مَعَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ. وَقَدْ تَوَضَّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (765) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِعَارَةِ أَنْ تَكُونَ مَجَّانًا. وَعَلَيْهِ لَوْ اُشْتُرِطَ فِي الْإِعَارَةِ بَدَلٌ انْقَلَبَتْ إلَى إجَارَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (434) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا انْتَفَعَ بِالْعَارِيَّةِ تَكُونُ لَهُ الْمَنْفَعَةُ مَجَّانًا. لِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ أَيْ إذَا قَدِمَ الْمُعِيرُ عَلَى الْإِعَارَةِ بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أُجْرَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَإِنْ طَلَبَ وَادَّعَى تُرَدُّ دَعْوَاهُ. الِاخْتِلَافُ فِي الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ: هَذِهِ الْمَادَّةُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَقْدُ الْإِعَارَةِ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ أَنَّهَا إجَارَةٌ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا إعَارَةٌ. يَعْنِي لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ: أَجَّرْتُك إيَّاهَا فَأَعْطِنِي أُجْرَتَهَا، وَقَالَ الرَّاكِبُ: أَعَرْتنِي إيَّاهَا إعَارَةً وَلَيْسَ لَك أُجْرَةٌ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ مُنْكِرٌ لِلْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8، 76) . [ (الْمَادَّةُ 813) الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ] (الْمَادَّةُ 813) الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا سَقَطَتْ الْمِرْآةُ الْمُعَارَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا عَمْدٍ أَوْ زَلَقَتْ رِجْلُهُ فَسَقَطَتْ الْمِرْآةُ وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَكَذَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْبِسَاطِ الْمُعَارِ شَيْءٌ فَتَلَوَّثَ بِهِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَلَا ضَمَانَ. الْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ فُقِدَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا مِنْ اسْتِعْمَالِهِ إيَّاهَا حَسْبَ الْمُعْتَادِ وَعَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي غَيْرِ حَالِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.

وَقَدْ أُثْبِتَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» . الْوَجْهُ الثَّانِي: بِمَا أَنَّ الْمُسْتَعَارَ قَدْ أُخِذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِيفَاءِ " اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الرَّهْنِ " وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَادَلَةِ " اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ سَوْمِ الشِّرَاءِ عَلَى طَرِيقَةِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعَدِّي بِإِذْنِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (881) أَلَا تَرَى لَوْ أَذِنَ أَحَدٌ بِإِتْلَافِ مَالِهِ وَأَتْلَفَهُ الْآخَرُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُتْلِفَ ضَمَانٌ (مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ) وَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي أَثْنَاءِ الِانْتِفَاعِ الَّذِي أَذِنَ بِهِ لِلْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ أَمَّا إذَا تَلِفَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِاسْتِعْمَالِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ حَصَلَ التَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ (الْبَاجُورِيُّ) . وَتُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَكَانَ تَلَفُ الْعَارِيَّةِ ظَاهِرًا أَمْ خَفِيًّا عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ تَلَفَ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ رَدَّ الْعَارِيَّةِ لِلْمُعِيرِ وَكَذَّبَهُ الْمُعِيرُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَعِيرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَوْ شُرِطَ الضَّمَانُ مَثَلًا لَوْ عُقِدَتْ الْعَارِيَّةُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ عَلَى تَقْدِيرِ التَّلَفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. وَذَلِكَ كَاشْتِرَاطِ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ فِي حَالِ التَّلَفِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (82) (الْبَحْرُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ بِشَرْطِ الضَّمَانِ: لَقَدْ جَاءَ فِي (أَشْبَاهِ ابْنِ نُجَيْمٍ) عَنْ ذِكْرِهِ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى قَاعِدَةِ (الْعَادَةُ مُحْكِمَةٌ) (لَوْ اُشْتُرِطَ) ضَمَانُ الْعَارِيَّةُ إذَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ يَصِحُّ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ عَلَى رِوَايَةٍ نَقْلًا عَنْ (الزَّيْلَعِيّ، وَالْجَوْهَرَةِ) وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ وَالْمُفْتَى بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَمَوِيُّ نَقْلًا عَنْ (قَاضِي خَانْ) هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا حُكْمَ لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ عَدَمَ الضَّمَانِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ آنِفًا وَبِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (64) يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ بِأَنْ لَا حُكْمَ لِلشَّرْطِ وَعَلَى هَذَا الْمَبْدَأِ قَدْ سِرْنَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِيضَاحِهَا. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى كَوْنِ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ: أَوَّلًا: مَثَلًا إذَا سَقَطَتْ الْمِرْآةُ الْمُعَارَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَضَاءً أَوْ زَلَقَتْ رِجْلُهُ فَسَقَطَتْ الْمِرْآةُ وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ بَغْلًا فَصَارَ أَعْرَجَ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمُعْتَادِ. ثَانِيًا: لَوْ رَبَطَ الْمُسْتَعِيرُ الْبَغْلَ الْمُسْتَعَارَ بِحَبْلٍ حَسَبَ الْعَادَةِ فَاخْتَنَقَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُعْتَادَةٌ. ثَالِثًا: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ الْحَمَّامَ وَأَخَذَ فِي الِاغْتِسَالِ فَسَقَطَ الْإِنَاءُ مِنْ يَدِهِ وَتَشَوَّهَ لَا يَضْمَنُ أَحْكَامُ الْعَارِيَّةُ وَضَمَانُهَا

رَابِعًا: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ سِلَاحًا لِمُحَارَبَةِ الْعَدُوِّ فَانْكَسَرَ السِّلَاحُ كَأَنْ كَانَ سَيْفًا أَثْنَاءَ الْقِتَالِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. خَامِسًا: لَوْ زَلَّتْ قَدَمُ أَحَدٍ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابًا مُسْتَعَارَةً فَتَمَزَّقَتْ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. سَادِسًا: لَوْ وَقَعَ عَلَى الْبِسَاطِ الْمُعَارِ فَتَلَوَّثَ بِهِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهٌ فَلَا ضَمَانَ. سَابِعًا: لَوْ قَصَدَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ إلَى مَحِلٍّ مُعْتَادٍ مُسَمًّى وَرَجَعَ مِنْهُ فَضَعُفَتْ الدَّابَّةُ أَوْ كَانَتْ حُبْلَى فَأَسْقَطَتْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ. ثَامِنًا: لَوْ أَحْضَرَ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمُعِيرِ فَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: ضَعْهُ هُنَا، فَسَقَطَ مِنْهُ بَيْنَمَا كَانَ يَضَعُهُ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ وَانْكَسَرَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. تَاسِعًا: لَوْ أَصْبَحَتْ الثِّيَابُ بِحَالَةٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ إيَّاهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. عَاشِرًا: لَوْ سَقَطَ الْكَأْسُ أَوْ فِنْجَانُ الْقَهْوَةِ مِنْ يَدِ الشَّارِبِ بَعْدَ أَنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ يَدِ السَّاقِي وَأَخَذَ يَشْرَبُ فَانْكَسَرَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْكَأْسِ أَوْ الْفِنْجَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ. أَمَّا ثَمَنُ الْقَهْوَةِ وَالْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ وَقَدْ تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (294) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمُسْتَعَارَةُ بِاسْتِعْمَالِهَا الِاسْتِعْمَالَ الْمُعْتَادَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بِاسْتِعْمَالِهَا اسْتِعْمَالًا غَيْرَ مُعْتَادٍ ضَمِنَ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ ارْتَدَى لِبَاسَ النَّهَارِ لَيْلًا وَنَامَ عَلَى السَّرِيرِ فَتَمَزَّقَ كَانَ ضَامِنًا. وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الْمُحْتَرَزُ عَنْهُ مِنْ قَيْدِ " بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ " الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهُوَ وُجُوبُ الضَّمَانِ فِي حَالِ التَّلَفِ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ فَإِذَا تَلِفَتْ بِتَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ لَزِمَ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ كَوْنِ الْعَارِيَّةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَارَ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَأَمْسَكَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ أَمْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ لَزِمَ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (826) وَقَدْ عَدَّ مُحَشِّي الدُّرَرِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةً إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُعَدَّ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ تَعَدِّيًا فَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهَذَا الْحُكْمُ فِي الْعَارِيَّةُ أَيْ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَارُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِلْكًا لِلْمُعِيرِ أَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَارِيَّةُ مِلْكٌ لِشَخْصٍ آخَرَ يَعْنِي لَوْ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَيْسَ بِعَارِيَّةٍ بِتَبَيُّنِ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ إذْ إنَّ الْعَارِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ وَالتَّمْلِيكُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمَالِكِ وَالْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (777) . يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَخْصِ الْمُسْتَحِقِّ غَاصِبًا وَالْمُسْتَعِيرُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ، كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (910) ، تَضْمِينُ الْمُعِيرِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُسْتَعِيرِ. وَأَيُّهُمَا ضَمِنَ فَلَيْسَ لِلضَّامِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ إذَا ضَمِنَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ هُوَ كَمَا يَأْتِي: بِمَا أَنَّ الْمُعِيرَ يَمْلِكُ الْمُسْتَعَارَ بِالضَّمَانِ وَقْتَ الْإِعَارَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَعَارَ مَالَهُ وَالْعَارِيَّةَ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً مَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ حَاصِلًا بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ فَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُعِيرِ هُوَ أَنَّ الْعَارِيَّةُ عَقْدٌ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْقَابِضِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) (الْبَحْرُ) فَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي مَالٍ أَعَارَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِشَخْصٍ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ

(المادة 814) حصل من المستعير تعد أو تقصير بحق العارية

وَلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ كُلًّا مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ ضَمَانُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. وَإِذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ مِلْكُهُ فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَبِعْهُ مِنْ آخَرَ أَوْ لَمْ يَهَبْهُ لَهُ لَكِنْ لَوْ ادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ قَدْ بَاعَ مِنْهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ أَذِنَهُ بِإِعَارَتِهِ لِآخَرَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُعِيرُ دَعْوَاهُ وَنَكِلَ الْمُسْتَحِقُّ لَدَى تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ تَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الِاخْتِلَافُ فِي إعَارَةِ مَالٍ أَوْ غَصْبِهِ: لَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُعِيرُ فَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: إنَّك أَعَرْتنِي دَابَّتَك وَتَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَقَالَ لَهُ الْمُعِيرُ: إنِّي لَمْ أُعِرْك إيَّاهَا بَلْ اغْتَصَبْتهَا اغْتِصَابًا، فَإِذَا لَمْ يَرْكَبْ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ فَلَا يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا تَعَدَّى الْأَمِينُ مَرَّةً أَوْ خَالَفَ فَلَا تَعُودُ إلَيْهِ صِفَةُ الْأَمَانَةِ وَلَوْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ. وَعَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ الْأَمَانَةُ بَعْدَ ذَلِكَ. أَيْ بَعْدَ مُعَاوَدَةِ الْأَمِينِ إلَى الْوِفَاقِ، كَانَ ضَامِنًا. وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. وَإِلَيْك بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُتَفَرِّقَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُسْتَأْجِرُ، وَقَدْ جَاءَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (454) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، الْمُسْتَعِيرُ لِشَيْءٍ غَيْرَ الرَّهْنِ. [ (الْمَادَّةُ 814) حَصَلَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٌ بِحَقِّ الْعَارِيَّةُ] (الْمَادَّةُ 814) - (إذَا حَصَلَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٌ بِحَقِّ الْعَارِيَّةِ ثُمَّ هَلَكَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَبِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ الْهَلَاكُ أَوْ النَّقْصُ يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا ذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ بِالدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ إلَى مَحِلٍّ مَسَافَتُهُ يَوْمَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَتَلِفَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ أَوْ هَزَلَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَزِمَ الضَّمَانُ وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ فَتَجَاوَزَ بِهَا ذَلِكَ الْمَحِلَّ ثُمَّ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ حَتْفَ أَنْفِهَا لَزِمَ الضَّمَانُ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعَارَ إنْسَانٌ حُلِيًّا فَوَضَعَهُ عَلَى صَبِيٍّ وَتَرَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الصَّبِيِّ مَنْ يَحْفَظُهُ فَسُرِقَ الْحُلِيُّ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَادِرًا عَلَى حِفْظِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ) . فَلَوْ حَصَلَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ تَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٌ بِحَقِّ الْعَارِيَّةُ ثُمَّ هَلَكَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَبِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ الْهَلَاكُ أَوْ النَّقْصُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ أَمْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ حَتْفَ أَنْفِهَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا أَصْبَحَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ فَقَدْ تَحَوَّلَتْ يَدُ أَمَانَتِهِ إلَى يَدِ ضَمَانٍ. أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ ضَمَانُ مِثْلِ الْعَارِيَّةُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتِهَا تَامَّةً إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَقِيمَةِ النُّقْصَانِ فَقَطْ فِي حَالِ النُّقْصَانِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - قِيلَ " لَوْ حَصَلَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ تَعَدٍّ؛ لِأَنَّ التَّعَدِّيَ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَعِيرِ بَلْ وَقَعَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (89) مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الصَّغِيرُ الْمَحْجُورُ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَعِيرِ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ مَالًا لِآخَرَ وَضَاعَ لَزِمَ الضَّمَانُ الصَّبِيَّ الدَّافِعَ. الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

قِيلَ " بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ ": أُشِيرَ بِهَذَا الْقَيْدِ إلَى أَنَّ نِيَّةَ التَّعَدِّي الْمُجَرَّدَةَ بِلَا فِعْلٍ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 2) . مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ فَرَسًا وَنَوَى عَدَمَ إعَادَتِهَا لِصَاحِبِهَا ثُمَّ تَرَكَ هَذِهِ النِّيَّةَ، يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَى تِلْكَ الْفَرَسِ وَسَائِرًا بِهَا لَزِمَ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ بَعْدَ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ قَدْ اقْتَرَنَتْ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ النِّيَّةِ وَاقِفًا، أَيْ غَيْرَ سَائِرٍ بِالْفَرَسِ، ثُمَّ سَارَ بَعْدَ النِّيَّةِ وَتَلِفَتْ الْفَرَسُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْفِعْلِ. وَيُوَضَّحُ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي كَتَلَفِ الدَّابَّةِ بِكَبْحِهَا بِاللِّجَامِ أَوْ إتْلَافِ عَيْنِهَا أَوْ تَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا إلَى مَحِلٍّ مَعْلُومٍ بِحَبْسِهَا فِي الْبَيْتِ أَوْ بِأَخْذِهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لِلسَّقْيِ أَوْ بِتَحْمِيلِهَا حِمْلًا يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُطِيقُهُ أَوْ بِاسْتِعْمَالِهَا لَيْلًا نَهَارًا أَوْ بِاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ لِحَرْثِ أَرْضٍ فِي أَرْضٍ أُخْرَى أَقْسَى تُرْبَةً مِنْهَا وَمَا مَاثَلَهَا مِنْ الْأَحْوَالِ فَيُعَدُّ تَعَدِّيًا، وَكَذَلِكَ بِضَيَاعِ الدَّابَّةِ بِتَرْكِهَا فِي الزُّقَاقِ وَدُخُولِ الْمُسْتَعِيرِ الْبَيْتَ أَوْ الْمَسْجِدَ بِحَيْثُ لَا تُرَى أَيْ تَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ تَقْصِيرًا فِي الْحِفْظِ سَوَاءٌ أَرَبَطَهَا فِي الْبَابِ أَمْ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مَتَى جَعَلَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ تَغِيبُ عَنْ نَظَرِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَضَاعَهَا. أَمَّا إذَا لَمْ تَغِبْ عَنْ نَظَرِهِ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ لِتَرْعَى وَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنْ تُرْسَلَ لِلرَّعْيِ وَاذَا كَانَتْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُشْتَرَكَةً ضَمِنَ (الْبَحْرُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 41) وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ التَّعَدِّيَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ قَدْ وُضِّحَ آنِفًا وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُهُ فِي الْأَمْثِلَةِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ فَفِي الْمَوَادِّ (815 و 816 و 817 و 820 و 821 و 823 و 825 و 826 و 827 و 828 و 829) قَدْ حُرِّرَ أَيْضًا (الْبَحْرُ) . 3 - جَاءَ " بِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ، يَعْنِي لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ مَرَّةً أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ أَوْ لَوْ لَمْ يَحْدُثْ التَّلَفُ وَلَمْ يَطْرَأْ النُّقْصَانُ بِذَلِكَ التَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ بَلْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ تَرْكِ الْمُسْتَعِيرِ التَّعَدِّيَ وَدَعْوَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ فَرَسًا لِيَرْكَبَهُ إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ وَبَلَغَ ذَلِكَ وَتَجَاوَزَهُ إلَى مَكَانٍ آخَرَ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ إذَا عَادَ إلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ وَيَكُونُ الْفَرَسُ مَضْمُونًا إلَى أَنْ يُعِيدَهُ إلَى صَاحِبِهِ سَالِمًا فَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ التَّجَاوُزِ كَانَ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ فَاسْتَعْمَلَ الْمَالَ ثُمَّ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ كَانَ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قَاعِدَةٌ فِي الْأَحْوَالِ الَّتِي تُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْإِعَارَةِ: قَدْ ذَكَرْتُ الْقَاعِدَةَ الْآتِيَةَ لِضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ وَهِيَ (الْعَارِيَّةُ كَالْإِجَارَةِ فَكُلُّ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْإِجَارَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْإِعَارَةِ) أَيْضًا (الضَّمَانَاتُ الْفَضِيلِيَّةُ فِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ) . 4 - قِيلَ: هَلَكَتْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ إذَا تَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ ضَرَرٌ مَا وَأَعَادَ الْمُسْتَعَارَ سَالِمًا إلَى صَاحِبِهِ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ بَرِيئًا فَلَوْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. 5 - جَاءَ وَقْتُ التَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ إلَخْ، فَلْنُوضِحْ هَذَا بِمِثَالٍ: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِمُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَمَضَتْ وَلَمْ يُعِدْ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَعَدِّيًا بِمُقْتَضَى

الْمَادَّةِ (826) فَلَوْ أَمْسَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَلِفَتْ فَتَلْزَمُ قِيمَتُهَا اعْتِبَارًا مِنْ الْيَوْمِ الْخَامِسِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَلَا مُقَصِّرًا فِي مُدَّةِ الْإِعَارَةِ إلَى انْتِهَاءِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَالْمُسْتَعَارُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَيَبْدَأُ تَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرُهُ مُنْذُ خِتَامِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْ فِي الْمَادَّةِ (803) وَعَدَمُ ذِكْرِهَا فِي الْعَارِيَّةُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهَا مَفْهُومَةً مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ. 6 - قِيلَ: قِيمَتُهَا. إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلْمُعِيرِ. (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 8 وَ 76) . مَثَلًا لَوْ ذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ بِالدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ إلَى مَحِلٍّ مَسَافَتُهُ يَوْمَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ حَمَّلَهَا حِمْلًا يَزِيدُ عَنْ طَاقَتِهَا وَسَاقَهَا بِالْعُنْفِ وَالشِّدَّةِ فَتَلِفَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ أَوْ هَزَلَتْ أَوْ عَرَجَتْ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَزِمَ الضَّمَانُ. كَذَلِكَ لَوْ حَرَثَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَزْرَعَةَ عَلَى ثَوْرَيْنِ ثُمَّ أَطْلَقَهُمَا بَعْدَ الْحَرْثِ مَرْبُوطَيْنِ بِحَبْلِهِمَا فَاخْتَنَقَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِرُكُوبِهِ فَأَرْدَفَ شَخْصًا آخَرَ مَعَهُ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ نِصْفَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ الْوَاقِعَ نَاشِئٌ عَنْ الْفِعْلِ الْمَأْذُونِ بِهِ وَالْفِعْلِ الْغَيْرِ الْمَأْذُونِ بِهِ فَتَنْقَسِمُ الْقِيمَةُ عَلَى الْفِعْلَيْنِ وَمَا يُصِيبُ الْفِعْلَ الْمَأْذُونَ فِيهِ فَهُوَ هَدَرٌ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ كُلَّ الْقِيمَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحِلٍّ فَذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَتَجَاوَزَهُ فَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ وَهُوَ عَائِدٌ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ أَوْ قَبْلَ عَوْدَتِهِ إلَيْهِ حَتْفَ أَنْفِهَا بِآفَةٍ يَعْنِي سَمَاوِيَّةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّجَاوُزَ لَمَّا كَانَ تَعَدِّيًا وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْمُسْتَعَارِ تَعَدٍّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ غَصْبًا فَالتَّلَفُ الْوَاقِعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَيِّ صُورَةٍ كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ. وَاذَا كَانَ التَّلَفُ حَتْفَ الْأَنْفِ فَلَا يُقَالُ: مَا ذَنْبُ الْمُسْتَعِيرِ فِي ذَلِكَ. الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ فِي الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ بَعْدَ التَّعَدِّي: لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ إلَى الْمُعِيرِ سَالِمَةً بَعْدَ التَّجَاوُزِ الْمَذْكُورِ وَادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّجَاوُزُ الْمَذْكُورُ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ. بَعْضُ التَّعَدِّيَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْمُسْتَعَارِ: كَذَلِكَ لَوْ نَامَ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ مُمْسِكٌ عِنَانَ الْفَرَسِ فَجَاءَ أَحَدٌ فَقَطَعَ الْعِنَانَ وَأَخَذَ الْفَرَسَ فَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْفَرَسِ أَمَّا لَوْ أَخَذَ السَّارِقُ الْعِنَانَ مِنْ يَدِهِ وَسَرَقَ الْفَرَسَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَضْمَنُ إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ وَنَامَ مُضْطَجِعًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ ضَيَّعَ الْعَارِيَّةُ بِنَوْمِهِ نَوْمًا ثَقِيلًا لَا يَتَنَبَّهُ مَعَهُ عَلَى أَخْذِ السَّارِقِ الْعِنَانَ مِنْ يَدِهِ وَإِلَّا لَوْ نَامَ فِي الْحَضَرِ جَالِسًا فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لَوْ نَامَ جَالِسًا وَكَانَتْ الْفَرَسُ أَمَامَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِقْوَدُهَا فِي يَدِهِ وَهُنَا يَجِبُ أَنْ لَا يَلْزَمَ ضَمَانٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَرَنَ أَحَدٌ الْبَقَرَةَ الَّتِي اسْتَعَارَهَا مَعَ أُخْرَى قُوَّتُهَا ضِعْفًا وَاشْتَغَلَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَتَلِفَتْ الْبَقَرَةُ

الْمُعَارَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (43) إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا أَمَّا إذَا كَانَ خِلَافَ الْمُعْتَادِ لَزِمَ الضَّمَانُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَحِلٍّ فَذَهَبَ إلَى غَيْرِهِ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ الْمَحِلُّ الَّذِي قَصَدَ إلَيْهِ أَقْرَبَ مِنْ الْمُسَمَّى وَلَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ إلَى الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعَارَهُ إيَّاهَا لِلذَّهَابِ وَلَيْسَ لِلْإِمْسَاكِ (الْبَحْرُ) إذْ إنَّ إمْسَاكَ الدَّابَّةِ فِي الْإِصْطَبْلِ بِلَا عَمَلٍ مُضِرٌّ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (546) وَقَدْ فَصَّلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (817) . وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ إنْسَانٌ قِلَادَةً فَقَلَّدَهَا الصَّبِيَّ وَتَرَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الصَّبِيِّ مَنْ يَحْرُسُهُ بِعَيْنِهِ فَسُرِقَتْ الْقِلَادَةُ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ قَادِرًا عَلَى حِفْظِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ الْعَارِيَّةُ لِآخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (819) وَالْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ. إنَّ الْمِثَالَ الَّذِي مَرَّ لَمْ يَكُنْ مِثَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَيُعْتَبَرُ مِثَالًا لَهَا بِسَبَبِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى حِفْظِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانُ تِلْكَ الْقِلَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرِ الْقَادِرِ عَلَى حِفْظِهَا فَقَدْ ضَيَّعَ الْقِلَادَةَ أَيْ قَصَّرَ فِي حِفْظِهَا. وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ السَّارِقَ أَيْضًا لَا يَنْجُو مِنْ الضَّمَانِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَالْمُعِيرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ لِتَضْيِيعِهِ إيَّاهَا وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَجَلَّةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ تَضْمِينُ السَّارِقِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ السَّارِقَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لِلسَّارِقِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) . وَكَذَلِكَ إذَا نَبَّهَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِأَنَّ دَابَّتَهُ لَا تُحْفَظُ بِدُونِ مِقْوَدٍ وَأَنَّهُ يَجِبُ قَوْدُهَا بِمِقْوَدٍ وَأَلَّا يَتْرُكَ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا فَقَادَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِدُونِ مِقْوَدٍ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَسَقَطَتْ وَعَطِبَتْ رِجْلُهَا لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَدْ خَالَفَ شَرْطًا مُفِيدًا. وَكَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْهِلًا تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ مِنْ تَرِكَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 801) وَشَرْحَهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ أَمَامَهُ وَنَامَ جَالِسًا وَسُرِقَتْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَالِ السَّفَرِ أَمْ فِي حَالِ فِي الْحَضَرِ. أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا وَسُرِقَتْ وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَضَرِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا وَقَعَ فِي حَالِ السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَمْ أَمَامَهُ أَمْ كَانَ حُوِّلَ بِصُورَةٍ يُعَدُّ فِيهَا حَافِظًا لَهُ: (الِادِّعَاءُ بِوُقُوعِ التَّصَرُّفِ الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ) . لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ وَقَعَ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَلِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمُعِيرُ فَبِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُعِيرُ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ فَبِهَا وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهُ يَحْلِفُ الْمُعِيرُ الْيَمِينَ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1632) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.

مُسْتَثْنَيَاتٌ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي ابْتِدَاءِ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الشَّرْحِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ وَهُوَ بَرَاءَةُ الْأَمِينِ إذَا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ التَّعَدِّي وَالْمُخَالَفَةِ. 1 - الْمُسْتَوْدَعُ: وَقَدْ مَرَّتْ أَحْكَامُهُ مُفَصَّلَةً فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . 2 - مُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ: فَلَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنْ يَرْهَنَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ قَدْ تَعَدَّى لَكِنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ بَعْدَ تَرْكِهِ اسْتِعْمَالَهُ وَسَلَّمَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ رَجَعَ أَمِينًا كَمَا كَانَ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ الدَّيْنَ فِي مُقَابِلِ الرَّهْنِ أَوْ قَبْلَ تَأْدِيَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانُ الْغَصْبِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 3 - الْمُضَارِبُ: إذَا خَرَجَ الْمُضَارِبُ عَنْ حُدُودِ مَأْذُونِيَّتِهِ وَخَالَفَ الشَّرْطَ كَانَ غَاصِبًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1421) لَكِنْ لَوْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ كَانَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ وَيَكُونُ مُضَارِبًا كَمَا كَانَ. فَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ وَاشْتَرِ فِي الْقُدْسِ، فَذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى الشَّامِ لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ كَانَ غَاصِبًا فَإِذَا تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ الْمُعْطَى لَهُ فِي الشَّامِ ضَمِنَهُ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَكِنَّهُ لَوْ عَادَ إلَى الْقُدْسِ مَعَ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي الشَّامِ فَتَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْقُدْسِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. 4 - الْمُسْتَبْضَعُ: لَوْ قَالَ الْمُبْضِعُ لِلْمُسْتَبْضَعِ: لَا تَخْرُجْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَأَخَذَ الْمُسْتَبْضَعُ الْبِضَاعَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ كَانَ غَاصِبًا. فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ هُنَاكَ كَانَ ضَامِنًا لَكِنْ لَوْ نَقَلَ الْبِضَاعَةَ قَبْلَ التَّلَفِ إلَى عَيْنِ الْبَلَدِ الْمَشْرُوطِ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ وَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَكُونُ ضَامِنًا. 5 - الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ: لَوْ اسْتَعْمَلَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ شَيْءٍ ذَلِكَ الشَّيْءَ كَانَ غَاصِبًا. لَكِنْ لَوْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بِتَرْكِهِ الِاسْتِعْمَالَ الَّذِي هُوَ تَعَدٍّ يَعُودُ أَمِينًا إلَى صِفَتِهِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا. 6 - الْوَكِيلُ بِالْحِفْظِ. 7 - الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ: فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ عَلَى أَنْ يُؤَجَّرَ مِنْ فُلَانٍ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالذَّاتِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَكَهُ وَتَلِفَ فَلَا يَضْمَنُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 8 - الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ خَمْسَ ذَهَبَاتٍ لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا فَاسْتَأْجَرَ لَهُ خِلَافًا لِمَأْذُونِيَّتِهِ دُكَّانًا وَبَعْدَ ذَلِكَ اسْتَرَدَّ تِلْكَ الذَّهَبَاتِ عَيْنًا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا (مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . 9 - شَرِيكُ الْعِنَانِ: لَوْ عَقَدَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ مُنْحَصِرَيْنِ فِي بَلْدَةٍ بِهَذَا الْقَيْدِ فَأَخَذَ الشَّرِيكُ رَأْسَ الْمَالِ بِلَا إذْنِ الْمُشَارِكِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَبَعُدَ ذَلِكَ الْبَلَدُ الْأَوَّلُ الْمَشْرُوطُ عَادَتْ لَهُ صِفَةُ الْأَمِينِ. 10 - الشَّرِيكُ الْمُفَاوِضُ وَهَذَا بَعْدَ التَّعَدِّي إذَا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَتْ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ صِفَةُ

(المادة 815) نفقة المستعار على المستعير

الْأَمِينِ. وَالْفَرْقُ إذَا عَادَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ إلَى الْوِفَاقِ لَا يَبْرَأُ مَعَ كَوْنِهِ إذَا عَادَ بَعْضُ الْأُمَنَاءِ كَالْمُسْتَوْدَعِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ يَبْرَأُ وَيُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . [ (الْمَادَّةُ 815) نَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ] (الْمَادَّةُ 815) نَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ الْمُعَارَةَ بِدُونِ عَلَفٍ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (816) أَمْ مُؤَقَّتَةً عَلَى مَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (817) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ مَالِكًا لِمَنَافِعِ الْعَارِيَّةِ مَجَّانًا فَنَفَقَتُهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ (الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ) كَمَا فِي الْمَادَّةِ (88) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطَيْتُك هَذَا الْحَيَوَانَ لِتَسْتَعْمِلَهُ وَتَعْلِفَهُ كَانَ ذَلِكَ عَارِيَّةً وَلَيْسَ هَذَا عَقْدُ إجَارَةٍ بِأَنْ يُعَدَّ أَمْرُ إعْطَاءِ الْعَلَفِ بَدَلَ إجَارَةٍ. وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ إجْبَارُ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وَضَحَ فِي الْمَادَّةِ (806) لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ فَسْخُ الْعَارِيَّةُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ فَلَا مَحِلَّ لِهَذَا الْإِجْبَارِ. وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ كَمَا يَأْتِي: أَيْ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَنْفِقْ عَلَى الْمُسْتَعَارِ وَاسْتَحْصِلْ الْمَنْفَعَةَ مِنْهُ أَوْ اُتْرُكْهُ وَرُدَّهُ لِلْمُعِيرِ وَتَخَلَّصْ مِنْ النَّفَقَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَمْسَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةُ وَلَمْ يُعْطِهَا عَلَفًا فَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا. وَفَائِدَةُ قَيْدِ " مَعَ الْإِمْسَاكِ " يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الشَّرْحِ أَنِفًا. مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَتَلْزَمُ نَفَقَةُ الْمُسْتَعَارِ الْمُعِيرَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك هَذَا الْحَيَوَانَ عَلَى أَنْ تَعْلِفَهُ وَقَبِلَ الْمُسْتَعِيرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَارِيَّةً بَلْ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْبَدَلَ مَجْهُولَانِ (الْبَاجُورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 816) كَوَّنَ الْإِعَارَة مُطْلَقَةً] (الْمَادَّةُ 816) إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا الْمُعِيرُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةُ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ شَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ لَكِنْ يُقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. مَثَلًا إذَا أَعَارَ رَجُلٌ دَابَّةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إعَارَةً مُطْلَقَةً فَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُهُ إلَى أَيِّ مَحِلٍّ شَاءَ وَإِنَّمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي مَسَافَةُ الذَّهَابِ إلَيْهِ سَاعَتَانِ عُرْفًا أَوْ عَادَةً فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ شَخْصٌ حُجْرَةً فِي خَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَأَنْ يَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَتَهُ إلَّا أَنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ فِيهَا بِصَنْعَةِ الْحِدَادَةِ خِلَافًا لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. أَيْ إنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا الْمُعِيرُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ

بِشَخْصِ الْمُنْتَفِعِ وَبِشَرْطٍ مُفِيدٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (819) كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةِ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ شَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ كَيْ يَسْتَعْمِلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بِمُوجَبِ الْإِذْنِ الْمُعْطَى لَهُ مِنْ الْغَيْرِ وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ مُطْلَقًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَيَتَصَرَّفَ بِهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 96 ". سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي تُمْلَكُ بِالْإِعَارَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَجْهُولَةٌ وَجَهَالَةُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُمْلَكُ تُوجِبُ فَسَادَ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 213، 451، 460) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِعَارَةُ فَاسِدَةً. الْجَوَابُ: لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (804) وَبِمَا أَنَّ لِلْمُعِيرِ حَقَّ الرُّجُوعِ فِي أَيِّ زَمَانٍ أَرَادَ فَلَا تُوجِبُ جَهَالَةُ الْمَنَافِعِ فَسَادَ الْإِعَارَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْمُعِيرَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَعِيرِ مَا تَصَدَّى لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي الْحَالِ وَيَسْتَرِدُّ الْمُعَارَ لَكِنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَا مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَالْجَهَالَةُ فِيهِمَا بَاعِثَةٌ عَلَى النِّزَاعِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَمَعْنَى قَوْلِهِ (عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ) هُوَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ: ارْكَبْ الدَّابَّةَ أَوْ احْمِلْ عَلَيْهَا حِمْلًا أَوْ اُسْكُنْ الدَّارَ الْمُسْتَعَارَةَ أَوْ ضَعْ فِيهَا أَمْتِعَتَك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ هُنَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا الْإِطْلَاقُ الْوَارِدُ فِي الْمَادَّةِ (819) فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُنْتَفِعِ. وَعَلَى ذَلِكَ تَتَدَاخَلُ هَاتَانِ الْمَادَّتَانِ بَعْضُهُمَا فِي بَعْضٍ. لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُسْتَعَارَ أَوْ يَرْهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ. كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (823) (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . وَتَنْقَسِمُ الْإِعَارَةُ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّتَيْنِ (819 و 820) أَنَّ الْإِعَارَةَ سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ شَيْئَانِ يَدُورَانِ بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. فَيَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَقْسَامٌ وَيَحْصُلُ مِنْ أَخْذِ الطَّرَفَيْنِ مُرَكَّبَيْنِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أُخْرَى كَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي جُمْلَتِهَا أَوْ التَّقْيِيدِ قِسْمَانِ آخَرَانِ وَهِيَ: 1 - الْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي الْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ. 2 - الْإِطْلَاقُ فِي الْمَكَانِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالْمُنْتَفِعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ. 3 - الْإِطْلَاقُ فِي الِانْتِفَاعِ. وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمُنْتَفِعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ. 4 - الْإِطْلَاقُ فِي الْمُنْتَفِعِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ. 5 - الْإِطْلَاقُ فِي الشَّرْطِ الْمُفِيدِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالْمُنْتَفِعِ. 6 - التَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ، وَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. وَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَادَّة (818) يُشِيرُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ.

التَّقْيِيدُ فِي الْمَكَانِ، وَالْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَالْفِقْرَةِ الْقَائِلَةِ (إذَا اسْتَعَارَ فَرَسًا يَرْكَبُهُ إلَى مَحِلٍّ) مِنْ الْمَادَّةِ (817) تُشِيرُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ (الْبَحْرُ) . 8 - التَّقْيِيدُ فِي الِانْتِفَاعِ، هُوَ الْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَالْمُنْتَفِعِ، وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ، وَإِنَّ الْعَارِيَّةَ الْمَارُّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (818) هِيَ هَذَا الْقِسْمُ الثَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ ذَكَرَ التَّقْيِيدَ فِي الِانْتِفَاعِ فَلَوْ كَانَ يَقْصِدُ أَيْضًا التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَكَانَتْ الْمَادَّةَ الْمَذْكُورَةَ عَنْ الْمَادَّةِ (817) وَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَدْرَكَةً فَلِذَلِكَ قَدْ قَصَدَ الْإِطْلَاقَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَحَصَلَ بِذَلِكَ هَذَا الْقِسْمُ الثَّامِنُ. 9 - التَّقْيِيدُ بِالْمُنْتَفِعِ، وَالْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (820) . 10 - التَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَالْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَالِانْتِفَاعِ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ الِاسْتِعْمَالَ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ كَانَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ. فَلَوْ قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ عِنْدَ إعَارَةِ الدَّابَّةِ: أَمْسِكْ عِنَانَ الدَّابَّةِ وَلَا تَتْرُكْهُ حَيْثُ لَا تُحْفَظُ إلَّا بِهِ ثُمَّ أَرْخَى لَهَا الْعِنَانَ بَعْدَ زَمَنٍ فَأَسْرَعَتْ فِي الْمَشْيِ وَسَقَطَتْ إلَى الْأَرْضِ وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 11 - الْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. 12 - الْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. أَمَّا قِسْمُ الْإِطْلَاقِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ، وَالتَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ. 13 - التَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْإِطْلَاقُ فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. وَالْعَارِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي الْمَادَّةِ (817) هِيَ عَارِيَّةُ هَذَا الْقِسْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ التَّقْيِيدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَلَوْ كَانَ يَقْصِدُ أَيْضًا التَّقْيِيدَ فِي الِانْتِفَاعِ لَكَانَتْ الْمَادَّةُ الْمَذْكُورَةُ عَيْنَ الْمَادَّةِ (818) وَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُسْتَدْرَكَةً فَلِذَلِكَ قَدْ قَصَدَ مِنْهَا الْإِطْلَاقَ فِي الِانْتِفَاعِ كَمَا فَصَّلَ فِي شَرْحِهَا. 14 - التَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْإِطْلَاقُ فِي الْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَقَدْ وُضِعَ بَحْثُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (819) وَ (820) . أَمَّا قِسْمُ التَّقْيِيدِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالْإِطْلَاقِ فِي الشَّرْطِ الْمُفِيدِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ. 15 - الْإِطْلَاقُ فِي الْجَمِيعِ يَتَأَلَّفُ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِنْ مَجْمُوعِ الْمَادَّةِ (819) . 16 - التَّقْيِيدُ فِي الْجَمِيعِ (الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ مَعَ الْإِيضَاحِ) وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقِسْمَ السَّادِسَ عَشَرَ فَيُسْتَنْبَطُ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَوَادِّ (817 و 818 و 820) ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَمَّا كَانَتْ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (817) مُقَيَّدَةً بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَبِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (18 8) مُقَيَّدَةً بِنَوْعٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَبِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (820) مُقَيَّدَةً بِالْمُنْتَفِعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ مُخَالَفَةُ التَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَصْلًا كَمَا لَيْسَ لَهُ مُحَالَفَةُ التَّقْيِيدِ فِي الْمُنْتَفِعِ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا يَتَّضِحُ لَك عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. فِي لُزُومِ الْمُوَافَقَةِ عَلَى التَّقْيِيدَاتِ الْخَمْسَةِ أَوْ عَدَمِ لُزُومِهَا: وَعَلَيْهِ لَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْأَشْبَاهَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ فَيَلْزَمُ انْقِيَادُ الْمُسْتَعِيرِ لِذَلِكَ فِي كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لَهُ مُخَالَفَتُهُ أَمَّا التَّقْيِيدُ مِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعِ: فَلَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقُ. أَمَّا مُخَالَفَتُهُ إلَى خَيْرٍ أَيْ دُونَ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقُ فَجَائِزَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (818) .

(المادة 817) كون الإعارة مقيدة بزمان أو مكان

أَمَّا التَّقْيِيدُ مِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ. فَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا ذَكَرَ حُكْمَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (820) . وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ نُظِرَ فِي تَعْبِيرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ " الزَّمَانُ وَالْمَكَانُ الَّذِي يُرِيدُهُ " إلَى الْإِطْلَاقِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَفِي تَعْبِيرِ " عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ " قَدْ نُظِرَ إلَى الْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. وَاعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ يَكُونُ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ دَلِيلٍ عَلَى التَّقْيِيدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، فَعَلَيْهِ تُقَيَّدُ الْإِعَارَةُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دَلَالَةً وَلَوْ لَمْ تُقَيَّدْ صَرَاحَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45) بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِمَا يُخَالِفُ عُرْفَ الْبَلْدَةِ وَعَادَتَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (814) إلَّا أَنَّهُ إذَا تَقَيَّدَتْ الْإِعَارَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَلَا تَخْرُجُ الْإِعَارَةُ بِذَلِكَ مِنْ قِسْمِ الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ فَرَسَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إعَارَةً مُطْلَقَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَكَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ فَلَهُ (1) أَنْ يَرْكَبَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَيَشْمَلُ هَذَا الْإِطْلَاقَ فِي الزَّمَانِ. (2) وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى أَيِّ مَحِلٍّ أَرَادَ وَهَذَا مِثَالٌ لِلْإِطْلَاقِ فِي الْمَكَانِ. إنْ شَاءَ رَكِبَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَكِبَهُ غَيْرُهُ. وَهَذَا الْمَحِلُّ سَوَاءٌ كَانَ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ أَمْ خَارِجَهَا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كِلَا الْحَالَيْنِ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) (لَهُ أَنْ يَذْهَبَ) لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ أُرِيدَ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمَجِيءِ فَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَوْ يُحَمِّلَهُ حِمْلًا وَيَأْتِيَ بِهِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلذَّهَابِ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي الْقُدْسِ إلَى يَافَا فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهَا وَيَرْجِعَ. فَلَوْ ذَهَبَ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً إلَى الْمَحِلِّ الْمُسْتَعَارِ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا شَهْرًا هُنَاكَ حَمَّلَ الدَّابَّةَ حِمْلًا مُعْتَادًا وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَضْمَنُ. أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَإِنَّمَا لَهُ الذَّهَابُ دُونَ الْمَجِيءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: رَدُّ الْعَارِيَّةِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرُ لَا يَسْتَطِيعُ الرَّدَّ إلَّا بَعْدَ الْمَجِيءِ حَالَةَ كَوْنِ رَدِّ الْمَأْجُورِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (594) . الْمَثَلُ الثَّانِي: لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ تَبَرُّعًا فَالتَّسَامُحُ جَارٍ فِيهَا أَمَّا الْإِجَارَةُ فَبِمَا أَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَالْمُضَايَقَةُ أَيْ عَدَمُ التَّسَامُحِ فِيهَا مَرْعِيَّةٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الذَّهَابُ بِالدَّابَّةِ الْمُعَارَةِ إلَى الْمَحِلِّ فَاَلَّذِي مَسَافَةُ الذَّهَابِ إلَيْهِ سَاعَتَانِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ لِلْحَمْلِ دَابَّةً فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْحِمْلَ فَلِلْمُسْتَعِيرِ تَحْمِيلُ أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا فَوْقَ طَاقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ يُصْرَفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ، وَالْحِمْلُ فَوْقَ الطَّاقَةِ لَيْسَ مُتَعَارَفًا حَتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ دَابَّتَهُ فَوْقَ طَاقَتِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ شَخْصٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حُجْرَةً فِي خَانٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَأَنَّهُ يَضَعُ فِيهَا أَمْتِعَةً وَهَذَا مِثَالٌ لِلْإِطْلَاقِ فِي الِانْتِفَاعِ. وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا يُخَالِفُ الْعَادَةَ كَأَنْ يَشْتَغِلَ فِيهَا بِصَنْعَةِ الْحِدَادَةِ مِمَّا يُوَرِّثُ وَهْنَ الْبِنَاءِ وَضَرَرَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 817) كَوَّنَ الْإِعَارَة مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان] (الْمَادَّةُ 817) إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ مَثَلًا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ وَكَذَلِكَ اسْتَعَارَ فَرَسًا

لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِهِ ". إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَمُقَيَّدَةً بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَيْدُ وَالشَّرْطُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَتُهُ أَيْ مُخَالَفَةُ الْقَيْدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَإِنْ خَالَفَهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْذَنُ لَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ. يَعْنِي ` إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُقَيَّدَةً بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ وَمُطْلَقَةً فِي الِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ كَيْفَ شَاءَ بِالْمُسْتَعَارِ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ دَائِرَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنَيْنِ وَالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعَ بِالْمُسْتَعَارِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ فِي دَائِرَةِ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ أَنْ يُعِيرَهُ لِغَيْرِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعَارَةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى إطْلَاقِهَا مِنْ حَيْثُ الِانْتِفَاعِ وَمِنْ حَيْثُ الْمُنْتَفِعِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةِ وَالِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي إذَا شَاءَ انْتَفَعَ بِهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ يَكُنْ. وَلَيْسَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (التَّقْيِيدُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ إذَا قَيَّدَ الِاسْتِعْمَالَ بِالشَّرْطِ الْمُفِيدِ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَهُ وَقَدْ ذُكِرَ مِثَالُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (816) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ عَمْدًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُخَالَفَةُ سَهْوًا أَيْضًا. مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ عَمْدًا: إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ وَيَذْهَبَ بِهَا إلَى الْمَحِلِّ الْمُرَادِ فَإِنْ شَاءَ رَكِبَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ. وَإِذَا رَكِبَهَا أَرْبَعَ سَاعَاتٍ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ مَا وَسَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ سَالِمًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ " 826 ". وَإِذَا أَمْسَكَهُ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ كَانَ ضَامِنًا. كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ " 548 ". يَعْنِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَيَوَانٌ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ كَذَا مُدَّةً فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ زِيَادَةً عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ وَالْإِعَارَةُ مُتَّحِدَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْإِعَارَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إمْسَاكُ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (826) وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ وَجَبَ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ لِعَدَمِ مَجِيءِ صَاحِبِهِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ إيَّاهُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَالسَّبَبُ هُوَ:

(المادة 818) تقييد الإعارة بنوع من أنواع الانتفاع

أَنَّ الرَّدَّ فِي الْإِجَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (554) وَفِي الْإِعَارَةِ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (830) . وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ هَذَا مِثَالٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ حَيَوَانًا عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى مَحِلٍّ فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَأْتِيَ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ وَيَأْتِيَ مِنْهُ (الْوَاقِعَاتُ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْحَيَوَانَ لِيَسْقِيَهُ مِنْ النَّهْرِ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا وَلَيْسَ لَهُ الذَّهَابُ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (814) أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ لِذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. هَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ. وَفِي صُورَةِ التَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ تَحْتَاجُ الْخُصُوصَاتُ الْآتِيَةُ إلَى الْإِيضَاحِ وَهِيَ الذَّهَابُ إلَى مَكَان مُسَاوٍ أَوْ إلَى مَكَان أَقْصَرَ أَوْ إذَا أَمْسَكَ فِي الدَّارِ فَعَلَيْهِ لَوْ قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِالْمَكَانِ كَمَا هُوَ مَضْمُونُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى مَكَان أَقْصَرَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى مَكَان وَأَمْسَكَ الْحَيَوَانَ فِي دَارِهِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ أَنَّ إمْسَاكَ الْحَيَوَانِ فِي الْإِصْطَبْلِ مُضِرٌّ بِهِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ حَيَوَانًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَكَانٍ فَذَهَبَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْمَسَافَةِ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ " رَدِّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 814 "، بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْأُخْرَى تَتَمَسَّكُ بِالْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (817) وَبَيَّنْتُ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ فِي صُورَةِ الذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ أَقْصَرَ مِنْ الْمَكَانِ الْمُسَمَّى وَفِي صُورَةِ عَدَمِ الذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ مَعَ إمْسَاكِ الدَّابَّةِ فِي الْإِصْطَبْلِ. وَبِالتَّمَسُّكِ بِالْمَادَّةِ " 64 " يُعْلَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ بِقَوْلِهَا: " إذَا اسْتَعَارَ فَرَسًا لِيَرْكَبَهُ إلَى مَحِلٍّ، الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 546 ". مِثَالٌ لِلْمُخَالَفَةِ سَهْوًا: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَحِلٍّ فَأَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْمُعِيرِ رَسُولًا فَأَخْطَأَ الرَّسُولُ فَاسْتَعَارَهُ لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ ذَلِكَ لِمُرْسِلِهِ فَلَوْ ذَهَبَ إلَى الْمَحِلِّ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْمَحِلِّ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلَيْسَ لِلْمُرْسِلِ الرُّجُوعُ عَلَى رَسُولِهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَضْمَنُهُ. [ (الْمَادَّةُ 818) تَقْيِيد الْإِعَارَة بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ] (الْمَادَّةُ 818) : إذَا قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ النَّوْعَ الْمَأْذُونَ بِهِ إلَى مَا فَوْقَهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُخَالِفَ بِاسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ بِمَا هُوَ مُسَاوٍ لِنَوْعِ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ أَوْ بِنَوْعٍ أَخَفَّ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ عَلَيْهَا حَدِيدًا أَوْ حِجَارَةً وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا شَيْئًا مُسَاوِيًا لِلْحِنْطَةِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلًا. وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُرْكَبُ.

وَإِذَا أُطْلِقَتْ الْإِعَارَةُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقُيِّدَتْ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ النَّوْعَ الْمَأْذُونَ بِهِ إلَى مَا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ الْمُسْتَعَارِ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقَ الْمَأْذُونِ بِهِ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (96) وَإِنْ تَجَاوَزَ وَتَلِفَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا. وَكَمَا أَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِالشَّيْءِ الْمَأْذُونِ بِهِ عَيْنًا لَهُ أَنْ يُخَالِفَ بِاسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ بِمَا هُوَ مُسَاوٍ لِنَوْعِ الِاسْتِعْمَالِ الَّذِي فِيهِ تَشَابُهٌ أَوْ بِنَوْعٍ أَخَفَّ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ صَلَاحِيَّةُ الِاسْتِعْمَالِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي الْقِسْمِ الْمُطْلَقِ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُطْلَقَةً فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَمُقَيَّدَةً فِي الِانْتِفَاعِ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْقِسْمِ الْمُفِيدِ الْمُخَالَفَةُ بِالتَّجَاوُزِ إلَى مَا فَوْقُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِالْعُدُولِ إلَى الشَّرِّ. لَكِنْ كَمَا أَنَّ لَهُ الْمُخَالَفَةَ بِالْعُدُولِ إلَى مُمَاثِلٍ فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ أَيْضًا بِالْعُدُولِ إلَى خَيْرٍ؛ لِأَنَّ تَقْيِيدَ الْمُعِيرِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ مُفِيدًا " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". لَوْ اُسْتُعِيرَ حَيَوَانٌ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً فِي الْمَكَانِ يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك فَرَسِي هَذَا عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ شَهْرًا وَاحِدًا، فَتُحْمَلُ هَذِهِ الْإِعَارَةُ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الْخُرُوجُ بِهِ إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ خَرَجَ وَتَلِفَ الْفَرَسُ سَوَاءٌ أَخْرَجَ بِهِ مَعَ اسْتِعْمَالِ إيَّاهُ أَمْ بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ كَانَ ضَامِنًا كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ ثِيَابًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبِمَا أَنَّ اسْتِعَارَتَهُ تُحْمَلُ عَلَى لُبْسِهِ الثِّيَابَ فِي الْمَدِينَةِ فَلَوْ لَبِسَهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا لَكِنْ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا وَخَرَجَ بِهَا إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُعَدُّ حَافِظًا إيَّاهُ كَمَا فِي الْمِصْرِ " الْوَاقِعَاتُ " وَالْحَاصِلُ إذَا قُيِّدَتْ الْإِعَارَةُ بِالِانْتِفَاعِ وَهَذَا التَّقْيِيدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَنْفَعَةِ أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى نَوْعِ الِانْتِفَاعِ وَهَذَا مَا بَيَّنَتْهُ هَذِهِ الْمَادَّةُ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ مَا يَخْتَلِفُ اسْتِعْمَالُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْفَرَسِ وَالثَّوْبِ أَمْ لَمْ يَكُنْ كَالْغَرْفَةِ. مَثَلًا لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَشْتَغِلَ صَنْعَةَ الْحِدَادَةِ فِي الْحُجْرَةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِلسُّكْنَى كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ " 426 ". وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُنْتَفِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ " 819 " وَيُعْتَبَرُ التَّقْيِيدُ بِالْمُنْتَفِعِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلِهَذَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّقْيِيدِ بِالْمَنْفَعَةِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْمُنْتَفِعِ كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ " 427 و 428 ". الْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا حِنْطَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا حَدِيدًا أَوَحِجَارَةً أَوْ لَبِنًا أَوْ قُطْنًا أَوْ تِبْنًا أَوْ حَطَبًا أَوْ تَمْرًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ وَزْنًا فَالْحَدِيدُ مَثَلًا يَجْتَمِعُ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَمَّا الْقُطْنُ فَيَأْخُذُ مَكَانًا وَاسِعًا مِنْ ظَهْرِهَا فَيَتَجَاوَزُ مَكَانَ الْحِمْلِ. الْمِثَالُ الْأَوَّلُ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَلَهُ أَنْ يُحَمِّلَهَا شَيْئًا مُسَاوِيًا لِلْحِنْطَةِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهَا وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ هَذِهِ الْخِفَّةَ لَيْسَتْ فِي الْوَزْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 559 ". الْمِثَالُ الثَّانِي لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِحِرَاثَةِ مَزْرَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَهُ أَنْ يَحْرُثَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ أَوْ مَزْرَعَةً أُخْرَى أَخَفَّ مِنْهَا.

مِثَالٌ ثَانٍ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْرُثَ مَزْرَعَةً أَقْسَى تُرْبَةً مِنْ تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ وَحِرَاثُهَا أَثْقَلُ. وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا. مِثَالٌ ثَالِثٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: لَوْ قَيَّدَ الْمُسْتَعِيرُ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمُسْتَعَارِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَنْ يَجْعَلَ فُلَانًا يَنْتَفِعُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ هَذَا الْقَيْدِ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَرُكُوبِ الْحَيَوَانِ. مِثَالٌ ثَالِثٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالسَّكَنِ وَالْحَمْلِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِي هَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. الْمِثَالُ الرَّابِعُ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى: وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَمِّلَ الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِلرُّكُوبِ. الْمِثَالُ الرَّابِعُ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ: وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْمُسْتَعَارَةُ لِلْحَمْلِ فَإِنَّهَا تُرْكَبُ. كَمَا فِي الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (550 و 558) . وَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: تُقَسَّمُ مُخَالَفَةُ الِانْتِفَاعِ الْمُسَمَّى أَيْ الْعَيْنِ مِنْ طَرَفِ الْمُعِيرِ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْمُخَالَفَةُ فِي الْمِثْلِ وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ جَائِزَةٌ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِتَحْمِيلِهَا مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ خَمْسَ كِيلَاتٍ فَحَمَّلَهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ أُخْرَى أَوْ لَوْ اسْتَعَارَ خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ لِفُلَانٍ وَحَمَّلَهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ لِرَجُلٍ آخَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّعْيِينُ هُنَا غَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَمُخَالَفَتُهُ جَائِزَةً فَلَوْ تَرَتَّبَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ تَقْيِيدِ الْمُعِيرِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِهِ مُفِيدًا (الْبَحْرُ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ إذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ هَذِهِ إلَى خَيْرٍ أَيْ إذَا كَانَ الْحِمْلُ الَّذِي صَارَ تَحْمِيلُهُ أَخَفَّ مِنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى كَانَتْ هَذِهِ الْمُخَالَفَةُ جَائِزَةً. كَتَحْمِيلِ الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُعِيرَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ خَمْسَ كِيلَاتٍ شَعِيرٍ. فَلَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى شَرٍّ أَيْ إلَى أَثْقَلَ وَأَضَرَّ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ. وَإِنْ خَالَفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ كَمَا فِي أَمْثِلَةِ الْمَجَلَّةِ. كَذَلِكَ لَا يَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اُسْتُعِيرَتْ عَلَى أَنْ تَحْمِلَ خَمْسِينَ أُوقِيَّةً حِنْطَةً خَمْسِينَ أُوقِيَّةً تِبْنًا؛ لِأَنَّ التِّبْنَ لَمَّا كَانَ خَفِيفًا يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ زِيَادَةً عَنْ مَحِلِّ الْحِمْلِ فَهُوَ مُضِرٌّ بِالدَّابَّةِ حِينَئِذٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ حَمَلَ خَمْسَ كَيْلَاتٍ شَعِيرٍ وَنِصْفًا عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ وَكَانَتْ الْخَمْسُ كِيلَاتٍ وَالنِّصْفُ مِنْ الشَّعِيرِ مُسَاوِيَةً لِلْخَمْسِ كِيلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ أَوْ عَدَمِهِ فِي حَالٍ كَهَذِهِ. قَدْ صَرَّحَ فِي التَّنْقِيحِ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ وَذَكَرَتْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَيْضًا صِحَّةَ عَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ أَمَّا الْهِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ فَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ مُخَالَفَةٌ إلَى الشَّرِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ أَخْذِ الشَّعِيرِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَزْيَدَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَهُ لِلْحَيَوَانِ (الْبَحْرُ) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ أَيْ فِي الزِّيَادَةِ وَقَدْ قِيلَ (الزِّيَادَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ إلَى النُّقْصَانِ لَا تُعَدُّ مُخَالَفَةً بَلْ تَكُونُ مُوَافَقَةً كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (818) مِنْ الْمَجَلَّةِ. كَتَحْمِيلِ أَرْبَعِينَ كِيلَةً حِنْطَةً عَلَى الدَّابَّةِ

(المادة 819) أطلق المعير الإعارة بحيث لم يعين المنتفع

الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ. عَلَيْهَا خَمْسِينَ كِيلَةً فِعْلِيَّةً لَا تَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ بِصُورَةِ الزِّيَادَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الْحِمْلِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهَا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ بِنِسْبَةِ الزَّائِدِ عَنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ لَوْ حَمَّلَ سِتَّ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ فَقَطْ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ وَكَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَ السِّتِّ الْكِيلَاتِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ سُدُسَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الضَّمَانِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ الْحِمْلَ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ كُلَّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ اسْتَهْلَكَ تِلْكَ الدَّابَّةَ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُهَا اللَّازِمَةُ فِي الْمَادَّةِ (559) وَشَرْحُهَا لِلْأَقْسَامِ الْأُخْرَى فِي الْمُخَالَفَةِ: الْمُخَالَفَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْمِثْلِ وَالْقَدْرِ مَعًا أَوْ تَكُونَ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ مَعًا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ دَاخِلٌ فِي الثَّالِثِ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ عَدُّهَا أَقْسَامًا أُخْرَى. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَدْخُلُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِمَّا مَرَّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لَأَنْ يُعَدَّ أَقْسَامٌ أُخْرَى. فَلَوْ طَحَنَ إحْدَى عَشْرَةَ كِيلَةً عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَ عَلَيْهَا عَشْرَ كِيلَاتٍ أَيْ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهَا الطَّحْنُ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ كَانَ ضَامِنًا جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَحَنَ عَشْرَ كِيلَاتٍ انْتَهَى إذَنْ الْمُعِيرُ وَالِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَحْنِ الْكِيلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَ بِلَا إذْنِ الْمَالِك. وَبِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا لَكِنَّ الْحِمْلَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَعَلَيْهِ يَقْتَضِي ضَمَانَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الطَّحْنِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحِمْلِ الضَّمَانُ أَحْيَانًا بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ. [ (الْمَادَّةُ 819) أَطْلَقَ الْمُعِيرُ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّن الْمُنْتَفِعَ] (الْمَادَّةُ 819) : إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُنْتَفِعَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَارِيَّةَ عَلَى إطْلَاقِهَا يَعْنِي إنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعَارَهَا لِغَيْرِهِ لِيَسْتَعْمِلَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْحُجْرَةِ أَمْ كَانَتْ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَدَابَّةِ الرُّكُوبِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك حُجْرَتِي، فَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُرْكِبَهُ غَيْرَهُ. وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ يُفَسَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ فَسَّرْتُ عِبَارَةَ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُنْتَفِعِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْمَادَّةِ (816) عِبَارَةُ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَاكَ بِمَعْنًى آخَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقَانِ: أَوَّلُهُمَا - الْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ) . وَمَعْنَى هَذَا الْإِطْلَاقِ يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. الْمُعَارُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالدَّارِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْمُعَارُ الَّذِي

يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالثِّيَابِ وَالْفَرَسِ لِلرُّكُوبِ وَيُوجَدُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْ الْإِطْلَاقِ الْوَارِدِ فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِمَالَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى الِاحْتِمَالُ حَتْمًا الْأَوَّلُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ تُرْكِبَهَا مَنْ شِئْت. فَعَلَى تَقْدِيرِ نَصِّ الْمُعِيرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَارُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ. وَالْإِطْلَاقُ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ بِمَعْنَى النَّصِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 522) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ الْإِطْلَاقُ الشَّامِلُ لِلسُّكُوتِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك حَيَوَانِي هَذَا سَوَاءٌ أَقَالَ: لَكَ إرْكَابُهُ مَنْ شِئْت أَمْ لَمْ يَقُلْ، أَيْ وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَا اشْتِبَاهَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ أَمَّا فِي النَّوْعِ الثَّانِي فَقَدْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْإِعَارَةِ لِلْغَيْرِ فَقَالَ الزَّيْلَعِيّ بِعَدَمِ جَوَازِ إعَارَتِهِ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالزِّرَاعَةِ عَلَى مَا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ أُرْكِبَ عَلَيْهَا مَنْ أَشَاءُ كَمَا حُمِلَ الْإِطْلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا بِخِلَافِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَمَاكِنَ إعَارَتِهِ وَقَالَ (لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ. .. إلَخْ) . وَكَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَى مَا بَيَّنَهُ الزَّيْلَعِيّ وَقَدْ أَخَذَتْ بِمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْهِدَايَةُ. وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ يَلْزَمُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ الرَّاكِبُ كَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 552) . أَمَّا فِي الْإِعَارَةِ فَيَكْفِي السُّكُوتُ وَالْفَرْقُ فِي هَذَا الْبَابِ يَظْهَرُ لَك بِمُرَاجَعَةِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (408) . الثَّانِي - وَيُفَسَّرُ الْإِطْلَاقُ الْوَارِدُ فِي جُمْلَةِ " لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ فِي التَّفْسِيرِ " الْآتِي يَعْنِي لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ بِإِعَارَتِهِ لَهُ دُونَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَمَّا كَانَتْ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (812) عِبَارَةً عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ فَتَجُوزُ إعَارَةُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمَلِّكَ غَيْرَهُ مَا يَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِيجَارَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 587) الْبَحْرُ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (إنْ شَاءَ. . وَإِنْ شَاءَ. .) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ اخْتِيَارُ إحْدَى تِلْكَ الْمَنْفَعَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَنْفَعَتَيْنِ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ بِقَيْدِ (فَقَطْ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَرَكِبَهَا هُوَ وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَيْضًا يَعْنِي أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ وَتَلِفَتْ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ قَادِرَةً عَلَى حَمْلِ الِاثْنَيْنِ مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَاصِلٌ مِنْ رُكُوبِ الِاثْنَيْنِ وَبِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ فَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُهُ هَدَرٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ قَادِرَةً عَلَى حَمْلِهِمَا فَيَضْمَنُ كُلٌّ قِيمَتَهَا. اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (551) لَكِنْ هَلْ يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ؟ وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (428) أَنَّ لَهُ فِي الْإِجَارَةِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْغُرْفَةِ أَمْ كَانَتْ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَفَرَسِ الرُّكُوبِ يَعْنِي أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنْ يُعِيرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ. جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَرَسُ الرُّكُوبِ. وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (427) أَنَّ فَرَسَ الرُّكُوبِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. أَمَّا فَرَسُ التَّحْمِيلِ مِنْ الْأَنْوَاعِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 551) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك حُجْرَتِي وَقَبِلَ الْمُسْتَعِيرُ الْإِعَارَةَ أَيْضًا فَالْمُسْتَعِيرُ إذَا شَاءَ أَقَامَ فِي الْحُجْرَةِ وَإِذَا شَاءَ أَسْكَنَ غَيْرَهُ فِيهَا. لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا هُوَ وَيُسْكِنَ غَيْرَهُ مَعَهُ؟ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (428) . وَهَذَا الْمِثَالُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك فَرَسَ الرُّكُوبِ هَذَا وَقَبِلَ الْمُسْتَعِيرُ الْإِعَارَةَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهُ بِنَفْسِهِ وَلَهُ أَنْ يُرْكِبَهُ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ أَمَرَ الْمُسْتَعِيرَ بِالِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلِانْتِفَاعِ كَمَا يَشَاءُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) . وَجِهَةُ التَّعْيِينِ عَائِدَةٌ إلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَهَذَا يَعْنِي التَّعْيِينَ يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ. وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَتَحْتَاجُ مَسْأَلَةُ تَحْمِيلِ الْفَرَسِ حِمْلًا إلَى إيضَاحٍ فَهَلْ لِلْمُسْتَعِيرِ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَنْ يَحْمِلَ حِمْلَهُ أَوْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ؟ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْفَرَسُ جَوَادًا مُعَدًّا لِلرُّكُوبِ مَثَلًا فَلَيْسَ لَهُ التَّحْمِيلُ وَلَوْ أُعِيرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْجَوَادَ الْعَرَبِيَّ لَا يَحْمِلُ وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَمَلَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَيْهِ حِمْلًا وَتَلِفَ لَزِمَ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ مَا حَمَلَهُ مِمَّا يُطِيقُهُ الْجَوَادُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الثِّيَابَ، فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَلْبَسَهَا أَوْ يُلْبِسَهَا غَيْرَهُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْتِفَاعٍ آخَرَ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ بَعْدَ تَعْيِينِ فِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ يَعْنِي لَوْ أُعِيرَ مَالٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إعَارَةً مُطْلَقَةً وَكَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ بَعْدَ أَنْ تَعَيَّنَ الِانْتِفَاعُ بِفِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ، يَعْنِي لَوْ أَرْكَبَ الْمُسْتَعِيرُ أَوَّلًا غَيْرَهُ عَلَى الْفَرَسِ الْمَذْكُورِ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ الْفَرَسَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ بِصُحُفِ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ مُوَافِقٌ أَيْضًا لِلْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (552) . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ وَتَلِفَ الْفَرَسُ لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَرْكَبَ غَيْرَهُ ثُمَّ أَنْزَلَهُ وَرَكِبَ هُوَ الْفَرَسَ وَتَلِفَ الْفَرَسُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَيَّنَ الرَّاكِبُ بِالْفِعْلِ فَالْمُخَالَفَةُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ تَعَدِّيًا مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا بِأَنَّ

(المادة 820) تعيين المنتفع في إعارة الأشياء التي تختلف باختلاف المستعملين

لِلْمُسْتَعِيرِ صَلَاحِيَّةً فِي ذَلِكَ. مَثَلًا لَوْ رَكِبَ الْمُسْتَعِيرُ أَوَّلًا ثُمَّ أَرْكَبَ غَيْرَهُ وَتَلِفَ الْفَرَسُ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَرَكِبَهُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ الْمُسْتَعِيرِ وَتَمْلِيكِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَكِبَهُ هُوَ بَعْدَ أَنْ أَرْكَبَهُ غَيْرَهُ وَتَلِفَ فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمَنَافِعَ لِكَوْنِهِ مَالِكًا لَهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهَا لَمَا اسْتَطَاعَ تَمْلِيكَهَا لِلْغَيْرِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَقَاضِي خَانْ) . وَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُشِرْ الْمَجَلَّةُ إلَى اخْتِيَارِهَا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ كَالْمُنْتَقَى وَالْهِدَايَةِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَمَا أَنَّ الْكَافِيَ وَالزَّيْلَعِيّ قَالَا بِصِحَّةِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ. وَالْحَالُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْإِجَارَةِ هِيَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (552) وَعَلَيْهِ يَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِحَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ. أَمَّا الْإِعَارَةُ فِيمَا أَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ. وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِلَا تَعْيِينِ الْمُنْتَفِعِ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَفِعَ إذَا تَعَيَّنَ فَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ الِانْتِفَاعُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. مَثَلًا لَوْ عَيَّنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْمُسْتَعَارَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَجِيرِهِ فُلَانٍ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا التَّعَيُّنَ. [ (الْمَادَّةُ 820) تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ] (الْمَادَّةُ 820) (يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعِيرُ نَهَى الْمُسْتَعِيرَ عَنْ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ لِيَسْتَعْمِلَهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ لِتَرْكَبَهُ أَنْتَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ خَادِمَهُ إيَّاهُ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: أَعَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ لِتَسْكُنَهُ أَنْتَ، كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْكُنَهُ وَأَنْ يُسْكِنَ فِيهِ غَيْرَهُ، لَكِنْ إذَا قَالَ لَهُ أَيْضًا: لَا تُسْكِنْ فِيهِ غَيْرَك فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُسْكِنَ فِيهِ غَيْرَهُ) . يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْمُنْتَفِعِ فِي إعَارَةِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْإِجَارَةِ حَسَبَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (427) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ يَكُونُ رَاضِيًا بِاسْتِعْمَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي عَيَّنَهُ بِعَقْدِ الْإِعَارَةِ وَلَمْ يَرْضَ بِاسْتِعْمَالِ شَخْصٍ آخَرَ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ مُخَالَفَةُ التَّعْيِينِ الْمَذْكُورِ وَالسَّبَبُ فِي اعْتِبَار التَّعْيِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الثَّانِي أَيْ فِعْلُ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَكْثَرَ ضَرَرًا مِنْ فِعْلِ الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ وَلَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ رَاضِيًا بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَغَيْرَ رَاضٍ بِاسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ فَلَزِمَ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ لِدَفْعِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُعِيرِ (الْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) . وَلَيْسَ تَعْيِينُ الِانْتِفَاعِ فِي الْإِعَارَةِ مُعْتَبَرًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَمَا هُوَ الْحَالُ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (428) ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَدِيمُ الْفَائِدَةِ كَحِمْلِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ.

لَكِنْ تَجْرِي هَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْهَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ عَنْ إعْطَاءِ الْمُسْتَعَارِ لِغَيْرِهِ. أَمَّا إذَا نَهَاهُ عَنْ إعْطَائِهِ لِغَيْرِهِ كَانَ النَّهْيُ مُعْتَبَرًا حَيْثُ لَا اعْتِبَارَ لِلدَّلَالَةِ فِي مُقَابَلَةِ التَّصْرِيحِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (13) فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ لِيَسْتَعْمِلَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَعَارُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالدَّارِ أَمْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ لِتَرْكَبَهُ أَنْتَ، وَفَعَلَ الْمُسْتَعِيرُ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُرْكِبَ الْفَرَسَ خَادِمَهُ أَوْ شَخْصًا أَجْنَبِيًّا. فَلَوْ مَرِضَ الْفَرَسُ وَهَلَكَ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْفَارِسِ الْمُتَمَرِّنِ لَيْسَ كَرُكُوبِ السُّوقِيِّ. كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ هُوَ وَيُرْكِبَ غَيْرَهُ مَعَهُ. يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَهُ وَإِنْ فَعَلَا وَتَلِفَ الْفَرَسُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْفَرَسُ يُطِيقُ حَمْلَهُمَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ نَاشِئٌ عَنْ رُكُوبِهِمَا مَعًا وَلَمَّا كَانَ رُكُوبُ أَحَدِهِمَا مَأْذُونًا فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِأَجْلِهِ وَيَلْزَمُ ضَمَانُ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِأَجْلِ رُكُوبِ الْآخَرِ (الْبَحْرُ) أَمَّا أَنَّهُ إذَا أَرْدَفَ صَبِيًّا فَيَجِبُ ضَمَانُ مِقْدَارِ ثِقَلِهِ وَلَا يَجِبُ ضَمَانُ النِّصْفِ اُنْظُرْ لَاحِقَةَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (651) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك هَذَا الثَّوْبَ لِتَلْبَسَهُ أَنْتَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُلْبِسَهُ آخَرَ؛ لِأَنَّ بَيْنَ لُبْسِ التَّاجِرِ الثَّوْبَ وَبَيْنَ لُبْسِ الْقَصَّابَ وَالْقَنَّاءِ إيَّاهُ بَوْنٌ شَاسِعٌ. وَلِذَلِكَ فَالتَّعْيِينُ فِيهِ مُعْتَبَرٌ. وَمِثَالُ الْمَجَلَّةِ هَذَا وَالْمِثَالُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ أَمْثِلَةٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمَالُ الَّذِي لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِآخَرَ لَوْ أُعِيرَ وَتَلِفَ لَزِمَ الضَّمَانُ. فَلَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ الشَّيْءَ الَّذِي لَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ لِآخَرَ بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي لَزِمَ الضَّمَانُ وَكَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي. مَا لَمْ يَكُنْ تَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي نَاشِئًا عَنْ تُعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِيَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ. وَلَوْ كَانَ تَلَفُهُ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . كَذَلِكَ لَوْ جَاءَ أَحَدٌ لِلْمُسْتَعِيرِ وَقَالَ لَهُ: قَدْ اسْتَعَرْت الدَّابَّةَ الْمُعَارَةَ لَك مِنْ صَاحِبِهَا وَأَمَرَنِي بِقَبْضِهَا مِنْك فَصَدَّقَهُ وَأَعْطَاهُ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُعِيرُ يَعْنِي صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَمْرَهُ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُسْتَعِيرُ أَمْرَ الْمُعِيرِ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكًا الْمُسْتَعَارَ بِالضَّمَانِ فَيُفْهَمُ مِنْ إعْطَائِهِ إيَّاهُ أَنَّهُ أَعَارَ مَالَهُ. وَالْعَارِيَّةُ بِمَا أَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا فِي حَالِ تَلَفِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 813) . أَمَّا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ الضَّمَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي فَلِلْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي بِمَا ضَمِنَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 825) . أَمَّا لَوْ قَالَ: أَعَرْتُك هَذِهِ الْحُجْرَةَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ لِتَسْكُنَهَا أَنْتَ. كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْكُنَهَا وَأَنْ يُسْكِنَ فِيهَا

لاحقة في اختلاف المعير والمستعير في الزمان والمكان وفي التقييد والإطلاق

غَيْرَهُ بِطَرِيقِ الْإِعَارَةِ. أَمَّا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (823) وَهَذَا مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَدَاةِ. لَكِنْ لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: لَا تُسَكِّنْ غَيْرَك فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إسْكَانُ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْإِعَارَةِ أَيْضًا، وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مَعَ كَوْنِهِ لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ: لَا تُؤَجِّرْ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ فَلَهُ الْإِيجَارُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. [لَاحِقَةٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَفِي التَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ] إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَسَافَةِ أَوْ فِي التَّقْيِيدِ وَالْإِطْلَاقِ فِي نَوْعِ الِانْتِفَاعِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُعِيرِ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَمَّا كَانَ صَاحِبَ الْمَالِ فَهُوَ أَدْرَى بِالطَّرِيقِ الَّتِي يَمْلِكُ بِهَا مَنْفَعَةَ مَالِهِ لِآخَرَ وَكَمَا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَلَهُ الْقَوْلُ أَيْضًا فِي صِفَتِهَا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّهُ أَعْطَى الْإِذْنَ بِالِانْتِفَاعِ الْمُقَيَّدِ بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ فِي التَّقْيِيدِ فَلَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُهُ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ شَعِيرٍ وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: إنَّك أَعَرْتنِي إيَّاهَا عَلَى أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُعِيرِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فَقَالَ الْمُعِيرُ: قَدْ أَعَرْتُك الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا مِنْ الْقُدْسِ إلَى يَافَا وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ: لَا بَلْ إلَى غَزَّةَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُعِيرِ. أَمَّا لَوْ أَثْبَتَ الْمُسْتَعِيرُ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ يُقْبَلُ. [ (الْمَادَّةُ 821) اُسْتُعِيرَ فَرَسٌ لِيُرْكَبَ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ الطُّرُقُ مُتَعَدِّدَةً] (الْمَادَّةُ 821) - (إنْ اُسْتُعِيرَ فَرَسٌ لَأَنْ يُرْكَبَ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَتْ الطُّرُقُ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ مُتَعَدِّدَةً كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي اعْتَادَ النَّاسُ السُّلُوكَ فِيهَا وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ فِي طَرِيقٍ لَيْسَ مُعْتَادًا السُّلُوكُ فِيهِ فَهَلَكَ الْفَرَسُ لَزِمَ الضَّمَانُ. وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ فَهَلَكَ الْفَرَسُ فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَبْعَدَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَخِلَافَ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ) . لَوْ اُسْتُعِيرَ حَيَوَانٌ لِلذَّهَابِ إلَى مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّلَةُ إلَيْهِ مُتَعَدِّدَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُعِيرُ إحْدَاهَا كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ شَاءَ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي اعْتَادَ النَّاسُ الذَّهَابَ فِيهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (36) وَالْعَادَةُ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (37) وَالتَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الذَّهَابُ جَائِزًا فِي طَرِيقٍ لَيْسَ مُعْتَادًا فَلَوْ ذَهَبَ وَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ كَانَ ضَامِنًا.؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (816) يُصْرَفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ. وَالتَّعْيِينُ بِالْعُرْفِ كَالتَّعْيِينِ بِالنَّصِّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (45) (وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَالْوَاقِعَاتُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ فَهَلَكَ الْفَرَسُ فَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ

(المادة 833) امرأة أعارت شيء ملك لزوجها بلا إذنه فضاع

الَّذِي سَلَكَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَبْعَدَ مِنْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ أَوْ كَانَ أَخْوَفَ أَيْ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَغَيْرَ مَسْلُوكٍ أَيْ خِلَافَ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ إلَى شَرٍّ وَالْإِذْنُ لِشَيْءٍ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ بِمَا فَوْقَهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (أَبْعَدَ) أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَوْ سَلَكَ طَرِيقًا مُسَاوِيًا لِلطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ فَرْطٌ فِي الطُّولِ وَالسُّهُولَةِ وَمَا أَشْبَهَ مِنْ الْخُصُوصَاتِ أَوْ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ أَسْهَلَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ إلَى خَيْرٍ أَوْ إلَى الْمِثْلِ لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِشَيْءٍ إذْنٌ بِمَا يُسَاوِيهِ أَوْ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ يَعْنِي قَدْ مَرَّتْ فِي الْمَادَّةِ (547) بِعَيْنِهَا. [ (الْمَادَّةُ 833) امْرَأَةٌ أَعَارَتْ شَيْءٌ مِلْك لِزَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَ] (الْمَادَّةُ 833) - (إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ إعَارَةَ شَيْءٍ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا فَأَعَارَتْهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ فَضَاعَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ وَفِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَادَةً لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الزَّوْجَةُ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَدِ النِّسَاءِ كَالْفَرَسِ فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْمَالِ الَّذِي أَعَارَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (815) يَعْنِي إذَا كَانَ مَالِكًا لَهُ كَانَتْ الْإِعَارَةُ صَحِيحَةً. وَعَلَيْهِ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ إعَارَةَ شَيْءٍ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا أَعَارَتْهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ ضَاعَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتُهٌ نُقْصَانٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ وَفِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَادَةً جَازَتْ الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُسْتَعِيرَةٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَلِلْمُسْتَعِيرِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (820) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الزَّوْجَةُ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (91 و 813) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْمُعَارِ فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَارُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجَدُ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ كَالْفَرَسِ وَالثَّوْرِ فَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِعَارَةُ فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ غَاصِبَةً وَالْمُسْتَعِيرُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ وَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ زَوْجَتَهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (910) (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِي حَالَةِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلْعَارِيَّةِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (813) فَإِذَا ضَمِنَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ تَضْمِينَ الزَّوْجَةِ بِمَا أَنَّهَا مَالِكَةٌ لِلْمَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَتَكُونُ قَدْ أَعَارَتْ مَالَهَا. وَالْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ. وَإِذَا صَارَ تَضْمِينَ الْمُسْتَعِيرِ فَبِمَا أَنَّ نَفْعَ عَقْدِ الْعَارِيَّةِ عَائِدٌ إلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ. [ (الْمَادَّةُ 823) لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ] (الْمَادَّةُ 823) - (لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ وَإِذَا اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَإِذَا رَهَنَهُ فَهَلَكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ) .

لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَهِيَ دُونَ الرَّهْنِ وَالْإِيجَارِ وَبِمَا أَنَّ الرَّهْنَ وَالْإِيجَارَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْإِعَارَةِ فَلَا يَتَضَمَّنُ الشَّيْءُ مَا فَوْقَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (406) وَنَظَرًا لِكَوْنِ الْعَارِيَّةِ غَيْرَ لَازِمَةٍ فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (806) فَلَوْ جَوَّزْنَا إجَارَةَ الْمُسْتَعَارِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَلَّا يَكُونَ لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَأَنْ يَنْتَظِرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَبِهَذَا يَتَضَرَّرُ الْمُعِيرُ. أَوْ أَنَّنَا نَقُولُ فِي مَقَامِ الْإِثْبَاتِ: لَوْ كَانَتْ إجَارَةُ الْعَارِيَّةِ جَائِزَةً لَوَجَبَ أَنْ نَقُولَ بِلُزُومِ مَا لَمْ يَلْزَمْ (كَالْعَارِيَّةِ) فَلَوْ جَازَتْ إجَارَةُ الْعَارِيَّةِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ لُزُومَ الْعَارِيَّةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِرْدَادِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعَاتِ الْعَارِيَّةِ أَوْ نَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ كَالْإِجَارَةِ، وَعَدَمُ لُزُومِ الْإِجَارَةِ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعَاتِهَا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَثْبُتُ عَدَمُ جَوَازِ الرَّهْنِ فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ عَقْدًا لَازِمًا مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَهُوَ كَعَقْدِ الْإِجَارَةِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ جَازَ الرَّهْنُ فَإِمَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ لُزُومَ مَا لَا يَلْزَمُ وَهُوَ الْعَارِيَّةُ أَوْ يُوجِبَ عَدَمَ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ وَهُوَ الرَّهْنُ. وَيَثْبُتُ ذَلِكَ أَيْضًا بِصُورَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ هُوَ إيفَاءٌ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُوفِيَ دَيْنَهُ بِمَالِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ إيجَارَ وَرَهْنَ الْعَارِيَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَا تَخْتَلِفُ وَقَدْ ظَهَرَتْ الْأَسْبَابُ الَّتِي جَوَّزَتْ إعَارَةَ الْمُسْتَعِيرِ لِلْعَارِيَّةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَعَدَمَ جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهَا. وَيُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ تَعْبِيرِ الْمَادَّةِ هَذِهِ (بِلَا إذْنٍ) أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ إيجَارَ الْعَارِيَّةِ وَرَهْنَهَا بِإِذْنِ الْمُعِيرِ. وَقَدْ ذُكِرَتْ مَسْأَلَةُ الْإِيجَارِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (765) كَمَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّهْنِ أَيْضًا قَدْ ذُكِرَتْ فِي مَتْنِ وَشَرْحِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ مُفَصَّلَةً فَلْتُرَاجِعْ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِمَّا تُفِيدُ الْمَادَّةُ (728) الْقَائِلَةُ: إذَا كَانَ إذْنُ صَاحِبِ الْمَالِ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَرْهَنَهُ فِي مُقَابَلَةِ كَذَا دَرَاهِمَ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ جِنْسُهُ كَذَا أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَهُ إلَّا عَلَى وَفْقِ قَيْدِهِ وَشَرْطِهِ إلَّا أَنَّهَا كُرِّرَتْ هُنَا تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا لِلْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. وَإِنْ فَعَلَ أَيْ لَوْ آجَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ مِنْ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ أَوْ إذَا اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلْدَةٍ فَرَهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ آخَرَ عَلَيْهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ أَوْ ضَاعَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُعْتَبَرُ مُتَعَدِّيًا بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا الْإِيجَارُ وَالرَّهْنُ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلِلْمُعِيرِ حَقٌّ فِي اسْتِرْدَادِهِ. إيضَاحُ الْإِيجَارِ: لَوْ آجَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ كَانَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فُضُولِيَّةً وَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (447) مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ

تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَاصِلَةً مِنْ سَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ مَالِ الْغَيْرِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا (الشِّبْلِيُّ) . إيضَاحُ الضَّمَانِ: وَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ فِي زَمَنِ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ يَمْلِكُ الْمُسْتَعَارَ بِالضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ آجَرَ مَالَهُ وَالْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةٌ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (600) . لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُهُ لِلْمُعِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (602) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَخَذَ وَقَبَضَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنِهِ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَعِيرُ الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرُهُ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرَ الْغَرُورِ الْمَادَّةُ (658) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْلَمُ بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ قَدْ غَرَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذْ يَكُونُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ كَالشَّخْصِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ مَالًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ (الْبَحْرُ وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . إيضَاحُ رَهْنٍ وَتَسْلِيمِ الْمُسْتَعَارِ بِلَا إذْنٍ: لَوْ رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ فَالْمُسْتَعِيرُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنُ فِي حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ أَيْ الْمُسْتَعِيرَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ الرَّاهِنُ أَيْ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكًا لَهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى مَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنٍ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ الْمَرْهُونَ تَلِفَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ دَيْنِهِ مِنْ الرَّاهِنِ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الدَّيْنِ رَهْنٌ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِأَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَعِيرٌ أَمْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. لَكِنْ لَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ عِنْدَ مُرْتَهِنٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُ الْمَالِ الرَّاهِنُ الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ الثَّانِيَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَمَا صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (743) .

(المادة 824) للمستعير أن يودع العارية عند آخر

[ (الْمَادَّةُ 824) لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ آخَرَ] (الْمَادَّةُ 824) - (لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ آخَرَ فَإِذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَثَلًا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحِلِّ كَذَا ثُمَّ يَعُودُ فَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ فَأَوْدَعَهَا عِنْدَ شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا فَلَا ضَمَانَ) . لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ الَّتِي تَجُوزُ إعَارَتُهَا عِنْدَ آخَرَ أَيْ عِنْدَ أَمِينِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (820) أَنْ يُعِيرَهَا لِآخَرَ وَيَكُونُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَمَانَةً وَعَلَيْهِ فَإِيدَاعُ الْمُسْتَعِيرِ لِلْإِعَارَةِ هُوَ دُونَ إعَادَتِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ تَمْلِيكًا لِلْمَنْفَعَةِ وَإِيدَاعًا مَعًا وَأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْأَعْلَى يَمْلِكُ الْأَدْنَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلِذَلِكَ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ وَلَا الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ، وَعَدَمُ لُزُومِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (91) الْقَائِلَةِ: (الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ) كَمَا أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْمُسْتَوْدَعِ الضَّمَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (777) الْمُتَضَمَّنَةِ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي التَّلَفِ الَّذِي يَحْصُلُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَقَيْدُ (بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَعِير لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ فَهُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ. فَلَوْ تَلِفَتْ تِلْكَ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (91) . كَمَا يَتَّضِحُ لَك فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (828) . أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَزِمَ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (387) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي إيدَاعِ الْعَارِيَّةِ: فِي إيدَاعِ الْعَارِيَّةِ قَوْلَانِ فَالْإِيدَاعُ الْمَذْكُورُ عَلَى قَوْلٍ لَيْسَ جَائِزًا وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. وَنَظَرًا لِكَوْنِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. فَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَمِينِهِ الْأَجْنَبِيِّ لِلْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْأَمِينِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) . وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ جَوَازِ إيدَاعِ آخَرَ الْعَارِيَّةَ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ إيدَاعُ آخَرَ الْعَارِيَّةَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْعَارِيَّةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ إعَارَتُهَا لِآخَرَ. فَهَذِهِ الْعَارِيَّةُ قَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إيدَاعِهَا وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الدَّلِيلِ الَّذِي ذُكِرَ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 82) وَشَرْحَهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْفَرَسِ الَّذِي اسْتَعَارَهُ لِيَرْكَبَهُ بِالذَّاتِ فَأَوْدَعَهُ أَحَدًا هُنَاكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ الْآتِي وَتَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عِنْدَ آخَرَ بَعْدَ آخَرَ بَعْدَ أَنْ نَهَاهُ الْمُعِيرُ عَنْ إعْطَائِهِ لِغَيْرِهِ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (280) .

(المادة 825) متى طلب المعير العارية لزم المستعير ردها إليه فورا

أَمَّا إذَا أَعَادَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُعِيرِ صَحِيحًا وَسَالِمًا بِدُونِ أَنْ يَتْلَفَ أَوْ يَطْرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ وَتَلِفَ بَعْدَ الْإِعَارَةِ بِيَدِ الْمُعِيرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ إذَا اسْتَعَارَ شَخْصٌ دَابَّةً لِلذَّهَابِ بِهَا إلَى مَحِلِّ كَذَا ثُمَّ الْعَوْدَةُ مِنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي بِدُونِ تَقْيِيدِهِ وَرُكُوبِهِ إيَّاهَا فَرَكِبَهَا فَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ فَأَوْدَعَهَا عِنْدَ شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا أَيْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَفْسِهَا بَرِئَ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. وَلَيْسَ قَوْلُهُ: فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ، فِي هَذَا الْمِثَالِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ إيدَاعُ الْعَارِيَّةِ مُطْلَقًا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَحَرِّي أَسْبَابٍ مُجْبِرَةٍ لِجَوَازِ الْإِيدَاعِ إنَّمَا ذُكِرَ هَذَا الْقَيْدُ لِبَيَانِ الْحُكْمِ الْأَكْثَرِ. [ (الْمَادَّةُ 825) مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا] (الْمَادَّةُ 825) (مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا وَإِذَا أَوْقَفَهَا وَأَخَّرَهَا بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا ضَمِنَ) . مَتَى طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ رَدُّهَا إلَيْهِ فَوْرًا أَيْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عَنْ الْعَارِيَّةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (806) وَطَلَبَ إعَادَتَهَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الِامْتِنَاعِ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَمْ تَحْدُثْ وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْمُعِيرِ حَقًّا فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَلَمْ يُعِدْهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَيْهِ وَبَقِيَ يَسْتَعْمِلُهَا لَزِمَ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ إذَا كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَإِلَّا فَلَا، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُعَارُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ فَلَا تَجُوزُ إعَارَتُهُ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ الْإِعَارَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ 1 - مَتَى طَلَبَ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ الْمُطْلَقِ إذَا طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ بِالذَّاتِ يَلْزَمُ رَدُّهَا كَمَا يَلْزَمُ رَدُّهَا أَيْضًا لَوْ طَلَبَهَا بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1459) . وَعَلَيْهِ لَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْمُسْتَعِيرَ وَقَالَ لَهُ: إنَّ الْمُعِيرَ أَعَارَنِي الْمُسْتَعَارَ الَّذِي فِي يَدِك وَأَمَرَنِي بِقَبْضِهِ، فَصَدَّقَ الْمُسْتَعِيرُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَاهُ الْمُسْتَعَارَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَمْرَ فَبِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُعِيرُ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا الْمَالَ الْمُسْتَعَارَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (814) وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ الْمُعِيرُ ظَلَمَهُ بِإِنْكَارِ الْإِذْنِ وَلَمَّا كَانَ لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ الْآخَرَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (921) لَكِنْ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ كَذَّبَ ذَلِكَ الشَّخْصَ فِي إفَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ بِهَا أَوْ صَدَّقَ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَأَعْطَاهُ الْمُسْتَعَارَ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (820) . إذَا ضَاعَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ وَعِنْدَ طَلَبِ صَاحِبِهِ لَهُ لَمْ يُخْبِرْهُ بِضَيَاعِهِ وَوَعَدَ بِرَدِّهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْبَرَهُ بِضَيَاعِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُعِيرُ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ لِلتَّنَاقُضِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ.

(المادة 826) العارية الموقتة نصا أو دلالة يلزم ردها للمعير في ختام المدة

لَكِنْ إذَا لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولٌ وَلَمْ يُعِدْهُ الْمُسْتَعِيرُ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الرَّدُّ وَالتَّسْلِيمُ: لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ رَدَّهُ وَتَسْلِيمَهُ الْمُسْتَعَارَ قَبْلًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَعِيرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) وَلَيْسَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى إثْبَاتِ هَذَا الِادِّعَاءِ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ رَدَّ الْمُسْتَعَارَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّ الْمُسْتَعَارَ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِتَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ (الْوَجِيزُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (86) . 3 - (فَوْرًا) : وَهَذَا الْقَيْدُ يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَبَعْدَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: إذَا وَقَفَهَا فِي يَدِهِ بِلَا عُذْرٍ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ رَدِّهِ لِلْمُعِيرِ وَأَخَّرَ رَدَّهَا إلَى الْمُعِيرِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ يَعْنِي لَمْ يَرُدَّهَا فَوْرًا وَأَبْقَاهَا عِنْدَهُ بِلَا رِضَا الْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ ضَمِنَ فِي حَالِ التَّلَفِ وَالضَّيَاعِ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَفِي حَالِ النُّقْصَانِ أَيْ نُقْصَانِ قِيمَتِهَا فَقَطْ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (794) . وَيَجِبُ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ الْعَمَلُ بِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ (900) مِنْ الْمَجَلَّةِ كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَعِيرُ: نَعَمْ أُعْطِيك إيَّاهَا، وَمَضَى شَهْرٌ ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ رَدِّ الْعَارِيَّةِ فِي وَقْتِ الطَّلَبِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَيْرَ عَاجِزٍ عَنْ رَدِّهَا إلَّا أَنَّ الْمُعِيرَ رَضِيَ صَرَاحَةً فِي بَقَائِهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: لَا بَأْسَ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْضًا أَمَّا إذَا كَانَ الْمُعِيرُ لَمْ يَرْضَ بِبَقَائِهَا أَيْ لَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِ الْمُسْتَعِيرِ رَدَّهَا وَأَظْهَرَ الْكُرْهَ وَالسُّخْطَ لِعَدَمِ رَدِّهَا أَوْ سَكَتَ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إذَا كَانَ بِعُذْرٍ فَلَا يَلْزَمُ الرَّدُّ إلَى زَوَالِ الْعُذْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَلْزَمُ الرَّدُّ فَلَوْ أَعَارَ أَحَدٌ آخَرَ دَابَّةً إعَارَةً مُطْلَقَةً وَرَبَطَهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي إصْطَبْلِهِ وَذَهَبَ إلَى السُّوقِ فَصَادَفَهُ الْمُعِيرُ وَطَلَبَ مِنْهُ إعَادَةَ الْعَارِيَّةِ فَتَأْخِيرُهُ إيَّاهَا إلَى أَنْ يَعُودَ إلَى دَارِهِ مَعْفُوٌّ حَتَّى لَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمُسْتَعِيرُ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارَ فَوْرًا يَطْلُبُ الْمُعِيرُ إيَّاهُ فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ (829) وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُ الْعَارِيَّةِ أَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا وَجَدَ أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ كَانَ ضَامِنًا. [ (الْمَادَّةُ 826) الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً يَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْمُعِيرِ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ] (الْمَادَّةُ 826) - (الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً يَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْمُعِيرِ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ لَكِنْ الْمُكْثُ الْمُعْتَادُ مَعْفُوٌّ. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ إلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لَزِمَ رَدُّ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعَارِ فِي حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَتْ حُلِيًّا عَلَى أَنْ

تَلْبَسُهُ فِي عُرْسِ فُلَانٍ لَزِمَ إعَادَتُهُ فِي خِتَامِ ذَلِكَ الْعُرْسِ لَكِنْ يَجِبُ مُرُورُ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ لِلرَّدِّ وَالْإِعَارَةِ) . الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً فِيمَا أَنَّهَا تَكُونُ فِي خِتَامِ الْوَقْتِ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا وَيَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْمُعِيرِ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ تَوْقِيفُهَا زِيَادَةً عَنْ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ. الْعَارِيَّةُ الْمُوَقَّتَةُ نَصًّا، هِيَ الْحَاوِيَةُ لِلتَّوْقِيتِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ الْمُوَقَّتَةُ دَلَالَةً، هِيَ الْعَارِيَّةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى التَّوْقِيتِ بِعَمَلٍ مَخْصُوصٍ وَالْمَادَّةُ (827) تَعْبِيرٌ عَامٌّ لِذَلِكَ. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمُسْتَعِيرُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَزِمَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ أَمْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى انْتَهَتْ الْمُدَّةُ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِمْسَاكِهِ الْعَارِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إذْنُ الْمُعِيرِ مُوَقَّتًا فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهَا الْمُسْتَعِيرُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ قَدْ أَمْسَكَ لِنَفْسِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ فِي حَالَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَقَالُوا بِعَدَمِ لُزُومِ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُعِيرُ وَتَلِفَ وَهُوَ مُحَافِظٌ عَلَيْهِ الْمُسْتَعِيرُ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا وَيَرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى الْفَيْضِيَّةِ وَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لُزُومُ الضَّمَانِ قِيَمًا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَتَلِفَ. فَالْقَائِلُونَ بِلُزُومِ رَدِّهِ قَالُوا بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الرَّدِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (827) بِلُزُومِ الضَّمَانِ أَمَّا الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ فَيَقُولُونَ بِأَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بِانْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُ الرَّدُّ بَعْدَ الطَّلَبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ الْعَارِيَّةِ لِآخَرَ كَانَ ضَامِنًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَعَارُ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ وَيَكُونُ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الثَّانِيَ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ فِي الْإِعَارَةِ الْمُوَقَّتَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْعَارِيَّةُ إلَى أَجْنَبِيٍّ لِأَجْلِ تَوْصِيلِهَا إلَى الْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ إذَا كَانَ أَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ أَوْ تَرَكَهَا بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ. لَكِنْ الْمُكْثُ الْمُعْتَادُ فِي خِتَامِ الْمُدَّةِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ مَعْفُوٌّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (36) ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُكْثِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ يُنَافِي الضَّمَانَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) وَيُعْرَفُ الْمُكْثُ الْمُعْتَادُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الَّتِي لَمْ يُعَيَّنْ مِقْدَارُهَا فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ الرُّجُوعُ إلَى الْعَادَةِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَتْ امْرَأَةٌ حُلِيًّا عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ إلَى عَصْرِ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لَزِمَ رَدُّ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعَارِ فِي حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ نَصًّا.

(المادة 827) استعارة شيء للاستعمال في عمل مخصوص

كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَيَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَى صَاحِبِهَا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهَا مَعَ كَوْنِ الرَّدِّ مُمْكِنًا وَأَبْقَاهَا عِنْدَهُ أَيَّامًا فَسُرِقَتْ مِنْ عِنْدِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَتْ حُلِيًّا عَلَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي عُرْسِ فُلَانٍ لَزِمَ إعَادَتُهُ فِي خِتَامِ ذَلِكَ الْعُرْسِ وَهَذَا الْمِثَالُ لِلْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ دَلَالَةً. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ كِتَابًا لِتَحْضِيرِ بَحْثٍ فَلَوْ أَتَمَّ الْبَحْثَ أَوْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ رَدُّ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَارِيَّةَ مُقَيَّدَةٌ مَعْنًى بِمُدَّةِ قِرَاءَةِ الْمُسْتَعِيرِ الْكِتَابَ. لَكِنْ يَلْزَمُ فِي إعَادَةِ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً وَرَدِّهَا مُرُورُ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ. وَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الْوَقْتِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَضْمَنُ. وَقَدْ صُرِّحَ فِي الْمَادَّةِ (794) أَنَّ رَدَّ الْوَدِيعَةِ لَازِمٌ بَعْدَ الطَّلَبِ بِخِلَافِ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّهَا بِدُونِ طَلَبٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ: لَمَّا كَانَ إمْسَاكُ الْمُسْتَوْدَعِ فِي الْوَدِيعَةِ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَبْضِ السَّابِقِ وَالْقَبْضُ السَّابِقُ الْمَذْكُورُ لِلْمَالِكِ وَفِي الْعَارِيَّةِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ إمْسَاكُ الْمُسْتَعِيرِ مَبْنِيًّا عَلَى الْقَبْضِ السَّابِقِ لَكِنْ الْقَبْضُ السَّابِقُ الْمَذْكُورُ هُوَ لِنَفْسِ الْمُسْتَعِيرِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِذْنِ وَلَا يُوجَدُ إذْنٌ بَعْدَ الْوَقْتِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ إمْسَاكِهِ الْعَارِيَّةَ لِنَفْسِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 827) اسْتِعَارَة شَيْء لِلِاسْتِعْمَالِ فِي عَمَلٍ مَخْصُوصٍ] (الْمَادَّةُ 827) - (إذَا اُسْتُعِيرَ شَيْءٌ لِلِاسْتِعْمَالِ فِي عَمَلٍ مَخْصُوصٍ فَمَتَى انْتَهَى ذَلِكَ الْعَمَلُ بَقِيَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا وَلَا أَنْ يُمْسِكَهَا زِيَادَةً عَنْ الْمُكْثِ الْمُعْتَادِ وَإِذَا اسْتَعْمَلَهَا أَوْ أَمْسَكَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ فَأْسًا لِتَكْسِيرِ جِذْعٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ بَعْدَ تَكْسِيرِ الْجِذْعِ. كَمَا يَلْزَمُ رَدُّ الْقِدْرِ وَالْإِنَاءِ الْمُسْتَعَارَيْنِ لِلْغَسِيلِ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ مِنْ غَسْلِ الثِّيَابِ. وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُمَا وَأَعَارَهُمَا لِآخَرَ أَوْ أَوْدَعَهُمَا عِنْدَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُمَا فَتَلِفَا كَانَ ضَامِنًا كَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَهُمَا فِي يَدِهِ زِيَادَةً عَنْ الْمُكْثِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أَمْسَكَهُمَا لِلِاسْتِعْمَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْعَارِيَّةُ الَّتِي فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَارِيَّةٌ مُوَقَّتَةٌ دَلَالَةً أَيْضًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمِثَالُ الْقَائِلُ: (لَوْ اسْتَعَارَتْ حُلِيًّا عَلَى أَنْ تَلْبَسَهُ فِي عُرْسِ فُلَانٍ لَزِمَ إعَادَتُهُ فِي خِتَامِ ذَلِكَ الْعُرْسِ) وَهُوَ مِثَالٌ لَهَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ لَا تُفِيدُ حُكْمًا زَائِدًا عَنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَوْ كَانَتْ عِبَارَةُ أَوْ (دَلَالَةً) الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَمْ تَرِدْ فِيهَا لَكَانَ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ لُزُومٌ حَقِيقِيٌّ. [ (الْمَادَّةُ 828) الْمُسْتَعِيرُ يَرُدّ الْعَارِيَّةَ إلَى الْمُعِيرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمِينِهِ] (الْمَادَّةُ 828) - (الْمُسْتَعِيرُ يَرُدُّ الْعَارِيَّةَ إلَى الْمُعِيرِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمِينِهِ فَإِذَا رَدَّهَا بِغَيْرِ أَمِينِهِ فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ ضَمِنَ) . الْمُسْتَعِيرُ يَرُدُّ الْعَارِيَّةَ إلَى الْمُعِيرِ أَوْ إلَى خَادِمِهِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا بِنَفْسِهِ أَوْ

(المادة 829) كانت العارية من الأشياء النفيسة كالمجوهرات

بِأَمِينِهِ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. فَإِذَا رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ بَرِئَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ قَدْ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . وَمَعْنَى رَدِّهَا لِأَمِينِهِ: إيدَاعُهَا لِأَمِينِهِ. وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي حُكْمِ الْمَادَّةِ (824) بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْأَمِينُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْأَمِينِ الَّذِي فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ مِنْ الْأَمِينِ الَّذِي لَيْسَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ إذْ إنَّهُ اشْتَرَطَ فِي جَوَازِ الْإِيدَاعِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (824) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْآخَرُ أَمِينًا. وَالْحَاصِلُ: لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرُدَّ الْعَارِيَّةَ إلَى الْمُعِيرِ مَعَ الشَّخْصِ الَّذِي يُمْكِنُهُ إيدَاعُهُ إيَّاهَا وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا أَتْلَفَ الْأَمِينُ الْمَذْكُورُ الْعَارِيَّةَ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ الْأَمِينَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ إلَّا. أَمَّا لَوْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْوُصُولِ أَيْ قَبْلَ رَدِّهَا وَتَسْلِيمِهَا لِلْمُعِيرِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُقَيَّدَةً أَمْ مُوَقَّتَةً فَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. مَثَلًا لَوْ أَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ الْمُوَقَّتَةَ بَعْدَ خِتَامِ الْمُدَّةِ مَعَ غَيْرِ أَمِينِهِ لِلْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْوِيرُ وَالدُّرَرُ) . [ (الْمَادَّةُ 829) كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ كَالْمُجَوْهَرَاتِ] (الْمَادَّةُ 829) (إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مِنْ الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ كَالْمُجَوْهَرَاتِ يَلْزَمُ فِي رَدَّهَا أَنْ تُسَلَّمَ لِيَدِ الْمُعِيرِ نَفْسِهِ وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَإِيصَالُهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ التَّسْلِيمُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا وَكَذَا إعْطَاؤُهَا إلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ رَدٌّ وَتَسْلِيمٌ. مَثَلًا الدَّابَّةُ الْمُعَارَةُ تَسْلِيمُهَا إيصَالُهَا إلَى إصْطَبْلِ الْمُعِيرِ وَتَسْلِيمُهَا إلَى سَائِسِهِ) . الْعَارِيَّةُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ فِي يَدِ الْخَدَمِ كَالْمُجَوْهَرَاتِ يَلْزَمُ فِي رَدِّهَا أَنْ تُسَلَّمَ لِيَدِ الْمُعِيرِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أُعْطِيت هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ أَوْ وُضِعَتْ فِي دَارِهِ أَوْ إصْطَبْلِهِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى يَدِ الْمُعِيرِ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ لَمْ يَجْرِيَا عَلَى تَسْلِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَأَمْثَالِهَا لِلْخَدَمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) الْبَحْرُ. لَكِنْ إذَا جَرَى الْعُرْفُ عَلَى تَسْلِيمِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ لِبَعْضِ الْخَدَمِ الْخُصُوصِيِّينَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَجُوزُ إعْطَاؤُهَا لَهُمْ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ يُوجَدُ عِنْدَ الْأَعْيَانِ مُوَظَّفٌ أَوْ خَادِمٌ لِحِفْظِ تِلْكَ الْمُجَوْهَرَاتِ وَالْعِنَايَةِ بِهَا فَمِنْ الْجَائِزِ تَسْلِيمُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ النَّفِيسَةِ لَهُ. كَذَلِكَ إذَا وُجِدَ فِي عِيَالِ الْمُعِيرِ مَنْ يَتَوَلَّى أُمُورَ الْقَبْضِ وَالصَّرْفِ وَيُدِيرُ سَائِرَ مَصَالِحِهِ فَإِذَا جَرَتْ

(المادة 830) عندما يرد المستعير العارية التي في يده فمؤنتها تلزم المستعير

الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ عَلَى تَسْلِيمِهِ الْأَشْيَاءَ النَّفِيسَةَ فَيَجُوزُ تَسْلِيمُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . أَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَدِ الْخَدَمِ فَإِيصَالُهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ التَّسْلِيمُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِخَادِمِ الْمُعِيرِ جَائِزٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . مَثَلًا الدَّابَّةُ الْمُعَارَةُ تَسْلِيمُهَا إيصَالُهَا إلَى إصْطَبْلِ الْمُعِيرِ وَهَذَا مِثَالٌ لِإِيصَالِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُعَدُّ التَّسْلِيمُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تَسْلِيمًا أَوْ يُسَلِّمُهَا إلَى سَائِسِهِ وَهَذَا مِثَالٌ لِإِعْطَائِهَا لِخَادِمِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمَّا كَانَ مُتَعَارَفًا يُعَوَّلُ وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَمَّا كَانَ الْإِصْطَبْلُ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَرَدُّ الْمُعَارِ إلَيْهِ كَرَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ: إذَا كَانَ الْإِصْطَبْلُ خَارِجَ دَارِ الْمُعِيرِ فَالْإِيصَالُ إلَيْهِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ الْحَيَوَانِ هُنَاكَ بِلَا حَافِظٍ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ (إصْطَبْلُهُ) ؛ لِأَنَّ إيصَالَهُ إلَى أَرَاضِي الْمُعِيرِ لَيْسَ تَسْلِيمًا (الْبَحْرُ) . وَجَازَ تَسْلِيمُهُ إلَى سَائِسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ يَحْفَظُ حَيَوَانَهُ بِوَاسِطَةِ سَائِسِهِ فَالتَّسْلِيمُ إلَى السَّائِسِ عَادَةً كَالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ إلَى صَاحِبِهِ فَصَاحِبُهُ يُسَلِّمُهُ إلَى سَائِسِهِ. هَلْ كَلِمَةُ (سَائِسِهِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ؟ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يَجُوزُ تَسْلِيمُ حَيَوَانٍ كَهَذَا إلَى خَادِمِ الْمُعِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْخَادِمُ مُكَلَّفًا بِخِدْمَةِ الْحَيَوَانِ يَعْنِي سَائِسًا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ السَّائِسَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْقَى الْحَيَوَانُ فِي يَدِهِ دَائِمًا بَلْ يَسْتَعِينُ بَعْضًا بِرُفَقَائِهِ مِنْ الْخَدَمِ وَمُعْتَبَرٌ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ رَاضٍ لِذَلِكَ الْخَادِمِ. وَقَدْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ بِصِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ (الزَّيْلَعِيّ) وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَوْلُهُ (سَائِسِهِ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ جَاءَ خَادِمُ الْمُعِيرِ أَوْ سَائِسُهُ مَثَلًا مِنْ طَرَفِ الْمُعِيرِ يَقْبِضُ الْحَيَوَانَ الْمُعَارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَبَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ ضَاعَ وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ قِبَلِهِ بِقَبْضِ الْمُعَارِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا أُعْطِيت الْعَارِيَّةُ لِشَخْصٍ آخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (825) لَزِمَ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (795) الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَيْسَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ كَرَدِّ الْعَارِيَّةِ. وَأَنَّ تَعْبِيرَ الْعَارِيَّةِ هُنَا احْتِرَازٌ عَنْ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ إلَى مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ فَسْخُ فِعْلِ الْغَصْبِ وَإِزَالَتُهُ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ وَلَا يَكُونُ بِالرَّدِّ لِغَيْرِهِ (الْبَحْرُ) وَسَيُعْطَى إيضَاحَاتٌ عَنْ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) . [ (الْمَادَّةُ 830) عِنْدَمَا يَرُدُّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمُؤْنَتُهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ] (الْمَادَّةُ 830) - (عِنْدَمَا يَرُدُّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمُؤْنَتُهَا أَيْ كُلْفَتُهَا وَمَصَارِفُ نَقْلِهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ) . تَعُودُ مَئُونَةُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى مَنْ تَعُودُ إلَيْهِ مَنْفَعَةُ قَبْضِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ. الْإِعَارَةُ: إذَا أَرَادَ الْمُسْتَعِيرُ رَدَّ الْعَارِيَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ فَمَصَارِيفُ رَدِّهَا وَمَئُونَةُ نَقْلِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ الْعَارِيَّةِ تَعُودُ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ لِمَنْفَعَتِهِ.

(المادة 831) استعارة الأرض للبناء عليها ولغرس الأشجار

وَتَتَفَرَّعُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ عَنْ كَوْنِ مَئُونَةِ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ طَلَبَ الْمُعِيرُ الْعَارِيَّةَ وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ قَادِرًا عَلَى رَدَّهَا أَيْضًا وَامْتَنَعَ عَنْ إعَادَتِهَا لِلْمُعِيرِ بِقَوْلٍ لَهُ: اُحْضُرْ أَنْتَ وَخُذْهَا أَوْ أَرْسِلْ حَمَّالًا لِيَأْخُذَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَمْسَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ فِي يَدِهِ بِلَا اسْتِعْمَالٍ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَنْ خِتَامِ الْمُدَّةِ قَائِلًا لِيَحْضُرْ الْمُعِيرُ لِيَأْخُذَهَا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا (الْبَحْرُ) . الْإِجَارَةُ: إذَا كَانَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَأْجُورِ يَحْتَاجُ إلَى حَمْلٍ وَمَئُونَةٍ فَأُجْرَةُ نَقْلِهَا تَعُودُ عَلَى الْآجِرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (595) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَأْجُورِ لِمَنْفَعَةِ الْآجِرِ إذْ إنَّهُ يَسْتَحِقُّ بَدَلَ الْإِجَارَةِ (الْبَحْرُ) . وَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَيْضًا مَالِكٌ مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ فَلِذَلِكَ كَانَ قَبْضُ الْمَأْجُورِ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَجِبُ لِذَلِكَ أَنْ تَلْزَمَ الْمُسْتَأْجِرَ مَئُونَةُ رَدِّ الْمَأْجُورِ أَوْ يَجِبُ عَلَى الْأَقَلِّ حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ تَلْزَمَ الْمُؤَجِّرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ بِالسَّوِيَّةِ. الْجَوَابُ: إنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةُ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَبِمَا أَنَّ الْعَيْنَ مُرَجَّحَةٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَجُعِلَتْ مَئُونَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ. الرَّهْنُ: مَئُونَةُ إعَادَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ فَكِّهِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَيْ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ " كِتَابُ الْخَامِسِ فِي الرَّهْنِ ". إنَّ قَبْضَ الْمَرْهُونِ هُوَ لِتَأْمِينِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ. الْغَصْبُ: مَئُونَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَمَصَارِيفُ نَقْلِهِ " كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (890) عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَغْصُوبِ لِمَالِكِهِ وَإِزَالَةُ مَا أَتَى مِنْ ضَرَرٍ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِغَصْبِهِ مَالَهُ (الْبَحْرُ) . اسْتِثْنَاءٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ لِيَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ فَكَّ الرَّهْنَ فَمَئُونَةُ رَدِّ هَذَا الْمَالِ وَإِعَادَتِهِ تَعُودُ عَلَى الْمُعِيرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْعَارِيَّةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَالْفَائِدَةَ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي تُسْتَعَارُ لِأَجْلِ الرَّهْنِ هِيَ لِلْمُعِيرِ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ يَسْقُطُ دَيْنُ الْمُسْتَعِيرِ فِي حَالَةِ تَلَفِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي سَقَطَ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْعَارِيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ (الْبَحْرُ) فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لُزُومُ مَئُونَةِ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ هُوَ مِنْ فُرُوعِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 831) اسْتِعَارَةُ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ] (الْمَادَّةُ 831) - (اسْتِعَارَةِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْإِعَارَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَأَنْ يَطْلُبَ قَلْعَ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُوَقَّتَةً فَيَضْمَنُ الْمُعِيرُ مِقْدَارَ التَّفَاوُتِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ قَلَعَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ بَقَائِهَا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ قَلْعِهَا فِي الْحَالِ اثْنَيْ عَشَرَ

دِينَارًا وَقِيمَتُهَا عَلَى أَنْ تَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ ثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ) . اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِذَلِكَ بِالشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِعَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَيَانَ حَصْرِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ إنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْأَرَاضِي أَيْضًا لِلْمَرَاحِ وَنَصْبِ الْخِيَامِ وَإِيقَافِ وَإِقَامَةِ الدَّوَابِّ وَلِلزِّرَاعَةِ. كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحَيَوَانِ لِلرُّكُوبِ وَلِلْحَمْلِ وَلِلْحِرَاثَةِ وَلِإِيجَارِهِ لِآخَرَ وَرَهْنُهُ وَالْحُلِيِّ لِلتَّزْيِينِ وَتُزَيَّنُ الدَّارُ بِهِ، وَالثِّيَابِ لِلُّبْسِ وَالدَّارِ لِسُكْنَاهَا وَوَضْعِ أَمْتِعَتِهِ فِيهَا وَالْجُذُوعِ لِوَضْعِهَا فِي الْبِنَاءِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ، بَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَحْكَامُ الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ. فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْإِعَارَةِ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ يَبْنِيَ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرًا وَالْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرٌ عَلَى رَفْعِ الْبِنَاءِ وَقَلْعِ الْأَشْجَارِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. وَقَدْ جَازَ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (806) . بِطَلَبِ قَلْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ شَغَلَ بِمِلْكِهِ مِلْكَ الْمُعِيرِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ: مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (909) : لَوْ شَغَلَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ بِوَضْعِ كُنَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ مَا وَضَعَهُ وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ (الْبَحْرُ) . وَإِذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمُحَرَّرُ فِي الْقَضِيَّةِ الْآتِيَةِ: وَكَذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَضْمِينُ الْمُعِيرِ النُّقْصَانَ الطَّارِئَ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ فِقْرَةِ " ثُمَّ إذَا كَانَتْ مُؤَقَّتَةً " لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ فَلَا يَكُونُ الْمُعِيرُ فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُغَرِّرًا لِلْمُسْتَعِيرِ بَلْ يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ هُوَ الَّذِي أَغَرَّ نَفْسَهُ وَقَدْ ظَهَرَ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ سَبَبُ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَظَهَرَ الْفَرْقُ الْمَوْجُودُ بَيْنَهُمَا. تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ: لِلْمُعِيرِ حَقٌّ آخَرُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مُضِرًّا فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا مَقْلُوعَةً وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعِيرُ. يَعْنِي لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ بِقِيمَتِهَا فِي الْحَالِ وَقْتَ رُجُوعِهِ مَقْلُوعَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ عَلَى أَرْضِ الْمُسْتَعِيرِ نُقْصَانٌ فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ مُسْتَقِلًّا لِدَفْعِ ضَرَرِهِ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ تَمَلُّكُ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ يَطْرَأُ نُقْصَانٌ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِنَاءِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَعِيرُ صَاحِبُ وَصْفٍ. أَمَّا الْمُعِيرُ فَصَاحِبُ أَصْلٍ فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ طَرَفُ صَاحِبِ الْأَصْلِ. لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُهُمَا مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا جَبْرًا يَعْنِي بِدُونِ رِضَا الْمُسْتَعِيرِ، أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُعِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَيْضًا بِالتَّمْلِيكِ وَالْبَيْعِ كَانَ تَمَلُّكُ الْمُعِيرِ وَشِرَاؤُهُ صَحِيحًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 531) وَشَرْحَهَا. وَالْحَاصِلُ - إذَا كَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمُعِيرِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي تَمَلُّكِهِمَا جَبْرًا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُعِيرَ عَلَى التَّمَلُّكِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُسْتَعِيرُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَلْعِ وَلَوْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فِي

حَالَةِ طَلَبِ الْمُعِيرِ ذَلِكَ. وَإِسْنَادُ الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إلَى الْمُعِيرِ لَيْسَ لِلْحَصْرِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ فَسْخُ الْإِعَارَةِ وَقَلْعُ الشَّجَرِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ. وَالْحَاصِلُ - تُفْسَخُ الْعَارِيَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَقَدْ صَارَ إيضَاحُ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (806) . وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ بِأَنْ قَالَ الْمُسْتَعِيرُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ قَدْ عَمِلْته أَنَا أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ قَدْ غَرَسْتهَا، فَقَالَ الْمُعِيرُ: إنَّ هَذَا الْبِنَاءَ أَوْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ كَانَا مَوْجُودَيْنِ قَبْلًا فِي الْأَصْلِ، فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (826) فَبِمَا أَنَّ الرُّجُوعَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ يَتَضَمَّنُ خُلْفًا الْمَوْعِدَ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيَضْمَنُ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ قِيمَةَ مِقْدَارِ التَّفَاوُتِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ قَلَعَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي حَالَةِ بَقَائِهَا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْمُعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى تَمَلُّكِهَا وَضَمَانِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ لَمَّا صَرَّحَ بِرِضَاهُ بِتَرْكِهَا إلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ قَدْ خَدَعَ الْمُسْتَعِيرَ وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ حَالِ الْإِنْسَانِ الثَّبَاتَ عَلَى وَعْدِهِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمُعِيرُ عَلَى وَعْدِهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَأَصْبَحَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُعِيرُ يَضْمَنُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُحِيطِ يُفِيدُ ضَمَانَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ قَوْلَ الْمُحِيطِ هَذَا (الْبَحْرُ) . فَعَلَيْهِ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ وَكَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ ضَرَرًا فَاحِشًا وَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيَمْلِكُهَا بِقِيمَتِهَا وَقْتَ خِتَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْوَقْتِ لَا تَكُونُ مُسْتَحَقَّةً لِلْقَلْعِ وَلِذَلِكَ لَا يَتَمَلَّكُهَا بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً فِي الْحَالِ. وَلَيْسَ عَلَى الْمُعِيرِ مِنْ ضَمَانٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي حَالَةِ رُجُوعِهِ عَنْ الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا أَيْ وَإِنْ لَزِمَ الْمُعِيرَ ضَمَانٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إذَا رَجَعَ عَنْ الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يُلْزَمُ الْمُعِيرُ بِضَمَانٍ مَا بَلْ لَهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الضَّرَرِ لِلْأَرْضِ مِنْ قَلْعِهِمَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَةً. سُؤَالٌ وَجَوَابٌ: وَيَرِدُ السُّؤَالُ الْآتِي عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ. ضَمَانُ الْغَرُورِ يَكُونُ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اذْهَبْ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ، فَذَهَبَ مِنْهَا فَسَلَبَهُ اللُّصُوصُ فَلَا يَلْزَمُ قَائِلَ ذَلِكَ الْقَوْلِ ضَمَانٌ، وَعَلَيْهِ فَلِمَاذَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْعَارِيَّةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ. كَمَا أَنَّهُ إذَا لَحِقَ الْمَوْهُوبَ لَهُ ضَمَانٌ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا يَكُونُ الْوَاهِبُ ضَامِنًا (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) .

(المادة 832) استرداد المستعير الأرض المعارة قبل وقت الحصاد

الْجَوَابُ: هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ " ابْنِ فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَإِنِّي لَتَارِكُهَا فِي يَدِك لِلْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ أَتْرُكْهَا فَإِنِّي ضَامِنٌ لِبِنَائِك. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا ضُبِطَتْ الْأَرْضُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى الْقَلْعِ. فَلَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا فَلَوْ ضُبِطَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ آنِفًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُؤَقَّتَةً فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ هَذَا مَا قَالَتْهُ الْهِنْدِيَّةُ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْقَبَتْهُ بِقَوْلِهَا وَقَدْ قَالَ الْخَصَّافُ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . لَوْ غَرَّرَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي نَفْعُهُ لِلْقَابِضِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهَا لَوْ بَقِيَتْ إلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ الْإِعَارَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا لَزِمَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ مِقْدَارَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الِاسْتِرْدَادِ يَعْنِي يُعْتَبَرُ بَدَلُ الْأَرْضِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَسْتَرِدُّهَا فِيهِ الْمُعِيرُ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ قِيمَةَ وَقْتِ الِاسْتِرْدَادِ أَسْهَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَلْزَمُ الْقِيمَةُ وَقْتَ مُرُورِ الْمُدَّةِ وَلَكِنْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ أَرْضَهُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ سَنَتَيْنِ وَبَعْدَ مُرُورِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى غَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ بِنَائِهِ فِي الْأَرْضِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَنْ الْإِعَارَةِ وَأَمَرَ بِالْقَلْعِ وَتَحَقَّقَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْأَشْجَارِ إذَا بَقِيَتْ سَنَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ أَلْفُ قِرْشٍ وَقِيمَتَهَا فِي الْحَالِ مَقْلُوعَةً مِائَةُ قِرْشٍ ضَمِنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 832) اسْتِرْدَاد الْمُسْتَعِير الْأَرْض الْمُعَارَّة قَبْل وَقْت الْحَصَاد] (الْمَادَّةُ 832) - (لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِرْدَادُ الْأَرْضِ الَّتِي أُعِيرَتْ لِلزَّرْعِ إذَا رَجَعَ عَنْ إعَارَتِهِ قَبْلَ وَقْتِ الْحَصَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ) . قَدْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ اسْتِحْسَانًا. وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُوَ: أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ فِي زِرَاعَتِهِ الْأَرْضَ مُبْطِلًا وَغَيْرَ مُحِقٍّ وَإِنَّمَا هُوَ مَغْرُورٌ بِإِعْطَاءِ الْمُعِيرِ إيَّاهُ إذْنًا بِالزِّرَاعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ تَرْكُ الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، وَبَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ تَنْقَلِبُ الْإِعَارَةُ إلَى إجَارَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَلَمْ يُجِزْ الرُّجُوعَ وَالِاسْتِرْدَادَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلزَّرْعِ مَعَ كَوْنِهِ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَوْضِيحُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَادَّةِ (831) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِبْقَاءُ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَوْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَضُرُّ بِالْمُعِيرِ فَلِأَجْلِ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ أَيْ الْمُعِيرِ قُلِعَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلِلزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْقَى الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ

بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ الَّذِي هُوَ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ جَوَّزَ إبْقَاءَ الْأَرَاضِي فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَأْخُذُ الْمُعِيرُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرَاضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ يَصِيرُ إبْقَاءُ الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 526) وَشَرْحَهَا (الْبَحْرُ) . وَلِإِبْقَاءِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عِلَّتَانِ: أُولَاهُمَا - أَنَّ قَلْعَ الزَّرْعِ مُضِرٌّ بِالْمُسْتَعِيرِ كَمَا أَنَّ إبْقَاءَهُ بِلَا بَدَلٍ مُضِرٌّ بِالْمُعِيرِ أَيْضًا فَيُدْفَعُ ضَرَرُ الطَّرَفَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (31) . وَبِذَلِكَ رُوعِيَ حَقُّ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ قَدْ غَرَّرَ بِهِ الْمُعِيرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيهِمَا - أَنَّهُ يُوجَدُ فِي قَلْعِ الزَّرْعِ أَبْطَالٌ لِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ وَفِي تَرْكِهِ تَأْخِيرُ حَقٍّ لِلْمُعِيرِ أَيْ تَأْخِيرُ تَصَرُّفِهِ وَبِمَا أَنَّ الْقَرَارَ الْأَوَّلَ أَشَدُّ مِنْ الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يُعَارَ إلَى الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (29) . اخْتِلَاف الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ: يَلْزَمُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ عَقْدُ الْإِيجَارِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُعِيرُ الْأَرْضَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ. لَكِنْ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الطَّرَفَانِ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ يُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ وَيُقَدِّرُ الْأُجْرَةَ بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْوُقُوفِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَجِّرْ الْمُعِيرُ وَالْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ لَمْ تُعْقَدْ إجَارَةٌ. مَعْنَى عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُنَا: وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْمُعِيرِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ وَمُرْتَبِطٌ بِنَفْيِ الِاسْتِرْدَادِ حَصْرًا وَلَيْسَ لِنَفْيِ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (806) أَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَلَوْ كَانَ فِي رُجُوعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْطُلُ الْإِعَارَةُ بِالرُّجُوعِ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَبْقَى الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ بُطْلَانِ الْإِعَارَةِ بِالرُّجُوعِ وَبَيْنَ إبْقَائِهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. وَالْمُعِيرُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَوْ قَالَ: إنَّنِي أَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ بِعَطَاءِ الْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ الْبِذَارِ وَمَصَارِيفِهِ وَيُسَلِّمُنِي الْمُسْتَعِيرُ أَرْضًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبِذَارُ نَابِتًا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ الْبِذَارَ قَبْلَ النَّبَاتِ مُسْتَهْلَكٌ وَمَعْدُومٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (205) إذَا كَانَ نَابِتًا وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ رَاضِيًا بِذَلِكَ جَازَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِيهَا اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ. لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ. فَلَوْ أَعَارَ الْمُعِيرُ زِقًّا لِوَضْعِ

خاتمة في الاختلافات في التمليك والإعارة

زَيْتٍ فَرَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ مِنْ الْإِعَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْإِمْكَانِ تَدَارُكُ زِقٍّ آخَرَ وَوَضَعَ الزَّيْتَ فِيهِ هُنَاكَ فَيَبْقَى ذَلِكَ الزِّقُّ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى مَحِلٍّ يُمْكِنُ فِيهِ تَدَارُكُ زِقٍّ آخَرَ. [خَاتِمَةٌ فِي الِاخْتِلَافَاتِ فِي التَّمْلِيكِ وَالْإِعَارَةِ] ِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ قَالَ أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى ابْنَتَهُ الْجِهَازَ الْمُعْتَادَ أَيْ جِهَازَ مِثْلَهَا كُنْت أَعَرْتُك هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَبُ ذَلِكَ الْجِهَازَ مِلْكًا وَلَا يُعْطِيهِ لِابْنَتِهِ مِنْ قَبِيلِ الْإِعَارَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُكَذِّبُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ مُطَّرِدًا وَكَانَ أَحْيَانًا هَكَذَا أَوْ أُخْرَى هَكَذَا فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ أَكْثَرَ مِنْ الْجِهَازِ الَّذِي يُعْطَى لِأَمْثَالِ تِلْكَ الْبِنْتِ وَادَّعَى الْأَبُ بَعْدَ إعْطَائِهِ إيَّاهُ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ يُصَدَّقُ فِي كَلَامِهِ لَكِنْ هَلْ الْقَوْلُ لِلْأَبِ فِي جَمِيعِهِ أَوْ فِيمَا يَزِيدُ عَنْ جِهَازِ الْمِثْلِ الظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ. وَالْأُمُّ وَسَائِرُ أَوْلِيَاءِ الصَّغِيرَةِ كَالْأَبِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ تُوُفِّيَ الْأَبُ بَعْدَ إعْطَائِهِ الْجِهَازَ لِابْنَتِهِ فَإِذَا أَرَادَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إدْخَالَ الْجِهَازِ فِي التَّرِكَةِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْأَبُ فِي حَالَةِ صِحَّتِهِ اشْتَرَاهُ لِابْنَتِهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أَوْ لِابْنَتِهِ الْكَبِيرَةِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْمُدَاخَلَةُ فِيهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.

الكتاب السابع الهبة

[الْكِتَابُ السَّابِعُ الْهِبَةُ] الْحَمْدُ لِلَّهِ وَاهِبِ الْعَطَايَا مُعْطِي النِّعَمِ خَالِقِ الْبَرَايَا، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ مُبَلِّغِ الْهَدْيِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَخُلَفَائِهِ أَئِمَّةِ الدِّينِ الْمُجْتَبَى. فِي حَقِّ الْهِبَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَبَابَيْنِ. إنَّ ذِكْرَ مَبَاحِثِ الْهِبَةِ بَعْدَ الْعَارِيَّةِ هُوَ تَرَقٍّ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنَافِعِ فَقَطْ فَهِيَ أَدْنَى، وَالْهِبَةُ هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْعَيْنِ وَلِلْمَنْفَعَةِ مَعًا فَهِيَ أَعْلَى مِنْ الْعَارِيَّةِ، الْهِبَةُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ بِوَزْنِ فِعْلٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَأْخُوذٌ مِنْ وَهَبَ كَعِدَةٍ أَصْلُهَا وَعْدَةٌ مِنْ وَعَدَ فَكَانَتْ مِنْ الْمَصَادِرِ الَّتِي تُحْذَفُ أَوَائِلُهَا وَيُعَوَّضُ فِي آخِرِهَا بِالتَّاءِ (الْفَتْحُ، وَالْعَيْنِيُّ) مَشْرُوعِيَّةُ الْهِبَةِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] لِآخِرِ الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّحِيَّةِ هُوَ الْعَطِيَّةُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِنْ قَالَ الْبَعْضُ بِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهَا السَّلَامُ (الْكِفَايَةُ) وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ أَيْضًا «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» (الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ) تَهَادَوْا بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْوَاوِ هِيَ صِيغَةُ الْخِطَابِ لِلْجَمَاعَةِ كَلَفْظَةِ (تَعَالَوْا) كَذَلِكَ كَلِمَةُ (تَحَابُّوا) بِالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ هِيَ صِيغَةُ خِطَابِ الْجَمَاعَةِ وَأَصْلُهَا (تَحَابُّونَ) فَسَقَطَتْ النُّونُ لِكَوْنِهَا جَوَابًا لِلْأَمْرِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ) . إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: قَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْهِبَةِ (الْهِدَايَةُ) . مَحَاسِنُ الْهِبَةِ: إنَّ لِلْهِبَةِ مَحَاسِنَ كَثِيرَةً فَكَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُؤْمِنِ تَعْلِيمُ وَلَدِهِ التَّوْحِيدَ وَالْإِيمَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيمُهُ الْجُودَ وَالْإِحْسَانَ؛ لِأَنَّ حُبَّ الدُّنْيَا هُوَ رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَسَيِّئَةٍ (الْبَحْرُ) وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَفْسَهُ بِالْوَهَّابِ إذْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [ص: 9] وَيَكْفِي ذَلِكَ لِإِثْبَاتِ مَحَاسِنِ الْهِبَةِ (الْفَتْحُ) . إذَا بَاشَرَ الْإِنْسَانُ فِعْلَ الْهِبَةِ فَقَدْ اكْتَسَبَ أَشْرَفَ الصِّفَاتِ وَاسْتَعْمَلَ الْكَرَمَ وَأَزَالَ مِنْ نَفْسِهِ الشُّحَّ وَأَدْخَلَ السُّرُورَ إلَى قَلْبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَوْرَثَ الْمَوَدَّةَ وَالْمَحَبَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَزَالَ الْحَسَدَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَتَصْدُقُ فِي حَقِّهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمُفْلِحِينَ (الطَّحْطَاوِيُّ)

المقدمة في بيان الاصطلاحات الفقهية المتعلقة في الهبة

[الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الِاصْطِلَاحَات الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْهِبَةِ] الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ الْإِصْلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْهِبَةِ (الْمَادَّةُ 833) - (الْهِبَةُ هِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِلَا عِوَضٍ وَيُقَالُ لِفَاعِلِهِ: وَاهِبٌ، وَلِذَلِكَ الْمَالُ مَوْهُوبٌ وَلِمَنْ قَبِلَهُ مَوْهُوبٌ لَهُ وَالِاتِّهَابُ بِمَعْنَى قَبُولِ الْهِبَةِ أَيْضًا) . الْهِبَةُ: فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّفَضُّلُ وَالْإِحْسَانُ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْ الْمُعْطَى لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَالًا كَهِبَةِ شَخْصٍ لِآخَرَ فَرَسًا أَمْ غَيْرَ مَالٍ كَقَوْلِ الْإِنْسَانِ لِآخَرَ: لِيَهَبَ اللَّهُ لَك وَلَدَك، مَعَ أَنَّ وَلَدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ حُرٌّ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [مريم: 5] وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . فَعَلَى ذَلِكَ فَنَقْلُ الْهِبَةِ عَنْ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ إلَى مَعْنَاهَا الِاصْطِلَاحِيِّ هُوَ نَقْلُ الِاسْمِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْمَالِ، وَجَمْعُ الْهِبَةِ: هِبَاتٌ وَمَوَاهِبُ (الْفَتْحُ) وَالْهِبَةُ بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِلَا عِوَضٍ وَيُسَمَّى الْمُمَلِّكُ وَاهِبًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْمَالُ مَوْهُوبًا وَيُسَمَّى الشَّخْصُ الَّذِي يَقْبَلُ ذَلِكَ التَّمْلِيكَ مَوْهُوبًا لَهُ كَمَا أَنَّ الِاتِّهَابَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ هُوَ بِمَعْنَى قَبُولِ الْهِبَةِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِيهَابَ هُوَ بِمَعْنَى طَلَبِ الْهِبَةِ (الْكِفَايَةُ وَالْفَتْحُ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الْهِبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّمْلِيكِ إلَّا أَنَّهُ يُطْلِقُ أَحْيَانًا كَلِمَةَ هِبَةٍ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ وَأَنَّ الْهِبَةَ الْوَارِدَةَ فِي عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي هِيَ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ وَيُطْلِقُ أَيْضًا عَلَى الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَفْظَةَ مُوهَبَةٍ (الْفَتْحُ) . وَيَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ الْمُتَقَدِّمِ الْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ وَإِنَّ تَعْرِيفَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ لَا يُوجَبُ خُرُوجُهُمَا مِنْ الْهِبَةِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: - (التَّمْلِيكُ) إنَّ تَقْيِيدَ التَّمْلِيكِ بِقَيْدٍ بِلَا عِوَضٍ هُوَ مَرْبُوطٌ بِالتَّمْلِيكِ وَمُؤَخَّرٌ عَنْهُ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِهِ الْمَالَ بِلَا عِوَضٍ وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لَفْظُ التَّمْلِيكِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ الْمَعْنَوِيَّ لِلتَّعْرِيفِ وَهُوَ بِمَثَابَةِ جِنْسِهِ وَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ قَيْدًا مُدْخِلًا فَيَدْخُلُ فِيهِ التَّمْلِيكَاتُ الْأُخْرَى كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَيْدًا مُخْرِجًا وَيُخَرِّجُ ذَلِكَ اللَّفْظُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ مِنْ التَّعْرِيفِ وَهِيَ: 1 - فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ مَجَّانًا فَتَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ عَلَى رَأْيِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْفَرَاغَ هُوَ نُزُولٌ عَنْ الْحَقِّ الْعَادِي الْمُجَرَّدِ. 2 - بِمَا أَنَّ كَلِمَةَ التَّمْلِيكِ تُفِيدُ التَّمْلِيكَ حَالًّا فَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ. 3 - يَخْرُجُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ هِبَةُ الدَّيْنِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (873) فَيَجِبُ خُرُوجُهَا

لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَلَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ إسْقَاطٌ وَلَيْسَتْ تَمْلِيكًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَوْنُهَا لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (873) بَعْدَ الْإِيجَابِ. بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. رَابِعًا - يَخْرُجُ أَيْضًا الْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ وَبِطَرِيقَةِ نَفْيِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا فِي الْحَالِ بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمَالَ هُوَ مَالٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ صُورَةَ نَفْيِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ خَارِجًا عَنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ لَمْ يَكُنْ هِبَةً وَحَتَّى لَا يَلْزَمُ الْقَبْضُ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ لِتَمَامِ عَقْدِ الْهِبَةِ. مَثَلًا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ (أَيْنَ تراست) فَيَكُونُ بِقَوْلِهِ هَذَا قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ الْمَالِ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَمَّا إذَا قَالَ (أَيْنَ ترا) فَيَكُونُ قَدْ جَعَلَ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكًا لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْهِبَةِ فَأَصْبَحَ هَذَا الْإِقْرَارُ هِبَةً فَيَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ (الْهِنْدِيَّةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُهُ هُوَ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا هِبَةً فَيَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ حَالَةَ كَوْنِهِ لَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُنْسَبُ لِي هِيَ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا إقْرَارًا فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1591) وَشَرْحَ الْمَادَّةَ (848) . الْأَحْكَامُ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ لَفْظِ التَّمْلِيكِ: - يُوجِبُ لَفْظُ التَّمْلِيكِ أَنْ يَكُونَ الْمُمَلِّكُ أَيْ الْوَاهِبُ مَالِكًا لِذَاكَ الْمَالِ وَأَهْلًا لِتَمْلِيكِهِ وَقَدْ أُشِيرَ بِهَذَا اللَّفْظِ إلَى الْمَادَّتَيْنِ (857 و 859) كَمَا أَنَّهُ أُشِيرَ بِذَلِكَ إلَى عَدَمِ جَوَازِ هِبَةِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ حَيْثُ إنَّ الْحَطَبَ وَالْأَخْشَابَ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَتَمْلِيكُهَا مِنْ الْوَاهِبِ لِآخَرَ يَكُونُ مُحَالًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَمْلِيكًا لِشَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ (الْبَحْرُ) . (2) قِيلَ فِي النَّصِّ التُّرْكِيِّ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ تَمْلِيكُ مَالِ وَاحِدٍ، وَلَمْ يُقْصَدْ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الِاحْتِرَازُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَالَيْنِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ مَالَيْنِ بَلْ جَاءَ ذَلِكَ لِلتَّنْكِيرِ وَالتَّعْمِيمِ لَيْسَ إلَّا فَهُوَ يَشْمَلُ الْمَوْهُوبَ لَهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَالًا وَاحِدًا وَكَذَا إذَا كَانَ مَالَيْنِ فَأَكْثَرَ. (3) قِيلَ: تَمْلِيكُ مَالٍ وَبِذَلِكَ تَخْرُجُ الْإِبَاحَةُ وَتَخْرُجُ أَيْضًا الْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةُ وَالْمُهَايَأَةُ الزَّمَانِيَّةُ وَالْمَكَانِيَّةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَيَخْرُجُ أَيْضًا فَرَاغُ الْمُسْقَفَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ (عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْفَرَاغَ فِيهِمَا هُوَ إيجَارٌ) . الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالْهِبَةِ قَدْ أَخْرَجَتْ الْإِبَاحَةُ مِنْ تَعْرِيفِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالْهِبَةِ ثَلَاثَةُ فُرُوقٍ: (1) فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ فَالْهِبَةُ هِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ وَأَمَّا الْإِبَاحَةُ فَهِيَ إعْطَاءُ الْإِذْنِ بِأَكْلِ مَالٍ حَسَبَ تَعْرِيفِهَا الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (836) فَعَلَيْهِ الْهِبَةُ تَخْتَلِفُ عَنْ الْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ. (2) فَرْقٌ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ فِي الْهِبَةِ تَزُولُ مِلْكِيَّةُ الْوَاهِبِ مِنْ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَحُصُولِ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْإِبَاحَةِ لَا تَزُولُ مِلْكِيَّةُ الْمُبِيحِ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ وَيَتَنَاوَلْهُ الْمُبَاحُ لَهُ.

يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْمَوْهُوبُ مَعْلُومًا مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِبَاحَةِ عِلْمُ الْمُبَاحِ لَهُ وَالْمُبَاحِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِبَاحَةِ مَعْلُومِيَّةُ الشَّيْءِ الَّذِي أُبِيحَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّةُ الْمُبَاحِ لَهُ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ: كُلُّ مَنْ يَأْكُلُ مَالِي فَمَالِي حَلَالٌ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ إبَاحَةً كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (875) (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلِ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدْيُونِ) (وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الْغَصْبِ) . أَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: مَهْمَا أَخَذْت مِنْ مَالِي فَهُوَ حَلَالٌ لَك فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ هِبَةٌ وَقَدْ صَرَّحَتْ الْمَادَّةُ (858) بِعَدَمِ جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ (رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: أَنْتَ فِي حِلٍّ مِمَّا أَكَلْت مِنْ مَالِي أَوْ أَخَذْت أَوْ أَعْطَيْت حَلَّ لَهُ الْأَكْلُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الطَّعَامِ الْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ فَإِنَّ مَنْ قَدَّمَ مَائِدَةً بَيْنَ قَوْمٍ حَلَّ لَهُمْ الْأَكْلُ مِنْهَا وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ) . (4) وَبِقَيْدٍ بِلَا عِوَضٍ يَخْرُجُ الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْقِسْمَةِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1116) . أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَتُهَا. يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ اعْتِرَاضٌ بِصُوَرٍ أَرْبَعٍ تَحْتَاجُ لِلْإِجَابَةِ عَلَيْهَا: 1 - قَدْ وَرَدَ فِي التَّعْرِيفِ لَفْظُ الْمَالِ، وَالْمَالُ بِحَسَبِ تَعْرِيفِهِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (126) لَا يَشْمَلُ الدَّيْنَ وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْرِيفِ هِبَةُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَهُوَ التَّمْلِيكُ الْوَارِدُ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (848) فَعَلَيْهِ يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِإِفْرَادِهِ. إنَّ الْمَالَ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (631) وَهُوَ الْمَالُ حَالًا وَمَآلًا أَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْأَعَمِّ فَحِينَئِذٍ صِحَّةُ التَّمْلِيكِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (848) تَتَوَقَّفُ عَلَى أَمْرِ الْوَاجِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَحِينَمَا يَقْبِضُهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ يَكُونُ الْقَابِضُ قَابِضًا أَوَّلًا عَنْ الْوَاهِبِ بِحُكْمِ النِّيَابَةِ ثُمَّ يَكُونُ قَابِضًا بِنَفْسِهِ بِحُكْمِ الْهِبَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَقْتَ الْقَبْضِ عَيْنًا فَإِذَا عُمِّمَ التَّعْرِيفُ بِحَيْثُ يَشْتَمِلُ الْمَوْجُودَةَ حَالًا وَالْعَيْنُ الْمَوْجُودَةُ مَآلًا فَيَكُونُ صَحِيحًا أَيْ إنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ أَيْضًا (الدُّرَرُ وَشَرْحُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهِبَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَتِمُّ بَعْدَ الْقَبْضِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا. 2 - يَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ " الْمَالُ هِبَةُ الطَّاعَاتِ " مَعَ أَنَّ هِبَةَ الطَّاعَاتِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ إذْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصَّدَقَةِ مَا نَصُّهُ (رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ دَعَا لَهُ فَإِنَّهُ يَصِلُ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ وَإِذَا جَعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ جَازَ) . ج - إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْهِبَةِ الْمُعَرَّفَةِ هِيَ الْهِبَةُ بِالْمُعَامَلَاتِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ الْهِبَةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامٌ دُنْيَوِيَّةٌ أَيْ تَثْبُتُ بِهَا مِلْكِيَّةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَقُّ الْوَاهِبِ بِالرُّجُوعِ عِنْدَ الْهِبَةِ وَهِبَةُ الطَّاعَاتِ لَمْ تَكُنْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَكَمَا أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ التَّعْرِيفِ فَهِيَ خَارِجَةٌ أَيْضًا عَنْ الْمُعَرَّفِ. 3 - قَوْلُهُ: بِلَا عِوَضٍ يُخْرِجُ بِذَلِكَ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (855) فَلِذَلِكَ

يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ جَامِعٍ لِإِفْرَادِهِ فَلِذَلِكَ يُنْتَفَضُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ عَكْسًا بِالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (الْفَتْحُ) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِلَا عِوَضٍ هُوَ نَصٌّ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فَتَكُونُ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ نَقِيضَتَهُ. ج: قَوْلُهُ أَيْضًا: بِلَا عِوَضٍ، مَعْنَاهُ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ وَفِيهِ حَذْفُ الْمُضَافِ وَلَيْسَ لَفْظَةُ " بِلَا عِوَضٍ " بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِوَضِ وَأَنْ يَكُنْ الْمَعْنَى الثَّانِي (أَيْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِوَضِ) مُنَافِيًا لِلْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ أَمَّا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَيْ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ لَيْسَ مُنَافِيًا لِذَلِكَ (الدُّرَرُ) وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَاهِيَّةَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: (1) الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ شَيْءٍ وَتُفَسَّرُ هُنَا بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْبَيْعُ مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ. (2) مَاهِيَّةٌ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ وَتُفَسَّرُ هُنَا بِعَدَمِ شَرْطِ الْعِوَضِ وَالْهِبَةُ مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. (3) الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ وَتُفَسَّرُ هُنَا بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِوَضِ، وَالْعَارِيَّةُ مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ وَبِلَا عِوَضٍ الْوَارِدَةُ هُنَا هِيَ بِمَعْنَى الْمَاهِيَّةِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَاهِيَّةٌ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ وَلَيْسَتْ بِمَاهِيَّةٍ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ وَلِذَلِكَ تَدْخُلُ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ يَعْنِي أَنَّ مَاهِيَّةً بِشَرْطِ لَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَتْ مُنَافِيَةً لِلْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ إلَّا أَنَّ مَاهِيَّةً لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ لَمْ تَكُنْ مُبَايِنَةً لِلْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَلْ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ مَاهِيَّةً بِلَا شَرْطِ شَيْءٍ هِيَ أَعَمُّ مِنْ مَاهِيَّةٍ بِشَرْطِ شَيْءٍ وَمَاهِيَّةٍ بِشَرْطِ لَا شَيْءَ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ كَالْحَمَوِيِّ قَدْ اعْتَرَضَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَائِلًا بِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَا تَجْتَمِعُ بِمَاهِيَّةِ الْهِبَةِ بِلَا عِوَضٍ بِسَبَبِ أَنَّ قَوْلَ: بِلَا عِوَضٍ، هُوَ نَصٌّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ فَلَا تَجْتَمِعُ نَقِيضَتُهَا الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِالْهِبَةِ بِلَا عِوَضٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ نَشَأَ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ مِنْ عَدَمِ تَدْقِيقِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَجِبُ إذْ أَنَّ تَعْبِيرَ بِلَا عِوَضٍ لَيْسَ نَصًّا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ كَمَا قَالَ، بَلْ هُوَ عَامٌّ وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ تَنَافٍ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ بَيْنَ الْمَشْرُوطِ بِالشَّيْءِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُوجَدُ تَبَايُنٌ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الصِّدْقِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا أَنَّ اللَّفْظَيْنِ وَاحِدٌ كَالْإِنْسَانِ فَهُوَ مَشْرُوطٌ بِالنُّطْقِ وَالْحَيَوَانُ غَيْرُ مَشْرُوطٍ بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُوجَدُ تَنَافٍ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمَشْرُوطِ وَبَيْنَ عَدَمِهِ (الْفَتْحُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . إلَّا أَنَّهُ يَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَيْدَ بِلَا عِوَضٍ الْوَاقِعَ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ إذَا اُعْتُبِرَ بِمَعْنَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا شَرْطٍ فَيَصْدُقُ حِينَئِذٍ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ عَلَى الْبَيْعِ فَيَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ مُنْتَقَضًا لِكَوْنِهِ لَيْسَ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ فَلَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ الْمَحْذُورُ بَلْ يَشْتَدُّ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْتَقَضُ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ طِرَادًا (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . إنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لَيْسَ وَارِدًا عَلَى جَوَابِ صَاحِبِ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ خُلَاصَةَ ذَلِكَ الْجَوَابِ هُوَ أَنَّ وُجُودَ الْعِوَضِ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ أَمْرًا لَازِمًا فَإِذَا وُجِدَ الْعِوَضُ جَازَ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْعِوَضُ جَازَ أَيْضًا كَالْهِبَةِ بِلَا عِوَضٍ أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَالْعِوَضُ أَمْرٌ لَازِمٌ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مُطْلَقًا بِلَا عِوَضٍ أَيْ بِنَفْيِ الْعِوَضِ فَبَعْدَ أَنْ اعْتَرَضَ ابْنُ الْهُمَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَجَابَ عَلَى أَصْلِ السُّؤَالِ بِمَا يَأْتِي:

(المادة 834) الهدية هي المال الذي يعطى لأحد أو يرسل إليه إكراما له

إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ قَيْدِ بِلَا عِوَضٍ الْوَارِدِ فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ أَيْ بِلَا اكْتِسَابِ الْعِوَضِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهِيَ تَمْلِيكُ مَالٍ لِآخَرَ بِشَرْطِ عَدَمِ اكْتِسَابِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ عِوَضٌ إلَّا أَنَّ تِلْكَ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ بِشَرْطِ الِاكْتِسَابِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ عِنْدَمَا عَرَّفُوا الْبَيْعَ بِأَنَّهُ (مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ) بِطَرِيقِ الِاكْتِسَابِ صَرَّحَ بِقَيْدِ (بِطَرِيقِ الِاكْتِسَابِ) لِإِخْرَاجِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مِنْ التَّعْرِيفِ: إلَّا أَنَّهُ مَا دَامَ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ هُوَ الْكَسْبُ وَالرِّبْحُ وَالْوَاهِبُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَكُونُ كَاسِبًا الْعِوَضَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ يَكُونُ كَاسِبًا الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فَمَا هِيَ فَائِدَةُ هَذَا الْجَوَابِ فِي دَفْعِ الِاعْتِرَاضِ؟ الْجَوَابُ الثَّانِي - إنَّ تَعْرِيفَ الْمَجَلَّةِ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ التَّعْرِيفَ بِالْأَعَمِّ وَالتَّعْرِيفَ بِالْأَخَصِّ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْأَجْوِبَةُ الْأُخْرَى: إنَّ مُنْلَا مِسْكِينٍ - والشُّرُنْبُلاليُّ قَدْ أَجَابَا عَلَى السُّؤَالِ الثَّالِثِ بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ أَجْوِبَتُهُمَا ظَاهِرَةً وَكَافِيَةً لِدَفْعِ السُّؤَالِ وَأَنَّ الْجَوَابَ الْمَقْبُولَ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَتَقَدَّمَ آنِفًا. 4 - إنَّ الْوَصِيَّةَ تَدْخُلُ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ فَلَوْ قَالَ شَخْصٌ: أَعْطِ سَاعَتِي هَذِهِ إذَا مِتّ لِزَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا فَيَصِيرُ زَيْدٌ مَالِكًا لِتِلْكَ السَّاعَةِ مَجَّانًا وَلِذَلِكَ حِينَمَا عَرَّفَ (ابْنُ كَمَالٍ) (الْهِبَةَ) ضَمَّ عَلَيْهِ قَيْدَ " فِي الْحَالِ " فَأَصْبَحَ تَعْرِيفُ الْهِبَةِ: (تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ بِلَا عِوَضٍ) وَبِقَيْدِ " فِي الْحَالِ " خَرَجَتْ الْوَصِيَّةُ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ هَذَا الْقَيْدُ فَأَصْبَحَتْ الْوَصِيَّةُ دَاخِلَةً فِي تَعْرِيفِ الْهِبَةِ وَعِنْدِي التَّعْرِيفُ لِذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ. ج - يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ التَّمْلِيكِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ التَّمْلِيكُ فِي الْحَالِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ لَيْسَتْ تَمْلِيكًا فِي الْحَالِ بَلْ هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ (الْفَتْحُ) . [ (الْمَادَّةُ 834) الْهَدِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى لِأَحَدٍ أَوْ يُرْسَلُ إلَيْهِ إكْرَامًا لَهُ] (الْمَادَّةُ 834) - (الْهَدِيَّةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى لِأَحَدٍ أَوْ يُرْسَلُ إلَيْهِ إكْرَامًا لَهُ) . الْهَدِيَّةُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هِيَ الْمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ أَوْ أُرْسِلَ لِشَخْصٍ بِطَرِيقِ الْإِكْرَامِ وَتُجْمَعُ الْهَدِيَّةُ عَلَى الْهَدَايَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْإِكْرَامِ الرِّشْوَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الرِّشْوَةَ لَا تُرْسَلُ إكْرَامًا بَلْ تُعْطَى بِشَرْطِ الْإِعَانَةِ وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ وَهُوَ أَنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِقَبْضِهِ الْهَدِيَّةَ يُصْبِحُ مَالِكًا لَهَا بِعَكْسِ الْمُرْتَشِي فَهُوَ لَا يُصْبِحُ مَالِكًا لَهَا بِالْقَبْضِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ بَيْنَ الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَرْقَانِ: (1) إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا أَمَّا الْمُرْتَشِي إذَا اسْتَهْلَكَ الرِّشْوَةَ فَيَضْمَنُ. (2) وَإِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا عَيْنًا وَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ رِشْوَةً لِقَضَاءِ أَمْرٍ لَهُ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الْحَقُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرِّشْوَةَ مِنْ الْمُرْتَشِي. لَوْ أَنَّ الْمُرْتَشِيَ قَضَى لَهُ ذَلِكَ الْأَمْرَ الَّذِي دُفِعَتْ الرِّشْوَةُ لِأَجْلِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّهُ أَعْطَى مُقَابَلَ الرِّشْوَةِ عِوَضًا فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّ اسْتِرْدَادِ الرِّشْوَةِ وَلِذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ شَخْصٌ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ لَهُمْ مَصْلَحَةً مِنْ الْمَصَالِحِ فَبِمَا أَنَّ

(المادة 835) الصدقة هي المال الذي وهب لأجل الثواب

الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ هُوَ رِشْوَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْعَشِيقَانِ بَعْضَهُمَا بَعْضًا أَشْيَاءَ فَهِيَ رِشْوَةٌ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا الْمِلْكُ فَلِلدَّافِعِ حَقٌّ فِي اسْتِرْدَادِهَا (الْقُنْيَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 835) الصَّدَقَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي وُهِبَ لِأَجْلِ الثَّوَابِ] (الْمَادَّةُ 835) - (الصَّدَقَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي وُهِبَ لِأَجْلِ الثَّوَابِ) . الصَّدَقَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُوهَبُ لِأَجْلِ الثَّوَابِ وَلِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى. هِيَ تُعْطَى لِلْفَقِيرِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَخَصُّ مُطْلَقًا مِنْ الْهِبَةِ وَحَيْثُ إنَّ الصَّدَقَةَ هِيَ لِلثَّوَابِ فَالْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ وَلَوْ حَصَلَتْ بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ فَهِيَ هِبَةٌ كَمَا أَنَّ الصَّدَقَةَ لَوْ أُعْطِيت لِلْفَقِيرِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ (الْخَانِيَّةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) وَيُقَسَّمُ النَّاسُ نَظَرًا إلَى الثَّرْوَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: غَنِيٌّ، وَفَقِيرٌ، وَمِسْكِينٌ. فَالْغَنِيُّ شَرْعًا هُوَ الَّذِي يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ نِصَابًا يَزِيدُ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصِيلَةِ أَيْ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ عَلَى الْأَقَلِّ أَوْ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مَالًا آخَرَ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ فَلَا تُعْطَى لَهُ الزَّكَاةُ. إنَّ الْغَنِيَّ لَيْسَ مَحْدُودًا بِحَدٍّ فَكَمَا أَنَّهُ يُعَدُّ الشَّخْصُ الَّذِي يَمْلِكُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةً زَائِدَةً عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصِيلَةِ أَوْ بَدَلَهَا غَنِيًّا فَكَذَلِكَ يُعَدُّ الشَّخْصُ الَّذِي يَمْلِكُ أُلُوفَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ غَنِيًّا أَيْضًا أَمَّا الْفَقِيرُ فَهُوَ الشَّخْصُ الَّذِي لَا يَمْلِكُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ تَزِيدُ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ. فَإِذَا مَلَكَ مَالًا أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهُوَ فَقِيرٌ. وَالْمِسْكِينُ هُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَقِيرِ. [ (الْمَادَّةُ 836) الْإِبَاحَةُ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ الرُّخْصَةِ] (الْمَادَّةُ 836) - (الْإِبَاحَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ الرُّخْصَةِ وَالْإِذْنِ لِشَخْصٍ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَتَنَاوَلَ شَيْئًا بِلَا عِوَضٍ) . مَعْنَى الْإِبَاحَةِ لُغَةً التَّخْيِيرُ فَيُقَالُ: إنَّ فُلَانًا أَبَاحَ مَالَهُ لِفُلَانٍ أَيْ أَذِنَهُ بِأَخْذِهِ أَوْ تَرَكَهُ أَيْ جَعَلَهُ مُخْتَارًا فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَمَعْنَاهَا شَرْعًا إعْطَاءُ الْإِذْنِ وَالرُّخْصَةِ لِآخَرَ بِأَكْلِ وَتَنَاوُلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ أَيْ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ بِلَا عِوَضٍ، فَلَفْظُ (الْأَكْلِ) تَعْبِيرٌ مَخْصُوصٌ بِالْمَأْكُولَاتِ وَلَفْظُ (التَّنَاوُلِ) عَامٌّ فِي الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ فَعَطْفُ التَّنَاوُلِ عَلَى لَفْظَةِ الْأَكْلِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَهُوَ جَائِزٌ إذْ الْإِبَاحَةُ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْمَأْكُولَاتِ كَمَا سَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1226) . فَالتَّعْرِيفُ الظَّاهِرُ وَالْأَنْسَبُ لِلسِّيَاقِ هُوَ أَنْ تُعَرَّفَ الْهِبَةُ بِالتَّعْرِيفِ الْآتِي (هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُوهَبُ لِشَخْصٍ إكْرَامًا) (الْقُهُسْتَانِيُّ) .

الباب الأول بيان المسائل المتعلقة بعقد الهبة ويحتوي على فصلين

[الْبَابُ الْأَوَّلُ بَيَانُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْهِبَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِرُكْنِ الْهِبَةِ وَقَبْضِهَا] الْبَابُ الْأَوَّلُ: بَيَانُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الْهِبَةِ: وَيَحْتَوِي عَلَى فَصْلَيْنِ يُنْظَرُ فِي الْهِبَةِ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: (1) سَبَبُهَا وَهُوَ قَصْدُ الْوَاهِبِ عَمَلَ الْخَيْرِ وَهَذَا الْخَيْرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَوَابًا دُنْيَوِيًّا كَالْعِوَضِ وَالثَّنَاءِ أَوْ دَفْعَ شَرِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ثَوَابًا أُخْرَوِيًّا كَالنَّعِيمِ الْمُخَلَّدِ وَهَذَا إذَا حَسُنَتْ نِيَّةُ الْوَاهِبِ. وَالْهِبَةُ مَنْدُوبَةٌ وَقَبُولُهَا سُنَّةٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مَالًا حَرَامًا أَوْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْوَاهِبَ سَيَمْتَنُّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمَا وَهَبَ إلَيْهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . (2) شَرْطُ الْهِبَةِ سَيَجِيءُ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ. (3) حُكْمُ الْهِبَةِ وَهُوَ ثُبُوتُ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِلْكِيَّةً غَيْرَ لَازِمَةٍ وَلِذَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَفَسْخُ عَقْدِهَا حَيْثُ إنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَيَجُوزُ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. (4) رُكْنُ الْهِبَةِ وَسَيَجِيءُ ذِكْرُهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ (أَبُو السُّعُودِ) .

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِرُكْنِ الْهِبَةِ وَقَبْضِهَا: يُفْهَمُ مِنْ مُطَالَعَةِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ يَحْتَوِي عَلَى مَسَائِلَ أُخْرَى غَيْرِ مُتَعَلِّقَةٍ بِرُكْنِ الْهِبَةِ وَلِذَلِكَ أَصْبَحَ الْعِنْوَانُ أَخَصَّ مِنْ الْمُعَنْوَنِ. (الْمَادَّةُ 837) : تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَتَتِمُّ بِالْقَبْضِ. تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَتَتِمُّ بِقَبْضِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ قَبْضًا كَامِلًا أَيْ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ نَائِبِهِ وَمَعْنَى تَتِمُّ أَيْ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُمَا رُكْنُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ هُمَا رُكْنُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعُقُودِ الْأُخْرَى اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (491 و 433) . قُلْنَا: إنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ (وَقِيَامُ الْعَقْدِ يَكُونُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْغَيْرِ مَا لَمْ يَمْلِكْ مِنْ طَرَفِهِ لِلْغَيْرِ وَيُوجِبُ الْمَالِكُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّ إيجَابَ الْهِبَةِ هُوَ إلْزَامُ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ وَلَا إلْزَامَ بِدُونِ قَبُولٍ (الْكِفَايَةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْمُلْزَمَ بِهِ فِيهِ فَائِدَةُ الْمُلْزَمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا لِآخَرَ بِدُونِ رِضَاءِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (167) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي رُكْنِ الْهِبَةِ وَأَدِلَّةُ كُلٍّ مِنْهُمْ: إنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَصَاحِبِ الْمُحِيطِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ فِي حَقِّ الْوَاهِبِ وَأَمَّا الْقَبُولُ فَلَا يُعَدُّ رُكْنَ الْهِبَةِ رَغْمًا عَنْ أَنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ فِي حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَلِذَلِكَ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّنِي لَا أَهَبُ مَالِي لِفُلَانٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ مَالًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ أَوْجَبَ الْهِبَةَ يَحْنَثُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ (النِّهَايَةُ) . كَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ يَهَبَ مَالَهُ لِفُلَانٍ وَبَعْدَ حَلِفِهِ أَوْجَبَ الْهِبَةَ لَهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَمْ يَقْبَلْ الْهِبَةَ فَلَا يَحْنَثُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ الْإِيجَابِ رُكْنَ الْهِبَةِ وَكَانَ الْقَبُولُ رُكْنًا فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِعَدَمِ قَبُولِ الْإِيجَابِ وَلَوَجَبَ أَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاهِبُ حَانِثًا بِيَمِينِهِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِإِنَّنِي لَا أَبِيعُ فُلَانًا مَالًا ثُمَّ بَعْدَ حَلِفِهِ أَوْجَبَ مَالَهُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَلَا يَكُونُ الْمُوجِبُ حَانِثًا (النِّهَايَةُ) . وَتَكُونُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ (الْعِنَايَةُ) حَتَّى أَنَّ

الْقُهُسْتَانِيَّ قَدْ ذَكَرَ بِكَوْنِ الْقَبُولِ لَيْسَ رُكْنًا هُوَ قَوْلُهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ مَالًا فِي الطَّرِيقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكٌ لِمَنْ يَأْخُذُهُ فَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا (ابْنُ الْهُمَامِ) فَقَدْ قَالَ: إنَّ الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ رُكْنٌ قِيَاسًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا اسْتِحْسَانًا. تَسْيِيبُ الدَّابَّةِ إذَا تَخَلَّى شَخْصٌ عَنْ حَيَوَانِهِ وَتَرَكَهُ حَبْلُهُ عَلَى غَارِبِهِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ عَاطِلًا وَغَيْرَ نَافِعٍ وَأَخَذَهُ آخَرُ فَأَصْلَحَهُ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُهُ مُطَالِبًا بِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُهُ حِينَ تَرْكِهِ لِلْحَيَوَانِ: فَلِيَأْخُذْهُ مَنْ يُرِيدُهُ، فَيُصْبِحُ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ الْقَبْضِ يَصِيرُ مَعْلُومًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَائِبًا حِينَمَا تَكَلَّمَ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ ذَلِكَ الْكَلَامَ وَعَلِمَ بِهِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ أَمْ كَانَ حَاضِرًا حِينَ قَالَ ذَلِكَ وَسَمِعَ الْكَلَامَ بِأُذُنِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ ذَلِكَ الْقَوْلَ فَيَبْقَى ذَلِكَ الْحَيَوَانُ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ قَالَ حِينَ تَرْكِهِ إيَّاهُ: إنَّنِي لَا أُرِيدُهُ بَعْدَ الْآنَ وَكَذَا لَوْ قَذَفَ شَخْصٌ بِثَوْبِهِ إلَى الْخَارِجِ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُهُ حِينَ تَرْكِهِ إيَّاهُ: إنَّنِي لَا أُرِيدُهُ بَعْدَ الْآنَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَقُلْ صَاحِبُهُ حِينَ قَذَفَهُ فَلْيَأْخُذْهُ مَنْ أَرَادَهُ (الْخَانِيَّةُ) وَيَتَحَقَّقُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي يُقِيمُهَا الشَّخْصُ الَّذِي الْتَقَطَ ذَلِكَ الْمَالَ وَأَصْلَحَهُ أَوْ بِنُكُولِ صَاحِبِ الْمَالِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ لَدَى اسْتِحْلَافِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَاب الثَّالِثِ) . أَمَّا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَصَاحِبِ الْكَافِي وَالْكِفَايَةِ فَيَقُولُ بِأَنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ هُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَرُكْنِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَأَنَّ الْإِيجَابَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدٌ وَقِيَامُ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْإِنْسَانِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ بِدُونِ تَمْلِيكِهِ، وَإِلْزَامَ الْمِلْكِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يَكُونُ بِدُونِ قَبُولِهِ (الْفَتْحُ) أَمَّا حِنْثُ حَالِفِ الْيَمِينِ بِعَدَمِ الْهِبَةِ فِي حَالَةِ إيجَابِهِ الْهِبَةَ هُوَ لِأَنَّ الْحَالِفَ لِلْيَمِينِ يَكُونُ قَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي فِي وُسْعِهِ أَيْ الْإِيجَابِ إذْ إنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِهِ (الْكِفَايَةُ) إلَّا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ شَخْصٌ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ ثُمَّ أَوْجَبَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْحَلِفِ لَا يَحْنَثُ وَالْحَالُ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يُعَدَّ حَانِثًا حَسَبَ هَذَا الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ الْمَقْدُورَ لَهُ فِي كُلِّ عَقْدٍ هُوَ الْإِيجَابُ لِلْقَبُولِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (الْفَتْحُ) . وَكَذَلِكَ يُفَرَّقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْإِيجَابِ فِي الْهِبَةِ وَبَيْنَ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ. الْقَوْلُ الَّذِي قَبِلَتْهُ الْمَجَلَّةُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ: الْهِبَةُ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، أَنَّهَا اعْتَبَرَتْ كِلَا الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ رُكْنَ الْهِبَةِ. وَتَتَفَرَّعُ بَعْضُ مَسَائِلَ عَلَى انْعِقَادِ الْهِبَةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ: 1 - مَسْأَلَةٌ: لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِوَعْدِ الْهِبَةِ مَثَلًا لَوْ وَعَدَ شَخْصٌ آخَرَ قَائِلًا لَهُ: إنَّنِي سَأَهَبُك مَا فِي ذِمَّتِك مِنْ الدَّيْنِ لِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَهَبْهُ إيَّاهُ فَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى الْهِبَةِ لِلْوَعْدِ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَعْدِ مِنْ حُكْمٍ " الْبَهْجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي. 2 - مَسْأَلَةٌ: لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: إنَّنِي وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ إلَّا أَنَّك لَمْ تَقْبَلْهُ، وَعَجَزَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَنْ إثْبَاتِ قَبُولِ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ " الْهِنْدِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ مُدَّعٍ بِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . إيضَاحَاتٌ فِي حَقِّ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ.

إنَّ ثُبُوتَ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْمَوْهُوبِ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْهِبَةِ أَيْ تَرَتَّبَ حُكْمٌ عَلَى الْهِبَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبْضِ الْمَوْهُوبِ فَلِذَا لَيْسَ لِلْهِبَةِ مِنْ حُكْمٍ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ يَبْقَى الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِلْكًا لِلْوَاهِبِ كَمَا كَانَ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ " الْهِدَايَةُ، وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. إنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ لَيْسَ رُكْنَ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ الرُّكْنِ إلَّا أَنَّهُ شَرْطُ ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ. لَيْسَ لِلْهِبَةِ حُكْمٌ قَبْلَ الْقَبْضِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَجْنَبِيًّا أَمْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ: وَبِمَا أَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبْضِ الْكَامِلِ فَبِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ. مَثَلًا إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا: قَدْ وَهَبْت مَالِي الْفُلَانِيِّ لِفُلَانٍ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ لَا يُعَدُّ الْوَاهِبُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبَضَ مَالَ الْمَوْهُوبِ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَاهِبُ بِالْهِبَةِ وَبِالْقَبْضِ مَعًا فَيَثْبُتُ حُصُولُ الْقَبْضِ وَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك كُنْت وَهَبْتَنِي هَذَا الْمَالَ الَّذِي تَحْتَ يَدِك وَسَلَّمْته لِي وَقَدْ أَقْرَرْت بِقَبْضِي إيَّاهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ وَالصَّدَقَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا " التَّتَارْخَانِيَّة ". الْعُقُودُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْقَبْضِ: إنَّ الْعُقُودَ الْمَوْقُوفُ تَمَامُهَا عَلَى الْقَبْضِ هِيَ اثْنَا عَشَرَ عَقْدًا وَهِيَ: (1) الْهِبَةُ (2) الصَّدَقَةُ (3) الرَّهْنُ (4) الْعُمْرَى (5) النِّحْلَةُ (6) الصُّلْحُ (بَعْدَ أَقْسَامِهِ) (7) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ (8) إذَا ظَهَرَ بَعْضُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ زُيُوفًا قَبَضَ بَدَلَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (9) الصَّرْفُ (10) الْكَيْلُ إذَا بِيعَ بِكَيْلٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ قَبَضَ بَدَلَهُ بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ (11) الْوَزْنُ إذَا بِيعَ بِوَزْنٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ قَبَضَ بَدَلَهُ بِمَجْلِسِ الْبَيْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) (12) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (371) . الْأَدِلَّةُ عَلَى لُزُومِ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا الْهِبَةُ فَلَا يَحْصُلُ فِيهَا حُكْمُ الْمِلْكِيَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَثْبُتُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْبُوضَةً وَالْمَقْصِدُ فِي ذَلِكَ نَفْيُ الْمِلْكِ " أَبُو السُّعُودِ " أَيْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْهِبَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ إذْ الْجَوَازُ ثَابِتٌ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالِاتِّفَاقِ (الْهِدَايَةُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْهِبَةَ تَبَرُّعٌ وَلَا يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إلَّا بِالْقَبْضِ حَسَبَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (57) ؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمِلْكِ فِي الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ إجْبَارَ الْمُتَبَرِّعِ شَيْئًا لَمْ يَتَبَرَّعْ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ إنَّ إيجَابَ شَيْءٍ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ أَمْرٌ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعِ التَّبَرُّعَاتِ " الْفَتْحُ ".

وَالْحَاصِلُ لَوْ ثَبَتَتْ الْمِلْكِيَّةُ فِي الْمَوْهُوبِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْهِبَةِ لَأَصْبَحَ الْوَاهِبُ مُطَالِبًا بِتَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَوُجُوبِ تَسْلِيمِ شَيْءٍ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ. وَقَدْ وَرَدَ عَلَى الدَّلِيلِ الثَّانِي أَسْئِلَةٌ ثَلَاثَةٌ: (1) س - إنَّ الْوَاهِبَ بِهِبَتِهِ الْمَالَ يَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ لِالْتِزَامِهِ ذَلِكَ إذْ إنَّهُ لَوْ الْتَزَمَ شَخْصٌ نَقْلَ شَيْءٍ لَا يَلْزَمُهُ نَقْلُهُ وَشَرَعَ فِي نَقْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِكْمَالُ. ج - لِلْمَالِكِ فِي الْعَيْنِ مِلْكَانِ الْأَوَّلُ مِلْكُ الْمَالِ وَالثَّانِي مِلْكُ الْيَدِ وَمِلْكُ الْيَدِ مَقْصُودٌ كَمِلْكِ الْمَالِ فَإِذَا غُصِبَتْ فَكَمَا أَنَّ الْمَالَ مَضْمُونٌ كَذَلِكَ تَكُونُ الْيَدُ مَضْمُونَةً أَيْضًا إذَا غُصِبَتْ إذْ الْمَادَّةُ (1637) تَبْحَثُ عَنْ الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَأْجُورِ وَكُلُّ مَا جَاءَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْيَدِ مَضْمُونٌ وَضَمَانُ مِلْكِ الْيَدِ هُوَ بِرَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ. كَذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي مَبَاحِثِ اللُّقَطَةِ إذَا أُخِذَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ فَلِلْمُلْتَقِطِ اسْتِرْدَادُهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مَضْمُونَةٌ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ فِي الْهِبَةِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ مِنْ الْمِلْكِ بِنَفْسِهِمَا فَالْتِزَامُ الْوَاهِبِ أَحَدَهُمَا لَا يُوجِبُ الْتِزَامَهُ الْآخَرَ " الْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ بِزِيَادَةٍ ". (2) س - إذَا حَصَلَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْهِبَةِ وَكَانَ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلْمِلْكِيَّةِ بِصُورَةِ أَلَّا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَوْهُوبِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَاهِبُ عَلَى التَّسْلِيمِ. إنَّ الْمِلْكِيَّةَ الَّتِي تَثْبُتُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا فَائِدَةَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْمِلْكِ هُوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ كَيْفَمَا يَشَاءُ حَسْبَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1192) وَلَا يَحْصُلُ هَذَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِوُجُودِ حَقِّ الْقَبْضِ " الْكِفَايَةُ " فَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَخْذَهُ مِنْ الْوَاهِبِ وَتَسْلِيمَهُ لِلْمُشْتَرِي. (3) س - بِمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ تَبَرُّعٌ وَهِبَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَتِمُّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَغَيْرُ مَوْقُوفَةٍ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَارِثِ لَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَجِبُ قِيَاسًا عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَتِمَّ الْهِبَةُ أَيْضًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ هِبَةٌ مُعَلَّقَةٌ عَلَى الْمَوْتِ وَالْهِبَةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ بَحْثِنَا هِبَةٌ مُرْسَلَةٌ وَلَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ الْمُرْسَلَةُ أَقْوَى مِنْ الْهِبَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَبِمَا أَنَّ الْهِبَةَ الْمُعَلَّقَةَ تَتِمُّ بِلَا قَبْضٍ فَبِالْأَوْلَى أَنْ تَتِمَّ الْهِبَةُ الْمُرْسَلَةُ بِلَا قَبْضٍ أَيْضًا. ج - إنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِوَفَاةِ الْمُوصِي تَزُولُ مِلْكِيَّتُهُ عَنْ الْمُوصَى بِهِ فَلَا يَحْصُلُ هُنَا إلْزَامُ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يَتَبَرَّعَ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْهِبَةِ وَحَتَّى لَمْ يَبْقَ لُزُومٌ لِوُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْمُتَبَرِّعِ. أَمَّا حَقُّ الْوَارِثِ فَهُوَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ إذْ إنَّ الْوَارِثَ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْمُوصَى بِهِ حَتَّى تَتَوَقَّفَ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَارِثِ لِلْمُوصَى بِهِ " الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالْعِنَايَةُ، " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 57 ". وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْهِبَةِ حُكْمٌ قَبْلَ الْقَبْضِ. " 1 " - مَسْأَلَةٌ: إذَا وَهَبَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِآخَرَ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ أَوْدَعَهُ لِشَخْصٍ خِلَافَهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَسَلَّمَ الْمُسْتَوْدَعَ ذَلِكَ الْمَالَ بِلَا إذْنِ الْوَاهِبِ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِنَادًا عَلَى تِلْكَ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلِلْوَاهِبِ الْخِيَارُ فِي تَضْمِينِ ذَلِكَ الْمَالِ إمَّا لِلْمُسْتَوْدَعِ وَإِمَّا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 910 " " النَّتِيجَةُ ".

مَسْأَلَةٌ: إذَا أَمَرَ شَخْصٌ شَرِيكَهُ بِأَنْ يُعْطِيَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ لِابْنِهِ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ عَنْ الْإِعْطَاءِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِعْطَاءَ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ بَلْ كَانَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَدْ وَكَّلَ ابْنَهُ بِقَبْضِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ شَرِيكِهِ فَإِذَا كَانَ الشَّرِيكُ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَبِهَذِهِ الْوَكَالَةِ فَلِلِابْنِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُخَاصِمَ الشَّرِيكَ وَيَطْلُبَ تَسْلِيمَ ذَلِكَ الْمَالِ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ يَتَضَمَّنُ إعْطَاءَ الْمَالِ عَلَى طَرِيقِ الْهِبَةِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الِابْنِ أَنْ يُخَاصِمَ الشَّرِيكَ وَيَطْلُبَ تَسْلِيمَ الْمَالِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَتِمَّ لِعَدَمِ الْقَبْضِ " الْبَحْرُ " وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ ". " 3 " - مَسْأَلَةٌ: إذَا أَخَذَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ مَالٍ لِيُعْطِيَهُ لِفَقِيرٍ فَلَمْ يَجِدْ الْفَقِيرَ فِي بَيْتِهِ فَلِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى فَقِيرٍ آخَرَ أَوْ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى أُمُورِهِ وَيَسْتَهْلِكَهُ " الْوَجِيزُ ". " 4 " مَسْأَلَةٌ - إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ " 849 ". " 5 " مَسْأَلَةٌ - إنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْهِبَةِ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ بِتَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ " الْهِنْدِيَّةُ " وَلِذَلِكَ لِلْوَكِيلِ بِالْهِبَةِ بَعْدَ إيجَابِهِ الْهِبَةَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ: إنِّي وَكَّلْتُهُ بِالْهِبَةِ فَقَطْ وَلَمْ أُوَكِّلْهُ بِتَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ. تَقْسِيمُ الْقَبْضِ قَدْ ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ كَامِلًا وَالْقَبْضُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْقَبْضُ الْكَامِلُ. وَهُوَ يَكُونُ بِقَبْضِ كُلِّ مَوْهُوبٍ بِالصُّورَةِ الْمُنَاسِبَةِ لِقَبْضِهِ فَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ دَارًا فَقَبَضَ مِفْتَاحَهَا هُوَ قَبْضٌ لِلدَّارِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقَبْضُ النَّاقِصُ، كَقَبْضِ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ فِي مَالٍ وُهِبَ بَعْضُهُ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَلَا يَكْفِي الْقَبْضُ النَّاقِصُ فِي تَمَامِ الْهِبَةِ فَعَلَيْهِ إذَا وُهِبَ بَعْضُ مَالٍ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ يَجِبُ إفْرَازُ وَتَقْسِيمُ الْحِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ وَتَسْلِيمُهَا وَقَبْضُهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا إذَا سُلِّمَتْ الْحِصَّةُ الْمَوْهُوبَةُ مَعَ الْحِصَّةِ الْغَيْرِ مَوْهُوبَةٍ بِدُونِ إفْرَازٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ " 858 ". وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ " 841 و 842 و 843 " أَنْوَاعَ هَذَا الْقَبْضِ وَشُرُوطِهِ أَمَّا إذَا وُهِبَ الْمَالُ الْغَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ الْوَاقِعِ بِالتَّبَعِ أَيْ الْقَبْضِ الَّذِي يَحْصُلُ ضِمْنًا بِقَبْضِ كُلِّ الْمَالِ " الدُّرَرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ ". تَقْسِيمُ الْقَبْضِ الْكَامِلِ: الْقَبْضُ الْكَامِلُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ كَأَخْذِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِيَدِهِ أَوْ حَمْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ وَذَهَابِهِ بِهِ " الطَّحْطَاوِيُّ ". النَّوْعُ الثَّانِي - الْقَبْضُ الْحُكْمِيُّ كَالْقَبْضِ بِطَرِيقِ التَّخْلِيَةِ وَمِثَالُهُ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا مَوْجُودًا

(المادة 838) الإيجاب في الهبة

مُحْضَرًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَصَالِحًا لِلْقَبْضِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ: قَبَضْته، أَيْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ بِطَرِيقِ التَّخْلِيَةِ وُجُودُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ حِينَمَا يَجِدُهُ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ " الدُّرُّ وَشُرُوحُهُ، وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ بِالنَّوْعِ الثَّانِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الرَّأْيُ الْمُخْتَارُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ وَجَامِعُ الْفِقْهِ وَالطَّحْطَاوِيُّ. إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ، التَّخْلِيَةُ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ الْمَسَائِلِ. التَّخْلِيَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ الْوَاهِبُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِحَالَةٍ يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَخْذَهُ وَأَنْ يُلْزِمَهُ بِقَبْضِهِ (الدُّرَرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) فَلِذَلِكَ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا مَوْضُوعًا ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمَالَ مَعَ تِلْكَ الْخِزَانَةِ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَوْهُوبِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمْوَالُ الْمَوْهُوبَةُ ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخِزَانَةُ مَفْتُوحَةً فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ. (الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ) . إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا وَسَلَّمَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَقَرَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقَبْضِهِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ ثُمَّ إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ عَدَمَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1589) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَحْلِفُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 838) الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ] (الْمَادَّةُ 838) : الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ، هَؤُلَاءِ الْأَلْفَاظُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا كأكرمت وَوَهَبْت وَأَهْدَيْت، وَالتَّعْبِيرَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا إيجَابٌ لِلْهِبَةِ أَيْضًا كَإِعْطَاءِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قُرْطًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ الْحُلِيِّ أَوْ قَوْلِهِ لَهَا: خُذِي هَذَا وَعَلِّقِيهِ. وَكَذَلِكَ كَلِمَاتُ أَعْطَيْتُكَ وَمَلَّكْتُكَ وَهَذَا الْمَالُ لَك هِبَةٌ وَكَلِمَةُ (أَيْنَ ثرا) الْفَارِسِيَّةُ هِيَ مِنْ أَلْفَاظِ إيجَابِ الْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْهِبَةِ يَحْصُلُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا مَا لَمْ تَقُلْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ عَلَى طَرِيقِ الْمِزَاحِ وَلِذَلِكَ فَعَقْدُ الْهِبَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَلْفَاظٍ أُخْرَى مُسْتَعْمَلَةٍ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي حَالَةِ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْهِبَةِ وَإِلَّا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ هُوَ لَفْظٌ عَامٌّ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْوَصِيَّةَ. وَالْقَاعِدَةُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي قِيلَتْ مِنْ الْمُمَلَّكِ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ فَالْعَقْدُ عَقْدُ هِبَةٍ وَإِذَا كَانَتْ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَاذَا كَانَتْ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ يُنْظَرُ إلَى نِيَّةِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْهِبَةَ فَالْعَقْدُ هِبَةٌ وَاذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَارِيَّةَ فَالْعَقْدُ عَقْدُ عَارِيَّةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) .

وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ وَضْعًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: وَهَبْتُك هَذَا الشَّيْءَ، أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ جيزثرا أَوْ أَيْنَ مَال تري كردم أَوْ بنام توكردم أَوْ أَنْ توكردم) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْكَلِمَاتِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ كِنَايَةً وَعُرْفًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: اكْتَسِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلْت لَك هَذِهِ الدَّارَ عُمْرَى. النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَالْعَارِيَّة مَعًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ: قَدْ جَعَلْت هَذِهِ الدَّارَ رَقَبًا لَك أَوْ حَبَسْتهَا لَك ثُمَّ يُسَلِّمُهَا لَهُ فَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ عَارِيَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هِبَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِيجَابُ فَقَطْ وَلَمْ يُذْكَرْ الْقَبُولُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَسُكُوتُ الْمَجَلَّةِ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ هُوَ لِكَوْنِهِ يُعْلَمُ ذَلِكَ مُقَايَسَةً فَلَمْ تَرَ حَاجَةً لِتَكْرَارِهِ وَالْقَبُولُ بِالْهِبَةِ يَكُونُ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْقَبُولِ كَقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ: اتَّهَبْت أَوْ قَبِلْت الْهِبَةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقَبُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَمَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ أَيْضًا بِلَفْظِ النِّحَلِ وَالْإِعْطَاءِ الْهِدَايَةُ. وَكَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ بِكَلِمَةِ (جبه) الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ (دِين سكاجبة أيتدم) يَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ وَهَبَ دَيْنَهُ لِلْمَدِينِ: كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ مَال تراكردم أَوْ بِنَامٍ توكردو أَوْ أَزَانٍ توكردم) يَكُونُ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) وَكَذَلِكَ إذَا خَاطَبَ شَخْصٌ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ قَائِلًا لَهُمْ: قَدْ وَهَبْت هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهُ مَنْ يُرِيدُهُ وَقَامَ هَؤُلَاءِ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَأَخَذَهُ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ) . وَكَذَلِكَ إذَا أَعْطَى الزَّوْجُ قُرْطًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ الْحُلِيِّ وَقَالَ لَهَا: خُذِي هَذَا فَاسْتَعْمِلِيهِ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّنِي وَهَبْته لَك فَاسْتَعْمِلِيهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى زَوْجَتَهُ ثِيَابًا قَائِلًا لَهَا: اكتسيها أَوْ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ قَائِلًا لَهَا اشْتَرِي بِهَا ثِيَابًا لِتَلْبَسِيهَا عِنْدِي، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا أَيْ الْأَلْفَاظِ الْقَطْعِيَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَا تَحْتَمِلُ عَقْدًا آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (68) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَبَضَتْ الزَّوْجَةُ الْحُلِيَّ أَوْ الثِّيَابَ أَوْ النُّقُودَ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ أَعْطَتْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِهَا ثِيَابًا لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَأْخُذْ بِهَا ثِيَابًا فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا دَخْلٌ فِيهَا (الْقُنْيَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) . وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا: أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ، وَقَبِلَهُ الزَّوْجُ وَقَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْكَافُ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَنْحَصِرُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ. كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَغْرِسُ هَذَا الْكَرْمَ عَلَى اسْمِ ابْنِي الصَّغِيرِ أَوْ جَعَلْت هَذَا الْكَرْمَ لِابْنِي

الصَّغِيرِ كَانَ هِبَةً. أَمَّا إذَا قَالَ: جَعَلْت هَذَا الْكَرْمَ لِاسْمِ ابْنِي الصَّغِيرِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مُتَرَدَّدٌ إلَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: أَبُو الصَّغِيرِ غَرَسَ كَرْمًا أَوْ شَجَرًا ثُمَّ قَالَ: جَعَلْته لِابْنِي، فَهُوَ هِبَةٌ وَإِنْ قَالَ: جَعَلْته بِاسْمِ ابْنِي فَكَذَلِكَ هُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ يَصْدُقْ، وَلَوْ قَالَ: أَغْرِسُهُ بِاسْمِ ابْنِي. لَا يَكُونُ هِبَةً فَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 2 - تَمْلِيكُ الْمَالِ مَجَّانًا، يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: هَبْ لِي مَالَك هَذَا، فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّة (فداي تَوّ بَادٍ) أَوْ (أزتو دريغ نيست) فَلَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِالْفَارِسِيَّةِ " مِنْ حصه خَوْد رابتو أرزاني داشتم " فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ هِبَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . 3 - " فِي مَعْنَى " وَ " الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا " فَإِنَّ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إعْطَاءِ أَحَدٍ آخَرَ شَيْئًا لَا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ إيَّاهُ. حَتَّى لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ: تَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَأَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . رَجُلٌ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ فِي صِحَّتِهِ مَالًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَفَعَلَ وَكَثُرَ ذَلِكَ فَمَاتَ الْأَبُ فَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ هِبَةً فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ لَأَنْ يَعْمَلَ فِيهِ لِلْأَبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ أَنَامَ أَحَدٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى فِرَاشٍ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ أَوْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ إيَّاهُ فَيَبْقَى الْفِرَاشُ مِلْكًا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ: إنَّ الْأَثْوَابَ الَّتِي أَعْطَاهَا إيَّاهَا مَحْسُوبَةً مِنْ مَهْرِهَا وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: إنَّك وَهَبَتْنِي إيَّاهَا صُدِّقَ الزَّوْجُ شَرْعًا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الزَّوْجُ حُلِيًّا وَدَفَعَهُ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ فَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ لِي لِأَنَّنِي أَعَرْتُهَا إيَّاهُ، وَقَالَ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ: لَا بَلْ وَهَبْتَهَا إيَّاهُ، فَهُوَ مِيرَاثٌ لَنَا وَاخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجِ. يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهَا إيَّاهُ عَارِيَّةً وَلَمْ يُعْطِهِ لَهَا هِبَةً يَأْخُذُ الزَّوْجُ ذَلِكَ الْحُلِيَّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا. لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ عِنْدَ آخَرَ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ: اصْرِفْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي حَوَائِجِك، وَصَرَفَهَا الْآخَرُ كَانَ ذَلِكَ قَرْضًا. لَكِنْ لَوْ كَانَ حِنْطَةً وَقَالَ لَهُ: كُلْهَا كَانَ هِبَةً (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْهِبَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: تَصَرَّفْ فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَبَقِيَ مُدَاوِمًا عَلَى التَّصَرُّفِ فَلَا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِابْنِهِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَتَاجَرَ بِهَا الِابْنُ وَتَزَايَدَتْ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَبُ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهَا لَهُ فَالْكُلُّ مِيرَاثٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الْأَلْفَاظُ، هَذِهِ الْعِبَارَةُ خَاصَّةٌ بِالْإِيجَابِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (101) يَكُونُ بِالْأَلْفَاظِ فَعَلَيْهِ الْهِبَةُ لَا يَنْحَصِرُ انْعِقَادُهَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَيَكُونُ الْقَبُولُ فِعْلًا أَيْضًا عَلَى مَا ذُكِرَ الْمَادَّةُ (841) . كَذَلِكَ إنَّ عِبَارَةَ الْأَلْفَاظِ هِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّاطِقِ لَيْسَ إلَّا لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْهُودَةِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 70) . فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْأَخْرَسُ شَيْئًا مِنْ مَالٍ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهَا ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ " الْبَهْجَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ. 5 - بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَيْ بِصُورَةٍ لَا تَحْتَمِلُ عَقْدًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَمَّا كَانَ أَدْنَى مِنْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَالْهِبَةَ مَعًا فَالتَّمْلِيكُ الْوَاقِعُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ يُصْرَفُ إلَى الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْأَقَلَّ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ فِي الْقَرْضِ يَزُولُ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِلَا بَدَلٍ " الْأَنْقِرْوِيُّ ". وَعَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ لَهُ: اصْرِفْهَا فِي حَوَائِجِك فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ هِبَةً بَلْ قَرْضًا. أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ أَثْوَابًا وَقَالَ: الْبَسْهَا، فَبِمَا أَنَّ إقْرَاضَ الْأَثْوَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ هِبَةً تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حِنْطَةً لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: كُلْهَا كَانَ هِبَةً لَا قَرْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: بَلْ هِبَةً، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلدَّافِعِ (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُنْفِقَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَأَنْفَقَهُ الزَّوْجُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَسَائِرَ الْوَرَثَةِ فَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ تَضْمِينُ الزَّوْجَةِ حِصَّتَهُمْ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرَقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ (انْتَهَى وَمِثْلُهُ فِي الطَّحْطَاوِيِّ) . وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الزِّفَافِ أَمْوَالًا وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادَهَا عِنْدَ مُفَارَقَتِهَا بِدَاعِي أَنَّهَا عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مُنْكِرِ التَّمْلِيكِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ يَعْنِي لَوْ جُمِعَ فِي مَسْأَلَةٍ بَيْنَ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَبَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَعْطَتْ الزَّوْجَةُ فِي مُقَابَلِ الْهَدَايَا الْمَذْكُورَةِ عِوَضًا فَبِمَا أَنَّ تِلْكَ الْهَدَايَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً فَلَا يَكُونُ عِوَضُ الزَّوْجَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِوَضًا وَلَهَا اسْتِرْدَادُهُ. لَكِنْ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الزَّوْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا صَرَّحَتْ وَقْتَ الْإِعْطَاءِ بِكَوْنِهِ عِوَضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 868 وَشَرْحَهَا) . أَمَّا إذَا لَمْ تُصَرِّحْ بِذَلِكَ بَلْ نَوَتْ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا فَبِمَا أَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا تُعَدُّ عِوَضًا بَلْ تَكُونُ هِبَةً مُسْتَقِلَّةً فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ اسْتِرْدَادُهَا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (867) (التَّنْقِيحُ) . 6 - قِيلَ: أَلَّا يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمُزَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ هَازِلًا لِآخَرَ: وَهَبْتنِي مَالَك هَذَا؛ فَقَالَ لَهُ: قَدْ وَهَبْتُك إيَّاهُ، وَقَبِلَهُ الْآخَرُ وَتَسَلَّمَهُ وَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَبَيَّنَ بَعْضُ

(المادة 839) تنعقد الهبة بالتعاطي

الْفُقَهَاءِ اسْتِدْلَالًا لِذَلِكَ بِأَنَّ إيجَابَ الْهِبَةِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَاحِ كَانَ جَائِزًا. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْوَاقِعَيْنِ بِطَرِيقِ الْمُزَاحِ. وَالْمُزَاحُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا أَنَّهُ فِي طَلَبِ الْهِبَةِ وَلَيْسَ فِي الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا مَحِلَّ لِلِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ عَلَى انْعِقَادِ الْهِبَةِ بِالْمُزَاحِ (الْحَمَوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ؛ الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (169) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْجَدُّ فِي الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِالْهَزْلِ. [ (الْمَادَّةُ 839) تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالتَّعَاطِي] (الْمَادَّةُ 839) : تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا. كَمَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ تَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي أَيْ بِإِعْطَاءِ الْوَاهِبِ وَقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَتَتِمُّ يَعْنِي تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالتَّعَاطِي الْوَاقِعِ مَعَ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا وَتَكُونُ تَامَّةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَحْصُلُ فَرْقٌ حُكْمِيٌّ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْقَوْلِيَّيْنِ وَبَيْنَ التَّعَاطِي. فَتَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْقَوْلِيَّيْنِ فَقَطْ أَمَّا بِالتَّعَاطِي فَتَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ مَعًا. وَقَدْ جَاءَتْ الْمَجَلَّةُ بِالْمَادَّةِ (841) لِإِفَادَةِ هَذَا الْحُكْمِ وَعَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (تَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ) فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مِنْ حَاجَةٍ إلَى الْمَادَّةِ (841) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ فَقِيرًا نُقُودًا وَأَخَذَهَا الْفَقِيرُ دُونَ أَنْ يَفُوهَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِشَيْءٍ تَنْعَقِدُ هِبَةً خُصُوصِيَّةً أَيْ صَدَقَةً (الْقُهُسْتَانِيُّ) . قَدْ اُشْتُرِطَ لِانْعِقَادِ الْهِبَةِ بِالتَّعَاطِي وُجُودُ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى التَّمْلِيكِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ ابْنَهُ مَالًا وَتَصَرَّفَ الِابْنُ فِي الْمَالِ فَيَبْقَى الْمَادَّةُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْضًا. إلَّا إذَا وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مَلَّكَ ابْنَهُ ذَلِكَ الْمَالَ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِابْنِهِ: تَصَرَّفْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَتَصَرَّفَ الْآخَرُ مُدَّةً فِيهِ فَلَا يَكُونُ الِابْنُ الْمَذْكُورُ مَالِكًا لَهَا كَذَلِكَ لَوْ أَنَامَ أَحَدٌ ابْنَهُ عَلَى فِرَاشِهِ الْمَمْلُوكِ فَلَا يُصْبِحُ ذَلِكَ الْفِرَاشُ لِلِابْنِ مَا لَمْ يُمَلِّكْهُ " الْهِنْدِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 840) الْإِرْسَالُ وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ] (الْمَادَّةُ 840) : الْإِرْسَالُ وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا. الْإِرْسَالُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ مِنْ طَرَفٍ وَالْقَبْضُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا مَعَ الْقَبْضِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ بِهِمَا الْهِبَةُ وَتَتِمُّ. وَهَذَا الْقَبْضُ بِمَا أَنَّهُ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَادَّةِ (841) الْآتِيَةِ تَتِمُّ بِهِ الْهِبَةُ يَعْنِي أَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُبَيِّنُ انْعِقَادَ الْهِبَةِ بِالتَّعَاطِي، وَالتَّعَاطِي فِي الْهِبَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْطَاءِ مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ وَالْقَبْضِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَيْسَ بِمَعْنَى الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَبِمَا أَنَّ الْإِرْسَالَ يَكُونُ فِي مَجْلِسٍ وَالْقَبْضَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَيَفْتَرِقُ عَنْ التَّعَاطِي الْوَاقِعِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ اسْتِدْرَاكًا لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنْ انْعَقَدَتْ بِالتَّعَاطِي

(المادة 841) القبض في الهبة

فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ هُوَ مَا يَأْتِي: إنَّ الْمَادَّةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَقِّ التَّعَاطِي الْوَاقِعِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَالْإِرْسَالُ يَكُونُ فِي مَجْلِسٍ وَالْقَبْضُ يَكُونُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ التَّعَاطِي فِي الْهِبَةِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا كَانَ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. النَّوْعُ الثَّانِي مَا كَانَ الْإِرْسَالُ فِي مَجْلِسٍ وَالْقَبْضُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ تَسْلِيمُ الرَّسُولِ فِي هَذَا الْإِرْسَالِ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ. وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (وَالْقَبْضُ) عَدَمُ تَمَامِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (837) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ هَدِيَّةً وَتُوُفِّيَ الْمُهْدَى إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا فَتَبْقَى الْهَدِيَّةُ فِي مِلْكِ الْمُهْدِي كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى هُوَ الْمُهْدِي فَلَا تُسَلَّمُ الْهَدِيَّةُ إلَيْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 849 " مَجْمُوعُ الْفَتَاوَى. [ (الْمَادَّةُ 841) الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ] (الْمَادَّةُ 841) : الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَيْهِ تَتِمُّ الْهِبَةُ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت أَوْ اتَّهَبْت عِنْدَ إيجَابِ الْوَاهِبِ أَيْ قَوْلِهِ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ. قَبْضُ الْمَوْهُوبِ فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ كَقَبُولِ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَتِمُّ إذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَقَعَ قَبُولُ ذَلِكَ الْإِيجَابِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ تَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ أَيْضًا بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ بَعْدَ إيجَابِ الْوَاهِبِ لَفْظًا وَلَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِأَيِّ كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ، كَقَوْلِهِ: اتَّهَبْت؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ. (الدُّرَرُ) فَعَلَيْهِ لَمْ تَقُلْ الْمَجَلَّةُ بِأَنَّ الْقَبْضَ بِالْهِبَةِ قَبُولٌ بَلْ قَالَتْ: إنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ مُشَبِّهَةً الْقَبُولَ فِي الْهِبَةِ بِالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ قَصَدْت بِذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْمُهِمَّةِ وَهِيَ انْعِقَادُ الْهِبَةِ. تَمَامُهَا مَعًا بِالْقَبْضِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ فِي ذَلِكَ هُوَ تَمَامُ الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ إذْ لَا حَاجَةَ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ مُمَاثِلًا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ فِي كُلِّ حُكْمٍ لِذَلِكَ جَازَ الْقَبْضُ بَعْدَ إيجَابِ الْهِبَةِ. لَوْ حَصَلَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَعَلَيْهِ لَا يَرِدُ السُّؤَالُ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْإِيجَابِ الْقَوْلِيِّ بَلْ يَشْمَلُ الْهِبَةَ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا رَغْمًا عَنْ أَنَّ الْمَجَلَّةَ فِي مِثَالِهَا الْآتِي قَدْ صَوَّرَتْ الْمَسْأَلَةَ بِالْإِيجَابِ الْقَوْلِيِّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي صُورَةِ الْمِثَالِ فَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ التَّخْصِيصُ فَعَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ حَسْبَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (869) قِرْشًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَقَبَضَ السَّائِلُ ذَلِكَ الْقِسْطَ يَكُونُ هَذَا الْقَبْضُ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ شَخْصٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (840) إلَى جَارِهِ طَبَقًا مِنْ ثَمَرِ كَرْمِهِ مَعَ خَادِمِهِ وَقَبَضَهُ الْجَارُ فَهَذَا الْقَبْضُ أَيْضًا كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ وَتَتِمُّ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ الْمَادَّةَ الْمَوْهُوبَةَ وَقَبِلَ ذَلِكَ الْقَبْضَ فِعْلًا بِدُونِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت أَوْ اتَّهَبْت عِنْدَ إيجَابِ الْوَاهِبِ أَيْ قَوْلِ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ أَوْ أَهْدَيْتُك إيَّاهُ. وَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَالِكًا الْمَوْهُوبَ لِتَحَقُّقِ الْقَبْضِ (الزَّيْلَعِيّ) وَالْقَبُولُ كَمَا يَكُونُ صَرَاحَةً يَكُونُ دَلَالَةً أَيْضًا. وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبُولٌ دَلَالَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

قَبُولُ الْهِبَةِ نَوْعَانِ: - يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَبُولَ الْهِبَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (839) كَمَا يَكُونُ بِالْقَبُولِ أَحْيَانًا يَكُونُ أُخْرَى بِالْفِعْلِ. وَالْقَبُولُ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْ الْقَبُولِ بِالْقَوْلِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْهِبَةَ تَنْعَقِدُ بِالْقَبُولِ الْقَوْلِيِّ إلَّا أَنَّهَا لَا تَكُونُ تَامَّةً أَمَّا فِي الْقَبُولِ الْفِعْلِيِّ فَتَنْعَقِدُ بِهِ وَتَكُونُ تَامَّةً مَعًا. مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِجَمَاعَةٍ: قَدْ وَهَبْت هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِكُمْ فَمَنْ أَرَادَهُ مِنْكُمْ فَلْيَأْخُذْهُ، فَأَخَذَهُ أَحَدُهُمْ كَانَ مَالِكًا لَهُ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ هَذَا قَبُولٌ فِعْلِيٌّ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. هَلْ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي مِثَالِهَا هَذَا (إذَا قَبَضَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ) تَعْبِيرٌ احْتِرَازِيٌّ أَمْ لَا؟ وَلْنُبَادِرْ إلَى تَفْصِيلِ ذَلِكَ وَبَيَانِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ الشَّأْنِ. لِلْهِبَةِ بَعْدَ إيجَابِ الْوَهَّابِ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ فِي قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: إعْطَاءُ إذْنِ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُوجَدُ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى أَنْ يَقْبَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إيجَابَ الْوَاهِبِ قَوْلًا فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (844) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إيجَابَ الْوَاهِبِ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ وَيَسْكُتَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَثَلًا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ: وَهَبْتُك مَالِي هَذَا فَخُذْهُ، وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت قَوْلًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَلَا شُبْهَةَ فِي تَمَامِ الْهِبَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْهِبَةَ فَهَلْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ؟ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّةِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ أَذِنَ صَرَاحَةً بِالْقَبْضِ فَيَجُوزُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (844) وَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِذَلِكَ وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ قَاضِي خَانْ الَّذِي هُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَرْبَابِ التَّرْجِيحِ (الْفَتَاوَى الْقَاعِدِيَّةُ وَالنِّهَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَسَبَبُ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ هُوَ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُذْكَرْ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ صَرَاحَةً فَأَصْبَحَ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (844) قَبْضُ الْهِبَةِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ شَرْطًا وَمَعَ أَنَّهُ اُشْتُرِطَ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّانِيَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) . وَجَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ جَوَابًا عَلَى هَذَا. إنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابِ الْوَاهِبِ فَقَطْ أَمَّا الْقَبُولُ فَلَيْسَ مَعْدُودًا مِنْ الرُّكْنِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا مِنْهُ قِيَاسًا انْتَهَى. وَعَلَيْهِ فَقَدْ وُجِدَ هَذَا الْقَوْلُ مَبْنِيًّا عَلَى الِاسْتِحْسَانِ. لَكِنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِأَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ لِلْهِبَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (837) فَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرَ مَقْبُولٍ عَلَى رَأْيِ الْمَجَلَّةِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ بِمَا أَنَّ الْقَبْضَ الْمَذْكُورَ قَائِمٌ مَقَامَ قَبُولِ الْهِبَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَجْلِسُ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (182) يَعْنِي بِمَا أَنَّ الْقَبُولَ مُقَيَّدٌ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَهَذَا الْقَوْلُ لِلْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الْهِبَةِ لِمُقْتَضَى الْقِيَاسِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا وَالْإِيجَابُ فَقَطْ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي مَجْلِسٍ

(المادة 842) إذن الواهب صراحة أو دلالة في القبض

وَاحِدٍ (الْفَتْحُ) وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ تَعْتَبِرُ رُكْنَ الْهِبَةِ عِبَارَةً عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا فَهَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ؟ احْتِمَالٌ ثَانٍ، عَدَمُ إذْنِ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ صَرَاحَةً وَسُكُوتُهُ. وَحُكْمُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (845) هُوَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ كَانَ صَحِيحًا أَمَّا إذَا قَبَضَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا. احْتِمَالٌ ثَالِثٌ، نَهْيُ الْوَاهِبِ لَهُ عَنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ وَحُكْمُ هَذَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (863) . [ (الْمَادَّةُ 842) إذْنُ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فِي الْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 842) - (يَلْزَمُ إذْنُ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فِي الْقَبْضِ) . أَيْ فِي قَبْضِ الْمَوْهُوبِ الَّذِي تَتِمُّ بِهِ الْهِبَةُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ بِدُونِ إذْنِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَمَّا كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْوَاهِبِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا مَا لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ بِهِ مِنْ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَا لَمْ يُقْبَضْ يَبْقَى فِي مِلْكِ الْوَاهِبِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) . يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ بِدُونِ أَنْ يُوجَدَ إذْنٌ مِنْ الْوَاهِبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةَ بِذَلِكَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ بِدُونِ الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِي قَدْ تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيَّ وَأَذِنْتنِي بِقَبْضِهَا وَادَّعَى الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّك قَبَضْتهَا بِدُونِ إذْنِي فَالْقَوْلُ لِلْآخَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . أَمَّا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِي وَتَصَدَّقْت بِهَا عَلَيَّ فَجَازَتْ الصَّدَقَةُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (846) وَادَّعَى الْآخَرُ: إنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي يَدِي وَقْتَ التَّصَدُّقِ وَقَدْ قَبَضْتهَا بِدُونِ إذْنِي، فَالْقَوْلُ لِلْمُتَصَدِّقِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْأَوَّلُ قَائِلًا لِلْآخَرِ: إنَّك تَصَدَّقْت بِهَا عَلَيَّ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَقَدْ جَازَتْ الصَّدَقَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (846) ، وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: قَدْ كَانَتْ فِي يَدِي وَقْتَ التَّصَدُّقِ وَقَبَضْتهَا بِلَا إذْنِي فَالْقَوْلُ لِلْأَوَّلِ. [ (الْمَادَّةُ 843) إيجَابُ الْوَاهِبِ إذْنٌ دَلَالَةً بِالْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 843) - (إيجَابُ الْوَاهِبِ إذْنٌ دَلَالَةً بِالْقَبْضِ وَأَمَّا إذْنُهُ صَرَاحَةً فَهُوَ قَوْلُهُ: خُذْ هَذَا الْمَالَ فَإِنِّي وَهَبْتُك إيَّاهُ، إنْ كَانَ الْمَالُ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَوْلُهُ: وَهَبْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ اذْهَبْ وَخُذْهُ، هُوَ أَمْرٌ صَرِيحٌ) . إيجَابُ الْوَاهِبِ إذْنٌ دَلَالَةً بِالْقَبْضِ أَيْ إيجَابُ الْوَاهِبِ تَسْلِيطٌ عَلَى الْقَبْضِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ دَلَالَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَمْلِكُهُ وَيُصْبِحُ الْقَبْضُ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ عَدَمُ صِحَّةِ الْقَبْضِ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ إذْنٌ صَرِيحٌ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ الْمَذْكُورَ بِمَا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ فَالْقِيَاسُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (96) عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَاقٍ (الْعِنَايَةُ) .

(المادة 844) أذن الواهب صراحة بالقبض

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: هُوَ أَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَبْضِ فَأَصْبَحَ بِذَلِكَ الْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ كَالْقَبُولِ فِي الْبَيْعِ وَلَمَّا كَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ إذْنُ الْبَائِعِ صَرَاحَةً بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ يَعْنِي أَنَّ مَقْصُودَ الْوَاهِبِ مِنْ عَقْدِ الْهِبَةِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْإِيجَابُ مِنْهُ تَسْلِيطًا عَلَى الْقَبْضِ تَحْصِيلًا لِمَقْصُودِهِ فَكَانَ إذْنًا دَلَالَةً (الْفَتْحُ وَالْعِنَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) . مَثَلًا: بِمَا أَنَّ قَوْلَ الْوَاهِبِ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهُ: اقْبِضْ هَذَا الْمَالَ فَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ تَتِمُّ الْهِبَةَ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْوَاهِبُ بَعْدَ الْإِيجَابِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: اقْبِضْهُ صَرَاحَةً (الْهِدَايَةُ) . اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ كَوْنُ الْإِيجَابِ إذْنًا دَلَالَةً فِيمَا إذَا لَمْ يَنْهَ الْوَاهِبُ بَعْدَ الْإِيجَابِ عَنْ الْقَبْضِ. كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (863) وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذْنًا (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (13) فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ هَذَا النَّهْيِ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَلَا يُعَدُّ الِافْتِرَاقُ (الدُّرَرُ) . أَمَّا الْإِذْنُ صَرَاحَةً فَهُوَ قَوْلُهُ: خُذْ هَذَا الْمَالَ فَإِنِّي وَهَبْتُك إيَّاهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَمَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَقَوْلُهُ: وَهَبْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ اذْهَبْ وَخُذْهُ أَمْرٌ صَرِيحٌ. وَصِحَّةُ الْقَبْضِ بِهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَمْنَعْ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَنْ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ يَعْنِي إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ بَعْدَ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ. أَمَّا إذَا نَهَاهُ عَنْ الْقَبْضِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا حُكْمَ لِلْإِذْنِ السَّابِقِ. وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (863) قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لِلْإِذْنِ بِالْقَبْضِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى أَمْرُ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ يَعْنِي إعْطَاءَ الْإِذْنِ صَرَاحَةً بِالْقَبْضِ وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ تُبَيِّنُ حُكْمَ هَذَا. الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ نَهْيُ الْوَاهِبِ عَنْ الْقَبْضِ. وَحُكْمُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (844) الْمَذْكُورَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: سُكُوتُ الْوَاهِبِ عَنْ الْقَبْضِ وَحُكْمُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 844) أَذِنَ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً بِالْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 844) (إذَا أَذِنَ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً بِالْقَبْضِ يَصِحُّ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَبَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَمَّا الْإِذْنُ دَلَالَةً فَمُعْتَبَرٌ بِمَجْلِسِ الْهِبَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك هَذَا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يَصِحُّ وَأَمَّا لَوْ قَبَضَهُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ الْمَجْلِسِ لَا يَصِحُّ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ: اذْهَبْ وَخُذْهُ. فَإِذَا ذَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَبَضَهُ لَا يَصِحُّ) . إذَا أَذِنَ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً بِالْقَبْضِ يَصِحُّ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ سَوَاءٌ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَيْ افْتِرَاقِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ. يَعْنِي تَتِمُّ الْهِبَةُ بِهَذَا الْقَبْضِ وَيَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِهَذَا الْقَبْضِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمْرُ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (46) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ لَمَّا كَانَ يَثْبُتُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَيَتَحَقَّقُ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ

(المادة 845) للمشتري أن يهب المبيع لآخر قبل قبضه من البائع

فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ (الْفَتْحُ) وَبِمَا أَنَّ مِثَالَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يَظْهَرُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَمْ تَذْكُرْ لَهَا الْمَجَلَّةُ مِثَالًا فَنُورِدُ لِذَلِكَ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ مِثَالًا فِيمَا يَأْتِي: لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبِلْت بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْوَاهِبِ لَهُ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ فَخُذْهُ. فَكَمَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْضُهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَلَهُ قَبْضُهُ أَيْضًا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. إذَا لَمْ يَنْهَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْقَبْضِ عَنْ الْقَبْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (132) . كَذَا لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ وَهَبْتُك مَالِي الَّذِي فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ اذْهَبْ فَخُذْهُ، وَذَهَبَ إلَيْهِ وَقَبَضَهُ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ: قَبِلْت. وَهَذَا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ قَاضِي خَانْ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (841) . (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ دَلَالَةً فَمُقَيَّدٌ بِمَجْلِسِ الْهِبَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قَبَضَهُ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا كَانَ هَذَا الْقَبْضُ مُعْتَبَرًا اسْتِحْسَانًا (لَا قِيَاسًا) . أَمَّا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ اسْتِحْسَانًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا يُصْبِحُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَذَا الْقَبْضِ مَالِكًا لِلْمَوْهُوبِ. وَتَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْقَبْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَلَى الْإِذْنِ الصَّرِيحِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ إيجَابَ الْهِبَةِ تَسْلِيطٌ وَإِذْنٌ بِالْقَبْضِ هُوَ لِإِلْحَاقِ الْقَبْضِ بِقَبُولِ الْإِيجَابِ وَبِمَا أَنَّ الْقَبُولَ يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْإِيجَابِ فَالْقَبْضُ يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ أَيْضًا (الْعَيْنِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: اقْبِضْ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ صَحَّ وَتَمَّتْ الْهِبَةُ وَقَدْ أُشِيرَ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِقَوْلِ " هَذَا الْمَالَ " إلَى أَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ بِقَبْضِهَا بِالْإِذْنِ دَلَالَةٌ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ عَلَى وُجُوبِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ دَيْنًا فَمَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا بِالْقَبْضِ صَرَاحَةً فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ أَيْضًا وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَادَّةُ (848) بِقَوْلِهَا (اذْهَبْ فَخُذْهُ صَرَاحَةً) إلَى ذَلِكَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَهَبْتُك خَمْسَ كِيلَاتٍ مِنْ صُبْرَةِ الْحِنْطَةِ هَذِهِ وَكَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْحِنْطَةَ مِنْ تِلْكَ الصُّبْرَةِ فِي حُضُورِ الْوَاهِبِ وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ مَالِكًا لَهَا. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: وَهَبْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ خَمْسَ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ فَكِلْهَا، وَكَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْحِنْطَةَ يَمْلِكُهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ) " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 158 ". وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ فِقْرَةَ الْمَادَّةِ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً فَقَدْ تَقَيَّدَتْ بِالْمَادَّةِ (848) السَّالِفَةِ الذِّكْرِ. أَمَّا لَوْ قَبَضَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ عَنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ (الْهِنْدِيَّةُ) مَتَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ غَاصِبًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ وَهَبْتُك مَالِي الَّذِي فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: اذْهَبْ فَخُذْهُ فَلَوْ ذَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَبَضَهُ فَلَا يَصِحُّ فَإِذَا قَبَضَهُ يُعَدُّ غَاصِبًا فَلِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُهُ وَطَلَبُ بَدَلِهِ إذَا تَلِفَ. [ (الْمَادَّةُ 845) لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَهَبَ الْمَبِيعَ لِآخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ] (الْمَادَّةُ 845) - (لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَهَبَ الْمَبِيعَ لِآخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ، وَيَأْمُرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْقَبْضِ) .

(المادة 846) وهب ماله الذي هو في يد آخر له والتسليم مرة أخرى

وَإِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَالْهِبَةِ، كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً (الْحَمَوِيُّ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا. وَبِمَا أَنَّ - بَيْعَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ غَيْرُ جَائِزٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (253) فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ عَنْ الْبَيْعِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَتِمُّ بِالْقَبْضِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (253) كَالْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَاضِ فَلِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ بِالْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ بِذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَلَهُ أَنْ يُنِيبَ آخَرَ بِالْقَبْضِ وَيُصْبِحُ بَعْدَ ذَلِكَ النَّائِبُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّ الْهِبَةَ حَصَلَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّ هِبَةَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُسْقِطُ - حَقَّ حَبْسِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ الثَّابِتِ لَهُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (278) وَقَدْ فُصِّلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (253) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) قَبْلَ الْقَبْضِ، فَهُوَ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذْ جَوَازُ الْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْلَى. (2) لِآخِرِ، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَقَبِلَ الْبَائِعُ الْهِبَةَ فَيَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً لِلْبَيْعِ وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْإِقَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْآخَرُ بَدَلَ إيجَارِ الْعَيْنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَقَبِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَقَالَ بِذَلِكَ عَقْدَ الْإِيحَارِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قَدْ كَانَتْ الْهِبَةُ إقَالَةً مَجَازًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (61) . (3) الْهِبَةُ: إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ هِيَ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا مِنْ وَجْهٍ لَيْسَتْ احْتِرَازِيَّةً فَكُلُّ تَصَرُّفٍ تَمَامُهُ الْقَبْضُ وَالْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْهِبَةِ. وَمِنْ وَجْهٍ احْتِرَازِيَّةٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ لَيْسَ جَائِزًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (253) . [ (الْمَادَّةُ 846) وَهَبَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ مَرَّةً أُخْرَى] (الْمَادَّةُ 846) - (مَنْ وَهَبَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ لَهُ تَتِمُّ الْهِبَةُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ مَرَّةً أُخْرَى) . إذَا تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ قَامَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرَ. أَمَّا إذَا تَغَايَرَ أَقَامَ الْأَقْوَى مَقَامَ الْأَضْعَفِ لَكِنْ الْأَضْعَفُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْأَقْوَى مِثْلُ الْأَدْنَى وَزِيَادَةٌ أَمَّا الْأَدْنَى فَلَيْسَ فِيهِ الْأَقْوَى فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ (الزَّيْلَعِيّ. الطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ مَضْمُونًا كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَاللُّقَطَةِ أَوْ الْأَمَانَةِ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَالْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ بِغَصْبٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ تَتِمُّ الْهِبَةُ وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ: قَبِلْت أَوْ اتَّهَبْت، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ حَاضِرًا وَمَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَلَا حَاجَةَ لِتَمَامِ الْهِبَةِ إلَى تَسْلِيمٍ جَدِيدٍ مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ وَإِلَى الْقَبْضِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مُرُورِ وَقْتٍ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ يُقْتَدَرُ بِهِ عَلَى الْقَبْضِ (الْعِنَايَةُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ تَتِمُّ هَذِهِ الْهِبَةُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى مُرُورِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْبُلُوغِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَوْهُوبُ (الْقُهُسْتَانِيُّ) حَتَّى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ تَلِفَ عَلَى أَنَّهُ مَالُ الْمَوْهُوبِ لَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فَرَسًا وَهَلَكَ فِي يَدِ

الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ فَنَفَقَاتُ إلْقَاءِ جِيفَتِهِ فِي الْبَحْرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ بِتَغْيِيرٍ مَا) . يُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِالْغَصْبِ وَالْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهُمَا لَكِنْ الْقَبْضَ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الشِّرَاءِ (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْأَمَانَةِ ضَعِيفًا فَلَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الضَّمَانِ (الْعِنَايَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْمَالُ. بِمَا أَنَّ لَفْظَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الْأَمَانَةَ وَالْمَضْمُونَ وَالْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . 2 - قَبِلْتُ. قَدْ أُشِيرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَى الْقَبُولِ صَرَاحَةً شَرْطٌ وَلَيْسَتْ مَقِيسَةٌ عَلَى الْمَادَّةِ (841) ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَلَا حَاجَةَ لِلْقَبْضِ وَيَلْزَمُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِدُونِ رِضَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا لِآخَرَ أَيْ أَنْ يُمَلِّكَ آخَرَ بِدُونِ رِضَاهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (167) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَاضِيًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ مِلْكٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ مَوْجُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمِيرَاثُ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (841) . 3 - وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الْقَبْضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِقِيمَةِ الْمَقْبُوضِ أَوْ بِمِثْلِهِ كَالْقَبْضِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (891) كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَتِهِ الثَّمَنَ وَالْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (298 و 371) . وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَالَهُ هَذَا مِنْ قَابِضِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَلِكَوْنِ الْقَبْضَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ وَيَقُومُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ اللَّازِمِ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لِلْقَابِضِ فَيَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَلَا حَاجَةَ لِقَبْضٍ آخَرَ وَيَبْرَأُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِقَبُولِهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (أَبُو السُّعُودِ) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ (366) فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْبَائِعِ هِبَتُهُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي أَنَّهُ مَا دَامَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي فَمَا مَعْنَى تَمْلِيكُهُ لِلْمُشْتَرِي مَرَّةً أُخْرَى بِالْهِبَةِ؟ الْجَوَابُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلًا: كَأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ فَسَخَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ وَهَبَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْقَابِضِ.

ثَانِيًا: إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ بِلَا أَمْرِ الْبَائِعِ فَأَصْبَحَ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ فَوَهَبَ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمَقْبُوضَ لِلْمُشْتَرِي (الْفَتْحُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ بِالْغَصْبِ. ثَالِثًا: لَيْسَ بَعِيدًا أَنْ تَكُونَ نَفْسُ الْهِبَةِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ اقْتِضَاءً يَعْنِي إذَا وَهَبَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بِهَذِهِ الْهِبَةِ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ هِبَةً. وَالْحَاصِلُ: إنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ فِي الْأَمْوَالِ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَفِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ أَيْ إنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ أَعْلَى وَأَقْوَى مِنْ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ (الْكِفَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقَبْضُ الْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ بِالثَّمَنِ وَالرَّهْنِ الْمَضْمُونِ بِالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (293) مَعَ اللَّاحِقَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) . وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقَبْضِ قَدْ اخْتَلَفَتْ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ فِي قِيَامِهِ مَقَامَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَإِنَّنَا نَنْقُلُ هُنَا الْمَسَائِلَ الَّتِي تُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَنَتْرُكُ تَرْجِيحَهَا لِأَهْلِ الِاقْتِدَارِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالتَّبْيِينُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَابِضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ أَمَّا الْكِفَايَةُ وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ وَالْمُجْتَبَى فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الثَّانِيَ مِنْ الْقَبْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ جَدِيدٍ (نُقُولُ الْبَهْجَةِ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْقَبْضِ الْمُوجِبَةِ لَهُ فَلَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ بَرَاءَةً وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْهِبَةِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَجْدِيدِ قَبْضٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْقَبْضُ الْجَدِيدُ عِبَارَةٌ عَنْ مُرُورِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بُلُوغَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ، الْعِنَايَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (270) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ: قَبْضُ الْأَمَانَةِ كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّة وَالْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي مَالِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (777 و 813) لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَوْهُوبِ عَلَى مَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (871) غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ أَيْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَيْضًا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . (س) لَمَّا كَانَ وَضْعُ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ فَأَصْبَحَ الْمُسْتَوْدَع نَائِبًا لِلْمُودِعِ فِي يَدِهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَحِفْظِهِ لَهُ وَعَامِلًا لَهَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَقُومَ هَذَا الْقَبْضُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ وَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ قَدْ وُهِبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ. الْجَوَابُ: إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِلْمُودِعِ وَإِنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَلَكِنْ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِلْمُودِعِ وَبِمَا أَنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ بِنَاءً عَلَى الْوَدِيعَةِ حَقِيقَةً يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَابِضًا (الزَّيْلَعِيّ) . حَقُّ الرُّجُوعِ بَعْدَ هِبَةِ الْوَدِيعَةِ لِذِي الْيَدِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ:

(المادة 847) وهب أحد دينه للمديون أو أبرأ ذمته عن الدين ولم يرده المديون

إذْ وُهِبَتْ الْوَدِيعَةُ لِذِي الْيَدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا يَعْنِي لِلْمُسْتَوْدَعِ وَظَهَرَ بَعْدَ تَلَفِهَا فِي يَدِهِ مُسْتَحِقٌّ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْوَاهِبِ وَإِنْ شَاءَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا جَدَّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ بَعْد الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ تَضْمِينِ الْمُسْتَحِقِّ الْوَاهِبَ الْمُودِعَ فَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 861) أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ قَبْضَهُ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ وَالْفَرْقُ هُوَ إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ لَا يُنْتَقَضُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ بِالْهِبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَرُورًا فِي عَقْدٍ عَائِدٍ نَفْعُهُ لِلدَّافِعِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) الذَّخِيرَةُ فَصْلٌ " 13 "، فَعَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بِمَالِ وَهَبَهُ الْأَبُ لِطِفْلِهِ الصَّغِيرِ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَبَ فَلَيْسَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَّا إذَا ضَمَّنَ الصَّغِيرَ الْمَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُنْظَرُ فَإِذَا جَدَّدَ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَبْضَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 658 ". [ (الْمَادَّةُ 847) وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ] (الْمَادَّةُ 847) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ) . لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَكِنْ يُرَدُّ بِرَدِّهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ هُمَا مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إسْقَاطٌ. فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيُرَدُّ بِرَدِّهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَمَا تُرَدُّ التَّمْلِيكَاتُ الَّتِي كَالْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِرَدِّ الطَّرَفِ الْآخَرِ إيَّاهَا وَعَلَيْهِ فَقَدْ صَارَتْ هِبَةُ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ تَمْلِيكًا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْ مَالًا وَبِاعْتِبَارِ الْآتِي حَتَّى تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهِ كَمَا يَصِحُّ اشْتِرَاءُ الدَّائِنِ مَتَاعًا مِنْ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ أَمَّا الْبَيْعُ فَهُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ. وَقَدْ صَارَ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَحَلَفَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ عَمْرٍو بِمَا لَهُ عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ التَّمْلِيكُ بِالرَّدِّ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ مَالًا أَمَّا بِاعْتِبَارِهِ وَصْفًا فَيَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ يَتِمُّ بِوُجُودِ الْمُسْقِطِ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ مَعَ الْإِيضَاحِ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ أَوْ أَبَاحَهُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَرُدَّ الْآخَرُ الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِبَاحَةَ تَصِحُّ الْهِبَةُ أَوْ الْإِبْرَاءُ أَوْ الْإِبَاحَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولِ الْمَدْيُونِ وَتَكُونُ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الْإِبْرَاءِ مَجَازًا وَبِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ الْقَبُولُ دُونَ الْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (837) فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ عَنْ الْإِبْرَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْت لَك دَيْنِي، أَوْ قَالَ " حَقّ خويش بتوماندم أَوْ ترابحل كردم " فَيَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ الْمَذْكُورَ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (همه غر بِمَا نرامجل كردم) بَرِئَ

مَدْيُونُو ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْهِنْدِيَّةُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَبَاحَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ الدَّيْنَ عِنْدَمَا بَلَغَتْهُ وَفَاةٌ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدْيُونَ حَيٌّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ بَعْدُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (51) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الدَّائِنِينَ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَدْيُونِ صَحَّتْ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَوَهَبَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي حِصَّتِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ أَرْبَعُمِائَةِ قِرْشٍ مُنَاصَفَةً وَوَهَبَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ يَعْنِي لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك بَرِئَ زَيْدٌ مِنْ مِائَتَيْ قِرْشٍ وَإِذَا قَالَ: وَهَبْتُك نِصْفَهُ، نَفَذَ فِي رُبْعِهِ وَبَقِيَ فِي الرُّبْعِ الثَّانِي مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858) (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَمَا فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ (الْخَانِيَّةُ قُبَيْلَ " فَصْلٌ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ") . وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى حِصَّتِهِ لَكِنْ لَوْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ نِصْفَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَأَجَازَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَفَذَ فِي رُبْعِ الْمَالِ فَقَطْ (الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) وَقَدْ مَرَّ فِي هَذَا الشَّأْنِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي الْبُيُوعِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا لَمْ يُرَدَّ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ أَنْ يَقُولَ الْمَدْيُونُ: قَبِلْت الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ لِتَمَامِهِمَا، حَتَّى أَنَّهُ تُوُفِّيَ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَزِمَتْ الْهِبَةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ، الْهِنْدِيَّةُ) . فَائِدَةٌ: إذَا كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ دَيْنِ الدَّائِنِ قِسْمًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَانْصَرَفَتْ الْهِبَةُ إلَى الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِصَرْفِهِ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِلدَّائِنِ عَلَى مَدْيُونِهِ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلَةٌ وَأَلْفٌ أُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ، وَقَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ بِدُونِ تَعْيِينٍ: وَهَبْتُك خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَتَسْقُطُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُعَجَّلِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) . إيضَاحُ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: 1 - مَدْيُونُهُ، هَذَا التَّعْبِيرُ بِاعْتِبَارٍ احْتِرَازِيٌّ فَخَرَجَتْ الْهِبَةُ بِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَسَيُبَيَّنُ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ وَهَبَ دَائِنُ الْمُتَوَفَّى دَيْنَهُ لِوَرَثَتِهِ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ وَإِذَا رَدَّ الْوَارِثُ هَذِهِ الْهِبَةَ رُدَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تُرَدُّ بِرَدِّ الْوَارِثِ (التَّتَارْ خَانَيِّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) الْمَدْيُونُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْمَدِينِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى الْمُتَوَفَّى لَهُ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِذَا رُدَّ لِوَارِثِ هَذِهِ الْهِبَةِ يَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ آنِفًا، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً أَيْضًا وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ لِلْمُتَوَفَّى بِنَاءً عَلَيْهِ يَسْتَفِيدُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مِنْهُ وَيُرَدُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِرَدِّهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:

أَوَّلُهَا لِلدَّائِنِ، أَنْ يَهَبَ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ. ثَانِيهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِمَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى. ثَالِثُهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ مَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى أَوْ لِكُلِّهِمْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 2 - الْهِبَةُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِ الْهِبَةِ صَحِيحَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَيْسَ شَرْطًا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَلَّا يَكُونَ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ كَانَ صَحِيحًا فَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ بَعْدَمَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ (وامي كه مرا بوده است بتوبخشيدم) كَانَ صَحِيحًا. وَيَسْتَرِدُّ الْمَدْيُونُ مَا أَعْطَاهُ لِدَائِنِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدٌ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ تَبَرُّعًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ كَانَ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا أَيْضًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُتَبَرِّعُ مَا أَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . 3 - الْإِبْرَاءُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِهِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي يَبْرَأُ مِنْهُ مَعْلُومًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَك عَلَيَّ وَأَحَلَّهُ الْآخَرُ) فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِمَا لَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بَرِئَ حُكْمًا وَدِيَانَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمًا وَدِيَانَةً أَيْضًا وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَيْسَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِسْقَاطِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَبْرَأُ حُكْمًا وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ. وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا وَالدَّيْنُ سَاقِطًا. وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ: لَا أَهَبُك هَذَا الْمَالَ حَتَّى تُبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِكِ فَأَبْرَأَتْهُ الزَّوْجَةُ فَامْتَنَعَ عَنْ أَنْ يَهَبَهَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَقِيَ مَهْرُ الزَّوْجَةِ كَمَا كَانَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (855) " الْبَزَّازِيَّةُ ". كَذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (834) عَدَمُ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الرِّشْوَةِ. بَعْضُ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ وَإِبْرَائِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: (1) الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ. (2) الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ السَّلَمِ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ صَرْفٍ أَوْ بَدَلَ سَلَمٍ فَبِمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مُوجِبٌ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَحْدَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ اللَّازِمِ فَيَلْزَمُ الْقَبُولُ فِي هِبَتِهِ وَإِبْرَائِهِ. وَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِدُونِ الْقَبُولِ. وَتُوُفِّيَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ مُنْكِرًا لُزُومَ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (76) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْوَارِثِ أَمْ كَانَتْ فِي يَدِ مُدَّعِي الْهِبَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْمِنَحُ) . قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ، هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَك وَالِدِي هَذَا الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ عُلِمَ السَّاعَةَ وَالْمِيرَاثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَبْضَ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

(المادة 850) وهب أحد لابنه الكبير العاقل البالغ شيئا

[ (الْمَادَّةُ 850) وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا] (الْمَادَّةُ 850) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ) . قَبْضُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ وَلَا يَكْفِي قَبْضُ الْآخَرِينَ فُضُولًا كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَيْ ابْنَتِهِ أَوْ ابْنِهِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ شَيْئًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِ الشَّخْصِ أَمْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَمْ الْغَاصِبِ أَمْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْوَاهِبِ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَزَالُ فِي عِيَالِ ذَلِكَ الشَّخْصِ يَعْنِي يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْهِبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ إذْ لَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْأَبِ الْوَاهِبِ أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْأَبُ بَعْدَ الْهِبَةِ الْقَبْضَ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (838) . وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارًا لِابْنَيْهِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ فِي عِيَالِهِ وَثَانِيهِمَا كَبِيرٌ كَانَتْ فَاسِدَةً فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَهَبَ فَهُوَ قَابِضٌ لِحِصَّةِ الصَّغِيرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ ثُمَّ بِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ قَبْضُ الْكَبِيرِ بِالذَّاتِ وَالْهِبَةُ وَقْتَ الْقَبْضِ مُشَاعٌ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فَاسِدَةٌ أَمَّا لَوْ وَهَبَ لِابْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا مَعًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا شُيُوعَ وَقْتَ الْقَبْضِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْهِبَةِ) وَسَتَأْتِي تَفْصِيلَاتٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ شَيْئًا مَا لِامْرَأَةٍ بَالِغَةٍ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَالِكَةً لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِقَبْضِ زَوْجِهَا إيَّاهُ فُضُولًا. كَذَا لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ ثَوْبًا فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ قَطْعِهِ إيَّاهُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ. (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ لِابْنَتِهِ الْكَبِيرَةِ أَثْوَابًا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ إيَّاهَا فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ أَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهَا تَمْلِكُهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَقَدْ فُسِّرَ لَفْظُ كَبِيرٍ بِالْعَاقِلِ الْبَالِغِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ (851) إذَا كَانَ ابْنُهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَكَانَ مَجْنُونًا جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْحُكْمُ فِيهِمَا عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. يَعْنِي إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ فَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ. حَادِثَةُ الْفَتْوَى: لَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ جَدَّ الصَّغِيرِ الصَّحِيحَ وَصِيًّا لَهُ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ لِتَعْيِينِهِ لِكَوْنِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (974) وَلِيًّا مُجْبَرًا) وَبَلَغَ السَّنَةَ الثَّامِنَةَ عَشْرَ مِنْ عُمْرِهِ وَأَصْبَحَ بِمُقْتَضَى حُكْمِ (986) بَالِغًا، فَوَهَبَ الْجَدُّ لِحَفِيدِهِ مَالًا فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ رُشْدُهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْقَبْضُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ يُعَدُّ بِحُكْمِ الصَّغِيرِ وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي قَبْضِ الْجَدِّ حَيْثُ إنَّهُ يُعَدُّ الْحَفِيدُ الْمَذْكُورُ بِوُجُودِهِ تَحْتَ الْوِصَايَةِ مَحْجُورًا إذْ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا لَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ هَذَا أَمَامَ الْحَاكِمِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فَأَصْبَحَ الْحَفِيدُ بِحُكْمِ الصَّغِيرِ؟ وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا بِأَنَّ الْحَجْرَ يَرْتَفِعُ عَنْ الصَّغِيرِ بِسَبَبَيْنِ: الْأَوَّلُ: إذْنُ الْوَلِيِّ، وَالثَّانِي بُلُوغُهُ (التَّنْقِيحُ) فَبِبُلُوغِ الصَّغِيرِ لَا تَبْقَى وِلَايَةُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بِالْبُلُوغِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى شَرْحُ الْمُلْتَقَى فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ) .

(المادة 851) يملك الصغير المال الذي وهبه إياه وصيه أو مربيه

قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: الْهِبَةُ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ فِي عِيَالٍ وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى قَبْضَ مَا وَهَبَ لِعَبْدِهِ الْمَحْجُورِ (انْتَهَى) . [ (الْمَادَّةُ 851) يَمْلِكُ الصَّغِيرُ الْمَالَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ وَصِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ] (الْمَادَّةُ 851) - (يَمْلِكُ الصَّغِيرُ الْمَالَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ وَصِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ يَعْنِي مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَاهِبِ: وَهَبْت، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ) . يَمْلِكُ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ الْمَالَ الْمَعْلُومَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَلِيُّهُ كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ فِي عِيَالِهِمَا أَيْ فِي حِجْرِهِمَا وَتَرْبِيَتِهِمَا أَوْ مُرَبِّيهِمَا يَعْنِي مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَقْرِبَاءَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ كَأَخِيهِمَا وَعَمِّهِمَا وَخَالِهِمَا أَمْ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً عِنْدَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَيْ بِقَوْلِ الْوَاهِبِ: وَهَبْت وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ وَكَلِمَةُ يَعْنِي الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ تَفْسِيرُ الْمُرَبِّي وَلَيْسَتْ تَفْسِيرَ الْوَصِيِّ كَمَا أُشِيرَ ذَلِكَ آنِفًا وَسَيُفَصَّلُ ذَلِكَ آتِيًا. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الصَّغِيرُ: إنَّ الْحُكْمَ الَّذِي فِي حَقِّ الصَّغِيرِ هُوَ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَشْرُوحٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَوْ قِيلَ " الطِّفْلُ " بَدَلًا مِنْ " الصَّغِيرِ " لَكَانَ يَعُمُّ وَيَشْمَلُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . لَكِنْ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ فِي مَسَائِلَ كَهَذِهِ عَلَى الذُّكُورِ لَيْسَ مَعْنَاهُ تَرْكَ الْإِنَاثِ خَارِجَاتٍ عَنْهُ بَلْ هُوَ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ يَعْنِي أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ اعْتِبَارِ بَيَانِ أَحْكَامِ الذُّكُورِ بَيَانًا أَيْضًا لِأَحْكَامِ الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّ خِطَابَ الشَّرْعِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْفَتْحُ) . وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ جُنُونًا مُطْبِقًا فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ الصَّغِيرِ (النَّتِيجَةُ) . 2 - وَصِيُّهُ: بِمَا أَنَّهُ يَشْتَمِلُ هَذَا الْحُكْمُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَوْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ: وَلِيَّهُ أَوْ وَصِيَّهُ، أَوْ قَالَتْ: وَلِيَّهُ بَدَلًا عَنْ وَصِيِّهِ وَاشْتَمَلَتْ الْوَصِيَّ بِالْحُكْمِ لَكَانَ أَوْلَى، وَالْمَقْصُودُ بِالْوَلِيِّ فِي هَذَا الْأَبُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مَوْجُودًا فَالْجَدُّ. وَإِلَيْك التَّرْتِيبُ الْآتِي: أَوَّلًا: الْأَبُ، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْأَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ أَيْ عِنْدَ وَفَاتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غِيبَةً مُتَقَطِّعَةً أَوْ وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ. ثَالِثًا: الْجَدُّ الصَّحِيحُ أَيْ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ لِلْأَبِ الْمُتَوَفَّى أَوْ الْغَائِبِ. رَابِعًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ عِنْدَ وَفَاةِ الْجَدِّ أَوْ غِيَابِهِ غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً أَوْ وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ. خَامِسًا: الْوَصِيُّ الَّذِي يُعَيِّنُهُ الْحَاكِمُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (974) (وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ (وَصِيُّهُ) أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ وَالْوَصِيِّ الْمَنْصُوبِ. وَهِبَةُ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَهُ أَوْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ لِلصَّغِيرِ أَيْ الطِّفْلِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ.

أَوْ مُرَبِّيهِ: قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ الْمُرَبِّي فِي الْمَادَّةِ (852) بِمَعْنًى مُقَابِلٍ لِلْوَلِيِّ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ هُنَا فِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا وَلَا وَصِيًّا وَعَلَيْهِ فَهِبَةُ الْمُرَبِّي صَحِيحَةٌ بِلَا قَبْضٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ ذَلِكَ الْمُرَبِّي وَتَرْبِيَتِهِ حِجْرٌ تُقْرَأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا جَمْعُهَا حُجُورٌ وَيُطْلَقُ الْحِجْرُ عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ أَيْ الْبُكُورِ فَمَعْنَى فِي حِجْرِهِ أَيْ فِي تَرْبِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ (فِي تَرْبِيَتِهِ) أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ بِعِطْفٍ تَفْسِيرِيٍّ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ فِي عِبَارَةِ (فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ) . وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْمُرَبِّي سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ ذَوِي قُرْبَى الطِّفْلِ كَالْأَخِ وَالْأُمِّ وَالْخَالِ أَمْ كَانَ أَجْنَبِيًّا كَالْمُلْتَقِطِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَقْرِبَاءَ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ لِلصَّغِيرِ مَالًا لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ الصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكُ الصَّغِيرُ ذَلِكَ الْمَالَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَيَلْزَمُ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ وَلِيٌّ لِلصَّغِيرِ أَوْ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُودِ وِلَايَةٍ لِهَؤُلَاءِ الْمُرَبِّينَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَوُجُودِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَانِعَانِ لِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ. إنَّ وِلَايَةَ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ تَثْبُتُ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ فَأَمَّا مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَا سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْقَابِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا (الْفَتْحُ) وَإِنْ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: الِاخْتِلَافُ الْمُبَيَّنُ الظَّاهِرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (852) يَجْرِي هُنَا أَيْضًا فَلَمْ أَرَ غَيْرَهُ مَنْ قَالَ بِهَذَا. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا فِي يَدِهِ وَأَبُوهُ حَيٌّ لَزِمَ قَبُولُ الْأَبِ وَقَبْضُهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِحَفِيدِهِ أَيْ ابْنِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ شَيْئًا لَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ وَأَبُوهُ مَوْجُودٌ فَلَا حُكْمَ لِتِلْكَ الْهِبَةِ (النَّتِيجَةُ، وَالْمُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْعِنَايَةُ) . وَالْمَقْصِدُ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَفَاتُهُ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا بِغَيْبَتِهِ غِيبَةً مُنْقَطِعَةً أَيْ أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا (الْكُتُبُ السَّابِقَةُ) . 4 - سَوَاءٌ أَكَانَ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا إعَارَةً لِآخَرَ. فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْوَدِيعَةِ. فَلَوْ وَهَبَ الْمُعِيرُ لِلطِّفْلِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا قَدْ أَعَارَهُ لِأَحَدٍ مَلَكَهُ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَالْحَاصِلُ: تَتِمُّ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ: أَوَّلُهَا: مَا كَانَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ. ثَانِيهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِ الْوَاهِبِ. ثَالِثُهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَعِيرِ الْوَاهِبِ. وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَيُحْتَرَزُ بِالتَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ عَنْ سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ: أَوَّلُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي الْمُشْتَرِي شِرَاءً بِبَيْعٍ فَاسِدٍ. يَعْنِي لَوْ بَاعَ أَحَدُ مَالًا لَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا

وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ فِي يَدِهِ إلَى طِفْلِهِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) يَعْنِي لَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْمُتَارَكَةِ. وَإِلَّا فَكَيْفَ يَهَبُ مَالَ الْمُشْتَرِي. وَقَدْ ذُكِرَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (846) . ثَانِيهَا: كَذَلِكَ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ نِصْفَ مَالِهِ الَّذِي بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطَ فِيهِ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي. ثَالِثُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ وَوَهَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تِلْكَ الدَّابَّةَ لِطِفْلِهِ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَالضَّمَانُ بِمَا أَنَّهُ يَكُونُ بِتَفْوِيتِ الْيَدِ فَقَطْ فَتِلْكَ الدَّابَّةُ كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً فَلَيْسَتْ فِي يَدِهِ حُكْمًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . رَابِعُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالَهُ عِنْدَ آخَرَ فِي مُقَابِلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَوَهَبَ طِفْلَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ فَكَّ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِتِلْكَ الْهِبَةِ. خَامِسُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَوَهَبَ تِلْكَ الدَّارَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ لِطِفْلِهِ وَتُوُفِّيَ كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُدْخِلُوا الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي مِيرَاثِهِ أَمَّا لَوْ وَهَبَهُ أَيَّامًا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ الْهِبَةُ تَامَّةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَتَهُ لِآخَرَ وَوَهَبَهَا لِطِفْلِهِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) . سَادِسُهَا: الْمُتَّهَبُ يَعْنِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ لِطِفْلِهِ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِلَا عِوَضٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْفَسْخِ الْأَوَّلِ فَلَا يَمْلِكُ الطِّفْلُ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ فِي مَذِّهِ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ هُوَ: - أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي مَعَ قَبْضِ الْآخَرِينَ لِأَنْفُسِهِمْ فَلَا يُوجَدُ فِيهِمْ الْقَبْضُ الَّذِي تَتِمُّ فِيهِ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِنْ يَكُنْ الْمُسْتَعَارُ قَدْ قُبِضَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فِي صُورَةٍ أُخْرَى. فَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ أَمَّا عَقْدُ الْعَارِيَّةِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ. 5 - مَالُهُ. يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ حَائِزًا عَلَى شَرْطَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. فَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858) ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (213، 449) مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك شَيْئًا مِنْ مَالِي فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ " أَبُو السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ". ثَانِيهِمَا: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ نَافِعًا لِلصَّغِيرِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 6 - الْهِبَةُ، الصَّدَقَة فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَالْهِبَةِ. فَلَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِمَالِهِ الْمُودَعِ عِنْدَ آخَرَ عَلَى طِفْلٍ أَوْ تَصَدَّقَ الْأَبُ بِمَنْزِلِهِ السَّاكِنِ فِيهِ عَلَى طِفْلِهِ جَازَتْ " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ ". كَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الْأَبُ بِأَرْضِهِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَشْغُولَةِ بِزَرْعِهِ عَلَى طِفْلِهِ جَازَتْ أَيْضًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ لَهُ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ

الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّةَ مَانِعٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . 7 - بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَفِي هَذَا حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: عَدَمُ لُزُومِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَتَوَلَّى طَرَفَاهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ أَيْ يَتَوَلَّى فِيهِ طَرَفٌ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذَا إذَا كَانَ عَاقِدُ الْعَقْدِ يُوجِبُ الْعَقْدَ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ تَعْبِيرًا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ بِالْأَصَالَةِ لِذَلِكَ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فِي يَدِهِ أَوْ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِهِ أَوْ مُسْتَعِيرِهِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: وَهَبْت، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَبُولِ لِتَمَامِ الْهِبَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي قَبْضِ الْأَبِ نَابَ مَنَابَ قَبْضِ الصَّغِيرِ. إذْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ قَبْضُ أَبِي الصَّغِيرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْأَبُ: إنَّ دُكَّانِي الْفُلَانِيَّةَ الْمَمْلُوكَةَ هِيَ لِابْنِي الصَّغِيرِ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً فَإِذَا كَانَتْ الدُّكَّانُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْأَبِ تَمَّتْ الْهِبَةُ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَنْزِلَهُ الَّذِي فِي دِيَارٍ أُخْرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ الْحَاضِرِينَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى ذَلِكَ تَمَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الْقُنْيَةِ وَفَتْوَى يَحْيَى أَفَنْدِي) . وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَصْنَعَ أَحَدٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَثْوَابًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَهَبَهَا بِآخَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْعُرْفُ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ قَصْدُ الصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ وَمَعَ ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَارِيَّةً، فَلَوْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ كَانَتْ عَارِيَّةً وَإِلَّا كَانَتْ هِبَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) وَشَرْحَهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَخَذْت هَذَا الْمَالَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فَكَمَا أَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَخَذَ لَهُ دَسْتًا مِنْ الثِّيَابِ وَفَصَّلَهَا لَهُ تَمَّتْ الْهِبَةُ (الْقَرَوِيُّ) وَلَا يَمْنَعُ تَمَامُ الْهِبَةِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَوْنَ الْمَوْهُوبِ مَشْغُولًا أَوْ مُشَاعًا. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا لِطِفْلِهِ أَوْ الَّتِي وَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَتَهُ أَوْ الَّتِي يَسْكُنُهَا آخَرُ بِلَا أُجْرَةٍ أَيْ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ إعَارَةً أَوْ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْمِلْكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ أَوْ بُسْتَانِهِ الَّذِي فِي أَرْضٍ أَمِيرِيٍّ أَوْ كُرُومَهُ مَلَكَ الطِّفْلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إيجَابِهِ، لِأَنَّ الْبُسْتَانَ وَالْأَرْضَ لَمَّا كَانَا فِي قَبْضِ الْأَبِ فَهُمَا فِي حُكْمِ قَبْضِ الطِّفْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْهِبَةِ وُجُودُ أَمْتِعَةِ الطِّفْلِ فِي الدَّارِ بَلْ يُقَرِّرُهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الزَّيْلَعِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارِ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ وَدِيعَةً فِي يَدِ آخَرَ فَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُهِبَ شَيْءٌ لِطِفْلٍ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ هَؤُلَاءِ إيَّاهُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (842) وَبِمَا أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (846) وَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ فَلَا لُزُومَ لِقَبْضٍ آخَرَ (الْهِدَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْإِنْسَانِ مَالَهُ بِمَا أَنَّهُ قَبْضٌ وَبِمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ

(المادة 852) الهبة للطفل

قَبْضَ أَمَانَةٍ أَيْضًا فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (846) (النِّهَايَةُ) . وَعَلَيْهِ فَكَوْنُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ يَجْرِي فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ ظَاهِرٌ. أَمَّا الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ قَيْدُ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمَالِكِ لَكِنْ يَدُ الْمُسْتَعِيرِ لَيْسَتْ كَيَدِ الْمُعِيرِ كَمَا سَبَقَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) . وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَرِدُ سُؤَالٌ وَهُوَ أَلَّا يَجِبَ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ الْمُسْتَعَارِ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ حَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْعَارِيَّةِ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَيَجِبُ عَلَى مَنْ يَهَبُ مَالًا لِطِفْلِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَنْ يُعْلِمَ وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَوُجُودُ الْإِعْلَامِ لَازِمٌ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ أَمَّا الْإِشْهَادُ فَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِدُونِهِ إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْإِشْهَادَ مَنْعًا لِإِنْكَارِ الْوَاهِبِ أَوْ إنْكَارِ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 852) الْهِبَة لِلطِّفْلِ] (الْمَادَّةُ 852) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِطِفْلٍ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ) . إذَا وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِطِفْلٍ أَيْ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ غَيْرُ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُرَبِّي الصَّغِيرِ أَيْ الَّذِي يَتَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَالًا فَتَتِمُّ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ بِقَبْضِ الْوَلِيِّ أَوْ مُرَبِّي الصَّغِيرِ الَّذِي يَتَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ إجْرَاءُ الْعُقُودِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَلَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ فَلِلْوَلِيِّ إجْرَاءُ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (الْهِدَايَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - لِطِفْلٍ: هَذَا التَّعْبِيرُ كَمَا أَنَّهُ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فَالْحُكْمُ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. 2 - شَيْئًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّيْءُ نَافِعًا لِلصَّغِيرِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ حِمَارًا أَعْمَى فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحِمَارَ فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَافِعٍ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِمَّا يَضُرُّ الصَّغِيرَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) . 3 - وَهَبَ: فَالصَّدَقَةُ وَالْهَدِيَّةُ كَالْهِبَةِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ إذَا وُهِبَ لِلصَّغِيرِ وَكَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَأْكُولٍ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَيْسَ لِأَبَوَيْ الصَّغِيرِ أَنْ يَسْتَهْلِكَاهُ فِي أُمُورِهِمَا. مَا لَمْ يَكُونَا فَقِيرَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 799) وَإِذَا كَانَ مَالًا مَأْكُولًا كَالْعِنَبِ فَلِأَبَوَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِهْدَاءَ إلَيْهِ مَا وَذِكْرُ الصَّبِيِّ لِاسْتِصْغَارِ الْهَدِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمَا أَكْلُهُ (أَبُو السُّعُودِ) قَالَهُ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ بُخَارَى (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يُبَاعَ وَيُصْرَفَ ثَمَنُهُ فِي مَرَافِقِ الصَّغِيرِ. 4 - الْقَبْضُ: وَيُشَارُ بِهِ إلَى كَوْنِ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِ الْوَلِيِّ أَصْلًا أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ فِي الْأَصْلِ فِي قَبْضِ الْوَلِيِّ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ عَيْنًا تَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا بَلْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ. لَا يَلْزَمُ الْقَبْضُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ. يَعْنِي يَلْزَمُ قَبْضُ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْوَلِيِّ بِاسْمِ الصَّغِيرِ. وَلَا يَلْزَمُ الْقَبْضُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ (مِنْقَارِي زَادَهْ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

مَثَلًا: لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا لِابْنِهَا مِنْهُ وَسَلَّطَتْ زَوْجَهَا عَلَى قَبْضِهِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ أَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الزَّوْجُ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبَضَهُ لِلصَّغِيرِ تَتِمُّ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ. وَفِي الْقُنْيَةِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا حَاجَةَ لِلتَّسْلِيطِ عَلَى الْقَبْضِ كَمَا لَا حَاجَةَ لِلْإِفْرَازِ وَالْقَبْضِ (الْحَمَوِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ) . وَصَارَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً بِقَبْضِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الطِّفْلِ لِلْوَلِيِّ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (974) وَقَبْضُ الْهِبَةِ أَيْضًا مِنْ بَابِ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. وَتَتِمُّ الْهِبَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (الزَّيْلَعِيّ) . وَالْوَلِيُّ الْمَقْصُودُ هُنَا تِسْعَةُ أَشْخَاصٍ وَهُمْ: (1) الْأَبُ (2) وَصِيُّ الْأَبِ (3) وَصِيُّ وَصِيِّ الْأَبِ (4) الْجَدُّ أَيْ أَبُو الْأَبِ (5) وَصِيُّ الْجَدِّ (6) وَصِيُّ وَصِيِّ الْجَدِّ (7) الْقَاضِي (8) وَصِيُّ الْقَاضِي (9) وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَوِلَايَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا. فَمَتَى كَانَ وَصِيُّ الْأَبِ مَوْجُودًا مَثَلًا فَلَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ. وَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَصِيَّهُ وَأَبَاهُ فَالْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ أَوْلَى فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ أَبِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ) . مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لِصَغِيرٍ مَالًا وَأَبُو الصَّغِيرِ مَوْجُودٌ وَقَبَضَ جَدُّ الصَّغِيرِ أَيْ أَبُو أَبِيهِ الْهِبَةَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ هَذَا الْجَدِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُؤَخَّرِينَ عَنْ الْأَبِ كَانَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ الْقَاعِدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (23) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ (مَوْجُودٌ) هُوَ الْحُضُورُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْأَبُ غَائِبًا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْغَائِبُ بَاعِثٍ عَلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَتِمُّ الْهِبَةُ أَيْضًا بِقَبْضِ الْمُرَبِّي؛ لِأَنَّ الْمُرَبِّيَ لَمَّا كَانَ أَحَقَّ بِحِفْظِ الطِّفْلِ لِثُبُوتِ يَدِهِ كَمَا أَنَّ تَحْصِيلَ الْمَالِ اللَّازِمِ لِلْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحِفْظِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرَبِّي وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ فِي التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُحَرَّرَةُ دَرَجَاتُهُمْ آنِفًا أَوْ غَابُوا غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً فَقَبْضُ الْمُرَبِّي كَافٍ وَلَكِنْ هَلْ يَكْفِي قَبْضُ الْمُرَبِّي فِي حَالَةِ وُجُودِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كالنرجندي، وَالْقُهُسْتَانِيِّ، والولوالجية جِهَةَ كَوْنِهِ كَافِيًا وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ وَيُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ بَيَّنَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ هَذَا التَّصْحِيحِ لِكَوْنِ قَاضِي خَانْ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْمُعْتَمَدِ عَلَى أَقْوَالِهِمْ لِمَزَايَاهُ الْعِلْمِيَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ: فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ سَوَّى بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ وَقَالُوا: يَجُوزُ قَبْضُ هَؤُلَاءِ عَنْ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا الْفَتْحُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالصَّحِيحُ وَبِهِ يُفْتِي (الطَّحَاوِيَّ) .

(المادة 853) وهب شيء للصبي المميز

وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ إنَّهَا لَمْ تُقَيِّدْ صِحَّةَ قَبْضِ الْمُرَبِّي بِقَيْدِ عَدَمِ حُضُورِ الْوَلِيِّ وَلَمَّا كَانَ الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (64) فَتَكُونُ الْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلَتْهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لِصَغِيرٍ مَالًا وَهُوَ فِي عِيَالِ جَدِّهِ الصَّحِيحِ وَقَبِلَ الْجَدُّ الْهِبَةَ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ الْجَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِير الْمَذْكُورِ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ وَمَوْجُودًا كَذَلِكَ تَتِمُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ لَوْ وَهَبَهُ أَحَدٌ مَالًا وَهُوَ فِي عِيَالِ أَخِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ أَوْ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ وَمَوْجُودًا، كَذَلِكَ تَتِمُّ الْهِبَةُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِلْبِنْتِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا وَزُفَّتْ إلَى زَوْجِهَا مَالًا وَهِيَ فِي عِيَالِ الزَّوْجِ بِقَبْضِ الزَّوْجِ إيَّاهُ. وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَقَامَ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الصَّغِيرِ وَقَبْضِ الْهِبَةِ أَيْضًا مِنْ الْحِفْظِ، وَلَوْ قَبَضَ الْأَبُ هَذِهِ الْهِبَةَ أَيْضًا تَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ (الزَّيْلَعِيّ) سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَمْ لَا فِي الصَّحِيحِ (الْبَحْرُ) وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ حَقٌّ فِي قَبْضِ دُيُونِ الصَّغِيرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ لَا حَقَّ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الزِّفَافِ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ. وَقَدْ رَجَّحَتْ الْهِدَايَةُ وَالتَّجْرِيدُ وَالْجَوْهَرَةُ وَالْبَحْرُ وَالْمِنَحُ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ جِهَةَ كِفَايَتِهِ وَقَالُوا بِأَنَّ جَوَازَ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ لِلضَّرُورَةِ. وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَفْوِيضٌ مِنْ الْأَبِ فَلَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ مَعَ حُضُورِ الْأَبِ (الْجَوْهَرَةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22) . 5 - قِيلَ بِقَبْضِ وَلِيِّهِ وَمُرَبِّيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ هَؤُلَاءِ فَلَا حُكْمَ لِقَبْضِ شَخْصٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِطِفْلٍ كَانَ فِي حِجْرِ وَتَرْبِيَةِ زَيْدٍ وَقَبَضَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ آخَرَ ذَلِكَ بِاسْمِ الطِّفْلِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. [ (الْمَادَّةُ 853) وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ] (الْمَادَّةُ 853) - إذَا وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ. لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ نَافِعٌ أَيْ مَالٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَوْ لِلصَّبِيَّةِ الْمُمَيِّزَةِ تَتِمُّ الْهِبَةُ اسْتِحْسَانًا بِقَبُولِهِ إيَّاهَا وَقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ كَالْأَبِ أَوْ مُرَبٍّ؛ لِأَنَّ فِي الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ نَفْعًا مَحْضًا لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرُ أَهْلٌ لِمُبَاشَرَةِ الشَّيْءِ الَّذِي فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (961) (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ: أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ عَقْلِ الْمُمَيِّزِ لِعَدَمِ نَظَرِهِ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ نَظْرَةً تَامَّةً بِسَبَبِ عَدَمِ اعْتِدَالِ عَقْلِهِ فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ يُرَدُّ التَّصَرُّفُ الْمُضِرُّ (كَهِبَةِ الصَّغِيرِ لِآخَرَ) لِمَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ كَذَلِكَ تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُهُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ أَيْضًا حَتَّى لِذَلِكَ لَوْ أَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ إذَا رَأَى نَفْعًا فِي إجَازَةِ التَّصَرُّفِ الدَّائِرِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَلَهُ إجَازَتُهُ. وَكُلُّ تَصَرُّفٍ فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ فَالنَّظَرُ وَالْفَائِدَةُ لِلصَّغِيرِ فِي نَفَاذِهِ إذْ إنَّ لَا حِكْمَةَ مِنْ رَدِّ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) . قَدْ عُرِّفَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ فِي الْمَادَّةِ (943) إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيّ فَسَّرَ الْمُمَيِّزَ فِي هَذَا الْبَحْثِ بِالشَّخْصِ الَّذِي يُدْرِكُ وَيَعْقِلُ التَّحْصِيلَ وَالْجَمْعَ.

سُؤَالٌ: عَقْلُ الصَّبِيِّ إمَّا مُعْتَبَرٌ أَوْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا يَلْزَمُ أَلَّا تَتِمَّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ. وَإِذَا كَانَ مُعْتَبَرًا فَيَقْتَضِي أَلَّا يُعْتَبَرَ قَبْضُ خَلَفِهِ أَيْ وَلِيِّهِ مَا دَامَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ؟ جَوَابٌ: إنَّ عَقْلَهُ مُعْتَبَرٌ فِي النَّفْعِ الْمَحْضِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ مَعَ خَلَفِهِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بَابٌ لِتَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِمَا أَنَّ فِي هَذَا تَوْفِيرًا لِلْمَنْفَعَةِ فَهُوَ جَائِزٌ (الْعَيْنِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْمُمَيِّزُ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ إذْ الْحُكْمُ فِي الْمُمَيِّزَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. لَكِنْ قَدْ اكْتَفَى الْفُقَهَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِذِكْرِ الرَّجُلِ وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَيُحْتَرَزُ فِيهِ عَنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَعَلَيْهِ لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ (الْحَمَوِيُّ) وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. 2 - نَافِعٌ. هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لِلصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرَ نَافِعٍ كَأَنْ كَانَ تُرَابًا فِي بَيْتِ الْوَاهِبِ مَا إذَا بِيعَ فِي مَحِلِّهِ لَا يُسَاوِي شَيْئًا وَإِذَا نُقِلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ يَحْتَاجُ لِمَئُونَةٍ تَزِيدُ عَلَى فَائِدَتِهِ مَا تُوجِبُ ضَرَرَ الصَّغِيرِ فَالْهِبَةُ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَيُرَدُّ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ وَيُتْرَكُ لَهُ (الْحَمَوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ شَيْءٌ يَحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ وَلَا نَفْعَ لَهُ كَأَنْ يُوهَبُ لِلصَّغِيرِ حِمَارٌ أَعْمَى فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَتُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ (أَبُو السُّعُودِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . 3 - الْهِبَةُ: وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. لَكِنْ يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ الْمَدْيُونُ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي أَدَائِهِ الدَّيْنَ لِلصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَى الْهِبَةِ (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (896) . 4 - وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ: يُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ أَيْ بِعِبَارَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ كَمَا تَتِمُّ أَيْضًا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ وَعَلَيْهِ فَلِتَحْصِيلِ النَّفْعِ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ طَرِيقَانِ وَتَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ تَوَفَّرَتْ الْمَنْفَعَةُ الْعَائِدَةُ لِلصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) . 5 - بِقَبُولِهِ إيَّاهُ وَقَبْضِهِ: فَكَمَا أَنَّ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يُوهَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا رَدَّهُ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ رُدَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ بِمَا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلصَّغِيرِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ أَنْ يَمْلِكَ الرَّدَّ (الْحَمَوِيُّ فِي الْهِبَةِ) . سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلصَّغِيرِ حَقُّ الْقَبُولِ عِنْدَ إيجَابِ الْهِبَةِ أَلَّا يَكُونُ رَدُّهُ قَدْ أَدَّى إلَى إبْطَالِ هَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهُ. ؟ الْجَوَابُ: إنَّ حَقَّ الْقَبُولِ لَيْسَ حَقًّا مَالِيًّا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ. أَمَّا إذَا وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مَالٌ وَرَدَّ وَلِيُّهُ هَذِهِ الْهِبَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَيْسَ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّدِّ بِمَعْنَى تَمَامِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ. وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الْمَذْكُورُ الْهِبَةَ وَقَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ الْهِبَةَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ كَانَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ

(المادة 854) الهبة المضافة

الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ بَيْعُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ. وَانْظُرْ مَا حُكْمُهُ، وَإِنْ نَظَرْنَا إلَى مَا عَلَّلْنَا بِهِ كَانَ وَاجِبًا إنْ تَيَقَّنَ الرُّجُوعُ وَكَانَ الْأَبُ وَنَحْوُهُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي (الطَّحْطَاوِيُّ) ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِ الْهِبَةِ فَائِدَةً لِلصَّغِيرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطْ فَلَا يُعْطَى لِلْبَائِعِ عِوَضٌ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ بِحَقِّ رُجُوعِهِ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (855) الْأَنْقِرْوِيُّ. [ (الْمَادَّةُ 854) الْهِبَةُ الْمُضَافَةُ] (الْمَادَّةُ 854) - (الْهِبَةُ الْمُضَافَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ، مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ اعْتِبَارًا مِنْ رَأْسِ الشَّهْرِ الْآتِي لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ) . الْهِبَةُ الْمُضَافَةُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ أَيْ إذَا وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتٍ سَيَأْتِي غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) لَا تَصِحُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ إضَافَةُ التَّمْلِيكِ وَتَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ اعْتِبَارًا مِنْ رَأْسِ الشَّهْرِ الْآتِي أَوْ اعْتِبَارًا مِنْ غَدٍ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبِلْت، أَيْضًا لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ. وَكَذَلِكَ الرُّقْبَى لَيْسَتْ صَحِيحَةً لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُضَافَةٌ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ، الدُّرَرُ) . الرُّقْبَى، هِيَ تَمْلِيكُ أَحَدٍ مَالَهُ لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ تَمْلِيكٌ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَالرُّقْبَى بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الِارْتِقَابِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَنْتَظِرُ وَيَرْتَقِبُ وَفَاةَ الْوَاهِبِ (الزَّيْلَعِيّ) . يَعْنِي كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إذَا تُوُفِّيتُ قَبْلَكَ فَلْيَكُنْ هَذَا الْمَالُ لَك، وَإِذَا تُوُفِّيتَ قَبْلِي فَلْيَبْقَ لِي. كَأَنْ يَنْتَظِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَوْتَ الْآخَرِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَيْضًا أَوْ مَعْنَاهَا رَقَبَةُ دَارِي لَك وَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَكِنْ لَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ تَثْبُتْ الْهِبَةُ بِالشَّكِّ فَتَكُونُ عَارِيَّةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ مُلَخَّصًا) . لَكِنْ قَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ (الْخَانِيَّةُ) . وَيُوجَدُ احْتِمَالَانِ فِي مَعْنَى الصِّحَّةِ هَذِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: (1) كَوْنُ هَذِهِ الْمُقَاوَلَةِ صَحِيحَةً تَمَامًا. فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا تُوُفِّيَ أَيُّهُمَا يَلْزَمُ أَنْ يَبْقَى الْمَالُ لِلْآخَرِ. (2) كَوْنُ الْهِبَةِ صَحِيحَةً وَالشَّرْطِ بَاطِلًا. يَعْنِي إذَا كَانَتْ هِبَةُ الْوَاهِبِ صَحِيحَةً وَتُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلًا فَلَا يَعُودُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِيَ هُوَ الْمَقْصُودُ. (الشَّارِحُ) لَكِنْ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ الْمَوْهُوبُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِلدَّافِعِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ (الْهِدَايَةُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَهَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ الْعَارِيَّةَ وَالْهِبَةَ مَعًا وَلَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ أَعْلَى مِنْ الْعَارِيَّةِ وَلَا يَثْبُتُ الطَّرَفُ الْأَعْلَى بِالشَّكِّ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ عَلَى الْعَارِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَدْنَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (مُضَافَةٌ) لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْمُعَلَّقَةَ عَلَى شَرْطٍ مُحْتَمَلٍ وُجُودُهُ أَوْ عَدَمُ وُجُودِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا فَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الثَّمَرِ لِغَيْرِهِ: هُوَ لَك إنْ أَدْرَكَ، أَوْ قَالَ: إذَا كَانَ غَدًا فَهُوَ جَائِزٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . مِثَالٌ لِلْعَيْنِ: لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ إذَا دَخَلَ الشَّخْصُ الْفُلَانِيُّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ عَادَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ، فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ (عَزْمِي زَادَهْ) .

(المادة 855) الهبة بشرط العوض

مِثَالٌ لِلدَّيْنِ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: إذَا جَاءَ غَدًا فَلْتَكُنْ لَك الْأَلْفُ قِرْشٍ الَّتِي لِي عَلَيْك دَيْنًا، أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهَا أَوْ إذَا أَعْطَيْت نِصْفَ الدَّيْنِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ أَوْ فَلْيَكُنْ لَكَ النِّصْفُ الْآخَرُ تَكُونُ بَاطِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا: إذَا تُوُفِّيَتْ فِي هَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي، كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا: إذَا تُوُفِّيتُ بِهَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْهُ أَوْ فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ مِنِّي، كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بَاطِلًا وَبَقِيَ الْمَهْرُ كَالْأَوَّلِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إذَا أَنَا مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ فَأَنْتَ فِي حِلِّ الدَّيْنِ، صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ كَمَا أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى شَرْطٍ كَائِنٍ تَنْجِيزٌ كَأَنْ يَقُولُ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إذَا كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا وَيَتِمُّ الْإِبْرَاءُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) . وَتَعْبِيرُ الْهِبَةِ الْمُضَافَةِ احْتِرَازٌ عَنْ الْعُمْرَى؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ هِبَةً مُضَافَةً. الْعُمْرَى: هِيَ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: " أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَا دُمْت حَيًّا عَلَى أَنْ تُرَدَّ لِي بَعْدَ وَفَاتِكَ " أَوْ (أَعْطَيْتُك هَذِهِ الدَّارَ مَا دُمْت حَيًّا عَلَى أَنْ تُرَدَّ لِوَرَثَتِي بَعْدَ وَفَاتِي) فَالتَّمْلِيكُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ جَائِزٌ وَلَوْ تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يُرَدُّ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَيُصْبِحُ إرْثًا لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الدُّرَرُ) ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى بِشَرْطِ الِاسْتِرْدَادِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُعَمَّرِ لَهُ بِمَا أَنَّهَا تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ كَانَ التَّمْلِيكُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ مِنْ شَرْطِهِ الْقَبْضُ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يُفْسِدُهُ كَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83) (الزَّيْلَعِيّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ (الدُّرَرُ) . وَكَمَا تَكُونُ الْعُمْرَى فِي الْعَقَارِ تَكُونُ أَيْضًا فِي الْمَنْقُولَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ أَيْضًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 855) الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَض] (الْمَادَّةُ 855) - (تَصِحُّ الْهِبَةُ بِشَرْطِ عِوَضٍ وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا عِوَضًا أَوْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الْمَعْلُومَ الْمِقْدَارِ تَلْزَمُ الْهِبَةُ، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَسَلَّمَ عَقَارًا مَمْلُوكًا لَهُ لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَقُومَ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى الْمَمَاتِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَاضِيًا بِإِنْفَاقِهِ حَسَبَ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ إذَا نَدِمَ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَاسْتِرْدَادِ ذَلِكَ الْعَقَارِ) . إنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ اللَّتَيْنِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ صَحِيحَتَانِ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (83) . وَالصَّدَقَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . " 1 " - عِوَضًا: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ هُنَا مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ حَقِيقِيًّا كَمَا فِي مِثَالَيْ الْمَجَلَّةِ الْآتِيَيْ الذِّكْرِ أَوْ حُكْمِيًّا كَالسُّكْنَى مَعًا وَعَدَمِ التَّطْلِيقِ وَتَرْكِ الظُّلْمِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي آخِرِ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

بِشَرْطٍ: وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ الشَّرْطُ التَّقْيِيدِيُّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (82) وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ هُوَ: إذَا ذُكِرَ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ فَالشَّرْطُ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا وَهَذَا يَكُونُ بِأَدَاءِ الشَّرْطِ (كَانَ أَوْ إذَا) وَهَذِهِ الْهِبَةُ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ وَالْمَوْهُوبُ سَوَاءٌ أَكَانَ عَيْنًا كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَقُومَ بِنَفَقَةِ الْوَاهِبِ إلَى وَفَاتِهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَقُومَ بِنَفَقَةِ الْوَاهِبِ إلَى وَفَاتِهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَعُولَهُ وَيُلَاحِظَ إلَى وَفَاتِهِ أَوْ إذَا وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا عَقَارًا بِشَرْطِ أَنْ يُحْسِنَ مُعَاشَرَتَهَا إلَى وَفَاتِهَا تَكُونُ الْهِبَةُ بَاطِلَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ النَّتِيجَةُ) أَوْ لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ دَيْنًا كَمَا لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا: إذَا تُوُفِّيتُ بِهَذَا الْمَرَضِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي الَّذِي فِي ذِمَّتِكَ، فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (النَّتِيجَةُ) ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ التَّمْلِيكَاتِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) مَتَى لَوْ أَعْطَى لِلْوَاهِبِ الْعِوَضَ الْمَشْرُوطَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ وَسَلَّمَ لَهُ فَلَا تَنْقَلِبُ الْهِبَةُ إلَى الصِّحَّةِ الْفَيْضِيَّةُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 52) وَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدًا وَيُذْكَرُ مَعَ كَلِمَةِ (عَلَى) أَوْ كَلِمَةِ (أَوْ) كَقَوْلِك: وَهَبْتُك هَذَا الْمَالَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي هَذَا الثَّوْبَ (الدُّرَرُ) وَهَذَا شَرْطٌ لَا يُخِلُّ بِالْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ تُوجَدُ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ. الْهِبَةُ مَعَ الشَّرْطِ التَّقْيِيدِيِّ قِسْمَانِ: - الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُلَائِمًا وَهَذِهِ الْهِبَةُ وَالشَّرْطُ صَحِيحَانِ وَالْمُبَيَّنُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ هَذَا وَقَدْ ذَكَرْت أَمْثِلَتَهُ فِيهَا. الْقِسْمُ الثَّانِي: كَوْنُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مُخَالِفًا يَعْنِي غَيْرَ مُلَائِمٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَلَكِنْ الشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا تَفْسُدُ الْهِبَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ بِمَعْنَى الرِّبَا وَالرِّبَا يَجْرِي فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَلَا يَجْرِي فِي الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ. وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ الْعُمْرَى وَأَبْطَلَ شَرْطَ الْمُعَمِّرِ فِي رُجُوعِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَمَّرِ لَهُ وَجَعَلَهَا مِيرَاثًا لِوَرَثَةِ الْمُعَمَّرِ لَهُ (الْعِنَايَةُ) فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يُوهِبَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ وَيُسَلِّمَهُ أَوْ أَنْ لَا يَبِيعَهُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ كُرُومَهُ الَّتِي فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِحَفِيدِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَحْصُولُهَا لَهُ إلَى أَنْ يَمُوتَ أَوْ وَهَبَهُ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَبْقَى سَاكِنًا فِيهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَسَلَّمَهَا لَهُ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَالشَّرْطُ بَاطِلًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ هِبَةً بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فِيهَا فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْجِعَ لَهُ مِقْدَارًا مِنْ الْمَوْهُوبِ الْمَذْكُورِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ فَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ صَحِيحَتَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا يُجْبَرُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ عَلَى رَدِّ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ أَوْ إعْطَاءِ بَدَلِ عِوَضٍ لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا عَلَى شَرْطِ إعْطَاءِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْهَا لِلْوَاهِبِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَالشَّرْطُ بَاطِلًا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى الْعِوَضِ الْحَقِيقِيِّ: 1: مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا عِوَضًا مَعْلُومًا أَوْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الْمَعْلُومَ الْمِقْدَارِ

تَلْزَمُ الْهِبَةُ أَيْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حَسْبَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (868) إذَا رَاعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّرْطَ أَيْ إذَا أَعْطَى الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ أَوْ أَدَّى ذَلِكَ الدَّيْنَ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَجْنَبِيًّا أَمْ كَانَ مِنْ الْأَقَارِبِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ (866) . لَكِنْ لُزُومُ هَذِهِ الْهِبَةِ يَكُونُ بِتَقَابُضِ الْعِوَضَيْنِ وَلَيْسَ كَالْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّعَهُّدِ بِالْعِوَضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (868) . يَعْنِي يَهَبُ الْوَاهِبُ مَالًا بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَيُسَلِّمُهُ وَبَعْدَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْضًا يُعْطِي الْعِوَضَ لِلْوَاهِبِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ وَيَقْبِضُهُ الْآخَرُ وَيَسْتَلِمُهُ فَتَكُونُ الْهِبَةُ لَازِمَةً مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ. أَمَّا بِدُونِ التَّقَابُضِ فَلَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ فَعَلَيْهِ لَوْ اتَّفَقَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْعِوَضِ لَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعِوَضَ لِلْوَاهِبِ فَلَا تَلْزَمُ الْهِبَةُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرًا وَمُهَيَّأً لِتَسْلِيمِ الْعِوَضِ. وَلِلْوَاهِبِ عَدَمُ قَبُولِ الْعِوَضِ وَالرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْعِوَضِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ رَاضِيًا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ بَعْضَ أَشْيَاءَ لِوَالِدَتِهِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُ عِوَضًا كَهَذَا وَسَلَّمَهَا إيَّاهَا وَلَمْ تُعْطِهِ وَالِدَتُهُ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّرْطَ فَبِمَا أَنَّ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ يُؤْمَرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ الْمَشْرُوطِ. فَإِذَا أَعْطَاهُ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ ضَمِنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَدَلَ الْمَوْهُوبِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ: إنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ حَقٌّ لِلرُّجُوعِ بِاسْتِهْلَاكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلْمَوْهُوبِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْهِنْدِيَّةُ) . وَالْحَاصِلُ - أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعِوَضُ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مَعْلُومًا وَمَذْكُورًا بِكَلِمَةِ " عَلَى " فَهِيَ هِبَةٌ ابْتِدَاءً بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَبَيْعٌ انْتِهَاءً بِحَسَبِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى جِهَتَيْنِ جِهَةِ الْهِبَةِ لَفْظًا وَجِهَةِ الْبَيْعِ مَعْنًى وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَكُلُّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى جِهَتَيْنِ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَوَجَبَ إعْمَالُهُمَا؛ لِأَنَّ إعْمَالَ الشَّبِيهَيْنِ وَلَوْ بِوَجْهٍ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ أَحَدِهِمَا " الْعِنَايَةُ ". كَالْهِبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ. فَهَذِهِ الْهِبَةُ بِمَا أَنَّهَا تُعْتَبَرُ ابْتِدَاءً هِبَةً وَيَلْزَمُ فِيهَا الْقَبْضُ وَالشُّيُوعُ يَكُونُ مَانِعًا لِتَمَامِهَا وَبِمَا أَنَّهَا تُعْتَبَرُ انْتِهَاءً وَصِيَّةً فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الدَّيْنِ " اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 877. أَمَّا إذَا ذُكِرَ الْعِوَضُ مَعَ حَرْفِ الْبَاءِ مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِمَالِكِ هَذَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ هِبَةً فَهُوَ بَيْعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً " الدُّرَرُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 3 ". تَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةً ابْتِدَاءً: أَوَّلًا - التَّقَابُضُ شَرْطٌ فِي الْعِوَضَيْنِ. يَعْنِي يَلْزَمُ الْقَبْضُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ مُطْلَقًا وَفِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْهِبَةِ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ وَلَمَّا كَانَ الْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُمْكِنُ لِلطَّرْفَيْنِ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّسْلِيمِ " الطَّحَاوِيَّ، كَمَا قَدْ صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 837 ". ثَانِيًا - الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ صَحِيحَةً بِالشُّيُوعِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وُهِبَ قِسْمٌ مِنْ مَالٍ شَائِعٍ قَابِلِ الْقِسْمَةِ هِبَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ كَانَتْ بَاطِلَةً " أَبُو السُّعُودِ. يَعْنِي إذَا وُهِبَ نِصْفُ مَالٍ قَابِلِ

الْقِسْمَةِ هِبَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَسَلَّمَهُ شَائِعًا فَكَمَا أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ فَلَوْ أَعْطَى نِصْفَ مَالٍ قَابِلِ الْقِسْمَةِ عِوَضًا لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ أَيْضًا " رَدُّ الْمُحْتَارِ عَبْدُ الْحَلِيمِ. ثَالِثًا - لَوْ وَهَبَ أَبُو الصَّغِيرِ مَالَ وَلَدِهِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَأَبِي يُوسُفَ. سَوَاءٌ أَشُرِطَ إعْطَاءُ هَذَا الْعِوَضِ مَالًا أَوْ شُرِطَ إعْطَاؤُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ. وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ لِلْأَبِ التَّبَرُّعُ بِمَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ، الطَّحْطَاوِيُّ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 58) . رَابِعًا - خِيَارُ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ لَا تُفْسَخُ الْهِبَةُ بِخِيَارِ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ وَقِلَّةِ الْعِوَضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا - إذَا اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ فَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَبْحَثِ الْأَوَّلِ مِنْ اللَّاحِقَةِ الْآتِيَةِ. وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ عَنْ كَوْنِهَا بَيْعًا انْتِهَاءً: - أَوَّلًا - يَصِحُّ الْعَقْدُ بَعْدَ التَّقَابُضِ وَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يُمْكِنُ رَدُّ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . ثَانِيًا - إذَا كَانَ عَقَارًا فَيُؤْخَذُ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ بِالشُّفْعَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1022) . أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ غَيْرَ مَعْلُومٍ أَيْ مَجْهُولًا فَيَكُونُ هِبَةً ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ شَرْطَ الْعِوَضِ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَلَا تَفْسُدُ الْهِبَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْفَتْحُ) . وَقَدْ قَالَ مُحَشِّي الدُّرَرُ عَزْمِي زَادَهْ إنَّ بَيَانَ الدُّرَرِ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ تَجُوزُ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَقْتَضِي الْعِوَضَ الْمَجْهُولَ وَالْقَوْلُ فِي الْعِوَضِ لِلْمُعَوَّضِ أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ انْتَهَى. وَالْعِوَضُ مَجْهُولٌ فِي الْمِثَالِ الْآتِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُعْلَمُ وَقْتُ مَوْتِهِ فَلَا يُعْلَمُ أَيْضًا صُورَةُ إطْعَامِهِ وَمَا سَيُطْعَمُ وَيُكْسَى. 2 - وَهُوَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ عَقَارَهُ الْمَمْلُوكَ أَوْ مَالَ الْمَنْقُولِ لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَعُولَهُ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ عَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ مُدَّةً بِحَسَبِ الشَّرْطِ وَكَانَ رَاضِيًا بِإِعَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ إذَا نَدِمَ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتِرْدَادُ عَقَارِهِ. وَلَوْ تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ فِي الْهِبَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ أَنْ عَالَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُدَّةً فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ مُدَاخَلَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ. كَذَلِكَ لَوْ عَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَتُوُفِّيَ الْوَاهِبُ بِدُونِ وَارِثٍ فَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ (النَّتِيجَةُ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ بِإِعَاشَتِهِ وَامْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَلِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ كَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ مَا دَامَ الْوَاهِبُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا تَمْلِيكًا قَطْعِيًّا وَلَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدُ حَقُّ الْوَاهِبِ مِنْهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْهِبَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّفْعَةَ. أَمَّا إذَا عَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ مُدَّةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْوَاهِبُ حَيٌّ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ لَيْسَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ شَيْءٌ صَرِيحٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ لَكِنْ بِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ

لَهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إيفَاءِ الْوَاهِبِ الْعِوَضَ الْمَشْرُوطَ بِتَمَامِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَعُلْ الْوَاهِبَ حَتَّى الْمَمَاتِ وَلَمْ يَبْقَ عَوْلُهُ فِي الْإِمْكَانِ فَعَلَيْهِ لَمْ تَلْزَمْ الْهِبَةُ بَعْدُ وَلْنَذْكُرْ مَسْأَلَتَيْنِ نَظِيرَتَيْنِ لِذَلِكَ فِيمَا يَلِي: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَلَمْ يُعْطِ الْبَاقِيَ وَامْتَنَعَ عَنْ إعْطَائِهِ فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ السِّتَّةَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا وَيَسْتَرِدَّ دَارِهِ. كَذَلِكَ إذَا ضَبَطَ بَعْضَ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ كَمَا هُوَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (898) فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ مِنْ الْعِوَضِ لِلْوَاهِبِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَوْهُوبَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا عَلَى أَلَّا يُطَلِّقَهَا إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيَّنْ وَقْتٌ لِلْإِمْسَاكِ وَعَدَمِ التَّطْلِيقِ وَطَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةٍ كَانَتْ الْهِبَةُ لَازِمَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ) . فَقِيلَ: إذَا لَمْ تُوَقِّتْ لِذَلِكَ وَقْتًا كَانَ قَصْدُهَا أَنْ يُمْسِكَهَا مَا عَاشَ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنَّ الْعِبْرَةَ لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) وَعَلَيْهِ يَخْطِرُ عَلَى الْبَالِ احْتِمَالَانِ فِيمَا إذَا تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ أَنْ عَالَ الْوَاهِبَ مُدَّةً: - 1 - قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ مَرَّ ذِكْرُهُمَا يَضْمَنُ الْوَاهِبُ مِثْلَ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَالَ فِيهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لِوَرَثَتِهِ وَيَسْتَرِدُّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْهُمْ. وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْبِطَ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بَيْتُ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ الْعَقَارَ وَيُتْرَكُ الْوَاهِبُ مَحْرُومًا مِنْهُ. 2 - قَوْلُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى لِلْوَاهِبِ: إنَّنَا نَضْبِطُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ وَلَا نَرُدُّهُ لَك وَإِنَّمَا نَعُولُك كَمَا تَعَهَّدَ بِذَلِكَ مُوَرِّثُنَا لَكِنْ بِمَا أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْوَاهِبِ عَقْدٌ أَوْ مُقَاوَلَةٌ عَلَى الْعَوْلِ فَلَيْسَ مِنْ حَقِّ دَعْوَى وَخُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا. كَمَا لَوْ وَهَبَ فَرَسًا بِشَرْطِ أَنْ يُعَوِّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَشَرَةَ رِيَالَاتٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ خَمْسَةَ رِيَالَاتٍ سَلَفًا وَاسْتَمْهَلَهُ فِي الْبَاقِي عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَتُوُفِّيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ حَقٌّ فِي إعْطَاءِ الْخَمْسِ الرِّيَالَاتِ الْبَاقِيَاتِ وَضَبَطَهُ بِدُونِ رِضَى الْوَاهِبِ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي سَاقِطٌ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِلْعَدَالَةِ وَالْفِقْهِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَحِقُّ لِوَرَثَتِهِ الْمَفْرُوغُ لَهُ أَنْ يَعُولَ الْفَارِغَ الَّذِي أَفْرَغَ لِمُوَرِّثِهِمْ أَرَاضِيُهُ الْأَمِيرِيَّةَ أَوْ مُسَقَّفَاتِهِ وَمُسْتَغِلَّاتِهِ الْمَوْقُوفَةَ مَجَّانًا بِشَرْطِ عَوْلِهِ بَدَلًا عَنْ مُوَرِّثِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا تُقَاسُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ إلَى الْمَمَاتِ. هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ قَالَ: تَعُولُنِي إلَى السَّنَةِ الْفُلَانِيَّةِ يَكُونُ صَحِيحًا أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَالَ لِتِلْكَ السَّنَةِ فَيَكُونُ الْعِوَضُ قَدْ أُدِّيَ تَامًّا وَلَزِمَتْ الْهِبَةُ. وَلَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ مُجْبَرًا عَلَى عَوْلِهِ (الشَّارِحُ) . وَتَلْزَمُ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ كَمَا صَارَ إيضَاحُ ذَلِكَ آنِفًا بِالتَّقَابُضِ وَعَلَى ذَلِكَ فَلِلْوَاهِبِ فِي الْمِثَالِ

الْمَذْكُورِ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ عَقَارَهُ الْمَمْلُوكَ لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَعُولَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يُبَاشِرْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِعَاشَةِ الْوَاهِبِ وَلَوْ كَانَ رَاضِيًا بِعَوْلِهِ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ قَدْ جَاءَ فِي الشَّرْحِ عِلَاوَةً عَلَى الْمَتْنِ قَيْدُ (بَعْدَ أَنْ عَالَ مُدَّةً) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَوْ عَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُدَّةً فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ عِوَضَ الْمُدَّةِ الَّتِي عَالَهُ فِيهَا وَإِذَا كَانَ رَاضِيًا بِعَوْلٍ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْنِي إنْ كَانَ رَاضِيًا بِإِعْطَاءِ مَا شَرَطَ إيفَاءَهُ تَدْرِيجِيًّا وَتَقْسِيطًا فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَيُوجَدُ هَذَا الْقَيْدُ أَيْضًا فِي الْفَتْوَى الَّتِي أَفْتَاهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. جَاءَ فِي الْمِثَالِ (وَهُوَ رَاضٍ بِعَوْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَالَهُ مُدَّةً ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَلِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَضْمِينُهُ بَدَلَهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَبَرُّعٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّبَرُّعِ. الْعِوَضُ الْحُكْمِيُّ: الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الْحُكْمِيِّ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ. الْعِوَضُ الْحُكْمِيُّ كَعَدَمِ التَّطْلِيقِ وَتَرْكِ الظُّلْمِ وَالسُّكْنَى مَعًا. فَلَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا بِشَرْطِ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا لِلْحَجِّ أَوْ يُحْسِنَ إلَيْهَا أَوْ يَكْسُوَهَا مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَهَذِهِ أَيْ نَفَقَةُ الْحَجِّ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهَا وَقَطْعُ الثَّوْبِ هِيَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْعِوَضِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِأَنَّهُ إذَا وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا بِشَرْطِ تَرْكِهِ ظُلْمَهَا أَوْ بِشَرْطِ سُكْنَاهُ مَعَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَحَكَمُوا بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ إذَا ظَلَمَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ مُسَاكَنَتِهَا وَإِنْ يَكُنْ تَرْكُ الظُّلْمِ وَالْمُسَاكَنَةِ لَيْسَا بِعِوَضٍ حَقِيقِيٍّ إلَّا أَنَّهُ مُشَابِهٌ فِي الْجُمْلَةِ لِلْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَنْتَفِعُ مِنْهُمَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا كَيْ لَا يَضْرِبَهَا وَلَا يَظْلِمَهَا ثُمَّ ظَلَمَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ أَوْ ضَرَبَهَا بِدُونِ حَقٍّ يَبْقَى مَهْرُهَا أَيْضًا عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ ضَرَبَهَا لِتَأْدِيبٍ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهَا لَا يَعُودُ الْمَهْرُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا لِشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَ لَهَا فِي السَّنَةِ ثَوْبَيْنِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَمَرَّتْ سَنَتَانِ وَلَمْ يَقْطَعْ لَهَا الْأَثْوَابَ وَكَانَ قَدْ شُرِطَ فِي الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ بَقِيَ الْمَهْرُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ لَمَّا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِوَضُ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَلَا تَلْزَمُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتَدُلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ جَهَالَةَ الْعِوَضِ غَيْرُ مُضِرَّةٍ. كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ عَزْمِي زَادَهْ. وَكَذَا لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا عَلَى أَنْ يُحْسِنَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحْسِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً وَتَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ) .

لاحقة في الهبة تحتوي على أربعة مباحث

[لَاحِقَةٌ فِي الْهِبَةِ تَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ مَبَاحِثَ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْعِوَضُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: بَلْ خَمْسَةً، فَالْوَاهِبُ يَكُون مُخَيَّرًا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا وَالْعِوَضُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ. إنْ شَاءَ قَبِلَ الْعِوَضَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ تَلَفِ الْمَوْهُوبِ فَلِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ الْمَوْهُوبِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي أَصْلِ الْعِوَضِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: إنَّهُ لَمْ يُشْرَطْ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُنْكِرِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا. أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ شَيْءٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (871) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: إنَّنِي أَخُوك، أَوْ إنَّنِي أَعْطَيْتُكَ عِوَضًا، أَوْ إنَّ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَيْته لِي لَمْ يَكُنْ هِبَةً بَلْ كَانَ صَدَقَةً، فَلَيْسَ لَكَ الرُّجُوعُ حَسَبَ أَحْكَامِ الْمَوَادِّ (866 و 868 و 874) وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ اسْتِحْسَانًا لِلْوَاهِبِ " أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَرَ الْهِبَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَاهِبِ فَإِذَا حَلَفَ الْوَاهِبُ الْيَمِينَ أَخَذَ الْمَوْهُوبَ: وَإِذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ تَلَفُهُ قَبْلَ دَعْوَى الْهِبَةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى الْهِبَةِ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ ". الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا لِلْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ " 846 " ثُمَّ أَنْكَرَ الْهِبَةَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَشْهَدَا عَلَى رُؤْيَتِهِمَا الْقَبْضَ صَحَّ ذَلِكَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 846 "، كَذَلِكَ

لَوْ أَنْكَرَ الْوَاهِبُ وُجُودَ الْهِبَةِ وَقْتَ الْهِبَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْهِبَةِ وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَبْضِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ وَقْتَ الْمُخَاصَمَةِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ وَالْوَاهِبُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ صَحَّ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 5 و 10 أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ فَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ " الْهِنْدِيَّةُ ". الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَلَدَى إنْكَارِ الْوَاهِبِ ذَلِكَ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ. مَثَلًا: لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْآخَرُ شَهِدَ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُقْبَلُ. كَمَا أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ حِينَ الدَّعْوَى فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْهِبَةِ ". الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا عَلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مُخَيَّرٌ كَذَا أَيَّامًا وَأَجَازَ الْهِبَةَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَتْ أَمَّا لَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَمْ تَجُزْ، أَمَّا إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ كَذَا أَيَّامًا فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (864) فَلَا يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي فَصْلِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ. لَكِنْ هَلْ يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ اللَّازِمَةِ كَالْهِبَةِ لِمَحْرَمٍ ذِي رَحِمٍ أَوْ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ أَوْ الصَّدَقَةِ؟ وَالْحُكْمُ فِي الْبَرَاءَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. فَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ حَقِّي الْفُلَانِيِّ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ كَذَا يَوْمًا، كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً وَالْخِيَارُ بَاطِلًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - مَا تَجُوزُ هِبَتُهُ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ. لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ ثَمَرَ شَجَرَةٍ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ مِنْهُ كَذَا رِطْلًا وَآذَنَهُ بِجَمْعِهَا مِنْ الشَّجَرَةِ صَحَّ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (219) . لَكِنْ مَا لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ مُنْفَرِدًا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ يَعْنِي يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا وَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهِ جَمِيعِهِ فَلَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ فَرَسًا عَلَى أَنْ يَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَمْلُهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَتَكُونُ الْفَرَسُ وَفِلْوُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.

لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يُمْكِنُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَمْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ مَقْصُودًا فَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْمُخَالِفِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ لَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ (الْعِنَايَةُ) .

الفصل الثاني في بيان شرائط الهبة

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الْهِبَةِ] سَيُبَيَّنُ هُنَا شَرَائِطُ صِحَّةِ الْهِبَةِ وَشَرَائِطُ نَفَاذِهَا وَالشَّرَائِطُ الْمَذْكُورَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - مَا يَعُودُ عَلَى نَفْسِ الرُّكْنِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - مَا يَعُودُ عَلَى نَفْسِ الْوَاهِبِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - مَا يَعُودُ عَلَى نَفْسِ الْمَوْهُوبِ. وَيُبَيَّنُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - يَلْزَمُ أَنْ لَا تُعَلَّقَ الْهِبَةُ لِلْمَالِ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ وَأَنْ لَا تَكُونَ مُضَافَةً إلَى وَقْتٍ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي مَتْنِ وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (854) . الْقِسْمُ الثَّانِي - كَوْنُ الْوَاهِبِ أَهْلًا لِلْهِبَةِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ حُرًّا عَاقِلًا وَسَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (859) (الْهِنْدِيَّةُ) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ - خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: - النَّوْعُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَوْجُودًا وَسَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (856) الْآتِيَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ مُتَقَوِّمًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ هِبَةُ الشَّيْءِ الَّذِي لَيْسَ بِمَالٍ كَالْآدَمِيِّ الْحُرِّ وَالْجِيفَةِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَمْلُوكًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الْمُبَاحَاتِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (833) ، الْهِنْدِيَّةُ. النَّوْعُ الرَّابِعُ: كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَقْبُوضًا وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (837 و 861) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ الْقَابِلُ الْقِسْمَةَ مَقْسُومًا وَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ، وَأَلَّا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مُتَّصِلًا أَوْ مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ كَمَا سَيُفَصَّلُ ذَلِكَ فِي اللَّاحِقَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) (الْهِنْدِيَّةُ) . (الْمَادَّةُ 658) - (يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمَوْهُوبِ فِي وَقْتِ الْهِبَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ عِنَبِ بُسْتَانٍ سَيُدْرَكُ أَوْ فِلْوِ فَرَسٍ سَيُولَدُ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ وُجُودُ الْمَوْهُوبِ وَقْتَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ الْمَعْدُومُ غَيْرَ مَحِلٍّ لِلْمِلْكِ وَتَمْلِيكُهُ بِعَقْدٍ مُحَالٌ فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ (الزَّيْلَعِيّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَا تَنْقَلِبُ الْهِبَةُ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَئِذٍ فِيمَا لَوْ أَذِنَهُ

(المادة 857) كون الموهوب مال الواهب

بِقَبْضِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَقَبَضَهُ بَعْدَ الْوُجُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (52) كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْبَيْعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (197 و 205) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ عِنَبِ بُسْتَانٍ سَيُدْرَكُ أَوْ فِلْوِ فَرَسٍ أَوْ حَمْلِ شَاةٍ سَيُولَدُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَوْ لَوْ وَهَبَ الْحَمْلَ الَّذِي فِي بَطْنِ فَرَسِهِ الْحَامِلِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا تَصِحُّ أَيْ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَعْدُومِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْحُكْمِ وَعَدَمِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ تَعْبِيرَ (أَوْ فِلْوِ فَرَسٍ سَيُولَدُ) فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ عَامٌّ فِي حَقِّ الْفَرَسِ الْحَامِلِ وَقْتَ الْهِبَةِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ أَضَاعَ أَحَدٌ دَبُّوسًا مِنْ أَلْمَاسِ فَوَهَبَهُ لِأَحَدٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَآذَنَهُ بِالتَّفْتِيشِ عَنْهُ وَالْآخَرُ جَدَّ فِي طَلَبِهِ وَقَبَضَهُ فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِوُجُودِ الْخَطَرِ وَقْتَ طَلَبِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ السَّمْنَ الَّذِي يُسْتَخْرَجُ مِنْ هَذَا السِّمْسِمِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَقْتَ حُدُوثِهِ فَلَا تَنْقَلِبُ هَذِهِ الْهِبَةُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْحُدُوثِ بِنَاءً عَلَى الْهِبَةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مَعْدُومَةٌ وَإِنَّمَا تُوجَدُ بِالطَّحْنِ وَالْعَصْرِ. وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِهَذِهِ وُجُودٌ بِالْقُوَّةِ فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَإِنْ كَانَ مَا يُوجَدُ بِالْقُوَّةِ مِنْ عَامَّةِ الْمُمْكِنَاتِ (الْعِنَايَةُ) وَإِنْ يَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِهِمْ جَائِزَةً إلَّا أَنَّ هَذَا الْجَوَازَ نَاشِئٌ عَنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَعْدُومِ (الزَّيْلَعِيّ) وَهِبَةُ الْمَعْدُومِ وَإِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً كَمَا وَضَحَ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْمَعْدُومُ وَجُدِّدَتْ الْهِبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ (الْهِدَايَةُ) . وَأَمَّا لَوْ وَهَبَ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الشَّاةِ، وَالزَّرْعَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَالثَّمَرَ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَالْحَلِيبَ الَّذِي فِي ثَدْيِ هَذِهِ الشَّاةِ فَبِمَا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ (هِبَةِ الْمُشَاعِ) فَإِذَا قَصَّ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّوفَ وَسَلَّمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْجَوَازِ نَاشِئٌ عَنْ الِاتِّصَالِ وَهَذَا مَانِعٌ لِلْقَبْضِ الْكَامِلِ كَمَا فِي الشَّائِعِ (الْهِدَايَةُ) . يَعْنِي لَوْ حَلَبَ اللَّبَنَ وَسَلَّمَ حَصَلَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ وَيَكْفِي فَصْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إيَّاهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ (أَبُو السُّعُودِ، الْهِدَايَةُ) وَإِنَّمَا جَازَ فِي اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي وُجُوهِ شَكٍّ قَدْ يَكُونُ رِيحًا أَوْ دَمًا لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْوُجُودِ، بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنَّهُ بِانْفِصَالِهِ يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ بِخِلَافِ هِبَةِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّصَرُّفِ وَقْتَ الْهِبَةِ (الطَّحَاوِيَّ) وَإِنْ يَكُنْ بَيْعُ نَوَى التَّمْرِ الَّذِي فِي بَلَحٍ غَيْرَ جَائِزٍ وَلَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ وَلَوْ أُخْرِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَسُلِّمَتْ بَلْ يَلْزَمُ فِيهِ بَيْعٌ جَدِيدٌ وَيُقْتَضَى لِذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ هِبَةِ اللَّبَنِ فِي الثَّدْيِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ عَقْدَ تَبَرُّعٍ وَيَكْفِي فِيهِ وُجُودُ الْمَوْهُوبِ بِالْفِعْلِ وَلَا يُقْتَضَى فِيهِ تَعْيِينُ الْمَوْهُوبِ بِالْفِعْلِ لِعَكْسِ الْبَيْعِ وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ الَّذِي يَحْتَاجُ لِانْعِقَادِهِ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ (سَعْدِي حَلَبِيٌّ) . [ (الْمَادَّةُ 857) كون الْمَوْهُوب مَال الْوَاهِبِ] (الْمَادَّةُ 857) (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَالَ الْوَاهِبِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لَا تَصِحُّ إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَجَازَهَا صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ الْهِبَةِ تَصِحُّ) . يُشْتَرَطُ فِي نَفَاذِ الْهِبَةِ كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مَالَ الْوَاهِبِ كَمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 365 و 378) وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ مَالَ الْوَاهِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) .

وَلِلْمَوْهُوبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لَا يَكُونُ فِيهَا لِلْوَاهِبِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: كَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَالٍ أَبَدًا كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ الْمَسْفُوحِ أَوْ يَكُونَ مَالًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ آخَرَ مَيْتَةً وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا كَانَتْ بَاطِلَةً وَكَمَا أَنَّ هِبَةَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ فَإِعْطَاءُ الْعِوَضِ فِي هِبَةٍ كَهَذِهِ بَاطِلٌ أَيْضًا، كَذَلِكَ الْمُعَاوَضَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْخَمْرِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَيْسَتْ جَائِزَةً، سَوَاءٌ كَانَ مُعْطِي الْخَمْرِ عِوَضًا الْمُسْلِمُ أَوْ غَيْرُ الْمُسْلِمِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَيْنَ غَيْرِ مُسْلِمِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ غَيْرُ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ مَالًا وَأَعْطَاهُ الْمُسْلِمُ خَمْرًا عِوَضًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - يَكُونُ الْمَوْهُوبُ مَالًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نُقُودًا لِآخَرَ قَرْضًا أَوْ أُجْرَةً فِي مُقَابِلِ عَمَلٍ وَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ النُّقُودَ وَهِيَ لَا تَزَالُ فِي يَدِهِ عَيْنًا لِمَنْ أَعْطَاهُ إيَّاهَا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ النُّقُودِ لَوْ رَجَعَ عَنْ هِبَتِهِ هَذِهِ (الْقَاعِدِيَّةُ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - يَكُونُ مَالًا لِلشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ. وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ هُوَ كَمَا يَأْتِي. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ زَوْجَ الْوَاهِبِ أَوْ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يَصِحُّ أَيْ لَا يَنْفُذُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ أَحَدٍ مَالًا يَمْلِكُهُ مُحَالٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَشْيَاءَ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ تِلْكَ الْهِبَةَ فَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ الْأَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلِلِابْنِ اسْتِرْدَادُهُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْهِبَةَ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي هَاتَيْنِ الْهِبَتَيْنِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَاهِبَ أَوْ الْمَوْهُوبَ لَهُ. وَكَذَا إذَا حَوَّلَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْمَطْلُوبَ مِنْ آخَرَ لِدَائِنِهِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً وَقَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ وَهَبَ الدَّائِنُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمَدِينِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 692) . لَكِنْ كَمَا تَصِحُّ هِبَةُ أَحَدٍ مَالَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ ابْتِدَاءً يَعْنِي هِبَتَهُ مَالَ غَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ تَصِحُّ هِبَةُ مَالِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ تَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1453) كَمَا فِي الْبَيْعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 388) لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي وَقْتِ الْإِجَازَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ قِيَامُ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُجِيزِ وَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ. قَدْ اسْتَعْمَلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (106) لَفْظَ الصَّحِيحَ مُقَابِلًا لِلنَّافِذِ وَفِي الْمَادَّةِ (108) قَدْ اسْتَعْمَلَتْ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنًى شَامِلٍ لِلنَّافِذِ أَيْضًا وَهُنَا قَدْ اسْتَعْمَلَتْهُ فِي مَعْنَى النَّافِذِ فَقَطْ. وَالْهِبَةُ الَّتِي تَنْعَقِدُ وَتَنْفُذُ بِتِلْكَ الْإِجَازَةِ تَقَعُ مِنْ طَرَفِ صَاحِبِ الْمَالِ أَيْ الْمُجِيزِ

(المادة 858) كون الموهوب معلوما معينا

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمَأْمُورُ بِالْهِبَةِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْهِبَةُ وَاقِعَةً مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا. فَعَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ فُضُولًا عِوَضًا أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْوَاهِبِ الْقَرَابَةُ الْمَانِعَةُ لِلرُّجُوعِ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (866) فَلِصَاحِبِ الْمَالِ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ (الْقُنْيَةِ) وَبِالْعَكْسِ لَوْ أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ لِصَاحِبِ الْمَالِ عِوَضًا أَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ الْقَرَابَةُ الْمُحَرَّرَةُ فِي الْمَادَّةِ (866) الْمَذْكُورَةُ هُنَا آنِفًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ (الْهِنْدِيَّةُ) . اسْتِثْنَاءٌ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَا بَأْسَ فِي تَصَدُّقِ الزَّوْجَةِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْ دَارِ زَوْجِهَا كَقِطْعَةٍ مِنْ الْخُبْزِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا لَهُ: هَبْ لِفُلَانٍ مِنْ طَرَفِي أَلْفَ قِرْشٍ وَوَهَبَهُ الْآخَرُ فَتَقَعُ مِنْ طَرَفِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ الْآمِرِ وَلَمَّا كَانَ الْآمِرُ الَّذِي عُدَّ وَاهِبًا غَيْرَ مَالِكٍ لِذَلِكَ الْمَالِ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْآمِرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّةَ مَانِعٍ مِنْ الرُّجُوعِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَكِنْ لَوْ أَمَرَهُ قَائِلًا (هَبْ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) وَوَهَبَ الْآخَرُ الْمَبْلَغَ تَقَعُ أَيْضًا هَذِهِ الْهِبَةُ مِنْ الْآمِرِ وَلِلْآمِرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْهَا فِيمَا لَوْ كَانَ لَا يُوجَدُ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ. أَمَّا الْمَأْمُورُ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي وَهَبَ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 858) كون الْمَوْهُوب مَعْلُومًا مُعَيَّنًا] (الْمَادَّةُ 858) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَعْلُومًا مُعَيَّنًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ لَا عَلَى التَّعْيِينِ: قَدْ وَهَبْت شَيْئًا مِنْ مَالِي أَوْ وَهَبْت أَحَدَ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ لَا يَصِحُّ وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَك الْفَرَسُ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَعَيَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ أَحَدَهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَا يُفِيدُ تَعْيِينُهُ بَعْدَ الْمُفَارِقَةِ عَنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ) . يَعْنِي يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا وَالْمَوْهُوبُ لَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمَجْهُولِ لَيْسَ صَحِيحًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ الْوَاهِبُ لَا عَلَى التَّعْيِينِ (1) يَجُوزُ عَدُّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَقُولِ الْقَوْلِ، كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ عَدَمُ عَدِّهِ وَاعْتِبَارُهُ وَهَبْتُ لَك مَالِي شَيْئًا أَوْ وَهَبْتُ لَك مِقْدَارًا مِمَّا أَمْلِكُهُ (2) أَوْ وَهَبْتُك أَحَدَ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَيْسَ مَعْلُومًا وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَيْسَ مُعَيَّنًا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ فِي تَرِكَةٍ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا يُصِيبُهُ مِنْهَا مِنْ الْمَالِ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ كَمَا لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِيمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: وَهَبْتُ مِقْدَارًا مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي أَمْلِكُهَا لِابْنِي الصَّغِيرِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْأَشْيَاءَ الَّتِي وَهَبَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا (التَّنْقِيحُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

لاحقة في الموهوب تحتوي على مبحثين

وَشَرْطُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاهِبِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ حِصَّتَهُ فِي هَذَا الْمَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ عِنْدَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حِصَّةَ الْوَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَهَبْتُ نَصِيبِي فِي هَذَا الْحِصَانِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ النَّصِيبِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِجَهَالَةِ الْمَوْهُوبِ انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا. وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَك الْفَرَسُ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَعَيَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ أَحَدَهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْوَاهِبِ: فَهِيَ لَك قَدْ، وَهَبْتُك إيَّاهَا فَهِيَ لَك، أَيْ أَنَّهُ إيجَابٌ بِطَرِيقِ اقْتِضَاءٍ كَمَا أَنَّ تَعْيِينَ وَقَبْضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هُوَ قَبُولٌ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (841) . وَالسَّبَبُ فِي كَوْنِ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مَانِعَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ زَوَالُ سَبَبِ الْفَسَادِ قَبْلَ تَأَكُّدِ الْفَسَادِ بِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ وَبِذَلِكَ تَعُودُ الصِّحَّةُ الْمَمْنُوعَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْجَهَالَةِ فِي الْمَجْلِسِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيَانِ وَقْتَ الْعَقْدِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . أَمَّا التَّعْيِينُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ مِنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: أَيُّمَا أَرَدْت مِنْ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ فَهُوَ لَك، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ وَعَيَّنَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُفِيدُ التَّعْيِينُ الْوَاقِعُ إزَالَةَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ تَأَكَّدَ بِمُلَابَسَةِ التَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَا يَنْقَلِبُ بِالتَّعْيِينِ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ لِتَقَرُّرِ الْجَهَالَةِ (الْخَانِيَّةُ أَوَائِلُ الْهِبَةِ) . وَلُزُومُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ أَمَّا إذَا كَانَ دَيْنًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَوْهُوبُ مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إسْقَاطٌ وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ وَيَعُودُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ إلَى الْمُسْقِطِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . مَثَلًا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ وَأَلْفٌ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ بَدَلٍ إجَارَةٍ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: وَهَبْتُك أَلْفًا مِنْ الْأَلْفَيْ قِرْشٍ الْمَذْكُورَيْنِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَعُودُ تَعْيِينُ أَيِّهِمَا عَلَى الْوَاهِبِ إذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ إبْرَاءٌ وَالْجَهَالَةُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا تُخِلُّ بِصِحَّتِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . [لَاحِقَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشُّرُوطِ الْبَاقِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْهُوبِ] بِمَا أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ وَبَعْضَهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيُعَدُّ تَعْدَادُ ذَلِكَ إجْمَالًا (سَنَذْكُرُ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ) . 1 - الْبَيْعُ، يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ لِلْمُشَارِكِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (214 و 215) سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلًا

لِلْقِسْمَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ. 2 - الْإِجَارَةُ، إذَا أُوجِرَ الْمُشَاعُ الْمُشْتَرَكُ صَحَّ وَإِذَا أُوجِرَ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ فَاسِدًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) . 3 - الْإِعَارَةُ، تَجُوزُ إعَارَةُ الْمُشَاعِ لِلشَّرِيكِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ لِأَجْنَبِيٍّ نِصْفَ الدَّارِ الَّتِي يَمْلِكُهَا وَسَلَّمَهَا كُلَّهَا لَهُ جَازَ وَتَكُونُ الْإِعَارَةُ مُسْتَأْنَفَةً فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (811) . 4 - الرَّهْنُ، رَهْنُ الْمُشَاعِ فَاسِدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْمَرْهُونُ سَوَاءٌ كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ غَيْرَ قَابِلٍ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلشَّرِيكِ أَمْ لِأَجْنَبِيٍّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (710) . 5 - الْوَقْفُ إنَّ وَقْفَ الْمُشَاعِ الْقَابِلَ الْقِسْمَةَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ أَمَّا وَقْفُ الْمُشَاعِ غَيْرُ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ. 6 - الْإِيدَاعُ، يَجُوزُ إيدَاعُ الشَّرِيكِ الْحِصَّةَ الشَّائِعَةَ. أَمَّا تَسْلِيمُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لِلْغَيْرِ مَعَ حِصَّتِهِ بِلَا إذْنِ الْمُشَارِكِ فَغَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1087) . 7 - الْقَرْضُ، يَجُوزُ إقْرَاضُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ. فَلَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ لَهُ: إنَّ نِصْفَهَا قَرْضٌ لَك وَالنِّصْفَ الْآخَرَ اعْمَلْ بِهَا لِلشَّرِكَةِ، كَانَ صَحِيحًا (الطَّحْطَاوِيُّ، فَتْحُ الْقَدِيرِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . 8 - الْهِبَةُ، إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ مَعَ أَنَّهَا ذُكِرَتْ إجْمَالًا فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (54) وَلَمْ تُذْكَرْ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَقَدْ رُوِيَ إيضَاحُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ الْقَابِلُ الْقِسْمَةَ غَيْرَ شَائِعٍ وَقْتَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَيُشْرَطُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ فَيَدُلُّ النَّصُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ وَالِاهْتِمَامِ بِوُجُودِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ. فَعَلَيْهِ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي الْهِبَةِ لِتُفِيدَ وَتُثْبِتَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمِلْكَ وَفِي هِبَةِ الْمُشَاعِ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ الْكَامِلُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِسَبَبٍ كَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ صَيْرُورَةِ الشَّيْءِ بِتَمَامِهِ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ وَالشَّائِعُ لَا يَكُونُ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَكُونُ مِنْ وَجْهٍ فِي حَيِّزِ الْقَابِضِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي حَيِّزِ الشَّرِيكِ وَالْكَامِلُ هُوَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (الزَّيْلَعِيّ) فَكُلُّ جُزْءٍ فِي حَيِّزِهِ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَجِبُ قَبْضُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ فَكَانَ مَقْبُوضًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَفِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ النَّافِيَةُ لِلِاعْتِنَاءِ بِشَأْنِهِ (الْعِنَايَةُ) . سُؤَالٌ، يَجُوزُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْقَرْضِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالسَّلَمِ وَالصَّرْفِ قَبْضُ الشَّائِعِ أَمَّا فِي الْهِبَةِ فَلَا يَجُوزُ فَمَا الْفَرْقُ فِي ذَلِكَ؟ جَوَابٌ بِمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْقَبْضُ فَلَا يَضُرُّ فِيهِمَا الشُّيُوعُ كَمَا أَنَّهُ وَإِنْ شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَالصَّرْفِ فَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فَلَا تَقْتَضِي مُرَاعَاةَ كَمَالِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَالْقَرْضِ وَالْوَصِيَّةِ بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ قَرْضًا عَلَيْهِ وَيَعْمَلُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِشَرِكَتِهِ وَبِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُبْطِلُ التَّبَرُّعَ حَتَّى يَكُونَ مَانِعًا (الْفَتْحُ) . فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ حِصَّتَهُ. مِنْ مَالٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ أَيْ الْحِصَّةِ الَّتِي يَجُوزُ إفْرَازُهَا وَتَقْسِيمُهَا فَالْهِبَةُ

جَائِزَةٌ فِي نَفْسِهَا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إفْرَازُهَا وَتَسْلِيمُهَا لِتُفِيدَ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذْ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِتَسْلِيمِهَا مُشَاعًا وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْعِنَايَةُ) وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الْأَبِ لِطِفْلِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: قَدْ وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ وَكَانَتْ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَائِمَةً تَمَامًا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَوْجُودَةً فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ هِبَةَ شَائِعٍ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) . اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا شَائِعًا لِلْآخَرِ مَثَلًا لَوْ كَانَ قَصْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو شَائِعًا وَوَهَبَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِصَّتَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَهَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْهُمْ فَقَالُوا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْهِبَةِ هُوَ لِابْنِ أَبِي لَيْلَى أَمَّا ظَاهِرُ أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْهِبَةِ لِلشَّرِيكِ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (851) إنَّ الْأَبَ لَوْ وَهَبَ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِطِفْلِهِ كَانَ صَحِيحًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - اُخْتُلِفَ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى كَوْنِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَاسِدَةً وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الدُّرَرِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَتَّهِبُهُ شَائِعًا. قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: يُفِيدُ الْمِلْكَ مِلْكًا فَاسِدًا وَبِهِ يُفْتَى. فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ الْعَرْصَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَهُ هِبَةً فَاسِدَةً صَحَّ الْوَقْفُ وَضَمِنَ قِيمَتَهَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ تَمَامِ هِبَةِ الْمُشَاعِ " أَبُو السُّعُودِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي " وَالْأَصَحُّ إنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ كَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ " الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا ". وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا وُهِبَ مَالٌ مُشَاعٌ ثُمَّ أُفْرِزَ وَقُسِّمَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَسُلِّمَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَصْبَحَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ تَامَّةً وَانْقَلَبَتْ إلَى الصِّحَّةِ " عَبْدُ الْحَلِيمِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 24 " وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَقَسَّمَ الْوَاهِبُ بِالذَّاتِ أَمْ أَنَابَ أَحَدًا فَقَسَّمَهُ أَمْ أَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَقَسَّمَهُ مَعَ الشَّرِيكِ رَدُّ الْمُحْتَارِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ عَنْ كَوْنِ هِبَةِ الشَّائِعِ غَيْرَ تَامَّةٍ: أَوَّلًا - إذَا تَصَرَّفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ " فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ دَارِهِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ وَسَلَّمَهَا كُلَّهَا بِهِ ثُمَّ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ تَسَلُّمِهِ الْكُلَّ الْحِصَّةَ الْمَوْهُوبَةَ مِنْ آخَرَ فَلَا تَصِحُّ " الْهِدَايَةُ، وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ " الزَّيْلَعِيّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ". ثَانِيًا - يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاَلَّذِي سُلِّمَ مُشَاعًا " الزَّيْلَعِيّ ". الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الشُّيُوعُ الَّذِي يَحِلُّ بِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الَّذِي يَكُونُ وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ الشُّيُوعُ وَقْتَ الْهِبَةِ فَقَطْ " النِّهَايَةُ ". وَالْحَاصِلُ - فِي هَذَا أَرْبَعُ صُوَرٍ:

الْأُولَى - كَوْنُهُ غَيْرَ شَائِعٍ وَقْتَ الْهِبَةِ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ مَعًا. وَالْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحَةٌ وَالثَّانِيَةُ - كَوْنُهُ وَقْتَ الْهِبَةِ مُشَاعًا وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ غَيْرَ مُشَاعٍ وَالْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ دَارِهِ كُلَّهَا لِآخَرَ عَلَى أَنَّ نِصْفَهَا هِبَةٌ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ صَدَقَةٌ صَحَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْقِسْمِ الْمَوْهُوبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ تَمَامَهُمَا بِالْقَبْضِ وَلَا شُيُوعَ عِنْدَ الْقَبْضِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ وَهَبَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَهُمَا لَهُ مَعًا صَحَّتْ الْهِبَةُ " الْبَحْرُ " وَعَلَيْهِ فَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ شُيُوعٌ وَقْتَ الْهِبَةِ وَلَكِنْ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا شُيُوعَ. الثَّالِثَةُ - كَوْنُهُ وَقْتَ الْهِبَةِ غَيْرَ شَائِعٍ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ شَائِعًا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصٌ مَجْمُوعَ مَالٍ بِتَمَامِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ مُتَفَرِّقًا كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً، قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَلَوْ وَهَبَ الْجَمِيعَ وَسُلِّمَ مُتَفَرِّقًا جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة. لَكِنْ شُيُوعٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ زَالَ بِتَسْلِيمِ الْقِسْمِ الْآخَرِ وَمَتَى زَالَ مَانِعُ الصِّحَّةِ عَادَ الْمَمْنُوعُ أَمَّا إذَا لَمْ يَزُلْ الشُّيُوعُ فَلَا تَصِحُّ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارِهِ بِتَمَامِهَا لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ عَنْ هِبَةِ نِصْفِهَا وَسَلَّمَ النِّصْفَ الشَّائِعَ الْآخَرَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ تَحَرِّي مَسْأَلَتِهَا وَإِيجَادِهَا. الرَّابِعَةُ - كَوْنُهُ شَائِعًا وَقْتَ الْهِبَةِ وَوَقْتَ التَّسْلِيمِ مَعًا. وَالْهِبَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ لِلشَّرِيكِ اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى. وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ شَائِعًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ شَائِعًا. فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الشُّيُوعِ " الْقُهُسْتَانِيُّ ". الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي يُرِيدُ هِبَةَ حِصَّتِهِ الشَّائِعَةِ لِآخَرَ مِنْ مَالٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُبَرِّئَهُ مِنْ ثَمَنِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْوَاهِبُ قَدْ أَوْصَلَ لِلْمَوْهُوبِ تَمَامَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يُرِيدُ هِبَتَهَا لَهُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - يُوجَدُ اخْتِلَافٌ فِي كَوْنِ الشُّيُوعِ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعًا لِتَمَامِ الْهِبَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) فَلَوْ وَهَبَ مَالًا وَاحِدًا قَابِلًا الْقِسْمَةَ لِاثْنَيْنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَاحِدًا وَوَكَّلَ شَخْصَيْنِ اثْنَيْنِ لِقَبْضِ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهِ فَلَا شُيُوعَ فِي ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ قَصْرَهُ بِقَوْلِهِ مُخَاطِبًا زَيْدًا وَعَمْرًا: قَدْ وَهَبْتُكُمَا قَصْرِي، أَيْ إذَا لَمْ يَذْكُرْ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا لَوْ وَهَبَ مَالًا وَاحِدًا قَابِلَ الْقِسْمَةِ لِاثْنَيْنِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا شُيُوعَ فِي هَذَا. أَمَّا إذَا فُصِّلَتْ الْحِصَصُ الْمَوْهُوبَةُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ هَذَا التَّفْصِيلُ رَافِعًا بَعْدَ الْإِجْمَالِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّفْصِيلُ مَعَ التَّفْضِيلِ أَمْ لَا. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا مِثَالٌ لِلتَّفْضِيلِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهَبْتُكُمَا أَنْتُمَا الِاثْنَانِ هَذَا الْقَصْرَ لَك يَا زَيْدُ الثُّلُثَانِ وَلَك يَا عُمَرُ الثُّلُثُ.

مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ التَّفْضِيلِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو: وَهَبْتُكُمَا أَنْتُمَا الِاثْنَانِ هَذَا الْقَصْرَ نِصْفُهُ لَك يَا عَمْرُو وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَك يَا زَيْدُ. وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّفْضِيلُ ابْتِدَاءً يَعْنِي مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّفْصِيلُ بِالتَّفْضِيلِ أَمْ بِلَا تَفْضِيلٍ وَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْفِقْرَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. وَتَكُونُ هِبَةُ شَخْصٍ لِاثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْهِبَةِ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شُيُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ (اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى) . الْوَجْهُ الثَّانِي - كَوْنُ الْعَقْدِ مُتَّفِقًا وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفًا وَلَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْقَبْضِ كَمَا وُضِّحَ آنِفًا فَالْهِبَةُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَهِبَةِ شَخْصٍ مَالَهُ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ ابْتِدَاءً بِتَفْصِيلٍ وَبِعَقْدٍ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّةً لِأَحَدِهِمَا وَمَرَّةً لِلْآخَرِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - كَوْنُ الْعَقْدِ مُخْتَلِفًا وَالْقَبْضِ مُتَّفِقًا. الْوَجْهُ الرَّابِعُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْهِبَةِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. مَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ بِالْمَعِيَّةِ وَاقْتَسَمَا جَازَتْ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ " أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ، الْبَحْرُ، الْهِدَايَةُ، الْفَتْحُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 851 ". تَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَمَّا هِبَةُ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ وَبِذَلِكَ تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ فَيَحْصُلُ بِالِاتِّفَاقِ الشُّيُوعُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرُ، وَالْحِيلَةُ لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْهِبَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ أَوَّلًا لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ ثُمَّ يَهَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِوَلَدَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ " التَّنْقِيحُ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (846) لَا تَتَوَفَّقُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْكَبِيرِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ حِيلَةٍ يَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ الْحَرَامِ أَوْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْحَلَالِ فَهِيَ حَسَنَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - قَابِلِيَّةُ التَّقْسِيمِ هِيَ بِالنَّظَرِ إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ قَصْرًا إلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَكَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ بَلْ كَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ رُبْعَ مَالِهِ الَّذِي يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَى قِسْمَيْنِ فَقَطْ جَازَ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إنَّ الشُّيُوعَ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ فَقَطْ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصَانِ أَمْوَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَةَ الْقَابِلَةَ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ الْمَالَ جُمْلَةً وَقُبِضَ جُمْلَةً جَازَتْ إذْ لَا شُيُوعَ فِي ذَلِكَ (الْقُهُسْتَانِيُّ؛ الْهِدَايَةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَا يَحِلُّ فِي الصَّدَقَةِ الشُّيُوعُ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ فِي تَمَامِهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَامِعِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (الْهِدَايَةُ، وَهَامِشِ الْأَنْقِرْوِيُّ) .

مَثَلًا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِمَالِ لَهُ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ عَلَى شَخْصَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ مَعًا كَانَ صَحِيحًا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ إلَى فَقِيرَيْنِ أَوْ وَهَبَهُمَا إيَّاهُمَا جَازَ لَا لِغَنِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ فَلَا تَصِحُّ لِلشُّيُوعِ أَيْ لَا تُمْلَكُ فَلَوْ قَسَّمَهَا وَسَلَّمَهَا صَحَّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَيْ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ: أَنَّهُ يُقْصَدُ بِالصَّدَقَةِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا وَاحِدٌ وَالْفَقِيرُ نَائِبٌ عَنْهُ أَمَّا فِي الْهِبَةِ فَيُقْصَدُ وَجْهُ الْغَنِيِّ وَهُمَا اثْنَانِ (الْهِدَايَةُ، وَأَبُو السُّعُودِ، الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . أَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِنِصْفِ الشَّائِعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ عَلَى أَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ بَعْدَ الْإِفْرَازِ كَمَا فِي الْهِبَةِ (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - الشُّيُوعُ الْمَانِعُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارَنُ وَلَيْسَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهُ غَيْرَ شَائِعٍ وَبَعْدَ أَنْ تَمَّتْ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ الْكَامِلِ ثُمَّ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ شُيُوعٌ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَادِثًا بَعْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الشُّيُوعُ الْمِلْكَ وَلَا يُخِلُّ بِالْهِبَةِ الَّتِي صَحَّتْ وَتَمَّتْ سَابِقًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَجْمُوعَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ رَجَعَ عَنْ نِصْفِهِ وَإِنْ طَرَأَ بِرُجُوعِهِ هَذَا شُيُوعٌ عَلَى الْمَالِ الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا غَيْرَ مُقَارَنٍ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (56) فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ دَارِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ يُجِرْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ وَتَبْقَى فِي الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (879) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - وَالشُّيُوعُ الْعَارِضُ ضَبْطُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ شُيُوعٌ طَارِئٌ لَا يَضُرُّ بِالْهِبَةِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالنِّهَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ. إلَّا أَنَّ قَاضِيَ خَانْ وَجَامِعَ الْفِقْهِ والظهيرية وَالْكَافِيَ قَالُوا بِعَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ لِمُقَارَنَةِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ. مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارًا قَابِلَةَ الْقِسْمَةِ إلَى قِسْمَيْنِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِنِصْفِهَا الشَّائِعِ مُسْتَحِقٌّ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي بَاقِيهَا أَيْضًا. حَتَّى أَنَّ صَاحِبَ الدُّرَرِ قَدْ خَطَّأَ الْقَائِلِينَ بِكَوْنِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ طَارِئًا وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ التَّخْطِئَةُ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (55) وَالْمَادَّةِ (430) . وَمَسْأَلَةُ كَوْنِ الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ لِاسْتِحْقَاقٍ وَبِالْبَيِّنَةِ شُيُوعًا مُقَارَنًا مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلتَّرَدُّدِ (نُوحٌ أَفَنْدِي) . وَقَدْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ نُقِلَ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشُّيُوعَ الْمَذْكُورَ مُقَارَنٌ وَالْآخَرَ طَارِئٌ.

وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقَالُ مَعَ بَيَانِ كَوْنِ الشُّيُوعِ مُقَارَنًا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ مِلْكًا لِلْمُسْتَحِقِّ فِي وَقْتِ الْهِبَةِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ بُسْتَانًا وَاسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَثْمَارَ الْحَاصِلَةَ فِي الْمُدَّةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَهُ ضَمَانُ حِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْأَثْمَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَصْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَشَرْحَهَا. أَمَّا إذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْإِقْرَارِ فَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَاهِبِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ الَّذِي بِحَقِّ أَخْذِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَهَذَا بَاطِلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُؤَاخَذُ بِلَا شَكٍّ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا وَلَكِنْ هَلْ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعُرُوضِ الشُّيُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . قَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلِأُبَادِرَ، الْآنَ إلَى بَيَانِ رَأْيِي الْعَاجِزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إذَا عَرَضَ شُيُوعٌ لِلْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهَذَا الشُّيُوعُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَاهِبَ فُضُولِيٌّ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْفُضُولِيِّ مُسْتَلْزِمًا انْفِسَاخَ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ أَمْ غَيْرَ مُسْتَلْزِمٍ. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ الْمَادَّةِ (638) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَيْضًا أَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْهِبَةَ جَازَتْ وَنَفَذَتْ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (857) وَإِذَا لَمْ يُجِزْهَا تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ. وَلِذَلِكَ يَحْدُثُ الشُّيُوعُ فِي زَمَانِ عَدَمِ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا قَبْلًا فَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ التَّخْطِئَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ مُخَطِّئُوهُ وَهَذَا إنْجَازُ مَا وَعَدْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (55) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - إنَّ هِبَةَ حِصَّةٍ مِنْ مَالٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَحُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَدَابَّةٍ، وَاحِدَةٍ وَثَوْبٍ وَاحِدٍ وَحَائِطٍ وَاحِدَةٍ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي مُشَاعٍ كَهَذَا فَيَلْزَمُ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَبْضِ الْقَاصِرَ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي هَذَا أَيْضًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ انْسِدَادَ بَابِ الْهِبَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَمْوَالِ. سُؤَالٌ: تَسْتَلْزِمُ هِبَةُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إيجَابَ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ غَيْرُ جَائِزٍ. جَوَابٌ: بِمَا أَنَّ الْمُهَايَأَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (419) عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَالتَّبَرُّعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ وَالْإِيجَابُ الْمَذْكُورُ وَاقِعٌ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يُتَبَرَّعْ بِهِ وَلَا ضَرَرَ مِنْ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: تَصِحُّ هِبَةُ حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِيَالٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ (الْهِدَايَةُ وَالْبَهْجَةُ) .

وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ الْمَوْهُوبَةُ مَعْلُومَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ حِصَّتَهُ فِي دَابَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمِقْدَارِ الْحِصَّةِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الَّذِي وُهِبَ لَهُ مَالٌ مُشَاعٌ كَهَذَا أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ مَعَ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّ لَهُ طَلَبَ الْمُهَايَأَةِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1130) (1183) وَالدَّيْنُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1123) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ: وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ وَاسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ تِلْكَ الْحِصَّةَ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (873) . وَالْمَالُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1131) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مُحْرَزًا يَعْنِي يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُفْرَزًا مِنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْأَرَاضِي بِدُونِ الْمَزْرُوعِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ زَرْعُهَا قَائِمًا وَغَيْرَ مَحْصُولٍ وَلَا الشَّجَرِ بِدُونِ ثَمَرٍ قَبْلَ جَمْعِ ثَمَرِهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَالثَّمَرَ لَمَّا كَانَا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بِمَنْزِلَةِ هِبَةُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْبَهْجَةُ) وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ الْهِبَةُ هَذِهِ هِيَ فِي حُكْمِ هِبَةِ الْمُشَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَهَبَ مَزْرَعَتَهُ مَعَ زَرْعِهَا فَوَهَبَ أَوَّلًا الْمَزْرَعَةَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ وَهَبَ أَوَّلًا الزَّرْعَ ثُمَّ الْمَزْرَعَةَ فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ كَانَتْ هِبَةُ الِاثْنَيْنِ جَائِزَةً وَأَمَّا إذَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ فَسَلَّمَ أَوَّلًا الْمَزْرَعَةَ ثُمَّ الزَّرْعَ أَوْ أَوَّلًا الزَّرْعَ ثُمَّ الْمَزْرَعَةَ فَلَا تَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الثَّالِثَةَ. كَذَلِكَ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ أَشْجَارَهُ الْمَمْلُوكَةَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ الْمَرْبُوطَةِ بِالْمُقَاطَعَةِ أَيْ فِي الْأَرْضِ المستحكرة بِدُونِ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَوْ وَهَبَ كَرْمَهُ الْمَزْرُوعَ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ بِدُونِ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ عُرُوقٌ كَانَتْ الشَّجَرَةُ دَاخِلَةً فِي الْأَرْضِ أَصْبَحَتْ فِي حُكْمِ الْمُشَاعِ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) أَمَّا الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (851) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . إلَّا أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ الْبِنَاءَ بِدُونِ عَرْصَةٍ أَوْ الزَّرْعَ بِدُونِ أَرْضٍ أَوْ مَا عَلَى الشَّجَرِ مِنْ الثَّمَرِ بِدُونِ شَجَرٍ وَأَذِنَ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ أَوْ حَصَادِ الزَّرْعِ أَوْ جَمْعِ الثَّمَرِ وَنَقَضَ الْآخَرُ الْبِنَاءَ وَحَصَدَ الزَّرْعَ وَجَمَعَ الثَّمَرَ وَقَبَضَهُ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَمْرِ الْوَاهِبِ كَفِعْلِ الْوَاهِبِ بِالذَّاتِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْهُ الْوَاهِبُ صَرَاحَةً فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَوْ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ أَوْ حَصَدَ أَوْ جَمَعَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ تَجُوزُ هِبَةُ الدَّارِ الَّتِي عَلَى أَرْضِ وَقْفٍ ذِي مُقَاطَعَةٍ أَيْ محكرة وَالدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ الَّتِي عَلَى أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ وَالدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ مَاثِلَةً لِلْكَرْمِ وَالْبُسْتَانِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ كَالْغَرْسِ وَلَمَّا كَانَ اتِّصَالُهُ بِالْأَرْضِ ضَعِيفًا فَلَيْسَ فِي حُكْمِ الشَّائِعِ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . وَبِمَا أَنَّ الْهِبَةَ فِي ذَلِكَ تَكُونُ هِبَةً لِلْأَبْنِيَةِ فَقَطْ فَلِلْوَاهِبِ أَنْ يَأْمُرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِرَفْعِ الْأَبْنِيَةِ وَلَا تَكُونُ الْعَرْصَةُ مَوْهُوبَةً تَبَعًا لِلْأَبْنِيَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي قُبَيْلَ نَوْعٍ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ. هِبَةُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ

الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشْرَ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - هِبَةُ الشَّاغِلِ جَائِزَةٌ يَعْنِي لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الشَّاغِلَ مِلْكَهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَشْغَلُ الظَّرْفَ أَمَّا الظَّرْفُ فَلَا يَشْغَلُ الْمَظْرُوفَ (الْحَمَوِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَا فِي دَارِهِ مِنْ أَشْيَاءَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهَا مَعَ الدَّارِ لَهُ صَحَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ كُلَّ مَا فِي مَكْتَبَتِهِ مِنْ الْكُتُبِ لِابْنِهِ وَسَلَّمَهَا مَعَ الْمَكْتَبَةِ وَقَبَضَ الْآخَرُ الْكُتُبَ وَالْمَكْتَبَةَ تَمَّتْ الْهِبَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّقِيقَ الَّذِي فِي غِرَارَةٍ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْغِرَارَةِ جَازَ. كَذَا لَوْ وَهَبَ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الدَّابَّةِ أَوْ وَهَبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْقِرْبَةِ فَقَطْ وَسَلَّمَهُ مَعَ الْقِرْبَةِ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ غَيْرُ مَشْغُولٍ بَلْ شَاغِلٌ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ يَدِ الْوَاهِبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَالْوَاقِعُ أَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فِي الظَّرْفِ فَبِمَا أَنَّ الظَّرْفَ آلَةٌ لِلْحِفْظِ فَهُوَ تَابِعٌ فَثُبُوتُ الْيَدِ التَّابِعِ لَا يُوجِبُ قِيَامَ الْيَدِ فِي الْأَصْلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . أَمَّا هِبَةُ الْمَشْغُولِ فَلَا تَجُوزُ أَيْ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَالِ الْمَشْغُولِ بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ وَمِلْكِهِ (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ كَانَ كَالْمُشَاعِ وَفِي حُكْمِهِ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَا تَجُوزُ. إلَّا إذَا سَلَّمَهَا بَعْدَ تَخْلِيَتِهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ الْهِبَةُ كَمَا تَصِحُّ لَوْ وَهَبَهُ الْأَمْتِعَةَ أَيْضًا وَسَلَّمَهُ الْكُلَّ مَعًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَالْمَشْغُولَ بِهِ مَعًا لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَحْدَهُ وَتَمَامُ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْلَى فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَوْهُوبَ وَحْدَهُ: كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ هَاتَيْنِ الْغُرْفَتَيْنِ وَسَلَّمَ إحْدَاهُمَا مَشْغُولَةً فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي كِلَيْهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيَلْزَم أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ. وَلَا اعْتِبَارَ لِلْإِذْنِ الَّذِي يَكُونُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. كَمَا لَا اعْتِبَارَ لِلتَّسْلِيمِ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ. إلَّا أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ إذَا وُجِدَ فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ إنْسَانٌ أَجْنَبِيٌّ حُرٌّ وَلَا تُعَدُّ مَشْغُولَةً بِقُعُودِهِ لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْوَاهِبُ الدَّارَ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا أَوْ أَهْلُهُ فَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّسْلِيمُ (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ، تَجُوزُ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ لِلْمَشْغُولِ. أَوَّلًا - لَوْ وَهَبَ الْأَبُ الْمَشْغُولَ لِطِفْلِهِ جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَشْغُولَةَ بِأَمْتِعَتِهِ أَوْ مَزْرَعَتَهُ الْمَشْغُولَةَ بِزَرْعِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِمَا عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا أَمَّا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ السَّاكِنَ مَعَهُ فِي مَنْزِلِ مَمْلُوكَ، ذَلِكَ الْمَنْزِلَ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَتَاعِهِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَتَسْلِيمٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَانِيًا - لَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ دَارَهَا السَّاكِنَةَ فِيهَا وَزَوْجُهَا وَاَلَّتِي فِيهَا أَمْتِعَتُهَا لِزَوْجِهَا جَازَتْ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ الدَّارِ وَالْمَتَاعِ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَعْنًى فَصَحَّتْ الْهِبَةُ

الطَّحْطَاوِيُّ ". حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الزَّوْجُ، قَبْلَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلِلْوَرَثَةِ إدْخَالُ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَعَ مَا فِي يَدِهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ فِي يَدِ الزَّوْجِ،، (الْحَمَوِيُّ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَالِثًا - لَا يُخِلُّ تَمَامُ الْهِبَةِ انْشِغَالَ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَالِكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دُكَّانَهُ الْمَمْلُوكَةَ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِأَغْلَالِ شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ مَعَ الْأَغْلَالِ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي الدُّكَّانِ (الْبَهْجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ الدَّارَ الَّتِي شُغِلَتْ بِأَمْتِعَتِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (أَبُو السُّعُودِ) لَوْ أَعَارَ دَارًا إنْسَانًا ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ غَصَبَ مَتَاعًا وَوَضَعَهُ فِي الدَّارِ وَهَبَ الْمُعِيرُ الدَّارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّاغِلَ مِلْكُ غَيْرَ الْوَاهِبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَا لَوْ سُلِّمَتْ الدَّارُ وَفِيهَا الْمَتَاعُ الَّذِي غَصَبَهُ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ يَدَ غَيْرِهِ قَاصِرَةٌ عَنْهَا فَلَمْ يَظْهَرْ أَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ (الْبَحْرُ) وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا لَوْ وَهَبَ دَارًا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ وَهَبَهُ جَوَالِقَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَتَاعِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَتَاعَ فَالْهِبَةُ تَامَّةٌ فِي الدَّارِ وَالْجَوَالِقِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَاهِبِ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الدَّارِ وَالْمَتَاعِ جَمِيعًا حَقِيقَةً فَصَحَّ تَسَلُّمُهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي وَهَبَ فِيهِ دَارِهِ لِحَفِيدِهِ بِأَنَّهُ وَهَبَ دَارِهِ هَذِهِ لِحَفِيدِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ فِي الدَّارِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْمُوَرِّثِ حِينَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ ذَلِكَ الشَّخْصِ هَذَا صَحِيحٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) . (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَهَامِشَ الْبَهْجَةِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - الْحِيلَةُ فِي هِبَةِ الْمَشْغُولِ هِيَ أَنْ يُودَعَ الْمَالُ الشَّاغِلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُسَلَّمَ إلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ تُسَلَّمُ، الدَّارُ إلَيْهِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ صَحِيحَيْنِ. (الْحَمَوِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ - إذَا وُهِبَ الْمَشْغُولُ وَالشَّاغِلُ عَلَى انْفِرَادِهِمَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ. يَنْظُرُ إذَا وُهِبَتْ الدَّارُ أَوَّلًا وَسُلِّمَتْ مَشْغُولَةً فَالْهِبَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ (14) أَمَّا إذَا وُهِبَ الْمَتَاعُ أَوَّلًا وَسُلِّمَ ثُمَّ وُهِبَتْ الدَّارُ وَسُلِّمَتْ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِيهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - لَيْسَتْ هِبَةُ الْمَشْغُولِ فَاسِدَةً بَلْ هِيَ غَيْرُ تَامَّةٍ وَمَوْقُوفَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْبِنَايَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْحَمَوِيُّ فِي أَوَّلِ الْهِبَةِ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - قَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً فَاسِدَةً يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (الدُّرَرُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ عَنْ الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - كَمَا أَنَّ الْقَرَابَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَادَّةِ (866) وَسَائِرِ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ لَا تَمْنَعُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ الرُّجُوعِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ أَيْضًا فَلِلْوَارِثِ الرُّجُوعُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ

المبحث الثاني في حق الأشياء التي تدخل في الهبة وما لا تدخل

وَالْمَضْمُونَةُ بَعْدَ الْهَلَاكِ مُسْتَحَقَّةٌ أَيْضًا لِلرَّدِّ قَبْلَ الْهَلَاكِ فَلِذَلِكَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَيَسْتَرِدُّ الْمَوْهُوبَ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . الْحُكْمُ الثَّانِي - أَنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، يَعْنِي لَوْ هَلَكَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَزِمَ الْمَوْهُوبَ لَهُ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (871) . قَدْ وَرَدَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ وَعَنْ خَيْرِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ بِلُزُومِ الضَّمَانِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ إلَّا أَنَّ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ الدُّرَرُ قَدْ قَيَّدَ الضَّمَانَ قَائِلًا لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً فَاسِدَةً وَاقِعًا بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَالَةَ حُصُولِ التَّلَفِ بِصُنْعِهِ وَفِعْلِهِ أَوْ فِي حَالَةِ قَبْضِهِ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِدُونِ إذْنِ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً انْتَهَى. تَتَفَرَّعُ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ الْفُرُوعُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: - أَوَّلًا - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ آخَرَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ قَائِلًا لَهُ لَك ثَلَاثٌ مِنْهَا وَسَلَّمَ الْبَاقِي لِفُلَانٍ وَتَلِفَتْ عَشْرَةُ الدَّنَانِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ثَلَاثَةَ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا بِهِبَةٍ فَاسِدَةٍ أَمَّا الْبَقِيَّةُ بِمَا أَنَّهَا أَمَانَةٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا. ثَانِيهَا - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَالَ لَهُ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك وَالْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِك ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ مِنْهَا وَتَلِفَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِهِ لَزِمَ الْقَابِضَ ضَمَانُ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ وَنِصْفِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الْخَمْسَةَ الْمُعْطَاةَ هِبَةٌ مَضْمُونَةٌ لِفَسَادِ الْهِبَةِ كَمَا أَنَّ نِصْفَ الدَّنَانِيرِ الْخَمْسَةِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا مَضْمُونٌ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ أَمَانَةٌ فَلَزِمَ ضَمَانُ الدَّنَانِيرِ السَّبْعَةِ وَنِصْفِ الدِّينَارِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ - لَيْسَتْ التَّخْلِيَةُ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (838) قَبْضًا بِالِاتِّفَاقِ. [الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي حَقِّ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ وَمَا لَا تَدْخُلُ] الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ - يَدْخُلُ فِي هِبَةِ الْأَرْضِ بِدُونِ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ عَرْصَةً وَسَلَّمَهَا يَدْخُلُ مَا عَلَيْهَا مِنْ أَبْنِيَةٍ وَأَشْجَارٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ. أَمَّا فِي هِبَةِ الْأَرْضِ وَالصَّدَقَةِ بِهَا فَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ كَمَا لَا يَدْخُلُ فِي هِبَةِ الْأَشْجَارِ، الْأَثْمَارُ وَالْأَوْرَاقُ الْمُتَقَوِّمَةُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ الْهِبَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشْرَ) الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ وَالْعِشْرِينَ - لَا تَدْخُلُ فِي هِبَةِ الْبَيْتِ الْعُلُوُّ وَالسَّلَالِيمُ الْمُفْرَزَةُ وَلَوْ قِيلَ حِينَ الْهِبَةِ

(المادة 859) كون الواهب عاقلا بالغا

مَعَ مَرَافِقِهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَتَاعٍ مَوْضُوعٍ فِي الْبَيْتِ وَالْعُلُوُّ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ بِذِكْرِ الْمَرَافِقِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 859) كون الْوَاهِب عَاقِلًا بَالِغًا] (الْمَادَّةُ 859) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَاهِبُ عَاقِلًا بَالِغًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَأَمَّا الْهِبَةُ لِهَؤُلَاءِ فَصَحِيحَةٌ) كَوْنُ الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ عَاقِلًا بَالِغًا حُكْمًا أَوْ حَقِيقَةً يَعْنِي كَوْنَهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ فِي التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ الْأَهْلِيَّةُ الْكَامِلَةُ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ إذَا لَمْ تُوجَدْ الْأَهْلِيَّةُ الْكَامِلَةُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) . جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ الْجُنُونِ بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُضِرَّةً أَوْ نَافِعَةً. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا أَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ وَالْعَاقِلُ حَقِيقَةً ظَاهِرٌ وَالْعَاقِلُ حُكْمًا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ السَّكْرَانِ بِالْخَمْرِ أَوْ أَحَدِ الْمُحَرَّمَاتِ إذْ يُعَدُّ ذَلِكَ السَّكْرَانُ حُكْمًا عَاقِلًا وَمُكَلَّفًا وَتَصِحُّ هِبَتُهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ مَالَهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ أَزْيَدَ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ أَيْ بَاطِلَةٌ. وَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ الْإِجَازَةُ لَوْ أَجَازَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ بِالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ وَلَا تَلْحَقُ بِالْعُقُودِ الْبَاطِلَةِ أَمَّا إذَا عَقَدَ الْهِبَةَ مُجَدِّدًا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ فَصَحَّتْ الْهِبَةُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) إنَّ تَعْرِيفَ الْمَجْنُونِ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (944) وَتَعْرِيفَ الْمَعْتُوهِ فِي الْمَادَّةِ (945) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الصَّغِيرِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا أَمْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا أَمْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مَأْذُونًا إذْنًا عَامًّا أَمْ إذْنًا بِهِبَةِ مَالٍ لَهُ مَعْلُومٍ وَمُعَيَّنٍ فَهُوَ أَعَمُّ يَعْنِي أَنَّ هِبَتَهُمْ كُلَّهُمْ بَاطِلَةٌ. وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ مَالًا وَوَهَبَ دَرَاهِمَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ وَهَبَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (848) أَمْ وَهَبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا تَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الصَّبِيُّ بِمَالِهِ بِإِذْنِ وَالِدِهِ فَلَا تَصِحُّ صَدَقَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلصَّبِيِّ حَقُّ اسْتِرْدَادِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِلْفَقِيرِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا مَهْرَهَا بِدَاعِي كَوْنِهَا بَالِغَةً وَقَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: لَمْ أَكُنْ بَالِغَةً وَقْتَ الْهِبَةِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ هَيْئَةُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَامَتُهَا كَهَيْئَةِ وَقَامَةِ النِّسَاءِ أَوْ وُجِدَتْ فِيهَا عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا مِنْ أَنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لَهَا (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (989) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ الْهِبَةِ مُطْلَقَةً أَنَّ الْهِبَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ وَإِذَا كَانَتْ بِعِوَضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ مُسَاوِيَةً لِلْمَالِ الْمَوْهُوبِ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَقَلَّ فَهِيَ أَعَمُّ يَعْنِي لَا تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا (الضَّمَانَاتُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الصَّغِيرُ مَالَهُ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الصَّبِيَّ عِوَضًا فَكَمَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ

فَلَا يَصِحُّ الْعِوَضُ أَيْضًا وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ رَدُّ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَدَمُ صِحَّةِ هِبَةِ الصَّغِيرِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ تَكُونُ فِيمَا إذَا وَهَبَ الصَّغِيرُ مَالَهُ. أَمَّا لَوْ أَحْضَرَ الصَّغِيرُ لِأَحَدٍ هَدِيَّةً وَقَالَ لَهُ أَرْسَلَنِي أَبِي بِهَذِهِ الْهَدِيَّةِ لَك فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ تَنَاوُلُ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ مَا لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِهِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ) . لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ هِبَةُ مَالِ الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَبُو الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ أَوَالْقَاضِي مَالَ الصَّغِيرِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ لِأَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا دُنْيَوِيًّا (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . كَذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ اللَّبَنَ الرَّائِبَ الَّذِي أَهْدَاهُ أَحَدٌ لِآخَرَ مِنْ صُنْعِ لَبَنِ بَقَرَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَلَا يَكُونُ الْأَبُ الْمَذْكُورُ قَدْ مَلَكَ اللَّبَنَ بِصُنْعِهِ إيَّاهُ رَائِبًا (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَا لِأَبِيهِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ ذَاتِهِ وَأَبْرَأهُ مِنْ عَامَّةِ الدَّعَاوَى فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلِلصَّغِيرِ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي وَهَبَهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ قَدْ لَزِمَ بِعَقْدِهِ فَهَذِهِ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ صَحِيحَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ لِلصَّغِيرِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَالْحُكْمُ فِي هِبَةِ الْمُتَوَلِّي وَإِبْرَائِهِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (685) . أَمَّا كَوْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَاقِلًا وَبَالِغًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ صَحِيحَةٌ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ مُرَبِّيهِ عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (852) أَوْ بِقَبْضِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (853) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (869) ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ لِلصَّغِيرِ يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ أَيْ نَافِعٌ لِلصَّغِيرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَيُّ ضَرَرٍ لَهُ فَيَصِحُّ فِيهِ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي أَهْلِيَّةُ الصَّغِيرِ الْقَاصِرَةُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَالْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ كَهَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ آنِفًا فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُعْطِيَ عِوَضًا فِي مُقَابِلِ هَذِهِ الْهِبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّغِيرِ وَأَعْطَى وَلِيُّ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ شَيْئًا عِوَضًا لِلْوَاهِبِ وَلَوْ جُزْئِيًّا لِمَنْعِ رُجُوعِهِ فَلَا يَصِحُّ أَيْ بَاطِلٌ وَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْهِبَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) . وَعَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِقِيمَتِهِ لِإِسْقَاطِ حَقِّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ عَنْ الْهِبَةِ. وَقَوْلُهُ لِهَؤُلَاءِ احْتِرَازٌ عَنْ الْحَمْلِ فَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَمْلًا يَعْنِي جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً. مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِلْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ زَوْجِهِ مَالًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ مَعًا أَوْ لِإِنْسَانٍ وَحَائِطٍ مَعًا فَتَكُونُ الْهِبَةُ كُلُّهَا لِلْحَيِّ أَوْ لِلْإِنْسَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِيجَابَ إذَا وَقَعَ لِمَنْ يَمْلِكُ وَلِمَنْ لَا يَمْلِكُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ الْإِيجَابُ

(المادة 860) رضاء الواهب

بِكَامِلِهِ لِمَنْ يَمْلِكُ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . [ (الْمَادَّةُ 860) رِضَاءُ الْوَاهِبِ] (الْمَادَّةُ 860) - (يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ رِضَاءُ الْوَاهِبِ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ) . يَلْزَمُ رِضَا الْوَاهِبِ فِي نَفَاذِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَيَكُونُ عَدَمُ رِضَا الْوَاهِبِ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - يَكُونُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ بِدُونِ رِضَاءٍ يَعْنِي لَا تَنْفُذُ بِالْقِسْمِ الَّذِي وَقَعَ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ فَاسِدَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1006) . وَعَلَيْهِ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ وَشَتَمَهَا أَوْ مَنَعَهَا مِنْ زِيَارَةِ أَبَوَيْهَا وَأَكْرَهَهَا بِذَلِكَ عَلَى هِبَةِ مَهْرِهَا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مُكْرَهًا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَلَوْ سَلَّمَهُ طَائِعًا فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْهِبَةِ يَسْتَلْزِمُ الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ وَقِيلَ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُجْبَرُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِكْرَاهِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِآخَرَ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ بِإِكْرَاهٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيَسْتَرِدُّ الْمَوْهُوبَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ اسْتِرْدَادُهُ مُمْكِنًا أَخَذَ بَدَلَهُ مِنْ الْمُجْبِرِ (الضَّمَانَاتُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . كَذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِلْوَاهِبِ حَقُّ التَّضْمِينِ. وَلَوْ أُكْرِهَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا أُكْرِهَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ وَقَبِلَهَا يُنْظَرُ فَإِذَا قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ قَبَضْتُهَا لِإِعَادَتِهَا إلَى الْوَاهِبِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَتَكُونُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَانَةً. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ أَخَذْتهَا مِلْكًا لِي أَوْ لِإِعْطَائِهَا لِلْمُجْبَرِ فَالْمُكْرَهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُجْبِرَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (910) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) وَشَرْحَهَا. كَذَلِكَ إذَا أَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَالْوَاهِبُ مُخَيَّرٌ فِي التَّضْمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. بِمَا أَنَّ الْهِبَةَ الَّتِي بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ صَحِيحَةٌ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ نَافِذَةً بَلْ فَاسِدَةً فَيَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِمِلْكٍ فَاسِدٍ. وَتَتَوَقَّفُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمَ يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ. وَلَوْ كَانَا بِالْإِكْرَاهِ، لَكِنَّ الْإِكْرَاهَ يَمْنَعُ النَّفَاذَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي الْإِكْرَاهِ) . وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ اللَّذَيْنِ يَقَعَانِ بِالْإِكْرَاهِ قَابِلَانِ لِلْإِجَازَةِ فَلَوْ أَجَازَ الْمُكْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ نَافِذَةً وَالْإِجَازَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ قَوْلًا كَأَجَزْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ فِعْلًا كَتَسْلِيمِهِ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْمُجْبِرِ طَائِعًا، أَوْ كَقَبُولِهِ عِوَضَ الْهِبَةِ، وَقَبْضِهِ إيَّاهُ طَائِعًا. حَتَّى إنَّ الْوَاهِبَ لَوْ قَبِلَ الْعِوَضَ طَائِعًا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْهِبَةَ مُكْرَهًا يَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْهِبَةَ الْوَاقِعَةَ بِالْإِكْرَاهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالضَّمَانَاتُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ لَيْسَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً حُكْمَانِ: - الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - لَيْسَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً فِي الْقِسْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِكْرَاهُ فَقَطْ. أَمَّا فِي الْقِسْمِ الَّذِي لَمْ يَقَعْ الْإِكْرَاهُ فِيهِ فَنَافِذَةٌ. فَلَوْ أُكْرِهَ شَخْصٌ عَلَى هِبَةِ حِصَّةٍ مِنْ مَالِ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ لِشَخْصٍ فَوَهَبَ الْمُكْرَهُ ذَلِكَ

الْمَالَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِشَخْصٍ آخَرَ مَعَهُ فَالْهِبَةُ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْأَوَّلِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّ الثَّانِي (الضَّمَانَاتُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي أُجْبِرَ عَلَى هِبَتِهِ كَانَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً. فَعَلَيْهِ لَوْ أَكْرَهَ الْمُجْبِرُ شَخْصًا عَلَى هِبَةِ خَمْسِينَ رِيَالًا فَوَهَبَ الْمُكْرَهُ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ جَازَتْ وَيَكُونُ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ طَائِعًا لِتَخَالُفِ الْجِنْسَيْنِ. الْحُكْمُ الثَّانِي - لَوْ أَوْقَعَ الْمُكْرَهُ عَقْدًا غَيْرَ الْعَقْدِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ نَافِذًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أُكْرِهَ الْمُجْبَرُ عَلَى الْهِبَةِ فَتَصَدَّقَ الْمُكْرَهُ كَانَ نَافِذًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ أُجْبِرَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَوَهَبَ نَفَذَتْ الْهِبَةُ (الضَّمَانَاتُ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَكُونُ بِتَلْقِينِ الْوَاهِبِ أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى الْهِبَةِ بِلُغَةٍ يَجْهَلُهَا الْوَاهِبُ فَلَوْ لَقَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ بِأَنْ يَقُولَ عِبَارَةَ (وَهَبْت مِنْك مَا لِي عَلَيْك مِنْ الْأَلْفِ فَقَالَهَا) وَكَانَ الْوَاهِبُ يَجْهَلُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَغَيْرَ وَاقِفٍ عَلَى مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ وَهَبَ الدَّيْنَ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إكْرَاهٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا رِضَاءٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ الْفَائِدَةَ الْأُولَى الْآتِي ذِكْرُهَا. فَائِدَتَانِ: 1 - قَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِلَفْظٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لِلْعَاقِدِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِصِحَّةِ كُلِّ عَقْدٍ بِهِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ مِمَّا يَسْتَوِي فِيهِ الْجَدُّ وَالْهَزْلُ كَالنِّكَاحِ وَبِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ الَّذِي فِيمَا لَا يَسْتَوِي بِأَنْ فِيهِ كَالْبَيْعِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) شَرْحُ الْمُلْتَقَى فِي أَوَّلِ النِّكَاحِ. 2 - لَوْ أَعْطَى السَّائِلَ أَرْبَعِينَ بَارَةً وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا عَشْرُ بَارَاتٍ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا قَالَ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ: أَعْطَيْت عَشْرَ بَارَاتٍ أَمَّا إذَا قَالَ: أَعْطَيْت هَذِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَقَدْ قَالَ بِعَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ عَلَى الْحَالَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

الباب الثاني في بيان أحكام الهبة ويشتمل على فصلين

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْهِبَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ] الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْهِبَةِ: وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ يَعْنِي سَيُبَيَّنُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْمَسَائِلُ الَّتِي يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا عَنْ الْهِبَةِ وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ. وَلَفْظُ الْهِبَةِ الَّذِي فِي هَذَا الْعُنْوَانِ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْأَعْيَانِ وَلَا يَكُونُ فِي حَقِّ الْأَلْفَاظِ (أَبُو السُّعُودِ) وَقَدْ تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (833) أَنَّ الْهِبَةَ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ. وَبِمَا أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَدْخُلُ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا فَلِلْمُهْدِي الرُّجُوعُ عَنْ الْهَدِيَّةِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا عَنْ الْهِبَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَبِمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الصَّدَقَةِ غَيْرُ جَائِزٍ فَتَعْبِيرُ الْهِبَةِ هُنَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الصَّدَقَةِ كَمَا أَنَّ الْهِبَةَ الْمَقْصُودَةَ هُنَا هِيَ الْهِبَةُ لِلْغَنِيِّ أَمَّا الْهِبَةُ الَّتِي تَكُونُ لِلْفَقِيرِ فِيمَا أَنَّهَا صَدَقَةٌ فَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْهَا أَيْضًا. وَالرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِيمَا سَيَأْتِي فَفَضْلًا عَنْ أَنَّهُ دَنَاءَةٌ فَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً (التَّنْوِيرُ، الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَنْزِيهِيَّةً وَالْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ أَخَفُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ وَهِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمُبَاحِ أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . (الْمَادَّةُ 861) - (يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْقَبْضِ الْمَوْهُوبَ) . يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ مِلْكًا غَيْرَ لَازِمٍ (الْهِدَايَةُ) فَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَاحِدًا مَلَكَهُ مُسْتَقِلًّا وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا فَيَمْلِكُونَهُ بِالِاشْتِرَاكِ وَهَذَا الْمِلْكُ لَيْسَ مُسْتَحِقَّ السَّلَامَةِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِاثْنَيْنِ: قَدْ وَهَبْتُكُمَا هَذَا الْمَالَ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ وَاتَّهَبَهُ الْآخَرَانِ وَتَسَلَّمَاهُ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُمَا مَالِكَيْنِ لَهُ مُنَاصَفَةً. لَكِنْ يَلْزَمُ وُجُودُ الشَّرَائِطِ الْآتِيَةِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِيهِ. 1 - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ مُحْرَزًا يَعْنِي كَوْنَهُ مُفْرَزًا عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَحُقُوقِهِ 2 - كَوْنُ الْمَوْهُوبِ غَيْرَ مَشْغُولٍ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ 3 - أَلَّا تَكُونَ الْهِبَةُ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ 4 - كَوْنُ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ قَبْضًا كَامِلًا يَعْنِي يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ الْقَابِلُ الْقِسْمَةِ مُشَاعًا وَقْتَ الْقَبْضِ كَمَا ذُكِرَتْ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) وَقَرِيبًا تُوَضَّحُ الْمُوَاضَعَةُ أَيْضًا.

وَالْحَاصِلُ، يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الْمَوْهُوبِ ثُبُوتُ مِلْكِ الْمُوهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. وَسَيُبَيَّنُ بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي: - 1 - الزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلُ لِلْوَاهِبِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ الزَّوَائِدَ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (236) وَيَفْتَرِقُ الْبَيْعُ عَنْ الْهِبَةِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ (الْقَاعِدِيَّةُ) . 2 - لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (862) . 3 - لِلْوَاهِبِ أَنْ يَنْهَى الْمَوْهُوبَ لَهُ عَنْ الْقَبْضِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْقَبْضُ بَعْدَ النَّهْيِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . 4 - إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (862) . 5 - تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ فِي الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ وَتَصَرُّفُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . حَتَّى لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ غَائِبٍ وَأَرْسَلَهَا مَعَ رَسُولٍ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلرَّسُولِ تَصَدَّقْت بِهَذَا عَلَيْك فَكَمَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فَلَوْ قَالَ لِلرَّسُولِ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ طَرَفِي وَتَصَدَّقَ بِهَا فَلِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ الرَّسُولِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - قَبَضَهُ بِالذَّاتِ أَوْ قَبَضَ نَائِبُهُ. فَقَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ ظَاهِرٌ أَمَّا قَبْضُ النَّائِبِ فَيُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لَهُ لِآخَرَ فَوَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ لِآخَرَ أَوْ آجَرَهُ مِنْهُ وَقَبَضَهُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ فَهَذَا الْقَبْضُ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ وَتَجُوزُ الْهِبَةُ. وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ الثَّانِيَةُ وَالْإِيجَارُ (الْقَاعِدِيَّةُ) . 2 - يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِالْهِبَةِ وَلَا يَمْلِكُهَا بِشَيْءٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْمَدْيُونُ مَالًا لِدَائِنِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مَلَكَ الدَّائِنُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِالْهِبَةِ وَلَا يَكُونُ قَدْ مَلَكَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذَا الْحَالِ عَلَى الْمَدْيُونِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَيْنَهُ عَلَى حِدَةٍ. 3 - غَيْرُ لَازِمٍ: يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِالْقَبْضِ فَهَذَا الْمِلْكُ بِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيمَا عَدَا الصُّوَرِ السَّبْعِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - بِالِاشْتِرَاكِ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا لِابْنِهِ وَلِابْنَتِهِ دُونَ تَعْيِينِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ يَمْلِكَانِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مُنَاصَفَةً وَلَيْسَ الثُّلُثَ وَالثُّلُثُ كَمَا فِي الْإِرْثِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

لَيْسَ يَسْتَحِقُّ السَّلَامَةَ: بِمَا أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ وَعَقْدَ الصَّدَقَةِ عَقْدَا تَبَرُّعٍ فَلَيْسَا بِمُسْتَحِقَّيْ السَّلَامَةِ (الدُّرَرُ) فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمَوْهُوبُ بَعْدَ قَبْضِهِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُسْتَحِقُّ الْمَذْكُورُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَاهِبَ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَإِذَا ضَمِنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ (الْهِدَايَةُ وَالْكَنْزُ الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) وَشَرْحَهَا. إلَّا أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ الْوَاهِبُ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَمِنَهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِسَبَبِ تَلَفِهِ فِي يَدِهِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْعِنَايَةُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ الْهِبَةُ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ حَتَّى يَمْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ فَيَبْقَى الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِلْكًا لِلْوَاهِبِ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارِهِ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ لِزَوْجَتِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا إيَّاهَا تُوُفِّيَ فَتُصْبِحُ تِلْكَ الدَّارُ مُوَرَّثَةً لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَسْتَقِلَّ بِهَا هَذَا فِيمَا إذَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ وَأَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) . 6 - وَلَوْ أَسْقَطَ حَقُّ رُجُوعِهِ - حَقَّ الرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ مُطْلَقًا. يَعْنِي إذَا لَمْ يُسْقِطْ الْوَاهِبُ أَثْنَاءَ الْهِبَةِ حَقَّ رُجُوعِهِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ فَلَوْ أَسْقَطَهُ وَأَبْرَأهُ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْإِسْقَاطِ وَلَا تَأْثِيرَ وَيَبْقَى حَقُّ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الْحَقُّ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ وَالْإِبْرَاءِ فَلَا يَكُونُ مِنْ فُرُوعِ الْمَادَّةِ (1562) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 51) أَيْضًا إلَّا أَنَّهُمَا إذَا تَصَالَحَا عَنْ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى مَالٍ كَانَ صَحِيحًا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ عِوَضًا لِلْهِبَةِ وَسَقَطَ حَقُّ الرُّجُوعِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِرُجُوعِ الْوَاهِبِ وَأَنْكَرَ الْهِبَةَ لَدَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ يَطْلُبُ الْوَاهِبُ بِإِثْبَاتِ الْهِبَةِ أَوْ بِنُكُولِ الْمَوْهُوبِ عَنْ الْيَمِينِ الْمُكَلَّفِ بِهَا اسْتِرْدَادَ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَاتَيْنِ الْفِقْرَتَيْنِ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ صَحِيحٌ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ يَكُونُ صَحِيحًا أَيْضًا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَجَازَ الرُّجُوعُ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ لِلطَّرَفَيْنِ وِلَايَةً عَلَى نَفْسَيْهِمَا وَجَازَ الرُّجُوعُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَامَّةً أَيْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى مَنْ كَانَ فِي حُكْمِ قَضَائِهِ مِنْ النَّاسِ. أَمَّا الرُّجُوعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِ رِضَا الطَّرَفَيْنِ وَبِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَغَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ فِي حُصُولِ الشَّيْءِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْهِبَةِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ خَفَاءً إذْ يَجُوزُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْوَاهِبِ مِنْ الْهِبَةِ الثَّوَابَ وَالتَّحَبُّبَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَلْزَمُ أَنْ يَرْجِعَ الْوَاهِبُ إذْ تَكُونُ الْهِبَةُ قَدْ أَفَادَتْ مَقْصُودَ الْوَاهِبِ وَحَصَلَتْ غَايَتُهُ مِنْهَا كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ الْعِوَضَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْعَقْدِ مَقْصِدُ الْوَاهِبِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ الرِّضَا وَالْقَضَاءُ لِتَعْيِينِ وَتَخْصِيصِ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) . وَلِلْحَاكِمِ فَسْخُ (1) الْهِبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَانِعٌ (2) مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ الَّتِي سَتُذْكَرُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ

حَالَ عَقْدِ الْهِبَةِ. يَعْنِي يَجِبُ عَلَيْهِ فَسْخُهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِفَسْخِهَا فَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمَّا إذَا وَجَدَ أَحَدٌ مَوَانِعَ الرُّجُوعِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ فَسْخُ الْهِبَةِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: - 1 - مَوَانِعُ الرُّجُوعِ، فَإِذَا وَجَدَ أَحَدٌ مَوَانِعَ الرُّجُوعِ السَّبْعَةَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ يَعْنِي يَحْكُمُ بِعَدَمِ حَقِّ الرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ. إلَّا إذَا وُجِدَ مَانِعُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ وَيَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ لَمَّا كَانَتْ مَضْمُونَةً بَعْدَ الْهَلَاكِ فَمِنْ الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْهَلَاكِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) . وَقَدْ جُمِعَتْ مَوَانِعُ الرُّجُوعِ فِي (دمع خزقه) وَسَتُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (866) . لَكِنْ إذَا زَالَ الْمَانِعُ بَعْدَ هَذَا الْحُكْمِ عَادَ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) . وَلَا يَزُولُ مَانِعُ الرُّجُوعِ فِي صُوَرِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْقَرَابَةِ، وَهَلَاكِ الْعَيْنِ، وَمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ (الطَّحْطَاوِيُّ) أَمَّا فِي صُوَرِ الْعِوَضِ عَنْ الْهِبَةِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ وَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَيَزُولُ. الزَّوَالُ فِي الْعِوَضِ، إذَا ضُبِطَ الْعِوَضُ الْمُعْطَى عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (868) بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ أَيْضًا. الزَّوَال فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ، يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: - مَثَلًا إذَا حَصَلَ فِي الْعَرْصَةِ الْمَوْهُوبَةِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِإِنْشَاءِ بِنَاءٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (869) وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقٍّ لِلرُّجُوعِ فَهَدَمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبِنَاءَ حَتَّى رَجَعَتْ الْعَرْصَةُ إلَى هَيْئَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ عَادَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِقَاعِدَةِ الْحَقِّ السَّاقِطِ لَا يَعُودُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الرُّجُوعِ هُنَا وَلَمْ يَحْصُلْ الرُّجُوعُ لِوُجُودِ مَانِعٍ يَمْنَعُ حَقَّ الرُّجُوعِ. وَهَذَا مِنْ بَابِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَسَقَطَ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ ثُمَّ إذَا بَانَتْ عَادَ حَقُّهَا فِيهَا لِزَوَالِ الْمَانِعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَالتَّفْصِيلَاتُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِفِقْرَةِ (بِعَكْسِ الزَّوْجِيَّةِ) الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (868) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ الْمُرَادَ هُنَا هُوَ مَانِعُ الرُّجُوعِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَيَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ الطَّارِئِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَانِعُ الرُّجُوعِ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مَانِعًا مُقَارَنًا فَلَا يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِزَوَالِهِ (الدُّرَرُ) . وَصُورَةُ زَوَالِ الْمَانِعِ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ هِيَ كَمَا يَأْتِي إذَا وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِشَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا رَجَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَوْهُوبَ فَلِلْوَاهِبِ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. وَالِامْتِنَاعُ عَنْ الرُّجُوعِ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارِ الْمَانِعِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فَرَسًا لَهُ لِأَخِيهِ وَلِرَجُلٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ حِصَّةِ أَخِيهِ. أَمَّا حِصَّةُ الْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لَهُ

لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَكُونَ هِبَةً لِزَيْدٍ وَصَدَقَةً لِعَمْرٍو فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ (الْوَاقِعَاتُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (874) . وَكَذَا إذَا أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ عِوَضًا فِي مُقَابِلِ نِصْفِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَقَبِلَهُ الْوَاهِبُ أَيْضًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (668) وَأَمَّا النِّصْفُ الثَّانِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . 2 - لَهُ الْفَسْخُ يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ يَبْقَى فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ فَسْخِ الْهِبَةِ وَلُحُوقِ، الْحُكْمِ. وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ مُبَيِّنًا أَنَّهُ قَدْ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَامْتَنَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَنْ إعَادَتِهِ وَتَلِفَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ بِأَنْ وَهَبَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ كَانَ جَائِزًا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا زَالَ بَاقِيًا (الْعِنَايَةُ) . حَتَّى لَوْ كَانَتْ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُحَاكَمَةِ وَالْمُرَافَعَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَإِصْلَاحُ الْإِيضَاحِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِلَا رِضَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَانَ غَاصِبًا. أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ فَيَخْرُجُ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَبْقَى أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَبْضُ ابْتِدَاءً غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا يَنْقَلِبُ بِاسْتِمْرَارِهِ مَضْمُونًا (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا طَلَبَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالرُّجُوعِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ امْتَنَعَ عَنْ إعَادَتِهِ فَيَكُونُ ضَامِنًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (894) (الْهِدَايَةُ الدُّرَرُ) اُنْظُرْ مَا لَوْ مَنَعَهُ بَعْدَ الرُّجُوعِ بِالرِّضَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي هَذَا تَعْبِيرُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالْقَضَاءِ يَعْنِي فَسْخَ الْحَاكِمِ عَقْدَ الْهِبَةِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ الرُّجُوعَ فَسْخٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ بِهِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْفَسْخِ الْمَذْكُورِ قَدْ وَهَبَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ. فَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْوَاهِبِ، وَالْمَوْهُوبُ، يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا يَضْمَنُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الرُّجُوعُ بِالرِّضَا فَهُوَ عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَسْخٌ وَعَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ عَقْدٌ جَدِيدٌ مُبْتَدَأٌ (الدُّرَرُ) . وَالْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الرُّجُوعِ بِالرِّضَا فَسْخًا أَيْضًا. أَوَّلًا - لَوْ وَهَبَ مَالًا قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ كَانَ الرُّجُوعُ صَحِيحًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هِبَةً جَدِيدَةً وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فَسْخًا لَمَا صَحَّ. ثَانِيًا - لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ عَلَى الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ لَا فِي

عَوْلِ مِلْكٍ قَدِيمٍ. فَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ مُبْتَدَأَةً لَتَوَقَّفَ عَلَى الْقَبْضِ. ثَالِثًا - إذَا رَجَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّهُ فَلِلْوَاهِبِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ رُجُوعُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ هِبَةً جَدِيدَةً لَمَا كَانَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (98) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ هُوَ فَسْخٌ يَبْتَدِئُ اعْتِبَارًا مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِفَسْخِ الْهِبَةِ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَنِ وَلَيْسَ فَسْخًا لِلْهِبَةِ مِنْ وَقْتِ الْهِبَةِ إلَى مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الزَّمَنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ يَبْقَى فِي مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ زَمَنِ هِبَةِ الْوَاهِبِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ وَيَخْرُجَ الْمَوْهُوبُ مِنْ مِلْكِهِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ. وَالْحَاصِلُ - أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَيْسَ فَسْخًا لِمَا سَبَقَ بَلْ هُوَ فَسْخٌ لِلْآتِي. وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فَسْخًا لِمَا سَبَقَ: 1 - وَإِنْ عَادَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْفَسْخِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْقَدِيمِ فَعَلَيْهِ تَبْقَى الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَبَعْدَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ كَأَصْلِ الْمَوْهُوبِ مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَ الْوَاهِبُ عَنْ هِبَتِهِ فَالْمُهْرُ يَبْقَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 869) . 2 - لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُجَاوِرٌ لِدَارٍ وُهِبَتْ وَسُلِّمَتْ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ الْوَاهِبُ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ مِلْكُهُ فِيمَا مَضَى وَجُعِلَ كَأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . وَالرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فَسْخٌ لِلْآتِي وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِهَا لَيْسَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . 1 - لَا يَلْزَمُ قَبْضُ الْوَاهِبِ لِتَمَامِ هَذَا الْفَسْخِ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ 2 - لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا لَهُ قَابِلًا الْقِسْمَةَ كَامِلًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ عَنْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُ فَهَذَا الرُّجُوعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ كَانَ هِبَةُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ الْمَالِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ غَيْرَ جَائِزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ إلَى بَائِعِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَنْ هِبَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِالرِّضَاءِ أَمْ الْقَضَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذَا إذَا كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ مُطَّلِعٍ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَالْحَالُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَكَانَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ حَسَبُ، حُكْمِ الْمَادَّةِ (98) أَنَّ تَبَدُّلَ سَبَبِ الْمِلْكِ يَقُومُ مَقَامَ تَبَدُّلِ الْمِلْكِ (الدُّرَرُ) .

(المادة 865) استرد الواهب الموهوب بعد القبض دون رضاء الموهوب له

بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ بَاعَهُ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَإِنْ رَدَّهُ لِقَضَاءٍ كَانَ فَسْخًا فَيَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى بَائِعِهِ وَإِنْ كَانَ بِرِضَاهُ لَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الْجَدِيدِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَالْفَرْقُ يُطْلَبُ مِنْ الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْهِبَةِ. 4 - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَوَهَبَهُ هَذَا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ رَجَعَ الْأَخِيرُ عَنْ هِبَتِهِ وَأَخَذَ الْمَالَ مِمَّنْ وَهَبَهُ إلَيْهِ فَلِوَاهِبِهِ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْهِبَةِ وَيَسْتَرِدَّ مَالَهُ مِنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ رُجُوعُ الْأَوَّلِ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً. وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رُجُوعُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنْ هِبَتِهِ غَيْرَ فَسْخٍ وَكَانَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (98) (و) (87)) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) . وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ بِالرِّضَا هِبَةً جَدِيدَةً فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ وَهِيَ إذَا اتَّهَبَ شَخْصٌ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ مَالًا وَقَبَضَهُ مِنْ الْوَاهِبِ وَبِأَثْنَاءِ مَرَضِهِ مَرَضَ الْمَوْتِ رَدَّ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ رِضَاءً بِسَبَبِ رُجُوعِ الْوَاهِبِ عَنْ الْهِبَةِ فَيُعَدُّ هَذَا الرَّدُّ مِنْ الْمَرِيضِ بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ الْجَدِيدَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ غَيْرَ مَدِينٍ فَيُعْتَبَرُ رَدُّهُ هَذَا فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 879) أَمَّا إذَا كَانَ دَيْنُ الْمَرِيضِ مُسْتَغْرِقًا لِمَالِهِ فَيَكُونُ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ بَاطِلًا وَيُعَادُ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ إلَى تَرِكَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ بِالرِّضَا بَلْ كَانَ بِالْقَضَاءِ فَلَا حَقَّ لِلدَّائِنِينَ أَوْ الْوَرَثَةِ فِي الْمُدَاخَلَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . وَكَوْنُ الرُّجُوعِ الَّذِي يَقَعُ بِرِضَا الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ هُوَ عَلَى بَعْضِ، الرِّوَايَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا أَمَّا عَلَى الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى فَيُعَدُّ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَيُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ مَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . وَسَتُذْكَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَرَّةً أُخْرَى فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (880) [ (الْمَادَّةُ 865) اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْقَبْضِ دُون رِضَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ] . (الْمَادَّةُ 865) - (لَوْ اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَضَائِهِ كَانَ غَاصِبًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا) . لَيْسَ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ صَحِيحًا بِدُونِ الرِّضَاءِ أَوَالْقَضَاءِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدُونِ رِضَاهُ أَوْ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَضَائِهِ فَإِذَا فَعَلَ كَانَ غَاصِبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَنْفَرِدَ فِي الرُّجُوعِ بِدُونِ الرِّضَا وَالْقَضَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْهِبَةَ مِنْ الْوَاهِبِ عَيْنًا إلَّا أَنَّ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُرَاجِعَ الْحَاكِمَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَيَفْسَخَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَوْهُوبَ.

(المادة 866) وهب شخص شيئا لأصوله وفروعه

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَدَلَهُ أَيْ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ وَهُوَ فِي يَدِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (871) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (871) . اسْتَهْلَكَ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ الَّذِي أَخَذَهَا اخْتِلَاسًا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْوَاهِبِ فَنَدِمَ الْوَاهِبُ عَلَى هِبَتِهِ وَاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِدُونِ قَضَاءِ الْحَاكِمِ كَانَ ضَامِنًا أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَلَوْ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَقَبَضَهُ فَاخْتَلَسَهُ الْوَاهِبُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ شَاةً فَذَبَحَهَا الْوَاهِبُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَأْخُذُ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ الْوَاهِبُ فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ مَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالصِّحَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . سُؤَالٌ - فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ حُكْمًا عَنْ الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَعَ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِلْمُرُوءَةِ إذْ يُفْهَمُ صِحَّةُ الرُّجُوعِ بِدُونِ الرِّضَاءِ وَالْقَضَاءِ لِعَدَمِ إمْكَانِ حُصُولِ الرِّضَا مِنْ الصَّغِيرِ. جَوَابٌ - لَيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّ لِلْأَبِ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ الْوَاقِعَةِ مِنْهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (866) وَإِنَّمَا لِلْأَبِ فِي حَالِ احْتِيَاجِهِ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ لِصَرْفِهِ عَلَى نَفَقَةِ نَفْسِهِ. حَتَّى لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَالًا قَدْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 799) . [ (الْمَادَّةُ 866) وَهَبَ شَخْصٌ شَيْئًا لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ] (الْمَادَّةُ 866) إذَا وَهَبَ شَخْصٌ شَيْئًا لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَخٍ وَأُخْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْهِبَةِ. قَرَابَةُ النَّسَبِ يَعْنِي ذِي الرَّحِمِ أَيْ الْمَحْرَمِيَّةَ، بِالنَّسَبِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَانِعَةً عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا دِينًا وَدَارًا يَعْنِي مَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِأُصُولِهِ كَأَبِيهِ أَوْ لِأَبِي أَبِيهِ وَكَذَا لِأَبِي هَذَا وَأُمِّهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ وَلِأَبِي أُمِّهِ وَفُرُوعِهِ. يَعْنِي لِابْنِهِ أَوَابْنَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمَا أَوْ لِأَخِيهِ أَوْ لِأُخْتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِمَا يَعْنِي لِابْنِ أَخِيهِ أَوَابْنِ أُخْتِهِ أَوْ لِأَخٍ وَأُخْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَيْ لِأَعْمَامِهِ وَعَمَّاتِهِ وَلِأَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ هِبَةً صَحِيحَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ الْقَابِلُ لِهَذِهِ الْهِبَةِ وَكِيلًا أَجْنَبِيًّا لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْمِلْكَ قَدْ وَقَعَا فِي هَذِهِ الْهِبَةِ لِأَخِيهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . وَعَدَمُ الرُّجُوعِ هَذَا يَثْبُتُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: السُّنَّةُ، فَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَمْ يُرْجَعْ فِيهَا» . الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ. وَهُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ صِلَةُ الرَّحِمِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْمَقْصِدَ يَحْصُلُ بِالْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَمَّا كَانَ كُلُّ عَقْدٍ يُفِيدُ الْمَقْصُودَ لَازِمًا فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ لَازِمَةٌ أَيْضًا إذْ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا صِلَةُ الرَّحِمِ قَطْعٌ لِلرَّحِمِ فَالرُّجُوعُ غَيْرُ جَائِزٍ (الزَّيْلَعِيّ، الدُّرَرُ) .

كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مُسْلِمًا وَالْآخَرُ نَصْرَانِيًّا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ وَالْآخَرُ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أُخْرَى أَيْ كَانَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ فِي الدِّينِ أَوْ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ كَمَا أَشَرْنَا إلَى ذَلِكَ شَرْحًا وَكَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْمَادَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِوَكِيلِ أَخِيهِ الْمُعَيَّنِ لِلِاتِّهَابِ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْعَقْدَ وَاقِعَانِ لِأَخِيهِ (الْقُنْيَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1460) . أَمَّا الْهِبَةُ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ أَيْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الرُّجُوعِ وَذَوُو الرَّحِمِ غَيْرِ، الْمُحَرَّمِ كَابْنِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَابْنِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْخَالِ، وَابْنِ الْخَالَةِ، وَبِنْتِ الْخَالَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِ عَمِّهِ شَيْئًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ الْعَمَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِابْنِ خَالِهِ شَيْئًا فَكَمَا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ لِأَوْلَادِ الْخَالَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ قَرَابَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَحْرِيمَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمْ (الْهِدَايَةُ) . كَذَا إذَا وَهَبَ شَيْئًا لِأَيِّ رَحِمٍ مَحْرَمٍ بِغَيْرِ النَّسَبِ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِلرُّجُوعِ، فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِابْنِ عَمِّهِ نَسَبًا وَأَخِيهِ رَضَاعًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَا رَحِمٍ لِكَوْنِهِ ابْنَ عَمِّهِ وَمَحْرَمًا لِكَوْنِهِ أَخَاهُ رَضَاعًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ التَّحْرِيمَ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ بَلْ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ النَّسَبِ وَهُوَ الرَّضَاعُ. وَكَذَا قَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالسَّبَبِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ كَالْقَرَابَةِ رَضَاعًا أَوْ كَالْقَرَابَةِ مُصَاهَرَةً كَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَزَوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ فِي الرَّضَاعِ أَوْ لِحَمَاتِهِ أَوْ لِابْنِ زَوْجِهِ أَوْ ابْنِ زَوْجَتِهِ أَوْ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ أَوْ زَوْجَةِ ابْنِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ كُلَّ أَشْيَائِهِ لِرَبِيبِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ (مِنْقَارِي زاده) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ الْهِبَةُ الصَّحِيحَةُ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمَحْرَمِيَّةَ بِالرَّحِمِ وَسَائِرِ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) لَمَّا كَانَتْ مَضْمُونَةً بَعْدَ الْهَلَاكِ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ قَبْلَ الْهَلَاكِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) مَثَلًا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ لِوَلَدِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ شَائِعَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مُلَخَّصُ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ: قَدْ جَمَعَ الْفُقَهَاءُ مَوَانِعَ الرُّجُوعِ السَّبْعَةَ عَنْ الْهِبَةِ فِي حُرُوفِ (دمع خزقه) فَالدَّالُ إشَارَةٌ إلَى الزِّيَادَةِ وَسَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (869) وَالْمِيمُ إشَارَةٌ إلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ سَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (872) وَالْعَيْنُ إشَارَةٌ إلَى الْعِوَضِ وَسَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (868) وَالْخَاءُ. إشَارَةٌ إلَى خُرُوجِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (870) وَالزَّايُ، إشَارَةٌ إلَى الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ مَسْطُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ

(المادة 867) وهب كل من الزوج والزوجة لآخر شيئا حال كون الزوجية قائمة بينهما

وَالْقَافُ، إشَارَةٌ إلَى الْقَرَابَةِ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْهَاءُ إشَارَةٌ إلَى الْهَلَاكِ وَسَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (871) . وَهَذِهِ الْمَوَانِعُ السَّبْعَةُ مَجْمُوعَةٌ فِي الْأَبْيَاتِ الْآتِيَةِ الَّتِي مِنْ الْبَحْرِ الْكَامِلِ مَنْعُ الرُّجُوعِ مِنْ الْمَوَاهِبِ سَبْعَةٌ ... فَزِيَادَةٌ مَوْصُولَةٌ مَوْتُ الْعِوَضْ وَخُرُوجُهَا عَنْ مِلْكِ مَوْهُوبٍ لَهُ ... زَوْجِيَّةٌ قُرْبُ هَلَاكٍ قَدْ عَرَضْ [ (الْمَادَّةُ 867) وَهَبَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِآخَرَ شَيْئًا حَالَ كَوْنِ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةً بَيْنَهُمَا] (الْمَادَّةُ 867) لَوْ وَهَبَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِآخَرَ شَيْئًا حَالٍ كَوْنِ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةً بَيْنَهُمَا فَبَعْدَ التَّسْلِيمِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ نَظِيرَةُ الْقَرَابَةِ كَمَا أَنَّهُ يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا بِلَا حَاجِبٍ. وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ الْمَقْصُودُ فِي هِبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الصِّلَةُ وَالتَّوَادُّ كَمَا فِي هِبَةِ الْأَقَارِبِ وَلَيْسَ الْعِوَضَ. وَإِذَا حَصَلَ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهِبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا (الزَّيْلَعِيّ) . وَعَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (حَالَ كَوْنِ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةً) أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ هِيَ الزَّوْجِيَّةُ الْمَوْجُودَةُ وَقْتَ الْهِبَةِ أَمَّا الزَّوْجِيَّةُ وَقْتَ الرُّجُوعِ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً عَنْ الرُّجُوعِ (الْمُلْتَقَى) . فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً شَيْئًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَزَوَّجَ مِنْهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. إذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاهِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْعِوَضُ بِنَاءً عَلَيْهِ حَقُّ الرُّجُوعِ ثَابِتٌ وَلَا يَسْقُطُ هَذَا الْحَقُّ بِالتَّزَوُّجِ (الزَّيْلَعِيّ) . كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ بَعْضَ الْأَمْتِعَةِ لِزَوْجَتِهِ الْغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا هَدِيَّةً وَأَرْسَلَتْ الزَّوْجَةُ لَهُ هَدَايَا عِوَضًا عَنْ هَدَايَاهُ لَهَا سَوَاءٌ أَصَرَّحَتْ عِنْدَ الْإِرْسَالِ بِكَوْنِهَا عِوَضًا أَمْ لَا تُصَرِّحُ ثُمَّ زُفَّا لِبَعْضِهِمَا وَحَصَلَ افْتِرَاقٌ بَيْنَهُمَا وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ مَا أَرْسَلَهُ لِلزَّوْجَةِ كَانَ عَارِيَّةً وَلَيْسَ هِبَةً وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلزَّوْجَةِ أَيْضًا اسْتِرْدَادُ مَا أَرْسَلَتْهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا أَرْسَلَهُ الزَّوْجُ هِبَةً فَلَا عِوَضَ عَلَيْهِ. وَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ أَحَدٌ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ اسْتِهْلَاكَ الْعَارِيَّةِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِزَوْجَتِهِ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ آخَرُ وَبِالْعَكْسِ لَوْ وَهَبَهَا وَالزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةٌ وَافْتَرَقَا بَعْدَ ذَلِكَ يَعْنِي لَوْ طَلَّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. وَإِنْ كَانَتْ حَلِيلَةً وَكَانَ مَقْصُودُهُ الصِّلَةَ دُونَ الْعِوَضِ وَقَدْ حَصَلَ فَسَقَطَ الرُّجُوعُ فَلَا يَعُودُ بِالْإِبَانَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَالْحُكْمُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا وَقْتُ الْوَفَاةِ وَلَيْسَ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ وَمَعَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْهِبَةِ وَقْتُ الْهِبَةِ فَفِي الْوَصِيَّةِ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْمَوْتِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا وَقْتُ الْإِيصَاءِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ

(المادة 868) أعطي للهبة عوض وقبضه الواهب

زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ أَنْ أَوْصَى لَهَا وَصِيَّةً وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُصِرًّا عَلَى إيصَائِهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوْصَى لَهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحَدٌ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الزَّوْجِ أَوَالزَّوْجَةِ لِأَقْرِبَاءِ الْآخَرِ شَيْئًا فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ قَرِيبُ الْبِنْتِ شَيْئًا لِأَبِي الْوَلَدِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ افْتَرَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ. [ (الْمَادَّةُ 868) أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ] (الْمَادَّةُ 868) إذَا أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ فَهُوَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُعْطِيَ لِلْوَاهِبِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ آخَرَ شَيْءٌ عَلَى كَوْنِهِ عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. إذَا أُعْطِيَ مَالٌ غَيْرُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً أَوْ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً لِلْوَاهِبِ عَلَى كَوْنِهِ مُقَابِلًا لِكُلِّ الْمَوْهُوبِ وَقَبَضَ الْوَاهِبُ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْعِوَضِ مَعًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا أَثْنَاءَ الْهِبَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي كَأَنْ يُعْطِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ بِلَا شَرْطٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ هَذَا الْعِوَضَ الثَّانِيَ، لَا يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّ فُرُوعَ الْمَذْهَبِ تَقُولُ بِإِسْقَاطِ الْعِوَضِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . فَالتَّعْوِيضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْهِبَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِلَا خِلَافٍ يَصِحُّ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الْهِبَةُ وَلَا يُخَالِفُهَا إلَّا فِي إسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ فَأَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) مَا لَمْ يَبْقَ الْعِوَضُ سَالِمًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ «الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْخَلَلِ فِي مَقْصُودِ الْوَاهِبِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864) وَلَمَّا كَانَ الْخَلَلُ يَزُولُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ فَلَا يَكُونُ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي رَدِّ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إذْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فِيمَا إذَا زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ (الزَّيْلَعِيّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - كُلُّ الْهِبَةِ قَدْ زِيدَتْ فِي الشَّرْحِ لَفْظَةَ، (كُلٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ عِوَضٌ فِي مُقَابِلِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فِي هَذَا النِّصْفِ إلَّا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الرُّجُوعِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمَانِعِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864) (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) فَالتَّعْوِيضُ الَّذِي يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنَّهُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ فَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ يَنْحَصِرُ فِي نِصْفِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ بِالرُّجُوعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُولَدُ الشُّيُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ طَارِئٌ فَلَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) . 2 - مَالُ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَسَتَأْتِي إيضَاحَاتُ ذَلِكَ قَرِيبًا. 3 - إذَا أُعْطِي عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً أَوْ عُمْرَى فَيَسْقُطُ بِإِعْطَائِهِمَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ كَمَا يَسْقُطُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعِوَضِ، الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى اعْتِبَارٌ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

عِوَضٌ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا اللَّفْظِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ شَعِيرًا وَالْعِوَضُ شَعِيرًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَحْضَةٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا الرِّبَا (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَيْسَ بِبَدَلٍ حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا جَازَ بِالْأَقَلِّ لِلرِّبَا، يُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مَالِكٌ لِلْهِبَةِ وَالْإِنْسَانُ لَا يُعْطِي بَدَلَ مِلْكِهِ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُعْطِي عِوَضَهُ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَوْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ شَعِيرًا وَالْعِوَضُ حِنْطَةً أَوْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ حِنْطَةً وَالْعِوَضُ دَقِيقًا مِنْ تِلْكَ الْحِنْطَةِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُ الْهِبَةِ كَقَبْضِهِ وَإِفْرَازِهِ عَنْ مَالِ الْمُعَوِّضِ فَإِنْ عَوَّضَهُ ثَمَرًا عَلَى شَجَرَةٍ لَا يَتِمُّ حَتَّى يُفْرِزَهُ وَعَدَمِ، شُيُوعٍ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجَّانًا وَيَسِيرًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَلْزَمُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ لِيَكُونَ هَذَا الْعِوَضُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعِوَضَ بِلَفْظٍ يَعْلَمُ بِهِ الْوَاهِبُ أَنَّهُ أَعْطَى عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ كَقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلْوَاهِبِ: خُذْ هَذَا عِوَضًا عَنْ هِبَتِك أَوْ ثَوَابًا لِهِبَتِك وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِحَقِّ الرُّجُوعِ هُوَ الْعِوَضُ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ بِرِضَا الْوَاهِبِ (الزَّيْلَعِيّ) وَيَلْزَمُ فِي الرِّضَا الْعِلْمُ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ فِي مِثَالِهَا الْآتِي الذِّكْرِ بِقَوْلِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ عِوَضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ الْآخَرُ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْضًا لِلْوَاهِبِ شَيْئًا وَلَمْ يَقُلْ كَلَامًا كَقَوْلِهِ: هُوَ عِوَضٌ لِهِبَتِكَ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً فَلِلِاثْنَيْنِ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . وَفِي الْجَوْهَرَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَكْفِي الْعِلْمُ بِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ هِبَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ غَيْرَ الْمَوْهُوبِ يَعْنِي أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُعْطَى فِي مُقَابِلِ الْهِبَةِ عِوَضًا غَيْرَ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِي الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ جُزْءٌ مِنْ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ تُفْسَخُ الْهِبَةُ فِي الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ عِوَضًا حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي كُلِّ الْمَوْهُوبِ وَوُصُولُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ إلَى يَدِ الْوَاهِبِ بِاسْمِ الْعِوَضِ لَا يَسْقُطُ، حَقُّهُ، فِي الرُّجُوعِ بِبَاقِي الْمَوْهُوبِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْمَوْهُوبِ عِوَضًا (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَا لَوْ أُعْطِيت غُرْفَةٌ مِنْ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ عِوَضًا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً فِي الرُّجُوعِ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَانًا وَفَرَسًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ مَعًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْحِصَانَ عِوَضًا لِلْفَرَسِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْفَرَسِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَانَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لَغْوًا وَلَا يَمْنَعُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرُّجُوعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الشَّرْطِ مَسْأَلَتَانِ: 1 - لَوْ تَغَيَّرَ الْمَوْهُوبُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فِيهِ فَجَعْلُ بَعْضِهِ عِوَضًا صَحِيحٌ كَأَنْ يَهَبَ الْوَاهِبُ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَيُسَلِّمَهَا وَيَطْحَنُ مِنْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ كَيْلَةً وَاحِدَةً وَيَجْعَلَهَا دَقِيقًا ثُمَّ يُعْطِيهَا

لِلْوَاهِبِ عِوَضًا صَحَّ ذَلِكَ وَسَقَطَ حَقُّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ، أَحَدٌ ثَوْبَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا وَأَعْطَى الْوَاهِبَ، أَحَدَهُمَا بَعْدَ أَنْ صَبَغَهُ أَوْ خَاطَهُ كَانَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الْعِوَضِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . 2 - إذَا كَانَ عَقْدُ الْهِبَةِ مُتَعَدِّدًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ فِي عَقْدٍ عِوَضًا لِلْمَوْهُوبِ فِي عَقْدٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَانًا بِعَقْدٍ وَفَرَسًا بِآخَرَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا فَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْفَرَسَ عِوَضًا لِلْحِصَانِ أَوْ الْحِصَانَ عِوَضًا لِلْفَرَسِ كَانَ صَحِيحًا. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ هِبَةً وَأَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ نَفْسِهِ مَالًا آخَرَ صَدَقَةً وَأَعْطَى الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ صَدَقَةً عِوَضًا لِلْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ هِبَةً كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَتْ فَرَسٌ فَوَلَدَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمُهْرَ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا عَنْ الْمَوْهُوبِ كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْوَلَدِ فَصَحَّ الْعِوَضُ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: لِلْوَاهِبِ سَلَامَةُ الْعِوَضِ. فَعَلَيْهِ لَوْ ضُبِطَ الْعِوَضُ مِنْ يَدِ الْوَاهِبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ عِوَضًا فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ حَالٌ آخَرُ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . أَمَّا إذَا ضُبِطَ بَعْضُ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَشْرُوطٍ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ وَأَعَادَ الْوَاهِبُ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ، مِنْ الْعِوَضِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ. هَذَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ حَالٌ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْوَاهِبِ حَقَّ رُجُوعِهِ نَاشِئٌ عَنْ بَقَاءِ كُلِّ الْعِوَضِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ كُلُّ الْعِوَضِ سَالِمًا فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَوْهُوبِ بِرَدِّهِ بَاقِي الْعِوَضِ (الْعِنَايَةُ) . وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُعِدْ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَاقِيَ، الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ بَاقِيَ، الْعِوَضِ هُوَ صَالِحٌ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضَ ابْتِدَاءٍ وَلَمَّا كَانَ الْبَقَاءُ أَسْهَلَ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَالْبَقَاءُ أَيْضًا صَالِحٌ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضًا (الدُّرَرُ وَالْكَنْزُ وَالْعِنَايَةُ) . وَإِذَا ضُبِطَ بَعْضُ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَحَدَثَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ كَتَلَفِ الْمَوْهُوبِ أَوْ حُصُولِ زِيَادَةٍ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ شُرِطَ الْعِوَضُ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ فَلَيْسَ ثَمَّةَ حَقٌّ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ كَانَ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (871) لِاسْتِحَالَةِ الرُّجُوعِ وَشَرْطُ التَّعْوِيضِ أَوْ عَدَمُهُ فِي ذَلِكَ سِيَّانِ كَمَا أَنَّ حُصُولَ الزِّيَادَةِ هُوَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ كَالتَّلَفِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (869) (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَيْضًا عِوَضًا وَتَلِفَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ حَصَلَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ ضُبِطَ الْعِوَضُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ بَدَلِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ أَتْلَفَ الْمَوْهُوبَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْهِبَةِ فَيُوجَدُ حَقٌّ فِي التَّضْمِينِ. وَسَيُوَضَّحُ فِي الْآتِي: إنَّ سَلَامَةَ الْمَوْهُوبِ الْمُعَوَّضِ شَرْطٌ فِي التَّعْوِيضِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ ضُبِطَ كُلُّ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ أُعْطِيَ عِوَضًا لَهُ فَكَمَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعَ بِكُلِّ الْعِوَضِ فَلَوْ ضُبِطَ نِصْفُ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْعِوَضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَالٌ سَالِمٌ فِي مُقَابِلِ

نِصْفِ عِوَضِهِ (الْعِنَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إعَادَةُ بَاقِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ وَاسْتِرْدَادُ كُلِّ الْعِوَضِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ضُبِطَ الْمَوْهُوبُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَتَلِفَ الْعِوَضُ أَوْ حَصَلَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ وَحَدَثَ فِيهِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ ضَمَانٌ عَلَى رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَأَصْلِ الْمَوْهُوبِ. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ وَلَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَوْهُوبِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي نِصْفِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ زَادَ الْعِوَضُ أَوْ نَقَصَ، فِي السِّعْرِ أَوْ زَادَ فِي الْبَدَنِ أَوْ نَقَصَ، فِيهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَنِصْفَ النُّقْصَانِ انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا أَثْنَاءَ الْعَقْدِ يَعْنِي لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطَى، عِوَضًا مَعْلُومًا وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ ضُبِطَ كُلُّ الْعِوَضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْوَاهِبِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَرِدَّ نِصْفَ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا أَصْبَحَ عَقْدُ الْهِبَةِ عَقْدَ مُبَادَلَةٍ فَلِذَا يُوَزَّعُ الْبَدَلُ عَلَى الْمُبْدَلِ وَيُقَسَّمُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْعِنَايَةُ، جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . إذَا ضُبِطَ الْمَوْهُوبُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْعِوَضُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَضْمَنَ إذَا تَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ حَصَرَ عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ الْآنِفَةَ الْبَيَانِ بِالْمَالِ الْغَيْرِ قَابِلِ الْقِسْمَةِ وَذَكَرَ أَنَّ ضَبْطَ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْعِوَضِ الْقَابِلِي الْقِسْمَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ بُطْلَانَ الْهِبَةِ فَيَرْجِعُ عَنْ كُلِّ الْمَوْهُوبِ وَالْعِوَضِ. وَقَوْلُ الطَّحْطَاوِيِّ (هَذَا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفًا مُعَيَّنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ أَصْلًا) مَبْنِيٌّ عَلَى ذَلِكَ. وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ هُوَ حَسْبَمَا فُصِّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (858) بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشُّيُوعَ الْعَارِضَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ شُيُوعٌ مُقَارَنٌ وَلَمَّا كَانَ الشُّيُوعُ الْمَذْكُورُ حَسَبَ رَأْيِ الْمَجَلَّةِ شُيُوعًا طَارِئًا فَلِذَلِكَ الْبَيَانُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ مَقْبُولٍ هُنَا وَلَا تَخْتَلِفُ الْأَحْكَامُ الْمَبْنِيَّةُ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْعِوَضُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (أَبُو السُّعُودِ) . الِاخْتِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْعِوَضِ: إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ شُرِطَ الْعِوَضُ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: لَمْ يُشْتَرَطْ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) وَيَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَهُنَا عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ بِاَللَّهِ أَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِوَضَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا أَمَّا إذَا تَلِفَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (871) .

كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فَقَالَ لَهُ الْمَوْهُوبُ: أَعْطَيْتُك عِوَضًا وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْهِبَةِ مَجَّانًا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ (عَبْدُ الرَّحِيمِ) . كَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى أَنَّهَا هِبَةٌ بِشَرْطِ الْعِوَضِ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا وَالْعِوَضُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَالْوَاهِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَدَّقَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَقَبَضَ الْمِقْدَارَ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَوْهُوبَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى الْوَاهِبُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ، عَنْ كُلِّ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الْإِعْطَاءُ مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ جَانِبِ شَخْصٍ آخَرَ أَيْ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ وَأَمْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِلَا إذْنِهِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ هِبَتِهِ. يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ الْعِوَضِ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِ الْوَاهِبِ صَحِيحٌ وَهَذَا يُسْقِطُ حَقَّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمَّا كَانَ سَالِمًا لِلْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ عِوَضِهِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعِوَضِ الَّذِي أَعْطَاهُ مِنْ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْمَذْكُورَ قَدْ كَانَ مُتَبَرِّعًا مِنْ طَرَفِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِإِسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ (الدُّرَرُ، نُوحٌ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِطَلَبِ بَدَلِهِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْعِوَضَ بِإِذْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَمْرِهِ أَوْ بِلَا إذْنِهِ وَأَمْرِهِ (الْبَحْرُ، وَالدُّرَرُ) ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ أَعْطَاهُ بِلَا أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَإِذَا أَعْطَاهُ بِأَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْقَاعِدَةَ فِي الرُّجُوعِ هُوَ: إذَا كَانَ أَحَدٌ مُطَالَبًا بِحَبْسِ شَيْءٍ وَمُلَازَمَتِهِ كَالدَّيْنِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ فَلَوْ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الشَّخْصَ الْآخَرَ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِلَا شَرْطِ الضَّمَانِ كَانَ حَقُّ رُجُوعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مُثْبَتًا أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا. مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْآمِرُ الضَّمَانَ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ الْأَمْرُ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ وَأَدَاءِ النَّذْرِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ بِهِمَا لَكِنْ لَا بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَتَتَفَرَّعُ هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 1 - الْمَدْيُونُ إذَا أَمَرَ الْمَدِينُ شَخْصًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ فَأَدَّاهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدِينِ بِمَا أَدَّاهُ وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1556) . (أَبُو السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ وَالْخَانِيَّةُ) . 2 - لَوْ أُمِرَ أَحَدٌ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ عَلَيْهِمْ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1508) . وَعَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ بِالتَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَأَمْرُهُ بِالتَّعْوِيضِ لَيْسَ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ. وَإِنَّمَا يُصْرَفُ الْأَمْرُ الْمَذْكُورُ إلَى التَّبَرُّعِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ ضَمَانًا إلَّا إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ (الْعِنَايَةُ) فَلَوْ أَمَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيَّ بِقَوْلِهِ: أَعْطِ الْعِوَضَ عَلَى أَنْ أَكُونَ ضَامِنًا وَأَعْطَى

(المادة 869) حصل في الموهوب زيادة متصلة

الْأَجْنَبِيُّ الْعِوَضَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْعِوَضِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَسَتُعْطَى الْإِيضَاحَاتُ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ. وَيُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: ابْنِ دَارِي أَوْ عَمِّرْهَا وَعَمِلَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ (الطَّحْطَاوِيُّ) [ (الْمَادَّة 869) حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ] (الْمَادَّة 869) إذَا حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَأَحْدَثَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا شَجَرًا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ غُيِّرَ عَلَى وَجْهٍ تَبَدَّلَ بِهِ اسْمُهُ كَأَنْ كَانَ حِنْطَةً فَطُحِنَتْ وَجُعِلَتْ دَقِيقًا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ فَلَوْ حَمَلَتْ الْفَرَسُ الَّتِي وَهَبَهَا أَحَدٌ لِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ لَكِنْ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ فَلُوُّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. حُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُوجِبَةِ لِازْدِيَادِ قِيمَةِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمَوْهُوبِ وَبِمَا أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مَوْهُوبَةً فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا كَمَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيهَا أَصْلًا لِتَعَذُّرِ فَصْلِ الْأَصْلِ عَنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى يُمْكِنَ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الزِّيَادَةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 46) أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُوجِبَةً لِتَزَايُدِ الْقِيمَةِ أَوْ كَانَ تَزَايُدُ الْقِيمَةِ لِمُجَرَّدِ تَرَقِّي الْأَسْعَارِ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ. سُؤَالٌ، إنَّ مَنْعَ الرُّجُوعِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الزِّيَادَةِ مَعًا مُسْتَلْزِمٌ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْوَاهِبِ، وَالرُّجُوعَ فِيهِمَا مُسْتَلْزِمٌ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا. فَمَا السَّبَبُ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ؟ . جَوَابٌ، إنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ تَمَلُّكٍ فِي الْأَصْلِ فَقَطْ أَمَّا حَقُّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ مِلْكٌ حَقِيقَةً فِي الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ مَعًا، بِنَاءً عَلَيْهِ تَكُونُ مُرَاعَاةُ الْمِلْكِ حَقِيقَةً عِنْدَ تَعَذُّرِ الْفَصْلِ أَوْلَى. وَلَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابِلِ حَقِّ التَّمَلُّكِ وَلِذَلِكَ لَزِمَ بُطْلَانُ حَقِّ الْوَاهِبِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا: إذَا حَصَلَ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ كَأَنْ كَانَ أَرْضًا وَأَحْدَثَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا شَجَرًا بِصُورَةٍ تُوجِبُ زِيَادَةَ قِيمَتِهَا أَوْ أَخْرَجَ الْمَاءَ مِنْهَا بِإِنْشَاءِ سَاقِيَّةٍ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ ثِيَابًا وَخَاطَهَا أَوْ كَانَ حَيَوَانًا ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ كَانَ كَاغِدًا وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ صَغِيرًا وَكَبِرَ، فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ كَانَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ بِأَحَدِ الْأَلْوَانِ أَيْ حَصَلَتْ فِي الْمَوْهُوبِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ فِي الْعَيْنِ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ حَاصِلَةً بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَوَلِّدَةً أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حِنْطَةً فَطُحِنَتْ وَجُعِلَتْ دَقِيقًا أَوْ كَانَ دَقِيقًا فَجُعِلَ خُبْزًا أَوْ

كَانَ لَبَنًا فَصُنِعَ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ كَانَ بَيْضَةً فَصَارَتْ فَرْخًا لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حِينَئِذٍ وَالتَّغْيِيرُ الْأَخِيرُ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَوْهُوبِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ هَلَاكِ الْمَوْهُوبِ حُكْمًا فَعَلَيْهِ لَوْ ذُكِرَتْ فِقْرَةٌ كَأَنْ كَانَ حِنْطَةً وَطُحِنَتْ فِي الْمَادَّةِ (871) لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَادَّةِ (899) مُقَابِلًا لِلْمَادَّةِ (898) إنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ. قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (وَأَحْدَثَ بِنَاءً. . . إلَخْ) فَالْمَقْصُودُ هُوَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الَّتِي تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ كَبِيرَةً وَأُحْدِثَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَلْزِمًا الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ غَيْرِهَا فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَةِ تِلْكَ الْقِطْعَةِ (الْهِدَايَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ كُوخًا فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ أَشْجَارًا غَيْرَ ذَاتِ أَهَمِّيَّةٍ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ ازْدِيَادَ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي أَيِّ قِسْمٍ مِنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ بَنَى فِي مَكَان غَيْرِ مُنَاسِبٍ تَنُّورًا مِنْ طِينٍ لِخَبْزِ الْخُبْزِ وَلَمْ يُوجِبْ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَيُعْرَفُ كَوْنُهُ مُوجِبًا لِزِيَادَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَرَّةً وَاحِدَةً خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَتُقَوَّمُ أُخْرَى عَلَى أَنَّ فِيهَا الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ. فَإِذَا كَانَ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَزْيَدَ فِي حَالِ وُجُودِ الْبِنَاءِ مَثَلًا يُفْهَمُ أَنَّ الْبِنَاءَ مُوجِبٌ لِلزِّيَادَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ تَفَاوُتٌ بَيْنَهُمَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلزِّيَادَةِ. ثَانِيًا - لَوْ جَعَلَ الْحَمَّامَ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَارًا فَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ فَلَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ أَمَّا إذَا حَصَلَتْ زِيَادَةٌ كَفَتْحِ بَابٍ وَتَطْيِينٍ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَالِثًا - وَإِذَا نُقِلَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِنْ مَكَانٍ لِآخَرَ وَأَوْجَبَ النَّقْلُ الْمَذْكُورُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةٍ الْمَوْهُوبِ وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى مَئُونَة لِلنَّقْلِ فَذَلِكَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ مُؤَدِّيًا إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْكِرَاءِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا كَانَتْ حَاصِلَةً فِي الْعَيْنِ فَهِيَ كَالزِّيَادَةِ فِي السِّعْرِ (الزَّيْلَعِيّ) . رَابِعًا - لَوْ مَسَحَ الْمِرْآةَ الَّتِي اتَّهَبَهَا مِنْ الْغُبَارِ أَوْ كَسَرَ الْحَطَبَ الَّذِي اتَّهَبَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الْقُنْيَةِ، وَالْحَمَوِيُّ) . خَامِسًا - إنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ بَلْ تُوجِبُ النُّقْصَانَ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ هِيَ صُورِيَّةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نُقْصَانٌ (الْفَتْحُ) لَوْ ظَهَرَ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي اتَّهَبَهُ أَحَدٌ وَقَبَضَهُ سِنٌّ شَاخِصَةٌ أَيْ خَارِجَةٌ عَنْ أَسْنَانِهِ فَوْقَ الْمُعْتَادِ فَلَا تُعَدُّ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِزِيَادَةٍ حَقِيقِيَّةٍ بَلْ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَبْعَثُ عَلَى النُّقْصَانِ. كَذَلِكَ الطُّولُ الْفَاحِشُ الْمُوجِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ لَيْسَ زِيَادَةً مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ فَصَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقُمَاشَ الْمَوْهُوبَ ثَوْبًا وَلَمْ يَخِطْهُ فَذَلِكَ لَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) .

إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِي عَيْنِ الْمَوْهُوبِ بَلْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ حَاصِلَةً مِنْ تَرَقِّي الْأَسْعَارِ فَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلرُّجُوعِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَقَّتْ الْأَسْعَارُ فَصَعِدَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الْكَنْزُ، أَبُو السُّعُودِ) وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِنَقْلِ الْمَوْهُوبِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ الَّتِي بَيَّنَّا أَنَّهَا مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصُنْعِهِ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي صُورَةِ النَّقْلِ فَهِيَ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَمَلِهِ. الِاخْتِلَافُ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ. لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَوْهُوبَ قَدْ كَانَ ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَهُ وَقَدْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 67) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ لَكِنَّ الْقَوْلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ يَعْنِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالصَّبْغِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ الْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَكَانَ فِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ فَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ وَهَبَهُ الْأَرْضَ صَحْرَاءَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا وَادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ هِبَتِهِ الْأَرْضَ وَتَسْلِيمِهَا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ ثَوْبًا مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا أَوْ سَيْفًا مُحَلًّى فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ تُسْتَثْنَى الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ بِنَاؤُهَا وَإِنْشَاؤُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ تَارِيخِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ كَذِبَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي هَذَا مُتَيَقَّنٌ؛ لِأَنَّ إحْدَاثَ بِنَاءٍ كَهَذَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُحَالٌ عَادَةً (الطَّحْطَاوِيُّ) . سَادِسًا - وَحُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ، فَالنُّقْصَانُ لَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ. وَالنُّقْصَانُ، الْمَذْكُورُ، سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ حَاصِلًا بِسَبَبٍ آخَرَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَذَا النُّقْصَانَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ ذَبَحَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّاةَ الْمَوْهُوبَةَ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَاسْتِرْدَادُهَا أَمَّا بَعْدَ الطَّبْخِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ بَلَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْكَعْكَ الْمَوْهُوبَ بِالْمَاءِ فَقَطْ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ كَمَا لَوْ بَلَّ الْحِنْطَةَ الْمَوْهُوبَةَ بِالْمَاءِ أَيْضًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ. سَابِعًا: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ كِرْبَاسًا أَيْ قُمَاشَ الْكَتَّانِ الْخَامِ وَقَصَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ حَدَثَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَصِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ. أَمَّا لَوْ غَسَلَهُ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِلرُّجُوعِ. ثَامِنًا: إذَا سَنَّ السِّكِّينَ الْمَوْهُوبَةَ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ سَيْفًا فَجَعَلَهُ سِكِّينًا أَوْ كَانَ سِكِّينًا فَجَعَلَهُ سَيْفًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. تَاسِعًا: لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَجَرَةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا وَقَطَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ.

عَاشِرًا: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ خَشَبًا وَعَمِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهُ خِزَانَةً أَوْ بَابًا فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ. الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ تُرَابًا أَوْ كِلْسًا فَعَمِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهُ طِينًا لِلْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَالْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الرُّجُوعِ) . الثَّانِيَ عَشَرَ: لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ حَيَوَانًا وَحَمَلَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَنْ الْهِبَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي السِّرَاجِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيّ يَرْجِعُ. الثَّالِثَ عَشَرَ: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ حَيَوَانًا حَامِلًا وَأَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ فَالرُّجُوعُ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةٍ يَزِيدُ فِيهَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ. أَمَّا الرُّجُوعُ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الَّتِي يُعْلَمُ فِيهَا زِيَادَةُ الْحَمْلِ فَغَيْرُ جَائِزٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَيْسَتْ بِمَانِعَةٍ لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي الْأَصْلِ مَعَ تَرْكِ الزِّيَادَةِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْكِفَايَةُ) . وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ أَصْلِ الْمَوْهُوبِ كَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ كَبَدَلِ إيجَارِ الْمَوْهُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . إنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ مَعَ أَنَّهَا مَانِعَةٌ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَهِيَ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ بِعَكْسِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَلَيْسَتْ مَانِعَةً لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ فِي الْمُنْفَصِلَةِ إمَّا أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ جَمِيعًا أَوْ عَلَى الْأَصْلِ وَحْدَهُ لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَقْصُودَةً بِالرَّدِّ أَوْ بِالتَّبَعِيَّةِ وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهَا وَالْفَسْخَ يُرَدُّ عَلَى مُورِدِ الْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لَا يَتْبَعُ الْأُمَّ لَا مَحَالَةَ وَإِلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ تَبْقَى الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَجَّانًا وَهُوَ رِبًا بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَجَّانًا لَمْ تُفْضِ إلَى الرِّبَا وَأَمَّا فِي الْمُتَّصِلَةِ فَإِنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إنَّمَا هُوَ مِمَّنْ حَصَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَكَانَ فِيهِ إسْقَاطُ حَقِّهِ بِرِضَاهُ فَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مَانِعَةً عَنْهُ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِرِضَا ذَلِكَ وَلَا بِاخْتِيَارِهِ فَكَانَتْ مَانِعَةً (الْعِنَايَةُ) فَعَلَيْهِ لَوْ حَمَلَتْ الْفَرَسُ الَّتِي وَهَبَهَا أَحَدٌ لِآخَرَ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ. وَهَذَا التَّفْرِيعُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. أَمَّا بَعْدَ أَنْ تَلِدَ تِلْكَ الْفَرَسُ فَبِمَا أَنَّ مَانِعَ الرُّجُوعِ قَدْ زَالَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (24) وَهَلْ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ إلَى أَنْ يُسْتَغْنَى الْفَلُوُّ عَنْ الرَّضَاعَةِ؟ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا وَلَدَ الْمَوْهُوبُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِالْأُمِّ فِي الْحَالِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَةِ الْأُمِّ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ الْفَلُوُّ عَنْ اللَّبَنِ وَيُمْكِنُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِالْفَلُوِّ انْتَهَى. وَفِي الطَّحْطَاوِيِّ مَسْأَلَةٌ أَيْضًا فِي هَذَا الْخُصُوصِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ حَقَّ، الرُّجُوعِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِالْفَرَسِ قَبْلَ الِاسْتِغْنَاءِ أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى الْفَلُوُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَعْنِي يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِزَوَالِ مَانِعِ الرُّجُوعِ، وَزَوَالُ مَانِعِ الرُّجُوعِ سَوَاءٌ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ وَالْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ وَالْحُكْمِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى الزَّوَالِ قَبْلَ الْحُكْمِ:

(المادة 870) باع الموهوب له الموهوب أو أخرجه من ملكه بالهبة والتسليم

الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا حَمَلَتْ الْفَرَسُ الَّتِي وَهَبَهَا أَحَدٌ لِآخَرَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَسَلَّمَهَا لَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَدَتْ فَيُمْكِنُ الرُّجُوعُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فَرَسًا حَامِلًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَوَضَعَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ أَيْضًا وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَبْقَى الْفَلُوُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (ابْنُ نُجَيْمٍ) . الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ الَّذِي بَنَاهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْعَرْصَةِ الْمَوْهُوبَةِ وَرَجَعَتْ الْعَرْصَةُ إلَى حَالِهَا الْأَصْلِيِّ عَادَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ وَلَوْ نَزَلَتْ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَبِرَ، وَقْتَئِذٍ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ فَسَقَطَ حَقُّ الرُّجُوعِ وَلَا يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِحُصُولِ النُّقْصَانِ بَعْدَئِذٍ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى زَوَالِ مَانِعِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا طَلَبَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ هِبَةِ الْفَرَسِ الْحَامِلِ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ ثُمَّ وَلَدَتْ الْفَرَسُ فَيَعُودُ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ. الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَرَاجَعَ الْوَاهِبُ الْحَاكِمَ وَادَّعَى فَسْخَ الْهِبَةِ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِيهَا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَلَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ الْهِبَةِ بِنَاءً عَلَى وُجُودِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَدَمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبِنَاءَ وَأَرْجَعَ الْأَرْضَ إلَى حَالِهَا الْأَصْلِيِّ يَعُودُ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) مَعَ كَوْنِهِ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِسُقُوطِ الْخِيَارِ بِسَبَبِ وُجُودِ الْمَانِعِ عِنْدَ الرَّدِّ وَزَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَانِعُ، الرَّدِّ فَلَا يَعُودُ الْخِيَارُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرِضَتْ الدَّابَّةُ وَرَاجَعَ الْمُشْتَرِي الْحَاكِمَ طَالِبًا فَسْخَ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ الْخِيَارِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِبُطْلَانِ حَقِّ الْفَسْخِ لِحُدُوثِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَوُجُودِهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ أَيْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَرِئَ الْحَيَوَانُ مِنْ الْمَرَضِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ لَهُ حَقَّ الرَّدِّ بِدَاعِي أَنَّ الْحَيَوَانَ بَرِئَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَعَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ كَمَا يَلِي: لَا يَسْقُطُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ بِالْإِسْقَاطِ وَالْإِبْطَالِ. كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864) فَعَلَيْهِ قَدْ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا. أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ خِيَارُ شَرْطٍ وَحَقُّ فَسْخِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ ذَلِكَ بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَهُمَا (الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) [ (الْمَادَّةُ 870) بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ] (الْمَادَّةُ 870) إذَا بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَبْقَى لِلْوَاهِبِ صَلَاحِيَّةُ الرُّجُوعِ. خُرُوجُ الْمَوْهُوبِ مِنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ أَيْ إذَا بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ بِهِبَتِهِ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ أَوْ بِوَقْفِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُتَوَلِّي وَتَسْجِيلِهِ التَّسْجِيلَ الشَّرْعِيَّ فَلَا يَبْقَى لِلْوَاهِبِ صَلَاحِيَّةُ الرُّجُوعِ حَتَّى وَلَوْ عَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى مِلْكِهِ مَرَّةً أُخْرَى. يَعْنِي إذَا عَادَ الْمَوْهُوبُ إلَى

مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا عَادَ الْمَوْهُوبُ إلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ قَدْ ذَكَرَتْ بَدَلًا مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عِبَارَةَ (خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ) فَقَدْ أَدْخَلَتْ بِتَعْبِيرِ (الْخُرُوجِ) انْتِقَالَ الْمَوْهُوبِ بِوَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إلَى وَارِثِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا: أَوَّلًا: لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ طَلَبُ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْوَاهِبِ الثَّانِي وَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ تَبَدُّلٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فِي شَيْءٍ قَائِمٍ مَقَامَ تَبَدُّلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (98) . وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ الثَّانِي أَيْضًا؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْ مِلْكِهِ وَتَمْلِيكَهُ لِآخَرَ قَدْ كَانَ بِتَسْلِيطِ الْوَاهِبِ فَرُجُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الشَّيْءِ الَّذِي تَمَّ مِنْ طَرَفِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (100) (الزَّيْلَعِيّ) . ثَانِيًا: لَوْ أَخْرَجَ الْمَوْهُوبُ لَهُ نِصْفَ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فَقَطْ مِنْ مِلْكِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ نِصْفًا شَائِعًا أَمْ كَانَ نِصْفًا مَقْسُومًا فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِهَذَا النِّصْفِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ (الْفَتْحُ) . لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُقَدَّرَ الِامْتِنَاعُ عَنْ الرُّجُوعِ بِقَدْرِ الْمَانِعِ وَمَانِعُ الرُّجُوعِ فِي هَذَا النِّصْفِ فَقَطْ (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا أَنَّ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعَ بِنِصْفِ الْمَوْهُوبِ فِي حَالِ عَدَمِ إخْرَاجِ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْهُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقَّ الرُّجُوعِ فِي الْكُلِّ فَكَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ كُلَّ حَقِّهِ فَلَهُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِ حَقِّهِ وَيَتْرُكُ الْبَعْضَ الْآخَرَ. كَمَا أَنَّ لَهُ حَقًّا بِتَرْكِ كُلِّ حَقِّهِ فَلَهُ حَقٌّ بِتَرْكِ بَعْضِهِ أَيْضًا (الْعَيْنِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (862) . ثَالِثًا: لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَبْلَغًا لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ اسْتَقْرَضَهُ مِنْهُ أَوْ أَقْرَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِغَيْرِهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَوْهُوبَ قَدْ اُسْتُهْلِكَ فَلَيْسَ مِنْ رُجُوعٍ. رَابِعًا: لَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ. خَامِسًا: لَوْ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِشَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ عَادَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ الْوَاهِبِ الثَّانِي فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ حَقُّ الرُّجُوعِ. سَادِسًا: لَوْ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْوَهُوبِ لَهُ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقِيرًا وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ الْبَهْجَةُ، الدُّرَرُ، عَزْمِي زَادَهْ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . سَابِعًا: إذَا بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِآخَرَ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ تَعُدْ عَيْنُ الْمَوْهُوبِ إلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَعَادَتْ بِسَبَبِ الْفَسْخِ فَيَعُودُ حَقُّ رُجُوعِ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ أَيْضًا. فَلَوْ وَهَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَرَجَعَ بَعْدَ

(المادة 871) استهلاك الموهوب في يد الموهوب له

ذَلِكَ عَنْ هِبَتِهِ سَوَاءٌ أَرَجَعَ بِالرِّضَاءِ أَمْ بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (الْأَنْقِرْوِيُّ، وَعَزْمِي زَادَهْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الرُّجُوعَ فَسْخٌ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (864) وَلَيْسَ عَقْدًا جَدِيدًا [ (الْمَادَّةُ 871) اسْتِهْلَاك الْمَوْهُوب فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ] (الْمَادَّةُ 871) إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَبْقَى لِلرُّجُوعِ مَحِلٌّ. هَلَاكُ الْمَوْهُوبِ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ. يَعْنِي إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ اسْتِهْلَاكًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا فَلَا مَحِلَّ لِلرُّجُوعِ فِي الْمُسْتَهْلَكِ. أَمَّا إذَا وُجِدَ قِسْمٌ غَيْرُ مُسْتَهْلَكٍ فَيُمْكِنُ الرُّجُوعُ بِهِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَدَلَ الْمَوْهُوبِ الْمُسْتَهْلَكِ. سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَمْ اسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ أَمْ تَلِفَ بِنَفْسِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْهَلَاكِ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا تَضْمِينُ بَدَلِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ (الزَّيْلَعِيّ) وَالْهَلَاكُ أَوَّلًا، يَكُونُ حَقِيقِيًّا وَهَذَا يَحْصُلُ بِتَلَفِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ كَأَكْلِ وَذَبْحِ الشَّاةِ. ثَانِيًا، يَكُونُ حُكْمِيًّا وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَلَفِ عَامَّةِ مَنَافِعِ الْمَوْهُوبِ مَعَ بَقَائِهِ وَوُجُودِهِ كَجَعْلِ السَّيْفِ الْمَوْهُوبِ سِكِّينًا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ الْمَوْهُوبَةِ دَقِيقًا أَوْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ وَجَعْلِهَا حَطَبًا أَوْ عَمَلِ التُّرَابِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الرَّمْلِ طِينًا أَوْ خَلْطِ خَمْسَةِ رِيَالَاتٍ مَوْهُوبَةٍ بِأُخْرَى مِثْلِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (869) (الْقُهُسْتَانِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. اخْتِلَافُ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ: وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ بِتَلَفِ الْمَوْهُوبِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَاهِبِ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1773) ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ. فَأَصْبَحَ مُشَابِهًا لِلْمُسْتَوْدِعِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَعَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينِ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يُخْبِرُ عَنْ تَلَفِ مَالِهِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فَلَهُ يُحَلِّفُ الْمَوْهُوبَ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ هُوَ لَيْسَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ (ابْنُ نُجَيْمٍ) . كَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْوَاهِبُ دَعْوَى الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ أَخُو الْوَاهِبِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (866) فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ عِنْدَ الْإِنْكَارِ تَحْلِيفُ الْوَاهِبِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَخًا لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا هُنَا النَّسَبُ بَلْ الْمَقْصُودُ الْمَالُ الَّذِي هُوَ مُسَبَّبُ النَّسَبِ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ فِي ذَلِكَ هُوَ الْمَالُ وَلَيْسَ النَّسَبُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ هِبَتِهِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ إعْطَاءَهُ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَعْطَيْتَنِي، إيَّاهُ صَدَقَةً وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ مُمَلِّكٌ فَتُعْرَفُ جِهَةُ التَّمْلِيكِ مِنْهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ ذِكْرِ الْمَوْهُوبِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ الْمَوْهُوبِ التَّالِفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ كُلُّهُ كَمَا أَنَّهُ لَا

(المادة 872) وفاة كل من الواهب والموهوب له

يَرْجِعُ عَنْ بَعْضِهِ إذَا تَلِفَ الْبَعْضُ أَمَّا الْقِسْمُ الَّذِي لَمْ يَتْلَفْ فَيَرْجِعُ فِيهِ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ دَارًا فَهُدِمَتْ الدَّارُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فِي الْعَرْصَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 872) وَفَاةُ كُلٍّ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ] (الْمَادَّةُ 872) - وَفَاةُ كُلٍّ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ إذَا تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ. وَوَفَاةُ كُلٍّ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ مِنْ وَرَثَتِهِ كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَوْهُوبِ أَيْ أَنَّ وَفَاةَ الْوَاهِبِ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ أَيْ يَبْطُلُ بِوَفَاةِ الْوَاهِبِ خِيَارُ فَسْخِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ عِبَارَةً عَنْ الْوَصْفِ فَلَا يُورَثُ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ. كَمَا أَنَّهُ قَدْ شَرَّعَ الشَّارِعُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ وَلَمَّا كَانَ وَارِثُهُ لَيْسَ بِوَاهِبٍ كَانَتْ وَفَاةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ بِوَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى وَرَثَتِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ مِنْ الْوَاهِبِ وَلَمَّا كَانَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ فِي حَالَةِ انْتِقَالِ مِلْكِيَّةِ الْمَوْهُوبِ لِآخَرَ فِي حَيَاةِ الْمُوهِبِ لَهُ فَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي حَالَةِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْوَرَثَةِ بِوَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلِأَنَّ تَبَدُّلَ سَبَبِ الْمِلْكِ قَائِمٌ مَقَامَ تَبَدُّلِ الْعَيْنِ فَيَصِيرُ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا أُخْرَى بِانْتِقَالِهِ إلَى الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (98) (الزَّيْلَعِيّ) . سُؤَالٌ: كَانَ يَكْفِي أَنْ يُذْكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ وَفَاةَ الْوَاهِبِ مَانِعَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْمَادَّةِ (870) كَوْنُ وَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَانِعَةً مِنْ الرُّجُوعِ وَلِذَلِكَ كَانَ لَا حَاجَةَ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حَيْثُ إنَّهُ بِوَفَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَخْرُجُ الْمِلْكُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ. الْجَوَابُ: لَمَّا كَانَ الْمُتَوَفَّى فِي حُكْمِ الْحَيِّ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَجْهِيزِهِ وَتَكْفِينِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ فَلَا تَنْتَقِلُ الْأَمْوَالُ الْمُقْتَضِيَةُ لِذَلِكَ (الْقُهُسْتَانِيُّ) إذْ رُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ فَكَانَ النَّصُّ صَرِيحًا عَلَى الْمَوْتِ أَوْلَى (الطَّحْطَاوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 873) هِبَة الدَّائِن الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ] (الْمَادَّةُ 873) إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (51، 848) . هِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ إبْرَاءٌ. وَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ مُنَجِّزًا فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ مَا لَمْ تُرَدَّ هَذِهِ الْهِبَةُ مِنْ جَانِبِ الْمَدْيُونِ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَوَانِعُ الرُّجُوعِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ (ابْنُ نُجَيْمٍ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ إسْقَاطٌ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (51 و 848) (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَبِمَا أَنَّهُ مَسْطُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَدَمُ إمْكَانِ الرُّجُوعِ مِنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ فَتَفْتَرِقُ هِبَةُ الْعَيْنِ عَنْ هِبَةِ الدَّيْنِ يَعْنِي يَفْتَرِقُ الْإِبْرَاءُ (الْحَمَوِيُّ) .

(المادة 874) الرجوع عن الصدقة بعد القبض

مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَنْزِلَهُ الْمِلْكَ مِنْ أُمِّهِ فِي مُقَابِلِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ الثَّمَنَ لِأُمِّهِ الْمَذْكُورَةِ وَتُوُفِّيَ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ أَوْ الْمُدَاخَلَةُ فِي الدَّارِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - لِلْمَدْيُونِ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ وَقَبَضَهُ فَلِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادُ الْمَقْبُوضِ الَّذِي فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالرُّجُوعِ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هِيَ تَمْلِيكٌ لِلْعَيْنِ وَلَيْسَتْ بِإِسْقَاطِ دَيْنٍ (أَبُو السُّعُودِ) . 2 - مُنَجِّزًا، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَلَوْ وَهَبَ هِبَةً مُعَلَّقَةً تَكُونُ الْهِبَةُ بَاطِلَةً. يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ وَإِنْشَاءَ هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ مُعَلَّقَةٌ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَلْيَكُنْ دَيْنِي لَك أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ، أَوْ إذَا أَعْطَيْت نِصْفَهُ فَلْيَكُنْ النِّصْفُ الْآخَرُ لَك أَوْ هُوَ لَك كَانَ بَاطِلًا أَمَّا الْإِبْرَاءُ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُوَ وَإِنْ يَكُنْ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطًا لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَمْلِيكٌ لِرَدِّهِ بِالرَّدِّ وَلَمَّا كَانَ التَّعْلِيقُ يَصِحُّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ كَالطَّلَاقِ وَلَا يَصِحُّ فِي التَّمْلِيكَاتِ وَفِي الْإِسْقَاطَاتِ مِنْ وَجْهٍ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطِ (الْعِنَايَةِ) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ بِالشَّرْطِ التَّعْلِيقِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّهَا صَحِيحَةٌ بِالشَّرْطِ التَّقْيِيدِيِّ. فَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدْيُونِهِ: إنَّكَ بَرِيءٌ مِنْ نِصْفِ دَيْنِي بِشَرْطِ أَنْ تُؤَدِّيَنِي، النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ شَرْطًا تَعْلِيقِيًّا بَلْ هُوَ شَرْطٌ تَقْيِيدِيٌّ (أَبُو السُّعُودِ) [ (الْمَادَّةُ 874) الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ] (الْمَادَّةُ 874) - (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ) . سَوَاءٌ أَوُجِدَ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ أَمْ لَمْ يُوجَدْ (إصْلَاحُ الْإِيضَاحِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَدِّقَ يَنَالُ فِي مُقَابِلِ الصَّدَقَةِ ثَوَابًا فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعِوَضُ وَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الرُّجُوعُ. سُؤَالٌ: إنَّ حُصُولَ الثَّوَابِ عَلَى عَمَلِ الْخَيْرِ كَالصَّدَقَةِ هُوَ فَضْلٌ وَإِحْسَانٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى اللَّهِ كَمَا يَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ فَكَانَ حُصُولُ الثَّوَابِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ وَمَجْزُومٍ بِهِ وَلِذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ. الْجَوَابُ: الْمُرَادُ بِالثَّوَابِ حُصُولُ الْوَعْدِ بِالثَّوَابِ. وَهَذَا عِوَضٌ (أَبُو السُّعُودِ، الْعِنَايَةُ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالثَّوَابُ مَقْطُوعٌ بِحُصُولِهِ فِي الدَّارِ الْأَخِيرَةِ. وَلَا شُبْهَةَ فِي حُصُولِ الثَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. (سَعْدِي جَلَبِ) . الصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: (1) الصَّدَقَةُ لَفْظًا وَمَعْنًى كَإِعْطَاءِ الْفَقِيرِ مَالًا بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ (2) الصَّدَقَةُ مَعْنًى فَقَطْ كَإِعْطَاءِ مَالٍ لِلْفَقِيرِ أَيْ الْمُحْتَاجِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِلسَّائِلِ أَوْ الْمُحْتَاجِ مَالًا عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِهِ صَدَقَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . (3)

(المادة 875) أباح أحد لآخر شيئا من مطعوماته فأخذه

الصَّدَقَةُ لَفْظًا فَقَطْ كَإِعْطَاءِ الْغَنِيِّ مَالًا بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ. وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْغَنِيِّ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الَّتِي تُعْطَى لِلْغَنِيِّ يُقْصَدُ بِهَا الثَّوَابُ أَحْيَانَا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْعِيَالِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَنَظَرًا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (835) وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ مُمْكِنٌ فَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ اسْتِحْسَانِيٌّ. أَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْفَقِيرِ وَالْمُحْتَاجِ فَبِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مَالًا بِنِيَّةِ الصَّدَقَةِ وَأَعَادَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الدَّافِعِ لَهُ ظَانًّا أَنَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَلَا يَحِلُّ لِلدَّافِعِ أَخْذُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (72) فَإِذَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِلْمُحْتَاجِ أَوْ لِسَائِلٍ عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ مَالًا بِدُونِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِهِ صَدَقَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ صَدَقَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ مَعًا فِي مَالٍ يُرْجَعُ عَنْ الْهِبَةِ أَمَّا عَنْ الصَّدَقَةِ فَلَا يُرْجَعُ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ دَارٍ لِآخَرَ وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَعْبِيرُ بَعْدَ الْقَبْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (837) . الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ الْمَالِ الْمُعْطَى هِبَةً أَوْ صَدَقَةً: إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمَوْهُوبِ فَقَالَ الْوَاهِبُ قَدْ كَانَ هِبَةً فَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ كَانَ صَدَقَةً فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي التَّعْوِيضِ أَوْ الْقَرَابَةِ الْمَانِعَةِ لِلرُّجُوعِ أَوْ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي الْمَوْهُوبِ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءٍ صَدَقَةً لِشَخْصٍ تِلْكَ الصَّدَقَةُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّدَقَةِ اسْتِحْصَالُ رِضَاءِ الْبَارِي تَعَالَى فَيَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصِدُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أُعْطِيت الصَّدَقَةُ لِفَقِيرٍ آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 875) أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا مِنْ مَطْعُومَاتِهِ فَأَخَذَهُ] (الْمَادَّةُ 875) إذَا أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا مِنْ مَطْعُومَاتِهِ فَأَخَذَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَكِنْ لَهُ الْأَكْلُ وَالتَّنَاوُلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَبَعْدَ هَذَا لَيْسَ لِصَاحِبِهِ مُطَالَبَةُ قِيمَتِهِ مَثَلًا إذَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ كَرْمِ آخَرَ بِإِذْنِهِ وَإِبَاحَتِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْعِنَبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ مُطَالَبَةُ ثَمَنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. إذَا أَبَاحَ أَحَدٌ مِنْ مَطْعُومَاتِهِ أَيْ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَأَخَذَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَزُولُ مِنْهُ مِلْكُ الْمُبِيحِ. وَلِلْمُبِيحِ أَنْ يَنْهَاهُ قَبْلَ الْأَكْلِ وَيَرْجِعُ عَنْ إبَاحَتِهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا لَيْسَ جَائِزًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَا يُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَوْلَمَ أَحَدٌ وَلِيمَةً وَقَسَّمَ ضُيُوفَهُ عَلَى عِدَّةِ أَخْوِنَةٍ فَلَوْ أَعْطَى الْجَالِسَ عَلَى خِوَانٍ لِلضَّيْفِ الَّذِي

عَلَى خِوَانِهِ أَوْ لِلْخَادِمِ شَيْئًا جَازَ كَمَا يَجُوزُ لَوْ أَعْطَى مَنْ كَانَ عَلَى الْخِوَانِ الْآخَرِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ (الدُّرَرُ، الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْهِبَةِ) . لَكِنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَتَنَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَمَعْنَى التَّنَاوُلِ إعْطَاءُ الطَّعَامِ أَوْ الْإِحْسَانُ وَلَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ هُنَا الْمَعْنَى الثَّانِي. وَمَعَ أَنَّ الْأَكْلَ مَخْصُوصٌ بِالْمَأْكُولَاتِ فَالتَّنَاوُلُ يَشْمَلُ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ مَعًا وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ التَّنَاوُلِ عَلَى الْأَكْلِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمَأْكُولِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. مَثَلًا، إذَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ كَرْمِ آخَرَ بِإِذْنِهِ وَإِبَاحَتِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْعِنَبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ مُطَالَبَةُ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ: لِآخَرَ اُدْخُلْ، كَرْمِي وَاقْطِفْ عِنَبًا فَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَقْطِفَ مِنْ الْعِنَبِ مَا يُشْبِعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إذْنٌ بِقَطْفِ الْمِقْدَارِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ الْمُخَاطَبُ فِي الْحَالِ (الْخَانِيَّةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لِلْمُخَاطَبِ قَطْفَ عُنْقُودٍ وَاحِدٍ فَقَطْ بِهَذَا الْإِذْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَكَلَتْ امْرَأَةٌ مَالَهَا مَعَ زَوْجِهَا يَعْنِي لَوْ صَرَفَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَالَهَا بِيَدِهَا وَأَكَلَتْهُ مَعَ زَوْجِهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَضْمِينُ الزَّوْجِ حِصَّتَهُمْ فِيمَا صَرَفَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . أَمَّا لَوْ أَعْطَتْهُ لِزَوْجِهَا وَصَرَفَهُ الزَّوْجُ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (838) . وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِبَاحَةِ كَمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1226) . وَلَا يَمْنَعُ الشُّيُوعُ صِحَّةَ الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّةُ الْمَالِ الَّذِي أُبِيحَ وَالشَّخْصُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الْمَالُ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (832) وَيُشْتَرَطُ وُقُوفُ الْمُبَاحِ لَهُ بِإِبَاحَةِ الْمُبِيحِ؟ لِنُوَضِّح ذَلِكَ وَقَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فَمُقْتَضَى بَيَانِ الْقُنْيَةِ لَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فَعَلَيْهِ لَوْ أَكَلَ الْمُبَاحُ لَهُ الشَّيْءَ الْمُبَاحَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَةِ الْمُبِيحِ فَلَا يُلْزَمَا الضَّمَانَ، (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدْيُونِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى) وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَحْرِ والولوالجية. فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ أَحَدٌ: قَدْ أَذِنْت النَّاسَ جَمِيعًا وَأَبَحْت لَهُمْ أَكْلَ الْعِنَبِ مِنْ كَرْمِي وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ عِنَبًا مِنْ كَرْمِي فَهُوَ لَهُ فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ وَجْهًا أَوْ غِيَابًا فَلَهُ الْأَخْذُ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَمِعْ هَذَا الْقَوْلَ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ فَإِنْ تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْجَهْلِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَرَامًا وَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِطْلَاقِ وَالْإِطْلَاقُ كَالْوَكَالَةِ فَهُوَ لَا حُكْمَ لَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا رَبَطَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي إصْطَبْلٍ عَامٍّ وَذَهَبَ فَلِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذَ الزِّبْلَ الْحَاصِلَ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَلَا يَكُونُ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) .

لاحقة في التحليل في الهبة

[لَاحِقَةٌ فِي التَّحْلِيلُ فِي الْهِبَة] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّحْلِيلِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (مَا تَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَك حَلَالٌ) فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَكْلُ مَالِهِ. مَا لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِ أَمَارَةُ نِفَاقٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ فَيَحِلُّ لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . قَالَ لِرَجُلٍ (مرا بِحل كن) فَقَالَ: (بِجَلِّ كردم أكر مرا بِحل كنى) فَقَالَ: (بِحل كردم) لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ مِمَّا لَك عَلَيَّ مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَأَحَلَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَرِيئًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَالِمًا بِالْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلْإِسْقَاطِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ لِلدَّائِنِ: أَبْرِئْنِي مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَك عَلَيَّ وَأَبْرَأهُ بَرِيءَ الْمَدْيُونُ قَضَاءً مِنْ كُلِّ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى الظَّاهِرِ وَظَاهِرُ اللَّفْظِ عَامٌّ. لَكِنْ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَظُنُّ الدَّائِنُ أَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ لَهُ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ شَيْءٍ زَائِدٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الرِّضَا وَالرِّضَا إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْغَصْبِ، الطَّحْطَاوِيُّ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: يَقَعُ التَّحْلِيلُ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ. وَلَيْسَ عَلَى الْعَيْنِ الْقَائِمِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الْمَوْجُودَ فِي يَدِهِ عَيْنًا بِتَحْلِيلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . بَلْ يَبْقَى الْمَالُ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ وَيَبْقَى الْمَغْصُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 876) الْهَدَايَا الَّتِي تَأْتِي فِي الْخِتَانِ أَوْ الزِّفَافِ] (الْمَادَّةُ 876) : الْهَدَايَا الَّتِي تَأْتِي فِي الْخِتَانِ أَوْ الزِّفَافِ تَكُونُ لِمَنْ تَأْتِي بِاسْمِهِ مِنْ الْمَخْتُونِ أَوْ الْعَرُوسِ أَوْ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا وَرَدَتْ لِمَنْ وَلَمْ يُمْكِنْ السُّؤَالُ وَالتَّحْقِيقُ فَعَلَى ذَلِكَ يُرَاعَى عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا. يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُهْدَى لَهُ بَالِغًا يَمْلِكُ الْهَدِيَّةَ بِقَبْضِهِ نَفْسَهُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ. وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ سِتُّ صُوَرٍ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ أَدْنَى مُلَاحَظَةٍ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ فَرْعٌ عَنْ الْمَادَّةِ (861) فَحُكْمُ ذَلِكَ وَإِنْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ ذُكِرَتْ هُنَا تَوْطِئَةً لِلْفِقْرَةِ، الْآتِيَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْفَصْلِ. مَثَلًا: لَوْ أَحْضَرَ أَحَدٌ فِي خِتَانٍ دَبُّوسًا الْمَاسِيًّا أَوْ حَلَقًا أَوْ سَاعَةً أَوْ مِلَاءَةً خَاصَّةً بِالنِّسَاءِ أَوْ مِعْطَفًا خَاصًّا بِالْكِبَارِ وَقَالَ إنَّ هَذَا لِلصَّبِيِّ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَيْ لَوْ قَالَ: وَهَبْته لِفُلَانٍ وَوَقَعَ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ فِي دَائِرَةِ الْأُصُولِ كَانَ لَهُ. وَلَا يُقَالُ مَاذَا يَصْنَعُ الصَّبِيُّ بِالدَّبُّوسِ الْأَلْمَاسِيِّ أَوْ الْحَلَقِ أَوْ الْمِلَاءَةِ أَوْ مَاذَا تَصْنَعُ أُمُّ

الصَّبِيِّ بِالْمِعْطَفِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَالًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِاسْتِعْمَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي حَالَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا وَرَدَتْ لِمَنْ وَكَانَ السُّؤَالُ وَالتَّحْقِيقُ مِنْهُمْ قَابِلًا فَيَتَحَقَّقُ مِنْ أَصْحَابهَا وَمَتَى بَيَّنُوا لِمَنْ أَتَوْا لَهَا قَبْلَ كَلَامِهِمْ. ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُمَلِّكُونَ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا، لَوْ قَالَ الْمُهْدِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: قَدْ أَحْضَرْتُ الْهَدِيَّةَ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ يُقْبَلُ كَمَا يُقْبَلُ فِيمَا لَوْ قَالَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَدْ أَحْضَرْته لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْعَرُوسِ (الطَّحْطَاوِيُّ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ السُّؤَالُ أَوْ التَّحْقِيقُ مِنْهُمْ قَابِلًا فَعَلَى ذَلِكَ يُرَاعَى عُرْفُ الْبَلْدَةِ وَعَادَتُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) فَعَلَيْهِ الْهَدَايَا الَّتِي أَتَتْ فِي حَفْلَةِ الْخِتَانِ إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلصِّبْيَانِ أَوْ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ فَتَكُونُ لِلصَّبِيِّ كَالصَّوْلَجَانِ وَالْكُرَةِ وَسَائِرِ اللِّعَبِ وَثِيَابِ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ لِلصَّبِيِّ عَادَةً وَإِذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلرِّجَالِ فَقَطْ فَتَكُونُ لِلْأَبِ كَالثِّيَابِ الْخَاصَّةِ بِالرِّجَالِ وَكَالْأَسْلِحَةِ الْحَرْبِيَّةِ وَإِذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلنِّسَاءِ فَلِلْأُمِّ كَالثِّيَابِ الْخَاصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ أَمَّا إذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلِاثْنَيْنِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْكَأْسِ وَالْمِلْعَقَةِ وَالسَّاعَةِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ الَّذِي أَحْضَرَ الْهَدِيَّةَ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْأَبِ أَوْ أَحِبَّائِهِ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لِلْأَبِ وَإِذَا كَانَ مِنْ أَقْرِبَاءِ أَوْ أَحِبَّاءِ الْأُمِّ فَهِيَ لِلْأُمِّ وَلَمَّا كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ هُوَ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ وَوَجْهٌ يَدُلُّ عَلَى حُكْمٍ مُخَالِفٍ لِهَذَا فَيَلْزَمُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . فَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْخِتَانُ وَالزِّفَافُ لَيْسَ بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ. فَلَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْ سَفَرٍ وَنَزَلَ ضَيْفًا عِنْدَ آخَرَ فَأَعْطَى صَاحِبَ الْمَحِلِّ أَشْيَاءَ قَائِلًا قَسِّمْهَا بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَزَوْجِكَ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا مُرَاجَعَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَسُؤَالُهُ عَنْ تَعْيِينِ الشَّيْءِ الَّذِي يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِ عِيَالِ الْمُهْدَى إلَيْهِ فَيُعْمَلُ بِمُوجَبِهِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ سُؤَالُهُ يُنْظَرُ فَالْأَشْيَاءُ الَّتِي تَصْلُحُ لِصِغَارِ الذُّكُورِ فَهِيَ لَهُمْ " وَإِذَا كَانَ أُولَئِكَ الصِّغَارُ مُتَعَدِّدِينَ فَكَيْفَ تُقَسَّمُ "، وَمَا يَصْلُحُ لِصِغَارِ الْإِنَاثِ فَهِيَ لَهُنَّ. وَمَا يَصْلُحُ لِلْفَتَيَاتِ (الْبَنَاتِ الْكِبَارِ) فَهِيَ لَهُنَّ أَيْضًا وَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهِيَ لَهُمْ وَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا فَإِذَا كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَقْرِبَاءِ الرَّجُلِ وَأَحِبَّائِهِ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ لَهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، الْهِنْدِيَّةُ) . (الْخَاتِمَةُ) إنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُرْسَلُ فِي حَفَلَاتٍ كَهَذِهِ إذَا كَانَتْ تُدْفَعُ عُرْفًا وَعَادَةً عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ فَيَلْزَمُ الْقَابِضَ مِثْلُهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتُهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَإِذَا كَانَ لَا يُرْسَلُ بِمُقْتَضَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ بَلْ تُرْسَلُ عَلَى طَرِيقِ الْهِبَةِ وَالتَّبَرُّعِ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْهِبَةِ وَلَا رُجُوعَ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) الْخَيْرِيَّةُ.

الفصل الثاني في حق هبة المريض

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِّ هِبَةِ الْمَرِيضِ] وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَرِيضِ هُنَا. هُوَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمُعَرَّفُ فِي الْمَادَّةِ (1595) . الْمَرَضُ، هُوَ حَالَةٌ لِلْبَدَنِ يَزُولُ بِهَا اعْتِدَالُ الطَّبِيعَةِ (ابْنُ مَلَكٍ شَرْحُ الْمَنَارِ) إنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ لَيْسَتْ كَتَصَرُّفَاتِ الصَّحِيحِ بَلْ يُوجَدُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ بَعْضُ تَقْيِيدَاتٍ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ بَعْضُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحِيحَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ وَيَهَبَهُ لِمَنْ شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُرِيدُ وَأَنْ يُقِرَّ بِكُلِّ شَيْءٍ لِمَنْ أَرَادَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ ذَلِكَ. فَقَدْ بُيِّنَتْ أَحْكَامُ بَيْعِ الْمَرِيضِ فِي الْمَادَّةِ (393) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ وَإِجَارَةُ الْمَرِيضِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (444) وَكَفَالَةُ الْمَرِيضِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (628) وَرَهْنُ الْمَرِيضِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (708) وَهِبَةُ الْمَرِيضِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (1595) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. الْمَرَضُ بِمَا أَنَّهُ سَبَبُ الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ الْعَجْزُ الْخَالِصُ فَيُوجِبُ ذَلِكَ تَعَلُّقَ حَقِّ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ بِمَالِ الْمَرِيضِ. فَعَلَيْهِ قَدْ جُعِلَ الْمَرَضُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِالْمَوْتِ أَحَدُ أَسْبَابِ الْحَجْرِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ هَؤُلَاءِ. وَهَذَا الْحَجْرُ يَكُونُ بِالْقَدْرِ الَّذِي يُمْكِنُ بِهِ صِيَانَةُ هَذَا الْحَقِّ. وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَارِثِ عِبَارَةٌ عَنْ ثُلُثَيْ الْمَالِ وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَرِيمِ عِبَارَةٌ عَنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ. وَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ مُتَّصِلًا بِالْمَوْتِ كَانَ الْمَوْتُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ مُسْتَنِدًا إلَى ذَلِكَ الْمَرَضِ. وَالسَّبَبُ فِي اسْتِنَادِ الْمَوْتِ لِذَلِكَ الْمَرَضِ هُوَ: أَنَّ الْمَرِيضَ الْمُتَّصِلَ بِالْمَوْتِ مَوْصُوفٌ بِالْأَمَانَةِ مِنْ أَوَّلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَرَضِ مُوجِبٌ لِلْأَلَمِ أَمَّا الْمَوْتُ فَيَحْصُلُ مِنْ تَرَادُفِ الْأَلَمِ وَتَعَقُّبِهِ عَلَيْهِ فَالْمَوْتُ مُضَافٌ إلَى كُلِّ الْآلَامِ. وَلَيْسَ مُضَافًا لِلْأَلَمِ الْأَخِيرِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ مُتَّصِلًا بِالْمَوْتِ لِيَكُونَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: كُلُّ تَصَرُّفٍ مُحْتَمِلٌ لِلْفَسْخِ كَالْهِبَةِ وَالْمُحَابَاةِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 394) وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْمَرِيضِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَالِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الْمَرَضِ لِلْحَجْرِ مَشْكُوكٌ فِيهِ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَوْتِ فَلِذَلِكَ كَانَ الْحَجْرُ مَشْكُوكًا فِيهِ أَيْضًا فَلَا يَثْبُتُ وَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ فَوَاتُ حَقِّ الْغَرِيمِ أَوْ حَقِّ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّصَلَ الْمَرَضُ بِالْمَوْتِ وَأَفْضَى إلَيْهِ يُحْفَظُ حَقُّهُمَا بِنَقْضِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (ابْنُ مَلَكٍ، شَرْحُ الْمَنَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 877) وَهَبَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِأَحَدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهَا] (الْمَادَّةُ 877) - (إذَا وَهَبَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِأَحَدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهَا تَصِحُّ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي تَرِكَتِهِ) . إذَا وَهَبَ مَنْ لَا وَارِثَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِأَحَدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهَا صَحَّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي

(المادة 878) ليس له وارث غير زوجته ووهب جميع أمواله في مرض موته لها وسلمه إياها

مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ وَبِمَا أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمَدْيُونِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَانَ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَرَثَةٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْفَرَائِضِ) . كَمَا أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ وَصِيَّةِ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقَةِ تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ هِيَ لِأَجْلِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غُرَمَاءُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً. وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي تَرِكَتِهِ أَوْ أَخْذُ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلتَّرِكَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ عَشْرَةُ أَصْنَافٍ. وَإِنْ كَانَ عَاشِرُهَا بَيْتَ الْمَالِ فَوَضْعُ مَالِ الْمُتَوَفَّى فِي بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْفَيْءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ وَارِثٌ خَاصٌّ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِفَقِيرٍ مُعَيَّنٍ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ بِمَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ يَعْنِي يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَيْ إجَازَةِ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفَرَائِضِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إذَا وَهَبَ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِأَحَدٍ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حُكْمَ لِلْهِبَةِ. وَإِنْ تَكُنْ الْهِبَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةً وَتُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْوَصِيَّةِ الْقَبْضُ إلَّا أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ حَقِيقَةً هِبَةً فَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (837) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 855) . [ (الْمَادَّةُ 878) لَيْسَ لَهُ وَارِث غَيْر زَوْجَته وَوَهَبَ جَمِيع أَمْوَاله فِي مَرَض مَوْته لَهَا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا] (الْمَادَّةُ 878) - (إذَا وَهَبَ الزَّوْجُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ زَوْجَتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا أَوْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَارِثٌ غَيْرُ زَوْجِهَا جَمِيعَ أَمْوَالِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إلَى زَوْجِهَا وَسَلَّمَتْهُ إيَّاهُ كَانَ صَحِيحًا وَبَعْدَ الْوَفَاةِ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي تَرِكَةِ أَحَدِهِمَا أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ أَيْضًا لِلْوَارِثِ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْمُزَاحِمِ) (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي الْفَرَائِضِ) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَدْ خُصِّصَ بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ غَيْرَ هَذَيْنِ مِنْ الْوَارِثِينَ يَرِثُونَ التَّرِكَةَ كُلَّهَا فَرْضًا وَرَدًّا فَلَا حَاجَةَ لِلْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ إلَيْهِ مَا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) يَعْنِي يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِإِحْرَازِ مَالِ الْآخَرِ إلَى الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ أَخَذَا حِصَّتَهُمَا الْإِرْثِيَّةَ فَبِمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا فَلَا يَأْخُذَانِ حِصَّةً رَدًّا بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُمْ يُحْرِزُونَ جَمِيعَ أَمْوَالِ الْمُتَوَفَّى فَرْضًا وَرَدًّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْإِيصَاءِ إلَيْهِمْ. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى زَوْجَتِهِ فَتَرِثُ زَوْجَتُهُ رُبْعَ مَالِهِ وَتَبْقَى ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ لِبَيْتِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهَا فَتَبْقَى لَهَا لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِيهَا. لَكِنْ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ ابْنَةٍ لَهُ فَكَمَا تَأْخُذُ ابْنَتُهُ نِصْفَ تَرِكَتِهِ فَرْضًا تَأْخُذُ النِّصْفَ الْآخَرَ رَدًّا وَتُحَرَّزُ التَّرِكَةُ جَمِيعُهَا. وَإِذَا وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِابْنَتِهِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهَا وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً فَلَوْ لَمْ يَهَبْهَا الْأَمْوَالَ وَيُسَلِّمْهَا لَهَا فَتَأْخُذْهَا فَرْضًا وَرَدًّا وَبِذَلِكَ أَصْبَحَ لَا فَائِدَةَ فِي الْهِبَةِ.

(المادة 879) وهب أحد في مرض موته شيئا لأحد ورثته وبعد وفاته لم تجز الورثة

وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي تَرِكَةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الزَّائِدِ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَنْ الثُّلُثِ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ الْمَذْكُورِ وَارِثٌ آخَرُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ لِلْوَارِثِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ وَضْعَ مَالِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ بِطَرِيقِ الْفَيْءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْفَرَائِضِ) . مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لَهَا وَسَلَّمَهَا إيَّاهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ لِلزَّوْجَةِ (خُذِي حِصَّتَك الْإِرْثِيَّةَ الرُّبْعَ وَإِنِّي آخِذٌ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ لِبَيْتِ الْمَالِ) . [ (الْمَادَّةُ 879) وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ] (الْمَادَّةُ 879) إذَا وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْبَاقُونَ لَا تَصِحُّ تِلْكَ الْهِبَةُ أَمَّا لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا لِتَمَامِ الْمَوْهُوبِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاعِدًا وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي الْمِقْدَارِ الْمُسَاعِدِ وَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَجْبُورًا بِرَدِّ الْبَاقِي. لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ الْمُتَعَدِّدِينَ أَيْ لِمَنْ سَيَكُونُ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ هِبَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْمَذْكُورُونَ هَذِهِ الْهِبَةَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ كَانَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (الْفَيْضِيَّةُ) . وَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْوَرَثَةُ فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ وَفَسَخَهَا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَتَنْفُذُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِينَ وَتَنْفَسِخُ عَنْ حِصَّةِ الْفَاسِخِينَ. لَكِنْ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ مُعْطِي الْإِجَازَةِ عَاقِلًا بَالِغًا وَصَحِيحًا أَيْ غَيْرَ مَرِيضٍ حَتَّى لَوْ أَجَازَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ هَذِهِ الْهِبَةَ وَكَانَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا وَمَجْنُونًا فَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ وَيَأْخُذُ أَوْصِيَاؤُهُمْ حِصَصَهُمْ الْإِرْثِيَّةَ حَتَّى بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَيْضًا (الْبَهْجَةُ) . لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَازَةُ بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاهِبِ إذْ لَا حُكْمَ لِلْإِجَازَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْوَرَثَةِ تَثْبُتُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ الْوَاهِبِ وَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ قَبْلَ الْوَفَاةِ حَتَّى يُمْكِنَ إسْقَاطُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْإِجَازَةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . مَثَلًا، لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا وَبَعْدَ أَنْ أَجَازَتْ وَرَثَتُهَا هَذِهِ الْهِبَةَ تُوُفِّيَتْ فَلَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي الْمَهْرِ الَّذِي وَهَبَتْهُ الْوَرَثَةُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَتَتَحَقَّقُ حُقُوقُ الْوَرَثَةِ بِصَيْرُورَةِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ مَوْرُوثًا لِلْوَرَثَةِ وَالْإِرْثُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ. وَعَدَمُ نَفَاذِ هَذِهِ الْهِبَةِ هُوَ لِأَجْلِ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْوَاهِبِ. وَكَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ هَذَا الْفَصْلِ فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ مَرِيضٌ مَالَهُ لِوَارِثِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَرِيضُ أَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ غَيْرُ نَافِذَةٍ لِوُجُودِ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ هَذِهِ.

كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ بِمَهْرِهَا بِبَيَانِ أَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مَعَ وُجُودِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فَهِيَ غَيْرُ نَافِذَةٍ وَتُرَدُّ دَعْوَاهَا. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ بِذَلِكَ الْمَرَضِ فَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا حِصَصَهُمْ الْإِرْثِيَّةَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا لِزَوْجِهَا مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ فَلَيْسَ لَهَا الِادِّعَاءُ بِالْمَهْرِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ وَلِوَرَثَتِهَا الِادِّعَاءُ بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهَا (الْقُنْيَةِ) . وَالْوَرَثَةُ الْمَقْصُودُونَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْوَارِثُونَ وَقْتَ الْمَوْتِ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي أَمْرِ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ هُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ وَلَيْسَ وَقْتَ الْهِبَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ ابْنٌ مَالًا لِأَخِيهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَدُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَأَصْبَحَ الْأَخُ وَارِثًا لِلْوَاهِبِ وَكَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ نَافِذَةً. وَبِالْعَكْسِ لَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ أَخَاهُ الْوَارِثَ لَهُ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ وَهَبَ الْمُسْلِمُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لِوَلَدِهِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَسْلَمَ الْوَلَدُ الْمَذْكُورُ وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ بَعْدَئِذٍ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْوَصَايَا) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عِدَّةَ أَشْيَاءَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْهَا وَتُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ لَا يَقْبَلُوا الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ وَأَنْ يُدْخِلُوا الْأَشْيَاءَ الْمَوْهُوبَةَ فِي التَّرِكَةِ (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَالْحُكْمُ بِعَكْسِ ذَلِكَ فَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِقْرَارِ فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ وَاقِعًا لِلْوَارِثِ أَوْ لِغَيْرِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ تَصَرُّفٌ فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ الْحَالِ الَّذِي فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (9 59 1) (وَمَجْمَعَ الْأَنْهُرِ فِي الْوَصِيَّةِ) . وَإِذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلَا تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً يَعْنِي تَكُونُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ. وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» فَلِذَلِكَ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ وَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْوَصِيَّةُ صُورَةً. لَوْ بَاعَهَا الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْضَ أَمْوَالٍ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (393) حَتَّى لَوْ بَاعَ بِالْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِهَذَا الْبَيْعِ قَدْ حَصَلَ إيثَارُ الْوَارِثِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الْوَصِيَّةُ مَعْنًى كَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَمْوَالِهِ الْمُعَيَّنَةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ. هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مَعْنًى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ قَدْ خُصِّصَ لَلْمُقَرِّ لَهُ بِلَا عِوَضٍ سَالِمٍ وَشُبْهَةُ الْحَرَامِ حَرَامٌ أَيْضًا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْوَصِيَّةُ حَقِيقَةً، كَإِيصَاءِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِبَعْضِ أَمْوَالِهِ الْمُعَيَّنَةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ. وَمَا بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْوَصِيَّةُ شُبْهَةً كَبَيْعِ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالًا لَهُ جَيِّدًا لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فِي مُقَابِلِ مَالٍ رَدِيءٍ لِذَلِكَ الْبَعْضِ. (كَشْفُ الْأَسْرَارِ شَرْحُ الْمَنَارِ فِي فَصْلِ الْأُمُورِ الْمُعْتَرِضَةِ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ) .

وَقَدْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ صَحِيحَةً إلَى أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً فِي أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْهَا. وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا تَكُونُ صَحِيحَةً فِيمَا يَكُونُ الثُّلُثُ مُسَاعِدًا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ فِي مَرَضٍ غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ هِبَةٌ صَحِيحَةٌ كَهِبَةِ الصَّحِيحِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . 2 - وَبَعْدَ الْوَفَاةِ - وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتَوَفَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَأَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً وَلَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا مُدَاخَلَةَ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فِي الْمَوْهُوبِ. مَثَلًا: لَوْ مَرِضَتْ امْرَأَةٌ فَوَهَبَتْ لِزَوْجِهَا مَهْرَهَا الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ أَفَاقَتْ وَبَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ تُوُفِّيَتْ كَانَتْ الْهِبَةُ لَازِمَةً كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا لَوْ وَهَبَ مَنْ كَانَ لَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لِأَحَدِهِمْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا كَانَتْ صَحِيحَةً (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَتَرْجِيحُ بَعْضِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْبَعْضِ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً تَحْرِيمِيَّةً (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَيُكْرَهُ ذَلِكَ عِنْدَ تَسَاوِيهِمْ فِي الدَّرَجَةِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ التَّسَاوِي كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمْ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ لَا بِالْكَسْبِ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَضِّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ لَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ التَّفْضِيلُ لِزِيَادَةِ فَضْلٍ لَهُ فِي الدِّينِ. فَعَلَيْهِ عَلَى الْوَاهِبِ مُرَاعَاةُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْهِبَةِ لِأَوْلَادِهِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ لِابْنِهِ وَابْنَتِهِ يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَ الْبِنْتَ كَمَا يُعْطِيَ الصَّبِيَّ وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَدْ رَوَى أَحَدُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ أَبَاهُ قَدْ وَهَبَهُ مَالًا وَأَرَادَ أَنْ يُشْهِدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هَذِهِ الْهِبَةِ فَتَمَثَّلْت أَنَا مَعَ أَبِي فِي حُضُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ أَبِي لَهُ الْأَمْرَ فَسَأَلَهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَك أَوْلَادٌ غَيْرَهُ؟ فَأَجَابَهُ أَبِي: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ، هَلْ وَهَبْتَهُمْ مِثْلَ مَا وَهَبْت هَذَا؟ فَقَالَ أَبِي: كَلًّا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَذَا جَوْرٌ» : أَيْ ظُلْمٌ (الْعِنَايَةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ يَفْضُلُ غَيْرَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْكَمَالِ فَلَا بَأْسَ مِنْ تَرْجِيحِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُسَاغًا لِلتَّرْجِيحِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَإِنْ كَانَ فِي أَوْلَادِهِ فَاسِقٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ أَكْثَرَ مِنْ قُوتِهِ كَيْ لَا يَصِيرَ، مُعِينًا لَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ كَانَ وَلَدُهُ فَاسِقًا فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ مَالَهُ إلَى وُجُوهِ الْخَيْرِ وَيَحْرِمَهُ، عَنْ الْمِيرَاثِ هَذَا خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِاخْتِصَارٍ) . الِاخْتِلَافُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ: لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَقَعَا فِي حَالٍ صِحَّةِ الْوَاهِبِ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهَا وَقَعَتْ حَالَ الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي وُقُوعَ الْهِبَةِ فِي حَالِ الْمَرَضِ عَلَى قَوْلٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 11) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ. وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لِمَنْ يَدَّعِي وُقُوعَهُ حَالَ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ

نَافِذَةٌ وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ - بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ النَّقْضَ. أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي وُقُوعَهَا فِي حَالِ الصِّحَّةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 7661) (التَّنْقِيحُ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْهِبَةِ وَنُقُولُ عَلِيٍّ أَفَنْدِي فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ) . 3 - هِبَةٌ - يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَعْنِي عَدَمَ تَرْجِيحِ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ خَاصٌّ بِالْأَمْلَاكِ أَمَّا فِي فَرَاغِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْتَنْقَعَات وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَالْفَرَاغُ بِالْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمَوْهُوبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ يَعْنِي الْوَرَثَةَ أَمْ لِلْأَجْنَبِيِّ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَفَرِّغُ مَدْيُونًا مُسْتَغْرَقَةً - تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ حِينَ الْفَرَاغِ فَلَا يُفْسَخُ الْفَرَاغُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ بِدَاعِي عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلَيْسَ لِمَأْمُورِ الْأَرَاضِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْفَرَاغِ بِقَوْلِهِ: إنَّك تُهَرِّبُ الْأَرَاضِي عَنْ أَنْ تَكُونَ مَحْلُولَةً وَأَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْأَرَاضِي بَعْدَ الْفَرَاغِ وَالْوَفَاةِ. كَذَلِكَ لِلْمُتَصَرِّفِ بِوَقْفٍ عَلَى طَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ أَنْ يُفْرِغَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي مَا بِتَصَرُّفِهِ إلَى أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ كَانَ الْفَارِغُ مَدِينًا مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الْآخَرِينَ أَوْ لِمُدَايِنِيهِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمَفْرُوغِ مِنْهُ بِدَاعِي وُقُوعِ الْفَرَاغِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي الِامْتِنَاعُ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ بِالْفَرَاغِ أَصْلًا. إلَّا أَنَّهُ تَفَرَّغَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَفْرُوغَ بِهِ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ وَيَضْبِطَهُ لِلْوَقْفِ وَيَطْلُبَ الْمَفْرُوغُ لَهُ بَدَلَ الْفَرَاغِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى. وَسَبَبُ ذَلِكَ النِّظَامُ الْخَاصُّ بِهِ. أَمَّا لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ وَسَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا لِتَمَامِ الْمَوْهُوبِ كَانَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ فِي ثُلُثِ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ أَجَازَ الْوَرَثَةُ أَمْ لَمْ يُجِيزُوا. وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةُ عَقْدٍ وَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وَقَدْ تَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ فَيَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ بِقَدْرِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ لَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ فَشَرْطٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُسَاعِدًا وَأَجَازَهَا الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يُسَاعِدُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ وَيُجْبَرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ كَانَ مُخَيَّرًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (4 39) . وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ تَمَادَى مَرَضُ الْمَوْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةً. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ لَهُ وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ يُسَاعِدُ عَلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ تُصْبِحُ الْهِبَةُ فِي مِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ وَتَلْزَمُ وَيُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ الْبَاقِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ دَارًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ سِوَاهَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ وَيُرَدُّ الثُّلُثَانِ إلَى الْوَرَثَةِ وَالْحُكْمُ هَكَذَا فِي الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ أَوْ غَيْرِ الْقَابِلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ

(المادة 880) وهب من استغرقت تركته بالديون في مرض موته أمواله وسلمها ثم توفي

مَوْتِهِ الْبَقَرَةَ الَّتِي لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَتُوُفِّيَ الْوَاهِبُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ آخَرَ فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْبَقَرَةِ لِلْوَرَثَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ مَالًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ لِلْوَارِثِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ الْوَاهِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ تَمَامَ بَدَلِهِ إذَا كَانَ وَارِثًا وَيُقَسَّمُ الْبَدَلُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَجْنَبِيًّا فَيَضْمَنُ الْمِقْدَارَ الَّذِي لَا يُسَاعِدُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ يُعْطَى لِلْوَرَثَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . قَدْ قِيلَ شَرْحًا بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ وَهَبَ مَالًا لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِشَرْطِ إعْطَاءِ عِوَضٍ مُعَادِلٍ لِثُلُثَيْ قِيمَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ ثُلُثَيْ الْمَوْهُوبِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ مَالٌ غَيْرَهُ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُخَيَّرٌ فَإِنْ شَاءَ أَبْلَغَ وَأَكْمَلَ الْعِوَضَ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبَ لَهُ الْعِوَضَ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة) . وَالْحُكْمُ فِي الشُّفْعَةِ هَكَذَا أَيْضًا. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَارِهِ الَّتِي تُسَاوِي قِيمَتُهَا ثَلَاثَمِائَةِ جُنَيْهٍ لِآخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ فَرَسَهُ الْمَعْلُومَ الَّذِي قِيمَتُهُ مِائَةُ جُنَيْهٍ عِوَضًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَضَبَطَ الشَّفِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (2 2 0 1) وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ قِيمَةَ الْفَرَسِ وَتُوُفِّيَ الْوَاهِبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ تُجِزْهَا الْوَرَثَةُ فَالشَّفِيعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الدَّارِ وَأَبْقَى الثُّلُثَيْنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ وَيَسْتَرِدُّ الْبَدَلَ الَّذِي أَعْطَاهُ وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا حِينَ الْهِبَةِ وَأُعْطِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ (مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) . [ (الْمَادَّةُ 880) وَهَبَ مَنْ اُسْتُغْرِقَتْ تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَمْوَالَهُ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ] (الْمَادَّةُ 880) إذَا وَهَبَ مَنْ اُسْتُغْرِقَتْ تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَمْوَالَهُ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ إلْغَاءُ الْهِبَةِ وَإِدْخَالُ أَمْوَالِهِ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6 4) . وَمَعْنَى (تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ) هُوَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُسَاوِيًا لِتَرِكَتِهِ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهَا. إنَّ الْمَالَ الَّذِي يُوهَبُ وَيُسَلَّمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ بِقِيمَتِهِ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ وَالْمُسَلَّمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَيُضَمِّنُونَ الْمَوْهُوبَ لَهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ. فَهَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَلَوْ وَهَبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَلَّمَ الْهِبَةَ وَمَرِضَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُوُفِّيَ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ مُدَاخَلَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

الْوَفَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ: هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَمْوَالَهُ لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَلَازِمَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْمَرَضَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمَرَضِ مَوْتٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - أَمْوَالُهُ. هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَفْرَغَ مَنْ اسْتَغْرَقَتْ دُيُونُهُ تَرِكَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كُلَّ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ الْمُسْتَغِلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِوَارِثِهِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ أَوْ مَجَّانًا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا. وَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ بِالْمَفْرُوغِ بِهِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الدَّائِنِينَ تَتَعَلَّقُ بِأَمْوَالِ الْمَرِيضِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ أَمْوَالِهِ. 4 - إذَا وَهَبَ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ رَدِّ الْمَوْهُوبِ بِالرِّضَا وَإِعَادَتِهِ. فَلَوْ رَدَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ لِلْوَاهِبِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَعَادَهُ إلَيْهِ فَهَذِهِ الْإِعَادَةُ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ الْجَدِيدَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَدْيُونًا اُعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ مَدْيُونًا دُيُونًا مُسْتَغْرِقَةً تَرِكَتَهُ فَرُجُوعُهُ عَنْ الْهِبَةِ وَرَدُّهُ بَاطِلَانِ وَيَلْزَمُ إعَادَةُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِتَرِكَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَيُعِدْهُ بِرِضَاهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَعَادَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَضَائِهِ كَانَ هَذَا الرُّجُوعُ وَالْإِعَادَةُ صَحِيحَيْنِ. وَلَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا لِوَرَثَتِهِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (486) . 5 - كَانَ لَهُمْ: يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ الْغُرَمَاءَ إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَأَجَازُوهَا فَلَيْسَ لَهُمْ الْفَسْخَ وَإِذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ فَالْهِبَةُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ صَحِيحَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الكتاب الثامن الغصب

[الْكِتَابُ الثَّامِنُ الْغَصْبُ] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَيَّنَ الشَّرَائِعَ بِنَبِيِّهِ الْمُخْتَارِ وَزَيَّنَ الدِّينَ بِإِنْزَالِ مُحْكَمِ كِتَابِهِ عَلَيْهِ وَأَنَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ - الْأَخْيَارِ وَأَصْحَابِهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاغْفِرْ لِعَبْدِك وَلِعِبَادِك الْمُؤْمِنِينَ يَا غَفَّارُ الْكِتَابُ الثَّامِنُ يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابَ الثَّامِنَ مِنْ الْكُتُبِ السِّتَّةَ عَشَرَ الَّتِي تَنْقَسِمُ الْمَجَلَّةُ إلَيْهَا هُوَ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَبَابَيْنِ وَسَيَذْكُرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عُنْوَانِ كِتَابِ الْغَصْبِ مَعَ بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي تَأْتِي تَحْتَ عُنْوَانِي (فَصْلٌ فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ) و (بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَمَعَ كَوْنِهِ ذَكَرَ فِي الْعِنْوَانِ الْأَخِيرِ الْجِنَايَةَ عَلَى الْبَهِيمَةِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ وَتَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ سَنَذْكُرُ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ

الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْغَصْبِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ (بَعْضَ) أَنَّ الِاصْطِلَاحَاتِ الْمَقْصُودَةَ هِيَ الِاصْطِلَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْمُحْتَاجُ إلَيْهَا فِي كِتَابِ الْمَجَلَّةِ هَذَا وَلَيْسَ كُلُّ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْغَصْبِ. (الْمَادَّةُ 881) - (الْغَصْبُ هُوَ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ وَضَبْطُهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَيُقَالُ لِلْآخِذِ غَاصِبٌ وَلِلْمَالِ الْمَضْبُوطِ مَغْصُوبٌ وَلِصَاحِبِهِ مَغْصُوبٌ مِنْهُ) . الْغَصْبُ: لُغَةً هُوَ أَخْذُ الشَّيْءِ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ لِأَجْلِ الِاسْتِعْمَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُتَقَوِّمًا أَمْ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ فَعَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ لُغَةً أَنْ يُقَالَ غَصَبْتُ فَرَسَ فُلَانٍ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ غَصَبْتُ زِوَجَةَ فُلَانٍ. وَلَمَّا كَانَ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ الْآتِي أَخَصَّ مِنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ فَاسْتِعْمَالُ الْغَصْبِ فِي مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ الْآتِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ اسْمِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ. وَمَعْنَى الْغَصْبِ: شَرْعًا أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ وَضَبْطُهُ الْمُتَقَوِّمُ وَالْمُحْتَرَمُ عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ بِفِعْلٍ يُزِيلُ يَدَ الْمَالِكِ الْمُحَقَّةَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ يَقْصُرُهَا وَيُثْبِتُ يَدَهُ الْمُبْطَلَةَ بِدُونِ إذْنِهِ أَوْ إذْنِ الشَّرْعِ أَيْ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ وَيُقَالُ لِلْآخِذِ غَاصِبٌ وَلِلْمَالِ الْمَضْبُوطِ مَغْصُوبٌ أَوْ غَصْبٌ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ مَغْصُوبٌ مِنْهُ وَجَمْعُ غَاصِبٍ غُصَّابٌ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْوِقَايَةُ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ. 1 - إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ عَامٌّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ عُمُومِيَّتِهِ أَنَّهُ كَمَا يُعَدُّ أَخْذُ الْأَجْنَبِيِّ غَصْبًا يُعَدُّ أَخْذُ الْقَرِيبِ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَوَالشَّرِيكِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ غَصْبًا أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ وَضَبَطَ أَحَدٌ مَالَ أَبِيهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهِمَا يَكُونُ غَاصِبًا. فَلَوْ كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاسْتَعْمَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَا يُؤْذَنُ لَهُ بِهَا شَرْعًا كَانَ غَاصِبًا أَيْضًا كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ كَانَ الرُّكُوبُ الْمَذْكُورُ غَصْبًا وَالرَّاكِبُ غَاصِبًا (الْقُهُسْتَانِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1080) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ فِي الدَّابَّةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ أَحَدٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ كَانَ ضَامِنًا حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الشَّرْعُ، إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ صَرِيحٌ لِصَاحِبِهِ فَالْأَخْذُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَيْسَ بِغَصْبٍ. وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ

هُنَا الْقَيْدُ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّ إذْنَ الشَّرْعِ فِي حُكْمِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ. وَإِذَا عُمِّمَ الْإِذْنُ الْوَاقِعُ فِي التَّعْرِيفِ عَلَى الْإِذْنِ حَقِيقَةً وَالْإِذْنِ حُكْمًا فَيُسْتَفَادُ مَعْنَى هَذَا الْقَيْدِ مِنْ التَّعْرِيفِ أَيْضًا. فَلِذَلِكَ الْأَخْذُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لَيْسَ بِغَصْبٍ لِحُصُولِهَا بِإِذْنِ الشَّرْعِ. أَوَّلًا، إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا فَلَهُ أَخْذُ مَالِ وَلَدِهِ الَّذِي مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ فَلَا يَكُونُ الْأَبُ غَاصِبًا بِهَذَا الْأَخْذِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا وَأَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْفَيْضِيَّةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (9 79) . ثَانِيًا، إذَا ظَفِرَ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدْيُونِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمَالِ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَلَا يُعَدُّ الدَّائِنُ بِأَخْذِهِ هَذَا غَاصِبًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَدْيُونُ مُقِرًّا أَمْ مُنْكِرًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلْآخِذِ بَيِّنَةٌ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ أَمْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى إنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ اسْتَرَدَّ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنْ الدَّائِنِ جَبْرًا كَانَ غَاصِبًا. لَكِنْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُ مَالِ الْمَدْيُونِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ بِلَا إذْنِهِ بِقَصْدِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ لِلدَّائِنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَيْنًا فَأَخَذَ فَرَسًا لِلْمَدْيُونِ تُسَاوِي قِيمَةَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِلَا إذْنِهِ كَانَ غَاصِبًا إلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ بِلَا إذْنِ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ عَشْرَةَ الدَّنَانِيرَ دَرَاهِمَ أَيْ فِضِّيَّةً بِقِيمَتِهَا اسْتِحْسَانًا كَمَا أَنَّ لَهُ أَخْذَ الدَّنَانِيرِ فِي مُقَابِلِ الدَّرَاهِمِ وَاجْتِهَادُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (الْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . ثَالِثًا، إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فَأَخَذَ شَخْصٌ مِنْ الْمَدْيُونِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا إلَى الدَّائِنِ بِقَصْدِ الْمُسَاعَدَةِ لَهُ فَلِكَوْنِ الْآخِذِ مُعِينًا عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ غَاصِبًا وَضَامِنًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ (الْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْخَانِيَّةُ) . رَابِعًا، مَنْ تُوُفِّيَ مَدْيُونًا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِأَحَدٍ فَلَوْ أَخَذَ دَائِنُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ شَخْصٍ مَدْيُونٍ فَلِلْمُتَوَفَّى بِمِثْلِهَا يَقْصِدُ اسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ. وَمَا أَخَذَهُ مَضْمُونٌ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ بِالدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . 3 - بِدُونِ إذْنِهِ: وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِذْنِ الْمَنْفِيِّ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً يَعْنِي يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ أَذِنَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بِأَخْذِ الْمَالِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَادَةً وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ. لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَكُونُ مُبْطَلَةً مَا لَمْ يَكُنْ الْآخِذُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ يَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ أَوَّلًا، الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ اللَّتَانِ تُؤْخَذَانِ بِإِذْنِ الْمَالِكِ الصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ عَنْ الْمَالِ الْمَنْقُولِ الْمُتَقَوِّمِ الْمُحْتَرَمِ فَهُوَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَلَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَكَذَا أَخْذُ الرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ، وَالْمَبِيعِ، وَالْمَأْجُورِ، وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَمَالِ الشَّرِكَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْوَالِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُسْتَنِدٌ إلَى عَقْدٍ مَشْرُوعٍ. ثَانِيًا - وَمَا يُؤْخَذُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ دَلَالَةً فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ يَخْرُجُ أَيْضًا مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ

دَلَالَةً كَالْإِذْنِ صَرَاحَةً كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (2 77) . وَمَا لَمْ يَقَعْ تَصْرِيحٌ يُخَالِفُ الْإِذْنَ الثَّابِتَ دَلَالَةً فَذَلِكَ الْإِذْنُ دَلَالَةً وَاجِبُ الِاعْتِبَارِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا غَابَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1080) وَاسْتَعْمَلَهُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْحَاضِرُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَتَحْمِيلِهِ حِمْلًا وَحِرَاثَةِ الْأَرَاضِي بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا لِحِصَّةِ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ أَنَّ لِلْغَائِبِ فِي هَذَا رِضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ دَارًا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَشَرِبَ مِنْ كَأْسٍ مَوْجُودٍ هُنَاكَ فَوَقَعَ وَهُوَ يَشْرَبُ بِهِ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ فَبِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ إذْنُ دَلَالَةٍ بِالشُّرْبِ بِالْكَأْسِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ آخَرَ لِلْمَرْعَى لِإِحْضَارِ دَوَابِّهِ مِنْهُ فَأَخَذَ الرَّسُولُ فَرَسَ الْمُرْسِلِ وَرَكِبَهُ وَذَهَبَ إلَى الْمَرْعَى وَتَلِفَ الْفَرَسُ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْمُرْسِلِ كُلْفَةٌ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِلَّا كَانَ ضَامِنًا (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْغَصْبِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ نَسِيَ الضَّيْفُ عِنْدَ سَفَرِهِ شَيْئًا فِي بَيْتِ مُضِيفِهِ فَلَحِقَهُ الْمُضِيفُ بِالْأَشْيَاءِ الْمَتْرُوكَةِ فَاغْتَصَبَهَا مِنْهُ غَاصِبٌ فَإِذَا كَانَ الْغَصْبُ فِي دَاخِلِ الْمَدِينَةِ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْمُضِيفُ بِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا اُغْتُصِبَ مِنْهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ فَيَضْمَنُ الْمُضِيفُ بَدَلَهَا لِضَيْفِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْغَصْبِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ خَبَزَتْ الْمَرْأَةُ الدَّقِيقَ الَّذِي أَحْضَرَهُ زَوْجُهَا خُبْزًا بِدُونِ أَمْرٍ صَرِيحٍ مِنْهُ أَوْ طَبَخَتْ اللَّحْمَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِلَا أَمْرٍ صَرِيحٍ أَيْضًا كَانَ الْخُبْزُ وَالطَّعَامُ لِلزَّوْجِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أُجْرَةٌ فِي مُقَابِلِ عَمَلِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَا يُقَالُ إنَّ الزَّوْجَةَ تَمْلِكُ ذَلِكَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (899) بِتَغَيُّرِ اسْمِ الدَّقِيقِ وَاللَّحْمِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ كَانَتْ مَأْذُونَةً دَلَالَةً بِصُنْعِ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لِلْأَبِ إذَا مَرِضَ ابْنُهُ وَالِابْنِ إذَا مَرِضَ أَبُوهُ أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِهِ الْأَشْيَاءَ اللَّازِمَةَ لِلْمَرِيضِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ بِاعْتِبَارِ الْعَامَّةِ فِيمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالدَّوَاءِ فَصَارَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ كَذَلِكَ لَوْ مَرِضَ أَحَدُ رُفَقَاءِ السَّفَرِ فِي الطَّرِيقِ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَاقُونَ لِلْمَرِيضِ مَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الرَّفِيقَ بِالسَّفَرِ بِمَنْزِلَةِ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي صَحْرَاءَ عَلَى الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ (799) وَلَمْ يَكُنْ فِي الْإِمْكَانِ أَخْذُ رَأْيِ الْقَاضِي جَازَ وَلَا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ غَاصِبًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا تُوُفِّيَ فِي السَّفَرِ بَعْضُ الرُّفَقَاءِ فَيَبِيعُ مَنْ بَقِيَ فِي الْحَيَاةِ مِنْهُمْ أَمْتِعَةَ الْمُتَوَفَّى وَيُجَهِّزُونَهُ وَيُكَفِّنُونَهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَيَرُدُّونَ الْبَاقِيَ إلَى وَرَثَتِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (96) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ حَيٍّ مِنْ الْأَحْيَاءِ مُتَوَلٍّ فَاشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ الْحَيِّ شَيْئًا لَازِمًا لِلْمَسْجِدِ كَالْحَصِيرِ مِنْ غَلَّةِ أَوْقَافِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَضْمَنُ دِيَانَةً أَمَّا حُكْمًا فَيَضْمَنُ.

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لَوْ أَنْفَقَ الْوَرَثَةُ الْكِبَارُ عَلَى الْوَرَثَةِ الصِّغَارِ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ لِلصِّغَارِ أَوْصِيَاءُ فَلَا يَضْمَنُونَ دِيَانَةً - أَمَّا قَضَاءً فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ وَيَكُونُونَ مُتَبَرِّعِينَ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - إذَا كَانَ الْوَصِيُّ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى مَدْيُونٌ لِزَيْدٍ فَلَهُ إيفَاءُ الدَّيْنِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَثَةُ وَالْقَاضِي عَالِمِينَ بِذَلِكَ لَكِنْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ قَضَاءً (الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ فَصْلِ الْعَيْبِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - اللُّقَطَةُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (769) . ثَالِثًا، وَيُسْتَبَانُ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ غَصْبٌ مِنْ تَعْبِيرِ بِدُونِ الْإِذْنِ الْمَذْكُورِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ نَقُودَ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ بِطَرِيقِ الْمِزَاحِ كَانَ ذَلِكَ غَصْبًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) الْبَهْجَةُ وَهَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الثَّوْبَ الَّذِي عَلَى السَّكْرَانِ النَّائِمِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ أَوْ الَّذِي تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ الْخَاتَمَ الَّذِي فِي أُصْبُعِهِ أَوَالدَّرَاهِمَ الَّتِي فِي مَحْفَظَتِهِ لِأَجْلَ الْحِفْظِ مِنْ الضَّيَاعِ كَانَ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ كَانَتْ مَحْفُوظَةً لِصَاحِبِهَا أَمَّا لَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ السَّاقِطَ فِي الطَّرِيقِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (766) (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ثِيَابَهُ فِي صُرَّةِ الْأَمْتِعَةِ الْمُودَعَةِ وَلَمَّا أَخَذَهَا الْمُودِعُ وَلَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ أَخْذِهِ هَذِهِ الصُّرَّةَ أَنَّ فِيهَا ثِيَابًا لِلْمُسْتَوْدِعِ وَتَلِفَتْ كَانَ الْمُودِعُ ضَامِنًا ثَانِيًا لِلْمُسْتَوْدِعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحْضَرَ مَالَ الْغَيْرِ لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَخَذَهُ جَهْلًا فَالْجَهْلُ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْأَعْذَارِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ بَعَثَ أَحَدٌ رَسُولًا لِيُحْضِرَ لَهُ الثِّيَابَ الَّتِي بَعَثَ بِهَا لِلْقَصَّارِ فَأَعْطَاهُ الْقَصَّارُ سَهْوًا ثِيَابَ آخَرَ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُ الثِّيَابِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّسُولَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَصَّارَ، أَمَّا لَوْ أَعْطَى الْقَصَّارُ ثَوْبَهُ لِلرَّسُولِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ دُكَّانَ قَزَّازٍ وَأَخَذَ كَأْسًا لِيَرَاهَا بِلَا إذْنٍ فَوَقَعَتْ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَتْ كَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ قَادَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ أَوْ رَأَى حَيَوَانَ آخَرَ وَهُوَ يَأْكُلُ زَرْعَهُ فَأَمْسَكَهُ وَحَبَسَهُ فَتَلِفَتْ كَانَ ضَامِنًا سَوَاءٌ أَكَانَ تَلَفُهُ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ. أَمَّا لَوْ ضَاعَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ إذَا اكْتَفَى بِإِخْرَاجِهِ مِنْ زَرْعِهِ فَقَطْ. أَمَّا لَوْ سَاقَهُ بَعِيدًا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ كَانَ ضَامِنًا وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي إخْرَاجِ الْحَيَوَانِ مِنْ زَرْعِ الْغَيْرِ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الِاخْتِلَافُ فِي الْإِذْنِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالٍ آخَرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ هُوَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ ذَلِكَ الِادِّعَاءَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ مَوْجُودٌ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِذْنُ مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ ذَبَحَ فَرَسَ آخَرَ أَنَّهُ ذَبَحَهَا بِأَمْرِ صَاحِبِهَا وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا ذَلِكَ الِادِّعَاءَ

كَانَ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْأَمْرِ. لَكِنْ إذَا تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ الضَّمَانَ لَازِمٌ لِتَصَرُّفِهِ بِلَا إذْنٍ وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْأَمْرِ وَالْإِذْنِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ حَيْثُ إنَّ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِذْنِهَا وَيَكْفِي ظَاهِرُ الْحَالِ لِلدَّفْعِ. مَثَلًا: لَوْ تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ أَنْ أَقْرَضَ نَقُودَهَا لِآخَرَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ قَائِلِينَ إنَّك تَصَرَّفْت وَأَقْرَضْت بِلَا إذْنٍ فَأَنْتَ ضَامِنٌ وَادَّعَى الزَّوْجُ قَائِلًا إنِّي تَصَرَّفْت بِإِذْنِ زَوْجَتِي فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ وَظَاهِرُ الْحَالِ يَكْفِي لِلدَّفْعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - الْمُتَقَوِّمُ: وَهُوَ الْمَالُ الْمُحْرَزُ الَّذِي يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فَيَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي كَالْعُشْبِ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ وَالْأَشْجَارُ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَمَا لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلْمُسْلِمِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْعُشْبَ النَّابِتَ بِنَفْسِهِ فِي أَرْضٍ أُخْرَى فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْعُشْبَ الْمَذْكُورَ مُبَاحٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (257 1) . فَلِذَلِكَ لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ خَمْرَ مُسْلِمٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ بَدَلَهُ. حَتَّى لَوْ كَسَرَ الْإِنَاءَ لِإِرَاقَةِ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَكَانَ لَا تُمْكِنُ إرَاقَتُهُ بِدُونِ كَسْرِ الْإِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْإِنَاءِ لَكِنْ إذَا كَانَتْ إرَاقَتُهُ مُمْكِنَةً بِلَا كَسْرِ الظَّرْفِ يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إتْلَافُ خَمْرِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ يُتَقَوَّمُ فِي الشَّرِيعَةِ الْعِيسَوِيَّةِ. وَكَمَا أَنَّ الْخَمْرَ كَانَ مُتَقَوِّمًا فِي الشَّرَائِعِ الْأُولَى فَقَدْ كَانَ فِي أَوَائِلِ ظُهُورِ شَرِيعَتِنَا مُتَقَوِّمًا أَيْضًا ثُمَّ أَفْسَدَ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ تَقَوُّمَهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) أَيْ أَنَّهُ حُرِّمَ مُؤَخَّرًا بِآيَةِ {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] وَعَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ غَيْرُ مُسْلِمٍ خَمْرَ غَيْرِ مُسْلِمٍ لَزِمَهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ لَكِنْ إذَا أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ كَانَتْ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَشْتَرِي الْخَمْرَ وَلَا يَتَمَلَّكُهَا حَتَّى يُمْكِنَهُ إعْطَاؤُهَا (الْكِفَايَةُ بِتَصَرُّفِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 1 2) . وَالْحُكْمُ فِي الْخِنْزِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْلِمِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 5 - مُحْتَرَمٌ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُحَرَّمُ وَيُمْنَعُ أَخْذُهُ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ. وَبِهَذَا يَخْرُجُ مَالُ الْحَرْبِيِّ أَيْ إذَا حَارَبَتْ جُنُودُ الْمُسْلِمِينَ جُنُودَ الْعَدُوِّ فَتَمَّتْ لَهَا الْغَلَبَةُ عَلَيْهِ وَافْتَتَحَتْ بِلَادَهُ فَبِمَا أَنَّ أَخْذَ مَا يَقَعُ فِي الْيَدِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْغَنَائِمِ فِي الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ جَائِزٌ فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ غَصْبًا؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ مُحْتَرَمَةً (الْعِنَايَةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . 6 - الْمَالُ: يَخْرُجُ بِذَلِكَ أَخْذُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ. وَلَا يَكُونُ أَخْذُ ذَلِكَ غَصْبًا. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا:

أَوَّلًا: وَلَا يُعَدُّ غَصْبًا أَخْذُ الرَّجُلِ الْحُرَّ، وَالْجِيفَةَ، يَعْنِي الدَّابَّةَ الَّتِي تَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِهَا وَحَبَّةً، مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَطْرَةً، مِنْ مَاءٍ وَمِلْءَ، كَفٍّ مِنْ تُرَابٍ. وَأَخْذُ هَؤُلَاءِ قَدْ بَقِيَ خَارِجًا عَنْ التَّعْرِيفِ. ثَانِيًا: لَوْ كَسَرَ أَحَدٌ جَوْزًا لِآخَرَ أَوْ بَيْضًا لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ دَاخِلَهَا فَاسِدٌ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَا اسْتَهْلَكَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَيْسَ مَالًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ وَهُوَ يَذْبَحُ لِآخَرَ شَاةً التَّسْمِيَةَ عَمْدًا وَأَتْلَفَهَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْغَصْبِ) . ثَالِثًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ آخَرَ حُرًّا فَمَاتَ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِسَبَبٍ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانُ الدِّيَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَغْصُوبُ صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ. أَمَّا الْخَمْرُ فَلَيْسَ بِصَالِحٍ لِلتَّمْلِيكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ عَشْرَ مِنْ الْغَصْبِ) كَذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ صِفَةٌ غَيْرُ، مُتَقَوِّمَةٍ وَمُحَرَّمَةٌ فِي الْمَالِ الْمُتْلَفِ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْمَالِ مَضْمُونًا فَتَكُونُ تِلْكَ الصِّفَةُ الْمُحَرَّمَةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ كَبْشَ آخَرَ النَّطُوحَ أَوْ دِيَكَةَ الْمُقَاتِلِ وَأَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُ نَفْسَ الْكَبْشِ وَالدِّيكِ وَلَا يَضْمَنُهُ بِصِفَتِهِ. نَطُوحًا أَوْ مُقَاتِلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً بَلْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً وَغَيْرَ مُتَقَوِّمَةٍ. كَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ حَائِطًا لِآخَرَ مَصْبُوغًا وَمَرْسُومًا عَلَيْهِ صُوَرُ التَّمَاثِيلِ ذَوِي الْأَرْوَاحِ ضَمِنَ قِيمَةَ الْحَائِطِ مَصْبُوغًا غَيْرَ مُصَوَّرٍ؛ لِأَنَّ تَمَاثِيلَ كَهَذِهِ مَنْهِيٌّ عَنْ مِثْلِهَا فِي الدَّارِ. لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَاثِيلِ رُءُوسٌ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مُصَوَّرَةً عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْغَصْبِ) . رَابِعًا: وَيَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ الْمَالِ الْمَنْفَعَةُ (الطَّحْطَاوِيُّ) إذْ قَدْ بُيِّنَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ الْمَبَاحِثُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِغَصْبِ الْمَنْفَعَةِ. لَكِنْ لَوْ غَصَبَ الْمُسْلِمُ مَوْقُوذَةَ الْمَجُوسِيِّ وَأَتْلَفَهَا كَانَ ضَامِنًا عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ مِنْ الْغَصْبِ) . خَامِسًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَبَّةً وَاحِدَةً مِنْ الْحِنْطَةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَوْ كَسَرَ أَحَدٌ بَيْضًا لِآخَرَ أَوْ جَوْزًا لَهُ فَظَهَرَ أَنَّ دَاخِلَهُ فَاسِدٌ لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . سَادِسًا: لَوْ غَصَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ أَحَدٍ حَبَّةَ حِنْطَةٍ وَبَلَغَ الْمَغْصُوبُ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فَإِذَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا مَعًا فَيُضَمِّنُهُمْ. أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ بِمُفْرَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَعَلَى ذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (630 1) (الْخَانِيَّةُ) . سَابِعًا: إذَا أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ أَرْضِ آخَرَ تُرَابًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ لَيْسَ لِذَلِكَ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَمْ تَنْقُصْ بِأَخْذِهِ قِيمَةُ الْأَرْضِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . 7 - عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ: وَتَخْرُجُ السَّرِقَةُ بِهَذَا الْقَيْدِ مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْغَصْبِ الْجِهَارُ وَفِي السَّرِقَةِ الِاسْتِسْرَارُ فَلِذَلِكَ لَزِمَ عِلَاوَةُ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ لِإِخْرَاجِ السَّرِقَةِ مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ أَغْيَارِ الْغَصْبِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بَعْدَ الْهَلَاكِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ بَعْدَ الْهَلَاكِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَهُوَ مَضْمُونٌ وَلَا

يَجُوزُ كَمَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ دُخُولُ السَّرِقَةِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ قَيْدُ: عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ ضَرُورِيًّا لَا بُدَّ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْقُهُسْتَانِيُّ) . 8 - الْأَخْذُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً مَصْدَرٌ بِمَعْنَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ وَضَمِّهِ لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ إمَّا بِالتَّنَاوُلِ وَإِمَّا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. الْأَخْذُ: شَرْعًا هُوَ أَنْ يَتْبَعَ الْمَأْخُوذُ لِيَدِ الْآخِذِ أَيْ يَكُونُ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مُبْطَلَةٍ فَلِذَلِكَ يَنْصَرِفُ الْأَخْذُ لِلْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتْبَعُ يَدَ الْآخِذِ هُوَ الْمَنْقُولُ (الْعَيْنِيُّ) . أَمَّا الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ فَعَلَيْهِ يَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ أَنَّ الْغَصْبَ يَجْرِي فِي الْمَنْقُولِ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ بِالنَّقْلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِدُونِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فِي الْعَقَارِ بِسَبَبِ عَدَمِ إمْكَانِ نَقْلِهِ مِنْ مَحِلٍّ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . فَلِذَلِكَ إذَا رَكِبَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ حَيَوَانَ الْآخَرِ الْوَاقِفَ فِي مَكَان وَنَزَلَ عَنْهُ بِدُونِ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ يُحَوِّلَهُ أَوْ يُحَرِّكَهُ وَتَرَكَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (912) . كَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَنْقُولِ فَيَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ عَلَى بِسَاطِ الْآخَرِ الْمَفْرُوشِ بِدُونِ إذْنٍ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ فَهُوَ لَيْسَ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَدْ قَيَّدَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ تَعْبِيرَ الْمَالِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ بِالْمَالِ الْقَابِلِ النَّقْلِ، وَتَرْكُ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِهِ مَفْهُومًا مِنْ لَفْظِ الْآخِذِ (التَّنْوِيرُ) . تَقْسِيمُ الْأَخْذِ: الْأَخْذُ قِسْمَانِ: الْأَوَّلُ: الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَهَذَا يَكُونُ بِأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ كَإِنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ يَأْخُذُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَقْتَ الْأَخْذِ وَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَدِيعَةً إلَى زَمَنِ الْإِنْكَارِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَغْصُوبَةً وَمَأْخُوذَةً بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ حُكْمًا. هَذَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَقْتَ الْإِنْكَارِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي هِيَ فِيهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا أَمَّا إذَا نَقَلَهَا وَحَوَّلَهَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَخْذُ حَقِيقِيًّا وَاسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِيَدِ مَالِكٍ أَوْ ضَرْبُ يَدِ آخَرَ وَإِطَارَةُ الطَّيْرِ مِنْ يَدِهِ أَوْ إسْقَاطُ اللُّؤْلُؤِ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ فَحُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ قَبِيلِ أَخْذِ الْحُكْمِ وَبِتَعْمِيمِ الْأَخْذِ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ إلَى الْأَخْذِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ تَدْخُلُ الْمَادَّةُ (1 0 9) فِي هَذَا التَّعْرِيفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . 9 - إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ الْمُحَقَّةِ أَوْ قَصْرُهَا: تَكُونُ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فِيمَا إذَا أُخِذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَصْرُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ تَكُونُ فِيمَا إذَا أُخِذَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِنْ مُسْتَأْجَرِ صَاحِبِهِ أَوْ مُرْتَهَنِهِ أَوْ مُسْتَوْدَعِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَغْصِبُ الْوَدِيعَةَ مَثَلًا لَا يُزِيلُ يَدَ مَالِكِهِ مِنْهَا إذْ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ مَالِكِهَا

فَتْحُ الْقَدِيرِ) . لَكِنْ قَدْ قَصُرَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ مَثَلًا وَمُتَمَكِّنًا فَزَالَ ذَلِكَ التَّمَكُّنُ وَالِاقْتِدَارُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِغَصْبِ الْغَاصِبِ. وَإِزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ تَكُونُ أَحْيَانَا حَقِيقَةً كَأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَتَكُونُ أُخْرَى حُكْمًا كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ أَوَالْمُسْتَعِيرُ الْوَدِيعَةَ أَوَالْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَزَالَ الْيَدَ الْمُحَقَّةَ حُكْمًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَعَدَمُ ذِكْرِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَفَادًا مِنْ عِبَارَةِ (بِدُونِ إذْنٍ) . رُكْنُ الْغَصْبِ، قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي رُكْنِ الْغَصْبِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فَقَطْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذِهِ الْأُمُورَ وَيُلَاحَظُ فِي الْغَصْبِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ. الثَّانِي: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ بِدُونِ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ. الثَّالِثُ: إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ بِدُونِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ. فَالْأَخْذُ إنَّمَا يَكُونُ غَصْبًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَعْنِي أَنَّ رُكْنَ الْغَصْبِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ. فَعَلَيْهِ يَلْزَمُ فِي الْغَصْبِ أَمْرَانِ: أَوَّلُهُمَا: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي عَيْنِ الْمَقْصُودِ أَيْ إزَالَةُ يَدِ وَاضِعِ الْيَدِ بِحَقٍّ يَعْنِي صَاحِبَ الْمَالِ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ. ثَانِيهمَا: إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ أَيْ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَخْذٍ يَكُونُ فِيهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ مَعًا هُوَ غَصْبٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. مَثَلًا: لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَقَصَدَ إلَى جِهَةٍ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِمْلًا فَيَكُونُ قَدْ غَصَبَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ مَعَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ كَانَ غَاصِبًا وَضَامِنًا فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إزَالَةَ يَدٍ مُحَقَّةٍ وَإِثْبَاتَ يَدٍ مُبْطَلَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ، تَكُونُ بِإِزَالَةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ مِنْ مِلْكِهِ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا، وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ سَبْعُ مَسَائِلَ آتِيَةٌ مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ. أَوَّلًا، الْمَالُ الَّذِي يُرَافِقُ الْمَغْصُوبَ بِدُونِ صُنْعِ الْغَاصِبِ لَا يُعَدُّ مَغْصُوبًا. مَثَلًا، لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ فَرَسًا فَتَبِعَ الْفَرَسَ مُهْرُهَا أَوْ دَابَّةٌ أُخْرَى وَافْتَرَسَتْهُ الذِّئَابُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ التَّابِعِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِعْرَاجِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ قَدْ سَاقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ صُنْعٌ وَفِعْلٌ مِنْ الْغَاصِبِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُهْرَ يُسَاقُ لِسَوْقِ الْفَرَسِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا: لَوْ أَبْعَدَ أَحَدٌ آخَرَ عَنْ مَوَاشِيهِ فَضَاعَتْ الْمَوَاشِي الْمَذْكُورَةُ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا الْمَوَاشِي.

لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِي هَذَا فِعْلٌ وَصُنْعٌ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَوَاشِي الْمَذْكُورَةِ يَدًا مُبْطَلَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا: وَيَبْقَى الْعَقَارُ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (5 0 9) خَارِجًا عَنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ غَصْبٌ بِدُونِ إيقَاعِ الْفِعْلِ فِي الْمَحِلِّ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إيقَاعُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ إزَالَةَ يَدِ الْمَالِكِ مِنْ الْعَقَارِ تَكُونُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهُ. وَلَيْسَ بِفِعْلٍ يَحْصُلُ فِي الْعَيْنِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي الْعَقَارِ إزَالَةُ الْيَدِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْإِزَالَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي الْعَيْنِ بَلْ تَحْصُلُ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ عَلَى الْمَالِ (الْهِدَايَةُ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ) . رَابِعًا، لَوْ مَنَعَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فَسُرِقَ بَعْضُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ أَوْ حُبِسَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَتَلِفَتْ بَعْضُ أَمْوَالِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْوَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا: لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ ظَهْرَ دَابَّةِ آخَرَ وَقَبْلَ أَنْ يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا أَوْ يُحَرِّكَهَا أَوْ أَنْ يَحْصُلَ ضَرَرٌ مِنْ رُكُوبِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَعَقَرَ وَذَبَحَ تِلْكَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْعَاقِرِ وَلَيْسَ عَلَى الرَّاكِبِ. سَادِسًا: لَوْ نَامَ أَحَدٌ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي فَرَشَهُ آخَرُ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْبِسَاطِ الَّذِي بَسَطَهُ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ يَكُونُ بِنَقْلِهِ وَتَحْوِيلِهِ. سَابِعًا: إذَا تَلِفَ بَيْدَرُ الزَّرْعِ الْحَاصِلِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ فِي مَكَانِهِ بِمَنْعِ الْمُؤَجِّرِ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ رَفْعِهِ مِنْهَا لِعَدَمِ أَخْذِهِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى فَلَا يَلْزَمُ الْآجِرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ الْبَيْدَرَ مِنْ مَكَانِهِ ثَانِيهَا: إذَا وُجِدَتْ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِذَلِكَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَتَكْفِي إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ أَيْ يَكْفِي فِي الْغَصْبِ تَفْوِيتُ يَدِ الْمَالِكِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْإِزَالَةُ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ وَفِي الْعَقَارِ بِالِاسْتِيلَاءِ وَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ إزَالَةِ الْيَدِ وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى هَذَا الْقَوْلُ وَبُيِّنَ أَنَّ الضَّمَانَ يَدُورُ وُجُودًا وَعَدَمًا عَلَى إزَالَةِ وَقَصْرِ الْيَدِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ يَدِ الْعُدْوَانِ وَقَدْ رُجِّحَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ يَدَ آخَرَ وَكَانَ فِيهَا سَاعَةٌ فَسَقَطَتْ فِي الْبَحْرِ وَضَاعَتْ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَمْ يُثْبِتْ يَدًا مُبْطَلَةً عَلَى تِلْكَ السَّاعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمَجَلَّةُ وَإِنْ لَمْ تُشِرْ إلَى اخْتِيَارِهَا أَحَدَ هَذَيْنِ فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ صَرَاحَةً أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْغَصْبِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَالْأَنْسَبُ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَبُولُ بَيَانِ الْمُنْتَقَى. الْفَرْقُ فِي النِّسَبِ الْأَرْبَعِ يُوجَدُ بَيْنَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَبَيْنَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْفِعْلِ الْوَاقِعِ فِي الْعَيْنِ وَيُوجَدُ فِيهِمَا مَادَّةُ الِاجْتِمَاعِ وَمَادَّتَا الِافْتِرَاقِ فَمَادَّةُ الِاجْتِمَاعِ، فِي أَخْذِ شَيْءٍ جَهْرًا مِنْ يَدِ الْمَالِكِ بِلَا إذْنٍ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ وَإِثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ. وَالِافْتِرَاقُ فِي إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ: وَيُوجَدُ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3 0 9) وَلَا تُوجَدُ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فِيهَا مَثَلًا لَا يُوجَدُ فِي الْمُهْرِ الَّذِي يَتَوَلَّدُ مِنْ الْفَرَسِ الْمَغْصُوبَةِ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ لِكَوْنِهِ

لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْمُهْرِ مُتَوَلِّدًا مِنْ فَرَسِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مِلْكُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1084) فَيَدُ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ تَكُونُ إثْبَاتَ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ وَيَكُونُ فِي تَبْعِيدِ الْمَالِكِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ صَاحِبَ الدَّابَّةِ وَأَبْعَدَهُ عَنْ دَابَّتِهِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَزَالَ يَدَ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْمُحَقَّةِ عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ يَدَهُ الْمُبْطَلَةَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَسَاسِهِ إيَّاهَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . تَوْفِيقُ الِاخْتِلَافِ: وَقَدْ وَفَّقَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَالزَّاهِدِيِّ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ فَقَالَ: إنَّ الْغَصْبَ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْغَصْبُ الْمُوجِبُ لِلضَّمَانِ وَإِعَادَةِ الْبَدَلِ. وَإِزَالَةُ الْيَدِ فِي هَذَا شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ الْقِسْمُ الثَّانِي الْغَصْبُ الْمُسْتَلْزِمُ الرَّدَّ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ فِي هَذَا شَرْطٌ كَغَصْبِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا يَسْتَلْزِمُ الرَّدَّ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْقُهُسْتَانِيُّ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) . بِمَا أَنَّهُ قَدْ صَارَ إيضَاحُ اثْنَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَشْيَاءَ الَّتِي تُلَاحَظُ فِي الْغَصْبِ فَقَدْ جَاءَ الْآنَ الدَّوْرُ لِشَرْحِ الثَّالِثِ. لَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ يَعْنِي بِدُونِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . أَمَّا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ اعْتَبَرُوا إثْبَاتَ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ وَقَالُوا بِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ بِذَلِكَ فَعَلَى ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ بَلْ يَكْفِي إثْبَاتُ يَدِ الْعُدْوَانِ. ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ (الْكِفَايَةُ) فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3 9) فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ مَثَلًا، إنَّ وَلَدَ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَوْجُودِ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَإِثْمَارَ الْبُسْتَانِ الْمَغْصُوبِ الَّتِي تَحْصُلُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَيْسَتْ بِمَغْصُوبَةٍ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ ثَابِتَةً عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَمْ يُزِلْ الْغَاصِبُ يَدَ الْمِلْكِ عَنْهَا. أَمَّا عِنْدَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَةِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً وَلَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَثْبَت عَلَيْهَا يَدًا مُبْطَلَةً (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً وَتَلِفَتْ بَعْدَ الْمَنْعِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَسْلِيمِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ لَزِمَ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ جُلُوسُ شَخْصٍ بِلَا إذْنٍ عَلَى فِرَاشٍ فَرَشَهُ الْمَالِكُ أَوْ النَّوْمُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِغَصْبٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) . فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ ذَلِكَ الْفِرَاشُ بِدُونِ فِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْبَسْطَ مِنْ فِعْلِ صَاحِبِ الْمَالِ وَتَبْقَى يَدُ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَيْهِ مَا دَامَ أَثَرُ فِعْلِهِ مَوْجُودًا فِي الْمَالِ فَلَا يَكُونُ بِالنَّوْمِ عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَ الْمَالَ أَيْ لَا تَكُونُ أُزِيلَتْ عَنْهُ الْيَدُ الْمُحَقَّةُ أَمَّا الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ قَالُوا بِالْغَصْبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَتَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْغَصْبِ الْأَسْئِلَةُ الْآتِيَةُ وَيُجَابُ عَلَيْهَا. السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ إزَالَةِ يَدٍ مُحَقَّةٍ فَيَكُونُ تَعْرِيفُ الْغَصْبِ أَيْ كَوْنُ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ عَلَيْهِ لِلضَّمَانِ مُزَيَّفًا (الْعَيْنِيُّ) وَنَذْكُرُ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يَلِي: أَوَّلًا، غَاصِبُ الْغَاصِبِ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُزِيلُ الْيَدَ الْمُحَقَّةَ أَيْ يَدَ الْمَالِكِ بَلْ يُزِيلُ الْيَدَ الَّتِي أَزَالَتْ يَدَ

الْمَالِكِ فَهُوَ ضَامِنٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (0 1 9) . ثَانِيًا، الْمُلْتَقِطُ: إذَا تَرَكَ الْمُلْتَقِطُ حِينَ الْأَخْذِ وَالرَّفْعِ الْإِشْهَادَ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ حَالَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ لَمْ يُزِلْ يَدَ أَحَدٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (769) . ثَالِثًا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْأَمْوَالِ الَّتِي أُتْلِفَتْ تَسَبُّبًا. كَمَا لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مَكَانٍ لَيْسَ لَهُ الْحَفْرُ فِيهِ فَسَقَطَ فِيهِ حَيَوَانُ أَحَدٍ وَتَلِفَ لَزِمَ الضَّمَانُ. مَعَ كَوْنِ الْغَاصِبِ لَمْ يَأْخُذْ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ حَتَّى يَكُونَ غَصْبًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (934) . رَابِعًا، لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْعِجْلَ وَاسْتَهْلَكَهُ وَجَفَّ لَبَنُ الْأُمِّ لَزِمَ ضَمَانُ الْعِجْلِ مَعَ نُقْصَانِ الْأُمِّ. وَالْحَالُ أَنَّ الْغَاصِبَ وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ فِي الْأُمِّ فِعْلًا فَقَدْ أَوْجَبَ هَلَاكُ الْعِجْلِ النُّقْصَانَ فِي الْبَقَرَةِ (الْخَانِيَّةُ) . خَامِسًا، لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْمَفَازَةِ وَتَرَكَهُ فِيهَا مَعَ مَالِهِ وَتَلِفَ مَالُهُ لَزِمَ الْقَاتِلَ ضَمَانُ الْمَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَأَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ) . الْجَوَابُ: إنَّ لُزُومَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَمْ يَكُنْ لِتَحَقُّقِ الْغَصْبِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئٌ عَنْ وُجُودِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمُ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يُغْصَبْ مُسَاوِيًا لِحُكْمِ الْغَصْبِ لَدَخَلَ فِي الْغَصْبِ كَجُحُودِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَخْذٌ أَوْ نَقْلٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 0 9) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَصْبَ الْمُعَرَّفَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ يُوجِبُ الضَّمَانَ مُطَّرِدًا وَلَا مَحَالَةَ يَعْنِي لَا يَتَخَلَّفُ مُطْلَقًا. لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ فِعْلٍ أَوْجَبَ الضَّمَانَ يَكُونُ غَصْبًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ حُكْمٌ نَوْعِيٌّ وَيَثْبُتُ ذَلِكَ الضَّمَانُ بِعِلَّةٍ لِكُلِّ شَخْصٍ فَكَمَا أَنَّ الضَّمَانَ يَثْبُتُ بِالْغَصْبِ يَثْبُتُ أَيْضًا بِالتَّعَدِّي وَالْجِنَايَةِ. لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ الْآخَرِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ بِسَبَبِ الْغَصْبِ. وَلَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ فَرَسَ الْآخَرِ وَهُوَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ إتْلَافِهِ كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لَزِمَ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ. مَعَ كَوْنِهِ لَمْ تَكُنْ يَدُ الْمَالِكِ ثَابِتَةً فِيهِ حَتَّى يُمْكِنَ الْغَاصِبُ أَنْ يُزِيلَهَا (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ، وَالْعَيْنِيُّ) . سُؤَالٌ ثَانٍ، يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْوَقْفِ إذَا غُصِبَ وَأُتْلِفَ مَعَ أَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَالْحَالُ يُخْرِجُ الْوَقْفَ عَنْ الْغَصْبِ بِقَيْدِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي التَّعْرِيفِ وَيُصْبِحُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ. الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَالِ مِلْكَ الْمَالِكِ حَصْرًا بَلْ الْمَالِكُ لِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ هُوَ مَنْفَعَتُهُ أَوَالْمُقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ فَعَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ غَصْبُ مَالِ الْوَقْفِ فِي التَّعْرِيفِ وَيُرَدُّ السُّؤَالُ الْمَذْكُورُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: الْوَقْفُ مِلْكٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بَاقٍ فِي مِلْكِ الْوَاقِفِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَقَدْ زَالَ عَنْهُ مِلْكُ الْوَاقِفِ وَبَقِيَ مَحْبُوسًا مِلْكًا لِلَّهِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . سُؤَالٌ ثَالِثٌ: قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ (728 و 1 74 و 777 و 779 و 787) وَشُرُوحِهَا أَنَّهُ تَجْرِي فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ فَعَلَى ذَلِكَ وَبِدُخُولِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ يُصْبِحُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَانِعٍ لِأَغْيَارِهِ. الْجَوَابُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ وَالرَّهْنَ وَالْعَارِيَّةَ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا وَدِيعَةً وَرَهْنًا وَعَارِيَّةً وَتُصْبِحُ مَغْصُوبَةً فَلِذَلِكَ لَا يَنْتَقِضُ التَّعْرِيفُ بِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 0 9) . كَذَلِكَ الشِّرَاءُ الْفُضُولِيُّ وَإِنْ ذُكِرَ فِي

(المادة 882) قيمة الشيء المغصوب قائما

الْبَيْعِ أَيْ فِي الْمَادَّةِ (378) . بِاعْتِبَارِ خُصُوصِيَّةٍ فِيهِ فَهُوَ غَصْبٌ فَلَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالَ آخَرَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فُضُولًا وَقَبَضَهُ فَهَذَا يَكُونُ مُشْتَرِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْبَائِعِ وَغَاصِبًا بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سُؤَالٌ رَابِعٌ: إنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ يَصْدُقُ عَلَى صُورَةِ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْإِكْرَاهِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ. جَوَابٌ: يُوجَدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذْنٌ لَكِنَّ الْإِذْنَ الْمَذْكُورَ بِالْإِكْرَاهِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ تَبْقَى خَارِجَةً عَنْ التَّعْرِيفِ بِقَيْدِ - (بِدُونِ إذْنِ) الْوَارِدِ فِيهِ فَيَكُونُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ أَيْضًا. سُؤَالٌ خَامِسٌ: إنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ يَصْدُقُ عَلَى صُورَةِ أَخْذِ الشَّفِيعِ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ قَضَاءً فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ. جَوَابٌ: الْمَقْصُودُ مِنْ الْمَالِ الْوَاقِعِ فِي التَّعْرِيفِ هُوَ الْمَالُ الْمَنْقُولُ. وَالشُّفْعَةُ لَيْسَتْ جَارِيَةً فِي الْمَنْقُولِ فَعَلَيْهِ يَنْدَفِعُ هَذَا السُّؤَالُ بِتَعْبِيرِ الْمَالِ. وَقَدْ أُجِيبَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَلَى هَذَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ مَالِكًا لِلْمَبِيعِ الْمَشْفُوعِ حَقِيقَةً بَلْ الشَّفِيعُ هُوَ الْمَالِكُ. فَعَلَيْهِ تَخْرُجُ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ بِتَعْبِيرِ (مَالُ أَحَدٍ فَيَكُونُ مَانِعًا لِأَغْيَارِهِ انْتَهَى) وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَتِمُّ لِلْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (9 36) وَيَنْتَقِلُ الْمِلْكُ الْمَذْكُورُ لِلشَّفِيعِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي. وَعَلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَشْفُوعِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا مِلْكًا مُسْتَقِرًّا، شَرْطُ الْغَصْبِ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ عِبَارَةً عَنْ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ الْمُحْتَرَمِ الْمَنْقُولِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . مَحَاسِنُ الْغَصْبِ، مَحَاسِنُ الْغَصْبِ مِنْ حَيْثُ تَرْتِيبُ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْجِنَايَاتِ وَالدِّيَاتِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ بَيَانِ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَفْصِيلِ الْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الْغَصْبِ وَلَيْسَ فِي الْغَصْبِ حُسْنٌ وَطَاعَةٌ لِعَدَمِ وُجُودِ الْإِبَاحَةِ فِيهِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) [ (الْمَادَّةُ 882) قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ قَائِمًا] (الْمَادَّةُ 882) - (قِيمَةُ الشَّيْءِ قَائِمًا هِيَ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ حَالَ كَوْنِهَا قَائِمَةً فِي مَحِلِّهَا وَهُوَ أَنْ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَرَّةً مَعَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَمَرَّةً تُقَوَّمُ وَهِيَ خَالِيَةٌ عَنْهَا فَالتَّفَاضُلُ وَالتَّفَاوُتُ الَّذِي يَحْصُلُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ قَائِمَةً) . وَهَذَا التَّفَاضُلُ يَكُونُ دَائِمًا فِي صُورَةِ تَقْوِيمِ الْأَرْضِ مَعَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا وَالْبِنَاءُ مَوْجُودٌ فِيهَا ثَمَانِيَةَ آلَافِ قِرْشٍ أَيْ قِيمَتُهَا مَعَ الْبِنَاءِ وَقِيمَتُهَا بِدُونِ الْبِنَاءِ خَمْسَةُ آلَافِ قِرْشٍ فَتَكُونُ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ قَائِمًا ثَلَاثَةَ آلَافِ قِرْشٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (920) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ عِبَارَةَ (الْقِيمَةُ قَائِمَةً) تُسْتَعْمَلُ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ مَعًا وَإِنْ يَكُنْ قَدْ اسْتَعْمَلَتْ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ عِبَارَةَ (قِيمَتُهُ نَابِتًا) أَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ الْمَذْكُورُ خَاصٌّ بِالشَّجَرِ فَقَطْ وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ فَلَمْ يُعَرَّفْ هُنَا اُنْظُرْ شَرْحَ مُقَدِّمَةِ هَذَا الْكِتَابِ. فَالْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيَمِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (884 و 885) الْآتِيَتَيْنِ

(المادة 883) قيمة البناء المغصوب قائما

سُؤَالٌ: مَعَ أَنَّ تَقْوِيمَ الْأَشْجَارِ أَوْ الْأَبْنِيَةِ عَلَى أَنَّهَا قَائِمَةٌ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ كَافِيًا لِلْعِلْمِ بِقِيمَتِهَا قَائِمَةً فَمَا السَّبَبُ فِي التَّقْوِيمِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَجَلَّةِ؟ الْجَوَابُ: بِمَا أَنَّ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ مَادَّتَيْ (26 2 و 234) مِنْ قَبِيلِ الْأَوْصَافِ وَلَا يَكُونُ لِلْوَصْفِ قِيمَةُ أَصَالَةٍ وَبِالذَّاتِ. [ (الْمَادَّةُ 883) قِيمَةُ الْبِنَاءِ الْمَغْصُوبِ قَائِمًا] (الْمَادَّةُ 883) - الْقِيمَةُ مَبْنِيًّا هِيَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا. أَيْ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَرَّةً هِيَ وَالْبِنَاءُ وَأُخْرَى خَالِيَةً مِنْهُ فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ تَفَاضُلٍ وَتَفَاوُتٍ هُوَ قِيمَتُهُ مَبْنِيًّا. قِيمَتُهُ قَائِمًا، بِمَا أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ عِبَارَةَ " قِيمَةُ الشَّيْءِ قَائِمًا " فِي الْأَبْنِيَةِ وَفِي الْأَشْجَارِ مَعًا كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. فَلِذَلِكَ أَصْبَحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُسْتَغْنًى عَنْهَا بِتِلْكَ الْمَادَّةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (5 0 9 و 8 1 9) . [ (الْمَادَّةُ 884) قِيمَةُ أَنْقَاضِ الْأَبْنِيَةِ بَعْدَ الْقَلْعِ] (الْمَادَّةُ 884) : الْقِيمَةُ مَقْلُوعًا هِيَ قِيمَةُ أَنْقَاضِ الْأَبْنِيَةِ بَعْدَ الْقَلْعِ أَوْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ الْمَقْلُوعَةِ أَنْقَاضِ جَمْعُ نِقْضٍ بِكَسْرِ النُّونِ وَبِضَمِّهَا وَبِسُكُونِ الْقَافِ وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ الْخَرِبِ وَالْمَهْدُومِ نِقْضٌ بِمَعْنَى مَنْقُوضٍ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ تَعْبِيرَ " قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا " يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَعًا (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . الْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا وَقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا تَزِيدُ عَنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا بِأُجْرَةِ الْبِنَاءِ وَقِيمَتُهُ مَقْلُوعًا أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (882) وَأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 885) الْقِيمَةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ تَنْزِيلِ أُجْرَةِ الْقَلْعِ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْلُوع] (الْمَادَّةُ 885) - (قِيمَتُهُ مُسْتَحِقًّا لِلْقَلْعِ هِيَ الْقِيمَةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ تَنْزِيلِ أُجْرَةِ الْقَلْعِ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْلُوعِ) . 77777 وَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ عَنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا بِأُجْرَةِ الْقَلْعِ (الْهِدَايَةُ) لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ وَالْأُجْرَةَ قَدْ صُرِفَتْ فِي أَمْرِ قَلْعِ الْمَقْلُوعِ وَلَيْسَ لِلْقَائِمِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَقِيمَةُ الْمَقْلُوعِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ بِأُجْرَةِ الْقَلْعِ (الْكِفَايَةُ) وَيُطْلَقُ عَلَى قِيمَةِ مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ قِيمَةُ الْمَأْمُورِ بِالْقَلْعِ. وَهَذِهِ الْقِيمَةُ تُعَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَرَّةً خَالِيَةً مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَأُخْرَى تُقَوَّمُ بِاعْتِبَارِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ الْمُسْتَحِقَّةِ الْقَلْعِ وَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاضُلِ تَكُونُ قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْقَلْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ فَرَضْنَا أَرْضًا تُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ خَالِيَةً مِنْ الشَّجَرِ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ مَعَ الْأَشْجَارِ أَوْ الْأَبْنِيَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مُسْتَحِقٌّ لِلْقَلْعِ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَارٍ فَتَكُونُ الْخَمْسُونَ دِينَارًا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هِيَ قِيمَةُ

(المادة 886) نقصان الأرض

الْأَشْجَارِ أَوَالْأَبْنِيَةِ - مُسْتَحِقَّةَ الْقَلْعِ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْأَرْضِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْكِفَايَةُ) وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ فَقَطْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِائَةَ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الْأَشْجَارِ أَوْ الْأَبْنِيَةِ الْمَقْلُوعَةِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَأُجْرَةُ الْقَلْعِ دِينَارًا وَاحِدًا فَتَكُونُ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ مَعَ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ مُسْتَحِقَّةِ الْقَلْعِ مِائَةً وَتِسْعِينَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَ قَلْعُ مَا أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُؤَدِّيَ قِيمَتَهُمَا مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ وَأَنْ يَضْبِطَهُمَا وَيَدْفَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ فِي مِثَالِنَا هَذَا لِلْغَاصِبِ بَدَلَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَيُبْقِيهِمَا فِي أَرْضِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ عَرَّفَتْ الْمَجَلَّةُ أَوَّلًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (882 و 883) كَثِيرَ الْقِيمَةِ وَثَانِيًا وَفِي مَادَّةِ (4 88) مُتَوَسِّطَ الْقِيمَةِ وَثَالِثًا فِي مَادَّةِ (885) قَلِيلَ الْقِيمَةِ نَازِلَةً مِنْ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى [ (الْمَادَّةُ 886) نُقْصَانُ الْأَرْضِ] (الْمَادَّةُ 886) : نُقْصَانُ الْأَرْضِ هُوَ الْفَرْقُ وَالتَّفَاوُتُ الَّذِي يَحْصُلُ بَيْنَ قِيمَةِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَبَيْنَ قِيمَةِ أُجْرَتِهَا بَعْدَهَا. بِمَا أَنَّ قُوَّةَ الْأَرْضِ الْأَلْبَانِيَّةِ تَتَنَاقَصُ بَعْدَ زِرَاعَتِهَا فَتَكُونُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بَعْدَ زِرَاعَتِهَا أَقَلَّ مِنْهَا قَبْلَ زِرَاعَتِهَا. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ زَرَعَهَا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (7 0 9) وَاسْتَرَدَّ الْعَرْصَةَ صَاحِبُهَا وَطَلَبَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الطَّارِئَ بِسَبَبِ زِرَاعَتِهَا فَلِأَجْلِ إيجَادِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ الْمُتَرَتِّبِ بِسَبَبِ زِرَاعَتِهَا غَصْبًا فَتُقَدِّرُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أُجْرَتَهَا قَبْلَ زِرَاعَةِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا وَأَجَرْتَهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَتَجِدُ التَّفَاوُتَ وَالتَّفَاضُلَ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الْأُجْرَةَ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَالْأُجْرَةُ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ أَنْقَصُ مِنْهَا. فَالْفَرْقُ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ يَكُونَانِ نُقْصَانَ أَرْضِ تِلْكَ الْعَرْصَةِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ ثَلَاثَمِائَةِ قِرْشٍ وَأُجْرَتُهَا الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ مِائَتَيْ قِرْشٍ فَالْمِائَةُ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ تُعَدُّ نُقْصَانَ الْأَرْضِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ أَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ أَزْيَدَ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ الْقِيمَةُ قَبْلَهَا فَلَا يَكُونُ نُقْصَانَ أَرْضٍ. مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ الْمَغْصُوبَةُ مُحْتَاجَةً لِلتَّطْهِيرِ فَطَهَّرَهَا وَأَصْلَحَهَا الْغَاصِبُ حِينَ زِرَاعَتِهِ لَهَا وَلَمْ تَنْقُصْ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ أُجْرَتُهَا أَوْ زَادَتْ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الزَّارِعَ ضَمَانُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ. وَتَقْدِيرُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ بِالْأَشْجَارِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ لِإِفْتَاءِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ بِهِ (الْفَيْضِيَّةُ، وَالنَّتِيجَةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُقَدَّرُ نُقْصَانُ الْأَرْضِ بِالشِّرَاءِ فَنُقْصَانُ الْأَرْضِ: هُوَ الْفَرْقُ وَالتَّفَاوُتُ الَّذِي مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَقِيمَتُهَا الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ بَعْدَهَا. وَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَالزَّيْلَعِيِّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِكَوْنِ الِاعْتِبَارِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ وَلَيْسَ بِبَدَلِ الْمَنْفَعَةِ

(المادة 887) الإتلاف مباشرة

وَأَنَّهُ الْأَقْيَسُ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِإِفْتَاءِ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ (أَبُو السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ وَالْكَنْزُ) . [ (الْمَادَّةُ 887) الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً] (الْمَادَّةُ 887) - (الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً هُوَ إتْلَافُ الشَّيْءِ بِالذَّاتِ وَيُقَالُ لِمَنْ فَعَلَهُ فَاعِلٌ مُبَاشِرٌ) . أَيْ الْإِتْلَافُ الَّذِي لَا يَتَخَلَّلُ بَيْنَ فِعْلِ الْمُبَاشِرِ وَبَيْنَ تَلَفِ الْمَالِ فِعْلٌ آخَرُ مَثَلًا لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ فَمَاتَ فَيَكُونُ قَدْ أَتْلَفَهُ مُبَاشَرَةً. كَذَلِكَ لَوْ أَحْرَقَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَدْ أَتْلَفَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُبَاشَرَةً. وَلِلْإِتْلَافِ مُبَاشَرَةً مِثَالٌ آخَرُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ:. (الْمَادَّةُ 888) - (الْإِتْلَافُ تَسَبُّبًا هُوَ التَّسَبُّبُ لِتَلَفِ شَيْءٍ يَعْنِي إحْدَاثُ أَمْرٍ فِي شَيْءٍ يُفْضِي إلَى تَلَفِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ وَيُقَالُ لِفَاعِلِهِ مُتَسَبِّبٌ فَعَلَيْهِ إنَّ قَطْعَ حَبْلِ قِنْدِيلٍ مُعَلَّقٍ هُوَ سَبَبٌ مُفْضٍ لِسُقُوطِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَانْكِسَارِهِ فَاَلَّذِي قَطَعَ الْحَبْلَ يَكُونُ أَتْلَفَ الْحَبْلَ مُبَاشَرَةً وَكَسَرَ الْقِنْدِيلَ تَسَبُّبًا) . وَكَذَلِكَ إذَا شَقَّ أَحَدٌ ظَرْفًا فِيهِ سَمْنٌ وَتَلِفَ ذَلِكَ السَّمْنُ يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ الظَّرْفَ مُبَاشَرَةً وَالسَّمْنَ تَسَبُّبًا فَعَلَيْهِ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِئْرًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَسَقَطَتْ فِيهِ دَابَّةٌ وَتَلِفَتْ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَدْ أَتْلَفَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ تَسَبُّبًا؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ أَيْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا آخَرَ أَيْ أَحْدَثَ عَمَلًا يُفْضِي لِتَلَفِ الْحَيَوَانِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ أَيْ أَحْدَثَ بِئْرًا. كَذَلِكَ إنَّ مَنْ قَطَعَ حَبْلَ قِنْدِيلٍ مُعَلَّقٍ يَكُونُ سَبَبًا مُفْضِيًا لِسُقُوطِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَانْكِسَارِهِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ أَتْلَفَ الْحَبْلَ مُبَاشَرَةً وَكَسَرَ الْقِنْدِيلَ تَسَبُّبًا وَيَضْمَنُ كِلَيْهِمَا. وَكَذَلِكَ إذَا شَقَّ أَحَدٌ ظَرْفًا فِيهِ سَمْنٌ وَبِدُونِ أَنْ يَمَسَّ السَّمْنَ سَالَ السَّمْنُ مِنْ ذَلِكَ الشَّقِّ وَتَلِفَ فَيَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ الظَّرْفَ مُبَاشَرَةً وَالسَّمْنَ تَسَبُّبًا. وَيَضْمَنُ الِاثْنَيْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَائِعَ الَّذِي فِي الظَّرْفِ لَمْ يَقِفْ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَمْسُوكٌ بِالظَّرْفِ فَيَكُونُ بِشَقِّهِ الظَّرْفَ كَأَنَّهُ قَدْ صَبَّ ذَلِكَ السَّمْنَ بِالذَّاتِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَا فِي الظَّرْفِ جَامِدًا وَلَمْ يَسِلْ بِشَقِّ الظَّرْفِ وَإِنَّمَا سَالَ وَتَلِفَ بِسَبَبِ إذَابَةِ الشَّمْسِ إيَّاهُ بَعْدَ الشَّقِّ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْخَانِيَّةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا شَقَّ أَحَدٌ الظَّرْفَ وَلَمْ يَسِلْ السَّمْنُ مِنْهُ فَجَاءَ آخَرُ وَحَرَّكَهُ فَسَالَ السَّمْنُ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ التَّحْرِيكِ وَتَلِفَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الشَّخْصِ الْأَخِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 9) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّهُ كَمَا يُوجَدُ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ تَسَبُّبٌ وَمُبَاشَرَةٌ يُوجَدُ تَسَبُّبٌ فَقَطْ مِنْ دُونِ مُبَاشَرَةٍ. كَذَلِكَ يُوجَدُ مُبَاشَرَةٌ بِدُونِ تَسَبُّبٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 889) التنبيه والتوصية بدفع الضرر الملحوظ وإزالته قبل وقوعه

[ (الْمَادَّةُ 889) التَّنْبِيهُ وَالتَّوْصِيَةُ بِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمَلْحُوظِ وَإِزَالَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ] (الْمَادَّةُ 889) التَّقَدُّمُ هُوَ التَّنْبِيهُ وَالتَّوْصِيَةُ بِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمَلْحُوظِ وَإِزَالَتِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ يَعْنِي دَفْعَ الضَّرَرِ الْمَلْحُوظِ وُقُوعُهُ فِي حَقِّ نَفْسِ الْإِنْسَانِ. مَثَلًا، يَحْصُلُ التَّقَدُّمُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمَلْحُوظِ وُقُوعُهُ مِنْ انْهِدَامِ حَائِطٍ مَائِلٍ إلَى دَارِ الْجَارِ وَآيِلٍ إلَى الِانْهِدَامِ بِقَوْلِ صَاحِبِ الدَّارِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ اهْدِمْ حَائِطَك؛ لِأَنَّهُ مَائِلٌ إلَى الِانْهِدَامِ أَوْ مَخُوفٌ أَوْ مُتَصَدِّعٌ. وَلَا يَحْصُلُ التَّقَدُّمُ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ كَقَوْلِك: بِمَا أَنَّ حَائِطَك مَائِلٌ إلَى الِانْهِدَامِ فَاَلَّذِي يَلِيقُ بِك هَدْمُهُ. وَيَلْزَمُ شَرْطَانِ لِيَكُونَ التَّقَدُّمُ مُعْتَبَرًا: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الضَّرَرُ فِي حَقِّ نَفْسِ الْآدَمِيِّ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الضَّرَرُ مُؤَدِّيًا وَمُسْتَلْزِمًا تَلَفَ نَفْسِ الْإِنْسَانِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِنَفْسِ الْإِنْسَانِ وَكَانَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْأَمْوَالِ فَقَطْ فَالتَّقَدُّمُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ لَيْسَ صَحِيحًا وَلَا مُعْتَبَرًا كَمَا سَيُبَيَّنُ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (29 9) فَتَفْصِيلَاتُ هَذَا التَّقَدُّمِ تَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (28 9) . الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وُقُوعُ الضَّرَرِ مَلْحُوظًا وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهَا الضَّرَرُ الْمَلْحُوظُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وُقُوعُ الضَّرَرِ مَلْحُوظًا فَلَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ حِينَئِذٍ. فَالتَّقَدُّمُ لِحَائِطٍ صَحِيحٍ وَسَالِمٍ وَغَيْرِ مَائِلٍ إلَى الِانْهِدَامِ لَيْسَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهِ غَيْرُ مَلْحُوظٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (928) . (الطَّرِيقُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ) فَالطَّرِيقُ الْعَامُّ بِمَا أَنَّ الْمَادَّةَ (26 9) تَكُونُ مَوْضُوعَ بَحْثِهِ فَيَقْتَضِي هُنَا تَعْرِيفُهُ الطَّرِيقُ الْعَامُّ، الَّذِي يَمُرُّ مِنْهُ أَقْوَامٌ غَيْرُ مَحْصُورِينَ وَيَكُونُ نَافِذًا وَغَيْرَ نَافِذٍ. أَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فَهُوَ الطَّرِيقُ الْمَمْلُوكُ وَهَذَا يَكُونُ أَيْضًا نَافِذًا وَغَيْرَ نَافِذٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْغَصْبِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ

الفصل الأول في بيان أحكام الغصب وأركانه وشرائطه ومحاسنه

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْغَصْبِ وَأَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ وَمَحَاسِنِهِ] حُكْمُ الْغَصْبِ: لِلْغَصْبِ حُكْمَانِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: الْحُكْمُ الدُّنْيَوِيُّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْأَوَّلُ: رَدُّ الْعَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ يَعْنِي تَعَيُّنَ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِعَادَتِهَا إلَيْهِ. وَالثَّانِي: تَعَيُّنُ ضَمَانِ الْبَدَلِ. وَالثَّالِثُ، تَخْيِيرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْنِ أَخْذِهِ عَيْنًا وَطَلَبِهِ بَدَلًا. وَعَلَيْهِ فَلِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ تِسْعَةُ أَحْوَالٍ. الْحَالُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ عَيْنًا. وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 89) . الْحَالُ الثَّانِي: تَلَفُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بِتَعَدِّي الْغَاصِبِ أَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ ضَمَانِ الْبَدَلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 89) . الْحَالُ الثَّالِثُ، تَغَيُّرُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِنَفْسِهِ وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَخْيِيرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْنَ اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا أَوْ تَضْمِينِ بَدَلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (897) . الْحَالُ الرَّابِعُ: تَغْيِيرُ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِصُورَةٍ يَتَغَيَّرُ مَعَهَا اسْمُهُ وَحُكْمُ هَذَا. أَيْضًا ضَمَانُ الْبَدَلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (899) . الْحَالُ الْخَامِسُ: تَغْيِيرُ بَعْضِ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِزِيَادَةِ الْغَاصِبِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ عَلَيْهِ. وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَخْيِيرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَبَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَهُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (898) . الْحَالُ السَّادِسُ: تَغَيُّبُ الْمَغْصُوبِ. وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَخْيِيرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْنَ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يُوجَدَ الْمَغْصُوبُ وَيُسْتَرَدَّ عَيْنًا وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ فِي الْحَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (189) . الْحَالُ السَّابِعُ: غَصْبُ الْمَغْصُوبِ مِنْ قِبَلِ غَاصِبٍ آخَرَ وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنْ شَاءَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ مِقْدَارًا مِنْهُ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَالْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ، لِلْغَاصِبِ الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 1 9) . الْحَالُ الثَّامِنُ: أَنْ يَطْرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. وَحُكْمُ هَذَا هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ مِنْ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ فَيَرُدُّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا لِعَدَمِ مَسْئُولِيَّتِهِ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ إيَّاهُ بِرَدِّ الْعَيْنِ مَعَ ضَمَانِ قِيمَةِ النُّقْصَانِ.

(المادة 890) رد المال المغصوب عينا وتسليمه إلى صاحبه في مكان الغصب

الْحَالُ التَّاسِعُ: تَصَرُّفُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ بِوَجْهٍ كَبَيْعِهِ مِنْ آخَرَ وَرَهْنِهِ، وَإِيجَارِهِ وَإِيدَاعِهِ، وَهِبَتِهِ وَإِعَارَتِهِ، وَالتَّصَدُّقِ وَتَسْلِيمِهِ. وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ إجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنْ وُجِدَتْ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مِنْ طَرَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِلَّا فَعِبَارَةٌ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ عَيْنًا. وَإِذَا تَلِفَ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَضْمِينِ بَدَلِهِ. وَسَتُفَصَّلُ أَحْكَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 91) . الْحُكْمُ الثَّانِي: حُكْمٌ أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمَالَ الْمَأْجُورَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَثِمَ وَاسْتَحَقَّ عَذَابَ النَّارِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ حَرَامٌ وَحُرْمَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْجَلِيلَةِ وَالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» ، (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَالْقُهُسْتَانِيُّ) وَقَدْ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ» . الْحَدِيثَ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ مَالَ الْغَيْرِ فَلَا يَأْثَمُ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ ظَانًّا أَنَّهُ مَالٌ أَوَاشْتَرَاهُ مِنْ الْفُضُولِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَلِقَوْلِهِ، - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» وَالْمُرَادُ الْمَأْثَمُ (الْكِفَايَةُ، وَالْهِدَايَةُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . رُكْنُ الْغَصْبِ: هُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ مَعَ إثْبَاتِ يَدٍ مُبْطَلَةٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) . شَرْطُ الْغَصْبِ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَمُحْتَرَمًا وَمَنْقُولًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 88) (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) . مَحَاسِنُ الْغَصْبِ: إنَّ مَحَاسِنَ الْغَصْبِ لَيْسَتْ كَمَا ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) مِنْ حَيْثُ الْإِقْدَامُ، عَلَيْهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ. [ (الْمَادَّةُ 890) رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا وَتَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ] (الْمَادَّةُ 890) يَلْزَمُ رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا وَتَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِنْ صَادَفَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَكَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ اسْتَرَدَّهُ هُنَاكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ رَدَّهُ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَتَكُونُ مَصَارِيفُ نَقْلِهِ وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى الْغَاصِبِ. الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودٌ عَيْنًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ بِدُونِ أَنْ يَتَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا فَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي الْحَالِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِلْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) الْمَالُ الْمَغْصُوبُ، هَذَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلِيًّا أَمْ قِيَمِيًّا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا أَمْ كَانَ الْغَاصِبُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَمْ غَيْرَ عَالِمٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي لُزُومِ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ.

مَثَلًا، لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَالًا لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَهُ وَضَبَطَ الْمَالَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَ إعَادَةُ ذَلِكَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ. ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يُزَالُ. (2) بَلْدَةُ الْغَصْبِ، أَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَغْصُوبُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ وَبَلْدَتِهِ فَحُكْمُ ذَلِكَ سَيُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. (3) - إذَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا، يَعْنِي أَنْ لَا يَكُونَ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا وَلَمْ يَتْلَفْ أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا أَوْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ فَحُكْمُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1 89، 899) أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. (4) مَكَانُ الْغَصْبِ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ قِيَمِ الْأَمْوَالِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ. فَقِيمَةُ الْخَرُوفِ الْمُعَيَّنِ فِي حَلَبَ تَخْتَلِفُ عَنْ قِيمَتِهِ فِي يَافَا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . كَذَلِكَ يَخْتَلِفُ الْمِثْلُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ الْعَيْنِيُّ. فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ عِشْرِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فِي حَيْفَا وَنَقَلَهَا إلَى غَزَّةَ فَقَالَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ خُذْ حِنْطَتَكَ عَيْنًا فِي غَزَّةَ فَيَتَضَرَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا وَبَاعَهَا هُنَاكَ يَتَضَرَّرُ مِنْ بَيْعِهَا لِرُخْصِ الْحِنْطَةِ فِي غَزَّةَ كَمَا أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ نَقَلَهَا إلَى حَيْفَا لِكُلْفَةِ أُجْرَةِ النَّقْلِ (5) رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ - يَلْزَمُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ إلَى إصْطَبْلِ الْمَالِكِ (الْخَانِيَّةُ) . وَاذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُهُ أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَإِذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ صِغَارًا فَلِأَوْصِيَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِيهِمْ. أَمَّا إذَا نَدِمَ الْغَاصِبُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيُعِيدَ الْمَغْصُوبَ إلَيْهِ فَلَهُ إمْسَاكُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ الْأَمَلُ فِي الظَّفَرِ بِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَعَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا حَضَرَ وَلَمْ يُجِزْ الصَّدَقَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (6) لِلْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ، الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي الْغَصْبِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ هُوَ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. أَمَّا رَدُّ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَهُوَ مَخْلَصٌ أَيْ مَوْضِعُ خَلَاصٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَيْنًا أَعْدَلُ وَأَكْمَلُ حَيْثُ فِيهِ إعَادَةٌ عَيْنًا وَمَعْنًى أَمَّا رَدُّ الْبَدَلِ فَهُوَ مَخْلَصٌ وَيُصَارُ إلَيْهِ حِينَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ. تَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ الْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ: أَوَّلًا، إنَّ الْغَاصِبَ مُطَالَبٌ بِرَدِّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ قَبْلَ هَلَاكِهِ حَتَّى لَا يَلْتَفِتَ إلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْطَى حِينَئِذٍ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ أَوْ قِيمَتُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَخْذِهِ عَيْنًا وَأَنْ يَطْلُبَ بَدَلَهُ. لِأَنَّ الرَّدَّ بَدَلًا قَاصِرًا وَبِمَا أَنَّ الضَّمَانَ الْقَاصِرَ خُلْفٌ لِلْأَصْلِ وَمَا دَامَ الْأَصْلِيُّ مُحْتَمَلًا فَلَا يَكُونُ الضَّمَانُ الْقَاصِرُ مَشْرُوعًا (الْفَيْضِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ الْقِيمَةَ لَكَانَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْخُلْفِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ وَلَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ أَمَّا إذَا تَرَاضَى الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَالْمَغْصُوبُ مَوْجُودٌ فِي

يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكُ مُقَابِلُ بَدَلٍ مُعَيَّنٍ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَأَصْحَبَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُبَادَلَةٌ بَيْنَهُمَا (الْجَوْهَرَةُ) . ثَانِيًا، وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَأَعَادَهَا إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَانَ بَرِيئًا مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ السَّاعَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبِلَهَا وَتَسَلَّمَهَا بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهَا الْمَالُ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَكَلَهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ قَدْ غُصِبَ مِنْهُ يَكُونُ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَلْبَسَ الْغَاصِبُ الْأَلْبِسَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَانَ بَرِيئًا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ رَدِّ الْعَيْنِ لَمَا بَرِئَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَالِمًا أَنَّهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي قَبْضِ الْبَدَلِ ثَالِثًا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ سَيُعْطِي بَدَلَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) صَدَّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَهُ وَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى الْبَدَلِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُثْبِتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ، وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وُجُودَهُ وَطَلَبَ الْعَيْنَ غَيْرَ رَاضٍ بِالْبَدَلِ فَلِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ عَدَمَ التَّعْجِيلَ بِالْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَأَنْ يَحْبِسَ الْغَاصِبَ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِمَا آلَ إلَيْهِ الْمَغْصُوبُ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَمَّا مُدَّةُ الْحَبْسِ فَهِيَ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي حَبْسِ الْمَدِينِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الطَّحْطَاوِيُّ وَسَبَبُ الْحَبْسِ الْمَذْكُورِ هُوَ: أَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ فِي الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْأَصْلُ هُوَ بَقَاؤُهَا وَالْغَاصِبُ يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا وَخِلَافَ الظَّاهِرِ يَعْنِي يَدَّعِي الْهَلَاكَ وَيَرْغَبُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَتَبْدِيلِهَا بِالْبَدَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الْهَلَاك وَعَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْغَاصِبَ مُدَّةً كَهَذِهِ فَيَحْكُمُ أَيْضًا بِالْبَدَلِ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِهِ بِلَا حَبْسٍ وَلِلْقَاضِي أَيْضًا الْحُكْمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ لَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْجَوْهَرَةُ) . وَالْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْبَدَلُ أَيْ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ أَمَّا رَدُّ الْعَيْنِ فَمَخْلَصٌ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ هَذَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ وَهِيَ: أَوَّلًا لَوْ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ أَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ يَكُونُ صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ تَحْلِيلٌ لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِسَبَبِ هَذَا الْإِبْرَاءِ وَالتَّحْلِيلُ يَنْقَلِبُ أَمَانَةً فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَئِذٍ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْقِيمَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَقْتَضِي أَلَّا يَكُونَ هَذَا صَحِيحًا أَيْضًا (سَعْدِي جَلَبِ عَلَى الْعِنَايَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْخَانِيَّةُ)

ثَانِيًا: تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْبَدَلُ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كَفَالَةٌ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. ثَالِثًا: يَصِحُّ إعْطَاءُ الرَّهْنِ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ رَدَّ الْعَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ الْقِيمَةَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالْعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا (الْجَوْهَرَةُ) . رَابِعًا، إذَا وُجِدَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَالٌ بِمِقْدَارِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ يَنْقُصُ عَنْ النِّصَابِ بِسَبَبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الزَّكَاةُ (السَّعْدِيّ وَالْعِنَايَةُ) أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَدَلُ لَيْسَ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ وَجَبَ عَدَمُ تَنَاقُصِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُ الْمِنَحِ مُرَجِّحٌ هَذَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَيُجَابُ أَنَّهُ تُوجَدُ شُبْهَةُ وُجُودٍ فِي الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ لِلْوُجُودِ فِي الْحَالِ، وَالْقِيمَةُ وَالْبَدَلُ فِي الْغَصْبِ هُمَا كَهَذَا (أَبُو السُّعُودِ، وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . 7 - فِي الْحَالِ: مَثَلًا لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ وَاقْتَرَبَ زَرْعُهَا مِنْ الْإِدْرَاكِ. فَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الِانْتِظَارُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ. وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى قَلْعِ زَرْعِهِ فِي الْحَالِ وَرَدِّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَجْرِي فِي هَذَا حُكْمٌ مُمَاثِلٌ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (26 5) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ شَجَرًا ثُمَّ خَاصَمَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَقْتَ الصَّيْفِ طَالِبًا قَلْعَ الْأَشْجَارِ فَقَالَ الْغَاصِبُ لِتَبْقَ إلَى وَقْتِ الرَّبِيعِ ثُمَّ انْقِلْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاغْرِسْهَا فِي مَحِلٍّ آخَرَ فَلَا يُسْمَحُ لَهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى ثَلَاثُ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا أَيْ مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ حَالًا. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ زَوْرَقًا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ حَالًا وَيُؤَجَّرُ لِلْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى السَّاحِلِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَابَّةً وَفَرَّ بِهَا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْمَفَازَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فِي الْحَالِ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ لِحِينِ الْوُصُولِ إلَى مَأْمَنٍ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ ظَرْفًا فَوَضَعَ فِيهِ زَيْتَهُ وَخَرَجَ إلَى الطَّرِيقِ، فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الظَّرْفَ لِحِينِ أَنْ يَتَدَارَكَ ظَرْفًا آخَرَ، وَيُؤَجِّرُ الظَّرْفَ لَهُ إلَى ذَلِكَ الْحِينِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (838) . 8 - يَلْزَمُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ: يَثْبُتُ لُزُومُ الرَّدِّ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَالْعَقْلِيِّ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» يَعْنِي عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا الزَّيْلَعِيّ، الْعِنَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ. وَنُورِدُ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي أَيْضًا: إنَّ الْغَاصِبَ بِغَصْبِهِ الْمَغْصُوبَ يُزِيلُ يَدَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَوَصَّلُ بِالْيَدِ إلَى تَحْصِيلِ ثَمَرَاتِ مِلْكِهِ وَثَمَرَاتُ الْمِلْكِ هِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ الزَّيْلَعِيّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) وَشَرْحَهَا. يَعْنِي لَوْ غُصِبَتْ الْبَقَرَةُ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ إزَالَةَ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا وَحِرْمَانَهُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْتَاجِهَا. وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ فَسْخُ الْغَصْبِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ مَدْيُونِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ لِمَدْيُونِهِ حَالًا. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَتِهِ بِقَوْلِ لَا أُعْطِيهِ إيَّاهُ مَا لَمْ يَفِي دَيْنِي أَوْ إنَّنِي أَحْبِسُهُ عَلَى أَنَّهُ رَهْنٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِي (النَّتِيجَةُ) .

وَيُسَمِّي الْأُصُولِيُّونَ رَدَّ عَيْنِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْأَدَاءَ الْكَامِلَ الْمَوْصُوفَ بِوَصْفٍ مَشْرُوعٍ) ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِ الْوَاجِبِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَتَسْلِيمُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا عَلَى كَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ ظَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالًا لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ نَاشِئٌ عَنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْعَبْدِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَرْعِيٌّ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) وَانْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) . وَالْحَاصِلُ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا يَلْزَمُ رَدُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ عَقَارًا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَأَعَادَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (892) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتَعْبِيرُ الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَهَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ عَنْ رَدِّ بَدَلِ الْمَنَافِعِ فَلَوْ رَدَّ وَأَعَادَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ عَيْنًا لِصَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعْمَلَهُ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ الْأَنْقِرْوِيُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) حَتَّى لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ الْمَأْخُوذَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَضَاءً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) وَشَرْحَهَا . اخْتِلَافَاتُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ حِينَ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ لَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَالِكُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَثْنَاءَ رَدِّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَتَسْلِيمِهِ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لَيْسَ هَذَا وَقَالَ الْغَاصِبُ إنَّهُ الْمَغْصُوبُ فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ الَّذِي هُوَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ ضَمِينًا كَالْغَاصِبِ أَوْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُسْتَوْدِعِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (186) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ ثَوْبَ قُمَاشٍ فَأَتَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِثَوْبِ قُمَاشٍ شَامِيٍّ قَائِلًا لَهُ: إنَّ الثَّوْبَ غَصَبْتُهُ مِنْك هُوَ هَذَا أَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنِّي غَيْرُ هَذَا الثَّوْبِ وَقَدْ كَانَ ثَوْبًا هِنْدِيًّا فَإِذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ أَنَّ الَّذِي غَصَبَهُ هُوَ هَذَا الْقُمَاشُ وَلَمْ أَغْصِبُ قُمَاشًا هِنْدِيًّا فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يُثْبِتُ أَنَّ مَا غَصَبَهُ قُمَاشٌ هِنْدِيٌّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ فَلَوْ اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ هُوَ هَذَا الْمَالَ وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَاصِبُ قَدْ غَصَبْتُ الْمَالَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ غَصَبْتَهُ وَهُوَ جَدِيدٌ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً فَالْقَوْلُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لِلْمَالِكِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ الْيَمِينَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ غَيْرَ جَدِيدٍ حَصَلَ عَلَى شُهُودٍ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ قَدْ غَصَبَهُ وَهُوَ جَدِيدٌ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (900) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ)

اخْتِلَافَاتُهُمَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ رَدِّهِ إيَّاهُ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا إلَيْهِ وَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّ تَلَفَهَا نَاشِئٌ عَنْ رُكُوبِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا وَأَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ هَدَمَهَا وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ سَالِمَةً تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّارِ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ شُهُودُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ قَتَلَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَشَهِدَتْ شُهُودُ الْغَاصِبِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَعَادَهَا وَرَدَّهَا لِصَاحِبِهَا سَالِمَةً رَجَحَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَهَدْمَ الدَّارِ يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الرَّدِّ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْغَاصِبَ رَدَّهَا ثُمَّ هَدَمَ الدَّارَ وَقَتَلَ الدَّابَّةَ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ سَبَبًا حَادِثًا لِلضَّمَانِ. لَكِنْ تُرَجَّحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا بَيَّنَتْ الرَّدَّ الْعَارِضِيَّ وَالْبَيِّنَةُ هِيَ لِلْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ وَيَخْتَلِفُ فِيهَا الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ وَالْمَغْصُوبُ الْعَقَارُ: الْمَغْصُوبُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَنْقُولُ وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْعَقَارُ كَالرَّحَى وَالدُّكَّانِ وَالدَّارِ. وَحُكْمُ هَذَا يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مُتَّحِدَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ هُوَ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَلُزُومُ ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ، فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ فَلَوْ غَصَبَ طَاحُونَتَهُ أَوْ دُكَّانَهُ أَوْ حَائِطَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَيَلْزَمُ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْفَرَسَ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ فَيَضْمَنُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ تِلْكَ الطَّاحُونَةَ أَوْ الدُّكَّانَ أَوْ الدَّارَ ضَمِنَ بِنَاءً إلَى الْمَادَّةِ (918) . وَيَفْتَرِقُ نَوْعَا الْمَغْصُوبِ هَذَانِ فِي حُكْمٍ آخَرَ، فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ فِي الْمَرْعَى فَأَخَذَهُ السَّيْلُ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ. بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) . أَمَّا لَوْ تَلِفَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ الطَّاحُونَةُ بِزِلْزَالٍ أَوْ عَاصِفَةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَجَرَفَ الْبِنَاءَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَوْ صَادَفَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فِي بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَ فِيهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَمَعَهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ وَكَانَ أَوَّلًا يَحْتَاجُ الْمَغْصُوبُ إلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَنَفَقَاتِ الْحَمْلِ ثَانِيًا قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا عِنْدَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ مَالَهُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُزُومُ التَّسْلِيمِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ مِنْ حُقُوقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَقَطْ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِذَا طَلَبَ تَسْلِيمَهُ هَكَذَا إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَنَفَقَاتُ النَّقْلِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) يَلْزَمُ رَدُّ وَإِعَادَةُ

الْمَالِ الشَّخْصَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ مَنْفَعَةٌ فِي قَبْضِهِ الْأَنْقِرْوِيُّ. إيضَاحُ الْقُيُودِ. 1 - إذَا كَانَ هُنَالِكَ مُؤْنَةُ رَدٍّ وَمَصَارِيفُ تَحْمِيلٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُؤْنَةُ رَدٍّ وَمَصَارِيفُ تَحْمِيلٍ كَأَنْ يَكُونَ، الْمَالُ الْمَغْصُوبُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةَ رِيَالَاتٍ وَطَلَبَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَكَمَا أَنَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ عَيْنًا فَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ رَدَّهُ عَيْنًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ نُقْصَانُ حِمْلٍ وَمُؤْنَةُ رَدٍّ يَعْنِي أَنَّ الطَّرَفَيْنِ كِلَيْهِمَا مُجْبَرَانِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى (الْبَزَّازِيَّةُ) . مَثَلًا: لَوْ كَانَ سِعْرُ الذَّهَبَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ قُرُوشٍ وَسِعْرُهَا فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ مِائَةَ قِرْشٍ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى بِثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ زِيَادَةً عَلَى كُلِّ ذَهَبَةٍ. 2 - وَلَيْسَتْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ حَيَوَانَاتٍ أَوْ خَمْسِينَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ أَوْ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ تُسَاوِي زِنَتُهَا خَمْسِينَ أُقَّةً أَوْ كَانَ خَمْسَةَ آلَافِ دِينَارٍ تُسَاوِي زِنَتُهَا تِسْعِينَ أُقَّةً مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَمَصَارِفِ التَّحْمِيلِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ يُوجَدُ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالًا مَوْقُوفًا عَلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَنَفَقَاتِ الْحَمْلِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلْدَتَيْنِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ وَبَلْدَةِ التَّلَاقِي. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ: الصُّورَةُ الْأُولَى إنْ شَاءَ أَخَذَهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي عَيْنًا؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّسْلِيمِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لَمَّا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَهُ إسْقَاطُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقَدْ بَيَّنَتْ الْمَجَلَّةُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَزَمَانِهِ (قَاسِمُ بْنُ قطلوبغا مَعَ إيضَاحٍ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) . الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ، كَوْنُ قِيمَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَوَابَّ فِي الْكُوفَةِ وَأَرَادَ رَدَّهَا فِي خُرَاسَانَ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا فِي خُرَاسَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فِي الْكُوفَةِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: أَوَّلُهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا هُنَاكَ أَيْ فِي الْبَلَدِ آخَرَ عَيْنًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ ثَانِيهَا: إنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهَا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ وَمَصَارِفُ النَّقْلِ عَلَى الْغَاصِبِ ثَالِثُهَا: وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي هُوَ قِيَمِيٌّ أَوْ مِثْلِيٌّ لِلْغَاصِبِ فَإِذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا أَخَذَ

(المادة 891) الغاصب ضامنا إذا تلف المغصوب أو ضاع

هُنَاكَ أَيْ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ عَبْدُ الْحَلِيمِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ قَدْ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ وَذَلِكَ بِنَقْلِهِ إيَّاهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ الضَّرَرَ، وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ أَخْذِ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ خَزَقَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ (حَاشِيَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِقَاسِمِ بْنِ قطلوبغا) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا وَكَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقِيمَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، لَكِنَّ بَيَانَ الْمَجَلَّةِ لَا يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ (الْقُهُسْتَانِيُّ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) [ (الْمَادَّةُ 891) الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا تَلَفَ الْمَغْصُوب أَوْ ضَاعَ] (الْمَادَّةُ 891) - (كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ كَذَلِكَ إذَا تَلَفَ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا فَإِنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ) . كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ، فَإِذَا تَلَفَ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْحَال لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ إيَّاهُ بِمَعْنَى أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَرُدَّهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْغَصْبِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ عِلَّةِ الضَّمَانِ هِيَ مُجَرَّدُ الْغَصْبِ لُزُومُ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ الْعَيْنِيّ وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ الْآتِي. لَوْ اعْتَنَى الْغَاصِبُ كُلَّ الِاعْتِنَاءِ بِالْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ وَتَلَفَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَيْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَتَلَفُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَلَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِ لِأَنَّ الْغَصْبَ السَّابِقَ قَدْ كَانَ بِفِعْلِهِ فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى عُهْدَتِهِ بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنْ رَدِّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ بِتَلَفِهَا (الْفَيْضِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الِاسْتِهْلَاكُ: الِاسْتِهْلَاكُ نَوْعَانِ أَوَّلُهُمَا، اسْتِهْلَاكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إتْلَافِ جَمِيعِ مَنْفَعَةِ الْمَغْصُوبِ الطَّحْطَاوِيّ وَهَذَا الِاسْتِهْلَاكُ مَوْضُوعُ بَحْثِ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَأَكْلِ الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَطَبْخِهَا أَوْ إحْرَاقِ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَفُوتُ جَمِيعُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ الشَّاةِ كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَاللَّحْمِيَّةِ وَكَذَلِكَ تَفُوتُ جَمِيعُ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ثِيَابٍ كَالتَّحَفُّظِ مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ. وَالتَّغَيُّرُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ الِاسْمُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (899) مَعْدُودٌ مِنْ قَبِيلِ نَوْعِ هَذَا الِاسْتِهْلَاكِ. فَلَوْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ الْمَغْصُوبَةُ دَقِيقًا أَوْ خُبِزَ الطَّحِينِ الْمَغْصُوبَ خُبْزًا أَوْ خُلِطَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (788) وَشَرْحِهَا فَيَكُونُ قَدْ اُسْتُهْلِكَ. مَثَلًا لَوْ خَلَطَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ خَلَطَ الشَّعِيرَ الْمَغْصُوبَ بِحِنْطَةٍ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَنَانِيرَ آخَرَ أَوْ دَرَاهِمَهُ وَخَلَطَهَا بِدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ لَهُ مِنْ جِنْسِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهَا

فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ ضَمَانُهَا إلَّا أَنَّهُ بِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا وَلَا تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْمَالِ الْمَخْلُوطِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمَا (الْجَوْهَرَةُ) وَذَلِكَ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (778) كَذَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ أَخْشَابَ آخَرَ أَوْ آجَرَهُ أَوْ لَبِنَهُ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي أَبْنِيَتِهِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا مُجَرَّدُ ذَبْحِ الْغَاصِبِ لِلشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ ذَبْحِهِ وَسَلْخِهِ وَتَقْطِيعِهِ إيَّاهَا بِدُونِ طَبْخٍ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا فَيَدْخُلُ فِي الْمَادَّةِ (971) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ كُلَّ قِيمَتِهَا وَتَرَكَهَا لَهُ مُقَطَّعَةً مَذْبُوحَةً وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا مُقَطَّعَةً وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ الْخَانِيَّةُ) وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي خَاتِمَةِ الْكِتَابِ ثَانِيهَا وَاسْتِهْلَاكٌ مِنْ وَجْهٍ وَيَكُونُ هَذَا بِتَفْوِيتِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَتَمْزِيقِ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبِ أَوْ ذَبْحِ الشَّاةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا لَوْ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ مَزَّقَ أَحَدٌ جُبَّةَ آخَرَ وَأَصْبَحَتْ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَبْقَى جُبَّةً لَهُ فَقَدْ فَاتَ بَعْضُ مَنَافِعِهَا إلَّا أَنَّ بَعْضَ مَنَافِعِهَا لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا لِكَوْنِهَا تَصْلُحُ لَأَنْ تَكُونَ جُبَّةً لِصَغِيرٍ أَوْ لِشَخْصٍ قَصِيرِ الْقَامَةِ أَوْ أَنْ تَكُونَ لِبَاسًا آخَرَ كَذَلِكَ إذَا ذُبِحَتْ الشَّاةُ كَمَا أَنَّهُ تَفُوتُ بَعْضُ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ تَبْقَى بَعْضُ مَنَافِعِهَا الْأُخْرَى كَاللَّحْمِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ حُكْم الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ وَجْهٍ فِي الْمَادَّةِ (900) وَهُنَاكَ غَيْر الِاسْتِهْلَاكُ النُّقْصَانُ وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِيبِهِ مَعَ بَقَاءِ مَنَافِعِهِ كَتَفْوِيتِ جَوْدَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَسَيُفَصَّلُ حُكْمُ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (900) 2 - الْغَاصِبُ: هَذَا التَّعْبِيرُ أَيْ لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ احْتِرَازِيٌّ بِاعْتِبَارٍ وَاحِدٍ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى حَارِسِ مَحِلِّ الْغَاصِبِ وَمُحَافِظِهِ أَوْ عَلَى الْآمِرِ بِالْغَصْبِ مِثَالٌ لِلْمُحَافَظَةِ: لَوْ نَزَلَ أَحَدٌ فِي قَرْيَةٍ ضَيْفًا فَغَصَبَ أَحَدُ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ بَعْضَ أَمْوَالِ ذَلِكَ الضَّيْفِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَطْلُبَ أَمْوَالَهُ الْمَغْصُوبَةَ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْ الْمُحَافِظِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مُحَافِظًا فِيهَا (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (89) مِثَالٌ لِلْآمِرِ: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَأْخُذَ مَالَ شَخْصٍ آخَرَ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ أَعْطَاهُ لِآمِرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ تَلَفَ فِي يَدِ الْآخِذِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْآخِذُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ حِينَئِذٍ (الْبَهْجَةُ وَأَبُو السُّعُودِ، وَالْعِمَادِيُّ) وَغَيْرُ احْتِرَازِيٍّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ أَوْ وَهَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ وَسَلَّمَهُ وَتَلَفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ إيَّاهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِذَلِكَ الْآخَرِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (910) (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ آخَرُ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْغَاصِبُ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ ضَامِنًا يُصْبِحُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَيَكُونُ الْمُتْلِفُ فِي

هَذِهِ الْحَالِ مُتْلِفًا لِمَالِ الْغَاصِبِ وَيَكُونُ لِلْغَاصِبِ حَقُّ تَضْمِينِ الْمُتْلِفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُتْلِفَ، وَلَيْسَ لِلْمُتْلِفِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ (الْبَزَّازِيَّةُ مَعَ الْإِيضَاحِ) . 3 - لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ: يَعْنِي لَوْ تُوُفِّيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ دُونَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي أَتْلَفَهُ لَزِمَ إعْطَاؤُهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِيفَاؤُهُمْ إيَّاهُ. كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَنْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ الْمَوْجُودَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذَا تُوُفِّيَ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُوفِ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ إلَى وَرَثَتِهِ فَيَطْلُبُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمُتَوَفَّى حَقَّهُ مِنْ الْغَاصِبِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى (الْخَانِيَّةُ) 4 - ضَامِنًا: إنَّ الْغَاصِبَ وَإِنْ كَانَ يَضْمَنُ كُلَّ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ أَوْ أُتْلِفَ فَإِذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ شَيْئًا وَاحِدًا مِنْ شَيْئَيْنِ كَانَ فِي حُكْمِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْمَغْصُوبَ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَيَضْمَنُ عِنْدَ الْآخَرِينَ الْمَغْصُوبَ فَقَطْ مَثَلًا لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ إحْدَى دَفَّتَيْ بَابٍ أَوْ حِذَاءٍ وَاسْتَهْلَكَهَا فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَتْرُكُ صَاحِبُ الْمَالِ دَفَّةَ الْبَابِ الْأُخْرَى أَوْ الْحِذَاءِ لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنُهُ الِاثْنَيْنِ مَعًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخِرِ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يَضْمَنُ الشَّيْءَ الْآخَرَ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَأَبُو السُّعُودِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَسَتُبَيَّنُ صُورَةُ التَّضْمِينِ فِي فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ الْآتِيَةِ: 4 - بِتَعَدِّيهِ: هَذَا التَّعْبِيرُ بِمَا أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ فَلَوْ كُتِبَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ (كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا إذَا تَلَفَ الْمَغْصُوبُ أَوْ ضَاعَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِدُونِ تَعَدِّيهِ. . .) لَكَانَ أَخْصَرَ. التَّعَدِّي: كَضَرْبِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ وَتَلَفِهِ بِذَلِكَ وَهَلَاكِ الْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ بِنَاءً عَلَى سَوْقِهِ بِعُنْفٍ وَشِدَّةٍ وَمَا إلَى ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (602) . 5 - بِلَا تَعَدٍّ: كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَحِفْظِهِ وَتَلَفِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، وَخَلْطِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بِمَالٍ آخَرَ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ. مَثَلًا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْحِنْطَةُ بِحِنْطَةٍ أُخْرَى بِنَفْسِهَا فَتُعَدُّ كَأَنَّهَا تَلِفَتْ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ قُمَاشَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ فَصَّلَهُ وَخَاطَهُ قَمِيصًا، أَوْ لَوْ غَصَبَ حِنْطَةً وَبَعْدَ أَنْ طَحَنَهَا أَوْ غَصَبَ لَحْمًا لَهُ وَبَعْدَ أَنْ شَوَاهُ ضُبِطَ الْقَمِيصُ أَوْ الطَّحِينُ أَوْ اللَّحْمُ الْمَشْوِيُّ مِنْ الْغَاصِبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْقُمَاشِ أَوْ الْحِنْطَةِ أَوْ اللَّحْمِ. أَمَّا لَوْ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ إعْمَالِ الْقُمَاشِ قَمِيصًا وَالْحِنْطَةِ دَقِيقًا وَاللَّحْمِ شِوَاءً وَأَثْبَتَ أَنَّهُ لَهُ، وَأَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْغَاصِبِ شَيْئًا. كَذَلِكَ لَوْ فَصَّلَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ قَمِيصًا وَذَبَحَ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ وَقَبْلَ أَنْ يَخِيطَ الْقَمِيصَ أَوْ يَطْبُخَ الشَّاةَ ظَهَرَ لَهُمَا مُسْتَحِقٌّ وَضَبْطَهُمَا مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) . 6 - إذَا تَلَفَ: لَكِنْ لَوْ - ادَّعَى الْغَاصِبُ التَّلَفَ أَوْ الْإِتْلَافَ وَلَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْحُكْمِ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْغَاصِبُ أَنْ يُثْبِتَ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ بِالْبَيِّنَةِ يَحْبِسُ الْحَاكِمُ الْغَاصِبَ إلَى أَنْ يُظْهِرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِأَنَّ عَدَمَ إظْهَارِهِ إيَّاهُ نَاشِئٌ عَنْ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ، وَمُدَّةُ

الْحَبْسِ مُحَوَّلَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَكَمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَحْكُمُ بِالْبَدَلِ أَيْضًا بِدُونِ حَبْسٍ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ أَيْ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ وَالْمَفْضُولِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (890) 7 - إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ لَقِيمَتِهِ: لَوْ عَوِرَتْ عَيْنُ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَزَلَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ ضَامِنًا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (900) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 918 و 920) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 8 - الْحَالُ: أَيْ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ مُعَاوَضَةً ضَرُورِيَّةً فَلَا يَلْحَقُهَا تَأْجِيلٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَجَّلَ صَاحِبُ الْمَالِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي يَلْزَمُ الْغَاصِبَ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَكُونُ الْأَجَلُ صَحِيحًا كَذَلِكَ لَا تَلْحَقُ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ زِيَادَةٌ أَيْضًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي. أَمَّا تَأْجِيلُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَصَحِيحٌ فَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدُ الْأَنْقِرْوِيُّ فَإِذَا كَانَ مَالُ الْغَصْبِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْقَطِعًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِثْلِهِ أَيْضًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيمَتِهِ إذَا كَانَ وُجُودُهُ نَادِرًا، لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا. وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَذَا، وَبِإِبْرَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَهُ، وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ بَعْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ بِلَا تَوْبَةٍ الْقُهُسْتَانِيُّ. 9 - قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ: قَدْ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ هُنَا، لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ ثَابِتٌ فِي صُورَةِ الْمَغْصُوبِ وَفِي مَعْنَاهُ مَعًا أَيْ ثَابِتٌ فِي قِيمَتِهِ وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الشَّيْءِ عِبَارَةً عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَانَ الْمَعْنَى أَصْلًا وَالصُّورَةُ تَابِعَةً لَهُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمُتَعَذَّرِ أَيْضًا اعْتِبَارُ الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهَا فَيُعْتَبَرُ الْمَعْنَى فَقَطْ أَيْ الْقِيمَةُ، وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ الضَّرَرُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْعَيْنِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إذْ الْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ لِتَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ وَالْمُجَرَّدَاتُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ (الْعِنَايَةُ، السَّعْدِيُّ الشِّبْلِيُّ) وَتَحْقِيقُ هَذَا هُوَ: الْمِثْلُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمِثْلُ الْكَامِلُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَالْأَصْلُ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ هُوَ هَذَا. النَّوْعُ الثَّانِي: الْمِثْلُ الْقَاصِرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ مَعْنًى وَهَذَا هُوَ الْقِيمَةُ فَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِالْأَصْلِ مُمْكِنًا فَالْقَضَاءُ بِالْقَاصِرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، لِأَنَّ الْقَاصِرَ خَلَفٌ لِلْأَصْلِ الْكَامِلِ وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَصْلُ فَلَا يُصَارُ إلَى الْخَلَفِ (الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَيُطْلِقُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى ضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْقَضَاءُ الْمَحْضُ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ الْقَاصِرِ) وَيَكُونُ قَاصِرًا لِأَنَّ الْبَدَلَ أَيْ الْقِيمَةَ هِيَ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ مَعْنًى فَقَطْ وَلَيْسَ مِثْلَهُ صُورَةً (شَرْحُ الْمَجَامِعِ) 0 10 - تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ. لِأَنَّ الْقِيَمَ تَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ

(وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) وَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَرِيضٌ (الْجَوْهَرَةُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: هُنَاكَ صُورَتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. ثَانِيهُمَا أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ الْغَاصِبُ. وَفِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الِاحْتِمَالَاتِ سِتَّةً: (1) أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مُسَاوِيَةً لَقِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ. (2 و 3) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ زِيَادَةٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ نُقْصَانٌ. (4 و 5) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ نُقْصَانٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ زِيَادَةٌ. تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْأُوَلِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَلَفَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ازْدِيَادُ الْقِيمَةِ فِي زَمَنِ التَّلَفِ. وَلَوْ تَلَفَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ بَدَنِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ أُتْلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَغْصُوبِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ سَابِقًا هَلَاكَهُ فَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ (الْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مَعَ قِيمَتِهِ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ ازْدَادَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الدَّابَّةَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ فَارْتَفَعَتْ قِيمَتُهَا لِأَلْفَيْ قِرْشٍ لِحُصُولِ الزِّيَادَةِ فِي بَدَنِهَا كَسَمْنِهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ قِيمَتُهَا إلَى أَلْفِ قِرْشٍ لِحُصُولِ نَقْصٍ فِي بَدَنِهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ ضَمَانُ أَلْفِ الْقِرْشِ الَّذِي هُوَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ عَنْ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الْقَبْضُ، فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً لِارْتِفَاعِ السِّعْرِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا هَلَكَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ أَيْ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ أَنْقَصَ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَزْيَدَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ تَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْغَصْبِ. وَتَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ قِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ فِي حَالِ الزِّيَادَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ هَكَذَا أَيْضًا (الْبَاجُورِيُّ) وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَلْنُوَضِّحْ هَذَا بِمِثَالٍ: لَوْ اسْتَهْلَكَ الشَّاةَ الَّتِي غَصَبَهَا وَاَلَّتِي قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ دِينَارَانِ وَبَعْدَ أَنْ سَمِنَتْ عِنْدَهُ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ذَبَحَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إعْطَاءُ دِينَارَيْنِ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَهُ الْغَاصِبُ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ اسْتِهْلَاكِهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي الْأَنْقِرْوِيُّ

كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي أَخَذَهَا الْغَاصِبُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْمَالِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ قَبْلًا فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ فَقَطْ (التَّنْقِيحُ) . بِأَيِّ جِنْسٍ مِنْ النُّقُودِ تُقَدَّرُ الْقِيمَةُ؟ مَعَ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْ بِأَيِّ جِنْسٍ تَقْدِيرُ الْقِيمَةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ النَّقْدُ الْغَالِبُ. يَعْنِي أَنَّهَا تُقَوَّمُ بِذَهَبٍ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ بِذَهَبٍ وَبِفِضَّةٍ إذَا كَانَ يُبَاعُ بِفِضَّةٍ وَإِذَا كَانَ يُبَاعُ بِهِمَا فَبِالْأَنْفَعِ لِلْمَالِكِ وَإِذَا تُسَاوَيَا فِي النَّفْعِ فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ يَحْكُمُ بِمَا شَاءَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْبَزَّازِيَّةُ الْخَانِيَّةُ، الْبَاجُورِيُّ) . صُورَةُ تَقْدِيرِ الْقِيمَةِ: يَكْفِي إخْبَارُ عَدْلٍ وَاحِدٍ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . 2 - مِثْلُهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ: قَدْ لَزِمَ ذَلِكَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الْمِثْلَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) . يَعْنِي أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ مِنْ السُّوقِ لَزِمَ مِثْلُهُ، وَيُطْلِقُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى هَذَا أَيْ ضَمَانِ الْمِثْلِ، (الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ (الْقَضَاءُ الْكَامِلُ) . وَيَثْبُتُ لُزُومُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ وَذَلِكَ هُوَ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَتَسْمِيَةُ هَذَا الضَّمَانِ بِالِاعْتِدَاءِ مَجَازٌ لِعَلَاقَةِ التَّضَادِّ. وَعَلَاقَةُ التَّضَادِّ، عِبَارَةٌ عَنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] مَعَ أَنَّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ مُقَابَلَةً عَلَى السَّيِّئَةِ لَيْسَ سَيِّئَةً بَلْ عُقُوبَةٌ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ كَانَ حَقُّ الْمَالِكِ ثَابِتًا صُورَةً وَمَعْنًى. فَفَوَّتَهُ الْغَاصِبُ صُورَةً وَمَعْنًى مَعًا. وَتُمْكِنُ مُرَاعَاةُ هَذَيْنِ بِإِيجَابِ الْمِثْلِ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِيجَابُ الْمِثْلِ أَعْدَلُ وَأَتَمُّ لِجَبْرِ الْفَائِتِ وَبِذَلِكَ قَدْ كَانَ الْمِثْلُ أَوْلَى مِنْ الْقِيمَةِ. مَثَلًا لَوْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ حِنْطَةَ أَحَدٍ فَيَكُونُ قَدْ أَضَاعَ الْغَاصِبُ حَقَّيْ الْمَالِكِ: أَوَّلُهُمَا، حَقَّهُ فِي الصُّورَةِ وَثَانِيهِمَا، حَقُّهُ فِي الْمَعْنَى أَيْ فِي الْمَالِيَّةِ. الْجَبْرُ التَّامُّ، يَكُونُ بِإِيجَابِ الْمِثْلِ عَلَى الْغَاصِبِ صُورَةً وَمَعْنًى (الزَّيْلَعِيّ الْعِنَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عِنَبًا طَازَجًا وَاسْتَهْلَكَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَهُ إيَّاهُ فِي الشِّتَاءِ وَكَانَ يُوجَدُ عِنَبٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ لَكِنْ لَيْسَ طَازَجًا عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ يَلْزَمُ أَخْذُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ قِيمَتُهُ. وَإِذَا طَلَبَ عِنَبًا طَازَجًا فَعَلَيْهِ الِانْتِظَارُ إلَى مَوْسِمِ الْعِنَبِ الْأَنْقِرْوِيُّ وَبِمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ تَخْتَلِفُ رَدَاءَةً وَجَوْدَةً يَلْزَمُ إعْطَاءُ الْجَيِّدِ مُقَابِلَ الْجَيِّدِ. وَلَا يَصِحُّ إعْطَاءُ الرَّدِيءِ فِي مُقَابِلِ الْجَيِّدِ وَبِهَذَا تَكُونُ قَدْ رُوعِيَتْ الْمُمَاثَلَةُ سَعْدِي جَلَبِي وَإِلَّا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ الْحِنْطَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْمُتْلَفَةِ مِنْ أَعْلَى جِنْسٍ جِنْسًا أَدْنَى فَلَا يُجْبَرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْقَبُولِ. يُضْمَنُ الْمِثْلِيُّ الْمُتْلَفُ بِالْقِيمَةِ أَحْيَانًا:

قَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ تَلْزَمُ فِي الْمَغْصُوبِ الْمُتْلَفِ قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا. سَوَاءٌ تَلَاقَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ تَلَاقَيَا فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَا يَتَبَدَّلُ الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُتْلَفُ مِثْلِيًّا وَكَانَ مَضْمُونًا بِمِثْلِهِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي الصُّوَرِ السِّتِّ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي وَالْخُصُومَةِ أَقَلَّ كَانَ الْمِثْلُ الْمُتْلَف مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَقَلَّ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي وَالْخُصُومَةِ أَزْيَدَ يَكُونُ الْمِثْلِيُّ الْمُتْلَفُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ وَتَلْزَمُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ مُنْقَطِعًا يَكُونُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: كُلُّ مِثْلِيٍّ يَصِيرُ إتْلَافُهُ وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْهَلَاكِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ الْحِنْطَةَ الَّتِي كَانَتْ تَحْمِلُهَا السَّفِينَةُ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ غَرَقِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ إذْ لِتِلْكَ الْحِنْطَةِ قِيمَةٌ مَا لِاحْتِمَالِ تَخْلِيصِهَا. الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ. الصُّورَةُ السَّادِسَةُ، لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي أَرْضِهِ حِنْطَةً عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (907) فَقَلَبَهَا آخَرُ تَغَلُّبًا وَزَرَعَ فِيهَا حِنْطَةً وَنَبَتَ الزَّرْعَانِ وَأُدْرِكَا فَكُلُّ الزَّرْعِ هُوَ لِذَلِكَ الْآخَرِ الْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قِيمَةَ حِنْطَتِهِ مَزْرُوعَةً فِي أَرْضِهِ. كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ فِي التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِثْلُهُ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ لَزِمَ مِثْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ لَكِنْ فِيهِ وَجْهَانِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: وُجُودُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يَرُدَّ الْغَاصِبُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَأْخُذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هُنَاكَ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي أُعْطِيهِ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ لَا آخُذُ مِثْلَهُ وَأُرِيدُ قِيمَتَهُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَزْيَدَ وَوَقْتَ الضَّمَانِ أَنْقَصَ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَنْقَصَ وَوَقْتَ الضَّمَانِ أَزْيَدَ إنَّنِي أُعْطِيهِ الْقِيمَةَ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا. فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ أَحَدٌ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ كَانَ يَحْفَظُهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ تَغَلُّبًا مِنْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: وُجُودُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَمُخَاصَمَتُهُمَا هُنَاكَ. يُوجَدُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - إذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ وَاحِدَةً فِي الْبَلَدَيْنِ أَيْ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَبَلَدِ التَّلَاقِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى

بَلَدِ الْخُصُومَةِ، وَأَعْطَى الْغَاصِبُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَكُونُ الْغَاصِبُ مُطَالَبًا بِإِعْطَاءِ مِثْلِهِ فِي الْبَلَدِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَلَّا يَأْخُذَهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ الْمِثْلَ الْمَذْكُورَ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. لِأَنَّ الْمِثْلَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْأَمَاكِنِ (الْعَيْنِيُّ فِي قَوْلِ الْهِدَايَةِ وَالْوَاجِبُ الرَّدُّ فِي الْمَكَانِ الَّذِي غَصَبَهُ) . 2 - وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ أَقَلَّ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ مُخَيَّرًا عَلَى نَوْعَيْنِ - إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَيَأْخُذَ مِثْلَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) - كَمَا سَيَأْتِي: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: إنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي وَإِنْ أَعْطَى فِي بَلَدِ الْغَصْبِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ. لِأَنَّ الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ فَقَطْ. وَلَوْ أُجْبِرَ الْغَاصِبُ عَلَى إعْطَاءِ الْمِثْلِيِّ حَصْرًا لَتَضَرَّرَ. لِأَنَّهُ تَكُونُ قَدْ لَزِمَتْ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. فَعَلَيْهِ قَدْ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ إعْطَاءِ مِثْلِهِ فِي الْحَالِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ قِيمَتِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إلَّا إذَا صَبَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إلَى حِينِ الْوُصُولِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ فَيَلْزَمُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَا قَدْ ضُمِنَ الْمِثْلِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْقِيمَةِ. 3 - وَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ أَكْثَرَ وَقِيمَتُهُ فِي بَلْدَةِ الْخُصُومَةِ أَقَلَّ فَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَمَا سَيَأْتِي (الْهِنْدِيَّةُ، وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . النَّوْعُ الْأَوَّلُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي: إنْ شَاءَ انْتَظَرَ إلَى أَنْ يَعُودَ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ فَيَأْخُذَ مِثْلَهُ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ رُئِيَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا. 2 - إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْقَطِعًا: أَمَّا لَوْ انْقَطَعَ الْمِثْلِيُّ بَعْدَ أَنْ غُصِبَ وَاسْتُهْلِكَ لَزِمَ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ أَيْضًا، وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مَوْجُودًا فِي مَوْسِمٍ خَاصٍّ وَيَمُرَّ ذَلِكَ الْمَوْسِمُ كَمَوْسِمِ الْبَلَحِ (أَبُو السُّعُودِ) فَإِنْ انْقَطَعَ الْمِثْلِيُّ بِحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَسْوَاقِ كَمَا فِي الْكَرْمَانِيُّ وَغَيْرِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا كَمَا فِي (شَرْحِ الطَّحْطَاوِيِّ وَالْقُهُسْتَانِيِّ) تَلْزَمُ الْقِيمَةُ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عِنَبًا زَيْنِيًّا فِي شَهْرِ أَيْلُولَ الْغَرْبِيِّ وَخَاصَمَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي شَهْرِ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ عِنَبٌ زَيْنِيٌّ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ فِي السُّوقِ عُدَّ مُنْقَطِعًا (أَبُو السُّعُودِ) لَكِنْ لِلْمُجْتَهِدِينَ فِي قِيمَةِ الْمِثْلِيِّ الْمُنْقَطِعِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. فَتَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ يَعْنِي وَقْتَ الْمُقَاضَاةِ لِأَنَّ أَدَاءَ مِثْلِ الْمَغْصُوبِ يَلْزَمُ ذِمَّةَ الْغَاصِبِ فِي غَصْبِ الْمِثْلِيِّ وَيَبْقَى الْمِثْلُ لَازِمًا ذِمَّتَهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِالْقِيمَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ انْتَظَرَ الْمَالِكُ عَوْدَةَ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ بَقِيَ حَقُّهُ فِي أَخْذِ الْمِثْلِ مَحْفُوظًا وَبِمَا أَنَّ انْتِقَالَ ذَلِكَ الْحَقِّ يَكُونُ قَضَاءً فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمِثْلِيِّ وَقْتَ الِانْتِقَالِ الزَّيْلَعِيّ. أَمَّا الْقِيَمِيُّ الْمُتْلَفُ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ فِي زَمَنِ وُجُودِ الْغَصْبِ، وَوَقْتُ الْغَصْبِ سَبَبُ وُجُودِ الضَّمَانِ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ مِثْلُهُ الْتَحَقَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ. لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالذِّمَّةِ هُوَ الْمِثْلُ وَإِنَّمَا يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالِانْقِطَاعِ. وَقَدْ جُمِعَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ بِالْمَنْظُومَةِ الْآتِيَةِ: وَلَوْ غَصَبَ الْمِثْلَ ثُمَّ انْصَرَمَا ... فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اخْتَصَمَا وَيَوْمَ غَصْبِ الْعَيْنِ عِنْدَ الثَّانِي ... وَحَالَةُ الْفَقْدِ لَدَى الشَّيْبَانِيُّ " أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ " وَقَدْ رَجَحَ كُلٌّ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ أَمَّا فِي الْبَهْجَةِ فَقَدْ أُفْتِيَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ الْغَاصِبُ مَشَقَّةً وَأَحْضَرَ مِثْلَهُ حَالَ الِانْقِطَاعِ يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى قَبُولِهِ (الْجَوْهَرَةُ فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ) . وَقَدْ شُوهِدَ فِي مَسْأَلَةِ الِانْقِطَاعِ هَذِهِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَضْمُونٌ أَيْضًا بِالْقِيمَةِ فَعَلَيْهِ إذَا أُرِيدَ الْحُكْمُ بِإِعْطَاءِ الْمِثْلِ بِسَبَبِ وُجُودِهِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ التَّحَقُّقِ مِنْ وُجُودِ ذَلِكَ الْمِثْلِ فِي الْحَالِ أَيْ وُجُودِهِ فِي الْأَسْوَاقِ حِينَ الْحُكْمِ وَأَنْ يُصَرِّحَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ فِي إعْلَامِ الْحُكْمِ الَّذِي يُنَظِّمُهُ الْقَاضِي وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْمِثْلُ ثُمَّ وُجِدَ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ صَاحِبُ الْمَالِ الدَّعْوَى بِطَلَبِ تَضْمِينِ الْقِيمَةِ وَقَبْلَ الْحُصُولِ عَلَى الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ يَجِبُ إعْطَاءُ الْمِثْلِ أَيْضًا أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ الْمِثْلِيُّ بَلْ تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ عَبْدُ الْحَلِيمِ وَكَمَا أَنَّ الْمِثْلِيَّ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ بِنَاءً عَلَى الِانْقِطَاعِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ ثَالِثًا، فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ رَابِعٌ، فَعَلَيْهِ كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ يَصِيرُ إتْلَافُهُ حِينَمَا يَكُونُ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ، أَيْ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِخَطَرِ التَّلَفِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ فِي زَمَنِ الْإِتْلَافِ. فَإِنَّ لَهُ قِيمَةً وَإِنْ قُلْت لِاحْتِمَالِ النَّجَاةِ، وَالْمِثْلِيُّ يَخْرُجُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ لِمَعْنًى خَارِجٍ ثُمَّ هَذَا إذَا أُلْقِيَ بِلَا إذْنٍ وَاتِّفَاقٍ وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي آخِرِ قِسْمَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ هَبَّتْ الرِّيَاحُ فِي الْبَحْرِ وَأَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَأَلْقَى رُبَّانُهَا مَا فِيهَا مِنْ الْحِنْطَةِ الْمَشْحُونَةِ فِي الْبَحْرِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا أَتْلَفَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَانَ ضَامِنًا قِيمَتَهَا لِأَنَّ الْخَمْرَ قِيَمِيٌّ حُكْمًا وَإِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مُنِعَ مِنْ تَمْلِيكِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إعْزَازٌ لَهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . الصُّورَةُ السَّادِسَةُ: قَدْ صَارَ إيضَاحُهَا آنِفًا فَلَا حَاجَةَ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ. صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْغَصْبِ وَصُورَةُ الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ: يُبَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِالْغَصْبِ وَصُورَةُ حَلٍّ وَفَصْلٍ لِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَعِنْدَمَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَصْبَ يَسْأَلُ الْحَاكِمُ الْغَاصِبَ فَإِنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِالْغَصْبِ أَلْزَمَهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ فَرَسًا وَصْفَهُ كَيْتَ وَكَيْتَ وَأَنَّهُ تَلَفَ فِي يَدِهِ وَأَنَّ قِيمَتَهُ

وَقْتَ الْغَصْبِ أَلْفُ قِرْشٍ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَالْقِيمَةِ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِإِعْطَاءِ قِيمَتِهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ وَقَدْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَحْكُمُ بِأَلْفِ الْقِرْشِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي الثَّانِي وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا. لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الثَّانِي قَدْ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْصَلَ الْأَلْفَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَدِ الْغَاصِبِ بِوَجْهٍ مَا كَأَنْ وَهَبَهُ إلَيْهِ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ بَاعَهُ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الصَّرْفِ فَيَلْزَمُهُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ. وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ غَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْقِيمَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فَرَسُهُ وَغَصَبَهُ مِنْهُ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَضَى بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ وَأَخَذَهَا لَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ وَصَلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِعَيْنِهَا إلَى الْغَاصِبِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالْمُبَايَعَةِ يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ وَصَلَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْمُبَايَعَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ وَصَلَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) . وَإِذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ يُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ بِجَمِيعِ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الْغَصْبِ) . وَلَا يُقَالُ إنَّ الْغَاصِبِينَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ وَالْمَغْصُوبُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمْ دِينَارًا وَاحِدًا. لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَقُولُ (نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ غَصَبَهَا مُسْتَقِلًّا. لِأَنَّ كَلِمَةَ (نَحْنُ) تُسْتَعْمَلُ أَيْضًا لِلْوَاحِدِ وَيَكُونُ بِقَوْلِهِ (وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ) قَدْ رَجَعَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ غَصَبْتُ أَنَا وَتِسْعَةُ الْأَشْخَاصِ الْفُلَانِيِّينَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَضْمَنُ دِينَارًا وَاحِدًا فَقَطْ. مَا لَمْ يَثْبُتْ غَصْبُهُ لِجَمِيعِهَا (الشَّارِحُ) . إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ الْغَصْبَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ شُهُودًا تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ أَوْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَتِهِمْ فِعْلَ الْغَصْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى إحْضَارُ الْمَنْقُولِ الْمَغْصُوبِ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1621) لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَيْضًا بَيَانُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ يُمْكِنُهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ حِينَ الْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ فَلِهَذِهِ الْمَعْذِرَةُ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِبَارِ عِلْمُ الشُّهُودِ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . صُورَةُ حَلِّ وَفَصْلِ الِاخْتِلَافِ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ: إذَا اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَا رَيْبَ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِي بِهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَيُثْبِتُهَا لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ أَثْبَتَ مُدَّعِيًا بِالْبَيِّنَةِ الْمُلْزِمَةِ (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (75 و 76) كَمَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ. لِأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي قِيمَةِ شَيْءٍ يَعْنِي شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ عَلَى أَنَّهَا تِسْعَةٌ فَبِمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الْأَقَلِّ نَافِيَةٌ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ وَيَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) .

أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْغَاصِبُ يُنْكِرُهَا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ، اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (8 و 76) الْهِدَايَةُ الْعَيْنِيُّ الطَّحْطَاوِيُّ. أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ وَصَارَ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ إثْبَاتَ الْقِيمَةِ بِالْبَيِّنَةِ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي وُجِّهَتْ إلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْغَاصِبِ قِيَاسًا عَلَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1774) إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ (النِّهَايَةُ الْعِنَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَالشِّبْلِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْغَاصِبُ أَنْ يُثْبِتَ الْقِيمَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْإِثْبَاتَ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْغَاصِبِ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ إقْرَارِهِ لَزِمَ تَحْلِيفُ الْغَاصِبِ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْخُلَاصَةِ) . لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي رَدِّ الْيَمِينِ أَيْضًا: فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إثْبَاتَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَصَارَ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ الْغَاصِبُ إنِّي أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ وَأُؤَدِّي الْقِيمَةَ الَّتِي يَحْلِفُ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَبِلَ الْمَالِكُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا التَّرَاضِيَ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ مُخَالِفٍ لِلشَّرْعِ فَهُوَ لَغْوٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) إذَا قَالَ الْمَالِكُ إنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَقَالَ الْغَاصِبُ لَا أَعْرِفُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لَكِنَّهَا أَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَالِكُ وَبِمَا أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي قَوْلِهِ: لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ يُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيَانِ مِقْدَارِهَا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 و 76) . وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ مَعَ إجْبَارِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيَحْلِفُ الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا كَمَا يَدَّعِي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَإِذَا نَكَلَ ثَبَتَ الْمُدَّعَى بِهِ، أَيْ ثَبَتَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. أَمَّا إذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ رَغْمًا عَنْ الْإِجْبَارِ وَقَدْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى كَوْنِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَمَا يَدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ فَلَهُ أَخْذُ عَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَالُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (76) أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَصْلًا فَكَيْفَ وُجِّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَالْقَاعِدَةِ وَقَدْ تَعَرَّضَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ لِبَيَانِ سَبَبِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَدَّ تَحْلِيفَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي حَالَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1778) نَظِيرًا لِذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ السُّؤَالُ الْآتِي وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعِي يَمِينٌ أَبَدًا لِنَصِّ الشَّارِعِ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَا مَسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ. وَقَدْ حَلَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ

لَيْسَتْ تِسْعَةً أَيْضًا وَإِذَا حَلَفَ فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ لَيْسَتْ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَإِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ سِتَّةَ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَهَلُمَّ جَرًّا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَنْقَصَ مِنْهُ عُرْفًا وَعَادَةً فَيُلْزَمُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. وَيَكُونُ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ لِلْغَاصِبِ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لَيْسَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْغَصْبِ وَوَقَعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ قُبِلَتْ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ فَلَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى الْغَاصِبِ بَلْ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَقَطْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1746) (الْهِنْدِيَّةُ، وَفَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ) . دَفْعُ الْغَاصِبِ دَعْوَى الْغَصْبِ: 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِكَذَا قِرْشًا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . 2 - لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ رَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا وَأَعَادَهُ وَأَنْكَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لَكِنْ لَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ دَفْعَهُ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَ مِنْهُ هَذَا الدَّفْعُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . 3 - لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ إنَّ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَسَالِمًا حِينَ الْغَصْبِ فَقَدْ مَزَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَهُوَ فِي يَدَيَّ، وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى عَدَمِ التَّمْزِيقِ وَحَلِفِهِ الْيَمِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . ادِّعَاءُ اثْنَيْنِ الْمَغْصُوبَ: لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ فَرَسًا فِي يَدِ وَاحِدٍ وَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ ذِي الْيَدِ قَدْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَقَامَ الثَّانِي الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ ذِي الْيَدِ قَدْ غَصَبَهُ مِنْهُ فِي وَقْتٍ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَالْفَرَسُ لِمَنْ يَدَّعِي وَيُثْبِتُ غَصْبَهُ بِالتَّارِيخِ الْمُتَقَدِّمِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا لِلْمُدَّعِي الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . تَغْيِيبُ الْمَغْصُوبِ: إذَا غُيِّبَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ الْغَصْبِ يَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ صَبَرَ لِحِينِ وُجُودِهِ وَأَخَذَهُ عَيْنًا مَتَى وُجِدَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَاخْتُلِفَ فِي قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ، لِأَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْغَاصِبُ يُنْكِرُهَا لَكِنْ إذَا أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى زِيَادَةِ الْقِيمَةِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ (الْجَوْهَرَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ إذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ يُصْبِحُ الْغَاصِبُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ وَيَثْبُتُ لَهُ هَذَا الْمِلْكُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ أَيْضًا أَرْبَاحَ الْمَغْصُوبِ وَزِيَادَتَهُ الْمُتَّصِلَةَ (الْهِدَايَةُ) . وَقَدْ صَارَ الْغَاصِبُ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ بَعْدَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ

مَالِكًا لِلْبَدَلِ رَقَبَةً وَمِلْكًا فَلَزِمَ أَنْ يَمْلِكَ الْغَاصِبُ الْبَدَلَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَإِلَّا وَجَبَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ عَدْلٌ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْغَاصِبِ فَيَثْبُتُ مِلْكُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ الْغَائِبِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالِاسْتِنَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ نَاقِصٌ وَهُوَ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ ثَابِتٍ فَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ كَالْوَلَدِ وَتَبْقَى هَذِهِ الزَّوَائِدُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ فِي شَعْبَانَ فَرَسًا فَوَلَدَتْ فِي رَمَضَانَ وَضَمِنَهَا بَعْدَ التَّغَيُّبِ فِي شَوَّالٍ فَالْفِلْوُ مَالٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ مِلْكِيَّةُ الْغَاصِبِ فِي شَعْبَانَ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ كَالثَّمَنِ فَيَمْلِكُهَا بِهَذَا الضَّمَانِ. لِأَنَّ هَذِهِ الزَّوَائِدَ تَابِعَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَعَ أَنَّهُ إذَا نَفَذَ الْبَيْعُ الْمَوْقُوفُ وَالْبَيْعُ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ فَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي يَمْلِكُ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ يَمْلِكُ أَيْضًا الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ فَرَسًا فُضُولًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَوَلَدَتْ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَعْدَ ذَلِكَ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَشُرُوطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةٌ فَالْمُشْتَرِي يَمْلِكُ الْفِلْوَ أَيْضًا. وَإِلَيْك الْفَرْقُ: بِمَا أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ قَبِيحٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لَتَمْلِيكٍ. أَمَّا الْبَيْعُ فَبِمَا أَنَّهُ سَبَبٌ مَشْرُوعٌ لِلْمِلْكِ فَتَسْتَنِدُ إجَازَةُ الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى وَقْتِ الْبَيْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا ظَهَرَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ حُكِمَ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الْمُتَحَقِّقَةَ بِنَاءً عَلَى ادِّعَاءِ الْغَاصِبِ وَإِقْرَارِهِ أَوْ عَلَى حَلْفِ الْغَاصِبِ الْيَمِينَ الْمُكَلَّفَ بِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَتُهُ مُسَاوِيَةً لِلْبَدَلِ الَّذِي ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: إذَا شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ وَرَدَّ عِوَضَهُ لِلْغَاصِبِ (الْهِدَايَةُ) لِأَنَّ رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ تَامًّا لِعَدَمِ أَخْذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي كَانَ يُرِيدُ أَخْذَهَا (الْجَوْهَرَةُ، الْقُهُسْتَانِيُّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ الْعَيْنِيُّ) وَلِلْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَدَلَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ الْغَاصِبُ إنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ التَّضْمِينِ وَقَالَ الْمَالِكُ إنَّهَا حَدَثَتْ قَبْلَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْغَصْبِ فَالْقَوْلُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لِلْغَاصِبِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا تَلَفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ رَدُّ ذَلِكَ الْبَدَلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْمَالِ زِيَادَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا كَانَ ثَمَّةَ زِيَادَةٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ زِيَادَةٌ فَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ غَيْرَ الْبَدَلِ الْمَأْخُوذِ الْعَيْنِيُّ الْأَمْرُ الثَّانِي، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الضَّمَانَ وَأَبْقَاهُ. وَلَا يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إذَا ظَهَرَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي ضَمِنَهُ. لِأَنَّ الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ قَدْ لَزِمَ بِإِقْرَارِ الْغَاصِبِ. لَكِنْ بِمَا أَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مُعَاوَضَةٌ أَيْضًا. فَيَثْبُتُ لِلْغَاصِبِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) إذَا قَبِلَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمَالِكُ وَأَثْبَتَ الْمَالِكُ بِالْبَيِّنَةِ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمَالِكُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ الَّتِي تُحَقَّقُ كَانَ

(المادة 892) سلم الغاصب عين المغصوب لصاحبه في مكان الغصب

الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ أَيْ لَا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِادِّعَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْغَاصِبُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ جَانِبَ الْغَاصِبِ لِظُلْمِهِ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الْغَصْبِ وَالتَّغْيِيبِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَائِهِ (الْخَانِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذْت حِصَانِي الَّذِي تُسَاوِي قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ تَغَلُّبًا وَغَيَّبْته وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ أَلْفَ الْقِرْشِ مِنْ الْغَاصِبِ وَجَدَ الْحِصَانَ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَلْفَ الْقِرْشِ لِلْغَاصِبِ وَيَسْتَرِدَّ الْحِصَانَ وَكَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ مُخَيَّرًا إذَا ظَهَرَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . نَفَاذُ بَيْعِ الْغَاصِبِ أَوْ بُطْلَانُهُ: إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ لِآخَرَ يَنْفُذُ بَيْعُهُ، حَيْثُ إنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ لِلضَّمَانِ الْمَذْكُورِ أَيْ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ مِلْكًا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ نَفَذَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِنَادِ الْمَذْكُورِ قَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ امْتِلَاكِ الْغَاصِبِ لِلْمَبِيعِ الْمَغْصُوبِ عَلَى بَيْعِهِ إيَّاهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) . يَعْنِي أَنَّ نَفَاذَ بَيْعِ الْغَاصِبِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ضَمَانِ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ أَوْ اتَّهَبَهُ وَتَسَلَّمَهُ أَوْ وَرِثَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْغَاصِبِ الْمَذْكُورُ وَيَكُونُ بَاطِلًا. لِأَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ (وَهُوَ الْمِلْكُ اشْتِرَاءً اتِّهَابًا وَإِرْثًا) إذَا طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ عَلَى أَدَاءِ الضَّمَانِ أَبْطَلَهُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ فِي ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ مَالًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فِي مُنْتَصَفِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضَمِنَ فِي صَفَرَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مَلَكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِالضَّمَانِ الْمَذْكُورِ، وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ لِاسْتِنَادِ الْمِلْكِ فِيهِ عَلَى مُتَأَخِّرٍ وَافْتِرَاضِ أَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَغْصُوبِ فِي ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ. أَمَّا إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ بِالتَّرَاضِي عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ - فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ اعْتِبَارًا مِنْ ابْتِدَاءِ مُحَرَّمٍ فَلَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ أَيْ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ مِنْ آخَرَ أَوْ وَرِثَهُ الْغَاصِبُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَبْطُلُ بَيْعُ الْغَاصِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهُنَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ مَا هُوَ الْمِثْلِيُّ وَالْقِيَمِيُّ حَتَّى تُفْهَمَ هَذِهِ الْمَادَّةُ كَمَا يَنْبَغِي. قَدْ ذُكِرَ تَعْرِيفَا الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (145 و 146) كَمَا أَنَّهُمَا ذُكِرَا بِتَوْضِيحٍ فِي الْمَادَّةِ (1119) وَقَدْ عَرَّفَهُمَا بَعْضُ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَمِنْهَا الْهِنْدِيَّةُ فَقَدْ أَتَتْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ عَلَى تَعْرِيفِ الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ وَعَدَّدَتْهُمَا وَبِمَا أَنَّهُمَا يُفْهَمَانِ مِنْ تَعْرِيفِهَا السَّالِفِ الذِّكْرِ فَلَا حَاجَةَ لِتَعْدَادِ أَفْرَادِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 892) سَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ] (الْمَادَّةُ 892) - (إذَا رَدَّ وَسَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ)

يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ أَوَّلًا إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ لِصَاحِبِهِ الْعَاقِلِ الْحَاضِرِ يَعْنِي غَيْرَ الْغَائِبِ أَوْ نَائِبَهُ أَيْ أَعَادَهُ وَسَلَّمَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. ثَانِيًا، إذَا اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا. ثَالِثًا، إذَا كَانَ الْغَاصِبُ وَارِثًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا يَعْنِي يَسْقُطُ وُجُوبُ الرَّدِّ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ بِرَدِّهِ. وَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمَغْصُوبِ عَلَى قَبُولِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي يُرَدُّ إلَيْهِ عَيْنًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا إذَا رَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (4 89) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - فِي مَكَانِ الْغَصْبِ: فَائِدَةُ هَذَا الْقَيْدِ قَدْ وُضِّحَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 89) فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ. 2 - عَيْنُ الْمَغْصُوبِ: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَسَتَأْتِي التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (5 89) . 3 - عَاقِلٌ: يَصِحُّ الرَّدُّ وَالتَّسْلِيمُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَاقِلًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (896) الْآتِيَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 4 - حَاضِرٌ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَائِبًا. وَنَدِمَ الْغَاصِبُ عَلَى فِعْلِهِ الْغَصْبَ وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ قَبُولَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ إعْطَاءَهُ الْأَمْرَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ هَذَا الطَّلَبَ. وَيُتْرَكُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْغَاصِبِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْأَمْرِ. وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ أَمِينٍ وَمُخَوَّفًا وَرَأَى الْحَاكِمُ مَنْفَعَةً فِي بَيْعِ الْحَيَوَانِ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ إتْلَافِهِ الْمَغْصُوبَ مَلْحُوظًا بِحِفْظِ الثَّمَنِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ نَافِعَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8 5) (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الْغَصْبِ وَالْخَانِيَّةُ) . 5 - لِصَاحِبِهِ أَوْ نَائِبِهِ: صَاحِبُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَنَائِبُهُ عِبَارَةٌ عَنْ وَصِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ إذَا تُوُفِّيَ. لَكِنْ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْوَرَثَةِ إذَا رَدَّ أَحَدُهُمْ وَكَانَ هَذَا الرَّدُّ بِغَيْرِ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ حِصَّةِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَمُنْيَةُ الْمُفْتِينَ فِي الْغَصْبِ) . وَهَذَا التَّعْبِيرُ، لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرَّدِّ لِدَارِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِعِيَالِهِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ رَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِدَارِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ عِيَالِهِ كَزَوْجَتِهِ فَلَا يَبْرَأُ. كَذَلِكَ الرَّدُّ فِي الْوَدِيعَةِ هَكَذَا عَلَى قَوْلٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (4 79) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَتْ الْأَحْوَالُ الْآتِيَةُ مَعْدُودَةً مِنْ الرَّدِّ. أَوَّلًا، لَوْ أَخَذَ مَالًا مِنْ دَارِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ أَعَادَهُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فَمَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ فَلَا خَلَاصَ مِنْ الضَّمَانِ. ثَانِيًا، لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ حَيَوَانَ الْآخَرِ مِنْ الْمَرْعَى وَاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعَادَهُ إلَى مَحِلِّهِ وَقَدْ قَبِلَ أَنْ يَأْخُذَهُ صَاحِبُهُ لَزِمَ ضَمَانُ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورِ. ثَالِثًا، لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ يَدِ آخَرَ دَابَّةً وَعِنْدَمَا رَدَّهَا لَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا أَوْ خَادِمًا لَهُ كَسَائِسٍ مِثْلًا وَرَدَّ الدَّابَّةَ إلَى إصْطَبْلِهِ وَرَبَطَهَا هُنَاكَ فَلَا يُخَلِّصُ الرَّدُّ الْحَاصِلُ مِنْ الضَّمَانِ. رَابِعًا، لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ نِصْفَ أَلْفِ الْقِرْشِ الْمَوْجُودَ فِي كِيسِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ بِأَيَّامٍ رَدَّ النِّصْفَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْكِيسِ الْمَذْكُورِ فَكَمَا أَنَّ الرَّدَّ وَالتَّسْلِيمَ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ فَلَوْ ضَاعَتْ النُّقُودُ الَّتِي فِي الْكِيسِ قَبْلَ أَنْ يَضَعَ

صَاحِبُهَا يَدَهُ عَلَيْهَا كَانَ ضَامِنًا نِصْفَ الْمَأْخُوذِ الْمَرْدُودَ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . يَذْكُرُ هُنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الْمَأْخُوذِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْكُلِّ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي مَادَّتَيْ (787 و 788) شَرْحًا. وَلُزُومُ ضَمَانِ النِّصْفِ فَقَطْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُبَيَّنًا عَلَى السَّبَبِ الْآتِي وَهُوَ كَوْنُ الْخَلْطِ الْوَاقِعِ بِرَدِّ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ فِي صُورَةٍ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا وَتَفْرِيقُهَا أَوْ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ فِي الْكِيسِ نُقُودٌ غَيْرُهَا (الشَّارِحُ) . خَامِسًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ مِنْ إصْطَبْلِهِ وَأَعَادَهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ دُونِ أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا نَفْسِهِ لَا يَبْرَأُ عَلَى رِوَايَةٍ وَيَبْرَأُ عَلَى أُخْرَى (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَقَدْ اسْتَحْسَنَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ دَارِ آخَرَ ثِيَابًا وَبَعْدَ أَنْ لَبِسَهَا خَلَعَهَا وَوَضَعَهَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ أَوْ لَوْ أَخَذَ مِنْ إصْطَبْلِ آخَرَ دَابَّةً وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعَادَهَا إلَى الْإِصْطَبْلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . 6 - الرَّدُّ وَالتَّسْلِيمُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ الْأَحْوَالِ الْآتِيَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الرَّدِّ: أَوَّلًا، لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ سُقْ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَبِعْهُ هُنَاكَ وَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ أَثْنَاءَ سَوْقِهِ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَى الْمَالِكِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . ثَانِيًا، لَوْ أَعَارَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ الْغَاصِبُ بِحُكْمِ الْإِعَارَةِ فَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ كَانَ ضَامِنًا. ثَالِثًا، لَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ وَتَلِفَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ ضَامِنًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُبَايِنَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي حَقِّ سُقُوطِ الضَّمَانِ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (773) . رَابِعًا، إذَا أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِبَيْعِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَانَ صَحِيحًا وَكَانَ الْغَاصِبُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1455) وَكِيلًا بِالْبَيْعِ لَكِنْ كَمَا أَنَّ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْأَمْرِ لَا يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِهِ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ الْمَغْصُوبُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ ضَمَانَ الْغَصْبِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا الرَّدُّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي يُعَدُّ الْمَغْصُوبُ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ أَيْضًا. وَإِذَا كَانَ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا تَرْجِعُ الضَّمَانُ إلَى الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 5) . خَامِسًا، لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِالذَّاتِ مِنْ شَخْصٍ ثَالِثٍ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبْرِئُ الْغَاصِبَ مِنْ الضَّمَانِ فَلَوْ تَلَفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الْغَاصِبُ. سَادِسًا، لَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ بِأَنْ يُضَحِّيَ الشَّاةَ الَّتِي غَصَبَهَا مِنْهُ فَلَا تَخْرُجُ الشَّاةُ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ مِنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْغَصْبِ) .

أَقْسَامُ الرَّدِّ: الرَّدُّ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الرَّدُّ الْحَقِيقِيُّ وَيَحْصُلُ هَذَا بِإِعْطَاءِ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِصَاحِبِهِ وَقَبْضِهِ إيَّاهُ. وَالرَّدُّ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، هُوَ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الرَّدِّ. الْقِسْمُ الثَّانِي: الرَّدُّ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ الرَّدُّ الْمُبَيَّنُ وَالْمَذْكُورُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (893) وَالْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الرَّدِّ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَوْقَعَ صَاحِبُ الْمَالِ فِعْلًا فِي الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَكَانَ إيقَاعُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَجْعَلُهُ غَاصِبًا فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ قَابِضًا لِمَالِهِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يَجْهَلُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ لِأَنَّ ثُبُوتَ يَدِ صَاحِبِ الْمَالِ عَلَى مَالِهِ يُوجِبُ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . مَثَلًا لَوْ رَكِبَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْحَيَوَانِ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ ذَهَبَ إلَى دَارِ الْغَاصِبِ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ الْمَغْصُوبَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَرِئَ الْغَاصِبُ. سَوَاءٌ أَوْقَعَ ذَلِكَ الْفِعْلَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَالُهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ. لِأَنَّ الْحُكْمَ يُبْنَى عَلَى السَّبَبِ وَلَيْسَ عَلَى الْعِلْمِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَالِهِ بِالرُّكُوبِ أَوْ اللِّبْسِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَكُونُ قَدْ ارْتَفَعَتْ يَدُ الْغَاصِبِ بِذَلِكَ وَزَالَ الضَّمَانُ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ اسْتَعَارَ وَارِثُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا بَعْدَ وَفَاةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ لِعَمَلٍ مَا وَبَاشَرَ الْغَاصِبُ بِالْقِيَامِ فِي الْعَمَلِ فَهَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ قَابِضٌ بِصِفَتِهِ مُسْتَأْجِرًا بِسَبَبِ وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُعَدُّ الْغَاصِبُ قَدْ قَبَضَ الْمَأْجُورَ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَيَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَصْبِ هُوَ أَعْلَى وَقَبْضَ الْإِجَارَةِ أَدْنَى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2 26) فَعَلَيْهِ لَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ ضَمَانُ الْغَصْبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الَّتِي غَصَبَهَا مِنْ مَالِكِهَا وَكَانَ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ مُقْتَدِرًا عَلَى السُّكْنَى يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفَانِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ عِنْدَهُمَا حِينَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . 7 - اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا: لَوْ أَوْقَعَ صَاحِبُ الْمَالِ فِعْلًا فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَوْ أَوْقَعَهُ أَحَدٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ عُدَّ غَاصِبًا فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ بِفِعْلِهِ هَذَا قَابِضًا لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَمَا ذَكَرْت أَمْثِلَتَهُ آنِفًا. 8 - أَوْ كَانَ الْغَاصِبُ وَارِثًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا: إذَا كَانَ الْغَاصِبُ وَارِثًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَصْرًا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. مَثَلًا لَوْ سَرَقَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ أَبِيهِ وَتُوُفِّيَ أَبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ وَارِثًا لَهُ حَصْرًا فَلَا يُؤَاخَذُ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّ الْمَالَ قَدْ انْتَقَلَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْإِرْثِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .

كَانَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ: يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى عِدَّةِ وُجُوهٍ: أَوَّلُهَا، يَبْرَأُ بِرَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا فُصِّلَ هُنَا. ثَانِيهَا، يَبْرَأُ بِصَيْرُورَةِ الْغَاصِبِ وَارِثًا حَصْرًا كَمَا بُيِّنَ هُنَا. ثَالِثُهَا، لَوْ أَبَرَّ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ تَلَفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَانْقَلَبَ إلَى الْبَدَلِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الدَّيْنِ يَعْنِي يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْبَدَلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . رَابِعُهَا، لَوْ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ مِنْ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ قِيَمِيَّةً كَالثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ أَوْ مِثْلِيَّةً كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ) . خَامِسُهَا، لَوْ أَحَلَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْغَاصِبِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ. فَلَوْ أَحَلَّ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَيْنًا فَيَكُونُ هَذَا الْإِحْلَالُ سَبَبًا لِلْإِبْرَاءِ مِنْ الضَّمَانِ وَتَكُونُ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) سَادِسُهَا، يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِإِجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَبْضَ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَالًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ قَبْضَ الْغَاصِبِ كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (791) كَمَا تَلْحَقُ الْأَقْوَالَ تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ أَيْضًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ وَغَصَبَهُ وَسَلَّمَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا التَّسْلِيمَ كَانَ صَحِيحًا وَبَرِئَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الضَّمَانِ. سَابِعُهَا، لَوْ أَمَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِحِفْظِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ اسْتَعْمَلَهُ وَحَفِظَهُ الْآخَرُ أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَعَ بِحِفْظِهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ كَانَ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ أَيْضًا أَمَّا بِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ (مُنْيَةُ الْمُفْتِينَ) . ثَامِنُهَا، يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِإِيدَاعِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (773) . 10 - وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مُطْلَقَةً وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: عَدَمُ لُزُومِ عِلْمِ صَاحِبِهِ بِهَذَا الرَّدِّ فَلِذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ شَيْئًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَهُ وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ هُوَ مَالٌ وَأَخَذَ آخَرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْهُ بَرِئَ الْآخِذُ الْأَوَّلُ وَتُصْبِحُ الْمَسْئُولِيَّةُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْآخِذِ الثَّانِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْغَصْبِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَضَعْهُ فِي حِجْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَوَضَعَهُ أَمَامَهُ وَأَخَذَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَعًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 1 9) . وَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ كَيْسِ آخَرَ نُقُودًا وَبَعْدَ أَنْ صَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا أَعَادَ مِثْلَهَا بِدُونِ عِلْمِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى ذَلِكَ الْكِيسِ وَوَضَعَهَا فِيهِ وَخَلَطَهَا بِمَا فِيهِ مِنْ النُّقُودِ وَبَعْدَ ذَلِكَ صَرَفَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا فِي كِيسِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كُلِّهَا أَوْ رَفَعَ الْكِيسَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْغَاصِبِ

(المادة 893) وضع الغاصب المغصوب أمام صاحبه بصورة يقدر معها على أخذه

يَتِيمَةُ الدَّهْرِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَعَلَيْهِ لَوْ أَلْبَسَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ بِدُونِ عِلْمِهِ وَبَقِيَ لَابِسًا إيَّاهُ حَتَّى صَارَ عَتِيقًا كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ خُبْزًا فَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ خُبْزُهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ إلَى أَنْ تَبَدَّلَ اسْمُهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (899) وَأَطْعَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ لِأَنَّهُ مَتَى غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَالِكًا لَهُ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ حِينَئِذٍ قَدْ أَطْعَمَهُ مَالَهُ وَتَبَرَّعَ لَهُ بِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ فَعَمِلَهُ خُبْزًا أَوْ غَصَبَ اللَّحْمَ وَطَبَخَهُ وَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَا يَبْرَأُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْغَصْبِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِحُّ الرَّدُّ مَا لَمْ يَقِفْ عَلَى كَوْنِهِ مَالَهُ. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَيْسَتْ رَدًّا، وَإِنَّمَا هِيَ حِيلَةٌ وَخُدْعَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الرَّدِّ عَلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الْغَصْبِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَوَهَبَهُ إيَّاهُ فَكَمَا أَنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ فَلَوْ سَرَقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ، كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 893) وَضَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوب أَمَامَ صَاحِبِهِ بِصُورَةٍ يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى أَخْذِهِ] (الْمَادَّةُ 893) إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ صَاحِبِهِ بِصُورَةٍ يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى أَخْذِهِ يَكُونُ قَدْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ وَأَمَّا لَوْ تَلَفَ الْمَغْصُوبُ وَوَضَعَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ فَلَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (0 89) بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَيَأْخُذَهُ بِمَدِّهِ يَدَهُ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ فَيُعَدُّ قَابِضًا حُكْمًا وَيُعْتَبَرُ الْمَغْصُوبُ قَدْ رُدَّ إلَى صَاحِبِهِ وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ وَلَمْ يَقْبَلْهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَرْدُودُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَيْنَ مَالٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ. وَالرَّدُّ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الرَّدُّ الْحُكْمِيُّ وَلُحُوقُ عِلْمِ صَاحِبِ الْمَالِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذَا الرَّدِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَتَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِحَيْثُ يَسْتَطِيعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ وَيَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَكَانِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخْذَهُ فَأَخَذَهُ الْغَاصِبُ وَأَعَادَهُ إلَى دَارِهِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ قَدْ غَصَبَهُ ثَانِيَةً وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ فِي حِجْرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَرَمَى بِهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ حِجْرِهِ فَأَخَذَهَا شَخْصٌ آخَرُ بَرِئَ الْغَاصِبُ. وَفِي الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقَبِّضَهُ أَوْ يَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ

(المادة 894) سلم الغاصب عين المغصوب إلى صاحبه في محل مخوف

أَوْ فِي حِجْرِهِ فَإِنْ رَمَى بِهِ فَقَدْ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) 1 - يَسْتَطِيعُ أَخْذَهُ، أَمَّا إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بَعِيدًا عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخْذَهُ وَتَنَاوُلَهُ بِدُونِ الْقِيَامِ مِنْ مَكَانِهِ وَلَوْ وَضَعَهُ الْغَاصِبُ عَلَى هَذَا الْحَالِ وَتَرَكَهُ وَذَهَبَ وَضَاعَ فَلَا يَبْرَأُ. 2 - إذَا وَضَعَهُ أَمَامَهُ، أَمَّا إذَا حَضَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَلَمْ يَضَعْهُ أَمَامَ صَاحِبِهِ بَلْ قَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ خُذْهُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخْذَهُ كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ. وَلَا يَتَجَدَّدُ الْغَصْبُ بِأَخْذِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . أَمَّا لَوْ وَضَعَ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَتَلَفَ أَوْ أُتْلِفَ وَاسْتُهْلِكَ أَمَامَ صَاحِبِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ حَقِيقَةً. لِأَنَّ إعْطَاءَ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ مُبَادَلَةٌ وَالْمُبَادَلَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ فِي هَذَا الْحَالِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (895) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ إذَا وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهَا وَكَذَلِكَ عَيْنُ الْمَغْصُوبِ يَبْرَأُ بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ الْحَقِيقِيِّ لِتَحَقُّقِ الْمُعَاوَضَةِ أَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ فَيَتَحَقَّقُ الرَّدُّ بِالتَّخْلِيَةِ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ (الْجَوْهَرَةُ) . الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ، يَحْصُلُ الْقَبْضُ حَقِيقَةً بِأَخْذِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِيَدِهِ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ بِرِضَاهُ كَمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ فِي حِجْرِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَتَعْبِيرُ قِيمَتِهِ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ مِثْلِهِ. وَلِذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الْغَاصِبُ مِثْلَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلِفَ أَمَامَ صَاحِبِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يُوجَدْ قَبْضٌ حَقِيقِيٌّ لِأَنَّ هَذَا مُبَادَلَةٌ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 894) سَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ] (الْمَادَّةُ 894) لَوْ سَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ فَلَهُ حَقٌّ فِي عَدَمِ قَبُولِهِ وَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ. إذَا أَرَادَ أَحَدٌ وَفَاءَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِآخَرَ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَلَّا يَقْبَلَ ذَلِكَ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ: مِنْ الْغَصْبِ: لَوْ سَلَّمَ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ لِصَاحِبِهِ كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ فِي مَوْضِعٍ هَاجَمَهُ فِيهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَلِصَاحِبِهِ حَقٌّ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ وَلَوْ كَانَ هَذَا التَّسْلِيمُ عَلَى وَجْهِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. لِأَنَّ الْأَمْوَالَ فِي هَذَا الْحَالِ تُعَدُّ كَأَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي أَيْدِي اللُّصُوصِ. وَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الضَّمَانِ أَيْ إذَا سَلَّمَهُ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ وَتَرَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَقْبَلَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا قَبِلَهُ فَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَقُّ لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَقَدْ أَوْضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) أَنَّ لِلْغَاصِبِ تَسْلِيمَ بَعْضِ نَوْعِ الْمَغْصُوبِ فِي مَحِلٍّ غَيْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ. وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي مَحِلٍّ مَخُوفٍ يَعْنِي أَنَّ ذِكْرَ الْمَحِلِّ مُطْلَقًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَحِلُّ الْمَخُوفُ هُوَ مَكَانُ الْغَصْبِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَدَمُ الْقَبُولِ أَيْضًا فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةً مِنْ آخَرَ فِي قَرْيَةٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَاجَمَ

(المادة 895) أدى الغاصب قيمة المال المغصوب الذي تلف إلى صاحبه ولم يقبله

قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَالْأَشْقِيَاءُ تِلْكَ الْقَرْيَةَ وَفِي أَثْنَاءِ شُرُوعِهِمْ فِي غَصْبِ الْأَمْوَالِ وَنَهْبِهَا أَعَادَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي يَدِهِ عَيْنًا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ الْكَفَالَةِ: لَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولَ بِهِ فِي مَكَانٌ لَا تُمْكِنُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ فَلَهُ عَدَمُ قَبُولِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (663) (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ) . مِنْ الدَّيْنِ: إذَا أَرَادَ الْمَدْيُونُ تَأْدِيَةَ دَيْنِهِ فِي مَوْضِعٍ قَطَعَ فِيهِ اللُّصُوصُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَبَاشَرُوا فِي نَهْبِ أَمْوَالِهِمْ فَلِلدَّائِنِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ قَبُولِ الْقَبْضِ (الْبَهْجَةُ) [ (الْمَادَّةُ 895) أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ إلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ] (الْمَادَّةُ 895) - (إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ إلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ رَاجَعَ الْحَاكِمَ فَيَأْمُرُهُ بِالْقَبُولِ) . إذَا أَعْطَى الْغَاصِبُ قِيمَةَ أَوْ مِثْلَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ أَوْ أُتْلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ أَوْ ضَاعَ إلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ رَاجَعَ الْحَاكِمَ فَإِذَا صَدَّقَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ تَلَفَهُ أَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ تَلَفَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيَأْمُرُهُ بِقَبُولِ الْبَدَلِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ أَنْ يُحْبَسَ الْغَاصِبُ مُدَّةً مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ حَسْبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 89) يُؤْمَرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِقَبُولِ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ أَيْ يُجْبَرُ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الْقَبُولِ وَمَعْنَى الْأَمْرِ وَالْجَبْرِ عَدَّهُ قَابِضًا بِتَخْلِيَتِهِ وَوَضْعِهِ أَمَامَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ إعْطَاءَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ قِيمَةَ الْفَرَسِ الْحَقِيقِيَّةَ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لَا آخُذُ قِيمَتَهُ وَأَعْطِنِي فَرَسًا كَفَرَسِي فَيُرَاجِعُ الْغَاصِبُ الْحَاكِمَ فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِقَبُولِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِرَدِّ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَتَسْلِيمِهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ بِوَضْعِهِ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حِجْرِ صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ أَمَامَهُ أَمَّا إذَا وَضَعَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ أَمَامَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَا يَبْرَأُ (الْخَانِيَّةُ) . وَمَسْأَلَةُ تَعْيِينِ هَذِهِ الْقِيمَةِ تَابِعَةٌ لِلْأُصُولِ الْمُوَضَّحَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 89) . وَلَا يُجْبَرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى قَبُولِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُعْطَى مِنْ الْغَاصِبِ بِدَاعِي أَنَّهُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ. سُؤَالٌ - إنَّ الْغَاصِبَ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمَغْصُوبَ مِنْهُ مُدَّعٍ وَلَمَّا كَانَ الْمُدَّعِي لَا يَجُوزُ إجْبَارُهُ عَلَى طَلَبِ حَقِّهِ وَأَخْذِهِ فِي السَّبَبِ فِي إجْبَارِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى قَبُولِ دَعْوَى الْغَاصِبِ وَإِجْبَارِهِ عَلَى أَخْذِ الْحَقِّ. الْجَوَابُ - لَمَّا كَانَ لِلْغَاصِبِ الْمُسْتَهْلِكِ الْحَقُّ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ بِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ فَلِذَلِكَ تَسْمَعُ دَعْوَى الْغَاصِبِ بِقَصْدِ الْحُصُولِ عَلَى حَقِّهِ هَذَا (الْجَوْهَرَةُ) . إنَّ تَعْبِيرَ الْقِيمَةِ هُنَا لَيْسَ احْتِرَازِيًّا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (893) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا لَوْ أُحْضِرَ مِثْلُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي تَلَفَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ. [ (الْمَادَّةُ 896) إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ صَبِيًّا وَرَدَّ الْغَاصِبُ إلَيْهِ الْمَغْصُوبَ] (الْمَادَّةُ 896) - (إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ صَبِيًّا وَرَدَّ الْغَاصِبُ إلَيْهِ الْمَغْصُوبَ فَإِنْ

كَانَ مُمَيِّزًا وَأَهْلًا لِحِفْظِ الْمَالِ يَصِحُّ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (850)) . لِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ فَسَخَ فِعْلَهُ وَأَدَّى عَيْنَ وَاجِبِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِحِفْظِ مَالِهِ وَغَيْرَ قَادِرٍ عَلَى الْحِفْظِ فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ إلَيْهِ بَعْدَ التَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانِ الْأَخْذِ وَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ فِي مَادَّةِ (974) لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: وَهِيَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ سَرْجًا مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْفَرَسِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى ظَهْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَبْرَأُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَيَوَانُ أَهْلًا لِلْحِفْظِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَيَرُدُّ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لُغْزٌ يُقَالُ فِيهِ أَيُّ غَاصِبٍ لَا يَبْرَأُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ لِمَالِكِهِ؟ وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ - الَّذِي لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ - الْمَغْصُوبَ بَعْدَ غَصْبِهِ مِنْهُ فَلَا يَبْرَأُ (الْأَشْبَاهُ) وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْمَادَّةُ (894) جَوَابًا آخَرَ عَلَى هَذَا اللُّغْزِ أَيْضًا يُقَسَّمُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ بِاعْتِبَارِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ وَلِأَجْلِ يُفْهَمُ هَذِهِ الْمَادَّةُ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ مَسْأَلَةُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ بِاعْتِبَارِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَبِيرًا أَيْ عَاقِلًا وَبَالِغًا. وَقَدْ مَرَّ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (2 89) . الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ صَبِيًّا مَأْذُونًا بِالتِّجَارَةِ. وَالرَّدُّ لِهَذَا صَحِيحٌ كَالْعَاقِلِ وَالْبَالِغِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا عَيْنًا فَتُرَدُّ عَيْنُهُ وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَيُرَدُّ بَدَلُهُ لِلصَّبِيِّ فَإِذَا قَبِلَهُ كَانَ صَحِيحًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (972) الْخَانِيَّةُ. وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْهُ فَيُعَامَلُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ صَبِيًّا مَحْجُورًا وَكَانَ مُمَيِّزًا أَيْ عَاقِلًا لِلْحِفْظِ وَالْقَبْضِ وَالْأَخْذِ وَالرَّدِّ، وَرَدَّ إلَيْهِ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ كَانَ الرَّدُّ صَحِيحًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . هَذَانِ الْقِسْمَانِ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الْمُبَيَّنَانِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ مَادَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ عَامَّانِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67 9) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ: كَوْنُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَهُ مِنْ مَكَانِ الْأَخْذِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ أَمَّا لَوْ رَدَّهُ قَبْلَ نَقْلِهِ وَتَحَوُّلِهِ مِنْ مَكَانِ الْأَخْذِ يَصِحُّ أَيْضًا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) وَالرَّدُّ الْمُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، لَا يَصِحُّ رَدُّ الْبَدَلِ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورِ وَإِنْ صَحَّ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَرَدَّ الْغَاصِبُ مِثْلَهَا لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا فَلَا يَصِحُّ. لِأَنَّ دَفْعَ الْبَدَلِ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى التَّمْلِيكِ مُبَادَلَةً (الْخَانِيَّةُ) وَالْحَاصِلُ يَصِحُّ رَدُّ الْعَيْنِ إلَى الصَّبِيِّ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا. سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ. أَمَّا فِي رَدِّ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا أَيْضًا (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) .

(المادة 897) إذا كان المغصوب فاكهة فتغيرت عند الغاصب

وَفِي الصُّوَرِ الَّتِي يَصِحُّ الرَّدُّ لِلصَّبِيِّ يَلْزَمُ الرَّدُّ لِمَنْ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. وَهُمْ الْأَشْخَاصُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْمَادَّةِ (4 97) وَيَثْبُتُ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ لِجَدِّ الصَّغِيرِ وَأَبُوهُ حَيٌّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَبْرَأُ الرَّادُّ. مَا لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ الْمَذْكُورُ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْأَبِ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الرَّدِّ إلَى النَّائِمِ: وَتَعْبِيرُ الصَّبِيِّ هُنَا احْتِرَازٌ عَنْ النَّائِمِ. وَتَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي الرَّدِّ إلَى النَّائِمِ. وَاتِّحَادُ النَّوْمِ شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي صِحَّةِ الرَّدِّ لِلنَّائِمِ. فَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ إلَى النَّائِمِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ النَّوْمِ كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ الْخَاتَمَ الَّذِي فِي إصْبَعِ آخَرَ وَهُوَ نَائِمٌ وَوَضَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي إصْبَعِهِ وَهُوَ فِي ذَلِكَ النَّوْمِ بَرِئَ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي خَلْعِ الْخُفِّ مِنْ الرِّجْلِ وَالْعِمَامَةِ مِنْ الرَّأْسِ. أَمَّا إذَا حَصَلَ الرَّدُّ بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ مِنْ نَوْمِهِ وَفِي أَثْنَاءِ نَوْمِهِ ثَانِيَةً فَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ الْمَذْكُورُ وَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ. وَيُشْتَرَطُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ فِي صِحَّةِ الرَّدِّ لِلنَّائِمِ. فَعَلَيْهِ لَوْ رَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ النَّائِمِ إلَيْهِ فِي نَوْمٍ ثَانٍ يَصِحُّ رَدُّهُ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ نَفْسِهِ حَتَّى إذَا أَعَادَ فِي الْمَجْلِسِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَوْ فِي نَوْمَةٍ أُخْرَى فَإِذَا لَمْ يُحَوِّلْهُ عَنْ مَكَانِهِ وَأَعَادَهُ إلَى إصْبَعِهِ أَيِّ إصْبَعٍ كَانَ أَوْ رِجْلِهِ أَيِّ رِجْلٍ كَانَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْهُ وَإِنْ حُوِّلَ ثُمَّ أَعَادَهُ فِي تِلْكَ النَّوْمَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَبْرَأُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ حَالَةَ الْيَقَظَةِ. أَمَّا لَوْ رَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمُسْتَيْقِظِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مُسْتَيْقِظٌ كَانَ صَحِيحًا (الْبَزَّازِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . [ (الْمَادَّةُ 897) إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ فَاكِهَةً فَتَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ] (الْمَادَّةُ 897) - (إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ فَاكِهَةً فَتَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَأَنْ يَبِسَتْ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ) . الْمَالُ الْمَغْصُوبُ قِسْمَانِ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِيهِ بِالْغَصْبِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: حُدُوثُ حَالٍ لَا تُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. مَثَلًا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ فَاكِهَةً فَتَغَيَّرَتْ بِنَفْسِهَا كَأَنْ يَبِسَتْ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يُعْطِي لِلْغَاصِبِ شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ شَيْئًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا مِنْ وَجْهٍ وَغَيْرَ مَوْجُودٍ مِنْ آخَرَ فَإِنْ شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَخَذَهُ عَيْنًا بِاعْتِبَارِهِ مَوْجُودًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَدَلَهُ بِاعْتِبَارِهِ غَيْرَ مَوْجُودٍ مَثَلًا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ عِنَبًا فَيَبِسَ بِنَفْسِهِ وَصَارَ زَبِيبًا أَوْ كَانَ بَلَحًا فَصَارَ تَمْرًا أَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ لَبَنًا فَصَارَ مَخِيضًا يَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ. يَعْنِي إنْ شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَرَكَ الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ وَالْمَخِيضَ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ مِثْلَ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ وَاللَّبَنِ. وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. فَلَيْسَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ الْفَاكِهَةَ احْتِرَازِيًّا (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ خَمْرَ آخَرَ فَحُلِّلَ بِدُونِ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ شَيْءٌ كَمِلْحٍ أَوْ خَلٍّ يَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ مِنْ

(المادة 898) إذا غير الغاصب بعض أوصاف المغصوب

الْغَاصِبِ بِغَيْرِ إعْطَاءِ شَيْءٍ (الْخَانِيَّةُ) وَالْمَادَّتَانِ (898 و 0 0 9) مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَيْضًا يَعْنِي مِنْ قَبِيلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ تَعْبِيرِ (تَغَيَّرَتْ) هُوَ حُصُولُ التَّحَوُّلِ فِي الْمَغْصُوبِ بِنَفْسِهِ بِدُونِ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَصُنْعِهِ، أَمَّا حُكْمُ التَّحَوُّلِ الْحَاصِلِ لِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ غُصِبَتْ الْفَاكِهَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَبِسَتْ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَعَمَلِهِ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. لِأَنَّ الْعِنَبَ إذَا كَانَ أَخْضَرَ يُقَالُ لَهُ عِنَبًا وَإِذَا كَانَ نَاشِفًا يُقَالُ لَهُ زَبِيبًا. وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ اسْمُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (889) وَشَرْحَهَا. الْقِسْمُ الثَّانِي: حُدُوثُ حَالٍ مُوجِبٍ لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَادَّةُ (899) هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 898) إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ] (الْمَادَّةُ 898) - (إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ الزِّيَادَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ ثَوْبًا وَكَانَ قَدْ صَبَغَهُ الْغَاصِبُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ الصَّبْغِ وَاسْتَرَدَّ الثَّوْبَ عَيْنًا. التَّغْيِيرُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْمَغْصُوبِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: تَغْيِيرُ الْوَصْفِ. وَحُكْمُ هَذَا سَيُبَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لَوْ غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ مَالِهِ. فَإِذَا حَصَلَتْ زِيَادَةٌ بِهَذَا التَّغَيُّرِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَمِثْلُهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْغَاصِبُ قَدْ أَخَذَ مَالَهُ عَيْنًا وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذَهُ مَعْنًى. الْوَجْهُ الثَّانِي - وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِلْغَاصِبِ وَاسْتَرَدَّهُ عَيْنًا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذَ مَالَهُ وَالْغَاصِبُ أَخَذَ مَالَهُ مَعْنًى وَقَدْ لَزِمَ إعْطَاءُ الْغَاصِبِ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَفَصْلُهَا وَتَمْيِيزُهَا مُتَعَذِّرَانِ. وَلَا يَسْتَلْزِمُ ارْتِكَابُ الْغَاصِبِ الْجِنَايَةَ سُقُوطَ تَقَوُّمِ مَالِهِ وَبُطْلَانَ حَقِّهِ فِيهِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَإِنْ شَاءَ بَاعَ الْقُمَاشَ فَكَمَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ حِصَّةَ قُمَاشِهِ مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْغَاصِبُ حِصَّةَ الصِّبَاغِ مِنْهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ اسْتَوْفَيَا حَقَّهُمَا مَعْنًى. وَمَعْنَى الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ قِيمَتِهِ. إيضَاحُ قُيُودِ الْمَادَّةِ: 1 - تَغَيُّرٌ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِنَفْسِهِ وَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ 2 - الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْصُوبِ بِسَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ إلَخْ: أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ زِيَادَةٌ مِنْ هَذَا التَّغْيِيرِ بَلْ أَوْجَبَ نُقْصَانًا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ

عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَلَمْ يُعْطِ الْغَاصِبَ شَيْئًا وَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ قُمَاشَ كَتَّانٍ طربزوني عُدَّ لَأَنْ يُعْمَلَ قَمِيصًا ضَيِّقًا فَصَبَغَهُ أَسْوَدَ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الصِّبْغَةَ مُوجِبَةٌ نُقْصَانَ ذَلِكَ الْقُمَاشِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَلَا يُعْطِي شَيْئًا لِلْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخِرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ تُفْرَضُ أَنَّ تِلْكَ الصِّبْغَةَ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ فِيهِ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ فَتُعْطَى الزِّيَادَةُ لِلْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْقَمِيصِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْآسِتَانَة مِنْ قُمَاشِ كَتَّانٍ طربزوني قَبْلَ الصَّبْغِ ثَلَاثِينَ قِرْشًا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ قِرْشًا أَيْ إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي قِيمَتِهِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ تُفْرَضُ تِلْكَ الصَّبْغَةُ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِيهِ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الصِّبْغَةُ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ خَمْسَةَ قُرُوشٍ فِي قُمَاشٍ آخَرَ فَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قُمَاشَ الْكَتَّانِ مَعَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ خَمْسَةَ قُرُوشٍ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَتَكُونُ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْأُخْرَى مُقَابِلَةً لِلْخَمْسَةِ الْقُرُوشِ زِيَادَةَ الصِّبْغَةِ إذْ إنَّهُ كَمَا أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الصِّبْغَةِ فَلِلْغَاصِبِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ قِيمَةَ الصِّبْغَةِ فَعَلَيْهِ إذَا طُرِحَتْ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ قُرُوشٍ الَّتِي يَحِقُّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُهَا كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةَ مِنْ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ فَقَطْ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ مَعَ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقَّ أَخْذِ تَمَامِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ تَمَامُ الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ مِنْ الصِّبْغِ بَلْ سَبَّبَ الصِّبْغُ تَلَفَ مَالٍ أَيْ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَإِلْزَامُهُ فَضْلًا عَنْ ذَلِكَ بِأَدَاءِ قِيمَةِ الصِّبْغَةِ أَمْرٌ مُشْكِلٌ انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَقَدْ رَجَحَ. مَثَلًا لَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ وَازْدَادَتْ بِذَلِكَ قِيمَةُ الْقُمَاشِ يُجْبَرُ صَاحِبُهُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصِّبْغَةِ عَنْ الْقُمَاشِ مُتَعَذَّرٌ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ (1) إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ الْمَصْبُوغَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ الْقُمَاشَ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ ضَمَّنَهُ فَقِيمَتُهُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1119) (2) وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ الصِّبْغِ يَعْنِي أَنَّهُ يُعْطِي الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الصِّبْغِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ النُّقُودِ وَيَسْتَرِدُّ الْقُمَاشَ عَيْنًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ وَيُعَيَّنُ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا - يُقَوَّمُ الْقُمَاشُ وَهُوَ مَصْبُوغٌ ثَانِيًا يُقَوَّمُ وَهُوَ غَيْرُ مَصْبُوغٍ. فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْفَرْقِ وَالتَّفَاوُتِ هُوَ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ (3) وَإِنْ شَاءَ بَاعَ الْقُمَاشَ صَاحِبَهُ فَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي قِيمَةِ الْقُمَاشِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ فَيَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْضًا فِي زِيَادَةِ الصِّبَاغَةِ وَيَأْخُذُهُ الْغَاصِبُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي) . وَتَخْيِيرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ نُظِرَ فِيهِ إلَى مَنْفَعَةِ الطَّرَفَيْنِ وَرُوعِيَ حَقُّهُمَا يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ رُوعِيَ حَقُّ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ مَعًا وَفِي ذَلِكَ صِيَانَةٌ لِحَقِّ الطَّرَفَيْنِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سُؤَالٌ - إنَّ هَذَا الْخِيَارَ قَدْ خُصِّصَ بِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَلِمَاذَا لَمْ يُخَصَّصْ بِالْغَاصِبِ صَاحِبِ الصِّبْغِ

فَيُقَالُ إنَّ الْغَاصِبَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الصِّبَاغِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ. جَوَابٌ - الْقُمَاشُ أَصْلٌ وَمَتْبُوعٌ وَالصِّبَاغَةُ وَصْفٌ وَتَابِعٌ. حَتَّى إنَّ الْقَوْلَ (ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ) يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَعَلَى هَذَا فَصَاحِبُ الثَّوْبِ صَاحِبُ الْأَصْلِ. أَمَّا صَاحِبُ الصَّبْغِ فَصَاحِبُ وَصْفٍ فَعَلَيْهِ قَدْ كَانَ تَخْيِيرُ صَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْلَى (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ بَعْدَ أَنْ صَبَغَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ الْغَاصِبُ ثُمَّ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَحُكِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِرَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْمَحْكُومِ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ بَدَلِ الصِّبَاغَةِ مِنْ صَاحِبِ الْقُمَاشِ وَيَنْقَضِي الْبَيْعُ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَوْ صَبَغَ الرَّاهِنُ الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَكَمَا أَنَّهُ يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَضْمَنُ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَوْ رَهَنَ الثَّوْبَ وَالصِّبَاغَ مَعًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا مَعًا وَصَبَغَ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ بِذَلِكَ الصِّبَاغِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَيْ الثَّوْبِ وَالصِّبَاغِ. وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ رَهْنًا (فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 74) ، وَشَرْحَهَا. إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ: 1 - الْقُمَاشُ، هَذَا الْقَيْدُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غَصَبَ الْغَاصِبُ الصِّبَاغَ وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ الصِّبَاغَ وَبَعْدَ أَنْ صَبَغَ قُمَاشَهُ بَاعَهُ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الصِّبَاغِ مُرَاجَعَةُ الْمُشْتَرِي بَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) إنْ كَانَ يُكَالُ فَمِثْلُ كَيْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُوزَنُ فَمِثْلُ وَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ أَخْذِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُصْفُرِ أَنْ يَحْبِسَ الثَّوْبَ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَتْبُوعٌ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَارًا فَجَصَّصَهَا فَعَلَى صَاحِبِ الدَّارِ عِنْدَ اسْتِرْدَادِهِ الدَّارَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ التَّجْصِيصِ أَوْ يَقْبَلَ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبُ كِلْسَهُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَلِلْغَاصِبِ أَخْذُ كِلْسِهِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الْكِلْسِ بَعْدَ النَّقْضِ مَالًا أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (29 5) وَيُقَالُ لَهَا الْمَرَمَّةُ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمَنْقُوضِ قِيمَةٌ أَصْلًا بَعْدَ النَّقْضِ كَالصِّبَاغِ وَالْكِلْسِ الَّذِي طَلَى بِهِ الْحَائِطَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَكَذَا لَوْ نَقَشَهَا بِالْأَصْبَاغِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَى الْغَاصِبَ مَا زَادَهُ الصِّبَاغُ فِيهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) 2 - إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ قَدْ أُسْنِدَ فِي هَذَا فِعْلُ الصَّبْغِ إلَى الْغَاصِبِ: لِأَنَّهُ إذَا صُبِغَ قُمَاشُ أَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِ إنْسَانٍ كَأَنْ يَهُبَّ الرِّيحُ فَيُلْقِي الْقُمَاشَ فِي إنَاءِ الصَّبْغِ فَيُصْبَغُ فَلَا يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بِالْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَرَاضَى الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ جَازَ ذَلِكَ التَّرَاضِي وَإِلَّا جَرَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ. (1) أَنْ يُؤَدِّيَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ لِصَاحِبِهِ (2) ، أَنْ يَصِيرَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا

كُلٍّ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ يَعْنِي لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ قِرْشًا وَمَصْبُوغًا ثَلَاثِينَ قِرْشًا يَكُونُ الثَّوْبُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا الثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَالثُّلُثُ لِصَاحِبِ الصِّبْغِ (3) أَنْ يُبَاعَ الْقُمَاشُ وَيُقَسَّمَ ثَمَنُهُ حَسْبَ اسْتِحْقَاقِهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَالْجَوْهَرَةُ، وَالْخَانِيَّةُ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيُّ فِعْلٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا تَرْتِيبُ ضَمَانٍ عَلَى أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ يُعَدَّا شَرِيكَيْنِ (الْعَيْنِيُّ وَالْخَانِيَّةُ) 3 - صَبَغَ وَلَمَّا ذَكَرَ الصِّبَاغَ هُنَا مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الصِّبَاغُ الْأَسْوَدَ أَيْضًا. وَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الصِّبَاغُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَمَّا إذَا كَانَ الصِّبَاغُ أَسْوَدَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُجْتَهِدُونَ فِيهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا صَبَغَ الْقُمَاشَ الْأَبْيَضَ صِبَاغًا أَسْوَدَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ وَيُتْرَكُ الْقُمَاشُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَصْبُوغًا أَسْوَدَ وَلَا يُعْطِي لِلْغَاصِبِ شَيْئًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّوْنِ الْأَسْوَدِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَلْوَانِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَاءَ فِي اللَّوْنِ الْأَسْوَدِ أَيْضًا. وَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَلَيْسَ اخْتِلَافَ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَيْ) لِأَنَّ الصِّبَاغَ الْأَسْوَدَ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا فِي زَمَنِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ زِيَادَةً أَمَّا فِي زَمَنِ الْإِمَامَيْنِ فَقَدْ كَانَ يُعَدُّ زِيَادَةً لِأَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ قَدْ عَاشَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ امْتَنَعُوا عَنْ لِبْسِ السَّوَادِ أَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ عَاشَا فِي زَمَنِ الْعَبَّاسِيِّينَ الَّذِينَ كَانَ السَّوَادُ شِعَارًا لَهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (39) وَيُحْكَى أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ قَدْ سَأَلَ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَائِلًا مَا أَحْسَنُ الْأَلْوَانِ فِي اللِّبَاسِ؟ فَأَجَابَهُ قَائِلًا إنَّ أَحْسَنَ الْأَلْوَانِ مَا كُتِبَ بِهِ الْقُرْآنُ فَاسْتَحْسَنَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَخَذَ فِي اسْتِعْمَالِ السَّوَادِ لِبَاسًا وَتَبِعَهُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَمَا أَنَّ قَصْرَ الثِّيَابِ بِالنَّشَا وَالصَّمْغِ هُوَ كَالصَّبْغِ فَالْوَشْمُ بِالْمَوَادِّ الطَّاهِرَةِ هُوَ كَالصَّبْغِ أَيْضًا أَمَّا الْوَشْمُ بِالنَّجَسِ فَهُوَ تَنْقِيصٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ إذَا عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ كَفَائِفَ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْكَفَائِفُ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الْقُمَاشِ فَلَا يُعَدُّ زِيَادَةً وَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ بِلَا شَيْءٍ أَمَّا إذَا عَمِلَهَا الْغَاصِبُ مِنْ حَرِيرٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّبْغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْقُمَاشَ مَصْبُوغًا مِنْ شَخْصٍ وَصَبَغَ الْقُمَاشَ بِالصِّبَاغِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ مَصْبُوغًا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَذَا مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ بَدَلَ الْقُمَاشِ وَالصِّبَاغِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَتَعْبِيرُ (إذَا صَبَغَ) لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْغَسْلِ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ غَسَلَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِدُونِ إعْطَائِهِ شَيْئًا سَوَاءٌ أَغُسِلَ بِالصَّابُونِ أَوْ غُسِلَ بِالْأُشْنَانِ لِأَنَّهُ لَمْ تَزْدَدْ بِالْغَسْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَيْنٌ فِي الثَّوْبِ. وَالصَّابُونُ وَالْأُشْنَانُ الْمُسْتَعْمَلَانِ فِي الْغَسْلِ يَتْلَفَانِ وَلَا يَبْقَى مِنْهُمَا فِي الْعَيْنِ أَثَرٌ (الْجَوْهَرَةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي)

(المادة 899) إذا غير الغاصب المال المغصوب بحيث يتبدل اسمه

وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ بِصِبَاغٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِصِبَاغٍ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرَ فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْقُمَاشَ مِنْ زَيْدٍ وَالصِّبَاغَ مِنْ عَمْرٍو وَصَبَغَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ بِالصِّبَاغِ الْمَغْصُوبِ ضَمِنَ الصِّبَاغَ لِصَاحِبِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَجْرِي أَحْكَامُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي ذَلِكَ كَأَنَّمَا صَبَغَهُ بِصِبَاغِهِ (الْعَيْنِيُّ) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ اتَّفَقَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَصَاحِبُ الصِّبَاغِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الثَّوْبِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ أَيْضًا وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ الصِّبَاغِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الصِّبَاغِ بَدَلَ الصِّبَاغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . 4 - مُخَيَّرٌ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ التَّخْيِيرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصِّبَاغِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقُمَاشِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. وَالْأَقَلُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (902) 5 - قِيمَتُهُ الْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اتِّصَالِهِ بِالْقُمَاشِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ أَيْ يُؤَدِّي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِ الصِّبَاغِ لِلْغَاصِبِ نُقُودًا وَمَعَ أَنَّ الْغَاصِبَ يُخَيَّرُ فِي الْمَادَّةِ (902) عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ فَلَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى تَفْرِيقِ صِبَاغِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَفْرِيقُ الصِّبَاغِ عَنْ الْقُمَاشِ مُتَعَذِّرًا فَلَوْ فُرِّقَ عَنْهُ بِالْغَسْلِ لَاخْتَلَطَ الصِّبَاغُ بِالْمَاءِ وَذَهَبَ ضَيَاعًا أَمَّا الْبِنَاءُ فَلَهُ وُجُودٌ بَعْدَ النَّقْضِ أَبُو السُّعُودِ الِاخْتِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ: لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ قَدْ صَبَغَ الْقُمَاشَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ لَهُ أَخْذَ بَدَلِ الزِّيَادَةِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ غُصِبَ وَهُوَ مَصْبُوغٌ فَالْقَوْلُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَشَاعٍ مَوْضُوعٍ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ فِي آجُرٍّ مَوْضُوعٍ أَوْ فِي بَابٍ مَوْضُوعٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. الْقِسْمُ الثَّانِي تَغَيُّرُ الذَّاتِ وَالتَّفْصِيلَاتُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ [ (الْمَادَّةُ 899) إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ] (الْمَادَّةُ 899) - (إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ يَكُونُ ضَامِنًا وَيَبْقَى الْمَالُ الْمَغْصُوبُ لَهُ. مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ حِنْطَةً وَجَعَلَهَا الْغَاصِبُ بِالطَّحْنِ دَقِيقًا يَضْمَنُ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَيَكُونُ الدَّقِيقُ لَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ غَصَبَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضِهِ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْحِنْطَةِ وَيَكُونُ الْمَحْصُولُ لَهُ) بِمَا أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ وَمِلْكَهُ يَزُولَانِ عَنْ الْمَغْصُوبِ وَيَنْقَطِعَانِ وَيُصْبِحُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ مَالِكًا لَهُ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَأْخُذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ

لِأَنَّ تَبَدُّلَ الِاسْمِ يَدُلُّ عَلَى تَبَدُّلِ الْعَيْنِ وَتُعْتَبَرُ عَيْنُ الْمَغْصُوبِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً وَلَا مَوْجُودَةً فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ بِتَبْدِيلِ الْمَغْصُوبِ وَتَغْيِيرِهِ أَبُو السُّعُودِ. الْأَصْلُ: يُوجَدُ أَصْلَانِ فِي مَسَائِلِ الْغَصْبِ. الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: يُسْتَبْدَلُ بِتَبَدُّلِ الِاسْمِ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ. وَهَذَا الْأَصْلُ يَشْمَلُ عَامَّةَ مَسَائِلِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَحَنَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ الْمَغْصُوبَ أَوْ عَمِلَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ قَمِيصًا أَوْ نَسَجَ الْخُيُوطَ الْمَغْصُوبَةَ قُمَاشًا أَوْ الْخُوصَ الْمَغْصُوبَ زِنْبِيلًا أَوْ الْخَشَبَ الْمَغْصُوبَ بَابًا أَوْ الْحَدِيدَ الْمَغْصُوبَ سَيْفًا أَوْ جَزَّ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ وَجَعَلَهُ لُبُودًا أَوْ عَصَرَ السِّمْسِمَ الْمَغْصُوبَ زَيْتًا أَوْ عَمِلَ التُّرَابَ الْمَغْصُوبَ لَبِنًا لِلْمَبَانِي أَوْ قِرْمِيدًا أَوْ خَلَّلَ عَصِيرَ الْعِنَبِ الْمَغْصُوبِ فَيَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ وَيَكُونُ قَدْ انْقَطَعَ مِنْهُ حَقُّ الْمَالِكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَفِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ، الْكِفَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ عَمِلَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ دَقِيقًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ هُوَ مَا يَأْتِي: أَنَّ الْحِنْطَةَ قَبْلَ الطَّحْنِ تَكُونُ حَبَّةً مَشْقُوقَةَ الْبَطْنِ وَبَعْدَ الطَّحْنِ لَا تَبْقَى تِلْكَ الصُّورَةُ وَزَوَالُهَا مَعْنًى هُوَ أَنَّ الْحِنْطَةَ تَكُونُ قَبْلَ الطَّحْنِ قَابِلَةً لِلزَّرْعِ وَالْقَلْيِ لِأَنَّهَا تُطْبَخُ هَرِيسَةً وَلَا تَصْلُحُ بَعْدَ الطَّحْنِ كَذَلِكَ وَبِثُبُوتِ هَذَا التَّغَايُرِ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ يُصْبِحُ الدَّقِيقُ جِنْسًا آخَرَ عَنْ الْحِنْطَةِ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا حَقُّ الْمَالِكِ فَلَا يَبْقَى لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقٌّ فِي أَخْذِ الدَّقِيقِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَمَا أَنَّهُ يَزُولُ اسْمُ الْحِنْطَةِ بَعْدَ الطَّحْنِ تُصْبِحُ صُورَتُهَا وَمَعْنَاهَا زَائِلَيْنِ أَيْضًا فَزَوَالُ الِاسْمِ يَثْبُتُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: مَعَ أَنَّ اسْمَهَا قَبْلَ الطَّحْنِ حِنْطَةٌ فَيُصْبِحُ دَقِيقًا بَعْدَ الطَّحْنِ. أَمَّا زَوَالُ الصُّورَةِ فَيَثْبُتُ أَيْضًا كَمَا يَلِي: فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابَ عَرْصَةِ آخَرَ مَمْلُوكَةٍ فَيَعْمَلُ مِنْهَا قِرْمِيدًا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُدَاخَلَةٌ فِي الْقِرْمِيدِ وَيُضَمِّنَهُ بَدَلَ التُّرَابِ فِي مَحِلِّهِ. وَقَدْ بُنِيَتْ الْمَادَّةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ مِنْ قَانُونِ الْأَرَاضِي عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةٌ لِلتُّرَابِ فِي مَحِلِّهِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ شَيْءٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1 88) . وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا بَأْسَ فِي انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ بِالْقِرْمِيدِ الْمَذْكُورِ (الْكِفَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) كَذَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ ذَبَحَهَا وَطَبَخَهَا قَالَ مَالِكُهَا لَا آخُذُ قِيمَةَ شَاتِي وَإِنِّي آخُذُهَا مَطْبُوخَةً فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فُلُوسَ آخَرَ فَعَمِلَ مِنْهَا إنَاءً كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا الْفُلُوسَ. لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا ثَمَنًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ بَذْرَ دُودِ الْقَزِّ أَيْ دُودِ الْحَرِيرِ فَرَبَّاهُ فَأَصْبَحَ دُودًا فَيُصْبِحُ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .

كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ بِطِّيخَةً وَقَسَّمَهَا إلَى عِدَّةِ قِطَعٍ انْقَطَعَ مِنْهَا حَقُّ الْمَالِكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . الْأَصْلُ الثَّانِي - يُسْتَدَلُّ مِنْ بَقَاءِ الِاسْمِ عَلَى عَدَمِ انْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ وَهَذَا الْأَصْلُ أَيْضًا شَامِلٌ لِعَامَّةِ مَسَائِلِ الْغَصْبِ كَقَطْعِ قِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِطِّيخَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَغَصْبِ الْأُرْزِ وَتَقْشِيرِهِ وَدَرْسِ الْحِنْطَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَطْ وَغَصْبِ الْحَطَبِ وَقَطْعِهِ وَسَيُوَضَّحُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَرِيبًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) إيضَاحُ الْقُيُودِ 1 - الْغَاصِبُ: وَقَدْ أُشِيرَ بِإِسْنَادِ التَّغْيِيرِ إلَى الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، إذَا غَيَّرَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ وَيَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ اسْتَرَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (792) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا قَائِلًا لَهُ اطْحَنْهَا لِي فَطَحَنَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا مَالُهُ فَلَهُ إمْسَاكُ الدَّقِيقِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ خُيُوطًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَاهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَائِلًا انْسِجْهَا لِي قُمَاشًا فَنَسَجَهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا لَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْقُمَاشِ لِلْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا غَيَّرَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ بِإِذْنِ وَأَمْرِ ذَلِكَ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْمُغَيِّرُ لَصَاحِبَ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) فَلَوْ غَزَلَ أَحَدٌ قُطْنَ آخَرَ بِإِذْنِهِ فَالْخُيُوطُ الْمَغْزُولَةُ لِذَلِكَ الْآخَرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ غَزَلْته بِأَمْرِي فَالْخُيُوطُ لِي وَقَالَ الْآخَرُ غَزَلْته بِلَا أَمْرٍ فَقَدْ انْقَطَعَ حَقُّك مِنْهُ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْقُطْنِ وَمَعَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ عَدَمُ الْإِذْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (9) وَمَقْصُودُ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ هَذِهِ اسْتِحْقَاقُ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (الْخَانِيَّةُ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ تَفْصِيلَاتٌ فِي مَسْأَلَةِ غَزْلِ الْمَرْأَةِ قُطْنَ زَوْجِهَا 2 - بِحَيْثُ يَتَغَيَّرُ اسْمُهُ: وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِحَيْثُ لَا يُبَدَّلُ اسْمُهُ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ وَلْنُوَضِّحْ هَذِهِ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثٍ أَوَّلًا ذَبْحُ الْغَاصِبِ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ فَقَطْ. ثَانِيًا: كَسْرُ الْغَاصِبِ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ. ثَالِثًا: ضَرْبُ السَّبِيكَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمَغْصُوبَةِ نُقُودًا أَوْ عَمَلِهَا إنَاءً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّغْيِيرَاتِ فَلَا تُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إيضَاحُ ذَبْحِ الشَّاةِ: لَوْ ذَبَحَ الْغَاصِبُ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَقَطَّعَهَا لَا يَتَغَيَّرُ اسْمُهَا لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَاةً مَذْبُوحَةً (الْكِفَايَةُ) إلَّا أَنَّ ذَبْحَ الْغَاصِبِ الشَّاةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مِمَّا يَفُوتُ بِهِ أَعْظَمُ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَعْدَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ أَقَطَّعَهَا الْغَاصِبُ أَمْ لَمْ يُقَطِّعْهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً وَضَمِنَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ قَدْ فَاتَتْ بَعْضُ مَنَافِعِهَا كَالنَّسْلِ وَبَقِيَتْ مَنَافِعُهَا الْأُخْرَى كَاللَّحْمِيَّةِ فَتَكُونُ مِنْ وَجْهٍ فِي

حُكْمِ التَّالِفَةِ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي حُكْمِ الْبَاقِيَةِ وَالْمَوْجُودَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ إنَّ ذَبْحَ الشَّاةِ هُوَ نُقْصَانٌ فِيهَا بِاعْتِبَارِ فَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ وَفَوَاتِ بَعْضِ الْأَغْرَاضِ الْكِفَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ أَوْ كَانَ مُعَدًّا لِيَكُونَ قِنْيَةً. وَلِلْحِفْظِ وَلُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ هُوَ: لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَعْضُ الْمَقَاصِدِ كَتَرْبِيَتِهِ إيَّاهُ مُدَّةً وَتَسْمِينِهِ أَوْ كَانْتِظَارِهِ وَقْتًا مُنَاسِبًا لِذَبْحِهِ فَقَدْ عُدَّتْ إزَالَةُ حَيَاةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ عَيْبًا (الْهِدَايَةُ) وَقَطْعُ رِجْلَيْ الْحَيَوَانِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ الْأَمَامِيَّتَيْنِ أَوْ الْخَلْفِيَّتَيْنِ فِي حُكْمِ ذَبْحِهِ. فَعَلَيْهِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ قَطْعِ رِجْلَيْهِ كَتَخْيِيرِهِ فِي حَالِ ذَبْحِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا لَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ قَطَعَ رِجْلَهُ أَوْ رِجْلَيْهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ مَنْفَعَةٌ مَا بَعْدَ أَنْ قُطِّعَ أَوْ ذُبِحَ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الْمَالِ. فَلَوْ قَتَلَ الْحِمَارَ قَتْلًا مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ فَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ قَبْلَ الدِّبَاغَةِ فَذَبْحُ الْحِمَارِ مَثَلًا لَمَّا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدِّبَاغَةِ وَيَكُونُ لِجِلْدِ الْحِمَارِ قِيمَةٌ فَلِصَاحِبِ الْحِمَارِ أَخْذُهُ مَذْبُوحًا أَوْ مَقْطُوعًا وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ الذَّابِحِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ إذْ بَقِيَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ وَقِيمَةٌ بَعْدَ الْقَطْعِ وَالذَّبْحِ (الْكِفَايَةُ) . وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ عَلَى فَرَسِ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ فَكُسِرَتْ رِجْلُ الْفَرَسِ وَهُوَ يَمْشِي فَتَعَطَّلَتْ فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَتَضْمِينُهُ قِيمَتَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَهْجَةُ) . وَالتَّفْصِيلَاتُ الَّتِي فِي هَذَا الشَّأْنِ سَتُبَيَّنُ تَحْتَ عِنْوَانِ الْخَاتِمَةِ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْكِتَابِ. كَسْرُ الْغَاصِبِ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ: لَوْ كَسَرَ الْغَاصِبُ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ بِصُورَةٍ فَاحِشَةٍ فَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ اسْمُهُ وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الطَّحْطَاوِيُّ) . ضَرَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ الْمَغْصُوبَيْنِ نُقُودًا أَوْ صَنَعَهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا: لَوْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ نُقُودًا أَوْ عَمِلَ مِنْهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَيَأْخُذُهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ بَاقِيَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ إنَّ جِسْمَهَا بَاقٍ وَوَزْنُهَا وَثَمَنُهَا اللَّذَانِ هُمَا مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ بَاقِيَانِ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَتَسْقُطُ صَلَاحِيَّةُ اسْتِرْدَادِهِ إيَّاهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا إذَا اتَّخَذَ مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمَغْصُوبَةِ صَفَائِحَ مُطَوَّلَةً أَوْ مُدَوَّرَةً أَوْ مُرَبَّعَةً فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ) . وَهَلْ يَلْزَمُ ضَمُّ عِبَارَةِ (فَوَاتُ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ) إلَى فِقْرَةِ (تَبَدَّلَ اسْمُهُ) ؟ قَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ وَتَزُولُ أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ إلَخْ) وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ إلَخْ) فَقَطْ. وَإِنْ يَكُنْ الْقُهُسْتَانِيُّ قَالَ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ زَوَالَ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ يُوجِبُ زَوَالَ أَعْظَمِ

مَنَافِعِهِ فَلَا لُزُومَ لِإِضَافَةِ (إذَا زَالَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ) مَثَلًا الْحِنْطَةُ فَكَمَا أَنَّهَا تَكُونُ بَذْرًا تُعْمَلُ هَرِيسَةً وَكِشْكًا وَنِشَاءً أَمَّا إذَا عُمِلَتْ دَقِيقًا فَكَمَا يَتَبَدَّلُ اسْمُهَا فَتَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا حِنْطَةً فَلَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَذْرًا أَوْ أَنْ يُعْمَلَ مِنْهَا هَرِيسَةٌ وَنِشَاءٌ وَهُنَا قَدْ بُيِّنَ أَنَّهُ يَزُولُ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ بِتَبْدِيلِ الِاسْمِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ أَيْضًا. 3 - إذَا غَيَّرَ: أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِدُونِ فِعْلِ الْغَاصِبِ كَصَيْرُورَةِ الْعِنَبِ زَبِيبًا وَالْخَمْرِ خَلًّا وَالرُّطَبِ تَمْرًا، فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (897) . وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لِلْغَاصِبِ يَعْنِي يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِيهِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً صَارَ حَقُّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِتَغَيُّرِ اسْمِهِ وَبِفَوْتِ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ يَبْقَى حَقُّ الْغَاصِبِ بِالصِّفَةِ بَاقِيًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُرَجَّحُ الْحَقُّ الْبَاقِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْحَقِّ الْهَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (الْهِدَايَةُ) . وَصَيْرُورَةُ الصِّفَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ مُتَقَوِّمَةً نَاشِئَةٌ عَمَّا يَأْتِي: طَبْخُ الشَّاةِ مَثَلًا أَوْ جَعْلُهَا شِوَاءً وَطَحْنُ الْحِنْطَةِ مَا يَزِيدُ قِيمَتَهَا. وَالسَّبَبُ فِي صَيْرُورَةِ حَقِّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هُوَ: أَنَّ الْعِلْمَ بِقِيَامِ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَقَطْ وَالصُّورَةُ قَدْ زَالَتْ (الْعَيْنِيُّ) . وَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَنْقَطِعُ حَقُّ صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَ تَغْيِيرِ الْغَاصِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَهَلْ صَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطَةٌ بِالضَّمَانِ وَإِلَّا فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ قَبْلَ الضَّمَانِ؟ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي، الْبَابِ الثَّامِنِ) . فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ تَغْيِيرِهِ الْمَغْصُوبَ لِأَنَّهُ مَعَ انْقِطَاعِ حَقِّ مِلْكِيَّةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْغَاصِبُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا بِلَا مَالِكٍ. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ أَيْ أَنَّ فِيهِ حُكْمَيْنِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: انْقِطَاعُ مِلْكِيَّةِ الْغَاصِبِ مِنْهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَصَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لَهُ. وَهَذَا الْحُكْمُ يَحْصُلُ بِتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الضَّمَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ الْهِدَايَةِ) . وَالْحُكْمُ الثَّانِي: تَحْلِيلُ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ بِالْمَغْصُوبِ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا الْحُكْمُ مَوْقُوفٌ اسْتِحْسَانًا عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَيَكُونُ رِضَى الْمَالِكِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: أَوَّلًا، أَدَاءُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الضَّمَانِ. ثَانِيًا، حُكْمُ الْحَاكِمِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ وَقَضَاؤُهُ بِهِ. لِوُجُودِ الرِّضَى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ إلَّا بِطَلَبِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . ثَالِثًا، تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ. رَابِعًا، إبْرَاءُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْغَاصِبَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْطُ الطِّيبِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْبَدَلِ وَعِنْدَهُمَا أَدَاءُ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى قَوْلِهِمَا الْفَتْوَى الْقُهُسْتَانِيُّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَاةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَذَبَحَهَا أَوْ طَبَخَهَا أَوْ شَوَاهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَرْضَى أَنْ يُضَمِّنَهُ لَمْ يُسَغْ لِلَّذِي ذَبَحَهَا أَوْ شَوَاهَا أَنْ يَأْكُلَهَا وَيُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ حَتَّى يَضْمَنَ لِلَّذِي

صَنَعَ بِهَا ذَلِكَ قِيمَتَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَيَسَعُهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ أَنْ يُطْعِمَ مَنْ أَحَبَّ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ أَوْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْقِيمَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ مَشْوِيٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . أَمَّا الْقِيَاسُ فَحَلَّ الِانْتِفَاعُ بِدُونِ الرِّضَا كَذَلِكَ قَدْ وَرَدَ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى رِوَايَةٍ. لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُجَوَّزَ بِتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ ثَابِتٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ وَهْبَةِ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ الضَّمَانِ نُفِّذَ مَعَ الْحُرْمَةِ (الْهِدَايَةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ يَكُونُ بَلْعُهُ إيَّاهُ حَلَالًا (الْهِدَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: هُوَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْقَائِلُ فِي الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَذْبُوحَةِ الْمَشْوِيَّةِ «أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» . وَهَذَا الْأَمْرُ الْعَالِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ عِنْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ. فَأَمْرُهُ بِالتَّصَدُّقِ مَعَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعْلُومًا يُبَيِّنُ أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ مَلَكَهَا إذْ مَالُ الْغَيْرِ يُحْفَظُ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَ وَثَمَنُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهَا وَعَلَى حُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ حِلُّ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ مُوجِبًا لِفَتْحِ بَابِ الْغَصْبِ فَقَدْ كَانَ الِانْتِفَاعُ حَرَامًا قَبْلَ الْإِرْضَاءِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ (الْهِدَايَةُ) . وَعِنْدَ بَعْضِ عُلَمَاءِ آخَرِينَ لَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ. بَلْ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ يَعْنِي يَكُونُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِالضَّمَانِ أَوْ بِتَرَاضِي الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الضَّمَانِ. وَعَلَيْهِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ فَيَكُونُ بَلَعَ حَرَامًا وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ أَنَّ الرَّأْيَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ هُوَ هَذَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . كُلُّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَقِّيَّةَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ دَرَجَةَ الرَّهْنِ فَلَوْ ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ يَضِيعُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مِثَالٌ أَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا الْغَاصِبُ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا وَكَانَ الدَّقِيقُ لَهُ كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَأَحْرَقَهُ فَصَارَ رَمَادًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَكَذَا هَذَا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ الدَّقِيقِ لِلْغَاصِبِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - إذَا امْتَنَعَ الْمَالِكُ عَنْ أَخْذِ الْبَدَلِ وَأَرَادَ أَخْذَ الدَّقِيقِ عَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ (الْعَيْنِيُّ) . ثَانِيًا - لَوْ عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الدَّقِيقِ الْمَذْكُورِ خُبْزًا وَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَخْلُصُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (79) . ثَالِثًا - لَوْ ظَهَرَ لِذَلِكَ الدَّقِيقِ مُسْتَحِقٌّ

وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ بَعْدَ الِادِّعَاءِ وَالْإِثْبَاتِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْحِنْطَةَ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ خَاطَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ قَمِيصًا لَهُ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ الْقَمِيصِ وَضَبَطَهُ مِنْ يَدِهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) أَمَّا لَوْ ضُبِطَتْ الْحِنْطَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ أَنْ تُطْحَنَ وَالْقُمَاشُ قَبْلَ أَنْ يُخَاطَ قَمِيصًا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْشَارًا وَانْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ النَّشْرِ مِنْ وَسَطِهِ وَوَصَلَهُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ الْمِنْشَارِ مُنْكَسِرًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ الطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّ الْمِنْشَارَ إذَا انْقَطَعَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْشَارًا وَالْمِنْشَارُ وَإِنْ كَانَ وَهُوَ مُنْكَسِرٌ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ غَيَّرَهُ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَمِلْكُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ. مِثَالٌ ثَانٍ - لَوْ وَضَعَ الْبَيْضَ الَّذِي غَصَبَهُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَفَرَّخَتْ كَانَتْ الْفِرَاخُ مَالَهُ وَضَمِنَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيْضَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ صَنَعَ الصُّفْرَ الْمَغْصُوبَ أَوَانِيَ أَوْ الْجِلْدَ فَرْوًا أَوْ جِرَابًا فَبِمَا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا لِتَبَدُّلِهَا اسْمًا وَمَعْنًى بِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَتَبْقَى لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ الصُّفْرَ أَوْ الْجِلْدَ إذَا كَانَ جِلْدَ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ (الْهِنْدِيَّةُ، الْعَيْنِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) . وَقَدْ بُيِّنَتْ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى أَيْضًا فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ حِنْطَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا فِي مَزْرَعَتِهِ ضَمِنَ حِنْطَتَهُ وَكَانَ الْمَحْصُولُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَخْلٌ فِي الْمَحْصُولِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) . وَلَمَّا كَانَ لَا يُوجَدُ تَغْيِيرٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ فَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ فَرَوْعَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ إنَّ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ بِالزَّرْعِ فَلُزُومُ الضَّمَانِ فِيهَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1 89) حَتَّى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَزْرَعْ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ فِي أَرْضِهِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ مِنْ الْغَيْرِ أَوْ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ تَبَدَّلَ اسْمُ الْحِنْطَةِ إذَا زُرِعَتْ فَنَبَتَتْ وَاخْضَرَّتْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ ضَمَانِ الْحِنْطَةِ الْمَزْرُوعَةِ أَنْ تَنْبُتَ وَتَخْضَرَّ وَيَتَغَيَّرَ اسْمُهَا بَلْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِيهَا إذَا زُرِعَتْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَنْبُتْ مُطْلَقًا وَقَدْ وَصَفَتْ الْهِدَايَةُ صُورَةَ الزَّرْعِ بِالِاسْتِهْلَاكِ إذْ قَالَتْ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ لَيْسَتْ مِثَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ هِيَ نَظِيرٌ وَشَبِيهٌ لَهَا فِي لُزُومِ الضَّمَانِ نَظِيرَ آخَرَ: لَوْ أَدْخَلَ الْغَاصِبُ الْحَجَرَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ الْآجُرَّ أَوْ الْكِلْسَ الْمَغْصُوبَ فِي بِنَائِهِ يَعْنِي لَوْ أَدْخَلَهُ فِي إنْشَاءِ بِنَائِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا. وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ الْأَبْنِيَةِ وَاسْتِرْدَادُهُ عَيْنًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي. لِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِي الْبِنَاءِ يَسْتَلْزِمُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْغَاصِبِ هُوَ تَخْرِيبُ بِنَائِهِ وَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ هُوَ تَضْيِيعُ حَقِّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَإِنَّ

(المادة 900) إذا تناقض سعر المغصوب وقيمته بعد الغصب

قِيَاسَ الضَّرَرِ هُوَ أَنْ يُرَى أَنَّ ضَرَرَ الْمَالِكِ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْمَالِيَّةِ فِي مَالِهِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ وَجَبْرِ ضَرَرِهِ الْوَاقِعِ بِالْقِيمَةِ أَمَّا ضَرَرُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ قَدْ هُدِرَ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ الضَّرَرُ الْمَجْبُورُ بِالْقِيمَةِ أَدْنَى مِنْ الضَّرَرِ الْمَحْضِ فَكَانَ قَطْعُ حَقِّ الْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْغَاصِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 27) وَكَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ تَغْيِيرٌ بِإِدْخَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْبِنَاءِ. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ إدْخَالِهَا فِي الْبِنَاءِ كَانَتْ مَنْقُولَةً فَأَصْبَحَتْ بَعْدَ الْإِدْخَالِ عَقَارًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ وَجْهٍ هَالِكَةٌ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَغَيِّرَةٌ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّ التَّغْيِيرَ مُوجِبٌ لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 900) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ] (الْمَادَّةُ 900) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ وَأَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَتِهِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَلَكِنْ طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا ضَعُفَ الْحَيَوَانُ الَّذِي غُصِبَ وَرَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَى صَاحِبِهِ يَلْزَمُ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ كَذَلِكَ إذَا شُقَّ الثَّوْبُ الَّذِي غُصِبَ وَطَرَأَ بِذَلِكَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا يَعْنِي لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا أَعْنِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَتِهِ أَوْ أَزْيَدَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ مِنْهُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. النُّقْصَانُ الْعَارِضُ لِلْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْقُهُسْتَانِيُّ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: النُّقْصَانُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ بِدُونِ تَغَيُّرٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. وَهَذَا النُّقْصَانُ لَيْسَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ سِعْرُ وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَخْذِهِ وَالْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ يَعْنِي لَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ بِمُجَرَّدِ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَغْصُوبُ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ يَكُونُ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ لَا بِفَوَاتِ جُزْءٍ فِي الْمَغْصُوبِ (الدُّرَرُ) أَمَّا فُتُورُ الرَّغَبَاتِ فَهُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ لَمَّا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ وَقَائِمَةً كَمَا فِي السَّابِقِ فَلَا يُوجِبُ هَذَا الْحَالُ تَغَيُّرَ الْأَحْكَامِ (الْعَيْنِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . فَعَلَيْهِ لَا يَكُنْ تَغَيُّرُ السِّعْرِ مَضْمُونًا (الْبَزَّازِيَّةُ) لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ رِشْوَةً ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ وَأَرَادَ الْمُرْتَشِي إعَادَةَ الدَّرَاهِمِ عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا لِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ أَنْ يَطْلُبَ بَدَلًا عَنْ دَرَاهِمِهِ الْكَاسِدَةِ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (الْفَيْضِيَّةُ) . وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ عَنْ هُبُوطِ سِعْرِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَيُسَلِّمْهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِنْ

شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 89) لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَدَثَ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ بِنَقْلِهِ إيَّاهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ مُلْزَمًا بِالضَّرَرِ مُطَالَبًا بِالْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ (الْعَيْنِيُّ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ بَعْضِ الْجُزْءِ. هَذَا النُّقْصَانُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي كُلِّ حَالٍ وَيُقَسَّمُ إلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ وَالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ. وَتَعْرِيفُهُمَا وَحُكْمُهُمَا يُبَيَّنَانِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي الْآتِي. وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النُّقْصَانِ مَضْمُونَانِ أَيْضًا. الْوَجْهُ الثَّانِي: التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ وَهَذَا مُنْقَسِمٌ إلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَالنُّقْصَانُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَضْمُونٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فِي الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ. فَعَلَيْهِ إذَا طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِفَوَاتِ جُزْئِهِ وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ لَهُ أَوْ عَلَى أَيِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ الْحَاصِلَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ يَحْصُلُ بِتَلَفِ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ دَاخِلٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ ضَمَانُ قِيمَةِ جُزْئِهِ الْمُتَعَذَّرِ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ (الْهِدَايَةُ، وَالْعَيْنِيُّ مُلَخَّصًا) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقَوَّمُ الْمَغْصُوبُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيُقَوَّمُ أَيْضًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَمَا كَانَ مِنْ فَرْقٍ وَتَفَاوُتٍ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ تَكُونُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الرِّبَوِيِّ فَلَا يُمْكِنُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا (الْجَوْهَرَةُ) . وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ هُوَ فِي مُقَابِلِ النُّقْصَانِ فَعَلَيْهِ إذَا زَالَ ذَلِكَ النُّقْصَانُ مُؤَخَّرًا بِنَفْسِهِ فَيَسْتَرِدُّ الْغَاصِبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ النُّقْصَانِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا فَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الطَّارِئِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ زَالَ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِنَفْسِهِ فَيَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ رَدُّ قِيمَةِ النُّقْصَانِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 9) . كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ الْحِمَارَ الَّذِي غَصَبَهُ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ لِصَاحِبِهِ النُّقْصَانَ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ فَلِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي ضَمِنَهُ التَّنْقِيحُ وَلَيْسَ لَفْظُ الِاسْتِعْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ هُوَ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي الْمِثَالِ فَعَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ كَذَلِكَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِفِعْلِ شَخْصٍ ثَالِثٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ سُؤَالٌ: إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ الْمَذْكُورَ وَصْفٌ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ تَكُونُ مَضْمُونَةً لِذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إيجَادُ الْفَرْقِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ

حَيَوَانًا قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ فِي عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْحَطَّتْ قِيمَتُهُ إلَى تِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مِائَةَ قِرْشٍ. وَالْحَالُ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي حَيَوَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ عَلَى عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ نَقَصَتْ بِهَا قِيمَتُهُ مِائَةَ قِرْشٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَنْزِيلُ مِائَةِ قِرْشٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ. جَوَابٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ: أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ ضَمَانُ عَقْدٍ. وَالْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرِدُ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَوْصَافِ. لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَابِعَةٌ وَلَا يُعْطَى حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ لِلتَّابِعِ أَمَّا ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ فَضَمَانُ قَبْضٍ وَأَمَّا الْقَبْضُ فَيَرِدُ عَلَى الذَّاتِ الَّتِي تُلَابِسُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ وَصْفًا فَعَلَيْهِ الْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْفِعْلِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ) . مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ الَّذِي غَصَبَهُ الْمَغْصُوبُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ عَلَى أَخْذِهِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ هَزَلَ الْحَيَوَانُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَتَحْمِيلِهِ إيَّاهُ حِمْلًا ضَمِنَ عِنْدَ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ صَحِيحًا أَيْ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ فَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْحَيَوَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ ضَمَانِ دِينَارَيْنِ (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ بَقَرَةَ آخَرَ فَوَقَعَتْ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا خَوْفًا مِنْ تَلَفِهَا إلَى الْقَصَّابِ وَذُبِحَتْ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ (التَّنْقِيحُ) . كَذَا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا. سَوَاءٌ أَعَرَضَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَخْذِ نُقْصَانٌ لِلْعَرْصَةِ أَمْ لَمْ يَعْرِضْ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَنْظُرُ فَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ الْقِيمَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نُقْصَانٌ فَيُؤْمَرُ بِإِمْلَاءِ الْحُفْرَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْآخَرِينَ (الْخَانِيَّةُ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، النُّقْصَانُ الَّذِي يَحْصُلُ بِفِعْلِ آخَرَ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ بِفِعْلِ آخَرَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَلَيْسَ لِهَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 1 9) (الطَّحْطَاوِيُّ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا وَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الَّذِي أَوْرَثَهُ إيَّاهُ الْمَرَضُ. وَلَا يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. لِأَنَّ الْأَلَمَ يَحْصُلُ فِي الْمَرَضِ جُزْءًا فَجُزْءًا وَتَأْثِيرُ مَجْمُوعِ الْآلَامِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوَفَاةِ (الْجَوْهَرَةُ) . لِذَلِكَ لَوْ حَصَلَ لِلْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ قُرْحَةٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَصَارَ أَعْرَجَ فَإِذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مَعَ الْعَرَجِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَةِ النُّقْصَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مُطْلَقًا لَزِمَ ضَمَانُ كُلِّ قِيمَتِهِ (التَّنْقِيحُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِ الْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ مَسْئُولًا عَنْ

نُقْصَانِ الْقِيمَةِ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الشَّخْصُ الثَّالِثُ مَسْئُولًا عَنْهُ أَيْضًا كَذَلِكَ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ بِتَمْزِيقِ أَحَدِ الثِّيَابِ الَّتِي غَصَبَهَا فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمُتَرَتِّبُ يَسِيرًا يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْغَاصِبُ يُعِيدُ الثِّيَابَ الْمَغْصُوبَةَ مُمَزَّقَةً وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَتْرُكَ الثِّيَابَ وَلَا يُطَالِبَ بِكُلِّ قِيمَتِهَا. لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ تُعَدُّ مَوْجُودَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا الْغَاصِبُ قَدْ عَيَّبَهَا. وَالثِّيَابُ كَمَا تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُلْبَسُ كَالْقَمِيصِ والقنباز وَالْمِعْطَفِ كَذَلِكَ تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تُلْبَسُ، كَالْقُمَاشِ وَالْجُوخِ وَالطَّيْلَسَانِ وَمَا يُشْبِهُهَا (الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) . إذَا خَرَقَ رَجُلٌ طَيْلَسَانَ رَجُلٍ ثُمَّ رَفَاهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَمَرْفُوًّا وَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ نُقْصَانًا فَاحِشًا يَعْنِي إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ رُبْعِ قِيمَتِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ وَأَخَذَ الثِّيَابَ (الْبَهْجَةُ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ تَامَّةً لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُسْتَهْلَكٌ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ، حَيْثُ إنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ لَا تَصْلُحُ بَعْدَ الْخَرْقِ لِجَمِيعِ مَا كَانَتْ تَصْلُحُ لَهُ قَبْلَ الْخَرْقِ. وَمَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. لِأَنَّ الثِّيَابَ قَائِمَةٌ حَقِيقَةً وَبَعْضُ مَنَافِعِهَا مَوْجُودَةٌ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُسْتَهْلِكًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَضَمِنَ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَغْصُوبِ مَوْجُودًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الْعَيْنِيُّ) . وَإِذَا ضَمِنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثِّيَابِ تَامَّةً كَانَتْ الثِّيَابُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمَّا مَلَكَ الْقِيمَةَ مَلَكَ الْغَاصِبُ بَدَلَهَا حَتَّى لَا يَجْتَمِعَ فِي مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَدَلَانِ (الْجَوْهَرَةُ) . إيضَاحُ قُيُودِ هَذَا الْمِثَالِ: 1 - الثِّيَابُ: هَذَا التَّعْبِيرُ قَدْ وَرَدَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمُبَيِّنُ فِي هَذَا الْمِثَالِ فِي كُلِّ عَيْنٍ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَالشَّجَرِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالسِّكِّينِ، وَالْعَصَا. الشَّجَرُ - لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ مِنْ شَجَرِ الْآخَرِ أَغْصَانًا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فَاحِشًا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ فَاحِشًا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَقَطْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْحَيَوَانُ - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانَهُ فَقَطَعَ أُذُنَهُ أَوْ أُذُنَيْهِ الِاثْنَتَيْنِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَتِهِ أَمَّا لَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ يَدَيْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَرِجْلَيْهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَيَوَانَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَتَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَطْعَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَفُوتُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَعْضُ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ كَالْحَمْلِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ (الزَّيْلَعِيّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ لَيْسَ بِإِتْلَافٍ بَلْ تَعْيِيبٌ بِسَبَبِ وُجُودِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَالِانْتِفَاعِ بِاللَّحْمِيَّةِ وَالْجِلْدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 899) . السِّكِّينُ - لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ سِكِّينَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَانْكَسَرَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ عَلَى قِيمَتِهَا كَانَ مَالِكُهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ السِّكِّينَ مَكْسُورَةً وَضَمِنَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ السِّكِّينَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .

الْعَصَا - إذَا كَسَرَ أَحَدٌ عَصَا آخَرَ وَأَصْبَحَتْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا بِصِفَةِ عَصَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِصِفَةِ حَطَبٍ أَوْ وَتَدٍ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الطَّارِئُ فَاحِشًا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا الْمِثَالِ يَعْنِي الْأَحْكَامَ الْمُبَيَّنَةَ هُنَا فِي الثِّيَابِ لَا تَجْرِي فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ. وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذَا لِقَوْلِهَا الثِّيَابُ فَعَلَيْهِ لَوْ عَيَّبَ الْغَصْبُ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ وَأَوْرَثَ قِيمَتَهُ نُقْصَانًا كَانَ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ تَامًّا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ بِدُونِ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبَ شَيْئًا بِاسْمِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ فِي هَذَا مُؤَدِّيًا إلَى الرِّبَا فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) مَثَلًا لَوْ كَسَرَ أَحَدٌ لِآخَرَ دِينَارًا أَوْ رِيَالًا فِضِّيًّا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَكْسُورَ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَكْسُورَ لِلْكَاسِرِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . 2 - بِتَمْزِيقِهَا: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْزِيقِ. فِيمَا إذَا لَمْ يَحْدُثُ فِيهِ صِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ وَعَلَيْهِ فَقَصُّ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبَةِ وَتَفْصِيلُهَا أَوْ لِبْسُهَا حَتَّى عَتُقَتْ أَوْ بَلِيَتْ أَوْ أَصْفَرَّتْ أَوْ بَاخَتْ كَالتَّمْزِيقِ. مَثَلًا لَوْ فَصَّلَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ ثَوْبَ قُمَاشٍ وَقَطَّعَهُ وَلَمْ تُورِثْهُ هَذِهِ الْحَالُ عَيْبًا فَاحِشًا ضَمِنَ صَاحِبُ الثَّوْبِ الْغَاصِبَ نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ الثَّوْبِ وَتَضْمِينُهُ كُلَّ قِيمَتِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْعَيْبِ الْفَاحِشِ كَانَ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الطَّحْطَاوِيُّ مَعَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ بَلِيَتْ الثِّيَابُ الْمَغْصُوبَةُ وَاصْفَرَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ يَسِيرًا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا وَأَخَذَ الثِّيَابَ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا خُيِّرَ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . أَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً فَيُقْطَعُ حِينَئِذٍ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ فَصَّلَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ وَخَاطَهُ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ وَلَزِمَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ. فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّدَخُّلِ فِي الثِّيَابِ الْمُخَاطَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . 3 - النُّقْصَانُ: قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ رُبْعُ الْقِيمَةِ وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ نِصْفُهَا وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ النُّقْصَانُ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الثِّيَابُ فِيهِ لَأَنْ تَكُونَ ثِيَابًا مَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثِيَابًا وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (أَبُو السُّعُودِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . وَالْحَاصِلُ - هَذَا النُّقْصَانُ الَّذِي هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ أَوَّلُهُمَا - النُّقْصَانُ الْيَسِيرُ وَحُكْمُ هَذَا هُوَ اسْتِرْدَادُ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ تَرْكُ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ وَطَلَبُ تَمَامِ الْبَدَلِ ثَانِيهُمَا - النُّقْصَانُ الْفَاحِشُ، وَحُكْمُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ.

(المادة 901) الحال الذي هو مساو للغصب في إزالة التصرف حكمه حكم الغصب

الْقِسْمُ الثَّالِثُ - هُوَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ بِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ الْمَوْجُودِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. كَالصِّيَاغَةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْيَبَسِ فِي الْحِنْطَةِ. وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْيَدِ وَالْأُذُنِ فِي الْعَبْدِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَإِنَّ هَذَا النُّقْصَانَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ. أَمَّا حُكْمُ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ: هُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَيُضَمِّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ الْمَغْصُوبَ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ الْغَاصِبِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْحِنْطَةَ الْيَابِسَةَ وَتَعَفَّنَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ كَانَ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهَا عَيْنًا وَلَمْ يَطْلُبْ شَيْئًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَهَا. كَذَلِكَ لَوْ كَسَرَ أَحَدٌ دَوَاةً مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ لِآخَرَ كَانَ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ قَبِلَهَا عَلَى حَالِهَا مَكْسُورَةً وَلَا يَطْلُبُ شَيْئًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْكَاسِرِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهَا فَلَوْ كَانَتْ الدَّوَاةُ الْمَكْسُورَةُ فِضَّةً أَخَذَ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَكْسُورَةٍ عَلَى حَالِهَا الْأَصْلِيِّ ذَهَبًا وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبًا أَخَذَ قِيمَتَهَا غَيْرَ مَكْسُورَةٍ فِضَّةً (الْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) لَوْ غَصَبَ حِيَاصَةَ فِضَّةٍ مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ فَزَالَ تَمْوِيهُهَا يُخَيَّرُ مَالِكُهَا بَيْنَ تَضْمِينِهَا مُمَوَّهَةً أَوْ أَخْذِهَا بِلَا شَيْءٍ لِأَنَّ التَّمْوِيهَ تَابِعُ مُسْتَهْلِكٍ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْغَصْبِ شِرَاءً بِوَزْنِهَا فِضَّةً وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي وَزَالَ التَّمْوِيهُ وَهِيَ فِي يَدِهِ ثُمَّ وَجَدَهَا مَعِيبَةً بِأَنْ وَجَدَهَا غَيْرَ جَيِّدَةٍ فَلَا رَدَّ لِتَعْيِيبِهَا بِعَيْبٍ حَادِثٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَا رُجُوعَ بِالنُّقْصَانِ أَيْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (الطَّحْطَاوِيُّ مَعَ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ: النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ بِفَوَاتِ مَعْنًى مَرْغُوبٍ وَمُعْتَبَرٍ مَوْجُودٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ هُوَ النُّقْصَانُ الَّذِي يَكُونُ بِفَوَاتِ الْمَعْنَى الْمَرْغُوبِ الْمُعْتَبَرِ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَبْدًا ذَا صِنَاعَةٍ وَنَسِيَ صِنَاعَتَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَصَبَهُ شَابًّا فَشَاخَ فَهَذَا النُّقْصَانُ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَيْضًا (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . [ (الْمَادَّةُ 901) الْحَالُ الَّذِي هُوَ مُسَاوٍ لِلْغَصْبِ فِي إزَالَةِ التَّصَرُّفِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ] (الْمَادَّةُ 901) الْحَالُ الَّذِي هُوَ مُسَاوٍ لِلْغَصْبِ فِي إزَالَةِ التَّصَرُّفِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَإِذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ ضَامِنًا. الْحَالُ وَالْكَيْفِيَّةُ اللَّتَانِ تُسَاوِيَانِ الْغَصْبَ فِي إزَالَةِ التَّصَرُّفِ أَيْ فِي إزَالَةِ تَصَرُّفِ أَحَدٍ بِغَيْرِ حَقٍّ يُعَدَّانِ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ حُكْمًا أَيْ يُعْطَى لِتِلْكَ الْحَالِ وَالْكَيْفِيَّةِ حُكْمُ الْغَصْبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَيْضًا كَالْغَصْبِ الْحَقِيقِيِّ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ قَاعِدَةٌ يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ كُتُبٍ عَدِيدَةٍ وَإِلَيْكَ الْبَيَانُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْبَيْعُ: إذَا تَعَدَّى الْمُشْتَرِي فِي الْمَالِ الْمُبَاعِ وَفَاءً عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1 0 4) وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ دَيْنِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الْإِجَارَةُ: لَوْ حَبَسَ الْأَجِيرُ الَّذِي لَيْسَ لِعَمَلِهِ أَثَرٌ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (483) وَالْحَبْسُ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ الْحُكْمِيِّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الْمُسْتَأْجِرُ، لَوْ تَجَاوَزَ مُسْتَأْجِرٌ بِالْحَيَوَانِ الْمَأْجُورِ الْمَحِلَّ الْمُعَيَّنَ أَوْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ أَوْ

سَلَكَ طَرِيقًا أَسْوَأَ مِنْ الطَّرِيقِ الْمُعَيَّنِ وَاسْتَعْمَلَهُ زِيَادَةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ أَرْكَبَ الدَّابَّةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لَأَنْ يَرْكَبَهَا بِنَفْسِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ الْحُكْمِيِّ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (45 5، 46 5، 47 5، 48 5، 1 55) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ قَصَّرَ فِي أَمْرِ الْمُحَافَظَةِ أَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَأْجُورَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ تَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ إعْطَاءِ الْمُؤَجِّرِ الْمَأْجُورَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَبَعْدَ طَلَبِ الْمُؤَجِّرِ كَانَ غَاصِبًا اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (2 60، 603، 4 60، 5 60، 6 0 6) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - تَعَدِّي الْأَجِيرِ أَوْ تَقْصِيرُهُ هُوَ غَصْبٌ حُكْمِيٌّ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 7 0 6) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا رَدَّ الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِعَيْنِ الْأَمَانَةِ تِلْكَ الْعَيْنَ إلَى صَاحِبِهَا بَعْدَ الْكَفَالَةِ كَانَ ذَلِكَ غَصْبًا حُكْمِيًّا وَيَكُونُ الْكَفِيلُ ضَامِنًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (605) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - الْحَوَالَةُ: إذَا أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالْعَيْنِ تِلْكَ الْعَيْنَ لِلْمُحِيلِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ وَضَمَّنَهَا لِلْمُحَالِ لَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ، الرَّهْنُ: إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ عَيَّبَهُ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي الْمَادَّةِ (1 74) وَشَرْحِهَا كَانَ غَاصِبًا حُكْمًا وَيَكُونُ ضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ الرَّهْنَ أَوْ زَوَائِدَهُ الَّتِي خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ الْحُكْمِيِّ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (0 95) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - الْأَمَانَاتُ: لَوْ وَجَدَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ أَوْ مَحِلِّ آخَرَ شَيْئًا وَأَخَذَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالًا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (769) كَانَ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَيَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - لَوْ نَهَى صَاحِبُ الْبَيْتِ الضَّيْفَ بِقَوْلِهِ لَا تَمَسَّ هَذَا الْكَأْسَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (772) فَتَنَاوَلَهُ الضَّيْفُ بِيَدِهِ كَانَ غَاصِبًا وَيَضْمَنُهُ إذَا كَسَرَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ ثِيَابًا وَدِيعَةً فَوَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ثَوْبَهُ فِيهَا وَأَخَذَ الْمُودِعُ ثِيَابَهُ الْمَذْكُورَةَ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ثَوْبَ الْمُسْتَوْدَعِ بَيْنَهَا وَضَاعَ الثَّوْبُ مِنْ يَدِهِ ضَمِنَ الْمُودَعُ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ (الطَّحْطَاوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (769) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ - إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَأَنْكَرَهَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ فَلَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْإِنْكَارِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ قَبْلَ الْجُحُودِ كَيَدِ الْمُودِعِ. أَمَّا بَعْدَ الْجُحُودِ فَتَكُونُ قَدْ أُزِيلَتْ هَذِهِ الْيَدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا فَتَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْجُحُودِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (905) اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي ضَمَانِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ: إذَا نَقَلَ وَحَوَّلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهَا مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَتَلِفَتْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ. لَكِنْ لَوْ تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ قَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِ الْمَحِلِّ الَّذِي

(المادة 902) خرج ملك أحد من يده بلا قصد

كَانَتْ فِيهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَهَا الْمُسْتَوْدَعُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا بَيَّنَهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. وَيَلْزَمُ مُطْلَقًا حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْخُلَاصَةِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا تُرِكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَقَبْلَ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ أَوْ بَعْدَهُمَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِذِكْرِهَا الْمَسْأَلَةَ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنَّ صَيْرُورَةَ هَذَا الْإِنْكَارِ غَصْبًا حُكْمًا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى حُصُولِ الْإِنْكَارِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (779) وَمَعَ تَفْصِيلَاتِهَا اللَّازِمَةِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - الْعَمَلُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّتَيْنِ (878 و 788) وَالْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (0 79) غَصْبٌ حُكْمِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (881) . أَيْضًا الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - لَمَّا كَانَ تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (4 81) فِي حُكْمِ الْغَصْبِ فَلَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ لِعَدَمِ إنْفَاقِ الْمُسْتَعِيرِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (5 1 8) وَيَكُونُ ضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ - لَوْ سَلَكَ الْمُسْتَعِيرُ بِالْحَيَوَانِ الْمُسْتَعَارِ طَرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَتَلِفَ فَهَذَا السُّلُوكُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ وَمُوجِبٌ لِلضَّمَانِ. وَهُنَاكَ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ مِثْلُ هَذَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - الْهِبَةُ: لَوْ اسْتَرَدَّ الْوَاهِبُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ بِلَا رِضَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ كَانَ غَاصِبًا وَضَامِنًا. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - فِي الْحَجْرِ: إذَا أَعْطَى وَصِيُّ الصَّغِيرِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (983) الصَّغِيرَ غَيْرَ الثَّابِتِ الرُّشْدِ مَالَهُ وَأَضَاعَهُ الصَّغِيرُ أَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ ذَلِكَ الْمَالَ. وَهَذَا الْإِعْطَاءُ غَصْبٌ حُكْمِيٌّ. الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ - فِي الشَّرِكَةِ: لَوْ أَعَارَ أَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْفَرَسَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (75 1) كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمَ الْغَصْبِ. (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 76 1 و 85 1 و 87 1 و 89 1 و 95 0 1 و 424 1 و 249 1 و 2581 و 1379 و 1383 و 1393 و 1 2 4 1 و 224 1) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ - فِي الْوَكَالَةُ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ نُقُودًا لِيُسَلِّمَهَا لِدَائِنِهِ قَائِلًا لَهُ لَا تُسَلِّمْ الْمَالَ لِلدَّائِنِ مَا لَمْ يَشْرَحْ عَلَى سَنَدِي الَّذِي فِي يَدِهِ بِالْقَبْضِ، أَوْ مَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ سَنَدًا بِالْوُصُولِ، فَسَلَّمَ الْمَأْمُورُ النُّقُودَ لِلدَّائِنِ بِدُونِ أَنْ يَأْخُذَ شَرْحًا عَلَى السَّنَدِ أَوْ إيصَالًا بِالْمَبْلَغِ الْمَدْفُوعِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إثْبَاتِ إيفَائِهِ الدَّيْنَ كَانَ هَذَا التَّسْلِيمُ غَصْبًا حُكْمِيًّا وَيَكُونُ الْمَأْمُورُ ضَامِنًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1515) . وَحَيْثُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) أَنَّهُ إذَا مَزَّقَ أَحَدٌ سَنَدَ دَيْنٍ يَضْمَنُ قِيمَةَ السَّنَدِ مَكْتُوبًا فَقَطْ فَلِذَلِكَ يَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. [ (الْمَادَّةُ 902) خَرَجَ مِلْكُ أَحَدٍ مِنْ يَدِهِ بِلَا قَصْدٍ] (الْمَادَّةُ 902) - (لَوْ خَرَجَ مِلْكُ أَحَدٍ مِنْ يَدِهِ بِلَا قَصْدٍ. مَثَلًا لَوْ سَقَطَ جَبَلٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّوْضَةِ الَّتِي تَحْتَهُ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ يَعْنِي صَاحِبَ الْأَرْضِ الَّتِي قِيمَتُهَا أَكْثَرُ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ وَيَتَمَلَّكُ الْأَرْضَ. مَثَلًا لَوْ كَانَ قَبْلَ

الِانْهِدَامِ قِيمَةُ الرَّوْضَةِ الْعُلْيَا خَمْسمِائَةِ قِرْشٍ وَقِيمَةُ السُّفْلَى أَلْفًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الْأُولَى قِيمَتَهَا وَيَتَمَلَّكُهَا كَمَا إذَا سَقَطَ مِنْ يَدِ أَحَدٍ لُؤْلُؤًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَالْتَقَطَتْهُ دَجَاجَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ فَصَاحِبُ اللُّؤْلُؤِ يُعْطِي الْخَمْسَةَ قُرُوشٍ وَيَأْخُذَ الدَّجَاجَةَ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 27 و 28 و 29) . أَيْ لَوْ خَرَجَ مِلْكُ أَحَدٍ مِنْ يَدِهِ بِدُونِ تَعَدِّي أَحَدٍ آخَرَ عَلَيْهِ يَتْبَعُ الْأَقَلُّ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَمَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ الْبَالِغَةَ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ آلَافِ قِرْشٍ وَأَنْشَأَ عَلَيْهَا بِنَاءً قِيمَتُهُ خَمْسُونَ أَلْفًا فَلَا يَتْبَعُ هُنَا الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (6 0 9) . وَالْفَرْقُ هُوَ: إنَّهُ لَا يُوجَدُ تَعَدٍّ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَبِمَا أَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ فَلَا يُرَاعَى حَقُّهُ (الْعَيْنِيُّ) . يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ الَّتِي قِيمَتُهَا أَكْثَرُ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ قِيمَةَ قِيمَتِهَا وَيَتَمَلَّكُهَا، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَدْ أُزِيلَ الضَّرَرُ الْأَشَدُّ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ (أَبُو السُّعُودِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّوْضَةِ الْعُلْيَا قَبْلَ الِانْهِدَامِ خَمْسمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا وَقِيمَةُ التَّحْتَانِيَّةِ أَلْفًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الْأُولَى قِيمَتَهَا وَيَتَمَلَّكُهَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعُلْيَا أَلْفًا وَقِيمَةُ السُّفْلَى خَمْسُمِائَةٍ يُعْطِي صَاحِبُ الْأُولَى لِصَاحِبِ الثَّانِيَةِ خَمْسَمِائَةٍ وَيَتَمَلَّكُهَا وَيَضْبِطُهَا (الْبَهْجَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَا لَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ آخَرَ فَصِيلًا فَكَبُرَ فِي بَيْتِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهُ بِدُونِ هَدْمِ الْجِدَارِ تَبِعَ الْأَقَلُّ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ فِيهَا (الْعَيْنِيُّ وَالْخَانِيَّةُ) وَلَوْ اسْتَعَارَ الْمُودَعُ مِنْ غَيْرِهِ بَيْتًا وَأَدْخَلَ فِيهِ الْفَصِيلَ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْفَصِيلِ إنْ أَمْكَنَك إخْرَاجُ الْفَصِيلِ فَأَخْرِجْهُ وَإِلَّا فَانْحَرْهُ وَاجْعَلْهُ إرْبًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ صَاحِبِ الْبَيْتِ. (الْخَانِيَّةُ) . وَكَذَا إذَا أَدْخَلَتْ بَقَرَةٌ قِيمَتُهَا مِائَتَا قِرْشٍ رَأْسَهَا فِي إنَاءٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ قُرُوشٍ وَلَمْ يُمْكِنْهَا إخْرَاجُهُ فَيُعْطِي صَاحِبُ الْبَقَرَةِ الْعَشَرَةَ قُرُوشٍ وَيَشْتَرِي الْإِنَاءَ مِنْهُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْغَصْبِ) . كَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ دِينَارٌ قِيمَتُهُ مِائَةُ قِرْشٍ لِأَحَدٍ فِي مِحْبَرَةٍ لِآخَرَ ذَاتِ الْخَمْسَةِ قُرُوشٍ وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا بِدُونِ كَسْرِ الْمِحْبَرَةِ يُعْطِي صَاحِبُ الدِّينَارِ خَمْسَةَ قُرُوشٍ وَيَشْتَرِي الْمِحْبَرَةَ. كَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ لُؤْلُؤٌ لِأَحَدٍ ثَمَنُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا فَابْتَلَعَتْهُ دَجَاجَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ قُرُوشٍ لِآخَرَ فَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الدَّجَاجَةِ عَلَى ذَبْحِهَا. لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُطْلَقًا (الْجَوْهَرَةُ) بَلْ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤِ أَنْ يُعْطِيَ خَمْسَةَ قُرُوشٍ وَيَأْخُذَ الدَّجَاجَةَ إنْ شَاءَ وَلِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤِ أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ اللُّؤْلُؤِ انْتَظَرَ إلَى أَنْ تُخْرِجَهُ الدَّجَاجَةُ. وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى أَنْ يَذْبَحَهَا مَالِكُهَا (الْجَوْهَرَةُ) وَكَذَا الْبَعِيرُ إذَا ابْتَلَعَ لُؤْلُؤًا وَقِيمَةُ اللُّؤْلُؤِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ كَانَ لِصَاحِبِ اللُّؤْلُؤِ أَنْ يَدْفَعَ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ قِيمَةَ الْبَعِيرِ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ اللُّؤْلُؤِ شَيْئًا يَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِ الْبَعِيرِ (الْخَانِيَّةُ) وَلَوْ أَدْخَلَ رَجُلٌ أُتْرُجَّةَ غَيْرِهِ فِي قَارُورَةِ رَجُلٍ آخَرَ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهَا فَإِنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأُتْرُجَّةِ قِيمَةَ الْأُتْرُجَّةِ وَلِصَاحِبِ الْقَارُورَةِ قِيمَةُ الْقَارُورَةِ وَتَصِيرُ الْقَارُورَةُ وَالْأُتْرُجَّةُ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ (الْخَانِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 27 و 28 و 29) وَتَفْرِيعُ مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤِ عَنْ

(المادة 903) زوائد المغصوب

قَاعِدَةِ (يُزَالُ الضَّرَرُ الْأَشَدُّ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجْتَمِعُ فِي هَذَا ضَرَرَانِ: الضَّرَرُ الْأَوَّلُ: هُوَ خُرُوجُ الدَّجَاجَةِ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا بِدُونِ إذْنِهِ وَذَلِكَ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ اللُّؤْلُؤِ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ بَدَلَ دَجَاجَتِهِ. الضَّرَرُ الثَّانِي: ضَرَرُ إخْرَاجِ اللُّؤْلُؤِ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْعَكْسِ أَيْ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ الدَّجَاجَةِ لِغَاصِبِ اللُّؤْلُؤِ ثَمَنَ اللُّؤْلُؤِ وَالضَّرَرُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّرَرِ الثَّانِي أَخَفُّ. لِأَنَّ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ الدَّجَاجَةِ فَعَلَيْهِ لَزِمَ اخْتِيَارُ ذَاكَ. وَلْيُقَسْ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَذَلِكَ لَوْ نَمَتْ شَجَرَةُ الْقَرْعِ النَّابِتَةُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَدَخَلَتْ قِدْرًا لِآخَرَ أَيْ إنَاءً بَابُهُ ضَيِّقٌ فَأَعْطَتْ يَقْطِينَةً وَكَبُرَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْ الْقِدْرِ بِدُونِ كَسْرِهِ فَلِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ مَالِ الثَّانِي وَيَتَمَلَّكَهُ فَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْقِدْرُ بِمَا فِيهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا. وَالْحُكْمُ فِي الْأُتْرُجَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي لَوْ دَخَلَتْ أُتْرُجَّةٌ فِي قَارُورَةِ آخَرَ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا يَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ (الْخَانِيَّةُ) وَيَتْبَعُ فِي مَسَائِلَ كَهَذِهِ الْأَقَلُّ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ فِيهَا. لَكِنْ إذَا تَسَاوَتْ الْقِيمَتَانِ. فَإِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ كَأَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا مَالَ الْآخَرِ أَوْ أَنْ يُبَاعَ الْمَالَانِ مَعًا وَتُقَسَّمَ بَيْنَهُمَا قِيمَتُهُمَا فَبِهَا وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْمَالَانِ مَعًا وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَيْهِمَا (الْخَانِيَّةُ، أَبُو السُّعُودِ، حَاشِيَةُ الْكَنْزِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ صَوَّرَ الْمِثَالُ الْأَخِيرُ بِصُورَةِ ابْتِلَاعِ الدَّجَاجَةِ اللُّؤْلُؤَةَ لِأَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَ أَحَدٌ لُؤْلُؤَ الْآخَرِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى خُرُوجِ اللُّؤْلُؤِ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ مُبْتَلِعُ اللُّؤْلُؤِ لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ عَلَى قَوْلٍ، لِفَسَادِ اللُّؤْلُؤِ فِي الْمَعِدَةِ وَلِكَوْنِ حُرْمَةِ الْإِنْسَانِ أَعْظَمَ مِنْ الْمَالِ، وَالْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمَّا لَوْ بَلَعَ أَحَدٌ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ وَكَانَ مِقْدَارُ الْفِضَّةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُشَقُّ بَطْنُ الْمَيِّتِ وَيُخْرَجُ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا يَفْسُدَانِ فِي الْمَعِدَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 903) زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ] (الْمَادَّةُ 903) - (زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ يَضْمَنُهَا، مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ لَبَنَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فَلُوَّهُ الْحَاصِلَيْنِ حَالَ وُجُودِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ ثَمَرَ الْبُسْتَانِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي حَصَلَ حِينَ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهَا حَيْثُ إنَّهَا أَمْوَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ خَلِيَّةَ الْعَسَلِ مَعَ نَحْلِهَا وَاسْتَرَدَّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ أَيْضًا الْعَسَلَ الَّذِي حَصَلَ عِنْدَ الْغَصْبِ) إنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ أَيْ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ الْمُتَّصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ أَوْ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْغَصْبِ هِيَ لِصَاحِبِهَا يَعْنِي أَنَّهَا مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاجِبَةُ الرَّدِّ. فَكَوْنُهُ مَالَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِهِ نَمَاءَ مَالٍ وَكَوْنُهُ أَمَانَةً هُوَ لِكَوْنِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ حَاصِلَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِإِيجَادِ الْبَارِي تَعَالَى وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِعْلٌ وَصُنْعٌ كَإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عِنْدَهُ فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ غَصْبٌ. وَنَظِيرُ هَذَا: لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثِيَابَ أَحَدٍ فِي حِجْرِ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي هَذَا فِعْلٌ وَصُنْعٌ. وَيَلْزَمُ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ لِصَاحِبِهِ فَقَطْ. لَكِنْ لَوْ تَعَدَّى الْغَاصِبُ بِوَجْهٍ

كَأَنْ اسْتَهْلَكَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ أَوْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا لِآخَرَ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَدَى طَلَبِ صَاحِبِهِ إيَّاهُ كَانَ ضَامِنًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الزَّوَائِدُ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ الزَّوَائِدِ مُطْلَقًا أَنَّهَا مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالسَّمْنِ وَالصُّوفِ وَكِبَرِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالْوَلَدِ وَالْبَيْضِ وَثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ. يَعْنِي أَنَّ نَوْعَيْ الزَّوَائِدِ هَذِهِ مُتَّحِدَانِ فِي كَوْنِهِمَا مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَوْنُهَا فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) . مَثَلًا: لَوْ كَبُرَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ أَخَذَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إعْطَاءُ مَصْرُوفَاتِهِ كَالنَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الْمُحَافَظَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ وَسَقَاهَا كَانَتْ الْمَزْرُوعَاتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ فِي هَذَا السَّبِيلِ. فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَصْرُوفَاتِهِ فِي سَبِيلِ سَقْيِهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ نَخِيلًا فَلَقَّحَهَا وَسَقَاهَا وَصَرَفَ فِي هَذَا الْبَابِ مَصْرُوفَاتٍ فَتَكُونُ الْمَحْصُولَاتُ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَحِقُّ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ الْمَصْرُوفَاتِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . 2 - الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ: وَكَوْنُ هَذِهِ الزَّوَائِدِ أَمَانَةً وَمَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: الْحُصُولُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ هُنَا الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الزَّوَائِدِ فِي مَبْحَثِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ الِاخْتِلَافُ الْآتِي وَالزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي مِثَالَيْهَا الْآتِيَيْنِ إلَى ذَلِكَ بِتَقْيِيدِهَا الزَّوَائِدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَرْمًا أُدْرِكَ ثَمَرُهُ وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ الْعِنَبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ بَلْ يَكُونُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَلِذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْعِنَبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ مَضْمُونًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 89) كَمَا أَنَّهُ إذَا غُصِبَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ كَانَتْ مَضْمُونَةً أَيْضًا عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ وَبَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ: تَفْتَرِقُ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ عَنْ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي الْحُكْمِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا لَزِمَ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) إيضَاحُ ذَلِكَ وَسَتُبَيَّنُ آتِيًا الْأَمْثِلَةُ مَعَ أَدِلَّتِهَا. الْقَيْدُ الثَّانِي: الْمُتَوَلِّدَةُ، يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ. وَلَيْسَ الزَّوَائِدَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ يَعْنِي أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا مَضْمُونَةً.

وَعَدَمُ كَوْنِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةً مُطْلَقٌ. يَعْنِي أَنَّهُ سَوَاءٌ أَتْلَفَتْ الْمَنَافِعُ الْمَذْكُورَةُ - كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَ الْغَاصِبُ الْفَرَسَ الْمَغْصُوبَ شَهْرًا أَوْ أَجَّرَهُ لِآخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ - أَمْ عَطَّلَهُ بِأَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْغَاصِبُ الْفَرَسَ الْمَغْصُوبَ فِي شُغْلِهِ أَوْ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدًا يَسْتَعْمِلُهُ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ شَهْرًا. لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالُ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَتَكُونُ مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا. وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ شَرْحًا أَنَّ الْفُقَهَاءَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ اخْتَارُوا مَذْهَبَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا (أَبُو السُّعُودِ، الْعَيْنِيُّ، الْعِنَايَةُ، نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . وَالْحَاصِلُ، كَمَا أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (596) لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَبَدَلُ الْمَنَافِعِ أَيْضًا لَيْسَ مَضْمُونًا. إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَلَا تَطِيبُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ وَقَدْ اجْتَهَدَ بِذَلِكَ الطَّرَفَانِ. لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي تَكُونُ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ حَلَالًا لِلْغَاصِبِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (47 4) الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي حَالِ إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ مِنْهَا (الدُّرُّ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، أَنَا أَمَرْتُك بِالْإِيجَارِ وَعَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لِي وَقَالَ لَهُ الْغَاصِبُ لَمْ تَأْمُرْنِي، وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَكِنْ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَبَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَائِلًا إنِّي قَدْ أَجَزْت الْإِجَارَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ الْغَاصِبُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ مَوْجُودَةً عَيْنًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهَا مَعَ أَصْلِهَا فَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِالتَّعَدِّي كَانَ ضَامِنًا. وَالضَّمِيرُ فِي " اسْتَهْلَكَهَا " فِي فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ رَاجِعٌ إلَى الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ حَصْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي إرْجَاعِ الضَّمِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ اسْتِخْدَامٌ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَتَرْجِعُ الزَّوَائِدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذَا الْخِلَافَ. تَكُونُ الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ مَضْمُونَةً فِي صُورَتَيْنِ أُولَاهُمَا: هَلَاكُهَا بِتَعَدِّي الْغَاصِبِ بِاسْتِهْلَاكِهَا أَوْ بِبَيْعِهَا وَتَسْلِيمِهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الزَّوَائِدُ مَضْمُونَةً بِالِاتِّفَاقِ، مَثَلًا لَوْ وَلَدَتْ الْفَرَسُ الْمَغْصُوبَةُ فُلُوًّا فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَعَدِّي الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْوَدِيعَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ إيَّاهَا بَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُشْتَرِي. سُؤَالٌ، بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي بَيْعِ الزِّيَادَةِ وَتَسْلِيمِهَا تَفْوِيتٌ لِيَدِ الْمَالِكِ تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَفَمَا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ؟ جَوَابٌ: لَمَّا كَانَ فِي إمْكَانِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَقَدْ زَالَ تَمَكُّنُهُ هَذَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَصْبَحَ ذَلِكَ تَفْوِيتًا لِيَدِ الْمَالِك (الْكِفَايَةُ) .

ثَانِيهَا) ، يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَالَةِ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ. فَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ مِنْ الْغَاصِبِ وَمَنَعَهَا الْغَاصِبُ أَيْ لَمْ يُعْطِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَتَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ (الْكَنْزُ) . أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ فَلَيْسَ اسْتِهْلَاكُهَا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ. وَقَدْ بُيِّنَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) . وَتَفْصِيلُ بَيْعِ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ وَتَسْلِيمِهَا لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مَعَ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا وَإِنْ تَلِفَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ وَقْتَ الْغَصْبِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَقْتَ قَبْضِهِ إيَّاهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ الزَّائِدَةَ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ. لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُقَابِلُ الْوَصْفَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ وَارِدًا عَلَى الزِّيَادَةِ وَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةً. أَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ مَقْصُودَةً فِي الْبَيْعِ فَلَهَا حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَفِيهِ دَلِيلٌ آخَرُ فَلْيُرَاجَعْ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ الزَّائِدَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورَيْنِ. لِأَنَّ بَيْعَ الْغَاصِبِ وَتَسْلِيمَهُ قَدْ فَوَّتَ قُدْرَةَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ وَزِيَادَتِهِ فَكَانَ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَالْمُتَّصِلَةِ أَيْضًا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ الْمُتَّصِلَةَ وَحْدَهَا فَقَطْ كَالسَّمْنِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْغَاصِبُ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ لَا يُعَدُّ الْغَاصِبُ مَانِعًا وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ السَّمْنِ وَحْدَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَتَسْلِيمُهُ إيَّاهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزَّوَائِدَ الْمَذْكُورَةَ وَحْدَهَا وَطَلَبَهَا مَعَ أَصْلِ الْمَغْصُوبِ فَبِمَا أَنَّ رَدَّهَا مَعَ أَصْلِ الْمَغْصُوبِ مُمْكِنٌ فَلَوْ تَلِفَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَعْنِي لَوْ هَزَلَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ الَّذِي سَمِنَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْمَنْعِ لَزِمَ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والْجَوْهَرَةُ) . مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ لَبَنَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فَلُوَّهُ الْحَاصِلَيْنِ حَالٍ كَوْنِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ أَوْ ثَمَرَ الْبُسْتَانِ أَوْ الْكَرْمَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي حَصَلَ حَالٍ كَوْنِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُهُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِ اسْتِهْلَاكِ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ فِي هَذَا الْمِثَالِ مُطْلَقًا أَنَّ الزَّوَائِدَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلضَّمَانِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ غَيْرُهَا أَمْ لَمْ يَحْصُلْ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةً فَنَمَا صُوفُهَا وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَصَبَ رَوْضَةً فَنَبَتَتْ أَغْصَانُ شَجَرِهَا فِي يَدِهِ فَقَصَّ الْغَاصِبُ الصُّوفَ وَقَطَّعَ الْأَغْصَانَ وَاسْتَهْلَكَهَا فَنَمَا الصُّوفُ وَنَبَتَتْ الْأَغْصَانُ مَرَّةً أُخْرَى ضَمِنَ الصُّوفَ الَّذِي قَصَّهُ وَالْأَغْصَانَ الَّتِي قَطَّعَهَا فِي الْأَوَّلِ (الْهِدَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْعِنَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَا

شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّاةِ وَالْعَرْصَةِ عَلَى حِدَةٍ. كَذَلِكَ إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَقَرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا تَغَلُّبًا وَأَخَذَ لَبَنَهَا مُسْتَقِلًّا وَنَتَجَتْ الْبَقَرُ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَلِلشَّرِيكِ الثَّانِي أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الْبَقَرِ وَمَنْ نَتَائِجِهَا كَمَا أَنَّ لَهُ تَضْمِينَ حِصَّتِهِ مِنْ اللَّبَنِ أَيْضًا (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . وَتَعْبِيرُ الِاسْتِهْلَاكِ فِي الْمِثَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّلَفِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَمِنْ دُونِ مَنْعٍ بَعْدَ طَلَبٍ. فَإِذَا تَلِفَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. يَعْنِي تَكُونُ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ هُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِصُورَةٍ تُزِيلُ يَدَ الْمَالِكِ وَبِمَا أَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَمْ تَثْبُتْ عَلَى الزَّوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ فِي إمْكَانِ الْغَاصِبِ إزَالَتُهَا (الْهِدَايَةُ، الْبَهْجَةُ) . سُؤَالٌ، وَمَعَ أَنَّ مُفَادَ هَذَا الدَّلِيلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَتْ الْفَرَسُ وَقْتَ الْغَصْبِ حَامِلًا، لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْحَمْلِ، فَمَا السَّبَبُ فِي عَدِّهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ؟ الْجَوَابُ، لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مَالًا فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ (الْعَيْنِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً. لِأَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَ هَذَا الْإِمَامِ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ. وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَاشِئٌ عَنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (881) وَشَرْحَهَا (الْكِفَايَةُ، وَالْهِدَايَةُ) . كَذَا لَوْ أَعَارَ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لِأَحَدٍ لِيَرْكَبَهُ فَرَكِبَهُ وَوَضَعَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ حَمْلَهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوَضْعِ وَنَقَصَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَلِفَ الْفَلُوُّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْفَلُوِّ لِشَرِيكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ تَلَفُهُ بِتَعَدِّي الشَّرِيكِ أَوْ حَصَلَ امْتِنَاعٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ بِمَدِّ الطَّلَبِ (التَّنْقِيحُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ خَلِيَّةَ نَحْلٍ مَعَ نَحْلِهَا وَاسْتَرَدَّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (890) الْعَسَلَ الَّذِي حَصَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَيَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي اسْتِرْدَادِ الْخَلِيَّةِ مَعَ نَحْلِهَا. لِأَنَّ النَّحْلَ وَالْخَلِيَّةَ الْمَذْكُورَيْنِ هُمَا مَالٌ لِمَنْ أَحْرَزَهُمَا وَحَتَّى أَنَّ لَهُ بَيْعَهُمَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: هُوَ أَنَّ النَّحْلَ وَالْعَسَلَ كِلَاهُمَا مُحْرَزَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَمَّا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلَيْسَ النَّحْلُ مُحْرَزًا وَلَا مَمْلُوكًا بِخِلَافِ الْعَسَلِ فَهُوَ مُحْرَزٌ وَمَمْلُوكٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (890) لَكِنَّ ذِكْرَهَا هُنَا إنَّمَا هُوَ لِلْإِشْعَارِ بِكَوْنِ النَّحْلِ مُحْرَزًا وَمَمْلُوكًا. إذْ إنَّهُ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ خَلِيَّةً فِي مَحِلٍّ لِيَجْتَمِعَ فِيهَا النَّحْلُ فَاجْتَمَعَ فِي الْخَلِيَّةِ نَحْلٌ فَالنَّحْلُ لِصَاحِبِ الْخَلِيَّةِ (الْفَيْضِيَّةُ) . وَقَدْ جُعِلَ لِلْمَغْصُوبِ فِيهَا حَقُّ أَخْذِ الْعَسَلِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْعَسَلَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1306) هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ النَّحْلِ وَإِنَّ هَذَا الْمِثَالَ هُوَ الْمِثَالُ الْحَقِيقِيُّ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ.

(المادة 904) عسل النحل التي اتخذت في روضة أحد مأوى

[ (الْمَادَّةُ 904) عَسَلُ النَّحْلِ الَّتِي اتَّخَذَتْ فِي رَوْضَةِ أَحَدٍ مَأْوًى] (الْمَادَّةُ 904) - (عَسَلُ النَّحْلِ الَّتِي اتَّخَذَتْ فِي رَوْضَةِ أَحَدٍ مَأْوًى هُوَ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَيْرُهُ يَضْمَنُ) . أَيْ أَنَّ عَسَلَ النَّحْلِ الَّتِي تَتَّخِذُ مَأْوًى فِي رَوْضَةٍ مِنْ نَفْسِهَا بِدُونِ عَمَلٍ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ هُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1035) لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ لِكَوْنِهِ مَعْدُودًا مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ وَيُؤَدِّي صَاحِبُ الرَّوْضَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ عُشْرَهُ الشَّرْعِيَّ فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ آخَرُ ذَلِكَ الْعَسَلَ وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ النَّبَاتَ الْحَاصِلَ فِي مَزْرَعَةِ آخَرَ بِسَعْيِ صَاحِبِ الْمَزْرَعَةِ وَعَمَلِهِ كَانَ ضَامِنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ سَعْيٌ وَعَمَلٌ فِي حُصُولِ ذَلِكَ النَّبَاتِ فَلَا ضَمَانَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1257) " الْبَهْجَةُ " أَمَّا الْأَشْجَارُ الَّتِي تَنْبُتُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَهِيَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى النَّبَاتِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ تِلْكَ الْأَشْجَارَ وَاسْتَهْلَكَهَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1244) " الْفَيْضِيَّةُ ". وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: أُولَاهُمَا - كَوْنُ ذَلِكَ الْعَسَلِ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَلَئِنْ ظُنَّ أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا غَيْرُ مُوَافِقٍ حَيْثُ إنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ غَصْبٌ فَقَدْ ذُكِرَتْ هُنَا خَوْفًا مِنْ التَّوَهُّمِ بِأَنَّ الْعَسَلَ مُبَاحٌ وَلَا يَلْزَمُ الْآخِذَ ضَمَانُهُ. لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ أَخْذُ الشَّيْءِ وَاسْتِهْلَاكُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِلْكًا لِأَحَدٍ أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي يَجُوزُ لِكُلِّ إنْسَانٍ أَخْذُهَا وَاسْتِهْلَاكُهَا وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (881) بِقَوْلِهِ (مَالُهُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ نَثَرَ أَحَدٌ عَلَى النَّاسِ نُقُودًا وَبَسَطَ أَحَدٌ ذَيْلَهُ وَهَيَّأَهُ لِذَلِكَ فَالنُّقُودُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَوْ أَخَذَهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ كَانَ غَاصِبًا أَمَّا لَوْ سَقَطَتْ النُّقُودُ عَلَى رِدَائِهِ الَّذِي لَمْ يُهَيِّئْهُ لِذَلِكَ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهَا وَلَا يَكُونُ الْآخِذُ غَاصِبًا. إلَّا أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ ذَيْلَهُ بَعْدَ أَنْ سَقَطَتْ النُّقُودُ عَلَيْهِ بِقَصْدِ الِاحْتِرَازِ فَلَوْ أَخَذَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدٌ يَكُونُ غَاصِبًا لِصَيْرُورَتِهِ بِذَلِكَ مَالِكًا لَهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 2) وَشَرْحَهَا. كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ كَلْبًا مُدَرَّبًا لِآخَرَ وَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ (الْفَيْضِيَّةُ) . ثَانِيهُمَا - لُزُومُ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِهْلَاكِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (891) . وَكَمَا أَنَّ الْعَسَلَ هَذَا لَيْسَ كَالصَّيْدِ فَلَيْسَ هُوَ كَبِيضِ الصَّيْدِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَمَّا كَانَ يَطِيرُ فَلَا يُعَدُّ مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ كَمَا أَنَّ بِيضَ الطَّيْرِ لَمَّا كَانَ يَصِيرُ طَيْرًا وَيَطِيرُ أَيْضًا فَلَا يُعَدُّ أَيْضًا مِنْ مَنَافِعِ الرَّوْضَةِ بَلْ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُبَاحِ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ النَّحْلَ الْمَذْكُورَةَ شَخْصٌ آخَرُ كَانَ مَالِكًا لَهَا. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الرَّوْضَةِ اسْتِرْدَادُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ النَّحْلَ مِنْ قَبِيلِ الصَّيْدِ وَالصَّيْدُ مُبَاحٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1297) فَلِكُلٍّ أَخْذُهُ وَقَدْ كَانَ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (عَسَلُ النَّحْلِ) وَعَدَمُ قَوْلِهَا (النَّحْلُ وَالْعَسَلُ) مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا.

الفصل الثاني في بيان بعض المسائل المتعلقة بغصب العقار

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِغَصْبِ الْعَقَارِ] بِمَا أَنَّ الْمُجْتَهِدِينَ مُخْتَلِفُونَ فِي جَرَيَانِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ فَنَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ بَيَانُ هَذِهِ الْخِلَافَاتِ لِفَهْمِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَمَا يَنْبَغِي. لِغَصْبِ الْعَقَارِ حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - ضَمَانُ الرَّدِّ: أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْعَقَارِ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا. إنَّ لُزُومَ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ لَا يُوجَدُ فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي بَلْ هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْخِلَافُ هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَمُفَادُهُ أَنَّ غَصْبَ الْعَقَارِ مُوجِبٌ لِلرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . الْحُكْمُ الثَّانِي - ضَمَانُ الْبَدَلِ وَلَا يَجْرِي فِي هَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ غَصْبٌ. فَعَلَيْهِ لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ دَارَ الْآخَرِ الْخَالِيَةَ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَقَامَ فِيهَا بِلَا إذْنٍ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ مُغْتَصِبًا لِتِلْكَ الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ: إذَا تَلِفَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا لَوْ غَمَرَ السَّيْلُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ أَصْبَحَتْ أَرْضًا رَمْلِيَّةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَوْ سَقَطَ عَلَيْهَا جَبَلٌ وَبَقِيَتْ تَحْتَهُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَمَّا كَانَ نَقْلُهُ وَتَحْوِيلُهُ غَيْرَ مُمْكِنَيْنِ فَلَا تُمْكِنُ إزَالَةُ الْيَدِ عَنْهُ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي الْعَيْنِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 881) لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِدُونِ إيقَاعِ فِعْلٍ فِي الْمَحِلِّ. وَفِي الْعَقَارِ لَا يُمْكِنُ إيقَاعُ فِعْلٍ كَهَذَا أَلَا تَرَى أَنَّ إزَالَةَ يَدِ الْمَالِكِ فِي الْعَقَارِ يَكُونُ بِإِخْرَاجِ الْمَالِكِ مِنْهُ. وَالْإِخْرَاجُ الْمَذْكُورُ فِعْلٌ فِي الْمَالِكِ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فِي الْعَقَارِ (الْهِدَايَةُ) . فَعَلَيْهِ وَإِنْ حَصَلَتْ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ فِي الْعَقَارِ بِإِخْرَاجِ الْمَالِكِ مِنْهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْإِزَالَةَ لَمْ تَحْصُلْ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ بَلْ حَصَلَتْ بِفِعْلٍ فِي السَّاكِنِ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . وَلِهَذَا لَوْ مَنَعَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دُخُولِ دَارِهٍ أَوْ مِنْ أَخْذِ مَالَهُ أَوْ بَاعَدَ بَيْنَ الْمَالِكِ وَمَالِهِ وَضَاعَ الْمَالُ فَلَا ضَمَانَ (الْبَزَّازِيَّةُ) بِيَبَسٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ الزَّرْعَ وَالشَّجَرَ فِي غَصْبِ الْأَرْضِ وَالْكَرْمِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُنْقَلَا عَنْ مَحِلِّهِمَا أَوْ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . إلَّا أَنَّ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْعَقَارِ يَقُومُ مَقَامَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانُ - الْبَدَلِ أَيْضًا. لِأَنَّهُ إذَا سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارِ آخَرَ أَوْ وَضَعَ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا فَقَدْ ثَبَتَتْ الْيَدُ الْمُبْطِلَةُ عَلَى الدَّارِ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمُحَالِ اجْتِمَاعُ أَيْدٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ زَوَالُ يَدِ الْمَالِكِ بِالضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ وَالْأُخْرَى لَيْسَتْ بِمُوجِبَةٍ لَهُ بِخِلَافِ اجْتِمَاعِ الْأَيْدِي الْمُتَوَافِقَةِ فَجَائِزٌ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ الْعَيْنِيُّ. وَتَحْصُلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ كَمَا أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ (الْهِدَايَةُ، وَالْعَيْنِيُّ، وَالْكِفَايَةُ) وَالصَّحِيحُ هُوَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ فِي غَيْرِ الْوَقْفِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي الْوَقْفِ (الْقُهُسْتَانِيُّ مُلَخَّصًا) .

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا لَمْ يَقُلْ بِكِفَايَةِ إثْبَاتِ يَدِ الْعُدْوَانِ فِي تَحَقُّقِ الْغَصْبِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ قَالَ بِذَلِكَ لَلَزِمَ أَنْ يَقُولَ بِضَمَانِ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ وَإِنَّ مَا يَقُولُهُ الْإِمَامُ الْمَذْكُورُ هُوَ نَفْسُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مِنْ أَنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ بِوَصْفَيْنِ أَيْ بِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الْإِمَامُ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَيْ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ قَالُوا كَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ بِضَمَانِ الْعَقَارِ بِسَبَبِ الْغَصْبِ (الْهِدَايَةُ) إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ اخْتِلَافٌ فِي السَّبَبِ فَقَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ إلَى الِاكْتِفَاءِ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ فَقَطْ وَلَمْ يَرَ لُزُومًا لِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ فِيهِ، أَمَّا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فَيَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْغَصْبِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ، إلَّا أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ فِي الْعَقَارِ يَقُومُ مَقَامَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ. ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ: تَظْهَرُ ثَمَرَةُ اخْتِلَافِ الشَّيْخَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِغَصْبِهِ دَارًا وَبَيْعِهِ إيَّاهَا وَتَسْلِيمِهَا لَهُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي غَصْبَ بَائِعِهِ الدَّارَ وَلَمْ يُمْكِنْ الْمُقِرَّ لَهُ إثْبَاتُ كَوْنِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. يَعْنِي لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ إعْطَاءُ قِيمَةِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لِأَنَّهُ لَمْ يُحَوِّلْ ذَلِكَ الشَّخْصُ تِلْكَ الدَّارَ أَوْ لَمْ يُغَيِّرْهَا وَلَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ هُنَا بِبَيْعِ الدَّارِ وَتَسْلِيمِهَا بَلْ حَصَلَ بِسَبَبِ عَجْزِ الْمَالِكِ عَنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ. أَلَا تَرَى لَوْ أَثْبَتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُهُ حُكِمَ لَهُ وَاسْتَرَدَّ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . وَقَدْ رَجَّحَتْ الْمُتُونُ الْفِقْهِيَّةُ مَذْهَبَ الشَّيْخَيْنِ وَأُفْتِيَ فِي النَّتِيجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَضْمُونَةٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (881) . وَيُسْتَثْنَى مِنْ مُسْتَثْنَيَاتٍ ضَابِطٌ (وَلَا يَكُونُ الْعَقَارُ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ) . 1 - إذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ وَقْفًا فَالْفَتْوَى عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ بِلُزُومِ الضَّمَانِ بِالْغَصْبِ. وَعَقَارُ الْيَتِيمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْوَقْفِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الْمَوْقُوفَ وَتَلَفَ وَهُوَ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ، وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ الَّذِي هُوَ مَالٌ لِيَتِيمٍ أَوْ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ مَضْمُونًا أَيْضًا بِالْغَصْبِ وَالتَّلَفِ (الْحَمَوِيُّ) . يَكُونُ الْعَقَارُ مَضْمُونًا فِي سِتِّ مَسَائِلَ: 1 - إذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ مَالَ وَقْفٍ يَكُونُ مَضْمُونًا وَلَوْ تَلَفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ. وَإِذَا حُكِمَ عَلَى الْغَاصِبِ بِضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَشْتَرِي بِهَذِهِ الْقِيمَةِ عَقَارًا غَيْرَهُ لِلْوَقْفِ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى وَجْهِ الْعَقَارِ الْأَوَّلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

(المادة 905) المغصوب إن كان عقارا يرد إلى صاحبه بدون تغيير وتنقيص

إذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ مَالَ يَتِيمٍ يَكُونُ مَضْمُونًا وَلَوْ تَلَفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ. 3 - إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَقَارًا مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَكُونُ مَضْمُونًا. 4 - إذَا بِيعَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ مِنْ آخَرَ وَسُلِّمَ إلَيْهِ يَكُونُ مَضْمُونًا لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ اسْتِهْلَاكٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 5 - إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْعَقَارَ الْمُودَعَ يَكُونُ مَضْمُونًا وَلَوْ كَانَ قَدْ تَلَفَ بَعْدَئِذٍ بِلَا تَعَدٍّ، وَفِي التَّبْيِينِ: وَمَسْأَلَةُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَصَحِّ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 6 - إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْعَقَارَ لِلْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَاتِهِمْ لَزِمَ أُولَئِكَ الشُّهُودَ ضَمَانُ ذَلِكَ الْعَقَارِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فَكَانَ إتْلَافًا وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِهِ (الْعِنَايَةُ) وَالشُّهُودُ إنَّمَا يَضْمَنُونَهُ بِالرُّجُوعِ لِكَوْنِهِ ضَمَانَ إتْلَافٍ لَا ضَمَانَ غَصْبٍ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الشَّاهِدُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَ غَصْبًا لَقُبِلَتْ وَالْعَقَارُ يُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي وُضِّحَتْ آنِفًا هِيَ فِي ضَمَانِ ذَاتِ الْوَقْفِ أَمَّا الْمَسَائِلُ الْمُبَيَّنَةُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ فِي ضَمَانِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ فَيَلْزَمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا. وَتُوجَدُ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ الْمَجَلَّةِ مَذْهَبَ الشَّيْخَيْنِ فِي حَقِّ غَصْبِ الْعَقَارِ عَلَى مَا سَيُوَضَّحُ فِي الْآتِي: وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ تَعْبِيرِ غَصْبِ الْعَقَارِ فِي عِنْوَانِ الْفَصْلِ إمَّا مَجَازِيٌّ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ كَمَا فِي الْآيَتَيْنِ الْكَرِيمَتَيْنِ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116] {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] . وَإِمَّا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ، فَلِأَنَّ الْغَصْبَ لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ أَخْذِ شَيْءٍ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ. وَلَا تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ، نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 905) الْمَغْصُوبُ إنْ كَانَ عَقَارًا يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ بِدُونِ تَغْيِير وَتَنْقِيص] (الْمَادَّةُ 905) الْمَغْصُوبُ إنْ كَانَ عَقَارًا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ بِدُونِ تَغْيِيرِهِ وَتَنْقِيصِهِ وَإِذَا طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ نُقْصَانٌ بِصُنْعِ الْغَاصِبِ وَفِعْلِهِ يَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ مَثَلًا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ مَحِلًّا مِنْ الدَّارِ الَّتِي غَصَبَهَا أَوْ انْهَدَمَ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ يَضْمَنُ مِقْدَارَ النُّقْصَانِ كَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ مِنْ النَّارِ الَّتِي أَوْقَدَهَا الْغَاصِبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا مَبْنِيَّةً. عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَى صَاحِبِهِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ قَبِيلِ الْعَقَارِ مِنْ دُونِ أَنْ يُغَيِّرَهُ أَوْ يُنْقِصَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا عَيْنًا يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (890) وَقَدْ وُضِّحَ آنِفًا أَنَّ الْأَئِمَّةَ الْحَنَفِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ. مَثَلًا لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ أَوْ حَانُوتَهُ غَصْبًا وَأَقَامَ فِيهَا لَزِمَ إخْرَاجُ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْهَا وَتَسْلِيمُ الْعَقَارِ لِصَاحِبِهِ. وَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْعَقَارِ بِصُنْعِ الْغَاصِبِ وَفِعْلِهِ لَوْ كَانَ بِسُكْنَاهُ أَوْ بِتَعَاطِيهِ الْحِدَادَةِ فِيهِ أَيْ إذَا تَلَفَ فِيهِ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْمَغْصُوبِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَهَذَا الضَّمَانُ

لَيْسَ بِضَمَانِ غَصْبٍ بَلْ هُوَ ضَمَانُ إتْلَافٍ. وَالْمَادَّةُ (907) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا وَهَذَا الْحُكْمُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْعَقَارِ فَهُوَ جَارٍ أَيْضًا فِي الْمَنْقُولِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (900) . فَلَوْ رَفَعَ التُّرَابَ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِرَفْعِهِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْكَبْسِ وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَمَنْ حَفَرَ حُفْرَةً بِأَرْضِ غَيْرِهِ وَأَضَرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ يَلْزَمُ النُّقْصَانُ وَقَوْلُهُ أَضَرَّ ذَلِكَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِأَرْضِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ النُّقْصَانُ الَّذِي يَحْدُثُ فِي الْعَقَارِ الْمَغْصُوبِ عَلَى وَجْهِ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ إتْلَافًا لِلْمَغْصُوبِ بِمِقْدَارِهِ فَالضَّمَانُ مُحَقَّقٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (912، 917) وَالْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى هَذَا. لَكِنْ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ دُونَ رُبْعِ قِيمَةِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ لَزِمَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ حَصْرًا. أَمَّا إذَا كَانَ مُعَادِلًا لِرُبْعِ قِيمَتِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (900) فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ فِي تَرْكِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ كُلَّ قِيمَتِهِ وَأَخْذِهِ الْعَقَارَ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ. مَثَلًا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ مَحِلًّا مِنْ الدَّارِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي غَصَبَهَا أَوْ خَرِبَتْ بِسُكْنَاهُ أَوْ بِعَمَلِهِ فَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ كَانَ ضَامِنًا مِقْدَارَ النُّقْصَانِ بِالْإِجْمَاعِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ فِي الْمِثَالِ: 1 - مَحِلًّا مِنْهَا، لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ وَهَدَمَهَا تَغَلُّبًا وَاسْتَهْلَكَ أَنْقَاضَهَا فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ الْمَهْدُومِ مَبْنِيًّا وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ. لِأَنَّ الْعَرْصَةَ قَائِمَةٌ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . 2 - بِسَبَبِ سُكْنَاهُ، أَمَّا إذَا سَكَنَ الْغَاصِبُ الدَّارَ وَلَمْ تَنْهَدِمْ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ بَلْ انْهَدَمَتْ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. فَلَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَغْصُوبَةُ وَالْغَاصِبُ سَاكِنٌ فِيهَا بِحَرِيقٍ وَقَعَ عِنْدَ الْجِيرَانِ أَوْ انْهَدَمَتْ بِزِلْزَالٍ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانٌ. وَلَمَّا كَانَ قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَمْثِلَتِهَا قَيْدُ صُنْعِهِ وَفِعْلِهِ، مَعَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ أَوْ تَلَفَ بِلَا صُنْعِ الْغَاصِبِ فَتَكُونُ الْمَجَلَّةُ قَدْ أَخَذَتْ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ بِرَأْيِ الشَّيْخَيْنِ. وَيَلْزَمُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِصُنْعِ الْغَاصِبِ دُونَ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِلَا صُنْعِهِ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ النُّقْصَانَ الْحَاصِلَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ يَكُونُ قَدْ وَقَعَ بِإِتْلَافِ الْغَاصِبِ. أَمَّا الْعَقَارُ لَمَّا كَانَ مَضْمُونًا بِإِتْلَافِهِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عَنْهُ وَإِثْبَاتُ يَدٍ مُبْطِلَةٍ عَلَيْهِ كَمَا يَكُونُ الْآدَمِيُّ الْحُرُّ مَضْمُونًا بِإِتْلَافِهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ عَرْصَةٍ لِآخَرَ وَنَقَلَهُ إلَى عَرْصَتِهِ يَكُونُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ. وَعَلَيْهِ فَالْعَقَارُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ، بِالْغَصْبِ لِمُلَابَسَةِ عَدَمِ إمْكَانِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عَنْهُ فَهُوَ

(المادة 906) المغصوب أرضا والغاصب أنشأ عليها بناء أو غرس فيها أشجارا

مَضْمُونٌ بِالْإِتْلَافِ (الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ، الزَّيْلَعِيّ، مُنْلَا مِسْكِينٍ، أَبُو السُّعُودِ) . 3 - مِقْدَارُ النُّقْصَانِ، يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى بِنَائِهِ كَالْأَوَّلِ. وَقَدْ وُضِّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (918) وَبُيِّنَ سَبَبُهُ. كَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ مِنْ النَّارِ الَّتِي أَوْقَدَهَا الْغَاصِبُ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهَا مَبْنِيَّةً بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَغْصُوبَ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ قَدْ أُتْلِفَ مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى كَوْنِهِ مَضْمُونًا بِإِتْلَافِهِ (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (903) . وَسَوَاءً أُوقِدَتْ النَّارُ كَالْمُعْتَادِ أَمْ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ فَالْحَالَانِ مُتَسَاوِيَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى مُطْلَقًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَيْ أَنَّهُ إذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ لِظُهُورِ الْحَرِيقِ عَلَى إحْدَى الْحَالَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الضَّمَانُ. مَعَ أَنَّهُ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَأْجُورَةُ بِإِيقَادِ النَّارِ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ إقَامَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَأْجُورِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى عَقْدٍ وَمَشْرُوعَةٌ أَمَّا إقَامَةُ الْغَاصِبِ فِي الْعَقَارِ الْمَغْصُوبِ فَغَيْرُ مَشْرُوعَةٍ وَظُلْمٌ. لَكِنْ لَوْ احْتَرَقَتْ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ بِظُهُورِ حَرِيقٍ فِي الْحَيِّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ كَذَلِكَ لَوْ اجْتَاحَ السَّيْلُ الْبُسْتَانَ الَّذِي اغْتَصَبَهُ وَاجْتَرَفَ أَبْنِيَتَهُ وَأَشْجَارَهُ أَوْ اجْتَاحَتْ الْمِيَاهُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ فَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ أَوْ بَقِيَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ تَحْتَ الْمِيَاهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَحِكْمَةُ قَوْلِهِ النَّارَ الَّتِي أَشْعَلَهَا الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ: أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي غَصَبَهُ أَحَدٌ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْفِقْرَةِ هَذِهِ أَوْ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِفِعْلِ آخَرَ غَيْرِ الْغَاصِبِ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ الضَّمَانُ - عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالشَّخْصِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الَّذِي غَصَبَهُ الْغَاصِبُ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَيْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ قَطَعَ أَشْجَارَهُ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ. وَلَيْسَ لِلْمُتْلِفِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتْلِفِ بِمَا ضَمِنَ (الْجَوْهَرَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْغَصْبِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْغَصْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 906) الْمَغْصُوبُ أَرْضًا وَالْغَاصِبُ أَنْشَأَ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا] (الْمَادَّةُ 906) - (إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أَرْضًا وَكَانَ الْغَاصِبُ أَنْشَأَ عَلَيْهَا بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِهَا وَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَتَهُ مُسْتَحَقَّ الْقَلْعِ وَيَضْبِطَ الْأَرْضَ وَلَكِنْ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ أَوْ الْبِنَاءِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَكَانَ قَدْ أَنْشَأَ أَوْ غَرَسَ بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ كَانَ حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَوْ الْأَشْجَارِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكَهَا. مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ عَلَى

الْعَرْصَةِ الْمَوْرُوثَةِ لَهُ مِنْ وَالِدِهِ بِنَاءً بِمَصْرِفٍ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ فَالْبَانِي يُعْطِي قِيمَةَ الْعَرْصَةِ وَيَضْبِطُهَا) . إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ أَرْضًا فَأَنْشَأَ الْغَاصِبُ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ أَبْنِيَةً أَوْ غَرَسَ فِيهَا كُرُومًا وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْجَارِ، وَكَانَ قَلْبُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْأَرْضِ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ لَدَى الطَّلَبِ بِقَلْعِهَا فِي الْحَالِ لِيَرُدَّ الْأَرْضَ فَارِغَةً مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَلْعِ بِدَاعِي أَنَّ الْقَلْعَ مُضِرٌّ بِبِنَائِهِ وَأَشْجَارِهِ وَأَنَّ قِيمَةَ بِنَائِهِ وَأَشْجَارِهِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُمَانِعَ فِي قَلْعِ الشَّجَرِ بِدَاعِي أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَرْضِ وَأَنْ يَطْلُبَ تَمَلُّكَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ حَالَةَ كَوْنِ قَلْعِهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْأَرْضِ (الْبَهْجَةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ حَقُّ تَمَلُّكِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ أَحَدٌ تَغَلُّبًا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَرَاكَمُ فِيهَا الطِّينُ مِنْ الْحَافَّةِ الظَّاهِرَةِ لِلنَّهْرِ الَّذِي يَجْرِي مَاؤُهُ عَلَى طَاحُونَةِ آخَرَ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ حَقُّ طَلَبِ رَفْعِ وَقَلْعِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً فِي عَرْصَةٍ لِزَوْجَتِهِ مِنْ مَالِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهَا وَتُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَسَّمَ الْوَرَثَةُ الْعَرْصَةَ بَيْنَهُمَا فَخَرَجَ الْبِنَاءُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ قَلْعَ بِنَائِهِ وَكَانَ قَلْعُ الْبِنَاءِ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْأَرْضِ، فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا إدْخَالَ الْبِنَاءِ فِي الْمِيرَاثِ (الْفَيْضِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْأَرْضُ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ جِهَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَارُ أَحَدٍ فِي يَدِ آخَرَ مَثَلًا. أَذِنَ صَاحِبُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرِ السَّاكِنَ فِيهَا بِتَعْمِيرِ حَائِطِهَا وَسَقْفِهَا عَلَى أَنْ يَحْسِبَ مَصْرُوفَ ذَلِكَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّارِ فَعَمَّرَهَا. فَلِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْقَلْعُ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالدَّارِ أَنْ يَقْلَعَ وَيَرْفَعَ مَا بَنَاهُ وَعَمَّرَهُ وَأَنْ يَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ (التَّنْقِيحُ) . وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى احْتِرَازِيٌّ: فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ جِذْعًا وَأَدْخَلَهُ فِي الْبِنَاءِ الَّذِي أَنْشَأَهُ أَيْ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ زَالَ مِلْكُ الْمَالِكِ وَلَزِمَتْ الْقِيمَةُ الْغَاصِبَ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا إذَا أَرَادَ الْغَاصِبُ نَقْضَ الْبِنَاءِ وَرَدَّ الْجِذْعَ عَلَى حَالِهِ الْأَصْلِيِّ فَيُنْظَرُ. فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَدَلِهِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ حَكَمَ بِبَدَلِهِ بَعْدُ جَازَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ رَدُّ الْمَغْصُوبِ بِنَقْضِ الْبِنَاءِ وَكَانَ حَلَالًا. إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَلَا حَلَالًا لِأَنَّ فِي هَذَا تَضْيِيعًا لِلْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ مَعَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ) . رَجُلٌ غَصَبَ سَاجَةً وَأَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَلَّكُ السَّاجَةَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ السَّاجَةِ وَالْبِنَاءِ سَوَاءً فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِمَا وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا لَهُمَا (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ خَيْطًا لِآخَرَ وَخَاطَ بِهِ ثِيَابَهُ ضَمِنَ بَدَلَ الْخَيْطِ. وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الثِّيَابِ وَاسْتِرْدَادُ الْخَيْطِ (الْجَوْهَرَةُ) .

فِي الْحَالِ، يَلْزَمُ الْقَلْعُ فِي الْحَالِ وَلَا حَقَّ لِلْغَاصِبِ فِي الِاسْتِمْهَالِ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي مَوْسِمِ الصَّيْفِ قَلْعَ الْغِرَاسِ الَّتِي زَرَعَهَا الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَاسْتَمْهَلَهُ الْغَاصِبُ إلَى الرَّبِيعِ لِيَزْرَعَهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ فَلَا يُمْهَلُ مَا لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْغِرَاسَ بِرِضَاهُ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . 3 - يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَبَى الْغَاصِبُ قَلْعَهَا وَرَفْعَهَا وَغَابَ رَاجَعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْحَاكِمَ وَحَصَلَ مِنْهُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْقَلْعِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَئُونَةَ الْقَلْعِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَقْلَعُهَا بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَئُونَةِ وَتُسَلَّمُ الْأَنْقَاضُ وَالْأَشْجَارُ الْمَقْلُوعَةُ لِلْغَاصِبِ وَمَئُونَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْغَاصِبِ (الْبَهْجَةُ) وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكْسِرَ أَشْجَارَ الْغَاصِبِ وَلَبِنِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ) . 4 - بِالْقَلْعِ، لُزُومُ الْقَلْعِ وَالرَّدِّ نَاشِئٌ عَمَّا يَأْتِي: فَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعِرْقِ الظَّالِمِ حَقٌّ وَثُبُوتُ وَصْفِ الْعِرْقِ بِالظُّلْمِ مَجَازٌ مِنْ قَبِيلِ صَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ لَيْلَهُ (الزَّيْلَعِيّ) بِتَنْوِينِ عِرْقٍ ظَالِمٍ وَهُوَ الَّذِي يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ الِاغْتِصَابِ وَقَدْ رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ أَيْ لَيْسَ لِعِرْقٍ غَاصِبٍ ثُبُوتٌ بَلْ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ الْأَرْضُ غَيْرَ مُسْتَهْلَكَةٍ فَحَقُّ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَاقٍ فِيهَا وَحَيْثُ إنَّهُ يَجِبُ لِتَمَلُّكِ الْأَرْضِ سَبَبٌ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا السَّبَبُ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ فِي هَذَا كَمَا يُؤْمَرُ الشَّخْصُ الَّذِي يَضَعُ شَيْئًا فِي إنَاءِ آخَرَ وَيَشْغَلُهُ بِتَفْرِيغِ الْإِنَاءِ (الْهِدَايَةُ) . تَفْرِيعُ الْمَسَائِلِ: يَتَفَرَّعُ عَنْ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ بَنَى أَحَدٌ بِنَاءً فِي مَحِلٍّ مَخْصُوصٍ لِكَيْ يَضَعَ فِيهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مَرْكَبَاتِ النَّقْلِ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي وَطَلَبُ قَلْعِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ بِنَاءً فِي الْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَلِذَلِكَ الْآخَرِ تَقْسِيمُ الْعَرْصَةِ وَقَلْعُ مَا يَبْقَى فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُهُ ذَلِكَ وَالْمُدَاخَلَةُ فِي الْبِنَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُ وَرَفْعُ الْبِنَاءِ مُضِرًّا بِالْعَرْصَةِ (الْبَهْجَةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . رَجُلٌ قَلَعَ تَالَّةً مِنْ أَرْضِ رَجُلٍ وَغَرَسَهَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَكَبُرَتْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَّةِ يَوْمَ قَطْعِهَا وَيُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ كَانَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ الْمَقْطُوعَةِ (الْخَانِيَّةُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لُزُومَ قَلْعِ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَمْ أَقَلَّ وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فَعَلَيْهِ إذَا رُوعِيَتْ مَنْفَعَةُ الْجَانِي الَّذِي ارْتَكَبَ أَمْرًا غَيْرَ مَشْرُوعٍ فِي الْخُصُوصِ الَّذِي جَنَى فِيهِ فَأَعْطَى لِلْغَاصِبِ حَقَّ تَمَلُّكِ الْعَرْصَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ بِنَائِهِ تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ حِرْصًا عَلَى عَدَمِ ضَيَاعِ حَقِّ

الْغَاصِبِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْعَدْلِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ قَلْعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَدًّا لِبَابِ - الظُّلْمِ، وَيُفْهَمُ مِنْ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ أَيْ قَوْلَ لُزُومِ الْقَلْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الْعَيْنِيُّ) . إنَّ إيقَاعَ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ الْحَالِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (902) فَهِيَ اضْطِرَارِيَّةٌ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (902) (التَّنْقِيحُ) . وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ تَفْصِيلَاتِهَا اللَّازِمَةِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ التَّنْقِيحِ. وَقَدْ أَتْبَعَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْأَقَلَّ الْأَكْثَرَ. إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَقَلَّ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ فَكَمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَيَتَمَلَّكَهُ فَلِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَيْضًا أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكَهَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَقَلَّ إلَّا أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ قَدْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْإِفْتَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. مُسْتَثْنَى مِنْ الِاخْتِلَافِ: إنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَارَّ الذِّكْرَ يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَغْصُوبَةُ مِلْكَهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا فَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ مُطْلَقًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا كَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ إذَا كَانَ يَحْدُثُ بِسَبَبِ الْقَلْعِ أَيُّ نُقْصَانٍ فَاحِشٍ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُفْسِدُهَا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ضَبْطُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَإِعْطَاءُ قِيمَتِهَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَلْعِ. وَلَيْسَ رِضَاءُ الْغَاصِبِ فِي هَذَا شَرْطًا. لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَنْفَعَةً لِلِاثْنَيْنِ كَمَا أَنَّهُ فِيهَا دَفْعُ الْمَضَرَّةِ عَنْهُمَا (الْهِدَايَةُ) . لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ لَمَّا كَانَا مَالَيْنِ لِلْغَاصِبِ فَعَدَمُ إعْطَائِهِمَا لِلْغَاصِبِ إضْرَارٌ بِهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا أَنَّ فِي قَلْعِهِمَا وَتَسْلِيمِهِمَا ضَرَرًا يَلْحَقُ صَاحِبَ الْمَالِ أَيْ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَحَيْثُ إنَّ الضَّرَرَ مَمْنُوعٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (19) فَهُوَ لِذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ (الْعَيْنِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - إذَا كَانَ مُضِرًّا، هَذِهِ الْعِبَارَةُ قَدْ فُسِّرَتْ أَثْنَاء الشَّرْحِ بِالضَّرَرِ الْفَاحِشِ. لِأَنَّهُ إذَا فُهِمَ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْأَرْضَ ضَرَرٌ قَلِيلٌ بِسَبَبِ الْقَلْعِ تُقْلَعُ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ وَيَلْزَمُ رَدُّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ لِصَاحِبِهَا. وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - مُسْتَحَقًّا لِلْقَلْعِ، وَلُزُومُ هَذِهِ الْقِيمَةِ نَاشِئٌ عَمَّا يَأْتِي: لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقُّ الْقَرَارِ يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ إبْقَاءِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ. فَعَلَيْهِ لَا تَلْزَمُ قِيمَتُهُمَا قَائِمَيْنِ (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) إذَا أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ شَجَرًا فَالْحُكْمُ هَكَذَا كَمَا أُوضِحَ فِي الْمَادَّةِ (531) وَشَرْحِهَا. 4 - يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا لِلْأَرْضِ بِأَنْ يَرْضَى الضَّرَرَ لِنَفْسِهِ فَيَقْلَعَ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ وَلَا يَتَمَلَّكُهَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَلْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لِأَنَّ إعْطَاءَ حَقِّ التَّمَلُّكِ مِنْهُ كَانَ وِقَايَةً لَهُ مِنْ الضَّرَرِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ:

الْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى: إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَكَانَ الَّذِي أَنْشَأَ الْأَبْنِيَةَ أَوْ غَرَسَ الشَّجَرَ أَنْشَأَهَا بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مَوْجُودٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ لَهُ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْطِي صَاحِبُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكُهَا حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِذَلِكَ التَّمَلُّكِ، وَيُوجَدُ بِهَذَا التَّمَلُّكِ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ زَائِدَةً عَنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ زَائِدَةً انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَرْصَةِ وَانْقَلَبَ إلَى الْقِيمَةِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ صَاحِبُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ حَقَّ تَمَلُّكِهِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهُ وَرَضِيَ بِقَلْعِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَرَدَّ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِهَا يُنْظَرُ فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَاصِبِ بِإِعْطَاءِ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ تِلْكَ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَمْ يَصْدُرْ فَلَهُ الرَّدُّ قَبْلَ لُحُوقِ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ (الْهِنْدِيَّةُ والشرنبلالي) . الشَّرْطُ الثَّانِي: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إنْشَاءُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَغَرْسُ تِلْكَ الْأَشْجَارِ مُسْتَنِدًا إلَى زَعْمٍ شَرْعِيٍّ بِكَوْنِ تِلْكَ الْأَرْضِ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ يَلْزَمُ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الثَّانِي يَرْجِعُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ إلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. قِيلَ إذَا كَانَتْ زَائِدَةً. لِأَنَّهُ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ مَعَ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ كَأَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ مَالِ الْآخَرِ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَاهُمَا مَعًا وَيَقْتَسِمَا الثَّمَنَ بِالتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فَبِهَا وَإِلَّا فَتُبَاعُ الْعَرْصَةُ مَعَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ بَنَى أَحَدٌ أَبْنِيَةً عَلَى عَرْصَةٍ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ وَصَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْعَرْصَةِ مُسْتَحِقٌّ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ وَيَضْبِطَهَا وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ. وَتَحْتَاجُ عِبَارَةُ (وَصَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا إلَخْ.) فِي هَذَا الْمِثَالِ إلَى الْإِيضَاحِ. وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ هِيَ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ مَا صَرَفَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا إلَّا أَنَّ الْأَبْنِيَةَ كَلَّفَتْ صَاحِبَهَا سِتِّينَ دِينَارًا فَلَا يُعَدُّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عِبَارَةِ (صَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا) هُوَ النُّقُودُ الَّتِي تُصْرَفُ عَلَى الْبِنَاءِ وَتَكُونُ مُعَادِلَةً لَقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْحَقِيقِيَّةِ. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فِيمَا إذَا زَعَمَ أَنَّ الْغَصْبَ الْوَاقِعَ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ لَهُ كَمَا أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَا يَكُونُ سَبَبًا شَرْعِيًّا يَصِحُّ فِيهِ الزَّعْمُ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (531) لَكِنْ هَلْ يَكُونُ الِابْتِيَاعُ وَالِاتِّهَابُ وَقَبُولُ الصَّدَقَةِ سَبَبًا شَرْعِيًّا؟ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً مِنْ آخَرَ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً وَبَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَادَّعَاهَا وَأَثْبَتَهَا وَضَبَطَهَا فَهَلْ يَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ؟ الزَّعْمُ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ مِنْ أَضْدَادِ الْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا أَوْ كَذِبًا.

مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالْإِرْثِ الَّذِي ذُكِرَ مِثَالًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1248) إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ ثَلَاثُ مَسَائِلَ تُخَالِفُ ذَلِكَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ وَلْنُبَادِرْ إلَى ذِكْرِهَا. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ بَاعَتْ هِنْدٌ الْأَرْضَ بِحُدُودِهَا مِنْ زَيْدٍ فَأَنْشَأَ زَيْدٌ بِنَاءً مُرْتَفِعًا وَادَّعَتْ زَيْنَبُ جَارَتُهُ بَعْدَ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ أَنَّ الْأَرْضَ هِيَ لَهَا وَكَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلِزَيْنَبِ أَنْ تَجْعَلَ زَيْدًا يَهْدِمُ الْبِنَاءَ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَاهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ فِي الْغَصْبِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا وَبَعْدَ أَنْ أَنْشَأَ فِيهَا بِنَاءً ضَبَطَ نِصْفَهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى نَقْضِ الْبِنَاءِ، الْأَغْلَبُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَقَلَّ (الشَّارِحُ) وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ أَنْقَاضَ بِنَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ إذْ يَأْخُذْ الْمُشْتَرِي الْأَنْقَاضَ بِرِضَاهُ يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَ بَائِعَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَنْقَاضَ لِلْبَائِعِ وَضَمِنَ الْبَائِعُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) . وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اثْنَيْنِ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي بِنَقْضِ بِنَائِهِ كَمَا مَرَّ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ دَارًا مِنْ الْغَاصِبِ وَهَدَمَهَا وَأَدْخَلَهَا فِي دَارِهِ وَحَضَرَ مَالِكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْبِنَاءُ قَلِيلًا وَكَانَ رَفْعُهُ مُتَيَسِّرًا يُرْفَعُ وَتُرَدُّ إلَى مَالِكِهَا وَإِذَا كَانَ كَثِيرًا وَرَفْعُهُ مُتَعَذَّرًا وَيَمْتَدُّ الزَّمَانُ فِي رَفْعِهِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ طَلَبَ رَفْعَهُ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ وَتَرَكَهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْأَرْضِ مَعَ الْبِنَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ: إذَا أَنْشَأَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَبْنِيَةً أَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، رَدِّ الْأَرْضِ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ أَوْ قَلْعِ الْأَشْجَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَلَعَلَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى الْمَنْقُولَةَ عَنْ أَبِي السُّعُودِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي أَنْ تُهْدَمَ وَتُقْلَعَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْهَدْمُ وَالْقَلْعُ مُضِرَّيْنِ بِالْأَرْضِ فَإِنْ كَانَا مُضِرَّيْنِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْشَاءُ وَالْغَرْسُ بِزَعْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ بِلَا زَعْمٍ. الْقَوْلِ الثَّالِثِ، أَنْ يُقْلَعَ الشَّجَرُ وَيُهْدَمَ الْبِنَاءُ إذَا كَانَ قَلْعُهُمَا وَهَدْمُهُمَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ قَلْعُهُمَا وَهَدْمُهُمَا مُضِرَّيْنِ بِالْأَرْضِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقُّ تَمَلُّكِهِمَا وَأَنْ يَتْبَعَ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِيمَا إذَا حَصَلَ الْإِنْشَاءُ أَوْ الْغَرْسُ بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِنُبَادِرْ إلَى بَيَانِ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ فِي حَقِّ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ: إنَّ الْأَرْضَ لَخَمْسَةُ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ. كَالْعَرْصَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِشَخْصٍ، وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ، وَالْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ. وَهَذَا الْقِسْمُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: هُوَ الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ وَبَيْنَ آخَرَ. وَحُكْمُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1173) فَلْيُرَاجَعْ هُنَاكَ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ لِلْبَانِي وَالْغَارِسِ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ حِصَّةٌ مَا، وَأَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْغَيْرِ وَفِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ الْوَاقِعَيْنِ فِي هَذَا أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، أَنْ يَبْنِيَ أَحَدٌ أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا لِنَفْسِهِ بِأَمْرِ مَالِك الْأَرْضِ وَإِذْنِهِ وَالْإِذْنُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ إجَارَةً وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (531) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إعَارَةً وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (83) . الْوَجْهُ الثَّانِي، أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَغْرِسَ أَحَدٌ بِأَمْرِ وَإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَبْنِيَةً أَوْ أَشْجَارًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1508) وَهُوَ أَنَّ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ تَكُونُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مِلْكًا لِمَالِكِ الْأَرْضِ، وَالْمَأْمُورُ يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَا صَرَفَهُ. فَلَوْ عَمَّرَ أَحَدٌ دَارَ زَوْجَتِهِ بِأَمْرِهَا وَإِذْنِهَا مِنْ مَالِهِ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لِلزَّوْجَةِ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ تَأْدِيَةُ الزَّوْجِ مَصْرُوفَاتِهِ عَلَى عِمَارَةِ الدَّارِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهَا وَقَدْ صَحَّ أَمْرُهَا بِذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ الْفِعْلُ إلَيْهَا وَتَكُونُ كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي عَمَّرَتْهُ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهَا وَهُوَ غَيْرُ مَقْطُوعٍ فِي الِاتِّفَاقِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا لِصِحَّةِ أَمْرِهَا كَالْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ، أَنْ يَبْنِيَ أَحَدٌ بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ شَجَرًا فِي الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا بِدُونِ إذْنِهِ، وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ لِلْمَالِكِ وَذَلِكَ الشَّخْصُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا صَرَفَهُ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1508) (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) . مَثَلًا لَوْ عَمَّرَ أَحَدٌ دَارَ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْوَاقِعَةُ مَالًا لِلزَّوْجَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا صَرَفَهُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لَهُ فِي إيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَقَدْ مَلَّكَتْهُ هِيَ بِرِضَاهُ فَكَانَ مُتَبَرِّعًا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يَغْرِسَ أَحَدٌ شَجَرًا أَوْ يَبْنِيَ أَبْنِيَةً لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِ الْأَرْضِ وَحُكْمُ ذَلِكَ وَإِنْ فُصِّلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا فَقَدْ رُئِيَ إيرَادُ مِثَالٍ وَاحِدٍ اطِّرَادًا لِلْبَابِ. كَمَا لَوْ عَمَّرَ أَحَدٌ دَارَ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا لِنَفْسِهِ كَانَتْ الْعِمَارَةُ الْوَاقِعَةُ لَهُ لِأَنَّ اللَّوَازِمَ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْبِنَاءِ هِيَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ مِلْكِهِ بِدُونِ رِضَاهُ فَتَكُونُ مَلَكِيَّتُهُ بَاقِيَةً فِي اللَّوَازِمِ الْمَذْكُورَةِ وَيَكُونُ غَاصِبًا لِلْعَرْصَةِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُرْفَعُ الْبِنَاءُ بِطَلَبِ الزَّوْجَةِ وَادِّعَائِهَا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ. وَهِيَ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: هِيَ الْأَرْضُ الْأَمِيرِيَّةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ وَبَيْنَ آخَرَ، وَحُكْمُ هَذِهِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1173) . مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ غَرَسَ فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِالِاشْتِرَاكِ فِيهَا أَبْنِيَةً. وَأَشْجَارًا فُضُولًا لِنَفْسِهِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ رَفْعَهَا فَإِذَا لَمْ تَكُنْ قَابِلَةَ الْقِسْمَةِ أَوْ كَانَتْ قَابِلَةَ الْقِسْمَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ التَّقْسِيمَ تُرْفَعُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ أَمَّا لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ التَّقْسِيمَ وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَرَاضِي قَابِلَةَ التَّقْسِيمِ فَتُقَسَّمُ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةُ. لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَتْ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ الْأَشْجَارَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَطَلَ حَقُّ الْبَانِي وَالْغَارِسِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا قَسَّمَ فَيَكُونُ قَدْ حَافَظَ عَلَى حَقِّهِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ. وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا يَشَاءُ. أَمَّا الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ ذِي الْحِصَّةِ الْآخَرِ فَيُقْلَعُ وَيُرْفَعُ بِطَلَبِهِ. كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي قِسْمٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ أَبْنِيَةً فَتُقَسَّمُ تِلْكَ الْأَرَاضِي بِالطَّلَبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. فَإِذَا أَصَابَتْ الْأَبْنِيَةُ حِصَّةَ الْبَانِي فِيهَا وَإِلَّا فَتُقْلَعُ. يَعْنِي لَوْ بَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِهَا بِسَنَدِ طابو وَقُسِّمَتْ الْأَرَاضِي بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخِرِ وَخَرَجَ الْبِنَاءُ فِي حِصَّةِ الْبَانِي كَانَ الْبِنَاءُ لَهُ أَيْ لِلْبَانِي. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فِي تَصَرُّفِ شَخْصٍ مُسْتَقِلًّا وَلَيْسَ بِالِاشْتِرَاكِ فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ تَجْرِي فِيهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ الْمُبَيَّنَةُ هِيَ وَأَحْكَامَهَا آنِفًا. وَلْنُبَيِّنْ الْآنَ الْوُجُوهَ الْأَرْبَعَةَ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنْ يَبْنِيَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ بِإِذْنِ الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا بِنَاءً أَوْ يَغْرِسَ فِيهَا أَشْجَارًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْإِذْنُ إمَّا إجَارَةً. وَيُسْتَفَادُ حُكْمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (531) . وَإِمَّا إعَارَةً وَحُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (831) . الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ لِلْمُتَصَرِّفِ فِي الْأَرْضِ بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا وَقَدْ وَرَدَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1508) وَعَلَيْهِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِإِذْنِهِ هُمَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَلِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآمِرِ أَيْ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِمَا أَنْفَقَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يَغْرِسَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ لِلْمُتَصَرِّفِ فِيهَا بِنَاءً أَوْ غَرْسًا بِدُونِ إذْنِهِ. وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ لِلْمُتَصَرِّفِ فِي الْأَرْضِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُتَبَرِّعًا فِي مَصْرُوفَاتِهِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُنْشِئَ أَحَدٌ أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا فِي الْأَرْضِ لِنَفْسِهِ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا، وَحُكْمُ ذَلِكَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ، الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ بِطَلَبِ الْمُتَصَرِّفِ إنْ كَانَ الْقَلْعُ وَالرَّفْعُ غَيْرَ مُضِرَّيْنِ بِالْأَرْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ أَوْ أَنْقَصَ أَوْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً، إلَّا إذَا أُحْدِثَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَيَتْبَعُ فِي هَذِهِ الْحَالِ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْأَرْضُ الْمَوْقُوفَةُ. تَكُونُ الْأَبْنِيَةُ أَوْ الْأَشْجَارُ الَّتِي يَصِيرُ إحْدَاثُهَا فِيهَا عَلَى خَمْسَةِ وُجُوهٍ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَبْنِيَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا بِمَالِ الْوَقْفِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ، فَتَكُونُ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْوَقْفِ سَوَاءٌ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي حِينَ الْإِنْشَاءِ بِأَنَّهَا لِلْوَقْفِ أَمْ لَمْ يُصَرِّحْ وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ. الْوَجْهُ الثَّانِي، أَنْ يُنْشِئَ الْمُتَوَلِّي أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا بِمَالِهِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهَا، تَكُونُ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ لِلْوَقْفِ إذَا أَطْلَقَ حِينَ الْغَرْسِ وَالْإِنْشَاءِ أَوْ صَرَّحَ بِكَوْنِهَا لِلْوَقْفِ أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِكَوْنِهَا لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ حِينَ الْإِنْشَاءِ أَوْ الْغَرْسِ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ هَذَا الْمُتَوَلِّي قَدْ غَصَبَ أَرْضَ الْوَقْفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى) . وَإِذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي الَّذِي بَنَى بِمَالِهِ هُوَ الْوَاقِفُ فَيَكُونُ الْبِنَاءُ مَالًا لَهُ أَيْضًا وَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى كَوْنِهِ قَدْ بَنَاهُ لِنَفْسِهِ، وَيَكُونُ قَدْ اغْتَصَبَ عَرْصَةَ الْوَقْفِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُنْشِئَ أَحَدٌ أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا بِأَمْرِ الْمُتَوَلِّي. وَإِذْنِهِ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَقْفِ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ لِلْوَقْفِ وَلِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ بِمَصْرُوفَاتِهِ عَلَى الْمُتَوَلِّي. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُنْشِئَ أَحَدٌ أَبْنِيَةً لِلْوَقْفِ بِدُونِ أَمْرِ الْمُتَوَلِّي أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا لَهُ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُتَبَرِّعًا بِتِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ لِلْوَقْفِ فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَقْفِ بِمَا صَرَفَهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ، قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (530) أَنَّهُ إذَا غَيَّرَ أَحَدٌ الْوَقْفَ عَنْ حَالِهِ الْأَصْلِيِّ أُبْقِيَ هَذَا التَّغْيِيرُ إذَا كَانَ نَافِعًا لِلْوَقْفِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ نَافِعًا لَهُ فَيَرْجِعُ إلَى حَالِهِ الْأَصْلِيِّ وَيُعَزَّرُ الْمُغَيِّرُ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يَبْنِيَ أَحَدٌ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي أَبْنِيَةً أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ مُصَرِّحًا بِأَنَّهَا لِنَفْسِهِ أَوْ مُطْلِقًا ذَلِكَ أَيْ لَمْ يَذْكُرْ كَوْنَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْوَقْفِ، فَتَكُونُ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَوَلِّي وَالشَّخْصُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُتَوَلِّي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَنْشَأَهُ لِلْوَقْفِ. وَإِذَا احْتَرَقَ الْوَقْفُ الْمُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ وَبَنَاهُ الْمُتَصَرِّفُ مُحَدَّدًا كَانَ هَذَا الْبِنَاءُ مَالًا لِلْمُتَصَرِّفِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ لِلْوَقْفِ. لَوْ كَانَ قَدْ كُتِبَ فِي سَنَدِ التَّصَرُّفِ أَنَّ كُلَّ مَا يُبْنَى تَبَرُّعٌ لِلْوَقْفِ فَلَا يَكُونُ تَبَرُّعًا. لِأَنَّ التَّبَرُّعَ حَقٌّ لِلطَّرَفِ الْمُتَبَرِّعِ. وَلَيْسَ حَقًّا لِلْمُتَبَرَّعِ لَهُ. وَإِذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ هَذَا الْبِنَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الْبِنَاءُ مَوْرُوثًا لِلْوَرَثَةِ الشَّرْعِيِّينَ وَذَوِي الْأَرْحَامِ أَيْضًا. وَلَا يَعُودُ لِجَانِبِ الْوَقْفِ مَحْلُولًا. وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ بِالنَّظَرِ إلَى الْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ عِنْدَ نِظَارَةِ الْأَوْقَافِ يُعَدُّ مَحْلُولًا وَيُضْبَطُ. وَمَعَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إذْ لَا يَرْضَى بِهِ الْوَاقِفُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ اغْتِصَابًا لِحُقُوقِ الْأَيْتَامِ، وَالْعِبَادِ. وَإِذَا فُوِّضَ هَذَا الْبِنَاءُ لِآخَرَ بِدَاعِي أَنَّهُ مَحْلُولٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا وَآثِمًا. عَلَى أَنَّ وُقُوعَ أَحْوَالٍ كَهَذِهِ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُرَاعَى فِيهَا الْمَسَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَحْضَةُ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ جِدَّ الْأَسَفِ.

يَكُونُ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي الَّذِي يُنْشِئُ أَوْ يَغْرِسُ فِي عَرْصَةٍ لَوَقْفٍ غَاصِبًا لِتِلْكَ الْعَرْصَةِ سَوَاءٌ أَبُيِّنَ فِي هَذَا الْوَجْهِ الْخَامِسِ أَوْ فِي النَّوْعِ الثَّانِي أَشْهَدَ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ وَلِنَفْسِهِ أَمْ لَا، وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ تُقْلَعُ. مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ تَغَلُّبًا فِي الْعَرْصَةِ الْمُعَدَّةِ لِدَفْنِ الْمَوْتَى وَاَلَّتِي هِيَ حَرِيمٌ لِمَدْرَسَةٍ بِنَاءً فَلِمُتَوَلِّي تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ قَلْعُ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْقَلْعُ غَيْرَ مُضِرٍّ بِهَا. كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ شَخْصٌ تَغَلُّبًا بِنَاءً عُلْوِيًّا عَلَى سَطْحِ دُكَّانٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ شَخْصٍ آخَرَ بِالْإِجَارَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا بِنَاءٌ عُلْوِيٌّ مِنْ الْقَدِيمِ بِدُونِ إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِيهِ يُهْدَمُ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ هَدْمُهُ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْوَقْفِ، وَلِلْمُتَصَرِّفِ مَعَ الْمُتَوَلِّي طَلَبُ هَدْمِ الْبِنَاءِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُسْتَحَقَّةِ الْقَلْعِ وَقِيمَتُهَا قَائِمَةٌ لَلَبَّانِي وَالْغَارِسِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَلَّةٌ لِلْوَقْفِ تُؤَجَّرُ الْأَبْنِيَةُ وَتُؤَدَّى الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ، إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ لَزِمَ صَاحِبَهَا التَّرَبُّصُ إلَى أَنْ تَتَخَلَّصَ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي أَقْلَعُ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ وَآخُذُهَا. كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي أَبْنِيَةً عَلَى الْعَرْصَةِ لِوَقْفٍ وَكَانَ قَلْعُهَا مُضِرًّا بِالْوَقْفِ فَطَلَبَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَخْذَ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً وَلَمْ يَقْبَلْ الْبَانِي إعْطَاءَهَا فَلِلْبَانِي أَنْ يَتَرَبَّصَ لِحِينِ خَلَاصِ بِنَائِهِ مِنْ الْعَرْصَةِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ قَلْعِهِ (الْبَهْجَةُ) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْأَرَاضِي الْمَتْرُوكَةُ، كَالطَّرِيقِ الْعَامِ، وَالْمُصَلَّى، وَالْمَرْعَى الْعَامِ، وَالْمُحْتَطَبِ، وَالْمَقْبَرَةِ، وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْأَرَاضِي لَيْسَ لَهُ مَالِكٌ مَخْصُوصٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَإِعْطَاءُ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ أَوْ إعْطَاءُ مَجْمُوعِهِمْ إذْنًا بِالْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا عَلَى صُورَةٍ غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا لَا يُجِيزُ ذَلِكَ. يَلْزَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ رَفْعُ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي عَلَيْهَا وَقَلْعُهَا وَإِعَادَتُهَا إلَى حَالِهَا السَّابِقَةِ. مَثَلًا لَوْ بَنَى أَحَدٌ لِأَهَالِي قَرْيَةٍ مَحِلًّا لِوَضْعِ عَرَبَاتِ النَّقْلِ فَلِأَهَالِيِهَا أَنْ يُرَاجِعُوا الْحَاكِمَ وَيَقْلَعُوا الْبِنَاءَ (الْبَهْجَةُ) وَلَا تَجْرِي فِي ذَلِكَ مَسْأَلَةُ إتْبَاعِ الْأَقَلِّ الْأَكْثَرَ كَمَا تَجْرِي فِي صُورَةِ الْإِنْشَاءِ بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، كَذَلِكَ لَا تَجْرِي قَاعِدَةُ إعْطَاءِ صَاحِبِ الْبِنَاءِ قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ مُسْتَحَقَّةِ الْقَلْعِ إذَا كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ. الْقِسْمُ الْخَامِسُ: الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ، وَلَمَّا كَانَ لَيْسَ لِلْأَرَاضِيِ الْمَذْكُورَةِ مَالِكٌ مَخْصُوصٌ، بِذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ بِإِذْنِ مَالِكِهَا فَلَا حُكْمَ لِإِذْنِ أَحَدِ الْأَفْرَادِ أَوْ مَجْمُوعِهِمْ وَيَلْزَمُ إذْنٌ سُلْطَانِيٌّ لِإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ غَرْسِ الْأَشْجَارِ فِيهَا. وَعَلَيْهِ إذَا غَرَسَ أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ غَرْسًا أَوْ شَجَرًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً كَانَ ذَلِكَ إحْيَاءً لِتِلْكَ الْأَرْضِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1275) 0 وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ عَمِلَ أَحَدٌ ذَلِكَ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1271) كَانَ ذَلِكَ

(المادة 907) غصب أحد عرصة آخر وزرعها ثم استردها صاحبها

الْفَاعِلُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ أَوْ لِحَقِّ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حَقُّ إبْقَاءِ الْبِنَاءِ. أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ دُونِ إذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَلَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ. وَلَيْسَ لِلْقَصْرِ الْمُنْشَأِ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ حَرِيمٌ. وَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ الْمَحِلَّ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ الْقَصْرَ فَقَطْ وَلَا يَمْلِكُ أَطْرَافَهُ. مَا لَمْ تَكُنْ أَطْرَافُهُ قَدْ أُحْيِيَتْ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (1275) مِنْ الْمَجَلَّةِ مَعَ الْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ. وَهَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي فِي حَقِّ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ هِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. [ (الْمَادَّةُ 907) غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا] (الْمَادَّةُ 907) - (لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا يُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى زِرَاعَتِهِ كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ مُسْتَقِلًّا الْعَرْصَةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُشْتَرِكًا مَعَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ فَبَعْدَ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَرْصَةِ يُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى زِرَاعَتِهِ) . يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيمَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ أَرْضَ غَيْرِهِ الْمَمْلُوكَةَ وَزَرَعَهَا: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ الْمَزْرُوعَاتُ قَدْ أُدْرِكَتْ أَيْ أَنْ تَكُونَ قَدْ حَانَ وَقْتُ حَصَادِهَا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَرْفَعَ الْمَزْرُوعَاتِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ وَيَسْتَرِدَّ أَرْضَهُ فَقَطْ. وَلَا دَخَلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالْمَزْرُوعَاتِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْمَزْرُوعَاتِ هِيَ لِي وَإِنَّ لِي حَقًّا كَذَا حِصَّةً فِيهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي أَرْضِهِ حِنْطَةً فَقَلَّبَ آخَرُ تِلْكَ الْأَرْضَ تَغَلُّبًا وَزَرَعَ حِنْطَةً ثُمَّ نَبَتَتْ الْحِنْطَتَانِ اثْنَتَاهُمَا وَأُدْرِكَتَا كَانَ الزَّرْعُ جَمِيعُهُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ حِنْطَتَهُ مَزْرُوعَةً فِي أَرْضِهِ (الْبَهْجَةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) لِأَنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِهْلَاكٌ. فَتَقُومُ الْأَرْضُ وَلَا بَذْرَ فِيهَا وَتَقُومُ وَفِيهَا بَذْرٌ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْبَذْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَلْقَى بَذْرَ نَفْسِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ الْبَذْرُ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبَذْرُ كُلُّهُ فَجَمِيعُ مَا يَنْبُتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ الْغَصْبِ وَفِيهَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ) . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اسْتَرَدَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ وَكَانَ قَدْ تَرَتَّبَ نُقْصَانٌ عَلَى زِرَاعَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَرْضَ إذْ إنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِبَعْضِ الْعَقَارِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الْحَاصِلَ وَإِذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الزَّرْعِ عَنْ الْقَلْعِ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . فَلَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ قُطْنًا وَكَرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْأَرْضَ وَزَرَعَ فِيهَا شَيْئًا آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ ضَمَانٌ مَا لِأَنَّ الْمَالِكَ إنَّمَا قَدْ أَتَى فِعْلًا سَيَعْمَلُهُ الْقَاضِي مَتَى رُفِعَ إلَيْهِ الْأَمْرُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَهَلْ يَكُونُ هَذَا الزَّرْعُ حَلَالًا لِلْغَاصِبِ: أَمَّا تَحْلِيلُ الزَّرْعِ لِلْغَاصِبِ فَيَلْزَمُ لَهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْغَاصِبُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى بِذَارِهِ الَّذِي هُوَ

رَأْسُ مَالِهِ، وَمَصْرُوفَاتُهُ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَضْمَنُهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَكُونُ سَبِيلَهُ التَّصَدُّقُ إذْ الْفَرْعُ يَحْصُلُ عَلَى وَصْفِ الْأَصْلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فَنَتَجَ مِنْهَا أَرْبَعُ كَيْلَاتٍ وَكَانَ مَا صَرَفَهُ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ بِذَارٍ، وَكِيلَةَ مَئُونَة لِلزِّرَاعَةِ، وَكِيلَةً لِصَاحِبِ الْأَرْضِ نُقْصَانُ أَرْضِهِ فِيمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ صَرَفَ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْكَيْلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِتِلْكَ - الزِّيَادَةِ. لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَمِلْكِهِ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ مِنْ الْفَائِتِ يُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَالْمَضْمُونَاتُ تُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْغَصْبُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ إذْ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْمَزْرُوعَاتُ ظَاهِرَةً أَيْ نَابِتَةً لَمْ تُدْرَكْ بَعْدُ. لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَلْعُ مَعَ تَضْمِينِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَاسْتِرْدَادِهِ الْأَرْضَ أَيْضًا. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبْقِيَ زَرْعَهُ إلَى إدْرَاكِهِ بِدُونِ رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْ لَا يُقَاسُ هَذَا الْخُصُوصُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (526) وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (832) (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَحُصُولُ النُّقْصَانِ فِي الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَاشِئٌ عَنْ ضَعْفِ الْأَرْضِ عَنْ إعْطَائِهَا مَحْصُولًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِسَبَبِ قَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: كَوْنُ الْبِذَارِ لَمْ يَنْبُتْ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَصْبِرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَنْبُتَ الْبِذَارُ، وَمِنْ ثَمَّ تَرَى الْمُعَامَلَةَ عَلَى وَجْهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الْمَحْصُولَ ثُمَّ يَسْتَرِدُّ أَرْضَهُ أَيْ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى: أَوْ يَضْمَنَ لَهُ بِذَارَهُ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَبْقَى الْبِذَارُ لَهُ. وَيُعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ بِذَارِ الْغَاصِبِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ إذَا أُدْرِكَ الزَّرْعُ كَانَتْ حَاصِلَاتُهُ لَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ وَمَبْذُورَةً فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ مِثْلَ الْبِذَارِ الَّذِي بَذَرَهُ الْغَاصِبُ بَقِيَ الْبِذَارُ الْمَبْذُورُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَبْذُورًا وَقَدْ أُفْتِيَ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. إلَّا أَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِمُوجِبِ مَذْهَبِ هَذَا الْإِمَامِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الْمُخْتَارُ فَهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا تَكُونُ عَائِدَةً إلَى الْوَقْفِ أَوْ إلَى الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ عَائِدَةً إلَيْهِ مَا، فَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ وَاسْتَعْمَلَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَنُقْصَانِ السُّكْنَى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (596) (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .

(المادة 908) إذا كرب أحد أرض آخر غصبا ثم استردها

وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَمْلُوكَةَ وَالْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ مُسْتَقِلًّا بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَأَخَذَ مَحْصُولَاتِهَا عِنْدَ إدْرَاكِهَا وَتَرَتَّبَ نُقْصَانٌ عَلَى زِرَاعَتِهِ فَلِلشَّرِيكِ عِنْدَ أَخْذِهِ حِصَّتَهُ فِي الْأَرْضِ أَيْ اسْتِرْدَادِهِ إيَّاهَا تَضْمِينُهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى زِرَاعَتِهِ إيَّاهَا، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ حَسْبَ عُرْفِ الْبَلَدِ وَالِاشْتِرَاكُ مَعَهُ بِالْمَحْصُولِ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ قَلْعَ الزَّرْعِ تُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ وَيُقْلَعُ الْمِقْدَارُ الْبَاقِي فِي حِصَّتِهِ وَيُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْعَرْصَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ مِنْ آخَرَ وَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ فَلَهُ عِنْدَ أَخْذِهِ حِصَّتَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْأَرْضِ أَيْضًا (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى هَذِهِ الزِّرَاعَةِ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (التَّنْقِيحُ) . وَإِذَا لَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ أَصْلًا لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ الْبِذَارِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (205) أَمَّا إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ فَتَجُوزُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ، بِلَا إذْنٍ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ فَيَكُونُ هَذَا الْإِذْنُ إمَّا إجَارَةً أَوْ إعَارَةً أَوْ مُهَايَأَةً. وَكَمَا مَرَّتْ الْإِجَارَةُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةُ فِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ فَسَتَأْتِي الْمُهَايَأَةُ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ. قِيلَ الْحَاضِرُ، لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرِيكِ إذَا كَانَ غَائِبًا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (1085) . وَقَدْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ غَصْبًا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَجَلَّةِ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، هُوَ أَنْ يُهَيِّئَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْأَرْضَ وَيُعِدَّهَا لِيَزْرَعَهَا آخَرُ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ يَعْنِي أَنْ لَا يَزْرَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالذَّاتِ بَلْ يُعْطِيهَا لِلْغَيْرِ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ شَائِعَةٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ مَعْرُوفَةً لَدَى أَهَالِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْضُ فَبِمَا أَنَّ زِرَاعَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ تُحْمَلُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَ الْأَرْضِ الْحِصَّةَ الْمَعْرُوفَةَ. لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) . وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا بِأَنْ أَقَرَّ الزَّارِعُ عِنْدَ الزَّرْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ أَوْ لِأَنَّ الرَّجُلَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُعِدَّهَا وَيُهَيِّئَهَا صَاحِبُهَا لِلْإِيجَارِ أَيْ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ مَنْ يَزْرَعُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا يَكُونُ الزَّارِعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ غَاصِبًا كَمَا لَا يَكُونُ مُزَارِعًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) (التَّنْقِيحُ، الطَّحْطَاوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . [ (الْمَادَّةُ 908) إذَا كَرَبَ أَحَدٌ أَرْضَ آخَرَ غَصْبًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا] (الْمَادَّةُ 908) - (إذَا كَرَبَ أَحَدٌ أَرْضَ آخَرَ غَصْبًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ مُطَالَبَةُ أُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْكِرَابِ)

(المادة 909) شغل أحد عرصة آخر بوضع كناسة أو غيرها فيها

إذَا أَحْدَثَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ زِيَادَةً، وَلَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُتَقَوِّمَةً فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ اسْتِرْدَادُ أَرْضِهِ بِلَا شَيْءٍ (الْبَهْجَةُ) وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ الْمُتَقَوِّمَةِ هِيَ كَالْكِرَابِ وَحَفْرِ النَّهْرِ وَالزِّبْلِ. فَعَلَيْهِ لَوْ كَرَبَ أَحَدٌ أَرْضَ آخَرَ غَصْبًا لِيَزْرَعَهَا لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ مُطَالَبَةُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ الْكِرَابِ عِنْدَ أَخْذِهِ الْأَرْضَ أَيْ عِنْدَ اسْتِرْدَادِ صَاحِبِ الْأَرْضِ إيَّاهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَحَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ زَبَّلَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ وَأَصْبَحَ الزِّبْلُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلَكِ لِاخْتِلَاطِ التُّرَابِ يَسْتَرِدُّهَا صَاحِبُهَا بِلَا شَيْءٍ أَيْ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مُقَابِلَ الزِّبْلِ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مُتَقَوِّمَةً فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْغَاصِبِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ. فَلَوْ أَنْشَأَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَبْنِيَةً وَكَانَ قَلْعُهَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ لَزِمَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إعْطَاءُ الْغَاصِبِ قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ مُسْتَحَقَّةِ - الْقَلْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (906) وَشَرْحَهَا. [ (الْمَادَّةُ 909) شَغَلَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ بِوَضْعِ كُنَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا] (الْمَادَّةُ 909) لَوْ شَغَلَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ بِوَضْعِ كُنَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فِيهَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ مَا وَضَعَهُ وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) عَلِيٌّ أَفَنْدِي. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - وَضْعُهُ، هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا. فَلَوْ انْهَدَمَ حَائِطُ أَحَدٍ عَلَى عَرْصَةِ آخَرَ وَشَغَلَ الْعَرْصَةَ فَلِلْجَارِ أَنْ يَجْعَلَ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَرْفَعُ أَنْقَاضَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 2 - عَرْصَةَ آخَرَ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا. وَالْحُكْمُ فِي الدَّارِ وَالْحَانُوتِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. فَلَوْ شَغَلَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ أَوْ حَانُوتَهُ بِوَضْعِهِ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا يُجْبَرُ عَلَى رَفْعِ الْأَمْتِعَةِ الَّتِي وَضَعَهَا وَتَخْلِيَةِ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ. نَذْكُرُ الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ لِكَوْنِهَا مِنْ قَبِيلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ تَغَلُّبًا فِي جَدْوَلِ الْمَاءِ الْمُخْتَصِّ بِطَاحُونَةِ آخَرَ تُرَابًا فَمَلَأَ بَعْضَ مَوَاضِعِهِ بِهِ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ أَنْ يَجْعَلَ الْمُتَغَلِّبَ يَدْفَعُ ذَلِكَ التُّرَابَ الَّذِي أَلْقَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إزَالَةُ وَتَطْهِيرُ الْغُبَارِ وَالتُّرَابِ وَالْكُنَاسَةِ الْمُتَرَاكِمَةِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ -. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (532) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا أَلْقَى أَحَدٌ الْكُنَاسَةَ عَلَى بَابِ دَارِ آخَرَ الْوَاقِعِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ - فَلِصَاحِبِ الْبَابِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا كَوَّمَ أَحَدٌ تُرَابًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ مُتَّصِلٍ بِحَائِطِ جَارِهِ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِهِ فَلِذَلِكَ الْجَارِ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي بِئْرِ آخَرَ نَجَاسَةً فَتَنَجَّسَتْ الْبِئْرُ ضَمِنَ الْمُلْقِي النُّقْصَانَ الْعَارِضَ

لَهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِتَطْهِيرِهَا بِنَزْحِ مَائِهَا. غَيْرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ مَنْ نَزَحَ الْبِئْرَ إذَا كَانَتْ عَامَّةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ دَفَنَ أَحَدٌ مَيِّتَهُ فِي الْقَبْرِ الَّذِي حَفَرَهُ آخَرُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لِمَنْ حَفَرَ الْقَبْرَ، يُنْبَشُ الْقَبْرُ وَتُخْرَجُ الْجُثَّةُ. وَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَاحَةً أَوْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى دَفْنِ الْمَوْتَى فَلَا تُخْرَجُ وَيَضْمَنُ الشَّخْصُ الدَّافِنُ لِلْحَافِرِ قِيمَةَ حَفْرِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ دَفَنَ أَحَدٌ مَيِّتَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لِآخَرَ أَوْ فِي الْعَرْصَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى غَيْرِ دَفْنِ الْمَوْتَى يُنْبَشُ الْقَبْرُ وَيُخْرَجُ الْمَيِّتُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ أَوْ الْمُتَوَلِّي وَيُسَوَّى ظَهْرُهَا، وَتُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا إذَا كَانَتْ مِلْكًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَلَا يُخْرَجُ الْمَيِّتُ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَالَتْ مُدَّةُ دَفْنِهِ أَوْ قَصُرَتْ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ دُفِنُوا بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُخْرَجُوا لِيُحَوَّلُوا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَجُوزُ بِالْعُذْرِ كَأَنْ تَظْهَرَ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً أَوْ أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا هَلَكَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ فِي إصْطَبْلِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِجِلْدِهَا قِيمَةٌ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ (أَيْ صَاحِبُهَا) إخْرَاجُهَا مِنْ الْإِصْطَبْلِ لِأَنَّهَا تَشْغَلُ مِلْكَ أَحَدٍ وَهِيَ لِغَيْرِهِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ يُخْرِجُهَا صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ. طَائِرُ رَجُلٍ مَاتَ فِي بِئْرِ غَيْرِهِ فَإِخْرَاجُ الطَّيْرِ عَلَى صَاحِبِ الطَّيْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَزْحُ الْمَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا دَخَلَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ دَارَ آخَرَ فَعَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ إخْرَاجُهَا، لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَشَغَلَتْ دَارَ غَيْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ) .

الفصل الثالث في بيان حكم غاصب الغاصب

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ] وَحُكْمُ غَاصِبِ الْغَاصِبِ هَكَذَا أَيْضًا. فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ فَغَصَبَهُ مِنْهُ شَخْصٌ آخَرُ أَيْضًا وَغَصَبَهُ مِنْ هَذَا آخَرُ غَيْرُهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثَ، وَيَجْرِي سَائِرُ أَحْكَامِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فِي هَذَا الْغَصْبِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَقَدْ اكْتَفَتْ الْمَجَلَّةُ بِذَكَرِ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ. (مَادَّةُ 910) - (غَاصِبُ الْغَاصِبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فَإِذَا غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلَفَ فِي يَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ الثَّانِي وَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ مِقْدَارًا مِنْهُ الْأَوَّلُ وَالْمِقْدَارَ الْآخَرَ الثَّانِي. وَبِتَقْدِيرِ تَضْمِينِهِ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ فَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهُ الثَّانِي فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ) . إنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبِ الْإِثْمِ وَالضَّمَانِ هُوَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ نَفْسِهِ. أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ مَسْئُولٌ تُجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ أَجْلِ الْغَصْبِ فَغَاصِبُ الْغَاصِبِ مَسْئُولٌ أَيْضًا تُجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ مَسْئُولٌ وَمُؤَاخَذٌ تُجَاهَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ. الْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ: لَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الضَّمَانَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَأَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ قِيمَتِهِ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ ضَمَّنَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) قِيمَتَهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ. أَمَّا إذَا أَرَادَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ غَصْبِهِ إيَّاهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ. وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ غَصْبِ وَقَبْضِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ إيَّاهُ. وَقَدْ صَارَ إيضَاحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (903) . مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ مَالًا فِي مُحَرَّمٍ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فِي صَفَرٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسِينَ قِرْشًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ وَيَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إذَا تَلَفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ يَعْنِي خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا وَالثَّمَنُ لِلْغَاصِبِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ قِرْشًا. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْغَاصِبِ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ قِيمَتِهِ. وَقَدْ وُضِّحَتْ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ هَذِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (90) (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ فَصَعَدَ قِيمَتَهَا وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إلَى أَلْفَيْ قِرْشٍ فَأَتْلَفَهَا آخَرُ حِينَئِذٍ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفَ قِرْشٍ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَفِي هَذِهِ

الصُّورَةِ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُتْلِفَ أَلْفَيْ قِرْشٍ. لَكِنَّ الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ يَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ حَلَالٍ لِلطَّرَفَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُتْلِفَ أَلْفَيْ قِرْشٍ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْإِتْلَافِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ شَخْصٌ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلَفَ فِي يَدِهِ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِلَا تَعَدِّيهِ أَوْ ضَاعَ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ بَدَلَهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي مَحِلِّهِ تَمَامًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ بَدَلَهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَفِي مَحِلِّهِ تَمَامًا أَيْضًا. وَإِذَا أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَأْدِيَةِ بَدَلِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ أَقِمْ دَعْوَاكَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَهْجَةُ) . وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ مِقْدَارًا مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ أَيْ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قَلِيلًا مِنْ الْبَدَلِ يَوْمَ وَمَكَانَ الْغَصْبِ وَضَمَّنَ الْمِقْدَارَ الْبَاقِي أَيْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي بَدَلَهُ يَوْمَ وَمَكَانَ غَصْبِ الْغَاصِبِ الثَّانِي إيَّاهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ فِي ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَالٌ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي. لِأَنَّ كِلَيْهِمَا غَاصِبَانِ، فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ لَا يَبْرَأُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ دَيْنِ الْغَاصِبِ الثَّانِي، أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الثَّانِي وَقَعَ التَّقَاصُّ الْجَبْرِيُّ بِدَيْنِهِ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - بِالْغَصْبِ، لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ (التَّنْقِيحُ، الْبَزَّازِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الْإِتْلَافُ، وَالتَّلَفُ، هَذَانِ الْقَيْدَانِ لَيْسَا احْتِرَازِيَّيْنِ. فَلَوْ أَحْدَثَ شَخْصٌ غَيْرُ الْغَاصِبِ شَيْئًا مِنْ النُّقْصَانِ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِي أَيْ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ أَيْضًا عَلَى الْجَانِي. مِثَالٌ لِلْإِتْلَافِ: إذَا رَكِبَ أَحَدٌ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةِ غَيْرِهِ فَلَمْ يُحَرِّكْهَا وَلَمْ يُحَوِّلْهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ وَجَحَدَهَا عَلَى صَاحِبِهَا أَوْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهَا لَدَى طَلَبِهِ إيَّاهَا فَجَاءَ أَحَدٌ مَا وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْ الرَّاكِبِ وَالْعَاقِرِ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ عَيْنًا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ. وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى. يَعْنِي لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ بِقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مِلْكِي وَقَدْ غَصَبَهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَنْتَ غَصَبْته مِنْهُ (الْفَيْضِيَّةُ) . إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَاصِبِ بِبَدَلٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1735) . تَضْمِينُ الْآخَرِ بَعْدَ اخْتِيَارِ تَضْمِينِ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ: 3 - إنْ شَاءَ، وَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَالْغَاصِبِ الثَّانِي كَانَ الْآخَرُ بَرِيئًا. وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْغَاصِبِ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (651) .

وَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَسْتَحْصِلَ حُكْمًا عَلَى أَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَيَدَّعِيَ عَلَى الْآخَرِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَالْقَبْضِ بِالتَّرَاضِي الْقَضَاءُ لَقِيمَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا إمَّا الْمَالِكَ أَوْ غَاصِبَ الْغَاصِبِ أَوْ مُودِعُهُ بَرِئَ الْآخَرُ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . أَمَّا الطَّرَفَانِ فَقَدْ ذَهَبَا إلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ دُونَ تَضْمِينِ الْآخَرِ مِنْهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ فِي تَضْمِينِ الْآخَرِ أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى بَرِئَ هَذَا الْآخَرُ مِنْ الضَّمَانِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الْأَوَّلِ وَيَلْحَقُ ذَلِكَ حُكْمُ الْحَاكِمِ. مَثَلًا إذَا اخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ كُلَّ الْمَغْصُوبِ وَوَافَقَ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ الثَّانِي بِالْكُلِّيَّةِ وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ نِصْفَ الْمَغْصُوبِ وَوَافَقَ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ بَرِئَ الْغَاصِبُ الثَّانِي مِنْ هَذَا النِّصْفِ فَقَطْ. وَعَلَيْهِ لَوْ تُوُفِّيَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ مُفْلِسًا أَوْ صَارَ مُعْدَمًا وَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُؤَاخَذَةُ الْغَاصِبِ الثَّانِي لِأَنَّ تَضْمِينَ الْكُلِّ تَمْلِيكُ الضَّامِنِ الْمَغْصُوبَ كُلَّهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَئِذٍ تَمْلِيكُ غَيْرِهِ إيَّاهُ كَمَا أَنَّ تَضْمِينَ الْبَعْضِ تَمْلِيكُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُ تَمْلِيكُ آخَرَ إيَّاهُ أَمَّا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَلَهُ تَمْلِيكُهُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَلَا يَحْرُمُ هَذَا الِاخْتِيَارُ وَالْمُوَافَقَةُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مِنْ حَقِّ تَضْمِينِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ) . وَلَمْ يَرِدْ فِي الْمَجَلَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَرْجِيحِهَا أَحَدَ الْمَذْهَبَيْنِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. اسْتِثْنَاءٌ: تُسْتَثْنَى ثَلَاثُ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الِاخْتِيَارِ الَّذِي جُعِلَ فِي الْمَجَلَّةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: مَالُ الْوَقْفِ، إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالَ وَقْفٍ يَجِبُ تَضْمِينُ مَنْ كَانَ تَضْمِينُهُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَالْغَاصِبِ الثَّانِي أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالَ الْوَقْفِ فِي مُحَرَّمٍ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا ثُمَّ غَصَبَهُ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي صَفَرٍ وَقِيمَتُهُ مِائَةُ قِرْشٍ فَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ الثَّانِي مَلِيئًا وَغَنِيًّا فَكَمَا أَنَّ تَضْمِينَهُ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ بِتَضْمِينِهِ مِائَةَ قِرْشٍ فَهُوَ أَنْفَعُ لِلْمَوْقُوفِ لَهُ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ تَضْمِينُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ أَمْلَأَ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي كَانَ الْمُتَوَلِّي مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلُ خَمْسِينَ قِرْشًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِي مِائَةَ قِرْشٍ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَتَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي أَنْفَعُ لِلْمَوْقُوفِ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ صَبَّ أَحَدٌ مَاءً عَلَى بَيْدَرِ قَمْحٍ لِآخَرَ فَأَوْرَثَهُ ذَلِكَ نُقْصَانًا فِي الْقِيمَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ صَبَّ شَخْصٌ آخَرُ الْمَاءَ عَلَى الْبَيْدَرِ الْمَذْكُورِ فَازْدَادَ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ كَانَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ بَرِيئًا مِنْ الضَّمَانِ. وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الثَّانِي قِيمَتَهُ يَوْمَ صَبِّهِ الْمَاءَ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُمْكِنُهُ إرْجَاعُهُ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى أَيْ إرْجَاعُهُ إلَى حَالَتِهِ عِنْدَ صَبِّ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْمَاءَ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ هَشَّمَ أَحَدٌ إبْرِيقًا لِآخَرَ مَصْنُوعًا مِنْ الْفِضَّةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَشَّمَهُ شَخْصٌ آخَرُ أَيْضًا بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي حَصْرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - تَضْمِينٌ، قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى أَنَّ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَرْقًا. 4 - مِقْدَارُهُ، بِمَا أَنَّ لَفْظَ الْمِقْدَارِ قَدْ ذُكِرَ مُطْلَقًا يَشْمَلُ الْمَقَادِيرَ كُلَّهَا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ. وَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ صَارَ مَالِكًا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ (عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 891) رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي أَيْضًا كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ اثْنَانِ ثَوْرًا وَاسْتَهْلَكَاهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ أَحَدَهُمَا إيَّاهُ. وَعَلَى هَذَا الْحَالِ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِهِ (أَسِيرِيَّةٌ فِي الْغَصْبِ) . رَاجِعْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) مَسْأَلَةَ إذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ. . . أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الثَّانِي فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي (الْبَزَّازِيَّةُ) : كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حِنْطَةٌ صَيْفِيَّةٌ فِي مَكَان وَحِنْطَةٌ شَتْوِيَّةٌ فِي آخَرَ فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِأَخِيهِ: (أَعْطِ حَرَّاثِي حِنْطَةً شَتْوِيَّةً) فَأَعْطَى أَخُوهُ الْحَرَّاثَ خَطَأً حِنْطَةً صَيْفِيَّةً ثُمَّ أَرْسَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ابْنَهُ مَعَ الْحَرَّاثِ لِنَقْلِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْمَزْرَعَةِ وَنَقَلَ الْمَذْكُورَانِ الْحِنْطَةَ وَزَرَعَهَا الْحَرَّاثُ وَلَمْ تُنْبِتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَيْفِيَّةٌ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ شَاءَ تَضْمِينُ أَخِيهِ الَّذِي هُوَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ابْنَهُ أَوْ حَرَّاثَهُ الَّذِي هُوَ غَاصِبُ الْغَاصِب. تُسْتَخْرَجُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ بِالْعُقُودِ السِّتَّةِ: الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ، وَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِيدَاعِ، وَإِعَارَةِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ فَعَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: - الْبَيْعُ: لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةً، وَلَا يَمْنَعُ تَلَفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْإِجَازَةَ. فَإِذَا أَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَعْدَ تَلَفِ الثَّمَنِ جَازَ أَيْضًا وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَغْصُوبِ قَدْ تَلَفَ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. اعْتِبَارًا لِلْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ بِالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَيْنًا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ بَدَلَهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَبِيعُ لِلسَّابِقِ جَائِزًا، وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الْعُقُودَ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْغَاصِبِ.

وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْغَاصِبِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَبْلَغًا أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . أَمَّا بَيْعُ الْغَاصِبِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . إنَّ حَقَّ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَحَقَّ أَخْذِ الثَّمَنِ عَائِدَانِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَأَجَازَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ الْبَيْعَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَالِكٍ وَغَيْرُ نَائِبٍ لِلْمَالِكِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . فَائِدَةٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي إجَازَةِ الْغَاصِبِ وُجُودُ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ؟ إنَّ الْمُخَاصَمَةَ وَالِادِّعَاءَ اللَّذَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ طَرَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مُوجِبَانِ لِفَسْخِ الْعَقْدِ عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَهُمَا عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى غَيْرُ مُوجِبَيْنِ لِذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يُشْتَرَطُ بِالنَّظَرِ إلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وُقُوعُ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (638) أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ قَبِلَتْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ. 2 - إيجَارٌ: إذَا أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَكَانَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَجَازَ، إنْ كَانَتْ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةً، وَأَخَذَ بَدَلَ الْإِيجَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) . وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَاسْتَرَدَّ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَهَلْ يُمْكِنُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1635) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَهُ مُسْتَهْلَكًا بِإِيجَارِهِ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ؟ وَإِذَا تَلَفَ الْمَأْجُورُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. إلَّا إذَا كَانَ تَلَفَ الْمَأْجُورُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (600 و 601 و 602) . وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ غَاصِبٌ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ عَلَى مُؤَجِّرِهِ. وَوُجُودُ حَقِّ الْمُرَاجَعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ) لِأَنَّ رُجُوعَ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ ضَمَانِ التَّغْرِيرِ وَلَيْسَ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغَصْبِ. وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ غَاصِبٌ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) وَشَرْحَهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ، وَأَبُو السُّعُودِ) . 3 - الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ: لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْهِبَةَ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَهُ لِلْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تَسْلِيمَهُ لِآخَرَ اسْتِهْلَاكٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1635) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ الْهِبَةِ) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ قَدْ كَانَ لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَالْحُكْمُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. 4 - الرَّهْنُ: إذَا رَهَنَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ عِنْدَ آخَرَ كَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ الرَّهْنَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الرَّهْنُ الْوَاقِعُ رَهْنًا مُسْتَعَارًا وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ الْمَرْهُونَ مِنْ الْمُرْتَهَنِ. (وَهَلْ يَلْزَمُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ أَيْضًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1635) بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ الْمَغْصُوبَ بِرَهْنِهِ عِنْدَ آخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ؟) وَإِذَا تَلَفَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهَنِ تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَرْهُونَ هُوَ لِلْغَاصِبِ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ خَاتَمًا لِآخَرَ تَغَلُّبًا وَرَهَنَهُ عِنْدَ دَائِنِهِ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَهُ عِنْدَ دَائِنِهِ ضَاعَ مِنْ يَدِ الدَّائِنِ أَوْ تَلَفَ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَالِكِ صَاحِبَ الْخَاتَمِ، فَلَهُ تَضْمِينُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَقَطْ أَوْ تَضْمِينُ الدَّائِنِ فَقَطْ أَوْ تَضْمِينُهُمَا إيَّاهُ مُنَاصَفَةً. وَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الدَّائِنِ (الْبَهْجَةُ) . وَتَلَفُ الرَّهْنِ مُوجِبٌ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ. وَإِذَا ضَمِنَ الدَّائِنُ يَعْنِي الْمُرْتَهِنُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى غَاصِبِهِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَتْلَفَ الْمُرْتَهَنُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ. لَكِنَّ إمْكَانَ رُجُوعِ الْمُرْتَهَنِ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّ الرَّاهِنَ غَاصِبٌ وَالْمَرْهُونَ مَغْصُوبٌ. أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ وَارْتَهَنَ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 5 - إيدَاعٌ: لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ عِنْدَ آخَرَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَكَانَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ الْإِيدَاعِ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَجَازَ الْإِيدَاعَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَخْرُجُ الْغَاصِبُ مِنْ الْوَسَطِ. وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ. وَهَلْ يَكُونُ لَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ غَصْبِهِ بَعْدَهُ مُسْتَهْلِكًا الْمَغْصُوبَ بِإِيدَاعِهِ عِنْدَ آخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (635) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَوْدَعِ. فَإِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى الْمُسْتَوْدَعُ كَأَنْ أَتْلَفَ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَضَمِنَ الْغَاصِبُ فَلِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) . 6 - الْإِعَارَةُ: لَوْ أَعَارَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَانَ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ. فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ أَجَازَ الْإِعَارَةَ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَخْرُجُ الْغَاصِبُ مِنْ الْوَسَطِ. وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ. وَلَهُ تَضْمِينُ بَدَلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ غَصْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1635) بَعْدَهُ مُسْتَهْلِكًا بِإِعَارَتِهِ وَتَسْلِيمِهِ. إذَا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ لِنَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِالتَّعَدِّي كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمُسْتَعِيرُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ يَعْنِي إذَا ضَمِنَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ أَيْضًا (البزارية) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (814) .

(مادة 911) رد غاصب الغاصب المال المغصوب إلى الغاصب الأول

[ (مَادَّةُ 911) رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ] (مَادَّةُ 911) - (إذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ وَحْدَهُ وَإِذَا رَدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَبْرَأُ هُوَ وَالْأَوَّلُ) . أَيْ: إذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ أَيْ: الْغَاصِبُ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ يَكُونُ بِرَدِّهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ قَدْ فَسَخَ فِعْلَهُ، وَلَا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُخَيَّرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ حَصْرًا (الْبَهْجَةُ) . لَكِنْ لَا يَثْبُتُ هَذَا الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ. بَلْ يَلْزَمُ تَحْقِيقُهُ عَلَى الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا بِالشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ هَذَا. ثَانِيًا: بِنُكُولِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَنْ الْيَمِينِ. مَثَلًا: لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ عِنْدَ آخَرَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مِنْ الْوَدِيعِ وَتُوُفِّيَ الْغَاصِبُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ لِصَاحِبِهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ وَرَثَةِ الْغَاصِبِ. وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْوَدِيعِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ ثَوْرًا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لِلْبَائِعِ لِظُهُورِ عَيْبٍ فِيهِ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ؛ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَذْكُورِ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ. وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) . تَقْسِيمُ الرَّدِّ: الرَّدُّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: يَكُونُ بَدَلًا أَوْ عَيْنًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً. 1 - الرَّدُّ عَيْنًا، إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَيْنًا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَدْ ذَكَرْتُ أَمْثِلَتَهُ. 2 - الرَّدُّ بَدَلًا، إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَرَدَّ الْغَاصِبُ الْمَذْكُورُ بَدَلَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُؤَاخَذَةُ الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْعَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى فِي الْبَهْجَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى رِوَايَةِ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ تِجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) مَا لَمْ يَكُنْ رَدُّ غَاصِبِ الْغَاصِبِ الْبَدَلَ وَإِعْطَاؤُهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي (الْبَزَّازِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ أَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي نُقُودًا بِرِضَاهُ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ الثَّانِي مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ وَالضَّمَانِ تِجَاهَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ حَالَ كَوْنِهِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ غَيْرُ أَخْذِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 3 - الرَّدُّ رِضَاءً، وَهَذَا الرَّدُّ ظَاهِرٌ. 4 - الرَّدُّ قَضَاءً، لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَضْمِينَ بَدَلِهِ فِي وَقْتِ غَصْبِ الْغَاصِبِ الثَّانِي إيَّاهُ إذَا كَانَ تَالِفًا؛ لِأَنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ قَدْ تَعَدَّى بِصُورَةِ قَطْعِ يَدِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ تَحْتَ الْمَسْئُولِيَّةِ لِضَمَانِ الْبَدَلِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَوْنِ الطَّالِبِ وَالْمُدَّعِي غَاصِبًا لَا يُجْبِرُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ عَلَى رَدِّ بَدَلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَضَعُ بَدَلَ

الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيُحَافِظُ عَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَقَبِلَ الْقِيمَةَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهُ فِي زَمَانِ غَصْبِهِ إيَّاهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّجُوعُ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ، الْبَزَّازِيَّةُ) . شَرْطُ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِالرَّدِّ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ: إنَّ بَرَاءَةَ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِرَدِّهِ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ بَدَلَهُ مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْضُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَاسْتِرْدَادُهُ مَعْرُوفَيْنِ. وَيَثْبُتُ كَوْنُ قَبْضِهِ مَعْرُوفًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا إقْرَارُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ قَبْضِهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ الْغَاصِبِ الثَّانِي أَيْ: بِشَأْنِ عَدَمِ مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْحَقَّ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِدَعْوَى الرَّدِّ بِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مُخَيَّرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (910) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِالشَّيْءِ الْمَقْبُوضِ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ أَوَّلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) إلَّا أَنَّ غَاصِبَ الْمُسْتَوْدَعِ مُخَالِفٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ. فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ قَدْ أَعَادَهَا إلَيْهِ تَثْبُتُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ الِاثْنَانِ. وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ شَخْصَيْنِ مَرَّتَيْنِ. مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَغَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْفَرَسَ آخَرُ أَيْضًا ثُمَّ سَرَقَ صَاحِبُ الْفَرَسِ فَرَسَهُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي تِلْكَ الْفَرَسَ جَبْرًا وَغَلَبَةً مِنْهُ وَبَقِيَ الْمَالِكُ عَاجِزًا عَنْ مُخَاصَمَتِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

الباب الثاني في بيان الإتلاف ويحتوي على أربعة فصول

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْإِتْلَافِ وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِتْلَافِ مُبَاشَرَةً] ٍ الْإِتْلَافُ نَوْعَانِ: أَوَّلُهُمَا الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً. كَضَرْبِ أَحَدٍ فَرَسَ آخَرَ. وَسَيَأْتِي بَعْضُ التَّفْصِيلَاتِ فِي هَذَا فِي الْفَصْلِ الْآتِي. ثَانِيهِمَا: الْإِتْلَافُ تَسَبُّبًا كَأَنْ يَحْفِرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَيَسْقُطُ فِيهِ فَرَسُ آخَرَ فَيَتْلَفُ، وَسَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا. وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفَا الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (90) . الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً، يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وُجُودُ التَّعَدِّي وَالتَّعَمُّدِ. أَمَّا الْإِتْلَافُ تَسَبُّبًا فَهُوَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ تَعَدِّيًا أَوْ تَعَمُّدًا وَإِلَّا فَلَا وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (92) سَبَبُ وَحِكْمَةُ الْفَرْقِ فِيهِمَا. الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْإِتْلَافِ مُبَاشَرَةً (مَادَّةُ 912) - (إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ قَصْدًا أَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَضْمَنُ وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْمُتْلِفَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْمُتْلِفِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ) إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ قَصْدًا أَوْ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَوْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ فَأَنْقَصَ قِيمَتَهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا أَمْرٍ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ مَالًا لِلْغَيْرِ أَمْ ظَانًّا بِأَنَّهُ مَالُهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمَادَّةِ (92) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - أَحَدٌ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُتْلِفَ غَيْرُ صَاحِبِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ صَاحِبُ الْمَالِ مَالَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ قَضَاءً. وَلِذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (293) ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إعْطَاءِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِلْبَائِعِ. 2 - فِي يَدِ أَمِينِهِ، لِذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ عُدَّ الْمُتْلِفُ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ. فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ وَالْغَاصِبِ مَعًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (910) . 3 - أَمْ ظَانًّا بِأَنَّهُ مَالُهُ، يُفْهَمُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ الْمَادَّةِ (914) . 4 - بِلَا إذْنٍ، أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَيَنْقَسِمُ الْإِذْنُ الْمَذْكُورُ إلَى قِسْمَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (881) الْحُكْمَ فِي حَالَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْإِذْنِ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِذْنُ صَرَاحَةً، يَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: مَزِّقْ أَثْوَابِي هَذِهِ أَوْ أَلْقِهَا فِي الْمَاءِ وَفَعَلَ الْآخَرُ ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ الْقَائِلُ؛ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَمَا اتَّضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (95) لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ آثِمًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ، الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ حَانُوتِ الْفَخَّارِيِّ قِدْرًا بِإِذْنِهِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ قَضَاءً فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ بِأَخْذِهِ بِإِذْنِهِ كَانَ أَمَانَةً. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ غَرْفَةَ آخَرَ فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ عَلَى هَذِهِ الْوِسَادَةِ فَجَلَسَ عَلَيْهَا فَكُسِرَتْ آنِيَةُ سَمْنٍ كَانَتْ تَحْتَ الْوِسَادَةِ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا فَتَمَزَّقَتْ الْوِسَادَةُ وَسَالَ مَا فِيهَا فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَفْسَدَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ زَرْعًا لِآخَرَ حِينَ إخْرَاجِهَا مِنْهُ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ أُخْرِجَتْ بِأَمْرِ صَاحِبِ الزَّرْعِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّابَّةِ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَمَرَتْ امْرَأَةٌ عَمَلَةً بِحَفْرِ التُّرَابِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ وَإِخْرَاجِهِ، فَجَاءَ زَوْجُهَا وَادَّعَى بِأَنَّهُ خَبَّأَ فِيهِ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الذَّهَبِ، وَأَثْبَتَ الزَّوْجُ تَخْبِئَتَهُ الذَّهَبَ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُضَمِّنَ الْعَمَلَةَ الْمَالَ، وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ زَوْجَتِهِ. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْغَصْبِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِذْنُ دَلَالَةً، يُوجَدُ فِيهِ قَاعِدَتَانِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ بِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ فِي كُلِّ عَمَلٍ لَا يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِيهِ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا عِدَّةُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ عَمَلَةً لِهَدْمِ كُوخِهِ فَهَدَمَ آخَرُ ذَلِكَ الْكُوخَ بِلَا إذْنٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ ذَبَحَ أَحَدٌ شَاةً لِآخَرَ لَمْ يَبْقَ أَمَلٌ فِي حَيَاتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ عَلَى قَوْلٍ اسْتِحْسَانًا (الْخَانِيَّةُ) . لَكِنْ لَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ انْقِطَاعَ الْأَمَلِ مِنْ حَيَاتِهَا لَزِمَ الذَّابِحَ إثْبَاتُهُ. فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ وَحَلَفَ الْيَمِينَ الْمَالِكُ مُنْكِرُ الْإِيَاسَ بِطَلَبِ الذَّابِحِ يَضْمَنُ الذَّابِحُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الذَّبْحِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الذَّابِحِ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8) (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَاصِبِ) وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى الضَّمَانُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ذَبَحَ أَحَدٌ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ الشَّاةَ الَّتِي قَيَّدَهَا الْقَصَّابُ لِلذَّبْحِ فَلَا يَلْزَمُ الذَّابِحَ ضَمَانٌ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ ذَبَحَ أَحَدٌ فِي أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ أُضْحِيَّةَ آخَرَ لِصَاحِبِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَتَجُوزُ تِلْكَ الْأُضْحِيَّةُ لِصَاحِبِهَا أَمَّا إذَا ذَبَحَهَا فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا تَجُوزُ وَيَكُونُ الذَّابِحُ ضَامِنًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ طَعَامًا فِي الْقِدْرِ عَلَى أَنْ يَطْبُخَهُ فَوَضَعَ آخَرُ النَّارَ تَحْتَ الْقِدْرِ وَطَبَخَهُ فَلَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ الْحِنْطَةَ فِي دَوْرَقَةِ الطَّاحُونِ وَرَبَطَ الْحِمَارَ عَلَيْهَا فَسَاقَهُ آخَرُ وَطَحَنَ الْحِنْطَةَ فَلَا يَضْمَنُ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ رَفَعَ أَحَدٌ جَرَّتَهُ وَأَمَالَهَا إلَى ظَهْرِهِ فَأَعَانَهُ آخَرُ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ سَقَطَ الْحِمْلُ عَنْ ظَهْرِ دَابَّةِ أَحَدٍ فَحَمَّلَهَا آخَرُ بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ خَافَ الرَّاعِي مَوْتَ شَاةٍ فَذَبَحَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ إذَا انْقَطَعَ الْأَمَلُ مِنْ حَيَاتِهَا (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ دَلَالَةً وَالدَّلَالَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُهَا مَا لَمْ يُوجَدْ صَرِيحٌ بِخِلَافِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: كُلُّ عَمَلٍ يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ فِيهِ الِاسْتِعَانَةُ. مَثَلًا: لَوْ عَلَّقَ أَحَدٌ حَيَوَانًا مَذْبُوحًا لِلسَّلْخِ وَسَلَخَهُ آخَرُ بِدُونِ إذْنٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي السَّلْخِ أَمَّا فِي الذَّبْحِ فَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمْ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . 4 - كَانَ ضَامِنًا، يُفْهَمُ مِنْ إسْنَادِ الضَّمَانِ لِلْمُتْلِفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ الْآمِرَ بِغَيْرِ دَفْعِ الْمَالِ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ مَزَّقَ أَحَدٌ ثَوْبَ آخَرَ بِأَمْرِ شَخْصٍ آخَرَ ضَمِنَ الشَّخْصُ الْمُمَزِّقُ. وَلَا يَضْمَنُ الْآمِرُ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبِرًا (الْبَزَّازِيَّةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1510)) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ مَالٍ آخَرَ تَغَلُّبًا فَادَّعَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَالِ؛ فَلَيْسَ لِلْآخِذِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الضَّمَانِ وَأَنْ يُجِيبَ الْغَاصِبَ عَلَى دَعْوَاهُ قَائِلًا إنَّنِي خَادِمٌ عِنْدَ فُلَانٍ وَقَدْ أَخَذْتُ الْمَالَ مِنْكَ بِأَمْرِهِ وَأَعْطَيْتُهُ لَهُ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَحْرَقَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِغْرَاءِ أَحَدٍ يَضْمَنُ الْمُحْرِقُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُغْرِي بِمُجَرَّدِ إغْرَائِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْمُغْرِي مِنْ وِلَايَةٍ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ مُطْلَقًا فَأَمْرُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ لَصَحَّ الْأَمْرُ فَلَوْ طَلَبَ أَحَدٌ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَارِيَّةٌ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، فَأَمَرَ الشَّرِيكُ الْمَذْكُورُ أَحَدًا بِتَسْلِيمِ الْحَيَوَانِ لِذَلِكَ الْمُسْتَعِيرِ لَزِمَ الْآمِرَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَأْمُورِ فِي هَذَا كَتَسْلِيمِ نَفْسِ الْآمِرِ كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ بِهِ بِإِيقَادِ النَّارِ فِي أَرْضِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ تَتَعَدَّى فِيهِ النَّارُ إلَى أَرْضِ جَارِهِ وَأَوْقَدَ الِابْنُ النَّارَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَعَدَّتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ الْجَارِ وَأَتْلَفَتْ مَالَهُ يَضْمَنُ الْأَبُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ صَحِيحٌ فَيَنْتَقِلُ الْحُكْمُ إلَى الْآمِرِ. لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ: اصْعَدْ إلَى هَذِهِ الشَّجَرَةِ وَاقْطِفْ لِي ثَمَرًا فَصَعِدَ الصَّبِيُّ إلَى الشَّجَرَةِ وَسَقَطَ عَنْهَا وَمَاتَ لَزِمَتْ الْآمِرَ الْفِدْيَةُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ صَبِيًّا بِإِتْلَافِ مَالِ آخَرَ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَأْمُورُ صَبِيًّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَمَرَ صَبِيٌّ مَأْذُونٌ صَبِيًّا آخَرَ بِتَمْزِيقِ ثِيَابِ أَحَدٍ فَمَزَّقَهَا لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ الْمَأْمُورِ وَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى آمِرِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ خُذْ مَالَ فُلَانٍ فَأَخَذَهُ لَزِمَ الْآخِذَ الضَّمَانُ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ ابْنَهُ الْبَالِغَ بِإِتْلَافِ مَالِ آخَرَ أَوْ نَفْسِهِ، فَفَعَلَ لَزِمَ الِابْنَ الدِّيَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْوَاقِعَ فَاسِدٌ وَغَيْرُ صَحِيحٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْبَنَّاءِ: افْتَحْ لِي فِي هَذَا الْحَائِطِ بَابًا مُشِيرًا إلَى حَائِطِ غَيْرِهِ فَهَدَمَ الْبَنَّاءُ الْحَائِطَ وَفَتَحَ الْبَابَ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْبِنَاءَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْآمِرِ إلَّا إذَا كَانَ الْآمِرُ سَاكِنًا فِي الدَّارِ الْمُحَاطَةِ بِذَلِكَ الْحَائِطِ وَاسْتَأْجَرَ الْبِنَاءَ بِأُجْرَةٍ فَلِلْبَنَّاءِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (658) (الطَّحْطَاوِيُّ) . قَدْ ذَكَرَ بَعْضٌ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَلْزَمُ الْآمِرَ الضَّمَانُ فِيهَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ كِتَابِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ. وَسَبَبُ قَوْلِهِ: الْآمِرُ بِغَيْرِ دَفْعِ الْمَالِ، هُوَ أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْآمِرِ بِدَفْعِ الْمَالِ قَدْ ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (657) (الْحَمَوِيُّ) . أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ فَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ الَّذِي فِي يَدِهِ قَصْدًا يَضْمَنُ. بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَرَاقَ أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ زَيْتٍ لِآخَرَ مِنْ الظَّرْفِ فَأَتْلَفَهُ لَزِمَ الضَّمَانُ، فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّ الزَّيْتَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِطَاهِرٍ بَلْ كَانَ نَجِسًا وَادَّعَى صَاحِبُهُ بِأَنَّهُ قَدْ كَانَ طَاهِرًا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَحَلَفَ صَاحِبُ الزَّيْتِ أَنَّهُ طَاهِرٌ صُدِّقَ وَيَكُونُ الْمُرِيقُ ضَامِنًا (الْفَيْضِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ سَاقَ أَحَدٌ حَيَوَانَ غَيْرِهِ الَّذِي دَخَلَ فِي زَرْعِهِ وَضَرَبَهُ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ يُخْرِجُهُ مِنْ الزَّرْعِ فَتَلِفَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبِ ذَلِكَ يَضْمَنُ، أَمَّا لَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الزَّرْعِ فَقَطْ كَالْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (التَّنْقِيحُ) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي إخْرَاجِ حَيَوَانِ الْغَيْرِ مِنْ زَرْعِ الْغَيْرِ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ مَزَّقَ أَحَدٌ صَكَّ آخَرَ وَسَنَدَهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ السَّنَدِ مَكْتُوبًا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (802) وَلَا يَضْمَنُ الْمَبْلَغَ الَّذِي يَحْتَوِي عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ دَفْتَرَ حِسَابٍ لِآخَرَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَا يَضْمَنُ الْأَمْوَالَ الْمُحَرَّرَةَ فِيهِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ ظَانًّا أَنَّهُ مَالُهُ كَانَ ضَامِنًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (914) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ ثِيَابَ آخَرَ فَمَزَّقَهَا يَضْمَنُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (915) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ أَتْلَفَ صَبِيٌّ مَالَ آخَرَ يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (916) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ نُقْصَانًا فِي قِيمَةِ مَالٍ لِآخَرَ يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (917) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارًا بِغَيْرِ حَقٍّ يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (918) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ فِي مَحَلٍّ فَهَدَمَ أَحَدٌ دَارًا لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَبِدُونِ أَمْرٍ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ يَضْمَنُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (919) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ الْأَشْجَارَ الَّتِي فِي أَرْضِ آخَرَ بِدُونِ حَقٍّ يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (920) .

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَتْلَفَ اثْنَانِ مَالَ بَعْضِهِمَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا مَالَ الْآخَرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (921) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ تَسَبُّبًا يَضْمَنُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (922) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَجْفَلَ أَحَدٌ حَيَوَانَ الْآخَرِ فَفَرَّ وَضَاعَ يَضْمَنُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (923) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مِصْرَاعَيْ بَابٍ لِآخَرَ أَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ حَذَّائِيهِ فَلِصَاحِبِ الْبَابِ أَوْ الْحِذَاءِ أَنْ يَتْرُكَ مِصْرَاعَ الْبَابِ الثَّانِي أَوْ فَرْدَةَ الْحِذَاءِ الثَّانِيَةِ لِلْمُتْلِفِ وَيُضَمِّنَهُ كِلَا الْمِصْرَاعَيْنِ أَوْ كِلْتَا الْفَرْدَتَيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ الَّذِي فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ يَضْمَنُ. بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ دَقَّ أَحَدٌ فِي دَارِهِ شَيْئًا فَسَقَطَ شَيْءٌ فِي دَارِ جَارِهِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ وَتَلِفَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِعُذْرٍ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى حَمْلِهِ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ فَسَقَطَ وَتَلِفَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ يَضْمَنُ الْعَاثِرُ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ. أَمَّا إذَا وَضَعَهُ مِنْ دُونِ عُذْرٍ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْغَلَ الْوَاضِعُ مِلْكَ غَيْرِهِ فَقَدْ عُدَّ مُتْلِفًا (يَتِيمَةُ الدَّهْرِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَخَذَ الْقَصَّارُ يُقَصِّرُ فِي دُكَّانِهِ فَانْهَدَمَتْ دُكَّانُ جَارِهِ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ يَضْمَنُ (الْحَمَوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ الْبَنَّاءَ لِهَدْمِ حَائِطٍ لَهُ وَاقِعٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَبَيْنَمَا كَانَ يَهْدِمُ الْحَائِطَ سَقَطَ حَجَرٌ عَلَى أَحَدِ الْمَارَّةِ فَأَضَرَّ بِهِ لَزِمَ الْبَنَّاءَ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ ضَمَانٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ نَصَبَ أَحَدٌ هَدَفًا فِي دَارِهِ وَأَخَذَ يَرْمِيهِ فَتَجَاوَزَ الْهَدَفَ إلَى دَارِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ فِيهَا شَيْئًا وَقَتَلَ نَفْسًا يَضْمَنُ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ تَطَايَرَتْ شَرَارَةٌ بَيْنَمَا كَانَ الْحَدَّادُ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فَأَحْرَقَتْ أَحَدَ الْمَارَّةِ يَضْمَنُ الْحَدَّادُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (926) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ تَطَايَرَتْ شَظِيَّةٌ مِنْ الْحَطَبِ بَيْنَمَا كَانَ أَحَدُ النَّاسِ يُكَسِّرُ حَطَبًا فِي مِلْكِهِ فَأَتْلَفَتْ مَالَ جَارِهِ يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ ثَلَاثَةُ رِيَالَاتٍ فَسَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهَا - عَلَى رِيَالَاتٍ مِنْ جِنْسِهَا لِشَخْصٍ آخَرَ وَاخْتَلَطَتْ بِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا وَضَامِنًا لِصَاحِبِ الرِّيَالَاتِ الْأُخْرَى (الْخَانِيَّةُ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ قَصْدًا مَالًا لِآخَرَ كَانَ فِي يَدِ أَمِينِهِ كَانَ ضَامِنًا. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ الْأَشْيَاءَ الَّتِي أَوْدَعَهَا شَخْصٌ آخَرُ مِنْ مُسْتَوْدَعِهَا وَاسْتَهْلَكَهَا كَانَ ضَامِنًا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُ الْمُتْلِفِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (293) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ خَلَطَ أَحَدٌ غَيْرَ الْمُسْتَوْدَعِ الدَّنَانِيرَ الْمُسْتَوْدَعَةَ بِدَنَانِيرَ لَهُ كَانَ ضَامِنًا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (788) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أُتْلِفَ الْمَأْجُورُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ بِمُخَالَفَتِهِ لِمَأْذُونِيَّتِهِ أَوْ بِتَجَاوُزِهِ إلَى مَا فَوْقُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِتَعَدِّي الْأَجِيرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَفَاءً بِتَعَدِّي الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (401) يَكُونُ ضَامِنًا لِذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ غَيْرُهُ الرَّهْنَ يَكُونُ ضَامِنًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (741 و 742) . يَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ سَقَطَ مِنْ خَادِمِ الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَتَلِفَتْ يَضْمَنُ الْخَادِمُ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ بَعْضَ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ هِيَ مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا تَصِحُّ إجَازَةُ الْإِتْلَافِ. الْقَاعِدَةُ، لَا تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ الْإِتْلَافَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ تَعَدِّيًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ: أَجَزْتُ أَوْ رَضِيت؛ فَلَا يَبْرَأُ الْمُتْلِفُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ (الْأَشْبَاهُ) . تُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (780) . وَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ: هُوَ أَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَدُّقِ بِاللُّقَطَةِ يَحْصُلُ مِنْ الشَّارِعِ وَلَيْسَ مِنْ الْمَالِكِ. وَعَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَوْنُ اللُّقَطَةِ مَوْجُودَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ وَأَجَازَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَازَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (378) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَقْرَضَ الدَّنَانِيرَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ لِآخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُودِعِ وَاسْتَهْلَكَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ وَأَجَازَ الْمُودِعُ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْإِقْرَاضَ فَلَهُ تَضْمِينُ الْمُقْرِضِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (793) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَوْلَمَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَلِيمَةً وَصَرَفَ فِيهَا بَعْضَ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ فِي غِيَابِ الْبَاقِينَ مِنْهُمْ وَأَجَازُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَجِيئِهِمْ فَإِذَا أَرَادُوا تَضْمِينَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ فَلَهُمْ تَضْمِينُهُ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ لَيْسَ مَوْقُوفًا فَتَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ آجَرَ الْفُضُولِيُّ مَالًا لِآخَرَ فَأَجَازَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ إتْلَافِ الْمَنَافِعِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ وَأَجَازَ الْمُودِعُ الْإِيدَاعَ بَعْدَ أَنْ تَلِفَتْ

(مادة 913) إذا زلق أحد وسقط على مال آخر وأتلفه

فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (791) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدِينِ زَيْدٍ: اعْطِنِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي هِيَ دَيْنٌ عَلَيْك لِزَيْدٍ بِسَنَدٍ، وَإِنِّي وَإِنْ لَمْ أَكُنْ وَكِيلًا لَهُ فَسَيُجِيزُ فَأَعْطَاهُ الْآخَرُ الدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ عَيْنًا وَأَجَازَ زَيْدٌ هَذَا الْقَبْضَ؛ جَازَ أَمَّا إذَا أَجَازَ بَعْدَ تَلَفِهَا فَلَا يَجُوزُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا صَرَاحَةً؛ فَلَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ وَإِنْ أَقْرَضَ وَأَجَازَ الْمَالِكُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرَضِ عَيْنًا كَانَ جَائِزًا. لَكِنْ إذَا أَجَازَ بَعْدَ التَّلَفِ فَلَا يَجُوزُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) . أَمَّا لَوْ أَتْلَفَ آخَرُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَيْسَ فِي يَدِ صَاحِبِ الْمَالِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ أَوْ أَنَّ الْمُتْلِفَ فِي حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ؛ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا - عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي الْفَصْلِ الْمَاضِي - إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُتْلِفِ اسْتِنَادًا إلَى أَنَّهُ قَدْ صَارَ مَالِكًا لِلْمَغْصُوبِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُتْلِفَ قِيمَتَهُ يَوْمَ إتْلَافِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَرْجِعُ الْمُتْلِفُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَكُونُ قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُتْلِفِ. [ (مَادَّةُ 913) إذَا زَلَقَ أَحَدٌ وَسَقَطَ عَلَى مَالِ آخَرَ وَأَتْلَفَهُ] (مَادَّةُ 913) - (إذَا زَلَقَ أَحَدٌ وَسَقَطَ عَلَى مَالِ آخَرَ وَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (92) . مَثَلًا: إذَا دَخَلَ أَحَدٌ إلَى حَانُوتِ بَقَّالٍ فَزَلَقَتْ رِجْلُهُ فَسَقَطَ عَلَى خَابِيَةٍ الْعَسَلِ فَانْقَلَبَتْ فَتَلِفَ مَا فِيهَا مِنْ الْعَسَلِ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْعَسَلَ لِلْبَقَّالِ (الْبَهْجَةُ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فِي حُكْمِ الْمِثَالِ لَهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. [ (مَادَّةُ 914) أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَالُهُ] (مَادَّةُ 914) - (لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهُ مَالُهُ يَضْمَنُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (92) مَثَلًا: لَوْ ذَبَحَ أَحَدٌ الشَّاةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا ظَانًّا أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَأَنَّ شِرَاءَهَا مَشْرُوعٌ وَظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ أَنْ أَكَلَهَا يَضْمَنُ. ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (72) . لَكِنْ لَمَّا كَانَ حُكْمُ الْخَطَإِ مَرْفُوعًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ آثِمًا وَمُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. كَذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (890 وَ 891) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْغَصْبِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الْمَادَّةِ (91) كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. فَقَدْ ذُكِرَتْ مُسْتَقِلَّةً بِاعْتِبَارِ الظَّنِّ الْمَذْكُورِ. [ (مَادَّةُ 915) جَرَّ أَحَدٌ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَشَقَّهَا] (مَادَّةُ 915) - (لَوْ جَرَّ أَحَدٌ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَشَقَّهَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا كَامِلَةً وَأَمَّا لَوْ تَشَبَّثَ بِهَا وَانْشَقَّتْ بِجَرِّ صَاحِبِهَا يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ. كَذَلِكَ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ عَلَى أَذْيَالِ ثِيَابٍ وَنَهَضَ صَاحِبُهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِجُلُوسِ الْآخَرِ وَانْشَقَّتْ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ نِصْفَ قِيمَتِهَا) .

(مادة 916) أتلف صبي مال غيره

لَوْ جَرَّ أَحَدٌ ثِيَابَ غَيْرِهِ الَّتِي يَلْبَسُهَا أَوْ الَّتِي يُمْسِكُهَا وَمَزَّقَهَا يَضْمَنُ تَمَامَ قِيمَتِهَا يَعْنِي: قِيمَةَ النُّقْصَانِ الَّذِي أَوْقَعَهُ. أَيْ: إذَا تَشَبَّثَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ وَمَزَّقَهَا وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الثَّوْبِ قَدْ جَرَّهَا يَضْمَنُ الْمُتَشَبِّثُ تَمَامَ قِيمَتِهَا (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَرَّهَا يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَهَا مُسْتَقِلًّا. وَتَمَامُ قِيمَتِهَا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا هُوَ بِمَعْنَى كُلِّ النُّقْصَانِ الْعَارِضِ بِسَبَبِ شَقِّ الثِّيَابِ وَلَيْسَ نِصْفُ الضَّرَرِ الْوَاقِعِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي سَيَأْتِي شَرْحُهَا. وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ هَذَا التَّعْبِيرُ مُنَافِيًا لِفِقْرَةِ (كَذَلِكَ إذَا شَقَّ الثَّوْبَ الَّذِي غَصَبَهُ.) فِي الْمَادَّةِ أَمَّا لَوْ تَشَبَّثَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ أَيْ: أَمْسَكَهَا وَانْشَقَّتْ بِجَرِّ صَاحِبِهَا فَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَاصِلٌ مِنْ مَجْمُوعِ فِعْلِ صَاحِبِ الثِّيَابِ وَفِعْلِ الْمُتَشَبِّثِ وَعَلَيْهِ يَقْتَضِي انْقِسَامُ الضَّمَانِ قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ صَاحِبِ الْمَالِ هَدَرًا وَأَنْ يَضْمَنَ الْمُتَشَبِّثُ نِصْفَهُ حَصْرًا. أَمَّا لَوْ عَضَّ أَحَدٌ ذِرَاعَ آخَرَ وَسَحَبَ ذَلِكَ ذِرَاعَهُ مِنْهُ فَسَقَطَتْ أَسْنَانُ الْعَاضِّ كَمَا نَزَعَ اللَّحْمَ عَنْ ذِرَاعِ الْمَعْضُوضِ تَكُونُ أَسْنَانُ الْعَاضِّ هَدَرًا، وَيَضْمَنُ الْعَاضُّ أَرْشَ ذِرَاعِ الْمَعْضُوضِ. كَذَلِكَ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ عَلَى ذَيْلِ ثِيَابِ آخَرَ وَقَامَ صَاحِبُ الثِّيَابِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِجُلُوسِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى ذَيْلِهِ وَانْشَقَّتْ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ نِصْفَ قِيمَةِ الثِّيَابِ أَيْ: يَضْمَنُ نِصْفَ النُّقْصَانِ الطَّارِئِ عَلَى الثِّيَابِ مِنْ ذَلِكَ الشَّقِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَضْمَنُ نِصْفَ ضَمَانِ الشَّقِّ (الْخَانِيَّةُ) وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسْبَابَهُ الْمُوجِبَةَ آنِفًا. وَتَعْبِيرُ الْجُلُوسِ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: لَوْ نَشِبَ ثَوْبُ أَحَدٍ وَهُوَ مَارٌّ فِي السُّوقِ بِمِفْتَاحِ حَانُوتٍ فَتَمَزَّقَ فَإِذَا كَانَ الْمِفْتَاحُ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَانُوتِ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) ؛ لِأَنَّ الَّذِي جَرَّ الثَّوْبَ هُوَ صَاحِبُهُ وَهُوَ الْمُمَزِّقُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِمَحَلٍّ لِلْغَيْرِ كَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) . كَمَا يَضْمَنُ غَاصِبٌ حَانُوتَ غَيْرِهِ. [ (مَادَّةُ 916) أَتْلَفَ صَبِيٌّ مَالَ غَيْرِهِ] (مَادَّةُ 916) - (أَتْلَفَ صَبِيٌّ مَالَ غَيْرِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُنْتَظَرُ إلَى حَالِ يُسْرٍ وَلَا يَضْمَنُ وَلِيُّهُ) . لَوْ أَتْلَفَ صَبِيٌّ سَوَاءٌ أَكَانَ مُمَيِّزًا أَمْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ مَأْذُونًا أَمْ غَيْرَ مَأْذُونٍ مَالًا لِآخَرَ صَبِيًّا كَانَ أَوْ بَالِغًا بِلَا أَمْرٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَحْدَثَ فِيهِ نُقْصَانًا مَا؛ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يُؤَاخَذُ فَأَفْعَالُهُ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (96) وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا. وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ. مَثَلًا: لَوْ بَال صَبِيٌّ مِنْ فَوْقِ السَّطْحِ فَأَفْسَدَ ثَوْبًا لِآخَرَ؛ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ مَالٌ يُنْتَظَرُ حَالُ يُسْرِهِ. كَمَا لَا يُطَالَبُ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ بِالدَّيْنِ إلَى أَنْ يُصْبِحَ مُيْسِرًا، وَلَا يَضْمَنُ وَلِيُّهُ أَيْ: أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مَثَلًا مِنْ

(مادة 917) أورث مالا لآخر نقصانا في قيمته

مَالِهِ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى تَأْدِيَةِ مَالِ الْغَيْرِ مَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ فَلَا يُطَالَبُ بِالدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ أَحَدٍ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ مَثَلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ رَمَى صَبِيٌّ حَجَرًا فِي الزُّقَاقِ فَكَسَرَ زُجَاجَ دَارِ آخَرَ فَلَا يَضْمَنُ وَلِيُّهُ بِحُجَّةِ أَنَّهُ تَرَكَ حَبْلَ الصَّبِيِّ عَلَى غَارِبِهِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) مَالُهُ، هَذَا التَّعْبِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْمَجَلَّةِ تَبْحَثُ فِي الْأَمْوَالِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي إتْلَافِ النَّفْسِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ؛ فَتَلْزَمُ دِيَةُ الْجِنَايَةِ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا الصَّغِيرُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُنْتَظَرُ إلَى حَالِ يُسْرِهِ وَلَا تَلْزَمُ أَقْرِبَاءَهُ. وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَالصَّغِيرِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . (2) بِلَا أَمْرِ الْآخَرِ: لَوْ أَتْلَفَ الصَّغِيرُ مَالًا لِآخَرَ بِأَمْرِ بَالِغٍ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (912) وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَيْضًا إلَّا أَنَّ لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعَ عَلَى آمِرِهِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ. [ (مَادَّةُ 917) أَوْرَثَ مَالًا لِآخَرَ نُقْصَانًا فِي قِيمَتِهِ] (مَادَّةُ 917) - (لَوْ أَوْرَثَ مَالًا لِآخَرَ نُقْصَانًا فِي قِيمَتُهٌ يَضْمَنُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ) . لَوْ أَوْرَثَ أَحَدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا أَمْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا مَالَ غَيْرِهِ نُقْصَانًا فِي الْقِيمَةِ يَضْمَنُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ. وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ: النُّقْصَانَ فِي الْقِيمَةِ إلَى أَنَّ النُّقْصَانَ الْبَاعِثَ عَلَى الضَّمَانِ لَيْسَ مُجَرَّدَ النُّقْصَانِ الْحِسِّيِّ بَلْ هُوَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي عَرْصَةِ آخَرَ حُفْرَةً يَكُونُ ضَامِنًا إذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْإِضْرَارِ بِالْعَرْصَةِ وَنُقْصَانِ قِيمَتِهَا وَيَكُونُ غَيْرَ مُلْزَمٍ بِشَيْءٍ إذَا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً لِلْإِضْرَارِ بِهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِنَّمَا يَلْزَمُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ النُّقْصَانُ رُبْعَ الْقِيمَةِ عَلَى مَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ الْمَادَّةِ (900) أَمَّا إذَا بَلَغَ الْقِيمَةَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَالِ تَرْكُ ذَلِكَ الْمَالِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَتَضْمِينُهُ كُلَّ الْقِيمَةِ. بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فِي حُكْمِ الْقَاعِدَةِ فَإِلَيْكَ مَا يَتَفَرَّعُ مِنْهَا مِنْ الْمَسَائِلِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ بِاسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ لَزِمَ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ حَمَّلَ أَحَدٌ حَيَوَانًا مَتَاعًا بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ فَجُرِحَ الْحَيَوَانُ وَشَقَّ الْمَالِكُ الْجُرْحَ وَكَانَ الْجُرْحُ يَنْدَمِلُ مِنْ دُونِ نُقْصَانٍ يَطْرَأُ عَلَى قِيمَةِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ الْجُرْحِ فَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ كَمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَيَوَانِ كُلَّهَا فِيمَا إذَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ. أَمَّا إذَا تَلِفَ الْحَيَوَانُ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَلَمْ يَطْرَأْ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ أَوْ كَانَ النُّقْصَانُ نَاشِئًا عَنْ شَقِّ صَاحِبِ الْحَيَوَانِ الْجُرْحَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَقَالَ الْغَاصِبُ قَدْ طَرَأَ التَّلَفُ أَوْ النُّقْصَانُ بِسَبَبِ شَقِّ الْجُرْحِ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ تَلِفَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ الْجُرْحِ. فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ مُنْكِرِ الضَّمَانِ، أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى الْمَالِكِ (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ رَعَفَ أَنْفُ إنْسَانٍ بَيْنَمَا كَانَ يَنْظُرُ إلَى زَيْتٍ لِتَاجِرٍ بِقَصْدِ الشِّرَاءِ فَتَنَجَّسَ الزَّيْتُ

فَإِذَا كَانَ يَنْظُرُ إلَيْهِ بِإِذْنِ التَّاجِرِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِلَّا ضَمِنَ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّيْتُ لِلْأَكْلِ لَزِمَ ضَمَانُ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ الْأَكْلِ لَزِمَ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ أَرْضِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ التُّرَابِ قِيمَةٌ وَلَكِنْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَطْرَأْ نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ لِلتُّرَابِ الَّذِي أَخَذَهُ قِيمَةٌ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْعَرْصَةِ أَمْ لَمْ يَطْرَأْ (الْفَيْضِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ أَغْصَانَ شَجَرَةٍ لِآخَرَ فَالنُّقْصَانُ الْمُتَرَتِّبُ بِسَبَبِ ذَلِكَ إنْ كَانَ فَاحِشًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (900) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقَوَّمُ تِلْكَ الشَّجَرَةُ كَامِلَةً مَعَ فُرُوعِهَا الْمَقْطُوعَةِ كَمَا تُقَوَّمُ بِدُونِ تِلْكَ الْفُرُوعِ وَيَكُونُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاضُلِ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ فَتَقَ أَحَدٌ ثِيَابَ الْآخَرِ الْمَخِيطَةِ تُقَدَّرُ قِيمَةُ تِلْكَ الثِّيَابِ مَخِيطَةً وَقِيمَتُهَا غَيْرَ مَخِيطَةٍ وَيَضْمَنُ الْفَاتِقُ الْفَضْلَ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا قَلَعَ أَحَدٌ بَابً دَارِ لِآخَرَ مِنْ مَحَلِّهِ أَوْ بَالَ فِي بِئْرِ وُضُوئِهِ أَوْ فَتَقَ خِيَاطَةَ سَرْجِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ مُؤَلَّفًا وَمُرَكَّبًا إذَا نَقَصَ تَأْلِيفُهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْخَانِيَّةُ) . لَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي بِئْرٍ خَاصَّةٍ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ وَفِي الْبِئْرِ الْعَامَّةِ يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ نَقَضَ أَحَدٌ الْمُؤَلَّفَ مِنْ حَصِيرِ الْآخَرِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ إعَادَتُهُ مُمْكِنَةً يُعَادُ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُمْكِنَةً؛ يُسَلِّمُ الْمَنْقُوضَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْحَصِيرِ صَحِيحَةً وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي كُلِّ شَيْءٍ تُمْكِنُ إعَادَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ اصْطَدَمَ شَخْصٌ وَكَانَ مَاشِيًا وَفِي يَدِهِ زُجَاجَةُ زَيْتٍ آخَرَ فَانْكَسَرَتْ الزُّجَاجَةُ وَسَالَ الزَّيْتُ عَلَى ثِيَابِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَأَفْسَدَهَا يُنْظَرُ فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ الِاصْطِدَامُ مِنْ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ ثِيَابَ الثَّانِي وَإِذَا حَصَلَ مِنْ الثَّانِي يَضْمَنُ زُجَاجَةَ الْأَوَّلِ وَزَيْتَهُ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمُتَّصِلَةِ بِحَائِطِ جَارِهِ وَأَخْرَجَ بِالتَّعَدِّي أَحْجَارَ أَسَاسِ حَائِطِ جَارِهِ. تَرَتَّبَ نُقْصَانٌ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ فِي قِيمَةِ الْحَائِطِ مَبْنِيًّا ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ هَذَا النُّقْصَانَ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ الْجَوْزَ وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى شَجَرِهِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَوْزَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ حَتَّى لَا تُضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الشَّجَرَةِ فَبِإِتْلَافِهَا وَقَطْعِهَا تَنْقُصُ قِيمَةُ الشَّجَرَةِ (الْخَانِيَّةُ) . فَتُقَوَّمُ تِلْكَ الشَّجَرَةُ وَعَلَيْهَا الْجَوْزَاتُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا تُقَوَّمُ مِنْ دُونِهَا وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ أَشْجَارَ الْآخَرِ مِنْ أَصْلِهَا تَغَلُّبًا وَاسْتَهْلَكَهَا كَانَ ضَامِنًا قِيمَةَ

(مادة 918) هدم أحد عقار غيره كالحانوت والدار بغير حق

الْأَشْجَارِ قَائِمَةً (الْبَهْجَةُ، الْفَيْضِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ شَجَرَةً قَائِمَةً (الْخَانِيَّةُ) . تُقَوَّمُ الرَّوْضَةُ أَوَّلًا مَقْطُوعَةَ الْأَشْجَارِ وَأُخْرَى غَيْرَ مَقْطُوعَةِ الْأَشْجَارِ وَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ وَإِذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ الْمَقْطُوعَةُ مَوْجُودَةً فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَخْذُ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ وَيَضْمَنُ النُّقْصَانَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ الْأَشْجَارَ قَائِمَةً. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ مَقْطُوعَةً وَقِيمَتُهَا قَائِمَةً؛ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَدْ أَتْلَفَ أَوْ أَضَاعَ شَيْئًا (الْخَانِيَّةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ كَسَرَ أَحَدٌ سَيْفًا لِآخَرَ قِطْعَتَيْنِ فَلِصَاحِبِ السَّيْفِ أَنْ يُسَلِّمَ قِطْعَتَيْ السَّيْفِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ كَامِلَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ اتَّفَقَ أَحَدٌ عَلَى سَجْرِ تَنُّورِهِ بِالْقَصَبِ وَالْحَطَبِ، ثُمَّ صَبَّ فِيهِ آخَرُ مَاءً وَبَرَّدَهُ تُقَوَّمُ أُجْرَةُ التَّنُّورِ مَسْجُورًا وَغَيْرَ مَسْجُورٍ وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَرْقَ وَالتَّفَاوُتَ بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَوْ طَمَّ أَحَدٌ الْبِئْرَ الَّتِي حَفَرَهَا آخَرُ فِي مِلْكِهِ تُقَوَّمُ تِلْكَ الْبِئْرُ مَحْفُورَةً وَغَيْرَ مَحْفُورَةٍ وَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ. أَمَّا لَوْ أَلْقَى مِقْدَارًا مِنْ التُّرَابِ فِي الْبِئْرِ فَقَطْ فَيُجْبَرُ الْمُلْقِي عَلَى إخْرَاجِهِ، قِيلَ: فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَفَرَ فِي الصَّحْرَاءِ يُنْظَرُ فَإِذَا طَمَّهَا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْمَاءُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. أَمَّا إذَا طَمَّهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْمَاءِ فَيَلْزَمُ الْفَضْلُ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: لَوْ جَزَّ أَحَدٌ غَنَمَ الْآخَرِ مِنْ دُونِ إذْنٍ وَعَمِلَ صُوفَهَا لَبْدًا كَانَ ذَلِكَ اللِّبَدُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللِّبَدَ قَدْ حَصَلَ بِصُنْعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَيُنْظَرُ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُورِثْ جَزُّ الصُّوفِ نُقْصَانًا فِي قِيمَةِ الْغَنَمِ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِثْلَ الصُّوفِ. أَمَّا إذَا كَانَ يُورِثُ نُقْصَانًا فَيُخَيَّرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِثْلَ الصُّوفِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ الْعَارِضَ لِلشِّيَاهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) . [ (مَادَّةُ 918) هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارَ غَيْرِهِ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ بِغَيْرِ حَقٍّ] (مَادَّةُ 918) - (إذَا هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارَ غَيْرِهِ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ أَنْقَاضَهُ لِلْهَادِمِ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا وَإِنْ شَاءَ حَطَّ مِنْ قِيمَتِهِ مَبْنِيًّا قِيمَةَ الْأَنْقَاضِ وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ الْبَاقِيَةَ وَأَخَذَ هُوَ الْأَنْقَاضَ. وَلَكِنْ إذَا بَنَاهُ الْغَاصِبُ كَالْأَوَّلِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ) . لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارَ غَيْرِهِ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ وَالْجِدَارِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْأَمْثَالِ الَّتِي يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِمِثْلِهَا لَكِنْ إذَا كَانَتْ أَنْقَاضُ الْعَقَارِ الْمَهْدُومِ مَوْجُودَةً فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَنْقَاضَ لِلشَّخْصِ الْهَادِمِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ تُوُفِّيَ وَضَمَّنَ الْهَادِمَ إنْ كَانَ حَيًّا وَضَمَّنَ وَرَثَتَهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، وَالْبَهْجَةُ) وَإِنْ شَاءَ حَطَّ قِيمَةَ

الْأَنْقَاضِ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مَبْنِيًّا وَضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ الْبَاقِيَةَ وَأَخَذَ هُوَ الْأَنْقَاضَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ؛ إذْ إنَّ الْأَنْقَاضَ مَوْجُودَةٌ، وَهَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِعَدَمِ بَقَاءِ صُورَةِ الْبِنَاءِ التَّأْلِيفِيَّةِ فَعَلَيْهِ: إنْ شَاءَ صَاحِبُهُ ذَهَبَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ذَهَبَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ أَنْقَاضَ الْعَقَارِ فَلَا يَبْقَى لَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَيَتَعَيَّنُ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَكِنْ إذَا بَنَاهُ الْغَاصِبُ كَالْأَوَّلِ يَعْنِي: عَلَى الْحَالِ الْأُولَى أَوْ خَيْرًا مِنْ الْأُولَى؛ بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ سَوَاءٌ بَنَاهُ بِأَنْقَاضِهِ أَوْ بِمَوَادَّ أُخْرَى أَمَّا إذَا لَمْ يُنْشِئْهُ كَالْأُولَى أَوْ خَيْرًا مِنْ الْأُولَى بَلْ بَنَاهُ عَلَى صُورَةٍ مُتَفَاوِتَةٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ الْحَالِ الْأُولَى فَلَا يَبْرَأُ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ وَتَصَالَحَا فِيهَا وَإِلَّا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ الْقَدِيمِ مَبْنِيًّا وَيَهْدِمُ الْبِنَاءَ الْجَدِيدَ وَيَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ (الشَّارِحُ) . إيضَاحُ هَدْمِ الْجِدَارِ: إذَا هَدَمَ أَحَدٌ حَائِطًا لِآخَرَ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ كَالْحَالِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَجَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) لَوْ كَانَ فِي الْجِدَارِ تَصَاوِيرُ مَصْبُوغَةٌ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجِدَارِ وَالصَّبْغِ لَا التَّصَاوِيرِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ إذَا كَانَتْ لِذِي رُوحٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُعَيَّنُ النُّقْصَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. تُقَوَّمُ الدَّارُ مَرَّةً مَعَ هَذَا الْجِدَارِ وَتُقَوَّمُ أُخْرَى بِدُونِهِ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ النُّقْصَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْهَدْمِ بِحَقٍّ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِالْهَدْمِ بِحَقٍّ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَنْشَأَ الْغَاصِبُ عَلَى الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ أَبْنِيَةً فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَلْعُهَا وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (906) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارَ الْآخَرِ لِإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. الْمَسَائِلُ الَّتِي يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى إنْشَاءِ الْعَقَارِ الْمَهْدُومِ كَالْحَالِ الْأُولَى. لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ عَقَارًا لِوَقْفٍ وَكَانَتْ إعَادَتُهُ إلَى حَالِهِ السَّابِقَةِ مُمْكِنَةً فَيُعَادُ بِنَاؤُهُ كَمَا لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ مَنَارَةَ مَسْجِدٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ حَائِطًا أَوْ جَمِيعَ الْمَسْجِدِ وَاسْتَهْلَكَ الْأَنْقَاضَ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُلْزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِإِنْشَاءِ الْمَنَارَةِ أَوْ الْحَائِطِ أَوْ الْمَسْجِدِ كَالْأَوَّلِ (الْبَهْجَةُ، وَجَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ، وَالْوَاقِعَاتُ) . كَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ الْمُؤَجَّرَةَ لَهُ وَجَعَلَ فِيهَا تَنُّورًا أَوْ طَاحُونَةً يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهَا أَزْيَدَ وَهِيَ تَنُّورٌ أَوْ طَاحُونَةٌ تَبْقَى لِلْوَقْفِ وَتُؤْخَذُ أُجْرَتُهَا وَيَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُتَبَرِّعًا بِمَا صَرَفَهُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَزْيَدَ يُحْكَمُ بِإِعَادَتِهَا إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ وَهَدْمِهَا وَيُعَزَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّازِمِ. وَحُكْمُ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي غَيْرِهِ ثَابِتٌ. وَالْفَرْقُ - كَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ - أَنَّ الْإِفْتَاءَ يَكُونُ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ إعَادَتَهُ إلَى حَالِهِ الْأُولَى أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ مِنْ الْبَدَلِ. كَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي بِئْرِ آخَرَ نَجَاسَةً فَلَا يُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا وَيَضْمَنُ نُقْصَانَهَا. أَمَّا لَوْ أَلْقَى نَجَاسَةً فِي الْبِئْرِ الَّتِي لِلْعَامَّةِ فَيُؤْمَرُ بِنَزْحِهَا؛ لِأَنَّ لِلْهَادِمِ نَصِيبًا فِي الْعَامَّةِ وَيَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُ نَصِيبِ غَيْرِهِ عَنْ نَصِيبِهِ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ الْخَاصَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(مادة 919) هدم أحد دارا بلا إذن صاحبها

[ (مَادَّةُ 919) هَدَمَ أَحَدٌ دَارًا بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا] (مَادَّةُ 919) - (لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارًا بِلَا إذْنِ صَاحِبِهَا بِسَبَبِ وُقُوعِ حَرِيقٍ فِي الْحَيِّ وَانْقَطَعَ هُنَاكَ الْحَرِيقُ فَإِنْ كَانَ قَدْ هَدَمَهَا بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ قَدْ هَدَمَهَا بِنَفْسِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ) . إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ فِي حَيٍّ فَهَدَمَ أَحَدٌ دَارًا لِغَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا لِمَنْعِ سِرَايَةِ الْحَرِيقِ وَقَطْعًا لِتَوَسُّعِهِ فَانْقَطَعَ الْحَرِيقُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَإِنْ كَانَ قَدْ هَدَمَ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَيْ: بِأَمْرِ السُّلْطَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ لِلسُّلْطَانِ وِلَايَةً عَامَّةً فَأَمْرُهُ بِدَفْعِ ضَرَرٍ عَامٍّ صَحِيحٌ مَشْرُوعٌ وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ صَاحِبِ الدَّارِ حِينَئِذٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . فَعَلَيْهِ: إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَرِيقُ وَتَعَدَّى إلَى الدَّارِ الْمَهْدُومَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. وَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِي مَقَامِ عِبَارَةِ (لِأَجْلِ الِانْقِطَاعِ) . وَإِذَا هَدَمَهَا بِنَفْسِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ: قِيمَتَهَا وَالْحَرِيقُ مَوْجُودٌ فِي تِلْكَ الْأَنْحَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ هَدَمَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِ مَالِكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (33) وَإِلَّا ضَمِنَ الْهَادِمُ قِيمَتَهَا كَامِلَةً (الْبَهْجَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَا يَأْثَمُ بِهَذَا الْهَدْمِ وَلَا يَسْتَحِقُّ تَعْزِيرًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) . وَلَمَّا كَانَ لِتِلْكَ الدَّارِ بَعْضُ الْقِيمَةِ لِاحْتِمَالِ خَلَاصِهَا مِنْ الْحَرِيقِ فَالْهَادِمُ يَضْمَنُ تِلْكَ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - أَحَدٌ: أَيْ: غَيْرُ صَاحِبِ الدَّارِ. أَمَّا لَوْ هَدَمَ الدَّارَ صَاحِبُهَا وَانْقَطَعَ الْحَرِيقُ هُنَاكَ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ خَلَصَتْ دُورُهُمْ: إنَّ دُورَكُمْ قَدْ خَلَصَتْ بِسَبَبِي فَاضْمَنُوا قِيمَةَ دَارِي. 2 - بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا: أَمَّا إذَا هَدَمَهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْهَادِمَ ضَمَانٌ. 3 - إذَا هَدَمَ: هَذَا تَعْبِيرٌ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَعِدَ أَحَدٌ سَطْحَ دَارِ لِآخَرَ لِإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِصُعُودٍ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الْحَرِيقِ لَمَّا كَانَ عَامًّا فَلِكُلِّ أَحَدٍ دَفْعُهُ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَوْ هَجَمَ جُنُودُ الْعَدُوِّ عَلَى حُدُودِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَدَفَعَهُ أَحَدٌ بِسِلَاحٍ لِآخَرَ وَتَلِفَ السِّلَاحُ أَثْنَاءَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الشَّخْصَ ضَمَانٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ حَرِيقٌ فِي دَارِ الْحَدِّ وَهَدَمَ جَارُهُ - لِمَنْعِ سَرَيَانِ الْحَرِيقِ - مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَارِ مِنْ السَّتَائِرِ الْخَشَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُضَمِّنَ جَارَهُ بِحُجَّةِ أَنَّهُ هَدَمَ السَّتَائِرَ بِسَبَبِ الْحَرِيقِ الَّذِي وَقَعَ فِي دَارِ ذَلِكَ الْجَارِ (التَّنْقِيحُ) . [ (مَادَّةُ 920) قَطَعَ أَحَدٌ الْأَشْجَارَ الَّتِي فِي رَوْضَةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ] (مَادَّةُ 920) - (لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ الْأَشْجَارَ الَّتِي فِي رَوْضَةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَاحِبُهَا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ قَائِمَةً وَتَرَكَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ لِلْقَاطِعِ وَإِنْ شَاءَ حَطَّ مِنْ قِيمَتِهَا قَائِمَةً قِيمَتَهَا مَقْطُوعَةً وَأَخَذَ الْمَبْلَغَ الْبَاقِيَ وَالْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ. مَثَلًا: لَوْ

كَانَتْ قِيمَةُ الرَّوْضَةِ حَالَ كَوْنِ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ قَائِمَةً عَشْرَةَ آلَافٍ وَبِلَا أَشْجَارٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَقِيمَةُ الْأَشْجَارِ أَلْفَيْنِ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ لِلْقَطْعِ وَأَخَذَ خَمْسَةَ آلَافٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَالْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ) . لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ أَشْجَارًا فِي رَوْضَةِ آخَرَ وَقَطَعَ أَغْصَانَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَصَاحِبُهَا عِنْدَ وُجُودِ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ قَائِمَةً وَتَرَكَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ لِلْقَاطِعِ وَإِنْ شَاءَ حَطَّ مِنْ قِيمَتِهَا قَائِمَةً قِيمَتَهَا مَقْطُوعَةً وَأَخَذَ الْمَبْلَغَ الْبَاقِيَ وَالْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (918) إنَّ تِلْكَ الْأَشْجَارَ مَوْجُودَةٌ وَقَائِمَةٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ جِذْعَ الشَّجَرَةِ وَفُرُوعَهَا قَائِمَةٌ وَيُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ خَشَبًا وَحَطَبًا. وَهَالِكَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ لِكَوْنِهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى هَيْئَتِهَا السَّابِقَةِ مُتَّصِلَةً بِالْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ وَلَمْ يَبْقَ فِي الْإِمْكَانِ الِانْتِفَاعُ بِثَمَرِهَا وَالِاسْتِظْلَالُ بِهَا. وَعَلَيْهِ فَصَاحِبُهَا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ذَهَبَ إلَى الْقِيَامِ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ذَهَبَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ. وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا كَامِلَةً وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْقَاطِعِ بِغَرْسِ مِثْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فِي مَحَلِّهَا؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ. أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ فَلِصَاحِبِهَا أَخْذُ قِيمَتِهَا قَائِمَةً فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ لِصُورَةٍ أُخْرَى. مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّوْضَةِ وَالْأَشْجَارُ قَائِمَةً عَشْرَةَ آلَافٍ وَقِيمَتُهَا بِلَا أَشْجَارٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ أَلْفَيْنِ فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ وَأَخَذَ خَمْسَةَ آلَافٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَالْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ يَعْنِي: يَأْخُذُ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ وَثَلَاثَ آلَافٍ مَعًا. يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ مَقْطُوعَةً كَقِيمَتِهَا قَائِمَةً كَشَجَرَةِ الصَّفْصَافِ وَالْجَوْزِ وَأَخَذَ صَاحِبُهَا الْأَشْجَارَ مَقْطُوعَةً؛ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْقَاطِعِ؛ لِأَنَّ الْقَاطِعَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا (التَّنْقِيحُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْأَشْجَارُ لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَغْصَانِ فَلَوْ قَطَعَ أَحَدٌ أَغْصَانَ شَجَرَةٍ لِآخَرَ قَائِمَةً، تُقَوَّمُ الشَّجَرَةُ مَعَ أَغْصَانِهَا الْمَقْطُوعَةِ وَتُقَوَّمُ مِنْ دُونِهَا وَيَضْمَنُ الْقَاطِعُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ تَفَاوُتٍ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْعَارِضُ لِلشَّجَرَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَاحِشًا ضَمِنَ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ كَامِلَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (900) (الْوَاقِعَاتُ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نَبَتَ غَيْرُ تِلْكَ الْأَغْصَانِ الْمَقْطُوعَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. كَمَا لَوْ حَصَدَ أَحَدٌ زَرْعًا لِآخَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاسْتَهْلَكَهُ وَنَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فَلَا يَبْرَأُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ ضَمَانِ الْمَحْصُودِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . 2 - بِغَيْرِ حَقٍّ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَدَلَّتْ أَغْصَانُ شَجَرَةٍ مِنْ رَوْضَةِ أَحَدٍ عَلَى رَوْضَةِ جَارِهِ وَلَمْ يُمْكِنْ تَفْرِيغُهَا بِشَدِّهَا وَرَبْطِهَا، وَرَاجَعَ الْجَارُ الْحَاكِمَ؛ فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ أَيِّ جِهَةٍ يَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِقَطْعِهَا

(مادة 921) أتلف أحد مال آخر فقابله بإتلاف ماله

مِنْهَا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ رَوْضَةَ جَارِهِ لِأَجْلِ الْقَطْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) أَمَّا إذَا كَانَ تَفْرِيغُ هَوَائِهِ بِشَدِّ تِلْكَ الْأَغْصَانِ وَرَبْطِهَا بِالشَّجَرِ مُمْكِنًا وَقَطْعِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ التَّفْرِيغُ مُمْكِنًا بِشَدِّ بَعْضِهَا دُونَ الْآخَرِ وَقَطْعِهَا كُلِّهَا ضَمِنَ الْأَوَّلَ وَلَا يَضْمَنُ الثَّانِيَةَ. وَلَمَّا كَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقُّ الْقَطْعِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ أَوَّلًا مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ بِقَطْعِهَا فَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِقَطْعِهَا؛ فَبِهَا، وَإِلَّا رَاجَعَ الْقَاضِيَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشْرَ) . وَإِذَا وَجَدَ أَطْرَافَ جُذُوعٍ شَاخِصَةً عَلَى جِدَارِ جَارِهِ وَهِيَ بِحَالٍ لَا يُحْتَمَلُ مِثْلُهَا قَطَعَهَا صَاحِبُ الْجِدَارِ فَإِنْ أَعْلَمَ صَاحِبَ الْجُذُوعِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: ارْفَعْهَا وَإِلَّا أَقْطَعُهَا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِقَطْعِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ يَضْمَنُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . [ (مَادَّةُ 921) أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ فَقَابَلَهُ بِإِتْلَافِ مَالِهِ] (مَادَّةُ 921) لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ آخَرَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ قَدْ ظُلِمَ؛ مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ فَقَابَلَهُ بِإِتْلَافِ مَالِهِ يَكُونُ الِاثْنَانِ ضَامِنَيْنِ. كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مِنْ قَبِيلَةٍ مَالَ آخَرَ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى فَأَتْلَفَ هَذَا أَيْضًا مَالَ ذَاكَ يَضْمَنُ كِلَاهُمَا الْمَالَ الَّذِي أَتْلَفَاهُ لَوْ ظَلَمَ أَحَدٌ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) بَلْ رَاجَعَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِمَا اقْتَرَفَهُ مَعَهُ مِنْ ظُلْمٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) ؛ لِأَنَّ الظُّلْمَ حَرَامٌ قَطْعِيٌّ وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ مَا وَعَلَيْهِ لَا يُبَاحُ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ وَلَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَغْصِبَ وَلَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَنْ يَسْرِقَ وَلَا لِمَقْطُوعِ الطَّرِيقِ أَنْ يَقْطَعَهَا (التَّنْقِيحُ) . مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَ زَيْدٌ مَالَ عَمْرٍو مُقَابَلَةً لِإِتْلَافِهِ مَالَهُ فَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ وَيَكُونَانِ ضَامِنَيْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (912) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ زَيْدٌ مَالَ عَمْرٍو الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلَةِ طَيِّئٍ؛ لِأَنَّ بَكْرًا الَّذِي هُوَ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ أَتْلَفَ مَالَهُ يَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْمَالَ الَّذِي أَتْلَفَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدُ أَهَالِي قَرْيَةٍ نُقُودًا مِنْ ضَعِيفٍ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ جَبْرًا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَ الشَّخْصَ الْآخِذَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا الْمُحَافِظَ الَّذِي فِي جِوَارِ الْقَرْيَةِ. كَذَلِكَ لَوْ انْخَدَعَ أَحَدٌ فَأَخَذَ دَرَاهِمَ زَائِفَةً مِنْ أَحَدٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُدَهَا غَيْرَهُ أَيْ: غَيْرَ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (25) وَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُ وَأَنْ يَطْلُبَ نُقُودًا صَحِيحَةً بَدَلًا مِنْهَا (الْفَيْضِيَّةُ وَالْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) .

الفصل الثاني في بيان إتلاف المال تسببا

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ إتْلَافِ الْمَالِ تَسَبُّبًا] (مَادَّةُ 922) - (لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ وَأَنْقَصَ قِيمَتُهٌ تَسَبُّبًا يَعْنِي: لَوْ كَانَ سَبَبًا مُفْضِيًا لِإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ نُقْصَانِ قِيمَتُهٌ يَكُونُ ضَامِنًا. مَثَلًا: إذَا تَمَسَّكَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ وَحَالّ مُجَاذَبَتِهِمَا سَقَطَ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ تَعَيَّبَ يَكُونُ الْمُتَمَسِّكُ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ سَدَّ أَحَدٌ مَاءَ أَرْضٍ لِآخَرَ أَوْ رَوْضَتِهِ فَيَبِسَتْ مَزْرُوعَاتُهُ وَمَغْرُوسَاتُهُ وَتَلِفَتْ أَوْ أَفَاضَ الْمَاءُ زِيَادَةً وَغَرِقَتْ الْمَزْرُوعَاتُ وَتَلِفَتْ يَكُونُ ضَامِنًا. وَكَذَا لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بَابَ إصْطَبْلٍ لِآخَرَ وَفَرَّتْ حَيَوَانَاتُهُ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ وَفَرَّ الطَّيْرُ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَكُونُ ضَامِنًا) . وَالْمُرَادُ بِفِعْلِهِ هُوَ فِعْلُهُ الْوَاقِعُ بِالتَّعَدِّي، وَيَكُونُ سَبَبًا مُفْضِيًا لِتَلَفِهِ أَوْ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ. فَعَلَيْهِ: إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ الْمَالَ يَضْمَنُ بَدَلَهُ كَامِلًا. وَفِي حَالِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ يَضْمَنُ أَحْيَانًا الْقِيمَةَ كُلَّهَا وَأَحْيَانًا أُخْرَى قِيمَةَ النُّقْصَانِ. كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (900) وَشَرْحِهَا. وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا عِدَّةُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا تَمَسَّكَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ أَوْ جِسْمِهِ وَحَالّ مُجَاذَبَتِهِمَا سَقَطَ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ أَوْ تَعَيَّبَ يَكُونُ الْمُتَمَسِّكُ ضَامِنًا وَيُلْزَمُ الضَّمَانَ فِي صُورَةِ التَّلَفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمَّا إذَا ضَاعَ فَيُنْظَرُ، فَإِذَا سَقَطَ فِي قُرْبِ صَاحِبِ الْمَالِ وَرَآهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) . الِاخْتِلَافُ فِي الْمِقْدَارِ: إذَا اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ أَوْ ضَاعَ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُتْلِفِ أَيْ: لِلشَّخْصِ الْمُتَمَسِّكِ. كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُتَعَلِّقُ السُّقُوطَ وَالتَّلَفَ رَأْسًا؛ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَيَلْزَمُ الْآخَرَ الْإِثْبَاتُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (28) (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ آخَرَ فَتُوُفِّيَ الْمَضْرُوبُ أَوْ سَقَطَ وَهُوَ لَا يَعِي عَلَى نَفْسِهِ فَتَلِفَ مَالٌ أَوْ ثَوْبٌ لَهُ أَوْ ضَاعَ ضَمِنَ الضَّارِبُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ الثَّوْبَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ آخَرَ فِي حَوْضٍ أَوْ جَدْوَلٍ وَسَقَطَ مَا مَعَهُ مِنْ النُّقُودِ فِي الْحَوْضِ أَوْ الْجَدْوَلِ فَإِنْ سَقَطَتْ عِنْدَ الْإِلْقَاءِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ قَدْ سَقَطَتْ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَّا إذَا لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَ الْإِلْقَاءِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ إخْرَاجِ الْمُلْقَى مِنْ الْمَاءِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ حِينَئِذٍ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُلْقَى. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَغْرَى أَحَدٌ كَلْبَهُ بِشَخْصٍ آخَرَ فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ يَكُونُ ضَامِنًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَلْبُ أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَرَاءَ صَاحِبِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: كَذَلِكَ لَوْ سَدَّ أَحَدٌ مَاءَ مَزْرَعَةٍ لِآخَرَ أَوْ مَاءَ رَوْضَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَبِسَتْ مَزْرُوعَاتُهُ

وَمَغْرُوسَاتُهُ الْمَوْجُودَةُ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ أَوْ الرَّوْضَةِ أَوْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ رَوْضَتَهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ فَأَفَاضَ الْمَاءَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَزْرَعَةِ آخَرَ فَغَرِقَتْ مَزْرُوعَاتُهُ وَمَغْرُوسَاتُهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَزْرُوعَاتِ وَالْمَغْرُوسَاتِ الَّتِي تَلِفَتْ فِي زَمَنِ التَّلَفِ. فَلَوْ قَطَعَ أَحَدٌ الْمَاءَ الْجَارِي بِحَقٍّ عَنْ أَرَاضِي الْأُرْزِ الَّتِي لِآخَرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ الْأُرْزُ الَّذِي فِيهَا أَخْضَرَ وَأَجْرَاهَا فِي أَرْضِهِ فَجَفَّ الْأُرْزُ؛ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْأُرْزَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْكُرُومِ وَالْأَشْجَارِ الَّتِي تَجِفُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . وَالْكَيْفِيَّةُ الَّتِي يُقَدَّرُ بِهَا بَدَلُ الضَّمَانِ هِيَ أَنْ تُقَوَّمَ الْمَزْرَعَةُ أَوَّلًا مَزْرُوعَةً أَيْ: تُقَدَّرُ كَمَا لَوْ كَانَ الْأُرْزُ الْمُتْلَفُ مَوْجُودًا فِيهَا وَتُقَوَّمُ مَرَّةً أُخْرَى غَيْرَ مَزْرُوعَةٍ، وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَضْلَ وَالتَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - إذَا سَدَّ: فَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ سَقْيَ زَرْعِهِ فَمَنَعَهُ آخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَتَلِفَ الزَّرْعُ فَلَا يَضْمَنُ (الْبَزَّازِيَّةُ) 2 - لَوْ أَفَاضَ الْمَاءَ، تَكُونُ الْإِفَاضَةُ بِسَقْيِ الْأَرْضِ زِيَادَةً عَنْ احْتِمَالِهَا وَعَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ. فَلَوْ سَقَاهَا عَلَى حَسَبِ الْمُعْتَادِ فَحَدَثَ ضَرَرٌ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ ضَرَرًا فِي مَزْرَعَةِ جَارِهِ وَهُوَ يَسْقِي مَزْرَعَتَهُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ سَقْيُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمَا تَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ؛ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) . كَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا وَتَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِذَا كَانَ سَقْيُهُ خِلَافَ الْمُعْتَادِ وَزِيَادَةً عَنْ تَحَمُّلِ الْأَرْضِ أَوْ كَانَتْ مَزْرَعَتُهُ مُرْتَفِعَةً وَمَزْرَعَةُ جَارِهِ مُنْخَفِضَةً وَلَمْ يَعْمَلْ مُسَنَّاةً لِمَزْرَعَتِهِ أَوْ انْهَدَمَتْ الْمُسَنَّاةُ أَوْ لَمْ يَغْلِقْ الْخَرْقَ وَهُوَ عَالِمٌ بِكَوْنِهِ مَفْتُوحًا فَتَجَاوَزَ الْمَاءُ إلَى مَزْرَعَةِ جَارِهِ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَإِفْسَادِهِ الزَّرْعَ؛ كَانَ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ الْمَاءَ إلَى مَجْرَاهُ زِيَادَةً عَنْ الْمُعْتَادِ وَهُوَ يَسْقِي فَفَاضَ الْمَاءُ عَلَى دَارٍ لِآخَرَ مُتَّصِلَةٍ وَمُنْخَفِضَةٍ عَنْهُ فَجَرَفَ حَائِطَهَا وَبَلَّ مَا فِيهَا مِنْ حِنْطَةٍ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا كَانَ ضَامِنًا (الْبَهْجَةُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشُّرْبِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ وَكَوَّمَ التُّرَابَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا فِي عَرْصَتِهِ بِجَانِبِ حَائِطِ جَارِهِ فَحَصَلَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ ضَغْطٌ عَلَى الْحَائِطِ أَوْرَثَهُ وَهْنًا كَانَ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ أَوْقَدَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَارًا لَا يُوقَدُ مِثْلُهَا عَادَةً فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ دَخَلَ فَرَسُ أَحَدٍ مَزْرَعَةً لِآخَرَ فَهَجَمَ عَلَى الْفَرَسِ صَاحِبُ الْمَزْرَعَةِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْفِزَ الْفَرَسُ إلَى سَاحَةِ الدَّارِ فَبَقَرَ بَطْنَهُ عَمُودٌ فَهَلَكَ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ إصْطَبْلًا لِآخَرَ مِنْ دُونِ إذْنِهِ فَفَرَّ الْحَيَوَانُ الَّذِي فِيهِ وَضَاعَ أَوْ فَتَحَ بَابَ الْقَفَصِ فَطَارَ الطَّيْرُ الَّذِي فِيهِ؛ يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ أَقَالَ عِنْدَ فَتْحِهِ بَابَ الْإِصْطَبْلِ أَوْ الْقَفَصِ لِلْحَيَوَانِ (هِشْ هِشْ) وَلِلطَّيْرِ (كِشْ كِشْ) أَمْ لَمْ يَقُلْ. وَوَجْهُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا أَنَّ فَاتِحَ الْبَابِ وَإِنْ كَانَ

(مادة 923) جفلت دابة أحد من الآخر وفرت فضاعت

مُتَسَبِّبًا فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ تَخَلَّلَ بَيْنَ التَّسَبُّبِ فِعْلٌ لِلْحَيَوَانِ أَوْ الطَّيْرِ وَهُوَ الْفِرَارُ وَالطَّيَرَانُ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُتَسَبِّبَ ضَمَانٌ. لَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مِنْ هَزِيمَةٍ لِلْبَهِيمَةِ؛ كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا عَمِلَ لَدَى فَتْحِهِ الْبَابَ شَيْئًا مُنَفِّرًا لِلْحَيَوَانِ وَمُهَرِّبًا لَهُ كَقَوْلِهِ لِلْحَيَوَانِ (هِشْ هِشْ) وَلِلطَّيْرِ (كِشْ كِشْ) وَلِلْحِمَارِ (هِرْ هِرْ) وَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا قَدْ اخْتَارَتْ فِي هَذَا قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْحُكْمُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ مُسَبِّبَيْنِ: لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ مُسَبِّبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فَاتِحُ الْبَابِ لَكِنْ إذَا وُجِدَ مُسَبِّبَانِ أَيْ: فِيمَا لَوْ اجْتَمَعَ حَالُّ الْقَيْدِ - مَثَلًا - وَفَاتِحُ الْبَابِ فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى فَاتِحِ الْبَابِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ: لَوْ قَيَّدَ أَحَدٌ فَرَسَهُ وَوَضَعَهَا فِي إصْطَبْلِهِ وَأَقْفَلَ عَلَيْهَا الْبَابَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَفَكَّ قَيْدَ الْفَرَسِ وَتَرَكَ الْبَابَ مُقْفَلًا وَجَاءَ آخَرُ وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ الْفَرَسُ فَارًّا وَضَاعَ؛ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى فَاتِحِ الْبَابِ (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ سَبَبٌ قَوِيٌّ لِفِرَارِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ لَا يُمْكِنُهَا الْفِرَارُ وَلَوْ رُفِعَ الْقَيْدُ مَا دَامَ الْبَابُ مُقْفَلًا أَمَّا بَعْدَ فَتْحِ الْبَابِ فَيُمْكِنُهَا الْفِرَارُ وَلَوْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ رِبَاطَ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَ مُحْكَمًا فَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْحَلَّ وَيَفِرَّ؟ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي الْحُكْمِ وَالْأَسْبَابِ إلَى الْجِنْسِ لَا إلَى الْجُزْئِيَّاتِ (الشَّارِحُ) . عَاشِرًا: لَوْ فَكَّ أَحَدٌ حَيَوَانًا فِي إصْطَبْلٍ أَوْ جَمَلًا فِي قِطَارٍ وَضَاعَ الْحَيَوَانُ لَزِمَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْحَادِيَ عَشَرَ: لَوْ شَقَّ أَحَدٌ الْقِرْبَةَ الْمُحَمَّلَةَ عَلَى جَانِبِي الدَّابَّةِ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهَا فَسَالَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَائِعِ فَسَقَطَتْ الْقِرْبَةُ إلَى الْأَرْضِ وَسَالَ مَا فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ مِنْ الْمَائِعِ أَيْضًا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَامِنًا إلَّا أَنَّهُ إذَا سَاقَ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ الدَّابَّةَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّ الْقِرْبَةَ مُنْصَدِعَةٌ يُعْتَبَرُ أَنَّهُ رَاضٍ بِذَلِكَ الِانْصِدَاعِ فَلَوْ سَقَطَ الْجَانِبُ الْآخَرُ مِنْ الْقِرْبَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَلِفَ مَا فِيهِ لَا يَضْمَنُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ حَبْلَ الْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ فَكَانَ سَبَبًا فِي سُقُوطِهِ إلَى الْأَرْضِ وَانْكَسَرَ، أَوْ شَقَّ ظَرْفَ الزَّيْتِ فَكَانَ سَبَبًا فِي سَيَلَانِ الزَّيْتِ وَتَلَفِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (888) (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ نَقَلَ أَحَدٌ آخَرَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ كُرْهًا ضَمِنَ النَّاقِلُ الْأُجْرَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِعَوْدَتِهِ إلَى الْبَلَدِ الْأَوَّلِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (مَادَّةُ 923) جَفَلَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ مِنْ الْآخَرِ وَفَرَّتْ فَضَاعَتْ] (مَادَّةُ 923) - (لَوْ جَفَلَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ مِنْ الْآخَرِ وَفَرَّتْ فَضَاعَتْ؛ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ أَجْفَلَهَا قَصْدًا يَضْمَنُ. وَكَذَا إذَا جَفَلَتْ الدَّابَّةُ مِنْ صَوْتِ الْبُنْدُقِيَّةِ الَّتِي رَمَاهَا الصَّيَّادُ بِقَصْدِ الصَّيْدِ فَوَقَعَتْ وَتَلِفَتْ أَوْ انْكَسَرَ أَحَدُ أَعْضَائِهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا رَمَى الْبُنْدُقِيَّةَ بِقَصْدِ إجْفَالِهَا يَضْمَنُ) (رَاجِعْ مَادَّةَ 93) . قَاعِدَتَانِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: الْمُتَسَبِّبُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَمِّدًا. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ

(مادة 924) يشترط التعدي في كون التسبب موجبا للضمان

الْمُتَسَبِّبُ مُتَعَمِّدًا يَكُونُ ضَامِنًا. وَالتَّعْرِيفَاتُ الْآتِيَةُ قَدْ أُشِيرَ إلَى كُلٍّ مِنْهَا بِرَقْمِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي تَفَرَّعَتْ مِنْهَا. 1 - لَوْ جَفَلَتْ دَابَّةُ أَحَدٍ مِنْ آخَرَ: يَعْنِي: إذَا جَفَلَتْ الدَّابَّةُ مِنْ الشَّخْصِ مِنْ دُونِ أَنْ يَقْصِدَ إجْفَالَهَا فَفَرَّتْ وَضَاعَتْ؛ فَلَا ضَمَانَ وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَرَبَ مِنْهَا مِنْ دُونِ أَنْ يَقْصِدَ إجْفَالَهَا. 2 - أَمَّا إذَا أَجَفْلهَا الشَّخْصُ قَصْدًا وَفَرَّتْ الدَّابَّةُ بِسَبَبِهِ وَضَاعَتْ كَانَ ضَامِنًا (الْفَيْضِيَّةُ) . 3 - لَوْ قَفَزَ أَحَدٌ مِنْ عَلَى حَائِطٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَخَافَتْ وَجَفَلَتْ دَابَّةٌ مَارَّةٌ فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَتْ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِمْلِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. 1 - لَوْ دَخَلَ حَيَوَانُ أَحَدٍ مَزْرَعَةَ الْآخَرِ وَأَكَلَهُ الذِّئْبُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الْمَزْرَعَةِ مِنْ مَزْرَعَتِهِ أَوْ ضَاعَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ سَاقَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الزَّرْعِ. 2 - أَمَّا إذَا سَاقَهُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ الزَّرْعِ سَوَاءٌ أَسَاقَهُ بِلَا مُوجِبٍ أَمْ سَاقَهُ إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا أَمِينًا عَلَى الزَّرْعِ؛ لَزِمَ الضَّمَانُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مِنْ زَرْعِ غَيْرِهِ وَسَاقَهَا إلَى مَكَانٍ يَأْمَنُ مِنْهَا عَلَى زَرْعِهِ فَكَأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . 1 - وَكَذَا إذَا جَفَلَتْ الدَّابَّةُ مِنْ صَوْتِ الْبُنْدُقِيَّةِ الَّتِي أَطْلَقَهَا الصَّيَّادُ بِقَصْدِ الصَّيْدِ وَتَلِفَتْ أَوْ انْكَسَرَ عُضْوٌ مِنْهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) . 2 - أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ بُنْدُقِيَّتَهُ بِقَصْدِ أَنْ يُخِيفَ دَابَّةَ الْآخَرِ فَجَفَلَتْ الدَّابَّةُ وَتَلِفَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ رِجْلُهَا أَثْنَاءَ فِرَارِهَا كَانَ ضَامِنًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (93) . وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ فَقَدْ شُرِطَ فِيهَا التَّعَمُّدُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُتْلِفُ مُبَاشِرًا ضَمِنَ الْمَالَ الَّذِي أَتْلَفَهُ سَوَاءٌ أَتْلَفَهُ مُتَعَمِّدًا أَوْ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (92) وَيَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوَادُّ (912 و 913 و 914 و 915 و 917) (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . [ (مَادَّةُ 924) يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فِي كَوْنِ التَّسَبُّبِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ] (مَادَّةُ 924) - (يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فِي كَوْنِ التَّسَبُّبِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا يَعْنِي: ضَمَانَ الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّرَرِ مَشْرُوطٌ بِعَمَلِهِ فِعْلًا مُفْضِيًا إلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ، مَثَلًا: لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِئْرًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَوَقَعَتْ فِيهَا دَابَّةٌ لِآخَرَ وَتَلِفَتْ يَضْمَنُ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الدَّابَّةُ فِي بِئْرٍ كَانَ قَدْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ وَتَلِفَتْ لَا يَضْمَنُ) يُشْتَرَطُ شَيْئَانِ التَّعَمُّدُ وَالتَّعَدِّي لَأَنْ يَكُونَ التَّسَبُّبُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (912 وَ 923) يَعْنِي: ضَمَانَ الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّرَرِ النَّاشِئِ عَنْ تَسَبُّبِهِ مَشْرُوطٌ بِعَمَلِهِ فِعْلًا مُفْضِيًا إلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ عَمْدًا وَبِغَيْرِ حَقٍّ. أَيْ: إذَا كَانَ قَدْ اسْتَعْمَلَهُ عَمْدًا وَتَعَدِّيًا كَانَ ضَامِنًا، مَثَلًا: لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مِنْ دُونِ إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَيْ: مِنْ دُونِ إذْنِ الْحَضْرَةِ السُّلْطَانِيَّةِ فَسَقَطَ فِيهَا حَيَوَانٌ لِآخَرَ أَوْ وَضَعَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ حَجَرًا وَتَلِفَ فِيهِ الْحَيَوَانُ عَثَرَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ

(المادة 925) فعل أحد فعلا يكون سببا لتلف شيء فحل في ذلك الشيء فعل اختياري

الشَّخْصَ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي التَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا، فَكَمَا أَنَّ فِي الْحَفْرِ الْمَذْكُورِ تَعَدِّيًا فَيُعَدُّ تَعَمُّدًا أَيْضًا. أَمَّا لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَكَان لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ فِيهِ وَسَقَطَ فِيهَا حَيَوَانٌ لِآخَرَ وَتَلِفَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِكُلٍّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ كَمَا يَشَاءُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1192) فَيَكُونُ الْحَفْرُ الْمَذْكُورُ بِحَقٍّ. كَذَلِكَ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ فَانْهَدَمَتْ دَارُ جَارِهِ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْنِيَهَا كَالْأَوَّلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . كَذَلِكَ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ بَيْنَمَا كَانَ أَحَدٌ يُحْرِقُ الْعُشْبَ فِي مَزْرَعَتِهِ إلَى مَزْرَعَةِ جَارِهِ فَحَرَقَتْ مَزْرُوعَاتِهَا فَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بَعِيدَةً عَنْ مَزْرَعَةِ جَارِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ الشَّرَارَةُ إلَيْهَا عَادَةً فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَى مَزْرَعَةِ الْجَارِ فَيَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ فِي مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةُ (الْبَهْجَةُ) وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً بِهَذَا الْمِقْدَارِ فَيَكُونُ تَجَاوُزُ النَّارِ إلَى مَزْرَعَةِ الْغَيْرِ مَعْلُومًا وَيَكُونُ وَاقِدُ النَّارِ قَدْ قَصَدَ إحْرَاقَ زَرْعِ الْغَيْرِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ قَرِيبَةً مِنْ أَرْضِهِ بِحَيْثُ كَانَ الزَّرْعَانِ مُلْتَفَّيْنِ أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ الِالْتِفَافِ عَلَى وَجْهٍ يُعْلَمُ أَنَّ النَّارَ تَصِلُ إلَى زَرْعِ جَارِهِ فَيَضْمَنُ وَاقِدُ النَّارِ زَرْعَ الْجَارِ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ حَرِيقٌ فِي دَارِ أَحَدٍ قَضَاءً بِسَبَبِ إيقَادِهِ النَّارَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ فَلَا يَضْمَنُ. أَمَّا لَوْ احْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ بِسَبَبِ إيقَادِهِ النَّارَ عَلَى الْوَجْهِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ ضَمِنَ قِيمَةَ دَارِ جَارِهِ مَبْنِيَّةً مَعَ بَدَلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يَسْتَطِعْ إخْرَاجَهَا (الْبَهْجَةُ، الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ حَرَقَتْ النَّارُ مَالَ أَحَدٍ بَيْنَمَا حَامِلُهَا كَانَ مَارًّا مِنْ مَكَانٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهُ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ هُبُوبِ الرِّيحِ عَلَى النَّارِ أَوْ بِسَبَبِ سُقُوطِ النَّارِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا مَرَّ بِالنَّارِ مِنْ مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهُ أَوْ إذَا حَصَلَ الْحَرْقُ بِهُبُوبِ الرِّيحِ عَلَى النَّارِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ شَرَارَةٌ وَأَحْرَقَتْهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ، الْفَيْضِيَّةُ) وَالْأَظْهَرُ هُوَ هَذَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَدَّتْ الرِّيحُ بَيْنَمَا كَانَ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سَائِرًا بِسَفِينَتِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ صَرْفَهَا عَنْ شَرَكٍ لِآخَرَ قَدْ نَصَبَهُ وَأَضَرَّتْ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي التَّنُّورِ الَّذِي فِي بَيْتِهِ حَطَبًا كَثِيرًا وَأَوْقَدَهُ إيقَادًا لَا يَحْتَمِلُهُ هَذَا التَّنُّورُ فَاحْتَرَقَتْ دَارُهُ مَعَ دَارِ جَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ يَضْمَنُ دَارَ جَارِهِ (الْخَانِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 925) فَعَلَ أَحَدٌ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ شَيْءٍ فَحَلَّ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ] (الْمَادَّةُ 925) - (لَوْ فَعَلَ أَحَدٌ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِتَلَفِ شَيْءٍ فَحَلَّ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ يَعْنِي أَنَّ شَخْصًا آخَرَ أَتْلَفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً يَكُونُ ذَلِكَ الْمُبَاشِرُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ ضَامِنًا) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 90) .

يَعْنِي: لَوْ حَلَّ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ بَيْنَ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالتَّلَفِ. كَأَنْ يُتْلِفَ شَخْصٌ آخَرُ ذَلِكَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً كَانَ صَاحِبُ ذَلِكَ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ الَّذِي هُوَ الْفَاعِلُ الْمُبَاشِرُ ضَامِنًا وَلَا يَضْمَنُ الشَّخْصُ الْمُتَسَبِّبُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (90) . تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَلْقَى آخَرُ حَيَوَانَ الْغَيْرِ وَتَلِفَ فِي الْبِئْرِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي وَلَيْسَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ ضَمَانٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ فَرَّ أَحَدٌ مِنْ ظَالِمٍ فَأَوْقَفَهُ أَحَدٌ عَنْ الْمَسِيرِ فَلَحِقَ بِهِ الظَّالِمُ وَجَرَمَهُ لَزِمَ الظَّالِمَ الضَّمَانُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ فَتَّشَ ظَالِمٌ عَنْ آخَرَ لِيَأْخُذَ مَالَهُ فَأَرْشَدَ أَحَدٌ ذَلِكَ الظَّالِمَ إلَيْهِ فَأَخَذَ الظَّالِمُ مَالَهُ لَزِمَ الظَّالِمَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ الْآخِذَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ أَوْ حَانُوتَهُ أَوْ نَقَبَ حَائِطَهَا فَفَتَحَ شَخْصٌ الدَّارَ أَوْ الْحَانُوتَ مِنْ النَّقْبِ أَوْ كَسَرَ قُفْلَهَا تَغَلُّبًا وَسَرَقَ مِنْهَا مَالًا سَوَاءٌ أَسَرَقَهُ عَقِيبَ فَتْحِ الْبَابِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ السَّارِقَ وَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ الْخَانِ لَيْلًا وَتَرَكَ بَابَهُ مَفْتُوحًا فَدَخَلَهُ لِصٌّ وَسَرَقَ مَالًا فِيهِ لَزِمَ السَّارِقَ ضَمَانُهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ الْمَدِينَ مِنْ يَدِ دَائِنِهِ وَفَرَّ الْمَدِينُ بَعْدَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانُ الدَّيْنِ. وَيُعَزَّرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَارُّ بِحُكْمِ الْجِنَايَةِ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بِئْرَ حِنْطَةٍ لِآخَرَ فَسَرَقَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ شَخْصٌ آخَرُ ضَمِنَ السَّارِقُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ كَانَ أَهَالِي بَلْدَةٍ فِي جَزِيرَةٍ وَسَطَ الْبَحْرِ يَتَنَاوَبُونَ الْحِرَاسَةَ خَوْفًا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ فَاجْتَاحَ الْحَرْبِيُّونَ دَارًا لِأَحَدِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَنَهَبُوا مَالَهُ فِي نَوْبَةِ حِرَاسَةِ آخَرَ؛ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ الْمَنْهُوبِ أَنْ يُضَمِّنَ صَاحِبَ النَّوْبَةِ مَالَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ أَرْشَدَ جَانٍ أَعْوَانَهُ إلَى دَارِ لِآخَرَ أَوْ دَلَّ شَرِيكٌ لِصًّا عَلَى دَارِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ فَسَرَقَ الْأَعْوَانُ أَوْ سَرَقَ اللِّصُّ مَالَ الشَّخْصِ فَالضَّمَانُ يَكُونُ عَلَى الْآخِذِ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ دَلَّ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلُ مِنْهُ أَمْرٌ أَوْ حَمْلٌ عَلَى السَّرِقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ أَمَرَ أَحَدًا بِذَبْحِ الشَّاةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهَا مِنْ شَخْصٍ فَذَبَحَهَا الْمَأْمُورُ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي الذَّابِحَ قِيمَتَهَا. وَلَا يَضْمَنُ الْآمِرُ الْبَائِعُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْمُورُ عَالِمًا بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ أَمْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ. لَكِنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورُ لِلذَّبْحِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى آمِرِهِ بِمَا ضَمِنَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) الشَّارِحُ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اذْهَبْ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ فَهُوَ أَمِينٌ فَذَهَبَ مِنْهُ وَسَلَبَهُ اللُّصُوصُ؛ فَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالذَّهَابِ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: كُلْ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ فَهُوَ طَيِّبٌ فَأَكَلَ مِنْهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَسْمُومٌ فَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَوْ حَمَّلَ أَحَدٌ عَلَى دَابَّةِ آخَرَ أَثْقَالًا فَجُرِجَ ظَهْرُهَا فَشَقَّ صَاحِبُهَا ذَلِكَ الْجُرْحَ وَبَعْدَ مُدَّةٍ انْدَمَلَ. فَإِذَا انْدَمَلَ الْجُرْحُ تَمَامًا فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا حَدَثَ نُقْصَانٌ بِسَبَبِهِ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِسَبَبِ الشَّقِّ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِسَبَبِ الْجُرْحِ نَفْسِهِ ضَمِنَهُ، وَكَذَا إذَا مَاتَتْ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلَّذِي اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ؛ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِ الدَّابَّةِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) . قَدْ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ مِنْ (جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) تَحْتَ عِنْوَانِ (فِي التَّسَبُّبِ وَالدَّلَالَةِ) بَعْضَ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. مُسْتَثْنًى: قَدْ أُفْتِيَ بِكَوْنِ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا وَشَى زَيْدٌ بِعَمْرٍو عِنْدَ أَهْلِ الْعُرْفِ الْمَعْرُوفِينَ بِالظُّلْمِ وَكَانَ سَبَبًا لَأَنْ يَغْرَمَ عَمْرٌو بِمَبْلَغٍ؛ فَلِعَمْرٍو أَنْ يُضَمِّنَ زَيْدًا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْبَهْجَةُ) وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيُقَالُ لِلسَّاعِي (الْمُثَلَّثِ) ؛ لِأَنَّ السَّاعِيَ أَوَّلًا: يُسِيءُ إلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ فِعْلًا ذَمِيمًا وَمَقْدُوحًا فِيهِ. ثَانِيًا: يُسِيءُ إلَى جِنْسِهِ أَيْ: يَكُونُ قَدْ ظَلَمَ الَّذِي سَعَى بِهِ ثَالِثًا: يَكُونُ قَدْ أَسَاءَ أَيْضًا إلَى الَّذِي سَعَى لَهُ؛ إذْ يَكُونُ قَدْ سَاقَهُ إلَى الظُّلْمِ وَقَالَ امْرُؤٌ لِكَعْبِ الْأَحْبَارِ: نَبِّئْنِي مَا الْمُثَلَّثُ؟ فَقَالَ شَرُّ النَّاسِ الْمُثَلَّثُ يَعْنِي: السَّاعِيَ بِأَخِيهِ إلَى أَهْلِ الْعُرْفِ يُهْلِكُ ثَلَاثَةً نَفْسَهُ وَأَخَاهُ وَأَهْلَ الْعُرْفِ بِالسَّعْيِ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَخْبَرَ أَحَدٌ آخَرَ مَعْرُوفًا بِنَهْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ أَنَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ حِنْطَةً لِفُلَانٍ أَوْ لَهُ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَرَسٌ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ فَأَخَذَ الْحِنْطَةَ أَوْ الْفَرَسَ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ الْمُخْبِرُ ضَامِنًا. وَإِذَا تُوُفِّيَ السَّاعِي يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) .

الفصل الثالث فيما يحدث في الطريق العام

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ] إنَّ الْمَوَادَّ الَّتِي فِي هَذَا الْفَصْلِ هِيَ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَادَّةَ (928) لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْعِنْوَانِ. وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ هُنَا الطَّرِيقُ الْوَاقِعُ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَلَيْسَ الطَّرِيقَ الْعَامَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَفَازَةِ وَالصَّحْرَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِي مُحَجَّةِ الطَّرِيقِ فِي الصَّحْرَاءِ أَيْ: فِي مَحَلِّ مُرُورِ النَّاسِ مِنْهُ بِئْرًا مَثَلًا وَتَلِفَ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ لَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْبِئْرَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ اتِّسَاعِهِ يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْبِئْرُ وَالْمُرُورُ مِنْ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) (الْمَادَّةُ 926) (لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ غَيْرَهُ بِالْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا فَلَوْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْحَمَّالِ حِمْلٌ أَتْلَفَ مَالَ أَحَدٍ يَكُونُ الْحَمَّالُ ضَامِنًا وَكَذَا إذَا أَحْرَقَتْ شَرَارَةٌ ثِيَابَ أَحَدٍ كَانَ مَارًّا فِي الطَّرِيقِ وَكَانَتْ الشَّرَارَةُ الَّتِي طَارَتْ مِنْ دُكَّانِ الْحَدَّادِ حِينَ ضَرْبِهِ الْحَدِيدَ يَضْمَنُ الْحَدَّادُ ثِيَابَ الْمَارِّ) . يَعْنِي أَنَّ لِأَهَالِي الْحَيِّ أَوْ الْبَلَدِ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي فِي الْحَيِّ أَوْ الْبَلَدِ كَمَا أَنَّ لِأَهَالِي حَيٍّ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْهُ أَيْضًا. وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ لِكُلٍّ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْهُ رَاجِلًا كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (932) أَنَّ لِكُلٍّ الْمُرُورَ مِنْهُ بِحَيَوَانِهِ لَكِنَّ حَقَّ هَذَا الْمُرُورِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَاجْتِنَابُهَا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ لِعُمُومِ النَّاسِ وَعَلَيْهِ فَيُعَدُّ الْمَارُّ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ كَصَاحِبِ حِصَّةٍ فِيهِ وَهُوَ مِنْ وَجْهٍ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ أُعْطِيَ حَقُّ الْمُرُورِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَمَّا فِي الْحَالَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَرْطٍ كَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ عَنْهُ فِي الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ؛ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى مَنْعِ الْمُرُورِ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ مُقَيَّدًا فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ سَقَطَ الْحِمْلُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ الْحَمَّالِ أَوْ رَأْسِهِ فَأَتْلَفَ مَالًا لِآخَرَ سَوَاءٌ أَتَلِفَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بِتَدَحْرُجِ الْحِمْلِ عَلَيْهِ كَسُقُوطِهِ عَلَى أَوَانِي الزُّجَاجِ وَكَسْرِهِ إيَّاهَا أَوْ

سُقُوطِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَعُثُورِ أَحَدٍ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِضْرَارِهِ بِهِ - ضَمِنَ الْحَمَّالُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّ تَحْمِيلَ الْحِمْلِ عَلَى الظَّهْرِ وَالرَّأْسِ وَالْمُرُورَ بِهِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَكَذَلِكَ إطْلَاقُ الْبُنْدُقِيَّةِ عَلَى الْهَدَفِ أَوْ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَانِيَّةُ) . وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَمَّالُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ الْمَذْكُورَ عَلَى الطَّرِيقِ فَلَمْ يَنْقَطِعْ أَثَرُ فِعْلِهِ بَعْدُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . مَثَلًا: لَوْ سَقَطَ الْحِمْلُ مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ حَمَّالٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَعَثَرَ بِهِ، وَهُوَ لَا يَزَالُ فِي الطَّرِيقِ، إنْسَانٌ قَضَاءً وَتَلِفَتْ ثِيَابُهُ كَانَ ضَامِنًا. ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَضَعَ الْحِمْلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ إذْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ وُقُوعِ الْحِمْلِ فِي الطَّرِيقِ فِعْلٌ غَيْرُهُ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الطَّرِيقُ الْعَامُّ: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ وَدَارِ الْغَيْرِ. الْمُرُورُ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلَاتٌ. لَا يَجُوزُ الْمُرُورُ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ إذَا أُحِيطَتْ بِشَيْءٍ كَالْحَائِطِ أَوْ السِّيَاجِ أَوْ مَنَعَ صَاحِبُهَا مِنْ الْمُرُورِ مِنْهَا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) ؛ لِأَنَّ الْإِحَاطَةَ بِحَائِطٍ تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْمُرُورِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمُحَاطِ. أَمَّا إذَا لَمْ تُحَطْ بِحَائِطٍ وَلَمْ يَمْنَعْ صَاحِبُهَا مِنْ الْمُرُورِ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ غَيْرُهَا، وَكَانَ الْمَارُّ وَاحِدًا فَيُمْكِنُهُ الْمُرُورُ وَإِذَا كَانَ جَمَاعَةً؛ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ هُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ فَلَا يَحِلُّ الْمُرُورُ مِنْهُ أَيْضًا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْقَاسِم أَنَّهُ إذَا ضَلَّ أَحَدٌ طَرِيقَهُ فَلَهُ الْمُرُورُ مِنْ الزَّرْعِ بِشَرْطِ أَلَّا يُتْلِفَ الزَّرْعَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . دُخُولُ دَارِ الْغَيْرِ: يُحْظَرُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحَظْرِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا سَقَطَ ثَوْبٌ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ وَخَافَ إذَا أَخْبَرَ صَاحِبَ الدَّارِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَجْحَدَهُ فَلَهُ دُخُولُ الْبَيْتِ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَ بِذَلِكَ بَعْضَ الصَّالِحِينَ فَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ خَطَفَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَفَرَّ وَدَخَلَ إلَى بَيْتِهِ وَلَحِقَ بِهِ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَهُ دُخُولُ مَنْزِلِهِ مِنْ دُونِ إذْنِهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ مَجْرَى لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ فِيهِ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى الْعِمَارَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُمَكِّنْ صَاحِبُ الدَّارِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ الدُّخُولِ لِلْمَجْرَى وَإِصْلَاحِهِ فَيُقَالُ لِرَبِّ الْبَيْتِ إمَّا أَنْ تُعْطِيَ صَاحِبَ الْمَجْرَى الْإِذْنَ بِدُخُولِ الدَّارِ لِيُصْلِحَهُ، وَإِمَّا أَنْ تُصْلِحَهُ أَنْتَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ الْإِمَامَانِ: إنَّ لِصَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ الدُّخُولَ إلَيْهَا مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمُعَايَنَةِ الْمَحَالِّ الْمُحْتَاجَةِ لِلْعِمَارَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ دُخُولُهَا مِنْ دُونِ إذْنِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الْحِمْلُ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الرِّدَاءُ الَّذِي يَلْبَسُهُ أَحَدٌ أَوْ عِمَامَتُهُ فَأَضَرَّ بِمَالِ الْآخَرِ كَمَا لَوْ سَقَطَ عَلَى كُوبِ مَاءٍ لِآخَرَ فَكَسَرَهُ أَوْ سَقَطَ الرِّدَاءُ فَتَعَلَّقَ بِرِجْلَيْ أَحَدٍ فَعَثَرَ فَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ

(مادة 927) الجلوس في الطريق العام للبيع والشراء

ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ (الْخَانِيَّةُ) وَالسَّيْفُ كَالرِّدَاءِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِمْلِ وَالرِّدَاءِ هُوَ أَنَّ حَامِلَ الْحِمْلِ إنَّمَا وُجِدَ بِقَيْدِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى ذَلِكَ الْحِمْلِ، وَعَلَيْهِ: لَا مَشَقَّةَ فِي تَقْيِيدِ هَذَا بِوَصْفِ السَّلَامَةِ. أَمَّا لَابِسُ الثِّيَابِ فَلَمْ يُقَيَّدْ بِقَيْدِ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا مِنْ السُّقُوطِ وَفِي تَقْيِيدِهِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ طَارَتْ شَرَارَةٌ بَيْنَمَا كَانَ الْحَدَّادُ يَطْرُقُ الْحَدِيدَ فِي دُكَّانِهِ فَأَحْرَقَتْ ثِيَابًا لِآخَرَ كَانَ مَارًّا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ أَتْلَفَتْ دَابَّةً لَهُ كَانَ الْحَدَّادُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْخَسَارَةَ الَّتِي تَحْصُلُ بِسَبَبِ طَيَرَانِ الشَّرَارَةِ بِطَرْقِ الْحَدَّادِ الْحَدِيدَ كَالْخَسَارَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ الْحَدَّادِ مِنْ دُونِ قَصْدٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ أَعْمَاهُ لَزِمَتْ الدِّيَةُ (الْخَانِيَّةُ) . وَهُوَ يَطْرُقُ يَعْنِي: مِنْ طَرْقِهِ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَطَايَرْ الشَّرَارَةُ مِنْ طَرْقِ الْحَدَّادِ الْحَدِيدَ بَلْ مِنْ كِيرِهِ أَوْ أَطَارَتْ الرِّيحُ شَرَارَةً مِنْ الْحَدِيدِ الَّذِي أَحْمَاهُ فَأَحْرَقَتْ ثِيَابَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ قَتَلَتْهُ أَوْ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُتَسَبِّبًا فَلَيْسَ بِمُتَعَمِّدِ وَلَا مُتَعَدٍّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) وَشَرْحَهَا (الْخَانِيَّةُ) . إنَّ الْعَمَلَةَ الْمُشْتَغِلِينَ بِقَلْعِ الْأَحْجَارِ وَكَسْرِهَا يَثْقُبُونَ الصُّخُورَ وَيَضَعُونَ فِي الثُّقْبِ بَارُودًا وَيَضَعُونَ ذُبَالَةً فِي الْبَارُودِ وَيُوقِدُونَ تِلْكَ الذُّبَالَةَ فَتَتَفَتَّتُ الصُّخُورُ وَتَتَطَايَرُ قِطَعُ الْأَحْجَارِ إلَى الْعَلَاءِ فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ ثُمَّ لَا تَلْبَثُ أَنْ تَهْوَى إلَى الْحَضِيضِ وَكَثِيرًا مَا تَقْتُلُ أُنَاسًا وَتَهْدِمُ بُيُوتًا. وَبِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ تَضْمِينُ وَاقِدِ الذُّبَالَةِ دِيَةُ الْقَتِيلِ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ. وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةِ مِنْ مَادَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ فَرْعٌ مِنْ الْمَادَّةِ (912) كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. [ (مَادَّةُ 927) الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ] (مَادَّةُ 927) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ وَإِحْدَاثُهُ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَإِذَا فَعَلَ يَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ يَتَوَلَّدَانِ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَدَوَاتِ الْعِمَارَةِ أَوْ الْحِجَارَةِ وَعَثَرَ بِهَا حَيَوَانٌ آخَرُ وَتَلِفَ يَضْمَنُ كَذَلِكَ لَوْ صَبَّ أَحَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا يُزْلَقُ بِهِ كَالدُّهْنِ وَزَلَقَ بِهِ حَيَوَانٌ وَتَلِفَ يَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلْمُرُورِ، وَالْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ لِلطَّرِيقِ لِغَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَلِفَ شَيْءٌ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا أَمَّا إذَا جَلَسَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِإِذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَا يَضْمَنُ الضَّرَرَ الْمُتَوَلِّدَ عَنْ ذَلِكَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ وَرَدَ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَفِي شَرْحِهِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَحَدٍ لَكِنَّ هَذَا فِيمَا لَمْ يُمْنَعْ الْجُلُوسُ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَمَّا مُنِعَ الْجُلُوسُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَقَدْ أَصْبَحَ مَمْنُوعًا. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَضْعُ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَإِحْدَاثُ أَشْيَاءَ فِيهَا كَالْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ والجرصن أَيْ: الْغُرْفَةُ الْبَارِزَةُ عَلَى السُّوقِ وَإِذَا حَاوَلَ إحْدَاثَ ذَلِكَ يُمْنَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ. وَلِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْمُرُورِ حَقُّ مَنْعِهِ. وَسَيُوَضِّحُ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1213) وَإِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ

إحْدَاثِهِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ يُهْدَمُ وَيُرْفَعُ. مَثَلًا: لَوْ أَنْشَأَ طَفَفًا وَاطِئًا بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَوْ دَرَجًا مِنْ الْحِجَارَةِ فِي قِسْمٍ مِنْ الزُّقَاقِ فَضَاقَ بِهِ الزُّقَاقُ يُهْدَمُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ وَكَانَتْ دَارُهُ عَلَى جَانِبَيْ الطَّرِيقِ وَعَمِلَ جِسْرًا لِلْوَصْلِ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ فِي مَكَان عَالٍ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْمُرُورِ؛ فَيُهْدَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَيْضًا، وَلَا يُهْدَمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْمَادَّةِ (1213) وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَادَّةُ قَائِلَةً بِعَدَمِ جَوَازِ رَفْعِ الْمُحْدَثَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ. وَتَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ هِيَ: اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ: قَدْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِ إحْدَاثِ أَشْيَاءَ كَالْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ والجرصن وَفِي الْجُلُوسِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَيَجُوزُ إحْدَاثُ أَمْثَالِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ تَحْتَ شَرْطَيْنِ: أَوَّلِهِمَا أَنْ لَا تَكُونَ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ مُنِعَ مِنْ إحْدَاثِهَا وَعَلَيْهِ: إنْ كَانَ الْإِحْدَاثُ مُضِرًّا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يُمْنَعْ كَمَا لَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ بَعْدَ مَنْعِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا حَتَّى إنَّهُ يَأْثَمُ لَوْ أَحْدَثَهُ وَأَبْقَاهُ وَانْتَفَعَ بِهِ. وَلَمَّا كَانَ قَدْ مُنِعَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِحْدَاثُ بِلَا إذْنٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ بَعْدُ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَكَمَا أَنَّهُ حَاوَلَ الْإِحْدَاثَ فَلِكُلٍّ حَقُّ مُمَانَعَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ لَمْ يَكُنْ، فَلَوْ أَحْدَثَهَا أَحَدٌ مُنْتَهِزًا فُرْصَةً مَا فَلِكُلٍّ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِبَعْضِهَا وَرَفْعِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْهَا ضَرَرٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ بِالْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ لَمَّا كَانَ عَائِدًا إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلِكُلٍّ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ آخِذِ هَذَا الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ: كُلُّ أَحَدٍ، أَيْ: كُلُّ حُرٍّ بَالِغٍ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَمْ غَيْرَ مُسْلِمٍ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى. إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ لِلشَّخْصِ الْمُدَّعِي بِدَعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُحْدَثَاتٌ كَهَذِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ. وَإِذَا كَانَ لَهُ مُحْدَثَاتٌ تُعَدُّ دَعْوَاهُ تَعَنُّتًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ إزَالَةَ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ؛ لَبَدَأَ بِنَفْسِهِ. إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُطْلَبُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ أَنْ يَكُونَ النَّاهِي مُتَبَاعِدًا عَنْهُ هَذَا الشَّرْطُ وَالْقَيْدُ فَلِمَنْ كَانَ لَهُ مُحْدَثَاتٌ كَهَذِهِ حَقُّ الِادِّعَاءِ أَيْضًا. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ إحْدَاثِ الْمُحْدَثَاتِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَمْ لَمْ يَكُنْ لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِنَقْضِهِ بَعْدَ إحْدَاثِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُخَالَفَةِ وَلَا حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِنَقْضِهِ أَيْضًا. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَكِنَّ الْمَادَّةَ (1213) كَانَتْ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ قَبُولَ قَوْلِهِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اسْتِثْنَاءٌ: لِكُلٍّ أَنْ يُلْقِيَ الثَّلْجَ الَّذِي فِي بَيْتِهِ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ عُمُومِ الْبَلْوَى. فَعَلَيْهِ: لَوْ زَلَقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَحَدُ الْمَارَّةِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 91) (الْخَانِيَّةُ) قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُنَازَعَةِ أَوْ الْأَبْنِيَةِ السَّارِي

فِي زَمَانِنَا إحْدَاثُ جرصن أَوْ طَنَفٍ أَوْ إحْدَاثُ قَنَاةٍ وَتَطْهِيرُهَا وَحَفْرُ بِئْرٍ. جَوَازُ إعْطَاءِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاءُ الْإِذْنِ إذَا كَانَ لَا يَلِيقُ إعْطَاؤُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ الْمُحْدَثَاتِ تَضُرُّ بِالنَّاسِ لِضِيقِ الطَّرِيقِ وَكَانَ ثَمَّةَ مَصْلَحَةٌ وَمَنْفَعَةٌ فِي إعْطَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تُرْفَعُ تِلْكَ الْمُحْدَثَاتُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَهَا الْمُحْدِثُ لِنَفْسِهِ. أَمَّا إذَا أَحْدَثَهَا الْعَامَّةُ وَلَمْ تَكُنْ مُضِرَّةً فَيَجُوزُ بَقَاؤُهَا وَلَا تُرْفَعُ. مَثَلًا: لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي زَاوِيَةٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَجَرَةً تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَالْعَابِرِينَ وَأَمْكَنَ الْعَامَّةُ أَنْ تَسْتَظِلَّ بِهَا جَازَ وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ. تُوجَدُ قَاعِدَتَانِ فِي الْأَضْرَارِ الَّتِي تَحْصُلُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الْمُحْدَثَةِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِيهِ فِي أَيِّ مَكَان يُوضَعُ مِنْهُ. فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الْمُتَوَلَّدِ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ. وَسَوَاءٌ أَوَقَعَ ضَرَرٌ كَالتَّلَفِ وَقْتَ وَضْعِهِ الشَّيْءَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَضْعِ فَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ مَا بَقِيَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ. أَمَّا لَوْ أَزَالَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْصُلُ بَعْدَئِذٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْخَانِيَّةُ) . كَمَا لَوْ وُضِعَتْ جَمْرَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَهَبَّتْ عَلَيْهَا الرِّيحُ وَأَزَالَتْهَا عَنْ مَكَانِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ وَكَذَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ السَّيْلُ وَدَحْرَجَهُ فَكَسَرَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ (الْخَانِيَّةُ) . وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: قَدْ أُشِيرَ إلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى بِرَقْمِ (1) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (2) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (3) وَهَا هُوَ بَيَانُ تِلْكَ التَّعْرِيفَاتِ: 1 - فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ شَجَرَةً وَلَوْ وَضَعَ خَشَبًا أَوْ أَحْجَارًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ تُرَابًا فَوَطِئَهُ حَيَوَانٌ آخَرُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَحَدٌ فَعَثَرَ وَعَطِبَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَذَا لَوْ وَضَعَ اثْنَانِ جِرَارَهُمْ أَوْ أَكْوَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَتَدَحْرَجَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَكُسِرَتْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِرَارَ الْآخَرِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةِ (93) وَشَرْحَهَا وَلَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِالْخَشَبِ أَوْ الْأَحْجَارِ الَّتِي وَضَعَهَا آخَرُ وَهَلَكَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دِيَتَهُ. كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا. 3 - لَكِنْ إذَا رَفَعَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ مِنْ مَكَانِهَا وَنَقَلَهَا إلَى غَيْرِهِ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا ضَرَرٌ لَزِمَ الضَّمَانُ هَذَا الشَّخْصَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ قَدْ انْفَسَخَ.

إيضَاحُ الْقُيُودِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: حَيَوَانٌ آخَرُ. هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ تَلِفَ إنْسَانٌ لَزِمَتْ دِيَتُهُ أَيْضًا. فَلَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا كَالْحِجَارَةِ وَالْأَخْشَابِ فَعَثَرَ بِهَا إنْسَانٌ قَضَاءً وَسَقَطَ وَهَلَكَ لَزِمَ وَاضِعَهَا دِيَتُهُ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . الْقَيْدُ الثَّانِي: عَثَرَ بِهِ: قَدْ أُشِيرَ بِهَذَا التَّعْبِيرِ إلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ: أَوَّلُهَا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا فَجَفَلَ مِنْهُ حَيَوَانٌ أَيْ: لَوْ فَرَّ الْحَيَوَانُ مِنْ دُونِ أَنْ يَمَسَّهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَتَلِفَ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ الْحَيَوَانُ الْعَاثِرُ بِالشَّيْءِ الْمَذْكُورِ وَأَتْلَفَ آخَرُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْخَانِيَّةُ) . ثَانِيهَا: لَوْ أَنْشَأَ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جِسْرًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى نَهْرٍ كَبِيرٍ يَمُرُّ مِنْهُ فَمَرَّ شَخْصٌ عَنْ ذَلِكَ الْجِسْرِ قَصْدًا وَعَمْدًا فَأَصَابَهُ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. وَالْوَجْهُ هُوَ أَلَّا يَكُونَ تَعَمَّدَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ لَفْظِ (عَثَرَ) . ثَالِثُهَا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ جِذْعًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَأَضَرَّ بِشَخْصٍ مَرَّ عَنْهُ مُتَعَمِّدًا فَلَا يَلْزَمُ الْوَاضِعَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَصِيرًا وَهُنَاكَ مَوْضِعٌ آخَرُ لِلْمُرُورِ فَيَكُونُ بِمُرُورِهِ تَعَمُّدًا قَدْ أَتْلَفَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ وَأَضَرَّ بِهَا تَعَمُّدًا. أَمَّا إذَا لَمْ يَمُرَّ مُتَعَمِّدًا كَأَنْ كَانَ أَعْمَى أَوْ مَرَّ لَيْلًا كَانَ الْوَاضِعُ ضَامِنًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . 2 - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَنَفًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ الَّذِي أَمَامَ دَارِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَبَعْدَ ذَلِكَ بَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُحْدَثِ ضَرَرٌ لَزِمَ الْمُتَسَبِّبَ الضَّمَانُ وَلَا يَخْلُصُ مِنْهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ نَارًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الرِّيحِ فَأَشْعَلَتْ الرِّيحُ النَّارَ فَاشْتَعَلَتْ وَسَرَتْ إلَى مَا يُجَاوِرُهَا فَأَحْدَثَتْ فِيهِ ضَرَرًا كَانَ ضَامِنًا أَمَّا لَوْ أَلْقَى النَّارَ فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ ثُمَّ هَبَّتْ فَسَرَتْ بِهُبُوبِهَا عَلَيْهَا وَتَحْرِيكِهَا إيَّاهَا إلَى مَا حَوْلَهَا وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْبَهْجَةُ) . 2 - لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ قِدْرَ الْقَطِرَانِ الْمَغْلِيِّ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مِنْ دُونِ إذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَمَرَّ رَجُلٌ أَعْمَى مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ وَسَقَطَ فِيهِ فَلَحِقَ الْأَعْمَى ضَرَرٌ كَانَ الْوَاضِعُ ضَامِنًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 1 - لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ عَلَى حَائِطٍ جِذْعًا فَسَقَطَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقٌّ فِي وَضْعِهِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُتَعَدِّيًا (الْخَانِيَّةُ) 2 - كَذَلِكَ لَوْ صَبَّ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا يُزْلَقُ بِهِ كَالدُّهْنِ أَوْ الْقَشِّ أَوْ الْمَاءِ وَزَلَقَ بِهِ حَيَوَانٌ فَتَلِفَ هُوَ بِسُقُوطِهِ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ تَلِفَ الْحِمْلُ؛ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَامِنًا. مَثَلًا: لَوْ أَلْقَى قِشْرَ الْبِطِّيخِ فِي الزُّقَاقِ فَمَرَّ حَيَوَانٌ حَامِلًا زَيْتًا فَزَلَقَتْ رِجْلُهُ فَتَلِفَ الزَّيْتُ؛ كَانَ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ فِعْلًا غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ وَيَلْزَمُ مَنْ يُحْدِثُ فِعْلًا كَهَذَا ضَمَانُ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْدُثُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . 2 - لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ أَنْ يَرُشَّ أَمَامَ حَانُوتِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَاءً وَرَشَّهَا الْآخَرُ فَزَلَقَتْ رِجْلُ

حَيَوَانٍ لِأَحَدٍ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَلِفَ يَضْمَنُ الْآمِرُ اسْتِحْسَانًا. وَلَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - بِلَا إذْنٍ، وَسَبَبُ هَذَا الْقَيْدِ هُوَ لَوْ أَذِنَ وَلِيُّ الْأَمْرِ لِذَلِكَ الشَّخْصَ بِمَا فَعَلَ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُعَارَضَتُهُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَيْئًا كَالْكَنِيفِ أَوْ الجرصن أَوْ كَوَّمَ أَحْجَارًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ لِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَمَا يُحْدِثُهُ أَحَدٌ بِإِذْنِهِ وَأَمْرِهِ فِي الطَّرِيقِ كَانَ فِي حُكْمِ إحْدَاثِهِ إيَّاهُ فِي مِلْكِهِ. لَكِنْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ لَا يَأْذَنَ بِإِحْدَاثِ أَشْيَاءَ تَضُرُّ بِالنَّاسِ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الطَّرِيقُ الْعَامُّ، سَبَبُ هَذَا الْقَيْدِ. أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ مِلْكًا لِأَصْحَابِهِ؛ فَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا بِوَجْهِ حَقٍّ التَّصَرُّفُ فِيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ إلَّا بِإِذْنِ أَصْحَابِهِ جَمِيعِهِمْ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَجْنَبِيٌّ بِنَاءً فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ بِإِذْنِ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ وَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَابْتَاعَ دَارًا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلِذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْمُرَ الْأَجْنَبِيَّ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا تَصَرُّفُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ بِالْوَجْهِ الْمَوْجُودِ فِي السَّكَنِ جُمْلَةً كَوَضْعِ الْأَخْشَابِ. وَصَبِّ الْمَاءِ. مَثَلًا: لَوْ صَبَّ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَمَامَ دَارِهِ تُرَابًا أَوْ رَبَطَ دَابَّةً أَوْ وَضَعَ حِجَارَةً لِيَدُوسَ عَلَيْهَا حَالٍ دُخُولِ الدَّارِ وَخُرُوجِهِ مِنْهَا فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى أَحَدُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الثَّلْجَ الَّذِي فِي دَارِهِ إلَى الطَّرِيقِ فَزَلَقَ بِهِ أَحَدٌ وَتَرَتَّبَ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبَلْوَى فِي هَذَا عَامَّةٌ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إلْقَائِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا كَمَا بُيِّنَ سَابِقًا (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (122) . كَذَلِكَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْجُلُوسُ فِيهَا إذَا تَرَتَّبَ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُونَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) . 3 - الْحَيَوَانُ، فِيمَا إذَا سَقَطَ إنْسَانٌ وَزَلَقَ هَلَكَ تَلْزَمُ الْوَاضِعَ دِيَتُهُ كَمَا تَلْزَمُهُ لَوْ تَمَزَّقَتْ ثِيَابُهُ بِسُقُوطِهِ ضَمَانٌ لَكِنَّ ضَمَانَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ سُقُوطِ الْإِنْسَانِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا اسْتَغْرَقَ الْمَصْبُوبُ أَوْ الْمَوْضُوعُ الطَّرِيقَ الْعَامَّ كُلَّهُ وَلَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ خَالٍ لِلْمُرُورِ. أَمَّا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْضُوعُ لَمْ يَسْتَغْرِقْ جَوَانِبَ الطَّرِيقِ جَمِيعَهَا كَأَنْ كَانَ مَوْضُوعًا فِي جَانِبٍ مِنْهَا وَكَانَ الْمُرُورُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مُمْكِنًا وَمَرَّ الْمَارُّ تَعَمُّدًا مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَحِقَهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ آنِفًا (الْبَزَّازِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . انْتِفَاءُ الضَّمَانِ: يَنْتَفِي الضَّمَانُ بِشَيْئَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: الْمُرُورُ تَعَمُّدًا. ثَانِيهِمَا: كَوْنُ الْوَضْعِ وَالْإِحْدَاثِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لَكِنْ لَوْ قُيِّدَ الْإِذْنُ الْمُعْطَى مِنْ طَرَفِ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِشَرْطٍ مُوَافِقٍ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَزِمَ الْمُحْدِثَ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ. مَثَلًا: لَوْ أَمَرَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَدًا بِحَفْرِ حُفْرَةٍ لِتَجْتَمِعَ فِيهَا الْمِيَاهُ بِوَاسِطَةِ مَجَارٍ مُسَلَّطَةٍ عَلَيْهَا وَشَرَطَ أَنْ تُحَاطَ

(المادة 928) سقط حائط أحد وأورث غيره ضررا

أَطْرَافُ الْبِئْرِ بِأَخْشَابٍ وَأَنْ يُوضَعَ عَلَيْهَا قِنْدِيلٌ فِي اللَّيْلِ فَعَلَى الْحَاضِرِ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِذَا خَلَفَهُ يُعَدُّ حَافِرًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالِ التَّلَفِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 928) سَقَطَ حَائِطُ أَحَدٍ وَأَوْرَثَ غَيْرَهُ ضَرَرًا] (الْمَادَّةُ 928) لَوْ سَقَطَ حَائِطُ أَحَدٍ وَأَوْرَثَ غَيْرَهُ ضَرَرًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ قَبْلًا وَكَانَ قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ لِقَوْلِهِ اهْدِمْ حَائِطَكَ وَكَانَ قَدْ مَضَى وَقْتٌ يُمْكِنُ هَدْمُ الْحَائِطِ فِيهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُنَبِّهُ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ التَّقَدُّمِ وَالتَّنْبِيهِ أَيْ: إذَا كَانَ الْحَائِطُ سَقَطَ عَلَى دَارِ الْجِيرَانِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلتَّنْبِيهِ مِنْ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ لَا يُفِيدُ تَقَدُّمُ أَحَدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَتَنَبُّهُهُ وَإِذَا كَانَ قَدْ انْهَدَمَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُنَبِّهُ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ الِانْهِدَامُ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ التَّنْبِيهِ. لَوْ انْهَدَمَ حَائِطٌ مَائِلٌ أَوْ صَحِيحٌ لِأَحَدٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ أَوْ عَلَى مِلْكِ أَحَدٍ فَأَوْرَثَ آخَرَ ضَرَرًا كَمَا لَوْ أَتْلَفَ حَيَوَانًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ جِنَايَةٌ مَا فِي هَذَا إذْ لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرًا وَلَا مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا. مُسْتَثْنًى: إلَّا أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَائِطًا بِنَاءً غَيْرَ قَوِيٍّ كَأَنْ بَنَاهُ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ وَمُخَالِفًا لِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ وَضَرَّ بِأَحَدٍ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ دُونِ حَاجَةٍ إلَى التَّقَدُّمِ وَالْإِشْهَادِ الَّذِي سَيُبَيِّنُ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ابْتِدَاءً. لَكِنْ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ضَمَانُ مَا أَحْدَثَهُ حَائِطُهُ مِنْ الضَّرَرِ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ السِّتَّةُ الْآتِيَةُ: أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ قَبْلَ انْهِدَامِهِ قَدْ عُمِلَ صَحِيحًا. ثَانِيهَا: أَنْ يُصْبِحَ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ أَوْ بِبَعْضِ أَسْبَابٍ حَادِثَةٍ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يُنَبِّهَ شَخْصٌ آخَرُ صَاحِبَ الْحَائِطِ وَيَتَقَدَّمَ إلَيْهِ قَائِلًا اهْدِمْ حَائِطَكَ فَهُوَ مَخُوفٌ لِئَلَّا يَنْهَدِمَ وَيُحْدِثَ ضَرَرًا. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ مَضَى وَقْتٌ يُمْكِنُ هَدْمُ الْحَائِطِ وَلَمْ يَهْدِمْهُ وَيُورِثُ مَالَ آخَرَ كَإِتْلَافِهِ إيَّاهُ بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَاسِطَةِ. فَبِمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَكُونُ جَانِيًا بِسَبَبِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا. وَكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي إحْدَاثِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَيْلُ الْحَائِطِ بِفِعْلِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ مَثَلًا فِي دَارٍ لِآخَرَ. فَوَهَنَ الْبِنَاءُ جَمِيعُهُ وَمَالَ إلَى الِانْهِدَامِ وَلَمْ يُهْدَمْ مَعَ حُصُولِ التَّقَدُّمِ بِالتَّنْبِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتْلَفَ حَيَوَانًا لِأَحَدٍ ضَمِنَ صَاحِبُ الْعُلْوِيِّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ كَذَلِكَ لَوْ انْهَدَمَ حَائِطٌ مَائِلٌ لِانْهِدَامٍ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِشْهَادِ وَكَانَ انْهِدَامُهُ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ ثُمَّ تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الْأَنْقَاضِ لِيَرْفَعَ تِلْكَ الْأَنْقَاضَ فَلَمْ يَرْفَعْهَا فَعَثَرَ بِهَا حَيَوَانٌ لِأَحَدٍ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) . 2 - لَهُ: إشَارَةٌ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَالصَّاحِبُ حَقِيقَةً أَعَمُّ مِنْ الصَّاحِبِ حُكْمًا. وَالتَّعْرِيفُ الشَّامِلُ كِلَا الصَّاحِبَيْنِ هُوَ: كُلُّ مَنْ يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ وَهَدْمِهِ.

فَالرَّاهِنُ وَالْمُؤَجِّرُ صَاحِبَانِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْهَدْمِ بِفَكِّ الرَّهْنِ وَالْمُؤَجِّرَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْهَدْمِ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْأَعْذَارِ فَالتَّقَدُّمُ لَهُمَا صَحِيحٌ. كَذَلِكَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ صَاحِبٌ حَقِيقَةً. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا سَوَاءٌ كَانَ بِالْإِرْثِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَالتَّقَدُّمُ إلَى حَدِّ الشَّرِيكَيْنِ صَحِيحٌ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) ؛ لِأَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبَ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ هَدْمَ الْحَائِطِ وَأَنْ يَحْصُلَ عَلَى الْحُكْمِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ وُقُوعِ التَّقَدُّمِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا ضَمِنَ الْمُتَقَدِّمُ مِقْدَارَ الضَّرَرِ الَّذِي حَصَلَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْحَائِطِ أَيْ: إذَا كَانَ يَمْلِكُ نِصْفَ الْحَائِطِ ضَمِنَ نِصْفَ الضَّرَرِ أَيْضًا. وَيَقْتَضِي أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلْوَارِثِ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الَّذِي كَانَ آيِلًا لِلِانْهِدَامِ فِي حَيَاةِ مُورِثِهِ. وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَلَمْ يَبْقَ لِلْوَارِثِ لِسَبَبٍ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حِصَّتُهُ الْإِرْثِيَّةُ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) وَالْوَاقِفُ وَالْقَيِّمُ وَالصَّغِيرُ وَوَلِيُّ الْمَجْنُونِ أَصْحَابٌ حُكْمًا. مَثَلًا: إذَا مَالَتْ حَائِطٌ مِنْ الْمُسْقَفَاتِ ذَاتِ الْإِجَارَتَيْنِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْمَوْقُوفَةِ يَلْزَمُ التَّقَدُّمُ إلَى مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ. وَلَا فَائِدَةَ مِنْ التَّقَدُّمِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْإِجَارَتَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ أَبْنِيَةُ الْوَقْفِ مِلْكًا وَعَرْصَةً محكرة مِنْ الْوَقْفِ لَزِمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ التَّقَدُّمُ إلَى صَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ التَّقَدُّمِ إلَى مُتَوَلِّي عَرْصَةِ الْوَقْفِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ وَقْفًا وَبَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْقَيِّمِ أَيْ: مُتَوَلِّي مُتَوَقِّفٍ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ ضَمَانُ الضَّرَرِ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَالِ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لِلْوَقْفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَائِطُ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَوَقَعَ التَّقَدُّمُ إلَى وَلِيِّهِ أَيْ: إلَى مَنْ يَقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 974) كَانَ صَحِيحًا. وَإِذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ هَذَا التَّقَدُّمِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ ضَمَانُ ذَلِكَ الضَّرَرِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْوَصِيِّ. سَوَاءٌ قَصَّرُوا فِي نَقْضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ وَفِي إصْلَاحِهِ أَوْ لَمْ يُقَصِّرُوا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 3 - اهْدِمْهُ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ التَّقَدُّمَ وَالتَّنْبِيهَ يَحْصُلَانِ بِطَلَبِ إصْلَاحِ ذَلِكَ الْحَائِطِ. وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ: إنَّ حَائِطَكَ هَذَا مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ أَوْ مَخُوفٌ أَوْ مُتَصَدِّعٌ فَاهْدِمْهُ وَإِنْ كَانَ مَائِلًا إلَى مَالِ الْغَيْرِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ صَاحِبُ الدَّارِ (الْخَانِيَّةُ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ) . وَلَا يَحْصُلُ بِالتَّقَدُّمِ بِكَلَامٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ كَقَوْلِهِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ: اللَّائِقُ بِكَ هَدْمُ هَذَا الْحَائِطِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . 4 - الْإِتْلَافُ بِالذَّاتِ: مِثَالٌ لِهَذَا: لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ فَهَدَمَهُ كَانَ مُخَيَّرًا عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (918) إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ حَائِطِهِ مَبْنِيًّا وَتَرَكَ لَهُ أَنْقَاضَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إنْشَاءِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَوَّلِ. (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) .

كَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَى صَاحِبِهِ فَسَقَطَ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ فَتَلِفَ ثُمَّ عَثَرَ إنْسَانٌ آخَرُ بِذَلِكَ الْقَتِيلِ فَتَلِفَ أَيْضًا ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ دِيَةَ الرَّجُلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. لَا تُضْمَنُ دِيَةُ الرَّجُلِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ النَّقْضِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ رَيْعُ الْقَتِيلِ بَلْ يَعُودُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ (الْخَانِيَّةُ) . 5 - الْإِتْلَافُ بِالْوَاسِطَةِ: مِثَالٌ لِهَذَا: لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الصَّحِيحِ السَّالِمِ وَهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطَ السَّالِمَ وَأَتْلَفَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ مَالَ أَحَدٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ أَيْ: الْحَائِطِ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دَيْنَهُ لَكِنْ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الثَّانِي وَتَلِفَ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا؛ لِأَنَّ أَنْقَاضَ الْحَائِطِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ؛ فَلَيْسَ صَاحِبُهَا هَذَا مُقْتَدِرًا عَلَى دَفْعِهَا. لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَائِطُ الثَّانِي مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دِيَةَ الرَّجُلِ الَّذِي تَلِفَ بِعُثُورِهِ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ الثَّانِي أَمَّا إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ هَكَذَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَاسِطَةِ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ إلَى الِانْهِدَامِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ فَأَجْفَلَ حَيَوَانًا فَفَرَّ الْحَيَوَانُ لِخَوْفِهِ وَأَضَرَّ بِأَحَدٍ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ هَذَا الضَّرَرَ (الْخَانِيَّةُ) إيضَاحُ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ: لَمَّا كَانَتْ أَرْبَعَةٌ مِنْ هَذِهِ قَدْ ذُكِرَتْ آنِفًا مُجْمَلَةً سَنَذْكُرُ أَحَدَهَا فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ السَّادِسَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْجُمْلَةِ مُطْلَقًا لَزِمَ تَفْصِيلُ وَإِيضَاحُ هَذِهِ الشُّرُوطِ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْحَائِطِ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ التَّقَدُّمُ وَالْإِشْهَادُ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الْحَائِطِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ فَلَوْ انْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّعَدِّي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً كَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَائِطٌ فِي أَحَدِهِمَا مَائِلٌ لِلِانْهِدَامِ وَالْآخَرُ غَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَوَقَعَ التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ فَقَطْ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ الْغَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَذَلِكَ لَوْ مَالَ جُزْءٌ مِنْ حَائِطٍ إلَى الِانْهِدَامِ فَقَطْ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالْإِشْهَادِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ طَوِيلًا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ مِنْ الْجُزْءِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ مِنْ الْحَائِطِ فَقَطْ. وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا كَانَ طَوِيلًا وَكَانَ بِدَرَجَةٍ لَا يَكُونُ مَيْلُ بَعْضِهِ إلَى الِانْهِدَامِ سَبَبًا فِي انْهِدَامِ بَاقِيهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا وَاهٍ وَغَيْرُ صَحِيحٍ وَالثَّانِي صَحِيحٌ، وَالْإِشْهَادُ وَالتَّقَدُّمُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إلَيْهِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ فِي حُضُورِ الْمُحَاكِمِ فَالتَّقَدُّمُ الَّذِي يَقَعُ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْمُحَاكِمِ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي)

الشَّرْطُ الثَّانِي: حُصُولُ التَّقَدُّمِ، لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْإِشْهَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِتَمَامِ التَّقَدُّمِ وَلَكِنْ يَجِبُ التَّقَدُّمُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ مُعْتَبَرَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ حَتَّى لَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِلْإِنْكَارِ بَعْدَئِذٍ وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَائِطِ بِالتَّقَدُّمِ الْوَاقِعِ بِالْإِشْهَادِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ نِصَابَ الشَّهَادَةِ. وَيُمْكِنُ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ بِكِتَابِ الْقَاضِي أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) . تَأْجِيلُ التَّقَدُّمِ وَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ. دَفْعُ الضَّرَرِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ عَاجِلًا حَقٌّ عَامٌّ. فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِلضَّرَرِ الَّذِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ أَنْ يُؤَجِّلَ أَوْ يُبَرِّئَ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) إنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَقَدِّمِ ذَلِكَ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ هَذَا التَّأْجِيلِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَضْمَنُ ضَرَرَ الْمُتَضَرِّرِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا إذَا لَحِقَ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ الْمُؤَجِّلَ وَالْمُبَرِّئَ؛ إذْ تَأْخِيرُهُ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ لَا الْعَامَّةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . مَثَلًا: لَوْ مَالَ حَائِطُ أَحَدٍ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَوْقِعَ الْمُتَقَدِّمِ إلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ الشَّخْصُ الْمُتَقَدِّمُ فِي نَقْضِ الْحَائِطِ زِيَادَةً عَنْ الْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ فَلَا يَصِحُّ إمْهَالُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَرَّتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا نَقْضُ الْحَائِطِ وَانْهَدَمَ قَبْلَ مُرُورِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ عَلَى أَحَدٍ مَارٍّ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ إذْ أَنَّ الْإِمْهَالَ وَالتَّأْجِيلَ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ وَغَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ شَرْعًا. أَمَّا الْإِمْهَالُ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَصَحِيحٌ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَثَلًا: إذَا مَالَ الْحَائِطُ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ وَأَمْهَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَاحِبَهُ مُدَّةً بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ لِيَهْدِمَهُ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُهْلَةِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ضَمَانٌ. أَمَّا لَوْ أَبْرَأَ هَذَا الْمُتَقَدِّمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ مِنْ التَّقَدُّمِ كَانَ صَحِيحًا وَإِذَا انْهَدَمَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَا يَضْمَنُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ تَأْجِيلُ الْحَاكِمِ وَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحَيْنِ وَيَكُونُ لَهُمَا حُكْمٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُتَقَدَّمِ لَهُ اقْتِدَارٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْحَائِطِ وَهَدْمِهَا. ؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ إلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى هَدْمِ وَإِصْلَاحِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ سَفَهِيٌّ فَلَا حُكْمَ لَهُ (النَّتِيجَةُ) فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ لِمُرْتَهِنِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ أَوْ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَمُسْتَعِيرِهِ وَمُسْتَوْدِعِهِ. مَثَلًا: مَالَ حَائِطُ دَارِ إلَى الِانْهِدَامِ وَتَقَدَّمَ إلَى سَاكِنِ الدَّارِ إجَارَةً أَوْ اسْتِعَارَةً وَلِوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا ارْتِهَانًا أَوْ اسْتِيدَاعًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ أَضَرَّتْ بِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَلَا الْمَالِكَ ضَمَانٌ وَيَنْشَأُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَعَنْ عَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا يَشَاءُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَعَنْ كَوْنِ التَّقَدُّمِ يَحْصُلُ إلَيْهِ. أَمَّا التَّقَدُّمُ لِلرَّهْنِ مَثَلًا فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُقْتَدِرٌ بِإِصْلَاحِهِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِرْدَادِ

الرَّهْنِ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْعَائِدِ لِلْقَاصِرِينَ لِأَوْلِيَائِهِمْ صَحِيحٌ كَمَا قَدْ أَوْضَحَ آنِفًا؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدِرُونَ عَلَى إصْلَاحِهَا (الْخَانِيَّةُ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ: مُرُورُ وَقْتٍ يُمْكِنُ الْهَدْمُ فِيهِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ. فَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَضَرَّ بِأَحَدٍ بَيْنَمَا كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ذَاهِبًا بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِتَدَارُكِ الْعَمَلَةِ لِلْهَدْمِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ اللَّازِمَةَ لِتَدَارُكِ الْعَمَلَةِ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَسْتَمِرَّ اقْتِدَارُ الشَّخْصِ الْمُتَقَدَّمِ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ إلَى أَنْ يَنْهَدِمَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ. فَعَلَيْهِ لَوْ تَقَدَّمَ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمُتَقَدَّمِ لَهُ وَزَالَ تَصَرُّفُهُ مِنْهُ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ الْأَوَّلَ وَلَا مَالِكَهُ الثَّانِيَ ضَمَانٌ مَثَلًا: لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِأَحَدٍ لِأَجْلِ حَائِطٍ فَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَائِطَ الْمَذْكُورَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى هَدْمِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) . لَكِنْ لَوْ بَاعَ مَا أَشْرَعَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ مَا وَضَعَهُ فِيهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَنْ آجَرَ وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْوَاضِعِ وَلَا يَخْلُصُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ بِالْبَيْعِ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إحْدَاثِ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ جِنَايَةٌ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ وَلَا يَزُولُ أَثَرُ فِعْلِهِ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلِ جِنَايَةِ الْحَائِطِ) . وَلَا يَعُودُ التَّقَدُّمُ بَعْدَ الْبُطْلَانِ: أَيْ: لَوْ عَادَ الْمِلْكُ لِلْمُتَقَدَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ بُطْلَانِ التَّقَدُّمِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ كَالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْبَيْعِ فَلَا يَعُودُ حُكْمُ التَّقَدُّمِ الْبَاطِلِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْمُتَقَدَّمُ لَهُ ذَلِكَ الْحَائِطَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ رُدَّ إلَيْهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ رُدَّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ شَرْطٍ فَرَدَّهُ بِهِ أَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ التَّقَدُّمِ السَّابِقِ. أَمَّا إذَا كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَضَرَّ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ لَا يُزِيلُ اقْتِدَارَهُ عَلَى إصْلَاحِ ذَلِكَ الْحَائِطِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 308) لَكِنْ لَوْ سَقَطَ الْبَائِعُ خِيَارُهُ فَأَصْبَحَ الْبَيْعُ لَازِمًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 20) ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ كَذَا لَوْ جُنَّ الْمُتَقَدَّمُ لَهُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ جُنُونًا مُطْبِقًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا يَبْطُلُ التَّقَدُّمُ الْمَذْكُورُ بِسَبَبِ زَوَالِ حَقِّ الْمَجْنُونِ فِي التَّصَرُّفِ وَاقْتِدَارِهِ عَلَى هَدْمِهِ بِمُقْتَضَى مَادَّتَيْ (957 و 979) . وَلَا يَعُودُ التَّقَدُّمُ الْبَاطِلُ بَعْدَ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ وَعَوْدَةِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ (الْخَانِيَّةُ بِتَصَرُّفٍ) . كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيِّهِ لِأَجْلٍ حَائِطٍ لِلصَّبِيِّ مَائِلٍ إلَى الِانْهِدَامِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ أَوَمَاتَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَحَدًا؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ تَزُولُ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ أَوْ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ)

كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ أَوْ عُزِلَ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلتَّقَدُّمِ، تَجْدِيدُ التَّقَدُّمِ بَعْدَ بُطْلَانِهِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ عَلَى طُولِهِ تَكْرَارًا بَعْدَ بُطْلَانِ التَّقَدُّمِ بِأَخْذِ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ تَكْرَارًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ لِلْمُتَوَلِّي اللَّاحِقِ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا؛ لَزِمَ الضَّمَانُ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . الشَّرْطُ السَّادِسُ: كَوْنُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ التَّقَدُّمِ. هَذَا الشَّرْطُ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: وَتَخْتَلِفُ أَصْحَابُ حَقِّ التَّقَدُّمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّرَرِ الَّذِي يُورِثُهُ ذَلِكَ الْحَائِطُ. وَيَكُونُ الْحَائِطُ مَائِلًا إمَّا إلَى دَارِ أَحَدٍ أَوْ إلَى طَرِيقٍ عَامٍّ أَوْ طَرِيقٍ خَاصٍّ. وَعَلَيْهِ إذَا انْهَدَمَ عَلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ دُكَّانِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ تِلْكَ الدُّكَّانِ. وَيَدُلُّ تَعْبِيرٌ مِنْ سُكَّانِهَا عَلَى أَنَّ لِلسَّاكِنِ فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ التَّقَدُّمَ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبَهَا أَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرًا يَجُوزُ لَهُ التَّقَدُّمُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْحَادِثَ بِالِانْهِدَامِ عَائِدٌ وَرَاجِعٌ إلَيْهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَإِذَا تَعَدَّدَ سُكَّانُهَا فَكَمَا أَنْ تَنْهَدِمَ جُمْلَةً صَحِيحٌ فَتَقَدُّمُ أَحَدِهِمْ فَقَطْ صَحِيحٌ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ إذَا مَالَ حَائِطٌ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَانْهَدَمَ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْجَمَاعَةُ أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِصَاحِبِهِ فَأَمَرَ بِمَالِ لِتِلْكَ الْجَمَاعَةِ أَوْ بِمَالِ لِغَيْرِهِمْ كَانَ صَاحِبُهُ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتَقَدَّمَ أَحَدٌ مِنْ الْخَارِجِ وَتَبَيَّنَ غَيْرُ مُفِيدٍ يَعْنِي: لَيْسَ لِلْجَارِ حَقُّ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَائِطِ بِتَقَدُّمِ أَحَدٍ مِنْ الْخَارِجِ. وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ حِمْلٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْآخَرِ حِمْلٌ وَمَالَ الْحَائِطُ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَيْسَ لِصَاحِبِهِ حِمْلٌ عَلَى الْحَائِطِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الشَّرِيكُ إلَى صَاحِبِ الْحِمْلِ وَنَبَّهَهُ كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِلْمُتَقَدِّمِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحُمُولَةِ نِصْفَ الضَّرَرِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَالْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) . وَإِذَا هُدِمَ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ. وَيَكْفِي التَّقَدُّمُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَوْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمْ لَكَفَى. وَإِذَا انْهَدَمَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ التَّقَدُّمِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَاقِلًا بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا مَأْذُونًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَانِيَّةُ) وَتَقَدُّمُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا. مَثَلًا: إذَا كَانَ حَائِطُ أَحَدٍ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى مِلْكٍ لِآخَرَ وَلَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلَا مَخُوفًا وَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ ثُمَّ انْهَدَمَ بَعْدَئِذٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . اجْتِمَاعُ ضَرَرَيْنِ: قَدْ يَجْتَمِعُ ضَرَرَانِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ الِانْهِدَامِ. مَثَلًا: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحَائِطِ الْوَاحِدِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَبَعْضُهُ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ انْهَدَمَ الْقِسْمُ الْمَائِلُ إلَى الدَّارِ عَلَيْهَا فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَائِطَ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَدَ الْعَامَّةِ فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ مُتَقَدِّمُهُ

وَتَنْبِيهُهُ صَحِيحَانِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَتَنَدَّمْ صَاحِبُ الدَّارِ بِهِ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ مِنْ الْعَامَّةِ كَانَ صَحِيحًا فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ فِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَقَدُّمُهُ فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ صَحِيحًا فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْكُلِّ أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ) . الْفُرُوقُ بَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَبَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ: الْخُلَاصَةُ، يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَبَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ فِي حُكْمَيْنِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّقَدُّمَ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الْمِلْكِ. وَلَا حُكْمَ لِلتَّقَدُّمِ مِنْ آخَرَ الْحُكْمُ الثَّانِي، أَنَّ التَّأْجِيلَ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ بَعْدَ تَقَدُّمٍ صَحِيحَانِ. أَمَّا التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ، بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ أَحَدٍ.

الفصل الرابع في جناية الحيوان

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ] سَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ فِي جِنَايَةِ الْحَيَوَانَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْمَجَلَّةُ لَمْ تَذْكُرْ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةً بِجِنَايَةِ الْحَيَوَانَاتِ فَسَنَأْتِي عَلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ إتْمَامًا لِلْفَائِدَةِ. إنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ مُؤَسَّسَةٌ عَلَى الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ الْمُتَسَبِّبُ مُتَعَدِّيًا كَانَ ضَامِنًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (924) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُبَاشِرُ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (912) . الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ: لِكُلٍّ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (926) . وَقَدْ أُشِيرَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ الْأَتِيَّةِ إلَى كَيْفِيَّةِ تَفَرُّعِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثِ هَذِهِ وَقِيَامِهَا عَلَيْهَا. (مَادَّةُ 929) : الضَّرَرُ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُهُ (رَاجِعْ مَادَّةَ 94) وَلَكِنْ لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ مَالَ أَحَدٍ وَرَآهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ ذِي الضَّرَرِ الْمُتَعَيِّنِ كَالثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا أَتْلَفَهُ إذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ امْسِكْ حَيَوَانَك وَلَمْ يُمْسِكْهُ. أَنَّ الضَّرَرَ وَالْجِنَايَةَ اللَّذَيْنِ يُوقِعُهُمَا الْحَيَوَانُ (أَيْ: كُلُّ حَيَوَانٍ مَا عَدَا الْإِنْسَانِ) هَدَرٌ مَا لَمْ يُنْسَبَا إلَى صَاحِبِهِ. فَعَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ مَا أَوْقَعَهُ حَيَوَانٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ فِي اللَّيْلِ أَوْ فِي النَّهَارِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 94) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» أَيْ: هَدَرٌ وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. وَقَدْ وَرَدَ عَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» . مَعْنَاهُ إتْلَافُ الْبَهِيمَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِجُرْحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ جُبَارٌ أَيْ: هَدَرٌ لَا شَيْءَ فِيهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ مُسْتَدِلًّا بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِالْإِضْمَانِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ سَوَاءٌ وُجِدَ جَرْحٌ أَمْ لَمْ يُوجَدْ وَسَوَاءٌ أَحْدَثَ ذَلِكَ لَيْلًا أَمْ نَهَارًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَعَ الْبَهِيمَةِ صَاحِبُهَا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ الْمَذْكُورَ عَامٌّ وَالْوَاجِبُ الْعَمَلُ بِالْعَامِّ عَلَى عُمُومِهِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إذَا وُجِدَ مَعَ الْحَيَوَانِ صَاحِبُهُ أَوْ مُسْتَأْجِرُهُ أَوْ مُسْتَعِيرُهُ أَوْ مُسْتَوْدِعُهُ أَوْ غَاصِبُهُ وَمَنْ إلَيْهِمْ (الْعَيْنِيُّ شَارِحُ الْبُخَارِيُّ) . مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا: أَوَّلًا: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ إلَى دَارِ آخَرَ بِإِذْنِهِ فَعَضَّ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ مُؤْذِيَةٌ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ تَلِفَتْ مَالُهُ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ (الْخَانِيَّةُ) .

ثَانِيًا: لَوْ وَطِئَ بَعِيرٌ لِأَحَدٍ وَهُوَ فِي الْمَرْعَى وَأَهْلَكَهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ صُنْعٌ بَعِيرًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْبَعِيرِ الْأَوَّلِ ضَمَانٌ. ثَالِثًا: لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ لِأَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِ صَاحِبِهِ زَرْعًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَهُ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) رَابِعًا: لَوْ نَخَسَ أَحَدٌ كَفَلَ دَابَّةٍ أَثْنَاءَ الْمُسَاوَمَةِ فَرَفَسَتْهُ الدَّابَّةُ وَحَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ بِذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الضَّرَرَ (الْبَهْجَةُ) . خَامِسًا: لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ مَكَانًا فَعَضَّتْهُ كِلَابٌ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَأَضَرَّتْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ أَهْلَهُ ضَمَانٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَرَّشَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . سَادِسًا: لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ خَلَايَا نَحْلِهِ فِي أَطْرَافِ بُسْتَانٍ لِآخَرَ فَاقْتَرَبَ فَرَسُ صَاحِبِ الْبُسْتَانِ مِنْ الْخَلَايَا فَخَرَجَ النَّحْلُ مِنْهَا وَأَهْلَكَهُ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ النَّحْلِ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . سَابِعًا: لَوْ أَفْلَتَ فَرَسُ أَحَدِ الْمُسَافِرِينَ النَّازِلِينَ فِي مَنْزِلٍ وَكَسَرَ رِجْلَ فَرَسٍ لِمُسَافِرٍ آخَرَ نَازِلٍ فِي هَذَا النُّزُلِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَامِنًا: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ هِرَّةً عَلَى دَجَاجَةٍ لِآخَرَ فَلَمْ تَخْتَطِفْهَا الْهِرَّةُ حِينَ الْإِلْقَاءِ بَلْ خَطَفَتْهَا بِنَفْسِهَا بَعْدَ تَوَقُّفِ بُرْهَةٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . تَاسِعًا: لَوْ أَفْلَتَ الْحَيَوَانُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (931) وَدَخَلَ مِلْكَ الْآخَرِ بِنَفْسِهِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. عَاشِرًا: إذَا رَبَطَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (938) فَجَاءَ آخَرُ وَرَبَطَ حَيَوَانَهُ هُنَاكَ بِلَا إذْنِهِ رَفَسَ حَيَوَانُ صَاحِبِ الْمِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَتَلِفَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. الْحَادِيَ عَشَرَ: إذَا رَبَطَ اثْنَانِ حَيَوَانَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (939) فَأَتْلَفَ أَحَدٌ الْحَيَوَانَيْنِ الْآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَيَوَانِ الْمُتْلِفِ ضَمَانٌ. الثَّانِيَ عَشَرَ: لَوْ رَبَطَ اثْنَانِ حَيَوَانَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ وَأَتْلَفَ حَيَوَانُ الرَّابِطِ أَوَّلًا، حَيَوَانَ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. الثَّالِثَ عَشَرَ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مُمْسِكًا رَسَنَ فَرَسِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَجَاءَ أَحَدٌ مِنْ خَلْفِ الْفَرَسِ وَنَخَسَهُ فَرَفَسَهُ وَأَتْلَفَهُ بِدُونِ صُنْعِ صَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْفَرَسِ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . الرَّابِعَ عَشَرَ: لَوْ أَفْلَتَ فَرَسٌ لِأَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِهِ وَفَرَّ فَلَحِقَ شَخْصٌ ذَلِكَ الْفَرَسَ وَأَرَادَ إمْسَاكَهُ فَرَفَسَ الْفَرَسُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبَ الْفَرَسِ دِيَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . الْخَامِسَ عَشَرَ: لَوْ رَفَسَ الْحَيَوَانُ الْبَيْطَارَ وَهُوَ يُنْعِلُهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ دِيَةَ الْبَيْطَارِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . السَّادِسَ عَشَرَ: لَوْ رَفَسَ أَوْ صَدَمَ حَيَوَانٌ أَحَدَ سَائِسِهِ وَأَتْلَفَهُ فَلَا تَلْزَمُ صَاحِبَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . السَّابِعَ عَشَرَ: لَوْ أَتْلَفَ حَيَوَانُ أَحَدٍ وَهُوَ يَرْعَى فِي الْمَرْعَى أَحَدًا اقْتَرَبَ مِنْهُ بِرَفْسِهِ أَوْ صَدْمِهِ إيَّاهُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ دِيَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .

الثَّامِنَ عَشَرَ: لَوْ جَمَحَ الْحَيَوَانُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ كَبْحَهُ بِاللِّجَامِ فَأَتْلَفَ شَخْصًا فَلَا يَلْزَمُ رَاكِبَهُ دِيَةٌ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ إلَى زَرْعِ آخَرَ وَأَدْخَلَهُ فِيهِ فَأَفْسَدَ الزَّرْعَ ضَمِنَ لَكِنْ لَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ وَدَخَلَ الْحَيَوَانُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَوْ يَتْبَعَهُ وَمِنْ دُونِ أَنْ يَعْطِفَ الْحَيَوَانُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا زَرْعَ آخَرَ وَأَفْسَدَهُ لَزِمَ الضَّمَانُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ آخَرُ (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (935) كَذَلِكَ لَوْ سَاقَ أَحَدٌ غَنَمَهُ وَأَدْخَلَهَا فِي كُرُومٍ لِآخَرَ وَأَطْعَمَهَا عِنَبَهَا فَكَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ فَلَوْ اقْتَرَبَ بِهَا إلَى حَيْثُ يُمْكِنُهَا أَكْلُهَا إنْ شَاءَتْ وَأَكَلَتْهُ الْغَنَمُ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ تَارَةً مَعَ الزَّرْعِ النَّابِتِ وَأُخْرَى بِدُونِهِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ حِصَّةُ الزَّرْعِ الْمُتْلَفِ وَيَضْمَنُهُ الرَّاعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) لَكِنْ يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِلَيْكَهَا: أَوَّلًا: إذَا رَأَى صَاحِبُ الْحَيَوَانِ حَيَوَانَهُ بَيْنَمَا كَانَ يَسْتَهْلِكُ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْحَيَوَانِ يُنْسَبُ إلَى صَاحِبِهِ كَمَا أَنَّ نَفْعَهُ يَعُودُ إلَيْهِ، وَعَدَمُ مَنْعِهِ الْحَيَوَانَ مِنْ ذَلِكَ، مَعَ إمْكَانِ الْمَنْعِ مِمَّا يُقَوِّي عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْحَيَوَانُ قِسْمًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ صَاحِبُهُ وَاسْتَهْلَكَ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ مِنْهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ هَذَا الْبَاقِي فَقَطْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ (الشَّارِحُ) قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ لُزُومُ الضَّمَانِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ رَأَى الْحَيَوَانَ غَيْرُ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَلَا يَلْزَمُ الرَّائِي ضَمَانٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ مَنْفَعَةَ أَكْلِ الْحَيَوَانِ لَمَّا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَى صَاحِبِهِ يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ أَمَّا مَنْفَعَتُهُ مَا يَأْكُلُهُ حَيَوَانُ أَحَدٍ مَا فَبِمَا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يُنْسَبُ فِعْلُهُ إلَى الْغَيْرِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) ثَانِيًا: وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ الَّذِي ضَرَرُهُ مُتَعَيِّنٌ كَالثَّوْرِ النَّطُوحِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا أَتْلَفَهُ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ حَيِّهِ أَوْ قَرْيَتِهِ بِقَوْلِهِ حَافِظْ عَلَى حَيَوَانِك وَلَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهِ. أَمَّا ضَرَرُهُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ فَلَا يَضْمَنُهُ (الْبَهْجَةُ) وَالضَّرَرُ الْمَقْصُودُ هُوَ الضَّرَرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى بَنِي آدَمَ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا. أَمَّا التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَالْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ مَالٌ فَلَا يُفِيدُ: فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الضَّرَرِ الَّذِي يُوقِعُهُ الْحَيَوَانُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا) وَالْحَاصِلُ، أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ مَلْحُوظًا فِيهِ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ مُفِيدٌ وَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إنْسَانٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّهُ تَلْزَمُ تَأْدِيَةُ الدِّيَةِ يَلْزَمُ تَبَعًا لِهَذَا ضَمَانُ الْأَمْوَالِ أَيْضًا. أَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي يُلْحَظُ فِيهِ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ فَالتَّقَدُّمُ لِأَجْلِهِ غَيْرُ مُفِيدٍ وَلَا مُوجِبَ لِلضَّمَانِ (التَّنْقِيحُ) مَثَلًا: لَوْ كَانَ كَلْبٌ لِأَحَدٍ اعْتَادَ أَكْلَ الْعِنَبِ فَقَالَ لَهُ الْجِيرَانُ: أَمْسِكْهُ لِئَلَّا يَأْكُلَ عِنَبنَا وَلَمْ يُمْسِكْهُ وَأَكَلَ الْعِنَبَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

(مادة 930) لا يضمن صاحب الدابة التي أضرت بيديها أو رأسها أو ذيلها أو رجلها

[ (مَادَّةُ 930) لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الَّتِي أَضَرَّتْ بِيَدَيْهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ ذَيْلِهَا أَوْ رِجْلِهَا] (مَادَّةُ 930) لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الَّتِي أَضَرَّتْ بِيَدَيْهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ ذَيْلِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَلَ كَوْنُهَا فِي مِلْكِهِ رَاكِبًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا أَوْ لَمْ يَكُنْ سَوَاءٌ ضَرَبَتْ بِيَدَيْهَا أَوْ ذَيْلِهَا أَوْ رَفَسَتْ بِرِجْلَيْهَا أَوْ عَضَّتْ بِفَمِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَيْسَ مُبَاشِرًا ذَلِكَ بَلْ مُتَسَبِّبًا بِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ تَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْمَذْكُورَةَ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (929) 1 - فِي مِلْكِهِ، يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا هُوَ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالُ مِلْكًا خَاصًّا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ كَانَ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ غَيْرِهِ. ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذِي حِصَّةٍ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مُقْتَدِرٌ عَلَى تَسْيِيرِ الدَّابَّةِ وَإِيقَافِهَا فِيهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 2 - صَدَمَ، وَالسَّبَبُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذَا التَّعْبِيرِ هُوَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْحَيَوَانُ الَّذِي رَكِبَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ شَيْئًا بِيَدِهِ أَوْ بِرِجْلَيْهِ أَوْ دَاسَهُ وَتَلِفَ لَزِمَ الرَّاكِبَ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (936) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً [ (مَادَّةُ 931) إذَا أَدْخَلَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهَا] (مَادَّةُ 931) إذَا أَدْخَلَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهَا فِي الصُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ حَيْثُ إنَّهَا تُعَدُّ كَالْكَائِنَةِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ أَدْخَلَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ يَضْمَنُ ضَرَرَ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَخَسَارَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ يَعْنِي: حَالَ كَوْنِهِ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ مَوْجُودًا عِنْدَهَا أَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ أَمَّا لَوْ أَفْلَتَتْ بِنَفْسِهَا وَدَخَلَتْ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَضَرَّتْ فَلَا يَضْمَنُ لَوْ أَدْخَلَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي مِلْكٍ لِآخَرَ فَإِذَا أَدْخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ لَا يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَيْ: مَادَّةِ (930) حَيْثُ إنَّهَا تُعَدُّ كَالْكَائِنَةِ فِي مِلْكِهِ يَعْنِي: لَوْ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ صَدَمَ أَحَدًا بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ أَوْ بِذَيْلِهِ أَوْ بِطَرْفِهِ الْآخَرَ وَرَفَسَ بِرِجْلِهِ أَوْ عَضَّ بِفِيهِ وَأَضَرَّ بِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَانَ مُتَسَبِّبًا بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ؛ فَلَيْسَ مُتَعَدِّيًا لِكَوْنِهِ قَدْ أَدْخَلَ الْحَيَوَانَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمِلْكِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الَّتِي فِي شَرْحِ هَذَا الْفَصْلِ (الْخَانِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمِلْكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَحْدَثَ الْحَيَوَانُ أَضْرَارًا وَصَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْجِنَايَاتِ الْمَذْكُورَةَ. أَمَّا الْحَالُ الْمُبَيَّنَةُ فِي فِقْرَةِ (أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَاكِبًا عَلَيْهَا. . . إلَخْ) فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَيَكُونُ فِيهَا بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ ضَامِنًا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا أَدْخَلَهُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْمِلْكِ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا أَوْ وَاقِفًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ قَدْ ذَهَبَ صَاحِبُهُ بَعْدَ إدْخَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ أَمْ لَمْ يَذْهَبْ يَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَ اللَّذَيْنِ أَحْدَثَهُمَا الْحَيَوَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا حِينَئِذٍ كَذَلِكَ لَوْ رَبَطَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي مِلْكٍ لِآخَرَ مِنْ دُونِ إذْنِهِ فَأَحْدَثَ الْحَيَوَانُ ضَرَرًا لَدَى جَوْلَاتِهِ

(المادة 932) لكل أحد حق المرور في الطريق العام مع حيوانه

ضِمْنَ دَائِرَةِ الْحَبْلِ الَّذِي رُبِطَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) أَمَّا إذَا انْطَلَقَ الْحَيَوَانُ وَدَخَلَ بِنَفْسِهِ فِي مِلْكٍ لِآخَرَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ هَذَا الضَّرَرِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ مَادَّةِ (929) . إنَّ تَعْبِيرَ مِلْكِهِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ أَحْدَثَ ضَرَرًا كَهَذَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لَا يَضْمَنُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ أَفْلَتَ حَيَوَانُ أَحَدٍ بِنَفْسِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَيْ: بِغَيْرِ إرْسَالِ الْمَالِكِ أَوْ أَفْسَدَ زَرْعًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . [ (الْمَادَّةُ 932) لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَعَ حَيَوَانِهِ] (الْمَادَّةُ 932) : لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَعَ حَيَوَانِهِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَا يَضْمَنُ الْمَارُّ رَاكِبًا عَلَى حَيَوَانِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُمَا مَثَلًا: لَوْ انْتَشَرَ أَوْ تَطَايَرَ مِنْ رِجْلِ الدَّابَّةِ غُبَارٌ أَوْ طِينٌ وَلَوَّثَ ثِيَابَ الْآخَرِ وَرَفَسَتْ بِرِجْلِهَا الْمُؤَخَّرَةِ أَوْ لَطَمَتْ بِذَيْلِهَا وَأَضَرَّتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ الرَّاكِبُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ وَقَعَا مِنْ مُصَادَمَتِهَا وَلَطْمَةِ يَدِهَا أَوْ رَأْسِهَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْ ذَلِكَ. لِكُلٍّ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِحَيَوَانِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ رَاجِلًا عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (926) وَعَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ الْمَارُّ رَاكِبًا حَيَوَانَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ يُولِعُهُمَا الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُمَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . مَثَلًا: لَوْ انْتَشَرَ مِنْ رِجْلِ الدَّابَّةِ غُبَارٌ أَوْ طِينٌ أَوْ حَصَى أَثْنَاءَ سَيْرِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بَيْنَمَا كَانَ صَاحِبُهَا رَاكِبًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَوَّثَ أَثْوَابَ الْآخَرِ أَوْ مَزَّقَهَا أَوْ رَفَسَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ لَطَمَتْ بِذَيْلِهَا وَأَضَرَّتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْمَسِيرِ فَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الطَّرِيقُ الْعَامُّ، قَوْلُهُ الطَّرِيقُ الْعَامُّ فِيهِ اُنْظُرْ إلَى الْمَقَامِ. وَإِلَّا فَلَوْ وَقَعَتْ الْحَالَاتُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَعْنِي: لَوْ وَقَعَتْ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ أَوْ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَلَيْسَتْ مُوجِبَةً لِلضَّمَانَةِ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ فِي هَذَا غَيْرُ مُبَاشِرٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - أَثْنَاءَ سَيْرِهَا، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْقَفَ الدَّابَّةَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (934) . 3 - بِنَفْسِهِ، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَفَلَ الرَّاكِبُ الْحَيَوَانَ بِضَرْبِهِ وَمُعَامَلَتِهِ إيَّاهُ بِشِدَّةٍ أَوْ رَكَضَهُ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَهَذَا كَانَ ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الرَّاكِبَ قَدْ كَانَ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُتَسَبِّبًا وَمُتَعَدِّيًا. كَذَلِكَ لَوْ ضَيَّقَ بِغَالٌ عَلَى بَغْلِهِ بِالْقُرْبِ بَيْنَمَا كَانَ مَارًّا بِهِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَصَابَ الْحِمْلُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ

(المادة 933) القائد والسائق في الطريق العام يضمنان ما يضمنه الراكب من الضرر

الْأَشْيَاءَ الْمَعْرُوضَةَ أَمَامَ الدُّكَّانِ وَقَدْ وُضِعَ مِقْدَارٌ مِنْ الْأَكْوَابِ فَكُسِرَتْ الْأَكْوَابُ كَانَ الْبَغَّالُ ضَامِنًا (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . وَيَضْمَنُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُمَا مَثَلًا يَضْمَنُ الرَّاكِبُ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ وَقَعَا مِنْ اصْطِدَامِهَا أَوْ لَطْمَةِ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْ ذَلِكَ مُمْكِنٌ بِالِاحْتِرَازِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لَكِنَّ مَا يَجْنِيهِ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَضْرَارِ هَدَرٌ. مَثَلًا: لَوْ حَمَلَ أَحَدٌ فِي عَجَلَةِ النَّقْلِ حَطَبًا وَبَيْنَمَا هُوَ مَارٌّ بِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ اقْتَحَمَ الْعَجَلَةَ فَارِسٌ فَأَصَابَتْ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الْعَجَلَةِ بَطْنَ فَرَسِهِ فَأَتْلَفَتْهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْعَجَلَةِ ضَمَانٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْمُصَادَمَةُ، الضَّرْبُ بِالْجَسَدِ، يَعْنِي: لَوْ اصْطَدَمَ جِسْمُ الْحَيَوَانِ بِشَيْءٍ فَأَضَرَّ بِهِ كَانَ ضَامِنًا. 2 - رِجْلُهُ الْأَمَامِيَّةُ، قَوْلُهُ رِجْلُهُ الْأَمَامِيَّةُ لَيْسَ احْتِرَازًا فَلَوْ اصْطَدَمَ بِشَيْءٍ بِرِجْلِهِ الْخَلْفِيَّةِ يَعْنِي: لَوْ حَصَلَ الِاصْطِدَامُ يَرْفَعُ الْحَيَوَانُ رِجْلَهُ أَوْ لِوَضْعِهِ إيَّاهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ دَوْسِهِ بِرِجْلِهِ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا. 3 - بِرَأْسِهِ، يَعْنِي: لَوْ حَدَثَ ضَرَرٌ بِاصْطِدَامِ رَأْسِهِ بِشَيْءٍ أَوْ بَعْضِهِ إيَّاهُ أَوْ بِتَطَايُرِ أَحْجَارٍ كِبَارٍ مِنْ حَوَافِرِهِ كَانَ ضَامِنًا. وَالْحَاصِلُ، أَنَّ الرَّاكِبَ يَضْمَنُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الْأَضْرَارَ الْآتِيَةَ الَّتِي يُحْدِثُهَا الْحَيَوَانُ، (1) الْأَضْرَارُ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ مُصَادَمَتِهِ (2) عَنْ لَطْمَةِ يَدِهِ (3) عَنْ رَفْسَةِ رِجْلِهِ (4) أَوْ صَدْمِهِ رَأْسَهُ (5) أَوْ عَضِّهِ (6) تَطَايُرِ حَجَرٍ كَبِيرٍ مِنْ رِجْلِهِ (7) بِالْوَطْءِ بِيَدِهِ أَوْ بِرِجْلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 933) الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَضْمَنَانِ مَا يَضْمَنُهُ الرَّاكِبُ مِنْ الضَّرَرِ] (الْمَادَّةُ 933) الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ كَالرَّاكِبِ يَعْنِي: لَا يَضْمَنَانِ إلَّا مَا يَضْمَنُهُ الرَّاكِبُ مِنْ الضَّرَرِ فَعَلَيْهِ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ خَابِيَةً أَمَامَ الدُّكَّانِ فَمَرَّ حَيَوَانُ الْآخَرِ الْمُحَمَّلُ عُشْبًا فَصَدَمَهَا وَكَسَرَهَا لَزِمَ الضَّمَانُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدَفِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَضْمَنُ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ الضَّرَرَ الَّذِي يَضْمَنُهُ الرَّاكِبُ. مَثَلًا: لَوْ قَادَ أَحَدٌ فَرَسَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَجَاءَ أَحَدٌ مِنْ وَرَاءِ الْفَرَسِ وَنَخَسَهُ الْفَرَسُ وَأَضَرَّ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَوَانِ وَإِحْدَاثُهُ ضَرَرًا: لَكِنْ لَوْ سَقَطَ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ شَيْءٌ كَالسَّرْجِ بَيْنَمَا كَانَ يَسُوقُهَا وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّخْصُ قَدْ أَحْكَمَ رَبْطَهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ. اجْتِمَاعُ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ: لَوْ وَطِئَ حَيَوَانٌ فِي قِطَارٍ مِنْ الدَّوَابِّ يَقُودُهُ أَحَدٌ شَيْئًا لَزِمَ الضَّمَانُ. وَإِذَا

(المادة 934) ليس لأحد حق توقيف دابته أو ربطها في الطريق العام

وُجِدَ مَعَ هَذَا الْقَائِدِ سَائِقٌ كَانَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ شَرِيكَيْنِ فِي الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 934) لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ تَوْقِيفِ دَابَّتِهِ أَوْ رَبْطِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ] (الْمَادَّةُ 934) لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ تَوْقِيفِ دَابَّتِهِ أَوْ رَبْطِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَوْ رَبَطَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَضْمَنُ جِنَايَتَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ رَفَسَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ جَنَتْ بِسَائِرِ الْوُجُوهِ وَأَمَّا الْمَحَالُّ الَّتِي أُعِدَّتْ لِتَوْقِيفِ الدَّوَابِّ كَسَوْقِ الدَّوَابِّ وَمَحَلِّ وُقُوفِ دَوَابِّ الْكِرَاءِ فَمُسْتَثْنَاةٌ. لَيْسَ لِأَحَدٍ تَوْقِيفُ دَابَّتِهِ أَوْ رَبْطُهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ مُعَدٌّ لِلْمُرُورِ وَالْعُبُورِ فَتَوْقِيفُ الْحَيَوَانِ فِيهِ إخْلَالٌ بِحَقِّ الْمُرُورِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ وَبَاعِثٌ عَلَى الْإِضْرَارِ بِالْعَامَّةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ رَبَطَهُ يَضْمَنُ جِنَايَتَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (932) سَوَاءٌ رَفَسَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ جَنَتْ بِسَائِرِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِتَوْقِيفِهِ حَيَوَانَهُ فِي مَكَان لَيْسَ مُعَدًّا لِذَلِكَ اُنْظُرْ إلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْفَصْلِ. مُسْتَثْنًى: إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَوْقِيفُ الْحَيَوَانِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلرَّوْثِ أَوْ لِلْبَوْلِ أَوْ بِسَبَبِ ازْدِحَامٍ أَوْ لِضَرُورَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَبُولُ وَلَا يَرُوثُ مَا لَمْ يَقِفْ فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ الْحَيَوَانُ بِنَفْسِهِ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ أَوْ أَوْقَفَهُ رَاكِبُهُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا بِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. كَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ الْحَيَوَانُ لِلِازْدِحَامِ أَوْ لِضَرُورَةٍ أُخْرَى يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ الْعَوْدَةُ وَالتَّخَلُّصُ مُمْكِنَيْنِ أَيْ: إذَا كَانَ الرُّجُوعُ إلَى الْوَرَاءِ مُمْكِنًا أَوْ كَانَ فِي الْإِمْكَانِ شِقُّ طَرِيقٍ لَهُ فِي هَذَا الِازْدِحَامِ وَالْمَسِيرِ فِيهَا لَزِمَ الضَّمَانُ وَإِلَّا فَلَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الْمَحَالُّ الْمُعَدَّةُ وَالْمُعَيَّنَةُ لِوُقُوفِ الْحَيَوَانَاتِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ كَسُوقِ الدَّوَابِّ وَالْأَمْكِنَةِ الَّتِي يَقِفُ فِيهَا دَوَابُّ الْكِرَاءِ أَوْ الْمَوَاضِعِ الْمُخْتَصَّةِ بِوُقُوفِ الْحَيَوَانَاتِ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ فَمُسْتَثْنَاةٌ وَكَذَلِكَ الْجِبَالُ الَّتِي فِي خَارِجِ الْبَلَدِ وَالْقَفْرِ. يَعْنِي: يَجُوزُ وَقْفُ الْحَيَوَانِ فِي هَذِهِ الْمَحَالِّ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهُ رَاكِبًا أَوْ قَائِدًا أَوْ سَائِقًا. فَعَلَيْهِ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي مَحَالَّ كَهَذِهِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَقْفُ الْحَيَوَانِ فِيهَا يُصْبِحُ جَائِزًا بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَلَا يَكُونُ تَعَدِّيًا. لِذَلِكَ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . كَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ حَيَوَانًا فِي الْمَفَازَةِ أَيْ: فِي غَيْرِ عَجَّةِ الطَّرِيقِ (أَيْ: فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ) وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِذَلِكَ (الْخَانِيَّةُ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ هَذَا الْفَصْلِ. أَمَّا لَوْ سَيَّرَ الْفَرَسَ فِي الْمَحَالِّ الْمُعَدَّةِ لِوَقْفِ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَأَحْدَثَ ضَرَرًا وَخَسَارَةً لَزِمَ الضَّمَانُ سَوَاءً أَكَانَ قَائِدًا أَمْ سَائِقًا؛ لِأَنَّ الَّذِي يُسَيِّرُ الْفَرَسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا.

(مادة 935) ترك لدابته الحبل على الغارب في الطريق العام

وَالْحَاصِلُ: كَمَا أَنَّ وَقْفَ الْحَيَوَانِ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ فِيهَا مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فَالسَّيْرُ فِي الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ لِوَقْفِ الْحَيَوَانِ مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ [ (مَادَّةُ 935) تَرَكَ لِدَابَّتِهِ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ] (مَادَّةُ 935) - (مَنْ تَرَكَ لِدَابَّتِهِ الْحَبْلَ عَلَى الْغَارِبِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَضْمَنُ الضَّرَرَ الَّذِي أَحْدَثَهُ) . لَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ مِمَّا لَمْ يَعْتَدْ تَسْيِيبُهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَرَرَ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ فِي كُلِّ حَالٍ كَمَا هُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ وَالظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا قَبِلَتْ هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا. أَمَّا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ فَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَى التَّفْصِيلِ. فَلَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فَدَخَلَتْ فِي زَرْعِ آخَرَ وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا يَنْظُرُ فَإِذَا كَانَتْ قَدْ أَحْدَثَتْ الضَّرَرَ بَيْنَمَا كَانَ هُوَ يَمْشِي وَرَاءَهَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَرَرَهَا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لَهَا أَمَّا إذَا سَيَّبَهَا وَلَمْ يَتْبَعْهَا وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا مِنْ دُونِ أَنْ تُعَرِّجَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَمِنْ دُونِ أَنْ تَقِفَ وَهِيَ سَائِرَةٌ فِي سَمْتٍ وَاحِدٍ كَانَ ضَامِنًا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ طَرِيقٌ آخَرُ (فَمَا دَامَتْ فِي فَوْرِهَا فَسَائِقٌ حُكْمًا) . وَإِذَا كَانَ ثَمَّةَ طَرِيقٌ آخَرُ فَلَا يَضْمَنُ. كَذَلِكَ لَوْ سَيَّبَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَبَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَتْ عَنْ الْمَسِيرِ مُدَّةً سَارَتْ وَحْدَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ السَّوْقُ (الْخَانِيَّةُ، التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَّالِيِّ) . كَذَا لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ هَامَّةً مِنْ الْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ كَالثُّعْبَانِ فَأَضَرَّ بِأَحَدٍ فَإِذَا أَضَرَّتْ بِهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُلْقِيَتْ فِيهِ يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ رَجُلٌ كَلْبًا فَأَصَابَ فِي فَوْرِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ أَوْ مَزَّقَ ثِيَابَهُ ضَمِنَ الْمُرْسِلُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ أَحْدَثَ الضَّرَرَ بَعْدَ مُزَايَلَتِهِ الْمَكَانَ الَّذِي أَلْقَى فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ هَذَا الضَّرَرَ. كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَاحْتَرَقَ بِهَا شَيْءٌ فَإِذَا احْتَرَقَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ يَضْمَنُ أَمَّا لَوْ نَقَلَ الرِّيحُ تِلْكَ الْجَمْرَةَ إلَى مَكَان آخَرَ وَاحْتَرَقَ بِهَا شَيْءٌ فَلَا يَضْمَنُ (الْخَانِيَّةُ) . [ (مَادَّةُ 936) دَاسَتْ دَابَّةٌ مَرْكُوبَةٌ لِأَحَدٍ عَلَى شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَتْلَفَهُ] (مَادَّةُ 936) لَوْ دَاسَتْ دَابَّةٌ مَرْكُوبَةٌ لِأَحَدٍ عَلَى شَيْءٍ بِرِجْلَيْهَا الْأَمَامِيَّتَيْنِ أَوْ رِجْلَيْهَا الْخَلْفِيَّتَيْنِ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَتْلَفَهُ يُعَدُّ الرَّاكِبُ قَدْ أَتْلَفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مُبَاشَرَةً فَيَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَرْكُوبَةً أَوْ مَسُوقَةً أَوْ مُقَادَةً وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي مِلْكِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (93) أَوْ كَانَ فِي مِلْكِ آخَرَ وَقَدْ دَخَلَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (931) أَوْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى وَجْهِ مَادَّتَيْ (932 و 933) . وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي السَّائِقِ وَالْقَائِدِ أَيْضًا مَثَلًا: لَوْ دَاسَ الْحَيَوَانُ شَيْئًا بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ الْأَمَامِيَّتَيْنِ أَوْ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ الْخَلْفِيَّتَيْنِ أَوْ عَضَّهُ فَتَلِفَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ هَذَا الضَّرَرَ (الْبَهْجَةُ) . لِأَنَّ

(مادة 937) كانت الدابة جموحا ولم يقدر الراكب على ضبطها وأضرت

الْمُبَاشِرَ ضَامِنٌ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَمَّا كَانَ هَذَا التَّلَفُ قَدْ نَشَأَ مُبَاشَرَةً فَلَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ إنْسَانًا وَكَانَ الرَّاكِبُ وَارِثًا لَهُ حُرِمَ الْوَارِثُ مِنْ الْإِرْثِ. إذَا اجْتَمَعَ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ يَعْنِي: لَوْ كَانَ أَحَدٌ رَاكِبًا عَلَى حَيَوَانٍ وَآخَرُ سَائِقًا لَهُ وَوَطِئَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ شَيْئًا فَالضَّمَانُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَلْزَمُ الرَّاكِبَ الْمُبَاشِرَ وَلَيْسَ السَّائِقَ الْمُتَسَبِّبَ وَعِنْدَ آخَرِينَ يَضْمَنُ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ كِلَاهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 937) كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا وَلَمْ يَقْدِرْ الرَّاكِبُ عَلَى ضَبْطِهَا وَأَضَرَّتْ] (مَادَّةُ 937) لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا وَلَمْ يَقْدِرْ الرَّاكِبُ عَلَى ضَبْطِهَا وَأَضَرَّتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا وَلَمْ يَقْدِرْ الرَّاكِبُ عَلَى ضَبْطِهَا وَإِمْسَاكِهَا وَمَنْعِهَا عَنْ الضَّرَرِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ سَكْرَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَيْرُ الْحَيَوَانِ إلَى رَاكِبِهِ فَلِذَلِكَ لَا تُمْكِنُ نِسْبَةُ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ لِصَاحِبِهِ لَكِنْ إذَا اخْتَلَفَ فِي هَذَا الْخُصُوصِ، يَعْنِي: لَوْ ادَّعَى الرَّاكِبُ أَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِ الْحَيَوَانِ وَادَّعَى الْمُتَضَرِّرُ قُدْرَةَ الرَّاكِبِ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِلْخَصْمِ يَعْنِي: لِلْمُتَضَرِّرِ أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إنْكَارِ أَصْلِ الضَّمَانِ فِي أَثْنَاءِ الدَّعْوَى بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الضَّمَانِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 938) أَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي قَدْ رَبَطَهَا صَاحِبُهَا فِي مِلْكِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ] (مَادَّةُ 938) - (لَوْ أَتْلَفَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي قَدْ رَبَطَهَا صَاحِبُهَا فِي مِلْكِهِ دَابَّةَ غَيْرِهِ الَّتِي أَتَى بِهَا صَاحِبُهَا وَرَبَطَهَا فِي مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِلَا إذْنِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَتْلَفَتْ تِلْكَ الدَّابَّةُ دَابَّةَ صَاحِبِ الْمِلْكِ يَضْمَنُ صَاحِبُهَا) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ لَيْسَ مُبَاشِرًا لِهَذَا التَّلَفِ فَلَيْسَ بِمُتَسَبِّبٍ مُتَعَدٍّ لِكَوْنِهِ قَدْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي مِلْكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (939) . أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ الَّتِي رَبَطَهَا الْآخَرُ بِدُونِ إذْنِ دَابَّةِ صَاحِبِ الْمِلْكِ فَيَضْمَنُ صَاحِبُهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ اُنْظُرْ إلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْفَصْلِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ سَفِينَةٌ عَلَى الشَّاطِئِ وَمَرْبُوطَةٌ بِهِ فَجَاءَتْ سَفِينَةٌ لِآخَرَ فَاصْطَدَمَتْ بِهَا فَانْكَسَرَتْ إحْدَاهُمَا فَإِذَا انْكَسَرَتْ السَّفِينَةُ الْأُولَى ضَمِنَ صَاحِبُ الثَّانِيَةِ أَمَّا إذَا انْكَسَرَتْ الثَّانِيَةُ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأُولَى (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . [ (مَادَّةُ 939) رَبَطَ شَخْصَانِ دَابَّتَيْهِمَا فَأَتْلَفَتْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ الْأُخْرَى] (مَادَّةُ 939) إذَا رَبَطَ شَخْصَانِ دَابَّتَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ فَأَتْلَفَتْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ الْأُخْرَى فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَتْ دَابَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ دَابَّةِ الْآخَرِ عِنْدَمَا رَبَطَاهُمَا فِي تِلْكَ الدَّارِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْهَالِكَةُ مِنْهُمَا هِيَ الْمَرْبُوطَةُ أَوَّلًا أَمْ الْمَرْبُوطَةُ ثَانِيًا. إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .

(مادة 940) ربطا دابتيهما في محل ليس لهما فيه حق وأتلفت دابة الرابط أولا دابة الرابط مؤخرا

مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَتْ دَابَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ دَابَّةَ الْآخَرِ عِنْدَمَا رَبَطَاهُمَا فِي مَكَان مِنْ تِلْكَ الدَّارِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الدَّابَّةِ الْمُتْلَفَةِ صَاحِبَ الدَّابَّةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ كَانَا مُتَسَبِّبَيْنِ فَلَيْسَا بِمُتَعَدِّيَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1069) [ (مَادَّة 940) ربطا دَابَّتَيْهِمَا فِي مَحِلّ لَيْسَ لَهُمَا فِيهِ حَقّ وَأَتْلَفَتْ دَابَّة الرَّابِط أَوَّلًا دَابَّة الرَّابِط مُؤَخَّرًا] (مَادَّةُ 940) لَوْ رَبَطَ اثْنَانِ دَابَّتَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُمَا فِيهِ حَقُّ رِبَاطِ حَيَوَانٍ وَأَتْلَفَتْ دَابَّةُ الرَّابِطِ أَوَّلًا دَابَّةَ الرَّابِطِ مُؤَخَّرًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ رَبَطَاهُمَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ فِي مِلْكِ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ الرَّابِطَ أَوَّلًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُتَسَبِّبًا فَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ أَيْضًا وَلَمَّا كَانَ الرَّابِطُ الثَّانِي قَدْ أَتْلَفَ مَالَهُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ هَدَرٌ. وَقَدْ ذُكِرَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي شَرْجِ الْمَادَّةِ (932) وَإِذَا أَتْلَفَ حَيَوَانُ الرَّابِطِ ثَانِيًا حَيَوَانَ الرَّابِطِ أَوَّلًا لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الرَّابِطَ ثَانِيًا مُتَسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

خاتمة في الجناية على الحيوان

[خَاتِمَةٌ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ] الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ ذَبَحَ أَحَدٌ حَيَوَانًا لِآخَرَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ كَشَاةٍ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ كَانَ مَالِكُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ أَوْ الْمَقْطُوعَ لِلذَّابِحِ وَالْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ تَمَامَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ إتْلَافًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ؛ إذْ يُفَوِّتُ حِينَئِذٍ الْحَيَوَانَ وَنَسْلَهُ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ أَوْ الْمَقْطُوعَ وَضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ بَاقٍ وَمَوْجُودٌ عَلَى وَجْهٍ؛ إذْ إنَّ لَحْمَ الْحَيَوَانِ يُؤْكَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ ذَبَحَ حَيَوَانًا غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَالْحِمَارِ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَالْمَالِكُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَذْبُوحَ لِلذَّابِحِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ يَدِ وَرِجْلِ الْعَوَامِلِ اسْتِهْلَاكٌ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَذْبُوحَ وَالْمَقْطُوعَ وَلَا يَطْلُبُ شَيْئًا وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ الْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلذَّابِحِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَقْطُوعَ وَالْمَذْبُوحَ وَضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ عَوَّرَ أَحَدٌ عَيْنَ الْحَيَوَانِ كَالدَّجَاجَةِ وَالْحَمَامَةِ وَالشَّاةِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ النَّاشِئَ عَنْ تَعْوِيرِهِ عَيْنَهُ وَضَعْفِهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الْعَارِضِ وَلَوْ كَانَتْ شَاةً مُعَدَّةً لِلذَّبْحِ كَالشَّاةِ الْعَائِدَةِ لِلْقَصَّابِ. وَيُعَيَّنُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: يُقَوَّمُ الْحَيَوَانُ تَارَةً عَلَى أَنَّهُ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ وَأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ أَعْوَرُ وَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ تَفَاوُتٍ يَضْمَنُهُ الْفَاعِلُ. أَمَّا إذَا أَعْمَاهُ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَبْقَى الْحَيَوَانَ فِي يَدِهِ وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْحَيَوَانَ لِلْجَانِي وَأَخَذَ كُلَّ قِيمَتِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَتَعْوِيرُ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ لِلْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي حَمْلِ الْأَثْقَالِ وَحَرْثِ الْأَرْضِينَ كَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَالثَّوْرِ، وَالْجَمَلِ يَسْتَلْزِمُ ضَمَانَ رُبْعِ قِيمَتِهَا. وَلَوْ كَانَ هَذَا الثَّوْرُ وَغَيْرُهُ مَالَ جَلْبٍ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْخَانِيَّةُ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . مَثَلًا: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ ثَوْرًا لِآخَرَ بِالْعَصَا فَعَوَّرَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ ضَمِنَ رُبْعَ قِيمَتِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا لَوْ أَعْمَى أَحَدٌ حِمَارًا لِآخَرَ أَوْ جَحْشَهُ أَوْ ثَوْرَهُ الَّذِي يَعْمَلُ بِهِ (وَالْبَقَرَةُ إنْ كَانَ يَعْمَلُ بِهَا فَكَذَلِكَ) يُسَلَّمُ ذَلِكَ الشَّخْصُ جُثَّةَ الْحِمَارِ مَثَلًا وَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَإِلَّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَيَوَانَ وَيُضَمِّنَهُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ مُعْظَمُ مَنَافِعِهِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ قَدْ تَلِفَ بِالْكُلِّيَّةِ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ ثَوْرَ الْآخَرِ فَكَسَرَ أَضْلَاعَهُ ضَمَّنَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ لِسَانَ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ لِآخَرَ ضَمِنَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَقَطْ وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ جَمِيعَ قِيمَتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ أُذُنَ حَيَوَانٍ لِآخَرَ كُلَّهَا أَوْ قَطَعَ ذَنَبَهُ ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ مَثَلًا: لَوْ دَخَلَ حِمَارُ أَحَدٍ فِي زَرْعِ الْآخَرِ فَأَمْسَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحِمَارَ وَقَطَعَ أُذُنَهُ مِنْ أَصْلِهَا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْحِمَارِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَيُعَيَّنُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ هُنَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ الَّتِي اُتُّبِعَتْ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحِمَارُ مُخْتَصًّا بِرُكُوبِ الْقَاضِي لَزِمَ الشَّخْصَ الَّذِي قَطَعَ ذَيْلَهُ ضَمَانُ جَمِيعِ قِيمَتِهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . تَمَّ. الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَرِيمِ

الكتاب التاسع الحجر والإكراه والشفعة

[الْكِتَابُ التَّاسِعُ الْحَجْرُ وَالْإِكْرَاهُ وَالشُّفْعَةُ] [الْمُقَدَّمَةُ فِي الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ وَالْإِذْنِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ] الْحَجْرُ وَالْإِكْرَاهُ وَالشُّفْعَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْحَكِيمِ، الْغَفُورِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْخُلُقِ الْعَظِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ضِيَاءِ الْمِلَّةِ وَسِرَاجِ الدِّينِ الْقَوِيمِ. الْكِتَابُ التَّاسِعُ فِي الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ. وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ، وَقَدْ جُمِعَ فِي هَذَا الْكِتَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْمَجَلَّةِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عِنْوَانِ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ، وَكِتَابِ الْحَجْرِ، وَكِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَحَيْثُ إنَّهُ قَدْ بُحِثَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي الْإِذْنِ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَدْخُلَ فِي عِنْوَانِ هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا. الْمُقَدَّمَةُ فِي الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ وَالْإِذْنِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ (الْمَادَّةُ 941) - (الْحَجْرُ هُوَ مَنْعُ شَخْصٍ مِنْ تَصَرُّفِهِ الْقَوْلِيِّ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الْحَجْرِ مَحْجُورٌ) الْحَجْرُ - بِسُكُونِ الْجِيمِ وَتَثْلِيثِ الْحَاءِ مَصْدَرٌ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَاهُ لُغَةً الْمَنْعُ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْعَقْلِ أَمْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِهِ، وَإِطْلَاقُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَقْلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ يَحْجُرُ الْإِنْسَانَ عَنْ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ. وَقَدْ فُسِّرَتْ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَ {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] بِذِي عَقْلٍ (الزَّيْلَعِيّ) . قَوْلُنَا فُلَانٌ فِي حِجْرِ فُلَانٍ أَيْ: فِي كَنَفِهِ وَحِمَايَتِهِ (مِسْكِينٌ، أَبُو السُّعُودِ) وَمَعْنَاهُ شَرْعًا مَنْعُ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ أَيْ: مَنْعُ أَحَدِ الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَوَادِّ (957، 958، 959) وَهُمْ الصَّغِيرُ، وَالْمَجْنُونُ، وَالْمَعْتُوهُ، وَالسَّفِيهُ، وَالْمَدِينُ مِنْ تَصَرُّفِهِمْ الْقَوْلِيِّ أَيْ: مِنْ تَصَرُّفِهِمْ الْقَوْلِيِّ فِي أَمْثَالِ الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ، وَالْحَوَالَةِ، الْكَفَالَةِ، الْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ، الرَّهْنِ، الْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ وَمَا إلَيْهَا أَوْ مِنْ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَحْجُورٌ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - شَخْصٌ مَخْصُوصٌ: يَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ التَّعْرِيفِ مَنْعُ الْحَاكِمِ نَفَاذَ إقْرَارِ الْمُكْرَهِ. ؛ إذْ لَا يُقَالُ لِهَذَا حَجْرٌ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . 2 - مِنْ تَصَرُّفِهِ الْقَوْلِيِّ: لَيْسَ مَعْنَاهُ مَنْعُ صُدُورِ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ

ذَلِكَ لَيْسَ مُمْكِنًا؛ إذْ قَدْ يُقْدِمُ الْمَحْجُورُ أَحْيَانًا كَثِيرَةً عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْقَوْلِ بِالرَّغْمِ مِنْ الْمَنْعِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعُ حُكْمِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ مِنْ الثُّبُوتِ أَوْ مَنْعُ نَفَاذِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ أَيْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ فَلَا حُكْمَ لِتَصَرُّفِهِ. 3 - الْمَنْعُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ ضِدُّ الْإِعْطَاءِ. الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَنْعُ مِنْ نَفْسِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ وَأَصْلُهُ، وَقَدْ وَضَحَ مَنْعُ النَّفْسِ آنِفًا وَهُوَ كَمَنْعِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ مِنْ التَّصَرُّفِ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْحَجْرِ أَقْوَى أَنْوَاعِهِ. مَثَلًا: قَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 966 و 979 أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ الْقَوْلِيَّةَ بَاطِلَةٌ وَلَا تَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ نَافِعَةً لَهُمَا وَأَجَازَهَا وَلِيَّاهُمَا كَمَا لَوْ وَهَبَ الصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مَالَهُ لِآخَرَ أَيْ: لَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُ ضَرَرًا مَحْضًا لَهُ يُمْنَعُ مِنْ إجْرَائِهِ وَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَلَوْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْمَنْعُ مِنْ لُزُومِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ وَنَفَاذِهِ وَذَلِكَ كَبَيْعِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورِ مَالًا مِنْ آخَرَ. وَهَذَا النَّوْعُ يُدْعَى بِالْحَجْرِ الْمُتَوَسِّطِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (967) أَنَّهُ إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ وَالْمَعْتُوهُ وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ مَالًا مِنْ آخَرَ يَمْتَنِعُ لُزُومُهُ وَنَفَاذُهُ بِالرَّغْمِ مِنْ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ وَمَتَى اطَّلَعَ وَلِيُّهُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ أَيْ: أَنَّ تَصَرُّفَ هَؤُلَاءِ قَابِلٌ لِلْإِجَازَةِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: هُوَ مَنْعُ وَصْفِ التَّصَرُّفِ مِنْ وَصْفِهِ أَيْ: مَنْعُ تَحَقُّقِ نَفَاذِهِ فِي الْحَالِ، وَالنَّفَاذُ وَصْفٌ وَصَيْرُورَتُهُ فِي الْحَالِ وَصْفٌ لِلْوَصْفِ، كَمَنْعِ نَفَاذِ إقْرَارِ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ فِي الْحَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1002) وَيُقَالُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الْحَجْرِ الضَّعِيفُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْحَجْرِ بِتَغْيِيرٍ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1002) أَنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ بِدَيْنِ آخَرَ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ أَيْ: لَا يَنْفُذُ فِي الْحَالِ وَلَكِنْ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ مَدِينًا وَمُكَلَّفًا بِأَدَاءِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ اخْتِصَاصِ الْمَنْعِ بِالتَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ، أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَجْرِي فِي التَّصَرُّفِ الْفِعْلِيِّ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (960) ، صَرِيحًا. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتْلَفَ مَجْنُونٌ مَالَ أَحَدٍ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْأَفْعَالَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ الصَّحِيحِ كَذَلِكَ لَوْ مَزَّقَ مَجْنُونٌ ثَوْبَ أَحَدٍ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ الطِّفْلُ مَالَ آخَرَ كَمَا لَوْ انْقَلَبَ عَلَى قَارُورَةٍ لِأَحَدٍ مَثَلًا وَتَلِفَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ الْمَحْجُورُ بِالدَّيْنِ مَالَ آخَرَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَيُشَارِكُهُمْ فِي التَّرِكَةِ بِلَا خِلَافٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . كَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ السَّفِيهَ الْمَحْجُورَ أَتْلَفَ مَالًا لَزِمَ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ. وَالْحَجْرُ يَجْرِي فِي الْأَقْوَالِ وَلَا يَجْرِي فِي الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ أَثَرٌ فِي الْخَارِجِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ اُعْتُبِرَ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ؛ إذْ إنَّهُ يَنْشَأُ بِالْأَقْوَالِ مَعَ أَنَّ أَثَرَ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ لَا يُرَى وَلَا يُشَاهَدُ فِي مَحَالِّهَا بِحَاسَّةِ الْبَصَرِ، وَالْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ وَهِيَ الْحُرْمَةُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْمَلَكِيَّةُ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةُ أَمْرٌ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَاتُ الَّتِي هِيَ إخْبَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى الْمَخْبَرِ عَنْهُ تُعْرَفُ أَيْضًا بِالشَّرْعِ لِكَوْنِهَا فِي نَفْسِهَا مُحْتَمِلَةً الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ؛ إذْ إنَّ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ لَا تَدُلَّ الْإِخْبَارَاتُ وَالْإِنْشَاءَاتُ عَلَى مُقْتَضَيَاتِهَا (الْكِفَايَةُ) .

مَثَلًا جُمْلَةُ بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ هِيَ قَوْلٌ وَأَثَرُهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَغَيْرُ مَرْئِيٍّ فِي الْخَارِجِ فَمِنْ الْجَائِزِ اعْتِبَارُ عَدَمِهِ وَعَدُّ مَدْلُولَاتِهِ الشَّرْعِيَّةِ بِلَا حُكْمٍ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ إنْكَارٌ لِلْحَقَائِقِ أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الْفِعْلِيَّةُ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْجَوَارِحِ فَبِمَا أَنَّ أَثَرَهَا مَوْجُودٌ فَلَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ عَدَمِهَا مَثَلًا أَوْ قَتَلَ صَبِيٌّ شَخْصًا آخَرَ أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ مُنْعَدِمًا وَرَفْعُ وُجُودِهِ الْخَارِجِيِّ وَعَدُّ الْمَالِ الَّذِي أَتْلَفَ غَيْرَ مُتْلَفٍ وَتَخْلِيصُ الصَّبِيِّ مِنْ الضَّمَانِ. وَعَلَيْهِ فَاعْتِبَارُهُ مُنْعَدِمًا إنَّمَا هُوَ سَفْسَطَةٌ أَيْ: أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ دُخُولًا فِي اعْتِقَادَاتِ السُّوفُسْطَائيين الْبَاطِلَةِ (الدُّرَرُ فِي الْحَجْرِ) والسُّوفُسطائِيَة بِفَتْحِ السِّينِ طَائِفَةٌ مِنْ النَّاسِ تُنْكِرُ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ وَتَدَّعِي أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُدْعَى بِحَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ إنَّمَا هُوَ أَوْهَامٌ وَخَيَالَاتٌ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْعِنَايَةُ) . أَسْبَابُ الْحَجْرِ: إنَّ بَعْضَ أَسْبَابِ الْحَجْرِ الصِّغَرُ، وَالْعَتَهُ، وَالْجُنُونُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ خَلَقَ الْبَشَرَ وَشَرَّفَهُمْ عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالْعَقْلِ وَمَيَّزَهُمْ عَنْ الْبَهَائِمِ فَالسَّعِيدُ مِنْهُمْ سَعِيدٌ بِعَقْلِهِ. وَالْخَالِقُ الْحَكِيمُ قَدْ أَوْدَعَ الْإِنْسَانَ الْعَقْلَ وَالْهَوَى أَمَّا الْبَهَائِمُ فَلَمْ يَخْلُقْ فِيهِمْ غَيْرَ الْهَوَى. فَمَنْ هَوَاهُ عَقْلُهُ مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ فَهُوَ أَرْدَأُ مِنْ الْبَهَائِمِ قَالَ تَعَالَى {إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا} [الفرقان: 44] أَمَّا مَنْ غَلَبَ عَقْلُهُ هَوَاهُ فَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْمَخْلُوقَاتِ. وَعَلَيْهِ فَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْمُخَالَفَةِ لِهَوَاهُ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلشَّدَائِدِ، وَالْخَالِقُ جَلَّ شَأْنُهُ قَدْ خَلَقَ مِنْ الْبَشَرِ كَثِيرًا مِنْ ذَوِي النُّهَى وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ أَعْلَامَ الدِّينِ وَأَئِمَّةَ الْهُدَى وَمَصَابِيحَ الدُّجَى كَمَا خَلَقَ بَعْضَهُمْ وَابْتَلَاهُ بِأَسْبَابٍ تَسْتَلْزِمُ نُقْصَانَ الْعَقْلِ كَالْجُنُونِ وَفُقْدَانِ الْعَقْلِ بِأَسْبَابٍ أُخْرَى كَالصِّغَرِ وَالْعَتَهِ وَقَدْ جَعَلَ تَصَرُّفَاتِهِمْ بِالْحَجْرِ غَيْرَ نَافِذَةٍ لِيَصُونَ مَالَهُمْ مِنْ طَمَعِ الطَّامِعِينَ وَحِيَلِ الْمُحْتَالِينَ وَأَوْجَبَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ عَلَى الْوَلِيِّ الْخَاصِّ كَالْأَبِ وَالْوَلِيِّ الْعَامِّ كَالْقَاضِي كُلُّ ذَلِكَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) كَمَا أَنَّهُ قَدْ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّ الصِّغَرَ وَالْجُنُونَ وَالْعَتَهَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْمُفْتِيَ الْمَاجِنَ وَالطَّبِيبَ الْجَاهِلَ وَالْمَكَّارَ وَالْمُفْلِسَ مَلْحُوقُونَ بِهِمْ أَيْ: أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى هَؤُلَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَقَدْ أَوْضَحَ فِي الْمَادَّةِ (876) أَنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ أَمَّا السَّفَهُ وَالدِّينُ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ فَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ أَسْبَابِهِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (959) وَلَيْسَ الْفِسْقُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ. 4 - الْمَحْجُورُ، اسْمُ مَفْعُولٍ مَأْخُوذٌ مِنْ مَصْدَرِ الْحَجْرِ وَمَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الصِّلَةِ بِأَنْ تَقُولَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمَأْذُونِ مَعَهَا أَيْضًا فَتَقُولَ الْمَأْذُونُ لَهُ فَقَدْ حَذَفَ الْفُقَهَاءُ الصِّلَةَ فِي كِلْتَا الْكَلِمَتَيْنِ تَخْفِيفًا وَلِأَنَّ الْمَعْنَى يُفْهَمُ بِدُونِهَا فَقَالُوا (مَحْجُورٌ، وَمَأْذُونٌ) . وَقَدْ جَرَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْمَجْرَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْمَأْذُونِ، الطَّحْطَاوِيُّ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . مَحَاسِنُ الْحَجْرِ: الْحَجْرُ عِبَارَةٌ عَنْ النَّظَرِ وَالشَّفَقَةِ أَيْ: أَنَّ فِي الْحَجْرِ إشْفَاقًا عَلَى عِبَادِ اللَّهِ وَهُوَ أَحَدُ قُطْبَيْ أَمْرِ الدِّيَانَةِ، أَمَّا الثَّانِي فَهُوَ تَعْظِيمُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى (الْعِنَايَةُ) وَهَذَانِ - النَّظَرُ وَالْإِشْفَاقُ - إمَّا أَنْ يَعُودَا

(مادة 942) الإذن هو فك الحجر وإسقاط حق المنع

إلَى الْمَحْجُورِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَإِمَّا أَنْ يَعُودَا إلَى غَيْرِ الْمَحْجُورِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ، وَالْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالْمُكَارِي وَالْمُفْلِسِ، وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ، وَالْمَرِيضِ عِنْدَ تَصَرُّفِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِإِيضَاحٍ) سُؤَالٌ (1) : بِمَا أَنَّ الْحَجْرَ يَنْحَصِرُ فِي قَوْلِهِ (شَخْصٌ مَخْصُوصٌ) فِي الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ وَرَدَ ذِكْرُهُمْ فِي الْمَوَادِّ (957 و 958 و 959) وَبَقِيَ الْحَجْرُ عَلَى الطَّبِيبِ الْجَاهِلِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (964) خَارِجًا عَنْ هَذَا التَّعْرِيفِ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ لِإِفْرَادِهِ؟ جَوَابُهُ: إنَّ الْحَجْرَ الْوَارِدَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (964) لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعٌ حِسِّيٌّ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الطَّبِيبُ الْمَحْجُورُ مِنْ مُزَاوَلَةِ صَنْعَتِهِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ بُطْلَانُ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ. لِذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي الدُّرُّ الْمُنْتَقَى (ثُمَّ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَنْعٌ لَا حَجْرٌ) سُؤَالٌ (2) - وَيُوجَدُ الْحَجْرُ بِمَعْنَى مَنْعِ ثُبُوتِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ أَيْضًا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ فَعَلَيْهِ لَوْ زَنَى الصَّبِيُّ أَوْ قَتَلَ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَلِهَذَا؛ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ فِي تَقْيِيدِ التَّصَرُّفِ بِالْقَوْلِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، وَلَا يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ قَبُولُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْرَ الَّذِي بِمَعْنَى مَنْعِ ثُبُوتِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ. لِذَلِكَ يُوجَدُ الْحَجْرُ الَّذِي بِهَذَا الْمَعْنَى فِي بَعْضِ الْأَقْوَالِ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ؛ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ تَحْصُلُ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِلَفْظِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ الْجَوَابُ: - إنَّ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَرْقًا، فَالْأَفْعَالُ الَّتِي لَا يَجُوزُ مَنْعُ ثُبُوتِ حُكْمِهَا كَثِيرَةٌ، وَالْأَفْعَالُ الَّتِي يَجُوزُ مَنْعُهُ قَلِيلَةٌ، كَمَا أَنَّ الْأَقْوَالَ الَّتِي يَجُوزُ مَنْعُ ثُبُوتِ حُكْمِهَا كَثِيرَةٌ وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ قَلِيلَةٌ، فَالْقَلِيلُ وَالنَّادِرُ لَا اعْتِبَارَ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الْمَأْذُونِ مَعَ إيضَاحٍ) [ (مَادَّةُ 942) الْإِذْنُ هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ] (مَادَّةُ 942) الْإِذْنُ هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي أَذِنَ مَأْذُونٌ. الْإِذْنُ لُغَةً الْإِطْلَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ ضِدُّ الْحَجْرِ الَّذِي هُوَ الْمَنْعُ وَيُقَالُ لِلْإِطْلَاقِ أَيْضًا فَكُّ الْحَجْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الْعَيْنِيُّ) وَشَرْعًا. هُوَ فَكُّ الْحَجْرِ الثَّابِتِ شَرْعًا فِي بَابِ التِّجَارَاتِ أَيْ: التَّصَرُّفُ فِي أَنْوَاعِهَا، فِي حَقِّ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْمَنْعِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ لِلْمَأْذُونِ، وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي أَذِنَ مَأْذُونٌ، وَاَلَّذِي يَفُكُّ وَيُسْقِطُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّبِيِّ هُوَ الْوَلِيُّ (أَبُو السُّعُودِ) وَبِالنِّسْبَةِ إلَى السَّفِيهِ هُوَ الْقَاضِي وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَدِينِ هُوَ الدَّائِنُ وَفِقْرَةُ حَقِّ الْمَنْعِ هِيَ كَتَفْسِيرِ فَكِّ الْحَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَهَذَا الْإِذْنُ كَمَا يَكُونُ لِلصَّبِيِّ

الْمُمَيِّزِ يَكُونُ لِلْمَعْتُوهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ يَكُونُ لِلسَّفِيهِ أَيْضًا، أَمَّا فِي الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ فَلَا يُوجَدُ. وَرَدَ فِي الشَّرْحِ (بَابُ التِّجَارَاتِ) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ بَابِ التِّجَارَاتِ لَا يَجْرِي فِيهَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَحْضَةِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْإِذْنِ وَإِذَا كَانَتْ ضَرَرًا مَحْضًا كَالطَّلَاقِ وَالْهِبَةِ فَيَجِبُ أَنْ تُعَدَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ أَيْ مُنْعَدِمَةً (الْعِنَايَةُ) . كَذَلِكَ لَا يُفَكُّ الْحَجْرُ فِي الصَّدَقَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْمَالِ أَيْ: لَا يَسْقُطُ الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَعْتُوهِ فِيمَا عَدَا بَابِ التِّجَارَةِ مِنْ الْأَحْوَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) - رَدُّ الْمُحْتَارِ. وَتَعْرِيفُ الْإِذْنِ هَذَا مُعْتَبَرٌ فِي نَظَرِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَالْإِذْنُ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْكِيلٍ وَإِنَابَةٍ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ هِيَ كَمَا يَلِي: إنَّ الْإِذْنَ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (970) لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يُتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَلَا بِمَكَانٍ وَلَا بِنَوْعٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ لَا يَقْبَلُ التَّوْقِيتَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا فَيَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِهَا الْإِذْنُ عِنْدَهُمَا تَوْكِيلٌ وَإِنَابَةٌ. وَالتَّوْكِيلُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ حَسْبَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1456) سُؤَالٌ: لَوْ كَانَ الْإِذْنُ إسْقَاطًا فَبِمَا أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (51) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ جَائِزٌ بَعْدَ الْإِذْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (973) . جَوَابٌ: الْإِذْنُ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ بَلْ إنَّ الْحَجْرَ بَعْدَ الْإِذْنِ هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَمْ تُوجَدْ بَعْدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ: لَوْ أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ إذْنًا وَبَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ عَشْرَةَ تَصَرُّفَاتٍ مَثَلًا عَادَ فَحَجَرَ عَلَيْهِ وَأَسْقَطَ الْإِذْنَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ الْعَشَرَةِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ إسْقَاطٌ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ. وَمَشْرُوعِيَّةُ الْإِذْنِ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ لِلصَّغِيرِ إنَّمَا هِيَ إذْنٌ بِابْتِغَاءِ فَضْلِ اللَّهِ. وَسَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهِ هُوَ الْحَاجَةُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ أَحْيَانًا فِي شُغْلٍ شَاغِلٍ عَنْ الِاتِّجَارِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى الِاسْتِعَانَةِ بِالصِّغَارِ وَشَرْطُ الْإِذْنِ، كَوْنُ الْمَأْذُونِ يَعْقِلُ التَّصَرُّفَ وَيَقْصِدُهُ وَيَعْلَمُ كَوْنَهُ مَأْذُونًا وَكَوْنَ الْآذِنِ لَهُ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ حَجْرًا وَإِطْلَاقًا مَنْعًا وَإِسْقَاطًا (الطُّورِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْمَسَائِلِ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا، لَا يُعْطَى الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ إذْنًا وَلَوْ أَعْطَيَاهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ. ثَانِيًا: إذَا لَمْ يَلْحَقْ عِلْمُ الصَّغِيرِ بِمَأْذُونِيَّتِهِ فَلَا يُصْبِحُ مَأْذُونًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الصَّغِيرُ فَتَصَرَّفَ وَلَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا وَيَحْصُلُ عِلْمُ الصَّغِيرِ وَوُقُوفُهُ عَلَى مَا أُعْطِيَ مِنْ إذْنٍ

(مادة 943) الصغير غير المميز هو الذي لا يفهم البيع والشراء

بِإِخْبَارِ شَخْصٍ وَاحِدٍ حَتَّى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْخَبَرَ الْوَاقِعَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (18) (عَبْدُ الْحَلِيمِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) ثَالِثًا، لَوْ أَعْطَى الصَّبِيَّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ أَخُوهُ أَوْ أُمُّهُ إذْنًا؛ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْإِذْنِ حُكْمٌ رَابِعًا: لَوْ أَحْضَرَ أَحَدٌ وَلَدًا صَغِيرًا مُمَيِّزًا إلَى السُّوقِ وَقَالَ هَذَا ابْنِي أَعْطَيْته إذْنًا بِالتِّجَارَةِ فَبِيعُوا مِنْهُ وَاشْتَرُوا فَعَامَلَهُ أَهْلُ السُّوقِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبَاعُوا مِنْهُ وَاشْتَرَوْا وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَثْبَتَ أَنَّ ذَلِكَ الصَّبِيَّ ابْنُهُ فَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ إلَّا إذَا حَصَلَ إذْنٌ مِنْ أَبِيهِ الْحَقِيقِيِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) خَامِسًا، لَيْسَ لِلْقَائِمِ مَقَامٌ وَالْمُتَصَرِّفِ وَالْوَالِي الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مَأْذُونِينَ بِالْحُكْمِ وَنَصْبِ الْحُكَّامِ أَنْ يَأْذَنُوا لِلصَّغِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ) مَحَلُّ الْإِذْنِ: الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَالْمَعْتُوهُ وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ الَّذِي اكْتَسَبَ صَلَاحًا يُمْكِنُ مَعَهُ التِّجَارَةُ حُكْمُ الْإِذْنِ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي مِنْ قَبِيلِ التِّجَارَةِ وَتَوَابِعِهَا وَضَرُورِيَّاتِهَا وَغَيْرِ مَالِكٍ خِلَافَ ذَلِكَ (فَتْحُ الْمُعِينِ، الطَّحْطَاوِيُّ، فَتْحُ الْقَدِيرِ) رُكْنُ الْإِذْنِ، هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلِ الْآذِنِ لِلصَّغِيرِ آذَنْتُك بِالتِّجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ) [ (مَادَّةُ 943) الصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ هُوَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ] (مَادَّةُ 943) الصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ هُوَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَعْنِي: مَنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمَلَكِيَّةِ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ لَهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ الظَّاهِرِ كَالتَّغْرِيرِ فِي الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ وَبَيْنَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَيُقَالُ لِلَّذِي يُمَيِّزُ ذَلِكَ: صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ الصَّغِيرُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَعْنِي: مَنْ لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمَلَكِيَّةِ أَيْ: أَنَّ الْمَبِيعَ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالثَّمَنَ دَاخِلٌ مِلْكَهُ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ أَيْ: أَنَّ الْمَبِيعَ دَاخِلٌ مِلْكَ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَنَ خَارِجٌ مِنْ مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ فَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَمَنْ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي شَيْءٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخَرِ كَالتَّغْرِيرِ فِي الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ وَبَيْنَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ الظَّاهِرِ كَالتَّغْرِيرِ فِي الْعَشَرَةِ وَاحِدٌ وَيُقَالُ لِلَّذِي يُمَيِّزُ ذَلِكَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ. وَعَلَيْهِ فَالصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ هُوَ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ وَيَقْصِدُ الرِّبْحَ وَيُمَيِّزُ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ كَمَا أَنَّ الْمَعْتُوهَ الَّذِي يُمَيِّزُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) يُطْلَقُ الصَّبِيُّ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْتَدِئُ مِنْ وِلَادَتِهِ إلَى بُلُوغِهِ وَالصِّغَرُ هُوَ وَصْفٌ لِحَالٍ لَمْ تَتَكَامَلْ فِيهَا قُوَى الْإِنْسَانِ وَتَبْتَدِئ مِنْ وِلَادَتِهِ إلَى حِينِ بُلُوغِهِ الْحُلُمَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - يَعْنِي. إلَخْ لَا يَقْصِدُ بِقَوْلِهِ لَا يَفْهَمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ غَيْرَ مَا يَقْصِدُ بِهِمَا وَمَضْمُونُهُمَا وَإِلَّا؛ فَلَيْسَ مُجَرَّدُ الْعِبَارَةِ يَعْنِي: لَيْسَ أَلْفَاظُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَذَلِكَ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ إذَا لُقِّنَ أَلْفَاظَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اسْتَظْهَرَهَا وَأَدْرَكَهَا وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْعِلْمِ لِيَكُونَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا (الطَّحْطَاوِيُّ)

(مادة 944) المجنون على قسمين

سُؤَالٌ: التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ مُشْكِلٌ لِلْغَايَةِ. وَبِمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَهُمَا يَخْتَصُّ بِمَنْ حَذَقَ التِّجَارَةَ فَكَانَ مِنْ اللَّائِقِ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ مِثْلُ هَذَا فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ؟ . الْجَوَابُ: عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: أَوَّلًا: لَوْ قِيلَ لِلصَّغِيرِ مَا هُوَ تَغْرِيرُ خَمْسَةٍ فِي الْعَشَرَةِ مَثَلًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فَاحِشٌ فَلَا يَكُونُ مُمَيِّزًا أَيْ: أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِلصَّغِيرِ إذَا غُرِرْتَ بِخَمْسَةٍ فِي الْعَشَرَةِ أَوْ بِوَاحِدٍ فِي الْعَشَرَةِ فَكَيْفَ هَذَا الْغَبْنُ فَإِذَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصُّورَةِ الْأُولَى وَالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ: الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَلَا يَكُونُ مُمَيِّزًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا قَبِلَتْ هَذَا الْجَوَابَ. ثَانِيًا: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ تَمْيِيزِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ الْكِنَايَةُ عَنْ كَوْنِ الصَّبِيِّ عَاقِلًا، وَإِلَّا؛ فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ تَمْيِيزَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ حَقِيقَةً وَعَلَيْهِ فَإِنَّ فِي الْعِبَارَةِ مَجَازًا مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اللَّازِمِ وَإِرَادَةِ الْمَلْزُومِ. ثَالِثًا: الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ هُوَ مَنْ لَا يُفَرِّقُ وَلَا يُمَيِّزُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تَكُونُ قِيمَتُهُ مَعْرُوفَةً وَمَشْهُورَةً. وَإِلَّا فَقَدْ يُخْدَعُ أَعْقَلُ النَّاسِ وَيُغَرَّرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) . 2 - إنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمَلَكِيَّةِ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ لَهَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَاءَ الصَّغِيرُ إلَى بَائِعِ الْحَلْوَى وَأَعْطَاهُ نُقُودًا وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُ الْبَائِعُ الْحَلْوَى طَلَبَ مِنْهُ إعَادَةَ النُّقُودِ يَكُونُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَعِدْ النُّقُودَ بَعْدَ أَخْذِهِ الْحَلْوَى فَيَكُونَ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِهِ مُمَيِّزًا 3 - وَالْغَبْنُ الْفَاحِشُ كَالْإِغْرَارِ بِخَمْسَةٍ فِي الْعَشَرَةِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى صَغِيرٌ لُعْبَةً تُسَاوِي قِيمَتُهَا قِرْشًا فَأَعْطَى الْبَائِعَ مَا يَلْبَسُهُ مِنْ ثِيَابٍ تُسَاوِي أَرْبَعِينَ قِرْشًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ قَدْ خُدِعَ فَيَكُونُ الصَّغِيرُ حِينَئِذٍ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (مَادَّةُ 944) الْمَجْنُونُ عَلَى قِسْمَيْنِ] أَحَدُهُمَا: الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَوْعِبُ جُنُونُهُ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ، وَالثَّانِي: الْمَجْنُونُ غَيْرُ الْمُطْبِقِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَجْنُونًا وَيُفِيقُ فِي بَعْضِهَا. الْمَجْنُونُ قِسْمَانِ وَلِكُلٍّ تَعْرِيفٌ فِيمَا يَأْتِي وَلَيْسَ كَمَا يَقُولُ صَاحِبُ الدُّرَرُ فِي بَحْثِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ: إنَّ الْمَجْنُونَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: وَالْقِسْمَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي التَّقْسِيمِ الْمُعْتَمَدِ آنِفًا هُمَا: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ وَهُوَ الَّذِي يَسْتَوْعِبُ جُنُونُهُ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ. وَالْجُنُونُ هُوَ زَوَالُ الْعَقْلِ وَاخْتِلَالُهُ وَيَمْنَعُ الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ أَنْ تَجْرِيَ عَلَى نَهْجٍ مُسْتَقِيمٍ. (الْمَجَامِعُ) وَيَنْشَأُ الْجُنُونُ إمَّا عَنْ نَقْصٍ فِطْرِيٍّ فِي الْعَقْلِ أَوْ رَدَاءَةِ مِزَاجِ الدِّمَاغِ وَاسْتِيلَاءِ التَّخَيُّلِ الْفَاسِدِ (فُصُولُ الْبَدَائِعِ) وَلَا يُقْصَدُ فِي الْجُنُونِ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْمَجْنُونُ مَجْنُونًا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ كُلَّ عُمْرِهِ أَوْ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ بَعْدَ طُرُوءِ الْجُنُونِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ الْمُطْبِقَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُ جُنُونِهِ مُطْبِقًا بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَا يُقْطَعُ قَبْلَ الْمَوْتِ بِكَوْنِ

جُنُونِهِ مُطْبِقًا أَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ. وَعَلَيْهِ فَمَنْ يَقْضِي أَيَّامَ حَيَاتِهِ مَجْنُونًا لَا تَعْتَرِيهِ إفَاقَةٌ أَصْلًا وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَدُّ مَجْنُونًا مُطْبِقًا كَمَا أَنَّهُ يُعَدُّ مَجْنُونًا مُطْبِقًا بِالِاتِّفَاقِ مَنْ يَقْضِي سَنَةً وَهُوَ مَجْنُونٌ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُرِيدَ بِجَمِيعِ الْأَوْقَاتِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ فَلَا يَكُونُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ وَلِذَلِكَ فَلَفْظُ (جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ) بِمَعْنَى جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ فِي سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ شَهْرٍ كَامِلٍ وَبِذَلِكَ تَكُونُ خُلَاصَةُ التَّعْرِيفِ كَمَا يَأْتِي: الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ عَلَى قَوْلٍ هُوَ مَنْ يَسْتَوْعِبُ جُنُونُهُ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ فِي سَنَةٍ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ فِي شَهْرٍ. وَالْآنَ فَلْنُدَقِّقْ الْوَقْتَ الَّذِي يَلْزَمُ لِيُعَدَّ الْجُنُونُ فِيهِ جُنُونًا مُطْبِقًا. وَيَكُونُ لَفْظُ الْمُطْبِقِ إذَا جَاءَ صِفَةً لِلْجُنُونِ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَإِذَا جَاءَ صِفَةً لِلْمَجْنُونِ يَكُونُ بِفَتْحِهَا. فِي الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ هُوَ الَّذِي يَمْتَدُّ إلَى سَنَةٍ كَامِلَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ إذَا تَقَلَّبَتْ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ جُنُونِهِ عُلِمَ أَنَّ جُنُونَهُ مُسْتَحْكِمٌ، وَالْفَتْوَى فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ الْجُنُونِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ (حَاشِيَةٌ الْأَشْبَاهُ لِلْغَزِّيِّ) وَقِيلَ (حَقُّ التَّصَرُّفَاتِ) ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْجُنُونِ فِي حَقِّ الْعِبَادَاتِ قَدْ حُدِّدَتْ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَتُوجَدُ التَّفْصِيلَاتُ فِيهَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. الْقَوْلُ الثَّانِي، الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ لِمُدَّةِ شَهْرٍ أَيْ: الْجُنُونُ الَّذِي يَمْتَدُّ شَهْرًا كَامِلًا وَقَدْ رُجِّحَ هَذَا الْقَوْلُ بِقَوْلِ (وَبِهِ يُفْتَى) وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ (وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) رُجْحَانَ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُوَ كَالْجُنُونِ الَّذِي يَمْتَدُّ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ: هُوَ الْجُنُونُ الَّذِي يَسْتَوْعِبُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الرَّابِعَ يُخَالِفُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ وَيُقَالُ لِلْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ الْمَجْنُونُ الْمَغْلُوبُ أَيْضًا. وَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ فِي الْمَادَّةِ (979) . الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ الْمَجْنُونُ غَيْرُ الْمُطْبِقِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَجْنُونًا وَيُفِيقُ فِي بَعْضِهَا كَالْمَصْرُوعِ (التَّنْقِيحُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْحَجْرِ) . وَيَصْدُقُ تَعْرِيفُ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ هَذَا عَلَى الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ أَحَدٌ مَجْنُونًا سَنَةً كَامِلَةً أَوْ شَهْرًا كَامِلًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ إلَى عَقْلِهِ عَادَ فَجُنَّ أَيْضًا مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ أَوْ شَهْرٍ كَامِلٍ فَيُعَدُّ مَنْ كَانَ حَالُهُ كَذَلِكَ مَجْنُونًا غَيْرَ مُطْبِقٍ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَجْنُونُ غَيْرَ الْمُطْبِقِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَجْنُونًا أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ بَعْضَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مُدَّةِ الْجُنُونِ وَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ وَغَيْرُ الْمُطْبِقِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَذَلِكَ كَتَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقُ وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ الْقَوْلِيَّةِ فِي حَالِ جُنُونِهِمَا يَعْنِي: مَثَلًا بَيْعُهُمَا وَشِرَاؤُهُمَا وَإِيجَادُهُمَا وَاسْتِئْجَارُهُمْ وَصَيْرُورَتُهُمَا مَحَالًا لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ كَفَالَتُهُمَا أَوْ رَهْنُهُمَا وَارْتِهَانُهُمَا وَإِيدَاعُهُمَا وَاسْتِيدَاعُهُمَا وَهِبَتُهُمَا وَاتِّهَابُهُمَا فَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ. وَقَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذَا فِي شَرْح الْمَوَادّ الْمَخْصُوصَة وَإِذَا أَفَاقَ الْمَجْنُون الْمُطْبَق وَالْمَجْنُون غَيْر الْمُطْبَق وَعَادَ إلَيْهِمَا الْعَقْل تَامًّا تَصِحّ تَصَرُّفَاتهمَا الْقَوْلِيَّة الْمَذْكُورَة وَتَجُوز.

(مادة 945) المعتوه هو الذي اختل شعوره

وَيَخْتَلِف الْمَجْنُون الْمُطْبَق وَغَيْر الْمُطْبَق فِي بَعْض الْأَحْكَام وَذَلِكَ أَوَّلًا إذَا جن الْوَكِيل أَوْ الْمُوَكَّل جُنُونًا مُطْبَقًا تَبْطُلُ الْوَكَالَة وَعَلَيْهِ فَلَا يَبْقَى حُكْم لِلْوَكَالَةِ وَلَوْ أَفَاقَ بَعْد ذَلِكَ يَلْزَم تَحْدِيدهَا اُنْظُرْ الْمَادَّة (1530) وَإِذَا جن جُنُونًا غَيْر مُطْبَق لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَة فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُوفِي الْوَكَالَة إلَى أَنْ يُجَنَّ الْمُوَكَّل جُنُونًا مُطْبَقًا كَمَا أَنْ لَهُ الْقِيَام بِهَا لَوْ جن هُوَ نَفْسه جُنُونًا غَيْر مُطْبَق بِدُونِ حَاجَة إلَى تَجْدِيدهَا؛ لِأَنَّ الْجُنُون غَيْر الْمُطْبَق هُوَ بِمَثَابَةِ إغْمَاء فَكَمَا أَنْ الْوَكَالَة لَا تَبْطُلُ بِالْإِغْمَاءِ فَلَا تَبْطُلُ بِالْجُنُونِ الْقَلِيل. ثَانِيًا: وَإِذَا جن أَحَد الشُّرَكَاء جُنُونًا مُطْبَقًا تَنْفَسِخ الشَّرِكَة كَمَا هُوَ مُبِين فِي الْمَادَّة (1352) بِخِلَافِ مَا لَوْ جن جُنُونًا غَيْر مُطْبَق فَلَا تَنْفَسِخُ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَة إذَا جن أَحَد الشُّرَكَاء تَبْقَى الشَّرِكَة إلَى أَنْ يُصْبِح الْجُنُون مُطْبَقًا وَمَتَى تَمَّ الْإِطْبَاق تَنْفَسِخ الشَّرِكَة فِي الْحَال (الْوَاقِعَات) وَقَدْ تَوَضَّحَ ذَلِكَ فِي شَرْح الْمَادَّة (1652) . ثَالِثًا، تَنْفَسِخ الْمُضَارَبَة كَمَا هُوَ مُبِين فِي الْمَادَّة (1429) إذَا جن رَبّ الْمَال أَوْ الْمُضَارِب جُنُونًا مُطْبَقًا أَمَّا إذَا كَانَ جُنُونهمَا غَيْر مُطْبَق فَلَا تَنْفَسِخ. رَابِعًا: إذَا جن الْمَأْذُون جُنُونًا مُطْبِقًا أصبح مَحْجُورًا. أَمَّا إذَا جن جُنُونًا غَيْر مُطْبَق فَلَا (الْهِنْدِيَّة فِي الْبَاب الْخَامِس) . وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّة (980) بَيَان حُكْم الْجُنُون غَيْر الْمُطْبَق. [ (مَادَّةُ 945) الْمَعْتُوهُ هُوَ الَّذِي اخْتَلَّ شُعُورُهُ] (مَادَّةُ 945) الْمَعْتُوهُ هُوَ الَّذِي اخْتَلَّ شُعُورُهُ بِأَنْ كَانَ فَهْمُهُ قَلِيلًا وَكَلَامُهُ مُخْتَلِطًا وَتَدْبِيرُهُ فَاسِدًا. الْمَعْتُوهُ لُغَةً نَاقِصُ الْعَقْلِ وَشَرْعًا هُوَ الَّذِي اخْتَلَّ شُعُورُهُ بِأَنْ كَانَ قَلِيلَ الْفَهْمِ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ. وَلَكِنَّهُ لَا يَشْتُمُ وَلَا يَضْرِبُ كَالْمَجْنُونِ. بَلْ يَكُونُ كَلَامُهُ مُخْتَلِطًا فَبَعْضُهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَبَعْضُهُ يُشْبِهُ أَلْفَاظَ الْمَجَانِينِ. وَإِنْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي تَفْسِيرِ الْمَعْتُوهِ فَالْمُخْتَارُ هَذَا التَّعْرِيفُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّنْقِيحُ) وَعَلَيْهِ فَالْعَاقِلُ هُوَ الَّذِي تَكُونُ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ مُسْتَقِيمَةً (الْبَهْجَةُ) [ (مَادَّةُ 946) السَّفِيهُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ مَالَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ] (مَادَّةُ 946) السَّفِيهُ هُوَ الَّذِي يَصْرِفُ مَالَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَيُبَذِّرُ فِي مَصْرُوفَاتِهِ وَيُضِيعُ أَمْوَالَهُ وَيُتْلِفُهَا بِالْإِسْرَافِ وَاَلَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يَغْفُلُونَ فِي أَخْذِهِمْ وَإِعْطَائِهِمْ وَلَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ تِجَارَتِهِمْ وَتَمَتُّعِهِمْ بِحَسَبِ بَلَاهَتِهِمْ وَخُلُوِّ قُلُوبِهِمْ يُعَدُّونَ أَيْضًا مِنْ السُّفَهَاءِ. السَّفِيهُ مَأْخُوذٌ مِنْ السَّفَهِ، وَالسَّفَهُ لُغَةً خِفَّةُ الْعَقْلِ، وَالسَّفِيهُ هُوَ مَنْ كَانَ فِي عَقْلِهِ خِفَّةً، أَمَّا شَرْعًا فَهُوَ الَّذِي يَصْرِفُ مَالَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ يَعْنِي خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ وَيُبَذِّرُ فِي مَصْرُوفَاتِهِ وَيُضِيعُ أَمْوَالَهُ وَيُتْلِفُهَا بِالْإِسْرَافِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ هُوَ أَنَّ التَّبْذِيرَ صَرْفُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ اللَّائِقِ أَمَّا الْإِسْرَافُ فَهُوَ

(مادة 947) الرشيد هو الذي يتقيد بمحافظة ماله ويتوقى السرف والتبذير

صَرْفُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ اللَّائِقِ زِيَادَةً عَنْ اللَّازِمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفَرَائِضِ) فَعَلَى ذَلِكَ التَّبْذِيرُ هُوَ تَجَاوُزُ مَوْضِعِ الْحَقِّ وَجَهْلٌ بِمَوَاضِعِ وَمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ أَمَّا الْإِسْرَافُ فَهُوَ تَجَاوُزٌ فِي الْكَمِّيَّةِ وَجَهْلٌ فِي مَقَادِيرِ الْحُقُوقِ. فَالتَّبْذِيرُ وَالْإِسْرَافُ اللَّذَانِ يَنْشَآنِ عَنْ السَّفَهِ يَكُونَانِ أَحْيَانًا فِي أُمُورِ الشَّرِّ فَكَمَا أَنَّ مَنْ يُعْطِي مَالَهُ لِلْعَازِفِينَ وَالْمُغَنِّينَ أَوْ يَجْمَعُ فِي بَيْتِهِ أَهْلَ الشُّرْبِ وَالْفِسْقِ فَيُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ أَوْ يُسْرِفُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَنْ يَفْتَحُ بَابَ الْجَوَائِزِ وَالصِّلَاتِ أَوْ يَشْتَرِي الطُّيُورَ الطَّائِرَةَ بِأَثْمَانٍ بَاهِظَةٍ أَوْ مَنْ يُلْقِي أَمْوَالَهُ فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ أَوْ يُحْرِقُهَا بِالنَّارِ، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ سَفِيهًا مَنْ أَسْرَفَ فِي نَفَقَةٍ؛ إذْ إنَّ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَكَانَ لَهُ غَرَضٌ إلَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ بِهِ بِصُورَةٍ جَعَلَتْهُ لَا يُعَدُّ غَرَضًا فَهُوَ سَفِيهٌ كَالْغَبْنِ فِي التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْمَدَةٍ وَإِنْ يَكُنْ الْأَصْلُ فِي التَّصَرُّفَاتِ أَنْ تَكُونَ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمُسَامَحَةِ كَمَا أَنَّ الْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ مَشْرُوعَانِ إلَّا أَنَّ الْإِسْرَافَ فِيهِمَا حَرَامٌ كَالْإِسْرَافِ فِي الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا} [الفرقان: 67] أَيْ: لَمْ يَتَجَاوَزُوا حَدَّ الْكَرَمِ {وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الفرقان: 67] أَيْ: لَمْ يُضَيِّقُوا تَضْيِيقَ الشَّحِيحِ أَيْ: الْبَخِيلِ وَيَكُونُ الْإِسْرَافُ فِي الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا كَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ أَوْ صَرْفِ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ عَلَى الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ مَعَ عَدَمِ اقْتِدَارِهِ مُتَّبِعًا الْهَوَى وَتَارِكًا مَا يَدُلُّ عَلَى الْحِجَى أَمَّا إذَا صَرَفَ شَخْصٌ مَالَهُ عَلَى الْمَعَاصِي كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا فَلَا يُعَدُّ سَفِيهًا بِالْمَعْنَى الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (963) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَيُعَدُّ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ السَّفِيهِ الَّذِينَ لَا يَزَالُونَ يَغْفُلُونَ فِي أَخْذِهِمْ وَإِعْطَائِهِمْ وَلَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ تِجَارَتِهِمْ وَتَمَتُّعِهِمْ بِحَسَبِ بَلَاهَتِهِمْ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّونَ سُفَهَاءَ بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ الْحَجْرُ عَلَى أَبْلَهَ وَبَسِيطٍ كَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْمَادَّةُ (958) وَيُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَبْلَهِ وَالْبَسِيطِ مُغَفَّلٌ وَلَيْسَ الْمُغَفَّلُ فَاسِدًا وَإِنَّمَا هُوَ مَنْ كَانَ سَلِيمَ الْقَلْبِ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ مَعَ كَوْنِهِ يُخْدَعُ فِيهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ مُنْلَا مِسْكِينٍ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ، وَالْمُغَفَّلُ أَيْضًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّغْفِيلِ وَهُوَ مَنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ فَطَانَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) [ (مَادَّةُ 947) الرَّشِيدُ هُوَ الَّذِي يَتَقَيَّدُ بِمُحَافَظَةِ مَالِهِ وَيَتَوَقَّى السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ] الرَّشِيدُ هُوَ الْمُصْلِحُ فِي مَالِهٍ أَيْ: الَّذِي يَتَقَيَّدُ بِمُحَافَظَةِ مَالِهِ وَيَتَوَقَّى السَّرَفَ وَالتَّبْذِيرَ وَالصَّرْفَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَيَجْتَنِبُهُ وَهَذَا يُعَدُّ رَشِيدًا مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ سَوَاءٌ أَكَانَ فَاسِقًا طَارِئًا أَوْ أَصْلِيًّا أَمْ غَيْرَ فَاسِقٍ يَعْنِي: أَنَّ مُجَرَّدَ الْفِسْقِ لَيْسَ مَانِعًا لِلرَّشِيدِ وَمُوجِبًا لِلسَّفِيهِ وَعَلَيْهِ إنَّمَا يَتَحَرَّى عَنْ الرُّشْدِ فِي الْمَالِ وَلَيْسَ فِي الْمَالِ وَالدَّيْنِ مَعًا وَقَدْ فُسِّرَ الرُّشْدُ بِالْإِصْلَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ} [النساء: 6] أَيْ: عَرَفْتُمْ وَأَبْصَرْتُمْ {مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] فَالرَّشِيدُ مَنْ يَكُونُ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ فَقَطْ (التَّنْوِيرُ) [ (مَادَّةُ 948) الْإِكْرَاهُ هُوَ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ دُونِ رِضَاهُ] (مَادَّةُ 948) الْإِكْرَاهُ هُوَ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ دُونِ رِضَاهُ بِالْإِخَافَةِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُكْرَهُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَيُقَالُ لِمَنْ أَجْبَرَهُ: مُجْبِرٌ، وَلِذَلِكَ الْعَمَلِ: مُكْرَهٌ عَلَيْهِ، وَلِلشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلْخَوْفِ: مُكْرَهٌ بِهِ

الْإِكْرَاهُ لُغَةً إجْبَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى شَيْءٍ لَا يُرِيدُهُ أَيْ: عَلَى مَا يَرَاهُ بِطَبْعِهِ مُسْتَكْرَهًا سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَخَافَ الْفَاعِلُ وُقُوعَهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْفَاعِلُ مُمْتَنِعًا لِحَقِّ الشَّرْعِ أَوْ الْعَبْدِ أَمْ لَا (أَبُو السُّعُودِ) . وَشَرْعًا هُوَ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ دُونِ رِضَاهُ أَيْ: بِالْإِخَافَةِ وَالتَّهْدِيدِ أَيْ: مَعَ إبْقَاءِ أَصْلِ الِاخْتِيَارِ وَيُقَالُ لَهُ الْمُكْرَهُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَيُقَالُ لِمَنْ أَجْبَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ مُجْبِرٌ (بِكَسْرِ الْبَاءِ) وَلِذَلِكَ الْعَمَلُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) وَلِلشَّيْءِ الْمُوجِبِ لِلْخَوْفِ أَيْ: الْمُوجِبِ لِخَوْفِ الْمُكْرَهِ وَالسَّالِبِ لِرِضَاهُ كَالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ مُكْرَهٌ بِهِ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ 1 - عَمَلًا: الْعَمَلُ أَعَمُّ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي هُوَ عَمَلُ اللِّسَانِ وَمِنْ أَعْمَالِ سَائِرِ الْجَوَارِحِ فَكَمَا أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ أَعْمَالَ سَائِرِ الْجَوَارِحِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ مَثَلًا (الدُّرَرُ) . 2 - بِغَيْرِ حَقٍّ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارِيَّ الَّذِي بِحَقٍّ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا وَعَلَيْهِ فَالْإِجْبَارَاتُ الْآتِيَةُ لَيْسَتْ بِإِكْرَاهٍ وَإِلَيْكَهَا: أَوَّلًا: إذَا امْتَنَعَ الْمَدِينُ عَنْ بَيْعِ مَالِهِ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَيْهِ. وَالْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْإِجْبَارِ لَا يُعَدُّ بَيْعًا بِإِكْرَاهٍ. ثَانِيًا: إذَا بِيعَ الرَّهْنُ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِ الْحَاكِمِ الرَّاهِنَ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (761) نَفَذَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ. ثَالِثًا: إذَا أُجِّلَ الْعِنِّينُ إلَى الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجِمَاعِ يُكْرِهُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْفُرْقَةِ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ فَلَا يَكُونُ إكْرَاهًا بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. بِدُونِ رِضَاهُ - بِمَا أَنَّ هَذَا نَفْيٌ لِلرِّضَا عَلَى الْإِطْلَاقِ يَشْمَلُ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ قِسْمَيْ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الرِّضَا كَمَا يَكُونُ فِي الْإِكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ الَّذِي يَفُوتُ بِهِ الرِّضَا يَكُونُ أَيْضًا فِي الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ الْمُفْسِدِ لِلِاخْتِيَارِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ الرِّضَا مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ وَأَصْلُ الِاخْتِيَارِ فِي جَمِيعِ صُوَرِهِ ثَابِتٌ لَكِنْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يُفْسِدُ الِاخْتِيَارَ وَفِي بَعْضِهَا لَا يُفْسِدُ (الزَّيْلَعِيّ) . وَالرِّضَا، مُقَابِلُ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا الِاخْتِيَارُ فَمُقَابِلُ الْجَبْرِ الِاخْتِيَارُ - هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إرَادَةِ أَحَدٍ طَرَفَيْنِ جَائِزَيْنِ لِأَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ وَمَقْدُورٍ فِعْلَهُ مِنْ الْفَاعِلِ بِتَرْجِيحِهِ أَحَدَهُمَا مَثَلًا: بَيْعُ مَالِ زَيْدٍ أَمْرٌ أَحَدُ جَانِبَيْهِ وُجُودٌ وَالْجَانِبُ الْآخَرُ عَدَمٌ وَالطَّرَفَانِ جَائِزَانِ فَإِذَا بَاعَ زَيْدٌ ذَلِكَ الْمَالَ مُرَجِّحًا طَرَفَ الْوُجُودِ يَكُونُ عَمَلُهُ هَذَا اخْتِيَارًا كَمَا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ يَكُونُ قَدْ رَجَّحَ طَرَفَ الْعَدَمِ وَكَانَ عَمَلُهُ هَذَا اخْتِيَارًا وَالْفَاعِلُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا فِي قَصْدِهِ فَاخْتِيَارُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا (قُهُسْتَانِيٌّ بِإِيضَاحٍ) .

(مادة 949) الإكراه على قسمين

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّعْبِيرَاتِ أَنَّ عَدَمَ الرِّضَا مُعْتَبَرٌ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ إلَّا أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُفْسِدُ أَصْلَ الِاخْتِيَارِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ كَالْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَلَا يُفْسِدُهُ فِي بَعْضِهَا كَالْإِكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَالْإِكْرَاهُ بِالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ يُعْدِمُ الرِّضَا إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الِاخْتِيَارَ يَعْنِي: أَنَّ فِي هَذَا الْإِكْرَاهِ إكْرَاهًا لِلْمُكْرَهِ وَعَدَمِ رِضَائِهِ مَعَ وُجُودِ اخْتِيَارِهِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الِاخْتِيَارِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْإِكْرَاهِ بِإِتْلَافِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ فَالْإِكْرَاهُ الَّذِي يَكُونُ بِقَتْلِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ مُعْدِمٌ لِلرِّضَا وَمُفْسِدٌ لِلِاخْتِيَارِ أَيْضًا (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) 4 - الْإِخَافَةُ: بِمَا أَنَّ الْإِخَافَةَ قَدْ ذُكِرَتْ مُطَلَّقَةً فَكَمَا أَنَّهَا تَشْمَلُ الْإِخَافَةَ الَّتِي تَحْدُثُ بِالْفِعْلِ تَشْمَلُ الْإِخَافَةَ الَّتِي بِالْقَوْلِ كَالْوَعِيدِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 5 - الْإِجْبَارُ: كَمَا يَكُونُ الْإِجْبَارُ حَقِيقِيًّا يَكُونُ حُكْمِيًّا فَلَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِتْلَافِ مَالِ أَحَدٍ وَلَمْ يُهَدِّدْهُ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ عَلِمَ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ سَيَقْتُلُهُ فَلَهُ أَنْ يُتْلِفَ ذَلِكَ الْمَالَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إكْرَاهٌ حُكْمِيٌّ [ (مَادَّةُ 949) الْإِكْرَاهُ عَلَى قِسْمَيْنِ] الْأَوَّلُ هُوَ الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ الَّذِي يَكُونُ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ الْمُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ وَالثَّانِي هُوَ الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ الَّذِي يُوجِبُ الْغَمَّ وَالْأَلَمَ فَقَطْ كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ وَالْمَدِيدِ الْإِكْرَاهُ قِسْمَانِ: وَكِلَاهُمَا سَالِبُ رِضَا الْمُكْرَهِ كَمَا فُهِمَ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَوَجْهُ الِانْحِصَارِ هُوَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا إفْسَادَ اخْتِيَارِ الْمُكْرَهِ وَمُلْجِئًا إيَّاهُ أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. فَإِذَا أَوْجَبَ إفْسَادَ اخْتِيَارِهِ أَوْ أَلْجَأَهُ كَانَ إكْرَاهًا مُلْجِئًا وَإِذَا لَمْ يُفْسِدْ اخْتِيَارَهُ وَلَمْ يُلْجِئْهُ كَانَ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَفَوْتُ الرِّضَا أَعَمُّ مِنْ فَسَادِ الِاخْتِيَارِ فَفِي الْحَبْسِ أَوْ الضَّرْبِ يَفُوتُ الرِّضَا وَلَكِنَّ الِاخْتِيَارَ الصَّحِيحَ بَاقٍ وَفِي الْقَتْلِ لَا رِضَا وَلَكِنْ لَهُ اخْتِيَارٌ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ: اخْتِيَارٌ فَاسِدٌ. (الطَّحْطَاوِيُّ) . فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ إكْرَاهٌ مُلْجِئٌ: الْمُلْجِئُ بِكَسْرِ الْجِيمِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَلْجَأَ إلَى كَذَا اضْطَرَّهُ إلَيْهِ فَهُوَ الْمُوجِبُ لِلِاضْطِرَارِ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ الَّذِي يَكُونُ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ الْمُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَاللِّسَانِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ نَحْوَ الْأَصَابِعِ وَالْأَعْضَاءِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْإِكْرَاهِ: الْإِكْرَاهُ التَّامُّ وَهَذَا الْإِكْرَاهُ مُعْدِمٌ لِلرِّضَا مُفْسِدٌ لِلِاخْتِيَارِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الدُّرَرُ) ؛ إذْ الْإِنْسَانُ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ الْحَيَاةِ وَذَلِكَ يُضْطَرُّ إلَى ارْتِكَابِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ مُحَافَظَةً عَلَيْهَا فَيَفْسُدُ اخْتِيَارُهُ (الْجَوْهَرَةُ) . الْعُضْوُ، يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِهِ مُطْلَقًا أَنَّ الْعُضْوَ يَشْمَلُ الْأُنْمُلَةَ أَيْ: طَرَفَ الْأُصْبُعِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَشْمَلُ بَعْضَ الْعُضْوِ كَالْمَحَلِّ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الْأَظَافِرُ مِنْ الْأُصْبُعِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَالْإِكْرَاهُ الَّذِي يَقَعُ بِالتَّهْدِيدِ بِقَطْعِ ذَلِكَ يَكُونُ إكْرَاهًا مُلْجِئًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالنَّتِيجَةُ) وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ يَقُولُ إذَا هُدِّدَ بِالْحَبْسِ وَالْقَيْدِ وَكَانَ الرَّجُلُ ذَا مُرُوءَةٍ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ يَمُوتُ بِسَبَبِ الْحَبْسِ وَالْقَيْدِ أَوْ يَذْهَبُ عُضْوٌ مِنْهُ فَهُوَ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَوَعَّدَهُ بِالْحَبْسِ فِي مَكَان مُظْلِمٍ بِحَيْثُ يَخَافُ ذَهَابَ الْبَصَرِ لِطُولِ مُقَامِهِ فِيهِ فَهُوَ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ) قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَمَّا الْحَبْسُ الَّذِي أَحْدَثُوهُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّهُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَإِنْ قَالَ لَأُجَوِّعَنَّكَ أَوْ لَتَفْعَلَنَّ بَعْضَ مَا ذُكِرَ، لَمْ يَسْعَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَتَّى يَجِيءَ

مِنْ الْجُوعِ مَا يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي بِتَغْيِيرٍ) . وَقَوْلُهُ النَّفْسُ أَعَمُّ مِنْ النَّفْسِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْحُكْمِيَّةِ فَالنَّفْسُ الْحَقِيقِيَّةُ مَعْلُومَةٌ أَمَّا النَّفْسُ الْحُكْمِيَّةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إتْلَافِ كُلِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ فَالتَّهْدِيدُ بِإِتْلَافِ مَالِ الْإِنْسَانِ كُلِّهِ يُعَدُّ إكْرَاهًا مُلْجِئًا أَيْضًا حَتَّى أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ لَا يَشْتَرِطُ التَّهْدِيدَ بِإِتْلَافِ جَمِيعِ الْمَالِ بَلْ يَعُدُّ أَخْذَ بَعْضِ الْمَالِ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدُ الظَّلَمَةِ لِأَحَدٍ إذَا لَمْ تَبِعْنِي دَارَك فَسَأُعْطِيهَا إلَى عَدُوِّك وَبِنَاءً عَلَى هَذَا بَاعَهُمَا مِنْهُ فَيُعَدُّ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعًا بِإِكْرَاهٍ أَمَّا عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَالْإِكْرَاهُ بِأَخْذِ الْمَالِ إذَا وَقَعَ بِأَخْذِ كُلِّ الْمَالِ فَالْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرٌ وَالْإِكْرَاهُ الْوَاقِعُ بِأَخْذِ بَعْضِ الْمَالِ إذَا كَانَ مَا تُرِكَ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَافِيًا يُعَدُّ ذَلِكَ إكْرَاهًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالضَّرْبُ الَّذِي يُعَدُّ إكْرَاهًا مُلْجِئًا هُوَ الضَّرْبُ الَّذِي يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ النَّفْسِ أَوْ تَلَفِ عُضْوٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِ هَذَا الضَّرْبِ أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّهْدِيدُ بِمَا لَا يَقِلُّ عَنْ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً وَالْبَعْضُ يَقُولُ إنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَحَمَّلُ الضَّرْبَ الشَّدِيدَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ بِأَدْنَى مِنْهُ فَلَا طَرِيقَ سِوَى الرُّجُوعِ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ تَلَفَ النَّفْسِ وَالْعُضْوِ يَحْصُلُ بِهِ وُسْعُهُ وَإِلَّا فَلَا (الطُّورِيُّ) وَجَاءَ فِي الدُّرُّ الْمُخْتَارُ أَنَّ التَّهْدِيدَ بِالضَّرْبِ جَلْدَةً أَوْ جَلْدَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا مُلْجِئًا إلَّا أَنَّ التَّهْدِيدَ بِالضَّرْبِ، عَلَى مَذَاكِيرِ الْإِنْسَانِ أَوْ عَلَى عَيْنِهِ يُعَدُّ إكْرَاهًا مُلْجِئًا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ مِثْلِهَا عَلَى الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ مُؤَدِّيًا إلَى التَّلَفِ (الطُّورِيُّ) . وَالتَّهْدِيدُ بِالْحَبْسِ الْمُؤَبَّدِ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا مُلْجِئًا لِكَوْنِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الْمُهَدَّدِ مَا لَمْ يَمْنَعْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُهَدَّدُ (بِفَتْحِ الدَّالِ) بِالْحَبْسِ وَالتَّصْفِيدِ مِنْ أَرْبَابِ التَّنْعِيمِ وَالْمُرُوءَةِ وَالْجَاهِ فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ سَيَمُوتُ فِيمَا إذَا سُجِنَ فِي مَكَان مُظْلِمٍ أَوْ أَنَّهُ سَيَفْقِدُ أَحَدَ أَعْضَائِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ إكْرَاهًا مُلْجِئًا. كَذَلِكَ إذَا هُدِّدَ أَحَدٌ بِالْحَبْسِ فِي مَكَان مُظْلِمٍ وَخِيفَ مِنْ فَقْدِ الْبَصَرِ مِنْ جَرَّاءِ طُولِ السِّجْنِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ كَانَ الْإِكْرَاهُ مُلْجِئًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْغَمَّ وَالْأَلَمَ فَقَطْ كَالضَّرْبِ الْيَسِيرِ وَالْحَبْسِ وَالتَّصْفِيدِ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ وَالْمَدِيدِ وَيُقَالُ لَهُ الْإِكْرَاهُ النَّاقِصُ وَهَذَا الْإِكْرَاهُ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا لِلرِّضَا لَا يُفْسِدُ الِاخْتِيَارَ (الدُّرَرُ) . الْغَمُّ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ هُوَ السِّتْرُ وَالْغِطَاءُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحُزْنِ غَمٌّ؛ لِأَنَّهُ يُغَطِّي السُّرُورَ وَالْحِلْمَ أَلَمٌ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَاللَّامِ بِمَعْنَى الْوَجَعِ وَيُجْمَعُ عَلَى آلَامٍ وَعَلَيْهِ فَالْأَلَمُ هُوَ شَيْءٌ كَرِيهٌ قَبِيحٌ سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِعَارِضِ وَجَعٍ أَوْ فُتُورٍ أَوْ هَمٍّ فَهُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِلْغَمِّ. وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي هُوَ أَدْنَى مَرَاتِبِ الْإِكْرَاهِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ حَصْرُهُ فِي دَائِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَلَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ لَازِمٌ سِوَى أَنْ يَلْحَقَهُ مِنْهُ الِاغْتِمَامُ (أَبُو السُّعُودِ) . الْحَدُّ فِي الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهُ مَا يَجِيءُ الِاغْتِمَامُ الْبَيِّنُ بِهِ وَبِالضَّرْبِ الَّذِي هُوَ إكْرَاهُ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ الْأَلَمُ الشَّدِيدُ وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَلَكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ إذَا رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ

(المادة 950) الشفعة هي تملك الملك المشترى بمقدار الثمن الذي قام على المشتري

مُنْلَا مِسْكِينٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ النَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فَبَعْضُهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِالضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْحَبْسِ الْمَدِيدِ وَبَعْضُهُمْ يَتَضَرَّرُونَ بِضَرْبَةِ سَوْطٍ أَوْ فَرْكَةِ أُذُنٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْهَوَانِ وَالذُّلِّ كَالشُّرَفَاءِ وَأَصْحَابِ الْمَنْزِلَةِ الرَّفِيعَةِ وَالْجَاهِ وَالضُّعَفَاءِ مِنْ النَّاسِ أَيْضًا وَخُصُوصًا إذَا كَانَتْ عَلَى مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ. قَدْ جَعَلَ تَقْدِيرَ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي الَّذِي تُرْفَعُ إلَيْهِ الْقَضِيَّةُ كَمَا مَرَّ. وَعَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ فِي حَقِّ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ إكْرَاهًا. أَلَا تَرَى مَا يَحْصُلُ عِنْدَ أَشْرَافِ النَّاسِ مِنْ الْغَمِّ فِيمَا إذَا وُجِّهَتْ إلَيْهِمْ كَلِمَاتٌ قَاسِيَةٌ بِخِلَافِ الْأَرَاذِلِ مِنْهُمْ فَلَا يَتَأَلَّمُونَ إلَّا مِنْ الضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ تَعْيِينَ مَقَادِيرَ كَهَذِهِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ إذَا كَانَ بِدَرَجَةٍ تُؤَثِّرُ عَلَى الْمُكْرَهِ (فَتَاوَى أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَبْسِ وَالتَّصْفِيدِ هُنَا الْحَبْسُ وَالتَّصْفِيدُ الْمَدِيدَانِ وَيُطْلَقُ الْحَبْسُ الْمَدِيدُ عَلَى الْحَبْسِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ (أَبُو السُّعُودِ) أَمَّا الْحَبْسُ وَالتَّصْفِيدُ يَوْمًا وَاحِدًا وَالضَّرْبُ غَيْرُ الشَّدِيدِ فَلَا يُعَدَّانِ إكْرَاهًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ هَدَّدَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْحَبْسِ أَوْ بِالتَّصْفِيدِ يَوْمًا وَاحِدًا وَالضَّرْبِ جَلْدَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَلْفِ قِرْشٍ دَيْنًا عَلَيْهِ وَفَعَلَ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ إكْرَاهًا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُبَالِي بِمِثْلِ ذَلِكَ عَادَةً، فَلِذَلِكَ لَا يُعَدُّ هَذَا مُعْدِمًا لِلرِّضَا مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وَقَعَ التَّهْدِيدُ بِالْحَبْسِ يَوْمًا وَاحِدًا عَلَى ذِي جَاهٍ وَمَنْصِبٍ يَعْنِي: إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إكْرَاهًا لِرَجُلٍ لَهُ جَاهٌ وَعِزَّةٌ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ لِغَيْرِهِ فَيَفُوتُ بِهِ الرِّضَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا فِي الْمَالِ الْقَلِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) لَكِنَّ التَّهْدِيدَ بِضَرْبَةِ عَصَا تُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الْإِنْسَانِ لَا شُبْهَةَ أَنَّهُ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ، وَالْمَقْصُودُ بِالْحَبْسِ هُنَا حَبْسُ نَفْسِ الْمُكْرَهِ أَمَّا حَبْسُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَإِنْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيّ أَنَّهُ إكْرَاهٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَقَدْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَبْسِ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ وَالزَّوْجَةِ وَسَائِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ إكْرَاهٌ مُعْتَبَرٌ اسْتِحْسَانًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَا دَلِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ أَخَذَتْ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّ جِهَةَ الِاسْتِحْسَانِ مُرَجَّحَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقِيَاسِ وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ قِسْمَيْ الْإِكْرَاهِ هَذَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْأَحْكَامُ. فَالْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ أَمَّا الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ فَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ بَلْ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ فَقَطْ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1001 وَالْمَادَّةِ 1007) [ (الْمَادَّةُ 950) الشُّفْعَةُ هِيَ تَمَلُّكُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي] (الْمَادَّةُ 950) (الشُّفْعَةُ هِيَ تَمَلُّكُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي) الشُّفْعَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الضَّمِّ وَهِيَ ضِدُّ الْوِتْرِ وَتَسْمِيَةُ التَّمَلُّكِ فِي الْآتِي شُفْعَةً مَبْنِيٌّ عَلَى ضَمِّ الْمَالِ الْمُشْتَرَى لِعَقَارِ الشَّفِيعِ، وَمِنْهُ شَفَاعَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُذْنِبِينَ؛ لِأَنَّهُ يَضُمُّهُمْ بِهَا إلَى الْفَائِزِينَ (الْهِدَايَةُ،

مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَشَرْعًا هِيَ حَقُّ تَمَلُّكِ الْعَقَارِ أَوْ مَا كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ: أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ مِثْلِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتُهُ إذَا كَانَ قِيَمِيًّا بِدُونِ أَنْ يَلْتَفِتَ إلَى رِضَا الْمُشْتَرِي (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا نَفْسُ التَّمَلُّكِ فَيَحْصُلُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1036) بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِالرِّضَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَقَضَائِهِ إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْعَقَارُ أَوْ مَا فِي حُكْمِ الْعَقَارِ: الْعَقَارُ كَالدَّارِ مَعَ الْعَرْصَةِ أَوْ الْعَرْصَةِ فَقَطْ وَمَا كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ هُوَ كَالْعُلُوِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1011) (الدُّرَرُ) . 2 - مِلْكٌ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَشْمَلُ الْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (125 و 159) إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تُخَصَّصَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ بِالْعَقَارِ فَقَطْ كَمَا قَدْ جَرَى تَخْصِيصُهَا فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَجْرِي بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1017) فِي الْعَقَارِ وَحْدَهُ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَ ذِكْرُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى مُطْلَقًا فَكَمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ كُلَّ الْمِلْكِ يَشْمَلُ بَعْضَهُ أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشُّفَعَاءِ الْعَقَارَ الْمَمْلُوكَ فَبِمَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ الْمُشْتَرِي حَقُّ الشُّفْعَةِ فَلِلشُّفَعَاءِ الْآخَرِينَ إذَا سَاوَوْهُ فِي الدَّرَجَةِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمْ فَقَطْ مَا عَدَا حِصَّتَهُ يَعْنِي: أَنَّ لَهُمْ طَلَبُ مَا عَدَا الْحِصَّةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْحِصَصِ بِالشُّفْعَةِ. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ أَثْلَاثًا حِصَّتَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلِلشَّرِيكِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَ الشَّرِيكَ بِنِصْفِ مَا اشْتَرَاهُ فَقَطْ. 3 - عَلَى الْمُشْتَرِي: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي تَمْلِيكِ الْعَقَارِ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِرْثِ كَذَلِكَ لَا تَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ وَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّتَيْنِ (1033 و 1027) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ أَيْ: (عَلَى الْمُشْتَرِي) يَسْتَلْزِمُ إيرَادَ سُؤَالَيْنِ: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِرًّا بِالشِّرَاءِ، أَوْ إذَا كَانَ مُنْكِرًا إيَّاهُ وَأَثْبَتَ الشَّفِيعُ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي أَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ كَانَ ذَلِكَ ضِدَّ تَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُقِرًّا بِالْبَيْعِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي مُنْكِرًا لَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْبَيْعِ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ التَّمَلُّكُ الْوَاقِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصْبِحُ هَذَا التَّمَلُّكُ خَارِجًا مِنْ التَّعْرِيفِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ (بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ. وَيُجَابُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ هُوَ تَعْرِيفُ الشُّفْعَةِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ نَادِرُ الْوُقُوعِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلنَّادِرِ السُّؤَالُ الثَّانِي: بِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1022) وَبِقَوْلِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) تَخْرُجُ هَذِهِ الشُّفْعَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ فَيَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ وَيُجَابُ عَلَى هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِيَ شِرَاءُ انْتِهَاءٍ فَلَا تَخْرُجُ هَذِهِ الْهِبَةُ بِقَوْلِ (عَلَى

(مادة 951) الشفيع هو من كان له حق الشفعة

الْمُشْتَرِي) مِنْ. التَّعْرِيفِ. 4 - بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الَّذِي قَامَ عَلَى الْمُشْتَرِي: سَيَأْتِي مَعْنَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1036) هَذَا وَبِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْجَارِيَةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا الْحُكْمُ غَيْرُ شَرْعِيٍّ فِي الْمَمَالِكِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَلَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ عَقَارًا فِي بِلَادٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَوِجَادَ لَهُ شَفِيعٌ مُسْلِمٌ؛ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ أُصُولُ الشُّفْعَةِ مَرْعِيَّةً فِي تِلْكَ الدِّيَارِ (أَبُو السُّعُودِ) . [ (مَادَّةُ 951) الشَّفِيعُ هُوَ مَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ] (مَادَّةُ 951) : الشَّفِيعُ هُوَ مَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ. أَيْ: مَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، مَثَلًا تُطْلَقُ كَلِمَةُ الشَّفِيعِ عَلَى مَنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْعَقَارِ الَّذِي بَاعَهُ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ كَالْحَانُوتِ مَثَلًا أَوْ مَنْ كَانَ جَارًا مُلَاصِقًا لِذَلِكَ الْعَقَارِ. [ (مَادَّةُ 952) الْمَشْفُوعُ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ] (مَادَّةُ 952) : الْمَشْفُوعُ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَهُوَ الْعَقَارُ الَّذِي يُمْكِنُ لِلشَّفِيعِ تَمَلُّكُهُ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي: وَيُطْلَقُ عَلَى الْحَانُوتِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ: مَشْفُوعٌ [ (مَادَّةُ 953) الْمَشْفُوعُ بِهِ هُوَ مِلْكُ الشَّفِيعِ الَّذِي بِهِ الشُّفْعَةُ] (مَادَّةُ 953) : الْمَشْفُوعُ بِهِ هُوَ مِلْكُ الشَّفِيعِ الَّذِي بِهِ الشُّفْعَةُ. أَيْ: بِسَبَبِهِ يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي الْمَبِيعِ مَثَلًا: لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِدَارِ أَحَدٍ فَتَكُونُ تِلْكَ الدَّارُ (مَشْفُوعًا بِهَا) أَوْ (مَا يُشْفَعُ بِهَا) . [ (مَادَّةُ 953) الْخَلِيطُ هُوَ بِمَعْنَى الْمُشَارِكِ فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ] (مَادَّةُ 953) : الْخَلِيطُ هُوَ بِمَعْنَى الْمُشَارِكِ فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ كَحِصَّةِ الْمَاءِ وَالطَّرِيقِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ حِصَّةٌ فِي نَهْرٍ خَاصٍّ وَلِآخَرَ فِيهِ حِصَّةٌ كَذَلِكَ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ خَلِيطًا لِلْآخَرِ. [ (مَادَّةُ 955) الشِّرْبُ الْخَاصُّ] (مَادَّةُ 955) الشِّرْبُ الْخَاصُّ هُوَ حَقُّ شُرْبِ الْمَاءِ الْجَارِي الْمَخْصُوصِ بِالْأَشْخَاصِ الْمَعْدُودِينَ وَأَمَّا أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْهُرِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الْعَامَّةُ؛ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشُّرْبِ الْخَاصِّ. الشِّرْبُ الْخَاصُّ (بِكَسْرِ الشِّينِ) هُوَ حَقُّ شُرْبِ الْمَاءِ الْجَارِي الْمَخْصُوصِ بِالْأَشْخَاصِ الْمَعْدُودِينَ أَيْ: الْمَخْصُوصِ لِسَقْيِ وَرَيِّ مَزَارِعِ أُوْلَئِكُمْ الْأَشْخَاصِ الْمَعْدُودِينَ. وَيُقَالُ لِلْأَشْخَاصِ الَّذِينَ دُونَ الْمِائَةِ أَشْخَاصٌ مَعْدُودُونَ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1646) (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَأَمَّا أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْهُرِ كَالْفُرَاتِ وَالدِّجْلَةِ وَالنِّيلِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الْعَامَّةُ لِسَقْيِ الْمَزَارِعِ فَلَيْسَ مِنْ

(مادة 956) الطريق الخاص

قَبِيلِ الشِّرْبِ الْخَاصِّ (الدُّرَرُ، الْقُهُسْتَانِيُّ) وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الشِّرْبُ الْخَاصُّ مَشْفُوعًا بِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشِّرْبِ مَشْفُوعًا بِهِ. فِي تَعْرِيفِ الشِّرْبِ الْخَاصِّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْمُشْتَرِكُونَ فِي النَّهْرِ أَشْخَاصًا مَعْدُودِينَ يَكُونُ نَهْرًا خَاصًّا وَيُقَالُ فِي حَقِّ أَخْذِ الْمَاءِ مِنْهُ شِرْبٌ خَاصٌّ وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِكُونَ فِي النَّهْرِ غَيْرَ مَعْدُودِينَ فَيُقَالُ لَهُ نَهْرٌ عَامٌّ، وَالْقَوْلُ الَّذِي أَخَذَتْ بِهِ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ. الْأَشْخَاصُ الْمَعْدُودُونَ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ (الْأَشْخَاصِ) فَبَعْضُهُمْ قَالَ يُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَ الْمِائَةِ وَبَعْضُهُمْ قَالَ حَتَّى خَمْسِمِائَةٍ وَبَعْضُ الْمُتَفَقِّهِينَ قَالَ حَتَّى الْأَرْبَعِينَ. إلَّا أَنَّ الْبَعْضَ قَالَ يَجِبُ أَنْ يُفَوَّضَ تَعْيِينُ الْمِقْدَارِ لِرَأْيِ مُجْتَهِدِي الْعَصْرِ، إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ الرَّأْيَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ لِغَايَةِ مِائَةِ شَخْصٍ. الْقَوْلُ الثَّانِي: النَّهْرُ هُوَ الَّذِي يَتَفَرَّقُ عَلَى أَرَاضِي أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ وَيَنْقَسِمُ عَلَيْهَا كَمَا وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1239) وَيَتَلَاشَى إذَا انْتَهَى إلَى آخِرِ الْأَرَاضِي فَلَا يَكُونُ لَهُ مَنْفَذٌ لِمَفَازَةٍ وَيُقَالُ فِي حَقِّ الْأَخْذِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ الشِّرْبُ الْخَاصِّ (مُنْلَا مِسْكِينٍ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الشُّفْعَةِ) . الْقَوْلُ الثَّالِثُ: النَّهْرُ الْخَاصُّ عِبَارَةٌ عَنْ النَّهْرِ الَّذِي لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَيُقَالُ فِي حَقِّ أَخْذِ الْمَاءِ مِنْهُ (الشِّرْبُ الْخَاصُّ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ السُّفُنِ هِيَ صُغْرَاهَا أَيْ الزَّوَارِقُ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الشُّفْعَةِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الشُّفْعَةِ) . وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَفِي الْمَادَّةِ (1239) قَبِلَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ. وَعَلَى ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِيَ الْمُنْحَصِرَ فِي أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ يُعَدُّ شِرْبًا خَاصًّا فَالنَّهْرُ الَّذِي بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (1239) يَكُونُ شِرْبًا خَاصًّا أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْقَوْلَيْنِ أَيْضًا، وَكَانَ الْأَجْدَرُ بِالْمَجَلَّةِ أَنْ تَكْتَفِيَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. [ (مَادَّةُ 956) الطَّرِيقُ الْخَاصُّ] (مَادَّةُ 956) : الطَّرِيقُ الْخَاصُّ هُوَ الزُّقَاقُ غَيْرُ النَّافِذِ. وَالْوَاقِعُ لَيْسَ كُلُّ زُقَاقٍ لَا يَنْفُذُ طَرِيقًا خَاصًّا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ زُقَاقٍ يَنْفُذُ طَرِيقًا عَامًّا. وَعَلَيْهِ لَوْ سُدَّ مَنْفَذُ الطَّرِيقِ الْعَامِّ يَبْقَى طَرِيقًا عَامًّا كَمَا أَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ لَا يَصِيرُ عَامًّا فِيمَا لَوْ فَتَحَ لَهُ أَصْحَابُهُ مَنْفَذًا فَاتَّصَلَ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَعَلَيْهِ فَهَذَا التَّعْرِيفُ لَيْسَ جَامِعًا أَفْرَادَهُ وَلَا مَانِعًا أَغْيَارَهُ أَيْضًا فَيَجِبُ تَعْرِيفُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ بِأَنَّهُ (الطَّرِيقُ الَّذِي يَكُونُ مِلْكًا لِأَصْحَابِهِ) . وَلَمَّا كَانَ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ مَمْلُوكًا فَلِأَصْحَابِهِ أَنْ يَمْنَعُوا غَيْرَهُمْ مِنْ الْمُرُورِ فِيهِ، فَلَوْ فَتَحَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ بَابًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَوَصَلُوهُ بِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ الْمُرُورِ مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْهِنْدِيَّةُ) .

الباب الأول في بيان المسائل المتعلقة بالحجر وينقسم إلى أربعة أقسام

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ صُنُوفِ الْمَحْجُورِينَ وَأَحْكَامِهِمْ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحَجْرِ: وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ صُنُوفِ الْمَحْجُورِينَ وَأَحْكَامِهِمْ يَعْنِي: أَنَّهُ سَيَصِيرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَيَانُ أَصْنَافِ الْمَحْجُورِينَ وَأَحْكَامِهِمْ وَيَتَعَدَّدُ الْمَحْجُورُونَ بِسَبَبِ تَعَدُّدِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ فَلِذَا تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهُمْ أَيْضًا. أَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ: الرِّقُّ، الصِّغَرُ، الْجُنُونُ، الْغَفْلَةُ (أَيْ: الْبَلَهُ) ، ضَرَرُ الْعَامَّةِ، الدَّيْنُ، السَّفَهُ (الْخَانِيَّةُ) . وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَا تَتَعَرَّضُ لِأَحْكَامِ الرِّقِّ فَقَدْ أَهْمَلْتُ الْبَحْثَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ فِيهِ، وَأَمَّا الْبَقِيَّةُ فَسَيَأْتِي إيضَاحُهَا فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. أَمَّا مُجَرَّدُ الْفِسْقِ؛ فَلَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 963) . وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ، وَالصِّغَرَ، وَالْجُنُونَ، وَضَرَرَ الْعَامَّةِ، مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ، وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الدَّيْنِ وَالسَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ، هَلْ هِيَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ؟ . أَمَّا الْحَجْرُ عَلَى الْمُفْتِي الْمَاجِنِ، وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ، وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ؛ فَلَيْسَ اصْطِلَاحِيًّا وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (964) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَحْجُورُونَ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُمْ الْمَحْجُورُونَ أَصْلًا، وَهَذَا الْقِسْمُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَنْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِمْ مُقَيَّدًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ؛ إذْ إنَّ الْمَرِيضَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَبِيعَ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ يَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ وَمِنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِ بَعْضِ دَائِنِيهِ مُرَجِّحًا إيَّاهُمْ عَلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَالتَّصَرُّفِ بِمَا يَزِيدُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَ التَّفْصِيلَاتِ فِي هَذَا الشَّأْنِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فِي شَرْحِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّانِي. النَّوْعُ الثَّانِي: مَنْ لَمْ يَكُنْ الْحَجْرُ عَلَيْهِمْ مُقَيَّدًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ، وَهَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ: الصَّغِيرُ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ يَحْتَاجُونَ إلَى حَجْرِ الْحَاكِمِ، وَهُمْ سِتَّةُ أَشْخَاصٍ: السَّفِيهُ، الْمَدِينُ، الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ، الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، الْمُفْتِي الْمَاجِنُ. [ (مَادَّةُ 957) الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ مَحْجُورُونَ أَصْلًا] (مَادَّةُ 957) : الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ مَحْجُورُونَ أَصْلًا سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا أَمْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَالْمَجْنُونُ هُوَ الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ وَلَا حَاجَةَ فِي الْحَجْرِ عَلَى هَؤُلَاءِ إلَى حَجْرٍ خُصُوصِيٍّ كَالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ وَالْمَدِينِ وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَغِيرٌ مُمَيِّزٌ لِأَحَدٍ بِدَيْنٍ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1573) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

(مادة 958) للحاكم أن يحجر على السفيه

وَقَدْ حُجِرَ عَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلِفِقْدَانِهِ الْعَقْلَ وَإِذَا كَانَ مُمَيِّزًا فَلِنُقْصَانِ عَقْلِهِ؛ إذْ يُوجَدُ احْتِمَالُ الْغَرَرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ. أَمَّا إذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ لَهُ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ بِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْمَصْلَحَةِ. وَقَدْ حُجِرَ الْمَجْنُونُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُطْبِقًا فَهُوَ عَدِيمُ الْعَقْلِ. كَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُطْبِقٍ فَهُوَ مَحْجُورٌ أَصْلًا فِي حَالِ جُنُونِهِ وَلَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لِحَجْرٍ خُصُوصِيٍّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ حِينَئِذٍ غَيْرُ صَحِيحَةٍ بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ. أَمَّا فِي حَالِ صَحْوِهِ وَإِفَاقَتِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْجُورٍ أَصْلًا وَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الصَّغِيرَ الْمَحْجُورَ وَالْمَجْنُونَ غَيْرَ الْمُطْبِقِ يُؤْذَنُ بِفَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُمَا، أَمَّا الصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ فَلَا يُؤْذَنَا بِفَكِّ الْحَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (مَادَّةُ 958) لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى السَّفِيهِ] هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي أَبِي يُوسُفَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ السَّفِيهِ هُنَا مَنْ يَبْلُغُ سِنَّ الرُّشْدِ غَيْرَ سَفِيهٍ فَيُصْبِحُ بَعْدَ ذَلِكَ سَفِيهًا. أَمَّا مَنْ يَبْلُغُ سِنَّ الرُّشْدِ وَهُوَ سَفِيهٌ فَتُمْنَعُ عَنْهُ أَمْوَالُهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ أَيْ: أَنَّهُ لَا تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (982) . وَلَكِنْ إذَا بَلَغَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ فَيَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْآتِي (أَبُو السُّعُودِ) وَقَوْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ " لِلْحَاكِمِ "، مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى السَّفِيهِ لَيْسَتْ لِلْأَبِ وَلَا لِلْجَدِّ وَأَمْثَالِهِمَا بَلْ هِيَ لِلْحَاكِمِ فَقَطْ. وَالسَّفِيهُ، بِمَا أَنَّهُ يَصْرِفُ مَالَهُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَيُتْلِفُهُ فَقَدْ أُلْحِقَ بِالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّبِيِّ نَاشِئٌ عَنْ احْتِمَالِ صَرْفِهِ مَالَهُ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهِ وَقَدْ جَازَ الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَنْفَعَتِهِ وَلِئَلَّا يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ بِإِتْلَافِهِ مَالَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ: لَكِنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ يَرَى أَنَّهُ يَقْتَضِي لِعَدِّ السَّفِيهِ مَحْجُورًا أَنْ يَحْجُرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ مَحْجُورًا بِلَا حَجْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ السَّفَهَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَحْسُوسٍ فَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالِانْخِدَاعِ فِي التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّ الِانْخِدَاعَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حِيلَةً قُصِدَ بِهَا اسْتِجْلَابُ الْقُلُوبِ كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إضَاعَةً لِلْمَالِ بِلَا مُوجِبٍ عَقْلِيٍّ بِدَاعِي السَّفَهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الشَّيْءِ الْمُحْتَمِلِ أَمْرَيْنِ أَوْ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بِالْقَضَاءِ. وَيُوجَدُ أَيْضًا فِي حَجْرِ السَّفِيهِ (فَائِدَةٌ) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِيهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى أَمْوَالِهِ (وَضَرَرٌ) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ أَنْ تَكُونَ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَإِهْدَارُ أَقْوَالِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْبَهَائِمِ. وَتَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فِي مُحْتَمَلَاتٍ كَهَذِهِ عَلَى الْآخَرِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي هُوَ مُجْبَرٌ عَلَى مُلَاحَظَةِ جِهَتَيْ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْكِفَايَةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا صَارَ السَّفِيهُ مُسْتَحِقًّا الْحَجْرَ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا بِنَفْسِهِ، فَإِذَا زَالَ السَّفَهُ وَاكْتَسَبَ صَلَاحًا فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ قَبْلَ الْحَجْرِ صَحِيحَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ. أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ أَنْ اكْتَسَبَ صَلَاحًا بَعْدَ الْحَجْرِ وَقَبْلَ الْفَكِّ فِي حَالَةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَنْحَجِرُ السَّفِيهُ بِمُجَرَّدِ سَفَهِهِ بِلَا حَجْرِ الْحَاكِمِ وَلِذَلِكَ فَتَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ حُصُولِ

(مادة 959) يحجر المدين أيضا من طرف الحاكم بطلب الغرماء

السَّفَهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ حَتَّى إذَا عُرِضَتْ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتُ عَلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ مُجْبَرٌ عَلَى إبْطَالِهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا تَبَدَّلَ سَفَهُهُ بِالصَّلَاحِ فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ يَزُولُ بِنَفْسِهِ وَتُصْبِحُ تَصَرُّفَاتُهُ صَحِيحَةً وَإِذَا عُرِضَتْ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتُ عَلَى الْحَاكِمِ فَعَلَيْهِ تَصْدِيقُهَا وَتَثْبِيتُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْخَانِيَّةُ) . مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ: وَلَمْ يُجَوِّزْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَاقِلِ هُوَ اسْتِلَابٌ لِآدَمِيَّتِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْبَهَائِمِ وَهَذَا أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ التَّبْذِيرِ وَأَقْوَى مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ اخْتِيَارُ الْحَجْرِ الْأَعْلَى بَدَلًا مِنْ التَّبْذِيرِ الْأَدْنَى وَيَصِيرُ إثْبَاتُ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَفْتَرِقُ عَنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ بِاللِّسَانِ وَالْبَيَانِ وَعَلَيْهِ فَإِطْلَاقُ اللِّسَانِ وَاعْتِبَارُ الْبَيَانِ نِعْمَةً أَصْلِيَّةً وَأَمَّا الْمَالُ فَهُوَ نِعْمَةٌ زَائِدَةٌ فَتَكُونُ نِعْمَةُ إطْلَاقِ اللِّسَانِ النِّعْمَةَ الْعُلْيَا وَنِعْمَةُ الْمَالِ النِّعْمَةَ الدُّنْيَا (الْهِدَايَةُ، الْكِفَايَةُ) . وَيُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ مَذْهَبٌ مُتَوَسِّطٌ وَقَدْ أُسِّسَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ (الْهِدَايَةُ) . لَوْ حَجَرَ حَاكِمٌ عَلَى سَفِيهٍ وَفَكَّ الْحَجْرَ عَنْهُ حَاكِمٌ آخَرُ وَأَجَازَ تَصَرُّفَاتِهِ كَبَيْعِ الْمَحْجُورِ قَبْلَ الْفَكِّ وَشِرَائِهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الْفَكِّ صَحِيحَةً أَيْضًا (التَّنْوِيرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ حَجْرَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ كَإِفْتَاءٍ مِنْ وَجْهٍ وَلَيْسَ حُكْمًا وَقَضَاءً مِنْ وَجْهٍ وَلَا يُقَالُ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ: إنَّ حُكْمَ حَاكِمٍ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ لَا يَنْقُضُهُ حَاكِمٌ آخَرُ. كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (962) أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ مَقْضِيًّا لَهُ وَمَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَا بِمَوْجُودَيْنِ (الْهِدَايَةُ، الْحَمَوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ عَرَضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَكُّ الْحَجْرِ لِلْقَاضِي الثَّانِي عَلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَيَلْزَمُهُ التَّصْدِيقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ أَوْ يُبْطِلَهُ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَاضِي قَرَارًا لِتَرْجِيحِ أَحَدِ الرَّأْيَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ يَكُونُ نَافِذًا بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرَ قَابِلٍ لِلْفَسْخِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [ (مَادَّةُ 959) يُحْجَرُ الْمَدِينُ أَيْضًا مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ] (مَادَّةُ 959) يُحْجَرُ الْمَدِينُ أَيْضًا مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ كَمَا يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ يُحْجَرُ عَلَى الْمَدِينِ أَيْضًا مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْكُمَ بِإِفْلَاسِهِ بِطَلَبِ الدَّائِنِينَ وَالْمُرَادُ بِالْغُرَمَاءِ الدَّائِنُونَ لِئَلَّا يَضُرَّهُمْ بِتَصَرُّفِهِ فِي أَمْوَالِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ أَمْوَالَهُ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ بِمَحْضَرِ شُهُودٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ فَلَا وَيَجِدُ الْغُرَمَاءُ مَا يَسْتَوْفُونَ بِهِ دُيُونَهُمْ فَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ كَمَا أَنَّ فِيهِ نَظَرًا وَفَائِدَةً لَهُ فَالْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ فِيهِ نَظَرٌ وَفَائِدَةٌ لِلْغُرَمَاءِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ، الْكِفَايَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) فَعَدَمُ سَدَادِ الدَّيْنِ (بِالْفَتْحِ) أَثْقَلُ الْأَحْمَالِ وَأَضَرُّ فِي الدِّينِ مِنْ خَبَائِثِ الْأَعْمَالِ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَ إنَّمَا يُحْجَرُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ. وَلَمْ يَحْصُلْ فِي هَذَا الِاخْتِلَافُ الْحَاصِلُ فِي السَّفِيهِ إلَّا أَنَّ حَجْرَ الْمَدِينِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَوَّلًا الْحُكْمُ بِإِفْلَاسِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِإِفْلَاسِ ذَلِكَ الْمَدِينِ وَمِنْ ثَمَّ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْحَجْرِ بِنَاءً عَلَى إفْلَاسِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَجَرَ ابْتِدَاءً أَيْ: قَبْلَ الْحُكْمِ بِإِفْلَاسِهِ فَهَذَا الْحَجْرُ

غَيْرُ صَحِيحٍ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا الْحَجْرُ بِالسَّفَهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً بِالْإِفْلَاسِ (الْكِفَايَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمَدِينِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُفْلِسًا أَيْ: كَانَ دَيْنُهُ زَائِدًا عَلَى مَالٍ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَمْ غَيْرَ مُفْلِسٍ. وَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ أَمَّا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَمْ يُجَوِّزْ الْحَجْرَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ (تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ) وَقَدْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَجْرَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلْبِ وِلَايَةِ الْمُخْتَارِ عَنْ الْجَرْيِ عَلَى مُوجَبِ الِاخْتِيَارِ وَسَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (998) مَعَ الْمَوَادِّ التَّالِيَةِ لَهَا الْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحَجْرِ الْمَدِينِ. التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي يُؤْثَرُ فِيهَا الْحَجْرُ لِلسَّفَهِ وَالدَّيْنِ: إنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ وَحَجْرَ الْمَدِينِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهُمَا مُنْحَصِرَانِ فِيمَا يُحْتَمَلُ فَسْخُهُ وَيَبْطُلُ بِالْهَزْلِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. أَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَلَا يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (994) . مَثَلًا: لَوْ تَزَوَّجَ الْمَدِينُ أَوْ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِزَوْجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَسَمَّى صَدَاقًا مُعَيَّنًا كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الزَّوَاجَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى زِيَادَةً عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْفُرُوقَاتُ بَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَبَيْنَ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ: يُوجَدُ فُرُوقٌ بَيْنَ حَجْرِ السَّفِيهِ وَبَيْنَ حَجْرِ الْمَدِينِ عَلَى الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: الْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ يَكُونُ بِالْحَجْرِ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ أَيْ: أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ وَاَلَّتِي اكْتَسَبَهَا بَعْدَهُ وَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا. وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَدِينِ يَنْحَصِرُ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1001) وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ الْحَجْرِ نَافِذًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَيْ) . ثَانِيًا: إنَّ سَبَبَ حَجْرِ السَّفِيهِ سُوءُ اخْتِيَارِهِ مَعَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمَدِينِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا: إنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ حَالَ حَجْرِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (944) كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَوْ الْمَالِ الْحَادِثِ مَعَ أَنَّ الْمَحْجُورَ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ فِي حَالِ حَجْرِهِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ حِينَ الْحَجْرِ وَالْأَمْوَالِ الْمُكْتَسَبَةِ بَعْدَهُ، كَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْحَادِثَةِ حَالَ حَجْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . رَابِعًا: قَدْ مَرَّ مَعَنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ الْحُكْمُ بِإِفْلَاسِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِلَا إفْلَاسٍ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ بِإِفْلَاسِهِ (مَادَّةُ 960) الْمَحْجُورُونَ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصَرُّفُهُمْ الْقَوْلِيُّ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَّا أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ حَالًا الْخَسَارَةَ وَالضَّرَرَ اللَّذَيْنِ نَشَآ مِنْ فِعْلِهِمْ. مَثَلًا: لَوْ أَتْلَفَ الصَّغِيرُ مَالَ آخَرَ لَزِمَ الضَّمَانُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ. يُؤَاخَذُ الْمَحْجُورُونَ بِأَفْعَالِهِمْ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لَا يَجْرِي فِي الْأَفْعَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (941) .

(مادة 961) إذا حجر السفيه والمدين من قبل الحاكم يبين سببه للناس

وَعَلَيْهِ فَالْمَحْجُورُونَ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَوَادِّ السَّابِقَةِ يَعْنِي الصَّغِيرَ، وَالْمَجْنُونَ، وَالْمَعْتُوهَ، وَالْأَبْلَهَ، وَالسَّفِيهَ، وَالْمَدِينَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ تَصَرُّفَاتُهُمْ الْقَوْلِيَّةُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَاَلَّتِي تَكُونُ ضَرَرًا مَحْضًا كَهِبَةِ مَالٍ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ بِمُقْتَفَى الْمَوَادِّ (966، 967، 978، 979، 990، 991) إلَّا أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مِنْ مَالِهِمْ الضَّرَرَ وَالْخَسَارَةَ اللَّذَيْنِ نَشَآ مِنْ فِعْلِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الضَّرَرُ عَائِدًا عَلَى الْمَالِ كَإِتْلَافِ مَالٍ أَمْ مُتَعَلِّقًا بِالنَّفْسِ كَإِتْلَافِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ حَالًا أَيْ: بِدُونِ انْتِظَارِ حَالِ الْبُلُوغِ أَوْ حَالِ الصَّحْوِ وَالْإِفَاقَةِ أَوْ انْتِظَارِ وَقْتِ فَكِّ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (941) مُخْتَصٌّ بِالْأَقْوَالِ وَلَيْسَ فِي الْأَفْعَالِ حَجْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفِعْلُ مَوْجُودًا حِسًّا وَمُشَاهَدَةً فَلَا يُمْكِنُ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ وَاعْتِبَارُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ؛ مَثَلًا: إذَا أَتْلَفَ صَبِيٌّ غَيْرُ مُمَيِّزٍ أَوْ مُمَيِّزٌ مَحْجُورٌ مَالًا وَاعْتُبِرَ هَذَا الْإِتْلَافُ مَعْدُومًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ نَعْتَبِرَ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ عَدَمَ التَّلَفِ وَهَذِهِ الْحَالُ إنْكَارٌ لِلْحَقَائِقِ وَدُخُولٌ فِي مَذْهَبِ السُّفُسْطَائِيَّة (الْهِدَايَةُ) . فَلِذَلِكَ لَوْ قَتَلَ صَبِيٌّ أَحَدًا لَزِمَتْ الدِّيَةُ. وَإِلَّا فَعَدُّ الْقَتْلِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ فِي الْعَارِيَّةِ: لَوْ اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَالَ الَّذِي أُعِيرُ لَهُ بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (809) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَلَزِمَ ضَمَانُ الْعَقْدِ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ فِعْلٍ وَالصَّبِيُّ أَهْلٌ لِالْتِزَامِ الْفِعْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَرْقٌ: إذَا أَتْلَفَ الصَّبِيُّ مَالَ أَحَدٍ بِلَا سَبْقِ الْإِقْرَاضِ وَالْإِيدَاعِ وَالْإِعَارَةِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِالْإِجْمَاعِ وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (776) شَرْحًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ فِي الْهِبَةِ: وَإِنْ يَكُنْ، أَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ هِبَةً فَاسِدَةً وَالْمُسْلَمَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (858) إلَّا أَنَّ الْمَوْهُوبَ وَالْمُسْلَمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فِيمَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ فِي الشَّرِكَةِ: لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَبْلَغًا لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ لِلشَّرِكَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ قِيلَ فِي الْقَاعِدَةِ (إذَا سَلَّمَ الْمَالَ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ خَادِمَهُ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ وَقَتَلَهُ الصَّبِيُّ تَلْزَمُ الدِّيَةُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَالِ وَالنَّفْسِ هُوَ: أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُمَكِّنَ آخَرَ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ وَيُرَخِّصَ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِصْمَةَ الْمَالِ تَكُونُ لِحَقِّ صَاحِبِهِ أَمَّا عِصْمَةُ الْإِنْسَانِ فَلِحَقِّ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِحَقِّ مَوْلَاهُ وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ مَوْلَى الْحَظِّ لَيْسَ لَهُ اسْتِهْلَاكُهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمَكِّنَ غَيْرَهُ مِنْ اسْتِهْلَاكِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قَبِيلَ الْقَسَامَةِ) . [ (مَادَّة 961) إذَا حُجِرَ السَّفِيهُ وَالْمَدِينُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ يُبَيَّنُ سَبَبُهُ لِلنَّاسِ] (مَادَّةُ 961) : إذَا حُجِرَ السَّفِيهُ وَالْمَدِينِ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ يُبَيَّنُ سَبَبُهُ لِلنَّاسِ وَيُشْهَدُ عَلَيْهِ وَيُعْلَن. إذَا حُجِرَ السَّفِيهُ وَالْمَدِينُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ يَلْزَمُ.

بَيَانُ سَبَبِهِ أَيْ: سَبَبِ الْحَجْرِ إنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ السَّفَهِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ وَالْإِشْهَادُ عَلَى ذَلِكَ. 2 - بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَحْكَامِ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ وَبَيْنَ أَحْكَامِ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فَيَلْزَمُ بَيَانُ كَوْنِ الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ أَوْ بِالدَّيْنِ. 3 - إذَا كَانَ الْحَجْرُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ يُبَيَّنُ وَيُعْلَنُ وُقُوعُ الْحَجْرِ لِأَجْلٍ أَيْ: دَائِنٍ وَإِيضَاحُ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا يَلِي: يَجْدُرُ بِالْحَاكِمِ الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَجْرِ حَتَّى لَا يُنْكَرَ حَجْرُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ كَمَا يَجِبُ أَنْ يُبَيَّنَ كَوْنُهُ وَقَعَ بِدَيْنٍ أَوْ سَفَهٍ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْحَجْرِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهِ فَالْحَجْرُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ يُؤَثِّرُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1001) فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ. أَمَّا فِي الْمَالِ الْحَادِثِ فَغَيْرُ مُؤَثِّرٍ. وَالْحَالُ أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ السَّفَهِ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أُعْلِنَ أَنَّ الدَّيْنَ سَبَبُ الْحَجْرِ فَيُفْهَمُ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَحْجُورِ فِي مَالِهِ الْحَادِثِ صَحِيحٌ وَيَجِبُ إذَا كَانَ الْحَجْرُ بِالدَّيْنِ أَنْ يُبَيَّنَ وَيُعْلَنَ اسْمُ الدَّائِنِ الَّذِي وَقَعَ الْحَجْرُ بِطَلَبِهِ حَتَّى يَرْتَفِعَ الْحَجْرُ بِاسْتِيفَاءِ الدَّائِنِ حَقَّهُ أَوْ بِإِبْرَائِهِ الْمَحْجُورَ (الْعِنَايَةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْ: بِالْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ خَاصٌّ بِحَجْرِ السَّفِيهِ وَحَجْرِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورِينَ الْآخَرِينَ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ غَيْرُ مُحْتَاجِينَ إلَى حَجْرِ الْحَاكِمِ وَهُمْ مَحْجُورُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فَلَا يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي: النَّوْعِ الثَّانِي - التَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ الَّتِي هِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ وَذَلِكَ كَهِبَةِ الصَّغِيرِ لِآخَرَ. وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الصَّغِيرِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ أَذِنَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ بِهَا اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (967) الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (859) . النَّوْعُ الثَّالِثُ - التَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ هِيَ الَّتِي بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. لَكِنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِهِ لِنَفْسِهِ؛ وَإِلَّا فَلَوْ تَصَرَّفَ بِالْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1458) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا: لَوْ اسْتَهْلَكَ مُفْلِسٌ أَوْ سَفِيهٌ مَحْجُورٌ مَالًا لِأَحَدٍ يَعْنِي إذَا ثَبَتَ اسْتِهْلَاكُهُ بِالْبَيِّنَةِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ صَبِيٌّ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ مَجْنُونٌ مَالَ أَحَدٍ لَزِمَ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ مِنْ مَالِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَيَلْزَمُ الِانْتِظَارُ إلَى حَالِ يُسْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، أَبُو السُّعُودِ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ انْقَلَبَ الطِّفْلُ الْمَوْلُودُ حَدِيثًا عَلَى قَارُورَةِ أَحَدٍ فَانْكَسَرَتْ يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الضَّمَانُ فِي الْحَالِ كَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى الصَّبِيُّ مَتَاعَ أَحَدٍ فِي النَّارِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ: يُسْتَثْنَى بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ قَاعِدَةِ (يُؤَاخَذُ الْمَحْجُورُونَ بِأَفْعَالِهِمْ) وَإِلَيْكَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الِاسْتِثْنَائِيَّة الْقَاعِدَةُ الْآتِيَةُ: الْقَاعِدَةُ: إذَا سَلَّمَ أَحَدٌ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ مَالًا بِوَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِ التَّسْلِيمِ وَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قَبِيلَ الْقَسَامَةِ، الْخَانِيَّةُ فِي الْإِذْنِ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .

يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الْبَيْعِ: بِمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (361) أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَاقِلًا مُمَيِّزًا فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لَهُ مِنْ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ فَكَمَا لَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ إعْطَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَالِ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْإِجَارَةِ: بِمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ عَاقِلًا مُمَيِّزًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (444) فَلَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَالًا لِصَبِيٍّ غَيْرِ مَأْذُونٍ أَوْ لِمَجْنُونٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَاسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُ الْإِيجَارِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي الرَّهْنِ: بِمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (708) أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ عَاقِلًا فَلَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالَهُ عِنْدَ صَبِيٍّ غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَاسْتَهْلَكَهُ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الرَّهْنِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي الْقَرْضِ: إذَا أَخَذَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ مَالًا قَرْضًا وَاسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَلَزِمَ الضَّمَانُ. وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا حَقُّ صَاحِبِ الْمَالِ فِي اسْتِرْدَادِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الصَّبِيِّ عَيْنًا وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ قَبِيلَ الْقَسَامَةِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي الْوَدِيعَةِ: إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ الْمَالَ الْمُودَعِ عِنْدَهُ بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا لَوْ اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ الْمَالَ الْمُودَعِ عِنْدَ أَبِيهِ فَيَضْمَنُ. وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (778) بَعْضُ تَفْصِيلَاتٍ أَيْضًا. وَيُحْجَرُ عَلَى بَعْضِ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ تَكُونُ مَضَرَّتُهُمْ لِلْعُمُومِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَقَدْ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالطَّبِيبِ) إلَى أَنَّ هُنَاكَ أَشْخَاصًا آخَرِينَ يَسْتَحِقُّونَ الْحَجْرَ وَهُمْ الْمُفْتِي الْمَاجِنُ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ الْبَحْثَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ الثَّلَاثَةِ. الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ، هُوَ الَّذِي يُعْطِي الْأَدْوِيَةَ الْمُهْلَكَةَ لِلنَّاسِ وَيَسْقِيهِمْ إيَّاهَا عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ الضَّرَرِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَضَرَّةِ وَالتَّهْلُكَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمُفْتِي الْمَاجِنُ: هُوَ مَنْ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ الْبَاطِلَةَ أَيْ: الْحِيَلَ الْمُؤَدِّيَةَ إلَى الضَّرَرِ وَاَلَّذِي يُفْتِي عَنْ جَهْلٍ وَلَا يُبَالِي بِتَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَتَحْرِيمِ الْحَلَالِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . يَقُولُونَ: رَجُلٌ مَاجِنٌ، وَالْمَاجِنُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُجُونِ وَاسْمُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ مُجَّانٌ مَعْنَاهُ الصُّلْبُ وَالْغَلِيظُ وَاَلَّذِي لَا يَخْشَى كَلَامَ النَّاسِ وَلَا يُبَالِي بِمَا صَنَعَ، يَعْنِي: هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَحْيِي وَلَا يَخْجَلُ وَلَعَلَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ غِلَظِ الْوَجْهِ إذَا قَلَّ حَيَاؤُهُ وَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ مَحْضٍ الْمُكَارِي الْمُفْلِسُ، هُوَ مَنْ لَيْسَ لَدَيْهِ دَابَّةٌ وَلَيْسَ لَدَيْهِ وَسَائِطُ أُخْرَى لِلنَّقْلِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ نُقُودٌ لِشِرَاءِ ذَلِكَ وَيُكْرِي النَّاسَ دَوَابَّ وَمَتَى جَاءَ وَقْتُ تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجِرِ يَخْتَفِي وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَعْتَمِدُونَ عَلَى كَلَامِ ذَلِكَ الْمُكَارِي فَيُعْطُونَهُ قِسْمًا مِنْ الْأَجْرِ سَلَفًا فَيَصْرِفُ ذَلِكَ فِي مَرَافِقِهِ وَحَوَائِجِهِ وَمَتَى

حَلَّ وَقْتُ الذَّهَابِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَقْصُودِ اخْتَفَى فَتَتْلَفُ بِذَلِكَ أَمْوَالُ النَّاسِ إذْ أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْتَارُونَهُ وَبِذَلِكَ يُفَوِّتُ مَقْصُودَهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَجْرِ) . إنَّ هَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِينَ أَيْ: اللَّذَيْنِ يُفْسِدُونَ الْأَبْدَانَ وَالْأَمْوَالَ وَالْأَدْيَانَ يُمْنَعُونَ إذْ يُخْتَارُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ ضَرَرٍ عَامٍّ، وَالْمَنْعُ الْمَذْكُورُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مِنْ الْحَجْرِ الْمَنْعُ مِنْ إجْرَاءِ الْعَمَلِ لَا مَنْعُ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ يَعْنِي: أَنَّ مَنْعَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ الطَّبِيبُ الْجَاهِلُ بَعْدَ الْمَنْعِ وَالْحَجْرِ دَوَاءً فَكَمَا أَنَّ بَيْعَهُ يَكُون نَافِذًا فَالْمُفْتِي الْمَاجِنُ لَوْ أَفْتَى بَعْدَ الْحَجْرِ وَكَانَ مُصِيبًا فِي فَتْوَاهُ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا. وَتَدُلُّ هَذِهِ الْأَحْوَالُ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْحَجْرِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْعِهِمْ هُوَ الْمَنْعُ الْحِسِّيُّ (التَّنْوِيرُ، أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ فَقَدْ جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (يُحْجَرُ) وَلَوْ قِيلَ (يُمْنَعُ) لَكَانَ أَوْلَى وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ أَرْدَعُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَقَدْ أَلْحَقَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُحْتَكِرِينَ وَمَنْ يَبِيعُ الْحَوَائِجَ الضَّرُورِيَّةَ بِأَغْلَى مِنْ قِيمَتِهَا بِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاسِعٌ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُقْصَرَ مِثْلُ هَذَا الْحَجْرِ وَالْمَنْعِ عَلَى هَؤُلَاءِ فَقَطْ أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَاطَى أَوْ أَنْ يَتَعَلَّمَ صَنْعَةً أَوْ حِرْفَةً مِنْ أَهْلِهَا؛ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ أَوْ الْحِرْفَةِ أَيْ: لَيْسَ لِنُقَبَائِهَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَمَنْعُهُ بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَعَاطَى تِلْكَ الصَّنْعَةَ أَوْ أَنْ يُعَلِّمُوهُ إيَّاهَا وَذَلِكَ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (مَادَّةُ 65) إذَا اشْتَغَلَ أَحَدٌ بِصَنْعَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ فِي سُوقٍ؛ فَلَيْسَ لِأَرْبَابِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ أَوْ التِّجَارَةِ أَنْ يَحْجُرُوهُ أَوْ يَمْنَعُوهُ عَنْ اشْتِغَالِهِ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ أَوْ التِّجَارَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَطْرَأُ عَلَى رِبْحِهِمْ وَكَسْبِهِمْ نَقْصٌ وَخَلَلٌ. إذَا اشْتَغَلَ أَحَدٌ بِصِنَاعَةٍ كَالصِّبَاغَةِ وَالْخِيَاطَةِ أَوْ تِجَارَةٍ فِي سُوقٍ فَلَيْسَ لِأَرْبَابِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ أَوْ التِّجَارَةِ أَنْ يَحْجُرُوهُ أَوْ يَمْنَعُوهُ عَنْ اشْتِغَالِهِ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ أَوْ التِّجَارَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَطْرَأُ عَلَى رِبْحِهِمْ وَكَسْبِهِمْ نَقْصٌ وَخَلَلٌ. مَثَلًا: لَوْ تَعَاطَى أَحَدٌ الدِّبَاغَةَ وَأَرَادَ بَيْعَ الْجُلُودِ الَّتِي دَبَغَهَا وَطَلَبَ الدَّبَّاغُونَ الْحَجْرَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَمَنْعَهُ مِنْ تَعَاطِي الدِّبَاغَةِ فَلَا يُسْمَعُ لَهُمْ (التَّنْقِيحُ) كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ صَنْعَةً؛ فَلَيْسَ لِأَهْلِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ تَعَلُّمِهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ حَانُوتًا فِي جَانِبِ حَانُوتٍ لِآخَرَ وَكَسَدَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْحَانُوتِ الْأَوَّلِ فَلَا يُقْفَلُ الْحَانُوتُ الثَّانِي عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1288) وَيَمْنَعُ فِي زَمَانِنَا بَعْضُ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَالتِّجَارَةِ غَيْرَهُ مِنْ فَتْحِ حَانُوتٍ أَوْ مَخْزَنٍ لِتَعَاطِي تِلْكَ الصِّنَاعَةِ أَوْ التِّجَارَةِ إذَا كَانَ الْحَانُوتُ أَوْ الْمَخْزَنُ قَرِيبًا مِنْ حَانُوتِهِ أَوْ مَخْزَنِهِ مَسَافَةً مَعْلُومَةً. فَعَلَيْهِ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْمَحْكَمَةِ فَعَلَى الْمَحْكَمَةِ أَنْ تَمْنَعَ حُصُولَ أُمُورٍ كَهَذِهِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَإِلَيْكَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَهَذَا جَائِزٌ وَأَمَّا لَوْ مُنِعَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَكُونُ قَدْ اُخْتِيرَ دَفْعُ الضَّرَرِ الْخَاصِّ لِدَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِمِثْلِهِ.

الفصل الثاني في بيان المسائل التي تتعلق بالصغير والمجنون والمعتوه

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ] [ (مَادَّةُ 966) تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْقَوْلِيَّةُ] (مَادَّةُ 966) لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ الْقَوْلِيَّةُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَفْعًا مَحْضًا فِي حَقِّ الصَّغِيرِ كَقَبُولِ الْهِبَةِ أَوْ كَانَتْ مَا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تَنْفُذُ وَإِنْ أَجَازَهَا وَلِيُّهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (951) أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِلصَّبِيِّ وَفَائِدَةٌ لِكَوْنِهِ عَدِيمَ الْعَقْلِ (أَبُو السُّعُودِ) وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَاعِدَةٌ جَارِيَةٌ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ فَلْنُبَادِرْ إلَى ذِكْرِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْهَا تَوْضِيحًا لِلْمَسْأَلَةِ: 1 - فِي الْبَيْعِ: يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (361) صُدُورُ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ: الْعَاقِلِ الْمُمَيِّزِ، وَالْبَيْعُ الَّذِي لَا يَكُونُ حَائِزًا هَذَا الشَّرْطَ يَكُونُ بَاطِلًا. 2 - فِي الْإِجَارَةِ: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (444 و 458) أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ إيجَارُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَاسْتِئْجَارُهُ بَاطِلَيْنِ 3 - فِي الْكَفَالَةِ: يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِ الْكَفَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (620) كَوْنُ الْكَفِيلِ عَاقِلًا بَالِغًا فَلِذَلِكَ كَانَتْ كَفَالَةُ الصَّبِيِّ بَاطِلَةً. 4 - فِي الْحَوَالَةِ: يُشْتَرَطُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (684) كَوْنُ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ عَاقِلَيْنِ فَإِحَالَةُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى أَحَدٍ بِدَيْنٍ أَوْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ بِدَيْنِ أَحَدٍ بَاطِلَتَانِ 5 - فِي الرَّهْنِ: يُشْتَرَطُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (708) كَوْنُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَاقِلَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ عَاقِلٍ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا 6 - فِي الْأَمَانَاتِ: يُشْتَرَطُ فِيهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (776) كَوْنُ الْمُودَعِ وَالْمُسْتَوْدِعِ عَاقِلَيْنِ فَإِيدَاعُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولُهُ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (809) كَوْنُ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ عَاقِلَيْنِ فَإِعَارَةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَاسْتِعَارَتُهُ غَيْرُ صَحِيحَتَيْنِ 7 - فِي الْهِبَةِ: يُشْتَرَطُ فِي الْوَاهِبِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (859) فَهِبَةُ الصَّغِيرِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ 8 - فِي الشَّرِكَةِ، قَدْ اُشْتُرِطَ فِي الْمَادَّةِ (1333) أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ عَاقِلِينَ مُمَيِّزِينَ فِي جَمِيعِ

(مادة 967) تصرف الصغير المميز إذا كان في حقه نفعا

الشَّرِكَاتِ كَمَا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1508) أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَارَعَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1433) كَوْنُ الْعَاقِدَيْنِ عَاقِلَيْنِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1443) أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمُزَارَعَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ غَيْرَ عَاقِلٍ كَانَتَا بَاطِلَتَيْنِ. 9 - فِي الْوَكَالَةِ: إنَّ تَوْكِيلَ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1457) أَيْ تَوْكِيلُهُ آخَرَ فِي أُمُورِهِ بَاطِلٌ فَإِذَا وَكَّلَ غَيْرَ الْعَاقِلِ وَتَصَرَّفَ فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1458) كَوْنُ الْوَكِيلِ عَاقِلًا. 10 - فِي الصُّلْحِ: يُشْتَرَطُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1539) كَوْنُ الْمُصَالِحِ عَاقِلًا فَصُلْحُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا. وَكَذَلِكَ إبْرَاءُ الصَّبِيِّ بَاطِلٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1541) . 11 - فِي الْإِقْرَارِ: يُشْتَرَطُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1573) كَوْنُ الْمُقِرِّ عَاقِلًا وَعَلَيْهِ فَإِقْرَارُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. حَتَّى أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ إذَا قَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنَّ إقْرَارِي الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَكَوْنِي أَتْلَفْتُ مَالَ فُلَانٍ بِدُونِ إذْنِهِ بَاطِلٌ فَلَا يُؤَاخَذُ، أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ إقْرَارِي السَّابِقَ حَقٌّ فَيُؤَاخَذُ (الطُّورِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (960) . 12 - فِي الشَّهَادَةِ: إنَّ شَهَادَةَ الصَّبِيِّ لَيْسَتْ مَقْبُولَةً، فَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الْوَقَائِعِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي مَحَالِّ لَعِبِهِ 13 - فِي الْقَضَاءِ: لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الصَّغِيرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1794) . [ (مَادَّةُ 967) تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ إذَا كَانَ فِي حَقِّهِ نَفْعًا] (مَادَّةُ 967) يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ إذَا كَانَ فِي حَقِّهِ نَفْعًا مَحْضًا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْوَلِيُّ وَلَمْ يُجِزْهُ كَقَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُهُ الَّذِي هُوَ فِي حَقِّهِ ضَرَرٌ مَحْضٌ وَإِنْ أَذِنَهُ بِذَلِكَ وَلِيُّهُ وَأَجَازَهُ كَأَنْ يَهَبَ لِآخَرَ شَيْئًا أَمَّا الْعُقُودُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فِي الْأَصْلِ فَتَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ، وَوَلِيُّهُ مُخَيَّرٌ فِي إعْطَاءِ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِهَا فَإِنْ رَآهَا مُفِيدَةً فِي حَقِّ الصَّغِيرِ أَجَازَهَا وَإِلَّا فَلَا مَثَلًا: إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ مَالًا بِلَا إذْنٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِهِ يَكُونُ نَفَاذُ ذَلِكَ الْبَيْعِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مِنْ الْعُقُودِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فِي الْأَصْلِ. وَيُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الَّذِي يَكُونُ فِي حَقِّهِ نَفْعًا مَحْضًا أَيْ: التَّصَرُّفُ النَّافِعُ نَفْعًا دُنْيَوِيًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (853) وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الْوَلِيُّ وَلَمْ يُجِزْهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مَبْنِيٌّ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (957) عَلَى احْتِمَالِ الضَّرَرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَلَمَّا كَانَ لَيْسَ فِي هَذَا ضَرَرٌ مَا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا نَافِعًا لِلصَّغِيرِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (852 و 853) . فَلِذَلِكَ لَوْ آجَرَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ نَفْسَهُ مِنْ آخَرَ لِإِجْرَاءِ عَمَلٍ، وَأَوْفَى ذَلِكَ الْعَمَلَ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (599) وَلَا يُعْتَبَرُ تَصَرُّفُهُ الَّذِي هُوَ فِي حَقِّهِ ضَرَرٌ مَحْضٌ أَيْ: تَصَرُّفُهُ تَصَرُّفًا دُنْيَوِيًّا مُضِرًّا

مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (859) كَأَنْ يَهَبَ لِآخَرَ شَيْئًا أَوْ يُهْدِيَهُ إيَّاهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ أَوْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ وَلَوْ أَذِنَهُ بِذَلِكَ وَلِيُّهُ وَأَجَازَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اعْتِبَارِ تَصَرُّفَاتٍ ضَارَّةٍ كَهَذِهِ الْأَهْلِيَّةُ الْكَامِلَةُ أَيْ: الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْكَفِيلِ عَاقِلًا بَالِغًا فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ فِي الْمَادَّةِ (628) وَاشْتُرِطَ فِي الْمَادَّةِ (859) الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فِي الْوَاهِبِ قِيلَ (ضَرَرٌ دُنْيَوِيٌّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ جِهَةُ النَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ فِي تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ. وَعَلَيْهِ فَالصَّدَقَةُ وَالْقَرْضُ وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ أُخْرَوِيٌّ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَسَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (972) مَا حَصَلَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي حَقِّ الْقَرْضِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ الصَّغِيرُ وَصِيَّهُ مِنْ كَذَا دِرْهَمًا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَكَذَلِكَ إذَا أَجَازَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَجَازَ تَصَرُّفًا بَاطِلًا وَالتَّصَرُّفُ الْبَاطِلُ لَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ بَيَانِ عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا وَلَوْ أَذِنَ بِهَا وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَنْ يَهَبَ مَالَ الصَّغِيرِ بِالذَّاتِ أَوْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُهْدِيَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ بُطْلَانَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمُضِرَّةِ هَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي مَالِهِ أَمَّا لَوْ تَصَرَّفَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَمُعْتَبَرٌ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1458) أَمَّا عُقُودُهُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ أَوْ تَصَرُّفَاتُهُ فَإِذَا كَانَتْ لِنَفْسِهِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَهِيَ نَافِذَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1458) (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَفِي صِحَّةِ إجَازَةِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَائِدَةِ لِلصَّغِيرِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا تُوجَدُ الْقَاعِدَتَانِ الْآتِيَتَانِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَسْتَطِيعُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ الْإِتْيَانَ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ غَيْرُهُ هَذَا التَّصَرُّفَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ وَيَصِحُّ هَذَا الْإِذْنُ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ كَمَا يَصِحُّ أَيْضًا مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يُؤْذَنَ. فَعَلَيْهِ يَكُونُ بَيْعُ الصَّبِيِّ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَجْنَبِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ يَكُونُ بَيْعُهُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ انْتِهَاءً كَالْإِذْنِ ابْتِدَاءً؛ إذْ كَمَا تَكُونُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ نَافِذَةً بِفِعْلِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَوْ الْبَالِغِ ابْتِدَاءً تَكُونُ أَيْضًا نَافِذَةً بِالْإِجَازَةِ انْتِهَاءً. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُمْكِنُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنْ يَتَصَرَّفَهُ كَانَتْ الْإِجَازَةُ بَاطِلَةً إذَا تَصَرَّفَهُ الصَّغِيرُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ وَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْحَجْرِ بِزِيَادَةِ مَا) وَعَلَيْهِ فَهِبَةُ الصَّغِيرِ تَكُونُ بَاطِلَةً وَلَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِذْنِ كَمَا أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ آخَرَ فُضُولًا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْهِبَةُ مَوْقُوفَةً بَلْ تَكُونُ بَاطِلَةً وَالْحِكْمَةُ فِي نَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ وَبُطْلَانِهَا فِي غَيْرِ النَّافِعَةِ وَإِيقَافِهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفَاتِ

الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ هِيَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ بِاعْتِبَارِهِ عَاقِلًا يُشْبِهُ الْعَاقِلَ وَالْبَالِغَ وَبِاعْتِبَارِ قُصُورِ عَقْلِهِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ أَيْ: عَدَمِ تَكْلِيفِهِ هُوَ مُمَاثِلٌ لِلطِّفْلِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلِذَلِكَ تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ فَقَدْ أُلْحِقَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ بِالْبَالِغِ وَأُلْحِقَ بِالطِّفْلِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ لَهُ أَمَّا التَّصَرُّفَاتُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَبِمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ الضَّرَرُ فِيهَا لِنُقْصَانِ عَقْلِ الصَّغِيرِ كَمَا أَنَّهُ يُؤْمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا نَفْعٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَذِنَهُ الْوَلِيُّ يَكُونُ قَدْ رَجَّحَ جَانِبَ الْمَصْلَحَةِ أَيْ: أَنَّ الْوَلِيَّ يَكُونُ قَدْ رَأَى مَنْفَعَةً فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ فَيُصْبِحُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ صَحِيحًا (أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ، التَّنْقِيحُ) إنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فَكَمَا يَكُونُ صَحِيحًا بَعْدَ إعْطَاءِ الصَّغِيرِ الْإِذْنَ يَكُونُ صَحِيحًا إذَا تَصَرَّفَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ قَبْلَ الْإِذْنِ فَأَجَازَ الصَّبِيُّ هَذَا التَّصَرُّفَ بِالذَّاتِ بَعْدَ أَنْ أَذِنَهُ الْوَلِيُّ أَوْ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ جَازَ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِدُونِ الْإِجَازَةِ (التَّنْقِيحُ) وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ تَكُونُ نَافِذَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: 1 - إذَا تَصَرَّفَ بَعْدَ الْإِذْنِ. 2 - إذَا تَصَرَّفَ قَبْلَ الْإِذْنِ وَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ 3 - إذَا تَصَرَّفَ قَبْلَ الْإِذْنِ وَأَجَازَ تَصَرُّفَهُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ) أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ حِينَ إجْرَائِهِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ وَصِيٌّ خَاصٌّ كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ وَصِيٌّ عَامٌّ كَالْقَاضِي فَتَنْعَقِدُ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْوَلِيِّ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ لِلصَّغِيرِ الْمَذْكُورِ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ وَلِيٌّ عَامٌّ وَقْتَ إنْشَائِهِ تَصَرُّفًا كَهَذَا فَيَكُونُ مِثْلُ هَذَا الْعَقْدِ وَالتَّصَرُّفِ بَاطِلًا وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَارَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ وَلِيٌّ عَامٌّ كَالْقَاضِي يُجِيزُهُ فَأَصْبَحَ بَاطِلًا وَلِذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ لِبُطْلَانِهِ. مَثَلًا: إذَا وُجِدَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ مِنْ رَعِيَّةِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فِي بِلَادٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَبَاعَ أَجْنَبِيَّةً وَبَاعَ مَالًا لَهُ هُنَاكَ مِنْ أَحَدٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ وَلَا وَلِيٌّ عَامٌّ كَالْقَاضِي لِعَدَمِ وُجُودِهِ تَحْتَ وِلَايَةِ قَاضٍ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ وَلَا يَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْعَقْدِ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَلِيٌّ يُجِيزُهُ وَقْتَ وُقُوعِهِ فَكَانَ بَاطِلًا غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ يَرَوْنَ أَنَّهُ إذَا أَنْشَأَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ عَقْدًا مِنْ هَذَا النَّوْعِ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الصَّغِيرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ (التَّنْقِيحُ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ لِلْعَقْدِ الصَّادِرِ مِنْ الصَّغِيرِ شَرْطَيْنِ لِيَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَارَةِ: أَحَدُهُمَا يَعُودُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِي إلَى الْمُجِيزِ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ. فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الصَّغِيرُ مَالَهُ لِآخَرَ أَوْ كَفَلَ آخَرَ أَوْ قَبِلَ أَنْ يُحِيلَ أَحَدٌ الدَّيْنَ عَلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ فَبِمَا أَنَّهَا تَكُونُ بَاطِلَةً حِينَ وُقُوعِهَا فَلَا تُقْبَلُ الْإِجَازَةُ

الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ خَاصٌّ أَوْ عَامٌّ حِينَ وُقُوعِ الْعَقْدِ. عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ فِي الْإِجَازَةِ فِي الْعُقُودِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَإِنْ رَآهَا مُفِيدَةً فِي حَقِّ الصَّغِيرِ أَجَازَهَا أَيْ: إذَا شَاءَ فَسَخَهَا وَأَبْطَلَهَا وَإِنْ رَآهَا غَيْرَ مُفِيدَةٍ فَلَا يُجِيزُ أَيْ: يَجُوزُ لَهُ عَدَمُ إجَازَتِهَا. وَيُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ (فَإِنْ رَآهَا مُفِيدَةً) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ عَقْدًا كَهَذَا شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعَقْدِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَعَلَيْهِ لَوْ أَجَازَ الْوَلِيُّ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا تَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) لَكِنْ إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ الْمَالَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (972) أَمَّا إذَا أَجَازَ الْوَلِيُّ بَيْعَ الصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمَأْذُونِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ فَيَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِيهِمَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَلِلْوَلِيِّ إجَازَةُ عَقْدِ الصَّبِيِّ الَّذِي فِيهِ غَبْنٌ يَسِيرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ الْعُقُودَ الدَّائِرَةَ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ هِيَ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالسَّلَمِ، وَالِاسْتِصْنَاعِ وَالرَّهْنِ، وَالْإِيدَاعِ، وَالِاسْتِيدَاعِ وَمَا أَشْبَهَ؛ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ سُؤَالٌ عَلَى تَوَقُّفِ الشِّرَاءِ وَهُوَ إذَا كَانَ التَّوَقُّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ يَقَعُ فِي الْبَيْعِ فَلَا يَقَعُ فِي الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَبْقَى مَوْقُوفًا وَيَنْفُذُ حَقُّ الْمُشْتَرِي. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ زَيْدٍ بِلَا إذْنٍ كَانَ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ زَيْدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا نَاوِيًا أَنَّهُ لِزَيْدٍ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَكَالَتِهِ نَفَذَ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَصَارَ مِلْكًا لَهُ فَلَوْ أَجَازَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الشِّرَاءَ فَلَا يُصْبِحُ مَالًا لِزَيْدٍ؟ . يُقَالُ جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ: إنَّ نَفَاذَ الشِّرَاءِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي يَكُونُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْمَحَلُّ قَابِلًا وَمُسَاعِدًا لِلنَّفَاذِ كَمَا فِي شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ. أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَحَيْثُ إنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ غَيْرُ ذِي أَهْلِيَّةٍ وَلَيْسَ مَحَلًّا قَابِلًا لِلنَّفَاذِ فَلَمْ يَنْفُذْ الشِّرَاءُ وَبَقِيَ مَوْقُوفًا كَالْبَيْعِ (الزَّيْلَعِيّ) . الْقَاعِدَةُ الْعُمُومِيَّةُ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا. يَتَفَرَّعُ عَنْ فِقْرَةِ (أَمَّا الْعُقُودُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فِي الْأَصْلِ. . .) بِسَبَبِ كَوْنِهَا قَاعِدَةً عُمُومِيَّةً مَسَائِلُ وَفِيرَةٌ مِنْ الْكُتُبِ الْعَدِيدَةِ: الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ: لَوْ بَاعَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ مَالًا بِلَا إذْنٍ يَكُونُ نَفَاذُ ذَلِكَ الْبَيْعِ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَلَوْ كَانَ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي الْأَصْلِ - بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَقَعُ مِنْ الْجُزْئِيَّاتِ صُدْفَةً وَاتِّفَاقًا - هُوَ مِنْ الْعُقُودِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَفِي الْبَيْعِ نَفْعٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِسَبَبِهِ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ يَزُولُ عَنْ الْمَبِيعِ. وَهَكَذَا الْحَالُ فِي الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِمَا (الْقُهُسْتَانِيُّ) . فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى صَبِيٌّ مَالًا وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ فَنَفَاذُ شِرَائِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَوَلِيُّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَجَازَ فِي مَصْلَحَةِ الصَّبِيِّ وَمَنْفَعَتِهِ إنْ رَآهُ مُفِيدًا وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَوْنِ حَقِّ الْإِجَازَةِ عَائِدًا لِلْوَلِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْإِذْنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ حَتَّى لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مَدِينًا (أَبُو السُّعُودِ) . أَيْ: إنَّ حَقَّ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ لَا تَسْقُطُ بِإِعْطَاءِ الْوَلِيِّ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ، أَمَّا إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَا تَبْقَى وِلَايَةٌ لِلْوَلِيِّ بَعْدُ،

وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي الْأَصْلِ. . .) إلَى هَذَا السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ: السُّؤَالُ: أَلَا يَجِبُ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَالًا لَهُ وَكَانَ نَفْعًا مَحْضًا بِأَنْ بَاعَهُ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ أَوْ اشْتَرَى مَالًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِكَثِيرٍ وَكَانَ نَفْعًا مَحْضًا أَنْ يَنْفُذَ؛ لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ؟ . الْجَوَابُ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ هُوَ الْوَضْعُ الْأَصْلِيُّ وَلَيْسَ الْجُزْئِيَّاتُ الَّتِي تَقَعُ اتِّفَاقًا (الْعَيْنِيُّ) وَالْبَيْعُ فِي وَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) يَعْنِي: أَنَّ الْحُكْمَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (189) يُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ وَلَيْسَ فِي الْجُزْئِيَّاتِ خُلَاصَةُ الْكَلَامِ: أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (960) عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلُهَا: مَا كَانَ نَفْعًا مَحْضًا كَاتِّهَابِ مَالٍ وَمَا كَانَ ضَرَرًا مَحْضًا كَأَنْ يَهَبَ مَالَهُ لِآخَرَ وَمَا كَانَ دَائِرًا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ فَأَوَّلُهُمَا يَنْفُذُ بِلَا إذْنٍ، وَثَانِيهَا: يَكُونُ بَاطِلًا وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ، وَثَالِثُهُمَا: مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِذْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ (أَبُو السُّعُودِ) وَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (974) مَنْ لَهُ حَقُّ الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ. الْإِجَارَةُ - إنَّ إجَارَةَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (444) أَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَإِجَارَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ. الْحَوَالَةُ - إنَّ قَبُولَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْحَوَالَةَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (685) تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ. الرَّهْنَ - إنَّ رَهْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (708) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا كَانَا مَوْقُوفَيْنِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ. الْأَمَانَاتُ - إنَّ إيدَاعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَقَبُولَهُ الْوَدِيعَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (776) صَحِيحَانِ فَإِذَا كَانَ مَأْذُونًا كَانَا نَافِذَيْنِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا كَانَا مَوْقُوفَيْنِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَكَذَلِكَ إعَارَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَاسْتِعَارَتُهُ صَحِيحَتَانِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (809) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا كَانَتَا مُوقَفَتَيْنِ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ. الشَّرِكَةُ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ مُمَيِّزِينَ وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1333) فَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا نَفَذَتْ الشَّرِكَةُ وَإِلَّا كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ مُزَارَعَةٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1443) وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ. الْوَكَالَةُ - إذَا وَكَّلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ وَكَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1457) . الصُّلْحُ - إذَا تَصَالَحْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَعَ آخَرَ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَانَ صَحِيحًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1539) فَإِذَا كَانَ مَأْذُونًا كَانَ نَافِذًا وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ. الِاسْتِقْرَاضُ - إذَا اسْتَقْرَضَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ دَرَاهِمَ وَأَعْطَاهَا مَهْرًا لَزَوْجَةٍ؛ كَانَ جَائِزًا وَإِذَا أَنْفَقَهَا

(مادة 968) للولي أن يسلم الصغير المميز مقدارا من ماله ويأذن له بالتجارة

فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِهِ. فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْأَحْوَالُ الَّتِي يُرْفَعُ فِيهَا الْحَجْرُ عَنْ الصَّبِيِّ: الْأَسْبَابُ الَّتِي تَرْفَعُ الْحَجْرَ عَنْ الصَّبِيِّ اثْنَانِ: أَوَّلُهُمَا إعْطَاءُ وَلِيِّهِ الْإِذْنَ لَهُ وَسَتُبْحَثُ مَادَّتَا (969 و 971) مِنْ الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ. ثَانِيهِمَا: الْبُلُوغُ وَسَتَبْحَثُ الْمَادَّةُ (985) وَمَا يَلِيهَا مِنْ الْمَوَادِّ فِيهِ (التَّنْقِيحُ) [ (مَادَّةُ 968) لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ مِقْدَارًا مِنْ مَالِهِ وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ] (مَادَّةُ 968) لِلْوَلِيِّ أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ مِقْدَارًا مِنْ مَالِهِ وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لِأَجْلِ التَّجْرِبَةِ فَإِذَا تَحَقَّقَ رُشْدُهُ دَفَعَ وَسَلَّمَ إلَيْهِ بَاقِيَ أَمْوَالِهِ. لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَيْ: أَنَّهُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ مِقْدَارًا مِنْ مَالِهِ وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لِأَجْلِ التَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ أَيْ: لِيَعْلَمَ بِأَنَّهُ صَارَ رَشِيدًا أَمْ لَا يَزَالُ غَيْرَ رَشِيدٍ وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَحْسَنَ الصَّغِيرُ التَّصَرُّفَ بِالْمَالِ وَتَحَقَّقَ الْوَلِيُّ رُشْدَهُ سَلَّمَهُ وَدَفَعَ إلَيْهِ بَاقِيَ أَمْوَالِهِ أَيْ: يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ وَلَكِنْ لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ الْبُلُوغَ فَلَا يَسْتَعْجِلُ بِإِعْطَائِهِ مَالَهُ وَإِنَّمَا يَخْتَبِرُ وَيُجَرِّبُ بَادِئَ الْأَمْرِ وَمَتَى تَبَيَّنَ رُشْدُهُ وَتَحَقَّقَ فَحِينَئِذٍ تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (981) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَسْلِيمَ وَدَفْعَ مَالِ الصَّغِيرِ إلَيْهِ لَيْسَ بِبُلُوغِهِ بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِرُشْدِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ تَبَيَّنَ رُشْدُهُ جَازَ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ وَتَسْلِيمُ الْمَالِ إلَيْهِ إذَا كَانَ سَفِيهًا وَغَيْرَ رَشِيدٍ وَلَوْ كَانَ بَالِغًا. وَإِذَا سَلَّمَ الْوَصِيُّ الْمَالَ لِلصَّبِيِّ الَّذِي ثَبَتَ رُشْدُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَضَاعَ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) رَدُّ الْمُحْتَارِ. أَمَّا إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ رُشْدُهُ فَيَضْمَنُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (983) . وَإِذَا أَعْطَى الْوَلِيُّ إذْنًا لِلصَّغِيرِ فَيُشْتَرَطُ لِيُعَدَّ مَأْذُونًا لُحُوقُ عِلْمِهِ بِالْإِذْنِ؛ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَبٌ: أَذِنْتُ ابْنِي فُلَانًا بِالتِّجَارَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ الصَّغِيرُ بِصُدُورِ هَذَا الْإِذْنِ مِنْ أَبِيهِ فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (942) . وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّهُ كَانَ الْإِذْنُ لِلصَّغِيرِ إذْنًا ضِمْنًا فَلَا يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمٍ؛ مَثَلًا: لَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ لِجَمَاعَةٍ: خُذُوا وَأَعْطُوا مَعَ ابْنِي فَقَدْ أَعْطَيْته إذْنًا فَتَبَايَعُوا مَعَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّغِيرُ مَأْذُونًا، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الصَّغِيرُ بِكَلَامِ وَلِيِّهِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ اشْتَرَطَ لُحُوقَ عِلْمِ الصَّغِيرِ الْإِذْنَ ضِمْنًا أَيْضًا وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 969) الْعُقُودُ الْمُكَرَّرَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مِنْهَا الرِّبْحَ] (مَادَّةُ 969) الْعُقُودُ الْمُكَرَّرَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مِنْهَا الرِّبْحَ هِيَ إذْنٌ بِالْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ: بِعْ وَاشْتَرِ أَوْ قَالَ لَهُ: بِعْ وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ إذْنٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَمَّا أَمْرُ الْوَلِيِّ الصَّبِيَّ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ وَاحِدٍ فَقَطْ

كَقَوْلِهِ لَهُ اذْهَبْ إلَى السُّوقِ وَاشْتَرِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ بِعْهُ؛ فَلَيْسَ بِإِذْنٍ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَلْ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ قَبِيلِ اسْتِخْدَامِ الصَّغِيرِ تَوْكِيلًا عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ وَالْمُعْتَادُ التَّصَرُّفَاتُ وَالْعُقُودُ الْمُكَرَّرَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مِنْهَا الرِّبْحَ أَوْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْأَمْرَ وَالْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ النَّوْعِيِّ هُوَ إذْنٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ إنَّ إعْطَاءَ الْإِذْنِ بِالتَّصَرُّفِ الْمُكَرَّرِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً هُوَ إذْنٌ بِالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ عِبَارَةٌ (الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مِنْهَا الرِّبْحَ) ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِنَفْسِ الْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الرِّبْحِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ إعْطَائِهِ الْإِذْنَ بِالْقَصْدِ الْمُكَرَّرِ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَصْدُ الرِّبْحِ مَفْقُودًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَجَلَّةُ عِبَارَةَ (الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مِنْهَا الرِّبْحَ) لَكَانَ أَجْدَرَ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ بِعْ وَاشْتَرِ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ ثَوْبِي هَذَا وَاشْتَرِ بِثَمَنِهِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ تَعَاطَى الصِّبَاغَةَ أَوْ الْقِصَارَةَ أَوْ الْخِيَاطَةَ فَهُوَ إذْنٌ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَيْ: يَكُونُ بِأَلْفَاظٍ كَهَذِهِ قَدْ أَذِنَ لِلصَّغِيرِ صَرَاحَةً (الْهِدَايَةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ أَجِّرْ نَفْسَك مِنْ النَّاسِ لِلْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ فَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَلِيُّ الرَّجُلَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ الصَّبِيُّ عِنْدَهُ فَيَكُونُ قَدْ أَمَرَهُ بِعُقُودٍ مُخْتَلِفَةٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ دَابَّةً يُؤَجِّرُهَا مِنْ النَّاسِ لِرُكُوبِهَا وَتَحْمِيلِ أَمْتِعَتِهِمْ أَوْ قَالَ لَهُ اشْتَغِلْ مَعَ الْحَمَّالِينَ فَيَكُونُ قَدْ أَذِنَهُ بِالتِّجَارَةِ. كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرُ مَزْرَعَةً وَقَالَ لَهُ آجِرْ بَعْضَ أَرَاضِيهَا وَاشْتَرِ حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَازْرَعْهَا وَبِعْ مَحْصُولَاتِهَا وَأَعْطِ ضَرِيبَتَهَا فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَذِنَ لِي بِالتِّجَارَةِ فَلَوْ أَعْطَى وَلِيُّ الصَّغِيرِ مَزْرَعَةً وَقَالَ لَهُ خُذْ بِذَارًا وَاسْتَأْجِرْ عُمَّالًا وَازْرَعْهَا وَأَكْرِ أَنْهَارَهَا وَاسْقِهَا وَأَعْطِ ضَرِيبَتَهَا فَيَكُونُ قَدْ أَذِنَهُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرُ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ لِأَجْلِ الرِّبْحِ وَالْمَكْسَبِ أَوْ بِعْهُ عَلَى وَجْهِ الرِّبْحِ فَيَكُونُ مِنْهُ إذْنًا أَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ لَهُ بِعْهُ؛ فَلَيْسَ بِإِذْنٍ أَمَّا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ لَهُ اذْهَبْ إلَى السُّوقِ وَاشْتَرِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ بِعْ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لَهُ اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَآجِرْ نَفْسَك مِنْهُ لِلْعَمَلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ حَصِّلْ بَدَلَ إيجَارِ عَقَارَاتِي أَوْ اسْتَوْفِ دُيُونِي مِنْ ذِمَمِ النَّاسِ أَوْ قَدْ أَمَّرْتُك بِالِادِّعَاءِ بِدُيُونِي أَوْ أَمَرَهُ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ يَتَعَلَّقُ بِإِكْسَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ إعْطَاءَ الْإِذْنِ بِالتَّصَرُّفِ الشَّخْصَ لَيْسَ بِإِذْنٍ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَلْ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ قَبِيلِ اسْتِخْدَامِ الصَّغِيرِ تَوْكِيلًا عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ. وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَمْرِ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ وَاحِدٍ إذْنًا مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ: 1 - أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ قَلِيلَةً فَيُمْكِنُ انْتِهَاءُ الشَّغْلِ بِالشِّرَاءِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِيُعَدَّ ذَلِكَ اسْتِخْدَامًا. أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُعْطَاةُ كَثِيرَةَ الْكَمِّيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الْفَرَاغُ مِنْ الشَّغْلِ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَانَ مُجْبَرًا عَلَى الشِّرَاءِ بِهَا

مِرَارًا لِإِكْمَالِ الْأَمْرِ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إذْنًا بِالْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ وَالْمُتَفَرِّقَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ) . 2 - أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا عَدُّ الْأَمْرِ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ وَاحِدٍ اسْتِخْدَامًا فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ عَدُّ الْأَمْرِ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ وَاحِدٍ اسْتِخْدَامًا فَهُوَ إذْنٌ بِالتِّجَارَةِ. مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ الصَّبِيُّ مَتَاعًا وَأَمَرَهُ الْوَلِيُّ بِبَيْعِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ جَعْلَ هَذَا الْأَمْرِ اسْتِخْدَامًا لَيْسَ مُمْكِنًا. وَعَلَيْهِ فَمِنْ الظَّاهِرِ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَكُونُ لِخِدْمَةِ الْوَلِيِّ كَمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِخِدْمَةِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ لِلْمَالِكِ وَهَذَا أَصْلٌ يَتَفَرَّعُ مِنْهُ الْمَسَائِلُ الْمُمَاثِلَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ الْأَمْرُ بِمُنَاظَرَةِ زَرْعِ مَزْرَعَتِهِ أَوْ الِاشْتِغَالِ فِي أَبْنِيَتِهِ أَوْ الْمُحَاسِبَةِ مَعَ غُرَمَائِهِ أَوْ تَأْدِيَةِ دُيُونِهِ لِأَصْحَابِهَا لَيْسَ بِإِذْنٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ حِمَارًا وَأَمَرَهُ بِنَقْلِ الْمِيَاهِ لِعِيَالِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِبَعْضِ جِيرَانِهِ بِلَا أَجْرٍ لَا يُعَدُّ إذْنًا أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الْمَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَدَّ إرْسَالَ الصَّبِيِّ لِلسُّوقِ لِشِرَاءِ لَيْمُونَةٍ إذْنًا بِالتِّجَارَةِ لَلَزِمَ اعْتِبَارُ صِحَّةِ إقْرَارِهِ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ فَبِذَلِكَ يَسُدُّ بَابَ الِاسْتِخْدَامِ وَهَذَا فِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ عَلَى النَّاسِ وَيَصِيرُ اسْتِخْدَامُ الصَّبِيِّ غَيْرَ مُمْكِنٍ (الْهِدَايَةُ) . تَقْسِيمُ الْإِذْنِ: يَتَبَيَّنُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ الْإِذْنَ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِذْنُ الْعَامُّ وَيَكُونُ بِأَلْفَاظٍ كَآذَنْتُكَ بِالتِّجَارَةِ فِي كُلِّ نَوْعٍ أَوْ فِي النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ مِنْ التِّجَارَةِ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ وَهُوَ الْقِسْمُ الْمُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهُوَ يُسَمَّى بِثَلَاثَةِ أَسْمَاءٍ: 1 - الْإِذْنُ بِالْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ. 2 - الْإِذْنُ بِالتَّصَرُّفِ النَّوْعِيِّ. 3 - الْإِذْنُ الْعَامُّ. الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِذْنُ الْخَاصُّ كَقَوْلِك اشْتَرِ بِدِرْهَمٍ مِلْحًا أَوْ لَيْمُونًا وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَلِهَذَا الْقِسْمِ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ: 1 - الْأَمْرُ بِإِجْرَاءِ عَقْدٍ وَاحِدٍ. 2 - الْأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ الشَّخْصِيِّ. 3 - الْإِذْنُ الْخَاصُّ. وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ اسْتِخْدَامِ صَبِيٍّ وَبَيْنَ إعْطَائِهِ الْإِذْنَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَتَّى لَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُكَلِّفُ بِهِ الصَّبِيَّ مَعْنَى الْإِذْنِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) . شَرْطُ الْإِذْنِ: قُلْنَا فِيمَا مَرَّ إذَا أُعْطِيَ الصَّغِيرُ إذْنًا فَيَلْزَمُ أَنْ يَصِلَهُ خَبَرُ الْإِذْنِ وَإِذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى قَبْلَ خَبَرِ الْإِذْنِ لَهُ فَلَا يَكُونُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ نَافِذَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (942) . وُصُولُ خَبَرِ الْإِذْنِ: يَحْصُلُ بِكِتَابَةِ الْوَلِيِّ كِتَابًا لِلصَّغِيرِ يُخْبِرُهُ فِيهِ بِالْإِذْنِ أَوْ بِإِرْسَالِ رَسُولٍ كَمَا أَنَّهُ

(مادة 970) لا يتقيد ولا يتخصص إذن الولي بزمان ومكان

يَحْصُلُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ عَدْلٍ وَاحِدٍ فُضُولًا هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُنْكِرْ الْوَلِيُّ أَخِيرًا الْإِذْنَ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَتَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ غَيْرُ عَدْلٍ فُضُولًا وَصَدَّقَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ هَذَا الْخَبَرَ تَمَّ الْإِذْنُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (973) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إذَا حُجِرَ عَلَى الصَّغِيرِ وُصُولُ خَبَرِ الْحَجْرِ لَهُ وَيَحْصُلُ وُصُولُ خَبَرِ الْحَجْرِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ وُصُولُ خَبَرِ الْإِذْنِ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) [ (مَادَّةُ 970) لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يُتَخَصَّصُ إذْنُ الْوَلِيِّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ] (مَادَّةُ 970) : لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يُتَخَصَّصُ إذْنُ الْوَلِيِّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَلَا بِنَوْعٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا: لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ يَوْمًا وَشَهْرًا يَكُونُ مَأْذُونًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيَبْقَى مُسْتَمِرًّا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ مَا لَمْ يَحْجُرْهُ الْوَلِيُّ كَذَا لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ وَاشْتَرِ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي كُلِّ مَكَان كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ وَاشْتَرِ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ كُلَّ جِنْسِ الْمَالِ وَلَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يَتَخَصَّصُ إذْنُ الْوَلِيِّ (1) بِزَمَانٍ (2) بِمَكَانٍ (3) بِنَوْعٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (4) بِمُعَامَلَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، حَتَّى لَوْ جَرَى التَّخْصِيصُ بِلَا تَصَرُّفَاتٍ بِسَبَبِ اقْتِدَارِ وَوُقُوفِ الصَّبِيِّ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا وَلِلْعِلْمِ بِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْأُخْرَى فَلَا يَتَخَصَّصُ الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِذْنُ إسْقَاطًا فَلَا يُقْبَلُ التَّقْيِيدُ وَلَيْسَ الْإِذْنُ إنَابَةً وَتَوْكِيلًا وَلَوْ كَانَ إنَابَةً وَتَوْكِيلًا لَتَقَيَّدَ وَتَخَصَّصَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1456) (مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَعَلَيْهِ فَتِجَارَةُ الصَّغِيرِ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَأَخْذُهُ وَعَطَاؤُهُ صَحِيحَانِ كَمَا أَنَّ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَرَهْنَهُ مَالًا وَإِعَارَتَهُ ثَوْبًا وَحَيَوَانًا صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ قَدْ مَنَعَهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ عَادَاتِ التُّجَّارِ وَيُقْصَدُ بِهِ جَلْبُ الْقُلُوبِ فَيَبِيعُونَ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَيَبِيعُونَ صَفْقَةً أُخْرَى بِالرِّبْحِ وَعَلَيْهِ فَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يُبَاشِرَ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يَتَخَصَّصُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْوَلِيَّ سَوَاءٌ نَهَى عَنْ مُخَالِفَةِ تَقْيِيدِهِ صَرَاحَةً أَوْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَتَقَيَّدُ وَلَا يَتَخَصَّصُ يَعْنِي: مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ صَرَاحَةً لِلصَّغِيرِ بِعْ وَاشْتَرِ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ أَوْ قَالَ لَهُ بِعْ وَاشْتَرِ حِنْطَةً وَلَا تَبِعْ أَوْ تَشْتَرِ غَيْرَهَا وَنَهَى عَنْ خِلَافِهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ قَالَ أَذِنْتُك لِشَهْرٍ وَحَجَرْتُك لِمُرُورِ شَهْرٍ فَإِذَا لَمْ يُحْجَرْ بَعْدَ مُرُورِ الشَّهْرِ مُحَدِّدًا بَقِيَ مَأْذُونًا أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَإِنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ غَيْرُ جَائِزَيْنِ وَيَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْحَجْرُ كَالْإِذْنِ أَيْضًا لَا يَقْبَلُ التَّخَصُّصَ وَالتَّجَزُّؤَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (973) (أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ زُفَرَ) فَإِنَّ الْإِذْنَ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِهَا وَإِلَيْك سَبَبُ الِاخْتِلَافِ

(مادة 971) كما يكون الإذن صراحة يكون دلالة

إنَّ الْإِذْنَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ إسْقَاطٌ فَلَا يَتَقَيَّدُ أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَهُوَ إنَابَةٌ وَتَوْكِيلٌ فَيَتَقَيَّدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَوْمًا وَاحِدًا أَوْ شَهْرًا يَكُونُ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، يَعْنِي: يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ وَالْأَشْهُرِ وَيَبْقَى مَأْذُونًا دَائِمًا مَا لَمْ يَحْجُرْهُ الْوَلِيُّ وَلَا يَنْحَجِرُ بِانْقِضَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَمَّا بَعْدَ الْإِذْنِ فَلِلْوَلِيِّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (973) أَنْ يَحْجُرَ الصَّغِيرَ مُجَدِّدًا وَيُبْطِلُ الْإِذْنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ وَهَذَا مِثَالٌ لِعَدَمِ تَقَيُّدِ الْإِذْنِ وَتَخَصُّصِهِ بِالزَّمَانِ. كَذَا لَوْ قَالَ لَهُ بِعْ وَاشْتَرِ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ يَكُونُ الصَّغِيرُ مَأْذُونًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي ذَلِكَ السُّوقِ وَفِي غَيْرِهِ وَفِي كُلِّ مَكَان وَهَذَا مِثَالٌ لِعَدَمِ تَقَيُّدِ الْإِذْنِ بِالْمَكَانِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ لَهُ بِعْ مَالًا مِنْ النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ كَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِبَيْعِ الْخُبْزِ سَوَاءٌ مَنَعَهُ مِنْ بَيْعِ أَمْوَالٍ أُخْرَى وَشِرَائِهَا أَمْ لَمْ يَمْنَعْهُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ مَا يَشَاءُ مِنْ أَجْنَاسِ الْأَمْوَالِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِدَايَةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْوَلِيُّ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَالطَّعَامِ وَالْكِسَاءِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ وَلَا يُعَدُّ مَأْذُونًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (969) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا مِثَالٌ لِعَدَمِ تَقَيُّدِ وَتَخَصُّصِ الْإِذْنِ بِنَوْعٍ مِنْ الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ بِعْ وَاشْتَرِ مَعَ الرَّجُلِ الْفُلَانِيِّ أَيْ: بِأَنْ يَأْمُرَهُ الْوَلِيُّ وَيُقَيِّدُهُ بِمُعَامَلَةِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُعْتَبَرُ الْأَمْرُ وَالتَّقْيِيدُ وَلِلصَّغِيرِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (مَادَّةُ 971) كَمَا يَكُونُ الْإِذْنُ صَرَاحَةً يَكُونُ دَلَالَةً] (مَادَّةُ 971) كَمَا يَكُونُ الْإِذْنُ صَرَاحَةً يَكُونُ دَلَالَةً أَيْضًا مَثَلًا: لَوْ رَأَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَسَكَتَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يَكُونُ قَدْ أَذِنَهُ دَلَالَةً. إنَّ الْإِذْنَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (969) يَكُونُ دَلَالَةً كَمَا يَكُونُ صَرَاحَةً وَقَوْلُهُ لَا أَنْهَاهُ عَنْ التِّجَارَةِ إذْنٌ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَذِنْتُك بِالتِّجَارَةِ أَوْ أَعْطَيْتُك إذْنًا بِالتِّجَارَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَصِدْقَهُ شَيْءٍ فَهُوَ إذْنٌ صَرَاحَةً وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مَا عَدَا الْقَاضِي الصَّغِيرَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَيْ: عَلِمَ بِبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَيَكُونُ قَدْ أَذِنَهُ دَلَالَةً فِي التِّجَارَةِ أَيْ: فِي غَيْرِ الَّذِي رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِيهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ السُّكُوتُ يَحْتَمِلُ الرِّضَا وَالسُّخْطَ وَيَلْزَمُ أَلَّا يَثْبُتَ الْإِذْنُ بِالشَّكِّ فَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ إذَا رَأَى أَحَدٌ شَخْصًا تَحْتَ حِجْرِهِ وَوِلَايَتِهِ يَبِيعُ فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُعَدَّ السُّكُوتُ إذْنًا كَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى الضَّرَرِ بِالنَّاسِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَنْخَدِعُونَ بِسُكُوتِهِ وَيَتَعَامَلُونَ مَعَهُ وَعَلَيْهِ فَقَدْ عُدَّ السُّكُوتُ رِضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . بِمَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ قَدْ ذُكِرُوا مُطْلَقَيْنِ فَيَشْمَلَانِ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ كَمَا يَشْمَلَانِ الْمَالَ الْمَبِيعَ

(مادة 972) لو أذن للصغير من قبل وليه

سَوَاءٌ كَانَ لِلْوَلِيِّ أَمْ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ وَقَعَ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ أَمْ بِدُونِ أَمْرِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ مُحَرَّمًا كَالْخَمْرِ أَمْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ (أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْمَأْذُونِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) لَكِنْ يَقْتَضِي لِصَيْرُورَةِ السُّكُوتِ إذْنًا دَلَالَةُ عَدَمِ وُجُودِ مَنْعٍ صَرِيحٍ أَمَّا إذَا وُجِدَ مَنْعٌ صَرِيحٌ كَمَا لَوْ أَعْلَنَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ قَائِلًا إذَا رَأَيْت فُلَانًا الصَّغِيرَ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَسَكَتَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (13) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الشَّرْحِ (أَبُو السُّعُودِ) . فَعِبَارَةُ (إذَا رَأَيْت) هُنَا بِمَعْنَى (إذَا وَقَفْت وَاطَّلَعْت) . أَيْ: سَوَاءٌ أَرَأَى بِعَيْنِهِ أَمْ عَلِمَ بِطَرِيقِ الْإِخْبَارِ كَذَلِكَ قَوْلُ مَا (مَا عَدَا الْقَاضِي) احْتِرَازٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ رَأَى الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَسَكَتَ فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إذْنًا لَهُ بِالتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ مِنْ حَقٍّ فِي مَالِ الْغَيْرِ حَتَّى يُسْقِطَهُ بِالْإِذْنِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ قَبِيلَ كِتَابِ الْغَصْبِ) . كَذَلِكَ قَدْ جَاءَ شَرْحًا (فِيمَا عَدَا الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْأُمُورِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ بِالسُّكُوتِ الْمَذْكُورِ مَأْذُونًا بِهَذَا الْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ وَعَلَيْهِ فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يَحِيزَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِذَا شَاءَ يَفْسَخَهُمَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ وَهَذَا ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ. مَثَلًا: لَوْ رَأَى الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ قَدْ أَخَذَ عَدْلًا مِنْ السُّكَّرِ مِنْ مَكَان وَأَخَذَ يَبِيعُهُ فِي مَكَان آخَرَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَيَكُونُ هَذَا الصَّبِيُّ مَأْذُونًا وَيَكُونُ أَخْذُهُ وَإِعْطَاؤُهُ نَافِذًا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْعُ وَشِرَاءُ ذَلِكَ السُّكَّرِ نَافِذًا؛ لِأَنَّ بَيْعَ وَشِرَاءَ السُّكَّرِ الْمَذْكُورِ وَسِيلَةٌ لِلْإِذْنِ فَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ خَارِجَةٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَقَدُّمُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (مَادَّةٌ 972) لَوْ أذن لِلصَّغِيرِ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّهِ] (مَادَّةٌ 972) لَوْ أُذِنَ لِلصَّغِيرِ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّهِ يَكُونُ فِي الْخُصُوصَاتِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْإِذْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَالِغِ وَتَكُونُ عُقُودُهُ الَّتِي هِيَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مُعْتَبَرَةً. وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ تَصَرُّفَاتُ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَحْجُورِ كَمَا أَنَّهَا نَافِذَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ فَتَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْإِذْنِ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ أَيْضًا وَإِذَا لَحِقَتْهُ أَيْ: الصَّغِيرَ دُيُونٌ بِسَبَبِ مُعَامَلَاتٍ تِجَارِيَّةٍ كَهَذِهِ تُؤَدَّى مِنْ أَمْوَالِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ اكْتَسَبَ هَذِهِ الْأَمْوَالَ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَ الدَّيْنِ وَسَوَاءٌ أَمْلَكَهَا بِالِاتِّهَابِ أَمْ عَنْ طَرِيقِ الْإِرْثِ. وَإِذَا لَمْ تَفِ هَذِهِ الْأَمْوَالُ بِالدَّيْنِ لَزِمَ انْتِظَارُ حَالِ يُسْرِهِ وَلَا يَضْمَنُ بِهَا وَلِيُّهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ اسْتِنْبَاطًا) . وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ عُقُودُهُ (1) كَالْبَيْعِ (2) وَالشِّرَاءِ (3) وَالسَّلَمِ (4) وَالْإِجَارَةِ (5) وَالتَّوْكِيلِ لِلْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ وَالتَّصَرُّفَاتِ الْآتِيَةِ (6) وَالرَّهْنِ (7) وَالِارْتِهَانِ (8) وَتَأْجِيلِ الدَّيْنِ (9) وَالْإِعَارَةِ (10) وَالْمُسَاقَاةِ (11) وَالْمُزَارَعَةِ (12) وَالْمُضَارَبَةِ (13) ، وَالْأَبْضَاعِ (14) وَعَقْدِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ (15) وَالِاسْتِقْرَاضِ (16) وَأَخْذِ بُذُورٍ وَزَرْعِ مَزْرَعَتِهِ (17) وَالْإِقْرَارِ (18) وَالصَّيْرُورَةِ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ (19) وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لَدَى تَوَجُّهِهَا عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ (20) وَهِبَةِ الطَّعَامِ الْيَسِيرِ وَإِهْدَائِهِ

وَتَنْزِيلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، الْمِقْدَارَ الَّذِي يَجُوزُ تَنْزِيلُهُ وَحَطِّهِ عَادَةً عِنْدَ التُّجَّارِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخُصُوصَاتِ، تَكُونُ مُعْتَبَرَةً، وَلْنُبَادِرْ فِيمَا يَلِي إلَى إيضَاحِ مَا ذُكِرَ: [1]- الْبَيْعُ: إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مَالَهُ مِنْ آخَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا أَمْ مَوْرُوثًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ (الطَّحْطَاوِيُّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ وَلَدَيْهِ الْمُمَيِّزَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّانِي مَالًا كَانَ جَائِزًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) وَإِذَا بَاعَهُ بِمُحَابَاةٍ وَبِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَكُونُ جَائِزًا أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَلَوْ نَهَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ عَنْ الْبَيْعِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَكُونُ الْبَيْعُ مَعَ ذَلِكَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَدَلِيلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ أَنَّ رَأْيَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يَكْمُلُ بِانْضِمَامِ رَأْيِ الْوَلِيِّ إلَيْهِ وَيَلْحَقُ بِالْبَالِغِ وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ الْبَالِغِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ صَحِيحًا فَلِذَلِكَ كَانَ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ صَحِيحًا أَيْضًا. أَمَّا بَيْعُ الْوَلِيِّ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ، شَرْحُ الْمَنَارِ) . كَذَلِكَ يَقَعُ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ التِّجَارَةِ وَمَا يَقَعُ ضِمْنَ شَيْءٍ يَأْخُذُ حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْءِ. أَمَّا الْهِبَةُ فَلَيْسَتْ تِجَارَةً (أَبُو السُّعُودِ) . إلَّا أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَيْسَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ التِّجَارَةِ هُوَ الِاسْتِرْبَاحِ وَالْبَيْعُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ إتْلَافٌ فَيَجْرِي مَجْرَى التَّبَرُّعِ حَتَّى إنَّهُ صَدَرَ مِنْ مَرِيضٍ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَبَيْعُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَالًا لِلصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَيَجْرِي فِي الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ أَيْضًا الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ الْبَيْعَ مُطْلَقًا فَيُسْتَدَلُّ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (64) أَنَّهَا اخْتَارَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَإِذَا وَقَعَتْ مُحَابَاةُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَتَجْرِي وَفْقًا لِلْمَسَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ اسْتِخْرَاجًا) . اسْتِثْنَاءٌ: تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ صُحُفِ الْبَيْعِ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ (أَيْ: الْمُحَابَاةِ) لَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ الصَّبِيُّ مَالَهُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ أَبِيهِ؛ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ، الطَّحْطَاوِيُّ) [2]- الشِّرَاءُ: لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَشْتَرِي لِنَفْسِهِ مَالًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ، أَمَّا الشِّرَاءُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَالْبَيْعِ 0 فَقَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِصِحَّتِهِ وَقَالَ الْإِمَامَانِ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ سَاوَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي بَيْعِ الصَّبِيِّ وَشِرَائِهِ فَقَالَ بِجَوَازِهِمَا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ إلَّا أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ فَجَوَّزَ بَيْعَ وَكِيلِ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَمْ يُجَوِّزْ شِرَاءَ وَكِيلِ الشِّرَاءِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ أَيْ: ذَهَبَ إلَى عَدَمِ نَفَاذِ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِحَقِّ الْمُوَكِّلِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي مَادَّتَيْ (1482) و (1494) لِأَنَّ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَلْحَقُهُ مِنْ الْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ وَكَالَةً، فَهُوَ مُتَّهَمٌ بِالْحِيلَةِ، أَيْ: بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَأَرَادَ إلْزَامَ مُوَكِّلِهِ بِهِ عِنْدَمَا أُطْلِعَ عَلَى غَبْنِهِ الْفَاحِشِ، أَمَّا الْمَأْذُونُ؛ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَحَدٍ، وَلِذَا؛ فَلَيْسَ فِي تَصَرُّفِهِ تُهْمَةُ الْحِيلَةِ، فَكَانَ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي حَقِّهِ سَيُبَيَّنُ [3]- السَّلَمُ: يَصِيرُ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مُسْلَمًا إلَيْهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَصِيرُ بَائِعًا كَمَا يَصِيرُ رَبُّ سَلَمٍ

أَيْ مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّ السَّلَمَ نَوْعٌ مِنْ التِّجَارَةِ وَالْحُكْمُ فِي الِاسْتِصْنَاعِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ [4]- الْإِجَارَةُ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ كَحَوَانِيتِهِ وَبُيُوتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْعَقَارَاتِ وَالْإِجْرَاءُ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ مُسَانَهَةً أَمْ مُشَاهَرَةً، فَلِذَا لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي التِّجَارَةِ (أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَذَلِكَ كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (444) إلَّا إذَا آجَرَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ نَفْسَهُ لِآخَرَ لِلْخِدْمَةِ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ؛ فِي الْإِجَارَةِ فِي مَسَائِلِ الْعُذْرِ) [5]- التَّوْكِيلُ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الدَّائِرَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1457) يَعْنِي أَنَّهُ لِلصَّغِيرِ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي لَهُ عَمَلُهَا بِالذَّاتِ (وَسَيُذْكَرُ بَعْضُهَا هُنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّغِيرُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْأُمُورِ التِّجَارِيَّةِ جَمِيعِهَا فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى مُعَيَّنٍ وَالتَّوْكِيلُ أَيْضًا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) أَمَّا فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ أَحَدٍ فِيهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (859) كَأَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِهِبَةِ مَالِهِ مِنْ آخَرَ أَوْ بِإِبْرَاءِ مَدِينِهِ مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنَّهُ يَسْتَمِدُّ الْوَكِيلُ حَقَّ التَّصَرُّفِ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَمَتَى كَانَ حَقُّ التَّصَرُّفِ لِلْمُوَكِّلِ مَفْقُودًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ مَنْحُ ذَلِكَ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ [6 وَ 7]- الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ: إنَّ رَهْنَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (708) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ؛ إذْ هُمَا إيفَاءُ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ وَيَتَقَرَّرُ ذَلِكَ بِالْهَلَاكِ [8]- تَأْجِيلُ الدَّيْنِ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُؤَجِّلَ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ سَنَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَيُمْهِلُ مَدِينَهُ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ (الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْخَانِيَّةُ) [9]- الْإِعَارَةُ: تَجُوزُ إعَارَةُ الْمَأْذُونِ وَاسْتِعَارَتُهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (809) ؛ لِأَنَّ إعَارَةَ الصَّبِيِّ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ [10]- الْمُسَاقَاةُ: يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1443) أَنَّ لِلصَّبِيِّ أَنْ يُسَاقِيَ [11]- الْمُزَارَعَةُ: لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1433) أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ مُزَارَعَةٍ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَزَارِعِ فَهُوَ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ إجَارَةُ نَفْسِهِ وَهُوَ يَمْلِكُ الْوَجْهَيْنِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الزَّارِعُ تَاجِرُ رَبِّهِ» (الطَّحْطَاوِيُّ) [12]- الْمُضَارَبَةُ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُضَارِبَ أَيْ: يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً وَيَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَ يَكُونُ مُسْتَأْجِرًا وَإِنْ أَخَذَ يَكُونُ مُؤَجِّرًا نَفْسَهُ وَهُمَا مِنْ التِّجَارَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ أَيْضًا وَكَالَةٌ وَلَيْسَ فِيهَا كَفَالَةٌ [13]- الْإِبْضَاعُ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَهُ بِطَرِيقِ الْإِبْضَاعِ أَيْ: يَدْفَعُ الْمَالَ بِضَاعَةً يَعْنِي: بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ لِيَتَّجِرَ بِهِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ لَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1408) [14]- الشَّرِكَةُ: لِلصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ الْعِنَانَ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ. أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ؛ فَلَيْسَ لَهُ عَقْدُهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1334) وَبِمَا أَنَّ الصَّغِيرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (628) لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْكَفَالَةِ فَتَنْقَلِبُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ (الْهِدَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ

الِاسْتِقْرَاضُ: لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَأْدِيَةِ مَا اقْتَرَضَهُ بِقَوْلِ إنَّنِي اسْتَقْرَضْتُهُ حَالَ صِغَرِي فَلَا يَلْزَمُنِي أَدَاؤُهُ. [16]- الْإِقْرَاضُ: لَيْسَ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُقْرِضَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ تَبَرُّعٌ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَا أَقْرَضَهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ دُونَ الدِّرْهَمِ فَيَكُونُ إقْرَاضُهُ جَائِزًا كَمَا لَوْ وَهَبَهُ. وَيَرَى الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ إقْرَاضِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ (الْكَفَوِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ، وَمُلْتَقَى الْأَنْهُرِ) . [17]- اشْتِرَاءُ الْبَذْرِ إلَخْ: لَوْ اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ الْبَذْرَ وَزَرَعَهُ فِي مَزْرَعَتِهِ كَانَ جَائِزًا. [18]- الْإِقْرَارُ: إنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا مَأْذُونِيَّتُهُ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1573) . سَوَاءٌ أَصَدَّقَ الْوَلِيُّ هَذَا الْإِقْرَارَ أَمْ كَذَّبَهُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الصَّغِيرُ حِينَ إقْرَارِهِ مَدِينًا أَمْ غَيْرَ مَدِينٍ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَارُ لَمْ يُعَامِلْهُ أَحَدٌ فَيَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ الْمُعَامَلَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي يُعْطِي الْإِذْنَ لِلصَّبِيِّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ إجَازَةٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِهِ، أَوْ مُضَارَبَةٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ يُمَاثِلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ شَهَادَةٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ) وَعَلَيْهِ فَإِقْرَارُ الصَّغِيرِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ بِدُونِ إضَافَةٍ إلَى حَالِ الْحَجْرِ وَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ فَلِذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَأْذُونُ بِغَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ جَحَدَهَا أَوْ دَابَّةٍ عَقَرَهَا أَوْ ثَوْبٍ أَحْرَقَهُ أَوْ أَجْرِ أَجِيرٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ دَيْنٌ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إشْهَادُ الشُّهُودِ عَلَى كُلِّ مُعَامَلَةٍ مُتَعَذِّرًا فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ يَمْتَنِعُ النَّاسُ بِذَلِكَ عَنْ مُعَامَلَةِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَلْتَئِمُ أَمْرُ التِّجَارَةِ وَلَا يَنْتَظِمُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ الْمُتَعَدِّيَةَ أَيْ: وِلَايَةَ الصَّبِيِّ هِيَ فَرْعٌ عَنْ الْوِلَايَةِ الْقَائِمَةِ أَيْ: وِلَايَةِ الْوَلِيِّ وَلَمَّا كَانَ الْوَلِيُّ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمَالِ الصَّبِيِّ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَمْنَحَ الصَّبِيَّ هَذَا الْحَقَّ وَيَأْذَنَهُ بِهِ أَيْ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي تِلْكَ الْحَالِ يَكُونُ قَدْ اسْتَمَدَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ مِنْ الْوَلِيِّ الَّذِي لَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي الْإِقْرَارِ وَبِمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَسْتَطِيعَ شَخْصٌ تَمْلِيكَ آخَرَ مَا لَا يَمْلِكُهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الصَّبِيُّ قَدْ مَلَكَ حَقَّ الْإِقْرَارِ؟ الْجَوَابُ - إنَّ إفَادَةَ إذْنِ الْوَلِيِّ بِالْإِقْرَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ وَلِلْوَلِيِّ حَقٌّ بِإِعْطَاءِ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ وَتَوَابِعِهَا (أَبُو السُّعُودِ) وَلَيْسَ بِتَمْكِينِ الْوَلِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّبِيِّ. أَمَّا إقْرَارُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَ بِمَأْذُونٍ فِيهَا يَعْنِي: الْأَحْوَالَ الَّتِي لَيْسَتْ بِدَاخِلَةٍ فِي الْإِذْنِ؛ فَلَيْسَ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَقَرَّ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ بِالْمَالِ وَبِالْمَهْرِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ وَفِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ) كَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَبِقَتْلِهِ شَخْصًا وَبِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ التَّسْلِيمِ وَالْإِبْرَاءِ وَالسَّرِقَةِ بَاطِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الْخَانِيَّةُ " وَإِقْرَارُ الصَّغِيرِ بِالْغَصْبِ جَائِزٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ ضَمَانُ تِجَارَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ وَلِأَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ (أَبُو السُّعُودِ، الطُّورِيُّ) ، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الصَّغِيرُ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إجَارَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ غَصْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُوجَدُ فِي التِّجَارَةِ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا فِي جَمِيعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ فَيُقَدَّمُ وَمَا زَادَ عَنْهُ يُعْطَى لِأَصْحَابِ تِلْكَ الدُّيُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1602) وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ كَانَ دَيْنُ الْمَرَضِ أُسْوَةً بِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَكَذَلِكَ يَنْفُذُ إقْرَارُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ تَشْخِيصٌ بِأَمْوَالِهِ الَّتِي وَرِثَهَا عَنْ مُورِثِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ كَوْنَ الْمُقَرِّ بِهِ مَوْرُوثًا لَهُ وَعَدَمُ وُجُودِ مَالٍ مُكْتَسَبٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالضِّمَامِ رَأْيُ الْوَلِيِّ قَدْ أُلْحِقَ الصَّغِيرُ بِالْبَالِغِ وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمُكْتَسَبَ وَالْمَوْرُوثَ هُوَ مَالُهُ فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي جَمِيعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُرْوَى عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَرِثَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ صِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي مَالِهِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ بِخِلَافِ مَالِ الْمَوْرُوثِ؛ إذْ لَا حَاجَةَ لِاعْتِبَارِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: إقْرَارُهُ الْوَاقِعُ مُضَافًا إلَى حَالِ حَجْرِهِ، مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ بِأَنَّهُ غَصَبَ مَالَ فُلَانٍ حَالَ حَجْرِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ اسْتَهْلَكَ الْقَرْضَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ أَوْ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْإِعَارَةَ أَوْ الْمُضَارَبَةَ أَوْ الْبِضَاعَةَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ عَلَى ذَلِكَ؟ يَحْتَاجُ هَذَا إلَى تَفْصِيلٍ، يُؤَاخَذُ بِالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى إضَافَتِهِ إلَى حَالِ الْحَجْرِ أَمْ لَمْ يُصَدِّقْ أَمْ قَالَ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ فِي حَالِ الْمَأْذُونِيَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (960) أَمَّا إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِضَافَةَ أَيْ: صَدَّقَ وُقُوعَ الِاسْتِهْلَاكِ فِي حَالِ الْحَجْرِ فَلَا يُؤَاخَذُ، أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ إذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِضَافَةَ أَيْ: حُصُولَ الِاسْتِهْلَاكِ فِي حَالِ الْحَجْرِ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ وَادَّعَى أَنَّ وُقُوعَ الِاسْتِهْلَاكِ كَانَ فِي حَالِ الْإِذْنِ فَيُؤَاخَذُ الصَّبِيُّ الْمُقِرُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ، وَفِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ، الْخَانِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ كُنْت أَقْرَرْت فِي حَالِ حَجْرِي لِفُلَانٍ بِكَذَا دِينَارًا دَيْنًا فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَيُقْبَلُ إسْنَادُهُ الْإِقْرَارَ إلَى حَالِ الْحَجْرِ سَوَاءٌ أَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي إسْنَادِهِ أَمْ كَذَّبَهُ، كَذَلِكَ إذَا أَصْبَحَ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا فَإِقْرَارُهُ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا فَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ بِغَصْبِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ مُعْتَبَرًا كَمَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الْمَعْتُوهِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَلِيُّ الْمَعْتُوهِ مَجْلِسَ الدَّعْوَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَيَصِحُّ إقْرَارُ الْمَعْتُوهِ بِغَيْرِ مَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ مِنْ الْمَالِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اسْتِثْنَاءٌ: إنَّ إقْرَارَ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ الْآتِي لَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَبَا الصَّغِيرِ الَّذِي أَعْطَى الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ كَانَ الْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحٍ: يَعْنِي: إذَا أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ مَالُ أَبِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِأَبِيهِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَإِقْرَارُهُ بِذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى قَوْلٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ إقْرَارُهُ لِوَلِيِّهِ أَوْ لِغَيْرِهِ صَحِيحًا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا (الْقُهُسْتَانِيُّ، أَبُو السُّعُودِ، الْعَيْنِيُّ قَبِيلَ الْغَصْبِ) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ مَالًا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ مَدِينٌ فَهُوَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَبِ أَنْ

يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَدَاءَهُ الثَّمَنَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [19]- صَيْرُورَتُهُ مُدَّعِيًا وَمُدَّعَى عَلَيْهِ: يَصِحُّ أَنْ يَحْضُرَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ أَمَامَ الْمَحْكَمَةِ بِصِفَةِ مُدَّعٍ عَلَى أَحَدٍ بِحَقٍّ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بِحَقٍّ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ وَأَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى حُضُورُ الْوَلِيِّ الْآذِنِ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ بِسَرِقَةِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ غَائِبًا وَلَا تُقْبَلُ عَلَى إقْرَارِهِمَا بِالسَّرِقَةِ أَصْلًا (الْخَانِيَّةُ) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ مَالًا بِالْإِهْلَاكِ أَوْ الْغَصْبِ وَقَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ وَيَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى الْإِشَارَةِ وَلَكِنْ يَحْضُرُ مَعَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ لِيُؤَدِّيَ عَنْهُ مَا ثَبَتَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُنَصِّبَ لَهُ وَصِيًّا، يُنَصِّبُ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا (الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ إذَا أُقِيمَتْ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْوَلِيِّ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى فَلَوْ أَقَامَ أَحَدٌ دَعْوَى قَتْلٍ عَلَى الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ وَلِيِّهِ الْإِذْنَ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى وَإِذَا أُثْبِتَ الْقَتْلُ فِي حُضُورِ الْوَلِيِّ فَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِالدِّيَةِ وَإِذَا أَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يُشَاهِدُوا الْقَتْلَ وَإِنَّمَا شَهِدُوا عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ قَدْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ) وَعَلَيْهِ يُمْكِنُ الِادِّعَاءُ عَلَى الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ بِشَيْءٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى كَوْنِهِ غَصَبَ الْمَبِيعَ وَاسْتَهْلَكَهُ أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَى الصَّغِيرِ بِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [20]- النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِشَيْءٍ مِنْ التِّجَارَةِ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهَا أَوْ أَنْكَرَ الصَّبِيُّ وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ، يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَيُعْتَبَرُ نُكُولُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالثَّالِثَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ فَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ آخَرُ مِنْهُمْ بِتَحْلِيفِ الصَّبِيِّ لِمَأْذُونِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ لِئَلَّا تَنْزِعَ ثِقَةَ النَّاسِ مِنْهُ فِي الْأُمُورِ التِّجَارِيَّةِ وَقَدْ رُجِّحَ هَذَا الْقَوْلُ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ يَحْلِفُ كَالْبَالِغِ، قَالَ نُصَيْرٌ: لَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ إلَّا بِإِقْرَارٍ وَبَيِّنَةٍ، وَعُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَرَّ أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ (الْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . [21]- إهْدَاءُ الطَّعَامِ الْيَسِيرِ: لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُهْدِيَ غَيْرَهُ شَيْئًا قَلِيلًا مِنْ الْمَأْكُولَاتِ كَالرَّغِيفِ وَالْكَعْكِ أَوْ أَنْ يُضِيفَ آخَرُ عَلَى قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْ ذَلِكَ بِنِسْبَةِ مَالِهِ. وَالْفَلْسُ كَالرَّغِيفِ، وَمِنْ الْفِضَّةِ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الشرنبلالية (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَهَؤُلَاءِ الْمُهْدَى إلَيْهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِمَّنْ يُعَامِلُهُمْ الصَّبِيُّ مِنْ التُّجَّارِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِمْ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ بَيْنَ التُّجَّارِ لِاسْتِجْلَابِ الْقُلُوبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتُعَيَّنُ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ بِنِسْبَةِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَيُحَدَّدُ بِالْمَرْتَبَةِ الَّتِي لَا تُعَدُّ إسْرَافًا، وَعَلَيْهِ فَالصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ الَّذِي فِي يَدِهِ عَشْرَةُ آلَافِ دِينَارٍ لَوْ أَهْدَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ يُعَدُّ ذَلِكَ قَلِيلًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَهْدَى مِنْهَا نِصْفُ دِينَارٍ فَيُعَدُّ ذَلِكَ كَثِيرًا (أَبُو السُّعُودِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) كَذَلِكَ تَصِحُّ ضِيَافَةُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِصَرْفِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَمَّا غَيْرُ الْمَأْكُولَاتِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ؛ فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَهَبَهَا أَوْ يُهْدِيَهَا وَلَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (859) ، مَا لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ الَّذِي وَهَبَهُ أَوْ أَهْدَاهُ قَلِيلًا (أَبُو السُّعُودِ) فَتَكُونُ الْهِبَةُ

(مادة 973) للولي أن يحجر الصغير بعد إذنه ويبطل ذلك الإذن

صَحِيحَةً عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْخَانِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَنْ يَهَبَ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ أَنْ يُضِيفَ ضِيَافَةً يَسِيرَةً مِنْ مَالِهِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [22]- حَطُّ الثَّمَنِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ. إذَا ظَهَرَ فِي الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الصَّغِيرُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِلصَّغِيرِ تَنْزِيلُ الْمِقْدَارِ الَّذِي اعْتَادَ التُّجَّارُ تَنْزِيلُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي مُقَابِلِ الْعَيْبِ أَمَّا التَّنْزِيلُ بِلَا عَيْبٍ فَبِمَا أَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ؛ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ عَلَى قَوْلٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ غَيْرَ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا أَنَّ التَّنْزِيلَ زِيَادَةٌ عَنْ الْمُعْتَادِ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ هَذَا التَّنْزِيلُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ كَانَ تَبَرُّعًا مَحْضًا فَلَا يُعَدُّ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ فَلَا ضَرُورَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْحَطُّ مِنْ عَيْبٍ يَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَكَانَ فَاحِشًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ سَوَاءٌ أَقَرَّ الصَّبِيُّ أَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ سِوَى صَاحِبِ الْبَدَائِعُ إنَّ مَا كَانَ كَثِيرًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ قَالَ بِهِ تَفَقُّهًا وَاعْتِبَارًا عَلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا لَكِنْ لَمْ يُصِبْ صَاحِبُ الْبَدَائِعُ فِي هَذَا التَّفَقُّهِ (التَّنْوِيرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) سَوَاءٌ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِالْعَيْبِ أَمْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (الطُّورِيُّ) . [ (مَادَّةُ 973) لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْجُرَ الصَّغِيرَ بَعْدَ إذْنِهِ وَيُبْطِلُ ذَلِكَ الْإِذْنَ] (مَادَّةُ 973) : لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْجُرَ الصَّغِيرَ بَعْدَ إذْنِهِ وَيُبْطِلُ ذَلِكَ الْإِذْنَ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْجُرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَذِنَهُ بِهِ مَثَلًا: لَوْ أَذِنَ الصَّغِيرَ وَلِيُّهُ إذْنًا عَامًّا فَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُومًا لِأَهْلِ سُوقِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ عَامًّا لِيَصِيرَ مَعْلُومًا لِأَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ وَلَا يَصِحُّ حَجْرُهُ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي دَارِهِ. يَبْطُلُ الْإِذْنُ الْمُعْطَى لِلصَّغِيرِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (977) . (1) لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْجُرَ الصَّغِيرَ مُنْجِزًا بَعْدَ إذْنِهِ وَيُبْطِلُ ذَلِكَ الْإِذْنَ، يَعْنِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ الَّذِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ هُوَ نَفْسُ الْوَلِيِّ الَّذِي أَعْطَاهُ الْإِذْنَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْحَاكِمُ إذْنًا لِصَغِيرٍ؛ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ حَجْرُهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (975) ؛ لِأَنَّ مُعْطِي الْإِذْنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَلِيُّ لَكِنْ لِذَلِكَ الْحَاكِمِ حَجْرُهُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُ الصَّغِيرِ بَعْدَ بُطْلَانِ الْإِذْنِ الْمُعْطَى إلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَكُونُ نَافِذَةً وَإِذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مَالًا لَهُ بَعْدَ أَنْ حَجَرَهُ الْوَلِيُّ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَوْ أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْمَحْجُورِ الْمَرْقُومِ فَلَا يَبْرَأُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَالْوَاقِعُ أَنَّ الْإِذْنَ هُوَ إسْقَاطٌ لِحَقِّ الْمَنْعِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (97) وَالسَّاقِطُ بِمَا أَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (51) ، لَا يَعُودُ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ جَوَازِ الْحَجْرِ بَعْدَ الْإِذْنِ نَظَرًا لِذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ إسْقَاطًا فِي حَقِّ الْعُقُودِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ امْتَنَعَ بِهَذَا الْحَجْرِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ مُنْجَزًا فَلَوْ حَجْرًا مُعَلَّقًا كَمَا لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلصَّغِيرِ: إذَا كُنْت سَفِيهًا فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْك ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا؛ فَلَيْسَ هَذَا حَجْرًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَزْلٌ وَتَعْلِيقُ الْعَزْلِ بِشَرْطٍ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ مَنْعٌ وَتَعْلِيقُ الْمَنْعِ بِالْحَظْرِ جَائِزٌ (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْجُرَ الْوَلِيُّ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَذِنَهُ بِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ

أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ شَائِعًا. إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ لَا يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ لَكِنَّ الْحَجْرَ الْعَامَّ قَدْ يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْخَاصِّ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْإِذْنُ شَائِعًا أَيْ: إذَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ غَيْرُ الصَّغِيرِ فَيَكْفِي فِي الْحَجْرِ وُقُوفُ الصَّغِيرِ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ أَهْلِ السُّوقِ بِهِ وَفِي الْمُحِيطِ أَصْلُهُ أَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ لَا يُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْعَامِّ وَيُرَدُّ عَلَى الْإِذْنِ الْخَاصِّ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ بِمَحْضَرِ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَحَجَرَ بِمَحْضَرِ هَؤُلَاءِ يَصِحُّ (الطُّورِيُّ) . الْخُلَاصَةُ، يُشْتَرَطُ لِتَمَامِ الْحَجْرِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا وُجُوبُ إعْلَامِ الصَّغِيرِ وَإِخْبَارِهِ بِحَجْرِهِ، حَتَّى أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا لَمْ يُخْبِرْ بِحَجْرِهِ لَا يَصِحُّ الْحَجْرُ وَلَوْ أَخْبَرَ أَكْثَرُ أَهْلِ السُّوقِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ هُوَ الصَّبِيُّ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ تَبَعًا وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ فِي حَقِّهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ فَكَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَهْلُ سُوقِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِذْنِ قَائِمٌ، وَلَوْ رَآهُ الْوَلِيُّ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بَعْدَ مَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الصَّبِيُّ فَلَمْ يَنْهَهُ ثُمَّ عَلِمَ الصَّبِيُّ بِالْحَجْرِ يَبْقَى مَأْذُونًا اسْتِحْسَانًا، وَوَجْهُهُ أَنَّ سُكُوتَ الْوَلِيِّ حَالَ رُؤْيَةِ عَبْدِهِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي أَجَازَهُ بِرَفْعِ الْحَجْرِ الثَّابِتِ فُلَانٌ يَرْفَعُ الْمَوْقُوفَ أَوْلَى (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا، الطُّورِيُّ) . الثَّانِي كَوْنُهُ مَعْلُومًا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّوقِ مَثَلًا: لَوْ أَذِنَ عَامًا فَصَارَ مَعْلُومًا لِأَهْلِ سُوقِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَجْرُ أَيْضًا عَامًا لِيَصِيرَ مَعْلُومًا لِأَكْثَرِ أَهْلِ ذَلِكَ السُّوقِ. وَقَدْ جُعِلَ عِلْمُ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ كَافِيًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ إعْلَامَ كُلِّ أَهْلِ السُّوقِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ وَفِي هَذَا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ، وَلَا يَصِحُّ حَجْرُهُ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي دَارِهِ أَوْ فِي السُّوقِ (الزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْحَجْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَتَعَامَلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْحَجْرِ مَعَ الصَّبِيِّ فَيَتَضَرَّرُ، وَعَلَيْهِ لَوْ حُجِرَ عَلَى الصَّبِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَحْضَرِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَكَمَا أَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ مَعَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالْحَجْرِ صَحِيحَانِ فَأَخْذُهُ وَعَطَاؤُهُ مَعَ مَنْ يَعْلَمُونَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ صَحِيحَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ كَالْإِذْنِ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّجْزِئَةَ وَكَمَا يَصِحُّ أَخْذُ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْحَجْرِ وَعَطَاؤُهُ مَعَ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ يَصِحُّ أَخْذُ مَنْ يَعْلَمُ بِهِ وَعَطَاؤُهُ مَعَهُ أَيْضًا. وَمِنْ هَذَا يَثْبُتُ أَنَّ التَّعْمِيمَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَجْرِ وَأَنَّ الْحَجْرَ الْخَاصَّ غَيْرُ صَحِيحٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ الْمَطْلُوبُ لِتَمَامِ الْحَجْرِ لَيْسَ السُّوقُ أَوْ الدَّارُ وَإِنَّمَا هُوَ عِلْمُ أَكْثَرِ النَّاسِ بِهِ أَيْ: شُيُوعُ الْحَجْرِ وَاشْتِهَارُهُ، فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَ الْحَجْرُ فِي السُّوقِ بِحُضُورِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ كَانَ الْحَجْرُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْحَجْرُ فِي الدَّارِ بِحُضُورِ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّوقِ كَانَ الْحَجْرُ مُعْتَبَرًا (الْهِدَايَةُ) وَالسَّبَبُ فِي قَوْلِنَا (الْإِذْنُ الْعَامُّ فِي الْمَالِ) هُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْحَجْرُ فِي حُضُورِ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ هَؤُلَاءِ عَالِمًا بِالْإِذْنِ وَأَعْلَمَ الصَّبِيَّ كَمَا أَنَّ تَمَامَ الْحَجْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الصَّبِيِّ عَالِمًا بِالْإِذْنِ يَكُونُ بِإِعْلَامِ الصَّبِيِّ بِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إعْلَانِ أَهْلِ السُّوقِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي هَذَا مُنْتَفٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وُصُولُ خَبَرِ الْحَجْرِ: يَلْزَمُ فِي كُلِّ حَالٍ إعْلَامُ الصَّبِيِّ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ أَوْ اشْتَرَى بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ كَانَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ نَافِذَيْنِ، وَلَا حُكْمَ لِلْحَجْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا وَفِي الطَّحْطَاوِيُّ لَوْ حُجِرَ عَلَى الصَّبِيِّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَاشْتَرَى وَبَاعَ كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ نَافِذَةً وَالْحَجْرُ بَاطِلًا. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِالْحَجْرِ أَحَدُ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ أَيْ: الْعَدَالَةِ وَالْعَدَدِ، يَعْنِي: إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَلِذَلِكَ

(مادة 974) ولي الصغير في هذا الباب الحجر

فَخَبَرُ غَيْرِ الْعَادِلِ لَيْسَ بِكَافٍ مَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمَحْجُورُ هَذَا الْخَبَرَ وَيَكُونُ الْحَجْرُ حِينَئِذٍ تَامًّا بِالِاتِّفَاقِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ هَؤُلَاءِ عَادِلِينَ أَمْ غَيْرَ عَادِلِينَ وَسَوَاءٌ أَصَدَّقَ الصَّبِيُّ خَبَرَهُمْ أَمْ كَذَّبَهُ فَيَكُونُ حَجْرُ الْمَحْجُورِ صَحِيحًا وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكْفِي خَبَرُ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا أَيْ: هُمَا قَالَا بِتَمَامِ الْحَجْرِ وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ عَادِلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ حَقًّا بِأَنْ يُقِرَّ الْوَلِيُّ بِالْحَجْرِ أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْحَجْرَ فَلَا يَصِيرُ مَحْجُورًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَسُولًا يَكُونُ خَبَرُهُ صَحِيحًا. بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا وَيَنْحَجِرُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ كَكَلَامِ الْمُرْسِلِ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ صَبِيًّا يُخْبِرُهُ حَجْرَهُ أَوْ كَتَبَ إلَيْهِ صَارَ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الرِّسَالَةَ وَالْكِتَابَةَ مِنْ الْغَائِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَافَهَةِ مِنْ الْحَاضِرِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّسُولُ عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا حُرًّا أَمْ عَبْدًا (الطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ بِتَغْيِيرٍ مَا) هَذَا فِي الْإِخْبَارِ بِحَجْرِهِ وَأَمَّا فِي الْإِخْبَارِ بِإِذْنِهِ فَيَكْفِي الْوَاحِدُ اتِّفَاقًا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَيُثْبِتُ الْإِذْنَ مَقُولُ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا عِنْدَ الصَّبِيِّ وَكَذَا الْحَجْرُ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (الطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (969) وَالْخُلَاصَةُ أَنْ يَكُونَ وُصُولُ الْحَجْرِ لِلصَّبِيِّ عَلَى سَبْعِ صُوَرٍ: 1 - بِقَوْلِ الْوَلِيِّ بِالذَّاتِ. 2 - بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ. 3 - بِإِخْبَارِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. 4 - بِإِخْبَارِ عَدْلٍ وَاحِدٍ. 5 - بِإِخْبَارِ رَسُولٍ. 6 - بِكِتَابَةِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ كِتَابًا بِشَأْنِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَوُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ. 7 - بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ غَيْرِ عَادِلٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَسَتَأْتِي التَّفْصِيلَاتُ فِي حَقِّ الْإِخْبَارِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1029) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْوَلِيُّ الصَّغِيرَ إذْنًا وَحَجَرَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ الْإِذْنِ فَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُ الصَّبِيِّ بِالْحَجْرِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . 2 - يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ الْآذِنِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَفَاتِهِ أَحَدٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (976) . 3 - يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِجُنُونِ الْوَلِيِّ الْآذِنِ جُنُونًا مُطْبِقًا. وَإِفَادَةُ مَفْهُومِهِ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ إذَا كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجُنُونِ وَالْمَوْتِ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ غَيْرُ لَازِمٍ وَمَا لَا يَكُونُ لَازِمًا مِنْ التَّصَرُّفِ يُعْطِي لِدَوَامِهِ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ كَأَنَّهُ يَأْذَنُ لَهُ ابْتِدَاءً كُلَّ سَاعَةٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجْرِ كُلَّ سَاعَةٍ، فَتَرْكُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ كَإِنْشَاءِ الْإِذْنِ فِيهِ، فَيُشْتَرَطُ قِيَامُ الْأَهْلِيَّةِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ زَالَتْ الْأَهْلِيَّةُ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - يَبْطُلُ الْإِذْنُ بِجُنُونِ الصَّغِيرِ الْمُعْطَى الْإِذْنَ جُنُونًا مُطْبِقًا وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ لَمْ يَحْجُرْ (الطَّحْطَاوِيُّ) . [ (مَادَّةُ 974) وَلِيُّ الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ الْحَجَر] (مَادَّةُ 974) (وَلِيُّ الصَّغِيرِ فِي هَذَا الْبَابِ أَوَّلًا: أَبُوهُ، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ

أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ رَابِعًا جَدُّهُ الصَّحِيحُ أَيْ: أَبُو أَبِي الصَّغِيرِ أَوْ أَبُو أَبِي الْأَبِ خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ هَذَا الْجَدُّ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا الْوَصِيُّ سَابِعًا الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَأَمَّا الْأَقَارِبُ كَالْإِخْوَانِ وَالْأَعْمَامِ وَغَيْرِهِمْ فَإِذْنُهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ) مَنْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ أَيْضًا عَلَى إعْطَاءِ الصَّغِيرِ الْإِذْنَ بِالتِّجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَعَلَيْهِ فَوَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ فِي هَذَا الْبَابِ، يَعْنِي: فِي مَسَائِلِ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ أَوَّلًا أَبُوهُ يَعْنِي: أَنَّ أَبَا الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِمَا الْإِذْنَ وَهُوَ الَّذِي لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَعْتُوهُ قَدْ بَلَغَ مَعْتُوهًا أَمْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ صَارَ مَعْتُوهًا، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ، يَعْنِي: إذَا قَالَ الْأَبُ وَهُوَ حَيٌّ إنَّ فُلَانًا وَصِيٌّ بَعْدَ وَفَاتِي فَلْيَنْظُرْ فِي أُمُورِ أَوْلَادِي وَتَرِكَتِي فَيَصِيرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَصِيًّا مُخْتَارًا لِذَلِكَ الْمُتَوَفَّى وَيَكُونُ هَذَا الْوَصِيُّ وَلِيًّا فِي الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ لِلصَّغِيرِ، وَعَلَيْهِ فَلِهَذَا الْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ، ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ فَإِذَا تُوُفِّيَ هَذَا الْوَصِيُّ وَنَصَّبَ وَصِيًّا وَإِنْ بَعْدُ يَكُونُ وَلِيًّا، فَلَهُ أَنْ يَأْذَنَهُ وَلَهُ أَنْ يَحْجُرَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ رَابِعًا الْجَدُّ الصَّحِيحُ أَيْ: أَبُو أَبِي الصَّغِيرِ أَوْ أَبُو أَبِي الْأَبِ أَوْ أَبُو هَذَا وَإِنْ عَلَا فَكَمَا أَنَّ لِهَذَا إعْطَاءَ الْإِذْنِ فَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا. وَقَوْلُ هُنَا (الْجَدُّ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ الْجَدِّ الْفَاسِدِ وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ؛ فَلَيْسَ لِجَدِّ الصَّغِيرِ الْفَاسِدِ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ فَالْجَدُّ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الصَّغِيرِ أُنْثَى كَأَبِي أَبِي الصَّغِيرِ فَفِي نِسْبَةِ الْجَدِّ لِلصَّغِيرِ يَدْخُلُ أَبُو الصَّغِيرِ. وَالْجَدُّ الْفَاسِدُ هُوَ الَّذِي يَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الصَّغِيرِ أُنْثَى كَأَبِي أُمِّ الصَّغِيرِ فَفِي نِسْبَةِ الصَّغِيرِ إلَى هَذَا الْجَدِّ تَدْخُلُ أُمُّ الصَّغِيرِ. وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَبِ وَتَخَلُّلُ أُنْثَى فِي النَّسَبِ يَقْطَعُهُ فَالْجَدُّ الَّذِي تَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ أُنْثَى يُعَدُّ جَدًّا فَاسِدًا (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ الصَّحِيحُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَيَكُونُ وَلِيًّا لِلصَّغِيرِ وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَهُ أَوْ يَحْجُرَهُ. سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْأَوَّلُ حَالَ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ الَّذِي يُقِيمُهُ الْوَصِيُّ الثَّانِي وَإِنْ بَعْدُ فَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الصَّغِيرِ. يَأْذَنُهُ، سَابِعًا الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي هَذَا بِمَا أَنَّهُ وَلِيٌّ لِلصَّغِيرِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَلَهُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهُ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْوَصِيَّ قِسْمَانِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ وَهُوَ الَّذِي يَخْتَارُهُ وَيُعِينُهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالثَّانِي الْوَصِيُّ الْمَنْصُوبُ وَهَذَا يُنَصَّبُ وَيُعَيَّنُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي. الْإِيصَاءُ بِمَعْنَى الِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَبِمَا أَنَّ الْوَصِيَّ الْمَنْصُوبَ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ الْمُتَوَفَّى، فَكَانَ يَقْتَضِي بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُقَالَ لَهُ وَصِيٌّ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ فِعْلَ الْقَاضِي كَفِعْلِ الْأَبِ فَيَكُونُ كَأَنَّ الْأَبَ اسْتَخْلَفَهُ بِنَفْسِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَالِي الَّذِي فِي وِلَايَتِهِ الْقَضَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ وَوَصِيِّهِ وَفِي رُتْبَتِهِمَا وَيَجُوزُ مِنْهُ الْإِذْنُ لِلصَّغِيرِ أَيْضًا وَأَمَّا الْوَالِي الَّذِي لَمْ يُوَلَّ الْقَضَاءَ فَلَا يَجُوزُ إذْنُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " فِي الْبَابِ " هُوَ احْتِرَازٌ مِنْ ضَرُورَةِ أَحْوَالِ الصِّغَارِ وَاحْتِرَازٌ مِنْ بَابِ النَّفْعِ الْمَحْضِ وَلَيْسَتْ الْوِلَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ فِيهِمَا مُنْحَصِرَةٌ فِيمَنْ ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ، فَالتَّصَرُّفُ عَلَى الصِّغَارِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: التَّصَرُّفُ الَّذِي مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ، وَلَا يَمْلِكُ هَذَا غَيْرُ الْوَلِيِّ كَالْإِنْكَاحِ، وَالشِّرَاءِ وَبَيْعِ مَالِ قَنِيَّةٍ وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا غَيْرُ أَوْلِيَاءِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ إيضَاحَاتٍ لِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (59) . النَّوْعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الَّذِي مِنْ ضَرُورَةِ حَالِ الصِّغَارِ كَاشْتِرَاءِ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَلْبُوسَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ لِلصَّغِيرِ وَبَيْعِ مَا يَكُونُ بَيْعُهُ ضَرُورِيًّا لِلصَّغِيرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ كَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْأَوْلِيَاءُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَنْ تَرَبَّى الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْأُمِّ وَالْمُلْتَقِطِ فَهَؤُلَاءِ يَقْدِرُونَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ أَوْ فِي حِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ، كَقَبُولِ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ الْقَبْضِ فَكَمَا يَقْدِرُ الصَّغِيرُ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالْأُمُّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ وَالْمُلْتَقِطُ الَّذِينَ يَكُونُ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِمْ وَحِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ قَادِرُونَ عَلَيْهِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَلِيُّ أَيْ: الْأَبُ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا (الْهِبَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (852) وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْمُتَصَرَّفِينَ فَرْقٌ عَلَى صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا الْأَوْلِيَاءُ وَالْمُتَصَرَّفُونَ الْآخَرُونَ فَلَيْسُوا بِمُقْتَدِرِينَ عَلَى التَّصَرُّفِ الَّذِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ أَصْلًا. الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ كُلِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ وَعِيَالِهِمْ أَمَّا الْأَوْلِيَاءُ وَالْمُتَصَرَّفُونَ الْآخَرُونَ فَإِنَّمَا يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ وَتَرْبِيَتِهِمْ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَجَلَّةِ الْأَوْصِيَاءَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنْ لَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّ الْأَبِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِي أَوْ الْحَاكِمِ وِلَايَةٌ أَيْضًا، وَلَا وِلَايَةَ لِلْوَالِي وَالْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِ الْجَدِّ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ تَرْتِيبٌ فِي الْأَوْصِيَاءِ فَهُوَ إلَى وَصِيِّ الْجَدِّ، وَيُفْهَمُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (سَابِعًا الْحَاكِمُ وَوَصِيُّهُ الْمَنْصُوبُ) أَنْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ فَأَيُّهُمَا تَصَرَّفَ كَانَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا، وَلِلْحَاكِمِ حَقُّ الْوِلَايَةِ مَعَ وُجُودِ الْوَصِيِّ الْمَنْصُوبِ فَأَيُّهُمَا تَصَرَّفَ كَانَ تَصَرُّفُهُ مُعْتَبَرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سُؤَالٌ أَوَّلٌ - بِمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (59) ؛ فَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ مُقَدَّمًا عَلَى الْحَاكِمِ؟ الْجَوَابُ - إنَّ هَذِهِ الْقَوَاعِدَ كَمَا وَرَدَ فِي شَرْحِ الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ لَيْسَتْ بِكُلِّيَّةٍ بَلْ هِيَ أَكْثَرِيَّةٌ سُؤَالٌ ثَانٍ - لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ عَنْ إعْطَائِهِ الْإِذْنَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، فَلَا يَلْزَمُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ تَرْتِيبٍ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنْ لَا تَكُونَ وِلَايَةُ الْحَاكِمِ مُتَأَخِّرَةً؟ الْجَوَابُ - إنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ إعْطَاءِ الصَّغِيرِ إذْنًا مَعَ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ فِي إعْطَائِهِ الْإِذْنَ مِمَّا يَجْعَلُ الْأَبُ عَاضِلًا وَمَانِعًا وَعَضْلُ الْأَبِ وَمَنْعُهُ - أَيْ: الِامْتِنَاعُ عَنْ إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلصَّغِيرِ - يَنْقُلَانِ وِلَايَةَ الْأَبِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ إلَى الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ حَاسِمٍ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ حَيْثُ مَا كَانَ الْأَبُ عَاضِلًا يَنْبَغِي أَنْ تَنْتَقِلَ الْوِلَايَةُ إلَى

مَنْ بَعْدَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ يَعْنِي: إلَى الْجَدِّ لَا إلَى الْقَاضِي إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إزَالَةَ الْعَضَلِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ مِنْ الْجَدِّ مَثَلًا (الشَّارِحُ) . وَوَلِيُّ الْمَعْتُوهِ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ. وَعَلَيْهِ فَالْمَعْتُوهُ أَيْضًا يُعْطِي الْإِذْنَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ وَلَيْسَ مِنْ أَقَارِبِهِ كَعَمِّهِ، وَكَمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ أَوْلِيَاءُ الْمَعْتُوهِ إذَا بَلَغَ وَهُوَ مَعْتُوهٌ؛ فَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَتَهُ وَلَيْسَتْ الْوِلَايَةُ عَلَى مَنْ يَبْلُغُ عَاقِلًا فَيُصِيبُهُ الْعَتَهُ عَائِدَةٌ إلَى الْقَاضِي اسْتِحْسَانًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الْأُمُّ وَوَصِيُّ الْأُمِّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ وَسَائِرُ الْأَقْرِبَاءِ (بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى وَزْنِ الْأَنْصِبَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ) فَإِذَا لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إعْطَاءُ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كَمَا أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُقْتَدِرِينَ عَلَى التَّصَرُّفِ بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ بِمَالِ الصَّغِيرِ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ إعْطَاءُ حَقِّ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ وَالِدِهِ الْمَجْنُونِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ وَصِيُّ الْأُمِّ الصَّغِيرِ بِالتِّجَارَةِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي بَقِيَتْ لَهُ عَنْ أُمِّهِ مِيرَاثًا؛ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي تَرِكَةِ الْأُمِّ إذَا كَانَ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ فَلِوَصِيِّ الْأُمِّ أَنْ يَحْفَظَ تَرِكَةَ الْأُمِّ وَأَنْ يَبِيعَ الْمَنْقُولَ بِطَرِيقِ التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ لَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْعَقَارَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلصَّغِيرِ أَمْوَالًا لِأَجْلِ التِّجَارَةِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ التَّصَرُّفُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَبْقَى لِلصَّغِيرِ عِنْدَ أُمِّهِ بِغَيْرِ الْإِرْثِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ عَقَارًا أَمْ مَنْقُولًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الْكِفَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ) . كَمَا أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ فِي بَابِ الْإِذْنِ وَالْحَجْرِ هُمْ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصُ فَالْأَوْلِيَاءُ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هُمْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا، فَحَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ هُوَ أَوَّلًا: لِلْأَبِ، ثَانِيًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ حَالَ حَيَاتِهِ، ثَالِثًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا الْوَصِيُّ وَاخْتَارَهُ، رَابِعًا: لِلْجَدِّ الصَّحِيحِ، خَامِسًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ، سَادِسًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي اخْتَارَهُ هَذَا الْوَصِيُّ، سَابِعًا: لِلْحَاكِمِ، ثَامِنًا: لِلْوَصِيِّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ. إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ السَّفِيهِ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَعَلَيْهِ فَلِلْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يَثْبُتُ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ أَنْ يُؤَجِّرُوا مَنْقُولَ الصَّبِيِّ أَوْ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ بِبَدَلِ الْمِثْلِ أَوْ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ. وَلَهُمْ أَنْ يَشْتَرُوا لِلصَّبِيِّ مَالًا أَمَّا إذَا اشْتَرَوْهُ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُمْ وَثَمَنُهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَجَازَ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ شِرَاءً كَهَذَا مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ ذُكِرَتْ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ. إعْطَاءُ الْوَالِي إذْنًا لِلصَّغِيرِ: إنَّ إعْطَاءَ الْوَالِي الَّذِي لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ الْقَضَاءُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْوُلَاةُ الَّذِينَ فِي زَمَانِنَا هُمْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، أَمَّا إعْطَاءُ الْوَالِي الَّذِي فُوِّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ الْإِذْنَ لِلصَّغِيرِ فَهُوَ جَائِزٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي زَمَانِنَا لَا يُوجَدُ وَالٍ كَهَذَا فِي وِلَايَةٍ مِنْ وِلَايَاتِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ.

(مادة 975) إذا رأى الحاكم منفعة في تصرف الصغير المميز

لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوَّلًا عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَلِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى فِي الْإِذْنِ إذَا رَأَى فِي تَصَرُّفِهِ مَنْفَعَةً. ثَانِيًا: إذَا لَمْ يُوجَدْ وَلِيٌّ مُقَدَّمٌ أَيْ: أَوْلَى مِنْ الْحَاكِمِ. وَالْوَاقِعُ أَنَّ وِلَايَةَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ فَوِلَايَةُ الْوَلِيِّ الْمُقَدَّمِ إلَى الْحَاكِمِ بِسَبَبِ عَضَلِهِ وَامْتِنَاعِهِ كَالْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ وَهَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ وِلَايَةُ الْأَبِ مُؤَخَّرَةً عَنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعْطِيَ الْإِذْنَ بِنَاءً عَلَى الطَّلَبِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بِلَا طَلَبٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْآخَرِ كَالْأَبِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ تُوُفِّيَ الْقَاضِي الْآذِنُ أَوْ عُزِلَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي هَذَا مِنْ وَجْهٍ حُكْمٌ وَقَضَاءٌ كَمَا ذُكِرَ نَظِيرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (962) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الْحَاكِمُ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَتْوَى. ؛ إذْ لَا يَحْتَاجُ الْإِذْنُ إلَى دَعْوَى وَوُجُودِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَحُضُورِ الطَّرَفَيْنِ. [ (مَادَّةُ 975) إذَا رَأَى الْحَاكِمُ مَنْفَعَةً فِي تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ] (مَادَّةُ 975) إذَا رَأَى الْحَاكِمُ مَنْفَعَةً فِي تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَامْتَنَعَ أَوَّلًا الْوَلِيُّ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْحَاكِمِ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ الصَّغِيرَ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ وَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ هَذَا الْإِذْنُ حُكْمًا فَلَا يَنْقَضِي؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يُجْرِيهَا الْقَاضِي حَسَبَ وَظِيفَتِهِ وَالْأَحْكَامُ الَّتِي يَقْضِي بِهَا فِي الْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةِ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي أَوْ عَزْلِهِ كَمَا أَنَّهَا لَا تُنْتَقَضُ بِنَقْضِ الْآحَادِ لَهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ (لَيْسَ لِوَلِيٍّ آخَرَ حَجْرُهُ) أَنَّ لِذَلِكَ الْحَاكِمِ أَوْ لِحَاكِمٍ آخَرَ أَنْ يَحْجُرَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فِي الْمَادَّةِ (977) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 976) إذَا تُوُفِّيَ الْوَلِيُّ الَّذِي جَعَلَ الصَّغِيرَ مَأْذُونًا] (مَادَّةُ 976) إذَا تُوُفِّيَ الْوَلِيُّ الَّذِي جَعَلَ الصَّغِيرَ مَأْذُونًا يَبْطُلُ إذْنُهُ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ إذْنُ الْحَاكِمِ بِوَفَاتِهِ وَلَا بِعَزْلِهِ يَبْطُلُ إذْنُ الْوَلِيِّ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ - أَيْ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ - الَّذِي أَعْطَى الصَّغِيرَ الْإِذْنَ، أَوْ بِجُنُونِهِ جُنُونًا مُطْبِقًا سَوَاءٌ أَنَصَّبَ غَيْرَهُ وَصِيًّا بَعْدَ وَفَاتِهِ أَمْ لَمْ يُنَصِّبْ وَسَوَاءٌ أَعْلَمَ الصَّبِيَّ وَأَهْلَ السُّوقِ بِمَوْتِ الْوَلِيِّ أَمْ لَمْ يَعْلَمُوا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ، وَفِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ، وَالطُّورِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) يَجِبُ وُجُودُ الْإِذْنِ الَّذِي أُعْطِيَ لِلصَّغِيرِ وَاسْتِمْرَارُهُ إلَى حِينِ تَصَرُّفَاتِهِ وَبِمَا أَنَّهُ يَمُوتُ الْإِذْنُ لَا يَسْتَمِرُّ الْإِذْنُ فَيَبْطُلُ الْإِذْنُ لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ عَالِمًا بِوَفَاةِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِالْمَوْتِ حَجْرٌ حُكْمِيٌّ وَلَيْسَ الْعِلْمُ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهِ وَلَا يُقَاسَ هَذَا الْحَجْرُ عَلَى الْمَادَّةِ (973) . وَنَظِيرُ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ فَإِذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ فَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مَا لَمْ يَصِلْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُوَكِّلُ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ وَلَوْ لَمْ يَقِفْ عَلَى وَفَاةِ الْمُوَكِّلِ وَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي مُوَضَّحًا فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1521) (1527) فَعَلَيْهِ لَوْ تُوُفِّيَ الْوَصِيُّ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ الصَّغِيرُ وَأَوْصَى بِالْوِصَايَةِ لِغَيْرِهِ أَيْ: عَيَّنَ وَصِيًّا خِلَافَهُ يَبْطُلُ الْإِذْنُ (أَبُو السُّعُودِ) وَكَذَلِكَ يَنْحَجِرُ الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ إذَا جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا فَلَوْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ جُنُونِهِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ الْإِذْنُ وَيَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 973) وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ إذْنُ الْحَاكِمِ بِوَفَاتِهِ أَوْ

(مادة 977) الصغير المأذون من حاكم يجوز أن يحجر عليه من ذلك الحاكم

جُنُونِهِ أَوْ عَزْلِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْحَاكِمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ حُكْمٌ مِنْ وَجْهٍ، وَلَا تَبْطُلُ الْمُعَامَلَاتُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي أَجْرَاهَا بِصِفَتِهِ قَاضِيًا بِعَزْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ إذْنَ الْقَاضِي قَضَاءٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ وِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ لَا بِاعْتِبَارِ وِلَايَتِهِ النِّيَابَةَ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاضٍ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ وَعَزْلِهِ وَأَمَّا إذْنُ الْأَبِ فَمِنْ حَيْثُ النِّيَابَةِ فَيَبْطُلُ بِهِمَا (الطُّورِيُّ) وَذَلِكَ كَمَا لَا يَبْطُلُ إذْنُ الْحَاكِمِ بِوَفَاةِ أَبِي الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ الْإِذْنُ مِنْهُمَا (أَبُو السُّعُودِ) إذْنُ الْحَاكِمِ عَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ: الْأَوَّلُ - إعْطَاءُ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (974) . الثَّانِي - إعْطَاءُ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ بِسَبَبِ امْتِنَاعِ الْوَلِيِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ كَمَا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَادَّةِ (975) وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقًا أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَبْطُلُ بِوَفَاةِ الْحَاكِمِ أَوْ عَزْلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِذْنُ قَدْ أُعْطِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَمْ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 977) الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مِنْ حَاكِمٍ يَجُوزُ أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَاكِمِ] (مَادَّةُ 977) - (الصَّغِيرُ الْمَأْذُونُ مِنْ حَاكِمٍ يَجُوزُ أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْ خَلْفَهُ وَلَيْسَ لِأَبِيهِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ أَوْ عَزْلِهِ) . لِلْحَاكِمِ أَوْ لِخَلَفِهِ فِي حَالَةِ عَزْلِهِ أَنْ يَحْجُرَ الصَّغِيرَ الَّذِي أُذِنَ مِنْ الْحَاكِمِ بِالتَّصَرُّفِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَلَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ بِسَبَبِ عَدَمِ جَوَازِ نَقْضِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِذْنَ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ حُكْمًا بَلْ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إفْتَاءٌ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (975) ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ الْآخَرِ كَأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ جَدِّهِ حَجْرُ الصَّبِيِّ بِوَفَاةِ الْحَاكِمِ أَوْ عَزْلِهِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ مِنْ وَجْهٍ حُكْمٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ اعْتِرَاضُ نَقْضِهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (975) أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَتْنِ (عِنْدَ وَفَاةِ الْحَاكِمِ أَوْ عَزْلِهِ) لَيْسَ احْتِرَازًا فَلَوْ بَقِيَ الْحَاكِمُ حَيًّا وَبَقِيَ فِي وَظِيفَتِهِ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ الْآخَرِينَ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَيْهِ. وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَاكِمِ) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ بَاقِيًا فِي مَنْصِبِهِ كَمَا كَانَ، إذْ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ الْقَضَاءِ أَنْ يَحْجُرَ الصَّبِيَّ الَّذِي أُذِنَ بِالتَّصَرُّفِ؛ إذْ لَمْ يَبْقَ لِلْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ وِلَايَةٌ. [ (مَادَّةُ 978) الْمَعْتُوهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ] (مَادَّةُ 978) - (الْمَعْتُوهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ) إنَّ الْمَعْتُوهَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَلَا سِيَّمَا فِي الْأَحْكَامِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ: (1) فِي تَصَرُّفَاتِهِ. (2) فِي صَيْرُورَتِهِ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ. (3) فِي رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ شَخْصٌ طَاعِنٌ فِي السِّنِّ وَهُوَ مَعْتُوهٌ بِجَمِيعِ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْلَاكِ الَّتِي تُنْسَبُ إلَيْهِ لِأَحَدِ النَّاسِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا (التَّنْقِيحُ تَلْخِيصًا وَمَآلًا) .

(مادة 979) المجنون المطبق هو في حكم الصغير غير المميز

الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ: أَنَّ تَصَرُّفَ الْمَعْتُوهِ فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ كَقَبُولِ الْمَعْتُوهِ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالْهَدِيَّةَ مُعْتَبَرٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (967) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ إذْنٌ وَإِجَازَةٌ مِنْ وَلِيِّهِ. أَمَّا تَصَرُّفُهُ الَّذِي فِيهِ ضَرَرٌ دُنْيَوِيٌّ مَحْضٌ كَأَنْ يَهَبَ شَيْئًا لِآخَرَ أَوْ يُهْدِيَهُ إيَّاهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ فَبَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ وَلِيُّهُ، وَالْعُقُودُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ الْمَعْتُوهِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِيَّةِ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ لَهَا وَإِلَّا فَتَصَرُّفَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَإِجَازَتُهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ وَالشَّخْصُ الَّذِي يَبْلُغُ مَعْتُوهًا وَيَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ وَالشِّرَاءَ جَالِبٌ فَوِلَايَةُ أَبِيهِ ثَابِتَةٌ وَإِعْطَاؤُهُ إذْنًا مِنْ أَبِيهِ وَوَلِيِّهِ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا مَنْ يَبْلُغُ عَاقِلًا وَيُصَابُ بِالْعَتَهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ بِأَنَّ حَقَّ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ إلَى وَلِيِّهِ كَأَبِيهِ. وَبِمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ عَائِدَةٌ إلَى الْحَاكِمِ فَإِعْطَاؤُهُ الْإِذْنَ فِي الْحَاكِمِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْآخَرِ كَأَبِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ إذْنًا، وَالْقِيَاسُ هُوَ هَذَا، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَعُودُ حَقُّ الْوِلَايَةِ إلَى وَلِيِّهِ، وَعَلَيْهِ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْآخَرِينَ - كَالْأَبِ - أَنْ يُعْطُوهُ إذْنًا، وَالْمُسْتَحْسَنُ هُوَ هَذَا (أَبُو السُّعُودِ الْكِفَايَةُ قَبْلَ الْغَصْبِ) . وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ لَفْظَ الْمَعْتُوهِ هُنَا مُطْلَقًا فَقَدْ اُخْتِيرَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ جِهَةَ الِاسْتِحْسَانِ مُرَجَّحَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى جِهَةِ الْقِيَاسِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمَجْنُونِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا، فَحَقُّ الْوِلَايَةِ عَلَى مَنْ يَبْلُغُ مَجْنُونًا وَإِنْ كَانَ عَائِدًا إلَى وَلِيِّهِ كَالْأَبِ، فَإِذَا جُنَّ بَعْدَ أَنْ صَارَ عَاقِلًا بَالِغًا يَعُودُ حَقُّ الْوِلَايَةِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَيْسَ إلَى الْأَبِ. أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَعُودُ إلَى وَلِيِّهِ كَالْأَبِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا إعْطَاءُ الْإِذْنِ مِنْ أَقْرِبَاءِ الْمَعْتُوهِ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْإِذْنُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) . [ (مَادَّةُ 979) الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ] وَعَلَيْهِ فَلَا تَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ صَحِيحَةً أَصْلًا. سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَافِعَةً كَالِاتِّهَابِ أَمْ كَانَتْ ضَارَّةً كَالْهِبَةِ لِآخَرَ أَوْ كَانَتْ دَائِرَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ (الْهِدَايَةُ) ؛ وَعَلَيْهِ فَالْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (966) تَجْرِي عَلَى الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ مَالًا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا، فَلَوْ أَجَازَ وَلِيُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيْعَ أَوْ أَجَازَهُ هُوَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لَا يَجُوزُ، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ مَجْنُونٍ مُطْبِقٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَهَذَا اتَّهَبَهُ وَقَبِلَهُ وَاسْتَلَمَهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا أَمَّا تَصَرُّفَاتُ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ فِي حَالٍ إفَاقَتِهِ فَكَتَصَرُّفَاتِ الْعَاقِلِ، يَعْنِي أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالِاتِّهَابِ بَعْدَ أَنْ يُفِيقَ مِنْ جُنُونِهِ تَمَامًا صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ نَافِعَةً أَمْ ضَارَّةً أَمْ دَائِرَةً بَيْنَهُمَا، إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي (رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَنَّ الْمَجْنُونَ الَّذِي يَبْقَى نَاقِصَ الْعَقْلِ وَمَعْتُوهًا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ.

(مادة 981) إعطاء الصبي ماله عند بلوغه

(مَادَّةُ 980) - (تَصَرُّفَاتُ الْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَتَصَرُّفَاتِ الْعَاقِلِ) . قَوْلُهُ: فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ أَيْ حَالِ كَوْنِهِ تَامَّ الْعَقْلِ. وَتَكُونُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ نَافِذَةً وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ وِلَايَةٍ عَلَيْهِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَالَ الْجُنُونُ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ عَادَ الْمَمْنُوعُ. وَعَلَيْهِ فَإِقْرَارُهُ وَرَهْنُهُ وَفَرَاغُهُ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ صَحِيحَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ (التَّنْقِيحُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ وَالْمَجْنُونِ غَيْرِ الْمُطْبِقِ النَّافِعَ مِنْهَا وَالضَّارَّ وَمَا يَدُورُ بَيْنَ ذَلِكَ بَاطِلَةٌ، مَعَ أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الِاثْنَيْنِ فِي حَالِ إفَاقَتِهِمَا صَحِيحَةٌ، وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (940) . [ (مَادَّةُ 981) إعْطَاءِ الصَّبِيِّ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ] (مَادَّةُ 981) - (لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْجِلَ فِي إعْطَاءِ الصَّبِيِّ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ بَلْ يُجَرَّبُ بِالتَّأَنِّي فَإِذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ رَشِيدًا تُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ حِينَئِذٍ) . إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ مَجْهُولَ الْحَالِ، فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ رُشْدُهُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعْجَلَ فِي إعْطَائِهِ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ بَلْ يُجَرَّبُ رُشْدُهُ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِ (يُجَرَّبُ.) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِيَارِ بَلْ يَلْزَمُ عَدَمُ إعْطَائِهِ مَالَهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ. لَكِنَّ تَرْكَ التَّجْرِبَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَاءً عَلَى مَا أَفَادَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ وَيُوجِبُ الضَّمَانَ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ بَيَانِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْعَلَّامَةِ الشِّبْلِيِّ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَحَقَّقَ كَوْنُ ذَلِكَ الصَّبِيِّ رَشِيدًا تُدْفَعُ إلَيْهِ أَمْوَالٌ حِينَئِذٍ وَيَكْفِي لِإِعْطَائِهِ مَالَهُ عِلْمُ الْوَصِيِّ بِرُشْدِهِ وَصَلَاحِهِ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ شُوهِدَتْ حَالٌ كَهَذِهِ فِي الصَّبِيِّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَلِلْوَصِيِّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (918) أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرَ أَمْوَالَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ عَنْ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ أَمْوَالَهُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا لِتَحْقِيقِ رُشْدِهِ هُوَ بَالِغٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ ضَمِنَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (794) . لَكِنْ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الطَّلَبِ لَا يَضْمَنُ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْوَصِيُّ الْأَمْوَالَ لِلشَّخْصِ الَّذِي تَحْتَ وِصَايَتِهِ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ رُشْدِهِ وَأَضَاعَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَيَضْمَنُهَا الْوَصِيُّ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ طَلَبَ الصَّبِيُّ مَالَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَتَأَنَّى الْوَصِيُّ فِي تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ فَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَلَا يَضْمَنُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) ، كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ لِبُلُوغِهِ وَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ مَالَهُ فَأَضَاعَ الصَّبِيُّ الْمَالَ كَانَ الْوَصِيُّ ضَامِنًا. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَحْتَاجُ إلَى الْإِيضَاحِ فَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِهَا فِيمَا يَأْتِي: فِي الصَّبِيِّ الْبَالِغِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: 1 - يَبْلُغُ الصَّغِيرُ وَهُوَ رَشِيدٌ وَيَكُونُ رُشْدُهُ مَعْلُومًا. أَيْ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ غَيْرَ سَفِيهٍ فِي حَالِ

صِغَرِهِ وَبَلَغَ وَهُوَ مُصْلِحٌ وَمُحَافِظٌ عَلَى مَالِهِ فَيَجُوزُ تَسْلِيمُ أَمْوَالِهِ إلَيْهِ. وَعِلْمُ الْوَصِيِّ بِرُشْدِ الصَّغِيرِ كَافٍ لِإِعْطَائِهِ مَالَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّغِيرِ يَنْتَهِي بِبُلُوغِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (967) . وَلَا كَلَامَ فِي جَوَازِ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ مَالَهُ وَإِعْطَائِهِ إيَّاهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ رُشْدُ الصَّبِيِّ مَعْلُومًا (التَّنْقِيحُ) . 2 - أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ غَيْرَ رَشِيدٍ، يَعْنِي أَنْ يَبْلُغَ وَهُوَ سَفِيهٌ مُسْرِفٌ فِي مَالِهِ وَمُتْلِفٌ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ الْمَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، كَمَا قَدْ صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (982) . 3 - بُلُوغُ الصَّغِيرِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ رُشْدُهُ أَوْ سَفَهُهُ: يَجُوزُ إعْطَاءُ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِنَاءً عَلَى مَا جَاءَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ تَصَرُّفَاتُ كُلِّ بَالِغٍ لَا يُعْلَمُ رُشْدُهُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ) دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهُ وَلَا سَفَهُهُ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ شِهَابُ الدِّينِ الْمِصْرِيُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ لِهَذَا الصَّبِيِّ مَالَهُ وَثَبَتَ كَمْ أَنَّهُ مُفْسِدٌ وَغَيْرُ رَشِيدٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) ، وَلَكِنْ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ مَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ وَيُجَرِّبَهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ مُدَّةً عَنْ تَسْلِيمِ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ أَمْوَالَهُ لِانْكِشَافِ حَالٍ الصَّغِيرِ وَاخْتِبَارِ رُشْدِهِ وَصَلَاحِهِ وَتَلِفَتْ الْأَمْوَالُ أَثْنَاءَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ ضَمَانٌ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ مَتْنِ الْمَجَلَّةِ (بَلْ يُجَرَّبُ بِالتَّأَنِّي) مَانِعَةٌ مِنْ صَرْفِهِ إلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ رُشْدَهُ فَلَا لُزُومَ لِلتَّجْرِبَةِ. وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَصِيُّ رُشْدَ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ وَامْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهِ مَالَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُثْبِتَ الصَّبِيُّ الْبَالِغُ رُشْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَى الْوَصِيِّ بِتَسْلِيمِهِ الْأَمْوَالَ (التَّنْقِيحُ) . وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ مِنْ طَرَفِ الْوَلِيِّ إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ وَإِذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ دُونَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ حَمَلَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ كَلَامَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ هَذَا عَلَى الْحَالِ الثَّانِي أَيْ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَهُوَ سَفِيهٌ؛ وَعَلَيْهِ فَلَا يَبْقَى اخْتِلَافٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. أَمَّا لَوْ طَلَبَ الصَّغِيرُ أَمْوَالَهُ مِنْ الْوَصِيِّ بَعْدَ تَحَقُّقِ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ فُقِدَتْ كَانَ ضَامِنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ طَلَبَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ غَيْرُ الْبَالِغِ مَالَهُ وَكَانَ رُشْدُهُ ثَابِتًا وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَصِيُّ إيَّاهُ فَبِمَا أَنَّ الصَّغِيرَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ تَحْتِ الْوِلَايَةِ، أَيْ أَنَّ حَقَّ الْوِلَايَةِ لَمْ يَزَلْ بَاقِيًا لِلْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ، فَلِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ مَالَهُ وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.

(مادة 982) إذا بلغ الصبي غير رشيد

[ (مَادَّةُ 982) إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ] (مَادَّةُ 982) - (إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي السَّابِقِ) لَا يُسَلَّمُ الصَّبِيُّ أَمْوَالَهُ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَرَ بَعْدُ، يَعْنِي إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَكْمَلَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمُرِهِ وَيَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْحَجْرِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي السَّابِقِ، يَعْنِي إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَغَيْرَ رَشِيدٍ فَلَا تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ، سَوَاءٌ أَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَمْ يَحْجُرْ (الْخَانِيَّةُ) وَذَلِكَ كَمَا قَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَالْوَاقِعُ أَنَّ الَّذِي يَبْلُغُ غَيْرَ رَشِيدٍ لَا يَبْلُغُ مَحْجُورًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. وَيَقْتَضِي حَجْرَهُ مُسْتَأْنَفًا وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ نَافِذَةً. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَبْلُغُ مَحْجُورًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَجْرٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إعْطَائِهِ مَالَهُ (الشِّبْلِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) فَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ الْيَتِيمَ الَّذِي تَحْتَ حَجْرِهِ مَالَهُ بِطَلَبِهِ سَوَاءٌ أَحَجَرَهُ الْحَاكِمُ لِبُلُوغِهِ سَفِيهًا وَغَيْرَ رَشِيدٍ أَمْ لَمْ يَحْجُرْهُ فَأَضَاعَهُ، ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلتَّصَرُّفِ بَلْ لَوْ كَانَ وَدِيعَةً لِلْمُحَافَظَةِ يَضْمَنُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْوَصِيِّ ذَلِكَ الْيَتِيمَ مَالَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْمَالِ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) بَدَلًا مِنْ أَنْ تَقُولَ (لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمَعْنَى (يُمْنَعُ) أَيْ يُمْنَعُ حَجْرًا، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ بَاعَ مَالَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَيْ الْمَنْعِ يَنْفُذُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّغِيرُ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى) لَكِنَّ الْأَظْهَرَ تَرْكُ عِبَارَةِ كَمَا فِي السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ السَّابِقَ عَلَى الْأَصْلِيِّ، أَمَّا الْمَنْعُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حَجْرِ الْحَاكِمِ. وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ سَفِيهًا فَلَا يُعْطَى إلَيْهِ مَالُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ. وَعَدَمُ الْإِعْطَاءِ هَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ (لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُجَوِّزُ الْحَجْرَ) وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّأْدِيبِ، وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ صَحِيحَةٌ (التَّنْقِيحُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) سُؤَالٌ (1) - بِمَا أَنَّ السَّفِيهَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا؟ الْجَوَابُ - إنَّ الْمَنْعَ عَنْ الْقَبْضِ لَا يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ التَّصَرُّفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ إذَا كَانَ عَقَارًا مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (253) (الْجَوْهَرَةُ بِتَغْيِيرٍ) وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ غَيْرِ الرَّشِيدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَيْعًا وَشِرَاءً. حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا اشْتَرَى مَالًا جَازَ، وَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْوَصِيَّ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . 3 -

(مادة 983) إذا دفع وصي الصغير ماله إليه قبل ثبوت رشده فضاع المال وتلف

سُؤَالٌ (2) - لَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ الْوَاقِعَةُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، لِعَدَمِ جَوَازِ حَجْرِهِ، فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ فِي عَدَمِ تَسْلِيمِ مَالِهِ؟ الْجَوَابُ - لَمَّا كَانَ أَغْلَبُ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ هِيَ الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ، وَكَانَ تَمَامُ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لَيْسَ فِي يَدِ السَّفِيهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ تَسْلِيمَهُ فَبِذَلِكَ تُصْبِحُ هِبَاتُهُ وَصَدَقَاتُهُ بِلَا حُكْمٍ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ حَاسِمٍ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ، فَإِنَّ تَصَرُّفَ السَّفِيهِ إذَا كَانَ صَحِيحًا يَبِيعُ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِثَمَنٍ ثُمَّ يُبْرِئُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَيَتْلَفُ مَالُهُ فَلَا يُجْدِي هَذَا الْمَنْعُ نَفْعًا (الشَّارِحُ) وَيَجِبُ عِنْدَ الْإِمَامِ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَصِرْ رَشِيدًا؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ مَالِهِ هُوَ لِلتَّأْدِيبِ فَإِذَا لَمْ يَتَأَدَّبْ بَعْدَ وُصُولِ سِنِّ الْجُدُودِ فَلَا يَبْقَى أَمَلٌ فِي تَأْدِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) فَإِذَا وَصَلَ الْمَرْءُ سِنَّ مَنْ يَصِيرُ جَدًّا أَوْ جَدَّةً وَلَمْ يَتَأَدَّبْ يُقْطَعُ الْأَمَلُ مِنْ تَأْدِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ جَدًّا فِي هَذِهِ السِّنِّ وَوَلَدُهُ قَاضِيًا، وَفِيهِ حَجْرُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا بَالِغًا فَيُؤَدِّي إلَى أَمْرٍ قَبِيحٍ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ وَلَوْ تَجَاوَزَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ وَأَصْبَحَ شَيْخًا فِي الثَّمَانِينَ كَمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي أَمْوَالِهِ قَبْلَ الرُّشْدِ لَيْسَ بِجَائِزٍ مَا لَمْ يُجِزْهُ الْحَاكِمُ (الْهِنْدِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهَا تُرَجِّحُ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ (التَّنْقِيحُ) وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الشَّخْصِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ إذَا بَلَغَ السَّنَةَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ غَيْرَ رَشِيدٍ فَسَلَّمَهُ الْوَصِيُّ مَالَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ عِنْدَ الْإِمَامِ ضَمَانٌ. وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ بَعْدَ الطَّلَبِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ الضَّمَانُ فِي صُورَةِ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْلِيمِ، وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي حَالَةِ التَّسْلِيمِ (أَبُو السُّعُودِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ تَصَرُّفَاتِ مَنْ يَبْلُغُ غَيْرَ رَشِيدٍ وَلَمْ يَصِلْ سِنَّ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا وَهُوَ سَفِيهٌ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَجِرُ بِالسَّفَهِ إذَا لَمْ يَحْجُرْهُ الْحَاكِمُ، وَالتَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ صَحِيحًا إذْ يَنْحَجِرُ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ. [ (مَادَّةُ 983) إذَا دَفَعَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ إلَيْهِ قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ فَضَاعَ الْمَالُ وَتَلَفَ] (مَادَّةُ 983) - (إذَا دَفَعَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ إلَيْهِ قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ وَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ) . إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الصَّغِيرِ بِالْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ بِالتَّجْرِبَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (968) وَأَعْطَاهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَمْوَالَهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ غَيْرُ بَالِغٍ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ أَوْ أَتْلَفَهُ يَكُونُ الْوَصِيُّ ضَامِنًا وَلَوْ كَانَ الْإِعْطَاءُ بِطَلَبِ الصَّغِيرِ. عَدَمُ ثُبُوتِ رُشْدِ الصَّغِيرِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

(مادة 984) أعطى إلى الصغير ماله عند بلوغه ثم تحقق كونه سفيها

الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِثُبُوتِ كَوْنِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ صَبِيًّا فَهُوَ مَحْجُورٌ أَصْلًا. الثَّانِي: أَنْ لَا يُعْرَفَ رُشْدُهُ مِنْ عَدَمِهِ، أَيْ يَكُونُ رُشْدُهُ غَيْرَ ظَاهِرٍ مِنْ عَدَمِهِ. فَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ الصَّغِيرَ مَالَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَأَتْلَفَهُ الصَّغِيرُ ضَمِنَ الْوَصِيُّ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ بِمَا أَنَّهَا مُقَابِلَةٌ لِلْمَادَّةِ (968) فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ ذِكْرُهَا فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ أَوْ فِي مَادَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَقِبَهَا. قِيلَ (قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ جَائِزٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (968) فَإِذَا أَعْطَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَضَاعَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ أَوْ الْوَلِيَّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) بَلْ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ بَالِغٍ وَطَلَبَ مِنْ الْوَصِيِّ أَمْوَالَهُ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ رُشْدُهُ وَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ فَلَا يَلْزَمُهَا ضَمَانٌ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (981) لِأَنَّ رَفْعَ الْحَجْرِ عَنْ الصَّغِيرِ يَكُونُ بِالْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ وَإِذَا لَمْ يَحْصُلَا يَبْقَى عَلَى حَجْرِهِ الْأَصْلِيِّ. [ (مَادَّةُ 984) أَعْطَى إلَى الصَّغِيرِ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ ثُمَّ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ سَفِيهًا] (مَادَّةُ 984) - (إذَا أَعْطَى إلَى الصَّغِيرِ مَالَهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ ثُمَّ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ سَفِيهًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ) إذَا أَعْطَى إلَى الصَّغِيرِ مَالَهُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (981) بِنَاءً عَلَى بُلُوغِهِ ثُمَّ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ سَفِيهًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إعْطَاءِ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِاعْتِبَارِهِ رَشِيدًا بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ كَمَا وَضَّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (981) لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْبُلُوغِ فِي الْحَالِ الثَّانِي لِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ رَشِيدًا، وَقَدْ وُضِّحَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (982) . يَعْنِي أَوَّلًا: إذَا صَارَ سَفِيهًا بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا، يُحْجَرُ. ثَانِيًا: إذَا تَحَقَّقَ كَوْنُهُ سَفِيهًا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَجْهُولَ الْحَالِ يُحْجَرُ. ثَالِثًا: إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يُحْجَرُ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (982) . [ (مَادَّةُ 985) يَثْبُتُ حَدّ الْبُلُوغ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ] (مَادَّةُ 985) - (يَثْبُتُ حَدُّ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْحَيْضِ وَالْحَبَلِ.) حَدُّ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ فِي الرَّجُلِ بِالِاحْتِلَامِ مَعَ الْإِنْزَالِ (خواب ديدن بآب) ، وَالْإِحْبَالِ (آبستن كردن) ، وَالْإِنْزَالِ (جَدّ اشدن آب) أَيْ نُزُولُ الْمَنِيِّ بِأَيِّ سَبَبٍ، وَفِي النِّسَاءِ بِالْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ وَالْحَبَلِ (ابستن شدن) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَيُعَدُّ الصَّبِيُّ بَالِغًا كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ إذَا أَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً هِجْرِيَّةً وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: بُلُوغُ الصَّغِيرِ بِالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ وَالِاحْتِلَامِ، وَالصَّغِيرَةِ بِهِمَا وَبِالْحَبَلِ وَبِالْحَيْضِ. (الْقُهُسْتَانِيُّ) الْبُلُوغُ لُغَةً بِمَعْنَى الْوُصُولِ، وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى انْتِهَاءِ الصِّغَرِ. الصِّغَرُ: بِمَا أَنَّ الصِّغَرَ هُوَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْحَجْرِ فَيَنْبَغِي بَيَانُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَنْتَهِي عِنْدَهَا، وَقَدْ وُضِعَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مَعَ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ لِهَذَا الْغَرَضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (967) أَنَّ الْبُلُوغَ هُوَ أَحَدُ الْأَحْوَالِ الَّتِي تَرْفَعُ الْحَجْرَ عَنْ الصَّغِيرِ.

(مادة 986) مبدأ سن البلوغ

الْحَبَلُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ، يُقَالُ حَبِلَتْ الْمَرْأَةُ حَبَلًا مِنْ بَابِ تَعِبَ إذَا حَمَلَتْ بِالْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى احْتِلَامِ النَّائِمِ بِرُؤْيَتِهِ الْجِمَاعَ وَإِنْزَالِ الْمَنِيِّ فِي الْغَالِبِ، فَغَلَبَ لَفْظُ الِاحْتِلَامِ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَامِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْإِنْزَالُ أَصْلٌ فِي الِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ صَرَاحَةً إلَّا أَنَّهُ ضِمْنًا؛ لِأَنَّ الِاحْتِلَامَ الْحَاصِلَ بِدُونِ إنْزَالِ الْمَنِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إثْبَاتِ الْبُلُوغِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إحْبَالٌ بِدُونِ إنْزَالٍ، وَالْأَصْلُ هُوَ الْإِنْزَالُ وَمَا عَدَاهُ فَهُوَ عَلَامَةٌ (الطُّورِيُّ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَإِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا بَلَغَتْ حَدًّا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْإِحْبَالُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ ضَرُورَةً ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْحَجْرِ) . الِاحْتِلَامُ كَمَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ يَكُونُ لِلنِّسَاءِ كَذَلِكَ، لَكِنْ كَمَا يَخْتَصُّ الْإِحْبَالُ بِالرِّجَالِ يَخْتَصُّ الْحَيْضُ بِالْإِنَاثِ، وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَجَلَّةِ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْبُلُوغَ لَا يَثْبُتُ بِنَبَاتِ الْعَانَةِ وَالذَّقَنِ وَالشَّارِبِ وَشَعْرِ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ وَخُشُونَةِ الصَّوْتِ وَبُرُوزِ النُّهُودِ وَمَا إلَى ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 986) مَبْدَأُ سِنِّ الْبُلُوغِ] (مَادَّةُ 986) - (مَبْدَأُ سِنِّ الْبُلُوغِ فِي الرَّجُلِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي الْمَرْأَةِ تِسْعُ سَنَوَاتٍ وَمُنْتَهَاهُ فِي كِلَيْهِمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَإِذَا أَكْمَلَ الرَّجُلُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَبْلُغْ يُقَالُ لَهُ " الْمُرَاهِقُ " وَإِذَا أَكْمَلَتْ الْمَرْأَةُ تِسْعًا وَلَمْ تَبْلُغْ يُقَالُ لَهَا " الْمُرَاهِقَةُ " إلَى أَنْ يَبْلُغَا) إنَّ أَقَلَّ سِنٍّ يُمْكِنُ أَنْ يَحْتَلِمَ فِيهَا الذُّكُورُ وَيَبْلُغُوا هِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْإِنَاثُ تِسْعُ سَنَوَاتٍ، وَمُنْتَهَى السِّنِّ فِي الِاثْنَيْنِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَمَتَى أَتَمَّ الذَّكَرُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شُوهِدَتْ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فِي هَذِهِ السِّنِّ، وَلَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَصْغَرَ مِنْ أَبِيهِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، كَذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ تَظْهَرَ آثَارُ الْبُلُوغِ عَلَى الْأُنْثَى مَتَى اكْتَمَلَتْ السَّنَةُ التَّاسِعَةُ مِنْ عُمُرِهَا؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَسْرَعُ بُلُوغًا مِنْ الْغُلَامِ (أَبُو السُّعُودِ) وَجَاءَ فِي الْجَوْهَرَةِ (لِأَنَّ الْإِنَاثَ نُشُوءُهُنَّ وَإِدْرَاكُهُنَّ أَسْرَعُ مِنْ إدْرَاكِ الذُّكُورِ) . وَإِذَا أَكْمَلَ الشَّخْصُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فَيُحْكَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِبُلُوغِهِ. وَقَدْ أَفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ، مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ وَاخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ) وَإِذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْبِنْتُ تِسْعَ سَنَوَاتٍ فَيُدْعَى الْغُلَامُ بِالْبَالِغِ الْمُرَاهِقِ وَتُدْعَى الْبِنْتُ بِالْبَالِغَةِ الْمُرَاهِقَةِ إلَى حِينِ ظُهُورِ آثَارِ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَوْ إلَى بُلُوغِهَا سِنَّ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَعْنَى الْمُرَاهِقُ: الْمُتَقَارِبُ، أَيْ الْقَرِيبُ مِنْ الْبُلُوغِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . بِمَا أَنَّهُ تَعَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَبْدَأُ الْبُلُوغِ وَمُنْتَهَاهُ فَالْمَادَّةُ (988) تَتَفَرَّعُ مِنْ الْمَبْدَأِ كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ تَتَفَرَّعُ مِنْ الْمُنْتَهَى. فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ تَقْدِيمُ الْمَادَّةِ (988) عَلَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (مَادَّةُ 987) أَدْرَكَ سِنَّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ] (مَادَّةُ 987) - (مَنْ أَدْرَكَ سِنَّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا حُكْمًا)

(مادة 988) الصغير الذي لم يدرك مبدأ سن البلوغ إذا ادعى البلوغ

مَنْ أَدْرَكَ مُنْتَهَى سِنِّ الْبُلُوغِ، أَيْ مَنْ أَتَمَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا حُكْمًا، يَعْنِي إذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ أَوْ الْبِنْتُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِكَوْنِهِمَا بَالِغَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْبُلُوغِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ فِي هَذِهِ السِّنِّ هُوَ الْغَالِبُ الشَّائِعُ، وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ مَنْ تَظْهَرُ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (985) كَذَلِكَ يُعَدُّ بَالِغًا مَنْ أَدْرَكَ مُنْتَهَى سِنِّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيُسْتَعَادُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّهُ إذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَالْبِنْتُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهَا يُعَدَّانِ بَالِغَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمَا آثَارُ الْبُلُوغِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) . [ (مَادَّةُ 988) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ] (مَادَّةُ 988) - (الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (986) إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ غُلَامٌ لَمْ يُكْمِلْ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إنَّهُ بَالِغٌ، فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ بِنْتٍ لَمْ تُتِمَّ التَّاسِعَةَ بِأَنَّهَا بَالِغَةٌ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ عُمُرِهَا، وَلَوْ جَاءَهَا الدَّمُ لَا يُعْتَبَرُ حَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُكَذِّبُهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَاتُهُمَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقِسْمَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْعِنَايَةُ) . وَتُطْلَقُ الدَّعْوَى، كَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ لَدَى الْحَاكِمِ. لَكِنَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ تَكُنْ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَيَّنَ بُلُوغَهُ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَيَبْقَى مَحْجُورًا كَالْأَوَّلِ. [ (مَادَّةُ 989) أَقَرَّ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بِبُلُوغِهِ] (مَادَّةُ 989) - (إذَا أَقَرَّ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إقْرَارُهُ إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لَهُ بِأَنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ لَا تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، أَمَّا إذَا كَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ غَيْرُ مُكَذِّبٍ لَهُ بِأَنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ مُتَحَمِّلَةً الْبُلُوغَ فَيُصَدَّقُ وَتَكُونُ عُقُودُهُ وَإِقْرَارَتُهُ نَافِذَةً مُعْتَبَرَةً وَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ أَنْ يَفْسَخَ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ حِينَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ) . وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَرَدَتْ فِي التَّنْوِيرِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَيْدَ (فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ) وَإِنَّمَا الْعِبَارَةُ الْوَارِدَةُ فِي التَّنْوِيرِ هِيَ (إذَا قَالَ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ: إنَّنِي بَلَغْتُ وَكَانَتْ جُثَّتُهُ إلَخْ) فَأَصْبَحَتْ عِبَارَةُ (فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ) (وَالْإِقْرَارِ) غَيْرَ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ. وَجَاءَ فِي التَّنْقِيحِ أَيْضًا (أَقَرَّ مُرَاهِقٌ بِصُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ لَهُ بَاغٍ ثُمَّ ادَّعَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَسَادَ الصُّلْحِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِ الْبُلُوغِ) (انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا) . 5 فَإِنْ كَانَتْ جُثَّةُ الْمُقِرِّ (وَجُثَّتُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الثَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ شَخْصُ الْإِنْسَانِ) غَيْرَ مُتَحَمِّلَةٍ

لِلْبُلُوغِ وَكَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إقْرَارُهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1577) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى غُلَامٌ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ عُمُرِهِ وَلَا يُحْتَمَلُ احْتِلَامُهُ بِسَبَبِ ضَعْفِ جُثَّتِهِ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَلَا تَنْفُذُ عُقُودُهُ وَمُعَامَلَاتُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ فَيُسْأَلُ عَنْ صُورَةِ بُلُوغِهِ، يَعْنِي يُسْأَلُ، هَلْ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْإِحْبَالِ، فَإِذَا بَيَّنَ أَحَدَهُمَا صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا (الْجَوْهَرَةُ) . كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) . وَلَا يَلْزَمُهُمَا يَمِينٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ عَلَى كَوْنِهِمَا بَلَغَا عَلَى الْوَجْهِ الْفُلَانِيِّ. وَلَوْ ادَّعَيَا الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ طُولِبَا بِالْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ الْبَدْوِ فَإِنَّهُمَا لَا يُطَالَبَانِ بِالْبَيِّنَةِ لِعَدَمِ التَّأْرِيخِ بَيْنَهُمْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُوجَدُ لِهَذَا التَّصْدِيقِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ مُرَاهِقًا، أَيْ أَنْ تَكُونَ الْبِنْتُ قَدْ أَكْمَلَتْ السَّنَةَ التَّاسِعَةَ وَالْغُلَامُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَلَا الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُنْظَرُ إلَى تَحَمُّلِ جُثَّتِهِ الْبُلُوغَ أَوْ عَدَمِ تَحَمُّلِهَا، وَالْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (988) هُوَ هَذَا. ثَانِيهَا: كَوْنُ الْجُثَّةِ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى مُرَاهِقٌ لَا يَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ أَنَّهُ بَالِغٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَالْمُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا. ثَالِثُهَا: تَفْسِيرُ الْبُلُوغِ، يَعْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ عُلِمَ الْبُلُوغُ، أَيْ يَجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْإِحْبَالِ (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . ثُمَّ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ سُؤَالُهُ وَالِاسْتِقْصَاءُ عَنْ الشَّخْصِ الَّذِي احْتَلَمَ بِهِ، يَعْنِي هَلْ كَانَ احْتِلَامُهُ بِغُلَامٍ أَوْ بِنْتٍ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ أَحْيَانًا يُقِرُّ بِالْبُلُوغِ كَذِبًا بِتَلْقِينِهِ كَيْفِيَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَنْ فَتَكُونُ أَحْكَامُ هَؤُلَاءِ كَأَحْكَامِ الْبَالِغِينَ وَتُعْتَبَرُ عُقُودُهُمْ كَالْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَتَنْفُذُ إقْرَارَاتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . يَعْنِي أَنَّ عُقُودَهُمْ لَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُمْ. وَلَوْ أَرَادَ الْعَاقِدُ أَوْ الْمُقِرُّ بَعْدَ تِلْكَ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِمُدَّةٍ أَنْ يَفْسَخَ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةَ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَيْ حِينَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ، لَمْ أَكُنْ بَالِغًا وَكَذَبْتُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (100) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَغِيرٌ أَكْمَلَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَجُثَّتُهُ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، بِأَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ أَنْ صَالَحَ عَلَى أَلْفِ قِرْشٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَ الصُّلْحِ بَالِغًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . صَبِيٌّ بَاعَ وَاشْتَرَى، وَقَالَ أَنَا بَالِغٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا غَيْرُ بَالِغٍ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ الْبُلُوغُ فِيهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى جُحُودِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (الْجَوْهَرَةُ) وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَةِ الشَّخْصِ مُرَاهِقًا وَمُرَاهِقَةً، أَيْ بِبُلُوغِ مَبْدَأِ سِنِّ الْبُلُوغِ، بَلْ يَجِبُ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَجَلَّةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْبُلُوغَ وَأَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ، مَثَلًا إذَا أَكْمَلَ صَغِيرٌ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُقِرَّ بِبُلُوغِهِ، لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِمُجَرَّدِ إكْمَالِهِ سِنَّ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

الفصل الثالث في حق السفيه المحجور

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ] [ (مَادَّةُ 990) السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ هُوَ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ] (مَادَّةُ 990) - (السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ هُوَ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ الْحَاكِمُ فَقَطْ، وَلَيْسَ لِأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَوْصِيَائِهِ حَقُّ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ) يُؤْثَرُ الْحَجْرُ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي لَا يَتَسَاوَى جَدُّهُ وَهَزْلُهُ، وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمَحْجُورِ مَا لَمْ يُجِزْهُ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْحَجْرِ) . وَعَلَيْهِ فَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ هُوَ كَالصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالْإِقْرَارِ وَالْحَوَالَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالِارْتِهَانِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالتَّوْكِيلِ، وَمَا يُمَاثِلُ ذَلِكَ، يَعْنِي كَمَا أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الدَّائِرَةَ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِذْنِ، فَتَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ لَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ، وَالتَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ لَمَّا كَانَ يُلَاحَظُ فِيهِ وُجُودُ الْمَنْفَعَةِ فَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ وَقَابِلًا لِلْإِجَازَةِ (الشِّبْلِيُّ) . أَمَّا فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي يَتَسَاوَى جَدُّهُ وَهَزْلُهُ فَلَا تَأْثِيرَ فِيهِ لِلْحَجْرِ، وَيَنْفُذُ مِنْ الْمَحْجُورِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَالنِّكَاحِ (الْكِفَايَةُ) لَكِنْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَبَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِسِتَّةِ أَوْجُهٍ كَمَا بَيَّنَهُ الشِّبْلِيُّ (1) - لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَلِيٌّ غَيْرُ الْحَاكِمِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (974) أَمَّا السَّفِيهُ فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ، يَعْنِي إنَّمَا يَحْجُرُ عَلَى السَّفِيهِ الْحَاكِمُ فَقَطْ. وَالْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَفُكُّ عَنْهُ الْحَجْرَ عِنْدَ اللُّزُومِ وَإِذَا اقْتَضَى إجَازَةَ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الْقَوْلِيَّةِ فَالْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُجِيزُهَا أَوْ مَنْ يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي وَيَأْذَنُهُ بِذَلِكَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَيْسَ لِأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَأَوْصِيَائِهِ عَلَيْهِ حَقُّ وِلَايَةٍ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْعَاجِزِ، أَمَّا السَّفِيهُ فَهُوَ قَادِرٌ. وَمَنْعُ التَّصَرُّفِ مَعَ الْقُدْرَةِ هُوَ لِلتَّأْدِيبِ، وَوِلَايَةُ التَّأْدِيبِ عَائِدَةٌ إلَى الْقَاضِي (الشِّبْلِيُّ) . وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَنْقَطِعُ وِلَايَةُ الْوَلِيِّ (الطُّورِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ مَالًا لَهُ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (993) ، وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُجِيزَهُ إذَا رَأَى فِيهِ مَنْفَعَةً (الْهِدَايَةُ) أَمَّا وَصِيٌّ لِسَفِيهٍ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَلَا يَصِحُّ. (2) تَصِحُّ وَصَايَا السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الَّتِي تُوَافِقُ الْحَقَّ وَالشَّرْعَ، وَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْقُرْبَةِ، مَعَ أَنَّ وَصَايَا الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بَاطِلَةٌ. (3) يَصِحُّ نِكَاحُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَطَلَاقُهُ، مَعَ أَنَّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ وَطَلَاقَهُ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ وَبِمَا أَنَّ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الْأُخْرَى لَا تَدْخُلُ فِي بَحْثِنَا فَقَدْ صَرَفْنَا النَّظَرَ عَنْهَا.

(مادة 991) تصرفات السفيه القولية بعد الحجر في المعاملات

قِيلَ هُنَا " الْمُعَامَلَاتُ "؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ كَالْبَالِغِ الرَّشِيدِ فِي وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ وَفِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْعُقُوبَاتِ أَيْضًا كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَمَا مَرَّ آنِفًا (الْكِفَايَةُ) . وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ تَزَوُّجُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِامْرَأَةٍ مَعَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا كَانَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَبِهَا، وَإِذَا زَادَ فَالزِّيَادَةُ بَاطِلَةٌ. وَإِذَا طَلَّقَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ بَعْدَ وَفَاتِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِبَقَاءِ الْأَوْلَادِ، فَالنِّكَاحُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ أَيْ كَالطَّعَامِ. وَالْمَرْأَةُ الْمَحْجُورَةُ بِمَا أَنَّهَا كَالرَّجُلِ الْمَحْجُورِ، فَتَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ الْمَحْجُورَةِ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفُؤٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ جَائِزَةٌ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَلَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ سَفِيهَةٌ مِنْ رَجُلٍ كُفُؤٍ بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِمَّا يُتَغَابَنُ فِيهِ جَازَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ مَعَ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يُقَالُ لَهُ: إنْ شِئْتَ الدُّخُولَ بِهَا فَتَمِّمْ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِلَّا يُفَرَّقُ بَيْنَكُمَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُتَمِّمَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا مَحْجُورًا مِثْلَهَا وَسُمِّيَ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا بَطَلَ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ خُوطِبَ بِالْإِتْمَامِ أَوْ الْفُرْقَةِ. أَمَّا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ كُفُؤٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَدْخَلَتْ الشَّيْنَ عَلَى أَوْلِيَائِهَا، فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِأَجْلِهِمْ (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ تَخَالَعَتْ امْرَأَةٌ سَفِيهَةٌ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ وَقَعَ الْخُلْعُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ (الطُّورِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِأَمْرٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَطْرَافِهِ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا وَنَافِذًا، كَمَا أَنَّ لَهُ الْإِنْفَاقَ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (992) ، وَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ لِجِهَةِ الْقُرْبَةِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 991) تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ] (مَادَّةُ 991) - (تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ فِي الْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلَكِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ نَافِذَةٌ كَتَصَرُّفَاتِ سَائِرِ النَّاسِ) . تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُعَامَلَاتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (990) ، أَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ فَتَصَرُّفَاتُهُ كَتَصَرُّفَاتِ سَائِرِ النَّاسِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فِقْرَتَيْنِ حُكْمِيَّتَيْنِ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ بَعْدَ الْحَجْرِ، وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (990) وَالتَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ هِيَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَأَشْبَاهِهَا (الْعِنَايَةُ) وَسَبَبُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُعَامَلَاتِ) هُوَ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَعِلَّةُ تَقْيِيدِ التَّصَرُّفَاتِ (بِالْقَوْلِيَّةِ) هُوَ لُزُومُ الضَّمَانِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ، أَيْ ضَمَانِ مَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِنْ الْخَسَارَةِ وَالْأَضْرَارِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (960) . وَالتَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةُ هِيَ مِثْلُ امْرَأَةٍ مُسْرِفَةٍ سَفِيهَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ وَقَبِلَتْ، وَقَعَ الطَّلَاقُ

(مادة 992) ينفق على السفيه المحجور وعلى من لزمته نفقتهم من ماله

رَجْعِيًّا وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ مَحْجُورٌ عَنْ الْمَالِ (الطُّورِيُّ) . الثَّانِيَةُ: كَوْنُ تَصَرُّفَاتِهِ الَّتِي قَبْلَ الْحَجْرِ صَحِيحَةً، وَهَذَا الْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (958) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَبِمَا أَنَّ السَّفِيهَ يَنْحَجِرُ بِمُجَرَّدِ سَفَهِهِ فَتَصَرُّفَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ السَّفَهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [ (مَادَّةُ 992) يُنْفَقُ عَلَى السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ مَالِهِ] السَّفِيهُ مُسَاوٍ لِغَيْرِ السَّفِيهِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَثْبُتُ بِإِيجَابٍ إلَهِيٍّ، أَوْ الَّذِي يَثْبُتُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلنَّاسِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهِ فَاَلَّذِي يَجِبُ بِالْإِيجَابِ الْإِلَهِيِّ هُوَ الزَّكَاةُ وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَا يُمَاثِلُ ذَلِكَ، أَمَّا مَا يَجِبُ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلنَّاسِ فَهُوَ كَنَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ. وَعَلَيْهِ فَيُنْفَقُ عَلَى السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ شَرْعًا كَالزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَيَاةَ زَوْجِهِ وَأَوْلَادِهِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ. وَنَفَقَةُ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَاجِبَةٌ لِحَقِّ الْقَرَابَةِ، وَالسَّفَهُ لَا يُبْطِلُ حُقُوقَ النَّاسِ، فَلِذَلِكَ تَلْزَمُ النَّفَقَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَإِذَا مَرِضَ السَّفِيهُ يُزَادُ فِي نَفَقَتِهِ لِزِيَادَةِ الْحَاجَةِ فِي أَوْقَاتِ الْمَرَضِ (الطُّورِيُّ) . وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إقْرَارُ السَّفِيهِ بِالنَّسَبِ فَالْقَرِيبُ الَّذِي يَدَّعِي النَّفَقَةَ مُجْبَرٌ عَلَى إثْبَاتِ جِهَةِ قَرَابَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّفِيهُ الْمُقِرُّ بِالنَّسَبِ رَجُلًا فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فَقَطْ: بِالْوَالِدِ، وَالْوَلَدِ، وَالزَّوْجَةِ، وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إذَا لَمْ يَكُنْ سَفِيهًا وَكَانَ مُصْلِحًا يُصَدَّقُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فَقَطْ وَلَا يُصَدَّقُ فِي مَا عَدَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، فَلَا يُصَدَّقُ السَّفِيهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ. يَعْنِي أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُصْلِحَ فِي هَذَا مُتَسَاوِيَانِ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ابْتَدَأَ التَّزْوِيجَ يَصِحُّ فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ (الْجَوْهَرَةُ) وَإِذَا كَانَتْ الْمُقِرَّةُ سَفِيهَةً تُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَقَطْ: بِالْوَالِدِ، وَالزَّوْجِ، وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَمَّا فِي الْوَلَدِ فَلَا تُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ. وَيَلْزَمُ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ كَوْنُ مُسْتَحِقِّ النَّفَقَةِ مُعْسِرًا أَيْ مُحْتَاجًا لِلنَّفَقَةِ. حَتَّى تُقَدَّرَ النَّفَقَةُ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ. وَلَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ بِإِقْرَارِ السَّفِيهِ عَلَى كَوْنِ مُدَّعِي النَّفَقَةِ مُعْسِرًا (الشِّبْلِيُّ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ قَرَارٌ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْإِلْزَامِ (الْعِنَايَةُ) . أَمَّا صُورَةُ الْإِنْفَاقِ وَالصَّرْفِ، فَلَا يُسَلِّمُ الْقَاضِي السَّفِيهَ بَلْ يَدْفَعُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ إلَى مُحْتَاجِي النَّفَقَةِ وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ لَيْسَ عِبَادَةً، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَوْ نَذَرَ لَهُ ظَاهِرٌ، حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ، فَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ وَظِهَارِهِ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُمَا وَجَبَا بِفِعْلِهِ، فَلَوْ فَتَحْنَا هَذَا الْبَابَ لَبَذَّرَ أَمْوَالَهُ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ (الْجَوْهَرَةُ) . صُورَةُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَحْجُورِ: إنَّ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمَحْجُورِ يُفْرِزُهَا الْقَاضِي مِنْ مَالِهِ، أَيْ مَالِ الْمَحْجُورِ، وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِ لِيُعْطِيَهَا الْمَحْجُورُ إلَى مَصْرِفِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا النِّيَّةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُرْسِلُ مَعَهُ أَمِينَهُ حَتَّى لَا يَصْرِفَهَا فِي مَكَان آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . صُورَةُ حَجِّ الْمَحْجُورِ: إذَا أَرَادَ السَّفِيهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَلَا يَمْنَعُ الْقَاضِي النَّفَقَاتِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا السَّفِيهُ إلَى حَاجٍّ ثِقَةٍ أَمِينٍ تُصْرَفُ عَنْ يَدِهِ حَتَّى لَا يُبَذِّرَهَا وَيُسْرِفَ فِيهَا.

(مادة 993) إذا باع السفيه المحجور شيئا من أمواله

وَقْفُ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ: إذَا وَقَفَ السَّفِيهُ مَالًا كَانَ بَاطِلًا أَمَّا إذَا وَقَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْبَلْخِيّ يَصِحُّ. بِخِلَافِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ فَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَصِيَّةُ الْمَحْجُورِ: إذَا أَوْصَى الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ وَصِيَّةً، كَوَصِيَّةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، كَانَتْ جَائِزَةً، وَذَلِكَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْحَجِّ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَجِبُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْمَالِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَمَصْلَحَةُ الْمَحْجُورِ تَقْضِي بِإِنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ لَا بِمَنْعِهَا (الْعِنَايَةُ) وَتَنْفُذُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِوَصِيَّةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فَلَا تَنْفُذُ، وَذَلِكَ كَالْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْقُرْبَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (مَادَّةُ 993) إذَا بَاعَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ] (مَادَّةُ 993) - (إذَا بَاعَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَا يَكُونُ بَيْعُهُ نَافِذًا وَلَكِنْ إذَا رَأَى الْحَاكِمُ فِيهِ مَنْفَعَةً يُجِيزُهُ) إنَّ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الْقَوْلِيَّةَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْحَاكِمِ فَإِذَا بَاعَ السَّفِيهُ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَا يَكُونُ بَيْعُهُ نَافِذًا وَلَكِنْ إذَا رَأَى الْحَاكِمُ فِيهِ مَنْفَعَةً يُجِيزُهُ يَعْنِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ قَائِمًا فِي يَدِ السَّفِيهِ وَفِيهِ رِبْحٌ أَوْ مِثْلُ الْقِيمَةِ، فَأَمَّا إذَا ضَاعَ الثَّمَنُ فِي يَدِ السَّفِيهِ فَلَا يُجِيزُهُ (الْجَوْهَرَةُ) . وَتُوجَدُ الْمَنْفَعَةُ حَيْثُ يَكُونُ الرِّبْحُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ السَّفِيهُ، وَالْمُحَابَاةُ فِي الْمَالِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ، يَعْنِي بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ رَخِيصًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ: أَوَّلُهُمَا: إذَا بَاعَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ مَالَهُ كَانَ بَيْعُهُ غَيْرَ نَافِذٍ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (991) فَلَيْسَ ذِكْرُهُ هُنَا مَقْصُودًا بِالذَّاتِ. ثَانِيهِمَا: إذَا بَاعَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ مَالَهُ وَرَأَى الْحَاكِمُ مَنْفَعَةً يُجِيزُهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذِهِ الْفِقْرَةُ. وَإِذَا بَاعَ السَّفِيهُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ كَانَ لَا يَزَالُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ فَيُجِيزُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ السَّفِيهِ. أَمَّا إذَا كَانَ بِأَنْقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي يَدِ السَّفِيهِ بِأَنْ تَلِفَ فَلَا يُجِيزُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ وَالثَّمَنُ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ السَّفِيهِ، فَذَلِكَ يَكُونُ كَإِدْخَالٍ لِلْمَبِيعِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِلَا بَدَلٍ (الْعِنَايَةُ وَالْجَوْهَرَةُ) . وَالسَّبَبُ فِي جَوَازِ إجَازَةِ الْقَاضِي هُوَ أَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ، وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، قَدْ وُجِدَ، وَوُجُودُهُ يُوجِبُ نَفَاذَ التَّصَرُّفِ، وَجَعْلُهُ مَوْقُوفًا إنَّمَا كَانَ لِفَائِدَةِ السَّفِيهِ وَلَمَّا كَانَ مَأْمُورًا بِتَحَرِّي مَنْفَعَةِ السَّفِيهِ فَلِذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْقَاضِي تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ (الْهِدَايَةُ) وَالْحُكْمُ فِي بَيْعِ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَمَا فَصَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (967) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ نَفَاذِ الْبَيْعِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ وَلَوْ كَانَ بِالْقِيمَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ بَدَلِ الْمِثْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا أَجَازَ الْقَاضِي بَيْعَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الْمَذْكُورِ فَهَذِهِ الْإِجَازَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْإِجَازَةِ لِلسَّفِيهِ الْمَحْجُورِ

بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَيْضًا. لِلْمَحْجُورِ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْضُ الثَّمَنِ وَلِذَلِكَ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي إذَا أَعْطَى السَّفِيهَ الْمَرْقُومَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، وَاللَّائِقُ بِالْقَاضِي إذَا أَجَازَ الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ تَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلسَّفِيهِ، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَجَازَ الْقَاضِي بَيْعَ السَّفِيهِ وَمَنَعَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ تَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلسَّفِيهِ، وَأَخْبَرَ الْمُشْتَرِيَ بِهَذَا الْمَنْعِ فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ رَغْمًا عَنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِلثَّمَنِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ ثَانِيًا لِلْقَاضِي، وَيَثْبُتُ حُكْمُ النَّهْيِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ، يَعْنِي لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ الْمُشْتَرِيَ بِنَهْيِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ الْمَحْجُورَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا نَهَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَارَ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْقَاضِي، وَأَصْبَحَ الْمَحْجُورُ كَالْأَجْنَبِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَاحِدُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدْلًا أَمْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَأَمَّا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدَالَةُ وَإِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ اثْنَيْنِ كَمَا هُوَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ لَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلسَّفِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَنْعِ الْحَاكِمِ يَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ جَاءَ فِي (الطُّورِيِّ) أَنَّهُ إذْ قَالَ الْحَاكِمُ لِلْمُشْتَرِي أَجَزْتُ بَيْعَهُ، وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ عَنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ، فَدَفَعَ قَبْلَ الْعِلْمِ بَرِئَ، وَبَعْدَ الْعِلْمِ لَا يَبْرَأُ كَالْوَكِيلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ الْمَجَلَّةِ (إذَا رَأَى مَنْفَعَةً) أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَوْجُودَةً فَلَا يُجِيزُ الْعَقْدَ وَيُبْطِلُهُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) ، فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ السَّفِيهُ مَالَهُ بِمُحَابَاةٍ يُبْطِلُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ وَيَسْتَرِدُّ الْمَبِيعَ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا لَمْ يُعْطِ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلسَّفِيهِ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ وَإِذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَكَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ عَيْنًا فَيُرَدُّ إلَى الْمُشْتَرِي، فَإِذَا اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ يُنْظَرُ إذَا لَمْ يُجِزْهُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَإِذَا صَرَفَ السَّفِيهُ الْمَذْكُورُ الثَّمَنَ الْمَأْخُوذَ فِي أُمُورِهِ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا يَعْنِي كَأَنْ يَصْرِفَهُ فِي نَفَقَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ أَوْ زَكَاتِهِ أَوْ فِي أَدَاءِ فَرْضِ الْحَجِّ ضَمِنَ الْحَاكِمُ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ، أَمَّا إذَا صَرَفَهُ فِي وُجُوهِ الْفَسَادِ فَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (966) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . اخْتِلَافُ الْمَحْجُورِ وَالْمُشْتَرِي: إذَا اخْتَلَفَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ فِي حَالِ الصَّلَاحِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ وَادَّعَى الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ فِي حَالِ حَجْرِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَحْجُورِ، وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ، أَيْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ عِنْدَ تَعَارُضِ بَيِّنَتَيْ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ، وَعِنْدَ الِانْفِرَادِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُثْبِتِ (الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ فَصْلِ بُلُوغِ الْغُلَامِ) . أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ الشِّرَاءَ بَعْدَ الْفَكِّ، وَادَّعَى الْمَحْجُورُ الشِّرَاءَ قَبْلَ الْفَكِّ، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . قَبُولُ الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ الْوَدِيعَةَ: لَوْ أَوْدَعَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ مَالًا لَهُ وَأَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ فَلَا يُصَدَّقُ. ثُمَّ إذَا فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بَعْدَ

(مادة 944) إقرار السفيه المحجور بدين لآخر

ذَلِكَ لِصَيْرُورَتِهِ مُصْلِحًا يُسْأَلُ عَنْ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِذَا أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا فِي حَالِ حَجْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا فِي حَالِ صَلَاحِهِ وَبَعْدَ الْفَكِّ فَيَضْمَنُ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ الْمَالَ الَّذِي أُعْطِيَ إلَيْهِ وَدِيعَةً فِي حَالٍ حَجْرِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الشُّهُودِ، فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُصْلِحًا (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (مَادَّةُ 944) إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ] (مَادَّةُ 944) - (لَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ مُطْلَقًا يَعْنِي لَيْسَ لِإِقْرَارِهِ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَهُ) يَصِحُّ الْحَجْرُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَصِحُّ بِالْهَزْلِ وَالْإِكْرَاهِ وَفِي كُلِّ تَصَرُّفٍ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ أَيْضًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (990) ، وَسَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (106) أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَلَا يُفْتَحُ إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ لِآخَرَ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَيْنٍ مُطْلَقًا. يَعْنِي يَكُونُ إقْرَارُهُ بَاطِلًا أَسَاسًا وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَتَصَرُّفَاتُهُ الْقَوْلِيَّةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (991) . الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ. فَلَوْ قَالَ الْمَحْجُورُ بِالسَّفَهِ، بَعْدَ أَنْ فُكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ لِصَلَاحِهِ: إنَّنِي أَقْرَرْتُ فِي حَالِ حَجْرِي بِإِنَّنِي اسْتَهْلَكْتُ مَالَ فُلَانٍ. وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ أَيْ صَاحِبُ الْمَالِ: إنَّكَ أَقْرَرْتَ فِي حَالِ صَلَاحِكَ. وَاخْتَلَفُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِمَا أَنَّهُ يُضِيفُ إقْرَارَهُ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَيْسَ بِمُقِرٍّ. كَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْمُقِرِّ: إنَّكَ وَإِنْ أَقْرَرْتَ فِي حَالِ الْحَجْرِ وَالْفَسَادِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَكَ حَقٌّ وَصَحِيحٌ، وَقَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ إقْرَارِي غَيْرُ حَقٍّ وَغَيْرُ صَحِيحٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِمَالِ ثُمَّ صَلَحَ بِأَنْ صَارَ أَهْلًا، وَقَالَ: أَقْرَرْت بِهِ بَاطِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ حَقًّا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ قَالَ: كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إقْرَارٌ بَعْدَ الصَّلَاحِ، فَلَا يَلْزَمُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطُّورِيُّ) . وَوَصْفُ السَّفِيهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (بِالْمَحْجُورِ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ السَّفِيهَ يَنْحَجِرُ بِمُجَرَّدِ طُرُوءِ السَّفَهِ عَلَيْهِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حُجِرَ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (958) . وَيُفَسَّرُ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (مُطْلَقًا) بِأَنَّهُ لَيْسَ لِإِقْرَارِهِ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَالْحَادِثَةِ بَعْدَهُ. يَعْنِي أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ يَعُمُّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، أَمَّا الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ فَيَنْحَصِرُ فِي مَالِهِ الْمَوْجُودِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1001) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (959) وَيُفَسَّرُ هُنَا لَفْظُ (مُطْلَقًا) بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ أَثْنَاءَ حَجْرِهِ، كَمَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1001) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(مادة 995) حقوق الناس التي على المحجور

وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (991) بِقَوْلِهَا (لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ الْقَوْلِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَإِنَّمَا قَدْ بَحَثَ هُنَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى حِدَةٍ. [ (مَادَّةُ 995) حُقُوقُ النَّاسِ الَّتِي عَلَى الْمَحْجُورِ] (مَادَّةُ 995) - (حُقُوقُ النَّاسِ الَّتِي عَلَى الْمَحْجُورِ تُؤَدَّى مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّ السَّفَهَ لَا يُبْطِلُ حُقُوقَ النَّاسِ، وَقِسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ (992) فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحُقُوقُ ثَابِتَةً بِالْبَيِّنَةِ. وَلَا تَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِإِقْرَارِ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِإِقْرَارِهِ كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (992) . مَثَلًا إذَا كَانَ عَلَى السَّفِيهِ دَيْنُ مَالٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْحَجْرِ فَتَلْزَمُ تَأْدِيَتُهُ مِنْ مَالِهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْحَجْرِ مَالُ أَحَدٍ، فَيَلْزَمُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (960) إيفَاؤُهُ مِنْ مَالِهِ أَيْضًا (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . [ (مَادَّة 996) اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا فِي نَفَقَتِهِ] (مَادَّة 996) - (إذَا اسْتَقْرَضَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ دَرَاهِمَ وَصَرَفَهَا فِي نَفَقَتِهِ فَإِنْ كَانَ صَرْفُهُ إيَّاهَا بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ أَدَّاهَا الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الصَّرْفُ زَائِدًا عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ يُؤَدِّي مِقْدَارَ نَفَقَتِهِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ عَنْهَا) . هَذَا إذَا اسْتَقْرَضَ النَّفَقَةَ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّفِيهُ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُعَدُّ هَذَا الصَّرْفُ إسْرَافًا وَسَفَهًا وَإِنْ كَانَ صَرْفُهُ زَائِدًا عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ يُؤَدِّي مِقْدَارَ نَفَقَةِ السَّفِيهِ مِنْ مَالِهِ، وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ عَنْهَا وَلَا تُؤْخَذُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إسْرَافٌ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا لَمْ يَصْرِفْ مَا اقْتَرَضَهُ مِنْ مَالِهِ فِي نَفَقَتِهِ بَلْ صَرَفَهُ فِي الْمَلَاهِي وَالْمَلَذَّاتِ كَأَنْ أَعْطَاهُ لِلْمُغَنِّينَ وَالْعَازِفِينَ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُبْطِلَهُ كُلَّهُ. إنَّ السَّفِيهَ الْمَحْجُورَ وَإِنْ يَكُنْ مُؤَاخَذًا عَلَى أَفْعَالِهِ، وَعَمَلِهِ هَذَا فِعْلٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (960) إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَةِ السَّفِيهِ تَضْيِيعُ الْأَمْوَالِ، فَبِإِقْرَاضِ الْمُقْرِضِ لِلسَّفِيهِ الْمَالَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِ السَّفِيهِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُقْرِضِ رِضَاءً بِالْإِتْلَافِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ تَضْمِينِ مَالِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) كَمَا قَدْ صَارَ إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ (960) الْمَذْكُورَةِ. وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ بَعْدَ الصَّلَاحِ: أَقْرَضْتنِي فِي حَالٍ فَسَادِي، وَقَالَ الْآخَرُ: بَلْ فِي حَالٍ صَلَاحِك وَاسْتَهْلَكْتهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَحْجُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ (الطُّورِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) . [ (مَادَّةُ 997) عِنْدَ صَلَاحِ حَالِ الْمَحْجُورِ يُفَكُّ حَجْرُهُ] (مَادَّةُ 997) - (عِنْدَ صَلَاحِ حَالِ الْمَحْجُورِ يُفَكُّ حَجْرُهُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ) . إذَا كَسَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ صَلَاحًا ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرُ، يَعْنِي لَا يَزُولُ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ كَسْبِهِ صَلَاحًا وَرُشْدًا، وَإِنَّمَا يُفَكُّ حَجْرُهُ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا إذَا تَبَيَّنَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ كَسْبُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (22) إذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْمَمْنُوعُ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ الْقَوْلِيَّةُ بَعْدَ الْحَجْرِ إذَا اكْتَسَبَ صَلَاحًا وَلَمْ يُفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (990، 991) . وَفَكُّ الْحَجْرِ كَمَا

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُون مُعَلَّقًا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْقَاضِي لِلسَّفِيهِ إنَّنِي أَطْلَقْتُك إذَا اكْتَسَبْتَ صَلَاحًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ وَالْإِطْلَاقَ مُسْقِطَانِ لِلْحَجْرِ. وَتَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ (الطُّورِيُّ) وَالْإِذْنُ بِالْعُقُودِ الْمُكَرَّرَةِ فَكٌّ لِلْحَجْرِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْقَاضِي السَّفِيهَ بَعْدَ أَنْ حَجَرَهُ إذْنًا بِبَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ بِنَفْسِهِ وَبَاعَ السَّفِيهُ أَوْ اشْتَرَى جَازَ وَفُكَّ الْحَجْرُ. أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي السَّفِيهَ بِبَيْعِ مَالٍ مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَكًّا لِلْحَجْرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَادَّةِ (958) فَقَدْ جَاءَ فِيهَا (يُحْجَرُ السَّفِيهُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ) كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِنَفْسِهِ إذَا كَسَبَ السَّفِيهُ صَلَاحًا) إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (958) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُحْجَرُ السَّفِيهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ، فَإِذَا كَسَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ صَلَاحًا انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى فَكِّ الْحَاكِمِ لِحَجْرِهِ. الْفَرْقُ بَيْنَ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ وَالْمَدِينِ الْمَحْجُورِ: 1 - إنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي. أَمَّا الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ. كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (961) . إذْ أَنَّ الْمَدِينَ الْمَحْجُورَ إذَا أَدَّى دَيْنَ الدَّائِنِ الَّذِي حُجِرَ مِنْ أَجْلِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ ذَلِكَ الدَّائِنُ مِنْ الدَّائِنِ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهُ. 2 - إقْرَارُ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ مُعْتَبَرٌ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ. وَكَذَلِكَ إقْرَارُهُ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا فِي وَقْتِ حَجْرٍ مُعْتَبَرٍ أَمَّا إقْرَارُ السَّفِيهِ الْمَحْجُورِ فِي حَالِ حَجْرِهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِ حَجْرِهِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ سَوَاءٌ أَكَانَ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمَالِ الْمَوْجُودِ أَمْ حَقِّ الْمَالِ الْحَادِثِ (الطُّورِيُّ) . صُورَةُ الدَّعْوَى: لَوْ طَلَبَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ فَكَّ حَجْرِهِ لِكَوْنِهِ كَسَبَ صَلَاحًا وَأَنْكَرَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَادَّعَى بَقَاءَ السَّفَهِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كِلَاهُمَا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ بَقَاءِ السَّفَهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْأَشْبَاهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ قَدْ جَزَمَ بِتَرْجِيحِ بَيِّنَةِ زَوَالِ السَّفَهِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا؛ وَلِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ إبْقَاءُ مَا كَانَ، فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الرُّشْدِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا وَالْبَيِّنَاتُ شُرِّعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ هَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْحَجْرِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَجْرِ فَالظَّاهِرُ الرُّشْدُ وَبَيِّنَةُ السَّفَهِ تُثْبِتُ خِلَافَهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الرابع في المدين المحجور

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ] وَالدَّيْنُ أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا طَلَبُ الْغُرَمَاءِ، وَعِلْمُ الْمَدِينِ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ (الْعِنَايَةُ الطُّورِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (999) . (مَادَّةُ 998) - (لَوْ ظَهَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ مُمَاطَلَةُ الْمَدِينِ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ حَالٍ كَوْنِهِ مُقْتَدِرًا أَوْ طَلَبَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ مَالِهِ وَتَأْدِيَةَ دَيْنِهِ حَجَرَ الْحَاكِمُ مَالَهُ، وَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِهِ وَتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَدَّى دَيْنَهُ فَيَبْدَأُ بِمَا بَيْعُهُ أَهْوَنُ فِي حَقِّ الدَّيْنِ بِتَقْدِيمِ النُّقُودِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ تَفِ فَالْعُرُوضُ فَإِنْ لَمْ تَفِ الْعُرُوض أَيْضًا فَالْعَقَارُ) . حَتَّى لَا يَضُرَّ بِالدَّائِنِ بِإِخْرَاجِهِ مَالَهُ مِنْ مِلْكِهِ ظَاهِرًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ مُوَاضَعَةً مَثَلًا (الْهِدَايَةُ) ، وَيَلْزَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ طَلَبَ الدَّائِنُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ حَجْرُ الْمَدِينِ بِلَا طَلَبٍ. الْإِشْهَادُ عَلَى الْحَجْرِ: يُشْهِدُ الْحَاكِمُ شُهُودًا عَلَى حَجْرِهِ الْمَدِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّهُ يَقُولُ لِلشُّهُودِ قَدْ حَجَرْتُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ أَوْ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِفُلَانٍ. وَالْإِشْهَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْحَجْرِ إلَّا إنَّهُ يَجِبُ الْإِشْهَادُ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْإِثْبَاتِ عِنْدَ مَسِّ الْحَاجَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَجَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَيُشْهِدُ عَلَى حَجْرِهِ فَيَقُولُ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ حَجَرْتُ عَلَى هَذَا أَوْ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ غَائِبًا لِأَجْلِ دَيْنِ فُلَانٍ وَيَمْنَعُ عَنْهُ مَالَهُ وَيَبِيعُ مَالَهُ إذَا سَأَلَهُ غَرِيمُهُ. شُرُوطُ الْحَجْرِ: 1 - طَلَبُ الدَّائِنِينَ فِي حَجْرِ الْمَدِينِ شَرْطٌ. 2 - كَوْنُ الدَّيْنِ الَّذِي سَيُحْجَرُ لِأَجْلِهِ مُثْبَتًا، وَكَمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ لِأَجْلِ الدُّيُونِ الْمَحْكُومِ بِهَا عَلَى الْمَدِينِ يَجُوزُ الْحَجْرُ أَيْضًا إذَا اخْتَفَى الْمَدِينُ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُونَ دُيُونَهُمْ عَلَيْهِ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ الْمُسَخَّرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ بِمُجَرَّدِ ادِّعَاءِ الدَّائِنِينَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْجُرُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَهُ (الْخَانِيَّةُ) . قَوْلُهُ فِي الْمَجَلَّةِ " إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُقْتَدِرًا، لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْمَدِينِ إذَا

امْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ أَيْ مُفْلِسًا وَامْتَنَعَ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ 0 وَهَذَا الْحَجْرُ يُؤَثِّرُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (1002) الْهِدَايَةُ. تَجْرِي الْأُمُورُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْآتِي: 1 - إذَا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعِ مَالِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ (وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَقَارًا وَالثَّمَنُ قَلِيلًا) يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بِحَبْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ فَيُحْبَسُ لِأَجْلِهِ فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) وَلِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ عَلَى الْمَدِينِ، وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ فَيَحْبِسُ الْحَاكِمُ الْمَدِينَ لِدَفْعِ ظُلْمِهِ وَلِإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ وَهَذَا الْجَبْرُ لَا يُعَدُّ إكْرَاهًا عَلَى الْبَيْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ الْمَذْكُورَ يَحِقُّ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (948) وَالْحَبْسُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. فَقَدْ جَاءَ فِي الْكِتَابِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] أَيْ يُحْبَسُوا؛ لِأَنَّ نَفْيَهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ لَا يُتَصَوَّرُ وَفِي السُّنَّةِ قَدْ حَبَسَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه رَجُلًا وَفِي الْإِجْمَاعِ فَقَدْ أَنْشَأَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَحْبِسًا فِي الْكُوفَةِ وَأَسْمَاهُ (النَّافِعَ) ثُمَّ أَسْمَاهُ (مَحْبِسًا) لِإِنْشَائِهِ إيَّاهُ مُسْتَحْكِمًا لِعَدَمِ فِرَارِ الْمَحْبُوسِينَ مِنْهُ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - أَجْمَعِينَ وَلَمْ يُخَالِفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. وَالْمَحْبِسُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا مَعْنَاهُ الْمُذَلِّلُ يُقَالُ حَبَسَهُ أَذَلَّهُ (الْجَوْهَرَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الدَّائِنِ أَوْ مَأْجُورًا أَوْ مُسْتَعَارًا أَيْ أَنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ مِلْكٍ لَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ (وَإِذَا امْتَنَعَ) الْإِجْبَارُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِيهَا إجْبَارُ الْمَدِينِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ صَرَاحَةً. وَفِي النَّوَادِرِ (وَإِذَا حُبِسَ فِي الدَّيْنِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ حَتَّى يَقْضِيَ دُيُونَهُ الَّتِي حُبِسَ لِأَجْلِهَا) (الطُّورِيُّ) . وَعَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ الدَّيْنُ بَعْدَ إجْبَارِهِ عَنْ بَيْعِهِ مَالَهُ وَتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَأَدَّى دَيْنَهُ؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْمَالِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ وَلَازِمٌ وَالْمُمَاطَلَةَ ظُلْمٌ وَلِذَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ مَنَابَ الْمَدِينِ فِي حَالِ إجْبَارِهِ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ بِالْحَبْسِ وَإِصْرَارِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ كَمَا فِي الْجُبِّ وَالْعُنَّةِ (الْهِدَايَةُ) . وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ أُرِيدَ بِتَغْيِيرِ (مَالِهِ) فِي الْمَجَلَّةِ الِاحْتِرَازُ عَمَّا يُعْهَدُ إلَيْهِ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ وَالتَّعْيِينَاتِ كَالْقِيَمِيَّةِ وَالْمُؤَذِّنِينَ فَلَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ إذَا كَانَ فِي عُهْدَتِهِ أَشْيَاءُ كَهَذِهِ عَلَى الْفَرَاغِ بِهَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَالَهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ) . لَكِنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْفَرَاغِ بِهَا لِآخَرَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ.

(مادة 999) المدين المفلس إذا خاف غرماؤه ضياع ماله

وَلَا يَمْتَازُ الْحَاجِرُ عَنْ غَيْرِهِ يَعْنِي لَا يُوجَدُ لِلدَّائِنِينَ الْحَاجِرِينَ امْتِيَازٌ فِي أَمْوَالِ الْمَدِينِ الْمَوْجُودَةِ حِينَ الْحَجْرِ فَلِكُلِّ دَائِنٍ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِمِقْدَارِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ الثَّابِتِ وُجُودُهُ بِالشَّهَادَةِ حَتَّى لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ دُيُونَهُمْ كَامِلَةً بِرِضَاهُ وَيَحْرِمَ الْآخَرِينَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ دَائِنًا دَيْنَهُ كَامِلًا فَيُجْبَرُ ذَلِكَ الدَّائِنُ عَلَى رَدِّ مَا يَزِيدُ عَمَّا يَلْحَقُهُ مِنْ الدَّيْنِ غَرَامَةَ بَاقِي الْغُرَمَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمَدِينِ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِهِ إجْبَارًا وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْحَجْرُ أَيْضًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ فَيَبْدَأُ بِمَا بَيْعُهُ أَهْوَنُ فِي حَقِّ الْمَدِينِ بِتَقْدِيمِ النُّقُودِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ تَفِ فَالْعُرُوضُ فَإِنْ لَمْ تَفِ الْعُرُوض أَيْضًا فَالْعَقَارُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَحْصُلُ بِهِ الْمُسَارَعَةُ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ مَعَ مُرَاعَاةِ جَانِبِ الْمَدِينِ وَهَذَا نَافِعٌ لَلْمَدِينِ وَالْغُرَمَاءِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ) . حَاصِلُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ نَاظِرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ لَلْمَدِينِ كَمَا يَنْظُرُ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبِيعَ مَا كَانَ أُنْظِرَ لَهُ (الْعِنَايَةُ) وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْعُرُوضِ يَكْفِي فَيَلْزَمُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعُرُوضِ الَّتِي يُخْشَى عَلَيْهَا التَّلَفُ وَتُبَاعُ الْعُرُوض الْأُخْرَى فِي حَالِ عَدَمِ كِفَايَةِ تِلْكَ الْعُرُوضِ وَمِنْ ثَمَّ يَنْتَهِي إلَى الْعَقَارِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ النُّقُودِ؛ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلسَّلْبِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا فَيَكُونُ بَيْعُهَا أَهْوَنُ عَلَى الْمَدِينِ، فَإِنْ فُضِلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بَاعَ الْعُرُوضَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُعَدُّ لِلتَّقَلُّبِ وَالِاسْتِرْبَاحِ فَلَا يَلْحَقُهُ كَبِيرُ ضَرَرٍ فِي بَيْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بَاعَ الْعَقَارَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ يُعَدُّ لِلِاقْتِنَاءِ فَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي بَيْعِهِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ (التَّنْقِيحُ) . فَقَوْلُهُ (يَبْدَأُ بِالنُّقُودِ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بَيْعَ النُّقُودِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ عِبَارَةُ (يَبْدَأُ بِالْأَهْوَنِ) وَيَكُونُ بَيْعُ النُّقُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: فَإِذَا كَانَ دَيْنُ الدَّائِنِ ذَهَبًا وَالْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمَدِينِ مِنْ النُّقُودِ فِضَّةٌ تُبْدَلُ الْفِضَّةُ بِذَهَبٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ فِضَّةً وَالْمَوْجُودُ ذَهَبًا فَيُبْدَلُ الذَّهَبُ بِفِضَّةٍ وَيُؤَدَّى الدَّيْنُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِدَايَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ ذَهَبًا وَمَالُ الْمَدِينِ ذَهَبًا أَيْضًا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيْعِ فَيُوفِي الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْهُ بِلَا أَمْرِ الْمَدِينِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ فِضَّةً وَنَقْدُ الْمَدِينِ فِضَّةً أَيْضًا فَلِلْحَاكِمِ أَيْضًا أَنْ يُوفِيَ الدَّيْنَ مِنْهُ بِلَا أَمْرِ الْمَدِينِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ صَحِيحَةٌ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ إذَا ظَفِرَ بِمَالٍ لِلْمَدِينِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَهُ الْحَقُّ فِي أَخْذِهِ مِنْهُ بِدُونِ رِضَا الْمَدِينِ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُعِينَهُ فِي اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ الْحَقِّ (الْهِدَايَةُ) . وَبَيْعُ النُّقُودِ أَخَفُّ وَأَهْوَنُ مِنْ بَيْعِ غَيْرِهَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَجَلَّةِ وَوَجْهُ الْأَخَفِّيَّةِ هُوَ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهَا فَقَدْ أُعِدَّتْ لِلسَّلْبِ (التَّنْقِيحُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَدِينِ هُنَا الْمَدِينُ الْحَاضِرُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينُ غَائِبًا فَحِينَئِذٍ لَا تُبَاعُ عُرُوضُهُ وَعَقَارَاتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ (أَبُو السُّعُودِ) [ (مَادَّةُ 999) الْمَدِينُ الْمُفْلِسُ إذَا خَافَ غُرَمَاؤُهُ ضَيَاعَ مَالِهِ] (مَادَّةُ 999) - (الْمَدِينُ الْمُفْلِسُ أَيْ الَّذِي دَيْنُهُ مُسَاوٍ لِمَالِهِ أَوْ أَزْيَدُ إذَا خَافَ غُرَمَاؤُهُ ضَيَاعَ مَالِهِ بِالتِّجَارَةِ أَوْ أَنْ يُخْفِيَهُ أَوْ يَجْعَلَهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ وَرَاجَعُوا الْحَاكِمَ عَلَى

حَجْرِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ أَوْ إقْرَارِهِ بِدَيْنِ الْآخَرِ حَجَرَهُ الْحَاكِمُ وَبَاعَ أَمْوَالَهُ وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ ثَوْبًا أَوْ ثَوْبَيْنِ مِنْ ثِيَابِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَدِينِ ثِيَابٌ ثَمِينَةٌ وَأَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا بَاعَهَا وَاشْتَرَى لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا ثِيَابًا رَخِيصَةً تَلِيقُ بِحَالِهِ وَأَعْطَى بَاقِيَهَا لِلْغُرَمَاءِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَأَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا بَاعَهَا وَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا دَارًا مُنَاسِبَةً لِحَالِ الْمَدِينِ وَأَعْطَى بَاقِيَهَا لِلْغُرَمَاءِ) الْمَدِينُ الْمُفْلِسُ: أَفْلَسَ الرَّجُلُ كَأَنَّهُ صَارَ إلَى حَالٍ لَيْسَ لَهُ فُلُوسٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: صَارَ ذَا فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا دَرَاهِمَ فَهُوَ مُفْلِسٌ وَالْجَمْعُ مَفَالِيسُ وَصَنْعَتُهُ الِانْتِقَالُ مِنْ حَالِ الْيُسْرِ إلَى حَالِ الْعُسْرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) أَيْ هُوَ الَّذِي دَيْنُهُ مُسَاوٍ لِمَالِهِ أَوْ كَانَ دَيْنُهُ أَزْيَدَ إذَا خَافَ غُرَمَاؤُهُ ضَيَاعَ مَالِهِ بِالتِّجَارَةِ، أَوْ أَنْ يُخْفِيَهُ وَكَيْفَ يَصِيرُ إخْفَاءُ الْمَالِ؟ وَلَعَلَّ الْفِقْرَةَ الَّتِي بَعْدَ عِبَارَةِ (أَنْ يُخْفِيَ مَالَهُ) مُفَسِّرَةُ الْعَطْفِ الْوَاقِعِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (الشَّارِحُ) أَوْ يَجْعَلُهُ بِاسْمِ غَيْرِهِ بِوَجْهٍ كَأَنْ يَبِيعَ مَالَهُ مُوَاضَعَةً أَوْ يُقِرَّ بِهِ وَرَاجَعُوا الْحَاكِمَ لِأَجْلِ حَجْرِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ أَوْ إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لِآخَرَ حَجَرَهُ الْحَاكِمُ (الْكِفَايَةُ) . وَالْمَدِينُ إنَّمَا يُحْجَرُ بِحَجْرِ الْحَاكِمِ فَالِاخْتِلَافُ الْجَارِي فِي حَجْرِ السَّفِيهِ لَا يَجْرِي فِي حَجْرِ الْمَدِينِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَقَدْ قَصَرَتْ الْمَجَلَّةُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهَا (الَّذِي دَيْنُهُ. إلَخْ) عَلَى الْمُفْلِسِ الْحَقِيقِيِّ، وَالْحَالُ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْمُفْلِسِ الْحَقِيقِيِّ بَلْ يَعُمُّ الْمُفْلِسَ حَقِيقَةً وَغَيْرَ الْمُفْلِسِ حَقِيقَةً يَعْنِي كَأَنْ يَدَّعِيَ الْإِفْلَاسَ وَهُوَ غَنِيٌّ وَمُمْتَنِعٌ عَنْ تَأْدِيَةِ مَا عَلَيْهِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ نُقُودٌ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ حَالَ مَنْ يَدَّعِي الْإِفْلَاسَ وَمُمْتَنِعٌ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَهُوَ غَنِيٌّ كَحَالِ الْمُفْلِسِ الْحَقِيقِيِّ. وَقَدْ جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُفْلِسِ هَهُنَا مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ إمَّا مَنْ يَدَّعِي الْإِفْلَاسَ - فَيَتَنَاوَلُ الْغَنِيَّ أَيْضًا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدِينَ الَّذِي لَا يُؤَدِّي دَيْنَهُ يَدَّعِي الْإِفْلَاسَ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فِي نَفْسِهِ - إمَّا مَنْ حَالُهُ حَالُ الْمُفْلِسِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَنِيَّ الَّذِي يُؤَدِّي دَيْنَهُ حَالٌ فِي عَدَمِ أَدَاءِ الدَّيْنِ حَالَ الْمُفْلِسِ فَلَا يَلْزَمُ تَخْصِيصُ الْمَسْأَلَةِ بِمَنْ هُوَ مُفْلِسٌ حَقِيقَةً. وَلَعَلَّ الْوَجْهَ فِي تَخْصِيصِ الْمَجَلَّةِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُفْلِسِ الْحَقِيقِيِّ هُوَ ذِكْرُ حُكْمِ مَنْ يَدَّعِي الْإِفْلَاسَ وَهُوَ غَيْرُ مُفْلِسٍ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَإِذَا حَجَرَ الْحَاكِمُ الْمَدِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا تَصِحُّ بَعْدَئِذٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ تَصَرُّفَاتُهُ كَالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ. وَتَصَرُّفَاتُهُ تَكُونُ صَحِيحَةً بَعْدَ الْحَجْرِ أَيْضًا، وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْحَبْسُ فِي هَذَا الْحَجْرِ، يَجُوزُ حَجْرُ الْمَدِينِ قَبْلَ الْحَبْسِ وَبَعْدَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ أَيْضًا فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يَذْكُرَ مَعَ الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ كَلِمَةَ (عَنْ التَّصَرُّفِ) كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، لَا مَعَ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قُوبِلَ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ قَصَدَ مَا عَدَا الْخَاصِّ الْمَذْكُورِ مِنْ الْعَامِّ عَطْفَ الْمُبَايِنِ عَلَى الْمُبَايَنِ، وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] الْآيَةَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . بِبَيْعِ الْحَاكِمِ أَوْ أَمِينِهِ فِي الْحَالِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ الَّتِي لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ لَهُ وَيُقَسِّمُهَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ. وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ فِي الصَّيْفِ كُلَّ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَدِينُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ سَجَّادٍ وَبُسُطٍ

وَكَوَانِينَ وَمَدَافِئَ وَيُوفِي الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ فِي الشِّتَاءِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ نِطَعٍ وَمَقَاعِدَ جِلْدِيَّةٍ يُوفِي مِنْ ثَمَنِهَا الدَّيْنَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ عِدَّةُ دُورٍ فَيُتْرَكُ لَهُ إحْدَاهَا مَسْكَنًا وَتُبَاعُ الْبَقِيَّةُ (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا كَانَتْ دُيُونُ الْمُفْلِسِ مُسَاوِيَةً لِمَالِهِ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى كُلُّ دَائِنٍ دَيْنَهُ كَامِلًا. وإذَا كَانَتْ دُيُونُهُ أَزْيَدَ مِنْ مَالِهِ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيفَاءُ كُلِّ دَيْنِهِ كَامِلًا فَيُعْطَى كُلٌّ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ وَيُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ (تَقْسِيمُ الْغُرَمَاءِ) . وَإِذَا كَانَتْ كُلُّ الدُّيُونِ حَالَّةً فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقَسَّمُ بِحَسَبِ الْحِصَصِ. أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهَا حَالًّا وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلًا فَتُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيْ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ، لِلدَّائِنِينَ أَنْ يُرَاجِعُوا أَصْحَابَ الدُّيُونِ الْحَالَّةِ وَيُقَاسِمُوهُمْ مَا أَخَذُوهُ وَيُشَارِكُوهُمْ فِيهِ كُلٌّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْمَأْذُونِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجْرِ) الدُّيُونُ الْمُمْتَازَةُ: بَعْضُ دُيُونِ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ تَكُونُ مُمْتَازَةً فَلَا يَدْخُلُهَا أَصْحَابُهَا فِي الْغُرَمَاءِ، وَهِيَ: أَوَّلًا ثَمَنُ الْمَبِيعِ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا، لَكِنْ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ 0 وَأَصْبَحَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا فَلِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ 0 حَتَّى إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَذْكُورَ لَوْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ حَقٌّ بِأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ وَيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ظَالِمًا بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَغَيْرِ مُحِقٍّ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ الْمَذْكُورُ (الطَّحْطَاوِيُّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (227) . وَلَا يَدْخُلُ الْبَائِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ (أَبُو السُّعُودِ) أَمَّا لَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَأَفْلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ حِينَئِذٍ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُعَجَّلًا أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا يَدْخُلُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِمَا قَبَضُوهُ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ. ثَانِيًا: الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابِلِ رَهْنٍ. وَذَلِكَ كَمَا لَوْ رَهَنَ مَدِينٌ مَالًا لَهُ فِي دَيْنٍ عِنْدَ آخَرَ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ إفْلَاسِهِ فَبِمَا أَنَّ دَيْنَ الْمُرْتَهِنِ مُمْتَازٌ فَلَا يَتَدَخَّلُ الْغُرَمَاءُ فِي الرَّهْنِ مَا لَمْ يُؤَدِّ هَذَا الدَّيْنُ عُهْدَةَ الْبَيْعِ: لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ أَمْوَالَ الْمَدِينِ الْمَحْجُورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَعُودُ عُهْدَةُ الْبَيْعِ أَيْ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْمَدِينِ وَلَيْسَ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ أَمِينِهِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ ضُبِطَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَدِينِ بِهِ أَيْضًا وَلَيْسَ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ أَمِينِهِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَلَكِنْ يُتْرَكُ لَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَيْ لِلْمَدِينِ دَسْتُ مِنْ الثِّيَابِ أَوْ دَسْتَانِ عَادِيَانِ مِنْ لِبَاسِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ بِبَيْعِ مَا عَلَيْهِ فَوْقَ الْإِزَارِ وَالسِّرْوَالِ، (الْخَانِيَّةُ) ، وَإِذَا وُجِدَ لِلْمَدِينِ دَسْتُ وَاحِدٌ لِلنَّهَارِ وَدِسْتٌ آخَرُ ثَمِينٌ يَلْبَسُهُ فِي الْأَعْيَادِ وَمَا يُمَاثِلُهَا يُتْرَكُ لَهُ الْأَوَّلُ وَيُبَاعُ الثَّانِي وَعَنْ شُرَيْحُ أَنَّهُ بَاعَ الْعِمَامَةَ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْخَانِيَّةُ) .

يُتْرَكُ لَهُ دَسْتُ أَوْ دَسْتَانِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنْ يُتْرَكَ دَسْتُ وَإِذَا لَمْ يُتْرَكْ زِيَادَةٌ عَنْ دَسْتُ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ عِنْدَ غَسْلِهِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْبَيْتِ مَلُومًا مَحْسُورًا. أَمَّا عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ دَسْتُ وَاحِدٌ وَيُبَاعُ الْبَاقِي (مُنْلَا مِسْكِينٍ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) ؛ لِأَنَّ بِهِ كِفَايَةٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (يُتْرَكُ لَهُ ثَوْبًا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلٍ وَقَوْلُهَا (أَوَثَوْبَيْنِ) إشَارَةٌ إلَى قَوْلٍ آخَرَ. وَعَلَيْهِ فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ لَهُ دَسْتًا وَاحِدًا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لَهُ دَسْتَيْنِ وَبَاعَ الْبَاقِيَ وَأَدَّى دَيْنَهُ. إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمَدِينِ ثِيَابٌ ثَمِينَةٌ وَكَانَ يُمْكِنُ بِالنَّظَرِ إلَى شَخْصِيَّتِهِ وَحَيْثِيَّتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا بَاعَهَا وَاشْتَرَى لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا ثِيَابًا رَخِيصَةً تَلِيقُ بِحَالِهِ وَأَعْطَى بَاقِيَهَا لِلْغُرَمَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ لُبْسَ ذَلِكَ لِلتَّجَمُّلِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ فَرْضٌ عَلَيْهِ (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْمَدِينِ كَانُونٌ نُحَاسٌ يُبَاعُ الْكَانُونُ الْمَذْكُورُ وَيُشْتَرَى لَهُ كَانُونٌ مِنْ الطِّينِ وَالزَّائِدُ يُعْطَى إلَى الْغُرَمَاءِ (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُ بِالنَّظَرِ إلَى أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا بَاعَهَا وَاشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا دَارًا مُنَاسِبَةً لِحَالِ الْمَدِينِ وَأَعْطَى مَا يَزِيدُ لِلْغُرَمَاءِ. وَلَا يُقَالُ يُعْطِي كَامِلَ ثَمَنِ الدَّارِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَيَسْكُنُ الْمَدِينُ دَارًا بِالْأُجْرَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ مَالًا) . قِيلَ (إذَا أَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِمَا دُونَهَا) فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا دُونَهَا جَسَامَةً. مَثَلًا إذَا كَانَتْ دَارُ الْمَدِينِ كَبِيرَةً عَلَيْهِ وَزَائِدَةً عَنْ حَاجَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ فَتُبَاعُ تِلْكَ الدَّارُ إذَا كَانَ فِي الْإِمْكَانِ بَيْعُهَا وَشِرَاءُ غَيْرِهَا بِنِصْفِ ثَمَنِهَا مَثَلًا دَارًا صَغِيرَةً تَكْفِي الْمَدِينَ فِي جِوَارِهَا. يَعْنِي إعْطَاءَ (مَا دُونَهَا) وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْكَانُونِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا آنِفًا فَهِيَ نَظِيرُ ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا دُونَهَا قِيمَةً وَذَلِكَ كَأَنْ تَكُونَ دَارُ الْمَدِينِ فِي مَحَلٍّ مُعْتَبَرٍ لَوْ بِيعَتْ يُمْكِنُ شِرَاءُ مِثْلِهَا فِي مَكَان آخَرَ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ بِنِصْفِ ثَمَنِهَا. مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ دَارٌ فِي (جُفَالٍ أَوْ غُلِّي) فِي إسْتَانْبُولْ تَكْفِي لِاسْتِيعَابِ أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ فَقَطْ وَكَانَتْ إذَا بِيعَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْ ذَهَبَةٍ وَيُمْكِنُ شِرَاءُ دَارٍ بِأَلْفِ ذَهَبَةٍ فِي جِوَارِ بَابِ أَدَرِنَةٍ بِعَيْنِ الْجَسَامَةِ وَالْحَجِّ. وَإِنِّي وَإِنْ لَمْ أَجِدْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَلَامًا صَرِيحًا فِي إعْطَاءِ هَذَا الْمَعْنَى (لِمَا دُونَهَا) أَيْ فِي جَعْلِهِ شَامِلًا لِلْمَعْنَيَيْنِ فَلَا يَرَى الْمَعْنَى الثَّانِيَ مُوَافِقًا لِلْعَدَالَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ دَارٍ مُنَاسِبَةٍ لِحَالِ الْمَدِينِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَيَلْزَمُ تَرْكُهَا لِلْمَدِينِ. وَفِي هَذَا التَّرْكِ مُسَاعَدَةٌ خَاصَّةٌ لِلْمَدِينِ ذَاتِهِ، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ فِي حَالِ وَفَاتِهِ - سَوَاءٌ أَكَانُوا صِغَارًا أَمْ كِبَارًا - أَنْ يَقُولُوا عَنْ دَارِ مُوَرِّثِهِمْ الْمَمْلُوكَةِ أَنَّ مَسْكَنَنَا الشَّرْعِيَّ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِرْثِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مَسْكَنٍ لِلْوَارِثِ حَتَّى إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرِقَةٌ لِلدُّيُونِ فَتَعُودُ جَمِيعُ أَمْوَالِهِ وَعَقَارَاتِهِ الْمَمْلُوكَةِ إلَى دَائِنِيهِ، وَلَا يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ فِيهَا حَقٌّ مَا مُطْلَقًا. وَإِذَا طَلَب دَائِنُو الْمُفْلِسِ حَبْسَ الْمَدِينِ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ وَادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهُ مُفْلِسٌ مُعْسِرٌ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ فَيُحْبَسُ لِكُلِّ دَيْنِ الْتَزَمَ بِهِ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَالْكَفَالَةِ. وَيُحْبَسُ فِي الدَّرَاهِمِ وَفِي أَقَلَّ مِنْهَا وَيُحْبَسُ فِي قَلِيلِ الدَّيْنِ وَكَثِيرِهِ إذَا ظَهَرَ مِنْهُ. الْمَطْلُ (الْجَوْهَرَةُ) .

(المادة 1000) ينفق على المحجور المفلس من ماله

أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْإِعْسَارِ؛ لِأَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَا غِنَاهُ بِهِ فَدَعْوَاهُ الْإِعْسَارُ دَعْوَى زَوَالِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ مَعْنًى حَادِثٌ فَلَا يُصَدَّقُ وَكَذَا إذَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِدَعْوَاهُ أَنْ يُسْقِطَ مَا الْتَزَمَهُ فَلَا يُقْبَلُ (الْجَوْهَرَةُ) لَكِنْ لَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْحَبْسِ بَيِّنَةً عَلَى كَوْنِهِ لَا يُوجَدُ لَدَيْهِ مَالٌ مُطْلَقًا يُخَلَّى سَبِيلُهُ وَيُنْتَظَرُ وَقْتُ يُسْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْمَالِ لَدَيْهِ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَبْسِهِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَإِجْرَاءُ التَّدْقِيقَاتِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُضْرَبُ الْمَحْبُوسُ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُؤَجَّرُ جَبْرًا عَنْهُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يُهَانُ أَمَامَ دَائِنِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَهُ بَاقِي دَيْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] الطَّحْطَاوِيُّ ثُمَّ الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ لَا يَخْرُجُ بِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا لِلْعِيدَيْنِ وَلَا لِلْجُمُعَةِ وَلَا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا فَرِيضَةِ الْحَجِّ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةِ بَعْضِ أَهْلِهِ وَلَوْ أُعْطِيَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَفِي غَيْرِهِمْ لَا يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْجَوْهَرَةُ) وَبَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَبْسِ فَإِذَا كَانَ يَكْسِبُ مَالًا فَيَأْخُذَ الدَّائِنُونَ الزَّائِدَ عَنْ حَاجَتِهِ وَيَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَ الدَّائِنِينَ. وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالطَّالِبِ الْبَيِّنَةَ: الْمَدْيُونُ عَلَى إفْلَاسِهِ وَعُسْرِهِ، وَالطَّالِبُ عَلَى يَسَارِهِ 0 تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ مَدَارَ الْيَسَارِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ الْإِفْلَاسِ حُضُورُ الْمُدَّعِي فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَدِينُ إفْلَاسَهُ فِي غِيَابِهِ يَخْرُجُ أَيْضًا مِنْ الْحَبْسِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ تَكُونُ هَكَذَا: إنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى أَنَّنَا نَعْلَمُ بِأَنَّ فُلَانًا مُفْلِسٌ مُعْدِمٌ وَلَا نَعْلَمُ بِأَنَّ لَهُ شَيْئًا غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَلِبَاسِ اللَّيْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَقَدْ خُصِّصَتْ الدُّيُونُ الَّتِي يَجُوزُ حَبْسُ الْمَدِينِ فِيهَا بِعِبَارَةِ (كُلِّ دُيُونِهِ.) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ فِي عِوَضِ الْمَغْصُوبِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا يُمَاثِلُ ذَلِكَ مِنْ الدُّيُونِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الطَّرَفُ الْآخَرُ غِنَاهُ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ هُوَ الْأَصْلُ فَمَنْ ادَّعَى الْغِنَى يَدَّعِي مَعْنًى حَادِثًا فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (الْجَوْهَرَةُ) وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مَحْجُورًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَجِّحَ بَعْضَ دَائِنِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ دُيُونَهُمْ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ الْآخَرَ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إيثَارُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِذِمَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَلَوْ كَانَ مَحْبُوسًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ، لِأَحَدِهِمَا خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ، وَلِلثَّانِي ثَلَاثُمِائَةِ قِرْشٍ، لِلثَّالِثِ مِائَتَانِ وَكَانَ مَالُهُ عِبَارَةً عَنْ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ وَحَبَسَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثُ مَعًا مُتَّفِقِينَ هَذَا الْمَدِينَ، فَبِمَا أَنَّ لِلْمَدِينِ إذَا كَانَ حَاضِرًا أَنْ يُؤَدِّيَ دُيُونَهُ بِنَفْسِهِ فَلَهُ قَضَاءُ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّ لِلْمَدِينِ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ غَائِبًا، وَالدُّيُونُ ثَابِتَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يُقَسِّمُ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَقْدِيمُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْحَجْرِ) [ (الْمَادَّةُ 1000) يُنْفَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ] (الْمَادَّةُ 1000) - (يُنْفَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ الْمُفْلِسِ وَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فِي مُدَّةِ الْحَجْرِ مِنْ مَالِهِ) كَزَوْجَةِ أَطْفَالِهِ وَذَوِي أَرْحَامِهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَحَوَائِجُ الْمَدِينِ الْأَصْلِيَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ

(المادة 1001) الحجر للدين يؤثر في مال المدين

فَكَمَا أَنَّ عَدَمَ بَيْعِ دَسْتُ وَاحِدٍ مِنْ الثِّيَابِ، وَالْمَسْكَنُ الشَّرْعِيُّ لِلْمَدِينِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا فَلَا يَبْطُلُ بِالْحَجْرِ الْحَقُّ الثَّابِتُ شَرْعًا لِمُسْتَحِقِّ النَّفَقَةِ أَيْضًا. وَبِمَا أَنَّ التَّزَوُّجَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَحْجُورُ بِالدَّيْنِ امْرَأَةً بِمَهْرِ الْمِثْلِ، تَكُونُ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ شَرِيكَةً لِلْغُرَمَاءِ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا، (الْهِدَايَةُ) وَقَوْلُهُ (الْمُفْلِسُ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ فَتَجْرِي أَحْكَامُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي لَيْسَ بِمُفْلِسٍ أَيْضًا، (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1001) الْحَجْرُ لِلدَّيْنِ يُؤْثَرُ فِي مَالِ الْمَدِينِ] (الْمَادَّةُ 1001) - (الْحَجْرُ لِلدَّيْنِ يُؤْثَرُ فِي مَالِ الْمَدِينِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا فِي وَقْتِ الْحَجْرِ فَقَطْ وَلَا يُؤْثَرُ فِي الْمَالِ الَّذِي تَمَلَّكَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ) ، الْحَجْرُ الْمَقْصُودُ هُنَا هُوَ الْحَجْرُ عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (898) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّهِمْ لِغَيْرِهِمْ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ لِآخَرَ بِدَيْنٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَكُونُ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْحَجْرِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَشَرْحِهَا. أَمَّا فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ فِي حَالِ حَجْرِهِ أَوْ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ فَلَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْحَجْرِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّ الدَّائِنِينَ بِهَا، (الْهِدَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ اسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ بَعْدَ الْحَجْرِ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ وَتَبَرُّعَاتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْقَائِمِ لَا بِالْمُسْتَفَادِ، وَكَذَا لَوْ اكْتَسَبَ مَالًا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ لِأَوَّلٍ قَائِمًا وَتَنْفُذُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيمَا اكْتَسَبَ مَعَ إبْقَاءِ دَيْنِ الْأَوَّلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْحَجْرِ وَالْإِذْنِ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: 1 - فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ. 2 - فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَمَلَّكُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ. 3 - فِي الْأَمْوَالِ الزَّائِدَةِ عَنْ دُيُونِ الْحَاجِرِينَ وَيُؤَدِّي مِنْهَا الْمُقَرَّ بِهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (مَادَّةُ 1002) الْحَجْرُ يُؤْثَرُ فِي كُلِّ مَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ] ، (مَادَّةُ 1002) - (الْحَجْرُ يُؤْثَرُ فِي كُلِّ مَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَبَيْعِ مَالٍ بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ وَتَبَرُّعَاتُهُ وَعُقُودُهُ الْمُضِرَّةُ بِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ. وَلَكِنْ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِآخَرَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي وَقْتِ الْحَجْرِ وَيُعْتَبَرُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ وَيَبْقَى مَدِينًا بِأَدَائِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَأَيْضًا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مِمَّا يَكْتَسِبُ بَعْدَ الْحَجْرِ) . الْحَجْرُ يُؤْثَرُ فِي كُلِّ مَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ كَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ وَبَيْعِ مَالٍ بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَيْ مَعَ الْغَبْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا أَمْ فَاحِشًا، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْمَحْجُورُ مَالًا بِالنُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ، (الْعِنَايَةُ) .

تَفْصِيلُ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ: إذَا بَاعَ الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ مَالًا وَكَانَ بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُبْطِلٍ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُمْنَعُ الْمَحْجُورُ مِنْهُ، (الْهِدَايَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ الْغَبْنِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ، كَمَا فِي بَيْعِ الْمَرِيضِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1604) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِأَجْلِ قَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى دَيْنَ بَعْضِهِمْ فَلِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ أَنْ يَسْتَرِدُّوا مِنْ الْغُرَمَاءِ الْقَابِضِينَ كُلٌّ عَلَى حَسَبِ حِصَّتِهِ، (الْخَانِيَّةُ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ الْقَوْلِيَّةُ وَتَبَرُّعَاتُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ الْمُضِرَّةِ بِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ. وَقَدْ قَيَّدَهَا " بِالتَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ "؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ بِالدَّيْنِ مَالَ أَحَدٍ، كَمَا صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (941) ، تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ أَيْضًا، وَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ شَرِيكًا لِسَائِرِ الدَّائِنِينَ فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ، (الْهِدَايَةُ) وَلَكِنْ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَحْجُورٌ امْرَأَةً كَانَ زَوَاجًا صَحِيحًا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ الْغَرِيبَ الْحَاجِرَ فِي مِثْلِ مَهْرِهَا، لَكِنْ لَا تُشَارِكُ فِيمَا يَزِيدُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْزَمُ أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَكْتَسِبُهَا الْمَدِينُ بَعْدَ إذْنِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَإِذَا أَقَرَّ الْمَدِينُ لِآخَرَ فِي الدَّيْنِ يَثْبُتُ إقْرَارُ الْمَحْجُورِ فَقَطْ، لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي وَقْتِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَعَلَّقَ حَقُّ أُولَئِكَ الدَّائِنِينَ بِالْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يُبْطِلُ الْمَحْجُورُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ حُقُوقَهُمْ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ عَلَى الشِّرَاءِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ، وَثَبَتَ الدَّيْنُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، يُعْتَبَرُ هَذَا الدَّيْنُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَيَصِيرُ مُزَاحِمًا لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ إذْ لَا حَجْرَ فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي هَذَا، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَذَا الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ، بَلْ ثَبَتَ بِعِلْمِ الْقَاضِي، فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ فِقْرَتَيْ، (الْأَمْوَالُ الْمُجَوِّدَةُ) وَ (لَا يُعْتَبَرُ. . .) بِعِبَارَةِ (وَقْتِ الْحَجْرِ) أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ هَذَا الْإِقْرَارِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: الْأَوَّلُ - فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ أَثْنَاءَ الْحَجْرِ. الثَّانِي - فِي وَقْتِ الْحَجْرِ يَعْنِي لَا يُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الْحَجْرِ. فَيَنْفُذُ وَيُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا الْمَحْجُورُ فِي أَثْنَاءِ الْحَجْرِ، وَهُوَ عَجُوزٌ وَيُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْفَاضِلَةِ عَنْ الْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ وَالْمَوْجُودَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجْرِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْفِقْرَةَ الْآتِيَةَ مَعْنِيَّةٌ بِالنَّظَرِ إلَى هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ. أَمَّا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ وَعَلَيْهِ فَيَبْقَى مَدِينًا بِأَدَائِهَا ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، وَمَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ أَحَدُ التَّصَرُّفَاتِ، فَقَدْ ذَكَرَتْهُ الْمَجَلَّةُ عَلَى حِدَةٍ مَعَ دُخُولٍ تَحْتَ تَعْبِيرِ، (سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ) .

وَأَيْضًا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَا يَكْتَسِبُ بَعْدَ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْحَجْرِ فِي هَذَا الْمَالِ، عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ، (1001) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْحَجْرِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْحَاضِرِينَ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِدَايَةُ) وَفِي عَصْرِنَا لَا يُحْجَرُ عَلَى الْمَدِينِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ بَلْ تُضْبَطُ أَمْوَالُهُ بِمَعْرِفَةِ الْمَحْكَمَةِ وَتُوقَفُ وَتُبَاعُ بِالْمُزَايَدَةِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ.

الباب الثاني في بيان المسائل التي تتعلق بالإكراه

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْإِكْرَاهِ] الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْإِكْرَاهِ لِلْإِكْرَاهِ تَعْرِيفٌ، وَرُكْنٌ، وَدَلِيلٌ، وَشَرْطٌ، وَحُكْمٌ وَقَدْ بَيَّنَ تَعْرِيفَهُ فِي الْمَادَّةِ، (948) وَرُكْنُهُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُفِيدُ الْإِكْرَاهَ وَدَلِيلُهُ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {إِلا مَنْ أُكْرِهَ} [النحل: 106] وَالْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ «، أَلَا لَا إقَالَةَ فِي الطَّلَاقِ» وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُكْرَهًا فَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ، (الطُّورِيُّ) . شُرُوطُ الْإِكْرَاهِ: لِلْإِكْرَاهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، (الدُّرَرُ) . 1 - كَوْنُ الْمُجْبَرِ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ مَا تَهَدَّدَ بِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1003) 2 - خَوْفُ الْمُكْرَهِ مِنْ وُقُوعِ الْمُكْرَهِ بِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1004) . 3 - كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِهِ مُتْلِفًا لِلنَّفْسِ أَوْ لِلْعُضْوِ أَوْ مُوجِبًا لِلْغَمِّ وَمُعْدِمًا لِلرِّضَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (949) فَلَوْ خَوَّفَ زَوْجَتَهُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْهُ مَهْرَهَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ هَدَّدَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ تَسَرَّى فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْخَانِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ جَائِزٌ شَرْعًا، وَالْأَفْعَالُ الشَّرْعِيَّةُ لَا تُوصَفُ بِالْإِكْرَاهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَا التَّهْدِيدُ بِالشَّتْمِ، (الْقُهُسْتَانِيُّ) أَيْ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ. 4 - كَوْنُ الْمُكْرَهِ مُمْتَنِعًا عَنْ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا لَا يَكُونُ إكْرَاهًا لِفَوَاتِ رُكْنِهِ وَهُوَ فَوْتُ الرِّضَا كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُسْتَدْرَكٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، أَبُو السُّعُودِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَكُونُ الِامْتِنَاعُ بِسَبَبٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِّ نَفْسِهِ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ. السَّبَبُ الثَّانِي: فِي حَقِّ شَخْصٍ آخَرَ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ. السَّبَبُ الثَّالِثُ: فِي حَقِّ الشَّرْعِ، كَالْإِكْرَاهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا، (الْهِنْدِيَّةُ) وَيَكُونُ غَيْرُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ مُبَاحًا: كَمَا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ. مَثَلًا، لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: اشْرَبْ كَأْسَ الْمَاءِ هَذَا، أَوْ بِعْ ثَوْبَكَ مِنْ فُلَانٍ، فَشَرِبَ الْمَاءَ أَوْ بَاعَ الثَّوْبَ، جَازَ الْمَبِيعُ وَصَحَّ وَلَا يَكُونُ بَيْعَ مُكْرَهٍ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ مُحَرَّمًا، كَأَنْ يَكُونَ خَمْرًا، فَيَكُونُ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ بَيْعَ مُكْرَهٍ، (الطَّحْطَاوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيُّ، مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا: مَثَلًا إذَا حَنِثَ أَحَدٌ فِي يَمِينِهِ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فَجَاءَهُ شَخْصٌ فَأَكْرَهَهُ عَلَى إيفَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِدُونِ تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَاتِ وَأَوْفَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَحَدَ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَاتِ جَازَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبَرَ شَيْءٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .

وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي عِدَّةُ نُظُمٍ لِهَذَا: 1 - لَوْ أَصْبَحَ أَحَدٌ بِلَا قُوَّةٍ مِنْ الْجُوعِ وَلَمْ يَأْكُلْ طَعَامَهُ فَأَجْبَرَهُ أَحَدٌ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبَرَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الطَّعَامِ وَإِمْلَاءَ الْبَطْنِ فَائِدَةٌ لِلْمُكْرَهِ، فَلَا يَكُنْ مُوجِبًا لِتَلَفِ الْمَالِ لَكِنْ لَوْ كَانَ بَطْنُهُ مُمْتَلِئًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُجْبَرِ، قَالَ أَبُو السُّعُودِ: أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ طَعَامِ نَفْسِهِ، إنْ جَائِعَ لَا رُجُوعَ وَإِنْ شَبْعَانَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ. 2 - لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَأُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى شِرَائِهِ، وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ وُقُوعِ تَقَابُضِ الْيَدَيْنِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ الَّتِي قَبَضَتْ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ الْوَاقِعِ بِالْإِكْرَاهِ جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَ وَلَا يَلْزَمُ الْجَبْرَ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ إكْرَاهًا مُلْجِئًا فَإِنْ كَانَ مِنْ مُعْتَادِي شُرْبِ الْخَمْرِ وَلَمْ يَزَلْ بَاقِيًا وَمُصِرًّا عَلَى عَادَتِهِ فَلَا يَكُونُ شُرْبُ الْخَمْرِ لَهُ مُبَاحًا بِخِلَافِ مَا إذَا تَابَ وَأَقْلَعَ وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) حُكْمُ الْإِكْرَاهِ، لِلْإِكْرَاهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مُلْجِئًا يُنْقَلُ الْفِعْلُ إلَى الْحَامِلِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمُكْرَهُ فِيهَا آلَةً لِلْمُجْبَرِ الْحَامِلِ وَيُفْرَضُ الْمُجْبِرُ أَنَّهُ إنِّي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ وَالْمُكْرَهَ مَالُهُ فَقَطْ كَإِتْلَافِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَ مُسْلِمٌ مَجُوسِيًّا عَلَى ذَبْحِ شَاةٍ فَإِنَّهُ يُنْقَلُ الْفِعْلُ إلَى الْمُسْلِمِ الْآمِرِ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يُنْقَلُ فِي حَقِّ حِلِّ الذَّبْحِ فِي الدِّينِ وَبِالْعَكْسِ يَحِلُّ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، (وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهِمَ مَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَ النَّفْسِ وَالْمَالِ جَائِزَانِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ أَوْ أَتْلَفَ مَالًا لَهُ يُضَافُ الْقَتْلُ وَالْإِتْلَافُ إلَى الْمُجْبِرِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْفَاعِلُ آلَةً لِلْقَتْلِ وَالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُمَا يَصْلُحَانِ أَنْ يَكُونَا آلَةً لِلْمُجْبِرِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُجْبَرُ أَحَدًا أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ أَمَّا الْأُمُورُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ فِيهَا آلَةٌ فَيَبْقَى الْفِعْلُ فِيهَا مَقْصُورًا عَلَى الْمُكْرَهِ، كَأَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ كَالْأَقْوَالِ وَالْأَكْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِ غَيْرِهِ وَيَأْكُلَ بِفَمِهِ، وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا تُضَافُ الْأَقْوَالُ لِغَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْأَكْلُ لِغَيْرِ الْآكِلِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَالْأَكْلِ إتْلَافٌ، وَحِينَئِذٍ فَيُضَافُ الْقَوْلُ وَالْأَكْلُ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافِ إلَى الْمُجْبَرِ، وَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُجْبَرِ بِبَدَلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَبُو السُّعُودِ، حَتَّى إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الْعِتْقِ يَقَعُ كَأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بِاخْتِيَارِهِ، حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ، وَيُضَافُ إلَى الْمُجْبَرِ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ) . مَثَلًا لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا، وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَالطَّلَاقُ بِمَا أَنَّهُ مِنْ الْأَقْوَالِ، فَقَدْ وَقَعَ مَحْصُورًا بِالْمُتَكَلِّمِ، أَيْ مُضَافًا إلَى الْمُكْرَهِ، كَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ بِلَا إكْرَاهٍ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَانَ يُوجَدُ فِيهِ إتْلَافٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، يَعْنِي وَكَانَ يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ نِصْفُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، فَيُرَاجِعُ الْمُكْرَهُ الْمُجْبِرَ بِذَلِكَ الْمَالِ، (الزَّيْلَعِيّ) وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْعُقُودِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ مِنْ الْأَقْوَالِ فَتُضَافُ إلَى التَّكَلُّمِ، أَيْ الْبَائِعِ، وَيَنْفُذُ

الْبَيْعُ، إلَّا أَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ كَالطَّلَاقِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرِّضَاء لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ، وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْجِهَةُ فِيمَا يَأْتِي. كَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَى قَبُولِ الطَّلَاقِ، فِي مُقَابِلِ مَالٍ، وَقَبِلَهُ، وَقَعَ الطَّلَاقُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْمَالِ أَمَّا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَالرِّضَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، (الزَّيْلَعِيّ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ غَيْرَ فَرْضٍ، (الدُّرَرُ) ، مَثَلًا لَوْ أُكْرِهَ مُسْلِمٌ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ إكْرَاهًا مُلْجِئًا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ مُعْتَادٍ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ مَثَلًا، فَيَكُونُ شُرْبُ الْخَمْرِ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ حَتَّى أَنَّ الْمُكْرَهَ يَأْثَمُ إذَا لَمْ يَشْرَبْ الْخَمْرَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْإِبَاحَةِ فِي أَحْوَالٍ اضْطِرَارِيَّةٍ كَهَذِهِ، وَأَتْلَفَهُ الْمُجْبَرُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الِاخْتِيَارِ أَمَّا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ فَقَدْ أُبْقِيَ عَلَى أَصْلِهِ حَلَالًا؛ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - {إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] وَعَلَيْهِ فَشُرْبُ الْخَمْرِ مَثَلًا قَدْ أُبِيحَ فِي هَذَا الْحَالِ بِنَاءً عَلَى الْإِكْرَاهِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ بِامْتِنَاعِهِ فِي حَقِّ إتْلَافِ النَّفْسِ مُعَيَّنًا لِلْغَيْرِ، (أَبُو السُّعُودِ) لَكِنَّهُ إنَّمَا يَأْثَمُ إذَا عَلِمَ بِالْإِبَاحَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ فِي انْكِشَافِ الْحُرْمَةِ خَفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْفُقَهَاءُ، فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَالْجَهْلِ بِالْخِطَابِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ قِيلَ: إضَافَةُ الْإِثْمِ إلَى تَرْكِ الْمُبَاحِ مِنْ بَابِ فَسَادِ الْوَضْعِ وَهُوَ فَاسِدٌ، فَالْجَوَابُ - أَنَّ الْمُبَاحَ إنَّمَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَالْإِتْيَانُ بِهِ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ، وَهَهُنَا قَدْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَتْلُ النَّفْسِ الْمُحَرَّمِ، فَصَارَ التَّرْكُ حَرَامًا؛ لِأَنَّ مَا أَفْضَى إلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ، (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْعِنَايَةِ) ، أَقُولُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِثْمَ لَيْسَ عَلَى تَرْكِ الْمُبَاحِ بَلْ عَلَى تَرْكِ الْفَرْضِ، (الطُّورِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ أَحَدًا مَخْمَصَةٌ فَامْتَنَعَ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَيْتَةِ يَأْثَمُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ: حَظْرُ عَمَلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ، يَعْنِي كَوْنَ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ حَرَامًا، (الدُّرَرُ) فَلَوْ أُكْرِهَ مُسْلِمٌ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ إكْرَاهًا غَيْرَ مُلْجِئٍ، فَلَا يَصِيرُ شُرْبُهُ الْخَمْرَ حَلَالًا، بَلْ يَكُونُ حَرَامًا كَالْأَوَّلِ؛ إذْ لَا ضَرُورَةَ فِي إكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ، لِعَدَمِ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ الْعُضْوِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى قَتْلِ النَّفْسِ أَوْ قَطْعِ عُضْوِ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى الزِّنَا إكْرَاهًا مُلْجِئًا، يَكُونُ ارْتِكَابُ فِعْلِ الْقَتْلِ أَوْ قَطْعِ الْعُضْوِ أَوْ الزِّنَا حَرَامًا؛ لِأَنَّ الزِّنَا كَالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا هَالِكٌ حُكْمًا لِعَدَمِ مَنْ يُرَبِّيهِ، فَلَا يُسْتَبَاحُ لِضَرُورَةٍ مَا، (الدُّرَرُ) كَمَا لَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا أَوْ يَقْطَعَ عُضْوَهُ أَوْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ أَوْ يَشْتُمَهُ أَوْ يُؤْذِيَهُ، (الطُّورِيُّ) لَوْ قِيلَ لَهُ لِيَأْكُلْ هَذِهِ الْمَيْتَةَ أَوْ يَقْتُلْ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَلَا يَقْتُلُ الرَّجُلَ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهَا حَتَّى قُتِلَ فَهُوَ آثِمٌ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَقَتَلَ الرَّجُلَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، (الْهِنْدِيَّةُ بِتَغْيِيرٍ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَنْ يَصْبِرَ وَلَا يَقْتُلُ وَلَوْ قُتِلَ هُوَ يُثَابُ بِسَبَبِ امْتِنَاعِهِ عَنْ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، (الزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ مَثَلًا بِمِثْلِ هَذِهِ الضَّرُورَاتِ، (وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مُبَاحًا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَتَخْلِيصِ النَّفْسِ) ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُرَخَّصُ لِضَرُورَةٍ مَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ قَتَلَهُ وَكَذَا يَقْتُلُهُ بِإِخْرَاجِهِ السَّرِقَةَ إذَا لَمْ يُلْقِهَا بِصِيَاحٍ عَلَيْهِ، أَوْ بِإِتْيَانِهِ حَلِيلَتَهُ كَذَلِكَ، (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) ، وَمَعَ هَذَا فَلَوْ قَتَلَهُ كَانَ قَتْلَ عَمْدٍ. وَإِذَا كَانَ الْمُجْبَرُ مُكَلَّفًا لَزِمَ الْمُجْبَرَ الْقِصَاصُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُكْرِه مُكَلَّفًا أَيْ عَاقِلًا بَالِغًا، لَا

(مادة 1003) يشترط أن يكون المجبر مقتدرا على إيقاع تهديده

الْمُكْرَهَ، لَكِنَّ الْمُكْرَهَ يَأْثَمُ إثْمَ الْقَاتِلِ، (أَبُو السُّعُودِ) . أُكْرِهَ رَجُلٌ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ، وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَهْوَنُ مِنْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَطْعَ يَنْتَصِرُ وَلَا يُسْرِي، (الطُّورِيُّ) . فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ فَعَلَى الْمُجْبِرِ الْقَوَدُ، وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُجْبِرِ، (الطَّحْطَاوِيُّ مُلَخَّصًا) . الْحُكْمُ الرَّابِعُ: كَوْنُ عَمَلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ مُبَاحًا وَمُرَخَّصًا بِهِ، (الدُّرَرُ) فَلَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ إكْرَاهًا مُلْجِئًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَيُرَخَّصُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي إتْلَافِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ. وَلَا يَأْثَمُ إذَا أَتْلَفَهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ وَصَبَرَ مُرَجِّحًا الْمَنْعَ الْأَصْلِيَّ لِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَقُتِلَ فَيُثَابُ، (الْكَنْزُ، وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ ظُلْمٌ وَلَا يُبَاحُ الظُّلْمُ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (مَادَّةُ 1003) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ] ، (مَادَّةُ 1003) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ إكْرَاهٌ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ وَتَنْفِيذِهِ) اقْتِدَارُ الْمُجْبِرِ عَلَى إيقَاعِ مَا تَهَدَّدَ بِهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِكْرَاهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْحَامِلَ فَشَمِلَ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ وَمُخْتَلِطَ الْعَقْلِ إذَا كَانَ مُطَاعًا مُسَلَّطًا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ مُعْدِمٌ لِرِضَا الْمُكْرَهِ وَمُفْسِدٌ لِاخْتِيَارِهِ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي صُورَةِ اقْتِدَارِ الْمُجْبِرِ عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّهْدِيدُ إكْرَاهًا بَلْ هَذَيَانًا، (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَبِتَحْقِيقِ الْإِكْرَاهِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِالْغَيْرِ مُكْنَةً، وَكَانَ الْخَلَاصُ مِنْ الْجَبْرِ الْمَذْكُورِ قَابِلًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَقْسَامُ التَّهْدِيدِ: كَمَا يَكُونُ التَّهْدِيدُ صَرَاحَةً يَكُونُ دَلَالَةً، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِتْلَافِ مَالِ أَحَدٍ وَلَمْ يَتَهَدَّدْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْ ذَلِكَ الْمَالَ، كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْجَاءَ بِاعْتِبَارِ الْخَوْفِ وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَالْمَأْمُورُ لَوْ عَلِمَ، بِدَلَالَةِ الْحَالِ، أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا يَخَافُ مِنْهُ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ، فَيَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا، (أَبُو السُّعُودِ بِتَغْيِيرٍ مَا) . وَيُبَيِّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرْطَ الْمُجْبِرِ، وَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَيْهِ فِي قِسْمَيْ الْإِكْرَاهِ الْمُحَرَّرِينَ فِي الْمَادَّةِ، (949) أَيْضًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مُتَغَلِّبٍ كَاللِّصِّ وَقُطَّاعِ الطُّرُقِ مُجْبِرًا كَمَا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (39) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ فَالْمُجْبِرُ الَّذِي يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ وَإِجْرَائِهِ يَكُونُ إكْرَاهُهُ مُعْتَبَرًا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إكْرَاهُهُ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَ غَيْرِ الْمُقْتَدِرِ هَذَيَانٌ، (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمْثِلَةٌ لِلْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ: لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ، بَعْدَ أَنْ اتَّفَقَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى طَلَاقِهَا مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا، أَنَّ

(مادة 1004) يشترط خوف المكره من المكره به

ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ قَدْ وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ، أَثْبَتَتْ دَعْوَاهَا فَلَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَهْرًا بَعْدَ الْحُكْمِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ غَيْرَ مُمْكِنٍ إذْ فِي الْبَلَدِ ضَابِطٌ وَحَاكِمٌ، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا أُكْرِهَ شَخْصٌ آخَرَ، فِيمَا بَيْنَهُمَا، عَلَى الذَّهَابِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ دَارِهِ، فَذَهَبَ الْمُكْرَهُ إلَى الْقَاضِي وَبَاعَهُ دَارِهِ مُكْرَهًا، حَرَّرَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حُجَّةَ الْبَيْعِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي، إذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ الْإِكْرَاهَ، أَخَذَ الدَّارَ مِنْ الْبَائِعِ بِحُجَّةِ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِحُصُولِ الْبَيْعِ مِنْهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا، وَإِنَّهُ لَا إكْرَاهَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْمَكَانِ فِي الْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمُدُنِ، كَالْقُدْسِ وَحَيْفَا، مُمْكِنٌ، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْبَهْجَةُ، وَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . [ (مَادَّةُ 1004) يُشْتَرَطُ خَوْفُ الْمُكْرَهِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِهِ] ، (مَادَّةُ 1004) -، (يُشْتَرَطُ خَوْفُ الْمُكْرَهِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِهِ. يَعْنِي يُشْتَرَطُ حُصُولُ ظَنٍّ غَالِبٍ لِلْمُكْرَهِ بِإِجْرَاءِ الْمُجْبِرِ الْمُكْرَهَ بِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِكْرَاهِ خَوْفُ الْمُكْرَهِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِهِ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا، وَيَحْصُلُ ظَنٌّ غَالِبٌ لِلْمُكْرَهِ بِإِجْرَاءِ الْمُجْبِرِ الْمُكْرَهِ بِهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَكْرَهَ عَلَيْهِ لِيَصِيرَ بِهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا دُعِيَ إلَيْهِ مِنْ الْفِعْلِ وَالْمُبَاشَرَةِ، (الدُّرَرُ) . أَقُولُ هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخَوْفَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ قُدْرَةِ الْحَامِلِ، كَمَا لَا حَاجَةَ إلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ، أَيْ كَوْنُ الْمُكْرَهِ مُمْتَنِعًا مِنْهُ، بَعْدَ أَنْ اُعْتُبِرَ فِي نَوْعَيْ الْإِكْرَاهِ كَوْنُهُ مُقَوِّمًا لِرِضَاهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُمْتَنِعًا مِنْهُ كَانَ رَاضِيًا فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ كَمَا لَا يَخْفَى، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . قَدْ اُعْتُبِرَ هُنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ الْغَالِبَ حُجَّةٌ يُعْمَلُ لَهَا، لَا سِيَّمَا إذَا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْيَقِينِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ ظَنُّ الْمُكْرَهِ الْغَالِبِ بِأَنَّ الْمُجْبِرَ لَا يُوقِعُ مَا تَهَدَّدَ بِهِ، فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهِ. وَلَوْ تَوَعَّدَهُ وَتَهَدَّدَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ تَتَحَقَّقْ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَخَفْ الْمُكْرَهُ فَلَا يَكُونُ قَدْ أُجْبِرَ، (الْهِنْدِيَّةُ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) . قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ الرَّابِعَةِ مِثَالٌ آخَرُ فِي الْعَمَلِ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَكَّ فِي إجْرَاءِ الْمُكْرَهِ بِهِ فِيمَا لَوْ لَمْ يَأْتِ الْمُكْرَهُ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُجْبِرِ فِي هَذَا الشَّأْنِ مِنْ قَبِيلِ الْمِزَاحِ، فَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الظَّنُّ الْغَالِبُ عِنْدَ فَقْدِ الْأَدِلَّةِ، (الطُّورِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ) . وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ تَعْبِيرَ وُقُوعِ الْمُكْرَهِ بِهِ مُطْلَقًا، فَقَدْ شَمِلَتْ وُقُوعَهُ عَاجِلًا وَآجِلًا، وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَهَدَّدَهُ الْمُجْبِرُ بِالْإِتْلَافِ بَعْدَ مُدَّةٍ وَحَصَلَ عِنْدَ الْمُكْرَهِ ظَنٌّ غَالِبٌ بِإِيقَاعِ الْمُكْرَهِ مَا تَهَدَّدَهُ بِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أُكْرِهَ أَيْضًا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمُكْرَهُ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ، (949) وَعَلَيْهِ لَوْ أُكْرِهَ مَثَلًا بِقَتْلِ النَّفْسِ وَالضَّرْبِ كَانَ مُعْتَبَرًا، أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَهَدَّدَهُ بِضَرْبَةٍ أَوْ ضَرْبَتَيْنِ هَكَذَا عَلَى مَذَاكِيرِهِ أَوْ عَيَّنَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (مَادَّةُ 1005) فِعْلَ الْمُكْرَهِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ أَوْ حُضُورِ تَابِعِهِ] ، (مَادَّةُ 1005) -، (إنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ أَوْ حُضُورِ

(مادة 1006) لا يعتبر البيع الذي وقع بإكراه معتبر

تَابِعِهِ يَكُونُ الْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرًا. وَأَمَّا إذَا فَعَلَهُ فِي غِيَابِ الْمُجْبِرِ أَوْ تَابِعِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ فَعَلَهُ طَوْعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ. مَثَلًا لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَذَهَبَ الْمُكْرَهُ وَبَاعَ مَالَهُ فِي غِيَابِ الْمُجْبِرِ وَمَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا) يُشْتَرَطُ أَنْ يَخَافَ الْمُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ التَّابِعِ خَوْفَهُ مِنْ الْمُجْبِرِ الْمَتْبُوعِ، (الطُّورِيُّ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْهُ هَذَا الْخَوْفَ فَيَكُونُ قَدْ زَالَ الْإِكْرَاهُ حَقِيقَةً فَإِذَا حَصَلَ خَوْفٌ مِنْ عَوْدَةِ الْإِكْرَاهِ، فَهَذَا الْحَالُ لَا يَثْبُتُ إكْرَاهًا، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَأَمَّا إذَا فَعَلَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ فِي غِيَابِ الْمُجْبِرِ أَوْ تَابِعِهِ أَوْ فِي حُضُورِ التَّابِعِ وَهُوَ لَا يَخَافُ مِنْهُ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ فَعَلَهُ طَوْعًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَخَوْفًا مِنْ عَوْدَةِ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ غَابَ الْمُكْرَهُ عَنْ نَظَرِ مَنْ أَكْرَهَهُ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ رَسُولًا لِيُحْضِرَ فُلَانًا إنْ لَمْ يَفْعَلْ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ وَكَانَ الرَّسُولُ الْمَذْكُورُ مُقْتَدِرًا عَلَى إحْضَارِهِ، وَخَافَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ الشَّيْءَ الْمَذْكُورَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الشَّيْءَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الرَّسُولِ، كَانَ إكْرَاهًا وَإِلَّا فَلَا. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَعْوَانَ الظُّلْمَةِ لَا يَعْذِرُونَ فِي أَحَدِهِمْ ظُلْمًا فِي غِيَابِ الظَّالِمِ أَوْ رَسُولِهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَذَهَبَ الْمُكْرَهُ وَبَاعَ مَالَهُ فِي غِيَابِ الْمُجْبِرِ وَمَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا، (النَّتِيجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَبِلَ أَحَدٌ بِالْوَكَالَةِ عَنْ رَجُلٍ غَائِبٍ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مَهْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُولَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَنَّ زَوْجِي أَجْبَرَنِي قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَى الْقَبُولِ الْمَذْكُورِ فَقَبِلَ الْوَكِيلُ طَلَاقِي عَلَى مَهْرِي، فَإِنَّنِي أُرِيدُ مَهْرِي، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُلَخَّصًا) . [ (مَادَّةُ 1006) لَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ الَّذِي وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ] (مَادَّةُ 1006) -، (لَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ الَّذِي وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ وَلَا الشِّرَاءُ وَلَا الْإِيجَارُ وَلَا الْهِبَةُ وَلَا الْفَرَاغُ وَلَا الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ مَالٍ وَلَا تَأْجِيلُ الدِّينِ وَلَا إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ، مُلْجِئًا كَانَ الْإِكْرَاهُ أَوْ غَيْرُ الْمُلْجِئِ، وَلَكِنْ لَوْ أَجَازَ الْمُكْرَهُ مَا ذَكَرَ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ يُعْتَبَرُ) يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَيَبْطُلُ بِالْهَزْلِ كَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْمَتْنِ، أَمَّا مَا لَا يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ مِنْ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ، وَتَكُونُ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَسَتُوَضَّحُ قَرِيبًا وَيَصِيرُ تَعْدَادُهَا. فَعَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ الْبَيْعُ الَّذِي وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ وَلَا الشِّرَاءُ وَلَا الْإِيجَارُ وَلَا الِاسْتِئْجَارُ وَلَا الْهِبَةُ وَلَا الصَّدَقَةُ وَلَا الْفَرَاغُ، يَعْنِي فَرَاغَ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْأَرَاضِيِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ مِنْ

الْمُسْتَغَلَّاتِ، وَلَا الصُّلْحُ وَالْإِقْرَارُ بِالْمَالِ وَالْإِقْرَارُ بِالْعَقْدِ وَالْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ مَالٍ، أَيْ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْحُقُوقِ، وَلَا تَأْجِيلُ الدَّيْنِ وَلَا إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ، وَلَا قَبُولُ الْكَفَالَةِ وَالْوَقْفِ وَالرَّهْنِ، وَلَا يَكُونُ لَازِمًا، أَيْ يَكُونُ مُنْعَقِدًا وَنَافِذًا وَقَابِلًا الْفَسْخَ، وَفِي الْبَيْعِ مَثَلًا يُفِيدُ الْمِلْكَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ، (الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . حَتَّى إنَّهُ لِلْمُكْرَهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَنْ يَفْسَخَهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ إذَا شَاءَ، لَكِنْ لَوْ أَوْقَعَ فِي هَذَا الْمَبِيعِ فِعْلًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَفَعَلَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْفِعْلَ فِي الْمَغْصُوبِ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَبْقَى لِلْبَائِعِ فِيهِ حَقٌّ فِي الِاسْتِرْدَادِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حِنْطَةً وَصَارَتْ دَقِيقًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفِيدُ بَيْعُ الْمُكْرَهِ الْمِلْكَ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، (الطُّورِيُّ) مُلْجِئًا كَانَ الْإِكْرَاهُ أَوْ غَيْرَ مُلْجِئٍ. وَلَا تُسْقِطُ وَفَاةُ أَحَدٍ مِنْ الْمُجْبِرِ وَالْمُكْرَهِ حَقَّ الْفَسْخِ، فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُجْبِرُ تُؤْخَذُ التَّضْمِينَاتُ اللَّازِمَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُكْرَهُ يَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ الزِّيَادَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالثَّمَرِ وَالْوَلَدِ أَمْ لَمْ تَكُنْ، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ كَالسَّمْنِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِلْفَسْخِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ فَمَانِعَةٌ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ. مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا. وَفِي الْبَحْرِ مَتَى فَعَلَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ يَعْنِي فِعْلًا فَاسِدًا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الْغَصْبِ، يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الِاسْتِرْدَادِ، كَمَا إذَا كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ مَضْمُونَةً بِالتَّعَدِّي. وَالْمُكْرَهُ إذَا أَجَازَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ يَكُونُ مُعْتَبَرًا حِينَئِذٍ أَيْ لَازِمًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَالْإِقْرَارَ يُثْبِتَانِ الْمِلْكَ وَلَوْ كَانَا بِإِكْرَاهٍ. الْإِكْرَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ مُلْجِئًا أَمْ غَيْرَ مُلْجِئٍ فَهُوَ مُعْدِمٌ لِلرِّضَا وَبِمَا أَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِقْرَارِ، فَتَفْسُدُ الْعُقُودُ بِفَوَاتِ الرِّضَا وَيَكُونُ حَقُّ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ عَائِدًا إلَى الْمُكْرَهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَيْهِ فَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَى الْمَبِيعَ مِنْ بَائِعِهِ مُكْرَهًا بِقَبْضِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (371) . لَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ فَلَا تَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ لَازِمَةً، وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ الْقَابِلِ لِلنَّقْضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ. كَذَلِكَ يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِالْإِكْرَاهِ إذَا قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إذَا وُجِدَ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ يَقْتَضِي الْمِلْكَ، لَكِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ، فَفِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ فِيهَا قَابِلًا لِلنَّقْصِ يَنْقُضُ وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى صَاحِبِهِ. كَمَا سَيُفَصَّلُ فِيمَا سَيَأْتِي، الْعُقُودُ الَّتِي تَنْفُذُ وَاَلَّتِي لَا تَنْفُذُ بِالْإِكْرَاهِ الْمَذْكُورِ سَتُوَضَّحُ كَمَا سَيَأْتِي، فَالْمُكْرَهُ عَلَيْهِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَا كَانَ قَابِلًا وَمُحْتَمِلًا لِلْفَسْخِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا تَبْطُلُ بِالْهَزْلِ وَإِلَيْكَ فِيمَا يَلِي تَعْدَادُهَا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) : الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالنَّذْرُ، وَالْعَتَاقُ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَالرَّجْعَةُ وَالْإِيلَاءُ، فِي الْإِيلَاءِ، الظِّهَارُ، الْيَمِينُ، التَّدْبِيرُ، الِاسْتِيلَاءُ، الرَّضَاعُ، الْحَلِفُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ عِتْقِ الْعَبْدِ، وَالتَّوْكِيلُ بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، وَإِيجَابُ الْحَجِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِيجَابُ الصَّدَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَإِنَّنَا نَكْتَفِي بِإِيضَاحِ بَعْضِهَا: إيضَاحُ الطَّلَاقِ: لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأُكْرِهَ عَلَى تَطْلِيقِهَا، (طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ) وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، (وَالدُّخُولُ حُكْمًا هُوَ الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ) ، وَطَلَّقَهَا بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ. وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الَّذِي يَلْزَمُهُ عَلَى الْمُجْبِرِ، (الْبَهْجَةُ، الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِيهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ، (الطُّورِيُّ) . لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ هُنَا تَقَرَّرَ بِالدُّخُولِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَالدُّخُولُ لَيْسَ بِصُنْعٍ مِنْ الْمُجْبِرِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِتَغْيِيرٍ وَفِي الْجَوْهَرَةِ تَفْصِيلُ ذَلِكَ) . وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَالَ أَرَدْتُ بِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَاكِمِ كَمَا طَلَبَ مِنِّي أَوْ قَالَ أَرَدْتُ الْإِتْيَانَ بِمَطْلُوبِهِ أَمَّا إذَا قَالَ أَرَدْتُ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا فَيَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا أُكْرِهَ فَكَانَ طَائِعًا فِي ذَلِكَ فَلَا يَصْدُقُ قَضَاءً وَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَهُ، (الطُّورِيُّ) . إيضَاحُ الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ: لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ عَلَى قَبُولِ الطَّلَاقِ عَلَى مَهْرِهَا، وَقَبِلَتْ هِيَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، لَكِنْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَلَكِنْ لَوْ أَجَازَتْ الزَّوْجَةُ الطَّلَاقَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ إجَازَتُهَا صَحِيحَةً وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَصَارَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَمَا لَوْ أُكْرِهَ الزَّوْجُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي مُقَابِلِ أَلْفِ قِرْشٍ أَوْ أُكْرِهَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى قَبُولِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ مَالٍ. وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الصُّلْحِ مِنْ الْقُوَّةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِيهِ) . إيضَاحُ النِّكَاحِ، لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مُكْرَهًا جَازَ النِّكَاحُ، وَلَكِنْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّزْوِيجِ بِهَا بِأَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَزَوَّجَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ الزَّائِدُ عَنْ الْمَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ جَوَازِ النِّكَاحِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الطَّحْطَاوِيُّ فَتَجُوزُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ أَيْضًا وَيَأْخُذُهَا الْمُكْرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُجْبِرِ، (الْبَزَّازِيَّةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَتْ امْرَأَةٌ عَلَى التَّزَوُّجِ مِنْ أَحَدٍ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَزَوَّجَتْهُ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ ضَمَانٌ، (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . لَكِنْ لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوَّجَ أَحَدٌ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ مُكْرَهًا فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ. مَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَهْرُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . إيضَاحُ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ: لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ قَتْلًا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَعَفَا وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ الْبَارِّ عَنْ الْقَاتِلِ مِنْ الْقِصَاصِ مُكْرَهِينَ كَانَ صَحِيحًا وَكَمَا أَنَّ الْمُجْبِرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِلْوَرَثَةِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالدِّيَةِ، (النَّتِيجَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . كَذَلِكَ لَوْ أُجْبِرَ الْقَاتِلُ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ وَقَبِلَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ، أَيْ بَدَلَ الصُّلْحِ، لَكِنْ يَبْطُلُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْمَالِ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ مَعَ الْإِكْرَاهِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . فَلَوْ تَصَالَحَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ مُكْرَهًا، وَالْقَاتِلُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ جَازَ، وَلَزِمَ الْقَاتِلَ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ ضَمَانُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

إيضَاحُ الْإِرْضَاعِ: لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ امْرَأَةً عَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ، وَأَرْضَعَتْهُ مُكْرَهَةً، أَوْ لَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ مِنْ لَبَنِهَا وَفَعَلَتْ، ثَبَتَتْ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . إيضَاحُ الْيَمِينِ: لَوْ حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ مُكْرَهًا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْحَالِفُ تِلْكَ الدَّارَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَشْيَاءُ الْقَابِلَةُ لِلْفَسْخِ، (أَبُو السُّعُودِ) وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي: قَدْ جُمِعَ فِي الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ لَا يَجُوزُ بِالْإِكْرَاهِ. وَقَدْ ذَكَرَ آنِفًا بَعْضَ الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ مُجْمَلَةً وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُهَا فِيمَا سَيَأْتِي: 1 - فِي الْبَيْعِ: الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بِالْإِكْرَاهِ أَيْ مُعْتَبَرًا يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ نَافِذٌ، أَيْ مُنْعَقِدٌ، لَكِنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فِي الْمَبِيعِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْإِكْرَاهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكْرَهًا أَمْ الْبَائِعُ فَقَطْ أَمْ الْمُشْتَرِي فَقَطْ. وَأَيُّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَانَ مُكْرَهًا فَلَهُ حَقٌّ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ لَوْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بِذَلِكَ. أَمَّا الطَّرَفُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخُ الْعَقْدِ بِدُونِ الرِّضَا، (الطُّورِيُّ) . وَسَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ قَرِيبًا. بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَابِلٌ لِلْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ، وَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ. وَبَيْعُ الْمُكْرَهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ جَائِزٌ وَمُعْتَبَرٌ أَيْ لَازِمٌ. وَالْإِجَازَةُ فِيهِ تُزِيلُ الْحُرْمَةَ. أَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ، أَيْ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ، (الطَّحْطَاوِيُّ مُلَخَّصًا) . كَذَلِكَ لَوْ فَسَخَ الْمُكْرَهُ الْبَيْعَ انْفَسَخَ وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ مُكْرَهًا ثُمَّ بَاعَهُ هَذَا مِنْ غَيْرِ بَيْعِ رِضًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَإِذَا لَمْ يُجِزْهُ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ، (النَّتِيجَةُ، وَالْبَهْجَةُ) ، وَإِذَا وَقَعَ تَدَاوُلُ الْأَيْدِي فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ، فَأَيُّ عَقْدٍ أَجَازَهُ الْمُكْرَهُ كَانَ الْكُلُّ جَائِزًا. فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ مُكْرَهًا وَهَذَا بَاعَهُ رِضَاءً مِنْ غَيْرِهِ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ آخَرَ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ غَيْرِهِ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ، أَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ الثَّالِثَ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ إذَا أَجَازَ بَعْضَ الْعُقُودِ فَقَدْ زَالَ الْإِكْرَاهُ وَأَصْبَحَ طَائِعًا رَاضِيًا وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِذَلِكَ جَائِزًا فَقَدْ أَصْبَحَتْ الْعُقُودُ كُلُّهَا جَائِزَةً وَيَأْخُذُ الْمُكْرَهُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، (الطُّورِيُّ) . وَتَعْيِينُ الْمُشْتَرِي فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَلَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِي فَبَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَالَهُ مِنْ أَحَدٍ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْإِكْرَاهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُكْرَهٍ، (الْبَزَّازِيَّةُ) . مُخَالَفَةُ الْمُكْرَهِ الْمُجْبِرَ فِي الثَّمَنِ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَبَاعَهُ بِأَقَلَّ كَأَنْ يَكُونَ بَاعَهُ بِتِسْعِينَ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُكْرَهٍ؛ لِأَنَّ الْمُجْبِرَ عَرَّضَ الْمُكْرَهَ لِلضَّرَرِ، وَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ بِالْأَقَلِّ بَاعِثٌ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَكْثَرِ إكْرَاهٌ عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ. أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ نَفَذَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَكُونُ قَدْ اكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ النَّفْعَ، (الطُّورِيُّ) .

مُخَالَفَةُ الْمُكْرَهِ فِي نَوْعِ الْعَقْدِ: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهِ فِيهَا جَازَتْ الْهِبَةُ، (الْبَزَّازِيَّةُ) . زَوَائِدُ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بِالْإِكْرَاهِ: أَمَّا فِي زَوَائِدِ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بِالْإِكْرَاهِ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً وَتَلِفَتْ بِالتَّعَدِّي لَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَبَقِيَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ. وَإِذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهَا فِي حَالِ وُجُودِهَا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ بِلَا تَعَدٍّ. لَكِنْ لَوْ اُسْتُهْلِكَتْ لَزِمَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الضَّمَانُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا. وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَمَعَهُ زَوَائِدُ مُنْفَصِلَةٌ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، (التَّنْقِيحُ) . أَنْوَاعُ الْإِجَازَةِ: الْإِجَازَةُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْإِجَازَةُ قَوْلًا وَصَرَاحَةً، كَقَوْلِ الْمُكْرَهِ أَجَزْتُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ أَوْ أَعْطَيْتُ إجَازَةً بِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الْإِجَازَةُ الْفِعْلِيَّةُ، فَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمُكْرَهُ طَائِعًا ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي طَائِعًا نَفَذَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (68) ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْبَيْعِ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَكُنْ التَّسْلِيمُ فِيهِ دَاخِلًا فِي الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . (فِيهِ أَنَّ هَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَمَّا فِي الْفَاسِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ) ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْإِكْرَاهِ) . لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مُسْتَلْزِمًا الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ، كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (86) ، فَإِذَا وَهَبَ مُكْرَهًا وَسَلَّمَ الْمَوْهُوبُ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ فَلَا تَنْفُذُ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُجْبِرِ هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمَوْهُوبِ لَا لَفْظُ الْهِبَةِ. وَالِاسْتِحْقَاقُ فِي الْهِبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (837) . فَكَانَ التَّسْلِيمُ فِي الْهِبَةِ دَاخِلًا فِي الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ، وَالْهِدَايَةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُكْرَهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ طَائِعًا بَلْ قَبَضَهُ مُكْرَهًا أَوْ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ طَائِعًا بَلْ سَلَّمَهُ مُكْرَهًا، فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِسَبَبِ عَدَمِ الرِّضَا، فَلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَنْ يَرُدَّ هَذَا الثَّمَنَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ، وَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي، وَالْقَبْضُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّمَا يَجِبُ الضَّمَانُ إذَا قَبَضَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى قَبْضِهِ فَكَانَ أَمَانَةً، (الدُّرَرُ) . يُوجَدُ بَيْنَ بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فُرُوقٌ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ، (أَبُو السُّعُودِ) . 1 - يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكْرَهِ بِالْإِجَازَةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ يَنْقَلِبُ بِالْإِجَازَةِ إلَى الصِّحَّةِ، مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةٍ كَهَذِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَاشِئٌ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ، أَمَّا فَسَادُ بَيْعِ الْمُكْرَهِ فَنَاشِئٌ عَنْ حَقِّ الْعَبْدِ.

2 - تُنْقَضُ التَّصَرُّفَاتُ الْقَابِلَةُ لِلنَّقْضِ، كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَى مِنْ الْمُكْرَهِ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ، وَلَوْ وَقَعَ تَدَاوُلُ الْأَيْدِي، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ، (372) أَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا فَلَا يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهِ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ عَنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَحَقُّ الْمُكْرَهِ لَمَّا كَانَ مُسَاوِيًا لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فَلَا يَسْتَدْعِي وُجُودُ الْحَقِّ الثَّانِي بُطْلَانَ الْحَقِّ الْأَوَّلِ، أَمَّا الِاسْتِرْدَادُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَبِمَا أَنَّهُ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي حَقُّ الْعَبْدِ. فَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ لِغِنَى الرَّبِّ تَعَالَى، (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - إذَا تَصَرَّفَ مُشْتَرِي الْمَالِ الْمَبِيعِ فِيهِ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ وَفَسْخُهُ، فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُجْبِرُ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَأْخُذُ مِثْلَهُ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ وَقْتَ تَسْلِيمِهِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ إيَّاهُ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إحْدَاثِهِ الْحَالَ الْغَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّقْضِ، (الْبَزَّازِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ عَلَى الْمَالِ بِهَذَا الْإِحْدَاثِ حَقَّ اسْتِرْدَادِهِ. وَفِي كَوْنِ الْمُكْرَهِ مُخَيَّرًا فِي التَّضْمِينِ نَظَرٌ لَهُ حَيْثُ يَحْتَارُ لِأَكْثَرَ عِنْدَ التَّفَاوُتِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا الْمُشْتَرِي الَّذِي يَشْتَرِي مَالًا شِرَاءً فَاسِدًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (371) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - الثَّمَنُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْبَيْعِ أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكْرَهِ عَلَى الشِّرَاءِ أَمَانَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَخَذَ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَمَتَى كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَلُّكِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ، بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (768) وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ، (371) ، أَمَّا بَيْعُ الْمُكْرَهِ إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا مَالًا مِنْ أَحَدٍ وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ، وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرَرُ) صُوَرٌ ثَلَاثٌ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ: تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ الْمُكْرَهِ 1 - كَوْنُ الْبَائِعِ مُكْرَهًا فَقَطْ. 2 - كَوْنُ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا فَقَطْ. 3 - كَوْنُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُكْرَهَيْنِ مَعًا. وَبِمَا أَنَّ أَحْكَامَ هَذِهِ الصُّوَرِ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِلَيْكَ الْإِيضَاحُ فِيمَا يَلِي: تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُكْرَهًا فَقَطْ: أُوَلًا، لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً وَبَاعَهُ بِمَا قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْ النُّقُودِ الذَّهَبِيَّةِ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مَعْدُودَةٌ فِي التِّجَارَةِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ بَاعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ الْجِنْسِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَبَاعَ بِمَا قِيمَتُهُ أَلْفٌ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الْحَيَوَانَاتِ نَفَذَ الْبَيْعُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الطُّورِيُّ) .

ثَانِيًا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ بَيْعًا جَائِزًا وَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا كَانَ الْبَيْعُ بَيْعَ إكْرَاهٍ. أَمَّا بِالْعَكْسِ، أَيْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا فَبَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا جَازَ الْبَيْعُ وَإِلَيْكَ الْفَرْقُ: إذَا بَاعَ الْمُكْرَهُ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَيْعًا صَحِيحًا يَكُونُ قَدْ أَجْرَى عَقْدًا لَمْ يُكْرَهْ عَلَى إجْرَائِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ يُفِيدُ أَحْكَامًا لَا يُفِيدُهَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ. أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا يَكُونُ قَدْ أَجْرَى الْعَقْدَ، الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ، عَلَى صُورَةٍ أَنْقَصَ، (الطُّورِيُّ) ثَالِثًا، لَوْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ نِصْفِ دَارِهِ مَقْسُومًا، فَبَاعَ الْكُلَّ، لَا يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . رَابِعًا، إذَا عَقَدَ الْبَائِعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُكْرَهٌ دُونَ الْمُشْتَرِي، كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِرْدَادُهُ، لَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمُجْبِرُ الْبَدَلَ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْإِتْلَافِ، (أَبُو السُّعُودِ) ، فَصَارَ كَأَنَّهُ دَفَعَ مَالَ الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي فَيُضَمِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَالْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، (الطُّورِيُّ) . لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ مَضْمُونًا. فَالْمُجْبِرُ كَالْغَاصِبِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، (الدُّرَرُ بِتَغْيِيرٍ) وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُجْبِرِ، (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ، غَيْرَ أَنَّهُ تُوقَفُ نُفُوذُهُ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْمُكْرَهِ مِنْ الْفَسْخِ، فَإِذَا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ نَفَذَ مِلْكُهُ فِيهِ كَسَائِرِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ، (الطُّورِيُّ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَنْفُذُ كُلُّ شِرَاءٍ يَقَعُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَمْلِكُ الْأَدَاءَ بِالضَّمَانِ فَيَكُونُ بَيْعُهُ لِمَالِهِ ظَاهِرًا أَمَّا الشِّرَاءُ الْوَاقِعُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَمِنَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ كَاسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ، فَتَبْطُلُ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي قَبْلَهُ وَيَكُونُ أَخْذُ الثَّمَنِ اسْتِرْدَادًا لِلْمَبِيعِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ الْمُكْرَهُ عَقْدًا مِنْهَا، (وَلَوْ كَانَ الْمَجَازُ هُوَ الْأَخِيرُ) حَيْثُ يَنْفُذُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النَّفَاذِ حَقُّهُ فَيَعُودُ الْكُلُّ جَائِزًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ نَفَذَتْ جَمِيعُ الْبُيُوعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالتَّضْمِينِ أَنَّهُ إذْ ضَمِنَ فَأَخَذَ الْقِيمَةَ، صَارَ كَأَنَّهُ اسْتَرَدَّ الْعَيْنَ فَتَبْطُلُ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي قَبْلَهُ بِخِلَافِ أَخْذِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَأَخْذِ الْعَيْنِ بَلْ إجَازَةٌ فَافْتَرَقَا. بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَاحِدًا مِنْ الْأَشْرِبَةِ، حَيْثُ يَجُوزُ مَا أَجَازَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْإِجَازَةِ لِأَحَدِهِمْ مِلْكٌ بَاتٌّ وَأَبْطَلَ الْمَوْقُوفَ لِغَيْرِهِ، وَفِي الْإِكْرَاهِ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ مِلْكَهُ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ بِالْقَبْضِ فِيهِ وَالْمَانِعُ مِنْ نُفُوذِ الْكُلِّ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ، فَإِنْ أَسْقَطَ الْمَالِكُ نَفَذَ الْكُلُّ. فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ إجَازَةِ الْمُكْرَهِ وَإِجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إذَا أَجَازَ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ نَفَذَ مَا أَجَازَهُ خَاصَّةً: أُجِيبَ بِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ فَكُلُّ بَيْعٍ مِنْ هَذِهِ الْبُيُوعِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَتِهِ الْمُصَادَفَةِ مِلْكَهُ، فَتَكُونُ إجَازَتُهُ أَحَدَ الْبُيُوعِ تَمْلِيكًا لِلْعَيْنِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْفُذُ مَا سِوَاهُ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ فَقَدْ مَلَكَهُ، فَالْبَيْعُ مِنْ كُلِّ مُشْتَرٍ صَادَفَهُ مِلْكُهُ فَلِهَذَا نَفَذَتْ الْبُيُوعُ كُلُّهَا بِإِجَازَةِ عَقْدٍ مِنْهَا، (الْعِنَايَةُ، وَالتَّبْيِينُ، وَأَبُو السُّعُودِ، وَالدُّرَرُ، والشُّرُنْبُلاليُّ) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مُكْرَهًا، بَاعَهُ هَذَا مِنْ شَخْصٍ غَيْرَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، فَلَوْ ضَمِنَ صَاحِبُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ أَمَّا لَوْ ضَمِنَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَشِرَاءُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَشِرَاءُ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ

لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَبْلَ التَّضْمِينِ حَتَّى يَمْلِكَهُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الضَّامِنُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَايِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ إحْدَى الْبِيَاعَاتِ حَيْثُ يَجُوزُ الْجَمِيعُ " وَنَظِيرُهُ إجَازَةُ الشَّفِيعِ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِينَ بَعْدَ تَدَاوُلِ الْأَيْدِي فِي الْمَبِيعِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ "، وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَالْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْجُودًا وَالْمَانِعُ مِنْ النُّفُوذِ حَقُّهُ، وَقَدْ زَالَ الْمَانِعُ بِإِجَازَةٍ فَعَادَ الْكُلُّ إلَى الْجَوَازِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَبِخِلَافِ مَا إذَا جَازَ الْمَالِكُ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَاحِدًا مِنْ الْعُقُودِ. حَيْثُ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ سَابِقُهُ وَلَا لَاحِقُهُ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . خَامِسًا، إذَا صُودِرَ أَحَدٌ يَعْنِي إذَا أُرِيدَ أَخْذُ نَقْدِهِ ظُلْمًا، فَبَاعَ مَالًا مِنْ آخَرَ لِلْحُصُولِ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ نَفَذَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ بَيْعَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ إذْ يُمْكِنُهُ أَدَاءُ مَا طَلَبَ مِنْهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَنَحْوِهِ وَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ مِنْ أَيْنَ أُعْطِي وَلَا مَالَ لِي فَإِذَا قَالَ بِعْ كَذَا فَقَدْ صَارَ مُكْرَهًا فِيهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) سَادِسًا، لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ، (أَيْ مَالِ الْمُكْرَهِ) وَبَاعَهُ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا جَازَ الْبَيْعُ لَكِنَّ عُهْدَةَ الْبَيْعِ تَعُودُ إلَى الْمُجْبِرِ. وَإِذَا طَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَتْ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . فَائِدَةٌ فِي الْبَيْعِ بِالْإِكْرَاهِ فَائِدَةٌ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا الْعَقَارَ وَسَلَّمَهُ مُكْرَهًا بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ، وَطَلَبَ. رَدَّهُ إلَيْهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْأَمْرَ كَمَا ذَكَرْتَ وَلَكِنَّكَ مُعِدٌّ ذَلِكَ قَدْ بِعْتُهُ عَنْ طَوْعٍ وَرِضًا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحَقُّ اسْتِرْدَادِ الْبَائِعِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ مُكْرَهًا تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: لَوْ اشْتَرَى الشَّخْصُ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ مَالٍ يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ بِعَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَبِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ قِرْشٍ صَحَّ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . ثَانِيًا: لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَالًا وَقَبَضَهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ دُونَ الْبَائِعِ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً. وَعَلَيْهِ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْفَسْخُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ فَقَطْ. جَاءَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا صَحَّ الْفَسْخُ لِلْكُلِّ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلِلْمُشْتَرِي، وَالْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. فَلَوْ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ أَخَذَ الْمَالَ بِنِيَّةِ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُجْبِرَ. كَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَ عَمْرٍو وَيُعْطِيَهُ لِزَيْدٍ، وَأَخَذَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِنِيَّةِ أَنْ يُعْطِيَهُ مُؤَخَّرًا لِصَاحِبِهِ وَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهُ لِزَيْدٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى هَذِهِ النِّيَّةِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمُكْرَهُ بِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ، فَصَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُكْرَهَ لِكَوْنِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُجْبِرَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (2) وَشَرْحَهَا. وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُكْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي النِّيَّةِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي الضَّمَانَ

عَنْ نَفْسِهِ وَعِنْدَهُ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ وَهِيَ إكْرَاهُهُ، (الطَّحْطَاوِيُّ) وَصُورَةُ الْيَمِينِ: أَنَّهُ مَا أَخَذَهُ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِ طَائِعًا وَمَا أَخَذَهُ إلَّا لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُكْرَهَ عَلَى دَفْعِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ قُبَيْلَ الْحَجْرِ) ، وَمِثْلُهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَبُولِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْهِبَةِ وَقَالَ قَبَضْتُهَا لِأَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا، لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَ آخَرَ لِلْمُجْبِرِ، وَشِرَاءُ الْمُكْرَهِ لِلْمُجْبِرِ بِرِضَا الْبَائِعِ جَازَ الشِّرَاءُ وَكَانَ الْمَتَاعُ لِلْمُجْبِرِ، لَكِنْ لَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ عُهْدَةَ الشِّرَاءِ لَيْسَتْ عَلَيْهِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ رَجَعَتْ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ وَيُطَالِبُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُكْرَهًا تَجْرِي الْأَحْكَامَ الْآتِيَةَ: أَوَّلًا: إذَا أُكْرِهَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّقَابُضِ وَفَعَلَا ذَلِكَ مُكْرَهَيْنِ وَأَجَازَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ بَعْدَئِذٍ جَازَ مِنْ طَرَفِهِ، وَبَقِيَ الثَّانِي مُخَيَّرًا. وَإِذَا أَجَازَ الِاثْنَانِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ جَازَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . ثَانِيًا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ مِنْ آخَرَ، وَأُكْرِهَ هَذَا عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ وَأُكْرِهَا عَلَى التَّقَابُضِ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَعْوَى التَّضْمِينَاتِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ وَالتَّقَابُضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَالثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَيُسْأَلُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ: لِأَيِّ شَيْءٍ قَبَضَ مَا قَبَضَ، وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى، إذَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا إنَّنِي قَبَضْتُ الثَّمَنَ أَوْ الْمَبِيعَ لِنَفْسِي، بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْبَيْعِ الَّذِي وَقَعَ بِالْجَبْرِ عَنِّي، جَازَ الْبَيْعُ وَلَزِمَ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ شَيْءٌ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا إنَّنِي قَبَضْتُ مُكْرَهًا عَلَى أَنْ أَرُدَّهُ لِصَاحِبِهِ وَأَسْتَرِدَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنِّي، وَيُصَدِّقُهُ الْآخَرُ أَوْ لَا يُصَدِّقُهُ، فَلِكُلٍّ عَلَى الْآخَرِ الْيَمِينُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِذَا حَلَفَ كُلٌّ لِكُلٍّ فَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ شَيْئًا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: نُكُولُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْيَمِينِ، بِنَاءً عَلَى تَكْلِيفِهِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ النَّاكِلُ هُوَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ أَرَادَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْمُجْبِرِ وَالْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَخْلًا فِي هَلَاكِ مَالِهِ، وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالذَّاتِ وَوَاحِدٌ آخَرُ بِالْوَاسِطَةِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا ضَمِنَ الْمُجْبِرُ فَلِلْمُجْبِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِبَدَلِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مَلَكَهُ. قَامَ مَقَامَ الْمُجْبِرِ فَيَكُونُ مَالِكًا لَهُ مِنْ وَقْتٍ وَحَدَّدَ السَّبَبَ بِالِاسْتِنَادِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِتَغْيِيرٍ) . أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُجْبِرِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ. وَإِذَا كَانَ النَّاكِلُ هُوَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْمُجْبِرَ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِذَا ضَمِنَ الْبَائِعُ، الرُّجُوعُ عَلَى الْمُجْبِرِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [2]- الشِّرَاءُ: لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى شِرَاءِ ثَوْبِ هَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا قِرْشًا، وَشَرَاهُ مُكْرَهًا، فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَسْتَرِدَّ مِنْهُ نَقُودَهُ، (النَّتِيجَةُ) . وَقَدْ بَيَّنَ آنِفًا بَعْضَ أَحْكَامِ الشِّرَاءِ الَّذِي يَقَعُ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا فَقَطْ أَوْ وَالْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مُكْرَهَانِ.

الْإِيجَارُ: لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفِ إيجَارِ حَمَّامٍ لِذَلِكَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ، بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَآجَرَ الْمُتَوَلِّي مُكْرَهًا لَا يَصِحُّ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (448) النَّتِيجَةُ . [4]- الِاسْتِئْجَارُ: لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مَالَ الْغَيْرِ بِإِكْرَاهٍ مُلْجِئٍ أَوْ غَيْرِ مُلْجِئٍ يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخَيَّرًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (48 4) . [5]- الْهِبَةُ: تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ فِي الْهِبَةِ بِإِكْرَاهٍ. أَوَّلًا: يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ رِضَا الْوَاهِبِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ، (860) ، فَلَيْسَتْ الْهِبَةُ الَّتِي تَقَعُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ صَحِيحَةٌ وَلَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ يَسْتَلْزِمُ الْإِكْرَاهَ عَلَى التَّسْلِيمِ، فَلَوْ وَهَبَ مُكْرَهًا وَسَلَّمَ طَائِعًا، فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُكْرَهُ الْعِوَضَ طَائِعًا وَيَقْبَلُهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْهِبَةَ الْوَاقِعَةَ بِإِكْرَاهٍ، (الْأَنْقِرْوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ أَكْرَهَ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ عَلَى أَنْ تَهَبَهُ مَهْرَهَا بِتَهْدِيدِهِ إيَّاهَا بِالضَّرْبِ، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى الضَّرْبِ، فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْهِبَةَ وَكُلِّفَتْ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ، بِنَاءً عَلَى إنْكَارِهَا إيَّاهَا فَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ إلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُ هَلْ يَدَّعِي الْهِبَةَ. بِاخْتِيَارٍ أَوْ بِإِكْرَاهٍ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ، (أَدَّعِي الْهِبَةَ بِإِكْرَاهٍ) تُرَدُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ قَالَ، (أَدَّعِي الْهِبَةَ بِاخْتِيَارٍ) فَتَخْلُصُ الزَّوْجَةُ بِحَلِفِهَا الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَهَبْ بِدُونِ إكْرَاهٍ، (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) يَعْنِي تَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنَّهَا وَهَبَتْهُ إيَّاهُ طَوْعًا، فَإِذَا عَجَزَ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَهَبْهُ طَوْعًا، فَإِنْ فَعَلَتْ حُكِمَ لَهَا بِالْمَهْرِ، (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) . وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَهَبَ لِرَجُلٍ هَذَا الْمَالَ، فَوَهَبَ وَسَلَّمَ وَغَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُجْبِرِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَكَذَلِكَ فِي الصَّدَقَةِ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى بِتَغْيِيرٍ) . ثَانِيًا: لَوْ مَنَعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ الْمَرِيضَةَ مِنْ الذَّهَابِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا إلَّا أَنْ تَهَبَهُ مَهْرَهَا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِابْنَتِهِ، بَعْدَ أَنْ زَوَّجَهَا مِنْ أَحَدٍ، إنَّنِي أَمْتَنِعُ مِنْ زِفَافِكِ إلَى زَوْجِكِ مَا لَمْ تُقِرِّي بِأَنَّكِ أَخَذْتِ كُلَّ مِيرَاثِكِ عَنْ وَالِدَتِكِ، وَمَنَعَهَا بِالْفِعْلِ فَأَقَرَّتْ بِذَلِكَ فَإِقْرَارُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ فِي هَذَا فِي حُكْمِ الْمُكْرَهَةِ، وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالْإِجَارَةُ كَالْإِقْرَارِ وَالْهِبَةُ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَكُلِّ وَلِيٍّ مُقْتَدِرٍ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَبِ، كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي دِيَارِنَا مِنْ أَخْذِ مُهُورِهِنَّ كَرْهًا عَنْهُنَّ حَتَّى مِنْ ابْنِ ابْنِ الْعَمِّ وَإِنْ بَعُدَ وَإِنْ مَنَعَتْ أَضَرَّ بِهَا أَوْ مِثْلِهَا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثًا، لَوْ أُكْرِهَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى هِبَةِ مَالِهِ هَذَا لِهَذَا الرَّجُلِ وَبَعْدَ أَنْ قِبَلَ الرَّجُلُ الْمَالَ وَقَبَضَهُ مُكْرَهًا أَيْضًا، فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالِ لِيَكُونَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ، أَمَّا لَوْ قَالَ إنَّنِي أَخَذْتُهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ حَتَّى يَبْقَى لِي، فَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ الْمُجْبِرِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْمُكْرَهِ، يَعْنِي الْمَوْهُوبَ لَهُ، وَإِذَا ضَمِنَ الْمُجْبِرُ فَيَرْجِعُ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . رَابِعًا، لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى هِبَةِ مَالِهِ لِآخَرَ وَوَهَبَهُ هَذَا إلَى غَيْرِهِ فَالْهِبَةُ فِي حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ هِبَةُ مُكْرَهٍ وَفِي حَقِّ الثَّانِي هِبَةٌ صَحِيحَةٌ، (الْبَزَّازِيَّةُ) . خَامِسًا، إذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ فِي الْهِبَةِ الَّتِي تَقَعُ بِالْإِكْرَاهِ صَارَ مَالِكًا لَهُ. لَكِنْ تُنْقَضُ

تَصَرُّفَاتُهُ الْقَابِلَةُ لِلنَّقْضِ وَيُرَدُّ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ أَمَّا مَا لَيْسَ بِقَابِلٍ لِلنَّقْضِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يَنْقُضُهَا الْمُكْرَهُ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُجْبِرَ قِيمَةَ الْمَالِ يَوْمِ تَسْلِيمِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. وَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ. وَمَتَى اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُضَمِّنُهُ إنْ شَاءَ قِيمَتَهُ وَقْتَ قَبْضِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إحْدَاثِهِ الْحَالَ الَّذِي أَصْبَحَ فِيهِ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّقْضِ، (الْبَزَّازِيَّةُ) . سَادِسًا، لَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ غَيْرَ مَقْسُومٍ، أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَقْسُومًا وَلَا غَيْرَهُ، وَأُكْرِهَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَوَهَبَ وَسَلَّمَ الدَّارَ كُلَّهَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةِ نِصْفِ دَارِهِ مَقْسُومًا أَوْ عَلَى هِبَةِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ فَوَهَبَ الْكُلَّ لَمْ يَجُزْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَيَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. سَابِعًا، لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ فَتَصَدَّقَ، أَوْ عَلَى الصَّدَقَةِ فَوَهَبَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ الصَّدَقَةِ. ثَامِنًا، لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، فَوَهَبَ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ، وَحَصَلَ التَّقَابُضَ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ جَازَ. تَاسِعًا، إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا بِلَا إكْرَاهٍ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمَوْهُوبِ جَازَتْ الْهِبَةُ . [6]- فَرَاغُ الْأَرَاضِي وَالْأَوْقَافِ لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا عَلَى فَرَاغِ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي فِي عُهْدَتِهِ لِأَحَدٍ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَنْفُذُ حَتَّى إنَّهُ لَوْ تَفَرَّغَ أَحَدٌ لِآخَرَ عَنْ الْأَرَاضِيِ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ الصَّلَاحِيَّةُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ، فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمُكْرَهُ فَلِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الِانْتِقَالِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ. كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فَرَاغُ عَرْصَةِ الْوَقْفِ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ، (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . لَكِنَّ الَّذِي يَتَفَرَّغُ مُكْرَهًا إذَا تَفَرَّغَ بِالْعَقَارِ الْمَفْرُوضِ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ صَحَّ، وَصَارَ كَأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ الْفَرَاغَ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ مُكْرَهٌ. [7]- الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى عَلَى آخَرَ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا فَأَكْرَهَهُ الْمُدَّعِي عَلَى الصُّلْحِ وَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ مُكْرَهًا. فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. لَكِنْ لَوْ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحَ مُخْتَارًا وَسَلَّمَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ طَوْعًا نَفَذَ، (الْبَهْجَةُ) [8]- لَا يُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ بِإِكْرَاهٍ فَلَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِزَيْدٍ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ أَنْ يُقِرَّ بِعَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ مُخَيَّرًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، إنْ شَاءَ أَجَازَ أَيْ يَقُولُ إنَّنِي كُنْتُ صَادِقًا فِي إقْرَارِي، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، يَعْنِي أَنْ يَقُولَ إنَّنِي كُنْتُ كَاذِبًا فِي إقْرَارِي، (مُنْلَا مِسْكِينٍ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ. أَمَّا الْإِكْرَاهُ فَيُرَجَّحُ جِهَةَ الْكَذِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ) ، وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ حُجَّةٌ وَبِهَذَا السَّبَبِ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الصِّدْقِ، أَمَّا حَالُ الْإِكْرَاهِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، لِهَذَا يُرَجَّحُ جَانِبُ الْكَذِبِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . لَا يُعْتَبَرُ الطَّلَاقُ الَّذِي يُقَرُّ بِهِ بِالْإِكْرَاهِ فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ عَلَى قِرْطَاسٍ، (امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا) لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ الرَّضَاعُ الَّذِي تُقِرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً، أَمَّا الطَّلَاقُ الَّذِي يَقَعُ بِالْإِكْرَاهِ وَالرَّضَاعُ الَّذِي تُكْرَهُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَمُغَيَّرَانِ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُمَا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ بِإِيضَاحٍ) وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ آنِفًا.

وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا قِرْشًا وَأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ وَأَعْطَاهُ سَنَدًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ قَدْ كُنْتُ مُكْرَهًا عَلَى إعْطَاءِ ذَلِكَ السَّنَدِ وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ هَذَا، فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لِرَجُلٍ بِمَالٍ فَأَقَرَّ وَأَخَذَ الرَّجُلُ الْمَالَ وَغَابَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا، كَانَ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكْرِهِ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْإِقْرَارُ بِاسْتِيفَاءِ الْمِيرَاثِ: لَوْ مَنَعَ وَلِيٌّ كَالْأَبِ الْمَرْأَةَ مِنْ أَنْ تُزَفَّ إلَى زَوْجِهَا، وَقَالَ لَهَا إذَا لَمْ تُقِرِّي بِاسْتِيفَاءِ مَا بَقِيَ لَكِ مِنْ مِيرَاثِكِ عَنْ وَالِدَتِكِ فَلَا أَسْمَحُ بِزِفَافِكِ، وَأَقَرَّتْ بِاسْتِيفَائِهَا ذَلِكَ. فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْإِقْرَارُ بِالْبُلُوغِ، لَوْ أُكْرِهَتْ الصَّغِيرَةُ، الْبَالِغَةُ مِنْ الْعُمُرِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ، عَلَى أَنْ تُقِرَّ بِأَنَّهَا قَدْ أَصْبَحَتْ بَالِغَةً، وَأَقَرَّتْ وَهِيَ مُكْرَهَةً، كَانَ إقْرَارُهَا بَاطِلًا، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْإِقْرَارُ بِالْكَفَالَةِ، لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِالْكَفَالَةِ وَهُوَ مُكْرَهٌ عَلَى ذَلِكَ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَإِقْرَارُ الْمَذْكُورِ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ (التَّنْقِيح) . الْإِقْرَارُ بِالنُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ، لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفِ قِرْشٍ، وَأَقَرَّ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَلَيْسَ الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرًا؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى الْأَلْفِ وَعَلَى إبْعَاضِهَا، أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْأَوَّلَ أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ، وَالْأَلْفَ الثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْإِكْرَاهِ وَإِنَّمَا ابْتَدَأَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَزِمَهُ، (الْجَوْهَرَةُ، الْبَزَّازِيَّةُ) . الْإِقْرَارُ لِلْمُجْبِرِ وَلِغَيْرِهِ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ لِلْمُجْبِرِ فَأَقَرَّ لِلْمُجْبِرِ وَلِلْغَائِبِ، فَالْإِقْرَارُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْغَائِبُ بِالتَّرِكَةِ أَمْ لَمْ يَعْتَرِفْ. لَكِنَّ الْإِقْرَارَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ إذَا اعْتَرَفَ الْغَائِبُ بِالشَّرِكَةِ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الشَّرِكَةَ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ بِالنَّظَرِ إلَى حِصَّةِ الْغَائِبِ فَقَطْ، (الْبَزَّازِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) الْإِقْرَارُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِدَرَاهِمَ فَأَقَرَّ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا وَلَوْ وَجَدَ عِنْدَهُ دَرَاهِمَ بِقِيمَةِ الْمُقَرِّ بِهِ، (الْبَزَّازِيَّةُ، الْجَوْهَرَةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْإِكْرَاهِ) وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِنِصْفٍ غَيْرِ مَا أَكْرَهُوهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَهُوَ طَائِعٌ فَبِمَا أَقَرَّ بِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْإِقْرَارُ بِالسَّرِقَةِ: لَوْ سُرِقَتْ دَارُ أَحَدٍ فَاتُّهِمَ بَعْضُ مَنْ لَيْسُوا مَظِنَّةً لِلتُّهَمِ وَأَقَرُّوا بِالسَّرِقَةِ بِالتَّعْذِيبِ الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَلَا تَثْبُتُ السَّرِقَةُ، (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ مُكْرَهًا، (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ) . الْهِبَةُ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفِ قِرْشٍ لِآخَرَ، فَوَهَبَهُ إيَّاهُ جَازَتْ الْهِبَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِطَلَاقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ حَقٍّ لَمْ يَقَعْ، كَانَ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْإِقْرَارُ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا

الْإِقْرَارُ بِالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ الْوَدِيعَةِ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِكَوْنِهِ غَصَبَ مَالَ أَحَدٍ أَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَدِيعَةً فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِعَدَمِ التَّزْوِيجِ، لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَلَيْسَ لَهُ شُهُودٌ عَلَى الزَّوَاجِ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَبُولَ بَيِّنَةٍ عَلَى مَا يَدَّعِي مِنْ النِّكَاحِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . [9] الْإِبْرَاءُ: لَا يُعْتَبَرُ الْإِبْرَاءُ وَالْمُبْرِئُ مُكْرَهًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْإِقْرَارَاتِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، (الْقُهُسْتَانِيُّ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ أَمْ إبْرَاءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَوْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُصْبِحُ الْمُكْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ أَمْضَى الْإِبْرَاءَ وَنَفَّذَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ، (الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْقُهُسْتَانِيُّ) ، مَثَلًا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى إبْرَاءِ مَدِينٍ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَالْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مِنْ كَفَالَتِهِ، فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ؛ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ فَيُؤْثَرُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [10] تَأْجِيلُ الدَّيْنِ: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دَيْنٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، فَأُكْرِهَ عَلَى تَأْجِيلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ سَنَةً فَأَجَّلَهُ السَّنَةَ فَلَا حُكْمَ لِلتَّأْجِيلِ . [11] قَبُولُ الْوَدِيعَةِ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى قَبُولِ وَدِيعَةٍ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا، فَقَبِلَهَا هُوَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودِعَ الْمُجْبِرَ، (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْحَمَوِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [12] قَبُولُ الْحَوَالَةِ وَالْإِحَالَةِ: لَوْ قَبِلَ أَحَدٌ مُكْرَهًا إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا أَنْ يُحِيلَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَنْ يُحَالَ عَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ الْحَوَالَةَ قَدْ وَقَعَتْ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ يَأْخُذُ دَيْنَهُ مِنْ الْمُحِيلِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (685) . [13] إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ: لَا يُعْتَبَرُ إسْقَاطُ الشُّفْعَةِ الَّذِي يَقَعُ مَعَ الْإِكْرَاهِ. يَعْنِي لَوْ أُكْرِهَ الشَّفِيعُ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ أَنْ طَلَبَهَا طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ فَأُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ وَعَدَمِ التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الطَّلَبَ مُدَّةَ يَوْمٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . [14] قَبُولُ الْكَفَالَةِ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى كَفَالَةِ الدَّيْنِ، وَكَفَلَ بِهِ مُكْرَهًا فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَذِهِ الْكَفَالَةِ، (التَّنْقِيحُ) . [15] الْوَقْفُ لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَقِفَ الْجِهَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِنْ مِلْكِهِ بِكَذَا قِرْشًا وَوَقَفَ الْمُكْرَهُ ذَلِكَ كَانَ الْوَقْفُ غَيْرَ صَحِيحٍ . [16] الْوَكَالَةُ: لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى تَوْكِيلِ آخَرَ بِبَيْعِ بَعْضِ أَمْتِعَتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ تِلْكَ الْأَمْتِعَةَ مِنْ شَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا، فَادَّعَى الْمُكْرَهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي التَّوْكِيلِ الْمَذْكُورِ مُكْرَهًا إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ، فَلَهُ اسْتِرْدَادُ أَمْتِعَتِهِ إذَا لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ، (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَإِذَا تَلِفَتْ تِلْكَ الْأَمْتِعَةُ فِي يَدِ

ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ مَنْ أَرَادَ مِنْ الْمُجْبِرِ وَالْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي، إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي، وَالْوَكِيلُ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ فَإِذَا ضَمِنَ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ عَلَى أَحَدٍ بِالْقِيمَةِ وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ، وَإِذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ أَيْضًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، فَيَتَقَابَضَانِ وَيَسْتَرِدَّانِ الْفَضْلَ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُجْبِرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى تَوْكِيلِ آخَرَ بِفَرَاغِ أَرَاضِيِهِ الْأَمِيرِيَّةِ لِأَحَدٍ وَتَفَرَّغَ بِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ، (التَّنْقِيحُ) . مُسْتَثْنَى: يُسْتَثْنَى التَّوْكِيلُ بِالطَّلَاقِ. مَثَلًا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى تَوْكِيلِ وَكِيلٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ، وَوَكَّلَهُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، طَلَّقَ الْوَكِيلُ زَوْجَتَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ اسْتِحْسَانًا، (أَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الطَّلَاقِ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَكَذَا التَّوْكِيلُ، (التَّنْقِيحُ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى الْمُجْبِرِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [17]- الرَّهْنُ، لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ عَلَى رَهْنِ مَالٍ لَهَا عِنْدَ أَحَدٍ فِي مُقَابِلِ مَالٍ اسْتَقْرَضَهُ مِنْهُ، فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْعَقْدُ، وَلِلزَّوْجَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ الْمَرْهُونِ، (التَّنْقِيحُ) . وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضَ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا، وَبِمَا أَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي هَذَا الْعَدَدِ، فَلْنُبَيِّنْ الْقَاعِدَةَ الْآتِيَةَ لِلْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَإِلَيْكَهَا: كُلُّ عَقْدٍ وَتَصَرُّفٍ لَا يَصِحُّ وَيَكُونُ بَاطِلًا مَعَ الْهَزْلِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ أَوْ غَيْرِ الْمُلْجِئِ، (التَّنْقِيحُ) . كَمَا قَدْ ذُكِرَ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ. (مَادَّةُ 1007) -، (كَمَا أَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمُلْجِئَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ. وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ فَيُعْتَبَرُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ فَقَطْ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اتْلَفْ مَالَ فُلَانٍ وَإِلَّا أَقْتُلْك أَوْ اقْطَعْ أَحَدَ أَعْضَائِك فَأَتْلَفَ ذَلِكَ يَكُونُ الْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرًا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُجْبِرِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ اتْلَفْ مَالَ فُلَانٍ وَإِلَّا أَضْرِبْكَ أَوْ أَحْبِسُك وَأَتْلَفَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرًا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَمَلُ عَادَةً) . فَالتَّصَرُّفَاتُ الْقَوْلِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ، وَالتَّصَرُّفَاتُ الْفِعْلِيَّةِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ. تَحْتَوِي هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ الْمُلْجِئَ مُعْتَبَرٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَشَرْحِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ أَمْثِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الْحُكْمُ أَصْلٌ تَتَفَرَّعُ مِنْهُ الْمَادَّةُ الْآنِفَةُ. الْحُكْمُ الثَّانِي: الْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ مُعْتَبَرٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَتَتَفَرَّعُ مِنْهُ فِقْرَةٌ، (بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَتْلِفْ مَالَ إلَخْ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ: الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ مُعْتَبَرٌ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَشَرْحِهَا جَمِيعُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَهَذَا الْحُكْمُ الثَّالِثُ أَصْلٌ أَيْضًا وَالْمَادَّةُ الْآنِفَةُ وَفَرْعٌ لَهَا.

الْحُكْمُ الرَّابِعُ: لَا يُعْتَبَرُ الْإِكْرَاهُ غَيْرُ الْمُلْجِئِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ. وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الرَّابِعِ فِقْرَةٌ، (وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَتْلِفْ مَالَ فُلَانٍ إلَخْ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ نِصْفَ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَصْلٌ لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَمَا أَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ أَصْلٌ لِلْفُرُوعِ الْآتِيَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اتْلَفْ مَالَ فُلَانٍ بِالْأَكْلِ أَوْ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَإِلَّا أَقْتُلْك أَوْ اقْطَعْ أَحَدَ أَعْضَائِك وَاتَلَف ذَلِكَ فَفِي هَذَا الْإِتْلَافِ رُخْصَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي الْمَخْمَصَةِ، وَالْإِكْرَاهُ الْمُلْجِئُ أَيْضًا ضَرُورَةٌ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْإِكْرَاهُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُجْبِرِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَكُونُ آلَةً لِلْمُجْبِرِ، وَالْحَامِلُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ لَهَا آلَةً، وَالْإِتْلَافُ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ أَيْضًا كَمَا لَوْ دَفَعَ الْمُجْبِرُ الْمُكْرَهَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَسَقَطَ عَلَيْهِ وَأَتْلَفَهُ، (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ هُوَ إتْلَافُ مَالِ وَاحِدٍ، فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا. وَإِذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ هُوَ إتْلَافُ مَالِ وَاحِدٍ مِنْ عِدَّةِ أَشْخَاصٍ، فَلَا بَأْسَ مِنْ أَنْ يَخْتَارَ الْمُكْرَهُ أَحَدَهُمَا، فَلَوْ قَالَ الْمُجْبِرُ أَتْلِفْ مَالَ زَيْدٍ هَذَا أَوْ أَتْلِفْ مَالَ عَمْرٍو ذَاكَ وَأَكْرَهَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا، فَلِلْمُكْرَهِ أَنْ يُتْلِفَ مَالَ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَلَكِنْ الْأَحَبُّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُتْلِفَ مَالَ أَغْنَاهُمَا، وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْغِنَى فَيَجِبُ أَنْ يُتْلِفَ أَقَلَّهُمَا مِقْدَارًا أَوْ قِيمَةً. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَتْلَفَ الْأَكْثَرَ يَضْمَنُ الْمُجْبِرُ الْمِقْدَارَ الْأَقَلَّ وَالْمُكْرَهُ الزَّائِدَ عَنْهُ وَإِذَا تَسَاوَيَا فِي الْغِنَى وَتَسَاوَى الْمَالَانِ قِيمَةً. فَيُتْلِفُ مَالَ أَحْسَنِهِمَا خُلُقًا وَأَظْهَرِهِمَا جُودًا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى قَتْلِ فُلَانٍ أَوْ إتْلَافِ مَالِ فُلَانٍ، فَلَهُ إتْلَافُ الْمَالِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَمْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فَإِنْ فَعَلَ قوص؛ لِأَنَّ فِي الْمَالِ رُخْصَةً عِنْدَ الْإِكْرَاهِ أَمَّا قَتْلُ النَّفْسِ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ، (28، 29) الْقَائِلَتَيْنِ، (إذَا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَتَانِ رُوعِيَ أَعْظَمُهُمَا ضَرَرًا لِارْتِكَابِ أَخَفِّهِمَا، وَ " يَخْتَارُ أَهْوَنَ الشَّرَّيْنِ) . جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ، (مَالُ فُلَانٍ) وَذَلِكَ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَالٍ لِمُكْرَهٍ، حَتَّى إنَّ الْمُجْبِرَ لَوْ أَكْرَهَ أَحَدًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ نَفْسِهِ إكْرَاهًا مُلْجِئًا وَأَتْلَفَهُ، لَزِمَ الْمُجْبِرَ الضَّمَانُ، مَثَلًا لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى أَكْلِ طَعَامِهِ، (أَيْ طَعَامِ الْمُكْرَهِ) فَأَكَلَهُ وَهُوَ شَبْعَانُ، كَانَ الْمُجْبِرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَحْصُلْ لِلْآكِلِ مَنْفَعَةٌ مِنْ أَكْلِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْآكِلُ جَائِعًا، وَأَكَلَ طَعَامَهُ بِنَاءً عَلَى الْإِكْرَاهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا، فَلَا يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي ذَلِكَ لِلْآكِلِ. وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أُكْرِهَ الْفَاعِلُ عَلَى لُبْسِ ثَوْبِ نَفْسِهِ حَتَّى تَخَرَّقَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْفَاعِلِ، كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحْطَاوِيِّ، أَوْ عَلَى الْحَامِلِ، كَمَا فِي النَّتِيجَةِ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . لَا يَجُوزُ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ، بِنَاءً عَلَى الْإِكْرَاهِ غَيْرِ الْمُلْجِئِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَجَلَّةِ، وَيُثَابُ الْمُكْرَهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْ مَالَ الْغَيْرِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1002) ، (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . لِأَنَّ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَظَالِمِ، وَحُرْمَةَ الظُّلْمِ لَا تَنْكَشِفُ وَلَا تُبَاحُ بِحَالٍ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْأَفْعَالُ الَّتِي تَجُوزُ مَعَ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ، هِيَ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ، مَالًا فَلَا يُبَاحُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ وَإِتْلَافِهِ، يَعْنِي لَوْ أُكْرِهَ

أَحَدٌ عَلَى قَتْلِ إنْسَانٍ، فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ مُلْجِئًا مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اُقْتُلْ فُلَانًا، إنْ لَمْ تَقْتُلْهُ فَإِنِّي قَاتِلُكَ أَوْ قَاطِعٌ يَدَكَ، وَخَافَ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ الْمُكْرَهَ، فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِلْمُكْرَهِ اُقْتُلْنِي فَدَمِي مُبَاحٌ لَكَ، (الْجَوْهَرَةُ) . وَإِنْ فَعَلَ يَأْثَمُ وَيَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ، وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْمُكْرَهِ عَلَى الْمُكْرِهِ عَلَى الْقَتْلِ لَوْ قَتَلَهُ الْآخَرُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِكْرَاهِ) أَمَّا مِنْ جِهَةِ الْجَزَاءِ فَالْقَتْلُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ عَمْدًا يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْمُجْبِرَ هُوَ الْحَامِلُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْمُورُ، أَيْ الْمُكْرَهُ، عَاقِلًا أَمْ مَعْتُوهًا وَبَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ، وَعَلَى الْحَالَيْنِ يَلْزَمُ الْمُجْبِرَ الْقِصَاصُ. وَالْمَأْمُورُ كَالْآلَةِ، وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ فِي حَقِّ الْآلَةِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ يُحَقِّقُ الْإِلْجَاءَ، بِخِلَافِ الْآمِرِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُخْتَلِطَ الْعَقْلِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْقَاتِلَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ هَذَا الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ، وَهُوَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِوُجُوبِ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ، لَكِنْ يَجِبُ عَلَى عَائِلَتِهِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا خَطَأٌ كَمَا فِي الْمَنْعِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لَكِنَّ عَدَمَ لُزُومِ قِصَاصِ الْمُكْرَهِ وَلُزُومَهُ أُجْبِرَ هُوَ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ غَيْرَ مُلْجِئٍ. لَزِمَ الْمُكْرَهَ الْقِصَاصُ دُونَ الْمُجْبِرِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي ". أَمَّا لَوْ قَالَ اتْلَفْ مَالَ فُلَانٍ وَإِلَّا أَضْرِبْكَ أَوْ أَحْبِسُك، وَأَتْلَفَ ذَلِكَ الْمَالَ خَائِفًا مِنْ الضَّرْبِ وَالْحَبْسِ فَلَا يَكُونُ الْإِكْرَاهُ مُعْتَبَرًا. وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ غَيْرَ الْمُلْجِئِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ.

الباب الثالث في بيان الشفعة وينقسم إلى أربعة فصول

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الشُّفْعَةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] ٍ يَلْزَمُ هُنَا الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الْآتِيَةِ: (1) - تَعْرِيفُ الشُّفْعَةِ (2) - سَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهَا (3) - سَبَبُ ثُبُوتِهَا. (4) - شَرْطُهَا. (5) - رُكْنُهَا (6) - حُكْمُهَا. (7) - صِفَتُهَا. تَعْرِيفُهَا: قَدْ صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (950) . سَبَبُ مَشْرُوعِيَّتِهَا: دَفْعُ مَا يَنْشَأُ مِنْ سُوءِ الْجِوَارِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ وَالْقَرَارِ، كَإِيقَادِ النَّارِ وَإِعْلَاءِ أَجْدَارٍ، وَإِثَارَةِ الْغُبَارِ وَمَنْعِ ضَوْءِ النَّهَارِ وَإِقَامَةِ الدَّوَابِّ وَالصِّغَارِ. وَقَدْ قِيلَ: أَضْيَقُ السُّجُونِ مُعَاشَرَةَ الْأَضْدَادِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيَخْرُجُ بِقَيْدِ، (عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ) الْمَنْقُولُ وَالْعَقَارُ الَّذِي يُعَارُ أَوْ يُؤَجَّرُ. وَعَدَمُ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَنْقُولِ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِ سُوءِ الْمُجَاوَرَةِ فِيهِ لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ، كَذَلِكَ عَدَمُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُعَارِ أَوْ الْمَأْجُورِ نَاشِئٌ مِنْ هَذَا السَّبَبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سُوءَ الْمُجَاوَرَةَ يَنْتَهِي فِي الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ بِفَسْخِ الْإِعَارَةِ وَخِتَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، وَلِذَلِكَ خَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ. كَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ قَيْدِ، (عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ) الْعَقَارُ الَّذِي يُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ نَقْضُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَاجِبًا لِدَفْعِ الْفَسَادِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الْمُجَاوَرَةِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ، (الْكِفَايَةُ بِإِيضَاحٍ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الضَّرَرَ هَذَا مَوْهُومٌ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْمَلَ الْمُشْتَرِي أَحَدَ الْأَضْرَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَخْذُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي جَبْرًا ضَرَرٌ مُحَقَّقٌ، أَوْ لَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الضَّرَرُ الْمَوْهُومُ تُجَاهَ الضَّرَرِ الْمُحَقَّقِ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ هَذَا الضَّرَرَ غَالِبٌ فَيُدْفَعُ قَبْلَ الْوُقُوعِ. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ. كَمْ مَعْشَرٍ سَلِمُوا لَمْ يُؤْذِهِمْ سَبُعٌ ... وَمَا نَرَى أَحَدًا لَمْ يُؤْذِهِ بَشَرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سُؤَالٌ ثَانٍ: بِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَتَضَرَّرُ مِنْ الْمُشْتَرِي الدَّخِيلِ، وَالْمُشْتَرِيَ الدَّخِيلَ يَتَضَرَّرُ مِنْ الشَّفِيعِ، فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّخِيلُ دَارَ الشَّفِيعِ بَدَلًا مِنْ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ دَارَ الدَّخِيلِ؟

الْجَوَابُ: إنَّ تَمَلُّكَ الشَّفِيعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي إزْعَاجِ الشَّفِيعِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ خُطَّةِ آبَائِهِ ضَرَرًا أَقْوَى، (الْكِفَايَةُ) . سَبَبُ ثُبُوتِهَا: عِبَارَةٌ عَنْ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٍ، سَتُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. شُرُوطُهَا تِسْعَةٌ وَهِيَ: 1 - عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الَّتِي بِمَعْنَى الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ، (1 2 0 1 وَ 1022) وَشَرْحَهُمَا 2 - أَنْ تَكُونَ مُعَاوَضَةً مَالِيَّةً، فَلَوْ تَصَالَحَا عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْقِصَاصَ بِمَا دُونَ النَّفْسِ، عَلَى دَارٍ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي تِلْكَ الدَّارِ، أَمَّا إذَا عَقَدَ الصُّلْحَ عَلَى دَارٍ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ بَلْ تُوجِبُ الْأَرْشَ، فَتَجْرِي الشُّفْعَةَ فِيهَا. 3 - أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ بِمَعْنَى الْعَقَارِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَقَارُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالْبَيْتِ أَمْ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ وَالرَّحَى، وَالْبِئْرِ، وَالنَّهْرِ، وَالْعَيْنِ، وَالدُّورِ الصَّغِيرَةِ. أَمَّا فِي الْمَبِيعِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقَارٍ فَلَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ أَصَالَةً، كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ، (1007) 4 - زَوَالُ مِلْكِ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ يَزُلْ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ. وَكَذَلِكَ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا. لَكِنْ لَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ تَجْرِي الشُّفْعَةُ اعْتِبَارًا مِنْ إسْقَاطِ الْخِيَارِ كَذَلِكَ تَجْرِي الشُّفْعَةُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِمَنْ سَيَكُونُ شَفِيعًا، وَأَسْقَطَ الشَّفِيعُ خِيَارَهُ وَأَجَازَ الْبَيْعَ، فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا تَكُونُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ شُفْعَةٌ بَعْدُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (100) . كَمَا لَا يَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ، وَالْحِيلَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ لَا يَفْسَخَ الْبَيْعَ لَا يُجِيزُهُ حَتَّى يُجِيزَ الْبَائِعُ أَوْ يَلْزَمَ الْبَيْعُ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ، وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ شُفْعَتُهُ، أَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَمْنَعَانِ مِنْ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1026) . 5 - زَوَالُ حَقِّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا لَمْ تَحْدُثْ مُؤَخَّرًا أَسْبَابٌ مَانِعَةٌ لِلْبَائِعِ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ، فَتَجْرِي بَعْدَ ذَلِكَ الشُّفْعَةُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (26 0 1) 6 - كَوْنُ الشَّفِيعِ مَالِكًا الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَيَشْتَرِطُ بَقَاءَ هَذِهِ الْمِلْكِيَّةِ إلَى زَمَنِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْمِلْكِيَّةُ شَرْطًا، فَلَيْسَ لِسَاكِنِ دَارٍ، إعَارَةً أَوْ إجَارَةً، أَنْ يَدَّعِيَ حَقَّ الشُّفْعَةِ بِتِلْكَ الدَّارِ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ فَلَا يَبْقَى لِذَلِكَ الشَّفِيعِ حَقٌّ فِي الشُّفْعَةِ وَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ لَوْ أَخْرَجَ الْمَشْفُوعُ بِهِ مِنْ مِلْكِهِ قَبْلَ حُكْمِ الشُّفْعَةِ وَتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ بِالرِّضَا. كَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ الشَّفِيعُ عَقَارَهُ الْمَشْفُوعَ بِهِ مَسْجِدًا وَوَقَعَ الْبَيْعُ فَلَا يَظَلُّ ذَلِكَ الْعَقَارُ مَشْفُوعًا بِهِ بَعْدُ. وَكَذَا لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ لِآخَرَ بِعَقَارٍ وَقَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ بِيعَتْ دُكَّانٌ بِجَانِبِ ذَلِكَ الْعَقَارِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ. لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْوَصِيَّةِ ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَانِبِهَا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ شُفْعَتَهَا فَلَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَبُولِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ شُرِطَتْ الْمِلْكِيَّةُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَلَا تَكُونُ الْمِلْكِيَّةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ. فَلَوْ بَاعَ

الْبَائِعُ عَقَارًا لِلْمُشْتَرِي بَيْعًا فَاسِدًا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ، وَبِيعَتْ دُكَّانٌ مُتَّصِلَةٌ بِذَلِكَ الْعَقَارِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَلَّمَ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لِلْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَخْذُ تِلْكَ الدُّكَّانِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ فِي تِلْكَ الدُّكَّانِ حَدَثَ بَعْدَ بَيْعِهَا مِنْ آخَرَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي مَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ) . وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَطَ بَقَاءَ الْمِلْكِيَّةِ، فَلَوْ بِيعَتْ دُكَّانٌ فِي جَنْبِ الْعَقَارِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَ، فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ الدُّكَّانِ بِالشُّفْعَةِ. لَكِنْ لَوْ اسْتَرَدَّ ذَلِكَ الْبَائِعُ الْعَقَارَ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَقْلِ الْمِلْكِيَّةِ فَلَا يَبْقَى شُفْعَةٌ لِلشَّفِيعِ بَعْدُ. كَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ بِجَانِبِ الْعَقَارِ الَّذِي بَاعَهُ بَائِعُهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ تِلْكَ الْعَرْصَةِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَزَلْ فِي مِلْكِهِ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْعَقَارَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . لَوْ كَانَ الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ لِأَحَدٍ وَالسُّفْلِيُّ لِآخَرَ، فَبِيعَ السُّفْلِيُّ، وَبَعْدَ أَنْ ثَبَتَ لِصَاحِبِ السُّفْلِيِّ بِالشُّفْعَةِ، بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ فِي السُّفْلِيِّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1 1 0 1) انْهَدَمَ الْعُلْوِيُّ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَ السُّفْلِيَّ بِالشُّفْعَةِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ عَلَى رَأْيِ الشَّيْخَيْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . 7 - ظُهُورُ مِلْكِ الشَّفِيعِ فِي الْمَشْفُوعِ بِهِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ عِنْدَ الْإِنْكَارِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَتَصْدِيقِ الْخَصْمِ، وَهَذَا السَّابِعُ هُوَ شَرْطُ ظُهُورِ الْحَقِّ وَلَيْسَ شَرْطَ ثُبُوتِ الْحَقِّ. فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ، فَمَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّفِيعُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِلْكُهُ، فَلَا يَأْخُذُ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِالشُّفْعَةِ 8 - أَنْ لَا يَكُونَ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ وَقْتَ الْبَيْعِ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ فَإِذَا كَانَ مِلْكًا لَهُ فَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ وَلَا تَثْبُتُ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ يَمْلِكُ دَارَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُمَا مِنْ آخَرَ ثُمَّ جَعَلَ دَارِهِ الْأُخْرَى مَشْفُوعًا بِهَا وَادَّعَى الشُّفْعَةَ، فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (100) . 9 - عَدَمُ رِضَاءِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِ الْبَيْعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ رَاضِيًا بِالْبَيْعِ أَوْ بِحُكْمِ الْبَيْعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَا شُفْعَةَ لَهُ. الرِّضَا دَلَالَةٌ، لَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِبَيْعِهِ وَبَاعَهُ، أَوْ لَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ الْعَقَارَ الَّذِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ آخَرَ وَقَامَ رَبُّ الْمَالِ مُطَالِبًا بِالشُّفْعَةِ بِعَقَارٍ آخَرَ، فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الدَّارِ رِبْحٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الشَّرَائِطُ السَّائِرَةِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ اتِّحَادُ الدِّينِ، فَكَمَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ شَفِيعًا لِلْمُسْلِمَةِ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ لِغَيْرِ الْمُسْلِمَةِ فَغَيْرُ الْمُسْلِمِ يَكُونُ شَفِيعًا لِلْمُسْلِمَةِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ يَكُونُ شَفِيعًا لِغَيْرِ الْمُسْلِمَةِ كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشُّفْعَةِ الْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورَةُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْعَدَالَةُ، بِنَاءً عَلَيْهِ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لَلنِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلصَّبِيِّ الْقَاصِرِ كَانَ الْأَشْخَاصُ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْقَصْرِ، الْمَذْكُورُونَ فِي الْمَادَّةِ، (974) ، أَخْصَامًا وَإِذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ عَلَى الصَّبِيِّ كَانُوا أَيْضًا أَخْصَامًا عَنْهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . رُكْنُهَا: أَخْذُ الشَّفِيعِ الْمَشْفُوعَ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)

حُكْمُهَا: عِبَارَةٌ عَنْ جَوَازِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالتَّأْكِيدِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ قَضَاءً أَوْ رِضَاءً إذَا تَحَقَّقَ السَّبَبُ، (التَّنْوِيرُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . صِفَتُهَا: الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ الْمُبْتَدَأِ. فَعَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِدُونِ شَرْطٍ - كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ كَذَلِكَ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . كَخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ.

الفصل الأول في بيان مراتب الشفعة

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَرَاتِبِ الشُّفْعَةِ] [ (مَادَّةُ 1008) أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ] (مَادَّةُ 1008) -، (أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ كَاشْتِرَاكِ شَخْصَيْنِ فِي عَقَارٍ شَائِعٍ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ، مَثَلًا إذَا بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ يَكُونُ أَصْحَابُ الرِّيَاضِ الْأُخْرَى كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ، مُلَاصِقَةً كَانَتْ جِيرَانُهُمْ أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ الدَّارُ الَّتِي يُفْتَحُ بَابُهَا عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ كَانَ أَصْحَابُ الدُّورِ الَّتِي لَهَا أَبْوَابٌ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ جِيرَانُهُمْ مُلَاصِقَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ، وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمَسْقِيَّةِ مِنْ نَهْرٍ يَنْفَعُ مِنْهُ الْعُمُومُ أَوْ إحْدَى الدِّيَارِ الَّتِي لَهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بَابٌ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الرِّيَاضِ الْأُخْرَى الَّتِي تُسْقَى مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَوْ لِأَصْحَابِ الدِّيَارِ الْأُخْرَى الَّتِي لَهَا أَبْوَابٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَقُّ الشُّفْعَةِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ جَارًا مُلَاصِقًا) . أَسْبَابُ ثُبُوتِ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ ثَلَاثٌ، فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ ثَبَتَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ بَعْدَ الْبَيْعِ يَعْنِي لِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ. وَيُقَالُ لَهُ خَلِيطٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ كَانَ الشُّرَكَاءُ الْآخَرُونَ شُفَعَاءَ فِي الْحِصَّةِ الْمُبَاعَةِ. وَتَكُونُ بِالْمُشَارَكَةِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهَيْنِ: 1 - تَكُونُ الْمُشَارَكَةُ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ كَأَنْ يَكُونَ نِصْفُ دَارٍ شَائِعٌ لِزَيْدٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِعَمْرٍو فَكُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكُ الْآخَرِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ، (الْكِفَايَةُ) . وَكَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي عَقَارٍ شَائِعٍ. وَالْعَقَارُ بِمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ الْأَرْضِ فَالِاشْتِرَاكُ فِي الْبِنَاءِ فَقَطْ لَا تَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ، (أَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ اثْنَانِ مُتَصَدِّقَيْنِ مَالِكَيْنِ لِعَقَارٍ شَائِعٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفَ أَمْ كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا الرُّبْعَ وَالْآخَرِ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكًا لِلْآخَرِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ، (شَائِعٌ) أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا قَسَمُوا الْمَبِيعَ وَلَمْ تَبْقَ بَيْنَهُمْ شَرِكَةً فِي الْمَدْخَلِ وَفِي نَفْسِ الْعَقَارِ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّرِكَةِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ بَعْدُ، (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْعِنَايَةِ) .

يَكُونُ بِالْمُشَارَكَةِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ لِزَيْدٍ. كَانَ فِي تِلْكَ الدَّارِ حُجْرَةٌ نِصْفُهَا لِزَيْدٍ شَائِعًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الشَّائِعُ بِتِلْكَ الْحُجْرَةِ لِعَمْرٍو أَوْ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِعَمْرٍو وَكَانَ لِزَيْدٍ نِصْفُ حَائِطٍ شَائِعًا مَعَ الْأَرْضِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ الشَّائِعُ لِعَمْرٍو، (الْكِفَايَةُ) . الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، وَقَوْلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ " مُشَارِكًا، وَعَنْ الثَّانِي هَذَا " خَلِيطًا " تَفَنُّنٌ فِي الْعِبَارَةِ لَيْسَ إلَّا، وَذَلِكَ كَالِاشْتِرَاكِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَقَدْ عُرِفَ حَقُّ الشُّرْبِ فِي الْمَادَّتَيْنِ، (43 1، 2 26 1) أَيْضًا وَالشُّرْبُ الْخَاصُّ فِي الْمَادَّةِ، (5 5 9) وَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي الْمَادَّةِ، (56 9) وَقَدْ قُسِّمَتْ الْأَنْهَارُ فِي الْمَادَّتَيْنِ، (238 1) ، (239 1) إلَى مَمْلُوكَةٍ وَغَيْرِ مَمْلُوكَةٍ، وَغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ إلَى عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ وَوَضَّحَ فِي أَيُّهَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ. حَقُّ الْمَبِيعِ تَابِعٌ لِلْمَبِيعِ كَالشُّرْبِ الْخَاصِّ وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْأَشْيَاءِ اللَّازِمَةِ لِلْمَبِيعِ قَدْ تَبَيَّنَتْ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ حَقُّ الْمَسِيلِ مُجَرَّدًا، يَعْنِي إذَا كَانَ طَرِيقُ الْمَاءِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الدَّارِ وَكَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقُّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ فَقَطْ، فَلَا يَكُونُ مُشَارِكًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا كَانَ طَرِيقُ الْمَاءِ مِلْكًا لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ شَرِيكًا وَشَفِيعًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . مَثَلًا إذَا بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ مَعَ حَقِّ الشُّرْبِ يَكُونُ أَصْحَابُ الرِّيَاضِ الْأُخْرَى كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ، مُلَاصِقَةً كَانَتْ جِيرَانُهُمْ أَمْ لَمْ تَكُنْ، يَعْنِي أَنْ يَتَسَاوَوْنَ فِي الصُّورَتَيْنِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ. أَمَّا إذَا بِيعَتْ إحْدَى تِلْكَ الرِّيَاضِ بِدُونِ الشُّرْبِ الْخَاصِّ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِالشُّرْبِ الْخَاصِّ، حَتَّى إنَّهُ إذَا بِيعَتْ وَالْمَاءُ مُنْقَطِعٌ فَيُوجَدُ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَيْضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ لَكِنْ كَانَتْ أَرْضُ النَّهْرِ، يَعْنِي الْمَمَرَّ الَّذِي كَانَ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ مِلْكًا لِآخَرَ، فَبَاعَ أَحَدٌ أَرْضَهُ مَعَ حَقِّ الشُّرْبِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي انْقَطَعَ فِيهِ الْمَاءُ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ لَهَا بَابٌ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ مَعَ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ كَانَ أَصْحَابُ الدُّورِ الَّتِي لَهُمْ أَبْوَابٌ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ شُفَعَاءُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ جِيرَانُهُمْ مُلَاصِقَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ. أَمَّا لَوْ بِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ بِدُونِ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ، (5 1 0 1) ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . دَارٌ فِي سِكَّةٍ خَاصَّةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا مِنْ رَجُلٍ بِلَا طَرِيقٍ فَلِأَهْلِ السِّكَّةِ الشُّفْعَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِلَا شُرْبٍ فَلِأَهْلِ الشُّرْبِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الدَّارُ وَهَذِهِ الْأَرْضُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهَا الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَالْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا: 1 - يَكُونُ بِتَقْسِيمِ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَعَدَمِ بَقَاءِ الِاشْتِرَاكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَبَقَائِهِمْ خُلَطَاءَ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (66 1 1)

2 - يَكُون بِعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ فَقَطْ. لَكِنْ لَوْ كَانَ مُشَارِكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَخَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ؛ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ بِيعَتْ دَارٌ تَأْخُذُ الْمَاءَ مِنْ نَهْرٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْعُمُومُ رَأْسًا، يَعْنِي لَهَا حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَوْ كَانَتْ مَا يُفْتَحُ بَابُهَا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَا حَقَّ شُفْعَةٍ لِأَصْحَابِ الدُّورِ الَّتِي تَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَوْ الَّتِي تُفْتَحُ أَبْوَابُهَا عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِدَاعِي أَنَّهُمْ خُلَطَاءُ لَكِنْ مَا لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ الْجَارَ إذَا كَانَ مُلَاصِقًا فَلَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. قِيلَ تَأْخُذُ الْمَاءَ رَأْسًا، يَعْنِي مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي لِأَرَاضِي زَيْدٍ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْ نَهْرِ دِجْلَةَ وَلِأَرَاضِي عُمَرَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعُمَرَ خَلِيطًا لِلْآخَرِ، لَكِنْ لَوْ فُتِحَ نَهْرُ دِجْلَةَ وَأَخَذُوا مِنْهُ عَشْرَ قِطَعِ أَرَاضِي فَيُصْبِحُ أَصْحَابُ هَذِهِ الْقِطَعِ الْعَشْرِ خُلَطَاءَ فَلَوْ بِيعَتْ أَقْصَى تِلْكَ الْأَرَاضِي الْعَشْرِ يَكُونُ التِّسْعَةُ أَشْخَاصٍ الْبَاقُونَ شُفَعَاءَ، فَإِذَا بِيعَتْ أَقْرَبُهُمَا كَانَ التِّسْعَةُ الْبَاقُونَ شُفَعَاءَ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ جَارًا مُلَاصِقًا لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا أَيْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجَارُ مُلَاصِقًا لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . ثُمَّ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ هُوَ الَّذِي لَهُ حَائِطٌ وَلِلْآخَرِ حَائِطٌ لَيْسَ بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ مَمَرٌّ؛ لِضِيقِ الْتِصَاقِ الْحَائِطَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ نَافِذٌ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَالْجَارُ الْمُلَاصِقُ يَكُونُ أَيْضًا عَلَى وَجْهَيْنِ: 1 - يَكُونُ بِتَلَاصُقِ ظَهْرِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِظَهْرِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ بَابُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ عَلَى سِكَّةٍ أُخْرَى، سَوَاءٌ أَكَانَتْ السِّكَّةُ الْأُخْرَى نَافِذَةً أَمْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ 2 - يَكُونُ بِتَلَاصُقِ الْجَنْبِ، يَعْنِي بِتَلَاصُقِ طَرَفِ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ وَذَلِكَ يَكُونُ بَابُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ بَابَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ. أَمَّا إذَا كَانَ بَابُ الْعَقَارِ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَلِيطًا لِلْآخَرِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَكَانَ جَمِيعُ أَهْلِ السِّكَّةِ شُفَعَاءَ. سَوَاءٌ أَكَانَ مُقَابِلًا أَمْ مُلَاصِقًا، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ، (مُلَاصِقٍ) مُطْلَقًا أَنَّ الْمُلَاصِقَ وَلَوْ بِشِبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ يَشْتَرِي مَعَ الْمُلَاصِقِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ وَكَمَا أَنَّ الْمُتَّصِلَ اتِّصَالًا أَزْيَدَ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَحْرِمُ الْآخَرَ مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةً أَزْيَدَ مِنْ الْمَشْفُوعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (13 0 1) . الْمُلَاصِقُ، يَعْنِي: الْمُتَّصِلُ بِالْمَبِيعِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الِاتِّصَالُ حُكْمًا، فَلَوْ بِيعَتْ حُجْرَةٌ مِنْ دَارٍ فَسَوَاءٌ فِي الشُّفْعَةِ مَا يُلَاصِقُ تِلْكَ الْحُجْرَةِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ وَمَا هُوَ فِي أَقْصَى الدَّارِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَزْمِي زَادَهْ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ جُمْلَةِ الدَّارِ وَالشَّفِيعَ جَارُ الدَّارِ فَكَانَ جَارًا لِلْمَبِيعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَوْ كَانَتْ غَرْفَةٌ مِنْ دَارٍ وَاقِعَةً عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَاقِي أَقْسَامِ الدَّارِ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ مَثَلًا فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي تِلْكَ الْغَرْفَةِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلْمُشَارَكَةِ فِي تِلْكَ الْغَرْفَةِ فَإِذَا سَلَّمَ هَذَا تَكُونُ ثَانِيًا لِلشُّرَكَاءِ فِي الدَّارِ فَإِذَا سَلَّمُوا تَكُونُ ثَالِثَةً لِلْجَارِ

(مادة 1009) حق الشفعة

الْمُلَاصِقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُلَاصِقًا لِهَذِهِ الْغُرْفَةِ أَمْ كَانَ مُلَاصِقًا لِأَقْصَى جِهَةٍ مِنْ الدَّارِ، يَعْنِي: كُلُّهُمْ فِي شُفْعَةِ الْغُرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ سَوَاءٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَتَعْبِيرُ الْمَجَلَّةِ، (الْجَارِ الْمُلَاصِقِ) احْتِرَازٌ عَنْ الْجَارِ الْمُقَابِلِ إذْ لَا اعْتِبَارَ لِلْجَارِ وَلَوْ كَانَ الْبَابُ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ جِدًّا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ يُزِيلُ الضَّرَرَ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لِلْجَارِ الْمُقَابِلِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ شُفْعَةٌ لَيْسَ؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ بَلْ؛ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ، (أَبُو السُّعُودِ بِإِيضَاحٍ) كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. وَكَمَا يَكُونُ الْجَارُ مُلَاصِقًا فِي السَّكَنِ يَكُونُ فِي الْأَرَاضِي أَيْضًا، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَقَارٌ مُلَاصِقٌ لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ. وَأَلَّا يُوجَدَ شَرِيكٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَ الْحَائِطِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ مُشْتَرِكًا فِي الْأَرْضِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهَا الْحَائِطُ الَّتِي بَيْنَهُمَا، فَهَذَا الْجَارُ الْمُلَاصِقُ مُشَارِكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ شَفِيعًا فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى. وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (12 0 1) لَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُلَاصِقَةُ دَارَ وَقْفٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، أَوْ مَأْجُورَةٍ، فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ بِهَا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (8 1 0 1) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ الْأَجْنَبِيِّ، لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْتَرِيًا أَصَالَةً أَمْ وَكَالَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي لَهُ فِيهَا شُفْعَةٌ تَثْبُتُ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ أَيْضًا، لَوْ ظَهَرَ شَفِيعٌ آخَرُ مِنْ دَرَجَتِهِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا نِصْفَهَا أَمَّا لَوْ ظَهَرَ شَفِيعٌ أَقَلَّ مِنْهُ، فَلَا شُفْعَةَ لِهَذَا الشَّفِيعِ الْأَقَلِّ، (أَبُو السُّعُودِ، الدُّرَرُ) . أَمَّا عَدَمُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْبَائِعِ فَمُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. فَائِدَةٌ: لَوْ اجْتَمَعَ لِشَفِيعٍ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ، فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ بِالسَّبَبِ الْمُؤَخَّرِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1 4 0 1) . [ (مَادَّةُ 1009) حَقُّ الشُّفْعَةِ] أَوَّلًا لِلْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ ثَانِيًا لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ ثَالِثًا لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ وَمَا دَامَ الْأَوَّلُ طَالِبًا فَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ حَقُّ. الشُّفْعَةِ وَمَا دَامَ الثَّانِي طَالِبًا فَلَيْسَ لِلثَّالِثِ حَقُّ الشُّفْعَةِ) . إذَا اجْتَمَعَتْ أَسْبَابُ الشُّفْعَةِ رُوعِيَ التَّرْتِيبُ وَقُدِّمَ الْأَقْوَى. وَعَلَيْهِ فَحَقُّ الشُّفْعَةِ أَوَّلًا لِلْمُشَارِكِ فِي الْمَبِيعِ، ثَانِيًا لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ إذَا طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ فَوْرًا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ، ثَالِثًا، لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ إذَا طَلَبَ فَوْرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ الْمُوَاثَبَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (32 0 1) . الْجَارُ الْمُلَاصِقُ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي نَوَالِ حَقِّ الشُّفْعَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَيْ يَكُونُ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ

أَجْنَبِيَّةٍ. لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَيْضًا ذِمِّيًّا وَإِلَّا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ، (أَبُو السُّعُودِ) لَكِنْ إذَا كَانَ مُدَّعِي الشُّفْعَةِ صَبِيًّا فَيَطْلُبُهَا وَلِيُّهُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ يَكُونُ وَلِيُّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَنْصِبُ لَهُ الْحَاكِمُ وَلِيًّا، (أَبُو السُّعُودِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ طَالِبًا فَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ، أَيْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ شُفْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ الثَّانِي طَالِبًا فَلَيْسَ لِلثَّالِثِ حَقُّ شُفْعَةٍ وَيَثْبُتُ لُزُومُ التَّرْتِيبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الشَّرِيكُ أَحَقُّ مِنْ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنْ الشَّفِيعِ» وَالشَّرِيكُ هُوَ الْمُشَارِكُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَالْخَلِيطُ الْمُشَارِكُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ، (الشَّفِيعُ) فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُوَ الْجَارُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ. وَالِاتِّصَالُ فِي صُورَةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ أَقْوَى لِكَوْنِهِ فِي كُلِّ جُزْءٍ، ثُمَّ إنَّ الِاتِّصَالَ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ هُوَ أَقْوَى أَيْضًا لِكَوْنِهِ اشْتِرَاكًا فِي مَرَافِقِي الْمِلْكِ. وَالْوَاقِعُ تَرْجِيحُ الْقُوَّةِ بِالسَّبَبِ، (الْكِفَايَةُ) . تَرْجِيحُ الْقُوَّةِ بِالسَّبَبِ لِنُوَضِّحَ ذَلِكَ بِالْمَثَلِ الْآتِي: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ ذِرَاعَ آخَرَ، وَآخَرُ قَطَعَ عُنُقَهُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ حَيَاةَ الْمَقْتُولِ مُمْكِنَةٌ بَعْدَ قَطْعِ ذِرَاعِهِ، أَمَّا بَعْدَ قَطْعِ عُنُقِهِ فَحَيَاتُهُ غَيْرُ مُتَوَهَّمَةٍ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (13 1) وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَمَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ طَالِبًا فَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ حَقُّ شُفْعَةٍ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْحِصَّةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا فِي عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ مَعَ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ، فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَهُ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِذَلِكَ الْعَقَارِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ وَيَدَّعِيَهَا، (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يَمْلِكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ آخَرَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَهُ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ، فَإِذَا رَاعَى الشَّرِيكُ شُرُوطَ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ: بِمَا أَنَّ لِمَنْزِلِي اتِّصَالًا بِالْمَنْزِلِ الْمَذْكُورِ فَأَنَا مُشَارِكٌ لَكَ فِي الشُّفْعَةِ، (الْبَهْجَةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ، بِدُونِ إذْنِ ذَلِكَ الْآخَرِ، مِنْ شَخْصٍ كَأَنْ يَكُونَ جَارًا، فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ، مَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ حِصَّتِهِ، أَنْ يَطْلُبَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ وَيَأْخُذَهَا (الْبَهْجَةُ) . لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْمُشَارِكُ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ، فَيَكُونُ الْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ شَفِيعًا فِيمَا إذَا طَلَبَ فَوْرًا الشُّفْعَةَ بِشُرُوطِهَا، كَالْمُوَاثَبَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ بِالْبَيْعِ. وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُعَافًى مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَوْرًا؛ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ لَمْ يُسَلِّمْ الشُّفْعَةَ وَلِذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ أَخْذِ الْمَشْفُوعِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْعَيْنِيُّ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ فِي الدَّارِ الْمُبَاعَةِ وَالْجَارُ حَاضِرَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَا بِبَيْعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَوْرًا وَسَكَتَ الْجَارُ، نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ فِي الدَّرَجَةِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ ثُمَّ تَرَكَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَيْسَ لِلْجَارِ شُفْعَةٌ بَعْدُ وَلَوْ أَجْرَى فَوْرًا طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .

(مَادَّةُ 0 1 0 1) -، (إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارِكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ مُشَارِكًا وَتَرَكَ شُفْعَتَهُ يَكُونُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ ثَمَّ خَلِيطٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ يَكُونُ الدَّارُ اللَّاصِقُ شَفِيعًا عَلَى هَذَا الْحَالِ. مَثَلًا إذَا بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ الْمُسْتَقِلَّ أَوْ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ وَتَرَكَ الْمُشَارِكُ حَقَّ شُفْعَتِهِ يَكُونُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ أَوْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ إنْ كَانَ هُنَاكَ خَلِيطٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ وَأَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ فَعَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ يَكُونُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ) إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارِكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ مُشَارِكًا لَكِنَّهُ غَائِبٌ أَوْ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ مَوْجُودًا وَحَاضِرًا فَسَلَّمَ فِي حَقِّ شُفْعَتِهِ أَيْ تَنَزَّلَ عَنْ حَقِّ شُفْعَتِهِ، وَقَوْلُ الشَّفِيعِ لَا حَقَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ بَرَاءَةٌ مِنْ الشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . أَوْ أَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ بِسَبَبٍ كَعَدَمِ إجْرَائِهِ الشُّفْعَةَ لَهُ فَإِذَا كَانَ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ فَحَقُّ الشُّفْعَةِ لَهُ وَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ مُنْجَزًا، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا. لَكِنْ لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ إذَا لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فَإِنِّي بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ إذَا لَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . وَعَلَيْهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْمُشَارِكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْخَلِيطِ، وَتُعَدُّ مُشَارَكَتُهُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ سَبَبُ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّ الْخَلِيطِ فَقَدْ قُدِّمَ الْآخَرُ لِقُوَّتِهِ. وَبِمَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ قَدْ تَرَكَ حَقَّهُ فَأَصْبَحَ لِلْمُتَأَخِّرِ حَقُّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ. وَهَذَا فِيمَا إذَا رُوعِيَتْ شُرُوطُ الشُّفْعَةِ كَطَلَبٍ لِمُوَاثِبَةٍ وَالْإِشْهَادِ وَقْتَ السَّمَاعِ بِالْبَيْعِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْحَاصِلُ إذَا اجْتَمَعَ الْخَلِيطُ وَالشَّرِيكُ كَانَ الْخَلِيطُ مُسْتَحِقًّا لِلشُّفْعَةِ كَالشَّرِيكِ لَكِنَّ الشَّرِيكَ يَحْجُبُ الْخَلِيطَ يَعْنِي لِلشَّرِيكِ حَقُّ الرُّجْحَانِ. أَمَّا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَلَدًا وَوَلَدَ وَلَدٍ فَسَقَطَ وَلَدُهُ حَقَّهُ فِي التَّرِكَةِ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ وَلَدِ وَلَدِهِ فِي التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ لَيْسَ صَحِيحًا أَصْلًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ اسْتِحْقَاقِ ابْنِ الِابْنِ عَدَمُ وُجُودِ الِابْنِ، (الْهِدَايَةُ بِإِيضَاحٍ) . إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مُشَارِكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَلَمْ يَكُنْ خَلِيطٌ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَ خَلِيطٌ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَسَلَّمَ فِي حَقِّ شُفْعَتِهِ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ لِعَدَمِ مُرَاعَاتِهِ شُرُوطَ الشُّفْعَةِ، كَانَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا كَمَا بَيَّنَ سَبَبَهُ آنِفًا. تَرْتِيبُ الشُّفْعَةِ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: مَثَلًا إذَا بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ الْمُسْتَقِلَّ، يَعْنِي كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ الشَّائِعَ أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَتَرَكَ الْمُشَارِكُ حَقَّ شُفْعَتِهِ يَكُونُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ أَوْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ إنْ كَانَ هُنَاكَ خَلِيطٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ وَأَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ فَعَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ يَكُونُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ.

إنَّ فِقْرَةَ، (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ الْمُسْتَقِلَّ. . .) مِنْ هَذَا الْمِثَالِ هِيَ مِثَالٌ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ إذْ لَا مُشَارِكَ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَفِقْرَةَ، (أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ) مِثَالٌ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ شَرِيكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ. تَرْتِيبُ الشُّفَعَاءِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَجَلَّةِ تَرْتِيبَ أَرْبَعِ صُوَرٍ لِلشُّفَعَاءِ وَإِلَيْكَ الْإِيضَاحُ فِيمَا يَلِي: أَوَّلًا - لَوْ كَانَ فِي مَنْزِلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَصْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ فَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ السَّابِقَةَ فِي الْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ آخَرَ فَالشُّفْعَةُ أَوَّلًا لِلْمُشَارِكِ فِي الْمَنْزِلِ الْأَحَقِّ. ثَانِيًا - إذَا سَلَّمَ الْأَوَّلُ تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشُّرَكَاءِ فِي الْقَصْرِ وَهُمْ أَحَقُّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ لِلشَّرِكَةِ لِكَوْنِهِمْ فِي صَحْنِ الدَّارِ؛ وَلِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الطَّرِيقِ الْأَخَصِّ فَإِنَّ سَاحَةَ الدَّارِ مَمَرُّ أَهْلِ الْمَنْزِلِ. ثَالِثًا - يَكُونُ الْمُشَارِكُ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَحَقُّ مِنْ الْجَارِ الْمُلَاصِقِ إذَا سَلَّمَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الطَّرِيقِ الْأَعَمِّ. رَابِعًا - إذَا سَلَّمَ هَذَا أَيْضًا فَالْجَارُ الْمُلَاصِقُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ هَذَا الْمَنْزِلِ وَبَابُ دَارِهِ فِي سِكَّةٍ أُخْرَى، (الدُّرَرُ، الْكِفَايَةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَتَثْبُتُ شُفْعَةُ الْجَارِ الْمُلَاصِقِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ إذَا بِيعَ نِصْفُ الْعَقَارِ الشَّائِعِ أَيْضًا فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ الْمُسْتَقِلَّ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَلَمْ يُوجَدْ الشَّفِيعُ الْمُقَدَّمُ تَثْبُتُ شُفْعَةُ الْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَيْضًا، حَتَّى إنَّ الْبَائِعَ لَوْ بَاعَ نِصْفَ الدَّارِ الشَّائِعِ مِنْ آخَرَ فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ اقْتِسَامِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ الدَّارَ. فِي أَيِّ جِهَةٍ تَكُونُ الْحِصَّةُ الْمَقْسُومَةُ. وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ بِالتَّرَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِسْمَةِ وَعَلَيْهِ فَبِالْقِسْمَةِ يَكُونُ الِانْتِفَاعُ كَامِلًا، وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ نَقْضُ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَجَعْلُ عُهْدَةِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا حَقٌّ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ الْقَبْضِ الْكَامِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الَّذِي قَاسَمَ فَلَمْ تَكُنْ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ حُكْمُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِ فَيَنْقُضُهُ الشَّفِيعُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَمْلِكُ نَقْضَ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي، وَالْقِسْمَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (16 1 1) يُوجَدُ فِيهَا مُبَادَلَةٌ، أَفَلَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ أَيْضًا؟ الْجَوَابُ - إنَّ الْقِسْمَةَ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (16 1 1) مِنْ وَجْهٍ إفْرَازٌ وَمِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةٌ. فَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُبَادَلَةٌ فَلِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا إفْرَازٌ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ. وَعَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ شَكٌّ فِي حَقِّ الْقَبْضِ فَلَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَقُّ بِالشَّكِّ، (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا لَوْ تَقَاسَمَ الْمُشْتَرِي مَعَ آخَرَ غَيْرِ الْبَائِعِ فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ. فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ

(مادة 1012) المشارك في حائط الدار هو في حكم المشارك في نفس الدار

حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَتَقَاسَمَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّرِيكِ فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ، (أَبُو السُّعُودِ) 3 وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا وَهُمَا شَفِيعَانِ ثُمَّ جَاءَ شَفِيعٌ ثَالِثٌ بَعْدَ مَا اقْتَسَمَاهَا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَاءِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) (مَادَّةُ 1 10 1) -، (إذَا كَانَ الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ مِنْ الْبِنَاءِ مِلْكَ أَحَدٍ وَالسُّفْلِيُّ مِلْكَ آخَرَ يُعَدُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ جَارًا مُلَاصِقًا) وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ الْعُلْوِيُّ مَارًّا مِنْ السُّفْلِيِّ بَلْ كَانَ مَارًّا مِنْ طَرِيقٍ عَامٍّ. وَالْعُلْوِيُّ كَمَا يَكُونُ طَابَقًا وَاحِدًا يَكُونُ أَكْثَرَ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يُعَدُّ جَارًا مُلَاصِقًا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةَ مَنَازِلَ مُتَّصِلَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَفَوْقَ بَعْضِهَا بَعْضًا لِكُلٍّ مِنْهَا بَابٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَإِذَا بِيعَ الْمَنْزِلُ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ هَذِهِ الْمَنَازِلِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَنْزِلَيْنِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ الشُّفْعَةُ وَإِذَا بِيعَ الْأَعْلَى فَالشُّفْعَةُ لِلْأَوْسَطِ وَإِذَا بِيعَ السُّفْلِيُّ كَانَتْ لِلْأَوْسَطِ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُبَيِّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْحُكْمَ الِاسْتِحْسَانِيَّ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ فِي الْعُلْوِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَلَوِيَّ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الدَّوَامِ وَيَزُولُ بِانْهِدَامِهِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّ حَقَّ وَضْعِ الْعُلُوِّ مُتَأَبِّدٌ. وَلِصَاحِبِهِ الْحَقُّ فِي إنْشَائِهِ أَيْضًا بَعْدَ الِانْهِدَامِ. وَعَلَيْهِ فَهَذَا الْعُلْوِيُّ كَالْعَرْصَةِ، (أَبُو السُّعُودِ بِإِيضَاحٍ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِالْبِنَاءِ مُجَرَّدًا بِدُونِ أَرْضٍ يَكُونُ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ مِنْ حَيْثُ الْجِوَارُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاشْتِرَاكِ. وَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1008) ، (أَبُو السُّعُودِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، فَلَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِدَارٍ عُلْوِيُّهَا لِشَخْصٍ وَسُفْلِيُّهَا لِآخَرَ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِيّ وَصَاحِبِ السُّفْلِيِّ لَكِنْ لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوِيُّ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَتَكُونُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِيِّ فَقَطْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَبْقَى الشُّفْعَةُ لَهُمَا مَعًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْحُكْمِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْعُلْوِيُّ فِيهَا مَوْجُودًا. أَمَّا لَوْ بِيعَ السُّفْلِيُّ بَعْدَ انْهِدَامِ الْعُلْوِيِّ فَلَا يَبْقَى حَقُّ الشُّفْعَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْجِوَارَ يَكُونُ بِالِاتِّصَالِ وَقَدْ زَالَ الِاتِّصَالُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْبِنَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئٌ عَنْ حَقِّ إقْرَارٍ، وَحَقُّ الْقَرَارِ لَا يَزَالُ بَاقِيًا، (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) ، وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الْعُلْوِيِّ يَمُرُّ مِنْ السُّفْلِيِّ فَيُعْتَبَرُ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ الْمُلَاصِقِ، (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . حَتَّى إذَا كَانَتْ طَرِيقُ الْعُلْوِيِّ تَمُرُّ مِنْ دَارِ آخَرَ فَتُقَدَّمُ شُفْعَةُ هَذَا عَنْ السُّفْلِيِّ (الْهِدَايَةُ) . [ (مَادَّةُ 1012) الْمُشَارِكُ فِي حَائِطِ الدَّارِ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الدَّارِ] (مَادَّةُ 1012) -، (الْمُشَارِكُ فِي حَائِطِ الدَّارِ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الدَّارِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارِكًا فِي الْحَائِطِ وَلَكِنْ كَانَتْ أَخْشَابُ سَقْفِهِ مُمْتَدَّةً عَلَى حَائِطِ جَارِهِ فَيُعَدُّ جَارًا مُلَاصِقًا وَلَا يُعَدُّ شَرِيكًا وَخَلِيطًا بِمُجَرَّدِ حَقِّهِ فِي وَضْعِ رُءُوسِ أَخْشَابِ سَقْفِهِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ) الْمُشَارِكِ فِي حَائِطِ الدَّارِ يَعْنِي أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي الْأَرْضِ الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا حَائِطُ الدَّارِ وَفِي الْحَائِطِ أَيْضًا هُوَ

فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الدَّارِ. وَصُوَرُ هَذَا هِيَ: أَنْ تَكُونَ عَرْصَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ شَائِعَةً فَاقْتَسَمَاهَا بَعْدَ أَنْ أَنْشَآ فِي وَسَطِ الْعَرْصَةِ حَائِطَ الْبَاقِي مِنْ الْعَرْصَةِ، يَعْنِي لَوْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرَفًا مِنْ الْعَرْصَةِ مِنْ إحْدَى جِهَتَيْ الْحَائِطِ فَالْحَائِطُ وَالْأَرْضُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا تَبْقَيَانِ مُشْتَرَكَتَانِ كَمَا فِي السَّابِقِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا مَا أَصَابَهُ مِنْ الْحِصَّةِ مِنْ آخَرَ كَانَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَلِيطِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1090) وَكَمَا يَكُونُ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ شَرِيكًا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1080) يَكُونُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرِيكًا فِي جُزْءِ الْمَبِيعِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا فَقَطْ وَكَانَتْ الْأَرْضُ الْقَائِمُ عَلَيْهَا الْحَائِطُ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فَلَا يَتَقَدَّمُ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْجِيرَانِ شَرِيكًا فِي الْجِدَارِ لَا يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِيرَانِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّفْعَةَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَصُورَةُ هَذَا هِيَ: أَنْ تَكُونَ عَرْصَتُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ شَائِعَةً وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا وَجُعِلَ فِي الْوَسَطِ خَطٌّ فَاصِلٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ أُفْرِزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طُولِ الْخَطِّ أَرْضًا مِنْ جِهَتِهِ وَبَنَيَا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ الْمُفْرَزَةِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ حَائِطًا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ جَارًا فِي الْأَرْضِ وَشَرِيكًا فِي الْبِنَاءِ فَقَطْ وَالشَّرِكَةُ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ لَا تُوجِبُ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الِاشْتِرَاكِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى بِمَا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْجِدَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوَّلُ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ شَرْحٌ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا تَكُونُ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ مَشْفُوعًا بِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الْقَائِمُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ مُشْتَرَكًا كَانَ شَرِيكًا وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى هَذَا وَيَلْزَمُ أَيْضًا تَأْوِيلُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ فِي الشَّرْحِ، وَحَاصِلُ الْكَلَامِ: أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحَائِطِ فَقَطْ لَيْسَ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَائِطِ مَعَ الْأَرْضِ الْقَائِمِ عَلَيْهَا مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى وَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَلِيطِ وَالْجَارِ. وَعَلَيْهِ فَالْمُشَارِكُ فِي حَائِطِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ مَعَ الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُعَدُّ مُشَارِكًا فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ كُلِّهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الصَّحِيحَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ الْمُلَاصِقِ. وَلَا تَنْحَصِرُ هَذِهِ فِي الْحَائِطِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ الْحَائِطُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ أَخَصُّ بِهِ حَيْثُ كَانَ شَرِيكًا فِي الْبَعْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ يُسَاوِي الْجَارَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ بِالْجِوَارِ وَغَيْرِهِ يُسَاوِيهِ فِيهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارِكًا فِي الْحَائِطِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَكِنْ كَانَتْ أَخْشَابُ دَارِهِ مُمْتَدَّةً عَلَى حَائِطِ جَارِهِ، أَيْ كَانَ غَيْرَ شَرِيكٍ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْحَائِطِ بَلْ كَانَ لَهُ حَقُّ وَضْعِ الْأَخْشَابِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ، أَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْأَخْشَابِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَائِطِ فَيُعَدُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ جَارًا مُلَاصِقًا وَلَا يُعَدُّ شَرِيكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَخَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْحَقِّ فِي وَضْعِ رُءُوسِ أَخْشَابِ بَيْتِهِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْعَقَارِ أَوَّلُ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ، وَالشَّرِكَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ شَرِكَةً فِي الْعَقَارِ، (الدُّرَرُ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْكِفَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

(مادة 1013) إذا تعدد الشفعاء يعتبر عدد الرءوس

[ (مَادَّةُ 1013) إذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ يُعْتَبَرُ عَدَدُ الرُّءُوسِ] (مَادَّةُ 1013) -، (إذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ يُعْتَبَرُ عَدَدُ الرُّءُوسِ وَلَا يُعْتَبَرُ مِقْدَارُ السِّهَامِ يَعْنِي لَا اعْتِبَارَ لِمِقْدَارِ الْحِصَصِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ نِصْفُ الدَّارِ لِأَحَدٍ وَثُلُثُهَا وَسُدُسُهَا لِآخَرِينَ وَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ حِصَّتَهُ لِآخَرَ فَطَالَبَ الْآخَرَانِ بِالشُّفْعَةِ يُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا بِالْمُنَاصَفَةِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يَأْخُذَ بِمُوجِبِ حِصَّتِهِ حِصَّةً زَائِدَةً عَلَى الْآخَرِ) إذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ وَتَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ وَقَامَ جَمِيعُهُمْ بِشَرَائِطِ الشُّفْعَةِ تَمَامًا يُعْتَبَرُونَ بِحَسَبِ رُءُوسِهِمْ أَيْ يُقْسَمُ الْمَشْفُوعُ بَيْنَ الشُّفَعَاءِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَلَيْسَ عَلَى مِقْدَارِ السِّهَامِ. يَعْنِي لَا يُقْسَمُ بِاعْتِبَارِ الْحِصَصِ وَحَسَبِ الْخُلْطَةِ وَالِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْ الشُّفَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ مُتَسَاوِيًا مَعَ الْآخَرِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ مُسَاوَاتَهُمْ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَيْسَ بِكَثْرَةِ الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ وَإِنَّمَا هُوَ بِالْقُوَّةِ وَفِي هَذَا لَا تُوجَدُ قُوَّةٌ بَلْ تُوجَدُ كَثْرَةٌ، وَعَلَيْهِ فَمِلْكُ أَقَلِّ جُزْءٍ فِي الْمَشْفُوعِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِاسْتِحْقَاقِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ اجْتَمَعَتْ عِلَلٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ ذِي الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ فِي الْمَشْفُوعِ بِهِ وَوُجِدَتْ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ ذِي الْحِصَّةِ الصَّغِيرَةِ فَالْمُسَاوَاةُ مُتَحَقِّقَةٌ بَيْنَ الْعِلَلِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَالْعِلَّةِ الْوَاحِدَةِ وَقَدْ ذُكِرَ هُنَا مِثَالَانِ عَلَى كَوْنِ تَرْجِيحِ الْكَثْرَةِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ: 1 - لَوْ أَقَامَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ شَاهِدَيْنِ عَلَى دَعْوَاهُ وَأَقَامَ الطَّرَفُ الثَّانِي عَشَرَةَ شُهُودٍ كَانَ الِاثْنَانِ مُتَسَاوِيَانِ وَلَا حَقَّ بِرُجْحَانِ الشُّهُودِ الْكَثِيرَةِ عَلَى ذِي الشَّاهِدَيْنِ لِمُجَرَّدِ كَثْرَةِ شُهُودِ الْأَوَّلِ وَقِلَّةِ شُهُودِ الثَّانِي. 2 - لَوْ جَرَحَ أَحَدٌ شَخْصًا جُرْحًا وَجَرَحَ آخَرُ الْمَجْرُوحَ عَشَرَةَ جُرُوحٍ وَتُوُفِّيَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ كَانَ ذَانِكَ الشَّخْصَانِ الْجَارِحَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي حُكْمِ الْقَتْلِ وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ قَدْ عَمِلَ مِنْ فِعْلِ الْقَتْلِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا. ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَمْثِلَةٍ عَلَى دَلِيلِ تَرْجِيحِ الْقُوَّةِ. 1 - الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ يُرَجَّحُ عَلَى الْخَلِيطِ وَالْجَارِ. 2 - إذَا بَلَغَ شُهُودُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دَرَجَةَ التَّوَاتُرِ وَكَانَ شُهُودُ الطَّرَفِ الْآخَرِ دُونَ حَدِّ التَّوَاتُرِ يُرَجَّحُ طَرَفُ التَّوَاتُرِ. 3 - لَوْ جَرَحَ أَحَدٌ آخَرَ وَضَرَبَ آخَرُ عُنُقَهُ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى قَاطِعِ الرَّقَبَةِ وَلَا يُضَافُ لِلْجَارِحِ، (الْكِفَايَةُ بِعِلَاوَةٍ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ " إذَا أَوْفَى كُلُّهُمْ شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ "؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْفَى أَحَدُ الشُّفَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ فَقَطْ وَلَمْ يَفِهَا الْبَاقُونَ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الَّذِي أَوْفَى الشَّرَائِطَ الْمَشْفُوعَةَ وَيُعَدُّ الْبَاقُونَ كَأَنْ لَمْ يَكُونُوا، (التَّنْقِيحُ) . الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الَّتِي قُسِمَتْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ: الْمَسَائِلُ الَّتِي تَجِبُ الْقِسْمَةُ فِيهَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ خَمْسٌ:

أُولَاهَا، الشُّفْعَةُ الَّتِي بُيِّنَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. ثَانِيَتُهَا، السَّاحَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْبُيُوتِ. ثَالِثَتُهَا، الطَّرِيقُ الْخَاصُّ. رَابِعَتُهَا، الْجِبَايَاتُ، أَيْ التَّكَالِيفُ الْأَمِيرِيَّةُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (2 5 1 1) خَامِسَتُهَا، أُجْرَةُ الْقَسَّامِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَتَفْصِيلُ هَذَا مَذْكُورٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِي حَاشِيَةِ الطَّحْطَاوِيُّ. مِثَالٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ السِّهَامِ مَثَلًا لَوْ كَانَ نِصْفُ الدَّارِ لِأَحَدٍ وَثُلُثُهَا وَسُدُسُهَا لِآخَرِينَ وَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ حِصَّتَهُ لِآخَرَ أَيْ مِنْ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ وَطَلَبَ الْآخَرَانِ بِالشُّفْعَةَ يُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً أَيْ يُقْسَمُ نِصْفُ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَنْ يَأْخُذَ ضِعْفَيْ صَاحِبِ السُّدُسِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي الْمَشْفُوعِ بِهِ ضِعْفَا حِصَّةِ الْآخَرِ. وَقَيْدُ (الْآخَرِ) فِي هَذَا الْمِثَالِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشُّفَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ يُعْتَبَرُ الشُّفَعَاءُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ بِمَا فِيهِمْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي فَتَبْقَى حِصَّةُ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعِ عَلَى عُهْدَتِهِ وَتُعْطَى بَاقِي الْحِصَصِ لِلشُّفَعَاءِ، فَلَوْ بَاعَ صَاحِبُ نِصْفِ الْحِصَّةِ حِصَّتَهُ مِنْ صَاحِبِ حِصَّةِ الثُّلُثِ وَطَلَبَ صَاحِبُ السُّدُسِ الشُّفْعَةَ بِنِصْفِ النِّصْفِ، فَأَحَدُهُمَا يَبْقَى فِي عُهْدَةِ الْمُشْتَرِي، وَثَانِيهِمَا يُعْطَى لِصَاحِبِ السُّدُسِ، وَلَوْ بَاعَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ صَاحِبُ السُّدُسِ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ وَمِنْ أَحَدِ شُرَكَائِهِ تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمُبَيَّنَةُ آنِفًا فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ، (الدُّرَرُ) . مِثَالٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ الْمُخَالَطَةِ: إذَا كَانَ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ ثَمَانِي دُورٍ وَكَانَ أَرْبَعٌ مِنْهَا مِلْكًا لِشَخْصٍ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ مِلْكًا لِشَخْصٍ فَبَاعَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ دَارِهِ مِنْ آخَرَ تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْأَرْبَعِ الدُّورِ رُبْعًا وَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ لِأَصْحَابِ الدُّورِ الْبَاقِيَةِ. مِثَالٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مِقْدَارِ الِاتِّصَالِ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مُلَاصِقًا مِنْ جَانِبٍ وَآخَرُ مُلَاصِقًا مِنْ ثَلَاثَةِ جَوَانِبَ يَكُونَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ، (أَبُو السُّعُودِ) إذَا كَانَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ غَائِبًا يُحْكَمُ بِالشُّفْعَةِ تَامَّةً لِلْحَاضِرِ. وَلَا يَلْزَمُ بَقَاءُ حِصَّةِ الْغَائِبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَلَا يَطْلُبَ الْغَائِبُ الشُّفْعَةَ؛ لِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى الشَّكِّ وَلَكِنْ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ وَرَاعَى شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لِلْحَاضِرِ دَرَجَةً يُحْكَمُ لَهُ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَاضِرًا وَاثْنَانِ غَائِبَيْنِ يُحْكَمُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا لِلْحَاضِرِ وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُ الْغَائِبَيْنِ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ فَيُحْكَمُ لَهُ بِنِصْفِ الْمَشْفُوعِ وَيَسْتَرِدُّ مِنْ الشَّفِيعِ ثُمَّ لَوْ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْغَائِبُ الْآخَرُ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِثُلُثِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ لَهُ وَيَكُونُ عَلَى هَذَا بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَبِذَلِكَ تَحْصُلُ

(مادة 1014) إذا اجتمع صنفان من الخلطاء

بَيْنَهُمْ الْمُسَاوَاةُ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَا يُقَالُ لِلشَّفِيعِ الْأَوَّلِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ كُلَّهُ وَإِمَّا أَنْ تَتْرُكَهُ كُلَّهُ. وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ دَرَجَةً فَمَتَى حَضَرَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ تُبْطِلُ شُفْعَتُهُ شُفْعَةَ الْحَاضِرِ وَيُحْكَمُ لَهُ. وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ مُؤَخَّرًا عَنْ الْحَاضِرِ دَرَجَةً فَلَا يَلْزَمُ لِلشَّفِيعِ الثَّانِي شَيْءٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ، وَأَبُو السُّعُودِ) . [ (مَادَّةُ 1014) إذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ مِنْ الْخُلَطَاءِ] (مَادَّةُ 1014) -، (إذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ مِنْ الْخُلَطَاءِ يُقَدَّمُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ مَثَلًا لَوْ بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي لَهَا حَقُّ شُرْبٍ فِي الْخَرْقِ الَّذِي أُحْدِثَ مِنْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ مَعَ شُرْبِهَا يُقَدَّمُ وَيُرَجَّحُ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الشُّرْبِ فِي ذَلِكَ الْخَرْقِ وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الَّتِي لَهَا حَقُّ شُرْبٍ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ مَعَ شُرْبِهَا فَالشُّفْعَةُ تَعُمُّ مَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ فِي النَّهْرِ وَمَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ فِي خَرْقِهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ دَارٌ بَابُهَا فِي زُقَاقٍ غَيْرِ سَالِكٍ مُنْشَعِبٍ مِنْ زُقَاقٍ آخَرَ غَيْرِ سَالِكٍ لَا يَكُونُ شَفِيعًا إلَّا مِنْ بَابِ دَارِهِ فِي الْمُنْشَعِبِ وَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ بَابُهَا فِي الزُّقَاقِ الْمُنْشَعِبِ مِنْهُ غَيْرِ السَّالِكِ تَعُمُّ الشُّفْعَةُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الزُّقَاقِ الْمُنْشَعِبِ وَالْمُنْشَعِبِ مِنْهُ) يُقَدَّمُ فِي الشُّفْعَةِ الْأَخَصُّ بِالضَّرَرِ عَلَى الْأَعَمِّ، وَالْأَخَصِّيَّةُ كَمَا تَكُونُ فِي الْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ تَكُونُ أَيْضًا فِي الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ. وَعَلَيْهِ إذَا اجْتَمَعَ صِنْفَانِ مِنْ الْخُلَطَاءِ، يَعْنِي إذَا ثَبَتَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِعِدَّةِ خُلَطَاءَ وَكَانُوا صِنْفَيْنِ، أَحَدُهُمْ أَعَمُّ بِالضَّرَرِ، وَالثَّانِي أَخَصُّ بِالضَّرَرِ يُقَدَّمُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ وَيُرَجَّحُ؛ لِأَنَّ لِلْأَخَصِّ قُوَّةً فِي التَّأْثِيرِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَالْقُوَّةُ وَإِنْ كَانَتْ دَلِيلًا فَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّهَا بَاعِثَةٌ عَلَى التَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَخَصُّ بِالضَّرَرِ، (الْجَوْهَرَةُ) ، مَثَلًا لَوْ بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي بِهَا حَقُّ شُرْبٍ فِي الْخَرْقِ الَّذِي أُحْدِثَ مِنْ النَّهْرِ الصَّغِيرِ مَعَ شُرْبِهَا كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ، (5 59) يُقَدَّمُ وَيُرَجَّحُ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الشُّرْبِ فِي ذَلِكَ الْخَرْقِ عَنْ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَمَّا لَوْ بِيعَتْ إحْدَى الرِّيَاضِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي لَهَا حَقُّ شُرْبٍ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ مَعَ شُرْبِهَا فَالشُّفْعَةُ تَعُمُّ مَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ فِي النَّهْرِ وَمَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ فِي خَرْقِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. وَتُقْسَمُ الشُّفْعَةُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: الْعَيْنِيُّ) جَاءَ " مَعَ حَقِّ شُرْبِهَا ": لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِعْ حَقَّ شُرْبِهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلْخُلَطَاءِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ، (صِنْفَيْنِ) مَبْنِيٌّ عَلَى اكْتِفَائِهَا بِبَيَانِ الْأَقَلِّ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ إذَا كَانَ الْخُلَطَاءُ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ أَوْ أَرْبَعَةً. مَجَارِي الْمِيَاهِ لِلسَّقْيِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ يُقَالُ لِأَكْبَرِهَا نَهْرٌ ثُمَّ مَاذِيَانٌ ثُمَّ السَّاقِيَةُ ثُمَّ الْجَدْوَلُ.

(مادة 1015) إذا باع من له حق شرب خاص روضته فقط ولم يبع حق شربها

وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ بُسْتَانَهُ الَّذِي يُرْوَى بِمَاءِ الْجَدْوَلِ مَعَ حَقِّ شُرْبِهِ، وَالشُّفْعَةُ بِمَا أَنَّهَا نَاشِئَةٌ عَنْ سَبَبِ الْخُلْطَةِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، فَتَثْبُتُ أَوَّلًا لِأَهْلِ الْجَدْوَلِ ثَانِيًا لِأَهْلِ السَّاقِيَةِ ثَالِثًا لِأَهْلِ الْمَاذِيَانِ رَابِعًا لِأَهْلِ النَّهْرِ. وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ أَهْلِ السَّاقِيَةِ بُسْتَانَهُ مَعَ حَقِّ شُرْبِهِ كَانَ مَنْ لَهُ حَقُّ الشُّرْبِ فِي السَّاقِيَةِ أَوْ فِي الْجَدْوَلِ شُفَعَاءَ. وَتُقَاسُ الْبَقِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى مَعَ الْإِيضَاحِ وَضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا بِيعَتْ دَارٌ بَابُهَا فِي زُقَاقٍ غَيْرِ سَالِكٍ مُنْشَعِبٍ مِنْ زُقَاقٍ آخَرَ غَيْرِ سَالِكٍ لَا يَكُونُ شَفِيعًا إلَّا مِنْ بَابِ دَارِهِ فِي الْمُنْشَعِبِ بِالْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْفِعْلِ بَلْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي فَتْحِ بَابٍ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَشْفُوعُ مُقَابِلًا لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ أَوْ مُوَازِيًا لَهُ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) يَعْنِي يُقَدَّمُ وَيُرَجَّحُ مَنْ بَابُهُ فِي الْمُنْشَعِبِ عَلَى مَنْ بَابُهُ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ السَّالِكِ؛ لِأَنَّ خُلْطَةَ الَّذِينَ فِي الْأَزِقَّةِ الْمُنْشَعِبَةِ أَخَصُّ مِنْ خُلْطَةِ مَنْ فِي الْأَزِقَّةِ غَيْرِ السَّالِكَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . أَلَا تَرَى أَنَّ لِمَنْ فِي الْأَزِقَّةِ الْمُنْشَعِبَةِ حَقًّا فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ السَّالِكِ حَتَّى إنَّ لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا مِنْ هُنَاكَ، أَمَّا مَنْ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ السَّالِكِ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الْمُنْشَعِبِ حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ عَلَى صُورَةٍ أُخْرَى كَالْمُرُورِ مِنْ هُنَاكَ وَفَتْحِ بَابٍ، (أَبُو السُّعُودِ) وَقَوْلُهُ " أَصْحَابُ الدُّورِ الَّتِي لَهَا أَبْوَابٌ " لَيْسَ بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ فِي الْمُنْشَعِبِ بَلْ كَانَ لِأَصْحَابِهَا حَقٌّ فِي فَتْحِ الْبَابِ كَانُوا شُفَعَاءَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ بِجَوَازِ فَتْحِ الْبَابِ فِيهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ فَتْحِ الْبَابِ فِي الزُّقَاقِ كَانَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ فَتْحِ الْبَابِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الزُّقَاقِ. وَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ بَابُهَا فِي الزُّقَاقِ الْمُنْشَعِبِ مِنْهُ غَيْرِ السَّالِكِ تَعُمُّ الشُّفْعَةُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الزُّقَاقِ الْمُنْشَعِبِ وَالْمُنْشَعِبِ مِنْهُ عَلَى السَّوَاءِ، وَتَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا مُبَيَّنٌ آنِفًا. سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ مُقَابِلًا أَمْ كَانَ مُوَازِيًا، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، " رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ خُلْطَةَ الْجَمِيعِ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ السَّالِكِ سَوَاءٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَهَذَا الَّذِي مَرَّ هُوَ إيضَاحُ الْأَخَصِّيَّةِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ. وَالْآنَ نُوَضِّحُ الْأَخَصِّيَّةَ فِي الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ: إذَا كَانَ بَيْتُ مُشْتَرَكٍ شَائِعًا فِي قَصْرٍ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالْقَصْرُ أَيْضًا كَانَ مُشْتَرَكًا شَائِعًا بَيْنَ قَوْمٍ آخَرِينَ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبَيْتِ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَالشَّرِيكُ فِي الْبَيْتِ مُقَدَّمٌ وَمُرَجَّحٌ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1010) . مِثَالٌ آخَرَ: بَيْنَ قَصْرٍ وَاقِعٍ فِي زُقَاقٍ وَبَيْنَ دَارِ مُتَّصِلَةٍ بِهِ حَائِطٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الدَّارِ وَالْقَصْرِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْقَصْرِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَالْمُشَارِكُ فِي الْقَصْرِ مُقَدَّمٌ وَمُرَجَّحٌ. وَإِذَا سَلَّمَ هَذَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُشَارِكِ فِي الْحَائِطِ، وَإِذَا سَلَّمَ هَذَا أَيْضًا كَانَ أَهْلُ الزُّقَاقِ كُلُّهُمْ شُفَعَاءَ عَلَى السَّوَاءِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [ (مَادَّةُ 1015) إذَا بَاعَ مَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ خَاصٍّ رَوْضَتَهُ فَقَطْ وَلَمْ يَبِعْ حَقَّ شُرْبِهَا] (مَادَّةُ 1015) -، (إذَا بَاعَ مَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ خَاصٍّ رَوْضَتَهُ فَقَطْ وَلَمْ يَبِعْ حَقَّ

(مادة 1016) حق الشرب مقدم على حق الطريق

شُرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْخُلَطَاءِ فِي حَقِّ شُرْبِهَا شُفْعَةٌ، وَيُقَاسَ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ عَلَى هَذَا) . إذَا لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ لِلشُّفْعَةِ فَلَا مَحَلَّ لِلشُّفْعَةِ، وَسَبَبُ الشُّفْعَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ خَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ أَوْ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ جِوَارٍ. أَمْثِلَةٌ عَلَى كَوْنِ الْخَلِيطِ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا بَاعَ مَنْ لَهُ حَقُّ شُرْبٍ خَاصٍّ رَوْضَتَهُ فَقَطْ وَلَمْ يَبِعْ حَقَّ شُرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْخُلَطَاءِ فِي حَقِّ شُرْبِهَا شُفْعَةٌ بِسَبَبِ حَقِّ الشُّرْبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ سَبَبُ الشُّفْعَةِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ فَلَا يُوجَدُ الْمُسَبَّبُ. الْمِثَالُ الثَّانِي: وَيُقَاسُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ عَلَى هَذَا، فَلَوْ بَاعَ مَنْ لَهُ طَرِيقٌ خَاصٌّ رَوْضَتَهُ فَقَطْ وَلَمْ يَبِعْ حَقَّ شُرْبِهَا فَلَيْسَ لِلْخُلَطَاءِ شُفْعَةٌ مِنْ جِهَةِ حَقِّ الطَّرِيقِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ جَارًا مُلَاصِقًا فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى كَوْنِ الِاتِّصَالِ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ وَلَمْ يَبِعْ مِقْدَارًا مِنْهَا عَلَى امْتِدَادِ الْحَائِطِ الْمُتَّصِلِ بِمَنْزِلِ مَنْ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ حَسَبَ الْجِوَارِ وَأَبْقَى ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقُّ شُفْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْجِوَارِ وَلَمْ يَبْقَ اتِّصَالٌ بِالْمَبِيعِ فَلَمْ يَبْقَ الْجِوَارُ، اُنْظُرْ خَاتِمَةَ هَذَا الْكِتَابِ. الْمِثَالُ الثَّانِي: لَوْ أَفْرَزَ الْبَائِعُ أَوَّلًا الْمِقْدَارَ الْمَذْكُورَ الْمُمْتَدَّ عَلَى طُولِ الْحَائِطِ وَرَهْنَهُ لِمَنْ سَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ الْبَاقِيَ فَلَا تَجْرِي فِي هَذَا الْبَاقِي الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (مَادَّةُ 1016) حَقُّ الشُّرْبِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الطَّرِيقِ] (مَادَّةُ 1016) -، (حَقُّ الشُّرْبِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الطَّرِيقِ، فَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَتْ رَوْضَةٌ خَلِيطُهَا وَاحِدٌ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ وَآخَرُ فِي طَرِيقِهَا الْخَاصِّ يُقَدَّمُ وَيُرَجَّحُ صَاحِبُ حَقِّ الشُّرْبِ عَلَى صَاحِبِ حَقِّ الطَّرِيقِ) يَعْنِي أَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ وَحَقَّ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ لَكِنْ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمَا يُقَدَّمُ حَقُّ الشُّرْبِ عَلَى حَقِّ الطَّرِيقِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَتْ رَوْضَةٌ مَعَ حَقِّ شُرْبِهَا وَطَرِيقِهَا وَخَلِيطِهَا وَاحِدٌ فِي حَقِّ الشُّرْبِ الْخَاصِّ وَآخَرُ فِي طَرِيقِهَا الْخَاصِّ فَعَلَى قَوْلٍ يُقَدَّمُ وَيُرَجَّحُ صَاحِبُ حَقِّ الشُّرْبِ عَلَى صَاحِبِ حَقِّ الطَّرِيقِ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يُقَدَّمُ حَقُّ الطَّرِيقِ عَلَى حَقِّ الشُّرْبِ وَلَكِنَّ الْمَجَلَّةَ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الفصل الثاني في بيان شرائط الشفعة

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الشُّفْعَةِ] قَدْ بُيِّنَتْ شَرَائِطُ الشُّفْعَةِ مُجْمَلَةً فِي شَرْحِ عُنْوَانِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَسَيُوَضِّحُ هُنَا وَيُفَصِّلُ بَعْضَ الشَّرَائِطِ التِّسْعَةِ. (مَادَّةُ 1017) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْفُوعُ مِلْكًا عَقَارِيًّا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي السَّفِينَةِ وَسَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ وَعَقَارِ الْوَقْفِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ) ، لِلْمَشْفُوعِ شَرْطَانِ: أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ مِلْكًا، ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ عَقَارًا. يَعْنِي إنَّمَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَقْصُودَةً فِي الْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ، أَمَّا فِي الْمَنْقُولَاتِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَقْصُودَةً وَإِنْ كَانَتْ الشُّفْعَةُ تَجْرِي فِي الْمَنْقُولَاتِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْعَقَارُ، كَالْأَرَاضِيِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ، وَالْعَرْصَةِ، وَالْكُرُومِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالدَّارِ وَالرَّحَى، وَالْبِئْرِ، وَالْحَانُوتِ، وَالرَّوْضَةِ، وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ أَشْجَارًا فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ مَعَ أُصُولِهَا وَمَوَاضِعِهَا، أَيْ مَعَ الْأَرْضِ الْمَغْرُوسَةِ فِيهَا فَتَجْرِي فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةُ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَالْمُرَادُ مِنْ الْعَقَارِ غَيْرُ الْمَنْقُولِ، وَعَلَيْهِ فَالْعُلْوِيُّ دَاخِلٌ أَيْضًا فِي الْعَقَارِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1011) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُ ذَلِكَ الْعُلْوِيِّ مِنْ السُّفْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَلَوِيَّ قَدْ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ بِحَقِّ الْقَرَارِ، (الدُّرَرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْعَقَارِ مُطْلَقًا أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْعَقَارِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالْقَصْرِ وَالْعَرْصَةِ الْوَاسِعَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ يَعْنِي تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ شُرِعَتْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْجِوَارِ أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ؛ وَلِذَلِكَ فَلَا تَجِبُ عِنْدَهُمْ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي لَا يَكُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . فَإِذَا جَرَتْ الشُّفْعَةُ فِي عَقَارٍ قَابِلٍ لِلْقَسْمِ كَهَذَا وَبِيعَ نِصْفُ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَسَّمَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ الْعَقَارَ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْقَسْمِ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ فَقَطْ. وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1010) ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَسْمُ الْمَذْكُورُ مُحَاذِيًا لِلْمَشْفُوعِ بِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ فَلَوْ بِيعَ نِصْفُ الْعَقَارِ الشَّائِعِ الَّذِي فِيهِ لِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ جَارًا مُلَاصِقًا ثُمَّ اقْتَسَمَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فَأَصَابَ الْمُشْتَرِي الْقِسْمَ الْغَيْرَ الْمُجَاوِرَ لِلْمَشْفُوعِ بِهِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ تِلْكَ الْحِصَّةَ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِدَايَةُ) .

فَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَتْ سَفِينَةٌ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ سَائِرِ الْمَنْقُولَاتِ وَالْأَبْنِيَةِ وَالْمَزْرُوعَاتِ الَّتِي تُبَاعُ وَحْدَهَا أَوْ لَوْ بِيعَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ مَعَ حَقِّ الْقَرَارِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْعَقَارِ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ، أَيْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، فَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُ الْمَنْقُولِ بِالْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الدَّائِمِ، وَضَرَرُ الْمَنْقُولِ لَيْسَ بِدَائِمٍ كَضَرَرِ الْعَقَارِ، (الزَّيْلَعِيّ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (5 1) مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْأَشْجَارَ الَّتِي فِي عَرْصَتِهِ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَأْتِيَهُ بِهَا فَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ كَمَا لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْأَشْجَارَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهَا حَقُّ الْقَرَارِ أَوْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَالْوَاقِعُ أَنَّ الشُّفْعَةَ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ فِي الْمَنْقُولَاتِ قَصْدًا وَأَصَالَةً إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَاتِ تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِلْعَقَارِ. فَلَوْ بِيعَ عَقَارٌ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُ الْأَشْجَارِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْعَقَارِ وَأَخْذُ أَثِمَارهَا بِالشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (4 5) . مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى أَحَدُهُمْ عَرْصَةً مَعَ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِيهَا وَكَانَ يُوجَدُ أَثِمَارٌ عَلَى تِلْكَ الْأَشْجَارِ فَقَدْ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأَثْمَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَرْصَةَ بِالشُّفْعَةِ. وَكَمَا أَنَّ لَهُ أَيْضًا أَخْذُ الْأَشْجَارِ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ أَخْذُ الْأَثْمَارِ الَّتِي عَلَى أَشْجَارِهَا أَيْضًا، كَذَلِكَ لَوْ أَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ الَّتِي فِي الْعَرْصَةِ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اشْتِرَائِهِ الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَرْصَةِ مَعَ الْأَثْمَارِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ قَبْلُ، لَكِنْ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَهْلَكَ الْأَشْجَارَ أَوْ الْأَثْمَارَ فَيَجْرِي فِيهِ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1044) مُفَصَّلًا، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْمَنْقُولَاتُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ تُضَاهِي الْمَنْقُولَاتِ الْمُتَّصِلَةِ، أَمَّا الْمَنْقُولَاتُ الْمُنْفَصِلَةُ فَلَا تَجْرِي فِيهَا. فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ دَارِهِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ بِكَذَا دِينَارًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الدَّارِ بِحَقِّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَثَاثِ وَالْآنِيَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا، فَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمَادَّةِ، (177) . وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ لِفُقْدَانِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ. إذَا تَفَرَّغَ الْمُتَصَرِّفُ مُشْتَرِكًا فِي عَقَارَاتٍ مَوْقُوفَةٍ بِطَرِيقِ الْإِجَارَاتِ بِحِصَّتِهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَطْلُبَ أَخْذَ الْحِصَّةِ الْمَفْرُوغَةَ مِنْ الْمَفْرُوضِ لَهُ بِدَفْعِ بَدَلِ الْفَرَاغِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ شَخْصَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي عَقَارِ وَقْفٍ شَائِعٍ بِالِاشْتِرَاكِ، وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ، أَيْ الَّذِينَ تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ الْحِصَّةُ، وَأَصْبَحَتْ حِصَّتُهُ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ مَحْلُولَةً وَفَوَّضَ الْمُتَوَلِّي الْحِصَّةَ الْمَحْلُولَةَ إلَى آخَرَ بِالْبَدَلِ الْمِثْلِيِّ الْمُعَجَّلِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَقُولَ بِمَا إنِّي شَرِيكٌ فَإِنِّي أَدْفَعُ الْبَدَلَ الْمُعَجَّلَ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُفَوَّضُ لَهُ وَأَخَذَ الْحِصَّةَ الْمُفَوَّضَ بِهَا، كَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّغَ أَحَدٌ لِآخَرَ بِحِصَّتِهِ الشَّائِعَةِ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهَا مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَدْفَعَ بَدَلَ الْفَرَاغِ وَيَأْخُذَ الْحِصَّةَ الْمَفْرُوغَةَ جَبْرًا مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ؛ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا. إنَّ حَقَّ الرُّجْحَانِ وَإِنْ يَكُنْ يَجْرِي فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَبَيْنَ حَقِّ الرُّجْحَانِ فُرُوعٌ عَدِيدَةٌ.

مادة (1019) الأشجار والأبنية المملوكة الواقعة في أرض الوقف أو الأراضي الأميرية

(مَادَّةُ 1018) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَشْفُوعُ بِهِ مِلْكًا أَيْضًا، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ بِيعَ مِلْكٌ عَقَارِيٌّ لَا يَكُونُ مُتَوَلِّي عَقَارَ الْوَقْفِ الَّذِي فِي اتِّصَالِهِ أَوْ مُتَصَرِّفِهِ شَفِيعًا) . لِلْمَشْفُوعِ بِهِ شَرْطَانِ كَالْمَشْفُوعِ: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ. ثَانِيهِمَا، أَنْ يَكُونَ عَقَارًا، وَأَمَّا كَوْنُهُ مَقْبُوضًا وَمَوْجُودًا فِي يَدِ الشَّفِيعِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، فَلَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا وَبِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، وَلَوْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ بَائِعِهِ، كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ شَفِيعًا لِذَلِكَ الْعَقَارِ، كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ الَّتِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَرَاعَى الْمَغْصُوبُ فِيهِ شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ تَمَامًا، وَلَوْ سَكَتَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي حَالٍ إنْكَارِ الْغَاصِبِ كَوْنَ تِلْكَ الدَّارِ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَكَمَا أَنَّ لَهُ ضَبْطُ تِلْكَ الدَّارِ فَلَهُ أَخْذُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ مُدَّعَاهُ يَحْلِفُ الْغَاصِبُ الْيَمِينَ، (الْبَهْجَةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ مِلْكٌ عَقَارِيٌّ لَا يَكُونُ مُتَوَلِّي عَقَارِ الْوَقْفِ الَّذِي فِي اتِّصَالِهِ أَوْ وَاقِفُهُ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ مُتَصَرِّفُهُ بِالْإِجَارَتَيْنِ شَفِيعًا لِلْمِلْكِ الْعَقَارِيِّ، بِنَاءً عَلَى فُقْدَانِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِمُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ ضَبْطُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ، كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْعَقَارُ مِلْكًا لِلشَّفِيعِ وَكَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْعَقَارُ الْمُسْتَوْدَعُ أَوْ الْمُسْتَأْجَرُ مَشْفُوعًا بِهِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ عُنْوَانِ الْبَابِ الثَّالِثِ بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ. وَإِذَا بِيعَ مِلْكٌ عَقَارِيٌّ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ الثَّانِي فِي الْمَشْفُوعِ بِهِ فَلَا يَكُونُ الشَّخْصُ الْمَالِكُ لِبِنَاءٍ مَمْلُوكٍ مُتَّصِلٍ بِذَلِكَ الْعَقَارِ فِي أَرْضِ وَقْفٍ أَوْ أَمِيرِيَّةٍ شَفِيعًا لِهَذَا الْعَقَارِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. حَاصِلُ الْكَلَامِ، لَا يَكُونُ الْوَقْفُ وَالْمَنْقُولُ مَشْفُوعًا كَمَا لَا يَكُونُ مَشْفُوعًا بِهِ 38، (التَّنْقِيحُ) . [مَادَّةُ (1019) الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ] مَادَّةُ، (1019) -، (الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَنْقُولِ لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ) . الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ الْمَمْلُوكَةُ الْوَاقِعَةُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ، أَيْ لَا تَكُونُ مَشْفُوعَةً، كَمَا لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمَنْقُولَاتِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ، (1017) وَكَذَلِكَ لَا تَكُونُ مَشْفُوعًا بِهَا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ بَقَاءِ الْبِنَاءِ فِيهَا لَيْسَ بِدَائِمٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الْأَبْنِيَةِ عَنْ إعْطَاءِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ تُرْفَعُ أَبْنِيَتُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الْبَدَلَ الْمُعَيَّنَ لِلْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ بِاسْمِ إجَارَةِ الْأَرْضِ يُرْفَعُ بِنَاؤُهُ أَيْضًا، (الدُّرَرُ) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي عَقَارٍ يَتَصَرَّفُ بِهِ مُشَاعًا، عَرْصَتُهُ وَقْفٌ وَبِنَاؤُهُ مِلْكٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَشْفَعَ فِيهَا. كَذَلِكَ لَوْ بِيعَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ، مَغْرُوسٌ فِيهَا كَرْمٌ مَمْلُوكٌ فَلَيْسَ لِجَارِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَجَرَيَانُ الشُّفْعَةِ فِي أَبْنِيَةِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ مِلْكٌ. وَلَيْسَ عَلَى كَوْنِهَا مُسْتَثْنَاةٌ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، وَفِي الطَّحْطَاوِيِّ أَيْضًا إيضَاحُ ذَلِكَ) .

وَأَبُو السُّعُودِ، وَإِنْ بَيَّنَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْكَنْزِ كَوْنَ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي فِي الْأَرَاضِي الْمُحْتَكَرَةِ مُلْحَقَةً بِالْعَقَارِ الَّذِي لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي الْأَرْضِ وَتَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ، إلَّا أَنَّ بَيَانَهُ هَذَا لَمَّا كَانَ مُخَالِفًا لِتَصْرِيحَاتِ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ حُرِّيٌّ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُعْتَبَرًا. (مَادَّةُ 1020) -، (لَوْ بِيعَتْ الْعَرْصَةُ الْمَمْلُوكَةُ مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَأَمَّا إذَا بِيعَتْ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ فَقَطْ فَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ) . لَوْ بِيعَتْ الْعَرْصَةُ الْمَمْلُوكَةُ مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا عَلَى الْأَشْجَارِ مِنْ الْأَثْمَارِ وَمَا عَلَيْهَا أَيْضًا مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْمَزْرُوعَاتِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْأَثْمَارِ وَالْمَزْرُوعَاتِ وَالْأَبْنِيَةِ تَبَعًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (4 5) جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ فِي الْأَشْجَارِ وَالْأَثْمَارِ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ أَرْضًا مَمْلُوكَةً فَكَبِرَتْ الْأَشْجَارُ الصَّغِيرَةُ وَأَثْمَرَتْ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مَعَ الْأَرْضِ الْأَشْجَارِ وَالْأَثْمَارِ أَيْضًا، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (17.1) . جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ أَرْضًا مَمْلُوكَةً مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الزَّرْعِ وَأَوْشَكَ الزَّرْعُ أَنْ يُدْرِكَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَوْ أَدْرَكَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْأَرْضِ مَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الزَّرْعِ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ أَرْضًا بِطَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ وَزَرَعَهَا وَبَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمَزَارِعُ الْأَرْضَ مِنْ صَاحِبِهَا مَعَ حِصَّتِهِ فِيهَا مِنْ الْمَزْرُوعَاتِ ظَهَرَ شَفِيعٌ فَكَمَا تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا فِي نِصْفِ الزَّرْعِ أَيْ فِي الْقَسْمِ الْعَائِدِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ. لَكِنْ لَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يُدْرِكَ الزَّرْعُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . وَتَفْصِيلَاتُ هَذَا مَذْكُورَةٌ فِي خَاتِمَةِ الْكِتَابِ جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ فِي الْأَبْنِيَةِ الْمُرَكَّبَةِ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ طَاحُونًا مَبْنِيًّا عَلَى عَرْصَةٍ مَمْلُوكَةٍ مَعَ بَيْتِهَا وَنَهْرِهَا وَمَتَاعِهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بَيْتَ الرَّحَى مَعَ آلَاتِهَا الْمُرَكَّبَةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِبَيْتِ الرَّحَى. أَمَّا مَا لَيْسَ مُرَكَّبًا بَلْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ. وَقَدْ اُسْتُحْسِنَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ حَجَرَ الرَّحَى الْعُلْوِيِّ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ مُنْفَصِلًا. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ حَمَّامًا مَعَ قُدُورِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَدَوَاتِ الْمُرَكَّبَةِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا أَمَّا مَا كَانَ مُنْفَصِلًا مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ كَالْقَبَاقِيبِ وَالْمَآزِرِ وَالطَّاسَاتِ الَّتِي يُؤْخَذُ بِهَا الْمَاءُ مِنْ الْجُرْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ مَعَ الْعَقَارِ الْآلَاتِ الْمُرَكَّبَةَ بِحِصَّتِهَا وَتَبْقَى غَيْرُ الْمُرَكَّبَةِ لِلْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1017) . لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَنْقُولَاتِ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً حِينَ الْبَيْعِ لِتُجْرَى فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَتَجْرِي الشُّفْعَةُ أَيْضًا فِي

الْمَنْقُولَاتِ الْحَادِثَةِ بِنَفْسِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ. فَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْعَرْصَةَ مَعَ مَا عَلَيْهَا وَأَثْمَرَتْ الْأَشْجَارُ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَرْصَةَ وَالْأَشْجَارَ مَعَ أَثْمَارِهَا، (الْكِفَايَةُ) . وَلَا يُرَادُ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ " إذَا بِيعَ مَعَ مَا عَلَيْهَا " أَنَّهُ إذَا صَرَّحَ بِدُخُولِهِ حِينَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ التَّوَابِعَ الْمُتَّصِلَةَ الْمُسْتَقِرَّةَ كَالْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ذِكْرٍ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ، (232) . وَرُبَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ " مَعَ مَا عَلَيْهَا " أَنْ يَكُونَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ. فَلَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ الْأَشْجَارَ وَالْأَبْنِيَةَ الْوَاقِعَةَ فِي أَرْضٍ عَلَى أَنْ تُقْلَعَ وَتُهْدَمَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اشْتَرَى الْأَرْضَ وَأَبْقَى فِيهَا الْأَشْجَارَ وَالْأَبْنِيَةَ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ الْمُبَاعَةِ مُنْفَرِدَةً قَبْلًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . مَسْأَلَةٌ تَتَفَرَّعُ مِنْ دُخُولِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي الشُّفْعَةِ تَبَعًا: إنَّ دُخُولَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي الشُّفْعَةِ تَبَعٌ، وَلِهَذَا لَوْ جَفَّتْ الْأَشْجَارُ وَحُرِّقَتْ الدَّارُ بِدُونِ صُنْعِ أَحَدٍ فَلِلشَّفِيعِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، وَلَيْسَ لَهُ تَنْزِيلُ حِصَّةِ مَا جَفَّ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا حُرِقَ مِنْ الْأَبْنِيَةِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَابِعَةٌ وَدَاخِلَةٌ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (4 23) ، (الْكِفَايَةُ) . أَمَّا لَوْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَرْصَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِدَايَةُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقْسِمُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فِي الْبَيْعِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، (الزَّيْلَعِيّ وَالْكِفَايَةُ) . وَالْمَنْقُولَاتُ الَّتِي يَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ هِيَ الْمَنْقُولَاتُ الَّتِي لَمْ تُفْصَلْ عَنْ الْعَقَارِ. أَمَّا إذَا فُصِلَتْ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَبْقَى لِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي الْأَخْذِ فَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْعَرْصَةَ وَالْأَشْجَارَ مَعَ مَا عَلَى الْأَشْجَارِ مِنْ ثَمَرٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ جَمَعَ الثَّمَرَ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ هَذَا الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ وَقْتَ الْأَخْذِ، حَيْثُ صَارَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ فَلَا يَأْخُذُهُ، (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . أَمَّا لَوْ بِيعَتْ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ بِدُونِ أَرْضٍ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَلَا قَرَارَ لَهَا، (الْهِدَايَةُ) . وَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَعَ حَقِّ الْقَرَارِ فَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1017) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا تَكُونُ دَائِمَةً، إذْ تَزُولُ الْأَشْجَارُ بِجَفَافِهَا وَالْبِنَاءُ بِانْهِدَامِهِ وَاحْتِرَاقِهِ. وَلَوْ بِيعَ الْعُلْوِيُّ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ، (1 1.1) ، تَجْرِي الشُّفْعَةُ وَنَظَرًا لِكَوْنِهِ مُجَرَّدَ بِنَاءٍ فَكَانَ الْأَوْلَى أَلَّا تَجْرِيَ فِيهِ الشُّفْعَةُ، إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعُلْوِيِّ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ عَلَى السُّفْلِيِّ وَلِصَاحِبِهِ حَقُّ بِنَائِهِ مُجَدَّدًا بَعْدَ الِانْهِدَامِ. فَلِذَلِكَ يَلْحَقُ بِالْعَقَارِ وَتَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ أَيْضًا، (الْهِدَايَةُ) .

(مادة 1021) الشفعة لا تثبت إلا بعقد البيع البات الصحيح

[ (مَادَّةُ 1021) الشُّفْعَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَقْدِ الْبَيْعِ الْبَاتِّ الصَّحِيحِ] (مَادَّةُ 1021) -، (الشُّفْعَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَقْدِ الْبَيْعِ الْبَاتِّ الصَّحِيحِ) . إنَّمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ الْبَاتِّ الصَّحِيحِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، كَالْإِقَالَةِ الَّتِي فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَبَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، يَعْنِي تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ لِخُرُوجِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ مَالِيٍّ مِنْ مِلْكِ الْمَالِكِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمَالِكِ بِدُونِ مُقَابِلٍ أَوْ عِوَضٍ مَالِيٍّ، سَوَاءٌ أَخَرَجَ بِلَا عِوَضٍ كَالْهِبَةِ أَمْ خَرَجَ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِيٍّ كَجَعْلِهِ بَدَلًا لِلْمَهْرِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لَلَزِمَ أَنْ يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ إمَّا بِقِيمَتِهِ أَوْ مَجَّانًا وَلَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لِذَلِكَ الْعَقَارِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِقِيمَتِهِ حَتَّى يَسْتَطِيعَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ بِالْقِيمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (950) . وَلَيْسَ فِي الْإِمْكَانِ أَخْذُهُ مَجَّانًا. وَلِهَذَا السَّبَبِ فَالْأَخْذُ مَجَّانًا هُوَ تَبَرُّعٌ وَلَمْ يُشْرَعْ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّبَرُّعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . إيضَاحُ الْبَيْعِ: وَلَفْظُ الْبَيْعِ ذُكِرَ مُطْلَقًا، بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (64) ، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا أَمْ كَانَ فَاسِدًا وَانْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (372) ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، يَعْنِي تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لِلشَّفِيعِ اتِّخَاذُ الشُّفْعَةِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا، فَأَبْطَلَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِسَبَبِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا تَبْقَى لِلشَّفِيعِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ رَفْعٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَيْسَ بِإِقَالَةٍ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَقَدْ انْعَدَمَ السَّبَبُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ مِنْ أَصْلِهِ. سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْمَبِيعَ فِي صُورَةِ كَوْنِ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ. وَاسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ الْمِلْكِ وَعَدَمِ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ، بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْمِلْكِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ يَجِبُ أَنْ لَا تَجْرِيَ الشُّفْعَةُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا؟ . الْجَوَابُ - إنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَالشُّفْعَةَ قَائِمَةٌ عَلَى زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْبَيْعِ وَكَذَبَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ مُنْكِرًا ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبَائِعِ أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (950) ، (الْهِدَايَةُ، الْكِفَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ) . وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الشُّفْعَةَ بِالْبَيْعِ قَبْلَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، (الْجَوْهَرَةُ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالِ أَخَذَ الشَّفِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْمَشْفُوعِ وَأَصْبَحَ الْمُشْتَرِي عَاجِزًا عَنْ الْمَبِيعِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا يَنْتَقِلُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ لِلشَّفِيعِ، (الْكِفَايَةُ، الْهِدَايَةُ) لَكِنْ بِمَا أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ لَا يَنْقَطِعُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّ بَيْعَنَا قَدْ كَانَ بَيْعَ مُعَامَلَةٍ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، فَلَا تَأْثِيرَ لِهَذَا الْقَوْلِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، وَلَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ كَوْنَ الْبَيْعِ قَطْعِيًّا كَانَ الْقَوْلُ لَهُ مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ بَيْعَ وَفَاءٍ. كَبَيْعِ الْمَبِيعِ الْكَثِيرِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ وَغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. وَحِينَئِذٍ لَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . إيضَاحُ الْإِقَالَةِ: الْإِقَالَةُ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (196) سَوَاءٌ تَقَايَلَا قَبْلَ

الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَى الْبَائِعِ عَلَى حُكْمِ مِلْكٍ مُبْتَدَأٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِقَبُولِهِ وَرِضَاهُ فَصَارَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ مِنْهُ، (الْجَوْهَرَةُ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أُقِيلَ فِي الْبَيْعِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِقَالَةَ هِيَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ فِي حُكْمِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إيضَاحُ السَّلَمِ: تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يُجْعَلُ رَأْسَ مَالِ لِلسَّلَمِ فَلَوْ عَقَدَ السَّلَمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ فِي مُقَابِلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَقَارًا مَعْلُومًا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ. حَتَّى وَلَوْ نَقَضَ الطَّرَفَانِ عَقْدَ التَّسْلِيمِ وَالِافْتِرَاقِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ هُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ. أَمَّا لَوْ افْتَرَقَ الطَّرَفَانِ وَلَمْ يُسَلَّمْ الْعَقَارَ فِي الْمَجْلِسِ، عَقْدُ السَّلَمِ، بَطَلَ السَّلَمُ كَمَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (187) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . إيضَاحُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ: سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ إيضَاحُ بَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ: إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى مَالٍ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ كَانَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. فَعَلَيْهِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَقَارُ مُصَالَحًا عَنْهُ أَوْ كَانَ مُصَالَحًا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَانَ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَقَارًا. أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فِي دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ، فَبِمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْطَعُ الْمُنَازَعَةُ بِالْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ، فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَيُعَامَلُ بِزَعْمِهِ، (الْهِدَايَةُ) . أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ مِنْ بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آخِذًا عَيْنَ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ فَلَا شُفْعَةَ، (الْكِفَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا الْعَقَارُ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، اُنْظُرْ الْمَوَادَّ، (48 5 1، 49 5 1، 155) لِأَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَنْهَا بِإِنْكَارٍ بَقِيَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ عَنْ مِلْكِهِ وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْهَا سُكُوتٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ اقْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَقَطْعًا لِشَغَبِ خَصْمِهِ كَمَا أَنْكَرَ صَرِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَنْهَا بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ وُجُودُ شَرْطِهِ وَلَكِنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إقَامَةِ الْحُجَّةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْأَحْكَامُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ: إذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي. فَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ دَفَعَهُ أَوْ اتَّخَذَهُ مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا وَسَمِعَ الشَّفِيعُ ذَلِكَ مُؤَخَّرًا فَلَهُ أَنْ يَضْبِطَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْقُضَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ، (الْبَهْجَةُ بِزِيَادَةٍ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ مِنْ آخَرَ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَبَاعَهُ هَذَا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ

(مادة 1022) الهبة بشرط العوض

قِرْشًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ جَاءَ رَجُلٌ شَفِيعٌ لِذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ دِيَارٍ أُخْرَى وَسَمِعَ بِالْبَيْعِ فَطَلَبَهُ بِالشُّفْعَةِ وَرَاعَى شَرَائِطَهَا بِتَمَامِهَا فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي، (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ مِنْ الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي أَنْ يَسْتَرِدَّ الْخَمْسِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . لَكِنْ لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَبِمَا أَنَّ حُضُورَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فِي الْمُحَاكَمَةِ شَرْطٌ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِي غِيَابِهِ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) . وَقَدْ أُشِيرَ بِعِبَارَةِ " إلَّا بِعَقْدِ الْبَيْعِ " إلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ، (23.1) . وَالسَّبَبُ فِي تَفْسِيرِ عِبَارَةِ، (بِعَقْدِ الْبَيْعِ) بِجُمْلَةِ، (عِنْدَ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ) هُوَ: أَنَّ أَسْبَابَ الشُّفْعَةِ هِيَ الْحَالَاتُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ، (1008) وَلَيْسَ الْبَيْعُ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ، (الْهِنْدِيَّةُ) . فَتَكُونُ الْمُعَاوَضَةُ الْمَالِيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ الشُّفْعَةِ وَلَيْسَتْ أَحَدَ أَسْبَابِهَا. [ (مَادَّةُ 1022) الْهِبَة بِشَرْطِ الْعِوَضِ] (مَادَّةُ 1022) -، (الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ وَسَلَّمَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ لِآخَرَ بِشَرْطِ عِوَضٍ يَكُونُ جَارُهُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا) الْهِبَةُ الصَّحِيحَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَعْدَ التَّقَابُضِ هِيَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، أَيْ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَتْ هِبَةً ابْتِدَاءً فَهِيَ بَيْعٌ انْتِهَاءً، (الْهِدَايَةُ) . كَمَا قَدْ صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (855) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا عِوَضًا وَعَقَدَ عَقْدَ الْهِبَةِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَتْ هِبَةً بِشَرْطِ الْعِوَضِ، أَمَّا لَوْ عَقَدَ عَقْدًا بِقَوْلِهِ قَدْ وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا قِرْشًا كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ بَيْعٍ، (أَبُو السُّعُودِ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (3) مَعَ شَرْحِ الْمَادَّةِ، (855) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْهِبَةُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ، أَمَّا الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَثْبُتُ بِهَا الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ عَقَارَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ فِي قَصْرٍ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقَعَ التَّقَابُضُ تَصِحُّ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . 2 - بِشَرْطِ الْعِوَضِ: فَالْهِبَةُ بِهَذَا الشَّرْطِ، أَيْ فَالْمَقْصُودُ بِعَقْدِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، هِيَ الْهِبَةُ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا إعْطَاءُ الْعِوَضِ، كَمَا قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (868) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْهِبَةِ عَقَارًا لِيَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ وَيُعْطِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِثْلَ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَيُعْطِيَهُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ، (أَبُو السُّعُودِ) ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1036) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشُّفْعَةَ إذَا وَجَبَتْ فِي الْمَوْهُوبِ قَائِمًا تَجِبُ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَبَتْ بِقِيمَةِ الدَّارِ، (انْتَهَى أَبُو السُّعُودِ)

(مادة 1023) الشفعة في العقار

وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ عِبَارَةُ " بِقِيمَةِ الْعِوَضِ، بَدَلَ عِبَارَةِ " قِيمَةُ الدَّارِ " وَعَلَيْهِ فَقَدْ تُرْجِمَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِذَا كَانَ الْعِوَضُ عَقَارًا وَالْمَالُ الْمَوْهُوبُ عَقَارًا فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمَوْهُوبِ وَفِي الْعِوَضِ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَهُ دُكَّانَهُ الْفُلَانِيَّةَ وَوَقَعَ التَّقَابُضُ فِي الْعِوَضِ فَكَمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ تَثْبُتُ فِي الدُّكَّانِ. فَيُعْطِي مَنْ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعْطِي مَنْ يَأْخُذُ الدُّكَّانَ قِيمَتَهَا أَيْضًا. 3 - بَعْدَ التَّقَابُضِ: يَعْنِي أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ مَشْرُوطٌ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ وَقَبْضِ الْعِوَضِ أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ آخَرَ عَقَارًا بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَ لَهُ أَلْفَ قِرْشٍ فَإِنَّمَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ قَبْضِ الْوَاهِبِ أَلْفَ قِرْشٍ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ الْعَقَارَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (5 85) وَشَرْحَهَا. وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِقَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ حَتَّى إنَّهُ يَلْزَمُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقْتَ التَّقَابُضِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ كَانَ هَذَا التَّسْلِيمُ بَاطِلًا فَإِذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ، وَلَا بُدَّ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَوْهُوبُ وَعِوَضُهُ شَائِعًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ ابْتِدَاءٍ، (أَبُو السُّعُودِ. وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ أَوْ عَقَارًا آخَرَ لِآخَرَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبَضَ الْعِوَضَ أَيْضًا وَتَسَلَّمَهُ كَانَ شَرِيكُهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ ذَلِكَ الْعَقَارِ أَوْ خَلِيطُهُ أَوْ جَارُهُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا، وَلِلشَّفِيعِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا أَخْذُ الْمَوْهُوبِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ إعْطَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِثْلَ الْعِوَضِ أَوْ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْقَبْضِ. [ (مَادَّةُ 1023) الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ] (مَادَّةُ 1023) -، (لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مِلْكٌ لِآخَرَ بِلَا بَدَلٍ كَتَمَلُّكِ أَحَدٍ عَقَارًا بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ أَوْ بِمِيرَاثٍ، أَوْ بِوَصِيَّةٍ) . أَوْ بِبَدَلٍ غَيْرِ مَالِيٍّ كَالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ شُرِعَتْ فِي الْمُبَادَلَةِ الْمَالِيَّةِ، وَبَيَّنَ السَّبَبَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (12.1) ، (الْكِفَايَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - بِلَا عِوَضٍ: وَفَائِدَةُ هَذَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ بَيْعَ عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ آخَرَ، وَلِئَلَّا يَطْلُبَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ الشُّفْعَةَ أَفْرَزَ نِصْفَ ذِرَاعٍ مِنْ عَرَضِ الْعَرْصَةِ عَلَى امْتِدَادِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ وَوَهَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَاعَهُ الْبَاقِي، فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ الْمُتَّصِلَ بِالْمَشْفُوعِ بِهِ مَوْهُوبٌ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْهِبَةِ، أَمَّا الْقِسْمُ الْمُبَاعُ فَلَيْسَ مُلَاصِقًا، وَسَيُبَيَّنُ شَرْحًا فِي خِتَامِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إحْدَى حِيَلِ إسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ. 2 - بِلَا شَرْطٍ، وَفَائِدَةُ هَذَا تُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ عَرْصَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ لِزَيْدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَأَعْطَى زَيْدٌ وَاهِبَهُ دَارًا مَمْلُوكَةً لَهُ عَلَى أَنَّهَا عِوَضٌ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا أَيْضًا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِشَفِيعِ الْعَرْصَةِ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِشَفِيعِ الدَّارِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ فِيهَا.

(مَادَّةُ 1024) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّفِيعِ رِضًى فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً مَثَلًا إذَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ هُوَ مُنَاسِبٌ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ سَمَاعِهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ شُفْعَتِهِ فِي الْعَقَارِ الَّذِي بَاعَهُ رَاجِعْ مَادَّةَ، 100) . يُشْتَرَطُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّفِيعِ رِضًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً وَأَنْ لَا يَكُونَ الشَّفِيعُ قَدْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَلِمَ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ: أَوَّلًا: بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَجِنْسِهِ. ثَانِيًا: بِمُشْتَرِي الْمَشْفُوعِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رِضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ الْإِبْرَاءُ أَوْ تَسْلِيمٌ، تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ. يَعْنِي تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ: أَوَّلًا: الْإِبْرَاءُ مِنْ الشُّفْعَةِ. ثَانِيًا: تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ كُلًّا. ثَالِثًا، تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْضًا. لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ هَذَا الْإِبْرَاءِ وَالتَّسْلِيمِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَقَدْ بُيِّنَتْ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - قَدْرُ الثَّمَنِ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِالشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِ الثَّمَنِ، فَعَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِبَعْضِ الْوُجُوهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ عَلَى حَالِهَا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ فِيهِ الشَّفِيعُ، (أَبُو السُّعُودِ) . يَعْنِي لَا يَكُونُ الشَّفِيعُ قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا. مَسَائِلُ تَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا: أَوَّلًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ وُقُوعَ الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فَهِمَ أَنَّهُ وَقَعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفِضَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ التَّسْلِيمُ بَاطِلًا. ثَانِيًا - لَوْ حَطَّ وَأَنْزَلَ الْبَائِعُ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ تَثْبُتُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . ثَالِثًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِخْبَارِهِ أَنَّ الْمَشْفُوعَ بَيْعٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ تَحَقَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ بِأَلْفِ قِرْشٍ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ بَعْدُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشَّفِيعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى اسْتِنْكَارِ الثَّمَنِ فَإِذَا زَادَ الثَّمَنُ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَرْضَى بِالتَّسْلِيمِ، (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا - لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ أَنْ اُسْتُخْبِرَ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فَهِمَ أَنَّهُ قَدْ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْعُرُوضِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، (الْهِدَايَةُ) .

لِأَنَّ الشَّفِيعَ فِي الْبَيْعِ بِالْعُرُوضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا يَأْخُذُ الْمَشْفُوعَ بِقِيمَةِ تِلْكَ الْعُرُوضِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ ذَهَبًا فَبِمَا أَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ صَحِيحٌ كَانَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ صَحِيحًا أَيْضًا، (أَبُو السُّعُودِ) . خَامِسًا، لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِاسْتِخْبَارِ كَوْنِهِ بِيعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ فُهِمَ أَنَّهُ بِيعَ بِذَهَبٍ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً فَلَا شُفْعَةَ اسْتِحْسَانًا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الثَّمَنِيَّةَ، وَلِهَذَا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ. وَالْقِيَاسُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَزُفَرَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا فَهِمَ أَنَّهُ بِيعَ بِذَهَبٍ بِقِيمَةٍ أَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً فَالشُّفْعَةُ بَاقِيَةٌ، (أَبُو السُّعُودِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ، وَالْكَنْزُ) سَادِسًا، لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِاسْتِخْبَارِ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِيعَ فِي مُقَابِلِ بَقَرَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِيعَ مُقَابِلَ فَرَسٍ أَوْ عَرَضٍ آخَرَ يُنْظَرُ، فَإِذَا فَهِمَ أَنْ قِيمَةَ ذَلِكَ الْفَرَسِ أَوْ الْعَرَضِ مُسَاوِيَةٌ لَقِيمَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ أَقَلَّ بَطَلَ تَسْلِيمُ شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّهَا الْقِيمَةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ الشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) . 2 - جِنْسُهُ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِي الشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الثَّمَنِ. فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِاسْتِمَاعِهِ وُقُوعَ الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ بِيعَ بِشَعِيرٍ أَوْ قَمْحٍ بِأَقَلَّ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ بَطَلَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَبَقِيَتْ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي جِنْسٍ وَاحِدٍ لِلثَّمَنِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا فِي جِنْسٍ آخَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْهُلُ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَدَاءُ مِنْ جِنْسٍ مَعَ تَعَذُّرِهِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَالْحُكْمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَكُلِّ مَوْزُونٍ وَكُلِّ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٌ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى إخْبَارِهِ أَنَّ الثَّمَنَ عَرَضٌ ثُمَّ فَهِمَ أَنَّ الثَّمَنَ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ فَتَبْقَى شُفْعَتُهُ، (أَبُو السُّعُودِ) . 3 - مُشْتَرِي الْمَشْفُوعِ: يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِي الشُّفْعَةِ بِاخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ فَهِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَخْصٌ آخَرُ بَطَلَ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَبَقِيَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي أَخْلَاقِهِمْ فَبَعْضُهُمْ يَرْغَبُ فِي مُعَاشَرَتِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ يَجْتَنِبُونَ لِشَرِّهِمْ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّ أُنَاسٍ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا فِي حَقِّ آخَرِينَ، (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ وَثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَخْصٌ آخَرُ مَعَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ تَكُونُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فِي حَقِّ هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ، (أَبُو السُّعُودِ) .

فَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَقَالَ لِلشَّفِيعِ اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ سَكَتَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَوْ قَالَ سَلَّمْتُهَا إنْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ لِأَجْلِ نَفْسِي فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . 4 - مِقْدَارُ الْمَبِيعِ: لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِخْبَارِ أَنَّ مَا بِيعَ هُوَ نِصْفُ الْعَقَارِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّهُ قَدْ بِيعَ كُلُّ الْعَقَارِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ فِي الْبَاقِي فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَخْذُ الْكُلِّ مِنْ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَهُوَ إنَّمَا سَلَّمَ بِالنِّصْفِ، وَالْكُلُّ غَيْرُ النِّصْفِ، فَإِسْقَاطُ النِّصْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا لِلْكُلِّ. وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ نَاشِئٌ عَنْ خَوْفِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَمَّا بَيْعُ الْكُلِّ فَلَيْسَ فِيهِ شَرِكَةٌ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَسْتَقِيمُ فِي الْجَارِ دُونَ الشَّرِيكِ، وَالْأَوَّلُ يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا، (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا الْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ بَيْعَ الْعَقَارِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ نِصْفُهُ فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْكُلِّ تَسْلِيمٌ فِي أَبْعَاضِهِ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ النَّاسِ فِي الْكُلِّ عَادَةً أَكْثَرُ مِنْ رَغْبَتِهِمْ فِي الْأَشْقَاصِ لِخُلُوِّ الْجَمَلِ عَنْ التَّشْقِيصِ فَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْغَبَ فِي التَّشْقِيصِ، (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْكُلِّ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِالْأَلْفِ، أَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ زَادَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى الْمَبِيعِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ مَنْقُولًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَزِيدُ مَنْقُولًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ فَقَطْ مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: مُبْطِلَاتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارِيٌّ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي ضَرُورِيٌّ الِاخْتِيَارَاتُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الصَّرِيحُ وَمَا تَجْرِي مَجْرَاهُ. كَأَبْطَلْت شُفْعَتِي أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ الشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمْتُكَ الشُّفْعَةَ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ سَلِّمْهَا لَكَ أَوْ وَهَبْتُهَا وَأَعْرَضْتُ عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ سَلَّمْتُهَا لَكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتُهَا لَهُ مِنْ أَجْلِكَ، فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْتُ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْتُ لَكَ شُفْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَا لَوْ سَمِعَ الشَّفِيعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ هُوَ مُنَاسِبٌ، يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1 5) . وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ " إذَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ " لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْإِسْقَاطِ الصَّرِيحِ، بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، (الْهِنْدِيَّةُ

فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أَبْرِئْنَا مِنْ إقَامَةِ الدَّعَاوَى، وَأَبْرَأَهُمَا، أَيْ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ، مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِوُقُوعِ الْبَيْعِ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْعَاشِرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ فَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ بِالتَّسْلِيمِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَقْتَ التَّسْلِيمِ وَاقِفًا عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ وَاقِفٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا، (الْهِدَايَةُ) . النَّوْعُ الثَّانِي: الدَّلَالَةُ: وَهِيَ كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ مِنْ طَرَفِ الشَّفِيعِ أَوْ عَلَى الرِّضَا بِحُكْمِ الْعَقْدِ لِلْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ كَتَرْكِ الطَّلَبِ فَوْرًا، وَالْمُسَاوَمَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْأَخْذِ مُزَارَعَةً، وَالْأَخْذِ مُعَامَلَةً، وَالِاسْتِيدَاعِ، وَالِاسْتِيصَاءِ، وَطَلَبِ الشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ لَهُ الْمَشْفُوعُ صَدَقَةً، وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ بِعْتُ تَوْلِيَةً، (هُوَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ مِثْلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ بَعْدَ بَيَانِهِ ذَلِكَ) وَقَالَ الشَّفِيعُ هُوَ مُنَاسِبٌ، وَقَوْلِ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي تَوْلِيَةً، وَقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ إنَّنِي قَدْ صَرَفْتُ كَذَا عَلَى الْبِنَاءِ فَإِذَا كُنْتَ تُعْطِينِي الْمَصَارِيفَ أَبِيعَكَ مَا أَخَذْتُهُ، فَقَالَ لَهُ الشَّفِيعُ مُنَاسِبٌ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَسْلِيمٌ دَلَالَةً، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . وَكَذَا لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ اشْتِرَاءَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ اسْتِئْجَارَهُ مِنْهُ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ وَلَا يَعُودُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِامْتِنَاعِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْبَيْعِ أَوْ الْإِيجَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ، (الزَّيْلَعِيّ، وَالدُّرَرُ، وَفَتْحُ الْمُعِينِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الضَّرُورِيُّ، وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ وَفَاةِ الشَّفِيعِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) . التَّقْسِيمُ الثَّانِي لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: وَيَكُونُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ إمَّا كُلًّا أَوْ بَعْضًا، كَقَوْلِكَ سَلَّمْتُكَ نِصْفَ شُفْعَتِي أَوْ ثُلُثَهَا وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْصُلُ تَسْلِيمُ الْكُلِّ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (63) ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . التَّقْسِيمُ الثَّالِثُ لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: وَيَكُونُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ مِنْ طَرَفِ الشَّفِيعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ. أَوْ يَكُونُ مِنْ طَرَفِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَلَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ شُفْعَةُ الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ كَذَلِكَ لَوْ سَكَتَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ عَنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْإِجْمَاعِ. أَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ كَانَ صَحِيحًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَإِذَا سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِمَا أَنَّهُ فَرْعٌ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي الْمَادَّةِ، (1517) قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا يَلْزَمُ أَنْ تُبْنَى عَلَى قَوْلِ هَذَا الْإِمَامِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَكَمَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، فَإِقْرَارُهُ بِتَسْلِيمِ مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ صَحِيحٌ، أَمَّا فِي حُضُورِ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1517) لَكِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْخُصُومَةِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَقَوْلُهُ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ، (إذَا أَرَادَ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ، فَإِذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تَبْقَى لَهُ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّ مُحَاوَلَةَ الشَّفِيعِ الشِّرَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِي إعْرَاضٌ عَنْ الشُّفْعَةِ، وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (29 0 1) . وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي: يَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِغَيْرِ شَفِيعِ مُشْتَرِي الْمُشْتَرِي مِنْ الشُّفَعَاءِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَؤُلَاءِ الشُّفَعَاءِ مُسَاوِينَ لِشَفِيعِ الْمُشْتَرِي دَرَجَةً أَمْ كَانُوا دُونَهُ. وَعَلَيْهِ فَلِهَؤُلَاءِ الشُّفَعَاءِ أَخْذُ الْمَشْفُوعِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالْعَقْدِ الثَّانِي. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَلَا شُفْعَةَ لِمَنْ فِي دَاخِلِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ، (الزَّيْلَعِيّ، وَالدُّرَرُ، وَأَبُو السُّعُودِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الشَّرْحِ وَمَسْأَلَةِ " تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا " الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1028) . جَاءَ " بَعْدَ أَنْ سَمِعَ بِانْعِقَادِ الْبَيْعِ "؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ اسْتَلَمَ أَوْ طَلَبَ الِاسْتِئْجَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالشِّرَاءِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ، (الْهِدَايَةُ) . 2 - مِثَالُ: لَا شُفْعَةَ لِمَنْ يَعْقِدُ الْبَيْعَ أَوْ لِمَنْ يُبَاعُ لِأَجْلِهِ أَوْ لِمَنْ يَكُونُ مُتِمًّا لِلْعَقْدِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (100) هَذِهِ ضَابِطَةٌ يَتَفَرَّعُ مِنْهَا الْمَسَائِلُ الْآتِيَةِ، (أَبُو السُّعُودِ) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، لَا شُفْعَةَ لِأَحَدٍ فِي الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ نِصْفَ حِصَّتِهِ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مَعَ آخَرَ مُنَاصَفَةً وَمُشَاعًا وَاِتَّخَذَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى الشُّفْعَةَ، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُشَارِكَ الشَّفِيعَ بِحُجَّةِ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمَبِيعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ نِصْفِ عَقَارِهِ مِنْ أَحَدٍ، وَلَدِي بَيْعَهُ وَإِرَادَةَ الْجَارِ الشَّفِيعَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، أَيْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، أَنْ يَقُولَ بِمَا إنَّنِي شَرِيكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ فَإِنِّي شَفِيعٌ بِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ وَكَانَ شَفِيعًا فِي الْعَقَارِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ أَيْضًا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَقَارًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا شَفِيعًا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِقَبُولِ الشَّفِيعِ لِنَفْسِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا كَانَ لِعَقَارٍ ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ فَاشْتَرَاهُ اثْنَانِ مِنْهُمْ فَقَطْ عَلَى أَنْ يَكُونَ سُدُسُهُ لِأَحَدِهِمَا وَالْخَمْسَةُ أَسْدَاسٍ لِلثَّانِي، فَبِمَا أَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَيَا هَذَا الْعَقَارِ صَفْقَةً وَاحِدَةً كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا أَيْضًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَقُّ شُفْعَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا مَتَى اشْتَرَيَا بِالْعَقَارِ صَفْقَةً وَاحِدَةً صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُتَمِّمًا عَقْدَ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِقَبُولِ الْآخَرِ، فَلَوْ أَخَذَ مِنْهُ كَانَ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ بِهِ، (أَبُو السُّعُودِ) .

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالدَّرْكِ فِي الْبَيْعِ، فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (638) ؛ لِأَنَّهُ بِضَمَانِهِ لَهُ الدَّرْكَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الدَّارُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَرْكِهِ الشُّفْعَةَ، وَفِي أَخْذِهِ بِهَا إبْطَالُ ذَلِكَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ عَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ، (187) وَكَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَكَفَلَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ، وَنَفَّذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الْخِيَارَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَدَى تَنْفِيذِ الْبَيْعِ، (قَدْ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ لِكَوْنِي أَخَذْتُ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ) فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّفْعَةِ) . جَاءَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْأَخِيرَةِ " إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْبَيْعِ " لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَلَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي لِاشْتِرَاءِ عَقَارِ شَفِيعِهِ، وَالشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ أَيْضًا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْصُلُ لِلْمُوَكِّلِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالشُّفْعَةُ تَهَبُ بَعْدَهُ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَسْلِيمٍ أَوْ سُكُوتٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ تَتْمِيمٌ لِلْعَقْدِ فَلِهَذَا صَحَّتْ لَهُ، فَإِذَا قُلْتَ كَيْفَ يَقْضِي بِهَا؟ قُلْتُ: إنْ كَانَ الْأَمْرُ حَاضِرًا قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْآمِرِ، وَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الشَّفِيعُ، بِقَبْضِهَا لِنَفْسِهِ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا قَبَضَهَا أَوَّلًا لِلْآمِرِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ عَقَارًا فَصَارَ رَبُّ الْمَالِ لِذَلِكَ الْعَقَارِ شَفِيعًا، بِسَبَبِ عَقَارٍ آخَرَ، كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَصِيلِ أَمْ مِنْ الْوَكِيلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) 7 - بَعْدَ الْبَيْعِ: أَمَّا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْبَيْعِ وَبِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ مَعْدُومَةٌ، فَالتَّسْلِيمُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ نَظِيرُ هَذَا، فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يَسْقُطُ أَمَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَالتَّسْلِيمُ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمَسْقَطُ إلَيْهِ هَذَا الْحَقَّ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطُ حَقٍّ وَلِهَذَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَاسِقَاطُ الْحَقِّ يَعْتَمِدُ عَلَى وُجُوبِ الْحَقِّ دُونَ عِلْمِ الْمُسْقَطِ إلَيْهِ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَبَضَ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . 8 - الْإِبْرَاءُ: لَوْ أَبْرَأَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ سَقَطَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَهَذَا الْإِبْرَاءُ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يُرَدُّ بِرَدِّهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْإِبْرَاءُ كَمَا يَكُونُ حَقِيقَةً يَكُونُ مَجَازًا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الشُّفْعَةِ مَجَازًا هُوَ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ إجْرَاءُ صُلْحٍ عَلَى مَالٍ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حَقَّ شُفْعَتِهِ لِلْمُشْتَرِي بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ

(مادة 1025) الشفعة في العقار الذي ملك بالبدل الذي هو غير مال

الْمُشْتَرِي تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فَلَا بَدَلَ، وَيَكُونُ بَيْعُ الشُّفْعَةِ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ، وَحَقُّ الشُّفْعَةِ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ، فَكَانَ عِبَارَةً عَنْ الْإِسْقَاطِ مَجَازًا، فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَتْرُكَ حَقَّ شُفْعَتِهِ عَلَى مَالِ غَيْرِ الْمَشْفُوعِ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ، وَإِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ، أَيْ بَدَلَ الصُّلْحِ، تَلْزَمُ إعَادَتُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ حَقُّ التَّمَلُّكِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ فِي مَحَلٍّ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ عِوَضٍ فِي مُقَابَلَةٍ وَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ رِشْوَةً، (أَبُو السُّعُودِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . فَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ جَازَ الصُّلْحُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَى أَخْذِ بَيْتٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الدَّارِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مَجْهُولَةٌ وَلَهُ الشُّفْعَةُ لِفَقْدِ الْأَعْرَاضِ، (الْعِنَايَةُ، وَأَبُو السُّعُودِ) لِصُلْحِ الشَّفِيعِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الصُّلْحُ عَلَى نِصْفِ الْمَشْفُوعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مَحَلٌّ مُبَيَّنٌ مِنْ الْعَقَارِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهَذَا الصُّلْحُ لَيْسَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْحِصَّةَ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الصُّلْحِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَلَا يَلْزَمُ إعْطَاؤُهُ بَدَلَ الصُّلْحِ، كَالصُّلْحِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ، وَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ إعْرَاضٌ عَنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَا يَجِبُ الْمَالُ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (مَادَّةُ 1025) الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مُلِكَ بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَالٍ] (مَادَّةُ 1025) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ مَالًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مُلِكَ بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَالٍ. مَثَلًا لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ الَّتِي مُلِكَتْ بَدَلَ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الدَّارِ هُنَا لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمَنَافِعِ. كَذَلِكَ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمِلْكِ الْعَقَارِيِّ الَّذِي مُلِكَ بَدَلٌ عَنْ الْمَهْرِ) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ الَّذِي يُمْلَكُ حَائِزًا عَلَى شَرْطَيْنِ، أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَدَلُ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ، ثَانِيهِمَا، أَنْ يَكُونَ مَالًا. إيضَاحُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ الَّذِي يُمْلَكُ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ. وَعَلَيْهِ فَإِنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ تَمْنَعُ الشُّفْعَةَ، (التَّنْقِيحُ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مَعَ قَبْضِهِ فُلُوسًا مُشَارًا إلَيْهَا وَغَيْرَ مَعْلُومٍ عَدَدَهَا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَنَثَرَ الْفُلُوسَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَأَضَاعَهَا، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ طَلَبُ ذَلِكَ الْعَقَارِ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا حَالَ عَقْدِ الْبَيْعِ فَقِسْمٌ مِنْهُ مَجْهُولٌ فِي حَالِ الشُّفْعَةِ وَلِذَلِكَ يَتَعَذَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ،

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (46) ، وَسَتُذْكَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ هَذَا الْكِتَابِ فِي حِيَلِ إسْقَاطِ، (الشُّفْعَةِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الشَّفِيعُ جَهَالَةَ الْفُلُوسِ الْمَفْقُودَةِ بَلْ قَالَ إنَّنِي أَعْلَمُ مِقْدَارَهَا وَادَّعَى بِأَنَّهَا كَذَا فَلْسًا وَلَمْ يَدَّعِ الْمُتَبَايِعَانِ بِأَنَّهَا كَانَتْ أَزْيَدَ وَبَقِيَا عَلَى جَهَالَتِهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مَعَ بَدَلِ الْفُلُوسِ الضَّائِعَةِ بِدُونِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ الْمِقْدَارِ الَّذِي اعْتَرَفَ بِهِ، (الْبَهْجَةُ وَالْخُلَاصَةُ) . إيضَاحُ الشَّرْطِ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ الَّذِي مَلَكَ مَالًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مُلِكَ بِبَدَلِ غَيْرِ الْمَالِ، وَالْبَدَلُ الَّذِي لَيْسَ بِمَالٍ هُوَ: (1) الْمَنْفَعَةُ، (2) الْمَهْرُ، (3) بَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ 1 - تَفْصِيلُ الْمَنْفَعَةِ: لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مُلِكَ بَدَلَ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْعَقَارِ هُنَا لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا هُوَ الْأُجْرَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْمَنَافِعِ. وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ فِي الْعَقَارِ الَّذِي مُلِكَ بِبَدَلِ الْمَنْفَعَةِ هُوَ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَمْ تَكُنْ مَالًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مِثْلٌ لِيَتَمَكَّنَ الشَّفِيعُ مِنْ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ تَقَوُّمَ الْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ وَالثَّابِتُ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، فَلَا تَكُونُ الْمَنَافِعُ مُتَقَوِّمَةً فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " الْأُجْرَةُ " لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا يَأْتِي، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ حَمَّامٌ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ وَبِيعَتْ الدَّارُ بَدَلًا لِلْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَتَجْرِي ' لِشُفْعَةٍ فِي تِلْكَ الدَّارِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ اسْتِنْبَاطًا) . مِثَالٌ لِلْعَقَارِ الَّذِي يُجْعَلُ بَدَلًا لِلْمَنْفَعَةِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ أَوْصَى لَهُ أَنْ يَسْكُنَ دَارِهِ الْمَمْلُوكَةَ مُدَّةَ كَذَا فَصَالَحَهُ الْوَرَثَةُ عَلَى بَيْتٍ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ هَذَا الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ السُّكْنَى، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . مِثَالٌ آخَرُ: إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَنْفَعَةً فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَمْ عَنْ إنْكَارٍ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1549) . 2 - تَفْصِيلُ الْمَهْرِ: كَذَلِكَ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمِلْكِ الْعَقَارِيِّ الَّذِي مُلِكَ بَدَلًا عَنْ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْعَقَارِ الَّذِي يُجْعَلُ مَهْرًا لَيْسَ بِمَالٍ، بَلْ هُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ. مَثَلًا لَوْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِامْرَأَةٍ وَجَعَلَ مَهْرَهَا عَقَارًا وَدَفَعَتْ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْعَقَارِ وَلَوْ فِي الْقِسْمِ الَّذِي جُعِلَ مُقَابِلُهُ نُقُودًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ فِي هَذَا تَابِعٌ وَالْمَهْرُ أَصْلٌ، وَكَمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَثْبُتُ فِي الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ فِي التَّابِعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرَرُ) . الْمَهْرُ الْمُسَمَّى: وَهُوَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى لِلزَّوْجَةِ حِينَ عَقَدَ النِّكَاحَ، وَيَكُونُ مُعَجَّلًا وَمُؤَجَّلًا. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " بَدَلًا عَنْ الْمَهْرِ " احْتِرَازٌ عَمَّا يَأْتِي: مَثَلًا، لَوْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ بِامْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُعَيَّنٍ أَيْ بَعْدَ تَسْمِيَتِهِ لَهَا مَهْرًا مُعَيَّنًا أَعْطَى زَوْجَتَهُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الْمَهْرِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْعَقَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ صَارَ مَالًا. كَذَلِكَ لَوْ

(مادة 1026) يشترط أن يزول ملك البائع عن المبيع

تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى وَتَقَرَّرَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ مَهْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ أَعْطَى ذَلِكَ الْعَقَارَ لِزَوْجَتِهِ مُقَابِلَ مَهْرِهَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . مَهْرُ الْمِثْلِ، هُوَ الْمَهْرُ الَّذِي يَلْزَمُ الزَّوْجَ بَعْدَ الدُّخُولِ لِعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ لَهَا مَهْرًا حِينَ عَقَدَ النِّكَاحَ. 3 - إيضَاحُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ: لَوْ تَصَالَحَ الْقَاتِلُ عَمْدًا مَعَ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى عَقَارٍ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الَّذِي يَتَّصِلُ مِلْكُهُ بِذَلِكَ الْعَقَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَطَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْقَاتِلِ إعْطَاءَهُ أَيْضًا أَلْفَ دِرْهَمٍ عِلَاوَةً، فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . أَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَأُعْطِيَ فِي مُقَابِلِ بَدَلِ الصُّلْحِ عَقَارٌ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي هَذَا الْعَقَارِ، كَذَلِكَ لَوْ تُصُولِحَ عَنْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الدِّيَةَ أَوْ الْأَرْشَ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ هَذَا الْعَقَارِ مَالٌ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَقَارٍ عَنْ جِنَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ وَالْأُخْرَى تُوجِبُ الدِّيَةَ أَوْ الْأَرْشَ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي مِقْدَارِ مَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، فَحَسَبَ الْمَادَّةِ، (46) ، لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُ الْأَرْشَ أَوْ الدِّيَةَ. [ (مَادَّةُ 1026) يُشْتَرَطُ أَنْ يَزُولَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ] (مَادَّةُ 1026) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَزُولَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إنْ كَانَ الْمُخَيَّرُ الْمُشْتَرِيَ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعَ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ خِيَارِهِ. وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَا بِمَانِعَيْنِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَزُولَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَيَزُولُ حَقُّهُ فِيهِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَكَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ إذَا زَالَ الْمِلْكُ وَلَمْ يَزُلْ الْحَقُّ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ، (362) أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَكُونُ نَافِذًا عِنْدَ الْقَبْضِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يَكُونُ مَالِكًا لَهُ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ، (371) وَتَزُولُ مِلْكِيَّةُ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ فَسْخِ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ فَلَا يَزُولُ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ، وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ يَتَفَرَّعُ مِنْ حُكْمٍ فَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ بَيَانُهَا إجْمَالًا: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا زَالَ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. وَيُسْتَفَادُ مِثَالُهُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. فَلَوْ زَالَ حَقُّ الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْقَبْضِ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا لَمْ يَزُلْ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، وَمِثَالُ هَذَا فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ: إذَا زَالَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ. وَمِثَالُ هَذَا جَاءَ فِي الْمَتْنِ وَهُوَ، (وَإِنَّمَا فِي

الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إنْ كَانَ الْمُخَيَّرُ الْمُشْتَرِيَ تَجْرِي الشُّفْعَةُ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْجُمْلَةِ التَّالِيَةِ مِثَالٌ آخَرُ، وَالْجُمْلَةُ هِيَ " وَإِنْ كَانَ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعَ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ خِيَارِهِ ". الْحُكْمُ الرَّابِعُ: لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ إذَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ. وَمِثَالُ هَذَا فِقْرَةُ " وَإِنْ كَانَ الْمُخَيَّرُ الْبَائِعَ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ خِيَارِهِ. وَعَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ مِلْكُ الْبَائِعِ لَا يَزُولُ عَنْ الْعَقَارِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِ هَذَا الْمَبِيعِ حَتَّى بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهِ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِهِ. وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْفَسَادِ وَكَذَّبَهُمَا الشَّفِيعُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَكَذَّبَهُمَا فِيهِ الشَّفِيعُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . وَالْحَاصِلُ، أَنَّهُ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْعَقَارِ الْمُبَاعِ بَيْعًا فَاسِدًا، كَمَا أَنَّهُ لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا. وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ جَرَيَانِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ هُوَ أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يُفِيدُ حُكْمَ الْمِلْكِيَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا تَزُولُ مِلْكِيَّةُ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةُ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (372) فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْبَائِعِ مِنْ الْمَبِيعِ. فَلَوْ جَرَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لَاسْتَوْجَبَ ذَلِكَ انْتِقَالُ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الشَّفِيعِ مَعَ وَصْفِ الْفَسَادِ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِلْفَسَادِ وَإِبْقَاءً لَهُ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، (أَبُو السُّعُودِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَتَدُلُّ عِبَارَةُ " مَا لَمْ يَسْقُطُ حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ " فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ إذَا سَقَطَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ حِينَئِذٍ فَوْرًا. فَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ فَبِمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّ الْفَسَادِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (372) وَيَزُولُ حَقُّ الْبَائِعِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ، (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلشُّفْعَةِ هُوَ حَقُّ فَسْخِ الْبَائِعِ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ الْمَذْكُورُ تَعُودُ الشُّفْعَةُ الْمَمْنُوعَةُ، (الْهِدَايَةُ) . مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ اُشْتُرِطَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ مُؤَبَّدٌ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ لَكِنْ لَوْ أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ وَنَفَذَ الْبَيْعُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِزَوَالِ فَسَادِ الْبَيْعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . وَقْتَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: كَمَا يُقْطَعُ حَقُّ الْبَائِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَوْرًا، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) فَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي اشْتِرَاءً فَاسِدًا الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ آخَرَ يَثْبُتُ حَقُّ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (372) . لَكِنْ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ الشَّفِيعُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْطِي الشَّفِيعُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِي الْمَشْفُوعِ قَدْ تَقَرَّرَ بِالْحُكْمِ فَلَا يَبْطُلُ بِإِخْرَاجِ الْأُولَى عَنْ مِلْكِهِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ. الثَّانِي: وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْطِي الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى، أَيْ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى فِي الْبَيْعِ الثَّانِي. كَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مَا كَأَنْ يَهَبَهُ لِآخَرَ أَوْ يَجْعَلَهُ مَهْرًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . تَنْبِيهَانِ التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ تَنْبِيهَانِ: التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ - الْبَيْعُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَنْعَقِدُ فَاسِدًا ابْتِدَاءً. أَمَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَكُونُ فَاسِدًا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ صَحِيحًا ابْتِدَاءً فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهِ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى غَيْرُ مُسْلِمٍ عَقَارًا مِنْ آخَرَ غَيْرِ مُسْلِمٍ فِي مُقَابِلِ خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الِاثْنَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَكِنْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) . تَنْبِيهَانِ: التَّنْبِيهُ الثَّانِي - إنَّ الْعَقَارَ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، لَا يَكُونُ مَشْفُوعًا، وَلَكِنْ يَكُونُ مَشْفُوعًا بِهِ أَحْيَانًا لِلْبَائِعِ وَأَحْيَانًا لِلْمُشْتَرِي. فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِيعَ عَقَارٌ آخَرُ فِي جَانِبِهِ يَكُونُ الْبَائِعُ شَفِيعًا لِذَلِكَ الْعَقَارِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ فِي الْمَشْفُوعِ لَهُ بَاقٍ. كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِالْعَقَارِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ شَفِيعًا فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَقَارِ الْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (371) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ إقْرَارًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَبْقَى الْمِلْكُ الْمَشْفُوعُ الْمَذْكُورُ، كَمَا كَانَ، مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْصُوبِ أَمَّا لَوْ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (3901) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَبُو السُّعُودِ، الْهِدَايَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُخَيَّرًا وَحْدَهُ فَقَطْ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ مَانِعًا مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْضًا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا الشُّفْعَةُ فَتَكُونُ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي. أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يَدَّعِي الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ زَيْدٍ وَيُنْكِرُ زَيْدٌ الشِّرَاءَ. وَالسَّبَبُ هُوَ أَنَّ الْبَائِعَ مُعْتَرِفٌ بِخُرُوجِ الْعَقَارِ مِنْ مِلْكِهِ، مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ زَيْدٍ لِإِنْكَارِهِ الشِّرَاءَ، (أَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (950) . وَلَوْ ضَبَطَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ وَلَا يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ. وَالشَّرْطُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا وَقَعَ الِاشْتِرَاءُ فِي مُقَابِلِ فَرَسٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ وَجَبَ الْبَيْعُ. وَإِذَا أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خِيَارَهُ فَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الْفَرَسِ لِلْبَائِعِ. وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي

(مادة 1027) الشفعة في تقسيم العقار

عَنْ إبْطَالِ خِيَارِهِ أَخَذَ فَرَسَهُ وَيُعْطِي الْبَائِعَ قِيمَةَ الْفَرَسِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ. وَلَا يَكُونُ أَخْذُ الشَّفِيعِ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ اخْتِيَارًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِسْقَاطًا لِخِيَارِهِ فِي الْفَرَسِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ بِتَغْيِيرٍ) إنَّ الْمُبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ أَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي يُبَاعُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي يَكُونُ مَشْفُوعًا، كَمَا أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ مَشْفُوعًا بِهِ. مَثَلًا لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِعَقَارٍ آخَرَ شُرِيَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، إذْ يَدْخُلُ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا وَحْدَهُ وَكَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِالْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لَوْ اتَّخَذَ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الشُّفْعَةَ فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي الْمَشْفُوعِ بِهِ. فَلَوْ جَاءَ الشَّفِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْعَقَارَ الْأَوَّلَ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ كَذَلِكَ أَخْذُ الْعَقَارِ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ بِهَا جَارًا لِلدَّارِ الْأُخْرَى مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَأَبُو السُّعُودِ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَانَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي بَدَلِ الْمَبِيعِ، مَثَلًا كَهَذَا الْفَرَسِ أَوْ الْحِنْطَةِ، فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْخِيَارِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ الْمُحِيطِ) ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ مَانِعٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ الْمَبِيعِ. أَمَّا لَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (24) لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي زَمَانِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ، فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ عِنْدَ سُقُوطِ الْخِيَارِ وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا، (الْهِدَايَةُ وَالْجَوْهَرَةُ) . وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَقْتَضِي طَلَبَ الشُّفْعَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ عَلَى الْكَنْزِ) وَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ فِي جَنْبِ الْعَقَارِ الَّذِي يُبَاعُ وَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ عَقَارٌ آخَرُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ هَذَا الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا فَبِمَا أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَهُ الْحَقُّ فِي اتِّخَاذِ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا الْعَقَارِ الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَوْ اتَّخَذَ الشُّفْعَةَ سَقَطَ الْخِيَارُ وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ نَقْضٌ مِنْهُ لِلْبَيْعِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . أَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ اللَّذَانِ يَثْبُتَانِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَلَيْسَا بِمَانِعَيْنِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَعَلَيْهِ فَلِلشَّفِيعِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَلَوْ كَانَ هَذَانِ الْخِيَارَانِ بَاقِيَيْنِ لِلْمُشْتَرِي. وَلِذَلِكَ لَوْ فَسَخَ الشَّفِيعُ الْبَيْعَ قَبْلَ أَخْذِهِ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ بِأَخْذِ هَذَيْنِ الْخِيَارَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَسْخُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْفَسْخُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَمْ بِرِضَاءِ الْبَائِعِ [ (مَادَّةُ 1027) الشُّفْعَةُ فِي تَقْسِيمِ الْعَقَارِ] (مَادَّةُ 1027) -، (لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي تَقْسِيمِ الْعَقَارِ فَلَوْ اُقْتُسِمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُتَشَارِكَيْنِ فَلَا يَكُونُ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ شَفِيعًا) . لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي تَقْسِيمِ الْعَقَارِ وَفِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ.

إيضَاحُ تَقْسِيمِ الْعَقَارِ: لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ سَوَاءٌ أَوَقَعَ التَّقْسِيمُ رِضَاءً أَمْ وَقَعَ قَضَاءً عَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1116) ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ فِيهَا الْجَبْرُ لِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَالْحَالُ أَنَّ الشُّفْعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْمُبَادَلَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مَشْرُوعَةً فِي الْقِسْمَةِ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَإِفْرَازٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، (الدُّرَرُ، عَزْمِي زَادَهْ، أَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ اُقْتُسِمَتْ دَارٌ مَمْلُوكَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُتَشَارِكَيْنِ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ فَلَا يَكُونُ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ أَوْ الْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ شَفِيعًا. إيضَاحُ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ: لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ كَانَ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمَبِيعِ بِهَذَيْنِ الْخِيَارَيْنِ فَسْخٌ لِلْمَبِيعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ بِوَجْهٍ مَا أَنْ يَكُونَ بَيْعًا جَدِيدًا فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بِهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا لَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ اتِّخَاذُ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، (أَبُو السُّعُودِ) . إيضَاحُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ: وَكَذَا لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَمَا لَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ، (أَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ رَدَّ وَأَعَادَ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ اتِّخَاذُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَعَادَ إلَى قَدِيمِ مِلْكِهِ، وَالشُّفْعَةُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْفَسْخِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْعَقَارِ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ بِكُلِّ الشُّفْعَةِ لِلْحَاضِرِ، وَرَدَّ الشَّفِيعُ ذَلِكَ الْعَقَارَ لِلْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ قَدِيمٍ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَحَضَرَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْكُلِّ وَلَا النِّصْفِ بِالشُّفْعَةِ، يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُطْلَقٌ وَرَفْعٌ لِلْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . أَمَّا لَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمُشْتَرَى بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِلْبَائِعِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ وَأَخَذَهُ هُوَ وَقَبِلَهُ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ قَدْ عَادَ حِينَئِذٍ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِقَبُولِهِ وَرِضَائِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ الْجَدِيدِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ، (أَبُو السُّعُودِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَالْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1021) أَنَّ الشُّفْعَةَ تَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا.

الفصل الثالث في بيان أنواع طلب الشفعة وكيفية طلبها

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَكَيْفِيَّةِ طَلَبِهَا] تَكُونُ الشُّفْعَةُ وَاجِبَةً بِالْعَقْدِ وَالْجِوَارِ وَتَتَأَكَّدُ بِطَلَبِ الْإِشْهَادِ، كَمَا أَنَّ الْمَشْفُوعَ يَتَمَلَّكُ بِالْأَخْذِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . (مَادَّةُ 1028) -، (يَلْزَمُ فِي الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةُ طَلَبَاتٍ وَهِيَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ وَطَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ) . عَلَى الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةُ طَلَبَاتٍ. أَوَّلُهَا: طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ. ثَانِيهَا: طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ. ثَالِثُهَا: طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ. وَصُورَةُ إجْرَاءِ هَذِهِ الطَّلَبَاتِ سَتُوَضَّحُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ، (التَّنْقِيحُ) وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الطَّلَبَاتِ مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فِي الشُّفْعَةِ فَإِذَا فَاتَ ذَلِكَ الْوَقْتُ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ يَجْرِي فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَجِنْسِ الثَّمَنِ، وَمِقْدَارِهِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ يَكُونُ فِي الْحَالِ، أَيْ بِلَا تَأْخِيرٍ، مَتَى تَمَكَّنَ الشَّفِيعُ مِنْ إجْرَائِهِمَا. أَمَّا طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَاشِرَ فِيهِ فِي ظَرْفِ شَهْرٍ، وَإِذَا مَرَّتْ الْمُدَّةُ بِلَا طَلَبٍ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ تَفْصِيلُ ذَلِكَ. [ (مَادَّةُ 1029) وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَجْلِسِ] (مَادَّةُ 1029) -، (وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ أَوْ أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ) . عَلَى الشَّفِيعِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَعَلِمَ بِالْمُشْتَرِي وَالثَّمَنِ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَوْرًا أَيْ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ بِدُونِ أَنْ يَمُرَّ زَمَنٌ بِالسُّكُوتِ كَقَوْلِهِ أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ أَوْ أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ إنَّنِي أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ إنَّنِي أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ طَلَبْتُهُ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ. 1 - عَقْدُ الْبَيْعِ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ

الَّتِي هِيَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ كَالْإِقَالَةِ، وَالسَّلَمِ، وَبَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1021) كَذَلِكَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْبَيْعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. 2 - سَمِعَ فِيهِ: يَعْنِي يُشْتَرَطُ لِلُزُومِ الشَّفِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ سَمَاعُهُ عَقْدَ الْبَيْعِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَأَسْبَابُ الْعِلْمِ فِي هَذَا سَبْعَةٌ، سِتَّةٌ مِنْهَا اتِّفَاقِيَّةٌ وَوَاحِدٌ خِلَافِيٌّ. أَوَّلُهَا: سَمَاعُ الشَّفِيعِ بِالذَّاتِ أَيْ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ. ثَانِيهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ، بِالِاتِّفَاقِ بِإِخْبَارِ مَنْ كَانَ حَائِزًا أَحَدَ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ، شَطْرُ الشَّهَادَةِ: أَحَدُهُمَا، الْعَدَدُ، يَعْنِي رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ. ثَانِيهِمَا الْعَدَالَةُ، وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ يَحْصُلُ الْعِلْمُ أَيْضًا بِإِخْبَارِهِ وَيَلْزَمُ فِي الْحَالِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَلَا يُعْفَى الشَّفِيعُ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَوْرًا بِقَوْلِهِ إنَّنِي لَمْ أُصَدِّقْ كَلَامَ هَؤُلَاءِ. ثَالِثُهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ أَخْبَرَ رَجُلٌ غَيْرُ عَادِلٍ وَصَدَّقَهُ الشَّفِيعُ. رَابِعُهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ إجْمَاعًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي عَادِلًا أَمْ غَيْرَ عَادِلٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ خَصْمُ الشَّفِيعِ وَلَا تُطْلَبُ فِي الْخَصْمِ الْعَدَالَةُ. خَامِسًا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ أَيْضًا بِخَبَرِ الرَّسُولِ، يَعْنِي لَوْ جَاءَ شَخْصٌ مِنْ طَرَفِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ لِإِخْبَارِهِ بِالشِّرَاءِ وَأَخْبَرَهُ بِهِ ثَبَتَ الْعِلْمُ، (أَبُو السُّعُودِ، وَالْعَيْنِيُّ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . سَادِسُهَا: الْكِتَابُ مَثَلًا لَوْ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ بِشِرَائِهِ بِكِتَابٍ حَصَلَ الْعِلْمُ. سَابِعُهَا: يَثْبُتُ الْعِلْمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِإِخْبَارِ شَخْصٍ وَاحِدٍ غَيْرِ عَدْلٍ. يَعْنِي لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا، حُرًّا أَمْ عَبْدًا، مَأْذُونًا بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا، رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً، يَحْصُلُ الْعِلْمُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ لِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ الْمُخْبِرَ ثُمَّ يُفْهَمُ مُؤَخَّرًا أَنَّ الْمُخْبِرَ صَادِقٌ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ فِي الصُّورَةِ السَّابِعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، وَالْجَوْهَرَةُ) 3 - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ: يَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُومَ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ. حَتَّى لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ دِيَانَةً. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1746) ، يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ الْبَيْعَ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ بِاللِّسَانِ وَلَا يَكْفِي الطَّلَبُ الْقَلْبِيُّ إلَّا فِي قَوْلِ حَسَنِ بْنِ زِيَادٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - الْعِلْمُ بِالْمُشْتَرَى وَالثَّمَنِ: تَوْضِيحُ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (1024) فَيَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا لِمَعْرِفَتِهِ، (التَّنْقِيحُ) . 5 - أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ إلَخْ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَنْ يَطْلُبَ الْمُوَاثَبَةَ فِي كُلِّ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ فِي طَلَبِ التَّقْرِيرِ

وَالْإِشْهَادِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا - وَإِلَّا لَوْ كَانَ الشُّفَعَاءُ لِلْمَبِيعِ اثْنَيْنِ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُوَاثَبَةَ أَوْ طَلَبَ التَّقْرِيرَ وَالْإِشْهَادَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ لِكَوْنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ النِّصْفَ فَقَطْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْكُلِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ كِلَاهُمَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَالثَّانِي غَائِبًا. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَسَمِعَ شَرِيكَا الْبَيْعِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ كَانَتْ شُفْعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (1041) ، (التَّنْقِيحُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . 6 - فَوْرًا: قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِ كَوْنِهَا فَوْرًا يَعْنِي يَلْزَمُ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ بِدُونِ تَأْخِيرٍ وَسُكُوتِ لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْحِينِ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ الشَّفِيعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ سَمِعَهُ وَكَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَمَّا كَانَتْ حَقْلًا ضَعِيفًا فَتَسْقُطُ بِالْأَحْوَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ كَالسُّكُوتِ، (الْهِدَايَةُ بِإِيضَاحٍ) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ بِكِتَابٍ وَكَانَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ فِي أَوْسَطِهِ وَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ انْتِهَائِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ فَلَا يَصِحُّ الطَّلَبُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ عَلَى الْكَنْزِ) . وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ خَبَرُ الْبَيْعِ مَنْ اشْتَرَاهُ وَبِكَمْ بِيعَتْ ثُمَّ طَلَبَهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْجَوْهَرَةُ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرِّوَايَةُ الْأَصْلِيَّةُ، كَمَا أَنَّهُ قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِ بُخَارَى وَبَعْضُ مَشَايِخِ إلَخْ. وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ إنَّهُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَمَا أَنَّ مُفْتِي الثِّقْلَيْنِ قَدْ أَفْتَى بِهِ وَأَجَابَ عَلَى سُؤَالٍ بِأَنَّ دَعْوَى الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، وَعَلَى الشَّفِيعِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ بِالْبَيْعِ أَنْ يُجْرِيَهَا بِلَا تَأْخِيرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ، (إذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَتَئِذٍ، وَإِذَا سَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ، (فِي الْحَالِ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَدُّ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ إلَى نِهَايَةِ الْمَجْلِسِ كَامْتِدَادِ خِيَارِ الْقَبُولِ إلَى نِهَايَةِ مَجْلِسِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (182) ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ لَيْسَ فَوْرِيًّا كَالْمُخَيَّرِ فِي خِيَارِ الْقَبُولِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ، (182) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَحْتَاجُ إلَى التَّرَوِّي وَالتَّأَمُّلِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْكَرْخِيُّ وَبَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخٍ إلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا اخْتَارَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْمُلْتَقَى عَلَى رِوَايَةِ صَاحِبَيْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعِ الْأَنْهُرِ، وَقَبِلَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ذَلِكَ أَيْضًا إذْ قَالَ: يُبْطِلُهَا تَرْكُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَتَرْكُهُ بِأَنْ لَا يَطْلُبَ فِي مَجْلِسٍ أَخْبَرَ فِيهِ بِالْبَيْعِ: ابْنُ كَمَالٍ، وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ انْتَهَى، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ إلَى نِهَايَةِ مَجْلِسِ اسْتِمَاعِهِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، مَهْمَا طَالَتْ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِ الْمَجْلِسِ إلَى آخِرِهِ فَيَصِحُّ وَيَجُوزُ طَلَبُهُ الشُّفْعَةَ. وَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ، (1032) مِنْ الْمَجَلَّةِ، (مَثَلًا لَوْ وُجِدَ فِي حَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِأَنْ اشْتَغَلَ بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْبَحْثِ عَنْ صَدَدٍ آخَرَ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ دُونَ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) فَيُسْتَدَلُّ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهَا تُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ.

وَلَيْسَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلٌ فِي إحْدَى الْمَادَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَبْحَثَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يُقْبَلَ فِي الْأُخْرَى قَوْلٌ آخَرُ، بَلْ يَجِبُ أَنْ تُطَبَّقَ هَاتَانِ الْمَادَّتَانِ وَتُؤَوَّلَ إمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. وَبِمَا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، هُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَمُرَجَّحٌ، كَمَا بُيِّنَ آنِفًا، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ فَيَجِبُ أَنْ تَبْقَى هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيَجِبُ تَأَمُّلُ الْمَادَّةِ، (1032) وَحَمْلُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ الرِّوَايَةُ مُطَابِقَةً لِرِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَمُوَافِقَةً لِلْفَتْوَى، وَسَتُؤَوَّلُ الْمَادَّةُ، (1320) أَثْنَاءَ شَرْحِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْمَادَّةُ، (1032) مُتَمِّمَةً لِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ وُرُودُهَا هُنَا. إنَّ لُزُومَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مَشْرُوطٌ بِسَمَاعِ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَعَلَيْهِ فَمَتَى سَمِعَ الْعَقْدَ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ أَسَمِعَهُ عِنْدَ وُقُوعِهِ أَمْ بَعْدَ مُرُورِ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ، (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُ إجْرَاءُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ سَمَاعِ عَقْدِ الْبَيْعِ، بَلْ يَلْزَمُ إجْرَاؤُهُ وَقْتَ انْقِطَاعِ حَقِّ الْفَسْخِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1026) وَيَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ. وَيَلْزَمُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَعَلَى رِوَايَةِ وَقْتِ الْعَقْدِ، (الْهِدَايَةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . 7 - طَلَبُ الشُّفْعَةِ كَقَوْلِهِ أَنَا: إنَّ أَلْفَاظَ الطَّلَبِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ، فَكُلُّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ يَصِحُّ طَلَبُ الشُّفْعَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (3) ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِأَيِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ جَازَ، (الْهِنْدِيَّةُ) كَطَلَبْتُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي الْعُرْفِ يُرَادُ بِهَا الطَّلَبُ فِي الْحَالِ لَا الْإِخْبَارُ عَنْ مَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ، وَقِيلَ يَقُولُ اُطْلُبْ الشُّفْعَةَ وَآخُذَهَا وَلَا يَقُولُ طَلَبْتُهَا وَأَخَذْتُهَا فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَالْجَوَابُ مَا قُلْنَا، (الطَّحْطَاوِيُّ) وَصِيغَةُ هَذَا الطَّلَبِ تَكُونُ بِالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِقَوْلِهِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةُ. وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ. وَالْمُوَاثَبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوُثُوبِ عَلَى وَزْنِ مُفَاعَلَةٍ، وَفِي هَذَا اسْتِعَارَةٌ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ مَعَ الْوُثُوبِ يَكُونُ أَسْرَعَ فِي قَطْعِ الْمَسَافَةِ، سُمِّيَ بِهِ لِيَدُلَّ عَلَى غَايَةِ التَّعْجِيلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» . أَيْ طَلَبَهَا عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ وَالْمُبَادَرَةِ، (أَبُو السُّعُود) . قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: تَبَرُّكًا بِلَفْظِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» . لَا يُشْتَرَطُ فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ الْإِشْهَادُ. يَعْنِي لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ الْإِشْهَادُ، أَيْ حُضُورُ شُهُودٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي عَلَى إجْرَاءِ الشَّفِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَانَ الطَّلَبُ الْمَذْكُورُ مَقْبُولًا وَمُعْتَبَرًا، (التَّنْقِيحُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . يَعْنِي أَنَّ عَدَمَ الْإِشْهَادِ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْإِشْهَادُ، لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ إلَّا

(مادة 1030) يجب على الشفيع بعد طلب المواثبة

أَنَّ تَرْكَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ بِدُونِ عُذْرٍ يُوجِبُ سُقُوطَ الشُّفْعَةِ، وَالْعُذْرُ هُوَ كَأَنْ يَكُمَّ أَحَدٌ فَمَ الشَّفِيعِ أَوْ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ فِي الصَّلَاةِ. لَكِنْ لَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي إجْرَاءَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ فَيَجِبُ الْإِشْهَادُ لِإِثْبَاتِهِ، (الدُّرَرُ) يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ لِأَجْلِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ لَمْ يَطْلُبْ الْمُوَاثَبَةَ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي سَقَطَتْ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَأَظْهَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ أَجْرَى طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَبِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ مُجْبَرٌ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ تَوْثِيقًا لِحَقِّهِ الْإِشْهَادُ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَجَدَهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ شُهُودٌ يَسْتَشْهِدُهُمْ. وَإِذَا فَهِمَ أَنَّ الشَّفِيعَ مُحْتَاجٌ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ، أَنْ يُفَتِّشَ عَلَى الشُّهُودِ وَيَقُولَ لَهُمْ إنَّنِي عَلِمْتُ الْآنَ بِالْمَبِيعِ وَإِنِّي أَطْلُبُ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ جَازَ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (30) وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَإِنْ كَانَ وَقْتَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كَانَ عِنْدَ الدَّارِ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بَطَلَتْ لِإِعْرَاضِهِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ إلَّا لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) قِيَامُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مَقَامَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ: إذَا أَشْهَدَ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَكَانَ الْإِشْهَادُ الْمَذْكُورُ فِي مَحْضَرِ الْمَبِيعِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَبْقَى لُزُومٌ لِطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَيَكُونُ الطَّلَبُ الْوَاحِدُ قَائِمًا مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ، وَذَلِكَ سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. أَمَّا مُجَرَّدُ الْإِشْهَادِ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ فَلَا يَقُومُ مَقَامَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ، وَسَتُوَضَّحُ الْمَسْأَلَةُ أَكْثَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1032) ، (الدُّرُّ، أَبُو السُّعُودِ) . [ (مَادَّةُ 1030) يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ] (مَادَّةُ 1030) -، (يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَنْ يَطْلُبَ التَّقْرِيرَ وَأَنْ يَشْهَدَ بِأَنْ يَقُولَ فِي حُضُورِ رَجُلَيْنِ عِنْدَ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ أَنَّ فُلَانًا قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْعَقَارَ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَنْتَ قَدْ اشْتَرَيْتَ الْعَقَارَ الْفُلَانِيَّ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْعَقَارُ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ أَنْتَ قَدْ بِعْتَ عَقَارَكَ وَأَنَا شَفِيعُهُ بِهَذِهِ الْجِهَةِ وَكُنْتُ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَالْآنَ أَطْلُبُهَا أَيْضًا اشْهَدَا. وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ بِهَذَا الْوَجْهِ يُوَكِّلُ آخَرَ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا أَرْسَلَ كِتَابًا) . إذَا لَمْ يُشْهِدْ الشَّفِيعُ أَثْنَاءَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ التَّقْرِيرَ وَقْتَ تَمَكُّنِهِ وَقُدْرَتِهِ بِلَا تَأْخِيرٍ حَتَّى تَسْتَقِرَّ الشُّفْعَةُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ عَلَى الْكَنْزِ) .

مُدَّةُ هَذَا الطَّلَبِ لَمْ تَكُنْ عَلَى فَوْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْأَكْثَرِ بَلْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِمُدَّةٍ لِتُمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يُطْلَبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِتَغْيِيرٍ) . وَطَلَبُ الشُّفْعَةِ طَلَبَانِ، طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ اسْتِحْقَاقٍ، فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِالْبَيْعِ يُشْهِدُ عَلَى طَلَبِهَا ثُمَّ لَا يَمْكُثُ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إلَى الْبَائِعِ أَوْ إلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ، (الْجَوْهَرَةُ بِاخْتِصَارٍ) . إنَّ مُدَّةَ طَلَبِ الْإِشْهَاد مُقَيَّدَةٌ بِالتَّمَكُّنِ مِنْهُ، كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ، (1330) وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ، وَلَمْ يَطْلُبْ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ، أَيْ تَأَخَّرَ، كَانَتْ الشُّفْعَةُ بَاطِلَةً نَفْيًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ لَيْلًا فَلَا يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْخُرُوجِ لِلْإِشْهَادِ؛ وَلِذَلِكَ فَلَوْ طَلَبَ التَّقْرِيرَ وَالْإِشْهَادَ صَبَاحًا بِلَا تَأْخِيرٍ كَانَ طَلَبُهُ صَحِيحًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (21) . وَبِمَا أَنَّ الْمَادَّةَ، (1032) مُتَمِّمَةٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَكَانَ مُنَاسِبًا جَعْلُهَا فِي مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ. قِيلَ شَرْحًا " إذَا لَمْ يُشْهِدْ الشَّفِيعُ أَثْنَاءَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ؛ لِأَنَّ لُزُومَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ، الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ حُصُولِ الْإِشْهَادِ أَثْنَاءَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، وَهِيَ الْمَبِيعُ أَوْ الْمُشْتَرَى أَوْ الْعَقَارَ، فَإِذَا وُجِدَ الشَّفِيعُ عِنْدَ أَحَدِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ، فَسَمِعَ بِالْبَيْعِ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ بِالْمُوَاثَبَةِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَانَ هَذَا الطَّلَبُ وَالْإِشْهَادُ قَائِمَيْنِ مَقَامَ طَلَبَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ بَعْدَهُمَا إلَى طَلَبِ تَقْرِيرٍ وَإِشْهَادٍ، كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. مَثَلًا لَوْ أَجْرَى الشَّفِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فَوْرًا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ الَّذِي لَا يَزَالُ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ حَاضِرًا فَهَذَا الطَّلَبُ يَقُومُ مَقَامَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ مَعًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ، الْهِدَايَةُ) . إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ ثُمَّ إلَى طَلَبِ الْإِشْهَادِ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بِأَنْ سَمِعَ الشِّرَاءَ حَالَ غَيْبَتِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالدَّارِ، أَمَّا إذَا سَمِعَ فِي حَضْرَةِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَذَلِكَ يَكْفِيهِ وَيَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ فِي حُضُورِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرِيدُ إشْهَادَهُمَا أَوْ الرَّجُلِ وَالِامْرَأَتَيْنِ عِنْدَ الْمَبِيعِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ: اشْتَرَى هَذَا الْعَقَارَ فُلَانٌ وَبِمَا أَنَّنِي شَرِيكٌ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ مَثَلًا فَأَنَا شَفِيعُهُ وَقَدْ أَجْرَيْتُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعْتُ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فَوْرًا وَالْآنَ أَطْلُبُهَا أَيْضًا فَكُونَا شَاهِدَيْنِ، أَوْ يَقُولُ خِطَابًا لِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي قَابِضًا الْمَشْفُوعَ أَمْ كَانَ غَيْرَ قَابِضٍ، فِي حُضُورِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ الشُّهُودِ: إنَّكَ اشْتَرَيْتَ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ بِالْحُدُودِ الْفُلَانِيَّةِ وَبِمَا أَنَّنِي خَلِيطٌ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ مَثَلًا فَأَنَا شَفِيعُهُ وَقَدْ طَلَبْتُ الْمُوَاثَبَةَ وَإِنَّنِي أَطْلُبُهَا الْآنَ أَيْضًا، وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الشَّاهِدَانِ اشْهَدَا، أَوْ يَقُولُ وَالْمَبِيعُ لَا يَزَالُ فِي يَدِ الْبَائِعِ، يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ لِلْمُشْتَرِي، خِطَابًا لِلْبَائِعِ فِي حُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّكَ بِعْتَ عَقَارَكَ

الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ وَبِمَا أَنَّنِي جَارٌ مُلَاصِقٌ فَأَنَا شَفِيعُهُ وَقَدْ طَلَبْتُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَأَنَا الْآنَ أَيْضًا وَيَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ اشْهَدُوا أَيُّهَا الشُّهُودُ عَلَى هَذَا، (الْهِدَايَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - فِي حُضُورِ شَخْصَيْنِ: الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ وَظَاهِرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ لُزُومُ إجْرَاءِ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فِي حُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَدَائِعِ بِأَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ. بَلْ إنَّمَا يَجِبُ الْإِشْهَادُ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْإِثْبَاتِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي وُقُوعَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ حَتَّى إنَّ الشَّفِيعَ لَوْ أَجْرَى طَلَبَ التَّقْرِيرِ بِلَا إشْهَادٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي وَصَدَّقَهُ أَوْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ الْمُكَلَّفِ بِهَا فَيَثْبُتُ وَيَتَحَقَّقُ طَلَبُ التَّقْرِيرِ، (أَبُو السُّعُودِ وَالتَّنْقِيحُ بِعِلَاوَةٍ) . 2 - عِنْدَ الْمَبِيعِ: يَكُونُ طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فِي أَحَدِ ثَلَاثَةِ مَوَانِعَ: أَوَّلُهَا، عِنْدَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ. ثَانِيهَا، عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ، أَيْ الْمَشْفُوعَ، مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي. ثَالِثُهَا، عِنْدَ الْبَائِعِ، إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا يَزَالُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ زَالَ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ، فَبِمَا أَنَّ يَدَهُ لَا تَزَالُ بَاقِيَةً فَالتَّقْرِيرُ وَالْإِشْهَادُ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ يَدِهِ عَلَى الْبَيْعِ صَحِيحَانِ أَمَّا إذَا سُلِّمَ الْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي، فِيمَا أَنَّهُ لَمْ تَبْقَ يَدُ الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِعَدَمِ صِحَّةِ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِصِحَّةِ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا. وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ، (وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ. . . إلَخْ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَمَا أَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ قَدْ اخْتَارُوا هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا. وَقَدْ قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقِيَاسَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، وَالْجَوْهَرَةُ) . وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ اسْتِحْسَانًا، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ مُخَيَّرٌ فِي إجْرَاءِ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ أَيِّ الثَّلَاثَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ شَاءَ. وَمَعَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَدْ قَيَّدُوا صِحَّةَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ، وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْعَقَارِ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْمَجَلَّةِ بِالتَّرَدُّدِ وَالتَّخْيِيرِ أَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الْقَوْلَ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ ثَلَاثَتُهُمْ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ قَرِيبًا مِنْ الشَّفِيعِ وَبَعْضُهُمْ الْآخَرُ بَعِيدًا عَنْهُ وَلَمْ يَشْهَدْ وَلَمْ يُقْرِرْ الشَّفِيعُ عِنْدَ الْقَرِيبِ مِنْهُ وَأَشْهَدَ وَقَرَّرَ عِنْدَ الْبَعِيدِ عَنْهُ جَازَ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ الْوَاحِدَةَ تُعْتَبَرُ مَعَ نَوَاحِيهَا وَأَمَاكِنِهَا كَالْمَكَانِ الْوَاحِدِ.

(مادة 1031) يلزم أن يطلب الشفيع ويدعي في حضور الحاكم بعد طلب التقرير والإشهاد

أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَوْجُودًا فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الشَّفِيعُ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ فِي قَرْيَةٍ تَابِعَةٍ لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَمْ يَطْلُبْ وَلَمْ يُشْهِدْ الشَّفِيعُ عِنْدَ مَنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ فَذَهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ أَوْ الْمَدِينَةِ الْأُخْرَى بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَلَاثَتُهُمْ فِي بَلْدَةٍ، وَبَعْضُهُمْ قَرِيبٌ وَبَعْضُهُمْ بَعِيدٌ، وَلَمْ يُقَرِّرْ وَلَمْ يُشْهِدْ عِنْدَمَا وَصَلَ إلَى الْقَرِيبِ وَمَرَّ عَنْهُ وَقَرَّرَ وَأَشْهَدَ عِنْدَمَا مَرَّ عَنْ الْبَعِيدِ كَانَتْ شُفْعَتُهُ بَاطِلَةً أَيْضًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْأَبْعَدَ وَيَتْرُكَ الْأَقْرَبَ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . 3 - عَقَارُكَ الْفُلَانِيُّ: لَيْسَ تَسْمِيَةُ الْمَبِيعِ وَتَحْدِيدُهُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الطَّلَبِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنْ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ هِيَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ الْعِلْمِ وَبِمَا أَنَّ الْعَقَارَ يُعْلَمُ بِالتَّحْدِيدِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ الطَّلَبُ وَالْإِشْهَادُ صَحِيحَيْنِ بِدُونِ التَّحْدِيدِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي مَكَان بَعِيدٍ وَلَا يَسْتَطِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، يَعْنِي عِنْدَ الْعَقَارِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، فَلَهُ تَوْكِيلُ أَحَدٍ، وَيُرْسِلُ الْوَكِيلَ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِإِجْرَاءِ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ؛ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1459) أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَهَا بِالذَّاتِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ أَحَدُ تِلْكَ الْخُصُوصَاتِ أَيْضًا. إذَا لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا يُرْسِلُهُ فَيُرْسِلُ كِتَابًا، مَعَ سَاعٍ أَوْ بِالْبَرِيدِ، إلَى الْمُشْتَرِي وَإِلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (69) وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إرْسَالُ كِتَابٍ أَيْضًا فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ، (الدُّرَرُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا وَجَدَ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُمْكِنُهُ أَنْ يَذْهَبَ بِنَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَيُجْرِيَ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ، وَالْمُدَّةُ الَّتِي يَقْضِيهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ مَعْفُوٌّ عَنْهَا، (الْبَهْجَةُ) . [ (مَادَّةُ 1031) يَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعَ وَيَدَّعِيَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ] (مَادَّةُ 1031) -، (يَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ الشَّفِيعَ وَيَدَّعِيَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ) . يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ وَيَدَّعِيَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ، أَيْ فِي مَحْكَمَةِ الْبَلْدَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ، وَفِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ سَبْقَ الدَّعْوَى فِي الْحُكْمِ لَمَّا كَانَ شَرْطًا فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِدُونِ الطَّلَبِ وَالدَّعَوَاتِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - التَّسْلِيمُ بِرِضَائِهِ: لَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِرِضَائِهِ لِلشَّفِيعِ بِنَاءً عَلَى شُفْعَتِهِ فَلَا حَاجَةَ

لِطَلَبِ الْخُصُومَةِ بَعْدُ، كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ، (1036) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادُ الْعَقَارِ بِلَا رِضَاءِ الشَّفِيعِ. 2 - فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ: حُضُورُ الْمُحْكَمِ كَحُضُورِ الْحَاكِمِ أَيْضًا، فَتُصْبِحُ دَعْوَى الشُّفْعَةِ فِي حُضُورِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1841) 3 - فِي مَحْكَمَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ: أَمَّا لَوْ ظَهَرَ الْمُشْتَرِي فِي بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّفْعَةَ هُنَاكَ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الِادِّعَاءُ فِي مَحْكَمَةِ الْبَلَدِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) قَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رُؤْيَةِ دَعْوَى عَقَارٍ مِنْ قَاضِي بَلَدٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْآخَرُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ، (1807) الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَيَجِبُ أَنْ تُبْنَى مَسْأَلَةُ الْهِنْدِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ عَشَرَ يُمْكِنُ الِادِّعَاءُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ. وَمَعَ ذَلِكَ فَتَرَى الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَقَارٍ، بِنَاءً عَلَى الْأُصُولِ الْمَرْعِيَّةِ الْآنَ، فِي مَحْكَمَةِ الْبَلَدِ الْقَائِمِ فِيهَا الْعَقَارُ وَالْمَنْسُوبُ إلَيْهِ. 4 - فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ: وَالْخَصْمُ الْأَشْخَاصُ الْآتِي ذِكْرُهُمْ: أَوَّلًا: الْبَائِعُ، فَإِذَا كَانَ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ فَالْخَصْمُ لِلشَّفِيعِ هُوَ الْبَائِعُ لَكِنَّ حُضُورَ الْمُشْتَرِي حِينَ الْمُحَاكَمَةِ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْمَبِيعِ يَدُ الْبَائِعِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعُ بِمَا أَنَّهُ يَتَعَرَّضُ لِلْيَدِ وَالْمِلْكِ مَعًا، فَيَلْزَمُ حُضُورُ الِاثْنَيْنِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَتَمَّ الْحَاكِمُ الْمُحَاكَمَةَ فِي حُضُورِ الْبَائِعِ وَتَحَقَّقَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ، فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ اشْتِرَاءِ الْمُشْتَرِي فِي حُضُورِ الْبَائِعِ وَتَتَحَوَّلُ فِي هَذِهِ الْحَالِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ إلَى الشَّفِيعِ، أَيْ كَأَنَّ الشَّفِيعَ قَدْ اشْتَرَى الْعَقَارَ مِنْ الْبَائِعِ. وَالْعُهْدَةُ تَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ، أَيْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَبْسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ، (الْجَوْهَرَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَتَعُودُ الْعُهْدَةُ، يَعْنِي ضَمَانَ الثَّمَنِ، عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّارِ وَتَسْلِيمِ الْعَقَارِ وَالصَّكِّ الْقَدِيمِ عَلَى الْبَائِعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَدَّى الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْبَائِعِ فِي حُضُورِ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ مِنْ الْبَائِعِ وَيُؤَدِّي الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ بَعْدُ، فَيُعْطِي الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . وَيَجْعَلُ الْعُهْدَةَ، أَيْ حُقُوقَ الْعَقْدِ كَضَمَانِ الدَّرْكِ، وَتَسْلِيمُ الْعَقَارِ وَالصَّكِّ الْقَدِيمِ عَلَى الْبَائِعِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) .

ثَانِيًا: الْمُشْتَرِي، فَلَوْ سَلَّمَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْخَصْمُ وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ حُضُورُ الْبَائِعِ وَلَا تَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْنَبِيًّا، (الْهِدَايَةُ، وَالدُّرَرُ) . وَالْحَاصِلُ، أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْبَائِعِ وَدَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ كَانَتْ الْعُهْدَةُ وَضَمَانُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1370) كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَتْ الْعُهْدَةُ وَضَمَانُ الْمَالِ عَلَى الْمُشْتَرِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . ثَالِثًا: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقَارَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، كَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ خَصْمًا لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ عَاقِدٌ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَعَلَيْهِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فِي حُضُورِ الْمُشْتَرِي، أَيْ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ، وَيُسَلِّمُهُ الثَّمَنَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتَعُودُ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، (الْجَوْهَرَةُ) . رَابِعًا: مُوَكِّلُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ فَلَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقَارَ لِمُوَكِّلِهِ كَانَ الْمُوَكِّلُ هُوَ الْخَصْمُ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ حِينَئِذٍ خَصْمًا، (الْهِدَايَةُ، وَالدُّرَرُ) . لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ فَيَكُونُ الْخَصْمُ، هُوَ الْمُوَكِّلُ، (الْجَوْهَرَةُ) . خَامِسًا: وَصِيُّ الْيَتِيمِ يَكُونُ خَصْمًا. فَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَلِلشَّفِيعِ الِادِّعَاءُ عَلَى هَذَا الْوَصِيِّ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (365) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ عَاقِدٌ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) ، أَيْ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْوَصِيُّ الْعَقَارَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ. سَادِسًا: يَكُونُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ خَصْمًا، يَعْنِي إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي يَكُونُ خَصْمًا لِلشَّفِيعِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُوَكِّلِ فِي هَذَا، (الْهِدَايَةُ) . لَكِنْ قَدْ ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ حُضُورَ الْمُشْتَرِي شَرْطٌ. 5 - الطَّلَبُ وَالدَّعْوَى: يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: بِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ مُدَّعٍ، فَعَلَيْهِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1816) أَوَّلًا: أَنْ يُصَوِّرَ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: بِمَا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ اشْتَرَى الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ بِالْحُدُودِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الْحَيِّ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ الْفُلَانِيَّ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَتَسَلَّمَهُ وَبِمَا أَنَّنِي شَفِيعٌ لِهَذَا الْعَقَارِ بِدَارِي الْمَحْدُودَةِ بِالْحُدُودِ الْفُلَانِيَّةِ وَقَدْ طَلَبْتُ طَلَبَ الشُّفْعَةِ وَالْمُوَاثَبَةِ وَأَشْهَدْتُ عَلَيْهِ عِنْدَ سَمَاعِي بِالْبَيْعِ بِلَا تَأْخِيرٍ. فَأَطْلُبْ أَنْ تَأْمُرُوا وَتُنَبِّهُوا عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ يَدِي مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَأَنْ يُسَلِّمَنِي ذَلِكَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَدُرُّ الصُّكُوكِ) . وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي بِالْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1619) فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْفَتْوَى كَمَا اقْتَضَى تَحْدِيدَ الْمَشْفُوعِ وَبَيَانَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ الْخَصَّافُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَى الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ، فَكَمَا أَنَّهُ يَسْأَلُهُ الْحَاكِمُ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا، عَنْ مَحَلِّهِ وَحُدُودِهِ، فَيَسْتَوْضِحُ مِنْهُ أَيْضًا عَنْ الْخُصُوصَاتِ الْآتِيَةِ:

أَوَّلًا: يَسْأَلُهُ عَمَّا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْعَقَارَ أَمْ لَا. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ حَاضِرًا، (الزَّيْلَعِيّ) . ثَانِيًا: يَسْأَلُهُ أَيُّ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ كَانَ سَبَبَ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عُجُوبًا بِغَيْرِهِ، أَوْ قَدْ يَكُونُ ادَّعَى الشُّفْعَةَ بِسَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ، كَكَوْنِهِ جَارًا مُقَابِلًا، فَإِنَّهُ سَبَبٌ عِنْدَ شُرَيْحُ إذَا كَانَ أَقْرَبَ بَابًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) . فِيهِ أَنَّهُ تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَحْجُوبِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُقَدَّمَ. ثَالِثًا، الِاسْتِفْسَارُ عَنْ حُدُودِ الْمَشْفُوعِ بِهِ وَالِاسْتِيضَاحُ عَنْ وَقْتِ سَمَاعِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مَتَى أُخْبِرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَعْلَمَ الْحَاكِمُ بِالْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ وَقْتِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ وَقْتِ الْمُرَافَعَةِ، أَيْ يَلْزَمُ أَنْ يَعْلَمَ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1340) ، بِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ شَهْرًا أَوْ لَمْ يَمُرَّ، (مُنْلَا مِسْكِينٍ، وَفَتْحُ الْمُعِينِ) . رَابِعًا: يَسْأَلُ مَاذَا عَمِلَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَعِنْدَ مَنْ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ وَالْعَقَارِ الْمَبِيعِ أُجْرِيَ طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادُ، وَهَلْ أَنَّ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّذِي أُجْرِيَ الْإِشْهَادُ عِنْدَهُ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الشَّيْئَيْنِ الْآخَرَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِطُولِ الزَّمَانِ وَبِالْإِعْرَاضِ وَبِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ ذَلِكَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَجَابَ الشَّفِيعُ عَلَى تِلْكَ الْأَسْئِلَةِ كُلِّهَا، وَفَهِمَ بِنَاءً عَلَى جَوَابِهِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بِحَقٍّ، فَيَرْجِعُ الْحَاكِمُ وَيَسْأَلُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْخُصُوصَاتِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: يَسْتَوْضِحُ مِنْهُ عَمَّا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْمُدَّعِي مَالِكًا لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِدَفْعِ دَعْوَى الْغَيْرِ فَلَيْسَ صَالِحًا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَلِذَلِكَ لَا يَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْيَدِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي مُجَرَّدُ وَضْعِ يَدِ الشَّفِيعِ عَلَى الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ كَوْنَ الشَّفِيعِ مَالِكًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ يَدُ الشَّفِيعِ يَدَ إعَارَةٍ أَوْ يَدَ إجَارَةٍ وَلَا حُجَّةَ مَعَ الِاحْتِمَالِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (73) ، (الْهِدَايَةُ) . فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي يَدِهِ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدًا قَالَا لَا يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ، (الْجَوْهَرَةُ) . يَتَحَقَّقُ مِلْكُ الشَّفِيعِ لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. 1 - يَتَحَقَّقُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ، (78، 79) . 2 - يَتَحَقَّقُ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ. لِلشَّفِيعِ فِي حَالِ إنْكَارِ الْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ الشُّهُودَ عَلَى امْتِلَاكِهِ الْمَشْفُوعَ بِهِ، وَصُورَةُ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ الْمُجَاوِرَ لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ مِلْكٌ لِذَلِكَ الشَّفِيعِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ وَلَا يَزَالُ مِلْكَهُ حَتَّى السَّاعَةِ أَيْضًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الشَّفِيعَ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ. كَذَلِكَ يَكْفِي إنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الشَّفِيعَ اشْتَرَى الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ وَهَبَهُ إلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ الْآنَ. 3 - يَتَحَقَّقُ بِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي، إذَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّفِيعُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِلْكُهُ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ بِطَلَبِ الشَّفِيعِ، وَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ:

يَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَيْ الشَّفِيعَ، مَالِكٌ لِلْعَقَارِ الَّذِي اتَّخَذَهُ مَشْفُوعًا بِهِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . التَّحْلِيفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، وَعَدَمِ التَّحْلِيفِ عَلَى الْبَتَاتِ، مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الِاسْتِحْلَافِ وَاقِعًا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1748) لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي مَا أَعْلَمُ، وَلَوْ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلشَّفِيعِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ هَذَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ يُنْكِرُ مِلْكَهُ فِيمَا يَشْفَعُ بِهِ وَإِنْ كَانَ يُنْكِرُ جِوَارَهُ لِلدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . ثَانِيًا: يُسْأَلُ الْمُشْتَرِي عَمَّا إذَا اشْتَرَى الْمَشْفُوعَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِهِ، وَيُسْأَلُ الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ الْبَائِعُ خَصْمًا عَمَّا إذَا بَاعَهُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ، فَإِذَا أَقَرَّ تَحْقِيقَ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الشَّفِيعِ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ، فَإِذَا أَقَامَهَا ثَبَتَ الشِّرَاءُ أَوْ الْبَيْعُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ، الَّذِي هُوَ وَاضِعٌ الْيَدَ، قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ، وَأَقَامَ وَاضِعُ الْيَدِ الْبَيِّنَةَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ مُرَجِّحًا بَيِّنَتَهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ انْتَصَبَ خَصْمًا بِدَعْوَى الْفِعْلِ وَهُوَ شِرَاؤُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّفِيعُ الشِّرَاءَ أَوْ الْبَيْعَ بِالْبَيِّنَةِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ بِالطَّلَبِ، وَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ، يَعْنِي أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ إنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَحَقَّ هَذَا الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ عَلَيَّ. يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي أَخْذِ هَذَا الْعَقَارِ بِالسَّبَبِ الْمَذْكُورِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ ابْتَاعَ وَسَلَّمَ الشَّفِيعَ الشُّفْعَةَ، (الْجَوْهَرَةُ) . وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ، يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ هَذَا الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ لُزُومِ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، وَكَانَ سَبَبُ الشُّفْعَةِ هُوَ الْجِوَارُ فَتَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حُلِفَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ يَكُونُ صَادِقًا عَلَى مَذْهَبِهِ، (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، فَتْحُ الْمُعِينِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ؛ لِئَلَّا يَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ بِالْجِوَارِ. ثَالِثًا: وَيَسْتَوْضِحُ مِنْ الْمُشْتَرِي هَلْ أَجْرَى الشَّفِيعُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي تَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ بِلَا تَأْخِيرٍ أَمْ لَا، فَإِذَا أَقَرَّ تَتَحَقَّقُ هَذِهِ الْجِهَةُ وَإِذَا أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ الْإِثْبَاتُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ سَمِعَ الْبَيْعَ مُنْذُ زَمَنٍ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ وَأَقَامَ الشَّفِيعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَوْرًا عِنْدَمَا سَمِعَ الْبَيْعَ، يُحْكَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِبَيِّنَةِ الشَّفِيعِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِبَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّفِيعُ طَلَبَ الشُّفْعَةِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِالطَّلَبِ، وَالْمُشْتَرِي إذَا أَنْكَرَ طَلَبَ الشَّفِيعُ

(مادة 1032) أخر الشفيع طلب المواثبة

الشُّفْعَةَ عِنْدَ سَمَاعِ الْبَيْعِ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَإِنْ أَنْكَرَ طَلَبَهُ عِنْدَ لِقَائِهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) تَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي دَائِرَةِ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ، وَإِذَا جَاءَ الدَّوْرُ لِلْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِلَا طَلَبٍ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الشَّفِيعَ عَلَى الْوَجْهِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ، (1746) . لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ وَقْتَ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ دَعْوَى الشَّفِيعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثَمَنُ الْمَشْفُوعِ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الثَّمَنِ الشَّفِيعَ بَعْدَ الْحُكْمِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . لَكِنْ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يُحْضِرْ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ مُفْلِسًا وَيُهْلَكَ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ بَعْدَ الْحُكْمِ إحْضَارُ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَدْ تَحَقَّقَ سَبَبُ اللُّزُومِ، وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَتَوْقِيفُهُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ وَالْمُشْتَرِيَ لَمَّا كَانَا بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، فَيَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُ الْمَادَّةِ، (278) أَيْضًا. وَلَا تَبْطُلُ بَعْدَ الْحُكْمِ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ بِمُجَرَّدِ تَأْخِيرِهِ تَأْدِيَةَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَدْ تَأَكَّدَتْ قَضَاءً، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِإِيضَاحِ) . وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى وَفَاءِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ فَهِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ أَدَائِهِ لِلْمُشْتَرِي يُبْطِلُ الْحَاكِمُ الشُّفْعَةَ، (الْجَوْهَرَةُ) وَإِنْ كَانَ شِرَاءُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، كَانَ الشَّفِيعُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ سَلَفًا وَأَخَذَ الْمَشْفُوعَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْبَائِعِ بِدَرَاهِمَ دَفَعَهَا سَلَفًا سَقَطَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَامَ مَقَامَ الْمُشْتَرِي، (الْهِدَايَةُ) أَوْ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ حُلُولِ وَقْتِ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَيَطْلُبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يَثْبُتُ لَهُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَبْطُلُ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ بِثَمَنٍ حَالٍ، (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ شُفْعَتَهُ فِي الْحَالِ وَيَأْخُذُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الضَّرَرُ الزَّائِدُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ أَخَذَهُ فِي الْحَالِ وَأَعْطَى الثَّمَنَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ حَالًا، وَإِنَّمَا يُؤَجَّلُ بِالشَّرْطِ، وَلَا شَرْطَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لَكِنْ تَكُونُ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ فِي الْبَيْعِ إذَا وَقَعَ عَلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. أَمَّا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَجْهُولًا فِي الْبَيْعِ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1026) إذْ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَنَحْوِهِمَا. حَتَّى إنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا أُعْطِي الثَّمَنَ مُعَجَّلًا وَآخُذُ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ وَأُزِيلُ الْفَسَادَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِهِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا زَالَ حَقُّ فَسْخِ الْمُشْتَرِي لِوَجْهٍ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ بِنَاءً أَوْ غَرْسِهِ أَشْجَارًا فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ حِينَئِذٍ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ) . [ (مَادَّةُ 1032) أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ] (مَادَّةُ 1023) -، (إنْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بِأَنْ كَانَ فِي حَالٍ يَدُلُّ عَلَى

الْإِعْرَاضِ مَثَلًا كَأَنْ لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ لَمَّا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ كَاشْتِغَالِهِ بِشُغْلٍ آخَرَ أَوْ بَحْثٍ آخَرَ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ دُونَ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ بِهَذَا التَّأْخِيرِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُ عَالَمٍ بِكَوْنِهِ شَرِيكًا فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ لَيْسَ عُذْرًا، مَثَلًا لَوْ وُجِدَ فِي حَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ: أَوَّلًا: عَقْدُ الْبَيْعِ. ثَانِيًا: الْمُشْتَرِي. ثَالِثًا: جِنْسُ الثَّمَنِ وَمِقْدَارُهُ، وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ فَوْرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، بِأَنْ سَكَتَ هُنَيْهَةً بِلَا عُذْرٍ، أَيْ سَاعَةً يَسِيرَةً، أَوْ اشْتَغَلَ بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ بَحَثَ عَنْ صَدَدٍ آخَرَ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ مِنْ دُونِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّأْكِيدِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ اسْتِمَاعِ الْبَيْعِ فَوْرًا وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ الشَّفِيعُ ذَلِكَ وَلَوْ عَنْ جَهْلٍ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ دَلِيلًا عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَالشُّفْعَةُ تَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ جَاءَ فِي فَتْحِ الْمُعِينِ، (أَنْ يَطْلُبَ كَمَا سَمِعَ) ، مَعْنَى الْكَافِ يُفِيدُ الْمُبَادَرَةَ وَالْقِرَانَ وَالْمُفَاجَأَةَ أَيْ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ. وَجَاءَ فِي كُلِّيَّاتِ أَبِي الْبَقَاءِ فِي فَصْلِ الْكَافِ: وَالْكَافُ الْجَارَّةُ قَدْ تَكُونُ لِلْمُبَادَرَةِ وَتُسَمَّى كَافَ الْمُفَاجَأَةِ وَالْقِرَانِ إذَا اتَّصَلَتْ بِمَا، نَحْوُ سَلِّمْ كَمَا تَدْخُلُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلَ بِكَوْنِ طَلَبِ الْمُفَاجَأَةِ فَوْرًا، بِنَاءً عَلَى التَّفْصِيلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1030) ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَيْضًا. وَلَيْسَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَجَلَّةَ قَبِلَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلَ بِامْتِدَادِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَمَا أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَخِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ فَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْمَادَّةِ، (1030) ، (فِي الْحَالِ) وَلِعِبَارَةِ، (كَمَا سَمِعَ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَبِلَتْ الْقَوْلَ بِكَوْنِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَوْرًا. يُوجَدُ فِي هَذَا دَلِيلَانِ ظَاهِرَا الدَّلَالَةِ، أَوَّلُهُمَا عِبَارَةُ " فِي الْحَالِ " فِي الْمَادَّةِ " 1300 "، ثَانِيهِمَا، جُمْلَةُ " كَمَا سَمِعَ " فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَبَعْدَ إيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمِنْ الْمُنَاسِبِ الْقَوْلُ، (إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ كَمَا سَمِعَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) ، وَحَذَفَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَارَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ كَمَا سَمِعَ الْبَيْعَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، سَوَاءٌ أَقَعَدَ سَاكِتًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ وُجِدَ فِي حَالِ إعْرَاضٍ بِأَنْ انْشَغَلَ بِشَيْءٍ آخَرَ أَوْ كَانَ يَبْحَثُ بِصَدَدٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَبْحَثْ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ بِدُونِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ أَوْ لَمْ يَقُمْ. عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ عِبَارَةُ (فَتَرَكَ الطَّلَبَ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ أَوْ تَشَاغَلَ عَنْ الطَّلَبِ بِعَمَلٍ آخَرَ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ) ، وَهِيَ مَاثِلَةٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ، فَقَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَتْ الرِّوَايَتَانِ الْجَمْعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ: مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ عِبَارَةِ " كَاشْتِغَالِهِ بِشُغْلٍ آخَرَ أَوْ بَحْثٍ آخَرَ " أَنَّ الْعِبَارَتَانِ اللَّتَانِ تَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُوَاثَبَةَ فَوْرِيَّةٌ، لَمْ يَكُونَا قَيْدًا احْتِرَازِيًّا، بَلْ هُمَا قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ وَأَكْثَرِيٌّ، (وَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا اعْتَقَدَ) فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: إمَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَإِمَّا أَنَّهَا قَبِلَتْ الْقَوْلَيْنِ،

(مادة 1033) أخر الشفيع طلب التقرير والإشهاد مدة يمكن إجراؤه فيها

وَأَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَكَمَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي. وَقَدْ مَرَّ فِي نَظِيرِ هَذَا، إذْ قَبِلَ فِيهَا قَوْلَانِ مُخْتَلِفَانِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَمَا سَمِعَ الْبَيْعَ عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1024) تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِمُشْتَرِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَجِنْسِ الثَّمَنِ وَمِقْدَارِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ عَمَّنْ بَاعَهُ مِنْهُ وَبِكَمْ بَاعَهُ وَمَا جِنْسُ الْبَدَلِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ، وَلَوْ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَلِمَ شُفْعَتُهُ وَحُفِظَتْ حَتَّى إنَّ الشَّفِيعَ لَوْ سَلَّمَ شُفْعَتَهُ بِنَاءً عَلَى سَمَاعِهِ اشْتِرَاءَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ بِتَنْزِيلِ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . أَمْثِلَةٌ أُخْرَى عَلَى سُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِلتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ: 1 - لَوْ اطَّلَعَ يَهُودِيٌّ عَلَى الْبَيْعِ يَوْمَ السَّبْتِ فَعَلَّقَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بِالْغَدِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . 2 - إذَا كَانَ لِعَقَارٍ ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ وَكَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ سَبَبٌ لِلشُّفْعَةِ مُخْتَلِفٌ عَنْ سَبَبِ الْآخَرِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَلَمْ يُجْرِ الْبَاقِيَانِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَمَا سَمِعَا عَقْدَ الْبَيْعِ بِدَاعِي أَنَّهُمَا لَا شُفْعَةَ لَهُمَا بِطَلَبِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمُشَارِكُ الْمَذْكُورُ الشُّفْعَةَ فَبَادَرَا إلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْحَالِ فَلَا تَكُونُ لَهُمَا شُفْعَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (51) ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَكَذَلِكَ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1009) اخْتِلَافَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي: لَوْ اتَّفَقَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ مُنْذُ أَيَّامٍ وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ أَجْرَيْتُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَمَا سَمِعْت بِالْبَيْعِ، وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَطْلُبْهَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ الْإِثْبَاتُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ قَدْ وَقَفْتُ الْآنَ عَلَى الْبَيْعِ وَأَطْلُبُ الشُّفْعَةَ، وَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، فَلَمْ تَطْلُبْهَا، فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . قِيلَ شَرْحًا " بِلَا عُذْرٍ "؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الشُّفْعَةِ الْوَاقِعَ فِي الطَّلَبَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الشُّفْعَةِ لَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ. كَذَلِكَ لَوْ سَدَّ أَحَدٌ فَمَ الشَّفِيعِ كَمَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ فَوْرًا وَطَلَبَهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . [ (مَادَّةُ 1033) أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ مُدَّةً يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ فِيهَا] (مَادَّةُ 1033) -، (لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ مُدَّةً يُمْكِنُ إجْرَاؤُهُ فِيهَا وَلَوْ بِإِرْسَالِ كِتَابٍ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ طَلَبَ التَّقْرِيرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ بِالْإِعْرَاضِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (68) .

(مادة 1034) لو أخر الشفيع طلب الخصومة شهرا من دون عذر

أَرَادَ أَنْ يَفْتَتِحَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ بِجَمَاعَةٍ فَلَمْ يَذْهَبْ لِطَلَبِهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْعَاشِرِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الشَّفِيعُ الْبَيْعَ لَيْلًا وَلَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ وَالْإِشْهَادِ وَأَوْفَى صَبَاحًا طَلَبَ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ كَانَ صَحِيحًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، (وَلَوْ بِإِرْسَالِ كِتَابٍ) إعَادَةٌ لِمَسْأَلَةِ، (لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا فَيُرْسِلُ كِتَابًا) الْمُحَرَّرَةُ فِي الْمَادَّةِ (1300) . وَالْحَاصِلُ، يَلْزَمُ الشَّفِيعَ إجْرَاءُ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فِي الْمُدَّةِ اللَّازِمَةِ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ، إمَّا بِنَفْسِهِ وَإِمَّا بِالْكِتَابَةِ أَوْ بِالْوَكَالَةِ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ شُفْعَةٍ. وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الشَّفِيعِ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ فِي مَحَلٍّ بَعِيدِ التَّأْخِيرِ الْوَاقِعِ إلَى أَنْ يَصِلَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ كِتَابُهُ، (الْبَهْجَةُ) . قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1300) أَنَّ هَذِهِ الْمَادِّ هِيَ لِإِكْمَالِ تِلْكَ. [ (مَادَّةُ 1034) لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْخُصُومَةِ شَهْرًا مِنْ دُونِ عُذْرٍ] (مَادَّةُ 1034) -، (لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْخُصُومَةِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ شَهْرًا مِنْ دُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِهِ فِي دِيَارٍ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) . لَوْ أَخَّرَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْخُصُومَةِ بَعْدَ طَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ شَهْرًا مِنْ دُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِهِ أَوْ كَوْنِ الْمُشْتَرِي فِي دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ كَوْنِهِ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ لِعَدَمِ وُجُودِ قَاضٍ أَوْ وُجُودِ قَاضٍ شَافِعِيٍّ يَرَى أَنْ لَيْسَ لِلْجَارِ شُفْعَةٌ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مِنْ الْمُتَغَلِّبَةِ وَانْتَظَرَ زَوَالَ تَغَلُّبِهِ، يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ طَلَبِ الْخُصُومَةِ لَوْ تُرِكَتْ لِإِرَادَةِ الشَّفِيعِ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي التَّصَرُّفَ فِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ هَدْمًا وَبِنَاءً بِمُلَاحَظَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ سَيَأْخُذُهُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِذَا أَقَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَضَرَّ بِالْمُشْتَرِي. وَعَلَيْهِ فَقَدْ قُدِّرَتْ مُدَّةُ طَلَبِ الْخُصُومَةِ بِشَهْرٍ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ أَجَلٌ وَمَا دُونَهُ عَاجِلٌ. وَبِمَا أَنَّ النَّاسَ يَمِيلُونَ إلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ بِبَعْضِهِمْ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ، (التَّنْقِيحُ، فَتْحُ الْمُعِينِ، الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَمَتَى اسْتَقَرَّتْ الشُّفْعَةُ بِالْإِشْهَادِ فَلَا تَسْقُطُ بِتَأْخِيرِ طَلَبِ الْخُصُومَةِ، (الْمُلْتَقَى) وَمَعَ ذَلِكَ فَلَوْ طَلَبَ الشَّفِيعُ الْخُصُومَةَ فِي ظَرْفِ شَهْرٍ وَمَضَى شَهْرٌ فِي الْمُحَاكَمَةِ دُونَ أَنْ يَفْصِلَ فِي الدَّعْوَى فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ مِنْ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِتَأْخِيرِهَا أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ: إذَا بَاعَ الْبَائِعُ الْمَشْفُوعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ الشَّفِيعُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَنْ يُجْرِيَ طَلَبَ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ فِي الْحَالِ وَيَأْخُذَهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1031) . وَلِذَلِكَ فَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ مُؤَجَّلًا لِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَأَجَّلَ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ. وَلَا يَتَعَجَّلُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ أَخَذَ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْمُشْتَرِي فَلَا تَبْطُلُ بِتَعْجِيلِ الشَّفِيعِ، (الطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرَرُ) .

(مادة 1035) يطلب حق شفعة المحجورين وليهم

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " بِدُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ "؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ الَّذِي يَقَعُ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ فِي دِيَارِ سَفَرٍ بَعِيدٍ وَرَاعَى شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ لَدَى اسْتِمَاعِهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فَأَخَّرَ طَلَبَ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِسَبَبِ كَوْنِهِ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ وَطَلَبُ الْخُصُومَةِ، (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) كَذَلِكَ لَوْ فَرَّ الْمُشْتَرِي لِدِيَارٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ وَغَابَ وَاخْتَفَى وَلَمْ يَتَمَكَّنْ الشَّفِيعُ مِنْ إجْرَاءِ طَلَبِ الْخُصُومَةِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَمْلِكُ عَقَارًا بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ آخَرَ، وَبَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَكَانَ شَرِيكُهُ غَائِبًا فِي دِيَارٍ أُخْرَى، وَعِنْدَمَا سَمِعَ شَرِيكَهُ بِذَلِكَ أَجْرَى طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَقَفَلَ إلَى دِيَارِهِ بِلَا مُكْثٍ، فَفَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِدِيَارِ سَفَرٍ بَعِيدٍ وَاخْتَفَى وَقَامَ بِطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْعَقَارِ أَيْضًا، وَلَمْ يَدَّعِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ لِعَدَمِ حُضُورِهِ، فَإِذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ الِادِّعَاءُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، (الْبَهْجَةُ) [ (مَادَّةُ 1035) يَطْلُبُ حَقَّ شُفْعَةِ الْمَحْجُورِينَ وَلِيُّهُمْ] (مَادَّةُ 1035) -، (يَطْلُبُ حَقَّ شُفْعَةِ الْمَحْجُورِينَ وَلِيُّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَلِيُّ حَقَّ شُفْعَةِ الصَّغِيرِ فَلَا تَبْقَى لَهُ صَلَاحِيَّةُ طَلَبِ حَقِّ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ) يَسْتَحِقُّ الْمَحْجُورُونَ وَالْحَمْلُ الشُّفْعَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَمَّا كَانَتْ ثَابِتَةً لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ فَإِزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَاجِبَةٌ، (الْجَوْهَرَةُ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ يَطْلُبُ حَقَّ شُفْعَةِ الْمَحْجُورِينَ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَأَوْصِيَاؤُهُمْ، يَعْنِي إذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْقَاصِرِينَ وَالْمَحْجُورِينَ، كَالصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ، فَلِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمْ فِي اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ طَلَبُهَا، أَيْ لِأَوْلِيَائِهِمْ وَأَوْصِيَائِهِمْ طَلَبُ شُفْعَتِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهَا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ دَائِرٌ بَيْنَ الْكَسْبِ وَالنَّفْعِ وَبَيْنَ الضَّرَرِ فَوَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ قَادِرٌ عَلَى تَرْكِهِ وَتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ، وَلَوْ بِيعَ الْمَشْفُوعُ بِبَدَلٍ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ وَذَلِكَ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخَانِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا بِيعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ الْمُلْتَقَى. وَيَطْلُبُ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ أَحَدُ الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ، (974) . فَيَطْلُبُهَا أَوَّلًا: أَبُو الصَّغِيرِ. ثَانِيًا: وَصِيُّ الْأَبِ. ثَالِثًا: وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ. رَابِعًا: الْجَدُّ الصَّحِيحُ. خَامِسًا: وَصِيُّ هَذَا الْجَدِّ. سَادِسًا: وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ. سَابِعًا: الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْحَاكِمُ. عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ وَإِنْ ذُكِرَ فِي الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ، (974) فَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ، (1808) لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُدَّعِيًا وَحَاكِمًا مَعًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَيُعَيِّنُ الْحَاكِمُ لِلصَّغِيرِ وَصِيًّا. فَلَوْ طَلَبَ هَذَا الْوَصِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الشُّفْعَةَ جَازَ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ بِيعَ عَقَارٌ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَكَانَ الصَّبِيُّ لَهُ شَفِيعًا فَلِلْوَصِيِّ طَلَبُهُ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذُهُ إذَا رَأَى فِيهِ مَنْفَعَةً لِلصَّبِيِّ، (التَّنْقِيحُ)

لَكِنْ إذَا بِيعَ عَقَارٌ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ عَلَى مَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ وَكَانَ شُفَعَاؤُهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِمْ وَلَا لِأَوْصِيَائِهِمْ طَلَبُهُ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لِلصَّغِيرِ أَحَدُ الْأَشْخَاصِ الْمُحَرَّرِينَ فِي الْمَادَّةِ، (974) فَتَبْقَى شُفْعَتُهُ لِبُلُوغِهِ يَعْنِي إذَا رَاعَى طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَسَائِرَ الشَّرَائِطِ بِتَمَامِهَا وَقْتَ بُلُوغِهِ فَلَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ، (الْبَهْجَةُ، الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ، وَالْجَوْهَرَةُ) . صَغِيرَةٌ أَدْرَكَتْ وَثَبَتَ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةُ، إنْ قَالَتْ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَاخْتَرْتُ نَفْسِي أَوْ قَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَطَلَبْتُ الشُّفْعَةَ صَحَّ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الثَّانِي، وَلَوْ قَالَتْ طَلَبْتُ الْحَقَّيْنِ الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ صَحَّ كِلَاهُمَا، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . حَتَّى إنَّ الْأَبَ لَوْ بَاعَ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ وَكَانَ شَفِيعُهُ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فَلَوْ رَاعَى الصَّبِيَّ عِنْدَمَا بَلَغَ شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا كَانَ هُوَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ لِوَلَدِهِ، (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1024) ، (الْهِنْدِيَّةُ) . يَسْتَحِقُّ الْحَمْلُ الشُّفْعَةَ أَيْضًا، فَلَوْ وُلِدَ الْحَمْلُ حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اعْتِبَارًا مِنْ وُقُوعِ عَقْدِ الشِّرَاءِ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ أَمَّا لَوْ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ تَمَامًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لَكِنْ لَوْ تُوُفِّيَ أَبُوهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَوَرِثَهُ الْحَمْلُ اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ أَيْضًا، وَلَوْ وُلِدَ فِي مُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى قُبَيْلَ كِتَابِ الْقِسْمَةِ، وَجَامِعُ الْحُكَّامِ الصِّغَارِ) ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ ثَابِتٌ حُكْمًا لِمَا وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَلَوْ وُجِدَ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ يَطْلُبُ لَهُ حَقَّ الشُّفْعَةِ، وَلَمْ يَطْلُبْهَا لَهُ، تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ طَلَبِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (51) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ بِعَدَمِ طَلَبِ الْوَلِيِّ الشُّفْعَةَ لَهُ وَيَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي تَسْلِيمِ شُفْعَةِ الصَّغِيرِ. فَلَوْ سَلَّمَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ كَانَ التَّسْلِيمُ صَحِيحًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ حَقٌّ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ التَّسْلِيمُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ أَمْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ، وَسَوَاءٌ أَبِيعَ الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَسُلِّمَتْ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، كَانَ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ هُوَ امْتِنَاعٌ عَنْ إدْخَالِ عَقَارٍ فِي مِلْكِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ إزَالَةً لِمِلْكِ الصَّغِيرِ وَتَبَرُّعًا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) حَتَّى إنَّ الْأَبَ لَوْ اشْتَرَى الْعَقَارَ الَّذِي كَانَ الصَّغِيرُ شَفِيعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَتَى بَلَغَ أَخَذُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ، (الْخَانِيَّةُ، جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُنَافٍ لَهُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِتَرْكِ الْأَبِ إيَّاهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . وَلَوْ بَاعَ الْأَبُ دَارًا لِنَفْسِهِ، وَابْنُهُ الصَّغِيرُ شَفِيعُهَا، فَلَمْ يَطْلُبْ الْأَبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَةُ الصَّغِيرِ، حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَائِعًا، وَسُكُوتُ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ لَا يَكُونُ مُبْطِلًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ عَقَارٌ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتُهٌ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَكَانَ الصَّغِيرُ شَفِيعَهُ أَيْضًا فَيَجُوزُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ أَيْضًا عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ عَنْ إدْخَالِهِ فِي مِلْكِهِ لَا إزَالَةٌ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا كَمَا قُلْنَا. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ. اسْتِثْنَاءٌ: إذَا بِيعَ الْعَقَارُ الَّذِي يَكُونُ الصَّغِيرُ شَفِيعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ شُفْعَةً بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ لِلصَّغِيرِ ذَلِكَ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ، وَسُكُوتُهُ عَنْ الطَّلَبِ وَتَسْلِيمُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مَالِكًا لِلْأَخْذِ، فَيَبْقَى الصَّبِيُّ عَلَى حَقِّهِ إذَا بَلَغَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ) . وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ أَيْضًا، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّسْلِيمُ صَحِيحًا فَلِلصَّغِيرِ مَتَى بَلَغَ أَخْذُ هَذَا الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ.

الفصل الرابع في بيان حكم الشفعة

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ حُكْمِ الشُّفْعَةِ] [ (مَادَّةُ 1036) الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِهِ] (مَادَّةُ 1036) -، (يَكُونُ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِهِ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَشْفُوعِ تَامًّا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ، فَلَا يَنْتَقِلُ ذَلِكَ الْمِلْكُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الشَّفِيعِ. وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ مِنْ عَدَمِ ذَلِكَ الِانْتِقَالِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالتَّقْرِيرِ، بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَلَا تُورَثُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ قَبْلَ التَّرَاضِي وَالْحُكْمِ، بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ فِي جَنْبِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ قَبْلَ التَّرَاضِي وَالْحُكْمِ فَلَا تَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَقَارِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الْأَثْمَارَ الْحَادِثَةَ فِي الْمَشْفُوعِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، قَبْلَ التَّرَاضِي وَالْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ ضَمَانٌ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَنْزِيلُ حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا صَرَاحَةً وَضِمْنًا حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - يَصِيرُ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِهِ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، يَعْنِي يَصِيرُ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَشْفُوعِ فِي إحْدَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - يَصِيرُ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِرِضَاهُ. يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِيَكُونَ الشَّفِيعُ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ قَبْضُهُ إيَّاهُ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ الْقَبْضِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - يَصِيرُ مَالِكًا لَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالشُّفْعَةِ لَدَى الْمُحَاكَمَةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ بِرِضَاهُ. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَدْخُلُ الْمَشْفُوعُ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ بِمُجَرَّدِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ الشَّفِيعُ، (الدُّرَرُ عَبْدُ الْحَلِيمِ) . عَلَى أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُولَ لَا آخُذُ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ، وَيَرْفَعُ الدَّعْوَى وَيَسْتَصْدِرُ حُكْمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْقَاضِي بِسَبَبِ مِلْكِهِ، وَعِلْمُ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، فَهَذَا أَحْوَطُ مِنْ الْأَخْذِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، (الْجَوْهَرَةُ) التَّرَاضِي، مِنْ بَابِ التَّفَاعُلِ، يُقَالُ تَرَاضَى يَتَرَاضَى تَرَاضِيًا، وَبِمَا أَنَّهُ يَكْتَفِي فِي التَّسْلِيمِ بِرِضَاءِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُقَالَ، (بِرِضَاءِ الْمُشْتَرِي) بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ، (بِالتَّرَاضِي) .

الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَا يَسْتَطِيعُ الشَّفِيعُ تَرْكُ الْمَشْفُوعِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . يَعْنِي لَيْسَ لِلشَّفِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ تَرَكْتُ شُفْعَتِي فَلَا آخُذُ الْعَقَارَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ بَعْدَ لُحُوقِ الْحُكْمِ لَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ، وَيَرِثُ وَرَثَةُ الشَّفِيعِ الْمَشْفُوعَ، الْحُكْمُ الثَّانِي - لَا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِرِضَى الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ بِيعَتْ عَرْصَةٌ فِي جِوَارِ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَثْنَاءَ طَلَبِ الشَّفِيعِ خُصُومَةَ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ سَلَّمَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي. فَلَا يَكُونُ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِهَذِهِ الْعَرْصَةِ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1040) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، 1038) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ أَخْرَجَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِنْ مِلْكِهِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي بِالرِّضَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1039) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ الْحَادِثَ وَالْحَاصِلَ فِي الْمَشْفُوعِ وَاسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ الشَّفِيعُ مَالِكًا لَهُ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَشْفُوعُ كَرْمًا وَأَخَذَ وَاسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ فِي يَدِهِ الْعِنَبُ الْحَادِثُ فِيهِ، أَيْ الْعِنَبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ ضَمَانٌ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَنْزِيلَ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مُقَابِلَ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ الْأَثْمَارِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، (الْجَوْهَرَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ لِآخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، كَانَتْ هَذِهِ الْأُجْرَةُ طَيِّبَةً لِلْمُشْتَرِي، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ الشَّفِيعُ مِنْ آخَرَ جَازَ، وَيَكُونُ الشَّفِيعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الْبَيْعِ الثَّانِي. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَهْدِمَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ، (الْجَوْهَرَةُ) ، (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1044) . الْبَدَلُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعْطِيَهُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ بِبَدَلٍ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَعَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِيَ مِثْلَ ذَلِكَ الْبَدَلِ. أَمَّا لَوْ أَخَذَهُ بِبَدَلٍ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَيُعْطِي الشَّفِيعُ قِيمَةَ ذَلِكَ الْبَدَلِ لِلْمُشْتَرِي. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِمِائَةِ دِينَارٍ أَوْ بِخَمْسِمِائَةِ رِيَالٍ أَوْ بِسِتِّمِائَةِ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ، فَعَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ مِائَةَ دِينَارٍ أَوْ خَمْسِمِائَةِ رِيَالٍ أَوْ سِتِّمِائَةِ كَيْلَةِ حِنْطَةٍ لِلْمُشْتَرِي وَيُضْبَطُ الْمَشْفُوعُ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ فِي مُقَابِلِ فَرَسَيْنِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ وَيُضْبَطُ الْعَقَارُ.

يَعْنِي إذَا كَانَ بُدِّلَ الْعَقَارُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَالْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْبَدَلِ هِيَ الْقِيمَةُ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَلَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) كَذَلِكَ لَوْ تَبَادَلَ شَخْصَانِ عَقَارًا بِعَرْصَةٍ فَلِشَفِيعِ الْعَقَارِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ، وَلِشَفِيعِ الْعَرْصَةِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْعَقَارِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَيَضْبِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَشْفُوعَهُ، (الدُّرَرُ) . رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارٌ وَهُمَا مُتَلَاصِقَانِ فَتَبَايَعَا بِالدَّارَيْنِ فَشَفِيعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّارَيْنِ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، (الْأَنْقِرْوِيُّ) . يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمَا يَجِبْ بِالْعَقْدِ وَلَيْسَ بِمَا يُعْطَى بَدَلًا لَهُ فَلَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ وَأَعْطَى عَرْضًا لِبَائِعِهِ بَدَلًا مِنْهُ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لَيْسَ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثَ عَشَرَ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِسِكَّةٍ خَالِصَةٍ ثُمَّ بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ لَوْ أَعْطَى بَائِعَهُ سِكَّةً مَغْشُوشَةً وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَيُجْبَرُ الشَّفِيعُ عَلَى إعْطَاءِ الْمُشْتَرِي سِكَّةً خَالِصَةً " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ ". حُكْمُ مَا يَقَعُ مِنْ حَطٍّ وَتَنْزِيلٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِالنَّظَرِ إلَى الشَّفِيعِ: إنْ حَطَّ الْبَائِعُ بَعْضَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي يَسْتَلْزِمُ حَطَّهُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَطُّ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِالشُّفْعَةِ أَمْ كَانَ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ، (عَزْمِي زَادَهْ) . لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَالْحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي حَطٌّ عَنْ الشَّفِيعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ مُلَخَّصًا) . وَكَذَا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ أَوْ وَهَبَ لَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَطِّ، (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا لَوْ حَطَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ فَلَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَطَّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ، وَهَذَا بَيْعٌ بَاطِلٌ هَذَا إذَا حَطَّ الْكُلُّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ بِكَلِمَاتٍ فَيَأْخُذُهُ بِالْأَخِيرَةِ، (الْجَوْهَرَةُ) ، كَذَلِكَ إذَا زِيدَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ ذَاتَ تَأْثِيرٍ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ قَدْ تَعَلَّقَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُبْطِلَ حَقَّ الشَّفِيعِ بِزِيَادَتِهِ الثَّمَنَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَحَطَّ الْبَائِعُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِلْمُشْتَرِي فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الشَّفِيعُ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُشْتَرِي وَضُبِطَ الْمَشْفُوعُ، فَحَطَّ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلشَّفِيعِ حِينَئِذٍ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، (عَزْمِي زَادَهْ) ، أَمَّا لَوْ أَفْرَزَ الْبَائِعُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ وَوَهَبَهَا لِلْمُشْتَرِي سَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَا يَسْتَفِيدُ الشَّفِيعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مُبْتَدَأٌ، (الْخَانِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ نِصْفَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ثُمَّ حَطَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ يَثْبُتُ الْحَطُّ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ

أَيْضًا، لَكِنَّ الْحَطَّ الثَّانِيَ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ الشَّفِيعُ مِنْهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَطَّ النِّصْفَ الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ النِّصْفُ، فَلَمَّا حَطَّ النِّصْفَ الْآخَرَ كَانَ حَطًّا لِلْجَمِيعِ، فَلَا يَسْقُطُ لِلشَّفِيعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا حَطَّ عَنْهُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الشَّفِيعِ وَهَذَا إذَا حَطَّ الْكُلُّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِكَلِمَاتٍ فَيَأْخُذُهَا فِي الْأَخِيرَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . أَمَّا إذَا ضَمَّ الْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَبْلَغَهُ إلَى أَلْفٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْمِائَتَيْنِ الْمَزِيدَتَيْنِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. وَإِنَّمَا لَا تَظْهَرُ الزِّيَادَةُ بِحَقِّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ أَخْذَهَا بِالْمُسَمَّى قَبْلَ الزِّيَادَةِ فَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي إبْطَالَ حَقِّهِ السَّابِقِ لَهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ تَجْدِيدُهُمَا الْعَقْدَ، لِمَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ وَيَلْتَحِقُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ دُونَ الشَّفِيعِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) ، (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 259 وَ 26 و 1 26) اخْتِلَافُ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَشْفُوعِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَكَانَ الْمَشْفُوعُ قَدْ قَبَضَ مِنْ طَرَفِ الْمُشْتَرِي وَأَعْطَى ثَمَنَهُ لِلْبَائِعِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَدَّعِي أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي إعْطَاءِ الثَّمَنِ الْقَلِيلِ أَخَذَ الْمَشْفُوعَ، وَالْمُشْتَرِي مُنْكِرٌ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) ، (فَتْحُ الْمُعِينِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْمَشْفُوعِ فَالْمُشْتَرِي لَا يَدَّعِي شَيْئًا عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْمَشْفُوعِ وَتَرْكِهِ، (الْهِدَايَةُ) ، وَالْحَالُ أَنَّ التَّحَالُفَ يَجْرِي فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْإِنْكَارُ وَالدَّعْوَى مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَيَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ،، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1787) ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . الْأَبُ إذَا اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا ثُمَّ اخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقَّ التَّمَلُّكِ لِلشَّفِيعِ بِمَا يَدَّعِيهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ لَا يُفِيدُ، (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثَ عَشَرَ) . وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ، (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ، فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الشَّفِيعِ تُثْبِتُ الْأَكْثَرَ مَعْنًى، حَيْثُ إذَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ تُوجِبُ تَسْلِيمَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُلْزِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لَيْسَتْ بِمُلْزَمَةٍ لِلشَّفِيعِ لِتَخَيُّرِهِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ " الطَّحْطَاوِيُّ ". لَكِنْ إذَا قُبِلَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ شَيْءٌ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ كَمَا قُلْنَا ". الدُّرَرُ وَفَتْحُ الْمُعِينِ ". وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي تُثْبِتُ صُورَةَ الْأَكْثَرِ فَلَا عِبْرَةَ لِذَلِكَ. بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا؛ وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ صِدْقُ الْبَيِّنَةِ بِجَرَيَانِ الْعَقْدِ مَرَّتَيْنِ فَيُجْعَلَانِ مَوْجُودَيْنِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". وَلَوْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ قِيمَةِ الْعُرُوضِ الَّتِي هِيَ بَدَلُ الدَّارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَقَامَا جَمْعًا فَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي " الْأَنْقِرْوِيُّ "

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت الْمَشْفُوعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَدَاءُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْته بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، يُنْظَرُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَابِضًا شَيْئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِلَا يَمِينٍ، سَوَاءٌ أَقَبِضَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ أَمْ لَا " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ "؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثَمَانِمِائَةٍ حَقِيقَةً، فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِهَا، وَإِذَا كَانَ أَلْفًا فَيَكُونُ الْبَائِعُ بِادِّعَائِهِ الْأَقَلَّ قَدْ حَطَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَالشَّفِيعُ يَسْتَفِيدُ مِنْ حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ، (الْهِدَايَةُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ وَثَبَتَ الْقَبْضُ الْمَذْكُورُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ، وَأَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِاسْتِيفَائِهِ الثَّمَنَ خَرَجَ مِنْ الْوَسَطِ وَالْتَحَقَ بِالْأَجَانِبِ، وَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ قَاصِرًا عَلَى الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ فِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي، (فَتْحُ الْمُعِينِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ الثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذْتُ ثَمَنَ الْبَيْعِ فَقَطْ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ الثَّمَنَ فِي حَالٍ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيَانِ فِيهِ فَقُبِلَ بَيَانُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ بَيَانِ الْقَدْرِ بَادِئًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِقَوْلِ بِعْتُ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ، ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْبَائِعِ فِي حَقِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَوَّلًا صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، حَتَّى لَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) وَبِالْعَكْسِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ، وَكَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ، (1778) فَأَيُّهُمَا حَلَفَ يُثْبِتُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِهِ؛ لِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ كَالْإِقْرَارِ، (الزَّيْلَعِيّ) وَإِذَا حَلَفَ الِاثْنَانِ كِلَاهُمَا يَفْسَخُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ. لَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ حَقِّ الشَّفِيعِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، (الْهِدَايَةُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّارَ إذَا رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، (الزَّيْلَعِيّ وَفَتْحُ الْمُعِينِ) . وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مُعْتَبَرًا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ، يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَالشَّفِيعُ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِعُرُوضٍ، فَإِذَا تَلِفَتْ الْعُرُوض قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْعُرُوضِ، وَيَبْقَى حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ، فَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ، فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَهَا الِاثْنَانِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ إقَامَتِهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ، يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي جِنْسِ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّنِي أَخَذْتُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ الشَّفِيعُ إنَّكَ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِمِائَةِ رِيَالٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ

(مادة 1037) تملك العقار بالشفعة

أَعْرَفُ بِجِنْسِ الثَّمَنِ مِنْ الشَّفِيعِ، فَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ الْجِنْسِ إلَيْهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . [ (مَادَّةُ 1037) تَمَلُّكُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ] (مَادَّةُ 1037) - (تَمَلُّكُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاءِ ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْأَحْكَامُ الَّتِي تَثْبُتُ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ تَثْبُتُ فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا) الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ كَالْبَيْعِ، (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) يَعْنِي تَمَلُّكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ ذَلِكَ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً، وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَوَادِّ " 59، 12.1، 31.1 " أَنَّهُ أَحْيَانًا بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاءِ مِنْ الْبَائِعِ وَأَحْيَانًا أُخْرَى بِمَنْزِلَةِ الِاشْتِرَاءِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ شِرَاءٌ مِنْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الْأَخْذُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، شِرَاءٌ مِنْ الْبَائِعِ لِتَحَوُّلِ الصَّفْقَةِ إلَيْهِ، فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُمَا " الطَّحْطَاوِيُّ ". بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْأَحْكَامُ الَّتِي تَثْبُتُ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي، كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَحَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، تَثْبُتُ فِي الْعَقَارِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا لِلشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي. وَلَا يَثْبُتُ لِلشَّفِيعِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطٍ مِنْهُ وَلَا الْأَجَلُ فِي الثَّمَنِ يَعْنِي إنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تَأْجِيلَ الثَّمَنِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ " الطَّحْطَاوِيُّ ". إيضَاحُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ ثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ مُطْلَقًا أَنَّ رُؤْيَةَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَرِضَاهُ بِهِ أَوْ بَرَاءَةَ الْبَائِعِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ أَوْ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يُسْقِطُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ نَائِبًا لِلشَّفِيعِ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي إسْقَاطُ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلشَّفِيعِ، (الْهِدَايَةُ، فَتْحُ الْمُعِينِ، الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّخَذَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي رَآهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَاشْتَرَاهُ أَوْ رَآهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَرَضِيَ بِهِ وَضَبَطَهُ الشَّفِيعُ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِحُكْمِ الْقَضَاءِ كَانَ مُخَيَّرًا مَتَى رَآهُ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا وَهُوَ عَالِمٌ بِعَيْبِهِ فَاِتَّخَذَ الشَّفِيعُ فِيهِ الشُّفْعَةَ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ، فَمَتَى اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ كَانَ مُخَيَّرًا، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَعَادَهُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الْأَخْذِ عَائِدَةً إلَى الْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ الْعُهْدَةُ رَاجِعَةً إلَيْهِ لَوْ بَنَى الشَّفِيعُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِقَضَاءٍ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . إيضَاحُ الِاسْتِحْقَاقِ: إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالرِّضَى أَوْ بِالْحُكْمِ وَأَخَذَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمِ مِنْ الشَّفِيعِ، فَلِلشَّفِيعِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَرِدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الشَّفِيعِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ عُهْدَةُ الشُّفْعَةِ عَائِدَةً إلَى الْبَائِعِ فَيُرْجَعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ رَاجِعَةً إلَى الْمُشْتَرِي فَيُرْجَعُ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ أَيْضًا.

(مادة 1038) مات الشفيع قبل أن يكون مالكا للمشفوع

إيضَاحُ الْحَبْسِ بِالثَّمَنِ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَشْفُوعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، يَعْنِي لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلشَّفِيعِ وَإِذَا أَخَّرَ الشَّفِيعُ إيفَاءَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحُكْمِ، عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1310) ، فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ " الْهِدَايَةُ فَتْحُ الْمُعِينِ، الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ ". اسْتِثْنَاءٌ: الشُّفْعَةُ لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ فِي ضَمَانِ الْغُرُورِ يَعْنِي لَا يَجْرِي ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا يَجْرِي فِي الْبَيْعِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ " 658 "؛ لِأَنَّ فِي الشُّفْعَةَ جَبْرًا. مَثَلًا، لَوْ بَنَى الشَّفِيعُ أَبْنِيَةً عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَشْفُوعَةِ بَعْدَ أَخْذِهِ إيَّاهَا بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ، فَضَبَطَ الْعَرْصَةَ وَهُدِمَتْ الْأَبْنِيَةُ بِطَلَبِهِ، فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَمَا وُضِّحَ آنِفًا، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لَمَّا أَوْجَبَ لَهُ فِي الدَّارِ صَارَ غَارًّا لَهُ، وَالْمَغْرُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ وَالْخُسْرَانِ، أَمَّا الشَّفِيعُ فَلَمْ يَصِرْ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ الدَّارَ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) [ (مَادَّةُ 1038) مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ] (مَادَّةُ 1038) -، (لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَقَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِهِ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي أَوَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّ الشُّفْعَةِ إلَى وَرَثَتِهِ) ، سَوَاءٌ تُوُفِّيَ قَبْلَ الطَّلَبِ أَمْ بَعْدَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُورِثُ غَيْرَ مَالِكٍ لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ لَا يَكُونُ مَالِكًا، وَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ تَمَلُّكٍ وَمَشِيئَةٍ فَهُوَ قَائِمٌ بِالشَّفِيعِ، وَمَوْتُ الشَّفِيعِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ، (الْهِنْدِيَّةُ وَفَتْحُ الْمُعِينِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْمَوْتِ عَنْ دَارِهِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقِيَامِ مِلْكِ الشَّفِيعِ فِي الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَلَا فِي حَقِّ الْوَارِثِ وَقْتُ الْبَيْعِ فَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا بِالْمِلْكِ الزَّائِلِ وَقْتَ الْأَخْذِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا لَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ مَلَكَ الْمَشْفُوعَ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَيَرِثُ وَرَثَةُ الشَّفِيعِ الْمَشْفُوعَ، (الْبَهْجَةُ) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْحَاكِمَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ وَيَقْبِضَ الْمَشْفُوعَ فَتَلْزَمُ الشُّفْعَةُ فِي حَقِّ وَرَثَةِ الشَّفِيعِ، (الْهِدَايَةُ) . جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، (إذَا تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ) ؛ لِأَنَّ وَفَاةَ الْمُشْتَرِي لَا تُبْطِلُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاقٍ وَسَبَبُ الْحَقِّ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَوَفَاةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لَا تُغَيِّرُ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ انْتَقَلَ الْمَشْفُوعُ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَوْ دَخَلَ الْمَشْفُوعُ فِي مِلْكِ آخَرَ بِوَجْهٍ كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ مِنْ آخَرَ أَوْ هِبَتِهِ مِنْهُ تَبْقَى شُفْعَةُ الشَّفِيعِ وَكَمَا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ نَقْضِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلَوْ وَقَفَهُ وَجَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً فَحَقُّ الشَّفِيعِ بَاقٍ فِي الْإِرْثِ أَيْضًا.

(مادة 1039) لو باع الشفيع المشفوع به بعد الطلبين

مَثَلًا إذَا بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَ ذَلِكَ الْآخَرُ وَضَبَطَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الْعَقَارَ، وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ سَمِعَ شَفِيعُ الْبَيْعِ وَرَاعَى شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ لِدَيْنِهِ أَوْ لِوَصِيَّتِهِ فَيُبْطِلُ الشَّفِيعُ ذَلِكَ وَيَضْبِطُ الْمَشْفُوعَ. كَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي حَيَاتِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ تَصَرُّفِهِ أَيْضًا، (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1021) " الْهِدَايَةُ وَالْبَهْجَةُ وَفَتْحُ الْمُعِينِ. [ (مَادَّةُ 1039) لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ] (مَادَّةُ 1039) -، (لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَقَبْلَ تَمَلُّكِهِ الْمَشْفُوعَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) . يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمَشْفُوعِ بِهِ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ إلَى وَقْتِ الْقَضَاءِ أَوْ التَّسْلِيمِ بِالرِّضَاءِ، فَإِذَا خَرَجَ الْمَشْفُوعُ بِهِ مِنْ مِلْكِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِلَيْكَ مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ كَامِلًا بَيْعًا بَاتًّا بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ، يَعْنِي طَلَبَيْ الْمُوَاثَبَةِ وَالتَّقْرِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، يَعْنِي قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ الْمَشْفُوعَ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ، سَقَطَ حَقُّ شُفْعَتِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِالشِّرَاءِ الْمُوجِبِ لِلشُّفْعَةِ أَمْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْبِقْ الْمَشْفُوعُ بِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْمِلْكِيَّةِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُ الشُّفْعَةِ أَيْضًا. فَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِأَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ، بِقَضَاءٍ أَوَبِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ لَمْ تُعَدَّ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ بَطَلَتْ، (الْجَوْهَرَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - بَيْعًا بَاتًّا: أَمَّا لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ مِنْ الْمَشْفُوعِ بِهِ مُدَّةَ خِيَارِهِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (308) ، فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْقُطَ خِيَارُهُ، (الْهِنْدِيَّةُ) فَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَذَلِكَ مِنْهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَلَهُ الشُّفْعَةُ، (الْجَوْهَرَةُ) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِهِ بَيْعًا وَفَائِيًّا فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ لِبَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ - كَامِلًا: أَمَّا لَوْ أَبْقَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمَشْفُوعِ بِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ مِقْدَارًا جُزْئِيًّا وَبَاعَ الْبَاقِيَ فَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الْجُزْئِيَّ الْبَاقِيَ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ كَافٍ ابْتِدَاءً لِلشُّفْعَةِ فَيَكْفِي بَقَاءً وَانْتِهَاءً أَيْضًا، (الْخَانِيَّةُ) . 3 - إذَا بَاعَ: يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، (إذَا بَاعَ) مُطْلَقًا أَنَّ شُفْعَةَ الشَّفِيعِ تَسْقُطُ، سَوَاءٌ أَبَاعَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْمَشْفُوعِ أَمْ غَيْرُ عَالِمٍ بِبَيْعِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - مَسْأَلَةٌ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا بَيْعًا فَاسِدًا فَمَا لَمْ يُسَلِّمْهُ يَكُونُ هَذَا الْعَقَارُ لِلْبَائِعِ مَشْفُوعًا بِهِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ أُخْرَى مُتَّصِلَةٌ بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَلِلْبَائِعِ طَلَبُهَا بِالشُّفْعَةِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ هَذَا الْعَقَارَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ، بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْهِدَايَةُ) .

(مادة 1040) بيع ملك عقاري آخر متصل بالملك المشفوع قبل أن يتملكه الشفيع

مَسْأَلَةٌ: لَوْ وَقَفَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ الْمَشْفُوعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَسَجَّلَهُ أَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) ، وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْوَقْفِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ أَنْ تَسْقُطَ الشُّفْعَةُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَجِّلْ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . [ (مَادَّةُ 1040) بِيعَ مِلْكٌ عَقَارِيٌّ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِالْمِلْكِ الْمَشْفُوعِ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ الشَّفِيعُ] (مَادَّةُ 1040) -، (لَوْ بِيعَ مِلْكٌ عَقَارِيٌّ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِالْمِلْكِ الْمَشْفُوعِ قَبْلَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ الشَّفِيعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَكُونُ شَفِيعًا لِهَذَا الْعَقَارِ الثَّالِثِ) . وَقَوْلُهُ، (عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ) أَيْ أَنْ يَمْلِكَهُ الشَّفِيعُ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ، (1038) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ بِمَا أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمَشْفُوعَ فَلَا يَكُونُ شَفِيعًا لِعَقَارٍ آخَرَ بِسَبَبِهِ، (الْهِدَايَةُ) . إلَّا أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ شَفِيعًا لِلْعَقَارِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمَشْفُوعَ بِهِ بَاقٍ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَالْحُكْمِ. [ (مَادَّةُ 1041) الشُّفْعَةُ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ] (مَادَّةُ 1041) -، (الشُّفْعَةُ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي أَخْذِ مِقْدَارٍ مِنْ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَتَرْكِ بَاقِيهِ) لَا تَقْبَلُ الشُّفْعَةُ التَّجْزِئَةَ وَالتَّبْعِيضَ إذَا لَمْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي الْوَاحِدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ تَضَرُّرًا فَادِحًا فَكَمَا أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِخُرُوجِ مِلْكِهِ مِنْ يَدِهِ فَيَتَضَرَّرُ بِحُصُولِ الشَّرِكَةِ أَيْضًا. قِيلَ شَرْحًا " بِلَا رِضَا الْمُشْتَرِي "؛ لِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ الشُّفْعَةُ قَابِلَةً لِلتَّجْزِئَةِ. فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا وَطَلَبَ الْحَاضِرُ مِنْهُمَا النِّصْفَ فَقَطْ، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ جَازَ. لَكِنْ إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ أَخْذَ الْكُلِّ، فَلَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ لَا أُعْطِيهِ غَيْرَ النِّصْفِ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَهُ لِلْغَائِبِ، وَلِلشَّفِيعِ الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . قِيلَ " الْمُشْتَرِي الْوَاحِدُ "؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرُونَ كَانَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ فَقَطْ وَيَتْرُكُ حِصَصَ الْبَاقِينَ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ. وَسَوَاءٌ سُمِّيَ ثَمَنٌ وَاحِدٌ لَهُمْ جُمْلَةً أَمْ سُمِّيَ لِكُلِّ مُشْتَرٍ ثَمَنٌ عَلَى حِدَةٍ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي عَاقِدًا لِنَفْسِهِ أَمْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ بِمَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُومُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ فَلَيْسَ مِنْ ضَرَرٍ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَى هَذَا الْمُشْتَرِي وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِينَ الْآخَرِينَ. إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إذَا فَقَدَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَنْقُدَ الْجَمِيعَ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ الْيَدِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِينَ الْفَهْمَ؛ لِأَنَّهُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ عَقَارًا مِنْ آخَرَ، فَلِلشَّفِيعِ إنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَصَ الْجَمِيعِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، الْهِدَايَةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّعَدُّدِ وَالِاتِّحَادِ الْعَاقِدُ، وَلَيْسَ الْمَالِكُ وَالْمُشْتَرِي لَهُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ وَاحِدٌ عِدَّةَ أَشْخَاصٍ لِشِرَاءِ عَقَارٍ وَاحِدٍ وَاشْتَرَوْا الْعَقَارَ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ عِدَّةَ صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَشْتَرِيَ حِصَّةَ أَحَدِ

الْمُشْتَرِينَ الْوُكَلَاءِ. فَلَوْ اشْتَرَى عَشْرَةُ وُكَلَاءُ عَقَارًا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ حِصَصِ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . وَبِالْعَكْسِ لَوْ وَكَّلَ جَمَاعَةٌ وَكِيلًا وَاحِدًا بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَى لَهُمْ جَمِيعًا عَقَارًا وَاحِدًا فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِ الْمُوَكَّلِينَ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالتَّعَاقُدِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عِدَّةُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ مِقْدَارًا مِنْ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَأَخَذَ الْبَاقِيَ بِالْجَبْرِ عَنْ الْمُشْتَرِي يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِلِاثْنَيْنِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي أَخْذِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَعْضُ مُمْتَازًا عَنْ الْآخَرِ أَمْ لَمْ يَكُنْ. مِثَالٌ لِمَا هُوَ غَيْرُ مُمْتَازٍ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا لَهُ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ تَرْكُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ نِصْفِهِ. مِثَالٌ لِمَا هُوَ مُمْتَازٌ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَكَانَ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِكِلَيْهِمَا فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُمَا مَعًا أَوْ يَتْرُكَهُمَا مَعًا، وَلَا حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِي أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَهُمَا وَيُتْرَكَ الثَّانِيَ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَانِ الْعَقَارَانِ مُتَلَاصِقَيْنِ أَمْ مُفْتَرِقَيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَمْ فِي بَلَدَيْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ، (الْعَقَارُ الْمَشْفُوعُ) إذَا تَعَدَّدَتْ الْعَقَارَاتُ وَكَانَتْ جَمِيعُهَا مَشْفُوعًا فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُهَا آنِفًا. لَكِنْ إذَا تَعَدَّدَتْ الْعَقَارَاتُ الْمُشْتَرَاةُ وَامْتَازَ بَعْضُهَا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَكَانَ الشَّفِيعُ شَفِيعًا لِأَحَدِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ شَفِيعًا لِلْآخَرِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَعَلَى رِوَايَةٍ إنَّمَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الَّذِي هُوَ شَفِيعُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَالصَّحِيحُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهَا كُلِّهَا، رِوَايَةٌ أُخْرَى، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ، فَتْحُ الْمُعِينِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ لَفْظِ، (الْعَقَارِ) أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ اشْتَرَى عَقَارًا وَدَابَّةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّمَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، أَمَّا الدَّابَّةُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَفْرِيقُ صَفْقَةٍ فَقَدْ جَازَ ذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (177) مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مَنْزِلًا ذَا أَرْبَعِ غُرَفٍ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ. فَإِذَا كَانَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ قَدْ تَجَزَّأَتْ. وَإِذَا كَانَ طَلَبُ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الْجِوَارِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَرْفَةُ مُجَاوِرَةً لَهُ فَقَطْ فَلَهُ الْحَقُّ فِي أَخْذِ هَذِهِ الْغَرْفَةِ فَقَطْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ اثْنَيْنِ، فَلَيْسَ لِشَفِيعِهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ فَقَطْ، سَوَاءٌ أَقَبِضَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ أَمْ لَمْ يَقْبِضْهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) ؛ لِأَنَّهُ بِأَخْذِ الْبَعْضِ تَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَتَضَرَّرُ بِهِ زِيَادَةُ الضَّرَرِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ وَبِعَيْبِ الشَّرِكَةِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ وَطَلَبَا نِصْفَ مَالِهِمَا مِنْ حِصَّةِ الشُّفْعَةِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا فِي الْكُلِّ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1029) ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ هَذَيْنِ الشَّفِيعَيْنِ وَطَلَبَ الثَّانِي النِّصْفَ فَقَطْ تَسْقُطُ شُفْعَةُ طَالِبِ النِّصْفِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ طَلَبَ الْكُلِّ كُلَّ الْمَشْفُوعِ، (التَّنْقِيحُ)

(مادة 1042) ليس لبعض الشفعاء أن يهبوا حصتهم لبعض

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ نِصْفَ الشُّفْعَةِ كَانَتْ شُفْعَتُهُ بَاطِلَةً كُلَّهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ ثُبُوتًا لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ إسْقَاطًا أَيْضًا، وَذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (63) ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ ظَهَرَ لِلْعَقَارِ شَفِيعٌ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْمُشْتَرِي نِصْفَهُ مِنْ آخَرَ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الْمَشْفُوعِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ يُرِيدُ أَخْذَهُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الثَّانِي: وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْعَقَارِ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ فَقَطْ وَإِذَا أَرَادَ أَخْذَهُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ يَأْخُذُ النِّصْفَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ ظَهَرَ شَفِيعٌ لِلْعَقَارِ بَعْدَ أَنْ أَفْرَزَ الْمُشْتَرِي نِصْفَهُ وَوَهَبَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقَارَ كُلَّهُ بِالشُّفْعَةِ وَتَبْطُلُ الْهِبَةُ، وَإِلَّا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ النِّصْفِ الْبَاقِي فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) . [ (مَادَّةُ 1042) لَيْسَ لِبَعْضِ الشُّفَعَاءِ أَنْ يَهَبُوا حِصَّتَهُمْ لِبَعْضٍ] (مَادَّةُ 1042) -، (لَيْسَ لِبَعْضِ الشُّفَعَاءِ أَنْ يَهَبُوا حِصَّتَهُمْ لِبَعْضٍ، وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمْ ذَلِكَ أَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ) . لَيْسَ لِبَعْضِ الشُّفَعَاءِ أَنْ يَهَبُوا حِصَّتَهُمْ فِي الشُّفْعَةِ لِبَعْضٍ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا حِصَّتَهُمْ لِبَعْضٍ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَالِ، وَلَمَّا كَانَتْ الشُّفْعَةُ لَيْسَتْ بِمَالٍ، فَهِبَةُ الشُّفْعَةِ بِمَعْنَى تَرْكِهَا، وَلَفْظُ الْهِبَةِ هُنَا لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. وَلِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَتْرُكَ حَقَّ شُفْعَتِهِ فِي مُقَابِلِ نُقُودٍ لِشَفِيعٍ آخَرَ أَوْ أَجْنَبِيٍّ يَعْنِي أَنْ يَعْتَاضَ عِوَضًا عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ، حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَاعَ شُفْعَتَهُ فِي مُقَابِلِ مَالٍ أَوْ صَالَحَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى مَالٍ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ، سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَيَلْزَمُ رَدُّ الْعِوَضِ، (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1024) . فَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ فَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ شُفْعَتِهِ مَجَّانًا، وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَئِذٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (51) . وَعَلَى هَذَا فَتَقْسِيمُ الشُّفْعَةِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّفَعَاءِ بِمَا فِيهِمْ الشَّفِيعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَا عَدَا الشَّفِيعِ الْوَاهِبِ مَالًا فَلَا يَلْزَمُ بَقَاءُ الْحِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ فِي عُهْدَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ إعْطَائِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) . أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ، أَيْ بَعْدَ أَنْ تَدْخُلَ حِصَّتُهُ فِي الْمَشْفُوعِ إلَى مِلْكِهِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، فَمِنْ الْبَدِيلِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَهَبَ حِصَّتَهُ حِينَئِذٍ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الشُّفَعَاءِ، تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. [ (مَادَّةُ 1043) أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ] (مَادَّةُ 1043) -، (إنْ أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ) .

إنْ أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، أَيْ حَقَّ شُفْعَتِهِ، فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الشَّفِيعُ فِي دَرَجَةِ الشَّفِيعِ الْمُسْقِطِ أَمْ دُونَهُ، أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ، أَيْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ كُلَّهُ أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ كُلَّهُ، وَلَيْسَ لَهُ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ، (1041) ، صَلَاحِيَّةٌ فِي أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ وَيَتْرُكَ حِصَّةَ الْمُسْقِطِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّفَعَاءُ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَأَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ تُقَسَّمُ الشُّفْعَةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الشُّفَعَاءِ لَا يَتَقَرَّرُ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلَوْ تَرَكَ قَبْلُ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ يَعْنِي لَوْ تَرَكَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حِصَّتَهُ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ فِيمَا أَنَّهُ يُعَدُّ هَذَا التَّارِكُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، فَيَأْخُذُ الْبَاقُونَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ تَمَامًا، مَثَلًا إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَاتَّخَذَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِي الْعَقَارِ، ثُمَّ اطَّلَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فَتَرَكَهُ، فَلِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ أَخْذُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ كُلِّهِ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) مِثَالٌ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ الَّذِي يَكُونُ فِي دَرَجَةِ الْمُسْقِطِ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ ثَلَاثَةَ شُرَكَاءَ فِي عَقَارٍ شَائِعٍ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَأَسْقَطَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَخْذُ جَمِيعِ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ. مِثَالٌ لِلشَّفِيعِ الَّذِي يَكُونُ دُونَ الشَّفِيعِ الْمُسْقِطِ: إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا شَرِيكٌ وَالثَّانِي جَارٌ مُلَاصِقٌ، وَأَسْقَطَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . وَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَخْذُ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُ كُلٍّ مِنْ الشُّفَعَاءِ فِي الْمَشْفُوعِ وَأَبْطَلَ حَقَّ الْآخَرِينَ فِيهِ وَأَسْقَطَ، فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْآخَرِينَ السَّاقِطَةُ فِيهِ بِتَرْكِ أَحَدِهِمْ حَقَّهُ مُؤَخَّرًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . سُؤَالٌ - يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الْمَالَ الْمَشْفُوعَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1360) ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي أَنْ يَقُولَ لَا آخُذَ الْمَشْفُوعَ، عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يَقْصِدُ بِقَوْلِ، (حَقِّهِ) فِي الْمَتْنِ الْحِصَّةَ الْعَقَارِيَّةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ مَالِكًا لِدَارٍ وَقَالَ قَدْ أَسْقَطْت هَذِهِ الدَّارَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بَلْ تَبْقَى مِلْكًا لَهُ كَالْأَوَّلِ. وَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنْ تِلْكَ الدَّارِ بِتَمْلِيكِهِ إيَّاهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا، وَلَا يَقْصِدُ حَقَّ الشُّفْعَةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ، (حَقَّهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَنْتَهِي بِلُحُوقِ الْحُكْمِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى حَقٌّ لِلشُّفْعَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَإِسْقَاطُ هَذَا الْحَقِّ إسْقَاطُ السَّاقِطِ أَلَا تَرَى لَوْ أَعْفَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ مِنْ الْقِصَاصِ سَقَطَ عَنْهُ، أَمَّا لَوْ أَعْفَاهُ مِنْ بَعْدِ الْقِصَاصِ كَانَ الْعَفْوُ بَاطِلًا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ: وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ. جَوَابٌ: الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ، (حَقَّهُ) الْحِصَّةُ الْعَقَارِيَّةُ الَّتِي أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِسْقَاطِ هُوَ التَّرْكُ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْحُكْمِ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ الْمَمْلُوكَ لَهُ حُكْمٌ، أَيْ إذَا رَدَّهُ لِلْمُشْتَرِي، بِخِيَارِ الْعَيْبِ مَثَلًا، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ، أَيْ نَصِيبَهُ فِي الْعَقَارِ

(مادة 1044) لو زاد المشتري على البناء المشفوع شيئا من ماله

مَثَلًا إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ، فَرَدَّ الْحَاضِرُ الْعَقَارَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ كُلَّهُ بِالشُّفْعَةِ بِحُكْمٍ إلَى الْمُشْتَرِي، فَحَضَرَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْعَقَارِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ كُلِّهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا رَدَّهُ الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَبِمَا أَنَّ هَذَا الرَّدَّ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَلِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ أَخْذُ الْعَقَارِ كُلِّهِ بِسَبَبِ هَذَا الرَّدِّ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِعَقَارٍ ثَلَاثَةُ شُفَعَاءَ، أَحَدُهُمْ حَاضِرٌ وَاثْنَانِ غَائِبَانِ، وَحُكِمَ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا لِلْحَاضِرِ وَحَضَرَ الشَّفِيعَانِ الْغَائِبَانِ، بَعْدَ الرَّدِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، فَلَهُمَا أَخْذُ ثُلُثَيْ ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ وَيَبْقَى الثُّلُثُ لِلْمُشْتَرِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . جَوَابٌ آخَرُ: لَوْ أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْإِسْقَاطُ بِسَبَبٍ مُوجِبٍ لِرَدِّ الْمَشْفُوعِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ. فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا، وَبِمَا أَنَّ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْمُسْقِطِ بِالْإِسْقَاطِ الْوَاقِعِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَرْكُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَخْذُ حَقِّهِ أَيْ لَا يَتَسَنَّى لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ الشَّفِيعِ الْمُسْقِطِ بِالشُّفْعَةِ، حَيْثُ لَا تَخْرُجُ الْحِصَّةُ مِنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ بَعْدَ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا الْحَاكِمُ، فَعُلِمَ بِهِ أَنَّ عَدَمَ أَخْذِ الْبَاقِينَ نَصِيبَ التَّارِكِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّرْكِ لَتَقَرَّرَ مِلْكُهُ بِالْقَضَاءِ لَا لِانْقِطَاعِ حَقِّهِمْ بِهِ مَعَ صِحَّةِ التَّرْكِ مِنْهُ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ " بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ " احْتِرَازٌ عَنْ شِرَاءِ الشَّفِيعِ، فَلَوْ كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، وَاشْتَرَى الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَجَاءَ الشَّفِيعُ الْآخَرُ، فَلَهُ أَخْذُ الْعَقَارِ كُلِّهِ إنْ شَاءَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ بِالْبَيْعِ الثَّانِي: اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1024) مَعَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) . [ (مَادَّةُ 1044) لَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبِنَاءِ الْمَشْفُوعِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ] (مَادَّةُ 1044) -، (لَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبِنَاءِ الْمَشْفُوعِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ كَصَبْغِهِ فَشَفِيعُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ بِإِعْطَاءِ ثَمَنِ الْبِنَاءِ وَقِيمَةِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَحْدَثَ عَلَى الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهِ أَشْجَارًا، فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَ الْمَشْفُوعَ بِإِعْطَاءِ ثَمَنِهِ وَقِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى قَلْعِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ) لَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبِنَاءِ الْمَشْفُوعِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ كَصَبْغِهِ أَوْ تَطْيِينِهِ كَانَ شَفِيعُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّ شُفْعَتِهِ تَمَامًا؛ لِأَنَّ لِلشَّفِيعِ تَرْكَ ذَلِكَ الْحَقِّ وَلَوْ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَهُ بِإِعْطَاءِ ثَمَنِ الزِّيَادَةِ مَعَ ثَمَنِ الْبِنَاءِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الصِّبْغَةِ وَالطِّينِ وَنَقْضِهِمَا؛ لِأَنَّ نَقْضَهُمَا مُتَعَذِّرٌ. وَلَا قِيمَةَ لِأَنْقَاضِهِمَا، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مِثَالٌ لِلزِّيَادَةِ غَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلِانْفِصَالِ، كَمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الْآتِيَةَ مِثَالٌ لِلزِّيَادَةِ الْقَابِلَةِ

لِلتَّفْرِيقِ أَيْضًا وَيُوَضِّحُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا وَاحِدٌ إيرَادُ الْأَمْثِلَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَلَى ذَلِكَ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مِنْ الْجُمْلَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، أَمَّا الْفِقْرَةُ الْآتِيَةُ فَهِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. وَلِذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَحْدَثَ عَلَى الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ فِيهِ أَشْجَارًا فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّ شُفْعَتِهِ وَإِنْ شَاءَ تَمَلَّكَ الْمَشْفُوعَ بِإِعْطَاءِ ثَمَنِهِ، وَقِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قَائِمَةٌ وَقَدْ فُهِمَ مِنْ الْمَوَادِّ، (882 و 884 و 885) أَنَّ لِلْقِيمَةِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالدُّرِّ الْمُنْتَقَى فِي هَذَا بِلُزُومِ قِيمَتِهِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا كَانَ مُحِقًّا فِي الْبِنَاءِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى قَلْعِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى إعْطَائِهِ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقًّا لِلْقَلْعِ وَكَذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَنَى فِيهِ أَوْ غَرَسَ الشَّجَرَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهُوَ مُحِقٌّ فِي بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ، مَعَ أَنَّ إجْبَارَهُ عَلَى الْقَلْعِ حُكْمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي بِدُونِ حَقٍّ كَالْغَصْبِ، عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (960) هَذَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى رَأْي الطَّرَفَيْنِ فَإِذَا كَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَلَا تُقْلَعُ وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَخْذُهَا بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَلْعُهَا مُضِرًّا تُقْلَعُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ " يُزَالُ الضَّرَرُ الْأَشَدُّ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ " الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ، (27) ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ بِهَذَا ضَرَرَانِ، أَوَّلُهُمَا ضَرَرُ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ وَلَيْسَ لِهَذَا الضَّرَرِ عِوَضٌ يُقَابِلُهُ، فَيَزُولُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِلَا عِوَضٍ وَيَكُونُ هَبَاءً، مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَرْصَةِ الَّتِي تُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ بِنَاءً يُسَاوِي خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَأُجْبِرَ عَلَى قَلْعِهِ فَأَنْقَاضُهُ تُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ فَقَطْ وَيَكُونُ الْأَرْبَعُمِائَة قَدْ ذَهَبَتْ أَدْرَاجَ الرِّيَاحِ، الثَّانِي ضَرَرُ إعْطَاءِ نُقُودٍ زِيَادَةً عَنْ ثَمَنِ الْمَشْفُوعِ بِإِجْبَارِهِ عَلَى إعْطَاءِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ زِيَادَةً عَنْ ثَمَنِ الْمَشْفُوعِ إذَا أَرَادَ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَفِي مُقَابِلِ هَذَا الضَّرَرِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الشَّفِيعِ الْأَبْنِيَةُ أَوْ الْأَشْجَارُ، وَهِيَ تَكُونُ بَدَلًا لِلضَّرَرِ. وَعَلَيْهِ فَالضَّرَرُ الَّذِي لَهُ بَدَلٌ، أَخَفُّ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ ارْتِكَابُ أَهْوَنِ الضَّرَرَيْنِ، (الْهِنْدِيَّةُ، فَتْحُ الْمُعِينِ بِإِيضَاحٍ) ، وَقَوْلُهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ، (الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ) احْتِرَازٌ عَنْ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لِلْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَاةِ شَفِيعٌ بَعْدَ أَنْ زَرَعَ فِيهَا الْمُشْتَرِي زَرْعًا فَتَبْقَى فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَى إدْرَاكِ الزَّرْعِ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إعْطَاءُ أُجْرَةِ مُدَّةٍ مَضَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ لِوُجُودِهَا فِي مِلْكِهِ، أَمَّا بَعْدَ لُحُوقِ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ، فَيُعْطِي الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ أُجْرَتَهُ فِي الْحَصَادِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ هُوَ هَذَا: بِمَا أَنَّ لِلزَّرْعِ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَلَيْسَ فِي تَأْخِيرِهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْخُذُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثُمَّ إذَا تَرَكَ الْأَرْضَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَتْرُكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ: لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ عَقَارٍ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهِ بِنَاءً

وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي شَجَرِ الْأَرْضِ هَكَذَا أَيْضًا، وَلَكِنْ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُحْتَمَلًا، حَتَّى إذَا قَالَ أَحْدَثْتُ فِيهَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَحْدَثْتُ فِيهَا هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، (الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . أَحْكَامُ النُّقْصَانِ فِي الْمَشْفُوعِ: بِمَا أَنَّ لِلنُّقْصَانِ فِي الْمَشْفُوعِ أَحْكَامًا فَقَدْ رُئِيَ بِأَنَّهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا انْهَدَمَتْ أَوْ احْتَرَقَتْ أَوْ خَرِبَتْ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ جَفَّتْ الْأَشْجَارُ الَّتِي فِي الْبُسْتَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَنْقَاضِهَا شَيْءٌ أَيْ إذَا لَمْ يَأْخُذْهَا الْمُشْتَرِي وَضَاعَتْ فَإِذَا شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ شُفْعَتَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَنْزِيلُ مِقْدَارٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابِلِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ وَالْأَبْنِيَةَ بِمَا أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَرْضِ، حَتَّى إنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (232) ، فَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ بِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا. أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ وَانْقَلَعَتْ وَكَانَتْ الْأَنْقَاضُ مَوْجُودَةً فَيَلْزَمُ تَنْزِيلُ حِصَّةِ مَا يُصِيبُ الْمَوْجُودَةَ مِنْ الثَّمَنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يُقْسَمُ ثَمَنُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ وَقْتَ الْعَقْدِ مَعَ قِيمَةِ الْأَنْقَاضِ يَوْمَ الْإِنْقَاضِ، الْأَخْذُ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَيَتْرُكُ الْأَنْقَاضَ لِلْمُشْتَرِي، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ فِي الْمَشْفُوعِ فِي الْأَوْصَافِ، عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا، وَكَانَ جُزْئِيًّا، سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ظَهَرَ الشَّفِيعُ لِلْعَرْصَةِ بَعْدَ أَنْ غَمَرَ الْبَحْرُ أَوْ الْمَاءُ مِقْدَارًا مِنْهَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَرْصَةِ سَالِمًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْأَصْلِ، أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْغَائِبُ وَصْفٌ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي الْعَرْصَةَ الْمُشْتَرَاةَ، فَحَصَلَ فِيهَا نُقْصَانٌ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ، فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ، فَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الِاشْتِرَاءِ وَقِيمَتِهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ الْمَشْفُوعَةَ، فَالشَّفِيعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَرْصَةَ الدَّارِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْأَوْصَافِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَقْصُودَةً بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ، وَحَيْثُ إنَّهُ إذَا قَصَدَ الشَّيْءَ الَّذِي يَكُونُ تَبَعًا بِالْإِتْلَافِ فَيَجِبُ أَخْذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَرْكُ الْأَنْقَاضِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ سَيَأْخُذُ الْبِنَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، فَلَمْ تَبْقَ التَّبَعِيَّةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَدْمُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْبِنَاءِ كَهَدْمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

لِأَنَّ الْعِوَضَ يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ، (الْجَوْهَرَةُ) . لِأَنَّ بِالْهَدْمِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْهَادِمِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ، فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: لَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَلِلشَّفِيعِ الْمَذْكُورِ تَنْزِيلُ مَا يُصِيبُ الثَّمَرَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَمَّا دَخَلَ " الْبَيْعَ قَصْدًا وَلَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ فَوَاتِهِ تَنْزِيلُ حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَمْلُوكَةَ عَلَى أَنَّهَا مَبْذُورَةٌ وَنَبَتَ فِيهَا الزَّرْعُ وَبَعْدَ أَنْ حَصَدَهَا الْمُشْتَرِي ظَهَرَ شَفِيعُهَا فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً، فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . أَمَّا لَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ الْحَادِثَ فِي الْعَرْصَةِ وَهِيَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ تَنْزِيلُ بَدَلٍ؛ لِأَنَّ هَذَا حَادِثٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُرَدَّ عَلَى الثَّمَرِ، فَلَا يُوجِبُ فَوَاتُهُ سُقُوطَ الثَّمَنِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . كَذَا إذَا كَانَ شَفِيعُ الْكَرْمِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَحَدًا غَائِبًا وَأَعْطَى الْكَرْمَ فِي هَذِهِ الْأَثْنَاءِ عِنَبًا وَحَضَرَ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ وَأَخَذَ الْكَرْمَ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الْمُشْتَرِي الْعِنَبَ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ شَجَرُ الْكَرْمِ عِنْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ فِي حَالَةِ الْأَزْهَارِ وَلَمْ تُعْقَدْ قُطُوفُهُ، فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، يَعْنِي عَلَى الشَّفِيعِ إعْطَاءُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى كَامِلًا وَإِذَا كَانَتْ الْقُطُوفُ عَاقِدَةً عِنْدَمَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْكَرْمَ فَتَنْزِلُ قِيمَةُ تِلْكَ الْأَثْمَارِ يَوْمَ قَبْضِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْكَرْمَ بِالْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) . أَمَّا إذَا لَمْ تُسْتَهْلَكْ الثِّمَارُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَلَى أَشْجَارِهَا فَيَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَّصِلٌ خِلْقَةً بِالشَّيْءِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَقَارِ كَانَ تَابِعًا لِلْعَقَارِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1017) .

الْخَاتِمَةُ فِي بَيَانِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ الْخَاتِمَةُ فِي بَيَانِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ إنَّ اتِّخَاذَ الْحِيلَةِ فِي أَمْرِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَيْسَ مَكْرُوهًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَا لَهُ. وَعَلَيْهِ فَالِاحْتِيَالُ الَّذِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مُبَاحٌ وَلَوْ كَانَ مُوجِبًا لِضَرَرِ الْغَيْرِ. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ، وَقُيِّدَ فِي السِّرَاجِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ بِتَصَرُّفٍ) . أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَمَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الِاحْتِيَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْحِيلَةَ السَّادِسَةَ. مَسْأَلَةٌ: لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ عِدَّةُ حِيَلٍ: الْحِيلَةُ الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِنُقُودٍ مُعَيَّنَةٍ مُشَارٌ إلَيْهَا فُلُوسٌ مَجْهُولَةُ الْمِقْدَارِ وَأَضَاعَ الْبَائِعُ الْفُلُوسَ بَعْدَ الْقَبْضِ. فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي حَالِ الْعَقْدِ كَانَ مَعْلُومًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. لَكِنَّ الثَّمَنَ فِي حَالِ الشُّفْعَةِ لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا فَجَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الشُّفْعَةِ مَانِعَةٌ لَهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (1025) ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ أَحْسَنُ وَأَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِجْرَاؤُهَا فِي أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ الثَّلَاثَةِ مُمْكِنٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى بِإِيضَاحٍ) رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا بِدَرَاهِمَ جُزَافًا وَاتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالشَّفِيعُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّمَنَ عَلَى زَعْمِهِ لَا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . وَاَلَّذِي فِي الْمُتُونِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ إذْ لَوْ قُبِلَ قَوْلُهُ لَمَا كَانَ لِهَذِهِ الْحِيلَةِ فَائِدَةٌ إلَّا إذَا سَكَتَ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَقَارَ بِثَمَنٍ غَالٍ ثُمَّ يَأْخُذَ بَعْدَ الشِّرَاءِ مَالًا خَسِيسًا نَظِيرَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ بِرِضَاهُ. إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ بِمَا أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِعَقْدٍ آخَرَ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ يُمْكِنُ إجْرَاؤُهَا فِي الشَّرِيكِ وَالْجَارِ أَيْضًا لَكِنْ فِيهَا ضَرَرٌ لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ لَوْ ضُبِطَ الْعَقَارُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْغَالِي، وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ بَدَلًا عَنْهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُبَاعَ بِالدِّرْهَمِ الثَّمَنُ دِينَارٌ حَتَّى إذَا اسْتَحَقَّ الْمَشْفُوعَ يَبْطُلُ الصَّرْفُ فَيَجِبُ رَدُّ الدَّنَانِيرِ لَا غَيْرُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَيُوجَدُ ضَرَرٌ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا، وَهُوَ: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الثَّمَنِ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ الْمَالَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ فِي مُقَابِلِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ الْبَدَلَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ. الْحِيلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُفْرِزَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْ جِهَةِ الْجِدَارِ الْمُتَّصِلِ بِعَقَارِ الشَّفِيعِ وَبَعْدَ أَنْ يَبْقَى ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ بَعْدَ هِبَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ لِلْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لَوْ بَاعَ الْبَاقِيَ فَلَا يَبْقَى لِلْجَارِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ وَالِاتِّصَالِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَبْقَى اتِّصَالٌ وَالْتِصَاقٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . هَذِهِ الْحِيلَةُ لِشُفْعَةِ الْجَارِ. الْحِيلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ جُزْءًا صَغِيرًا كَالْعُشْرِ بِثَمَنٍ غَالٍ بِعَقْدٍ يَشْتَرِي الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ، فَالشَّفِيعُ إنَّمَا يَكُونُ شَفِيعًا فِي السَّهْمِ الَّذِي بِيعَ أَوَّلًا، وَلَا يَكُونُ شَفِيعًا لِلْمَبِيعِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي: وَصُورَتُهَا رَجُلٌ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي أَلْفًا فَأَرَادَ بَيْعَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْعُشْرَ مِنْهَا بِتِسْعِمِائَةٍ ثُمَّ يَبِيعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا بِمِائَةٍ فَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ فِي عُشْرِهَا خَاصَّةً بِثَمَنِهِ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ فِي التِّسْعَةِ الْأَعْشَارِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ اشْتَرَى تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا صَارَ شَرِيكًا فِيهَا بِالْعُشْرِ، (الْجَوْهَرَةُ) . فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إبْطَالَ شُفْعَتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ تَلْجِئَةً فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ خَصْمٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) وَلَوْ بَلَغَهُ الْبَيْعَانِ مَعًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . لِأَنَّ الشَّفِيعَ فِي هَذَا الْمَبِيعِ جَارٌ وَالْمُشْتَرِيَ شَرِيكٌ. أَمَّا الشَّفِيعُ فَلَا يَرْغَبُ فِي الْمَبِيعِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَقِلَّةِ السَّهْمِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ مَعَ الْمُلْتَقَى) . فَأَيُّهُمَا خَافَ مِنْ صَاحِبِهِ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ خَافَا شَرَطَا مَعًا وَيُجِيزَانِ مَعًا، وَلَوْ خَافَ كُلٌّ إنْ أَجَازَ لَمْ يُجِزْ الْآخَرُ، وُكِّلَ وَكِيلٌ وَشُرِطَ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) . الْحِيلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِكَذَا جُزْءٍ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي سَيَبِيعُهُ لِلْمُشْتَرِي وَيَبِيعُ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ الْخَصَّافِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّرِيكِ وَالْجَارِ. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارٍ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، (الْحَمَوِيُّ، الْقُنْيَةِ، فَتْحُ الْمُعِينِ) . لَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا هِيَ حِيلَةٌ لِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ بِالْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي حَالِ إنْكَارِهِ، (الْخَانِيَّةُ) . الْحِيلَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ اشْتَرِ مِنِّي الْمَشْفُوعَ وَلَا تُخَاصِمْنِي، وَيَقُولَ الْآخَرُ قَدْ

فَعَلْتُ، تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ آجَرْتُك هَذَا لِمُدَّةِ مِائَةِ سَنَةٍ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ أَعَرْتُك إيَّاهُ، وَطَلَبَهُ الْآخَرُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ أَيْضًا. وَهَذِهِ كُلُّهَا حِيَلٌ فِي إبْطَالِ الشُّفْعَةِ، (الْجَوْهَرَةُ) . مَسْأَلَةٌ: لَا حِيلَةَ لِإِسْقَاطِ الْحِيلَةِ وَقَدْ بَحَثْنَا عَنْ ذَلِكَ كَثِيرًا فَلَمْ نَعْثُرْ عَلَيْهِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ) . انْتَهَى

الكتاب العاشر الشركات

[الْكِتَابُ الْعَاشِرُ الشَّرِكَاتُ] الْحَمْدُ لِلَّهِ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ بَعْدَهُ. الْكِتَابُ الْعَاشِرُ: فِي أَنْوَاعِ الشَّرِكَاتِ: ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَثَمَانِيَةِ أَبْوَابٍ قَدْ جُمِعَ فِي الْمَجَلَّةِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابُ الشَّرِكَةِ) وَ (كِتَابُ الْقِسْمَةِ) وَ (كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ) وَ (كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) وَ (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) وَ (كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَ (كِتَابُ الصَّيْدِ) وَ (كِتَابُ الْحِيطَانِ) فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ. وَمَشْرُوعِيَّةُ الشَّرِكَةِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ. الْكِتَابُ، قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: (فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) وَهَذِهِ الْآيَةُ خَاصَّةٌ بِشَرِكَةِ الْعَيْنِ السُّنَّةُ، هِيَ فِعْلُ الرَّسُولِ وَقَوْلُهُ إذْ أَنَّ السُّنَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ صَادِرَةٍ مِنْ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوَّلُهَا، قَوْلُهُ وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، ثَانِيهَا، فِعْلُهُ، ثَالِثُهَا، تَقْرِيرُهُ. (التَّوْضِيحُ) أَمَّا فِعْلُ الرَّسُولِ فَهُوَ قَوْلُهُ: «إنَّ سَائِبًا كَانَ شَرِيكِي وَقْتَ الْجَاهِلِيَّةِ» وَيُطْلَقُ وَقْتُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَبْلَ الْبَعْثَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالْقَرِيبِ مِنْهَا. وَقَدْ قِيلَ عَنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ " زَمَنُ الْجَاهِلِيَّةِ " لِاسْتِيلَاءِ الْجَهْلِ عَلَى أَهْلِهِ. يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَاشَرَ الشَّرِكَةَ بِنَفْسِهِ. أَمَّا قَوْلُ الرَّسُولِ فَهُوَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «إذَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ فَأَنَا شَرِيكُهُمَا الثَّالِثُ، وَإِذَا خَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَإِنَّنِي أَخْرُجُ مِنْ شَرِكَتِهِمَا» وَهَذِهِ السُّنَنُ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ. الْمَعْقُولُ، أَنَّ الشَّرِكَةَ طَرِيقٌ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ، وَهُوَ مَشْرُوعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} [القصص: 73] (الطَّحْطَاوِيُّ) إذْ أَنَّهُ يُوجَدُ لِبَعْضِ النَّاسِ رَأْسُ مَالٍ لَكِنْ يَجْهَلُ طَرِيقَ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ لِلْبَعْضِ مِنْهُمْ رَأْسُ مَالٍ لَكِنَّهُ يَعْلَمُ أُصُولَ التِّجَارَةِ فَإِذَا عَقَدَ كِلَاهُمَا شَرِكَةً بَيْنَهُمَا فَيَسْتَفِيدُ أَحَدُهُمَا مِنْ عِلْمِهِ وَسَعْيِهِ وَالْآخَرُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ.

المقدمة في بيان بعض الاصطلاحات الفقهية المتعلقة بالشركة

[الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّرِكَةِ] الْمُقَدِّمَةُ (فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ) يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ " بَعْضِ " أَنَّهُ سَوْفَ لَا تُذْكَرُ هُنَا عُمُومُ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ. بَلْ سَيُذْكَرُ بَعْضُ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الَّتِي يُرَى لُزُومٌ لِبَيَانِهَا وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالشَّرِكَةِ (الْمَادَّةُ 1045) - (الشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ هِيَ اخْتِصَاصُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ مِنْ النَّاسِ بِشَيْءٍ وَامْتِيَازُهُمْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ. لَكِنْ تُسْتَعْمَلُ أَيْضًا عُرْفًا وَاصْطِلَاحًا فِي مَعْنَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِهَذَا الِاخْتِصَاصِ. فَلِذَلِكَ تُقْسَمُ الشَّرِكَةُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ. أَحَدُهُمَا: شَرِكَةُ الْمِلْكِ، وَتَحْصُلُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَالثَّانِي: شَرِكَةُ الْعَقْدِ، وَتَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ. وَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ الْقِسْمَيْنِ فِي بَابِهِمَا الْمَخْصُوصِ، وَيُوجَدُ سِوَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ، وَهِيَ كَوْنُ الْعَامَّةِ مُشْتَرِكِينَ فِي صَلَاحِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالْأَخْذِ وَالْإِحْرَازِ لِلْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ مِلْكًا لِأَحَدٍ كَالْمَاءِ) تُوجَدُ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فِي الشَّرِكَةِ، أَوَّلُهَا: اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، ثَانِيهَا: بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، ثَالِثُهَا: بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. وَمَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ بِصُورَةٍ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ (الْبَحْرُ) وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ مِنْ فِعْلِ الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ مِنْ فِعْلِهِ. أَمَّا الِاخْتِلَاطُ فَهُوَ صِفَةُ الْمَاءِ وَيَثْبُتُ بِالْخَلْطِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْإِنْسَانِ (الْبَحْرُ) . وَلَكِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا يُطْلِقُونَ عَلَى الشَّرِكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِالِاخْتِلَاطِ شَرِكَةً كَمَا سَيُذْكَرُ آتِيًا، لِأَنَّ الِاخْتِلَاطَ صِفَةُ الْمَالِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ أَيْ الِاخْتِلَاطُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِفِعْلِ الْخَالِطِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُقَالُ لِلْمَالِ " مُشْتَرَكٌ فِيهِ " وَ " مُشْتَرَكٌ " أَيْ تَعْلِيقُ الِاشْتِرَاكِ وَالْخَلْطُ فِيهِ، وَنَحْوُ قَوْلِهِمْ: مَالٌ مُشْتَرَكٌ أَيْ مُشْتَرَكٌ فِيهِ وَيُسَمَّى هَذَا حَذْفًا وَإِيصَالًا، إظْهَارٌ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرَكَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ اشْتَرَكَ وَبِنَاؤُهُ لِلْمُطَاوَعَةِ يُقَالُ أَشْرَكْت زَيْدًا فِي هَذَا الْمَالِ فَاشْتَرَكَ أَيْ قَبِلَ زَيْدٌ الشَّرِكَةَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ نَائِبُ فَاعِلِهِ هُوَ الشَّرِيكُ، وَلَمَّا أُسْنِدَ هَذَا إلَى الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى الْمَالِ، وَالْمَالُ لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ بَلْ مُشْتَرَكٌ فِيهِ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ فِيهِ حَذْفًا وَهُوَ فِي الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ وَرَاجِعٌ إلَى الْمَالِ وَالْمَجْرُورُ مَرْفُوعٌ مَحَلًّا عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمُشْتَرَكِ فَحُذِفَ الْجَارُّ مِنْهُ سَمَاعًا.

وَالشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ أَيْ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ هِيَ اخْتِصَاصُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ مِنْ النَّاسِ بِشَيْءٍ وَامْتِيَازُهُمْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَيَدَّعِي أُولَئِكَ النَّاسُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَيُقَالُ مُشْتَرِكُونَ وَمُشَارِكُونَ. مَثَلًا إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي فَرَسٍ فَتَخْتَصُّ هَذِهِ الْفَرَسُ بِذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ وَيَمْتَازَانِ بِهَا بِسَبَبِ أَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ لَا تَكُونُ لِغَيْرِ ذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ وَلَا يَمْتَازُ غَيْرُهُمَا بِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ شَرِكَةً وَتَكُونُ الْفَرَسُ مُشْتَرَكَةً أَوْ مُشْتَرَكًا فِيهَا وَيُدْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا وَمُشَارِكًا، وَبِذَلِكَ تَكُونُ الشَّرِكَةُ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ صِفَةَ أَصْحَابِ ذَلِكَ الشَّيْءِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ بِزِيَادَةٍ) . وَلَكِنْ تُسْتَعْمَلُ الشَّرِكَةُ أَيْضًا عُرْفًا وَاصْطِلَاحًا فِي مَعْنَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِهَذَا الِاخْتِصَاصِ (الْبَحْرُ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْصُلْ اخْتِلَاطُ النَّصِيبَيْنِ. مَثَلًا لَوْ وَضَعَ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدَا شَرِكَةً تِجَارِيَّةً بَيْنَهُمَا فَقَدْ حَصَلَتْ وَلَوْ لَمْ يَخْلِطَا رَأْسَيْ مَالِهِمَا يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ مِنْ قَبِيلِ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبُ الْخَلْطِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِطْلَاقُ ذَلِكَ مَجَازًا عَلَى الشَّرِكَةِ هُوَ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَ الشَّرِكَةِ بِمَعْنَى نَفْسِ الْعَقْدِ قَدْ أَصْبَحَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً مُؤَخَّرًا حَيْثُ قَدْ اصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ عَلَى ذَلِكَ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ) وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُسْتَعْمَلَةً بِمَعْنَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا قِيلَ شَرِكَةُ الْعَقْدِ فَالْإِضَافَةُ فِي ذَلِكَ بَيَانِيَّةٌ أَيْ بِمَعْنَى الشَّرِكَةِ هِيَ الْعَقْدُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ) . وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى تَكُونُ الشَّرِكَةُ عِبَارَةً عَنْ فِعْلِ الْإِنْسَانِ وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اتَّحَدَ مَعْنَى الشَّرِكَةِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا فِي جِهَةِ أَنَّهَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ. فَلِذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّرِكَةِ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ وَالِامْتِيَازِ مَعَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَالشَّرِكَةُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ تُقْسَمُ إلَى قِسْمَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ الَّتِي قُسِمَتْ إلَى قِسْمَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي شَرِكَةٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَيْ أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ شَرِكَةٍ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهَا الصَّحِيحِ وَالْمَعْنَى الَّذِي يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَشَرِكَةِ الْعَقْدِ وَلَيْسَتْ الشَّرِكَةُ الَّتِي تُقْسَمُ إلَى قِسْمَيْنِ هِيَ الشَّرِكَةُ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى شَرِكَةِ الْعَقْدِ وَإِلَّا لَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ الَّتِي سَتُقْسَمُ إلَى الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ هِيَ شَرِكَةٌ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ تَقْسِيمَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى غَيْرِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ) . الْأَوَّلُ: شَرِكَةُ الْمِلْكِ يَعْنِي شَرِكَةَ الِاخْتِصَاصِ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَتَحْصُلُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَالِاسْتِيلَاءِ أَيْ إحْرَازِ الْمَالِ الْمُبَاحِ وَبِقَبُولٍ وَقَبْضِ الصَّدَقَةِ وَبِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَبِاخْتِلَافِ الْمَالِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُ الْمَالَيْنِ بِصُوَرٍ يَتَعَذَّرُ أَوْ يَتَعَسَّرُ تَمْيِيزُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَدْخَلٌ فِي ذَلِكَ لِلْمَالِكَيْنِ وَبِخَلْطِ الْأَمْوَالِ أَيْ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْجَبْرِيَّةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة كَمَا سَيُفَصَّلُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1060) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ الشَّرِكَةِ بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ هِيَ لِحُصُولِهَا فِي الْأَكْثَرِ بِأَحَدِ أَسْبَابِ

الْمِلْكِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيُطْلَقُ عَلَى الشَّرِكَةِ الَّتِي لَا تَحْصُلُ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشَّرِكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي خَلْطٍ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ شَرِكَةَ مِلْكٍ أَيْضًا. فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مَالًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ. أَمَّا إذَا وَرِثَ الِاثْنَانِ مَالًا فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةٍ جَبْرِيَّةٍ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ شَخْصٌ نِصْفَ الدَّارِ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُسْتَقِلًّا لِآخَرَ شَائِعًا فَتُصْبِحُ تِلْكَ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ اخْتِيَارِيَّةٍ. الْأَحْكَامُ الَّتِي تَثْبُتُ بِلَفْظِ التَّشْرِيكِ: إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ فَرَسًا فَقَالَ لَهُ آخَرُ بَعْدَ تَمَامِ الشِّرَاءِ اشْرَكْنِي فِي هَذِهِ الْفَرَسِ فَقَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُك، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ صَحَّ، وَإِذَا حَصَلَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يَصِحُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (253) وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ دَفْعُ نِصْفِ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَجْهَلُ مِقْدَارَ الثَّمَنِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ لِحِينِ عِلْمِهِ بِالثَّمَنِ (الْبَحْرُ) . وَخِيَارُ النَّظِيرِ هَذَا قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (238) وَسُمِّيَ هَذَا الْخِيَارُ " خِيَارَ تَكَشُّفِ الْحَالِ " وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ بَيْعٍ فَيَثْبُتُ فِيهَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبَيْعِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا: أَشْرِكْنِي فِي هَذِهِ الْفَرَسِ فَأَجَابَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ أَشْرَكْتُك، فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ ثَالِثٌ أَشْرِكْنِي فِي هَذِهِ الْفَرَسِ، فَأَجَابَهُ قَائِلًا: أَشْرَكْتُك، يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ الْأَخِيرُ عَالِمًا بِشَرِكَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ رُبْعَ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الطَّالِبُ الثَّانِي قَدْ طَلَبَ الِاشْتِرَاكَ فِي حِصَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَبِمَا أَنَّ حِصَّتَهُ هِيَ النِّصْفُ فَيُصِيبُ الطَّالِبَ الثَّانِي الرُّبْعُ مِنْ الْفَرَسِ وَإِلَّا يَأْخُذُ النِّصْفَ وَتَخْرُجُ جَمِيعُ الْفَرَسِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى قُبَيْلَ الْوَقْفِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّالِبُ الثَّانِي وَاقِفًا عَلَى مُشَارَكَةِ الطَّالِبِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ طَالِبًا شِرَاءَ النِّصْفِ وَبِقَبُولِ الْمُشْتَرِي طَلَبَهُ تَخْرُجُ جَمِيعُ الْفَرَسِ مِنْ مِلْكِهِ. وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَرَسٌ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِثَالِثٍ: أَشْرَكْتُك فِي هَذِهِ الْفَرَسِ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ صَارَ نَصِيبُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (الْبَحْرُ بِتَغْيِيرٍ) وَإِنْ أَشْرَكَ فِيمَا اشْتَرَاهُ اثْنَيْنِ كَانَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. قَالَ أَشْرَكْت فُلَانًا فِي نِصْفِ هَذِهِ الْفَرَسِ فَلَهُ الرُّبْعُ قِيَاسًا وَالنِّصْفُ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ اشْتَرَيَا فَرَسًا فَأَشْرَكَا فِيهِ آخَرَ فَإِنْ أَشْرَكَاهُ عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَهُ النِّصْفُ وَإِنْ أَشْرَكَاهُ مَعًا فَلَهُ الثُّلُثُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَإِنْ أَشْرَكَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَنَصِيبِ صَاحِبِهِ فَلَهُ النِّصْفُ وَلِلشَّرِيكَيْنِ النِّصْفُ (الْبَحْرُ بِتَغْيِيرٍ مَا) . وَحُصُولُ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ، حَيْثُ قَدْ ذَكَرْت أَسْبَابَ التَّمَلُّكِ هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَتَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرَ سَوَاءٌ حَصَلَ الْمِلْكُ دَفْعَةً وَاحِدَةً كَشِرَاءِ اثْنَيْنِ مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ كَإِيرَاثِ شَخْصَيْنِ مَالًا عَنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَاقِبًا كَشِرَاءِ أَحَدٍ مَالًا ثُمَّ إشْرَاكُ آخَرَ فِيهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا ذُكِرَ آنِفًا تَعْرِيفُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَرُكْنُهَا وَشُرُوطُهَا وَحُكْمُهَا: تَعْرِيفُهَا، قَدْ عُرِّفَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ هُنَا كَمَا أَنَّهَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1060) إنَّ أَسْبَابَ التَّمَلُّكِ ثَلَاثَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1248) إلَّا أَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1060) أَنَّ شَرِكَةَ الْمِلْكِ لَيْسَتْ مَخْصُوصَةً بِالشَّرِكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِأَحَدِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ، إذْ أَنَّ شَرِكَةً تَحْصُلُ بِخَلْطٍ

وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ اللَّذَيْنِ لَا يُعَدَّانِ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ، مَثَلًا لَوْ اخْتَلَطَتْ الْحِنْطَةُ الْحَاصِلَةُ فِي مَزْرَعَةِ أَحَدٍ بِالْحِنْطَةِ الَّتِي فِي مَزْرَعَةِ آخَرَ أَوْ خَلَطَاهَا فَتَحْصُلُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ مِلْكٍ مَعَ أَنَّ خَلْطَ وَاخْتِلَاطَ الْأَمْوَالِ غَيْرُ مَعْدُودَيْنِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ لِشَرِكَةِ الْمِلْكِ تَعْرِيفًا بِالْأَخَصِّ، فَلَوْ قِيلَ فِي التَّعْرِيفِ " إنَّمَا تَحْصُلُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَخَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ " لَكَانَ مُوَافِقًا لِلسِّبَاقِ وَالسِّيَاقِ، وَلَكَانَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ. رُكْنُهَا، هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ حَتَّى يَتَعَذَّرَ أَوْ يَتَعَسَّرَ تَمْيِيزُ وَتَفْرِيقُ الْحِصَصِ عَنْ بَعْضِهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . شَرْطُهَا، أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلشَّرِكَةِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَشْرَكَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ شَخْصًا فِي مَنَافِعِ وَقْفٍ مَوْقُوفٍ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَا يَصِحُّ (الطَّحْطَاوِيُّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1067) حُكْمُهَا، هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ الْمَخْلُوطِ أَوْ الْمُخْتَلَطِ وَكَوْنُ كُلِّ شَرِيكٍ أَجْنَبِيًّا فِي التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ بِحِصَّةِ الْآخَرِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِلَا إذْنٍ. وَعَدَمُ جَوَازِ ذَلِكَ هُوَ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1075) . (الشِّبْلِيُّ وَالْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . الثَّانِي - شَرِكَةُ الْعَقْدِ، وَتَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ يَعْنِي أَنَّ رُكْنَ شَرِكَةِ الْعَقْدِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (التَّنْوِيرُ) وَالْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُمَا مُخْتَصَّانِ بِالْقَوْلِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبُيُوعِ. وَهَلْ تُعْقَدُ الشَّرِكَةُ بِالتَّعَاطِي؟ وَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ الْقِسْمَيْنِ فِي بَابِهِمَا الْمَخْصُوصِ، فَتَفْصِيلَاتُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1060) وَشَرِكَةُ الْعَقْدِ سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1329) وَحُكْمُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَيْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ أَوْ كَوْنِ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ وَوَضَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالِ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ فَالْمَخْلُوطُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَعْدَ خَلْطِهِ، كَمَا أَنَّهُمَا لَوْ رَبِحَا مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ الرِّبْحُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ - وَيُوجَدُ سِوَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ شَرِكَةُ الْإِبَاحَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْعَامَّةِ مُشْتَرِكِينَ فِي صَلَاحِيَّةِ التَّمَلُّكِ بِالْأَخْذِ وَالْإِحْرَازِ لِلْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ مِلْكًا لِأَحَدٍ كَالْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ، فَمِيَاهُ الْأَنْهَارِ مَثَلًا يَشْتَرِكُ فِيهَا عُمُومُ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلِكُلِّ إنْسَانٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْمَاءَ بِإِنَاءٍ وَيَتَمَلَّكُهُ كَمَا أَنَّ لِجَمِيعِ النَّاسِ أَنْ يَسْقُوا مَزَارِعَهُمْ مِنْ مِيَاهِ الْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ كَنَهْرَيْ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَأَنْ يَفْتَحُوا جَدَاوِلَ وَمَجَارِي إلَى مَزَارِعِهِمْ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1234)

(المادة 1046) القسمة بمعنى التقسيم

الْفَرْقُ - وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَشَرِكَةِ الْعَقْدِ وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْإِبَاحَةِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَالْعَقْدُ هُوَ الْأَعْيَانُ وَالْأَمْوَالُ، وَأَمَّا مَا بِهِ الِاشْتِرَاكُ فِي شَرِكَةِ الْإِبَاحَةِ فَهُوَ صَلَاحِيَّةُ الْإِحْرَازِ وَالتَّمَلُّكِ. [ (الْمَادَّةُ 1046) الْقِسْمَةُ بِمَعْنَى التَّقْسِيمِ] (الْمَادَّةُ 1046) - (الْقِسْمَةُ بِمَعْنَى التَّقْسِيمِ. وَتَعْرِيفُهَا وَتَفْصِيلُهَا يَأْتِي فِي بَابِهَا الْمَخْصُوصِ) . وَالْقِسْمَةُ بِمَعْنَى التَّقْسِيمِ وَبِمَعْنَى التَّفْرِيقِ، وَالتَّقَسُّمُ أَيْضًا بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ فَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ الْقِسْمَةَ بِالتَّقْسِيمِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَانِ لُغَةٍ بِمُرَادِفِهَا. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي بَيَّنَ لِلْقِسْمَةِ هُوَ عَلَى أَنَّهَا مَصْدَرٌ لِفِعْلِ قَسَمَ الْقَسَّامُ الْمَالَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ. إلَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ أَيْضًا اسْمًا مِنْ الِاقْتِسَامِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَتَعْرِيفُ الْقِسْمَةِ وَتَفْصِيلُهَا يَأْتِي فِي بَابِهَا الْمَخْصُوصِ أَيْ فِي الْبَابِ الثَّانِي الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1114) . [ (الْمَادَّةُ 1047) مَعْنَى الْحَائِطُ] (الْمَادَّةُ 1047) - (الْحَائِطُ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِدَارِ وَالطَّبْلَةِ والجيت وَهُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْأَغْصَانِ وَجَمْعُهُ حِيطَانُ) وَالْحَائِطُ بِمَعْنَى الْجِدَارِ وَالْحَائِطُ مِنْ الْإِحَاطَةِ وَالْجِدَارُ بِمَعْنَى الِارْتِفَاعِ. وَاسْتِعْمَالُ الْحَائِطِ بِمَعْنَى الطَّبْلَةِ والجيت الَّتِي لَا تُعَدُّ مِنْ الْحِيطَانِ هُوَ اصْطِلَاحٌ. [ (الْمَادَّةُ 1048) الْمَارُّونَ وَالْعَابِرُونَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ] (الْمَادَّةُ 1048) - (الْمَارَّةُ بِوَزْنِ الْعَامَّةِ وَهُمْ الْمَارُّونَ وَالْعَابِرُونَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ) الْمَارَّةُ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِوَزْنِ الْعَامَّةِ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَهُمْ الْمَارُّونَ وَالْعَابِرُونَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ. الْعُبُورُ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ لِلْمُرُورِ فَيُقَالُ هَذَا عَابِرُ سَبِيلٍ أَيْ مَارُّ طَرِيقٍ. [ (الْمَادَّةُ 1049) مَعْنَى الْقَنَاة] (الْمَادَّةُ 1049) - (الْقَنَاةُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَجْرَى الْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ قَسْطَلًا أَوْ سِيَاقًا وَجَمْعُهَا قَنَوَاتٌ) وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ الْقَنَاةُ فِي الْمَادَّةِ (1284) وَقَنَوَاتٌ فِي الْمَادَّةِ (1086) [ (الْمَادَّةُ 1050) الْمُسَنَّاةُ مَعْنَى الْمُسَنَّاةُ] (الْمَادَّةُ 1050) - (الْمُسَنَّاةُ بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ وَسِينٍ مَفْتُوحَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ، الْحَدُّ وَسَدُّ الْمَاءِ وَأَطْرَافُ سَدِّ الْمَاءِ وَحَافَّاتُ فُوَّهَاتِ الْمَاءِ وَجَمْعُهَا مُسَنَّيَاتٍ) الْمُسَنَّاةُ هِيَ الْحَدُّ الَّذِي يُوضَعُ لِتَعْيِينِ وَتَفْرِيقِ الْمَكَانِ وَأَطْرَافُ سَدِّ الْمَاءِ وَحَافَّاتُ فُوَّهَاتِ الْمَاءِ، وَهِيَ

(المادة 1051) مفهوم الإحياء

مَأْخُوذَةٌ مِنْ مَعْنَى تُرْفَعُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَكُونُ فِي الْأَكْثَرِ مَرْفُوعَةٌ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْمَادَّةِ (1276) بِهَذَا الْمَعْنَى وَجَمْعُهَا مُسَنَّيَاتٌ. [ (الْمَادَّةُ 1051) مَفْهُومُ الْإِحْيَاء] (الْمَادَّةُ 1051) - (الْإِحْيَاءُ بِمَعْنَى الْإِعْمَارِ، وَهُوَ جَعْلُ الْأَرْضِ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ) الْإِحْيَاءُ لُغَةً هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ حَيًّا أَيْ صَاحِبُ قُوَّةٍ حَسَّاسَةٍ أَوْ قُوَّةٍ نَامِيَةٍ. أَمَّا مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ فَهُوَ الْإِعْمَارُ وَهُوَ جَعْلُ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ بِرَفْعِ أَشْوَاكِهَا وَتَنْقِيَةِ أَحْجَارِهَا وَرَفْعِهَا (الْهِنْدِيَّةِ) وَيُسَمَّى الْمُعَمِّرُ لِلْأَرْضِ مُحْيِيًا (الْقُهُسْتَانِيُّ) وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ اللُّغَةُ فِي الْمَادَّةِ (1272) وَكَيْفِيَّةُ إحْيَاءِ الْأَرَاضِي سَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (1270) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. [ (الْمَادَّةُ 1052) مَعْنَى التَّحْجِير] (الْمَادَّةُ 1052) - (التَّحْجِيرُ وَضْعُ الْأَحْجَارِ وَغَيْرِهَا فِي أَطْرَافِ الْأَرَاضِي لِأَجْلِ أَنْ لَا يَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهَا) وَلَفْظُ التَّحْجِيرِ أَمَّا مِنْ الْحَجَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ نَصْبُ أَحْجَارٍ فِي مَحَلٍّ، وَعَلَى ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ التَّحْجِيرِ عَلَى الْمَعْنَى الْآتِي هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْمُعْتَادِ فِي الْأَكْثَرِ جَعْلُ الْأَحْجَارِ عَلَامَةً لِلتَّحْجِيرِ، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ التَّحْجِيرِ الَّذِي هُوَ لِهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَجِّرٌ أَيْ بِمَعْنَى وَاضِعِ الْحَجَرِ، أَوْ بِمَعْنَى الْحَجْرِ بِسُكُونِ الْجِيمِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ فَإِطْلَاقُ الْحَجْرِ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَنْعُ الْغَيْرِ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِسَبَبِ التَّحْجِيرِ كَمَا سَيُذْكَرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1279) وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ التَّحْجِيرِ الَّذِي هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُتَحَجِّرٌ بِمَعْنَى الَّذِي يَمْنَعُ (رَدُّ الْمِحْتَارِ) . أَمَّا مَعْنَى التَّحْجِيرِ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ وَضْعُ الْأَحْجَارِ وَغَيْرِهَا كَالشَّوْكِ وَأَغْصَانِ الْأَشْجَارِ الْيَابِسَةِ فِي أَطْرَافِ الْأَرَاضِي لِأَجْلِ أَنْ لَا يَضَعَ آخَرُ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1277 1278) وَالْأَشْيَاءُ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحْجِيرُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1279) أَنَّهُ إذَا حَجَّرَ الْمَوَاتَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ فِي ظَرْفِ ثَلَاثِ سِنِينَ أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ لِآخَرَ بِإِحْيَاءِ ذَلِكَ الْمَوَاتِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1053) مَفْهُومُ الْإِنْفَاق] (الْمَادَّةُ 1053) - (الْإِنْفَاقُ عِبَارَةٌ عَنْ صَرْفِ الْإِنْسَانِ مَالَهُ) الْإِنْفَاقُ عِبَارَةٌ عَنْ صَرْفِ الْإِنْسَانِ مَالَهُ لِلنَّفَقَةِ وَبِمَعْنَى إعْطَاءِ النَّفَقَةِ، وَيُقَالُ إنَّ فُلَانًا أَنْفَقَ عَلَى دَابَّتِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ أَطْعَمَهَا شَعِيرًا وَتِبْنًا. [ (الْمَادَّةُ 1054) مَعْنَى النَّفَقَة] (الْمَادَّةُ 1054) - (النَّفَقَةُ الدَّرَاهِمُ وَالزَّادُ وَالذَّخِيرَةُ الَّتِي تُصْرَفُ فِي الْحَوَائِجِ وَالتَّعَيُّشِ) النَّفَقَةُ بِالْفَتَحَاتِ الثَّلَاثِ جَمْعُهَا نَفَقَاتٌ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ لَفْظُ النَّفَقَاتِ فِي عِنْوَانِ الْبَابِ الْخَامِسِ.

(المادة 1055) معنى التقبل

[ (الْمَادَّةُ 1055) مَعْنَى التَّقَبُّل] (الْمَادَّةُ 1055) - (التَّقَبُّلُ هُوَ تَعَهُّدُ الْعَمَلِ وَالْتِزَامُهُ) التَّقَبُّلُ بِوَزْنِ التَّعَقُّلِ وَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ الْقَبُولُ، وَاصْطِلَاحًا تَعَهُّدُ الْعَمَلِ وَالْتِزَامُهُ، وَالْعَمَلُ كَصَبْغِ الصَّبَّاغِ الثِّيَابَ وَتَخْيِيطِ الْخَيَّاطِ الْقُمَاشَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَهَذَا الْمَقْصُودُ مِنْ الْعَمَلِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ (1322) [ (الْمَادَّةُ 1056) مَفْهُومُ الْمُفَاوِضَانِ] (الْمَادَّةُ 1056) - (الْمُفَاوِضَانِ عَاقِدَا شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ) وَقَدْ عُرِّفَتْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فِي الْمَادَّةِ (1331) وَقَدْ سُمِّيَا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ أَنَّ الشَّرِكَةَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا أَنَّهَا تُعْقَدُ بَيْنَ شَخْصَيْنِ تُعْقَدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَيُسْتَفَادُ هَذَا أَيْضًا مِنْ عِبَارَةِ " اخْتِصَاصُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِشَيْءٍ " الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1045) فَعَلَى ذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ قِرَاءَةَ لَفْظِ الْمُفَاوِضَيْنِ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ هُوَ بَيَانٌ لِأَدْنَى مَرَاتِبِ الشُّرَكَاءِ وَقِرَاءَتُهَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ هُوَ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ بَيَانُ جَمِيعِ مَرَاتِبِ الشُّرَكَاءِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَفْظُ الْمُفَاوِضَيْنِ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ فِي الْمَجَلَّةِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، بَلْ اُسْتُعْمِلَ لَفْظُ الْمُفَاوِضَيْنِ وَكَانَ الْأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ التَّثْنِيَةِ هُنَا [ (الْمَادَّةُ 1057) مَفْهُومُ رَأْسُ الْمَالِ] (الْمَادَّةُ 1057) - (رَأْسُ الْمَالِ) مَثَلًا إذَا تَشَارَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَضَعَانِهِ فِي الشَّرِكَةِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ رَأْسَ مَالٍ. كَذَلِكَ الْمَالُ الَّذِي يَضَعُهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ يُسَمَّى رَأْسَ الْمَالِ. [ (الْمَادَّةُ 1058) مَفْهُومُ الرِّبْح] (الْمَادَّةُ 1058) - (الرِّبْحُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكَسْبِ) الرِّبْحُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَجَمْعُهُ أَرْبَاحٌ، وَالرَّبَحُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْبَاءِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، فَلِذَلِكَ إذَا وَضَعَ الشُّرَكَاءُ مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَاشْتَغَلُوا بِالتِّجَارَةِ فِيهَا وَحَصَلَ فَائِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَيَدَّعِي هَذَا رِبْحًا [ (الْمَادَّةُ 1059) تَعْرِيفُ الْإِبْضَاعُ] (الْمَادَّةُ 1059) - (الْإِبْضَاعُ هُوَ إعْطَاءُ شَخْصٍ لِآخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ عَائِدًا لَهُ وَيُسَمَّى رَأْسُ الْمَالِ بِضَاعَةً وَالْمُعْطِي الْمُبْضِعُ وَالْآخِذُ الْمُسْتَبْضِعُ) الْإِبْضَاعُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ إفْعَالٍ وَهُوَ لُغَةً اتِّخَاذُ شَيْءٍ رَأْسَ مَالٍ. وَاصْطِلَاحًا هُوَ إعْطَاءُ شَخْصٍ آخَرَ رَأْسَ مَالٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ عَائِدًا لَهُ، وَيُسَمَّى رَأْسُ الْمَالِ " الْبِضَاعَةَ " وَالْمُعْطِي لِرَأْسِ الْمَالِ " الْمُبْضِعَ " بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ الْإِفْعَالِ وَمَنْ أَخَذَ الْبِضَاعَةَ " الْمُسْتَبْضِعَ " بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ الِاسْتِفْعَالِ.

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " جَمِيعُ الرِّبْحِ عَائِدًا لَهُ "؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي رِبْحِ رَأْسِ الْمَالِ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا، وَالشَّرِكَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ شَرِكَةَ مُضَارَبَةٍ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1404) مِنْ الْمَجَلَّةِ وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِمُعْطِي رَأْسِ الْمَالِ، فَالْعَقْدُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ بِضَاعَةٌ وَعَقْدُ بِضَاعَةٍ وَقَدْ عُرِفَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ عَائِدًا لِلْآخِذِ، وَالْعَقْدُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ عَقْدُ قَرْضٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1404) . (الدُّرَرُ)

الباب الأول في بيان شركة الملك ويحتوي على ثلاثة فصول

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ] [ (الْمَادَّةُ 1060) شَرِكَةُ الْمِلْكِ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ: وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ: الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ (الْمَادَّةُ 1060) - (شَرِكَةُ الْمِلْكِ هِيَ كَوْنُ الشَّيْءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ أَيْ مَخْصُوصًا بِهِمْ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوَارُثِ أَوْ بِخَلْطٍ، وَاخْتِلَاطُ الْأَمْوَالِ يَعْنِي بِخَلْطِ الْأَمْوَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِصُورَةٍ لَا تَكُونُ قَابِلَةً لِلتَّمْيِيزِ وَالتَّفْرِيقِ أَوْ بِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ مَالًا أَوْ وَهَبَهُ أَحَدٌ لَهُمَا أَوْ أَوْصَى بِهِ وَقَبِلَا أَوْ وَرِثَ اثْنَانِ مَالًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَيَكُونَانِ ذَوَيْ نَصِيبٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَمُتَشَارِكَيْنِ فِيهِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكَ الْآخَرِ فِيهِ. كَذَلِكَ إذَا خَلَطَ اثْنَانِ ذَخِيرَتَهُمَا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ أَوْ اخْتَلَطَتْ ذَخِيرَتُهُمَا بِبَعْضِهَا بِانْخِرَاقِ عُدُولِهِمَا فَتَصِيرُ هَذِهِ الذَّخِيرَةُ الْمَخْلُوطَةُ أَوْ الْمُخْتَلِطَةُ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) . شَرِكَةُ الْمِلْكِ هِيَ كَوْنُ الشَّيْءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ وَاحِدٍ، أَيْ مَخْصُوصًا بِهِمْ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (2481) كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ أَيْ قَبُولِ الْهِبَةِ، وَكَذَا قَبُولُ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ أَيْ بِأَنْ يُوصِيَ أَحَدٌ بِمَالِهِ لِاثْنَيْنِ وَأَنْ يَقْبَلَا الْوَصِيَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي (الْبَحْرُ) وَالتَّوَارُثُ أَيْ أَنْ يَرِثَ اثْنَانِ مَالًا مِنْ مُوَرِّثِهِمَا الْمُتَوَفَّى، وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ أَوْ بِسَبَبٍ غَيْرِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَخَلْطِ الْأَمْوَالِ وَاخْتِلَاطِهَا. يَعْنِي (1) بِخَلْطِ الْأَمْوَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهَا وَتَمْيِيزُهَا أَيْ بِخَلْطِ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ بِفِعْلِهِمَا وَعَمَلِهِمَا أَوْ بِعَمَلِ أَحَدِهِمَا وَإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ بِعَمَلِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِمَا (2) أَوْ بِاخْتِلَاطِ الْمَالِ الْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِهِ. وَقَدْ فَسَّرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ خَلْطَ الْأَمْوَالِ كَمَا فَسَّرَ اخْتِلَاطَهَا بِطَرِيقِ النَّشْرِ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ. لَا يُقْبَلُ التَّفْرِيقُ وَالتَّمْيِيزُ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُفِيدُ الْعُمُومَ فَتَشْمَلُ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ وَتَفْرِيقُهُ وَالشَّيْءَ الَّذِي يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ وَتَمْيِيزُهُ أَيْضًا لَكِنَّهُ مُتَعَسِّرٌ، وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ وَتَمْيِيزُهُ هُوَ اخْتِلَاطُ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ كَاخْتِلَاطِ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ وَالْمَائِعِ بِالْمَائِعِ، وَاَلَّذِي يَتَعَسَّرُ تَفْرِيقُهُ وَتَمْيِيزُهُ هُوَ

كَاخْتِلَاطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ وَرَدَتْ تَفْصِيلَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (788) كَمَا إنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1045) أَنَّ أَسْبَابَ التَّمَلُّكِ تَحْصُلُ عَلَى نَوْعَيْنِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى حُصُولِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَعَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا: إذَا حَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَحُكْمُهَا، كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1045) عِبَارَةٌ عَنْ الِاشْتِرَاكِ بِالْمَخْلُوطِ وَاذَا تَلِفَ قِسْمٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْلُوطِ فَخَسَارُ التَّالِفِ يَكُونُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ، وَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَخَسَارُ التَّالِفِ يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ وَاَلَّذِي يَبْقَى مِنْهُ يَكُونُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ الْأَصْلِيِّ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - قِيلَ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ وَتَمَيُّزُهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ قَابِلًا لِلتَّمَيُّزِ وَالتَّفْرِيقِ لَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ ذَهَبَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَكَانَ لِلْآخَرِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ كُلُّ قِطْعَةٍ بِدِينَارٍ وَخُلِطَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ بِبَعْضِهَا فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا فَلَوْ ضَاعَ دِينَارٌ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَيَكُونُ خَسَارُهُ عَائِدًا عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 2 - خَلْطٌ، فَالْخَلْطُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَخْلِطَ اثْنَانِ مَالَهُمَا بِالِاتِّفَاقِ أَوْ أَنْ يَخْلِطَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَخْلِطَهُ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا. فَلِذَلِكَ لَوْ خَلَطَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ أَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ بِدُونِ إذْنِهِمَا فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ الْغَصْبِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (788، 791) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْخَلْطُ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَخْلِطَ الطَّرَفَانِ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يَخْلِطَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَخْلِطَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا. الثَّانِي: أَنْ يَخْلِطَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَخْلِطَ أَجْنَبِيٌّ الْمَالَ بِدُونِ إذْنِهِمَا. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ، وَأَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ وَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ مَالًا لِلْخَالِطِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الْآخَرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 3 - كَوْنُ الشَّيْءِ، وَلَمْ يَقُلْ كَوْنُ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1066) أَنَّ الشِّرْكَةَ الْمِلْكَ كَمَا تَكُونُ فِي الْعَيْنِ تَكُونُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَعْبِيرُ الْعَيْنِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ هُوَ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَيْنِ غَالِبَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَقْصُودَةَ هُنَاكَ مُعَمَّمَةٌ عَلَى الْعَيْنِ حَالًا وَالْعَيْنُ مَالًا. 4 - أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَا اثْنَيْنِ كَمَا أَنَّهُ عَامٌّ يَشْمَلُ صُورَةً مَا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ وَهَبَهُمَا أَحَدٌ مَالًا أَوْ أَوْصَى بِهِ أَوْ

(المادة 1061) اختلط دينار أحد بدينارين لآخر من جنسه ثم ضاع اثنان منهما

تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمَا أَوْ أَهْدَاهُ لَهُمَا فَقَبِلَا الْهِبَةَ أَوْ الْوَصِيَّةَ أَوْ الصَّدَقَةَ أَوْ الْهَدِيَّةَ أَوْ وَرِثَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالًا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَيَكُونَانِ ذَوَيْ نَصِيبٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ وَمُتَشَارِكَيْنِ فِيهِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرِيكُ الْآخَرِ فِيهِ وَيُسَمَّى الْمَالُ مُشْتَرَكًا وَمُشْتَرَكًا فِيهِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيُسَمَّى أَصْحَابُ الْمَالِ مُتَشَارِكِينَ وَمُشْتَرِكِينَ وَمُشَارِكِينَ وَذَوِي نَصِيبٍ. كَذَلِكَ لَوْ خَلَطَ اثْنَانِ ذَخِيرَتَهُمَا بَعْضَهَا بِبَعْضٍ أَوْ اخْتَلَطَتْ ذَخِيرَتُهُمَا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بِانْخِرَاقِ عُدُولِهِمَا فَتَكُونُ تِلْكَ الذَّخِيرَةُ الْمَخْلُوطَةُ أَوْ الْمُخْتَلِطَةُ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَإِذَا كَانَتْ الذَّخِيرَةُ الْمَخْلُوطَةُ مُتَسَاوِيَةً فِي الْمِقْدَارِ فَتَكُونُ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا وَاذَا كَانَ الثُّلُثَانِ لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثُ لِلْآخَرِ فَتَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَانِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ، وَالصُّورَةُ الْأُخْرَى تُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 1061) اخْتَلَطَ دِينَارُ أَحَدٍ بِدِينَارَيْنِ لِآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ ثُمَّ ضَاعَ اثْنَانِ مِنْهُمَا] (الْمَادَّةُ 1061) - (إذَا اخْتَلَطَ دِينَارُ أَحَدٍ بِدِينَارَيْنِ لِآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ ثُمَّ ضَاعَ اثْنَانِ مِنْهُمَا فَيَكُونُ الدِّينَارُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ) . إذَا اخْتَلَطَ دِينَارُ أَحَدٍ بِدِينَارَيْنِ لِآخَرَ مِنْ جِنْسِهِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ فَيَكُونُ هَذَا الْمُخْتَلَطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ حَسْبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَيَكُونُ ثُلُثُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمُخْتَلَطِ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ وَثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ فَلَوْ ضَاعَ دِينَارَانِ مِنْهُمَا فَيَكُونُ الدِّينَارُ الْبَاقِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ وَالثُّلُثُ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (789) وَشَرْحَهَا. سُؤَالٌ - إذَا ضَاعَ دِينَارَانِ مِنْ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ الْمُخْتَلِطَةِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا فَمَعْلُومٌ جَزْمًا أَنَّ أَحَدَ الدِّينَارَيْنِ الضَّائِعَيْنِ هُوَ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْآخَرِ هُوَ دِينَارٌ وَاحِدٌ أَمَّا الدِّينَارُ الْآخَرُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الدِّينَارِ الْوَاحِدِ أَوْ لِصَاحِبِ الدِّينَارَيْنِ فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْبَاقِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ بِاخْتِلَاطِ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ وَأَصْبَحَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ دِينَارٍ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَكُلُّ دِينَارٍ يُفْقَدُ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ يَكُونُ خَسَارَةً بِنِسْبَةِ اشْتِرَاكِهِمَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ (الْجَوْهَرَةُ فِي الْغَصْبِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - اخْتَلَطَ، فَالِاخْتِلَاطُ يَكُونُ إمَّا بِالْخَلْطِ وَإِمَّا بِالِاخْتِلَاطِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْخَلْطُ حَصَلَ بِدُونِ اتِّفَاقِ الِاثْنَيْنِ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا، أَوْ كَانَ بِعَمَلِ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ بِعَمَلِ أَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِهِمَا فَالْحُكْمُ مُتَسَاوٍ فِي ذَلِكَ مَثَلًا، لَوْ وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ وَعَقْدَ الشَّرِكَةِ وَبَعْدَ خَلْطِ الدَّنَانِيرِ الْمَذْكُورَةِ وَقَبْلَ شِرَاءِ بِضَاعَةٍ لِلشَّرِكَةِ بِذَلِكَ الْمَالِ تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ بِيَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَكُونُ خَسَارَةُ الدَّنَانِيرِ التَّالِفَةِ عَائِدًا بِالتَّسَاوِي عَلَى الشَّرِيكَيْنِ كَمَا أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْهَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا

(المادة 1062) تنقسم شركة الملك قسمين

مُنَاصَفَةً أَمَّا. إذَا خَلَطَ أَحَدُهُمَا الدَّنَانِيرَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ أَوْ خَلَطَهَا شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ بِدُونِ إذْنِهِمَا فَيَكُونُ تَعَدِّيًا وَتَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُعْتَدِي أَيْ عَلَى الْخَالِطِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) أَيْ أَنَّ الْخَلْطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ تَعَدٍّ وَاسْتِهْلَاكٌ فَيُصْبِحُ الْخَالِطُ مَالِكًا لِلْمَخْلُوطِ وَضَامِنًا لِصَاحِبِ الْمَالِ إذْ قَدْ تَبَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) أَنَّ خَلْطَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ وَاخْتِلَاطَهُ تَلَفٌ لَهُ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (788) أَنَّ خَلْطَ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ تَعَدٍّ. 2 - بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمَيُّزَ، أَمَّا إذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بِصُورَةٍ تَقْبَلُ تَمْيِيزَ الْمَخْلُوطِ فَخَسَارُ التَّالِفِ مِنْ الْمَخْلُوطِ إذَا كَانَ مَعْلُومًا مَالُ مَنْ مِنْهُمَا يَعُودُ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْبَاقِيَ إذَا كَانَ مَعْلُومًا مَالُ مَنْ مِنْهُمَا يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ بِالِاخْتِلَاطِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ دِينَارُ أَحَدٍ ذَا حَلْقَةٍ أَوْ كَانَ مَخْرُوقًا أَوْ مُؤَرَّخًا بِتَارِيخٍ وَكَانَ دِينَارُ الْآخَرِ لَا حَلْقَ لَهُمَا أَوْ لَيْسَا مَخْرُوقَيْنِ أَوْ كَانَ تَارِيخُهُمَا غَيْرَ تَارِيخِ الدِّينَارِ وَكَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا فَإِذَا اخْتَلَطَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ وَتَلِفَ بَعْضُهَا فَيَعُودُ خَسَارُ الدَّنَانِيرِ التَّالِفَةِ عَلَى صَاحِبِهَا. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ دِينَارُ أَحَدٍ مِنْ سِكَّةِ دَوْلَةٍ وَدِينَارُ الْآخَرِ مِنْ سِكَّةِ دَوْلَةٍ أُخْرَى وَكَانَ مُمْكِنًا لِذَلِكَ تَفْرِيقُهُمَا وَتَمْيِيزُ بَعْضِهِمَا عَنْ بَعْضٍ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ بِإِيضَاحٍ) . يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَبِمَثَابَةِ مِثَالٍ لَهَا وَلَا يُفِيدُ حُكْمًا غَيْرَ الْحُكْمِ الْوَارِدِ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى بَدَلًا مِنْ كِتَابَةِ مِثَالِ مَادَّةٍ فِي شَكْلِ مَادَّةٍ أُخْرَى أَنْ يُورَدَ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ عَلَى شَكْلِ الْمِثَالِ. [ (الْمَادَّةُ 1062) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ قِسْمَيْنِ] (الْمَادَّةُ 1062) - (تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ قِسْمَيْنِ: اخْتِيَارِيٌّ وَجَبْرِيٌّ) أَمَّا شَرِكَةُ الْعَقْدِ فَهِيَ شَرِكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ وَلَا تَكُونُ جَبْرِيَّةً؛ لِأَنَّ نَوْعَيْ الْإِكْرَاهِ، كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1007) مُعْتَبَرَانِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ قَدْ عَدَّدَ فِي الْمَادَّةِ (1006) وَالْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِالْإِكْرَاهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ عَنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ بِأَنَّهَا إحْدَاهَا إلَّا أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِالْإِكْرَاهِ لَمْ تَكُنْ مَقْصُورَةً عَلَى الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَشَرْحِهَا. وَالْقَاعِدَةُ هِيَ (أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ لَا يَجُوزُ بِالْإِكْرَاهِ) وَيَدْخُلُ أَمْثَالُ ذَلِكَ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1063) الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ] (الْمَادَّةُ 1063) - (الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ هِيَ الِاشْتِرَاكُ الْحَاصِلُ بِفِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَبِخَلْطِ الْأَمْوَالِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا) الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ هِيَ الِاشْتِرَاكُ الْحَاصِلُ فِي شَيْءٍ بِفِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ. وَالْفِعْلُ هُنَا يَشْمَلُ فِعْلَ اللِّسَانِ وَفِعْلَ الْجَوَارِحِ فَقَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَالِاشْتِرَاءُ فِعْلُ اللِّسَانِ أَمَّا خَلْطُ الْأَمْوَالِ فَفِعْلُ غَيْرِ اللِّسَانِ كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ الِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ أَيْ قَبُولِ الْهِبَةِ وَقَبْضِ الصَّدَقَةِ (الْبَحْرُ) .

(المادة 1064) الشركة الجبرية

مَثَلًا، إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ بِالِاشْتِرَاكِ مَالًا فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ كَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ لِاثْنَيْنِ بِمَالٍ وَقَبِلَا الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمَذْكُورُ، بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ. [ (الْمَادَّةُ 1064) الشَّرِكَةُ الْجَبْرِيَّةُ] (الْمَادَّةُ 1064) - (الشَّرِكَةُ الْجَبْرِيَّةُ هِيَ الِاشْتِرَاكُ الْحَاصِلُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ التَّوَارُثِ وَاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ) الشَّرِكَةُ الْجَبْرِيَّةُ هِيَ الشَّرِكَةُ الْحَاصِلَةُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُتَشَارِكِينَ. سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِأَحَدِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَالْإِرْثِ أَوْ بِغَيْرِ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ كَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ. كَالِاشْتِرَاكِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ التَّوَارُثِ وَاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ أَيْ إنْ اخْتَلَطَ مَالُ اثْنَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمَزُّقَ وَالتَّفْرِيقَ بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْإِرْثُ هُوَ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ الْجَبْرِيِّ كَمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِهِ هِيَ شَرِكَةٌ جَبْرِيَّةٌ [ (الْمَادَّةُ 1065) اشْتِرَاكُ الْوُدَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ] (الْمَادَّةُ 1065) - (اشْتِرَاكُ الْوُدَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ أَمَّا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَأَلْقَتْ ثِيَابَ أَحَدٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَشَرِكَةُ أَصْحَابِ الدَّارِ فِي حِفْظِ هَذِهِ الثِّيَابِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْجَبْرِيَّةِ) اشْتِرَاكُ الْوُدَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (783) هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ؛ لِأَنَّ لُزُومَ الْحِفْظِ عَلَيْهِمْ قَدْ نَتَجَ عَنْ قَبُولِهِمْ الْوَدِيعَةَ، وَقَبُولُهُمْ لَهَا أَمْرٌ اخْتِيَارِيٌّ. أَمَّا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ وَأَلْقَتْ ثِيَابَ أَحَدٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَشَرِكَةُ أَصْحَابِ الدَّارِ فِي حِفْظِ هَذِهِ الثِّيَابِ وَفِي ثُبُوتِ حَقِّ الْحِفْظِ عَلَيْهِمْ بِالِاشْتِرَاكِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْجَبْرِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَنْتُجْ عَنْ فِعْلِهِمْ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ يَكُونُونَ مُشْتَرِكِينَ فِي الْحِفْظِ وَيَثْبُتُ حَقُّ الْحِفْظِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى أَحَدِهِمْ فَقَطْ وَهَؤُلَاءِ يَحْفَظُونَ الْوَدِيعَةَ عَلَى مُوجِبِ التَّفْصِيلَاتِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (783) . قَدْ بَيَّنَ الْمَرْحُومُ حَافِظُ السَّيِّدُ فِي حَاشِيَتِهِ أَنَّ لَفْظَ (قَبِيلِ) تَأْتِي تَارَةً بِمَعْنَى جُزْئِيَّاتِ الشَّيْءِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي الْمَادَّةِ (1081) وَتَارَةً أُخْرَى بِمَعْنَى مُنَاسَبَةِ الشَّيْءِ. وَاسْتِعْمَالُ، لَفْظِ قَبِيلِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي مَوْضِعَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ فُهِمَ مِنْ الْمَادَّةِ (1062) أَنَّ الشَّرِكَةَ الْجَبْرِيَّةَ وَالِاخْتِيَارِيَّة هُمَا مِنْ أَقْسَامِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَبِمَا أَنَّ الْوَدِيعَةَ لَمْ تَكُنْ مِلْكَ الْوُدَعَاءِ كَمَا أَنَّ الثِّيَابَ لَمْ تَكُنْ مِلْكَ أَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ حَتَّى تَكُونَ مِنْ قَبِيلِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ، وَلِذَلِكَ فَلَفْظُ قَبِيلٍ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ أَنَّ اشْتَرَاك الْوُدَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مِنْ مُنَاسَبَاتِ الشَّرِكَةِ الْجَبْرِيَّةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة. لَا مَحَلَّ لَأَنْ يُعْتَرَضَ عَلَى ذِكْرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَجْرِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَحْكَامُ مَادَّتَيْ (1069 و 1073) الْخَاصَّةِ بِشَرِكَةِ الْمِلْكِ لِأَنَّ ذِكْرَ مَسْأَلَةٍ فِي بَابٍ مِنْ الْأَبْوَابِ لَا يُوجِبُ جَرَيَانَ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ عَلَيْهَا كَالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مَثَلًا فَأَنَّهُ لَا تَجْرِي بِحَقِّهِ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1066) تنقسم شركة الملك إلى قسمين

وَتَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْ الشَّرِكَةِ الْجَبْرِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ إلَى قِسْمَيْنِ أَيْ أَنَّ الشَّرِكَةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ هِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ فِي الْمِلْكِ وَالْآخَرُ الشَّرِكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ فِي الْحِفْظِ كَمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ الْجَبْرِيَّةَ تَنْقَسِمُ أَيْضًا إلَى شَرِكَةٍ جَبْرِيَّةٍ فِي الْمِلْكِ وَشَرِكَةٍ جَبْرِيَّةٍ فِي الْحِفْظِ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1066) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ إلَى قِسْمَيْنِ] (الْمَادَّةُ 1066) - (تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ إلَى قِسْمَيْنِ: شَرِكَةُ عَيْنٍ وَشَرِكَةُ دَيْنٍ) . تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ إلَى قِسْمَيْنِ: شَرِكَةُ عَيْنٍ وَشَرِكَةُ دَيْنٍ كَمَا تَنْقَسِمُ إلَى شَرِكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ وَجَبْرِيَّةٍ وَتُعْرَفُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ، إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ سُؤَالٌ عَلَى هَذَا التَّقْسِيمِ وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ كَمَا عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (125) . أَمَّا الدَّيْنُ فَهُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْمَنَافِعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ الْأَعْيَانِ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ تَقْسِيمُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى قِسْمَيْنِ تَقْسِيمَ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ. وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ عَيْنًا وَمَالًا فَهُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ وَالْعَاقِبَةِ مَالٌ وَعَيْنٌ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) وَعَلَيْهِ فَشَرِكَةُ الدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعَاقِبَةِ شَرِكَةُ مِلْكٍ فَعَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قِسْمَيْنِ إلَّا أَنَّهَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ قِسْمَانِ أَيْ أَنَّ إحْدَاهُمَا شَرِكَةٌ فِي الْعَيْنِ حَالًا وَالثَّانِيَةَ شَرِكَةٌ فِي الْعَيْنِ مَالًا. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ اعْتِبَارَ شَرِكَةِ الدَّيْنِ شَرِكَةَ مِلْكٍ هُوَ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُمْلَكُ فَلِذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (873) أَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ مَجَازًا إسْقَاطًا وَابَرَاءً لِلدَّيْنِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) وَمَعْنَى شَرِكَةِ الْعَيْنِ الشَّرِكَةُ فِي الْعَيْنِ وَشَرِكَةِ الدَّيْنِ الشَّرِكَةُ فِي الدَّيْنِ فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى فِي وَالْمَادَّتَانِ الْآتِيَتَا الذِّكْرِ تَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ. وَيَبْلُغُ أَنْوَاعُ الشَّرِكَاتِ اثْنَيْ عَشَرَ نَوْعًا وَهِيَ: 1 - شَرِكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ فِي مِلْكِ الْعَيْنِ. 2 - شَرِكَةٌ جَبْرِيَّةٌ فِي مِلْكِ الْعَيْنِ. 3 - شَرِكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ فِي مِلْكِ الدَّيْنِ. 4 - شَرِكَةٌ جَبْرِيَّةٌ فِي مِلْكِ الدَّيْنِ. 5 - شَرِكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ فِي الْحِفْظِ. 6 - شَرِكَةٌ جَبْرِيَّةٌ فِي الْحِفْظِ. 7 - شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ. 8 - شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ. 9 - شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ. 0 - 1 - شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ. 11 - شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ. 12 - شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ. وَالْأَنْوَاعُ السِّتَّةُ الْأَخِيرَةُ سَتُفَصَّلُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ.

(المادة 1067) شركة العين

[ (الْمَادَّةُ 1067) شَرِكَةُ الْعَيْنِ] (الْمَادَّةُ 1067) - (شَرِكَةُ الْعَيْنِ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْجُودِ كَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ شَائِعًا فِي شَاةٍ أَوْ فِي قَطِيعِ غَنَمٍ) وَقَيْدُ (شَائِعًا) خَاصٌّ بِقَطِيعِ الْغَنَمِ وَهُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ قَطِيعٍ يَكُونُ نِصْفُهُ الْمُفْرَزُ لِأَحَدٍ وَالنِّصْفُ الْمُفْرَزُ الْآخَرُ لِآخَرَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ فِيهِ اشْتِرَاكٌ. أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فِي شَاةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ إلَّا شَائِعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ طَرَفَيْ الشَّاةِ لِأَحَدٍ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ لِآخَرَ فَقَيْدُ الشَّائِعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّاةِ غَيْرُ لَازِمٍ. شَرْطُ شَرِكَةِ الْعَيْنِ، وَشَرْطُ جَوَازِ شَرِكَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلشَّرِكَةِ (الْبَحْرُ) فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ وَفِي النِّكَاحِ وَالْوَقْفِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1045) (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1068) شَرِكَةُ الدَّيْنِ] (الْمَادَّةُ 1068) - (شَرِكَةُ الدَّيْنِ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ كَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ فِي قَدْرِ كَذَا دِرْهَمًا فِي ذِمَّةِ آخَرَ) شَرِكَةُ الدَّيْنِ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ، وَتَعْرِيفُ الدَّيْنِ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (158) وَهَذَا التَّعْرِيفُ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْجَمَةِ اللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ بِاللَّفْظِ التُّرْكِيِّ. كَاشْتِرَاكِ اثْنَيْنِ فِي قَدْرِ كَذَا دِينَارًا، أَوْ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَوَادُّ (29 0 1 و 93 0 1 و 94 1 و 95 1 و 96 1) . مَثَلًا: لَوْ بَاعَ اثْنَانِ لِآخَرَ الْفَرَسَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَتُصْبِحُ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ذَيْنِكَ الِاثْنَيْنِ بِشَرِكَةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَمَا أَنَّ مَطْلُوبَ الْمُتَوَفَّى مِنْ ذِمَّةِ زَيْدٍ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ حَسْبَ أَحْكَامِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ بِشَرِكَةٍ جَبْرِيَّةٍ. ثَمَرَةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الدَّيْنِ: هِيَ أَنَّ مَا يَقْبِضُهُ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ يَكُونُ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ حَقُّ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَقْبُوضِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لِلْقَابِضِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مَا قَبَضْته هُوَ حِصَّتِي وَمَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ هُوَ حِصَّتُك كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الدَّيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَأَنْ يُؤَخِّرَ إعْطَاءَ حِصَّةِ الْآخَرِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحَاوِيُّ وَالْبَحْرُ) . وَسَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1110) أَنَّهُ تُوجَدُ حِيلَتَانِ لِحَصْرِ الْمَقْبُوضِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْقَابِضِ. وَالدَّيْنُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (581) هُوَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِي ذِمَّتِهِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَمُشَارٍ إلَيْهِ أَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَمُشَارًا إلَيْهِ لَكِنَّهُ مِثْلِيَّاتٌ غَيْرُ مُفْرَزَةٍ كَكَيْلَةِ حِنْطَةٍ مِنْ صُبْرَةِ حِنْطَةٍ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ قَدْ بَحَثَ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1091) عَنْ الدَّيْنِ بِمَعْنَاهُ الْأَوَّلِ فَالدَّيْنُ الْوَارِدُ هُنَا هُوَ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَاهُ الْأَوَّلِ. أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ بِمَعْنَاهُ الثَّانِي فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ كَمَا أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الدَّيْنِ بِمَعْنَاهُ الثَّالِثِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ اشْتِرَاكًا فِي الدَّيْنِ بَلْ هُوَ اشْتِرَاكٌ فِي الْعَيْنِ.

(الفصل الثاني) في بيان كيفية التصرف في الأعيان المشتركة

[ (الْفَصْلُ الثَّانِي) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ التَّصَرُّفِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ] قَدْ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ تَحْتَ عِنْوَانِ مَبْحَثٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَقَدْ وُجِدَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ نَذْكُرَ هُنَا بَيَانَ أَقْسَامِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ إجْمَالًا مَعَ ذِكْرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالِانْتِفَاعِ بِهَا. الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْأَبْنِيَةُ كَالدَّارِ وَالْحَانُوتِ، وَأَحْكَامُ ذَلِكَ تَبِينُ فِي الْمَوَادِّ (1069 و 1070 و 1071 و 1072 و 1073 و 1075 و 1077 و 1078 و 1079 و 1081 و 1083 و 1084 و 1088) الْقِسْمُ الثَّانِي - الْأَرَاضِي، وَأَحْكَامُهَا تُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ (1069 و 1071 و 1072 و 1073 و 1075 و 1076 و 1077 و 1078 و 1079 و 1080 و 1083 و 1087 و 1088) الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْحَيَوَانُ، وَحُكْمُهُ يُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ (1069 و 1071 و 1072 و 1073 و 1074 و 1075 و 1077 و 1078 و 1079 و 1080 و 1083 و 1087 و 1088) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ - الثِّيَابُ، وَحُكْمُهَا يُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ (1069 و 1071 و 1072 و 1073 و 1075 و 1077 و 1080 و 1083 و 1084 و 1087 و 1088) . الْقِسْمُ الْخَامِسُ - الْكُرُومُ، وَحُكْمُهَا يُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ (1069 و 1071 و 1072 و 1073 و 1075 و 1077 و 1086 و 1087 و 1088) . الْقِسْمُ السَّادِسُ - الْكَيْلِيُّ أَوْ الْوَزْنِيُّ أَوْ الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ، وَحُكْمُ ذَلِكَ يُبَيَّنُ هُنَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ. وَهُوَ أَنَّهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي غِيَابِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ أَنْ يُفَرِّقَ حِصَّتُهُ وَأَنْ يَأْخُذَهَا وَيَنْتَفِعَ بِهَا وَإِذَا سَلَّمَ الْبَاقِيَ الَّذِي هُوَ حِصَّةُ الشَّرِيكِ لِلشَّرِيكِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الَّذِي أَخَذَ حِصَّتَهُ قَبْلًا أَيُّ شَيْءٍ. أَمَّا إذَا تَلِفَ الْبَاقِي قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ لِلشَّرِيكِ فَيَعُودُ خَسَارُهُ عَلَيْهِمَا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَلْزَمُ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يُعْطِيَ الشَّرِيكَ الْغَائِبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَأْخُوذَةِ قَبْلًا (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ مَادَّةَ (1117) . (الْمَادَّةُ 1069) - (مِثْلَمَا يَتَصَرَّفُ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْمُسْتَقِلِّ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ فَأَصْحَابُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ يَتَصَرَّفُونَ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ كَذَلِكَ) مِثْلَمَا يَتَصَرَّفُ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْمُسْتَقِلِّ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1093) فَلِجَمِيعِ

(المادة 1070) يسوغ لأصحاب الدار المشتركة أن يسكنوا فيها معا

أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَتَصَرَّفُوا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ أَيْ كَيْفَمَا يَشَاءُونَ، يَعْنِي أَنَّهُمْ يَقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ إذَا كَانُوا مُتَّفِقِينَ فِي أَيْ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْمُبَيَّنَةِ آنِفًا. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي كُتُبٍ فِقْهِيَّةٍ عَدِيدَةٍ، وَبَيَانُ ذَلِكَ: الْبَيْعُ - لِلشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِالِاتِّفَاقِ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ اثْنَانِ الدَّارَ أَوْ السَّاحَةَ أَوْ الْحَيَوَانَ أَوْ الثِّيَابَ أَوْ الْكُرُومَ أَوْ الْكَيْلِيَّ أَوْ الْعَدَدِيَّ الْمُتَقَارِبَ أَوْ الْوَزْنِيَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا لِآخَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (365) كَمَا أَنَّهُ فِي صُورَةِ خَلْطِ أَوْ اخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ فَلِلشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَا بِالِاتِّفَاقِ الْمَخْلُوطَ أَوْ الْمُخْتَلِطَ لِلْآخَرِ. الْإِجَارَةُ - لِلشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ تَأْجِيرُهُ لِآخَرَ بِالِاتِّفَاقِ، مَثَلًا إذَا أَجَّرَ اثْنَانِ الدَّارَ أَوْ السَّاحَةَ أَوْ الْحَيَوَانَ أَوْ الْكُرُومِ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا لِآخَرَ بِالِاتِّفَاقِ فَالْإِيجَارُ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (134) وَيُقَسَّمُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1184) ؛ لِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (88) . الرَّهْنُ - لِلشُّرَكَاءِ رَهْنُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِآخَرَ مُقَابِلَ دَيْنِهِمْ الْمُشْتَرَكِ بِالِاتِّفَاقِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (721) . الْأَمَانَاتُ - لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يُودِعُوا أَوْ يُعِيرُوا الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِالِاتِّفَاقِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (796) . الْهِبَةُ - لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَهَبُوا بِالِاتِّفَاقِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَيُسَلِّمُوهُ لَهُ. الْإِقْرَاضُ - لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يُقْرِضُوا وَيُسَلِّمُوا لِآخَرَ الْمَالَ الْمِثْلِيَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ بِالِاتِّفَاقِ. السُّكْنَى - لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنُوا الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بِالِاتِّفَاقِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. الزِّرَاعَةُ - لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَزْرَعُوا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بِالِاتِّفَاقِ. التَّصَرُّفَاتُ الْأُخْرَى - لِكُلِّ شَرِيكٍ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ شَرِيكِهِ أَنْ يَضَعَ أَمْتِعَتَهُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يَرْبِطَ حَيَوَانَهُ فِيهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . فَائِدَةٌ قَيْدُ (بِالِاتِّفَاقِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الشُّرَكَاءُ عَلَى ذَلِكَ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ تُوجَدُ بَعْضُ تَصَرُّفَاتٍ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ التَّصَرُّفُ بِهَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ. وَهِيَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِآخَرَ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (215) وَالْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1088) . وَلَيْسَ لَهُ هِبَتُهَا، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (858) . وَلَيْسَ لَهُ إيجَارُهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) . وَلَا إيدَاعُهَا وَإِعَارَتُهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1075) . وَلَا هَدْمُهَا وَإِنْشَاؤُهَا وَلَا أَنْ يَبْنِيَ طَابَقًا فَوْقَهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (46 و 96) . كَمَا أَنَّهُ تُوجَدُ بَعْضُ تَصَرُّفَاتٍ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَسَتُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1070) يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَسْكُنُوا فِيهَا مَعًا] (الْمَادَّةُ 1070) - (يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَسْكُنُوا فِيهَا مَعًا، لَكِنْ إذَا أَدْخَلَ أَحَدُهُمْ أَجْنَبِيًّا إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) يَسُوغُ لِجَمِيعِ أَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَسْكُنُوا فِيهَا مَعًا. يَعْنِي إذَا اتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى السُّكْنَى مَعًا وَكَانَتْ الدَّارُ مُسَاعِدَةً لِسُكْنَاهُمْ مَعًا فَلَهُمْ السُّكْنَى وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعًا لِلْمَادَّةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى السُّكْنَى مَعًا فَلَهُمْ السُّكْنَى مَعًا وَلَا يَحِقُّ لَهُمْ مَنْعُ بَعْضِهِمْ مِنْهَا. اُنْظُرْ مَادَّةَ

وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1075) أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ تُعْتَبَرُ مِلْكًا خَاصًّا لِكُلِّ شَرِيكٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِي السُّكْنَى وتَوَابِعِهَا كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. لَكِنْ إذَا أَدْخَلَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَجْنَبِيًّا إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَ إدْخَالُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِقَصْدِ الزِّيَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بِدُونِ إذْنِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدُّخُولَ وَالْإِدْخَالَ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (96) (الْخَيْرِيَّةُ) حَتَّى إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا أَذِنَ لَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُونَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . أَمَّا إذَا أَذِنَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ فَلَهُ الدُّخُولُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (96) . فَلِذَلِكَ إذَا أَدْخَلَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ فَإِذَا سَكَنَ الْأَخَوَانِ بِزَوْجَتَيْهِمَا تِلْكَ الدَّارَ فَلَيْسَ لِأُخْتَيْهِمَا أَنْ يَطْلُبَا السُّكْنَى فِي تِلْكَ الدَّارِ مَعَ زَوْجَيْهِمَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجَاهُمَا غَيْرَ مَحْرَمَيْنِ لِأَخَوَيْهِمَا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالتَّنْقِيحُ) . (الْمَادَّةُ 1071) - (يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ مُسْتَقِلًّا فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِإِذْنِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ) أَيْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ. وَهَذَا الْإِذْنُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْإِذْنُ صَرَاحَةً فَإِذَا أَذِنَ صَرَاحَةً فَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي دَائِرَةِ الْإِذْنِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ بِهِ مِنْ الشَّرِيكِ الْآذِنِ سَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ فَلِذَلِكَ لَهُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ وَالرَّهْنُ. مَثَلًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (214 و 215) . وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ وَيُودِعَهُ وَيُعِيرَهُ وَيَهَبَهُ وَيُسَلِّمَهُ لِآخَرَ وَيَكُونُ الْإِذْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَالَةً بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِيدَاعِ أَوْ الْإِعَارَةِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ الرَّهْنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1452) وَلَهُ أَنْ يَهْدِمَهُ وَأَنْ يَبْنِيَ طَابَقًا فَوْقَهُ وَأَنْ يُعَمِّرَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَوْ أَعَارَهَا لَهُ فَلِلشَّرِيكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ مُسْتَقِلًّا بِذَلِكَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (429 و 812) . الْخُلَاصَةُ: لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ وَغَيْرِ الْمُضِرَّةِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الصَّرِيحِ. النَّوْعُ الثَّانِي - الْإِذْنُ دَلَالَةً، وَهُوَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْآتِيَةِ: (أَوَّلًا) فِي السُّكْنَى وَتَوَابِعِهَا حَسْبَ الْمَادَّتَيْنِ (1075 و 1080) . (ثَانِيًا) فِي تَحْمِيلِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ وَفِي الْحَرْثِ عَلَيْهِ وَفِي اسْتِخْدَامِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْمَادَّةِ (1080) . (ثَالِثًا) فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1085) . لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إذْنٌ صَرِيحٌ مِنْ الشَّرِيكِ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ تَصَرُّفًا مُضِرًّا وَرِضَاءً مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ الْمُضِرَّ بِدَاعِي وُجُودِ إذْنِ الشَّرِيكِ دَلَالَةً وَرِضَاءً مِنْهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ حَقِّ الْمَالِكِ فَإِذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ

(المادة 1072) ليس لأحد الشريكين أن يجبر الآخر

بِطَلَبِ الْمَالِكِ وَادِّعَائِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالِكُ أَيْ الشَّرِيكُ غَائِبًا وَلَمْ يَطْلُبْ وَيَدَّعِ مَنْعَ الشَّرِيكِ مِنْ التَّصَرُّفِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1829) . (الْأَنْقِرْوِيُّ بِعِلَاوَةٍ) . أَمَّا إذَا أَذِنَ الشَّرِيكُ صَرَاحَةً شَرِيكَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ فَلَا شَكَّ أَنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَسَكَنَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ تِلْكَ الدَّارَ جَازَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ كَثِيرَ الْعَائِلَةِ، وَلَا يُقَاسُ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1081) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ مُضِرَّةً بِهَا وَأَذِنَ الشَّرِيكُ عِنْدَ سَفَرِهِ شَرِيكَهُ بِزِرَاعَتِهَا فَلَهُ ذَلِكَ. وَكَمَا يَكُونُ هَذَا الْإِذْنُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْإِعَارَةِ. كَذَلِكَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ هَدْمُ كُلِّ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1459) . [ (الْمَادَّةُ 1072) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ] الْمَادَّةُ (1072) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: بِعْنِي حِصَّتَك أَوْ اشْتَرِ حِصَّتِي. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَالشَّرِيكُ لَيْسَ بِغَائِبٍ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمُهَايَأَةَ كَمَا سَيَجِيءُ تَفْصِيلُهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: بِعْنِي حِصَّتَك أَوْ اشْتَرِ حِصَّتِي أَوْ أَجِّرْنِي حِصَّتَك أَوْ اسْتَأْجِرْ حِصَّتِي أَوْ فَلِنَبِعْ مِلْكنَا لِآخَرَ مَعًا، أَوْ فَلْنُؤَجِّرْهُ لِآخَرَ مَعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّضَاءَ شَرْطٌ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1006) أَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةَ الَّتِي تَكُونُ بِجَبْرٍ وَإِكْرَاهٍ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. مَثَلًا، لَوْ أَرَادَ أَرْبَعَةُ شُرَكَاءَ أَنْ يَبِيعُوا عِنَبَ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ خَمْسَةِ شُرَكَاءَ وَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ الْخَامِسُ عَنْ الْبَيْعِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا شِرَاءَ جَمِيعِ الثَّمَرِ فَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يُجْبَرُوا شَرِيكَهُمْ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِمْ لَهُ: بِعْ حِصَّتَك مَعَنَا بَلْ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا حِصَّتَهُمْ بَعْدَ إدْرَاكِ الْعِنَبِ وَإِجْرَاءِ تَقْسِيمِهِ بَيْنَهُمْ. كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَرْبَعَةُ شُرَكَاءَ فِي حَانُوتٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ خَمْسَةِ شُرَكَاءَ إيجَارُ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْخَامِسُ التَّأْجِيرَ فَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ الْأَرْبَعَةِ إجْبَارُ شَرِيكِهِمْ الْخَامِسِ عَلَى إيجَارِ حِصَّتِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ جَوَازِ إيجَارِ الْمَشَاعِ بَلْ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الْمُهَايَأَةَ وَأَنْ يُؤَجِّرَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فِي نَوْبَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (429 و 1088) . وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الَّتِي يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ وَفِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ كَانَ اثْنَانِ يَتَصَرَّفَانِ فِي عَقَارِ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ شَائِعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ بِقَوْلِ: أَفْرِغْ لِي حِصَّتَك فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ أَوْ اقْبَلْ الْفَرَاغَ بِحِصَّتِي إلَّا أَنَّهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُفْرِغَ حِصَّتَهُ لِمَنْ شَاءَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْفَرَاغِ. وَاذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْحُكْمُ أَيْضًا

(المادة 1073) تقسيم حاصلات الأموال المشتركة في شركة الملك

عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ اثْنَانِ يَتَصَرَّفَانِ فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ بِالِاشْتِرَاكِ شَائِعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُجْبِرَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ: أَفْرِغْ لِي حِصَّتَك فِي تِلْكَ الْأَرَاضِي أَوْ اقْبَلْ الْفَرَاغَ فِي حِصَّتِي مِنْهَا، إلَّا أَنَّهُ إذَا فَرَّغَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِآخَرَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلِلشَّرِيكِ حَقُّ الرُّجْحَانِ كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي قَانُونِهِ الْمَخْصُوصِ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَلَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَلَهُ التَّهَايُؤُ أَيْ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الشَّرِيكَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1069) وَلَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا عَلَى تَصَرُّفِ الْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1071) وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبِرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى بَيْعِ أَوْ إيجَارِ حِصَّتِهِ وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ إجْرَاءُ التَّقْسِيمِ جَبْرًا وَقَضَاءً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1141) فَقَدْ لَزِمَ إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ مَنْعًا لِتَعْطِيلِ مَنَافِعِ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ، وَسَتَجِيءُ تَفْصِيلَاتُ الْقِسْمَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي. قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (وَالشَّرِيكُ لَيْسَ بِغَائِبٍ) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقِسْمَةِ حُضُورُ الشُّرَكَاءِ أَوْ وُكَلَائِهِمْ الشَّرْعِيِّينَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1128) [ (الْمَادَّةُ 1073) تَقْسِيمُ حَاصِلَاتِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ] (الْمَادَّةُ 1073) - (تَقْسِيمُ حَاصِلَاتِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ بَيْنَ أَصْحَابِهِمْ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ. فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ حِصَّةٌ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ لَبَنِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ نِتَاجِهِ لَا يَصِحُّ) تُقَسَّمُ حَاصِلَاتُ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ بَيْنَ أَصْحَابِهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ حِصَصُ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيَةً أَيْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً فَتُقَسَّمُ بِالتَّسَاوِي وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مُتَسَاوِيَةً بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ فَتُقَسَّمُ الْحَاصِلَاتُ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَاتِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ هِيَ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1308) وَحَاصِلَاتِهَا أَيْضًا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغُنْمَ بِالْغُرْمِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (88) . الْحَاصِلَاتُ: هِيَ اللَّبَنُ وَالنِّتَاجُ وَالصُّوفُ وَأَثْمَارُ الْكُرُومِ وَالْجَنَائِنِ وَثَمَنُ الْمَبِيعِ وَبَدَلُ الْإِيجَارِ وَالرِّبْحُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. إيضَاحُ اللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ وَالصُّوفِ: إذَا شُرِطَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ شَيْءٌ زَائِدٌ عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ لَبَنِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ صُوفِهِ أَوْ نِتَاجِهِ لَا يَصِحُّ. مَثَلًا لَوْ شَرَطَ الشَّرِيكَانِ تَقْسِيمَ لَبَنِ الْبَقَرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ اللَّبَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَإِذَا أَخَذَ صَاحِبُ الثُّلُثِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا. كَذَلِكَ إذَا اسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا تِلْكَ الْحَاصِلَاتِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ يَضْمَنُ حِصَّتَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (932) (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةَ) .

(المادة 1074) النتاج يتبع الأم في الملكية

إيضَاحُ أَثْمَارِ الْكُرُومِ وَالْجَنَائِنِ: لَوْ شَرَطَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي أَثْمَارِ الْكُرُومِ وَالْجَنَائِنِ الْمُشْتَرَكَةِ مِقْدَارًا أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ لَا يَصِحُّ. إيضَاحُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ: لَوْ بِيعَ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بِاتِّفَاقِ الشُّرَكَاءِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمْ مِقْدَارٌ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ لَا يَصِحُّ (الْمُحْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فَرَسٌ وَلِآخَرَ شَاةٌ وَبَاعَاهُمَا بِالِاتِّفَاقِ لِآخَرَ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَيُقَسَّمُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَالشَّاةِ بَيْنَهُمَا وَتُعَيَّنُ حِصَصُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّنَاسُبِ الْحِسَابِيَّةِ. إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الثَّمَنِ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّسَاوِي فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الشَّرْطِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ ثَلَاثُونَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُثَالَثَةً فَبَاعَاهَا بِثَلَاثِينَ رِيَالًا عَلَى شَرْطِ تَقْسِيمِ الثَّمَنِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الشَّرْطِ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَيْنَهُمَا مُثَالَثَةٌ ثُلُثٌ لِأَحَدِهِمَا وَثُلُثَانِ لِلْآخَرِ. إيضَاحُ بَدَلِ الْإِيجَارِ: لَوْ أَجَّرَ الشُّرَكَاءُ الْحَانُوتَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمْ لِآخَرَ فَيَجِبُ تَقْسِيمُ بَدَلِ الْإِيجَارِ بَيْنَهُمْ حَسْبَ حِصَصِهِمْ فِي الْحَانُوتِ. فَإِذَا شَرَطَ لِأَحَدِهِمْ مِقْدَارًا أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ لَا يَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ يَمْلِكُ عَقَارًا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ فَأَجَّرَا الْعَقَارَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ لِآخَرَ وَاتَّفَقَا عَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَتَقَاسَمَا الْإِيجَارَ سِنِينَ عَدِيدَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الْإِيجَارِ لِأَحَدٍ ذَيْنَكَ الْعَقَارَيْنِ أَزْيَدَ مِنْ إيجَارِ الْآخَرِ أَيْ. أَجْرِ مِثْلِهِ فَيَجِبُ إعَادَةُ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى صَاحِبِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَإِعْطَاءُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ. وَإِنَّ الظَّنَّ بِأَنَّ تِلْكَ الْمُقَاوَلَةَ مَشْرُوعَةٌ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اسْتِرْدَادِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (التَّنْقِيحُ) . إيضَاحُ الرِّبْحِ: يَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى الْمَادَّةِ (1402) لِلْحُصُولِ عَلَى تَفْصِيلَاتٍ لِذَلِكَ. [ (الْمَادَّةُ 1074) النِّتَاجُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِيَّةِ] (الْمَادَّةُ 1074) - (النِّتَاجُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِيَّةِ، مَثَلًا لَوْ نَزَا حِصَانُ أَحَدٍ عَلَى فَرَسِ آخَرَ فَالْفِلْوُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ذَكَرُ حَمَامٍ وَلِلْآخَرِ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ الْحَاصِلَةُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى) . النِّتَاجُ أَيْ نِتَاجُ عُمُومِ الْحَيَوَانَاتِ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِيَّةِ، وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فَيَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لِلتَّعْرِيفِ فَالْأُمُّ لَا تُشْتَهَرُ، وَتَبَعِيَّةُ الْأَوْلَادِ فِي النَّسَبِ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] كَمَا بَيَّنَ أُصُولُ الْفِقْهِ. مَثَلًا لَوْ نَزَا حِصَانُ أَحَدٍ عَلَى فَرَسِ آخَرَ فَالْفِلْوُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْحِصَانِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحِصَانِ أَنْ يَقُولَ: إنِّي شَرِيكٌ فِي الْفِلْوِ لِحُصُولِهِ مِنْ نَزْوِ حِصَانِي عَلَى فَرَسِك كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ ذَكَرُ حَمَامٍ وَلِآخَرَ أُنْثَى فَالْفِرَاخُ الْحَاصِلَةُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِ الْأُنْثَى كَامِلَةً (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَا يَأْخُذُ الْآخَرُ حِصَّةً فِيهَا.

(المادة 1075) كل واحد من الشركاء في شركة الملك أجنبي في حصة الآخر

[ (الْمَادَّةُ 1075) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ] (الْمَادَّةُ 1075) - (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدٌ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ، أَمَّا فِي سُكْنَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ صَاحِبَ مِلْكٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ. مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ أَجَّرَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَتَلِفَ الْبِرْذَوْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ. كَذَلِكَ إذَا رَكِبَ أَحَدُهُمَا الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ حَمَّلَهُ حِمْلًا بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَ الْبِرْذَوْنُ أَثْنَاءَ السَّيْرِ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّتَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَعْمَلَهُ مُدَّةً فَصَارَ هَزِيلًا وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَكُونُ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَةِ حِصَّتِهِ. أَمَّا إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فِيهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ مُدَّةً فَيَكُونُ قَدْ سَكَنَ فِي مِلْكِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةٍ لِأَجْلِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَاذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ قَضَاءً فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ (الطَّحْطَاوِيُّ) أَمَّا فِي حِصَّتِهِ فَهُوَ مَالِكٌ وَمُتَصَرِّفٌ كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1080) (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَقَيْدُ (التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ) هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّصَرُّفِ غَيْرِ الْمُضِرِّ فَكَمَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْبَيْتِ وَالْخَادِمِ وَالْأَرْضِ فِي غَيْبَةِ الْمُشَارِكِ يَجُوزُ أَيْضًا هَذَا الِانْتِفَاعُ غَيْرُ الْمُضِرِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ جِهَةُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ مُتَسَاوِيَةً فَالظَّاهِرُ مَنْعُ التَّصَرُّفِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَلَا يُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ بِعَكْسِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ بَلْ يَكُونُ الشَّرِيكُ فِي التَّصَرُّفِ فِي نَوْبَتِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مُسْتَوْدَعًا لِحِصَّةِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1087) . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ حَسْبَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (792) أَنْ يُؤَجِّرَهُ أَوْ يُعِيرَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ لِآخَرَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَالشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِ شَرِيكِهِ أَوْ ذَلِكَ الْآخَرِ حَسْبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ) لِجَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي حِصَّتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1088) أَنَّ لِلشَّرِيكِ بَيْعَ حِصَّتِهِ حَتَّى بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ نِصْفَهَا لِآخَرَ فَيُصْرَفُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ عَلَى أَنَّهُ فِي حِصَّتِهِ وَيَنْفُذُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ حَمْلُ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بِصُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ، فَلَوْ حُمِلَ بِأَنَّ نِصْفَ مَا بَاعَهُ فِي حِصَّتِهِ وَنِصْفَ مَا بَاعَهُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ قَدْ حُمِلَ عَمَلُهُ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ. أَمَّا لَوْ بَاعَ فُضُولِيٌّ نِصْفَ تِلْكَ الدَّارِ الشَّائِعَةِ فَيُصْرَفُ الْبَيْعُ إلَى حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صُرِفَ الْبَيْعُ إلَى حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَجَازَ كِلَاهُمَا الْبَيْعَ فَيَكُونُ قَدْ بِيعَ نِصْفُ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَمَّا إذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَيَنْفُذُ فِي جَمِيعِ حِصَّةِ الْمُجِيزِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ قَدْ بِيعَ

تَمَامُ نِصْفِ الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ بِعِلَاوَةٍ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ فَيُصْرَفُ الْبَيْعُ إلَى حِصَّتِهِ فَكَذَلِكَ يُصْرَفُ الْبَيْعُ إلَى تَمَامِ حِصَّةِ الْمُجِيزِ. فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا تَصَرُّفًا مُضِرًّا فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً وَإِذَا تَصَرَّفَ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ لَفْظِ (التَّصَرُّفِ) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ وَالْإِيجَارُ. وَالْكَيُّ وَالْهِبَةُ وَالْقَطْعُ وَالِاسْتِهْلَاكُ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا كَأَخْذِهِ لِلسَّفَرِ وَالْهَدْمِ. مِثَالٌ لِلْبَيْعِ - لَوْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ حِصَّتَهُ وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ بِدُونِ إذْنِهِ لِآخَرَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فُضُولًا فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ (الْبَهْجَةُ) وَلِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ إنْ شَاءَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَقَبْلَ الْإِجَازَةِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ الشَّرِيكُ غَيْرُ الْبَائِعِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّرِيكَ الْبَائِعَ حِصَّتَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَاصِبٌ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ أَمَّا الْبَائِعُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ (الْحَامِدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَصَرُّفٍ) مِثَالٌ لِلْإِيجَارِ - سَيُبَيِّنُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1077 و 1084) . مِثَالٌ لِلْكَيِّ - لَوْ كَوَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَبِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَأَدَّى هَذَا الْكَيُّ لِهَلَاكِ الْحَيَوَانِ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُعَالَجَةَ مِنْ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي إجْرَائِهَا، وَحَيْثُ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُعَالَجَةِ فَقَدْ لَزِمَ الضَّمَانُ. وَلَكِنَّهُ لَوْ كَوَاهُ بَعْدَ تَصْدِيقِ الْبَيَاطِرَةِ بِاحْتِيَاجِ الْحَيَوَانِ لِلْكَيِّ لِلتَّدَاوِي وَبِأَنَّ الْكَيَّ ضَرُورِيٌّ لَهُ فَتَلِفَ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الْحَامِدِيَّةُ فِي الشَّرِكَةِ) لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى خَبَرِ أَهْلِ الذِّكْرِ، وَيُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ. نَفْسِهِ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (772) وَشَرْحَهَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُعَالِجُ قَدْ اُضْطُرَّ لِذَلِكَ لِوِقَايَةِ حِصَّتِهِ مِنْ التَّلَفِ، وَالضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. مِثَالٌ لِلْهِبَةِ - لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَهَبَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لِآخَرَ فَإِذَا وَهَبَهَا تَكُونُ هِبَتُهُ فُضُولًا: اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857) . مِثَالٌ لِلْقَطْعِ وَالِاسْتِهْلَاكِ - لَوْ قَطَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَشْجَارَ الْمُثْمِرَةَ الْمُشْتَرَكَةَ تَغَلُّبًا وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ قَائِمَةً فِي الْأَشْجَارِ الْمُسْتَهْلَكَةِ (الْبَهْجَةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (920) . مِثَالٌ لِلْأَخْذِ لِلسَّفَرِ - لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فِي السَّفَرِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِذَا أَخَذَهُ لِلسَّفَرِ وَتَلِفَ فَإِذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمُؤْنَةِ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا (الْبَحْرُ) . وَقَدْ

بُيِّنَتْ مَسْأَلَةُ أَخْذِ الْوَدِيعَةِ لِلسَّفَرِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (78) . مِثَالٌ لِلْهَدْمِ - لَوْ كَانَ حَائِطٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ لِإِنْشَائِهِ مُحْكَمًا أَوْ لِوَضْعِ بِنَائِهِ أَوْ جُذُوعِهِ عَلَيْهِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ. قِيلَ (إذْنُهُ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً) فَالْإِذْنُ صَرَاحَةً ظَاهِرٌ أَمَّا الْإِذْنُ وَالرِّضَاءُ دَلَالَةً فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1078) كَمَا أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1085) هُوَ مِنْ قَبِيلِ الرِّضَاءِ دَلَالَةً. قِيلَ " لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا " إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُطْلَقًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1086) أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ رِضَاءٌ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمَا كَانَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ. وَكَوْنُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيًّا فِي حِصَّةِ الْآخَرِ هُوَ فِي التَّصَرُّفِ الْمُضِرِّ أَمَّا فِي التَّصَرُّفِ غَيْرِ الْمُضِرِّ كَالسُّكْنَى مَثَلًا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي الْأَحْوَالِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالصُّعُودِ إلَى السَّطْحِ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَ مِلْكٍ مَخْصُوصٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فَيَكُونُ لِكُلِّ شَرِيكٍ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ الْآخَرَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا وَالْقُعُودِ فِيهَا وَمِنْ وَضْعِهِ أَمْوَالَهُ وَأَشْيَاءَهُ فِيهَا مِمَّا يُوجِبُ ذَلِكَ تَعْطِيلَ مِلْكِهِمَا الْأَمْرُ غَيْرُ الْجَائِزِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْهُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ أُجْرَةٍ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . مَثَلًا - لَوْ أَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ أَوْ أَجَّرَهُ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ فَالشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ أَوْ الْمُؤَجِّرَ هُنَا غَاصِبٌ وَالْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 891 و 910 ' وَشَرْحَ الْمَادَّةِ " 792 ". تَكْمِلَةَ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ) . حُكْمُ إزَالَةِ التَّعَدِّي فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَعْدَ التَّعَدِّي عَلَيْهِ: إذَا تَعَدَّى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِشَرِكَةِ مِلْكٍ ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ فَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ. مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ أَنْ ارْتَكَبَ هَذَا التَّعَدِّيَ اسْتَرَدَّ الْحَيَوَانَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَتَلِفَ الْحَيَوَانُ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْمُعِيرِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُعِيرُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (787 و 814) فَعَلَى هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ يَكُونُ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ (فَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَرَدَّ الْمُعِيرُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ بَعْدَ الْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ الْحَيَوَانَ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِشَرِيكِهِ يَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ) . أَمَّا إذَا تَعَدَّى الشَّرِيكُ عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ أَثْنَاءَ نَوْبَتِهِ وَهُوَ يُحَافَظُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ فَيَزُولُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْفَرْقُ الظَّاهِرُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ إذَا تَعَدَّى عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالذَّاتِ فِي أُمُورٍ لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ اسْتِعْمَالُهَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَأَزَالَ التَّعَدِّيَ قَبْلَ لُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَكِ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا تَعَدَّى عَلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِتَسْلِيمِهَا لِيَدِ آخَرَ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ

الْإِعَارَةِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ يَدِ الْآخَرِ قَبْلَ لُحُوقِ الضَّرَرِ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَأَزَالَ التَّعَدِّيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. كَذَلِكَ إذَا رَكِبَ الشَّرِيكَيْنِ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَلِفَ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الْبِرْذَوْنِ يَوْمَ رُكُوبِهِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَلَى الدَّابَّةِ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الرَّاكِبِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الرُّكُوبُ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَحَاشِيَةُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَكَذَلِكَ إذَا حَمَلَهُ حَمْلًا فَتَلِفَ الْبِرْذَوْنُ أَثْنَاءَ سَيْرِهِ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْآخَرِ وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تُحْذَفَ عِبَارَةُ (إذَا حَمَلَهُ حَمْلًا) ، مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ؛ لِأَنَّ تَحْمِيلَ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ جَائِزٌ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1080) وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا أَمْكَنَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّهُ إذَا حُمِلَ الْحَيَوَانُ بِدَرَجَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ تَحْمِلِيهِ حَسْبَ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَتَلِفَ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَقَامِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ. وَقَيْدُ " أَثْنَاءَ السَّيْرِ " هُوَ احْتِرَازِيٌّ حَسْبَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُبَيَّنَةِ آنِفًا، فَلِذَلِكَ إذَا تَرَكَ الشَّرِيكُ التَّعَدِّيَ بِدُونِ لُحُوقِ أَيِّ ضَرَرٍ ثُمَّ تَلِفَ الْحَيَوَانُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. وَكَذَا إذَا اسْتَعْمَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ مُدَّةً بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِيهَا كَالرُّكُوبِ وَهَزَلَ الْبِرْذَوْنُ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَقْتَ الِاسْتِعْمَالِ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ. اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (900) . وَقَدْ قُيِّدَتْ عِبَارَةُ " الِاسْتِعْمَالِ " الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْوَاقِعِ فِي الْخُصُومَاتِ الْغَيْرِ الْجَائِزِ اسْتِعْمَالُهَا. أَمَّا لَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي الْخُصُومَاتِ الْجَائِزِ اسْتِعْمَالُهَا كَتَحْمِيلِ الْحِمْلِ فَبِمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ فِيمَا إذَا حَصَلَ نَقْصٌ فِي قِيمَتِهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1080) اُنْظُرْ مَادَّةَ (91) . إلَّا أَنَّهُ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ السُّكْنَى فِيهَا بِدُونِ أَخْذِ إذْنٍ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ حِينٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (17) . وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ سَكَنَ الشَّرِيكُ مُدَّةً فَهُوَ جَائِزٌ وَيُعَدُّ سَاكِنًا فِي مِلْكِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَحَيْثُ إنَّهُ يُعَدُّ سَاكِنًا فِي مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةٍ مِنْ أَجْلِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَلَهُ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إذْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَحَدًا دَفْعُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ سُكْنَاهُ فِي مِلْكِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْمَادَّةِ (442) وَكَمَا فَصَّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (597) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ظَنَّ الشَّرِيكُ السَّاكِنُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فَدَفَعَ لِشَرِيكِهِ أُجْرَةً فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْإِجَارَةِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . أَمَّا إذَا حَضَرَ الشَّرِيكُ وَطَلَبَ مِنْ شَرِيكِهِ السَّاكِنِ الْأُجْرَةَ وَسَكَنَ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ السَّاكِنَ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ حَيْثُ إنَّ السُّكْنَى بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ الْتِزَامٌ لِلْأُجْرَةِ وَقَبُولٌ لَهَا (الْحَامِدِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (438) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ صَغِيرًا أَوْ وَقْفًا أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ أَجْرَ مِثْلِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) وَإِذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ قَضَاءً أَوْ خَلُقَتْ مِنْ سُكْنَاهُ الْمُعْتَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) أَمَّا إذَا احْتَرَقَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (905)

(المادة 1076) زرع أحد الشريكين الأراضي المشتركة

قِيلَ " قَضَاءً " لِأَنَّهُ لَوْ حَرَقَهَا عَمْدًا يَضْمَنُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (905) حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَشْعَلَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَارًا خِلَافًا لِلْمُعْتَادِ فَتَسَبَّبَ مِنْ ذَلِكَ حُصُولُ حَرِيقٍ وَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ دَارِ جَارِهِ مَبْنِيَّةً وَقِيمَةَ الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَرِقَةِ الَّتِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَخْلِيصِهَا (الْبَهْجَةِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (703) . وَكَذَلِكَ لَوْ خَرِبَتْ الدَّارُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ الْغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ فَيَضْمَنُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي التَّصَرُّفِ) . [ (الْمَادَّةُ 1076) زَرَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرَاضِيَ الْمُشْتَرَكَةَ] (الْمَادَّةُ 1076) - (لَوْ زَرَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرَاضِيَ الْمُشْتَرَكَةَ فَلَا صَلَاحِيَةَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ حِصَّةً كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ حَسْبَ عَادَةِ الْبَلْدَةِ، لَكِنْ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْأَرْضِ لِزِرَاعَتِهَا فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ قِيمَةَ نُقْصَانِ حِصَّتِهِ) الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبَا الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ حَاضِرَيْنِ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَالْآخَرُ غَائِبًا فَإِذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَزْرَعَ عُمُومَ الْأَرْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) فَإِذَا زَرَعَهَا فَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَنْبُتَ الزَّرْعُ ويُدْرَكَ أَوْ يَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْإِدْرَاكِ فَإِذَا أُدْرِكَ الزَّرْعُ أَوْ قَرُبَ مِنْ الْإِدْرَاكِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ حَسْبَ عَادَةِ الْبَلْدَةِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ الْأَرَاضِي مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَحَتَّى لَوْ كَانَ عُرْفٌ فِي الْبَلْدَةِ أَنْ يُعْطَى حِصَّةً مَنْ يَزْرَعُ أَرَاضِيَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ - كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ - لَا يَلْزَمُ أَحَدًا أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً مُقَابِلَ انْتِفَاعِهِ فِي مِلْكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (597) . أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ فِي الْأَرَاضِي وَقْفًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ الزَّارِعَ الْأَزْيَدُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَنُقْصَانِ الْأَرْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (516) وَشَرْحَهَا. وَقَيْدُ (الْمُشْتَرَكَةِ) ، احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّارِعِ حِصَّةٌ فِيهَا فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ أَرَاضِيَ الْغَيْرِ الَّتِي فِي الْقَرْيَةِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ فِي عُرْفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ أَنْ يُعْطَى حِصَّةً مِنْ حَاصِلَاتِ تِلْكَ الْأَرْضِ كَالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي تُزْرَعُ بِلَا أَمْرٍ كَهَذِهِ فَتُؤْخَذُ حِصَّةٌ مِنْ الْحَاصِلَاتِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ مَوْجُودٌ كَهَذَا فَيَلْزَمُ الزَّارِعَ إعْطَاءُ أَجْرِ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . لَكِنْ إذَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهِ فَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ قِيمَةَ نُقْصَانِ حِصَّتِهِ حَيْثُ يَكُونُ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، غَاصِبًا لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ. اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (920) . وَالْمَادَّةَ (907) . وَقَيْدُ (إذَا نَقَصَتْ) احْتِرَازِيٌّ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ فِي الْأَرْضِ بِسَبَبِ زِرَاعَتِهَا فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ زَالَ مُؤَخَّرًا مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ نُقْصَانِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِ ذَلِكَ الْعُذْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (23) وَالْمَادَّةَ (1085) . وَشَرْحَهَا

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ يَنْبُتَ الزَّرْعُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ أَوْ لَمْ يُقَارِبْ الْإِدْرَاكَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا حَضَرَ الشَّرِيكُ تُقَسَّمُ الْأَرَاضِي الْمَزْرُوعَةُ بَيْنَهُمَا حَسْبَ حِصَصِهِمَا وَيُتْرَكُ لِلشَّرِيكِ الزَّارِعِ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ أَيْ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِيهِمَا وَيُقْلَعُ الزَّرْعُ الَّذِي فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1173) (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) فَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ فِي هَذَا الْحَالِ عَلَى الْأَرْضِ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ فَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْغَاصِبُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. وَالْحُكْمُ فِي الْبِنَاءِ مُمَاثِلٌ لِهَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَنْشَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِنَاءً فِي الْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ رَفْعَ الْبِنَاءِ فَيُقَسِّمُ الْقَاضِي بِطَلَبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا أَصَابَ الْبِنَاءَ مَقْسَمَ صَاحِبِ الْبِنَاءِ فَبِهَا وَإِذَا أَصَابَ الْبِنَاءُ مَقْسَمَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيُقْلَعُ الْبِنَاءُ وَيُهْدَمُ أَوْ يَشْتَرِي الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْبِنَاءَ مِنْ الشَّرِيكِ الْبَانِي بِالثَّمَنِ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ (الْفَيْضِيَّةُ) . أَمَّا إذَا أُنْشِئَ الْبِنَاءُ عَلَى جَمِيعِ الْعَرْصَةِ فَتُقَسَّمُ أَيْضًا وَيَبْقَى الْمَبْنِيُّ فِي حِصَّةِ الْبَانِي لِلْبَانِي وَيُهْدَمُ الْقِسْمُ الَّذِي يَكُونُ فِي مَقْسَمِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1173) . قِيلَ إنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ هُوَ فِي صُورَةِ حُضُورِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ الْمَبْحُوثَ فِيهَا هِيَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذْ كَانَ غَائِبًا فَلَا يُمْكِنُ تَقْسِيمُهُ كَمَا أَنَّهُ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ لَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ غَاصِبًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1085) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَفِي الِاحْتِمَالِ لَا يُقْلَعُ الزَّرْعُ إذَا تَرَكَ الطَّرَفَانِ بِالرِّضَاءِ الْمَزْرُوعَاتِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا بِإِعْطَاءِ الشَّرِيكِ نِصْفَ الْبَذْرِ لِلشَّرِيكِ الزَّارِعِ جَازَ (الْخَانِيَّةُ فِي الْغَصْبِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعِ نِصْفِ حِصَّتِهِ فِي الزَّرْعِ الثَّابِتِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ. الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا يَكُونَ الزَّرْعُ نَابِتًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الزَّرْعَ إلَى حِينِ أَنْ يَنْبُتَ وَيَقْلَعَهُ عَلَى الصُّورَةِ الْمُوَضَّحَةِ فِي الِاحْتِمَالِ وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ مِثْلَ الْبَذْرِ وَيَتَمَلَّكَهُ عَلَى رَأْيِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فُصِّلَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (907) وَشَرْحِهَا. وَإِذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ. إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ حَقُّ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ كَالْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ وَالْمِلْكِ وَإِذَا حَضَرَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَغَابَ الْآخَرُ فَحُكْمُهُ سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1085)

(المادة 1077) أجر أحد الشريكين المال المشترك لآخر وقبض الأجرة

[ (الْمَادَّةُ 1077) أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ] (الْمَادَّةُ 1077) - (لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ يُعْطِي الْآخَرَ حِصَّتَهُ مِنْهَا وَيَرُدُّهَا إلَيْهِ) . لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ فَيُعْطَى شَرِيكَهُ الْآخَرَ حِصَّةً مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ وَيَرُدُّهَا إلَيْهِ، وَيُشَارِكُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ الْمُؤَجِّرَ فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ إذَا أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فَيَمْلِكُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّرُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ وَلَكِنْ بِمِلْكٍ خَبِيثٍ وَإِنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي أَخْذِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ. وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَمْلِكُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّرُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَيُشَارِكُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الشَّرِيكَ الْمُؤَجِّرَ فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّرُ مَجْبُورًا عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ وَأَنَّ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَسْتَحْصِلَ عَلَى حَقِّهِ هَذَا بِوَاسِطَةِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ فِي الْإِجَارَةِ وَالنَّقْرَوِيِّ فِيهَا) . وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَمَا أَنَّ دَائِرَةَ الْفَتْوَى فِي الْوَقْتِ الْحَالِي تُفْتِي بِمُوجَبِ هَذَا الْقَوْلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (إذَا قَبَضَ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّرُ بَدَلَ الْإِيجَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَالِهِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (2 0 5 1) . وَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الْمُؤَجَّرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ صَغِيرٍ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ كَمَا وَضَحَ فِي الْمَادَّةِ (965) وَشَرْحِهَا. تُوجَدُ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي إيجَارِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُؤَجَّرَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَيَنْقَضِي جَمِيعُ مُدَّةِ الْإِيجَارِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يُؤَجَّرَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَيَنْقَضِي ثُلُثُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مَثَلًا، وَالْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الْإِجَارَةُ الَّتِي انْقَضَتْ مُدَّتُهَا تَمَامًا أَوْ انْقَضَى جُزْءٌ مِنْهَا أَيْ بَدَلُ الْإِيجَارِ الْعَائِدِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي انْقَضَتْ مِنْ الْإِجَارَةِ بِلَا إجَازَةٍ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُؤَجَّرَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَيُجِيزَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ تِلْكَ الْإِجَارَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَيِّ مُدَّةٍ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - أَنْ يُؤَجَّرَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ ثُلُثِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يُجِيزُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْإِجَارَةَ فِي الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ أَيْ فِي الثُّلُثَيْنِ، فَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ يَلْزَمُ إعْطَاءُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ أَيْ كُلِّ حِصَّتِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ. وَحِصَّتِهِ عَنْ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الِاسْتِحْصَالُ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ الْمُؤَجِّرِ بِحُكْمِ الْقَاضِي كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ حُكْمِ الْمَادَّةِ (47 4) وَلَا يَجْرِي فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ الِاخْتِلَافُ السَّالِفُ الذِّكْرِ.

(المادة 1078) يسوغ للحاضر أن ينتفع بقدر حصته من الملك المشترك في حالة غيبة الشريك الآخر

قِيلَ شَرْحًا (بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّرُ قَدْ أَجَّرَ حِصَّتَهُ أَصَالَةً وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ وَكَالَةً فَيَجِبُ أَنْ يُقَسَّمَ بَدَلُ الْإِجَارَةِ عَلَى مُوجَبِ الْمَادَّةِ (73 1) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (459 1) . وَبَعْدَ إيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تُوجَدُ مَسْأَلَتَانِ يَجِبُ حَلُّهُمَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (47 4) أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ إجَازَةِ إجَارَةِ الْفُضُولِيِّ بَقَاءَ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، وَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ بِمُرُورِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالْإِجَازَةُ لَا تَجُوزُ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ فُضُولًا حَانُوتَ آخَرَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَإِجَازَةُ صَاحِبِ الْحَانُوتِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَيَكُونُ بَدَلُ الْإِيجَارِ مَالًا لِلْمُؤَجِّرِ الْفُضُولِيِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ الْإِيجَارِ حُكْمًا وَقَضَاءً مِنْ الْمُؤَجِّرِ الْفُضُولِيِّ مَعَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ الْمُوجِبُ لِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - هَلْ إنَّ يَدَ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى بَدَلِ الْإِيجَارِ الْعَائِدِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ يَدُ أَمَانَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ بَدَلُ الْإِيجَارِ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَالِ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (463 1) . أَوْ أَنَّ يَدَهُ ضَمَانٌ فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ بَدَلُ الْإِيجَارِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؟ . إنَّ يَدَ الضَّمَانِ هِيَ أَعْلَى مِنْ يَدِ الْأَمَانَةِ. وَأَظُنُّ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ نَقْبَلَ أَنَّهَا يَدُ أَمَانَةٍ حَتَّى نَجِدَ نَقْلًا وَدَلِيلًا عَلَى أَنَّهَا يَدُ ضَمَانٍ (الشَّارِحُ) . وَإِذَا اقْتَضَى إيجَادُ فَرْقٍ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ (84 1) فَإِنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تُبَيِّنُ الْحُكْمَ فِي حَالَةِ حُضُورِ الشُّرَكَاءِ وَالْمَادَّةُ (84 0 1) تُبَيِّنُ الْحُكْمَ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ إلَّا أَنَّ حُكْمَ الْمَادَّتَيْنِ مُتَسَاوٍ وَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِآخَرَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ حَاضِرًا أَوْ كَانَ غَائِبًا. [ (الْمَادَّةُ 1078) يسوغ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِع بِقَدْرِ حِصَّته مِنْ الْملك الْمُشْتَرَك فِي حَالَة غيبَة الشَّرِيك الْآخِر] (الْمَادَّةُ 1078) - (يَسُوغُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ إذَا وُجِدَ رِضَاؤُهُ دَلَالَةً كَمَا سَيَبِينُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ) إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا وَالْآخَرُ حَاضِرًا فَيَسُوغُ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ إذَا وَجَدَ رِضَاءَ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ بِانْتِفَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لِأَنَّ الْإِذْنَ دَلَالَةً كَالْإِذْنِ صَرَاحَةً حَسَبَ الْمَادَّةِ (772) أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً مِنْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (75 1) وَرِضَاءُ الْغَائِبِ صَرَاحَةً هُوَ أَنْ يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ قَبْلَ الْغَيْبَةِ أَوْ يُؤْذِنَهُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ بِوَاسِطَةٍ كَإِرْسَالِ كِتَابٍ لَهُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْغَائِبِ هُنَا غَيْرُ الْغَائِبِ الْمَفْقُودِ بَلْ هُوَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي الْبَلْدَةِ الْمَوْجُودِ فِيهَا الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ لَكِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى حَيْثُ يُطْلَقُ الْمَفْقُودُ عَلَى الْغَائِبِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً وَإِنْ يَكُنْ قَدْ

(المادة 1080) الانتفاع بالملك المشترك الذي يختلف باختلاف المستعملين

اُسْتُعْمِلَتْ لَفْظَةُ غَائِبٍ بِمَعْنَى الْمَوْجُودِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ مُدَّةَ السَّفَرِ فِي الْمَادَّةِ (799) إلَّا أَنَّ كَلِمَةَ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هِيَ ضَابِطٌ لِلْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. (الْمَادَّةُ 9 7 1) - (يُعَدُّ الْغَائِبُ رَاضِيًا عَنْ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُضِرٍّ بِالْغَائِبِ) يُعَدُّ الْغَائِبُ رَاضِيًا عَنْ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْمِلْكِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي هَذَا الْمِلْكِ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مُضِرٍّ بِالْغَائِبِ، وَعَلَيْهِ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا الرِّضَاءُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الرِّضَاءِ دَلَالَةً. وَالِانْتِفَاعُ بِصُورَةٍ غَيْرِ مُضِرَّةٍ يَكُونُ فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ كَمَا يَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ وَهِيَ: 1 - تَحْمِيلُ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ حِمْلًا وَالْحَرْثُ عَلَيْهِ وَاسْتِخْدَامُ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِوَقْتِ الزَّوَالِ. 2 - السُّكْنَى فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ. 3 - زِرَاعَةُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا كَانَتْ الزِّرَاعَةُ غَيْرَ مُضِرَّةٍ بِهَا. 4 - أَنْ يَقُومَ عَلَى الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا يُعَدُّ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ رَاضِيًا عَنْ انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِصُورَةٍ مُضِرَّةٍ لِلْغَائِبِ؛ فَعَلَيْهِ يَجِبُ فِي ذَلِكَ رِضَاءُ الْغَائِبِ صَرَاحَةً وَالتَّصَرُّفُ بِصُورَةٍ مُضِرَّةٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ هُوَ: 1 - لِبْسُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الثِّيَابَ الْمُشْتَرَكَةَ وَرَكْبُ الْبِرْذَوْنِ الْمُشْتَرَكِ. 2 - سُكْنَى الشَّرِيكِ الْكَثِيرِ الْعَائِلَةِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ. 3 - زِرَاعَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ الَّتِي يَضُرُّهَا الزَّرْعُ. وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ عُرِفَ الرِّضَاءُ دَلَالَةً. [ (الْمَادَّةُ 1080) الِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ] الْمَادَّةُ (1080) - (لَا يُوجَدُ رِضَاءٌ مِنْ الْغَائِبِ دَلَالَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الثِّيَابِ الْمُشْتَرَكَةِ لُبْسُهَا فِي غِيَابِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْكَبَ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا فِي غِيَابِ الْآخَرِ أَمَّا فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَتَحْمِيلِ الْحِمْلِ وَالْحَرْثِ فَلَهُ الِاسْتِعْمَالُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَهُ اسْتِخْدَامُ الْخَادِمِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ) لَا يُوجَدُ رِضَاءٌ مِنْ الْغَائِبِ دَلَالَةً فِي انْتِفَاعِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ حَتَّى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مُضِرٌّ أَيْ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِدَاعِي وُجُودِ رِضَاءٍ دَلَالَةً. أَمَّا إذَا وُجِدَ رِضَاءٌ صَرَاحَةً فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا كَمَا وَضَّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (71 0 1)

وَالْأَمْوَالُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْمَوَادِّ (27 4 و 536 و 1 55 و 552 و 53 5) . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الثِّيَابِ الْمُشْتَرَكَةِ لُبْسُهَا بِلَا إذْنٍ فِي غِيَابِ الشَّرِيكِ وَإِذَا لَبِسَهَا يُعَدُّ غَاصِبًا وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إذَا تَلِفَتْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللَّابِسِ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ تَتْلَفْ الثِّيَابُ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهَا فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي النُّقْصَانِ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَرْكَبَ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ فِي غِيَابِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَيْ بِلَا إذْنِهِ، يَعْنِي لَوْ كَانَ بِرْذَوْنٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ الِانْتِفَاعُ بِالْبِرْذَوْنِ بِأَنْ يَرْكَبَهُ يَوْمًا وَيَتْرُكَهُ يَوْمًا لِأَنَّ رَكُوبَ مَنْ لَا يُحْسِنُ الرُّكُوبَ مُضِرٌّ بِالْحَيَوَانِ أَكْثَرَ مِنْ رَكُوبِ مَنْ يُحْسِنُهُ وَلِذَلِكَ فَالرُّكُوبُ عَلَى الْحَيَوَانِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِينَ وَعَلَى هَذَا الْحَالِ إذَا رَكِبَ الشَّرِيكُ الْحَيَوَانَ وَتَلِفَ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الْغَصْبِ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الْإِجَارَةِ) . وَعِبَارَةُ (فِي غِيَابِهِ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنَى بِلَا إذْنٍ حَتَّى أَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ عِبَارَةُ (إذْنِ شَرِيكِهِ) فِي كِتَابِ لِسَانُ الْحُكَّامِ مَحَلٌّ فِي غِيَابِهِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ - وَلَوْ كَانَ شَرِيكُهُ غَيْرَ غَائِبٍ - أَنْ يَرْكَبَ الْبِرْذَوْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ. أَمَّا فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَتَحْمِيلِ الْحَمْلِ وَالْحَرْثِ فَلِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْبِرْذَوْنِ الْمُشْتَرَكِ فِي غِيَابِ شَرِيكِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي الْحِرَفِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَيَسْتَعْمِلُهُ الشَّرِيكُ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ يَوْمًا وَيَتْرُكُهُ يَوْمًا وَإِذَا كَانَتْ حِصَّتُهُ فِي الْحَيَوَانِ ثُلُثًا فَيَسْتَعْمِلُهُ فِي تِلْكَ الْأَعْمَالِ يَوْمًا وَيَتْرُكُهُ يَوْمَيْنِ خَالِيًا فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعْمِلَ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 9) . وَيُشَارُ بِقَيْدِ (بِقَدْرِ حِصَّتِهِ) إلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ فَيُعَدُّ غَاصِبًا وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (75 1) أَنَّهُ إذَا حَمَّلَ الْبِرْذَوْنَ حِمْلًا بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَتَلِفَ أَثْنَاءَ السَّيْرِ فَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ إلَّا أَنَّ الْإِيضَاحَاتِ الْمُقْتَضِيَةَ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ قَدْ وَضَحَتْ هُنَاكَ كَذَلِكَ إذَا غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْخَادِمَ الْأَجِيرَ مُشْتَرَكًا يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَادِمُ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَيَسْتَخْدِمُهُ يَوْمًا لِحِصَّتِهِ وَيَتْرُكُهُ يَوْمًا لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ فَإِذَا اسْتَخْدَمَهُ مُسْتَمِرًّا فَيَكُونُ غَاصِبًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَيَضْمَنُ فِي حَالَةِ التَّلَفِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الِاسْتِخْدَامِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: إنَّ الِاسْتِخْدَامَ الْمَذْكُورَ غَصْبٌ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِالْجَوَازِ بَيْدَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ سُكْنَى ذَوِي الْعَائِلَةِ الْكَثِيرَةِ فِي دَارٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ، وَاسْتِعْمَالُ الْخَادِمِ إذَا كَانَتْ الْأَعْمَالُ كَثِيرَةً يَخْتَلِفُ أَيْضًا بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَعَلَّ الْمَجَلَّةَ بِتَغْيِيرِهَا الْأُسْلُوبَ وَقَوْلِهَا (وَكَذَلِكَ إذَا غَابَ إلَخْ) هُوَ لِلْإِشَارَةِ إلَى ذَلِكَ.

(المادة 1081) السكنى في الدار لا تختلف باختلاف المستعملين

وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخَادِمِ هُوَ الرَّقِيقُ يَعْنِي أَنَّ اسْتِخْدَامَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَتْ عِبَارَةُ (الْخَادِمِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا) بَدَلًا مِنْ عِبَارَةِ (الْخَادِمِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ) لَكَانَ أَنْسَبَ وَأَوْضَحَ. [ (الْمَادَّةُ 1081) السُّكْنَى فِي الدَّارِ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ] (الْمَادَّةُ 1081) - (السُّكْنَى فِي الدَّارِ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَعَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ الِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ عَلَى وَجْهٍ كَأَنْ يَسْكُنَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فِيهَا وَأَنْ يَتْرُكَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَكِنْ إذَا كَانَتْ عَائِلَتُهُ كَثِيرَةً فَتُصْبِحُ مِنْ قَبِيلِ الْمُخْتَلِفِ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَلَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ رِضَاءٌ دَلَالَةً فِي ذَلِكَ) السُّكْنَى فِي الدَّارِ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (428 و 528) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَدُّ الْغَائِبُ رَاضِيًا عَنْ انْتِفَاعِ شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ بِالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (79 0 1) . فَعَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُنَاصَفَةً يَعْنِي غَيْرَ الْمَقْسُومَةِ فَالْآخَرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ انْتَفَعَ بِتِلْكَ الدَّارِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ جَمِيعَ الدَّارِ الْمَذْكُورِ بِالذَّاتِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَنْ يَتْرُكَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَيَنْتَفِعُ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (75 1) أَنَّ لِلشَّرِيكِ السُّكْنَى فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا إذْنٍ حَالَ حُضُورِ شَرِيكِهِ. وَعَلَيْهِ فَلَهُ هَذَا الْحَقُّ فِيمَا لَوْ غَابَ شَرِيكُهُ وَلَا يُحْرَمُ مِنْهُ بِسَبَبِ غَيْبَةِ شَرِيكِهِ، وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الشَّرِيكِ وَالسُّكْنَى بِالذَّاتِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةٍ دِيَانَةً قِيَاسًا إلَّا أَنَّهَا قَدْ جُوِّزَتْ اسْتِحْسَانًا. وَسُكْنَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ السُّكْنَى بِالذَّاتِ، أَمَّا إسْكَانُ غَيْرِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي حُضُورِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا ذَلِكَ فِي غِيَابِهِ (التَّنْقِيحُ وَمُعِينُ الْحُكَّامِ) اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (46 و 96) . وَفِي الِانْتِفَاعِ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رِوَايَتَانِ: الْأُولَى: الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وَهِيَ تَقْضِي بِأَنَّ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ الِانْتِفَاعَ زَمَانًا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، يَعْنِي أَنْ يَسْكُنَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ كُلَّ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُنَاصَفَةً مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنْ يَتْرُكَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَنْ يَسْكُنَهَا سَنَةً وَأَنْ يَتْرُكَهَا سَنَةً أُخْرَى فَإِذَا انْتَفَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَقُولَ (إنَّنِي أَسْكُنُ الدَّارَ مِثْلَك سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَأَتْرُكُهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ) بَلْ إنَّهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (7001) . الثَّانِيَةُ: الرِّوَايَةُ الْغَيْرُ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ أَنْ يَنْتَفِعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مِنْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَيَسْكُنَ فِي نِصْفٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّارِ دَائِمًا مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ كَبِيرَةً تَحْتَوِي عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ لِلْعِيَالِ وَقِسْمٌ لِلضُّيُوفِ فَيَسْكُنُ الشَّرِيكُ فِي قِسْمِ الْعِيَالِ مَثَلًا وَيَتْرُكُ الْقِسْمَ الْآخَرَ خَالِيًا.

وَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الْأُولَى إلَّا أَنَّ ذِكْرَ كَافِ التَّشْبِيهِ يَجْعَلُ مَحَلًّا لِلظَّنِّ بِأَنَّ الْحُكْمَ شَامِلٌ لِلرِّوَايَتَيْنِ مَعًا وَلَكِنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ هُنَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى مُدَّةِ السُّكْنَى كَمَا بَيَّنَ شَرْحًا وَلَيْسَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَتْ مَعْطُوفَةً عَلَى الِانْتِفَاعِ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى جَمْعِ قَوْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ. وَإِنْ شَاءَ انْتَفَعَ بِالدَّارِ بِأَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ أَيْ بِكُلِّ الدَّارِ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (83 1) " أَنَّهُ إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي كُلِّ الدَّارِ مُسْتَمِرًّا مُدَّةَ غِيَابِ شَرِيكِهِ إذَا كَانَتْ السُّكْنَى لَا تُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِالشَّرِيكِ الْغَائِبِ بَلْ إنَّهَا نَافِعَةٌ " بِمُوجَبِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (83 1) . فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْكُنَ فِي جَمِيعِ الدَّارِ مُتَمَادِيًا لِأَنَّ فِي السُّكْنَى الْمَذْكُورَةِ فَائِدَةً لِلْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا وَمَنْفَعَةُ الْحَاضِرِ فِي ذَلِكَ ظَاهِرٌ أَمَّا مَنْفَعَةُ الْغَائِبِ فَهِيَ إذَا سَكَنَ الْحَاضِرُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلِلْغَائِبِ حَقٌّ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ بِمِقْدَارِ سُكْنَى الْحَاضِرِ فِيهَا وَالْحُكْمُ فِي الْأَرَاضِي أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ) فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرْقٌ بَيْنَ السُّكْنَى فِي الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ. وَقَدْ تَرَكَتْ الْمَجَلَّةُ الشِّقَّ الثَّانِيَ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَأَتَتْ بِهِ فِي الْمَادَّةِ (85 1) وَبَيَّنَتْ الشِّقَّ الْأَوَّلَ مِنْ هَذَا الْخِيَارِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَرَكَتْ ذِكْرَهُ فِي الْمَادَّةِ (85 1) وَحُصُولُ هَذِهِ الصَّنْعَةِ فِي الْكَلَامِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا احْتِبَاكٌ وَهُوَ حَذْفُ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فِي الْأَوَّلِ الَّذِي يَثْبُتُ نَظِيرُهُ فِي الثَّانِي وَحَذْفُ الْكَلَامِ الثَّانِي الَّذِي يَثْبُتُ نَظِيرُهُ فِي الْأَوَّلِ وَقَدْ اخْتَرَعَ مُتَأَخِّرُو الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الصَّنْعَةَ فِي الْكَلَامِ، وَالِاحْتِبَاكُ هُوَ مِنْ أَلْطَفِ وَأَبْدَعِ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ وَيُدْعَى أَيْضًا حَذْفُ الْمُقَابِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ} [الأحزاب: 24] فَلَا يَتُوبَ عَلَيْهِمْ {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [الأحزاب: 24] فَلَا يُعَذِّبَهُمْ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] أَيْ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ مُظْلِمًا لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ. جَوَازُ السَّكَنِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ: أَنَّ سُكْنَى الشَّرِيكِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَرْكَهَا مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ فِي صُورَةِ عَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ خَرَابِ الدَّارِ. أَمَّا إذَا خِيفَ مِنْ خَرَابِ الدَّارِ إذَا تُرِكَتْ خَالِيَةً مُدَّةً فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ انْتِفَاعُ الشَّرِيكِ مُضِرًّا بِالْغَائِبِ بَلْ يَكُونُ نَافِعًا لَهُ إذْ تُصَانُ وَتُحْفَظُ حِصَّةُ الْغَائِبِ مِنْ الْخَرَابِ. وَعَلَيْهِ فَالسُّكْنَى فِي كُلِّ الدَّارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (79 1) كَمَا أَنَّهُ لِلْقَاضِي تَأْجِيرُ تِلْكَ الدَّارِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ هَلْ لِلْغَائِبِ إذَا حَضَرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (83 0 1) أَمَّا إذَا كَانَ أَوْلَادُ وَعِيَالُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ كَثِيرِينَ فَتَكُونُ سُكْنَى الدَّارِ مُخْتَلِفَةً بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ مِثْلُ الرُّكُوبِ عَلَى الْبِرْذَوْنِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ بَلْ إنَّهُ يُوجَدُ فِي سُكْنَى الدَّارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ اخْتِلَافٌ وَتَفَاوُتٌ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَكْثَرَ مِنْ التَّفَاوُتِ فِي رُكُوبِ الْحَيَوَانِ وَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ أَنَّ لِلْغَائِبِ رِضًى فِي ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ

(المادة 1082) لا يجوز للحاضر أن يسكن في حصة الغائب في الدار المشتركة

الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِسُكْنَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُنَاصَفَةً مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنْ يَتْرُكَهَا مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (78 0 1) . أَمَّا إذَا أَذِنَ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ صَرَاحَةً بِالِانْتِفَاعِ فَلَا شَكَّ أَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ لِأَنَّ هَذَا الْإِذْنَ مِمَّا يَكُونُ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً وَهُمَا مِنْ الْعُقُودِ الْمَشْرُوعَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1082) لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي حِصَّةِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ] الْمَادَّةُ (1082) - لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي حِصَّةِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا كَانَتْ حِصَصُهُمَا مُفْرَزَةً عَنْ بَعْضِهَا، لَكِنْ إذَا خِيفَ خَرَابُهَا مِنْ عَدَمِ السُّكْنَى فَالْقَاضِي يُؤَجِّرُ هَذِهِ الْحِصَّةَ الْمُفْرَزَةَ وَيَحْفَظُ أُجْرَتَهَا لِلْغَائِبِ. لَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ فِي حِصَّةِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا كَانَتْ حِصَصُهُمَا مُفْرَزَةً وَمَقْسُومَةً عَنْ بَعْضِهِمَا حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ سُكْنَى الْأَجْنَبِيِّ فِي دَارِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَلَيْسَ لَهُ إيجَارُ تِلْكَ الْحِصَّةِ لِآخَرَ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي قِيَاسًا عَلَى الْمَادَّةِ (84 1) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) فَإِذَا سَكَنَ كَانَ غَاصِبًا وَتَجْرِي فِي حَقِّهِ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِغَصْبِ الْعَقَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 0 9) . أَمَّا إذَا قِيلَ كَيْفَ يَصِحُّ تَعْبِيرُ (الْمُشْتَرَكَةِ) مَعَ كَوْنِهَا مُفْرَزَةً؟ فَنُجِيبُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُشْتَرَكَةِ الِاشْتِرَاكَ شَائِعًا بَلْ الِاشْتِرَاكُ فِي بَعْضِ جِهَاتِهَا كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا الْحَائِطُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا. أَوْ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّعْبِيرُ مَجَازًا بِعَلَاقَةِ الْكَوْنِ السَّابِقِ وَمِنْ قَبِيلِ مَا وَرَدَ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] وَمَعَ ذَلِكَ فَعِنْدَمَا بُيِّنَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الطَّحْطَاوِيِّ لَمْ يَسْتَعْمِلْ تَعْبِيرَ الْمُشْتَرَكَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَعْمِلَ لَفْظَ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الْمَجَلَّةِ. لَكِنْ إذَا خِيفَ خَرَابُ الدَّارِ مِنْ عَدَمِ السُّكْنَى فَالْقَاضِي إذَا أُخْبِرَ يُؤَجِّرُ هَذِهِ الْحِصَّةَ الْمُفْرَزَةَ وَيَحْفَظُ أُجْرَتَهَا لِلْغَائِبِ لِأَنَّ لِلْقَاضِي صَلَاحِيَةَ بَيْعِ أَمْوَالِ الْمَفْقُودِ الْعَاجِزِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِأَمْوَالِهِ لِنَفْسِهِ وَبَيْعِ عَقَارِهِ الَّذِي يَخْشَى خَرَابَهُ وَحِفْظِ ثَمَنِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ بِتَصَرُّفٍ) . الْمَادَّةُ (83 0 1) - (إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ؛ فَعَلَيْهِ إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ مُدَّةً مُسْتَقِلًّا بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ فَلَا يَسُوغُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي أُجْرَةَ حِصَّتِي عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِمَّا أَنْ أَسْكُنَ بِقَدْرِ مَا سَكَنْت. إلَّا أَنَّ لَهُ - إنْ شَاءَ - تَقْسِيمَ الدَّارِ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ الْمُهَايَأَةَ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ أَيْ مِنْ تَارِيخِ الْمُخَاصَمَةِ وَلَكِنْ إذَا غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَسَكَنَ الْحَاضِرُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُدَّةً - كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ - فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ) . إنَّمَا تُعْتَبَرُ وَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ أَيْ الْمُهَايَأَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي بَعْدَ الْخُصُومَةِ وَلَا تَدْخُلُ الْمُدَّةُ الَّتِي مَرَّتْ

قَبْلَ الْخُصُومَةِ فِي الْحِسَابِ، وَيَنْدَفِعُ بِهَذَا الشَّرْحِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَكُونُ أَيْضًا بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ بِلَا خُصُومَةٍ. فَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ إنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْخُصُومَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْمُهَايَأَةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (184 1) وَذَكَرَهَا هُنَا لِتَكُونَ أَسَاسًا لِلتَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ وَبِالتَّبَعِ. فَعَلَيْهِ إذَا سَكَنَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمَمْلُوكَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ مُدَّةً مُسْتَقِلًّا وَكَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَمَوْجُودًا بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةَ حِصَّةِ الْآخَرِ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَتَقَاوَلَا عَلَى الْأُجْرَةِ يَعْقِدَا عَقْدَ الْإِيجَارِ فَهَذِهِ السُّكْنَى جَائِزَةٌ حَسَبِ الْمَادَّةِ (75 1) وَلَا يَسُوغُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ لِي أُجْرَةَ حِصَّتِي اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (597) عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكْنَتَهَا مُسْتَقِلًّا وَإِمَّا أَنْ أَسْكُنَ بِقَدْرِ مَا سَكَنْتَ حَسَبِ الْفِقْرَةِ السَّالِفَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. إنَّمَا لَهُ إنْ شَاءَ طَلَبَ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ الْمُهَايَأَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، إذَا لَمْ يَطْلُبْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ، عَلَى أَنْ تَكُونَ مُعْتَبَرَةً مِنْ بَعْدِهَا أَيْ مِنْ تَارِيخِ الْمُخَاصَمَةِ وَالْحُكْمِ. وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ التَّقْسِيمَ وَطَلَبَ الْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ فَيُرَجَّحُ طَلَبُ التَّقْسِيمِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (82 1 1) . وَإِنْ شَاءَ يَسْكُنُ فِي الدَّارِ كَمَا فِي السَّابِقِ بِالِاشْتِرَاكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 7 0 1) . قِيلَ (بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ أُجْرَةً) أَيْ بِدُونِ أَنْ يَتَقَاوَلَ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ سَكَنَ فِي الدَّارِ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (29 4) كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فَاسِدَةً وَسَكَنَ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَهَذَا التَّفْرِيعُ الَّذِي فَرَّعَتْهُ الْمَجَلَّةُ يَشْتَمِلُ عَلَى حُكْمَيْنِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الشَّرِيكِ السَّاكِنِ أُجْرَةً عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا شَرِيكُهُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (75 1) أَنَّ الْأَصْلَ فِي سُكْنَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي تَوَابِعِ السُّكْنَى اعْتِبَارُهَا كَالْمِلْكِ الْمُسْتَقِلِّ وَلِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِالسُّكْنَى وَتَوَابِعِهَا كَأَنَّهَا مِلْكُهُ الْمَخْصُوصُ الْمُسْتَقِلُّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ يَمْتَنِعُ عَلَى كُلِّ شَرِيكٍ أَنْ يَدْخُلَ تِلْكَ الدَّارِ وَأَنْ يَقْعُدَ فِيهَا وَأَنْ يَضَعَ أَمْتِعَتَهُ إذَا لَمْ يُؤْذِنْهُ شَرِيكُهُ مِمَّا يُوجِبُ ذَلِكَ تَعْطِيلَ مَنَافِعِ مِلْكِهَا الْأَمْرُ الْغَيْرُ الْجَائِزِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ سَاكِنًا فِي مِلْكِهِ وَمُنْتَفِعًا بِهِ فَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ طَبْعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 4 4) (حَاشِيَةُ الْبَحْرِ لِابْنِ عَابِدِينَ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الشَّرِيكَ السَّاكِنَ أُجْرَةً لِشَرِيكِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا بَعْدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (72) . (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْإِجَارَةِ) . وَهَذَا الْحُكْمُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (597) وَلَا يُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْهَا. الْحُكْمُ الثَّانِي: لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ: إنَّنِي أَسْكُنُ بِقَدْرِ مَا سَكَنْت وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْفَيْضِيَّةُ) . وَقَدْ قُيِّدَتْ الدَّارُ شَرْعًا بِالدَّارِ (الْمَمْلُوكَةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

المادة (1084) أجر الشريك الحاضر الدار المشتركة وأخذ حصته وحفظ حصة الغائب وأوقفها

سَوَاءٌ وُجِدَ تَأْوِيلُ مِلْكٍ أَوْ تَأْوِيلُ عَقْدٍ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، أَيْ ضَمَانُ الْأَكْثَرِ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ ضَمَانُ النُّقْصَانِ وَالْأَنْفَعُ لِلْوَقْفِ. اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (596) سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ مَشْرُوطَ السُّكْنَى لِلشَّرِيكَيْنِ أَوْ مَشْرُوطًا لِلِاسْتِغْلَالِ وَيَأْخُذُ الْمُتَوَلِّي أَوْ بَدَلَ الضَّمَانِ وَيَحْفَظُهُ لِلْوَقْفِ (النَّتِيجَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) وَلَيْسَ لِلْمُتَصَرِّفِ فِي ذَلِكَ الْوَقْفُ بِالْإِجَارَتَيْنِ الْمُدَاخَلَةُ فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ أَوْ بَدَلِ الضَّمَانِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ حُكْمَ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ هُوَ فِي صُورَةِ حُضُورِ كِلَا الشَّرِيكَيْنِ وَلَكِنْ إذَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَسَكَنَ الْحَاضِرُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مُدَّةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ هِيَ الْمَادَّةُ (82 1) كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَقْصِدَ مِنْ الْعِبَارَةِ الْمَادَّةِ (1081) لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ وَلَمْ تُجِزْ التَّجَاوُزَ عَلَى حِصَّةِ الْغَائِبِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ فِي مَتْنِهَا مِمَّا يُجَوِّزُ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ: اُخْرُجْ مِنْ الدَّارِ لِأَسْكُنَ فِيهَا بِقَدْرِ مَا سَكَنْتَ. وَيُقْصَدُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الْوَارِدَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ فِقْرَةُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَشْرُوحَةِ الَّتِي تَبْتَدِئُ بِعِبَارَةِ ((فَعَلَيْهِ لَا يَسُوغُ لِشَرِيكِهِ إلَخْ) فَلِذَلِكَ إذَا عَلِمَ أَنَّ السُّكْنَى فِي الدَّارِ لَا يُورَثُهَا نَقْصًا فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ السُّكْنَى فِي كُلِّ الدَّارِ، وَلَوْ لَمْ يَخَفْ مِنْ خَرَابِ الدَّارِ إذَا تُرِكَتْ خَالِيَةً لِأَنَّهُ بِالسُّكْنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ حُوفِظَ عَلَى مَنْفَعَةِ الْحَاضِرِ وَحُوفِظَ أَيْضًا عَلَى مَنْفَعَةِ الْغَائِبِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ عِنْدَ حُضُورِهِ السُّكْنَى فِي الدَّارِ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (85 0 1) (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ) وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا مُفَصَّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (81 0 1) وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا سَكَنَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مُدَّةً فِي جَمِيعِ الدَّارِ مُسْتَقِلًّا فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ السُّكْنَى مُسْتَقِلًّا فِي تِلْكَ الدَّارِ بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَدْ جَوَّزَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ سُكْنَى الدَّارِ بِقَدْرِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى، هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْقُنْيَةِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي ذَكَرَتْهَا الْمَجَلَّةُ، وَتَكُونُ الْمَجَلَّةُ قَدْ اخْتَارَتْ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّهُ إذَا غَابَ الشَّرِيكُ فَيُعَدُّ بِأَنَّهُ رَاضٍ دَلَالَةً عَنْ انْتِفَاعِ شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ حَيْثُ يَكْتَسِبُ الْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقَّ الِانْتِفَاعِ بِقَدْرِ انْتِفَاعِ الْحَاضِرِ، فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ السُّكْنَى مَضَرَّةٌ لِلْغَائِبِ بَلْ إنَّ لَهُ مَنْفَعَةً فِيهَا. الْخُلَاصَةُ: أَنَّهُ إذَا سَكَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي كُلِّ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَثْنَاءَ حُضُورِ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ حَقُّ السُّكْنَى تَوْفِيقًا لِضَابِطِ ((تُعْتَبَرُ الْمُهَايَأَةُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ) أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَاضِرًا وَالْآخَرُ غَائِبًا وَسَكَنَ الْحَاضِرُ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَسْكُنَ فِي جَمِيعِ تِلْكَ الدَّارِ وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّ الْمُهَايَأَةَ تُعْتَبَرُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَالَتَيْ الْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ قَدْ ذُكِرَ آنِفًا. [الْمَادَّة (1084) أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ وَحَفِظَ حِصَّةَ الْغَائِبِ وَأَوْقَفَهَا] الْمَادَّةُ (1084) - (إذَا أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ

أُجْرَتِهَا وَحَفِظَ حِصَّةَ الْغَائِبِ وَأَوْقَفَهَا جَازَ، وَحِينَ حُضُورِ الْغَائِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ) . إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَاضِرُ كُلَّ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ قِسْمًا مِنْهَا بِدُونِ أَنْ تَكُونَ لَدَيْهِ وَكَالَةٌ سَابِقَةٌ مِنْ الْغَائِبِ أَوْ إجَازَةٌ لَاحِقَةٌ أَوْ أَسْكَنَ أَحَدًا فِيهَا فَهَذَا غَيْرُ لَائِقٍ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَرَامٌ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (46 و 96) وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (75 0 1) أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (46 4 و 47 4) وَلَكِنْ لَوْ أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الدَّارَ وَأَخَذَ مِنْ أُجْرَتِهَا حِصَّتَهُ وَحَفِظَ وَأَوْقَفَ حِصَّةَ الْغَائِبِ عِنْدَهُ جَازَ أَيْ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ لِلْغَيْرِ فَلَا يَمْنَعُ قَضَاءً حَيْثُ إنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي الْمِلْكِ الَّذِي فِي يَدِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ قَضَاءُ مَا لَمْ يُوجَدْ مُنَازِعٌ لَهُ (التَّنْقِيحُ وَمُعِينُ الْحُكَّامِ) لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1829) . وَحِينَ حُضُورِ الْغَائِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُوقِفْ حِصَّةَ الْغَائِبِ عِنْدَهُ وَاسْتَهْلَكَهَا أَوْ أَوْقَفَهَا وَامْتَنَعَ عَنْ رَدِّهَا لِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ فَهَلْ لِلْغَائِبِ حِينَ الْحُضُورِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُسْتَهْلِكَ وَيَأْخُذَ الْمَوْجُودَ جَبْرًا؟ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (77 1) لِحَلِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَعْضًا مِنْهَا وَأَخَذَ أُجْرَتَهَا بِالْحُكْمِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ غَائِبًا فَأَجَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ جَانِبًا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَأَخَذَ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّتَهُ وَأَوْقَفَ حِصَّةَ الْآخَرِ جَازَ وَحِينَ حُضُورِ الْغَائِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ (التَّنْقِيحُ) . قِيلَ (بِلَا إذْنٍ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَدَى الْحَاضِرِ وَكَالَةٌ مِنْ الْغَائِبِ فَالْإِجَارَةُ جَائِزَةٌ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (459 1) وَيَكُونُ لِلْغَائِبِ حِصَّةٌ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْإِجَارَةِ اللَّاحِقَةِ إلَّا أَنَّهُ تَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (47 4) وَشُرُوحِهَا. الْمَادَّةُ (850 1) - (إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرَاضِيِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ زِرَاعَتَهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ بَلْ نَافِعَةٌ لَهَا فَلِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ وَإِذَا زَرَعَهَا فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَزْرَعَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ زِرَاعَتُهَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعٌ لَهَا وَمُؤَدٍّ لِخِصْبِهَا فَيُعْتَبَرُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إذَنْ دَلَالَةً مِنْ الْغَائِبِ بِزِرَاعَتِهَا، فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَنِصْفِهَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً. وَإِذَا كَانَ يُرِيدُ الزِّرَاعَةَ تَكْرَارًا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ أَيْضًا ذَلِكَ النِّصْفَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ أَحَدَ طَرَفَيْهَا وَفِي السَّنَةِ الْأُخْرَى الطَّرَفَ الْآخَرَ، وَإِذَا زَرَعَ جَمِيعَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ. وَالتَّفْصِيلَاتُ السَّابِقَةُ هِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ مُرَاجَعَةِ

الْحَاضِرِ الْقَاضِيَ، أَمَّا إذَا رَاجَعَ الْقَاضِيَ فَالْقَاضِي يُؤْذِنُهُ فِي زِرَاعَةِ جَمِيعِ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ مَنْعًا لِضَيَاعِ عُشْرِ أَوْ خَرَاجِ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ لَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقٌّ بِادِّعَاءِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرَاضِيِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ زِرَاعَتَهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ بَلْ نَافِعَةٌ لَهَا عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَالشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ زَرَعَ مِنْهَا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ: مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً فَيَزْرَعُ النِّصْفَ وَإِذَا أَرَادَ الزِّرَاعَةَ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ النِّصْفَ الَّذِي زَرَعَهُ فِي الْمَرَّةَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ طَرَفًا مِنْ الْأَرْضِ وَأَنْ يَزْرَعَ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى الطَّرَفَ الْآخَرَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَزْرَعُ الْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ نِصْفَهُ وَلَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَإِنْ شَاءَ زَرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِأَنَّهُ إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ كَامِلَ الْأَرْضِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَزْرَعَ تِلْكَ الْأَرْضِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَفِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لِلْغَائِبِ فَيُعَدُّ أَنَّهُ رَاضٍ بِذَلِكَ دَلَالَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78 1) . وَقَيْدُ (نَافِعٍ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا وَلَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ حَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ نَافِعًا وَأَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الزِّرَاعَةُ غَيْرَ نَافِعَةٍ وَلَكِنَّهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَلَمْ تَكُنْ مُضِرَّةً فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَزْرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرْضِ أَيْ أَنَّ لِلشَّرِيكِ فِي الصُّورَتَيْنِ زِرَاعَةَ تَمَامِ الْأَرْضِ أَوْ لَا هُمَا فِي حَالَةِ كَوْنِ الزِّرَاعَةِ نَافِعَةً لِلْأَرْضِ، الثَّانِيَةُ فِي حَالَةِ أَنْ لَا تَكُونَ نَافِعَةً وَلَا مُضِرَّةً لَهَا (الْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ الْغَصْبِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ (نَافِعَةٌ) أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالْمَضَرَّةُ مُتَسَاوِيَةً فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، أَيْ كَانَتْ مِنْ جِهَةٍ مَنْفَعَةً فِي زِرَاعَتِهَا وَمِنْ جِهَةٍ مُضِرَّةً فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ حَقٌّ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ فِي زِرَاعَتِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6 4) . (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالطَّحْطَاوِيُّ) . وَفِي حَالَةِ زِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ لِلْغَائِبِ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّ الْأَرْضِ عِنْدَ حُضُورِهِ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي زَرَعَهَا الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ، يَعْنِي مَثَلًا إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الْأَرْضَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقٌّ فِي زِرَاعَتِهَا مُدَّةَ سَنَتَيْنِ. وَمَسْأَلَةُ الْمَجَلَّةِ هِيَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ اثْنَانِ وَالِاشْتِرَاكُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، أَمَّا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الِاشْتِرَاكُ مُنَاصَفَةً فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ بِمُوجَبِ ضَابِطِ ((تُعْتَبَرُ الْمُهَايَأَةُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ)) الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (73 0 1) يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْغَائِبِ حَقٌّ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ تِلْكَ الْمُدَّةَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَتْ الزِّرَاعَةُ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ زِرَاعَةٌ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْهَا

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَ تَرْكُ الزِّرَاعَةِ نَافِعًا لِلْأَرْضِ وَمُوجِبًا لِخِصْبِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْهَا حَيْثُ إنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَكُونُ الْغَائِبُ رَاضِيًا دَلَالَةً بِزِرَاعَةِ أَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الْأَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) فَإِذَا زَرَعَهَا كَانَ غَاصِبًا وَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ الْمَانِعَ لِلزِّرَاعَةِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ سَبَبَانِ وَإِنْ يَكُنْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُرِي بِأَنَّ السَّبَبَيْنِ هُمَا سَبَبٌ وَاحِدٌ، فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِي بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَأَنْ يَزْرَعَ نِصْفَهَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ فِقْرَةِ (إذَا كَانَتْ زِرَاعَتُهَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ إلَخْ) وَلَا يُمْكِنُ تَفْرِيعُهَا عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَذَكَرَ أَيْضًا آنِفًا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ فِي حَالِ كَوْنِ الزِّرَاعَةِ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعًا لَهَا لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ. وَالْحُكْمُ فِي الدَّارِ هُوَ حَسَبُ هَذَا الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (81 1) وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ حَذْفُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ طَيُّ الْفِقْرَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) وَإِذَا كَانَتْ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ غَيْرَ مُضِرَّةٍ بِهَا بَلْ كَانَتْ نَافِعَةً لَهَا فَالشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مُخَيَّرٌ - كَمَا ذَكَرَ آنِفًا - بَيْنَ زِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ وَبَيْنَ زِرَاعَةِ مِقْدَارٍ مِنْهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ ذَكَرَ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ الْخِيَارِ فَقَدْ اخْتَلَّ مَعْنَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَعَ مَعْنَى الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. وَإِذَا أَرَادَ تَكْرَارَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ ذَلِكَ النِّصْفَ أَيْ النِّصْفَ الَّذِي زَرَعَهُ فِي السَّنَةِ السَّابِقَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ أَحَدَ طَرَفَيْ الْأَرْضِ وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ الطَّرَفَ الْآخَرَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُتَمِّمَةٌ لِفِقْرَةِ ((فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ إلَخْ)) مَعَ كَوْنِهِ قَدْ فُهِمَ حَالُ وَمَوْقِعُ تِلْكَ الْفِقْرَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْمَادَّةِ شَرْحًا لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ فِي مَوْقِعِهَا الْمُنَاسِبِ وَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الزِّرَاعَةَ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَتَرْكُهَا نَافِعٌ لَهَا وَمُؤَدٍّ لِخِصْبِهَا فَزَرَعَ الشَّرِيكُ كُلَّ تِلْكَ الْأَرْضِ أَوَمِقْدَارًا مِنْهَا فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يُضَمِّنُهُ حِصَّتَهُ فِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ هُوَ فِي صُورَةِ أَنْ تَكُونَ الزِّرَاعَةُ مُوجِبَةً لِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ شَاءَ طَالَبَ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ وَادَّعَى بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّهُ. مَثَلًا: إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ مُنَاصَفَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ أُجْرَتِهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَةُ أُجْرَتِهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ نُقْصَانُ الْأَرْضِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (886) أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَلِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ أَنْ يَضْمَنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ ذَلِكَ أَيْ دِينَارَيْنِ أَمَّا إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ زَالَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ فَإِذَا كَانَ زَوَالُ النُّقْصَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الزَّارِعِ فَيَبْرَأُ الشَّرِيكُ الزَّارِعُ مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الزَّوَالُ قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ كَانَ بَعْدَ الرَّدِّ أَيْ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْأَرْضِ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الزَّارِعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ فِي

المادة (86 0 1) إذا غاب أحد شريكي الكرم المشترك يقوم الآخر على ذلك الكرم

الْبَابِ الْعَاشِرِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَعْطَى الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ ضَمَانَ نُقْصَانِ الْأَرْضِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (76 0 1) . وَالتَّفْصِيلَاتُ السَّابِقَةُ فِي حَالَةِ عَدَمِ مُرَاجَعَةِ الْحَاضِرِ الْقَاضِيَ أَمَّا إذَا رَاجَعَ الْحَاضِرُ الْقَاضِيَ وَأَعْلَمَهُ الْكَيْفِيَّةَ فَيَأْذَنُهُ الْقَاضِي بِزِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ فِي كُلِّ حَالٍ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّرَاعَةُ نَافِعَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ أَيْ مُضِرَّةً وَمُؤَدِّيَةً لِنُقْصَانِ الْأَرْضِ مَنْعًا لِضَيَاعِ الْعُشْرِ فِي الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ وَخَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بَيْتُ الْمَالِ وَخَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ هُوَ الضَّرِيبَةُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ حَاصِلَاتِ الْأَرْضِ بِحَسَبِ تَحَمُّلِهَا مِنْ الْعُشْرِ إلَى النِّصْفِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ زِرَاعَةُ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ الْأَرْضَ بِإِذْنِ الْقَاضِي إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ الزَّارِعِ أَوْ عَلَى الْقَاضِي الَّذِي أَذِنَهُ بِالزَّرْعِ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ. وَلَكِنْ هَلْ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يُدْعَى طَالِبًا زِرَاعَةَ الْأَرْضِ بِمِقْدَارِ مَا زَرَعَهَا الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ؟ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَقْصُورٌ عَلَى حَالَةِ غَيْبَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَمَّا إذَا زَرَعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرْضِ كُلَّ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ حَاضِرَيْنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَادَّعَى الشَّرِيكُ الْآخَرُ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ فَتُقَسَّمُ تِلْكَ الْأَرَاضِي وَيُتْرَكُ الزَّرْعُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الزَّارِعِ وَيُقْلَعُ الزَّرْعُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الزَّارِعُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَمَا وَضَّحَ فِي الْمَادَّةِ (76 0 1) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (73 1 1) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي أَرَاضِي الْمِلْكِ كَالْأَرَاضِيِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِذِكْرِهَا الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ أَمَّا إذَا كَانَ الزَّرْعُ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ قَانُونَ الْأَرَاضِي الْمَخْصُوصُ. [الْمَادَّةُ (86 0 1) إذَا غَابَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ يَقُومُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الْكَرْمِ] الْمَادَّةُ (86 0 1) - (إذَا غَابَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ يَقُومُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الْكَرْمِ وَعِنْدَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَيَسْتَهْلِكُهَا. وَلَهُ أَيْضًا بَيْعُ حِصَّةِ الْغَائِبِ وَوَقْفُ ثَمَنِهَا، لَكِنْ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا عِنْدَ حُضُورِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ الْمَوْقُوفَ وَإِنْ شَاءَ لَا يُجِيزُهُ وَضَمِنَهُ حِصَّتَهُ) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ يَقُومُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ الْكَرْمِ أَيْ يَقُومُ بِخِدْمَةِ الْكَرْمِ وَنَكْشِهِ وَتَقْلِيمِ أَشْجَارِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ، وَعِنْدَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَيَسْتَهْلِكُهَا أَيْ يُفْرِزُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَمَا شَاءَ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَرُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَلَهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (171 1) حَقُّ إفْرَازِ حِصَّتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَرُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كَالسَّفَرْجَلِ فَهَلْ لَهُ حَقُّ الْإِفْرَازِ أَيْضًا أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (18 1 1) فَلْيُحَرَّرْ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ لَا يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى الْقِيَامِ عَلَى الْكَرْمِ فَإِذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْتَرْ الصَّرْفَ وَتَلِفَ الْكَرْمُ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ شَيْءٌ.

وَلَهُ أَيْضًا بَيْعُ حِصَّةِ الْغَائِبِ وَوَقْفُ وَحِفْظُ ثَمَنِهَا أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْغَائِبِ لِلْغَائِبِ وَيَحْفَظَ وَيُوقِفَ ثَمَنَهَا وَلَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ التَّعْزِيرَ وَالْعِقَابَ لِإِتْلَافِهِ مَالَ الْغَيْرِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ) فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَبِعْ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ حِصَّةَ الْغَائِبِ مِنْ الثَّمَرِ الْقَائِمِ عَلَى الْكَرْمِ وَتَلِفَ الثَّمَرُ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ ضَمَانٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا وَمُكَلَّفًا عَلَى بَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ. وَإِذَا صَرَفَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ شَيْئًا عَلَى خِدْمَةِ الْكَرْمِ وَتَقْلِيمِ أَشْجَارِهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْمَالِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا صَرَفَهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (725) . وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ خَرَاجَ وَضَرِيبَةَ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا أَمْرِ الْغَائِبِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَائِبِ بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ، لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ) . وَالْإِيضَاحَاتُ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ سَيَأْتِي ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (6 5 1) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَقَدْ جُوِّزَ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ مِنْ مُسْتَثْنَيَاتِ الْمَادَّةِ (96) . (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . لَكِنْ يَكُونُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا عِنْدَ حُضُورِهِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ أَيْ أَنَّهُ يَرْضَى بِذَلِكَ الْبَيْعِ وَلَا تُتَحَرَّى فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ وَالرِّضَاءِ الشُّرُوطُ الَّتِي تَلْزَمُ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِذَا أَجَازَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ الْمَوْقُوفَ، وَإِنْ شَاءَ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ الْبَيْعَ وَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ الْبَائِعِ إذَا أَرَادَ وَحَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . وَيَرِدُ هُنَا سُؤَالٌ كَيْفَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ الشَّرِيكَ الْبَائِعَ مَعَ أَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ؟ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ لِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ إذَا تَصَدَّقَ مُلْتَقِطُ اللُّقَطَةِ بِاللُّقَطَةِ ثُمَّ ظَهَرَ صَاحِبُهَا فَلِصَاحِبِهَا حَقُّ التَّضْمِينِ، وَالْإِيضَاحَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 77) . أَمَّا كَيْفِيَّةُ الضَّمَانِ فَهِيَ إذَا كَانَ الثَّمَرُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِثْلُهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُنْقَطِعَةِ الْمِثْلِ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فِي وَقْتِ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ (حَاشِيَةُ الْبَحْرِ لِابْنِ عَابِدِينَ) . وَلَهُ إنْ تَلِفَ الثَّمَرُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبَ الْغَاصِبِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (0 1 9) أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ هَذَا التَّضْمِينُ عِبَارَةً عَنْ اسْتِرْدَادِ الثَّمَرِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 89) . وَإِسْنَادُ الْإِجَازَةِ لِلْغَائِبِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ تُوُفِّيَ الْغَائِبُ يَكُونُ وَرَثَتُهُ مُخَيَّرِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ تَعْبِيرَ (أَجَازَ) هُوَ بِمَعْنَى رَضِيَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي تِلْكَ الْإِجَازَةِ الشُّرُوطُ الَّتِي يَجِبُ وُجُودُهَا فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَاشْتِرَاطُ شُرُوطٍ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي هَذِهِ الْإِجَازَةِ هُوَ لِوُجُودِ فَرْقٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُوجَدُ إذْنٌ شَرْعِيٌّ فِي هَذَا الْبَيْعِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَلَا يُوجَدُ إذْنٌ شَرْعِيٌّ وَالْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدٌ عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ فَائِدَةٌ لِلْغَائِبِ مَعَ بَيْعِ الثَّمَرِ لِغَلَبَةِ احْتِمَالِ تَلَفِهِ وَالتَّرْخِيصِ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالْبَيْعِ عَلَى

المادة (87 1) حصة أحد الشريكين في حكم الوديعة في يد الآخر

هَذَا الْوَجْهِ مَعَ أَنَّ التَّعَدِّيَ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ هُوَ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَنْعِ هُنَا. [الْمَادَّةُ (87 1) حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (87 1) - (حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ لِآخَرَ فَتَلِفَ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 79) حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْآخَرِ أَيْ أَنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ (فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ) وَلَمْ يَقُلْ وَدِيعَةً لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ كَمَا عَرَفْتَ فِي الْمَادَّةِ (763) هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُودَعُ لِآخَرَ لِلْحِفْظِ. أَمَّا الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فَحَيْثُ لَمْ يُودَعْ عِنْدَ الشَّرِيكِ لِلْحِفْظِ فَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ وَدِيعَةٌ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ أَمَانَةٌ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَادَّةِ (763) . فَلِذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ ذَلِكَ الْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ الشَّرِيكُ هَذَا الْإِيدَاعَ فَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُودِعُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا التَّلَفُ بِدُونِ صُنْعٍ وَتَقْصِيرٍ مِنْ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 79) وَكَذَا الْمَادَّةُ (0 1 9) وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بِرْذَوْنٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَرَكَ أَحَدُهُمَا ذَلِكَ الْبِرْذَوْنَ فِي الْمَرْعَى بِلَا حَافِظٍ وَضَاعَ الْبِرْذَوْنُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) . (الْفَيْضِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ السَّفِينَةَ الْمُشْتَرَكَةَ لِآخَرَ فَسَافَرَ بِهَا وَغَرِقَتْ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (يَحْيَى أَفَنْدِي فِي الشَّرِكَةِ) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ لِلسَّفَرِ وَلَوْ كَانَ سَفِينَةً اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (781، 575 1) . (الْبَحْرُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي الشَّرِكَةِ) . وَكَذَلِكَ لَوْ غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمَوَاشِي الْمُشْتَرَكَةِ وَسَلَّمَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ حِصَّتَهُ مَعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ لِلرَّاعِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَتَلِفَتْ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ مُسْتَوْدَعٌ وَيُمْكِنُهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمَوَاشِي مِنْ قِبَلِ أَجِيرِهِ فَإِيدَاعُهُ الْمَوَاشِيَ إلَى الْغَيْرِ تَعَدٍّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 79) (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - آخَرُ أَيْ لِغَيْرِ أَمِينِهِ وَهَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ لِأَمِينِهِ لِلْحِفْظِ كَأَجِيرِهِ الْخَاصِّ وَالْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (78) . 2 - إذَا لَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ. أَمَّا إذَا أَجَازَ الشَّرِيكُ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (791) . . [الْمَادَّة (88 0 1) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إنْ شَاءَ بَاعَ حِصَّتَهُ إلَى شَرِيكه وَإِنَّ شَاءَ بَاعَهَا لِآخِرِ بِدُونِ إِذْن شَرِيكه] الْمَادَّةُ (88 0 1) - (لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إنْ شَاءَ بَيْعُ حِصَّتِهِ إلَى شَرِيكِهِ إنْ شَاءَ بَاعَهَا لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 1 2) أَمَّا فِي صُورَةِ خَلْطِ الْأَمْوَالِ وَاخْتِلَاطِهَا الَّتِي بُيِّنَتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَسُوغُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ فِي

الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَخْلُوطَةِ أَوْ الْمُخْتَلِطَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إنْ شَاءَ بَيْعَ حِصَّتِهِ إلَى شَرِيكِهِ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الِاشْتِرَاكِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُضِرًّا بِأَيِّ شَخْصٍ كَانَ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِيمَا عَدَا خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ بِعَقَارٍ وَقَفَ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا إنْ شَاءَ إفْرَاغُ حِصَّتِهِ لِشَرِيكِهِ وَإِنْ شَاءَ أَفْرَغَهَا لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ لِكُلِّ إنْسَانٍ وِلَايَةً عَلَى مَالٍ وَلِكُلٍّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ كَيْفَمَا شَاءَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 19 1) . (الزَّيْلَعِيُّ) فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ شَرِيكَهُ عَلَى شِرَاءِ حِصَّتِهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهَا لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (72 1) سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عَقَارًا أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ مِلْكُ عَقَارٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلِأَحَدِهِمَا بَيْعُ حِصَّتِهِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ إنْ شَاءَ لِشَرِيكِهِ وَإِنْ شَاءَ لِأَجْنَبِيٍّ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ شَاةٌ أَوْ فَرَسٌ أَوْ أَمْوَالٌ أُخْرَى مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ إبْطَالُ هَذَا الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 1 2) سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأَمْوَالُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَتَعْبِيرُ " الْبَيْعِ " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ غَيْرُ احْتِرَازِيٍّ بِاعْتِبَارٍ إذْ الْحُكْمُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ الْمِلْكِ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّصَدُّقِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الطَّلَاقِ فِي الطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَبَدَلِ الْمُقَايَضَةِ وَبَدَلِ الْإِيجَارِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ بِعِلَاوَةٍ) . إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هِبَةِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمِلْكُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ. أَمَّا هِبَةُ الْحِصَّةِ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ فَلَا تَصِحُّ مَا لَمْ تُفْرَزْ وَتُقَسَّمْ وَتُسَلَّمْ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عَقَارًا فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعُ حِصَّتِهِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَلَا يَحِقُّ لِمُشَارِكِهِ إبْطَالُ هَذَا الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ لِشَرِيكِهِ حَقَّ طَلَبِ الشُّفْعَةِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْكِتَابِ التَّاسِعِ. وَاحْتِرَازِيٌّ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إمَّا يُحْتَرَزُ بِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حُكْمَ إجَارَةِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (29 4) . (الْبَحْرُ) . أَمَّا فِي صُورَةِ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ الَّتِي بُيِّنَتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعُ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمَخْلُوطِ أَوْ الْمُخْتَلِطِ (بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ) بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ. وَإِذَا بَاعَ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِفْرَازُ فِي غِيَابِ شَرِيكِهِ حَسَبِ الْمَادَّةِ (17 1 1) وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَجُوزُ الْبَيْعُ. وَلَهُ بَيْعُ حِصَّتِهِ لِآخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَمَا أَنَّ لَهُ بَيْعَهَا لِشَرِيكِهِ، لِلشَّرِيكِ بَيْعُ حِصَّتِهِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي الشَّرِكَةِ الَّتِي تَكُونُ مُسَبَّبَةً عَنْ مِثْلِ الِاشْتِرَاءِ وَالْإِرْثِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ حَاصِلَةً مِنْ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ فَلَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ الْبَيْعُ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ. وَالْفَرْقُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنَّ الشَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ بِأَسْبَابٍ كَالِاشْتِرَاءِ وَالْإِرْثِ فَتَكُونُ كُلُّ حَبَّةٍ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا وَهُوَ مَعْلُومٌ وَمَقْدُورُ التَّسْلِيمِ (الزَّيْلَعِيُّ) . فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ بَيْعُ حِصَّتِهِ لِشَرِيكِهِ

وَلِلْأَجْنَبِيِّ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ حَاصِلَةً بِسَبَبِ خَلْطِ أَوْ اخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ فَكُلُّ حَبَّةٍ مِنْ نِصْفِ الْمَخْلُوطِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا هِيَ مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حِصَّةٌ فِيهَا، فَإِذَا بَاعَ حِصَّتَهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ فَلَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ وَلَا تَسْلِيمُ حِصَّتِهِ إلَّا مَخْلُوطَةً بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهَا مُسْتَقِلًّا وَبِمَا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ مَانِعٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فَإِمْكَانُ التَّسْلِيمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ أَمَّا إذَا بَاعَهَا لِشَرِيكِهِ فَهُوَ جَائِزٌ لِاقْتِدَارِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - إنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ التَّعَدِّي هُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَانْتِقَالِهِ عَنْ الْخَالِطِ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (788) فَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْخَلْطُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فَيَكُونُ سَبَبُ الزَّوَالِ وَالِانْتِقَالِ مَوْجُودًا مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْخَلْطُ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لِكَوْنِ الْخَلْطِ وَاقِعًا بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ تَعَدٍّ، فَلِذَلِكَ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنَّ حَقَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الْمَخْلُوطِ زَائِلٌ وَمُنْتَقِلٌ لِلْآخَرِ. وَاعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْبَيْعِ لِلشَّرِيكِ أَنَّهُ غَيْرُ زَائِلٍ وَغَيْرُ مُنْتَقِلٍ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِالشَّبِيهَيْنِ. أَمَّا فِي الشَّرِكَةِ الْحَاصِلَةِ بِصُوَرِ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ فَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ فَيَكُونُ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمًا فَلَهُ بَيْعُ حِصَّتِهِ لِشَرِيكِهِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ. سُؤَالٌ - وَالْعَمَلُ بِالشَّبِيهَيْنِ يَكُونُ أَيْضًا بِعَكْسِهِ أَيْ بِأَنْ يَعْتَبِرَ الْبَيْعَ لِلشَّرِيكِ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْبَيْعُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ فَلِمَاذَا جَوَّزَ الْبَيْعَ لِلشَّرِيكِ وَلَمْ يُجَوِّزْ لِلْأَجْنَبِيِّ؟ الْجَوَابُ - أَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ الشَّرِيكِ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ تَمْلِيكِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَوَّزَ تَمْلِيكَهُ لِلشَّرِيكِ وَكَذَا تَأْجِيرُ الْمُشَاعِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَائِزٌ لِلشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (29 4) (الْكِفَايَةُ وَشَرْحُ الْهِدَايَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . يُوجَدُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٍ أُخْرَى غَيْرَ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْبَيْعُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ كَبَيْعِ الشَّيْءِ الَّذِي فِي بَيْعِهِ ضَرَرٌ لِلشَّرِيكِ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي. مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِسَبَبِ ضَرَرِهِ لِلشَّرِيكِ - لَوْ كَانَتْ عَرْصَةٌ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي الْبِنَاءِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا بَاعَ بِنَاءَهُ بِشَرْطِ الْهَدْمِ فَعَلَيْهِ هَدْمُ حِصَّتِهِ وَتَفْرِيغُ الْعَرْصَةِ وَفِي هَذَا الْحَالِ ضَرَرٌ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حِصَّتَهُ وَإِذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ التَّرْكِ وَالْإِبْقَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْبَيْعِ مَنْفَعَةٌ زَائِدَةٌ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) . مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِسَبَبِ ضَرَرِهِ لِلْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ - وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ إذْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا الْحَالِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ، وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي. وَقَدْ جَاءَ فِي الطَّحْطَاوِيِّ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبْطَخَةِ بِرِضَاءِ شَرِيكِهِ فَلَوْ ضَرَّهُ الْقَطْعُ لَمْ يَجُزْ

المادة (1090) أخذ الورثة مقدارا من النقود من التركة قبل القسمة

الْبَيْعُ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ لَا يَرْضَى بَعْدَ الْإِجَازَةِ؛ إذْ فِي قَلْعِهِ ضَرَرٌ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ الضَّرَرِ. وَقَدْ أَلَّفْت رِسَالَةً فِي بَيْعِ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ بِاسْمِ (الرِّسَالَةِ الْمُبَارَكَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ) كَمَا أَنَّهُ قَدْ بَيَّنْتُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (5 1 2) بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ. الْمَادَّةِ (1089) - (إذَا بَذَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْحُبُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْرُوثَةِ بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَوْ إذْنِ وَصِيِّهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ بَذَرَ أَحَدُهُمْ حُبُوبَ نَفْسِهِ فَحَاصِلَاتُهَا لَهُ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ الْوَرَثَةِ فِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ النَّاشِئِ عَنْ زِرَاعَتِهَا اُنْظُرْ مَادَّةَ 7 0 9) إذَا بَذَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْحُبُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي الْأَرَاضِي الْمُورِثَةِ أَوْ فِي أَرَاضِي الْغَيْرِ بِإِذْنِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَوْ إذْنِ وَصِيِّهِمْ أَوْ بِإِذْنِ الْقَاضِي إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَالْحَالُ الَّذِي يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ هُوَ كَوْنُ الْبَذْرِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ وَكَوْنُ الْوَارِثِ الزَّارِعِ قَدْ زَرَعَ بِإِذْنِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ الْآخَرِينَ سَوَاءٌ زَرَعَ فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْرُوثَةِ أَوْ فِي أَرَاضِي الْغَيْرِ أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةِ) أَوْ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الزَّارِعُ أَصِيلًا عَنْ نَفْسِهِ وَوَكِيلًا عَنْ شُرَكَائِهِ فِي الزِّرَاعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (245 1) وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهَا بِنِسْبَةِ اشْتِرَاكِهِمْ فِي الْبَذْرِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (73 0 1) وَإِذَا بَذَرَ أَحَدُهُمْ حُبُوبَ نَفْسِهِ أَوْ حُبُوبَ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَبَذَرَ الْحُبُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْرُوثَةِ بِلَا إذْنِ الْمُشَارِكِ فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لَهُ خَاصَّةً وَلَا تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الزَّرْعِ فِي الْأَرَاضِيِ الْمُشْتَرَكَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (246 1) . فَلِذَلِكَ إذَا زَرَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْحُبُوبَ الْمُشْتَرَكَةَ بِدُونِ إذْنِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَوْ إذْنِ وَصِيِّهِمْ إذَا كَانُوا صِغَارًا فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لِلْوَارِثِ الزَّارِعِ مُسْتَقِلًّا وَيَكُونُ الزَّارِعُ غَاصِبًا لِلْبَذْرِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الْآخَرِينَ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الشَّرِكَةِ) وَلَمْ يُنْتِجْ الْبَذْرُ أَيَّ شَيْءٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ. أَمَّا إذَا زَرَعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْرُوثَةِ بِدُونِ إذْنِ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لِحِصَّةِ الْآخَرِينَ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (76 1) وَشَرْحِهَا وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فِي نُقْصَانِ الْأَرْضِ النَّاشِئِ عَنْ زِرَاعَتِهَا. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ هِيَ عَيْنُ الْفِقْرَةِ الَّتِي تَبْتَدِئُ بِعِبَارَةِ (لَكِنْ) مِنْ الْمَادَّةِ (76 0 1) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 0 9) (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْمُسَاقَاةِ) . . [الْمَادَّةُ (1090) أَخَذَ الْوَرَثَةُ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ] الْمَادَّةُ (1090) - (إذَا أَخَذَ الْوَرَثَةُ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ وَعَمِلَ فِيهِ فَخَسَارُهُ يَعُودُ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَبِحَ لَا يَأْخُذُ الْوَرَثَةُ حِصَّةً فِيهِ) إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَرَبِحَ يَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ

أَوْ إذْنِ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا فَكَمَا أَنَّ الضَّرَرَ يَعُودُ عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ حِصَّتَهُمْ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ كَذَلِكَ لَوْ رَبِحَ فَلَا يَأْخُذُ الْوَرَثَةُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ حِصَّةِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ طَيِّبًا لِلْآخِذِ وَالْعَامِلِ فِي ذَلِكَ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - أَحَدٌ إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ أَوْ تَعَدَّدَ الْمُتَوَفَّوْنَ وَلَمْ يَقْسِمْ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ وَعَمِلُوا فِيهَا وَكَثَّرُوا أَمْوَالَهُمْ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ كَسْبُ أَحَدٍ عَنْ كَسْبِ الْآخَرِ فَتُقَسَّمُ الْأَكْسَابُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدُهُمْ حِصَّةً أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ أَمَّا أَصْلُ التَّرِكَةِ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ حَسَبَ الْفُرُوضِ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ حَيْثُ يَلْزَمُ وُجُودُ شُرُوطٍ عَدِيدَةٍ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَمِنْهَا لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ (الْحَامِدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . 2 - بِدُونِ إذْنٍ، أَمَّا إذَا أَعْمَلَ الْمَالَ بِإِذْنٍ فَإِذَا أَعْمَلَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً فَتَكُونُ حِصَّةُ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ قَرْضًا وَإِذَا أَعْمَلَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا فَتَكُونُ الْمُعَامَلَةُ شَرِكَةَ مُضَارَبَةٍ فِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1371) وَإِذَا شَرَطَ الرِّبْحَ أَنْ يَكُونَ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ يَكُونُ بِضَاعَةً فِي حِصَّةِ الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (4 1 4 1، 559 1) وَشَرْحِهِمَا. 3 - مِقْدَارًا. هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَإِذَا تَصَرَّفَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ خَاصَّةً (الْهِنْدِيَّةُ) . 4 - الْأَعْمَالُ، مَعْنَاهُ شِرَاءُ مَالٍ بِتِلْكَ النُّقُودِ وَالرِّبْحُ بِبَيْعِهَا، مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ بِدُونِ إذْنِهِمْ مِائَةَ دِينَارٍ وَبَاعَ وَاشْتَرَى بِهَا فَرَبِحَ خَمْسِينَ دِينَارًا فَتَكُونُ الْخَمْسُونَ دِينَارًا لَهُ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الرِّبْحِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَارِثُ ضَامِنًا لِلْوَرَثَةِ حِصَصَهُمْ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ خَسِرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تِلْكَ الْمِائَةَ الدِّينَارِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَعُودُ الْخَسَارُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ حِصَصَ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَجَّرَ مَالَ الْآخَرِ فُضُولًا وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُ الْمَالِ تِلْكَ الْإِجَارَةَ مَعَ وُجُودِ شَرَائِطِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ بَدَلُ الْإِيجَارِ لِلْمُؤَجَّرِ الْفُضُولِيِّ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (47 4) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ تَصَرَّفَ وَصِيُّ الْقَاصِرِ فِي التَّرِكَةِ بِدُونِ إذْنِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ وَسَعَى وَعَمِلَ بِهَا وَرَبِحَ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَوْ لِلْأُمِّ طَلَبُ حِصَّةٍ مِنْ الرِّبْحِ (الْحَامِدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ ذَهَبَ الشَّرِيكُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى رَغْمَ نَهْيِهِ عَنْ الذَّهَابِ وَبَاعَ مَالَ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ غَاصِبًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَيَعُودُ الرِّبْحُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1383) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ ذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى مُخَالِفًا أَمْرَ رَبِّ الْمَالِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى هُنَاكَ يُعَدُّ غَاصِبًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1 2 41 و 22 4 1) وَشَرْحَهُمَا. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ اشْتَغَلَ الْغَاصِبُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ النِّيّ اغْتَصَبَهَا وَرَبِحَ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ ذَلِكَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْمِائَةَ الدِّينَارَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْمُدَاخَلَةُ فِي الرِّبْحِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُودِعُ الدَّنَانِيرَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ وَرَبِحَ فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ مِقْدَارَ الْوَدِيعَةِ فَقَطْ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الرِّبْحِ.

الفصل الثالث في بيان الديون المشتركة

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ] قَدْ ذُكِرَتْ الدُّيُونُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَذُكِرَتْ فِي بَعْضِهَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ كَالْهِنْدِيَّةِ وَأَكْثَرُ الْمَوَادِّ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْمَجَلَّةِ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّرِكَةِ مِنْ كِتَابِ الْهِنْدِيَّةِ. إجْمَالُ هَذَا الْفَصْلِ: أَنَّ الْمَوَادَّ وَالْمَسَائِلَ الْوَارِدَةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْمَجَلَّةِ مُنْقَسِمَةٌ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - تَعْرِيفُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - بَيَانُ أَفْرَادِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمَجَلَّةُ تَذْكُرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ سَبْعَةَ أَفْرَادٍ، وَسَيُذْكَرُ شَرْحًا أَرْبَعَةُ أَفْرَادٍ أُخْرَى، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ أَحَدَ عَشَرَ فَرْدًا وَهِيَ: 1 - الدُّيُونُ الْمَوْرُوثَةُ. 2 - الدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبِ إتْلَافِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. 3 - الدَّيْنُ الْحَاصِلُ مِنْ جِهَةِ إقْرَاضِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. 4 - الدَّيْنُ الْحَاصِلُ مِنْ بَيْعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ صَفْقَةً وَاحِدَةً. 5 - الدَّيْنُ الْحَاصِلُ مِنْ بَيْعِ الْمَالِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمُتَعَدِّدِ صَفْقَةً وَاحِدَةً. 6 - الدَّيْنُ الَّذِي يُطْلَبُ لِكَفِيلَيْنِ بِالْأَمْرِ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ لِدَفْعِهِمَا الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. 7 - الدَّيْنُ الَّذِي يُطْلَبُ لِمَأْمُورَيْنِ مِنْ أَمْرِهِمَا لِدَفْعِهِمَا دَيْنَهُ بِأَمْرِهِ، وَهَذِهِ السَّبْعَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ. وَأَمَّا مَا ذُكِرَ شَرْحًا فَهُوَ مَا يَأْتِي: 8 - الدُّيُونُ الَّتِي يُوصَى بِهَا لِأَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ. 9 - الدُّيُونُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغُرُورِ إذَا كَانَ بِقَضَاءٍ أَيْ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ. 0 - 1 - الدُّيُونُ الْحَاصِلَةُ مِنْ إيجَارِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ صَفْقَةً وَاحِدَةً. 1 - 1 - الدُّيُونُ الْحَاصِلَةُ مِنْ إيجَارِ الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - بَيَانُ أَفْرَادِ الدَّيْنِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةِ هُنَا سِتَّةَ أَفْرَادٍ مِنْهُ. وَسَيُذْكَرُ شَرْحًا ثَلَاثَةُ أَفْرَادٍ أُخْرَى، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الدَّيْنِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ تِسْعَةَ أَفْرَادٍ وَهِيَ:

إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ مَالًا لِآخَرَ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. 2 - إذَا بَاعَ اثْنَانِ لِآخَرَ مَالًا وَبَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. 3 - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي مَالٍ وَبَاعَ الثَّانِي حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. 4 - لَوْ بَاعَ اثْنَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالًا لَهُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَبَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا. 5 - لَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالَهُ لِآخَرَ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. 6 - إذَا أَمَرَ اثْنَانِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ فَأَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا الدَّيْنَ مِنْ الْمَالِ الْخَاصِّ بِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. وَهَذِهِ الْأَفْرَادُ السِّتَّةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ وَاَلَّذِي سَيُذْكَرُ آتَيَا هُوَ الْمَذْكُورُ شَرْحًا أَيْ أَنَّ الدُّيُونَ الْآتِيَةَ الذِّكْرِ لَيْسَتْ مِنْ الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ أَيْضًا. 7 - الدُّيُونُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغُرُورِ إذَا كَانَ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ مُتَفَرِّقًا. 8 - الدُّيُونُ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي بِسَبَبِ رُجُوعِ أَحَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُمَا عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَرُجُوعِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الثَّانِي عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي. 9 - الدُّيُونُ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ لِلْمَأْمُورِينَ بِالشِّرَاءِ بِسَبَبِ اشْتِرَائِهِمْ الْمَالَ الْمَأْمُورِينَ بِشِرَائِهِ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ - فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ. الْمَادَّةُ (1 9 0 1) - (إذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي ذِمَّةِ وَاحِدٍ دِينٌ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ فَهُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ شَرِكَةَ مِلْكٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ مُتَّحِدًا فَلَيْسَ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ كَمَا يَظْهَرُ وَيَتَّضِحُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ) . إذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي ذِمَّةِ وَاحِدٍ - وَالْأَنْسَبُ لِلسِّيَاقِ أَيْ لِلْمَادَّةِ (1045) أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ - دَيْنٌ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَهُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ أَيْ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ شَرِكَةَ مِلْكٍ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ كَوْنِهِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا مَعْنَى الِاشْتِرَاكِ مُنَاصَفَةً فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا يَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّيْنِ مُنَاصَفَةً يَكُونُ أَيْضًا أَثْلَاثًا وَأَرْبَاعًا، أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَبَاعَاهُ لِآخَرَ بِكَذَا دِرْهَمًا صَفْقَةً وَاحِدَةً يَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ زَيْدٌ وَتَرَكَ وَلَدًا وَزَوْجَةً وَكَانَ لَهُ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو دَيْنٌ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّنَانِيرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ أَثْمَانًا ثُمُنُهَا أَيْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ لِلزَّوْجَةِ وَسَبْعَةُ أَثْمَانِهَا أَيْ سَبْعُونَ دِينَارًا لِلْوَلَدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1073) وَشَرْحَهَا. وَتَعْبِيرُ (وَاحِدٍ) الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ فَهُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ بَاعَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ لِاثْنَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَالدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ لَهُمَا وَمِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِينَ هُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ. مُتَّحِدًا فَلَيْسَ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَلَّلَ لِحُصُولِ حُسْنِ الْمُقَابَلَةِ ((وَإِذَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ)) وَعَدَمُ اتِّحَادِ السَّبَبِ يَكُونُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ، وَاخْتِلَافِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ يَكُونَ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ حَقِيقَةً أَوْ مُخْتَلِفًا حُكْمًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَيُوجَدُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ تَرْتِيبٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ عَرَّفَ أَوَّلًا الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ وَالْغَيْرَ الْمُشْتَرَكِ، وَبِهَذَا التَّعْرِيفِ يُعْلَمُ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ وَالْغَيْرُ الْمُشْتَرَكِ إجْمَالًا، ثَانِيًا: قَدْ فَصَلَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ وَالْغَيْرَ الْمُشْتَرَكِ أَيْ أَنَّهُ قَدْ عَدَّدَ أَنْوَاعَ الدَّيْنِ اعْتِبَارًا مِنْ الْمَادَّةِ (92 0 1) إلَى الْمَادَّةِ (99 1) . ثَالِثًا: قَدْ بَيَّنَ أَحْكَامَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالدَّيْنَ الْغَيْرَ الْمُشْتَرَكِ. الْخُلَاصَةُ: أَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْغَيْرَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُتَّحِدٍ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْبَعْضُ مِنْهَا مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا. وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (99 0 1) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ أَحْكَامَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ. . الْمَادَّةُ (2 9 0 1) - (كَمَا تَكُونُ أَعْيَانُ الْمُتَوَفَّى الْمَتْرُوكَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ وَارِثِيهِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ كَذَلِكَ يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَارِثِيهِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ) كَمَا تَكُونُ أَعْيَانُ الْمُتَوَفَّى الْمَتْرُوكَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ - وَارِثِيهِ، عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ الْإِرْثِيَّةِ بِمُوجَبِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ أَوْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ بِمُوجَبِ أَحْكَامِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَصِيَّةِ كَذَلِكَ يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ الْإِرْثِيَّةِ أَوْ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ بِمُوجَبِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ هَذَا الدَّيْنَ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ أَوْ الْوَصِيَّةُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ سَبَبَ الدَّيْنِ حَقِيقَةٌ لَمْ يَكُنْ الْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ بَلْ سَبَبُهُ إقْرَاضُ الْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي لِآخَرَ أَوْ بَيْعُهُ أَوْ إيجَارُهُ مَالًا لِأَنَّ الدَّيْنَ كَمَا عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (581) وَشَرْحِهَا ((هُوَ الشَّيْءُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ أَوْ اسْتِهْلَاكِ الْمَالِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ)) وَالْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ لَمْ يَكُونَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إلَّا أَنَّ سَبَبَ الدَّيْنِ هُوَ الْإِرْثُ أَوْ الْوَصِيَّةُ حُكْمًا. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَوَلَدًا وَبِنْتًا فَالْأَعْيَانُ وَالدُّيُونُ الْمَتْرُوكَةُ عَنْهُ تُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْوَلَدِ وَسَبْعَةُ أَسْهُمٍ لِلْبِنْتِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ حَتَّى لَفْظِ ((كَمَا)) هُوَ مَذْكُورٌ اسْتِطْرَادًا وَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ هُوَ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ اشْتَرَاكَ الْوَرَثَةِ فِي الْأَعْيَانِ الْمَتْرُوكَةِ عَنْ الْمَيِّتِ بِسَبَبِ حِصَصِهِمْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ شَرِكَةِ الْعَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ شَرِكَةِ الدَّيْنِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ عُنْوَانِ الْمَبْحَثِ

المادة (1093) الدين الذي يترتب في ذمة المتلف

وَعِبَارَةُ " وَارِثِيهِ " الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَتْ بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا، فَلِذَلِكَ لَوْ أَوْصَى الْمُتَوَفَّى بِدَيْنِهِ الْمَطْلُوبِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ إلَى اثْنَيْنِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ ذَيْنِكَ الِاثْنَيْنِ مُشْتَرَكًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ذِمَّةُ آخَرَ، لَيْسَ هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيًّا فَالدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ ذِمَّةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ هُوَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَبٍ فِي ذِمَّةِ وَلَدِهِ ثَلَاثُونَ دِينَارًا ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَكَانَ لَهُ عَدَا عَنْ وَلَدِهِ الْمَدِينِ وَلَدَانِ آخَرَانِ فَيَبْرَأُ الْوَارِثُ الْمَدِينُ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ مِنْ ذِمَّتِهِ حَيْثُ أَصْبَحَ وَارِثًا لَهُ وَتَكُونُ الْعِشْرُونَ دِينَارًا الْبَاقِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْآخَرَيْنِ الِاثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَيَلْزَمُ الْمَدِينَ أَدَاءُ الْعِشْرِينَ دِينَارًا. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (1 9 0 1) . . [الْمَادَّةُ (1093) الدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ] الْمَادَّةُ (1093) - (يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ ضَمَانًا لِإِتْلَافِهِ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِ ذَلِكَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي يَتَرَتَّبُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (2 1 9) لِأَنَّ سَبَبَ الدَّيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِتْلَافِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (1 9 0 1) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - إتْلَافٌ، لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيًّا، فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغُرُورِ. مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ اثْنَانِ بِنَاءً فِي عَرْصَةٍ وَضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَادَّعَى الِاثْنَانِ مَعًا عَلَى الْبَائِعِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (658) بِطَلَبِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا الْبِنَاءَ فَإِذَا اُسْتُحْصِلَا عَلَى حُكْمٍ بِقَضَاءٍ وَاحِدٍ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِيمَةُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا اُسْتُحْصِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمٍ عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءٍ مُتَفَرِّقٍ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْقِيمَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا. 2 - الْمُتْلِفُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا اللَّفْظِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا، فَعَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ اثْنَانِ بِالِاشْتِرَاكِ مَعًا مَالَ اثْنَيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَالْمَبْلَغُ الَّذِي هُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الِاثْنَيْنِ ضَمَانٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْمَالِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمَالِ ذِمَّةَ أَحَدِهِمَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذِمَّةَ الْآخَرِ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَدًا مِنْ أَحَدِ الْمُتْلِفِينَ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْقَبُولِ. 3 - الدَّيْنُ ضَمَانًا سَوَاءٌ حُكِمَ بِهَذَا الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يُحْكَمْ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ وَغَصَبَ أَحَدٌ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ فَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُمَا عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَا حُكِمَ بِالْبَدَلِ فَيَكُونُ هَذَا الْبَدَلُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْقَضَاءُ مُجْتَمِعًا أَيْ بِأَنْ ادَّعَى كِلَاهُمَا مَعًا فَاسْتَحْصَلَا عَلَى حُكْمٍ، أَوْ مُتَفَرِّقًا أَيْ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَوَّلًا أَحَدُهُمَا وَيَسْتَحْصِلُ عَلَى حُكْمٍ فِي حَقِّ حِصَّتِهِ وَيَدَّعِيَ الْآخَرُ عَلَى حِدَةٍ بِحِصَّتِهِ وَيَسْتَحْصِلُ عَلَى حُكْمٍ بِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُمَا تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْآخَرُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى غَاصِبٍ عَلَى حِدَةٍ وَاسْتَحْصَلَ عَلَى حُكْمٍ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ) .

المادة (4 9 0 1) أقرض اثنان مبلغا من النقود مشتركا بينهما لأحد

مَبْلَغٌ، إنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ قِيَمِيًّا كَانَ أَوْ نُقُودًا وَالْحَالُ أَنَّهُ يُوجَدُ نَوْعٌ ثَالِثٌ لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ مِثْلِيًّا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْبَدَلُ الَّذِي هُوَ دَيْنٌ ضَمَانًا أَيْ الْمِثْلُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَصْحَابِ الْمَالِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ مَعًا مِنْ مَالِهِمْ كَذَا دِينَارًا رِشْوَةً لِآخَرَ وَاسْتَهْلَكَهَا فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ حَتَّى لَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَيُشَارِكُهُ فِيهِ الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ مِنْ اثْنَيْنِ حَيَوَانًا مُشْتَرَكًا فَتَعَدَّى وَتَلِفَ الْحَيَوَانُ فَيَكُونُ الضَّمَانُ الْمُتَرَتِّبُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لِصَاحِبَيْ الْحَيَوَانِ. كَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَالْخَمْسُونَ كَيْلَةً الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُتْلِفِ ضَمَانًا تَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لِصَاحِبَيْ الْحِنْطَةِ. [الْمَادَّةُ (4 9 0 1) أَقْرَضَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ] الْمَادَّةُ (4 9 0 1) - (إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَحَدٍ صَارَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَمَّا إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ إلَى آخَرَ نُقُودًا عَلَى طَرِيقِ الِانْفِرَادِ - أَيْ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ - صَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ) هُوَ لِلِاكْتِفَاءِ بِبَيَانِ أَقَلِّ مَرَاتِبِ الشُّرَكَاءِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلسِّيَاقِ أَنْ يُقَالَ ((إذَا أَقْرَضَ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقْرَضَ أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِآخَرَ صَارَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِقْرَاضُ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - مُشْتَرَكًا. وَالِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الدَّيْنِ يَكُونُ بِنِسْبَةِ الْمَبْلَغِ الْمُقْرَضِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمُقْرَضُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً فَالدَّيْنُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً وَإِذَا كَانَ مُشْتَرَكًا أَثْلَاثًا فَالدَّيْنُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَالْمُقَاوَلَةُ اللَّذَانِ يَكُونَانِ مُخَالِفِينَ لِذَلِكَ. وَتَعْبِيرُ (مُشْتَرَكًا) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ النُّقُودَ (الْوَدِيعَةَ) الَّتِي فِي يَدِهِمَا بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (الْوَدِيعَيْنِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (793) . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ بِاعْتِبَارٍ وَهُوَ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَا عَشَرَ شَخْصًا تِلْكَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَسَلَّمُوهُ إيَّاهَا ثُمَّ ضَمِنُوا بَدَلهَا لِلْمُودَعِ فَيَكُونُونَ مَالِكِينَ لِلْوَدِيعَةِ فِي زَمَنِ الْإِقْرَاضِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَيَكُونُونَ قَدْ أَقْرَضُوا نُقُودَهُمْ الْمُشْتَرَكَةَ. وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (93 1) وَهُوَ أَنَّهُ يَكُونُ الِاثْنَا عَشَرَ شَخْصًا بِتَسْلِيمِهِمْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ لِآخَرَ قَدْ أَتْلَفُوهَا وَيَلْزَمُ فِي ذِمَّتِهِمْ مِثْلُهَا ضَمَانًا. 2 - نُقُودُ، قَدْ ذَكَرَ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالنُّقُودِ فَيَجُوزُ إقْرَاضُ الْمَكِيلَاتِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَالدَّقِيقِ وَالتِّبْنِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا لِآخَرَ فَدَيْنُ الْمُسْتَقْرِضِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الِاثْنَيْنِ (الْمُقْرِضَيْنِ) .

لِأَحَدٍ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ النُّقُودَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا لِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ دَيْنُ الْمُسْتَقْرِضِينَ الِاثْنَيْنِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُقْرَضَيْنِ الِاثْنَيْنِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قِبَلَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ دَيْنَ أَحَدِهِمَا وَقَبِلَ الدَّائِنُ الْآخَرُ دَيْنَ الْمَدِينِ الْآخَرِ فَلَا حُكْمَ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَبَبَ الِاشْتِرَاكِ فِي هَذَا هُوَ كَوْنُ الْمَبْلَغِ الْمُقْرَضِ مُشْتَرَكًا وَكَوْنُهُ أَقْرَضَاهُ مَعًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَضَهُ بِإِذْنِ الْآخَرِ. 4 - إذَا أَقْرَضَ، بِمَعْنَى إقْرَاضِهِمَا مَعًا أَوْ إقْرَاضِ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ. أَمَّا إذَا أَقْرَضَ أَحَدُهُمَا النُّقُودَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا اسْتَقْرَضَهُمَا الْمُسْتَقْرِضُ وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَإِذَا ضَمِنَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُقْرِضِ الْمُقْرَضَ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (75 1) فَيُصْبِحُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ دَيْنًا لِلْمُقْرِضِ فَقَطْ. أَمَّا إذَا أَقْرَضَ اثْنَانِ أَحَدًا نُقُودًا عَلَى طَرِيقِ الِانْفِرَادِ. سَوَاءٌ كَانَتْ النُّقُودُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَكُونُ دَيْنُ الْمُسْتَقْرِضِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الدَّيْنِ مُتَعَدِّدٌ، مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَقْرَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِذَلِكَ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ أُخْرَى وَأَخَذَ الِاثْنَانِ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ سَنَدًا وَاحِدًا فَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَيْضًا (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِشِرَاءِ فَرَسٍ فَاشْتَرَيَاهُ لَهُ فَالدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ لَهُمَا فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ حَسَبِ الْمَادَّةِ (1 49 1) الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ لَا يَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ دَفَعَا الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ أَوْ دَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ الْخَاصِّ (الْهِنْدِيَّةُ) . . الْمَادَّةُ (5 9 0 1) - (إذَا بِيعَ مَالُ وَاحِدٍ مُشْتَرَكٍ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ تُذْكَرْ وَلَمْ تُسَمَّ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَالدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا، وَأَمَّا إذَا سُمِّيَ وَعُيِّنَ حِينَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ حِصَّةِ كُلِّ مِقْدَارٍ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ نَوْعِهَا مَثَلًا لَوْ فُرِّقَتْ وَمُيِّزَتْ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قِيلَ: إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَحِصَّةَ الْآخَرِ بِكَذَا دِرْهَمًا، أَوْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا بِمَسْكُوكَاتٍ خَالِصَةٍ وَحِصَّةُ الْآخَرِ بِمَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ، فَلَا يَكُونُ الْبَائِعَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ، كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ إلَى أَحَدٍ بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا مُسْتَقِلًّا) إذَا بِيعَ مَالُ وَاحِدٍ مُشْتَرَكٍ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَيْ بَاعَهُ صَاحِبَاهُ وَلَمْ يُذْكَرْ وَلَمْ تُسَمَّ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لِأَنَّ سَبَبَ الدَّيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيْعِ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. إيضَاحُ الْقُيُودِ:

صَفْقَةٌ، هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ ضَرْبِ الْيَدِ بِالْيَدِ حِينَ الْبَيْعِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ شُرِحَتْ عِبَارَةُ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ بِالْعَقْدِ الْوَاحِدِ (كُلِّيَّاتُ أَبِي الْبَقَاءِ) . 2 - مَالٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُ (وَاحِدٌ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ صُورَةِ كَوْنِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ وَاحِدًا وَكَانَ اثْنَيْنِ مَثَلًا فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ قَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 3 - إذَا بِيعَ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ فَلَوْ أَجَّرَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ وَلَمْ تُسَمَّ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ بَدَلُ الْإِيجَارِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا (الْبَهْجَةُ فِي الصُّلْحِ وَفَتْحُ الْمُعِينِ حَاشِيَةُ الْمَسْكَنِ) . 4 - دَيْنًا مُشْتَرَكًا، وَهَذَا الِاشْتِرَاكُ يَكُونُ بِنِسْبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَبِيعِ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً يَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُثَالَثَةً فَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْضًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ مُثَالَثَةً، إذَا جَرَتْ بَيْنَهُمَا مُقَاوَلَةٌ عَلَى تَقْسِيمِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا حُكْمَ لَهَا. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا شَرْطَانِ: أَوَّلًا - أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَاحِدَةً. ثَانِيًا - أَنْ لَا تُذْكَرَ وَلَا تُسَمَّى حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ قَدْرًا أَوْ صِفَةً سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُشْتَرَكَةً كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَأَمَّا إذَا فُرِّقَ وَمُيِّزَ حِينَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ صِحَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ نَوْعِهَا أَوْ عُيِّنَ وَصْفُهَا أَوْ عُيِّنَ وَسُمِّيَ مِقْدَارُهَا وَنَوْعُهَا وَوَصْفُهَا مَعًا كَأَنْ قِيلَ: إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَحِصَّةَ الْآخَرِ كَذَا أَيْ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَعُيِّنَ الْمِقْدَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَوْ قِيلَ إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ مَسْكُوكَاتٌ خَالِصَةٌ وَحِصَّةَ الْآخَرِ مَسْكُوكَاتٌ مَغْشُوشَةٌ فَعُيِّنَ وَصْفُهَا، أَوْ قِيلَ إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا دِينَارٌ وَحِصَّةَ الْآخَرِ خَمْسَةُ رِيَالَاتٍ فَفُرِّقَتْ وَمُيِّزَتْ حِصَصُهُمَا جِنْسًا فَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَوْ أَخَذَا سَنَدًا وَاحِدًا وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (99 0 1) لِأَنَّ تَفْرِيقَ التَّسْمِيَةِ فِي حَقِّ الْبَائِعِينَ كَتَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَنْ يَرُدَّهُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) قَدْ وَضَّحَ فِي الْمَادَّةِ (179) وَشَرْحِهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الْإِيجَابُ فَلَا تَتَعَدَّدُ صَفْقَةُ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَوْ فَصَلَ الثَّمَنَ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَيَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ لِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَادَّ مُخْتَلِفَةٍ مَذَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ، أَيْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ فِي الْمَادَّةِ (179) قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلِذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَخْتَارَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَذْهَبَ الْإِمَامَيْنِ، وَظَاهِرُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (179) صُورَةَ مُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَفْرِيقَ الثَّمَنِ قَدْرًا أَوْ نَوْعًا أَوْ وَصْفًا وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ فِي قَيْدِ (إذَا لَمْ يُذْكَرْ أَوْ تُسَمَّ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ فِي قَيْدِ صَفْقَةٍ

المادة (1096) باع اثنان مالهما لآخر بصفقة واحدة

وَاحِدَةٍ الْوَارِدَةِ فِي صَدْرِ الْمَادَّةِ فَكَانَ ذَلِكَ نَشْرًا عَلَى غَيْرِ تَرْتِيبِ اللَّفِّ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ إلَى أَحَدٍ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَيْ بِصَفْقَةٍ أُخْرَى فَلَا يَكُونَانِ مُتَشَارِكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي سَمَّيَاهُ مُتَّحِدًا قَدْرًا وَنَوْعًا وَصِفَةً أَوْ حُرِّرَ الدَّيْنُ بِسَنَدٍ وَاحِدٍ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا مُسْتَقِلًّا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّيِّنَيْنِ قَدْ وَجَبَ بِسَبَبٍ مُخْتَلِفٍ عَنْ الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ بِرْذَوْنٌ وَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي ذَلِكَ الْبِرْذَوْنِ لِآخَرَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ بَاعَ الشَّرِيكُ الثَّانِي حِصَّتَهُ إلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَأَخَذَ سَنَدًا مُشْتَرَكًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَكُونُ هَذَا الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا لِأَنَّ صَفْقَةَ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَتْ وَاحِدَةً بَلْ هِيَ صَفْقَتَانِ أَيْ أَنَّ دَيْنَ أَحَدِهِمَا قَدْ ثَبَتَ بِصَفْقَةِ بَيْعٍ وَدَيْنَ الْآخَرِ قَدْ ثَبَتَ بِصَفْقَةِ بَيْعٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ نَاشِئٍ عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الَّذِي يَقْبِضُهُ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ لَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1 9 0 1) . . [الْمَادَّةُ (1096) بَاعَ اثْنَانِ مَالَهُمَا لِآخَرَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ] الْمَادَّةُ (1096) - (لَوْ بَاعَ اثْنَانِ مَالَهُمَا لِآخَرَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حِصَانٌ وَلِلْآخَرِ فَرَسٌ فَيَبِيعَانِهِمَا مَعًا بِكَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ. وَأَمَّا إذَا سَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا لِحَيَوَانِهِ كَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ كَذَلِكَ إذَا بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالًا عَلَى حِدَةٍ لِآخَرَ فَلَا يَكُونُ ثَمَنَا الْمَبِيعَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنَيْنِ دَيْنًا مُسْتَقِلًّا) إذَا بَاعَ اثْنَانِ مَالَهُمَا أَيْ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالِكًا مُسْتَقِلًّا لِمَالٍ فَيَبِيعَانِ مَالَهُمَا لِآخَرَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ وَتُسَمَّى حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ فَالدَّيْنُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ هَذَا الْعَقْدِ يَكُونُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَأَمَّا إذَا سُمِّيَ حِينَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ حِصَانٌ مُسْتَقِلًّا وَلِآخَرَ فَرَسٌ مُسْتَقِلًّا وَبَاعَاهُمَا مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِكَذَا دِرْهَمًا بِدُونِ تَعْيِينِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعَيْنِ رَغْمًا عَنْ كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ عَائِدًا لِأَحَدِهِمَا وَخَاصًّا بِهِ (الدُّرَرُ) لِأَنَّ صَفْقَةَ الْبَيْعِ وَاحِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَمْ تُذْكَرْ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ أَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الشَّرْطَانِ اللَّذَانِ يَجِبُ وُجُودُهُمَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الدَّيْنِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (95 0 1) إلَّا أَنَّ هَذَا الِاشْتِرَاكَ لَا يَكُونُ مُنَاصَفَةً عَلَى السَّوِيَّةِ بَلْ يَكُونُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (168 1) وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (73 1) هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ فَرَسٌ قِيمَتُهَا أَلْفَا دِرْهَمٍ وَلِعَمْرٍو حِصَانٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَبَاعَاهُمَا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ هَذَا الْمَطْلُوبُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا لَهُمَا ثُلُثَاهُ أَيْ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ ثَمَنًا لِلْفَرَسِ وَثُلُثُهُ أَيْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِعَمْرٍو ثَمَنًا لِلْحِصَانِ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَالْحِصَانِ بِنِسْبَةِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ بِعَيْنِ النِّسْبَةِ

وَإِذَا أُرِيدَ حَلُّ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّنَاسُبِ الْحِسَابِيِّ فَبَعْدَ تَقْوِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَبِيعَيْنِ يُعْتَبَرُ مَجْمُوعُ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ - مُقَدَّمًا أَوَّلَ - وَمَجْمُوعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى - تَالِيًا أَوَّلَ - وَتُجْعَلُ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا - مُقَدَّمًا ثَانِيًا - ثُمَّ يُضْرَبُ الْوَسَطَانِ وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى الْمُقَدَّمِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ خَارِجُ الْقِسْمَةِ حِصَّةَ الْمَالِ الَّذِي جُعِلَ مُقَدَّمًا ثَانِيًا مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: مَجْمُوعُ الْقِيمَةِ 6000 مَجْمُوعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى: 2500 قِيمَةُ حِصَانِ عَمْرٍو 2500 حِصَّةُ حِصَانِ عَمْرٍو مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى 2 1041 - 3 مَجْمُوعُ الْقِيمَةِ 6000 مَجْمُوعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى 2500 قِيمَةُ فَرَسِ زَيْدٍ 3500 حِصَّةُ فَرَسِ زَيْدٍ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى 1458 وَإِذَا سُمِّيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا - 3 لِحَيَوَانِهِ أَنَّهُ كَذَا دِرْهَمًا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَكُونُ مَجْمُوعُ ثَمَنِ الْحَيَوَانَيْنِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا حَيْثُ قَدْ ذُكِرَتْ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي شُرِطَ وُجُودُهُ فِي الْمَادَّةِ (1095) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَالًا لَهُ لِآخَرَ عَلَى حِدَةٍ فَلَا يَكُونُ ثَمَنَا الْمَبِيعَيْنِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنًا عَلَى حِدَةٍ لِأَنَّ صَفْقَةَ الْبَيْعِ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةً بَلْ هِيَ مُتَعَدِّدَةٌ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ شَرْطُ وُجُودِهِمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1095) . لَا يُوجَدُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَرْقٌ فِي الْحُكْمِ إنَّمَا الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَالٌ مُشْتَرَكٌ وَأَمَّا الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَهُوَ مَالَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِشَخْصٍ مُسْتَقِلًّا، كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا فَرَسَهُ لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ حِصَانَهُ لِذَلِكَ الْآخَرِ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فَلَا يَكُونُ هَذَا الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ أَيُّ شَرْطٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ هُنَا. وَتَعْبِيرُ (بَيْعٍ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْإِيجَارِ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْإِيجَارِ أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الِاثْنَانِ مَالَهُمَا بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لِآخَرَ كَأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حِصَانٌ وَلِلْآخَرِ فَرَسٌ فَيُؤْجَرَانِهِمَا مَعًا بِكَذَا دِرْهَمًا لِآخَرَ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُؤَجِّرَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَيَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي ذَلِكَ بِنِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ الْمَأْجُورَيْنِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَجَّرَا الْحَيَوَانَيْنِ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ فَتَكُونُ الدَّنَانِيرُ الثَّلَاثَةُ أَجْرًا مُسَمًّى ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعَيَّنُ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ وَالْحِصَانِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ أَجْرَ مِثْلَ الْحِصَانِ دِينَارَانِ وَأَجْرَ مِثْلَ الْفَرَسِ سِتَّةُ دَنَانِيرَ تَكُونُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا رُبْعًا وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَيَكُونُ رُبْعُ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى أَيْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّينَارِ لِصَاحِبِ الْحِصَانِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى أَيْ الدِّينَارَانِ الرُّبْعُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ كَيْفِيَّةَ الْحَلِّ بِطَرِيقِ التَّنَاسُبِ الْحِسَابِيِّ. .

الْمَادَّةُ (1097) - (إذَا أَدَّى اثْنَانِ دَيْنَ أَحَدٍ حَسَبَ كَفَالَتِهِمَا فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ مَطْلُوبُهُمَا مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا) إذَا أَدَّى اثْنَانِ دِينَ أَحَدٍ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِمَا الْوَاقِعَةِ بِأَمْرِ الْمَدِينِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (657) فَإِنْ أَدَّيَا مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ لَهُمَا مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَيَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَقْصُودَةَ هِيَ الْكَفَالَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَمَّا الْكَفَالَةُ بِلَا أَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَهِيَ تَبَرُّعٌ وَلَا يَكُونُ لَهُمَا فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَصِحَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهِ وَقَدْ وُضِّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (657) فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّيَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزَةً حَقِيقِيَّةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبُهُمَا مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بِسَبَبِ كَفَالَتِهِمَا مَعًا وَيُوجَدُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ نَظِيرٌ لِذَلِكَ. الْمَادَّةُ (1098) - (إذَا أَمَرَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِأَدَاءِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنَهُ فَأَدَّيَاهُ فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَإِذَا كَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي أَعْطَيَاهَا غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزَةً حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبُهَا مِنْهُ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بِمُجَرَّدِ أَدَائِهِمَا النُّقُودَ مَعًا) . إذَا أَمَرَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِأَدَاءِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنَهُ لِأَحَدٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (6 0 5 1) فَأَدَّيَاهُ فَلِلْمَأْمُورِينَ الْمَذْكُورَيْنِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا لَهُمَا فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ يَكُونُ مَأْمُورًا بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ مِنْ الدَّائِنِ وَلِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1 491) الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ وَلِذَلِكَ لِلْمَأْمُورِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ أَنْ يُرَجَّحَ عَلَى الْآمِرِ (الْبَحْرُ) . فَإِنْ أَدَّيَاهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ مَطْلُوبُهُمَا مِنْ الْآمِرِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَيَكُونُ الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا وَإِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الِاتِّفَاقِ. وَلَكِنْ هَلْ سَبَبُ الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْأَدَاءُ أَوْ هُوَ نَفْسُ السَّبَبِ الْمُسَبِّبِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَالِ الْمُؤَدَّى؟ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ سَبَبَ الِاشْتِرَاكِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَالِ. وَإِذَا كَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي أَعْطَيَاهَا غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمَيَّزَةً حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ مَطْلُوبُهُمَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بِمُجَرَّدِ أَدَائِهِمَا النُّقُودَ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ) .

مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ مَالَهُ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُسْتَقِلًّا أَوْ أَعْطَى الْآخَرُ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُسْتَقِلًّا لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا حَتَّى لَوْ كُتِبَ سَنَدُ الدَّيْنِ بِاسْمِهِمَا مُشْتَرَكًا. وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هُنَا أَنْوَاعَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَسَتُبَيِّنُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ أَحْكَامَهُمَا. . الْمَادَّةُ (1099) (إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ وَيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ عَلَى حِدَةٍ وَيُحْسَبُ مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ) . إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمَدِينِ عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْحَقُّ فِي طَلَبِ أَكْثَرَ مِنْ مَطْلُوبِهِ بِلَا وَكَالَةٍ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا - وَسَبَبُ الِاشْتِرَاكِ غَيْرُ الْإِرْثِ - فَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَيَسْتَوْفِيَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَقُّ طَلَبِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ بِلَا وَكَالَةٍ. وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ يَجْرِي فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيُحْسَبُ أَيُّ مِقْدَارٍ أَوْ جِنْسٍ يَقْبِضُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ مَطْلُوبِهِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَحَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَدِينِ مَالُ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ إنْ كَانَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ فَتَتَعَلَّقُ دُيُونُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِأَمْوَالِهِ وَبِمَا أَنَّهُ لِلْمَدِينِ الْحَيِّ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُقَدِّمَ دُيُونَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ عَلَى غَيْرِهَا فَيُوَفِّيَهَا (التَّنْقِيحُ بِزِيَادَةٍ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَائِنَانِ وَاسْتَحْصَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إعْلَامٍ بِالْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ عَلَى حِدَةٍ وَطَلَبَ حَبْسَ الْمَدِينِ وَحُبِسَ فَأَدَّى الْمَدِينُ تَمَامَ دَيْنِ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَطْلُبَ مُشَارَكَةَ الْقَابِضِ فِيمَا قَبَضَهُ بِدَاعِي عَدَمِ بَقَاءِ مَالٍ لِلْمَدِينِ (الْفَيْضِيَّةُ) أَمَّا إذَا حُجِزَ الْمَدِينُ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي الْكِتَابِ التَّاسِعِ. الْمَادَّةُ (0 0 1 1) - (إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَإِذَا رَاجَعَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْقَاضِيَ فِي غِيَابِ الدَّائِنِ الْآخَرِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيُؤْمَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْأَدَاءَ) . إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُشْتَرَكًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ كِلَا الشَّرِيكَيْنِ ذَلِكَ مَعًا. وَالْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا أَيْ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا يَجِبُ أَنْ يَدَّعِيَا جَمِيعًا مَعًا أَمَّا إذَا طَلَبَ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ فَإِذَا كَانَ مُوَكَّلًا مِنْ قِبَلِ شَرِيكِهِ فِي هَذَا الطَّلَبِ وَالدَّعْوَى فَهُوَ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا إذَا لَمْ يُوَكَّلْ فِي ذَلِكَ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسَبَّبًا عَنْ الْإِرْثِ فَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا بِالِاتِّفَاقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1642) . وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ غَيْرِ الْإِرْثِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الدَّعْوَى عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ عَلَى رَأْيِهِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَهُ حَقُّ

المادة (1 0 1 1) ما يقبضه كل واحد من الدائنين من الدين المشترك

الِادِّعَاءِ لِأَنَّهُ - عَلَى رَأْيِهِمَا - يَكُونُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ أَيْضًا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1830) . وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ فِي الدَّيْنِ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ الْإِرْثِ أَوْ عَنْ سَبَبٍ آخَرَ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَتَرَكَ أُمَّهُ وَعَمَّهُ فَلَيْسَ لِعَمِّهِ أَخْذُ حِصَّتِهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ الْأُمِّ أَيْضًا (الْفَيْضِيَّةُ) . وَإِذَا رَاجَعَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْقَاضِيَ فِي غِيَابِ الْآخَرِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ وَإِذَا أَدَّى الْمَدِينُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَالْحُكْمِ نِصْفَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ فَيُشَارِكُ الدَّائِنُ الْآخَرُ الدَّائِنَ الْقَابِضَ فِيمَا قَبَضَهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، أَيْ أَنَّ أَخْذَهُ حِصَّتَهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ. [الْمَادَّةُ (1 0 1 1) مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ] الْمَادَّةُ (1 0 1 1) - (مَا يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ وَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَلَا يَسُوغُ لِلْقَابِضِ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ) أَيُّ مِقْدَارٍ أَوْ جِنْسٍ يَقْبِضُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ سَوَاءٌ قَبَضَ حِصَّتَهُ تَمَامًا أَوْ قَبَضَ جَمِيعَ الدَّيْنِ بِمَا فِيهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ أَيْ إذَا حَصَلَ الْقَبْضُ بِرِضَاءِ الْمَدِينِ أَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى مِنْهُ أَيْ يَكُونُ الدَّائِنُ الْغَيْرُ الْقَابِضِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِحِصَّتِهِ، وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا ضَمَّنَهُ إيَّاهَا حَسَبِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَقْبُوضَ لِلْقَابِضِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 0 1 1) . وَيَثْبُتُ حَقُّ مُشَارَكَةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْقَابِضِ لِلشَّرِيكِ الْقَابِضِ فِيمَا قَبَضَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ يُعْتَبَرُ وَصْفًا شَرْعِيًّا وَغَيْرَ مَعْدُودٍ مِنْ الْمَالِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَعْيَانِ شَيْئًا مُطْلَقًا وَكَانَ لَهُ مَطْلُوبٌ فِي ذِمَمِ النَّاسِ فَحَلَفَ الْيَمِينَ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ لَا يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ وَقَابِلًا لِلتَّصَرُّفِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ تَزَايَدَتْ مَالِيَّةُ الْقَابِضِ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ رَاجِعَةٌ إلَى أَصْلِ الْحَقِّ فَهِيَ زِيَادَةٌ كَزِيَادَةِ وَلَدٍ وَثَمَرَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَمَا أَنَّهُ يَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْمَالِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَيَشْتَرِكُ أَيْضًا الشُّرَكَاءَ فِي الدَّيْنِ فِي الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ: إنَّنِي اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا هُوَ مَطْلُوبٌ لِمُوَرَّثِي مِنْ فُلَانٍ وَلَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْوَارِثُ الْقَابِضُ حِصَّةَ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فِيمَا قَبَضَهُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا حِصَّتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَدِينِ وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ إنَّنِي أَدَّيْت كَامِلَ الدَّيْنِ لِلْوَارِثِ الْقَابِضِ فَخُذُوا حِصَصَكُمْ مِنْهُ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَبْضِ هُنَا هُوَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ (الْكِفَايَةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَبْضُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بَلْ كَانَ بِشِرَاءِ مَالٍ مِنْ الْمَدِينِ مُقَابِلَ حِصَّةٍ مِنْ الدَّيْنِ فَحُكْمُ ذَلِكَ سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (3 0 1 1) .

وَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَتُفَسَّرُ بِهَذِهِ الْفِقْرَةِ الْفِقْرَةُ الْأُولَى أَيْ يُوَضَّحُ مَعْنَى الِاشْتِرَاكِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكِ خَمْسِينَ دِينَارًا وَقَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهُ فَلِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَقْبُوضِ مِنْ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ أَيْ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَنِصْفَ دِينَارٍ. وَلَا يَسُوغُ لِلْقَابِضِ أَنْ يَحْسُبَهُ مِنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَوْ قِيلَ إنَّ الْمَقْبُوضَ هُوَ حِصَّةُ الْقَابِضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَقْسِيمًا لِلدَّيْنِ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (23 1 1) (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ مُؤَجَّلًا وَعَجَّلَ الْمَدِينُ حِصَّةَ أَحَدِ الدَّائِنَيْنِ فَيَشْتَرِكُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي تِلْكَ الْحِصَّةِ الْمُؤَجَّلَةِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْقَابِضِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ: إنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَحْسَنَ إلَيَّ بِتَعْجِيلِ حِصَّتِي مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَك حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ الْمُؤَجَّلَةُ مُؤَجَّلَةً كَمَا كَانَتْ وَمُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 0 1 1) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا أَرَادَ الشَّرِيكُ الْقَابِضُ إعْطَاءَ مَالٍ لِشَرِيكِهِ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ فَلِلشَّرِيكِ رَفْضُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ رَفْضُ قَبُولِ الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْقَابِضُ وَطَلَبَ مِثْلَ مَالِهِ مِنْهُ مَا لَمْ يَرْضَ الْقَابِضُ (الْهِنْدِيَّةُ) . إجْمَالٌ فِي ضَوَابِطِ الْمُشَارَكَةِ وَالتَّضْمِينِ وَعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ وَالتَّضْمِينِ وَمَسَائِلِهَا الْمُتَفَرِّعَةِ: الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - إنَّ الْمُشَارَكَةَ وَالتَّضْمِينَ - أَيْ مُشَارَكَةُ الشَّرِيكِ فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الشَّرِيكُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَضْمِينُهُ إيَّاهُ إذَا تَلِفَ - يَتَرَتَّبُ (أَوَّلًا) عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ (ثَانِيًا) عَلَى التَّقَاصِّ بِالدَّيْنِ اللَّاحِقِ. الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا اسْتَوْفَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كُلَّ أَوْ بَعْضَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ شَارَكَ الشَّرِيكَ الْقَابِضَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا وَإِنْ شَاءَ لَا يُشَارِكُهُ وَلَا يُضَمِّنُهُ وَيَطْلُبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَتَاعًا مِنْ الْمَدِينِ بَدَلًا مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّائِنُ الْمُشْتَرِيَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَتَاعِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ حَقِّهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى دَيْنٍ خِلَافَ جِنْسِهِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ تَرَكَ بَدَلَ الصُّلْحِ لِلشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ فَإِذَا اتَّبَعَهُ يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ أَيْضًا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ سَلَّمَ شَرِيكَهُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ لِشَرِيكِهِ مِقْدَارَ الْمَبْلَغِ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّتَهُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ وَأَخَذَ بَدَلَ الصُّلْحِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كَفِيلًا أَوْ حَوَالَةً عَلَى حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ وَاسْتَوْفَى

المادة (2 0 1 1) قبض أحد الدائنين حصته من الدين المشترك فصرفها واستهلكها.

حِصَّتَهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْمَدِينَ بِهِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَالَهُ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَسَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ بِسَبَبِ تَلَفِ الرَّهْنِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ الْمُرْتَهِنَ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا أَتْلَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا لِلْمَدِينِ وَحَصَلَ تَقَاصٌّ فِي الدَّيْنِ مَعَ بَدَلِ الضَّمَانِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ حِصَّتَهُ لِلْمُتْلِفِ وَإِنْ شَاءَ طَالَبَ الْمَدِينَ. الضَّابِطُ الثَّانِي - لَا تَتَرَتَّبُ الْمُشَارَكَةُ وَالتَّضْمِينُ (أَوَّلًا) عَلَى الْإِتْلَافِ (ثَانِيًا) عَلَى التَّقَاصِّ بِالدَّيْنِ السَّابِقِ. الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلَا يُضَمِّنُهُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ وَيَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ تَضْمِينُهُ وَيَطْلُبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا عُدَّ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ بِسَبَبِ وُقُوعِ التَّقَاصِّ عَنْ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ تَضْمِينُهُ وَيَقْبِضُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (0 1 1 1) أَنَّهُ تُوجَدُ حِيلَتَانِ لَأَنْ يَكُونَ الْمَبْلَغُ الَّذِي يَقْبِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ خَاصًّا بِهِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ شَرِيكُهُ الْآخَرُ. [الْمَادَّةُ (2 0 1 1) قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا.] الْمَادَّةُ (2 0 1 1) - (إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ وَقَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَلِشَرِيكِهِ الدَّائِنِ الْآخَرَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَيْضًا) إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا لِآخَرَ عَلَى وَجْهٍ كَهِبَتِهَا وَتَسْلِيمِهَا لَهُ أَوْ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْهَا أَوْ بِشِرَاءِ مَالٍ بِهَا أَوْ بِاسْتِعْمَالِهَا فِي أُمُورٍ أُخْرَى فَيَكُونُ شَرِيكُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حِصَّتَهُ وَإِذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ الْقَابِضُ يَأْخُذُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ

إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ عَيْنًا أَمَّا إذَا لَمْ يَصْرِفْهَا وَيَسْتَهْلِكْهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَضَاءً فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (6 1 1) وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 0 1 1) . مَثَلًا لَوْ أَخَذَ وَقَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَصَرَفَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ هَذَا الْأَخْذَ وَالْقَبْضَ وَضَمَّنَ شَرِيكَهُ الْمِائَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْبُوضُ مُشْتَرَكًا فَمِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مُشْتَرَكًا (الْهِنْدِيَّةُ) وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَيْ فِقْرَةِ (وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمُ إلَخْ) جَارٍ فِي الْمَوَادِّ (00 1 1 و 1 0 1 1 و 3 11 و 4 0 1 1) أَيْضًا وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (5 0 1 1) كَمَا أَنَّ حُكْمَهَا أَيْضًا جَارٍ فِي الْمَوَادِّ (7 11 و 8 1 1 و 9 1 1 و 1 1 1 1) وَسَيُشَارُ إلَى ذَلِكَ حِينَ شَرَحَ تِلْكَ الْمَوَادَّ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. الْمَادَّةُ (3 1 1) - (إذَا لَمْ يَقْبِضْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لَكِنَّهُ اشْتَرَى مَتَاعًا مِنْ الْمَدِينِ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَتَاعِ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الِاشْتِرَاكِ يَكُونُ الْمَتَاعُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا) إذَا لَمْ يَقْبِضْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مِقْدَارًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لَكِنَّهُ اشْتَرَى مَتَاعًا مِنْ الْمَدِينِ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ لِلدَّائِنِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَصْبَحَ مَالِكًا لِذَلِكَ الْمَالِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِيَّةِ بِنَفْسِهِ وَمُسْتَغْنٍ عَنْ وُجُودِ الدَّيْنِ السَّابِقِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى مَالَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ وَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُجُودِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْبَائِعِ مِقْدَارَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، أَمَّا فِي الصُّلْحِ فَهُوَ غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ صُولِحَ عَلَى الدَّيْنِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُ الدَّيْنِ فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَجِبُ رَدُّ بَدَلِ الصُّلْحِ لِمَنْ أَعْطَاهُ (الْكِفَايَةُ بِزِيَادَةٍ) . وَلَكِنْ يَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَتَاعِ أَيْ ضَمَّنَ الدَّائِنُ الْمُشْتَرِيَ لِأَنَّ نِصْفَ الْمَبْلَغِ الَّذِي اُتُّخِذَ ثَمَنًا لِلْمَتَاعِ هُوَ مَالٌ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَالًا مِنْ الْمَدِينِ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ فَيَثْبُتُ لِلْمَدِينِ فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ الْمُشْتَرَى دَيْنُهُ وَيَحْصُلُ تَقَاصٌّ بَيْنَ ذَيْنِك الدِّينَيْنِ فَيَكُونُ كَأَنَّ الدَّائِنَ الْمُشْتَرِيَ قَدْ قَبَضَ نِصْفَ مَطْلُوبِهِ مِنْ الْمَدِينِ وَبِوُقُوعِ الْقَبْضِ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ مِنْ الْمَقْبُوضِ حَسَبِ الْمَادَّةِ (1 0 1 1) فَلِذَلِكَ يَثْبُتُ فِي هَذَا أَيْضًا حَقُّ الْمُشَارَكَةِ (الْعَيْنِيُّ) اُنْظُرْ إلَى الضَّابِطِ الْأَوَّلِ الْوَارِدِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ بِالْمَالِ الْمَوْجُودِ لَدَيْهِ وَدِيعَةً مَالًا فَلَيْسَ لِلْمُودِعِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ مَالَهُ لِلْوَدِيعِ

وَالْمُرَادُ مِنْ الثَّمَنِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (53 1) . وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ (الثَّمَنِ) مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَلَيْسَ لِلْمُشَارِكِ الْآخَرِ أَنْ يَضْمَنَهَا وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ وَالرِّبْحُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً فَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ مُخَيَّرٌ فِي إعْطَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَمَّا هُنَا فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي إعْطَاءِ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ إعْطَاءِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّعْيِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُضَايَقَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَيْ يَكُونُ الشِّرَاءُ بِالْبَدَلِ الْكَامِلِ وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ فِيهِ، وَالْمُمَاكَسَةُ ضِدُّ الْمُسَاهَلَةِ أَمَّا الصُّلْحُ فَهُوَ مُؤَسَّسٌ عَلَى الْإِغْمَاضِ وَالْحَطِيطِ أَيْ عَلَى التَّنْزِيلِ وَلِذَلِكَ فَتَضْمِينُ حِصَّةِ الدَّيْنِ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي أَمَّا فِي الصُّلْحِ فَيُمْكِنُ حُصُولُ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (أَبُو السُّعُودِ) . أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ لَوْ أُلْزِمَ بِإِعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ يَحْصُلُ ضَرَرٌ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَبْنَى الصُّلْحِ هُوَ الْحَطُّ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ بَدَلِ الصُّلْحِ أَحْيَانًا بَالِغَةً رُبْعَ الدَّيْنِ فَقَطْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ضَمِنَ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ رُبْعَ الدَّيْنِ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِذَلِكَ قَدْ جَعَلَ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ مُخَيَّرًا فِي إعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ أَوْ إعْطَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ وَحَتَّى يَخْتَارَ الْجِهَةَ الَّتِي لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ (الْكِفَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْمَدِينِ مَالًا مُقَابِلَ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالدَّائِنُ الْآخَرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّائِنَ الْمُشْتَرِيَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَالْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (5 0 1 1) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ ((إذَا اشْتَرَى مَتَاعًا) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازٌ مِنْ الزَّوَاجِ وَالْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسِ الْمَدِينِ وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ: الزَّوَاجُ، لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عِشْرُونَ دِينَارًا فِي ذِمَّةِ امْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا تِلْكَ الْمَرْأَةِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ الْمُتَزَوِّجِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا تِلْكَ الْمَرْأَةَ بِتَسْمِيَةِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَهْرًا لَهَا أَيْ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَدِينِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَاصَصَ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ بَدَلِ الْمَهْرِ فَلِلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتَزَوِّجِ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ عَقْدُ النِّكَاحِ إلَى الدَّيْنِ فَيَتَعَلَّقُ النِّكَاحُ بِهِ وَيَسْقُطُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ وَلَا رُجُوعَ فِي الْإِبْرَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 1 1 1) . أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْ عَقْدَ النِّكَاحِ إلَى الدَّيْنِ فَيَكُونُ الزَّوْجُ قَدْ اسْتَوْفَى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ وَفِي حَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ يَحِقُّ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الرُّجُوعُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1 0 1 1) (أَبُو السُّعُودِ) سَبَبُ تَضْمِينِ حِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ هُوَ كَمَا وَضَّحَ آنِفًا لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اسْتَوْفَى وَقَبَضَ حِصَّتَهُ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ. وَلَكِنْ يَرِدُ هُنَا سُؤَالٌ هُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَدَمُ جَوَازِ التَّقَاصِّ مَا دَامَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ غَيْرَ جَائِزٍ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالتَّقَاصِّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ؟ . وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرَ جَائِزٍ قَصْدًا إلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ ضِمْنًا وَالْقِسْمَةُ هُنَا قَدْ وَقَعَتْ ضِمْنَ الشِّرَاءِ وَالْمُصَالَحَةِ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 5) . (أَبُو السُّعُودِ) وَإِذَا اتَّفَقَ شَرِيكَا الدَّيْنِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي ذَلِكَ الْمَتَاعِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَتَاعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَيْضًا. وَالِاتِّفَاقُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَتَاعِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الْمَتَاعِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرَى عَقَارًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا كَانَ مَنْقُولًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (258) . الْمَادَّةُ (1104) - (إذَا صَالَحَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى كَذَا أَثْوَابِ قُمَاشٍ وَقَبَضَ تِلْكَ الْأَثْوَابِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَثْوَابِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِقْدَارًا مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي تَرَكَهُ) إذَا صَالَحَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ الْمَدِينَ عَنْ حَقِّهِ مِنْهُ عَلَى كَذَا أَثْوَابِ قُمَاشٍ أَيْ عَلَى مَالٍ خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَقَبَضَ تِلْكَ الْأَثْوَابِ أَيْ قَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ وَاخْتَارَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ أَيْ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُصَالِحِ اتِّبَاعَ الشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُصَالِحِ مُخَيَّرًا أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ (أَوَّلًا) الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُصَالِحِ مُخَيَّرًا، إنْ شَاءَ بَدَّلَ الصُّلْحَ لِشَرِيكِهِ الْمُصَالِحِ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (5 0 1 1) لِأَنَّ حَقَّهُ مَا زَالَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِسَبَبِ أَنَّ الْقَابِضَ لَمْ يَقْبِضْ إلَّا حِصَّتَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ فَإِذَا اخْتَارَ اتِّبَاعَ الشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ (ثَانِيًا) الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ مُخَيَّرًا أَيْضًا حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَصُورَةُ الْخِيَارِ تُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ خِيَارٌ لِلشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ لِأَنَّ حَقَّ هَذَا هُوَ فِي الدَّيْنِ وَلَيْسَ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ (الْعَيْنِيُّ فِي الصُّلْحِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ، وَتَعْبِيرُ (دَيْنٌ) احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ اثْنَانِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي عَيْنٍ وَتَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالِحُ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ خَاصًّا بِالْمُصَالِحِ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّرِيكَيْنِ قَدْ تَصَادَقَا وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ الْمُدَّعَى بِهَا هِيَ مِلْكُهُمَا وَأَنَّ الْمُصَالِحَ مَانِعٌ لِحِصَصِهِمَا فَتَصَادُقُهُمَا حُجَّةٌ فِي حَقِّهِمَا (الْكِفَايَةُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى آخَرَ بِعَقَارٍ بِدَاعِي أَنَّهُ مَوْرُوثٌ لَهُمَا وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُمَا تَصَالَحَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ مَعَهُ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَشْتَرِكُ الْمُدَّعَى الْآخَرُ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 5 5 1) . 2 - عَنْ حَقِّهِ، أَمَّا إذَا تَصَالَحَ الشَّرِيكُ عَنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ بِمَا فِيهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ كَانَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ فُضُولِيًّا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 4 5 1) .

مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي يَمْلِكَانِهَا مُشْتَرَكًا لِآخَرَ مَعًا وَسَلَّمَاهَا إلَيْهِ ثُمَّ تَصَالَحَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْمَدِينِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ أَنْ يَعْتَبِرَ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ وَأَنْ يَأْخُذَ كَامِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَدِينِ (الْفَيْضِيَّةُ) . 3 - أَثْوَابُ قُمَاشٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ وَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ 1 0 1 1) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . 4 - صُلْحٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ الصُّلْحُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ فَكِلَاهُمَا مُتَسَاوٍ فِي الْحُكْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الصُّلْحِ) وَالْجَوَابُ عَلَى سُؤَالِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إقْرَارٍ هُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَجْرِيَ حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، إنْ شَاءَ أَعْطَى شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَثْوَابِ أَيْ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ فَيَكُونُ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ الْمُشَاعِ، وَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ سَارَ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ، مُتَعَلِّقٍ بِهِ فَلِذَلِكَ أَصْبَحَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ وَأَخْذُ هَذَا الشَّرِيكِ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى إجَازَتِهِ الصُّلْحَ وَقَدْ جَازَ (الدُّرَرُ) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى شَيْءٍ خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ هُوَ مُعَاوَضَةٌ حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1548 و 1550) وَبِمَا أَنَّهُ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي الْمُدَاخَلَةِ فِي الْمَبِيعِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (3 11) فَكَانَ مِنْ اللَّائِقِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ؟ الْجَوَابُ - وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِهَا اسْتِيفَاءٌ لِعَيْنِ الْحَقِّ أَمَّا الْمُعَاوَضَةُ الْمَحْضَةُ فَلَيْسَ فِيهَا اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ مُطْلَقًا أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا صُودِقَ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْعَيْبِ بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ لِأَنَّ الصُّلْحَ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْحَقُّ لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ أَمَّا إذَا صُودِقَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاءً لِبَعْضِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَوْجُودًا وَجَبَ أَدَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ (الْكِفَايَةُ) وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3 0 1 1) . وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَرَكَهُ بِسَبَبِ الصُّلْحِ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ

هُوَ فِي الدَّيْنِ وَلَيْسَ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الصُّلْحِ) وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَعْطَى الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُقَابِلَةَ لِبَدَلِ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمَالِ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَيْ لَيْسَ لَهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَطْلُبَ الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَقْمِشَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ) . وَبِذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ خِيَارٌ لِلْمُصَالِحِ بِأَنْ يَدْفَعَ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ أَيْ رُبْعَ الدَّيْنِ الْمُقَابِلِ لِبَدَلِ الصُّلْحِ وَبِذَلِكَ قَدْ دَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ الِاثْنَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ الْخَمْسِمِائَةِ الدِّرْهَمِ عَلَى فَرَسٍ فَيَكُونُ: (أَوَّلًا) الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُصَالِحِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَادَّةِ (5 0 1 1) وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ فَإِذَا رَجَّحَ بَعْدَ ذَلِكَ مُرَاجَعَةَ الشَّرِيكِ الْمُصَالِحِ يَكُونُ. (ثَانِيًا) الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ سَلَّمَ نِصْفَ الْفَرَسِ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّ نِصْفَ الْفَرَسِ بِقَدْرِ رُبْعِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ الْفَرَسَ هِيَ بَدَلُ الصُّلْحِ لِنِصْفِ الدَّيْنِ وَنِصْفُ النِّصْفُ رُبْعٌ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ رُبْعَ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا أَيْضًا (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ بِزِيَادَةٍ) لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ عَلَى إعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ فَقَطْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ غَالِبًا مَبْنِيًّا عَلَى الْحَطِّ وَالتَّنْزِيلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ نَاقِصًا عَنْ حَقِّهِ، أَوْ أَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ فِي يَدِهِ مِمَّا قَبَضَهُ بَدَلَ صُلْحٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَوْ قِيلَ بَدَلًا عَنْ تَعْبِيرِ (حِصَّتِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَرَكَهُ) عِبَارَةُ (أَعْطَى شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ إلَخْ) لَكَانَ مُوَافِقًا لِمَا وَرَدَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِأَنَّ كَلِمَةَ تَرَكَ هِيَ إسْقَاطٌ وَالْإِسْقَاطُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1552) إذَا وَقَعَ عَلَى بَعْضٍ مِقْدَارَ الدَّيْنِ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَتْرُوكِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ بِغَيْرِ التَّرْكِ فِي الْمَادَّةِ (1551) فِي مَعْنَى السَّاقِطِ. إلَّا أَنَّهُ يُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ تَعْبِيرَ التَّرْكِ هُنَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ بِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ بَلْ اُسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الدَّيْنِ الَّذِي تَرَكَهُ مُقَابِلَ الْأَثْوَابِ الَّتِي أَخَذَهَا بَدَلَ صُلْحٍ. الْمَادَّةُ (5 0 1 1) - (إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَمَامِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا أَوْ اشْتَرَى مَالًا بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ أَوْ صَالَحَ الْمَدِينَ عَلَى مَالٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إنْ شَاءَ أَجَازَ شَرِيكُهُ هَذِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُجِزْ وَيَطْلُبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ، وَإِذَا هَلَكَ الدَّيْنُ عِنْدَ الْمَدِينِ يَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَا يَكُونُ عَدَمُ إجَازَتِهِ قَبْلًا مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ)

المادة (6 0 1 1) قبض أحد الدائنين حصته من الدين المشترك وتلفت في يده قضاء

إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ تَمَامِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1 0 1 1 و 2 0 1 1) أَوْ اشْتَرَى مَالًا بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ حَسَبَ مَادَّةِ (3 1 1) أَوْ صَالَحَ الْمَدِينَ عَلَى مَالٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآنِفَةِ وَهِيَ الْقَبْضُ وَالشِّرَاءُ وَالصُّلْحُ إنْ شَاءَ أَجَازَ مُعَامَلَةَ شَرِيكِهِ هَذِهِ وَهَذِهِ الْإِجَازَةُ عِبَارَةٌ عَنْ قَبُولِ قَبْضِهِ لِحِصَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ بَقَاءُ الْمَبْلَغِ الْمَقْبُوضِ فِي يَدِ الْقَابِضِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (2 0 1 1) وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَوَادِّ الثَّلَاثِ الْآنِفَةِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ شَرِيكِهِ وَبَدَلًا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ فِي الْمَوَادِّ (1 0 1 1 و 2 0 11 و 3 11) وَيَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ أَوْ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ فِي الْمَادَّةِ (4 0 1 1) وَهَذِهِ هِيَ الْمَسَائِلُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ. وَالْأَحْكَامُ الْوَارِدَةُ فِي الْفِقْرَاتِ الْآتِيَةِ لَمْ تُبَيَّنْ فِي الْمَوَادِّ الْمَذْكُورَةِ وَلِذَلِكَ فَالْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الْفِقْرَاتُ الثَّلَاثُ الْآتِيَةُ. وَإِذَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَالْمَبْلَغُ الَّذِي يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ وَكَمَا وَضَّحَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ. وَإِنْ شَاءَ لَا يُجِيزُ مُعَامَلَةَ شَرِيكِهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْقَابِضِ مُعَامَلَةَ شَرِيكِهِ الْقَابِضِ فِي حَقِّهِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ وَالشِّرَاءِ وَالصُّلْحِ فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ أَوْ بَدَلُ الصُّلْحِ الَّتِي قَبَضَهَا الشَّرِيكُ الْقَابِضُ لَهُ خَاصَّةً وَيَطْلُبُ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْقَابِضِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالنِّهَايَةُ) حَتَّى وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ الْقَابِضُ قَبَضَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ أَوْ قَبَضَ كُلَّ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْقَبْضَ الْمَذْكُورَ قَبْضٌ فُضُولِيٌّ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَبِتَسْلِيمِ الْمَدِينِ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْقَابِضِ لِلشَّرِيكِ الْقَابِضِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الْمُتَعَلِّقُ فِي ذِمَّتِهِ (الْبَهْجَةُ) فَإِذَا أَخَذَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ حَسَبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَلِلْمَدِينِ إذَا دَفَعَ لِلشَّرِيكِ الْقَابِضِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الزِّيَادَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) مَثَلًا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ كُلَّ الدَّيْنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَلَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْقَابِضِ هَذَا الْقَبْضَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمِائَتَيْ الدِّرْهَمِ مِنْ الْمَدِينِ. فَإِذَا اخْتَارَ الشَّرِيكُ السَّاكِتُ طَلَبَ دَيْنِهِ مِنْ الْمَدِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ بِمُطَالَبَتِهِ شَرِيكَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ قَدْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ بِتَسْلِيمِ الْمَقْبُوضِ لِلْقَابِضِ يَسْقُطُ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 5) مَا لَمْ يُهْلَكْ دَيْنُهُ عِنْدَ الْمَدِينِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ كَمَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ لَهُ عَلَى الْمُحِيلِ فِي حَالَةِ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (الْعِنَايَةُ) وَكَمَا سَيُبَيِّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَإِذَا هَلَكَ دَيْنُهُ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا فَيَرْجِعُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّ إظْهَارَ الشَّرِيكِ السَّاكِتِ الرِّضَاءَ بِقَبْضِ شَرِيكِهِ هُوَ لِأَجْلِ أَنْ تَبْقَى الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ سَالِمَةً لَهُ فَإِذَا لَمْ تَبْقَ سَالِمَةً يَعُودُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِدَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا تَكُونُ إجَازَتُهُ سَابِقًا مُعَامَلَةَ شَرِيكِهِ هَذِهِ مَانِعَةً لِلرُّجُوعِ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْبَاقِي. (أَبُو السُّعُودِ) . [الْمَادَّةُ (6 0 1 1) قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَضَاءً] الْمَادَّةُ (6 0 1 1) - (إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْمَدِينِ

المادة (7 0 1 1) استأجر أحد الشريكين المدين بأجرة في مقابلة حصته

وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَضَاءً فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ هَذَا الْمَقْبُوضِ، لَكِنْ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى حِصَّةَ نَفْسِهِ وَيَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي عِنْدَ الْمَدِينِ عَائِدًا إلَى شَرِيكِهِ) إذَا قَبَضَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ كَوَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْمَدِينِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَضَاءً فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ هَذَا الْمَقْبُوضِ وَيَكُونُ خَسَارُ التَّلَفِ عَائِدًا حَصْرًا عَلَى الْقَابِضِ لَكِنْ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى حِصَّةَ نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الدَّيْنُ الْبَاقِي عِنْدَ الْمَدِينِ عَائِدًا إلَى شَرِيكِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَعْبِيرُ ((قَضَاءً)) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الصَّرْفِ وَالِاسْتِهْلَاكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 0 1 1) مَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبَيْنَ التَّلَفِ قَضَاءً أَيْ مَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (2 0 1 1) ؟ قَدْ بِينَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 0 1 1) أَنَّ التَّضْمِينَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَبْضِ وَقَدْ وُجِدَ هُنَا قَبْضٌ فَمَا دَامَ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِ الْقَبْضِ سَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ أَفَلَا يَجِبُ عَدَمُ سُقُوطِ هَذَا الْحَقِّ فِيمَا لَوْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَلْيُحَرَّرْ. قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (حِصَّتُهُ) لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْقَابِضِ طَلَبُ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَدِينِ وَلِلْمَدِينِ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْقَابِضِ وَتَضْمِينُهُ الْمِقْدَارَ الَّذِي قَبَضَهُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ أَكْثَرَ أَنَّ لَهُ حَقَّ اسْتِرْجَاعِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) . [الْمَادَّةُ (7 0 1 1) اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ بِأُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ] الْمَادَّةُ (7 0 1 1) - (إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ بِأُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ) إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ أَوْ اسْتَأْجَرَ عَقَارَهُ أَوْ مَنْقُولَهُ بِأُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ أُجْرَةً وَيَكُونُ الدَّائِنُ الْمُسْتَأْجَرُ قَدْ قَبَضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ (أَبُو السُّعُودِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ. مَثَلًا لَوْ كَانَ مِقْدَارُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْمَدِينَ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ لِلْخِدْمَةِ مُقَابِلَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَاسْتَخْدَمَهُ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ تَضْمِينُ الشَّرِيكِ الْمُسْتَأْجِرِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَتَكُونُ الْمِائَتَا الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً كَمَا كَانَتْ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (5 1 1) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَوْ حُرِّرَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ قَبْلَ الْمَادَّةِ (5 0 1 1) لَكَانَ أَنْسُبَ. وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ تَعْبِيرَ (اسْتِئْجَارِ الْمَدِينِ) الْوَارِدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا إذْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ دَارَ الْمَدِينِ أَوْ فَرَسَهُ أَوْ أَرْضَهُ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ أَيْضًا حُكْمُ هَذِهِ

المادة (8 0 1 1) أخذ أحد الشريكين الدائنين من المدين رهنا في مقابلة حصته وتلف المرهون في يده

الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ عِبَارَةُ (فِي مُقَابِلِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ) لَيْسَتْ احْتِرَازِيَّةً. وَعَلَيْهِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ بِأُجْرَةٍ مُطْلَقَةٍ، أَيْ لَمْ يُضِفْ عَقْدَ الْإِيجَارِ إلَى الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُؤَجَّرِ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ فِي الدَّيْنَيْنِ فَالْحُكْمُ هُوَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا الْحُكْمُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1 1 1 1) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَالسُّؤَالُ الَّذِي يَرِدُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَزِمَتْ قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ قَدْ أُجِيبَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (3 1 1) . [الْمَادَّة (8 0 1 1) أَخَذَ أَحَد الشَّرِيكَيْنِ الدَّائِنِينَ مِنْ الْمدين رَهْنًا فِي مُقَابلَة حِصَّته وتلف الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ] الْمَادَّةُ (8 0 1 1) - (إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدَّائِنَيْنِ مِنْ الْمَدِينِ رَهْنًا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ وَتَلِفَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلًا إذَا كَانَ مِقْدَارُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ رَهْنًا لِأَجْلِ حِصَّتِهِ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَلِفَ هَذَا الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَقَدْ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَلِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يَضْمَنَهُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْعَائِدَةَ إلَى حِصَّتِهِ) إذَا أَخَذَ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْمَدِينِ رَهْنًا فِي مُقَابَلَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَتَلِفَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ وَسَقَطَ الدَّيْنُ فَيَكُونُ شَرِيكُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ السَّاقِطِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ اسْتِيفَاءٌ حُكْمِيٌّ فَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (2 0 1 1) الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ مَثَلًا لَوْ كَانَ مِقْدَارُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مُنَاصَفَةً أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ رَهْنًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَجْلِ حِصَّتِهِ وَتَلِفَ هَذَا الرَّهْنُ فِي يَدِهِ فَبِمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ، فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ شَرِيكُهُ الْمُرْتَهِنُ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْعَائِدَةَ إلَى حِصَّتِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْبَاقِي وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً كَمَا كَانَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ تَمَامَ مَطْلُوبِهِ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُعَادِلَةً لِمَطْلُوبِ الدَّائِنِ الْمُرْتَهِنِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً أَوْ نَاقِصَةً كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الْمَوَادِّ (399 و 0 0 4 و 1 0 4 مَعَ الْمَوَادِّ 4 71 و 736 و 737) . وَعَلَيْهِ فَبَيَانُ الْمَجَلَّةِ هُنَا مُعَادِلَةُ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ لِلدَّيْنِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْمَارِّ الذِّكْرِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ رَهْنًا تُسَاوِي قِيمَتُهُ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلِذَلِكَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْعَائِدَةَ إلَى حِصَّتِهِ. وَكَذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا إجْمَالًا، لَوْ كَانَ مِقْدَارُ الدَّيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ رَهْنًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ تُسَاوِي قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَتَلِفَ الْمَالُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ فَقَطْ أَيْ حِصَّةُ الْمُرْتَهِنِ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إنْ شَاءَ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ الْمَدِينِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْمَدِينُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ 0 وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ مَطْلُوبَهُ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ لِشَرِيكِهِ الْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) . بِمَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ قَدْ بُيِّنَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 74) فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَى تِلْكَ الْمَادَّةِ عَلَى مَنْ يُرِيدُ التَّفْصِيلَ.

المادة (1109) أخذ أحد الدائنين كفيلا من المدين بحصته

[الْمَادَّةُ (1109) أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ كَفِيلًا مِنْ الْمَدِينِ بِحِصَّتِهِ] الْمَادَّةُ (1109) - (إذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ كَفِيلًا مِنْ الْمَدِينِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَحَالَهُ بِهَا عَلَى آخَرَ فَلِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) . إذَا أَخَذَ الدَّائِنَيْنِ كَفِيلًا مِنْ الْمَدِينِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَحَالَهُ بِحِصَّتِهِ عَلَى آخَرَ وَقِبَلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ فَيَكُونُ الدَّائِنُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 0 1 1) وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَمَامَ حَقِّهِ مِنْ الْمَدِينِ. قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (2 0 1 1 و 6 0 1 1) أَنَّهُ إذَا أَخَذَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْمُتَشَارِكَيْنِ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْمَدِينِ وَصَرَفَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَالْحُكْمُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَفِيلِ أَوْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ هُوَ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْ إذَا صَرَفَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ قَضَاءٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فَيُحَرَّرُ. [الْمَادَّةُ (1110) وَهَبَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ لِلْمَدِينِ حِصَّتَهُ مِنْ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْهَا] الْمَادَّةُ (0 1 11) - (إذَا وَهَبَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ لِلْمَدِينِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْهَا فَهِبَتُهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ) إذَا وَهَبَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ لِلْمَدِينِ كُلَّ أَوْ بَعْضَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْهَا فَهِبَتُهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1562) أَمَّا إذَا أَبْرَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ مِنْ مِقْدَارٍ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُبْرِئُ عَاقِدًا أَيْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُتَرَتِّبُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُتَسَبِّبًا عَنْ عَقْدِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَهَذَا الْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّ الْمُبْرِئَ مَالِكٌ لِحِصَّتِهِ وَعَاقِدٌ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَالْعَاقِدُ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَالْحَطِّ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُبْرِئُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ بِمِقْدَارِ الزَّائِدِ مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُبْرِئُ عَاقِدًا. وَإِنَّ الْمَادَّةَ (2 1 1 1) هِيَ مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الَّتِي سَتُبَيَّنُ هُنَاكَ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الطَّرَفَيْنِ (أَيْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ) وَمَنْ الطَّبِيعِيِّ أَنْ يُقْبَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَوْلُهُمَا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُبْرِئُ غَيْرَ عَاقِدٍ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَفِي الزَّائِدِ عَنْ حِصَّتِهِ أَيْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ غَيْرِ صَحِيحٍ بِالِاتِّفَاقِ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . اُنْظُرْ مَادَّة (6 9) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَغْلَةً بِأَمْرِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَأَقَرَّ الْآمِرُ الْبَائِعَ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ قَبَضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ حِصَّةِ الْآمِرِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْبَائِعِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ يَقْبِضُ الْبَائِعُ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْآمِرِ أَنْ يُشَارِكَ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ الْحِصَّةِ.

كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ قَبَضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ. وَعَلَيْهِ إعْطَاءُ النِّصْفِ الْآخَرِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ حَسَبَ زَعْمِ الْبَائِعِ وَاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَعْطَى حِصَّةَ نَفْسِهِ لِلْآمِرِ وَقَدْ كَانَ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَشْتَرِك الْآمِرُ فِي النِّصْفِ الْمَذْكُورِ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 0 1 1) لِأَنَّهُ فِي زَعْمِ. وَاعْتِقَادِ الْآمِرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ شَيْئًا فَكَانَ مَقْبُوضُ الْبَائِعِ مُشْتَرَكًا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الرَّابِعِ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) . لَكِنْ مَاذَا يَصِيرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي رُبْعِ الدَّيْنِ الْآخَرِ الْعَائِدِ لِلْآمِرِ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ أَنَّ لِلْآمِرِ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْبَائِعِ كَمَا وَضَّحَ آنِفًا؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ تَضْمِينَهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ إيجَادُ نَقْلٍ. وَعِبَارَةُ (الْإِبْرَاءِ) الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّأْجِيلِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (2 1 1 1) أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ تَأْجِيلُ حِصَّتِهِ أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ الْإِبْرَاءُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّأْجِيلُ مَا دَامَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُؤَبَّدَ جَائِزٌ فَكَانَ مِنْ الْأَوْلَى جَوَازُ الْإِبْرَاءِ الْمُوَقَّتِ وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ سَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (2 1 1 1) . وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إتْلَافٌ فَلَا يَكُونُ دَخَلَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ وَلَا تُمْكِنُ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْمُشَارَكَةَ تَقْضِي قَبْضَ الدَّيْنِ وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِشَرِيكِهِ حَصْرًا. كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ بَعْضَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَدِينِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ كَانَ صَحِيحًا 0 وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ أَدَّى الْمَدِينُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ يَقْتَسِمُهُ الشَّرِيكَانِ الدَّائِنَانِ بِنِسْبَةِ بَاقِي مَطْلُوبِهِمَا وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَأَبْرَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ دَفَعَ الْمَدِينُ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتَكُونُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ التِّسْعِمِائَةِ الدِّرْهَمِ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ، وَالْخَمْسُمِائَةِ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَبْرَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَدِينَ مِنْ نِصْفِ حِصَّتِهِ فَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَبْلَغِ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَهُوَ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ مِنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا لِلشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ وَالثُّلُثَانِ الْبَاقِيَانِ أَيْ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُبْرِئِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . حِيلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ الْمَبْلَغُ الْمَقْبُوضُ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ خَاصًّا بِهِ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ حِيلَةٌ لِتَخْصِيصِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَقْبُوضَهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَدِينَ يَهَبُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ مَبْلَغًا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُسْلِمُهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَهَبُ الشَّرِيكُ الدَّائِنَ الْمَدِينَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يُبَرِّئُهُ مِنْهَا وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْمَبْلَغِ الَّذِي قَبَضَهُ شَرِيكُهُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ (الْبَهْجَةُ) . إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ مَحْذُورٌ فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ مَبْلَغًا مُعَادِلًا لِمِقْدَارِ الدَّيْنِ

المادة (1 1 1 1) أتلف أحد الدائنين في الدين المشترك مال المدين وتقاصا بحصته ضمانا

وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَإِذَا لَمْ يُبَرِّئْهُ الدَّائِنُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الدَّيْنِ أَيْضًا فَيَتَضَرَّرُ الْمَدِينُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ أَوَّلًا فَإِذَا لَمْ يَهَبْ الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ وَيُسَلِّمُهُ فَيَتَضَرَّرُ الدَّائِنُ. وَلِإِزَالَةِ هَذَا الْمَحْذُورِ يَجِبُ فِي إبْرَاءِ الدَّائِنِ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْإِبْرَاءِ إعْطَاءُ عِوَضِ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَإِذَا وَهَبَ الْمَدِينُ يَجِبُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْهِبَةِ إبْرَاؤُهُ مِنْ الدَّيْنِ. حِيلَةٌ أُخْرَى يَبِيعُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ شَيْئًا خَسِيسًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَسَلَّمَهُ لَهُ ثُمَّ يُبْرِئُهُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَأْخُذُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَلَا يَشْتَرِكُ الدَّائِنُ الْآخَرُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ مُنَاصَفَةً عِشْرُونَ دِينَارًا فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَخْذَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ الْمَدِينِ وَحَصَرَهَا بِنَفْسِهِ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الشَّرِيكُ لِلْمَدِينِ عُلْبَةَ ثِقَابٍ مَثَلًا بِتَسْمِيَةِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنًا لَهَا وَيُسَلِّمُهُ الْمَبِيعُ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ يُبْرِئُ الْمَدِينَ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَسْتَوْفِي مَطْلُوبَهُ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ الثَّابِتَةَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِهَةِ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ الْمُشَارَكَةُ فِي هَذَا الْمَبْلَغِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ مَحْذُورٌ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحِيلَةِ. وَذَلِكَ إذَا لَمْ يُبْرِئْ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ السَّابِقِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ الْمَدِينُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَبِأَدَاءِ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ لَا سِيَّمَا وَأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ. [الْمَادَّة (1 1 1 1) أَتْلَفَ أَحَد الدَّائِنِينَ فِي الدِّين الْمُشْتَرَك مَال الْمدين وَتَقَاصَّا بِحِصَّتِهِ ضَمَانَا] الْمَادَّةُ (1 1 1 1) - (إذَا أَتْلَفَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مَالَ الْمَدِينِ وَتَقَاصَّا بِحِصَّتِهِ ضَمَانًا فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْهُ لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِسَبَبٍ مُقَدَّمٍ عَنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ ثُمَّ حَصَلَتْ الْمُقَاصَّةُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ) . إذَا أَتْلَفَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ مَالَ الْمَدِينِ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِالسِّيَاقِ وَالْأَخْصَرُ أَنْ يُقَالَ: (إذَا أَتْلَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ) ، وَتَقَاصَّا بِحِصَّتِهِ ضَمَانًا بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (2 1 9) فَيَكُونُ الشَّرِيكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِالتَّقَاصِّ يَكُونُ قَدْ قَبَضَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ (أَبُو السُّعُودِ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إذَا أَلْقَى الدَّيْنَانِ يَكُونُ الْأَوَّلُ قَدْ اسْتَوْفَى بِالثَّانِي (الدُّرَرُ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى الدَّيْنُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (2 0 1 1) . فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الضَّمَانِ مُسَاوِيًا لِمَطْلُوبِ الشَّرِيكِ الْمُتْلِفِ أَوْ كَانَ زَائِدًا فَيَقَعُ التَّقَاصُّ فِي تَمَامِهِ أَيْ يَكُونُ الْمُتْلِفُ قَدْ قَبَضَ تَمَامَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الضَّمَانِ أَنْقَصَ مِنْ مَطْلُوبِ الشَّرِيكِ الْمُتْلِفِ فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الْمُتْلِفِ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْإِتْلَافِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الدَّائِنُ أَخَذَ مَالَ الْمَدِينِ قَبْلًا غَصْبًا ثُمَّ أَتْلَفَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ بِدُونِ أَنْ يَأْخُذَهُ (كَرَمْيِهِ النَّارَ عَلَى ثِيَابِ الْمَدِينِ وَإِحْرَاقِهِ لَهَا) . (الْكِفَايَةُ) وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَمَامَ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَدِينِ

المادة (2 1 1 1) ليس لأحد الدائنين أن يؤجل ويؤخر الدين المشترك بلا إذن الآخر

كَذَلِكَ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ مَالَ الْمَدِينِ غَصْبًا أَوْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَبَاعَهُ لِآخَرَ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِسَبَبٍ مُقَدَّمٍ عَنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِحِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ هَذَا الدَّيْنُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الشَّرِيكِ الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَهُ إذْ يُعْتَبَرُ فِي الدِّينَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ قَضَى الْأَوَّلَ. وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ) . يُوجَدُ فَرْقٌ ظَاهِرٌ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْوَارِدَةِ إحْدَاهُمَا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْأُخْرَى فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا. وَذَلِكَ أَنَّ بَدَلَ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ وَجَبَ وَثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ الْمُتْلِفِ بَعْدَ ثُبُوتِ، وَوُجُوبِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ الْمُتْلِفُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ، أَيْ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ نَقْدًا وَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ. أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَدَيْنُ الْمَدِينِ ثَابِتٌ وَوَاجِبٌ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ ثَبَتَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بَعْدَهُ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَأَخِّرَ هُوَ قَضَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُتْلِفُ قَاضِيًا دَيْنَهُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِالْمُقِرِّ بِهِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَبَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الْحِصَّةِ الْمُقِرِّ بِهَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ قَضَاءٌ لِلدَّيْنِ وَلَيْسَ اقْتِضَاءً وَقَبْضًا لَهُ إذْ إنَّ الضَّمَانَ وَالْمُشَارَكَةَ تَلْزَمُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالْقَبْضِ وَلَا تَلْزَمُ بِالْقَضَاءِ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ) كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 1 1) . وَذَكَرَ (بِحِصَّتِهِ) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي صُورَتَيْ حُصُولِ التَّقَاصِّ لِكُلِّ الْحِصَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ فِي الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا الْبَاقِيَةِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِلشَّرِيكِ الْمُقَاصِّ وَالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. . [الْمَادَّةُ (2 1 1 1) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (2 1 1 1) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِقَصْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّأْجِيلُ لَا فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ وَلَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الدَّائِنُ الْآخَرُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِلدَّائِنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ قَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ بِدَاعِي أَنَّ التَّأْجِيلَ الْوَاقِعَ صَحِيحٌ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ التَّأْجِيلِ عَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ كُلِّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجَّلِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّلَ كُلَّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ هَذَا التَّأْجِيلَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ

الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ تَأْجِيلُ بَعْضِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَيْ تَأْجِيلُ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ هَذَا التَّأْجِيلُ لَلَزِمَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ تَمْيِيزٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ التَّمْيِيزُ فِي الشَّيْءِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ يَمْلِكُ شَرِيكَهُ الْآخَرَ حِصَّتَهُ مُقَابِلَ الْحِصَّةِ الَّتِي تَمَلَّكَهَا مِنْ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَلِذَلِكَ كَانَ هَذَا التَّمْلِيكُ نَقْلُ وَصْفٍ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَانْتِقَالُ الْأَوْصَافِ مُحَالٌ، لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ إلَّا وَصْفًا شَرْعِيًّا وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَقَدْ قُلْنَا إنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ أَيْ التَّأْجِيلَ تُؤَدِّي إلَى قِسْمَةِ حِصَّةِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّأْجِيلُ لَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُخَالِفًا لِحِصَّةِ الْآخَرِ فِي الْوَصْفِ وَالْحُكْمِ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّلْ حِصَّتَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ فِي الْحَالِ بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا فِي الْوَصْفِ إذْ إنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ: حَالٌّ، وَعَلَى النَّصِيبِ الْآخَرِ: مُؤَجَّلٌ، وَالْقِسْمَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مُخَالَفَةِ حِصَّةٍ لِحِصَّةٍ أُخْرَى. وَهَذَا الرَّأْيُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ وَجَائِزٌ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ هُوَ إبْرَاءٌ مُقَيَّدٌ وَمَا دَامَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُطْلَقَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (0 1 1 1) فَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1377) وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ إنَّ بَيْنَ الْإِبْرَاءِ الْمُؤَقَّتِ أَيْ التَّأْجِيلِ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (1 1 1) فَرْقًا عَلَى وَجْهَيْنِ، وَلِذَلِكَ فَالْإِبْرَاءُ الْمُطْلَقُ صَحِيحٌ وَالْإِبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ غَيْرُ صَحِيحٍ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنَّهُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حِصَّةٌ لِلْمُبْرِئِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ قِسْمَةُ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ بِبَقَاءِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ حِصَصِ الشَّرِيكَيْنِ. أَمَّا فِي الْإِبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ فَتَبْقَى حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا إلَّا التَّعْجِيلُ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِسْمَةً لِلدَّيْنِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - هُوَ أَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ إضْرَارًا بِالشَّرِيكِ وَحَيْثُ إنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِوَجْهٍ يُوجِبُ لُحُوقَ الضَّرَرِ بِالشَّرِيكِ الْآخَرِ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83 0 1) ، وَيُوَضَّحُ الْأَضْرَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ التَّأْجِيلَ يُحَمِّلُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ مُؤْنَةَ الْمُطَالَبَةِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ إذْ إنَّهُ لَوْ جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَأْجِيلُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ الْبَالِغِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ مُشَارَكَةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي نِصْفِ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمَدِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (8 0 1 1) وَبِذَلِكَ تَكُونُ الدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً أَيْضًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ أَنْ يُؤَجِّلَ حِصَّةَ الدَّنَانِيرِ الْخَمْسَةِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِذَا قَبَضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ يَرْجِعُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّلُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَلَى الشَّرِيكِ الْقَابِضِ وَيُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَهُ ثُمَّ يَتَكَرَّرُ التَّأْجِيلُ وَالْمُشَارَكَةُ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ وَبِذَلِكَ يَحْمِلُ مُؤْنَةَ الْمُطَالَبَةَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لِلشَّرِيكِ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ. أَمَّا فِي الْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ فَحَيْثُ لَا يَحِقُّ لِلشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ أَنْ يَشْتَرِكَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فِيمَا يَقْبِضُهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ إضْرَارٌ بِالشَّرِيكِ (الْكِفَايَةُ)

إنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ هُوَ وَاقِعٌ فِي إنْشَاءِ التَّأْخِيرِ أَيْ التَّأْجِيلِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ مُؤَجَّلٌ لِمُدَّةِ كَذَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي حِصَّتِهِ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ (النِّهَايَةُ) . قِيلَ (الدَّيْنُ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِعَقْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) كَأَنْ يَرِثَ الشَّرِيكَانِ الدَّيْنَ الْمُعَجَّلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بِإِقْرَاضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ عَنَانًا وَأَجَّلَ الشَّرِيكُ الَّذِي بَاشَرَ الْإِقْرَاضَ الدَّيْنَ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ كَتَأْجِيلِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ فَصْلِ صُلْحِ الْوَرَثَةِ) . لَاحِقَةٌ صُورَةُ طَلَبِ الدَّيْنِ مِنْ مَدِينِينَ مُتَعَدِّدِينَ لَاحِقَةٌ. وَلَفْظُ (لَاحِقَةٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اللِّحَاقِ، وَبِمَا أَنَّ عِنْوَانَ الْبَحْثِ مُتَعَلِّقٌ بِالدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَتْ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ رُئِيَ لُزُومًا تَفْرِيقُهَا بِعِنْوَانٍ مَخْصُوصٍ. إنَّ الْأَكْثَرَ فِي الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُونَ مُتَعَدِّدِينَ وَالْمَدِينُ وَاحِدٌ، أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ فَهِيَ بِالْعَكْسِ فَالْمَدِينُونَ مُتَعَدِّدُونَ وَالدَّائِنُ وَاحِدٌ، فَلِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ قَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ. الْمَادَّةُ (13 1 1) - (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا) لَوْ تَرَتَّبَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَيْنٌ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ كَانَ هَذَا الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ، وَتَتَفَرَّعُ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ: مِنْ الْبَيْعِ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ قَدْرُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ زَيْدًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَعَمْرًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَيْدٍ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ الْإِجَارَةِ: لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ فَيَطْلُبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةً عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّتِهِمَا. مِنْ الْقَرْضِ: لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِاثْنَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ أَحَدِهِمَا دَيْنَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُونَا كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقَرْضِ أَيْ أَنَّهُ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فَيُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَصَالَةِ وَالْكَفَالَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا دَيْنَ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْفُلْ الْآخَرُ الْأَوَّلَ فَيَطْلُبُ

خاتمة في حق أحكام القرض والدين وتشمل مباحث عديدة

نِصْفَ الدَّيْنِ مِنْ الْكَفِيلِ أَصَالَةً وَالنِّصْفَ الْآخَرَ مِنْهُ كَفَالَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (646) . (الْهَامِشِيُّ وَالْبَهْجَةُ وَعَطَا أَفَنْدِي) . مِنْ الْكَفَالَةِ: وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (47 6) . مِنْ الْإِتْلَافِ: إذَا أَتْلَفَ اثْنَانِ بِالِاشْتِرَاكِ مَالَ أَحَدٍ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُطَالِبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِنِصْفِ بَدَلِ الْمَالِ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدِهِمَا دَيْنَ الْآخَرِ النَّاشِئِ عَنْ الْإِتْلَافِ مَا لَمْ يَكُونَا كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. مِنْ الدِّيَاتِ: لَوْ قَتَلَ اثْنَانِ أَحَدًا قَتْلًا مُوجِبًا لِلدِّيَةِ فَيَضْمَنَانِ دِيَتَهُ بِالِاشْتِرَاكِ وَلَا يَطْلُبُ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا فِي الدَّيْنِ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكْفُلَا بَعْضِهِمَا. مِنْ الْحَوَالَةِ: لَوْ قِبَلَ اثْنَانِ حَوَالَةَ دَيْنٍ آخَرَ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَلَّفًا بِدَفْعِ حِصَّتِهِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحَالُ عَلَيْهِمَا أَنْ يَدْفَعَ أَحَدُهُمَا دَيْنَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُونَا كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. . [خَاتِمَةٌ فِي حَقِّ أَحْكَامِ الْقَرْضِ وَالدَّيْنِ وَتَشْمَلُ مَبَاحِثَ عَدِيدَةً] ً) قَدْ بَحَثَ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَمْ يَبْحَثْ عَنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدُّيُونِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْقَرْضِ، وَسَيَبْحَثُ هُنَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فِي بَعْضِ أَحْكَامٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْقَرْضِ وَالدَّيْنِ.

الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْقَرْضِ وَرُكْنِهِ) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْقَرْضُ (بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ) مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ: الْمَالُ الَّذِي يُعْطَى عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ بَدَلُهُ، وَيَكُونُ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْقَرْضُ بِمَعْنَى الْمَقْرُوضِ. أَمَّا مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ: فَهُوَ عَقْدٌ مَخْصُوصٌ يَرِدُ عَلَى دَفْعِ وَإِعْطَاءِ الْمَالِ الْمِثْلِيِّ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ. وَيَخْرُجُ بِقَيْدِ " عَلَى أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ "، الْوَدِيعَةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعَارِيَّةُ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ وَالْعَارِيَّةَ يَجِبُ رَدُّهُمَا عَيْنًا كَمَا أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا يَلْزَمُ رَدُّهُمَا عَيْنًا أَوْ بَدَلًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - يَنْعَقِدُ الْقَرْضُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيَتِمُّ بِالْقَبْضِ أَيْ يُقَيَّدُ الْمِلْكِيَّةَ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقْرِضُ لِلْمُسْتَقْرِضِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً قَرْضًا لَكَ. وَأَجَابَ الْمُسْتَقْرِضُ قَائِلًا: قَبِلْتُ يَنْعَقِدُ الْقَرْضُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اعْطِنِي خَمْسَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَ لَكَ مِثْلَهَا بَعْدُ وَأَعْطَاهُ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ قَرْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرِ) وَلَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ بَيْعًا حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْعًا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ رِبًا. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ نُقُودًا قَائِلًا لَهُ: اصْرِفْ هَذِهِ عَلَى مَصَارِفِكَ أَوْ حَوَائِجِكَ أَوْ عَلَى الْغُزَاةِ وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّ ذَلِكَ قَرْضٌ أَوْ هِبَةٌ وَقَبَضَ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ هِبَةً بَلْ يَكُونُ قَرْضًا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُحْتَمَلٌ الْقَرْضَ وَالْهِبَةَ وَبِمَا أَنَّ الْقَرْضَ أَدْنَى مِنْ الْهِبَةِ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْقَرْضِ. أَمَّا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ أَثْوَابًا قَائِلًا لَهُ: الْبَسْهَا فَقَبَضَهَا فَلَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْقَرْضِ الْفَاسِدِ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ لِلتَّصَرُّفِ (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ الثَّانِي فِي الْبُيُوعِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - يَكُونُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْقَرْضِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ وَبِلَفْظِ الْإِعَارَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَى أَيَّ شَيْءٍ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ قَرْضًا بِاسْمِ عَارِيَّةٍ فَهُوَ قَرْضٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَعَرْتُكَ هَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً، وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ، وَقَبَضَ الْحِنْطَةَ كَانَ قَرْضًا وَلِهَذَا مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (880) فِي شَرْحِ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ قَرْضًا وَأُعْطِي بِاسْمِ عَارِيَّةٍ فَهُوَ عَارِيَّةٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - يَصِحُّ الْقَرْضُ الَّذِي يُعْطَى بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ كَفِيلًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا أَوْ كَانَ غَائِبًا وَسَوَاءٌ كَفِلَ أَوْ لَمْ يُكْفَلْ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . وَيَكُونُ لِلْمُقْرِضِ الْحَقُّ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ الْكَفِيلَ بِفَسْخِ الْقَرْضِ وَاسْتِرْدَادِ الْمَقْرُوضِ حَالًّا وَحَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِلْمُقْرِضِ مَوْجُودٌ وَثَابِتٌ حَتَّى لَوْ أَعْطَى كَفِيلٌ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ.

الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْقَرْضِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرِضُ عَاقِلًا مُمَيِّزًا غَيْرَ مَحْجُورٍ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ مَالًا لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْرُوضُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الصَّبِيِّ فَلِلْمُقْرِضِ اسْتِرْدَادُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (57 9 و 0 96) وَالْحُكْمُ فِي الْمَعْتُوهِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْقَرْضِ) ، أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ الْمَالَ الَّذِي قَبَضَهُ قَرْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الطَّرَفَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، وَقَدْ صَحَّحَ قَوْلَهُ بِالْقَوْلِ (وَهُوَ الصَّحِيحُ) ، وَقَدْ فَصَّلْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَالْمَادَّةِ (6 9) مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - يُشْتَرَطُ فِي الْقَرْضِ بَيَانُ مَكَانِ التَّأْدِيَةِ وَيَتَعَيَّنُ مَحَلُّ الْقَرْضِ عَلَى أَنَّهُ مَكَانُ التَّأْدِيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) وَلَوْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِشَرْطِ رَدِّهِ فِي مَكَانِ آخَرَ بَطَلَ الشَّرْطُ كَذَا فِي الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ فِي دِمِشْقَ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَثْنَاءَ مَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ كَيْلَةٍ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ تَلَاقَى الْمُقْرِضُ بِالْمُسْتَقْرِضِ فِي بَغْدَادَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ الَّتِي أَقْرَضَهُ إيَّاهَا وَكَانَ سِعْرُ كَيْلَةِ الْحِنْطَةِ فِي بَغْدَادَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى تَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ لَهُ فِي بَغْدَادَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ كَفِيلٌ عَلَى أَدَاءِ الْقَرْضِ فِي دِمِشْقَ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَا يَبْطُلُ الْقَرْضُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَيَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لَغْوًا فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ سِكَّةً مَغْشُوشَةً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا سِكَّةً خَالِصَةً كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا، وَالشَّرْطُ بَاطِلًا وَيَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورًا عَلَى رَدِّ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً فِي دِمَشْقَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي بَغْدَادَ كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا وَيَكُونُ الْمُقْتَرِضُ مَجْبُورًا عَلَى أَدَاءِ الْقَرْضِ فِي مَكَانِ الْقَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرِضُ الْمَقْرُوضَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِقَبْضِ رَسُولِهِ أَيْ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ الْمُسْتَقْرِضُ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ الْعَيْنَ فِي الْحَالِ حَيْثُ بِالْإِقْرَاضِ وَالتَّسْلِيمِ يَخْرُجُ الْمَقْرُوضُ مِنْ مِلْكِ الْمُقْرِضِ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُقْرِضِ مِثْلَ الْمَقْرُوضِ لِلْمُقْرِضِ. فَلِذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا لَهُ وَطَلَبَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ أَنْ

يَسْتَهْلِكَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ رَدَّ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ عَيْنًا فَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يُبْقِيَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَأَنْ يُسَلِّمَهُ مِثْلَهَا وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي أَطْلُبُ رَدَّهَا عَيْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيَجِبُ رَدُّ الْمَقْرُوضِ عَيْنًا إذَا كَانَ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَلَيْسَ لَهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُقْرِضُ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ الْحِنْطَةَ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا وَقَبَضَهَا فَالْبَيْعُ يَكُونُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَ الْقَرْضِ، وَبِالْعَكْسِ لَوْ بَاعَ الْمُسْتَقْرِضُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ لِلْمُقْرِضِ كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْبَزَّازِيَّةِ) ، كَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَوْ الرَّسُولِ وَيَكُونُ كَقَبْضِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ الْمُسْتَقْرِضُ خَادِمَهُ لِيَقْبِضَ الْمَقْرُوضَ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَيُوَصِّلَهُ إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُقْرِضَ أَنَّهُ أَدَّى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْخَادِمِ وَادَّعَى الْخَادِمُ بِأَنَّهُ قَبَضَ الْقَرْضَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يُعَدُّ الْمُسْتَقْرِضُ مَدِينًا مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضَ الْخَادِمِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ أَيْضًا عَلَى الْخَادِمِ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يُقِرُّ وَيَصْدُقُ إنْ قَبَضَ الْخَادِمُ بِحَقٍّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بِأَنَّ الْخَادِمَ قَدْ قَبَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُقْرِضِ فَيَلْزَمُهُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ. كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: (خُذْ لِي مِنْ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا) فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ الْمَذْكُورُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَبَضَهُ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّنِي أَدَّيْتُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِآمِرِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ قَبْضَ الْمَأْمُورِ، فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ أَدَاءُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ (الْبَزَّازِيَّةُ قَبْلَ الثَّانِي فِي الْبُيُوعِ) وَلَا يُصَدَّقُ بِالِاسْتِقْرَاضِ عَلَى الْآمِرِ إذَا أَنْكَرَ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ كِتَابًا بِالِاسْتِقْرَاضِ فَبَعَثَ الْقَرْضَ مَعَ مَنْ أَوْصَلَ الْكِتَابَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مُحْتَاجٌ لِلتَّدْقِيقِ. أَمَّا قَبْضُ الْمَأْمُورِ بِإِيصَالِ كِتَابِ الْقَرْضِ لِلْمُقْرِضِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَيْ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ طَالِبِ الْقَرْضِ، فَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ لِصَرَّافٍ قَائِلًا فِيهِ: أَرْسِلْ لِي كَذَا مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ قَرْضًا، وَأَرْسَلَ الْكِتَابَ لِلصَّرَّافِ مَعَ شَخْصٍ فَأَرْسَلَ الصَّرَّافُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَعَ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمُقْتَرِضِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ شَيْءٌ مَا لَمْ يَصِلْ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ إلَيْهِ أَيْ لَا يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ حَامِلَ الْكِتَابِ هُوَ رَسُولٌ لِتَبْلِيغِ الْكِتَابِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِقَبْضِ الْقَرْضِ. أَمَّا إذَا كَانَ الرَّسُولُ رَسُولًا بِقَبْضِ الْقَرْضِ فَيَكُونُ قَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمُرْسِلِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ الْمَقْرُوضِ بِقَرْضٍ صَحِيحٍ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً وَأَمَرَ الْمُقْرِضُ أَنْ يَزْرَعَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَزْرَعَتِهِ أَيْ مَزْرَعَةِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَزَرَعَ الْمُقْرِضُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ فَالْقَرْضُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ قَدْ قَبَضَ الْمَقْرُوضَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) أَمَّا إذَا أَحْضَرَ الْمُقْرِضُ الْمَالَ الَّذِي أَقْرَضَهُ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا. فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ: اطْرَحْهُ فِي الْمَاءِ فَطَرَحَهُ الْمُقْرِضُ فِي الْمَاءِ فَيَكُونُ قَدْ تَلِفَ مَالُ الْمُقْرِضِ وَلَا يَلْزَمُ

الْمُسْتَقْرِضَ أَيُّ شَيْءٍ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي الْقَرْضِ) وَالْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ وَفِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَمَّا الْحُكْمُ فِي الشِّرَاءِ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ خِلَافُ ذَلِكَ فَيُعَدُّ قَابِضًا بِإِلْقَاءِ الْمَالِ فِي الْمَاءِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْمَدِينَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْطَى غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي أَحْضَرَ أَمَّا فِي الشِّرَاءِ الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ لَهُ إعْطَاءٌ غَيْرُ ذَلِكَ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ (فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَصِحُّ إقْرَاضُهَا أَوْ لَا يَصِحُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - يَصِحُّ الْقَرْضُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِ وَالْمُتَقَارِبِ، فَلِذَلِكَ يَصِحُّ إقْرَاضُ الْمَكِيلَاتِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْمَوْزُونَاتِ كَالدَّقِيقِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالتِّبْنِ وَالثَّوْبِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ وَالْوَرِقِ. وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَاللَّحْمِ وَزْنًا وَالْوَرِقِ عَدَدًا وَالْخُبْزِ وَزْنًا وَعَدَدًا وَالْجَوْزِ عَدَدًا أَوْ كَيْلًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْبُيُوعِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يَجُوزُ الْقَرْضُ فِي الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْمِثْلِيَّةِ أَيْ يَكُونُ فَاسِدًا كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَقَارِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي تُقْرَضُ بِقَرْضٍ فَاسِدٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْمُقْرِضِ إذَا كَانَتْ لَمْ تَزَلْ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - إنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِقَرْضٍ فَاسِدٍ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ يُفِيدُ الْحُكْمَ عِنْدَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ الْفَاسِدَ هُوَ تَمْلِيكٌ مُقَابِلَ مَجْهُولٍ فَهُوَ لِذَلِكَ فَاسِدٌ فَإِذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ دَارًا مِنْ آخَرَ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الدَّارِ لِلْمُقْرِضِ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايِنَاتِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - إقْرَاضُ الْمُشَاعِ صَحِيحٌ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا مُضَارَبَةً وَنِصْفُهَا الْآخَرُ قَرْضًا صَحَّ وَكَانَتْ الْخَمْسُونَ دِينَارًا قَرْضًا وَالْبَاقِي مُضَارَبَةً (الْخَيْرِيَّةُ قُبَيْلَ الرِّبَا وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْقَرْضِ وَالدَّيْنِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ) .

الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ (فِي حَقِّ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَصُورَةِ بَرَاءَةِ الْمَدِينِ وَأَسْبَابِ سُقُوطِ الدَّيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ - يُؤَدَّى الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الدَّائِنُ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ وَبِمَا أَنَّ لِلدَّائِنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مَطْلُوبًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ فَلِذَلِكَ يَقَعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الدَّيْنَيْنِ تَقَاصٌّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَدَاءُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُصَادِفُ الْعَيْنَ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ فَلِذَلِكَ يُقَالُ: الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (58 1) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ بِتِسْعِ صُوَرٍ: (أَوَّلًا) بِأَدَاءِ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ أَوْ بِأَدَائِهِ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَهَذَا يَكُونُ بِأَدَاءِ مِثْلِ الْمَالِ الْمُقْرَضِ أَوْ بِبَيْعِ الْمَدِينِ أَوْ بِإِيجَارِهِ لِلدَّائِنِ مَالًا مُقَابِلَ دَيْنَهُ. إيضَاحُ بَدَلِ الْمِثْلِ: إذَا أَدَّى مِثْلَ الْمَقْرُوضِ يَكُونُ قَدْ أَدَّى الدَّيْنَ وَلَا يَلْتَفِتُ لِلرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْرَضَ الدَّرَاهِمَ الْمَكْسُورَةَ مَغْشُوشَةً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا دَرَاهِمَ صَحِيحَةً يَبْطُلُ هَذَا الشَّرْطُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ دِينَارًا عُثْمَانِيًّا بَيْنَمَا كَانَ الدِّينَارُ الْوَاحِدُ رَائِجًا بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ نَزَلَ سِعْرُ الدِّينَارِ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ أَوْ صَعَدَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا فَيَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورًا عَلَى أَدَاءِ الْخَمْسِينَ الدِّينَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَالنُّقُودُ الْفِضِّيَّةُ تُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا، كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَثْنَاءَ مَا كَانَ سِعْرُ الْكَيْلَةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ صَعِدَتْ قِيمَةُ الْكَيْلَةِ إلَى أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ هَبَطَتْ إلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَالْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَاءِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ فِي الْمُدَايَنَاتِ) إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِعْطَاءُ بِقَصْدِ أَدَاءِ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ. وَذَلِكَ إذَا أَحْضَرَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ لِدَائِنِهِ وَأَعْطَاهُ لَهُ لِيَنْتَقِدَ مِنْهُ الصَّحِيحَ مِنْ الزَّائِفِ فَضَاعَتْ النُّقُودُ فِي يَدِ الدَّائِنِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ فَالضَّيَاعُ يَكُونُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ وَيَبْقَى دَيْنُ الدَّائِنِ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ الطَّالِبَ وَكِيلُ الْمَدِينِ فِي الِانْتِقَادِ فَكَانَتْ يَدُهُ كَيَدِ الْمَدِينِ (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) أَمَّا إذَا أَعْطَى الْمَدِينُ دَيْنَهُ لِلدَّائِنِ دُونَ أَنْ يَتَكَلَّمَ شَيْئًا ثُمَّ أَدَّى الدَّائِنُ النُّقُودَ الْمَذْكُورَةَ لِلْمَدِينِ لِيَنْتَقِدَهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَتَكُونُ تَالِفَةً مِنْ مَالِ الدَّائِنِ لِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَخَذَ حَقَّهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ لِلْمَدِينِ لِيَنْتَقِدَهَا وَأَصْبَحَ الْمَدِينُ وَكِيلًا لِلدَّائِنِ فِي الِانْتِقَادِ فَهَلَاكُ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْمَدِينِ كَهَلَاكِهِ فِي يَدِ الدَّائِنِ (الْخَانِيَّةُ فِيمَا ذَكَرَ) إيضَاحُ الْبَيْعِ: إذَا بَاعَ الْمَدِينُ مَالًا لِلدَّائِنِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ بِرِضَاءِ الدَّائِنِ وَأَدَّى دَيْنَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُصْبِحُ ذَلِكَ إذْ لَمْ يَلْزَمْ افْتِرَاقُ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً فَطَلَبَهَا الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ فَرَضِيَ الْمُسْتَقْرِضُ أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُقْرِضِ بَدَلًا عَنْ ذَلِكَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَضِيَ الدَّائِنُ بِذَلِكَ وَعَقَدَ الطَّرَفَانِ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَبَضَ الْمُقْرِضُ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ أَيْ الْخَمْسُونَ كَيْلَةً حِنْطَةً

قَدْ أُدِّيَتْ وَلَا يَحِقُّ لِلطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ فِضَّةً بَدَلًا عَنْ دَيْنِهِ الذَّهَبَ، وَرَضِيَ الدَّائِنُ بِذَلِكَ وَقَبَضَ الْفِضَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَيَكُونُ أَدَّى الدَّيْنَ وَلَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا افْتَرَقَ الطَّرَفَانِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْسِمِائَةِ الدِّرْهَمِ أَوْ قَبْضِ الْفِضَّةِ بَدَلَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ افْتِرَاقُ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَبْضُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إذَا افْتَرَقَا عَنْ قَبْضِهِمَا فِي الصَّرْفِ أَوْ عَنْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ) . (الطَّحْطَاوِيُّ فِي الْقَرْضِ) . كَذَلِكَ إذَا تَرَاضَى الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَدَلًا عَنْ الْخَمْسِينَ كَيْلَةَ الدَّيْنِ، وَحَرَّرَ سَنَدًا بِذَلِكَ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْبُيُوعِ) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ فَرَسًا لِلدَّائِنِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا وَقِبَلَ الدَّائِنُ الشِّرَاءَ جَازَ وَصَحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْفَرَسِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ افْتِرَاقَ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ. إيضَاحُ الْإِيجَارِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ مَالًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَاسْتَخْدَمَ نَفْسَ الْمَدِينِ جَازَ وَيَكُونُ قَدْ أَدَّى الدَّيْنَ. (ثَانِيًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِحَوَالَةِ دَائِنِهِ عَلَى آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 69) . كَذَلِكَ لَوْ قَبِلَ أَحَدٌ دَيْنَ الْمَدِينِ عَلَى نَفْسِهِ حَوَالَةً بِدُونِ أَمْرِ الْمَدِينِ بَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ. (ثَالِثًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِأَدَاءِ كَفِيلِهِ لِلدَّيْنِ كَمَا بَيَّنَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ (رَابِعًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِأَدَاءِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ الدَّيْنَ مَثَلًا لَوْ أَدَّى أَحَدٌ دَيْنَ أَحَدٍ تَبَرُّعًا أَوْ بِأَمْرِ الْمَدِينِ جَازَ، وَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَ الْأَدَاءِ تَبَرُّعًا أَنْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ دَيْنٌ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ يَرْجِعُ الشَّيْءُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُتَبَرِّعُ إلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ إلَى مِلْكِ الْمَدِينِ أَمَّا إذَا أَدَّى الدَّيْنَ بِأَمْرِ الْمَدِينِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ لَيْسَ لِدَائِنٍ دِينٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَرْجِعُ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مِلْكِ الْمَدِينِ، وَالْمَدِينُ يَضْمَنُهُ أَيْضًا لِلْمَأْمُورِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ) . (خَامِسًا) إذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَكَانَ الْمَدِينُ وَارِثًا لَهُ بِالْحَصْرِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمَدِينِ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا قَرْضًا ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي وَلَدِهِ الْمَدِينِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْوَلَدِ كَامِلًا. أَمَّا إذَا كَانَ لِلْأَبِ الْمُتَوَفَّى وَلَدٌ آخَرَ يَسْقُطُ عَنْ الْوَلَدِ الْمَدِينِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَقَطْ وَيَكُونُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا الْأُخْرَى لِأَخِيهِ. (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: رَجُلٌ مَرَقَ مِنْهُ مَالٌ. . . إلَخْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (667) . (سَادِسًا) كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ أَنَّ الدَّيْنَ أُدِّيَ بِصُورَةِ التَّقَاصِّ. وَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ دَيْنٌ لِآخَرَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الدَّائِنِ مِثْلُهَا لِلْمَدِينِ فَيُعْتَبَرُ الدَّيْنُ الثَّانِي قَدْ قَضَى بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَلَا يَحِقُّ لِأَحَدِهِمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَبَاعَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ مَالًا بِثَمَنٍ مُسَمًّى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ أَتْلَفَ الدَّائِنُ مَالًا لِلْمَدِينِ قِيمَتَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ وَلَا يُشْتَرَطُ

فِي ذَلِكَ التَّرَاضِي لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الْقَبْضُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) وَيُوجَدُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ فِي وُقُوعِ التَّقَاصِّ بِدُونِ تَرَاضٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا دَيْنًا، فَلِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي الْوَدِيعَةِ عَنْ الدَّيْنِ بِدُونِ التَّرَاضِي مَثَلًا: لَوْ كَانَ زَيْدٌ مَدِينًا لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَوْدَعَ زَيْدٌ عَمْرًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ بِذَلِكَ بِدُونِ التَّرَاضِي، وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ التَّرَاضِي فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ تَمَّ التَّقَاصُّ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ بَلْ كَانَتْ فِي دَارِهِ مَثَلًا فَلَا يَتِمُّ التَّقَاصُّ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى دَارِهِ وَيَأْخُذْهَا (الْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ ضَمَانًا لِتِلْكَ الْوَدِيعَةِ فَيَحْصُلُ حِينَئِذٍ التَّقَاصُّ بِدُونِ التَّرَاضِي. الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُعَجَّلَيْنِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا وَالْآخَرُ مُعَجَّلًا فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ مَا لَمْ يَتَّفِقْ الطَّرَفَانِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُتَّحِدَيْنِ جِنْسًا فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ فِضَّةً فَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدُونِ التَّرَاضِي كَمَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَيْضًا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سِكَّةً خَالِصَةً وَالْآخَرُ سِكَّةً مَغْشُوشَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّرْفِ بِزِيَادَةٍ) . يَقَعُ التَّقَاصُّ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفِي الْجِنْسِ بِالتَّرَاضِي وَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ بَاعَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَاتَّفَقَا عَلَى التَّقَاصِّ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ قُوَّةً فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلزَّوْجِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ نَفَقَةً مِنْ زَوْجِهَا فَلَا يَقَعُ تَقَاصٌّ بَيْنَ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ لِلزَّوْجِ وَبَيْنَ النَّفَقَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . سَابِعًا - يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِالْإِبْرَاءِ، وَذَلِكَ لَوْ سَمِعَ الدَّائِنُ أَنَّ مَدِينَهُ تُوُفِّيَ فَأَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ إلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمَدِينَ حَيٌّ يُرْزَقُ تَمَّتْ الْبَرَاءَةُ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الرُّجُوعُ عَنْ إبْرَائِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 5) لِأَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ. (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) . إنَّ الْإِبْرَاءَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يُبْرِئَ الْمُبْرِئُ وَهُوَ عَالِمٌ بِحَقِّهِ وَمَطْلُوبِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ دِيَانَةً وَحُكْمًا وَقَضَاءً بِالِاتِّفَاقِ وَيَسْقُطُ الْحَقُّ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يُبْرِئَ الْمُبْرِئُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَقَّهُ وَمَطْلُوبَهُ وَفِي الْإِبْرَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ حُكْمًا وَقَضَاءً وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ دِيَانَةً أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إسْقَاطٌ وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ (الْخَانِيَّةُ)

تَقْسِيمُ الْإِبْرَاءُ بِصُورَةٍ أُخْرَى: كَمَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ إذَا وَقَعَ مُنْجِزًا يَصِحُّ أَيْضًا إذَا وَقَعَ بِالْخِيَارِ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الدَّائِنُ: أَبْرَأْتُ مَدِينِي زَيْدًا مِنْ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْ ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّ الْإِبْرَاءُ فِي الْحَالِ (الْخَانِيَّةُ فِيمَا ذُكِرَ) . (ثَامِنًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ أَوْ الْمَبِيعِ بِالْوَفَاءِ الَّذِي أُخِذَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 74) وَالْمَادَّةِ (0 0 4) . (تَاسِعًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَدَاءِ وَارِثِهِ الدَّيْنَ بَعْدَ وَفَاتِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ وَتُوُفِّيَ وَعَلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ الْوَارِثَ دَفْعُ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) . الْمَبْحَثُ السَّادِسُ (فِي بَيَانِ حَقِّ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - لِلدَّائِنِ أَوْ نَائِبِهِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ، وَنَائِبُ الدَّائِنِ هُوَ (أَوَّلًا) وَكِيلُهُ (ثَانِيًا) وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ إذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَالْوَلِيُّ إذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ صِغَارًا (ثَالِثًا) الْمُوصَى لَهُ وَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِإِعْطَاءِ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَتُوُفِّيَ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى إيصَائِهِ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِ الْمُوصِي مُسَاعِدًا فَلِعَمْرٍو قَبْضُ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ مِنْ زَيْدٍ. أَمَّا إذَا اسْتَوْفَى آخَرُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ ظُلْمًا وَبِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْفَى ظَالِمٌ الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لِمُتَوَفًّى مِنْ مَدِينِيهِ فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُونَ مِنْ الدَّيْنِ، كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَقَبَضَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْمَدِينِ ثُمَّ ظَهَرَ وَارِثٌ لِلدَّائِنِ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَدِينِ مَا يَسْتَحِقُّهُ إرْثًا فِي الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ مَرَّةً أُخْرَى. (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - إذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَيُّ وَارِثٌ فَلِلْمَدِينِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ لِلْمَدِينِ لِيَكُونَ ذَلِكَ وَدِيعَةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُوصِلُهُ إلَى خَصْمِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) . الْمَبْحَثُ السَّابِعُ (فِي حَقِّ أَجْوَدِ الدَّيْنِ وَأَرْدَئِهِ، وَفِي أَخْذِ أَوْ إعْطَاءِ خِلَافِ الْجِنْسِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ - لَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ خِلَافِ جِنْسِ دَيْنِهِ أَوْ عَلَى قَبُولِ أَجْوَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ، لَكِنْ إذَا قَبِلَ ذَلِكَ بِرِضَائِهِ فَيَجُوزُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَات وَالطَّحْطَاوِيُّ) . إذْ لَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ الْمَطْلُوبُ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ عَلَى قَبُولِ خَمْسِينَ رِيَالًا بَدَلًا عَنْ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الدَّائِنُ الْمَطْلُوبُ لَهُ كَذَا دِرْهَمًا سِكَّةً خَالِصَةً عَلَى قَبُولِ سِكَّةٍ مَغْشُوشَةٍ أَوْ عَلَى قَبُولِ سِكَّةٍ خَالِصَةٍ بَدَلًا مِنْ مَطْلُوبِهِ سِكَّةً

مَغْشُوشَةً أَمَّا إذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مُقَابِلَ دَرَاهِمِهِ الْجَيِّدَةِ دَرَاهِمَ زُيُوفًا بِدُونِ عِلْمٍ ثُمَّ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا فِي يَدِهِ فَيَتِمُّ الِاسْتِيفَاءُ وَلَا يَحِقُّ لَهُ طَلَبُ أَيِّ شَيْءٍ. أَمَّا إذَا كَانَتْ النُّقُودُ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ عَيْنًا فَلَهُ إعَادَتُهَا إلَى الْمَدِينِ وَطَلَبُ مِثْلِ حَقِّهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - إذَا طَلَبَ الدَّائِنُ مِنْ مَدِينِهِ دَيْنَهُ الدَّنَانِيرَ الْعَشَرَةَ فَأَعْطَاهُ الْمَدِينُ عِشْرِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً الَّتِي تُسَاوِي قِيمَتَهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ بِدُونِ أَنْ يَبِيعَهَا لَهُ صَرَاحَةً وَبِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهَا مَدْفُوعَةٌ عَنْ الدَّيْنِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ بَيْعًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَكَانَ سِعْرُهَا وَقِيمَتُهَا مَعْلُومًا بَيْنَهُمَا فَيَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ قِيمَةِ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَرَادَ الْمَدِينُ إعْطَاءَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ الْجَيِّدَةَ زُيُوفًا وَلَمْ يَقْبَلْ الدَّائِنُ أَخْذَهَا قَائِلًا: إنَّهَا لَا تَرُوجُ، فَقَالَ لَهُ الْمَدِينُ: خُذْهَا وَإِذَا لَمْ تَرُجْ أَعِدْهَا إلَيَّ، فَأَخَذَهَا وَلَمْ تَرُجْ مَعَهُ فَلَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَدِينِ وَطَلَبُ بَدَلٍ عَنْهَا دَرَاهِمَ جَيِّدَةً. وَلَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعِيبًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ، فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ فَرُدَّهُ عَلَيَّ فَعَرَضَهُ فَلَمْ يَشْتَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزُّيُوفَ لَا تَكُونُ مِلْكًا لِلْقَابِضِ فِي الْجِيَادِ مَا لَمْ تَجُوزُ بِهَا وَأَنَّهُ عَلَّقَ التَّجْوِيزَ بِرَوَاجِهَا وَرَوَاجُهَا أَنْ يَقْبَلَهَا إنْسَانٌ مَكَانَ الْجِيَادِ فِي ثَمَنٍ مَبِيعٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَإِذَا وَجَدَ الْقَبُولَ مِنْ ذَلِكَ تَمَّ الْقَبْضُ لِهَذَا قَبُولِهِ سَابِقًا عَلَيْهِ اقْتِضَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْقَبُولَ لَمْ يَصِرْ مَالِكًا لَهُ فَكَانَ حَقُّ الرَّدِّ بَاقِيًا كَمَا كَانَ (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ) . الْمَبْحَثُ الثَّامِنُ (فِي حَقِّ اسْتِيفَاءِ الدَّائِنِ حَقَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْمَدِينِ) (وَفِي عَدَمِ جَوَازِ طَلَبِ أَحَدٍ مِنْ آخَرَ) الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ - إذَا ظَفَرَ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَالٍ لِلْمَدِينِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِدُونِ رِضَاءِ الْمَدِينِ إذَا كَانَ مَطْلُوبُهُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَالٍ خِلَافَ الْجِنْسِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْجَيِّدِ بَدَلَ الرَّدِيءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) : فَلِذَلِكَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلًا عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِثْلَهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَرَسَ الْمَدِينِ الَّتِي تُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِدُونِ رِضَائِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْجَيِّدِ بَدَلَ الرَّدِيءِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْفِضَّةِ مُقَابِلَ الذَّهَبِ، وَالذَّهَبِ مُقَابِلَ الْفِضَّةِ بِلَا رِضَاءِ الْمَدِينِ اسْتِحْسَانًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا أَخَذَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْمَدِينِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مَالًا جَبْرًا إعَانَةً لِلدَّائِنِ وَأَدَّاهُ لَهُ جَازَ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَاغْتَصَبَ بَكْرٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ عَمْرٍو وَأَدَّاهَا لِزَيْدٍ جَازَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ أَدَاءَ دَيْنِ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ سَبَبٌ شَرْعِيٌّ كَالْكَفَالَةِ أَوْ الْحَوَالَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) ؛ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ مِنْ خَادِمِ الْمَدِينِ لِكَوْنِهِ خَادِمَهُ بَلْ يَطْلُبُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا أَنْ يَطْلُبَ مَطْلُوبَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثِهِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ وَارِثًا لَهُ، كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ ذِمَّةِ آخَرَ مِنْ مَدِينِ ذَلِكَ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (164) إذْ أَنَّهُ إذَا اسْتَقْرَضَ جَمَاعَةً مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ صَرَّافٍ وَأَمَرُوا الْمُقْرِضَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْقَرْضَ لِأَحَدِهِمْ فُلَانٍ فَسَلَّمَهُ لَهُ فَلِلْمُقْرِضِ أَنْ يَطْلَبَ مِنْ الْقَابِضِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ. مَثَلًا إذَا اسْتَقْرَضَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ مِنْ شَخْصٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَمَرُوا الْمُقْرِضَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ إلَى أَحَدِهِمْ فُلَانٍ فَأَدَّاهُ لَهُ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَابِضِ إلَّا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ، أَيْ دِينَارًا وَاحِدًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ حِصَصَ التِّسْعَةِ الْأَشْخَاصِ الْآخَرِينَ مِنْ الْقَابِضِ الْمَذْكُورِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ وَالْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الثَّانِي مِنْ الْبُيُوعِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (13 1 1) وَشَرْحَهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَكَانَ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَلِدَائِنِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَدِينِهِ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ وَأَنْ يَحْبِسَهَا مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ يَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ تَقَاصًّا بِدَيْنِهِ كَمَا لَوْ ظَفَرَ بِمَالِ الْمَدِينِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ (الْخَانِيَّةُ) .

الْمَبْحَثُ التَّاسِعُ (فِي حَقِّ تَرْجِيحِ بَعْضِ الدُّيُونِ، وَفِي ضَيَاعِ سَنَدِ الدَّيْنِ وَفِي إعَادَتِهِ) وَفِي كَسَادِ الْمَبْلَغِ الْمُقْتَرَضِ أَوْ إقْطَاعِهِ لِآخَرَ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - لِلْمَدِينِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا أَوْ مَحْجُورًا أَنْ يُقَدِّمَ دَيْنَ بَعْضِ دَائِنِيهِ عَنْ دَائِنِيهِ الْآخَرِينَ، وَيُوَفِّيَ دُيُونَهُمْ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْمَدِينِ الْمُسْتَغْرِقِ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ تَرْجِيحًا عَنْ الْآخَرِينَ وَأَنْ يَحْرِمَ الْآخَرِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 0 6 1) إلَّا أَنَّ لَهُ أَدَاءَ الدَّيْنِ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ) ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدٌ لِدَائِنِهِ مِائَةَ رِيَالٍ مِنْ دَيْنِهِ وَتُوُفِّيَ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ وَأَدَّى الدَّائِنُ بِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمَدِينِ وَأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَهُ وَادَّعَى الْغُرَمَاءُ الْآخَرُونَ أَنَّ الْقَبْضَ حَصَلَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَنَّ لَهُمْ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الرِّيَالَاتُ الْمَقْبُوضَةُ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْقَابِضِ فَيُشَارِكُهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَخْذَ الْمَذْكُورَ هُوَ أَمْرٌ حَادِثٌ وَالْأَصْلُ إضَافَةُ الْحَادِثِ إلَى حَالِ الْمَرَضِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ الْأَوْقَاتِ: اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 1) وَإِذَا هَلَكَتْ الرِّيَالَاتُ فَلَيْسَ لَهُمْ مُشَارَكَتُهُ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ هُوَ اسْتِصْحَابٌ لِظَاهِرِ الْحَالِ وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفِي إيجَابُ الضَّمَانِ إذْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ قِيَامِ الْمَأْخُوذِ يَكُونُ الْقَابِضُ مُدَّعِيًا سَلَامَةَ الْمَقْبُوضِ لِنَفْسِهِ، وَالْغُرَمَاءُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَبِمَا أَنَّهُ مُتَّفَقٌ أَنَّ الْمَقْبُوضَ كَانَ مَالًا لِلْمَيِّتِ فَيَكُونُ ظَاهِرُ الْحَالِ شَاهِدًا لِلْغُرَمَاءِ أَمَّا بَعْدَ هَلَاكِ الْمَقْبُوضِ فَيَكُونُ الْغُرَمَاءُ مُحْتَاجِينَ لِدَلِيلٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَظَاهِرُ الْحَالِ يَشْهَدُ لَهُمْ بِذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ الصَّحِيحُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَا يَسْقُطُ بِضَيَاعِ السَّنَدِ أَوْ إعَادَتِهِ (الدُّرَرُ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 63) وَلِذَلِكَ فَادِّعَاءُ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِضَيَاعِ السَّنَدِ مِنْ يَدِ الدَّائِنِ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمَدِينُ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا لِدَائِنِهِ: أَدِّ لِي سَنَدِي وَخُذْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَأَخَذَ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَأَدَّاهُ سَنَدَ التِّسْعِينَ دِرْهَمًا وَلَمْ يَجْرِ صُلْحٌ بَيْنَهُمَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الدَّائِنِ فِي الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْبَاقِيَةِ عَلَى قَوْلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ عَنْ الْقُنْيَةِ) الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ نُقُودًا غَالِبَةَ الْغِشِّ أَوْ زُيُوفًا عِنْدَمَا كَانَتْ رَائِجَةً (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 0 13) وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ كَسَدَتْ فَفِي صُورَةِ تَأْدِيَتِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ لُزُومُ مِثْلِهَا كَاسِدًا وَعَدَمُ لُزُومِ قِيمَتِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْغَلَاءُ وَالرُّخْصُ، أَيْ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ. الْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ لُزُومُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ وَقَدْ

أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَقَوْلُهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ فِي زَمَانِنَا) ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ لُزُومُ قِيمَتِهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَوَاجِهَا وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ نُحَاسِيًّا عِنْدَمَا كَانَتْ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا رَائِجَةً بِدِينَارِ ذَهَبٍ عُثْمَانِيٍّ وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ النُّحَاسِيَّةُ فَعَلَى رَأْي الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورًا بِأَنْ يُؤَدِّيَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ عُثْمَانِيَّةً أَوْ رِيَالَاتٍ فِضِّيَّةً بِمُوجِبِ الْحِسَابِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ رِيَالًا أَثْنَاءَ مَا كَانَ الرِّيَالُ رَائِجًا وَقَبَضَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ كَسَدَ فَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَدَاءُ قِيمَةِ الرِّيَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَوْمَ قَبْضِهَا ذَهَبًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مِثْلَ الرِّيَالِ الْكَاسِدِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي نَوْعٍ فِي الْكَسَادِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ وَانْقَطَعَ مِثْلُهُ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ أَيْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْأَسْوَاقِ فَإِذَا تَرَاضَى الْمُقْرِضُ وَالْمُسْتَقْرِضُ عَلَى قِيمَتِهِ وَتَقَابَضَا فِي مَجْلِسِ التَّرَاضِي فَبِهَا وَإِلَّا يَكُونُ الْمُقْرِضُ مَجْبُورًا عَلَى الِانْتِظَارِ حَتَّى يَحْدُثَ وَيُدْرِكَ مِثْلَ الْمَقْرُوضِ بِخِلَافِ الْفُلُوسِ إذَا كَسَدَتْ لِأَنَّ هَذَا مَا لَا يُوجَدُ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَبْحَثُ الْعَاشِرُ (فِي حَقِّ الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ فِي الْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَفِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ - يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا فَاسْتَقْرَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بِالْإِضَافَةِ لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَنْ يُضِيفَهُ لِمُوَكِّلِهِ كَقَوْلِهِ لِلْمُقْرِضِ: (أَقْرِضْنِي دَرَاهِمَ كَذَا) كَانَ الْمَقْرُوضُ لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 46 1) وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ: أَقْرِضْنِي لِفُلَانٍ الْمُرْسِلِ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ مَا اسْتَقْرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ، أَمَّا الرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَجَائِزَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي كَذَا دِينَارًا قَرْضًا لِلْمُرْسَلِ فُلَانٍ فَأَدَّاهُ فَيَكُونُ الْقَرْضُ لِلْمُرْسَلِ وَلَيْسَ لِلرَّسُولِ، فَعَلَيْهِ: يَجِبُ عَلَى آخِذِ الْقَرْضِ هَذَا أَنْ يُؤَدِّيَهُ لِمُرْسَلِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَوْقِيفُهُ لِحِسَابِهِ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - تَأْجِيلُ الْقَرْضِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ عَقَدَ الْقَرْضَ مُؤَجَّلًا أَوْ أَجَّلَ بَعْدَ الْقَرْضِ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّأْجِيلُ قَبْلَ اسْتِهْلَاكِ الْقَرْضِ أَوْ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِهِ، وَيَكُونُ الْقَرْضُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُعَجَّلًا، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَبْلَغِ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ ذِمَّتِهِ لِآخَرَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ لِمُدَّةِ كَذَا فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَالْأَجَلُ بَاطِلٌ. أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَيَصِحُّ الْأَجَلُ وَيَكُونُ لَازِمًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) .

أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ فَيَلْزَمُ تَأْجِيلُ الْقَرْضِ: 1 - التَّأْجِيلُ لِلْقَرْضِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ لَازِمٌ، وَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَى فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا قَرْضًا مُؤَجَّلًا لِمُدَّةِ كَذَا كَانَ هَذَا التَّأْجِيلُ لَازِمًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 5) 2 - يَلْزَمُ تَأْجِيلُ الْمُحَالِ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا فَحَوَّلَ الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ بِالْمَبْلَغِ الْمَقْرُوضِ عَلَى آخَرَ وَقَبِلَ الْمُقْرِضُ الْحَوَالَةَ فَإِذَا أَجَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُقْرِضُ الْقَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَزِمَ الْأَجَلُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) . 3 - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنَ آخَرَ النَّاشِئَ عَنْ الْقَرْضِ مُؤَجَّلًا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ. الْمَبْحَثُ الْحَادِيَ عَشَرَ (فِي حَقِّ الِادِّعَاءِ بِأَنَّ النُّقُودَ الْمُقْتَرَضَةَ مُزَيَّفَةٌ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّلَاثُونَ - إذَا أَحْصَى أَحَدٌ النُّقُودَ أَثْنَاءَ أَخْذِ الدَّائِنِ دَيْنَهُ ثُمَّ وَجَدَ الدَّائِنُ بَعْضَ تِلْكَ النُّقُودِ مُزَيَّفَةً فَلَا يَلْزَمُ مُحْصِيَ النُّقُودِ ضَمَانٌ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْمَدِينُ أَنَّ النُّقُودَ الْمُزَيَّفَةَ هِيَ نُقُودُهُ فَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ مُنْكِرٌ لِلْأَخْذِ مِنْ غَيْرِهِ، أَمَّا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ بِجِيَادَةِ مَا اسْتَلَمَهُ أَوْ سَلَامَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَدِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (47 16) مَا لَمْ يُقِرَّ الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى نُقُودًا مُزَيَّفَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (653 1) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ رِيَالًا فِضِّيَّةً وَأَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِهَا وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ مُزَيَّفَةً وَأَنْكَرَ الْمُقْرِضُ زَيْفَهَا فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ ادِّعَاؤُهُ بِأَنَّ الرِّيَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ مُزَيَّفَةٌ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ بِالْقَرْضِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُقِرِّ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ ادِّعَاؤُهُ الزَّيْفَ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ بِالْقَرْضِ أَيْ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُسْتَقْرِضُ بِادِّعَائِهِ الزَّيْفَ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي أَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْقَرْضِ) . الْمَبْحَثُ الثَّانِيَ عَشَرَ (فِي حَقِّ الْمُعَامَلَةِ، أَيْ فِي حَقِّ الْإِقْرَاضِ بِالرِّبْحِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ - كُلُّ قَرْضٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهُوَ حَرَامٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فَدَفَعَ أَجْوَدَ فَلَا بَأْسَ (الطَّحْطَاوِيُّ) ، وَعَلَيْهِ: فَسُكْنَى الْمُرْتَهِنِ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى قَوْلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارِ)

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ - يُوجَدُ طَرِيقَانِ لِجَوَازِ الْإِقْرَاضِ بِالرِّبْحِ: 1 - يَبِيعُ الْمُقْرِضُ بِالْوَسَاطَةِ لِلْمُسْتَقْرِضِ مَالًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَيُسَلِّمُهُ ثُمَّ يَبِيعُ الْمُسْتَقْرِضُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمَالَ مُعَجَّلًا وَيُسَلِّمُهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ بِأَقَلَّ مِنْ الْبَدَلِ الَّذِي بَاعَ بِهِ وَكَانَتْ الْفَضْلَةُ فِي الثَّمَنِ رِبْحًا. مَثَلًا إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَخْذَ مِائَةِ دِينَارٍ مِنْ آخَرَ بِرِبْحٍ فَيَبِيعُهُ مَالًا مُعَيَّنًا بِمِائَةٍ وَتِسْعَةِ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ وَيُسَلِّمُهُ لَهُ ثُمَّ يَبِيعُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى آخَرَ ثُمَّ يَبِيعُ الْآخَرُ ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْأَوَّلِ أَيْ الْمُقْرِضِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَيَأْخُذُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي الْمُعَامَلَةِ) . 2 - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ وَأَرَادَ إلْزَامَ الْمَدِينِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ رِبْحًا لِلْمِائَةِ الدِّينَارِ فَيَبِيعُهُ أَحَدَ كُتُبِهِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةً إلَى سَنَةٍ بَيْعًا صَحِيحًا وَيُسَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَيُوهِبُ الْمَدِينُ الْكِتَابَ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَيُسَلِّمُهُ لَهُ وَيُوهِبُ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْكِتَابَ لِلدَّائِنِ وَيُسَلِّمُهُ لَهُ فَيَكُونُ لِلدَّائِنِ حَقٌّ عِنْدَ انْتِهَاءِ السَّنَةِ فِي أَخْذِ التِّسْعَةِ الدَّنَانِيرِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ الِامْتِنَاعُ عَنْ دَفْعِهَا بِقَوْلِهِ: قَدْ عَادَ الْكِتَابُ إلَيْكَ فَلَا أُلْزَمُ بِثَمَنِهِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا أَلْزَمَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِرِبْحٍ مُؤَجَّلٍ لِسَنَةٍ مَثَلًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ قَبْلَ خِتَامِ السَّنَةِ بِالرِّبْحِ الْمَذْكُورِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي الْمُدَايَنَاتِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا أَدَّى الْمَدِينُ دَيْنَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ تُوُفِّيَ الْمَدِينُ وَحَلَّ الدَّيْنُ وَاسْتَوْفَى الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِلدَّائِنِ أَخْذُ رِبْحِ الْأَيَّامِ الَّتِي مَرَّتْ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِائَةَ رِيَالٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا رِبْحًا بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ تِسْعَةَ رِيَالَاتٍ فِي السَّنَةِ فَأَدَّى دَيْنَهُ فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ السَّادِسِ أَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَقْرِضُ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَأْخُذُ الْمُقْرِضُ أَرْبَعَةَ رِيَالَاتٍ وَنِصْفَ رِيَالٍ رِبْحًا فَقَطْ وَلَا يَأْخُذُ الْبَاقِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ قَبْلَ فَصْلٍ فِي الْقَرْضِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ - يُلْزَمُ الْمَدِينُ بِالرِّبْحِ بِالنِّسْبَةِ الْمِئَوِيَّةِ الَّتِي أَذِنَ بِهَا السُّلْطَانُ وَلَا يُلْزَمُ بِأَزْيَدَ مِنْهَا فَإِذَا أُلْزِمَ وَنَظَرَتْ الْمَحْكَمَةُ فِي الْأَمْرِ فَلَا يُحْكَمُ بِالزِّيَادَةِ وَالرِّبْحِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فِي زَمَانِنَا هُوَ تِسْعَةٌ فِي الْمِائَةِ. الْمَبْحَثُ الثَّالِثَ عَشَرَ (فِي حَقِّ قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تَتَعَلَّقُ حُقُوقٌ أَرْبَعَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَهِيَ: 1 - تَجْهِيزُ وَتَكْفِينُ الْمَيِّتِ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تُعْتَبَرُ مِنْ أَمْوَالِهِ. 2 - تُؤَدَّى جَمِيعُ دُيُونِهِ مِنْ أَمْوَالِهِ الْبَاقِيَةِ. 3 - تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ أَمْوَالِهِ وَتُوَفَّى.

تُقَسَّمُ جَمِيعُ أَمْوَالِهِ الْبَاقِيَةِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى تَكْفِي لِوَفَاءِ جَمِيعِ دُيُونِهِ فَتُوَفَّى جَمِيعُهَا وَإِذَا كَانَتْ لَا تُوفِي فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الدَّائِنُ وَاحِدًا فَيُعْطَى لَهُ كُلُّ بَاقِي التَّرِكَةِ وَإِذَا كَانَ الدَّائِنُ مُتَعَدِّدًا فَتُقَسَّمُ بَيْنَ الدَّائِنِينَ (تَقْسِيمَ الْغُرَمَاءِ) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفَرَائِضِ فِي بَابِ الْمَخَارِجِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَلَا يُجْبَرُ وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ مِنْ مَالِهِمْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ - لَا يُرَجَّحُ دَيْنُ الْوَقْفِ عَلَى الدُّيُونِ الْأُخْرَى فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى الْمَدِينِ لِلْوَقْفِ وَلِسَائِرِ النَّاسِ مُسْتَغْرِقَةً بِالدَّيْنِ فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَقْفِ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ كَالدُّيُونِ الْأُخْرَى (الْفَيْضِيَّةُ فِي التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرِقَةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - قِسْمَةُ الْغُرَمَاءِ هِيَ إعْطَاءُ حِصَّةٍ لِكُلِّ دَائِنٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَدِينِ بِنِسْبَةِ دَيْنِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُضْرَبَ دَيْنُ كُلِّ غَرِيمٍ فِي مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَكُونُ خَارِجُ الْقِسْمَةِ حِصَّةَ ذَلِكَ الْغَرِيمِ مِنْ التَّرِكَةِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ مَجْمُوعُ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَكَانَ الْمُتَوَفَّى مَدِينًا لِزَيْدٍ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَلِعَمْرٍو بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ التَّرِكَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَيُضْرَبُ دَيْنُ زَيْدٍ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ فِي الدَّنَانِيرِ التِّسْعَةِ مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَيُقْسَمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ وَهُوَ تِسْعُونَ دِينَارًا عَلَى مَجْمُوعِ الدُّيُونِ أَيْ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَيَكُونُ خَارِجُ الْقِسْمَةِ سِتَّةَ دَنَانِيرَ حِصَّةَ زَيْدٍ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا ضُرِبَ دَيْنُ عَمْرٍو الدَّنَانِيرُ الْخَمْسَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَقُسِمَتْ فَيَكُونُ خَارِجُ الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ حِصَّةَ عَمْرٍو مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ. كَذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ مَجْمُوعَ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَعُمِلَتْ الْعَمَلِيَّةُ الْحِسَابِيَّةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَتَكُونُ حِصَّةُ زَيْدٍ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ وَثُلُثَيْ دِينَارٍ وَحِصَّةُ عَمْرٍو أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَثُلُثَ دِينَارٍ (الطَّحْطَاوِيُّ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ فِي بَابِ الْمَخْرَجِ) . الْمَسْأَلَةُ الْأَرْبَعُونَ - إذَا ظَهَرَ لِلْمُتَوَفَّى مَالٌ آخَرُ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ الْمَوْجُودَةِ غَرَامَةً يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ يَفِي بِالدُّيُونِ الْبَاقِيَةِ فَتُؤَدَّى وَإِذَا لَمْ يَفِ يُقَسَّمُ غَرَامَةً كَالْأُصُولِ السَّابِقَةِ. (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ - إذَا ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ بَعْدَ تَقْسِيمِ كَافَّةِ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمَوْجُودِينَ غَرَامَةً فَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ الْأَخِيرُ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَبَضُوا التَّرِكَةَ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ.

باب في بيان القسمة ويشتمل على تسعة فصول

[بَابٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ] ٍ دَلِيلُ مَشْرُوعِيَّةِ الْقِسْمَةِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإجْمَاعُ الْأُمَّةِ. الْكِتَابُ: الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ الْوَارِدَةُ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: 28] مَقْسُومٌ لَهَا يَوْمٌ وَلَهُمْ يَوْمٌ، وَبَيْنَهُمْ لِتَغَلُّبِ الْعُقَلَاءِ {كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} [القمر: 28] يَحْضُرُهُ صَاحِبُهُ فِي نَوْبَتِهِ (تَفْسِيرُ أَبِي السُّعُودِ) . وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: 8] ، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ مَعْلُومِيَّةَ مِقْدَارِ الْخُمْسِ إنَّمَا تَكُونُ بِتَفْرِيقِهَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ. السُّنَّةُ: هِيَ قَوْلُ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ: «أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» . وَمُبَاشَرَتُهُ الْقِسْمَةَ فِي الْغَنَائِمِ وَالْمَوَارِيثِ وَقَدْ قَسَّمَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ الْغَنَائِمَ عَلَى الْغَانِمِينَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ. وَقَدْ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْقِسْمَةِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطُّورِيُّ) . [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْقِسْمَةِ وَتَقْسِيمِهَا] يُتَحَرَّى فِي الْقِسْمَةِ ثَمَانِيَةُ أَشْيَاءَ: تَعْرِيفُهَا وَرُكْنُهَا وَشَرْطُهَا وَحُكْمُهَا وَسَبَبُهَا وَمَحَاسِنُهَا وَصِفَتُهَا وَتَقْسِيمُهَا. (تَعْرِيفُ الْقِسْمَةِ) قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. رُكْنُهَا هُوَ الْفِعْلُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ إفْرَازٌ وَتَمْيِيزٌ بَيْنَ الْأَنْصِبَاءِ كَالْكَيْلِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِ فِي الْوَزْنِيِّ وَالْعَدِّ فِي الْعَدَدِيِّ وَالذَّرْعِ فِي الذَّرْعِيِّ (الزَّيْلَعِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1047 و 1048) . شَرْطُهَا عَدَمُ فَوْتِ مَنْفَعَةِ الْمَالِ الْمَقْسُومِ بِالْقِسْمَةِ وَعَدَمُ تَبَدُّلِهِ، فَإِذَا فَاتَتْ مَنْفَعَتُهُ أَوْ تَبَدَّلَ الْمَالُ فَهُوَ غَيْرُ قَابِلِ الْقِسْمَةِ كَالْبِئْرِ وَالرَّحَى وَالْحَمَّامِ (الزَّيْلَعِيُّ وَالْكِفَايَةُ وَالطُّورِيُّ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1130) حَيْثُ إنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إفْرَازٍ لِلْمِلْكِ وَالْمَنْفَعَةِ الثَّابِتَةِ لِلشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْرَازُ الْمَذْكُورُ إذَا بَقِيَ الْمُفْرَزُ عَلَى حَالِهِ الْأَصْلِيِّ مَعَ مَنَافِعِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْإِفْرَازِ. أَمَّا إذَا تَبَدَّلَتْ فَيَخْرُجُ التَّقْسِيمُ الْمَذْكُورُ عَنْ كَوْنِهِ إفْرَازًا وَيُصْبِحُ تَبْدِيلًا وَعَلَى هَذَا يَرِدُ سُؤَالٌ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1140) غَيْرَ قَابِلِ الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّهُ يُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّبَدُّلِ هُوَ التَّبَدُّلُ فِي جَمِيعِ الْمُتَقَاسَمِ فِيهِ وَلَيْسَ التَّبَدُّلُ فِي أَحَدِهِ (أَبُو السُّعُودِ) .

غَيْرَ قَابِلِ الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّهُ يُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ التَّبَدُّلِ هُوَ التَّبَدُّلُ فِي جَمِيعِ الْمُتَقَاسَمِ فِيهِ وَلَيْسَ التَّبَدُّلُ فِي أَحَدِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . حُكْمُهَا هُوَ تَعْيِينُ حِصَّةِ كُلِّ شَرِيكٍ مِلْكًا وَانْتِفَاعًا عَلَى حِدَةٍ، وَعِبَارَةٌ عَنْ امْتِيَازِهَا عَنْ نَصِيبِ الْآخَرِ، لِأَنَّ الْأَثَرَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الْقِسْمَةِ هُوَ ذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالطُّورِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1162) . سَبَبُهَا هُوَ طَلَبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ حَيْثُ إنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَتَصَرَّفُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ فَضْلًا عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي حِصَّتِهِ، فَالشَّرِيكُ الَّذِي يَطْلُبُ الْقِسْمَةَ يَكُونُ طَالِبًا تَخْصِيصَ الِانْتِفَاعِ بِحِصَّتِهِ بِنَفْسِهِ وَحَصْرَهَا فِيهِ وَمَنْعَ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ هَذَا الطَّلَبَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشَّرِيكُ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1129) . مَحَاسِنُهَا بِمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ لِأَحَدِ الشَّرِيكِ سُوءُ خُلُقٍ مِنْ الْآخَرِ فَلِلْخَلَاصِ مِنْ ذَلِكَ يَرْكَنُ إلَى الِاقْتِسَامِ. صِفَتُهَا وُجُوبُ التَّقْسِيمِ عَلَى الْقَاضِي إذَا طَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إجْبَارُ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ التَّقْسِيمِ عَلَى الْقِسْمَةِ (الطُّورِيُّ) . تَقْسِيمُهَا تُقَسَّمُ إلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَذَلِكَ: أَوَّلًا - تَكُونُ الْقِسْمَةُ إمَّا صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ إذْ إنَّ الْقِسْمَةَ بِشُرُوطٍ فَاسِدَةٍ بَاطِلَةٌ حَتَّى أَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ جَزَمَتْ الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَشْبَاهُ بِهَذَا الْقَوْلِ (أَبُو السُّعُودِ) . (1) ثَانِيًا - الْقِسْمَةُ إمَّا قِسْمَةٌ فِي الْأَعْيَانِ وَتُعْرَفُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَيُبْحَثُ عَنْهَا حَتَّى الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَإِمَّا قِسْمَةٌ فِي الْمَنَافِعِ وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ مُبَادَلَتِهَا بِجِنْسِ الْمَنَافِعِ أَيْ عِبَارَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ الشَّائِعَةِ فِي الْأَعْيَانِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَيُبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ الَّذِي سَيَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1174) . (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . ثَالِثًا - الْقِسْمَةُ إمَّا قِسْمَةُ جَمْعٍ أَوْ قِسْمَةُ تَفْرِيقٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1115) . رَابِعًا - الْقِسْمَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1116) . خَامِسًا - الْقِسْمَةُ إمَّا قِسْمَةُ رِضَاءٍ أَوْ قِسْمَةُ قَضَاءٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1120) . سَادِسًا - الْقِسْمَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ نَافِذَةً أَوْ مَوْقُوفَةً، وَالْقِسْمَةُ النَّافِذَةُ تَحْصُلُ بِتَقْسِيمِ الشُّرَكَاءِ أَوْ نَائِبِهِمْ، وَالْقِسْمَةُ الْمَوْقُوفَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْفُضُولِيِّ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1125 و 1126)

المادة (1115) القسمة تكون على وجهين

الْمَادَّةُ (1114) - (الْقِسْمَةُ هِيَ تَعْيِينُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ، يَعْنِي إفْرَازُ وَتَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِمِقْيَاسٍ مَا كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذِّرَاعِ) الْقِسْمَةُ هِيَ تَعْيِينُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ بَيْنَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فِي حِصَّةٍ وَفِي مَكَان وَجَمْعُهَا وَتَمْيِيزُهَا وَذَلِكَ أَنَّ حِصَّةَ كُلِّ شَرِيكٍ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ شَائِعَةٌ أَيْ سَارِيَةٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ وَبِإِجْرَاءِ الْقِسْمَةِ تُصْبِحُ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُعَيَّنَةً فِي مَكَان، وَقَدْ كَانَ نِصْفُ هَذِهِ الْحِصَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الْمُقَرَّرَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِشَرِيكٍ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَلِذَلِكَ فَالشَّرِيكُ الَّذِي تُصِيبُهُ تِلْكَ الْحِصَّةُ يَمْلِكُ نِصْفَهَا بِاعْتِبَارِهَا مِلْكَهُ وَعَيْنَ حَقِّهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَحْصُلُ فِي الْقِسْمَةِ إفْرَازٌ، وَبِمَا أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مِلْكُ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ شَرِيكِهِ عِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَ شَرِيكِهِ وَبِذَلِكَ قَدْ حَصَلَتْ مُبَادَلَةٌ بَيْنَهُمَا (الطُّورِيُّ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ) . يَعْنِي إفْرَازَ وَتَمْيِيزَ الْحِصَصِ السَّارِيَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ بِمِقْيَاسٍ مَا: كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَالزَّرْعِ فِي الْمَزْرُوعَاتِ وَالْعَدَدِ فِي الْمَعْدُودَاتِ وَجَمْعَهَا فِي مَكَان وَاحِدٍ. وَالْكَيْلُ بِوَزْنِ السَّيْلِ هُوَ مَصْدَرٌ لِفِعْلِ كَالَ وَلِهَذَا الْفِعْلِ مَصْدَرٌ آخَرُ وَهُوَ مَكِيلٌ وَيُطْلَقُ الْكَيْلُ أَيْضًا عَلَى الْمِكْيَالِ وَالْوَزْنُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ تُطْلَقُ عَلَى فِعْلِ الْوَزْنِ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الْمَوْزُونِ. وَالذِّرَاعُ بِوَزْنِ الْكِتَابِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى مَبْدَأِ مِرْفَقِ الْإِنْسَانِ إلَى مُنْتَهَى الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى فَالْمِقْدَارُ الْمُسَاوِي لِذَلِكَ سُمِّيَ ذِرَاعًا وَيُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ (كز) وَفِي التُّرْكِيَّةِ (أرشون) وَالْمِقْيَاسُ بِكَسْرِ الْمِيمِ هُوَ بِمَعْنَى الْآلَةِ الَّتِي يُقَاسُ بِهَا. وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَإِنْ كَانَا يَجِيئَانِ بِمَعْنَى اسْمِ الْآلَةِ وَالْمَصْدَرِ إلَّا أَنَّ الذِّرَاعَ يَجِيءُ بِمَعْنَى اسْمِ الْآلَةِ وَبِمَا أَنَّ الْمِقْيَاسَ هُوَ بِمَعْنَى الْآلَةِ فَلَفْظُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ لَمْ يَكُونَا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ بَلْ هُمَا مُسْتَعْمَلَانِ بِمَعْنَى اسْمِ الْآلَةِ. قَدْ عُرِّفَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْمَادَّةِ (1046) بِالتَّقْسِيمِ أَمَّا هُنَا فَقَدْ عُرِّفَتْ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ يَجِبُ مَعْرِفَةُ سَبَبِ التَّعْرِيفِ مَرَّتَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ التَّعْرِيفَ الْأَوَّلُ مُجْمَلٌ وَأَمَّا هَذَا التَّعْرِيفُ فَمُفَصَّلٌ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ ذَلِكَ تَفْصِيلًا بَعْدَ إجْمَالٍ. [الْمَادَّةُ (1115) الْقِسْمَةُ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ] الْمَادَّةُ (1115) - (الْقِسْمَةُ تَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ تُقَسَّمَ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ أَيْ الْأَشْيَاءُ الْمُتَعَدِّدَةُ الْمُشْتَرَكَةُ إلَى أَقْسَامٍ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ جُمِعَتْ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقَسْمِ كَتَقْسِيمِ ثَلَاثِينَ شَاةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ثَلَاثَةٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ كُلُّ قِسْمَةٍ عَشْرُ شِيَاهٍ وَيُقَالُ لَهَا: قِسْمَةُ جَمْعٍ. وَإِمَّا أَنْ تُقَسَّمُ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ فَتُعَيَّنُ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهُ كَتَقْسِيمِ عَرْصَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ وَيُقَالُ: قِسْمَةُ تَفْرِيقٍ وَقِسْمَةُ فَرْدٍ) . تَحْصُلُ الْقِسْمَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَتَقْسِيمُ الْقِسْمَةِ هَذَا التَّقْسِيمَ بِاعْتِبَارِهَا مَقْسُومًا، وَوَجْهُ الِانْحِصَارِ

المادة (1116) القسمة من جهة إفراز ومن جهة مبادلة

هُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً فَإِذَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا فَالْقِسْمَةُ فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ فَرْدٍ وَإِذَا كَانَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً فَالْقِسْمَةُ فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ جَمْعٍ وَذَلِكَ: إمَّا أَنْ تُقَسِّمَ الْأَعْيَانَ الْمُشْتَرَكَةَ أَيْ الْأَشْيَاءَ الْمُتَعَدِّدَةَ الْمُشْتَرَكَةَ إلَى أَقْسَامٍ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ جَمَعْتَ الْحِصَصَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْمَقْسُومِ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ مِنْ الْقَسْمِ. وَالْجَمْعُ لُغَةً: هُوَ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ وَيَحْصُلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ. كَتَقْسِيمِ ثَلَاثِينَ شَاةً مُشْتَرَكَةً أَثْلَاثًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ كُلُّ قِسْمَةٍ عَشْرُ شِيَاهٍ وَقَدْ كَانَ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي الثَّلَاثِينَ شَاةٍ ثُلُثٌ شَائِعٌ مِنْهَا وَقَدْ جُمِعَتْ هَذِهِ الْحِصَصُ فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا أَيْ فِي عَشَرَةٍ مِنْهَا وَأَصْبَحَتْ الْعَشَرَةُ مِلْكًا مُسْتَقِلًّا لِهَذَا الشَّرِيكِ وَقَدْ اجْتَمَعَتْ حِصَصُهُ فِي الشِّيَاهِ الْأُخْرَى فِي هَذِهِ الشِّيَاهِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ عَلَاقَةُ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ مِنْ هَذِهِ الْعَشْرِ الشِّيَاهِ. وَقَيْدُ (عَشْرِ شِيَاهٍ) لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا ثَمَانِي شِيَاهٍ وَالْآخَرُ تِسْعَ شِيَاهٍ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ شَاةٍ إذْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ الشِّيَاهِ وَلَيْسَ عَدَدُهَا. وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقِسْمَةُ أَيْ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ قِسْمَةَ جَمْعٍ. وَالتَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ سَتَجِيءُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ الَّذِي سَيَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1132) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَعْرِيفَ قِسْمَةِ الْجَمْعِ هُوَ تَقْسِيمُ الْأَعْيَانِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَى أَقْسَامٍ وَجَمْعُ الْحِصَصِ الشَّائِعَةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا. وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ أَنْ تُقَسَّمَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ فَتَتَعَيَّنُ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا كَتَقْسِيمِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ، فَلِذَلِكَ إذَا قُسِّمَتْ عَرْصَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالِاشْتِرَاكِ إلَى قِسْمَيْنِ فَقَدْ كَانَتْ حِصَّةُ زَيْدٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ شَائِعَةً فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا أَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ فِي قِسْمٍ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَاقَةٌ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ حِصَّةَ عَمْرٍو قَدْ كَانَتْ شَائِعَةً فِي كُلِّ قِسْمَةٍ وَقَدْ تَعَيَّنَتْ بِالْقِسْمَةِ فِي قِسْمٍ وَانْقَطَعَتْ عَلَاقَتُهُ مِنْ حِصَّةِ زَيْدٍ. وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقِسْمَةُ أَيْ تَقْسِيمُ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَى حِصَصٍ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَقِسْمَةَ فَرْدٍ، وَسَيَأْتِي التَّفْصِيلُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1139) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَعْرِيفَ قِسْمَةِ الْفَرْدِ هُوَ تَعْيِينُ الْحِصَصِ الشَّائِعَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ أَقْسَامِهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ لَا تَحْتَوِي عَلَى حُكْمٍ بَلْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْقِسْمَةِ وَتَعْرِيفِ الْأَقْسَامِ. [الْمَادَّةُ (1116) الْقِسْمَةُ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ] مَثَلًا إذَا كَانَتْ كَيْلَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا، فَإِذَا قُسِمَتْ جَمِيعُهَا إلَى قِسْمَيْنِ مِنْ قَبِيلِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَأُعْطِيَ أَحَدُ أَقْسَامِهَا إلَى وَاحِدٍ وَالثَّانِي إلَى الْآخَرِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ

شَرِيكَهُ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ حِصَّةٍ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَإِذَا قُسِمَتْ قِسْمَيْنِ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْمَةً يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ شَرِيكَهُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ) . الْقِسْمَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ أَيْ تَمْيِيزٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ أَيْ أَخْذِ عِوَضٍ، أَيْ أَنَّ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَهِيَ إفْرَازٌ بِأَحَدِ مَعْنَيَيْهَا أَيْ أَخْذُ عَيْنِ الْحَقِّ وَمُبَادَلَةٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ مُبَادَلَةُ حِصَّةِ شَرِيكٍ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَأَخْذُ عِوَضِ حَقِّهِ، مَثَلًا إذَا كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَوِيًا عَلَى حِصَّتَيْنِ فَإِذَا قُسِمَ إلَى حِصَّتَيْنِ فَنِصْفُ كُلِّ حِصَّةٍ هُوَ مِلْكٌ فِي الْأَصْلِ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ وَلَمْ تُسْتَفَدْ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ مِلْكُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَحَصَلَتْ بَدَلًا وَعِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ الَّتِي تُرِكَتْ لِشَرِيكِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي. وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ أَخْذِ الْمَالِكِ لِحِصَّتِهِ الْمَمْلُوكَةِ هِيَ إفْرَازٌ وَبِاعْتِبَارِ أَخْذِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ الَّتِي تَرَكَهَا لِلشَّرِيكِ مُبَادَلَةٌ وَالْمُبَادَلَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) . وَالْإِفْرَازُ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا بَقِيَ الْمُفْرَزُ مَعَ مَنَافِعِهِ عَلَى الْحَالِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْإِفْرَازِ، وَذَلِكَ إذَا قُسِمَتْ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ إلَى قِسْمَيْنِ وَكَانَ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا صَالِحًا لَأَنْ يُتَّخَذَ دَارًا وَمَسْكَنًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ. أَمَّا إذَا تَبَدَّلَ بِالْقِسْمَةِ الْأَصْلُ وَالْمَنَافِعُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ بَلْ يَكُونُ تَبْدِيلًا، فَلِذَلِكَ قَدْ اُعْتُبِرَ الْحَائِطُ وَالْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَأَمْثَالُهَا غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ فِي تَقْسِيمِهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُسِمَ الْحَمَّامُ إلَى قِسْمَيْنِ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ حَمَّامًا وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِفَادَةُ مِنْ مَنَافِعِهِ الَّتِي هِيَ الِاسْتِحْمَامُ بَلْ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ إصْطَبْلًا مَثَلًا (الدُّرَرُ) . وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (مُبَادَلَةً) وَعَدَمُ قَوْلِهِ: بَيْعًا، هُوَ لِكَيْ يَشْمَلَ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1178) ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ وَضَّحْتُ كَيْفِيَّةَ تَحَقُّقِ جِهَةِ الْإِفْرَازِ فِي الْقِسْمَةِ وَكَيْفِيَّةَ حُصُولِ الْمُبَادَلَةِ بِمِثَالَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْمِثْلِيَّاتِ وَالْآخَرُ بِالْقِيَمِيَّاتِ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ كَيْلَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً بِغَيْرِ صُورَةِ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1088) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ نِصْفُ كُلِّ حَبَّةٍ لِأَحَدِهِمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْآخَرِ فَإِذَا قُسِمَتْ جَمِيعُهَا إلَى قِسْمَيْنِ أَيْ قُسِمَتْ تِلْكَ الْكَيْلَةُ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ قَبِيلِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ أَيْ إلَى نِصْفَيْ كَيْلَةٍ وَأُعْطِيَ أَحَدُ قِسْمَيْهَا إلَى أَحَدِهِمَا وَالْقِسْمُ الْآخَرُ لِلْآخَرِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَفْرَزَ رُبْعَ الْحِصَّةِ بِنِسْبَةِ مَجْمُوعِ الْمَالِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ، يَكُونُ قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُهُ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا غَيْرُ مَأْخُوذَةٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَيَكُونُ قَدْ بَادَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ أَيْ بِالرُّبْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجْمُوعِ الْمَالِ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ الْبَاقِي

المادة (1117) جهة الإفراز في المثليات

أَيْ الْمَمْلُوكِ لَهُ فَإِذَا أَخَذَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْبَعْضَ بَدَلًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ فِي حُكْمِ عَيْنِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِسَبَبِ وُجُودِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ وَالْمَأْخُوذِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا شَائِعًا، فَإِذَا قُسِمَتْ قِسْمَيْنِ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَأُعْطِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِسْمَهُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ بَادَلَ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ أَيْ بِرُبْعِ مَجْمُوعِ الْعَرْصَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُمَا بِنِصْفِ حِصَّةِ الْآخَرِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا جُعِلَتْ عِوَضًا عَنْ الْحِصَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ وَمُبَادَلَةً بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ تُوجَدُ جِهَةُ الْإِفْرَازِ وَجِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْمَقْسُومِ الْقِيَمِيِّ وَالْمَقْسُومِ الْمِثْلِيِّ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَكُونُ جِهَةُ الْإِفْرَازِ رَاجِحَةً فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ كَالْمِثْلِيَّاتِ وَجِهَةُ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً فِي بَعْضِ الْأَمْوَالِ كَالْقِيَمِيَّاتِ. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْجِهَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [الْمَادَّةُ (1117) جِهَةُ الْإِفْرَازِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ] الْمَادَّةُ (1117) - (جِهَةُ الْإِفْرَازِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ رَاجِحَةٌ. فَلِذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ دُونَ إذْنٍ، لَكِنْ لَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ حِصَّةُ الْغَائِبِ إلَيْهِ، وَإِذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْغَائِبِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ تَكُونُ الْحِصَّةُ الَّتِي قَبَضَهَا شَرِيكُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا) . جِهَةُ الْإِفْرَازِ أَيْ التَّمْيِيزِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَيْ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ غَالِبَةٌ وَرَاجِحَةٌ حَيْثُ عِنْدَ التَّقْسِيمِ يَكُونُ نِصْفُ كُلِّ حِصَّةٍ أَخَذَهَا كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ هِيَ عَيْنُ حَقِّهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَكُونُ الشَّرِيكُ قَدْ أَخَذَ عَيْنَ حَقِّهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ عَيْنَ الْإِفْرَازِ، وَيَكُونُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُبَادَلَةً. وَإِنْ يَكُنْ أَنْ هَذَا الْبَدَلَ لَيْسَ عَيْنَ الْمُبْدَلِ إلَّا أَنَّهُ مِثْلُهُ وَبِمَا أَنَّ هَذَا الْبَدَلَ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ حَقِّ صَاحِبِ تِلْكَ الْحِصَّةِ فَلَا يَكُونُ لِهَذَا الِاعْتِبَارِ آخِذًا عَيْنَ حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا تَفَاوُتٌ فِي مِثْلِ حَقِّهِ وَبَعْضِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ عَيْنَ حِصَّتِهِ صُورَةً، أَيْ يَكُونُ أَخَذَ نِصْفَ تِلْكَ الْحِصَّةِ حَقِيقَةً مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ وَأَخَذَ النِّصْفَ الْآخَرَ صُورَةً مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ جِهَةُ الْإِفْرَازِ فِيهِ غَالِبَةً وَرَاجِحَةً (الدُّرَرُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . قِيلَ: (جِهَةُ الْإِفْرَازِ رَاجِحَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَالِيًا عَنْ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ حَيْثُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1116) أَنَّ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ بِالْقِسْمَةِ هِيَ مَالُهُ أَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ كَانَ مَالَ شَرِيكِهِ فَاُتُّخِذَ عِوَضًا وَبَدَلًا عَنْ الْحِصَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ. الْخُلَاصَةُ: أَنَّهُ إذَا أُفْرِزَتْ الْمِثْلِيَّاتُ فَيَكُونُ قِسْمٌ مِنْ الْحِصَّةِ الْمُفْرَزَةِ عَيْنَ حَقِّ الْآخِذِ وَأَمَّا الْقِسْمُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهُ مِثْلُ الْحَقِّ صُورَةً وَمَعْنًى. وَقَدْ فُرِّعَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ عَلَى جِهَةِ رُجْحَانِ الْإِفْرَازِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - هِيَ جَوَازُ أَخْذِ الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي غَيْبَةِ الشَّرِيكِ وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:

المادة (1118) جهة المبادلة في القيميات

لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ دُونَ إذْنٍ أَيْ بِدُونِ رِضَاءٍ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمِثْلِيَّاتُ تَحْتَ وَضْعِ يَدِ الشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَخْذَ هُوَ أَخْذٌ لِعَيْنِ حَقِّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ وَرِضَاءِ الْآخَرِ (الْعَيْنِيُّ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تَخْلُو عَنْ الْمُبَادَلَةِ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1114) إلَّا أَنَّهَا بِاعْتِبَارِهَا مُبَادَلَةً أَيْضًا فَالْمِقْدَارُ الَّذِي وَصَلَ إلَى يَدِ الشَّرِيكِ الْآخِذِ هُوَ مِثْلُ حَقِّهِ وَلَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ فَجُعِلَ كَوُصُولِ عَيْنِ الْحَقِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1128) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّقْسِيمُ فِي غَيْبَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّقْسِيمَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تِلْكَ الْمَادَّةِ. قَدْ ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ أَخْذَ الْحِصَّةِ فِي غِيَابِ الشَّرِيكِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمِثْلِيُّ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ قَبْضِ الشَّرِيكَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ قَبْضِهِمَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَخْذُ قَدْرِ حِصَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . إلَّا أَنَّ تَمَامَ هَذِهِ الْقِسْمَةِ مَشْرُوطٌ بِتَسْلِيمِ حِصَّةِ الْغَائِبِ وَلَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْغَائِبِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَكُونُ خَسَارُ التَّالِفِ عَائِدًا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ وَتَكُونُ الْحِصَّةُ الَّتِي قَبَضَهَا الشَّرِيكُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ جِهَةُ مُبَادَلَةٍ، وَيَلْزَمُ فِي الْمُبَادَلَةِ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ رِضَاءٌ سَابِقٌ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ مِنْهُ رِضَاءٌ لَاحِقٌ بِصُورَةِ أَخْذِ حِصَّتِهِ، فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْغَائِبِ لَزِمَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحِصَّةِ الْبَاقِيَةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ وَأَخَذَ الْبَالِغُ حِصَّتَهُ وَسَلَّمَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ لِلصَّغِيرِ أَيْ لِوَلِيِّهِ فَتَتِمُّ الْقِسْمَةُ، أَمَّا إذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الصَّغِيرِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَتُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَكُونُ خَسَارُ التَّالِفِ عَائِدًا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ كَمَا أَنَّ الْمَوْجُودَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (إذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْغَائِبِ) مِنْ تَلَفِ حِصَّةِ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ حِصَّةُ الْحَاضِرِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ اسْتِلَامِ الْغَائِبِ حِصَّتَهُ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ انْتِقَاضَ الْقِسْمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ بَالِغٍ وَصَغِيرٍ فَلِلْبَالِغِ أَخْذُ حِصَّتِهِ وَإِذَا سُلِّمَتْ حِصَّةُ الصَّغِيرِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِوَلِيِّهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ حَالَ صِغَرِهِ تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ وَإِلَّا فَلَا (أَبُو السُّعُودِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - جَوَازُ مُرَابَحَةِ الْبَيْعِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ مِائَةَ كَيْلَةٍ حِنْطَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً بِمِائَةِ رِيَالٍ ثُمَّ قَسَمَاهَا بَيْنَهُمَا إلَى قِسْمَيْنِ ثُمَّ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ رِيَالًا جَازَ (الْعِنَايَةُ) . [الْمَادَّةُ (1118) جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ] الْمَادَّةُ (1118) - (جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ رَاجِحَةٌ وَالْمُبَادَلَةُ تَكُونُ إمَّا بِالتَّرَاضِي أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ) .

جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ أَيْ فِي الْعَقَارِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ رَاجِحَةٌ عَنْ جِهَةِ الْإِفْرَازِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ فِي أَبْعَاضِ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَا تَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مُعَادَلَةٌ تَامَّةٌ فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ النَّصِيبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ عِنْدَ التَّقْسِيمِ عَيْنَ حَقِّهِ يَقِينًا (الدُّرُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نِصْفُ هَذَا النَّصِيبِ هُوَ عَيْنُ حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ النِّصْفُ الْآخَرُ هُوَ بَدَلٌ لِحَقِّهِ الَّذِي بَقِيَ عِنْدَ شَرِيكِهِ وَهَذَا الْبَدَلُ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْمُبْدَلِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَاَلَّذِي يَأْخُذُ هَذَا النِّصْفُ الْآخَرُ وَلَا يَكُونُ آخِذٌ عَيْنَ حَقِّهِ حَقِيقَةً كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ آخِذٌ مِثْلَهُ (حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ) فَلَا يَكُونُ آخِذًا عَيْنَ حَقِّهِ صُورَةً أَيْضًا. وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الْحِصَّةَ بَدَلًا وَعِوَضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ هَذَا الدَّلِيلُ رُجْحَانَ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ بَلْ يُوجِبُ تَسَاوِي الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ وَذَلِكَ إذَا قُسِمَتْ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو إلَى قِسْمَيْنِ فَأَخَذَ زَيْدٌ الْقِسْمَ الْخَاصَّ بِالضِّيَافَةِ وَأَخَذَ عَمْرٌو الْقِسْمَ الْعَائِدَ لِلسَّكَنِ فَنِصْفُ الْقِسْمِ الَّذِي أَخَذَهُ زَيْدٌ الَّذِي هُوَ دَارُ الضُّيُوفِ هُوَ مِلْكُهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ عَمْرٍو فَالتَّقْسِيمُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ إفْرَازُ صَرْفٍ وَأَخْذٍ لِعَيْنِ الْحَقِّ وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَقَدْ كَانَ مَالًا لِعَمْرٍو فَجُعِلَ بَدَلًا لِلْقِسْمِ الَّذِي أَخَذَهُ عَمْرٌو وَحَصَلَ بِذَلِكَ مُبَادَلَةٌ بَيْنَ حِصَّتِهِ وَحِصَّةِ زَيْدٍ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْرَازٌ مُطْلَقًا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَيْفَ رُجِّحَتْ الْمُبَادَلَةُ عَلَى الْإِفْرَازِ فِي ذَلِكَ؟ ،. كَذَلِكَ إنَّ نِصْفَ دَارِ الضُّيُوفِ الَّذِي أَخَذَهُ عَمْرٌو هُوَ مِلْكُ عَمْرٍو أَصْلًا وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا فَالْقِسْمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إفْرَازُ صَرْفٍ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ وَجُعِلَ عِوَضًا عَنْ الْقِسْمِ الَّذِي تُرِكَ لِعَمْرٍو فَالْقِسْمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُبَادَلَةٌ صِرْفَةٌ فَكَيْفَ رُجِّحَتْ هَذِهِ الْمُبَادَلَةُ عَلَى الْإِفْرَازِ؟ ،. إنَّ جِهَةَ الْإِفْرَازِ ثَابِتَةٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ حَيْثُ إنَّ الْمَأْخُوذَ فِي الْقِسْمِ الْمُعَاوِضِ هُوَ عَيْنُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هُوَ عَيْنُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى أَيْضًا وَأَخْذُ الْمِثْلِ بِيَقِينٍ يُجْعَلُ كَأَخْذِ الْعَيْنِ حُكْمًا كَمَا فِي الْقُرُوضِ (الْفَتْحُ) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ قِسْمَةُ إفْرَازٍ صَرْفٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَيْسَ فِيهَا مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا وَالْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ يُوجَدُ مُبَادَلَةُ قِسْمٍ، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمُبَادَلَةِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ أَمَّا فِي الْقِيَمِيَّاتِ فَلَا يُوجَدُ فِي الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ جِهَةُ مُبَادَلَةٍ مَعْنَى الْإِفْرَازِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ هُنَا: جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ سِيَّانِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، لَكَانَ ذَلِكَ خَالِيًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . قَدْ أَوْرَدْتُ الْأَسْئِلَةَ الْآتِيَةَ عَلَى رُجْحَانِ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ - لَوْ كَانَتْ جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً لَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْبَرَ الشَّرِيكُ فِي الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَادَلَةِ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1130) . الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ مِنْ أَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهِ بِدُونِ الْجَبْرِ فَلِذَلِكَ جَازَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْمُبَادَلَةِ وَلِذَلِكَ نَظِيرَانِ، أَوَّلُهُمَا: يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ مَعَ كَوْنِ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ مُعَاوَضَةً وَمُبَادَلَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1037) . ثَانِيهِمَا: يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (998) . وَالْقِسْمَةُ أَيْضًا هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ

المادة (1119) المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة

وَهِيَ مُبَادَلَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ بِسَبَبِ أَنَّ طَالِبَ الْقِسْمَةِ يَطْلُبُ حَصْرَ الِانْتِفَاعِ بِحِصَّتِهِ وَمَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَجَازَ الْجَبْرُ فِي ذَلِكَ. السُّؤَالُ الثَّانِي - لَوْ كَانَتْ جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً لَكَانَ يَجِبُ جَرَيَانُ الْغُرُورِ الْمُبَيِّنِ فِي الْمَادَّةِ (658) فِي الْقِسْمَةِ يَعْنِي إذَا قُسِمَتْ عَرْصَةٌ إلَى قِسْمَيْنِ وَأَنْشَأَ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بِنَاءً فِي حِصَّتِهِ فَإِذَا ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يُسَلِّمَ شَرِيكَهُ نِصْفَ الْبِنَاءِ وَيَطْلُبَ قِيمَتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً؟ . الْجَوَابُ - إنَّ عَدَمَ جَرَيَانِ ضَمَانِ الْغُرُورِ فِي الْقِسْمَةِ هُوَ لِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُحْتَاجٌ لِتَخْلِيصِ حَقِّهِ وَمَنْعِ رَفِيقِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمُبَايَعَةِ فَاضْطَرَّ لِتِلْكَ الْمُبَايَعَةِ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْمُبَايَعَةُ الْمَذْكُورَةُ جَبْرِيَّةً فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا حُكْمُ الْغُرُورِ كَمَا لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْغُرُورِ إذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِحُكْمِ الْقَاضِي (الْكِفَايَةُ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) . وَالْمُبَادَلَةُ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ، وَحُصُولُ الْمُبَادَلَةِ بِالتَّرَاضِي ظَاهِرٌ كَبَيْعِ إنْسَانٍ مَالَهُ رِضَاءً لِآخَرَ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِتَأْجِيرِهِ مَالَهُ لِآخَرَ بِتَسْمِيَةِ كَذَا دِرْهَمًا بَدَلًا، أَمَّا كَوْنُ الْمُبَادَلَةِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَهُوَ يَكُونُ مِنْ أَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَى الْحَقِّ فِيهَا بِدُونِ الْإِجْبَارِ وَقَدْ جَازَ فِيهَا الْإِجْبَارُ وَقَدْ بُيِّنَ آنِفًا أَنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً فِي الْقِيَمِيَّاتِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْهَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّذِي يَأْخُذُهُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْهُمَا هُوَ وَإِنْ كَانَ مِلْكَهُ إلَّا أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْحِصَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ فِي يَدِ شَرِيكِهِ وَبَدَلٌ لَهَا فَفِي الْمُبَادَلَةِ يَجِبُ إذْنُ الشَّرِيكِ. عِبَارَةُ (فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ بِمَقَامِ بِدُونِ إذْنِهِ وَعَطْفُ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ هُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ حَاضِرًا وَرَأَى بِعَيْنَيْهِ شَرِيكَهُ الْآخَرَ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخِذِ أَخْذُ تِلْكَ الْحِصَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1128) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ كَانَ مَالٌ قِيَمِيٌّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرٍ وَبَالِغٍ فَلَيْسَ لِلْبَالِغِ أَخْذُ حِصَّتِهِ بَلْ يَجِبُ تَقْسِيمُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي حُضُورِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ قَضَاءً أَوْ رِضَاءً. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَا تَجُوزُ مُرَابَحَةُ الْبَيْعِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا كَبِيرَةً بِثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً ثُمَّ قَسَمَاهَا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً إلَى قِسْمَيْنِ وَبَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ مُرَابَحَةً بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا فَلَا يَجُوزُ (الْهِدَايَةُ) . [الْمَادَّةُ (1119) الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ] الْمَادَّةُ (1119) - (الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ كُلُّهَا مِثْلِيَّاتٌ أَمَّا الْأَوَانِي الْمَصْنُوعَةُ بِالْيَدِ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ فَهِيَ قِيَمِيَّةٌ. وَكَذَلِكَ كُلُّ

جِنْسٍ مِثْلِيٍّ خُلِطَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ فِي صُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ وَالتَّفْرِيقَ كَالْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالشَّعِيرِ هُوَ قِيَمِيٌّ. وَكَذَلِكَ الذَّرْعِيَّاتُ قِيَمِيَّةٌ. أَمَّا الذَّرْعِيَّاتُ كَالْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْقُمَاشُ مِنْ مَصْنُوعَاتِ الْمَعَامِلِ الَّتِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَيُبَاعُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ الَّتِي يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَالْأَصْفَرِ هِيَ قِيَمِيَّةٌ. وَكُتُبُ الْخَطِّ قِيَمِيَّةٌ وَكُتُبُ الطَّبْعِ مِثْلِيَّةٌ) . الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ كُلُّهَا مِثْلِيَّاتٌ، فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ بِدُونِ إذْنِهِ. قَدْ بُيِّنَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقِيَمِيِّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ، كَمَا أَنَّ ذِكْرَ الْمَجَلَّةِ كِتَابَ الْغَصْبِ قَبْلَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَوْجَبَ بَيَانَ الْمِثْلِيِّ وَقِيَمِيٍّ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ. وَالْأَمْوَالُ الْآتِيَةُ هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَهِيَ: اللَّحْمُ وَالْكُمَّثْرَى وَالْمِشْمِشُ وَالْخَوْخُ وَالتَّمْرُ وَالْعِنَبُ وَالزَّبِيبُ وَالْخَلُّ وَالدَّقِيقُ وَالنُّخَالَةُ وَالْقُطْنُ وَالصُّوفُ وَالْخِيطَانُ وَالتِّبْنُ وَالْكَتَّانُ وَالنُّحَاسُ وَالرَّصَاصُ وَالْحَدِيدُ وَالْحِنَّاءُ وَالرَّيَاحِينُ وَالْكَلَأُ النَّاشِفُ وَالْوَرَقُ وَالْفَحْمُ وَاللَّبَنُ وَالزَّيْتُ وَالزَّيْتُونُ وَالْغَزْلُ الْمَصْبُوغُ. أَمَّا الْمَوْزُونَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْمُتَفَاوِتَةِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ كَالْأَوَانِي الْمَصْنُوعَةِ بِالْيَدِ فَهِيَ قِيَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْحِذْقِ فَلَا يُمْكِنُ مُرَاعَاةُ الْمُمَاثَلَةِ فِي مَصْنُوعَاتِهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْغَصْبِ) أَيْ أَنَّ الْمَصْنُوعَاتِ الْمِثْلِيَّةَ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَالرِّيَالَاتُ وَالْجُنَيْهَاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِي زَمَانِنَا الْمُتَدَاوَلَةُ بَيْنَ النَّاسِ هِيَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَصْنُوعَاتِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ بِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مَصْنُوعَاتِ الْيَدِ بَلْ هِيَ تُصَاغُ بِقَالِبٍ وَلِذَلِكَ فَالْجُنَيْهُ الْعُثْمَانِيُّ الَّذِي هُوَ بِمِائَةِ قِرْشٍ مِثْلٌ لِلْجُنَيْهِ الْآخَرِ بِذَاتِ الْقِيمَةِ كَمَا أَنَّ الرِّيَالَ ذَا الْعِشْرِينَ قِرْشًا مِثْلٌ لِلرِّيَالِ الْآخَرِ ذِي الْعِشْرِينَ قِرْشًا. كَذَلِكَ الْجُوخُ الَّذِي مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْأَقْمِشَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ مَصْنُوعَاتِ مَعْمَلٍ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَمَا سَيُبَيَّنُ آتِيًا. النَّوْعُ الثَّانِي - الْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ كَأَبَارِيقِ النُّحَاسِ وَالْقُدُورِ وَالْأَسْوِرَةِ وَمَعَ أَنَّ الْفِضَّةَ هِيَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَكَوْنُ الْأَسْوِرَةِ الْمَعْمُولَةِ مِنْهَا قِيَمِيَّةً هُوَ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ يَصْنَعُ الْأَسْوِرَةَ بِصُوَرٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلِذَلِكَ فَالْأَسْوِرَةُ الْمَصْنُوعَةُ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا لَيْسَتْ مِثْلًا لِلْأَسْوِرَةِ الْأُخْرَى الْمَعْمُولَةِ عَنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا.

وَكَذَلِكَ كُلُّ جِنْسٍ مِثْلِيٍّ خُلِطَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ فِي صُورَةٍ يَتَعَسَّرُ بِهَا التَّمْيِيزُ كَالْحِنْطَةِ الْمَخْلُوطَةِ بِالشَّعِيرِ أَوْ يَتَعَذَّرُ بِهَا التَّفْرِيقُ وَالتَّمْيِيزُ كَمَخْلُوطِ زَيْتِ الزَّيْتُونِ بِالشَّيْرَجِ هُوَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَيْ أَنَّ كُلَّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ خُلِطَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّفْرِيقَ يَخْرُجُ ذَلِكَ الْمِثْلِيُّ بِهَذَا الْخَلْطِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيُصْبِحُ قِيَمِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا جِنْسٌ أَكْثَرُ وَجِنْسٌ أَقَلُّ وَالْعَكْسُ فِي الْآخَرِ. وَكَذَلِكَ الْكَيْلَةُ الْخَلِيطُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لَيْسَتْ مِثْلًا لِكَيْلَةِ أُخْرَى خَلِيطٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْحِنْطَةُ فِي مَخْلُوطٍ نِصْفَ كَيْلَةٍ وَتَكُونُ الْحِنْطَةُ فِي مَخْلُوطٍ آخَرَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَيْلَةِ. وَكَذَلِكَ الصَّابُونُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قِيَمِيٌّ؛ لِأَنَّ الزَّيْتَ الَّذِي فِي الصَّابُونِ يَكُونُ كَثِيرًا فِيهِ وَقَلِيلًا فِي الصَّابُونِ الْآخَرِ. أَمَّا إذَا كَانَ الزَّيْتُ مُتَسَاوِيًا فِي صَابُونَيْنِ فَيَكُونُ مِثْلِيًّا فَلِذَلِكَ إذَا صُنِعَ الصَّابُونُ مِنْ نَوْعِ زَيْتٍ وَكَانَتْ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ بِعَيْنِ الْجِنْسِ وَالْمِقْدَارِ فَيَكُونُ مِثْلِيًّا (عَنْ الْعِمَادِيَّةِ) . كَذَلِكَ الذَّرْعِيَّاتُ قِيَمِيَّةٌ، وَالذَّرْعِيَّاتُ جَمْعُ ذَرْعَى وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُهُ فِي الْمَادَّةِ (136) فَلِذَلِكَ لَا تَكُونُ عَرْصَةٌ مِثْلًا لِلْعَرْصَةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ قِطْعَةَ عَرْصَةٍ لَيْسَ مِثْلًا لِنِصْفِ تِلْكَ الْعَرْصَةِ. أَمَّا الذَّرْعِيَّاتُ كَالْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَالْقُمَاشُ مِنْ مَصْنُوعَاتِ مَعْمَلٍ وَاحِدٍ الَّتِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِهَا وَيُبَاعُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا فَهِيَ مِثْلِيَّةٌ. وَتَعْبِيرُ (يُبَاعُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا) يَكُونُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي أَجْزَائِهَا كَثَوْبٍ مِنْ الْقُمَاشِ الْيَمَنِيِّ أَوْ ثَوْبِ الْبَفْتِ الْأَمْرِيكَانِيِّ إذْ إنَّ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ ثَوْبٍ يَمَنِيٍّ هُمَا مِثْلٌ لِذِرَاعَيْنِ مِنْ ثَوْبٍ يَمَنِيٍّ مِنْ نَفْسِ الْجِنْسِ، وَكَذَلِكَ الْأَقْمِشَةُ الَّتِي يُبَاعُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْهَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَاَلَّتِي لَا يُوجَدُ تَفَاوُتٌ مُعْتَدٌّ بِهِ فِي نَسْجِهَا وَغَزْلِهَا هِيَ مِثْلِيَّةٌ (التَّنْقِيحُ فِي الْغَصْبِ) . اُنْظُرْ فِقْرَةَ (أَمَّا لَوْ بِيعَ ثَوْبُ جُوخٍ) الْوَارِدَةَ فِي الْمَادَّةِ (226) . أَمَّا الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ الَّتِي يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِهَا تَفَاوُتٌ فِي الْقِيمَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ وَالْأَصْفَرِ وَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالْقِثَّاءِ أَيْ الْخِيَارِ فَهِيَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَعَلَيْهِ فَالْحِصَانُ لَا يَكُونُ مِثْلًا لِحِصَانٍ آخَرَ فِي ارْتِفَاعِهِ وَسِنِّهِ وَلَوْنِهِ كَمَا أَنَّ الْحِصَانَ لَيْسَ مِثْلًا لِلثَّوْرِ. وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ فِي الْمَادَّةِ (148) . وَكُتُبُ الْخَطِّ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ قِيَمِيَّةٌ وَكُتُبُ الطَّبْعِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِثْلِيَّةٌ. مَثَلًا النُّسْخَتَانِ مِنْ فَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ الْمُحَرَّرَتَانِ بِخَطِّ الْيَدِ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مِثْلًا لِلْأُخْرَى وَلَوْ كَانَتَا مَكْتُوبَتَيْنِ عَلَى وَرَقٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَ كَاتِبُهُمَا خَطَّاطًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِدَادُ إحْدَاهُمَا وَخَطُّهَا أَجْوَدَ مِنْ مِدَادِ وَخَطِّ الْأُخْرَى فَتَكُونُ قِيمَتُهَا أَعْلَى مِنْ قِيمَةِ الْأُخْرَى، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كُلُّ كِتَابٍ مِنْهُمَا مُحَرَّرًا بِخَطِّ خَطَّاطٍ آخَرَ فَيَكُونُ أَحَدُ الْكِتَابَيْنِ أَرْجَحَ مِنْ الْآخَرِ فِي الْقِيمَةِ لِحُسْنِ خَطِّهِ وَوَرَقِهِ وَمِدَادِهِ. أَمَّا الْأَجْزَاءُ مِنْ الْكِتَابِ الْمَطْبُوعِ بِتَرْتِيبٍ وَاحِدٍ عَلَى وَرَقٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَفِي حَجْمٍ وَاحِدٍ كَكِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ الْغَيْرِ الْمُجَلَّدِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ إذْ إنَّ الْخَمْسَةَ الْأَجْزَاءَ الْمَطْبُوعَةَ مِنْ كِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ هِيَ مِثْلٌ لِلْخَمْسَةِ

المادة (1120) ينقسم كل من قسمة الجمع وقسمة التفريق إلى نوعين

الْأَجْزَاءِ الْأُخْرَى مِنْ أَجْزَاءِ كِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ. قِيلَ (الْغَيْرِ الْمُجَلَّدِ) ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ الْمَطْبُوعَ الْمُجَلَّدَ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَمَطْبُوعًا بِتَرْتِيبٍ وَاحِدٍ فَلَا يَكُونُ مِثْلًا لِكِتَابٍ آخَرَ مُجَلَّدٍ بِشَكْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ بِعِلَاوَةِ صَنْعَةِ التَّجْلِيدِ إلَى الْكِتَابِ يَخْرُجُ الْكِتَابُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيُصْبِحُ قِيَمِيًّا كَخُرُوجِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ بِحُصُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِمَا. وَالْكُتُبُ فِي زَمَانِنَا يُطْبَعُ قِسْمٌ مِنْهَا عَلَى وَرَقٍ جَيِّدٍ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ عَلَى وَرَقٍ أَدْوَنَ وَتُبَاعُ بِأَسْعَارٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْكِتَابُ الْمَطْبُوعُ عَلَى وَرَقٍ جَيِّدٍ مِثْلًا لِلْكِتَابِ الْمَطْبُوعِ عَلَى وَرَقٍ أَقَلَّ جِيَادَةً، فَكِتَابُ رَدِّ الْمُحْتَارِ طَبْعِ مِصْرَ لَيْسَ مِثْلًا لِكِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ طَبْعِ الْآسِتَانَة. كَذَلِكَ الطَّبْعَةُ الْأُولَى مِنْ كِتَابِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ طَبْعُ مِصْرَ لَيْسَتْ كَالْكِتَابِ الثَّانِي الَّذِي طُبِعَ أَخِيرًا. كَذَلِكَ السَّرْقِينِ (بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَكَسْرِ الْقَافِ) الْمُعَرَّبَةُ عَنْ سِرْكِينَ الْكَلِمَةِ الْفَارِسِيَّةِ وَالْحَطَبُ وَأَوْرَاقُ الشَّجَرِ وَالْجُلُودُ وَالتُّرَابُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. وَقَدْ عَدَّدَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْدَادِ الْأَفْرَادِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلْ يُفْهَمُ ذَلِكَ النَّوْعُ مِنْ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَادَّتَيْ (145، 146) . [الْمَادَّةُ (1120) يَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَقِسْمَةِ التَّفْرِيقِ إلَى نَوْعَيْنِ] الْمَادَّةُ (1120) - (يَنْقَسِمُ كُلٌّ مِنْ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَقِسْمَةِ التَّفْرِيقِ إلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ) . وَتَعْرِيفُ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1121) كَمَا أَنَّ تَعْرِيفَ قِسْمَةِ الْقَضَاءِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1122) وَعَلَى هَذَا الْحَالِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْمَادَّةِ (1125) تَكُونُ أَنْوَاعُ الْقِسْمَةِ أَرْبَعَةً: وَهِيَ قِسْمَةُ الْجَمْعِ بِالرِّضَاءِ وَقِسْمَةُ التَّفْرِيقِ بِالرِّضَاءِ وَقِسْمَةُ الْجَمْعِ بِالْقَضَاءِ وَقِسْمَةُ التَّفْرِيقِ بِالْقَضَاءِ. لَكِنْ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَقْسُومِ لَهُمْ صَغِيرٌ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ بَلْ تَحْتَاجُ إلَى أَمْرِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ (الْهِدَايَةُ) أَيْ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِرِضَاءِ الصَّغِيرِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَجْرَى الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُمْ وَأَفْرَزُوا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَلَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ أَمَّا إذَا اتَّفَقَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ مَعَ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ عَلَى الْقِسْمَةِ وَأَجْرَى الْقِسْمَةَ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1128) . [الْمَادَّةُ (1121) قِسْمَةُ الرِّضَاءِ] الْمَادَّةُ (1121) - (قِسْمَةُ الرِّضَاءِ هِيَ الْقِسْمَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ أَيْ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالرِّضَاءِ فَيَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي أَوْ يَقْسِمُهُ الْقَاضِي بِرِضَائِهِمْ جَمِيعًا) . قِسْمَةُ الرِّضَاءِ هِيَ الْقِسْمَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ وَيُقْرَأُ لَفْظُ الْمُتَقَاسِمِينَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْجَمْعِ مَعْنَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ كَمَا يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا بِالتَّثْنِيَةِ عَلَى أَنَّهَا بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَرَاتِبِ الشُّرَكَاءِ. وَهِيَ الْقِسْمَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ جَمِيعِ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالرِّضَاءِ فَيُقَسِّمُ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ بِالرِّضَاءِ أَوْ يُقَسِّمُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ بِرِضَائِهِمْ وَقَدْ جَازَتْ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ؛ لِأَنَّ لِلشُّرَكَاءِ الْوِلَايَةَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

المادة (1122) قسمة القضاء

وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ قِسْمَةَ الرِّضَاءِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْمُتَقَاسِمِينَ بِالذَّاتِ بِالرِّضَاءِ. النَّوْعُ الثَّانِي - تَقْسِيمُ الْقَاضِي بِرِضَاءِ الْمُتَقَاسِمِينَ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ (بِرِضَاءِ أَصْحَابِهِمْ) أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا يَكُونُ حُكْمٌ لِرِضَائِهِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَنُوبَ أَحَدٌ عَنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1128) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [الْمَادَّةُ (1122) قِسْمَةُ الْقَضَاءِ] الْمَادَّةُ (1122) - (قِسْمَةُ الْقَضَاءِ هِيَ تَقْسِيمُ الْقَاضِي الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَحُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَيْ بِطَلَبِ بَعْضِ أَصْحَابِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ) . قِسْمَةُ الْقَضَاءِ هِيَ تَقْسِيمُ الْقَاضِي الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَحُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ. وَقَدْ تَفَنَّنَ فِي الْعِبَارَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ عِبَارَةَ الْمُتَقَاسِمِينَ الْوَارِدَةَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ، وَتَعْبِيرُ (جَبْرًا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ فَرَاجَعَ أَحَدُهُمْ الْقَاضِي أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ وَطَلَبَ الْقِسْمَةَ لِامْتِنَاعِ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ فَيَقْسِمُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الَّذِي يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّقْسِيمُ لَيْسَ قَضَاءً وَحُكْمًا حَقِيقَةً فَغَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَى الْقَاضِي مُبَاشَرَةُ الْقِسْمَةِ بِالذَّاتِ، وَعَلَيْهِ فَالْقَاضِي إنْ شَاءَ بَاشَرَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ وَإِنْ شَاءَ حَوَّلَ أَمْرَ التَّقْسِيمِ إلَى قَسَّامٍ لَكِنَّهُ مَفْرُوضٌ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَ الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ غَيْرُ الْقَاضِي عَلَى الْجَبْرِ إلَّا أَنَّ الْقُضَاةَ فِي زَمَانِنَا يُبَاشِرُونَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْقَاضِي أُجْرَةً مُقَابِلَةً عَمَلَهُ بِالتَّقْسِيمِ، فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ التَّقْسِيمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً وَأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مُقَابِلَ عَمَلِهِ فِي التَّقْسِيمِ أُجْرَةً أَيْ أَجْرَ مِثْلِهِ أَيْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ غَيْرَ مَعْدُودَةٍ مِنْ الْقَضَاءِ حَقِيقَةً فَغَيْرُ مَفْرُوضٍ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ الْقِسْمَةَ بِالذَّاتِ بَلْ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْهِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ فَقَطْ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقِسْمَةِ مُمْكِنًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَأَصْبَحَتْ الْقِسْمَةُ مُشَابِهَةً لِلْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ عَدَمُ أَخْذِ أُجْرَةٍ عَلَى ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) . وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْأُخْرَى كَالْخُلَاصَةِ والوهبانية أَنَّ التَّقْسِيمَ هُوَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْقَضَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَخْذُ أُجْرَةٍ. مِقْدَارُ الْأُجْرَةِ هِيَ رُبْعُ عُشْرِ الْأَمْوَالِ الْمَقْسُومَةِ، أَيْ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ مِنْ قِيمَةِ الْمَقْسُومِ (مِنْ فَتَاوَى اللَّامِشِيِّ وَيَحْيَى أَفَنْدِي فِي الْقِسْمَةِ) . وَيُعْمَلُ الْيَوْمَ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً مُقَابِلَ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْقَاضِي فَرْضٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (457) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ عَمَلٍ مَفْرُوضٍ، وَإِذَا أَخَذَ يَكُونُ الْمَأْخُوذُ رِشْوَةً وَحُكْمُهُ بَاطِلٌ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي أُجْرَةِ الْقِسْمَةِ: إذَا أَخَذَ الْقَاسِمُ أُجْرَةً مُقَابِلَ عَمَلِ التَّقْسِيمِ فَتَكُونُ هَذِهِ الْأُجْرَةُ عَلَى نِسْبَةِ عَدَدِ الرُّءُوسِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ مُقَابِلَةٌ لِلتَّمْيِيزِ وَالتَّمْيِيزُ قَدْ يَكُونُ صَعْبًا فِي

الفصل الثاني في بيان شرائط القسمة

الْقَلِيلِ وَسَهْلًا فِي الْكَثِيرِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ أَصْلُ التَّمْيِيزِ، وَبِمَا أَنَّ جَمِيعَ الشُّرَكَاءِ قَدْ اسْتَفَادُوا مِنْ أَصْلِ التَّمْيِيزِ مُتَسَاوِينَ فَلَزِمَ عَلَيْهِمْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ بِالسَّوِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ بِنِسْبَةِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ مَئُونَة الْمَالِكِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُلُثُهُ لِأَحَدِهِمَا وَثُلُثَاهُ لِلْآخَرِ فَتُؤْخَذُ أُجْرَةُ الْقِسْمَةِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُنَاصَفَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَثْلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَيُعْمَلُ الْيَوْمَ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ. مَصَارِفُ الْأَمْلَاكِ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي أُجْرَةِ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. أَمَّا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالرَّاعِي وَالْحَمَّالِ وَالْحَارِسِ وَبَانِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَمُشَيِّدِهِ وَكِرَى النَّهْرِ وَإِصْلَاحِ الْقَنَاةِ فَيَدْفَعُهَا الشُّرَكَاءُ بِنِسْبَةِ أَنْصِبَائِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ قَطِيعُ غَنَمٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَثْلَاثًا فَأُجْرَةُ الرَّاعِي وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ حِفْظِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَثْلَاثًا يَدْفَعُهَا الشَّرِيكَانِ لِلرَّاعِي وَلِلْحَافِظِ أَثْلَاثًا. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ صُبْرَةَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَأَمَرَ أَحَدًا بِكَيْلِهَا لِيَعْلَمَا مِقْدَارَهَا فَالْأُجْرَةُ تُدْفَعُ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمِلْكِ، أَمَّا إذَا كَانَ هَذَا الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِعَمَلِ الْقِسْمَةِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمُلْتَقَى. أَمَّا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَيَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ سَوَاءٌ كَانَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِلْقِسْمَةِ أَوْ لِأَيِّ نَوْعٍ آخَرَ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِنِسْبَةِ عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الْقِسْمَةِ] [الْمَادَّةُ (1123) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا] الْمَادَّةُ (1123) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا، فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دُيُونٌ فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَمَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْهُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَارِثُ الْآخَرُ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُ الْعَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (159) . فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ قُسِّمَ الدَّيْنُ فَقَطْ أَوْ قُسِّمَ الدَّيْنُ مَعَ الْعَيْنِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. وَيَثْبُتُ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ: - أَوَّلًا - إنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ هُوَ أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَمُجْتَمِعٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْرَازُ فِيهِ (الْكَفَوِيُّ) .

ثَانِيًا - بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي التَّقْسِيمِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَإِذَا قُسِمَ الدَّيْنُ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ. ثَالِثًا - بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَقَدْ أُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ لِحَاجَةِ النَّاسِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (32) لِكَيْ يَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ شِرَاءِ الْمَالِ فِي مُقَابِلِهِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِيهَا مَعْدُومًا كَمَا كَانَ. رَابِعًا - بِمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ شُرِعَتْ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الدَّيْنِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فَقَدْ بَطَلَ تَقْسِيمُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ (الْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . أَمَّا تَقْسِيمُ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَبْقَى فِي حَالِ الدَّيْنِ بَلْ يُصْبِحُ عَيْنًا مُنْتَفَعًا بِهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ قَبَضَ اثْنَانِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا الَّتِي لَهُمَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ اقْتَسَمَاهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ حَسَبَ حِصَصِهِمَا صَحَّتْ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ الْمَذْكُورَ أَصْبَحَ عَيْنًا. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ دَيْنًا فَقَطْ وَثَابِتًا فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ. مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دُيُونٌ فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَمَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْهُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَدَيْنًا يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَدَيْنًا وَقُسِمَ قِسْمَةً وَاحِدَةً فَلَا يَصِحُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَلِذَلِكَ إذَا جَرَى التَّقْسِيمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْفُلَانِيُّ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ لِهَذَا الْوَارِثِ وَالدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ مِنْ فُلَانٍ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَاطِلَةً فِي الْعَيْنِ وَفِي الدَّيْنِ مَعًا كَذَلِكَ لَوْ جَرَى التَّقْسِيمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَالْعَيْنُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ كَانَ التَّقْسِيمُ بَاطِلًا (الطُّورِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْأَعْيَانَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اقْتَسَمُوا الدُّيُونَ صَحَّتْ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ وَبَطَلَتْ قِسْمَةُ الدُّيُونِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ دَيْنًا فَقَطْ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ. وَعَلَيْهِ فَعِبَارَةُ مُتَعَدِّدِينَ الْوَارِدَةُ فِي الْمِثَالِ لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسُونَ رِيَالًا وَاقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْمَدِينِ سَنَدًا بِالْمَقْسُومِ فَلَا يَصِحُّ. وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ كُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَارِثُ أَوْ الدَّائِنُ الْآخَرُ إذَا أَرَادَ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَيْ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكِتَابِ الْعَاشِرِ.

المادة (1124) لا تصح القسمة إلا بإفراز الحصص وتمييزها

[الْمَادَّةُ (1124) لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ إلَّا بِإِفْرَازِ الْحِصَصِ وَتَمْيِيزِهَا] الْمَادَّةُ (1124) - (لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ إلَّا بِإِفْرَازِ الْحِصَصِ وَتَمْيِيزِهَا، مَثَلًا إذَا قَالَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الصُّبْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ لِلْآخَرِ: خُذْ أَنْتَ ذَلِكَ الطَّرَفَ مِنْ الصُّبْرَةِ وَهَذَا الطَّرَفُ لِي لَا يَكُونُ قِسْمَةً) . لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ إلَّا بِإِفْرَازِ الْحِصَصِ وَتَمْيِيزِهَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقِسْمَةِ أَيْ الْأَثَرِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقِسْمَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَعْيِينِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْأَثَرُ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ وَبِمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ وَالْإِفْرَازَ هُمَا بِمَعْنَى التَّفْرِيقِ فَعَطْفُ الْإِفْرَازِ عَلَى التَّمْيِيزِ هُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ. مَثَلًا إذَا قَالَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الصُّبْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ لِلْآخَرِ: خُذْ أَنْتَ ذَلِكَ الطَّرَفَ مِنْ الصُّبْرَةِ وَهَذَا الطَّرَفُ لِي، وَرَضِيَ الْآخَرُ لَا يَكُونُ قِسْمَةً بَلْ تُقْسَمُ الْحِنْطَةُ بِالْكَيْلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1147) لِكَوْنِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ مَيَّزَ وَأَفْرَزَ الشَّرِيكَانِ الصُّبْرَةَ بِتَفْرِيقِهَا إلَى قِسْمَيْنِ وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا طَرَفًا وَالْآخَرُ طَرَفًا آخَرَ وَرَضِيَا بِذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ تَقْسِيمُهَا مُجَازَفَةً، أَيْ أَنَّهُ لَوْ قُسِمَتْ الْحِصَصُ وَأُفْرِزَتْ عَلَى وَجْهِ التَّخْمِينِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ صُبْرَتَيْ حِنْطَةٍ بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صُبْرَةً وَيَأْخُذَ الْآخَرُ صُبْرَةً أُخْرَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تُقْسَمَ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَأَنْ تَتَسَاوَى الْحِصَصُ أَيْ أَنْ تَكُونَ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. فَلِذَلِكَ لَوْ قَسَّمَ الشَّرِيكَانِ الْأَرْبَعِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَكَانَتْ ثَلَاثُونَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مِنْهَا مِنْ النَّوْعِ الْأَدْنَى وَتُسَاوِي قِيمَتُهَا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ الْكَيْلَاتُ الْأُخْرَى مِنْ النَّوْعِ الْأَعْلَى وَكَانَتْ قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ أَيْضًا وَاقْتَسَمَهَا الشَّرِيكَانِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِالْقَضَاءِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الثَّلَاثِينَ الْكَيْلَةَ الدُّنْيَا وَأَخَذَ الْآخَرُ الْعَشَرَةَ الْكَيْلَاتِ الْعُلْيَا فَلَا يَجُوزُ. أَمَّا لَوْ أَخَذَ مَعَ الْحِنْطَةِ الْعُلْيَا مَالًا آخَرَ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَثَوْبِ قُمَاشٍ فَيَصِحُّ وَتَكُونُ الْفَضْلَةُ الَّتِي بَقِيَتْ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ثَوْبِ الْقُمَاشِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَرْضٌ مُشْتَرَكَةٌ مَزْرُوعَةٌ حِنْطَةً فَاقْتَسَمَهَا الشَّرِيكَانِ بِقُرْبِ مَوْسِمِ الْحَصَادِ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِهَةً مِنْ الْمَزْرُوعَاتِ غَيْرَ الْمَحْصُودَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَانِ حِصَّةً أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَيَكُونُ رِبًا فِي هَذَا الْحَالِ. أَمَّا إذَا أَعْطَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ مَالًا مِنْ مِلْكِهِ لِلْآخَرِ وَأَدْخَلَهُ فِي التَّقْسِيمِ فَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي هَذَا الْحَالِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا (الْقُنْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . [الْمَادَّةُ (1125) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ مِلْكَ الشُّرَكَاءِ حِينَ الْقِسْمَةِ] الْمَادَّةُ (1125) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ مِلْكَ الشُّرَكَاءِ حِينَ الْقِسْمَةِ، فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِكُلِّ الْمَقْسُومِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ، وَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَيَلْزَمُ تَكْرَارُ تَقْسِيمِ

الْمَقْسُومِ. كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمَجْمُوعِ حِصَّةٍ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فِي حِصَّةٍ أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا فَيَكُونُ صَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ لَا يَفْسَخُهَا وَرَجَعَ بِمِقْدَارِ نُقْصَانِ حِصَّتِهِ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى مَثَلًا لَوْ قُسِمَتْ عَرْصَةٌ مِسَاحَتُهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ ذِرَاعًا إلَى قِسْمَيْنِ فَظَهَرَ بَعْدَ التَّقْسِيمِ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ حِصَّتِهِ فَلِصَاحِبِ الْحِصَّةِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِرُبْعِ حِصَّتِهِ، يَعْنِي يَأْخُذُ مِنْ حِصَّتِهِ مَحِلَّ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ فَإِذَا كَانَتْ الْحِصَصُ مُتَسَاوِيَةً فَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَإِذَا كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا قَلِيلَةً وَحِصَّةُ الْآخَرِ كَثِيرَةً فَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَيَكُونُ كَأَنَّمَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَيَكُونُ مَنْ أَصَابَ حِصَّتَهُ أَكْثَرِيَّةُ الِاسْتِحْقَاقِ مُخَيَّرًا كَمَا مَرَّ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَامِلُ الْمَالِ الْمَقْسُومِ مِلْكَ الشُّرَكَاءِ حِينَ الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَقْسُومُ مِلْكًا بَلْ كَانَ وَقْفًا فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ، مَثَلًا لَوْ كَانَ عَقَارُ وَاحِدٍ مَوْقُوفًا عَلَى اثْنَيْنِ فَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا، فَالتَّقْسِيمُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالْإِجْمَاعِ. إلَّا أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي عَقَارٍ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَوَازِ ذَلِكَ الْوَقْفِ ثُمَّ جَرَى التَّقْسِيمُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمَالِكِ فَهَذَا التَّقْسِيمُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1140) أَنَّهُ يَصِحُّ تَقْسِيمُ الْوَقْفِ الَّذِي يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ بَيْنَ الْمُتَصَرِّفِينَ فِيهِ. وَالْقِسْمَةُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ الذِّكْرُ بَاطِلَةٌ كُلِّيًّا وَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ غَيْرُ بَاطِلَةٍ: - الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمَجْمُوعِ الْمَقْسُومِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَضَبَطَ الْمَقْسُومَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ الْمَقْسُومِ لِيُعَادَ تَقْسِيمُهُ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ) هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الشَّفِيعِ، فَلِذَلِكَ إذَا ظَهَرَ لِلْمَقْسُومِ شَفِيعٌ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَسْخَ الْقِسْمَةِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ نِصْفًا شَائِعًا فِي دَارٍ ثُمَّ قَسَمَ مَعَ بَائِعُهُ وَأَفْرَزَ حِصَّتَهُ فَأَخَذَ الشَّفِيعُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُ الْقِسْمَةِ بَلْ يَأْخُذُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي مَقْسُومَةً (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1010) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَيْ نِصْفِ أَوْ ثُلُثِ كُلِّ الْمَقْسُومِ وَضُبِطَ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ مِلْكٌ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ وَيَلْزَمُ إعَادَةُ تَقْسِيمِ الْبَاقِي مِنْ الْمَقْسُومِ؛ لِأَنَّهُ

لَوْ أُبْقِيَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى حَالِهَا يَتَضَرَّرُ الْمُسْتَحِقُّ لِتَفَرُّقِ حِصَّتِهِ بَيْنَ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) . مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِرُبْعِ عَرْصَةٍ شَائِعَةٍ قُسِمَتْ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، فَإِذَا لَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ وَأُبْقِيَتْ فَتَكُونُ ثَلَاثَةُ أَثْلَاثِ حِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مُتَفَرِّقَةً بَيْنَ الْمَقْسُومِ لَهُمْ الثَّلَاثَةِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُسْتَحِقُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْجُزْءِ الشَّائِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَسَيَرْجِعُ كُلُّ مُتَقَاسِمٍ عَلَى الْآخَرِ بِالْحِصَّةِ الْمَضْبُوطَةِ مِنْهُ فَيَنْعَدِمُ مَعْنَى الْإِفْرَازِ الْمَقْصُودُ مِنْ الْقِسْمَةِ (ابْنُ مَلَكٍ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِجَمِيعِ حِصَّةٍ وَضُبِطَتْ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَصْبَحَتْ حِصَّةُ كُلِّ شَرِيكٍ مُخْتَلِطَةً بِحِصَّةِ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَالتَّمْيِيزِ (الطُّورِيُّ) وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَطَلَبَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ التَّقْسِيمَ فَتُقَسَّمُ ثَانِيًا. وَبُطْلَانُ التَّقْسِيمِ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ بَاعَهَا لِآخَرَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهَا (الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ) أَمَّا إذَا بَاعَهَا لِآخَرَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْبَيْعِ فَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مِنْ شَرِيكِهِ الْآخَرِ نِصْفَ حِصَّتِهِ مِثْلًا الَّتِي بَاعَهَا. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَقُسِمَتْ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأُعْطِيَ نِصْفُهَا لِزَيْدٍ وَنِصْفُهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ بَاعَ عَمْرٌو حِصَّتَهُ كَامِلَةً إلَى بَكْرٍ ثُمَّ ضُبِطَتْ حِصَّةُ زَيْدٍ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ بَيْعُ عَمْرٍو وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ عَمْرٌو لِزَيْدٍ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي بَاعَهَا؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَنْقَلِبُ إلَى قِسْمَةٍ فَاسِدَةٍ وَبِمَا أَنَّ الْمَقْبُوضَ فِي الْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَكُونُ مَمْلُوكًا فَيَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَالْمَبِيعُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ (الطُّورِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فِي حِصَّةٍ أَوْ لِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا فَقَطْ فَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَ الَّذِي لَمْ يُضْبَطْ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَقِيَ مُفْرَزًا عَلَى حَالٍ وَفِي حَالٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقٌّ وَبِمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَبِمَا أَنَّ ضَبْطَ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي الْمِقْدَارِ الْبَاقِي بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي الْمِقْدَارِ الْبَاقِي إنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ وَاسْتَرَدَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُصِيبُ الْمِقْدَارَ الْمَضْبُوطَ مِنْ الثَّمَنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةَ (351) فَلِذَلِكَ فَالْقِسْمَةُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ أَيْ فِي صُورَةِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حِصَّةٍ يَكُونُ صَاحِبُ هَذِهِ الْحِصَّةِ أَيْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مُخَيَّرًا بِالِاتِّفَاقِ وَفِي صُورَةِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا يَكُونُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ مُخَيَّرًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيَجِبُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ لِأَجْلِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ لِلْمَقْسُومِ شَرِيكًا آخَرَ وَقَدْ قَسَمَ بِدُونِ أَخْذِ رِضَاهُ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ بَاطِلَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ فَسَخَ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْأَعْيَانِ الْمُجْتَمِعَةِ عَيْبٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُفْسَخْ الْقِسْمَةُ وَأَخَذَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ نُقْصَانَ حِصَّتِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ الْآخَرِينَ فَيَكُونُ مَا أَخَذَهُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مَوْجُودًا فِي الْأَقْسَامِ الْأُخْرَى وَفِي هَذَا الْحَالِ يَحْصُلُ ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُسْتَحَقِّ

عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ يُضَمُّ مَا بَقِيَ فِي يَدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ مِنْ الْحِصَّةِ عَلَى الْأَقْسَامِ الَّتِي فِي يَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ وَتَجْرِي الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا تَكْرَارًا إذَا كَانَ هَذَا الْبَاقِي قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ لَا يَفْسَخُ الْقِسْمَةَ أَيْ يُجِيزُ تِلْكَ الْقِسْمَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى بِالنُّقْصَانِ الَّذِي ضَبَطَهُ الْمُسْتَحِقُّ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَبَعْدَ تَقْسِيمِهَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَحَدَهُمَا أَوْ لِنِصْفٍ شَائِعٍ مِنْهَا وَضُبِطَتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلشَّرِيكِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِرُبْعِ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ. وَقَدْ نَقَلَ الطُّورِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْمُحِيطِ: عَرْصَةٌ تُسَاوِي قِيمَتُهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَدَارٌ تُسَاوِي قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكَتَانِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا رِضَاءً فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الْعَرْصَةَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ لِلْآخَرِ فَرَسًا قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدَّارَ، ثُمَّ إنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَخَذَ الدَّارَ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ ثُمَّ ضُبِطَ عُلْوِيُّ تِلْكَ الدَّارِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعُلُوُّ عُشْرَ الدَّارِ فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ عُشْرِ الدَّارِ وَأَمْسَكَ الْبَاقِي فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الْعَرْصَةِ بِسِتَّةَ عَشْرَ دِرْهَمًا وَثُلُثَيْ دِرْهَمٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَرْجِعُ عَلَى نَفْسِ الْعَرْصَةِ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ. انْتَهَى. وَالْخِيَارُ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الْمَضْبُوطُ قَسَّمَ مِنْ حِصَّتِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَبِعْ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْ حِصَّتِهِ الَّتِي أَصَابَتْهُ أَمَّا إذَا بَاعَ النِّصْفَ مَثَلًا مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ ثُمَّ ضُبِطَ بَاقِيهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا وَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ لَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ قَادِرًا عَلَى رَدِّ الْمِقْدَارِ الَّذِي لَمْ يُضْبَطْ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ حِصَّتِهِ فَسَقَطَ خِيَارُهَا بَلْ يَأْخُذُ رُبْعَ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي ضُبِطَتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ هِيَ مِلْكُهُ، وَنِصْفُهَا الْآخَرُ هُوَ عِوَضٌ لِحِصَّتِهِ الَّتِي بَقِيَتْ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ الْعِوَضُ الْمَذْكُورُ لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ الَّتِي تَرَكَهَا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ ضَبْطُ قِسْمٍ مِنْ الْحِصَّةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثًا لِلْعَيْبِ فِي بَاقِي تِلْكَ الْحِصَّةِ وَالْمِثَالُ لِلْمُوَرِّثِ لِلْعَيْبِ هُوَ مِثَالُ الْمَجَلَّةِ الْآتِي الذِّكْرُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُوَرِّثًا لِلْعَيْبِ فَلَا يَكُونُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ مُخَيَّرًا وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمِقْدَارِ نَصِيبِهِ فَقَطْ، مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ مِائَةُ شَاةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا وَأَصَابَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا أَرْبَعُونَ شَاةً قِيمَتُهَا مِائَةُ رِيَالٍ وَأَصَابَ الْآخَرَ سِتُّونَ شَاةً قِيمَتُهَا مِائَةُ رِيَالٍ ثُمَّ ضُبِطَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ وَاحِدَةٌ قِيمَتُهَا عَشْرَةُ رِيَالَاتٍ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ شَاةً الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةً بِخَمْسَةِ رِيَالَاتٍ وَلَا يَلْزَمُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ وَقَدْ بُيِّنَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَبِيعِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (351) وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ الصُّورَةَ الرَّابِعَةَ وَإِنْ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ. الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ فَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُعَدُّ هَذِهِ الْحِصَّةُ الْمُسْتَحَقَّةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ فَإِذَا كَانَتْ الْحِصَصُ الْمُسْتَحَقَّةُ مُتَسَاوِيَةً فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى

الْآخَرِ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَسَاوِيَةٍ فَلِلشَّرِيكِ الَّذِي نُقِصَتْ حِصَّتُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَتُوجَدُ صُورَةٌ وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ فِي حُكْمِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ فَلَمْ تُبَيَّنْ عَلَى حِدَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) . مَثَلًا لَوْ قُسِمَتْ الْعَرْصَةُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي مِسَاحَتُهَا مِائَتَا ذِرَاعٍ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأُعْطِيَ كُلَّ شَرِيكٍ مِائَتَا ذِرَاعٍ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِثُلُثِ الْقِسْمَيْنِ أَوْ لِثُلُثِ قِسْمٍ وَلِرُبْعِ الْقِسْمِ الْآخَرِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَيَجِبُ أَنْ يُعَادَ التَّقْسِيمُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 1 - مَثَلًا إذَا قُسِمَتْ عَرْصَةٌ مِسَاحَتُهَا مِائَةٌ وَسِتُّونَ ذِرَاعًا بَيْنَ اثْنَيْنِ حَيْثُ كَانَ كُلُّ طَرَفٍ مِنْهَا مُسَاوِيًا لِلطَّرَفِ الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ لَهُ شَرَفٌ عَلَى الْآخَرِ وَأُعْطِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ ذِرَاعًا ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمَجْمُوعِهَا أَيْ لِلْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ ذِرَاعًا بَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَلَا مَحِلَّ لِإِجْرَاءِ التَّقْسِيمِ ثَانِيَةً. 2 - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِجُزْءٍ شَائِعٍ كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ مِنْ مَجْمُوعِ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَيَجِبُ تَقْسِيمُهَا مَرَّةً أُخْرَى إذَا كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ بِإِشْرَاكِ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْقِسْمَةِ أَيْضًا. 3 - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمَجْمُوعِ حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ لِلثَّمَانِينَ ذِرَاعًا فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَيَجِبُ تَقْسِيمُ الْحِصَّةِ الْبَاقِيَةِ الثَّمَانِينَ ذِرَاعًا ثَانِيَةً. 4 - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ حِصَّةٍ أَيْ لِنِصْفِهَا الْمُعَيَّنِ أَوْ لِنِصْفِهَا الشَّائِعِ فَصَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَطَلَبَ إجْرَاءَ الْقِسْمَةِ مَرَّةً أُخْرَى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْسَخْ الْقِسْمَةَ وَرَجَعَ بِرُبْعِ مَجْمُوعِ حِصَّتِهِ وَالرُّبْعُ الْمَذْكُورُ هُوَ الثَّمَنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجْمُوعِ حِصَصِ الشَّرِيكَيْنِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ ضَرَرُ الْحِصَّةِ الَّتِي ضُبِطَتْ بِالِاسْتِحْقَاقِ رَاجِعًا عَلَى الْمُتَقَاسِمَيْنِ مُنَاصَفَةً وَتَكُونُ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ قَدْ قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً أَيْضًا. قَدْ أَتَتْ الْمَجَلَّةُ بِمِثَالِهَا مِنْ الْعَرْصَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هُوَ فِي صُورَةِ أَنْ يَكُونَ ضُبِطَ بَعْضُ الْحِصَّةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ مُوَرِّثًا لِلْعَيْبِ فِي الْبَاقِي كَالْعَرْصَةِ وَالدَّارِ وَالْخَانِ. كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ آنِفًا فِي مَبْحَثِ الشَّرْطِ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ ضُبِطَ بَعْضُ الْحِصَّةِ غَيْرَ مُوَرِّثٍ لِلْعَيْبِ فِي الْبَاقِي فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ فَسْخَ الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا قُسِمَتْ مِائَةُ شَاةٍ وَضُبِطَ قِسْمٌ مِنْ الشِّيَاهِ الَّتِي خَرَجَتْ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَلِلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ بِفَسْخِ الْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ ضَبْطَ قِسْمٍ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْعَرْصَةِ وَالدَّارِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مُوَرِّثٌ لِلْعَيْبِ فِي الْبَاقِي وَلَا يُوَرَّثُ الْعَيْبُ فِيمَا يُمَاثِلُ الشِّيَاهَ، وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ هُوَ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (153) . 5 - وَإِذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ فَإِذَا كَانَتْ الْمَقَادِيرُ الَّتِي ضُبِطَتْ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ مُتَسَاوِيَةً أَيْ ضُبِطَ عِشْرُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ حَسَبَ مِثَالِنَا فَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ الْمِقْدَارُ الْمُعَيَّنُ الْمَضْبُوطُ مِنْ كُلِّ حِصَّةٍ غَيْرَ مُتَسَاوٍ وَكَانَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا كَثِيرًا وَمِنْ الْآخَرِ قَلِيلًا فَأَخَذَ مَثَلًا حَسَبَ مِثَالِنَا مِنْ أَحَدِهِمَا عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَمِنْ الْآخَرِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا

المادة (1126) قسمة الفضولي

فَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا كَاسْتِحْقَاقِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فَلِذَلِكَ يَكُونُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ زِيَادَةَ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ فَتُضَمُّ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِهِ إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِ شَرِيكِهِ وَيُقْسَمُ الْمِقْدَارُ الْبَاقِي الْمَذْكُورُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الطَّلَبِ وَإِنْ شَاءَ لَا يَفْسَخُ الْقِسْمَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ. مَثَلًا: لَوْ ضُبِطَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَضُبِطَ مِنْ الْآخَرِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ مُخَيَّرًا بَلْ يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَتُضَمُّ الْحِصَّةُ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ حِصَّتِهِ إلَى حِصَّةِ الْآخَرِ وَتُقْسَمُ ثَانِيَةً إذَا كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِذِرَاعٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مَحِلَّ ذِرَاعٍ (أَبُو السُّعُودِ) . ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي حَالَةِ ضَبْطِ بَعْضِ حِصَّةٍ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمَقْسُومِ: وَإِنْ يَكُنْ ضَبْطُ الْحِصَّةِ الْمَقْسُومَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُثْبِتُ لِلشَّرِيكِ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ تَفْصِيلٌ فِي الضَّرَرِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (658) وَفِي حَقِّ الرُّجُوعِ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي أَمْوَالٍ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا عَنْ الْقِسْمَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِطَلَبِ الْآخَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1132) فَلَا رُجُوعَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ كَانَتْ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي غُرِّرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَكُنْ غُرِّرَ مِنْ طَرَفِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1118) . مَثَلًا: لَوْ قَسَّمَ الشَّرِيكَانِ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا وَأَنْشَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى حِصَّتِهِ الْمَقْسُومَةِ بِنَاءً فَضُبِطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حِصَّتُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ كِلَاهُمَا أَبْنِيَةً عَلَى حِصَصِهِمَا الْمُتَسَاوِيَةِ وَضُبِطَتْ حِصَصُهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ وَقَعَتْ فِي أَمْوَالٍ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ إجْرَاءِ الْقِسْمَةِ فِيهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1153) فَيَثْبُتُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالضَّرَرِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ضَامِنٌ لِسَلَامَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ غُرِّرَ مِنْ جَانِبِ شَرِيكِهِ. مَثَلًا: إذَا كَانَتْ دَارَانِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَتَقَاسَمَا مَعَ بَعْضِهِمَا رِضَاءً وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارًا مِنْ تَيْنِكَ الدَّارَيْنِ فَأَنْشَأَ أَحَدُهُمَا بِنَاءً فِي قِسْمَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكَفَوِيُّ وَالطُّورِيُّ) . [الْمَادَّةُ (1126) قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ] الْمَادَّةُ (1126) - (قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا. مَثَلًا إذَا قَسَّمَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا تَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً وَنَافِذَةً لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُهُ قَوْلًا بِأَنْ قَالُوا: أَحْسَنْتَ أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً) . قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَصِحُّ فِيهِ

التَّوْكِيلُ يَتَوَقَّفُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ فِيهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالْقِسْمَةُ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا التَّوْكِيلُ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَحَقُّ الْإِجَازَةِ فِي قِسْمَةِ الْفُضُولِيِّ هِيَ لِلْمَقْسُومِ لَهُمْ أَوْ لِوَكِيلِهِمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ أَوْ وَصِيِّهِمْ أَوْ لِلْوَصِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِذَا أَجَازَ هَؤُلَاءِ قِسْمَةَ الْفُضُولِيِّ تَكُونُ نَافِذَةً وَلَا يَصِحُّ لَهُمْ رَدُّهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوا تَنْفَسِخُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ انْفِسَاخِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ بِالْإِجَازَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْإِجَازَةِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَعُودُ هَذَا الْحَقُّ بَعْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مَثَلًا لَوْ تَقَاسَمَ الشُّرَكَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَكَانَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا حِينَ الْقِسْمَةِ وَعِنْدَمَا عَلِمَ الْغَائِبُ بِإِجْرَاءِ الْقِسْمَةِ وَإِفْرَازِ حِصَّتِهِ قَالَ: لَا أَرْضَى بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا غَبْنًا فَاحِشًا، فَإِذَا زَرَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ مُجِيزًا لِلْقِسْمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ أَيْ الْمَالُ الْمَقْسُومُ قَائِمًا فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَقْسُومُ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ الْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فَرَسَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَقَسَّمَ أَحَدُ الْأَجَانِبِ الْفَرَسَيْنِ مَعَ الْحَاضِرِ وَأُخِذَتْ إحْدَاهُمَا حِصَّةً لِلْغَائِبِ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ فَأَجَازَ الْقِسْمَةَ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَتَبْقَى الْفَرَسُ الَّتِي فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ مُشْتَرَكَةً وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا فِي حَقِّ الْفَرَسِ التَّالِفِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ - حِصَّتَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ (الطُّورِيُّ) . لِأَنَّ حِصَّةَ الْغَائِبِ هِيَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1087) فَبِإِيدَاعِهِ الْفَرَسَ لِآخَرَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. تَقْسِيمُ الْإِجَازَةِ إلَى قِسْمَيْنِ: يُفْهَمُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: (1) الْإِجَازَةُ قَوْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ صَرَاحَةً. (2) الْإِجَازَةُ فِعْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ دَلَالَةً. مَثَلًا لَوْ قَسَّمَ أَحَدٌ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا عَلَى الشُّرَكَاءِ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (365 و 368) . وَعَطْفُ عِبَارَةِ (نَافِذَةً) عَلَى (جَائِزَةً) هُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ إذْ إنَّ مَعْنَى " لَا يَجُوزُ "، " لَا يَنْفُذُ "، لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي أُجْرِيَتْ قِسْمَتُهُ مِنْ طَرَفِ الْفُضُولِيِّ قَوْلًا أَيْ صَرَاحَةً بِنَحْوِ أَحْسَنْتَ أَوْ أَجَزْنَا هَذِهِ الْقِسْمَةَ، أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ، وَقَدْ فُسِّرَ بِذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ تَعْبِيرُ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فِي الْمَوَادِّ (304، 312، 335، 344، 359) .

كَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَ بَالِغٌ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ مَالًا مُشْتَرَكًا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ وَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ الْمُفْرَزَةِ كَأَنْ بَاعَ مَثَلًا بَعْضَهَا فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَادَّةُ (1127) - (يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً أَيْ أَنْ تُعْدَلَ الْحِصَصُ بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ لَا تَكُونُ بِإِحْدَاهَا نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمَقْسُومُ لَهُمْ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ) . يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً أَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ مَالَ شَرِكَةٍ أَوْ مَالًا آخَرَ أَيْ أَنْ تُعْدَلَ الْحِصَصُ بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِإِحْدَاهَا نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (165) وَشَرْحَهَا كَمَا تُسْمَعُ أَيْضًا دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ وَتَسْلِيمِ الْحِصَّةِ وَدَعْوَى الْحُدُودِ وَلَكِنْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى: أَنَّ كَذَا مَالًا مِنْ الْمَقْسُومِ كَانَ مَالًا لِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَقَعُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الدَّعْوَى، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مَسْمُوعَةٌ وَوَاحِدَةٌ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - إيضَاحُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْغَبْنِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْغَبْنَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، وَيُطْلَقُ عَلَى دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِيمَةِ وَهِيَ أَنْ يُقَدَّرَ بَدَلُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَيَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ بَدَلَهَا وَقِيمَتَهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَوْ كَانَتْ عَيْنُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ عَيْنِ الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ الزَّرْعِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَزْرُوعَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيْ أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . فَلِذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ وُجُودُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْحُجَّةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1160) وَتُقْسَمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُثْبَتَ وُجُودُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ فَلَا تُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الشَّرِيكِ أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَاضِي الَّذِي قَسَّمَ أَوْ عَلَى الْقَسَّامِ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي (الْبَاجُورِيُّ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ اقْتِسَامِ التَّرِكَةِ وُجُودَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَثْبَتَ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ فَلَهُ طَلَبُ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قِسْمَةً عَادِلَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ اُتُّفِقَ عَلَى إبْطَالِ الْقِسْمَةِ الْقَضَائِيَّةِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا وُقُوعُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُقَيَّدٌ وَمَشْرُوطٌ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْعَدْلِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَالَةٌ فِي الْقِسْمَةِ فَيَجِبُ فَسْخُهَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْغَبْنُ الْفَاحِشُ رِضَائِيَّةً فَإِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ جَوَازِ فَسْخِهَا فَفِي ذَلِكَ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُمْ

قَالُوا: كَمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ تَغْرِيرٍ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ أَيْضًا الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ التَّرَاضِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ الرِّضَائِيَّةُ أَيْضًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ إبْطَالُهَا عِنْدَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ شَرْطِ الْقِسْمَةِ وُجُودُ الْمُعَامَلَةِ فِيهَا وَقَدْ عُدَّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ. فَلِذَلِكَ قَدْ ذُكِرَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَحَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (64) فَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَنَتِيجَةُ الْفَتَاوَى بِزِيَادَةٍ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ وُجُودُ التَّغْرِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ. وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ (الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) مِنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ وُجُودَ غَبْنٍ يَسِيرٍ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) فَلِذَلِكَ لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) . 2 - إيضَاحُ الْغَلَطِ، يُطْلَقُ عَلَى الِادِّعَاءِ بِوُقُوعِ الْغَلَطِ فِي تَسْلِيمِ الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ تَسْلِيمُهُ بِمُوجِبِ الْقِسْمَةِ دَعْوَى الْغَلَطِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِأَنَّ الْحِصَّةَ الْفُلَانِيَّةَ قَدْ أَصَابَتْهُ حِينَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ سُلِّمَتْ سَهْوًا إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ دَعْوَى الْغَلَطِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَقَرَّ الْخَصْمُ بِهَا أَوْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَأَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِاعْتِبَارِهِ خَارِجًا، وَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى الْأَخْذِ غَلَطًا مِنْ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ إذَا وُجِّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَأَيٌّ مِنْهُمْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ تُقْسَمُ حِصَّتُهُ وَحِصَّةُ الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ النُّكُولَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّاكِلِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1742 و 1820) . (وَالطُّورِيَّ وَالْكَفَوِيَّ وَرَدَّ الْمُحْتَارِ) وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّحَالُفِ قَسَمًا كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1160) . 3 - إيضَاحُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ، تَجُوزُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الْمَقْسُومَةِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ الْمَقْسُومِ مِنْ مَحِلِّ كَذَا إلَى مَحِلِّ كَذَا وَأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ ذَلِكَ فَإِذَا كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ هُوَ اخْتِلَافٌ عَلَى مَا حَصَلَ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1778) . 4 - إيضَاحُ دَعْوَى الْحُدُودِ: إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْمَقْسُومُ لَهُ قَائِلًا: إنَّ حُدُودَ حِصَّتِي هِيَ كَذَا مُدَّعِيًا عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ عَمْرٍو، وَادَّعَى عَمْرٌو بِأَنَّ حُدُودَ حِصَّتِهِ هِيَ إلَى مَحِلِّ كَذَا مُدَّعِيًا قِسْمًا مِنْ الَّذِي تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَأَيٌّ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ، وَإِذَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ يَجْرِي التَّحَالُفُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ دَارًا وَبَعْدَ أَنْ أَفْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْغُرْفَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْآخَرِ هِيَ مِنْ حِصَّتِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ

بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْخَارِجِ. 5 - إيضَاحُ دَعْوَى أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَقْسُومَةِ هُوَ لِي، قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1658) أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ يُمْكِنُ إقَامَةُ خَمْسِ دَعَاوَى فِي الْقِسْمَةِ أَرْبَعٌ مِنْهَا مَسْمُوعَةٌ وَالْخَامِسَةُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَقْسُومُ لَهُمْ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالتَّصَرُّفِ بِالْحِصَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (359) تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ هُوَ اعْتِرَافٌ بِالْقَبْضِ كَامِلًا فَالِادِّعَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عِنْدَ الشَّرِيكِ كَذَا مَالًا مُنَاقِضٌ لِلْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَالتَّنَاقُضُ مُبْطِلٌ لِلدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1647) سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً. مَثَلًا لَوْ اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْأَمْوَالَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ عُرُوضٍ وَعَقَارَاتٍ بَعْضِهَا قِسْمَةُ رِضَاءٍ وَبَعْضِهَا قِسْمَةُ قَضَاءٍ ثُمَّ أَقَرُّوا بَعْدَ التَّقْسِيمِ بِاسْتِيفَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (الْبَهْجَةُ) وَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ فَلَا يُقَامُ شَاهِدٌ عَلَيْهَا حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِمَاعِ الشَّهَادَةِ صِحَّةُ الدَّعْوَى. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ: يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِّ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ إقْرَارِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْغُرَرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ وَفِي صُورَةِ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِمَادِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فَإِذَا ظَهَرَ الْحَقُّ بِالتَّأَمُّلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَظَهَرَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمَقْسُومُ لَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْخَانِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَنَقْدِ الْفَتَاوَى وَالتَّنْوِيرِ أَنَّ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ لَا تُسْمَعُ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلُ الثَّانِي وَصَدَرَتْ الْإِرَادَةُ السَّنِيَّةُ بِهِ وَعَلَيْهِ فَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْمُفْتَى بِهَا وَالْمَعْمُولُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْمَحَاكِمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) . مُسْتَثْنَيَاتٌ: تُسْمَعُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الدَّعَاوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ: 1 - إذَا أَقَرَّ الْمَقْسُومُ لَهُمْ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى وُقُوعِ التَّنَاقُضِ،؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بَعْدَ قَوْلِهِ: قَدْ اسْتَوْفَيْتُ، مَعْنَاهُ: لَمْ اسْتَوْفِ حَقِّي وَأَنَّ حَقِّي بَاقٍ عِنْدَكَ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنَّ التَّنَاقُضَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1653) فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِارْتِفَاعِ التَّنَاقُضِ.

المادة (1128) يشترط في قسمة الرضاء رضاء كل واحد من المتقاسمين

إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ بِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1589) . 3 - تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَصْبِ، إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَقْسُومُ لَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَادَّعَى الْغَصْبَ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا يَمْنَعُ إقْرَارُهُ السَّابِقُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنْ اسْتِمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى. (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (1563) . مَثَلًا لَوْ اقْتَسَمَ اثْنَانِ مِائَةَ شَاةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَاسْتَلَمَ أَحَدُهُمَا سِتِّينَ شَاةً وَاسْتَلَمَ الْآخَرُ أَرْبَعِينَ وَادَّعَى مُسْتَلِمُ الْأَرْبَعِينَ شَاةً أَنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ شَاةً وَأَنَّهُ قَبَضَهَا وَأَنَّ شَرِيكَهُ اغْتَصَبَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَشْرَ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ وَخَلَطَهَا بِشِيَاهِهِ وَأَنْكَرَ مُدَّعِيًا أَنَّ حِصَّتَهُ سِتُّونَ شَاةً وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ أَرْبَعُونَ شَاةً فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ السِّتِّينَ شَاةً؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي الْغَصْبَ وَالْآخَرَ مُنْكِرٌ لَهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (76) . (الطُّورِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ، إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ، بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، عَلَى الْآخَرِ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى كَمَا جَاءَ فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْمُلْتَقَى وَالْغُرَرِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ فِي حَقِّ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَاقِعٌ أَيْضًا فِي دَعْوَى الْغَلَطِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ قَيْدٌ يَمْنَعُ سَمَاعَ هَذِهِ الدَّعْوَى، فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ سَمَاعُهَا مُخَالِفًا لِأَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ. [الْمَادَّةُ (1128) يُشْتَرَطُ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ رِضَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ] الْمَادَّةُ (1128) - (يُشْتَرَطُ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ رِضَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُهُمْ لَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ وَإِذَا كَانَ مِنْ ضِمْنِهِمْ صَغِيرٌ فَيَقُومُ مَقَامَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي فَيُنَصِّبُ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَتُقْسَمُ بِمَعْرِفَتِهِ) . يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ وَنَفَاذِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ رِضَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا غَابَ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَائِبٌ وَقَسَّمَ الْحَاضِرُونَ وَأَفْرَزُوا حِصَّةَ الْغَائِبِ فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الرِّضَاءِ أَيْ لَا تَكُونُ لَازِمَةً، مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَارِثِينَ فِي دِيَارٍ أُخْرَى وَوَرَثَةً آخَرِينَ حَاضِرِينَ وَقَسَّمَ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ التَّرِكَةَ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ بَيْنَهُمْ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي وَأَفْرَزُوا حِصَّةَ الْغَائِبِينَ عَنْ حُضُورِهِمَا أَنْ لَا يُجِيزُوا الْقِسْمَةَ وَأَنْ يَنْقُضَاهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا حَضَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَجَازُوا الْقِسْمَةَ فَتَلْزَمُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الْغَائِبُ وَأَجَازَ وَرَثَتُهُ تَنْفُذُ الْقِسْمَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (1126) . مُسْتَثْنًى: وَتُسْتَثْنَى الْمِثْلِيَّاتُ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1117) أَنَّ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ وَبِدُونِ إذْنِهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ تَمَّتْ الْقِسْمَةُ، فَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ الْمَادَّةُ (1117) مُخَصِّصَةً لِهَذِهِ الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَمَا أَنَّهُ فِي بَعْضِ صُوَرِ قِسْمَةِ الْقَضَاءِ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1129) . وَإِذَا كَانَ مِنْ ضِمْنِهِمْ أَيْ مِنْ ضِمْنِ الْمُتَقَاسِمِينَ قَاصِرُونَ أَيْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَعْتُوهٌ فَيَقُومُ مَقَامَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَتَجْرِي الْقِسْمَةُ بِحُضُورِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ وَبِانْضِمَامِ رَأْيِهِ، أَمَّا إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ بِدُونِ حُضُورِهِمَا فَلَا تَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلشُّرَكَاءِ عَلَى أُولَئِكَ الْقَاصِرِينَ (الطُّورِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا أَجَازَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ وَرَثَةُ الصَّغِيرِ بَعْدَ وَفَاتِهِ هَذِهِ الْقِسْمَةَ فَتَكُونُ لَازِمَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1126) . وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ فَكَانَ أَصْلُ الْقِسْمَةِ بَيْعًا وَالْوَصِيُّ الْمُقْتَدِرُ عَلَى بَيْعِ مَالِ التَّرِكَةِ مُقْتَدِرٌ عَلَى قِسْمَةِ وَإِفْرَازِ التَّرِكَةِ عَنْ الصَّبِيِّ (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الْقِسْمَةِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ اقْتَسَمَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَعَ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ وَقَبَضَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالْوَصِيُّ حِصَّةَ الصَّغِيرِ وَأَمْسَكَهَا جَازَ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ حِصَّةُ الصَّغِيرِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَارِثِ الْكَبِيرِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . أَمَّا تَقْسِيمُ مَنْ لَا يَقْتَدِرُونَ عَلَى بَيْعِ مَالِ التَّرِكَةِ كَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَزَوْجِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ عَلَى الصَّغِيرِ (التَّتَارْخَانِيَّة) . الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ فِي خُصُوصِ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ: قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ مِنْ الْمَقْسُومِ لَهُمَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ يَعْنِي لَوْ كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَقُسِمَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ يَصِحُّ التَّقْسِيمُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرَيْنِ وَقَسَّمَ الْوَصِيُّ عَنْ الصَّبِيَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ، وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَمَّا الْأَبُ فَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي تَقْسِيمِ أَمْوَالِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ، كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي حَقِّ الْأَبِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (167) . (التَّتَارْخَانِيَّة) . إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَلِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلشُّرَكَاءِ وِلَايَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَتَصَرُّفُهُمْ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ غَيْرُ نَافِذٍ (الطُّورِيُّ وَجَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . وَيُنَصَّبُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَصِيٌّ وَيَجْرِي التَّقْسِيمُ بِمَعْرِفَتِهِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي تَعْيِينِ الْقَاضِي وَصِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ حُضُورُ ذَلِكَ الصَّغِيرِ، فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي نَصْبُ وَصِيٍّ عَنْهُ، وَالْفَرْقُ هُوَ: إذَا كَانَ الصَّغِيرُ حَاضِرًا فَتَتَوَجَّهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْهُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى، أَمَّا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ غَائِبًا فَلَا يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْ الصَّبِيِّ الْغَائِبِ الَّذِي تَحْتَ وِلَايَةِ قَضَائِهِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الْقَاضِي

(المادة 1129) يشترط الطلب في قسمة القضاء

بِوُجُودِ الصَّغِيرِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَا يُوجَدُ مُنَافَاةٌ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ الْغَائِبُ غَيْرَ مُقِيمٍ فِي مَحِلٍّ تَحْتَ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْهُ حَيْثُ لَا تُقَامُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّغِيرِ أَمَامَ ذَلِكَ الْقَاضِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) وَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَيُّ وِلَايَةٍ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ أَمَّا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ تَحْتَ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْقَاضِي بَلْ كَانَ سَاكِنًا فِي قَرْيَةٍ تَابِعَةٍ لِوِلَايَةِ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً مُدَّةُ السَّفَرِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْهُ. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَكَانَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ عَاقِلًا بَالِغًا وَالثَّانِي صَغِيرًا وَالثَّالِثُ مَجْنُونًا فَطَلَبَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَصِيًّا وَيَقْسِمُ التَّرِكَةَ الْقَابِلَةَ لِلْقِسْمَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ فِي غَيْرِ بَلْدَتِهِ وَتَرَكَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ صِغَارًا وَكِبَارًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ أَوْصِيَاءَ عَنْ الْمُتَوَفَّى فَلَيْسَ لَهُمْ تَقْسِيمُ التَّرِكَةِ بَلْ لَهُمْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي وَبَعْدَ أَنْ يُنَصَّبَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَصِيٌّ عَنْ الصِّغَارِ وَوَكِيلٌ عَنْ الْكِبَارِ الْغَائِبِينَ يَجْرِي التَّقْسِيمُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1129) يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ] الْمَادَّةُ (1129) - (يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ، فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي جَبْرًا مَا لَمْ يَقَعْ طَلَبٌ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ) . يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1829) وَهَذَا الطَّلَبُ سَبَبٌ لِقِسْمَةِ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1114) . فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي جَبْرًا أَيْ حُكْمًا مَا لَمْ يَقَعْ طَلَبٌ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَيْ مَا لَمْ يَقَعْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي مِنْ الشَّرِيكِ النَّافِعِ لَهُ التَّقْسِيمُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1140) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ قَدْ قُيِّدَ فِي الْمَادَّةِ (1140) . فَلِذَلِكَ إذَا رَاجَعَ الشُّرَكَاءُ الْقَاضِيَ وَادَّعَوْا أَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكُهُمْ الْمُشْتَرَكُ وَطَلَبُوا تَقْسِيمَهُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مَنْقُولًا يُقْسَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَعْنِي سَوَاءٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ أَوْ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَ الِاشْتِرَاكِ، أَمَّا الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ فَقَطْ فَبِمَا أَنَّهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَتُقْسَمُ جَبْرًا أَيْضًا مَا لَمْ تَتَبَدَّلْ الْمَنْفَعَةُ. أَمَّا إذَا تَبَدَّلَتْ فَلَا جَبْرَ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ إذَا كَانَ مَنْقُولًا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ إذَا بَقِيَ عَلَى حَالٍ فَإِذَا قُسِّمَ وَسُلِّمَ إلَى أَصْحَابِ الْحِصَصِ فَيَكُونُ قَدْ جُعِلَ مَضْمُونًا عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ فَفِي التَّقْسِيمِ فَائِدَةٌ (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا فَإِذَا بَيَّنَ الشُّرَكَاءُ الشِّرَاءَ أَوْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَيْ إذَا قَالُوا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِلْكُنَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا لِمَاذَا هُوَ مِلْكُهُمْ وَبِأَيِّ صُورَةٍ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ فَيُقْسَمُ أَيْضًا، وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا التَّقْسِيمُ إلَى

إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ بِالشِّرَاءِ يَزُولُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ فِي الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمٌ عَلَى الْغَيْرِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَوْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يُقِرُّوا فِي هَذَا الْعَقَارِ مِلْكًا لِلْغَيْرِ فَلَا يُوجَدُ حَالٌ مَانِعٌ لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشُّرَكَاءُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مَوْرُوثٌ لَهُمْ عَنْ فُلَانٍ فَيُقْسَمُ الْعَقَارُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلَا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هِيَ بَاقِيَةٌ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى وَتَقْسِيمُ التَّرِكَةِ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى الْمُتَوَفَّى بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُتَوَفَّى بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ التَّرِكَةِ الْبَاقِيَةِ مِلْكِيَّةِ الْمُتَوَفَّى فِيهَا بَلْ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ التَّرِكَةِ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُتَوَفَّى فِي زَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالنِّتَاجِ وَالْأَرْبَاحِ إذْ إنَّهُ تُقْضَى دُيُونُ الْمُتَوَفَّى وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمَّا بَعْدَ التَّقْسِيمِ فَلَا يَبْقَى حَقٌّ لِلْمُتَوَفَّى وَلَا تُقْضَى دُيُونُهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَبَعْدَ تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا نُبَيِّنُ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: س (1) - كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ خَصْمٌ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَيْ مُدَّعٍ يَلْزَمُ أَيْضًا مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1684) فَمَنْ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا؟ . ج - يَكُونُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ أَخْصَامًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَيْ مُدَّعِينَ، فَيَتَشَكَّلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ. س (2) - لَا يُوجَدُ أَوْلَوِيَّةٌ وَرُجْحَانٌ فِي اعْتِبَارِ فُلَانٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُهُ أَصِيلًا عَنْ نَفْسِهِ وَمُدَّعِيًا فَيُصْبِحُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَالْحُكْمُ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ الْجَهَالَةِ؟ ج - لِلْقَاضِي الْحُصُولُ عَلَى الْمَقْصُودِ أَنْ يُنَصِّبَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مُدَّعِيًا وَأَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ وِلَايَتِهِ وَبِنَصْبِ الْقَاضِي تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ. س (3) - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1117) أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَبِمَا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ بِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَفَاةِ؟ . ج - إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ وَكَانَ يُوجَدُ فَائِدَةٌ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَلِهَذَا نَظِيرَانِ: أَوَّلُهُمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَلِلْمُدَّعِي لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ لِيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ غَيْرِ الْمُقِرِّينَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ؛ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَائِدَةُ التَّعْدِيَةِ، كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُزَاحَمَةُ الْغُرَمَاءِ. ثَانِيهِمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ عَلَى الْغَيْرِ بَاطِلٌ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالطُّورِيُّ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ حِينَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ حَمْلًا فَصُورَةُ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي تَأْلِيفِنَا الْمُسَمَّى بِتَسْهِيلِ الْفَرَائِضِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ.

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُقَسَّمُ الْعَقَارُ وَلَوْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِيرَاثٌ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَفَاةِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَعَدَمَ وُجُودِ مُنَازَعَةٍ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِيَّتِهِمْ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (68) إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُبَيَّنَ فِي جِهَةِ التَّقْسِيمِ أَنَّ الْمَقْسُومَ لَهُ قَدْ قُسِّمَ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِ الْوَرَثَةِ حَتَّى أَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ مَقْصُورٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِذَلِكَ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى وَمُدَبَّرِيهِ وَلَا يُعْتَقُونَ. كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ اثْنَانِ وَقَالَا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ فِي يَدِنَا وَنَطْلُبُ تَقْسِيمَهُ وَلَمْ يَقُولَا: إنَّهُ مِلْكُنَا فَلَا يُقَسَّمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قِسْمَةَ حِفْظٍ مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) . قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.: تَصِحُّ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ تَارَةً وَلَوْ غَابَ الشُّرَكَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ وُجُودُ شُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُرَادُ تَقْسِيمُهُ مَوْرُوثًا وَمُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ التَّرِكَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ وَالتَّرِكَةِ فَيُقَسَّمُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ مُدَّعِيًا أَصَالَةً وَالْوَارِثُ الْآخَرُ الْحَاضِرُ يَكُونُ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَنِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ يُعْتَبَرُ الْمُدَّعِي الْخَارِجَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ، وَالتَّقْسِيمُ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ وَاقِعًا فِي حُضُورِ الْمُتَقَاسِمِينَ وَحُكْمًا فِي مُوَاجَهَتِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ كَانَ مُشْتَرَكًا بِسَبَبٍ آخَرَ كَاشْتِرَاءِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَقْسِيمُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ شَرِيكًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا وَسَوَاءٌ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ لَمْ تُقَمْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالشِّرَاءِ هُوَ مِلْكٌ جَدِيدٌ وَلَيْسَ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ كَالْإِرْثِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ بِالِاشْتِرَاكِ عَقَارًا وَقَبَضُوهُ ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الشُّرَكَاءُ الْحُضُورُ فِي غَيْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ الْقَاضِي تَقْسِيمَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَتَسْلِيمَ حِصَّةِ الْغَائِبِ إلَى يَدِ عَدْلٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إجْرَاءُ التَّقْسِيمِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الشَّرِكَةِ شِرَاءٌ وَعَرَضٌ مُؤَخَّرًا فِيهَا إرْثٌ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ. مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ عَقَارًا بِالِاشْتِرَاكِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَبَقِيَتْ حِصَّةٌ لِوَلَدَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شَرِكَتَيْنِ: (أُولَاهُمَا) الشَّرِكَةُ الْأُولَى الْحَاصِلَةُ بِالشِّرَاءِ. (الثَّانِيَةُ) الشَّرِكَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ اشْتِرَاكُ الْأَخَوَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فِي خَمْسٍ، وَبِمَا أَنَّ النَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ هُوَ لِلشَّرِكَةِ الْأُولَى فَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ فِي الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْأُولَى إرْثًا وَالشَّرِكَةُ الثَّانِيَةُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ فَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ خَمْسَةِ إخْوَةٍ إرْثًا وَكَانَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ صَغِيرًا وَاثْنَانِ مِنْهُمْ حَاضِرَيْنِ وَاثْنَانِ مِنْهُمْ غَائِبَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُ الْحَاضِرَيْنِ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ فَرَاجَعَ زَيْدٌ الْقَاضِي وَطَلَبَ التَّقْسِيمَ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ عَلَى

الْقِسْمَةِ وَيُعَيِّنُ نَائِبًا عَنْ الْغَائِبَيْنِ وَالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَكَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ الْحَقَّ فِي إجْرَاءِ التَّقْسِيمِ مَعَ شَرِيكِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ (الطُّورِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ بَعْضُ مَسَائِلَ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ هُوَ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ضَمَانُ الْغُرُورِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1658) . وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِالشِّرَاءِ مِلْكًا جَدِيدًا: وَهِيَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَى بَائِعِ الْبَائِعِ. الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا كَانَ الْخَصْمُ الْمُوصَى لَهُ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عَقَارًا وَقُسِمَ بِدُونِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا. الشَّرْطُ الثَّالِثُ - يُشْتَرَطُ حُضُورُ لَا أَقَلَّ مِنْ وَارِثَيْنِ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ حُضُورُ وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ فَكَأَنَّهُ حَضَرَ وَارِثَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ اثْنَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا مُدَّعِيًا وَالْآخَرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ قَضَاءً وَتُودَعُ حِصَّةُ الْغَائِبِ إلَى يَدِ عَدْلٍ لِفَائِدَةِ الْغَائِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ أَوْ مُوصًى لَهُ وَاحِدٌ فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ وَلَوْ أُقِيمَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ الْحَاضِرُ مُدَّعِيًا لَا يُوجَدُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ الْحَاضِرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ مُدَّعٍ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ (الطُّورِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فِي حُضُورِ وَارِثٍ وَاحِدٍ أَوْ مُوصًى لَهُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مُقَاسِمًا وَمُقَاسَمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَنَّهُ وَإِنْ شُرِطَ لُزُومُ حُضُورِ لَا أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ الشُّرَكَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ غَائِبًا وَكَانَ الْحُضُورُ بَالِغًا وَصَغِيرًا وَكَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فِي يَدِ الْبَالِغِ الْحَاضِرِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ وَوَصِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ كَانَ فِي يَدِ أُمِّ الصَّغِيرِ وَكَانَتْ غَائِبَةً فَلَا يُقْسَمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْقِسْمَةِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْزَعُ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الصَّغِيرِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ خَصْمٍ عَنْ الصَّغِيرِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْمَالِ الْمَقْسُومِ فِي يَدِ الْحَاضِرِينَ الْبَالِغِينَ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ كُلُّ الْمَالِ الْمَقْسُومِ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْغَائِبِ أَوْ فِي يَدِ مُسْتَوْدِعِهِ أَوْ مُسْتَعِيرِهِ فَلَا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ حُكْمًا وَقَضَاءً

(المادة 1130) طلب أحد الشريكين القسمة وامتنع الآخر

فَالتَّقْسِيمُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ حُكْمٌ عَلَى الْغَائِبِ بِدُونِ حُضُورِ نَائِبِهِ وَيُوجِبُ نَزْعَ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سُؤَالٌ - إذَا كَانَ كُلُّ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي يَدِ الْغَائِبِ أَوْ قِسْمٌ أَزْيَدُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي يَدِهِ وَأُجْرِيَتْ الْقِسْمَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ نَزْعَ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْغَائِبِ مِقْدَارٌ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ نَزْعَ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ التَّقْسِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُوجِبًا لِلْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَفِي حَالَةِ التَّسَاوِي يَبْقَى الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَفِي حَالَةِ النُّقْصَانِ يُضَمُّ إلَيْهِ شَيْءٌ (الطُّورِيُّ) ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ تَجْرِي الْقُرْعَةُ فِي الْقِسْمَةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1151) فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُصِيبَ الْحِصَّةُ الَّتِي فِي يَدِ الْغَائِبِ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَجِبُ نَزْعُ الَّتِي فِي يَدِ الْغَائِبِ. [ (الْمَادَّةُ 1130) طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ] الْمَادَّةُ (1130) - (إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيَقْسِمُهُ الْقَاضِي جَبْرًا إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَقْسِمُهُ (1) عَلَى مَا يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ) يُشْتَرَطُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْهَا فَيَقْسِمُهُ الْقَاضِي جَبْرًا أَيْ حُكْمًا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَالتَّقْسِيمُ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ أَمْرٌ لَازِمٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَيْدُ (إذَا طَلَبَ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (1129) فَلِذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ وَادَّعَى الشَّرِيكُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْهُ الْقِسْمَةُ أَنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ لِآخَرَ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ الْبَيْعِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ هَذِهِ لِدَفْعِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِإِثْبَاتِ فِعْلِهِ الْبَيْعَ إبْطَالَ حَقِّ شَرِيكِهِ الْقَسِيمِ (الطُّورِيُّ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَلَا يَقْسِمُهُ الْقَاضِي جَبْرًا أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْسِيمُهُ؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ عَلَى الْقِسْمَةِ هُوَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَبِمَا أَنَّهُ فِي ذَلِكَ تَفْوِيتٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَيَنْتُجُ التَّقْسِيمُ عَكْسَ الْمَقْصُودِ (أَبُو السُّعُودِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1183) . وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ دَارًا أَوْ حَانُوتًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ وَتَنَازَعَ الشَّرِيكَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: لَا أُؤَجِّرُهَا وَلَا أَنْتَفِعُ بِهَا، وَقَالَ الْآخَرُ: أُرِيدُ الِانْتِفَاعَ أَوْ التَّأْجِيرَ. وَرَاجَعَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَالْقَاضِي يُهَايِئُهُمَا وَيَقُولُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ: (إنْ شِئْتَ انْتَفِعْ فِي نَوْبَتِكَ وَإِنْ شِئْتَ أَغْلِقْ الْمَحَلَّ) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ أُجِيبَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1118) عَلَى الِاعْتِرَاضِ الْوَاقِعِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ جَبْرًا بِدَاعِي أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْقِسْمَةِ جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ وَبِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمُبَادَلَةِ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ (الطُّورِيُّ) . وَإِجْبَارُ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ الْقِسْمَةِ مِنْ وَاجِبَاتِ الْقَاضِي أَيْ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَى

(المادة 1131) قابل القسمة هو المال المشترك الصالح للتقسيم

الْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ شَاءَ بَاشَرَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَمَسْأَلَةُ أَخْذِ الْقَاضِي أُجْرَةً مُقَابِلَ عَمَلِ التَّقْسِيمِ قَدْ بُيِّنَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1122) . وَإِنْ شَاءَ لَا يُبَاشِرُ التَّقْسِيمَ بِنَفْسِهِ وَيُحِيلُهُ إلَى قَسَّامٍ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ هُوَ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ أَيْ فِي تَقْسِيمِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِالتَّرَاضِي وَبِالذَّاتِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ بِتَقْسِيمِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَقَسَمُوهُ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ حَقُّهُمْ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1141) . [ (الْمَادَّةُ 1131) قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ] الْمَادَّةُ (1131) - (قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بِالْقِسْمَةِ) . قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِهَا فِي حَقِّ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ أَوْ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمَوْجُودَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَيْ أَنَّ كُلَّ مَالٍ مُشْتَرَكٍ يَنْتَفِعُ بِهِ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانْتِفَاعِهِمْ بِحِصَصِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ لِزِيَادَةِ حِصَّتِهِ فَالْمَالُ الْمَذْكُورُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1139 و 1140) . مَثَلًا الْحَمَّامُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اُنْتُفِعَ بَعْدَ تَقْسِيمِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ إصْطَبْلًا أَوْ مَخْزَنًا إلَّا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ قَبْلَ التَّقْسِيمِ قَدْ فَاتَتْ. كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَقْسِيمَ الْحَانُوتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا الَّذِي كَانَا يَشْتَغِلَانِ ضِمْنَهُ فَيُقَسَّمُ الْحَانُوتُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ يَسْتَطِيعَانِ الْقِيَامَ بِالْعَمَلِ الَّذِي كَانَا يَقُومَانِ بِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . إذَا طَلَبَ شَرِيكٌ تَقْسِيمَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ لَا يَنْتَفِعُ مُطْلَقًا بِإِحْدَى الْحِصَصِ الْمُفْرَزَةِ وَكَانَ لِذَلِكَ الشَّرِيكِ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِالْمَالِ الْمَقْسُومِ وَضُمِّنَتْ حِصَّتُهُ إلَى ذَلِكَ الْمِلْكِ أَوْ كَانَ فِي جِوَارِ ذَلِكَ مَوَاتٌ فَإِذَا أُحْيِيَ تُصْبِحُ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ صَالِحَةً لِلِانْتِفَاعِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَتَجْرِي فِي هَذَا الْمِلْكِ الْقِسْمَةُ الْجَبْرِيَّةُ كَمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ (الْبَاجُورِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقِسْمَةِ) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ أَصْلٌ وَضَابِطٌ فِي حَقٍّ قَابِلِ الْقِسْمَةِ وَتَعْيِينُ قَابِلِيَّةِ الْحَمَّامِ وَالْخَانِ وَالدَّارِ تَجْرِي حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَذَلِكَ لَوْ كَانَ قِسْمٌ مِنْ الْحَمَّامِ مَخْصُوصًا بِالرِّجَالِ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ مَخْصُوصًا بِالنِّسَاءِ وَكَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَهُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلِانْتِفَاعِ بِهَا كَالِانْتِفَاعِ مِنْهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَلَا تُقَسَّمُ. وَلِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَلْزَمُنَا بَيَانُ ثَلَاثِ مَسَائِلَ: -

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - أَنْ يَنْتَفِعَ جَمِيعُ الْمُتَقَاسِمِينَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالنَّفْعِ الَّذِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ تَحْتَوِي عَلَى دَائِرَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْحَرِيمِ وَالْأُخْرَى لِلرِّجَالِ وَكَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِسْمَ الْحَرِيمِ وَالْآخَرُ قِسْمَ الرِّجَالِ فَيَنْتَفِعُ كِلَاهُمَا بِالْمَنْفَعَةِ الَّتِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ نَافِعَةً لِأَحَدِ الْمُتَقَاسِمِينَ وَضَارَّةً بِالْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ عُشْرُ دَارٍ لِأَحَدٍ وَبَاقِيهَا لِلْآخَرِ فَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا وَحُرِمَ صَاحِبُ الْعُشْرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُهُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ لِقِلَّةِ نَصِيبِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَنْتَفِعُ لِوَفْرَةِ حِصَّتِهِ فَتُقْسَمُ هَذِهِ الدَّارُ لِطَلَبِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَتَضَرَّرَ كِلَا الْمُتَقَاسِمِينَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقْسَمُ بِحُكْمِ الْقَاضِي. قَدْ بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ هُنَا تَحْتَاجُ لِلتَّدْقِيقِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَالٍ شُرَكَاءُ مُتَعَدِّدُونَ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ وَلَكِنَّهُ قَابِلٌ لَهَا عَنْ طَائِفَةٍ كَأَنْ تَكُونَ الْعَرْصَةُ الْمُشْتَرَكَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ عَشْرَةِ أَشْخَاصٍ وَقَابِلَةً لِلتَّقْسِيمِ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَاجْتَمَعَ خَمْسَةُ شُرَكَاءَ مَعًا وَطَلَبُوا الْخَمْسَ الْحِصَصَ الْعَائِدَةَ إلَيْهِمْ فِي قِسْمٍ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّقْسِيمِ إذَا امْتَنَعَ الشُّرَكَاءُ الْآخَرُونَ؟ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ صَرَاحَةٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي تُحْفَةِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ الَّتِي بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْعِبَارَةُ الْأَصْلِيَّةُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ هِيَ: (وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهَا: لَوْ كَانَ نِصْفُ الدَّارِ لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِخَمْسَةٍ أُجِيبَ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ فَلِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسَةِ مُشَاعًا لَمْ يُجَبْ أَحَدُهُمْ لِلْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ الْجَمِيعَ وَإِنْ طَلَبَ أَوَّلًا الْخَمْسَةُ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مُشَاعًا أَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِعَشْرَةٍ وَطَلَبَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مُشَاعًا أُجِيبُوا؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِنَصِيبِهِمْ كَمَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَإِنَّ النَّقْلَ الْوَارِدَ فِي كِتَابِ الْبَدَائِعِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ مُؤَيِّدٌ لِذَلِكَ وَلْنُورِدْهُ هُنَا: (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَمَّ نَصِيبُ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ إلَى بَعْضٍ إلَّا إذَا رَضُوا بِالضَّمِّ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقِسْمَةِ ثَانِيًا) . وَإِذَا طَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ تِلْكَ الْحِصَصِ الْخَمْسِ تَقْسِيمَ حِصَصِهِمْ بَيْنَهُمْ فَلَا تُقْسَمُ قَضَاءً وَحُكْمًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1140) . وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ إذَا طَلَبَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ الْخَمْسِ الْقِسْمَةَ وَجَمْعَ حِصَصِهِمْ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْسَمُ وَتُفْرَزُ الْحِصَصُ الْخَمْسُ وَتُعْطَى لِأَصْحَابِهَا مُشَاعًا. وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ عَشْرَةِ أَشْخَاصٍ عَلَى السَّوِيَّةِ وَغَيْرَ قَابِلَةٍ قِسْمَتَهَا إلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ فَاجْتَمَعَ خَمْسَةُ شُرَكَاءَ مِنْهُمْ مَعًا وَطَلَبُوا جَمْعَ الْخَمْسِ الْحِصَصِ الْعَائِدَةِ إلَيْهِمْ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَتُقْسَمُ الدَّارُ بَيْنَهُمْ جَبْرًا وَحُكْمًا، أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ حِصَّتِهِمْ وَتَقْسِيمَهَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَلَا تُقَسَّمُ جَبْرًا وَحُكْمًا وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ لَمْ تُوجَدَا فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ.

(الفصل الثالث) في بيان قسمة الجمع

[ (الْفَصْلُ الثَّالِثُ) فِي بَيَانِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ] تَقْسِيمُ الْقِسْمَةِ بِاعْتِبَارِ الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ: يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ الْجَبْرِ فِيهَا مِنْ عَدَمِهِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْقِسْمَةُ الَّتِي يَجُوزُ الْجَبْرُ فِيهَا، أَيْ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ كَتَقْسِيمِ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقِسْمَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ فِيهَا أَيْ الَّتِي لَا يُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ كَتَقْسِيمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ. الْمَادَّةُ (1132) (تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ، يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِي يُقَسِّمُ ذَلِكَ حُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ) تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ قِسْمَةَ جَمْعٍ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ بِانْفِرَادٍ يَعْنِي بِدُونِ أَنْ تَتَدَاخَلَ، أَيْ إنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُ ذَلِكَ حُكْمًا وَجَبْرًا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ - وَلَوْ بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ - حَسَبَ الْمَادَّةِ (1129) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ قَابِلَةٌ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهَا الْمُعَادَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ الْمُتَّحِدَةُ الْجِنْسِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ الْقِيَمِيَّاتِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى الْقِسْمَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمُبَادَلَةِ فِيهَا رَاجِحَةٌ وَغَالِبَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1118) وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْمُبَادَلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ جِهَةُ إفْرَازٍ فَقَدْ جَازَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِجِهَةِ الْإِفْرَازِ (الدُّرَرُ) . فَلِذَلِكَ تُقَسَّمُ الْمِثْلِيَّاتُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّمْنِ وَالْقِيَمِيَّاتُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَجَمِيعِ أَصْنَافِ الدَّوَابِّ عَلَى حِدَةٍ وَانْفِرَادِ قَضَاءِ قِسْمَةِ جَمْعٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَقَوْلُهُ: (عَلَى حِدَةٍ) أَيْ بِدُونِ تَدَاخُلٍ كَأَنْ تُقَسَّمَ أَيْ تُفْرَزُ الْحِنْطَةُ مَثَلًا إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَكَذَا الشَّعِيرُ الْمُشْتَرَكُ وَلَا تُقَسَّمُ هَذِهِ بِالتَّدَاخُلِ يَعْنِي لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَأُعْطِيَ أَحَدُهُمَا حِنْطَةً وَأُعْطِيَ الْآخَرُ مُقَابِلَ ذَلِكَ شَعِيرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَنَمٌ وَخَيْلٌ مُشْتَرَكَةٌ فَأُعْطِيَ أَحَدُهُمَا الْغَنَمَ وَأُعْطِيَ الْآخَرُ مُقَابِلَ ذَلِكَ الْخَيْلِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (أَبُو السُّعُودِ) . فَإِذَا كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُتَّحِدَةُ الْجِنْسِ حَيَوَانَاتٍ فَتُعَدُّ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ وَلَوْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مِنْ جِهَةِ

الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ ذُكُورًا وَمِائَةٌ أُخْرَى إنَاثًا وَكَانَ يُوجَدُ تَسَاوٍ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ تَقْسِيمُهَا قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِأَنْ تُعْتَبَرُ الذُّكُورُ قِسْمًا وَالْإِنَاثُ قِسْمًا آخَرَ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِأَنْ يُجْعَلَ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مَا عَدَا الْإِنْسَانَ هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (140) . إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1133 و 1134) يُبَيَّنُ بِهِمَا أَسْبَابُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَا تَحْتَوِيَانِ عَلَى حُكْمٍ أَصْلِيٍّ وَمَعَ أَنَّ بَيَانَ الْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ هُوَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الشُّرُوحِ إلَّا أَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَلَّةِ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ. الْمَادَّةُ (1133) - (بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَقِسْمَتُهَا، عَدَا أَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِأَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، يَكُونُ قَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ وَحَصَلَ عَلَى تَمَامِيَّةِ مِلْكِهِ بِهَا، فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَأَصْبَحَ مَالِكًا لِلْحِنْطَةِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّتَهُ. وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ، وَكَذَا أُقَّةً مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ سَبِيكَةَ حَدِيدٍ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْبَزِّ، وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَيْضِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا) . بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ مُعْتَدٌّ بِهِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ جَمْعٍ عَدَا أَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِأَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، يَكُونُ كُلُّ شَرِيكٍ قَدْ أَخَذَ صُورَةَ عَيْنِ حَقِّهِ وَحَصَلَ عَلَى تَمَامِيَّةِ مِلْكِهِ بِهَا فَهِيَ نَافِعَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ جَبْرًا وَحُكْمًا. فَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَقْسِيمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسِينَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَمِائَةِ أُقَّةٍ جَوْزٍ وَثَوْبٍ مِنْ الْجُوخِ قِسْمَةَ جَمْعٍ، يَعْنِي لَوْ كَانَتْ خَمْسُونَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَجُوزُ تَقْسِيمُهَا بَيْنَهُمَا بِإِعْطَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ خَمْسُونَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَخَمْسُونَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ أَيْضًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُقْسَمُ الشَّعِيرُ بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَيْلَةً، وَتُقْسَمُ الْحِنْطَةُ أَيْضًا بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً. فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ الْحِنْطَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا يَعْنِي إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ وَالْآخَرُ النِّصْفَ الْآخَرَ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَخَذَ عَيْنَ حَقِّهِ صُورَةً وَمَعْنًى كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1117) وَأَصْبَحَ مَالِكًا مُسْتَقِلًّا لِلْحِنْطَةِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّتَهُ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ هُنَا (بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا) هُوَ لِلسَّبَبِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1124) . وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ سَبِيكَةِ ذَهَبٍ وَكَذَا أُقَّةً مِنْ سَبِيكَةِ فِضَّةٍ أَوْ سَبِيكَةِ نُحَاسٍ أَوْ سَبِيكَةِ حَدِيدٍ (مِثَالٌ لِلْمَوْزُونَاتِ) ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْبَزِّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (مِثَالٌ لِلْمَزْرُوعَاتِ وَالْمِثْلِيَّاتِ) ، وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَيْضِ أَوْ الْجُوخِ (مِثَالٌ لِلْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ) هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا أَيْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَلِذَلِكَ تُقْسَمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ.

(المادة 1135) لا تجري قسمة القضاء في الأجناس المختلفة

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ سَبِيكَةُ ذَهَبٍ وَزْنُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَبِيكَةُ فِضَّةٍ وَزْنُهَا ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَقُسِمَتَا تَقْسِيمَ جَمْعٍ فَتُقْسَمُ سَبِيكَةُ الذَّهَبِ قِسْمَيْنِ فَيَأْخُذُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْهُمَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَتُقْسَمُ سَبِيكَةُ الْفِضَّةِ تَقْسِيمَ جَمْعٍ أَيْضًا إلَى قِسْمَيْنِ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ تِلْكَ السَّبِيكَةِ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَلَا يَجُوزُ تَقْسِيمُهُمَا قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِإِعْطَاءِ أَحَدِهِمَا سَبِيكَةَ الذَّهَبِ ذَاتَ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ وَالْآخَرِ الْفِضَّةِ ذَاتَ الثَّلَاثَةِ الْآلَافِ الدِّرْهَمِ الْمُسَاوِيَةِ لِقِيمَةِ الذَّهَبِ. وَتُقَاسُ الْأَمْثِلَةُ الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ. الْمَادَّةُ (1134) - (وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ جُزْئِيًّا صَارَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَعُدَّتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا، وَكَذَا مِائَةَ جَمَلٍ وَمِائَةَ بَقَرَةٍ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا) وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ إلَّا أَنَّهُ بِاعْتِبَارِهِ جُزْئِيًّا أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ فَرْقٍ وَتَفَاوُتٍ فَاحِشٍ صَارَ التَّفَاوُتُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَتُمْكِنُ رِعَايَةُ الْمُعَادِلَةِ وَالْمُسَاوَاةِ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ، فَلِذَلِكَ قَدْ عُدَّتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا يَعْنِي قَدْ جَازَتْ قِسْمَتُهَا قِسْمَةُ جَمْعٍ بِقِسْمَةِ قَضَاءٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1132) . وَقَدْ اُعْتُبِرَ الِاخْتِلَافُ وَالتَّفَاوُتُ فِي الْقِسْمَةِ مَعْفُوًّا (الْمِنَحُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّاةِ مَثَلًا اللَّحْمُ وَلَا يَتَفَاوَتُ كَثِيرًا كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْفَرَسِ الرُّكُوبُ وَهَذَا أَيْضًا لَا يَتَفَاوَتُ فَاحِشًا فَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ فِي الْقِسْمَةِ جِهَةُ إفْرَازٍ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1116) وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْقِسْمَةِ طَالِبًا مِنْ الْقَاضِي الِانْتِفَاعَ وَحْدَهُ بِنَصِيبِهِ وَمَنْعَ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحِصَّتِهِ وَإِزَالَةَ الضَّرَرِ وَالظُّلْمِ عَنْهُ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الطَّلَبُ مَشْرُوعًا فَعَلَى الْقَاضِي إجَابَةُ طَلَبِهِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ (الدُّرَرُ وَالْعَيْنِيُّ وَفَتْحُ الْمُعِينِ) . مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ خَمْسُمِائَةِ شَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَى قِسْمَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَأَنَّهُ أَخَذَ عَيْنَ حَقِّهِ صُورَةً. قِيلَ (كَأَنَّهُ أَخَذَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1118) أَنَّ الْحِصَّةَ الَّتِي يَأْخُذُهَا الشَّرِيكُ عِنْدَ تَقْسِيمِ الْقِيَمِيَّاتِ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا عَيْنَ حَقِّهِ وَكَذَا مِائَةُ جَمَلٍ وَكَذَا مِائَةُ بَقَرَةٍ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا أَيْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَدْ عُدَّ صِنْفُ الْجَمَلِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ عَلَى حِدَةٍ وَبِانْفِرَادٍ، وَلِذَلِكَ تَجْرِي فِي الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ قِسْمَةُ الْجَمْعِ قِسْمَةُ قَضَاءٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَا تَجْرِي فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ قَضَاءٍ بِالتَّدَاخُلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1135) لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ] الْمَادَّةُ (1135) - (لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ أَيْ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَيْ لَا

يَسُوغُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَهَا قِسْمَةَ جَمْعٍ جَبْرًا بِطَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَيْ لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَثَلًا مِقْدَارَ كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ؛ أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا كَذَا شَاةً وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا إبِلًا أَوْ بَقَرَةً، أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا سَيْفًا وَاعَطَاءِ الْآخَرِ سِرْجًا، أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا دَارًا وَاعَطَاءِ الْآخَرِ حَانُوتًا أَوْ ضَيْعَةً. أَمَّا قِسْمَةُ الرِّضَاءِ الْجَارِيَةِ بِرِضَائِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَجَائِزَةٌ) لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ أَيْ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ أَيْ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْجَمْعِ قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِالتَّدَاخُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ اخْتِلَاطٌ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ فَالْقِسْمَةُ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا لَا تَكُونُ تَمْيِيزًا بَلْ تَكُونُ مُعَاوَضَةً مَعَ أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي فِي الْإِجْبَارِ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ وَالْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ لَا تَثْبُتُ إلَّا إذَا وُجِدَ فِي الْقِسْمَةِ تَمْيِيزٌ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ فِي الْمَقَاصِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةَ جَمْعٍ هُوَ مُعَاوَضَةٌ صِرْفَةٌ فَيَحْتَاجُ إلَى رِضَاءِ كُلِّ الشُّرَكَاءِ. (الدُّرَرُ وَالْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَوْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَهَذَا هُوَ تَفْسِيرُ قِسْمَةِ الْقَضَاءِ. وَقَدْ عُرِفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1122) أَيْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْسِمَ قِسْمَةَ جَمْعٍ جَبْرًا بِطَلَبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَفِي حَالَةِ امْتِنَاعِ الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَنْ تَقْسِيمِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ بِطَرِيقِ التَّدَاخُلِ وَطَلَبَ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) أَيْ لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مَثَلًا كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ وَإِعْطَاءِ آخَرَ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا بَغْلًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ شَاتَيْنِ أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْأَغْنَامِ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا سَيْفًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ سِرْجًا، أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا دَارًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ حَانُوتًا أَوْ ضَيْعَةً، أَوْ إعْطَاءِ أَحَدِهِمَا دَارًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ دَارًا أُخْرَى فِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذُكِرَتْ اعْتِبَارًا مِنْ الْمَادَّةِ (1132) أَنَّ الْقِسْمَةَ بِاعْتِبَارِ الْمَقْسُومِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - قِسْمَةُ الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَالشَّرِيكُ الَّذِي يَمْتَنِعُ عَنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ يُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَيْهَا بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. النَّوْعُ الثَّانِي - قِسْمَةُ الْقِيَمِيَّاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ أَيْضًا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْقِسْمَةِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى الْقِسْمَةِ فِيمَا إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْقِسْمَةَ. النَّوْعُ الثَّالِثُ - قِسْمَةُ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ فَلَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى

(المادة 1136) الأواني المختلفة بحسب اختلاف الصنعة

الْقِسْمَةِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ. أَمَّا إذَا رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ فَالْقِسْمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ كَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مَثَلًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ كَذَا كَيْلَةَ شَعِيرٍ فَهِيَ قِسْمَةُ رِضَاءٍ وَجَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلشُّرَكَاءِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ فِي ذَلِكَ. وَأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ عَلَى الْجَبْرِ قَدْ كَانَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُعَادَلَةِ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ الْفَاحِشِ فِي الْمَقَاصِدِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَبْقَى حَقُّ أَحَدِهِمْ عِنْدَ الْآخَرِ، وَلَكِنْ إذَا رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِذَلِكَ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمَقْسُومِ لَهُمْ قَدْ أَسْقَطَ الْحَقَّ الَّذِي عِنْدَ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ. (الْفَتْحُ وَالدُّرَرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1136) الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ] الْمَادَّةُ (1136) - (الْأَوَانِي الْمُخْتَلِفَةُ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ مَصْنُوعَةً مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ تُعَدُّ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ) . كَمَا تُعَدُّ أَيْضًا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ إذَا كَانَتْ مَصْنُوعَةً مِنْ مَعْدِنٍ مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ. وَأَوَانِي جَمْعُ إنَاءٍ وَالْإِنَاءُ بِمَعْنَى الظَّرْفِ كَطَاسَةِ النُّحَاسِ وَالْأَبَارِيقِ وَطَشْتِ النُّحَاسِ فَلَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ قَضَاءٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَجْرِي قِسْمَةٌ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إبْرِيقَ نُحَاسٍ وَإِعْطَاءِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ إبْرِيقَ نُحَاسٍ آخَرَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1119) . (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1137) الْحُلِيَّاتُ وَكِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ] الْمَادَّةُ (1137) - (الْحُلِيَّاتُ وَكِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ أَيْضًا، أَمَّا الْجَوَاهِرُ الصَّغِيرَةُ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ الصَّغِيرِ وَأَحْجَارِ الْمَاسِ الصَّغِيرَةِ فَتُعَدُّ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ) . الْحُلِيَّاتُ وَكِبَارُ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ أَيْضًا، فَلِذَلِكَ لَا تَجْرِي فِيهَا قِسْمَةُ الْقَضَاءِ حَيْثُ يُوجَدُ بَيْنَهَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ أَبُو السُّعُودِ وَالْحُلِيَّاتُ جَمْعُ الْجَمْعِ لِلْحُلِيِّ - بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ - وَمُفْرَدُهَا حَلْيٌ - بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ - وَالْحَلْيُ هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْمَاسُ وَالْيَاقُوتُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْجَوَاهِرِ الَّتِي تَتَزَيَّنُ بِهَا النِّسَاءُ. وَالْجَوَاهِرُ جَمْعُ جَوْهَرٌ - بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ - وَهِيَ اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَالزَّبَرْجَدُ وَالْجَوَاهِرُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ نَوْعِ الزُّمُرُّدِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا سُئِلَ لِمَاذَا ذُكِرَ اسْمُهُمَا عَلَى حِدَةٍ؟ فَيُجَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا قُوبِلَ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ أَيْ ذُكِرَ الْخَاصُّ بَعْدَ الْعَامِّ فَيُرَادُ بِذَلِكَ مَا عَدَّا الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ عَلَى الْحُلِيَّاتِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقْصِدُ مِنْ الْحُلِيَّاتِ غَيْرَ اللُّؤْلُؤِ وَالْجَوَاهِرِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُلِيَّاتِ الْمَعْمُولَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَاسِ فَيَكُونُ الْعَطْفُ الْمَذْكُورُ عَطْفُ الْمُبَايِنِ عَلَى الْمُبَايَنِ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] . (الْآيَةُ) . أَبُو السُّعُودِ

(المادة 1138) الدور العديدة والدكاكين والضياع مختلفة الجنس

وَلِذَلِكَ يَدْخُلُ اللُّؤْلُؤُ فِي تَعْبِيرِ الْجَوَاهِرِ، وَعَلَى هَذَا الْحَالِ فَعَطْفُ الْجَوَاهِرِ عَلَى اللُّؤْلُؤِ الْكَبِيرِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ كَقَوْلِ: جَاءَنِي زَيْدٌ وَإِنْسَانٌ. سُؤَالٌ - لَا تَخْلُو هَذِهِ الْمَادَّةَ مِنْ مَعْنَيَيْنِ: (الْأَوَّلُ) إذَا اُعْتُبِرَ اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ مَعًا وَنُظِرَ إلَيْهِ مَا نَظْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُمَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ أَيْ أَنَّ اللُّؤْلُؤَ جِنْسٌ وَالْيَاقُوتَ جِنْسٌ آخَرُ كَمَا أَنَّ الْمَاسَ جِنْسٌ وَاللُّؤْلُؤَ جِنْسٌ آخَرُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ مَرَّتْ فِي الْمَادَّةِ (1135) . (الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ صِنْفَ اللُّؤْلُؤِ فَقَطْ وَالْيَاقُوتِ فَقَطْ وَالْمَاسِ فَقَطْ مُخْتَلِفُ الْجِنْسِ مَعَ كَوْنِهَا غَيْرَ مُخْتَلِفَةٍ بَلْ مُتَّحِدَةٍ لِأَنَّ هَذَا الْمَاسَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمَاسِ كَمَا أَنَّ هَذَا الْيَاقُوتَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْيَاقُوتِ؟ . الْجَوَابُ - الْمَقْصُودُ مِنْهُ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ أَنَّ عِبَارَةَ: (مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ يَعْنِي مِنْ مُنَاسِبَاتِهَا لِفُحْشِ التَّفَاوُتِ بَيْنَهَا فَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ كَالْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ فَلِذَلِكَ لَا تَجْرِي فِيهَا قِسْمَةُ الْقَضَاءِ رَدُّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ) . أَمَّا الْجَوَاهِرُ الصَّغِيرَةُ مِثْلُ اللُّؤْلُؤِ الصَّغِيرِ وَأَحْجَارِ الْمَاسِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ قِيمَتُهَا بَيْنَ أَفْرَادِهَا فَإِنَّهَا تُعَدُّ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَلِذَلِكَ تَجْرِي فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ الْقَضَاءَ عَلَى حِدَةٍ. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: تُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي تَقْسِيمِ الْجَوَاهِرِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - هُوَ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْسِيمِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً، وَعَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمَاسِ أَوْ الزُّمُرُّدِ بِانْفِرَادٍ وَعَلَى حِدَةٍ. الْقَوْلُ الثَّانِي - عَدَمُ جَوَازِ قِسْمَةِ الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الْمَاسِ مَعَ الْيَاقُوتِ بِطَرِيقِ التَّدَاخُلِ أَيْ بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمَاسَ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ الْيَاقُوتِ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَتُقَسَّمُ كَمَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْأَجْنَاسِ. وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْجَوْهَرَةِ. جَوَازُ قِسْمَةِ الْقَضَاءِ فِي الْجَوَاهِرِ الْكَبِيرَةِ لِوُجُودِ تَفَاوُتٍ فَاحِشٍ بَيْنَ أَفْرَادِهَا. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْجَوَاهِرُ صَغِيرَةً فَيَجُوزُ تَقْسِيمُهَا لِأَنَّ التَّفَاوُتَ الْمَوْجُودَ بَيْنَ أَفْرَادِهَا هُوَ تَفَاوُتٌ جُزْئِيٌّ (الطُّورِيُّ وَمِنَحُ الْغَفَّارِ) وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّالِثَ [ (الْمَادَّةُ 1138) الدُّورُ الْعَدِيدَةُ وَالدَّكَاكِينُ وَالضِّيَاعُ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ] الْمَادَّةُ (1138) - (الدُّورُ الْعَدِيدَةُ وَالدَّكَاكِينُ وَالضِّيَاعُ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ، مَثَلًا لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِأَنْ يُعْطَى لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدُّورِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى بَلْ تُقَسَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا

قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي) . الدُّورُ وَالدَّكَاكِينُ وَالضِّيَاعُ وَالْعَرَصَاتُ الْعَدِيدَةُ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ كَمَا بَيَّنَ الزَّيْلَعِيّ وَلَوْ كَانَتْ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ زُقَاقٍ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُلَاصِقَةً بَعْضَهَا لِبَعْضٍ. وَمِنْ قَبِيلِ الْمُخْتَلِفِ الْجِنْسِ كَمَا بَيَّنَتْ الْجَوْهَرَةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ، فَلِذَلِكَ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ قَضَاءً (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) لِأَنَّ الدُّورَ وَإِنْ كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا بِاعْتِبَارِ السُّكْنَى إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ فِي الْمَقَاصِدِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَدِ وَالْجِيرَانِ وَقُرْبِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَالسُّوقِ فَيُوجَدُ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ بَيْنَهَا فَلَا يُمْكِنُ التَّعْدِيلُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تُقَسَّمُ جَبْرًا وَقَضَاءً الطُّورِيُّ. مَثَلًا لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِأَنْ يُعْطَى إلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدُّورِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَاحِدَةً إلَى أَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى إلَى الْآخَرِ وَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ جَمْعٍ قِسْمَةَ قَضَاءٍ بَلْ تُقَسَّمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَيْ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ. وَكَذَلِكَ التَّقْسِيمُ قَضَاءً بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مَخْزَنًا غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا أَنَّ إعْطَاءَ أَحَدِهِمَا دَارًا وَإِعْطَاءَ الْآخَرِ عَرْصَةً قِسْمَةَ قَضَاءٍ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا (الْجَوْهَرَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . تَفْصِيلَاتٌ فِي تَقْسِيمِ الدُّورِ وَالْبُيُوتِ وَالْغُرَفِ: الْخُلَاصَةُ أَنَّ الْمَسَاكِنَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدُّورُ الْقِسْمُ. الثَّانِي - الْبُيُوتُ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْغُرَفُ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْمَنَازِلُ وَتُسَمَّى بُيُوتًا. فَإِذَا كَانَتْ الدُّورُ فِي بِلَادٍ مُخْتَلِفَةٍ فَقِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِيهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا إذَا كَانَتْ فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَإِجْرَاءُ الْقِسْمَةِ فِي هَذَا الْحَالِ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي فَإِذَا رَأَى الْقَاضِي أَنَّهُ أَصْلَحَ فَيُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ وَإِذَا لَمْ يَرَهُ أَصْلَحَ فَلَا يُقَسِّمُهُ قِسْمَةَ جَمْعٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَةِ أَصْلِ السُّكْنَى وَالِاسْمِ وَالصُّورَةِ فَهِيَ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ نَظَرًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَتَفَاوُتِ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى فِيهَا فَإِذَا قُسِّمَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَضَرَّرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ لِقِلَّةِ سَهْمِهِ، فَلِذَلِكَ فُوِّضَتْ صُورَةُ التَّقْسِيمِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فَإِنْ شَاءَ قَسَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُقَسِّمْهَا (وَعَلَى هَذَا الْخَلَاصِ الْأَقْرِحَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ أَوْ الْكُرُومُ الْمُشْتَرَكَةُ) . (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطُّورِيُّ) . وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَمَعَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الدُّورِ الْمُتَعَدِّدَةِ قِسْمَةَ جَمْعٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إلَّا أَنَّهُ إذَا رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ جَمْعًا فَتُقَسَّمُ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْجَمْعِ جَبْرًا بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ (الْفَرَائِدُ الْبَهِيَّةُ) . يَعْنِي لَوْ كَانَتْ عَرْصَتَانِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ إحْدَاهُمَا مِلْكٌ وَالْأُخْرَى وَقْفٌ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا

(الفصل الرابع) في بيان قسمة التفريق

قِسْمَةَ جَمْعٍ بِإِعْطَاءِ أَحَدِهِمَا عَرْصَةَ الْمِلْكِ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ عَرْصَةَ الْوَقْفِ. أَمَّا الْمَنَازِلُ فَإِذَا كَانَتْ مُتَلَاصِقَةً أَيْ مُتَّصِلًا بَعْضُهَا بِالْبَعْضِ الْآخَرِ فَتَجُوزُ قِسْمَتُهَا قِسْمَةُ جَمْعٍ بِقِسْمَةِ قَضَاءٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَبَايِنَةً أَيْ مُتَفَرِّقًا بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فَلَا تُقَسَّمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ بِقِسْمَةِ قَضَاءٍ كَالدُّورِ. أَمَّا الهراو فَتُقَسَّمُ عَلَى حِدَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَحِلَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي دَاخِلِ الدَّارِ وَفَوْقَ الْغُرْفَةِ. فَإِذَا كَانَتْ مُتَلَاصِقَةً فَيَجْرِي فِيهَا قِسْمَةُ الْمُفْرَدِ وَإِلَّا فَتَجْرِي قِسْمَةَ الْجَمْعِ. أَمَّا الْغُرَفُ فَتُقَسَّمُ تَقْسِيمَ جَمْعٍ بِقِسْمَةِ قَضَاءٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مُحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مُحَلَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الْبُيُوتِ يَسِيرٌ (الْجَوْهَرُ وَالطُّورِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) . [ (الْفَصْلُ الرَّابِعُ) فِي بَيَانِ قِسْمَةِ التَّفْرِيقِ] ِ) تُلَخَّصُ مَسَائِلُ قِسْمَةِ التَّفْرِيقِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إنَّ تَقْسِيمَ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَتَكُونُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - تِلْكَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُون مُضِرًّا بِعُمُومِ الشُّرَكَاءِ فَتَكُونُ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَمُضِرًّا بِبَعْضِهِمْ فَتُقَسَّمُ بِطَلَبِ الشُّرَكَاءِ النَّافِعِ لَهُمْ التَّقْسِيمُ، وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ الْآخَرِينَ أَيْ الْمُضِرِّ بِهِمْ التَّقْسِيمُ. . الْمَادَّةُ (1139) - (إذَا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَبْعِيضُ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ غَيْرَ مُضِرٍّ بِأَيْ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ، مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ عَرْصَةٌ وَكَانَ يُنْشَأُ أَبْنِيَةٌ وَتُغْرَسُ أَشْجَارٌ وَتُحْفَرُ بِئْرٌ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْعَرْصَةِ بَاقِيَةً. وَكَذَلِكَ لَوْ قُسِّمَتْ دَارٌ فِيهَا مَنْزِلَانِ وَاحِدٌ لِلرِّجَالِ وَالْآخَرُ لِلْحَرِيمِ فَتَفْرِيقُهَا وَتَقْسِيمُهَا إلَى دَارَيْنِ لَا يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى الْمَقْصُودَةَ مِنْ الدَّارِ وَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ صَاحِبَ دَارٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَلِذَلِكَ تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ، سَوَاءٌ فِي الْعَرْصَةِ أَوْ فِي الدَّارِ، يَعْنِي إذَا طَلَب أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُقَسِّمُهَا الْقَاضِي جَبْرًا) إذَا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَبْعِيضُ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ أَيْ تَقْسِيمُهَا إلَى أَقْسَامٍ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ غَيْرَ مُضِرٍّ

بِأَيْ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَيْ نَافِعٌ بِالنَّفْعِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1131) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ فِي خُصُوصِ الْقَابِلِيَّةِ لِلْقِسْمَةِ إلَى عَيْنِ الْمَقْسُومِ وَالنَّفْعِ وَحِصَصِ الشُّرَكَاءِ بِعَيْنِ الِاعْتِبَارِ إذْ يَكُونُ تَارَةً نَفْسُ الْعَيْنِ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ كَالْفَرَسِ وَالْكِتَابِ وَالْغُرْفَةِ الصَّغِيرَةِ وَيَكُونُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ تَارَةً غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا بِسَبَبِ عَدَمِ بَقَاءِ النَّفْعِ كَقِسْمَةِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَيَكُونُ طُورًا غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ وَحِصَصِهِمْ. مَثَلًا إذَا كَانَ الْمَالُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ إلَى قِسْمَيْنِ مَمْلُوكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَهُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ فَإِذَا تُوُفِّيَ الشَّرِيكَانِ وَخَلَّفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدَيْنِ وَكَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَهُوَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَتْ كَبِيرَةً فَإِذَا قُسِّمَتْ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَكَانَ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا تُنْشَأُ أَبْنِيَةٌ وَتُغْرَسُ أَشْجَارٌ وَتُحْفَرُ بِئْرٌ فَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بَاقِيَةٌ فَتَكُونُ هَذِهِ الْعَرْصَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ عَرْصَةً طُولُهَا ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عِشْرُونَ ذِرَاعًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِّمَتْ قِسْمَيْنِ فَيَخْرُجُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَرْصَةٌ طُولُهَا خَمْسَةَ عَشْرَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهَا عَشْرَةُ أَذْرُعٍ فَيَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُنْشِئَ دَارًا فِي نَصِيبِهِ. أَمَّا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْعَرْصَةُ مُشْتَرَكَةً بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ شَخْصًا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْعَرْصَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ بِإِفْرَازِ حِصَّةِ كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ. وَتَقْسِيمُهَا تَقْسِيمًا آخَرَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1131) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مُنَاصَفَةً وَمَشَاعًا وَقُسِّمَتْ عَلَى أَنْ تَكُونَ دَائِرَةُ الضُّيُوفِ قِسْمًا وَدَائِرَةُ الْحَرِيمِ قِسْمًا فَلَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ سُكْنَى الدَّارِ وَيَكُونُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ صَاحِبَ مَنْزِلٍ مُسْتَقِلٍّ فَتَكُونُ هَذِهِ الْقِسْمَةُ نَافِعَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. أَمَّا لَوْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ مُشْتَرَكَةً بِالتَّسَاوِي بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَإِذَا قُسِّمَتْ إلَى عَشْرَةِ أَقْسَامٍ وَكَانَ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْسَامِ غَيْرَ صَالِحٍ لِاِتِّخَاذِهِ مَنْزِلًا وَمَسْكَنًا مُسْتَقِلًّا فَلَا تَكُونُ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ بِتَقْسِيمِهَا إلَى عَشْرَةِ أَقْسَامٍ. فَلِذَلِكَ تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ سَوَاءٌ فِي الْعَرْصَةِ أَوْ فِي الدَّارِ يَعْنِي إذَا طَلَبَ أَصْحَابُ الدَّارِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ الْقِسْمَةِ فَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ تَكْمِيلُ الْمَنْفَعَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فِي حَالِ طَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ إجْرَاؤُهَا (الدُّرَرُ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي عَرْصَةِ وَقْفٍ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ وَكَانَ فِي حَالٍ تَقْسِيمِهَا يُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِانْتِفَاعُ بِحِصَّتِهِ وَكَانَ ذَلِكَ نَافِعًا لِلْوَقْفِ فَيُقَسِّمُ الْقَاضِي الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ بِطَلَبِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَبِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ بَعْضُ الْغِرَاسِ أَوْ الْبِنَاءِ وَقْفًا وَبَعْضُهُ مِلْكًا وَكَانَتْ الْمُعَادِلَةُ مُمَكِّنَةً فَتَجْرِي قِسْمَةُ

الْقَضَاءِ لِتَفْرِيقِ الْمِلْكِ عَنْ الْوَقْفِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَوَازُ التَّقْسِيمِ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1138) عَدَمُ جَوَازِ التَّقْسِيمِ بَيْنَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْمَالِكِ. كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ إجْرَاءِ الْقِسْمَةِ بِدَاعِي بَيْعِ حِصَّتِهِ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1130) . (جَامِعُ الْفَتَاوَى فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) . الْمَادَّةُ (1140) - (إذَا كَانَ تَبْعِيضُ وَتَفْرِيقُ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ نَافِعًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَمُضِرًّا بِالْآخَرِ يَعْنِي أَنَّهُ مُفَوِّتٌ لِمَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ فَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ لِلْقِسْمَةِ الْمُنْتَفَعَ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا كَذَلِكَ حُكْمًا. مَثَلًا إذَا كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ قَلِيلَةً لَا يَنْتَفِعُ بِهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالسُّكْنَى فِيهَا وَصَاحِبُ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ يَطْلُبُ قِسْمَتَهَا فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا قَضَاءً) . إذَا كَانَ تَفْرِيقُ وَتَبْعِيضُ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ أَيْ تَقْسِيمُهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ نَافِعًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِكَثْرَةِ حِصَّتِهِ وَمُضِرًّا الْآخَرَ لِقِلَّةِ حِصَّتِهِ أَيْ كَانَ مُفَوِّتًا لِمَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُنْتَفِعُ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا حُكْمًا كَمَا تُقَسَّمُ الْعَيْنُ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ؛ لِأَنَّ طَالِبَ التَّقْسِيمِ يَنْتَفِعُ بِهَذَا الطَّلَبِ حَيْثُ يَطْلُبُ حَصْرَ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ بِنَفْسِهِ وَمَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ فَالطَّلَبُ الْمَذْكُورُ مَشْرُوعٌ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّرِيكُ يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ ضَرَرُهُ الطُّورِيُّ. وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الضَّارِّ بِهِ التَّقْسِيمُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الشَّرِيكِ مَنْفَعَةٌ بِهَذَا الطَّلَبِ فَيَكُونُ طَلَبُهُ تَعَنُّتًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي تَقْسِيمِ الْعَيْنِ النَّافِعِ قَسْمُهَا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ وَالْمُضِرُّ بِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ: يُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي تَقْسِيمِ مِثْلِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - تُقَسَّمُ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ وَالْمُنْتَفِعِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمُضِرَّةُ بِهِ الْقِسْمَةُ. الْقَوْلُ الثَّانِي - تُقَسَّمُ تِلْكَ الْعَيْنُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمُضِرَّةُ بِهِ الْقِسْمَةُ وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ النَّافِعَةُ لَهُ الْقِسْمَةُ أَيْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ عَكْسُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ بِطَلَبِهِ التَّقْسِيمَ يَكُونُ طَالِبًا ضَرَرَ رَفِيقِهِ، وَأَمَّا طَلَبُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ فَهُوَ طَالِبٌ ضَرَرَ نَفْسِهِ وَرَاضٍ بِذَلِكَ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ - أَنْ تُقَسَّمُ الْعَيْنُ بِطَلَبِ أَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، أَيْ سَوَاءٌ طَلَب الْقِسْمَةَ الشَّرِيكُ النَّافِعَةُ لَهُ الْقِسْمَةُ أَوْ الشَّرِيكُ الْمُضِرَّةُ بِهِ الْقِسْمَةُ، وَقَدْ اخْتَارَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. وَأَفْتَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي بَهْجَةِ الْفَتَاوَى. وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِهَا " فَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ

لِلْقِسْمَةِ الْمُنْتَفَعُ فَالْقَاضِي يُقَسِّمُهَا كَذَلِكَ حُكْمًا " (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) . مَثَلًا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَثْلَاثًا أَيْ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثٌ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَانِ فَإِذَا قُسِّمَتْ تِلْكَ الدَّارُ فَبِمَا أَنَّ حِصَّةَ صَاحِبِ الثُّلُثِ قَلِيلَةٌ وَكَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِحِصَّتِهِ بِالسُّكْنَى فِيهَا وَكَانَتْ حِصَّةُ صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ التَّقْسِيمِ فَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِالسُّكْنَى فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَيُقَسِّمُهَا الْقَاضِي قَضَاءً. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ النِّصْفَ وَحِصَّةُ الشَّرِيكَيْنِ النِّصْفَ مُنَاصَفَةً أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّبْعُ وَكَانَ الِانْتِفَاعُ مُمْكِنًا بِنِصْفِ الْحِصَّةِ وَغَيْرَ مُمْكِنٍ بِرُبْعِ الْحِصَّةِ فَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ النِّصْفِ الْقِسْمَةَ يُجَابُ طَلَبُهُ وَتُفْرَزُ حِصَّتُهُ وَتُعْطَى لَهُ، أَمَّا الشَّرِيكَانِ الْآخَرَانِ فَتَبْقَى حِصَّتُهُمَا مَشَاعًا. مُسْتَثْنَيَاتٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ.: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الطَّرِيقُ، وَقَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ (1143) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الْمَسِيلُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1144) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الْوَقْفُ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقَارَ الْوَقْفِ الَّذِي يُتَصَرَّفُ فِيهِ مُشْتَرَكًا بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ يُقَسَّمُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: 1 - أَنْ يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُهُ فِيمَا لَوْ أُجْرِيَتْ الْقِسْمَةُ، فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَا يَنْتَفِعُ وَلَوْ وَاحِدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِحِصَّتِهِ الَّتِي تُصِيبُهُ بِالْقِسْمَةِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ. 2 - أَنْ يَكُونَ التَّقْسِيمُ أَنْفَعَ فِي حَقِّ الْوَقْفِ، فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ بَقِيَ قِسْمُ عَرْصَةٍ لِلْوَقْفِ بَعْدَ التَّقْسِيمِ بِدُونِ طَرِيقٍ أَوْ كَانَ عَقَارُ الْوَقْفِ كَبِيرًا وَقُسِّمَ إلَى قَطْعٍ صَغِيرَةٍ تُزِيلُ شَرَفَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ حَسْبَ الْمَوْقِعِ وَتَتَدَنَّى بِسَبَبِ ذَلِكَ وَارِدَاتُهُ الْقَدِيمَةُ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ. 3 - أَنْ يَكُونَ التَّقْسِيمُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي، فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ الَّذِي يَقَعُ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَوَلِّي وَلَا يُعْتَبَرُ، فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ رِضَاءً كَمَا يَصِحُّ جَبْرًا وَقَضَاءً. مَثَلًا لَوْ طَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْمُتَصَرِّفِينَ فِي عَقَارِ وَقْفٍ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ عَنْهَا فَالْقَاضِي يُعَيِّنُ أَهْلَ خِبْرَةٍ لَهُمْ وُقُوفٌ تَامٌّ عَلَى أَحْوَالِ الْبِنَاءِ وَيَجْرِي الْكَشْفَ عَلَى أَبْنِيَةِ وَعَرْصَةِ الْعَقَارِ بِحُضُورِ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُتَوَلِّي وَيُجْرِي تَقْوِيمَهُمَا فَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْكَشْفِ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِصُورَةٍ نَافِعَةٍ لِلْوَقْفِ وَذَلِكَ بِشَهَادَةِ أَرْبَابِ الْوُقُوفِ فَيُقَسِّمُ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَسْبَ حِصَصِهِمْ بِقُرْعَةٍ بِدُونِ نَظَرٍ إلَى رِضَاءِ الْمُمْتَنِعِ وَيُفَرِّقُ حِصَصَ كُلٍّ مِنْهُمْ عَنْ الْأُخْرَى وَيَضَعُ عَلَامَاتٍ فَاصِلَةً بَيْنَهَا. أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا فَيَجِبُ

(المادة 1141) لا تجري قسمة في العين المشتركة التي يضر تفريقها

أَنْ يَكُونَ فِي التَّقْسِيمِ مَنْفَعَةٌ لَهُمْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقَسَّمُ بِمَعْرِفَةِ أَوْلِيَائِهِمْ أَوْ أَوْصِيَائِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَنْ يَنْتَفِعَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ النَّفْعَ الَّذِي كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ التَّقْسِيمِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ التَّقْسِيمُ غَيْرَ نَافِعٍ لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ أَوْ كَانَ نَافِعًا لِبَعْضِهِمْ وَمُضِرًّا بِالْآخَرِينَ أَوْ مُفَوِّتًا لِمَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُنْتَفِعِ، كَمَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ أَيْضًا بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْمُنْتَفِعِ. [ (الْمَادَّةُ 1141) لَا تَجْرِي قِسْمَةٌ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا] الْمَادَّةُ (1141) - (لَا تَجْرِي قِسْمَةٌ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا وَتَبْعِيضُهَا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ. مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ الطَّاحُونُ فَلَا تُسْتَعْمَلُ طَاحُونًا بَعْدُ، فَلِذَلِكَ تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا. وَعَلَيْهِ فَلَا يَسُوغُ لِلْقَاضِي قِسْمَتُهَا بِطَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَمَّا بِالتَّرَاضِي فَتُقَسَّمُ، وَالْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ أَوْ الْحَائِطُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ هِيَ كَذَلِكَ وَالْعُرُوضُ الْمُحْتَاجَةُ إلَى الْكَسْرِ وَالْقَطْعِ كَحَيَوَانٍ وَاحِدٍ وَمَرْكَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَرْجٍ وَاحِدٍ وَجُبَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحَجَرِ خَاتَمٍ وَاحِدٍ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي أَيْ وَاحِدٍ مِنْهَا) . لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يَضُرُّ تَفْرِيقُهَا وَتَبْعِيضُهَا أَيْ تَقْسِيمُهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَيْ الَّتِي تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْقِسْمَةِ قَدْ شُرِّعَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَإِجْرَاءُ الْقِسْمَةِ فِي عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ كَهَذِهِ يَسْتَوْجِبُ تَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ وَيَأْتِي بِعَكْسِ النَّتِيجَةِ (الدُّرَرُ) عَدَا أَنَّ طَالِبَ الْقِسْمَةِ هُوَ مُتَعَنِّتٌ وَمُتَصَدٍّ لِإِضْرَارِ الْغَيْرِ فَالْقَاضِي لَا يُبَاشِرُ عَمَلًا كَهَذَا غَيْرَ مُفِيدٍ وَبَاعِثًا لِلضَّرَرِ الطُّورِيُّ. مِثْلَا إذَا قُسِّمَتْ طَاحُونٌ مُشْتَرَكَةٌ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهَا طَاحُونًا (الدُّرَرُ) وَلَوْ كَانَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مُمْكِنًا بِاِتِّخَاذِهَا إصْطَبْلًا أَوْ مَخْزَنًا لَا تُعَدُّ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إذْ تَفُوتُ بِذَلِكَ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ فَلِذَلِكَ لَا يُقَسِّمُهَا الْقَاضِي بِطَلَبِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَيْ بِطَلَبِ بَعْضِهِمْ وَالْحَمَّامُ كَالطَّاحُونِ الطُّورِيُّ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الطَّاحُونُ ذَاتَ حَجَرَيْنِ وَكَانَ الْحَمَّامُ ذَا مَخْزَنَيْنِ وَكَانَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا كَالْأَوَّلِ فَهُمَا قَابِلَانِ لِلْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1131) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَقَدْ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِقِسْمَةِ مَعْصَرَةِ زَيْتٍ لِاثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى عُودَيْنِ وَمَطْبَخَيْنِ وَبِئْرَيْنِ لِلزَّيْتِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ بِلَا ضَرَرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا بِالتَّرَاضِي أَيْ بِتَرَاضِي جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَتُقَسَّمُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَهُمْ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي احْتِيَاجَاتِهِمْ (الطُّورِيُّ) . وَقِسْمَةُ الرِّضَاءِ عَلَى نَوْعَيْنِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1121) : -

النَّوْعُ الْأَوَّلُ - أَنْ يُقَسِّمَ الشُّرَكَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِالتَّرَاضِي بِمُبَاشَرَتِهِمْ التَّقْسِيمَ بِالذَّاتِ. النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يُرَاجِعَ الشُّرَكَاءُ الْقَاضِيَ وَأَنْ يُقَسِّمَهُ الْقَاضِي بِرِضَائِهِمْ جَمِيعًا. وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وَعَدَمِ جَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْهَا فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْكَنْزُ وَالطُّورِيُّ. وَأَمَّا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَلَا تَجْرِي قِسْمَةُ الرِّضَاءِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ فَلَا يُقَسِّمُهُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَشْتَغِلُ بِالْأَمْرِ الْغَيْرِ الْمُفِيدِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُوجِبًا لِأَضْرَارِ النَّاسِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلِذَلِكَ لَا يُبَاشِرُ تِلْكَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الَّذِي يَتَصَدَّى لِإِتْلَافِ مَالِهِ مِنْ الْإِتْلَافِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى التَّقْسِيمِ بِالذَّاتِ وَقَسَّمُوا فَلَا يَمْنَعُهُمْ الْقَاضِي مِنْ التَّقْسِيمِ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَفِقْرَةُ الْمَجَلَّةِ السَّالِفَةُ الذِّكْرِ لَا تُعَيِّنُ وَلَا تُخَصِّصُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ. وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَالْحَوْضُ وَلَوْ كَانَ عَشَرًا فِي عَشَرٍ وَالْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ سَوَاءٌ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ بِلَا أَرْضٍ وَالْغُرْفَةُ الصَّغِيرَةُ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ أَيْضًا كَذَلِكَ. أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقَسِّمُ ذَلِكَ جَبْرًا حَتَّى أَنَّ الْبِئْرَ وَالْقَنَاةَ لَوْ كَانَتَا ضِمْنَ الْعَرْصَةِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ فَتُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ عَلَى حِدَةٍ وَتُتْرَكُ الْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ الْمُجَرَّدُ أَيْ بِلَا أَرْضٍ لَا يُقَسَّمَانِ. وَإِذَا كَانَتْ الْقَنَاةُ مَعَ الْأَرْضِ فَتُقْسَمُ الْأَرْضُ عَلَى حِدَةٍ وَتُتْرَكُ الْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ مُشْتَرِكَيْنِ الطُّورِيُّ. وَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَقْتَسِمُوا ذَلِكَ بِرِضَائِهِمْ كَأَنْ يَقْتَسِمُوا الْحَمَّامَ وَالْغُرْفَةَ الصَّغِيرَةَ بِاِتِّخَاذِ الْحَمَّامِ مَخْزَنًا وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّ الْحَمَّامَ يَكُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ بَعْضًا كَمَا أَنَّ مَعْصَرَةَ الزَّيْتِ إذَا كَانَتْ مُشْتَرِكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ لَهَا عُودَانِ وَمَطْبَخَانِ وَبِئْرَانِ وَكَانَ مِنْ الْمُمَكَّنِ قِسْمَتُهَا بِلَا ضَرَرٍ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ (الْحَامِدِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْعُرُوضُ الْمُحْتَاجَةُ لِلْقَطْعِ وَالْكَسْرِ كَحَيَوَانٍ وَاحِدٍ وَمَرْكَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَرْجٍ وَاحِدٍ وَقَوْسٍ وَاحِدَةٍ وَبُنْدُقِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجُبَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحُلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحَجَرِ خَاتَمٍ وَاحِدٍ وَكُلِّ عُرُوضٍ يُوجِبُ تَقْسِيمُهَا ضَرَرًا هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا تَجْرِي فِي أَيْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قِسْمَةُ قَضَاءٍ إذْ لَوْ قُسِّمَتْ حُلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَحْصُلُ هَذَا التَّقْسِيمُ بِإِتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ ضَرَرٌ أَمَّا إذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى تَقْسِيمِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَصِحُّ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ حُلَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاقْتَسَمَاهَا بِالرِّضَاءِ فَشَقَّاهَا طُولًا أَوْ عَرْضًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ قِسْمًا مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . وَمَعْنَى قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (حَيَوَانٌ وَاحِدٌ وَمَرْكَبَةٌ وَاحِدَةٌ) أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ الْحَيَوَانُ الْوَاحِدُ وَالْمَرْكَبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَى قِسْمَيْنِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عَدَمَ جَوَازِ إعْطَاءِ حَيَوَانٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ مَرْكَبَةً لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1135) .

(المادة 1143) إذا طلب أحد الشركاء قسمة الطريق المشتركة بين اثنين

إذَا أُرِيدَ تَقْسِيمُ شَيْءٍ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَحَيَوَانٍ وَاحِدٍ أَوْ مَرْكَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَّفِقُ الشَّرِيكَانِ عَلَى بَيْعِهِ لِآخَرَ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ أَوْ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ أَوْ يُؤَجِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ أَوْ أَنْ يَتَهَايَأَ بِالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ (التَّنْقِيحُ وَالْخُلَاصَةُ) . الْمَادَّةُ (1142) - (كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ أَوْرَاقِ الْكِتَابِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ الْكِتَابِ الْمُنْقَسِمِ إلَى مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ جِلْدًا فَجِلْدًا) . كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ أَوْرَاقِ الْكِتَابِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ الْكِتَابِ الْمُنْقَسِمِ إلَى مُجَلَّدَاتٍ عَدِيدَةٍ كَكِتَابِ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَرْجَمَةِ الْقَامُوسِ جِلْدًا فَجِلْدًا حَيْثُ يَحْصُلُ بِتَقْسِيمِ الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ إتْلَافٌ لِلْمَالِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّقْسِيمِ تَكَامُلُ الْمَنْفَعَةِ الطُّورِيُّ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَجِبُ أَنْ يَنْتَفِعَ الشُّرَكَاءُ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ إمَّا بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمْ حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ وَإِمَّا أَنْ تُبَاعَ بِرِضَائِهِمْ جَمِيعًا وَتُقَسَّمُ أَثْمَانُهَا. كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ تِلْكَ الْكُتُبِ قِسْمَةَ جَمْعٍ مَثَلًا بِإِعْطَاءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كِتَابَ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَإِعْطَاءِ الْآخِرِ كِتَابَ الْهِنْدِيَّةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1143) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1143) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَةَ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ] الْمَادَّةُ (1143) - (إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَةَ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مُطْلَقًا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ تُقَسَّمُ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ إلَّا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّهَا فِي ذَلِكَ الْحَالِ تُقَسَّمُ) . إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَةَ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكَةِ بِالتَّسَاوِي أَوْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ - وَالْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ: أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ - الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِ أُولَئِكَ الشُّرَكَاءِ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مُطْلَقًا وَقَدْ قُصِدَ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الطَّرِيقِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1223) وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ الْقِسْمَةِ وَرُوجِعَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ يَنْظُرُ: وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَمِنْ الْمَادَّةِ (1223) أَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الطَّرِيقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ الَّتِي لَا تَكُونُ لِأَحَدٍ غَيْرَ الشُّرَكَاءِ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا كَأَنْ تَكُونَ عَرْصَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْخَاصٍ فَيَقْتَسِمُونَهَا بَيْنَهُمْ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَيَفْرِزُونَ مِنْهَا طَرِيقًا وَيَبْنُونَ فِيهَا خَمْسَةَ بُيُوتٍ، فَالطَّرِيقُ الْمَوْضُوعُ الْبَحْثُ فِيهَا هِيَ هَذِهِ الطَّرِيقُ وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ يُبَاعُ وَيُشْرَى وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ. النَّوْعُ الثَّانِي - الطَّرِيقُ الْمُحَاطَةُ بِالدُّورِ وَجَرَى إفْرَازُهَا لِلْمُرُورِ وَهِيَ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1223) .

وَقَدْ اُحْتُرِزَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ " الَّتِي لَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقٌّ بِالدُّخُولِ إلَيْهَا مُطْلَقًا " (الْهِنْدِيَّةُ) . وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْ النَّوْعُ الثَّانِي لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْرَى وَلَا يُقَسَّمُ. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ مِنْ الْحِصَصِ الْمُفْرَزَةِ تُقَسَّمُ فَإِذَا كَانَتْ حِصَصُهُمْ مَعْلُومَةً فَالطَّرِيقُ تُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ وَإِذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ، فِي التَّقْسِيمِ عَلَى هَذَا الْحَالِ إفْرَازٌ وَتَكْمِيلُ مَنْفَعَةٍ الطُّورِيُّ. أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ حِصَصُ الشُّرَكَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا تُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ مِسَاحَةِ أَمْلَاكِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّرِيقِ هُوَ الِاسْتِطْرَاقُ وَالْمُرُورُ مِنْهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ سِعَةِ الدَّارِ أَوْ ضِيقِهَا فَيَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ طَرِيقٌ سِعَتُهَا ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَكَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ وَكَانَ كُلُّ طَرَفٍ مِنْهَا مُسَاوِيًا فِي الْقِيمَةِ لِلطَّرَفِ الْآخَرِ فَتُقَسَّمُ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ الثُّلُثِ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ مِنْهَا وَصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ حِصَّةُ كُلِّ شَرِيكٍ فِي الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ فَتُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ عَدَدِ الرُّءُوسِ أَيْ تُقَسَّمُ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا أَيْ يُعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَالْحُكْمُ فِي السَّاحَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إذَا كَانَتْ حِصَصُ الشُّرَكَاءِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّ الشُّرَكَاءَ مُتَسَاوُونَ فِي اسْتِعْمَالِ السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَجَمِيعُهُمْ يَمُرُّونَ مِنْهَا وَيُكَسِّرُونَ حَطَبَهُمْ وَيَضَعُونَ أَشْيَاءَهُمْ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ ذَاتُ ثَلَاثَةِ غُرَفٍ غَرْفَتَانِ مِنْهَا مَمْلُوكَتَانِ لِوَاحِدٍ وَالْغُرْفَةُ الثَّالِثَةُ مَمْلُوكَةٌ لِآخَرَ وَكَانَ لَهَا سَاحَةٌ فَتُقَسَّمُ السَّاحَةُ الْمَذْكُورَةُ مُنَاصَفَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا يُعْطَى لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ ثُلُثَاهَا التَّنْقِيحُ وَالْحَامِدِيُّ. وَقَوْلُنَا (تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ بِحَسْبِ حِصَصِهِمْ) هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَقْسِيمِ الشُّرَكَاءِ بِالرِّضَاءِ وَإِجْرَاءِ التَّقْسِيمِ حُكْمًا وَجَبْرًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي مَشْرُوطٌ وَمُقَيَّدٌ بِالْعَدَالَةِ. أَمَّا إذَا قَسَّمَ الشُّرَكَاءُ بِالرِّضَاءِ وَشَرَطُوا فِي الْقِسْمَةِ تَفَاوُتَ حِصَصِهِمْ فِي الطَّرِيقِ حَالٍ كَوْنِ شَرِكَتِهِمْ فِي الدَّارِ مُتَسَاوِيَةً جَازَ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ مُتَفَاضِلًا فِي الْأَمْوَالِ غَيْرِ الرِّبَوِيَّةِ صَحِيحٌ وَجَائِزٌ الطُّورِيُّ. جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ طَرِيقٌ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الطَّرِيقِ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ طَرِيقٌ يُمْكِنُ لِرَجُلٍ الْمُرُورُ مِنْهَا وَفِي تَقْسِيمِ الْأَرْضِ مُرُورُ ثَوْرٍ مِنْهَا وَفِي تَقْسِيمِ الْحَرَجِ وَالْغَابَةِ مُرُورُ حِمْلِ حَطَبٍ وَالْمُرُورُ بِالْبَهِيمَةِ وَلَيْسَ مَعْنَى الطَّرِيقِ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي طَرِيقٌ يُمْكِنُ لِثَوْرَيْنِ أَنْ يَمُرَّا مِنْهَا مُتَحَاذِيَيْنِ وَلَوْ كَانَ احْتِيَاجٌ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى الْعَجَلَةِ فَيُؤَدِّي إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى أَمَّا الْمَحِلُّ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الرَّجُلُ الْمُرُورَ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْبِيرِيُّ فِي الْقِسْمَةِ) . وَإِلَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ أَيْ إذَا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ طَرِيقٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ أَوْ بَقِيَتْ طَرِيقٌ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِزِيَادَةِ حِصَّتِهِ وَلَمْ تَبْقَ لِلْآخَرِ. وَقَدْ وَرَدَّ فِي الْمَادَّةِ (1140) أَنَّهُ يَجُوزُ التَّقْسِيمُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ وَامْتِنَاعِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ أَيْضًا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ

لَا يَجُوزُ تَقْسِيمُ الطَّرِيقِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ لَوْ قُسِّمَتْ الطَّرِيقُ فَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ صَاحِبَ الْقَلِيلِ يَكُونُ غَيْرَ صَالِحٍ لِاِتِّخَاذِهِ طَرِيقًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ طَرِيقٌ لِلْوُصُولِ إلَى بَيْتِهِ وَيُصْبِحُ غَيْرَ مُمْكِنٍ الْوُصُولُ إلَى دَارِهِ مِمَّا يُوجِبُ تَعْطِيلَ الْمِلْكِ، وَتَعْطِيلُ الْمِلْكِ غَيْرُ جَائِزٍ. سُؤَالٌ - لَوْ كَانَتْ غُرْفَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا كَثِيرَةً وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَحِصَّةُ الْآخَرِ قَلِيلَةً لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَتُقَسَّمُ هَذِهِ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ وَهَذَا يُوجِبُ تَعْطِيلَ مِلْكِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ؟ . الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ إدْخَالُ حِصَّتِهِ فِي بِنَائِهِ الْمُجَاوِرِ وَتَوْسِيعِهِ أَوْ بَيْعِ حِصَّتِهِ لِأَحَدِ جِيرَانِهِ فَيَنْتَفِعُ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَعْطِيلَ مِلْكِهِ. وَلَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقِ لِلْأَسْبَابِ السَّالِفَةِ الْبَيَانُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَعْطِيلَ مِلْكِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ الْأَنْقِرْوِيُّ. إلَّا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ طَرِيقٌ غَيْرُ الطَّرِيقِ الْمَطْلُوبَةِ قِسْمَتُهَا عَلَى حِدَةٍ أَوْ مَنْفَذٌ لَهُ فَفِي ذَلِكَ الْحَالِ أَيْ فِي حَالِ وُجُودِ طَرِيقٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مَنْفَذٍ لَهُ فَتُقَسَّمُ أَيْضًا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ حِصَّةٌ كَثِيرَةٌ فِي الطَّرِيقِ الْمَطْلُوبَةِ قِسْمَتُهَا وَكَانَتْ الْقِسْمَةُ الْمَذْكُورَةُ نَافِعَةً لَهُ وَمُضِرَّةً بِالشَّرِيكِ الْآخَرِ فَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُنْتَفِعُ الْقِسْمَةَ فَتُقَسَّمُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1140) وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1140) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ الْمَطْلُوبَةُ قِسْمَتُهَا لَا تَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلَا تَجْرِي فِيهَا أَيْضًا قِسْمَةُ الْقَضَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1141) . . خُلَاصَةُ مَسَائِلِ قِسْمَةِ الطَّرِيقِ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ صَالِحَةً لَأَنْ يَبْقَى لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْهَا طَرِيقٌ فَتُقَسَّمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا لَمْ تَكُنْ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ طَرِيقًا لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فَلَا تُقَسَّمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ طَرِيقًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَغَيْرَ صَالِحَةٍ لِلْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ أَوْ مَنْفَذٌ آخَرُ فَلَا تُقَسَّمُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ طَرِيقًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَغَيْرَ صَالِحَةٍ لِلْآخَرِ وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ آخَرُ عَلَى حِدَةٍ فَتُقَسَّمُ بِطَلَبِ الصَّالِحَةِ لَهُ وَلَا تُقَسَّمُ بِطَلَبِ الْآخَرِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ صَالِحَةً لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَكَانَ لَهُ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ آخَرُ وَكَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا لِلْآخَرِ وَكَانَ لَا يُوجَدُ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ طَرِيقٌ وَمَنْفَذٌ آخَرُ عَلَى حِدَةٍ فَلَا تُقَسَّمُ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ صَالِحَةً لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ طَرِيقٌ أَوْ مَنْفَذٌ آخَرُ عَلَى حِدَةٍ وَكَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا لِلْآخَرِ إلَّا أَنْ

(المادة 1144) المسيل المشترك أيضا كالطريق المشترك

لِهَذَا الْآخَرِ طَرِيقًا وَمَنْفَذًا آخَرَ عَلَى حِدَةٍ فَيُفْهَمُ جَوَازُ التَّقْسِيمِ مِنْ الدَّلِيلِ الَّذِي بَيَّنَ فِي عَدَمِ التَّقْسِيمِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ الْعُثُورُ عَلَى مَسْأَلَةٍ صَرِيحَةٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ. [ (الْمَادَّةُ 1144) الْمَسِيلُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ] الْمَادَّةُ (1144) - (الْمَسِيلُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَحِلٌّ لِإِسَالَةِ مَائِهِ أَوْ كَانَ لَهُ مَحِلٌّ آخَرُ لِاِتِّخَاذِهِ مَسِيلًا فَيُقَسَّمُ وَإِلَّا فَلَا يُقَسَّمُ) . الْمَسِيلُ الْمُشْتَرَكُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي سَبَقَ تَفْصِيلُ أَحْكَامِهِ فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْ بَعْدَ إفْرَازِ الْمَسِيلِ الْمَذْكُورِ يَبْقَى مَحِلٌّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِنْ حَاصِلِ الْحِصَصِ الْمُفْرَزَةِ لِإِسَالَةِ مَائِهِ أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مَحِلٌّ آخَرُ يُتَّخَذُ مَسِيلًا فَيُقَسَّمُ جَبْرًا وَحُكْمًا وَإِلَّا أَيْ إذَا قُسِّمَ الْمَسِيلَ الْمُشْتَرَكُ وَلَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَحِلٌّ لِإِسَالَةِ مَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مَحِلٌّ آخَرُ يُمْكِنُ اتِّخَاذُهُ مَسِيلًا فَلَا يُقَسَّمُ الْمَسِيلُ جَبْرًا إذْ فِي هَذَا الْحَالِ تَبْقَى الدَّارُ بِلَا مَسِيلٍ وَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَتَتَعَطَّلُ مَنَافِعُ الْمِلْكِ. وَمَسَائِلُ قِسْمَةِ الْمَسِيلِ تُرَتَّبُ عَلَى مَسَائِلِ قِسْمَةِ الطَّرِيقِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَتُقَاسُ عَلَيْهَا. الْمَادَّةُ (1145) - (كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ طَرِيقَهُ الْمِلْكَ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَسِمَ اثْنَانِ عَقَارَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ يَعْنِي مَلَكِيَّتَهُ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ لِلثَّانِي حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ) كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ شَخْصٌ طَرِيقَهُ الْمِلْكَ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهَا وَأَنْ يَبِيعَ دَارِهِ السُّفْلَى لِمَنْ شَاءَ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الْعُلْيَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَسِمَ اثْنَانِ عَقَارَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرَكِ يَعْنِي مَلَكِيَّتَهُ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ لِلْآخَرِ حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ أَوْ عَارٍ عَنْ الرِّقْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُشْتَرَكًا مُتَفَاضِلًا وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي أَعْطَى حَقَّ الْمُرُورِ اشْتَرَى مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي بَقِيَتْ لَهُ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ حَقُّ مُرُورِهِ وَأَعْطَى بَدَلًا عَنْ ذَلِكَ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَقَارِ لِشَرِيكِهِ وَتَكُونُ الْمُعَاوَضَةُ حَصَلَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ الرِّقْبَةِ أَيْضًا حَقُّ الْمُرُورِ مِنْهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . سَوَاءٌ أُعْطِيت رِقْبَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ أَوْ أُعْطِيت لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ فَهُوَ مُتَسَاوٍ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ بِالتَّقْسِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أُعْطِيَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي مَلَكَ الطَّرِيقَ شَيْءٌ أَزْيَدُ عَنْ شَرِيكِهِ وَهُوَ حَقُّ الْمِلْكِيَّةِ وَحَقُّ الْمُرُورِ مَعًا إلَّا أَنَّ التَّقْسِيمَ بِالتَّفَاوُتِ فِي الْأَمْوَالِ غَيْرِ الرِّبَوِيَّةِ رِضَاءٌ جَائِزٌ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1143) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الفصل الخامس في بيان كيفية القسمة

الْمَادَّةُ (1146) - (كَمَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَائِطِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ مُشْتَرَكًا فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ تَجُوزُ أَيْضًا الْقِسْمَةُ عَلَى جَعْلِهِ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا) . كَمَا يَجُوزُ تَرْكُ الْحَائِطِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْحِصَّتَيْنِ مُشْتَرَكًا فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ كَمَا كَانَ تَجُوزُ أَيْضًا الْقِسْمَةُ عَلَى جَعْلِهِ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ رِقْبَةَ الْحَائِطِ هِيَ مِلْكٌ لِلشَّرِيكَيْنِ فَهِيَ مَحِلُّ لِلْمُعَاوَضَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَإِذَا قُسِّمَتْ الدَّارُ وَجُعِلَ الْحَائِطُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقُّ وَضْعِ جُذُوعِهِ عَلَى الْحَائِطِ فَيَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ بِنَاءً عَلَى التَّعَامُلِ الْحَمَوِيُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (37) [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ] الْمَادَّةُ (1147) - (يُقَسَّمُ الْمَكِيلُ الْمُشْتَرَكُ بِالْكَيْلِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَبِالْوَزْنِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَبِالْعَدَدِ إنْ كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ وَبِالذِّرَاعِ إنْ كَانَ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ) تَخْتَلِفُ كَيْفِيَّةُ التَّقْسِيمِ بِاخْتِلَافِ الْمَقْسُومِ، فَلِذَلِكَ يُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ بِالْكَيْلِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَيْ بِالْكَيْلَةِ وَالصَّاعِ، وَبِالْوَزْنِ أَيْ بِالْمِيزَانِ إنْ كَانَ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ، وَبِالْعَدَدِ إنْ كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ، وَبِالذِّرَاعِ إنْ كَانَ مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَوْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، وَقَدْ بُيِّنَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1114) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1122) الِاخْتِلَافُ الْوَاقِعُ فِي لُزُومِ وَعَدَمِ لُزُومِ أُجْرَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي التَّقْسِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ) . قِيلَ شَرْحًا (بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ) وَيُوَضَّحُ هَذَا الْقَيْدُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّقْسِيمُ وَاقِعًا بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي كَافَّةِ الْأَمْوَالِ وَفِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ وَالْقَضَاءِ. أَمَّا فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ فَلَا يَصِحُّ إعْطَاءُ أَحَدِهِمْ حِصَّةً أَكْثَرَ مِنْ الْآخِرِ، وَلَكِنْ إذَا أُعْطِيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ حِصَّةً أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِالرِّضَاءِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَجَائِزٌ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1145) أَمَّا فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَغَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1124) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْقِسْمَةِ بِزِيَادَةٍ) الْمَادَّةُ (1148) - (بِمَا أَنَّ الْعَرْصَةَ وَالْأَرَاضِي مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ فَيُقَسَّمَانِ بِالذِّرَاعِ أَمَّا مَا عَلَيْهِمَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ فَيُقَسَّمُ بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ) . بِمَا أَنَّ الْعَرْصَةَ وَالْأَرَاضِي هُمَا مِنْ الذَّرْعِيَّاتِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ فَيُقَسَّمَانِ بِالذِّرَاعِ

وَالْعَرْصَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْقِطْعَةِ الْمَوْجُودَةِ عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ وَأَشْجَارٌ وَالْغَيْرِ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا (الْكُلِّيَّاتُ) وَالْعَرْصَةُ بِالْفَتْحِ بِوَزْنِ الضَّرْبَةِ وَهِيَ السَّاحَةُ الْوَاسِعَةُ الَّتِي تُوجَدُ بَيْنَ الدُّورِ الْخَالِيَةِ مِنْ الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ. إذَا كَانَ الْبِنَاءُ الْوَاقِعُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْعَرْصَةِ مُسْتَحِقًّا لِلْقَلْعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ مِقْدَارُ الْعَرْصَةِ بَلْ تُقَدَّرُ قِسْمَةُ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ ظُلَّةُ دَارٍ خَارِجَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَلَا تَدْخُلُ الْعَرْصَةُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْبِنَاءُ الْخَارِجُ فِي الْحِسَابِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ حَقُّ قَرَارٍ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَلْعِ فَيُعَدُّ كَالْمَقْلُوعِ وَلَا يُمْكِنُ تَقْسِيمُ الْأَرْضِ أَمَّا الْبِنَاءُ فَيَقُومُ مُجَرَّدًا عَنْ الْعَرْصَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ الَّتِي عَلَى الْعَرْصَةِ وَالْأَرَاضِي فَتُقَسَّمُ بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا أَصَابَ الْبِنَاءَ حِصَّةُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فَيُعْطَى لِلْحِصَّةِ الْأُخْرَى إذَا كَانَ مُمْكِنًا زِيَادَةٌ مِنْ الْعَرْصَةِ تُعَادِلُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ يَجْرِي التَّعْدِيلُ بِإِضَافَةِ نُقُودٍ. إنَّ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الشَّرْحِ وَفِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. مَثَلًا لَوْ أَرَادَ اثْنَانِ تَقْسِيمَ الْبُسْتَانِ الْمَمْلُوكِ لَهُمَا إرْثًا الْحَاوِي أَشْجَارًا مُخْتَلِفَةَ الْقِيمَةِ فَيَقْسِمَانِ الْعَرْصَةَ بِالذِّرَاعِ وَالْأَشْجَارَ بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ (الْبَهْجَةُ) . وَفِي تَقْسِيمِ الْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ قَضَاءً يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحِصَصِ أَزْيَدَ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ حَيْثُ الذِّرَاعِ لِشَرَفِ الْمَوْضِعِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا. الْمَادَّةُ (1149) - (إذَا كَانَ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ أَبْنِيَةُ حِصَّةٍ أَزْيَدُ قِيمَةً عَنْ أَبْنِيَةِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ تُعْطَى الْحِصَّةُ الْأُخْرَى مِنْ الْعَرْصَةِ زِيَادَةً مُعَادِلَةً لَهَا وَإِلَّا فَيُضَافُ مُقَابِلَهَا نُقُودٌ) . إذَا كَانَ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ أَبْنِيَةُ حِصَّةٍ أَزْيَدُ قِيمَةً عَنْ أَبْنِيَةِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَمْكَنَ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَذِّرٍ تُعْطَى الْحِصَّةُ الْأُخْرَى أَيْ الَّتِي قِيمَتُهَا قَلِيلَةٌ زِيَادَةً مِنْ الْعَرْصَةِ تَكُونُ قِيمَتُهَا مُعَادِلَةً وَمُسَاوِيَةً لَهَا أَيْ لِلْحِصَّةِ الْكَثِيرَةِ الْقِيمَةُ وَيَجِبُ التَّقْسِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِ عِلَاوَةِ نُقُودٍ لِأَنَّ الْمُعَادِلَةَ صُورَةً وَمَعْنًى بَيْنَ الْحِصَصِ وَاجِبَةٌ فِي الْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكٌ وَبَقِيَ فِي إحْدَى الْحِصَصِ الْمَقْسُومَةِ بِنَاءٌ قِيمَتُهٌ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ بِنَاءِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى وَطَلَبَ الشُّرَكَاءُ عِلَاوَةَ نُقُودٍ مُقَابِلَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَطَلَبَ الْآخَرُ الزِّيَادَةَ مِنْ الْعَرْصَةِ يُضَمُّ الْقَاضِي الزِّيَادَةَ مِنْ الْعَرْصَةِ إذَا كَانَ مُمْكِنًا وَلَا يُجْبِرُ الشَّرِيكَ الَّذِي أَخَذَ حِصَّةً زَائِدَةً مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى إضَافَةِ نُقُودٍ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ هِيَ فِي الدَّارِ وَلَيْسَتْ فِي النُّقُودِ، وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا سِيَّمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ قَضَاءً فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمُخْتَلِفِ الْجِنْسِ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَبِمَا أَنَّ التَّقْسِيمَ فِي غَيْرِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرُ جَائِزٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ إدْخَالُ النُّقُودِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الْقِسْمَةِ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَإِنْ لَمْ تَكُنْ النُّقُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ فَالْحُكْمُ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ النُّقُودُ مِنْ

الشَّرِكَةُ فَيَجُوزُ إضَافَةُ النُّقُودِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِإِضَافَةِ النُّقُودِ فَتُضَافُ النُّقُودُ إلَى الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ مُمْكِنًا إعْطَاءُ مَحِلٍّ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْعَقَارِ وَقْفًا وَبَعْضُهُ مِلْكًا وَلَزِمَ فِي التَّقْسِيمِ عِلَاوَةُ نُقُودٍ فَإِذَا كَانَ الدَّافِعُ لِلنُّقُودِ جِهَةَ الْوَقْفِ فَهُوَ صَحِيحٌ إذْ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ الْوَقْفُ وَاشْتَرَى الْوَقْفُ الْقِسْمَ الْآخَرَ مِنْ الشَّرِيكِ أَمَّا إذَا كَانَ دَافِعُ النُّقُودِ صَاحِبَ الْمِلْكِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ لِبَعْضِ الْوَقْفِ وَنَقْضٌ لَهُ وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (125) . وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَبِالضَّرُورَةِ تُضَافُ نُقُودٌ مُقَابِلَ قِيمَةِ الْحِصَّةِ الزَّائِدَةِ وَتُعَدَّلُ الْحِصَصُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الْمُعَادَلَةُ صُورَةً وَجَبَ اعْتِبَارُ الْمُعَادَلَةِ مَعْنًى (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21) فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا إضَافَةُ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْ الْعَرْصَةِ فَتُضَافُ النُّقُودُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إضَافَةُ قِسْمٍ مِنْ الْعَرْصَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ حُصُولُ الْمُعَادَلَةِ بِإِضَافَتِهَا إلَى الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ فَبَعْدَ إضَافَةِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الْعَرْصَةِ تُضَافُ نُقُودٌ أَيْضًا. مَثَلًا إذَا أُضِيفَ مِنْ الْعَرْصَةِ مِقْدَارٌ يُمْكِنُ إضَافَتُهُ وَكَانَ الْمِقْدَارُ الْمُضَافُ إلَى الْحِصَّةِ غَيْرَ وَافٍ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَتُضَافُ نُقُودٌ مِنْ أَجَلِ الْبَاقِي لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي هَذَا الْقَدْرِ فَلَا يُتْرَكُ الْأَصْلُ وَهُوَ الْقِسْمَةُ فِي الْمِسَاحَةِ إلَّا بِالضَّرُورَةِ (الطُّورِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَإِضَافَةُ النُّقُودِ فِي تَقْسِيمِ الْعَقَارِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا بُيِّنَ وَكَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزَةٍ إضَافَةُ النُّقُودِ فِي تَقْسِيمِ الْمَنْقُولَاتِ أَيْضًا مَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْمَادَّةُ (1150) - (إذَا أُرِيدَ قِسْمَةُ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَوْقَانِيّهَا لِوَاحِدٍ وَتَحْتَانِيّهَا لِآخَرَ فَيَقُومُ كُلٌّ مِنْ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ وَتُقَسَّمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ) إذَا أُرِيدَ قِسْمَةُ دَارِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَوْقَانِيّهَا الَّذِي هُوَ عِبَارَةُ عَنْ الْبِنَاءِ فَقَطْ لِوَاحِدٍ وَتَحْتَانِيّهَا الَّذِي هُوَ عِبَارَةُ عَنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْعَرْصَةِ لِلْآخَرِ فَيُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ وَيُقَسَّمُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ قِيمَةَ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مُتَفَاوِتَةٌ حَسْبَ الْأَوْقَاتِ فَيُخْتَارُ الْفَوْقَانِيُّ صَيْفًا وَالتَّحْتَانِيُّ شِتَاءً كَمَا أَنَّ التَّحْتَانِيَّ يَكُونُ صَالِحًا لِبِنَاءِ بِئْرٍ أَوْ صِهْرِيجٍ أَوْ إصْطَبْلٍ. أَمَّا الْفَوْقَانِيُّ فَلَا يَكُونُ صَالِحًا لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ هَذَيْنِ مُتَسَاوِيَةً فَتُقَسَّمُ ذِرَاعًا بِذِرَاعٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا ضِعْفَ قِيمَةِ الْآخَرِ فَيُعْطَى ضِعْفَ الْقِسْمِ الَّذِي قِيمَتُهُ زِيَادَةٌ لِلْآخَرِ وَتَجْرِي الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيُرَاعَى التَّسَاوِي فِي الْقِسْمَةِ. وَتَقْوِيمُ الْبِنَاءِ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (1148) وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ذَلِكَ، أَمَّا تَقْوِيمُ الْعَرْصَةِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ، وَبِمَا أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَعِبَارَةُ (دَارٌ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ لَا تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ بِإِعْطَاءِ فَوْقَانِيٍّ دَارًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَتَحْتَانِيٍّ دَارًا أُخْرَى لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1138) . (أَبُو السُّعُودِ) الْمَادَّة (1151) - (إذَا أُرِيدَ تَقْسِيمُ دَارٍ فَعَلَى الْقَسَّامِ أَنْ يُصَوِّرَهَا عَلَى الْوَرِقِ وَيَمْسَحَ عَرْضَهَا بِالذِّرَاعِ وَيُقَوِّمَ أَبْنِيَتِهَا وَيُسَوِّيَ وَيُعَدِّلَ الْحِصَصَ بِنِسْبَةِ حِصَصِ أَصْحَابِهَا وَيَفْرِزَ حَقَّ الطَّرِيقِ وَالشُّرْبِ وَالْمَسِيلِ بِصُورَةِ أَنْ لَا يَبْقَى تَعَلُّقٌ لِكُلِّ حِصَّةٍ فِي الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ وَيُلَقِّبَ الْحِصَصَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ثُمَّ يُقْرِعَ فَتَكُونُ الْأُولَى لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ابْتِدَاءً وَالثَّانِيَةُ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثَانِيًا وَالثَّالِثَةُ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثَالِثًا وَيَجْرِي عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إذَا وُجِدَتْ حِصَصٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) . إذَا أُرِيدَ تَقْسِيمُ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ فَاللَّائِقُ بِالْقَسَّامِ أَوَّلًا أَنْ يُصَوِّرَ ابْتِدَاءً الْمِلْكَ الَّذِي سَيُقَسِّمُهُ عَلَى الْوَرَقِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَأَنْ يُقَيِّدَ حِصَصَ كُلِّ شَرِيكٍ فَيَذْكُرُ أَنَّ لِفُلَانٍ النِّصْفَ وَأَنْ لِفُلَانٍ الثُّلُثَ وَأَنَّ لِفُلَانٍ السُّدُسَ حَتَّى يَحْفَظَ الْقَسَّامُ حِصَصَ الشُّرَكَاءِ وَيَكُونَ مُقْتَدِرًا عَلَى إعْلَامِ الْقَاضِي حِينَ الِاقْتِرَاعِ. (وَثَانِيًا) أَنْ يَمْسَحَ الْعَرْصَةَ بِالذِّرَاعِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْمِسَاحَةِ يُعْلَمُ بِالذِّرَاعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1148) . وَبِمَا أَنَّ مَالِيَّةَ الْعَرْصَةِ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ فَيَجِبُ أَيْضًا تَقْوِيمُ الْعَرْصَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مِسَاحَتُهَا مِائَتَا ذِرَاعٍ مُشْتَرَكَةَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلَا تُقَسَّمُ مِسَاحَتُهَا بِالذِّرَاعِ بِإِعْطَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مِائَةَ ذِرَاعٍ إذْ تَكُونُ إحْدَى جِهَاتِ الْعَرْصَةِ طَرِيقًا عَامًّا وَجِهَتُهَا الْأُخْرَى زُقَاقًا غَيْرَ نَافِذٍ أَوْ أَنَّ أَحَدَ طَرْفَيْهَا مَكْشُوفٌ لِلشَّمْسِ وَمُشْرِفٌ عَلَى الْبَحْرِ وَطَرَفَهَا الْآخَرَ عَكْسُ ذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مُسَاوِيَةً بَعْضُهَا لِبَعْضٍ لِلْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ لِأَسْبَابٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ يَأْخُذُ الشَّرِيكُ الَّذِي يَأْخُذُ الطَّرَفَ الْغَيْرَ الْمَرْغُوبِ زِيَادَةً فِي الْمِسَاحَةِ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا مَثَلًا. قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1148) أَنَّ الْبِنَاءَ الْوَاقِعَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْعَرْصَةِ إذَا كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْقَلْعِ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الْعَرْصَةِ فِي التَّقْوِيمِ (الطُّورِيُّ) . (وَثَالِثًا) يُقَوَّمُ الْبِنَاءُ أَيْ أَنْ تُقَدَّرَ قِيمَةٌ لِأَبْنِيَتِهَا لِأَنَّ مَالِيَّةَ الْأَبْنِيَةِ تُعْلَمُ بِتَقْدِيرِ الْقِيمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1124) . وَبِمَا أَنَّهُ عِنْدَ إجْرَاءِ الْقِسْمَةِ سَيَدْخُلُ مِقْدَارٌ مِنْ الْبِنَاءِ فِي حِصَصِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَسَّامِ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَبِمَا أَنَّ مِقْدَارَ الْأَبْنِيَةِ يُعْلَمُ بِالْمِسَاحَةِ فَيَجِبُ أَيْضًا مَسْحُ ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ كُلٍّ مِنْ الْعَرْصَةِ وَالْأَبْنِيَةِ مَعَ تَقْوِيمِهَا. (وَرَابِعًا) أَنْ يُسَوِّيَهَا وَيَعُدَّ لَهَا بِحَسْبِ حِصَصِ أَصْحَابِهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1127) . وَلُزُومُ التَّعْدِيلِ فِي الْقِسْمَةِ هُوَ وَاجِبٌ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ. أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1143) أَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِرِضَاءِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ

وَإِذْنِهِ مَالًا أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَكُونُ جَائِزًا. (وَخَامِسًا) أَنْ يُفْرِزَ حَقَّ طَرِيقِ وَشُرْبِ وَمَسِيلِ كُلِّ حِصَّةٍ أَيْ أَنْ لَا يَبْقَى لِأَيِّ حِصَّةٍ حَقُّ طَرِيقٍ وَحَقُّ مَسِيلٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَلِتَكَامُلِ مَنْفَعَةِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ الْحِصَصِ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ شُرِعَتْ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ تَحْصِيلٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُفْرَزْ الْحِصَصُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى بَعْضُ الْحِصَصِ مَخْلُوطَةً بِالْحِصَصِ الْأُخْرَى وَمُعَلَّقَةً بِهَا وَلَا يَحْصُلُ الِانْفِصَالُ مِنْ وَجْهٍ (الطُّورِيُّ) . وَهَذَا الشَّرْطُ الْخَامِسُ هُوَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ فَلِذَلِكَ لَوْ تُرِكَ حَقُّ طَرِيقِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ جَازَ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ إجْرَاءُ الْقِسْمَةِ بِدُونِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1166) كَمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرٍ (إذَا أَمْكَنَ) أَنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ أَنْ يُتْرَكَ حَقُّ مَسِيلِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ، وَهَذِهِ الْإِيضَاحَاتُ لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِلْمَادَّتَيْنِ (1166 و 1167) . كَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَ اثْنَانِ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ لِحِصَّةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَفْتَحَ طَرِيقًا مِنْ حِصَّتِهِ يُمْكِنُ مُرُورُ إنْسَانٍ مِنْهَا جَازَ التَّقْسِيمُ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْوَاقِعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَتْحُ طَرِيقٍ كَهَذِهِ فِي حِصَّتِهِ يُنْظَرُ أَيْضًا: فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ فِي حِصَّتِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً وَإِذَا كَانَ يُعْلَمُ عَدَمُ وُجُودِ طَرِيقٍ لِحِصَّتِهِ فَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا التَّقْسِيمِ وَقَبِلَ حِصَّتَهُ بِعَيْبِهَا (الطُّورِيُّ) . قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1143) أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ لَا أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارٍ يَمُرُّ مِنْهُ إنْسَانٌ وَاَلَّتِي تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَكُونُ طَرِيقًا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بِمِقْدَارٍ يَمُرُّ مِنْهَا الْجَمَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . (وَسَادِسًا) أَنْ يُلَقِّبَ الْحِصَصَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَيْ أَنْ يُسَمِّيَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ سَحْبِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ يُرَتِّبُ أَوْرَاقَ الْقُرْعَةِ وَبَعْدَ تَحْرِيرِ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا عَلَى الْوَرَقِ وَطَيِّ الْوَرَقِ بِصُورَةٍ لَا تُمَكِّنُ قِرَاءَةَ الْكِتَابَةِ مِنْ الْخَارِجِ وَوَضْعِهَا فِي وِعَاءٍ وَخَلْطِهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِصُورَةٍ لَا يُعْلَمُ أَصْحَابُهَا مِنْ الْخَارِجِ تُسْحَبُ الْقُرْعَةُ وَسَحْبُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ وَلِإِزَالَةِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ وَالصُّحْبَةِ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَيْ إذَا بَاشَرَ الْقَاضِي أَوْ الْقَسَّامُ الْقِسْمَةَ فَيَلْزَمُ سَحْبُ الْقُرْعَةِ. سُؤَالٌ - إنَّ تَعْيِينَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْقُرْعَةِ مَيْسِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ إذْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ زَوْجَتَانِ وَقَالَ: إنَّنِي طَلَّقْتُ إحْدَاهُمَا لَمْ يَجُزْ سَحْبُ الْقُرْعَةِ لِتَعْيِينِ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ؟ . الْجَوَابُ - إنَّ الْقُرْعَةَ قِسْمَةٌ لَيْسَتْ لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْقُرْعَةِ حَتَّى أَنَّ لِلْقَاضِي الْحَقَّ أَنْ يُلْزِمَ الْمُتَقَاسِمِينَ بِدُونِ قُرْعَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ اسْتِحْقَاقُكَ. أَمَّا الْقِمَارُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ لِإِثْبَاتِ بَاطِلٍ وَحَرَامٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي الْأَوَّلُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُرْعَةِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 139] {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140] {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: 141]

وَإِنَّ عِبَارَةَ فَسَاهَمَ الْوَارِدَةَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ هِيَ بِمَعْنَى فَقَارَعَ أَهْلُ السَّفِينَةِ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ الْمَغْلُوبِينَ بِالْقُرْعَةِ فَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْرِ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ أَيْ ابْتَلَعَهُ وَهُوَ آتٍ بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ لِذَهَابِهِ إلَى الْبَحْرِ وَرُكُوبِهِ السَّفِينَةَ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ. وَخُلَاصَةُ الْقِصَّةِ هِيَ أَنَّ النَّبِيَّ يُونُسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - غَضِبَ مِنْ قَوْمِهِ فَخَرَجَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَرَكِبَ سَفِينَةً مَلْأَى بِالرُّكَّابِ وَفِي أَثْنَاءِ السَّيْرِ تَوَقَّفَتْ السَّفِينَةُ فِي عَرَضِ الْبَحْرِ وَلَمْ تَسْرِ فَقَالَ رُكَّابُ السَّفِينَةِ: إنَّ عَدَمَ سَيْرِ السَّفِينَةِ لَا بُدَّ أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ فِرَارِ عَبْدٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ إظْهَارُ هَذَا الْعَبْدِ بِالْقُرْعَةِ فَوَافَقَ يُونُسُ عَلَى الِاقْتِرَاعِ وَلَدَى سَحْبِ الْقُرْعَةِ أَصَابَتْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ فِي الْيَمِّ بِحُكْمِ تِلْكَ الْقُرْعَةِ فَابْتَلَعَهُ الْحُوتُ حِينَ إلْقَائِهِ بِنَفْسِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . قَدْ ذَكَرَ بِأَنَّ سَحْبَ الْقُرْعَةِ هُوَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ (الْهِدَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ مَا يُفِيدُ لُزُومُ إجْرَاءِ الِاقْتِرَاعِ. فَتَكُونُ الْحِصَّةُ الْأُولَى لِصَاحِبِ الِاسْمِ الَّذِي يَخْرُجُ أَوَّلًا وَالسَّهْمُ الثَّانِي لِصَاحِبِ الِاسْمِ الَّذِي يَخْرُجُ ثَانِيًا وَالنَّصِيبُ الثَّالِثُ لِصَاحِبِ الِاسْمِ الَّذِي يَخْرُجُ فِي الْقُرْعَةِ ثَالِثًا. وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ سَحْبُ الْقُرْعَةِ لِمَعْرِفَةِ اسْمِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ مَتَى خَرَجَ اسْمُ شَرِيكَيْهِ يَتَعَيَّنُ اسْمُ الشَّرِيكِ الثَّالِثِ. وَإِذَا كَانَتْ الْحِصَصُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا، وَإِيضَاحُ هَذِهِ الْقُرْعَةِ هُوَ إذَا خَرَجَتْ أَقَلُّ الْحِصَصِ يَكُونُ قَدْ خَرَجَ أَكْثَرُهَا أَمَّا إذَا خَرَجَ الْأَكْثَرُ فَلَا يَخْرُجُ الْأَقَلُّ فَلِذَلِكَ تُقَسَّمُ الْحِصَصُ عَلَى الْأَقَلِّ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَكَانَ نِصْفُهَا لِوَاحِدٍ وَالثُّلُثُ لِآخَرَ وَسُدُسُهَا لِثَالِثٍ فَإِذَا لَزِمَ إجْرَاءُ قِسْمَتِهَا فَتُقَسَّمُ الْحِصَصُ إلَى سِتَّةِ سِهَامٍ أَيْ يُعْتَبَرُ السَّهْمُ الْأَقَلُّ فَإِذَا خَرَجَ عِنْدَ سَحْبِ الْقُرْعَةِ اسْمُ صَاحِبِ السُّدُسِ أَوَّلًا فَيَأْخُذُ السَّهْمَ الْأَوَّلَ وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ تَمَامَ حِصَّتِهِ أَمَّا إذَا خَرَجَ فِي الْأَوَّلِ اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَيَأْخُذُ السَّهْمَ الْأَوَّلَ مَعَ السَّهْمِ الثَّانِي الْمُتَّصِلِ إلَيْهِ وَيَأْخُذُ تَمَامَ حَقِّهِ. كَذَلِكَ إذَا خَرَجَ فِي الْأَوَّلِ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ فَيَأْخُذُ السَّهْمَ الْأَوَّلَ وَالسَّهْمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ الْمُتَّصِلِينَ بِهِ وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ تَمَامَ حَقِّهِ وَتَكُونُ حِصَصُهُ مَجْمُوعَةً فِي مَحِلٍّ وَاحِدٍ غَيْرَ مُنْفَصِلَةٍ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ وَكَانَ لِأَحَدِهِمْ عَشْرَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلثَّالِثِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَكَانَ صَاحِبُ الْأَسْهُمِ الْعَشَرَةِ يَطْلُبُ حِصَصَهُ مُتَّصِلَةً بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَمْ يَقْبَلْ بِذَلِكَ صَاحِبُ السَّهْمِ وَلَزِمَ إجْرَاءُ الْقُرْعَةِ بَيْنَهُمْ فَتُقْسَمُ تِلْكَ الْقِطْعَةُ تِسْعَةَ عَشَرَةَ سَهْمًا وَيُسَوَّى وَيُعَدَّلُ كُلُّ سَهْمٍ مِنْ تِلْكَ السِّهَامِ ثُمَّ تُسْحَبُ الْقُرْعَةُ فَإِذَا خَرَجَ فِي الْأَوَّلِ اسْمُ صَاحِبِ الْعَشَرَةِ الْأَسْهُمِ فَيُعْطَى لَهُ السَّهْمُ الْأَوَّلُ وَتِسْعَةُ أَسْهُمٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ ثُمَّ تُسْحَبُ الْقُرْعَةُ عَلَى السِّتَّةِ الْأَسْهُمِ الْبَاقِيَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا خَرَجَ فِي الْأَوَّلِ اسْمُ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ الْأَسْهُمِ فَيَأْخُذُ السَّهْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةَ الْأَسْهُمَ الْمُتَّصِلَةَ بِهِ وَيَكُونُ السَّهْمُ السَّادِسَ عَشَرَ لِصَاحِبِ السَّهْمِ الْوَاحِدِ. فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُرَادُ تَقْسِيمُهُ سِتِّينَ شَاةً مَثَلًا فَيَكْتُبُ الْقَسَّامُ عَلَى الْوَرَقِ أَنَّ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ

(المادة 1152) إذا كانت التكاليف الأميرية لأجل محافظة النفوس فتقسم على عدد الرءوس

سِتُّونَ شَاةً ثُمَّ يُقَوِّمُ الشِّيَاهَ وَيُعَدِّلُ وَيُسَوِّي الْحِصَصَ بِحَسْبِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ وَيُلَقِّبُ الْحِصَصَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَخْ ثُمَّ يَسْحَبُ الْقُرْعَةَ. (مُلْحَقٌ) فِي حَقِّ أَوْصَافِ الْقَاسِمِ وَشَهَادَتِهِ مِنْ الْمَنْدُوبِ أَنْ يُخَصَّصَ مُرَتَّبٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْقَاسِمِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْقَاسِمِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْعَامَّةُ كَمَنْفَعَةِ الْقَاضِي فَيَقْتَضِي أَنْ تَعُودَ مَئُونَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ قَسَّامٌ مُعَيَّنٌ بِمُرَتَّبٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْقَاضِي يُعَيِّنُ قَسَّامًا وَتُؤَدَّى أُجْرَتُهُ مِنْ الْمُتَقَاسِمِينَ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْقِسْمَةِ خَاصَّةٌ بِهِمْ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي تَعْيِينُ أُجْرَةِ الْقِسْمَةِ حَتَّى لَا يَأْخُذَ الْقَسَّامُ أُجْرَةً فَاحِشَةً وَيَضُرَّ الْمُتَقَاسِمِينَ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1122) أَنَّ الْأُجْرَةَ تُدْفَعُ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ الْأَنْصِبَاءِ (الطُّورِيُّ وَالْكِفَايَةُ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ عَادِلًا وَأَمِينًا وَعَالِمًا بِالْقِسْمَةِ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَادِلًا، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْقَضَاءِ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا، لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَى أَقْوَالِهِ وَالْأَمَانَةُ شَرْطٌ لِاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ. يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالَمًا بِالْقِسْمَةِ، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ جِنْسِ عَمَلِ الْقَضَاءِ وَيَجِبُ فِي الْقَضَاءِ الْعِلْمُ (أَبُو السُّعُودِ) . إذَا أَنْكَرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ اسْتِيفَاءَهُ حِصَّتَهُ وَشَهِدَ الْقَاسِمَانِ عَلَى كَوْنِ الْمُنْكِرِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ كَانَ تَقْسِيمُهَا بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَالْقَبْضِ فَهِيَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَمْ تَكُنْ فِعْلَ الْقَاسِمِينَ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (1704) لِأَنَّ فِعْلَ هَؤُلَاءِ قِسْمَةٌ وَتَمْيِيزٌ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1152) إذَا كَانَتْ التَّكَالِيف الْأَمِيرِيَّة لأجل مُحَافَظَة النُّفُوس فَتَقْسِم عَلَى عَدَد الرُّءُوسِ] الْمَادَّةُ (1152) - (إذَا كَانَتْ التَّكَالِيفُ الْأَمِيرِيَّةُ لِأَجَلِ مُحَافَظَةِ النُّفُوسِ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَلَا يَدْخُلُ فِي دَفْتَرِ التَّوْزِيعِ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ، وَإِذَا كَانَتْ لِمُحَافَظَةِ الْأَمْلَاكِ فَتُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ كَمَا ذُكِرَ فِي مَادَّةِ 87) إذَا كَانَتْ التَّكَالِيفُ الْأَمِيرِيَّةُ لِأَجَلِ مُحَافَظَةِ النُّفُوسِ وَتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؛ أَيْ عَلَى النُّفُوسِ الَّتِي يَتَعَرَّضُ إلَيْهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي دَفْتَرِ التَّوْزِيعِ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا يُعْتَبَرَانِ مُكَلَّفَيْنِ بِهَذَا التَّكْلِيفِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ فَالتَّكَالِيفُ الَّتِي تُحْمَلُ عَلَى أَهَالِي قَرْيَةٍ لِمُحَافَظَةِ النُّفُوسِ لَا

يُحْمَلُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ سَاكِنٍ فِي الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ بَدَنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَيْسَ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ (التَّنْقِيحُ) . وَمِنْ التَّكَالِيفِ الَّتِي تُفْرَضُ لِمُحَافَظَةِ النُّفُوسِ الْقَسَامَةُ أَيْضًا، وَذَلِكَ إذَا وَجَبَ عَلَى أَهَالِي قَرْيَةٍ أَوْ مُحَلَّةٍ أَدَاءُ قَسَامَةٍ أَوْدِيَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ الصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ وَالنِّسْوَانُ وَالْمَعْتُوهُونَ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِأَخْذِ الْعَوَارِضِ مِنْ الرِّجَالِ فَقَطْ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ النِّسَاءِ (الْحَمَوِيُّ) . وَإِذَا كَانَتْ الضَّرِيبَةُ لِمُحَافَظَةِ الْأَمْلَاكِ فَتُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ الْمِلْكِ وَيُطْرَحُ عَلَى النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ حِصَّةٌ مِنْ التَّكَالِيفِ الْمَذْكُورَةِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الْمِلْكِ مُقِيمًا فِي الْمَحِلِّ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْمِلْكُ أَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي مَحِلٍّ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ ضَرِيبَةِ مِلْكِهِ وَلَا تَجِبُ هَذِهِ الضَّرِيبَةُ عَلَى السَّاكِنِ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الْإِيجَارِ (الْبَهْجَةُ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (529) الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ ضَرِيبَةُ الْمِلْكِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. . فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِإِمَامِ قَرْيَةٍ الِامْتِنَاعُ عَنْ دَفْعِ الضَّرِيبَةِ الَّتِي تُصِيبُ أَمْلَاكَهُ وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ مِقْدَارٍ زَائِدٍ عَنْ ذَلِكَ. وَضَرِيبَةُ الْأَمْلَاكِ تَجِبُ عَلَى مَنْ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ تِلْكَ الْأَمْلَاكُ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ أَمْلَاكَهُ الْمَعْلُومَةَ لِآخَرَ فَتَجِبُ ضَرِيبَةُ تِلْكَ الْأَمْلَاكِ عَلَى الْمُشْتَرِي (النَّتِيجَةُ) أَمَّا الضَّرِيبَةُ الَّتِي تَرَاكَمَتْ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ مُكَلَّفٌ بِأَدَائِهَا. كَذَلِكَ إذَا أُوقِفَ مِلْكٌ وَكَانَ مُقَرَّرًا أَخْذُ ضَرِيبَةٍ مِنْ الْوَقْفِ فَضَرِيبَةُ الْوَقْفِ تُدْفَعُ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ (الْخَيْرِيَّةُ) . الْخَسَارَاتُ الْبَحْرِيَّةُ: وَالْحُكْمُ فِي الْخَسَارَاتِ الْبَحْرِيَّةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَهُوَ إذَا وُجِدَ فِي سَفِينَةٍ أَمْوَالٌ وَنُفُوسٌ فَأَصَابَهَا إعْصَارٌ وَخِيفَ مِنْ غَرَقِهَا وَتَلِفَتْ الْأَمْوَالُ وَالنُّفُوسُ وَلَزِمَ مُحَافَظَةً عَلَى النُّفُوسِ إلْقَاءُ الْأَمْوَالِ فِي الْيَمِّ وَاتَّفَقَ سُكَّانُ السَّفِينَةِ عَلَى طَرْحِ الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَحْرِ فَيَضْمَنُ مُلْقُو تِلْكَ الْأَمْوَالِ الْأَمْوَالَ وَيُقَسَّمُ بَدَلُ الضَّمَانِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ (الْأَشْبَاهُ) . كَذَلِكَ إذَا مَرَّتْ السَّفِينَةُ فِي مَحِلِّ غَيْرِ عَمِيقٍ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ تَلَفِ النُّفُوسِ إلَّا أَنَّهُ خِيفَ مِنْ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَلَزِمَ لِحِفْظِ ذَاتِ الْقِيمَةِ أَنْ تُلْقَى فِي الْبَحْرِ الْأَمْوَالُ الثَّقِيلَةُ ذَاتُ الْقِيمَةِ الْقَلِيلَةِ وَطُرِحَتْ فِي الْبَحْرِ فَيُقَسَّمُ بَدَلُ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ الْمُتْلَفَةِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ (هَلْ يَجِبُ إدْخَالُ السَّفِينَةِ ضِمْنَ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ؟) . أَمَّا إذَا خِيفَ مِنْ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ مَعًا وَطُرِحَتْ بَعْضُ الْأَمْوَالِ فَيُقَسَّمُ بَدَلُ ضَمَانِ

(الفصل السادس) في بيان الخيارات

الْأَمْوَالِ الْمُتْلَفَةِ عَلَى عَدَدِ النُّفُوسِ وَعَلَى مِقْدَارِ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ، إنَّ اعْتِبَارَ قِيمَةِ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ، أَمَّا قِيمَةُ النُّفُوسِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ الدِّيَةِ أَوْ يُعْتَبَرُ كَمَا فِي حُكُومَةِ الْعَدْلِ قِيمَةُ الصَّيْدِ؟ . إذَا كَانَ أَحَدٌ غَائِبًا وَأَذِنَ بِإِلْقَاءِ مَالِهِ فِي الْبَحْرِ فِي حَالٍ حُصُولِ خَطَرٍ كَهَذَا فَيُعْتَبَرُ مَالُهُ فَقَطْ وَلَا تُعْتَبَرُ نَفْسُهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ نَفْسُهُ وَمَالُهُ مَوْجُودَيْنِ فِي السَّفِينَةِ فَتُعْتَبَرُ نَفْسُهُ وَمَالُهُ مَعًا كَمَا بُيِّنَ آنِفًا. كَذَلِكَ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ مَالَهُ أَثْنَاءَ خَطَرٍ كَهَذَا فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ. وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقْ سُكَّانُ السَّفِينَةِ عَلَى إلْقَاءِ الْأَمْوَالِ فِي الْبَحْرِ وَأَلْقَاهَا أَحَدُهُمْ فَيَلْزَمُ مُلْقِي الْمَالِ ضَمَانُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ بِقِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْحَالِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مِثْلِيًّا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (91) . وَمَعْنَى (فَتُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ الْمِلْكِ) أَنَّهُ يَدْفَعُ كُلُّ شَخْصٍ ضَرِيبَةً بِمِقْدَارِ مِلْكِهِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ عَقَارٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ شُرَكَاءَ مُتَعَدِّدِينَ وَكَانَتْ حِصَصُ الشُّرَكَاءِ مُتَفَاوِتَةً فَيَدْفَعُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الضَّرِيبَةِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّتِهِ. وَقَدْ حُرِّرَ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْفَتَاوَى فَصْلٌ مَخْصُوصٌ مُتَعَلِّقٌ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (87) . وَهَذَا التَّعْبِيرُ هُوَ عَيْنُ عِبَارَةِ الْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَمَّا الْعِبَارَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (87) فَهِيَ عِبَارَةُ أَنَّ الْمَضَرَّةَ مُقَابِلَةُ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ تَرْجَمَتُهَا مَآلًا. [ (الْفَصْلُ السَّادِسُ) فِي بَيَانِ الْخِيَارَاتِ] ِ قَدْ بُيِّنَ أَنَّهُ يُوجَدُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْخِيَارَاتِ فِي الْبُيُوعِ وَهِيَ: خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ وَالْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ وَالْوَصْفِ وَالنَّقْدِ وَالتَّعْيِينِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعِ خِيَارَاتٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ. كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1128) أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ خِيَارُ الْغَبْنِ أَيْضًا. أَمَّا خِيَارُ النَّقْدِ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ فَلَا يَجْرِيَانِ فِي الْقِسْمَةِ نَظَرًا لِتَعْرِيفِهِمَا وَمَاهِيَّتِهِمَا وَلَكِنْ هَلْ يَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ خِيَارُ الْوَصْفِ يَعْنِي لَوْ قُسِّمَ قَطِيعُ بَقَرٍ وَشُرِطَ فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ بَقَرَتَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ الْبَقَرَاتِ الَّتِي خُصِّصَتْ بِالشَّرِيكِ الْفُلَانِيِّ هُمَا حَلَّابَتَانِ فَوُصِفَتَا بِوَصْفِ الْحَلَّابَاتِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَقَرَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ غَيْرُ حَلَّابَتَيْنِ فَهَلْ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرُدَّ الْبَقَرَتَيْنِ بِخِيَارِ الْوَصْفِ؟ . وَيُوجَدُ عَدَا هَذِهِ الْخِيَارَاتِ خِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ وَخِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1125 و 1126) أَنَّهُ تَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ هَذِهِ الْخِيَارَاتُ أَيْضًا. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ تَجْرِي فِي الْقِسْمَةِ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْخِيَارَاتِ وَهِيَ: خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الْغَبْنِ وَخِيَارُ الِاسْتِحْقَاقِ وَخِيَارُ إجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ.

(المادة 1153) خيار الشرط وخيار الرؤية وخيار العيب في تقسيم الأجناس المختلفة

[ (الْمَادَّةُ 1153) خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فِي تَقْسِيمِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ] الْمَادَّةُ (1153) - (يَكُونُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فِي تَقْسِيمِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ، مَثَلًا إذَا قُسِّمَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ كَذَا مِقْدَارَ حِنْطَةٍ وَلِآخَرَ كَذَا مِقْدَارَ شَعِيرٍ وَلِآخَرَ كَذَا غَنَمًا وَلِآخَرَ فِي مُقَابِلِهِ كَذَا رَأْسَ بَقَرٍ فَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمْ الْخِيَارَ إلَى كَذَا يَوْمًا فَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَرَ الْمَالَ الْمَقْسُومَ يَكُنْ مُخَيَّرًا أَيْضًا عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا ظَهَرَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ مَعِيبَةً فَإِنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا) . يَكُونُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فِي تَقْسِيمِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كَتَقْسِيمِ قَطِيعِ جِمَالٍ وَقَطِيعِ غَنَمٍ مُتَدَاخِلَةٍ. وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرُ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (300 و 320 و 336) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ هِيَ مُبَادَلَةٌ كَالْبَيْعِ، فَالْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ الَّتِي تَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ تَثْبُتُ أَيْضًا فِي الْقِسْمَةِ (الطُّورِيُّ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . مَثَلًا إذَا قُسِمَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِالتَّدَاخُلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ كَذَا مِقْدَارَ حِنْطَةٍ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ كَذَا مِقْدَارَ شَعِيرٍ وَلِآخَرَ كَذَا غَنَمًا وَلِآخَرَ فِي مُقَابِلِهِ كَذَا رَأْسَ بَقَرٍ فَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمْ الْخِيَارَ إلَى أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ فَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ إنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ. وَهَذَا الْمِثَالُ هُوَ مِثَالٌ لِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ (أَحَدُهُمْ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (300) . وَقَوْلُهُ (كَذَا يَوْمًا) إشَارَةٌ إلَى لُزُومِ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مَعْلُومَةً. أَمَّا إذَا ادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ الْفَسْخَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ تَنْوِيرُ الْأَذْهَانِ عَلَى الْأَشْبَاهِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَمْ يَرَ الْمَالَ الْمَقْسُومَ أَيْ لَمْ يَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الْحِصَّةَ الَّتِي خَرَجَتْ لَهُ يَكُنْ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهَا فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ، وَهَذَا الْمِثَالُ هُوَ مِثَالٌ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. وَإِنْ يَكُنْ قَدْ حُرِّرَ فِي الْمَادَّةِ (322) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْقِسْمَةِ مَعَ كَوْنِهِ بَائِعًا قِسْمًا مِنْ حِصَّتِهِ لَكِنَّهُ مُشْتَرٍ أَيْضًا قِسْمًا مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَيَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لَهُ بِاعْتِبَارِهِ مُشْتَرِيًا، وَقَدْ أَشَرْنَا إلَى ذَلِكَ بِعِبَارَةِ (أَيْ لَمْ يَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الْحِصَّةَ الَّتِي خَرَجَتْ لَهُ) وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِاعْتِبَارِهِ بَائِعًا فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ لِشَرِيكِهِ. وَإِنْ ظَهَرَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ مَعِيبَةً كُلًّا أَوْ بَعْضًا - أَيْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا - يَكُنْ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَ

حِصَّتَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، فَإِذَا ظَهَرَتْ مَعِيبَةً كُلًّا فَلَهُ رَدُّهَا جَمِيعُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بَعْضُهَا مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ جَمِيعِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ قَبُولُهَا جَمِيعًا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَإِبْقَاءُ الْقِسْمِ الْغَيْرِ الْمَعِيبِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَرُدُّ الْمَعِيبَ فَقَطْ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فِي تَفْرِيقِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْكُلِّ بِدُونِ رِضَاءِ بَاقِي الشُّرَكَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ فَيَرُدُّ الْكُلَّ أَوْ يَقْبَلُ الْكُلَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1351) . وَالْمُسْقِطُ لِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ مُسْقِطٌ أَيْضًا لِلْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (344) فَلِذَلِكَ إذَا اطَّلَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَلَى عَيْبِ الْحَيَوَانِ الَّذِي أَصَابَهُ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهِ فَتَابَعَ السَّيْرَ يَسْقُطُ خِيَارُ الْعَيْبِ. أَمَّا إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَهَا وَتَابَعَ السُّكْنَى فِيهَا فَلَهُ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ فِي الْخِيَارِ فِي الْقِسْمَةِ) وَالْفَرْقُ يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّتَيْنِ (1080 و 1081) وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ رُكُوبُ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَلِأَجَلِ حَمْلِ فِعْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَشْرُوعَةِ وَالْجَائِزَةِ تَكُونُ مُتَابَعَةَ السَّيْرِ بِمَعْنَى اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ. أَمَّا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَحَيْثُ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ السُّكْنَى بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ فَمُتَابَعَةُ السُّكْنَى فِيهَا بَعْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الرِّضَاءِ بِالْعَيْبِ وَاسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ. وَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْحِصَّةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ ثُمَّ رُدَّتْ لَهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الرَّدُّ وَقَعَ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلِلشَّرِيكِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ أَمَّا إذَا قَبِلَ الرَّدَّ بِرِضَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا. إذَا حَدَثَ عَيْبٌ فِي الْمَقْسُومِ عِنْدَ الشَّرِيكِ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (345) . أَمَّا إذَا رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِقَبُولِ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِعَيْبِهَا الْحَادِثِ وَبِنَقْصِ الْقِسْمَةِ فَلَا يَكُونُ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الِادِّعَاءِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ وَلَا يَطْلُبُ شَيْئًا مِنْ الشَّرِكَةِ وَإِمَّا أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (348) . مَثَلًا إذَا هَدَمَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بَعْضَ مَوَاضِعِ الدَّارِ الَّتِي أَصَابَتْهُ فَظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِيهَا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَذِكْرُ الْمَجَلَّةُ عِبَارَةَ (التَّرَاضِي) فِي مِثَالِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ جَرَيَانِ قِسْمَةِ الْقَضَاءِ فِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا هُوَ مُبِينٌ فِي الْمَادَّةِ (1135) . الْمَادَّةُ (1154) - (يَكُونُ فِي تَقْسِيمِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ وَعَيْبٍ، مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ مِائَةُ شَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ أَصْحَابِهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ شَرَطَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَ الْغَنَمَ بَعْدُ يَكُنْ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَ الْغَنَمَ بَعْدُ يَكُنْ مُخَيَّرًا حِينَ رُؤْيَتِهَا، وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْغَنَمِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّةَ أَحَدِهِمْ فَكَذَلِكَ يَكُون مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا)

يَكُونُ فِي تَقْسِيمِ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ شَرْطٍ وَخِيَارُ رُؤْيَةٍ وَخِيَارُ عَيْبٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ رِضَاءٍ أَوْ قِسْمَةَ قَضَاءٍ. وَقَدْ ثَبَتَ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالتَّرَاضِي كَالْبَيْعِ فَكَمَا يَثْبُتُ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ الْعَيْبِ يَثْبُتُ أَيْضًا فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ. وَكَذَلِكَ ثَبَتَ خِيَارُ الْعَيْبِ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ عَيَّنَ الْحِصَّةَ الْمَعِيبَةَ لِصَاحِبِهَا عَلَى أَنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْ الْعَيْبِ وَبِظُهُورِهَا مَعِيبَةً قَدْ شُرِعَ رَدُّهَا وَإِعَادَتُهَا لِحُصُولِ التَّعْدِيلِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحِصَصِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . أَمَّا خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَإِذَا كَانَ تَقْسِيمُ الْقِيَمِيَّاتِ رِضَاءً فَتَجْرِي هَذِهِ الْخِيَارَاتُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ الْمَذْكُورَةُ قَضَاءً فَلَا يَجْرِي خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ رَدَّ الْمَقْسُومِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَالْقَاضِي يُجْبِرُهُ عَلَى الْقِسْمَةِ ثَانِيًا فَيَكُونُ الشَّرْطُ بِلَا فَائِدَةٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) . مَثَلًا: إذَا قُسِّمَتْ مِائَةُ شَاةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَصْحَابِهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ أَوْ جَمِيعُهُمْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا فَيَكُونُ مُخَيَّرًا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ إنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهَا. وَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْخِيَارِ الرَّدَّ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْإِجَازَةَ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِجَازَةَ وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتَرْجَحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الرَّدِّ (الْهِنْدِيَّةُ) وَهَذَا مِثَالٌ لِخِيَارِ الشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرَ الْغَنَمَ يَكُونُ مُخَيَّرًا حِينَ رُؤْيَتِهَا إنْ شَاءَ قَبِلَهَا وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ، وَالْمُبْطِلُ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي الْبَيْعِ مُبْطِلٌ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فِي الْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (350) . وَهَذَا مِثَالُ لِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ. وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْغَنَمِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّةَ أَحَدِهِمْ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَ الْقِسْمَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَهَذَا مِثَالٌ عَلَى خِيَارِ الْعَيْبِ. فَلِذَلِكَ إذَا ظَهَرَ بَعْضُ الْمَقْسُومِ الَّذِي أَصَابَ حِصَّةَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مَعِيبًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ النَّقْضِ فَلَهُ رَدُّ كُلِّ الْمَقْسُومِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَوْ كَانَتْ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَإِبْقَاءُ الْغَيْرِ الْمَعِيبِ مَا لَمْ يَقْبَلْ الشُّرَكَاءُ الْآخَرُونَ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) . وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيَرُدُّ الْمَعِيبَ فَقَطْ إذَا لَمْ يُوجَدْ ضَرَرٌ فِي تَفْرِيقِهِ كَأَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ غَنَمًا، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْكُلِّ مَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ؛ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ رَدُّ الْكُلِّ أَوْ قَبُولُ الْكُلِّ بِدُونِ أَنْ يَطْلُبَ شَيْئًا مِنْ الشُّرَكَاءِ. وَالْأَحْوَالُ الْمُبْطِلَةُ لِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ مُبْطِلَةٌ لِخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْقِسْمَةِ. أَنْظُر الْمَادَّةَ (344) . وَإِذَا هَلَكَ الْمَقْسُومُ الْمَعِيبُ قَبْلَ الرَّدِّ فَلِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الرُّجُوعُ عَلَى الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إذَا لَمْ يُوجَدْ أَحْوَالٌ تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) . وَذَلِكَ إذَا اطَّلَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْبِنَاءِ بَعْدَ هَدْمِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَقْسُومِ لَهُمْ الْآخَرِينَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ مَا لَمْ يَقْبَلُوا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ وَبِقَبُولِ رَدِّ الْبِنَاءِ مَهْدُومًا (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ

لِآخَرَ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَنَّهَا مَعِيبَةٌ ثُمَّ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي لَهُ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا قَبِلَهَا بِدُونِ حُكْمِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ وَإِذَا قَبِلَهَا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ سَوَاءٌ كَانَ حُكْمُ الْقَاضِي مَبْنِيًّا عَلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَادَّةُ (1155) - (لَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَلَكِنْ يَكُونُ فِيهَا خِيَارُ الْعَيْب، مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ إلَى كَذَا يَوْمًا فَلَا يَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا وَإِذَا لَمْ يَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحِنْطَةَ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهَا. أَمَّا إذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ وَجْهِ الصُّبْرَةِ وَالْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَظَهَرَ أَسْفَلُهَا مَعِيبًا فَيَكُونُ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ) . لَا يَكُونُ فِي قِسْمَةِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ) مَعَ أَنَّهُ يَجْرِي فِي اشْتِرَاءِ الْمِثْلِيَّاتِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَا يَجْرِيَانِ فِي التَّقْسِيمِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَيْنِ الْخِيَارَيْنِ جَارِيَانِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَبِمَا أَنَّ جِهَةَ الْإِفْرَازِ غَالِبَةٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ قَدْ أَخَذَ عَيْنَ حِصَّتِهِ صُورَةً وَمَعْنًى وَعَلَيْهِ فَلَا يَجْرِي الْخِيَارَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيهَا. مَثَلًا إذَا قُسِّمَتْ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ إلَى كَذَا يَوْمًا لَا يَكُونُ الشَّرْطُ مُعْتَبَرًا وَإِذَا لَمْ يَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحِنْطَةَ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ رُؤْيَتِهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهَا كِلَا الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَكُونُ لَهُمَا خِيَارٌ. أَمَّا إذَا أُعْطِيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ وَجْهِ الصُّبْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأُعْطِيَ الْآخَرُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَظَهَرَ أَسْفَلُهَا مَعِيبًا فَيَكُونُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ قَبِلَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا رَدَّهَا يَقْتَضِي إجْرَاءَ التَّقْسِيمِ ثَانِيًا بِتَوْزِيعِ الْقِسْمِ الْمَعِيبِ عَلَى كِلَا الشَّرِيكَيْنِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ وَجْهِ الصُّبْرَةِ، هُوَ أَنْ يَجْرِيَ التَّقْسِيمُ بِأَنْ يُعْطَى أَحَدُهُمَا مِنْ وَجْهِ الصُّبْرَةِ مِائَةَ كَيْلَةً وَأَنْ يُعْطَى الْآخَرُ مِائَةَ كَيْلَةً مِنْ أَسْفَلِهَا وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ أَسْفَلِهَا لَمْ يَرَ أَنَّهَا مُعَفَّنَةٌ وَمَعِيبَةٌ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ إجْرَاءُ التَّقْسِيمِ مُجَازَفَةً لِأَنَّ التَّقْسِيمَ مُجَازَفَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1124) .

الفصل السابع في بيان فسخ وإقالة القسمة

[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ فَسْخِ وَإِقَالَةِ الْقِسْمَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1156) تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِإِجْرَاءِ الِاقْتِرَاعِ كَامِلًا] الْمَادَّةُ (1156) - (تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِإِجْرَاءِ الِاقْتِرَاعِ كَامِلًا) . تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِأَحَدِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ: أَوَّلًا - تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِإِجْرَاءِ الِاقْتِرَاعِ كَامِلًا وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ الشُّرَكَاءُ مَالِكِينَ لِلْحِصَصِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ وَلَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِمُجَرَّدِ تَعْدِيلِ الْحِصَصِ وَتَسْوِيَتِهَا وَإِفْرَازِهَا. وَإِجْرَاءُ الِاقْتِرَاعِ كَامِلًا يَحْصُلُ بِبَقَاءِ قُرْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً فَتَكُونُ الْقُرْعَةُ ثَلَاثًا فَإِذَا اقْتَرَعَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَيَكُونُ قَدْ تَمَّ الِاقْتِرَاعُ وَتَمَّتْ الْقِسْمَةُ إذْ يَكُونُ قَدْ تَعَيَّنَ صَاحِبُ السَّهْمِ الثَّالِثِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَمَامِ الْقِسْمَةِ إجْرَاءُ الِاقْتِرَاعِ لَهُ. ثَانِيًا - تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمَقْسُومِ؛ يَعْنِي إذَا سَوَّى الْقَاضِي الْحِصَصَ بِكَمَالِ الْعَدْلِ وَأَلْزَمَ كُلَّ شَرِيكٍ بِحِصَّةٍ تَتِمُّ الْقِسْمَةُ وَيَثْبُتُ الْمَقْسُومُ. ثَالِثًا - إذَا وَكَّلَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ رَجُلًا وَأَلْزَمَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ كُلَّ شَرِيكٍ بِحِصَّةٍ تَتِمُّ الْقِسْمَةُ. يَعْنِي إذَا جَرَى تَعْدِيلُ الْحِصَصِ وَتَسْوِيَتُهَا ثُمَّ عَيَّنَ الشُّرَكَاءُ وَكِيلًا لِيُلْزِمَ كُلَّ شَرِيكٍ بِحِصَّةٍ مُفْرَزَةٍ وَأَلْزَمَ الْوَكِيلُ كُلَّ شَرِيكٍ بِذَلِكَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمَقْسُومِ. رَابِعًا - يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ فِي الْمَقْسُومِ. يَعْنِي إذَا عُدِّلَتْ جَمِيعُ الْحِصَصِ وَسُوِّيَتْ وَقَبَضَ كُلُّ شَرِيكٍ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَقْسُومِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَتَتِمُّ الْقِسْمَةُ (الْهِنْدِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) . وَكَمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْقِسْمَةِ الصَّحِيحَةِ يُفِيدُ الْمِلْكَ فَالْقَبْضُ فِي الْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يُفِيدُ الْمِلْكَ أَيْضًا. وَذَلِكَ إذَا جَرَى التَّقْسِيمُ بِشَرْطِ إعْطَاءِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بِشَرْطِ بَيْعِ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِ الْمَقْسُومِ فَالْقِسْمَةُ فَاسِدَةٌ، وَلَكِنْ إذَا تَصَرَّفَ الْقَابِضُ بِهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ كَمَا مَرَّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1157) لَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا] الْمَادَّةُ (1157) - (لَا يَسُوغُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ بَعْدَ تَمَامِهَا) . أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ، أَيْ لَيْسَ لِلْمَقْسُومِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْهَا عَلِيٌّ أَفَنْدِي. لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّامَّةِ الَّتِي جَرَّتْ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الذِّكْرِ، أَمَّا الْقِسْمَةُ الْغَيْرُ الصَّحِيحَةِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بِرِضَائِهِمْ الْأَرَاضِيَ

(المادة 1159) لجميع الشركاء بعد القسمة فسخ القسمة وإقالتها

الْمَوْقُوفَةَ وَطَلَبَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ مُرُورِ بِضْعِ سِنِينَ إبْطَالَ الْقِسْمَةِ فَالطَّلَبُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَمَشْرُوعٌ؛ لِأَنَّ تَقْسِيمَ الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ بَيْنَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّارُ الْوَقْفُ الْمَشْرُوطَةُ تَوْلِيَتُهَا وَسُكْنَاهَا لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ فَاقْتَسَمَهَا وَلَدَانِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَلِأَحَدِهِمَا نَقْضُ الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (الْبَهْجَةُ) . الْمَادَّةُ (1158) - (إذَا جَرَى الِاقْتِرَاعُ أَثْنَاءَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحِصَصِ مَثَلًا وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الرُّجُوعَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ رِضَاءٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلَا رُجُوعَ) . إذَا جَرَى الِاقْتِرَاعُ أَثْنَاءَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَكْثَرِ الْحِصَصِ مَثَلًا وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهَا فَقَطْ، وَالصَّوَابُ اثْنَتَانِ مِنْهَا، وَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الرُّجُوعَ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ رِضَاءٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ رِضَاءٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، يَعْنِي إذَا سُحِبَتْ أَثْنَاءَ الْقِسْمَةِ بَعْضُ الْقُرَعِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا وَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الرُّجُوعَ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ قِسْمَةَ رِضَاءٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى رِضَاءِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَإِذَا بَقِيَتْ قُرْعَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ بِدُونِ سَحْبٍ فَلَا تَتِمُّ الْقِسْمَةُ بِسَحْبِ بَعْضِ الْقُرَعِ فَلِذَلِكَ لِكُلِّ شَرِيكٍ حَقٌّ فِي الرُّجُوعِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاجِعُ الشَّرِيكَ الَّذِي سُحِبَتْ قُرْعَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ مَا لَمْ تُسْحَبْ جَمِيعُ الْقُرَعِ وَتَبْقَى وَاحِدَةٌ مِنْهَا فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ تُسْحَبْ قُرْعَتُهُ وَاحِدًا فَتَكُونُ قَدْ تَعَيَّنَتْ حِصَّتُهُ بِدُونِ سَحْبِ قُرْعَتِهِ وَتَكُونُ قَدْ تَمَّتْ الْقِسْمَةُ فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا حَسْبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ خَمْسَةِ شُرَكَاءَ بِحِصَصٍ مُتَسَاوِيَةٍ قُسِّمَتْ رِضَاءً إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَجَرَتْ تَسْوِيَتُهَا ثُمَّ سُحِبَتْ الْقُرْعَةُ فَإِذَا سُحِبَتْ قُرْعَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ كَمَا جَازَ الرُّجُوعُ عَنْهَا قَبْلَ سَحْبِ الْقُرْعَةِ. كَذَلِكَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْقِسْمَةِ إذَا سُحِبَتْ قُرْعَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ مِنْهَا أَمَّا إذَا سُحِبَتْ أَرْبَعُ قُرَعٍ وَبَقِيَتْ قُرْعَةٌ وَاحِدَةٌ فَتَكُونُ قَدْ تَمَّتْ الْقِسْمَةُ وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ قِسْمَةَ قَضَاءٍ فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ أَيْ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ قَبْلَ حُصُولِ الِاقْتِرَاعِ أَوْ بَعْدَ حُصُولِ الِاقْتِرَاعِ فِي بَعْضِ الْحِصَصِ وَبَقَاءِ قُرْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَر لِأَنَّ لِلْقَاضِي إجْبَارَ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ وَلَهُ الْإِجْبَارُ عَلَى تَقْسِيمِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لَمْ يُبَاشِرْ تَقْسِيمَهُ وَلِذَلِكَ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى إجْبَارِ الشَّرِيكِ الَّذِي يَرْجِعُ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ الرُّجُوعِ (بِيرِيٌّ زَادَهُ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1159) لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ وَإِقَالَتُهَا] الْمَادَّةُ (1159) - (لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ وَإِقَالَتُهَا بِرِضَائِهِمْ وَجَعْلُ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ كَمَا فِي السَّابِقِ) يَجُوزُ إقَالَةُ الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا قَسَّمَ الشُّرَكَاءُ مَالًا قِيَمِيًّا سَوَاءٌ كَانَ التَّقْسِيمُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً

(المادة 1160) إذا تبين الغبن الفاحش في القسمة

فَلِجَمِيعِ الشُّرَكَاءُ فَسْخُ وَإِقَالَةُ الْقِسْمَةِ بِرِضَائِهِمْ وَجَعْلُ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ كَمَا فِي السَّابِقِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَلِذَلِكَ جَازَ الْفَسْخُ وَالْإِقَالَةُ فِيهَا كَمَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (190) عَلِيٌّ أَفَنْدِي. مَثَلًا إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ بِالرِّضَاءِ عَلَى مُوجَبِ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَهُمْ جَمِيعًا بَعْدَ الِاقْتِسَامِ فَسْخُ وَإِبْطَالُ الْقِسْمَةِ وَأَنْ يَجْعَلُوا الْأَرَاضِيَ وَالدُّورَ الْمَقْسُومَةَ مَشَاعًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ كَمَا فِي السَّابِق (الْهِنْدِيَّةُ) . قَدْ جَازَتْ إقَالَةُ الْقِسْمَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ فِيهَا بِمُجَرَّدِ تَرَاضِي الْمُتَقَاسِمِينَ حَيْثُ إنَّ جِهَةَ الْإِفْرَازِ رَاجِحَةٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَالْقِسْمَةُ فِيهَا لَيْسَتْ بِعَقْدِ مُبَادَلَةٍ. أَمَّا إذَا خَلَطَ الشُّرَكَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي اقْتَسَمُوهَا فَتَتَجَدَّدُ بَيْنَهُمْ شَرِكَةٌ أُخْرَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1060) . [ (الْمَادَّةُ 1160) إذَا تَبَيَّنَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي الْقِسْمَةِ] الْمَادَّةُ (1160) - (إذَا تَبَيَّنَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي الْقِسْمَةِ تُفْسَخُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً) . إذَا تَبَيَّنَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فِي الْقِسْمَةِ أَيْ إذَا قُدِّرَتْ قِيمَةٌ لِحِصَّةِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ أَنَّ قِيمَتَهَا خَمْسُمِائَةٍ دِرْهَمٍ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي الْقِسْمَةِ أَنْ تَكُونَ عَادِلَةً كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1127) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1127) الْمَارَّةِ الذِّكْرُ فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ إيرَادُهَا تَعْرِيفًا لَهَا. قَدْ أُشِيرُ آنِفًا بِأَنَّ تَبَيُّنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَحْصُلُ بِأَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ أَيْ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ، وَبِمَا أَنَّ أَحْكَامَ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ فَيُوَضَّحُ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا ثَبَتَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ بِالْبَيِّنَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (75) . وَإِذَا ثَبَتَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ بِالْإِقْرَارِ فَيُنْظَرُ. إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ الْمُتَقَاسِمِينَ أَيْ بِنَاءً عَنْ دَعْوَى أَحَدِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ يُقِرُّ جَمِيعُ بَاقِي الْمُتَقَاسِمِينَ بِذَلِكَ فَفِي هَذَا الْحَالِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً حَيْثُ إنَّهُ يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ حَسْبَ الْمَادَّتَيْنِ (79 و 1587) . وَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْضُهُمْ وَيُنْكِرَ الْبَعْضُ وَيُحْلَفَ الْيَمِينُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ لَهُمْ خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ مَثَلًا وَادَّعَى أَحَدُهُمْ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَأَقَرَّ اثْنَانِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَحَلَفَا الْيَمِينَ فَتُجْمَعُ حِصَّةُ الْمُدَّعِي مَعَ حِصَصِ الْمُقِرَّيْنِ وَتُقَسَّمُ مَجْمُوعُ الْحِصَصِ الثَّلَاثِ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَلَا يُتَعَرَّضُ لِلْحِصَّتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (78) . وَإِذَا ثَبَتَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ بِالنُّكُولِ يُنْظَرُ أَيْضًا. إمَّا أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ نَاكِلِينَ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً وَإِمَّا أَنْ يُنَكِّلَ بَعْضُهُمْ أَوْ يَحْلِفَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ إذَا كَانَ

الْمَقْسُومُ لَهُمْ خَمْسَةَ أَشْخَاصٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمْ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَكُلِّفَ الْأَرْبَعَةُ الشُّرَكَاءُ لِحَلِفِ الْيَمِينِ فَنَكَلَ أَحَدُهُمْ عَنْ الْحَلِفِ وَحَلَفَ الْبَاقُونَ فَتُجْمَعُ حِصَّةُ النَّاكِلِ مَعَ حِصَّةِ الْمُدَّعِي وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً أَمَّا حِصَصُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الثَّلَاثِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِمْ كَمَا كَانَتْ لِحَلِفِ أَصْحَابِهَا الْيَمِينَ. وَتُقَامُ غَيْرُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ دَعْوَى الْغَلَطِ وَدَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ وَدَعْوَى الْحُدُودِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ إيضَاحُهَا: دَعْوَى الْغَلَطِ. قَدْ ذَكَرَ شَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (1127) الْآنِفَةِ الذِّكْر أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ بِالْقِسْمَةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُتَفَاوِتَةِ أَيْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً وَلَا يُقَسَّمُ الْبَاقِي (الطُّورِيُّ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ قَائِلًا: إنَّنَا قَدْ اقْتَسَمْنَا الْمِائَةَ الشَّاةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً وَقَدْ أُخِذَتْ سَهْوًا خَمْسًا وَخَمْسِينَ شَاةً مِنْهَا وَبَقِيَ لِي مِنْهَا خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ شَاةً فَقَطْ فَأَطْلُبُ إعْطَائِي الْخَمْسَ الشِّيَاهَ، وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ آخُذْ سَهْوًا بَلْ إنَّنِي أَخَذْت ذَلِكَ بِمُوجِبِ التَّقْسِيمِ حَيْثُ إنَّ قِيمَتَهَا أَقَلُّ مِنْ الْأُخْرَى فَيَجْمَعُهَا لِي وَلَمْ يَثْبُتْ أَحَدُهُمَا مُدَّعَاهُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَقْسُومُ مَوْجُودًا يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ إنَّ الْقِسْمَةَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1778) . كَذَلِكَ لَوْ قَسَّمَ الْقَسَّامُ دَارًا وَأَعْطَى لِأَحَدِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ سَهْوًا مِقْدَارًا أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَأَنْشَأَ الْمَقْسُومُ لَهُ بِنَاءً فِي تِلْكَ الْحِصَّةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي قَسْمِ الْآخَرِ يُهْدَمُ وَلَا يُرْجَعُ عَلَى الْقَاسِمِ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لِلْمَقْسُومِ لَهُمْ اسْتِرْدَادُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْقَسَّامِ الَّتِي دَفَعُوهَا لَهُ عَلَى الْقِسْمَةِ الْمَفْسُوخَةِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى وُجُودَ الْغَلَطِ فِي تَقْسِيمِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا يُوجِبُ فَسْخَ الْقِسْمَةِ بَلْ يُقَسَّمُ الْمِقْدَارُ الْبَاقِي بِمُوجَبِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ ضَرَرٌ فِي تَقْسِيمِ الْبَاقِي (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ، إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ هِيَ حِصَّتِي بِمُوجَبِ الْقِسْمَةِ وَلَمْ تُسَلَّمْ لِي وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فِي دَعْوَاهُ فَتُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1127) وَأَيٍّ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ فَإِذَا أَقَامَهَا كِلَاهُمَا فَتَرْجَحُ بَيِّنَةُ الطَّرَفِ الْأَكْثَرِ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) وَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَيُعَادُ الْمَقْسُومُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْحِصَّةِ الْحَاصِلَةِ بِالْقِسْمَةِ هُوَ نَظِيرٌ لِلِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْمَبِيعِ وَفِي الثَّمَنِ وَلِلْقَاضِي فِي التَّحَالُفِ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ أُوَلًا لِلطَّرَفِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَثَانِيًا لِلطَّرَفِ الْآخَرِ وَإِذَا فُسِخَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ ثَانِيَةً بِالطَّلَبِ إذَا كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ.

(المادة 1161) ظهر دين على الميت بعد تقسيم التركة

إذَا شَهِدَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعَاوَى قَسَّامَانِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1150) وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (1704) (الْهِنْدِيَّةُ) كَمَا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ قَسَّامٌ وَشَاهِدٌ آخَرُ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا وَلَكِنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ قَسَّامٍ وَاحِدٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) . [ (الْمَادَّة 1161) ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ] الْمَادَّة (1161) - (إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ إلَّا إذَا أَدَّى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَهُمْ الدَّائِنُونَ مِنْهُ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَقْسُومِ وَأَوْفَى الدَّيْنَ مِنْهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ) . الدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَنْ الْإِرْثِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ يُمْنَعُ الْوَرَثَةُ مِنْ تَمَلُّكِ التَّرِكَةِ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُحِيطٍ أَيْ كَانَتْ التَّرِكَةُ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ تَصَرُّفُ الْوَرَثَةِ بِالتَّرِكَةِ (أَبُو السُّعُودِ وَالطُّورِيُّ) . فَلِذَلِكَ إذَا ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِحَسْبِ حِصَصِهِمْ الْإرْثِيَّة تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَتَعْبِيرُ (دَيْنٍ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، لِأَنَّ تَقْسِيمَ التَّرِكَةِ يُفْسَخُ لِأَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ: 1 - ظُهُورُ دَيْنٍ عَلَى التَّرِكَةِ. 2 - ظُهُورُ مُوصًى لَهُ. 3 - ظُهُورُ وَارِثٍ آخَرَ. إيضَاحُ ظُهُورِ الدَّيْنِ: فَلِذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْوَرَثَةَ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ عَنْ وُجُودِ دَيْنٍ عَلَى التَّرِكَةِ مِنْ عَدَمِهِ فَإِذَا أَجَابُوا بِعَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ فَبِمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُمْ فَيُقَسِّمُ التَّرِكَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ حَسْبَ الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ، أَمَّا إذَا أَجَابَ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِ الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ فَلَا يُقَسَّمُ الْقَاضِي التَّرِكَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْوَرَثَةَ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا لَيْسُوا مَالِكِينَ لِلتَّرِكَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1125) . أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِالتَّرِكَةِ فَلِلْقَاضِي اسْتِحْسَانًا إفْرَازُ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَتَقْسِيمُ الْبَاقِي لِأَنَّ التَّرِكَةَ الْغَيْرَ الْمُسْتَغْرِقَةِ بِالدَّيْنِ هِيَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي لِعَدَمِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ إفْرَازَ مَالٍ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ وَتَقْسِيمُ الْبَاقِي (الطُّورِيُّ) . أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمِقْدَارُ الْمُفْرَزُ لِلدَّيْنِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى يَدِ الدَّائِنِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتَعْبِيرُ الدَّيْنِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالدَّرَكِ الَّتِي لَمْ تَنْقَلِبْ ثَمَّةَ إلَى الدَّيْنِ وَذَلِكَ إذَا كَفَلَ أَحَدٌ كَفَالَةً بِالدَّرَكِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُ الْمَتْرُوكَةُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَلَا تُمْنَعُ الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ مِنْ التَّقْسِيمِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلتَّوَهُّمِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (74) أَمَّا إذَا لَحِقَ الْمَيِّتَ الدَّرَكُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إذْ يَكُونُ الدَّيْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالدَّيْنِ الْمُقَارِنِ لِلْمَوْتِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلْوَارِثِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى بِصَدَاقِهَا بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا حَيْثُ إنَّ السُّكُوتَ وَقْتَ التَّقْسِيمِ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ صُورَةُ حَقِّ الدَّائِنِ وَمَعْنَى هِيَ مَالِيَّةُ التَّرِكَةِ

وَلِذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْضُوا الْغَرِيمَ وَأَنْ يَسْتَقِلُّوا بِهَا وَالصُّورَةُ غَيْرُ الْمَعْنَى (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . سُؤَالٌ - وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ دَعْوَى الزَّوْجَةِ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ غَيْرُ بَاطِلَةٍ مِنْ جِهَةِ التَّنَاقُضِ إلَّا أَنَّهُ إذَا اُسْتُمِعَتْ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ فَيُوجِبُ ذَلِكَ نَقْضَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَهَذَا هُوَ مَعْنَى السَّعْيِ لِنَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهَا فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا؟ . الْجَوَابُ - يُفْهَمُ إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ غَيْرُ تَامَّةٍ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ هَذَا الِادِّعَاءُ مُتَضَمِّنًا السَّعْيَ لِنَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهَا (الْعَيْنِيُّ وَالْهِدَايَةُ) . أَمَّا ادِّعَاءُ الْوَارِثِ الْعَيْنَ بِعَدَدِ الْقِسْمَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ سَوَاءٌ كَانَ ادِّعَاؤُهُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْقِسْمَةِ تَصْدِيقٌ وَإِقْرَارٌ بِالِاشْتِرَاكِ إلَّا إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ أَبِي وَهَبَنِي هَذِهِ الْعَيْنَ حَالٍ صِغَرِي وَكُنْتُ أَجْهَلُ ذَلِكَ وَقْتَ التَّقْسِيمِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي تِلْكَ الْحَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1656) . . وَفَسْخُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ مُطْلَقٌ يَعْنِي وَلَوْ رَضِيَ بِتَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ فَسْخِ الْقِسْمَةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَفَلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى بِأَمْرِ الدَّائِنِ وَرِضَائِهِ فَلِلدَّائِنِ أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَ فَسْخَ الْقِسْمَةِ مَا لَمْ يَشْرِطْ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ فَسْخُ الْقِسْمَةِ حَيْثُ إنَّ الْكَفَالَةَ فِي هَذَا الْحَالِ هِيَ حَوَالَةٌ وَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ إلَى ذِمَّةِ الْكَفِيلِ وَتَبْرَأُ التَّرِكَةُ مِنْ الدَّيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (648) . . كُلُّ تَرِكَةٍ فِيهَا دَيْنٌ فَالْحِيلَةُ فِي تَقْسِيمِهَا هُوَ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ فَإِذَا ظَفَرَ الدَّائِنُ بِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا ظَفَرَ بِأَحَدِهِمْ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارًا كَافِيًا لِدَيْنِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلِلْوَارِثِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ. إلَّا إذَا أَدَّى الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَهُمْ الدَّائِنُونَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ غَيْرُ مَقْسُومٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُفْرِزَ حِينَ الْقِسْمَةِ مِقْدَارٌ كَافٍ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ يُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْهُ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ الْمَانِعَ قَدْ زَالَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (23) . قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (747) أَنَّهُ يَجُوزُ لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَ دَيْنَهُ مِنْ الْمُتَوَفَّى لِلْمُتَوَفَّى أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَفِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ لِعَدَمِ فَسْخِ الْقِسْمَةِ، وَبِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُحْتَاجَةٌ لِلتَّفْصِيلِ فَنُوَضِّحُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - أَنْ يُوفِيَ الْوَرَثَةُ الدَّيْنَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمُتَوَفَّى سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ أَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ فَيُكَلَّفُ الْوَرَثَةُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَدَّوْا الدَّيْنَ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) : وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَدَّى أَحَدُ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ يُنْظَرُ: فَإِذَا أَدَّاهُ عَلَى أَنْ

لَا يَرْجِعَ عَلَى التَّرِكَةِ فَتَبْقَى الْقِسْمَةُ صَحِيحَةً وَإِذَا أَدَّاهُ عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ عَلَى التَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْوَارِثُ الْمُؤَدِّي لِلدَّيْنِ قَائِمًا مَقَامَ الدَّائِنِ فَإِذَا أَدَّى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِمْ لِهَذَا الْوَارِثِ فَتَبْقَى الْقِسْمَةُ تَامَّةً وَإِلَّا تُرَدُّ الْقِسْمَةُ وَتُفْسَخُ. كَذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ الْوَرَثَةُ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 2 - أَنْ يُبَرِّئَ الدَّائِنُونَ الْوَرَثَةَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُونَ الْوَرَثَةَ مِنْ الدَّيْنِ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (847) سَوَاءٌ كَانَ الدِّينُ مُحِيطًا بِالتَّرِكَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بَعْدُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) . . 3 - أَنْ يَظْهَرَ مَالٌ آخَرُ لِلْمَيِّتِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِالتَّرِكَةِ وَأُوفِيَ الدَّيْنُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَا يَبْقَى حَاجَةٌ لِفَسْخِ الْقِسْمَةِ وَتَصِحُّ الْقِسْمَةُ (الدُّرَرُ) . إيضَاحُ ظُهُورِ الْوَصِيَّةِ، وَتَعْبِيرُ (الدَّيْنِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ احْتِرَازِيٍّ فَلِذَلِكَ إذَا ظَهَرَ مُوصًى لَهُ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلِلْقَاضِي عِنْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ أَنْ يَسْأَلَ هَلْ يُوجَدُ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ فَإِذَا وُجِدَتْ وَصِيَّةٌ يَسْأَلُ هَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ بِالْعَيْنِ أَوْ وَصِيَّةٌ مُرْسَلَةٌ؟ فَإِذَا بَيَّنَ الْوَرَثَةُ عَدَمَ وُجُودِ وَصِيَّةٍ فَيُقَسِّمُ الْقَاضِي التَّرِكَةَ. أَمَّا إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ أَوْصَى بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ فَيَجِبُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْوَرَثَةُ الْمُوصَى بِهِ لِلْمُوصَى لَهُ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ فَقَطْ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ. كَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ الْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ التَّرِكَةِ كَثُلُثِهَا أَوْ رُبْعِهَا فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا. وَفِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّنَا نُؤَدِّي الْمُوصَى بِهِ وَلَا نَفْسَخُ الْقِسْمَةَ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي جُزْءٍ شَائِعٍ وَحَقَّ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ. وَقَوْلُ الْوَرَثَةِ: إنَّنَا نُؤَدِّي الْمُوصَى بِهِ مَعْنَاهُ إنَّنَا نَشْتَرِي حَقَّ الْمُوصِي لَهُ وَلَيْسَ لَهُمْ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى لَهُ (تَنْوِيرُ الْأَذْهَانِ وَشَرْحُ الْأَشْبَاهِ فِي الْقِسْمَةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُوصَى لَهُ فَتَجُوزُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ. إيضَاحُ ظُهُورِ وَارِثٍ آخَرَ، إذَا ظَهَرَ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ وَارِثٌ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقِسْمَةِ وَلَمْ تُفْرَزْ حِصَّتُهُ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يَقُولُوا: إنَّنَا نُعْطِي حِصَّةَ الْوَارِثِ الظَّاهِرِ وَلَا نَفْسَخُ الْقِسْمَةَ لِأَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ الظَّاهِرِ يَتَعَلَّقُ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى مَالٍ آخَرَ إلَّا بِرِضَائِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا رَضِيَ الْوَارِثُ الظَّاهِرُ بِذَلِكَ صَحَّ. أَمَّا إذَا قُسِّمَتْ التَّرِكَةُ قَضَاءً مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَأُفْرِزَتْ حِصَّةُ هَذَا الْوَارِثِ ثُمَّ حَضَرَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ نَقْضِ الْقِسْمَةِ بِسَبَبِ جَرَيَانِ التَّقْسِيمِ فِي غَيْبَتِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1129) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْمُوصَى لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الثامن في بيان أحكام القسمة وفيما يدخل في القسمة وما لا يدخل

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقِسْمَةِ وَفِيمَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ وَمَا لَا يَدْخُلُ] [ (الْمَادَّةُ 1162) يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ] الْمَادَّةُ (1162) - (يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَلَا يَبْقَى عَلَاقَةٌ لِأَحَدِهِمْ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بَعْدُ. وَيَتَصَرَّفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَوْ قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَصَابَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا الْبِنَاءُ وَحِصَّةَ الْآخَرِ الْعَرْصَةُ الْخَالِيَةُ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا وَأَقْنِيَةً وَأَنْ يُنْشِئَ أَبْنِيَةً فِيهَا وَيُعَلِّيَهَا إلَى حَيْثُ شَاءَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ مَنْعُهُ وَلَوْ سَدَّ عَلَيْهِ الْهَوَاءَ وَالشَّمْسَ) . يَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ حِصَّتَهُ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَيَنْقَطِعُ حَقُّ اشْتِرَاكِ الْآخَرِ فِيهَا. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1156) كَيْفِيَّةُ حُصُولِ الْمِلْكِيَّةِ فِي الْقِسْمَةِ وَكَمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ صَحِيحَةً تُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ فَالْقِسْمَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1156) وَشَرْحِهَا. وَلَا تَبْقَى عَلَاقَةٌ لِأَحَدِهِمْ فِي الْأَكْثَرِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بَعْدُ، وَقَدْ قِيلَ فِي الْأَكْثَرِ حَيْثُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1156) وَشَرْحِهَا وَكَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (1166) أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى حَقٌّ لِحِصَّةٍ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1192) أَيْ يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَبِهِ يُشَارُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ إذَا وُجِدَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ كَمَا فُصِّلَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ الْمَذْكُورِ. وَفِي كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: 1 - قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ. 2 - قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مُضِرًّا بِالْغَيْرِ يُمْنَعُ. 3 - قَوْلُ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ الَّذِينَ عَاصَرُوا الدَّوْلَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ عَهْدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ إلَى الْآنَ. وَبِهَذَا الْإِفْتَاءِ قَدْ اُخْتِيرَ رَأْيٌ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ رَأْيِ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُشَارِ إلَيْهِمْ يَعْنِي أَنَّهُمْ قَدْ عَمِلُوا فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ

(المادة 1163) تدخل الأشجار من غير ذكر في قسمة الأراضي

بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الضَّرَرِ الْغَيْرِ الْبَيِّنِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّالِثَ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1197) . فَلِذَلِكَ إذَا قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَبْنِيَةٍ وَعَلَى عَرْصَةٍ خَالِيَةٍ وَأَصَابَ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا الْبِنَاءُ وَحِصَّةَ الْآخَرِ الْعَرْصَةُ الْخَالِيَةُ أَيْ الْخَالِيَةُ مِنْ الْبِنَاءِ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ كَيْفَمَا يَشَاءُ أَيْ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا وَأَنْ يَعْمَلَ حَمَّامًا وَأَقْنِيَةً وَأَنْ يُقِيمَ فِيهَا جِدَارًا وَأَنْ يُنْشِئَ أَبْنِيَةً وَأَنْ يُعَلِّيَهَا إلَى حَيْثُ يَشَاءُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ مَنْعُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ الْخَالِيَةِ وَلَوْ سَدَّ عَلَيْهِ الْهَوَاءَ أَوْ الشَّمْسَ بِسَبَبِ إعْلَاءِ أَبْنِيَتِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ) لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ بِحُجَّةِ هَذَا الضَّرَرِ يَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَيُّ مَالِكٍ فِي مِلْكِهِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ شَجَرَةٌ فِي مِلْكِهِ يَسْتَفِيدُ جَارُهُ مِنْ ظِلِّهَا وَأَرَادَ صَاحِبُهَا قَطْعَهَا فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَطْعِهَا بِدَاعِي تَضَرُّرِهِ مِنْ حِرْمَانِهِ مِنْ ظِلِّهَا. وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي أَبْنِيَةٍ كَيْفَمَا يَشَاءُ وَأَنْ يَفْتَحَ نَافِذَةً فِي جِدَارِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ النَّافِذَةَ مُطِلَّةٌ عَلَى عَرْصَتِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِنَاءِ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُتْلِفْ مِلْكَ الْغَيْرِ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى إزَالَةِ الْجِدَارِ بِالْمَرَّةِ فَبِالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِرًا عَلَى فَتْحِ نَافِذَةٍ فِي جِدَارِهِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ النَّافِذَةُ مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ النِّسْوَانِ فَيُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ لِصَاحِبِ النَّافِذَةِ عَرْصَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ) وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَوَادِّ (1200 و 1201 و 1202) . (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَبْنِيَ جِدَارًا وَأَنْ يَسُدَّ الْجِهَةَ الْمَذْكُورَةَ أَيْ يَسُدَّ النَّافِذَةَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ مَنْعُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُؤْذِيَ جَارَهُ بِإِلْزَامِهِ لِإِنْشَاءِ حَائِطٍ لِسَدِّ النَّافِذَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا، فَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «مَنْ آذَى جَارَهُ أَوْرَثَهُ اللَّهُ دَارِهِ» وَقَدْ جُرِّبَ هَذَا الْحَدِيثُ وَثَبَتَ صِحَّةُ مَضْمُونِهِ (الْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1163) تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي] الْمَادَّةُ (1163) - (تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي، وَكَذَا الْأَشْجَارُ مَعَ الْأَبْنِيَةِ فِي تَقْسِيمِ الْمَزْرَعَةِ يَعْنِي فِي أَيْ حِصَّةٍ وُجِدَتْ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ عَنْهَا حِينَ الْقِسْمَةِ أَوْ إدْخَالِهَا بِتَعْبِيرٍ عَامٍّ كَالْقَوْلِ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا أَوْ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا) . تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فِي قِسْمَةِ الْأَرَاضِي الْمُشَجَّرَةِ الْمَغْرُوسَةُ فِي الْأَرْضِ الْمَقْسُومَةِ وَكَذَا الْأَشْجَارُ مَعَ الْأَبْنِيَةِ فِي تَقْسِيمِ الْمَزْرَعَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (232) أَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ أَيْضًا. وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ. أَمَّا الْأَشْجَارُ الْمَقْلُوعَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ حَطَبٍ وَأَخْشَابٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ.

(المادة 1164) لا يدخل الزرع والفاكهة في تقسيم الأراضي والمزرعة

وَتُفَسِّرُ الْمَجَلَّةُ عِبَارَةَ (مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ) بِقَوْلِهَا يَعْنِي فِي أَيْ حِصَّةٍ وُجِدَتْ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ تَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ كَمَا تَكُونُ الْحِصَّةُ مِلْكَهُ وَلَا تَبْقَى تِلْكَ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ كَالسَّابِقِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ عَنْ ذَلِكَ عِنْدَ التَّقْسِيمِ بِأَنْ يُقَالَ مَثَلًا: إنَّ الْأَشْجَارَ وَالْأَبْنِيَةَ تَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ تُصِيبُ حِصَّتَهُ الْأَرَاضِي، أَوْ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا تَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ تُصِيبُ حِصَّتَهُ بِاسْتِعْمَالِ تَعْبِيرٍ عَامٍّ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى دُخُولِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي الْقِسْمَةِ تَبَعًا الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ الذِّكْرِ وَهِيَ: لَوْ اقْتَسَمَ أَحَدٌ مَعَ آخَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ بَنَى الدَّارَ أَوْ غَرَسَ الْأَشْجَارَ الْمَذْكُورَةَ وَادَّعَى الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي الْقِسْمَةِ تَبَعًا وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى عَيْنِ الْمَقْسُومِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1656) . أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي تَقْسِيمِ الْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بَعْدَ تَقْسِيمِ الْأَشْجَارِ وَالْأَبْنِيَةِ الْأَرْضَ الَّتِي فِي حِصَّةِ الْآخَرِ قَائِلًا: أَنَّهَا أَرْضِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ وَالْبِنَاءُ مُشْتَرَكَةً وَأَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ شَجَرَةً وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ سَاوَمَهُ عَلَى ثَمَرِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الِادِّعَاءُ دَفْعًا لِلدَّعْوَى لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ لِلْمُدَّعِي وَالثَّمَرَةُ لِخِلَافِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (206) [ (الْمَادَّةُ 1164) لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالْفَاكِهَةُ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي وَالْمَزْرَعَةِ] الْمَادَّةُ (1164) - (لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالْفَاكِهَةُ فِي تَقْسِيمِ الْأَرَاضِي وَالْمَزْرَعَةِ مَا لَمْ يُذْكَرْ وَيُصَرَّحْ بِذَلِكَ وَيَبْقَيَانِ مُشْتَرَكَيْنِ كَمَا كَانَا سَوَاءً ذُكِرَ تَعْبِيرٌ عَامٌّ حِينَ الْقِسْمَةِ كَقَوْلِهِمْ: بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ) . لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ الْمَزْرُوعُ فِي الْأَرَاضِي الْمَقْسُومَةِ وَالْفَاكِهَةُ الْمَوْجُودَةُ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ فِي الْأَرَاضِي الْمَقْسُومَةِ حِينَ التَّقْسِيمِ مَا لَمْ يُذْكَرْ وَيُصَرَّحْ بِذَلِكَ وَيَبْقَيَانِ الْمَوْجُودَةُ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ فِي الْأَرَاضِي الْمَقْسُومَةِ حِينَ التَّقْسِيمِ مَا لَمْ يُذْكَر وَيُصَرَّحْ بِذَلِكَ وَيَبْقَيَانِ مُشْتَرَكَيْنِ كَمَا كَانَا سَوَاءً ذُكِرَ تَعْبِيرٌ عَامٌّ حِينَ قِسْمَةِ الْأَرَاضِي وَالْمَزْرَعَةِ كَقَوْلِهِمْ: بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ أَيْ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْقِسْمَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا إذَا ذُكِرَ وَصُرِّحَ بِدُخُولِهِمَا فِي الْقِسْمَةِ فَيَدْخُلَانِ كَمَا أَنَّهُمَا يَدْخُلَانِ فِي الْقِسْمَةِ إذَا قِيلَ: كُلُّ شَيْءٍ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فِيهَا أَوْ مِنْهَا كَمَا يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (232) . أَمَّا إذَا قِيلَ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِهَا الَّتِي فِيهَا وَاَلَّتِي مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي ذَلِكَ (الطُّورِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّهُ إذَا ضَمَّ التَّعْمِيمَ الْمَذْكُورَ لَفْظٌ مِنْ حُقُوقِهَا فَالتَّعْمِيمُ الْمَذْكُورُ يَتَخَصَّصُ وَيَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى الْحُقُوقِ فَقَطْ. وَكَذَلِكَ لَا تَدْخُلُ الْأَمْتِعَةُ الْمَوْضُوعَةُ فِي الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الزَّرْعُ غَيْرَ مَزْرُوعٍ بَلْ كَانَ مَحْصُودًا وَمَوْضُوعًا فِي الْبَيْدَرِ وَكَانَ الثَّمَرُ مَقْطُوفًا وَمَوْضُوعًا فِي الْأَرْضِ الْمَقْسُومَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي تَقْسِيمِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ قِيلَ: بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ بِجَمِيعِ مَرَافِقِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ وَسَوَاءٌ ذُكِرَتْ عِبَارَةُ كُلُّ شَيْءِ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فِيهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ.

(المادة 1165) يدخل في القسمة حق الطريق والمسيل

[ (الْمَادَّةُ 1165) يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ] الْمَادَّةُ (1165) - (يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ فِي الْأَرْضِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَقْسُومِ فِي كُلِّ حَالٍ يَعْنِي فِي أَيِّ حِصَّةٍ وَقَعَ يَكُونُ مِنْ حُقُوقِ صَاحِبِهَا سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ) . يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيل فِي الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَقْسُومِ أَيْ الْحِصَّةِ الْمُفْرَزَةِ مِنْ الْمَالِ الْمَقْسُومِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ هِيَ الْمُجَاوِرَةُ لِلْمَقْسُومِ وَالْوَاقِعَةُ فِي أَرَاضِي غَيْرِ الْمَقْسُومِ وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ وَيُصَرَّحْ وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (232) . وَالْمُرَادُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ هِيَ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةُ لِلْمَقْسُومِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الْمَقْسُومِ وَقَدْ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ مِنْ طَرِيقِ حِصَّةٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (1167) . . مَثَلًا لَوْ كَانَ لِدَائِرَةِ الْحَرِيمِ مِنْ دَارِ كَبِيرَةٍ طَرِيقٌ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلِدَائِرَةِ الضُّيُوفِ مِنْهَا مَمَرٌّ وَحَقُّ طَرِيقٍ مِنْ عَرْصَةِ زَيْدٍ ثُمَّ قُسِّمَتْ هَذِهِ الدَّارُ فَخَرَجَتْ دَائِرَةُ الْحَرِيمِ حِصَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَدَائِرَةُ الضُّيُوفِ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيَكُونُ حَقُّ الطَّرِيقِ مِنْ عَرْصَةِ زَيْدٍ لِلشَّرِيكِ الَّذِي أَخَذَ حِصَّةَ دَائِرَةِ الضُّيُوفِ وَلَا يَكُونُ حَقُّ الطَّرِيقِ خَارِجًا عَنْ الْقِسْمَةِ وَمُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ كَالْأَوَّلِ. وَعِبَارَةُ (فِي كُلِّ حَالٍ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ لِلتَّعْمِيمِ وَقَدْ ذُكِرَ مَعْنَى التَّعْمِيمِ فِي آخِرِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ، يَعْنِي فِي أَيِّ حِصَّةٍ وَقَعَ حَقُّ طَرِيقِ وَحَقُّ مَسِيلِ الْمَقْسُومِ فِي الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ يَكُونُ مِنْ حُقُوقِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَمِلْكًا لَهُ سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ جَمِيعِ مَرَافِقِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ (الذَّخِيرَةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمَقْسُومِ طَرِيقٌ آخَرُ أَوْ لَمْ يَكُنْ. [ (الْمَادَّةُ 1166) شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ حِصَّةٍ أَوْ مَسِيلُهَا فِي حِصَّةٍ أُخْرَى] الْمَادَّةُ (1166) - (إذَا شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ حِصَّةٍ أَوْ مَسِيلُهَا فِي حِصَّةٍ أُخْرَى فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ) . سَوَاءٌ كَانَ مُمْكِنًا صَرْفُهُ وَتَحْوِيلُهُ إلَى طَرَفٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي يَكُونُ الطَّرِيقُ أَوْ الْمَسِيلُ الْمَذْكُورُ حَقًّا لِلْمَشْرُوطِ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ) لِأَنَّهُ حَسْبَ الْمَادَّةِ (83) يَجِبُ مُرَاعَاةُ الشَّرْطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَجَلِ ذَلِكَ فَسْخُ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ بَلْ تَبْقَى تِلْكَ الطَّرِيقُ وَذَلِكَ الْمَسِيلُ عَلَى حَالِهِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَتَكُونُ لِلْحِصَّةِ الْمَشْرُوطِ لَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَفْرَزَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ طَرِيقًا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ جَمِيعِهِمْ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1143) . وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1151) لُزُومُ إفْرَازِ كُلِّ حِصَّةٍ عَنْ الْأُخْرَى بِحَقِّ طَرِيقِهَا وَمَسِيلِهَا وَشِرْبِهَا بِدُونِ أَنْ يَكُونَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْحِصَّةِ الْأُخْرَى إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْتُومٍ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ

الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَبْقَى لِحِصَّةٍ حَقُّ طَرِيقٍ وَمَسِيلٍ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى حَتَّى وَلَوْ كَانَ مُمْكِنًا إفْرَازُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ مَعَ حَقِّ طَرِيقِهَا وَحَقِّ شِرْبِهَا. الْمَادَّةُ (1167) - (إذَا كَانَ لِحِصَّةِ طَرِيقٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى وَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاؤُهُ حِينَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا صَرْفُهُ وَتَحْوِيلُهُ فَيُصْرَفُ وَيُحَوَّلُ سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يُقَلْ. أَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلصَّرْفِ وَالتَّحْوِيلِ إلَى طَرَفٍ آخَرَ فَيُنْظَرُ: فَإِنْ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا تَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ التَّعْبِيرُ الْعَامُّ كَقَوْلِهِمْ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا تَنْفَسِخُ الْقِسْمَةُ، وَالْمَسِيلُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ عَيْنِهَا) . إذَا كَانَ لِحِصَّةٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ طَرِيقٌ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى وَلَمْ يُشْتَرَطْ بَقَاءُ تِلْكَ الطَّرِيقِ لِلْحِصَّةِ الْأُولَى عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ حِينَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا صَرْفُهُ وَتَحْوِيلُهُ أَيْ إلَى جِهَةٍ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُولَى فَيُصْرَفُ وَيُحَوَّلُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِسْمَةِ أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِحِصَّةٍ وَقَطْعُ أَسْبَابِ التَّعَلُّقِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ، فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا حُصُولُ ذَلِكَ فَيُصْرَفُ وَيُحَوَّلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِتَحْقِيقِ مَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُولَى حَقُّ مُرُورٍ فِي الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ (الطُّورِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1151) . أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رِقْبَةَ تِلْكَ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهَا. (الْهِنْدِيَّةُ) . سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يُقَلْ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَتْ لَهُ الْحُقُوقُ وَالْمَرَافِقُ لِلطَّرِيقِ هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ إيجَادِ طَرِيقٍ لَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا إيجَادُ طَرِيقٍ لَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ مَا لَمْ يَرْضَ الشَّرِيكُ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يُمْكِنُهُ أَنْ يُفْتَحَ الطَّرِيقُ مِنْ مِلْكِهِ وَأَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ: إنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ لَكَ مَعَ حَقِّ طَرِيقِهَا وَحَقِّ مَسِيلِهَا وَحَقِّ شِرْبِهَا، فَلَا تُحَوَّلُ الطَّرِيقُ وَلَا تُصْرَفُ إلَى طَرَفٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ صَرْفُهَا وَتَحْوِيلُهَا مُمْكِنًا (الزَّيْلَعِيّ فِي الْقِسْمَةِ) مَعَ أَنَّ الطَّرِيقَ وَالْمَسِيلَ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ بِتَعْبِيرِ جَمِيعِ حُقُوقِهَا (الطُّورِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (235) . وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ) مِنْ شَرْطِ إبْقَاءِ ذَلِكَ فَإِذَا شَرَطَ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1166) فَتَبْقَى وَلَوْ كَانَ صَرْفُهَا وَتَحْوِيلُهَا مُمْكِنًا. قِيلَ (إذَا كَانَ لِحِصَّةِ طَرِيقٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى) لِأَنَّ الطَّرِيقَ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى وَكَانَتْ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَتَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ فِي كُلِّ حَالٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1165) . (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا صَرْفُ وَتَحْوِيلُ تِلْكَ الطَّرِيقِ لِطَرَفٍ آخَرَ يُنْظَرُ: فَإِذَا قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ مَرَافِقِهَا بِاسْتِعْمَالِ تَعْبِيرٍ عُمُومِيٍّ فَتَدْخُلُ الطَّرِيقُ فِي الْقِسْمَةِ، وَإِذَا لَمْ يُضِفْ حِينَ

الْقِسْمَةِ تَعْبِيرٌ عُمُومِيٌّ كَقَوْلِهِمْ: بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ جَمِيعِ مَرَافِقِهَا فَلَا تَدْخُلُ الطَّرِيقُ فِي الْقِسْمَةِ، فَإِذَا كَانَ لَا يُعْلَمُ الشَّرِيكُ حِينَ الْقِسْمَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحِصَّةِ طَرِيقٌ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بِالْإِجْمَاعِ (الْبَهْجَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِسْمَةِ قَطْعُ عَلَاقَةِ الْحِصَصِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ وَأَنْ يَكُونَ سَهْمُ كُلِّ شَرِيكٍ كَامِلًا لِذَلِكَ الشَّرِيكِ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِصَرْفِ الطَّرِيقِ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَتَخْتَلُّ الْقِسْمَةُ وَتَكُونُ فَاسِدَةً وَيَجِبُ فَسْخُهَا وَاسْتِئْنَافُ الْقِسْمَةِ لِإِزَالَةِ ضَرَرِ الِاخْتِلَافِ (مِنَحُ الْغَفَّارِ) . أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ أَوْ مَسِيلٌ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَى فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هُوَ مِلْكُ الرِّقْبَة وَلَا يُشْتَرَطُ الِانْتِفَاعُ مِنْهُ فِي الْحَالِ أَمَّا فِي الْقِسْمَةِ فَيُشْتَرَطُ الِانْتِفَاعُ فِي الْحَالِ (الطُّورِيُّ) . وَتُقَسَّمُ ثَانِيَةً بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى أَنْ يَكُونَ شَرِيكُ طَرِيقٍ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَفِي هَذَا الْحَالِ فَإِذَا تَبَيَّنَ عِنْدَ تَكْرَارِ الْقِسْمَةِ عَدَمُ إمْكَانِ قَطْعِ طَرِيقِ حِصَّةٍ مِنْ حِصَّةٍ أُخْرَى فَالظَّاهِرُ أَنْ تُجْرَى الْقِسْمَةُ ثَانِيَةً وَأَنْ يُشْتَرَطَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ حِصَّةٍ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1151 و 1166) . . قِيلَ فِي الشَّرْحِ (إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّ لَيْسَ لِلْحِصَّةِ طَرِيقٌ) لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ الشَّرِيكُ بِعَدَمِ وُجُودِ طَرِيقٍ لِحِصَّتِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ نَافِذَةً وَلَا تُفْسَخُ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبِلَ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (341) . (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْمَسِيلُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ كَالطَّرِيقِ عَيْنُهَا وَذَلِكَ إذَا كَانَ لِحِصَّةٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَسِيلٌ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى وَلَمْ يُشْتَرَطْ حِينَ الْقِسْمَةِ إبْقَاؤُهُ فَيَحُولُ إذَا كَانَ مُمْكِنًا تَحْوِيلُهُ إلَى طَرَفٍ آخَرَ وَلَا يَكُونُ الْمَسِيلُ الْمَذْكُورُ دَاخِلًا فِي الْقِسْمَةِ أَيْ لِصَاحِبِ تِلْكَ الْحِصَّةِ سَوَاءٌ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ. أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرُ مُمْكِنٍ تَحْوِيلَ الْمَسِيلِ الْمَذْكُورِ لِطَرَفٍ آخَرَ فَيُنْظَرُ: فَإِنْ قِيلَ حِينَ الْقِسْمَةِ (بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ) أَيْ بِاسْتِعْمَالِ تَعْبِيرٍ عُمُومِيٍّ فَيَدْخُلُ الْمَسِيلُ فِي الْقِسْمَةِ وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا لَمْ يُضَفْ تَعْبِيرٌ عُمُومِيٌّ كَهَذَا فَلَا يَدْخُلُ الْمَسِيلُ فِي الْقِسْمَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ عَالِمًا وَقْتَ التَّقْسِيمِ بِعَدَمِ وُجُودِ مَسِيلٍ لِلْحِصَّةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ. وَأَحْكَامُ هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ مُخَالِفَةٍ لِأَحْكَامِ الْمَادَّتَيْنِ (1143 و 1114) . الْمَادَّةُ (1168) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ طَرِيقٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَرَادَ صَاحِبَا الدَّارِ تَقْسِيمَهَا فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمَا. لَكِنَّهُمَا يَتْرُكَانِ طَرِيقَهُ حِينَ الْقِسْمَةِ عَلَى حَالِهِ، وَإِذَا بَاعَ الثَّلَاثَةُ بِالِاتِّفَاقِ الدَّارَ مَعَ الطَّرِيقِ فَإِذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ ثَلَاثَتِهِمْ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. وَإِذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ وَلِذَلِكَ الْآخَرِ حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَذَلِكَ أَنْ تُقَوَّمَ الْعَرْصَةُ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ مَرَّةً وَتُقَوَّمَ ثَانِيَةً خَالِيَةً عَنْ حَقِّ الْمُرُورِ وَالْفَضْلُ بَيْنَ

الْقِيمَتَيْنِ يَكُونُ لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ وَبَاقِيهَا لِصَاحِبَيْ الدَّارِ. وَالْمَسِيلُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ يَعْنِي إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ مَسِيلٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَعَلَى صَاحِبَيْ الدَّارِ حِينَ تَقْسِيمِهَا تَرْكُ الْمَسِيلِ عَلَى حَالِهِ) . إذَا كَانَ لِأَحَدٍ طَرِيقٌ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَرَادَ صَاحِبَا الدَّارِ تَقْسِيمَهَا فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمَا مِنْ التَّقْسِيمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِقْدَارُ الطَّرِيقِ مَعْلُومًا فَيَلْزَمُ إعْطَاءُ طَرِيقٍ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَمَا عَدَا ذَلِكَ هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّرِيقِ حَقٌّ فِيهِ فَلَهُمَا حَقُّ تَقْسِيمِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) . وَلَكِنَّهُمَا يَتْرُكَانِ طَرِيقَهُ عَلَى حَالِهِ حِينَ الْقِسْمَةِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَرْكُهُ حَيْثُ إنَّ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهَا فِي الْقِسْمَةِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ حِينَ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ مِلْكًا لِلشُّرَكَاءِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1125) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ) . وَإِذَا بَاعَ ثَلَاثَتُهُمْ أَيْ صَاحِبَا الدَّارِ وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ بِالِاتِّفَاقِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ الطَّرِيقِ فَإِذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ أَيْ مِلْكًا لِثَلَاثَتِهِمْ فَيُقَسَّمُ ثَمَنُ الطَّرِيقِ بَيْنَ ثَلَاثَتِهِمْ فَإِذَا كَانَتْ حِصَّتُهُمْ مَعْلُومَةً كَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَوْرُوثَةً فَتُقَسَّمُ حَسْبَ حِصَصِهِمْ، وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1143) . وَإِذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ الْمَذْكُورَةُ مَوْرُوثَةً وَحِصَّتُهُمْ مَعْلُومَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَأَوْرَثَ حِصَّتَهُ إلَى وَرَثَةٍ كَثِيرِينَ فَحَقُّ أُولَئِكَ الْوَارِثِينَ يَكُونُ بِقَدْرِ حَقِّ مُوَرِّثِهِمْ الْوَاحِدِ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدِ طَرِيقٌ فِي الدَّارِ الَّتِي يَمْلِكُهَا آخَرُ وَكَانَتْ الطَّرِيقُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَ صَاحِبِ الدَّارِ وَبَيْنَ صَاحِبِ الطَّرِيقِ ثُمَّ تُوُفِّيَ صَاحِبُ الدَّارِ وَأَرَادَ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ تَقْسِيمَ الدَّارِ بَيْنَهُمْ فَقَسَّمُوهَا وَأَفْرَزُوا الطَّرِيقَ لَهُمْ وَلِذَلِكَ الْآخَرِ ثُمَّ بَاعَ الْأَرْبَعَةُ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَةَ بِالِاتِّفَاقِ فَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ النِّصْفَ. أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَنَّ الطَّرِيقَ مِيرَاثٌ وَأَنْكَرُوا أَيْضًا أَنَّهَا مِيرَاثٌ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَيْ يُقَسَّمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَسْهُمٍ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ الرُّبْعَ فَقَطْ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1143) . (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ: (إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ بَلْ كَانَتْ مِلْكَهُ مُسْتَقِلًّا حَسْبَ الْفِقْرَةِ فَيَكُونُ مُسْتَقِلًّا لَهُ تَعْيِينُ ثَمَنِ الطَّرِيقِ، إذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَبَاعَ ثَلَاثَتُهُمْ بِالِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَ فَقَطْ فَيَقْتَسِمُونَ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَبِيعُوا الطَّرِيقَ مُسْتَقِلًّا بَلْ بَاعُوهُ مَعَ الدَّارِ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمْ حَقَّهُ، يَعْنِي أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ مَعَ الطَّرِيقِ يَأْخُذُ ثَمَنَ الدَّارِ كَامِلًا وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ الَّتِي أَصَابَتْهُ مِنْ الطَّرِيقِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الطَّرِيقِ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الطَّرِيقِ فَقَطْ. وَتَبَيُّنُ الْأُصُولِ فِي عِلْمِ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ أَوَّلًا فَقَطْ ثُمَّ تُقَوَّمَ الطَّرِيقُ فَقَطْ وَيُضْرَبُ مَجْمُوعُ الْقِيمَتَيْنِ فِي الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَيُقَسَّمُ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى قِيمَةِ

الدَّارِ وَيَكُونُ خَارِجَ الْقِسْمَةِ حِصَّةُ الدَّارِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِذَا قُسِمَ حَاصِلُ الضَّرْبِ عَلَى قِيمَةِ الطَّرِيقِ فَقَطْ فَيَكُونُ خَارِجَ الْقِسْمَةِ حِصَّةُ الطَّرِيقِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَعَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ حِصَّةُ الدَّارِ مِنْ الثَّمَنِ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَقَطْ أَمَّا ثَمَنُ الطَّرِيقِ فَيُقَسَّمُ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. مَثَلًا: إذَا بِيعَتْ الدَّارُ مَعَ الطَّرِيقِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الدَّارِ ثَمَانِينَ دِينَارًا فَقَطْ وَقِيمَةُ الطَّرِيقِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ الْحِسَابُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: قِيمَةُ الدَّارِ مَعَ الطَّرِيقِ قِيمَةُ الدَّارِ فَقَطْ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى 90 80 150 3 133 الدَّارُ مَعَ الطَّرِيقِ الطَّرِيقُ فَقَطْ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى 90 10 150 3 16 يَعْنِي 80 150 90 3 1331 و 150 9 2 3 16 فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ لِصَاحِبِ الدَّارِ مَعَ الطَّرِيقِ وَسِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ لِلشَّرِيكِ فِي الطَّرِيقِ. وَإِذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ وَكَانَ لِذَلِكَ الْآخَرِ حَقُّ مُرُورٍ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ فَقَطْ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمْ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ الطَّرِيقِ، وَلَيْسَ كَقَوْلِ الْإِمَامِ الْكَرْخِيِّ الَّذِي قَالَ: إنَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى يَكُونُ عَائِدًا لِصَاحِبَيْ الدَّارِ وَيَسْقُطُ حَقُّ صَاحِبِ الْمُرُورِ بِلَا بَدَلٍ. وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْعَرْصَةُ مَعَ الدَّارِ مَعَ رِقْبَةِ الطَّرِيقِ وَحَقِّ مُرُورِهَا مَرَّةً ثُمَّ تُقَدَّرُ ثَانِيَةً رِقْبَةُ الطَّرِيقِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ وَتَكُونُ الْفُضُلَةُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ حَقَّ صَاحِبِ الْمُرُورِ إذْ أَنَّ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ مَعَ حَقِّ مُرُورِ الْغَيْرِ فِيهَا قَلِيلَةٌ وَقِيمَتَهَا بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ فِيهَا أَزْيَدُ لِأَنَّ حَقَّ مُرُورِ الْغَيْرِ مِنْ الْعَرْصَةِ هُوَ عَيْبٌ فِي الْعَرْصَةِ وَيَكُونُ بَاقِي الْفُضُلَةِ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: 1 - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا بِحَقِّ الْمُرُورِ أَقَلَّ مِنْهُ. وَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ عَرْصَةٌ مَعَ حَقِّ مُرُورِهَا بِسِتِّينَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ سِتِّينَ دِينَارًا أَيْضًا وَقِيمَتُهَا بِحَقِّ الْمُرُورِ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَتَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا هِيَ فُضْلَةُ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ وَتَكُونُ الْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ دِينَارًا لِصَاحِبِ الدَّارِ. 2 - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَأَنْ تَكُون قِيمَتُهَا بِحَقِّ الْمُرُورِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْمُسَمَّى. مَثَلًا إذَا بِيعَتْ الْعَرْصَةُ الْمَذْكُورَةُ مَعَ حَقِّ مُرُورِهَا بِسِتِّينَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهَا بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ ثَمَانِينَ دِينَارًا وَقِيمَتُهَا مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ سِتِّينَ دِينَارًا فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ

وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا هُوَ رُبْعُ الثَّمَانِينَ دِينَارًا فَتَكُونُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَيْ رُبْعُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ وَالْخَمْسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ دِينَارًا لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ وَتُحَلُّ الْقَاعِدَةُ الْحِسَابِيَّةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (20 60 8 15) . 3 - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ وَقِيمَتُهَا مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ دُونَ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى. مَثَلًا: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ الْمُبَاعَةِ بِحَقِّ مُرُورِهَا سِتِّينَ دِينَارًا وَبِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ خَمْسِينَ دِينَارًا وَأَرْبَعِينَ دِينَارًا مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ فَالْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ الَّتِي هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هِيَ خُمْسُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ خُمْسُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى الِاثْنَا عَشَرَ دِينَارًا لِصَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ الْبَاقِيَةُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ، وَتُحَلُّ الْقَاعِدَةُ الْحِسَابِيَّةُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (10 60 50 12) . 4 - أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ وَمَعَ حَقِّ الْمُرُورِ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، مَثَلًا أَنْ تُبَاعَ الْعَرْصَةُ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ بِسِتِّينَ دِينَارًا وَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ حَقِّ الْمُرُورِ مِائَةَ دِينَارٍ وَقِيمَتُهَا مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ تِسْعُونَ دِينَارًا فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ هُوَ عُشْرُ الْمِائَةِ الدِّينَارِ فَيَكُونُ عُشْرُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى أَيْ الدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ حَقًّا لِصَاحِبِ الْمُرُورِ وَتُحَلُّ الْقَاعِدَةُ الْحِسَابِيَّةُ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (10 60 100 6) ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (346) أَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . وَالْمَسِيلُ أَيْضًا كَالطَّرِيقِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ الَّتِي بُيِّنَتْ آنِفًا جَارِيَةٌ فِي الْمَسِيلِ وَالْحَالُ أَنَّ فِقْرَةَ (وَإِنْ كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ لِصَاحِبَيْ الدَّارِ) غَيْرُ جَارِيَةٍ فِي الْمَسِيلِ وَلِلْإِشَارَةِ إلَى ذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ التَّفْسِيرُ الْآتِي: يَعْنِي إنْ كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ مَسِيلٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَإِذَا قُسِّمَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا يُتْرَكُ الْمَسِيلُ عَلَى حَالٍ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَنْ يَمْنَعَ هَذَا التَّقْسِيمَ (الْخَانِيَّةُ) وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ مَعَ صَاحِبِ الْمَسِيلِ بِالِاتِّفَاقِ الدَّارَ مَعَ الْمَسِيلِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْمَسِيلِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ، هَذَا إذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الْمَسِيلِ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ رِقْبَةُ الْمَسِيلِ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَلِصَاحِبِ الْمَسِيلِ حَقُّ الْإِسَالَةِ فَقَطْ وَبَاعَ الْعَرْصَةَ مَعَ الْمَسِيلِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الذِّكْرِ فَيَسْقُطُ حَقُّ صَاحِبِ الْمَسِيلِ مَجَّانًا وَلَا يَأْخُذُ حِصَّتُهُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمَسِيلِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا أَوْصَى أَحَدٌ لِأَحَدٍ بِسُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ فَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصَى بِأَمْرٍ وَإِذْنٍ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ السُّكْنَى فِي الدَّارِ. وَإِذَا أَبْطَلَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ حَقَّهُ فِي الْمَسِيلِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ يَمْلِكُ حَقَّ الْمَسِيلِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلرِّقْبَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ بِالْإِبْطَالِ وَالْإِسْقَاطِ. أَمَّا إذَا كَانَ مَالِكًا لِحَقِّ الْمَسِيلِ وَلِرِقْبَةِ

(المادة 1170) دار قسمت بين اثنين وبين المقسمين حائط

الْمَسِيلِ مَعًا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِالْإِسْقَاطِ وَالْإِبْرَاءِ لِأَنَّ مِلْكَ الْعَيْنِ لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1227) . . إنَّ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي وُعِدَ بِهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (216) . هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةُ (1169) - (إذَا كَانَ فِي سَاحَةِ دَارٍ مَنْزِلٌ لِآخَرَ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ يَمُرُّ مِنْ تِلْكَ السَّاحَةِ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الدَّارِ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ مَنْعُهُمْ لَكِنْ يَتْرُكُونَ حِينَ الْقِسْمَةِ لَهُ طَرِيقًا بِقَدْرِ عَرْضِ بَابِ الْمَنْزِلِ) . إذَا كَانَ فِي سَاحَةِ دَارِ مَنْزِلٍ لِآخَرَ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ يَمُرُّ مِنْ تِلْكَ السَّاحَةِ أَيْ كَانَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ طَرِيقٌ مِنْهَا وَأَرَادَ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ مَنْعُهُمْ مِنْ التَّقْسِيمِ الْمَذْكُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (1197) . وَإِذَا أَرَادَ أَصْحَابُ الدَّارِ تَقْسِيمَ الدَّارِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ طَرِيقٌ مَعْلُومٌ وَمَحْدُودٌ فِي مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَيَجِبُ تَرْكُ تِلْكَ الطَّرِيقِ كَامِلَةً لَهُ وَلَا تُوَسَّعُ إذَا كَانَتْ ضَيِّقَةً كَمَا أَنَّهَا لَا تُضَيَّقُ إذَا كَانَتْ وَاسِعَةً. أَمَّا إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَمَحْدُودَةٍ أَيْ مَجْهُولَةٍ عَرْضًا وَسِعَةً فَيَتْرُكُونَ طَرِيقًا لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِقَدْرِ عَرْضِ الْبَابِ الْمَنْزِلِ الْخَارِجِيِّ وَبِالطُّولِ الْمُنْتَهِي بِالطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ (الْخَانِيَّةُ) أَيْ أَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الدَّارِ أَنْ يَتْرُكُوا طَرِيقًا بِعَرْضِ بَابِ الْمَنْزِلِ الْخَارِجِيِّ وَبِطُولٍ يَنْتَهِي بِالطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَلَيْسَ لَهُمْ تَرْكُ الْمَنْزِلِ الْمَذْكُورِ بِلَا طَرِيقٍ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ حَقَّ مُرُورٍ وَرِقْبَةَ طَرِيقٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا آخَرُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي طَرِيقًا فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنُوا مَحِلَّ الطَّرِيقِ وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُعْطَى لِلْمُدَّعَى طَرِيقٌ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْخَارِجِيِّ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ مَنْزِلَانِ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. يَعْنِي إذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ لِشَخْصَيْنِ مَنْزِلَانِ وَكَانَ صَاحِبَا الْمَنْزِلَيْنِ يَمُرَّانِ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ وَأَرَادَا تَقْسِيمَهَا فَيُتْرَكُ طَرِيقٌ وَاحِدٌ لِلْمَنْزِلَيْنِ بِعَرْضِ بَابِ الْمَنْزِلِ الَّذِي بَابُهُ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْمَنْزِلِ الْآخَرِ وَلَا يُتْرَكُ لِكُلِّ مَنْزِلٍ طَرِيقٌ عَلَى حِدَةٍ لِأَنَّ الطَّرِيقَ إنَّمَا هِيَ لِلْمُرُورِ وَيَكْفِي طَرِيقٌ وَاحِدٌ لِمَنْزِلَيْنِ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ طَرِيقًا وَاحِدَةً تَكْفِي لِمَنْزِلَيْنِ وَلَكِنَّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَنْزِلَانِ فِي جِهَةٍ مِنْ الْعَرْصَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا فِي جِهَةٍ مِنْ الْعَرْصَةِ وَالْآخَرُ فِي الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ لِصَاحِبَيْهِمَا الْمُرُورُ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ فَفِي ذَلِكَ الْحَالِ يَجِبُ إعْطَاءُ طَرِيقٍ لِصَاحِبِ كُلِّ مَنْزِلٍ بِعَرْضِ بَابِ مَنْزِلِهِ الْخَارِجِيِّ. [ (الْمَادَّةُ 1170) دَارٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُقَسِّمَيْنِ حَائِطٌ] الْمَادَّةُ (1170) - (دَارٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُقَسِّمَيْنِ حَائِطٌ فَإِذَا كَانَتْ

رُءُوسُ جُذُوعِ أَحَدِ الْمُقَسَّمَيْنِ الْوَاقِعَةُ عَلَى حَائِطٍ آخَرَ وَاقِعَةً رُءُوسُهَا الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَتُرْفَعُ تِلْكَ الْجُذُوعُ إنْ شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ رَفْعُهَا وَإِلَّا فَلَا تُرْفَعُ. وَكَذَلِكَ إذَا قُسِّمَ عَلَى صُورَةٍ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ الْوَاقِعُ بَيْنَ مُقَسِّمَيْنِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ وَالْجُذُوعُ الْمَوْضُوعَةُ رُءُوسُهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ أُخْرَى فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ) . دَارٌ قُسِّمَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْمُقَسِّمَيْنِ حَائِطٌ وَجُعِلَ هَذَا الْحَائِطُ حِينَ الْقِسْمَةِ مِلْكًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا كَانَتْ رُءُوسُ جُذُوعِ أَحَدِ الْمُقَسَّمَيْنِ الْوَاقِعَةُ عَلَى حَائِطِ آخَرَ وَاقِعَةٌ رُءُوسُهَا الْأُخْرَى عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ الَّذِي كَانَ مُشْتَرَكًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَصْبَحَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكٍ وَاحِدٍ حَسْبَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1145) فَتُرْفَعُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْحَائِطِ إنْ شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ رَفْعُهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا أَيْ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ حِينَ الْقِسْمَةِ رَفْعُهَا سَوَاءٌ شُرِطَ إبْقَاؤُهَا أَوْ سُكِتَ فَلَا تُرْفَعُ وَلَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَائِطِ رَفْعَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْجُذُوعُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِلْكًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَكَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا أَوْ كَانَ السَّقْفُ وَالْجُذُوعُ وَالْحَائِطُ مُشْتَرَكًا وَأَصْبَحَ الْحَائِطُ حِينَ التَّقْسِيمِ لِإِحْدَى الْحِصَصِ وَالسَّقْفُ وَالْجُذُوعُ لِحِصَّةٍ أُخْرَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْجُذُوعَ قَدْ أَصَابَتْ حِصَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ عَلَى حَائِطٍ وَاسْتَحَقَّهَا عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ اسْتِنْبَاطًا) وَإِذَا ارْتَفَعَتْ هَذِهِ الْجُذُوعُ مِنْ نَفْسِهَا بِأَنْ احْتَرَقَتْ فَهَلْ لِصَاحِبِهَا حَقُّ وَضْعِ غَيْرِهَا؟ وَيُقَالُ تَفَقُّهًا: إنَّ هَذَا الْحَقَّ دَائِمِيٌّ وَلَيْسَ مُؤَقَّتًا فَلِذَلِكَ لِصَاحِبِهَا حَقُّ وَضْعِهَا. وَيَفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ عِبَارَةَ (الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ) الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَجَازٌ بِعَلَاقَةِ السَّابِقَةِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] وَلَا يَقْصِدُ بِعِبَارَةِ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الْحَائِطَ الَّذِي يُتْرَكُ حِينَ الْقِسْمَةِ مُشْتَرَكًا لِيُسْتَعْمَلَ مُشْتَرَكًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1146) لِأَنَّ لِلشُّرَكَاءِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ حَقَّ اسْتِعْمَالِهِ مُشْتَرَكًا فَلَا يَكُونُ مَعْنًى لِشَرْطِ الرَّفْعِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدٍ مَوْضُوعَةً عَلَى سُلَّمِ أَحَدٍ فَإِذَا شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ رَفْعُهَا فَتُرْفَعُ وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ نَافِذَةُ صَاحِبِ الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ مُطِلَّةً عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِ الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ فَإِذَا اُشْتُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ سَدُّهَا فَتُسَدُّ. وَالتَّقْسِيمُ إلَى مُقْسَمَيْنِ الْوَارِدُ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُقَاسَمُ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ. كَمَا أَنَّ لَفْظَ حَائِطٍ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الْحَائِطِ عَمُودٌ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ إذَا قُسِّمَ عَلَى صُورَةِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ الْوَاقِعُ بَيْنَ مُقَسِّمَيْنِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ وَالْجُذُوعُ الْمَوْضُوعَةُ رُءُوسُهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ مِلْكًا لِصَاحِبِ حِصَّةٍ أُخْرَى فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ وَبَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ فَكَانَ لَا دَاعِيَ لِتَكْرَارِهَا وَلَا فَائِدَةَ مِنْ الْقَوْلِ عَنْهَا أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

(المادة 1172) قسمت دار مشتركة لها حق المرور في طريق خاص

الْمَادَّةُ (1171) - (أَغْصَانُ الْأَشْجَارِ الْوَاقِعَةِ فِي قِسْمٍ إذَا كَانَتْ مُدَلَّاةً عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ شُرِطَ قَطْعُهَا حِينَ الْقِسْمَةِ فَلَا تُقْطَعُ) . أَغْصَانُ الْأَشْجَارِ الْوَاقِعَةُ فِي قِسْمٍ أَيْ إذَا قُسِّمَتْ عَرْصَةٌ أَوْ بُسْتَانٌ وَكَانَ يُوجَدُ فِي قِسْمٍ أَشْجَارٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا كَانَتْ مُدَلَّاةً عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شُرِطَ قَطْعُهَا حِينَ الْقِسْمَةِ فَلَا تُقْطَعُ جَبْرًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْجَارَ قَدْ اسْتَحَقَّهَا مَنْ خَرَجَتْ فِي نَصِيبِهِ وَأَغْصَانُهَا عَلَى هَذَا الْحَالِ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلِذَلِكَ فَالْأَغْصَانُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا هُنَا لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْأَغْصَانِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1196) (الْخَانِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . أَمَّا إذَا شُرِطَ حِينَ الْقِسْمَةِ قَطْعُهَا فَلِصَاحِبِ الْقِسْمِ الْآخَرِ أَنْ يَطْلُبَ قَطْعَ تِلْكَ الْأَغْصَانِ وَأَنْ يُفْرِغَ هَوَاءَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1196) . (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1172) قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ] الْمَادَّةُ (1172) - (إذَا قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا وَنَافِذَةً عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمْ) لِكُلِّ وَاحِدٍ مَالِكٍ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْ مَحِلٍّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ (الْخَيْرِيَّةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا قُسِّمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا وَنَافِذَةً عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ مَنْعُهُمْ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَالنَّافِذَةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُمْ مِنْ الْمُرُورِ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ فِي جِدَارِهِ تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي حَقِّهِ الْخَاصِّ وَغَيْرُ مُضِرٍّ بِغَيْرِهِ (الطُّورِيُّ وَالْخَيْرِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا كَانَ لِدَارٍ وَاقِعَةٍ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ بَابٌ وَخَمْسُ نَوَافِذَ فَتُوُفِّيَ صَاحِبُهَا وَوُرِّثَتْ لِأَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ فَقَسَّمُوهَا إلَى خَمْسِ حِصَصٍ فَلِكُلِّ صَاحِبِ حِصَّةٍ فَتْحُ بَابٍ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَكُونُ فِي تِلْكَ الدَّارِ بَدَلًا عَنْ بَابٍ وَاحِدٍ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ كَمَا أَنَّ لِأَصْحَابِ كُلِّ حِصَّةٍ فَتْحُ سِتِّ نَوَافِذَ وَعَلَى ذَلِكَ فَتُصْبِحُ النَّوَافِذُ ثَلَاثِينَ نَافِذَةً لِأَنَّ الْمُرُورَ مِنْ بَابٍ أَوْ الْمُرُورَ مِنْ عَشَرَةِ أَبْوَابٍ فِي حُكْمِ وَاحِدٍ وَلَا يَكُونُ بِفَتْحِهِ أَبْوَابًا كَثِيرَةً قَدْ أَخَذَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ فَلِذَلِكَ كَمَا لِلْمُوَرِّثِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ أَبْوَابًا وَنَوَافِذَ فَلِوَرَثَتِهِ هَذَا الْحَقُّ أَيْضًا. أَمَّا صَاحِبُ الْأَرَاضِي الَّتِي لَهَا حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ إذَا تُوُفِّيَ وَاقْتَسَمَ وَرَثَتُهُ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ فَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ جَدْوَلٍ لِلسَّقْيِ غَيْرَ الْجَدْوَلِ السَّابِقِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَقَدْ وَضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1296) . . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ) وَلِنُبَادِرَ إلَى تَوْضِيحِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ لِمَنْ يَمْلِكُ حَقَّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا آخَرَ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ فِي أَعْلَى النُّقْطَةِ الْوَاقِعِ فِيهَا بَابُ الدَّارِ أَيْ فِي طَرَفِ مَدْخَلِ الطَّرِيقِ وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1328) . أَمَّا فَتْحُهُ بَابًا آخَرَ فِي أَسْفَلِ النُّقْطَةِ

(المادة 1173) بنى أحد الشركاء لنفسه في الملك بدون إذن الآخرين

مِنْ بَابِ الدَّارِ أَيْ فِي جِهَةِ مُنْتَهَى الطَّرِيقِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَعِنْدَ الْمَشَايِخِ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ مِنْ أَسْفَلَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ حَائِطِ دَارِهِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَهُ إنْشَاءَ الدُّخُولِ إلَى دَارِهِ مِنْ جِهَةِ الْأَسْفَلِ أَوْ الْأَعْلَى وَلَهُ الْمُرُورَ مِنْ أَوَّلِ الْحَائِطِ إلَى آخِرِهِ لِإِصْلَاحِ حَائِطِهِ وَتَعْمِيرِهِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ لَهُ فَتْحُ بَابٍ مِنْ أَسْفَلَ لِأَنَّ مُرُورَهُ لِتَعْمِيرِ الْحَائِطِ هُوَ لِلضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ مُسْتَثْنَاةُ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْمُرُورُ إلَى النُّقْطَةِ السُّفْلَى مِنْ بَابِ دَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ فَتْحِ بَابِ الدَّارِ. إنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ قَدْ قَبِلُوا هَذَا الْقَوْلَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَحُكِمَ بِصِحَّتِهِ كَمَا أَنَّهُ فِي الْبَهْجَةِ فِي قَبِيلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ قَدْ أَفْتَى بِهَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي فَلِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ لِحِينِ نَشْرِ الْمَجَلَّةِ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي. أَمَّا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ عِبَارَةُ (عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَقَوْلُهُ (طَرِيقٌ خَاصٌّ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَقْصُورَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ طَرِيقُ الْمَقْصُورَةِ أَيْ الدَّارِ الْوَاسِعَةِ الْمُحَاطَةِ بِحَائِطٍ مِنْ حَجَرٍ مِنْ عَرْصَةٍ دَارٍ أُخْرَى وَاقْتَسَمَ أَصْحَابُ الْمَقْصُورَةِ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الْحِصَصِ فَتْحُ بَابِ مِنْ الْمَقْصُورَةِ عَلَى تِلْكَ الْعَرْصَةِ بَلْ لَهُمْ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1169) طَرِيقٌ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ بِقَدْرِ عَرْضِ الْبَابِ الْخَارِجِيِّ وَلَيْسَ لَهُمْ الْمُرُورُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ (الطُّورِيُّ) . قِيلَ (لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ) لِأَنَّهَا حَسْبَ الْمَادَّةِ (1219) لَيْسَ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصِّيٍّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَيْهَا. قَدْ أُسْنِدَ حَقُّ الْمُرُورِ لِلدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ جَمَاعَةٍ لَهُ حَقُّ الِاشْتِرَاكِ فِي طَرِيقٍ فَتْحُ بَابٍ لِدَارٍ أُخْرَى لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ (الطُّورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1173) بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ فِي الْمِلْكِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ] الْمَادَّةُ (1173) - (إذَا بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ ثُمَّ طَلَبَ الْآخَرُونَ الْقِسْمَةَ تُقَسَّمُ فَإِنْ أَصَابَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ حِصَّةَ بَانِيهِ فَبِهَا، وَإِنْ أَصَابَتْ حِصَّةَ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَ بَانِيهِ هَدْمَهُ وَرَفْعَهُ) . لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ أَنْ يُحْدِثَ بِنَاءً أَوْ أَنْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا بِلَا إذْنٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (46 و 96)

فَلِذَلِكَ إذَا بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ وَلَمْ يَطْلُبْ أَيُّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ التَّقْسِيمَ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ رَفْعَ الْبِنَاءِ يُرْفَعُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقَسِّمُ الْقَاضِي الْعَرْصَةَ لِأَنَّ الطَّلَبَ شَرْطٌ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1129) وَيَكُونُ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ مِلْكًا مُسْتَقِلًّا لِلِبَانِي وَلَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بِمُجَرَّدِ بِنَائِهِ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ. أَمَّا إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْبَانِي أَوْ الشَّرِيكُ الْبَانِي أَوْ كِلَاهُمَا الْقِسْمَةَ فَتُقَسَّمُ إذَا كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1139) لِأَنَّهُ إذَا رُفِعَ الْبِنَاءُ فِي هَذَا الْحَالِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ يَبْطُلُ حَقُّ الْبَانِي بِالْكُلِّيَّةِ أَمَّا إذَا قُسِّمَ فَيَكُونُ قَدْ حُوفِظَ عَلَى حَقِّهِ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَيَحْيَى أَفَنْدِي) . فَإِنْ أَصَابَ بِنَاءً عَلَى الْقِسْمَةِ ذَلِكَ الْبِنَاءُ حِصَّةَ بَانِيه فَبِهَا أَيْ يَكُونُ أَصَابَ الْهَدَفَ وَإِنْ أَصَابَ حِصَّةَ الْآخَرِ فَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَ بَانِيه هَدْمَهُ وَرَفْعَهُ وَإِذَا تَرَاضَى مَعَ الْبَانِي يَدْفَعُ بَدَلَ الْبِنَاءِ لِلِبَانِي وَيَمْتَلِكُ الشَّرِيكُ الْبِنَاءَ وَإِذَا أَصَابَ بَعْضُ الْبِنَاءِ حِصَّةَ الْبَانِي وَبَعْضُهُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَأَمْرُ الْبِنَاءِ الَّذِي يُصِيبُ الْبَانِي يَكُون عَائِدًا لَهُ. أَمَّا الْبِنَاءُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْآخَرِ فَيُهْدَمُ وَيُرْفَعُ بِطَلَبِهِ وَإِذَا لَزِمَ هَدْمُ وَرَفْعُ الْبِنَاءِ وَحَصَلَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ نُقْصَانٌ لِلْعَرْصَةِ يَضْمَنُهُ الْبَانِي أَيْضًا، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَ هَدْمُ الْبِنَاءِ مُضِرًّا بِالْعَرْصَةِ فَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلِبَانِي مُسْتَحِقِّ الْقَلْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَيَرْفَعُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَيُعَادُ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ إلَى حَالِهِ الْأَصْلِيِّ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1076) . إيضَاحُ الْقُيُودُ: - 1 - تَعْبِيرُ (مِلْكٍ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا إذْ يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (906) . 2 - لِنَفْسِهِ، هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ فَإِذَا بَنَى الْبَانِي بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِلشَّرِكَةِ أَوْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهُوَ مُشْتَرِكٌ وَلِلشَّرِيكِ الْبَانِي الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّةٍ مِنْ مَصْرِفِ الْبِنَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (139) . 3 - (بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ) ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا بَلْ اتِّفَاقِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَإِذَا كَانَ بِلَا بَدَلٍ فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَلِلْمُعِيرِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَنْ عَارِيَّتِهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (837) وَأَنْ يَطْلُبَ قَلْعَ الْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا الْإِذْنُ مُقَابِلَ بَدَلٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ إجَارَةٌ وَتَجْرِي فِي ذَلِكَ الْأَحْكَامِ الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (531) . أَمَّا إذَا بَنَى لِلشَّرِكَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ الْبِنَاءُ مُشْتَرَكًا وَالْبَانِي مُتَبَرِّعًا بِمَصْرِفِهِ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمَصْرِفِ. 4 - تَعْبِيرٌ (الْبِنَاءُ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَإِذَا غَرَسَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِنَفْسِهِ أَشْجَارًا فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.

الفصل التاسع في بيان المهايأة

[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي بَيَانِ الْمُهَايَأَةِ] بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْمَجَلَّةُ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ بَادَرَتْ إلَى بَيَانِ تَقْسِيمِ الْأَعْرَاضِ وَهِيَ الْمَنَافِعُ وَأَخَّرَتْ ذِكْرَهَا عَنْ الْأَعْيَانِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ أَصْلٌ وَالْمَنَافِعَ فَرْعٌ " نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ ". الْمُهَايَأَةُ، وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهَا الْمُهَايَأَةُ بِتَبْدِيلِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَلْزَمُ عِلْمُ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهِيَ: دَلِيلُهَا وَتَعْرِيفُهَا وَشَرْطُهَا وَصِفَتُهَا وَحُكْمُهَا وَمَحِلُّهَا وَتَقْسِيمُهَا. دَلِيلُهَا - الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولُ، أَيْ أَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ الْمُهَايَأَةِ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . إلَّا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَتَضَمَّنُ مُبَادَلَةَ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ عَيْنِ جِنْسِهَا فَيَجِبُ أَنْ لَا تَجُوزَ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (463) لِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ فِي نَوْبَةِ انْتِفَاعِهِ يَنْتَفِعُ بِمِلْكِ شَرِيكِهِ وَانْتِفَاعُهُ هَذَا عِوَضٌ عَنْ انْتِفَاعِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ بِمِلْكِهِ (الْعِنَايَةُ) . الْكِتَابُ - {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَيْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بَيْنَ قَوْمِ صَالِحٍ وَبَيْنَ النَّاقَةِ بِالْمُنَاوَبَةِ، وَإِذَا لَمْ تُنْسَخْ شَرِيعَةُ الْأَوَّلِينَ فَهِيَ شَرِيعَةٌ لَنَا. السُّنَّةُ - إنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَسَّمَ كُلَّ بَعِيرٍ لِثَلَاثَةِ رِجَالٍ فَرَكِبُوا الْجِمَالَ بِالْمُهَايَأَةِ وَالْمُنَاوَبَةِ (أَبُو السُّعُود) . (إجْمَاعُ الْأُمَّةِ) قَدْ أَجْمَعَتْ الْأَئِمَّةُ عَلَى جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ. (الْمَعْقُولُ) إذَا لَمْ تَجُزْ الْمُهَايَأَةُ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ بَعْضِ الْأَمْوَالِ الَّتِي خُلِقَتْ لِنَفْعِ الْبَشَرِ أَيْ الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ وَإِسْقَاطُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّفِقُ الشُّرَكَاءُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بَعْضًا فَيَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] : (الطُّورِيُّ وَالْبَهْجَةُ) . (تَعْرِيفُهَا) قَدْ وَرَدَّ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. (شَرْطُهَا) إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1175) . (صِفَتُهَا) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ عَنْ الْمُهَايَأَةِ أَيْضًا تَجِبُ الْمُهَايَأَةُ. (حُكْمُهَا) عِبَارَةٌ عَنْ الْإِفْرَازِ تَارَةً وَعَنْ الْمُبَادَلَةِ تَارَةً أُخْرَى (الطُّورِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1178 و 1179) .

(مَحِلُّهَا) الْمَنَافِعُ وَلَيْسَتْ الْأَعْيَانُ. أَنْظُر الْمَادَّةَ (178 1) . وَهَذِهِ الْمَنَافِعُ كَمَا تَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ تَكُونُ أَيْضًا فِي الْأَعْيَانِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ كَمَا تَجْرِي فِي الْبَيْتِ الْكَبِيرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا. أَمَّا الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ كَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ فَلَا تَكُونُ الْمُهَايَأَةُ مُتَعَيِّنَةً فَكَمَا تَجْرِي الْقِسْمَةُ فِيهَا لَا تَتَعَيَّنُ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا بَلْ تُمْكِنُ الْمُهَايَأَةُ فِيهَا زَمَانًا وَمَكَانًا. تَقْسِيمُهَا - تَقْسِيمُ الْمُهَايَأَةِ إلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: 1 - إمَّا أَنْ تُقَسَّمَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (176 1) . 2 - تَقْسِيمُ الْمُهَايَأَةِ فِي كَوْنِهَا فِي الْأَعْيَانِ الْمُتَّفِقَةِ الْمَنْفَعَةِ تَارَةً وَالْمُخْتَلِفَةِ الْمَنْفَعَةِ تَارَةً أُخْرَى. أَنْظُر الْمَادَّةَ (181 1) . 3 - تَقْسِيمُ الْمُهَايَأَةِ بِاعْتِبَارِهَا لِلِاسْتِعْمَالِ مَرَّةً وَلِلِاسْتِغْلَالِ مَرَّةً أَخِّرِي اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (185 1 و 86 1 1) . 4 - تَقْسِيمُ الْمُهَايَأَةِ بِاعْتِبَارِهَا تَارَةً رِضَاءً وَتَارَةً قَضَاءً كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْقِسْمَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20 1 1) وَخُصُوصُ التَّقْسِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (181 1) . 5 - تَقْسِيمُ الْمُهَايَأَةِ بِاعْتِبَارِ جَرَيَانِهَا تَارَةً بَيْنَ الْمَالِكِينَ لِرِقْبَةِ الْمَالِ وَجَرَيَانِهَا تَارَةً بَيْنَ الْمَالِكِينَ لِلْمَنْفَعَةِ، وَهَذَا يَكُونُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْوَقْفُ وَهُوَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَجْرِي فِي الْوَقْفِ، إذَا كَانَ الْمَنْزِلُ الْمَوْقُوفُ لِسُكْنَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ صَغِيرًا وَلَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا مَنْ لَهُمْ حَقُّ السُّكْنَى أَنْ يَسْكُنُوا الدَّارَ جَمِيعًا فَتَجْرِي الْمُهَايَأَةُ بِحُكْمِ الْقَاضِي " الْبَهْجَةُ وَكَذَلِكَ تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُشْتَرَكَةِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ الْجَارِي التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ. وَذَلِكَ إذَا وَقَعَ نِزَاعٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي خُصُوصِيِّ التَّصَرُّفِ وَطَلَبَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَالْقَاضِي لَا يَنْظُرُ إلَى عَدَمِ رِضَاءِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَيَأْمُرُ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي بِالتَّصَرُّفِ مُهَايَأَةً أَيْ أَنَّهُ لِلُزُومِ الْمُهَايَأَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَوْقَافِ يَجِبُ انْضِمَامُ رَأْيِ الْمُتَوَلِّي. أَمَّا الْمُهَايَأَةُ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِالتَّرَاضِي بِدُونِ رَأْيِ الْمُتَوَلِّي فَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ شَرِيكُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لِلْمُتَصَرِّفِينَ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ بِالتَّرَاضِي زَمَانًا أَوْ مَكَانًا، إلَّا أَنَّهَا لَا تَكُونُ لَازِمَةً وَلِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ وَلَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ قَضَاءً فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَأْجُورِ وَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ دَارًا بِالِاشْتِرَاكِ وَكَانَتْ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِسُكْنَاهُمَا مَعًا فَلَهُمَا الْمُهَايَأَةُ بِالتَّرَاضِي وَلَكِنْ لَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ لَازِمَةً وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (التَّنْقِيحُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَالِكِ وَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ عَقَارٍ (أَيْ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَوَّلًا جَمِيعَ الدَّارِ ثُمَّ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي النِّصْفِ الْعَائِدِ إلَى الشَّرِيكِ فَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ شَائِعَةً) وَتَهَايَأَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْمَالِكِ فَالْمُهَايَأَةُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ قَضَاءً إذْ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ الْمَذْكُورَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (التَّنْقِيحُ بِزِيَادَةٍ) . قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (430) أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ رِضَاءً بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَالْمَالِكِ، وَلَكِنْ هَلْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ بِحُكْمِ الْقَاضِي؟ 1 - هَلْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِحُكْمِ الْقَاضِي. مَثَلًا: إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدُّكَّانَ الصَّغِيرَةَ الْمُشْتَرَكَةَ الْغَيْرَ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُؤَجِّرِ اسْتِرْدَادَ حِصَّتِهِ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُ حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَإِذَا اسْتَرَدَّ حِصَّتَهُ مَعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُؤَجِّرِ فَيُنْتِجُ ذَلِكَ تَسْلِيمَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ إلَى الْمُدَّعِي الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ مِمَّا لَا يُوَافِقُ الْعَدَالَةُ وَيَخْلُ بِحَقِّ تَصَرُّفِهِ فِي حِصَّتِهِ الْمَشْرُوعَةِ. 2 - هَلْ تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ قَضَاءً بَيْنَ مُسْتَأْجِرَيْنِ اثْنَيْنِ وَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ دُكَّانًا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِذَا سُدَّتْ الدُّكَّانُ يَتَضَرَّرُ كِلَاهُمَا وَإِذَا أَذِنَ لِأَحَدِهِمَا بِالِانْتِفَاعِ وَحَرَّمَ الْآخَرُ فَيَكُونُ قَدْ أَضَرَّ وَظَلَمَ ذَلِكَ الْآخَرَ. إنَّ مُفْتِيَ دِمِشْقَ الْأَسْبَقَ مَحْمُودُ حَمْزَةَ أَفَنِدِّي - عَلَيْهِ رَحْمَةُ الْبَارِّي - الَّذِي تَدُلُّ تَآلِيفُهُ النَّفِيسَةُ الْفِقْهِيَّةُ عَلَى تَبَحُّرِهِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ قَدْ ذَكَرَ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ (كَشْفُ الْمَسْتُورِ عَنْ صِحَّةِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَأْجُورِ) جَوَازَ الْمُهَايَأَةِ قَضَاءً بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَأَوْرَدَ مَسَائِلَ عَدِيدَةً مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ جَبْرًا فِي الْمَأْجُورِ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ مُهَايَأَةَ الْمُسْتَأْجِرِينَ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ غَيْرَ مُسَاعِدٍ لِانْتِفَاعِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ أَثْنَاءَ انْتِفَاعِ الْآخَرِ فَيُقْبَلُ طَلَبُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَفِي الْأَحْوَالِ الَّتِي لَا يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى الْقِسْمَةِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ بَلْ تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ الشُّرَكَاءِ. وَقَدْ جَعَلَ السَّائِحَانِيُّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْمَأْجُورِ مُسَاوِيَةً لِلْمُهَايَأَةِ فِي الْمِلْكِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَإِيضَاحَاتُ الْفِقْهِ الْمَذْكُورِ جَدِيرَةٌ بِالْقَبُولِ، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ حَانُوتٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَجَّرَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ لِأَجْنَبِيِّ وَفَسَخَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ وَطَلَبَ اسْتِرْدَادَهَا فَبِمَا أَنَّ هَذَا الِاسْتِرْدَادَ مُبْطِلٌ لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ فَأَصْبَحَ غَيْرَ قَابِلِ الْإِنْفَاذِ فَيَجِبُ قَطْعُ النِّزَاعِ بِإِجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ الْجَبْرِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعِي.

(المادة 1174) المهايأة عبارة عن قسمة المنافع

[ (الْمَادَّةُ 1174) الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ] الْمَادَّةُ (1174) - (الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ) وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ مُبَادَلَةُ مَعْنًى وَلَيْسَتْ إفْرَازًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَجْرِي فِي الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ (الطُّورِيُّ) . أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِّ الْمُهَايَأَةِ. فِي الْمُهَايَأَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ بِطَرِيقِ الْقِسْمَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بِطَرِيقِ الْإِعَارَةِ: وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ. وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ فَيَظْهَرُ أَنَّهَا قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَسَبَبُ الِاخْتِيَارِ هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ فَتَتَضَمَّنُ مُبَادَلَةَ الْمَنْفَعَةِ قَصْدًا وَنَسِيئَةً بِجِنْسِهَا وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِذَا كَانَتْ بِطَرِيقَةِ الْعَارِيَّةِ فَالْعَارِيَّةُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَلِلطَّرَفَيْنِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَا الرُّجُوعُ عَنْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1190) . أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ عِبَارَةً عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ فَتَكُونُ مِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةً وَمِنْ وَجْهٍ إفْرَازًا - كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ - وَذَلِكَ إذَا هُويِئَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ فَالشَّرِيكُ الَّذِي يَخْرُجُ فِي قِسْمَتِهِ دَائِرَةُ الضُّيُوفِ مَثَلًا مَالِكٌ أَسَاسًا لِنِصْفِ مَنْفَعَتِهَا. وَالْمُهَايَأَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إفْرَازٌ أَمَّا نِصْفُهَا الْآخَرُ فَيَكُونُ قَدْ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ مَنْفَعَتِهِ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ وَهِيَ دَائِرَةُ الْحَرِيمِ. وَالْمُهَايَأَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُبَادَلَةٌ كَمَا أَنَّ لِلشَّرِيكِ الَّذِي تُصِيبُ حِصَّتَهُ دَائِرَةُ الْحَرِيمِ كَانَ مَالِكًا لِنِصْفِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الدَّائِرَةِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَالْمُهَايَأَةُ إفْرَازٌ. سُؤَالٌ - إذَا اُعْتُبِرَتْ الْمُهَايَأَةُ مُبَادَلَةً فَهِيَ تَتَضَمَّنُ مُبَادَلَةَ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ؟ . الْجَوَابُ - إنَّ هَذَا التَّضَمُّنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ هُوَ ضِمْنِيٌّ أَيْ وَاقِعٌ ضِمْنَ الْإِفْرَازِ فَهُوَ جَائِزٌ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (54) . أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ وَاقِعَةً فِي الْأَمْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ فَتُعْتَبَرُ مُبَادَلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلِذَلِكَ لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ قَضَاءً فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1135) . وَذَلِكَ إذَا كَانَ حَيَوَانٌ وَدَارٌ مُشْتَرِكَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَالْمُهَايَأَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْكُنُ الدَّارَ وَالْآخَرَ يَسْتَعْمِلُ الْحَيَوَانَ جَائِزَةٌ رِضَاءً وَغَيْرُ جَائِزَةٍ قَضَاءً (الطُّورِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1181) . مَنَافِعُ: وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ مَنَافِعَ أَنَّ مَحِلَّ الْمُهَايَأَةِ غَيْرُ الْأَعْيَانِ وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ تَحْصُلُ الْإِشَارَةُ إلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1187) . (الْبَدَائِعُ) . خُلَاصَةُ مَسَائِلِ الْمُهَايَأَةِ: تَتَلَخَّصُ مَسَائِلُ الْمُهَايَأَةِ فِي سِتِّ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْمُهَايَأَةُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ الْمَخْزَنِ الْمُشْتَرَكِ هِيَ بِأَنْ يَسْكُنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي بَعْضِهَا وَأَنْ يَسْكُنَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي بَعْضِهَا الْآخَرِ أَوْ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سَنَةً وَأَنْ يَسْكُنَ الْآخَرُ السَّنَةَ الْأُخْرَى، وَالْمُهَايَأَةُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا.

(المادة 1175) لا تجري المهايأة في المثليات

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الْمُهَايَأَةُ فِي الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ أَوْ الْحَانُوتَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ هِيَ بِأَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ مِنْهُمَا وَأَنْ يَسْكُنَ الْآخَرُ فِي الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ الْآخَرِ. وَالْمُهَايَأَةُ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ هِيَ هَكَذَا أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الْمُهَايَأَةُ فِي غَلَّةِ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْأَرْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1184) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - الْمُهَايَأَةُ فِي غَلَّةِ الدَّارَيْنِ أَوْ الْحَانُوتَيْنِ أَوْ الْأَرْضَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1186) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - الْمُهَايَأَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ حَيَوَانٍ مُشْتَرَكٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1177) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - الْمُهَايَأَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ حَيَوَانَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْمَذْكُورَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1175) لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ] الْمَادَّةُ (1175) - (لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ بَلْ تَجْرِي فِي الْقِيَمِيَّاتِ حَتَّى يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا حَالَ بَقَاءِ عَيْنِهَا) لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَيْ لَا تَصِحُّ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا. مَثَلًا. لَا تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ فِي عَشْرِ كَيْلَاتِ حِنْطَةً، إذْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْحِنْطَةِ مَعَ بَقَائِهَا عَلَى حَالِهَا بَلْ إنَّ الْمُهَايَأَةَ تَجْرِي فِي الْقِيَمِيَّاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَتَصِحُّ حَتَّى يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالدَّارِ وَالْمَخْزَنِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْهَى. [ (الْمَادَّةُ 1176) الْمُهَايَأَةُ نَوْعَانِ] الْمَادَّةُ (1176) - (الْمُهَايَأَةُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ، الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا كَمَا لَوْ تَهَايَأَ. اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا سَنَةً وَالْآخَرُ سَنَةً أُخْرَى. أَوْ عَلَى سُكْنَى أَحَدِ صَاحِبَيْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُنَاوَبَةً سَنَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. النَّوْعُ الثَّانِي: الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا كَمَا لَوْ تَهَايَأَ اثْنَانِ فِي الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا الْآخَرِ، أَوْ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي قِسْمٍ مِنْهَا وَالْآخَرُ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ أَوْ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي الطَّابَقِ الْعُلْوِيِّ وَالْآخَرُ فِي السُّفْلِيِّ أَوْ فِي الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَالْآخَرُ فِي الْأُخْرَى) . الْمُهَايَأَةُ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا كَالْمُهَايَأَةِ فِي الدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ وَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ، أَيْ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالِانْقِسَامَ. وَبِالْمُهَايَأَةِ فِيهِمَا بِهَذَا النَّوْعِ يَتَعَيَّنُ الِانْتِفَاعُ يَعْنِي إذَا كَانَ بَيْتٌ صَغِيرٌ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إذَا قُسِّمَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إذَا هُويِئَ مَكَانًا فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ بِالضَّرُورَةِ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا. أَمَّا الْمَالُ الْقَابِلُ لِلتَّقْسِيمِ فَحَيْثُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِالتَّقْسِيمِ فَيُمْكِنُ أَيْضًا الِانْتِفَاعُ بِهِ

مُهَايَأَةً كَمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُهَايَأَةِ زَمَانًا كَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَلِذَلِكَ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْأَمْوَالِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: (1) يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالدَّارِ الْكَبِيرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِتَقْسِيمِهَا. (2) كَمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ مُهَايَأَتُهَا مَكَانًا بِأَخْذِ أَحَدِهِمَا دَائِرَةَ الضُّيُوفِ وَالْآخَرِ دَائِرَةَ الْحَرِيمِ. (3) وَتُمْكِنُ مُهَايَأَتُهَا زَمَانًا بِأَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الدَّارِ سَنَةً وَاحِدَةً وَيَسْكُنُ الْآخَرُ السَّنَةَ الْأُخْرَى. كَمَا لَوْ تَهَايَأَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا سَنَةً وَأَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا الْآخَرُ سَنَةً أُخْرَى أَوْ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ بِالْمُنَاوَبَةِ هَذَا سَنَةً وَالْآخَرُ سَنَةً أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَهَا وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّهُ يَجْرِي فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ وَفِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا أَيْضًا. النَّوْعُ الثَّانِي - الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا، وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ بِالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ: كَمَا لَوْ تَهَايَأَ اثْنَانِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا وَأَنْ يَزْرَعَ الْآخَرُ أَوْ يُؤَجِّرَ نِصْفَهَا الْآخَرَ، أَوْ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا قِسْمًا مِنْهَا وَالْآخَرُ الْقِسْمَ الْآخَرَ أَوْ أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فَوْقَانِيَّهَا وَالْآخَرُ تَحْتَانِيَّهَا، أَوْ فِي الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِي وَاحِدَةٍ وَالْآخَرُ فِي الْأُخْرَى أَوْ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِآخَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ. يُوجَدُ بَيْنَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا وَبَيْنَ الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا فَرْقٌ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ مَسْأَلَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذَا الْفَرْقِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ مَكَانًا أَعْدَلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا إذْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ يَنْتَفِعُ بِهَا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَمَّا الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا فَهِيَ أَكْمَلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا بِسَبَبِ أَنَّهُ يَنْتَفِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِجَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَبِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ مِنْ جِهَةِ الْعَدْلِ وَالْكَمَالِ فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي مَالٍ مُشْتَرَكٍ - قَابِلٍ لِلْمُهَايَأَةِ زَمَانًا وَمَكَانًا - الْمُهَايَأَةَ زَمَانًا وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ مَكَانًا يَعْنِي لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ مُهَايَأَةَ الدَّارِ قَائِلًا: أَسْكُنُ فِي جِهَةِ الزُّقَاقِ وَيَسْكُنُ شَرِيكِي فِي جِهَةِ الْجُنَيْنَةِ وَطَلَبَ الْآخَرُ أَنْ يَسْكُنَ فِي جَمِيعِ الدَّارِ سَنَةً وَيَسْكُنَ الشَّرِيكُ الثَّانِي سَنَةً أُخْرَى فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الطَّرَفَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا لِأَنَّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ مُخْتَلِفَانِ مِنْ جِهَةِ الْعَدْلِ وَالْكَمَالِ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْقَاضِي تَرْجِيحَ ادِّعَاءِ طَرَفٍ عَنْ ادِّعَاءِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ اتِّفَاقُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ نَوْعَيْ الْمُهَايَأَةِ فَإِذَا اتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ نَوْعَيْ الْمُهَايَأَةِ فَيُجْرِي الْقَاضِي الْقُرْعَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1180) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقَا وَأَصَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا وَأَصَرَّ الْآخَرُ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَكَانًا فَتُلَاحَظُ الصُّوَرُ الْآتِيَةُ: - 1 - أَنْ يُجْبَرَا عَلَى الِاتِّفَاقِ بِتَضْيِيقِهِمَا بِالْحَبْسِ. 2 - أَنْ يُجْبَرَا عَلَى تَأْجِيرِ الْعَقَارِ لِأَجْنَبِيٍّ. 3 - أَنْ يُجْبَرَا عَلَى بَيْعِهِ بِالِاتِّفَاقِ لِآخَرَ. 4 - أَنْ يَجْعَلَ الْقَاضِي مُخْتَارًا فِي إجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا. فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْأُولَى غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا أَنَّ الصُّورَةَ الرَّابِعَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ أَيْضًا لِأَنَّهَا تُوجِبُ التَّرْجِيحَ بِلَا مُرَجَّحٍ وَقَدْ اسْتَنْبَطَ الْمَرْحُومُ

مَحْمُودُ حَمْزَةَ أَفَنْدِي مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إذَا تَعَنَّتَ الشَّرِيكَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَجُوزُ الْجَبْرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا لَكِنَّهُ يَجُوزُ الْجَبْرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا. وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ مُدَّةِ الْمُهَايَأَةِ يَعْنِي إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ سَنَةً بِسَنَةٍ وَطَلَبَ الْآخَرُ أَنْ تَكُونَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاخْتَلَفَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ تَعْيِينَ الْمُدَّةِ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَلَا يَأْمُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ وَلَكِنْ إذَا قِيلَ أَنَّ ادِّعَاءَ الْمُدَّعِي مُدَّةٌ أَقَلَّ (إذَا لَمْ تَكُنْ مُوجِبَةً لِضَرَرِ الْآخَرِ) هِيَ مُرَجَّحَةٌ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ فِي الْوُصُولِ إلَى الْحَقِّ فَهُوَ قَوْلٌ وَجِيهٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَفِي الْمُهَايَأَةِ عَلَى أَقَلِّ الْمُدَّةِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ضَرَرٌ عَظِيمٌ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مُهَايَأَةَ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ مِنْ أُسْبُوعٍ لِأُسْبُوعٍ وَجَرَّتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَقْتَضِي نَقْلَ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَشْيَاءِ التِّجَارِيَّةِ مِنْ مَحِلٍّ لِآخَرَ فِي أُسْبُوعٍ وَالْمُشْكِلَاتُ فِي ذَلِكَ وَاضِحَةٌ كَمَا أَنَّ نَقْلَ التَّاجِرِ مِنْ حَانُوتِهِ بَعْدَ أَنْ تُعَوَّدَ عَلَيْهِ زَبَائِنُهُ إلَى حَانُوتٍ آخَرَ يُوجِبُ الْخَسَارَةُ فِي التِّجَارَةِ. وَقَدْ قَالَ الْمَرْحُومُ مَحْمُودُ حَمْزَةَ أَفَنْدِي: إنَّ تَعْيِينَ الْمُدَّةِ مُفَوَّضٌ لِأَمْرِ الْقَاضِي إنْ شَاءَ جَعَلَهَا مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا مِنْ سَنَةٍ إلَى سَنَةٍ وَعَلَى ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَنْظُرُ فِي الْمُلَاحَظَاتِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ وَيُعَيِّنُ مُدَّةَ الْمُهَايَأَةِ عَلَى ضَوْئِهَا. وَالْأَمْوَالُ بِاعْتِبَارِ قَابِلِيَّتِهَا لِلْمُهَايَأَةِ عَلَى صِنْفَيْنِ: الصِّنْفُ الْأَوَّلُ - الْأَمْوَالُ الْقَابِلَةُ لِلْمُهَايَأَةِ زَمَانًا وَمَكَانًا كَالْأَمْوَالِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي أَمْثِلَةِ الْمَجَلَّةِ الْمَارَّةِ الذِّكْرُ. الصِّنْفُ الثَّانِي - الْأَمْوَالُ الْقَابِلَةُ لِلْمُهَايَأَةِ زَمَانًا فَقَطْ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ وَالْخَادِمِ الْوَاحِدِ. الْمَادَّةُ (1177) - (كَمَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالْمُنَاوَبَةِ تَجُوزُ أَيْضًا فِي الْحَيَوَانَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ) كَمَا تَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا رِضَاءً أَوْ قَضَاءً فِي الْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِالْمُنَاوَبَةِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ سَنَةً بِتَحْمِيلِهِ الْأَحْمَالَ أَوْ رُكُوبِهِ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ أَيْضًا فِي الْحَيَوَانَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ الْحَيَوَانَ الْآخَرَ لِلتَّحْمِيلِ أَوْ الرُّكُوبِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ رِضَاءً سَوَاءً فِي الْحَيَوَانِ الْوَاحِدِ أَوْ فِي حَيَوَانَيْنِ عَلَى الرُّكُوبِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ قَضَاءً لِأَنَّ الرُّكُوبَ مُتَفَاوِتٌ بِتَفَاوُتِ الرَّاكِبِينَ فَلَا تَتَحَقَّقُ التَّسْوِيَةُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْجَبْرُ عَلَيْهَا، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَكَمَا تَجُوزُ رِضَاءً تَجُوزُ قَضَاءً لِأَنَّهُ كَمَا جَازَتْ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ فِي الْحَيَوَانَيْنِ يَجِبُ أَنْ تَجُوزَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ فِيهِمَا. (الْهِدَايَةُ) . وَلَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَيْدٌ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (1181) وَقَدْ شُرِحَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

(المادة 1178) المهايأة زمانا نوع من المبادلة

إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَحْتَوِي عَلَى فِقْرَتَيْنِ: الْفِقْرَةُ الْأُولَى - جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ الْوَاحِدِ بِالْمُنَاوَبَةِ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1183) . الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ - جَوَازُ الْمُهَايَأَةِ فِي الْحَيَوَانَيْنِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَحَدَهُمَا وَأَنْ يَسْتَعْمِلَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْحَيَوَانَ الْآخَرَ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1181) وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ إتْيَانِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَثَلًا لِلْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَيُحْتَرَزُ بِقَيْدٍ (عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ عَلَى اسْتِغْلَالِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى اسْتِغْلَالِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ إذْ تَوَالَى أَسْبَابُ التَّغَيُّرِ فِي الْحَيَوَانِ يُوجِبُ تَغَيُّرَ الْقُوَى الْجُسْمَانِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَبِمَا أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ يَحْصُلُ بِصُورَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَلَا يَكُونُ عَمَلُ الْحَيَوَانِ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي كَعَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ التَّغَيُّرِ الْمَذْكُورِ فَتَفُوتُ الْمُعَادَلَةُ (الْعِنَايَةُ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . أَمَّا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّغَيُّرِ وَالْمُبَادَلَةُ مُمْكِنَةٌ فِيهَا فَلِذَلِكَ تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا أَمَّا الْمُهَايَأَةُ اسْتِغْلَالًا فِي حَيَوَانَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ فَجَائِزَةٌ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا تَلِفَ أَحَدُ الْحَيَوَانَيْنِ الْمُتَهَايَأُ فِيهِمَا حِينَ اسْتِعْمَالِهِ مُعْتَادًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ) ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ هُدِمَتْ الدَّارُ الْمُتَهَايَأُ فِيهَا حِينَ اسْتِعْمَالِ الشَّرِيكِ لَهَا حَسْبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (أَبُو السُّعُودِ) . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُهَايَأَةِ عَلَى لُبْسِ الثَّوْبَيْنِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَوْبَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِيهِمَا بِأَنْ يَلْبِسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَحَدَهُمَا وَأَنْ يَلْبِسَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الثَّوْبَ الْآخَرَ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي لُبْسِ الثِّيَابِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَالْمُهَايَأَةُ فِي ذَلِكَ جَائِزَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1178) الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا نَوْعٌ مِنْ الْمُبَادَلَةِ] الْمَادَّةُ (1178) - (الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا نَوْعٌ مِنْ الْمُبَادَلَةِ، فَتَكُونُ مَنْفَعَةُ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي نَوْبَتِهِ مُبَادِلَةً بِمَنْفَعَةِ حِصَّةِ الْآخَرِ فِي نَوْبَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْمُهَايَأَةُ زَمَانًا فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَتَعْيِينُهَا فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا كَكَذَا يَوْمًا وَكَذَا شَهْرًا) . الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا نَوْعٌ مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَلَكِنْ يُوجَدُ فِيهَا إفْرَازٌ مِنْ وَجْهٍ وَقَدْ وَضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1174) فَتَكُونُ مَنْفَعَةُ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي نَوْبَتِهِ مُبَادَلَةً بِمَنْفَعَةِ حِصَّةِ الْآخَرِ فِي نَوْبَتِهِ وَعَلَيْهِ

(المادة 1179) المهايأة مكانا نوع من الإفراز

فَالْمُهَايَأَةُ زَمَانًا فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ. وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ مِثَالِ الْمَادَّةِ (463) أَنَّ جَوَازَ إيجَارِ الْمَنْفَعَةِ مُقَابِلَ الْمَنْفَعَةِ مَشْرُوطٌ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَّفِقَةَ الْجِنْسِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ عَدَمُ جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ الْفَصْلِ التَّاسِعِ أَنَّ جَوَازَ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمُهَايَأَةِ هُوَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1174) أَنَّ مُبَادَلَةَ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا فِي الْمُهَايَأَةِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بَلْ هِيَ ضِمْنِيَّةٌ أَيْ ضِمْنُ الْإِفْرَازِ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّوَابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا اُنْظُرْ مَادَّةَ (54) بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يَجِبُ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا ذِكْرُ وَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ كَكَذَا يَوْمًا أَوْ كَذَا شَهْرًا كَمَا فِي الْإِجَارَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (452) . وَإِذَا عُيِّنَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاسْتَعْمَلَ أَحَدُهُمَا مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ مُدَّتِهِ بِلَا إذْنٍ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي أَسْتَعْمِلُ الْمُهَايَأَةَ مُدَّةً بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا شَرِيكِي الْآخَرُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1183) . (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 1179) الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا نَوْعٌ مِنْ الْإِفْرَازِ] الْمَادَّةُ (1179) - (الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا نَوْعٌ مِنْ الْإِفْرَازِ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مَثَلًا شَائِعَةٌ أَيْ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ، فَبِالْمُهَايَأَةِ تُجْمَعُ مَنْفَعَةُ أَحَدِهِمَا فِي قِطْعَةٍ مِنْ الدَّارِ وَمَنْفَعَةُ الْآخَرِ فِي الْقِطْعَةِ الْأُخْرَى فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا ذِكْرُ وَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ) . الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا نَوْعٌ مِنْ الْإِفْرَازِ أَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ وَلَيْسَتْ مُبَادَلَةً صِرْفَةً وَكَوْنُهَا إفْرَازًا يَثْبُتُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ أَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مَثَلًا شَائِعَةٌ أَيْ شَامِلَةٌ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ أَيْ شَامِلَةٌ لِدَائِرَةِ الضُّيُوفِ وَلِدَائِرَةِ الْحَرِيمِ، فَالْمُهَايَأَةُ تَجْمَعُ مَنْفَعَةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي قِطْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ كَدَائِرَةِ الضُّيُوفِ مَثَلًا وَمَنْفَعَةَ الْآخَرِ فِي الْقِطْعَةِ الْأُخْرَى كَدَائِرَةِ الْحَرِيمِ مَثَلًا أَوْ تَجْمَعُ مَنْفَعَةَ أَحَدِهِمَا فِي الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ وَالْآخَرُ فِي الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ (الْعِنَايَةُ) . وَلِلشَّرِيكِ فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي تَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَنَافِعَ نَوْبَتِهِ لِآخَرَ سَوَاءٌ شَرَطَ الْإِيجَارَ حِينَ عَقْدِ الْمُهَايَأَةِ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ (الدُّرَرُ) وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ مِنْ وَجْهٍ إفْرَازٌ وَمِنْ وَجْهٍ مُبَادَلَةٌ، وَقَدْ وَضَحَ أَيْضًا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1174) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ عِبَارَةٌ عَنْ أَعْرَاضٍ وَلَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا مِنْ مَحِلٍّ لِآخَرَ فَمِنْ الْمُحَالِ جَمْعُ الْمَنَافِعِ الشَّائِعَةِ فِي قِطْعَةٍ؟

(المادة 1181) طلب أحد أصحاب الأشياء المشتركة المتعددة المهايأة وامتنع الآخر

الْجَوَابُ - لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْمَعُ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ حَقِيقَةً بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمَذْكُورَةَ قَدْ جُمِعَتْ (الطُّورِيُّ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ وَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُدَّةِ يَكُونُ بِقَصْدِ عِلْمِ الْمَنَافِعِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ مَكَانًا هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ الْمَجْمُوعَةِ فِي مَكَان فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا مَكَانُ الْمَنْفَعَةِ فَالْمَنَافِعُ تَكُونُ مَعْلُومَةً أَيْضًا (الْبَدَائِعُ) وَلَوْ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ مَكَانًا لَيْسَتْ بِإِفْرَازٍ بَلْ مُبَادَلَةٍ لَكَانَ مِنْ قَبِيلِ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ فَتَكُونُ مُلْحَقَةً بِالْإِجَارَةِ وَلَكَانَ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ ذِكْرُ وَتَعْيِينُ الْمُدَّةِ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) الْمَادَّةُ (1180) - (كَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي إجْرَاءُ الْقُرْعَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا لِأَجَلِ الْبَدْءِ - يَعْنِي أَيْ أَصْحَابَ الْحِصَصِ يُنْتَفَعُ أَوَّلًا - كَذَلِكَ) (يَنْبَغِي فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا تَعْيِينُ الْمَحِلِّ بِالْقُرْعَةِ أَيْضًا) يَعْنِي أَنَّ إجْرَاءَ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْسَنُ نَفْعًا لِلتُّهْمَةِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَنَازَعُ مَعَ الْآخَرِ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا قَائِلًا: أُرِيدُ أَنْ أَنْتَفِعَ قَبْلًا، كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَنَازَعَا فِي تَعْيِينِ الْمَكَانِ فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا، فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ الْقُرْعَةَ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ. إنَّ إجْرَاءَ الْقُرْعَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ هُوَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ فَقَطْ كَمَا هِيَ فِي الْقِسْمَةِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1151) . وَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَيِّنَ الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ بِدُونِ قُرْعَةٍ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1181) طَلَبَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ] الْمَادَّةُ (1181) - (إذَا طَلَبَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ مُتَّفِقَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا. مَثَلًا دَارَانِ مُشْتَرَكَتَانِ طَلَب أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ إحْدَاهُمَا وَأَنْ يَسْكُنَ الْآخَرُ الْأُخْرَى، أَوْ حَيَوَانَانِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا وَاحِدًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ. أَمَّا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ وَلِلْآخَرِ إيجَارُ الْحَمَّامِ أَوْ عَلَى سُكْنَى أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْآخَرِ الْأَرَاضِيَ فَالْمُهَايَأَةُ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ تَكُنْ جَائِزَةً إلَّا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا) . إذَا طَلَبَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْأَشْيَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمُمْتَنِعُ الْقِسْمَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ مُتَّفِقَةَ الْمَنْفَعَةِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ، أَمَّا إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْمُهَايَأَةِ الْقِسْمَةَ فَتُرَجِّحُ الْقِسْمَةُ وَلَوْ طَلَبَ الْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ (الْعِنَايَةُ) . وَتَكُونُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانِ. وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ كَمَا لَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ.

(المادة 1182) طلب القسمة أحد أصحاب المال المشترك والآخر المهايأة

مَثَلًا دَارَانِ مُشْتَرَكَتَانِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ إحْدَاهُمَا وَأَنْ يَسْكُنَ الْآخَرُ الْأُخْرَى أَوْ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ إحْدَاهُمَا وَيَأْخُذَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ غَلَّةَ الدَّارِ الْأُخْرَى أَوْ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ دَارِ وَاحِدَةٍ سَنَةً وَيَأْخُذَ الْآخَرُ غَلَّتَهَا فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى تَيْنِكَ الدَّارَيْنِ فِي مَدِينَةٍ وَالدَّارُ الْأُخْرَى فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، أَوْ حَيَوَانَانِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ أَحَدُهُمَا وَاحِدًا لِلرُّكُوبِ أَوْ لِتَحْمِيلِ الْمَتَاعِ أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا لُبْسَ ثَوْبٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ وَأَنْ يَلْبَسَ الْآخَرُ الثَّوْبَ الْآخَرَ وَطَلَبَ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) لِأَنَّ مَنْفَعَةَ هَؤُلَاءِ مُتَّفِقَةٌ. أَمَّا الْمُهَايَأَةُ عَلَى غَلَّةِ حَيَوَانٍ وَاحِدٍ أَوْ عَلَى غَلَّة حَيَوَانَيْنِ فَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَلَوْ كَانَتْ بِالتَّرَاضِي (الدُّرَرُ) . وَجَوَازُ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا قَضَاءً فِي حَيَوَانٍ أَوْ حَيَوَانَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ هُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَالْمُهَايَأَةُ فِي حَيَوَانٍ أَوْ حَيَوَانَيْنِ جَبْرًا وَقَضَاءً غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبَيْنِ فَبَعْضُ الرَّاكِبَيْنِ حَاذِقٌ وَالْآخَرُ جَاهِلٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ مُخْتَلِفَةَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ مَثَلًا لَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ عَلَى سُكْنَى الدَّارِ وَلِلْآخَرِ إيجَارُ الْحَمَّامِ أَوْ عَلَى سُكْنَى أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْآخَرِ الْأَرَاضِي أَوْ سُكْنَى أَحَدِهِمَا الْحَانُوتَ وَاسْتِعْمَالِ الْآخَرِ الْفَرَسَ فَالْمُهَايَأَةُ بِالتَّرَاضِي وَإِنْ تَكُنْ جَائِزَةً إلَّا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْآخَرُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ الْمُشْتَرَكَةَ مُخْتَلِفَةُ الْمَنْفَعَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1182) طَلَبَ الْقِسْمَةَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ] الْمَادَّةُ (1182) - (إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ تُقْبَلُ دَعْوَى الْقِسْمَةِ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ دُونَ أَنْ يَطْلُبَ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ) . أَوَّلًا - الْقِسْمَةُ أَقْوَى مِنْ الْمُهَايَأَةِ فِي اسْتِكْمَالِ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ التَّمَلُّكُ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا، أَمَّا فِي الْمُهَايَأَةِ فَيَحْصُلُ التَّمَلُّكُ مِنْ حَيْثُ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ. ثَانِيًا - إنَّ الْقِسْمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ جَمْعِ الْمَنَافِعِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، أَمَّا الْمُهَايَأَةُ فَهِيَ جَمْعُ الْمَنَافِعِ عَلَى التَّعَاقُبِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الضَّابِطِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ تُقْبَلُ دَعْوَى الْقِسْمَةِ أَيْ تُرَجَّحُ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) وَإِذَا طَلَب أَحَدُ أَصْحَابِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمُهَايَأَةَ دُونَ

(المادة 1183) طلب أحد الشريكين المهايأة وامتنع الآخر

أَنْ يَطْلُبَ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي كَمَا فُصِّلَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ فَتُفْسَخُ الْمُهَايَأَةُ وَتُقَسَّمُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1098) (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِدَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1183) طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ] الْمَادَّةُ (1183) - (إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ) وَالْمُهَايَأَةُ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ تَكُونُ تَارَةً لِلِاسْتِعْمَالِ وَتَارَةً لِلِاسْتِغْلَالِ. مَثَلًا، إذَا أَرَادَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْحَانُوتِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ تَأْجِيرَهُ أَوْ الِانْتِفَاعَ بِهِ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَخَالَفَهُ الْآخَرُ وَتَنَازَعَا فَيَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْمُهَايَأَةِ وَيُقَالُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَا يُرِيدُ الِانْتِفَاعَ: إنْ شِئْتَ انْتَفِعْ بِالْحَانُوتِ وَإِنْ شِئْتَ أَغْلِقْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1130) . كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ أَوْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَرِيكُهُ مِنْهُ حِصَّتَهُ أَوْ أَنْ يَتَهَايَأَ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ أَنْ يَخْتَارَ أَمْرًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (التَّنْقِيحُ) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تُوَضَّحُ وَتُفَصَّلُ بِالْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: [ (الْمَادَّةُ 1184) تُؤَجَّرُ الْعَقَارَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِأُجْرَتِهَا] الْمَادَّةُ (1184) - (تُؤَجَّرُ الْعَقَارَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِأُجْرَتِهَا كَالسَّفِينَةِ وَالطَّاحُونِ وَالْمَقْهَى وَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ لِأَرْبَابِهَا وَتُقَسَّمُ أُجْرَتُهَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ عَنْ الْإِيجَارِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ، لَكِنْ إذَا زَادَتْ غَلَّتُهَا أَيْ أُجْرَتُهَا فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ فَتُقَسَّمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ) . تُؤَجَّرُ الْعَقَارَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِأُجْرَتِهَا كَالسَّفِينَةِ وَالطَّاحُونِ وَالْمَقْهَى وَالْخَانِ وَالْحَمَّامِ لِأَرْبَابِهَا أَيْ لِطَالِبِيهَا وَتُقَسَّمُ أُجْرَتُهَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1073) أَيْ أَنَّ الشُّرَكَاءَ يُؤَجِّرُونَهَا بِالِاتِّفَاقِ وَيَقْتَسِمُونَ أُجْرَتَهَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ. وَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثُلُثَا طَاحُونٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَثُلُثُهَا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فَأَجْرَاهَا بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَكُونُ مِائَتَا دِرْهَمٍ مِنْ بَدَلٍ الْإِيجَارِ لِصَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ بِصُورَةٍ غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا حُكْمَ لَهُ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ مَادَّتَيْ (429 و 431) أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشُّرَكَاءِ إيجَارُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَجْنَبِيِّ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. وَإِذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ إيجَارِ حِصَّتِهِ مَعَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ

لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إيجَارُ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (429 و 431) وَهَذِهِ الْمُهَايَأَةُ وَاقِعَةٌ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ تَأْجِيرُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ كَامِلًا فِي نَوْبَتِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ اثْنَيْنِ وَأَجَّرَا الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِمَا فَزَادَتْ غَلَّتُهُ أَيْ أُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا تُقَسَّمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ فُضْلَةَ غَلَّةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِيهِ ابْتِدَاءً لِلِاسْتِغْلَالِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً كَمَا بُيِّنَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1186) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ فَرْعٌ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ حَانُوتٌ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَجَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِيهِ عَلَى أَنْ يَسْتَغِلَّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً وَاحِدَةً وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَتُقَسَّمُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ الزَّائِدَةُ مُنَاصَفَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُفَصَّلَةٌ لِلْمَادَّةِ (1183) الْمَارَّةِ الذِّكْرِ. الْمَادَّةُ (1185) - (كَمَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ الْمُقَسَّمَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ إلَى آخَرَ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِهِ) . تَقَعُ الْمُهَايَأَةُ أَحْيَانًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ - فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ - لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِ أَيْ حَتَّى انْقِضَاءِ نَوْبَتِهِ أَوْ الْمُقَسَّمَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ بِالذَّاتِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ إلَى آخَرَ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الْإِيجَارُ فِي نَوْبَتِهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ سَوَاءٌ شُرِطَ الْإِيجَارَ لِآخَرَ أَثْنَاءَ الْمُهَايَأَةِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ، لِأَنَّهُ مَا دَامَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ جَازَتْ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ مُنْفَرِدًا فَيَجُوزُ الِاسْتِغْلَالُ تَبَعًا لِلْمُهَايَأَةِ عَلَى السُّكْنَى (الطُّورِيُّ) وَلِلشَّرِيكِ الْإِيجَارُ فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى دَارٍ أَوْ دَارَيْنِ حَيْثُ إنَّ الْمَنَافِعَ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ فَلَهُ الِاقْتِدَارُ عَلَى تَمْلِيكِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ لِآخَرَ، وَعَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيرِ الْمُسْتَعِيرِ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَنَّ مَنَافِعَهَا عَائِدَةٌ لَهُ هُوَ لِأَنَّ لِلْمُعِيرِ اسْتِرْدَادُ الْعَارِيَّةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1190) جَوَازُ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْمُهَايَأَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَعَلَيْهِ فَكَيْفَ يَسْتَغِلُّ الشَّرِيكُ الْقِطْعَةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَنَافِعَ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ وَمَا الْفَائِدَةُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُهَايَأَةِ الْقِسْمَةَ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . مَثَلًا: إذَا أُجْرِيَتْ الْمُهَايَأَةُ الزَّمَانِيَّةُ فِي دَارِ عَلَى السُّكْنَى وَسَكَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا وَأَرَادَ الْآخَرُ إيجَارَ الدَّارِ فِي نَوْبَتِهِ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الْمُهَايَأَةِ الْإِيجَارَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ. عَلَى قَوْلٍ آخَرَ إذَا جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى السُّكْنَى وَلَمْ يُشْرَطْ الْإِيجَارَ فَلَا يُؤَجَّرُ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْقِسْمَةِ وَالْمُهَايَأَةِ) .

لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ مَا يَشَاءُ فِي نَوْبَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا بِشَرِيكِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَثْنَاءَ سُكْنَى الشَّرِيكِ فِي نَوْبَتِهِ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ أَوْ احْتَرَقَتْ مِنْ النَّارِ الَّتِي أَشْعَلَهَا حَسْبَ الْمُعْتَادِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْمُهَايَأَةِ ورَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَهُ وَضْعُ أَمْتِعَتِهِ فِي الدَّارِ وَرَبْطُ حَيَوَانِهِ فِي إصْطَبْلِهَا، وَإِذَا تَرَتَّبَ ضَرَرٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَوْ دَاسَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ فَزَلَقَتْ رَجُلُهُ وَتَمَزَّقَتْ ثِيَابُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ وَمَرَافِقِ السُّكْنَى فَلَا يَكُونُ إجْرَاؤُهُ ذَلِكَ تَعَدِّيًا (الطُّورِيُّ) أَمَّا إذَا عَمِلَ أَمْرًا مُضِرًّا بِشَرِيكِهِ وَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ حُصُولُ ضَرَرٍ فَيَضْمَنُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُنْشِئَ أَبْنِيَةً وَيَحْفِرَ بِئْرًا فَلِذَلِكَ لَوْ أَنْشَأَ أَبْنِيَةً أَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَلَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ لِنَفْسِهِ (الطُّورِيُّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (91) . الْمَادَّةُ (1186) - (إذَا أَجَّرَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ نَوْبَتَهُ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ ابْتِدَاءً عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ وَكَانَتْ غَلَّةُ أَحَدِهِمْ فِي نَوْبَتِهِ أَكْثَرَ فَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ مُشَارَكَتُهُ فِي الزِّيَادَةِ. أَمَّا إذَا جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ ابْتِدَاءً عَلَى الِاسْتِغْلَالِ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا أُجْرَةَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ شَهْرًا وَالْآخَرُ شَهْرًا فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ مُشْتَرَكَةً. أَمَّا إذَا حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ إحْدَى الدَّارَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَأَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ غَلَّةَ الدَّارِ الْأُخْرَى وَكَانَتْ غَلَّةُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَكْثَرَ فَلَا يُشَارِكُهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ) . الْمُهَايَأَةُ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - يَكُونُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَنَافِعِ وَالِاسْتِغْلَالِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - يَكُونُ ابْتِدَاءً عَلَى الِاسْتِغْلَالِ. فَإِذَا عُقِدَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى الْمَنَافِعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ ثُمَّ أَجَّرَ الشُّرَكَاءُ الْمُتَهَايِئُونَ نَوْبَتَهُمْ وَكَانَتْ الْغَلَّةُ وَبَدَلَ الْإِيجَارِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمْ زِيَادَةً عَنْ غَلَّةِ وَبَدَلِ إيجَارِ الْآخَرِينَ فَلَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ الْمُشَارَكَةُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي تَحْصُلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ قَدْ حَصَلَتْ الْمُعَادَلَةُ فِي الْمَنَافِعِ الَّتِي وَقَعَ التَّهَايُؤُ فِيهَا وَزِيَادَةُ الِاسْتِغْلَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ ضَرَرٍ (الْهِدَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ زِيَادَةَ الْغَلَّةِ فِي نَوْبَةِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ لَا تُنَافِي صِحَّةَ الْمُهَايَأَةِ وَالْجَبْرِ عَلَيْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الْمُهَايَأَةُ ابْتِدَاءً عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فَهِيَ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - تَكُونُ فِي مَالٍ مُشْتَرَكٍ وَذَلِكَ لَوْ تَهَيَّأَ عَلَى أَنْ يَكُونَ إيجَارُ شَهْرٍ مِنْ الدَّارِ

(المادة 1187) المهايأة على الأعيان

الْمُشْتَرَكَةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِيجَارُ الشَّهْرِ الْآخَرِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ مُشْتَرَكَةً حَتَّى تَحْصُلَ وَتَتَحَقَّقَ الْمُعَادَلَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ظَاهِرٌ. وَذَلِكَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ وَرَدَتْ عَلَى الْمَنَافِعِ وَلَزِمَ تَحَرِّي الْمُسَاوَاةِ فِي الْمَنَافِعِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُعَادَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. وَحُصُولُ زِيَادَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْغَلَّةِ لَا يَخِلُّ بِالْمُسَاوَاةِ الْحَاصِلَةِ. كَذَلِكَ لَوْ قُسِّمَ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَالَةِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ بِأَكْثَرَ مَا بَاعَ بِهِ الْآخَرُ حِصَّتَهُ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الْمُدَاخَلَةُ فِيهَا. أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمُهَايَأَةُ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فَالْمُعَادَلَةُ وَالْمُسَاوَاةُ فِيهَا تَكُونُ فِي الْغَلَّةِ وَحُصُولُ الْمُعَادِلَةِ فِي ذَلِكَ يَحْصُلُ بِتَقْسِيمِ الْغَلَّةِ الزَّائِدَةِ. قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (دَارٌ) حَيْثُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1187) أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ بَيَّنَ أَسْبَابَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ (أَبُو السُّعُودِ) . النَّوْعُ الثَّانِي - يَكُونُ فِي مَالَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ وَذَلِكَ إذَا تَهَايَأَ الشَّرِيكَانِ فِي دَارَيْنِ مُشْتَرَكَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَيَأْخُذَ الشَّرِيكُ الثَّانِي غَلَّةَ الدَّارِ الْأُخْرَى فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا كَانَتْ غَلَّةُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَكْثَرَ فَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ دَارٍ وَدَارَيْنِ هُوَ أَنَّ زَمَانَ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ فِي اسْتِغْلَالِ دَارٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مُتَّحِدٍ بَلْ مُتَعَاقِبٌ وَقَدْ اُعْتُبِرَ كَالْقَرْضِ أَيْ أَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ قَدْ أَقْرَضَ غَلَّةَ حِصَّتِهِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فَإِذَا اسْتَوْفَى مِقْدَارَ الدَّيْنِ فَمَا يَزِيدُ عَنْ الدَّيْنِ يَبْقَى مُشْتَرَكًا (فَتْحُ الْمُعِينِ وَالْهِدَايَةُ وَالْكَافِي) أَمَّا إذَا حَصَلَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى دَارَيْنِ فَزَمَانُ اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ فِيهِمَا مُتَّحِدٌ وَجِهَةُ الْإِفْرَازِ وَالتَّمْيِيزِ فِي هَذِهِ الْمُهَايَأَةِ رَاجِحَةٌ (الْهِدَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1187) الْمُهَايَأَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ] الْمَادَّةُ (1187) - (لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ، فَلَا تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ عَلَى ثَمَرَةِ الْأَشْجَارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَا عَلَى لَبَنِ الْحَيَوَانَاتِ وَصُوفِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْجَارِ وَلِلْآخَرِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْهَا أَوْ عَلَى لَبَنِ قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ الْمُشْتَرَكِ وَصُوفِهِ لِوَاحِدٍ وَلَبَنِ قَطِيعٍ آخَرَ وَصُوفِهِ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ) . لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ عَلَى الْأَعْيَانِ لِأَنَّ جَوَازَ الْمُهَايَأَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّرُورَةِ وَهُوَ أَمْرٌ اسْتِحْسَانِي ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَثَبَتَتْ الضَّرُورَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا وُجِدَتْ الْمَنَافِعُ فَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ لِسُرْعَةِ فِنَائِهَا، كَمَا أَنَّ الْأَمْوَالَ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ تَمَسُّ الْحَاجَةُ فِيهِ إلَى الْمُهَايَأَةِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ مَادَّتَيْ (32 و 463) وَفِي شَرْحِ الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ حَيْثُ إنَّ الْأَعْيَانَ بَاقِيَةٌ وَتَقْسِيمَهَا قَابِلٌ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى إجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ فِيهَا (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ عَلَى ثَمَرَةِ الْأَشْجَارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَا عَلَى لَبَنِ الْحَيَوَانَاتِ وَصُوفِهَا، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْجَارِ وَلِلْآخَرِ ثَمَرَةُ مِقْدَارٍ مِنْهَا أَوْ لَبَنُ قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ

(المادة 1188) فسخ المهايأة الحاصلة بالتراضي بين الشريكين بعد عقدها

الْمُشْتَرَكَةِ وَصُوفُهُ لِوَاحِدٍ وَلَبَنُ قَطِيعٍ آخَرَ وَصُوفُهُ لِلْآخَرِ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَعْيَانِ وَتَبْقَى الْحَاصِلَاتُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَكَةً، وَعَلَيْهِ فَإِذَا جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَاسْتَهْلَكَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ الْأَعْيَانَ الْمَذْكُورَةَ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِثْلَهَا - إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. كَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ثَمَرَةَ الْأَشْجَارِ أَوْ لَبَنَ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ صُوفَهَا أَوْ نِتَاجَهَا سَنَةً وَيَأْخُذَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ ذَلِكَ سَنَةً أُخْرَى، مَثَلًا لَوْ تَهَايَأَ الشُّرَكَاءُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ لَبَنُ الْحَيَوَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ لَبَنَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أُخْرَى فَالْمُهَايَأَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا تَحِلُّ زِيَادَةُ اللَّبَنِ لِلشَّرِيكِ وَلَوْ أَحَلَّهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّ اللَّبَنَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَهِبَةُ الْمَشَاعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ إبْرَاءٌ عَنْ الْعَيْنِ أَمَّا إذَا أَحَلَّ أَحَدُهُمَا الزِّيَادَةَ لِلْآخَرِ بَعْدَ اسْتِهْلَاكِ الزِّيَادَةِ فَالْحَلُّ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَطِيعُ غَنَمٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا قِسْمًا مِنْ الْقَطِيعِ عَلَى أَنْ يَرْعَاهُ وَيَعْلِفَهُ وَيَنْتَفِعَ بِأَلْبَانِهِ، وَيَأْخُذَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْقِسْمَ الْآخَرَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ (الطُّورِيُّ) . حِيلَةٌ لِجَوَازِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ: يَبِيعُ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ فِي الْأَشْجَارِ الْمُشْتَرَكَةِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ وَبَعْدَ الِانْتِفَاعِ مِنْ الثَّمَرَةِ سَنَةً يَبِيعُ ذَلِكَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ جَمِيعَ الْأَشْجَارِ الْمَذْكُورَةِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ وَيَنْتَفِعُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ سَنَةً بِالثَّمَرِ. وَيُعْمَلُ هَكَذَا أَيْضًا فِي الْحَيَوَانَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ. وَتُوجَدُ حِيلَةٌ - أُخْرَى لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِ الْحَيَوَانِ. وَذَلِكَ أَنْ يَزِنَ الشَّرِيكُ كُلَّ يَوْمٍ لَبَنَ الْحَيَوَانَاتِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِلْكًا لَهُ وَيَصْرِفُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ عَلَى أَنَّهَا قَرْضٌ حَيْثُ إنَّ قَرْضَ الْمَشَاعِ جَائِزٌ عَلَى أَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ يُجْرِي نَفْسَ الْعَمَلِ فِي نَوْبَتِهِ وَيَسْتَوْفِي الْقَرْضَ. (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1188) فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ عَقْدِهَا] الْمَادَّةُ (1188) - (وَإِنْ جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ عَقْدِهَا لَكِنْ إذَا أَجَّرَ أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ لِشَرِيكِهِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ) . وَإِنْ جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ عَقْدِهَا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ زَمَانِيَّةً أَوْ مَكَانِيَّةً إلَّا أَنَّهُ إذَا أَجَّرَ أَحَدُهُمَا نَوْبَتَهُ لِآخَرَ فَلَا يَجُوزُ لِشَرِيكِهِ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ مَا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَزِيدُ تِلْكَ الْمُدَّةُ عَنْ مُدَّةِ نَوْبَتِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1185) لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَمْ يَجُزْ فَسْخُهَا صِيَانَةً لِحَقِّهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) . (أَبُو السُّعُودِ)

(المادة 1189) فسخ المهايأة الجارية بحكم القاضي

وَفِقْرَةُ (جَازَ الْفَسْخُ) مُحْتَاجَةٌ لِإِيضَاحٍ، وَذَلِكَ إذَا تَهَايَأَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا زَمَانًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا فِيهَا سَنَةً وَيَسْكُنَ الْآخَرُ سَنَةً أُخْرَى فَأَصَابَتْ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى زَيْدًا وَقَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ زَيْدٌ فَسَخَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو الْمُهَايَأَةَ فَتَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ حَقُّ أَحَدٍ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ زَيْدٌ مُدَّةَ سَنَةٍ وَأَصْبَحَتْ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ لِعَمْرٍو فَأَجَّرَ عَمْرٌو نَوْبَتَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ. أَمَّا إذَا انْتَفَعَ زَيْدٌ مُدَّةَ سَنَةٍ وَأَتَتْ نَوْبَةُ انْتِفَاعِ عَمْرٍو وَلَمْ يُؤَجِّرْ عَمْرٌو نَوْبَتَهُ لِآخَرَ فَهَلْ لِزَيْدٍ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ بِنَفْسِهِ وَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَضُرُّ ذَلِكَ عَمْرًا؟ فَإِذَا قِيلَ إذَا جَرَتْ الْقِسْمَةُ لَا يَتَرَتَّبُ ضَرَرٌ عَلَى عَمْرٍو لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ انْتَفَعَ بِحِصَّتِهِ. فَنُجِيبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عُمْرًا كَانَ سَيَنْتَفِعُ بِكُلِّ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَيَضْطَرُّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ فَيَجِبُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ لَا يَكُونَ لِزَيْدٍ حَقُّ فَسْخِ الْمُهَايَأَةِ وَحْدَهُ وَلَكِنَّهُ يَجِبُ إيجَادُ نَقْلٍ لِأَجَلِ الْعَمَلِ بِذَلِكَ. إنَّ تَعْبِيرَ (إذَا أَجَّرَ نَوْبَتَهُ) هُوَ فِي الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1185) أَمَّا إذَا أَجَّرَ فِي الْمُهَايَأَةِ مَكَانًا الْقِسْمَ الَّذِي أَصَابَهُ فَحَيْثُ لَا يَجِبُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ فِي ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1179) فَمَا الْحُكْمُ؟ [ (الْمَادَّةُ 1189) فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ الْجَارِيَةِ بِحُكْمِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1189) - (وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ الْجَارِيَةَ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلِكُلِّهِمْ فَسْخُهَا بِالتَّرَاضِي) . وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِوَاحِدٍ فَقَطْ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَفْسَخَ الْمُهَايَأَةَ الْجَارِيَةَ بِحُكْمِ الْقَاضِي مَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ كَالْبَيْعِ وَالتَّقْسِيمِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُمَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّ لِجَمِيعِهِمْ فَسْخَهَا بِالتَّرَاضِي لِأَنَّهُ إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ الَّتِي أُجْرِيَتْ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَا فَائِدَةَ مِنْ فَسْخِهَا لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعِيدُهَا ثَانِيَةً. أَمَّا فِي الْفَسْخِ بِالتَّرَاضِي فَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ الْمُهَايَأَةِ فَلِذَلِكَ جَازَ الْفَسْخُ (الْهِدَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1190) فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ بِلَا سَبَبٍ] الْمَادَّةُ (1190) - (إذَا أَرَادَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ أَوْ يُقَسِّمَهَا فَلَهُ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ، أَمَّا لَوْ أَرَادَ فَسْخَهَا بِلَا سَبَبٍ لِيُعِيدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ إلَى حَالِهِ الْقَدِيمِ فَلَا يُقِرُّهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ) . إذَا أَرَادَ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ أَوْ يُقَسِّمَهَا فَلَهُ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمُهَايَأَةُ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا ثُمَّ يَبِيعُ أَوْ يُقَسِّمُ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1182) أَنَّ التَّقْسِيمَ أَقْوَى مِنْ الْمُهَايَأَةِ فَيُرَجَّحُ التَّقْسِيمُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ وَإِذَا طَلَبَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ إجْرَاءَ الْقِسْمَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَفْسَخُ الْقَاضِي الْمُهَايَأَةَ وَيُقَسِّمُ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلَيْسَ عِنْدَنَا عَقْدٌ لَازِمٌ يَجُوزُ

(المادة 1191) لا تبطل المهايأة بموت أحد أصحاب الحصص أو بموتهم جميعا

فَسْخُهُ بِالْتِمَاسِ عَقْدٍ آخَرَ إلَّا الْمُهَايَأَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ قَسَّمَ الْقَاضِي وَفَسَخَ الْمُهَايَأَةَ. الطَّحْطَاوِيُّ. وَعِبَارَةُ الْبَيْعِ الْوَارِدَةُ هُنَا تَشْمَلُ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ مَعًا فَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَلَا تَنْفَسِخُ الْمُهَايَأَةُ مَا لَمْ يَحْصُلْ التَّسْلِيمُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَلَا تَنْفَسِخُ الْمُهَايَأَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. أَمَّا إذَا حَصَلَ الْبَيْعُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فَتَنْفَسِخُ الْمُهَايَأَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (307 و 309) (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمُهَايَأَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِحُكْمِ الْقَاضِي أَمَّا الْمُهَايَأَةُ الَّتِي تَقَعُ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَسْخُهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1188) . أَمَّا إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِطْعَةَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِآخَرَ فَلَهُ نَقْضُ الْمُهَايَأَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِجْرَاءُ التَّقْسِيمِ بَعْدَ ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ فَسْخَهَا بِلَا سَبَبٍ لِيُعِيدَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ إلَى حَالِهِ الْقَدِيمِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَيْعِ أَوْ لِلتَّقْسِيمِ فَلَا يُقِرُّهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ أَيْ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْمُهَايَأَةِ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْسَخُهَا إذَا طُلِبَ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَجْبُورٌ عَلَى إجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ بِنَاءً عَلَى الطَّلَبِ الَّذِي وَقَعَ قَبْلَ الْمُهَايَأَةِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي الْمُوَافَقَةُ عَلَى الْفَسْخِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ لِأَنَّهُ لَوْ وَافَقَ عَلَى الْفَسْخِ فَهُوَ مُكَلَّفٌ بِإِجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ ثَانِيًا بِطَلَبِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ فَائِدَةٍ مِنْ الْفَسْخِ الَّذِي سَتَعْقُبُهُ الْمُهَايَأَةُ. [ (الْمَادَّةُ 1191) لَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَوْ بِمَوْتِهِمْ جَمِيعًا] وَلَا تَنْفَسِخُ لِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَتْ فَيُجْرِي الْقَاضِي الْمُهَايَأَةَ ثَانِيًا بِطَلَبِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى فَلَا فَائِدَةَ ثَمَّةَ مِنْ الْفَسْخِ ثُمَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الْمُهَايَأَةِ (الْهِدَايَةُ) . أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَغَيْرُ ذَلِكَ (الْبَدَائِعُ) يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ تُوُفِّيَ كِلَاهُمَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. إذَنْ فَالْمُهَايَأَةُ لَمْ تَكُنْ إجَارَةً كَمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ إعَارَةً.

الباب الثالث في بيان المسائل المتعلقة بالحيطان والجيران

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحِيطَانِ وَالْجِيرَانِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْقَوَاعِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الْأَمْلَاكِ] (وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ) الْحِيطَانُ جَمْعُ حَائِطٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1047) . وَالْجِيرَانُ جَمْعُ جَارٍ. الْفَصْلُ الْأَوَّلُ. (فِي بَيَانِ بَعْضِ الْقَوَاعِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الْأَمْلَاكِ) . الْمَادَّةُ (1192) - (كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ. مَثَلًا: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيِّهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيِّهَا لِآخَرَ فَبِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقُّ الْقَرَارِ فِي التَّحْتَانِيِّ وَلِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقُّ السَّقْفِ فِي الْفَوْقَانِيِّ أَيْ حَقُّ التَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُضِرًّا بِالْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ نَفْسِهِ) . كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ الْمُسْتَقِلِّ كَيْفَمَا شَاءَ أَيْ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ كَمَا يُرِيدُ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ مِنْ قِبَلِ أَيِّ أَحَدٍ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) . كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مِنْ أَحَدٍ عَلَى التَّصَرُّفِ أَيْ لَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَعْمِرْ مِلْكَكَ وَأَصْلِحْهُ وَلَا تُخَرِّبْهُ مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (1317 و 1318 و 131 و 1320) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - مُسْتَقِلٌّ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا فَقَدْ وَرَدَ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (1096) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. 2 - فِي مِلْكِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمِلْكِ مِلْكُ الرِّقْبَةِ وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ عَامٌّ وَشَامِلٌ لَهُمَا فَلِذَلِكَ تَشْمَلُ الْمَوْقُوفَ لِلسُّكْنَى وَالِاسْتِغْلَالَ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةَ وَسَتُذْكَرُ التَّعْرِيفَاتُ وَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ قَرِيبًا. وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَوْ

غَيْرَ مُضِرٍّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . مَا لَمْ يُوجَدْ ضَرُورَةٌ فِي التَّصَرُّفِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1315) وَكَمَا سَيُوضِحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ: الْبُيُوعُ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (378) أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ غَيْرُ نَافِذٍ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (366 و 398) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (397) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ وَفَاءً لِآخَرَ كَمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَفَاءً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّيهِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (401) الْإِجَارَةُ -. لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجَرِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْجُورِ بِطَرِيقِ التَّجَاوُزِ عَلَى مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فِي الْمَأْجُورِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (426) كَمَا لَا يَجُوزُ إرْكَابُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِرُكُوبِ أَحَدٍ لِآخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (426) كَمَا أَنَّ إيجَارَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُتَصَرِّفِ. وَإِذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (447) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَخْرِيبُ الْمَأْجُورِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (533) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا أَوْ حُلِيًّا لِاسْتِعْمَالِهَا بِنَفْسِهِ أَنْ يَسْمَحَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَادَّتَيْ (536 و 537) . كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَحِلُّ الْمُعَيَّنُ بِالْحَيَوَانِ الْمَأْجُورِ أَوْ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِهِ. وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ زِيَادَةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (548 و 550 و 551 و 556 و 592 و 605) . الرَّهْنُ - لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَعْيِيبُ أَوْ إتْلَافُ الرَّهْنِ، وَلَيْسَ لِآخَرَ أَيْضًا إتْلَافُ الرَّهْنِ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (741 و 742) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الْمَرْهُونِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (746) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنُ الْمَرْهُونِ لِآخَرَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَرْهُونِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (750) . الْأَمَانَاتُ - إذَا عَثَرَ أَحَدٌ عَلَى شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ صَرْفُ نُقُودِ الْوَدِيعَةِ عَلَى أُمُورِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رُكُوبُ حَيَوَانِ الْوَدِيعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِمَالِ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (788) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إيدَاعُ الْوَدِيعَةِ أَوْ إيجَارُهَا أَوْ إعَارَتُهَا أَوْ رَهْنُهَا لِآخَرَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (790 و 792) . الْإِعَارَةُ - وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَ الِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (818) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إيجَارُ الْعَارِيَّةِ أَوْ رَهْنُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (823) . الْهِبَةُ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْغَيْرِ عَنْ الْغَيْرِ. الْغَصْبُ - إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِمَالِ الْغَيْرِ كَأَخْذِهِ بِلَا إذْنِهِ يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ

الشَّرِكَةُ - لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ اسْتِعْمَالُ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ فِي أُمُورِهِ كَالرُّكُوبِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1075 و 1080) . وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ إذَا كَانَتْ الزِّرَاعَةُ مُضِرَّةً بِالْأَرْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1085) . لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَفْتَحَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ كَوَّةً أَوْ بَابًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْقِيعُ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالشَّرِيكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الشَّرِكَةِ) . لَيْسَ لِأَحَدٍ اسْتِعْمَالُ حَائِطِ جَارِهِ وَوَضْعُ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ وَكَانَ مِلْكًا لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ صَاحِبِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ اسْتِعْمَالُ الْحَائِطِ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ يُمْنَعُ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي لَهَا بَابٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَتْحُ بَابٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّتِي تَقَعُ خَلْفَ مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ قَدِيمٌ عَلَيْهَا فَإِذَا فَتَحَ فَلِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ مَنْعُهُ. الْهَدْمُ - إذَا هَدَمَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الْمَوْقُوفَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ وَاسْتَهْلَكَ الْأَنْقَاضَ بِبَيْعِهَا وَتَسْلِيمِهَا لِآخَرَ فَيُضَمِّنَهُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ قِيمَةَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَقَارِ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا إلَّا الْمَنْفَعَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلرِّقْبَةِ (أَحْكَامُ الْأَوْقَافِ) . 3 - يَتَصَرَّفُ كَيْفَمَا شَاءَ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَوْ نَافِعًا لَهُ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: الْبُيُوعُ - لِكُلِّ بَيْعٍ مَا لَهُ لِأَيٍّ شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى إذْنِ أَحَدٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (167) وَشَرْحِهَا. مَثَلًا - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ وَهُوَ فِي كَمَالِ عَقْلِهِ وَصِحَّتِهِ جَمِيعَ أَوْ بَعْضَ مَالِهِ لِأَحَدِ أَوْلَادِهِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ الْمُدَاخَلَةُ حَالًا أَوْ الْمُدَاخَلَةُ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَمَّا بَيْعُ الْمَرِيضِ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ مُسْتَثْنَى كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ. الْفَرَاغُ - لِلْمُتَصَرِّفِينَ بِالْمُسَقَّفَاتِ والمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ فَرَاغُ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِآخَرَ بِبَدَلٍ أَوْ بِلَا بَدَلٍ وَفَرَاغُهَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَالِ الْمَرَضِ، وَلَكِنْ فِي فَرَاغِ الْمَرِيضِ يُوجَدُ بَعْضُ قُيُودٍ وَذَلِكَ إذَا فَرَّغَ الْمَرِيضُ الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةَ لِآخَرَ ثُمَّ تُوُفِّيَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِلْفَارِغِ وَرَثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَالْفَرَاغُ صَحِيحٌ وَقْتَئِذٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلَا يَكُونُ الْفَرَاغُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا، وَيُعْتَبَرُ الْعَقَارُ الْمَفْرُوغُ بِهِ مَحْلُولًا وَيَعُودُ لِلْوَقْفِ وَحَتَّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَدَّى الْمَفْرُوغُ لَهُ لِلْفَارِغِ بَدَلًا يَسْتَوْفِي الْمَفْرُوغُ لَهُ الْبَدَلَ مِنْ تَرِكَةِ الْفَارِغِ. كَذَلِكَ لِلْمُتَصَرِّفِ مُسْتَقِلًّا بِأَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ أَنْ يُفْرِغَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَحَالِ مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ الْفَرَاغُ لِشَخْصَيْنِ.

إذَا بَاعَ الْبُسْتَانُ الَّذِي أَشْجَارُهُ مِلْكٌ وَأَرْضُهُ أَمِيرِيَّةٌ لِآخَرَ فَلَهُ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ الْأَمِيرِيَّةَ لِشَرِيكِهِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ فَرَاغُهَا لِأَجْنَبِيٍّ. 2 - لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْرِغَ لِشَخْصٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ رَعَايَاهَا بِالِاسْتِمْسَاكِ. الْإِجَارَةُ - لِكُلِّ إيجَارٍ مَالُهُ وَمِلْكُهُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَرَادَ بِأَيِّ بَدَلٍ وَمُدَّةٍ شَاءَ أَمَّا فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ فَيُوجَدُ بَعْضُ تَقْيِيدٍ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْإِجَارَةِ. الْإِعَارَةُ - لِكُلٍّ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَرَادَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا. الْهِبَةُ - لِكُلِّ شَخْصٍ أَنْ يَهَبَ مَالَهُ لِمَنْ شَاءَ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَأَنْ يُسَلِّمَهُ. أَمَّا هِبَةُ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَفِيهَا بَعْضُ تَقْيِيدٍ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ. الرَّهْنُ - لِكُلٍّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ وَيُسَلِّمَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ، كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ لِآخَرَ لِيَرْهَنَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ. الْإِقْرَارُ - لِكُلٍّ أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِآخَرَ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ. وَلَكِنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ وَالْمَرِيضِ مُسْتَثْنَى وَفِي إقْرَارِهِمَا بَعْضُ تَقْيِيدٍ. وَالْحُكْمُ فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْأُخْرَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْإِيدَاعِ. الْبِنَاءُ - لِكُلٍّ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ مَا أَرَادَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ، وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ مَثَلًا أَنْ يَبْنِيَ فِي عَرْصَتِهِ بِنَاءً أَوْ حَائِطًا فِي مَوْضِعٍ مُتَّصِلٍ بِجِدَارِ دَارِهِ وَأَرَادَ جَارُهُ مَنْعَهُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ سَيَبْنِي حَائِطَهُ بِصُورَةٍ إذَا هُدِمَ حَائِطُ صَاحِبِ الدَّارِ فَلَا يَنْهَدِمُ حَائِطُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مُمَانَعَتُهُ. أَمَّا إذَا كَانَ بِصُورَةٍ إذَا هُدِمَ حَائِطُ صَاحِبِ الدَّارِ سَيَنْهَدِمُ حَائِطُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْحَائِطَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا يَسْتَنِدُ عَلَى الْحَائِطِ الْأَوَّلِ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيَسْتَنِدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ ذِرَاعَيْنِ وَأَعْلَاهُ شِبْرًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَبْنِيَ وَيُلْصِقَهُ بِالدَّارِ (الْخَانِيَّةُ فِي بَابِ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَانُوتًا فِي عَرْصَةٍ بِتَصَرُّفِهِ بِمُوجِبِ قُيُودِ الطَّابُو وَاقِعَةً قُرْبَ حَرِيمِ مَسْجِدٍ فِي قَرْيَةٍ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ طَلَبُ هَدْمِ الْحَانُوتِ بِدَاعِي عَدَمِ رِضَائِهِمْ عَنْ وُجُودِ حَانُوتٍ قُرْبَ الْمَسْجِدِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . هَدْمُ الْبِنَاءِ - لِكُلٍّ أَنْ يَهْدِمَ بَعْضَ أَوْ كُلَّ الْحَائِطِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مُسْتَقِلًّا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ. مَثَلًا: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ هَدْمَ بُسْتَانِهِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ دَارِهِ أَوْ بُسْتَانَهُ تُصْبِحُ مَكْشُوفَةً. غَرْسُ الْأَشْجَارِ - لَوْ كَانَ نَهْرُ قَوْمٍ يَجْرِي مِنْ بُسْتَانِ أَحَدٍ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ أَنْ يَغْرِسَ

أَشْجَارًا فِي أَطْرَافِ النَّهْرِ بِصُورَةٍ لَا تُضَيِّقُ عُرُوقُ الشَّجَرِ مَجْرَى النَّهْرِ وَلَا تُوجِبُ ضَرَرًا بَيِّنًا جَازَ. (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . فَتْحُ الْكَوَّةِ وَالْبَابِ - لِكُلٍّ أَنْ يَفْتَحَ كَوَّةً فِي حَائِطِهِ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ الْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ وَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ الْكَوَّةَ مُشْرِفَةٌ عَلَى بُسْتَانِهِ أَوْ مَزْرَعَتِهِ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ وَالْكَوَّةَ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي حَائِطِ الْمِلْكِ. كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ فَتْحَ بَابٍ ثَانٍ لِدَارِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْأَهَالِي مَنْعُهُ كَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَانُوتًا لِنَفْسِهِ فِي عَرْصَتِهِ وُقِفَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُقَابِلَةِ لِلْحَانُوتِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ تِلْكَ الدَّارِ مَنْعُهُ بِقَوْلِهِ: لَا أَرْضَى بِفَتْحِ حَانُوتٍ مُقَابِلَ دَارِي (الْأَنْقِرْوِيُّ وَفَتَاوَى عَلِيُّ أَفَنْدِي) . اتِّخَاذُ الدَّارِ بُسْتَانًا - إذَا أَرَادَ أَحَدٌ هَدْمَ دَارِهِ وَاِتِّخَاذَ عَرْصَتِهَا بُسْتَانًا لِزَرْعِ الْأَخْضَارِ وَغَيْرِهَا فَإِذَا كَانَتْ أَرْضُهَا مِنْ الْأَرَاضِي الصُّلْبَةِ وَلَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ مِنْ الْمَاءِ حِينَ سَقْيِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ وَإِذَا كَانَتْ أَرْضُهَا رَخْوَةً وَيَتَضَرَّرُ الْجِيرَانُ مِنْ مَائِهَا عِنْدَ السَّقْيِ فَلِلْمُتَضَرِّرِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ دُكَّانَهُ طَاحُونًا أَوْ مَعْصَرَةً أَوْ حَمَّامًا أَوْ إصْطَبْلًا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ) . هَدْمُ الدَّارِ - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ فِي مَحَلَّةٍ مَعْمُورَةٌ وَأَرَادَ هَدْمَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَيُّ ضَرَرٍ لِجِيرَانِهِ فَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُ مِنْ هَدْمِ دَارِهِ بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ وُجُودَ سَاحَةٍ مَكْشُوفَةٍ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَإِذَا هَدَمَهَا فَلَيْسَ لَهُمْ جَبْرُهُ عَلَى بِنَائِهَا لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بِنَاءِ مِلْكِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) . 3 - يَتَصَرَّفُ بِاخْتِيَارِهِ، أَيْ لَا يُجْبَرُ مِنْ قِبَلِ أَحَدٍ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ مَحَلَّةٌ وَبَنَى أَصْحَابُ الدُّورِ الْمُحْتَرِقَةِ دُورَهُمْ مُجَدَّدًا وَبَقِيَتْ عَرْصَةٌ لِأَحَدِهِمْ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الدُّورِ جَبْرُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ عَلَى بِنَائِهَا بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ بِوُجُودِ دَارٍ خَرِبَةٍ بَيْنَ دُورِهِمْ (الْبَهْجَةُ) مَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَوَادِّ (1317 و 1318 و 1319 و 1320) . 4 - إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ فَيُمْنَعُ فِي ذَلِكَ الْحَالِ. وَقَدْ عُرِّفَ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي الْمَادَّةِ (1199) وَسَيُوَضَّحُ هُنَاكَ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ فِي مِلْكِهِ أَيْ حَقُّ شَخْصٍ غَيْرِ الْمَالِكِ فَذَلِكَ يَمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِذَلِكَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بِذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ وَالْمَأْجُورُ مَعَ أَنَّ الْمَرْهُونَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَيُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (743 و 744) كَمَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْجُورِ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (589 و 590) . (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيِّهَا مِلْكٌ لِوَاحِدٍ وَتَحْتَانِيِّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ فَبِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقُّ

الْقَرَارِ فِي التَّحْتَانِيِّ وَلِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقُّ السَّقْفِ فِي الْفَوْقَانِيِّ أَيْ حَقُّ التَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُضِرًّا بِالْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ (الْبَحْرُ) . وَكَوْنُ الْفَوْقَانِيِّ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مِلْكًا لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ مِمَّا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَصْحَابِهِمَا وَلَكِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ مِمَّا يَمْنَعُ هَذَا التَّصَرُّفَ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضَى فَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا أَيْ عُمِلَ بِهِمَا مَعًا وَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا غَيْرَ مُضِرٍّ لِأَنَّ الْفَوْقَانِيَّ مِلْكٌ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا لِأَنَّ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقًّا فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي التَّحْتَانِيِّ تَصَرُّفًا غَيْرَ مُضِرٍّ لِأَنَّ التَّحْتَانِيَّ مِلْكٌ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ تَصَرُّفًا مُضِرًّا لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقًّا فِي ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا وَكَوَّةً مُجَدَّدًا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ. قَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ: إذَا كَانَ مُضِرًّا، لِأَنَّهُ يُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ: الْحَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُون مُضِرًّا حَتْمًا فَفِي هَذَا الْحَالِ يُمْنَعُ صَاحِبُ الْمَالِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ فِي التَّحْتَانِيِّ بِشَيْءٍ يَكُونُ ضَرَرُهُ مُتَيَقَّنًا لِلْآخَرِ كَدَقِّ مِسْمَارٍ فِي الْحَائِطِ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْحَدِيدِ لِتَعْلِيقِ، أَوْ رَبْطِ شَيْءٍ وَفَتْحِ كَوَّةٍ وَبَابٍ وَإِحْدَاثِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ بِنَاءَ طَابَقٍ آخَرَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ وَإِحْدَاثِ كَنِيفٍ أَوْ وَضْعِ جُذُوعٍ فَلَيْسَ لَهُمَا التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ مَخْزَنٍ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ. الْحَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا حَتْمًا فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَدَقِّ الْمِسْمَارِ الصَّغِيرِ وَالْوَسَطِ. وَمَعْرِفَةُ الضَّرَرِ مِنْ عَدَمِهِ يُعْلَمُ بِإِخْبَارِ شَخْصَيْنِ لَهُمَا حَذَاقَةٌ وَبَصَرٌ فِي الْبِنَاءِ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] . الْحَالُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا يَكُونَ مَعْلُومًا ضَرَرُهُ مِنْ عَدَمِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . وَلَا أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ نَفْسِهِ، أَيْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ هَدْمُ فَوْقَانِيِّهِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ هَدْمُ تَحْتَانِيِّهِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ. فَإِذَا هَدَمَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ فَوْقَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ وَطَلَبَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ إعَادَةَ الْبِنَاءِ فَالظَّاهِرُ هُوَ عَدَمُ إجْبَارِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ سَقْفَ التَّحْتَانِيِّ هُوَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ فَلَا يَتَرَتَّبُ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ فَلِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا هَدَمَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَحْتَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْهَدْمَ قَدْ أَتْلَفَ حَقَّ الْغَيْرِ الْمُلْحَقَ بِمِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْبِنَاءِ لِتَفْوِيتِهِ حَقًّا اسْتَحَقَّهُ وَلِيَصِلَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِنِصْفِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ

(المادة 1194) كل من ملك محلا يملك ما فوقه وما تحته

وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالتَّنْقِيحُ) . فَإِذَا هَدَمَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَحْتَانِيَّهُ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا وُضِّحَ آنِفًا. أَمَّا إذَا هَدَمَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَحْتَانِيَّهُ وَهَدَمَ الْفَوْقَانِيُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ إجْبَارُ الْهَادِمِ عَلَى بِنَاءِ الْفَوْقَانِيِّ بَلْ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ أَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَ الْهَادِمِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (918) . أَمَّا إذَا احْتَرَقَ التَّحْتَانِيُّ أَوْ انْهَدَمَ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ تَعَدٍّ مِنْ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ بِنَاءَ فَوْقَانِيِّهِ وَامْتَنَعَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَنْ الْبِنَاءِ فَيُعْمَلُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1315) . الْمَادَّةُ (1193) - (إذَا كَانَ بَابُ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مِنْ الشَّارِعِ وَاحِدًا فَصَاحِبَا الْمَحِلَّيْنِ يَسْتَعْمِلَانِ ذَلِكَ الْبَابَ مُشْتَرَكًا وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَنْعُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ الْمُشْتَرَكِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: 1 - إذَا كَانَ بَابُ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مِنْ شَارِعٍ وَاحِدًا وَمُشْتَرَكًا وَكَانَ الشَّرِيكَانِ يَسْتَعْمِلَانِ ذَلِكَ الْبَابَ فَصَاحِبَا الْمَحِلَّيْنِ أَيْ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ يَسْتَعْمِلَانِ ذَلِكَ الْبَابَ مُشْتَرَكًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1069) وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ أَيْ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّهُ إذَا مُنِعَ تَتَعَطَّلُ مَنَافِعُ الْمِلْكِ الَّذِي مُنِعَ صَاحِبُهُ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . مَثَلًا: لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ: بِمَا أَنَّ التَّحْتَانِيَّ هُوَ مِلْكِي فَلَا أَقْبَلُ أَنْ تَمْرَ مِنْ الْبَابِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. 2 - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ غُرْفَةً مِنْ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: افْتَحْ لِغُرْفَتِكَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا بَابًا وَيَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ مِنْ بَابِ الدَّارِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . 3 - إذَا كَانَ بَابُ الدُّورِ الَّتِي يَمْلِكُهَا زَيْدٌ وَأُخْتُهُ هِنْدٌ مُتَّصِلًا بِدَارِ زَيْدٍ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ أَنْ يَمْنَعَ اسْتِعْمَالَ الْبَابِ الْمَذْكُورِ بِدَاعِي أَنَّ زَوْجَ هِنْدٍ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَدَفْعَ الْكَشْفِ عَلَى زَيْدٍ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 1194) كُلُّ مَنْ مَلَكَ مَحِلًّا يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ] الْمَادَّةُ (1194) - (كُلُّ مَنْ مَلَكَ مَحِلًّا يَمْلِكُ مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ أَيْضًا. يَعْنِي مَنْ يَمْلِكُ عَرْصَةً يَقْتَدِرُ عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا وَأَنْ يُعَلِّيَهَا بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ وَأَنْ يَحْفِرَ أَرْضَهَا وَيَبْنِيَ مَخْزَنًا وَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا عَمِيقَةً كَمَا يَشَاءُ) . كُلُّ مَنْ مَلَكَ مَحِلًّا يَمْلِكُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ الْمَحِلِّ إلَى السَّمَاءِ وَمَا تَحْتَهُ أَيْضًا إلَى الثَّرَى إذَا لَمْ يَكُنْ مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ.

(المادة 1195) ليس لأحد أن يبرز رفراف غرفته التي أحدثها في داره على دار جاره

فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْفَوْقَانِيُّ لِأَحَدٍ وَالتَّحْتَانِيُّ لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1192) فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ أَنْ يَقُولَ اسْتِنَادًا عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: إنِّي مَالِكٌ مَا تَحْتَ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِمَالِك التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَقُولَ: إنِّي مَالِكٌ مَا فَوْقَ أَيْضًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ التَّصَرُّفِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ غُرْفَةٌ فَوْقَ الْحَانُوتِ الَّذِي يَمْلِكُهُ آخَرُ فَاحْتَرَقَ الْحَانُوتُ وَالْغُرْفَةُ وَبَنَى صَاحِبُ الْحَانُوتِ حَانُوتَهُ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْغُرْفَةِ بِنَاءَ غَرْفَتِهِ حَسْبَ وَضْعِهَا الْقَدِيمِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَانُوتِ مَنْعُهُ (الْفَيْضِيَّةُ) يَعْنِي يَقْتَدِرُ كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ عَرْصَةً أَنْ يُنْشِئَ فِيهَا مَا يُرِيدُ مِنْ الْبِنَاءِ وَأَنْ يُعَلِّيَهُ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ وَأَنْ يَحْفِرَ أَرْضَهَا كَمَا يَرْغَبُ وَيُنْشِئُ مَخْزَنًا وَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا بِالْعُمْقِ الَّذِي يُرِيدُهُ (الْخَانِيَّةُ فِي الصُّلْح) وَالْمَادَّتَانِ (1195 و 1196) الْآتِيَتَا الذِّكْرُ هُمَا فَرْعَانِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - إنْشَاءُ الْأَبْنِيَةِ - مَثَلًا: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ إنْشَاءَ خَانٍ فِي عَرْصَتِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ الَّذِي لَهُ دَارٌ قُرْبَ الْعَرْصَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ ضَرَرٍ لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ إنْشَاءَ دَارٍ فِي عَرْصَتِهِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ الدَّارَ الَّتِي سَتَنْشَأُ قَرِيبَةٌ مِنْ دَارِهِ فَيَسْمَعُ الصَّوْتَ مِنْهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) . عَلِيٌّ أَفَنْدِي. 2 - أَنْ يُعَلِّيَهَا بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ، مَثَلًا لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُنْشِئَ دَارًا فِي عَرْصَتِهِ الْمِلْكِ وَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِجَارِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَمْنَعُ الْهَوَاءَ عَنْهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 3 - حَفْرُ بِئْرٍ بِالْعُمْقِ الَّذِي يُرِيدُهُ، مَثَلًا لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ حَفْرَ بِئْرٍ فِي عَرْصَتِهِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ بِدَاعِي أَنَّهَا تَجْذِبُ مَاءَ بِئْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1191) [ (الْمَادَّةُ 1195) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْرِزَ رَفْرَافَ غُرْفَتِهِ الَّتِي أَحْدَثَهَا فِي دَارِهِ عَلَى دَارِ جَارِهِ] الْمَادَّةُ (1195) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُبْرِزَ رَفْرَافَ غُرْفَتِهِ الَّتِي أَحْدَثَهَا فِي دَارِهِ عَلَى دَارِ جَارِهِ فَإِنْ أَبْرَزَهُ يَقْطَعُ الْقَدْرَ الَّذِي جَاءَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ) . وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِجَارِهِ لِأَنَّ عُلُوَّ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى السَّمَاءَ هُوَ مِلْكٌ لِجَارِهِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1194) وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . فَإِنْ أَبْرَزَهُ يَقْطَعُ الْقَدْرَ الَّذِي جَاءَ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ وَيُفْرَغُ هَوَاءُ دَارِ جَارِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. وَيُشَارُ بِتَعْبِيرِ " الَّتِي أَحْدَثَهَا " بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّفْرَافُ مُبْرَزًا مِنْ الْقَدِيمِ لَا يُقْطَعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّادِسَةَ، وَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَفْرَافُ بَيْتِ أَحَدٍ مُمْتَدًّا عَلَى عَرْصَةِ آخَرَ مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ وَكَانَ مَاؤُهُ يَسِيلُ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَقْطَعَ الرَّفْرَافَ الْمَذْكُورَ بِدَاعِي أَنَّهُ يُرِيدُ بِنَاءَ غُرْفَةٍ فِي الْعَرْصَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الْمَادَّةُ (1196) - (إذَا امْتَدَّتْ أَغْصَانُ شَجَرِ بُسْتَانِ أَحَدٍ إلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ

بُسْتَانِهِ فَلِلْجَارِ أَنْ يُكَلِّفَهُ تَفْرِيغَ هَوَائِهِ بِرَبْطِ الْأَغْصَانِ وَجَرِّهَا إلَى الْوَرَاءِ أَوْ قَطْعِهَا. وَلَكِنْ لَا تُقْطَعُ الشَّجَرَةُ بِدَاعِي أَنَّ ظِلَّهَا مُضِرٌّ بِمَزْرُوعَاتِ بُسْتَانِ الْجَارِ) . إذَا امْتَدَّتْ أَغْصَانُ شَجَرِ بُسْتَانِ أَحَدٍ إلَى جَارِهِ أَوْ إلَى مَزْرَعَتِهِ فَيُفَرَّغُ هَوَاءُ الْجَارِ بِأَهْوَنِ الطُّرُقِ الْمُمْكِنَةِ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ وَذَلِكَ: 1 - لِلْجَارِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ فِي حَالِ وَفَاتِهِ أَنْ يَطْلُبَ رَبْطَ الْأَغْصَانِ وَجَرِّهَا إلَى الْوَرَاءِ إذَا كَانَ مُمْكِنًا، وَفِي هَذَا الْحَالِ أَيْ إذَا كَانَ مُمْكِنًا رَبْطُ الْأَغْصَانِ وَجَرُّهَا إلَى الْوَرَاءِ بِدُونِ حَاجَةٍ لِلْقَطْعِ فَلَا تُقْطَعُ يَعْنِي لَيْسَ لِلْجَارِ قَطْعُهَا بِالذَّاتِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي وَطَلَبُ الْإِجْبَارِ عَلَى قَطْعِهَا أَمَّا إذَا كَانَ مُمْكِنًا جَرُّ بَعْضِ الْأَغْصَانِ بِرَبْطِهَا وَغَيْرَ مُمْكِنٍ جَرُّ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَيُزَالُ الضَّرَرُ بِجَرِّ مُمْكِنِ الْجَرِّ وَقَطْعِ الْأَغْصَانِ الْغَيْرِ الْمُمْكِنِ جَرُّهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) . وَإِذَا قَطَعَ الْجَارُ الْأَغْصَانَ فِي هَذَا الْحَالِ فَيَضْمَنُهَا (الْخَانِيَّةُ) . 2 - لِلْجَارِ أَوْ لِوَارِثِهِ فِي حَالِ وَفَاتِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ تَفْرِيغَ هَوَائِهِ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ إذَا كَانَتْ الْأَغْصَانُ سَمِيكَةً وَغَيْرَ مُمْكِنٍ جَرُّهَا بِالرَّبْطِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1490) . وَاللَّائِقُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يُرَاجِعَ الْجَارُ صَاحِبَ الشَّجَرِ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ قَطْعَ الْأَغْصَانِ بِنَفْسِهِ أَوْ أَنْ يَأْذَنَهُ بِقَطْعِهَا فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ إجَابَةِ طَلَبِهِ يُرَاجِعُ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْحُكْمَ بِذَلِكَ. وَإِذَا قَطَعَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِدُونِ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي فَيُنْظَرُ: فَإِذَا قَطَعَهَا مِنْ مَوْضِعٍ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْقَطْعِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ رُوجِعَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ أَيْ أَنَّ الْقَطْعَ فِي الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ فِي حَقِّ صَاحِبِ الشَّجَرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَارِ، وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ لِلْجَارِ الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ بِمَصَارِيفِ الْقَطْعِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَوْ كَانَ مَجْبُورًا لِتَفْرِيغِ هَوَائِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لِلْجَارِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْقَطْعِ بِحُكْمِ الْقَاضِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (752) . أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْقَاضِي غَائِبًا وَغَيْرَ مُمْكِنٍ إجْبَارُهُ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْجَارَ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ فَإِذَا قَطَعَهَا الْجَارُ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي فَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ بِمَصْرِفِ الْقَطْعِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ قَاضٍ وَقَطْعَهَا الْجَارُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ بِمَصَارِيفِ الْقَطْعِ. أَمَّا إذَا قَطَعَهَا مِنْ مَوْضِعٍ لَوْ قَطَعَ أَعْلَى أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ فَيَضْمَنُ الْجَارُ لِأَنَّ الْجَارَ فِي هَذَا الْحَالِ مُتَعَدٍّ فِي الْقَطْعِ وَمُتَعَنِّتٌ وَمُفَوِّتٌ لِمَنْفَعَةِ جَارِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (الْخَانِيَّةُ وَحَاشِيَة جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) . وَإِذَا اشْتَرَى الْجَارُ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَكَانَتْ الْأَغْصَانُ حِينَ الشِّرَاءِ مُدَلَّاةً مِنْ بُسْتَانِ الْجَارِ عَلَى الْبُسْتَانِ الْمَبِيعِ فَتُقْطَعُ الْأَغْصَانُ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْمَادَّةِ (1171) وَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ بُسْتَانًا لِآخَرَ وَكَانَ حِينَ الشِّرَاءِ لِلْبَائِعِ بُسْتَانٌ آخَرُ مُتَّصِلٌ بِالْبُسْتَانِ الْمَبِيعِ مُدَلَّاةً أَغْصَانُ شَجَرِهِ عَلَى الْبُسْتَانِ الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي وَلِوَارِثِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَنْ يَطْلُبَ جَرَّ الْأَغْصَانِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ قَطْعَهَا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

(المادة 1197) لا يمنع أحد من التصرف في ملكه ما لم يكن فيه ضرر فاحش للغير

وَقَدْ ذَكَرَ شَرْحًا بِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْجَارُ فَلِوَارِثِهِ حَقُّ الْقَطْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْجَارُ الْبُسْتَانَ حَالٍ كَوْنِ الْأَغْصَانِ مُتَدَلِّيَةً عَلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ قَطْعِهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَالْحَقُّ الَّذِي مَلَكَهُ الْبَائِعُ قَدْ مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ وَالتَّنْقِيحُ) . وُقُوعُ الصُّلْحِ عَلَى تَرْكِ الْأَغْصَانِ: إذَا تَصَالَحَ صَاحِبُ الشَّجَرِ مَعَ الْجَارِ عَلَى أَنْ تَبْقَى الْأَغْصَانُ عَلَى حَالِهَا مُقَابِلَ بَدَلٍ مَعْلُومٍ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لِلْجَارِ رَدُّ بَدَلِ الصُّلْحِ وَطَلَبُ قَطْعِ الْأَغْصَانِ أَمَّا الصُّلْحُ عَلَى تَرْكِ الظُّلَّةِ فَجَائِزَةٌ وَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدٌ مِنْ دَارِهِ شُرْفَةً عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ الصُّلْحَ مَعَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ مُقَابِلَ تَرْكِ الشُّرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ حَقُّ خُصُومَتِهِمْ (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ غَيْرَ مُتَدَلِّيَةٍ عَلَى مِلْكِ الْجَارِ فَلَا تُقْطَعُ بِدَاعِي أَنَّ ظِلَّهَا مُضِرٌّ بِمَزْرُوعَاتِ بُسْتَانِ الْجَارِ حَيْثُ لَمْ يَشْغَلْ هَوَاءَ جَارِهِ وَكَانَتْ الشَّجَرَةُ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُ إزَالَةُ مِثْلِ هَذَا الضَّرَرِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ ظِلُّ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ أَحَدٍ مُضِرًّا بِمَزْرُوعَاتِ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ أُخْرَى جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ قَطْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ. فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ. [ (الْمَادَّةُ 1197) لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ] الْمَادَّةُ (1197) - (لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُفَصَّلُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) . لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ الْخَالِصِ (التَّنْوِيرُ فِي مَسَائِلِ شَتَّى الْقَضَاءِ) . وَالْمِلْكُ الْمَقْصُودُ هُنَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الرِّقْبَةِ وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْعَقَارَاتُ الْمَوْقُوفَةُ لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ (الْحَمَوِيُّ) . يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1192) وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فِي حَقِّ مِلْكِ أَحَدٍ الْخَالِصِ أَيْ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي لَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيهِ مُطْلَقًا أَمَّا الْمَادَّةُ (1192) فَهِيَ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ الَّذِي لِآخَرَ حَقٌّ فِيهِ لِأَنَّ السُّفْلِيَّ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِ الْعَلَوِيِّ حَقُّ الْقَرَارِ فِيهِ فَلِذَلِكَ إذَا هَدَمَ صَاحِبُ السُّفْلِيِّ السُّفْلِيَّ فَيُجْبَرُ عَلَى إعَادَةِ بِنَائِهِ كَالْأَوَّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْقَضَاءِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ بَعْضُ مَسَائِلَ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِمُوجِبِ سَنَدِ طَابُو بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الَّذِي لَهُ طَاحُونٌ بِقُرْبِ تِلْكَ الطَّاحُونِ سَدُّ الطَّاحُونِ الْمَذْكُورَةِ بِدَاعِي أَنَّ إحْدَاثَ الطَّاحُونِ الْمَذْكُورَةِ قُرْبَ طَاحُونِهِ يُوجِبُ كَسَادَ طَاحُونِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَغَلَ أَحَدٌ فِي التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْحَانُوتِ الْكَائِنِ تَحْتَ دَارِهِ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الدُّورِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ سَدُّ حَانُوتِهِ بِدَاعِي أَنَّ الَّذِينَ يَأْتُونَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إلَى حَانُوتِهِ يَرَوْنَ نِسَاءَهُمْ حِينَ خُرُوجِهِنَّ مِنْ الْبَيْتِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي أَرْضِهِ الْمِلْكِ وَجَذَبَ مَاءَ بِئْرِ جَارِهِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ حَفْرِ بِئْرِهِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1194) . مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ مِنْ تَصَرُّفِ صَاحِبِ الْمِلْكِ فِي مِلْكِهِ فَفِي تِلْكَ الصُّورَةُ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا سَيُفَصَّلُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي الْآتِي الذِّكْرَ. وَإِذَا حَصَلَ اشْتِبَاهٌ فِي حُصُولِ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ مِنْ عَدَمِ حُصُولِهِ أَيْ كَانَ مُشْكِلًا فَيُمْنَعُ أَيْضًا مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا ذَكَرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهُ. وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1192) تَفْصِيلُ ذَلِكَ. أَمَّا صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فَقَدْ ذَكَرَ فِي مَبْحَثٍ مَسَائِلَ شَتَّى الْقَضَاءِ أَنَّ الْمَنْعَ يَكُونُ فِي صُورَةِ وُجُودِ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّرَرُ مُشْكِلًا وَغَيْرَ بَيِّنٍ. وَلِنُبَادِرَ إلَى إيضَاحِ فِقْرَةِ (مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ) وَذَلِكَ أَنَّ فِي تَصَرُّفِ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ حُكْمَيْنِ: أَوَّلُهُمَا حُكْمٌ قِيَاسِيٌّ فَبِحَسْبِ الْقِيَاسِ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ أَوْ كَانَ ضَرَرٌ غَيْرُ فَاحِشٍ أَوْ لَيْسَ فِيهِ أَيُّ ضَرَرٍ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ وَالرِّوَايَةُ الظَّاهِرَةُ هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الرَّأْيَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ الشِّحْنَةِ وَابْنِ الْهُمَامِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ بِسَبَبِ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1200) . ثَانِيهُمَا: حُكْمٌ اسْتِحْسَانِيُّ، فَبِحَسْبِ هَذَا الْحُكْمِ يُمْنَعُ الْإِنْسَانُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الضَّرَرُ فَاحِشًا فَلَا يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ غَيْرَ مُضِرٍّ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ مُضِرًّا ضَرَرًا غَيْرَ فَاحِشٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ اخْتَارَهُ مَشَايِخُ بَلْخٍ، وَبِمَا أَنَّ مَشَايِخَ الْإِسْلَامِ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ مِنْ عَهْدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ الْعِمَادِيِّ إلَى هَذَا الْآنَ قَدْ أَفْتَوْا بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (الضَّرَرُ الْفَاحِشُ) أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الضَّرَرُ فَاحِشًا لَا يُمْنَعُ فَكَأَنَّهُ إذَا وَسِعَ أَمْرُ الْمَنْعِ عَلَى كُلِّ ضَرَرٍ أَيْ بِأَنْ شَمَلَ الضَّرَرَ الْفَاحِشَ وَالْغَيْرَ الْفَاحِشِ يُوجِبُ ذَلِكَ انْسِدَادَ بَابِ إمْكَانِ انْتِفَاعِ الْإِنْسَانِ فِي مِلْكِهِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ شَجَرَةٌ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فِي بُسْتَانِهِ وَكَانَ جَارُهُ يَنْتَفِعُ بِظِلِّهَا وَأَرَادَ صَاحِبُهَا قَطْعَهَا فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَطْعِهَا بِدَاعِي حِرْمَانِهِ مِنْ ظِلِّهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى الْقَضَاءِ) .

الفصل الثاني في حق المعاملات الجوارية

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِّ الْمُعَامَلَاتِ الجوارية] إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي بَيَّنَتْهَا الْمَجَلَّةُ فِي هَذَا الْفَصْلِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَحْتَ عِنْوَانِ (كِتَابُ الْحِيطَانِ) ، و (بَابُ فِيمَا يُمْنَعُ عَنْهُ الْإِنْسَانُ وَمَا لَا) تَحْتَ عِنْوَانِ (مَسَائِلُ شَتَّى فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ) . الْمَادَّةُ (1198) - (لِكُلِّ أَحَدٍ التَّعَلِّي عَلَى حَائِطِهِ الْمِلْكِ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ وَأَنْ يَعْمَلَ أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَاحِشٌ) . لِكُلِّ أَحَدٍ التَّعَلِّي عَلَى الْحَائِطِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مُسْتَقِلًّا بِقَدْرِ مَا يَشَاءُ وَأَنْ يَعْمَلَ أَيَّ شَيْءٍ أَرَادَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1192 و 1194) . . يَعْنِي لَهُ أَنْ يَفْتَحَ نَافِذَةً فِي الْحَائِطِ وَلَوْ كَانَتْ الْجِهَةُ الْأُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ الْمَحِلِّ الَّذِي تُطِلُّ عَلَيْهِ النَّافِذَةُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مِلْكِهِ وَحَائِطِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَفَتَحَ فِيهِ بَابًا وَشِبَاكًا فَمَانَعَهُ جَارُهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَعْطَى جَارَهُ نُقُودًا وَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْبَابِ وَالشِّبَاكِ اللَّذَيْنِ فَتَحَهُمَا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ لِأَنَّ أَخْذَ الْجَارِ الْمَذْكُورِ النُّقُودَ كَانَ مُقَابِلَ الْكَفِّ عَنْ مَنْعِ الْجَارِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فِي مَالِهِ فَأَصْبَحَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَأْخُوذًا مُقَابِلَ الْكَفِّ عَنْ الْبَاطِلِ مَعَ أَنَّ الْكَفَّ عَنْ الْبَاطِلِ وَاجِبٌ وَلَازِمٌ بِلَا بَدَلٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ جَارِهِ بَدَلَ صُلْحٍ عَلَى أَنْ لَا يَفْتَحَ نَافِذَةً أَوْ عَلَى أَنْ يَسُدَّ النَّافِذَةَ الَّتِي فَتَحَهَا فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْجَارِ نُقُودًا لِلْآخَرِ هُوَ لِلِامْتِنَاعِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ (الْخَانِيَّةُ) . وَعَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَنْ يَمْنَعَ فَتْحَ الْكَوَّةِ إلَّا أَنَّهُ لِصَاحِبِ السَّاحَةِ أَيْضًا أَنْ يَبْنِيَ فِي سَاحَتِهِ حَائِطًا يَسُدُّ بِهَا الْكَوَّةَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَوَّةِ مَنْعُهُ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَاءُ دَارِ أَحَدٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى سَطْحِ دَارِ جَارِهِ الْوَاطِئِ فَأَرَادَ الْجَارُ إعْلَاءَ سَطْحِهِ أَوْ بِنَاءَ طَابَقٍ فَوْقَ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخِلَّ ذَلِكَ بِمَجْرَى مِيَاهِ جَارِهِ وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْإِعْلَاءِ (التَّنْقِيحُ) . وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) . . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَعْلِيَةِ جِدَارِهِ بِدَاعِي أَنَّ تَعْلِيَةَ الْجِدَارِ تَمْنَعُ نَظَّارَةَ دَارِهِ أَوْ يَمْنَعُ دُخُولَ الشَّمْسِ إلَى دَارِهِ أَوْ يَمْنَعُ جَرَيَانَ الْهَوَاءِ فِيهَا كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ دَارَانِ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ مِنْ الْقَدِيمِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ السَّقْفِ وَبِنَاءَ سَقْفٍ مُسْتَقِلٍّ لِدَارِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَيْ أَنَّ لِلْآخِرِ مَنْعَهُ. أَمَّا إذَا كَانَ لِلدَّارَيْنِ سَقْفَانِ فِي السَّابِقِ أَيْ لِكُلِّ دَارٍ سَقْفٌ عَلَى حِدَةٍ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ مَنْعُهُ. أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى. وَ

الْمَادَّةُ (119) - (مَا يَضُرُّ الْبِنَاءَ أَيْ يُوجِبُ وَيُسَبِّبُ انْهِدَامَهُ أَوْ يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ أَيْ الْمَنْفَعَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنَى هُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ) . مَا يَضُرُّ الْبِنَاءَ أَيْ يُوجِبُ وَهَنَهُ وَضَعْفَهُ وَيُسَبِّبُ انْهِدَامَهُ أَوْ يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ أَيْ الْمَنْفَعَةَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ الْبِنَاءِ كَالسُّكْنَى أَوْ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ هُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ ثَلَاثَةُ ضَوَابِطَ فِي حَقِّ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ، وَسَنَذْكُرُ كُلَّ ضَابِطٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ وَيُوَضَّحُ بِتَفْرِيعِ مَسَائِلَ عَنْهُ. وَالضَّرَرُ الْفَاحِشُ هُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ. (التَّنْقِيحُ) . الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - كُلُّ شَيْءٍ يُوجِبُ وَهَنَ الْبِنَاءِ هُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ حُفْرَةً فِي اتِّصَالِ حَائِطِ جَارِهِ لِوَضْعِ الْأَقْذَارِ فِيهَا وَكَانَ امْتِصَاصُ الْمَاءِ مُوجِبًا وَهَنَ الْحَائِطِ وَمُضِرًّا بِهِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا إزَالَةُ الضَّرَرِ بِتَشْيِيدِهَا بِالْكَلْسِ وَالْإِسْمَنْتِ فَيُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ ضَرَرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ إزَالَةُ الضَّرَرِ بِذَلِكَ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ إزَالَةِ الضَّرَرِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْحُفْرَةِ وَسَدِّهَا (التَّنْقِيحُ) . وَلَكِنْ إذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ قَبْلَ ادِّعَاءِ الْجَارِ إزَالَةَ الضَّرَرِ وَاسْتِحْصَالِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحُفْرَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحُفْرَةِ قَدْ حَفَرَ حُفْرَةً فِي مِلْكِهِ فَهُوَ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ. أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْجَارُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (928) وَطَلَبَ إزَالَةَ ضَرَرِ امْتِصَاصِ الْمَاءِ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِيهِ أَنَّ الضَّمَانَ بِالْإِشْهَادِ. التَّقَدُّمُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَضُرُّ بِالنُّفُوسِ أَمَّا فِيمَا يَضُرُّ بِالْأَمْوَالِ فَقَطْ فَلَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (928) . اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ صَحَّ التَّقَدُّمُ بِأَحْكَامِ الْبِنَاءِ إذَا انْهَدَمَ قَدْ يُفْضِي إلَى تَلَفِ النَّفْسِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا لِلصَّبَّاغَةِ وَاِتَّخَذَ مَحِلًّا فِيهِ لِدَقِّ الثِّيَابِ وَكَانَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى دَارِ الْجَارِ مِنْ الدَّقِّ الشَّدِيدِ يُوجِبُ وَهَنَ بِنَائِهَا فَيُمْنَعُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا اتَّخَذَ أَحَدٌ دَارِهِ مَعْمَلًا لِلنَّسِيجِ وَكَانَ مِنْ دَقِّ الْعُمَّالِ أَثْنَاءَ النَّسِيجِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى حَائِطِ الْجَارِ يُوجِبُ وَهَنَهُ فَيُمْنَعُ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ مَحِلَّهُ بُسْتَانًا مُتَّصِلًا بِدَارِ جَارِهِ وَحَصَلَ وَهَنٌ أَثْنَاءَ السَّقْيِ فِي حَائِطِ جَارِهِ فَيُمْنَعُ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَبَاعَدَ أَثْنَاءَ السَّقْيِ عَنْ حَائِطِ جَارِهِ بِصُورَةٍ لَا تَضُرُّ الْحَائِطَ، وَلَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُ ذَلِكَ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ مَحِلًّا لِلْحِدَادَةِ أَوْ النِّجَارَةِ أَوْ طَاحُونًا قُرْبَ دَارِ وَكَانَ ضَرْبُ الْحَدِيدِ أَوْ الْقِيَامُ بِإِعْمَالِ النِّجَارَةِ أَوْ دَوَرَانُ الطَّاحُونِ يُوجِبُ وَهَنَ بِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ فَيُزَالُ الضَّرَرُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1200)

(المادة 1200) يدفع الضرر الفاحش بأي وجه كان

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِدَارِ آخَرَ قَنَاةً وَأَجْرَى مِنْهَا الْمَاءَ لِطَاحُونِهِ وَحَصَلَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ وَهَنٌ فِي حَائِطِ جَارِهِ، أَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ مَزْبَلَةً فِي جَانِبِ حَائِطِ جَارِهِ وَأَلْقَى الْأَوْسَاخَ فِيهَا وَأَوْجَبَ ذَلِكَ ضَرَرُ الْحَائِطِ فَلِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَطْلُبَ إزَالَةَ الضَّرَرِ. الضَّابِطُ الثَّانِي - كُلُّ شَيْءٍ يُسَبِّبُ انْهِدَامَ الْبِنَاءِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَوَّمَ أَحَدٌ تُرَابًا فِي عَرْصَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِحَائِطِ جَارِهِ وَوَضَعَ فَوْقَ ذَلِكَ آجُرًّا فَحَصَلَ لِحَائِطِ جَارِهِ وَهَنٌ أَوْجَبَ انْهِدَامَهُ فَيَضْمَنُ جَارُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (918) . . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَتْ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَانِ مُعَدَّتَيْنِ لِلسُّكْنَى فِي السَّابِقِ فَاِتَّخَذَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ غُرْفَةً مُتَّصِلَةً بِدَارِ جَارِهِ إصْطَبْلًا لِحَيَوَانَاتِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِجَارِهِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ وَجْهُ الْحَيَوَانَاتِ مُتَوَجِّهًا لِجِهَةِ الدَّارِ فَلَا يُمْنَعُ وَإِذَا كَانَتْ أَرْجُلُهَا مُتَوَجِّهَةً لِجِهَةِ الْجَارِ فَيُمْنَعُ. وَإِذَا خَرَّبَتْ الْحَيَوَانَاتُ حَائِطَ الْجَارِ بِحَوَافِرِهَا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى رَأْيِ الْبَعْضِ عَلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانَاتِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (929) ، لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ضَمَانٌ لَلَزِمَ الضَّمَانُ تَسَبُّبًا حَسْبَ الْمَادَّةِ (922) وَالْحَالُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعَدِّي فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِي التَّسَبُّبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (92 و 94) : (التَّنْقِيحُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الضَّابِطُ الثَّالِثُ - الَّذِي يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ مَالٍ وَاَلَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ: وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ وَهُمَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إنَّ الْأُمُورَ الَّتِي تُوجِبُ الْإِخْلَالَ فِي دَوَرَانِ الطَّاحُونِ أَوْ تَقَطُّعِ الرِّيحِ عَنْ الْبَيْدَرِ أَوْ عَنْ طَاحُونِ الْهَوَاءِ وَاَلَّتِي تُوجِبُ إيذَاءَ الْمُصَلِّينَ فِي الْجَامِعِ أَوْ تُوجِبُ إيذَاءَ السُّكَّانِ فِي الدَّارِ بِصُورَةٍ لَا يُسْتَطَاعُ السُّكْنَى فِيهَا ضَرَرٌ فَاحِشٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إفْسَادُ مَاءِ الْبِئْرِ هُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1112) [ (الْمَادَّةُ 1200) يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ] الْمَادَّةُ (1200) - (يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مَثَلًا لَوْ اتَّخَذَ فِي اتِّصَالِ دَارٍ دُكَّانَ حَدَّادٍ أَوْ طَاحُونٍ وَكَانَ يَحْصُلُ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ وَدَوَرَانِ الطَّاحُونِ وَهَنٌ لِبِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ أَحْدَثَ فُرْنٌ أَوْ مَعْصَرَةٌ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الدَّارِ السُّكْنَى فِيهَا لِتَأَذِّيهِ مِنْ الدُّخَانِ أَوْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ فَهَذَا كُلُّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَتُدْفَعُ هَذِهِ الْأَضْرَارُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَتُزَالُ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَرْصَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِدَارِ آخَرَ وَشَقَّ فِيهَا قَنَاةً وَأَجْرَى الْمَاءَ مِنْهَا لِطَاحُونِهِ فَحَصَلَ وَهَنٌ لِحَائِطِ الدَّارِ أَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ فِي أَسَاسِ جِدَارِ جَارِهِ مَزْبَلَةً وَأَلْقَى الْقِمَامَةَ عَلَيْهَا فَأَضَرَّ بِالْجِدَارِ فَلِصَاحِبِ الْجِدَارِ طَلَبُ دَفْعِ الضَّرَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بَيْدَرًا فِي قُرْبِ دَارِ

آخَرَ وَتَأَذَّى صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ غُبَارِ الْبَيْدَرِ بِحَيْثُ أَصْبَحَ لَا يَسْتَطِيعُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ فَيَدْفَعُ ضَرَرَهُ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً مُرْتَفِعًا فِي قُرْبِ بَيْدَرِ آخَرَ وَسَدَّ مَهَبَّ الرِّيحِ فَيُزَالُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مَطْبَخًا فِي سُوقِ الْبَزَّازِينَ وَكَانَ دُخَانُ الْمَطْبَخِ يُصِيبُ أَقْمِشَةً وَيَضُرُّهَا فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ. وَكَذَلِكَ لَوْ انْشَقَّ بَالُوعُ دَارِ أَحَدٍ وَجَرَى إلَى دَارِ جَارِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيَجِبُ تَعْمِيرُ الْبُلُوغِ الْمَذْكُورِ وَإِصْلَاحُهُ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْجَارِ) . يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) وَيُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ إلَى لُزُومِ دَفْعِ وَإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ كَامِلًا عَنْ الْمُتَضَرِّرِ كَمَا أَنَّهُ يُفِيدُ اسْتِعْمَالَ الْأَهْوَنِ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ لِلضَّرَرِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ بِالْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ مُحْدِثُ الضَّرَرِ وَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ نَافِذَةً مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ آخَرَ فَيُجْبَرُ عَلَى وَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ لِمَنْعِ النَّظَرِ عَنْ مَقَرِّ النِّسَاءِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ فِي كُلِّ حَالٍ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1202) . كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ أَحَدٌ حُفْرَةً قُرْبَ حَائِطِ جَارِهِ لِوَضْعِ الْأَوْسَاخِ فِيهَا فَحَصَلَ ضَرَرٌ لِلْحَائِطِ مِنْ امْتِصَاصِ مَاءِ الْأَوْسَاخِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا إزَالَةُ الضَّرَرِ كَامِلًا بِتَشْيِيدِهَا بِالْكَلْسِ وَالْإِسْمَنْتِ فَيُزَالُ الضَّرَرُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا يَجِبُ رَدْمُ الْحُفْرَةِ عَلَى كُلِّ حَالِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - مَثَلًا لَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ دُكَّانَ حَدَّادٍ أَوْ نَجَّارٍ أَوْ طَاحُونًا فِي جِوَارِ دَارِ آخَرَ بَعْدَ إنْشَاءِ تِلْكَ الدَّارِ فَحَصَلَ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ أَوْ مِنْ شُغْلِ النِّجَارَةِ أَوْ مِنْ دَوَرَانِ الطَّاحُونِ وَهَنٌ لِبِنَاءِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ أَحْدَثَ بِجِوَارِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فُرْنًا دَائِمًا كَفُرْنِ السُّوقِ أَوْ أَحْدَثَ مَعْصَرَةً أَوْ مَصْبَنَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ صَاحِبُ الدَّارِ السُّكْنَى فِيهَا لِتَأْذَيْهِ مِنْ الدُّخَانِ وَمِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ أَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ دُكَّانَ حَلَّاجٍ مُتَّصِلَةً بِدَارِ آخَرَ وَكَانَ صَاحِبُ الدَّارِ لَا يَسْتَطِيعُ السُّكْنَى فِيهَا مِنْ صَوْتِ الْحَلْجِ فَلِكُلِّ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُدْفَعُ وَيُزَالُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ لِأَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَضْرَارِ يُوجِبُ وَهَنَ الْبِنَاءِ وَبَعْضَهَا يُوجِبُ مَنْعَ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ السُّكْنَى فِي الدَّارِ (الطَّحْطَاوِيُّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) . وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْفُرْنِ هُوَ الْفُرْنُ الدَّائِمِيُّ أَوْ فُرْنُ السُّوقِ، أَمَّا الْفُرْنُ الَّذِي يُتَّخَذُ خِصِّيصًا لِلدَّارِ فَهُوَ جَائِزٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلَى الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ أَحَدٌ مِنْوَالًا لِاسْتِخْرَاجِ الْحَرِيرِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْجِيرَانِ مِنْ الدُّخَانِ وَمِنْ رَائِحَةِ الدِّيدَانِ يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَنْ الْقُنْيَةِ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا اتَّخَذَ أَحَدٌ دَارِهِ حَمَّامًا وَحَصَلَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْجِيرَانِ مِنْ دُخَانِهِ يُمْنَعُ مَا لَمْ يَكُنْ دُخَانُ الْحَمَّامِ بِقَدْرِ دُخَانِ الْجِيرَانِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمَّامُ يَجْلِبُ رُطُوبَةً لِجَابِيَةِ الْجَارِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ ضَرَرًا فَاحِشًا وَلَا يُمْنَعُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِجَارِهِ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا بَيْنَ مِلْكِهِ وَبَيْنَ الْحَمَّامِ، وَصَحَّحَ النَّسَفِيّ فِي الْحَمَّامِ أَنَّ الضَّرَرَ لَوْ كَانَ فَاحِشًا يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا بَنَى أَحَدٌ مَطْبَخًا قُرْبَ دَارِ أَحَدٍ الْقَدِيمَةِ وَكَانَ دُخَانُ الْمَطْبَخِ يَدْخُلُ إلَى دَارِ صَاحِبِ الدَّارِ فَيُدْفَعُ إذَا كَانَ الضَّرَرُ فَاحِشًا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا أَنْشَأَ أَحَدٌ مَسْلَخًا فِي قُرْبِ أَحَدِ الْمَسَاجِدِ وَتَأَذَّى الْمُصَلُّونَ مِنْ رَائِحَةِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَذْبُوحَةِ وَمِنْ أَرْوَاثِهَا الْكَرِيهَةِ فَإِذَا أُعْلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ يَمْنَعُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا اسْتَمَرَّ أَحَدٌ فِي إجْرَاءِ الدِّبَاغَةِ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ يُمْنَعُ أَمَّا إذَا أَجْرَى هَذِهِ الصَّنْعَةَ نَادِرًا فَلَا يُمْنَعُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا زَرَعَ أَحَدٌ رُزًّا فِي مَزْرَعَتِهِ وَتَجَاوَزَتْ الْمِيَاهُ إلَى مَزْرَعَةِ الْجَارِ فَأَفْسَدَتْهَا يُمْنَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ دَارِهِ الْوَاقِعَةَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ زَرِيبَةً لِلْأَغْنَامِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ مِنْ رَائِحَةِ الرَّوْثِ وَمِنْ عَدَمِ الْأَمَانِ مِنْ الرُّعَاةِ يُمْنَعُ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا كَانَ الطَّابَقُ السُّفْلِيُّ مِنْ دَارِ مَمْلُوكًا لِأَحَدٍ وَالْعَلَوِيُّ مِنْهَا مَمْلُوكًا لِآخَرَ فَأَسْكَنَ صَاحِبُ الْعَلَوِيِّ حَيَوَانَاتٍ فِي دَارِهِ فَسَالَتْ أَبْوَالُهَا إلَى الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِيِّ يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْمُجَاوِرَةِ لِدَارِ آخَرَ مَجْرَى وَأَجْرَى الْمَاءَ إلَى طَاحُونِهِ فَحَصَلَ وَهَنٌ فِي بِنَاءِ الْحَائِطِ أَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ مَزْبَلَةً فِي أَسَاسِ جِدَارِ دَارِهِ وَأَلْقَى الْقُمَامَةَ عَلَيْهَا أَوْ كَوَّمَ التُّرَابَ فِيهَا وَتَضَرَّرَ الْحَائِطُ فَلِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَطْلُبَ دَفْعَ ضَرَرِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . قِيلَ شَرْحًا " فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ "، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ الْمُتَّخَذُ مَزْبَلَةً مَالًا لِجَارِهِ فَيُمْنَعُ حَسْبَ الْمَادَّةِ (909) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ضَرَرٌ مِنْهُ. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - إذَا اتَّخَذَ أَحَدُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ مَزْبَلَةً فِي أَسَاسِ حَائِطِ جَارِهِ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ يُمْنَعُ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بَيْدَرًا قُرْبَ دَارِ أَحَدٍ وَكَانَ غُبَارُ الْبَيْدَرِ يُؤْذِي صَاحِبَ الدَّارِ مِمَّا يَجْعَلُهُ بِدَرَجَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ السُّكْنَى فِي الدَّارِ فَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - لَوْ غَرَسَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْقَرِيبَةِ مِنْ مَجْرَى مَاءِ طَاحُونِ الْآخَرِ أَشْجَارًا

وَكَانَتْ عُرُوقُ الْأَشْجَارِ تُضَيِّقُ الْمَجْرَى وَيَحْدُثُ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَطْلُبَ دَفْعَ ضَرَرِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ - كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً مُرْتَفِعًا قُرْبَ بَيْدَرِ أَحَدٍ وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ وَسَدَّ مَهَبَّ الرِّيحِ عَنْ الْبَيْدَرِ فَيُرْفَعُ حَيْثُ إنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ غُرْفَةً مُرْتَفِعَةً قُرْبَ طَاحُونِ الْهَوَاءِ وَسَدَّ مَهَبَّ الرِّيحِ عَنْ الطَّاحُونِ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونِ طَلَبُ رَفْعِ ضَرَرِهِ (الْبَهْجَةُ وَالتَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ مَطْبَخًا فِي سُوقِ الْبَزَّازِينَ وَكَانَ دُخَانُ الْمَطْبَخِ يُصِيبُ أَقْمِشَةَ جَارِهِ يُدْفَعُ الضَّرَرُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَمُرُّ مِنْهَا مَاءُ طَاحُونِ الْآخَرِ الْقَدِيمَةِ فَشَحَّتْ الْمِيَاهُ عَنْ الطَّاحُونِ الْقَدِيمِ وَاخْتَلَّ دَوَرَانُهَا فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ - وَكَذَلِكَ لَوْ انْشَقَّ بَالُوعُ دَارِ أَحَدٍ وَسَالَ فِي دَارِ الْجَارِ فَيَجِبُ تَعْمِيرُ وَإِصْلَاحُ الْبَالُوعِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْجَارِ لِكَوْنِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - إذَا انْشَقَّ النَّهْرُ الْجَارِي فِي أَرَاضِي قَوْمٍ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرَاضِي أَصْحَابِ الْأَرَاضِي فَيَلْزَمُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ إصْلَاحُ النَّهْرِ وَلَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إصْلَاحُ وَتَعْمِيرُ الْأَرَاضِي الَّتِي خُرِّبَتْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - إذَا خَرَّبَ الْبَالُوعَ الَّذِي أَحْدَثَهُ عِدَّةُ أَشْخَاصٍ تَحْتَ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَانْدَفَعَتْ مِنْهُ الْأَقْذَارُ إلَى الطَّرِيقِ وَتَأَذَّى الْمَارَّةُ فَلِلْمَارَّةِ أَنْ يُكَلِّفُوا أَصْحَابَ الْبَالُوعِ بِإِصْلَاحِهِ أَوْ أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ إسَالَةِ أَوْسَاخِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالْمَقْصِدُ مِنْ الْقَدِيمِ هُنَا أَنْ يَكُونَ ظُهُورُ الْحَالِ الْمُوجِبِ لِلضَّرَرِ وَقَعَ قَبْلًا وَظُهُورُ الضَّرَرِ وَقَعَ مُؤَخَّرًا وَثَانِيًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَتَّضِحُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْمَادَّةِ (1207) . الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ قُرْبَ مَجْرَى مَاءِ الطَّاحُونِ الْقَدِيمِ مَجْرَى لِطَاحُونِهِ فَطَغَتْ الْمِيَاهُ وَمَنَعَتْ دَوَرَانَ طَاحُونِهِ فَيُمْنَعُ الضَّرَرُ حَيْثُ إنَّهُ فَاحِشٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَتَصْوِيرُ الْحَالِ الْمُوجِبِ لِلضَّرَرِ الْفَاحِشِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةِ الضَّرَرِ الْحَادِثِ هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ قَدِيمًا فَلَا يُمْنَعُ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عَرْصَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ دُكَّانِ حَدَّادٍ فَأَنْشَأَ فِيهَا دَارًا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْحَدَّادِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِصَنْعَتِهِ بِدَاعِي أَنَّ بِنَاءَ دَارِهِ يَضْعُفُ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1207) .

(المادة 1201) منع المنافع التي ليست من الحوائج الأصلية

[ (الْمَادَّةُ 1201) مَنْعُ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ] الْمَادَّةُ (1201) - (مَنْعُ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَدِّ هَوَاءِ دَارٍ أَوْ نَظَّارَتِهَا أَوْ مَنْعِ دُخُولِ الشَّمْسِ لَيْسَ بِضَرَرٍ فَاحِشٍ. لَكِنَّ سَدَّ الْهَوَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً فَسَدَّ بِهِ نَافِذَةَ غُرْفَةِ جَارِهِ الَّتِي لَهَا نَافِذَةٌ وَاحِدَةٌ فَصَارَتْ مُظْلِمَةً بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ مِنْ الظُّلْمَةِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ حَيْثُ إنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، وَلَا يُقَالُ فَلْيَأْخُذْ الضِّيَاءَ مِنْ بَابِهَا لِأَنَّ بَابَ الْغُرْفَةِ يَحْتَاجُ إلَى غَلْقِهِ مِنْ الْبَرْدِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَإِنْ كَانَ لِتِلْكَ الْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ فَسُدَّتْ إحْدَاهُمَا بِإِحْدَاثِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ فَلَا يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا) . مَنْعُ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ كَسَدِّ هَوَاءِ دَارِ أَوْ نَظَّارَتِهَا أَوْ مَنْعِ دُخُولِ الشَّمْسِ إلَى دَارِ أَوْ تَقْلِيلِ ضِيَاءِ دَارٍ لَيْسَ بِضَرَرٍ فَاحِشٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْحَوَائِجِ الزَّائِدَةِ. اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1162) . وَقَدْ بُيِّنَ سَبَبُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (117) . سُؤَالٌ - إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ضَرَرًا فَاحِشًا فَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَبِمَا أَنَّهُ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» حَسْبَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى دَفْعُ هَذَا الضَّرَرِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ الْمَجَلَّةِ. الْجَوَابُ - إنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ فَلِذَلِكَ لَا يَتَضَمَّنُ نَفْيَ كُلِّ ضَرَرٍ حَيْثُ يُوجَدُ أَضْرَارٌ كَثِيرَةٌ لَا يُكَلَّفُ الْبَاعِثُ لَهَا بِرَفْعِهَا وَذَلِكَ إذَا طَبَخَ أَحَدٌ فِي بَيْتِهِ أَطْعِمَةً وَكَانَتْ رَائِحَتُهَا تَنْتَشِرُ إلَى جِيرَانِهِ الْفُقَرَاءِ فَتَضَرَّرُوا مِنْ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا الْمَرْضَى مِنْهُمْ فَلَا يُمْنَعُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ طَبْخِ طَعَامِهِ لِلضَّرَرِ الْمَذْكُورِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَضْرَارِ لَا تَنْتَفِي بَلْ وَاقِعَةٌ. (فَتْحُ الْقَدِيرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ مُجَدِّدًا فِي دَارِهِ فُرْنًا كَالْأَفْرَانِ الصَّغِيرَةِ الْمُعْتَادِ إنْشَاؤُهَا فِي الدُّورِ لَا يُمْنَعُ (الطَّحْطَاوِيُّ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا فِي مِلْكِهِ فَقَلَّلَ بِنَاءُ الدَّارِ نِصْفَ ضِيَاءِ نَوَافِذِ دَارِ جَاره بِحَيْثُ تُمْكِنُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ مِنْ هَذَا التَّصَرُّفِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) . كَذَلِكَ لَوْ خَرِبَتْ طَاحُونُ أَحَدٍ الَّتِي كَانَتْ تُدَارُ بِحِصَانٍ بِضْعِ سِنِينَ ثُمَّ عَمَّرَهَا وَأَرَادَ تَشْغِيلَهَا وَكَانَتْ دَارُ جَارِهِ بَعِيدَةً وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُ صَاحِبِ الطَّاحُونِ مِنْ تَشْغِيلِ طَاحُونِهِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَتَأَذَّى مِنْ صَوْتِ الطَّاحُونِ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا سَدُّ الضِّيَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَالْمَقْصُودُ مِنْ سَدِّ الضِّيَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ أَيْ سَدِّهِ بِصُورَةٍ لَا تُمْكِنُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فِيهَا مِنْ الظُّلْمَةِ (التَّنْقِيحُ) . فَلِذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ بِنَاءً فَسَدَّ بِهِ نَافِذَةَ غُرْفَةِ جَارِهِ الَّتِي لَهَا نَافِذَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ

(المادة 1202) رؤية المحل الذي هو مقر النساء

النَّافِذَةُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا كَغُرْفَةِ مَدْرَسَةٍ فَصَارَتْ مُظْلِمَةً أَوْ كَانَ لِلْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ فَسَدَّهُمَا بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ تَحْرِيرُ كِتَابٍ مِنْ الظُّلْمَةِ فَيُدْفَعُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَلَوْ كَانَ ضِيَاءُ تِلْكَ النَّافِذَةِ آتِيًا مِنْ جِهَةِ دَارِ جَارِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارُ أَحَدٍ مَبْنِيَّةً فِي عَرْصَةٍ مُنْخَفِضَةٍ وَكَانَتْ الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ بِهَا مُرْتَفِعَةً عَنْ سَطْحِ تِلْكَ الدَّارِ وَكَانَتْ نَافِذَةُ الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ مِنْ الدَّارِ الْمُنْخَفِضَةِ تَأْخُذُ ضَوْءُهَا مِنْ الْقَدِيمِ مِنْ سَطْحِ الدَّارِ الْمُرْتَفِعَةِ فَعَلَّى صَاحِبُ الدَّارِ الْمُرْتَفِعَةِ بِنَاءَهُ وَسَدَّ ضِيَاءَ الْغُرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ (التَّنْقِيحُ وَالْفَيْضِيَّةُ) . وَلَا يُقَالُ: فَلْيَأْخُذْ الضِّيَاءَ مِنْ الْبَابِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِغَلْقِ بَابِ غَرْفَتِهِ مِنْ الْبَرْدِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ مُمْكِنًا فَتْحُ نَافِذَةٍ جَدِيدَةٍ فِي الْغُرْفَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِذَا فُتِحَتْ النَّافِذَةُ الْمَذْكُورَةُ يَحْصُلُ الضِّيَاءُ مِنْهَا فَهَلْ يُقَالُ لَهُ: افْتَحْ نَافِذَةً أُخْرَى وَأَزِلْ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِك؟ . قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ مَنْ يُوقِعُ ضَرَرًا مَجْبُورًا أَنْ يُنْشِئَ فِي مِلْكِهِ وَيُزِيلُ الضَّرَرَ فَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الْغُرْفَةِ: افْتَحْ نَافِذَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِنَاءُ مَنْ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ هُوَ لِقَطْعِ نَظَّارَةِ النَّافِذَةِ - الَّتِي أَحْدَثَهَا الْجَارُ - الْمُطِلَّةِ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ فَلَا يُمْنَعُ وَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ نَافِذَةً مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ أَحَدٍ فَأَنْشَأَ الْجَارُ بَعْدَ مُدَّةٍ حَائِطًا مُرْتَفِعًا فِي عَرْصَتِهِ فَقَطَعَ نَظَّارَةَ جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ مَنَعَ ضِيَاءَ نَافِذَةِ الْجَارِ (الْبَهْجَةُ) . وَإِذَا كَانَ لِلْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ وَسُدَّتْ إحْدَاهُمَا بِإِحْدَاثِ الْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَكَانَ يَحْصُلُ ضِيَاءٌ مِنْ النَّافِذَةِ الْأُخْرَى بِدَرَجَةٍ يُسْتَطَاعُ مَعَهَا قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فَلَا يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا (التَّنْقِيحُ) . وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ لَفْظَةِ (الْإِحْدَاثِ) الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وُجُوبُ الْمَنْعِ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ وَالْإِنْشَاءِ إذْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الضَّرَرِ مُتَعَيَّنًا قَبْلَ الْإِحْدَاثِ فَيُمْنَعُ وَيُؤْمَرُ بِعَدَمِ إحْدَاثِهِ وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ بِنَاءَ طَابَقٍ عُلْوِيٍّ عَلَى دَارٍ وَكَانَ مُتَعَيَّنًا بِإِنْشَاءِ الطَّابَقِ الْمَذْكُورِ حُصُولُ ضَرَرٍ لِجَارِهِ بِحُصُولِ ظُلْمَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهِ فَلِجَارِهِ مَنْعُ صَاحِبِ الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1202) رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ] الْمَادَّةُ (1202) - (رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا، فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يَرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرَّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحَلَّاتِ النَّظَرِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِهِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ) . اُنْظُرْ (مَادَّة 22)

رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ أَيْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجْلِسُ وَيُوجَدُ فِيهِ النِّسَاءُ فِي الدَّارِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَطْبَخُ وَالْبِئْرُ فِي بُسْتَانِ الدَّارِ فَيُعَدَّانِ أَيْضًا مَقَرَّ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بُسْتَانِ الدَّارِ لَا يُعَدُّ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1204) مَقَرَّ نِسَاءٍ، فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَ الْمَطْبَخُ فِي بُسْتَانِ الدَّار وَكَانَ مُخَصَّصًا لِلنِّسَاءِ فَهُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ إذَا كَانَتْ فِي الْبُسْتَانِ وَمُخَصَّصَةً لِاسْتِقَاءِ النِّسَاءِ مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ بِئْرٌ غَيْرَهَا فِي الدَّارِ فَتُعَدُّ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَيْضًا. أَمَّا إذَا وُجِدَتْ بِئْرٌ أُخْرَى فِي الدَّارِ غَيْرَ تِلْكَ الْبِئْرِ كَوُجُودِ بِئْرٍ فِي الْمَطْبَخِ فَهَلْ يُعَدُّ بَابُ الْبِئْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْبُسْتَانِ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَمْ لَا؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُوجَدُ احْتِيَاجٌ لِلْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ وَتُسْتَعْمَلُ تِلْكَ الْبِئْرُ مِنْ طَرَفِ النِّسَاءِ فَيُعَدُّ مُقَرًّا لِلنِّسَاءِ. وَيُزَالُ هَذَا الضَّرَرُ سَوَاءٌ كَانَ ضَرَرًا دَائِمِيًّا أَوْ غَيْرَ دَائِمِيٍّ حَيْثُ إنَّهُ فَاحِشٌ وَذَلِكَ إذَا بَاشَرَ أَحَدٌ بِنَاءَ دَارِهِ وَكَانَ أَثْنَاءَ الْبِنَاءِ مُطِلًّا عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَعَلَيْهِ مَنْعُ النَّظَرِ عَنْ مَقَرِّ النِّسَاءِ بِوَضْعِ خَيْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ تَنْتَهِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. أَمَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ الْغَيْرُ الدَّائِمِ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ كَالْآذَانِ وَيَزُولُ بِوَقْتٍ جُزْئِيٍّ فَلَا يُدْفَعُ وَلَا تَخْرُجُ النِّسَاءُ الْمُجَاوِرَةُ أَثْنَاءَ الْآذَانِ وَيَخْرُجْنَ بَعْدَهُ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ. إذَا كَانَ مَحِلُّ مَقَرِّ نِسَاءٍ دَائِمًا فَرُؤْيَتُهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَحِلُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَقَرَّ نِسَاءٍ وَفِي بَعْضِهَا لَمْ يَكُنْ مَقَرَّ نِسَاءٍ كَأَنْ يَكُونَ مَحِلًّا تَسْكُنُهُ النِّسَاءُ فِي الصَّيْفِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ كَانَ يَسْكُنُهُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي النَّهَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رُؤْيَةَ هَاتِهِ الْمَحِلَّاتِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. تَأَمَّلْ (التَّنْقِيحُ) . فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ طَرِيقٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْجَارُ غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ دَارًا أَوْ طَاحُونًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ كَانَ بِنَاءً خَيْرِيًّا كَالزَّاوِيَةِ. مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا قُرْبَ دَارِ آخَرَ فَأَنْشَأَ مَجْرَى الطَّاحُونِ مُرْتَفِعًا وَكَانَ يَرَى مِنْهُ نِسَاءَ الْجَارِ وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ يَصِلَ صَاحِبُ الطَّاحُونِ فِي كُلِّ بِضْعَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ الْمَحِلَّ وَيَرَى حِينَئِذٍ مَقَرَّ نِسَاءِ الْجَارِ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُؤْمَرُ صَاحِبُ الطَّاحُونِ بِرَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَاءِ تِلْكَ الدَّارِ يُرَى مِنْ جِهَةِ السُّوقِ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَرَى مِنْ النَّافِذَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا مَسِيحِيٌّ مَقَرَّ نِسَاءِ مُوسَوِيِّ فَيُؤْمَرُ الْمَسِيحِيُّ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يُقَالُ أَنَّ الْمَسِيحِيَّ أَوْ الْمُوسَوِيَّ لَا يَتَسَتَّرُ وَأَنَّ رُؤْيَةَ مَقَرِّ نِسَائِهِمَا لَيْسَ ضَرَرًا فَاحِشًا لِأَنَّ الْمِلَلَ الْغَيْرَ الْمُسْلِمَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (جَارُهُ الْمُقَابِلُ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ) أَنَّ الطَّرِيقَ لَوْ لَمْ تَكُنْ فَاصِلَةً فَيُمْنَعُ وَإِذَا كَانَتْ فَاصِلَةً أَيْضًا يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ

خَشَبِيٍّ فِي مِلْكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (200) . وَإِذَا أَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ بِوَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ بِدَاعِي احْتِمَالِ تَفَسُّخِ السِّتَارِ الْخَشَبِيِّ وَرُؤْيَةِ مَقَرِّ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّافِذَةِ الْمُطِلَّةِ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِقَوْلِهِ لِلْجَارِ إذَا وَضَعْتَ قَفَصًا لِنَوَافِذِكَ فَلَا يُرَى مَقَرُّ النِّسَاءِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ لَكَ حَائِطٌ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُرْتَفِعًا فَأَعْلِ حَائِطَكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ وَفَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . وَحَسْبَ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُنْقَسِمَةٍ إلَى عَرَصَاتٍ لِخَمْسَ عَشْرَةَ دَارًا أَوْ عِشْرِينَ دَارًا فَأَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا فِي إحْدَى عَرَصَاتِهَا ثُمَّ أَحْدَثَ آخَرُ فِي الْعَرْصَةِ الْمُقَابِلَةِ أَوْ فِي الْعَرْصَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ عَلَى الْيَسَارِ دَارًا وَكَانَتْ وَاجِهَتُهَا مُقَابِلَةً لِلدَّارِ الْأُولَى وَيَرَى مِنْهَا مَقَرَّ النِّسَاءِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَيُمْنَعُ وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُولَى: ضَعْ قَفَصًا (شعايريا) عَلَى مَنَافِذِكَ وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ يُصْبِحُ مِنْ الصَّعْبِ إنْشَاءُ دُورٍ فِي الْعَرَصَاتِ الْأُخْرَى وَتَسْقُطُ قِيمَتُهَا وَلِذَلِكَ فَالْعُرْفُ الْجَارِي فِي بَلْدَتِنَا أَنْ يَضَعَ كُلُّ صَاحِبِ دَارٍ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِ بَيْتِهِ وَيَمْنَعُ النَّظَرَ وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ وَجَارُهُ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنْ إذَا تَعَارَضَ مَعَ جَارِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ وَيُظَنُّ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُقَالَ بِمَا أَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ فَعَلَى الْمُتَضَرِّرِ أَنْ يَضَعَ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِهِ حَسْبَ عُرْفِ الْبَلَدِ وَيُزِيلَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ. قِيلَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ (فِي مِلْكِهِ) وَقَدْ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ مِلْكِ الْمُتَضَرِّرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً فِي مِلْكِ جَارِهِ قَائِلًا: إنِّي أَبْنِي فِي مِلْكَكَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْكَ فَإِذَا بَنَى وَدَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ جَارِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتُهْدَمُ أَبْنِيَتُهُ وَيُكَلَّفُ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَ جَارِهِ بِإِنْشَاءِ بِنَاءٍ فِي مِلْكِهِ (التَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَكَمَا أَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ. مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا وَكَانَتْ نَافِذَةُ دَارِهِ مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارِ جَارِهِ وَأَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ بِأَنْ وَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ الْوَاقِعِ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَقُولَهُ لَهُ: يَجِبُ وَضْعُ السِّتَارَةِ فِي طَرَفِ نَافِذَتِكَ. فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ: اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (96) لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِحَائِطٍ. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُزَالُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي ذَلِكَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: 1 - سَدُّ النَّافِذَةِ. 2 - إنْشَاءُ حَائِطٍ أَمَامَ النَّافِذَةِ مِنْ الْحِجَارَةِ أَوْ الْآجُرِّ. 3 - أَنْ تُوضَعَ سِتَارَةٌ وَبِمَا أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ كَافِيَةٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (الْفَيْضِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يُرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحِلَّاتِ النَّظَرِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِ الْحَائِطِ الْمَعْمُولِ مِنْ الْأَغْصَانِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ. اُنْظُرْ

(المادة 1203) إذا كانت لأحد نافذة في محل أعلى من قامة الإنسان فليس لجاره أن يطلب سدها

الْمَادَّةَ (22) . يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ امْرُؤٌ عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِصُورَةٍ مُخَالِفَةٍ لِاخْتِيَارِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ شُرِّعَ الْإِجْبَارُ عَلَى ذَلِكَ لِضَرُورَةِ دَفْعِ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ فَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا دَفْعُ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ بِإِصْلَاحِ حَائِطِ الْأَغْصَانِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا حَيْثُ إنَّ الضَّرُورَاتِ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا. [ (الْمَادَّةُ 1203) إذَا كَانَتْ لِأَحَدِ نَافِذَة فِي مَحِلّ أَعَلَى مِنْ قَامَة الْإِنْسَان فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يطلب سَدّهَا] الْمَادَّةُ (1203) - (إذَا كَانَتْ لِأَحَدٍ نَافِذَةٌ فِي مَحِلٍّ أَعْلَى مِنْ قَامَةِ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَطْلُبَ سَدَّهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَضَعُ سُلَّمًا وَيَنْظُرُ إلَى مَقَرِّ نِسَاءِ ذَلِكَ الْجَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74)) . إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي بَيْتِهِ نَافِذَةٌ مُحْدَثَةٌ فِي مَحِلٍّ قَرِيبٍ مِنْ السَّقْفِ أَعْلَى مِنْ قَامَةِ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَطْلُبَ سَدَّهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَضَعُ سُلَّمًا وَيَنْظُرُ إلَى مَقَرِّ نِسَاءِ ذَلِكَ الْجَارِ (التَّنْقِيحُ) . فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ نَافِذَةً فِي مِلْكِهِ فِي مَوْضِعٍ أَعْلَى مِنْ قَامَةِ الْإِنْسَانِ وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (74) . كَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْوَاقِعَةِ فَوْقَ دَارِ الْآخَرِ طَاحُونُ هَوَاءٍ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ يَخَافُ مِنْ أَنْ تُهْدَمَ الطَّاحُونُ مِنْ الْهَوَاءِ فَتَهْدِمَ دَارِهِ أَيْضًا فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ. أَمَّا إذَا وَضَعَ صَاحِبُ النَّافِذَةِ الْعُلْوِيَّةِ سُلَّمًا وَنَظَرَ مِنْ غَيْرِ إخْبَارٍ إلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُعَزِّرُ صَاحِبَ النَّافِذَةِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1205) وَلَكِنْ لَا يُؤْمَرُ بِسَدِّ النَّافِذَةِ. وَقَدْ جَاءَ فِي حَاشِيَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَقَدْ سُئِلْتُ فِي غُرْفَةٍ إذَا صَعِدَ لَهَا صَاحِبُهَا مِنْ سُلَّمِ دَارِهِ يَطْلُعُ عَلَى دَارِ جَارِهِ وَيَنْظُرُ إلَى عَوْرَاتِهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ؟ فَأَجَبْتُ بِالْمَنْعِ بِغَيْرِ إعْلَامٍ لِحَاجَةٍ كَمَا هُوَ جَوَابُ اسْتِحْسَانٍ فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ. [ (الْمَادَّةُ 1204) لَا تُعَدُّ الْجُنَيْنَةُ مَقَرَّ نِسَاءٍ] الْمَادَّةُ (1204) - (لَا تُعَدُّ الْجُنَيْنَةُ مَقَرَّ نِسَاءٍ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ لَا يُرَى مِنْهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ لَكِنْ تُرَى جُنَيْنَتُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مَنْعَ نَظَّارَتِهِ عَنْ تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ بِدَاعِي رُؤْيَةِ نِسَائِهِ مِنْ الدَّارِ حِينَ خُرُوجِهِنَّ إلَى الْجُنَيْنَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ) . لَا تُعَدُّ الْجُنَيْنَةُ مَقَرَّ نِسَاءٍ وَكَذَلِكَ غُرَفُ الضِّيَافَةِ لِلرِّجَالِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ لَا يُرَى مِنْهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ لَكِنْ تُرَى جُنَيْنَتُهُ أَوْ غُرَفُ الضِّيَافَةِ الْمُعَدَّةُ لِلرِّجَالِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ مَنْعَ نَظَّارَتِهِ عَنْ تِلْكَ الْجُنَيْنَةِ أَوْ عَنْ تِلْكَ الْغُرَفِ بِدَاعِي رُؤْيَةِ نِسَائِهِ مِنْ الدَّارِ حِينَ خُرُوجِهِنَّ إلَى الْجُنَيْنَةِ أَوْ لِغُرَفِ الضِّيَافَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَقَامَ الْجَارُ بَعْدَ مُرُورِ بِضْعِ سَنَوَاتٍ نِسَاءَ فِي غُرَفِ الضِّيَافَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ جَارَهُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ غُرَفَ دَارِ الضِّيَافَةِ قَدِيمَةٌ وَالنَّافِذَةَ حَادِثَةٌ وَأَنَّهُ أَسْكَنَ الْغُرَفَ نِسَاءً وَاِتَّخَذَهَا حَرَمًا (الْبَهْجَةُ) . حَيْثُ إنَّ اتِّخَاذَ الْغُرَفِ الْمَذْكُورَةِ مُقَرًّا لِلنِّسَاءِ

حَادِثٌ وَالنَّافِذَةَ الْبَاعِثَةَ لِلضَّرَرِ قَدِيمَةٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1207) . . الْمَادَّةُ (1205) (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ شَجَرَةُ فَاكِهَةٍ فِي جُنَيْنَتِهِ وَفِي صُعُودِهِ عَلَيْهَا يُشْرِفُ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَيَلْزَمُهُ عِنْدَ صُعُودِهِ إعْطَاءُ الْخَبَرِ لِأَجَلِ تَسَتُّرِ النِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ يَمْنَعُهُ الْقَاضِي مِنْ الصُّعُودِ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ) . إذَا كَانَ لِأَحَدٍ شَجَرَةُ فَاكِهَةٍ فِي جُنَيْنَةٍ وَفِي صُعُودِهِ عَلَيْهَا، أَوْ بَاعَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ أَوْ وَرَقَهَا لِآخَرَ وَعِنْدَ صُعُودِ الْمُشْتَرِي عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ يُشْرِفُ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ أَوْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي مِنْ الصُّعُودِ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ صُعُودِهِ إعْطَاءُ الْخَبَرِ لِجَارِهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ حَتَّى تَتَسَتَّرَ النِّسَاءُ وَيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ مِنْ الصُّعُودِ عَلَى الشَّجَرَةِ بَعْدَ الْإِخْبَارِ يَكُونُ جَمَعَ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (الْفَتْحُ) . إذَا لَمْ يُخْبِرْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيَمْنَعُهُ الْقَاضِي مِنْ الصُّعُودِ عَلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ بِدُونِ إخْبَارٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ سَطْحُ دَارَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ مُحَاذِيًا بَعْضُهُ لِبَعْضِ وَأَرَادَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ الصُّعُودَ عَلَى سَطْحِهِ وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ صَاحِبِ السَّطْحِ الْآخَرِ فَهُوَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى سَطْحٍ مَا لَمْ يَتَّخِذْ سِتَارًا يَمْنَعُ رُؤْيَةَ مَقَرِّ النِّسَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَرَى مِنْهُ مَقَرَّ نِسَاءِ جَارِهِ بَلْ تُرَى النِّسَاءُ حِينَ وُجُودِهِنَّ عَلَى السَّطْحِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَى السَّطْحِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَرَى نِسَاءَ جَارِهِ حِينَ صُعُودِهِ عَلَى السَّطْحِ وَكَذَلِكَ يَرَى مَقَرَّ نِسَائِهِ حِينَ خُرُوجِ جَارِهِ إلَى السَّطْحِ أَيْضًا، فَضَرَرُهُمَا مُتَسَاوٍ (التَّنْقِيحُ وَالْعِنَايَةُ) . . الْمَادَّةُ (1206) - (إذَا اقْتَسَمَ اثْنَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَرَى مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَحَدَهُمَا مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ فَيُؤْمَرَانِ أَنْ يَتَّخِذَا سُتْرَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا) . إذَا اقْتَسَمَ اثْنَانِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، وَكَانَ يُرَى مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَحَدَهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِ مَوَاضِعِهَا مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ أَوْ يَطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالٍ لَا يَجُوزُ لِلْغَيْرِ الْإِطْلَاعُ عَلَيْهَا فَيُؤْمَرَانِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَا سُتْرَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَيَدْفَعُ كُلُّ مِنْهُمَا الْحِصَّةَ الَّتِي تُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَصْرِفِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالتَّنْقِيحُ وَالْفُصُولَيْنِ) . قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1192) أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ فَلِذَلِكَ قَدْ بَيَّنَ الْعُلَمَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ أَنَّهُ يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى اتِّخَاذِ السُّتْرَةِ، إلَّا أَنَّ هَذَا الرَّأْيَ كَانَ فِي زَمَنِ الصَّلَاحِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا تَكَاثَرَ الْفَسَادُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ رَأَى بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ لُزُومَ الْإِجْبَارِ عَلَى اتِّخَاذِ السُّتْرَةِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (39) . . الْمَادَّةُ (1207) - (إذَا كَانَ أَحَدٌ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ تَصَرُّفًا مَشْرُوعًا فَجَاءَ آخَرُ وَأَحْدَثَ فِي جَانِبِهِ بِنَاءً وَتَضَرَّرَ مِنْ فِعْلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ.

مَثَلًا إذَا كَانَ لِدَارٍ قَدِيمَةٍ نَافِذَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارٍ مُحْدَثَةٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ أَنْ يَدْفَعَ بِنَفْسِهِ مَضَرَّتَهُ وَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ الْقَدِيمَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي عَرْصَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِدُكَّانِ حَدَّادٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَعْطِيلَ دُكَّانِ الْحَدَّادِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَحْصُلُ لِدَارِهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ، وَكَذَا إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي الْقُرْبِ مِنْ بَيْدَرٍ قَدِيمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ الْبَيْدَرِ مِنْ التَّذْرِيَةِ بِدَاعِي أَنَّ غُبَارَ الْبَيْدَرِ يُصِيبُ دَارِهِ) . إذَا كَانَ أَحَدٌ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ تَصَرُّفًا مَشْرُوعًا وَغَيْرَ مُضِرٍّ بِأَحَدٍ أَيَّ ضَرَرٍ فَجَاءَ آخَرُ وَأَحْدَثَ فِي جَانِبِهِ بِنَاءً وَتَضَرَّرَ مِنْ فِعْلِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ أَيْ إنْ شَاءَ دَفَعَ ضَرَرَ نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ تَحَمَّلَ الضَّرَرَ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: 1 - إذَا كَانَ لِدَارٍ قَدِيمَةٍ نَافِذَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارٍ مُحْدَثَةٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ أَنْ يَدْفَعَ هُوَ مَضَرَّتَهُ أَيْ إذَا شَاءَ دَفَعَ الضَّرَرَ وَإِذَا شَاءَ أَبْقَاهُ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ الْقَدِيمَةِ بِطَلَبِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6) . 2 - إذَا كَانَ لَا يُرَى مِنْ دَارِ مَقَرُّ النِّسَاءِ فِي الدَّارِ الْمُقَابِلَةِ لَهَا فَاحْتَرَقَتْ الدَّارَانِ فَأُنْشِئَتْ إحْدَاهُمَا أَوَّلًا وَكَانَ حَائِطُهَا وَاطِيًا ثُمَّ أُنْشِئَتْ الدَّارُ الثَّانِيَةُ عَلَى وَضْعِهَا الْقَدِيمِ وَكَانَ يُرَى مِنْ الدَّارِ الْمُنْشَأَةِ أَخِيرًا مَقَرُّ نِسَاءِ الدَّارِ الْأُولَى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُنْشَأَةِ أَوَّلًا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الْمُنْشَأَةِ ثَانِيًا دَفْعُ ضَرَرِهِ بِدَاعِي أَنَّهُ أَنْشَأَ دَارِهِ قَبْلًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 3 - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا قُرْبَ أَتُونِ فَاخُورَةٍ أَوْ حَمَّامٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ إقْفَالَ الْأَتُونِ أَوْ الْحَمَّامِ بِدَاعِي أَنَّ دُخَانَهُمَا يَدْخُلُ فِي مَحِلِّهِ (الْبَهْجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . 4 - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي عَرْصَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِحَانُوتٍ حَدَّادٍ دَارًا فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ تَعْطِيلِ حَانُوتِ الْحَدَّادِ بِدَاعِي حُصُولِ الضَّرَرِ لِدَارِهِ مِنْ طَرْقِ الْحَدِيدِ. 5 - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ نَافِذَةً فِي دَارِهِ وَكَانَ يَرَى مِنْهَا الْغُرَفَ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْعَزَبَانِ الْجَارِيَةُ فِي تَصَرُّفِ وَقْفٍ ثُمَّ أَصْبَحَتْ الْغُرَفُ الْمَذْكُورَةُ مَحْلُولَةً وَأُجِّرَتْ لِآخَرَ بِالْإِجَارَتَيْنِ فَأَسْكَنَ فِيهَا نِسَاءَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَفْعَ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَائِهِ يُرَى مِنْ نَافِذَةِ جَارِهِ (الْبَهْجَةُ) . 6 - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي الْقُرْبِ مِنْ بَيْدَرٍ قَدِيمٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ التَّذْرِيَةِ بِدَاعِي أَنَّ غُبَارَ الْبَيْدَرِ يُصِيبُ دَارِهِ. 7 - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي قُرْبِ مَزْرَعَةِ أَحَدٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ صَاحِبِ الْمَزْرَعَةِ عَدَمَ الزِّرَاعَةِ فِي الْمَزْرَعَةِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَرَى مَقَرَّ نِسَائِهِ مِنْ الْمَزْرَعَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 8 - إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا فِي جَانِبِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْمَارَّةِ مِنْ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ

(المادة 1209) أحدث أحد نوافذ في داره وكان لجاره غرفة مرتفعة تقع بين النوافذ

الْعَامِّ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَائِهِ يُرَى مِنْ الطَّرِيقِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. 9 - مَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: . الْمَادَّةُ (1208) - (إذَا كَانَتْ نَوَافِذُ قَدِيمَةٌ أَيْ عَتِيقَةٌ فِي مَنْزِلٍ مُشْرِفَةً عَلَى عَرْصَةٍ خَالِيَةٍ فَاحْتَرَقَ هَذَا الْمَنْزِلُ فَأَحْدَثَ أَوَّلًا صَاحِبُ الْعَرْصَةِ دَارًا فِي الْعَرْصَةِ ثُمَّ أَعَادَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِنَاءَ مَنْزِلِهِ عَلَى وَضْعِهِ الْقَدِيم فَصَارَتْ نَوَافِذُهُ مُشْرِفَةً عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ مِنْ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ فَصَاحِبُ الدَّارِ هُوَ يَرْفَعُ الْمَضَرَّةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ بِقَوْلِهِ: (امْنَعْ نَظَّارَتَكَ)) . إذَا كَانَتْ نَوَافِذُ قَدِيمَةٌ أَيْ عَتِيقَةٌ فِي مَنْزِلٍ مُشْرِفَةً عَلَى عَرْصَةٍ خَالِيَةٍ فَاحْتَرَقَ هَذَا الْمَنْزِلُ فَأَحْدَثَ أَوَّلًا صَاحِبُ الْعَرْصَةِ دَارًا فِي الْعَرْصَةِ ثُمَّ أَعَادَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِنَاءَ مَنْزِلِهِ عَلَى وَضْعِهِ الْقَدِيمِ فَصَارَتْ نَوَافِذُهُ الَّتِي فَتَحَهَا مُجَدَّدًا عَلَى حَالِهَا السَّابِقِ مُشْرِفَةً عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ مِنْ الدَّارِ الْمُحْدَثَةِ فَصَاحِبُ الدَّارِ هُوَ يَرْفَعُ الْمَضَرَّةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الْمَنْزِلِ بِقَوْلِهِ: امْنَعْ نَظَّارَتَكَ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَأَحَدِ أَمْثِلَتِهَا. وَتُشِيرُ الْمَجَلَّةُ بِتَفْسِيرِهَا بِالْعَتِيقِ بِأَنَّ الْقَدِيمَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ لَيْسَ بِمَعْنَى (مَا لَا يُعْرَفُ أَوَّلُهُ) بَلْ أَنَّهُ بِمَعْنَى أَسْبِقَ مِنْ الْآخَرِ. كَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ دَارُ أَحَدٍ فَاحْتَرَقَتْ الدَّارُ الَّتِي تَلِيهَا فَبَنَى صَاحِبُ الدَّارِ الْأُولَى دَارِهِ عَلَى غَيْرِ وَضْعِهَا السَّابِقِ بِأَنْ بَنَى وَاجِهَةَ دَارِهِ فِي جَانِبِ دَارِ الْآخَرِ وَأَصْبَحَ يَرَى مِنْ نَوَافِذَ مَقَرَّ نِسَاءِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ فَعَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ صَاحِبَ الدَّارِ بِدَفْعِ ضَرَرِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) . 0 - 1 - مَا وَرَدَّ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: [ (الْمَادَّةُ 1209) أَحْدَثَ أَحَدٌ نَوَافِذَ فِي دَارِهِ وَكَانَ لِجَارِهِ غُرْفَةٌ مُرْتَفِعَةٌ تَقَعُ بَيْنَ النَّوَافِذِ] الْمَادَّةُ (1209) - (إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ نَوَافِذَ فِي دَارِهِ وَكَانَ لِجَارِهِ غُرْفَةٌ مُرْتَفِعَةٌ تَقَعُ بَيْنَ النَّوَافِذِ وَمَقَرِّ نِسَاءِ الْجَارِ وَكَانَ لَا يَرَى لِذَلِكَ مَقَرَّ النِّسَاءِ مِنْ تِلْكَ النَّوَافِذِ فَهَدَمَ الْجَارُ تِلْكَ الْغُرْفَةَ وَأَصْبَحَ مَقَرُّ النِّسَاءِ يُرَى مِنْ تِلْكَ النَّوَافِذِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَقُولَ لِلْآخَرِ: اقْطَعْ نَظَّارَتَكَ أَوْ سُدَّ النَّوَافِذَ بِدَاعِي أَنَّ النَّوَافِذَ مُحْدَثَةٌ بَلْ يَلْزَمُ الْجَارَ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ) . (الْبَهْجَةُ فِي الْحِيطَانِ) . وَتَعْبِيرُ الْهَدْمِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَإِذَا انْهَدَمَتْ الْغُرْفَةُ مِنْ نَفْسِهَا فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا

(المادة 1210) ليس لأحد صاحبي الحائط المشترك أن يعليه بدون إذن الآخر

وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إذَا هُدِمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ لِأَحَدِهِمَا أَهْلٌ وَعِيَالَ وَطَلَبَ إنْشَاءَ الْحَائِطِ لِمَنْعِ الْكَشْفِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا الْحَائِطُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَكَانَ مُمْكِنًا بَعْدَ تَقْسِيمِهَا إنْشَاءُ سُتْرَةٍ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبِنَاءِ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ فَيُجْبَرُ وَتَعْبِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَرْعًا لِلْمَادَّةِ (207 1) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَعْبِيرُ (إحْدَاثِ) وَوَرَدَ فِي الْمَادَّةِ تَعْبِيرُ (هَدَمَ) إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَ إحْدَاثِ هُنَاكَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ التَّصَرُّفِ. 1 - 1 - إذَا كَانَتْ لِأَحَدٍ سَاحَةٌ مُحَاطَةٌ بِسِيَاجٍ مِنْ الْأَشْوَاكِ فِي جَانِبِ جَارِهِ فَانْهَدَمَ السِّيَاجُ الْمَذْكُورُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ جَارِهِ بِنَاءَ سَاحَتِهِ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَائِهِ يُرَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 12 - إذَا كَانَ يَرَى مِنْ نَوَافِذِ دَارِ قَدِيمَةٍ مَقَرَّ نِسَاءِ دَارِ الْآخَرِ وَكَانَ مَوْضُوعًا مِنْ الْقَدِيمِ سِتَارَةً مِنْ الْخَشَبِ عَلَى حَائِطِ صَاحِبِ النَّافِذَةِ لِدَفْعِ النَّظَّارَةِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ هَدْمُ السِّتَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ جَارِهِ قَطْعَ نَظَّارَةِ نَوَافِذِهِ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ وَاقِعَةٌ بَيْنَ دَارِ جَارِهِ وَبَيْنَ دَارِهِ فَهَدَمَ دَارِهِ الْمَذْكُورَةَ وَاِتَّخَذَهَا بُسْتَانًا فَأَصْبَحَ يُرَى مَقَرُّ النِّسَاءِ مِنْ دَارِ الْجَارِ الْمَذْكُورِ فَعَلَى الْجَارِ الَّذِي هَدَمَ الدَّارَ دَفْعُ الْكَشْفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِجَارِهِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنِي دَفْعُ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ مَنْزِلَ الْجَارِ مُرْتَفِعٌ (الْفَيْضِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1210) لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُعَلِّيَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (1210) - (لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُعَلِّيَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ قَصْرًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا بِالْآخَرِ أَوْ لَا، لَكِنْ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ جُذُوعٍ لِبِنَاءِ غُرْفَةٍ فِي عَرْصَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ تَرْكِيبَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ وَبِمَا أَنَّهُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَضَعَ جُذُوعًا بِقَدْرِ مَا يَضَعُ هُوَ مِنْ الْجُذُوعِ فَلَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَ عَدَدِ الْجُذُوعِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْحَائِطُ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ جُذُوعٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَزْيِيدَ جُذُوعِهِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ) . لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُعَلِّيَهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ قَصْرًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ كَسِتَارَةٍ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ نَافِذَةٍ أَوْ بَابٍ أَوْ سُلَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِعْلَاءُ أَوْ بِنَاءُ الْقَصْرِ أَوْ بِنَاءُ الْأَبْنِيَةِ الْأُخْرَى مُضِرًّا بِالْآخَرِ أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (75 0 1) . (التَّنْقِيحُ) . وَفَائِدَةُ قَيْدِ (بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ) يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1690) . قِيلَ (الْحَائِطُ الْمُشْتَرَكُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا يُقْتَدَرُ عَلَى التَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (198 1) . فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ حَائِطٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَتَحَقَّقَ مُؤَخَّرًا أَنَّ هَذَا الْحَائِطَ ذُو طَاقَيْنِ أَيْ مُنْقَسِمٌ لِقِسْمَيْنِ وَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ هَدْمَ الْحَائِطِ الَّذِي فِي

جَانِبِهِ كُلِّيًّا وَالِاكْتِفَاءَ بِسُتْرَةِ الْحَائِطِ الَّذِي فِي جِهَةِ جَارِهِ وَمَانَعَ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا أَقَرَّ الشَّرِيكَانِ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَائِطِ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ أَيَّ شَيْءٍ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ يُصَدَّقَانِ عَلَى أَنَّ كُلَّ قِسْمٍ مِنْ الْحَائِطِ هُوَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي جِهَتِهِ وَأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ اسْتِقْلَالًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي قِسْمِهِ مِنْ الْحَائِطِ كَيْفَمَا يَشَاءُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) . قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ قَصْرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ غُرْفَةٌ وَكَانَ حَائِطُ تِلْكَ الْغُرْفَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَاحِبِ الْغُرْفَةِ وَبَيْنَ جَارِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْغُرْفَةِ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَ غُرْفَتِهِ غُرْفَةً بِحَيْثُ لَا يَضَعُ شَيْئًا مِنْ جُذُوعِ الْبِنَاءِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ جُذُوعٌ عَلَى الْحَائِطِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُسْتَقِلًّا غُرْفَةً وَأَرَادَ وَضْعَ جُذُوعٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ تَرْكِيبَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ أَيْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ: إنَّنِي سَوْفَ لَا أَضَعُ جُذُوعًا عَلَى الْحَائِطِ فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَضَعَ أَنْتَ أَيْضًا جُذُوعَكَ: بَلْ يُجَابُ بِأَنْ ضَعْ أَنْتَ جُذُوعَكَ لِأَنَّ مَنْعَ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ مِنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ تَعْطِيلٌ لِمَنْفَعَةِ الْحَائِطِ (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ بِمَا أَنَّ لِشَرِيكِهِ الْحَقَّ بِأَنْ يَضَعَ جُذُوعًا بِقَدْرِ مَا يَضَعُ شَرِيكُهُ جُذُوعًا فَلَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَ الْعَدَدِ مِنْ الْجُذُوعِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْحَائِطُ وَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ فَلَوْ وَضَعَ زِيَادَةً تُرْفَعُ. مَثَلًا لَوْ كَانَ حَائِطٌ يَتَحَمَّلُ وَضْعَ عَشَرَةِ جُذُوعٍ فَوَضَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَشَرَةَ جُذُوعٍ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ خَمْسَةٍ مِنْهَا وَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَضَعَ خَمْسَةَ جُذُوعٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْوَضْعَ الْمَذْكُورَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ هُوَ غَصْبٌ وَيَقْتَضِي رَفْعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَوَادِّ (5 0 9 و 6 0 9 و 7 9) . كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَضْعُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَالْعَارِيَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ أَيْضًا وَيَجِبُ خَلْعُهَا أَيْضًا حَسْبَ الْمَادَّةِ (1 83) . (مُعِينُ الْحُكَّامِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي والْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الشَّرِكَةِ) . قَدْ بُحِثَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ حَدِيثًا أَمَّا إذَا كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَدِيمَةً وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ جُذُوعٌ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُتَحَمِّلًا بِأَنْ يَضَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ جُذُوعًا بِقَدْرِ جُذُوعِ الشَّرِيكِ وَكَانَ الشَّرِيكُ مُقِرًّا بِاشْتِرَاكِ الْحَائِطِ فَلِلشَّرِيكِ وَضْعُ الْجُذُوعِ (الْخَانِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِنْ كَانَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ جُذُوعٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَزْيِيدَ جُذُوعِهِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ. قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ وَهِيَ (لَكِنْ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ جُذُوعٍ لِبِنَاءِ غُرْفَةٍ فِي عَرْصَتِهِ إلَخْ) بِأَنَّ لَهُ حَقَّ وَضْعِ الْجُذُوعِ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَلَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ تَصَرُّفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ بِأَيِّ تَصَرُّفٍ كَانَ، أَمَّا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى

(المادة 1211) ليس لأحد صاحبي الحائط المشترك أن يحول جذوعه يمينا أو شمالا

فَقَدْ تُرِكَ الْقِيَاسُ وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مُنِعَ الشَّرِيكُ مِنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ بِدُونِ الِاسْتِحْصَالِ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ فَالشَّرِيكُ يَمْتَنِعُ أَحْيَانَا عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ وَفِي هَذَا الْحَالِ تَتَعَطَّلُ مَنْفَعَةُ الْحَائِطِ وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُعْمَلْ بِغَيْرِ الْقِيَاسِ. قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (جُذُوعٌ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاةِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْجُذُوعُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاة بَلْ كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ فَلِصَاحِبِ الْأَقَلِّ أَنْ يُوَصِّلَ عَدَدَ جُذُوعِهِ إلَى مِقْدَارِ عَدَدِ جُذُوعِ شَرِيكِهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُتَحَمِّلًا وَيُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ فِقْرَةٍ (فَلَهُ أَنْ يَضَعَ جُذُوعًا بِقَدْرِ مَا يَضَعُ هُوَ مِنْ الْجُذُوعِ) وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ (التَّنْقِيحُ وَالْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) . [ (الْمَادَّةُ 1211) لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُحَوِّلَ جُذُوعَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا] الْمَادَّةُ (1 121) - (لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُحَوِّلَ جُذُوعَهُ الَّتِي عَلَى الْحَائِطِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا أَوْ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى، أَمَّا إذَا كَانَتْ رُءُوسُ جُذُوعِهِ عَالِيَةً فَلَهُ تَسْفِيلُهَا) . لَيْسَ لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يُحَوِّلَ جُذُوعَهُ الَّتِي عَلَى الْحَائِطِ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا أَوْ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى إذَا كَانَتْ جُذُوعُ الشَّرِيكَيْنِ فِي حِذَاءٍ وَمُسْتَوَى وَاحِدٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ تَحْوِيلُهَا مِنْ الْيَمِينِ إلَى الشِّمَالِ وَمِنْ الشِّمَالِ إلَى الْيَمِينِ وَكَذَلِكَ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى لِأَنَّ تَحْوِيلَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ أَسْفَلَ إلَى أَعْلَى مُوجِبٌ لِضَرَرِ الْحَائِطِ ضَرَرًا بَلِيغًا لِأَنَّ أَسْفَلَ الْحَائِطِ يَتَحَمَّلُ مِنْ الثِّقَلِ مَا لَا يَتَحَمَّلُهُ عُلُوُّهُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ جُذُوعُ صَاحِبَيْ الْحَائِطِ لَيْسَتْ فِي حِذَاءٍ وَمُسْتَوَى وَاحِدٍ وَكَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا فِي الْأَعْلَى وَالْأُخْرَى فِي الْأَسْفَلِ فَلِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ إعْلَاءُ جُذُوعِهِ إلَى مُسْتَوَى جُذُوعِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالْحَائِطِ. أَمَّا إذَا كَانَ مُضِرًّا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ رُءُوسُ جُذُوعِهِ عَالِيَةً فَلَهُ تَسْفِيلُهَا هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ، مَثَلًا إذَا كَانَتْ الْجُذُوعُ فِي أَعْلَى الْحَائِطِ فَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ تَحْوِيلُهَا إلَى الْوَسَطِ أَوْ إذَا كَانَتْ فِي الْوَسَطِ فَتَسْفِيلُهَا (الْبَهْجَةُ) لِأَنَّ أَسَاسَ الْحَائِطِ وَأَسْفَلَهُ يَتَحَمَّلُ الثِّقَلَ الَّذِي لَا يَتَحَمَّلُهُ الْعُلُوُّ وَتَسْفِيلُ الْجُذُوعِ هُوَ ضَرَرٌ أَخَفُّ مِنْ جِهَةِ الْحَائِطِ أَمَّا تَرْفِيعُهَا أَوْ تَحْوِيلُهَا فَهُوَ مُوجِبٌ لِزِيَادَةِ الثِّقَلِ وَالضَّرَرِ لِلْحَائِطِ (الْخَانِيَّةُ) وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ جَوَازَ التَّسْفِيلِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ وُجُودِ الضَّرَرِ لِلْحَائِطِ أَمَّا إذَا كَانَ مُضِرًّا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا (التَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 1112) أَنْشَأَ أَحَدٌ كَنِيفًا أَوْ بَالُوعَةً قُرْبَ بِئْرِ مَاءِ] الْمَادَّةُ (1112) - (إذَا أَنْشَأَ أَحَدٌ كَنِيفًا أَوْ بَالُوعَةً قُرْبَ بِئْرِ مَاءِ أَحَدٍ وَأَفْسَدَ مَاءَ تِلْكَ الْبِئْرِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ الضَّرَرِ بِوَجْهٍ مَا فَيُرْدَمُ الْكَنِيفُ أَوْ الْبَالُوعَةُ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَاءُ الْبَالُوعَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا أَحَدٌ قُرْبَ مَسِيلِ مَاءٍ يَصِلُ الْمَاءَ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ الضَّرَرِ بِصُورَةٍ غَيْرَ الرَّدْمِ فَتُرْدَمُ تِلْكَ الْبَالُوعَةِ)

الفصل الثالث في الطرق أي في أحكام الطريق العام والطريق الخاص

إذَا أَنْشَأَ أَحَدٌ كَنِيفًا أَوْ بَالُوعَةً قُرْبَ بِئْرِ مَاءِ أَحَدٍ أَيْ قَرِيبَةً بِصُورَةٍ تَصِلُ مَعَهَا النَّجَاسَةُ إلَى الْمَاءِ وَأُفْسِدَ مَاءُ تِلْكَ الْبِئْرِ أَيْ إذَا وَصَلَتْ النَّجَاسَةُ إلَى بِئْرِ الْمَاءِ وَظَهَرَ أَثَرُهَا فِي الْمَاءِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ بِتَرْصِينِ الْكَنِيفِ أَوْ الْبَالُوعَةِ بِالْكَلْسِ وَالْإِسْمَنْتِ وَغَيْرِهِ مِنْ لَوَازِمِ الْبِنَاءِ إنَّ الْمَسَافَةَ بَيْنَ الْبَالُوعَةِ وَالْبِئْرِ الَّتِي تَمْنَعُ وُصُولَ مَاءِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ بِنِسْبَةِ رَخَاوَتِهَا وَصَلَابَتِهَا فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ الْمَسَّاحَةِ بِكَذَا ذِرَاعًا وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُون الْبَالُوعَةُ بَعِيدَةً عَنْ الْبِئْرِ بِدَرَجَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهَا النَّجَاسَةُ فَلِذَلِكَ قَدْ فُسِّرَ لَفْظَةُ (قُرْبَ) الْوَارِدَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِهَذَا الْمَعْنَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ ضَرَرِ الْكَنِيفِ أَوْ الْبَالُوعَةِ بِوَجْهٍ مَا فَبِرَدْمِ الْكَنِيفِ أَوْ الْبَالُوعَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَاءُ الْبَالُوعَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا أَحَدٌ قُرْبَ مَسِيلِ مَاءٍ قَدِيمٍ يَصِلُ الْمَاءَ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ دَفْعُ الضَّرَرِ بِصُورَةٍ غَيْرَ الرَّدْمِ فَتُرْدَمُ تِلْكَ الْبَالُوعَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 2) . أَمَّا إذَا كَانَ الْكَنِيفُ أَوْ الْبَالُوعَةُ الْمُنْشِئَانِ قُرْبَ بِئْرِ مَاءٍ أَوْ مَسِيلِ مَاءٍ لَا تَصِلُ أَقْذَارُهُمَا إلَى الْمَاءِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَلَا يُرْفَعَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (197 1) . وَلَوْ كَانَ يَجْذِبُ مَاءً لِآخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (197 1) . [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الطُّرُقِ أَيْ فِي أَحْكَامِ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ] وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُهُمَا فِي الْمَادَّةِ (956) وَشَرْحُهَا الْمَادَّةُ (1213) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارَانِ عَلَى طَرَفَيْ الطَّرِيقِ وَأَرَادَ إنْشَاءَ جِسْرٍ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى أُخْرَى يُمْنَعُ وَلَا يُهْدَمُ بَعْدَ إنْشَائِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَارِّينَ لَكِنْ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ قَرَارٍ فِي الْجِسْرِ وَالْبُرُوزِ الْمُنْشَأَيْنِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْجِسْرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ بِنَاءَهُ فَيُمْنَعُ أَيْضًا) . إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَارَانِ عَلَى طَرَفَيْ الطَّرِيقِ أَيْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَأَرَادَ إنْشَاءَ جِسْرٍ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى أُخْرَى بِدُونِ إذْنٍ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ أَوْ إنْشَاءَ كَنِيفٍ أَوْ إخْرَاجَ مِيزَابٍ أَوْ إنْشَاءَ حَانُوتٍ أَوْ بُرُوزٍ أَوْ عَتَبَةٍ لِلدُّخُولِ إلَى الدَّارِ أَوْ مَسِيلٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ تَشَبَّثَ لِإِحْدَاثِ ذَلِكَ يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَإِذَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْدَاثِ يُمَانَعُ فِي إحْدَاثِهِ. مَثَلًا لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ إنْشَاءَ مَسِيلٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِإِسَالَةِ الْمَاءِ إلَى الطَّاحُونِ يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِنْشَاءَاتِ وَالْإِحْدَاثَاتِ هِيَ انْتِفَاعٌ مِنْ الطَّرِيقِ بِغَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ الطَّرِيقُ وَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَلَا حُكْمَ لِرِضَاءِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْإِنْشَاءَاتِ (الْأَشْبَاهُ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ حَقٌّ لِلْعَامَّةِ وَلَيْسَ

حَقُّ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَقَطْ، لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ كَنِيفًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِرِضَاءِ جِيرَانِهِ فَلِجِيرَانِهِ مَنْعُهُ حَتَّى قَبْلَ الْإِتْمَامِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْوَاقِعَاتُ الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) . وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (يُمْنَعُ) إلَى حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ أَهْلِ الْمُرُورِ أَيْ مَا عَدَّا الصِّبْيَانِ وَالْمَحْجُورِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1616) . وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ حَقُّ الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ مِنْ سُكَّانِ مَحَلَّةٍ أُخْرَى (مُنْلَا مِسْكِينٍ) لِأَنَّهُ حَسْبَ الْمَادَّتَيْنِ (926 و 931) لِلْعَامَّةِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِالذَّاتِ وَبِحَيَوَانَاتِهِمْ فَلِذَلِكَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَالنَّقْضِ (الدُّرَرُ) كَمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ، وَبَعْدَ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُبَاحُ الْإِنْشَاءُ ثَانِيَةً (الطُّورِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ اسْتِمَاعَ مَنْعِ الْإِنْشَاءِ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ مِثْلُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ فَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْمُدَّعِي يَقْصِدُ إزَالَةَ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ لَبَدَأَ بِنَفْسِهِ فَمَا دَامَ أَنَّهُ لَمْ يُزِلْ الضَّرَرَ الَّذِي يَقْتَدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ فَقَدْ ظَهَرَ تَعَنُّتُهُ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (29 9) . أَمَّا إذَا لَمْ يُمْنَعْ عَنْ بِنَاءِ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِنْشَاءِ فَأَنْشَأَ ذَلِكَ وَأَتَمَّهُ وَكَانَ الْجِسْرُ الَّذِي أَنْشَأَهُ مُرْتَفِعًا يَمُرُّ مِنْهُ الْمَارَّةُ بِلَا مُزَاحِمٍ وَلَيْسَ عَلَى الْمَارَّةِ مِنْ ضَرَرٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُهْدَمُ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يُهْدَمُ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ لَا تُعَدُّ فَرْعًا لِلْمَادَّةِ (55) لِأَنَّ إحْدَاثَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً أَيْضًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْآتِي:. - مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا وَأَخْرَجَ مِنْهَا بُرُوزًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ لَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَارَّةِ فَلَيْسَ لِبَعْضِ النَّاسِ الِادِّعَاءُ بِطَلَبِ هَدْمِ ذَلِكَ الْبُرُوزِ بِدَاعِي أَنَّهُ عِنْدَ خُرُوجِ نِسَائِهِمْ إلَى الطَّرِيقِ تُرَى مِنْ النَّوَافِذِ (الْبَهْجَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ مُضِرًّا فَيُهْدَمُ حَسْبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَوْ أَوْقَفَهُ صَاحِبُهُ فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مَنْزِلًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ ثُمَّ أَوْقَفَهُ فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْمَارَّةِ فَيُقْلَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الْعَامَّةِ بِطَلَبِ هَدْمِ وَرَفْعِ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي أُنْشِئَتْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الْوَاجِبِ هَدَمُهَا وَتَصَالَحَ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ وَلِلْمُدَّعِي الْمَصَالِحِ وَلِغَيْرِهِ حَقُّ طَلَبِ الْهَدْمِ وَالْمُخَاصَمَةِ (الْخَانِيَّةُ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الشَّرِكَةِ الْعَامَّةِ حَقُّ الِاعْتِيَاضِ بَلْ لَهُ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ حَقُّ الرَّفْعِ وَالْمَنْعِ. وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّرِيقِ هُنَا هُوَ الطَّرِيقُ الْعَامُّ أَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فَهُوَ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَحْدُثُ فِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِدُونِ إذْنِ بَاقِي الشُّرَكَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُضِرَّةً أَوْ غَيْرَ مُضِرَّةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (220 1) . كَذَلِكَ قَدْ قُيِّدَ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا تُنْشَأُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَإِذَا وُجِدَ أَمْرٌ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِإِنْشَائِهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْمُمَانَعَةُ بِإِنْشَائِهَا قَبْلَ الْإِنْشَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُنَازَعَةُ بِطَلَبِ هَدْمِهَا بَعْدَ

الْإِنْشَاءِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ أُمُورِ الْعَامَّةِ عَائِدٌ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضِرَّةً بِالْعَامَّةِ فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَأْمُرَ بِذَلِكَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا وُجِدَ مَصْلَحَةٌ فِي الْإِذْنِ وَأَذِنَ جَازَ الْإِذْنُ (أَبُو السُّعُودِ) . لَكِنْ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ قَرَارٍ فِي الْجِسْرِ وَالْبُرُوزِ الْمُنْشَأَيْنِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِذَا انْهَدَمَ الْجِسْرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِهَدْمِ صَاحِبِهِ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ بِنَاءَهُ ثَانِيَةً يُمْنَعُ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْكَرَاهَةِ) وَتَعْبِيرُ (الطَّرِيقِ الْعَامِّ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ لِأَنَّهُ إذَا أُنْشِئَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ قَدِيمًا فَلَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَإِذَا هُدِمَ فَلَهُ إنْشَاؤُهُ ثَانِيَةً وَإِذَا كَانَ حَادِثًا فَلَا حَقَّ قَرَارٍ لَهُ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّتِي لَهَا بُرُوزٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَهُ بِنَاؤُهَا كَمَا كَانَتْ وَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ كَمَا يَأْتِي: وَهُوَ أَنَّ الْأَبْنِيَةَ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ عَلَى قِسْمَيْنِ:. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَبْنِيَةُ الْحَادِثَةُ وَيُنْظَرُ فِي هَذَا الْقِسْمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: (1) الْإِحْدَاثُ - إنَّ إحْدَاثَ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ يُضَيِّقُ الطَّرِيقَ وَيَضُرُّ بِالْمَارَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُضَيِّقُ الطَّرِيقَ بِسَبَبِ اتِّسَاعِهَا فَالْإِحْدَاثُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُمْنَعُ (الطُّورِيُّ) ، وَالْحُكْمُ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ فَجَائِزٌ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ وَمُنِعَ فَالْإِحْدَاثُ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ الْإِحْدَاثُ فِي الْمَادَّةِ (27 9) وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا يَجُوزُ الْإِحْدَاثُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ. (2) الْخُصُومَةُ - وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ يُمْنَعُ قَبْلَ الْإِحْدَاثِ كَمَا أَنَّهُ يُهْدَمُ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَتُقْبَلُ الْمُخَاصَمَةُ فِي ذَلِكَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ أَمَّا بَعْدَ الْإِحْدَاثِ فَيُهْدَمُ إذَا كَانَ مُضِرًّا وَلَا يُهْدَمُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَهْجَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْأَمْرِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَسَطٌ بَيْنَ قَوْلَيْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (927) . (أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ أَوْ يُحْدِثَ شَيْئًا بِلَا إذْنٍ) وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْحُكْمَ فِيمَا لَوْ وَضَعَ أَوْ أَحْدَثَ بِلَا إذْنٍ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ تُوَضَّحُ ذَلِكَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (927) الْمَذْكُورَةِ أَنَّ ظَاهِرَ تِلْكَ الْمَادَّةِ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَّا أَنَّهُ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجِبُ أَنْ يَبْنِيَ الْحُكْمَ هُنَاكَ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا دُقِّقَ فِي الْمَادَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ تُحَصَّلُ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ: - أَوَّلًا - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَضَعَ أَوْ يُحْدِثَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنٍ. ثَانِيًا - إذَا تَشَبَّثَ أَحَدٌ بِإِجْرَاءِ ذَلِكَ يُمْنَعُ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ. ثَالِثًا - إذَا انْتَهَزَ فُرْصَةً وَأَحْدَثَهَا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ مُضِرَّةً تُرْفَعُ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُضِرَّةٍ فَلَا تُرْفَعُ

(المادة 1214) ترفع الأشياء المضرة بالمارين ضررا فاحشا

رَابِعًا - إذَا هُدِمَ الَّذِي أُنْشِئَ وَأَرَادَ مُحْدِثُهَا إنْشَاءَهَا ثَانِيَةً يُمْنَعُ أَيْضًا. (3) تَلَفُ شَيْءٍ بِالْمُحْدَثَاتِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ، وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَعَلِّقَةٍ بِذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْكِتَابِ الثَّامِنِ الزَّيْلَعِيّ. الْقِسْمُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا وَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُهْدَمُ الْحَادِثُ الَّذِي لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَلَا يُهْدَمُ أَيْضًا الْقَدِيمُ الْغَيْرُ الْمُضِرِّ بِالْعَامَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يُعْلَمْ قِدَمُهُ مِنْ حُدُوثِهِ فَيُعْتَبَرُ مَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَادِثًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَيُرْفَعُ، وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا فَيُهْدَمُ وَيُرْفَعُ سَوَاءٌ كَانَ حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ فَلَا يُرْفَعُ سَوَاءٌ كَانَ حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا أَوْ كَانَ قِدَمُهُ أَوْ حُدُوثُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَأَصْبَحَ حَسْبَ رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَا فَائِدَةَ مِنْ اعْتِبَارِهِ حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا أَمَّا حَسْبَ رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَفِي ذَلِكَ ثَمَرَةٌ فَيُعْتَبَرُ الْغَيْرُ الْمَعْلُومِ قِدَمُهُ مِنْ حُدُوثِهِ حَادِثًا وَيُهْدَمُ كَالْمَعْلُومِ حُدُوثُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُعْتَبَرُ الْمُنْشَأُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الْغَيْرِ الْمَعْلُومِ حُدُوثُهُ مِنْ قِدَمِهِ حَادِثًا عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّرِيقُ طَرِيقًا عَامًّا حَقِيقَةً أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (223 1) أَمَّا الْمُنْشَأُ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْ فِي نَوْعَيْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْمُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (143 1) وَفِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا يُعْتَبَرُ الْغَيْرُ الْمَعْلُومِ حُدُوثُهُ مِنْ قِدَمِهِ قَدِيمًا. (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) . [ (الْمَادَّةُ 1214) تُرْفَعُ الْأَشْيَاءُ الْمُضِرَّةُ بِالْمَارِّينَ ضَرَرًا فَاحِشًا] الْمَادَّةُ (1214) - (تُرْفَعُ الْأَشْيَاءُ الْمُضِرَّةُ بِالْمَارِّينَ ضَرَرًا فَاحِشًا وَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً كَالْبُرُوزِ الْوَاطِئِ وَكَذَا الْغُرْفَةُ الدَّانِيَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ) تُرْفَعُ الْأَشْيَاءُ الْمُضِرَّةُ بِالْمَارِّينَ ضَرَرًا فَاحِشًا وَالْمَانِعَةُ وَالْمُزَاحِمَةُ لِلْمُرُورِ وَالْعُبُورِ وَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً كَالْبُرُوزِ الْوَاطِئِ وَكَذَا الْغُرْفَةِ الدَّانِيَةِ كَمَا إنَّهَا تُرْفَعُ لَوْ كَانَتْ حَادِثَةً، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ قَدِيمٌ أَيْضًا وَالْحَقُّ فِيهِ لَا يَتَغَيَّرُ بِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْهِنْدِيَّةُ) . الْخُلَاصَةُ: أَنَّهُ تُرْفَعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِدُونِ النَّظَرِ إلَى قِدَمِهَا أَوْ حُدُوثِهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ أَنَّ وَضْعَهَا كَانَ بِحَقٍّ، أَمَّا إذَا كَانَتْ وَاقِعَةً فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ فَلَا تُرْفَعُ إذَا كَانَتْ قَدِيمَةً وَإِذَا هَدَمَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّتِي لَهَا بُرُوزٌ وَاطِئٌ وَأَرَادَ إعَادَةَ بِنَائِهَا عَلَى حَالِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِنْشَاءَ الْبُرُوزِ فَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ حَقُّ مَنْعِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 1215) أَرَادَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ دَارِهِ فَلَهُ عَمَلُ الطِّينِ فِي جَانِبٍ مِنْ الطَّرِيقِ] الْمَادَّةُ (1215) - (إذَا أَرَادَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ دَارِهِ فَلَهُ عَمَلُ الطِّينِ فِي جَانِبٍ مِنْ

(المادة 1216) يؤخذ لدى الحاجة ملك أي أحد بقيمته بأمر السلطان ويلحق بالطريق

الطَّرِيقِ وَصَرْفُهُ فِي بِنَائِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْمَارِّينَ) . إذَا أَرَادَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ دَارِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى طَرَفِ الطَّرِيقِ فَلَهُ عَمَلُ الطِّينِ فِي جَانِبٍ مِنْ الطَّرِيقِ وَصَرْفُهُ فِي بِنَائِهِ سَرِيعًا بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْمَارِّينَ بِأَنْ يَتْرُكَ مَحِلًّا لِلْمُرُورِ، وَقَدْ قُيِّدَتْ الطَّرِيقُ الْمَقْصُودَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ فِي الْهِنْدِيَّةُ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ والتتارخانية وَفَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْبَهْجَةِ مُطْلَقَةً كَمَا وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، فَلِذَلِكَ هَلْ يَجِبُ إبْقَاءُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقَةً وَاعْتِبَارُهَا شَامِلَةً الطَّرِيقِ الْعَامَّ بِنَاءً عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي زَمَانِنَا وَالضَّرُورَةِ الْمُلْجِئَةِ إلَيْهَا وَأَنْ يُعْتَبَرَ الْمَنْعُ الْوَارِدُ فِي الْمَادَّةِ (927) بِأَنَّهُ قَدْ رُفِعَ مِنْ أَجَلِ التَّعْمِيرِ فَقَطْ أَمْ أَنَّ الطَّرِيقَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ هُنَا أَيْ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَ هُوَ الطَّرِيقُ الْمُقَيَّدُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا؟ وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ (سَرِيعًا) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَدَمُ جَوَازِ تَرْكِ الطِّينِ فِي الطَّرِيقِ بِضْعَةَ أَيَّامٍ (الْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1216) يُؤْخَذُ لَدَى الْحَاجَةِ مِلْكُ أَيِّ أَحَدٍ بِقِيمَتِهِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَيَلْحَقُ بِالطَّرِيقِ] الْمَادَّةُ (1216) - (يُؤْخَذُ لَدَى الْحَاجَةِ مِلْكُ أَيِّ أَحَدٍ بِقِيمَتِهِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَيَلْحَقُ بِالطَّرِيقِ، وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ مِلْكُهُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يُؤَدَّ لَهُ الثَّمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (251 و 622)) . يُسْتَمْلَكُ مِلْكُ أَيِّ أَحَدٍ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ لِلْمَنَافِعِ الْعُمُومِيَّةِ كَالطَّرِيقِ وَالْمَسْجِدِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ بِبَيْعِهِ. فَلِذَلِكَ يُؤْخَذُ لَدَى الْحَاجَةِ - أَيْ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى تَوْسِيعِهِ - مِلْكُ أَيِّ أَحَدٍ بِقِيمَتِهِ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ وَيُلْحَقُ بِالطَّرِيقِ. فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مَسْجِدٌ ضَيِّقٌ وَغَيْرُ كَافٍ لِاسْتِيعَابِ الْمُصَلِّينَ وَكَانَ لِأَحَدٍ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَوُجِدَتْ حَاجَةٌ لِإِلْحَاقِ قِسْمٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ لِلْجَامِعِ وَتَعَنَّتَ صَاحِبُ الدَّارِ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ مِلْكِهِ فَلَا يُنْظَرُ لِرِضَائِهِ وَيُؤْخَذُ الْمِقْدَارُ اللَّازِمُ لِلْجَامِعِ وَحَرِيمِ الْجَامِعِ بِقِيمَتِهِ جَبْرًا وَكَرْهًا وَيُوَسَّعُ الْجَامِعُ وَقَدْ وَسَّعَ الْإِمَامُ عُمَرُ وَالصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ وَالتَّنْقِيحُ وَالْخَانِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ يُؤْخَذُ مَحِلُّ مُرُورِ الْمِيَاهِ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ. وَلَكِنْ لَا يُؤْخَذُ الْمِلْكُ مِنْ يَدِهِ مَا لَمْ يُؤَدَّ لَهُ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا هَذَا إذَا كَانَ سَيُؤْخَذُ الْمِلْكُ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ أُخِذَ الْمِلْكُ بِرِضَاءِ صَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (251 و 262 و 278) . . أَمَّا إذَا أُخِذَ الْمِلْكُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ (283)

(المادة 1217) يجوز أن يأخذ شخص فضلة الطريق من جانب الميري بيت المال

إنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الْمَالُ الَّذِي يُؤْخَذُ الْمِلْكُ بِهِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِهِ كَمَا وَضَحَ ذَلِكَ اثِّنَاءَ الشَّرْحِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مِلْكِ أَحَدٍ بِدُونِ رِضَائِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ لُزُومُهُ لِلْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1217) يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ فَضْلَةَ الطَّرِيقِ مِنْ جَانِبِ الْمِيرِيِّ بَيْتُ الْمَالِ] الْمَادَّةُ (1217) - (يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ شَخْصٌ فَضْلَةَ الطَّرِيقِ مِنْ جَانِبِ الْمِيرِيِّ (بَيْتُ الْمَالِ) بِثَمَنِ مِثْلِهَا وَيُلْحِقُهَا بِدَارِهِ حَالَ عَدَمِ الْمَضَرَّةِ عَلَى الْمَارَّةِ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الطَّرِيقِ الطَّرِيقُ الْعَامُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (58) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّرِيقُ زَائِدًا عَنْ الْحَاجَةِ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ. مَثَلًا: لَوْ أَعْطَى أَحَدُ الْوُلَاةِ مِقْدَارًا مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ لِأَحَدٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ سَنَوِيًّا لِبَيْتِ الْمَالِ كَذَا دِرْهَمًا مُقَاطَعَةً فَأَلْحَقَهُ بِدَارِهِ وَأَحْدَثَ بِنَاءً فِيهَا فَضَاقَ الطَّرِيقُ وَحَصَلَ ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ فَيُقْلَعُ بِنَاؤُهُ وَيُعَادُ إلَى الطَّرِيقِ وَلَوْ وُجِدَ طَرِيقٌ آخَرُ (الْبَهْجَةُ وَالْبِيرِيُّ زَادَهُ فِي الْقِسْمَةِ) . وَقَدْ بُيِّنَ شَرْحًا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّرِيقِ هُنَا هُوَ الطَّرِيقُ الْعَامُّ. أَمَّا فَضْلَةُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَا تُبَاعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ هُوَ مِلْكٌ لِأَصْحَابِهِ وَمُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وُضِعَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ. [ (الْمَادَّةُ 1218) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مُجَدَّدًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ] الْمَادَّةُ (1218) - (يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا مُجَدَّدًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ بَابٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ وَلَهَا بَابٌ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَلُمَّ جَرَّا، كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَارٌ وَأَرَادَ إنْشَاءَ دَارِ مُجَدَّدًا فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِي دَارِهِ الْجَدِيدَةِ بَابًا أَوْ أَبْوَابًا مُتَعَدِّدَةً وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِصُورَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَرَاجِلٍ أَوْ رَاكِبٍ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا خَاصًّا لِأَحَدٍ بَلْ هُوَ حَقُّ الْعَامَّةِ، وَبِمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ الْعَامَّةِ لِلتَّصَرُّفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ أَنْ يَنْتَفِعَ كَالْمَالِكِ الْمُسْتَقِلِّ بِشَرْطِ عَدَمِ وُجُودِ ضَرَرٍ لِلْغَيْرِ، أَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فَهُوَ خِلَافُ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2220) . الزَّيْلَعِيّ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَفْرَزَ غُرْفَةً مِنْهَا وَاِتَّخَذَهَا حَانُوتًا وَفَتَحَ لِلْحَانُوتِ بَابًا خَاصًّا فَلَيْسَ لِجَارِهِ الْمُقَابِلِ أَوْ لِغَيْرِهِ مَنْعُهُ وَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ، أَيْ إنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (172 1) غَيْرُ جَارٍ هُنَا (التَّنْقِيحُ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ أَنْ يَسُدَّ بَابَهُ الْوَاقِعَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَأَنْ يَفْتَحَ بَابًا جَدِيدًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 1219) لَا يَجُوز لِمِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقّ الْمُرُور فِي طَرِيق خَاصّ أَنْ يُفْتَح إلَيْهِ بَابًا مُجَدِّدًا] الْمَادَّةُ (1219) - (لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ أَنْ يَفْتَحَ إلَيْهِ بَابًا مُجَدَّدًا) لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ طَرِيقٍ خَاصٍّ أَنْ يَفْتَحَ إلَيْهِ بَابًا مُجَدَّدًا لِمِلْكِهِ الْوَاقِعِ عَلَى الطَّرِيقِ

الْعَامِّ أَوْ لِمِلْكِهِ الْوَاقِعِ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ مِلْكُ أَصْحَابِهِ الْمُشْتَرَكُ وَالتَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ غَيْرُ جَائِزٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الْمُرُورُ وَلَكِنْ لَهُ فَتْحُ بَابٍ لِأَنَّ الْحَائِطَ مِلْكُهُ فَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ رَفْعِ الْحَائِطِ كُلِّيًّا فَلَهُ فَتْحُ الْبَابِ إذْ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ قِسْمٍ مِنْ الْحَائِطِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَلَيْسَ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بَعْدَ الْفَتْحِ مُرَاقَبَتُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَتَرَبُّصُ خُرُوجِهِ وَمُرُورِهِ فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ مِنْ الْمُرُورِ كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ عَلَى فَتْحِهِ الْبَابِ يَدَّعِي حَقَّ الْمُرُورِ وَيَسْتَدِلُّ مِنْ تَرْكِيبِ الْبَابِ عَلَى حَقِّ الْمُرُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَتْحُ بَابٍ عَلَى الطَّرِيقِ كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ فَتْحُ نَافِذَةٍ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ صَالِحٍ لِلْمُرُورِ لِلِاسْتِضَاءَةِ وَالرِّيحِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97 1 1) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَحَائِطُهَا الْخَلْفِيُّ وَاقِعٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَطِيلِ الْغَيْرِ النَّافِذِ وَلَيْسَ لَهُ بَابٌ مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ الْمَذْكُورِ وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَى الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَلِأَصْحَابِ هَذَا الطَّرِيقِ مَنْعُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِدَارِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ آخَرَ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ كَمَا أَنَّ لَهُ دَارًا أُخْرَى لَهَا بَابٌ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ آخَرَ وَخَلْفَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِلدَّارِ الثَّانِيَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا كَانَ سُكَّانُ الدَّارَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ الثَّانِيَةِ دَارِهِ لِآخَرَ بِجَمِيعِ حُقُوقِهَا تَدْخُلُ تِلْكَ الطَّرِيقُ فِي الْبَيْعِ فَيَكْثُرُ شُرَكَاءُ الطَّرِيقِ وَتَزْدَادُ الْمَارَّةُ وَيَضِيقُ الطَّرِيقُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فِي الْحَالِ وَضَرَرٌ أَيْضًا فِي الْمَآلِ لِأَنَّهُ بِطُولِ الْعَهْدِ تُصْبِحُ مَقَادِيرُ الْأَنْصِبَاءِ مُشْتَبِهَةً فَإِذَا لَزِمَ تَقْسِيمُ الطَّرِيقِ فَيُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُصْبِحُ مُشْتَرِي تِلْكَ الدَّارِ ذَا حِصَّةٍ فِي الطَّرِيقِ وَبِذَلِكَ يَتَنَاقَضُ حَقُّ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ سُكَّانُ الدَّارَيْنِ مُتَّحِدَيْنِ وَلَمْ يَكُونَا مُخْتَلِفَيْنِ بِحَيْثُ لَا تَتَزَايَدُ الْمَارَّةُ فَلَهُ فَتْحُ الْبَابِ عَلَى الطَّرِيقِ إلَّا أَنَّ الطَّحْطَاوِيَّ اعْتَرَضَ عَلَى ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ وَطَالَ الزَّمَانُ وَبِيعَتْ الدَّارُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا حَقُّ مُرُورٍ لَآخِرَ فَيَدَّعِي مُشْتَرِيهَا حَقَّ الْمُرُورِ مُسْتَدِلًّا بِالْفِعْلِ السَّابِقِ أَيْ الْمُرُورِ وَالْقِدَمِ عَلَى حَقِّهِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَنَّهُ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ لَهُ حَقَّ فَتْحِ الْبَابِ وَقَالَ آخَرُونَ بِعَدَمِ أَحَقِّيَّتِهِ فِي ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَمَعْنَى لَيْسَ لَهُ الْفَتْحُ أَيْ لَيْسَ لَهُ الْفَتْحُ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ. أَمَّا إذَا اشْتَرَى غُرْفَةً بَابُهَا وَاقِعٌ عَلَى طَرِيقٍ آخَرَ فِي خَلْفِ دَارِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِتِلْكَ الْغُرْفَةِ عَلَى دَارِهِ، وَإِذَا سَكَنَ تِلْكَ الْغُرْفَةَ فَلَهُ الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَوَّلًا إلَى دَارِهِ ثُمَّ ثَانِيًا مِنْ دَارِهِ إلَى تِلْكَ الْغُرْفَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ لَا عَلَاقَةَ رَأْسًا لِلْغُرْفَةِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَلَهُ الدُّخُولُ إلَى تِلْكَ الْغُرْفَةِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَيْسَ بِحُكْمِ الطَّرِيقِ، فَلِذَلِكَ لَا يُعَدُّ طَرِيقُ الدَّارِ طَرِيقًا لِلْغُرْفَةِ وَإِذَا بِيعَتْ تِلْكَ الْغُرْفَةُ فَلَا يَدْخُلُ طَرِيقُهَا فِي الْبَيْعِ (التَّنْقِيحُ) . وَإِذَا بِيعَتْ الدَّارُ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْغُرْفَةِ أَنْ يَمُرَّ مِنْ ذَلِكَ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ لِغُرْفَتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابَ الْغُرْفَةِ عَلَى الطَّرِيقِ رَأْسًا أَيْ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّذِي فِيهِ بَابُ دَارِهِ (التَّنْقِيحُ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (1172) . إذَا وُجِدَ طَرِيقٌ خَاصٌّ مُسْتَطِيلٌ مُتَشَعِّبٌ مِنْ طَرِيقٍ خَاصٍّ مُسْتَطِيلٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ فَتْحُ بَابٍ مُجَدَّدًا عَلَى الْفَرْعِ مِنْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ لِلْمُرُورِ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ هُوَ لِلْمُرُورِ وَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْغَيْرِ النَّافِذِ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ هَذَا الْفَرْعِ وَالْمُرُورُ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ مُنْحَصِرٌ فِي أَصْحَابِ ذَلِكَ الْفَرْعِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ دَارٌ وَاقِعَةٌ عَلَى طَرِيقِ ذَلِكَ الْفَرْعِ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْغَيْرِ النَّافِذِ الْمُتَفَرِّعِ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَرْعُ حَقُّ شُفْعَةٍ بِدَاعِي أَنَّهُمْ خُلَطَاءُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ حَقُّ فَتْحِ الْبَابِ. وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ بَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ الْمُرُورِ فَقَطْ، وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الْقَوْلَ. وَلَكِنْ لِأَصْحَابِ ذَلِكَ الْفَرْعِ حَقُّ فَتْحِ بَابٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْغَيْرِ النَّافِذِ الْمُتَفَرِّعِ عَنْهُ طَرِيقٌ لِأَنَّ لِأَصْحَابِ الْفَرْعِ حَقَّ مُرُورٍ فِي الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ وَحَقَّ شُفْعَةٍ فِي الدَّارِ الَّتِي تُبَاعُ عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ بِاعْتِبَارِهِمْ خُلَطَاءُ فَلِذَلِكَ لَهُمْ فَتْحُ بَابٍ جَدِيدٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 1 0 1) . قَدْ قُيِّدَ الْفَرْعُ (بِالْمُسْتَطِيلِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْفَرْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُسْتَطِيلٍ بَلْ كَانَ مُسْتَدِيرًا فَيُعَدُّ هَذَا الْفَرْعُ فِي حُكْمِ السَّاحَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيَكُونُ جَمِيعُهُمْ مُشْتَرَكِينَ فِي الشُّفْعَةِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ لِجَمِيعِ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ حَقُّ الْمُرُورِ، وَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ فِي الْفَرْعِ الْمُسْتَدِيرِ فَلِجَمِيعِ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ حَقُّ شُفْعَةٍ بِالِاشْتِرَاكِ كَمَا أَنَّ لَهُمْ حَقَّ فَتْحِ الْأَبْوَابِ عَلَى الشُّعْبَةِ الْمُسْتَدِيرَةِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُسْتَدِيرَةُ مِثْلَ نِصْفِ دَائِرَةٍ أَوْ أَقَلَّ حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُفْتَحُ فِيهَا الْبَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى تَصِيرُ سَاحَةً مُشْتَرَكَةً بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ دَاخِلُهَا أَوْسَعَ مِنْ مَدْخَلِهَا يَصِيرُ مَوْضِعًا آخَرَ غَيْرَ تَابِعٍ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ وَرَدَّهُ ابْنُ الْكَمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1220) الطريق الخاص كالملك المشترك

إنَّنَا نُصَوِّرُ هُنَا طَرِيقًا خَاصًّا مُسْتَطِيلًا غَيْرَ نَافِذٍ يَتَشَعَّبُ مِنْهُ طَرِيقٌ آخَرُ مُسْتَطِيلٌ خَاصٌّ غَيْرُ نَافِذٍ مَعَ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ مُسْتَدِيرِ الشَّكْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى الْقَضَاءِ) فَالدَّارُ الثَّالِثَةُ هُنَا وَاقِعَةٌ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَرْعِ الْغَيْرِ النَّافِذِ وَفِي زَاوِيَتِهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ قَدِيمٌ عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ فَيُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ جَدِيدٍ عَلَى الْفَرْعِ الْغَيْرِ النَّافِذِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ الْفَرْعِيِّ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ وَأَمَّا الدَّارُ الرَّابِعَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ الْفَرْعِ الْغَيْرِ النَّافِذِ إذَا كَانَ بَابُهَا وَاقِعًا عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ فَيُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ مِنْ الْفَرْعِ وَإِذَا كَانَ بَابُهَا عَلَى الطَّرِيقِ الْفَرْعِيِّ فَيُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ عَلَى قَوْلٍ وَلَا يُمْنَعُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (172 1) . وَهَذَا الْحُكْمُ مُنْحَصِرٌ فِي كَوْنِ الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ طَرِيقًا خَاصًّا. أَمَّا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ الطَّوِيلُ طَرِيقًا عَامًّا فَلَهُ حَسْبَ الْمَادَّةِ (18 2) الْمُرُورُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَفَتْحُ الْبَابِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ. أَمَّا الدَّارُ الْخَامِسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَرْعِ النَّافِذِ الثَّانِي فَلِصَاحِبِهَا فَتْحُ الْبَابِ عَلَى الْفَرْعِ النَّافِذِ وَعَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ الْغَيْرِ النَّافِذِ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا الدَّارُ السَّادِسَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي النَّافِذِ فَإِذَا كَانَ بَابُهَا وَاقِعًا عَلَى الْفَرْعِ النَّافِذِ الْمَذْكُورِ فَيُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ الْغَيْرِ النَّافِذِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا أَصْحَابُ الدَّارِ الثَّامِنَةِ وَالتَّاسِعَةِ فَلَهُمْ فَتْحُ الْبَابِ سَوَاءٌ عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ أَوْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَدِيرِ. أَمَّا إذَا كَانَ بَابُ الدَّارِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَاقِعًا عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا حَقُّ فَتْحِ الْبَابِ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُرَبَّعِ أَمَّا إذَا كَانَ الْبَابُ عَلَى الطَّرِيقِ الْمُرَبَّعِ فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَى الطَّرِيقِ الطَّوِيلِ [ (الْمَادَّةُ 1220) الطَّرِيقُ الْخَاصُّ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ] الْمَادَّةُ (1220) - (الطَّرِيقُ الْخَاصُّ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِمَنْ لَهُمْ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِينَ) . الطَّرِيقُ الْخَاصُّ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِمَنْ لَهُمْ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ بِدُونِ أَدَاةِ التَّشْبِيهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ.

(المادة 1223) للمارين في الطريق العام حق الدخول في الطريق الخاص

وَلِذَلِكَ فَلِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَجُرُّوا وَيَعْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ مَعْدُودٍ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى، وَلَهُمْ الْوُضُوءُ وَجَرُّ مَرْكَبَاتِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِذَا كَانَ يُوجَدُ فِي الطَّرِيقِ قَدِيمًا مَوْضِعٌ مُعَيَّنٌ لِلزُّبَالَةِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ زُبَالَتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ بَعْضِهِمْ. وَإِذَا تَلِفَ أَحَدٌ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ مَاءِ الْوُضُوءِ أَوْ حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُ أَيْ لَا يُقَاسُ عَلَى الْمَادَّةِ (927) وَلَهُ وَضْعُ زُبَالَتَهُ مُدَّةً يَسِيرَةً فِي جَانِبِ حَائِطِهِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. الْبَاقِينَ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ وَنَكَلَ الْأَوَّلُ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الثَّانِي وَإِذَا نَكَلَ الثَّانِي عَنْ الْيَمِينِ يَحْلِفُ الثَّالِثُ فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ فَلَا يَحْلِفُ الرَّابِعُ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ هُوَ رَجَاءُ النُّكُولِ وَحَتَّى لَوْ نَكَلَ الرَّابِعُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي فَتْحُ الْبَابِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمْ الْيَمِينَ فَيَكُونُ مَانِعًا فَتْحَ الْبَابِ (التَّنْقِيحُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي دَعْوِي الطَّرِيقِ) . [ (الْمَادَّةُ 1223) لِلْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَقُّ الدُّخُولِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ] الْمَادَّةُ (1223) - (لِلْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَقُّ الدُّخُولِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ عِنْدَ كَثْرَةِ الِازْدِحَامِ فَلَا يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَنْ يَبِيعُوهُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ أَوْ يَسُدُّوا مَدْخَلَهُ) لِلْمَارِّينَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَقُّ الدُّخُولِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْمُتَّصِلِ مَدْخَلُهُ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ عِنْدَ كَثْرَةِ الِازْدِحَامِ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (كَثْرَةِ الِازْدِحَامِ) أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ هُوَ اسْتِعْمَالُ مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ فَلَيْسَ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الْمُرُورَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ وَأَسْبَابٌ مُجْبِرَةٌ كَكَثْرَةِ الِازْدِحَامِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 96) . (حَاشِيَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) . فَلِذَلِكَ لَا يَسُوغُ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَنْ يَبِيعُوهُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ أَوْ يُلْحِقُوهُ بِدُورِهِمْ أَوْ يَحْفِرُوا فِيهِ بِئْرًا أَوْ يَسُدُّوا مَدْخَلَهُ (التَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) وَإِذَا كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ دَارٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَيْضًا أَنْ يَسُدَّ مَدْخَلَ الطَّرِيقِ (الْقَاعِدِيَّةُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْكَفَوِيِّ) وَإِذَا بَاعَ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ دَارِهِ الْوَاقِعَةَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَيَكُونُ حَقُّهُ وَحِصَّتُهُ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ قَدْ بِيعَتْ تَبَعًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (54) وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (6 21) . لِلطَّرِيقِ الْخَاصِّ نَوْعٌ آخَرُ وَتَقْسِيمُهُ جَائِزٌ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (143 1) وَشَرْحِهَا كَمَا أَنَّ بَيْعَ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الطَّرِيقِ جَائِزٌ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ طَرِيقٌ خَاصٌّ فِي قَرْيَةٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ وَمُخْتَصِّينَ بِهِ فَبَاعَ اثْنَانِ مِنْ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُمَا فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ لِشَرِيكِهِمَا الثَّالِثِ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ الْمُمَانَعَةُ فِي ذَلِكَ عَلِيٌّ أَفَنْدِي

الفصل الرابع في بيان حق المرور والمجرى والمسيل

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ حَقِّ الْمُرُورِ وَالْمَجْرَى وَالْمَسِيلِ] [ (الْمَادَّةُ 1224) يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ الْمَسِيلِ] الْمَادَّةُ (1224) - (يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ الْمَسِيلِ. يَعْنِي تُتْرَكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَتَبْقَى عَلَى وَجْهِهَا الْقَدِيمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ السَّادِسَةِ يَبْقَى الشَّيْءُ الْقَدِيمُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَغَيَّرُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ. أَمَّا الْقَدِيمُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ. فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَعْمُولَ بِغَيْرِ صُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ فِي الْأَصْلِ لَا اعْتِبَارَ لَهُ وَلَوْ كَانَ قَدِيمًا وَلَا يُزَالُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (27) مَثَلًا إذَا كَانَ بَالُوعُ دَارٍ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِدَمُهُ وَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ) يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ الْمَسِيلِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْقَدِيمُ قَدْ وُضِعَ فِي الْأَصْلِ بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ. الْمُرُورُ: بِوَزْنِ الظُّهُورِ. وَالْمَجْرَى هُوَ مَحِلُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ. وَالْمَسِيلُ بِوَزْنِ الْمَبِيعِ اسْمُ مَكَان وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي تَسِيلُ مِنْهُ الْمِيَاهُ أَيْ الطَّرِيقُ الَّذِي تَمُرُّ - الْمِيَاهُ مِنْهُ وَتَذْهَبُ وَتُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ (رهكزار آبَ) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمَسِيلَ وَالْمَجْرَى بِمَعْنًى - وَاحِدٍ وَمُتَرَادِفَانِ وَكَانَ الْأَوْفَقُ الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَيْضًا أَنْ يُسْتَعْمَلَ بَدَلًا عَنْ حَقِّ الْمَجْرَى وَحَقِّ الْمَسِيلِ حَقُّ الْجَرْيِ وَحَقُّ السَّيْلِ يَعْنِي إذَا ثَبَتَ أَنَّ حَقَّ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى وَالْمَسِيلِ قَدِيمٌ فَتُتْرَكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَتَبْقَى عَلَى وَجْهِهَا الْقَدِيمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْقَدِيمَ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ حَسْبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (6) لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الظَّنُّ الْغَالِبُ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ وَضْعِ الْقَدِيمِ لَمْ يَكُنْ ظُلْمًا وَبِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهُ وُضِعَ عَلَى وَجْهٍ شَرْعِيٍّ (الْخَيْرِيَّةُ) فَلِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ قِدَمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا تُرْفَعُ أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ قِدَمُهَا فَيَجِبُ حِينَئِذٍ إثْبَاتُ حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ وَحَقُّ الْمَجْرَى كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا. . وَلَا يَتَغَيَّرُ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ أَيْ دَلِيلٌ وَشَاهِدٌ عَلَى حُدُوثِهِ فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ وَشَاهِدٌ عَلَى حُدُوثِهِ فَيَتَغَيَّرُ. فَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ مَعًا فَتُرَجَّحُ جِهَةُ التَّغْيِيرِ وَالْحُدُوثِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ

فِي الْمَادَّةِ (1768) الْيَدُ عَلَى الْمَسِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَاضِي فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ وَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى حَقِّ الْمَسِيلِ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقَّ مَسِيلٍ فِي عَرْصَةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَإِذَا بَيَّنَ الشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ أَنَّ حَقَّ الْمَسِيلِ هُوَ لِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ لِمَاءِ الْبَالُوعِ فَيُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ الْمَسِيلُ لِمَاءِ الْمَطَرِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ مَاءُ الْبَالُوعِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَسِيلُ مُخْتَصًّا بِمَاءِ الْبَالُوعِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ. وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ، وَصُورَةُ التَّحْلِيفِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: لَيْسَ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقُّ الْإِجْرَاءِ بِهَذَا الْوَضْعِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقَّ مَسِيلٍ فِي بُسْتَانٍ آخَرَ وَكَانَ الْمَاءُ غَيْرَ جَارٍ أَثْنَاءَ الْخُصُومَةِ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ مَجْرَى الْمَاءِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي أَوْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْإِجْرَاءِ فِيهِ تُقْبَلُ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا عَلَى إجْرَاءِ الْمَاءِ سَابِقًا فِيهِ فَقَطْ فَلَا يُقْبَلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ) . كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ لِأَحَدٍ نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ أَرْضِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَنْعُ مُرُورِ النَّهْرِ مِنْ أَرْضِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ النَّهْرُ تَحْتَ يَدِهِ، وَعَلَامَةُ كَوْنِ النَّهْرِ فِي يَدِهِ كَرَيِّهِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ فِي جَانِبَيْهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي وَقْتَ الْخُصُومَةِ أَوْ كَانَ مَعْلُومًا جَرْيُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ لَهُ بِمَلَكِيَّةِ النَّهْرِ مَا لَمْ يُثْبِتْ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّ النَّهْرَ مِلْكُهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ النَّهْرُ جَارِيًا وَقْتَ الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا جَرَيَانُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُدَّعِي النَّهْرِ مُكَلَّفًا لِإِثْبَاتٍ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - إذَا كَانَ يَدَّعِي رِقْبَةَ النَّهْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ رِقْبَةَ النَّهْرِ مِلْكُهُ. ثَانِيًا - إذَا كَانَ يَدَّعِي حَقَّ الْإِجْرَاءِ فِي النَّهْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ حَقِّ الْإِجْرَاءِ، فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ إجْرَاءِ مَائِهِ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَبِهَا وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي وَقْتَ الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي وَإِذَا كَانَ لَا يَجْرِي فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. وَوُجُودُ آثَارٍ فِي الْأَرْضِ عَلَى مُرُورِ الْمَاءِ فِي أَرْضِ أَحَدٍ لَا تَكْفِي لِإِثْبَاتِ الْمُدَّعِي بِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ شُبْهَةٍ وَظَنٍّ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الْأَنْهَارِ) . ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ حَقَّ الْإِجْرَاءِ قَدِيمًا فِي النَّهْرِ الْمَذْكُورِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْقِدَمِ وَعَلَى هَذَا الْمُنْصَبِّ فِي نَهْرٍ أَوْ عَلَى سَطْحٍ أَوْ الْمِيزَابِ أَوْ الْمَمْشَى كُلُّ ذَلِكَ فِي دَارِ غَيْرِهِ فَحُكْمُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ نَظِيرُهُ فِي الشُّرْبِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي فَصْلِ الشُّرْبِ) . أَمَّا الْقَدِيمُ الْمُخَالِفُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَعْمُولَ بِغَيْرِ صُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ فِي الْأَصْلِ وَفِي ابْتِدَاءِ وَضْعِهِ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ أَيْ لَا يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ وَلَوْ كَانَ قَدِيمًا وَيُزَالُ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (27) . . قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الضَّرَرَ الْأَشَدَّ يُزَالُ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ، وَفِي الْمِثَالِ الْآتِي الضَّرَرُ

(المادة 1225) إذا كان لأحد حق المرور في عرصة آخر فليس لصاحبها منعه

الْأَشَدُّ هُوَ وُجُودُ ضَرَرٍ فَاحِشٍ عَلَى الْمَارَّةِ وَالضَّرَرُ الْأَخَفُّ هُوَ أَنْ يُزَالَ مَجْرَى الْبَالُوعِ الْقَدِيمِ الَّذِي وُضِعَ بِصُورَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ وَاضِرَارِ صَاحِبِ الدَّارِ بِهِ، وَمُمْكِنٌ أَيْضًا ذِكْرُ الْمَادَّةِ السَّابِعَةِ فِي مَقَامِ الِاسْتِشْهَادِ الْمُتَضَمِّنَةِ أَنَّ الضَّرَرَ لَا يَكُونُ قَدِيمًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ بَالُوعُ دَارِ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمَارَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِدَمُهُ وَلَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَيُدْفَعُ ضَرَرُهُ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي طَرَفِ الْمِيَاهِ الَّتِي يَشْرَبُهَا أَهْلُ قَرْيَةٍ مِنْ الْقَدِيمِ كَنِيفٌ لِأَحَدٍ يَتَلَوَّثُ مِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي يَشْرَبُهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ فَلِأَهْلِ الْقَرْيَةِ طَلَبُ رَفْعِ وَقَلْعِ ذَلِكَ الْكَنِيفِ (الْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْقَدِيمِ عَلَى قِدَمِهِ هُوَ لِلظَّنِّ الْغَالِبِ بِأَنَّهُ أُحْدِثَ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَبِمَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ مُحَقَّقٌ أَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَوَجَبَ رَفْعُهَا تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (20) . [ (الْمَادَّةُ 1225) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا مَنَعَهُ] الْمَادَّةُ (1225) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ وَالْعُبُورِ) . إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ لِمَنْزِلِهِ أَوْ بُسْتَانِهِ مُجَرَّدًا عَنْ رِقْبَةِ الطَّرِيقِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ - مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ - أَوْ مِنْ أَرْضِهِ الْأَمِيرِيَّةِ، فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَزْرَعَةِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ وَالْعُبُورِ مِنْ بَعْدِ الْيَوْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1971) . أَمَّا إذَا أَنْكَرَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ حَقَّ الْمُرُورِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ، وَلِذَلِكَ فَعَلَى مُدَّعِي حَقِّ الْمُرُورِ إثْبَاتَ حَقِّ مُرُورِهِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بَابُ دَارِهِ وَاقِعًا عَلَى تِلْكَ الْعَرْصَةِ لِإِثْبَاتِ حَقِّ الْمُرُورِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعِي عَلَى مُرُورِهِ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَلَا تُقْبَلُ أَيْ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُرُورِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمَذْكُورَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى الْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ يَجِبُ إثْبَاتُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، أَوَّلُهُمَا: حَقُّ مُرُورِهِ أَيْ حَقُّ مُرُورِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ، ثَانِيهمَا: مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِرِقْبَةِ الطَّرِيقِ فِي تِلْكَ الْعَرْصَةِ كَذَلِكَ لَوْ أَثْبَتَ مُرُورَهُ مِنْ الْقَدِيمِ يُقْبَلُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (224 1) . وَلَكِنْ إذَا أَقَرَّ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ وَوَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا بِمُرُورِ الْمُدَّعِي مِنْ الْعَرْصَةِ وَادَّعَى أَنَّ مُرُورَهُ مِنْهَا بِلَا حَقٍّ أَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي أَنَّ صَاحِبَ الْعَرْصَةِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ صَحِيحٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي دَعْوِي الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ) . وَذِكْرُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّهُ مُجَرَّدٌ عَنْ رِقْبَةِ الطَّرِيقِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ لِأَنَّ تَعْبِيرَ حَقِّ الْمُرُورِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ طَرِيقٌ فِي مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ أَيْ كَانَتْ رِقْبَةُ الطَّرِيقِ مِلْكَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُ صَاحِبِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُرُورِ وَالْعُبُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97 1 1) . إذَا بَيَّنَ الشُّهُودُ عَلَى الطَّرِيقِ حُدُودَهَا بَيَانَ طُولِهَا وَعَرْضِهَا فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِقَدْرِ ذَلِكَ طَرِيقًا.

(المادة 1226) للمبيح حق الرجوع عن إباحته

وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنُوا بَلْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقُّ طَرِيقٍ فِي الْعَرْصَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُبَيِّنُوا حُدُودَهَا وَطُولَهَا وَعَرْضَهَا فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَرْجَحِ وَيُعْطَى لِلْمُدَّعِي طَرِيقٌ بِعَرْضِ بَابِ دَارِهِ الْخَارِجِيِّ يَنْتَهِي إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (169 1) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي دَعْوَى الطَّرِيقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ) أَيْ صَاحِبَ حَقِّ الْمُرُورِ، لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ حَقِّ الْمُرُورِ الدَّارَ الَّتِي لَهُ فِيهَا حَقُّ مُرُورٍ مَعَ حَقِّ مُرُورِهَا لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُرُورِ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْبَائِعَ كَانَ شَخْصًا وَاحِدًا وَكَانَ يَمُرُّ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِينَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ فَلَا أَقْبَلُ مُرُورَهُمْ جَمِيعًا لِأَنَّ الْمَمَرَّ مُسْتَحِقُّ الْمُرُورِ أَبَدًا (الْقَاعِدِيَّةُ فِي الشُّرْبِ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (لِأَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ) هُوَ تَعْبِيرٌ احْتِرَازِيٌّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (96) . . مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَمُرُّ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ الْعَرْصَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِآخَرَ أَوْ مِنْ عَرْصَةِ الْوَقْفِ فَلِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ مَنْعُ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ الْمُرُورِ (الْبَهْجَةُ) . وَتُبَيَّنُ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي حَقِّ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِ الْغَيْرِ: وَذَلِكَ إذَا أَحَاطَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَرْصَتَهُ بِحَائِطٍ أَوْ بِسِتَارَةٍ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ الْمُرُورُ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَالدُّخُولُ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يُحِطْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَيْضًا الْمُرُورُ مِنْهَا إذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُرُورُ إذَا كَانَ الْمَارُّ شَخْصًا وَاحِدًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَارُّونَ جَمَاعَةً فَلَا يَجُوزُ الْمُرُورُ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُرُورُ إذَا مَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُرُورَ صَرَاحَةً لِأَنَّ التَّصْرِيحَ يُبْطِلُ الدَّلَالَةَ. أَمَّا الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْحَادِثِ فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ قَدْ اتَّخَذَهُ طَرِيقًا فَيَجُوزُ الْمُرُورُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَلَا يَجُوزُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحِلُّ الَّذِي اتَّخَذَهُ صَاحِبُ الْمِلْكِ طَرِيقًا مَغْصُوبًا فَلَا يَحِلُّ الْمُرُورُ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي جِنْسِ آخَرَ فِي غَصْبِ الضَّيَاعِ وَالْعَقَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1226) لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ] الْمَادَّةُ (1226) - (لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ، وَالضَّرَرُ لَا يَلْزَمُ بِالْإِذْنِ وَالرِّضَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ وَمَرَّ فِيهَا بِمُجَرَّدِ إذْنِ صَاحِبِهَا مُدَّةً فَلِصَاحِبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْمُرُورِ إذَا شَاءَ) . لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعَاتُ غَيْرُ لَازِمَةٍ (أَبُو السُّعُودِ) . وَقَدْ عُرِّفَتْ الْإِبَاحَةُ فِي الْمَادَّةِ (836) بِأَنَّهَا الْإِذْنُ وَالتَّرْخِيصُ لِآخَرَ بِأَكْلٍ وَتَنَاوُلِ شَيْءٍ بِلَا عِوَضٍ. وَيُسْتَدَلُّ مِنْ التَّفْرِيعَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِبَاحَةِ هُنَا هُوَ التَّرْخِيصُ لِآخَرَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ بِلَا عِوَضٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) فَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْفِقْرَةُ عَامَّةً وَشَامِلَةً لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (6 80) بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ عَنْ إعَارَتِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ.

(المادة 1227) إذا كان لواحد حق المرور في ممر في عرصة آخر فأحدث صاحبها بناء على هذا الممر بإذن صاحب حق المرور

فَلِذَلِكَ لَوْ أَذِنَ أَحَدٌ لِآخَرَ بِأَنْ يَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِهِ فَوَضَعَهَا فَلِصَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ بَعْدَ مُدَّةٍ رَفْعَهَا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الدَّارِ دَارِهِ مَعَ ذَلِكَ الْحَائِطِ فَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا أَنْ يَطْلُبَ رَفْعَ تِلْكَ الْجُذُوعِ عَنْ الْحَائِطِ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ حِينَ بَيْعِ الدَّارِ مَعَ الْحَائِطِ بَقَاءُ تِلْكَ الْجُذُوعِ عَلَى الْحَائِطِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَيْسَ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي حَقُّ رَفْعِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ، وَالْوَارِثُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَلَوْ بَنَى أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْغَيْرِ النَّافِذِ بِنَاءً أَوْ غُرْفَةً بِإِذْنِ عُمُومِ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ دَارًا فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ رَفْعَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغُرْفَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ) . وَالضَّرَرُ لَا يَلْزَمُ بِالْإِذْنِ وَالرِّضَاءِ يَعْنِي إذَا تَحَمَّلَ أَحَدٌ ضَرَرًا بِإِذْنِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ الضَّرَرِ دَائِمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي عَرْصَةِ آخَرَ وَمَرَّ فِيهَا بِمُجَرَّدِ إذْنِ صَاحِبِهَا مُدَّةً فَلِصَاحِبِهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْمُرُورِ إنْ شَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُرُورُ بَعْدَ الْمَنْعِ بِزَعْمِ أَنَّهُ مَرَّ مُدَّةً بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ وَأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ بِذَلِكَ، وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ عَرْصَتَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ صَاحِبُ الْمِلْكِ حِينَ الْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مُرُورَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ الْمُرُورِ (الْبَهْجَةُ) . إنَّ هَذَا التَّفْرِيعَ هُوَ تَفْرِيعٌ لِلْفِقْرَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1227) إذَا كَانَ لِوَاحِدِ حَقّ الْمُرُور فِي مَمَرّ فِي عَرْصَة آخِر فَأُحَدِّث صَاحِبهَا بِنَاء عَلَى هَذَا الْمَمَرّ بِإِذْنِ صَاحِب حَقّ الْمُرُور] الْمَادَّةُ (1227) - (إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي مَمَرٍّ مُعَيَّنٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَأَحْدَثَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْمَمَرِّ بِإِذْنِ صَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ مُرُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا بَعْدَ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) . يَبْطُلُ الْحَقُّ الْمُجَرَّدُ بِالْإِبْطَالِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ وَالْقَاعِدِيَّةُ فِي الشُّرْبِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى - ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ حَقُّ الْمُرُورِ، أَيْ حَقُّ مُرُورٍ مُجَرَّدٍ عَنْ رِقْبَةِ الطَّرِيقِ، فِي مَمَرٍّ مُعَيَّنٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ فَأَحْدَثَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْمَمَرِّ بِإِذْنِ صَاحِبِ حَقِّ الْمُرُورِ فَقَدْ سَقَطَ حَقُّ مُرُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا بَعْدَ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ رَفْعَ الْبِنَاءِ لِيَمُرَّ كَالْأَوَّلِ أَوْ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّ مُرُورِهِ. اُنْظُرْ (الْمَادَّةَ 1 5) . . ثَانِيًا - لَوْ قَالَ صَاحِبُ حَقِّ مُرُورٍ: إنَّنِي أَبْطَلْت وَأَسْقَطَتْ حَقَّ مُرُورِي، فَيَسْقُطُ أَيْضًا حَقُّ مُرُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَقُّ الْمُرُورِ. ثَالِثًا - لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ طَاحُونًا فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا آخَرُ بِسَنَدِ طَابُو

(المادة 1228) لأحد جدول أو مجرى ماء في عرصة آخر جاريا من القديم بحق

بِإِذْنٍ مِنْ الْمُتَصَرِّفِ بِالْأَرْضِ وَإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ صَاحِبِ الطَّاحُونِ رَفْعَهَا (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . رَابِعًا - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ فَقَطْ فِي مَحِلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَقَالَ: قَدْ أَسْقَطْت وَأَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيلِ، يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ مَسِيلٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (65 1 1) (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ مُجَرَّدًا بَلْ كَانَ مِلْكًا فَلَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ لَا يَبْطُلُ بِالْأَعْرَاضِ بَلْ إنَّ سُقُوطَ الْحَقِّ فِي الْمِلْكِ يَحْصُلُ بِالتَّمْلِيكِ لِآخَرَ (الْحَمَوِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: أَوَّلًا - إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا بِإِذْنِ سُلْطَانِيٍّ ثُمَّ تَرَكَهُ فَزَرَعَهُ آخَرُ فَالْمُحْيِي لِلْأَرْضِ أَحَقُّ بِهَا إذْ بِإِحْيَائِهِ إيَّاهَا قَدْ مَلَكَ رِقْبَتَهَا وَلَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِتَرْكِهَا (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) . ثَانِيًا - لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ أَرْضَهُ الْمِلْكَ مُدَّةً طَوِيلَةً بِدُونِ أَنْ يَزْرَعَهَا وَيَسْتَعْمِلَهَا فَلَا تُعَدُّ تِلْكَ الْأَرْضُ مَوَاتًا وَلَا يَثْبُتُ لِآخَرَ حَقُّ الْأَحْيَاءِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (271 1) . ثَالِثًا - لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَالِكًا لِرِقْبَةِ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسِيلِ الْمَارِّ مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَأَذِنَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْإِذْنُ مُقَابِلَ أُجْرَةٍ فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِذَا كَانَ بِلَا أُجْرَةٍ فَهُوَ إعَارَةٌ. وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّتَيْنِ (531 و 831) . رَابِعًا - إذَا قَالَ مَالِكُ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَسِيلِ: قَدْ أَبْطَلْت ذَلِكَ فَلَا يَبْطُلُ. [ (الْمَادَّةُ 1228) لِأَحَدٍ جَدْوَلٌ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ] الْمَادَّةُ (1228) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ جَدْوَلٌ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعْهُ يَجْرِي فِيمَا بَعْدُ، وَعِنْدَ احْتِيَاجِهِمَا إلَى الْإِصْلَاحِ وَالتَّعْمِيرِ يَدْخُلُ صَاحِبُهُمَا إلَى الْمَجْرَى وَيُعَمِّرُهُمَا وَيُصْلِحُهُمَا إذَا كَانَ مُمْكِنًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَمْرُ التَّعْمِيرِ إلَّا بِالدُّخُولِ إلَى الْعَرْصَةِ وَلَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُهَا بِالدُّخُولِ إلَيْهَا فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ إلَى عَرْصَتِكِ وَإِمَّا أَنْ تُعَمِّرَ أَنْتَ) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ جَدْوَلٌ أَوْ مَجْرَى مَاءٍ فِي عَرْصَةِ أَوْ مَنْزِلِ آخَرَ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ مُشْتَرِي الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَنْزِلِ إذَا بَاعَهَا صَاحِبُهَا مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعْهُ يَجْرِي فِيمَا بَعْدُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1125)

(المادة 1229) ماء مطر دار يسيل من القديم إلى دار الجار

مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مَجْرَى مَاءٍ فِي بُسْتَانِ آخَرَ فَبَنَى هُوَ أَوْ مُشْتَرِي الْبُسْتَانِ دَارًا فِيهِ فَلَا يَحِقُّ لَهُ إبْطَالُ حَقِّ تَسْيِيلِ صَاحِبِ الْمَجْرَى أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: (إنَّ حَقَّ تَسْيِيلِكَ كَانَ فِي الْبُسْتَانِ وَقَدْ أَصْبَحَ الْبُسْتَانُ دَارًا فَلَمْ يَبْقَ لَكَ حَقُّ تَسْيِيلٍ الْكَفَوِيُّ بِإِيضَاحٍ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ حَقُّ مَجْرَى مِنْ تَحْتِ دَارِ وَقْفٍ مِنْ الْقَدِيمِ فَلَيْسَ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ مَنْعُ إجْرَاءِ الْمَجْرَى، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْمَبْلَغِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْقَدِيمِ مُقَابِلَ حَقِّ الْإِجْرَاءِ (التَّنْقِيحُ) وَعِنْدَ احْتِيَاجِهِمَا أَيْ احْتِيَاجِ الْجَدْوَلِ وَمَجْرَى الْمَاءِ إلَى الْإِصْلَاحِ وَالتَّعْمِيرِ يَدْخُلُ صَاحِبُهَا إلَى الْجَدْوَلِ وَالْمَجْرَى وَيُعَمِّرُهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَلَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ إلَى تِلْكَ الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَنْزِلِ وَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فَلِصَاحِبِهِمَا مَنْعُهُ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (96) لِأَنَّهُ مَا دَامَ الدُّخُولُ إلَى الْمَجْرَى وَالْحُصُولُ عَلَى الْمَقْصِدِ مُمْكِنًا فَلَيْسَ ثَمَّةَ ضَرُورَةٍ إلَى الْمُرُورِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَمْرُ التَّعْمِيرِ إلَّا بِالدُّخُولِ فِي الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَنْزِلِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُهُمَا بِالدُّخُولِ إلَى الْعَرْصَةِ أَوْ الْمَنْزِلِ فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ إلَى عَرْصَتِكَ أَوْ مَنْزِلَكَ وَإِمَّا أَنْ تُعَمِّرَ أَنْتَ بِمَالِكَ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (21 و 27) (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ) وَالْمَادَّةُ (268 1) هِيَ نَظِيرٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ وَاجِهَةُ حَائِطِ أَحَدٍ فِي مِلْكِ الْآخَرِ وَكَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ أَوْ هَدْمِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ وَاحْتِيجَ لِإِعَادَةِ الْبِنَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ إجْرَاءُ ذَلِكَ بِدُونِ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُ الْمِلْكِ بِالدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ لَهُ: إمَّا أَنْ تَأْذَنَ بِالدُّخُولِ إلَى مِلْكِكَ وَإِمَّا أَنْ تُعَمِّرَ أَوْ تُنْشِئَ الْحَائِطَ بِمَالِكَ (الْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1229) مَاءُ مَطَرِ دَارٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ إلَى دَارِ الْجَارِ] الْمَادَّةُ (1229) - (إذَا كَانَ مَاءُ مَطَرِ دَارٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ إلَى دَارِ الْجَارِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعْهُ يَسِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ) . إذَا كَانَ مَاءُ مَطَرِ دَارِ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ إلَى دَارِ الْجَارِ أَوْ سَاحَتِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ قَائِلًا: لَا أَدَعُ مَاءَ الْمَطَرِ يَسِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَلَيْكَ أَنْ تُجْرِيَ الْمَاءَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ (الْفَيْضِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّادِسَةَ. لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَامِرَةٌ وَالْأُخْرَى خَرِبَةٌ وَكَانَ مِيزَابُ الْعَامِرَةِ وَمَلْقَى ثَلْجِهَا فِي الْخَرِبَةِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ لِآخَرَ فَيَبْقَى الْمَسِيلُ وَمَلْقَى الثَّلْجِ عَلَى حَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ حِينَ الْبَيْعِ (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (232 1) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا وَأَحْدَثَهُ الْبَائِعُ فَلِمُشْتَرِي الدَّارِ الْخَرِبَةِ مَنْعُ صَاحِبِ الدَّارِ الْعَامِرَةِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ بِالْإِجْرَاءِ مُدَّةً فَلَهُ حَقُّ الْمَنْعِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مَسِيلَ الْمَاءِ وَطَرَحَ الثَّلْجَ فَاسْتِثْنَاؤُهُ مَسِيلَ الْمَاءِ جَائِزٌ وَطَرْحُ الثَّلْجِ لَا يَجُوزُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي فِي بَابِ الشُّرْبِ)

(المادة 1230) إذا كانت مياه دور واقعة على طريق تنصب من القديم في تلك الطريق ومنها تجري من عرصة واقعة تحت الطريق

إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1224) وَمِثَالُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ لَهُ حَقُّ إسَالَةِ مَاءِ الْمَطَرِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ وَلَكِنْ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ إسَالَةِ مَاءِ الْغَسِيلِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ إسَالَةِ مَاءِ الْغَسِيلِ وَمَاءِ الْوُضُوءِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ إسَالَةِ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ إسَالَةِ مَاءِ الْمَطَرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ مَاءُ مَطَرِ مَحَلَّةٍ يَسِيلُ مِنْ الْقَدِيمِ إلَى دَارِ أَحَدٍ فَلِأَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ إسَالَةُ مَاءِ الْمَطَرِ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إسَالَةُ الْمَاءِ الْقَذِرِ كَمَاءِ الْغَسِيلِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ اسْتِعْمَالٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (96) . أَمَّا مَاءُ الْمَطَرِ فَحَيْثُ إنَّ إجْرَاءَهُ قَدِيمٌ فَيَكُونُ إجْرَاؤُهُ بِحَقٍّ فَأَصْبَحَ إجْرَاؤُهُ جَائِزًا وَإِجْرَاءُ مَا عَدَاهُ غَيْرَ جَائِزٍ (الْخَيْرِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 1230) إذَا كَانَتْ مِيَاهُ دُورٍ وَاقِعَةٍ عَلَى طَرِيقٍ تَنْصَبُّ مِنْ الْقَدِيمِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ وَمِنْهَا تَجْرِي مِنْ عَرْصَةٍ وَاقِعَةٍ تَحْتَ الطَّرِيقِ] الْمَادَّةُ (1230) - (إذَا كَانَتْ مِيَاهُ دُورٍ وَاقِعَةٍ عَلَى طَرِيقٍ تَنْصَبُّ مِنْ الْقَدِيمِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ وَمِنْهَا تَجْرِي مِنْ عَرْصَةٍ وَاقِعَةٍ تَحْتَ الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ سَدُّ الْمَسِيلِ الْقَدِيمِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَتِهِ فَإِذَا سَدَّهُ يُرْفَعُ سَدُّهُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَيُعَادُ إلَى وَضْعِهِ الْقَدِيمِ) . إذَا كَانَتْ مِيَاهُ دُورٍ وَاقِعَةٍ عَلَى طَرِيقٍ أَيْ عَلَى طَرَفِ طَرِيقٍ تَنْصَبُّ مِنْ الْقَدِيمِ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ وَمِنْهَا تَجْرِي مِنْ عَرْصَةٍ وَاقِعَةٍ تَحْتَ الطَّرِيقِ مِنْ الْقَدِيمِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ سَدُّ الْمَسِيلِ الْقَدِيمِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) . فَإِذَا سَدَّهُ يُرْفَعُ سَدُّهُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَيُعَادُ إلَى وَضْعِهِ الْقَدِيمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) . إنَّ مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ السَّالِفَةِ مَسَائِلُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَضَابِطُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ: يَعْتَبِرُ الْقِدَمُ فِي الْمَجْرَى، وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَالْمَادَّةُ السَّابِقَةُ هُمَا فَرْعَانِ لِلْمَادَّةِ (224 1) . [ (الْمَادَّةُ 1231) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْرِيَ مِيَاهَ غُرْفَتِهِ الْمُحْدَثَةِ إلَى دَارِ آخَرَ] الْمَادَّةُ (1231) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْرِيَ مِيَاهَ غُرْفَتِهِ الْمُحْدَثَةِ إلَى دَارِ آخَرَ) لَيْسَ لِأَحَدٍ إحْدَاثُ حَقِّ مَسِيلٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ مَسِيلٍ فِيهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَ غُرْفَتِهِ الْمُحْدَثَةِ أَوْ مَاءَ كَنِيفِهِ إلَى دَارِ آخَرَ أَوْ إلَى عَرْصَتِهِ أَوْ إلَى سَاحَةِ دَارِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ. كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ الَّذِي سَيَجْرِيهِ إلَى مَنْزِلِ آخَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ مَجْرَى آخَرَ يَسِيلُ إلَى دَارِ آخَرَ (الْفَيْضِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 22 1) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مَجْرَى فِي دَارِ وَأَرَادَ إسَالَةَ مَائِهِ مِنْهُ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ لَهُ حَقَّ مَسِيلٍ فِيهِ أَوْ أَنْ يَثْبُتَ قِدَمَ الْمَسِيلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1224) .

(المادة 1232) ليس لصاحب الدار أو لمشتريها إذا باعها منع المجرور الذي له حق مسيل في داره

[ (الْمَادَّةُ 1232) لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّار أَوْ لِمُشْتَرِيهَا إذَا بَاعَهَا منع الْمَجْرُور الَّذِي لَهُ حَقّ مَسِيل فِي دَاره] الْمَادَّةُ (1232) - (لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِمُشْتَرِيهَا إذَا بَاعَهَا مَنْعُ الْمَجْرُورِ الَّذِي لَهُ حَقُّ مَسِيلٍ فِي دَارِهِ مِنْ السَّيْلِ كَالسَّابِقِ) . وَالْحَقُّ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي دَارِ آخَرَ مَجْرُورٌ مَعَ حَقِّ مَسِيلٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِمُشْتَرِيهَا إذَا بَاعَهَا صَاحِبُهَا مَنْعُ سَيْلِهِ كَالسَّابِقِ) . يُرَى أَنَّهُ قَدْ نَسَبَ حَقَّ الْمُرُورِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (225 1 و 226 1) لِلشَّخْصِ كَمَا أَنَّ حَقَّ الْمَسِيلِ قَدْ نُسِبَ فِي الْمَادَّةِ (44 1) لِلدَّارِ وَقَدْ نُسِبَ هُنَا حَقُّ الْمَسِيلِ لِلْمَجْرُورِ. فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي دَارِ أَحَدٍ مَجْرُورٌ لِدَارٍ أُخْرَى وَكَانَ لِذَلِكَ الْمَنْزِلِ حَقٌّ بِإِسَالَةِ مِيَاهِ تِلْكَ الدَّارِ الْقَذِرَةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَجْرُورِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مَنْعُ الْإِسَالَةِ، هَذَا إذَا كَانَ حَقُّ الْمَسِيلِ بِحَقٍّ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيلُ الْمَذْكُورُ قَدِيمًا أَوْ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الدَّارُ فِي الْأَصْلِ مُشْتَرَكَةً مَعَ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ فَقُسِّمَتْ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمَنْزِلِ حَقُّ مَسِيلٍ فِي تِلْكَ الدَّارِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا بَلْ أَسَالَ الْمَجْرُورَ مُدَّةً بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ الرُّجُوعُ عَنْ إذْنِهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (226 1) وَمَنْعُهُ مِنْ الْإِسَالَةِ، كَمَا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي مَنْعَهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ صَاحِبُ الدَّارِ حِينَ بَيْعِ الدَّارِ بَقَاءَ مَسِيلِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (226 1) . أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَالدَّارِ فَادَّعَى صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمَسِيلِ فِي تِلْكَ الدَّارِ وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ مَسِيلٍ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا جَرَيَانُ الْمَسِيلِ أَثْنَاءَ الِاخْتِلَافِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ جَرَيَانُهُ فَإِذَا أَثْبَتَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَنَّ الْمَجْرُورَ لَهُ، أَوْ أَثْبَتَ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْإِجْرَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَجْرُورِ، أَوْ أَثْبَتَ أَنَّ حَقَّ مَسِيلِهِ قَدِيمٌ فَلَهُ الْإِجْرَاءُ لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَكُونُ قَدْ أَثْبَتَ مِلْكَ الرِّقْبَةِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ حَقُّ الْإِجْرَاءِ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2241) . (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي فَصْلِ وَكَرْي الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ زِيَادَةٍ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (إذَا بَاعَ الدَّارَ) لَيْسَ تَعْبِيرًا احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَصَاحِبِ الدَّارِ دَارِهِ لِشَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَيْسَ لِمُشْتَرِي الدَّارِ مَنْعُ مُشْتَرِي الْمَنْزِلِ مِنْ الْإِسَالَةِ (الْهِدَايَةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ) . لَوْ كَانَ الْمَنْزِلُ وَالدَّارُ الْمَذْكُورَانِ مَمْلُوكَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَبَاعَهُمَا الْمَالِكُ لِشَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا، وَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَقُّ مَسِيلِ مَنْزِلٍ مِنْ الْقَدِيمِ فِي دَارٍ أُخْرَى وَكَانَ الْمَنْزِلُ وَالدَّارُ الْمَذْكُورَانِ مَمْلُوكَيْنِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ فَبَاعَ الْمَالِكُ الْمَنْزِلَ لِأَحَدٍ وَالدَّارَ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِمُشْتَرِي الدَّارِ سَدُّ الْمَسِيلِ الْقَدِيمِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَسِيلُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ قَدِيمٍ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا شَرَطَ الْمَالِكُ حِينَ بَيْعِهِ الدَّارَ حَقَّ مَسِيلِ ذَلِكَ الْمَنْزِلِ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِمُشْتَرِي الدَّارِ مَنْعُ الْمَسِيلِ، وَإِذَا لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ فَلَهُ مَنْعُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 1233) إذَا امْتَلَأَ الْمَجْرُورُ الْجَارِي بِحَقٍّ فِي دَارِ آخَرَ أَوْ تَشَقَّقَ] الْمَادَّةُ (233 1) - (إذَا امْتَلَأَ الْمَجْرُورُ الْجَارِي بِحَقٍّ فِي دَارِ آخَرَ أَوْ تَشَقَّقَ وَحَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمَجْرُورِ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ)

إذَا امْتَلَأَ الْمَجْرُورُ الْجَارِي بِحَقٍّ فِي دَارِ آخَرَ أَوْ تَشَقَّقَ وَحَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْمَجْرُورِ عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ أَيْ يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ الْمَجْرُورِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَجْرُورِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الدَّارِ: أَصْلِحْهُ أَنْتَ وَادْفَعْ الضَّرَرَ عَنْكَ، وَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْمَجْرُورِ عَلَى تَعْمِيرِ الْخَرَابِ الَّذِي حَصَلَ مِنْ سَيْلِ الْأَوْسَاخِ فِي الدَّارِ. كَذَلِكَ لَوْ انْشَقَّ النَّهْرُ الْخَاصُّ الْمَمْلُوكُ لِأَحَدٍ الْجَارِي فِي أَرَاضِي جَمَاعَةٍ بِحَقٍّ وَخَرَّبَ أَرَاضِيهُمْ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ النَّهْرِ عَلَى تَعْمِيرِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) . وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ أَرَاضِي الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ الَّتِي خَرَّبَهَا النَّهْرُ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (93) . (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (بِحَقٍّ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيُرْفَعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1231)

الباب الرابع في بيان شركة الإباحة

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْإِبَاحَةِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْغَيْرِ الْمُبَاحَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1234) النَّاسُ شُرَكَاءٌ فِي ثَّلَاثَةِ الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ] ِ (وَيَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ) . الْفَصْلُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْغَيْرِ الْمُبَاحَةِ) . الْمَادَّةُ (1234) - (الْمَاءُ وَالْكَلَأُ وَالنَّارُ مُبَاحَةٌ، وَالنَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ شُرَكَاءُ) . الْمَاءُ وَالْكَلَأُ الْغَيْرُ الْمُحَرَّزَيْنِ وَالنَّارُ الْمَشْعُولَةُ مِنْ أَحَدٍ فِي الصَّحْرَاءِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَحَدٍ مُبَاحَةٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُنْتَفَعُ مِنْ الْمَاءِ وَالْكَلَأِ بِإِحْرَازِهِمَا وَتَمَلُّكِهِمَا وَمِنْ النَّارِ بِالتَّدْفِئَةِ وَغَرْسِ شَيْءٍ عَلَى نُورِهَا وَضِيَائِهَا وَبِإِشْعَالِ الْمِصْبَاحِ مِنْهَا. وَجَمِيعُ النَّاسِ شُرَكَاءُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ شَرِكَةَ إبَاحَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45 0 1) ،. وَلَيْسَ النَّاسُ مُشْتَرِكِينَ فِيهَا شَرِكَةَ مِلْكٍ. وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» وَالِاقْتِصَارُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ هُوَ لِلتَّبَرُّكِ لِأَنَّ النَّاسَ شُرَكَاءُ مَعَ بَعْضِهِمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَذَلِكَ (رَابِعًا) فِي الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ و (خَامِسًا) فِي الصَّيْدِ و (سَادِسًا) فِي أَثْمَارِ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا وَالنَّاسُ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ شُرَكَاءُ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (43 2 1 و 247 1 و 259 1) وَبِمَا أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ فِي الشَّرِيعَةِ هُمْ الْمُسْلِمُونَ فَقَدْ وُجِّهَ الْخِطَابُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ إلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلِذَلِكَ فَغَيْرُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ (شَرْحُ الْمَشَارِقِ لِابْنِ الْمَلَكِ) . لَيْسَتْ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَجَلَّةِ مُبَاحَةً وَلَيْسَ جَمِيعُ النَّاسِ شُرَكَاءَ فِيهَا بَلْ أَنَّ قِسْمًا مِنْهَا مُبَاحٌ وَمُشْتَرَكٌ وَقِسْمًا مِنْهَا غَيْرُ مُبَاحٍ وَغَيْرُ مُشْتَرَكٍ. وَذَلِكَ فَإِنَّ الْمِيَاهَ الْغَيْرَ الْمُحْرَزَةِ كَمِيَاهِ الْحِيَاضِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ وَالْأَنْهَارِ مُبَاحَةٌ. أَمَّا الْمِيَاهُ الْمُحْرَزَةُ فِي الْأَوَانِي فَهِيَ غَيْرُ مُبَاحَةٍ بَلْ مِلْكٌ لِمُحْرِزِهَا وَالْحُكْمُ فِي الْكَلَأِ وَالنَّارِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلِذَلِكَ فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَوَادِّ (1235، 1236 و

(المادة 1335) المياه الجارية تحت الأرض ليست بملك لأحد

و 2381) الْمِيَاهُ الْمُبَاحَةُ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1 24 1) الْكَلَأُ الْمُبَاحُ وَغَيْرُ الْمُبَاحِ وَذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1 26 1) النَّارُ الْمُبَاحَةُ وَغَيْرُ الْمُبَاحَةِ وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُجْمَلَةٌ وَقَدْ فُصِّلَتْ وَوُضِّحَتْ فِي الْمَوَادِّ السَّالِفَةِ الذِّكْرُ (الْخَانِيَّةُ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ) . الشَّرِكَةُ فِي الْمَاءِ عَلَى نَوْعَيْنِ. النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الشَّرِكَةُ فِي حَقِّ الشَّفَةِ، النَّوْعُ الثَّانِي: الشَّرِكَةُ فِي الشُّرْبِ وَكُلُّ شَرِكَةٍ فِي حَقِّ الشُّرْبِ هِيَ شَرِكَةٌ أَيْضًا فِي حَقِّ الشَّفَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ هَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ الشَّرِكَةِ فِي الْمَوَادِّ (265 1 و 266 1 و 267 1 و 268 1) ،. الْمَاءُ - الْمِيَاهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ، النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مِيَاهُ الْبِحَارِ، وَحُكْمُهَا قَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (4 26 1) النَّوْعُ الثَّانِي: مِيَاهُ الْأَوْدِيَةِ الْعِظَامِ كَنَهْرِ سَيْحُونَ الْمَارِّ مِنْ مَدِينَةِ حَلَبَ وَسَيَجِيءُ تَعْرِيفُهَا فِي الْمَادَّةِ (1238) وَحُكْمُهَا فِي الْمَادَّةِ (1265) وَلِكُلٍّ فِي نَوْعَيْ هَذِهِ الْمِيَاهِ حَقُّ الشُّرْبِ وَحَقُّ الشَّفَةِ، النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْمِيَاهُ الدَّاخِلَةُ فِي الْمُقَاسِمِ، وَتَعْرِيفُ هَذِهِ الْمِيَاهِ وَتَقْسِيمُهَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (239 1) وَحُكْمُهَا فِي الْمَادَّةِ (268 1) وَفِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمِيَاهِ لِكُلِّ النَّاسِ حَقُّ الشَّفَةِ فِيهَا وَلَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الشُّرْبِ، النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْمِيَاهُ الْمُحْرَزَةُ فِي الْأَوَانِي وَحُكْمُهَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (249 1) وَفِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْمِيَاهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرَ مَالِكِهَا أَيُّ حَقٍّ فِيهَا. الْكَلَأُ - هُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ أَيْضًا، النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَعَمُّ هُوَ الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي الْأَرْضِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَحَدٍ، وَحُكْمُهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَوَادِّ (1 24 1 و 256 1 و 258 1) ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا الْكَلَأِ شُرَكَاءُ بِإِطْعَامِهِ لِحَيَوَانَاتِهِمْ وَبِاحْتِشَاشِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي - الْكَلَأُ الْخَاصُّ وَهُوَ الْكَلَأُ الَّذِي يَنْبُتُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ دُونَ تَسَبُّبِهِ، وَهَذَا الْكَلَأُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ حَقًّا فِي مَنْعِ الْغَيْرِ مِنْ دُخُولِ مِلْكِهِ، وَحُكْمُهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (257 1) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهُوَ الْكَلَأُ الَّذِي جَمَعَهُ أَحَدٌ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ وَكَوَّمَهُ، أَوْ الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي مِلْكِهِ بِتَسَبُّبِهِ. وَحُكْمُهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْفِقْرَاتِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1 24 1) وَفِي الْمَادَّةِ (2 25 1) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1335) الْمِيَاهُ الْجَارِيَةُ تَحْتَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ] الْمَادَّةُ (335 1) - (الْمِيَاهُ الْجَارِيَةُ تَحْتَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِأَحَدٍ) لِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَخْذُ هَذِهِ الْمِيَاهِ وَالِانْتِفَاعُ مِنْهَا. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: 1 - لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ وَأَخْرَجَ مَاءَهَا ثُمَّ حَفَرَ آخَرُ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فِي قُرْبِ تِلْكَ الْبِئْرِ فَجَذَبَتْ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى مَنْعُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يُعْتَبَرُ مُعْتَدِيًا لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا أَنَّ الْمِيَاهَ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ لَيْسَ بِمِلْكِ أَحَدٍ (التَّنْوِيرُ وَالْغُرَرُ وَالْخَانِيَّةُ) وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1 29 1) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْفَيْضِيَّةُ) .

(المادة 1236) الآبار التي ليست محفورة من الأشياء المباحة والمشتركة بين الناس

سُؤَالٌ - قَدْ ذُكِرَ أَنَّ الضَّرَرَ الْفَاحِشَ يُدْفَعُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (0 20 1) كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (199 1) أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ مَالٍ وَاَلَّذِي يُخْرِجُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1212) أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ بَالُوعًا فِي قُرْبِ بِئْرِ جَارِهِ وَأَفْسَدَ مَاءَ الْبِئْرِ يُدْفَعُ ضَرَرُهُ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1254) أَنَّ لِكُلٍّ حَقَّ الِانْتِفَاعِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْغَيْرِ. فَعَلَى أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا ضَرَرًا فَاحِشًا، وَمَا الْفَرْقُ؟ تَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ. 2 - لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا خَارِجَ حَرِيمِ بِئْرٍ وَجَذَبَتْ الْبِئْرُ الثَّانِيَةُ مِيَاهَ الْبِئْرِ الْأُولَى فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (288 1) . [ (الْمَادَّةُ 1236) الْآبَارُ الَّتِي لَيْسَتْ مَحْفُورَةً مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ] الْمَادَّةُ (1236) - (الْآبَارُ الَّتِي لَيْسَتْ مَحْفُورَةً بِسَعْيِ وَعَمَلِ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بَلْ هِيَ مِنْ الْقَدِيمِ لِانْتِفَاعِ كُلِّ وَارِدٍ هِيَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ) . الْآبَارُ الَّتِي لَيْسَتْ مَحْفُورَةً بِسَعْيِ وَعَمَلِ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ - أَيْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَدْ حَفَرَهَا بِنَفْسِهِ بَلْ هِيَ مِنْ الْقَدِيمِ لِانْتِفَاعِ كُلِّ وَارِدٍ مِنْ مَائِهَا - هِيَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ النَّاسِ فَلِذَلِكَ لِلْعَامَّةِ الِانْتِفَاعُ بِهَذِهِ الْآبَارِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ النَّاسِ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 25 1) . أَمَّا الْبِئْرُ الْمُنْشَأَةُ بِسَعْيِ وَعَمَلِ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ أَيْ الْبِئْرُ الَّتِي حَفَرَهَا أَحَدٌ لِنَفْسِهِ فَهِيَ مِلْكٌ لِحَافِرِهَا وَمُسْتَخْرِجِهَا، أَمَّا الْمِيَاهُ الَّتِي فِي الْبِئْرِ فَلَا تَكُونُ أَيْضًا مِلْكَ صَاحِبِ الْبِئْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 25 1) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 1237) الْبِحَارُ وَالْبُحَيْرَاتُ الْكَبِيرَةُ مُبَاحَةٌ] الْمَادَّةُ (1237) - (الْبِحَارُ وَالْبُحَيْرَاتُ الْكَبِيرَةُ مُبَاحَةٌ) وَعَلَيْهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَنْ يَحْفِرَ جَدْوَلًا وَيُجْرِيَ مِنْهُ مَاءُ الْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ لِأَرْضِهِ وَيَنْتَفِعَ بِحَقِّ الشُّرْبِ وَحَقِّ الشَّفَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمِيَاهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ. أَمَّا إذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ كَأَنْ تَفِيضَ الْمِيَاهُ وَتُفْسِدَ حُقُوقَ النَّاسِ فَيُمْنَعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ فِي الشُّرْبِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (425 1) . وَالْمَقْصُودُ هُنَا مِنْ الْبُحَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ الْبُحَيْرَاتُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِلْكًا وَمَالًا لِأَحَدٍ وَلَمْ تُحَرَّزْ سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً كَبُحَيْرَةِ طبريا أَوْ صَغِيرَةً فَكِلَاهُمَا مُبَاحٌ. أَمَّا الْبُحَيْرَاتُ الْحَاصِلَةُ بِصُنْعِ وَإِحْرَازِ أَحَدٍ فَلَيْسَتْ بِمُبَاحَةٍ وَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ إنْسَانٌ بُحَيْرَةً كَبِيرَةً

(المادة 1238) الأنهار العامة الغير المملوكة

فِي مِلْكِهِ وَأَسَالَ الْمَاءَ إلَيْهَا وَانْقَطَعَ جَرَيَانُ الْمَاءِ إلَيْهَا فَالْمِيَاهُ الَّتِي فِي هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ لَيْسَتْ مُبَاحَةً بَلْ تَكُونُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَالْمِيَاهُ الَّتِي فِي الْجَرَّةِ وَالْحُبِّ وَالْبِرْمِيلِ وَالصِّهْرِيجِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (264 1) (إنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ) هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِثَالٌ لَهَا. [ (الْمَادَّةُ 1238) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ] الْمَادَّةُ (1238) - (الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ. وَهِيَ الْأَنْهَارُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي مُقَاسِمٍ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ - مُبَاحَةٌ أَيْضًا كَالنِّيلِ وَالْفُرَاتِ والطونة والطونجة) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ وَهِيَ الْأَنْهَارُ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي مُقَاسِمٍ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ كَالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ بَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ فَلِذَلِكَ لِكُلٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا لِلْعَامَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1254) وَذَلِكَ أَنَّ لَهُ فَتْحَ جَدْوَلٍ وَأَنْ يُجْرِيَ مِنْهُ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ وَأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ وَأَنْ يُنْشِئَ طَاحُونًا وَأَنْ يَتَّخِذَ سَانِيَةً وَمَشْرَعَةً (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ بِأَنْ تَفِيضَ الْمِيَاهُ وَتُفْسِدَ حُقُوقَ النَّاسِ أَوْ تَمْنَعَ سَيْرَ السُّفُنِ فَلِكُلِّ النَّاسِ حَقُّ مَنْعِهِ، هَذَا فِي الْأَنْهَارِ وَأَمَّا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِنْ ضَرَّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَسَيُبْحَثُ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (263 1 و 4 26 1) عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَلِكُلِّ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ حَقُّ الشَّفَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَالْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ هِيَ كَنَهْرِ النِّيلِ الْجَارِي فِي الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ وَنَهْرِ الْفُرَاتِ الْجَارِي فِي الْعِرَاقِ وَدِجْلَةَ (وَيُقْرَأُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا) وَشَطِّ الْعَرَبِ (وَهُوَ يَحْصُلُ مِنْ اجْتِمَاعِ دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ) وَنَهْرُ الطونة (الدانوب) الَّذِي يَقَعُ قِسْمٌ مِنْهُ فِي بِلَادِ رُومَانْيَا وَنَهْرِ الطونجة الْمُسَمَّى أَيْضًا بِنَهْرِ الْمَرِيجِ الَّذِي يَجْرِي فِي مَدِينَةِ أدرنة فَهَذِهِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ لِأَنَّ الْمِلْكَ حَسْبَ الْمَادَّةِ (249 1) يَحْصُلُ بِالْإِحْرَازِ وَوَضْعِ الْيَدِ وَإِحْرَازُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ وَوَضْعُ الْيَدِ عَلَيْهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فَمَا دَامَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْهَارَ لَا تُحَرَّزُ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ النَّاسِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1234) وَيَثْبُتُ لِكُلِّ النَّاسِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِيهَا حَسْبَ الْمَادَّةِ (265 1) (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الشُّرْبِ وَالزَّيْلَعِيّ فِي الشُّرْبِ) [ (الْمَادَّةُ 1239) الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ] الْمَادَّةُ (1239) - (الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ وَهِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي مُقَاسِمٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ نَوْعَانِ، النَّوْعُ الْأَوَّلُ: هُوَ الْأَنْهَارُ الَّتِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهَا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ جَمِيعُهُ فِي أَرَاضِي هَؤُلَاءِ بَلْ تَجْرِي بَقِيَّتُهُ لِلْمَفَازَاتِ أَيْ الْبَرَارِي الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ، وَبِمَا أَنَّ الْأَنْهَارَ الَّتِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ فَتُسَمَّى بِالنَّهْرِ الْعَامِّ وَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ، النَّوْعُ الثَّانِي النَّهْرُ الْخَاصُّ وَهُوَ الَّذِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهُ عَلَى أَرَاضِي أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ وَاَلَّذِي يَنْفُذُ مَاؤُهُ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهمْ

(المادة 1240) الطمي الذي يأتي به النهر إلى أراضي أحد هو ملكه

وَلَا يَنْفُذُ إلَى مَفَازَةِ الشُّفْعَةِ إنَّمَا تَجْرِي فِي هَذَا النَّوْعِ فَقَطْ) . الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ وَهِيَ الَّتِي دَخَلَتْ فِي مُقَاسِمٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْ فِي مَجَارِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ نَوْعَانِ وَتَعْرِيفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَحْكَامُهُ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (267 1) . النَّوْعُ الْأَوَّلُ - هُوَ الْأَنْهَارُ الَّتِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهَا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ جَمِيعُهُ فِي آخِر أَرَاضِي هَؤُلَاءِ بَلْ تَجْرِي بَقِيَّتُهُ لِلْمَفَازَاتِ أَيْ الْبَرَارِي الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ بِأَنْ يَفْتَحَ عِدَّةُ أَشْخَاصٍ جَدْوَلًا بِالِاشْتِرَاكِ وَتَسِيلُ الْمِيَاهُ مِنْهُ إلَى مَزَارِعِهِمْ وَأَنْ لَا تَنْفُذَ تِلْكَ الْمِيَاهُ فِي مَزَارِعِهِمْ بَلْ تَجْرِي بَقِيَّتُهَا لَلْبَرَارِي وَبِمَا أَنَّ الْأَنْهَارَ الَّتِي هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ عَامَّةٌ مِنْ وَجْهٍ فَتُسَمَّى بِالنَّهْرِ الْعَامِّ وَلَا تَجْرِي فِيهَا الشُّفْعَةُ كَمَا لَا تَجْرِي فِي الْأَنْهَارِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ. النَّوْعُ الثَّانِي - النَّهْرُ الْخَاصُّ وَهُوَ الَّذِي يَتَفَرَّقُ وَيَنْقَسِمُ مَاؤُهُ عَلَى أَرَاضِي أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ وَاَلَّذِي يَنْفَدُ مَاؤُهُ عِنْدَ وُصُولِهِ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهِمْ وَلَا يَنْفُذُ إلَى مَفَازَةٍ، وَقَدْ أُعْطِيت إيضَاحَاتٌ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (955) (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَجْرِي فِي هَذَا النَّوْعِ فَقَطْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ خَلِيطٌ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (8 0 1) . . الْخُلَاصَةُ، الْأَنْهَارُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَنْهَارُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ وَهِيَ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ: إمَّا عَامَّةٌ، وَإِمَّا خَاصَّةٌ. فَعَلَى هَذَا الْحَالِ يَبْلُغُ مَجْمُوعُ أَقْسَامِ الْأَنْهَارِ ثَلَاثَةً (1) النَّهْرُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكِ الْعَامُّ (2) النَّهْرُ الْمَمْلُوكُ الْعَامُّ (3) النَّهْرُ الْمَمْلُوكُ الْخَاصُّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مِنْ الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ فِي حُكْمَيْنِ: 1 - لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ الْعَامَّةِ وَلَكِنْ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ الْخَاصَّةِ. 2 - لَا يُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى كَرْي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ الْعَامَّةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1323) . . وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تُذْكَرَ هَذِهِ الْمَادَّةُ إمَّا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَهُوَ الْأَوْلَى. وَقَدْ ذَكَرَهَا الْقُهُسْتَانِيُّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَإِمَّا أَنْ تُذْكَرَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. وَخُلَاصَةُ هَذِهِ الْمَوَادِّ الثَّلَاثِ هِيَ أَنَّ كُلَّ النَّاسِ مُتَشَارِكُونَ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ فِي أَنْوَاعِ الْمِيَاهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ: (1) الْبِحَارُ (2) الْبُحَيْرَاتُ (3) الْأَنْهَارُ الْعَامَّةُ (4) الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ مِنْهَا أَمَّا فِي حَقِّ الشُّرْبِ فَالْعَامَّةُ شُرَكَاءُ فِي حَقِّ الشُّرْبِ فِي الْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ وَالْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ، أَمَّا فِي حَقِّ الشُّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ فَالْعَامَّةُ غَيْرُ شُرَكَاءَ فِيهَا بَلْ أَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ فِيهَا مَحْصُورٌ فِي أَصْحَابِهَا. [ (الْمَادَّةُ 1240) الطَّمْي الَّذِي يَأْتِي بِهِ النَّهْرُ إلَى أَرَاضِي أَحَدٍ هُوَ مِلْكُهُ] الْمَادَّةُ (1240) - (الطَّمْي الَّذِي يَأْتِي بِهِ النَّهْرُ إلَى أَرَاضِي أَحَدٍ هُوَ مِلْكُهُ وَلَا

يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ) . الطَّمْيُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ النَّهْرُ أَوْ السَّيْلُ إلَى أَرَاضِي أَحَدٍ هُوَ مِلْكُهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الطَّمْيُ بِمِقْدَارِ ذِرَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ أَيْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ فَإِذَا أَخَذَهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بِاجْتِمَاعِ التُّرَابِ فِي مِلْكِهِ قَدْ أَصْبَحَ ذَلِكَ التُّرَابُ مِنْ أَجْزَاءِ مِلْكِهِ، وَإِنَّ الْمَادَّةَ (1305) هِيَ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَقَوْلُ (الطَّمْي) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الشَّجَرِ لِأَنَّ مَا يَأْتِي بِهِ النَّهْرُ مِنْ الشَّجَرِ وَالْأَغْصَانِ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِذَا أَتَى بِهَا السَّيْلُ يَقْلَعُهَا مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ فَتَكُونُ بِلَا صَاحِبٍ وَلِكُلٍّ أَخْذُهَا. وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ إذَا أَصْبَحَ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَكُلُّ مَنْ يَأْخُذُهُ يَمْلِكُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 130) . (الْخَانِيَّةُ فِي الْمَوَاتِ بِزِيَادَةٍ) . الْمَادَّةُ (1 4 2 1) - (كَمَا أَنَّ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا مُبَاحٌ كَذَلِكَ الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ مُبَاحٌ أَيْضًا. أَمَّا إذَا تَسَبَّبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِأَنْ أَعَدَّ أَرْضَهُ وَهَيَّأَهَا بِوَجْهٍ مَا لِأَجَلِ الْإِنْبَاتِ كَسَقْيِهِ أَرْضَهُ أَوْ إحَاطَتِهَا بِخَنْدَقٍ مِنْ أَطْرَافِهَا فَالنَّبَاتَاتُ الْحَاصِلَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ تَكُونُ مَالَهُ فَلَا يَسُوغُ لِآخَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا فَإِذَا أَخَذَ شَيْئًا وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا) . كَمَا أَنَّ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا كَالْأَرَاضِيِ الْمَوَاتِ وَالْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ مُبَاحٌ كَذَلِكَ الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ مُبَاحٌ أَيْضًا، وَهَذَا الْكَلَأُ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَلِكُلِّ إنْسَانٍ أَخْذُهُ وَإِذَا تَمَلَّكَهُ أَحَدٌ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (257 1) . وَبَيْعُ هَذَا الْكَلَأِ قَبْلَ إحْرَازِهِ بَاطِلٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (363) . (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا تَسَبَّبَ هَذَا الشَّخْصُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ بِأَنْ أَعَدَّ أَرْضَهُ وَهَيَّأَهَا بِوَجْهٍ مَا لِأَجَلِ الْإِنْبَاتِ كَسَقْيِهِ الْأَرْضَ أَوْ إحَاطَتِهَا بِخَنْدَقٍ مِنْ أَطْرَافِهَا أَوْ حَرْثِهَا لِلْكَلَأِ فَالنَّبَاتَاتُ الْحَاصِلَةُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ أَيْ الْكَلَأُ تَكُونُ مَالَهُ لِأَنَّهُ كَسْبُهُ وَمُكْتَسَبٌ بِالْكَسْبِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ هَذَا الْكَلَأَ فَالْكَلَأُ الْحَاصِلُ يَكُونُ مَالَهُ سَوَاءٌ كَانَ زَرْعُهُ فِي أَرْضِهِ أَوْ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الشُّرْبِ) . مَثَلًا لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ بِرْسِيمًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَالنَّبَاتُ الْحَاصِلُ مِنْ زَرْعِ الْبِرْسِيمِ مَالٌ لِلزَّارِعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (269 1) فَلَا يَسُوغُ لِآخَرَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) فَإِذَا أَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 89) وَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا يَسْتَرِدُّهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (89) (الْهِنْدِيَّةُ)

(المادة 1243) الكلأ هو النبات الذي لا ساق له

[ (الْمَادَّةُ 1243) الْكَلَأُ هُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ] الْمَادَّةُ (1243) - (الْكَلَأُ هُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ، وَلَا يَشْمَلُ الْأَشْجَارَ، وَالْفِطْرُ أَيْضًا فِي حُكْمِ الْحَشِيشِ) . الْكَلَأُ: هُوَ النَّبَاتُ الَّذِي لَا سَاقَ لَهُ وَإِذَا نَبَتَ يَنْبَسِطُ وَيَنْتَشِرُ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا يَشْمَلُ تَعْبِيرُ الْكَلَأَ الْأَشْجَارَ إذْ أَنَّ حُكْمَ الْأَشْجَارِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (244 1) فَلِذَلِكَ فَالْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ الْحَاصِلَةُ بِغَرْسٍ وَغَيْرُ مَعْلُومٍ غَارِسُهَا هِيَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ لِآخَرَ احْتِطَابُهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِذَا احْتَطَبَهَا أَحَدٌ يَضْمَنُ. وَالْحَشِيشُ وَالشَّوْكُ مِنْ الْأَشْجَارِ أَيْضًا لِأَنَّ لَهُمَا سَاقًا وَسَاقُ الشَّجَرَةِ عِبَارَةٌ عَنْ جِذْعِهَا وَيُقَالُ: قَطَعَ سَاقَ الشَّجَرَةِ أَيْ جِذْعَهَا وَالْفَيْرُوزَجُ وَهُوَ الْحَجَرُ الثَّمِينُ (وَهُوَ مُعَرَّبٌ مِنْ كَلِمَةِ بيروزة الْفَارِسِيَّةِ) وَيُسَمَّى حَجَرَ الْعَيْنِ وَالْقِيرَ أَيْ الزِّفْتَ وَالزِّرْنِيخُ كَالشَّجَرِ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَهِيَ لَهُ فَإِذَا أَخَذَهَا آخَرُ يَضْمَنُهَا. وَالْفِطْرُ وَكَذَلِكَ الْكَمْأَةُ هُمَا فِي حُكْمِ الْكَلَأِ، وَلِذَلِكَ فَاَلَّذِي يَأْخُذُ الْفِطْرَ يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّذِي نَبَتَ فِيهِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ آخِذِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشُّرْبِ وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) . [ (الْمَادَّةُ 1243) الْأَشْجَارُ الَّتِي نَبَتَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ] الْمَادَّةُ (1243) - (الْأَشْجَارُ الَّتِي نَبَتَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ أَيْ الْجِبَالِ الَّتِي لَمْ تَدْخُلْ فِي يَدِ تَمَلُّكِ أَحَدٍ مُبَاحَةٌ) كَذَلِكَ الْأَشْجَارُ الْمَنْسُوبَةُ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ أَهْلِهَا الْوَاقِعَةُ فِي فِنَاءِ الْقَرْيَةِ وَلَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِ أَحَدٍ الْخَاصِّ فَلَا بَأْسَ مِنْ احْتِطَابِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَسَبَبُ قَوْلِهِ (الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا) يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (245 1) . [ (الْمَادَّةُ 1244) الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ هِيَ مِلْكُهُ] الْمَادَّةُ (1244) - (الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ هِيَ مِلْكُهُ فَلَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَحْتَطِبَهَا بِدُونِ إذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ يَضْمَنُ) . الْأَشْجَارُ النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا أَوْ الْمَغْرُوسَةُ مِنْ أَحَدٍ وَغَيْرِ مَعْلُومٍ غَارِسُهَا فِي مِلْكِ أَحَدٍ هِيَ مِلْكُهُ وَلَيْسَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ النَّاسِ وَمُبَاحَةً لَهُمْ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِآخَرَ احْتِطَابُهَا بِدُونِ إذْنِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) . فَإِنْ احْتَطَبَهَا وَكَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ فَتُسْتَرَدُّ عَيْنًا وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا يَضْمَنَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّرْبِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (242 1) إنَّ الشَّجَرَ هُوَ الَّذِي لَهُ سَاقٌ أَيْ الَّذِي إذَا نَبَتَ يَقُومُ عَلَى سَاقِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْحَشِيشُ وَالشَّوْكُ الْأَحْمَرُ هُمَا مِنْ نَوْعِ الشَّجَرِ. وَتَعْبِيرُ (النَّابِتَةِ مِنْ نَفْسِهَا) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَلِذَلِكَ فَالشَّجَرُ الَّذِي يَنْبُتُ بِغَرْسٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَكَمَا تَكُونُ هَذِهِ الشَّجَرَةُ مِلْكَهُ فَالْأَغْصَانُ النَّابِتَةُ مِنْ عُرُوقِهَا فِي عَرْصَةِ جَارِهِ هِيَ مِلْكٌ لَهُ أَيْضًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَغْصَانَ جُزْءٌ مِنْ مِلْكِهِ وَيُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ تِلْكَ الْأَغْصَانِ وَتَفْرِيغِ عَرْصَةِ جَارِهِ (الْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (9 0 9) . . الْمَادَّةُ (2451) - (إذَا طَعَّمَ أَحَدٌ شَجَرَةً فَكَمَا أَنَّ الْخَلَفَ الَّذِي هُوَ مِنْ قَلْمِ التَّطْعِيمِ يَكُونُ مِلْكَهُ كَذَلِكَ ثَمَرَتُهُ تَكُونُ لَهُ أَيْضًا) . أَيْ يَكُونُ الثَّمَرُ مِلْكَهُ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَ أَوْ الْخَلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ التَّطْعِيمِ بِدُونِ إذْنِهِ فَإِذَا أَخَذَ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (890 و 891) ،. وَلَكِنْ لَا يَكُونُ مَالِكًا لِلشَّجَرَةِ بِمُطْلَقِ تَطْعِيمِهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةُ مِلْكًا لِلْغَيْرِ كَمَا يَفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ. وَذَلِكَ أَنَّهُ يُوجَدُ ثَمَانِيَةُ احْتِمَالَاتٍ فِي الشَّجَرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ: 1 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ حَاصِلَةً بِغَرْسِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الشَّجَرَةُ فِي الْأَصْلِ مِلْكًا لَهُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَمَا يَكُونُ الْخَلَفُ الْحَاصِلُ مِنْ التَّطْعِيمِ مِلْكًا لَهُ أَيْضًا. 2 - أَنْ تَنْبُتَ الشَّجَرَةُ مِنْ نَفْسِهَا فِي مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا فَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الشَّجَرَةُ مِلْكَهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1244) كَمَا يَكُونُ أَيْضًا الْخَلَفُ الْحَاصِلُ مِنْ التَّطْعِيمِ مِلْكَهُ. 3 - أَنْ تَنْبُتَ الشَّجَرَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْعَرْصَةِ الْمَمْلُوكَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ فِي أَرَاضٍ مَمْلُوكَةٍ بِالِاشْتِرَاكِ فَيُطَعِّمُهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الشَّجَرَةُ الْمُطَعَّمَةُ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ الْمُطَعِّمِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ أَوْ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ، فَإِذَا أَصَابَ الشَّجَرَةَ الْمُطَعَّمَةَ الشَّرِيكُ الْمُطَعِّمُ فَبِهَا، وَإِذَا أَصَابَ الشَّجَرَةَ الْمُطَعَّمَةَ حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيُقْلَعُ التَّطْعِيمُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (173 1) . (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْمَوَاتِ) . 4 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ نَابِتَةً مِنْ نَفْسِهَا فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا آخَرُ بِسَنَدِ تَمْلِيكٍ، فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُطَعِّمَ تِلْكَ الشَّجَرَةَ وَيُرَبِّيَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُتَصَرِّفِ فِي الْأَرْضِ وَلِلْمُتَصَرِّفِ فِي الْأَرْضِ حَقُّ مَنْعِهِ مِنْ تَطْعِيمِهَا وَإِذَا أَطْعَمَهَا فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ حَقٌّ بِأَنْ يَقْطَعَ الشَّجَرَةَ مِنْ مَحِلِّ التَّطْعِيمِ بِمَعْرِفَةِ الْمَأْمُورِ الْمَخْصُوصِ. 5 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ يَعْنِي لَوْ طَعَّمَ أَحَدٌ شَجَرَةً نَابِتَةً فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ مِنْ نَفْسِهَا فَيَمْلِكُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بِالتَّطْعِيمِ كَمَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ التَّطْعِيمِ. 6 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ نَابِتَةً مِنْ نَفْسِهَا فِي الْأَرَاضِي الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا مُسْتَقِلًّا أَوْ مُشْتَرَكًا مَعَ آخَرَ بِسَنَدِ تَمْلِيكٍ يَعْنِي إذَا طَعَّمَ أَحَدٌ الشَّجَرَةَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا مُسْتَقِلًّا أَوْ مُشْتَرَكًا بِسَنَدِ تَمْلِيكٍ وَرَبَّى تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَيَتَمَلَّكُهَا وَلَا يَحِقُّ لِشَرِيكِهِ الْمُدَاخَلَةُ بِهَا. 7 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ وَاقِعَةً فِي مِلْكِ الْآخَرِ الَّذِي يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا سَوَاءٌ كَانَتْ نَابِتَةً مِنْ

(المادة 1246) كل نوع من حاصلات البذر الذي زرعه أحد لنفسه هو ملكه

نَفْسِهَا أَوْ مَغْرُوسَةً مِنْ صَاحِبِهَا فَإِذَا طَعَّمَ أَجْنَبِيٌّ هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا، يَمْلِكُ الْخَلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ قِسْمِ التَّطْعِيمِ وَالثَّمَرَةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ. 8 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ نَابِتَةً فِي مَرْعَى أَهَالِي قَرْيَةٍ فَإِذَا جَاءَ أَحَدٌ مِنْ الْخَارِجِ وَطَعَّمَ شَجَرَةَ الثَّمَرِ الْوَاقِعَةِ فِي مَرْعَى الْقَرْيَةِ فَيَمْلِكُ الْخَلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ التَّطْعِيمِ وَالثَّمَرَ الْحَاصِلَ مِنْهُ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْمَوَاتِ) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ قَوْلَانِ فِي تَمَلُّكِ الشَّجَرَةِ الْمُطَعَّمَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِعَةِ وَالثَّامِنَةِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - لَا يَتَمَلَّكُ الْمُطَعِّمُ الشَّجَرَةَ وَتَبْقَى تِلْكَ الشَّجَرَةُ مِلْكًا لِصَاحِبِهَا ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَبَقَاءُ مِلْكِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ هُوَ الْأَصْلُ إذْ لَا وَجْهَ لِانْقِطَاعِ حَقِّ مِلْكِهِ مِنْهَا بِالتَّطْعِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ مُوجِبٌ لِلطُّمَأْنِينَةِ. الْقَوْلُ الثَّانِي - أَنْ يَمْلِكَ الْمُطَعِّمُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ أَيْ أَنْ يَمْلِكَ الْخَلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ التَّطْعِيمِ وَيَمْلِكَ أَيْضًا الشَّجَرَةَ الَّتِي وَصَّلَ بِهَا التَّطْعِيمَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَضْمَنُ الْمُطَعِّمُ قِيمَةَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ قَبْلَ التَّطْعِيمِ غَيْرَ مَقْطُوعَةٍ كَمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الثَّمَرِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا صَالِحًا لَتَنَاوُلِ بَنِي الْإِنْسَانِ (الْخَيْرِيَّةُ) وَسَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ أَنَّهُ قَدْ تَبَدَّلَ اسْمُ الشَّجَرَةِ بِتَطْعِيمِهَا وَذَلِكَ فَقَدْ كَانَ اسْمُهَا قَبْلَ التَّطْعِيمِ مَثَلًا شَجَرَةَ بُطْمٍ فَأَصْبَحَ اسْمُهَا بَعْدَ التَّطْعِيمِ شَجَرَةَ فُسْتُقٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (899) . وَفَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ بِأَنَّهُ إذَا طَعَّمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّجَرَةَ الْوَاقِعَةَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَمْلِكُهَا الشَّرِيكُ الْمُطَعِّمُ هِيَ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُطَعِّمَ أَجْنَبِيٌّ فِي تَطْعِيمِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَعَلَيْهِ فَحَسْبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ الشَّرِيكُ الْمُطَعِّمُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الشَّجَرَةِ الْمُطَعَّمَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1246) كُلُّ نَوْعٍ مِنْ حَاصِلَاتِ الْبَذْرِ الَّذِي زَرَعَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ هُوَ مِلْكُهُ] الْمَادَّةُ (1246) - (كُلُّ نَوْعٍ مِنْ حَاصِلَاتِ الْبَذْرِ الَّذِي زَرَعَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ هُوَ مِلْكُهُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا مِنْ أَحَدٍ) . كُلُّ نَوْعٍ مِنْ حَاصِلَاتِ الْبَذْرِ الَّذِي زَرَعَهُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ كَالْحِنْطَةِ وَالتِّبْنِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ حِنْطَةً هُوَ مِلْكُهُ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا مِنْ أَحَدٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) ، وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (1089) سَوَاءٌ زَرَعَ الْبَذْرَ فِي مِلْكِهِ أَوْ زَرَعَهُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَوْ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ مِنْهُ أَوْ غَصْبًا بِدُونِ (إذْنِ الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةِ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ بَذْرًا فِي أَرْضِهِ وَمَرَّتْ مُدَّةٌ وَلَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ فَنَبَتَ الْبَذْرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ النَّبَاتُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا النَّبَاتَ هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ حَيْثُ إنَّهُ فَرْعٌ عَنْ الْبَذْرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الشُّرْبِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ أَيْضًا أَنَّ الزَّرْع الْمَزْرُوعَ فِي الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْبَذْرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَذْرَ الْمَذْكُورَ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ كَانَ

(المادة 1247) الصيد مباح

مَغْصُوبًا فَلِذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ بَذْرَ الْآخَرِ وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ فَحَاصِلَاتُ الْبَذْرِ تَكُونُ لَهُ وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبَ مِثْلُ الْبَذْرِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (899) . . وَتَعْبِيرُ (لِنَفْسِهِ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الزَّرْعِ بِالْوَكَالَةِ وَالنِّيَابَةِ وَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ أَنْ يَزْرَعَ هَذَا الْبَذْرَ فِي أَرْضِهِ وَزَرَعَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْبَذْرَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِآمِرِهِ فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لِلْآمِرِ. [ (الْمَادَّةُ 1247) الصَّيْدُ مُبَاحٌ] لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] . {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَعَلَيْهِ فَلِكُلٍّ أَنْ يَصْطَادَ الصَّيْدَ فَلَوْ اصْطَادَ أَحَدٌ صَيْدًا فِي أَرَاضِي آخَرَ أَوْ فِي الْمَفَازَةِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَحَدٍ أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ فَالصَّيْدُ الَّذِي يَصْطَادُهُ يَكُونُ مِلْكَهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لِمُتَعَهِّدِ الْمَفَازَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ التَّعَرُّضَ لِلصَّيْدِ الْمَذْكُورِ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (292 1 و 297 1 و 0 130) . وَمَعَ ذَلِكَ فَالِاشْتِغَالُ بِالصَّيْدِ يُوَرِّثُ الْغَفْلَةَ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ» (الْهِنْدِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَكِنَّ إبَاحَةَ الصَّيْدِ مُقَيَّدَةٌ وَمَشْرُوطَةٌ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ:. - 1 - أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا بِالْغَيْرِ، فَإِذَا كَانَ الصَّيْدُ يُوجِبُ حُصُولَ مَحْذُورٍ كَنُفُورِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَوْفِ وَاضْطِرَابِ الْإِنْسَانِ فَيُمْنَعُ الصَّيْدُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (9 1) وَشَرْحَهَا. 2 - أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ لِلتَّلَهِّي فَإِذَا كَانَ الصَّيْدُ لِلتَّلَهِّي فَهُوَ غَيْرُ مُبَاحٍ. 3 - أَنْ لَا يُتَّخَذَ الصَّيْدُ حِرْفَةً وَصَنْعَةً وَعَلَيْهِ فَلَوْ اتَّخَذَ أَحَدٌ الصَّيْدَ حِرْفَةً وَصَنْعَةً لَهُ فَلَا يَكُونُ مُبَاحًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الصَّيْدِ) . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ اسْتِمْلَاكِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1248) أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ ثَلَاثَةٌ] الْفَصْلُ الثَّانِي (فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ اسْتِمْلَاكِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ) الْمَادَّةُ (1248) - (أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ، النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ مِنْ مَالِكٍ إلَى مَالِكٍ آخَرَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. الثَّانِي: أَنْ يُخْلِفَ أَحَدٌ آخَرَ كَالْإِرْثِ. الثَّالِثُ: إحْرَازُ شَيْءٍ مُبَاحٍ لَا مَالِكَ لَهُ، وَهَذَا إمَّا حَقِيقِيٌّ وَهُوَ وَضْعُ الْيَدِ حَقِيقَةً عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَإِمَّا حُكْمِيٌّ وَذَلِكَ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِهِ كَوَضْعِ إنَاءٍ لِجَمْعِ الْمَطَرِ وَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِأَجَلِ الصَّيْدِ) . أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ - النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ مِنْ مَالِكٍ إلَى مَالِكٍ آخَرَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالتَّصَدُّقِ وَالتَّسْلِيمِ مُقَابِلُ بَدَلٍ أَوْ بِلَا بَدَلٍ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (899) أَنَّ تَغْيِيرَ الْغَاصِبِ لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ بِصُورَةٍ

يَتَغَيَّرُ فِيهَا اسْمُهُ هُوَ سَبَبٌ لِلتَّمَلُّكِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَهَذَا السَّبَبُ أَيْضًا مَعْدُودٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّمَلُّكِ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ وَبِهِ يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ مَمْنُوعٌ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِلْغَاصِبِ حَسْبَ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَكِنْ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُورُ لِغَيْرِهِ سَبَبًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَلَا يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ جَائِزَةٌ وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ لِلْمُصَلِّي فَمَا ظَنُّكَ بِالْمِلْكِ (فَتْحُ الْمُعِينِ فِي الْغَصْبِ) . الثَّانِي - أَنْ يَخْلُفَ أَحَدٌ آخَرَ كَالْإِرْثِ يَعْنِي أَنْ يَمْلِكَ الْوَارِثُ الْمَالَ الْمَوْرُوثَ بِطَرِيقِ الْخَلَفِ عَنْ مُوَرِّثِهِ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ قَاعِدَةِ مِلْكِيَّةِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ مَسْأَلَتَانِ قَدْ ذُكِرَتَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1129) . الثَّالِثُ - إحْرَازُ شَيْءٍ مُبَاحٌ لَا مَالِكَ لَهُ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَتُدْعَى هَذِهِ الْمِلْكِيَّةُ أَصَالَةً أَيْ بِمَعْنَى ذِي أَصَالَةٍ، وَهَذَا السَّبَبُ الثَّالِثُ مُثْبِتٌ لِلْمِلْكِ مِنْ أَصْلِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) يَعْنِي أَنَّ صِفَةَ الْمِلْكِيَّةِ لِذَلِكَ الْمَالِ قَدْ أَتَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ. وَقَدْ اعْتَبَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ إحْيَاءَ الْمَوَاتِ سَبَبٌ رَابِعٌ لِلْمِلْكِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا السَّبَبَ دَاخِلٌ فِي السَّبَبِ الثَّالِثِ وَلَا حَاجَةَ لِعَدِّهِ سَبَبًا رَابِعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذَا الِاسْتِيلَاءُ وَالْأَخْذُ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا أَوْ يَكُونَ بِوَضْعِ الْيَدِ حَقِيقَةً عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ كَأَخْذِ الْمَاءِ بِإِنَاءٍ مِنْ النَّهْرِ وَكَصَيْدِ الصَّيْدِ وَكَقَطْعِ الْخَشَبِ مِنْ الْجِبَالِ وَكَجَمْعِ الْكَلَأِ الْمُبَاحِ وَتَجْزِيزِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَخْذُ وَالِاسْتِيلَاءُ حُكْمِيًّا وَذَلِكَ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِ الْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَوَضْعِ إنَاءٍ لِجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ وَنَصْبِ شَبَكَةٍ لِأَجَلِ الصَّيْدِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا السَّبَبُ مَوْضُوعًا عُرْفًا وَعَادَةً لِلْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عُرْفًا وَعَادَةً لِلصَّيْدِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَوْضُوعٍ عُرْفًا وَعَادَةً لِلْأَخْذِ وَالِاسْتِيلَاءِ كَنَصْبِ خَيْمَةٍ لِلصَّيْدِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادِ عُرْفًا وَعَادَةً لِلصَّيْدِ أَيْ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ إذَا كَانَ الْقَصْدُ وَالنِّيَّةُ مِنْ نَصْبِهَا وَوَضْعِهَا الصَّيْدَ فَيَمْلِكُ الصَّيْدَ مَنْ هَيَّأَ سَبَبَهُ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ تَهْيِئَةُ السَّبَبِ بِقَصْدِ الصَّيْدِ كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْدِ تَجْفِيفِ الشَّبَكَةِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى الَّتِي أَشَّرَ عَلَيْهَا بِرَقْمٍ وَاحِدٍ يَعْنِي فِي الصَّيْدِ الَّذِي يُصْطَادُ بِتَهْيِئَةِ سَبَبِهِ يَمْلِكُ الْمُسَبِّبُ الصَّيْدَ لِأَنَّ الشَّبَكَةَ لَا تُنَصَّبُ إلَّا لِلصَّيْدِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا نُصِبَتْ الشَّبَكَةُ بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فَاصْطَادَتْ فَلَا يَمْلِكُ نَاصِبُهَا الصَّيْدَ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ آخِذًا لَهُ بِالشَّبَكَةِ وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي أَشَّرَ عَلَيْهَا بِرَقْمِ اثْنَيْنِ إذَا اُصْطِيدَ صَيْدٌ فَلَا يَمْلِكُ النَّاصِبُ الصَّيْدَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1303) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ) . مِثَالٌ ثَانٍ لِتَهْيِئَةِ أَسْبَابِ الصَّيْدِ: لَوْ دَخَلَ الصَّيْدُ فِي دَارِ أَحَدٍ وَرَأَى صَاحِبُ الدَّارِ الصَّيْدَ فَأَقْفَلَ الْبَابَ وَأَصْبَحَ الصَّيْدُ فِي حَالَةٍ يُمْكِنُ صَيْدُهُ بِدُونِ شَبَكَةٍ أَوْ سَهْمٍ فَيَمْلِكُ صَاحِبُ الدَّارِ الصَّيْدَ وَإِذَا أَقْفَلَ الْبَابَ بِدُونِ أَنْ يَرَى الصَّيْدَ وَيَعْلَمَ بِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (لَا مَالِكَ لَهُ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى شَيْءٍ لَهُ مَالِكٌ كَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَطَبٍ جَمَعَهُ

(المادة 1249) كل من يحرز شيئا مباحا يملكه مستقلا

أَحَدٌ مِنْ مَغَارَةٍ وَكَوَّمَهُ لَا يَجْعَلُهُ مَالِكًا لَهُ بَلْ يَكُونُ غَاصِبًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَجِدُهُ المقلش بِلَا تَعْرِيفٍ لَا يُجْعَلُ لَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) [ (الْمَادَّةُ 1249) كُلُّ مَنْ يُحْرِزُ شَيْئًا مُبَاحًا يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا] الْمَادَّةُ (1249) - (كُلُّ مَنْ يُحْرِزُ شَيْئًا مُبَاحًا يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا، مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ نَهْرٍ مَاءً بِوِعَاءٍ كَالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ فَبِإِحْرَازِهِ وَحِفْظِهِ فِي ذَلِكَ الْوِعَاءِ صَارَ مِلْكَهُ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ صَلَاحِيَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَإِذَا أَخَذَهُ آخَرُ بِدُونِ إذْنِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا) . كُلُّ مَنْ يَمْلِكُ شَيْئًا مُبَاحًا يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ السَّبَبِ الثَّالِثِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. الْإِحْرَازُ يُطْلَقُ عَلَى جَعْلِ الشَّيْءِ فِي مَوْضِعٍ حَصِينٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الْإِحْرَازِ وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ تَعْبِيرِ الْأَخْذِ أَنَّهُ لَوْ مَلَأ أَحَدٌ دَلْوَهُ مِنْ الْبِئْرِ وَلَمْ يُبْعِدْ ثَمَّةَ الدَّلْوَ عَنْ بَابِ الْبِئْرِ فَلَا يَمْلِكُ الْمَاءَ الَّذِي فِيهِ. كَذَلِكَ لَوْ مَلَأَ شَخْصٌ طَاسَ الْحَمَّامِ مِنْ حَوْضِهِ فَالْمَاءُ الَّذِي فِي الطَّاسِ يَبْقَى فِي مِلْكِ الْحَمَّامِيِّ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ بِالْمَاءِ الَّذِي فِي الطَّاسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ لَوْ أَخَذَ الْحَمَّامِيُّ ذَلِكَ الْمَاءَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مُعَارِضَتُهُ أَمَّا إذَا أَخَذَهُ مُغْتَسِلٌ آخَرُ فَلِلْمُغْتَسَلِ الَّذِي مَلَأَ الطَّاسَ مُعَارَضَةُ الْمُغْتَسِلِ الْآخِذِ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ مَنْبَعِ مَاءٍ بِوِعَاءٍ كَالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ فَبِإِحْرَازِهِ وَحِفْظِهِ فِي ذَلِكَ الْوِعَاءِ صَارَ مِلْكَهُ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِالْإِحْرَازِ (الطُّورِيُّ) فَلِذَلِكَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ الْمَاءَ بِأَنْوَاعِ التَّمَلُّكَاتِ كَأَنْ يَبِيعَهُ لِآخَرَ أَوْ أَنْ يَهَبَهُ أَوْ أَنْ يُوصِيَ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ يَكُونُ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) ، كَمَا أَنَّ الْمِيَاهَ الَّتِي تُوضَعُ فِي الْآسِتَانَةِ فِي الْبَرَامِيلِ وَالْقَوَارِيرِ وَتُبَاعُ مِنْ قِبَلِ أَصْحَابِهَا كَمِيَاهِ (قَرَهْ قولاق وكوزتبه وشملجه وقايش طَاغِي وَعِلْمِ طَاغِي) هِيَ مِلْكٌ لِأَصْحَابِهَا وَلَيْسَتْ مُبَاحَةً. لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ وَلَدَهُ الصَّبِيَّ أَنْ يُحْضِرَ مَاءً مِنْ الْوَادِي أَوْ الْحَوْضِ فَأَحْضَرَ الْمَاءَ فَيَمْلِكُ الصَّبِيُّ الْمَاءَ إلَّا أَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَنَّ لِوَالِدِ الصَّبِيِّ سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا أَنْ يَصْرِفَ وَيَسْتَهْلِكَ ذَلِكَ الْمَاءَ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ صَلَاحِيَّةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِلَا إذْنٍ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الشَّفَةِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (97) حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ آخَرُ بِدُونِ إذْنِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ يَكُونُ ضَامِنًا فَلِذَلِكَ لَوْ أَرَاقَ أَحَدٌ الْمَاءَ الَّذِي فِي جَرَّةِ آخَرَ

فَيُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهَا لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِنْ لَزِمَ ضَمَانُ الْمِيَاهِ الَّتِي تُؤْخَذُ وَتُسْتَهْلَكُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ مِقْدَارَ النِّصَابِ فَلَا يَلْزَمُ حَدُّ السَّرِقَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ الْقَائِلَ «النَّاسُ - شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» يُوَرِّثُ الشُّبْهَةَ فِي شَرِكَةِ مِثْلِ هَذِهِ الْمِيَاهِ أَيْضًا وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (الطُّورِيُّ) . الْمَادَّةُ (0 25 1) - (يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَازُ مَقْرُونًا بِالْقَصْدِ، فَلِذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ إنَاءٍ فِي مَحِلٍّ بِقَصْدِ جَمْعِ مِيَاهِ الْمَطَرِ فِيهِ فَيَكُونُ مَاءُ الْمَطَرِ الْمُتَجَمِّعِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِلْكَهُ. كَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَجَمِّعُ فِي الْحَوْضِ أَوْ الصِّهْرِيجِ الْمُنْشَأَيْنِ لِأَجَلِ جَمْعِ الْمَاءِ فِيهِمَا مِلْكٌ لِصَاحِبِهِمَا. أَمَّا مِيَاهُ الْمَطَرِ الَّتِي تَجَمَّعَتْ فِي إنَاءٍ وَضَعَهُ أَحَدٌ بِغَيْرِ قَصْدٍ فَلَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ وَيَسُوغُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّانِيَةَ) . يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَازُ مَقْرُونًا بِالْقَصْدِ حَتَّى يَحْصُلَ الْإِحْرَازُ فَإِذَا كَانَ غَيْرُ مَقْرُونٌ بِالْقَصْدِ فَلَا يَحْصُلُ الْإِحْرَازُ فَلِذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدٌ وِعَاءً فِي مَحِلٍّ بِقَصْدِ جَمْعِ مِيَاهِ الْمَطَرِ فِيهِ فَيَكُونُ مَاءُ الْمَطَرِ الْمُتَجَمِّعِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ مِلْكَهُ. كَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَجَمِّعُ فِي الْحَوْضِ أَوْ الصِّهْرِيجِ الْمُنْشَأَيْنِ لِأَجَلِ جَمْعِ الْمَاءِ فِيهِمَا مِلْكٌ لِصَاحِبِهِمَا فَلِذَلِكَ لَوْ نَزَلَ مَاءُ مَطَرِ سَقْفِ جَارِهِ إلَى ذَلِكَ الصِّهْرِيجِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ طَلَبُ مُشَارَكَتِهِ فِي الْمَاءِ الْمُتَجَمِّعِ فِي الصِّهْرِيجِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا مِيَاهُ الْمَطَرِ الَّتِي تَجَمَّعَتْ فِي إنَاءٍ وَضَعَهُ بِدُونِ قَصْدٍ أَيْ بِغَيْرِ قَصْدِ جَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ فِيهِ فَلَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بَلْ تَكُونُ مُبَاحَةً وَيَسُوغُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا. كَذَلِكَ لَوْ جَمَعَ أَحَدٌ الْكَلَأَ الَّذِي فِي طَرَفِ نَهْرِهِ بِقَصْدِ تَطْهِيرِ النَّهْرِ وَتَسْهِيلِ جَرَيَانِ الْمِيَاهِ فِيهِ وَوَضَعَهُ فِي طَرَفِ النَّهْرِ فَلِكُلٍّ أَخْذُهُ وَاسْتِمْلَاكُهُ لِأَنَّ جَمْعَ الْكَلَأِ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ إحْرَازِهِ بَلْ كَانَ بِقَصْدِ تَطْهِيرِ النَّهْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّانِيَةَ. أَنَّ الْمَادَّةَ (1303) هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِثَالٌ لَهَا.

المادة (1251) يشترط في إحراز الماء انقطاع جريه

[الْمَادَّةُ (1251) يُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِ الْمَاءِ انْقِطَاعُ جَرْيِهِ] الْمَادَّةُ (1 25 1) - (يُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِ الْمَاءِ انْقِطَاعُ جَرْيِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْمِيَاهُ الَّتِي فِي الْبِئْرِ الَّذِي يَنْبُعُ فِيهِ الْمَاءُ لَا تُحَرَّزُ فَلَوْ أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ الْمَاءِ النَّابِعِ وَالْمُجْتَمِعِ فِي بِئْرٍ كَهَذَا بِدُونِ إبَاحَةِ صَاحِبِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَتَابِعُ الْوُرُودُ أَيْ مَاءُ الْحَوْضِ الَّذِي بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَاءٌ مِنْ جِهَةٍ يَدْخُلُ إلَيْهِ مَاءٌ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أُخْرَى غَيْرُ مُحَرَّزٍ) . يُشْتَرَطُ فِي إحْرَازِ الْمَاءِ انْقِطَاعُ جَرْيه، وَعَلَيْهِ فَالْمِيَاهُ الَّتِي فِي الْبِئْرِ الَّتِي نَبَعَ مِنْهَا الْمَاءُ لَا تُحَرَّزُ فَلَوْ أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ الْمَاءِ النَّابِعِ وَالْمُتَجَمِّعِ فِي بِئْرٍ كَهَذِهِ بِدُونِ إبَاحَةِ صَاحِبِهَا أَوْ إذْنِهِ وَرُخْصَتِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ مَوْجُودًا بَلْ إنَّ لِكُلٍّ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْبِئْرِ وَسَقَى حَيَوَانَاتِهِ وَلَوْ شَرِبَ جَمِيعَ الْمَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (234 1) لِأَنَّ الْآبَارَ وَالْحِيَاضَ وَالْأَنْهَارَ لَمْ تُوضَعْ لِلْإِحْرَازِ وَلِأَنَّ الْمُبَاحَ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْإِحْرَازِ، وَبِمَا أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَاءِ لِلْوُصُولِ إلَى الْمَحِلِّ الْمَقْصُودِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ مِنْ الْآبَارِ الَّتِي تَقَعُ فِي طَرِيقِهِ لِنَفْسِهِ وَرُفَقَائِهِ وَحَيَوَانَاتِهِ فَإِذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ عَظِيمٌ وَهَذَا مَمْنُوعٌ شَرْعًا (الطُّورِيُّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَفْرَغَ أَحَدٌ جَمِيعَ مِيَاهِ الْبِئْرِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْمَاءِ الَّذِي فِي الْبِئْرِ بَلْ هُوَ مَالِكٌ لِلْبِئْرِ فَقَطْ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1236) كَذَلِكَ الْمَاءُ الْمَوْجُودُ فِي نَهْرٍ خَاصٍّ بِأَحَدٍ غَيْرِ مُحَرَّزٍ فَلَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مَاءَ النَّهْرِ بِلَا إذْنٍ كَأَنْ سَقَى أَرْضَهُ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الطُّورِيُّ) . وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْمُتَتَابِعُ الْوُرُودُ أَيْ مَاءُ الْحَوْضِ الَّذِي بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَاءٌ مِنْ جِهَةٍ يَدْخُلُ إلَيْهِ مَاءٌ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرُ مُحَرَّزٍ فَلِذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْحَوْضِ مَاءً بِجَرَّةٍ أَوْ إنَاءً يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ اسْتِرْدَادُهُ. [ (الْمَادَّةُ 1252) يُحْرَزُ الْكَلَأُ النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ بِجَمْعِهِ وَبِحَصْدِهِ وَتَجْزِيزِهِ] وَيَمْلِكُهُ مُحْرِزُهُ مُسْتَقِلًّا بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (249 1) وَلِذَلِكَ فَالْكَلَأُ الَّذِي يُحْصَدُ وَيُجْرَزُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (97) . فَإِذَا أَخَذَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1 89) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا حَصَدَ وَلَمْ يَجْرُزْ فَلَا يُعَدُّ مُحَرَّزًا وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِحَاصِدِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1253) لِكُلِّ شَخْصٍ أَنْ يَحْتَطِبَ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ] الْمَادَّةُ (1253) - (لِكُلِّ شَخْصٍ أَيًّا كَانَ أَنْ يَحْتَطِبَ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَبِمُطْلَقِ الِاحْتِطَابِ يَعْنِي بِجَمْعِهَا يَصِيرُ مَالِكًا وَلَا يُشْتَرَطُ الرَّبْطُ) .

الفصل الثالث في بيان أحكام الأشياء المباحة للعامة

لِكُلِّ شَخْصٍ أَيًّا كَانَ أَنْ يَحْتَطِبَ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْجَارَ مُبَاحَةٌ وَلِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِالْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (النَّابِتَةُ مِنْ نَفْسِهَا) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ إنْبَاتِهَا وَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ أَحَدٌ شَتْلَ شَجَرٍ فِي مَحِلٍّ مَخْصُوصٍ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَرَبَّاهُ وَأَنْتَجَهُ أَوْ طَعَّمَ الشَّجَرَةَ النَّابِتَةَ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (245 1) فَيُصْبِحُ مَالِكًا لِذَلِكَ الشَّجَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (275 1) . وَبِمُطْلَقِ احْتِطَابِ الشَّجَرِ النَّابِتِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ أَيْ إذَا جَمَعَهُ. وَيُفَسَّرُ بِذَلِكَ الِاحْتِطَابُ، إذْ يُقَالُ: احْتَطَبْتُ إذَا جَمَعْتُ الْحَطَبَ. فَيَكُونُ قَدْ أَحْرَزَهُ وَيُصْبِحُ مَالِكًا لَهُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (429 1) . وَقَوْلُهُ (بِمُطْلَقِ الِاحْتِطَابِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ الْجَمْعِ رَبْطُهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ جَمَعَ أَحَدٌ حَطَبًا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَتَرَكَهُ هُنَاكَ فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَهُ فَلِلْمُحْتَطِبِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ آخِذِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (48 2 1) . [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ] [ (الْمَادَّةُ 1254) يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ] الْفَصْلُ الثَّالِثُ (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لِلْعَامَّةِ) الْمَادَّةُ (1254) - (يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ، لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْعَامَّةِ) . يَجُوزُ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لِكُلِّ أَحَدٍ احْتِطَابُ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ آخَرَ مِنْ أَخْذِ وَإِحْرَازِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (255 1) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ حَيَوَانَاتِهِ الْكَلَأَ النَّابِتَ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا وَأَنْ يَأْخُذَ وَيُحْرِزَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (256 1) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذَ النَّبَاتَ النَّابِتَ فِي مِلْكِ الْآخَرِ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ تَسَبُّبِ صَاحِبِ الْمِلْكِ مَا لَمْ يَمْنَعْ صَاحِبُ الْمِلْكِ الدُّخُولَ إلَى مِلْكِهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَيْسَ لِأَحَدٍ الدُّخُولُ إلَى الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1257)

(المادة 1255) ليس لأحد منع آخر من أخذ وإحراز الشيء المباح

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ اقْتِطَافُ ثَمَرِ الْأَشْجَارِ الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا النَّابِتَةِ فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَفِي الْأَوْدِيَةِ الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (259 1) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُرِيدُهُ لِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَلِصَيْدِ الصَّيْدِ وَيَكُونُ مَا يَجْمَعُهُ الْأَجِيرُ مِنْ الْحَطَبِ وَمَا يَصْطَادُهُ مِنْ الصَّيْدِ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَسْبَ الْمَادَّةِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ النَّارَ فِي الصَّحْرَاءِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَحَدٍ فَلِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَيْ أَنْ يَسْتَدْفِئَ عَلَيْهَا وَيَخِيطَ عَلَى ضَوْئِهَا شَيْئًا وَيَقْرَأَ الْكِتَابَ عَلَيْهِ وَيُشْعِلَ الْمِصْبَاحَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (126 1) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَصْطَادَ الصَّيْدَ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ الِاسْتِفَادَةُ مِنْ الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ بِحَقِّ السَّقْيِ وَالشَّفَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - مَنْ أَحْرَزَ شَيْئًا مُبَاحًا يَمْلِكُهُ مُسْتَقِلًّا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (249 1) لَكِنْ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِالْمُبَاحِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْعَامَّةِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الِانْتِفَاعُ مُوجِبًا لِمَضَرَّةِ النَّاسِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) . فَلِذَلِكَ إذَا أُجْرِيَ مَاءٌ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لِقَرْيَةٍ لِأَجَلِ الشَّفَةِ وَأَرَادَ بَعْضُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ إسْقَاءَ بَسَاتِينِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ فَجَائِزٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِالْأَنْهَارِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1265) إلَّا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِينَ فَإِذَا أَفَاضَ أَحَدٌ الْمَاءَ وَأَضَرَّ بِالنَّاسِ أَوْ انْقَطَعَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ كُلِّيًّا أَوْ مَنَعَ سَيْرَ الْفُلْكِ فَيُمْنَعُ. كَذَلِكَ لِكُلٍّ حَقُّ الدُّخُولِ إلَى النَّهْرِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ وَأَخْذُ الْمَاءِ مِنْهُ وَلَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَيْ بِشَرْطِ عَدَمِ إحْدَاثِ ضَرَرٍ كَإِتْلَافِ طَرَفِ الْحَوْضِ أَوْ بَابِ الْبِئْرِ أَوْ طَرَفِ النَّهْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (268 1) . كَذَلِكَ الصَّيْدُ جَائِزٌ وَمُبَاحٌ إذَا كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالنَّاسِ. أَمَّا إذَا كَانَ مُوجِبًا لِحُصُولِ شَيْءٍ مَمْنُوعٍ كَنُفُورِ الْحَيَوَانَاتِ وَخَوْفِ وَاضْطِرَابِ الْإِنْسَانِ فَالصَّيْدُ الَّذِي يُوجِبُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ. مُسْتَثْنَى - قَدْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الِانْتِفَاعِ مِنْ الْبِحَارِ عَدَمُ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِينَ وَأَنَّهُ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَلَوْ أَضَرَّ بِالْآخَرِينَ. وَسَنَبْحَثُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (264 1) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1255) لَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ آخَرَ مِنْ أَخْذِ وَإِحْرَازِ الشَّيْءِ الْمُبَاحِ]

(المادة 1256) لكل أحد أن يطعم حيوانه الكلأ النابت في المحال

لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَرَادَ أَحَدٌ سَقْيَ مَزْرَعَتِهِ مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَالْفُرَاتِ فَلَيْسَ لِآخَرَ مَنْعُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ احْتِطَابُ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ مِنْ نَفْسِهَا فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِكُلٍّ أَخْذُ وَإِحْرَازُ الْكَلَأِ النَّابِتِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لِكُلِّ أَحَدٍ صَيْدُ الصَّيْدِ وَأَخْذُهُ وَإِحْرَازُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَخْذَ وَإِحْرَازَ الْكَلَأِ النَّابِتِ مِنْ نَفْسِهِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ مَنْعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْإِحْرَازِ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّ لَهُ مَنْعَ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (257 1) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا وُجِدَ حَوْضٌ فِي مِلْكِ أَحَدٍ يَتَتَابَعُ وُرُودُ الْمَاءِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ الشُّرْبَ مِنْ الشُّرْبِ إلَّا أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1256) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ حَيَوَانَهُ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْمَحَالِ] الْمَادَّةُ (1256) - (لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ حَيَوَانَهُ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْمَحَالِ الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا وَيَأْخُذُ وَيُحْرِزُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُرِيدُ) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْعِمَ حَيَوَانَهُ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي الْمَحَالِ الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا كَالْجِبَالِ وَالْأَرَاضِي الْمَوَاتِ وَيَأْخُذُ وَيُحْرِزُ مِنْهُ قَدْرَ مَا يُرِيدُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْكَلَأَ مُبَاحٌ وَلِكُلٍّ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِالْمُبَاحِ وَتَعْبِيرُ (الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ ذَاتِ الصَّاحِبِ وَحُكْمُهَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَتَعْبِيرُ (النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ النَّابِتِ بِتَسَبُّبِ أَحَدٍ أَيْ بِزِرَاعَةِ أَحَدٍ أَوْ سَقْيِهِ أَوْ حَفْرِ خَنْدَقٍ بِأَطْرَافِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (246 1) . الْمَادَّةُ (1257) - (الْكَلَأُ النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ أَيْ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ وَإِنْ يَكُنْ مُبَاحًا إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِهِ مَنْعَ الْغَيْرِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ) . الْكَلَأُ النَّابِتُ مِنْ نَفْسِهِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ أَيْ بِدُونِ تَسَبُّبِهِ وَإِنْ يَكُنْ مُبَاحًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1 241) فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ أَخْذِهِ وَاسْتَمْلَاكِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (255 1) إلَّا أَنَّ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ مَنْعَ

(المادة 1258) إذا أخذ أحد الحطب الذي احتطبه آخر من الجبال المباحة وتركه فيها

الْغَيْرِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (96) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ مَنْعُ أَخْذِ وَاسْتِمْلَاكِ الْكَلَأِ النَّابِتِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَكِنْ لَهُ مَنْعُ الْغَيْرِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ عَدَمِ مَنْعِهِ مِنْ الِاسْتِمْسَاكِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: وَهِيَ إذَا احْتَاجَ أَحَدٌ إلَى الْكَلَأِ وَلَمْ يَجِدْهُ فِي مَحِلٍّ آخَرَ أَيْ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ مَجْبُورٌ أَمَّا بِالْإِذْنِ لِطَالِبِ الْكَلَأِ أَنْ يَدْخُلَ إلَى أَرْضِهِ وَيَجْمَعَ الْكَلَأَ وَيَأْخُذَهُ أَوْ أَنْ يَجْمَعَ بِنَفْسِهِ الْكَلَأَ وَيُخْرِجَهُ خَارِجَ مِلْكِهِ (التَّنْوِيرُ وَالْخَانِيَّةُ) وَالْحُكْمُ فِي الْمَاءِ أَيْضًا عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (268 1) . [ (الْمَادَّةُ 1258) إذَا أَخَذَ أَحَدٌ الْحَطَبَ الَّذِي احْتَطَبَهُ آخَرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَتَرَكَهُ فِيهَا] الْمَادَّةُ (1258) - (إذَا أَخَذَ أَحَدٌ الْحَطَبَ الَّذِي احْتَطَبَهُ آخَرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَتَرَكَهُ فِيهَا فَلِلْمُحْتَطِبِ اسْتِرْدَادُهُ) . إذَا أَخَذَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ الْحَطَبَ الَّذِي احْتَطَبَهُ آخَرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَتَرَكَهُ فِيهَا لِيَأْخُذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ غَاصِبًا فَإِذَا كَانَ الْحَطَبُ مَوْجُودًا عَيْنًا فَيَسْتَرِدُّهُ الْمُحْتَطِبُ وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَيَضْمَنُ بَدَلَهُ لِأَنَّ الْحَطَبَ أَصْبَحَ مِلْكًا لِمُحْتَطِبِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (253 1) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْحَطَبِ وَيَجْرِي فِي كُلِّ مُبَاحٍ مُحَرَّزٍ. وَذَلِكَ لَوْ جَمَعَ أَحَدٌ الْكَلَأَ النَّابِتَ فِي أَرْضِهِ وَجَرَزَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ لِيَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ آخَرُ وَأَخَذَهُ فَلِجَامِعِ الْكَلَأِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ آخِذِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْمَاءَ الَّذِي اغْتَرَفَهُ آخَرُ مِنْ النَّهْرِ بِجَرَّتِهِ وَتَرَكَهُ لِيَأْخُذَهُ فِيمَا بَعْدُ أَيْ أَفْرَغَهُ مِنْ تِلْكَ الْجَرَّةِ فِي جَرَّتِهِ أَوْ أَرَاقَهُ يَضْمَنُ. إذَا أَخَذَ أَحَدٌ الْكَلَأَ الَّذِي جَمَعَهُ آخَرُ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَجَرَزَهُ وَتَرَكَهُ فَلِجَامِعِ الْكَلَأِ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ آخِذِهِ. قِيلَ فِي الشَّرْحِ (تَرَكَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ) فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ مُحْتَطِبُ الْحَطَبِ قَائِلًا: لِيَأْخُذْهُ مَنْ يَجِدُهُ فَلِمَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ أَخْذُ ذَلِكَ الْحَطَبِ وَتَمَلُّكُهُ. [ (الْمَادَّةُ 1259) لِأَيِّ أَحَدٍ كَانَ أَنْ يَقْطِفَ فَاكِهَةَ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ] الْمَادَّةُ (1259) - (لِأَيِّ أَحَدٍ كَانَ أَنْ يَقْطِفَ فَاكِهَةَ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَفِي الْأَوْدِيَةِ وَالْمُرَاعِي الَّتِي لَا صَاحِبَ لَهَا) . أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ وَلِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِالْمُبَاحِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ أَخْذِ وَإِحْرَازِ الشَّيْءِ الْمُبَاحِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . وَمِثْلُ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَجْرِي فِي كَافَّةِ الْمُبَاحَاتِ أَيْضًا إذْ أَنَّهُ لِكُلِّ أَحَدٍ الِاحْتِطَابُ وَالِاحْتِشَاشُ وَأَخْذُ الْمِيَاهِ مِنْ الْأَنْهَارِ الْعَامَّةِ.

(المادة 1260) استأجر أحد آخر لجمع الحطب من البراري أو إمساك الصيد

[ (الْمَادَّةُ 1260) اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْبَرَارِي أَوْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ] الْمَادَّةُ (1260) - (إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْبَرَارِي أَوْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ فَمَا يَجْمَعُهُ الْأَجِيرُ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ مَا يُمْسِكُهُ مِنْ الصَّيْدِ هُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ) إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِتَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَتَسْمِيَةِ الْبَدَلِ لِجَمْعِ الْحَطَبِ أَوْ الْكَلَأِ مِنْ الْبَرَارِي أَيْ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ أَوْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ فَمَا يَجْمَعُهُ الْأَخِيرُ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْكَلَأِ أَوْ مَا يُمْسِكُهُ مِنْ الصَّيْدِ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (562) وَشَرْحَهَا. . وَتَعْبِيرُ (مُسْتَأْجِرٍ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّوْكِيلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَصِحُّ فِي الْمُبَاحَاتِ إذْ يَقْتَضِي فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَثْبُتَ لِلْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لَمْ يَكُنْ حَائِزَهُ الْوَكِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى تَصِحَّ الْوَكَالَةُ وَحَقُّ إحْرَازِ الْمُبَاحِ هُوَ حَقٌّ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ التَّوْكِيلِ. فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ مِنْ الْبَرَارِي أَوْ بِجَمْعِ الْكَلَأِ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَمَا يَجْمَعُهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْحَطَبِ وَالْكَلَأِ فَهُوَ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ. وَقَدْ وَضَحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (459 1) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (333 1) . . إلَّا أَنَّهُ لَوْ اسْتَحْصَلَ أَحَدٌ إذْنًا بِإِحْيَاءِ قِطْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ فَوَكَّلَ آخَرَ بِإِحْيَائِهَا جَازَ وَالْقِطْعَةُ الْمُحْيَاةُ تَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1261) إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرِينَ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا] الْمَادَّةُ (1261) - (إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرِينَ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا أَمَّا إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي صَحْرَاءَ لَيْسَتْ بِمِلْكِ أَحَدٍ فَلِسَائِرِ النَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا وَذَلِكَ بِالتَّدْفِئَةِ وَخِيَاطَةِ شَيْءٍ عَلَى نُورِهَا وَإِشْعَالِ الْقِنْدِيلِ مِنْهَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّارِ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا جَمْرًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبهَا) . إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرِينَ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (70 0 1) . . وَيُفْهَمُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي مُنِعَ هُنَا هُوَ الدُّخُولُ إلَى الْمِلْكِ وَلَيْسَ الِانْتِفَاعِ فَلِذَلِكَ فَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَظِيرُ الْمَادَّةِ (257 1) . قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (257 1 و 268 1) أَنَّ عَلَى أَصْحَابِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ أَنْ يُخْرِجَاهُمَا مِنْ مِلْكِهِمْ لِلْمُحْتَاجِينَ إلَيْهِ مَا أَوْ أَنْ يَأْذَنُوا الْمُحْتَاجِينَ بِالدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِمْ وَلَكِنْ لَيْسُوا مُجْبَرِينَ بِإِخْرَاجِ النَّارِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ، يَعْنِي إذَا لَمْ تُوجَدْ نَارٌ فِي قُرْبِ أَحَدٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَنْ يُخْرِجَ النَّارَ إلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ وَبَيْنَ النَّارِ هُوَ أَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ فِي عَيْنِ الْكَلَأِ وَالْمَاءِ وَلَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً فِي عَيْنِ الْجَمْرَةِ وَالْحَطَبِ بَلْ أَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ فِي جَوْهَرِ الْحُرِّ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجَمْرَةِ مِنْ النَّارِ

الفصل الرابع في بيان حق الشرب والشفة

بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِهَا مَا لَمْ تَكُنْ الْجَمْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ غَيْرَ ذَاتِ قِيمَةٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِهَا عَادَةً لِأَنَّ مَنْ يُرِيدُ الْمَنْعَ يَكُونُ مُتَعَنِّتًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَوْقَدَ أَحَدٌ نَارًا فِي صَحْرَاءَ لَيْسَتْ بِمِلْكِ أَحَدٍ فَلِسَائِرِ النَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَالِانْتِفَاعُ هُنَا لَيْسَ بِصُورَةِ أَخْذِ النَّارِ أَوْ الْفَحْمِ أَوْ الْحَطَبِ مَعَ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمَاءِ وَالْكَلَأِ هُوَ بِصُورَةِ أَخْذِهِمَا وَلِبَيَانِ ذَلِكَ قَدْ وَضَحَ الِانْتِفَاعُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ بِالتَّدْفِئَةِ عَلَيْهَا وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْ حَرَارَتِهَا بِتَجْفِيفِ ثِيَابِهِ وَأَنْ يَخِيطَ شَيْئًا عَلَى نُورِهَا وَأَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ نُورِهَا بِقِرَاءَةِ كِتَابٍ وَأَنْ يُشْعِلَ الْقِنْدِيلَ مِنْهَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّارِ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالنَّارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ هُوَ هَذَا كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1234) . وَلَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَطَبًا أَوْ جَمْرًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ هُوَ إمَّا فَحْمٌ أَوْ حَطَبٌ وَصَاحِبُهُمَا قَدْ مَلَكَهُمَا بِالْإِحْرَازِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (253 1) مَا لَمْ يَكُنْ الشَّيْءُ الْمَأْخُوذُ غَيْرَ ذِي قِيمَةٍ بِأَنْ تَكُونَ الْجَمْرَةُ مَثَلًا صَغِيرَةً وَحَقِيرَةً فَإِذَا أُطْفِئَتْ لَا تَكُونُ فَحْمَةً بَلْ تَكُونُ رَمَادًا (الْخَانِيَّةُ) وَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَالْمَانِعُ لِأَخْذِ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَعَنِّتًا. [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ حَقِّ الشُّرْبِ وَالشَّفَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1262) الشُّرْبُ هُوَ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ] الْفَصْلُ الرَّابِعُ (فِي بَيَانِ حَقِّ الشُّرْبِ وَالشَّفَةِ) الْمَادَّةُ (1262) - (الشُّرْبُ هُوَ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ) . الشِّرْبُ بِكَسْرِ الشِّينِ لُغَةً الْحِصَّةُ مِنْ الْمَاءِ الرَّاكِدِ أَوْ الْجَارِي لِلْحَيَوَانِ أَوْ الْجَمَاعَةِ. أَمَّا مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ فَهُوَ نَوْبَةُ الِانْتِفَاعِ أَيِّ وَقْتٍ وَزَمَانٍ لِسَقْيِ الزَّرْعِ وَالْحَيَوَانِ (الْفَيْضِيَّةُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَرُكْنُ الشِّرْبِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَاءِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَائِمٌ بِهِ وَحُكْمُ الشِّرْبِ الْإِرْوَاءُ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّكْلِ وَالْمَاءُ لِلْإِرْوَاءِ. وَرُكْنُ حِلِّ الشِّرْبِ أَنْ يَكُونَ مَنْ يُرِيدُ الِانْتِفَاعُ بِالشِّرْبِ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الشِّرْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 1263) حَقُّ الشَّفَةِ هُوَ حَقُّ شِرْبِ الْمَاءِ] أَيْ حَقُّ شِرْبِ الْمَاءِ لِبَنِي الْإِنْسَانِ وَلِلْحَيَوَانَاتِ فَلِذَلِكَ فَحَقُّ الشَّفَةِ أَخُصُّ مِنْ الشِّرْبِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الشَّفَةَ مَخْصُوصٌ بِالْحَيَوَانِ وَالشِّرْبُ عَامٌّ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَالزَّرْعَ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ حَقَّ الشَّفَةِ هُوَ حَقُّ شِرْبِ الْمَاءِ لِدَفْعِ الْعَطَشِ فَقَطْ إلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا هُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ لِدَفْعِ عَطَشِ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلِطَبْخِ الطَّعَامِ وَلِلْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَلِدَفْعِ عَطَشِ الْحَيَوَانَاتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1264) كما ينتفع كل أحد بالهواء والضياء فله أيضا أن ينتفع بالبحار

[ (الْمَادَّةُ 1264) كَمَا يَنْتَفِعُ كُلُّ أَحَدٍ بِالْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِحَارِ] الْمَادَّةُ (1264) - (كَمَا يَنْتَفِعُ كُلُّ أَحَدٍ بِالْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ) . كَمَا يَنْتَفِعُ كُلٌّ أَحَدٍ بِالْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ وَكَمَا لَا يَحِقُّ لِأَحَدٍ مَنْعُ آخَرَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ الْكَبِيرَةِ بِأَنْ يَشْرَبَ مِنْهُمَا وَيَفْتَحَ جَدْوَلًا وَيَسْقِيَ بُسْتَانَه مِنْهَا أَوْ حَيَوَانَاتِهِ أَوْ أَنْ يَسِيلَ الْمَاءَ إلَى دَارِهِ وَمَنْزِلِهِ وَلَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يُرِيدُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأَنْهَارِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ حُصُولِ الْمَضَرَّةِ لِلْغَيْرِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا الشَّرْطُ هُنَا: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْعَيْنِيُّ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْبِحَارِ مَشْرُوطٌ أَيْضًا بِعَدَمِ حُصُولِ الضَّرَرِ لِلْغَيْرِ، أَمَّا الْقُهُسْتَانِيُّ فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ أَحَدٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْبِحَارِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِالْغَيْرِ: اُنْظُرْ شَرْحَ مَادَّةِ (4 25 1) . [ (الْمَادَّةُ 1265) لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ الْأَنْهُرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ] الْمَادَّةُ (1265) - (لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ الْأَنْهُرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ، وَلَهُ أَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا وَمَجْرًى لِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَلِإِنْشَاءِ طَاحُونٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ بِالْآخَرِينَ فَلِذَلِكَ إذَا أَفَاضَ الْمَاءُ وَأَضَرَّ بِالْخَلْقِ أَوْ انْقَطَعَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ انْعَدَمَ سَيْرُ الْفُلْكِ فَيُمْنَعُ) . لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الشِّرْبِ وَحَقُّ الشَّفَةِ فِي الْأَنْهُرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْ لَهُ سَقْيُ أَرَاضِيهِ، وَذَلِكَ لَوْ أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا قُرْبَ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ فَلَهُ شِقُّ جَدْوَلٍ وَإِسَالَةُ مَاءِ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ إلَى أَرْضِهِ الَّتِي أَحْيَاهَا (شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي الشِّرْبِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فُتِحَ الْجَدْوَلُ مِنْهُ مِلْكًا لَهُ وَلِكُلٍّ أَيْضًا أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ مِنْ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَأَنْ يَغْسِلَ ثِيَابَهُ وَأَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا وَمَجْرَى فِي مِلْكِهِ أَوْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ مُجَدِّدًا أَوْ تَزْيِيدًا لِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَإِنْشَاءِ طَاحُونٍ كَأَنْ يَكُونَ لِلْجَدْوَلِ ثَلَاثَةُ مَنَافِذَ فَيُذِيدُهَا وَيَجْعَلُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَوْ خَمْسَةَ مَنَافِذَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الشِّرْبِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ نَهْرٌ كَبِيرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فِي قُرْبِ كَرْمِ أَحَدٍ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْكَرْمِ إنْشَاءَ سَانِيَةٍ عَلَى النَّهْرِ لِسَقْيِ كَرْمِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْآخَرِينَ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الْكُرُومِ وَالسَّوَانِي الْوَاقِعَةِ تَحْتَ كَرْمِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي عَدَمِ رِضَائِهِمْ. كَذَلِكَ لَوْ شَقَّ أَصْحَابُ قَرْيَةٍ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ جَدْوَلًا فِي أَرَاضِيِهِمْ الْجَارِيَةِ فِي تَصَرُّفِهِمْ وَأَحْدَثُوا فِي أَرَاضِيهِمْ مَزَارِعَ أَوَزَّ وَأَرَادُوا إسَالَةَ الْمَاءِ إلَيْهَا مِنْ النَّهْرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى الْوَاقِعَةِ فِي أَعْلَى الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى مَنْعُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ إسَالَةِ الْمَاءِ إلَى مَزَارِعِهِمْ بِدَاعِي عَدَمِ وُجُودِ مُزَارِعٍ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ قَدِيمًا (الْبَهْجَةُ) لِأَنَّ مِيَاهَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَنْهَارِ الْكَبِيرَةِ الْغَيْرِ الدَّاخِلَةِ فِي الْمُقَاسِمِ مُبَاحَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّرْبِ) . وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ جَدْوَلًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) .

(المادة 1266) لجميع الناس والحيوانات حق الشفة في الماء الذي لم يحرز

وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ بِالْآخَرِينَ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُبَاحِ إنَّمَا يَجُوزُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْمَضَرَّةِ بِأَيِّ أَحَدٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 25 1) فَلِذَلِكَ إذَا أَفَاضَ الْمَاءُ وَأَضَرَّ بِالْخَلْقِ أَوْ انْقَطَعَتْ مِيَاهُ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ تَعَذَّرَ سَيْرُ الْفُلْكِ فَيُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إذَا أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ فَلِكُلٍّ حَقُّ مَنْعِهِ لِأَنَّ الْأَنْهَارَ الْغَيْرَ الْمَمْلُوكَةِ هِيَ حَقٌّ لِلْعَامَّةِ وَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْعَامَّةِ حَقُّ دَفْعِ الضَّرَرِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) . كَذَلِكَ إذَا أَضَرَّ بِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقُّ الْمَنْعِ، وَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا وَحَفَرَ جَدْوَلًا فِي مِلْكِهِ فِي أَعْلَى مَزْرَعَةِ آخَرَ لِجَلْبِ الْمَاءِ إلَيْهَا وَعِنْدَ إجْرَاءِ الْمَاءِ لِلْجَدْوَلِ فَاضَتْ الْمِيَاهُ لِضِيقِ الْجَدْوَلِ وَاسْتَوْلَتْ عَلَى مَزْرَعَةِ آخَرَ وَأَضَرَّتْ بِهَا فَلِصَاحِبِ الْمَزْرَعَةِ دَفْعُ ضَرَرِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي قُبَيْلَ الْحِيطَانِ) وَلَيْسَ لِوَالٍ أَوْ قَاضٍ أَنْ يَأْذَنَ بِأَخْذِ الْمِيَاهِ مِنْ النَّهْرِ إذَا كَانَ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهُ مُضِرًّا بِالْعَامَّةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الْأَنْهَارِ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنْ مُنِعَ أَحَدٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالنَّهْرِ الْعَامِّ بِسَبَبِ ضَرَرِ ذَلِكَ بِالْعَامَّةِ هُوَ ضَرَرٌ لِلشَّخْصِ الْمَمْنُوعِ إلَّا أَنَّ السَّمَاحَ لَهُ بِالِانْتِفَاعِ هُوَ ضَرَرٌ بِالْخَلْقِ وَبِالْعَامَّةِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ اُخْتِيرَ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّرْبِ) . وَقَيْدُ (إذَا انْقَطَعَتْ الْمِيَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَذَلِكَ إذَا كَانَ نَهْرٌ عَظِيمٌ يَجْرِي إلَى مَدِينَةٍ وَيَنْتَفِعُ بِمَائِهِ أَهْلُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِكُوَّاتِ مَعْرُوفَةٍ فَأَحْيَا أَحَدٌ أَرَاضِيهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى طَرِيقِ النَّهْرِ الْجَارِي لِلْمَدِينَةِ وَأَسَالَ الْمَاءَ إلَيْهَا فَيُنْظَرُ: فَإِذَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّرْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 1266) لِجَمِيعِ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ حَقُّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَمْ يُحْرَزْ] الْمَادَّةُ (266 1) - (لِجَمِيعِ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ حَقُّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَمْ يُحْرَزْ) سَوَاءٌ الْمِيَاهُ الْغَيْرُ الْمَمْلُوكَةِ كَمِيَاهِ الْبِحَارِ وَالْبُحَيْرَاتِ وَالْأَنْهَارِ الْعِظَامِ أَوْ الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ فَلِذَلِكَ لِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِلْكَ الْمِيَاهِ لِلشُّرْبِ حَتَّى لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ مَمْلَحَةِ آخَرَ مَاءَ مِلْكِهِ فَإِذَا انْقَلَبَتْ مِيَاهُ تِلْكَ الْمَمْلَحَةِ إلَى مِلْحٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ فَإِذَا أَخَذَهُ كَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشِّرْبِ) . قِيلَ (الَّذِي لَمْ يُحْرَز) لِأَنَّهُ إذَا أَحْرَزَ أَحَدٌ مَاءً فِي وِعَاءٍ كَالْجَرَّةِ أَوْ الْخَابِيَةِ أَوْ انْقَطَعَ جَرَيَانُ الْمِيَاهِ إلَيْهِ كَانَ مَالِكًا لَهُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ الشِّرْبِ أَوْ حَقُّ الشَّفَةِ فِيهِ. قِيلَ (حَقُّ الشَّفَةِ) وَهَذَا التَّعْبِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ مَالِكِينَ لِلْمَاءِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ الْمَاءَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الشِّرْبِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِيهِ) . [ (الْمَادَّةُ 1267) حَقُّ الشِّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ] الْمَادَّةُ (1267) - (حَقُّ الشِّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْ فِي الْمِيَاهِ الدَّاخِلَةِ فِي

الْمَجَارِي الْمَمْلُوكَةِ هُوَ لِأَصْحَابِهَا وَلِلْآخَرِينَ فِيهَا حَقُّ الشَّفَةِ فَعَلَيْهِ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ مِنْ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ بِجَمَاعَةٍ أَوْ جَدْوَلٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرٍ بِلَا إذْنِهِمْ لَكِنْ يَسُوغُ لَهُ شُرْبُ الْمَاءِ بِسَبَبِ حَقِّ شَفَتِهِ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُورِدَ حَيَوَانَاتِهِ وَيَسْقِيَهَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ تَخْرِيبِ النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ أَوْ الْقَنَاةِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَكَذَلِكَ لَهُ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهَا إلَى دَارِهِ وَجُنَيْنَتِهِ بِالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ) . حَقُّ الشِّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ أَيْ فِي الْمِيَاهِ الدَّاخِلَةِ فِي الْمَجَارِي الْمَمْلُوكَةِ هُوَ لِأَصْحَابِهَا أَيْ مَخْصُوصٌ وَمَحْصُورٌ فِي أَصْحَابِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَنْهَارُ الْمَمْلُوكَةُ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (239 1) . وَالنَّهْرُ الَّذِي يُفْرِزُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّهْرِ الْغَيْرِ الْمَمْلُوكِ وَيَجُرُّونَهُ إلَى أَرَاضِيهِمْ مِنْ الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ وَإِذَا سَقَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ أَرَاضِيهِمْ مِنْهُ حَسْبَ الْمُعْتَادِ أَيْ بِدَرَجَةِ تَحَمُّلِ أَرَاضِيهِمْ عَادَةً فَفَاضَتْ الْمِيَاهُ وَأَضَرَّتْ بِأَرَاضِي جِيرَانِهِمْ فَلَا يَضْمَنُونَ هَذِهِ الْمَضَرَّةَ، أَمَّا إذَا سَقَوْا أَرَاضِيهِمْ خِلَافَ الْمُعْتَادِ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لِجِيرَانِهِمْ فَيَضْمَنُونَ الضَّرَرَ، كَذَلِكَ إذَا سَقَى أَحَدٌ أَرْضَهُ وَكَانَ فِيهَا حُفْرَةٌ فَتَسَرَّبَتْ الْمِيَاهُ مِنْهَا وَأَضَرَّتْ بِالْجَارِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَالِمًا بِوُجُودِ الْحُفْرَةِ فَيَضْمَنُ الضَّرَرَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَلَا يَضْمَنُ. أَمَّا لَوْ أَجْرَى أَحَدٌ الْمِيَاهَ إلَى أَرَاضِيهِ فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا أَوْ زِيَادَةٍ عَنْ تَحَمُّلِهَا أَوْ حَوَّلَ الْمَاءَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الشِّرْبِ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ مَضَرَّةٌ لِجَارِهِ كَأَنْ اسْتَوْلَتْ الْمِيَاهُ عَلَى مَزْرَعَةِ جَارِهِ أَوْ تَلِفَتْ مَزْرُوعَاتُهُ فَيَضْمَنُ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1 9 و 93) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْكَفَوِيِّ فِي الشِّرْبِ) . وَلِلْآخَرِينَ أَيْ لِجَمِيعِ النَّاسِ غَيْرَ أَصْحَابِهَا حَقُّ الشَّفَةِ فَعَلَيْهِ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْقِيَ أَرَاضِيَهُ وَمَزْرُوعَاتِهِ وَأَشْجَارَهُ مِنْ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ بِجَمَاعَةٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ بِئْرِ أَحَدٍ أَوْ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهَا بِتَدْوِيرِ طَاحُونَةٍ عَلَى مَائِهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِأَصْحَابِهَا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ لِلسَّقْيِ مُضْطَرًّا لِلسَّقْيِ أَوْ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لَهُ وَلَيْسَ لِلْوَالِي أَوْ الْقَاضِي أَنْ يَمْنَحَ أَحَدًا لَيْسَ لَهُ حَقُّ الشِّرْبِ، حَقَّ الشِّرْبِ فِي الْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ، لِأَنَّ حَقَّ الشِّرْبِ فِي الْمِيَاهِ الدَّاخِلَةِ فِي مُقَاسِمٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ عَائِدٌ لِأَصْحَابِهَا وَشَرِكَةُ حَقِّ الشُّرْبِ فِي الْمَاءِ مُنْقَطِعَةٌ فَيَجِبُ لِلِانْتِفَاعِ بِالشَّرْبِ مِنْ هَذِهِ الْمِيَاهِ إذْنُ أَصْحَابِهَا لِأَنَّ إبَاحَةَ الشُّرْبِ تُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَلَا نِهَايَةَ لِذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ أَنَّ أَصْحَابَ النَّهْرِ الْمَخْصُوصِ بِجَمَاعَةٍ أَذِنُوا لِلْآخَرِ بِالسَّقْيِ وَكَانَ أَحَدُ أَصْحَابِ النَّهْرِ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ الْآخَرِ سَقْيُ أَرَاضِيهِ بِهَذَا الْإِذْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا سَقَى بِلَا إذْنٍ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَاءِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ وَإِتْلَافَ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَكِنْ إذَا تَكَرَّرَ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ أَيْ السَّقْيُ إذْنٌ فَيُؤَدَّبُ الْفَاعِلُ بِالْحَبْسِ بِأَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا سَقَى أَحَدٌ مَزْرَعَتَهُ بِإِذْنٍ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مُدَّةً فَلِأَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ وَلِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ مَنْعُهُ مِنْ الْإِسْقَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (226 1) . (النَّتِيجَةُ) قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَشَرْحِهَا أَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ السَّقْيُ مِنْ النَّهْرِ وَالْجَدْوَلِ وَالْعَيْنِ، وَلِنُوَضِّحَ ذَلِكَ فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ: 1 - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ النَّهْرِ، مَثَلًا إذَا كَانَ نَهْرٌ مَخْصُوصٌ بِأَهَالِي قَرْيَةٍ فَلَيْسَ لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى السَّقْيُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَيْسَ لَهُمْ إذَا مُنِعُوا مِنْ السَّقْيِ مِنْ أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُولَى أَنْ يَزْعُمُوا بِأَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ لَأَنْ يَسْقُوا مَزْرُوعَاتِهِمْ بِسَبَبِ نُقْصَانِ الْمَطَرِ وَخَطَرِ تَلَفِ مَزْرُوعَاتِهِمْ (الْبَهْجَةُ) . 2 - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ الْجَدْوَلِ، مَثَلًا لَوْ شَقَّ أَحَدٌ نَهْرًا خَاصًّا أَيْ جَدْوَلًا مِنْ نَهْرٍ عَامٍّ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ لِسَقْيِ مَزْرُوعَاتِهِ أَوْ كَرْمِهِ أَوْ جُنَيْنَتِهِ فَلَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ الْجَدْوَلَ وَأَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ وَلَكِنْ إذَا أَخَذَ صَاحِبُ الْجَدْوَلِ حَاجَتَهُ مِنْ الْمَاءِ وَأَصْبَحَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ الْمَاءِ الْبَاقِي وَأَصْبَحَ الْمَاءُ يَصُبُّ إلَى الْخَارِجِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُمْنَعَ الْآخَرُ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الْمِيَاهِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ الَّتِي تَجْرِي إلَى طَاحُونٍ مِنْ الْقَدِيمِ تَسِيلُ عِنْدَ تَزَايُدِهَا إلَى طَاحُونٍ آخَرَ ثُمَّ شَحَّتْ الْمِيَاهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ صَاحِبُ الطَّاحُونِ الْآخَرِ تَشْغِيلَ طَاحُونِهِ وَكَانَ الْحَالُ جَارِيًا مِنْ الْقَدِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَخْرِقَ جَدْوَلَ صَاحِبِ الطَّاحُونِ الْأُولَى عِنْدَ قِلَّةِ الْمِيَاهِ وَيَجْرِي الْمَاءَ إلَى طَاحُونِهِ (الْبَهْجَةُ) . 3 - لَيْسَ لَهُ السَّقْيُ مِنْ الْعَيْنِ، مَثَلًا لَوْ كَانَتْ عَيْنٌ تَنْبُعُ مِنْ الْقَدِيمِ فِي مَزْرَعَةِ أَحَدٍ وَيَسْقِي مَزْرَعَتَهُ بِحَقٍّ مِنْهَا فَأَرَادَ آخَرُونَ سَقْيَ أَرَاضِيهِمْ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِ الْعَيْنِ مَنْعُهُمْ مِنْ السَّقْيِ. لَكِنْ يَسُوغُ لَهُ شُرْبُ الْمَاءِ بِسَبَبِ حَقِّ شَفَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلَهُ الْوُضُوءُ وَالِاغْتِسَالُ وَغَسْلُ الثِّيَابِ يَعْنِي يَجُوزُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْعَيْنِ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ بِالشُّرْبِ مِنْهُ وَسَقْيِ الدَّوَابِّ وَأَخْذِ الْوُضُوءِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي فَصْلٍ فِي الشُّرْبِ وَالْفَيْضِيَّةُ عَنْ الْخُلَاصَةِ) . وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُورِدَ حَيَوَانَاتِهِ وَيَسْقِيَهَا إذَا لَمْ يَخْشَ مِنْ تَخْرِيبِ النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ أَوْ الْقَنَاةِ فَإِذَا خَشِيَ مِنْ تَخْرِيبِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَنْهَارُ وَالْآبَارُ وَالْحِيَاضُ وَاقِعَةً فِي الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةِ أَوْ فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُبَاحِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (4 25 1) مَشْرُوطٌ بِالسَّلَامَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (إذَا لَمْ يَخْشَ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَنْعِ حُصُولُ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالتَّخْرِيبِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الشُّرْبِ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْجَدْوَلُ صَغِيرًا وَكَانَتْ الْحَيَوَانَاتُ الَّتِي أُورِدَتْ لِلسَّقْيِ كَثِيرَةً فَإِذَا شَرِبَتْ مِنْ الْجَدْوَلِ تَنْقَطِعُ الْمِيَاهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ لَهُ سَقْيَ حَيَوَانَاتِهِ أَيْضًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ

(المادة 1268) إذا كان ضمن ملك أحد حوض أو بئر أو نهر ماؤه متتابع الورود

لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِوُجُودِ الضَّرَرِ، وَقَدْ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُلْتَقَى بِالْقَوْلِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَكَذَلِكَ لَهُ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْهَا بِلَا إذْنٍ إلَى دَارِهِ بِوِعَاءٍ كَالْجَرَّةِ وَالْبِرْمِيلِ لِأَجَلِ الْغُسْلِ وَالشُّرْبِ وَطَبْخِ الطَّعَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلِجُنَيْنَتِهِ لِسَقْيِ أَشْجَارِهِ وَكَلَئِهِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (266 1) أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مَاءً مِنْ مَمْلَحَةِ آخَرَ فَلَا يَضْمَنُهُ صَاحِبُ الْمَمْلَحَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَحَوَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى مِلْحٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّرْبِ) . وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَصَاحِبِ الْخَانِيَّةُ وَالْوَجِيزُ أَنَّ لَيْسَ لَهُ نَقْلُ الْمَاءِ إلَى جُنَيْنَتِهِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ النَّاسَ يُظْهِرُونَ وَسِعَةً فِي هَذَا الْخُصُوصِ وَيَعُدُّونَ الْمَنْعَ دَنَاءَةً وَخِسَّةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الشِّرْبِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَرْضٌ قُرْبَ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ بِجَمَاعَةٍ وَأَرَادَ أَخْذَ الْمَاءِ مِنْ النَّهْرِ بِوِعَاءٍ لِسَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ أَشْجَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشِّرْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 1268) إذَا كَانَ ضِمْنَ مِلْكِ أَحَدٍ حَوْضٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَهْرٌ مَاؤُهُ مُتَتَابِعُ الْوُرُودِ] الْمَادَّةُ (1268) - (إذَا كَانَ ضِمْنَ مِلْكِ أَحَدٍ حَوْضٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَهْرٌ مَاؤُهُ مُتَتَابِعُ الْوُرُودِ فَلَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ شُرْبَ الْمَاءِ مِنْ الدُّخُولِ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي قُرْبِهِ مَاءٌ مُبَاحٌ غَيْرُهُ لِلشُّرْبِ فَصَاحِبُ الْمِلْكِ مَجْبُورٌ عَلَى إخْرَاجِ الْمَاءِ لَهُ أَوْ أَنْ يَأْذَنَهُ بِالدُّخُولِ لِأَخْذِ الْمَاءِ وَإِذَا لَمْ يُخْرِجْ لَهُ الْمَاءَ فَلَهُ حَقُّ الدُّخُولِ وَأَخْذُ الْمَاءِ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ إيقَاعِ ضَرَرٍ كَتَخْرِيبِ حَافَةِ الْحَوْضِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ) . إذَا كَانَ ضِمْنَ مِلْكِ أَحَدٍ حَوْضٌ أَوْ بِئْرٌ أَوْ نَهْرٌ مَاؤُهُ مُتَتَابِعُ الْوُرُودِ أَيْ غَيْر مُنْقَطِع الْوُرُود كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1251) فَلَهُ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ شُرْبَ الْمَاءِ أَيْ اسْتِعْمَالَ حَقِّ الشَّفَةِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مِلْكِهِ هَذَا إذَا كَانَ يُوجَدُ فِي قُرْبِ ذَلِكَ الْمَاءِ مَاءٌ آخَرُ لَيْسَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَتَضَرَّرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ هَذَا الْمَنْعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشِّرْبِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . حَتَّى لَوْ أَخَذَ مَاءً قَبْلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَاءِ مُدَّةً فَلِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَيْضًا مَنْعُهُ مِنْ الدُّخُولِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1226) . وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ فِي قُرْبِهِ مَاءٌ مُبَاحٌ أَيْ فِي غَيْرِ مِلْكِ أَحَدٍ - وَالْقُرْبُ هُنَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ بِمَسَافَةِ مِيلٍ قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ (مَسَافَةَ عِشْرِينَ دَقِيقَةً تَقْرِيبًا) - غَيْرِهِ لِلشِّرْبِ فَصَاحِبُ الْمِلْكِ مَجْبُورٌ عَلَى إخْرَاجِ الْمَاءِ لَهُ أَوْ أَنْ يَأْذَنَهُ بِالدُّخُولِ لِأَخْذِ الْمَاءِ لِأَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقَّ الشَّفَةِ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ (التَّنْوِيرُ) . وَإِذَا لَمْ يَأْذَنْهُ بِالدُّخُولِ لِأَخْذِ الْمَاءِ وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُ الْمَاءَ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى حَيَوَانِهِ مِنْ الْعَطَشِ فَلَهُ أَنْ يَقِفَ فِي وَجْهِهِ وَيَدْخُلَ جَبْرًا وَقَهْرًا إلَى مِلْكِهِ وَيَأْخُذَ الْمَاءَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ الْعَطَشَ وَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِالسِّلَاحِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشِّرْبِ) لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الشَّفَةِ فِي الْمَاءِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَمَنْعُهُ مِنْ اسْتِعْمَالِ حَقِّهِ هُوَ قَصْدٌ لِإِهْلَاكِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي)

(المادة 1269) ليس لشريك من الشركاء في النهر المشترك أن يشق منه نهرا

وَقَيْدُ (مُتَتَابِعُ الْوُرُودِ) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ إذَا خَافَ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْعَطَشِ وَوَجَدَ مَاءً لِأَحَدٍ مُحْرَزًا فِي أَوَانٍ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا فَلَهُ أَنْ يَقِفَ فِي وَجْهِ صَاحِبِ الْمَاءِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ وَيَأْخُذَ مِقْدَارًا كَافِيًا لِسَدِّ رَمَقِهِ مَا يَزِيدُ عَنْ حَاجَةِ صَاحِبِ الْمَاءِ جَبْرًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ فِيمَا بَعْدُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا وَلَكِنَّهُ كَافٍ لِسَدِّ رَمَقَيْهِمَا فَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الْكَافِي لِسَدِّ رَمَقِهِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَافِيًا لِسَدِّ رَمَقَيْهِمَا فَلَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ كُلَّ الْمَاءِ لِمَالِكِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّرْبِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَلَكِنَّ حَقَّ الدُّخُولِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَخْذِ الْمَاءِ مِنْهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1254) أَيْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ إيقَاعِ ضَرَرٍ كَتَخْرِيبِ حَافَّةِ الْحَوْضِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (ضِمْنَ مِلْكِ أَحَدٍ) هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ. وَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا لَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ آخَرِينَ مِنْ أَخْذِ الْمَاءِ مِنْهَا لِأَنَّ الْمَوَاتَ هُوَ مُشْتَرَكٌ قَبْلًا وَحَفْرُ الْبِئْرِ فِيهِ هُوَ إحْيَاءٌ لِحَقِّ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ الْمُشْتَرَكِ فَلَا تَنْقَطِعُ شَرِكَةُ حَقِّ الشَّفَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشِّرْبِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1236) . [ (الْمَادَّةُ 1269) لَيْسَ لِشَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا] الْمَادَّةُ (1269) - (لَيْسَ لِشَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا " أَيْ جَدْوَلًا " أَوْ مَجْرًى إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ نَوْبَتَهُ الْقَدِيمَةَ أَوْ أَنْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فِي نَوْبَتِهِ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَا حَقَّ شِرْبٍ لَهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ، وَإِذَا رَضِيَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ الْآخَرُونَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ) . لَيْسَ لِشَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ سَوَاءٌ كَانَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِينَ نَهْرًا لِأَرَاضِيِهِ الَّتِي لَهَا حَقُّ الشِّرْبِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشُقَّ جَدْوَلًا أَوْ مَجْرَى (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشِّرْبِ) فَإِذَا شُرِحَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَبَيْنَ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَ عَلَى النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ طَاحُونًا أَوْ دَالِيَةً أَوْ نَاعُورَةً أَوْ جِسْرًا أَوْ قَنْطَرَةً لِأَنَّهُ بِفَتْحِ الْجَدْوَلِ تَتْلَفُ ضِفَّةُ النَّهْرِ كَمَا أَنَّ فِي إحْدَاثِ شَيْءٍ كَالطَّاحُونِ إشْغَالًا لِلْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالْبِنَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ إنْشَاءُ الطَّاحُونِ لَا يُقَلِّلُ مِنْ جَرَيَانِ مَاءِ النَّهْرِ وَلَا يُنْقِصُ مِنْ مَائِهِ وَلَا يُوجِبُ كَسْرَ ضِفَّتِهِ وَكَانَتْ ضِفَّةُ النَّهْرِ وَدَاخِلُهُ مِلْكًا مُسْتَقِلًّا لِأَحَدٍ وَكَانَ لِلشُّرَكَاءِ فِيهِ حَقٌّ مَسِيلٌ فَلِذَلِكَ الشَّرِيكِ أَنْ

يُحْدِثَ طَاحُونًا عَلَى النَّهْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ لَا يُمْنَعُ. كَذَلِكَ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَهُ نَهْرٌ مَخْصُوصٌ مُتَشَعِّبٌ وَمُفْرَزٌ مِنْ نَهْرٍ خَاصٍّ أَنْ يُنْشِئَ عَلَيْهِ جِسْرًا وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ جِسْرٌ مِنْ الْقَدِيمِ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْشَاؤُهُ عَلَى طِرَازٍ آخَرَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ هَدْمُ وَرَفْعُ الْجِسْرِ يُؤَدِّي إلَى وُرُودِ الْمَاءِ بِكَثْرَةٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ لِلشُّرَكَاءِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ نَوْبَتَهُ الْقَدِيمَةَ أَوْ أَنْ يَزِيدَ حِصَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ. وَإِذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ تُقَسَّمُ بِقِسْمَةِ الْكِوَى (بِكَسْرِ الْكَافِّ وَقَدْ تُضَمُّ) فَلَيْسَ لَهُ قِسْمَتُهَا عَلَى الْأَيَّامِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ نَوْبَتَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَفَرِّقَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِدُونِ رِضَاءِ الشُّرَكَاءِ فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْقِدَمُ فِي حَقِّ الشِّرْبِ وَيُتْرَكُ الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ نَهْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ قَوْمٍ وَكَانَ لِبَعْضِهِمْ كُوَّتَانِ وَلِبَعْضِهِمْ الْآخَرِ ثَلَاثُ كُوًى فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ أَنْ يَقُولَ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى: إنَّك تَأْخُذُ مَاءً أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِك؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمَاءِ وَدَفْقَهُ لِلْأَعْلَى يُدْخِلَانِ إلَى كُوَّتِكَ مَاءً أَكْثَرَ فَأَنَا غَيْرُ رَاضٍ عَنْ ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ تُقَسَّمَ الْمَاءُ بِالنَّوْبَةِ فَنَسُدُّ كُوَّاتِنَا فِي نَوْبَتِك وَتَسُدُّ كُوَّاتُكَ فِي نَوْبَتِنَا وَأَنْ يَطْلُبَ تَغْيِيرَ الْوَضْعِ الْقَدِيمِ (الْفَيْضِيَّةُ) وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا تَزْيِيدُ الْكُوَى حَتَّى لَوْ كَانَ تَزْيِيدُهَا غَيْرَ مُضِرٍّ بِالشُّرَكَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا تَزْيِيدُ عَرْضِ النَّهْرِ وَتَأْخِيرُ فَمِ الْكُوَّةِ عَلَى النَّهْرِ بِأَنْ يَجْعَلَهَا أَرْبَعَةَ أَذْرُعٍ مِنْ فَمِ النَّهْرِ إلَى أَسْفَلَ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِأَصْحَابِهِ بِأَخْذِهِ الْمَاءَ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّهِ (أَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْأَسْفَلِ: نُرِيدُ تَوْسِيعَ فَمِ النَّهْرِ لِجَلْبِ الْمَاءِ بِكَثْرَةٍ مِنْ النَّهْرِ الْأَعْظَمِ وَنَزِيدُ كُوَانَا فَلِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ قَائِلِينَ: إنَّ كَثْرَةَ الْمَاءِ تُوجِبُ فَيَضَانَ الْمَاءِ إلَى أَرَاضِينَا (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَهْلُ قَرْيَةٍ يَسْقُونَ أَرَاضِيهِمْ مِنْ الْقَدِيمِ بِحَقٍّ مِنْ الْعَيْنِ النَّابِعَةِ فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ أُخْرَى وَأَرَادُوا الِاسْتِمْرَارَ عَلَى سَقْيِ أَرَاضِيهِمْ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى مَنْعُهُمْ مِنْ السَّقْيِ بِدَاعِي أَنَّ الْمَاءَ نَابِعٌ فِي أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَعَارَفًا بَيْنَ أَهْلِ بَلْدَةٍ أَنَّ النَّهَارَ هُوَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَكَانُوا يَسْقُونَ مَزَارِعَهُمْ وَبَسَاتِينَهمْ بِالنَّوْبَةِ مِنْ مَاءٍ وَكَانَتْ نَوْبَةُ بَعْضِهِمْ فِي اللَّيْلِ وَنَوْبَةُ بَعْضِهِمْ فِي النَّهَارِ وَلَمْ يَقْنَعْ أَصْحَابُ نَوْبَةِ النَّهَارِ بِسَقْيِ مَزَارِعِهِمْ وَبَسَاتِينِهِمْ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الْغُرُوبِ وَطَلَبُوا أَنْ يَسْقُوا مَزَارِعَهُمْ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ فَلَا يُجَابُ طَلَبُهُمْ (الْبَهْجَةُ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 26) . قِيلَ: " لَيْسَ لَهُ تَزْيِيدُ الْحِصَّةِ الْمُعَيَّنَةِ " مَثَلًا: لَوْ كَانَ نَهْرٌ صَغِيرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ بِضْعَةِ أَشْخَاصٍ وَكَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ شَرِيكٍ مُعَيَّنَةً وَلَهُ حَقُّ شِرْبٍ فِي النَّهْرِ وَيَسْقُونَ مَزَارِعَهُمْ قَدِيمًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِبَعْضِ أُولَئِكَ الشُّرَكَاءِ أَنْ لَا يَرْضَوْا بِحِصَّتِهِمْ الْمُعَيَّنَةِ وَأَنْ يَطْلُبُوا تَغْيِيرَ الْوَضْعِ الْقَدِيمِ (الْهَامِشُ فِي الْبَهْجَةُ)

قِيلَ " لَيْسَ لَهُ تَوْسِيعُ فَمِ الْجَدْوَلِ وَالْمَجْرَى " لِأَنَّهُ تُتْلِفُ ضِفَّةَ النَّهْرِ فَيَأْخُذ مَاءً أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ وَهَذَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْغَيْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) وَإِذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ تُقَسَّمُ قَدِيمًا بِالْكُوَى فَلَيْسَ لَهُ تَقْسِيمُهَا عَلَى الْأَيَّامِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ سَدُّ كُوَاهُ وَفَتْحُ كُوًى غَيْرِهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الطَّرِيقِ إجْرَاءُ عَمَلٍ كَهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1172) كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ كُوَاهُ عَالِيَةً وَأَرَادَ تَسْفِيلَهَا أَوْ كَانَتْ سُفْلِيَّةً فَأَرَادَ إعْلَاءَهَا لِتَرِدَ الْمِيَاهُ قَلِيلَةً فَقَدْ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّهُ إذَا كَانَ مَعْلُومَةٌ قَدِيمًا أَنَّهَا كَذَلِكَ فَلَهُ عَمَلُ ذَلِكَ هَذَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَسَفِّلَةً فِي الْأَصْلِ وَارْتَفَعَتْ بِالِانْكِبَاسِ فَهُوَ بِالتَّسْفِيلِ يُعِيدُهَا إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَأَرَادَ أَنْ يُسَفِّلَهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ وَأَمَّا السَّرَخْسِيُّ فَقَدْ قَالَ: إنَّ لَهُ إجْرَاءَ ذَلِكَ مُطْلَقًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6) بِسَبَبِ أَنَّ قِسْمَةَ الْمَاءِ فِي الْأَصْلِ بِاعْتِبَارِ سَعَةِ الْكُوَّةِ وَضِيقِهَا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَسَفُّلٍ وَتَرَفُّعٍ فِيهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ مَوْقِعِ الْقِسْمَةِ (أَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الشُّرْبِ) . أَوْ أَنْ يُجْرِيَ جَمِيعَ الْمَاءِ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ يُجْرِيَ الْفَضْلَةَ لِزِيَادَةِ الْمَاءِ فِي نَوْبَتِهِ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَا حَقَّ شِرْبٍ لَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ أَوْ لِأَرَاضٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ أَرَاضِيَهُ هَذِهِ وَلَوْ أَحْيَانًا مُقَامَ أَرَاضِيهِ الَّتِي لَهَا حَقُّ شِرْبٍ وَأَنْ يَسْقِيَ مِنْ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ لِأَنَّهُ بِتَقَادُمِ الْعَهْدِ أَيْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ يَسْتَدِلُّ بِذَلِكَ عَلَى حَقِّ شِرْبِ تِلْكَ الْأَرَاضِي فَيَحْكُمُ لِأَرْضِهِ بِحَقِّ الشِّرْبِ فِي النَّهْرِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ أَصْحَابُ الشِّرْبِ فِي حَقِّ الشِّرْبِ وَكَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ كَيْفِيَّةُ الِانْتِفَاعِ قَدِيمًا وَغَيْرَ مَعْلُومٍ مِقْدَارُ حَقِّ الشِّرْبِ فَيَجِبُ تَقْسِيمُ حَقِّ الشِّرْبِ بِمِقْدَارِ أَرَاضِي الشُّرَكَاءِ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشِّرْبِ هُوَ سَقْيُ الْأَرَاضِي وَفِي هَذَا الْحَالِ يَتَزَايَدُ الشُّرَكَاءُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1219) . أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فَتُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ. وَإِذَا رَضِيَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ الْآخَرُونَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَهُمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ لِأَنَّ هَذَا الْإِذْنَ وَالرِّضَاءَ لَمْ يَكُنْ مُبَادَلَةَ حَقِّ شِرْبٍ بِحَقِّ شِرْبٍ بَلْ هُوَ إعَارَةٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1226) . كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى نَوْبَتَهُ مِنْ الْمَاءِ بِإِذْنٍ مِنْ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَجْرَاهَا الْأَجْنَبِيُّ إلَى أَرَاضِيِهِ فَلَهُمْ وَلِوَرَثَتِهِمْ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَذَلِكَ لَوْ كَانَ نَهْرٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَفَتَحَ أَجْنَبِيٌّ جَدْوَلًا مِنْ هَذَا النَّهْرِ بِرِضَائِهِمَا فَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَنْ يَنْقُضَ هَذَا الْإِذْنَ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إعَارَةٌ إذْ أَنَّ صَاحِبَيْ النَّهْرِ قَدْ

الفصل الخامس في إحياء الموات

أَعَارَا نَهَرَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَاءِ فَجَازَ الرُّجُوعُ بِالْعَارِيَّةِ (الْبَهْجَةُ) . وَلَيْسَ لِلَّذِينَ فِي أَعْلَى النَّهْرِ سَدُّ النَّهْرِ بِالْكُلِّيَّةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ أَصْحَابِ الْأَرَاضِي السُّفْلَى وَإِنْ لَمْ تَشْرَبْ أَرَاضِيهِمْ بِدُونِهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ. أَمَّا إذَا اتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى إجْرَاءِ كُلِّ النَّهْرِ إلَى أَرَاضِي الَّذِينَ فِي الْأَعْلَى ثُمَّ إجْرَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْأَرَاضِي السُّفْلَى جَازَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي يَتَّفِقُ عَلَيْهَا الشُّرَكَاءُ. أَمَّا إذَا قِيلَ: مَاءُ النَّهْرِ فَإِذَا لَمْ يُسَدَّ النَّهْرُ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ سَقْيَ أَرَاضِيهِ وَاتَّفَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى شَيْءٍ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى شَيْءٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَصِيرُ سَقْيُ الْأَرَاضِيِ الَّتِي فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ أَوَّلًا ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الْأَعْلَى يَسُدُّونَ كُلَّ النَّهْرِ وَيُجْرُونَ مَاءَهُ إلَى أَرَاضِيهِمْ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَهْلُ الْأَسْفَلِ أُمَرَاءَ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى الْإِطَاعَةُ لِأَهْلِ الْأَسْفَلِ وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ الضَّرَرُ الْعَامُّ وَيَحْصُلُ قَطْعُ التَّنَازُعِ وَالْخِصَامِ. [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ] [ (الْمَادَّةُ 1270) الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ] الْفَصْلُ الْخَامِسُ (فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) ، وَتَعْرِيفُ الْإِحْيَاءِ قَدْ سَبَقَ فِي الْمَادَّةِ (1051) وَالْمَوَاتُ بِفَتْحِ الْمِيمِ بِوَزْنِ سَحَابٍ أَوْ بِضَمِّ الْمِيمِ بِوَزْنِ غُرَابٍ. وَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ الْحَيَوَانُ الْمَيِّتُ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَتَسْمِيَةُ الْأَرَاضِي الْمُتَّصِفَةِ بِهَذَا الْوَصْفِ بِهِ اسْتِعَارَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَيِّتَ مُسْتَعَارٌ وَالْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةُ مُسْتَعَارٌ لَهَا وَوَجْهُ الشَّبَهِ بُطْلَانُ الِانْتِفَاعِ فِي كِلَيْهِمَا يَعْنِي كَمَا يَفُوتُ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْحَيَوَانِ إذَا مَاتَ تَفُوتُ وُجُوهُ الِانْتِفَاعِ مِنْ هَذِهِ الْأَرَاضِي كَالزِّرَاعَةِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَإِنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ عَلَيْهَا. الْمَادَّةُ (1270) - (الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَا هِيَ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ، وَتَكُونُ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ أَيْ الَّتِي لَا يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ مِنْ أَقْصَى الدُّورِ الَّتِي فِي طَرَفِ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَة) . الْأَرَاضِي الْمَوَاتُ هِيَ الْأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا هِيَ وَقْفٌ أَوْ أَرْضٌ أَمِيرِيَّةٌ أَوْ مَرْعًى وَلَا مُحْتَطَبٌ لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ لَهَا، وَتَكُونُ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ وَيُفَسَّرُ أَقْصَى الْعُمْرَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهِيَ الَّتِي لَا يُسْمَعُ مِنْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ مِنْ أَقْصَى الدُّورِ الَّتِي فِي طَرَفِ الْقَصَبَةِ أَوْ الْقَرْيَةِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ فِي جِوَارِ قَرْيَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ وَلَيْسَ مِنْ طَرَفِ الْأَرَاضِي الْعَامِرَةِ يَعْنِي لَوْ وَقَفَ أَحَدٌ فِي طَرَفِ الْعَامِرِ وَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ فَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ وَمِقْدَارُ ذَلِكَ تَخْمِينًا مَسَافَةُ مِيلٍ وَنِصْفُ مِيلٍ أَيْ نِصْفُ سَاعَةٍ كَمَا فُسِّرَ وَقَدْ قُدِّرَ مِقْدَارُ الصَّوْتِ بِصَوْتِ الْمُؤَذِّنِ الْمُعْتَادِ لِلنَّاسِ وَأَنْ يَكُونَ بِدَرَجَةٍ لَا تُوجِبُ الْمَشَقَّةُ لِنَفَسِ الصَّائِحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ وَالطُّورِيُّ)

وَقَدْ عَرَّفَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمَوَاتَ بِوُقُوفِ الصَّائِحِ فِي أَعْلَى مَحِلٍّ مِنْ طَرَفِ الْعُمْرَانِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ قَيْدَ " فِي أَعْلَى مَحِلٍّ " وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الثَّانِي (التَّتَارْخَانِيَّة) إيضَاحُ السَّبَبِ وَالْقُيُودِ وَالشُّرُوطِ -. وَسَبَبُ تَعْطِيلِ هَذِهِ الْأَرَاضِي عَنْ الزِّرَاعَةِ هُوَ إمَّا لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهَا أَوْ لِاسْتِيلَاءِ الْمَاءِ وَغَلَبَتِهِ عَلَيْهَا (الطُّورِيُّ) . وَعَلَى هَذَا الْحَالِ لَوْ كَانَتْ أَرْضٌ مَغْمُورَةٌ بِالْمِيَاهِ وَجَفَّتْ عَنْهَا بِصُورَةٍ لَا تَعُودُ الْمِيَاهُ إلَيْهَا فَتُعَدُّ هَذِهِ الْأَرْضُ مَوَاتًا إذَا لَمْ تَكُنْ حَرِيمًا لِعَامِرٍ وَالْقَصَبَةُ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ وَالْمَدِينَةِ الْكَبِيرَةِ إلَّا أَنَّهَا قَدْ وَرَدَتْ هُنَا بِمَعْنَى الْبَلْدَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً. وَتُطْلَقُ الْقَرْيَةُ كَثِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ أَيْضًا إذْ أَطْلَقَ الْكِتَابُ الْكَرِيمُ الْقَرْيَتَيْنِ عَلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ وَالطَّائِفِ حَيْثُ قَالَ: {عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] وَحَيْثُ إنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْقَرْيَةَ هُنَا مُقَابِلَ الْقَصَبَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى الْقَرْيَةِ. وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالشَّرْحِ أَنَّهُ يَجِبُ وُجُودُ سَبْعَةِ شُرُوطٍ حَتَّى تُعَدَّ الْأَرْضُ مَوَاتًا: 1 - أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ غَيْرَ مِلْكٍ لِأَحَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُصْرَفُ عَلَى الْكَامِلِ وَكَمَالُ ذَلِكَ كَوْنُهُ لَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ (الطُّورِيُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا أَصْبَحَتْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدٍ بَعْدَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ فَتَبْقَى مَلَكِيَّتُهَا وَلَا تَزُولُ بِتَرْكِهَا وَتَعْطِيلِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً وَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْأَرْضُ مَوَاتًا لِذَلِكَ السَّبَبِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نَقَلَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ أَرْضٍ خَرِبَةٍ إلَى دَارِهِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَكَانَ الْمَذْكُورَ مِلْكٌ لِأَحَدٍ بَعْدَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالِكَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ التُّرَابِ أَمَّا إذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ لَهَا مَالِكًا قَبْلَ اسْتِيلَاءِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ مَالِكُهَا فَيَجُوزُ أَخْذُ التُّرَابِ مِنْهَا. وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ مَالِكُ الْأَرْضِ مَعْلُومًا فَتَكُونُ لِمَالِكِهَا وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ مَالِكُهَا غَيْرَ مَعْلُومٍ فَتَكُونُ لُقَطَةً وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا إمَامُ الْمُسْلِمِينَ كَتَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ اللُّقَطَاتِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ظَهَرَ مَالِكُهَا فَتُرَدُّ إلَيْهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا ضَبَطَهَا أَحَدٌ بِدَاعِي أَنَّهَا مَوَاتٌ وَزَرَعَهَا وَتَرَتَّبَ نُقْصَانُ أَرْضٍ مِنْ زِرَاعَتِهَا فَيَضْمَنُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ لِمَالِكِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (907) . وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ زِرَاعَتِهَا نُقْصَانُ أَرْضٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) . (الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ وَأَبُو السُّعُودِ وَالطُّورِيُّ بِتَغْيِيرٍ مَا) . وَإِذَا انْقَرَضَ أَصْحَابُ الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَرَاضِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَالْمَوَاتِ وَتَكُونُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ لُقَطَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَفِي قَانُونَ الْأَرَاضِي الْعُثْمَانِيِّ تَعُودُ هَذِهِ الْأَرَاضِي الْمَمْلُوكَةُ الَّتِي انْقَرَضَ أَصْحَابُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَتَكْتَسِبُ حُكْمَ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَى الْبَحْرُ عَلَى أَرَاضِي أَحَدٍ فَأَصْبَحَتْ بَحْرًا ثُمَّ عَادَتْ فَأَحْيَاهَا آخَرُ فَتَكُونُ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِمَالِكِهَا الْأَوَّلِ وَلَا تَكُونُ لِلْمُحَيِّي (الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 1271) الأراضي القريبة من العمران تترك للأهالي

وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ اسْتِيلَاءِ الْمَاءِ ثُمَّ بَرَزَتْ بِصُورَةٍ لَا تَعُودُ الْمِيَاهُ إلَيْهَا تُعْتَبَرُ أَرْضًا مَوَاتًا إذَا لَمْ تَكُنْ حَرِيمًا لِعَامِرٍ، أَمَّا إذَا اسْتَوْلَتْ الْمِيَاهُ عَلَى أَرْضِ آخَرَ حِينَ انْسِحَابِهَا عَنْ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي اسْتَوْلَتْ الْمِيَاهُ عَلَيْهَا أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمِيَاهَ قَدْ اسْتَوْلَتْ عَلَى أَرْضِي فَإِنِّي آخِذٌ بَدَلًا عَنْهَا الْأَرْضَ الْمُنْسَحِبَةَ عَنْهَا الْمِيَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا انْسَحَبَتْ الْمِيَاهُ عَنْ الْأَرْضِ بِصُورَةٍ يُؤْمَلُ مَعَهَا رُجُوعُ الْمِيَاهِ ثَانِيَةً إلَى الْأَرْضِ فَلَا تُعْتَبَرُ الْأَرْضُ مَوَاتًا بَلْ يَبْقَى حَقُّ الْعَامَّةِ فِيهَا. 2 - أَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الْأَرْضُ عَائِدَةً لِلْوَقْفِ فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَتْرُوكَةُ وَالْمُعَطَّلَةُ عَائِدَةً لِلْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إحْيَاؤُهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لَهُ. 3 - أَنْ لَا تَكُونَ تِلْكَ الْأَرْضُ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ فِي تَصَرُّفِ أَحَدٍ بِمُوجِبِ سَنَدِ تَمْلِيكٍ (طَابُو) أَوْ كَانَتْ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً فَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - أَنْ لَا تَكُونَ مَرْعًى لِقَصَبَةِ أَوْ قَرْيَةٍ. 5 - أَنْ لَا تَكُونَ مُحْتَطَبًا لِقَرْيَةٍ فَإِذَا كَانَتْ مَرْعًى أَوْ مُحْتَطَبًا لِقَرْيَةٍ فَبِمَا أَنَّ لِأَصْحَابِهَا حَقًّا فِيهَا فَلَا تُعَدُّ مَوَاتًا وَلَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهَا (الدُّرَرُ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَحْيَا أَحَدٌ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا مَوَاتٌ وَتَصَرَّفَ فِيهَا ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ وَتُنْزَعُ مِنْهُ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْقَرْيَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1675) . 6 - أَنْ لَا تَكُونَ مَقْبَرَةً لِقَرْيَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ فَإِذَا كَانَتْ مَقْبَرَةً فَيَجِبُ إبْقَاؤُهَا مَقْبَرَةً كَمَا كَانَتْ وَلَا يَجُوزُ فَسْخُ الْمَقْبَرَةِ بِإِحْيَائِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا لِآخَرَ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ انْتِفَاعُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِيهَا وَلَوْ زَالَتْ آثَارُ الْمَقْبَرَةِ، إلَّا أَنَّهُ يُبَاحُ احْتِشَاشُ الْكَلَأِ النَّابِتِ فِي الْمَقْبَرَةِ أَيْ جَمْعُهُ وَإِطْعَامُهُ لِلْحَيَوَانَاتِ أَيْ أَنَّهُ أَيْسَرُ أَنْ يُجْمَعَ الْكَلَأُ وَيُطْعَمَ لِلْحَيَوَانَاتِ بَدَلًا مِنْ إدْخَالِ الْبَقَرِ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَرَعْيِهَا الْكَلَأَ الْمَذْكُورَ (الْإِسْعَافُ) . 7 - أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مِلْكًا لِأَحَدٍ كَمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَرْعًى أَوْ مُحْتَطَبًا لِقَصَبَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ لَهَا وَلَكِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَعِيدَةٍ عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ فَلَا تَكُونُ مَوَاتًا بَلْ تَكُونُ أَرْضًا مَتْرُوكَةً كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَمَدَارُ الْحُكْمِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَوَاتِ الْبُعْدُ أَيْ أَنْ تَكُونَ بَعِيدَةً عَنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ، وَعَدَمُ جَوَازِ إحْيَاءِ الْمَحِلَّاتِ الْقَرِيبَةِ مِنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ وَلَوْ كَانَتْ بِلَا صَاحِبٍ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَمِحْوَرُ الْحُكْمِ هُوَ انْقِطَاعُ الِارْتِفَاقِ أَيْ عَدَمُ انْتِفَاعِ الْأَهَالِي مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعِيدَةً عَنْهُ وَحَسْبَ هَذَا الرَّأْيِ يَجُوزُ إحْيَاءُ الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةِ مِنْ الْعُمْرَانِ الَّتِي بِلَا صَاحِبٍ وَاَلَّتِي لَا يَنْتَفِعُ الْأَهَالِي مِنْهَا، وَقَدْ رَجَّحَ الزَّيْلَعِيّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَاخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ - وَاخْتَارَ قَانُونُ الْأَرَاضِي أَيْضًا - قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (أَبُو السُّعُودِ وَالطُّورِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1271) الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةُ مِنْ الْعُمْرَانِ تُتْرَكُ لِلْأَهَالِيِ] الْمَادَّةُ (1271) - (الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةُ مِنْ الْعُمْرَانِ تُتْرَكُ لِلْأَهَالِيِ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَرْعًى أَوْ بَيْدَرًا أَوْ مُحْتَطَبًا وَتُدْعَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْأَرَاضِيَ الْمَتْرُوكَةَ)

المادة (1272) أحيا وعمر أحد أرضا من الأراضي الموات بالإذن السلطاني

الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةُ مِنْ الْعُمْرَانِ أَيْ الْخَارِجَةُ عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ الْقَرِيبَةُ مِنْهُ تُتْرَكُ لِلْأَهَالِيِ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَرْعًى أَوْ بَيْدَرًا أَوْ مُحْتَطَبًا وَلَا يُعَدُّ انْتِفَاعُ الْأَهَالِي مُنْقَطِعًا عَنْ تِلْكَ الْأَرَاضِي (الطُّورِيُّ) . وَالْمَحِلَّاتُ الَّتِي يَصِلُ إلَيْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ عِنْدَ صِيَاحِهِ مِنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ تُعَدُّ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ وَحَرِيمًا لِلْعُمْرَانِ فَلَا تُعَدُّ مَوَاتًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَاحِبٌ، أَمَّا الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةُ فِيمَا وَرَاءَ وُصُولِ الصَّوْتِ فَتُعَدُّ مَوَاتًا إذَا تَحَقَّقَتْ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، كَمَا أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْوَاقِعَةَ دَاخِلَ الْعُمْرَانِ أَيْ فِي دَاخِلِ الْقَصَبَةِ وَالْقَرْيَةِ لَا تُعَدُّ مَوَاتًا وَتُدْعَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْأَرَاضِيَ الْمَتْرُوكَةَ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَلَا تَمْلِيكُهَا لِآخَرَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ النَّاسُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي الْحَالِ فَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا تَحْقِيقًا وَإِذَا كَانُوا لَا يَسْتَعْمِلُونَهَا فَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا تَقْدِيرًا وَهَذِهِ الْأَرَاضِي هِيَ كَالطَّرِيقِ وَالنَّهْرِ (الطُّورِيُّ بِزِيَادَةٍ) . مَثَلًا: لَوْ مَلَكَ وَالِي وِلَايَةِ عَرْصَةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ مِنْ الْقَدِيمِ لِوُقُوفِ مَرْكَبَاتِ أَهْلِ قَصَبَتِهِ، وَأَحْدَثَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا بِنَاءً فَيُقْلَعُ بِنَاؤُهُ وَتَبْقَى الْعَرْصَةُ كَالْأَوَّلِ. [الْمَادَّةُ (1272) أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ] الْمَادَّةُ (1272) - (إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ يَصِيرُ مَالِكًا لَهَا، وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ أَحَدًا بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَيَتَصَرَّفَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْأَرْضَ) إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ يَصِيرُ مَالِكًا لَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِبَيْتِ الْمَالِ الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، فَلِذَلِكَ إذَا أَحْيَا الْأَرْضَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ تَرَكَهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ فَزَرَعَهَا آخَرُ فَيَكُونُ الْمُحْيِي الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ بِإِحْيَائِهِ لِلْأَرْضِ أَصْبَحَ مَالِكًا لَهَا وَبِتَرْكِهِ الْأَرْضَ لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1270) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - وَكِيلُهُ وَإِحْيَاءُ الْوَكِيلِ يَكُونُ لِلْمُوَكَّلِ وَذَلِكَ إذَا أُذِنَ أَحَدٌ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بِإِحْيَاءِ مَوَاتٍ فَلَمْ يُحْيِهِ بِالذَّاتِ وَأَحْيَاهُ وَكِيلُهُ فَيَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ الْأَرْضَ الَّتِي أُحْيِيَتْ وَلَا يَمْلِكُهَا الْوَكِيلُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الْإِذْنُ السُّلْطَانِيُّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِحْيَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذْنُ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ» فَإِنْ قُلْت: إنْ اُعْتُبِرَ عُمُومُ هَذَا الْحَدِيثِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَمْلِكَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الْأَمْلَاكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. قُلْت:

عُمُومُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَثْبُتُ عَقْلًا لُزُومُ إذْنِ السُّلْطَانِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ كَانَتْ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ فِي يَدِ الْأَجَانِبِ وَقَدْ دَخَلَتْ إلَى حَوْزَةِ الْإِسْلَامِ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَرَاضِي فِي الْبِلَادِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهَا فَيْءٌ وَغَنِيمَةٌ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِالْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَالْغَنَائِمِ فَلِذَلِكَ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ جَهْلًا مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيُمَلِّكَهَا لَهُ وَلَا يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ تَهَاوُنًا مِنْهُ فَيَجُوزُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ زَجْرًا لَهُ (الْجَوْهَرَةُ) (وَقَدْ وَرَدَ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي أَنَّهُ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَتُفَوَّضُ الْأَرْضُ لَهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَهَا وَإِذَا لَمْ يَطْلُبْهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ فَتُعْطَى لِآخَرَ بِطَرِيقِ الْمَزَادِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ السُّلْطَانِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ وَيَمْلِكُ الْأَرْضَ مُحْيِيهَا، وَيَسْتَدِلَّانِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَرْوِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ إلَيْهِ يَدُهُ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) . وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ فَهُوَ فِي حَالَةِ أَنَّ الْمُحْيِيَ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحْيِي مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْيِي الْأَرْضَ الْمُحْيَاةَ بِالِاتِّفَاقِ (أَبُو السُّعُودِ) . 3 - إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: الْإِقْطَاعُ وَذَلِكَ لَوْ أُقْطِعَتْ أَرْضُ مَوَاتٍ لِأَحَدٍ لِإِحْيَائِهَا أَيْ إذَا أُعْطِيت لَهُ فَلَا يَمْلِكُهَا بِمُطْلَقِ الْإِقْطَاعِ فَإِذَا أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ فِي ظَرْفِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَبِهَا وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مُدَّةِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ، وَإِذَا لَمْ يُحْيِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَرَّتْ الثَّلَاثُ السَّنَوَاتُ فَلَا يَكُونُ لِلْمُقْطَعَةِ لَهُ أَيُّ حَقٍّ فِيهَا وَتَبْقَى الْأَرْضُ مَوَاتًا كَالْأَوَّلِ وَيُمْكِنُ إعْطَاؤُهَا لِآخَرَ لِلْإِحْيَاءِ. وَالْحُكْمُ الْمَوْجُودُ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي الْمُتَضَمِّنِ " إذَا لَمْ يَفْتَحْ أَحَدٌ الْأَرْضَ الَّتِي أَخَذَ إذْنًا مِنْ مَأْمُورِهَا بِفَتْحِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ بِلَا عُذْرٍ صَحِيحٍ فَتُعْطَى لِآخَرَ " هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - التَّحْجِيرُ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ (1279) وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِحْيَاءِ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَيَتَصَرَّفُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ إذْنُ السُّلْطَانِ لِيَتَمَلَّكَ الْأَرْضَ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ السُّلْطَانُ بِتَمَلُّكِهِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَوَاتَ يُحْيَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي. الثَّانِي أَنْ

(المادة 1273) إذا أحيا أحد مقدارا من قطعة أرض وترك باقيها

لَا يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي بَلْ الِانْتِفَاعُ لِلْمُحْيِي فِيهِ فَقَطْ، وَبِمُوجِبِ قَانُونِ الْأَرَاضِي الْمَرْعِيِّ الْإِجْرَاءِ لَا يُؤْذَنُ لِأَحَدٍ بِإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي بَلْ يُؤْذَنُ بِالْإِحْيَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْأَرْضِ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُصْبِحُ الْأَرْضُ الْمُحْيَاةُ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَوْعَيْ هَذِهِ الْأَرَاضِي هُوَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْمَمْلُوكَةَ تُوقَفُ وَتُرْهَنُ وَتُوهَبُ وَتُبَاعُ وَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهَا وَتُورَثُ أَمَّا الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ فَلَا تُوقَفُ وَلَا تُرْهَنُ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهَا وَلَا تُورَثُ لِعُمُومِ الْوَرَثَةِ بَلْ تَنْتَقِلُ انْتِقَالًا عَادِيًّا حَسَبَ قَانُونِ الْأَرَاضِي. حَيْثُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1277 وَ 1278) الْأُمُورَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا التَّحْجِيرُ ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَادَّةِ (1279) حُكْمَ التَّحْجِيرِ فَكَانَ ذَلِكَ تَرْتِيبًا حَسَنًا، وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ تَأْتِيَ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَقِبَ الْمَوَادِّ (1274 وَ 1275 وَ 1276) . [ (الْمَادَّةُ 1273) إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا] الْمَادَّةُ (1273) - (إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا فَيَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَحْيَاهُ وَلَا يَمْلِكُ بَاقِيَهَا، لَكِنْ إذَا بَقِيَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا جُزْءٌ خَالٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ لَهُ أَيْضًا) . إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا الْوَاقِعَ فِي نَاحِيَةٍ وَطَرَفٍ مِنْهَا فَيَكُونُ مَالِكًا لِمَا أَحْيَاهُ وَلَا يَمْلِكُ بَاقِيَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِعْمَارِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. مَثَلًا لَوْ أَحْيَا أَحَدٌ أَرْبَعِينَ دُونَمًا مِنْ طَرَفِ أَرْضٍ مَوَاتٍ مِسَاحَتُهَا خَمْسُونَ دُونَمًا بِالْبِنَاءِ أَوْ الزِّرَاعَةِ وَتَرَكَ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهَا عَشَرَةَ دُونَمَاتٍ بِلَا إحْيَاءٍ فَلَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْعَشَرَةَ الدُّونَمَاتِ بَلْ يَمْلِكُ الْأَرْبَعِينَ دُونَمًا الَّتِي أَحْيَاهَا وَبَاقِي الْأَرْضِ يُعْطَى بَعْدَ مُرُورِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ عَلَى إحْيَائِهَا لِآخَرَ لِلْإِحْيَاءِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. لَكِنْ إذَا بَقِيَ فِي وَسَطِ الْأَرَاضِي الَّتِي أَحْيَاهَا جُزْءٌ خَالٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِلْكًا لِلْمُحْيِي أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ) . لِأَنَّ أَرْبَعَةَ أَطْرَافِ هَذَا الْجُزْءِ الَّذِي بَقِيَ فِي الْوَسَطِ هُوَ مِلْكٌ لِلْمُحْيِي فَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَحَلُّ بِدُونِ طَرِيقٍ فَلَا يُمْكِنُ إعْطَاءُ أَحَدٍ إذْنًا بِإِحْيَائِهِ، مَثَلًا لَوْ بَذَرَ أَحَدٌ بَذْرًا فِي قِسْمٍ مِنْ قِطْعَةِ أَرْضٍ أَوْ أَنْشَأَ أَبْنِيَةً فِيهَا فَيَكُونُ الْقِسْمُ الَّذِي بَذَرَ فِيهِ الْبَذْرَ أَوْ أَنْشَأَ فِيهِ الْأَبْنِيَةَ قَدْ أُحْيَا وَلَا يُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا إذَا كَانَ هَذَا الْبَاقِي وَاقِعًا فِي وَسَطِ الْأَرْضِ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمُحْيِي أَيْضًا وَقَدْ قُدِّرَ هَذَا الْمَحَلُّ بِنِصْفِ دُونَمٍ أَمَّا الطُّورِيُّ فَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْمَوَاتُ وَسَطَ الْإِحْيَاءِ يَكُونُ إحْيَاءً لِلْكُلِّ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " جُزْءٌ مِنْهُ " لَا يُخَالِفَانِ بَيَانَ الطُّورِيِّ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَإِذَا كَانَ الْمِقْدَارُ الْمُحْيَا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ تِلْكَ الْأَرْضِ فَيُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا وَإِذَا كَانَ الْبَاقِي نِصْفَ الْأَرْضِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا يُعَدُّ الْبَاقِي مُحْيًا (الْهِنْدِيَّةُ) وَيُرَى أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

(المادة 1274) أحيا أحد أرضا ثم جاء آخرون فأحيوا الأراضي التي في أطرافها الأربعة

[ (الْمَادَّةُ 1274) أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَأَحْيَوْا الْأَرَاضِيَ الَّتِي فِي أَطْرَافِهَا الْأَرْبَعَةِ] الْمَادَّةُ (1274) - (إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَأَحْيَوْا الْأَرَاضِيَ الَّتِي فِي أَطْرَافِهَا الْأَرْبَعَةِ فَتَتَعَيَّنُ طَرِيقُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي أَحْيَاهَا الْمُحْيِي الْأَخِيرُ أَيْ يَكُونُ طَرِيقُهُ مِنْهَا) . إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ فَأَحْيَوْا بِالتَّعَاقُبِ الْأَرَاضِيَ الَّتِي فِي أَطْرَافِ تِلْكَ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ فَتَتَعَيَّنُ طَرِيقُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي أَحْيَاهَا الْمُحْيِي الْأَخِيرُ أَيْ تَكُونُ طَرِيقُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ أَرَاضِي الْمُحْيِي الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ بِسُكُوتِهِ أَثْنَاءَ إحْيَاءِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ قَدْ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ مِنْ الْجِهَةِ الرَّابِعَةِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُحْيِي لِلْجِهَةِ الرَّابِعَةِ قَدْ قَصَدَ إحْيَاءَ طَرِيقِهِ وَإِبْطَالَ حَقِّهِ وَيُشَارُ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ " آخَرُونَ " إلَى تَعَدُّدِ الْمُحْيِينَ لِلْأَطْرَافِ الْأَرْبَعَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحْيُونَ غَيْرَ مُتَعَدِّدِينَ بَلْ كَانَ الْمُحْيِي شَخْصًا وَاحِدًا وَأَحْيَا الْأَرْبَعَةَ الْأَطْرَافَ فَلِلْمُحْيِي الْأَوَّلِ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ طَرِيقًا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا مِنْ الْأَطْرَافِ الْأَرْبَعَةِ. قِيلَ فِي الشَّرْحِ: " فَأَحْيَوْا بِالتَّعَاقُبِ، وَعِبَارَةُ الْمُحْيِي الْأَخِيرِ الْوَارِدَةُ فِي الْمَجَلَّةِ تُؤَيِّدُ هَذَا الْقَيْدَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُحْيُوا جَوَانِبَ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى التَّعَاقُبِ بَلْ أَحْيَوْهَا مَعًا فَلِلْمُحْيِي الْأَوَّلِ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ لِاِتِّخَاذِهَا طَرِيقًا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ وَالطُّورِيُّ) . الْمَادَّةُ (1375) - (كَمَا أَنَّ زَرْعَ الْبَذْرِ وَغَرْسَ شَتْلِ الْأَشْجَارِ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ، كَذَلِكَ كِرَابُ الْأَرْضِ أَوْ سَقْيُهَا أَوْ شَقُّ مَجْرًى وَجَدْوَلٍ لِلسَّقْيِ إحْيَاءٌ لَهَا أَيْضًا) كَمَا أَنَّ (1) زَرْعَ الْأَرْضِ (2) وَغَرْسَ الْأَشْجَارِ (3) وَإِنْشَاءَ الْأَبْنِيَةِ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ، كَذَلِكَ (4) كِرَابُ الْأَرْضِ فَقَطْ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمَعْنَى الْكِرَابِ قَلْبُ الْأَرْضِ لِلْحِرَاثِ أَوْ (5) سَقْيُهَا فَقَطْ، أَمَّا إذَا كُرِبَتْ وَسُقِيَتْ فَهُوَ إحْيَاءٌ لِلْأَرْضِ بِالِاتِّفَاقِ، أَوْ (6) شَقُّ مَجْرًى وَجَدْوَلٍ لِلسَّقْيِ إحْيَاءٌ لَهَا أَيْضًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْمُحْيِي الْمَوْضِعَ أَوْ الْمَحَلَّ الَّذِي أَحْيَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدٌ هَذِهِ الْأُمُورَ السِّتَّةَ فَيَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ وَيَكُونُ الْمُحْيِي مَالِكًا لِلْأَرْضِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْكِرَابُ وَالسَّقْيُ مَعًا فَهُوَ إحْيَاءٌ، أَمَّا إذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَهُوَ تَحْجِيرٌ، أَمَّا الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فَقَدْ قَالَ بِحُصُولِ الْإِحْيَاءِ بِأَحَدِهِمَا وَقَدْ فَصَلَ فِي الْمَادَّةِ الْكِرَابَ عَنْ السَّقْيِ بِحَرْفِ " أَوْ ". وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ اُخْتِيرَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي التَّنْوِيرِ وَالزَّيْلَعِيِّ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) هَلْ يَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ بِشِقِّ الْمَجْرَى وَالْجَدْوَلِ؟ . قَدْ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمِسْكِينِ وَالطُّورِيِّ أَنَّ شَقَّ الْمَجْرَى وَالْجَدْوَلِ بِدُونِ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ بَلْ هُوَ تَحْجِيرٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ لِحُصُولِ الْإِحْيَاءِ أَنْ

(المادة 1276) إذا أحاط أحد أطراف أرض من الأراضي الموات بجدار

يَجْرِيَ وَيُسَالَ الْمَاءُ فِيهِ بَعْدَ شَقِّهِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْإِحْيَاءَ يَحْصُلُ بِمُطْلَقِ شَقِّ الْمَجْرَى وَالْجَدْوَلِ فَقَطْ وَقَدْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَيْضًا (مِنْ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِحَفْرِ النَّهْرِ أَوْ السَّقْيِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ) فَذَكَرَ مَا قَالَتْهُ الْمَجَلَّةُ وَأَسْنَدَ هَذَا الْقَوْلَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. [ (الْمَادَّةُ 1276) إذَا أَحَاطَ أَحَدٌ أَطْرَافَ أَرْضٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِجِدَارٍ] الْمَادَّةُ (1276) - (إذَا أَحَاطَ أَحَدٌ أَطْرَافَ أَرْضٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِجِدَارٍ أَوْ عَلَى أَطْرَافَهَا بِبِنَاءِ مُسَنَّاةٍ بِقَدْرِ مَا تَحْفَظُهُ مِنْ مَاءِ السَّيْلِ فَيَكُونُ قَدْ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ) (1) إذَا أَحَاطَ أَحَدٌ أَطْرَافَ أَرْضٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِجِدَارٍ أَوْ (2) عَلَى أَطْرَافَهَا بِبِنَاءٍ مُسَنَّاةٍ بِقَدْرِ مَا تَحْفَظُهُ مِنْ مَاءِ السَّيْلِ أَوْ (3) حَفَرَ بِئْرًا حَتَّى أَخْرَجَ الْمَاءَ مِنْهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ لِأَنَّ الْحَائِطَ أَوْ الْمُسَنَّاةَ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْبِنَاءِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْبِنَاءَ إحْيَاءٌ (الْهِدَايَةُ) وَلَوْ ذُكِرَتْ الْمَسَائِلُ الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَكَانَ قَدْ جَمَعَ فِيهَا جَمِيعَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تُعَدُّ إحْيَاءً. وَالْخُلَاصَةُ أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي تُعَدُّ إحْيَاءً كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَفِي مَتْنِ وَشَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تِسْعَةِ أُمُورٍ: (1) زَرْعُ الْبَذْرِ (2) غَرْسُ الشَّتْلِ (3) بِنَاءُ الْأَبْنِيَةِ (4) كِرَابُ الْأَرْضِ (5) سَقْيُ الْأَرْضِ (6) شَقُّ جَدْوَلٍ وَمَجْرَى لِلسَّقْيِ (7) إحَاطَةُ الْأَرْضِ بِجِدَارٍ (8) بِنَاءُ مُسَنَّاةٍ (9) حَفْرُ بِئْرٍ حَتَّى خُرُوجِ الْمَاءِ فَلِذَلِكَ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ الْمَوَاتِ بِئْرًا فَيَمْلِكُ ذَلِكَ الْجَبَلَ حَتَّى أَعْلَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ) . [ (الْمَادَّةُ 1277) إحَاطَةُ جَوَانِبِ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ بِالْأَحْجَارِ أَوْ الشَّوْكِ أَوْ جُذُوعِ الْأَشْجَارِ] الْمَادَّةُ (1277) - (إحَاطَةُ جَوَانِبِ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ بِالْأَحْجَارِ أَوْ الشَّوْكِ أَوْ جُذُوعِ الْأَشْجَارِ أَوْ تَنْقِيَةُ الْحَشَائِشِ مِنْهَا أَوْ إحْرَاقِ الْأَشْوَاكِ الَّتِي فِيهَا أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ لِتِلْكَ الْأَرْضِ بَلْ هُوَ تَحْجِيرٌ فَقَطْ) (1) إحَاطَةُ جَوَانِبِ الْأَرْضِ الْأَرْبَعَةِ بِالْأَحْجَارِ أَوْ الشَّوْكِ أَوْ جُذُوعِ الْأَشْجَارِ (2) أَوْ تَنْقِيَةِ الْحَشَائِشِ مِنْهَا (3) وَإِحْرَاقِ الْأَشْوَاكِ الَّتِي فِيهَا (4) أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ بِدُونِ وُصُولٍ إلَى الْمَاءِ (5) أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَلَوْ وَصَلَ الْمَاءُ لَيْسَ لِتِلْكَ الْأَرْضِ، بَلْ هُوَ تَحْجِيرٌ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمُنْلَا مِسْكِينٌ) أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ يُعَدُّ تَحْجِيرًا وَمَسْأَلَةُ حَفْرِ الْبِئْرِ قَدْ ذُكِرَتْ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالتَّبْيِينِ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ كَمَا ذُكِرَتْ أَيْضًا فِي الْمَجَلَّةِ بِأَنَّهَا تَحْجِيرٌ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْهِنْدِيَّةِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ

(المادة 1278) إذا حصد أحد ما في الأرض الموات

أَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ حَتَّى الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ إحْيَاءٌ وَحَفْرَهَا بِدُونِ وُصُولٍ إلَى الْمَاءِ تَحْجِيرٌ، وَالْمَعْنَى الظَّاهِرُ مِنْ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى أَيْ التَّقْيِيدُ؛ فَقَدْ شَرَحَ كَذَلِكَ وَقَيَّدَ إطْلَاقَ الْمَجَلَّةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ أَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ تَامًّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ هُوَ إحْيَاءٌ وَحَفْرَهَا نَاقِصًا تَحْجِيرٌ وَحَفْرَ الْبِئْرِ تَامًّا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ هُوَ تَحْجِيرٌ. [ (الْمَادَّةُ 1278) إذَا حَصَدَ أَحَدٌ مَا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ] الْمَادَّةُ (1278) - (إذَا حَصَدَ أَحَدٌ مَا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ مِنْ الْحَشَائِشِ أَوْ الْأَشْوَاكِ وَوَضَعَهُ فِي أَطْرَافِهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِ التُّرَابَ وَلَمْ يُتِمَّ مُسَنَّاتِهَا بِوَجْهٍ يَمْنَعُ مَاءَ السَّيْلِ إلَيْهَا فَلَا يَكُونُ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ وَلَكِنْ يَكُونُ حَجَرَهَا) إذَا حَصَدَ أَحَدٌ مَا فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ مِنْ الْحَشَائِشِ أَوْ الْأَشْوَاكِ وَوَضَعَهُ فِي أَطْرَافِهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِ التُّرَابَ وَبِذَلِكَ مَنَعَ دُخُولَ النَّاسِ إلَيْهَا وَلَكِنْ لَمْ يُتِمَّ مُسَنَّاتِهَا بِوَجْهٍ يَمْنَعُ مَاءَ السَّيْلِ إلَيْهَا فَلَا يَكُونُ أَحْيَا تِلْكَ الْأَرَاضِي وَلَكِنْ يَكُونُ حَجَرَهَا (مُنْلَا مِسْكِينٌ) إنَّ مَا ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ السَّبَبُ الْأَوَّلُ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْجِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَلِذَلِكَ فَلَا تُفِيدُ هَذِهِ الْمَادَّةُ شَيْئًا أَزْيَدَ مِمَّا أَفَادَتْهُ تِلْكَ الْمَادَّةُ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْحَشَائِشَ وَالْأَشْوَاكَ الَّتِي تُوضَعُ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَكُونَ الْحَشَائِشُ أَشْوَاكًا مَحْصُودَةً مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ، أَمَّا أَسْبَابُ التَّحْجِيرِ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَمْ يُقَيِّدْ فِيهَا أَنْ تَكُونَ الْحَشَائِشُ وَالْأَشْوَاكُ مَحْصُودَةً مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُوجَدُ فَرْقٌ مُهِمٌّ يُوجِبُ وَضْعَ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى حِدَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 1279) حَجَرَ أَحَدٌ مَحَلًّا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ] الْمَادَّةُ (1279) - (إذَا حَجَرَ أَحَدٌ مَحَلًّا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِذَا لَمْ يُحْيِهِ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السِّنِينَ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى لِغَيْرِهِ لِإِحْيَائِهِ) إذَا حَجَرَ أَحَدٌ مَحَلًّا مِنْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1277) فَلَا يَكُونُ مَالِكًا لَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِالْإِحْيَاءِ وَالْإِعْمَارِ وَلَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ التَّحْجِيرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) كَمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إظْهَارُ عِمَارَةِ الْأَرَاضِي حَتَّى تَحْصُلَ الْمَنْفَعَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ (الْجَوْهَرَةُ) وَلَكِنْ يَكُونُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ سِنِينَ أَيْ تَكُونُ لَهُ الْأَوْلَوِيَّةُ فِي إحْيَاءِ تِلْكَ الْأَرْضِ وَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ هُوَ لِقَوْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ حَقٌّ، وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ التَّحْجِيرَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْمُؤَبَّدَ كَمَا أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي إفَادَتِهِ الْمِلْكَ الْمُؤَقَّتَ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ الْمُؤَقَّتَ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، وَقَالَ الْآخَرُونَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ هُوَ جَعْلُ الْأَرَاضِي صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ أَمَّا التَّحْجِيرُ

(المادة 1280) حفر بئرا تامة في الأرضي الموات بإذن السلطان

فَهُوَ مَنْعُ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ الْغَيْرِ عَلَى الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (1277) وَالْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَتَبْقَى الْإِبَاحَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَلَكِنْ يَكُونُ الْمُحْتَجِرُ أَوْلَى. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ هِيَ عَدَمُ أَخْذِ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ حُكْمًا فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ مِنْ يَدِ الْمُحْتَجِرِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا تُؤْخَذُ دِيَانَةً إنَّمَا تُؤْخَذُ حُكْمًا فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْيَاهَا آخَرُ بِإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ فَيَمْلِكُهَا الْمُحْيِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا يَمْلِكُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (الطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) فَإِذَا لَمْ يُحْيِهَا الْمُحْتَجِرُ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السِّنِينَ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ أَوْلَوِيَّةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى لِغَيْرِهِ لِإِحْيَائِهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ تَسْلِيمَ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِلْمُحْتَجِرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهَا وَيَزْرَعَهَا الْمُحْتَجِرُ وَيَحْصُلَ مِنْ ذَلِكَ نَفْعٌ بِأَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْمَقْصِدُ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّةَ فَائِدَةٌ فِي بَقَائِهَا فِي يَدِهِ (الْمِنَحُ بِتَغْيِيرٍ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الدَّفْعُ لِأَجْلِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ فَيَقْتَضِي هَذَا الدَّلِيلُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَمْ يَزْرَعْهَا تَحْصِيلًا لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ، قُلْنَا قَدْ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ دُونَ التَّحْجِيرِ، وَالْإِمَامُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ مَمْلُوكَ أَحَدٍ إلَى غَيْرِهِ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ إلَيْهِ لِذَلِكَ فَافْتَرَقَا (الطُّورِيُّ) . لَا يَلْزَمُ فِي التَّحْجِيرِ إذْنُ السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَيْهِ فَالتَّحْجِيرُ بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ جَائِزٌ (الْهِدَايَةُ) . مَثَلًا: لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِدُونِ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَاءِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَالْحَفْرُ التَّامُّ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَهُوَ إحْيَاءٌ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1276) أَمَّا إذَا حَفَرَ الْبِئْرَ حَفْرًا تَامًّا بِدُونِ إذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً بَلْ يَكُونُ تَحْجِيرًا (الْكِفَايَةُ) . الْخُلَاصَةُ: إنَّ التَّحْجِيرَ كَمَا يَكُونُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ يَكُونُ أَيْضًا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَعَلَيْهِ فَقَيَّدَ " بَعْدَ إذْنٍ " فِي قَوْلِ مُنْلَا مِسْكِينٍ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ " وَإِنْ حَجَرَ بَعْدَ إذْنٍ لَا يَمْلِكُ " لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا [ (الْمَادَّةُ 1280) حَفَرَ بِئْرًا تَامَّةً فِي الْأَرْضِي الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ] الْمَادَّةُ (1280) - (مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَامَّةً فِي الْأَرْضِي الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَهِيَ مِلْكُهُ) كَذَلِكَ تَكُونُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبِئْرِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْبِئْرِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1281 وَ 1286) وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ مَاءَ تِلْكَ الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ الْآخَرِينَ مِنْ أَخْذِ الْمَاءِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1268) .

(الفصل السادس) في بيان حريم الآبار المحفورة في الأرض الموات

وَقَوْلُهُ " بِإِذْنِ السُّلْطَانِ " هُوَ لِلسَّبَبِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1272 " فَلِذَلِكَ إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا تَامَّةً بِدُونِ إذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً أَيْ لَا يَمْلِكُهَا حَافِرُهَا بَلْ يَكُونُ مُحَجِّرًا لَهَا كَمَا أَنَّهَا إذَا بَاشَرَ حَفْرَ الْبِئْرِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَرَكَ الْحَفْرَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَاءِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (277 1) . [ (الْفَصْلُ السَّادِسُ) فِي بَيَانِ حَرِيمِ الْآبَارِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ] [ (الْمَادَّةُ 1281) حَرِيمُ الْبِئْرِ] الْفَصْلُ السَّادِسُ (فِي بَيَانِ حَرِيمِ الْآبَارِ الْمَحْفُورَةِ وَالْمِيَاهِ الْمُجْرَاةِ وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ) وَحَرِيمُ الشَّيْءِ هِيَ حُقُوقُهُ وَمَرَافِقُهُ الَّتِي حَوْلَهُ وَأَطْرَافُهُ، وَتَسْمِيَتُهُ حَرِيمًا هُوَ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِهِ وَالِانْتِفَاعَ مِنْهُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ اُنْظُرْ مَادَّةَ (96) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ " 1 ") الْمَادَّةُ (1281) - (حَرِيمُ الْبِئْرِ: أَيْ حُقُوقُ سَاحَتِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ) حَرِيمُ الْبِئْرِ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَيْ حُقُوقُ سَاحَتِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ أَيْ مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْبِئْرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ مُتَسَاوٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِئْرُ بِئْرًا نَاضِحَةً أَيْ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْمَاءُ بِدُولَابٍ أَيْ بِحَيَوَانَاتٍ أَوْ كَانَتْ بِئْرًا عَطِنًا وَهِيَ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْمَاءُ بِالتَّحْرِيكِ أَوْ بِالدَّلْوِ أَيْ أَنَّ حَرِيمَ هَذَيْنِ وَاحِدٌ أَيْ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا أَمَّا إذَا كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَعَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُزَادُ الْحَرِيمُ بِقَدْرِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ حَبْلُ الْبِئْرِ كَمَا إنَّهُ إذَا لَمْ يَكْفِ هَذَا الْحَرِيمُ لِرَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَاقْتَضَى مَنْحُهَا حَرِيمًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ مَنْحُهَا الْحَرِيمَ الَّذِي تَحْتَاجُهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الِاعْتِبَارُ لِلْحَاجَةِ وَلَيْسَ لِلتَّقْدِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ وَالشِّبْلِيُّ وَالطُّورِيُّ) . إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ حَصَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْحَرِيمَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِتَزْيِيدِ الْحَرِيمِ فِي حَالِ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّزْيِيدِ، وَتَعْبِيرُ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ هُوَ حَتَّى لَا يُفْهَمَ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا هِيَ مَجْمُوعُ الْأَرْبَعَةِ الْأَطْرَافِ، أَيْ عَشْرُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ، وَحَيْثُ إنَّ الْحَرِيمَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ فَيُسَاوِي مَجْمُوعُهُ مِائَةً وَسِتِّينَ ذِرَاعًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي دَاخِلِ الْحَرِيمِ أَوْ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ. وَسَبَبُ كَوْنِ حَرِيمِ الْبِئْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ هُوَ لِئَلَّا يَحْفِرَ أَحَدٌ فِي جِوَارِ الْبِئْرِ بِئْرًا أُخْرَى وَيُحَوِّلَ مَاءَ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى بِئْرِهِ وَيَضُرَّ بِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى وَلَا يُدْفَعَ هَذَا الضَّرَرُ بِإِعْطَاءِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ حَرِيمًا لِلْبِئْرِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ عَنْ بَعْضِهَا بِالصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ إعْطَاءُ حَرِيمٍ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً عَنْ الْبِئْرِ الْأُولَى بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا يُوجِبُ جَذْبَ

(المادة 1282) حريم الأعين

مَاءِ الْبِئْرِ الْأُولَى بِسَبَبِ رَخَاوَةِ الْأَرْضِ فَيَزْدَادُ الْحَرِيمُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ سِتُّ قَبَضَاتٍ. وَيُسَمَّى هَذَا الذِّرَاعُ بِذِرَاعِ الْعَامَّةِ وَذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ لِأَنَّ هَذَا الذِّرَاعَ أَقْصَرُ مِنْ ذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ، وَالذِّرَاعُ مِنْ الْمِرْفَقِ إلَى الْأَنَامِلِ وَهُوَ ذِرَاعُ الْعَرَبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَيَّدَ شَرْحًا حَفْرَ الْبِئْرِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ عُنْوَانُ الْفَصْلِ لِأَنَّ الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا أَحَدٌ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ لَا يَمْلِكُهَا حَافِرُهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا حَرِيمٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1280) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ شَرْحًا " فِي الْمَوَاتِ " وَعُنْوَانُ الْفَصْلِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُرِيدُهُ حَرِيمًا فِي مِلْكِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَرِيمٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1291) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَحَلًّا لِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا فَلَا يَكُونُ لِهَذِهِ الْبِئْرِ حَرِيمٌ دُونَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرَادَ حَافِرُ الْبِئْرِ تَنْظِيفَ بِئْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاءُ الْأَوْحَالِ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْبِئْرِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْبِئْرِ بِدُونِ الِاسْتِقَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1282) حَرِيمُ الْأَعْيُنِ] الْمَادَّةُ (1282) - (حَرِيمُ الْأَعْيُنِ أَيْ الْمَنَابِعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا مِنْ مَحَلٍّ وَتَجْرِي مِيَاهُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ) حَرِيمُ الْأَعْيُنِ: أَيْ الْمَنَابِعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا مِنْ مَحَلٍّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَجْرِي مِيَاهُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إنَّ حَرِيمَ الْأَعْيُنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ» وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ بِخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الشَّارِعِ كَمَا أَنَّ الْأَعْيُنَ تُسْتَخْرَجُ لِإِسْقَاءِ الْمَزْرُوعَاتِ فَتَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ كَمَا تَحْتَاجُ لِبِنَاءِ حَوْضٍ لِجَمْعِ الْمَاءِ فِيهِ لِإِجْرَائِهِ لِلْمَزَارِعِ فَيَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِدَايَةُ وَالطُّورِيُّ) . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ تَقْدِيرَ الْحَرِيمِ لِلْمَنَابِعِ بِخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ هُوَ فِي حَالَةِ كِفَايَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ بِسَبَبِ صَلَابَةِ الْأَرْضِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ آخَرُ مَنْبَعًا خَارِجَ الْخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِسَبَبِ رَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَتُحَوَّلُ مِيَاهُ الْمَنْبَعِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ فَيَقْتَضِي تَزْيِيدَ الْحَرِيمِ حَتَّى لَا تَتَحَوَّلَ مِيَاهُ الْمَنْبَعِ الْأَوَّلِ لِلْمَنْبَعِ الثَّانِي فَلَا تَتَعَطَّلُ الْعَيْنُ الْأُولَى (الطُّورِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِ الْحَرِيمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " مِنْ كُلِّ طَرَفٍ " حَتَّى تَكُونَ جَوَانِبُ الْعَيْنِ الْأَرْبَعَةِ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَحَتَّى لَا يُفْهَمَ أَنَّ حَرِيمَ كُلِّ طَرَفٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا فَإِذَا كَانَ لِلْعَيْنِ حَرِيمُ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَلْفَا ذِرَاعٍ (أَبُو السُّعُودِ) .

(المادة 1283) حريم النهر الكبير الذي لا يحتاج إلى الكري

[ (الْمَادَّةُ 1283) حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ] الْمَادَّةُ (1283) - (حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ مِقْدَارُ نِصْفِ النَّهْرِ فَيَكُونُ مِقْدَارُ حَرِيمِهِ مُسَاوِيًا عَرْضَ النَّهْرِ) حَرِيمُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَاَلَّذِي حُفِرَ وَأُجْرِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ مِنْ كُلِّ مِقْدَارٍ نِصْفُ النَّهْرِ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مِقْدَارِ حَرِيمِهِ مِنْ طَرَفَيْهِ مُسَاوِيًا عَرْضَ النَّهْرِ، أَيْ حَرِيمُهُ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ نِصْفُ عَرْضِ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَالْمُرَادُ بِالنَّهْرِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هُوَ النَّهْرُ الَّذِي أُجْرِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ شَرْحًا وَكَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُنْوَانُ الْفَصْلِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ شَقَّ أَحَدٌ مِنْ نَهْرٍ أَعْظَمَ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ نَهْرًا يَمُرُّ مِنْ أَرْضٍ مَوَاتٍ وَأَسَالَ إلَى مَزْرَعَتِهِ فَحَرِيمُ هَذَا النَّهْرِ الْمُنْشَعِبِ مُسَاوٍ لِعَرْضِ النَّهْرِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا إذَا وُجِدَ نَهْرٌ لِأَحَدٍ فِي مِلْكِ الْآخَرِ فَإِيضَاحُ ذَلِكَ سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ (1290) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَبِمَا أَنَّ رَأْيَ الْمُومَأِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُفْتًى بِهِ فَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ. وَيَثْبُتُ لُزُومُ الْحَرِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إنَّ اسْتِحْقَاقَ الشَّيْءِ هُوَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فَإِذَا اُحْتُبِسَ شَيْءٌ فِي النَّهْرِ وَأَرَادَ صَاحِبُ النَّهْرِ إصْلَاحَهُ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فِي وَسَطِ النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ لِلْمَشْيِ فِي أَطْرَافِهِ وَإِذَا كَرَى النَّهْرَ فَتُوجَدُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ لَهُ فِي نَقْلِ الْأَوْحَالِ إلَى أَسْفَلِ النَّهْرِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ فِي طَرَفِ النَّهْرِ لِيُلْقِيَ فِيهِ الْأَوْحَالَ. فَلِذَلِكَ لَوْ تَنَازَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مَعَ صَاحِبِ النَّهْرِ عَلَى الْحَرِيمِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْحَرِيمَ حَرِيمُهُ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ لِأَنَّ صَاحِبَ النَّهْرِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَرِيمِ لِاسْتِمْسَاكِ مَائِهِ بِهِ وَالِاسْتِعْمَالُ يَدٌ فِيهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي ثَوْبٍ وَأَحَدُهُمَا لَابِسُهُ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ بِالِاسْتِعْمَالِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْمَوَاتِ) . وَسَبَبُ انْقِسَامِ الْحَرِيمِ لِجَانِبَيْ النَّهْرِ هُوَ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِلْقَاءِ وَطَرْحِ أَوْحَالِ النَّهْرِ إلَى جَانِبَيْهِ فَلَزِمَ تَقْسِيمُ حَرِيمِ النَّهْرِ إلَى الْجَانِبَيْنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَحَرِيمُ النَّهْرِ مِنْ جَانِبٍ مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ عَرْضِ النَّهْرِ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ عَرْضِ النَّهْرِ أَيْضًا فَيَكُونُ حَرِيمُ النَّهْرِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ضِعْفَ الْحَرِيمِ الَّذِي ذَكَرَتْهُ الْمَجَلَّةُ. أَمَّا رَأْيُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَيْسَ لِمِثْلِ هَذَا النَّهْرِ الْكَبِيرِ حَرِيمٌ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَثَبَتَ بِالنَّصِّ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (115) أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ قَصْرًا فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَمَعَ كَوْنِهِ مُحْتَاجًا لِحَرِيمٍ لِإِلْقَاءِ الْقُمَامَةِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ حَيْثُ إنَّهُ يَسْتَطِيعُ الِانْتِفَاعَ بِالْقَصْرِ بِدُونِ الْحَرِيمِ (الزَّيْلَعِيّ وَالطُّورِيُّ) .

(المادة 1284) حريم النهر الصغير المحتاج للكري

[ (الْمَادَّةُ 1284) حَرِيمُ النَّهْرِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَاجِ لِلْكَرْيِ] الْمَادَّةُ (1284) - (حَرِيمُ النَّهْرِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَاجِ لِلْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، أَيْ الْمَجَارِي وَالْجَدَاوِلِ، وَكَذَلِكَ حَرِيمُ الْقَنَاةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ هُوَ مِقْدَارُ مَا يَلْزَمُهَا حِينَ الْكَرْيِ مِنْ الْمَحَلِّ لِطَرْحِ أَحْجَارِهَا وَأَوْحَالِهَا) حَرِيمُ النَّهْرِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَاجِ لِلْكَرْيِ فِي كُلِّ وَقْتٍ أَيْ الْمَجَارِي وَالْجَدَاوِلِ الَّتِي أُحْيِيَتْ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَكَذَلِكَ حَرِيمُ الْقَنَاةِ الَّتِي تَحْتَ الْأَرْضِ وَاَلَّتِي لَا يَجْرِي مَاؤُهَا فَوْقَ الْأَرْضِ هُوَ مِقْدَارُ مَا يَلْزَمُهَا حِينَ الْكَرْيِ مِنْ الْمَحَلِّ لِطَرْحِ أَحْجَارِهَا وَأَوْحَالِهَا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ صَاحِبُ النَّهْرِ حِينَ تَطْهِيرِ النَّهْرِ لِلْمَشْيِ عَلَى ضِفَافِهِ فَلَا يَنْتَفِعُ مِنْ النَّهْرِ بِدُونِ الْحَرِيمِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . وَالْمُرَادُ مِنْ النَّهْرِ هُنَا النَّهْرُ الصَّغِيرُ الَّذِي أُجْرِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا وَكَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عُنْوَانُ الْفَصْلِ أَمَّا حُكْمُ النَّهْرِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ الْآخَرِ فَسَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (1290) [ (الْمَادَّةُ 1285) حَرِيمُ الْقَنَاةِ الْجَارِي مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ] الْمَادَّةُ (1285) - (حَرِيمُ الْقَنَاةِ الْجَارِي مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْعُيُونِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ) حَرِيمُ الْقَنَاةِ الْجَارِي مَاؤُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَالْعُيُونِ الْفَوَّارَةِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1282) أَمَّا إذَا كَانَ مَاؤُهَا غَيْرَ جَارٍ عَلَى سَطْحِ الْأَرْضِ فَحَرِيمُهَا قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٌ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . وَقَدْ كَانَ الْأَجْدَرُ أَنْ تُذْكَرَ الْمَادَّةُ " 1389 " هُنَا أَيْ قَبْلَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ " وَالْقَنَوَاتُ وَالْأَشْجَارُ إلَخْ " [ (الْمَادَّةُ 1286) حَرِيمُ الْآبَارِ مِلْكُ أَصْحَابِهَا] الْمَادَّةُ (1286) - (حَرِيمُ الْآبَارِ مِلْكُ أَصْحَابِهَا فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ وَإِذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي حَرِيمِ آخَرَ يُرْدَمُ وَحَرِيمُ الْيَنَابِيعِ وَالْأَنْهُرِ وَالْقَنَوَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا) حَرِيمُ الْآبَارِ مِلْكُ أَصْحَابِهَا كَالْآبَارِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِئْرًا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْحَرِيمُ لِلْآخَرِ فَتَكُونَ الْبِئْرُ وَالْحَرِيمُ مِلْكًا مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ بِئْرًا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ أَحَدُهُمَا عَلَى حَفْرِهَا مَبْلَغًا أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ وَأَنْ تَكُونَ الْبِئْرُ وَالْحَرِيمُ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَلِلطَّرَفِ الَّذِي صَرَفَ أَكْثَرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ الزِّيَادَةِ. كَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ اثْنَانِ نَهْرًا عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ مِلْكًا لِلْآخَرِ فَالْمُقَاوَلَةُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَيَكُونُ النَّهْرُ وَالْأَرْضُ مُشْتَرَكَيْنِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ الصَّارِفُ أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ

(المادة 1287) حفر أحد بئرا بالإذن السلطاني بالقرب من حريم بئر الآخر

بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْآخَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الشِّرْبِ) . فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ كَأَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا أَوْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ لِأَنَّ هَذَا الْحَرِيمَ هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي حَرِيمِ الْآخَرِ فَتُرْدَمُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) أَيْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَمْلَأَ بِئْرَهُ بِالتُّرَابِ وَأَنْ يَرْدِمَهَا لِأَنَّ إزَالَةَ جِنَايَةِ حَفْرِ الْبِئْرِ تَكُونُ بِالْكَبْسِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ قُمَامَتَهُ عَلَى دَارِ أَوْ عَرْصَةِ الْآخَرِ فَيُلْزَمُ بِرَفْعِهَا وَلِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى أَنْ يَسُدَّ الْبِئْرَ الثَّانِيَةَ بِإِمْلَائِهَا بِالتُّرَابِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِمَصَارِيفِ سَدِّ الْبِئْرِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ سَدِّ الْبِئْرِ كَمَا ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ بَلْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ حَافِرَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانَ الْحَفْرِ ثُمَّ يَسُدَّهَا بِنَفْسِهِ فَتُقَوَّمَ الْأَرْضُ أَيْ الْحَرِيمُ أَوَّلًا بِلَا حَفْرٍ وَثَانِيًا بِالْحَفْرِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ يَضْمَنُهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا إذَا هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُؤَاخِذَهُ بِقِيمَتِهِ لَا بِبِنَاءِ الْجِدَارِ. يُرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَعْتَبِرْ هَذَا الْقَوْلَ بَلْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ كَأَنْ تَقَعَ دَابَّتُهُ فِيهَا فَتَتْلَفَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِحَفْرِهَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَفَرَهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَهُوَ مَالِكُهَا وَإِذَا حَفَرَهَا بِلَا إذْنٍ فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا فَقَدْ حَجَرَهَا وَأَمَّا إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ مِنْ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فَيَضْمَنُهُ صَاحِبُ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَحَرِيمُ الْيَنَابِيعِ وَالْأَنْهُرِ وَالْقَنَوَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَذَلِكَ أَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ مِلْكٌ لِصَاحِبِهِ يَتَصَرَّفُ بِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّصَرُّفُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَإِذَا تَصَرَّفَ آخَرُ فِيهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرَادَ بِضْعَةُ أَشْخَاصٍ زَرْعَ أَخْضَارٍ فِي مَوَاضِعِ الْأَوْحَالِ الَّتِي يُلْقِيهَا النَّهْرُ الْجَارِي لِطَاحُونِ أَحَدٍ فَلِصَاحِبِ الطَّاحُونِ مَنْعُهُمْ (الْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1287) حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (1287) - (إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرِ الْآخَرِ فَيَكُونُ حَرِيمُ هَذِهِ الْبِئْرِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَيْضًا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى عَلَى حَرِيمِهَا) إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ بِالْقُرْبِ مِنْ حَرِيمِ بِئْرٍ أُخْرَى أَيْ حَفَرَ بِئْرًا خَارِجَ حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ مُنْتَهَى حَرِيمِهِ فَيَكُونُ حَرِيمُ هَذِهِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فِي سَائِرِ الْجِهَاتِ أَيْ مِنْ الثَّلَاثِ الْجِهَاتِ الْأُخْرَى أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَيْضًا وَسَبَبُهُ قَدْ تَبَيَّنَ - فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1281) ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى عَلَى حَرِيمِهِ لِأَنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ الْأُولَى قَدْ أَصْبَحَ

(المادة 1288) حفر أحد بئرا في خارج حريم بئر فتسربت مياه البئر الأولى إلى تلك البئر

مِلْكًا لِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) كَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ شَخْصٌ ثَالِثٌ أَيْضًا بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ بِئْرًا ثَالِثَةً خَارِجَ حَرِيمِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ وَفِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ لِلْبِئْرِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ حَرِيمٌ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ مِنْ جِهَةِ الْبِئْرِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَرِيمِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1288) حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي خَارِجِ حَرِيمِ بِئْرٍ فَتَسَرَّبَتْ مِيَاهُ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى تِلْكَ الْبِئْرِ] الْمَادَّةُ (1288) - (إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي خَارِجِ حَرِيمِ بِئْرٍ فَتَسَرَّبَتْ مِيَاهُ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى تِلْكَ الْبِئْرِ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ دُكَّانًا فِي جَانِبِ دُكَّانٍ آخَرَ وَكَسَدَتْ تِجَارَةُ الْأَوَّلِ فَلَا تُغْلَقُ الثَّانِيَةُ) إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فِي خَارِجِ حَرِيمِ بِئْرٍ وَلَوْ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى وَمُتَّصِلٍ بِهَا فَتَسَرَّبَتْ مِيَاهُ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى تِلْكَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ كَإِقْفَالِ الْبِئْرِ أَوْ ضَمَانِ الْمِيَاهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِالْحَفْرِ كَمَا أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي تَحْتَ الْأَرْضِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (93 وَ 1235) سُؤَالٌ - إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا خَارِجَ حَرِيمِ بِئْرٍ أُخْرَى وَتَسَرَّبَتْ مِيَاهُ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْبِئْرِ الثَّانِيَةِ قَدْ أَضَرَّ بِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى ضَرَرًا فَاحِشًا إذْ عُرِّفَ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (199) أَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ مَالٍ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ. تَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1235) كَمَا أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ دُكَّانًا فِي جَانِبِ دُكَّانِ الْآخَرِ وَكَسَدَتْ تِجَارَةُ الْأَوَّلِ لِبَيْعِهِ مَالًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْأَوَّلِ فَلَا تُغْلَقُ الدُّكَّانُ الثَّانِيَةُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أَيَّ تَعْوِيضٍ عَنْ ضَرَرِهِ أَوْ خَسَارَتِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (25) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1197) . [ (الْمَادَّةُ 1289) حَرِيمُ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ] الْمَادَّةُ (1289) - (حَرِيمُ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ غَرْسُ شَجَرَةٍ ضِمْنَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ) حَرِيمُ الشَّجَرَةِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ تَحْتَاجُ لِحَرِيمٍ لِجَمْعِ ثَمَرِهَا وَتَكْوِيمِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إنَّ حَرِيمَ الشَّجَرَةِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ» وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَرَسَ شَخْصٌ شَجَرَةً فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَرَادَ غَرْسَ شَجَرَةٍ فِي جَنْبِ الشَّجَرَةِ الْأُولَى فَرَاجَعَ صَاحِبُ تِلْكَ الشَّجَرَةِ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَكَا الْأَمْرَ إلَيْهِ فَخَصَّصَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ الْأُولَى حَرِيمًا خَمْسَةَ أَذْرُعٍ وَجَوَّزَ تَصَرُّفَ الْآخَرِ خَارِجَ الْحَرِيمِ الْمَذْكُورِ (الْعِنَايَةُ) . بِمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِ الْحَرِيمِ هُوَ مِقْدَارُ الْحَاجَةِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1281)

(المادة 1290) طرفا الجدول الجاري في عرصة آخر بقدر ما يحفظ الماء هما لصاحب الجدول

وَلَيْسَ بِالتَّقْدِيرِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي حَرِيمِ الشَّجَرِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ تَخْتَلِفُ بِالنِّسْبَةِ لِكِبَرِهَا وَصِغَرِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ تَحْتَاجُ لِحَرِيمٍ أَكْبَرَ مِنْ حَرِيمِ الشَّجَرَةِ الصَّغِيرَةِ. وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ غَرْسُ شَجَرَةٍ ضِمْنَ هَذِهِ الْمَسَافَةِ أَوْ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَيَّ تَصَرُّفٍ آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (96 وَ 1286) . وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ " أَنَّ الْأَشْجَارَ الَّتِي غُرِسَتْ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِدُونِ إذْنٍ سُلْطَانِيٍّ لَيْسَ لَهَا حَرِيمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ خَالَفَا الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْقَصْرِ الْمُنْشَأِ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ حَرِيمٌ وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا لِحَرِيمٍ لِطَرْحِ الْقُمَامَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ فَصْلِ الشِّرْبِ) . [ (الْمَادَّةُ 1290) طَرَفَا الْجَدْوَلِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ آخَرَ بِقَدْرِ مَا يُحْفَظُ الْمَاءُ هُمَا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ] الْمَادَّةُ (1290) - (طَرَفَا الْجَدْوَلِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ آخَرَ بِقَدْرِ مَا يُحْفَظُ الْمَاءُ هُمَا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ، وَإِذَا كَانَ طَرَفَاهُ مُرْتَفِعَيْنِ فَمَا ارْتَفَعَ مِنْهُمَا أَيْضًا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفَاهُ مُرْتَفِعَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا ذُو يَدٍ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِمَا أَشْجَارٌ مَغْرُوسَةٌ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ فَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ ذَانِكَ الْمَحَلَّانِ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ لَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ حَقُّ طَرْحِ وَإِلْقَاءِ الطِّينِ فِي طَرَفَيْ الْجَدْوَلِ وَقْتَ كَرْيِهِ) لَيْسَ لِلْجَدْوَلِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ آخَرَ حَرِيمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ مُتَّصِلَةً بِالْأَرْضِ وَمُسَاوِيَةً لَهَا أَيْ لَمْ تَكُنْ الْمُسَنَّاةُ أَعْلَى أَوْ أَسْفَلَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً فِي يَدِ أَيٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَثْبُتْ وُجُودُ الْحَرِيمِ بِالْبَيِّنَةِ فَلِذَلِكَ لَا تُعَدُّ الْأَرْضُ الَّتِي فِي طَرَفِ النَّهْرِ الصَّالِحَةُ لِغَرْسِ الْأَشْجَارِ حَرِيمًا لِذَلِكَ النَّهْرِ وَلِذَلِكَ لَيْسَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِوَجْهٍ مَا كَغَرْسِ الْأَشْجَارِ مَثَلًا، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ أَنْ يَدْخُلَ إلَى الْعَرْصَةِ لِإِصْلَاحِ النَّهْرِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمُرَّ مِنْ بَطْنِ النَّهْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (25) ، (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَقَدْ ذَكَرَ رَدُّ الْمُحْتَارِ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا بِمَنْعِ صَاحِبِ النَّهْرِ مِنْ الْمُرُورِ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْأَشْبَهَ عَدَمُ الْمَنْعِ لِوُجُودِ الضَّرُورَةِ، وَلَكِنْ طَرَفَيْ الْجَدْوَلِ الْجَارِي فِي عَرْصَةِ آخَرَ بِقَدْرِ مَا يُحْفَظُ الْمَاءُ هُمَا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ طَرَفَيْهِ الصَّالِحَيْنِ لِغَرْسِ الْأَشْجَارِ فَلَا يُعَدُّ حَرِيمًا لِصَاحِبِ النَّهْرِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَ طَرَفَا النَّهْرِ غَيْرَ مُتَّصِلَيْنِ بِالْأَرْضِ بَلْ كَانَا مُرْتَفِعَيْنِ فَهُمَا لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ أَيْضًا أَيْ أَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْجَدْوَلِ وَالْعَرْصَةِ حَدٌّ فَاصِلٌ كَالْحَائِطِ وَشَكَّلَ بِالْحَدِّ الْمَذْكُورِ مُسَنَّاةً بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى هَذِهِ الْمُسَنَّاةِ لِلطَّرَفَيْنِ أَنَّ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ أَوْ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ شَجَرًا أَوْ طِينًا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمُسَنَّاةَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَتَكُونُ هَذِهِ الْمُسَنَّاةُ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ عَلَى

(المادة 1291) ليس لبئر حفرها شخص في ملكه حريم

الْمُسَنَّاةِ الْمَذْكُورَةِ شَجَرٌ مَغْرُوسٌ أَوْ تُرَابٌ أَوْ طِينٌ مُلْقًى مَا يَدُلُّ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ فَتَكُونُ الْمُسَنَّاةُ لَهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ صَاحِبُ الْجَدْوَلِ وَاضِعَ الْيَدِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ شَجَرٌ مَغْرُوسٌ عَلَى طَرَفَيْ الْجَدْوَلِ الْمُرْتَفِعَيْنِ أَيْ عَلَى الْمُسَنَّاةِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى إشْغَالِهِمَا بِحَقِّهِ فَتَكُونُ الْمُسَنَّاةُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ طَرَفَا الْجَدْوَلِ مُرْتَفِعَيْنِ بَلْ كَانَا مُوَازِيَيْنِ وَمُحَاذِيَيْنِ لِأَرْضِ الْعَرْصَةِ وَلَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا ذُو الْيَدِ بِأَنْ تَكُونَ مَشْغُولَةً بِحَقِّ أَحَدِهِمَا كَأَنْ تَكُونَ مَغْرُوسَةً بِأَشْجَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ وُجِدَتْ أَشْجَارٌ مَغْرُوسَةٌ فِي طَرَفَيْهِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَارِسُ لِلْأَشْجَارِ مَعْلُومًا فَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ ذَانِكَ الْمَحَلَّانِ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجَدْوَلِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَةِ الْآخَرِ حَرِيمٌ، أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِأَحْكَامِ الْمَادَّتَيْنِ (1283، 1284) وَيَدَّعِي أَنَّ لِهَذَا الْجَدْوَلِ حَرِيمًا فَلِذَلِكَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَنْ يَغْرِسَ أَشْجَارًا عَلَى هَذَيْنِ الطَّرَفَيْنِ وَأَنْ يَزْرَعَهُمَا أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ غَرْسُهُمَا أَوْ زِرَاعَتُهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) لَكِنْ لِصَاحِبِ الْجَدْوَلِ حَقُّ طَرْحِ وَإِلْقَاءِ الطِّينِ إلَى طَرَفَيْ الْجَدْوَلِ وَقْتَ كَرْيِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ مُمَانَعَتُهُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الطِّينُ كَثِيرًا بِصُورَةٍ فَاحِشَةٍ وَيَبْقَى حَقُّ مَسِيلِ صَاحِبِ الْجَدْوَلِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ رَفْعُ الْجَدْوَلِ. أَمَّا إذَا كَانَ طَرَفَا الْجَدْوَلِ مَشْغُولَيْنِ بِحَقِّ أَحَدِهِمَا بِأَنْ يَكُونَا مَغْرُوسَيْنِ شَجَرًا لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ لِصَاحِبِ الْجَدْوَل مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا ذُو يَدٍ فَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ طَرَفَاهُ لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لِصَاحِبِ الْيَدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ آنِفًا. [ (الْمَادَّةُ 1291) لَيْسَ لِبِئْرٍ حَفَرَهَا شَخْصٌ فِي مِلْكِهِ حَرِيمٌ] الْمَادَّةُ (1291) - (لَيْسَ لِبِئْرٍ حَفَرَهَا شَخْصٌ فِي مِلْكِهِ حَرِيمٌ، وَلِجَارِهِ أَيْضًا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ قُرْبَ تِلْكَ الْبِئْرِ وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ بِقَوْلِهِ: أَنَّهَا تَجْذِبُ مَاءَ بِئْرِي) لَيْسَ لِبِئْرٍ حَفَرَهَا شَخْصٌ فِي مِلْكِهِ حَرِيمٌ فِي مِلْكِ آخَرَ فَلِذَلِكَ لِجَارِهِ أَيْضًا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أُخْرَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ قُرْبَ تِلْكَ الْبِئْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ حَفْرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا تَجْذِبُ مَاءَ بِئْرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي مَاءِ بِئْرِ جَارِهِ الْجَدِيدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1235) . (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) وَيَرِدُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ السُّؤَالُ الَّذِي وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1288) . وَلَكِنْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَتْرُكَ بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ حَرِيمًا لِبِئْرِهِ مِنْ مِلْكِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1281) (الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَيُرْوَى أَنَّ جَارًا قَدْ حَفَرَ بِئْرًا فِي عَرْصَتِهِ فَجَذَبَتْ مَاءَ بِئْرِ جَارِهِ فَشَكَا الْآخَرُ إلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ

الفصل السابع في بيان المسائل التي تتعلق بأحكام الصيد

فَأَوْصَاهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِأَنْ يَحْفِرَ بَالُوعًا قُرْبَ بِئْرِ جَارِهِ فَعَمِلَ بِإِشَارَةِ الْإِمَامِ وَسَالَتْ النَّجَاسَةُ مِنْ الْبَالُوعِ إلَى الْبِئْرِ فَاضْطُرَّ الْجَارُ أَنْ يَرْدِمَ بِئْرَهُ مِنْ نَفْسِهِ (الْكَفَوِيُّ فِي الشِّرْبِ) . وَيَرِدُ لِلْخَاطِرِ أَنَّ نَصِيحَةَ الْإِمَامِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْعِ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ إزَالَةُ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1200) وَلَكِنْ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1191) أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ فَإِذَا أَنْشَأَ الْجَارُ كَنِيفًا أَوْ بَالُوعًا يُفْسِدُ مَاءَ جَارِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1212) [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الصَّيْدِ] ِ) لِلصَّيْدِ دَلِيلُ مَشْرُوعِيَّةٍ وَتَعْرِيفٌ وَرُكْنٌ وَحُكْمٌ وَحِلُّ أَكْلِهِ. مَشْرُوعِيَّةُ الصَّيْدِ: ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ. الْكِتَابُ: قَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] فَمُدَّةُ التَّحْرِيمِ إلَى غَايَةٍ فَاقْتَضَى الْإِبَاحَةَ فِيمَا وَرَاءَ تِلْكَ الْغَايَةِ. السُّنَّةُ: الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ» . إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: قَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّيْدِ. الْمَعْقُولُ: إنَّ الصَّيْدَ هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالشَّيْءِ الْمَخْلُوقِ لِانْتِفَاعِ بَنِي الْإِنْسَانِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الِاكْتِسَابِ فَهُوَ مُبَاحٌ كَالِاحْتِطَابِ (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ وَالْهِدَايَةُ وَشَرْحُهَا) . تَعْرِيفُ الصَّيْدِ، لِلصَّيْدِ مَعْنَيَانِ لُغَوِيٌّ وَشَرْعِيٌّ: فَالصَّيْدُ لُغَةً: اصْطِيَادُ الصَّيْدِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّيْدِ الْمَصِيدُ فَالْمَفْعُولُ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ وَاسْتُعْمِلَ لَفْظُ صَيْدٍ مَجَازًا بِمَعْنَى مَصِيدٍ وَالصَّيْدُ بِهَذَا الْمَعْنَى مَصْدَرٌ وَجَمْعُهُ صُيُودٌ. وَمَعْنَى الصَّيْدِ الشَّرْعِيُّ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1293) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . رُكْنُ الصَّيْدِ: عِبَارَةٌ عَنْ صُدُورِ فِعْلِ الِاصْطِيَادِ مُلَابِسًا لِشَرْطِهِ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّهِ. حُكْمُ الصَّيْدِ: عِبَارَةٌ عَنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الصَّائِدِ لِلصَّيْدِ إذَا اصْطَادَ صَيْدًا حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا، وَالصَّيْدُ تَقْدِيرًا: هُوَ إخْرَاجُ الصَّيْدِ عَنْ حَيِّزِ الِانْتِفَاعِ أَيْ جَعْلُهُ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ بِهَا الْفِرَارَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّيْدِ) .

(المادة 1292) صيد الصيد

حِلُّ أَكْلِ الصَّيْدِ، فِي الصَّيْدِ اعْتِبَارَانِ: الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - عِبَارَةٌ عَنْ حِلِّ أَكْلِ وَتَنَاوُلِ الصَّيْدِ، وَيَجِبُ وُجُودُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا لِحِلِّ الْأَكْلِ، وَقَدْ بَحَثَتْ الْمَادَّةُ (1296) مِنْ هَذَا الْفَصْلِ عَنْ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ سَتُبَيَّنُ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّ صَيْدَ الصَّيْدِ مُبَاحٌ، وَأَكْثَرُ أَحْكَامِ هَذَا الْفَصْلِ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. [ (الْمَادَّةُ 1292) صَيْدُ الصَّيْدِ] الْمَادَّةُ (1292) - (صَيْدُ الصَّيْدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْآلَاتِ كَالرُّمْحِ وَالْبُنْدُقِيَّةِ، أَوْ بِالْحَيَوَانَاتِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ، أَوْ بِالْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ) . آلَاتُ الصَّيْدِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - جَمَادٌ كَالْمِزْرَاقِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي - حَيَوَانٌ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَصَيْدُ الصَّيْدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْآلَاتِ كَالرُّمْحِ وَالْبُنْدُقِيَّةِ وَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ أَوْ بِالْحَيَوَانَاتِ ذَاتِ النَّابِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ، أَوْ بِالْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَالْبَاشِقِ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) إيضَاحَاتٌ فِي حَقِّ الْآلَاتِ الَّتِي مِنْ الْجَمَادِ: الْأَصْلُ وَالْقَاعِدَةُ هُوَ إذَا كَانَ مَوْتُ الصَّيْدِ مُضَافًا يَقِينًا إلَى الْجُرْحِ فَأَكْلُهُ حَلَالٌ، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا يَقِينًا إلَى ثِقَلِ آلَةِ الصَّيْدِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ، إذَا حَصَلَ شَكٌّ فِي مَوْتِ الصَّيْدِ بِالْجُرْحِ أَوْ الثِّقَلِ أَيْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْحُرْمَةِ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ يُرَجَّحُ طَرَفُ الْمُحَرِّمِ (الْهِدَايَةُ) ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْلِمٌ عَاجِزًا عَنْ مَدِّ الْقَوْسِ فَأَعَانَهُ مَجُوسِيٌّ فِي مَدِّهِ فَقَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ هَذَا الصَّيْدِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ سِكِّينٌ وَأَمْسَكَ الْمَجُوسِيُّ يَدَ الْمُسْلِمِ وَذَبَحَ الذَّبِيحَةَ فَلَا تُؤْكَلُ حَيْثُ إنَّ الْمُحَرِّمَ وَالْمُحَلِّلَ اجْتَمَعَا فَرَجَحَتْ جِهَةُ التَّحْرِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ كِتَابِ الرَّهْنِ بِتَغْيِيرٍ مَا) . الْآلَاتُ الْجَارِحَةُ: هِيَ الْآلَاتُ الَّتِي تَجْرَحُ، وَيُحْتَرَزُ بِهَا مِنْ الْآلَاتِ الدَّاقَّةِ وَيُفِيدُ ذَلِكَ عَدَمَ جَوَازِ الصَّيْدِ بِالْآلَاتِ الدَّاقَّةِ الَّتِي لَا تَجْرَحُ بَلْ تَدُقُّ وَتَطْحَنُ الصَّيْدَ، أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصْطَادُ بِتِلْكَ الْآلَاتِ الدَّاقَّةِ. فَلِذَلِكَ لَوْ رَمَى أَحَدٌ حَجَرًا جَسِيمًا عَلَى صَيْدٍ وَلَمْ يَجْرَحْهُ لِثِقَلِهِ بَلْ دَقَّهُ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، كَذَلِكَ لَوْ رَمَى أَحَدٌ الْقَوْسَ عَلَى طَيْرٍ فَلَمْ يُصِبْهُ رَأْسُ النَّبْلِ أَصَابَهُ جَانِبُهُ وَقَتَلَ الصَّيْدَ بِلَا جُرْحٍ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الطَّيْرِ. كَذَلِكَ لَوْ رَمَى الطَّيْرَ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالسِّكِّينِ وَأَصَابَتْ شَبَاةُ السَّيْفِ أَوْ رَأْسُ السِّكِّينِ ذَلِكَ الطَّيْرَ وَجَرَحَتْهُ فَيُؤْكَلُ الطَّيْرُ، أَمَّا إذَا أَصَابَتْهُ قَبْضَةُ السَّيْفِ أَوْ قَبْضَةُ السِّكِّينِ فَقَتَلَ الصَّيْدَ بِالدَّقِّ فَلَا يُؤْكَلُ " الْهِدَايَةُ "

إيضَاحَاتٌ فِي آلَاتِ الصَّيْدِ الَّتِي مِنْ الْحَيَوَانَاتِ: يُطْلَقُ الْكَلْبُ لُغَةً عَلَى كُلِّ سَبُعٍ " بِالْفَتْحِ وَضَمِّ الْبَاءِ " أَيْ عَلَى الْحَيَوَانِ الْجَارِحِ، وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ الْحَيَوَانُ الْجَارِحُ - الْحَيَوَانَاتُ الْغَيْرُ الْجَارِحَةِ كَالْجِمَالِ وَالْبَقَرِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا، وَلَكِنْ يُوجَدُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْجَارِحَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا آلَاتِ صَيْدٍ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُهَا: 1 - الْأَسَدُ، لِأَنَّ الْأَسَدَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ لَا يَشْتَغِلُ الْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ لِلْغَيْرِ أَيْ لِلصَّائِدِ. 2 - الدُّبُّ، لِأَنَّ الدُّبَّ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ إذْ أَنَّهُ لِخَسَاسَتِهِ لَا يَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ أَمَّا إذَا تُصُوِّرَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَوَانَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَا الصَّيْدَ وَتَحَقَّقَ تَعَلُّمُهُمَا فَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهِمَا أَيْضًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . 3 - الْحَدَأَةُ، وَهَذِهِ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ أَنَّهَا لَا تَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ لِخَسَاسَتِهَا. 4 - الْخِنْزِيرُ، وَهُوَ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ نَجِسٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَشَرْحُهُ) . الْمُعَلَّمُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيمِ. وَلُزُومُ التَّعْلِيمِ ثَابِتٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ} [المائدة: 4] وَقَوْلِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ «مَا صِدْتَ بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا فَلَا يَكُونُ آلَةً لِلصَّيَّادِ كَمَا يَكُونُ صَيْدُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلصَّيَّادِ وَتَعْلِيمُ الْكَلْبِ يَحْصُلُ بِتَرْكِهِ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَلِذَلِكَ إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا فَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ ذَلِكَ الْكَلْبِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْكَلْبُ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَعُرِفَ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ ثُمَّ أَكَلَ الصَّيْدَ فَبِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْجَهْلِ فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَا يَصِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتْرُكْ الْأَكْلَ بَعْدَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى التَّوَالِي وَيُتَحَقَّقُ تَعَلُّمُهُ. أَمَّا الصَّيْدُ الَّذِي يُصْطَادُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ فِي مِلْكِ الصَّائِدِ فَلَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ قَدْ فَاتَ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) . وَتَعْلِيمُ الْبَازِي هُوَ بِرُجُوعِهِ عِنْدَ دَعْوَةِ صَاحِبِهِ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَكَلَ الْبَازِي صَيْدًا فَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْبَازِي لَيْسَ بِتَرْكِهِ الْأَكْلَ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشُّرُوطُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي حَقِّ حِلِّ الْأَكْلِ: إنَّ حِلَّ أَكْلِ الصَّيْدِ مَشْرُوطٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا وَهَذِهِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الشُّرُوطُ الْعَائِدَةُ لِلصَّائِدِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: 1 - أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَكَوْنُ الصَّائِدِ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ وَمُوَحِّدًا دَعْوَى وَاعْتِقَادًا أَوْ دَعْوَى فَقَطْ أَيْ يَكُونُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] فَلِذَلِكَ فَصَيْدُ غَيْرِ الْعَاقِلِ لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الصَّيْدِ) .

أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مُرْسِلًا لِلْكَلْبِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُرْسِلْ الصَّائِدُ الْكَلْبَ بَلْ تَخَلَّصَ الْكَلْبُ مِنْ يَدِ صَائِدِهِ أَوْ انْطَلَقَ بِنَفْسِهِ وَأَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا الصَّيْدُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْكَلْبِ الَّذِي لَمْ يُعَلَّمْ بِإِرْسَالٍ مِنْ الصَّائِدِ حَسَبَ الْأُصُولِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مَقْطُوعًا وَمَجْزُومًا وُجُودُ الشَّرْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - أَنْ لَا يُشَارِكَ مَنْ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ مُرْسِلَ الْكَلْبِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ كَمَا أَنَّ مَجُوسِيًّا أَرْسَلَ أَيْضًا كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ فَاصْطَادَ الْكَلْبَانِ الصَّيْدَ وَجَرَحَاهُ وَقَتَلَاهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ. 4 - أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الصَّائِدُ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ حِينَ الْإِرْسَالِ أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الصَّائِدِ حِينَ إرْسَالِ كَلْبِهِ لِلصَّيْدِ أَنْ يَقُولَ " بِسْمِ اللَّهِ " فَلِذَلِكَ إذَا تَرَكَ الصَّائِدُ حِينَ الْإِرْسَالِ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَيُشْتَرَطُ حُصُولُ التَّسْمِيَةِ حِينَ الْإِرْسَالِ فَلِذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الصَّائِدُ التَّسْمِيَةَ حِينَ الْإِرْسَالِ عَمْدًا ثُمَّ زَجَرَهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَانْزَجَرَ وَأَصَابَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ وَقْتَ الْإِصَابَةِ فِي الذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ أَمَّا التَّسْمِيَةُ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَخِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَذْبُوحِ وَلَيْسَ عَلَى الْآلَةِ. فَلِذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَحَدٌ عَلَى الشَّاةِ الْمُضْجَعَةِ عَلَى الْأَرْضِ لِلذَّبْحِ ثُمَّ أَفْلَتَهَا وَذَبَحَ شَاةً أُخْرَى بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَتَكُونُ الشَّاةُ الثَّانِيَةُ مَذْبُوحَةً بِلَا تَسْمِيَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الصَّائِدُ بُنْدُقِيَّتَهُ عَلَى صَيْدٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ فَيُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَضْجَعَ أَحَدٌ شَاةً لِلذَّبْحِ وَسَمَّى فَتَرَكَ السِّكِّينَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَذَبَحَ الشَّاةَ بِسِكِّينٍ آخَرَ جَازَ وَحَلَّ أَكْلُ الْمَذْبُوحِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى أَحَدٌ عَلَى الصَّيْدِ وَأَطْلَقَ بُنْدُقِيَّتَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَرَكَ تِلْكَ الْبُنْدُقِيَّةُ وَأَطْلَقَ بُنْدُقِيَّةً أُخْرَى عَلَى الصَّيْدِ بِالتَّسْمِيَةِ الْأُولَى وَقَتَلَهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ: إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نِسْيَانًا فَيُعْتَبَرُ أَنَّهُ سَمَّى حُكْمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 5 - أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الصَّائِدُ بِعَمَلٍ آخَرَ فِي الْفَتْرَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ إرْسَالِ كَلْبِهِ لِلصَّيْدِ وَبَيْنَ أَخْذِ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - الشُّرُوطُ الْعَائِدَةُ لِلْكَلْبِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ أَيْضًا: 1 - أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا وَقَدْ وُضِّحَ آنِفًا. 2 - أَنْ يَذْهَبَ الْكَلْبُ لِلصَّيْدِ عَلَى سُنَنِ الْإِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الِاصْطِيَادُ مُضَافًا لِلْإِرْسَالِ فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَغَلَ الْكَلْبُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ مَثَلًا كَأَنْ أَكَلَ الصَّيْدَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ تَوَقَّفَ لِلرَّوْثِ أَوْ عَدَلَ عَنْ الصَّيْدِ وَذَهَبَ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا أَوْ تَوَقَّفَ مُدَّةً طَوِيلَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ أَتْبَعَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ مَا لَمْ يُسَمِّ الصَّائِدُ تَسْمِيَةً جَدِيدَةً بَعْدَ زَجْرِهِ وَيُرْسِلُهُ ثَانِيَةً إلَى الصَّيْدِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَائِطُ وَالشَّجَرُ أَوْ الرِّيحُ السَّهْمَ إلَى الْوَرَاءِ أَوْ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ وَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ

فَلَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ الْكَلْبُ لِلرَّاحَةِ بَلْ تَوَقَّفَ لِلِاسْتِخْفَاءِ عَلَى وَجْهِ الْحِيلَةِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ اشْتِغَالًا بِعَمَلٍ آخَرَ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حِلَّ أَكْلِ الصَّيْدِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - أَنْ لَا يُشَارِكَ فِي الِاصْطِيَادِ كَلْبٌ آخَرُ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَ فِي أَخْذِ وَجَرْحِ الصَّيْدِ كَلْبٌ آخَرُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَلْبٌ غَيْرُ مُرْسَلٍ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُسَمِّ حِينَ إرْسَالِهِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الصَّيْدِ، أَمَّا إذَا شَارَكَ الْكَلْبُ الثَّانِي فِي الْأَخْذِ فَقَطْ كَأَنْ يَفِرَّ الصَّيْدُ مِنْ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ فَيَرُدَّهُ الْكَلْبُ الثَّانِي إلَى الْكَلْبِ الْأَوَّلِ دُونَ أَنْ يَجْرَحَهُ وَجَرَحَهُ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ فَأَكْلُ هَذَا الصَّيْدِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَالْبَعْضُ قَالَ: بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا. كَذَلِكَ إذَا رَدَّ الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ الْأَوَّلِ سَبُعٌ أَوْ حَيَوَانٌ آخَرُ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالِاصْطِيَادِ فَيَكُونُ كَالرَّدِّ مِنْ الْكَلْبِ الثَّانِي لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّ الْكَلْبُ الثَّانِي الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ الْأَوَّلِ بَلْ جَعَلَ الْكَلْبُ الثَّانِي الْكَلْبَ الْأَوَّلَ يَثِبُ لِلصَّيْدِ فَوَثَبَ وَقَتَلَ الصَّيْدَ بِالْوُثُوبِ فَلَا بَأْسَ مِنْ أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ كَالْجَمَلِ وَالْبَقَرِ الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ وَقَتَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَحُكْمُ الْبَازِي فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالْكَلْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 4 - أَنْ يَقْتُلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بَعْدَ جَرْحِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَعْنَى الذَّكَاةِ بِالتَّطْهِيرِ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ وَقَدْ أُقِيمَ الْجَرْحُ مَقَامَ الذَّكَاةِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْجُرْحِ دَمٌ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُرْحُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَخْرُجُ أَحْيَانًا بِسَبَبِ ضِيقِ الْمَنْفَذِ أَوْ بِسَبَبِ كَثَافَةِ الدَّمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ دَقَّ السَّهْمُ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْ جِهَةِ الذَّكَاةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَجْرَحْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بَلْ خَنَقَهُ فَلَا يُؤْكَلُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (الدُّرَرُ) . 5 - أَنْ لَا يَأْكُلَ الْكَلْبُ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ فَإِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ أَوْ أَحَدُ الْحَيَوَانَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا مَعَ الْكَلْبِ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُطْلَقًا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا الصَّيْدُ لِكَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى جَهْلِ الْكَلْبِ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الشُّرُوطُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّيْدِ وَهِيَ خَمْسَةٌ: 1 - أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ مِنْ الْحَشَرَاتِ وَالْحَشَرَاتُ (بِالْفَتَحَاتِ) تُطْلَقُ عَلَى الْهَوَامِّ كَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالذُّبَابِ وَالْفَرَاشَةِ وَالْعَلَقِ وَالْخُنْفُسَاءِ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مَعَ ضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) . 2 - أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ مِنْ نَبَاتِ الْمَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ سَمَكًا أَوْ سَمَكَ الثُّعْبَانِ أَوْ جِرِّيثًا (بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ) (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . 3 - أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفِرَارِ بِجَنَاحَيْهِ أَوْ قَوَائِمِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1295) .

(المادة 1293) الصيد هو الحيوان البري المتوحش

أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ مُتَقَوِّيًا بِنَابِهِ أَوْ مِخْلَبِهِ، وَالنَّابُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَسْنَانِ وَالْمِخْلَبُ يُطْلَقُ عَلَى أَظَافِرِ الطُّيُورِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْجَارِحَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الصَّيْدِ مَعَ ضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) . فَلِذَلِكَ لَا يَحِلُّ أَكْلُ الْبَازِي وَالنَّسْرِ لِأَنَّهُمَا ذَوَا مِخْلَبٍ، كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ السِّبَاعِ ذَاتِ النَّابِ الْجَارِحَةِ عَادَةً، وَأَكْلُ الْمِنْهَبِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . 5 - أَنْ يَمُوتَ الصَّيْدُ قَبْلَ تَحَقُّقِ اقْتِدَارِ الصَّائِدِ عَلَى ذَبْحِهِ، فَلِذَلِكَ إذَا أَدْرَكَ الرَّامِي أَوْ مُرْسِلُ الْكَلْبِ الصَّيْدَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَإِذَا تَرَكَ الذَّبْحَ فِي هَذَا الْحَالِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ إذَا اخْتَفَى الصَّيْدُ بَعْدَ جَرْحِهِ بِآلَةِ الصَّيْدِ الَّتِي أَرْسَلَهَا الصَّائِدُ فَعَلَى الصَّائِدِ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّامِي أَنْ يُسْرِعَ بِالتَّحَرِّي عَنْ الصَّيْدِ وَأَنْ لَا يَتَرَاخَى وَيَقْعُدَ عَنْ التَّحَرِّي فَإِذَا أَدْرَكَ الصَّيْدَ حَيًّا يَذْبَحُهُ وَإِذَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَيًّا وَرَآهُ مَجْرُوحًا بِآلَةِ الصَّيْدِ الَّتِي أَرْسَلَهَا جَازَ أَكْلُهُ أَيْضًا، أَمَّا إذَا رَآهُ مَجْرُوحًا بِجُرُوحٍ أُخْرَى غَيْرِ جُرُوحِ آلَةِ صَيْدِهِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ. اُنْظُرْ أَوَّلَ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّيْدِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَجَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِلِّ أَكْلِ الصَّيْدِ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ حَيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الصَّيْدِ) . [ (الْمَادَّةُ 1293) الصَّيْد هُوَ الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ الْمُتَوَحِّشُ] الْمَادَّةُ (1293) - (الصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ الْمُتَوَحِّشُ أَيْ الَّذِي يَخَافُ وَيَنْذَعِرُ مِنْ الْإِنْسَانِ) . الصَّيْدُ هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُتَوَحِّشُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْإِنْسَانِ أَيْ الْقَادِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّوَحُّشِ طَبْعًا وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِلَا حِيلَةٍ، وَالصَّيْدُ الَّذِي لَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِيهِ الْجَرْحُ وَالذَّبْحُ الِاضْطِرَارِيُّ. وَالذَّبْحُ أَيْ الذَّكَاةُ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الذَّكَاةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ. وَلَا تَحِلُّ الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ إذَا وُجِدَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ يَعْنِي إذَا اكْتَفَى بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ فِي هَذَا الْحَالِ فَيَحْرُمُ أَكْلُ الْمَذْبُوحِ وَإِذَا حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَتَجُوزُ الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ أَيْ يَحِلُّ فِي هَذَا الْحَالِ أَكْلُ الْمَذْبُوحِ بِذَكَاةٍ اضْطِرَارِيَّةٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْإِنْسِيَّ إذَا تَوَحَّشَ وَوَقَعَ الْعَجْزُ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ يَحِلُّ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الصَّيْدِ) . وَمَحَلُّ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ، وَاللَّبَّةُ - بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ الْمَفْتُوحَةِ - هُوَ مَحَلُّ ذَبْحِ الْجَمَلِ وَالْبَقَرِ أَيْ بِمَعْنَى الْمَنْحَرِ مِنْ الصَّدْرِ، وَالذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّعْنِ وَالْجَرْحِ وَانْهِمَارِ الدَّمِ. وَكَمَا يَحْصُلُ عَنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فِي الصَّيْدِ يَحْصُلُ أَيْضًا فِي الْحَيَوَانَاتِ الْأَهْلِيَّةِ الَّتِي تَفِرُّ وَتَتَوَحَّشُ وَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا كَالْإِبِلِ أَوْ الَّتِي تَقَعُ فِي بِئْرٍ وَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَتُطْعَنُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُمْكِنِ طَعْنُهَا فِيهِ وَتُقْتَلُ وَيَحِلُّ أَكْلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَّتْ الشَّاةُ فِي الصَّحْرَاءِ فَذَكَاتُهَا عَقْرُهَا وَعَلَى هَذَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُتَعَذَّرٌ (الْجَوْهَرَةُ) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْمُمْتَنِعُ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ وَالْفِرَارِ بِرِجْلَيْهِ أَوْ جَنَاحَيْهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1295) وَعَلَيْهِ فَالدَّجَاجُ وَالْوَزُّ وَالْغَزَالُ الْأَلِيفُ الْمَشْدُودُ بِحَبْلٍ لَيْسَ بِصَيْدٍ أَيْ لَا تَكْفِي فِيهِ الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ كَمَا أَنَّهُ لَا تُعَدُّ هَذِهِ مُبَاحَةٌ وَاصْطِيَادُهَا مِنْ آخَرَ غَيْرُ جَائِزٍ، كَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ الْحَيَوَانُ فِي الشَّبَكَةِ كَالْأَرَانِبِ وَالْغَزَالِ أَوْ تَرَدَّى فِي الْبِئْرِ أَوْ ضَعُفَ بِالْجُرْحِ فَلَا يُصْطَادُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُبَاحًا وَلَا يُصْطَادُ مِنْ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1295) 2 - طَبْعًا، وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ الْحَيَوَانَاتُ الْأَهْلِيَّةُ فِي الْأَصْلِ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الَّتِي تَوَحَّشَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَوْ تَوَحَّشَ حَيَوَانُ أَحَدِ الْأَهَالِي وَفَرَّ فَاصْطَادَهُ آخَرُ فَلَا يَمْلِكُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ وَلَكِنْ تَجُوزُ فِيهِ الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا 3 - الْمُتَوَحِّشُ، أَيْ الَّذِي يَخَافُ وَيَنْذَعِرُ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَعَلَيْهِ فَقَيْدُ " مُمْتَنِعٌ وَمُتَوَحِّشٌ " غَيْرُ مُغْنِيَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمَا لِأَنَّ الظَّبْيَ الْمُسْتَأْنَسَ مُمْتَنِعٌ غَيْرُ مُتَوَحِّشٍ وَالصَّيْدُ السَّاقِطُ فِي الشَّبَكَةِ أَوْ فِي الْبِئْرِ أَوْ الضَّعِيفُ الْمَجْرُوحُ حَيَوَانٌ مُتَوَحِّشٌ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ مَعَ ضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) . 4 - الْبَرِّيُّ، وَيُشَارُ بِهَذَا الْقَيْدِ إلَى أَنَّهُ لَوْ تَوَحَّشَتْ الْحَيَوَانَاتُ الْأَهْلِيَّةُ فَاصْطَادَهَا أَحَدٌ فَلَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ صَيْدًا وَيَجِبُ عَلَى صَائِدِهَا رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَيَجُوزُ فِيهَا الذَّكَاةُ الِاضْطِرَارِيَّةُ. 1 - الْحَيَوَانُ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ صَيْدُ نَوْعَيْ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولِهِ إذْ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَأْكُولَ اللَّحْمِ يُصْطَادُ لِأَكْلِ لَحْمِهِ كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ الْغَيْرَ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ يُصْطَادُ لِفَرْوِهِ وَرِيشِهِ وَدَفْعِ شَرِّهِ كَمَا يَجُوزُ ذَبْحُ وَإِتْلَافُ الْهِرَّةِ وَالْكَلْبِ لِنَفْعِهِمَا الْقَلِيلِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ مُؤْذِيَةً فَيَجِبُ ذَبْحُهَا بِدُونِ التَّعْذِيبِ بِالضَّرْبِ وَفَرْكِ الْأُذُنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَادَّةُ (1294) - (كَمَا لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْأَهْلِيَّةُ لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ الْمُسْتَأْنَسَةُ بِالْإِنْسَانِ أَيْضًا، فَلَوْ أَمْسَكَ أَحَدٌ الْحَمَامَ الْمَعْلُومَ أَنَّهُ غَيْرُ بَرِّيٍّ بِدَلَالَةِ أَمْثَالِهِ أَوْ الصَّقْرَ الَّذِي بِرِجْلِهِ الْجَرَسُ أَوْ الْغَزَالَ الَّذِي فِي عُنُقِهِ الطَّوْقُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اللُّقَطَةِ فَيَجِبُ عَلَى مُمْسِكِهَا أَنْ يُعْلِنَ عَنْهَا لِتُعْطَى لِصَاحِبِهَا عِنْدَ ظُهُورِهِ) كَمَا لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْأَهْلِيَّةُ كَالْفَرَسِ وَالشَّاةِ أَيْ لَا يَمْلِكُهَا الصَّائِدُ بِصَيْدِهَا، لَا تُصْطَادُ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ الْمُسْتَأْنَسَةُ بِالْإِنْسَانِ أَيْضًا أَيْ لَا يَثْبُتُ مِلْكُ الصَّائِدِ فِيهَا بِصَيْدِهَا، وَالصَّيْدُ الْوَارِدُ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَاهُ الْمَصْدَرِيِّ. الْأَوَّلُ - أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْأَهْلِيَّةَ لَا تُصْطَادُ، يَعْنِي لَوْ فَرَّتْ دَجَاجَةُ أَحَدٍ وَغَابَتْ وَكَانَ ضَبْطُهَا غَيْرَ

(المادة 1295) يشترط أن يكون الصيد ممتنعا عن الإنسان

مُمْكِنٍ فَاصْطَادَهَا آخَرُ فَلَا يَمْلِكُهَا وَعَلَى صَائِدِهَا أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا. الثَّانِي: لَا يُصْطَادُ الْحَيَوَانُ الْبَرِّيُّ الْمُسْتَأْنَسُ بِالْإِنْسَانِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَمْسَكَ أَحَدٌ غَيْرُ صَاحِبِهِ فِي الْمُدُنِ أَوْ الْقُرَى أَوْ الصَّحْرَاءِ الْحَمَامَ الْمَعْلُومَ أَنَّهُ غَيْرُ بَرِّيٍّ بِدَلَالَةِ أَمْثَالِهِ أَيْ الْحَمَامِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَالِهِ وَشَأْنِهِ أَنَّهُ مَالٌ وَمِلْكٌ لِأَحَدٍ وَلَهُ مَأْوًى كَأَنْ يَكُونَ فِي رِجْلِهِ جَرَسٌ. أَوْ الصَّقْرَ الَّذِي بِرِجْلِهِ الْجَرَسُ أَوْ الْغَزَالَ الَّذِي فِي عُنُقِهِ الطَّوْقُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اللُّقَطَةِ فَيَجِبُ عَلَى مُمْسِكِهَا أَنْ يَشْهَدَ حِينَ إمْسَاكِهَا وَأَنْ يُعْلِنَ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِتُعْطَى لِصَاحِبِهَا عِنْدَ الظُّهُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (769 وَ 770) كَمَا أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ فِي جَوْفِ السَّمَكَةِ الَّتِي اصْطَادَهَا أَحَدٌ خَاتَمٌ أَوْ نَقْدٌ مَسْكُوكٌ فَلَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ لُقَطَةٌ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ أَحَدٌ بُرْجًا لِحَمَامِهِ وَاجْتَمَعَ فِيهِ حَمَامُ النَّاسِ وَفَرَّخَ فِيهِ فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْأَفْرَاخُ مِلْكًا لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1074) وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ " الْمَعْلُومُ أَنَّهُ غَيْرُ بَرِّيٍّ " قَدْ شُرِحَ آنِفًا أَيْ أَنَّ لُزُومَ الْإِعْلَانِ لَا يَكُونُ فِي حَقِّ كُلِّ حَمَامٍ لِأَنَّهُ لَوْ اصْطَادَ أَحَدٌ مِنْ آلَافِ الْحَمَامِ الْمُتَجَمِّعِ فِي جَامِعِ بَايَزِيدَ فِي الْآسِتَانَة حَمَامَةً وَأَخَذَهَا فَيَمْلِكُهَا وَلَكِنْ قَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حِلِّ أَكْلِ عُمُومِ أَنْوَاعِ الْحَمَامِ فِي الذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ حَمَامًا بَرِّيًّا فَيَحِلُّ أَكْلُهُ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ حِلِّ أَكْلِهِ بِالذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ لِرُجُوعِهِ إلَى مَأْوَاهُ لَيْلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) . قَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ أُخِذَتْ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتُ فِي الْقُرَى أَوْ الْمُدُنِ أَوْ الْمَفَازَةِ فَهِيَ لُقَطَةٌ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اصْطَادَ أَحَدٌ صَيْدًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ تَخَلَّصَ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ فَاصْطَادَهُ آخَرُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مِلْكًا لِلصَّائِدِ الْأَوَّلِ إذْ بِأَخْذِ الصَّائِدِ الْأَوَّلِ لَهُ أَصْبَحَ مَالِكًا لَهُ وَتَخَلُّصُهُ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِرَارُهُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ نَدِّ الْبَعِيرِ إذْ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ زَوَالَ الْمِلْكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) كَمَا لَا يَزُولُ أَيْضًا مِلْكُ أَحَدٍ عَنْ سَاعَتِهِ إذَا فُقِدَتْ مِنْهُ [ (الْمَادَّةُ 1295) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُمْتَنِعًا عَنْ الْإِنْسَانِ] الْمَادَّةُ (1295) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُمْتَنِعًا عَنْ الْإِنْسَانِ أَيْ أَنْ يَكُونَ بِحَالَةٍ يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ بِرِجْلَيْهِ أَوْ جَنَاحَيْهِ، فَإِذَا صَارَ إلَى حَالَةٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الْفِرَارِ وَالْخَلَاصِ كَوُقُوعِ غَزَالٍ مَثَلًا فِي بِئْرٍ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ مِنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُمْتَنِعًا عَنْ إنْسَانٍ أَيْ أَنْ يَكُونَ بِحَالَةٍ يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ بِرِجْلَيْهِ أَوْ جَنَاحَيْهِ فَلِذَلِكَ إذَا صَارَ إلَى حَالَةٍ مِنْ طَرَفِ أَحَدٍ بِقَصْدِ الصَّيْدِ لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الْفِرَارِ وَالْخَلَاصِ كَوُقُوعِ غَزَالٍ مَثَلًا فِي بِئْرٍ حَفَرَهُ أَحَدٌ لِلصَّيْدِ وَأَصْبَحَ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ ذَلِكَ الْبِئْرِ فَيَكُونُ قَدْ خَرَجَ مِنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ وَأَصْبَحَ مِلْكًا لِمَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، وَخُرُوجُ الصَّيْدِ مِنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ لَا يَكُونُ بِمُطْلَقِ وُقُوعِهِ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ

(المادة 1296) أخرج صيدا عن حال الصيدية

وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1302 وَ 1303) فَلِذَلِكَ يَجِبُ تَقْيِيدُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ بُنْدُقِيَّتَهُ عَلَى صَيْدٍ فَجَرَحَهُ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَيَمْلِكُ الصَّيْدَ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1297) . وَكَذَلِكَ إذَا أَصَابَ رَصَاصُ الصَّيَّادَيْنِ صَيْدًا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا حَسَبَ الْمَادَّةِ (1290) . وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ أَحَدٌ السَّمَكَةَ فِي حَالَةٍ يَتَمَكَّنُ مَعَهَا مِنْ إمْسَاكِهَا بِدُونِ الصَّيْدِ فَيَمْلِكُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1302 وَ 1303) . [ (الْمَادَّةُ 1296) أَخْرَجَ صَيْدًا عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ] الْمَادَّةُ (1296) - (مَنْ أَخْرَجَ صَيْدًا عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَقَدْ أَمْسَكَهُ) مَنْ أَخْرَجَ بِقَصْدِ الصَّيْدِ صَيْدًا عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَقَدْ أَمْسَكَهُ وَمَلَكَهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ فَجَرَحَهُ بِحَيْثُ جَعَلَهُ فِي حَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْفِرَارُ وَالْخَلَاصُ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ ثُمَّ أَصَابَهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَالصَّيْدُ مِلْكٌ لِلصَّائِدِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لِلصَّائِدِ الثَّانِي لِأَنَّ سَهْمَهُ أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَمَلَكَهُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِسَهْمِ الثَّانِي (الطُّورِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الرَّهْنِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ رَصَاصًا عَلَى صَيْدٍ فَجَرَحَهُ بِحَيْثُ جَعَلَهُ بِحَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مَعَهَا وَبَقِيَ الصَّيْدُ عَلَى حَالٍ مُدَّةً ثُمَّ بَرِئَ مِنْ الْجُرْحِ أَيْ أَفَاقَ فَجَاءَ آخَرُ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ رَصَاصًا وَأَخَذَهُ كَانَ لِهَذَا الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . [ (الْمَادَّةُ 1297) الصَّيْدُ لِمَنْ أَمْسَكَهُ] الْمَادَّةُ (1297) - (الصَّيْدُ لِمَنْ أَمْسَكَهُ، مَثَلًا إذَا رَمَى شَخْصٌ صَيْدًا فَجَرَحَهُ بِصُورَةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ وَالْخَلَاصِ مِنْهَا صَارَ مَالِكًا لَهُ، أَمَّا إذَا جَرَحَهُ جُرْحًا خَفِيفًا أَيْ بِصُورَةٍ يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَلَا يَمْلِكُهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ بِصُورَةٍ أُخْرَى يَكُونُ مَالِكًا لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَصَابَ شَخْصٌ صَيْدًا وَبَعْدَ أَنْ أَوْقَعَهُ نَهَضَ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَهَرَبَ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَيَمْلِكُهُ) الصَّيْدُ لِمَنْ أَمْسَكَهُ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ» (الْهِدَايَةُ) فَلِذَلِكَ لَوْ اصْطَادَ أَحَدٌ سَمَكَةً وَأَلْقَاهَا عَلَى التُّرَابِ لِأَخْذِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَاضْطَرَبَتْ السَّمَكَةُ وَسَقَطَتْ فِي الْمَاءِ فَتَبْقَى مِلْكًا لِلصَّائِدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) . فَصَيْدُ الصَّيْدِ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقِيًّا كَأَنْ يُطْلِقَ الصَّائِدُ رَصَاصًا مِنْ بُنْدُقِيَّتِهِ وَيَقْتُلَ الصَّيْدَ

وَيَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ أَوْ حُكْمًا بِتَهْيِئَةِ سَبَبِهِ كَنَصْبِ الشَّبَكَةِ، فَلِذَلِكَ لَوْ نَصَبَ أَحَدٌ شَبَكَتَهُ فَوَقَعَ فِي الشَّبَكَةِ طَيْرٌ فَيَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ أَحَدٌ وَأَخَذَ هَذَا الطَّيْرَ مِنْ الشَّبَكَةِ قَبْلَ وُصُولِ صَاحِبِ الشَّبَكَةِ كَانَ غَاصِبًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ وَالْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1303) . مَثَلًا إذَا رَمَى شَخْصٌ صَيْدًا فَجَرَحَهُ جُرْحًا مُثْخِنًا بِصُورَةٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهَا عَلَى الْفِرَارِ وَالتَّخَلُّصِ صَارَ مَالِكًا لَهُ وَلَوْ أُمْكِنَتْ حَيَاتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1295) وَالْمَادَّةِ (1296) الْجُرْحُ الْمُثْخِنُ، هُوَ الْجُرْحُ الَّذِي يَجْعَلُ الْمَجْرُوحَ ضَعِيفًا وَعَاجِزًا عَنْ الِامْتِنَاعِ فَلِذَلِكَ لَوْ جَرَحَ الصَّائِدُ الصَّيْدَ جُرْحًا مُثْخِنًا ثُمَّ جَرَحَهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَضْبِطَهُ مِنْ الصَّائِدِ الثَّانِي وَيَأْخُذَهُ لِنَفْسِهِ مُسْتَقِلًّا دُونَ أَنْ يُشَارِكَهُ الصَّائِدُ الثَّانِي فِيهِ (الْهِدَايَةُ) . وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَتْ الذَّكَاةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ مُمْكِنَةً وَبِقَتْلِ الصَّائِدِ الثَّانِي لِلصَّيْدِ يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ الصَّيْدَ بِدُونِ ذَكَاةٍ اخْتِيَارِيَّةٍ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَيَضْمَنُ الصَّائِدُ الثَّانِي لِلصَّائِدِ الْأَوَّلِ قِيمَةَ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا بِجُرْحِ الصَّائِدِ الْأَوَّلِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ الرَّمْيَتَيْنِ مَاتَ أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الرَّمْيَةِ الْأُولَى حَلَّ، وَالْعِبْرَةُ فِي حَقِّ الْحِلِّ لِوَقْتِ الرَّمْيِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ حَتَّى يَكُونَ الْمَوْتُ مُضَافًا إلَى الرَّمْيِ الثَّانِي أَمَّا إذَا كَانَ الرَّمْيُ الْأَوَّلُ بِحَالٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ الصَّيْدُ بِأَنْ بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى مِنْ الْمَذْبُوحِ بِأَنْ يَعِيشَ يَوْمًا أَوْ دُونَهُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَحْرُمُ بِالرَّمْيَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْرُمُ لِأَنَّ لِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْحَيَاةِ عِبْرَةً عِنْدَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَحُكْمُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ كَحُكْمِ السَّهْمِ وَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ فَجَرَحَ الصَّيْدَ جُرْحًا لَا يُمْكِنُهُ مِنْ الْفِرَارِ وَالتَّخَلُّصِ أَيْ جُرْحًا مُثْخِنًا صَارَ مَالِكًا لِلصَّيْدِ، وَأَمَّا إمْسَاكُ الْكَلْبِ الصَّيْدَ بِدُونِ الْإِثْخَانِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ بَازِيَهُ فَأَمْسَكَ الْبَازِي الصَّيْدَ بِمِخْلَبِهِ بِدُونِ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ إثْخَانِهِ فَأَرْسَلَ آخَرُ بَازِيَهُ فَقَتَلَ الْبَازِي الثَّانِي الصَّيْدَ كَانَ الصَّيْدُ مِلْكًا لِلصَّائِدِ الثَّانِي لِأَنَّ يَدَ الْبَازِي الْأَوَّلِ لَيْسَتْ يَدًا حَافِظَةً لِتُقَامَ مَقَامَ يَدِ الْمَالِكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا جَرَحَهُ جُرْحًا خَفِيفًا أَيْ جُرْحًا غَيْرَ مُثْخِنٍ أَيْ بِصُورَةٍ يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَلَا يَمْلِكُهُ فَإِذَا ضَرَبَهُ آخَرُ أَوْ أَمْسَكَهُ بِصُورَةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْ الِامْتِنَاعِ مَالِكًا لَهُ وَبِمَا أَنَّ جُرْحَ الصَّائِدِ الْأَوَّلِ لَمْ يُخْرِجْ الصَّيْدَ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ فَتَكُونُ ذَكَاةُ ذَلِكَ الصَّيْدِ ذَكَاةً اضْطِرَارِيَّةً فَيَحِلُّ أَكْلُهُ أَيْضًا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ شَخْصٌ صَيْدًا وَبَعْدَ أَنْ أَوْقَعَهُ نَهَضَ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَهَرَبَ لِعَدَمِ إثْخَانِهِ بِالْجُرْحِ فَأَخَذَهُ آخَرُ فَيَمْلِكُهُ الْآخَرُ لِأَنَّ هَذَا الْآخَرَ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1296)

(المادة 1298) أصاب رصاص الصيادين الصيد في وقت واحد

كَذَلِكَ لَوْ نَصَبَ أَحَدٌ شَبَكَةً فَسَقَطَ فِيهَا صَيْدٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ إلَى الشَّبَكَةِ وَقَرُبَ مِنْ الطَّيْرِ بِصُورَةٍ يُمْكِنُهُ مَعَهَا أَخْذُهُ فَاضْطَرَبَ الطَّيْرُ وَتَخَلَّصَ مِنْ الشَّبَكَةِ وَفَرَّ فَيَبْقَى مِلْكٌ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْرَبْ صَاحِبُ الشَّبَكَةِ ذَلِكَ الْقُرْبَ وَتَخَلَّصَ الطَّيْرُ مِنْ الشَّبَكَةِ وَفَرَّ وَاصْطَادَهُ آخَرُ كَانَ الصَّيْدُ لِلْآخَرِ. [ (الْمَادَّةُ 1298) أَصَابَ رَصَاصُ الصَّيَّادَيْنِ الصَّيْدَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ] الْمَادَّةُ (1298) - (إذَا أَصَابَ رَصَاصُ الصَّيَّادَيْنِ الصَّيْدَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً) الِاعْتِبَارُ فِي مِلْكِ الصَّيْدِ لِحَالِ الْإِصَابَةِ وَلَيْسَ لِحَالِ الرَّمْيِ وَفِي حَقِّ الْحِلِّ تُعْتَبَرُ حَالَةُ الرَّمْيِ فَلِذَلِكَ إذَا أَصَابَ رَصَاصُ الصَّيَّادَيْنِ الصَّيْدَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، سَوَاءٌ رَمَيَاهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ رَمَاهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا وَالْآخَرُ ثَانِيًا. وَالْكَلْبُ فِي ذَلِكَ كَالرَّصَاصِ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَمَّا إذَا أَصَابَتْ رَصَاصَةُ أَحَدِهِمَا أَوَّلًا وَجَرَحَتْ الصَّيْدَ جُرْحًا مُثْخِنًا ثُمَّ أَصَابَتْ رَصَاصَةُ الثَّانِي فَالصَّيْدُ لِمَنْ أَصَابَ أَوَّلًا فَلِذَلِكَ لَمْ تَذْكُرْ الْمَجَلَّةُ الرَّمْيَ وَاكْتَفَتْ بِذِكْرِ الْإِصَابَةِ. قِيلَ: إذَا أَصَابَ صَيْدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَمَى أَحَدٌ سَهْمًا إلَى صَيْدٍ وَرَمَى الْآخَرُ سَهْمًا عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ وَأَصَابَ السَّهْمُ الثَّانِي السَّهْمَ الْأَوَّلَ وَوَصَلَ السَّهْمَانِ إلَى الطَّيْرِ وَقَتَلَا الصَّيْدَ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْوُصُولُ إلَى الصَّيْدِ بِدُونِ السَّهْمِ الثَّانِي فَيَكُونُ الصَّيْدُ لِصَاحِبِ السَّهْمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْآخِذُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَجُوسِيًّا أَوْ مُحْرِمًا لَا يَحِلُّ. أَمَّا إذَا كَانَ السَّهْمُ الْأَوَّلُ فِي حَالَةٍ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ مَعَهَا إلَى الصَّيْدِ بِدُونِ السَّهْمِ الثَّانِي وَقَتَلَ الصَّيْدَ كَانَ الصَّيْدُ لِصَاحِبِ السَّهْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي الْأَخْذِ وَهُوَ كَافٍ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّانِي مُحْرِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا لَا يَحِلُّ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1299) أَرْسَلَ صَيَّادَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ وَأَصَابَا مَعًا صَيْدًا] الْمَادَّةُ (1299) - (إذَا أَرْسَلَ صَيَّادَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ وَأَصَابَا مَعًا صَيْدًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا كَذَلِكَ بَيْنَ صَاحِبَيْهِمَا، وَإِذَا أَمْسَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَيْدًا فَيَكُونُ مَا يُمْسِكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَرْسَلَ اثْنَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ فَأَوْقَعَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ فَإِذَا كَانَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ جَعَلَهُ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا فَذَلِكَ الصَّيْدُ لِصَاحِبِهِ) إذَا أَرْسَلَ صَيَّادَانِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ وَأَصَابَا مَعًا صَيْدًا وَأَخْرَجَاهُ مَعًا مِنْ حَالَةِ الصَّيْدِيَّةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً كَذَلِكَ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْكَلْبَيْنِ الْمُعَلَّمَيْنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ هُوَ فِي آلَةِ الصَّيْدِ فَقَطْ. أَمَّا إذَا أَرْسَلَ اثْنَانِ كَلْبَيْهِمَا مَعًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ أَوَّلًا وَجَرَحَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ حَالٍ الصَّيْدِيَّةِ

(المادة 1301) هيأ شخص محلا في حافة الماء لصيد السمك فجاءه سمك كثير

فَيَكُونُ الصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الَّذِي أَصَابَ أَوَّلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1296 وَ 1297) قِيلَ: " جُرْحًا مُثْخِنًا " لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ بِدُونِ الْإِثْخَانِ لَا يُخْرِجُ الصَّيْدَ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَإِذَا أَرْسَلَ أَحَدٌ بَازِيَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَمْسَكَ الْبَازِي الصَّيْدَ وَقَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ انْقَضَّ بَازِي الْآخَرِ الْمُرْسَلُ مِنْ الْآخَرِ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ وَقَتَلَهُ كَانَ الصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْبَازِي الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَمْسَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَيْدًا فَيَكُونُ مَا يُمْسِكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَ أَحَدُهُمَا صَيْدًا وَلَمْ يُمْسِكْ الْآخَرُ صَيْدًا فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الْمُمْسِكِ. كَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فَأَصَابَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الصَّيْدِيَّةِ بِإِدْخَالٍ إلَى عَرْصَةِ أَحَدٍ أَوْ دَارِهِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الدَّارِ أَخْذُ الصَّيْدِ بِالتَّمَسُّكِ بِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ (1302) . وَكَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ اثْنَانِ عَلَى الصَّيْدِ كَلْبَيْهِمَا الْمُعَلَّمَيْنِ فَأَوْقَعَ أَحَدُهُمَا الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ الْآخَرُ فَإِذَا كَانَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ جَعَلَهُ فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا كَأَنْ يَكْسِرَ رِجْلَيْهِ أَوْ يَجْرَحَهُ جُرْحًا مُثْخِنًا فَيُخْرِجَهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَذَلِكَ الصَّيْدُ لِصَاحِبِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1296) . كَذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ ثُمَّ أَرْسَلَ آخَرُ كَلْبَهُ أَيْضًا عَلَى الصَّيْدِ وَأَصَابَ الْكَلْبُ الثَّانِي الصَّيْدَ قَبْلَ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ وَأَخْرَجَهُ عَنْ حَالٍ الصَّيْدِيَّةِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الثَّانِي. قِيلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ " فِي حَالَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الْفِرَارُ وَالتَّخَلُّصُ مَعَهَا " لِأَنَّهُ لَوْ جَرَحَ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ الصَّيْدَ فَقَطْ وَلَمْ يُثْخِنْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ وَجَاءَ الْكَلْبُ الثَّانِي فَجَرَحَهُ جُرْحًا مُثْخِنًا وَأَخْرَجَهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ الثَّانِي. وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمَادَّةَ (1296) هِيَ ضَابِطٌ كُلِّيٌّ. الْمَادَّةُ (1300) - (لِآخَرَ أَنْ يَصِيدَ وَيَتَمَلَّكَ السَّمَكَ الْمَوْجُودَ فِي مَجْرَى، وَجَدْوَلِ أَحَدٍ الَّذِي لَا يُمْسَكُ بِدُونِ صَيْدٍ) لِآخَرَ أَنْ يَصِيدَ وَيَتَمَلَّكَ السَّمَكَ الْمَوْجُودَ فِي مَجْرَى وَجَدْوَلِ أَحَدٍ الَّذِي لَا يُمْسَكُ بِدُونِ صَيْدٍ حَيْثُ إنَّهُ مُبَاحٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1247) لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْرَى وَالْجَدْوَلِ لَمْ يَمْلِكْهُ حَيْثُ لَمْ يُحْرِزْهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَالِ الصَّيْدِيَّةِ فَذَلِكَ إذَا أَحْرَزَهُ آخَرُ فَيَمْلِكُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1296) وَإِذَا كَانَ الْمَجْرَى وَالْجَدْوَلُ فِي مِلْكِ صَاحِبِ الْجَدْوَلِ فَلَهُ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ دُخُولِ الْمِلْكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . [ (الْمَادَّةُ 1301) هَيَّأَ شَخْصٌ مَحَلًّا فِي حَافَةِ الْمَاءِ لِصَيْدِ السَّمَكِ فَجَاءَهُ سَمَكٌ كَثِيرٌ] الْمَادَّةُ (1301) - (إذَا هَيَّأَ شَخْصٌ مَحَلًّا فِي حَافَةِ الْمَاءِ لِصَيْدِ السَّمَكِ فَجَاءَهُ سَمَكٌ كَثِيرٌ فَإِذَا قَلَّتْ الْمِيَاهُ وَأَصْبَحَ ذَلِكَ السَّمَكُ يُمْسَكُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى صَيْدِهِ

(المادة 1302) دخل صيد دار إنسان فأغلق بابه لأجل أخذه

فَيَكُونُ السَّمَكُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّمَكُ مُحْتَاجًا لِلصَّيْدِ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ فَلَا يَكُونُ السَّمَكُ الْمَذْكُورُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِآخَرَ أَنْ يَصِيدَهُ وَيَتَمَلَّكَهُ) إذَا هَيَّأَ شَخْصٌ مَحَلًّا فِي حَافَّةِ الْمَاءِ لِصَيْدِ السَّمَكِ فَجَاءَهُ سَمَكٌ كَثِيرٌ فَإِذَا جَفَّتْ الْمِيَاهُ كُلِّيًّا أَوْ قَلَّتْ الْمِيَاهُ وَأَصْبَحَ ذَلِكَ السَّمَكُ يُمْسَكُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى صَيْدٍ فَيَكُونُ السَّمَكُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1296) فَإِذَا أَخَذَهُ آخَرُ يَضْمَنُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُهَيِّئْ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ لِصَيْدِ السَّمَكِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُقَلِّلْ الْمَاءَ بِقَصْدِ الصَّيْدِ وَبَرَزَ السَّمَكُ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ السَّمَكَ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَهُ وَيَتَمَلَّكَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1250) أَمَّا إذَا كَانَ إمْسَاكُ السَّمَكِ مُحْتَاجًا لِلصَّيْدِ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ فَلَا يَكُونُ السَّمَكُ الْمَذْكُورُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلِآخَرَ أَنْ يَصِيدَهُ وَيَتَمَلَّكَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1297) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي مَوْضِعَيْنِ) [ (الْمَادَّةُ 1302) دَخَلَ صَيْدٌ دَارَ إنْسَانٍ فَأَغْلَقَ بَابَهُ لِأَجْلِ أَخْذِهِ] الْمَادَّةُ (1302) - (إذَا دَخَلَ صَيْدٌ دَارَ إنْسَانٍ فَأَغْلَقَ بَابَهُ لِأَجْلِ أَخْذِهِ فَيَصِيرُ مَالِكًا لَهُ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ إحْرَازِهِ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَهُ آخَرُ يَمْلِكُهُ) إذَا دَخَلَ صَيْدٌ دَارَ إنْسَانٍ فَأَغْلَقَ بَابَهُ لِأَجْلِ أَخْذِهِ وَكَانَ فِي حَالَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مَعَهَا بِلَا حَاجَةٍ إلَى كُلْفَةٍ كَثِيرَةٍ كَنَصْبِ شَبَكَةٍ أَوْ رَمْيِ رَصَاصَاتٍ فَيَصِيرُ مَالِكًا لَهُ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى كُلْفَةٍ جُزْئِيَّةٍ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ بِدُونِ إحْرَازِهِ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ لِأَجْلِ إمْسَاكِهِ سَوَاءٌ لَمْ يَسُدَّ الْبَابَ مُطْلَقًا أَوْ سَدَّهُ لِأَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ الصَّيْدِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَمْسَكَهُ آخَرُ فَيَمْلِكُهُ حَيْثُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَازُ مَقْرُونًا بِالْقَصْدِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1250) فَلِذَلِكَ لَوْ أَصَابَ أَحَدٌ طَيْرًا فِي دَارِ آخَرَ فَإِذَا اتَّفَقَ الصَّائِدُ وَصَاحِبُ الدَّارِ بِأَنْ كَانَ فِي حَالِ الصَّيْدِ فَالطَّيْرُ لِلصَّائِدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1297) سَوَاءٌ صَادَهُ مِنْ الْهَوَاءِ أَمْ مِنْ فَوْقِ الشَّجَرِ وَإِذَا اخْتَلَفَا بِأَنْ قَالَ صَاحِبُ الدَّارِ إنَّنِي صِدْته قَبْلَك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِذَا صَادَهُ الصَّائِدُ مِنْ الْهَوَاءِ كَانَ لِلصَّائِدِ وَإِذَا أَخَذَهُ مِنْ الدَّارِ أَوْ مِنْ الشَّجَرَةِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ، وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي أَخْذِهِ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ عَنْ الْجِدَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) . [ (الْمَادَّةُ 1303) وَضَعَ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ شَيْئًا كَالشَّرَكِ وَالشَّبَكَةِ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ] الْمَادَّةُ (1303) - (إذَا وَضَعَ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ شَيْئًا كَالشَّرَكِ وَالشَّبَكَةِ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ يَكُونُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ لَكِنْ إذَا نَشَرَ أَحَدٌ شَبَكَةً بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فِي مَحَلٍّ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي حُفْرَةٍ فِي أَرَاضِي أَحَدٍ فَيَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِأَخْذِهِ لَكِنْ إذَا حَفَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْحُفْرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِالصَّيْدِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1250) إذَا وَضَعَ شَخْصٌ فِي مَحَلٍّ شَيْئًا مَخْصُوصًا وَمَوْضُوعًا لِلِاصْطِيَادِ كَالشَّرَكِ وَالشَّبَكَةِ لِأَجْلِ الصَّيْدِ أَوْ وَضَعَ بِدُونِ قَصْدِ الصَّيْدِ وَقَصْدِ الْجَفَافِ فَوَقَعَ فِيهِ صَيْدٌ يَكُونُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، أَيْ سَوَاءٌ وَضَعَ

(المادة 1304) عشش حيوان بري في بستان أحد وباض فيه

الشَّرَكَ وَالشَّبَكَةَ بِقَصْدِ الصَّيْدِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ الشَّبَكَةُ إنَّمَا تُوضَعُ لِلِاصْطِيَادِ وَيُدْعَى هَذَا أَخْذًا حَكِيمًا وَيُقَابِلُهُ الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1297) فَلِذَلِكَ لَوْ جَاءَ آخَرُ وَأَخَذَ الصَّيْدَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الشَّبَكَةِ فَلِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ اسْتِرْدَادُهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الصَّيْدَ فَانْطَلَقَ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ ثُمَّ اصْطَادَهُ آخَرُ فَيَجِبُ عَلَى الصَّائِدِ الثَّانِي رَدُّهُ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ وَانْطِلَاقُهُ بِمَنْزِلَةِ شُرُودِ الْبَعِيرِ، أَمَّا إذَا تَخَلَّصَ الطَّيْرُ مِنْ الشَّبَكَةِ وَأَمْسَكَهُ آخَرُ أَثْنَاءَ فِرَارِهِ كَانَ لَهُ لِأَنَّ السَّبَبَ بَطَلَ قَبْلَ أَخْذِ الثَّانِي فَلِذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ قَيْدَ " لِلصَّيْدِ " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لَكِنْ إذَا نَشَرَ أَحَدٌ شَبَكَتَهُ بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فِي مَحَلٍّ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّيْرِ فِي الشَّبَكَةِ لَمْ يَكُنْ أَخْذًا حَقِيقِيًّا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَخْذًا حُكْمِيًّا وَلَا يُعَدُّ أَنَّهُ أَخْذٌ لِلصَّيْدِ بِسَبَبِ الشَّرَكِ. الْخُلَاصَةُ: إنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: 1 - أَنْ تُوضَعَ آلَةُ الِاصْطِيَادِ لِلصَّيْدِ. 2 - أَنْ تُوضَعَ آلَةُ الِاصْطِيَادِ بِلَا نِيَّةٍ أَيْ يَكُونُ وَضْعُهَا لِلِاصْطِيَادِ أَوْ لِمَقْصِدٍ آخَرَ كَالتَّجْفِيفِ. 3 - أَنْ تُوضَعَ لِمَقْصِدٍ آخَرَ كَالتَّجْفِيفِ. وَقَدْ بَيَّنْت الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ فِي الْمَجَلَّةِ، أَمَّا الثَّانِيَةُ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّ حُكْمَهَا هُوَ كَحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. الْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ، يَحْصُلُ بِصَيْدِ الْآلَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاصْطِيَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا أَوْ بِنَصْبِهَا بِدُونِ أَيِّ نِيَّةٍ وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِوَضْعِ وَنَصْبِ آلَةٍ غَيْرِ مَوْضُوعَةٍ لِلِاصْطِيَادِ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ، أَمَّا إذَا لَمْ تُوضَعْ الْآلَةُ الْغَيْرُ الْمَوْضُوعَةُ لِلِاصْطِيَادِ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ فَلَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1250) كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي حُفْرَةٍ فِي أَرَاضِي أَحَدٍ حَفَرَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ فَيَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِأَخْذِهِ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا بِدَرَجَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِمَدِّ يَدِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا بِدَرَجَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِمَدِّ يَدِهِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْحُفْرَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَفَرَ الْحُفْرَةَ لِلصَّيْدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْحَمَوِيُّ وَحَاشِيَةُ الْأَشْبَاهِ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) لَكِنْ إذَا حَفَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْحُفْرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ " 1250 وَ 1248 " [ (الْمَادَّةُ 1304) عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ وَبَاضَ فِيهِ] الْمَادَّةُ (1304) - (إذَا عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ وَبَاضَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا أَخَذَ آخَرُ بَيْضَهُ أَوْ نِتَاجَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ اسْتِرْدَادُهُ وَلَكِنْ إذَا هَيَّأَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ بُسْتَانَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَبِيضَ وَتَلِدَ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ فِيهِ فَيَكُونَ بَيْضُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي جَاءَتْ وَبَاضَتْ وَأَنْتَجَتْ لَهُ) إذَا عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ أَوْ عَلَى أَشْجَارِهِ وَبَاضَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ إذَا كَانَ

(المادة 1305) عسل النحل الذي اتخذ مكانا في بستان أحد هو ملك له

الْبَيْضُ وَالْحَيَوَانُ غَيْرَ قَرِيبٍ بِصُورَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِمَدِّ الْيَدِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يَغْدُو وَيَرُوحُ وَيُنْقَفُ بَيْضُهُ وَيَصِيرُ فِرَاخًا وَتَطِيرُ، فَلِذَلِكَ إذَا أَخَذَ آخَرُ بَيْضَهُ أَوْ فِرَاخَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ اسْتِرْدَادُهُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْضُ أَوْ الْفِرَاخُ قَرِيبًا بِدَرَجَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِمَدِّ الْيَدِ كَانَ الْبَيْضُ وَالْفِرَاخُ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ وَلَكِنْ إذَا هَيَّأَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ بُسْتَانَه لِأَجْلِ أَنْ تَبِيضَ وَتَلِدَ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ فَيَكُونَ بَيْضُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي جَاءَتْ وَبَاضَتْ وَأَنْتَجَتْ لَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا بِصُورَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ بِمَدِّ الْيَدِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1250) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الصَّيْدِ) . [ (الْمَادَّةُ 1305) عَسَلُ النَّحْلِ الَّذِي اتَّخَذَ مَكَانًا فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ هُوَ مِلْكٌ لَهُ] الْمَادَّةُ (1305) - (عَسَلُ النَّحْلِ الَّذِي اتَّخَذَ مَكَانًا فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ هُوَ مِلْكٌ لَهُ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ مَنَافِعِ الْبُسْتَانِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ عُشْرِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ) عَسَلُ النَّحْلِ الَّذِي اتَّخَذَ مَكَانًا فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ هُوَ مِلْكٌ لَهُ بِاعْتِبَارِهِ مِنْ مَنَافِعِ الْبُسْتَانِ كَالْوَحْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1240) وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ لَمْ يُعِدَّ وَيُهَيِّئَ ذَلِكَ الْمَكَانَ لِتَعْشِيشِ النَّحْلِ وَإِيجَادِهِ الْعَسَلَ، فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِآخَرَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ وَيَأْخُذَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) . وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخَذَهُ آخَرُ فَلِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ اسْتِرْدَادُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (890) وَهَذَا الْعَسَلُ لَا يُقَاسَ عَلَى الْبَيْضِ وَالنِّتَاجِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُمَا فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لِأَنَّ الْعَسَلَ لَيْسَ بِصَيْدٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ لَكِنْ يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ عُشْرِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ حَاصِلًا فِي الْأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةُ وَلَوْ كَانَ الْعَسَلُ قَلِيلًا. أَمَّا الْعَسَلُ الْحَاصِلُ فِي الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ عُشْرٌ أَوْ خَرَاجٌ وَإِنْ كَانَ الْعَسَلُ هُوَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ أَمَّا النَّحْلُ فَلَا يَكُونُ مَالًا لَهُ وَلِآخَرَ أَخْذُهُ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الصَّيْدِ والشرنبلالي فِي بَابِ الْعُشْرِ) . وَفِقْرَةُ " إعْطَاءُ الْعُشْرِ لِبَيْتِ الْمَالِ " لَمْ تَكُنْ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ. وَالْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي بَابِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ، وَالْفِقَرُ الْأُخْرَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ عَيْنُ الْمَادَّةِ (940) الْمَادَّةُ (1306) - (النَّحْلُ الْمُجْتَمِعُ فِي خَلِيَّةِ أَحَدٍ يُعَدُّ مَالًا مُحْرَزًا وَعَسَلُهُ أَيْضًا مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ) وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ النَّحْلِ الْمَذْكُورِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَمَا أَنَّ عَسَلَهُ مَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الصَّيْدِ) لِأَنَّ هَذَا الْعَسَلَ مَنَافِعُ مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَحَاصِلَاتُ مِلْكِهِ. الْمَادَّةُ (1307) - (إذَا طَلَعَ طَرْدُ النَّحْلِ مِنْ خَلِيَّةِ أَحَدٍ إلَى دَارِ آخَرَ وَأَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَلِصَاحِبِ الْخَلِيَّةِ اسْتِرْدَادُهُ) إذَا طَلَعَ طَرْدُ النَّحْلِ أَيْ وَلَدُ النَّحْلِ مِنْ خَلِيَّةِ أَحَدٍ إلَى دَارِ أَحَدٍ وَأَخَذَهُ صَاحِبُ الدَّارِ فَلِصَاحِبِ الْخَلِيَّةِ اسْتِرْدَادُهُ إذْ أَنَّ وَلَدَ النَّحْلِ هُوَ لِصَاحِبِ النَّحْلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (890) . (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي اللُّقَطَةِ) .

الباب الخامس في بيان النفقات المشتركة ويحتوي على فصلين

[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ النَّفَقَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ تَعْمِيرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَعْضِ مَصْرُوفَاتِهَا الْأُخْرَى] ِ) وَمَعْنَى النَّفَقَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ نَفَقَاتُ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ فَقَدْ حَذَفَ الْمُضَافَ فِي الْعِبَارَةِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ تَعْمِيرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَبَعْضِ مَصْرُوفَاتِهَا الْأُخْرَى) الْمَادَّةُ (1308) - (إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ فَيَعْمُرُهُ أَصْحَابُهُ بِالِاشْتِرَاكِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ) إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ فَيَعْمُرُهُ أَصْحَابُهُ بِالِاشْتِرَاكِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ أَكْثَرِ مِنْ مَالِكٍ وَاحِدٍ أَوْ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَالِكٍ وَوَقْفٍ أَوْ كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ كَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ فَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ شَرِيكًا فِي الْمِلْكِ فَيَدْفَعُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ حِصَّةَ الْوَقْفِ فِي الْمُصْرَفِ بِنِسْبَةِ حِصَّتِهِ وَالْمِلْكُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1197) الْخُلَاصَةُ: إنَّ نَفَقَاتِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ تَعُودُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ حَيْثُ إنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ كَمَا جَاءَ فِي (الْمَادَّةِ 38) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - يَقْتَضِي الْإِنْفَاقَ مُشْتَرَكًا عَلَى تَعْمِيرِ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ وَبِنَاءِ الْحَائِطِ وَتَشْيِيدِ السَّطْحِ وَكَرْيِ النَّهْرِ وَالْحَيَوَانِ وَإِصْلَاحِ الْقَنَاةِ الْمُشْتَرَكَاتِ. 2 - إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ بِالِاشْتِرَاكِ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ فَتَلْزَمُهَا الْمَصَارِيفُ الْكَيْلِيَّةُ وَالْوَزْنِيَّةُ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. 3 - إذَا كَانَ نِصْفُ مَاءِ الْبِرْكَةِ لِزَيْدٍ وَثُلُثُهَا لِعَمْرٍو وَسُدُسُهَا لِبَكْرٍ وَتَلِفَ مَجْرَى الْمَاءِ الَّذِي يَسِيلُ إلَى تِلْكَ الْبِرْكَةِ وَاحْتَاجَتْ التَّعْمِيرَ فَيَدْفَعُ الشُّرَكَاءُ نَفَقَاتِ التَّعْمِيرِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمْ أَيْ يَدْفَعُ صَاحِبُ النِّصْفِ نِصْفَ الْمُصْرَفِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ ثُلُثَ الْمُصْرَفِ وَصَاحِبُ السُّدُسِ سُدُسَ الْمُصْرَفِ (التَّنْقِيحُ)

إذَا كَانَ مَالُ وَقْفٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَقْفٍ وَبَيْنَ أَحَدٍ فَتُدْفَعُ نَفَقَاتُ تَعْمِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَمِنْ الْمَالِكِ. وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بَالُوعَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ مَعْلُومَةٍ مُحْتَاجَةً لِلتَّرْمِيمِ وَكَانَ فِي تَرْمِيمِهَا مَنْفَعَةٌ لِلْمَسْجِدِ فَتُدْفَعُ نَفَقَاتُ تَرْمِيمِهَا مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ ضَابِطٌ عُمُومِيٌّ وَتَتَفَرَّعُ مَوَادُّ هَذَا الْفَصْلِ وَأَكْثَرُ مَوَادِّ الْفَصْلِ الْآتِي عَنْهَا: - فَإِذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ عَلَى التَّعْمِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبِهَا وَالْمَادَّةُ (1309) الْآتِيَةُ الذِّكْرِ مِنْ قَبِيلِ الْمُوَافَقَةِ وَإِذَا لَمْ يُوَافِقُوا عَلَى التَّعْمِيرِ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ - إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ مُضْطَرًّا لِتَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مَعَ شَرِيكِهِ أَوْ لِإِنْشَائِهِ مُجَدَّدًا وَكَانَ مُمْكِنًا إنْشَاءُ وَتَعْمِيرُ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَإِذَا عَمَّرَ وَأَنْشَأَ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ وَأَمْرِ شَرِيكِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ مِنْ شَرِيكِهِ وَرَفَضَ الشَّرِيكُ بِقَوْلِهِ: لَا أَعْمُرُ وَلَا أَرْضَى أَنْ تَعْمُرَ لِي، أَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1508) وَعَدَمُ الِاضْطِرَارِ هُوَ بِإِمْكَانِ تَعْمِيرِهِ وَإِنْشَائِهِ حِصَّتَهُ فَقَطْ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ: 1 - لَا اضْطِرَارَ فِي تَعْمِيرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (1312) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْمِرَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ لِتَعْمِيرِ هَذَا الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إذْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَقْسِمَهَا قَضَاءً وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْمُرَ حِصَّتَهُ فَقَطْ. 2 - إذَا كَانَ حَائِطٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَحْمَالٌ لَهُمَا فَوَهَنَ الْحَائِطُ وَخُشِيَ سُقُوطُهُ فَهَدَمَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَنْشَأَهُ مُجَدَّدًا فَإِذَا كَانَتْ أَرْضُ ذَلِكَ الْحَائِطِ فِي حَالٍ لَوْ قُسِمَتْ لَأَمْكَنَ إنْشَاءُ حَائِطٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَتَحَمَّلُ أَحْمَالَهُ فَلَا يُوجَدُ اضْطِرَارٌ فِي إنْشَاءِ هَذَا الْحَائِطِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَالشَّرِيكُ الَّذِي يُنْشِئُهُ بِلَا أَمْرٍ لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ الْمُجَدَّدِ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ الْبَانِي مُجَدَّدًا أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَقْسِمَ أَرْضَ الْحَائِطِ قَضَاءً وَأَنْ يُنْشِئَ بَعْدَ ذَلِكَ حَائِطًا خَاصًّا بِهِ فِي حِصَّتِهِ (الْخَانِيَّةُ) . 3 - إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ وَكَانَتْ عَرْصَتُهَا قَابِلَةً لِلتَّرْمِيمِ فَلَا يُوجَدُ اضْطِرَارٌ لِإِنْشَاءِ تِلْكَ الدَّارِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَنْشَأَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مِنْ نَفْسِهِ دَارًا مُجَدِّدًا لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ تَبَرُّعًا. وَعَدَمُ الِاضْطِرَارِ فِي ذَلِكَ هُوَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلشَّرِيكِ الْبَانِي أَنْ يَقْتَسِمَ الدَّارَ بِمُرَاجَعَةِ الْقَاضِي وَأَنْ يُنْشِئَ فِي حِصَّتِهِ دَارًا خَاصَّةً بِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . 4 - إذَا انْهَدَمَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الْغَيْرُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ كَالطَّاحُونِ أَوْ الْحَمَّامِ وَأَصْبَحَ عَرْصَةً وَكَانَتْ عَرْصَتُهُ قَابِلَةً لِلتَّقْسِيمِ فَلَا اضْطِرَارَ فِي إنْشَائِهِ مُجَدَّدًا فَلِذَلِكَ لَوْ أَنْشَأَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِلشَّرِكَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا. وَفِي الْخُلَاصَةِ: طَاحُونٌ وَحَمَّامٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ وَأَبَى الشَّرِيكُ الْعِمَارَةَ يُجْبَرُ هَذَا إذَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ

أَمَّا إذَا انْهَدَمَ الْكُلُّ وَصَارَ صَحْرَاءَ لَا يُجْبَرُ، وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا يُقَالُ لَهُ أَنْفِقْ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ (الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ الْوَقْفِ) . الْأَصْلُ الثَّانِي - إذَا كَانَ الشَّرِيكُ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ مُضْطَرًّا لِتَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ إنْشَائِهِ مُجَدَّدًا وَكَانَ شَرِيكُهُ مَجْبُورًا لِلْعَمَلِ مَعَهُ أَيْ إذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الْمَذْكُورُ الْقَاضِيَ فَالْقَاضِي مُقْتَدِرٌ عَلَى إجْبَارِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عَلَى الْعَمَلِ وَيَحِلُّ لِلْقَاضِي إجْبَارُهُ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا صَرَفَ الشَّرِيكُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى التَّعْمِيرِ أَوْ عَلَى الْإِنْشَاءِ مُجَدِّدًا أَوْ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ (الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ الْوَقْفِ) . أَمَّا إذَا صَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ الرَّاغِبِ فِي الْإِنْفَاقِ وَالْمُصْرَفِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَأَنْ يُجْبِرَ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَلَى الْإِنْفَاقِ. الْخُلَاصَةُ: إنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِي الْمُضْطَرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الْجَبْرِ فَإِذَا كَانَ يُجْبَرُ فَلَا رُجُوعَ بِدُونِ أَمْرِ الْمُشَارِكِ وَبِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الِاضْطِرَارَ يَثْبُتُ فِيمَا لَا يُجْبَرُ صَاحِبُهُ لَا فِيمَا يُجْبَرُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ التَّبَرُّعُ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ وِفَاقًا وَخِلَافًا وَقُوَّةً وَضَعْفًا فَفِيمَا لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ وِفَاقًا يَرْجِعُ وِفَاقًا وَفِيمَا يُفْتَى بِالْجَبْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِالتَّبَرُّعِ (الطَّحْطَاوِيُّ فِي أَوَائِلِ الْوَقْفِ) . جَوَازُ الْجَبْرِ: بَعْضُ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجُوزُ لِلْقَاضِي فِيهَا جَبْرُ الْمُمْتَنِعِ هِيَ: (1) الْوَصِيُّ (2) نَاظِرُ الْوَقْفِ أَيْ الْمُتَوَلِّي (3) الزَّرْعُ (4) الْقِنُّ (5) الدَّابَّةُ (6) الدُّولَابُ (7) الْبِئْرُ (8) كَرْيُ النَّهْرِ (9) مَرَمَّةُ الْقَنَاةِ (0 1) مَرَمَّةُ السَّفِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَتُوَضَّحُ هَذِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا - جَبْرُ الْوَصِيِّ. ثَانِيًا - جَبْرُ النَّاظِرِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1320) . ثَالِثًا - الْجَبْرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ إذَا كَانَ زَرْعٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَسَقْيِهِ مَثَلًا فَلِلْقَاضِي جَبْرُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى قَوْلٍ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا صَرَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا. رَابِعًا - الْجَبْرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقِنِّ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ قِنٌّ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الْقَاضِيَ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَنْفَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْقِنِّ مِنْ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ مَهْمَا كَانَ الشَّرِيكُ الْمُنْفِقُ مُضْطَرًّا لِلْإِنْفَاقِ فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِوَاسِطَةِ الْقَاضِي وَلِذَلِكَ فَمَا يَصْرِفُهُ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا " صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الشَّرِكَةِ ". خَامِسًا - الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1320) سَادِسًا - الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الدُّولَابِ، وَإِذَا كَانَ دُولَابٌ لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ

(المادة 1309) عمر أحد الشريكين الملك المشترك بإذن الآخر وصرف من ماله قدرا معروفا

وَكَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّعْمِيرِ وَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى التَّعْمِيرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الشَّرِكَةِ) وَقَوْلُهُ وَدُولَابٌ كَسَاقِيَةٍ وَشَيْرَجَةٍ وَمَعْصَرَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ قُبَيْلَ الْوَقْفِ) سَابِعًا - الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ أَيْ إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ الْمُشْتَرَكَةُ مُحْتَاجَةً لِلتَّطْهِيرِ وَالتَّرْمِيمِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَطْهِيرَهَا وَتَرْمِيمَهَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ ذَلِكَ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي التَّطْهِيرِ وَالتَّرْمِيمِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَنْفَقَ الشَّرِيكُ عَلَى التَّطْهِيرِ وَالتَّرْمِيمِ بِلَا أَمْرِ الْمُشَارِكِ وَبِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَإِذَا أُجْبِرَ لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُضْطَرًّا " التَّنْقِيحُ قُبَيْلَ الْوَصَايَا ". ثَامِنًا - كَرْيُ النَّهْرِ. تَاسِعًا - مَرَمَّةُ الْقَنَاةِ. عَاشِرًا - مَرَمَّةُ السَّفِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ قُبَيْلَ الْوَقْفِ) . الْأَصْلُ الثَّالِثُ - إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُضْطَرًّا إلَى تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكُهُ مَجْبُورًا عَلَى الْعَمَلِ مَعَهُ أَيْ إذَا رَاجَعَ الشَّرِيكُ الرَّاغِبُ فِي التَّعْمِيرِ الْقَاضِيَ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إجْبَارُ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَلَى التَّعْمِيرِ فَإِذَا صَرَفَ الشَّرِيكُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ وَإِذَا صَرَفَ بِدُونِ إذْنَيْهِمَا فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ تَعْمِيرِهِ. الْخُلَاصَةُ: إنَّ الرُّجُوعَ فِي الْمُضْطَرِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ فَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ وَلَوْ كَانَ الصَّرْفُ بِلَا أَمْرِ الْمُشَارِكِ أَوْ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي. وَالْمَسَائِلُ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَبْرُ هِيَ كَمَا يَأْتِي حَسَبَ مَا بَيَّنَ صَاحِبُ الْبَحْرُ (1) تَعْمِيرُ وَإِنْشَاءُ الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلتَّقْسِيمِ كَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ (2) بِنَاءُ السُّفْلِ (3) الْحَائِطُ الْمُتَهَدِّمُ فِي الْعَرْصَةِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ (4) إنْشَاءُ الطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ الْمُنْهَدِمَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا تَقْبَلُ عَرْصَتُهُمَا الْقِسْمَةَ. وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ. أَوَّلًا - لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى تَعْمِيرِ الْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ بِالْمَادَّةِ (1313) ثَانِيًا - لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى بِنَاءِ السُّفْلِ، وَقَدْ بَيَّنْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَادَّةِ (1315) . ثَالِثًا - لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى إنْشَاءِ الْحَائِطِ الْمُتَهَدِّمِ فِي الْعَرْصَةِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1316) . رَابِعًا - لَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى إنْشَاءِ الطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ الْمُنْهَدِمَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا تَقْبَلُ عَرْصَتُهُمَا الْقِسْمَةَ وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1314) (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الْوَقْفِ) . [ (الْمَادَّةُ 1309) عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْآخَرِ وَصَرَفَ مِنْ مَالِهِ قَدْرًا مَعْرُوفًا] الْمَادَّةُ (1309) - (إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْآخَرِ

وَصَرَفَ مِنْ مَالِهِ قَدْرًا مَعْرُوفًا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ أَيْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ) إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ فَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ أَرْبَعَةٌ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الْمُعْمِرُ صَرَفَ بِإِذْنِ وَأَمْرِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ مِنْ مَالِهِ قَدْرًا مَعْرُوفًا وَعَمَرَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ لِلشَّرِكَةِ أَوْ أَنْشَأَهُ مُجَدَّدًا فَيَكُونُ قِسْمٌ مِنْ التَّعْمِيرَاتِ الْوَاقِعَةِ أَوْ الْبِنَاءِ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ الْآمِرِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الشَّرِيكُ الْآمِرُ الرُّجُوعَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُصْرَفِ بِقَوْلِهِ: اصْرِفْ وَأَنَا أَدْفَعُ لَك حِصَّتِي مِنْ الْمُصْرَفِ. وَلِلشَّرِيكِ الْمَأْمُورِ الَّذِي عَمَرَ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ أَيْ بِقَدْرِ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ بِقَدْرِ الْمَعْرُوفِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُنَاصَفَةً فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَ الْمُصْرَفِ وَإِذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بِوَجْهٍ آخَرَ فَيَأْخُذُ الْمُصْرَفَ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1508) سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمِلْكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ (جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) مِثَالٌ لِلْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ: لَوْ كَانَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: عَمِّرْهَا مِنْ مَالِكَ فَعَمَّرَ الشَّرِيكُ فَلَهُ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ نَفَقَاتِ التَّعْمِيرِ. مِثَالٌ لِغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ: لَوْ كَانَتْ سَفِينَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: عَمِّرْهَا مِنْ مَالِكَ فَعَمَّرَهَا مِنْ مَالِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا صَرَفَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ أَنْ يَقُولَ لِلشَّرِيكِ الْآمِرِ: إنَّنِي أَمْنَعُك مِنْ التَّصَرُّفِ بِالسَّفِينَةِ أَوْ الْبِنَاءِ حَتَّى تَدْفَعَ لِي حِصَّتَك فِي الْمُصْرَفِ كَمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1315) إذَا اخْتَلَفَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ فِي مِقْدَارِ الْمُصْرَفِ يُنْظَرُ: فَإِذَا صَرَفَ الْمَأْمُورُ مَالَهُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مِقْدَارَ مَا صَرَفَهُ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَدَّعِي الْمَأْمُورُ دَيْنًا مِنْ الْآمِرِ وَالْآمِرُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَإِذَا أَعْطَى الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ نُقُودًا لِلصَّرْفِ قَبْلَ الصَّرْفِ وَأَذِنَ الْمَأْمُورَ بِالصَّرْفِ وَالْإِنْفَاقِ مِنْهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ أَخَذَ الْمَأْمُورُ النُّقُودَ قَبْلَ الصَّرْفِ فَكَانَ أَمِينًا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْأَمِينِ لِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) . (الْخَيْرِيَّةُ) قِيلَ " الْقَدْرُ الْمَعْرُوفُ " فَلِذَلِكَ إذَا صَرَفَ الْمَأْمُورُ أَكْثَرَ مِنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ فَلَهُ أَيْضًا الرُّجُوعُ بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ، أَمَّا مَا يَزِيدُ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ فَسَتُعْطَى عَنْهُ تَفْصِيلَاتٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1508) الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِلشَّرِكَةِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ كَانَ مُتَبَرِّعًا كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1131) .

(المادة 1310) غاب أحد صاحبي الملك المشترك المحتاج للتعمير وأراد الآخر التعمير

الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ - إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَيْ أَنْ تَكُونَ التَّعْمِيرَاتُ الْوَاقِعَةُ لِلْمُعَمِّرِ وَمِلْكًا لَهُ فَتَكُونُ التَّعْمِيرَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ قَدْ أَعَارَ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (831) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (906) الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ - إذَا عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا عَمَّرَهُ لِنَفْسِهِ فَتَكُونُ التَّعْمِيرَاتُ الْمَذْكُورَةُ مِلْكًا لَهُ وَلِلشَّرِيكِ الَّذِي بَنَى وَأَنْشَأَ أَنْ يَرْفَعَ مَا عَمَّرَهُ مِنْ الْمَرَمَّةِ الْغَيْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (529) مَا لَمْ يَكُنْ رَفْعُهَا مُضِرًّا بِالْأَرْضِ فَفِي هَذَا الْحَالِ يُمْنَعُ مِنْ رَفْعِهَا. [ (الْمَادَّةُ 1310) غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْمُحْتَاجِ لِلتَّعْمِيرِ وَأَرَادَ الْآخَرُ التَّعْمِيرَ] الْمَادَّةُ (1310) - (إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْمُحْتَاجِ لِلتَّعْمِيرِ وَأَرَادَ الْآخَرُ التَّعْمِيرَ فَيَأْخُذُ الْإِذْنَ مِنْ الْقَاضِي وَيَقُومُ إذْنُ الْقَاضِي مَقَامَ إذْنِ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ، يَعْنِي إذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيَكُونُ فِي حُكْمِ أَخْذِهِ الْإِذْنَ مِنْ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْمُحْتَاجِ لِلتَّعْمِيرِ وَأَرَادَ الْآخَرُ التَّعْمِيرَ فَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَأْخُذَ الْإِذْنَ مِنْ الْقَاضِي فَإِذَا رُوجِعَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَيُرْسِلُ رَجُلًا أَمِينًا وَيَكْشِفُ وَيُعَايِنُ الْمِلْكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1319) فَإِذَا عَلِمَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَمِّرْ الْمِلْكَ يَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْغَائِبِ فَيَأْذَنُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الطَّالِبَ لِلتَّعْمِيرِ بِالتَّعْمِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) وَيَقُومُ إذْنُ الْقَاضِي مَقَامَ إذْنِ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ، يَعْنِي إذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيَكُونُ فِي حُكْمِ أَخْذِهِ الْإِذْنَ مِنْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ (الْخُلَاصَةُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْحِيطَانِ وَالتَّنْقِيحِ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ لِلْقَاضِي أَنْ يُعْطِيَ إذْنًا لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِالتَّعْمِيرِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ غَائِبًا فَلَا يُمْكِنُ طَلَبُ الْقِسْمَةِ كَمَا لَا يُمْكِنُ طَلَبُ الْبِنَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1281) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا (فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ بِزِيَادَةٍ) . الْخُلَاصَةُ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ حَاضِرِينَ أَوْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ حَاضِرًا وَبَعْضُهُمْ غَائِبًا، وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ الْمَذْكُورُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ لَهَا وَقَدْ ذَكَرَ حُكْمَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَادَّةِ (1312) وَحُكْمَ الْقِسْمِ الثَّانِي فِي الْمَادَّةِ (1313) .

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ لَا يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي فَإِذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَ التَّعْمِيرُ لِلشَّرِكَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَهُ وَيَسْتَوْفِي الْمِقْدَارَ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ كَمَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1313) مَثَلًا، لَوْ كَانَ حَائِطٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَانْهَدَمَ وَكَانَتْ الْعَرْصَةُ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ فَبَنَى الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ فِي غِيَابِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ الْحَائِطَ الْمَذْكُورَ بِمَوَادِّهِ وَلَوَازِمِهِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ الِانْتِفَاعُ بِالْحَائِطِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَدْفَعْ نِصْفَ قِيمَةِ ذَلِكَ الْحَائِطِ لِشَرِيكِهِ، أَمَّا إذَا أَنْشَأَهُ الشَّرِيكُ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ. الْمَادَّةُ (1311) - (إذَا عَمَّرَ أَحَدٌ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمِلْكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ) إذَا عَمَّرَ أَحَدٌ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ أَخْذِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ الْقَاضِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَوَادِّ (1310 وَ 1313 وَ 1315) يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا عَمَّرَ أَحَدٌ مِنْ نَفْسِهِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ الْقَابِلَ لِلْقِسْمَةِ أَيْ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ مِنْ مُصْرَفِ الْبِنَاءِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَقْسِمَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ جَبْرًا وَأَنْ يُعَمِّرَ مَا يَشَاءُ فِي حِصَّتِهِ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا اسْتَأْذَنَ مِنْ شَرِيكِهِ فَأَذِنَهُ وَأَمَرَهُ الشَّرِيكُ بِالتَّعْمِيرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ الْآمِرِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1309) وَيَكُونُ مَعْنَى عِبَارَةِ " مِنْ نَفْسِهِ " الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُعَمِّرَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ لَمْ يُرَاجِعْ شَرِيكَهُ مُطْلَقًا أَوْ رَاجَعَهُ وَلَمْ يَرْضَ شَرِيكُهُ بِالتَّعْمِيرِ أَيْ لَمْ يَأْذَنْهُ بِالتَّعْمِيرِ وَيَكُونُ فِي الْحَالَتَيْنِ مُتَبَرِّعًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَلَا يُمْكِنُ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ لِتَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَأَخْذِ الْإِذْنِ مِنْهُ أَيْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَهُ وَإِذَا أَذِنَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ لِأَنَّهُ كَمَا لَيْسَ لِلْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْمُرَ شَرِيكَهُ بِالتَّعْمِيرِ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا عَمَّرَ أَحَدٌ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَبِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي الْمِلْكَ

الْمُشْتَرَكَ الْغَيْرَ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا: وَلِفَهْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَجِبُ بَيَانُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: وَهِيَ: أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْلَانِ فِي إجْبَارِ وَعَدَمِ إجْبَارِ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - جَوَازُ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّعْمِيرِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَمَّامٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّعْمِيرِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ لَدَى مُرَاجَعَتِهِ وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِالْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ: (طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ نُعَمِّرُهَا فَقَالَ هَذِهِ الْعِمَارَةُ تَكْفِينِي لَا أَرْضَى بِعِمَارَتِك فَعَمَّرَهَا لَمْ يَرْجِعْ) لِأَنَّ شَرِيكَهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَهُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَالشَّرِيكُ الَّذِي يُرِيدُ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ إذَا كَانَ مُضْطَرًّا لِلتَّعْمِيرِ فَالْقَاضِي يُجْبِرُ شَرِيكَهُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ لَدَى مُرَاجَعَةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَكَانَ عَلَى الشَّرِيكِ الطَّالِبِ لِلتَّعْمِيرِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِإِجْبَارِ شَرِيكِهِ، فَمَا دَامَ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْ الْقَاضِيَ وَعَمَّرَ مِنْ نَفْسِهِ أَصْبَحَ مُتَبَرِّعًا. اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّانِيَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ " أَوْ لَمْ يَكُنْ " مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. الْقَوْلُ الثَّانِي - عَدَمُ جَوَازِ الْإِجْبَارِ عَلَى التَّعْمِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ فَرَغِبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي تَعْمِيرِهَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ التَّعْمِيرِ فَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (25) وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي مَبْحَثِ مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ هَذَا الْقَوْلَ وَعَزَاهُ إلَى أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِالْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ: (فَلَا إجْبَارَ عَلَى الْآبِي لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ سَوَاءٌ كَانَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ حَائِطًا) فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ رَاغِبًا فِي التَّعْمِيرِ وَمُضْطَرًّا لَهُ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُ الْمُمْتَنِعَ عَلَى التَّعْمِيرِ فَلِذَلِكَ إذَا عَمَّرَ بِدُونِ أَمْرِ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1308) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمَادَّةَ (1313) مِنْ الْمَجَلَّةِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ الْمَجَلَّةِ مَبْنِيَّةً عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالْمَادَّةُ (1313) مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ مُنَافَاةٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي يُعَمِّرُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ الْغَيْرَ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَهُ أَخْذُ قِيمَةِ مَا عَمَّرَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1313) فَلِذَلِكَ يَجِبُ إيجَادُ طَرِيقٍ لِحَلِّ الْمُنَافَاةِ بَيْنَ - هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ. دَفْعُ الْمُنَافَاةِ: يَرِدُ إلَى الْخَاطِرِ جَوَابَانِ لِدَفْعِ الْمُنَافَاةِ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِمَا بَعْضُ الْأَسْئِلَةِ: الْجَوَابُ الْأَوَّلُ - يُرَاجِعُ الشَّرِيكُ الرَّاغِبُ فِي تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْغَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ شَرِيكَهُ أَيْ يَقُولُ لِشَرِيكِهِ: فَلْنُعَمِّرْ. فَإِذَا امْتَنَعَ شَرِيكُهُ عَنْ إجَابَةِ طَلَبِهِ ثُمَّ عَمَّرَ الشَّرِيكُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1313) أَمَّا إذَا عَمَّرَ الشَّرِيكُ مِنْ نَفْسِهِ بِدُونِ أَنْ يُرَاجِعَ الشَّرِيكَ

الْآخَرَ وَيَحْصُلُ مِنْهُ امْتِنَاعٌ عَنْ التَّعْمِيرِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَهَذَا هُوَ الْمُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَدَمُ ذِكْرِ الِامْتِنَاعِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبِالْعَكْسِ ذَكَرَهُ فِي الْمَادَّةِ (1313) كَمَا أَنَّ قَوْلَ أَبِي السُّعُودِ فِي حَاشِيَةِ الْكَنْزِ فِي مَبْحَثِ " بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ " الظَّاهِرُ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالْبِنَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَالَبَهُ بِبِنَاءِ السُّفْلِ وَامْتَنَعَ " مِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْوَقْفِ " وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ رَمَّهُ الْمُؤَجِّرُ بِنَفْسِهِ تَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ تَفْصِيلِ الْمُطَالَبَةِ وَتَرْكِهَا وَالْحُضُورِ وَالْغَيْبَةِ وَأَمْرِ الْقَاضِي وَعَدَمِهِ إلَخْ " مِمَّا يُؤَيِّدُ أَيْضًا هَذَا الْجَوَابَ. الْخُلَاصَةُ: إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فِي الْمَادَّةِ (1311) وَفِي الْمَادَّةِ (1313) أَيْضًا وَحَسَبُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ إذَا رَاجَعَ مُرِيدُ التَّعْمِيرِ شَرِيكَهُ وَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ عَنْ التَّعْمِيرِ ثُمَّ عَمَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ بِالْقِيمَةِ وَإِذَا عَمَّرَ بِدُونِ أَنْ يُرَاجِعَهُ بَتَاتًا فَيَثْبُتُ حُكْمُ التَّبَرُّعِ أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مُقَيَّدٌ بِالْمُطَالَبَةِ وَالِامْتِنَاعِ. السُّؤَالُ الْوَارِدُ - يَظْهَرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1310) نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ الْمُعَمِّرَ لَمْ يُرَاجِعْ الشَّرِيكَ الْغَائِبَ وَلِذَلِكَ لَمْ يَقَعْ امْتِنَاعٌ مِنْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ، وَالْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ قُبَيْلَ الْوِصَايَةِ فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَالتَّنْقِيحِ مُؤَيِّدَةٌ لِلْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَانِيَّةِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي مَبْحَثِ الْمُزَارَعَةِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة هَذِهِ الْعِبَارَةُ (لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي عِمَارَتِهِ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ إلَّا بِعِمَارَةِ نَصِيبِهِمَا فَالْمُضْطَرُّ يَرْجِعُ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَعِمَارَةِ الدَّارِ وَالسَّفِينَةِ) إذْ إنَّ مُعِيرَ الرَّهْنِ إذَا أَدَّى دَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَاسْتَخْلَصَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ لِسَبْقِ أَمْرٍ مِنْ الرَّاهِنِ بِقَوْلِهِ: أَدِّ دَيْنِي كَمَا فَصَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (732) . وَذِكْرُ لَفْظِ الِامْتِنَاعِ فِي الْمَادَّةِ (1313) لَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِ هَذَا الْجَوَابِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ كُتُبٌ فِقْهِيَّةٌ قَدْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ يُوجَدُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُ الِامْتِنَاعِ إذْ وَرَدَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا فَلَيْسَ بِالْمُتَطَوِّعِ) وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْعَيْنِيُّ (شَرْحُ الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَالْأَمَانَةِ) . الْجَوَابُ الثَّانِي - إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ هُنَا أَنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي مُصْرَفِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ مَا يُصِيبُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِيمَا صَرَفَهُ أَمَّا فِي الْمَادَّةِ (1313) فَقَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ يَعْنِي لَوْ عَمَّرَ الشَّرِيكُ الْحَمَّامَ الْمُشْتَرَكَ بِصَرْفِ ثَمَانِينَ دِينَارًا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ أَمْرِ الْقَاضِي فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا نِصْفَ الثَّمَانِينَ دِينَارًا أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ هَذَا التَّعْمِيرِ خَمْسِينَ دِينَارًا فَلَا يَكُونُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1313) مُتَبَرِّعًا بِالْقِيمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ أَخْذُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ شَرِيكِهِ. السُّؤَالُ الْوَارِدُ - يُوجَدُ فِي هَذَا الْجَوَابِ نَوْعَا رَكَاكَةٍ: 1 - يُوجِبُ هَذَا الْجَوَابُ إعْطَاءَ مَعْنَيَيْنِ لِعِبَارَةِ " يَكُونُ مُتَبَرِّعًا " الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ أَنْ

(المادة 1312) طلب أحد تعمير الملك المشترك وكان شريكه ممتنعا وعمره من نفسه

يَكُونَ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ مُتَبَرِّعًا بِالْمُصْرَفِ وَالْقِيمَةِ مَعًا وَفِي الْمَالِ غَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ مُتَبَرِّعًا بِالْمُصْرَفِ وَغَيْرَ مُتَبَرِّعٍ بِالْقِيمَةِ 2 - يَكُونُ الْمُصْرَفُ أَحْيَانًا مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ وَأَحْيَانًا أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا فَإِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا فَلَا يُوجَدُ تَبَرُّعٌ مُطْلَقًا كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ فَفِيهِ تَبَرُّعٌ بِقِسْمٍ مِنْهَا أَيْ بِمَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْ الْقِيمَةِ أَمَّا فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَلَا يُوجَدُ تَبَرُّعٌ. بِمَا أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ عَارٍ عَنْ رَكَاكَةٍ مِثْلِ هَذِهِ فَهُوَ مُرَجَّحٌ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ التَّعْمِيرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ مُتَسَاوٍ سَوَاءٌ عَمَّرَ الشَّرِيكُ بِالذَّاتِ أَوْ أَمَرَ آخَرَ فَعَمَّرَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ طَاحُونَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَجَرَاهَا لِشَخْصَيْنِ وَصَرَفَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجِرِينَ عَلَى تَعْمِيرِ الطَّاحُونِ بِإِذْنٍ مِنْ مُؤَجِّرِهِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا صَرَفَهُ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْهُ بِالصَّرْفِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَالِكِ الَّذِي أَمَرَهُ (الْهِدَايَةُ فِي ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ بَابًا مِنْ الْإِجَارَةِ) وَلَكِنْ هَلْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى آمِرِهِ الْمُؤَجِّرِ بِكُلِّ الْمُصْرَفِ أَوْ بِالْحِصَّةِ الْعَائِدَةِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآمِرِ؟ إذَا أَمَرَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالصَّرْفِ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِ لِشَرِيكِهِ بِطَلَبِ التَّعْمِيرِ وَامْتِنَاعِهِ عَنْهُ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِكُلِّ الْمُصْرَفِ عَلَى الْآمِرِ، وَالْآمِرُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ " 1 " أَمَّا إذَا أَمَرَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَأْجِرَ بِالصَّرْفِ قَبْلَ أَنْ يُرَاجِعَ شَرِيكَهُ بِالتَّعْمِيرِ وَقَبْلَ امْتِنَاعِهِ عَنْ التَّعْمِيرِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الشَّرِيكِ الْآمِرِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِمَا زَادَ عَنْ حِصَّتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْوَقْفِ) . إنَّ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي بُيِّنَ آنِفًا أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْآمِرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ وَلَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ الْآمِرِ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ. وَتَعْبِيرُ " تَعْمِيرُ " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِنْشَاءِ مُجَدَّدًا أَيْضًا وَذَلِكَ لَوْ انْهَدَمَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ فَإِذَا بَنَاهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلشَّرِكَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إلَى ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1315) لِاسْتِطَاعَتِهِ تَقْسِيمَ الْعَرْصَةِ وَإِنْشَاءَ الْبِنَاءِ فِي قِسْمَتِهِ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرْصَةُ صَغِيرَةً وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ إذَا رَاجَعَ شَرِيكَهُ وَامْتَنَعَ ثُمَّ بَنَى فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ [ (الْمَادَّةُ 1312) طَلَبَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ شَرِيكُهُ مُمْتَنِعًا وَعَمَّرَهُ مِنْ نَفْسِهِ] الْمَادَّةُ (1312) - (إذَا طَلَبَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَكَانَ شَرِيكُهُ مُمْتَنِعًا وَعَمَّرَهُ مِنْ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ

بِحِصَّتِهِ وَإِذَا رَاجَعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ 25 وَلَكِنْ يَسُوغُ أَنْ تُقْسَمَ جَبْرًا وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي حِصَّتِهِ مَا يَشَاءُ) إذَا طَلَبَ أَحَدٌ تَعْمِيرَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَكَانَ شَرِيكُهُ مُمْتَنِعًا عَنْ التَّعْمِيرِ أَيْ لَمْ يَأْمُرْ وَيَأْذَنْ بِالتَّعْمِيرِ وَعَمَّرَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِدُونِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ مِنْ شَرِيكِهِ مُطْلَقًا أَوْ اسْتَأْذَنَ مِنْهُ وَلَمْ يَأْذَنْهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا أَيْ لَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَصَارِفَ التَّعْمِيرِ أَوْ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ. اُنْظُرْ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَدْرَكَةٌ بِالْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَإِذَا رَاجَعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقَاضِيَ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى التَّعْمِيرِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (25) يَعْنِي أَنَّ تَرْكَ الْمُشْتَرَكِ الْمُحْتَاجِ لِلتَّعْمِيرِ عَلَى حَالِهِ مُوجِبٌ لِخَرَابِهِ وَالْحِرْمَانِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ فَتَرْكُ التَّعْمِيرِ ضَرَرٌ لِلشَّرِيكِ الرَّاغِبِ فِي التَّعْمِيرِ كَمَا أَنَّ إجْبَارَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عَلَى صَرْفِ نَقْدِهِ بِالْإِعْمَارِ خِلَافَ رِضَائِهِ ضَرَرٌ أَيْضًا لِلشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ فَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِمِثْلِهِ فَلِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى التَّعْمِيرِ. وَالدَّلِيلُ الْآخَرُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْإِجْبَارِ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ إجْبَارِ الْإِنْسَانِ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (الْبَحْرُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ) . مُسْتَثْنًى - إنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (1319) هُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ، وَوَجْهُ الِاسْتِثْنَاءِ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ يَسُوغُ أَنْ يُقْسَمَ جَبْرًا إذَا طَلَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقِسْمَةَ أَوْ طَلَبَهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1339) . وَيَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي حِصَّتِهِ مَا يَشَاءُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1621) . (الْحَمَوِيُّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ) . الْمَادَّةُ (1313) - (إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ إلَى الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ فَلَهُ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرًا مَعْرُوفًا مِنْ الْمَالِ وَيُعَمِّرَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونَ مِقْدَارُ مَا أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ وَيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ هَذَا مِنْ أُجْرَتِهِ وَإِذَا عَمَّرَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ)

إذَا احْتَاجَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَالْقَنَاةِ إلَى الْعِمَارَةِ كَأَنْ يَخْرَبَ حَوْضُ مَاءِ الْحَمَّامِ أَوْ تُفْقَدُ طَاسَاتُهُ وَطَلَبَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ تَعْمِيرَهُ وَإِكْمَالَ وَإِصْلَاحَ نَوَاقِصِهِ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى التَّعْمِيرِ بِأُمُورٍ كَالضَّرْبِ وَالْحَبْسِ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُزَالُ ضَرَرٌ بِمِثْلِهِ بَلْ لِطَالِبِ التَّعْمِيرِ أَنْ يَصْرِفَ قَدْرًا مَعْرُوفًا مِنْ الْمَالِ وَيُعَمِّرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونَ مِقْدَارُ مَا أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ. مَثَلًا إذَا كَانَ ثُلُثَا الْحَمَّامِ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ وَثُلُثُهُ لِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ فَيَكُونُ ثُلُثَا مَصَارِيفِ التَّعْمِيرِ دَيْنًا لِلْمُعَمِّرِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ. قِيلَ هُنَا " قَدْرًا مَعْرُوفًا " فَإِذَا كَانَ الْقَدْرُ الْمَعْرُوفُ لِتِلْكَ التَّعْمِيرَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَصَرَفَ الشَّرِيكُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ مِنْ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَلَكِنْ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَزِيدُ عَنْ ذَلِكَ؟ بِمَا أَنَّهُ لَا صَلَاحِيَةَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ بِالصَّرْفِ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (58) فَالظَّاهِرُ أَنْ لَيْسَ لِلْمُعَمِّرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ. فَلْيُحَرَّرْ. وَلِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ وَيَسْتَوْفِي دَيْنَهُ هَذَا مِنْ أُجْرَتِهِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنْ الطَّرَفَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (20) وَبَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُعَمِّرُ مَطْلُوبَهُ يَأْخُذُ الشَّرِيكَانِ إجَارَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِالِاشْتِرَاكِ بِمِقْدَارِ حِصَصِهِمَا (الْخَانِيَّةُ فِي بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْمَاءِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ بِزِيَادَةٍ) . وَإِذَا كَانَ مُرِيدُ التَّعْمِيرِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَامْتِنَاعِ شَرِيكِهِ عَنْ التَّعْمِيرِ عَمَّرَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَ وَالْأَنْسَبُ لِلْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ أَنْ يُقَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي صَرَفَهُ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَيْ قِيمَةِ التَّعْمِيرِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْ أَنَّ لَهُ إيجَارَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ. اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّالِثَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) . وَإِذَا لَمْ يُرَاجِعْ شَرِيكَهُ وَلَمْ يُطَالِبْهُ بِالتَّعْمِيرِ وَعَمَّرَ بِدُونِ وُقُوعِ امْتِنَاعٍ مِنْ شَرِيكِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1312) قِيلَ هُنَا " قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ " وَقَدْ ذَكَرَ أَثْنَاءَ شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْبِنَاءِ هُنَا التَّعْمِيرُ وَلَيْسَ الْبِنَاءَ الَّذِي أُجْرِيَ فِيهِ التَّعْمِيرُ كَبِنَاءِ الطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَدْ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " قِيمَتِهِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ " عَنْ قِيمَتِهِ وَقْتَ الرُّجُوعِ لِأَنَّ التَّعْمِيرَ الْوَاقِعَ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ قَدْ وَقَعَ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّعْمِيرِ. أَمَّا إذَا عَمَّرَ الْمُعَمِّرُ عَلَى أَنَّ التَّعْمِيرَ مِلْكُهُ فَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الرُّجُوعِ حَيْثُ لَا يَكُونُ قَدْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ لِلشَّرِيكِ وَقْتَ أَخْذِ الْبَدَلِ. (الْحَمَوِيُّ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِمِثْلِهِ) وَتَعَيُّنُ قِيمَةِ وَقْتِ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ أَصْلُ الْبِنَاءِ أَيْ الْحَمَّامُ مَرَّةً قَبْلَ التَّعْمِيرِ أَيْ فِي حَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَمَرَّةً بَعْدَ التَّعْمِيرِ وَيَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قِيمَةَ التَّعْمِيرِ، مَثَلًا إذَا

قُوِّمَتْ قِيمَةُ الْحَمَّامِ قَبْلَ التَّعْمِيرِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقُوِّمَتْ بَعْدَ التَّعْمِيرِ بِسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا كَانَ الشَّرِيكُ الْمُعَمِّرُ شَرِيكًا فِي نِصْفِ الْحَمَّامِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى شَرِيكِهِ نِصْفِ مَا صَرَفَهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ قَدْ صَرَفَ عَلَى التَّعْمِيرِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَيْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْخَمْسَةِ الْآلَافِ الدِّرْهَمِ مِمَّا صَرَفَهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا صَرَفَهُ الْمُعَمِّرُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ الْوَاقِعَةِ كَأَنْ يَكُونَ مَا صَرَفَهُ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ نِصْفُ مَا صَرَفَهُ؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِالثَّانِي وَتَعْمِيرُ الشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ يَقَعُ مِلْكًا لِلشَّرِيكِ بِمُجَرَّدِ التَّعْمِيرِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. وَعِنْدَ الْآخَرِينَ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ وَإِذَا أَخَذَ الْمُعَمِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ فِي التَّعْمِيرِ يَنْتَقِلُ هَذَا التَّعْمِيرُ إلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَلْزَمُ الْقِيمَةُ وَقْتَ التَّعْمِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي تَلْزَمُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الرُّجُوعِ وَبِمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِلُزُومِ الْقِيمَةِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ فَلِلْمُعَمِّرِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ الْخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ (الْحَمَوِيُّ وَالْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ فِي " الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ " بِزِيَادَةٍ) الْخُلَاصَةُ: يُوجَدُ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ فِي التَّعْمِيرَاتِ الْوَاقِعَةِ: (1) أَنْ يُطَابِقَ مَا صُرِفَ عَلَى التَّعْمِيرِ قِيمَتَهُ (2) أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ الصَّرْفِ عَلَى التَّعْمِيرِ أَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ (3) أَنْ يَكُونَ مَا صُرِفَ عَلَى التَّعْمِيرِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَقَدْ بَيَّنْت أَحْكَامَ الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ آنِفًا. الْمَادَّةُ (1314) - (إذَا انْهَدَمَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِالْكُلِّيَّةِ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَأَصْبَحَ عَرْصَةً صِرْفَةً وَأَرَادَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ بِنَاءَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَتُقْسَمُ الْعَرْصَةُ) إذَا انْهَدَمَ الْمِلْكُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بِالْكُلِّيَّةِ كَالطَّاحُونِ وَالْحَمَّامِ وَالْحَائِطِ سَوَاءٌ انْهَدَمَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ احْتَرَقَ أَوْ هَدَمَهُ صَاحِبَاهُ بِالِاتِّفَاقِ وَأَصْبَحَ عَرْصَةً صِرْفَةً وَأَرَادَ أَحَدُ صَاحِبَيْهِ بِنَاءَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (25) وَإِذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ تُقْسَمُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1139) وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنْ يُنْشِئَ مَا يَشَاءُ فِي حِصَّتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1126) وَإِذَا أَنْشَأَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْعَرْصَةِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ بِنَاءً بِلَا إذْنِ الْآخَرِ فَإِذَا أَنْشَأَ الْبِنَاءَ لِنَفْسِهِ فَحُكْمُهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1076) وَإِذَا بَنَاهُ لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ لِلْبِنَاءِ لِإِمْكَانِ تَقْسِيمِ الْعَرْصَةِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ كَأَنْ يَهْدِمَ اثْنَانِ حَائِطَهُمَا الْمُشْتَرَكَ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا بِنَاءَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ وَلَمْ تَكُنْ عَرْصَتُهُ ذَاتَ عَرْضٍ فَلَا يُمْكِنُ لِكُلِّ شَرِيكٍ أَنْ يُنْشِئَ حَائِطًا لَهُ لَدَى التَّقْسِيمِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبِنَاءِ بِالْحَبْسِ وَالتَّضْيِيقِ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (25) وَلَكِنْ لِمُرِيدِ الْبِنَاءِ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي وَيَبْنِيَ الْحَائِطَ وَإِذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَلِلْمُعَمِّرِ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ مُصْرَفِهِ وَلِلْمُعَمِّرِ إيجَارُ الْبِنَاءِ لِآخَرَ وَاسْتِيفَاءُ مُصْرَفِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ. أَمَّا إذَا بَنَى الْمُعَمِّرُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَهُ، وَلَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْقِيمَةِ مِنْ شَرِيكِهِ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِحِينِ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْقِيمَةِ مِنْهُ (الْحَمَوِيُّ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ فِي " الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِضَرَرٍ " وَوَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ) وَإِذَا بَنَى الشَّرِيكُ الْمُعَمِّرُ بِدُونِ أَنْ يُرَاجِعَ شَرِيكَهُ وَيَطْلُبَ مِنْهُ الْإِذْنَ بِالْبِنَاءِ وَيَمْتَنِعَ الشَّرِيكُ عَنْ الْإِذْنِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1311) قِيلَ " بِالْكُلِّيَّةِ " وَ " عَرْصَةٌ صِرْفَةٌ " وَهُمَا قَيْدَانِ احْتِرَازِيَّانِ إذْ إنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ الْبِنَاءِ مَوْجُودًا فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1313) . (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقِسْمَةِ)

الْمَادَّةُ (1315) - (إذَا انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيُّهَا لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيُّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ أَوْ احْتَرَقَتْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَمِّرُ أَبْنِيَتَهُ كَمَا فِي السَّابِقِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ، وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ لِلتَّحْتَانِيِّ: أَنْشِئْ أَبْنِيَتَكَ حَتَّى أُقِيمَ أَبْنِيَتِي فَوْقَهَا فَامْتَنَعَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ فَأَخَذَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي وَأَنْشَأَ التَّحْتَانِيَّ وَالْفَوْقَانِيَّ فَلَهُ مَنْعُ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالتَّحْتَانِيِّ حَتَّى يُعْطِيَهُ حِصَّةَ مُصْرَفِهِ) إذَا انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيُّهَا لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيُّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ أَوْ احْتَرَقَتْ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُعَمِّرُ أَبْنِيَتَهُ كَمَا فِي السَّابِقِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مَنْعُ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ لِلتَّحْتَانِيِّ: أَنْشِئْ أَبْنِيَتَك حَتَّى أُقِيمَ أَبْنِيَتِي فَوْقَهَا فَامْتَنَعَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَعَنُّتًا أَوْ عَجْزًا عَنْ الْإِنْشَاءِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1313) وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ أَحَدٍ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1192) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي وَأَنْ يُنْشِئَ التَّحْتَانِيَّ وَالْفَوْقَانِيَّ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ عَنْ الْبِنَاءِ وَمَعَ أَنَّ إنْشَاءَ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ التَّحْتَانِيَّ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (96) إلَّا أَنَّهُ قَدْ جُوِّزَ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ لِلضَّرُورَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي التَّحْتَانِيِّ مِلْكِ الْغَيْرِ فَسُوِّغَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (الْبَدَائِعُ) فَإِذَا أَنْشَأَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ التَّحْتَانِيَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَهُ مَنْعُ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالتَّحْتَانِيِّ كَالسُّكْنَى وَالِاسْتِغْلَالِ حَتَّى يُعْطِيَهُ حِصَّةَ مُصْرَفِهِ أَيْ الْمُصْرَفِ الَّذِي أُنْفِقَ عَلَى بِنَاءِ التَّحْتَانِيِّ وَيَكُونُ التَّحْتَانِيُّ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ كَرَهْنٍ مُقَابِلُ مَطْلُوبِهِ، وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ وَيَسْتَوْفِيَ حِصَّةَ مُصْرَفِهِ جَبْرًا مِنْ الشَّرِيكِ الْمُمْتَنِعِ وَإِذَا بَنَى صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ التَّحْتَانِيَّ بَعْدَ امْتِنَاعِ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَكِنْ لَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْإِنْشَاءِ وَأَنْ يُمْنَعَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَقْتَ الرُّجُوعِ. اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّالِثَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) وَلَا يَأْخُذُ هَذَا الْمُصْرَفَ جَبْرًا أَمَّا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ صَاحِبَ التَّحْتَانِيِّ وَلَمْ يَثْبُتْ لِذَلِكَ امْتِنَاعُ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ وَبَنَى صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ مِنْ نَفْسِهِ بِنَاءً لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ مُتَبَرِّعًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّة (1311) وَالْإِيضَاحَاتُ الْوَارِدَةُ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الرَّهْنِ بِإِيضَاحٍ) أَمَّا إذَا تَرَكَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ الِانْتِفَاعَ مِنْ تَحْتَانِيِّهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا إجْمَالًا فَيُنْظَرُ: فَإِذَا بَنَى صَاحِبُ

المادة (1316) انهدم حائط مشترك بين جارين وكان عليه حمولة لهما

الْفَوْقَانِيِّ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا صَرَفَهُ جَبْرًا، وَإِذَا بَنَى بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَبْرًا حَيْثُ إنَّ إذْنَ الْقَاضِي يَقُومُ مَقَامَ إذْنِهِ فَيُحَصَّلُ مِنْهُ الْمُصْرَفُ كَدُيُونِهِ الْأُخْرَى. (التَّنْقِيحُ) قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " إذَا هُدِمَ أَوْ احْتَرَقَ، لِأَنَّهُ إذَا هَدَمَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَحْتَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ، أَمَّا إذَا هَدَمَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ فَوْقَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1192) [الْمَادَّةُ (1316) انْهَدَمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَارَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لَهُمَا] الْمَادَّةُ (1316) - (إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَارَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لَهُمَا كَقَصْرٍ أَوْ رُءُوسِ جُذُوعٍ وَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ فَلَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ وَضْعِ حُمُولَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ نِصْفَ مُصْرَفِهِ) إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَارَيْنِ وَكَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لَهُمَا كَقَصْرٍ أَوْ رُءُوسِ جُذُوعٍ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِنَاءَهُ فَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ الْبِنَاءِ تَعَمُّدًا أَوْ عَجْزًا لِفَقْرِهِ، فَإِذَا كَانَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَيُقْسَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1314) ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1313) وَذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الرَّاغِبِ فِي التَّعْمِيرِ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي بِالتَّعْمِيرِ عِنْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ وَأَنْ يَبْنِيَ الْحَائِطَ وَلَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ وَضْعِ حُمُولَةٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ نِصْفَ مُصْرَفِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً أَمَّا إذَا بَنَاهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَا يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ مَا صَرَفَهُ بَلْ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ تِلْكَ الْقِيمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) أَمَّا إذَا لَمْ يُرَاجِعْ شَرِيكَهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ امْتِنَاعُهُ وَلَمْ يَأْخُذْ إذْنًا مِنْ الْقَاضِي بِالْبِنَاءِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1311) وَشَرْحِهَا الْخُلَاصَةُ: إنَّهُ إذَا بَنَى الشَّرِيكُ بِلَا مُرَاجَعَةِ شَرِيكِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَإِذَا بَنَى بَعْدَ مُرَاجَعَةِ شَرِيكِهِ وَامْتِنَاعِهِ وَبِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِذَا بَنَى بِإِذْنِ الْقَاضِي يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ مَا صَرَفَهُ (الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . وَإِذَا بَنَى الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ أَثْنَاءَ غِيَابِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1310) وَتَعْبِيرُ " إذَا انْهَدَمَ " الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الِانْهِدَامِ مِنْ نَفْسِهِ لَيْسَ بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ فَلَوْ هَدَمَ الشَّرِيكَانِ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ بِالِاتِّفَاقِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا أَمَّا إذَا هَدَمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَائِطَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (918) وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْعَرْصَةِ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الْحَائِطِ قَلِيلَةَ الْعَرْضِ وَلَا يُمْكِنُ بِتَقْسِيمِهَا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُنْشِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَائِطًا لِنَفْسِهِ يَتَحَمَّلُ حُمُولَتَهُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ أَيْ لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يُمْكِنُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُنْشِئَ حَائِطًا يَتَحَمَّلُ حُمُولَةَ حِصَّتِهِ كَمَا كَانَ فَيُقْسَمُ أُسُّ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1314) (الْخَانِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْسِيمُ أُسِّ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ إذَا سُحِبَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَهُمَا حِينَ التَّقْسِيمِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْتَفِعَ أَحَدُهُمَا بِحِصَّتِهِ بِعَدَمِ خُرُوجِهَا فِي الْقِسْمِ الْمُجَاوِرِ لِدَارِهِ وَأَنْ يُصِيبَهُ الْقِسْمُ الْآخَرُ إلَّا أَنَّهُ

المادة (1317) انهدم حائط بين دارين فصار يرى من إحداهما مقر نساء الأخرى

لَا جَبْرَ عَلَى الْقُرْعَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1511) . فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعْطِيَ كُلًّا مِنْهُمَا حِصَّتَهُ فِي جِهَةِ دَارِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَإِذَا كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ قَابِلًا لِلتَّقْسِيمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يُقْسَمْ وَبَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَائِطَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ فَحُكْمُهُ قَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1076) كَمَا أَنَّهُ إذَا بَنَاهُ لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ فِيمَا صَرَفَهُ وَمَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ بِزِيَادَةٍ) قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " وَكَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لَهُمَا " يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ لِلشَّرِيكَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَجَلَّةِ 2 - أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حُمُولَةٌ عَلَيْهِ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَطُلِبَتْ الْقِسْمَةُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي هَذَا الْحَالِ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ لِلشَّرِكَةِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ أَمَّا إذَا كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ فَالْأَشْبَهُ أَنْ يَجْرِيَ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْضًا 3 - أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا حُمُولَةٌ وَأَنْ يَكُونَ لِلْآخِرِ حُمُولَةٌ، فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ فَيُقْسَمُ بِالطَّلَبِ. أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ وَبَنَى صَاحِبُ الْحُمُولَةِ فَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ " عِنْدَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ " لِأَنَّهُ لَوْ بَنَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ مَالِهِ لِلشَّرِكَةِ بِأَمْرٍ وَإِذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ فِي الْمُصْرَفِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1309) وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْحَائِطِ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ (الْخَانِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) [الْمَادَّةُ (1317) انْهَدَمَ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ فَصَارَ يُرَى مِنْ إحْدَاهُمَا مَقَرُّ نِسَاءِ الْأُخْرَى] الْمَادَّةُ (1317) - (إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ بَيْنَ دَارَيْنِ فَصَارَ يُرَى مِنْ إحْدَاهُمَا مَقَرُّ نِسَاءِ الْأُخْرَى وَأَرَادَ لِذَلِكَ صَاحِبُ إحْدَى الدَّارَيْنِ تَعْمِيرَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكًا وَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْأُخْرَى فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَلَكِنْ يُجْبَرَانِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى اتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ مِنْ أَخْشَابٍ أَوْ أَشْيَاءَ أُخْرَى) إذَا انْهَدَمَ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ دَارَيْنِ فَصَارَ يُرَى مِنْ إحْدَاهُمَا مَقَرُّ نِسَاءِ الْأُخْرَى وَأَرَادَ لِذَلِكَ صَاحِبُ إحْدَى الدَّارَيْنِ تَعْمِيرَ الْحَائِطِ مُشْتَرَكًا وَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْأُخْرَى فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (25) وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ الْعَرْصَةُ قَابِلَةً لِلتَّقْسِيمِ أَيْ إذَا قُسِمَتْ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلٌّ لِيَتَّخِذَ سُتْرَةً فِي حِصَّتِهِ فَتُقْسَمُ بِالطَّلَبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1314) . أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ فَيُجْبَرَانِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى اتِّخَاذِ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ مِنْ أَخْشَابٍ أَوْ أَشْيَاءَ أُخْرَى لِأَنَّهُ يَجِبُ وُجُودُ سُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَاءِ الْحَائِطِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (22 وَ 1306) . (الْخَانِيَّةُ) وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ صَاحِبَيْ الدَّارِ وَكَانَ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَجْرِي أَيْضًا

المادة (1318) حصل للحائط المشترك وهن وأراد أحدهما نقضه وامتنع الآخر

حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ حَائِطُ دَارِ أَحَدٍ فَأَصْبَحَ يُرَى مِنْ تِلْكَ الدَّارِ مَقَرُّ نِسَاءِ دَارِ جَارِهِ وَلَمْ يَبْنِ صَاحِبُ الْحَائِطِ حَائِطَهُ فَطَلَبَ الْجَارُ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ أَنْ يَتَّخِذَ سُتْرَةً بَيْنَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ وَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى اتِّخَاذِ سُتْرَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (الْخَانِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) [الْمَادَّةُ (1318) حَصَلَ لِلْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَهْنٌ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ] الْمَادَّةُ (1318) - (إذَا حَصَلَ لِلْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ جَارَيْنِ وَهْنٌ وَخِيفَ سُقُوطُهُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُجْبَرُ عَلَى النَّقْضِ وَالْهَدْمِ بِالِاشْتِرَاكِ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى إنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حُمُولَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَصْبَحَ الْحَائِطُ عَلَى خَطَرِ السُّقُوطِ فَتَقَدَّمَ وَنَبَّهَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ حُمُولَةٌ الشَّرِيكَ الَّذِي لَهُ حُمُولَةٌ وَلَمْ يَهْدِمْهُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالتَّنْبِيهِ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَضَرَّ بِالشَّرِيكِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُتَقَدِّمُ فِيهِ نِصْفَ ضَرَرِ شَرِيكِهِ (الْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (928) وَإِذَا هُدِمَ الْحَائِطُ وَنُقِضَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهَلْ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْإِنْشَاءِ؟ وَجَوَابُهُ قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1316) أَمَّا إذَا لَمْ يُخَفْ مِنْ سُقُوطِ الْحَائِطِ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَقْضَهُ لِبِنَائِهِ قَوِيًّا لِيُقِيمَ فَوْقَهُ بِنَاءً وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَيُمْنَعُ مُرِيدُ النَّقْضِ مِنْ النَّقْضِ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْضُ مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ الْآخَرِ أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1310) لِأَنَّ النَّقْضَ الْمَذْكُورَ هُوَ تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (96) . (الْخَانِيَّةُ وَالْخَيْرِيَّةُ وَالْحَمَوِيُّ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ فِي " الضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِضَرَرٍ ") وَإِذَا حَصَلَ وَهْنٌ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لِلشَّرِيكَيْنِ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَخِيفَ سُقُوطُهُ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا رَفْعَهُ وَإِصْلَاحَهُ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَاللَّائِقُ بِالشَّرِيكِ الرَّاغِبِ فِي التَّعْمِيرِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ ضَعْ حُمُولَتَك عَلَى عَمْدَانٍ وَسَأَرْفَعُ الْحَائِطَ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَنْ يُشْهِدَ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا فَإِذَا رَفَعَ الشَّرِيكُ حُمُولَتَهُ فَبِهَا وَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ وَهَدَمَ الشَّرِيكُ الرَّاغِبُ فِي التَّعْمِيرِ الْحَائِطَ وَسَقَطَتْ حُمُولَةُ شَرِيكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ وَإِذَا احْتَاجَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ لِلتَّعْمِيرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ مَسْأَلَةٌ جَمِيلَةٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [الْمَادَّةُ (1319) احْتَاجَ الْعَقَارُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ صَغِيرَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَقْفَيْنِ إلَى التَّعْمِيرِ] الْمَادَّةُ (1319) - (إذَا احْتَاجَ الْعَقَارُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ صَغِيرَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَقْفَيْنِ إلَى التَّعْمِيرِ وَكَانَ إبْقَاؤُهُ عَلَى حَالِهِ مُضِرًّا وَكَانَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ يَطْلُبُ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ. مَثَلًا إذَا كَانَ بَيْنَ دَارَيْ صَغِيرَيْنِ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ خِيفَ سُقُوطُهُ وَأَرَادَ وَصِيُّ أَحَدِهِمَا التَّعْمِيرَ وَأَبَى وَصِيُّ الْآخَرِ فَيُرْسَلُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَمِينٌ وَيَنْظُرُ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِ هَذَا الْحَائِطِ عَلَى حَالِهِ ضَرَرًا فِي حَقِّ الصَّغِيرَيْنِ فَيُجْبَرُ الْوَصِيُّ الْآبِي عَلَى تَعْمِيرِ ذَلِكَ الْحَائِطِ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْوَصِيِّ

الْآخَرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ وَطَلَبَ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ) إذَا احْتَاجَ الْعَقَارُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ صَغِيرَيْنِ أَوْ بَيْنَ وَقْفَيْنِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِذَا تَحَقَّقَ بِمُشَاهَدَةِ أَرْبَابِ الْوُقُوفِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ الْقَاضِي لِلْكَشْفِ أَنَّ بَقَاءَهُ عَلَى حَالِهِ مُضِرٌّ وَكَانَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ يَطْلُبُ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى التَّعْمِيرِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَقِيسَةٍ عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1312) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقِسْمَة) وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الشَّرِيكُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ التَّعْمِيرِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ لِرِضَائِهِ بِلُحُوقِ الضَّرَرِ بِمَالِهِ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَالْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ الْمُمْتَنِعُ عَنْ التَّعْمِيرِ يُرِيدُ إدْخَالَ الضَّرَرِ إلَى الصَّغِيرِ أَوْ إلَى الْوَقْفِ فَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ (الْبَحْرُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى فِي الْقَضَاءِ عَنْ الْوَصَايَا الْخَانِيَّةِ) . مَثَلًا إذَا كَانَ بَيْنَ دَارَيْ صَغِيرَيْنِ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ خِيفَ مِنْ سُقُوطِهِ وَأَرَادَ وَصِيُّ أَحَدِهِمَا التَّعْمِيرَ وَأَبَى وَصِيُّ الْآخَرِ عَنْ التَّعْمِيرِ، فَيُرْسَلُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَمِينٌ وَيَنْظُرُ: فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ فِي تَرْكِ هَذَا الْحَائِطِ عَلَى حَالِهِ ضَرَرًا فِي حَقِّ الصَّغِيرَيْنِ فَيُجْبَرُ الْوَصِيُّ الْآبِي عَنْ التَّعْمِيرِ عَلَى تَعْمِيرِ ذَلِكَ الْحَائِطِ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ وَصِيِّ الْآخَرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِثَالُهَا يَجْرِي أَيْضًا فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ كَثِيرِينَ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَدْ ذَكَرْت صُورَةَ مَا إذَا كَانَ تَرْكُ التَّعْمِيرِ مُضِرًّا بِالصَّغِيرَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ بِأَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ فَقَطْ كَأَنْ تَكُونَ حُمُولَةُ الْحَائِطِ لِأَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ فَاللَّائِقُ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى التَّعْمِيرِ إذَا كَانَ الْآبِي هُوَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ الْمُتَضَرِّرِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرٍ وَبَالِغٍ وَكَانَ الضَّرَرُ بِالْبَالِغِ فَلَا يُجْبَرُ الْبَالِغُ عَلَى التَّعْمِيرِ، أَمَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ لِلصَّبِيِّ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُجْبَرَ وَصِيُّ الصَّبِيِّ عَلَى التَّعْمِيرِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مُحْتَاجَةٌ لِلتَّعْمِيرِ وَطَلَبَ أَحَدُ الْمُتَوَلِّيَيْنِ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ عَنْ التَّعْمِيرِ يُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ وَقْفٍ وَمِلْكٍ فَإِذَا كَانَ تَرْكُ التَّعْمِيرِ مُوجِبًا لِضَرَرِ صَاحِبِ الْمِلْكِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّعْمِيرِ وَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْوَقْفِ وَامْتَنَعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَنْ التَّعْمِيرِ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ عَلَى التَّعْمِيرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ غَلَّةٌ لِلْوَقْفِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَدِينَ لِلْوَقْفِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَصْرِفَهُ عَلَى التَّعْمِيرِ (الْخَيْرِيَّةُ) فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَسْتَدِينَ لِلْوَقْفِ مِنْ نَفْسِهِ بِلَا رَأْيِ الْقَاضِي مَثَلًا إذَا كَانَتْ مُسْتَغَلَّاتُ وَقْفٍ مُحْتَاجَةً لِلتَّعْمِيرِ وَلَمْ تُوجَدْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَدِينَ

المادة (1320) حيوان مشتركا بين اثنين وأبى أحدهما إعاشته وراجع الآخر القاضي

لِلْوَقْفِ بِإِذْنِ الْقَاضِي بِلَا رِبْحٍ وَإِذَا لَمْ تُمْكِنْ الِاسْتِدَانَةُ لِلْوَقْفِ بِلَا رِبْحٍ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَدِينَ نُقُودًا بِالرِّبْحِ عَلَى وَجْهِ الْمُعَامَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِرَأْيِ الْقَاضِي وَأَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى تَعْمِيرِ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى غَلَّةِ الْوَقْفِ بِأَصْلِ الدَّيْنِ وَالرِّبْحِ. كَذَلِكَ لَوْ صَرَفَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ قَدْرًا مَعْرُوفًا عَلَى تَعْمِيرِ الْوَقْفِ بِرَأْيِ الْقَاضِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَصْرُوفَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ، إذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَلِوَرَثَتِهِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي الَّذِي نُصِّبَ مَحَلَّ مُوَرِّثِهِمْ بَعْدَ الثُّبُوتِ أَمَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِيَّتِهِ شَرْطًا يُجِيزُ لِلْمُتَوَلِّي الِاسْتِدَانَةَ لِلْوَقْفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلِلْمُتَوَلِّي الِاسْتِدَانَةُ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي (أَحْكَامُ الْأَوْقَافِ) . [الْمَادَّةُ (1320) حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا إعَاشَتَهُ وَرَاجَعَ الْآخَرُ الْقَاضِيَ] الْمَادَّةُ (1320) - (إذَا كَانَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا إعَاشَتَهُ وَرَاجَعَ الْآخَرُ الْقَاضِيَ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْآبِيَ بِقَوْلِهِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ حِصَّتَك وَإِمَّا أَنْ تُعَيِّشَ الْحَيَوَانَ مُشْتَرَكًا) إذَا كَانَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا إعَاشَتَهُ وَرَاجَعَ الْآخَرُ الْقَاضِيَ لِيَأْمُرَ شَرِيكَهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى لَا يَكُونَ مُتَبَرِّعًا بِمَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْحَيَوَانِ فَيَأْمُرَ الْقَاضِي الْآبِيَ إعَاشَةَ الْحَيَوَانِ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِقَوْلِهِ: إمَّا أَنْ تَبِيعَ حِصَّتَك لِمَنْ شِئْت بِالثَّمَنِ الَّذِي تُرِيدُهُ وَإِمَّا أَنْ تُعَيِّشَ الْحَيَوَانَ مُشْتَرَكًا. وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّة (7201) أَنْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُجْبِرَ شَرِيكَهُ بِقَوْلِهِ: بِعْنِي حِصَّتَك أَوْ اشْتَرِ حِصَّتِي، إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ لَا تُنَافِي تِلْكَ الْمَادَّةَ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ الْوَارِدَ هُنَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُشَارِكِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْبَيْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ الْإِجْبَارُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ وَمَعَ أَنَّهُ فِي الْمَوَادِّ (1313 وَ 1314 وَ 1315) لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْإِنْفَاقِ إلَّا أَنَّهُ يُجْبَرُ هُنَا، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْحَيَوَانِ مُتَصَدٍّ لِإِتْلَافِ حَقِّ شَرِيكِهِ فَجَازَ الْأَمْرُ وَالْإِجْبَارُ عَلَى الْإِنْفَاقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1192) أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ ضَرُورَةٌ عَلَى الْإِجْبَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ فَيَجُوزُ الْإِجْبَارُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (21) فَإِذَا لَمْ يُصْغِ الشَّرِيكُ لِأَمْرِ الْقَاضِي فَلِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَ الشَّرِيكَ الَّذِي يُرَاجِعُهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ. وَالْإِنْفَاقُ عَلَى الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ زَرْعٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمَا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إسْقَائِهِ فَإِذَا رَاجَعَ الْآخَرُ الْقَاضِيَ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي الْآبِيَ عَلَى الْإِنْفَاقِ أَمَّا إذَا صَرَفَ الشَّرِيكُ عَلَى ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ الزَّرْعِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِدُونِ أَمْرٍ وَإِذْنٍ مِنْ

الْقَاضِي فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ، اُنْظُرْ الْأَصْلَ الثَّانِيَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1308) وَإِذَا رَاجَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقَاضِيَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَى الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الشَّرِيكَ الْآبِيَ بِالْإِنْفَاقِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَوَادِّ (1313 وَ 1314 وَ 1315) وَإِذَا أَبَى وَعَانَدَ الشَّرِيكُ الْمَأْمُورُ فِي الْإِنْفَاقِ بَعْدَ الْأَمْرِ فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الرَّاغِبَ فِي الْإِنْفَاقِ بِالصَّرْفِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ عَلَى شَرِيكِهِ الْمُمْتَنِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُصْرَفِ، وَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْمُمْتَنِعَ بِالْإِنْفَاقِ فَامْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ بَعْدَ الْأَمْرِ وَتَلِفَ الزَّرْعُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، أَمَّا إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي وَتَلِفَ الزَّرْعُ فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (93) (الْحَمَوِيُّ فِي الْقِسْمَةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قَبْلَ الْوَقْفِ وَالطُّورِيُّ) .

(الفصل الثاني) في كري النهر والمجاري وإصلاحها

[ (الْفَصْلُ الثَّانِي) فِي كَرْيِ النَّهْرِ وَالْمَجَارِي وَإِصْلَاحِهَا] [ (الْمَادَّةُ 1321) كَرْيُ النَّهْرِ غَيْرٍ الْمَمْلُوكِ أَوْ إصْلَاحُهُ أَيْ تَطْهِيرُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ] الْكَرْيُ: بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، كَالْحَفْرِ وَزْنًا وَمَعْنًى وَيُفَسَّرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ بِالتَّطْهِيرِ الْمَادَّةُ (1321) - (كَرْيُ النَّهْرِ غَيْرٍ الْمَمْلُوكِ أَوْ إصْلَاحُهُ أَيْ تَطْهِيرُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سَعَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَيُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى تَطْهِيرِهِ) كَرْيُ النَّهْرِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ غَيْرِ الدَّاخِلِ فِي الْمُقَاسَمِ كَنَهْرِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ وَإِصْلَاحُ مُسَنَّاتِهِ أَيْ تَطْهِيرُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ كَرْيَ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَإِصْلَاحَهُ هُوَ لِحِفْظِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْ مَجْرَاهُ الْقَدِيمِ وَتَخْرَبَ الْقُرَى وَالْمَزَارِعُ، كَمَا أَنَّ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ هُوَ مُعَدٌّ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ فَلَزِمَتْ مَئُونَةُ كَرْيِهِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَيَجِبُ الْقِيَامُ بِهَذِهِ الْمَئُونَةِ مِنْ وَارِدَاتِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ قِسْمِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ مِنْ قِسْمِ الْعُشُورِ وَالصَّدَقَاتِ (الزَّيْلَعِيّ وَالطُّورِيُّ) لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَ لِلنَّوَائِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَامْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ تَطْهِيرِهِ بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ فَيُجْبَرُ النَّاسُ عَلَى تَطْهِيرِهِ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْكَرْيِ ضَرَرًا عَظِيمًا عَلَى النَّاسِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا وَإِنْفَاقُ الْعَوَامّ بِاخْتِيَارِهِمْ عَلَى الْمَنَافِعِ وَالْمَصَالِحِ نَادِرٌ، فَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ النَّاظِرِ عَلَى مَنَافِعِ وَمَصَالِحِ الْعَامَّةِ أَنْ يُجْبِرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَظِيرِ ذَلِكَ (لَوْ تُرِكْتُمْ لَبِعْتُمْ أَوْلَادَكُمْ) فَإِذَا أُجْبِرَ النَّاسُ عَلَى التَّطْهِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُجْبَرُ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ بِالِاشْتِغَالِ بِنَفْسِهِ وَيُجْبَرُ الْأَغْنِيَاءُ غَيْرُ الْقَادِرِينَ عَلَى الْعَمَلِ عَلَى دَفْعِ نَفَقَةِ الْعَامِلِينَ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا يَفْعَلُهُ فِي تَجْهِيزِهِ الْجُيُوشَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مَنْ كَانَ يُطِيقُ الْقِتَالَ وَتُجْعَلُ مَئُونَتُهُمْ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1322) تَطْهِيرُ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ] الْمَادَّةُ (1322) - (تَطْهِيرُ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى أَصْحَابِهِ أَيْ عَلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الشِّرْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ أَصْحَابُ حَقِّ الشَّفَةِ فِي مَئُونَةِ الْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ) تَطْهِيرُ النَّهْرِ الْمَمْلُوكِ الْمُشْتَرَكِ أَيْ الدَّاخِلِ فِي مَقَاسِمَ عَلَى أَصْحَابِهِ أَيْ عَلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الشِّرْبِ فِي ذَلِكَ النَّهْرِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ خَاصَّةً بِهِمْ فَغَرَامَتُهُ أَيْضًا عَلَيْهِمْ (الزَّيْلَعِيّ) اُنْظُرْ مَادَّةَ (78) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ أَصْحَابُ حَقِّ الشَّفَةِ فِي مَئُونَةِ الْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ، وَيَثْبُتُ عَدَمُ التَّشْرِيكِ هَذَا عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ: 1 - تَلْحَقُ الْمَئُونَةُ الْمَالِكَ وَلَا تَلْحَقُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ لِطَرِيقِ الْإِبَاحَةِ كَأَصْحَابِ حَقِّ الشَّفَةِ

2 - إنَّ جَمِيعَ الْعَالَمِ مُشْتَرِكُونَ فِي حَقِّ الشَّفَةِ فَتَشْرِيكُ قَوْمٍ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَهَؤُلَاءِ فِي الْمَئُونَةِ مُحَالٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 3 - إنَّ أَصْحَابَ حَقِّ الشَّفَةِ أَتْبَاعٌ، وَأَصْحَابَ حَقِّ الشِّرْبِ أُصُولٌ فَالْمَئُونَةُ تَجِبُ عَلَى الْأُصُولِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَتْبَاعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ يَجِبُ تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ عَلَى مَالِكِي رَقَبَتِهَا وَلَيْسَ عَلَى الْأَتْبَاعِ أَيْ مَنْ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1327) الْمَادَّةُ (1323) - (إذَا طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ تَطْهِيرَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَأَبَى الْبَعْضُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ النَّهْرُ عَامًّا فَيُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْكَرْيِ مَعَ الْآخَرِينَ وَإِذَا كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا فَالطَّالِبُونَ يَكْرُونَ ذَلِكَ النَّهْرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَمْنَعُونَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْكَرْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ النَّهْرِ) إذَا طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ تَطْهِيرَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَمْلُوكِ أَيْ كَرْيَهُ وَإِصْلَاحَهُ وَأَبَى الْبَعْضُ التَّطْهِيرَ يُنْظَرُ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّهْرُ الْمَذْكُورُ عَامًّا مِنْ وَجْهٍ وَخَاصًّا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَوْ خَاصًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالنَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ خَاصٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالنَّهْرُ الَّذِي لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ النَّهْرُ عَامًّا فَيُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْكَرْيِ مَعَ الْآخَرِينَ بِالِاشْتِرَاكِ وَلَا يَلْزَمُ بَيْتَ الْمَالِ كَرْيُهُ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ خَاصَّةٌ بِأَصْحَابِهِ وَلِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) وَيُوَضَّحُ تَفْرِيعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمَادَّةِ (26) بِالْوَجْهِ الْآتِي: إنَّ فِي تَرْكِ كَرْيِ النَّهْرِ الْعَامِّ ضَرَرًا عَلَى الشُّرَكَاءِ فَهُوَ ضَرَرٌ عَامٌّ، وَإِجْبَارُ الشَّرِيكِ الْآبِي عَلَى الْكَرْيِ ضَرَرٌ خَاصٌّ فَلَزِمَ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا أُجْبِرَ الْآبِي عَلَى الْكَرْيِ فَسَيَنْتَفِعُ مُقَابِلَ عَمَلِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِالْإِجْبَارِ وَعَلَيْهِ فَالْإِجْبَارُ الْوَاقِعُ هُنَا أَصْبَحَ فَرْعًا لِلْمَادَّةِ (20) بِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْمُلَاحَظَةِ (الزَّيْلَعِيّ) وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ خَاصًّا فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى التَّطْهِيرِ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْآخَرِينَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَامٌّ بَلْ فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ الشُّرَكَاءِ وَلَا يُخْتَارُ لِدَفْعِهِ ضَرَرٌ خَاصٌّ بِإِجْبَارِ الْآبِي لِأَنَّ كِلَا الضَّرَرَيْنِ خَاصٌّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) بَلْ إنَّ الشُّرَكَاءَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ التَّطْهِيرَ قَادِرُونَ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِدُونِ إضْرَارِ الْمُمْتَنِعِ وَذَلِكَ: أَنْ يَكْرِيَ الطَّالِبُونَ ذَلِكَ النَّهْرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيُمْنَعُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْكَرْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِحَقِّ الشِّرْبِ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُصْرَفِ فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ بَعْضُ

(المادة 1324) امتنع كافة أصحاب حق الشرب من كري النهر المشترك

الطَّرَفِ الْأَعْلَى مِنْ الْجَدْوَلِ الَّذِي يَجْرِي مَاؤُهُ أَوَّلًا إلَى طَاحُونِ أَحَدٍ ثُمَّ إلَى طَوَاحِينَ آخَرِينَ وَاحْتَاجَ لِلْكَرْيِ وَالْإِصْلَاحِ وَطَلَبَ صَاحِبُ الطَّاحُونِ الْأَوَّلِ مِنْ شُرَكَائِهِ إصْلَاحَ الْجَدْوَلِ مُشْتَرَكًا فَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَصَرَفَ صَاحِبُ الطَّاحُونِ الْأُولَى بِأَمْرِ الْقَاضِي قَدْرًا مَعْرُوفًا كَذَا دِرْهَمًا وَكَرَى وَأَصْلَحَ الْجَدْوَلَ فَلَهُ مَنْعُ الْآخَرِينَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ حَتَّى يُؤَدُّوهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَصَهُمْ مِنْ الْمُصْرَفِ " عَلِيٌّ أَفَنْدِي " سُؤَالٌ - حَيْثُ إنَّ فِي كَرْيِ وَتَطْهِيرِ النَّهْرِ الْخَاصِّ إحْيَاءً لِحُقُوقِ أَصْحَابِ حَقِّ الشَّفَةِ وَفِي تَرْكِ التَّطْهِيرِ ضَرَرٌ عَامٌّ فَيَجِبُ حَسَبَ قَاعِدَةِ " يُخْتَارُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ " إجْبَارُ الْمُمْتَنِعِ عَنْ الْكَرْيِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي التَّطْهِيرِ؟ الْجَوَابُ - لَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ الْكَرْيِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تَعْطِيلَ حَقِّ الشَّفَةِ ضَرَرٌ عَامٌّ أَيْ لَا إجْبَارَ مِنْ أَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الشَّفَةِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ جَمِيعُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ عَنْ كَرْيِ النَّهْرِ الْخَاصِّ لَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْكَرْيِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَمْتَنِعُونَ عَنْ إعْمَارِ أَرَاضِيهِمْ فَلَوْ كَانَ حَقُّ أَهْلِ الشَّفَةِ مُعْتَبَرًا لَأُجْبِرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْكَرْيِ (الزَّيْلَعِيّ) قِيلَ " بِإِذْنِ الْقَاضِي " وَلَكِنْ لَوْ طَالَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ بِالْكَرْيِ فَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ عَنْ الْكَرْيِ فَكَرَى النَّهْرَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي فَلِلشَّرِيكِ الْكَارِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَمْنَعَ شَرِيكَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالنَّهْرِ حَتَّى يَدْفَعَ حِصَّتَهُ مِنْ مُصْرَفِ الْكَرْيِ. وَهَذَا الْقَوْلُ مُوَافِقٌ لِلْمَسَائِلِ الَّتِي بُيِّنَتْ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1313) أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ عَنْ تَعْمِيرِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَعَمَّرَهُ الشُّرَكَاءُ الْآخَرُونَ بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَلِلشُّرَكَاءِ الْمُعَمِّرِينَ الْحَقُّ بِأَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الشَّرِيكِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ وَقْتَ التَّعْمِيرِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إذَا كَرَى الشَّرِيكُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ شَرِيكِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ. وَقَدْ بَيَّنَ رَدُّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ قَدْ رُجِّحَ هَذَا الرَّأْيُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (التَّبْيِينُ وَالْهِدَايَةُ) كَمَا أَنَّهُ قَدْ أَفْتَى فِي الْبَهْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ ذَكَرَ آنِفًا أَنَّهُ يَرَى أَنَّ بَيَانَ الْمَجَلَّةِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَذَلِكَ إذَا عَمَّرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ النَّهْرَ الْمُشْتَرَكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي وَبِدُونِ مُرَاجَعَةِ الشَّرِيكِ وَثُبُوتِ امْتِنَاعِهِ عَنْ التَّعْمِيرِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. وَمُجْمَلُ الْقَوْلِ الثَّانِي هُوَ هَذَا، أَمَّا إذَا كَرَى الشَّرِيكُ النَّهْرَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي بَعْدَ مُرَاجَعَةِ شَرِيكِهِ فَتَحَقَّقَ امْتِنَاعُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ، وَالْمَقْصُودُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ هُوَ هَذَا. [ (الْمَادَّةُ 1324) امْتَنَعَ كَافَّةُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مِنْ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ] الْمَادَّةُ (1324) - (إذَا امْتَنَعَ كَافَّةُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مِنْ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِذَا كَانَ نَهْرًا عَامًّا فَيُجْبَرُونَ كَذَلِكَ عَلَى الْكَرْيِ وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَلَا يُجْبَرُونَ) إذَا امْتَنَعَ كَافَّةُ أَصْحَابِ حَقِّ الشِّرْبِ مِنْ كَرْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي هُوَ مِلْكُهُمْ فَإِذَا

(المادة 1335) كان لأحد محل على ضفة نهر عام ولا يوجد طريق آخر يمر منه لأجل الاحتياجات

كَانَ عَامًّا فَيُجْبَرُونَ كَذَلِكَ أَيْ كَالْحُكْمِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فِي حَالَةِ امْتِنَاعِ بَعْضِهِمْ عَنْ الْكَرْيِ عَلَى الْكَرْيِ، وَلَا يَشْتَرِكُ أَهْلُ الشَّفَةِ فِي مَئُونَةِ الْكَرْيِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1322) وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَلَا يُجْبَرُونَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1192) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1335) كَانَ لِأَحَدِ مَحِلّ عَلَى ضِفَّة نَهْر عَام وَلَا يُوجَد طَرِيق آخِر يَمُرّ مِنْهُ لأجل الِاحْتِيَاجَات] الْمَادَّةُ (1335) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ مَحَلٌّ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ عَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ أَوْ مَمْلُوكًا وَكَانَ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ آخَرُ يُمَرُّ مِنْهُ لِأَجْلِ الِاحْتِيَاجَاتِ كَشُرْبِ الْمَاءِ وَكَرْيِ النَّهْرِ فَلِلْعَامَّةِ الْمُرُورُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ مَحَلٌّ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ عَامٍّ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ وَهُوَ الْمُنَوَّهُ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ (1321) أَوْ مَمْلُوكًا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (1322) وَكَانَ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ آخَرُ يُمَرُّ مِنْهُ مِنْ أَجْلِ الِاحْتِيَاجَاتِ كَشُرْبِ الْمَاءِ وَكَرْيِ النَّهْرِ فَلِلْعَامَّةِ الْمُرُورُ مِنْ ذَلِكَ الْمَحَلِّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الْمَنْعُ مِنْ الْمُرُورِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1225) وَفِي الْمَادَّةِ (1226) أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ بِلَا إذْنٍ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَمْلِكُ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (96) مِنْ الْمَجَلَّةِ وَتَجْوِيزُ الْمُرُورِ هُنَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَاعِدَةِ " يُخْتَارُ الضَّرَرُ الْخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ " (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ بِالْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 1326) تَبْتَدِئُ مَئُونَةُ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِصْلَاحِهِ مِنْ الْأَعْلَى] الْمَادَّةُ (1326) - (تَبْتَدِئُ مَئُونَةُ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِصْلَاحِهِ مِنْ الْأَعْلَى وَيَشْتَرِكُ فِي الِابْتِدَاءِ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي ذَلِكَ فَعِنْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الَّذِي فِي الطَّرَفِ الْأَعْلَى مِنْ النَّهْرِ يَخْلُصُ وَهَكَذَا يُنْزَلُ إلَى أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (87) . مَثَلًا إذَا لَزِمَ كَرْيُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَمَصَارِفُ أَعْلَى حِصَّةِ شَرِيكٍ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهَا تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَمَا بَعْدَهَا عَلَى التِّسْعَةِ وَإِذَا مَرَّ مِنْ أَرَاضِي الثَّانِي فَعَلَى الثَّمَانِيَةِ ثُمَّ يُسَارُ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ فِي جَمِيعِ الْمُصْرَفِ وَيُقَوَّمُ فِي الْآخَرِ بِمُصْرَفِ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُصْرَفُ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْعُلْوِ أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ أَكْثَرَ مِنْ الْجَمِيعِ) تَبْتَدِئُ مَئُونَةُ أَيْ مَصَارِفُ كَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَإِصْلَاحِهِ مِنْ الْأَعْلَى وَيَشْتَرِكُ فِي الِابْتِدَاءِ جَمِيعُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي الْمُصْرَفِ وَالْمَئُونَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ حَقِّ الشِّرْبِ مُحْتَاجٌ لِكَرْيِ النَّهْرِ مِنْ الْأَعْلَى لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى أَرْضِهِ فَعِنْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزُ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الَّذِي فِي الطَّرَفِ الْأَعْلَى مِنْ النَّهْرِ يَخْلُصُ ذَلِكَ الشَّرِيكُ مِنْ الْمَئُونَةِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْكَرْيِ الِانْتِفَاعُ

بِالسَّقْيِ وَبِتَجَاوُزِ الْكَرْيِ أَرَاضِيَهُ يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصِدُ وَلَيْسَ لَهُ فِي كَرْيِ وَإِصْلَاحِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَئُونَةِ الَّتِي تُصْرَفُ بَعْدَ ذَلِكَ. سُؤَالٌ - إنَّ هَذَا الشَّرِيكَ مُحْتَاجٌ لِكَرْيِ النَّهْرِ فِي الْقِسْمِ الْأَسْفَلِ مِنْ أَرْضِهِ لِتَصْرِيفِ الْمَاءِ الزَّائِدِ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ سَدُّ فَمِ النَّهْرِ مِنْ الْأَعْلَى فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ بِدَفْعِ مَئُونَةِ الْقِسْمِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّهْرِ. وَخَلَاصُ الشَّرِيكِ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِهِ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَمِيعُ الشُّرَكَاءِ مُتَشَارِكُونَ فِي مَئُونَةِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي فِي الْأَعْلَى مَجْبُورٌ عَلَى تَصْرِيفِ مِيَاهِهِ لِلْأَسْفَلِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ صَاحِبَ الْحِصَّةِ الْأُولَى يَتَخَلَّصُ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الِانْتِفَاعُ بِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَبِحَقِّ الشِّرْبِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْكَرْيِ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ تُهْمَةٌ بِأَنَّ حَقَّ الشِّرْبِ مُنْحَصِرٌ فِيهِ وَأَنْ لَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ حِصَّةٌ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ نَفْيًا لِهَذِهِ التُّهْمَةِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ السَّقْيِ وَالِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ التُّهْمَةَ لَا تَسْلُبُ حَقًّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ وَهَكَذَا يُنْزَلُ إلَى أَسْفَلِ النَّهْرِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ كَرْيِ الْجَدْوَلِ الَّذِي يَمُرُّ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الْوَاقِعَةِ أَرَاضِيهِ فِي أَعْلَى النَّهْرِ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُونَ وَيَغْرَمُونَ مَئُونَةَ الْكَرْيِ، وَإِذَا مَرَّ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الْوَاقِعَةِ أَرَاضِيهِ فِي الْأَعْلَى فَلَا يَبْقَى لَهُ انْتِفَاعٌ وَاغْتِنَامٌ فِي الْجِهَةِ السُّفْلَى مِنْ النَّهْرِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْرَمَ شَيْئًا مِنْ الْمَئُونَةِ وَتَلْزَمُ الْمَئُونَةُ غَيْرَهُ وَيُسَارُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إلَى الْآخَرِ. وَسَبَبُ قَوْلِهِ " فَعِنْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْ أَرَاضِيهِ " وَقَوْلِهِ مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي " إلَى مُنْتَهَى أَرَاضِيهِ، هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَمُ جَدْوَلِ الشَّرِيكِ الَّذِي فِي الْأَعْلَى فِي مُنْتَصَفِ أَرَاضِيهِ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْمَئُونَةِ بِتَجَاوُزِ الْكَرْيِ فَمَ جَدْوَلِهِ بَلْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْمَئُونَةِ إلَى مُنْتَهَى أَرَاضِيهِ لِأَنَّ لِهَذَا الشَّرِيكِ أَنْ يَتَّخِذَ فَمًا لِجَدْوَلِهِ فِي الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَخْصُوصٌ بِالنَّهْرِ الْخَاصِّ أَمَّا إذَا كَانَ النَّهْرُ نَهْرًا عَامًّا فَإِذَا وَصَلَ الْكَرْيُ إلَى فَمِ نَهْرِ قَرْيَةٍ فَيَخْلُصُ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ مِنْ مَئُونَةِ الْكَرْيِ مَثَلًا إذَا لَزِمَ كَرْيُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَمَصَارِفُ أَعْلَى حِصَّةِ شَرِيكٍ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهَا تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَبِمَا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى لِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي أَعْلَى النَّهْرِ مَنْفَعَةٌ فِي أَرَاضِيهِ فَيَبْرَأُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْمَصَارِفِ فَعَلَى التِّسْعَةِ، وَإِذَا مُرَّ عَنْ أَرَاضِي الثَّانِي فَيَبْرَأُ هُوَ أَيْضًا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُصْرَفِ يَكُونُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ، وَإِذَا مُرَّ عَنْ أَرَاضِي الثَّالِثِ فَيَكُونُ الْمُصْرَفُ عَلَى السَّبْعَةِ

(المادة 1327) مئونة نزح المجارير المشتركة

وَثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى السِّتَّةِ فَالْخَمْسَةِ وَيُسَارُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ أَيْ يَدْفَعُ الْجَمِيعُ حَتَّى تُجَاوِزَ الشَّرِيكَ الْأَوَّلَ عُشْرُ الْمُصْرَفِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمْ تُسْعَ الْمُصْرَفِ وَيُرَاعَى هَذَا التَّرْتِيبُ إلَى الْآخِرِ. وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ فِي جَمِيعِ الْمُصْرَفِ وَيُقَوَّمُ فِي الْآخَرِ بِمُصْرَفِ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ لِأَنَّ هَذَا الشَّرِيكَ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ مِنْ النَّهْرِ مَا لَمْ يَصِلْ التَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ إلَى أَرَاضِيهِ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مُصْرَفُ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي أَقْصَى الْعُلْوِ أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ أَكْثَرَ مِنْ الْجَمِيعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . [ (الْمَادَّةُ 1327) مَئُونَةُ نَزْحِ الْمَجَارِيرِ الْمُشْتَرَكَةِ] الْمَادَّةُ (1327) - (مَئُونَةُ نَزْحِ الْمَجَارِيرِ الْمُشْتَرَكَةِ تَبْتَدِئُ مِنْ الْأَسْفَلِ فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ الْمَجْرُورِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَةِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى وَكُلَّمَا تَجُوزُ مِنْهُ إلَى مَا فَوْقَهُ يَبْرَأُ صَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ وَهَكَذَا يَبْرَءُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا وَصَاحِبُ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا يَعْمَلُ حِصَّتَهُ وَحْدَهُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ مُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) مَئُونَةُ نَزْحِ الْمَجَارِيرِ الْمُشْتَرَكَةِ تَبْتَدِئُ مِنْ الْأَسْفَلِ بِعَكْسِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَجْرُورِ مُحْتَاجٌ إلَى مَا بَعْدَ أَرَاضِيهِ أَيْ إلَى أَسْفَلِهَا لِتَسْيِيلِ أَوْسَاخِ دَارِهِ أَوْ الْأَمْطَارِ الَّتِي تَقَعُ فِي أَرَاضِيهِ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى أَعْلَاهُ. أَمَّا صَاحِبُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى أَعْلَاهُ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى أَسْفَلِهِ. فَيَشْتَرِكُ الْجَمِيعُ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ الْمَجْرُورِ الْوَاقِعِ فِي عَرْصَةِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِمْ مِنْ هُنَاكَ وَكُلَّمَا تَجُوزُ مِنْهُ إلَى مَا فَوْقَهُ يَبْرَأُ صَاحِبُ تِلْكَ الْحِصَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَجْرِي أَوْسَاخُ صَاحِبِ تِلْكَ الْحِصَّةِ إلَى مَا فَوْقُ وَهَكَذَا يَبْرَءُونَ وَاحِدًا وَاحِدًا أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، وَصَاحِبُ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا يَعْمَلُ حِصَّتَهُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) مَثَلًا إذَا أُرِيدَ نَزْحُ مَجْرُورٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَمُصْرَفُ الْمَجْرُورِ الَّذِي يَجْرِي فِي عَرْصَةِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى إلَى مَصَبِّهِ تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَمَا فَوْقَهُ فَعَلَى التِّسْعَةِ وَإِذَا تَجَاوَزَ الْمَجْرُورُ عَرْصَةَ الثَّانِي فَيُقْسَمُ الْمُصْرَفُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَيَجْرِي الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ مُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ السُّفْلَى أَقَلَّ مِنْ الْجَمِيعِ وَمُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْعُلْيَا أَكْثَرَ مِنْهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1328) تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ] الْمَادَّةُ (1328) - (تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْضًا يَبْدَأُ مِنْ الْأَسْفَلِ كَالْمَجَارِيرِ وَيُعْتَبَرُ فَمُهُ أَيْ مَدْخَلُهُ أَسْفَلَ وَمُنْتَهَاهُ أَعْلَى وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مَدْخَلِهِ

فِي مَصَارِفِ التَّعْمِيرِ الْعَائِدَةِ إلَى حِصَّتِهِ أَمَّا صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَاهُ فَعَدَا عَنْ اشْتِرَاكِهِ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تُعْمَلُ حِصَّتُهُ وَحْدَهُ) تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ أَيْضًا يَبْدَأُ مِنْ الْأَسْفَلِ كَالْمَجَارِيرِ بِعَكْسِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَيُعْتَبَرُ فَمُهُ أَيْ مَدْخَلُهُ وَطَرَفُهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَسْفَلَ وَمُنْتَهَاهُ أَعْلَى، وَيَشْتَرِكُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مَدْخَلِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ الْآخَرِينَ فِي مَصَارِفِ التَّعْمِيرِ الْعَائِدَةِ إلَى حِصَّتِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مَدْخَلِ الطَّرِيقِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِالْقِسْمِ الْأَعْلَى مِنْ حِصَّتِهِ حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُرُورُ إلَى تِلْكَ الْجِهَةِ. مَثَلًا: إذَا أُرِيدَ تَعْمِيرُ طَرِيقٍ خَاصٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَجَمِيعُ مَصَارِفِ الْقِطْعَةِ الْعَائِدَةِ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُنْتَهَى الْأَسْفَلِ حَتَّى دَارِهِ - أَيْ بَابِ دَارِهِ وَإِذَا كَانَ لَهُ حَائِطٌ أَوْ عَرْصَةٌ فَوْقَ بَابِ الدَّارِ فَإِلَى نِهَايَةِ الْعَرْصَةِ - عَائِدَةٌ عَلَى جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ عَلَى اخْتِلَافٍ سَبَقَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1182) وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتُقْسَمُ عَلَى التِّسْعَةِ وَبَعْدَ الْمُرُورِ عَنْ دَارِ الثَّانِي فَتُقْسَمُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، أَمَّا صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّتِي فِي مُنْتَهَاهُ فَعَدَا عَنْ اشْتِرَاكِهِ فِي مُصْرَفِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْمَلُ حِصَّتَهُ وَحْدَهُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ مُصْرَفُ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مُنْتَهَى الطَّرِيقِ أَزْيَدَ مِنْ جَمِيعِهِمْ حَيْثُ إنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (87) وَيَلْزَمُ تَعْمِيرُ الطَّرِيقِ عَلَى مَالِكِي رَقَبَتِهِ وَلَا يَشْتَرِكُ مَنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَقَطْ مُجَرَّدًا عَنْ حَقِّ الرَّقَبَةِ فِي مَصَارِفِ التَّعْمِيرِ وَالْإِصْلَاحِ (الْخَيْرِيَّةُ) لِأَنَّ الْمَئُونَةَ تَجِبُ عَلَى الْأُصُولِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْأَتْبَاعِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (322) فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ مُتَّفِقِينَ عَلَى التَّعْمِيرِ فَيُعَمِّرُونَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ جَمِيعُهُمْ مُمْتَنِعِينَ عَنْ التَّعْمِيرِ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1192) . أَمَّا إذَا أَرَادَ بَعْضُ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ التَّعْمِيرَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَقَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ لِمُرِيدِ التَّعْمِيرِ أَنْ يُعَمِّرَ الطَّرِيقَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيُمْنَعُ الْمُمْتَنِعُونَ عَنْ التَّعْمِيرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالطَّرِيقِ حَتَّى يَدْفَعُوا مَا يُصِيبُ حِصَصَهُمْ مِنْ الْمَصَارِفِ لِلشَّرِيكِ الْمُعَمِّرِ (الْخَيْرِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبَيَانُ الْخَصَّافِ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الشَّيْخَيْنِ الَّذِي بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1323) وَلَكِنْ حَسَبَ هَذَا الْقَوْلِ لَا يَكُونُ الْمُمْتَنِعُ عَنْ التَّعْمِيرِ قَدْ مُنِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالطَّرِيقِ فَقَطْ بَلْ يَكُونُ قَدْ مُنِعَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِدَارِهِ فَهَلْ يَجُوزُ هَذَا؟ وَإِذَا عَمَّرَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الطَّرِيقَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي قَبْلَ مُرَاجَعَتِهِمْ شُرَكَاءَهُمْ الْآخَرِينَ وَثُبُوتِ امْتِنَاعِهِمْ عَنْ الِاشْتِرَاكِ فِي التَّعْمِيرِ فَيَكُونُونَ مُتَبَرِّعِينَ وَإِذَا عَمَّرُوا بِلَا إذْنِ الْقَاضِي بَعْدَ مُرَاجَعَةِ الشُّرَكَاءِ وَامْتِنَاعِهِمْ عَنْ الِاشْتِرَاكِ فِي التَّعْمِيرِ فَلِلشُّرَكَاءِ الْمُعَمِّرِينَ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الشُّرَكَاءِ الْمُمْتَنِعِينَ بِالْقِيمَةِ كَمَا فَصَّلَ - ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1311) .

الباب السادس في بيان شركة العقد ويحتوي على ستة فصول

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ وَيَحْتَوِي عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ] ٍ) لِلشَّرِكَةِ مَحَاسِنُ كَثِيرَةٌ إذْ بِوَاسِطَةِ الْآثَارِ الَّتِي تَحْصُلُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ يَنْتَفِعُ الشُّرَكَاءُ كَمَا أَنَّهُ يَنْتَفِعُ فِي بَعْضِهَا جَمِيعُ النَّاسِ إذْ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ إنْشَاءُ سِكَّةِ حَدِيدٍ بِطُولِ مِائَتَيْ كِيلُو مِتْرٍ بِرَأْسِ مَالِ ثَرِيٍّ أَوْ ثَرِيَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ إنْشَاءُ سِكَّةِ حَدِيدٍ بِطُولِ أَلْفَيْ كِيلُو مِتْرٍ بِرَأْسِ مَالِ مِلْيُونَيْ شَخْصٍ أَوْ إنْشَاءُ خَمْسِينَ بَاخِرَةً. إنَّ الْبَوَاخِرَ وَالْقِطَارَاتِ تُسَهِّلُ سَيْرَ النَّاسِ وَسَفَرَهُمْ وَبِتَعَاوُنِ النَّاسِ وَتَنَاصُرِهِمْ يُمْكِنُهُمْ الْقِيَامُ بِمَشَارِيعَ عَظِيمَةٍ وَمُفِيدَةٍ. لَا يَسْتَطِيعُ حَمَّالَانِ أَنْ يَحْمِلَا حِمْلًا بِثِقْلِ مِائَتَيْ رِطْلٍ. أَمَّا إذَا تَعَاوَنَ ثَمَانِيَةُ أَوْ عَشَرَةُ حَمَّالِينَ عَلَى حَمْلِ ذَلِكَ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ فَيَسْتَطِيعُونَ حَمْلَهُ بِسُهُولَةٍ. كَذَلِكَ لَا يَسْتَطِيعُ خَمْسَةُ أَوْ عَشَرَةُ جُنُودٍ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى قَلْعَةٍ أَوْ اسْتِحْكَامٍ وَلَكِنْ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فِرْقَةٌ عَسْكَرِيَّةٌ. وَيَكُونُ بَعْضُ النَّاسِ ذَا مَالٍ وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ طَرِيقَ الِانْتِفَاعِ وَالتِّجَارَةِ بِذَلِكَ الْمَالِ كَمَا يَكُونُ بَعْضُ أُنَاسٍ مَاهِرِينَ فِي التِّجَارَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَدَيْهِمْ مَالٌ فَلِذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ ذَانِكَ الْفَرِيقَانِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ وَقَدَّمَ الْآخَرُ عَمَلَهُ فَيَسْتَفِيدُ كِلَاهُمَا أَحَدُهُمَا بِرَأْسِ مَالٍ وَالْآخَرُ بِعَمَلِهِ. الْخُلَاصَةُ: إنَّ الشَّرِكَةَ سَبَبٌ لِغَنَاءِ الْأُمَّةِ وَعَمَارِ الْبِلَادِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] أَيْ أَقْدَرَكُمْ عَلَى الْعِمَارَةِ مِثْلُ سَدِّ الثُّغُورِ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ عَلَى الْأَنْهُرِ الْمُهْلِكَةِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فِي الْمِصْرِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ تَيْسِيرًا لِلنَّاسِ فِي أُمُورِهِمْ. وَبِنَاءِ بُيُوتِهِمْ كَالْبُيُوتِ الَّتِي يُسْكَنُ فِيهَا وَيُمْكَثُ فِيهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ (الشَّيْخُ زَادَهْ مَعَ الْقَاضِي فِي سُورَةِ هُودٍ) وَمِنْ جُمْلَةِ الْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ الْمُتَعَدِّدَةِ فِي إيجَادِ الْإِنْسَانِ أَنْ يُعَمِّرَ الْأَرْضَ وَقَدْ نَبَّهَ إلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] وَقَدْ وُلِّيَ الْإِنْسَانُ بِهَذَا الْأَمْرِ وَقَدْ أُشِيرَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ بِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ غَيْرِ الْإِنْسَانِ غَيْرُ صَالِحٍ لِذَلِكَ (تَفْصِيلُ النَّشْأَتَيْنِ) وَمَشْرُوعِيَّةُ الشَّرِكَةِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ لِأَنَّ النَّاسَ حِينَ بَعْثَةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ كَانُوا يُبَاشِرُونَ الشَّرِكَةَ وَكَانَ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ يُقِرُّ ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى مُبَاشَرَتِهِمْ الشَّرِكَةَ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ. وَطَرِيقُ الشَّرِكَةِ هِيَ ابْتِغَاءُ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَشْرُوعٌ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى)

الفصل الأول في بيان تعريف شركة العقد وتقسيمها

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ وَتَقْسِيمِهَا] [ (الْمَادَّةُ 1329) شَرِكَةُ الْعَقْدِ] ) الْمَادَّةُ (1329) - (شَرِكَةُ الْعَقْدِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ شَرِكَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ) بِمَا أَنَّهُ قَدْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحِ مُشْتَرَكًا فَتَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْمُضَارَبَةُ الَّتِي فِيهَا الرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ وَرَأْسُ الْمَالِ غَيْرُ مُشْتَرَكٍ كَمَا أَنَّهُ تَخْرُجُ الْبِضَاعَةُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ رِبْحُهَا مُشْتَرَكًا " الطَّحْطَاوِيُّ " وَيَتَفَرَّعُ عَلَى لُزُومِ الِاشْتِرَاكِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَقْرِضْنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ حَتَّى أَبِيعَ وَأَشْتَرِيَ وَالرِّبْحُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا، وَأَقْرَضَهُ الْآخَرُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَيَكُونُ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُقْتَرِضِ، وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ الْبَحْرُ " وَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ حَذْفُ لَفْظِ الْعَقْدِ مِنْ الْمُعَرَّفِ وَلَفْظُ الشَّرِكَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَأَنْ يَسْتَعْمِلَ بَدَلًا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَعْمِيرُ الْأَصْلِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ فِي التَّعْرِيفِ دَوْرٌ بَاطِلٌ وَحَتَّى لَا تَخْرُجَ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالْأَعْمَالِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا رَأْسُ مَالٍ فَلِذَلِكَ قَدْ عُرِّفَتْ الشَّرِكَةُ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ بِالْعِبَارَةِ التَّالِيَةِ " هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ بَيْنَ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَالرِّبْحِ ". الْمَادَّةُ (1330) - (رُكْنُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى. مَثَلًا إذَا أَوْجَبَ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ لِآخَرَ: شَارَكَتْك بِكَذَا دِرْهَمًا رَأْسِ مَالٍ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَقَبِلَ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ قَبِلْت فَبِمَا أَنَّهُمَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ، وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: ضَعْ أَنْتَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَيْهَا وَاشْتَرِ مَالًا وَفَعَلَ الْآخَرُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ لِكَوْنِهِ قَبِلَ مَعْنًى) رُكْنُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى. أَمَّا رُكْنُ شَرِكَةِ الْمِلْكِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اخْتِلَاطِ أَوْ خَلْطِ الْأَمْوَالِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1045) أَيْ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَقْدِ هِيَ أَحَدُ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهَا رُكْنٌ كَالْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ الْأُخْرَى " الدُّرَرُ وَتَعْبِيرُ " لَفْظًا أَوْ مَعْنًى " الْوَارِدَةُ هُنَا يَعُودُ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا (الطَّحْطَاوِيُّ) فَلِذَلِكَ يُتَصَوَّرُ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي رُكْنِ الشَّرِكَةِ: 1 - إيجَابٌ لَفْظًا وَقَبُولٌ لَفْظًا. 2 - إيجَابٌ مَعْنًى وَقَبُولٌ مَعْنًى. 3 - إيجَابٌ لَفْظًا وَقَبُولٌ مَعْنًى. 4 - إيجَابٌ مَعْنًى وَقَبُولٌ لَفْظًا

وَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمِثَالَيْنِ الْآتِيَيْ الذِّكْرِ وَهَذَانِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ يَكُونَانِ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الشَّرِكَةِ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ. مَثَلًا إذَا أَوْجَبَ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ لِآخَرَ شَارَكَتْك بِكَذَا دِرْهَمًا رَأْسِ مَالٍ لِلْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ فِي نَوْعِ تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ كَبَيْعِ الْغِلَالِ أَوْ فِي عُمُومِ التِّجَارَةِ وَقَبِلَ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ قَبِلْت، فَبِمَا أَنَّهُمَا إيجَابٌ وَقَبُولٌ لَفْظًا فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ وَفِي هَذَا الْمِثَالِ قَدْ ذُكِرَ لَفْظُ الشَّرِكَةِ وَحَذْفُ الْمَجَلَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ فِيهِ هُوَ بِقَصْدِ التَّعْمِيمِ وَالتَّعْمِيمُ كَمَا ذُكِرَ شَرْحًا إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَوْ يَكُونَ فِي عُمُومِ التِّجَارَةِ (الزَّيْلَعِيّ) وَمَعْنَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ، الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ أَيْضًا عَلَى الشِّرَاءِ فَقَطْ وَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ كُلُّ مَا تَشْتَرِيهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَوْ كُلُّ مَا تَشْتَرِيهِ مِنْ النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا وَأَجَابَهُ الْآخَرُ بِالْإِيجَابِ جَازَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ شَرِكَةٌ فِي الشِّرَاءِ فَهِيَ جَائِزَةٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِهِ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ اشْتِرَاكٌ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ وَلَيْسَ فِي الْبَيْعِ (وَإِنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت فَرَسًا فَهِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك كَانَ فَاسِدًا، فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (أَيْ مَا اشْتَرَيْت الْيَوْمَ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك) وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ذَاكَ شَرِكَةٌ وَهَذَا تَوْكِيلٌ وَالتَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْفَرَسِ لَا يَجُوزُ) . (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِتَغْيِيرٍ مَا وَالْبَحْرُ) الْخُلَاصَةُ: إنَّ الشَّرِكَةَ تَكُونُ إمَّا فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ أَيْ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ الْأَمْوَالَ الْعَائِدَةَ لِلشَّرِكَةِ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ الشِّرَاءُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِلَا أَمْرٍ وَإِذَا أَعْطَى أَحَدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: ضَعْ أَنْتَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَيْهَا وَاشْتَرِ كَذَا نَوْعًا مَالًا وَبِعْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُشْتَرَكًا بِكَذَا نِسْبَةً وَفَعَلَ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ أَيْ وَضَعَ أَيْضًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى مَالًا فَيَكُونُ قَدْ قَبِلَ مَعْنًى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدْ وَقَعَ الْإِيجَابُ لَفْظًا وَالْقَبُولُ مَعْنًى وَانْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ عِنَانٍ. أَمَّا صُورَةُ انْعِقَادِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (1361) وَلَمْ يُذْكَرْ هُنَا لَفْظُ الشَّرِكَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَضَعَ الطَّرَفَانِ رَأْسَ مَالٍ، أَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَقْرِضْنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ حَتَّى أُتَاجِرَ بِهَا وَيَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا فَأَعْطَاهُ الْآخَرُ وَتَاجَرَ بِهَا وَرَبِحَ فَيَكُونُ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يُشَارِكُهُ الْمُقْرِضُ فِي هَذَا الرِّبْحِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (الْبَحْرُ) وَإِذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ وَتَتِمُّ إلَّا أَنَّ اللَّائِقَ أَنْ يُنَظَّمَ

(المادة 1331) تنقسم شركة العقد إلى قسمين

سَنَدٌ بِهَا يُذْكَرُ فِيهِ مِقْدَارُ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي وَضَعَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَيْفِيَّةُ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا وَهَلْ لَهُمَا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مُنْفَرِدًا أَوْ مُجْتَمِعًا وَهَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ بِرَأْيِهِ وَهَلْ لَهُمَا الْبَيْعُ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَأَنْ يُبَيَّنَ تَقْسِيمُ الضَّرَرِ وَالْخَسَارِ بِنِسْبَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَأَنْ يُوضَعَ تَارِيخٌ عَلَى السَّنَدِ وَيَصِيرَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ، وَشُرُوطُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلتَّوْكِيلِ فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ كَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالتَّكَدِّي لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِمَنْ يَتَشَبَّثُ وَيُبَاشِرُ سَبَبَ الْمِلْكِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) وَسَتَجِيءُ التَّفْصِيلَاتُ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1333) . [ (الْمَادَّةُ 1331) تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ إلَى قِسْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1331) - (تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ إلَى قِسْمَيْنِ فَإِذَا عَقَدَ الشُّرَكَاءُ عَقْدَ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ وَأَدْخَلُوا مَالَهُمْ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَكَانَتْ حِصَصُهُمْ مُتَسَاوِيَةً فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ تَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ فَلِأَوْلَادِهِ أَنْ يَعْقِدُوا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِاِتِّخَاذِهِمْ مَجْمُوعَ الْأَمْوَالِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ رَأْسَ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا وَيَبِيعُوا كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يُقْسَمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّسَاوِي وَلَكِنْ وُقُوعُ شَرِكَةٍ كَهَذِهِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ نَادِرَةٌ وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِدُونِ اشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ) . تَنْقَسِمُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، الْقِسْمُ الثَّانِي: شَرِكَةُ الْعِنَانِ فَإِذَا عَقَدَ الشُّرَكَاءُ عَقْدَ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ بِشَرْطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَالرِّبْحِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً وَمَا سَيُذْكَرُ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي مَقَامِ إيضَاحِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا. وَأَدْخَلُوا جَمِيعَ مَالِهِمْ أَيْ جَمِيعَ نُقُودِهِمْ الَّتِي تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَكَانَتْ حِصَصُهُمْ مُتَسَاوِيَةً فِي قَدْرِ وَقِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ فَتَكُونُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَالْمُفَاوَضَةُ إمَّا مِنْ التَّفْوِيضِ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ مِنْ الْفَيْضِ بِمَعْنَى فَاضَ الْمَاءُ وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ لَا نَعْلَمُ مَا هِيَ الْمُفَاوَضَةُ. وَوَجْهُ الْقِيَاسِ هُوَ أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ الْمَجْهُولَةَ وَالْكَفَالَةَ الْمَجْهُولَةَ وَبِمَا أَنَّهُمَا لَا يَجُوزَانِ عَلَى الِانْفِرَادِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى عَدَمُ جَوَازِهِمَا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (الشِّبْلِيُّ) وَلَكِنْ قَدْ جُوِّزَتْ اسْتِحْسَانًا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْقَائِلُ «فَاوِضُوا فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ» (الطَّحْطَاوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْأُمُورِ الْآتِيَةِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا:

1 - الْمُسَاوَاةُ فِي التَّصَرُّفِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى جَمِيعِ مَا يَقْتَدِرُ عَلَيْهِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مُسَاوَاةٌ فِي التَّصَرُّفِ بِالشَّرِكَةِ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا يَتَصَرَّفُ بِهِ الْآخَرُ فَتَفُوتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنهمَا الْمَشْرُوطُ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ لِأَنَّ الْبَالِغَ مُقْتَدِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَغَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ بَلْ مَوْقُوفٌ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا أَنَّ الْبَالِغَ أَهْلٌ لِلْكَفَالَةِ وَالصَّبِيَّ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) . وَالْحَالُ أَنَّ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُقْتَدِرًا عَلَى شِرَاءِ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكِيلٌ لِشَرِيكِهِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِالْبَائِعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَقْدُ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُسَاوَاةٌ بَيْنَ تَصَرُّفِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ شِرَاءَ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ فَإِذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حَقًّا بِزِيَادَةِ التَّصَرُّفِ فَلَا أَهَمِّيَّةَ لَهُ. كَمَا أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى مَتْرُوكِ الْقِسْمَةِ عَمْدًا مَعَ تَفَاوُتِهِ فِي التَّصَرُّفِ (الْبَحْرُ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ مُقْتَدِرَيْنِ عَلَى جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَيْسَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ بَيْعِ وَشِرَاءِ أَحَدِهِمَا مُسَاوِيًا لِعَدَدِ بَيْعِ وَشِرَاءِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْ الْآخَرِ. 2 - الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَالِ يَعْنِي أَنْ يُدْخِلُوا جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ الصَّالِحَةِ لَأَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ إلَى الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَتَّخِذُوهَا رَأْسَ مَالٍ وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ وَالْقِيمَةُ مُتَسَاوِيًا فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ مَالٌ غَيْرُ الْمَالِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ صَالِحًا لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ. أَمَّا لَوْ كَانَ لِلشُّرَكَاءِ مَالٌ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَأُخْرِجَ عَنْ الشَّرِكَةِ فَلَا يَخْلُ ذَلِكَ بِشَرْطِ مُسَاوَاةِ رَأْسِ مَالٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) قَدْ شُرِطَ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ دَالٌّ عَلَى التَّسَاوِي (الزَّيْلَعِيّ) وَالْمُسَاوَاةُ فِي رَأْسِ الْمَالِ تَكُونُ تَارَةً مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ مَعًا كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ شَرِيكٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَارَةً مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ رِيَالَاتٍ فِضِّيَّةً بِقِيمَةِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً وَقِيمَتُهَا مُتَّحِدَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُمَا مُتَّحِدَا الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (الْبَحْرُ) وَقَدْ فَصَّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1383) كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ الْمُسَاوَاةُ التَّامَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي الِانْتِهَاءِ أَيْ فِي مُدَّةِ الْبَقَاءِ فَلِذَلِكَ

إذَا وُجِدَ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ مَالٌ آخَرُ لِلشُّرَكَاءِ صَالِحٌ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ أَوْ وُجِدَ بَعْدَ الْعَقْدِ مَالٌ لَهُمَا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْإِرْثِ فَلَا تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ تِلْكَ الشَّرِكَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) 3 - أَنْ يَكُونَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِقْدَارٌ مِنْ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَبِمَا أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ التَّامَّةُ فِي الرِّبْحِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَمَا يَلْزَمُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ حُقُوقِ التِّجَارَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ كَمَا أَنَّ كُلَّ مَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَقَامِ الْوَكِيلِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ كَفِيلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " الَّذِي أُدْخِلَ إلَى الشَّرِكَةِ " وَلَمْ يَذْكُرْ لُزُومَ خَلْطِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَ قِيَاسًا فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ خَلْطُ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ اسْتِحْسَانًا فَتَجُوزُ الْمُفَاوَضَةُ حَتَّى فِي حَالِ عَدَمِ خَلْطِ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ تَسْلِيمُ الْمَالِ أَيْضًا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ فَلِأَوْلَادِهِ أَنْ يَعْقِدُوا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِاِتِّخَاذِهِمْ مَجْمُوعَ أَمْوَالِهِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إلَيْهِمْ مِنْ أَبِيهِمْ الصَّالِحَةِ لِاِتِّخَاذِهَا رَأْسَ مَالِ شَرِكَةِ رَأْسِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا وَيَبِيعُوا كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ وَأَنْ يُقْسَمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى التَّسَاوِي وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ تَعْبِيرُ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ فَقَدْ وَجَبَ إعْطَاءُ الْإِيضَاحَاتِ عَنْ ذَلِكَ. فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1366) أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ كَبَيْعِ الثِّيَابِ أَوْ الْبَيْضِ أَوْ الزُّيُوتِ. أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيّ أَنَّهُ يَجِبُ عَقْدُهَا عَلَى عُمُومِ التِّجَارَةِ وَلَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ التِّجَارَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ يَكُونُ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ " كُلّ نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ " قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَقَيْدًا وُقُوعِيًّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَمَعَ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِذِكْرِهَا تَعْبِيرَ كُلّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَلَكِنْ وُقُوعُ شَرِكَةٍ كَهَذِهِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ أَيْ وُقُوعُ عَقْدِ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ نَادِرٌ إذْ إنَّ الشَّرَائِطَ الَّتِي يُقْتَضَى وُجُودُهَا سَوَاءٌ ابْتِدَاءً أَوْ بَقَاءً فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ كَثِيرَةٌ وَمِنْ النَّادِرِ إكْمَالُهَا وَعَلَيْهِ فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الشَّرِكَةِ كَالْمَعْدُومِ فِي زَمَانِنَا وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِدُونِ اشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ التَّامَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ، هَذَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ جَامِعَةً لِلشَّرَائِطِ الْوَاجِبِ وُجُودُهَا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمُسَاوَاةُ التَّامَّةُ مَوْجُودَةً حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَيْ كَانَتْ جَمِيعُ شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ مَوْجُودَةً فَانْعَقَدَتْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ فُقِدَتْ الْمُسَاوَاةُ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ وَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ - بَعْدَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَبَعْدَ إجْرَاءِ الْمُعَامَلَةِ فِي الشَّرِكَةِ مُدَّةً - لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ

الْمُفَاوِضِينَ مَالًا صَالِحًا لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ كَكَذَا دِينَارًا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ وَصَلَ إلَى يَدِهِ مَالُ وَصِيَّةٍ أَوْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ فَتَنْقَلِبُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِرْثِ وُصُولُ الْمَالِ إلَى يَدِ الشَّرِيكِ إذْ إنَّهُ بِمُجَرَّدِ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِ يَكُونُ مَالِكًا لِلْمُوَرَّثِ فَتَخْتَلُّ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ. عِنَانٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا، بِمَعْنَى الظُّهُورِ وَهُوَ بِمَعْنَى ظُهُورِ الشَّرِكَةِ فِي بَعْضِ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ رَأْسِ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِآخَرَ مِائَةُ رِيَالٍ فِضِّيَّةٍ وَعَقَدَا بِذَلِكَ عَقْدَ شَرِكَةِ عِنَانٍ وَاشْتَرَيَا أَوَّلًا بِالْمِائَةِ الرِّيَالِ مَتَاعًا ثُمَّ اشْتَرَيَا بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ مَتَاعًا آخَرَ وَخَسِرَا فِي أَحَدِ الْمَتَاعَيْنِ وَرَبِحَا فِي الْمَتَاعِ الْآخَرِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ حَسَبُ رَأْسِ مَالِهِمَا لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي الشَّرِكَةِ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْعَقْدِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَالِ فَلِذَلِكَ لَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ وَالِاتِّحَادُ وَالْخَلْطُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ وَالْبَحْرُ) وَقَدْ عَدَّ بَعْضُ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْبَحْرِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ الْوَارِدَ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَقْسَامًا أَوَّلِيَّةً وَالْأَقْسَامَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَقْسَامًا ثَانَوِيَّةً فَذَكَرَ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، أَوَّلُهَا: شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ، ثَانِيهَا: شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ، ثَالِثُهَا: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ. وَيَنْقَسِمُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إلَى قِسْمَيْنِ، أَوَّلُهُمَا: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ. ثَانِيهمَا: شَرِكَةُ الْعِنَانِ. وَلِذَلِكَ فَأَقْسَامُ عَقْدِ الشَّرِكَةِ سِتَّةٌ أَوَّلًا إلَى قِسْمَيْنِ ثُمَّ إنَّ كُلَّ قِسْمٍ مِنْهُمَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَقْسَامٍ أَوْ أَوَّلًا تُقْسَمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ ثُمَّ تُقْسَمُ الثَّلَاثَةُ الْأَقْسَامِ إلَى قِسْمَيْنِ فَتَكُونُ أَيْضًا سِتَّةُ أَقْسَامٍ وَعَلَيْهِ فَيُوجَدُ اتِّحَادُ مَعْنًى فِي هَذَيْنِ التَّقْسِيمَيْنِ. الشَّرِكَاتُ الْأُخْرَى. وَقَدْ حَدَثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ شَرِكَاتٌ أُخْرَى بَيْنَ التُّجَّارِ وَبَعْضُ هَذِهِ الشَّرِكَاتِ يُمْكِنُ إرْجَاعُهُ إلَى الشَّرِكَاتِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ وَالْبَعْضُ مِنْهَا لَا يُمْكِنُ إرْجَاعُهُ إلَيْهَا. الْمَادَّةُ (1332) - (تَكُونُ الشَّرِكَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا إمَّا شَرِكَةَ أَمْوَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةَ وُجُوهٍ، فَإِذَا وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ لِيَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدُوا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَبِيعُوا وَيَشْتَرُوا مَعًا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مُطْلَقًا وَعَلَى أَنْ يُقْسَمَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمْ تَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ أَمْوَالٍ. وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِأَنْ جَعَلُوا عَمَلَهُمْ رَأْسَ مَالٍ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ أَيْ تَعَهُّدِهِ وَالْتِزَامِهِ وَعَلَى أَنْ يَقْسِمُوا الْكَسْبَ الَّذِي سَيَحْصُلُ أَيْ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمْ فَتَكُونُ شَرِكَةَ أَعْمَالٍ، وَتُسَمَّى أَيْضًا هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ أَبْدَانٍ وَشَرِكَةَ صَنَائِعَ وَشَرِكَةَ تَقَبُّلٍ كَاشْتِرَاكِ خَيَّاطَيْنِ أَوْ اشْتَرَاك خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ. وَإِذَا

عَقَدُوا الشَّرِكَةَ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ رَأْسِ مَالٍ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا مَالًا نَسِيئَةً عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَيَبِيعُوهُ وَأَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّبْحَ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمْ فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ) تَكُونُ الشَّرِكَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ كَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ إمَّا شَرِكَةَ أَمْوَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ وَإِمَّا شَرِكَةُ وُجُوهٍ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ أَصْبَحَتْ أَقْسَامُ الشَّرِكَةِ سِتَّةً (الزَّيْلَعِيّ) فَإِذَا وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ لِيَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَعَقَدُوا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَبِيعُوا وَيَشْتَرُوا مَعًا أَوْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مَعًا أَوْ عَلَى انْفِرَادٍ وَعَلَى أَنْ يُقْسَمَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الرِّبْحِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ كَذَا تَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ أَمْوَالٍ (الْهِنْدِيَّةُ) وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ " فَإِذَا وَضَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ، أَنَّ الْمَالَ الْآخَرَ لِلشُّرَكَاءِ، الصَّالِحَ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ خَارِجٌ عَنْ الشَّرِكَةِ، وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ يَشْمَلُ شَرِكَةَ الْعِنَانِ يَتَنَاوَلُ أَيْضًا شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ هَذِهِ الْمُسَاوَاةُ التَّامَّةُ فَتَكُونُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَإِلَّا فَتَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ بِأَنْ جَعَلُوا عَمَلَهُمْ رَأْسَ مَالٍ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَمَلُ حَلَالًا عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ أَيْ تَعَهُّدِهِ وَالْتِزَامِهِ كَالْتِزَامِ تَخْيِيطِ الثِّيَابِ مَثَلًا وَعَلَى أَنْ يَقْسِمُوا الْكِسْبَ - بِكَسْرِ الْكَافِ وَقَدْ فَسَّرَ الْكِسْبَ بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ إشَارَةً لِلُزُومِ قِرَاءَتِهَا بِالْكَسْرِ - الَّذِي سَيَحْصُلُ أَيْ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمْ فَتَكُونُ شَرِكَةَ أَعْمَالٍ، وَإِذَا نُصَّ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ أَوْ ذُكِرَتْ جَمِيعُ مُقْتَضَيَاتِهَا وَوُجِدَتْ جَمِيعُ شَرَائِطِهَا كَامِلَةً فَتَكُونُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ وَتَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَالْكَفَالَةَ، وَإِذَا أُطْلِقَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فَتَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ هِيَ شَرِكَةُ الْعِنَانِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتُسَمَّى هَذِهِ الشَّرِكَةُ أَيْضًا أَيْ - شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ - شَرِكَةَ أَبْدَانٍ حَيْثُ إنَّ الْعَمَلَ يَحْصُلُ بِالْأَبْدَانِ فِي الْأَكْثَرِ، كَمَا أَنَّهَا تُسَمَّى شَرِكَةَ صَنَائِعَ وَشَرِكَةَ تَقَبُّلٍ أَيْ أَنَّ الشَّرِكَةَ أَرْبَعَةُ أَسْمَاءٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ جُوِّزَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَحْصِيلُ الرِّبْحِ وَهَذَا يُمْكِنُ بِالتَّوْكِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلٌ فِي النِّصْفِ وَأَصِيلٌ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَتَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ (الْبَحْرُ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - تَقَبُّلُ الْعَمَلِ أَيْ تَقَبُّلُ مَحَلِّ الْعَمَلِ، لِأَنَّ الْعَمَلَ عَرْضٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّقَبُّلِ وَالِالْتِزَامِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنُصَّ وَيُصَرِّحَ عَلَى تَقَبُّلِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَعَلَى عَمَلِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى إنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَعَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْآخَرُونَ، وَإِذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ حَتَّى الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1386) أَمَّا إذَا نُصَّ وَصُرِّحَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْعَمَلَ وَأَنْ لَا يَتَقَبَّلَ الْآخَرُ كَأَنْ يُنَصَّ أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ الشَّرِيكُ الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 2 - وَإِذَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ، أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ قَدْ عَقَدُوا الشَّرِكَةَ قَبْلَ تَقَبُّلِ الْعَمَلِ

الفصل الثاني في بيان شرائط شركة العقد العمومية

فَلِذَلِكَ لَوْ تَقَبَّلَ بِضْعَةُ أَشْخَاصٍ عَمَلًا قَبْلَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَقَامَ آخَرُ بِالْعَمَلِ فَيَأْخُذُ الْقَائِمُ بِالْعَمَلِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَقَطْ. مَثَلًا، إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ عَمَلًا قَبْلَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ قَامَ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ الْعَمَلِ فَيَأْخُذُ الْقَائِمُ بِالْعَمَلِ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ وَلَا يَأْخُذُ الِاثْنَانِ أُجْرَةً مَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُوجَدُ عَقْدُ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمْ فَيَلْزَمُ مِنْ نَتِيجَةِ عَقْدِ الْإِيجَارِ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الْعَمَلِ وَلَهُ ثُلُثُ الْعَمَلِ وَلَهُ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ فَإِذَا أَوْفَى أَحَدُهُمْ كُلَّ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي ثُلُثَيْ الْعَمَلِ قَضَاءً وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَنْ الثُّلُثَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والوالولجية فِي الشَّرِكَةِ وَالْبَحْرِ) أَمَّا دِيَانَةً فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَدْفَعَ بَقِيَّةَ الْأُجْرَةِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالَةِ الْعَامِلِ أَنَّهُ قَدْ قَامَ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ عَلَى أَمَلِ أَنْ يَدْفَعَ الْأُجْرَةَ فَلَا يَلِيقُ أَنْ يُخَيِّبَ ظَنَّهُ وَأَمَلَهُ هَذَا وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْغَالِبَ الْفَقْرُ فِي أَحْوَالِ الْعُمَّالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (563) كَاشْتِرَاكِ خَيَّاطَيْنِ أَوْ خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْأَعْمَالِ وَالصَّنَائِعِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ أَيْضًا كَاشْتِرَاكِ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ هُوَ الرِّبْحُ وَالْفَائِدَةُ وَهَذَا لَا يَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْأَعْمَالِ وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ حَلَالًا، وَكَمَا لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا فَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا اتِّحَادُ الْمَكَانِ. فَكَمَا أَنَّ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَعْمَلُوا فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ فَلَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَعْمَلُوا فِي حَوَانِيتَ مُتَعَدِّدَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَمَا عَقَدُوا الشَّرِكَةَ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ رَأْسِ مَالٍ لَهُمْ عَلَى أَنْ يَشْتَرُوا نَسِيئَةً عَلَى ذِمَّتِهِمْ وَيَبِيعُوهُ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَأَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّبْحَ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ كَذَا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ، وَتُسَمَّى هَذِهِ شَرِكَةَ الْمَفَالِيسِ، وَبِمَا أَنَّ اشْتِرَاءَ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ رَأْسُ مَالٍ بِالنَّسِيئَةِ يُقْتَضَى لَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي ذَا جَاهٍ وَشَرَفٍ فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ وَإِذَا وُقِّتَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، وَعَلَى رِوَايَةٍ لَا يُعْتَبَرُ التَّوْقِيتُ، وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَفَاسِدٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ الشَّرِكَةَ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْعُمُومِيَّةِ] [ (الْمَادَّةُ 1333) يَتَضَمَّنُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْوَكَالَةَ] الْفَصْلُ الثَّانِي (فِي بَيَانِ شَرَائِطِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْعُمُومِيَّةِ) (أَيْ فِي بَيَانِ الشَّرَائِطِ الْعَامَّةِ لِأَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ السِّتَّةِ) الْمَادَّةُ (1333) - (يَتَضَمَّنُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْوَكَالَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فِي تَصَرُّفِهِ يَعْنِي فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَفِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ مِنْ الْغَيْرِ بِالْأُجْرَةِ فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ شَرْطٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ عَاقِلِينَ وَمُمَيِّزِينَ أَيْضًا)

يَتَضَمَّنُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ السِّتَّةِ الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ بِدُونِ وَكَالَةٍ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ الْوَكَالَةَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُدْخِلَ مَالًا إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِعَدَمِ وِلَايَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَبِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ فِي الْمُشْتَرَى وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى غَيْرَ مُشْتَرَكٍ وَمُخْتَصًّا بِالْمُشْتَرِي (الزَّيْلَعِيّ) وَبِتَضَمُّنِ الشَّرِكَةِ الْوَكَالَةَ فَمَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْمُحَصِّلُ قَدْ حَصَّلَ النِّصْفَ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِشَرِيكِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الشَّرِكَةُ مُتَضَمِّنَةً الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ أَوْ وِلَايَةٍ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (96) . (الشِّبْلِيُّ) وَالْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ هِيَ فِي نِصْفِ الْمُشْتَرَى حَصْرًا، أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ فِي النِّصْفِ أَوْ فِي أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1331) . وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فِي تَصَرُّفِهِ يَعْنِي فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَفِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فِي تَقَبُّلِ مَحَلِّ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ، فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1457 وَ 1458) شَرْطٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ عَاقِلِينَ وَمُمَيِّزِينَ أَيْضًا كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (957) . أَمَّا الْبُلُوغُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ، فَلِذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (957) وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَالْبُلُوغُ شَرْطٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عِنَانًا أَوْ كَانَتْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَلِذَلِكَ كَمَا لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي إحْرَازِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَاجْتِنَاءِ الْأَثْمَارِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَاسْتِيفَاءِ التَّكَدِّي وَإِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ وَتَحَرِّي الْكَنْزِ الْمَجْهُولِ وَأَعْمَالِ اللَّبِنِ مِنْ الطِّينِ الْمُبَاحِ وَنَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ وَنَقْلِ الثَّلْجِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ ثَابِتٌ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ وِلَايَةٍ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً لِلْوَكِيلِ قَبْلَ التَّوْكِيلِ وَبِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ أَخْذَ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ بِدُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1254 وَ 1255) فَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَمَّنْ وَكَّلَهُ وَعَلَيْهِ فَالْمُبَاشِرُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ يَكُونُ مَالِكًا لَهَا (الْفَتْحُ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالشِّبْلِيُّ) وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَإِذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ فَكُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْهَا بِدُونِ انْضِمَامِ عَمَلِ الْآخَرِ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَلَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْآخَرُ، وَإِذَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا وَأَعَانَهُ الْآخَرُ فَيَكُونُ الْمَالُ لِمَنْ حَصَّلَهُ وَلِلْآخَرِ حَقُّ أَخْذِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَمِقْدَارُ أَجْرِ الْمِثْلِ هَذَا يَكُونُ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَجْهُولٌ وَالرِّضَاءُ بِالْمَجْهُولِ لَغْوٌ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَهُ أَجْرُهُ بَالِغًا

(المادة 1334) تتضمن شركة المفاوضة الكفالة

مَا بَلَغَ (الطَّحْطَاوِيُّ) قِيلَ " تَقْدِيمُ الْفُقَهَاءِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ يُؤْذِنُ بِاخْتِيَارِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِعَانَةُ بِعَمَلٍ كَالْجَمْعِ وَالرَّبْطِ وَالْقَلْعِ وَالْحَمْلِ أَوْ كَانَتْ بِإِعْطَاءِ آلَةٍ كَالشَّبَكَةِ لِلصَّيْدِ أَوْ إعْطَاءِ حَيَوَانٍ لِلْحَمْلِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَتَجَاوَزُ أَجْرُ الْمِثْلِ نِصْفَ قِيمَةِ الْمَالِ يَعْنِي إذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ مُعَادِلًا لِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَالِ الْمُتَحَصِّلِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فَيُعْطَى لِلْمُعِينِ أُجْرَةُ مِقْدَارِ نِصْفِهِ فَقَطْ وَلَا يُعْطَى لَهُ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ فَيُعْطَى لَهُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَلَا يُعْطَى لَهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ لِأَنَّ الْمُعِينَ قَدْ رَضِيَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانِيٌّ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا حَصَّلَ الشَّرِيكَانِ مَعًا فَيَكُونَانِ مُشْتَرِكَيْنِ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ (الْبَحْرُ) وَذَلِكَ إذَا حَصَّلَ الشَّرِيكَانِ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْمُبَاحَةِ ثُمَّ خَلَطَاهَا وَبَاعَاهَا فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا مِقْدَارُ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِقْدَارُ مَا حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ إذَا كَانَ الْمُحَصَّلُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ فَيُقْسَمُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَلَى مِقْدَارِ كَيْلِ وَوَزْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَتُقْسَمُ بِحَسَبِ قِيمَتِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1073) وَإِذَا كَانَ مِقْدَارُ مَا حَصَّلَهُ الشَّرِيكَانِ غَيْرَ مَعْلُومٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى مِقْدَارُ نِصْفِ الْمَالِ الَّذِي حَصَّلَهُ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الِاكْتِسَابِ كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ وُجُودِ الْإِكْسَابِ فِي يَدِهِمَا هُوَ الِاشْتِرَاكُ مُنَاصَفَةً فَظَاهِرُ الْحَالِ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ فَعَلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُ كُلِّ شَرِيكٍ بِالنِّصْفِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُصَدِّقُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ أَحَدِهِمَا فِيمَا يَزِيدُ عَنْ النِّصْفِ بَلْ يَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْبَيِّنَةِ حَيْثُ إنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) سُؤَالٌ - يَلْزَمُ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1459 وَ 1468) فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ مَثَلًا وَبِمَا أَنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ فِي الْأَشْيَاءِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالْوَكَالَةُ فِيهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَيَجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ الشَّرِكَةُ فِيهَا لِتَضَمُّنِهَا وَكَالَةً غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ الْجَوَابُ - وَإِنْ يَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي الْمَجْهُولِ غَيْرُ جَائِزَةٍ قَصْدًا إلَّا أَنَّهَا جَائِزَةٌ ضِمْنًا فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ كَمَا أَنَّ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ يَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهَا تَوْكِيلٌ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ مَجْهُولٍ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ فَكَذَا هَذَا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالْمَجْهُولِ فِي الْمُضَارَبَةِ ضِمْنِيَّةً فَقَدْ جَازَتْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (54) جَوَابٌ آخَرُ - أَنَّ الْجَهَالَةَ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمُنَازَعَةِ وَبِمَا أَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا غَيْرُ مُفْضِيَةٍ لِلْمُنَازَعَةِ فَقَدْ جَازَتْ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 1334) تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ الْكَفَالَةَ] الْمَادَّةُ (1334) - (تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ الْكَفَالَةَ أَيْضًا وَلِذَلِكَ فَأَهْلِيَّةُ الْمُتَفَاوِضِينَ شَرْطٌ لِلْكَفَالَةِ أَيْضًا) كَمَا تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ الْوَكَالَةَ كَمَا ذَكَرَ " فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ

(المادة 1335) تتضمن شركة العنان الوكالة

مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَفِيلٌ لِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ الَّذِي يَلْحَقُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ مِنْ ضَمَانِ أَمْثَالِ التِّجَارَةِ وَلَيْسَتْ الْكَفَالَةُ مُنْحَصِرَةً فِي النِّصْفِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَيْ يَصِيرُ كُلٌّ كَفِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِيمَا لَحِقَهُ مِنْ نَحْوِ ضَمَانِ التِّجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلِذَلِكَ فَأَهْلِيَّةُ الْمُتَفَاوِضِينَ شَرْطٌ لِلْكَفَالَةِ أَيْضًا كَمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْوَكَالَةِ أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (628) إذْ إنَّهُ بِتَضَمُّنِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ لِلْوَكَالَةِ تَتَفَرَّعُ مَنْفَعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَا يَثْبُتُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ مَنْفَعَةٍ فِي الشَّرِكَةِ يَثْبُتُ مِثْلُهَا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ الْكَفَالَةَ يَنْتُجُ عَنْهَا مَضَرَّةٌ وَهِيَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ (الشِّبْلِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1333) وَسَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (1356) خُصُوصُ تَضَمُّنِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ الْكَفَالَةَ، وَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ وَلَوْ مَأْذُونَيْنِ بِالتِّجَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ لِأَنَّ الْبَالِغَ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلْكَفَالَةِ فَالصَّبِيُّ غَيْرُ أَهْلٍ بِهَا وَلَوْ كَانَ مَأْذُونًا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِلَا أَمْرٍ هِيَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ وَإِنْ كَانَتْ انْتِهَاءً مُفَاوَضَةً إلَّا أَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَالصَّبِيُّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ (الشِّبْلِيُّ) اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (967) . سُؤَالٌ - وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْكَفَالَةِ قَبُولٌ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ قَبُولُ الْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (621) فَلَا يَرِدُ سُؤَالٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ مَعْلُومِيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1639) وَبِمَا أَنَّهُ فِي الْكَفَالَةِ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ الْمَكْفُولُ لَهُ فَيَجِبُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْكَفَالَةُ فِيهَا؟ الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلًا - أَنَّهُ يَجِبُ مَعْلُومِيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ فِي حَالَةِ وُقُوعِ عَقْدِ الْكَفَالَةِ قَصْدًا وَبِالذَّاتِ. أَمَّا الْكَفَالَةُ الَّتِي تَقَعُ ضِمْنَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا مَعْلُومِيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) (الدُّرَرُ) ثَانِيًا - إنَّ هَذِهِ الْكَفَالَةَ قَدْ جُوِّزَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ بِهَا وَفِي مِثْلِ هَذَا يُتْرَكُ الْقِيَاسُ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْمَادَّةِ (37) . (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ) [ (الْمَادَّةُ 1335) تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ الْوَكَالَةَ] الْمَادَّةُ (1335) - (تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ الْوَكَالَةَ فَقَطْ وَلَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْكَفَالَةُ حِينَ عَقْدِهَا فَلَا يَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَلِذَلِكَ فَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عَقْدُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ لَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الْكَفَالَةُ حِينَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ)

(المادة 1336) يشترط بيان الوجه الذي سيقسم فيه الربح بين الشركاء

تَتَضَمَّنُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ الْوَكَالَةَ فَقَطْ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1333) أَيْضًا، وَلَكِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ وَسَبَبُ تَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 1333) وَأَمَّا سَبَبُ عَدَمِ تَضَمُّنِهَا الْكَفَالَةَ فَهُوَ أَنَّ ثُبُوتَ الْكَفَالَةِ فِي الْمُفَاوَضَةِ لِضَرُورَةِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22) فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ تُذْكَرْ الْكَفَالَةُ حِينَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ بِصُورَةٍ خَاصَّةٍ فَلَا يَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلِذَلِكَ فَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ اللَّذَيْنِ هُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلْكَفَالَةِ وَأَهْلٌ لِلْوَكَالَةِ فَقَطْ أَنْ يَعْقِدُوا شَرِكَةَ عِنَانٍ لَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا حِينَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَكَانَ الشُّرَكَاءُ أَهْلًا لِلْكَفَالَةِ فَيَكُونُ الشُّرَكَاءُ كُفَلَاءَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ذَكَرَ جَمِيعَ شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ تَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ. أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْكَفَالَةَ فَقَطْ فَلَا تَكُونُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بَلْ تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَكَفَالَةٍ وَتَصِحُّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْكَفَالَةِ لَا اعْتِبَارُهَا، كَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الْهِبَةِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعِوَضِ لَا اعْتِبَارُهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (833) وَعَلَيْهِ فَتَنْعَقِدُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَكَفَالَةُ الشُّرَكَاءِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ تَكُونُ عَقْدًا آخَرَ قَدْ زِيدَ عَلَى عَقْدِ الشَّرِكَةِ. سُؤَالٌ - قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَعْلُومًا فِي الْكَفَالَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْمَكْفُولَ مَجْهُولٌ هُنَا كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ قَدْ عُقِدَتْ أَصَالَةً فَلَا يَكُونُ الْجَوَابُ الَّذِي أُتِيَ بِهِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ تَبَعًا وَضِمْنًا لِلشَّرِكَةِ وَلَا تَكُونُ ثَابِتَةً قَصْدًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِلْكَفَالَةِ بَلْ مُقْتَضِيَةٌ وَلَا تَثْبُتُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ بِلَا ذِكْرٍ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْكَفَالَةَ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ بِسَبَبِ جَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَبِكَوْنِهَا مَعْقُودَةً أَصَالَةً وَلَمْ تَكُنْ ضِمْنًا وَتَبَعًا إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ قَالَ بِصِحَّتِهَا وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1336) يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَجْهِ الَّذِي سَيُقْسَمُ فِيهِ الرِّبْحُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ] الْمَادَّةُ (1336) - (يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَجْهِ الَّذِي سَيُقْسَمُ فِيهِ الرِّبْحُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَإِذَا بَقِيَ مُبْهَمًا وَمَجْهُولًا تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً) يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْوَجْهِ الَّذِي سَيُقْسَمُ فِيهِ الرِّبْحُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَيَجِبُ بَيَانُ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ هُوَ الرِّبْحُ فَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَجَهَالَةُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ تُفْسِدُ الْعَقْدَ (الْكَفَوِيُّ) . وَيَجِبُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ بَيَانُ أَنَّ الرِّبْحَ يُقْسَمُ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ. أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ مُتَفَاضِلًا. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (1331 وَ 1358 وَ 1363) وَلِذَلِكَ إذَا بَقِيَتْ صُورَةُ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ مُبْهَمَةً وَمَجْهُولَةً تَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1368) . وَالْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ فَاسِدَةٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ)

(المادة 1337) يشترط أن تكون حصة الربح الذي بين الشركاء جزءا شائعا

وَإِبْهَامُ الرِّبْحِ أَنْ يُقَالَ مُرَدِّدًا لَك النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ مِنْ الرِّبْحِ ومَجْهُولِيَّتِهِ أَيْضًا عَدَمُ ذِكْرِ صُورَةِ التَّقْسِيمِ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ فَلَفْظُ الْمُبْهَمِ وَالْمَجْهُولِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنًى آخَرَ. [ (الْمَادَّةُ 1337) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الرِّبْحِ الَّذِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جُزْءًا شَائِعًا] الْمَادَّةُ (1337) - (يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الرِّبْحِ الَّذِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ فَإِذَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ كَذَا دِرْهَمًا مَقْطُوعًا مِنْ الرِّبْحِ تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَاطِلَةً) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الرِّبْحِ الَّذِي سَيُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي تَعْيِينِ الرِّبْحِ حَالٌ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ أَيْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ أَوَّلًا: جُزْءًا، فَإِذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ، ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ شَائِعًا، فَلِذَلِكَ إذَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ كَذَا دِرْهَمًا مَقْطُوعًا كَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الرِّبْحِ وَأَنْ يَكُونَ بَاقِيهِ كَامِلًا لِلْآخَرِ أَوْ مُشْتَرَكًا تَكُونُ الشَّرِكَةُ بَاطِلَةً وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1368) لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَحْصُلَ رِبْحٌ أَكْثَرَ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي عُيِّنَ مَقْطُوعًا وَيُحْرَمُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مِنْ الرِّبْحِ بِالْكُلِّيَّةِ فَتَنْقَطِعُ الشَّرِكَةُ فِي هَذَا الْحَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بَلْ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَبْقَى الشَّرِكَةُ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّ بُطْلَانَ الشَّرِكَةِ هُنَا لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ بَلْ نَاشِئٌ عَنْ وُجُودِ شَرْطٍ يَنْفِي الشَّرِكَةَ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الشَّرِكَةَ الَّتِي تُعْقَدُ بِهَذَا الشَّرْطِ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً فَقَطْ [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الشُّرُوطِ الْخَاصَّةِ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ] ِ) الشُّرُوطُ الْخَاصَّةُ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةُ الْأَمْوَالِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ هِيَ ثَلَاثَةٌ: 1 - الشَّرَائِطُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلشَّرِكَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1333) وَشَرْحَهَا 2 - الشَّرَائِطُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ وَأَنْ يَكُونَ عَيْنًا 3 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ حَاضِرًا عِنْدَ الشِّرَاءِ وَسَيُوَضَّحُ الشَّرْطَانِ الْأَخِيرَانِ فِي الْمَادَّةِ (1338) وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (1341) . (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الشَّرِكَةِ) .

(المادة 1339) المسكوكات النحاسية الرائجة معدودة

وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ " شَرِكَة الْأَمْوَالِ " شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّرِكَتَيْنِ تَصِحُّ بِلَا مَالٍ فَلِذَلِكَ لَزِمَ اعْتِبَارُ قَيْدِ الْأَمْوَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَادَّةُ (1338) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ) فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الَّتِي لَا تُعَدُّ نُقُودًا كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1342) . (الْبَحْرُ) إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1339 وَ 1340) الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ لَا تَحْتَوِيَانِ عَلَى شَرْطٍ خِلَافَ مَا ذُكِرَ بَلْ تُفَصِّلَانِ وَتُوَضِّحَانِ هَذِهِ الْمَادَّةَ كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ (الْ 1342) هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَحَيْثُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1341) الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ مَعَ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَادَّةَ (1342) كَمَا أَنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1343 وَ 1344) تَحْتَوِيَانِ عَلَى أَحْكَامٍ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ النُّقُودِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ أَيْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ جِنْسِ نُقُودٍ وَاحِدَةٍ فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ نُقُودٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مِنْ نُقُودٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا ذَهَبًا وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ فِضَّةً لِأَنَّ هَذَيْنِ فِي الثَّمَنِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يُوجَدَ تَسَاوٍ فِي الْقِيمَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ الْمُخْتَلِفِ الْجِنْسِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1333) وَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ رَأْسَ مَالٍ ذَهَبًا وَوَضَعَ الْآخَرُ رَأْسَ مَالٍ فِضَّةً فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ الْمَوْضُوعُ رَأْسَ مَالِ بَقِيَّةِ الْفِضَّةِ الْمَوْضُوعَةِ فَإِذَا وُجِدَ تَفَاضُلٌ فِي الْقِيمَةِ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَلَكِنْ إذَا تَزَايَدَتْ قِيمَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَقَبْلَ الشِّرَاءِ وَفَاتَ التَّسَاوِي فَتَنْقَلِبُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ. أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَلَا يَلْزَمُ تَسَاوِي قِيمَةِ النُّقُودِ الْمُخْتَلِفَةِ: اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1365) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية فِي الشَّرِكَةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ رَأْسِ الْمَالِ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ شَرِكَةَ عِنَانٍ فَلَا يَكُونُ خَلْطُ رَأْسِ الْمَالِ أَمْرًا لَازِمًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ هِيَ مُسْتَنِدَةٌ عَلَى الْعَقْدِ وَلَيْسَ عَلَى خَلْطِ رَأْسِ الْمَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ. (1331) [ (الْمَادَّةُ 1339) الْمَسْكُوكَاتُ النُّحَاسِيَّةُ الرَّائِجَةُ مَعْدُودَةٌ] الْمَادَّةُ (1339) - (الْمَسْكُوكَاتُ النُّحَاسِيَّةُ الرَّائِجَةُ مَعْدُودَةٌ عُرْفًا مِنْ النُّقُودِ) لِأَنَّ الْمَسْكُوكَاتِ النُّحَاسِيَّةَ هِيَ أَثْمَانٌ اصْطِلَاحًا فَتَأْخُذُ حُكْمَ النُّقُودِ فَمَا لَمْ يَحْصُلْ اصْطِلَاحٌ خِلَافَهُ فَتُعَدُّ وَتَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَقَدْ كَانَتْ السِّكَّةُ النُّحَاسِيَّةُ حِينَ نَشْرِ هَذَا الْكِتَابِ رَائِجَةً وَكَانَتْ تُعَدُّ نُقُودًا حَسَبَ عُرْفِ ذَلِكَ الزَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ مُنِعَ رَوَاجُهَا مُؤَخَّرًا وَاصْطُلِحَ عَلَى عَكْسِهِ أَيْ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا نُقُودًا فَأَصْبَحَتْ السِّكَّةُ النُّحَاسِيَّةُ فِي زَمَانِنَا مِنْ قَبِيلِ الْعُرُوضِ. اُنْظُرْ

(المادة 1341) يشترط أن يكون رأس مال الشركة عينا

الْمَادَّةُ (39) . (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَتُحَرَّرُ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي زَمَانِنَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (الْمَسْكُوكَاتُ النَّيْكَلِيَّةُ الرَّائِجَةُ مَعْدُودَةٌ عُرْفًا مِنْ النُّقُودِ) الْمَادَّةُ (1340) - (إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْمُعْتَادِ بَيْنَ النَّاسِ التَّعَامُلُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرِ الْمَسْكُوكَيْنِ فَيَكُونَانِ فِي حُكْمِ النُّقُودِ وَإِلَّا فَفِي حُكْمِ الْعُرُوضِ) إذَا كَانَ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَالْمُعْتَادِ بَيْنَ النَّاسِ التَّعَامُلُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرِ الْمَسْكُوكَيْنِ أَيْ غَيْرِ الْمَضْرُوبَيْنِ أَيْ اسْتِعْمَالُهُمَا مَقَامَ النُّقُودِ وَيُسَمَّيَانِ نُقْرَةً وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَيَكُونَانِ فِي حُكْمِ النُّقُودِ الْمَضْرُوبَةِ وَالْمَسْكُوكَةِ وَيَكُونُ التَّعَامُلُ بِهِمَا بِمَنْزِلَةِ الضَّرْبِ وَتَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا وَرَأْسَ مَالٍ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَيْ أَنَّ هَذَيْنِ يَصْلُحَانِ لَأَنْ يَكُونَا رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ. وَالتِّبْرُ كَالنُّقْرَةِ أَيْضًا أَيْ إذَا كَانَ يُوجَدُ عُرْفٌ وَعَادَةٌ بِالْمُعَامَلَةِ بِالتِّبْرِ فَهُوَ فِي حُكْمِ النُّقُودِ أَيْضًا. وَالتِّبْرُ هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الْمُسْتَخْرَجُ مِنْ مَعْدِنِهِمَا وَلَمْ يُسَكَّ بَعْدُ (الطَّحْطَاوِيُّ) الْخُلَاصَةُ: إنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: (1) الْمَضْرُوبُ (2) النُّقْرَةُ (3) التِّبْرُ. فَالْأَوَّلُ يَكُونُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ يَكُونَانِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ إذَا كَانَ يُوجَدُ عُرْفٌ وَعَادَةٌ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا بَيْنَ النَّاسِ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ وَعَادَةٌ فِي اسْتِعْمَالِهِمَا بَيْنَ النَّاسِ فَهُمَا فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ هَذَانِ الشَّيْئَانِ قَدْ خُلِقَا فِي الْأَصْلِ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنَّ ثَمَنِيَّتَهُمَا مُخْتَصَّةٌ بِالضَّرْبِ الْمَخْصُوصِ فَإِذَا ضُرِبَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُصْرَفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ظَاهِرًا (الْبَحْرُ) وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَكُونَانِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (36 وَ 37) الْخُلَاصَةُ: إنَّ كُلَّ بَلْدَةٍ يُوجَدُ فِيهَا عُرْفٌ وَعَادَةٌ بِإِجْرَاءِ الْمُعَامَلَةِ بِالتِّبْرِ فَالتِّبْرُ فِيهَا فِي حُكْمِ النُّقُودِ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ وَيَكُونُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ وَكُلُّ بَلْدَةٍ لَيْسَ فِيهَا عُرْفٌ وَعَادَةٌ بِاسْتِعْمَالِ التِّبْرِ نُقُودًا فَالتِّبْرُ فِيهَا فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ وَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فِي الْعُقُودِ وَلَا يَكُونُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (36) يَثْبُتُ الْحُكْمُ الْخَاصُّ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْحُكْمُ الْعَامُّ وَفِي زَمَانِنَا غَيْرُ مُعْتَادٍ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ غَيْرِ الْمَضْرُوبَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُعَامَلَاتِ التِّجَارِيَّةِ، فَلِذَلِكَ لَا يَكُونَانِ فِي زَمَانِنَا رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1341) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ عَيْنًا] الْمَادَّةُ (1341) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ عَيْنًا وَلَا يَكُونُ دَيْنًا أَيْ لَا يَكُونُ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. مَثَلًا لَيْسَ لِاثْنَيْنِ أَنْ يَتَّخِذَا دَيْنَهُمَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ، وَإِذَا كَانَ

(المادة 1342) عقد الشركة على الأموال التي ليست معدودة من النقود

رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ دَيْنًا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَ دَيْنٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَالًا غَائِبًا فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الدَّيْنُ أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْ ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ لِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ الْعِنَانِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِالدَّيْنِ شِرَاءُ الْمَالِ وَبَيْعُهُ وَالرِّبْحُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لَا يُمْكِنُ إجْرَاءُ مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُمَلَّكُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْتَرَى مَالٌ مِنْ عَمْرٍو مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا. مَثَلًا لَيْسَ لِاثْنَيْنِ أَنْ يَتَّخِذَا دَيْنَهُمَا الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ. وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ دَيْنًا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ حِينَ عَقْدِ الشِّرَاءِ حَاضِرًا أَيْ غَيْرَ غَائِبٍ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ. وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ وَكَانَ مُشَارًا إلَيْهِ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ، وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: ضَعْ فَوْقَ هَذَا الْمَبْلَغِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبِعْ وَاشْتَرِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا مَالُ الْآخَرِ وَقْتَ الشَّرِكَةِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَأَحْضَرَهُ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَتَتِمُّ الشَّرِكَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1342) عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ النُّقُودِ] الْمَادَّةُ (1342) - (لَا يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ النُّقُودِ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ، أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ، وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ اثْنَانِ اتِّخَاذَ أَمْوَالِهِمَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَبَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ اشْتِرَاكُهُمَا بِبَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ لِلْآخَرِ فَلَهُمَا عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ هَذَا، وَكَذَلِكَ لَوْ خَلَطَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمِقْدَارَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ مَثَلًا بِبَعْضِهِ فَحَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَلَهُمَا أَنْ يَتَّخِذَا هَذَا الْمَالَ الْمَخْلُوطَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ) لَا يَصِحُّ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ الْعِنَانِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ النُّقُودِ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1338) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي هَذَا الْحَالِ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ رِبْحٌ بِدُونِ مُقَابِلٍ وَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِنْ طَرَفِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْنُوَضِّحْ هَذَا بِمِثَالٍ وَهُوَ: لَوْ عُقِدَتْ شَرِكَةٌ بِأَنْ اتَّخَذَ زَيْدٌ دَارِهِ وَعَمْرٌو حَدِيقَتَهُ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَإِذَا اُعْتُبِرَتْ صِحَّةُ هَذِهِ الشَّرِكَةِ وَبَاعَ زَيْدٌ دَارِهِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا وَبَاعَ عَمْرٌو حَدِيقَتَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَكُونُ نِصْفُ الْخَمْسِينَ دِينَارٍ فَضْلَةَ ثَمَنِ دَارِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو مَعَ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يُقَدِّمْ مُقَابِلًا لِاسْتِحْقَاقِ أَخْذِ هَذَا الْمَبْلَغِ وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ عَمَلٌ كَمَا أَنَّ أَوَّلَ تَصَرُّفٍ فِي الْعُرُوضِ هُوَ الْبَيْعُ وَفِي النُّقُودِ الشِّرَاءُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ مَالَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ آخَرُ شَرِيكًا لَهُ فِي الثَّمَنِ أَيْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْمُقَاوَلَةُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الثَّمَنِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا بِنُقُودِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَهُوَ جَائِزٌ.

وَالْعُرُوضُ جَمْعُ عَرْضٍ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (131) وَقَدْ جَاءَتْ هُنَاكَ بِمَعْنَى الْمَالِ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ. أَمَّا هُنَا فَقَدْ جَاءَتْ بِمَعْنَى غَيْرِ النُّقُودِ وَالْعَقَارِ كَالْمَتَاعِ وَالْقُمَاشِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ قَبْلَ الْخَلْطِ أَيْضًا. أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ: 1 - إذَا أَرَادَ اثْنَانِ اتِّخَاذَ أَمْوَالِهِمَا الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ - أَيْ أَمْوَالِهِمَا الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ - رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَبَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ اشْتِرَاكُهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ يَبِيعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ لِلْآخَرِ فَلَهُمَا عَقْدُ شَرِكَةِ أَمْوَالٍ عَلَى مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ هَذَا. 2 - إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ مِلْكًا لِأَحَدٍ فَإِذَا بَاعَ نِصْفَهُ لِآخَرَ فَلَهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ هَذَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - إذَا كَانَ الْمَالُ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ مُشْتَرَكًا فِي الْأَصْلِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَلَهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَالِهِمَا الْمُشْتَرَكِ هَذَا وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ طَرِيقُ صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ أَيْ أَنَّ فَسَادَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ لَيْسَتْ لِذَاتِهَا بَلْ لِأَنَّهَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِأَمْرَيْنِ بَاطِلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَثَانِيهِمَا: جَهَالَةُ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الْقِسْمَةِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ أَيْ فِي حَالَةِ الْخَلْطِ يَنْتَفِي هَذَانِ الْأَمْرَانِ (الْبَحْرُ) وَلِذَلِكَ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ فَإِذَا حَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (96 وَ 1075) . وَلَكِنْ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ حُصُولِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ الْعَقْدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1333) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) قِيلَ: " بَيْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ " وَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ النِّصْفِ بِالنِّصْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ النِّصْفِ بِالنِّصْفِ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالَيْنِ مُتَفَاوِتَةً كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ أَنْ لَا يُبَاعَ النِّصْفُ بِالنِّصْفِ بَلْ يُبَاعُ النِّصْفُ بِالرُّبْعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَكُونُ تَعْبِيرُ " بَيْعُ النِّصْفِ بِالنِّصْفِ " قَيْدًا لَازِمًا بِالنِّسْبَةِ لِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُفَاوَضَةِ التَّسَاوِي بِخِلَافِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِشَرِكَةِ الْعِنَانِ فَهُوَ قَيْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ (الْبَحْرُ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ عُرُوضِ أَحَدٍ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعُرُوضُ الْآخَرِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَبَاعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عُرُوضِهِ مُقَابِلَ خُمْسِ عُرُوضِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فَتَكُونُ عُرُوضُ كِلَيْهِمَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا كَمَا أَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ أَخْمَاسًا وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عِنَانًا لَا مُفَاوَضَةً أَيْ أَنَّهُ تَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ وَخُمُسٌ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ: بَيْعُهُ لِآخَرَ، وَهَذَا الْبَيْعُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: 1 - يَكُونُ الْبَيْعُ مُقَابِلَ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ مَالِهِ لِآخَرَ بِنُقُودٍ ثُمَّ عَقَدَ الشَّرِكَةَ جَازَ. 2 - أَنْ يَبِيعَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ مَالِهِ بِنِصْفِ مَالِ الْآخَرِ مُقَايَضَةً، فَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَيَجُوزُ، وَبَيَانُ الْمَجَلَّةِ يَشْمَلُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (الدُّرّ الْمُنْتَقَى بِإِيضَاحٍ وَزِيَادَةٍ) . فَلِذَلِكَ لَا تَكُونُ الْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ هَذِهِ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَتَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُرُوضِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَكِنْ يَجُوزُ اتِّخَاذُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ بَعْدَ خَلْطِهَا وَذَلِكَ أَنْ يَخْلِطَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَمِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَمِقْدَارَيْنِ مِنْ الْحِنْطَةِ مَثَلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَحَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَلَهُمَا أَنْ يَتَّخِذَا هَذَا الْمَالَ الْمَخْلُوطَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَيَعْقِدَا عَلَيْهِ الشَّرِكَةَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ وَجْهٍ ثَمَنٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا وَيُؤْخَذُ فِي مُقَابِلِهَا مَالٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عُرُوضٌ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ بِالتَّعَيُّنِ فَيُعْمَلُ فِي الْحَالَيْنِ بِالشَّبِيهَيْنِ فَإِذَا خُلِطَ تُعْتَبَرُ ثَمَنًا وَإِذَا لَمْ تُخْلَطْ فَتُعْتَبَرُ عُرُوضًا بِخِلَافِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنًا بِحَالٍ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيُشَارُ بِقَوْلِ الْمَجَلَّةِ " مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ " بِأَنَّ الْمَخْلُوطَ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بَلْ كَانَ مُخْتَلِفًا فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمَخْلُوطَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ مَعَ أَنَّ الْمَخْلُوطَ مِنْ جِنْسَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيمَةِ فَتَحْصُلُ فِيهِ الْجَهَالَةُ كَمَا فِي الْعُرُوضِ وَبِمَا أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَصِحُّ فِي ذَلِكَ فَحُكْمُ الْخَلْطِ فِيهِ كَحُكْمِ خَلْطِ الْوَدِيعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلِلْآخَرِ مِقْدَارٌ مِنْ الشَّعِيرِ وَخَلَطَا الْمِقْدَارَيْنِ فَلَا تَحْصُلُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ عَقْدٍ بَلْ تَحْصُلُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةُ مِلْكٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُشَارُ بِقَوْلِهِ " مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ " أَنَّهُ إذَا خَلَطَا مَالَهُمَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ كَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ ثُمَّ عَقَدَا الشَّرِكَةَ فَتَصِحُّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ هِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِخَلْطِ الْأَمْوَالِ وَحُصُولِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ فِيهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مَا تَتَعَيَّنُ بَعْدَ الْخَلْطِ بِالتَّعْيِينِ وَلَا يَصْلُحُ الْمَالُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي هَذَا وَهُوَ: إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ فَهَذَا الشَّرْطُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَغَيْرُ صَحِيحٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بِالتَّسَاوِي لِأَنَّ الرِّبْحَ بِمِقْدَارِ الْمِلْكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَادَّةُ (1343) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ بِرْذَوْنٌ وَلِآخَرَ سَرْجٌ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَاهُمَا وَمَا يَحْصُلُ مِنْ أُجْرَتِهِمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ

الْحَاصِلَةُ لِصَاحِبِ الْبِرْذَوْنِ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ السَّرْجِ حِصَّتُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لِكَوْنِ السَّرْجِ دَخِيلًا وَتَابِعًا لِلْبِرْذَوْنِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ صَاحِبُ السَّرْجِ أُجْرَةَ مِثْلِ سَرْجِهِ) شَرِكَةُ الْمَنَافِعِ كَالْعُرُوضِ فَعَلَيْهِ كَمَا لَا تَكُونُ الْعُرُوض رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لَا تَكُونُ الْمَنَافِعُ أَيْضًا رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَ لِأَحَدٍ بِرْذَوْنٌ وَلِآخَرَ سَرْجٌ أَوْ أَكْيَاسٌ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَاهُمَا وَمَا يَحْصُلُ مِنْ أُجْرَتِهِمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً مَثَلًا فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَتَكُونُ كُلُّ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ لِصَاحِبِ الْبِرْذَوْنِ وَلَا يَكُونُ لِصَاحِبِ السَّرْجِ أَوْ الْأَكْيَاسِ حِصَّةٌ مِنْ الْأُجْرَةِ لِكَوْنِ السَّرْجِ أَوْ الْأَكْيَاسِ دَخِيلًا وَتَابِعًا لِلْبِرْذَوْنِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ صَاحِبُ السَّرْجِ أَوْ الْأَكْيَاسِ أُجْرَةَ مِثْلِ سَرْجِهِ أَوْ أَكْيَاسِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَلَا تُقْسَمُ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ أُجْرَةِ مِثْلِ الْبِرْذَوْنِ وَأُجْرَةِ مِثْلِ السَّرْجِ أَوْ الْأَكْيَاسِ، قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ " عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَاهُمَا " لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَطَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ أَحَدُهُمَا بِحَيَوَانِهِ وَيَعْمَلَ الْآخَرُ بِأَدَوَاتِهِ كَالسَّرْجِ وَالْأَكْيَاسِ وَيَتَعَهَّدَا نَقْلَ الْأَحْمَالِ فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا حَسَبَ شُرُوطِهِمَا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أُجْرَةً لِلْحَيَوَانِ أَوْ لِلسَّرْجِ أَوْ الْأَكْيَاسِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1385) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ سَفِينَتَهُ وَأَدَوَاتِهَا إلَى أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ آخَرِينَ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلُوا هَذِهِ السَّفِينَةَ مَعَ أَدَوَاتِهَا وَعَلَى أَنْ يَكُونَ خُمْسُ الْحَاصِلَاتِ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لِلشُّرَكَاءِ الْأَرْبَعَةِ بِالسَّوِيَّةِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً فَإِذَا عَمِلَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُونَ أَجْرَ الْمِثْلِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهُ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً فَإِذَا أَجَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَيَوَانَ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لِصَاحِبِ الْحَيَوَانِ وَلِلْآخَرِ أَخْذُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْحُكْمُ فِي السَّفِينَةِ وَالْبَيْتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا كَانَ حَيَوَانٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَعَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَ أَحَدُهُمَا الْحَيَوَانَ وَيَعْمَلَ عَلَيْهِ وَأَنْ تُقْسَمَ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهَا لِلشَّرِيكِ الْعَامِلِ وَثُلُثُهَا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَتُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ حِصَصِهِمَا فِي الْحَيَوَانِ، وَلِلشَّرِيكِ الْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ أَيْضًا أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْعَمَلُ الْعَمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ حَتَّى يُقَالَ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِيمَا يَعْمَلُ وَهُوَ لِغَيْرِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ بَعِيرٌ وَلِلْآخَرِ بِرْذَوْنٌ وَاشْتَرَكَا عَلَى تَأْجِيرِ الْحَيَوَانَيْنِ وَاكْتِسَابِ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُوجَدُ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ: 1 - أَنْ يُؤَجِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيَوَانَهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ أُجْرَةُ حَيَوَانِهِ لَهُ 2 - أَنْ يُؤَجِّرَا حَيَوَانَيْهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَأَنْ يَشْتَرِطَا عَمَلًا مِنْهُمَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْسَمُ الْأَجْرُ

الْمُسَمَّى بِنِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ الْحَيَوَانَيْنِ. 3 - أَنْ يُؤَجِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيَوَانَهُ وَأَنْ يَشْتَرِطَا الْعَمَلَ بِالْحَيَوَانَيْنِ بِأَنْ يَسُوقَاهُمَا مَعًا أَوْ يَسُوقَهُمَا أَحَدُهُمَا وَيُحَمِّلَهُمَا الْآخَرُ الْأَحْمَالَ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُقْسَمُ الْأُجْرَةُ بِنِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ الْحَيَوَانَيْنِ وَأَجْرِ مِثْلِهِمَا وَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا كَانَ لِأَحَدٍ بَغْلٌ وَلِآخَرَ قِرْبَةٌ وَتَقَاوَلَا عَلَى أَنْ يَشْتَغِلَا بِالسِّقَايَةِ لَا يَصِحُّ، وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلسَّقَّاءِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ أَجْرَ مِثْلِ بَغْلِهِ، هَذَا إذَا كَانَ السَّقَّاءُ صَاحِبَ الْقِرْبَةِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّقَّاءُ صَاحِبَ الْحَيَوَانِ فَأَجْرُ الْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ الْقِرْبَةِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ شَبَكَةٌ فَأَعْطَاهَا لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَصْطَادَ بِهَا سَمَكًا وَيَكُونَ السَّمَكُ الْمُصْطَادُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَلِلْآخَرِ أَخْذُ أُجْرَةِ مِثْلِ شَبَكَتِهِ (الْبَحْرُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - سَتَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: الْمَادَّةُ (1344) - (إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ عَلَى دَابَّةِ آخَرَ لِلْجَوْبِ بِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَجْرَ دَابَّتِهِ أَيْضًا وَالدُّكَّانُ كَالدَّابَّةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ فِي دُكَّانِ الْآخَرِ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونَ رِبْحُ الْأَمْتِعَةِ لِصَاحِبِهَا وَيَأْخُذَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ أَجْرَ مِثْلِ دُكَّانِهِ أَيْضًا) . إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ عَلَى دَابَّةِ الْآخَرِ لِلْجَوْبِ بِهَا وَبَيْعِهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا عَلَى وَجْهِ كَذَا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1342) حَيْثُ إنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا عَرْضٌ وَرَأْسَ مَالِ الْآخَرِ مَنْفَعَةٌ وَيَكُونُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ لِصَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ لِأَنَّ هَذَا الرِّبْحَ هُوَ بَدَلُ مِلْكِ صَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَجْرَ مِثْلِ دَابَّتِهِ أَيْضًا لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ لَمْ يَرْضَ بِتَمْلِيكِ مَنْفَعَةِ دَابَّتِهِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ غَيْرَ مُعَدَّةٍ أَيْ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ. وَالدُّكَّانُ كَالدَّابَّةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا أَمْتِعَتَهُ فِي دُكَّانِ الْآخَرِ وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً وَيَكُونَ رِبْحُ الْأَمْتِعَةِ لِصَاحِبِهَا حَيْثُ إنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ أَجْرَ مِثْلِ دُكَّانِهِ مِنْ صَاحِبِ الْأَمْتِعَةِ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ دَجَاجَهُ أَوْ بَقَرَتَهُ لِآخَرَ لِتَرْبِيَتِهَا وَإِعَاشَتِهَا وَعَلَى أَنْ يَكُونَ نِتَاجُهَا

الفصل الرابع في بعض الضوابط المتعلقة بعقد الشركة

مُشْتَرَكًا فَتَكُونَ حَاصِلَاتُ الْبَقَرِ أَوْ الدَّجَاجِ لِصَاحِبِهَا وَيَأْخُذُ الْآخَرُ بَدَلَ عَلَفِهِ وَأَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ لِآخَرَ بَيْضَ دُودِ الْقَزِّ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيُرَبِّيَهَا بِوَرَقِ التُّوتِ وَأَنْ يَكُونَ الْحَرِيرُ الْحَاصِلُ مِنْهَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ دُودُ الْقَزِّ لِصَاحِبِ الشَّرَانِقِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ بَدَلَ وَرَقِ التُّوتِ وَأَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) . كَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الشَّرَانِقُ وَوَرَقُ التُّوتِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونَ الْحَرِيرُ لِصَاحِبِ الشَّرَانِقِ وَيَكُونَ لِلْآخَرِ حَقُّ أَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ أَمَّا إذَا عَقَدَا شَرِكَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ الشَّرَانِقُ وَالْعَمَلُ مِنْ كِلَيْهِمَا فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُ وَرَقِ التُّوتِ. وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الشَّرِكَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هِيَ أَنْ يَبِيعَ صَاحِبُ الْبَقَرَةِ أَوْ الدَّجَاجِ أَوْ دُودِ الْقَزِّ نِصْفَهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لِآخَرَ وَفِي هَذَا الْحَالِ تُصْبِحُ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً بِسَبَبِ الْمِلْكِيَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1073) . [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَعْضِ الضَّوَابِطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1345) يَتَقَوَّمُ الْعَمَلُ بِالتَّقْوِيمِ] الْفَصْلُ الرَّابِعُ (فِي بَعْضِ الضَّوَابِطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ) الْمَادَّةُ (1345) - (يَتَقَوَّمُ الْعَمَلُ بِالتَّقْوِيمِ، أَيْ أَنَّ الْعَمَلَ يَتَقَوَّمُ بِتَعْيِينِ الْقِيمَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ شَخْصٍ أَكْثَرَ قِيمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِ شَخْصٍ آخَرَ. مَثَلًا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ مُتَسَاوِيًا وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ كِلَيْهِمَا فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ زَائِدَةً فِي الرِّبْحِ جَازَ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مَهَارَةً مِنْ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَمَلُهُ أَزْيَدَ وَأَنْفَعَ) يَتَقَوَّمُ الْعَمَلُ بِالتَّقْوِيمِ، أَيْ أَنَّ الْعَمَلَ يَتَقَوَّمُ بِتَعْيِينِ الْقِيمَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِتَقْدِيرِ قِيمَةِ الْعَمَلِ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ لِلْعَمَلِ تِلْكَ الْقِيمَةُ وَيَصِحُّ تَقْوِيمُ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ كَتَأْجِيرِ أَحَدٍ مَالَهُ لِآخَرَ بَدَلَ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ وَكَبَيْعِ أَحَدٍ مَالَهُ لِآخَرَ بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُ شَخْصٍ أَكْثَرَ قِيمَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِ شَخْصٍ آخَرَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ فِي عَقْدِ مُقَاوَلَةِ الشَّرِكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ مُتَسَاوِيًا وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ كِلَيْهِمَا عَلَى التَّسَاوِي فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ زَائِدَةٌ مِنْ الرِّبْحِ جَازَ وَتَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لِلشَّرِيكِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مُقَابِلَ كَوْنِ عَمَلِهِ أَزْيَدَ فِي الْقِيمَةِ مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ وَمُقَابِلَ مَهَارَتِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مَهَارَةً مِنْ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَمَلُهُ أَزْيَدَ وَأَنْفَعَ وَلَا تَكُونَ زِيَادَةُ الرِّبْحِ رِبْحًا مَا لَمْ يَضْمَنْ أَيْ حَيْثُ لَا يُوجَدُ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1348) فَلَا يُقَالُ بِعَدَمِ

(المادة 1346) ضمان العمل نوع من العمل

اسْتِحْقَاقِ الزِّيَادَةِ فِي الرِّبْحِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ لَهُ زِيَادَةٌ مِنْ الرِّبْحِ أَكْثَرَ مَهَارَةً مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقِيقَةً وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الزِّيَادَةَ فِي الرِّبْحِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا فَيَسْتَحِقُّ زِيَادَةً فِي الرِّبْحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ مَهَارَةً مِنْ شَرِيكِهِ مَا دَامَ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ قَبِلَ بِأَنَّ قِيمَةَ عَمَلِهِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِ نَفْسِهِ وَيَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ. وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ سَيَرِدُ فِي الْمَادَّةِ (1371) مُسْتَثْنًى - وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1402) أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ أَنْ يُشْتَرَطَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ زِيَادَةٌ فِي الرِّبْحِ. [ (الْمَادَّةُ 1346) ضَمَانُ الْعَمَلِ نَوْعٌ مِنْ الْعَمَلِ] الْمَادَّةُ (1346) - (ضَمَانُ الْعَمَلِ نَوْعٌ مِنْ الْعَمَلِ، فَلِذَلِكَ إذَا تَشَارَكَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ بِأَنْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي دكانة آخَرَ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ عَلَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ هُوَ مِنْ الْأَعْمَالِ يَعْمَلُهُ ذَلِكَ الْآخَرُ وَأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْكِسْبِ أَيْ الْأُجْرَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً جَازَ، وَإِنَّمَا اسْتِحْقَاقُ صَاحِبِ الدُّكَّانِ الْحِصَّةَ هُوَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ كَمَا أَنَّهُ يَنَالُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَيْضًا مَنْفَعَةَ دكانة) ضَمَانُ الْعَمَلِ أَيْ تَقَبُّلُ الْعَمَلِ نَوْعٌ مِنْ الْعَمَلِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَضَمَانُ الْعَمَلِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ أَيْضًا كَالْعَمَلِ أَيْ أَنَّهُ كَمَا جَازَ تَقْدِيرُ قِيمَةٍ زَائِدَةٍ لِعَمَلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَتَزْيِيدُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فِي الرِّبْحِ فَيَجُوزُ أَيْضًا تَعَيُّنُ قِيمَةٍ لِضَمَانِ الْعَمَلِ بِاتِّفَاقِ الشَّرِيكَيْنِ أَيْضًا وَيَكُونُ مِنْ نَتِيجَةِ ذَلِكَ جَوَازُ شَرْطِ رِبْحٍ لِلشَّرِيكِ الَّذِي ضَمِنَ الْعَمَلَ مُقَابِلَ ضَمَانِهِ هَذَا فَلِذَلِكَ إذَا تَشَارَكَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ بِأَنْ وَضَعَ أَحَدٌ فِي دكانة آخَرَ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ عَلَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ وَيَتَعَهَّدُهُ هُوَ مِنْ الْأَعْمَالِ يَعْمَلُهُ ذَلِكَ الْآخَرُ وَأَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْكِسْبِ أَيْ الْأُجْرَةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً جَازَ اسْتِحْسَانًا لَأَنْ يَكُونَ أَحْيَانًا صَاحِبُ الدُّكَّانِ ذَا جَاهٍ وَاحْتِرَامٍ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ حَاذِقٍ فِي الْعَمَلِ فَلِذَلِكَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَضَعَ عَامِلًا حَاذِقًا فِي دُكَّانِهِ لِيَقُومَ بِالْعَمَلِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَسْتَفِيدُ أَحَدُهُمَا مِنْ وَجَاهَتِهِ وَالْآخَرُ مِنْ حِذْقِهِ. وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَقْدُ شَرِكَةٍ تَحْتَوِي عَلَى التَّقَبُّلِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَالْعَمَلِ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّرِكَةِ) وَتَقَبُّلُ صَاحِبِ الدُّكَّانِ عَمَلٌ أَيْضًا وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدُّكَّانِ يَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَ صَاحِبَ الصَّنْعَةِ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَتَحْصُلُ مِنْ عَمَلِهِ وَهِيَ مَجْهُولٌ فَصَارَ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ (الدُّرَرُ) وَلَا سِيَّمَا فَفِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ عَمَلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَدُكَّانٌ مِنْ الْآخَرِ أَيْ مَحَلٌّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1344) . وَإِنَّمَا اسْتِحْقَاقُ صَاحِبِ الدُّكَّانِ نِصْفَ الْحِصَّةِ هُوَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ كَمَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ صَاحِبِ الْعَمَلِ نِصْفَ الْحِصَّةِ هُوَ بِعَمَلِهِ كَمَا أَنَّهُ يَنَالُ صَاحِبُ الدُّكَّانِ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَيْضًا مَنْفَعَةَ

(المادة 1347) يكون الاستحقاق للربح أحيانا بالمال أو بالعمل

دُكَّانِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ هِيَ نِصْفُ حِصَّةِ الرِّبْحِ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ. أَنْ يُؤَجِّرَ دُكَّانَهُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَأَنَّهُ بَدَلُ إيجَارِهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي هَذَا الْإِيجَارِ بَدَلُ إيجَارٍ. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 477) الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَانْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ فَإِذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَكَمَا لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ تَقَبُّلُ الْعَمَلِ فَلِلْعَامِلِ أَيْ لِلشَّرِيكِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَتَعَهَّدَ الْعَمَلَ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ حَتَّى إنَّهُ لَوْ شُرِطَ فِي الشَّرِكَةِ عَدَمُ تَقَبُّلِ الْعَامِلِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ إذَا سُكِتَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَنْ ذِكْرِ تَقَبُّلِ الْعَامِلِ فَالسُّكُوتُ الْوَاقِعُ يُثْبِتُ حَقَّ التَّقَبُّلِ لِلْعَامِلِ اقْتِضَاءً فَيَثْبُتُ حَقُّ تَقَبُّلِهِ أَمَّا إذَا نَفَى التَّقَبُّلَ فَلَا يَثْبُتُ التَّقَبُّلُ اقْتِضَاءً وَبِنَفْيِ التَّقَبُّلِ لَا تَبْقَى الْوَكَالَةُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا فِي الشَّرِكَةِ يَعْنِي فِي حَالِ نَفْيِ التَّقَبُّلِ تَنْعَدِمُ الْوَكَالَةُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا فِي الشَّرِكَةِ وَلِذَلِكَ تَكُونُ الشَّرِكَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ. وَاقْتِدَارُ صَاحِبِ الدُّكَّانِ عَلَى عَمَلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَتَقَبَّلُهَا أَوْ عَدَمُ اقْتِدَارِهِ سِيَّانِ أَيْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْأَعْمَالَ سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا عَلَى عَمَلِهِمَا أَوْ غَيْرَ قَادِرٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1332) إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ قِسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ لَا تُذْكَرَ عَلَى حِدَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 1347) يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ أَحْيَانًا بِالْمَالِ أَوْ بِالْعَمَلِ] الْمَادَّةُ (1347) - (يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ أَحْيَانًا بِالْمَالِ أَوْ بِالْعَمَلِ وَأَحْيَانًا أَيْضًا بِالضَّمَانِ (بِحُكْمِ مَادَّةِ 85) فَلِذَلِكَ يَسْتَحِقُّ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبُّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ بِمَالِهِ وَالْمُضَارِبُ بِعَمَلِهِ. وَإِذَا وَضَعَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ تِلْمِيذًا عِنْدَهُ وَأَعْمَلَهُ فِيمَا تَقَبَّلَهُ وَتَعَهَّدَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِنِصْفِ أُجْرَتِهِ جَازَ وَالْكَسْبُ أَيْ الْأُجْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمَلِ كَمَا يَسْتَحِقُّ التِّلْمِيذُ نِصْفَهَا بِعَمَلِهِ يَسْتَحِقُّ الْأُسْتَاذُ نِصْفَهَا الْآخَرَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ) يَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ أَحْيَانًا بِالْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَوْ الْعَمَلِ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ وَأَحْيَانًا أَيْضًا بِالضَّمَانِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (الـ 85) بِمُوجِبِ الْقَاعِدَةِ " نَفْعُ الشَّيْءِ مُقَابِلُ ضَمَانٍ، وَالِاسْتِحْقَاقُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ يَكُونُ بِالضَّمَانِ (الْبَحْرُ) وَقَدْ اسْتَحَقَّ الشَّرِيكَانِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ لِلرِّبْحِ أَحَدُهُمَا بِالضَّمَانِ وَالْآخَرُ بِالْعَمَلِ. فَلِذَلِكَ يَسْتَحِقُّ فِي الْمُضَارَبَةِ رَبُّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ بِمَالٍ وَالْمُضَارِبُ بِعَمَلِهِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1425 وَ 1426) وَهَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِالْمَالِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِالْعَمَلِ. وَإِذَا وَضَعَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ تِلْمِيذًا عِنْدَهُ وَأَعْمَلَهُ فِيمَا تَقَبَّلَهُ وَتَعَهَّدَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِحِصَّةٍ مِنْ أُجْرَتِهِ كَالنِّصْفِ أَوْ الرُّبْعِ جَازَ كَمَا ذُكِرَ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَتَعْبِيرُ النِّصْفِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ يَكُنْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1329)

(المادة 1349) الاستحقاق للربح يكون بالنظر إلى الشرط الذي أورد في عقد الشركة

وَالْكِسْبُ أَيْ الْأُجْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ أَصْحَابِ الْعَمَلِ كَمَا يَسْتَحِقُّ التِّلْمِيذُ نِصْفَهَا مَثَلًا بِعَمَلِهِ يَسْتَحِقُّ الْأُسْتَاذُ نِصْفَهَا الْآخَرَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ وَتَعَهُّدِهِ إيَّاهُ وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الرِّبْحُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ بِالْمَالِ وَالضَّمَانِ فَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْهَا هُوَ الْمِثَالُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (الدُّرَرُ وَالْبَحْرُ) . الْخُلَاصَةُ: إنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ يَكُونُ بِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: (1) بِالْمَالِ (2) بِالْعَمَلِ (3) بِضَمَانِ الْعَمَلِ. الْمَادَّةُ (1348) - (إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ أَيْ الْمَالُ وَالْعَمَلُ وَالضَّمَانُ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ. مَثَلًا إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اتَّجِرْ أَنْتَ بِمَالِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا فَلَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَأْخُذُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ) إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ أَيْ الْمَالِ وَالْعَمَلِ وَالضَّمَانِ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ مُتَسَاوِيًا وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَطْ فَإِذَا شُرِطَ ثُلُثَا رِبْحِ الشَّرِكَةِ لِلشَّرِيكِ الْقَاعِدِ أَيْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ وَثُلُثُ الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا لِأَنَّ الرِّبْحَ الزَّائِدَ الَّذِي شُرِطَ لِلشَّرِيكِ الْقَاعِدِ لَا يُوجَدُ فِي مُقَابِلِهِ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. 2 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَقْرِضْنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ حَتَّى أَبِيعَ وَأَشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَبِحَ الْمُسْتَقْرِضِ فَيَكُونُ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَأْخُذُ الْمُقْرِضُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ (الْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ قَدْ مَلَكَ الْقَرْضَ بِقَبْضِهِ لَهُ وَلَمْ يَبْقَ مِلْكٌ لِلْمُقْرِضِ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ وَضَمَانٌ فِي الشَّرِكَةِ 3 - إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اتَّجِرْ أَنْتَ بِمَالِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا وَعَمِلَ ذَلِكَ فَهَذَانِ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ لَا يُوجِبَانِ الشَّرِكَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَائِلِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَمَلٌ أَوْ ضَمَانٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَأْخُذُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ وَالْبَحْرُ) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ أَصْلٌ وَيَجْرِي حُكْمُهَا عَلَى عُمُومِ الشَّرِكَاتِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةَ أَمْوَالٍ أَوْ شَرِكَةَ أَعْمَالٍ أَوْ شَرِكَةَ وُجُوهٍ وَجَرَيَانُهَا فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ يُسْتَفَادُ مِنْ فِقْرَةِ (وَإِنْ شُرِطَ عَمَلُ ذِي الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ إلَخْ) مِنْ الْمَادَّةِ (1373) وَجَرَيَانُهَا فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ يُسْتَفَادُ مِنْ فِقْرَةِ (وَإِذَا شُرِطَ إلَى أَحَدٍ زِيَادَةٌ عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى يَكُونُ الشَّرْطُ لَغْوًا) مِنْ الْمَادَّةِ (1402) . [ (الْمَادَّةُ 1349) الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى الشَّرْطِ الَّذِي أُورِدَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ] الْمَادَّةُ (1349) - (الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى الشَّرْطِ الَّذِي أُورِدَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَلَيْسَ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَمَلِ الَّذِي عُمِلَ، فَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ الشَّرِيكُ

(المادة 1350) الشريكان أمينا بعضهما لبعض

الْمَشْرُوطُ عَمَلُهُ فَيُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ، مَثَلًا إذَا شُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي شَرِكَةٍ صَحِيحَةٍ وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَبِمَا أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِبَعْضٍ فَبِعَمَلِ شَرِيكِهِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ أَيْضًا وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ) اسْتِحْقَاقُ الشُّرَكَاءِ لِمِقْدَارِ الرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى حُكْمِ الشَّرْطِ الَّذِي أُورِدَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) . قِيلَ فِي الشَّرْحِ: الْمُوَافِق لِلشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَشُرِطَ الرِّبْحُ فَالشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ مَثَلًا: لَوْ تَعَهَّدَ ثَلَاثَةُ عُمَّالٍ حَمْلَ حِمْلٍ ثُمَّ نَقَلَهُ أَحَدُهُمْ فَلِلْعَامِلِ النَّاقِلِ أَخْذُ ثُلُثِ الْأُجْرَةِ. وَلَيْسَ لِلِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ أَخْذُ شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا مَالٌ أَوْ عَمَلٌ أَوْ ضَمَانٌ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1332) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمَوَادِّ (1368 وَ 1371 وَ 1372 وَ 1402) أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ الرِّبْحُ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ غَيْرِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ. قِيلَ " لِمِقْدَارِ الرِّبْحِ " يَعْنِي قَدْ اُعْتُبِرَ حَذْفُ الْمُضَافِ حَتَّى يَفْتَرِقَ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (1369) . وَلَيْسَ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَمَلِ الَّذِي عُمِلَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَعْمَلْ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ عَمَلُهُ فَيُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ وَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ. الْخُلَاصَةُ: إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا عَلَى جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَلَا يَجِبُ اجْتِمَاعُ جَمِيعِهِمْ فِي الْعَمَلِ فَإِذَا أَوْفَى أَحَدُهُمْ الْعَمَلَ فَيَأْخُذُ جَمِيعُهُمْ حِصَّتَهُمْ الْمَشْرُوطَةَ فِي الرِّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْعَامِلَ وَكِيلٌ عَنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. أَمَّا الْوَضِيعَةُ أَيْ الْعُطْلُ وَالضَّرَرُ فَيَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِلَا شَرْطٍ خِلَافُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1369) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: إذَا شُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِي شَرِكَةٍ صَحِيحَةٍ - وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ الْوَارِدِ حُكْمُهَا فِي الْمَادَّةِ (1368) - وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ مَعَ كَوْنِهِ حَاضِرًا أَيْ غَيْرَ غَائِبٍ لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَعَمِلَ الْآخَرُ نِصْفَ عَمَلِهِ، فَبِمَا أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1333) فَبِعَمَلِ شَرِيكِهِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ عَمِلَ أَيْضًا وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ لِأَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ لَا يَرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْعَمَلِ وَيَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ مَوْجُودًا مَا دَامَ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بَاقِيًا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ بِزِيَادَةٍ) . [ (الْمَادَّةُ 1350) الشَّرِيكَانِ أَمِينَا بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ] الْمَادَّةُ (1350) - (الشَّرِيكَانِ أَمِينَا بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ وَمَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ كُلِّ

وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا تَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ) الشَّرِيكَانِ سَوَاءٌ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَمِينَا بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَدُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ يَدُ أَمَانَةٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْآخِذِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَالِ الْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمَرْهُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (771) . (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ كَالْمَرْهُونِ. فَلِذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَمِقْدَارِ الْخَسَارِ وَالضَّيَاعِ أَيْ ضَيَاعِ الْمَالِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ اتِّجَارٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي الدَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِلشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ الْمَالَ أَوْ الرِّبْحَ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ وَلَا يُكَلَّفُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عِنْدَ ادِّعَاءِ الْخِيَانَةِ الْمَجْهُولَةِ، فَلِذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى تَلَفِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَعَلَى دَفْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِلشَّرِيكِ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَتَاعًا بِمَالِ الشَّرِكَةِ فَقَالَ لَهُ شَرِيكُهُ: فَلْنَبِعْ الْمَتَاعَ فَأَجَابَهُ الشَّرِيكُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَتَاعَ قَدْ ضَاعَ مِنْهُ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) وَحَتَّى لَوْ ادَّعَى الضَّيَاعَ وَالدَّفْعَ بَعْدَ وَفَاةِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَادَّعَى وَرَثَةُ الشَّرِيكِ الْمُتَوَفَّى عَلَى الشَّرِيكِ الْحَيِّ بِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الشَّرِكَةِ فَادَّعَى الشَّرِيكُ قَائِلًا: إنَّنِي دَفَعْت كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِشَرِيكِي فِي حَيَاتِهِ فَيَخْلُصُ بِيَمِينِهِ مِنْ مُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ لَهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ (الْفَيْضِيَّةُ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ يَحْكِي أَمْرًا وَلَا يَقْتَدِرُ حَالَ حِكَايَتِهِ عَلَى اسْتِئْنَافِ ذَلِكَ الْأَمْرِ أَيْ عَلَى إيجَادِهِ وَإِحْدَاثِهِ فَإِذَا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا تُصَدَّقُ وَإِذَا كَانَتْ تَتَضَمَّنُ دَفْعَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَتُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1774) كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ الَّذِي وَكَّلَهُ الْمَيِّتُ بِأَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِدَيْنٍ مِنْ فُلَانٍ، أَنَّهُ اسْتَدَانَ وَأَدَّى إلَى الْمَيِّتِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُحَاسَبَةَ شَرِيكِهِ فَلَا تَلْزَمُ الْمُحَاسَبَةُ وَقَدْ وَرَدَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا تَلْزَمُهُ الْمُحَاسَبَةُ كُلَّ عَامٍ وَيَكْتَفِي الْقَاضِي مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ لَوْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ وَلَوْ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّعْيِينِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَحْبِسُهُ بَلْ يُهَدِّدُهُ وَلَوْ اتَّهَمَهُ يُحَلِّفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ وَالْوَصِيِّ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِالْأَمَانَةِ. وَالْحُكْمُ فِي الْمُضَارِبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَمَقْصُودُ قُضَاةِ هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ الْوُصُولُ إلَى صِحَّةِ الْمَحْصُولِ وَلَيْسَ ظُهُورَ الْحَقِيقَةِ أَوْ بُرُوزَ الْعَدَالَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الشَّرِيكُ الْخِيَانَةَ الْمُبْهَمَةَ عَلَى شَرِيكِهِ لَا يُحَلَّفُ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ أَنَّ الرِّبْحَ

(المادة 1351) رأس المال في شركة الأموال مشتركا بين الشريكين

كَذَا مِقْدَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي إقْرَارِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الـ (1587) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . وَمَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فَعَلَيْهِ إذَا تَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (768 و 777) . مَثَلًا لَوْ نَقَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالَ الشَّرِكَةِ بِإِذْنِ الْآخَرِ فِي بَاخِرَتِهِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى فَغَرِقَتْ الْبَاخِرَةُ وَتَلِفَتْ أَمْوَالُ الشَّرِكَةِ فَلَا يُسْأَلُ الشَّرِيكُ (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ مِائَةَ دِينَارٍ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مَالًا مُنَاصَفَةً لَهُمَا وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَتَلِفَتْ الْمِائَةُ الدِّينَارِ فِي يَدِهِ قَبْلَ شِرَاءِ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ وَإِذَا أُتْلِفَتْ الْمِائَةُ الدِّينَارِ بَعْدَ شِرَاءِ الْمَالِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1339) أَمَّا إذَا أُتْلِفَ الْمَالُ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ أَوْ مَاتَ مُجَهَّلًا مَالَ الشَّرِكَةِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ هَذَا هُوَ حُكْمُ الْأَمَانَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) . مَثَلًا لَوْ عَقَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةً مَعَ شَخْصٍ ثَالِثٍ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَسَلَّمَهُ مَالَ الشَّرِكَةِ وَضَاعَتْ أَمْوَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ أَثْنَاءَ عَمَلِهِ بِهَا فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (790) . [ (الْمَادَّةُ 1351) رَأْسُ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ] الْمَادَّةُ (1351) - (يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا. أَمَّا فِي صُورَةِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَإِذَا اُتُّفِقَ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا تَكُونُ مُضَارَبَةً كَمَا سَتَأْتِي فِي الْبَابِ الْمَخْصُوصِ، وَإِذَا كَانَ تَمَامُ الرِّبْحِ سَيَعُودُ لِلْعَامِلِ بِضَاعَةً يَكُونُ قَرْضًا، وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَعُودَ تَمَامُ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونَ رَأْسَيْ الْمَالِ فِي يَدِ الْعَامِلِ بِضَاعَةً وَيَكُونَ الْعَامِلُ مُسْتَبْضِعًا وَبِمَا أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ وَكِيلٌ مُتَبَرِّعٌ فَيَعُودُ جَمِيعُ الرِّبْحِ وَالْخَسَارِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ) يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَيْ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مِنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا. أَيْ يَجِبُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ رَأْسُ مَالٍ وَيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ هَذَا أَحْيَانًا مُتَسَاوِيًا كَأَنْ يَضَعَ شَرِيكٌ مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ وَأَحْيَانًا مُتَفَاضِلًا كَأَنْ يَضَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ وَيَضَعَ الْآخَرُ مِائَتَيْ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ الْمُسَاوَاةُ فِي رَأْسِ الْمَالِ (الدُّرَرُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ مُشْتَرَكًا وَعُقِدَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا

(المادة 1352) توفي أحد الشريكين أو جن جنونا مطبقا

وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَقَطْ فَإِذَا اُتُّفِقَ عَلَى تَقْسِيمِ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا فَيَكُونُ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ مُضَارَبَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْمَخْصُوصِ بِالْمُضَارَبَةِ أَيْ فِي الْبَابِ السَّابِعِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1404) . وَإِذَا كَانَ تَمَامُ الرِّبْحِ سَيَعُودُ لِلْعَامِلِ يَكُونُ قَرْضًا، وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَعُودَ تَمَامُ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ الْعَامِلِ بِضَاعَةً وَيَكُونَ الْعَامِلُ مُسْتَبْضِعًا وَبِمَا أَنَّ الْمُسْتَبْضِعَ وَكِيلٌ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يَأْخُذُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ وَيَعُودُ جَمِيعُ الْخَسَارِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ (الدُّرَرُ) . وَمَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَكَالَةِ مَعْلُومِيَّةُ الْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْبِضَاعَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أَعْطَى الْمُبْضِعُ لِلْمُسْتَبْضِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ أَثْوَابًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ فَيَصِحُّ وَمَا يَشْتَرِيهِ الْمُسْتَبْضِعُ يَكُونُ اشْتَرَاهُ لِلْمُبْضِعِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُبْضِعُ لِأَحَدٍ: خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الدِّرْهَمِ بِضَاعَةً وَبِعْ وَاشْتَرِ بِهَا لِي جَازَ وَيَقْتَدِرُ الْمُسْتَبْضِعُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) . مَسْأَلَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبِضَاعَةِ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُبْضِعُ تَنْفَسِخُ الْبِضَاعَةُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُسْتَبْضِعُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى إنَّهُ لَوْ جَهِلَ الْمُسْتَبْضِعُ وَفَاةَ الْمُبْضِعِ وَاشْتَرَى بَعْدَ وَفَاتِهِ مَالًا فَلَا يَنْفُذُ حَقُّ الْمُبْضِعِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَبْضِعُ الْمَالَ الَّذِي دَفَعَهُ ثَمَنًا لِذَلِكَ الْمَالِ. [ (الْمَادَّةُ 1352) تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا] الْمَادَّةُ (1352) - (إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ أَمَّا فِي صُورَةِ كَوْنِ الشُّرَكَاءِ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ انْفِسَاخُ الشَّرِكَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ فَقَطْ وَتَبْقَى الشَّرِكَةُ فِي حَقِّ الْآخَرِينَ) تَنْفَسِخُ شَرِكَةُ الْعَقْدِ بِثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ: (أَوَّلًا) إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (ثَانِيًا) إذَا جُنَّ أَحَدُهُمَا جُنُونًا مُطْبِقًا (ثَالِثًا) إذَا حُجِرَ أَحَدُهُمَا (رَابِعًا) إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ (خَامِسًا) إذَا أَنْكَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ (سَادِسًا) إذَا هَلَكَ مَجْمُوعُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ (سَابِعًا) إذَا تَلِفَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْخَلْطِ وَقَبْلَ الشِّرَاءِ (ثَامِنًا) إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُؤَقَّتَةً وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَتَضَمَّنَ الشَّرِكَةُ الْوَكَالَةَ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1333) وَكَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ ابْتِدَاءً يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا بَقَاءً أَيْضًا وَبِمَا أَنَّهُ بِوَفَاةِ الشَّرِيكِ أَوْ بِجُنُونِهِ جُنُونًا مُطْبِقًا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فَتَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1528 وَ 1530) وَقَدْ جَاءَ فِي الطَّحْطَاوِيِّ (وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ لِبُطْلَانِ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَابِعَةً لَهَا وَالْمَتْبُوعُ لَا يَبْطُلُ بِبُطْلَانِ التَّابِعِ إلَّا أَنَّ الْوَكَالَةَ شَرْطُهَا وَلَا يَتَحَقَّقُ الْمَشْرُوطُ بِدُونِ شَرْطٍ) .

وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ هُنَا شَرِكَةُ الْعَقْدِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا أَمَّا شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَلْ تَبْقَى شَرِكَةً بَيْنَ الشَّرِيكِ الْحَيِّ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الشَّرِيكِ الْمَيِّتِ. وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّمَانِيَةَ: - وَفَاةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِوَفَاتِهِ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا: إذَا اسْتَمَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بَعْدَ وَفَاةِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مُنْذُ الْوَفَاةِ وَيَعُودُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ عَلَيْهِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (إذَا بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ بِمَوْتِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ بِجُنُونِهِ فَالرِّبْحُ الَّذِي حَصَلَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ) . إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ بَعْدَ بَيْعِهِ مَالًا نَسِيئَةً لِلْمُفَاوِضِ الْآخَرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ وَيُخَاصِمَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ بِمُطَالَبَتِهِ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ هُوَ حَقٌّ ثَابِتٌ لَهُ بِالْوَكَالَةِ وَبِوَفَاةِ الْمُوَكَّلِ الْبَائِعِ قَدْ انْقَطَعَتْ الْوَكَالَةُ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي بِرِضَائِهِ نِصْفَ الثَّمَنِ لَهُ يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمَالَ لِمَالِكِهِ (الْبَحْرُ) . 2 - جُنُونُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَنَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ " جُنُونًا مُطْبِقًا " أَنَّ الْجُنُونَ غَيْرَ الْمُطْبِقِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْفِسَاخَ الشَّرِكَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (944) فَلِذَلِكَ لَوْ جُنَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ قَبْلَ تَمَامِ إطْبَاقِ الْجُنُونِ (الْوَاقِعَاتُ) مَثَلًا لَوْ جُنَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جُنُونًا مُطْبِقًا فَانْفَسَخَتْ الشَّرِكَةُ وَعَمِلَ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ غَاصِبًا فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمَجْنُونِ مُنْذُ إطْبَاقِ الْجُنُونِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالضَّرَرُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ الَّذِي يَعُودُ لَهُ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَيَلْزَمُهُ التَّصْدِيقُ بِهِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا فِي صُورَةِ كَوْنِ الشُّرَكَاءِ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَكُونُ انْفِسَاخُ الشَّرِكَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ الْمَجْنُونِ فَقَطْ وَتَبْقَى الشَّرِكَةُ فِي حَقِّ الْآخَرِينَ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . 3 - حَجْرُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (960) أَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَحْجُورِ الْقَوْلِيَّةُ فَلِذَلِكَ إذَا حُجِرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ. 4 - فَسْخُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ. 5 - إنْكَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ؛ إذَا أَنْكَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ وَالْإِيضَاحُ عَنْ ذَلِكَ سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1352) . 6 - هَلَاكُ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا هَلَكَ جَمِيعُ رَأْسِ الْمَالِ تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ هُوَ الْمَالُ أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَبِمَا أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَمَا فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِذَا تَلِفَ

الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَجَبَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ كَمَا يُوجِبُ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بُطْلَانَ الْعَقْدِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (230) . (الْبَحْرُ) . 7 - هَلَاكُ رَأْسِ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ وَقَبْلَ الشِّرَاءِ، إذَا هَلَكَ رَأْسُ مَالٍ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَطْ قَبْلَ الْخَلْطِ وَالشِّرَاءِ تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ رِضَاءَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِاشْتِرَاكِ شَرِيكِهِ فِي مَالِهِ هُوَ مُقَابِلُ اشْتِرَاكِهِ فِي مَالِ شَرِيكِهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ فَتَفُوتُ تِلْكَ الشَّرِكَةُ وَيَكُونُ رِضَاؤُهُ بِاشْتِرَاكِ الْآخَرِ فِي مَالِهِ قَدْ فَاتَ أَيْضًا فَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ (الْبَحْرُ) وَإِذَا تَلِفَ رَأْسُ مَالٍ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَيَكُونُ خَسَارُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِهِمَا بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَقَبْلَ الْخَلْطِ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ أَيْضًا فِي يَدِ شَرِيكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ لِكَوْنِهِ أَمِينًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1350) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا تَلِفَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْخَلْطِ وَالشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا صَرَّحَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ ذُكِرَ لَفْظٌ يَشْمَلُ مَعْنَى الْوَكَالَةِ بِأَنْ قِيلَ: عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَالِهِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ حَسَبَ الشَّرْطِ وَيَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا بِتَلَفِ رَأْسِ مَالِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ الْوَكَالَةَ الْمُصَرَّحَ بِهَا مَا زَالَتْ قَائِمَةً فَالْمُشْتَرَى يَكُونُ مُشْتَرَكًا بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ شَرِكَةَ مِلْكٍ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَإِذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ مُجَرَّدَةً وَلَمْ يُصَرَّحْ فِيهَا بِالْوَكَالَةِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي خَاصَّةً لِأَنَّهُ بِبُطْلَانِ الشَّرِكَةِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ الَّتِي فِي ضِمْنِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " الـ 52 ". أَمَّا إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ خَلْطِ رَأْسِ الْمَالِ بِصُورَةٍ لَا تَقْبَلُ التَّمْيِيزَ فَيَكُونُ خَسَارُ الْمِقْدَارِ الْمُتْلَفِ عَائِدًا عَلَى كِلَيْهِمَا وَالْبَاقِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا " الْبَحْر. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ " 1061 وَ 879 " أَمَّا إذَا تَمَيَّزَ بَعْدَ الْخَلْطِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَدَمِ الْخَلْطِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَيْ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ اشْتَرَى مَالًا لِلشَّرِكَةِ بِرَأْسِ الْمَالِ الَّذِي وَضَعَهُ لِلشَّرِكَةِ وَتَلِفَ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَانَتْ بَاقِيَةً وَقْتَ الشِّرَاءِ فَثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُمَا وَأَصْبَحَ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. وَتَلَفُ رَأْسِ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الشَّرِكَةِ، وَلِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ اشْتَرَى النِّصْفَ وَكَالَةً عَنْ الْآخَرِ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ عَقْدٍ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَوَضَعَ أَحَدُهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ وَالْآخَرُ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ بِحَسَبِ رَأْسِ مَالِهِمَا فَاشْتَرَى الشَّرِيكُ الَّذِي رَأْسُ مَالِهِ مِائَةُ دِينَارٍ فَرَسًا ثُمَّ تَلِفَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَتَكُونُ الْفَرَسُ

(المادة 1353) تنفسخ الشركة بفسخ أحد الشريكين

مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَيَقْتَسِمَانِ رِبْحَهُمَا أَيْضًا أَخْمَاسًا فَيَكُونُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ دِينَارًا وَخُمُسَاهُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ ثَمَنًا لِلْفَرَسِ لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِالشِّرَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الْفَرَسِ وَقَدْ نَقَدَ ثَمَنَ الْكُلِّ مِنْ مَالِهِ (الْبَحْرُ) . وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نَوْعِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هِيَ شَرِكَةُ عَقْدٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ هَذَا الْمَالِ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَالرِّبْحُ يُقْسَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَمَّتْ بِالْمُشْتَرَى فَلَا تُنْقَضُ بِهَلَاكِ الْمَالِ بَعْدَ تَمَامِهَا، وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ الشَّرِكَةَ الْمَذْكُورَةَ شَرِكَةُ مِلْكٍ (الْبَحْرُ) . 8 - انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ فِي الشَّرِكَةِ الْمُوَقَّتَةِ، قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1366) أَنَّ الشَّرِكَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ فَكَمَا يَجُوزُ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ يَجُوزُ تَوْقِيتُ الشَّرِكَةِ وَبِانْقِضَاءِ الْوَقْتِ الَّذِي عُيِّنَ لِلشَّرِكَةِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ وَكُلُّ مَالٍ يَشْتَرِيهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَلْ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً [ (الْمَادَّةُ 1353) تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِفَسْخِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ] الْمَادَّةُ (1353) - (تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِفَسْخِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْآخَرُ بِفَسْخِهِ، وَلَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ بِفَسْخِ الشَّرِيكِ) تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِفَسْخِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ بِإِنْكَارِهِ الشَّرِكَةَ أَوْ بِقَوْلِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَا أَعْمَلُ مَعَك فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ فَاسَخْتُك وَتَنْفَسِخُ وَلَوْ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ مَوْجُودًا فِي حَالَةِ الْعُرُوضِ. أَمَّا الْحُكْمُ فِي الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ غَيْرُ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1424) وَانْفِسَاخُ الشَّرِكَةِ بِإِنْكَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (الـ 901) ، وَلِذَلِكَ فَالشَّرِيكُ الْمُنْكِرُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ انْفِسَاخِ الشَّرِكَةِ بِقَوْلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ " لَا أَعْمَلُ مَعَك " هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ: إذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَبَعْدَ شِرَاءِ أَمْتِعَةٍ لِلشَّرِكَةِ: لَا أَعْمَلُ مَعَك ثُمَّ غَابَ فَبَاعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الْأَمْتِعَةَ الْمَذْكُورَةَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ لِلشَّرِيكِ الْبَائِعِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ بَدَلِ تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ لِلْغَائِبِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا أَعْمَلُ مَعَك هُوَ فَسْخٌ لِلشَّرِكَةِ وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالِكٌ لِحَقِّ فَسْخِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ عُرُوضًا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إلَيْهِ مَا جَمِيعًا فَيَمْلِكُ كُلٌّ نَهْيَ صَاحِبِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عُرُوضًا بِخِلَافِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا صَارَ عُرُوضًا ثَبَتَ حَقُّ الْمُضَارَبَةِ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ رِبْحَهُ وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ. (الْبَهْجَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ الْآخَرُ بِفَسْخِهِ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ عَزْلٌ عَنْ الْوَكَالَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1523) فَلِذَلِكَ لَا تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْآخَرُ فَسْخَ الشَّرِيكِ لَهَا. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَقَدَ ثَلَاثَةٌ عَقْدَ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ وَغَابَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الْحَاضِرَانِ فَسْخَ الشَّرِكَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا فَسْخُهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْغَائِبُ بِالْفَسْخِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .

(المادة 1354) إذا فسخ الشريكان الشركة واقتسماها

وَلَا يُشْتَرَطُ فِي حِصَّةِ الْفَسْخِ رِضَاءُ الْآخَرِ (الْبَحْرُ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ انْفِسَاخِ الشَّرِكَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا فَسَخَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ الشَّرِكَةَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَوَقَفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْفَسْخِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْعَاقِدِ وَإِذَا أَدَّاهُ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ لَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِدِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِالْفَسْخِ وَأَدَّى الثَّمَنَ لِأَيٍّ مِنْهُمَا فَيَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ. 2 - إذَا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى وُجُودِ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُفَاوِضَيْنِ الشَّرِكَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الشَّرِيكَ الَّذِي بَاعَ لَهُ (الْبَحْرُ) . 3 - إذَا أَعْطَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مَالُ الشَّرِكَةِ بِضَاعَةً لِلْآخَرِ وَاشْتَرَى الْمُسْتَبْضِعُ مَالًا بَعْدَ فَسْخِ الشَّرِكَةِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَبْضِعُ وَاقِفًا عَلَى فَسْخِ الشَّرِكَةِ فَالْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ يَبْقَى لَهُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ وَاقِفٍ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَيَنْفُذُ شِرَاؤُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ، وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الثَّمَنَ فَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْتَبْضِعِ. [ (الْمَادَّةُ 1354) إذَا فَسَخَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ وَاقْتَسَمَاهَا] الْمَادَّةُ (1354) - (إذَا فَسَخَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ وَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ لِأَحَدِهِمَا وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي الذِّمَمِ لِلْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَهْمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهَا كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ يَبْقَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1123) إذَا فَسَخَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ وَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ لِأَحَدِهِمَا وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي الذِّمَمِ لِلْآخَرِ أَوْ النُّقُودُ الْمَوْجُودَةُ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَمْتِعَةُ الَّتِي فِي الدُّكَّانِ مَعَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَمِ لِلْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1123) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَهْمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ يُشَارِكُهُ الْآخَرُ كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ يَبْقَى مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1191) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1123) " الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْقِسْمَةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ". [ (الْمَادَّةُ 1355) أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَمَاتَ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ بِهِ] الْمَادَّةُ (1355) - (إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِقْدَارًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَمَاتَ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ بِهِ مُجَهَّلًا فَتُسْتَوْفَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 801) إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ أَوْ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ مِقْدَارًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَمَاتَ أَثْنَاءَ الْعَمَلِ بِهِ مُجَهَّلًا حِصَّةَ الْآخَرِ فَتُسْتَوْفَى حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (801 الْبَحْرُ) سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَالُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، وَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُجَهَّلًا عَيْنًا فِي الشَّرِكَةِ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي دَيْنٍ مَطْلُوبٍ مِنْ ذِمَمِ النَّاسِ وَتُوُفِّيَ بِدُونِ بَيَانِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لَكِنْ إذَا عُلِمَ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ الْعِلْمَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَإِنْ فَسَّرَهَا الْوَارِثُ فَقَالَ هِيَ كَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الخامس في شركة الأموال والأعمال والوجوه من شركة المفاوضة

وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ بِهَذَا التَّجْهِيلِ، إلَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خَطَأٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) . [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَالْوُجُوهِ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1356) الْمُفَاوِضَانِ كَفِيلٌ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ] الْفَصْلُ الْخَامِسُ (فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَالْوُجُوهِ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ) الْمَادَّةُ (1356) - (الْمُفَاوِضَانِ كَفِيلٌ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَنْفُذُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَمَهْمَا تَرَتَّبَ دَيْنٌ عَلَى أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْجَارِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ أَيْضًا؛ وَكَذَلِكَ مَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ رَدُّهُ عَلَى الْآخَرِ بِالْعَيْبِ، كَذَلِكَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُ الْآخَرُ بِالْعَيْبِ) فِي الْمُفَاوَضَةِ قَاعِدَتَانِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - كُلُّ شَيْءٍ يَلْزَمُ أَحَدَ الْمُفَاوِضَيْنِ بِسَبَبٍ كَالتِّجَارَةِ وَالْغَصْبِ وَالْكَفَالَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ أَيْضًا، وَقَدْ نَشَأَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِسَبَبِ كَفَالَةِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ وَهِيَ تُحَمِّلُ الشَّرِيكَيْنِ مَضَرَّةً الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ شَيْءٍ يَثْبُتُ لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ التِّجَارَةِ وَأَمْثَالِهَا فَلِلشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَقَبْضُهَا. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَنْشَأُ أَيْضًا عَنْ وَكَالَةِ الشَّرِيكَيْنِ بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ وَتُوجِبُ مَنْفَعَةً لِلشَّرِيكَيْنِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1331 وَ 1334) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْمُفَاوِضَانِ كَفِيلٌ بَعْضُهُمَا لِبَعْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي أَيْ فِي الْمَادَّةِ (1334) وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَنْفُذُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1587) وَيَكُونُ إقْرَارُهُ مُوجِبًا لِلْإِلْزَامِ وَالْحُكْمِ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ قَدْ وَقَعَ لِغَيْرِ مَنْ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّ هَذَا الشَّرِيكَ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِأَمْرٍ وَبِحَقٍّ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى اسْتِئْنَافِهِ وَإِيجَادِهِ (الْبَحْرُ) . فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْمُقَرِّ بِهِ أَيَّهُمَا شَاءَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (644) وَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِتَوَلِّيهِ سَبَبَ الدَّيْنِ كَقَوْلِهِ: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا مَالًا بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَكَمَا يُلْزِمُ الْمُقِرَّ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا يُلْزِمُ شَرِيكَهُ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى شَرِيكَيْنِ بِشَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِكُمَا مِنْ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَيْتُمَاهُ مِنِّي مِائَةَ دِينَارٍ وَعِنْدَ التَّحْلِيفِ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا كَإِقْرَارِ الِاثْنَيْنِ (الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِأَنَّهُ تَوَلَّى مَعَ شَرِيكِهِ سَبَبَ الدَّيْنِ فَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ النِّصْفُ

فَقَطْ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ أَيْ الْقِسْمِ الَّذِي تَوَلَّاهُ الْمُقِرُّ، كَمَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الشَّرِيكُ بِأَنَّ شَرِيكَهُ هُوَ الَّذِي تَوَلَّى سَبَبَ الدَّيْنِ وَحْدَهُ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ أَيُّ شَيْءٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ (وَهُمْ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَزَوْجَتُهُ) فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُفَاوِضِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَنْفُذُ عَلَى الْمُفَاوِضِ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ لِأُصُولِهِ أَوْ لِفُرُوعِهِ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّتَهُ الْبَائِنَ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ بَلْ يَسْرِي إقْرَارُهُ عَلَيْهِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَمَهْمَا تَرَتَّبَ دَيْنٌ عَلَى أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْجَارِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ أَيْ الْجَائِزِ وَالْمُمْكِنِ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَرِكَةٌ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ لِنَفْسِهِ أَوْ كَانَ لِلِاحْتِيَاجَاتِ التِّجَارِيَّةِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمُشَابِهَةِ لِضَمَانِ التِّجَارَةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْكَفَالَةِ يَلْزَمُ الْآخَرَ أَيْضًا بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ أَيْ ثَبَتَتْ الْمُعَامَلَةُ التِّجَارِيَّةُ وَالْغَصْبُ وَالْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ لِأَنَّ تَقَرُّرَ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يُفِيدُ تَمَلُّكَ الْأَصْلِ لِلضَّامِنِ فَيَكُونُ بِمَعْنَى التِّجَارَةِ. حَتَّى لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ قَدْ أَجْرَى هَذَا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالِاسْتِئْجَارَ بِنَفْسِهِ وَلَوْ لَمْ يُجْرِهِ لِلشَّرِكَةِ فَيَلْزَمُهُمَا مَعًا. فَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْجَارِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ، وَلَمْ يَقُلْ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ لُزُومَ الدَّيْنِ عَلَى الشَّرِيكِ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ الْخَاصَّةِ بِالشَّرِكَةِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْمُعَامَلَاتُ لِلشَّرِكَةِ أَوْ كَانَتْ لِنَفْسِ الشَّرِيكِ الَّذِي أَجْرَى تِلْكَ الْمُعَامَلَاتِ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ وَتَرَتُّبُ الْمَسْئُولِيَّةِ عَلَى الشَّرِيكِ فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تُجْرَى لِشَخْصِ الشَّرِيكِ مُصَرَّحٌ بِهَا فِي الْمَادَّةِ (1357) . وَفَائِدَةُ اللُّزُومِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَلْنُفَصِّلْ الْآنَ الْمُعَامَلَاتِ الْوَارِدَ ذِكْرُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: 1 - الْبَيْعُ، يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَائِعِ الشَّرِيكِ فِي الْبَيْعِ دَيْنٌ وَمَسْئُولِيَّةٌ بِالصُّوَرِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَتَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْبَائِعِ رَدُّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. ثَانِيًا - إذَا أُقِيلَ الْبَيْعُ يَلْزَمُ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ وَيَتَرَتَّبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ الْبَائِعِ. ثَالِثًا - إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْبَائِعِ أَنْ يُعِيدَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي.

رَابِعًا - إذَا أَنْشَأَ الْمُشْتَرِي بِنَاءً فِي الْعَرْصَةِ الْمُشْتَرَاةِ ثُمَّ ضُبِطَتْ الْعَرْصَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَتَرَتَّبُ دَيْنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغُرُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) . خَامِسًا - إذَا رُدَّ الْمَبِيعُ بِأَحَدِ الْخِيَارَاتِ فَيَلْزَمُ إعَادَةُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَتَرَتَّبُ دَيْنٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْبَائِعِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ. سَادِسًا - إذَا رُدَّ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْعَقْدِ فَيَلْزَمُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعِيدَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَتَرَتَّبُ بِذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْبَائِعِ سَابِعًا - يَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْبَائِعِ مَسْئُولِيَّةُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. 2 - وَيَتَرَتَّبُ فِي الشِّرَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي دَيْنٌ وَمَسْئُولِيَّةٌ عَلَى وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ وَهِيَ: أَوَّلًا - يَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ ثَمَنُ الْمَبِيعِ. ثَانِيًا - إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ حَدَثَ حَالٌ يَمْنَعُ مِنْ إعَادَتِهِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ. ثَالِثًا - إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَالٌ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ قَبْضُهُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمَذْكُورَ ضَمَانُ الْبَدَلِ. رَابِعًا - إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إعَادَتُهُ هَلْ يَلْزَمُ جَمِيعُ ذَلِكَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ؟ 3 - الْإِجَارَةُ، يَتَرَتَّبُ فِي الْإِجَارَةِ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَيْنٌ وَمَسْئُولِيَّةٌ عَلَى وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ وَهِيَ: أَوَّلًا: يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. ثَانِيًا: يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَتَجِبُ هَذِهِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ. ثَالِثًا: إذَا أَجَرَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ فَرَسًا لِآخَرَ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ تَسْلِيمَ الْفَرَسِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّ لَهُ طَلَبَ التَّسْلِيمِ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. رَابِعًا: عَلَى الشَّرِيكِ الْمُسْتَأْجِرِ رَفْعُ التُّرَابِ وَالْقُمَامَةِ الَّتِي تَرَاكَمَتْ فِي الْمَأْجُورِ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (533) . خَامِسًا: إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ اسْتِلَامَ الْمَأْجُورِ فَيَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُسْتَأْجِرَ تَسْلِيمُ الْمَأْجُورِ لِلْمُؤَجِّرِ أَيْ رَدُّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (593) . سَادِسًا: إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَجِيرًا وَتَلِفَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِتَعَدِّي أَوْ تَقْصِيرِ الْأَجِيرِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَجِيرِ الضَّمَانُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (607) . سَابِعًا: إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَتَوَلَّدَ عَنْ فِعْلِهِ وَصُنْعِهِ ضَرَرٌ وَخَسَارٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَجِيرِ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 611) .

فَهَلْ يَلْزَمُ ضَمَانٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ؟ 4 - الْمُعَامَلَاتُ الْمُشَابِهَةُ لِضَمَانِ التِّجَارَةِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْغَصْبِ وَضَمَانِ الِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ الْمَجْحُودَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَالْعَارِيَّةِ الْمَجْحُودَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنَّهُ إذَا غَصَبَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مَالًا فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ الْمُفَاوِضَ الْآخَرَ ضَمَانُ هَذَا الْمَالَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ الضَّمَانِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ وَبِذَلِكَ يُصْبِحُ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 5 - الِاسْتِقْرَاضُ: إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ نُقُودًا مِنْ آخَرَ فَيَتَرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ حَسَبَ كَفَالَتِهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ (الْبَحْرُ) . 6 - لَوْ كَفَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنًا لِأَجْنَبِيٍّ وَيُؤَاخَذُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ وَإِنْ تَكُنْ ابْتِدَاءً تَبَرُّعٌ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَهِيَ مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ لَكِنْ عَامَّةُ الْمُتُونِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ الْمَالِيَّةِ بِلَا أَمْرٍ وَفِي الْكَفَالَةِ النَّفْسِيَّةِ فَلَا يُؤَاخَذُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ يَكْفُلْ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ هِيَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً (الطَّحْطَاوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ لُزُومِ ذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ كَلُزُومِهَا لِلشَّرِيكِ الَّذِي بَاشَرَهَا، الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِحَقٍّ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْمُعَامَلَاتِ وَحَلَّفَهُ الْيَمِينَ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْآخَرِ وَأَنْ يُحَلِّفَهُ الْيَمِينَ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُ النَّاكِلَ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا هُوَ بِحُكْمِ إقْرَارِهِمَا (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا، لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ فَلَهُ عِنْدَ الْإِنْكَارِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ هُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتَاتِ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِعْلُهُ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالدُّرَرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1748) . مُسْتَثْنًى - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَلْزَمُ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ وَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِلْمُفَاوِضِ الْآخَرِ قُمَاشًا لِيَصْنَعَ مِنْهُ الْمُفَاوِضُ الْمُشْتَرِي ثِيَابًا لَهُ أَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِلْآخَرِ مَأْكُولَاتٍ لِيَأْكُلَهَا فِي بَيْتِهِ جَازَ وَيَلْزَمُ ثَمَنُ ذَلِكَ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْبَائِعَ مِنْهَا شَيْءٌ (الْبَحْرُ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ " فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تُجْرَى الشَّرِكَةُ فِيهَا " لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ مُعَامَلَاتٍ لَا تُجْرَى فِيهَا الشَّرِكَةُ تَلْزَمُ الشَّرِيكَ الَّذِي بَاشَرَ تِلْكَ الْمُعَامَلَاتِ خَاصَّةً وَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ شَيْءٌ مِنْهَا كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ مُخَالَعَةِ الزَّوْجَيْنِ وَكَأَرْشِ الْجِنَايَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى إنْسَانٍ وَكَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَكَنَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِي ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ امْرَأَةً بِمَهْرٍ خَمْسِينَ دِينَارًا فَالْمَهْرُ الْمَذْكُورُ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُتَزَوِّجَ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ شَيْءٌ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ أَحَدٌ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَعَ امْرَأَةٍ ثُمَّ تَخَالَعَتْ تِلْكَ

الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَعَلَى الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ دَفْعُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا لِزَوْجِهَا وَلَا يُطَالِبُ الشَّرِيكُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْأَرْشَ عَلَى أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ أَجْلِ الْجُرْحِ الْخَطَأِ فَأَنْكَرَ الدَّعْوَى وَحَلَفَ الْيَمِينَ لَدَى الِاسْتِحْلَافِ فَلَا يُسْتَحْلَفُ شَرِيكُهُ الْآخَرُ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ مَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ رَدُّهُ عَلَى الْآخَرِ بِالْعَيْبِ كَمَا يَرُدُّهُ إلَيْهِ، كَذَلِكَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّهُ الْآخَرُ بِالْعَيْبِ كَمَا يَرُدُّهُ هُوَ. وَكَمَا يُطَالِبُ أَحَدُهُمَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ لِلْمُشْتَرِي يُطَالِبُ الْآخَرُ بِذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَالْحُكْمُ خِلَافُ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1378) . وَكَمَا يُطَالِبُ أَحَدُهُمَا بِتَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ الَّذِي أَجَرَهُ يُطَالِبُ الْآخَرُ أَيْضًا بِالتَّسْلِيمِ (الْبَحْرُ) وَقَدْ بُيِّنَ آنِفًا. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ رَدُّ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ شَرِيكُهُ بِالْعَيْبِ لِلْبَائِعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَفْسَهُ لِآخَرَ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ طَلَبُ بَدَلِ الْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِلشَّرِيكِ طَلَبُ بَدَلِ إيجَارِ مَالِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي أَجَرَهُ الشَّرِيكُ لِآخَرَ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - كَمَا أَنَّ لِأَحَدِهِمَا قَبْضَ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْآخَرُ فَلِأَحَدِهِمَا أَيْضًا إقَالَةُ الْبَيْعِ الَّذِي بَاعَهُ الْآخَرُ وَتَكُونُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ نَافِذَةً فِي حَقِّ الِاثْنَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - كَمَا أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِحْصَالَ عَلَى ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ أَيْ طَلَبَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلِلْآخَرِ أَيْضًا هَذَا الْحَقُّ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعُ عَنْ تَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَهُ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْعَاقِدَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَعُودُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى الْعَاقِدِ وَعَلَى شَرِيكِهِ مَعًا وَلَا تُقَاسُ عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَيْ عَلَى الْمَادَّةِ (1377) " الْهِنْدِيَّةُ ". الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ آخَرَ بِاشْتِرَاءِ مَالٍ وَعَزَلَهُ الْآخَرُ صَحَّ الْعَزْلُ (الْبَحْرُ) الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مَالًا لِآخَرَ ثُمَّ فَسَخَ الشَّرِكَةَ وَلَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْفَسْخِ وَوَاقِفًا عَلَيْهِ فَلِلشَّرِيكَيْنِ قَبْضُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِأَيٍّ مِنْهُمَا يَبْرَأُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِفَسْخِ الشَّرِكَةِ فَيُمْكِنُهُ دَفْعُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْعَاقِدِ فَقَطْ وَإِذَا أَعْطَاهُ لِلْآخَرِ لَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِدِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1353) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ دَيْنًا لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ فَلِلْمُفَاوِضِ الْآخَرِ مُطَالَبَةُ هَذَا الْكَفِيلِ.

(المادة 1357) المأكولات والثياب وسائر الحوائج الضرورية التي يأخذها أحد المفاوضين

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ فَلِلْمُفَاوِضِ الْآخَرِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1357) الْمَأْكُولَاتُ وَالثِّيَابُ وَسَائِرُ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ] الْمَادَّةُ (1357) - (الْمَأْكُولَاتُ وَالثِّيَابُ وَسَائِرُ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ تَكُونُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حَقٌّ فِيهَا لَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ بِثَمَنِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا) إذَا كَانَتْ الْأَمْوَالُ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُجْرَى الشَّرِكَةُ فِيهَا فَتَكُونُ قَدْ اُشْتُرِيَتْ لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ، وَكُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ قَائِمٌ مَقَامَ الْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ فَاشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا هُوَ كَاشْتِرَائِهِمَا مَعًا. وَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى كُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ مَالًا بِصَفْقَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَيَكُونُ كُلُّ مُشْتَرٍ مِنْهُمَا قَدْ اشْتَرَى نِصْفَ الْمُشْتَرَى لِنَفْسِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِشَرِيكِهِ بِحُكْمِ وَكَالَتِهِ عَنْهُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ كُلُّ مُفَاوِضٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ دَائِنًا لِشَرِيكِهِ بِنِصْفِ ثَمَنِ الْمُشْتَرَى وَلَا يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا لِأَنَّ صِفَةَ الْمَالَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَيَا بِالْمَالِ شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَصِرْ وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فِي ذَلِكَ (الْبَحْرُ) وَحَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُجْرَى فِيهَا الشَّرِكَةُ وَأَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ وَحَرَّرَ ذَلِكَ فِي حُجَّةٍ أَوْ صَكٍّ فَيَكُونُ الْمَالُ أَيْضًا لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ تَغْيِيرَ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ (الْبَحْرُ وَالْخَيْرِيَّةُ) . وَلَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: وَهِيَ أَنَّ الْمَأْكُولَاتِ كَالْخُبْزِ وَالْغُمُوسِ وَالثِّيَابِ وَالدَّارِ الَّتِي يَسْتَأْجِرُهَا لِأَجْلِ السُّكْنَى وَالْمُكَارَى الَّذِي يَسْتَأْجِرُهُ لِلذَّهَابِ لِلْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْحَوَائِجِ الضَّرُورِيَّةِ هِيَ لَهُ خَاصَّةً وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ حَقٌّ فِيهَا. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ اسْتِحْسَانِيَّةٌ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّهُ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ يَفْهَمُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخَرَ مُدَّةَ انْعِقَادِ الشَّرِكَةِ طَعَامٌ وَثِيَابٌ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَلَمْ يَقْصِدُوا حِينَ الْعَقْدِ أَنَّهُ تَلْزَمُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى الشَّرِيكِ، وَلِذَلِكَ فَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُسْتَثْنَاةٌ دَلَالَةً مِنْ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْطُوقًا أَيْ صَرَاحَةً وَمَقَالًا " الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرَرُ ". وَعَلَى ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إيجَابُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْمُفَاوِضِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ صَرْفُهَا مِنْ مَالِهِ فَاخْتُصَّتْ بِالضَّرُورَةِ بِمُشْتَرِيهَا " الْبَحْرُ ". وَلَكِنْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُطَالَبَةُ بِثَمَنِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مِنْ مُشْتَرِيهَا حَسَبَ الْأَصَالَةِ وَلَهُ أَيْضًا مُطَالَبَةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِهَا حَسَبَ الْكَفَالَةِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ الْوَقْفِ وَالدُّرَرُ) لِأَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْهُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الشِّرَاءِ بِسَبَبِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ كَمَا فِي الْمَنْبَعِ وَلِذَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ وَمَا مَعَهُ دُونَ الضَّمَانِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَلَهُ مُسْتَثْنًى قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى هَذَا الثَّمَنَ مِنْ طَرَفِ أَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكَانَ إعْطَاؤُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِ

الشَّرِكَةِ فَعِنْدَ وُقُوعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ يَفُوتُ شَرْطُ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَالِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ. وَذَلِكَ إذَا عَقَدَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بِوَضْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالِ لِلشَّرِكَةِ ثُمَّ اشْتَرَى زَيْدٌ بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ دَارًا بِخَمْسِينَ دِينَارٍ لِسُكْنَاهُ هُوَ وَعِيَالَهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ الْخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ زَيْدٍ حَسَبَ الْأَصَالَةِ وَإِذَا أَدَّى زَيْدٌ هَذِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِلْبَائِعِ فَبِمَا أَنَّ نِصْفَ ذَلِكَ مَالُ عَمْرٍو فَيَلْزَمُ زَيْدًا أَنْ يَضْمَنَ لِعَمْرٍو خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَكِنْ لَا يَطْرَأُ ضَرَرٌ آخَرُ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ رَأْسُ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِينَارًا وَبَقِيَ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَالِ أَمَّا إذَا أَدَّى زَيْدٌ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا ضَمَانًا لِعَمْرٍو فَيَتَصَاعَدُ رَأْسُ مَالِ عَمْرٍو إلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَيَبْقَى رَأْسُ مَالِ زَيْدٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِينَارًا فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ وَكَذَلِكَ لِلْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ يُطَالِبَ عَمْرًا بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا حَسَبَ الْكَفَالَةِ وَإِذَا أَدَّى عَمْرٌو الْخَمْسِينَ دِينَارًا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَبِمَا أَنَّ نِصْفَ هَذَا الْمَبْلَغِ هُوَ مَالُ عَمْرٍو وَأَدَّى مِنْ طَرَفِ عَمْرٍو حَسَبَ الْكَفَالَةِ لِدَيْنِ زَيْدٍ فَلِعَمْرٍو حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى زَيْدٍ بِالنِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ قَبْلَ رُجُوعِ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِمَا يَبْقَى خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِينَارًا وَمَازَالَ مُتَسَاوِيًا. أَمَّا إذَا رَجَعَ عَمْرٌو بِالنِّصْفِ الْمَذْكُورِ عَلَى زَيْدٍ وَاسْتَوْفَاهُ وَقَبَضَهُ فَيَتَصَاعَدُ رَأْسُ مَالِ عَمْرٍو إلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَيَبْقَى رَأْسُ مَالِ زَيْدٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ دِينَارًا فَتَنْقَلِبُ حِينَئِذٍ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ. وَكَذَلِكَ إذَا أَدَّى ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا كَانَ مَالًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ وَالتَّأْدِيَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْإِعْطَاءُ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ. وَذَلِكَ إذَا اتَّهَبَ زَيْدٌ هَذِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ بَكْرٍ وَأَدَّاهَا لِبَائِعِهِ فَحِينَ الِاتِّهَابِ وَالْقَبْضِ تَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ وَيَضْمَنُ نِصْفَ هَذِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي أَدَّاهَا لِبَائِعِهِ لِعَمْرٍو لِأَنَّهَا مَالُهُ الْخَاصُّ، وَإِذَا اتَّهَبَ عَمْرٌو هَذِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا وَأَدَّاهَا لِلْبَائِعِ فَكَذَلِكَ تَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ حِينَ الِاتِّهَابِ وَالْقَبْضِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى زَيْدٍ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي أَدَّاهَا لِلْبَائِعِ، وَلَكِنْ إذَا أَدَّى ذَلِكَ مِنْ عُرُوضٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ لَأَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَإِذَا كَانَ الْمُؤَدِّي لَهَا زَيْدٌ الْمُشْتَرِي فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ، أَمَّا إذَا أَدَّاهَا عَمْرٌو ثُمَّ رَجَعَ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ وَاسْتَوْفَى بَدَلًا عَنْ ذَلِكَ مَالًا صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ عِنَانٍ مَثَلًا: إذَا أَدَّى زَيْدٌ لِبَائِعِهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْخَمْسِينَ دِينَارًا الْخَمْسِينَ شَاةً الْمَمْلُوكَةَ لَهُ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ، أَمَّا إذَا أَدَّى عَمْرٌو الْخَمْسِينَ دِينَارًا بِعِشْرِينَ بَقَرَةً يَمْلِكُهَا فَلَا يَطْرَأُ أَيْضًا خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ، أَمَّا إذَا رَجَعَ عَمْرٌو بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا وَاسْتَوْفَاهَا مِنْهُ نَقْدًا فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ مِنْ زَيْدٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بَدَلًا عَنْ الْخَمْسِينَ دِينَارًا عَرْصَةً فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ (الشِّبْلِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِآخَرَ أُرِيدُ شِرَاءَ هَذِهِ الْفَرَسِ لِنَفْسِي خَاصَّةً وَلَمْ يَسْكُتْ

(المادة 1359) عقد الشريكان الشركة على أن لكل منهما أن يتقبل ويلتزم أي عمل

الْمُفَاوِضُ وَقَالَ لَهُ: نَعَمْ خُذْهَا لِنَفْسِك فَأَخَذَهَا فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُفَاوِضِ الْمُشْتَرِي خَاصَّةً، أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِآخَرَ أُرِيدُ شِرَاءَ هَذِهِ الْفَرَسِ لِنَفْسِي خَاصَّةً وَسَكَتَ الْآخَرُ فَاشْتَرَاهَا الْقَائِلُ فَتَكُونُ الْفَرَسُ مُشْتَرَكَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . الْمَادَّةُ (1358) - (كَمَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُفَاوِضَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي حِصَصِهِمَا فِي الرِّبْحِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ أَيْ نُقُودٌ أَوْ أَمْوَالٌ فِي حُكْمِ النُّقُودِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ لَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ فَلَا يَضُرُّ بِالْمُفَاوَضَةِ) كَمَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَيْ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فِي الْأَمْوَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُفَاوِضَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي حِصَصِهِمَا فِي الرِّبْحِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ مُسْتَوْدِعِهِ مَوْجُودٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ أَيْ نُقُودٌ أَوْ أَمْوَالٌ فِي حُكْمِ النُّقُودِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْغَيْرِ الْمَسْكُوكَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1331 وَ 1340) . فَلِذَلِكَ كَمَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ ابْتِدَاءً أَيْ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَقَاءً أَيْضًا، فَلِذَلِكَ لَوْ مَلَكَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا آخَرَ أَثْنَاءَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ صَالِحًا لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا حِينَ عَقْدِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَمَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا مَالًا صَالِحًا لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَيْ دَخَلَ فِي يَدِهِ أَوْ وَرِثَ مَالًا كَهَذَا تَبْطُلُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ لَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلَا يَضُرُّ بِالْمُفَاوَضَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1341 وَ 1342) أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُوَرِّثُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَوَرِثَ النُّقُودَ الَّتِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَلَكِنْ إذَا قَبَضَ وَاسْتَوْفَى تِلْكَ الدُّيُونَ مُؤَخَّرًا مِنْ أَرْبَابِهَا فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى عِنَانٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1362) . [ (الْمَادَّةُ 1359) عَقَدَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَلْتَزِمَ أَيَّ عَمَلٍ] الْمَادَّةُ (1359) - (إذَا عَقَدَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَلْتَزِمَ أَيَّ عَمَلٍ كَانَ وَأَنْ يَكُونَا ضَامِنَيْنِ لِلْعَمَلِ وَمُتَعَهِّدَيْنِ بِهِ سَوِيَّةً وَمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرَرِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ مُفَاوَضَةً. وَتَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَةُ أَيَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَأُجْرَةِ الْحَانُوتِ، وَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَتَاعٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ حَتَّى وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ)

إذَا عَقَدَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَلْتَزِمَ أَيَّ عَمَلٍ كَانَ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُتَقَبِّلُ قَادِرًا عَلَى إجْرَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ غَيْرَ قَادِرٍ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْمِيمُ بِأَنْ يُقَالَ فِي الشَّرِكَةِ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1331) وَأَنْ يَكُونَا ضَامِنَيْنِ لِلْعَمَلِ وَمُتَعَهِّدَيْنِ بِهِ سَوِيَّةً وَمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرَرِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّحَادُ الْمَكَانِ. فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1332) إنَّ اتِّفَاقَ خَيَّاطِينَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْخِيَاطَةِ أَوْ صَبَّاغِينَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الصِّبَاغَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ، كَمَا أَنَّ اشْتِرَاكَ خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ فِي الْخِيَاطَةِ وَالصِّبَاغَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِإِيضَاحٍ) وَبِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ لِلْآخَرِ فَيُطَالِبُ الصَّبَّاغَ بِالْخِيَاطَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْأَجِيرَ أَوْ الْمُعِيرَ فِي عَمَلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلِهِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عُمُولَةٌ عَلَى التَّوْكِيلِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَشْتَغِلَ فِي حَانُوتٍ آخَرَ أَوْ مَحَلٍّ آخَرَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَهَا لَا يَتَفَاوَتُ (الْبَحْرُ) . وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ أَنْ يَحُوزَ الْعَمَلُ شَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ حَلَالًا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الْعَمَلِ الْحَرَامِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَالِارْتِشَاءِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ عَمَلًا إذَا قَامَ بِهِ الْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَالْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي تَعْلِيمِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ جَازَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (750) . وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْصِيَا وَيَسْأَلَا النَّاسَ وَأَنْ يَقْتَسِمَا مَا يَكْسِبَانِهِ مِنْ الِاسْتِعْصَاءِ وَالسُّؤَالِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1333) (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَتَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَةُ أَيَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُتَعَهِّدُ بِالْعَمَلِ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِأُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَأُجْرَةِ الْحَانُوتِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1356) لِأَنَّ الْمُتَعَهِّدَ مِنْهُمَا يَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ أَصَالَةً بِاعْتِبَارِهِ مُتَعَهِّدًا وَيَجُوزُ مُطَالَبَةُ الْآخَرِ حَسَبَ الشَّرِكَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِ الْعَمَلِ وَلَوْ كَانَ الْقَائِمُ بِالْعَمَلِ غَيْرَهُ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّة (1356) . وَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَتَاعٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ حَتَّى وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ وَيُلْزَمُ الْآخَرُ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1356) .

(المادة 1361) يشترط في عقد المفاوضة ذكر لفظ المفاوضة

الْمَادَّةُ (1360) - (إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى شِرَاءِ الْمَالِ نَسِيئَةً وَبَيْعِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى وَثَمَنُهُ وَرِبْحُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلُ الْآخَرِ فَتَكُونُ مُفَاوَضَةَ شَرِكَةِ وُجُوهٍ) إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا أَهْلًا لِلْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ عَلَى شِرَاءِ الْمَالِ نَسِيئَةً وَبَيْعِهِ نَقْدًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى وَثَمَنُهُ إذَا بِيعَ لِآخَرَ وَرِبْحُهُ مُشْتَرَكًا وَأَنْ يَلْزَمَهُمَا ثَمَنُ الْمَالِ الْمُشْتَرَى مُنَاصَفَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلُ الْآخَرِ بِالْمَالِ فَتَكُونُ مُفَاوَضَةَ شَرِكَةِ وُجُوهٍ لِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَ جَمِيعُ مُقْتَضَيَاتِ الْمُفَاوَضَةِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَلْزَمُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْمُفَاوَضَةِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَسَبَبُ جَوَازِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الشَّرِكَةِ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشَّرِكَةِ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ وَهَذَا مُمْكِنٌ بِالتَّوْكِيلِ فَيَكُونُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ أَصِيلًا وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَكِيلًا فَتَتَحَقَّقُ الشَّرِكَةُ فِي الْمَالِ الْمُسْتَفَادِ (الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا ذُكِرَتْ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَتُصْرَفُ عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ بِنَاءً عَلَى التَّعَارُفِ وَالِاعْتِيَادِ (الْبَحْرُ) وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1362) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَمِنْ الْمَوَادِّ الْآنِفَةِ أَنَّ شُرُوطَ الْمُفَاوَضَةِ تَخْتَلِفُ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ أَيْ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ وَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ، وَإِنَّ مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ هُوَ مَعْنًى حَقِيقِيٌّ أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَجَازِيٌّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1361) يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ ذِكْرُ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ] الْمَادَّةُ (1361) - (يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ ذِكْرُ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ تَعْدَادُ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ، وَإِذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَكُونُ عِنَانًا) يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ النَّصُّ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ أَيْ ذِكْرُ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ التَّصْرِيحُ بِمَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ بِتَعْدَادِ شُرُوطِهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تُعْقَدُ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: تُعْقَدُ الْمُفَاوَضَةُ بِذِكْرِ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَلِذَلِكَ إذَا ذُكِرَ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا يَبْقَى ثَمَّةَ حَاجَةٌ لِذِكْرِ جَمِيعِ شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ جَمِيعَ شُرُوطِ الْمُفَاوَضَةِ فَالتَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ يَقُومُ مَقَامَ التَّنْصِيصِ عَلَى شَرَائِطِهَا حَتَّى أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ فِي الشَّرِكَةِ لَفْظُ الْمُفَاوَضَةِ وَلَمْ يَكُنْ الشَّرِيكَانِ وَاقِفَيْنِ عَلَى مَعْنَاهَا فَيَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّ لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ هُوَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ وَلَا تَحْتَاجُ الْأَلْفَاظُ الصَّرِيحَةُ إلَى النِّيَّةِ حَيْثُ إنَّ لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى تَمَامِ الْمُسَاوَاةِ فِي أَمْرِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا ذَكَرَاهُ تَثْبُتُ أَحْكَامُهُ إقَامَةً لِلَّفْظِ مَقَامَ الْمَعْنَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تُعْقَدُ الْمُفَاوَضَةُ بِذِكْرِ جَمِيعِ شُرُوطِهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا بُيِّنَ مَعْنَى لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْ ذُكِرَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ الْوَاجِبِ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ أَيْ مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ التَّامِّ تُعْقَدُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الثَّالِثَةِ (الدُّرَرُ) .

مَثَلًا لَوْ قَالَ بَالِغٌ لِبَالِغٍ آخَرَ: إنَّنِي شَارَكْتُكَ فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُهُ مِنْ النُّقُودِ الصَّالِحَةِ لَأَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا تَمْلِكُهُ مِنْ النُّقُودِ الصَّالِحَةِ لَأَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ عَلَى أَنْ نَشْتَغِلَ فِي عُمُومِ التِّجَارَاتِ وَنَشْتَرِيَ مَالًا بِالنَّقْدِ وَنَبِيعَهُ بِالنَّسِيئَةِ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَّا مُفَوَّضًا تَفْوِيضًا عَامًّا بِذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنَّا كَفِيلًا لِلْآخَرِ بِمَا يَتَرَتَّبُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ التِّجَارَةِ وَأَجَابَهُ الْآخَرُ بِالْقَوْلِ فَتَكُونُ قَدْ عُقِدَتْ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بِذِكْرِ جَمِيعِ شَرَائِطِ الْمُفَاوَضَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ قَدْ عُقِدَ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1359 وَ 1360) شَرِكَةُ مُفَاوَضَةِ أَعْمَالٍ وَشَرِكَةُ مُفَاوَضَةِ وُجُوهٍ بِتَعْدَادِ جَمِيعِ شَرَائِطِهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ تَكُونُ شَرِكَةَ عِنَانٍ. الْمَادَّةُ (1363) - (إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ تَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا. مَثَلًا إذَا دَخَلَ إلَى يَدِ أَحَدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مَالٌ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ مَالًا كَالنُّقُودِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ تَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا أَمَّا إذَا كَانَ مَالًا كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَلَا تَحِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ) كُلُّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْمُفَاوَضَةُ لِفِقْدَانِ شُرُوطِهَا وَكَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ غَيْرَ لَازِمٍ لِشَرِكَةِ الْعِنَانِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ (الْبَحْرُ) . فَلِذَلِكَ إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَيْ الْوَارِدِ فِي الْمُفَاوَضَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ وَكَانَ الشَّرْطُ الْمَفْقُودُ غَيْرَ مَشْرُوطٍ وُجُودُهُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَخَصُّ فَإِذَا بَطَلَ الْأَعَمُّ تَعَيَّنَ الْأَخَصُّ (الزَّيْلَعِيّ) أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ الْمَفْقُودُ فِي الْمُفَاوَضَةِ مَشْرُوطًا وُجُودُهُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَيْضًا (كَالْإِخْلَالِ بِشَرْطِ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ) فَكَمَا لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ لَا تَصِحُّ أَيْضًا شَرِكَةُ الْعِنَانِ وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً (الطَّحْطَاوِيُّ) إنَّ الشُّرُوطَ الْوَاجِبَ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا ابْتِدَاءً وَحِينَ الْعَقْدِ يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا بَقَاءً أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1331 وَ 1358) فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ ابْتِدَاءً فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ عِنَانًا وَلَكِنْ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ ابْتِدَاءً وَلَمْ تُوجَدْ بَقَاءً فَتَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ ابْتِدَاءً مُفَاوَضَةً وَتَنْقَلِبُ الشَّرِكَةُ إلَى عِنَانٍ حِينَ فَقْدِ أَحَدِ الشُّرُوطِ، فَلِذَلِكَ لَوْ حُذِفَ لَفْظُ " تَنْقَلِبُ " وَقِيلَ بَدَلًا عَنْ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَكُونُ عِنَانًا كَمَا ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيّ لَكَانَ التَّعْبِيرُ شَامِلًا لِلصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَثَلًا إذَا دَخَلَ إلَى يَدِ أَحَدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ مَالٌ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ

الْوَصِيَّةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَيْ قَبَضَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمَالَ الْمُوصَى بِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَالُ كَالنُّقُودِ أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ رَائِجَةٍ مَا يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ اخْتَلَّ شَرْطُ تَسَاوِي رَأْسِ الْمَالِ فَتَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ إلَى عِنَانٍ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ تَسَاوِي رَأْسِ الْمَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّ الْبَقَاءَ فِيمَا لَيْسَ لَازِمًا مِنْ الْعُقُودِ لَهُ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْمُفَاوَضَةُ مِنْهُ (الْبَحْرُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِرْثِ أَنْ تَدْخُلَ النُّقُودُ الْمَوْرُوثَةُ إلَى يَدِ الْوَارِثِ لِبُطْلَانِ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ يُصْبِحُ الْوَارِثُ مَالِكًا لِلْمَوْرُوثِ وَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى عِنَانٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ فِي دِمَشْقَ وَتُوُفِّيَ مُوَرِّثُ أَحَدِهِمَا فِي الْبَصْرَةِ وَكَانَ فِي خَزِينَةِ الْمُتَوَفَّى نُقُودٌ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى عِنَانٍ بِدُونِ حَاجَةٍ لَأَنْ يُسَافِرَ الشَّرِيكُ الْوَارِثُ إلَى الْبَصْرَةِ وَيَقْبِضَ النُّقُودَ هُنَاكَ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ فِضَّةً قِيمَتُهَا عَشَرَةٌ وَتَزَايَدَتْ قِيمَةُ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَفَاتَتْ الْمُسَاوَاةُ فَتَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا، أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّزَايُدُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا حَصَلَ التَّزَايُدُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ فَلَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا حَصَلَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي تَزَايَدَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَتَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ. أَمَّا إذَا تَزَايَدَ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَلَا تَفْسُدُ. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ إنَّمَا هُوَ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَلِأَحَدِهِمَا زِيَادَةُ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا حَصَلَتْ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا فِي مَالِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَفُتْ التَّسَاوِي فِي مَالِهِمَا (الْبَحْرُ) . وَصَيْرُورَةُ الْمُفَاوَضَةِ عِنَانًا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ بِفِقْدَانِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَلْ تَصِيرُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ عِنَانًا أَيْضًا فِي حَالَةِ فِقْدَانِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا فِي الْعِنَانِ، وَذَلِكَ لَوْ عُقِدَتْ مُفَاوَضَةٌ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ فَلَا تَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ، لِفِقْدَانِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1334) ، مُفَاوَضَةً بَلْ تَكُونُ عِنَانًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1345) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ مَالًا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالدُّيُونِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ مَالٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَالٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا يُخِلُّ أَيْضًا بِالْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْمَالِ غَيْرُ صَالِحٍ ابْتِدَاءً لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ بَقَاءً. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1341 وَ 1342) مَثَلًا لَوْ وَرِثَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ دُيُونًا فِي ذِمَمِ النَّاسِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ. أَمَّا إذَا قَبَضَ وَاسْتَوْفَى مُؤَخَّرًا مِقْدَارًا مِنْ تِلْكَ الدُّيُونِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى الْعِنَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

(المادة 1363) كل ما كان شرطا لصحة العنان كان شرطا لصحة المفاوضة

[ (الْمَادَّةُ 1363) كُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعِنَانِ كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ] الْمَادَّةُ (1363) - (كُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعِنَانِ كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْمُفَاوَضَةِ) وَذَلِكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ، أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ قَابِلًا لِلتَّوْكِيلِ، ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ، ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا، رَابِعًا: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ النُّقُودِ، خَامِسًا: أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا، سَادِسًا: أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ عَاقِلَيْنِ مُمَيِّزَيْنِ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ السِّتَّةَ هِيَ شُرُوطٌ مُشْتَرَكَةٌ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (1333 وَ 1336 وَ 1337 وَ 1338 وَ 1341 وَ 1342) . وَلَا يُقَالُ بِالْعَكْسِ أَيْ كُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ كَانَ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعِنَانِ لِأَنَّ لِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ شَرَائِطَ خَاصَّةً، وَهِيَ أَوَّلًا: أَهْلِيَّةُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِلْكَفَالَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1334) ثَانِيًا: التَّسَاوِي فِي مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِ الْمُفَاوِضَيْنِ، ثَالِثًا: التَّسَاوِي فِي حِصَصِهِمَا فِي الرِّبْحِ، رَابِعًا: أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَمْوَالٌ أُخْرَى صَالِحَةٌ لِاِتِّخَاذِهَا رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1358) فَهَذِهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ هِيَ شَرَائِطُ الْمُفَاوَضَةِ الْخَاصَّةِ وَلَا تُشْتَرَطُ فِي الْعِنَانِ. الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَّحِدُ وَتَفْتَرِقُ فِيهَا شَرِكَةُ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ: قَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَفِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَتَّحِدُ فِيهَا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ مَعَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1365) الْأَحْكَامَ الَّتِي تَفْتَرِقُ فِيهَا الشَّرِكَتَانِ. [ (الْمَادَّةُ 1364) مَا جَازَ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَجُوزُ لِلْمُفَاوِضَيْنِ] الْمَادَّةُ (1364) - (كُلُّ مَا جَازَ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَجُوزُ أَيْضًا لِلْمُفَاوِضَيْنِ) وَذَلِكَ أَوَّلًا: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1373) . ثَانِيًا: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ مِنْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالًا نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1374) . ثَالِثًا: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يُودِعَ وَيَضَعَ مَالَ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يُشَارِكَ عَلَيْهِ شَرِكَةَ مُضَارَبَةٍ وَأَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ إجَارَةٍ كَأَنْ يَسْتَأْجِرَ حَانُوتًا لِحِفْظِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَسْتَأْجِرَ أَجِيرًا وَأَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ فِي أُمُورِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ نَقْدًا وَنَسِيئَةً وَأَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1379) وَشَرْحَهَا. رَابِعًا: إذَا ذَهَبَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى مِنْ أَجْلِ الشَّرِكَةِ يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1381)

الفصل السادس في شركة العنان ويحتوي على ثلاثة مباحث

وَلَا يُقَالُ بِعَكْسِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَيْ أَنَّهُ كُلُّ مَا جَازَ مِنْ التَّصَرُّفِ لِلْمُفَاوِضَيْنِ يَجُوزُ أَيْضًا لِلشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ تَصَرُّفَاتٍ لِلْمُفَاوِضَيْنِ الْحَقُّ فِي التَّصَرُّفِ بِهَا وَلَيْسَ لِلشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا الْحَقُّ فِي ذَلِكَ وَهِيَ: أَوَّلًا - لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَخَصُّ وَأَدْوَنُ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَكَمَا يَنْفُذُ هَذَا الْعَقْدُ فِي حَقِّهِ يَنْفُذُ أَيْضًا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِشَرِيكٍ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1379) (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) ثَانِيًا - لِلشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ الرَّهْنُ. ثَالِثًا - الِارْتِهَانُ رَابِعًا - الْإِقْرَارُ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ ذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1379) كَمَا أَنَّهُ تُوجَدُ بَعْضُ تَصَرُّفَاتٍ لَيْسَ لِلشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا إجْرَاؤُهَا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكَيْنِ مُفَاوَضَةً إجْرَاؤُهَا أَيْضًا وَهِيَ الْإِقْرَاضُ وَهِبَةُ مَالِ الشَّرِكَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1379) وَالْمَادَّةِ (1380) [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ] الْفَصْلُ السَّادِسُ (فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ) إنَّ مَبَاحِثَ هَذَا الْفَصْلِ هِيَ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كَمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ عُنْوَانِ الْفَصْلِ، إلَّا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ هِيَ جَارِيَةٌ وَمَرْعِيَّةٌ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا، وَسَيُبَيَّنُ ذَلِكَ أَثْنَاءَ شَرْحِ الْمَوَادِّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَوَادِّ (1379 وَ 1380 وَ 1382) الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْأَمْوَالِ) الْمَادَّةُ (1365) - (لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْآخَرِ، وَلَا يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورًا عَلَى إدْخَالِ جَمِيعِ نُقُودِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ بَلْ لَهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَجْمُوعِ مَالِهِمَا أَوْ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا مَالٌ يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ غَيْرَ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ) تَفْتَرِقُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فِي خَمْسَةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ:

أَوَّلًا - لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا، وَعَلَيْهِ فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْآخَرِ أَيْضًا إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ هِيَ عَيْنُ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (1351) أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَالتَّسَاوِي شَرْطٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1358) . ثَانِيًا - وَلَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَجْبُورًا عَلَى إدْخَالِ جَمِيعِ نُقُودِهِ أَيْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ الصَّالِحَةِ لِاِتِّخَاذِهَا رَأْسَ الْمَالِ بَلْ لَهُمَا أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى مَجْمُوعِ مَالِهِمَا أَوْ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلشَّرِيكَيْنِ مَالٌ آخَرُ يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ كَالنَّقْدِ مَثَلًا غَيْرَ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي أُدْخِلَ فِي الشَّرِكَةِ، أَيْ إذَا وُجِدَ لِلشَّرِيكَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا مَالٌ صَالِحٌ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي اتَّخَذَاهُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ شَرِكَةَ الْعِنَانِ مَعَ أَنَّهُ يُفْسِدُ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1358) وَلِذَلِكَ فَشَرِكَةُ الْعِنَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ كَشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ. ثَالِثًا - يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ عِنَانٍ مُتَفَاوِتًا فِي الْقِيمَةِ وَمُخْتَلِفَ الْجِنْسِ. مَثَلًا: كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِائَةَ دِينَارٍ وَيَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ خَمْسِينَ رِيَالًا (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1338) . مَعَ أَنَّهُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ فَيُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي قِيمَتِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " الـ 1338 ". رَابِعًا - لَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بِالتَّسَاوِي وَيَصِحُّ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى تَقْسِيمِهِ بِالتَّفَاضُلِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بِالتَّسَاوِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1538) . خَامِسًا - تُعْقَدُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَةِ كَمَا أَنَّهَا تُعْقَدُ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَتُعْقَدُ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ عَلَى قَوْلٍ وَلَا تُعْقَدُ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1331) . الْمَادَّةُ (1366) - (كَمَا يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ كَذَلِكَ يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى نَوْعِ تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ أَيْضًا كَعَقْدِهَا مَثَلًا عَلَى تِجَارَةِ الْغِلَالِ) تُقْسَمُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْآتِيَيْنِ أَيْضًا: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - كَمَا يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ كَذَلِكَ يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى نَوْعِ تِجَارَةٍ خَاصَّةٍ أَيْضًا كَعَقْدِهَا مَثَلًا عَلَى تِجَارَةِ الْغِلَالِ (الْبَحْرُ) أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَعَلَى قَوْلٍ كَمَا يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ يَجُوزُ عَقْدُهَا عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إلَّا عَلَى عُمُومِ التِّجَارَاتِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1331) . الْوَجْهُ الثَّانِي - كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ شَرِكَةُ الْعِنَانِ مُطْلَقَةً يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُؤَقَّتَةً أَيْضًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ

(المادة 1367) على أي وجه شرط تقسيم الربح في الشركة الصحيحة

مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْوَكَالَةِ فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ عَامَّةً وَخَاصَّةً وَمُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً فَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ أَيْضًا (الْبَحْرُ) فَإِذَا وُقِّتَتْ الشَّرِكَةُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: مَا اشْتَرَيْته الْيَوْمَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا فَتَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِمُرُورِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ مُرُورِ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ وَيَكُونُ خَاصًّا بِالْمُشْتَرِي اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1352) كَمَا هُوَ فِي الْمُضَارَبَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1423) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1367) عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ] الْمَادَّةُ (1367) - (عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ يُرَاعَى ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ) عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1336) فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ يُرَاعَى ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ أَيْ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ شَرْطُ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ بِالتَّسَاوِي يَصِحُّ شَرْطُ تَقْسِيمِهِ بِالتَّفَاضُلِ. وَقَوْلُهُ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ هُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ التَّفَاضُلِ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ فِيهَا تَبَعًا لِنِسْبَةِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَيُسْتَدَلُّ مِنْ عُنْوَانِ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَارٍ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَيُشْتَرَطُ التَّقْسِيمُ مُتَسَاوِيًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1358) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1370) أَنَّهُ إذَا شُرِطَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا صَحَّ هَذَا الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1371) أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ مِنْ الرِّبْحِ كَثُلُثَيْهِ مَثَلًا فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُهُمَا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَاعْتُبِرَ الشَّرْطُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا كَانَ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ لَهُ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ هُوَ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ عَمَلُهُ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1372) أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَاضِلًا وَشُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بِالتَّسَاوِي وَشُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ أَوْ شُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّبْحِ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ. أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ فَلَا يُرَاعَى ذَلِكَ الشَّرْطُ بَلْ يُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ:

(المادة 1368) يقسم الربح والفائدة في الشركة الفاسدة بنسبة مقدار رأس المال

1 - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1371) أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ لِأَحَدِهِمَا حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ وَشُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ حِصَّةٌ قَلِيلَةٌ فِي الرِّبْحِ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا 2 - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1372) أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَاضِلَيْنِ وَشُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ ذِي رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ فَقَطْ وَشُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ مُتَسَاوِيًا فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا. 3 - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1402) أَنَّهُ إذَا شُرِطَ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ رِبْحٌ أَكْثَرُ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَالشَّرْطُ لَغْوٌ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ. تَقْسِيمُ الْعُرُوضِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ: إذَا كَانَ الرِّبْحُ مِنْ النُّقُودِ فَيُقْسَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَجَلَّةِ، أَمَّا إذَا أُرِيدَ تَقْسِيمُ الْأَمْتِعَةِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ فَتُقَدَّرُ قِيمَةُ تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ وَقْتَ اشْتِرَائِهَا وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى تِلْكَ النِّسْبَةِ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1368) يُقْسَمُ الرِّبْحُ وَالْفَائِدَةُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ] الْمَادَّةُ (1368) - (يُقْسَمُ الرِّبْحُ وَالْفَائِدَةَ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِذَا شُرِطَ رِبْحٌ زَائِدٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ) يُوجَدُ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ: 1 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ وَالْفَائِدَةُ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلزِّيَادَةِ وَالرِّبْحِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّسْمِيَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ فَتَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ الَّتِي فِي ضِمْنِ الشَّرِكَةِ، وَيَنْحَصِرُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ بِرَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ، وَبِمَا أَنَّ الرِّبْحَ هُوَ نَمَاءُ رَأْسِ الْمَالِ وَمَنْفَعَتُهُ وَتَابِعٌ لِلْمَالِ فَوَجَبَ تَقْدِيرُهُ بِمِقْدَارِ الْمَالِ كَمَا أَنَّ الْحَاصِلَاتِ فِي الزِّرَاعَةِ تَتْبَعُ الْبَذْرَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1439) فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1073) أَنَّ الرِّبْحَ وَالْحَاصِلَاتِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ تُقْسَمُ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشَّرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ، فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا وَشُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ أَثْلَاثًا وَاتُّفِقَ عَلَى ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ مُنَاصَفَةً. وَقِسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ (1371) وَالْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1372) مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَاَلَّذِي يُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ. 2 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَفِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَعُودُ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ لِلْآخَرِ حَقٌّ بِأَخْذِ أَجْرِ مِثْلِهِ. 3 - أَنْ لَا يَكُونَ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ رَأْسُ مَالٍ مِنْ أَحَدٍ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ

(المادة 1369) الضرر والخسارة الحاصلة بلا تعد ولا تقصير تقسم بنسبة مقدار رءوس الأموال

فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1343. وَ 1344) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 1369) الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ الْحَاصِلَةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ تُقْسَمُ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رُءُوسِ الْأَمْوَالِ] الْمَادَّةُ (1369) - (الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ تُقْسَمُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رُءُوسِ الْأَمْوَالِ، وَإِذَا شُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ) الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ تُقْسَمُ فِي كُلِّ حَالٍ أَيْ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ الْفَاسِدَةِ، بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رُءُوسِ الْأَمْوَالِ وَإِذَا شُرِطَ انْقِسَامُهَا عَلَى وَجْهٍ آخَرَ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْ أَنَّ شَرْطَ تَقْسِيمِ الْوَضِيعَةِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ بَاطِلٌ حَيْثُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . مَثَلًا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الضَّرَرِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ عَلَى الْآخَرِ فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ وَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَيُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارَةُ مُنَاصَفَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . الْمَادَّةُ (1370) - (إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ تَقْسِيمَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا صَحَّ، وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ سَوَاءٌ شُرِطَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ أَوْ شُرِطَ عَمَلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ فَيَكُونُ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْبِضَاعَةِ) إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ تَقْسِيمَ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1367) . وَفِي هَذَا الْحَالِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) . لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ أَنَّهُ وَرَدَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» . (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُتَسَاوِيًا وَإِذَا كَانَ مُتَفَاضِلًا يَكُونُ مُتَفَاضِلًا بِنِسْبَةِ ذَلِكَ سَوَاءٌ شُرِطَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ فِي حَالَةِ كَوْنِ الشُّرَكَاءِ اثْنَيْنِ فِي الشَّرِكَةِ أَوْ شُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَإِذَا شُرِطَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ فَيَكُونُ الِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ وَلِلْعَمَلِ مَعًا أَمَّا إذَا شُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ اسْتِحْقَاقُهُ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ وَلِلْعَمَلِ مَعًا وَاسْتِحْقَاقُ الْآخَرِ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ فَقَطْ وَلِذَلِكَ فَالرِّبْحُ فِي الصُّورَتَيْنِ هُوَ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْأَقَلِّ عَلَى أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (1347) . إلَّا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ عَمَلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ فَيَكُونُ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ الْغَيْرِ الْعَامِلِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْعَامِلِ فِي حُكْمِ الْبِضَاعَةِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ تَمَامُ رِبْحِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِيكِ الْمُبْضِعِ الْغَيْرِ الْعَامِلِ لِلْمُبْضَعِ كَمَا تَكُونُ جَمِيعُ الْخَسَارَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ عَائِدَةً عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ)

وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَالرِّبْحُ مُتَسَاوِيًا وَمَشْرُوطًا عَمَلُ الِاثْنَيْنِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ وَاسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكَيْنِ لِلرِّبْحِ يَكُونُ لِلْمَالِ وَلِلْعَمَلِ مَعًا. 2 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَالرِّبْحُ مُتَسَاوِيًا إلَّا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَهَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ أَيْضًا وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَامِلِ مُبْضِعًا وَاسْتِحْقَاقُهُ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ وَاسْتِحْقَاقُ الْآخَرِ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ وَلِلْعَمَلِ مَعًا وَيَكُونُ مَالُ الَّذِي لَا عَمَلَ لَهُ بِضَاعَةً عِنْدَ الْعَامِلِ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ وَالرِّبْحُ مُتَفَاضِلَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَةَ دِينَارٍ وَيَكُونُ ثُلُثَا الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْ الدِّينَارِ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَأَنْ يَكُونَ عَمَلُهُمَا مَشْرُوطًا وَهَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ أَيْضًا وَاسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكَيْنِ لِلرِّبْحِ لِلْمَالِ وَلِلْعَمَلِ. 4 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ وَالرِّبْحُ مُتَفَاضِلَيْنِ، كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَتَيْ دِينَارٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَةَ دِينَارٍ وَيَكُونَ ثُلُثَا الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَيَكُونَ مَشْرُوطًا عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ جَائِزَةٌ أَيْضًا، وَالِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ فِي هَذَا الْحَالِ مُقَابِلُ الْمَالِ وَالْعَمَلُ لِلشَّرِيكِ الْمَشْرُوطِ عَمَلُهُ مُقَابِلُ الْمَالِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. وَالصُّورَتَانِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ هُمَا شَرِكَةُ عِنَانٍ، وَالصُّورَتَانِ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ هُمَا بِضَاعَةٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطَا تَقْسِيمَ الرِّبْحِ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا بَلْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا حِصَّةً زَائِدَةً مِنْ الرِّبْحِ فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ كِلَيْهِمَا فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: 1 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَالرِّبْحُ مُتَفَاضِلًا كَأَنْ يَكُونَ ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ وَأَنْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ هِيَ هَذِهِ الصُّورَةُ. 2 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالَيْنِ مُتَفَاضِلًا وَالرِّبْحُ مُتَفَاضِلًا كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَيَكُونَ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَثُلُثَاهُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ مَعَ شَرْطِ عَمَلِ كِلَيْهِمَا وَهَذِهِ صَحِيحَةٌ. وَالصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (الـ 1372) هِيَ نَظِيرٌ لَهَا. أَمَّا إذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ صَحَّ وَالصُّورَةُ الْأُولَى وَالْفِقْرَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (1371) وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (1372) هِيَ مِثَالٌ وَنَظِيرٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ بَلْ شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَلَا يَصِحُّ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِمَا. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1372) هِيَ مِثَالٌ وَنَظِيرٌ لِهَذِهِ الصُّورَةِ. الْمَادَّةُ (1371) - (إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ لِأَحَدِهِمَا

حِصَّةٌ زَائِدَةٌ مِنْ الرِّبْحِ كَثُلُثَيْهِ مَثَلًا، فَإِذَا كَانَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ مَشْرُوطًا فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1345) ، أَمَّا إذَا شُرِطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيُنْظَرُ: وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ زَائِدَةٌ فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ أَيْضًا وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّرِيكُ بِمَالِهِ وَبِعَمَلِهِ الزِّيَادَةَ، لَكِنْ حَيْثُ كَانَ رَأْسُ مَالِ شَرِيكِهِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةً شَبِيهَةً بِالْمُضَارَبَةِ. وَأَمَّا إذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَلِيلَةٌ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا حَيْثُ إنَّهُ إذَا قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مُقَابِلٌ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ ضَمَانٍ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَامِلِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 1347 وَ 1340) إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشَرَطَا لِأَحَدِهِمَا حِصَّةً زَائِدَةً عَنْ نِسْبَةِ رَأْسِ مَالٍ مِنْ الرِّبْحِ كَثُلُثَيْهِ مَثَلًا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ عَمَلُ الِاثْنَيْنِ مَشْرُوطًا مَعًا بِالتَّسَاوِي فَإِذَا شُرِطَ عَمَلُهُمَا مَعًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ حَيْثُ إنَّ الشَّرِيكَ الْمَاهِرَ فِي الْعَمَلِ لَا يَقْبَلُ الْمُسَاوَاةَ فَحَصَلَتْ الْحَاجَةُ لِلتَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُ ثُلُثِ الرِّبْحِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَبِعَمَلِهِ أَيْضًا كَمَا أَنَّ صَاحِبَ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الرِّبْحِ الْآخَرَ لِمَهَارَتِهِ فِي عَمَلِهِ لِأَنَّهُ كَمَا يَكُونُ الْمَالُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ فَالْمَهَارَةُ فِي الْعَمَلِ أَيْضًا سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنَّ لِأَحَدِ الْعَمَلَيْنِ قِيمَةً زَائِدَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَمَلِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1367) خِلَافًا لِزُفَرَ، وَلَنَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ» (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . فَلِذَلِكَ يُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) وَلَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ الِاثْنَيْنِ وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1349) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ، لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ شَرِكَةٌ فِي الرِّبْحِ وَشُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِانْقِطَاعِهَا لِأَنَّهُ يَخْرُجُ الْعَقْدُ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِنْ الْمُضَارَبَةِ أَيْضًا إلَى قَرْضٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْعَامِلِ أَوْ إلَى بِضَاعَةٍ بِاشْتِرَاطِهِ لِرَبِّ الْمَالِ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1345) . 2 - أَنْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا أَوْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا كَثِيرًا وَعَمَلُ الْآخَرِ قَلِيلًا فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ أَوْ زِيَادَةُ الْعَمَلِ مَشْرُوطًا عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ

أَيْضًا وَاعْتُبِرَ الشَّرْطُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّرِيكُ الَّذِي شُرِطَ عَمَلُهُ مُسْتَحِقًّا بِمَا لَهُ لِرِبْحِ رَأْسِ مَالِهِ وَبِعَمَلِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ عَمَلِهِ لِزِيَادَةِ الرِّبْحِ أَيْ يَكُونُ رِبْحُ رَأْسِ مَالِهِ مُقَابِلَ مَالِهِ وَمَا يَزِيدُ مِنْ الرِّبْحِ مُقَابِلَ عَمَلِهِ أَوْ زِيَادَةِ عَمَلِهِ لَكِنْ حَيْثُ كَانَ رَأْسُ مَالِ شَرِيكِهِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَتَكُونُ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ شَبِيهَةٌ بِالْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ مُضَارِبًا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ (إنَّ رَأْسَ مَالِ شَرِيكِهِ يَكُونُ فِي يَدِهِ مُضَارَبَةً) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1415 وَ 1416) 3 - وَأَمَّا إذَا شُرِطَ الْعَمَلُ أَوْ زِيَادَةُ الْعَمَلِ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي حِصَّتُهُ قَلِيلَةٌ مِنْ الرِّبْحِ فَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيَكُونُ مَالُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِضَاعَةً وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1368) أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ زِيَادَةُ رِبْحٍ أَخْذُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارًا مِنْ الرِّبْحِ بِنِسْبَةِ مَا يُصِيبُ رَأْسَ مَالِهِ مِنْهُ كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ مِائَتَيْ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مِائَةُ دِينَارٍ مِنْهَا رَأْسَ مَالِهِ وَالْمِائَةُ الْأُخْرَى قَرْضًا لِلشَّرِيكِ وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ وَالثُّلُثَ لِشَرِيكِهِ فَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْطِي النُّقُودَ فَيَصِحُّ التَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ بِرَأْسِ مَالِهِ وَالزِّيَادَةَ بِعَمَلِهِ. أَمَّا إذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيَكُونُ التَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ بَاعِثًا لِرِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَهُ أَخْذُ نِصْفِ الرِّبْحِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّهُ إذَا قُسِمَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ أَيْ أُعْطِيَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَامِلِ حِصَّةً زَائِدَةً فِي الرِّبْحِ فَلَا يَكُونُ مُقَابِلًا لِلزِّيَادَةِ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا الشَّرِيكُ مِنْ مَالٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ ضَمَانٍ، فَلِذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ حَيْثُ إنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1347 وَ 1348) . وَقَدْ بَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُشْرَطَ الرِّبْحُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَهَذَا الْقِسْمُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ إذَا شُرِطَ هَذَا الشَّرْطُ فَإِذَا كَانَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ كَانَ قَرْضًا وَإِذَا شُرِطَ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ بِضَاعَةً (الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا. وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ صُورَةُ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَالِ، أَمَّا إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْآخَرِ كَأَنْ يَكُونَ مَثَلًا رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَشُرِطَ لِأَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ فِي الرِّبْحِ كَثُلُثَيْهِ مَثَلًا فَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: 1 - أَنْ يُشْتَرَطَ عَمَلُ كِلَيْهِمَا وَفِي هَذَا الْحَالِ تَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ، مَثَلًا شُرِطَ ثُلُثَا الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُهُمَا صَحَّ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (1380) ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ ثُلُثَا الرِّبْحِ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ دِينَارٍ وَثُلُثُهُ لِصَاحِبِ الْمِائَتَيْ دِينَارٍ وَكَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُهُمَا صَحَّ أَيْضًا.

أَنْ يَكُونَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا مَشْرُوطًا فَقَطْ: وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَشْرُوطًا عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ لَهُ حِصَّةٌ زَائِدَةٌ فِي الرِّبْحِ صَحَّ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا شُرِطَ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ قَلِيلَةٌ فَلَا يَصِحُّ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُوضِحَةٌ وَمُفَصِّلَةٌ لِلْمَادَّةِ (1345) . الْمَادَّةُ (1372) - (إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَاضِلًا كَأَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي فَيَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّهُ شُرِطَ زِيَادَةُ حِصَّةٍ فِي الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَأْسِ مَالِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَشَرْطِ رِبْحٍ زَائِدٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا، فَلِذَلِكَ إذَا عُمِلَ شَرْطُ كِلَيْهِمَا أَوْ شَرْطُ عَمَلِ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الزَّائِدَةِ فِي الرِّبْحِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَاعْتُبِرَ الشَّرْطُ، وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا) إذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِيكَيْنِ مُتَفَاضِلًا كَأَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَاوِي فَيَكُونُ بِمَعْنَى أَنَّهُ شُرِطَ زِيَادَةُ حِصَّةٍ فِي الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى رَأْسِ مَالِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كَشَرْطِ رِبْحٍ زَائِدٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا، وَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَشَرَطَا تَقْسِيمَ الرِّبْحِ مُتَسَاوِيًا وَكَانَ الرِّبْحُ سِتَّةَ دَنَانِيرَ فَكَانَ لِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَنْ يَأْخُذَ دِينَارَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ بِالنِّسْبَةِ لِرَأْسِ مَالِهِ إلَّا أَنَّهُ أَخَذَ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ أَيْ أَخَذَ سُدُسًا زِيَادَةً عَنْ رِبْحِ رَأْسِ مَالِهِ، كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْعِشْرِينَ يَسْتَحِقُّ بِنِسْبَةِ رَأْسِ مَالِهِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ مِنْ الرِّبْحِ فَأَخَذَ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ أَيْ أَنْقَصَ سُدُسًا مِنْ رِبْحِ رَأْسِ مَالِهِ. فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ عَمَلُ كِلَيْهِمَا أَوْ شُرِطَ عَمَلُ الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الزَّائِدَةِ فِي الرِّبْحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ وَاعْتُبِرَ الشَّرْطُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (83) . وَقَدْ اسْتَحَقَّ هَذَا الشَّرِيكُ بِمَالِهِ رِبْحَ رَأْسِ مَالِهِ، وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى اسْتَحَقَّ الزِّيَادَةَ بِمَهَارَتِهِ فِي الْعَمَلِ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِالْعَمَلِ وَيَكُونُ الشَّرِيكُ ذُو رَأْسِ الْمَالِ الْقَلِيلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِمَعْنَى الشَّرِيكِ الْمُضَارِبِ وَإِذَا قِيلَ إنَّ الْعَمَلَ فِي الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ مِنْ الْمُضَارِبِ

(المادة 1373) يجوز لكل واحد من الشريكين أن يبيع مال الشركة نقدا أو نسيئة

وَلَا يَعْمَلُ صَاحِبُ رَأْسِ الْمَالِ فَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ تَابِعٌ لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ وَالِاعْتِبَارُ لِلْأَصْلِ وَلَيْسَ لِلتَّابِعِ، وَلِذَلِكَ فَاشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَى كِلَيْهِمَا لَا يَضُرُّ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ أَيْ صَاحِبِ رَأْسِ الْمَالِ الْكَثِيرِ فَهَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ جَائِزٍ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ رَأْسِ مَالِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1368) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ هِيَ فِي حُكْمِ فِقْرَةِ " وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ إلَخْ " الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الْعَمَلُ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى الشَّرِيكِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْقَلِيلَةِ مِنْ الرِّبْحِ وَعَمَلُ الشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ لِلشَّرِكَةِ تَبَرُّعًا فَتَبْقَى الشَّرِكَةُ صَحِيحَةً وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1349) . [ (الْمَادَّةُ 1373) يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً] الْمَادَّةُ (1373) - (يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ) يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ أَيْ بِالنَّقْدِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ نَسِيئَةً بِالنَّقْدِ وَالْعُرُوضِ. وَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1494) . " الطَّحْطَاوِيُّ " وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ " بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ " إنَّ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. قِيلَ " يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ " إذْ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1497) أَنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ، أَمَّا الشَّرِيكُ الْمُفَاوِضُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ وَيَنْفُذُ هَذَا الْبَيْعُ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ. اُنْظُرْ هَلْ " الْمُفَاوِضُ " قَيْدٌ لَازِمٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُفَاوِضِ. الْمَادَّةُ (1374) - (يَجُوزُ لِأَيٍّ كَانَ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَمْوَالَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ لَكِنْ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَيَكُونُ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ) يَجُوزُ لِأَيٍّ كَانَ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالنَّقْدِ وَبِالنَّسِيئَةِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلشَّرِكَةِ وَإِذَا أَدَّى الشَّرِيكُ ثَمَنَ الْمَالِ الْمُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ شَرِيكِهِ وَقَدْ أَدَّى ثَمَنَ الْمَالِ

الْمُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) أَمَّا إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ الشِّرَاءَ وَأَنْكَرَ رَفِيقُهُ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى هَالِكًا فَعَلَى مُدَّعِي الشِّرَاءِ إثْبَاتُ الشِّرَاءِ حَتَّى يُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُدَّعِي يَدَّعِي وُجُوبَ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ رَفِيقِهِ وَرَفِيقُهُ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ لِلشَّرِكَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ أَصْلَ الشِّرَاءِ وَادَّعَى أَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى شِرَاؤُهُ هُوَ مِنْ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مَوْجُودًا فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ شِرَائِهِ مَتَاعًا أَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَتَاعَ لِلشَّرِكَةِ وَأَنَّهُ دَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَادَّعَى الْآخَرُ بِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ حَيْثُ إنَّ الشَّرِيكَ قَدْ صُدِّقَ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لِلشَّرِكَةِ فَقَدْ ثَبَتَ الشِّرَاءُ لِلشَّرِكَةِ وَبِثُبُوتِ الشِّرَاءِ لِلشَّرِكَةِ قَدْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ نِصْفُ الثَّمَنِ فَادِّعَاءُ الشَّرِيكِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الثَّمَنَ دُفِعَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ هُوَ ادِّعَاءٌ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَفَائِدَةُ قَيْدِ " حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ، تُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي يَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ دَنَانِيرَ وَاشْتَرَى الشَّرِيكُ بِدَرَاهِمَ جَازَ (الْبَحْرُ) . لَكِنْ إذَا اُشْتُرِيَ مَالٌ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَيَكُونُ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1482) أَنَّ الْحُكْمَ فِي شِرَاءِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَتَعْبِيرُ " الْغَبْنِ الْفَاحِشِ، هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا اشْتَرَى بِغَبْنٍ يَسِيرٍ يَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلشَّرِكَةِ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ أَمَّا الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فَمِنْ الْمُمْكِنِ اجْتِنَابُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْمَالِ لِلشَّرِكَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ يُوجَدُ تُهْمَةٌ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَى الْمَالَ الْمُشْتَرَى لِنَفْسِهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ خُدِعَ فِي الشِّرَاءِ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ لِلشَّرِكَةِ أَمَّا فِي بَيْعِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَلَا تُوجَدُ هَذِهِ التُّهْمَةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْوَكَالَةِ) . وَلَكِنْ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيْنَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذْ أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1482 وَ 1494) وَإِذَا لَزِمَ مَعْرِفَةُ ثَمَنِ الْمِثْلِ لِشَيْءٍ مَا فَيُعْلَمُ بِأَخْبَارِ أَهْلِ الْوُقُوفِ الْخَالِينَ عَنْ الْغَرَضِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَمِقْدَارُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (165) وَتَصَرُّفَاتُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الَّتِي تُعْتَبَرُ بِأَنَّهَا

(المادة 1375) لا يجوز لأحد الشريكين إذا لم يكن في يده رأس مال الشركة أن يشتري مالا للشركة

لَيْسَتْ لِلشَّرِكَةِ بَلْ تَصَرُّفَاتٌ لِلشَّرِيكِ تَتَلَخَّصُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - الْمَالُ الَّذِي اُشْتُرِيَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَكُونُ لِلشَّرِكَةِ بَلْ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ. 2 - كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا حَالَ كَوْنِهِ لَا يُوجَدُ مَالٌ فِي يَدِهِ فَهُوَ لَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 3 - إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِمَالِهِ مَالًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ الَّذِي يُتَاجِرَانِ بِهِ يَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لَهُ. 4 - إذَا قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ عَنْ مَالٍ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِ: إنَّنِي سَأَشْتَرِي هَذَا الْمَالَ لِنَفْسِي، وَأَجَابَهُ الشَّرِيكُ بِالْمُوَافَقَةِ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ الْمَالُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1367) . [ (الْمَادَّةُ 1375) لَا يَجُوز لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَده رأس مَال الشَّرِكَة أَنْ يَشْتَرِي مَالًا لِلشَّرِكَةِ] الْمَادَّةُ (1375) - (لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالًا لِلشَّرِكَةِ فَإِذَا اشْتَرَى يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ) إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِرَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ أَعْيَانًا وَأَمْتِعَةً لِلشَّرِكَةِ وَلَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالًا لِلشَّرِكَةِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ شِرَاؤُهُ لِلشَّرِكَةِ فَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1491) وَهَذَا يُوجِبُ مَالًا عَلَى الشَّرِيكِ زَائِدًا عَنْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَيَتَضَمَّنُ اسْتِدَانَةَ الشَّرِيكِ عِنَانًا مَالًا لِلشَّرِكَةِ حَالَ كَوْنِهِ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ رِضَاءً فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ فِيهِ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الشَّرِيكُ (الْبَحْرُ) فَإِذَا اشْتَرَى يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لَهُ سَوَاءٌ اشْتَرَى نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَهَذَا فِي الْعِنَانِ أَمَّا فِي الْمُفَاوَضَةِ فَالشِّرَاءُ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا رَضِيَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَاقِدِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى يَكُونُ مُشْتَرَكًا أَيْضًا لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالًا لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1383) . إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ نَظَرٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْوَارِدَةِ فِي رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى فُضُولِيٌّ مَالًا لِآخَرَ وَأَشْهَدَ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ لِذَلِكَ الْآخَرِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرَى لَهُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ يَكُونُ لِلْفُضُولِيِّ وَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرَى لِذَلِكَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْفُضُولِيُّ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَيَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ وَلَا تَلْحَقُ النَّافِذَ، أَمَّا إذَا سَلَّمَ الْفُضُولِيُّ الْمَالَ الْمُشْتَرَى لِذَلِكَ الْآخَرِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَيَكُونُ قَدْ انْعَقَدَ بَيْنَ الْفُضُولِيِّ وَذَلِكَ الْآخَرِ بَيْعُ التَّعَاطِي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَقْصُودَ رَدُّ الْمُحْتَارِ مِنْ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الشَّرِيكُ الْمُشْتَرِي لِلْآخَرِ قَدْ

(المادة 1376) اشترى أحد الشريكين بدراهم نفسه شيئا ليس من جنس تجارتهم

اشْتَرَكَ فِي هَذَا الْمَالِ وَقَالَ الْآخَرُ قَبِلْت يَكُونُ الْمَالُ مُشْتَرَكًا وَيَكُونُ هَذَا الِاشْتِرَاكُ بَعْدَ الْبَيْعِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ وَلَيْسَ بِاشْتِرَاكِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1045) . [ (الْمَادَّةُ 1376) اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ] الْمَادَّةُ (1376) - (إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَرَاهِمِ نَفْسِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِيهِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مَالًا مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ نَفْسِهِ، مَثَلًا إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تِجَارَةِ الْأَقْمِشَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ حِصَانًا كَانَ لَهُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِي ذَلِكَ الْحِصَانِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى قُمَاشًا فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ حِينَ شِرَاءِ الْقُمَاشِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَشْتَرِي هَذَا الْقُمَاشَ لِنَفْسِي وَلَيْسَ لِشَرِيكِي حِصَّةٌ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْقُمَاشُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ) إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَرَاهِمَ نَفْسِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ آخَرَ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِيهِ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ هَذَا الْمُشْتَرَى لَمْ يَكُنْ مِنْ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا عَقْدُ الشَّرِكَةِ وَلَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَقَيْدُ " بِدَرَاهِمَ نَفْسِهِ " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، فَعَلَيْهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ يَكُونُ أَيْضًا لَهُ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَفْرَادِ عَائِلَتِهِ شَيْئًا مِنْ آخَرَ كَالثِّيَابِ مَثَلًا فَيَكُونُ هَذَا الْمَالُ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي خَاصَّةً وَالْحُكْمُ فِي الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1357) أَمَّا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مَالًا مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا حَالٍ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ آخَرَ فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَحَتَّى لَوْ أَشْهَدَ حِينَ الِاشْتِرَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلُ شِرَاءِ نِصْفِ مُعَيَّنٍ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى فَلَيْسَ لَهُ شِرَاءُ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَإِذَا اشْتَرَى كَانَ لِمُوَكِّلِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1485) . وَقَدْ بَيَّنَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِصُورَةٍ مُخَالِفَةٍ لِمَا وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِعَدَمِ اسْتِنَادِهِ عَلَى نَقْلِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) مَثَلًا لَوْ عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةً لِبَيْعِ وَشِرَاءِ الْغِلَالِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ شَرِيكِهِ الْغِلَالَ الْمَوْرُوثَةَ لَهُ عَنْ أَبِيهِ صَحَّ وَتَكُونُ الْغِلَالُ الْمُشْتَرَاةُ لِلشَّرِكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) مَثَلًا إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تِجَارَةِ الْأَقْمِشَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ حِصَانًا كَانَ لَهُ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ حِصَّةٌ فِي ذَلِكَ الْحِصَانِ، وَهَذَا الْمِثَالُ هُوَ مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى قُمَاشًا حَالَ كَوْنِ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي يَدِهِ فَيَكُونُ لِلشَّرِكَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ

(المادة 1377) حقوق العقد إنما تعود إلى العاقد

أَشْهَدَ حِينَ شِرَاءِ الْقُمَاشِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَشْتَرِي هَذَا الْقُمَاشَ لِنَفْسِي وَلَيْسَ لِشَرِيكِي حِصَّةٌ فِيهِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْقُمَاشُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ، أَمَّا إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ إنَّنِي سَأَشْتَرِي هَذَا الْمَالَ لِنَفْسِي فَوَافَقَهُ الشَّرِيكُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ذَلِكَ يَكُونُ لَهُ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1485) . وَالْحُكْمُ فِي الْمُفَاوَضَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1375) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الشَّرِيكَانِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمَا فَادَّعَى الشَّرِيكُ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الْمَالَ مَالُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ شِرَائِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَامِلٌ حُرٌّ لِنَفْسِهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1377) حُقُوقُ الْعَقْدِ إنَّمَا تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ] الْمَادَّةُ (1377) - (حُقُوقُ الْعَقْدِ إنَّمَا تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ، فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا فَقَبَضَهُ مَعَ تَأْدِيَةِ ثَمَنِهِ يَكُونُ لَازِمًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلِهَذَا يُطْلَبُ ثَمَنُ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَقَطْ وَلَا يُطَالَبُ شَرِيكُهُ بِهِ. وَكَذَا قَبْضُ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ أَحَدُهُمَا إنَّمَا هُوَ حَقُّهُ، وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْآخَرِ يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ فَقَطْ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ، وَلِهَذَا أَيْضًا لَوْ وَكَّلَ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ آخَرَ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ عَزْلُهُ، وَلَكِنْ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ آخَرَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ عَزْلُهُ) حُقُوقُ الْعَقْدِ إنَّمَا تَعُودُ لِلشَّرِيكِ الْعَاقِدِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ الصِّرْفَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) وَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَلَى الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ إنَّمَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَلَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ وَبِمَا أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي بَاشَرَ الْعَقْدَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ فَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا تَتَوَجَّهُ عَلَى شَرِيكِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . حُقُوقُ الْعَقْدِ هِيَ: (1) قَبْضُ الْمَالِ الْمُشْتَرَى (2) أَدَاءُ ثَمَنِهِ (3) قَبْضُ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُبَاعِ (4) تَوْكِيلُ آخَرَ بِقَبْضِ ذَلِكَ الثَّمَنِ (5) تَأْجِيلُ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُبَاعِ (6) هِبَةُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِلْمُشْتَرِي (7) إبْرَاءُ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهِ (8) الْحَطُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مُقَابِلُ عَيْبِهِ (9) رَدُّ الْمَالِ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (10) الْإِقْرَارُ بِالْعَيْبِ وَسَيُفَصَّلُ هَذَا آتِيًا، فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا فَقَبَضَهُ مَعَ تَأْدِيَةِ ثَمَنِهِ يَكُونُ لَازِمًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ حَقُّ قَبْضِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَدَاءُ ثَمَنِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ وَقَدْ بُيِّنَ هُنَا حَقَّانِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ: أَوَّلُهُمَا - حَقُّ قَبْضِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى، وَهَذَا الْعَقْدُ هُوَ عَائِدٌ لِلشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يُرَاجِعَ الْبَائِعَ وَيَطْلُبَ مِنْهُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ مِنْ قِبَلِ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي

ثَانِيهِمَا - حَقُّ أَدَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَهَذَا الْحَقُّ لَازِمٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ مُرَاجَعَةُ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَدَاءَ كُلِّ الثَّمَنِ أَوْ نِصْفِهِ بِدَاعِي أَنَّهُ اُشْتُرِيَ مِنْ قِبَلِ شَرِيكِهِ لِلشَّرِكَةِ، وَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1374) وَلِهَذَا يُطْلَبُ ثَمَنُ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْهُ فَقَطْ وَيُطَالَبُ شَرِيكُهُ بِنِصْفِهِ أَوْ بِكُلِّهِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ لَا تَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الشَّرِيكَانِ الْكَفَالَةَ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1335) فَفِي ذَلِكَ الْحَالِ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ قَبْضُ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ إنَّمَا هُوَ حَقُّهُ حَيْثُ إنَّهُ الْعَاقِدُ فَلِذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ إذْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَخْذُ ثَمَنِ مَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ وَلَا الْمُخَاصَمَةُ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ أَدَانَهُ الْبَحْرُ " كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَكِنْ إذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِرِضَاهُ لِلْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ مِنْ قِبَلِ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ فَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ فَقَطْ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ هَذَا إذَا لَمْ يُذْكَرْ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ جَوَازُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا أَمَّا الْقِيَاسُ فَأَنْ لَا يَبْرَأَ الْمُشْتَرِي مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْقَابِضِ أَيْضًا " الْبَحْرُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، وَلِهَذَا أَيْضًا لَوْ وَكَّلَ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ آخَرَ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ فَهَذَا التَّوْكِيلُ جَائِزٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدِ وَفِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ، فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ عَزْلُهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ حُقُوقِ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ " رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَلِهَذَا لَوْ أَجَّلَ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَيُعْتَبَرُ التَّأْجِيلُ وَيَنْفُذُ فِي حَقِّ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ. أَمَّا إذَا أَجَّلَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُ أَحَدِهِمَا ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي بَاعَاهُ مَعًا وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1112) وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَ الشَّرِيكُ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. أَمَّا إذَا وَهَبَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَتَجُوزُ الْهِبَةُ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَلِهَذَا أَيْضًا إذَا حَطَّ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ أَجَّلَ الثَّمَنَ مُقَابِلَ الْعَيْبِ جَازَ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ) وَلَكِنْ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ آخَرَ بِبَيْعِ وَشِرَاءِ وَإِجَارَةِ شَيْءٍ مِنْ مَالَ الشَّرِكَةِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ عَزْلُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إذْ أَنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُبَاشِرَهَا فَيَحِقُّ لِلْآخَرِ عَزْلُ الْوَكِيلِ الَّذِي وَكَّلَهُ أَحَدُهُمَا. الْمَادَّةُ (1378) - (بِمَا أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ أَيْضًا فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ

(المادة 1379) لكل واحد من الشريكين إيداع أو إبضاع مال الشركة وإعطاؤه مضاربة

الشَّرِيكَيْنِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَمَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْآخَرِ) بِمَا أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَاقِدِ أَيْضًا فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ إذَا أُرِيدَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ فَيَقْتَضِي عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي رَدُّهُ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ وَمَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا يَجِبُ أَنْ يُرَدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لَهُ وَلَا يُرَدَّ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ مَثَلًا: إذَا رُدَّ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَقَرَّ بِالْعَيْبِ وَقَبِلَ الرَّدَّ جَازَ وَلَوْ قَبِلَ الرَّدَّ بِدُونِ حُكْمِ الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ جَازَ وَيُعْتَبَرُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَمَّا فِي الْمُفَاوَضَةِ فَالْحُكْمُ خِلَافُ ذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1356) . [ (الْمَادَّةُ 1379) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إيدَاعُ أَوْ إبْضَاعُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِعْطَاؤُهُ مُضَارَبَةً] الْمَادَّةُ (1379) - (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إيدَاعُ أَوْ إبْضَاعُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِعْطَاؤُهُ مُضَارَبَةً وَلَهُ أَنْ يَعْقِدَ إيجَارًا أَيْ أَنَّ لَهُ مَثَلًا أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَانُوتًا أَوْ أَجِيرًا لِحِفْظِ مَالِ الشَّرِكَةِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالِهِ وَلَا أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةً مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِذَا فَعَلَ وَضَاعَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَكُونُ ضَامِنًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءً كَانَ شَرِيكَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عَنَانٍ أَنْ يُودِعَ وَيَضَعَ وَيُعِيرَ مَالَ الشَّرِكَةِ وَيُوَكِّلَ آخَرَ فِي أُمُورِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ، وَلِلشَّرِيكِ الْعَاقِدِ أَيْضًا تَأْجِيلُ الدَّيْنِ وَأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ نَقْدًا وَنَسِيئَةً وَأَنْ يَحُطَّ الثَّمَنَ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ، وَلِلشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ الْإِقْرَارُ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، وَتُوَضَّحُ هَذِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشُّرَكَاءِ هُنَا الشُّرَكَاءُ عِنَانًا بِنَاءً عَلَى الْبَحْثِ الَّذِي وَرَدَ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (الـ 1365) إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَعْضُ أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَائِزًا فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَتَعْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ قَدْ جُعِلَتْ الْمَسْأَلَةُ شَامِلَةً لِلشَّرِكَتَيْنِ 1 - الْإِيدَاعُ، لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إيدَاعُ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ هُوَ اسْتِحْفَاظٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ (الْبَحْرُ) فَلَوْ أَوْدَعَهُ وَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُودِعَ شَيْءٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) وَهَذَا الْخُصُوصُ غَيْرُ مَقِيسٍ عَلَى الْمَادَّةِ (790) وَسَبَبُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ هَذَا الْإِيدَاعَ مُتَعَارَفٌ وَمُعْتَادٌ بَيْنَ التُّجَّارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) 2 - الْإِبْضَاعُ لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الرِّبْحِ لِلشَّرِكَةِ جَازَ لِأَنَّ الْإِبْضَاعَ مُعْتَادٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَمُعْتَادٌ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) 3 - الْإِعَارَةُ، وَالْإِعَارَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ قِيَاسًا إلَّا أَنَّهَا جُوِّزَتْ اسْتِحْسَانًا وَذَلِكَ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُعِيرَ أَثْوَابَ الشَّرِكَةِ وَدَارَهَا وَحَيَوَانَاتِهَا لِآخَرَ فَإِذَا أَعَارَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَلَا

يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُعِيرَ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . (الطَّحْطَاوِيُّ بِإِيضَاحٍ) . وَهَذَا الْخُصُوصُ غَيْرُ مَقِيسٍ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (792) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) وَسَبَبُ الْفَرْقِ الْعَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) 4 - التَّوْكِيلُ، لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلشَّرِكَةِ جَازَ وَلَا يُقَاسَ هَذَا الْخُصُوصُ عَلَى الْمَادَّةِ (1069) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ عَلَى عَادَةِ التُّجَّارِ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدُهُمْ آخَرَ لِلتَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ، كَمَا أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ التِّجَارَةِ هُوَ الْحُصُولُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ أُمُورَ التِّجَارَةِ بِنَفْسِهِ فَتَمَسُّ الْحَاجَةُ لِلتَّوْكِيلِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ التَّوْكِيلُ دَلَالَةً ضِمْنَ التِّجَارَةِ وَيَكُونُ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ أَذِنَ وَأَمَرَ صَاحِبَهُ بِالتَّوْكِيلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ حَيْثُ إنَّهُ عَقْدٌ خَاصٌّ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِتْبَاعُ مِثْلِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 5 - السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ، لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، أَيْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ فَلَهُ أَخْذُ مَالِ الشَّرِكَةِ فِي صُحْبَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَالُ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ وَالتُّجَّارُ يُعِدُّونَ الْمَئُونَةَ وَمَصَارِفَ النَّقْلِ مُلْحَقَةً بِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُعِدُّونَهَا مِنْ بَابِ الْغَرَامَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِذْنَ بِالتَّصَرُّفِ ثَبَتَ بِمُقْتَضَى الشَّرِكَةِ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مُطْلَقَةً وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . أَمَّا عَلَى قَوْلٍ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1332) 6 - تَأْجِيلُ الدَّيْنِ، إذَا أَجَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لَهُمَا مِنْ آخَرَ فَفِي ذَلِكَ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَصْدُرَ التَّأْجِيلُ مِنْ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ أَيْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ نَقْدًا ثُمَّ أَجَّلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَهَذَا التَّأْجِيلُ صَحِيحٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ فِي حِصَّتِهِ وَفِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَيْضًا وَلَا يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّلُ حِصَّةَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَتَأْجِيلُ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ وَغَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَصْدُرَ التَّأْجِيلُ مِنْ غَيْرِ الْعَاقِدِ الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يَعْقِدَ الشَّرِيكَانِ الْبَيْعَ مَعًا فَيُؤَجِّلُ أَحَدُهُمَا. وَالتَّأْجِيلُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ اُخْتِيرَ هَذَا الْقَوْلُ بِالْمَادَّةِ (1112) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَالتَّأْجِيلُ جَائِزٌ فِي حِصَّةِ الْمُؤَجِّلِ. 7 - الْبَيْعُ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعُ مَالِ الشَّرِكَةِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1373)

8 - الِاشْتِرَاءُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالًا نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1374) 9 - حَطُّ الثَّمَنِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ، لِلشَّرِيكِ الْعَاقِدِ أَنْ يَحُطَّ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ أَوْ يُؤَجِّلَ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1377) 10 - الرَّهْنُ، لِأَحَدِ الْمُفَاوِضِينَ رَهْنُ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ الشَّرِكَةِ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ الرَّهْنَ أَدَاءٌ لِلدَّيْنِ حُكْمًا وَقَضَاءً وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ الْمُفَاوِضِينَ أَدَاءُ وَقَضَاءُ دَيْنِ الْمُفَاوِضِ 11 - الِارْتِهَانُ، لِأَحَدِ الْمُفَاوِضِينَ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ التِّجَارَةِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكَ الَّذِي بَاشَرَ الْبَيْعَ أَوْ كَانَ الشَّرِيكَ الْآخَرَ 12 - الْإِقْرَارُ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، لِكُلِّ مُفَاوِضٍ أَنْ يُقِرَّ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ أَمَّا إذَا وَقَعَ هَذَا الْإِقْرَارُ بَعْدَ وَفَاةِ الشَّرِيكِ أَوْ بَعْدَ فَسْخِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَسْرِي عَلَى شَرِيكِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) 13 - الْمُضَارَبَةُ، لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الشَّرِكَةِ مُضَارَبَةً لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ هِيَ مَا دُونَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَتَضَمَّنَتْهَا شَرِكَةُ الْعِنَانِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَيْسَ الشَّرِكَةَ مُجَرَّدًا بَلْ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَبِإِعْطَاءِ الْمَالِ مُضَارَبَةً يَحْصُلُ الرِّبْحُ، وَإِنَّمَا جَازَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَارِبَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ دُونَ الشَّرِكَةِ لِكَوْنِ الْوَضِيعَةِ تَلْزَمُ الشَّرِيكَ وَلَا تَلْزَمُ الْمُضَارِبَ لِتَضَمُّنِ الشَّرِكَةِ الْمُضَارَبَةَ وَلَا تَتَضَمَّنُ الشَّرِكَةَ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا أَخْذُ الْمَالِ مُضَارَبَةً وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا مُضَارَبَةً فَإِذَا أُخِذَ هَذَا الْمَالُ لِلتِّجَارَةِ فِي أَمْوَالٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا يَكُونُ الرِّبْحُ خَاصًّا بِهِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الْمُشَارَكَةُ فِي رِبْحِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَمَّا إذَا أُخِذَ الْمَالُ مُضَارَبَةً مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمُتَاجَرَةِ فِي أَمْوَالٍ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ وَكَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا حِينَ الْأَخْذِ يَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً، أَمَّا إذَا أُخِذَ الْمَالُ مُضَارَبَةً لِلْمُتَاجَرَةِ فِي جِنْسِ تِجَارَتِهِمْ أَوْ مُطْلَقًا وَكَانَ شَرِيكُهُ غَائِبًا أَثْنَاءَ أَخْذِهِ الْمَالَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُضَارِبِ وَشَرِيكِهِ (الْبَحْرُ) 14 - الْإِجَارَةُ، لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ حَانُوتًا أَوْ أَجِيرًا لِحِفْظِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَثَلًا لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ مُعْتَادٌ بَيْنَ التُّجَّارِ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الْ 44) وَقَيْدُ (لِلْحِفْظِ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ مَذْكُورٌ عَلَى وَجْهِ الْمِثَالِ فَلِلشَّرِيكِ أَيْضًا اسْتِئْجَارُ أَجِيرٍ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِلشَّرِكَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) 15 - إهْدَاءُ الْمَالِ، لِلشَّرِيكَيْنِ إهْدَاءُ مَأْكُولَاتٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ اسْتِحْسَانًا كَالْفَاكِهَةِ وَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ الْآكِلَ ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا أَلْبَسَ أَحَدًا ثِيَابَ مَالِ الشَّرِكَةِ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَلَا تَصِحُّ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857)

وَاقْتِدَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُقُوعِ النَّهْيِ عَنْهَا أَمَّا إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ عَنْ إجْرَاءِ هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَقْتَدِرُ الشَّرِيكُ عَلَى إجْرَائِهَا فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَثَلًا لَوْ نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ الْآخَرَ عَنْ السَّفَرِ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى فَذَهَبَ الشَّرِيكُ بِهَا بَعْدَ النَّهْيِ وَتَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1383) لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَقَلَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (901) . (الطَّحْطَاوِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِآخَرَ: اذْهَبْ أَنْتَ حَتَّى دِمَشْقَ الشَّامِ وَلَا تَتَجَاوَزْهَا فَإِذَا تَجَاوَزَ دِمَشْقَ وَذَهَبَ إلَى بَغْدَادَ وَتَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (الْبَحْرُ) وَلَكِنْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ عِنَانًا أَنْ يَجْرِيَ التَّصَرُّفَاتِ الْآتِيَةَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَهِيَ: 1 - لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَأَنْ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً مَعَ آخَرَ، فَإِذَا فَعَلَ وَضَاعَ مَالُ الشَّرِكَةِ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ (بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ) أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ شَرِكَةِ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَفْصِيلُ أَحْكَامِ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1382) ، وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِنْوَانُ الْبَحْثِ خَاصٌّ بِالشُّرَكَاءِ شَرِكَةَ عِنَانٍ. أَمَّا الشُّرَكَاءُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَيَجُوزُ عَقْدُ هَذِهِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْمُفَاوِضِ الْآخَرِ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعِنَانِ أَخَصُّ وَأَدْوَنُ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ (الْبَحْرُ) وَالشَّيْءُ يَسْتَتْبِعُ مَا دُونَهُ، فَإِذَا عَقَدَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَتْ حِصَّةُ الرِّبْحِ الْعَائِدَةُ إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الشَّرِكَةِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الْمُفَاوِضِ وَكَذَلِكَ لِأَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَمَّا إذَا عَقَدَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ مَعَ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ الثَّانِي شَرِكَةَ عِنَانٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) 2 - لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ رَهْنُ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لِلدَّيْنِ أَيْ لَمْ يَكُنْ عَاقِدًا وَرَهَنَ مَالَ الشَّرِكَةِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ الشَّرِكَةِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، فَإِذَا تَلِفَ يَضْمَنُ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (الْبَحْرُ) 3 - لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ الِارْتِهَانُ لِدَيْنِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا ارْتَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَجْلِ دَيْنِ الشَّرِيكِ وَتَلِفَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الدَّيْنِ كَانَ شَرِيكُ الْمُرْتَهِنِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ حَيْثُ إنَّ هَلَاكَ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ شَاءَ رَاجَعَ الْمَدِينَ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمَدِينِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الرَّهْنِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1108) وَشَرْحَهَا وَالْمَادَّةَ (1382) أَيْضًا

(المادة 1380) ليس لأحد الشريكين أن يقرض مال الشركة لآخر

4 - لَيْسَ لَهُ قَضَاءُ الدَّيْنِ، يَعْنِي لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَ شَرِيكِهِ (الْبَحْرُ عَنْ الْمُحِيطِ) 5 - لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ الْمَالِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ 6 - لَيْسَ لَهُ إهْدَاءُ الْمَالِ، يَعْنِي لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا أَنْ يُهْدِيَ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ يَهَبَهُ لِآخَرَ مَا عَدَا الْمَأْكُولَاتِ (الْبَحْرُ) وَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1382) [ (الْمَادَّةُ 1380) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ] الْمَادَّةُ (1380) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ شَرِيكُهُ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَمَهْمَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُهُمَا مِنْ النُّقُودِ يَكُونُ دَيْنُ شَرِيكِهِ أَيْضًا بِالِاشْتِرَاكِ) لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُقْرِضَ مَالَ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ، مَا لَمْ يَأْذَنْهُ شَرِيكُهُ صَرَاحَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا لِأَنَّ الْقَرْضَ ابْتِدَاءً تَبَرُّعٌ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ التَّبَرُّعَ (الْبَحْرُ بِتَغْيِيرٍ) فَلِذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ الشَّرِيكُ بِلَا إذْنٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ وَلَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِذْنِ الْإِذْنُ صَرَاحَةً فَلِذَلِكَ لَوْ قِيلَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ: اعْمَلْ بِرَأْيِك كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1382) فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَيْضًا الْإِقْرَاضُ وَلَكِنْ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْرَاضُ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1382) وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إذْنٌ صَرِيحٌ مِنْ الشَّرِيكِ بِالِاسْتِقْرَاضِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ يَمْلِكُ الْقَرْضَ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَيُصْبِحُ بَعْدُ مُكَلَّفًا بِأَدَاءِ مِثْلِهِ لِلْمُقْرِضِ أَصْبَحَ الِاسْتِقْرَاضُ مَعْنًى تِجَارَةً وَمُبَادَلَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَلِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّرْفِ (الْبَحْرُ) وَمَهْمَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ النُّقُودِ يَكُونُ دَيْنُ شَرِيكِهِ أَيْضًا بِالِاشْتِرَاكِ، وَلَكِنْ تَجِبُ التَّأْدِيَةُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُسْتَقْرِضِ وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ مُطَالَبَةُ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْقَرْضِ. وَعَدَمُ حَقِّ الْمُقْرِضِ فِي مُطَالَبَةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقْرِضِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْمَبْلَغُ الْمُسْتَقْرَضُ دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ كَوْنَ الْقَرْضِ دَيْنًا عَلَى الِاثْنَيْنِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُقْرِضِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ هُوَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا فَاَلَّذِي يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ هُوَ الشَّرِيكُ الْمُشْتَرِي فَقَطْ وَلَيْسَ الْآخَرُ مَعَ أَنَّ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ هُوَ دَيْنٌ عَلَى الِاثْنَيْنِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتٌ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَيْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (612)

حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ صَرَاحَةً فَاسْتَقْرَضَ فَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَمُطَالَبَتُهُ بِالْقَرْضِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ غَيْرُ صَحِيحٍ مَا لَمْ يَقُلْ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ " إنَّ فُلَانًا يَطْلُبُ مِنْك كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا "، فَيُضِيفُ الِاسْتِقْرَاضَ لِمُوَكِّلِهِ فَفِي هَذَا الْحَالِ يَلْزَمُ الْقَرْضُ الْمُوَكِّلَ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) وَيَتَفَرَّعُ عَلَى حَقِّ كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِالِاسْتِقْرَاضِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: لَوْ اشْتَغَلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي التِّجَارَةِ فِي بَلْدَةٍ وَاشْتَغَلَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى ثُمَّ عِنْدَ تَقْسِيمِهِمَا الْأَمْوَالَ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي فِي يَدِهِ مَالٌ إنَّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا مِنْ الْمِائَةِ الدِّينَارِ الَّتِي فِي يَدِي اسْتَقْرَضْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَلِذَلِكَ فَإِنَّنِي أَفْرِزُ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا مِنْهَا لِأُؤَدِّيَهَا لَهُ. فَإِذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَلَهُ أَنْ يُفْرِزَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِكَيْ يُؤَدِّيَهُ لِلْمُقْرِضِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ أَمِينٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1350) وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا هِيَ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا مِنْ الْمِائَةِ دِينَارٍ الَّتِي فِي يَدِهِ هِيَ لَهُ فَيُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَإِذَا قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ كُنْت اسْتَدَنْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا لِلشَّرِكَةِ وَدَفَعْت لَهُ دَيْنَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الِاسْتِقْرَاضِ: وَفِي اسْتِقْرَاضِ الشُّرَكَاءِ شَرِكَةَ عِنَانٍ لِلشَّرِكَةِ قَوْلَانِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ، فَالِاسْتِقْرَاضُ جَائِزٌ حَسَبَ هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ تِجَارَةٌ وَمُبَادَلَةٌ مَعْنًى. الْقَوْلُ الثَّانِي: عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِقْرَاضِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ الشُّرَكَاءُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِالِاسْتِقْرَاضِ صَرَاحَةً لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالتَّكَدِّي، وَبَيَانُهُ أَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً فَكَانَ فِي مَعْنَى التَّكَدِّي أَيْ الشِّحَاذَةِ فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا لِلشَّرِكَةِ وَتَلِفَ الْمُقْرَضُ فِي يَدِهِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ خَسَارَةً عَلَى الشَّرِيكَيْنِ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ خَسَارَةً عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ خَاصَّةً، وَمَعَ أَنَّهُ قَدْ رَجَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِالْقَوْلِ عَنْهُ (هُوَ صَحِيحٌ) إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ أَنَّ لِلشَّرِيكَيْنِ حَقَّ الِاسْتِقْرَاضِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمُسْتَقْرَضُ غَيْرَ مَوْجُودٍ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ وَكَانَ مُسْتَهْلَكًا فَإِقْرَارُ الشَّرِيكِ الْمُسْتَقْرِضِ بِقَوْلِهِ (قَدْ اسْتَقْرَضْت وَهُوَ دَيْنِي) لَا يَسْرِي عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1384) وَيَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُثْبِتَ الْمُقْرِضُ إقْرَاضَهُ أَوْ يُصَدِّقُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ وَيُقِرُّ بِالْإِقْرَاضِ حَتَّى يَصِحَّ الْقَرْضُ دَيْنًا حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ

(المادة 1381) ذهب أحد الشريكين إلى ديار أخرى لأجل أمور الشركة

[ (الْمَادَّةُ 1381) ذَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى لِأَجْلِ أُمُورِ الشَّرِكَةِ] الْمَادَّةُ (1381) - (إذَا ذَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى لِأَجْلِ أُمُورِ الشَّرِكَةِ يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ) وَمُصْرَفُهُ هُوَ كَالْمَأْكُولَاتِ وَأُجُورِ السَّفَرِ فَإِذَا رَبِحَ يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ أَيْ نَفَقَتَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَإِذَا لَمْ يَرْبَحْ يَأْخُذُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ (دِيَارٍ أُخْرَى) أَنَّهُ إذَا تَاجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا بِأَهْلِهِ وَعُمَّالِهِ فَلَا يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَجْلِ أُمُورِ الشَّرِكَةِ إلَى مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ الْعَوْدَةُ وَالْبَيْتُوتَةُ مَعَ أَهْلِهِ فَلَا يَأْخُذُ مُصْرَفَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ (دِيَارٍ أُخْرَى) هُوَ الَّذِي إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ لَا يُمْكِنُهُ الْعَوْدَةُ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ وَالْبَيْتُوتَةُ مَعَ أَهْلِهِ مَسَاءً سَوَاءٌ كَانَتْ مَسَافَةُ السَّفَرِ بَعِيدَةً أَوْ غَيْرَ بَعِيدَةٍ [ (الْمَادَّةُ 1382) إذَا فَوَّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُمُورَ الشَّرِكَةِ لِرَأْيِ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (1382) - (إذَا فَوَّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُمُورَ الشَّرِكَةِ لِرَأْيِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ لَهُ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) أَوْ (اعْمَلْ مَا شِئْت) فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي هِيَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ، فَيَجُوزُ لَهُ رَهْنُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَالِارْتِهَانُ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَالسَّفَرِ بِمَالِ الشَّرِكَةِ وَخَلْطُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ مَعَ آخَرَ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ الْمَالِ وَلَا التَّمَلُّكُ بِلَا عِوَضٍ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ، مَثَلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ وَلَا أَنْ يَهَبَ مِنْهُ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ) إذَا فَوَّضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا أُمُورَ الشَّرِكَةِ لِرَأْيِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ لَهُ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) أَوْ (اعْمَلْ مَا شِئْت) فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ الْأَشْيَاءَ الَّتِي هِيَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا أَوَّلًا: أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الشَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِ الشَّرِكَةِ، ثَانِيًا: الِارْتِهَانُ لِأَجْلِ مَطْلُوبِ الشَّرِكَةِ، ثَالِثًا: السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ، رَابِعًا: خَلْطُ مَالِ الشَّرِكَةِ بِأَمْوَالِ نَفْسِهِ وَعَقْدُ شَرِكَةِ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) أَمَّا شَرِيكَا الْمُفَاوَضَةِ فَلَهُمَا الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ وَالْإِقْرَارُ وَالِارْتِهَانُ وَلَوْ لَمْ يُفَوِّضَا، وَيُؤْذِنَا إذْنًا صَرِيحًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1279) وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الْأَرْبَعَةَ: 1 - الرَّهْنُ، يَعْنِي لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَرْهَنَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الشَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً كَمَا أَنَّ لِلشَّرِيكِ الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ الْبَيْعِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الشَّرِكَةِ بِلَا

إذْنِ الْآخَرِ مُقَابِلَ الثَّمَنِ، وَلَهُ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، أَمَّا إذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَيْرَ مَأْذُونٍ صَرَاحَةً أَوْ تَفْوِيضًا بِإِجْرَاءِ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ عَقْدَ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ رَهْنُ مَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا رَهَنَ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1379) 2 - الِارْتِهَانُ، لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ صَرَاحَةً أَوْ تَفْوِيضًا أَنْ يَرْتَهِنَ مُقَابِلَ مَطْلُوبِ الشَّرِكَةِ، كَمَا أَنَّهُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي تَوَلَّى عَقْدَ الْبَيْعِ الِارْتِهَانُ بِلَا إذْنٍ وَلَا تَفْوِيضٍ، وَلَهُ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِالِارْتِهَانِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّرِيكُ عَاقِدًا بَلْ كَانَ الْعَاقِدُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ أَوْ تَوَلَّى الشَّرِيكَانِ الْعَقْدَ مَعًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَلَكِنْ هَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي حِصَّتِهِ؟ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ انْفِسَاخِ الشَّرِكَةِ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَلَا يَصِحُّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَيْرَ عَاقِدٍ وَكَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ صَرَاحَةً أَوْ تَفْوِيضًا وَارْتَهَنَ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1389) 3 - السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ، يَعْنِي أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ تَفْوِيضٍ مِنْ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ الشَّرِكَةِ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ صَرِيحٌ أَوْ تَفْوِيضٌ مِنْ الشَّرِيكِ فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1379) وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ السَّفَرُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ وَأَنَّهُ إذَا سَافَرَ بِهِ وَتَلِفَ يَضْمَنُ، أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَلَهُ السَّفَرُ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ شَيْءٌ صَرِيحٌ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَلَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ اُخْتِيرَ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ مَا لَا حَمْلَ لَهُ فَقِيلَ مَا لَا يُحْمَلُ بِلَا أَجْرٍ وَقِيلَ مَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) 4 - لِلشَّرِيكِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةً مَعَ آخَرَ يَعْنِي لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ صَرَاحَةً أَوْ تَفْوِيضًا، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ عَقْدُ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ وَتَفْوِيضٍ مِنْ شَرِيكِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1379) فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ عَقَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ مَعَ آخَرَ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ تَفْوِيضٍ مِنْ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ نِصْفُ مَا يَشْتَرِيهِ الشَّرِيكُ الْجَدِيدُ لِنَفْسِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ السَّابِقَيْنِ. أَمَّا الْمَالُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَعْقِدْ الشَّرِكَةَ مَعَ الْآخَرِ فَنِصْفُهُ لَهُ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِشَرِيكِهِ وَلَيْسَ - لِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ حِصَّةٌ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَنْ يَعْقِدَ مَعَ آخَرَ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إذْنٌ مِنْ شَرِيكِهِ صَرَاحَةً أَوْ تَفْوِيضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1379) وَلَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً إتْلَافُ الْمَالِ الْعَائِدِ لِلشَّرِكَةِ وَلَيْسَ لَهُ تَمْلِيكُهُ بِلَا

(المادة 1383) نهى أحد الشريكين الآخر بقوله " لا تذهب بمال الشركة إلى ديار أخرى

عِوَضٍ كَهِبَتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ أَوْ إنْفَاقِهِ عَلَى الْأُمُورِ الْخَيْرِيَّةِ أَوْ بِنَاءِ مَسْجِدٍ بِهِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلَيْسَ لَهُ عَمَلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ شَرِيكِهِ لَهُ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا وُضِعَتْ لِلرِّبْحِ وَالْفَائِدَةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَيْسَ مِنْهَا فَائِدَةٌ وَتُوجِبُ الضَّرَرَ الْمَحْضَ فِي الدُّنْيَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) وَلَكِنْ لِلشَّرِيكِ عَمَلُ ذَلِكَ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّرِيكُ شَرِكَةَ عِنَانٍ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ (أَتْلِفْ هَذَا الْمَالَ مِنْ أَمْوَالِ شَرِكَتِنَا) وَأَتْلَفَهُ الشَّرِيكُ ثُمَّ نَدِمَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ حِصَّتَهُ لِشَرِيكِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (95) . مَثَلًا لَيْسَ لَهُ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ شَرِيكِهِ لَهُ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ وَلَا أَنْ يُهْدِيَ مِنْ أَمْوَالِهَا شَيْئًا لِآخَرَ غَيْرَ مُعْتَادٍ هَدِيَّتُهُ كَالثِّيَابِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُهْدِيَ الْأَشْيَاءَ الْمُعْتَادَ إهْدَاؤُهَا كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ مَثَلًا سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) فَإِذَا وَهَبَ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ مَادَّةَ (857) أَمَّا فِي حَقِّ الْوَاهِبِ فَتُصْبِحُ الْهِبَةُ إذَا وُجِدَتْ جَامِعَةً لِشَرَائِط الْهِبَةِ كَالتَّسْلِيمِ وَقِسْمَتِهَا فِي الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا لِآخَرَ وَوَهَبَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْعَاقِدِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَالْهِبَةُ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ. مُسْتَثْنًى - وَتُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ عَدَمِ جَوَازِ الْهِبَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا مَتَاعًا مِنْ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ وَهَبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ صَحِيحَانِ وَيَسْقُطُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمُبْرِئُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1377) كَوَكِيلِ الْبَيْعِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - هِبَةُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ مَثَلًا [ (الْمَادَّةُ 1383) نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ " لَا تَذْهَبْ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى] الْمَادَّةُ (1383) - (إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ " لَا تَذْهَبْ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ لَا تَبِعْ الْمَالَ نَسِيئَةً " فَلَمْ يَسْمَعْ وَذَهَبَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ بَاعَ الْمَالَ نَسِيئَةً يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْخَسَارِ الْوَاقِعِ) إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ عَنْ إجْرَاءِ الْخُصُوصَاتِ الْمَأْذُونِ بِإِجْرَائِهَا الشَّرِيكُ فَالنَّهْيُ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ كَانَ ثُبُوتُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ وُقُوعِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَوْ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ فَلِذَلِكَ إذَا نَهَى الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ بَعْضَهَا الْبَعْضِ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَنْ الْبَيْعِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً صَحَّ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ إذَا نَهَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ: " لَا تَذْهَبْ بِمَالِ الشَّرِكَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى أَوْ لَا

تَبِعْ الْمَالَ نَسِيئَةً " فَلَمْ يَسْمَعْ وَذَهَبَ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى وَتَصَرَّفَ هُنَاكَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ بَاعَ وَاشْتَرَى أَوْ بَاعَ الْمَالَ نَسِيئَةً يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ الْخَسَارِ الْوَاقِعِ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) إيضَاحُ الْمُخَالَفَةِ بِسَفَرِ الشَّرِيكِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى: إذَا قَالَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ لَا تَذْهَبْ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى، فَذَهَبَ الشَّرِيكُ تَفْسُدُ الشَّرِكَةُ وَتَنْقَلِبُ إلَى الْغَصْبِ فَإِذَا رَبِحَ الشَّرِيكُ فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَلْزَمَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمَا (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) بَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْغَاصِبِ كَمَا يَكُونُ جَمِيعُ الْخَسَارِ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ أَمَّا إذَا عَادَ الْوِفَاقُ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ فَهَلْ تَعُودُ الشَّرِكَةُ؟ (الطَّحْطَاوِيُّ) قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (814) أَنَّهُ إذَا عَادَ شَرِيكُ الْعِنَانِ أَوْ شَرِيكُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ يُصْبِحُ الْمَالُ أَمَانَةً وَلَكِنْ لَا يَحْصُلُ التَّقْيِيدُ بِالتَّنْصِيصِ بِالْمَكَانِ، وَيُشْتَرَطُ فِي إفَادَةِ التَّقْيِيدِ وُجُودُ نَهْيٍ أَوْ شَرْطٍ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ (اذْهَبْ إلَى دِمَشْقَ وَبِعْ وَاشْتَرِ وَلَا تَتَجَاوَزْهَا) فَيُحْمَلُ التَّقْيِيدُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ (إنَّنِي أَعْطَيْتُك هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فِيهِ فِي بَغْدَادَ) يَحْصُلُ التَّقْيِيدُ أَمَّا لَوْ قَالَ " قَدْ أَعْطَيْتُك هَذَا الْمَالَ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ فَخُذْهُ وَاعْمَلْ بِهِ فِي دِمَشْقَ "، لَا يَحْصُلُ التَّقْيِيدُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَمَّا إذَا قَالَ (وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ) بِالْوَاوِ لَا يَكُونُ تَقْيِيدًا فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْوَاوَ حَرْفُ عَطْفٍ وَمَشُورَةٍ وَلَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ فِي شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى بَعْدَ النَّهْيِ وَتَصَرَّفَ كَانَ غَاصِبًا، وَلَكِنْ إذَا أَخْرَجَ رَأْسَ الْمَالِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا فَعَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ الْمُضَارِبُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ بَعْدَ النَّهْيِ إلَى دِيَارٍ أُخْرَى وَضَاعَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ بِهِ إلَى الْبَلْدَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَتَعُودُ شَرِكَةُ الْمُضَارَبَةِ كَمَا كَانَتْ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ بِالْمَالِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى قَبْلَ الْعَوْدَةِ فَيَكُونُ مُخَالِفًا وَضَامِنًا وَيَعُودُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ الرِّبْحُ لَهُ حَيْثُ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَالرِّبْحُ طَيِّبٌ لَهُ وَإِذَا اشْتَرَى بِبَعْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الدِّيَارِ الْأُخْرَى مَالًا وَعَادَ بِالْبَعْضِ عَيْنًا فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي أَعَادَهُ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمِقْدَارِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ الْبَحْرِ) وَهَلْ تُجْزِي هَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرِكَتَيْ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ أَيْضًا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرِكَةَ كَذَلِكَ لَكِنْ هَذَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لَا بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ، فَلَوْ عَادَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ تَبْقَى الشَّرِكَةُ كَمَا عَلِمْت (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إيضَاحُ الْمُخَالَفَةِ بِبَيْعِ الْمَالِ نَسِيئَةً: إذَا قَالَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ (لَا تَبِعْ الْمَالَ نَسِيئَةً) فَبَاعَهُ نَسِيئَةً فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَجَازَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ فِي حَالَةِ وُجُودِ شَرَائِطِ الْإِجَازَةِ جَازَ

(المادة 1384) لا يسري إقرار الشريكين شركة عنان بدين في معاملاتها على الآخر

وَيَقْتَضِي تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (الْبَحْرُ) وَإِذَا لَمْ يَجُزْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ وَيَبْقَى مِلْكُهُ فِي حِصَّتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1449) [ (الْمَادَّةُ 1384) لَا يَسْرِي إقْرَارُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِدَيْنٍ فِي مُعَامَلَاتِهَا عَلَى الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (1384) - (لَا يَسْرِي إقْرَارُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِدَيْنٍ فِي مُعَامَلَاتِهَا عَلَى الْآخَرِ، فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ إنَّمَا لَزِمَ بِعَقْدِهِ وَمُعَامَلَتِهِ فَقَطْ فَيَلْزَمُهُ إيفَاؤُهُ بِتَمَامِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ مِنْ مُعَامَلَتِهِمَا مَعًا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ نِصْفِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ مِنْ مُعَامَلَةِ شَرِيكِهِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ) لَا يَسْرِي إقْرَارُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِدَيْنٍ فِي مُعَامَلَاتِهَا عَلَى الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ إنَّمَا بِعَقْدِهِ وَمُعَامَلَتِهِ فَقَطْ كَأَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ دَيْنٌ عَلَيْهِ ثَمَنًا لِلْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلشَّرِكَةِ فَيَلْزَمُهُ إيفَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ بِتَمَامِهِ لِأَنَّ الْمَرْءَ يُلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (74) وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ مِنْ مُعَامَلَتِهِمَا مَعًا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ نِصْفِهِ أَيْ مِقْدَارُ حِصَّتِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (79) . وَلَكِنْ لَا يَسْرِي هَذَا الْإِقْرَارُ عَلَى الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَزِمَ مِنْ مُعَامَلَةِ شَرِيكِهِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَوْ شَرِيكَهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ لِأَنَّ إقْرَارَ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَتَعْبِيرُ (دَيْنٌ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا إذْ الْحُكْمُ فِي الْعَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةَ عِنَانٍ بِأَنَّ مَتَاعًا مِنْ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ الْمَوْجُودِ فِي يَدِهِ هُوَ مِلْكٌ لِفُلَانٍ لَا يَسْرِي إقْرَارُهُ عَلَى شَرِيكِهِ بَلْ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1785) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1380) أَنَّ مَا يَسْتَقْرِضُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى شَرِيكِهِ بِالِاشْتِرَاكِ أَيْضًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1374 و 1377) . (إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَالًا نَسِيئَةً ثُمَّ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ) فَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ مَسْئُولٌ أَيْضًا عَنْ دَيْنِ الشَّرِكَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُوجَدُ مُنَافَاةٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الِاسْتِقْرَاضُ وَالدَّيْنُ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَقَطْ فَيَكُونُ الْمُقِرُّ فَقَطْ هُوَ الْمَسْئُولُ وَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مَسْئُولًا: أَمَّا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَيَكُونُ دَيْنُ الشَّرِيكِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. أَمَّا أَدَاءُ الدَّيْنِ - وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ حَقُّ الدَّائِنِ بِالْمُطَالَبَةِ - إنَّمَا يَكُونُ مُنْحَصِرًا فِي حَقِّ الْعَاقِدِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1377) فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا مَالًا لِلشَّرِكَةِ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْعَاقِدُ مَدِينًا أَصَالَةً بِعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهَا وَتَكُونُ الْعِشْرُونَ دِينَارًا الْأُخْرَى دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْعَاقِدِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لَهُ بِالْوَكَالَةِ وَلَكِنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ جَمِيعَ الثَّمَنِ مِنْ الشَّرِيكِ الْعَاقِدِ فَقَطْ فَإِذَا أَدَّى الْعَاقِدُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَيَرْجِعُ بِالْعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491)

المبحث الثاني بيان المسائل المتعلقة بشركة الأعمال

وَقَوْلُهُ (شَرِكَةَ عِنَانٍ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (1356) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [الْمَبْحَثُ الثَّانِي بَيَانُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ] " وَتُسَمَّى شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةَ الْأَعْمَالِ وَشَرِكَةَ الْأَبْدَانِ " تَكُونُ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ فِي الْمُفَاوَضَةِ وَفِي الْعِنَانِ، إلَّا أَنَّ الْمُتَعَارَفَ شَرِكَةُ الْعِنَانِ، فَلِذَلِكَ إذَا أُطْلِقَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ تُصْرَفُ إلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1332) وَيَدُلُّ الْعِنْوَانُ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (1156) عَلَى أَنَّهُ يُبْحَثُ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ عَنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ الْمَادَّةُ (1385) - (شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ شَرِكَةٍ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ فَالْأَجِيرَانِ الْمُشْتَرِكَانِ يَعْقِدَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ وَالْتِزَامِ الْعَمَلِ الَّذِي يُطْلَبُ وَيُكَلَّفُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَأْجِرِينَ سَوَاءٌ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاضِلَيْنِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ، أَيْ سَوَاءٌ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ الْعَمَلِ وَضَمَانِهِ مُتَسَاوِيًا أَوْ شَرَطَا ثُلُثَ الْعَمَلِ لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَيْنِ لِلْآخَرِ) شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ شَرِكَةٍ عَلَى تَقَبُّلِ مَحَلِّ الْأَعْمَالِ وَعَمَلِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ بَيَانُ مُدَّةٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَكَانِ وَالصَّنْعَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا هُوَ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ وَهَذَا لَا يَتَفَاوَتُ مِنْ جِهَةِ النُّقْصَانِ بِإِجْرَاءِ الْعَمَلِ فِي حَانُوتٍ أَوْ حَانُوتَيْنِ كَمَا أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَتَفَاوَتُ لِكَوْنِهِ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، فَلِذَلِكَ لَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ الدَّلِيلِ الْمُوجِبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَدْ وُضِّحَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ فِي الْمَادَّةِ (1332) حُكْمُ شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ: وَحُكْمُهَا كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ إذْ أَنَّ التَّوْكِيلَ لِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ أَهْلًا لِمُبَاشَرَةِ تِلْكَ الْأَعْمَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ خَيَّاطٌ وَبَنَّاءٌ (لَا يَعْرِفُ مِنْ أُمُورِ الْخِيَاطَةِ شَيْئًا) شَرِكَةَ أَعْمَالٍ لِلْخِيَاطَةِ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَحُوزَ الشَّرِيكَانِ الشُّرُوطَ الْآتِيَةَ: 1 - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَمَلُ حَلَالًا، فَلِذَلِكَ لَوْ عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى إجْرَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ كَسَرِقَةِ الْأَمْوَالِ وَغَصْبِهَا أَوْ الْغِنَاءِ لَا يَصِحُّ لَكِنْ يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَالْفِقْهِ وَالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ 2 - أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ قَابِلًا لِلتَّوْكِيلِ، فَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي

(المادة 1386) لكل واحد من الشريكين أن يتقبل العمل ويتعهده

لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهَا (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) مَثَلًا لَا يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْمُحَاكِمِ أَوْ لِلسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ لِلسُّؤَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ عَلَى الِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاسْتِقَاءِ وَعَلَى جَمْعِ الْأَثْمَارِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَعَلَى تَحَرِّي وَأَخْذِ الْأَحْجَارِ الْكَرِيمَةِ وَالْجَوَاهِرِ مِنْ الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ بِتَصَرُّفِ أَحَدٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1333 وَ 1359) . (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) 3 - أَنْ لَا تُنْفَى صَلَاحِيَّةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ تَقَبُّلِ الْعَمَلِ، فَلِذَلِكَ إذَا نُصَّ وَصُرِّحَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا تَقَبُّلَ الْعَمَلِ وَأَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ تَقَبُّلُهُ فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1332) أَمَّا فِي صُورَةِ عَدَمِ نَفْيِ صَلَاحِيَّةِ تَقَبُّلِ الْآخَرِ فَالشَّرِكَةُ صَحِيحَةٌ وَجَائِزَةٌ سَوَاءٌ عَقَدَ الشَّرِيكَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكِلَيْهِمَا التَّقَبُّلَ وَالْعَمَلَ أَوْ شُرِطَ التَّقَبُّلُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - الْعَمَلُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعَمَلِ مَحَلُّ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْعَمَلَ عَرْضٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّقَبُّلِ 2 - التَّقَبُّلُ، وَاشْتِرَاطُ تَقَبُّلِ الِاثْنَيْنِ قَيْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ فَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَيَعْمَلُ الْآخَرُ أَوْ يَتَقَبَّلُ أَحَدُهُمَا الْقُمَاشَ وَيُفَصِّلُهُ وَيُخَيِّطُهُ الْآخَرُ جَازَ (الطَّحْطَاوِيُّ) 3 - يَلْزَمُ أَنْ يَعْقِدَ الشُّرَكَاءُ عَقْدَ الشَّرِكَةِ لِأَجْلِ اسْتِحْقَاقِهِمْ جَمِيعًا الْأُجْرَةَ فَلِذَلِكَ إذَا تَقَبَّلَ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ عَمَلًا دُونَ أَنْ يَعْقِدُوا شَرِكَةً بَيْنَهُمْ وَعَمِلَ أَحَدُهُمْ ذَلِكَ الْعَمَلَ فَلِلْعَامِلِ الَّذِي قَامَ بِالْعَمَلِ أَخْذُ ثُلُثِ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ أَخْذُ شَيْءٍ لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ كَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهُ بِثُلُثِ الْأُجْرَةِ فَإِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمْ الْكُلَّ مُتَطَوِّعًا فِي الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1332 وَ 1349) فَالْأَجِيرَانِ الْمُشْتَرِكَانِ يَعْقِدَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ وَالْتِزَامِ الْعَمَلِ الَّذِي يُطْلَبُ وَيُكَلَّفُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاضِلَيْنِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ أَيْ سَوَاءٌ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَعَهُّدِ الْعَمَلِ وَضَمَانِهِ مُتَسَاوِيًا أَيْ مُنَاصَفَةً أَوْ شُرِطَ ثُلُثُ الْعَمَلِ مَثَلًا لِأَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَانِ لِلْآخَرِ وَسَوَاءٌ شُرِطَ تَقْسِيمُ الْمَالِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْعَمَلِ أَيْ الْأُجْرَةُ وَالرِّبْحُ مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاضِلًا فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ بَدَلُ الْعَمَلِ وَمِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَاهِرًا فِي الْعَمَلِ وَمُحْسِنًا فِي الصَّنْعَةِ فَجَازَ التَّفَاضُلُ فِي الْأُجْرَةِ وَلِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1345) يَتَقَوَّمُ الْعَمَلُ بِالتَّقْوِيمِ، وَلِذَلِكَ فَزِيَادَةُ الْأُجْرَةِ جَائِزَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1390) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُسْتَدَلُّ مِنْ عِنْوَانِ الْبَحْثِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ خَاصٌّ بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ، وَأَمَّا حُكْمُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فَقَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (1359) [ (الْمَادَّةُ 1386) لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ وَيَتَعَهَّدَهُ] الْمَادَّةُ (1386) - (يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَقَبَّلَ الْعَمَلَ

(المادة 1387) كل واحد من الشريكين وكيل الآخر في تقبل العمل

وَيَتَعَهَّدَهُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ وَيَعْمَلَ الْآخَرُ، وَيَجُوزُ أَيْضًا لِلْخَيَّاطَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْأَقْمِشَةَ وَيَقُصَّهَا وَيُفَصِّلَهَا وَأَنْ يُخَيِّطَهَا الْآخَرُ) . يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَقَبَّلَ مَحَلَّ الْعَمَلِ وَيَتَعَهَّدَهُ سَوَاءٌ شُرِطَ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ تَقَبُّلُ وَتَعَهُّدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ شُرِطَ تَقَبُّلُ وَتَعَهُّدُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ نَفْيِ صَلَاحِيَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. فَلِذَلِكَ إذَا تَقَبَّلَ وَتَعَهَّدَ أَحَدُهُمَا فَيَكُونُ تَقَبُّلُهُ وَتَعَهُّدُهُ وَكَالَةً عَنْ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُتَقَبِّلُ قَدْ تَقَيَّدَ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ شَرِيكِهِ، كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي قَامَ بِالْعَمَلِ قَدْ قَامَ بِهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ شَرِيكِهِ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ لَا تُنْفَى صَلَاحِيَّةُ الشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ لِأَنَّ عِنْدَ السُّكُوتِ صَلَاحِيَّةَ التَّقَبُّلِ ثَابِتَةٌ اقْتِضَاءً وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا مَعَ النَّفْيِ (الْبَحْرُ) وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، فَلِذَلِكَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَتَعَهَّدَ الْعَمَلَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَقَبِّلُ أَهْلًا لِإِيفَاءِ الْعَمَلِ اللَّازِمِ إيفَاؤُهُ كَأَنْ يَشْتَرِكَ صَبَّاغٌ وَخَيَّاطٌ فَيَتَعَهَّدَ الصَّبَّاغُ بِصَبْغِ الثِّيَابِ أَوْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لِإِجْرَائِهِ كَتَعَهُّدِ وَتَقَبُّلِ الصَّبَّاغِ بِخِيَاطَةِ الثِّيَابِ (الْبَحْرُ) . وَيَجُوزُ أَيْضًا لِلْخَيَّاطَيْنِ الْمُشْتَرِكَيْنِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ أَنْ يَعْقِدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْأَقْمِشَةَ وَيَقُصَّهَا وَيُفَصِّلَهَا وَأَنْ يُخَيِّطَهَا الْآخَرُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا نُصَّ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا وَأَنْ لَا يَتَقَبَّلَ الْآخَرُ بَلْ يَعْمَلُ فَقَطْ فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي نُفِيَ عَنْهُ صَلَاحِيَّةُ التَّقَبُّلِ قَدْ نُفِيَتْ عَنْهُ الْوَكَالَةُ، وَالْحَالُ أَنَّ الشَّرِكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ [ (الْمَادَّةُ 1387) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلُ الْآخَرِ فِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ] الْمَادَّةُ (1387) - (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلُ الْآخَرِ فِي تَقَبُّلِ الْعَمَلِ، فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إيفَاءُ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَشَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْلُبَ إيفَاءَ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْعَمَلَ يَقْبَلُهُ شَرِيكِي فَلَا دَخْلَ لِي فِيهِ) لِشَرِكَةِ الْأَعْمَالِ أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ - كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَكِيلُ الْآخَرِ فِي تَقَبُّلِ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَالتَّوْكِيلُ لِتَقَبُّلِ الْعَمَلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ أَهْلًا لِلْعَمَلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَعَلَيْهِ فَالشَّرِيكُ يُشَارِكُ شَرِيكَهُ فِي أُجْرَةِ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ شَرِيكُهُ وَأَوْفَاهُ لِأَنَّ تَقَبُّلَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِيفَاءَهُ الْعَمَلِ يَكُونُ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ شَرِيكِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) وَكَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّيْءَ الَّذِي تَقَبَّلَهُ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ وَفُقِدَ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

وَشُرُوحَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) الثَّانِي - شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ اسْتِحْسَانًا، فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إيفَاءُ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ الْعَمَلُ بِالذَّاتِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ بِحُكْمِ الْأَصَالَةِ وَعَلَى شَرِيكِهِ أَيْضًا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ حَيْثُ إنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1416) وَمُؤَاخَذَةُ الشَّرِيكِ فِي إيفَاءِ الْعَمَلِ لَمْ تَكُنْ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ بَلْ بِاقْتِضَاءِ الْكَفَالَةِ، فَلِذَلِكَ قَدْ شَرَحَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَبَيَّنَ الْمُتَفَرِّعَ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْتُك كَذَا قُمَاشًا لِتُخَيِّطَهُ فَإِذَا أَقَرَّ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِأَخْذِهِ الْقُمَاشَ وَقَبْضِهِ الْأُجْرَةَ فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا كَالْمُفَاوِضَيْنِ (الْبَحْرُ) وَعَلَى ذَلِكَ فَشَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ اسْتِحْسَانًا، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْلُبَ إيفَاءَ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْعَمَلَ تَقَبَّلَهُ شَرِيكِي فَلْيَفِهِ هُوَ وَلَا دَخْلَ لِي فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شُرِطَ أَنْ يَعْمَلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِنَفْسِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1389) أَيْ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ أَنْ يُوَفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِذَاتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1571) وَشَرْحَهَا (الْبَحْرُ) قِيلَ (فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ) لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَعْمَالِ عِنَانًا لَمْ تَكُنْ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ سِوَى فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَقَطْ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الشَّرِيكُ بِدَيْنٍ نَاشِئٍ عَنْ شِرَاءِ الصَّابُونِ وَالْمَاءِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُ الْآخَرَ شَيْءٌ (الْبَحْرُ) إنَّ هَذَا الْحُكْمَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ مُفَاوَضَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ مُقَيَّدَةً بِقَيْدِ الْعِنَانِ أَوْ عُقِدَتْ مُطْلَقَةً وَكَانَتْ مُنْصَرِفَةً حَسَبَ الْمُعْتَادِ إلَى الْعِنَانِ فَجَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِيهَا هُوَ اسْتِحْسَانِيٌّ وَلَيْسَ بِقِيَاسِيٍّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ مِنْ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلضَّمَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ عَلَى الْآخَرِ وَلِهَذَا يُسْتَحَقُّ الْأَجْرُ بِسَبَبِ نَفَاذِ تَقَبُّلِهِ عَلَيْهِ فَجَرَى مَجْرَى الْمُفَاوَضَةِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ وَاقْتِضَاءِ الْبَدَلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) الثَّالِثُ - الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ: الْمَادَّةُ (1388) - (شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي خُصُوصِ اقْتِضَاءِ الْبَدَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا، أَيْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَيِّهِمَا يَبْرَأُ)

(المادة 1390) يقسم الشريكان الربح بينهما على الوجه الذي شرطاه

شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي خُصُوصِ اقْتِضَاءِ الْبَدَلِ أَيْ فِي أَخْذِ وَقَبْضِ بَدَلِ الْعَمَلِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا وَمِنْ ذَلِكَ يُفْهَمُ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَعْمَالِ عِنَانًا هِيَ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ فِي خُصُوصَيْنِ فَقَطْ: الْأَوَّلُ - فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الثَّانِي - فِي اقْتِضَاءِ الْبَدَلِ أَيْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الَّذِي تَعَهَّدَ بِالْعَمَلِ وَأَوْفَاهُ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَيِّهِمَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُونَ بَدَلَ الْإِيجَارِ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَيَبْرَءُونَ مِنْ حِصَّةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ وَمِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، وَهَذَا الْحُكْمُ اسْتِحْسَانِيٌّ وَمُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ (الْبَحْرُ) أَمَّا شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَاهَا فِيمَا عَدَا هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَفِي التَّنْصِيصِ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فَائِدَةٌ، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا وَأَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُسْتَهْلَكِ أَوْ مِنْ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ الَّذِي انْقَضَتْ إجَارَتُهُ أَوْ أُجْرَةِ الْأَجِيرِ، فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْإِقْرَارِ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكًا بَلْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَكَانَتْ بَاقِيَةً فَالدَّيْنُ الْمُقَرُّ بِهِ يَلْزَمُ كِلَا الشَّرِيكَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ مُفَاوَضَةً فَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ يَنْفُذُ فِي حَقِّ كِلَيْهِمَا وَيُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَجِبُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ أَيْضًا الْمَادَّةُ (1389) - (غَيْرُ مُجْبَرٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى إيفَاءِ مَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِالذَّاتِ فَإِنْ شَاءَ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْمَلَ شَرِيكَهُ أَوْ شَخْصًا آخَرَ، لَكِنْ إنْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَمَلَهُ بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ عَمَلُهُ بِذَاتِهِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (571) غَيْرُ مُجْبَرٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى إيفَاءِ مَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِالذَّاتِ، فَإِنْ شَاءَ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْمَلَ شَرِيكَهُ أَوْ شَخْصًا آخَرَ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (573) . لَكِنْ إنْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَمَلَهُ بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ عَمَلُهُ بِذَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْمِلَ آخَرَ فِيهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (571) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكُونُ الْمَادَّةُ (1387) عَلَى إطْلَاقِهَا كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1390) يَقْسِمُ الشَّرِيكَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ] الْمَادَّةُ (1390) - (يَقْسِمُ الشَّرِيكَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ. يَعْنِي إنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَسَاوِيًا فَيَقْسِمَانِهِ عَلَى التَّسَاوِي وَإِنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَفَاضِلًا كَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا فَيُقْسَمُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً) يَقْسِمُ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ عِنَانًا الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ سَوَاءٌ كَانَا

مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْعَمَلِ أَوْ مُتَفَاضِلَيْنِ وَسَوَاءٌ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ أَوْ كَانَ عَدَمُ عَمَلِ أَحَدِهِمَا لِعُذْرٍ كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ أَوْ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَمَلِ أَوْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ كَامْتِنَاعِهِ عَنْ الْعَمَلِ أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَ الْغَيْرَ الْعَامِلِ أَيْضًا مُسْتَحِقٌّ لِلْأُجْرَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ لِلْأُجْرَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ غَيْرِ الْعَامِلِ لِلْأُجْرَةِ فَهُوَ لِأَنَّهُ بِتَقَبُّلِ الْعَمَلِ لَزِمَهُ الْعَمَلُ وَكَانَ ضَامِنًا لَهُ وَبِلُزُومِ الْعَمَلِ وَالضَّمَانِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَا تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بِمُجَرَّدِ امْتِنَاعِهِ عَنْ الْعَمَلِ. وَالِاسْتِحْقَاقُ لِلرِّبْحِ هُوَ لِلشَّرْطِ الْوَارِدِ فِي الْعَقْدِ وَلَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ الَّذِي أُجْرِيَ. (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) يَعْنِي إنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَسَاوِيًا فَيَقْسِمَانِهِ عَلَى التَّسَاوِي وَإِنْ شَرَطَا تَقْسِيمَهُ مُتَفَاضِلًا كَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ مَثَلًا فَيُقْسَمُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً. لِأَنَّ الْعَمَلَ مُتَفَاوِتٌ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَحْذَقَ مِنْ الْآخَرِ فِي الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ يَتَقَوَّمُ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1345) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ أَكْثَرُ الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي عَمِلَهُ أَدْنَى مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ أَيْ لِغَيْرِ الْمَاهِرِ فِي الصَّنْعَةِ فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الرِّبْحَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ وَلَيْسَ بِحَقِيقَةِ الْعَمَلِ (الْبَحْرُ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ هُنَا هِيَ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا كَمَا قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَالتَّسَاوِي فِي الْكَسْبِ شَرْطٌ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1359) الْمَادَّةُ (1319) - (إذَا شُرِطَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْكَسْبِ جَازَ. مَثَلًا إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ أَنْ يَعْمَلَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنْ يَقْسِمَا الرِّبْحَ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَمْهَرَ فِي الصَّنْعَةِ وَأَجْوَدَ فِي الْعَمَلِ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالتَّسَاوِي فِي الْكَسْبِ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُشْتَرَطَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1367) . وَيَجِبُ مُرَاعَاةُ هَذَا الشَّرْطِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ يُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَادَّةِ السَّالِفَةِ، فَلِذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ قَبِيلِ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا مَثَلًا إذَا شَرَطَ الشَّرِيكَانِ أَنْ يَعْمَلَا مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَنْ يَقْسِمَا الرِّبْحَ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً جَازَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَمْهَرَ فِي الصَّنْعَةِ وَأَجْوَدَ فِي الْعَمَلِ فَلِذَلِكَ لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ رِبْحًا مَا لَمْ يَضْمَنْ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1345) وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ زِيَادَةٌ فِي الرِّبْحِ أَمْهَرَ فِي الْعَمَلِ مِنْ الْآخَرِ وَعَمَلُهُ أَجْوَدَ مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ فَشَرْطُ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الْمَشْرُوطَةُ لَهُ الزِّيَادَةُ أَمْهَرَ فِي الصَّنْعَةِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) هَلْ إنَّ قَيْدَ (التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ) احْتِرَازِيٌّ؟ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ بَلْ شُرِطَ

(المادة 1392) الشريكان يستحقان الأجرة بضمان العمل

عَلَى أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ كَثِيرًا وَشُرِطَ عَلَى الْآخَرِ الْعَمَلُ قَلِيلًا وَشُرِطَ التَّفَاضُلُ وَالرِّبْحُ أَيْ شُرِطَ زِيَادَةُ الرِّبْحِ لِلْمَشْرُوطِ عَمَلُهُ قَلِيلًا فَهَلْ يَجُوزُ؟ [ (الْمَادَّةُ 1392) الشَّرِيكَانِ يَسْتَحِقَّانِ الْأُجْرَةَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ] الْمَادَّةُ (1392) - (الشَّرِيكَانِ يَسْتَحِقَّانِ الْأُجْرَةَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ، فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضِهِ أَوْ لِذَهَابِهِ إلَى مَحَلٍّ أَوْ لِقُعُودِهِ عَنْ الْعَمَلِ وَعَمِلَ شَرِيكُهُ فَقَطْ فَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ أَيْضًا) الشَّرِيكَانِ يَسْتَحِقَّانِ الْأُجْرَةَ بِضَمَانِ الْعَمَلِ، وَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكَيْنِ تُجَاهَ بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ أَمَّا اسْتِحْقَاقُهُمَا تُجَاهَ الْمُسْتَأْجِرِينَ فَقَدْ بُيِّنَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ. مَثَلًا إذَا مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْعَمَلَ يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ الْمَأْخُوذَةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُوفِ الشَّرِيكَانِ الْعَمَلَ الَّذِي تَعَهَّدَا بِالْقِيَامِ بِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا طَلَبُ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا لِمَرَضِهِ أَوْ لِغِيَابِهِ بِذَهَابِهِ إلَى مَحَلٍّ أَوْ لِقُعُودِهِ عَنْ الْعَمَلِ عَمْدًا وَبِلَا عُذْرٍ أَوْ بِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَتَقَبَّلْ الْعَمَلَ وَعَمِلَ شَرِيكُهُ فَقَطْ وَتَقَبَّلَهُ فَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1387) وَاسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ لِلْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ظَاهِرٌ، أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْغَيْرِ الْعَامِلِ لِلْأُجْرَةِ فَهُوَ بِضَمَانِهِ الْعَمَلَ إذْ إنَّ ضَمَانَ الْعَمَلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1346) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْعَمَلِ (الْبَحْرُ) كَمَا أَنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ هُوَ مُطْلَقُ الْعَمَلِ وَلَيْسَ عَمَلُ الشَّرِيكِ الَّذِي تَقَبَّلَ الْعَمَلَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُؤَجِّرَ بَعْدَمَا يَقْبَلُ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَعَانَهُ عَلَى الْعَمَلِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ وَلَا تَكُونُ لِلْمُعِينِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْبَحْرُ) [ (الْمَادَّةُ 1393) إذَا أُتْلِفَ وَتَعَطَّلَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِصُنْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ] الْمَادَّةُ (1393) - (إذَا أُتْلِفَ وَتَعَطَّلَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِصُنْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَضْمَنُهُ مَعَ شَرِيكِهِ بِالِاشْتِرَاكِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَضْمَنَ مَالَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ وَيُقْسَمُ هَذَا الْخَسَارُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ الضَّمَانِ، مَثَلًا إذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا مُنَاصَفَةً فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ مُنَاصَفَةً أَيْضًا، وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً) إذَا تَلِفَ أَوْ تَعَطَّلَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِصُنْعِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَيْ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِ وَصُنْعِ أَحَدِهِمَا ضَرَرٌ وَخَسَارٌ مَا فَيَضْمَنُهُ مَعَ شَرِيكِهِ بِالِاشْتِرَاكِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَالصُّنْعُ مُعْتَادًا أَوْ تَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (611)

(المادة 1394) عقد الحمالين الشركة على أن يكونوا مشتركين في التقبل والعمل

وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَضْمَنَ مَجْمُوعَ مَالِهِ أَيْ خَسَارَهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ وَيُقْسَمُ هَذَا الْخَسَارُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ الضَّمَانِ، وَإِذَا شُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا. مَثَلًا إذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا مُنَاصَفَةً فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ مُنَاصَفَةً أَيْضًا، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ ثُلُثَا الْخَسَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ عَلَى الْآخَرِ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الشَّرْطِ، وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى تَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ وَتَعَهُّدِهَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَيُقْسَمُ الْخَسَارُ حِصَّتَيْنِ وَحِصَّةً، وَإِذَا شُرِطَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَقْسِيمُ الْخَسَارِ فَلَا حُكْمَ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ) قِيلَ (بِصُنْعِهِ) لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْخَسَارُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَكَانَ التَّحَرُّزُ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّحَرُّزُ مُمْكِنًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (607) [ (الْمَادَّةُ 1394) عَقْدُ الْحَمَّالِينَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا مُشْتَرَكِينَ فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ] الْمَادَّةُ (1394) - (عَقْدُ الْحَمَّالِينَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونُوا مُشْتَرَكِينَ فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ صَحِيحٌ) أَيْ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ مَعًا، أَمَّا إذَا عَقَدَ الْحَمَّالُونَ الشَّرِكَةَ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي الْعَمَلِ فَقَطْ وَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ ثَلَاثَةُ حَمَّالِينَ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَمْلَأُ الْعُدُولَ وَالْآخَرَ يَرْبِطُهَا وَيُخَيِّطُهَا وَالثَّالِثَ يَنْقُلُهَا لِبُيُوتِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَأَنْ تُقْسَمَ الْأُجْرَةُ مُشْتَرَكَةً سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ فَتَكُونَ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً (الْبَحْرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ التَّقَبُّلُ وَقَدْ قُيِّدَ بِنَوْعٍ وَقَدْ شُرِطَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَعْمَالِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقَبُّلِ الْعَمَلِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1385) فَعَلَيْهِ إذَا جُعِلَ التَّقَبُّلُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ فِي عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِي الْعَقْدِ تَقَبُّلُ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَقَبَّلَ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1386) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا تَعَهَّدَ ثَلَاثَةُ حَمَّالِينَ نَقْلَ حِمْلٍ بِدُونِ عَقْدِ شَرِكَةٍ بَيْنَهُمْ وَنَقَلَهُ أَحَدُهُمْ فَيَسْتَحِقُّ الْحَمَّالُ النَّاقِلُ ثُلُثَ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1385) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (563) [ (الْمَادَّةُ 1395) عقدا شَرِكَة عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْعَمَل وَأَن يَكُون الْحَانُوت مِنْ أَحَدهمَا وَالْأَدَوَات وَالْآلَات مِنْ الْآخِر] الْمَادَّةُ (1395) - (إذَا عَقَدَ اثْنَانِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْعَمَلَ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْحَانُوتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَدَوَاتُ وَالْآلَاتُ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ) إذَا عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْعَمَلَ وَيَعْمَلَاهُ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْحَانُوتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْآلَاتُ وَالْأَدَوَاتُ مِنْ الْآخَرِ يَصِحُّ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّنَائِعِ (الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا عَقَدَا شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْآلَاتُ وَالْأَدَوَاتُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَتَكُونَ فَاسِدَةً وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ آلَاتِهِ وَأَدَوَاتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ هُوَ الْعَمَلُ. أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَيْنُ مِنْ الْآخَرِ

(المادة 1396) عقد اثنان شركة صنائع على أن تكون الوكالة من أحدهما والعمل من الآخر

[ (الْمَادَّةُ 1396) عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ] الْمَادَّةُ (1396) - (إذَا عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1346 ") إذَا عَقَدَ اثْنَانِ شَرِكَةَ صَنَائِعَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الدُّكَّانُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَتَعَهَّدَ الْعَمَلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ أَيْ أَنْ يَعْمَلَ الْأَعْمَالَ الَّتِي تُعُهِّدَ بِهَا وَتُقُبِّلَتْ صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1346) وَيُوجَدُ بَيْنَ مِثَالِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1346) الَّتِي أُشِيرَ إلَيْهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ مَشْرُوطٌ أَنْ يَتَقَبَّلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْعَمَلَ وَيَتَعَهَّدَهُ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَمْ يُشْرَطْ هَذَا الشَّرْطُ فَتُعْقَدُ الشَّرِكَةُ هُنَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ، وَيُقَالُ عَنْ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ تَرِدُ عَلَى ذَلِكَ الْأَسْئِلَةُ الْآتِيَةُ: 1 - يَجِبُ وُجُودُ نَقْلٍ فِقْهِيٍّ لِجَوَازِ عَقْدِ الشَّرِكَةِ عَلَى الْوَجْهِ الظَّاهِرِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ مِنْ مَبْحَثِ الشَّرِكَةِ وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ قَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ كَمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَسَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ يَجِبُ لِصِحَّةِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَتَقَبَّلَ صَاحِبُ الدُّكَّانِ الْعَمَلَ وَأَنْ يَتَعَهَّدَ بِهِ، فَحَسَبَ هَذِهِ النُّقُولِ تَكُونُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً. لَهُ سَفِينَةٌ فَاشْتَرَكَ مَعَ أَرْبَعَةٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا بِسَفِينَتِهِ وَآلَاتُهَا وَالْخُمْسُ لِصَاحِبِ السَّفِينَةِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِمْ (الْبَحْرُ) 2 - وَالشَّرِكَةُ فِي ذَلِكَ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَكَمَا لَا تَصِحُّ أَيْ الشَّرِكَةُ فِي الْعُرُوضِ لَا تَصِحُّ فِيهَا أَيْ الْمَنْفَعَةُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1342 و 1343) وَشَرْحَهُمَا فَلِذَلِكَ قَدْ أُوِّلَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا فَتَكُونُ عَيْنَ مِثَالِ الْمَادَّةِ (1346) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَا قَبْلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرِكَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي ظَاهِرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَبِإِصْلَاحِهَا الْوَاقِعُ شَرْحًا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ عَيْنَ الْمَادَّةِ (1346) وَمُسْتَدْرَكَةً [ (الْمَادَّةُ 1397) لَوْ كَانَ لِأَحَدِ بَغْلَة ولآخر بَعِير وَعَقَدَا شَرِكَة أَعْمَال عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا وَيَتَعَهَّدَا مُتَسَاوِيًا نَقُلْ الْأَحْمَال عَلَيْهِمَا] الْمَادَّةُ (1397) - (لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ بَغْلَةٌ وَلِآخَرَ بَعِيرٌ وَعَقَدَا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا وَيَتَعَهَّدَا مُتَسَاوِيًا نَقْلَ الْأَحْمَالِ عَلَيْهِمَا صَحَّ وَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ حَمْلِ الْجَمَلِ أَزْيَدَ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَسْتَحِقَّانِ الْبَدَلَ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ بِضَمَانِ الْعَمَلِ، لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْقَدْ الشَّرِكَةُ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ بَلْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَ الْبَغْلَةَ وَالْبَعِيرَ عَيْنًا وَعَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَإِذَا أُجِرَ أَيٌّ مِنْ الْبَغْلَةِ أَوْ الْجَمَلِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ إلَى صَاحِبِهِ لَكِنْ إذَا أَعَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ يَأْخُذُ مِثْلَ عَمَلِهِ)

لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ بَغْلَةٌ وَلِآخَرَ بَعِيرٌ وَعَقَدَا شَرِكَةَ أَعْمَالٍ عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا وَيَتَعَهَّدَا مُتَسَاوِيًا نَقْلَ الْأَحْمَالِ عَلَيْهِمَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ صَحَّ، لِأَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ شَرِكَةُ تَقَبُّلٍ وَالْبَغْلَةُ وَالْجَمَلُ آلَةُ الْعَمَلِ وَيُقْسَمُ الْكَسْبُ وَالْأُجْرَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، وَكَمَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ عَمَلِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ فَلَا يُنْظَرُ فِي هَذِهِ أَيْضًا إلَى كَوْنِ حَمْلِ الْجَمَلِ أَزْيَدَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ يَسْتَحِقَّانِ الْبَدَلَ أَيْ الْأُجْرَةَ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ بِضَمَانِ الْعَمَلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1292) . أَيْ أَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ هُوَ تَقَبُّلُ نَقْلِ الْأَحْمَالِ وَفِي هَذِهِ يَشْتَرِكُ الِاثْنَانِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْجَمَلِ بَعْدَ تَقَبُّلِ نَقْلِ الْأَحْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَطْلُبَ زِيَادَةَ أُجْرَةٍ لِأَنَّ النَّقْلَ جَرَى عَلَى الْبَغْلَةِ وَالْبَعِيرِ وَلِأَنَّ حِمْلَ الْبَعِيرِ أَزْيَدُ مِنْ حِمْلِ الْبَغْلَةِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْسِيمُ الْأُجْرَةِ عَلَى نِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلَةِ وَالْبَعِيرِ وَإِعْطَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَسَبَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَبَّلَ وَتَعَهَّدَ اثْنَانِ بِنَقْلِ حُمُولَةٍ مُتَسَاوِيًا ثُمَّ حَمَلَاهَا عَلَى ظَهْرَيْهِمَا فَيُقْسَمُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَلَا يَلْزَمُ تَقْسِيمُ الْكَسْبِ بِنِسْبَةِ أَجْرِ مِثْلِ كِلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَوِيٌّ مُحَمَّلٌ حِمْلًا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ إذَا لَمْ تُعْقَدْ الشَّرِكَةُ عَلَى تَقَبُّلِ الْعَمَلِ حَسَبَ الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا بَلْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَا الْبَغْلَةَ وَالْبَعِيرَ عَيْنًا وَعَلَى تَقْسِيمِ الْأُجْرَةِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا أُجِّرَ أَيٌّ مِنْ الْبَغْلَةِ أَوْ الْجَمَلِ بِأَيِّ مِقْدَارٍ مِنْ الْأُجْرَةِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ إلَى صَاحِبِهِ. وَفَسَادُ الشَّرِكَةِ هُوَ كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ: بِعْ مَنَافِعَ دَابَّتِك وَمَنَافِعَ دَابَّتِي عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَعَ أَنَّ مَنْفَعَةَ مَالِ أَحَدٍ إنَّمَا تَعُودُ إلَى مَالِهَا وَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ لَأَنْ يَشْتَرِكَ الْآخَرُ فِي مَنْفَعَتِهِ لَكِنْ إذَا أَعَانَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي التَّحْمِيلِ وَالنَّقْلِ يَأْخُذُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَا يَتَجَاوَزُ هَذَا الْأَجْرُ نِصْفَ الْأُجْرَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْحُكْمُ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ فِي حَالِ تَأْجِيرِ الْبَعِيرِ وَعَدَمِ تَأْجِيرِ الْبَغْلَةِ أَوْ تَأْجِيرِ الْبَغْلَةِ وَعَدَمِ تَأْجِيرِ الْبَعِيرِ أَوْ فِي حَالَةِ إيجَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، أَمَّا إذَا أُجِرَ الْبَعِيرُ وَالْبَغْلَةُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَيْ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَبِأُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْسَمُ الْأُجْرَةُ عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الْجَمَلِ وَالْبَغْلَةِ وَيُعْطَى صَاحِبَاهُمَا الْأُجْرَةَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِ الْجَمَلِ ضِعْفَ أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلَةِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْجَمَلِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَصَاحِبُ الْبَغْلَةِ ثُلُثَهَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1343) أَنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا ثَلَاثُ صُوَرٍ الْمَادَّةُ (1398) - (إذَا عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَتِهِ مَعَ ابْنِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُعَدُّ وَلَدُهُ مُعِينًا، كَمَا أَنَّهُ إذَا غَرَسَ أَحَدٌ شَجَرًا فَأَعَانَهُ وَلَدُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فَيَكُونُ الشَّجَرُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُشَارِكُهُ وَلَدُهُ فِيهِ) إذَا عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَةٍ هُوَ وَابْنُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَاكْتَسَبَا أَمْوَالًا وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ لِلِابْنِ مَالًا سَابِقًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يَكُونُ لِوَلَدِهِ حِصَّةٌ فِي الْكَسْبِ بَلْ يُعَدُّ وَلَدُهُ مُعِينًا وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ

حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ الْأَبُ فِي الْمَتَاعِ الْمَوْجُودِ فِي بَيْتِهِ مَعَ أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ يُقِيمُونَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّ الْمَتَاعَ لَهُ فَالْمَتَاعُ لِلْأَبِ وَلَا يَكُونُ لِلْأَوْلَادِ غَيْرُ الثِّيَابِ الَّتِي هُمْ لَابِسُوهَا (التَّنْقِيحُ) مَا لَمْ يُثْبِتُوا عَكْسَ ذَلِكَ وَيُوجَدُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ لِأَجْلِ اعْتِبَارِ الْوَلَدِ مُعِينًا لِأَبِيهِ: 1 - اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُزَارِعًا وَالِابْنُ صَانِعَ أَحْذِيَةٍ فَكَسْبُ الْأَبِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَالِابْنِ مِنْ صَنْعَةِ الْحِذَاءِ، فَكَسْبُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلْأَبِ الْمُدَاخَلَةُ فِي كَسْبِ ابْنِهِ لِكَوْنِهِ فِي عِيَالِهِ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (مَعَ ابْنِهِ) إشَارَةٌ لِهَذَا الشَّرْطِ. مَثَلًا إنَّ زَيْدًا يَسْكُنُ مَعَ أَبِيهِ عَمْرٍو فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيَعِيشُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهِ وَقَدْ كَسَبَ مَالًا آخَرَ فَلَيْسَ لِإِخْوَانِهِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ إدْخَالُ مَا كَسَبَهُ زَيْدٌ فِي الشَّرِكَةِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ اثْنَانِ يَسْكُنَانِ فِي دَارِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكْسِبُ عَلَى حِدَةٍ وَجَمَعَا كَسْبَهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَمْ يُعْلَمْ مَجْمُوعُهُ لِمَنْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ التَّسَاوِي أَوْ التَّفَاوُتُ فِيهِ فَيُقْسَمُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْعَمَلِ وَالرَّأْيِ 2 - فِقْدَانُ الْأَمْوَالِ سَابِقًا. إذَا كَانَ لِلْأَبِ أَمْوَالٌ سَابِقَةٌ كَسْبُهَا وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلِابْنِ أَمْوَالٌ بِأَنْ وَرِثَ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَمْوَالًا مَعْلُومَةً فَيُعَدُّ الِابْنُ فِي عِيَالِ الْأَبِ 3 - أَنْ يَكُونَ الِابْنُ فِي عِيَالِ أَبِيهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ يَسْكُنُ فِي دَارِ وَالِابْنُ فِي دَارِ أُخْرَى وَكَسَبَ الِابْنُ أَمْوَالًا عَظِيمَةً فَلَيْسَ لِلْأَبِ الْمُدَاخَلَةُ فِي أَمْوَالِ ابْنِهِ بِدَاعِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ مَالٌ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ إخْوَةٌ أَرْبَعَةٌ فِي عَائِلَةِ وَاحِدَةٍ وَسَعَوْا فِي تَكْثِيرِ وَتَنْمِيَةِ الْأَمْوَالِ الْمَوْرُوثَةِ عَنْ أَبِيهِمْ فَتُقْسَمُ الْأَقْسَامُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى اخْتِلَافِ عَمَلِهِمْ أَوْ اخْتِلَافِ رَأْيِهِمْ وَتَعْبِيرُ (وَلَدُهُ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَالْحُكْمُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْإِخْوَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَذَلِكَ لَوْ عَمِلَ أَحَدٌ فِي صَنْعَةٍ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي عِيَالٍ وَاكْتَسَبَا أَمْوَالًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِلزَّوْجِ وَتُعَدُّ الزَّوْجَةُ مُعِينَةً (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ لِلزَّوْجَةِ كَسْبٌ عَلَى حِدَةٍ فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لَهَا وَلَا تُعَدُّ مُعِينَةً لِلزَّوْجِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِ أَحَدٍ وَلَدٌ لَهُ وَإِخْوَانٌ وَعَمِلُوا فِي صَنْعَةٍ وَاكْتَسَبُوا أَمْوَالًا فَكَافَّةُ الْكَسْبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ مُعِينِينَ لَهُ. عِيَالٌ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَقَدْ وَضَّحَ مَعْنَاهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 772) كَمَا أَنَّهُ إذَا غَرَسَ شَجَرًا فَأَعَانَهُ وَلَدُهُ الَّذِي فِي عِيَالِهِ فِي الْغَرْسِ فَيَكُونُ كَامِلُ الشَّجَرِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُشَارِكُهُ وَلَدُهُ فِي ذَلِكَ الشَّجَرِ

المبحث الثالث في بيان المسائل المتعلقة بشركة الوجوه

[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ] الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ (فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ) وَيُقَالُ لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ شَرِكَةَ الْمَفَالِيسِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ عُرِّفَتْ هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي الْمَادَّةِ (1332) فَلِذَلِكَ لَا فَائِدَةَ مِنْ إعَادَةِ تَعْرِيفِهَا الْمَادَّةُ (1399) - (لَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى مَثَلًا فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَيَاهُ مِنْ الْمَالِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا) لَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ اللَّذَيْنِ عَقَدَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ عِنَانًا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1365) أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ أَيْضًا، أَمَّا إذَا كَانَتْ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَيُشْتَرَطُ تَسَاوِي حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) مَثَلًا فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَاهُ الشَّرِيكَانِ شَرِكَةَ عِنَانٍ مِنْ الْمَالِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، وَكَمَا يَجُوزُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ عَلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ تَجُوزُ أَيْضًا عَلَى عُمُومِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ وَتُسَمَّى الْأُولَى شَرِكَةَ وُجُوهٍ خَاصَّةً وَالثَّانِيَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ عَامَّةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 1400) اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ] الْمَادَّةُ (1400) - (اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ إنَّمَا هُوَ بِالضَّمَانِ) اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكَيْنِ لِلرِّبْحِ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ إنَّمَا هُوَ بِالضَّمَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1402) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الضَّمَانِ ضَمَانُ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. إنَّ الْمَادَّةَ (1402) هِيَ فَرْعٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ وَبِالصُّورَةِ الَّتِي يُضْمَنُ بِهَا الثَّمَنُ يَكُونُ الْمِلْكُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِذَا شُرِطَ زِيَادَةٌ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَغْوٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) [ (الْمَادَّةُ 1401) ضَمَانُ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى يَكُونُ بِنِسْبَةِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ] فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَالِ الْمُشْتَرَى دَيْنًا عَلَى الشَّرِيكَيْنِ مُنَاصَفَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلَكِنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ بِاعْتِبَارِهِ عَاقِدًا وَيَرْجِعَ الشَّرِيكُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْأَدَاءِ بِالنِّصْفِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِذَا شُرِطَتْ الْمُثَالَثَةُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى فَيَلْزَمُ مُثَالَثَةٌ أَيْضًا، وَالِاشْتِرَاكُ عَلَى صُوَرٍ أُخْرَى يُقَاسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ

(المادة 1402) تكون حصة كل واحد من الشريكين في الربح بقدر حصته في المال

[ (الْمَادَّةُ 1402) تَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ] الْمَادَّةُ (1402) - (تَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، فَإِذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى فَالشَّرْطُ لَغْوٌ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى. مَثَلًا إذَا شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ الْمُشْتَرَاةُ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا مُنَاصَفَةً، وَإِنْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، وَلَكِنْ إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ الْمُشْتَرَاةُ مُنَاصَفَةً فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً) اشْتِرَاطُ الرِّبْحِ بِمِقْدَارِ اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، أَيْ تَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، فَعَلَيْهِ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحُ زِيَادَةٍ عَنْ حِصَّتِهِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى فَالشَّرْطُ لَغْوٌ حَيْثُ تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ، أَمَّا الْعَقْدُ فَيَبْقَى صَحِيحًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ عِنَانًا فَقَدْ جَازَ التَّفَاضُلُ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1371) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ بِمَعْنَى الْمُضَارَبَةِ حَيْثُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَامِلًا فِي مَالِ الْآخَرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1425) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَفْتَرِقُ شَرِكَةُ الْعِنَانِ وُجُوهًا (الْبَحْرُ) وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، مَثَلًا إذَا شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ الْمُشْتَرَاةُ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا مُنَاصَفَةً، وَإِنْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا فَيَكُونُ الرِّبْحُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، أَيْ: يُعْطَى ثُلُثَا الرِّبْحِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ الثُّلُثَانِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى وَالثُّلُثُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَهُ ثُلُثٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى وَلَكِنْ إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ مُنَاصَفَةً فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَشْرُوطًا أَنْ تَكُونَ الْأَشْيَاءُ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ بَيْنَهُمَا وَأَنْ يُقْسَمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَيُقْسَمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) [ (الْمَادَّةُ 1403) يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ] الْمَادَّةُ (1403) - (يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ بَاشَرَا عَقْدَ الشِّرَاءِ مَعًا أَوْ بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، مَثَلًا إذَا تَضَرَّرَ شَرِيكَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ فِي بَيْعِهَا وَشِرَائِهَا فَإِذَا كَانَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَيُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ بِالتَّسَاوِي أَيْضًا، وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى كَوْنِ الْحِصَّةِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا سَوَاءٌ اشْتَرَيَا الْمَالَ الَّذِي خَسِرَا فِيهِ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَقَطْ)

يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ بِنِسْبَةِ مِقْدَارِ حِصَّةِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى كَمَا يُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، إذَا شُرِطَ خِلَافُ ذَلِكَ فَالشَّرْطُ لَغْوٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1369) وَالْمَقْصِدُ مِنْ عِبَارَةِ (فِي كُلِّ حَالٍ) هُوَ أَنَّهُ سَوَاءٌ بَاشَرَا عَقْدَ الشِّرَاءِ مَعًا أَوْ بَاشَرَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، أَوْ سَوَاءٌ شَرَطَا التَّقْسِيمَ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَشْرُطَاهُ. مَثَلًا: إذَا تَضَرَّرَ شَرِيكَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ فِي بَيْعِهِمَا وَشِرَائِهِمَا فَإِذَا كَانَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَيُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ عِنْدَ حُصُولِهِ بِالتَّسَاوِي أَيْضًا وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الضَّرَرِ وَالْخَسَارِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَإِذَا عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى كَوْنِ الْحِصَّةِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا يُقْسَمُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ أَيْضًا ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا شُرِطَ تَقْسِيمُ الضَّرَرِ وَالْخَسَارِ مُنَاصَفَةً فَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ، سَوَاءٌ اشْتَرَيَا الْمَالَ الَّذِي خَسِرَا فِيهِ مَعًا أَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا لِلشَّرِكَةِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي الشِّرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1335) .

الباب السابع في حق المضاربة ويحتوي على ثلاثة فصول

[الْبَابُ السَّابِعُ فِي حَقِّ الْمُضَارَبَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] ٍ) مَشْرُوعِيَّةُ الْمُضَارَبَةِ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا. السُّنَّةُ: أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَمَا رَأَى النَّاسَ يُبَاشِرُونَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: وَقَدْ عَمِلَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ أَيْضًا، الِاحْتِيَاجُ: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ مَعَ كَوْنِهِمْ أَغْنِيَاءَ يَعْجِزُونَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا، كَمَا أَنَّ بَعْضَهُمْ مُقْتَدِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَمْوَالِ وَفِي أَثْمَانِهَا مَعَ كَوْنِهِ مَحْرُومًا مِنْ الْمَالِ فَلِذَلِكَ تُوجَدُ ضَرُورَةٌ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ لِتَنْظِيمِ مَصَالِحِ الْغَبِيِّ وَالذَّكِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْغَنِيِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ الْمُضَارَبَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1404) الْمُضَارَبَةُ نَوْعُ شَرِكَةٍ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ (فِي تَعْرِيفِ وَتَقْسِيمِ الْمُضَارَبَةِ) الْمَادَّةُ (1404) - (الْمُضَارَبَةُ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ طَرَفٍ وَالسَّعْيُ وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَيُدْعَى صَاحِبُ الْمَالِ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ مُضَارِبًا) الْمُضَارَبَةُ بِوَزْنِ الْمُفَاعَلَةِ وَمَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ مَأْخُوذٌ مِنْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ الَّذِي بِمَعْنَى مَشَى عَلَى الْأَرْضِ، وَتَفْصِيلَاتُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ بِالْمُضَارَبَةِ هُوَ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يُسَافِرُ وَيَرْتَادُ الْأَقْطَارَ لِطَلَبِ الرِّبْحِ قَالَ تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 20] أَيْ يُسَافِرُونَ فِي التِّجَارَةِ. (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَمَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ: نَوْعُ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ طَرَفٍ أَيْ مِنْ جَانِبِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا، السَّعْيُ وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا، وَيُسَمِّي أَهْلُ الْحِجَازِ هَذَا الْعَقْدَ الْمُقَارَضَةَ وَالْقِرَاضَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقَرْضِ وَالْقَطْعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ يَقْطَعُ وَيَفْرِزُ مِقْدَارًا مِنْ مَالِهِ وَيُسَلِّمُهُ لِلْعَامِلِ، وَلَكِنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ اللَّفْظَ الْمُوَافِقَ لِلنَّصِّ {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 20] فَأَطْلَقَتْ عَلَى هَذَا الْعَقْدِ عَقْدَ الْمُضَارَبَةِ كَمَا سَمَّاهُ الْفُقَهَاءُ الْآخَرُونَ (الطَّحْطَاوِيُّ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - مِنْ طَرَفٍ - مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، فَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ كَوْنَ الطَّرَفَيْنِ شَخْصًا وَاحِدًا كَمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ كَوْنَهُمَا اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَيَشْمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الطَّرَفُ شَخْصًا وَاحِدًا وَأَنْ يَكُونَ الطَّرَفُ الْآخَرُ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ (الْقُهُسْتَانِيُّ بِزِيَادَةٍ)

(المادة 1405) ركن المضاربة الإيجاب والقبول

وَالسَّعْيُ وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ حَقِيقَةَ وَمَاهِيَّةَ هَذِهِ الْمُضَارَبَةِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْمُوعِ الْعَقْدِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مِنْ أَنَّ رُكْنَ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ حُصُولِ الْعَمَلِ مِنْ قِبَلِ الْمُضَارِبِ أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُخِلُّ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1410) سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ الْمَشْرُوطِ عَمَلُهُ عَاقِدًا أَوْ غَيْرَ عَاقِدٍ كَالصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنَانًا مِقْدَارًا مِنْ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ الشَّرِيكِ مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ) 3 - فِي الرِّبْحِ، أَمَّا إذَا شُرِطَ تَمَامُ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مُضَارَبَةً، فَإِذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ فَيَكُونُ الْعَقْدُ قَرْضًا وَالْمُضَارِبُ مُسْتَقْرِضًا لِقِلَّةِ ضَرَرِ الْقَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْهِبَةِ فَجُعِلَ قَرْضًا وَلَمْ يُجْعَلْ هِبَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ أَدْنَى التَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ الْحَقَّ عَنْ الْعَيْنِ دُونَ الْبَدَلِ، وَالْهِبَةُ تَقْطَعُهُ عَنْهُمَا، فَكَانَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَقَلَّ ضَرَرًا؛ وَلِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمُضَارِبِ لِكُلِّ الرِّبْحِ يَحْصُلُ بِكَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فَرْعٌ لِلْمَالِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَمُقْتَضَى شَرْطِ كُلِّ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يُوجِبُ تَمْلِيكَ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كَمَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ كَانَ الْمُضَارِبُ مُسْتَبْضَعًا فَلَيْسَ لَهُ رِبْحٌ وَلَا أُجْرَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْئُولًا عِنْدَ هَلَاكِ الْمَالِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ يُقْتَضَى فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاكُ فِي الرِّبْحِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ شَيْءٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِقْدَارٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِقْدَارٌ مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَتَخْرُجُ بِتَعْبِيرِ (فِي الرِّبْحِ) الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ اشْتِرَاكٌ فِي الرِّبْحِ وَيَكُونُ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَكِنْ تَنْقَلِبُ الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ فِي هَذَا الْحَالِ لِلْإِجَارَةِ وَلَا يَكُونُ خُرُوجُهَا مِنْ التَّعْرِيفِ مُضِرًّا بِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُدْعَى صَاحِبُ الْمَالِ رَبَّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ مُضَارِبًا بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلَفْظُ (رَبُّ) تَأْتِي بِمَعْنَى مَالِكٍ وَمُصْلِحٍ وَسَيِّدٍ وَمَعْبُودٍ، لَكِنَّ مَعْنَاهَا هُنَا الْمَالِكُ، وَإِذَا قِيلَ الرَّبُّ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ فَيُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (الْكُلِّيَّاتُ) [ (الْمَادَّةُ 1405) رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ] الْمَادَّةُ (1405) - (رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، مَثَلًا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا مُضَارَبَةً وَاسْعَ وَاعْمَلْ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ رِبْحُهُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً أَوْ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا. أَوْ قَالَ قَوْلًا يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَقَوْلِهِ: خُذْ هَذِهِ النُّقُودَ وَاجْعَلْهَا رَأْسَ مَالٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا عَلَى نِسْبَةِ كَذَا، وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ، تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ) .

(المادة 1406) المضاربة قسمان

رُكْنُ الْمُضَارَبَةِ الْإِيجَابُ مِنْ طَرَفٍ وَالْقَبُولُ مِنْ طَرَفٍ آخَرِ كَرُكْنِ الْعُقُودِ الْأُخَرِ، بِلَفْظِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، فَإِذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً أَوْ مُقَارَضَةً أَوْ مُعَامَلَةً أَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ لَكَ، أَوْ خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا وَاشْتَرِ بِهِ مَتَاعًا وَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ رِبْحٌ فَكَذَا مِنْهُ لَكَ، أَوْ خُذْ رَأْسَ الْمَالِ بِالنِّصْفِ فَهُوَ إيجَابٌ، وَقَوْلُ الطَّرَفِ الْآخَرِ: قَبِلْتُ، أَوْ لَفْظًا يُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ قَبُولٌ (الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) مَثَلًا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ رَأْسَ الْمَالِ هَذَا مُضَارَبَةً مُشِيرًا إلَى مَالٍ صَالِحٍ لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالٍ وَاسْعَ وَاعْمَلْ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ رِبْحُهُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً أَوْ ثُلُثَيْنِ وَثُلُثًا، أَوْ قَالَ قَوْلًا يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَقَوْلِهِ: خُذْ هَذِهِ النُّقُودَ وَاجْعَلْهَا رَأْسَ مَالٍ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ عَلَى نِسْبَةِ كَذَا، وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ إيجَابَ رَبِّ الْمَالِ تُعْقَدُ الْمُضَارَبَةُ أَمَّا إذَا لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ كَمَا لَمْ يُذْكَرْ لَفْظٌ يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ الصَّحِيحَةُ. وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: خُذْ الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ وَاشْتَرِ بِهَا حِنْطَةً أَوْ بَزًّا عَلَى أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً فَلَا تَنْعَقِدُ الْمُضَارَبَةُ بَلْ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً، وَإِذَا اشْتَرَى يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ مُقَابِلَ عَمَلِ الشِّرَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا إذَا أَمَرَهُ رَبُّ الْمَالِ بِالْبَيْعِ (الْبَحْرُ) حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ لَفْظُ الْمُضَارَبَةِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظٌ يُفِيدُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِصَّةِ مِنْ الرِّبْحِ وَقَوْلُ رَبِّ الْمَالِ: خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ وَاشْتَرِ بِهَا حِنْطَةً عَلَى أَنْ تُقْسَمَ مُنَاصَفَةً، وَلَمْ يُعْلَمْ بِهِ هَذَا التَّنَاصُفُ هَلْ هُوَ فِي الرِّبْحِ أَوْ فِي رَأْسِ الْمَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) كَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ أَحَدٌ الْآخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ بِهَا مَالًا عَلَى أَنْ يَكُونَ مُنَاصَفَةً بَيْنَنَا وَأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ بَيْنَنَا فَلَا يَكُونُ عَقْدَ مُضَارَبَةٍ. وَإِذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى مَالًا فَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ مَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ كَمَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُضَارَبَةً لَمْ تَكُنْ شَرِكَةَ عَقْدٍ بَلْ هِيَ شَرِكَةُ مِلْكٍ، وَنِصْفُ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ مِلْكًا لَهُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْآمِرِ فَلَزِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ نِصْفِ الثَّمَنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1406) الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ] الْمَادَّةُ (1406) - (الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مُضَارَبَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَالْآخَرُ مُضَارَبَةٌ مُقَيَّدَةٌ) الْمُضَارَبَةُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا مُضَارَبَةٌ مُطْلَقَةٌ أَيْ عَارِيَّةٌ عَنْ الْقَيْدِ الْمُفِيدِ، وَالْآخَرُ مُضَارَبَةٌ مُقَيَّدَةٌ أَيْ مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ. وَتُسَمَّى الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ مُضَارَبَةً عَامَّةً وَالْمُضَارَبَةُ الْمُقَيَّدَةُ مُضَارَبَةً خَاصَّةً (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْبَلُ التَّقْيِيدَ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوْقَافِ وَالْأَشْخَاصِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ قُسِّمَتْ الْمُضَارَبَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَى قِسْمَيْنِ. وَقَدْ ذُكِرَتْ أَحْكَامُ الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَادَّةِ (1414) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ، وَحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ فِي الْمَادَّةِ (1420) وَمَا يَعْقُبُهَا مِنْ الْمَوَادِّ

(المادة 1407) المضاربة المطلقة

زَمَانُ تَقْيِيدِ الْمُضَارَبَةِ: كَمَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ الْمُضَارَبَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ يَجُوزُ تَقْيِيدُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْضًا أَيْ إذَا قَيَّدَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ حَالَ وُجُودِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ صَحَّ. وَكَذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ تَقْيِيدُ الْمُضَارَبَةِ بِعَدَمِ بَيْعِ الْمُضَارِبِ الْمَالَ نَسِيئَةً بَعْدَ التَّصَرُّفِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَيْعًا وَشِرَاءً وَعَوْدَةُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى حَالِهِ النَّقْدِيَّةِ أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ عُرُوضًا وَكَانَتْ الْعُرُوض بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا وَنُهِيَ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَقُيِّدَتْ الْمُضَارَبَةُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالنَّهْيُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي هَذَا الْحَالِ عَزْلُ الْمُضَارِبِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَالتَّقْيِيدُ نَوْعًا مَا عَزْلٌ، فَإِذَا اشْتَرَى بِبَعْضِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ لَهُ لَا: تَعْمَلْ بِهِ إلَّا فِي الْحِنْطَةِ. لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْبَاقِي إلَّا الْحِنْطَةَ فَإِذَا بَاعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَصَارَ نَقْدًا لَمْ يَشْتَرِ بِهِ إلَّا الْحِنْطَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ لِلتَّقْيِيدِ فِي الْمُضَارَبَةِ: قَدْ ذُكِرَ شَرْحًا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَيْدِ الْمُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: 1 - الْقَيْدُ الْمُفِيدُ، فَعَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يُرَاعِيَ هَذَا الْقَيْدَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1420) 2 - الْقَيْدُ الْغَيْرُ الْمُفِيدِ، لَا حُكْمَ لِهَذَا الْقَيْدِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ مُرَاعَاتُهُ كَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَالِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ، وَذَلِكَ لَوْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ قَائِلًا لَهُ: لَا تَبِعْ الْمَالَ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ فَلِلْمُضَارِبِ بَيْعُ الْمَالِ نَسِيئَةً كَمَا أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ نَقْدًا (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ هَذَا التَّقْيِيدِ 3 - الْقَيْدُ الْمُفِيدُ فِي الْجُمْلَةِ، كَقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَحُكْمُ هَذَا الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا نَهَى رَبُّ الْمَالِ عَنْ خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ: بِعْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ وَلَا تَبِعْ فِي أَسْوَاقٍ أُخْرَى فَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ اتِّبَاعُ هَذَا الْقَيْدِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ خِلَافِهِ كَقَوْلِهِ: اعْمَلْ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّقْيِيدُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْبَلْدَةَ مَعَ تَبَايُنِ أَطْرَافِهِ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَمْثِلَةٌ عَدِيدَةٌ لِهَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّغْيِيرِ فَعَلَى مَنْ يَرْغَبُ الِاطِّلَاعَ عَلَى ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ [ (الْمَادَّةُ 1407) الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ] الْمَادَّةُ (1407) - (الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَقَيَّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ أَوْ بِتَعْيِينِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، وَإِذَا تَقَيَّدَتْ بِأَحَدِ هَذِهِ فَتَكُونُ مُضَارَبَةً مُقَيَّدَةً. مَثَلًا إذَا قَالَ: اعْمَلْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ أَوْ عَامِلْ فُلَانًا وَفُلَانًا أَوْ أَهَالِيَ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ. تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً) الْمُضَارَبَةُ الْمُطْلَقَةُ هِيَ الَّتِي لَمْ تَتَقَيَّدْ (1) بِزَمَانٍ (2) أَوْ مَكَان (3) أَوْ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ (4) أَوْ بِمَتَاعٍ مُعَيَّنٍ (5) أَوْ بِتَعَيُّنِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، مَثَلًا لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً

عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا عَلَى وَجْهِ كَذَا، وَلَمْ يُضِفْ قَيْدًا آخَرَ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُطْلَقَةً (الدُّرَرُ) . وَإِذَا قُيِّدَتْ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ عَلَى الْأَقَلِّ فَتَكُونُ مُقَيَّدَةً؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّقْيِيدِ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَشْخَاصِ 1 - مَثَلًا لَوْ قَالَ: بِعْ وَاشْتَرِ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ، فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً بِالشِّتَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ صَيْفًا وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ 2 - أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا قُيِّدَتْ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ فَلَيْسَ لَهُ الذَّهَابُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَيَجِبُ عَلَيْهِ الذَّهَابُ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) 3 - وَإِذَا قُيِّدَتْ بِقَوْلِهِ: بِعْ وَاشْتَرِ مَالًا مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ، كَقَوْلِهِ مَثَلًا: بِعْ وَاشْتَرِ حِنْطَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ سُكَّرًا أَوْ حَيَوَانَاتٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ مَعَ تَغْيِيرٍ) 45 - أَوْ قَالَ: اشْتَرِ الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّةَ وَبِعْهَا أَوْ بِعْ وَاشْتَرِ مَعَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ مَعَ أَهَالِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ مَعَ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ، فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ مُقَيَّدَةً. وَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُقَيَّدَةً بِالزَّمَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَكَانِ وَفِي الثَّالِثَةِ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ وَفِي الرَّابِعَةِ بِمَتَاعٍ مُعَيَّنٍ وَفِي الْخَامِسَةِ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (الْقُهُسْتَانِيُّ بِزِيَادَةٍ) كَمَا أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِلْمُضَارِبِ: اشْتَرِ وَبِعْ فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَفِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ، فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ تَقْيِيدًا مَكَانًا وَزَمَانًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمُقَيَّدِ بِهِ اخْتِلَافُ الطَّرَفَيْنِ فِي التَّقْيِيدِ: إذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ تَقْيِيدَ الْمُضَارَبَةِ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ وَأَنْكَرَ الْمُضَارِبُ وَادَّعَى الْعُمُومَ وَالْإِطْلَاقَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْإِطْلَاقُ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الِاسْتِرْبَاحِ الْعُمُومُ وَالْإِطْلَاقُ وَالْقَوْلُ لِلْمُوَكَّلِ فِي الْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالتَّخْصِيصُ يَكُونُ بِسَبَبٍ عَارِضٍ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُهَا وَإِذَا أَقَامَهَا كِلَاهُمَا فَإِذَا بَيَّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا زَمَانًا مُخْتَلِفًا فِي حَقِّ التَّقْيِيدِ فَتَرْجِعُ بَيِّنَةُ الَّذِي يُثْبِتُ الزَّمَانَ الْمُؤَخَّرَ؛ لِأَنَّ آخِرَ الشَّرْطَيْنِ يُنْقِصُ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ، وَإِذَا بَيَّنَ كِلَاهُمَا زَمَانًا وَوَقْتًا وَاحِدًا أَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا وَقْتًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْآخَرُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ تَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ فَلَوْ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمَالِكُ الْعُمُومَ وَالْمُضَارِبُ الْخُصُوصَ فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ نَوْعًا مُخْتَلِفًا مِنْ التَّقْيِيدِ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا قَائِلًا: إنَّنِي قُلْتُ لَكَ بِعْ وَاشْتَرِ السُّكَّرَ، وَقَالَ الْآخَرُ: قَدْ قُلْتَ لِي بِعْ وَاشْتَرِ الصَّابُونَ، فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى التَّخْصِيصِ وَبِمَا أَنَّ الْإِذْنَ مُسْتَفَادٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَالْقَوْلُ لَهُ أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ مُحْتَاجٌ لِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ. أَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَغَيْرُ مُحْتَاجٍ لِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ

الفصل الثاني في بيان شروط المضاربة

تُبَيِّنَانِ وَقْتَيْنِ. مُخْتَلِفَيْنِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُثْبِتِ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ أَنَّ آخِرَ الشَّرْطَيْنِ يَنْقُضُ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ بِأَنَّنِي أَعْطَيْتُ رَأْسَ الْمَالِ لِبَيْعِ وَشِرَاءِ الْحِنْطَةِ فِي شَهْرِ آذَارَ وَادَّعَى الْمُضَارِبُ أَنَّهُ أَخَذَ رَأْسَ الْمَالِ لِيَشْتَرِيَ وَيَبِيعَ سُكَّرًا فِي شَهْرِ آبَ وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْعُمُومَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا (الْبَحْرُ) يُوجَدُ فِي خِتَامِ بَابِ الْمُضَارَبَةِ فِي كِتَابَيْ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ وَالتَّنْوِيرِ تَفْصِيلَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذَا الْبَحْثِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ مَا مَنْ يُرِيدُ الزِّيَادَةَ [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ] شُرُوطُ الْمُضَارَبَةِ ثَمَانِيَةٌ: 1 - يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ لِلتَّوْكِيلِ وَأَهْلِيَّةُ الْمُضَارِبِ لِلْوَكَالَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَادَّةِ (1408) 2 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1409) 3 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1411) 4 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1409) 5 - تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ مَطْلُوبٌ مِنْ الْمُضَارِبِ فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْمُضَارِبُ مِنْ الْعَمَلِ فِي رَأْسِ الْمَالِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ حِفْظُ رَأْسِ الْمَالِ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ الْمَالِكِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ تَفْسُدُ أَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَهَذَا الشَّرْطُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1410) 6 - أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ شَائِعًا. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1411) 7 - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومَةً عِنْدَ الْعَقْدِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1411) 8 - أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ الَّتِي تُعْطَى لِلْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ إعْطَاءُ هَذِهِ الْحِصَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ أَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ مِقْدَارٍ مِنْهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِقْدَارٍ مِنْهَا مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . قَاعِدَةٌ فِي فَسَادِ الْمُضَارَبَةِ: كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ الْجَهَالَةَ فِي الرِّبْحِ أَوْ قَطْعَ الشَّرِكَةِ أَوْ يُشْتَرَطُ فِيهِ كُلُّ الْعَمَلِ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ، كَاشْتِرَاطِ الرِّبْحِ عَلَى التَّرَدُّدِ كَثُلُثِ أَوْ نِصْفِ الرِّبْحِ أَوْ اشْتِرَاطِ حِصَّةٍ مُعَيَّنَةٍ

(المادة 1409) يشترط أن يكون رأس المال مالا صالحا لأن يكون رأس مال شركة

مِنْ الرِّبْحِ، وَيَكُونُ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَيَصِحُّ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ اعْتِبَارًا لِلْوَكَالَةِ كَاشْتِرَاطِ الْخُسْرَانِ عَلَى الْمُضَارِبِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِمَا مَعًا (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) أَحْكَامُ الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ: تَتَّحِدُ هَاتَانِ الْمُضَارَبَتَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ كَوْنُ الْمُضَارِبِ أَمِينًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1314 وَ 1427) . وَكُلُّ شَيْءٍ يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ فَهُوَ جَائِزٌ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ كَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَأَمْثَالِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، جَازَ لَهُ مَا يَجُوزُ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَتَفْتَرِقَانِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ: وَهِيَ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1425) أَمَّا فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فَيَعُودُ مَجْمُوعُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ أَجْرَ مِثْلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1426) الْمَادَّةُ (1408) - (تُشْتَرَطُ أَهْلِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ لِلتَّوْكِيلِ وَالْمُضَارِبِ لِلْوَكَالَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1457 وَ 1458) ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ وَكَالَةٌ أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ الْمُوَكِّلُ وَالْمُضَارِبَ وَكِيلُهُ (الدُّرَرُ) [ (الْمَادَّةُ 1409) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَالًا صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ] الْمَادَّةُ (1409) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَالًا صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ بَابِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعُرُوض وَالْعَقَارُ وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَةِ. لَكِنْ إذَا أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ وَقَالَ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً، وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ وَقَبَضَهُ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَاِتَّخَذَ بَدَلَهُ النُّقُودَ رَأْسَ مَالٍ وَبَاعَ وَاشْتَرَى فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً، كَذَلِكَ إذَا قَالَ: اقْبِضْ كَذَا دِرْهَمًا الدَّيْنَ الَّذِي لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَاسْتَعْمِلْهُ فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ، وَقَبِلَ الْآخَرُ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَالًا صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ كَالْعَيْنِ وَالنَّقْدِ وَلَوْ كَانَ مُشَاعًا، وَحَيْثُ إنَّ الْمُضَارَبَةَ تَكُونُ عِنْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ شَرِكَةً فَيَجِبُ أَنْ يَحُوزَ رَأْسُ الْمَالِ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَوَادِّ (1338 وَ 1340 وَ 1341 وَ 1342) (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ بَابِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعُرُوض وَالْعَقَارُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ وَالدُّيُونُ الَّتِي فِي ذِمَمِ النَّاسِ رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَةِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا رَأْسَ مَالٍ لِشَرِكَةِ الْعَقْدِ. وَقَوْلُهُ (فِي ذِمَمِ النَّاسِ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ رَأْسَ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ أَيْضًا حَيْثُ إنَّ الْمُضَارِبَ ابْتِدَاءً أَمِينٌ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ فِي الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ ذِمَّتِهِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ (التَّكْمِلَةُ)

وَمَا دَامَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالٍ فَالْمَالُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الْمُضَارِبُ يَكُونُ مِلْكُهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَوْلُهُ (فِي ذِمَمِ النَّاسِ) احْتِرَازٌ مِنْ النُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَبْضِعِ: اعْمَلْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِكَ مُضَارَبَةً، وَعَمِلَ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ (الْبَحْرُ) كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مُشَاعًا: وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مُشَاعًا، وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ لِأَحَدٍ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقَالَ لَهُ: خُذْ نِصْفَهَا دَيْنًا لَك وَاعْمَلْ بِنِصْفِهَا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً، وَقَبَضَ الْآخَرُ وَقَبِلَ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ لَكِنْ إذَا أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ وَقَالَ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً وَقَبِلَ الْمُضَارِبُ وَقَبَضَهُ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ وَاِتَّخَذَ بَدَلَ النُّقُودِ رَأْسَ مَالٍ وَبَاعَ وَاشْتَرَى فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً إذْ لَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ فِي هَذَا الْحَالِ مُضَافَةً لِلْعُرُوضِ بَلْ مُضَافَةً إلَى الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الصَّالِحَةِ لِاِتِّخَاذِهَا رَأْسَ مَالٍ فِي الْمُضَارَبَةِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ فِي ذَلِكَ إضَافَةً إلَى الْمُسْتَقْبَلِ لَكِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُضَارَبَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ وَكَالَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ إجَارَةً فَلَيْسَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الْإِضَافَةَ (الدُّرَرُ وَالتَّكْمِلَةُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُمْكِنُ بِهَذِهِ الْفِقْرَةِ عَمَلُ حِيلَةٍ لِاِتِّخَاذِ الْعُرُوضِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ، وَحِيلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْخَصَّافُ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ الْمَتَاعَ إلَى رَجُلٍ يَثِقُ بِهِ وَيَقْبِضَ الْمَالَ وَيَدْفَعَهُ إلَى الْمُضَارِبِ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَشْتَرِي هَذَا الْمُضَارِبُ هَذَا الْمَتَاعَ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي ابْتَاعَهُ مِنْ صَاحِبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا أُعْطِيت الْعُرُوض عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنْ تَتَّخِذَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ رَأْسَ مَالٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (الدُّرَرُ) وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (وَأَعْطَاهُ) لَيْسَ لِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الْعُرُوضَ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ فَرَسًا نَسِيئَةً ثُمَّ بِعْهَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهَا مُضَارَبَةً، وَاشْتَرَى الْآخَرُ فَرَسًا ثُمَّ بَاعَهَا بِثَمَنِهَا وَعَمِلَ بِثَمَنِهَا فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ جَازَ (الْبَحْرُ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (بِعْ هَذَا وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُشْتَرَكًا بَيْنَنَا مُثَالَثَةً، لَا يَصِحُّ. وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى زَيْدٌ لِعَمْرٍو شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ فَقَالَ لَهُ: بِعْ هَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ الَّذِي تَكْسِبُهُ مُثَالَثَةً بَيْنَنَا، وَبَاعَ وَخَسِرَ فَلَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَيَأْخُذُ عَمْرٌو أَجْرَ الْمِثْلِ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الشُّرُوطِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ التَّنْقِيحِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (578) كَذَلِكَ إذَا قَالَ: اقْبِضْ كَذَا دِرْهَمًا الدَّيْنَ الَّذِي لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَاسْتَعْمِلْهُ فِي طَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَقَبَضَ كُلَّ الدَّيْنِ وَعَمِلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً وَلَكِنْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَكْرُوهَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ شَرَطَ الْمَنْفَعَةَ لِنَفْسِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَيْ مَنْفَعَةَ الْقَبْضِ (الْبَحْرُ)

(المادة 1410) تسليم رأس المال إلى المضارب

وَكَوْنُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ صَحِيحَةً هُوَ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ قَدْ أُضِيفَتْ إلَى زَمَانِ قَبْضِ الدَّيْنِ؛ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ قَدْ كَانَ عَيْنًا (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِنْ قَالَ: اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً. يَقْبِضُ الْكُلَّ وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْكُلَّ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ ضَمِنَ وَلَوْ عَمِلَ بِهِ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الْكُلِّ بِخِلَافِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (فُلَانٌ) أَنَّهُ لَا يَكُونُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِكَذَا دِرْهَمًا الَّذِي فِي ذِمَّتِك مُضَارَبَةً، وَعَمِلَ الْمُضَارِبُ لَا يَصِحُّ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِنَاءً عَلَى هَذَا بَعْضَ أَمْوَالٍ كَانَتْ لَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُضَارِبِ عَلَى حَالِهِ (الْبَحْرُ وَالدُّرَرُ) [ (الْمَادَّةُ 1410) تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ] الْمَادَّةُ (1410) - (يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ) أَيْ يُشْتَرَطُ ابْتِدَاءً وَبَقَاءُ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِرَبِّ الْمَالِ يَدٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ وَلَا تَتِمُّ الْأَمَانَةُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1404) مَالًا مِنْ طَرَفٍ وَعَمَلًا مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَجَبَ تَسْلِيمُ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالْعَمَلِ فِيهِ، أَمَّا الشَّرِكَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ مِنْ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ، فَإِذَا شُرِطَ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ إلَى أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مُسْتَقِلًّا لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أُخِلَّ بِشَرْطِ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً وَذَلِكَ إذْ شُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ فَبِمَا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ فَهُوَ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (الدُّرَرُ) سَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الْمَالِ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَ عَاقِلٍ كَإِعْطَاءِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ عَمَلَ الصَّغِيرِ فِيهِ وَقُيِّدَ (بِرَبِّ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَالٍ فَإِنْ كَانَ أَهْلًا لَأَنْ يَكُونَ مُضَارِبًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ يَجُوزُ شَرْطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِ وَإِنْ يَكُنْ أَهْلًا فَلَا يَجُوزُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَمَلُ شَرِيكِ رَبِّ الْمَالِ مُفَاوَضَةً أَوْ عَنَانًا مَعَ الْمُضَارِبِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ عَمَلُ الْمَالِكِ لَا الْعَاقِدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَكَذَا اشْتِرَاطُ عَمَلِ الْمُضَارِبِ مَعَ مُضَارَبَةٍ أَوْ عَمَلِ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْمُضَارِبِ وَسَلَّمَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَسَلَّمَ بِرِضَائِهِ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ لِرَبِّ الْمَالِ جَازَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ كَعَمَلِ الْمُضَارِبِ وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ مُعِينًا لِلْمُضَارِبِ فِي إقَامَةِ الْعَمَلِ وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِ رَبِّ الْمَالِ عَلَى سَبِيلِ الْبِضَاعَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ تَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ قَدْ تَحَقَّقَ وَالْإِيضَاعُ تَوْكِيلٌ مِنْ الْمُضَارِبِ وَكَمَا أَنَّ لِلْمُضَارِبِ حَقًّا بِالِاسْتِعَانَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ فَلَهُ الْحَقُّ بِالِاسْتِعَانَةِ بِرَبِّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (تَكْمِلَةُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ

(المادة 1411) كون رأس المال معلوما

الْبِضَاعَةِ هُنَا الِاسْتِعَانَةُ وَلَيْسَتْ الْبِضَاعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ مَعْنَى الْبِضَاعَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (الْبَحْرُ) وَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ جَمِيعَ رَأْسِ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ بَعْضَهُ وَلَكِنْ يَجِبُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ سَلَّمَ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ ثُمَّ سَلَّمَ الْمَالَ لِرَبِّ الْمَالِ، أَمَّا إذَا أَعْطَى الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِصُورَةِ الْبِضَاعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ تَكُونُ الْمُعَامَلَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً وَتَبْقَى الْمُضَارَبَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا حَيْثُ يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْعَقِدُ شَرِكَةً عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَمَلِ الْمُضَارِبِ وَلَا مَالَ هَهُنَا. وَلَوْ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ لَأَدَّتْ إلَى قَلْبِ الْمَوْضُوعِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ بَقِيَ عَمَلُ رَبِّ الْمَالِ بِأَمْرِ الْمُضَارِبِ فَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَتَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا أَنَّهُ شَرْطُ ابْتِدَاءٍ فَهُوَ شَرْطُ بَقَاءٍ أَيْضًا، فَلِذَلِكَ إذَا أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنِ الْمُضَارِبِ وَبَاعَ وَاشْتَرَى بَطَلَتْ الْمُضَارَبَةُ، هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا إذْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ مُعِينًا لِلْمُضَارِبِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي حَالَةِ عُرُوضٍ فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَقْضُ الْمُضَارَبَةِ صَرَاحَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1424) وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا نَقْضُهَا دَلَالَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ جَازَ مُسْتَحَقًّا لِلْمُضَارِبِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ مَنْعَهُ فَرَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ سَوَاءٌ بَاشَرَهُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُمْكِنُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَمْنَعَ الْمُضَارِبَ مِنْهُ فَرَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفِ يَكُونُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْمُضَارِبِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا بَاعَ رَبُّ الْمَالِ الْعُرُوضَ بِنَقْدٍ آخَرَ وَاشْتَرَى عُرُوضًا بِهَا فَلِلْمُضَارِبِ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي الرِّبْحِ مِنْ الْعُرُوضِ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فِي الرِّبْحِ مِنْ الْعُرُوضِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمَّا بَاعَ الْعُرُوضَ وَحَوَّلَهَا إلَى نَقْدٍ نَقَضَ الْمُضَارَبَةَ وَاشْتِرَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُرُوضًا يَكُونُ لِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْ رَبُّ الْمَالِ عُرُوضَ الْمُضَارَبَةِ بِنَقْدٍ وَبَاعَهَا بِعُرُوضٍ أُخْرَى أَوْ مُقَابِلَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَرَبِحَ فَيَجِبُ تَقْسِيمُ هَذَا الرِّبْحِ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ حَسْبَ الشَّرْطِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) [ (الْمَادَّةُ 1411) كَوْنُ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا] الْمَادَّةُ (1411) - (يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا كَشَرِكَةِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَلَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِأَنْ قِيلَ مَثَلًا " الرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا " يُصْرَفُ إلَى الْمُسَاوَاةِ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومًا عِنْدَ الْعَاقِدَيْنِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ كَشَرِكَةِ الْعَقْدِ أَيْضًا وَتَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَيْ بِصُورَةٍ لَا تَقْطَعُ الشَّرِكَةَ يُذْكَرُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ ضِمْنًا وَصَرَاحَةً خَمْسَةُ شُرُوطٍ:

أَنْ تُشْرَطَ الْحِصَّةُ مِنْ الرِّبْحِ لِلْعَاقِدَيْنِ، فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ إلَى فُلَانٍ أَوْ إلَى زَوْجَةِ الْمُضَارِبِ فَالشَّرْطُ وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ وَتَعُودُ هَذِهِ الْحِصَّةُ إلَى رَبِّ الْمَالِ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1450) 2 - أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ الْمَشْرُوطَةُ لِلْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ خَاصَّةً فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ حِصَّةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِقْدَارٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمِقْدَارٌ مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) 3 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَعْلُومًا وَمَعْلُومِيَّةُ رَأْسِ الْمَالِ إمَّا بِالتَّسْمِيَةِ كَقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْمِائَةَ دِينَارٍ مُضَارَبَةً، أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَأَنْ يُشِيرَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي يَدِهِ قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ. (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) . وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ مُؤَخَّرًا حِينَ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ فِي مِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِي صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُضَارِبِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، مِثَالٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمِقْدَارِ: إذَا وُجِدَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِائَتَا دِينَارٍ وَقَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتَنِي مِائَةَ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ وَرَبِحْتَ مِائَةَ دِينَارٍ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ مِائَتَيْ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ، وَاخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ وَلَوْ كَانَ الْقَابِضُ ضَمِينًا، كَمَا أَنَّ لَهُ الْقَوْلَ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْقَبْضِ. مِثَالٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ: إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فِضَّةً، وَقَالَ الْمُضَارِبُ: قَدْ أَعْطَيْتَنِي عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا، وَاخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ مُنْكِرٌ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) : وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَقَطْ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ إنَّمَا هُوَ لِلشَّرْطِ وَالشَّرْطُ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى زِيَادَةِ الرِّبْحِ مِنْ أَيِّهِمَا، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الِادِّعَاءِ بِزِيَادَةِ رَأْسِ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَى الِادِّعَاءِ بِزِيَادَةِ الرِّبْحِ عَلَى الْمُضَارِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1762) 4 - أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بِذَلِكَ، فَعَلَيْهِ لَوْ شُرِطَ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ لِلْمُضَارِبِ فَبِمَا أَنَّهُ تَنْقَطِعُ بِذَلِكَ الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ وَيَكُونُ الرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) مَثَلًا لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَأَنْ يُقْسَمَ الْبَاقِي مُنَاصَفَةً تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنْ الرِّبْحِ وَأَنْ يُعْطَى بَاقِيَ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ 5 - أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُعَيَّنًا أَيْ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومَةً وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْمُضَارَبَةِ الرِّبْحُ وَجَهَالَةُ الرِّبْحِ أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ (الدُّرَرُ) فَلَوْ رَدَّدَ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: لِيَكُنْ ثُلُثُ الرِّبْحِ أَوْ رُبْعُهُ أَوْ نِصْفُهُ لَكَ وَعُقِدَتْ الْمُضَارَبَةُ عَلَى ذَلِكَ فَتَكُونُ فَاسِدَةً (الدُّرَرُ)

وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1480) أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةٍ فِي الرِّبْحِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُضَارَبَةِ، كَإِعْطَاءِ الْمُضَارِبِ الْمَالَ أَرَاضٍ مَعْلُومَةً لِيَزْرَعَهَا سَنَةً وَاحِدَةً أَوْ أَنْ يُعْطِيَهُ دَارِهِ لِلسُّكْنَى سَنَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلٍ وَالْبَعْضَ أُجْرَةَ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ وَلَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْعَمَلِ حَتَّى تَجِبَ حِصَّتُهُ وَيُسْقِطُ مَا أَصَابَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ وَكُلُّ شَرْطٍ لَا يُؤَدِّي إلَى جَهَالَةِ الرِّبْحِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةٌ كَشَرْطِ الضَّرَرِ وَالْخَسَارِ عَلَى الْمُضَارِبِ أَوْ كَشَرْطِهِ عَلَى الْمُضَارِبِ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الْخُسْرَانَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَلَفِ مَالٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَشَرْطُ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ فَلَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ (الدُّرَرُ) وَلَا تُوجَدُ مُنَافَاةٌ بَيْنَ شَرْطِ مَعْلُومِيَّةِ رَأْسِ الْمَالِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1409) الَّتِي تُجَوِّزُ إعْطَاءَ الْعُرُوضِ بَيْعُهَا وَاِتِّخَاذُهَا رَأْسَ مَالٍ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ يُعْلَمُ عِنْدَ الْقَبْضِ وَهَذِهِ الْمَعْلُومِيَّةُ كَافِيَةٌ وَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهَا عِنْدَ الْعَقْدِ (الدُّرَرُ) وَلَكِنْ إذَا ذُكِرَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ بِأَنْ قِيلَ مَثَلًا الرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَنَا يُصْرَفُ إلَى الْمُسَاوَاةِ وَلَا يُقَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّ الْمُضَارَبَةَ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ (بَيْنَ) يَدُلُّ عَلَى التَّنْصِيفِ وَالتَّشْرِيكِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) الْمَادَّةُ (1412) - (إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا بِأَنْ لَمْ تُعَيَّنْ مَثَلًا حِصَّةُ الْعَاقِدَيْنِ جُزْءًا شَائِعًا بَلْ قُطِعَتْ وَعُيِّنَتْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا كَذَا دِرْهَمًا مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ) إذَا فُقِدَ لَا أَقَلُّ مِنْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمُضَارَبَةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ. الْقَوَاعِدُ الْأَرْبَعُ فِي فَسَادِ الْمُضَارَبَةِ وَعَدَمِ فَسَادِهَا: يُضْبَطُ فَسَادُ الْمُضَارَبَةِ بِأَرْبَعِ قَوَاعِدَ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - كُلُّ شَرْطٍ يَسْتَلْزِمُ الْجَهَالَةَ فِي الرِّبْحِ تَفْسُدُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ كَشَرْطِ الرِّبْحِ تَرْدِيدًا لِلْمُضَارِبِ كَشَرْطِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1411) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ تَفْسُدُ بِهِ الْمُضَارَبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1411) . الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ - كُلُّ مُضَارَبَةٍ يُشْرَطُ فِيهَا الْعَمَلُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1410) . الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ - كُلُّ شَرْطٍ لَا يُوجِبُ الْجَهَالَةَ فِي الرِّبْحِ أَوْ قَطْعَ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهِ الْعَمَلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يَبْطُلُ الشَّرْطُ وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ. (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1408)

الفصل الثالث في بيان أحكام المضاربة

مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: 1 - إذَا لَمْ تُعَيَّنْ مَثَلًا حِصَّةُ الْعَاقِدَيْنِ جُزْءًا شَائِعًا خِلَافًا لِلْمَادَّةِ (1411) بَلْ قُطِعَتْ وَعُيِّنَتْ عَلَى أَنْ يُعْطَى أَحَدُهُمَا كَذَا دِرْهَمًا مِنْ الرِّبْحِ تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ لَا يَحْصُلَ رِبْحٌ أَكْثَرَ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ وَانْقِطَاعُ الشَّرِكَةِ كَذَلِكَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيُوجَد فَسَادَانِ فِي هَذَا الْمِثَالِ: الْأَوَّلُ - عَدَمُ كَوْنِ الرِّبْحِ جُزْءًا شَائِعًا. الثَّانِي - لَوْ كَانَ الرِّبْحُ جُزْءًا شَائِعًا فَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَبَيَانِ الرِّبْحِ تَرْدِيدًا. وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مُفْسِدَانِ لِلْمُضَارَبَةِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. 2 - وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1410) أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَفْسُدُ بِكُلِّ شَرْطٍ يُخِلُّ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْمَالِ الْمُضَارَبِ الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَفَسَادِهَا: إذَا اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ فَسَادِهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي رَبَّ الْمَالِ أَوْ الْمُضَارِبَ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْعُقُودِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ الْعُقُودِ إلَّا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: شَرَطْتُ لَكَ ثُلُثَ الرِّبْحِ إلَّا عَشَرَةً وَقَالَ الْمُضَارِبُ: الثُّلُثَ. فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ فِيهِ فَسَادُهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةً يَدَّعِيهَا الْمُضَارِبُ (الْخَانِيَّةُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ) [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ] ِ) لِلْمُضَارَبَةِ أَحْكَامٌ سَبْعَةٌ بِأَنْظَارٍ مُخْتَلِفَةٍ: 1 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ أَمِينًا بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1413) 2 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ وَكِيلًا لِرَبِّ الْمَالِ إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ 3 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1314) 4 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ غَاصِبًا إذَا خَالَفَ شَرْطَ رَبِّ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1421) 5 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ مُسْتَقْرِضًا حُكْمًا إذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ مِلْكًا لِلْمُضَارِبِ وَالرِّبْحُ هُوَ فَرْعٌ لِلْمَالِ، وَعَلَيْهِ فَالشَّرْطُ يُوجِبُ اقْتِضَاءَ تَمْلِيكِ رَأْسِ الْمَالِ الْمُضَارَبِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1404) 6 - إذَا شُرِطَ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ مُسْتَبْضِعًا حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ عَامِلًا لِرَبِّ الْمَالِ بِلَا بَدَلٍ وَالْعَمَلُ لَا يَتَقَوَّمُ بِالتَّسْمِيَةِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُضَارِبُ وَكِيلًا مُتَبَرِّعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1351) وَشَرْحَهَا 7 - كَوْنُ الْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ أَجِيرًا حُكْمًا وَعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ إجَارَةً فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ

الْمُضَارِبَ عَامِلٌ لِرَبِّ الْمَالِ وَحِصَّةُ الرِّبْحِ الَّتِي شُرِطَتْ لَهُ كَأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَإِذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ يَظْهَرُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَلَا يَأْخُذُ الْمُضَارِبُ رِبْحًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ. الْمَادَّةُ (1413) - (الْمُضَارِبُ أَمِينٌ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، وَمِنْ جِهَةِ تَصَرُّفِهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَكِيلٌ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِذَا رَبِحَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ) . الْمُضَارِبُ أَمِينٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْ وَرَأْسُ الْمَالِ أَيْ أَنَّ رَأْسَ مَالِ رَبِّ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ وَالْوَثِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ إيدَاعٌ ابْتِدَاءً (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الثَّانِي. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ: دَفَعْتُ إلَيْكَ رَأْسَ الْمَالِ وَاَلَّذِي فِي يَدِي رِبْحٌ ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَدْفَعْ وَلَكِنَّهُ هَلَكَ فَهُوَ ضَامِنٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ هُوَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَعَدَمِ وُجُودِ الضَّمَانِ بِالْهَلَاكِ وَلَيْسَ فِي كُلِّ حُكْمٍ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (790) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنْ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَلَكِنْ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُودِعَ رَأْسَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) تُوجَدُ حِيلَتَانِ فِي جَعْلِ الْمُضَارِبِ ضَمِينًا: الْحِيلَةُ الْأُولَى لَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُضَارِبِ - إذَا رَغِبَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَيْنًا عَلَى الْمُضَارِبِ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ حِصَّةٌ فِي الرِّبْحِ فَيُقْرِضُ رَأْسَ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى ذَلِكَ يَأْخُذُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ يُودِعُهُ لِلْمُضَارِبِ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْمَلُ الْمُضَارِبُ فِيهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ وَرَبِحَ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ حَقٌّ فِي أَخْذِ النُّقُودِ الَّتِي أَقْرَضَهَا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فَيَكُونُ قَدْ تَلِفَ مَضْمُونًا عَلَى الْعَامِلِ الْمُسْتَقْرِضِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ - يُقْرِضُ رَبُّ الْمَالِ الْقِسْمَ الْأَعْظَمَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ وَيُسَلِّمُهُ إيَّاهُ ثُمَّ إنَّ الْمُضَارِبَ يَتَّخِذُ الْمَبْلَغَ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ مَعَ الْمَبْلَغِ الَّذِي بَقِيَ فِي يَدِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَيَعْقِدُ مَعَهُ شَرِكَةَ عَنَانٍ ثُمَّ يَعْمَلُ الْمُسْتَقْرِضُ وَيَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمُقْرَضُ إلَى الْمُضَارِبِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَفِي حَالَةِ تَلَفِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ تُخْرِجُ الْمُضَارَبَةَ عَنْ كَوْنِهَا مُضَارَبَةً وَتَجْعَلُهَا شَرِكَةَ عَنَانٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1411) أَنَّ الْمُضَارِبَ مَعَ كَوْنِهِ أَمِينًا إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا إذَا خَالَفَ (الْبَحْرُ) وَمِنْ جِهَةِ تَصَرُّفُهُ فِي رَأْسِ الْمَالِ بِأَمْرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ هُوَ وَكِيلٌ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَتَصَرَّفُ

فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِأَمْرٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْبَيْعِ كَوَكِيلِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُضَارِبِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُضَارِبِ بِالثَّمَنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَأَعْطَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ فَلِلْمُضَارِبِ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَكِنْ لَا يَرِدُ السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ؛ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ بِالْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ ضِمْنِيَّةٌ؟ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الْ 1333) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ تَفْتَرِقُ عَنْ الْوَكِيلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِشِرَائِهِ وَتَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُوَكِّلِ بَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ. أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَالًا لِلْمُضَارَبَةِ وَتَلِفَ النَّقْدُ الَّذِي فِي يَدِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالثَّمَنِ مَرَّةً ثَانِيَةً، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ مَرَّةً ثَانِيَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ مَرَّةً ثَالِثَةً، وَكَذَا رَابِعَةً وَهَلُمَّ جَرَّا، وَيَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ جَمِيعَ مَا دُفِعَ فَلَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ إلَّا اسْتِيفَاءُ الْمَالِكِ الْكُلَّ، وَسَبَبُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّهُ فِي شِرَاءِ الْوَكِيلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مَدِينًا لِلْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَدِينًا لِلْوَكِيلِ فَإِذَا رَاجَعَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ قَدْ قَبَضَ دَيْنَهُ وَيَكُونُ مَا أَخَذَهُ مَالَهُ، وَخَسَارُهُ رَاجِعٌ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا رَجَعَ الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَمَا يَقْبِضُهُ مِنْهُ يَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ فَلَهُ تَكْرَارُ الرُّجُوعِ (الْبَحْرُ) . وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ وَقَبْضَ الْوَكِيلِ ثَانِيًا اسْتِيفَاءٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مِثْلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ فَإِذَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا لَهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَهْلِكُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ فَجُعِلَ مُسْتَوْفِيًا بِالْقَبْضِ بَعْدَهُ إذْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ قَبْلَهُ أَمَانَةٌ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْأَمَانَةِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا فَإِذَا هَلَكَ رَجَعَ مَرَّةً فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَالًا فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ لِزِيَادَةِ الرِّبْحِ وَالْكَسْبِ وَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَا لَمْ يُعْطِ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ وَإِعْطَاءُ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ إذَا كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَهُ حَقُّ الْإِمْسَاكِ. وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُضَارِبُ عَنْ بَيْعِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ وَحِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَكِنَّهُ يُؤَدِّي لِرَبِّ الْمَالِ مُقَابِلَ رَأْسِ مَالِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا رَبِحَ الْمُضَارِبُ يَكُونُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ فِي الرِّبْحِ بِمُوجِبِ الشَّرْطِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً فَبِمَا أَنَّ الرِّبْحَ حَاصِلٌ مِنْ الْمَالِ وَالْعَمَلِ مَعًا وَالْمَالُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَمَلُ لِلْمُضَارِبِ فَيَشْتَرِكُ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ فِي الرِّبْحِ إذْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ هُوَ الِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الرِّبْحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً فَيُصْبِحُ الْمُضَارِبُ أَجِيرًا وَفِي هَذَا الْحَالِ فَيَعُودُ كُلُّ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَيَأْخُذُ الْمُضَارِبُ أَجْرَ مِثْلِهِ كَمَا يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1426) . (الْبَحْرُ) وَإِذَا خَالَفَ الْمُضَارِبُ أَمْرَ رَبِّ الْمَالِ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَعُودُ الرِّبْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ هِيَ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهِيَ

(المادة 1414) المضارب في المضاربة المطلقة مأذونا بالعمل في لوازم المضاربة

غَصْبٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ هَذَا التَّصَرُّفَ فَلَا حُكْمَ لِتِلْكَ الْإِجَازَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1421) . وَإِذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً تَكُونُ إجَازَةً فَاسِدَةً وَلِلْمُضَارِبِ أَخْذُ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْحِصَّةِ الْمَشْرُوطَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) الِاخْتِلَافُ فِي الرِّبْحِ: إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِائَتَا دِينَارٍ فَقَالَ لِرَبِّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتَنِي دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ وَرَبِحْتَ مِائَةَ دِينَارٍ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ مِائَتَيْ دِينَارٍ رَأْسَ مَالٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَابِضُ ضَمِينًا أَوْ أَمِينًا كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَفِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ أَيْضًا فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الرِّبْحِ مُسْتَفَادٌ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: إنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَدْ شُرِطَ لِلْمُضَارِبِ ثُلُثُ الرِّبْحِ. وَقَالَ الْمُضَارِبُ: إنَّ رَأْسَ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ شُرِطَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِي فَأَيُّهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي دَعْوَى زِيَادَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَبَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ فِي زِيَادَةِ الرِّبْحِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1411) [ (الْمَادَّةُ 1414) الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ فِي لَوَازِمِ الْمُضَارَبَةِ] الْمَادَّةُ (1414) - (يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ فِي لَوَازِمِ الْمُضَارَبَةِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، فَلِذَلِكَ لَهُ أَوَّلًا: شِرَاءُ الْمَالِ لِأَجْلِ بَيْعِهِ وَالرِّبْحِ مِنْهُ، لَكِنْ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَكُونُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي حِسَابِ الْمُضَارَبَةِ، ثَانِيًا: لَهُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ لَكِنْ لَهُ الْإِمْهَالُ لِلدَّرَجَةِ الْجَارِي الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِيهَا بَيْنَ التُّجَّارِ. ثَالِثًا: لَهُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ. رَابِعًا: لَهُ تَوْكِيلُ شَخْصٍ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. خَامِسًا: لَهُ إيدَاعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ. سَادِسًا: لَهُ السَّفَرُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) تَنْقَسِمُ تَصَرُّفَاتِ الْمُضَارِبِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ وَتَوَابِعِ الْمُضَارَبَةِ وَهِيَ التَّصَرُّفَاتُ الْمُعْتَادَةُ بَيْنَ التُّجَّارِ (الْبَحْرُ) . فَيَقْتَدِرُ الْمُضَارِبُ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ أَيْ يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ مَأْذُونًا بِالْعَمَلِ فِي لَوَازِمِ الْمُضَارَبَةِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْهَا كَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْإِيدَاعِ وَالْإِيضَاعِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ تَفْوِيضٍ فِي أُمُورِ الْمُضَارَبَةِ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ هِيَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يُجْرِيهَا التُّجَّارُ فِي أُمُورِ مَخَازِنِهِمْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (43 وَ 44)

فَلِذَلِكَ لَهُ أَوَّلًا: شِرَاءُ الْمَالِ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ لِأَجْلِ بَيْعِهِ وَالرِّبْحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفِيدُ الْمِلْكَ وَيَحْصُلُ بِعَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ الرِّبْحُ وَهُوَ مِنْ عَادَاتِ التُّجَّارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَكَمَا لِلْمُضَارِبِ الشِّرَاءُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا شَرَاهُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ الْعَيْنَ وَلَا التَّصَرُّفَ وَهُوَ وَإِنْ شَرَاهُ لِلْمَالِكِ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ لَكِنَّ فِي شِرَائِهِ فَائِدَةً وَهُوَ حُصُولُ الرِّبْحِ لَهُ وَفِيهِ فَائِدَةٌ لِلْمَالِكِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ (التَّكْمِلَةُ) . وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِضَّةً وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ فَيَكُونُ هَذَا الْمَالُ لِلْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي ذَلِكَ يُعَدَّانِ جِنْسًا وَاحِدًا. أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ النُّقُودِ أَيْ بِطَرِيقِ الْمُقَايَضَةِ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ لِلْمُضَارَبَةِ وَيَبْقَى لِلْمُضَارِبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ مَادَّةَ 1483) وَإِذَا كَانَ الْمُضَارِبُ اثْنَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الشِّرَاءُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ مِنْ كِلَيْهِمَا (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465) وَلَوْ قَالَ لَهُمَا رَبُّ الْمَالِ: اعْمَلَا بِرَأْيِكُمَا فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا دُونَ إذْنِ الْآخَرِ فَيَضْمَنُ نِصْفَ الْمَالِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ وَالضَّرَرُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَإِذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَالًا أَثْنَاءَ وُجُودِ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ فِي يَدِهِ وَتَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ إيفَاءِ الثَّمَنِ فَيَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ أَدَاءُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا تَلِفَ هَذَا الثَّمَنُ أَيْضًا قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ مِنْ الْمُضَارِبِ لِلْبَائِعِ فَيَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ إيفَاؤُهُ ثَانِيًا، وَعَلَى ذَلِكَ يَتَكَرَّرُ لُزُومُ التَّسْلِيمِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ حَتَّى وُصُولِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1313) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) لَكِنْ إذَا اشْتَرَى مَالًا بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ يَكُونُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) ، وَلَا يَدْخُلُ فِي حِسَابِ الْمُضَارَبَةِ سَوَاءٌ فَوَّضَ رَبُّ الْمَالِ أُمُورَ الْمُضَارَبَةِ لِلْمُضَارِبِ بِقَوْلِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، أَوْ لَمْ يُفَوِّضْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا حَصَلَ خَلْطٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ ضَمَانٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1416) ثَانِيًا: لَهُ الْبَيْعُ سَوَاءٌ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالنَّسِيئَةِ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ أَيْ مِنْ عَادَاتِهِمْ كَمَا أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْحُصُولِ عَلَى الرِّبْحِ الَّذِي يَقْصِدُهُ رَبُّ الْمَالِ إذْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرِّبْحُ فِي الْأَكْثَرِ مَا لَمْ يَبِعْ الْمَالَ نَسِيئَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (43 و 44) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ نَسِيئَةً يَكُونُ بِثَمَنٍ أَعْلَى مِنْ الْبَيْعِ نَقْدًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَكِنْ إذَا أَمَرَهُ رَبُّ الْمَالِ بِالْبَيْعِ نَقْدًا فَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ (النَّقْدِ) أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِأَمْوَالِ غَيْرِ النَّقْدِ كَالشِّرَاءِ مُقَايَضَةً مَثَلًا فَيَكُونُ الشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِالنَّقْدِ فَيَكُونُ لِلْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا أَوْ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي هَذَا الْبَابِ جِنْسٌ وَاحِدٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَقِلُّ عَنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ بِثَمَنٍ مُسَاوٍ لِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1494) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَهُ الْبَيْعُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (الْبَحْرُ) وَكَمَا أَنَّ لَهُ الْبَيْعَ لِأَجْنَبِيٍّ لَهُ الْبَيْعُ أَيْضًا لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ صَاحِبًا لِلْمَالِ إلَّا

أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ عُرُوضًا فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِهِ كَمَا أَنَّ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُضَارَبَةِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى حُصُولِ الرِّبْحِ وَيَحْصُلُ الرِّبْحُ فِي هَذَا الْحَالِ (التَّكْمِلَةُ) وَإِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ فِي الْبَيْعِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ فِي الْوَكَالَةِ لِلْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَهُ الْإِمْهَالُ لِلدَّرَجَةِ الْجَارِي الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِيهَا بَيْنَ التُّجَّارِ كَسَنَةٍ أَوْ مَا دُونَهَا. اُنْظُرْ مَادَّةَ (36) كَمَا أَنَّ لَهُ تَأْجِيلَ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ نَقْدًا لِلْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ وَيَجُوزُ هَذَا التَّأْجِيلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَيْضًا فَلَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَكِيلِ الْخَاصِّ هُوَ خِلَافُ ذَلِكَ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ الْأَمْوَالِ إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لَمْ تُعْرَفْ بَيْنَ التُّجَّارِ كَعِشْرِينَ سَنَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1478) ثَالِثًا - لَهُ قَبُولُ الْحَوَالَةِ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَعْسَرِ بِثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْحَوَالَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ عَادَاتِ التُّجَّارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) رَابِعًا - لَهُ تَوْكِيلُ شَخْصٍ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْخَاصِّ أَيْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ تَوْكِيلُ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1466) ، وَلِذَلِكَ يَفْتَرِقُ الْمُضَارِبُ وَالْوَكِيلُ الْخَاصُّ فِي هَذَا، وَسَبَبُ الِافْتِرَاقِ هُوَ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مِنْ عَادَاتِ التُّجَّارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) وَالْأَصْلُ فِي التَّوْكِيلِ هُوَ كُلُّ تِجَارَةٍ يُبَاشِرُهَا الْمُضَارِبُ تَصِحُّ فِي حَقِّ رَبِّ الْمَالِ، فَإِذَا وَكَّلَ الْمُضَارِبُ أَحَدًا فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ، إذَا وَكَّلَ الْمُضَارِبُ أَحَدًا بِقَبْضِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِأَدَاءِ أَوْ تَسْلِيمِ شَيْءٍ لِرَبِّ الْمَالِ جَازَ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ، إذَا وَكَّلَ الْمُضَارِبُ فِي الْخُصُومَةِ بِالدَّيْنِ الثَّابِتِ مِنْ عَمَلِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ مُعَامَلَاتِهَا صَحَّ (الْهِنْدِيَّةُ) خَامِسًا - لَهُ إيدَاعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَإِيضَاعُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ وَلَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ وَالْإِيجَارُ وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ وَالْإِيضَاعَ هُمَا مَا دُونَ الْمُضَارَبَةِ وَلَيْسَ مِثْلَهَا وَكُلُّ عَقْدٍ يَتَضَمَّنُ مَا دُونَهُ، فَلِذَلِكَ إذَا أَبْضَعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ لَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1410) ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ صَارَ حَقًّا لِلْمُضَارِبِ وَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ وَكِيلًا عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) الِاسْتِئْجَارُ، أَيْ أَنَّ لَهُ اسْتِئْجَارَ الْأَجِيرِ وَالسُّفُنِ وَالْحَيَوَانَاتِ لِلْعَمَلِ وَاسْتِئْجَارَ الْمَنَازِلِ لِحِفْظِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا أَنَّ لَهُ اسْتِئْجَارَ الْأَرَاضِي لِلزِّرَاعَةِ، وَلَهُ اشْتِرَاءُ الْبُذُورِ وَزَرْعُهَا فِيهَا، كَانَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِنَا لَيْسَ مِنْ صَنِيعِهِمْ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَتَعْبِيرُ (الِاسْتِئْجَارِ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَخْذُ الْأَشْجَارِ بِطَرِيقِ الْمُسَاقَاةِ

المادة (1415) لا يكون المضارب في المضاربة مأذونا بمجرد عقد المضاربة

حَتَّى لَوْ قِيلَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ (الْبَحْرُ) سَادِسًا - لَهُ السَّفَرُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ سَلَّمَ الْمُضَارِبَ رَأْسَ الْمَالِ فِي بَلْدَتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَيْ أَنَّ لِلْمُضَارِبِ السَّفَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بَرًّا وَبَحْرًا؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ فَلَفْظُ الْمُضَارَبَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمُضَارِبِ وَمَلَكَ الْمُضَارِبُ ذَلِكَ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ الْمُخِيفُ الَّذِي يَجْتَنِبُهُ النَّاسُ، وَإِنَّهُ إذَا عَيَّنَ رَبُّ الْمَالِ بَلْدَتَهُ فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، كَمَا أَنَّهُ إذَا خَصَّصَ رَبُّ الْمَالِ بَلْدَةً أُخْرَى فَيُلْزَمُ بِالذَّهَابِ إلَى الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَمَلُ فِي بَلْدَةٍ خِلَافَهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) سَابِعًا - لَهُ الْحَطُّ الْيَسِيرُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَطُّ الْوَاقِعُ غَيْرَ يَسِيرٍ بَلْ كَانَ فَاحِشًا فَيَصِحُّ هَذَا الْحَطُّ أَيْضًا وَلَكِنْ يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ (الْبَحْرُ) الْقِسْمُ الثَّانِي - وَهِيَ التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِعَمَلِهَا بِمُجَرَّدِ الْمُضَارَبَةِ بَلْ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّفْوِيضِ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، كَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ الْغَيْرِ (الْبَحْرُ) وَالْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ (1416) هُوَ هَذَا الْقِسْمُ الْقِسْمُ الثَّالِثُ - وَهِيَ التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَمْ يَكُنْ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِتَفْوِيضِ رَبِّ الْمَالِ لَهُ بِقَوْلِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، بَلْ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَهِيَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ بَابِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ مُلْحَقَةً بِالْمُضَارَبَةِ. مَثَلًا لَوْ أَخَذَ الْمُضَارِبُ نَخِيلًا مُسَاقَاةً وَلَحِقَهُ وَصَرَفَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَالِاسْتِدَانَةِ وَالْإِقْرَاضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا الْقِسْمُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1416) [الْمَادَّةُ (1415) لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ مَأْذُونًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ] (الْمَادَّةُ (1415) - (لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ مَأْذُونًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ وَلَا بِإِعْطَائِهِ مُضَارَبَةً، لَكِنْ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ مِنْ الْعَادَةِ فِيهَا أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِمْ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْضًا) لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْ الْغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ نَوْعٍ أَوْ شَخْصٍ مَأْذُونًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا بِإِعْطَائِهِ إلَى آخَرَ مُضَارَبَةً أَوْ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ مَعَ آخَرَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَمْ يَجُزْ الْخَلْطُ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْمُضَارَبَةِ الَّتِي فُوِّضَتْ لِلْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ هِيَ لِإِثْبَاتِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ الَّذِي هُوَ فَرْعٌ، أَمَّا الْخَلْطُ فَهُوَ إثْبَاتٌ لِلشَّرِكَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُحْدِثَ شَرِكَةً فِي رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ مَا أُذِنَ وَفُوِّضَ بِهِ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُضَارِبِ إعْطَاءُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَلْزِمُ مِثْلَهُ أَوْ أَعْلَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) سُؤَالٌ - لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ وَيَرَى هُنَا أَنَّ الشَّيْءَ اسْتَلْزَمَ مِثْلَهُ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْمُسْتَعَارِ فَتَصَرُّفُهُ بِصُورَةِ الْإِعَارَةِ هُوَ تَصَرُّفٌ بِحُكْمِ الْمِلْكِيَّةِ أَمَّا تَصَرُّفُ الْمُضَارِبِ فَلَيْسَ بِحُكْمِ الْمِلْكِيَّةِ بَلْ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ التَّنْصِيصُ أَوْ التَّفْوِيضُ الْمُطْلَقُ لِجَوَازِ إعْطَاءِ الْمَالِ مُضَارَبَةً كَمَا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْخَاصِّ تَوْكِيلُ الْآخَرَ مَا لَمْ يَقُلْ لَهُ الْأَصِيلُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) إذَا أَعْطَى الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ مُضَارَبَةً بِدُونِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ ضَمَانٌ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي وَبِتَلَفِ الْمَالِ فِي يَدِهِ مَا لَمْ يَقُمْ الْمُضَارِبُ الثَّانِي بِعَمَلٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُضَارَبَةِ كَاشْتِرَاءِ مَالٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ كَالْإِيدَاعِ وَلِلْمُضَارِبِ الْإِيدَاعُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَالَ مِنْ الْمُضَارِبِ الثَّانِي فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فَقَطْ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي أَوْ عَمِلَ عَمَلًا غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَ الْمُضَارَبَةِ كَهِبَتِهِ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُضَارِبِ الثَّانِي فَقَطْ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي فِيهَا بِعَمَلٍ دَاخِلٍ فِي أَعْمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْعَمَلِ وَبِصَيْرُورَةِ الْمَالِ مَضْمُونًا قَدْ أُقِيمَ سَبَبُ حُصُولِ الرِّبْحِ مَقَامَ حَقِيقَةِ حُصُولِ الرِّبْحِ، وَلَكِنْ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالَةِ كَوْنِ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ صَحِيحَةً فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ ضَمَانٌ حَتَّى لَوْ عَمِلَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ الْأُولَى فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُضَارِبُ الثَّانِي أَجِيرًا وَبِمَا أَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ فَلَا تَثْبُتُ الْمُضَارَبَةُ وَلَهُ أَجْرٌ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا شَرَطَهُ لَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . يَعْنِي: وَالرِّبْحُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَرَبِّ الْمَالِ عَلَى الشَّرْطِ بَعْدَ أَخْذِ الثَّانِي أُجْرَتَهُ إذَا كَانَتْ الْأُولَى صَحِيحَةً وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ أَجْرُ مِثْلِهِ أَيْضًا وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا لَزِمَ ضَمَانٌ بِعَمَلِ الْمُضَارِبِ الثَّانِي فِي الْمَالِ كَمَا وُضِّحَ آنِفًا فَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ رَأْسَ مَالِهِ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَدَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ حَيْثُ قَدْ أَعْطَى ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ قَدْ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ دُونَ الْمَالِ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ وَأَنْ يَطْلُبَ الرِّبْحَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَمَلِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ الْمَالُ مَغْصُوبًا وَحَقُّ رَبِّ الْمَالِ هُوَ فِي تَضْمِينِ الْبَدَلِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي الرِّبْحِ

سُؤَالٌ - إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَالضَّمَانُ يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الثَّانِيَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (790) أَمَّا هُنَا فَقَدْ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَالِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَمَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ - لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي نَفْعٌ فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ بَلْ قُبِضَتْ الْوَدِيعَةُ لِنَفْعِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ أَمَّا هُنَا فَقَدْ قَبَضَ الْمُضَارِبُ الثَّانِي الْمَالَ لِمَنْفَعَتِهِ وَعَمِلَ بِهِ فَلَزِمَهُ الضَّمَانُ (الْجَوْهَرَةُ) وَلَوْ دَفَعَ الثَّانِي مُضَارَبَةً إلَى ثَالِثٍ وَرَبِحَ الثَّالِثُ أَوْ وَضَعَ فَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ وَيَرْجِعُ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ إذَا ضَمَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ وَضَمِنَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ضَمِنَ رَبُّ الْمَالِ فَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الْمُنْعَقِدَةُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَالْمُضَارِبِ الثَّانِي صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ بِضَمَانَةِ الْمَالَ يَمْلِكُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَدْ أَعْطَى مَالَهُ مُضَارَبَةً وَفِي هَذَا الْحَالِ يُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ (وَصَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَيَطِيبُ لِلثَّانِي مَا رَبِحَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَمَلِ وَلَا خُبْثَ فِي الْعَمَلِ وَلَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِمِلْكِهِ الْمُسْتَنِدِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَلَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ خُبْثٍ) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا ضَمَّنَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ فَلِلْمُضَارِبِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الثَّانِيَ كَانَ عَامِلًا لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَقَدْ غَرَّرَ الْمُضَارِبَ الثَّانِي ضَمِنَ الْعَقْدَ. قَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَدَمُ جَوَازِ خَلْطِ الْمُضَارِبِ رَأْسَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ أَجْنَبِيٍّ، وَلَكِنْ إذَا خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الَّذِي أُعْطِيَ لَهُ بِعَقْدِ مُضَارَبَةٍ بِرَأْسِ مَالٍ مُضَارَبَةٍ آخَرَ سُلِّمَ لَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَحُكْمُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ أَعْطَاهُ ثَانِيًا بِعَقْدٍ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُضَارَبَةً وَخَلَطَ الْمُضَارِبُ رَأْسَيْ الْمَالِ هَذَيْنِ فَفِي ذَلِكَ أَوْجُهٌ ثَلَاثَةٌ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ رَبُّ الْمَالِ قَدْ قَالَ لِلْمُضَارِبِ فِي الْعَقْدَيْنِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتَوَجَّبُ عَلَى الْمُضَارِبِ ضَمَانٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَلَ هَذَا الْخَلْطُ بَعْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي رَأْسَيْ الْمَالِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ لَا يُقَالَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدَيْنِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا وَقَعَ الْخَلْطُ قَبْلَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي الْمَالَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ ضَمَانٌ فِي أَيِّهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ الْخَلْطُ بَعْدَ حُصُولِ الرِّبْحِ فِي رَأْسَيْ الْمَالِ فَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَيْ الْمَالِ كَمَا يَضْمَنُ مِقْدَارَ حِصَّةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي حَصَلَ قَبْلَ الْخَلْطِ، وَإِذَا حَصَلَ الْخَلْطُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي أَحَدِ رَأْسَيْ الْمَالِ فَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي لَمْ يَظْهَرْ رِبْحُهُ فَقَطْ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يُقَالَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، وَأَنْ لَا يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ أَرْبَعُ صُوَرٍ:

المادة (1416) رب المال في المضاربة قد فوض إلى رأي المضارب أمور المضاربة

أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَتَيْنِ 2 - أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَتَيْنِ 3 - أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى 4 - أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ. فَإِذَا قِيلَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِي وَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ لَا يَضْمَنُ أَيَّ رَأْسِ مَالٍ وَإِذَا قِيلَ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى ذَلِكَ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ يَضْمَنُ رَأْسَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ وَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ لَا يَضْمَنُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى وَلَا مَالَ الْمُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ (تَحْرِيرُ الْمُخْتَارِ عَلَى رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ إذَا كَانَ فِي بَلْدَةٍ مِنْ الْعَادَةِ وَالتَّعَارُفِ الْغَالِبِ فِيهَا أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِمْ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ الثَّانِي مَأْذُونًا بِذَلِكَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْضًا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) (الْهِنْدِيَّةُ) [الْمَادَّةُ (1416) رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ قَدْ فَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُضَارِبِ أُمُورَ الْمُضَارَبَةِ] الْمَادَّةُ (1416) - (إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ قَدْ فَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُضَارِبِ أُمُورَ الْمُضَارَبَةِ بِقَوْلِهِ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ يَكُونُ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَأْذُونًا أَيْضًا بِالْهِبَةِ وَالْإِقْرَاضِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا بِالدُّخُولِ تَحْتَ دَيْنٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَلْ يَتَوَقَّفُ إجْرَاءُ ذَلِكَ عَلَى إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ) إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ قَدْ أَذِنَ لِلْمُضَارِبِ صَرَاحَةً أَوْ فَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْمُضَارِبِ أُمُورَ الْمُضَارَبَةِ بِقَوْلِهِ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، يَكُونُ الْمُضَارِبُ مَأْذُونًا بِخَلْطِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ وَبِإِعْطَائِهِ أَيْضًا مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ مُضَارَبَةً فِي كُلِّ حَالٍ أَيْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُعْتَادًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِعْطَاءَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مُضَارَبَةً يَكُونُ الْمُضَارِبُ عَمِلَ بِرَأْيِهِ وَهُوَ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ وَإِذَا أَعْطَى الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْمُضَارِبِ الثَّانِي فِي حَقِّ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ مُعْتَبَرًا وَيَعْمَلُ بِمُوجِبِهِ وَلَا يَطْرَأُ خَلَلُ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِ الْمُقَاوَلَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَالْمُضَارِبِ الثَّانِي، وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَبَيْنَ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَشَرَطَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي فَيَكُونُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَثُلُثُهُ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي وَالسُّدُسُ الْبَاقِي لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ شُرِطَ فِي الْمُضَارَبَةِ نِصْفُ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ فَإِذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي فَيُصْرَفُ هَذَا الثُّلُثُ عَلَى حِصَّةِ الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ لَا يَمْلِكُ تَنْقِيصَ حِصَّةِ

رَبِّ الْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ سُدُسُ الرِّبْحِ فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ رَبُّ الْمَالِ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ الرِّبْحِ بِمَالِهِ وَالْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِالْعَمَلِ وَيَطِيبُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الثَّانِي عَمَلٌ مِنْ الْمُضَارِبِ كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا اسْتَأْجَرَ آخَرَ بِأَقَلَّ مَا اُسْتُؤْجِرَ بِهِ (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا شَرَطَ الْمُضَارِبُ نِصْفَ الرِّبْحِ مَثَلًا لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي فَيَكُونُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ مَشْرُوطٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِتَبْدِيلِهِ، وَعَلَيْهِ فَنِصْفُ الرِّبْحِ الَّذِي شَرَطَهُ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي يُصْرَفُ فِي حَقِّ حِصَّتِهِ وَلَا يَبْقَى لِلْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ مُنَاصَفَةً وَشَرَطَ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي ثُلُثَيْ الرِّبْحِ فَيَكُونُ نِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلِلْمُضَارِبِ الثَّانِي أَيْضًا ثُلُثَا الرِّبْحِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلُ سُدُسَ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي أَيْ أَنَّهُ يُلْزَمُ الْمُضَارِبُ الْأَوَّلَ بِإِعْطَاءِ سُدُسِ الرِّبْحِ مِنْ مَالِهِ لِإِكْمَالِ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ الثَّانِي (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَهَّدَ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْمُضَارِبِ الثَّانِي مِنْ الرِّبْحِ ثُلُثَيْنِ وَالْتَزَمَ ذَلِكَ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، فَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَصْبُغَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الْبَزَّ وَيَكُونُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلِ مِنْ الصِّبَاغِ لِلْمُضَارِبِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَزِّ مِائَةَ دِرْهَمٍ قَبْلَ الصَّبْغِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لِلْمُضَارَبَةِ وَالسُّدُسُ يَكُونُ لِلْمُضَارِبِ مُقَابِلَ بَدَلِ الصِّبَاغِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ وَالْحَمْلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ فَلْيُطَالَعْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) تَنْبِيهٌ - لَوْ أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ بِإِعْطَاءِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ أَوْ كَانَ مَأْذُونًا بِذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِقَوْلِهِ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ، ثُمَّ نَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ ذَلِكَ فَالنَّهْيُ صَحِيحٌ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْعَمَلِ (الْأَشْبَاهُ) وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ لِلْمُضَارِبِ بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّصْرِيحِ أَوْ التَّفْوِيضِ أَنْ يُعْطِيَ رَأْسَ الْمَالِ لِآخَرَ مُضَارَبَةً وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مُضَارَبَةً لِرَبِّ الْمَالِ فَإِذَا أَعْطَاهُ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُضَارَبَةِ الْأُولَى وَلَكِنْ تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْعَقِدُ شَرِكَةً عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَعَمَلِ الْمُضَارِبِ وَلَا مَالَ هُنَا فَلَوْ جَوَّزْنَاهُ يُؤَدِّي إلَى قَلْبِ الْمَوْضُوعِ وَتَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الثَّانِيَةُ بِضَاعَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُضَارَبَ عَمَلًا بَاعِثًا لِلضَّرَرِ وَمَا يَعْمَلُهُ التُّجَّارُ (الْبَحْرُ) أَيْ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا بِالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِقْرَاضِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا بِالدُّخُولِ تَحْتَ دَيْنٍ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَيْ بِالِاسْتِدَانَةِ حَيْثُ إنَّ عَمَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْبِيرِ، وَلْنُفَصِّلْ الْآنَ ذَلِكَ: لَيْسَ لَهُ الْهِبَةُ، إذَا وَهَبَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ وَتَسَلَّمَهُ لَا يَصِحُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857)

(المادة (1417) خلط المضارب مال المضاربة بماله

لَيْسَ لَهُ الْإِقْرَاضُ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ إعْطَاءً؛ لِأَنَّهَا قَرْضٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَإِذَا أَقْرَضَ الْمُضَارِبُ فَلِرَبِّ الْمَالِ تَضْمِينُ الْمُضَارِبَ. لَيْسَ لَهُ الرَّهْنُ، إذَا رَهَنَ الْمُضَارِبُ مِقْدَارًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِآخَرَ يَضْمَنُ (الْبَحْرُ) لَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ تَحْتَ دَيْنٍ وَأَخْذُ سَفْتَجَةٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِقْرَاضٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُوِّزَ لِلْمُضَارِبِ الِاسْتِدَانَةُ فَيُوجِبُ دُخُولَ رَبِّ الْمَالِ تَحْتَ الدَّيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ (التَّكْمِلَةُ) فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عِنْدَمَا لَا يَكُونُ فِي يَدِهِ رَأْسُ مَالٍ لِلْمُضَارَبَةِ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِهِ كَانَ شِرَاءً عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ فِي شَيْءٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَاشْتَرَى بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مَتَاعًا فَيَكُونُ مَا يَزِيدُ عَلَى الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ مِلْكًا لِلْمُضَارِبِ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِهَذَا الْخَلْطِ الَّذِي وَقَعَ حُكْمًا وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ تَحْتَ الدَّيْنِ بِأَزْيَدَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ أَجْلِ مُعَامَلَةِ الْمُضَارَبَةِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِقْرَاضُ لِإِصْلَاحِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِجَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ أَمْتِعَةً ثُمَّ اسْتَأْجَرَ أَحَدًا لِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ أَوْ تَعْمِيرِهَا وَإِصْلَاحِهَا أَوْ لِأَجْلِ إفْرَاغِهَا إلَى شَكْلٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْمُضَارِبُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالتَّكْمِلَةُ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمَجَلَّةِ (بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ الدُّخُولُ تَحْتَ دَيْنٍ بِمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ وَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُضَارَبَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ رَأْسَ مَالٍ نَقْدًا فَاشْتَرَى مَتَاعًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَنْفُذُ هَذَا الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُضَارَبَةِ وَلَا يَكُونُ اسْتِقْرَاضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِصَرِيحِ الْإِذْنِ (التَّكْمِلَةُ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنٍ صَرِيحٍ) أَنَّ لِلْمُضَارِبِ الِاسْتِقْرَاضَ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَيَجْرِي فِي هَذَا الدَّيْنِ وَالْمَالِ حُكْمُ الْمَادَّةِ (الـ 1418) وَإِنْ اسْتَدَانَ بِالْإِذْنِ كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ وُجُوهٍ وَمَا اشْتَرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَكَذَا الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَتَغَيَّرُ مُوجِبُ الْمُضَارَبَةِ فَرِبْحُ مَالِهِمَا عَلَى مَا شُرِطَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَصُورَةُ الِاسْتِدَانَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ بَعْدَ مَا اشْتَرَى بِرَأْسِ الْمَالِ سِلْعَةً أَوْ يَشْتَرِيَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِغَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ اسْتَدَانَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ وَرَأْسُ الْمَالِ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ أَوْ بِدَرَاهِمَ وَرَأْسُ - الْمَالِ فِي يَدِهِ دَنَانِيرُ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ جِنْسٌ فِي الثَّمَنِيَّةَ فَلَا يَكُونُ هَذَا اشْتِرَاءٌ بِدَيْنٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ (1417) خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ] (الْمَادَّةُ (1417) - (إذَا خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ عَلَى مِقْدَارِ رَأْسَيْ الْمَالِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ رِبْحَ رَأْسِ مَالِهِ وَيُقْسَمُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ)

(المادة (1418) المال الذي أخذه المضارب بالنسيئة زيادة عن رأس المال

إذَا خَلَطَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ حَسْبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ بِنَاءً عَلَى التَّفْوِيضِ أَوْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ عَلَى مِقْدَارِ رَأْسَيْ الْمَالِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ رِبْحَ رَأْسِ مَالِهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ مَالِهِ وَيُقْسَمُ رِبْحُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) مَثَلًا لَوْ أَعْطَى رَبُّ الْمَالِ خَمْسِينَ دِينَارًا مُضَارَبَةً لِآخَرَ بِنِصْفِ الرِّبْحِ وَخَلَطَ الْمُضَارِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَالَ الْمُضَارَبَةِ الْمَذْكُورِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَهُ وَرَبِحَ ثَلَاثِينَ فَتَكُونُ عِشْرُونَ دِينَارًا رِبْحَ رَأْسَ مَالِهِ وَتَكُونُ لِلْمُضَارِبِ خَاصَّةً وَتَكُونُ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرُ الْبَاقِيَةُ رِبْحَ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيَقْتَسِمُهَا مَعَ رَبِّ الْمَالِ مُنَاصَفَةً [ (الْمَادَّةُ (1418) الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُضَارِبُ بِالنَّسِيئَةِ زِيَادَةً عَنْ رَأْسِ الْمَالِ] (الْمَادَّةُ (1418) - (الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُضَارِبُ بِالنَّسِيئَةِ زِيَادَةً عَنْ رَأْسِ الْمَالِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ) أَيْ بِإِذْنِهِ صَرَاحَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1399) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهَذَا مُوجِبُ الْمُضَارَبَةِ فَيُقْسَمُ رِبْحُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ. مَثَلًا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِائَةَ دِينَارٍ وَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ مَالًا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهُ فَيُقْسَمُ رِبْحُ الْمِائَةِ دِينَارٍ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَبِمَا أَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ الْمُشْتَرَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَرَبِّ الْمَالِ شَرِكَةُ وُجُوهٍ فَيُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْمِلْكِ كَمَا أَنَّ الْخَمْسِينَ دِينَارًا ثَمَنُ الثُّلُثِ الْمَذْكُورِ تَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِمَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ) [الْمَادَّةُ (1419) إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ لِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا] الْمَادَّةُ (1419) - (إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ لِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ الْمَعْرُوفَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ) إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ لِشُغْلِ وَعَمَلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا أَيْ غَيْرَ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ وَلَوْ مَسَافَةَ يَوْمٍ يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ الْمَعْرُوفَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ كَالْمُرَتَّبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْقَاضِي وَالنَّفَقَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُضَارِبُ مَحْبُوسًا بِسَبَبِ الْمُضَارَبَةِ وَجَبَتْ مُؤْنَتُهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَتَعْبِيرُ الْمُضَارِبِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ لَوْ سَافَرَ رَبُّ الْمَالِ لِإِعَانَةِ الْمُضَارِبِ فَلَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ الْمَالِكُ نَفْسُهُ كَانَ اسْتِرْدَادًا لِرَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الرِّبْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَأُطْلِقَ الْمُضَارِبُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَمُضَارِبِيهِ إذَا كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لِلثَّانِي (التَّكْمِلَةُ) وَبِذِكْرِ عِبَارَةِ (شُغْلِ الْمُضَارَبَةِ) بِصُورَةٍ يَكُونُ عَامًا سَوَاءٌ كَانَ الشُّغْلُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِطَلَبِ الدُّيُونِ

وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَتَجَاوَزَ مَصَارِفُ السَّفَرِ بِطَلَبِ الدُّيُونِ مِقْدَارَ الدُّيُونِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ طَلَبُ الْمُصْرَفِ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ الدُّيُونِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ إلَى أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِغَيْرِ شُغْلِ الْمُضَارَبَةِ فَلَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِصْرِيًّا فَسَافَرَ إلَى دِمِشْقَ وَأَخَذَ هُنَاكَ مِنْ آخَرَ مَالًا بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ الْمَذْكُورِ أَخْذُ نَفَقَةٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ مُقِيمًا فِي دِمِشْقَ فَإِذَا ذَهَبَ لِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهُ حَتَّى وُصُولِ مِصْرَ تُؤَدَّى مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَمَّا نَفَقَتُهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي مِصْرَ فَلَا تَلْزَمُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ مِصْرَ وَطَنُهُ الْأَصْلِيُّ وَإِقَامَتُهُ فِيهَا هِيَ لِأَجْلِ الْوَطَنِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ الْمُضَارَبَةِ وَإِذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى دِمِشْقَ فَمَصْرِفُهُ فِي الطَّرِيقِ وَمَصْرِفُ إقَامَتِهِ فِي دِمِشْقَ يَلْزَمُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ (الْبَحْرُ) . وَإِذَا سَافَرَ الْمُضَارِبُ بِمَالِهِ وَبِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ بِإِذْنٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ الشَّائِعِ وَسَافَرَ بِهِ أَوْ ذَهَبَ بِمَالَيْ الْمُضَارَبَةِ اللَّذَيْنِ أَخَذَهُمَا مِنْ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتُوَزَّعُ نَفَقَتُهُ بِنِسْبَةِ الْمَالِ الَّذِي سَافَرَ بِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (غَيْرِ الْبَلْدَةِ) أَنَّهُ إذَا عَمِلَ فِي بَلْدَةٍ هِيَ وَطَنُهُ فَتَلْزَمُ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَأُطْلِقَ عَمَلُهُ فِي الْمِصْرِ فَشَمِلَ عَمَلَهُ لِلتِّجَارَةِ وَاقْتِضَاءِ الدُّيُونِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي مَالِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ فِي الْخُصُومَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ مُحْتَبِسًا بَلْ يَكُونُ الْمُضَارِبُ سَاكِنًا فِي وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْبَلْدَةُ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ صَبَاحًا لَا تُمْكِنُهُ الْعَوْدَةُ وَالرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّهِ مَسَاءً أَيْ مَحَلٍّ يَقْتَدِرُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى بَيْتِهِ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ وَالْبَيْتُوتَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ مَسَافَةَ سَفَرٍ بَعِيدٍ - اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1664) - أَنَّ مَسَافَةَ سَفَرٍ غَيْرِ بَعِيدَةٍ كَقُرَى الْمَدِينَةِ، وَإِذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ السَّفَرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَغْدُو إلَى بَعْضِ نَوَاحِي الْمِصْرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَيَأْخُذُ نَفَقَتَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ هُنَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يَنْوِ. أَمَّا إذَا ذَهَبَ إلَى مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَبَاحًا أَنْ يَعُودَ مَسَاءً إلَى بَيْتِهِ وَتَمْضِيَتُهُ كُلَّ اللَّيْلَةِ مَعَ أَهْلِهِ فَفِي هَذَا الْحَالِ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ الْمُضَارِبُ مِنْ سَفَرِهِ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الرَّقِيقِ وَكَذَا بَعْدَ النَّهْيِ وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ يَنْهَاهُ وَقَدْ صَارَ الْمَالُ نَقْدًا لَمْ يُنْفِقْ فِي رُجُوعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُصْرَفِ هُوَ مَأْكُولُهُ وَغَمُوسُهُ وَمَلْبُوسُهُ وَخَادِمُهُ أَيْ الْعَامِلُ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُهُ كَالطَّبَّاخِ وَغَاسِلِ ثِيَابِهِ وَأُجْرَةِ فُرُشِ النَّوْمِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي يَرْكَبُهُ وَعَلَفِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يَحْتَاجُهُ الْمُضَارِبُ حَسْبَ عَادَةِ التُّجَّارِ وَلَوْ فَاكِهَةً أَيْ مُعْتَادَةً وَاللَّحْمَ كَمَا كَانَ يَأْكُلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَمِنْ مُؤْنَتِهِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ غَسْلُ

(المادة 1420) يلزم المضارب في المضاربة المقيدة

ثِيَابِهِ وَأُجْرَةُ مَنْ يَخْدُمُ وَالدُّهْنُ فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَالْحِجَازِ وَأُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْحَلَّاقِ وَقَصِّ الشَّارِبِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِهَا؛ وَلِأَنَّ نَظَافَةَ الْبَدَنِ وَالثِّيَابِ يُوجِبُ كَثْرَةَ مَنْ يُعَامِلُهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَسَخِ يَعُدُّهُ النَّاسُ مِنْ الْمَفَالِيسِ فَيَجْتَنِبُونَ مُعَامَلَتَهُ فَيُطْلَقُ لَهُ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ وَكَذَا لَهُ الْخِضَابُ وَأَكْلُ الْفَاكِهَةِ كَعَادَةِ التُّجَّارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا أَخَذَ مِثْلَ هَذِهِ النَّفَقَاتِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنْ السَّفَرِ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى رَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ بِانْتِهَاءِ السَّفَرِ قَدْ انْتَهَى الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ هَلَكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَالِكِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَكَذَا لَوْ اسْتَدَانَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِلنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْإِنْفَاقِ إلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا مَصَارِفُ تَدَاوِيهِ فَلَا تُعَدُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَيَلْزَمُ الْمُضَارِبَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَصَارِفَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ مَالِهِ، وَالْحِجَامَةُ وَالتَّكَحُّلُ كَالدَّوَاءِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ (مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ) الرِّبْحُ أَيْ يَجِبُ إيفَاءُ هَذَا الْمُصْرَفِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الرِّبْحِ فَإِذَا كَانَ الرِّبْحُ مَوْجُودًا فَلَا يَمَسُّ رَأْسَ الْمَالِ. وَإِذَا بَقِيَ رِبْحٌ بَعْدَ هَذَا الْمُصْرَفِ فَيَقْتَسِمُ الْمُضَارِبُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يُجْعَلُ كَالْهَالِكِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الرِّبْحُ مَوْجُودًا وَصَرَفَ الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ثُمَّ حَصَلَ رِبْحٌ فَيُؤْخَذُ الْمُصْرَفُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرِّبْحِ وَمُقَسَّمُ الْبَاقِي مِنْ الرِّبْحِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ، وَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ شَيْءٌ لِإِنْفَاقِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ خَاصٌّ بِالْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً فَيَجِبُ عَلَى الْمُضَارِبِ إيفَاءُ الْمُصْرَفِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ فِي هَذَا الْحَالِ أَجِيرٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1426 و 576) إذْ أَنَّ كُلَّ مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ لَا نَفَقَةَ لِلْمُضَارِبِ فِيهَا عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ حُسِبَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَأُخِذَ بِمَا زَادَ إنْ كَانَ مَا أَنْفَقَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ (التَّكْمِلَةُ) وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يُسْرِفَ فِي الْإِنْفَاقِ وَأَنْ يَكُونَ الْمِقْدَارُ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ التُّجَّارِ فَلِذَلِكَ إذَا صَرَفَ الْمُضَارِبُ أَكْثَرَ مِنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ فَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ مَا يَزِيدُ عَنْ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِصَرْفِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ (الْمُضَارِبُ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمُسْتَبْضِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْبِضَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَا تُحْسَبُ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِ الْبِضَاعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَا لَمْ يَأْذَنْ رَبُّ الْمَالِ الْمُسْتَبْضِعَ بِالصَّرْفِ مِنْ مَالِ الْبِضَاعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1420) يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ] الْمَادَّةُ (1420) - (يَلْزَمُ الْمُضَارِبَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُقَيَّدَةِ مُرَاعَاةُ قَيْدِ وَشَرْطِ رَبِّ الْمَالِ مَهْمَا كَانَ)

(المادة 1421) خرج المضارب عن مأذونيته وخالف الشرط

أَيْ إذَا كَانَ الْقَيْدُ مُفِيدًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) ؛ لِأَنَّ اقْتِدَارَ الْمُضَارِبِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ هُوَ لِتَفْوِيضِ رَبِّ الْمَالِ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ فَيَتَقَيَّدُ الْمُضَارِبُ بِالْقَيْدِ الَّذِي يُقَيِّدُهُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ وَالتَّقْيِيدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا مُفِيدٌ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْأَشْخَاصِ (الدُّرَرُ) كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّرِكَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1383) وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1406) أَنَّهُ إذَا كَانَ قَيْدُ وَشَرْطُ رَبِّ الْمَالِ مُفِيدًا لَهُ فَيَكُونُ الْقَيْدُ مُعْتَبَرًا وَيَقْتَضِي مُرَاعَاتَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِهِ الْمُضَارِبُ فَيَكُونُ مُخَالِفًا لِرَبِّ الْمَالِ وَعَامِلًا بِدُونِ أُجْرَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ أَمَّا الْقَيْدُ وَالشَّرْطُ الْغَيْرُ الْمُفِيدِ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا يَحْصُلُ التَّقْيِيدُ وَالشَّرْطُ بِهِ وَيَكُونُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ مُتَسَاوِيًا وَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ أَنْ لَا يَبِيعَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ نَقْدًا وَبَاعَهُ الْمُضَارِبُ نَقْدًا بِالثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ يَصِحُّ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَعَيُّنِ الثَّمَنِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ أَيْضًا، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ نَسِيئَةً وَلَا تَبِعْ نَقْدًا، وَبَاعَ الْمُضَارِبُ نَسِيئَةً بِأَنْقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَلَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَا تَبِعْهُ بِأَكْثَرَ، وَبَاعَهُ الْمُضَارِبُ بِأَكْثَرَ يَصِحُّ وَلَا يُعْتَبَرُ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 1421) خَرَجَ الْمُضَارِبُ عَنْ مَأْذُونِيَّتِهِ وَخَالَفَ الشَّرْطَ] الْمَادَّةُ (1421) - (إذَا خَرَجَ الْمُضَارِبُ عَنْ مَأْذُونِيَّتِهِ وَخَالَفَ الشَّرْطَ يَكُونُ غَاصِبًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَعُودُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارَةُ فِي بَيْعِ وَشِرَاءِ الْمُضَارِبِ عَلَيْهِ، وَإِذَا تَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ يَكُونُ ضَامِنًا) إذَا خَرَجَ الْمُضَارِبُ عَنْ الْإِذْنِ الَّذِي أُعْطِيَ لَهُ وَخَالَفَ الْقَيْدَ وَالشَّرْطَ الْمُفِيدَ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَيَكُونُ قَدْ تَعَدَّى عَلَى مَالِ الْغَيْرِ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي كُلِّ الْمَالِ فَيُعَدُّ غَاصِبًا لِكُلِّ الْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي بَعْضِهِ فَيُعَدُّ غَاصِبًا لِبَعْضِهِ وَلَوْ أَجَازَهُ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمِنَحِ: وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ غَاصِبًا لَوْ أَجَازَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَا نُهِيَ عَنْهُ ثُمَّ بَاعَهُ وَتَصَرَّفَ فِيهِ ثُمَّ أَجَازَهُ رَبُّ الْمَالِ لَمْ يَجُزْ وَفِي هَذَا الْحَالِ أَيْ فِي حَالِ الْمُخَالَفَةِ وَالْغَصْبِ يَعُودُ الرِّبْحُ وَالْخَسَارُ فِي بَيْعِ وَشِرَاءِ الْمُضَارِبِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُضَارِبِ، مَثَلًا لَوْ قَيَّدَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ فَاشْتَغَلَ الْمُضَارِبُ بِنَوْعِ تِجَارَةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ رِبْحُ وَخَسَارُ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَائِدًا عَلَيْهِ أَمَّا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَيَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: بِعْ وَاشْتَرِ فِي بَلْدَةِ كَذَا، فَبَاعَ وَاشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِنِصْفِ

رَأْسِ الْمَالِ فِي بَلْدَةٍ غَيْرِ الْبَلْدَةِ الَّتِي قُيِّدَتْ وَبَاعَ وَاشْتَرَى أَيْضًا بِنِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ الْآخَرَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي عُيِّنَتْ فَيَكُونُ غَاصِبًا فِي النِّصْفِ وَيَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ أَمَّا مَا بَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا رَبُّ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَتَنْفُذُ مُعَامَلَتُهُ بِحَقِّ رَبِّ الْمَالِ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) أَمَّا إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ مُخَالِفًا لِلشَّرْطِ فَيَكُونُ هَذَا الْبَيْعُ مَوْقُوفًا وَلِرَبِّ الْمَالِ إنْ شَاءَ إجَازَتُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَإِذَا تَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ يَكُونُ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) أَمَّا إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (787) وَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَعَادَ إلَى الْبَلْدَةِ الْمَشْرُوطَةِ دُونَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِرَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَعُودُ الْمَالُ مَالَ مُضَارَبَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1383) الْمَادَّةُ (1422) - (إذَا خَالَفَ الْمُضَارِبُ حَالَ نَهْيِ رَبِّ الْمَالِ إيَّاهُ بِقَوْلِهِ لَهُ: لَا تَذْهَبْ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ أَوْ لَا تَبِعْ بِالنَّسِيئَةِ، فَذَهَبَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَتَلِفَ الْمَالُ أَوْ بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ فَهَلَكَ الثَّمَنُ يَكُونُ الْمُضَارِبُ ضَامِنًا) وَهَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ ذِكْرُهَا مِثَالًا لَهَا. وَيُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ وَلْنُبَيِّنْ كِلَيْهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - إذَا نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ بِقَوْلِهِ لَهُ: لَا تَذْهَبْ إلَى الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَهُ الْمُضَارِبُ وَذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَتَلِفَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ؛ لِأَنَّهُ أَصْبَحَ غَاصِبًا فِي مُخَالَفَةِ أَمْرِ رَبِّ الْمَالِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِدُونِ وُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَيْ أَنَّ نَفْسَ الْإِخْرَاجِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، أَمَّا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فَهُوَ سَبَبٌ لِتَقَرُّرٍ الضَّمَانِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْ وَيَشْتَرِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ مَالَ الْمُضَارَبَةِ هُنَاكَ وَعَادَ سَالِمًا بِهِ إلَى الْوِفَاقِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةُ كَمَا كَانَتْ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ) ، كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتْلَفْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَلْ ذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَاشْتَرَى مَالًا بِرَأْسِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيَكُون الْمَالُ الَّذِي

(المادة 1423) إذا وقت رب المال المضاربة بوقت معين

اشْتَرَاهُ مِلْكًا لَهُ وَيَعُودُ خَسَارُهُ عَلَيْهِ وَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ الْمَالَ الَّذِي دَفَعَهُ ثَمَنًا لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ (فَذَهَبَ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ: لَا تَخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَأَبْضَعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ لِشَخْصٍ يَخْرُجُ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَحَصَلَ خَسَارٌ يَضْمَنُ (الدُّرَرُ) الْحُكْمُ الثَّانِي - لَوْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ عَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ فَبَاعَ بِالنَّسِيئَةِ فَبَاعَ وَهَلَكَ الثَّمَنُ يَكُونُ ضَامِنًا وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَالرِّبْحِ عَائِدًا عَلَيْهِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ بِالنَّسِيئَةِ كَمَا أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَقْتَ الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ أَيْضًا بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّ اعْتِبَارَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُضَارِبِ مِنْ النُّقُودِ أَمَّا إذَا كَانَ مَالًا غَيْرَ النُّقُودِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالنَّسِيئَةِ وَتَبْدِيلُهُ بِالنُّقُودِ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1424) [ (الْمَادَّةُ 1423) إذَا وَقَّتَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ] الْمَادَّةُ (1423) - (إذَا وَقَّتَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارَبَةَ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَبِمُضِيِّ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ) ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْوَقْتِ مُفِيدٌ كَالتَّقْيِيدِ بِنَوْعِ مَالٍ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَالْحُكْمُ فِي الشَّرِكَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1352 وَ 1366) الِانْفِسَاخُ بَعْدَ الْمُضَارَبَةِ: وَتَحْصُلُ الدُّيُونُ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْمُضَارَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الِانْفِسَاخُ بِالْفَسْخِ أَوْ بِانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا فَالْمُضَارِبُ مَجْبُورٌ عَلَى تَحْصِيلِ تِلْكَ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَجِيرٌ يَعْمَلُ بِالْأُجْرَةِ وَحِصَّتُهُ فِي الرِّبْحِ هِيَ كَالْأُجْرَةِ وَتَحْصِيلُ الدُّيُونِ مِنْ تَكْمِلَةِ الْعَمَلِ وَنَفَقَةُ طَلَبِ الدُّيُونِ عَلَى الْمُضَارِبِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي الْمِصْرِ أَوْ فِي الْمَدِينَةِ وَأَلَّا يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَوْ امْتَدَّ سَفَرُ الْمُضَارِبِ وَإِقَامَتُهُ وَصَرَفَ جَمِيعَ مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا صَرَفَ أَكْثَرَ مِنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَيُحْسَبُ الْمُصْرَفُ بِقَدْرِ مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَيَلْزَمُ الْبَاقِي عَلَى الْمُضَارِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ مُطْلَقًا أَيْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا فَلَا يُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى اقْتِضَاءِ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ وَكِيلًا مَحْضًا وَمُتَبَرِّعًا وَلَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُتَبَرِّعِ عَلَى إكْمَالِ تَبَرُّعِهِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّ مَأْخُوذَهُ إلَّا أَنَّ هَذَا الرَّدَّ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْمَوَانِعِ وَالتَّخْلِيَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِالتَّسْلِيمِ حَقِيقَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ يَجِبُ عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يُوَكِّلَ رَبَّ الْمَالِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ عَاقِدٍ فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ. وَلَيْسَ لَهُ بِدُونِ تَوْكِيلٍ الِادِّعَاءُ وَالْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (504) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) [ (الْمَادَّةُ 1424) إذَا عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ] الْمَادَّةُ (1424) - (إذَا عَزَلَ رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ فَيَلْزَمُ إعْلَامُهُ بِعَزْلِهِ وَتَكُونُ

تَصَرُّفَاتُ الْمُضَارِبِ الْوَاقِعَةُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْعَزْلِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى الْعَزْلِ التَّصَرُّفُ بِالنُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِهِ لَكِنْ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَمْوَالٌ غَيْرُ النُّقُودِ فَلَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى النَّقْدِ بِبَيْعِهَا) لِرَبِّ الْمَالِ عَزْلُ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) لَكِنْ عِنْدَ عَزْلِهِ إيَّاهُ يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ بِالْعَزْلِ فَلِذَلِكَ تَكُونُ تَصَرُّفَاتُ الْمُضَارِبِ الْوَاقِعَةُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى يَقِفَ عَلَى الْعَزْلِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فَيُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (17 و 1523) وَإِذَا عَلِمَ الْمُضَارِبُ بِعَزْلِهِ فَيَنْعَزِلُ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ بِالنُّقُودِ وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْعَزْلِ بِالْمُشَافَهَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ الْفُضُولِيِّ أَوْ إخْبَارِ الرَّسُولِ الْمُمَيَّزِ أَوْ بِكِتَابَةِ كِتَابٍ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1029) أَنَّ أَسْبَابَ الْعِلْمِ سَبْعَةٌ وَالْمَقْصُودُ مِنْ النُّقُودِ: النُّقُودُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُضَارِبُ حِينًا وَعَزَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَثْنَاءَ وُجُودِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ بِيَدِهِ ذَهَبًا وَأَوْصَلَ خَبَرَ الْعَزْلِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ النُّقُودُ الَّتِي فِي يَدِهِ فِضَّةً فَلَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِتَبْدِيلِهَا ذَهَبًا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُضَارِبِ أَنْ يَرُدَّ لِرَبِّ الْمَالِ وَهَذَا يَكُونُ بِرَدِّ الْجِنْسِ فَأَصْبَحَ مِنْ الضَّرُورِيِّ تَبْدِيلُ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُبَيِّنُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ حُكْمُ الْعَزْلِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمُ فِي الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَيَحْصُلُ الْعَزْلُ الْحُكْمِيُّ بِوَفَاةِ رَبِّ الْمَالِ إذْ إنَّ الْمُضَارِبَ يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ رَبِّ الْمَالِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمِنَحِ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَبْقَى فِي الْوَكَالَةِ حَتَّى وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ وَلَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَلْحَقْ عِلْمُهُ بِالْوَفَاةِ سُؤَالٌ - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1527) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ عِلْمُ الْوَكِيلِ بِوَفَاةِ مُوَكِّلِهِ أَمَّا فِي الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ شَرْطٌ، فَمَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَيُّ حَقٍّ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ أَمَّا الْمُضَارِبُ فَلَهُ حَقٌّ فِي الْمُضَارَبَةِ وَشَرِكَةٌ فِي الرِّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْمُضَارِبَ يَنْعَزِلُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ بِوَفَاةِ رَبِّ الْمَالِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِوَفَاتِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَقَدْ ذُكِرَ أَيْضًا فِي الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ فَرْقٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ أَمْوَالٌ غَيْرُ النُّقُودِ فَلَهُ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى النَّقْدِ بِبَيْعِهَا نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً وَلَا يَمْنَعُهُ الْعَزْلُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الرِّبْحِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْمُضَارِبَ مَجْبُورٌ عَلَى إعَادَةِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي أَخَذَهُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى)

(المادة 1425) يستحق المضارب الربح في مقابلة عمله

وَحَاصِلُ الْكَلَامِ هُوَ إذَا وَقَفَ الْمُضَارِبُ عَلَى عَزْلِهِ فَفِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْعَزِلُ الْمُضَارِبُ حَالًا وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطْلَقًا 2 - أَنْ لَا يَكُونَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ مَالًا كَالْعُرُوضِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ تَأْثِيرٌ لِلْعَزْلِ فِي الْحَالِ إذْ إنَّ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الْعُرُوضَ وَأَنْ يُبَدِّلَهَا لِمَالٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَعِنْدَ تَبْدِيلِهِ لَهَا يَنْعَزِلُ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي الْعُرُوضِ وَبَيْعَهُ لَهَا هُوَ لِضَرُورَةِ إظْهَارِ الرِّبْحِ أَصْبَحَتْ الْعُرُوض نَقْدًا لَمْ يَبْقَ ضَرُورَةٌ وَاحْتِيَاجٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22) فَرْعٌ: إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَأَخَذَ رَبُّ الْمَالِ حِينَ الْقِسْمَةِ فِضَّةً جَازَ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ عُرُوضًا بِقِيمَتِهَا جَازَ أَيْضًا وَتَعْبِيرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الدَّفْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْمُضَارِبَ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَلَهُ الْبَيْعُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ رَبُّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى عَزْلِ الْمُضَارِبِ كَمَا لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ عَنْ الْمُسَافَرَةِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ وَكَمَا لَا يَمْلِكُ تَخْصِيصَ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ مِنْ وَجْهٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 3 - أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ فِضَّةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُبَدِّلَ النَّقْدَ الْمَوْجُودَ بِجِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ تَبْدِيلُهُ بِعُرُوضٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالزَّيْلَعِيّ) إذَا تُوُفِّيَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي النُّقُودِ الَّتِي فِي يَدِهِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَكِنْ لَهُ تَبْدِيلُ الْعُرُوضِ بِنَقْدٍ (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) وَحُكْمُ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ غَيْرُ جَارٍ فِي الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ إذَا فَسَخَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الشَّرِكَةَ فَيَصِحُّ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَتْ أَمْوَالُ الشَّرِكَةِ أَمْتِعَةً (الْبَحْرُ) وَإِذَا فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْمُضَارَبَةِ رِبْحٌ، فَالْمُضَارِبُ مَجْبُورٌ عَلَى تَحْصِيلِ دُيُونِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 1423) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَالْمُضَارِبُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى قَبْضِ الدُّيُونِ بَلْ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُ رَبِّ الْمَالِ لِلْقَبْضِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ) وَكَمَا أَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ عَزْلَ الْمُضَارِبِ فَلِلْمُضَارِبِ أَيْضًا عَزْلُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1140) أَنَّ الْمُضَارَبَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ عَلَى الطَّرَفَيْنِ [ (الْمَادَّةُ 1425) يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ] الْمَادَّةُ (1425) - (إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ أَمَّا الْعَمَلُ فَيَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ)

(المادة 1426) استحقاق رب المال للربح هو بماله

إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ فِي مُقَابِلَةِ عَمَلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1347) أَمَّا الْعَمَلُ فَيُقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1345) وَعَلَيْهِ فَأَيُّ مِقْدَارٍ يُشْرَطُ فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ مِنْ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَلَوْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُضَارِبِ جَازَ وَلَزِمَ إعْطَاءُ الرِّبْحِ الْمَذْكُورِ لِلْمُضَارِبِ وَلَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ هَذَا الرِّبْحِ لِدَائِنِ الْمُضَارِبِ (الْبَحْرُ) أَمَّا لَوْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لِزَوْجَةِ الْمُضَارِبِ فَلَا يَصِحُّ وَيَعُودُ الْمَشْرُوطُ لِرَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هَؤُلَاءِ عَمَلٌ. أَمَّا إذَا شُرِطَ عَمَلُ زَوْجَةِ الْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ تَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ كَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ بَعْضِ الرِّبْحِ لِمَنْ يُرِيدُ الْمُضَارِبُ فَإِذَا طَلَبَ الْمُضَارِبُ هَذِهِ الْحِصَّةَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِرَبِّ الْمَالِ صَحَّ أَمَّا إذَا طَلَبَهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَصِحُّ أَيْ أَنَّهُ حَيْثُ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ عَمَلٍ يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ الْمَذْكُورَ أَمَّا إذَا شُرِطَ عَمَلُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ وَكَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ بَعْضُ الرِّبْحِ رَأْسًا لِأَجْنَبِيٍّ فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا عَمَلُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَشْرُوطٍ فَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْنَبِيُّ الرِّبْحَ وَتَعُودُ حِصَّتُهُ لِرَبِّ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1426) اسْتِحْقَاقُ رَبِّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ هُوَ بِمَالِهِ] الْمَادَّةُ (1426) - (اسْتِحْقَاقُ رَبِّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ هُوَ بِمَالِهِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ بِمَنْزِلَةِ أَجِيرِ الْمِثْلِ لَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ) اسْتِحْقَاقُ رَبِّ الْمَالِ لِلرِّبْحِ هُوَ بِمَالِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1247) . فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ اثْنَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ بِنِسْبَةِ رَأْسَيْ مَالِهِمَا مُتَسَاوِيًا فَيَتَسَاوَى الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ شُرِطَ ثُلُثَا الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ لِلْآخَرِ فَيُقْسَمُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي رَأْسِ الْمَالِ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ بَعْضِ الرِّبْحِ لِدَائِنِي رَبِّ الْمَالِ فَيَصِحُّ وَيَجِبُ إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَائِهِ لِلدَّائِنِينَ (الْبَحْرُ) وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَيَكُونُ جَمِيعُ الرِّبْحِ لَهُ أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِلرِّبْحِ إنَّمَا حَصَلَ بِعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ وَلَمَّا كَانَ عَقْدُ الْمُضَارَبَةِ فَاسِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ الرِّبْحَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لِعَدَمِ وُجُودِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ الْمُفِيدِ لِلْإِجَارَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ بِمَنْزِلَةِ أَجِيرِهِ فَيَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ بَدَلَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ الْعَمَلَ مَجَّانًا وَيَكُونُ الْمُضَارِبُ عَامِلًا لِرَبِّ الْمَالِ وَالرِّبْحُ الَّذِي شُرِطَ لَهُ كَأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَإِذَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ تَظْهَرُ مَعْنَى الْإِجَارَةِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)

(المادة 1427) إذا تلف مقدار من مال المضاربة

أَمَّا إذَا أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ مُضَارَبَةً وَشَرَطَ لِنَفْسِهِ كَذَا رِبْحًا فَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْمُضَارَبَةُ فَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَوْ عَمَلٌ (الْبَحْرُ) وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ بَلْ لَهُ أَخْذُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْمِقْدَارَ الْمَشْرُوطَ حِينَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ ثُلُثُ الرِّبْحِ لِلْمُضَارِبِ وَثُلُثَاهُ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِذَا كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةً فَلَا يَتَجَاوَزُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُضَارِبِ ثُلُثَ الرِّبْحِ لِرِضَاهُ بِهِ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ مُلَخَّصًا) وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الْمَشْرُوطِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُضَارِبُ أَجْرَ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ (الدُّرَرُ) حَتَّى لَا تَكُونَ الْمُضَارَبَةُ الْفَاسِدَةُ فَائِقَةً عَنْ الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ فَالْمُضَارِبُ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ سَوَاءٌ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ رَجَّحَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ بِقَوْلِهِمْ عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ فُهِمَ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1427) إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ] الْمَادَّةُ (1427) - (إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَيُحْسَبُ فِي بَادِئِ الْأَمْرِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَسْرِي إلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَإِذَا تَجَاوَزَ مِقْدَارَ الرِّبْحِ وَسَرَى إلَى رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً) . إذَا تَلِفَ مِقْدَارٌ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِلَا تَعَدٍّ فَيُحْسَبُ فِي بَادِئِ الْأَمْرِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَسْرِي إلَى رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ تَابِعٌ وَرَأْسُ الْمَالِ أَصْلٌ فَيَنْصَرِفُ الْهَالِكُ إلَى التَّابِعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا إذَا تَلِفَ بِتَعَدِّي الْمُضَارِبِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ وَالْقَوْلُ فِي الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ لِلْمُضَارِبِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُضَارِبِ بَيَانُ الرِّبْحِ وَالْخَسَارِ مُفَصَّلًا كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُضَارِبِ فِي الضَّيَاعِ وَفِي الرَّدِّ لِرَبِّ الْمَالِ (التَّكْمِلَةُ) مَثَلًا لَوْ بُدِئَ بِالْمُضَارَبَةِ بِرَأْسِ مَالٍ مِائَتَيْ دِينَارٍ وَبَعْدَ أَنْ بَلَغَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِينَارًا تَلِفَ أَرْبَعُونَ دِينَارًا فَمِائَتَا دِينَارٍ مِنْ الْمَبْلَغِ الْبَاقِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ وَالْعَشَرَةُ دَنَانِيرُ الْبَاقِيَةُ تُعْتَبَرُ رِبْحًا وَإِذَا تَلِفَ مِنْ هَذَا الْمَبْلَغِ خَمْسُونَ دِينَارًا فَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ وَتَكُونُ الْمِائَتَا دِينَارٍ الْبَاقِيَةُ هِيَ رَأْسُ الْمَالِ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ (فَيُحْسَبُ مِنْ الرِّبْحِ) أَنَّهُ يَشْمَلُ الرِّبْحَ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ جَرَى تَقْسِيمُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ تَقْسِيمَ الرِّبْحِ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ مَوْقُوفٌ إنْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ بَطَلَتْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَذَلِكَ لَوْ بَقِيَتْ الْمُضَارَبَةُ بَعْدَ تَقْسِيمِ الرِّبْحِ وَتَلِفَ مُؤَخَّرًا كُلُّ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بَعْضُهُ فَيُرَدُّ الرِّبْحُ الْمَأْخُوذُ وَيُعَادُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَيُكْمَلُ رَأْسُ مَالِ رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا زَادَ شَيْءٌ عَنْ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ رَبُّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَإِذَا نَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا

(المادة 1429) إذا مات رب المال أو المضارب أو جن جنونا مطبقا

يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ. أَمَّا إذَا قُسِمَ الرِّبْحُ وَفُسِخَتْ الْمُضَارَبَةُ ثُمَّ عُقِدَتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ مُجَدَّدًا وَتَلِفَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ الرِّبْحِ الَّذِي قُسِمَ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمَفْسُوخَةِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ الْأُولَى قَدْ انْتَهَتْ بِالْفَسْخِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ نَافِعَةٌ لِلْمُضَارِبِ (الْبَحْرُ) أَيْ لَوْ خَافَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ رَبُّ الْمَالِ الرِّبْحَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِسَبَبِ هَلَاكِ مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَعُلِمَ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْحِيلَةِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْمُضَارِبُ رَأْسَ الْمَالِ إلَى رَبِّ الْمَالِ وَتَقْيِيدُ الزَّيْلَعِيّ بِهِ اتِّفَاقِيٌّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا تَجَاوَزَ مِقْدَارَ الرِّبْحِ وَسَرَى إلَى رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْخَسَارُ بِعَمَلِ الْمُضَارِبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ (الْبَحْرُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ ثَمَانُونَ دِينَارًا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَتُحْسَبُ الْخَمْسُونَ دِينَارًا مِنْ الرِّبْحِ وَيَكُونُ الْبَاقِي قَدْ تَلِفَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُضَارِبُ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1314) سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَيْ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (الْمَادَّة 1428) - (يَعُودُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ) . يَعُودُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا تَجَاوَزَ الرِّبْحَ إذْ يَكُونُ الضَّرَرُ وَالْخَسَارُ فِي هَذَا الْحَالِ جُزْءًا هَالِكًا مِنْ الْمَالِ فَلِذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ عَلَى غَيْرِ رَبِّ الْمَالِ وَلَا يُلْزَمُ بِهِ آخَرَ. وَيُسْتَفَادُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَإِذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَوْ جَمِيعُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الشَّرْطُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) أَيْ يَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لَغْوًا فَلَا يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (الدُّرَرُ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ زَائِدٌ فَلَا يُوجِبُ الْجَهَالَةَ فِي الرِّبْحِ أَوْ قَطْعَ الشَّرِكَةِ فَلَا تَفْسُدُ الْمُضَارَبَةُ بِهِ حَيْثُ إنَّ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لَا تُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) [ (الْمَادَّةُ 1429) إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا] الْمَادَّةُ (1429) - (إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ) تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ بِعَشَرَةِ أَسْبَابٍ: (1) بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ (2) أَوْ بِمَوْتِ الْمُضَارِبِ (3) أَوْ بِجُنُونِ رَبِّ الْمَالِ (4) أَوْ بِجُنُونِ الْمُضَارِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1428) (8) أَوْ بِعَزْلِ رَبِّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1424)

(المادة 1430) إذا مات المضارب مجهلا

أَوْ بِاسْتِقَالَةِ الْمُضَارِبِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1424) (10) أَوْ بِتَلَفِ رَأْسِ الْمَالِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1352) أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْفَسِخُ أَيْضًا لِبَعْضِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ وَكَالَةٌ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1528) وَلَا تُورَثُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُضَارِبُ وَكَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عُرُوضٌ فَيَبِيعُ وَصِيُّ الْمُضَارِبِ تِلْكَ الْعُرُوضَ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا لَهُ وَيَبِيعُهَا ذَلِكَ الْوَصِيُّ وَيُؤَدِّي لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ الْمَالِ مَعَ حِصَّتِهِ كَمَا أَنَّهُ تُؤَدَّى حِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ لِوَرَثَتِهِ أَوْ إلَى غُرَمَائِهِ، وَإِذَا تُوُفِّيَ رَبُّ الْمَالِ وَكَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ الْمَوْجُودِ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ عُرُوضًا فَتَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَلَا تَبْطُلُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ، وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ الْعُرُوضَ الْمَذْكُورَةَ فِي بَلْدَةِ رَبِّ الْمَالِ مُقَابِلَ عُرُوضٍ أَوْ نَقْدٍ أَيْ لَهُ بَيْعُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِعَرْضٍ وَنَقْدٍ ثُمَّ يَكُونُ الْعَرْضُ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فَلَهُ بَيْعُهُ بِعَرْضٍ أَيْضًا إلَى أَنْ يَصِيرَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ نَقْلُ تِلْكَ الْعُرُوضِ إلَى غَيْرِ بَلْدَةِ رَبِّ الْمَالِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ تَنْفَسِخُ بِوَفَاةِ رَبِّ الْمَالِ وَلَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ لُحُوقُ عِلْمِ الْمُضَارِبِ بِالْوَفَاةِ؟ وَالتَّفْصِيلُ عَنْ ذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1424) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1430) إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا] الْمَادَّةُ (1430) - (إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا فَيَجِبُ الضَّمَانُ فِي تَرِكَتِهِ) إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ مُجَهِّلًا مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا ادَّعَى وَرَثَتُهُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ رَدَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ إلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَيْ أَنَّهُ كَانَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَرِّثِ مَعَ الْيَمِينِ فِي حَيَاتِهِ بِاعْتِبَارِهِ أَمِينًا تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1774) وَلَكِنْ بِوَفَاتِهِ بَعْدَ التَّجْهِيلِ لَا يُعْتَبَرُ وَرَثَتُهُ كَذَلِكَ أُمَنَاءُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِثْبَاتُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (801 و 1355) أَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْوَرَثَةُ بِالْبَيِّنَةِ رَدَّ الْمُضَارِبِ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ قَوْلَ الْمُضَارِبِ قَبْلَ وَفَاتِهِ أَنَّهُ رَدَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ وَالرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ فَيُقْبَلُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: قَدْ رَبِحْتُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَلَتْ إلَى يَدِي ثُمَّ تَلِفَ كُلُّ الْمَالِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ تَكْذِيبِ رَبِّ الْمَالِ لَهُ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُحَلِّفَ الْوَرَثَةَ عَلَى عَمَلِهِمْ بِضَيَاعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ بِسَبَبِ الْجُحُودِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُمْ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ

اُسْتُحْلِفُوا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ فِي أَوَّلِ الْمُضَارَبَةِ) أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ: إنَّهُ رَبِحَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ وُصُولَهَا إلَى يَدِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِوُصُولِ الْمَالِ يَدَهُ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) فُرُوعٌ: 1 - إذَا تُوُفِّيَ الْمُضَارِبُ مَدِينًا فَإِذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مَعْرُوفًا فَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَحَقَّ بِرَأْسِ مَالِهِ وَبِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ 2 - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْخِيَانَةَ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فَإِذَا حَلَفَ يَبْرَأُ وَإِذَا نَكَلَ تَثْبُتُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَإِذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْخِيَانَةَ الْمَجْهُولَةَ بِدُونِ تَعْيِينِ الْمِقْدَارِ فَيَحْلِفُ الْمُنْكِرُ أَيْضًا فَإِذَا نَكَلَ فَيَجِبُ عَلَى الْمُنْكِرِ بَيَانُ مِقْدَارِ الْخِيَانَةِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارٍ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً عَلَى الْأَكْثَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الباب الثامن في بيان المزارعة والمساقاة وينقسم إلى فصلين

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ] [ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى لَاثَةِ مَبَاحِثَ] [ (الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ) فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ وَتَقْسِيمِهَا وَرُكْنِهَا] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ " فِي بَيَانِ الْمُزَارَعَةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ " الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الْمُزَارَعَةِ وَتَقْسِيمِهَا وَرُكْنِهَا الْمُزَارَعَةُ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ مِنْ الزَّارِعُ، وَالزَّارِعُ أَيْضًا مِنْ الزَّرْعِ، وَالزَّرْعُ لُغَةً زَرْعُ الْبَذْرِ وَيُسَمَّى الْمَحَلُّ الْمَزْرُوعُ مَزْرَعَةً مُثَلَّثَةَ الرَّاءِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتُدْعَى الْمُزَارَعَةُ مُخَابَرَةً وَعَاقِلَةً أَيْضًا كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقُ يُسَمُّونَهَا قَرَاحًا وَالْقَرَاحُ بِالْفَتْحِ فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمَزْرَعَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَبْنِيَةٌ وَأَشْجَارٌ وَجَمْعُهَا أَقْرِحَةٌ اخْتِلَافُ الْأَئِمَّةِ فِي حَقِّ الْمُزَارَعَةِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ اتَّفَقَ مَعَ أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ الْمَحْصُولَاتِ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ لَا يَكُونَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُقْتَدِرًا عَلَى زِرَاعَتِهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ لَا يُوجَدَ لَدَيْهِ نُقُودٌ لِدَفْعِ أُجْرَةٍ لِزَرْعِ أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُحْتَاجًا لِإِعْطَاءِ أَرْضِهِ مُزَارَعَةً، وَبِمَا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَكُونُ قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لَدَيْهِ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا أَوْ عَمَلٌ يَعْمَلُ بِهِ أَوْ نَقْدٌ يَسْتَأْجِرُ بِهِ فَجُوِّزَتْ الْمُزَارَعَةُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ وَفِي الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا جَازَ عَيْنُ الِاخْتِلَافِ. وَالْمَوَادُّ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ هَذِهِ الْمَجَلَّةُ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) وَقَدْ بَيَّنَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ إلَّا أَنَّ بَيَانَهُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَقْوَالِ مَنْ جَوَّزُوا الْمُزَارَعَةَ لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ. شُرُوطُ الْمُزَارَعَةِ: وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَقَدْ جُمِعَتْ بِقَوْلِ (ابْنُ خَصْمِ شَجَّ) الْأَلِفُ، إشَارَةٌ إلَى أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1433) الْبَاءُ، إشَارَةٌ لِلُزُومِ بَيَانِ الْبَذْرَةِ أَيْ يَجِبُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ أَنْ يُذْكَرَ أَنَّ الْبُذُورَ تَكُونُ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَيْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْمُزَارِعِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَبَيَانُ صَاحِبِ الْبَذْرِ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، الْبَيَانُ صَرَاحَةً، الثَّانِي: الْبَيَانُ دَلَالَةً وَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: قَدْ آجَرْتُكَ الْأَرْضَ وَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْكَلَامِ بَيَانُ أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ: قَدْ أَعْطَيْتُكَ الْأَرْضَ عَلَى أَنْ تَزْرَعَهَا لِنَفْسِي فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيَانًا بِأَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْعَامِلِ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ رَبُّ الْبَذْرِ

(المادة 1431) المزارعة

صَرَاحَةً كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ دَلَالَةً فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُتَّخَذُ الْعُرْفُ حَكَمًا إذَا كَانَ مُتَّحِدًا أَيْ إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْضِي بِلُزُومِ الْبَذْرِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَيْ عَلَى الْعَامِلِ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . وَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ غَيْرَ مُتَّحِدٍ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 41) ؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَبِمَا أَنَّ الْحُكْمَ يَكُونُ مُخْتَلِفًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَوَجَبَ بَيَانُ رَبِّ الْبَذْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَمْ يُذْكَرْ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ النُّونُ إشَارَةٌ إلَى لُزُومِ بَيَانِ نَصِيبِ الْعَاقِدَيْنِ وَهَذَا الشَّرْطُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1435) وَسَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ الْخَاءُ إشَارَةٌ لِتَخْلِيَةِ الْأَرْضِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1436) الصَّادُ إشَارَةٌ إلَى لُزُومِ صَلَاحِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَهَذَا مَذْكُورٌ مُفَصَّلًا فِي الْمَادَّةِ (1436) الْمِيمُ إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ أَيْ يَلْزَمُ بَيَانُ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ حَتَّى تُعْلَمَ الْمَنَافِعُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ذُكِرَتْ مُدَّةٌ لِلْمُزَارَعَةِ فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ الزِّرَاعَةُ وَإِدْرَاكُ الْمَحْصُولِ فِيهَا فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا لَمْ تُبَيَّنْ فِي الْمُزَارَعَةِ مُدَّةٌ فَتُصْرَفُ إلَى زَمَنِ مَحْصُولٍ وَاحِدٍ فِي سَنَةٍ وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَقَدْ رَجَّحَ أَكَابِرُ الْفُقَهَاءُ هَذَا الْقَوْلَ. وَإِنَّ عَدَمَ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ بَيَانَ الْمُدَّةِ مِنْ جُمْلَةِ الشِّينُ، إشَارَةٌ إلَى الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ، وَالشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ إحْدَى شُرُوطِ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُزَارَعَةِ إنَّمَا هُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَإِنْ انْعَقَدَتْ ابْتِدَاءً إجَارَةً إلَّا أَنَّهَا تَنْعَقِدُ شَرِكَةً انْتِهَاءً أَيْ حِينَ حُصُولِ الْمَحْصُولِ حَتَّى إنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ يُفْسِدُ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَهَذَا الشَّرْطُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1435) وَقَدْ بَيَّنَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُسْتَدْرَكٌ وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ بِاشْتِرَاطِ بَيَانِ نَصِيبِ الْعَامِلِ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الشَّرْطِ وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَذْكُرْ صَرَاحَةً شَرْطَ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ فَلَا يَرِدُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمَجَلَّةِ الْجِيمُ، إشَارَةٌ لِلُزُومِ بَيَانِ جِنْسِ الْبَذْرِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1434) ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَعْضُ خَارِجٍ فَإِعْلَامُ جِنْسِ الْأُجْرَةِ شَرْطٌ كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْمَزْرُوعَاتِ تَضُرُّ بِالْأَرْضِ زِيَادَةً عَنْ غَيْرِهَا فَيَجِبُ بَيَانُ الْبَذْرِ حَتَّى لَا يَكُونَ بَاعِثًا لِلنِّزَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1431) الْمُزَارَعَةُ] الْمَادَّةُ (1431) - (الْمُزَارَعَةُ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى كَوْنِ الْأَرَاضِيِ مِنْ طَرَفٍ وَالْعَمَلِ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ أَيْ أَنْ تُزْرَعَ الْأَرَاضِي وَتُقْسَمَ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا) أَرْكَانُ الْمُزَارَعَةِ أَرْبَعَةٌ: أَوَّلُهَا الْأَرْضُ، ثَانِيهَا الْبَذْرُ، ثَالِثُهَا الْعَمَلُ، رَابِعُهَا الْبَقَرُ.

الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَعَلَى ذَلِكَ فَتُقَسَّمُ الْمُزَارَعَةُ بِالتَّقْسِيمِ الْعَقْلِيِّ إلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ. ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ صَحِيحَةٌ وَبَاقِيهَا فَاسِدٌ. وَقَدْ رَتَّبْنَا جَدْوَلًا إجْمَالِيًّا أَدْرَجْنَا فِيهِ تِلْكَ الْأَقْسَامَ وَأَشَرْنَا إلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ مِنْهَا، وَكَوْنُهَا سَبْعَةَ أَقْسَامٍ هُوَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ بَعْضَ الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَبَاقِيهَا مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَمَّا إذَا اُعْتُبِرَ أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ طَرَفٍ وَبَاقِيَهَا مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَزِيدُ الْأَقْسَامُ عَنْ سَبْعَةٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْأَصْلُ فِيهَا أَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ هُوَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتُخَرَّجُ الْمَسَائِلُ عَلَى هَذَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مِنْ طَرَفٍ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ 1 - أَرْضٌ وَبَذْرٌ عَمَلٌ وَبَقَرٌ 2 - الْعَمَلُ فَقَطْ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَبَذْرٌ جَائِزٌ 3 - أَرْضٌ فَقَطْ عَمَلٌ وَبَقَرٌ وَبَذْرٌ (أَرْضٌ وَبَقَرٌ عَمَلٌ وَبَذْرٌ) (أَرْضٌ وَعَمَلٌ بَقَرٌ وَبَذْرٌ) فَاسِدٌ، بَقَرٌ فَقَطْ أَرْضٌ وَبَذْرٌ وَعَمَلٌ، بَذْرٌ فَقَطْ أَرْضٌ وَعَمَلٌ وَبَقَرٌ. وَلْنُوضِحْ الْآنَ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ الْجَائِزَةَ: أَوَّلًا - أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ مِنْ طَرَفٍ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ فَهَذِهِ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ قَدْ وَقَعَ عَلَى الْعَمَلِ وَالْبَقَرُ آلَةُ الْعَامِلِ كَالِاسْتِئْجَارِ فِي الْخِيَاطَةِ يَقَعُ عَلَى الْخِيَاطَةِ وَالْإِبْرَةُ هِيَ آلَةُ الْخِيَاطَةِ ثَانِيًا - أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِنْ طَرَفٍ وَالْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْبَذْرُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ صَحِيحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ بِآلَتِهِ أَيْ بِآلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْخَيَّاطِ لِتَخْيِيطِ الثِّيَابِ بِإِبْرَةِ صَاحِبِ الثِّيَابِ، وَاسْتِئْجَارُ الْبَنَّاءِ لِيَبْنِيَ الْبِنَاءَ بِآلَاتِ صَاحِبِ الْبِنَاءِ ثَالِثًا - أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مِنْ طَرَفٍ وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَهَذَا صَحِيحٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ قَدْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مُقَابِلَ جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ أَيْ مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَكَمَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ بِنُقُودٍ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا أَيْضًا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ (الْبَحْرُ) وَتَعْرِيفُ الْمَجَلَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي شُمُولِهِ لِكُلِّ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَكَانَ مِنْ الْمُوَافِقِ أَنْ تُعَرَّفَ بِقَوْلِهِ عَقْدُ زَرْعٍ بِبَعْضِ الْخَارِجِ (الدُّرُّ وَالْقُهُسْتَانِيُّ) . وَمَنْ أَرَادَ تَفْصِيلَ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَأَسْبَابِ فَسَادِهَا فَلْيُرَاجِعْ مَجْمَعَ الْأَنْهُرِ وَالتَّنْوِيرَ وَشَرْحَهُمَا

(المادة 1432) ركن المزارعة

قِيلَ " وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ "، وَالْمَقْصُورُ مِنْ الْعَمَلِ هُوَ السَّقْيُ وَالْحِفْظُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْعَمَلُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الزَّرْعُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ نَقْلُ الْبَذْرِ إلَى مَوْضِعِ الْأَرْضِ وَزَرْعُهُ فِي الْأَرْضِ وَسَقْيُ الزَّرْعِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ وَكَرْيُ النَّهْرِ لِلْإِسْقَاءِ وَهَذَا الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ أَيْ عَلَى الزَّارِعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُشْرَطْ صَرَاحَةً عَلَى الزَّارِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ هَذَا الْعَمَلِ عَلَى الزَّارِعِ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الزَّارِعُ هَذَا الْعَمَلَ فَفَسَدَ الزَّرْعُ فَيَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا وُضِّحَ فِي الْمَادَّةِ (1438) . الْقِسْمُ الثَّانِي - الْعَمَلُ الْوَاقِعُ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَحْصُولِ وَقَبْلَ قِسْمَتِهِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ كَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَالرِّفَاعِ أَيْ رَفْعُ الزَّرْعِ إلَى الْبَيْدَرِ وَالتَّذْرِيَةِ وَقَلْعِ الْمَشَارَةِ أَيْ تَنْقِيَةِ النَّبَاتَاتِ الْمُضِرَّةِ وَالسِّرْقِينِ أَيْ تَزْبِيلُ الْأَرْضِ، فَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مَعًا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَتْ الْمَصَارِفُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الْعَامِلِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ شَرْطٌ نَافِعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ شَرْطَ أُجْرَةِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْعَامِلِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى تَعَامُلِ النَّاسِ وَاعْتِبَارًا بِالِاسْتِصْنَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُفْتَى بِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ أُجْرَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْعَامِلِ فَيَدْفَعُهَا الطَّرَفَانِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَإِذَا شُرِطَ فَتَلْزَمُ الْعَامِلَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ أَمَّا إذَا شُرِطَ هَذَا الْمُصْرَفُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِي ذَلِكَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْعَمَلُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَالْقِسْمَةِ فَمُصْرَفُ هَذَا الْعَمَلِ يَلْزَمُ مَنْ وَقَعَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ مَثَلًا إذَا قُسِمَتْ الْحَاصِلَاتُ فِي الْبَيْدَرِ وَخَرَجَ لِأَحَدِهِمَا مِائَتَا كَيْلَةٍ وَالْآخَرِ خَمْسُونَ كَيْلَةً وَلَزِمَ نَقْلُهُمَا إلَى الْمَخْزَنِ فَيَدْفَعُ صَاحِبُ الْمِائَةِ كَيْلَةٍ مُصَارَفَ نَقْلِ حَاصِلَاتِهِ مِنْهُ خَاصَّةً كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً يَدْفَعُ مُصَارَفَ نَقْلِ حَاصِلَاتِهِ مِنْهُ خَاصَّةً لِتَمْيِيزِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (وَالْعَمَلُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ) أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ أَرْضًا وَأَدْرَكَ الزَّرْعَ فَأَعْطَى الْأَرْضَ مُزَارَعَةً لِآخَرَ لَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَعْطَاهَا قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَكَانَ الزَّرْعُ مُحْتَاجًا لِأَعْمَالٍ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ جَازَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إعْطَاؤُهَا مُزَارَعَةً لِآخَرَ. اُنْظُرْ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْجَدْوَلِ الْوَارِدِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1432) رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ] الْمَادَّةُ (1432) - (رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَيْ الْمُزَارِعِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَذَا حِصَّةً وَقَالَ الزَّارِعُ: قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ قَالَ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى

الرِّضَاءِ أَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي أَرْضَكَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لِأَعْمَلَ فِيهَا وَرَضِيَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ) . رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَرُكْنِ الْعُقُودِ الْأُخْرَى فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَيْ لِلزَّارِعِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَأْخُذَ كَذَا حِصَّةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَقَالَ الزَّارِعُ: قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ قَالَ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَهَذَا مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْإِيجَابِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْقَبُولِ مِنْ الْمُزَارِعِ، أَمَّا مَا بَعْدَهُ فَهُوَ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَ الزَّارِعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي أَرْضَكَ الْفُلَانِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لِأَعْمَلَ فِيهَا وَعَلَى أَنْ آخُذَ كَذَا حِصَّةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَرَضِيَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ) حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ، لِلْمُزَارَعَةِ حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - الْحُكْمُ حَالًا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَنَّ الْمُزَارِعَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ. الْحُكْمُ الثَّانِي - الْحُكْمُ مَآلًا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَحْصُولٌ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ شَيْءٌ أَيْ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْذُ أُجْرَةِ أَرْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْعَامِلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْحَاصِلَاتُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ بِإِصَابَتِهَا بِإِحْدَى الْآفَاتِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِشَيْءٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) صِفَةُ الْمُزَارَعَةِ عَدَمُ اللُّزُومِ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِ الْبَذْرِ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ أَمْ لَا فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِهَدْمِ دَارِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْبَ لَكِنْ وَجَدَ عَامِلًا أَرْخَصَ مِنْهُ أَوْ أَرَادَ هَدْمَهَا بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لِلْعَامِلِ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ مَا أَظْهَرَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ فَسَخَ رَبُّ الْبَذْرِ بَعْدَ كِرَابِ الْعَامِلِ لِلْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ قَضَاءً مُقَابِلَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْجَدَهُ الْعَامِلُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنَافِعُ إنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ وَيَنْتُجْ شَيْءٌ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَلَكِنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إرْضَاءُ الْعَامِلِ دِيَانَةً بِسَبَبِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ غَرَّرَ بِالْعَامِلِ (الطُّورِيُّ) فَيُفْتِي الْمُفْتِي بِإِعْطَاءِ أَجْرِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ وَحَكَمَ مِنْ جِهَةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَيْ غَيْرِ صَاحِبِ الْبَذْرِ بِاللُّزُومِ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ بِلَا عُذْرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) أَمَّا إذَا بَذَرَ صَاحِبُ الْبَذْرِ فَيُصْبِحُ لَازِمًا فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَلَا يَقْتَدِرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْفَسْخِ بِلَا عُذْرٍ فَلِذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ إجْرَاءِ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْمُزَارَعَةِ فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي

(المبحث الثاني) في بيان شروط المزارعة

[ (الْمَبْحَثُ الثَّانِي) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْمُزَارَعَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1433) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَاقِلَيْنِ] الْمَادَّةُ (1433) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَاقِلَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا فَلِذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ أَيْ أَنْ يَكُونَا عَاقِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدٌ بِدُونِ أَهْلِيَّةٍ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (957 وَ 966 وَ 979) فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ يَبْطُلُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ بَالِغَيْنِ وَذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كِلَا الْعَاقِدَيْنِ صَبِيًّا مَأْذُونًا كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا غَيْرَ مَأْذُونٍ وَالْآخَرُ عَاقِلًا بَالِغًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَيَكُونُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ [ (الْمَادَّةُ 1434) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّرْعِ] الْمَادَّةُ (1434) - (يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّرْعِ أَيْ مَا سَيُزْرَعُ أَوْ تَعْمِيمُهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الزَّارِعُ مَا يَشَاءُ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَزْرُوعُ مَعْلُومًا أَيْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّرْعِ أَيْ مَا سَيُزْرَعُ أَوْ تَعْمِيمُهُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الزَّارِعُ مَا يَشَاءُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ هِيَ بَعْضُ الْحَاصِلَاتِ وَبَيَانُ الْأُجْرَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ الزَّرْعِ يَضُرُّ الْأَرْضَ ضَرَرًا بَلِيغًا فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُبَيَّنْ فِي الْعَقْدِ جِنْسُ الْبَذْرِ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مَشْرُوطًا إعْطَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمُزَارَعَةُ قَبْلَ الزَّرْعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1433) وَيُعْلَمُ الْبَذْرُ وَالْأُجْرَةُ بَعْدَ الزَّرْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) إذْ الْإِعْلَامُ عِنْدَ التَّأْكِيدِ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْلَامِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ طَرَفِ الْعَامِلِ أَيْ الزَّارِعِ وَلَمْ يُعَيَّنْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُعَمَّمْ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَلَا تَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ الْبَذْرُ وَلَمْ يُعَمَّمْ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَرْضَ زُرِعَتْ فَتَنْقَلِبُ الْمُزَارَعَةُ إلَى الصِّحَّةِ حَيْثُ قَدْ أَصْبَحَ الْبَذْرُ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى أَلْقَى بَذْرَهُ فَقَدْ تَحَمَّلَ الضَّرَرَ فَيَزُولُ الْمُفْسِدُ فَيَجُوزُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَتَعْيِينُ الزَّرْعِ يَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ: 1 - أَنْ يُبَيِّنَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَنَّهُ سَيَزْرَعُ حِنْطَةً مَثَلًا 2 - أَوْ بِالتَّرْدِيدِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلزَّارِعِ إذَا زَرَعْتَ حِنْطَةً لَكَ كَذَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَإِذَا زَرَعْتَ شَعِيرًا لَكَ كَذَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَعَدَمُ تَعْيِينِ الزَّرْعِ يَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ أَيْضًا:

(المادة 1435) يشترط حين العقد تعيين حصة الزارع من الحاصلات

بِعَدَمِ بَيَانِ الزَّرْعِ مُطْلَقًا 2 - بِبَيَانِهِ مَجْهُولًا، فَلَوْ قِيلَ ازْرَعْ بَعْضَهُ شَعِيرًا وَبَعْضَهُ حِنْطَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ الَّذِي سَيُزْرَعُ حِنْطَةً وَالْمِقْدَارَ الَّذِي سَيُزْرَعُ شَعِيرًا فَتَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْبَذْرِ يُعْلَمُ بِإِعْلَامِ الْأَرْضِ (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ يَعْرِفُ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَالْأَرَاضِي مُتَفَاوِتَةٌ لَا يَصِيرُ الْعَمَلُ مَعْلُومًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1435) يُشْتَرَطُ حِينَ الْعَقْدِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ] الْمَادَّةُ (1435) - (يُشْتَرَطُ حِينَ الْعَقْدِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ فَإِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ حِصَّتُهُ أَوْ تَعَيَّنَتْ عَلَى إعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الْحَاصِلَاتِ أَوْ قُطِعَتْ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ) . يُشْتَرَطُ حِينَ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ وَلْنُبَادِرْ كُلًّا مِنْهُمَا: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْعَقِدُ شَرِكَةَ انْتِهَاءٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَاصِلَاتِ وَيُفْهَمُ هَذَا الشَّرْطُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (مِنْ الْحَاصِلَاتِ) فَلِذَلِكَ إذَا عُيِّنَتْ حِصَّةُ الزَّارِعِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْحَاصِلَاتِ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ، مَثَلًا لَوْ شُرِطَ أَنْ يُعْطَى الزَّارِعُ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً مِنْ غَيْرِ حَاصِلَاتِ الْأَرْضِ بَلْ مِنْ مَحْصُولِ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْخَاصِّ فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ، الشَّرْطُ الثَّانِي - يَجِبُ أَنْ تُشْرَطَ الْحَاصِلَاتُ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ وَيُفْهَمُ هَذَا الشَّرْطُ مِنْ تَعْبِيرِ (جُزْءًا شَائِعًا) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلِذَلِكَ لَوْ شُرِطَتْ جَمِيعُ الْحَاصِلَاتِ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ (الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الزَّارِعِ شَائِعَةً وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَنْ يُعْطَى مِنْ الْحَاصِلَاتِ عَشْرَ كَيْلَاتٍ مَثَلًا فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَزِيدَ الْحَاصِلَاتُ عَنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَاصِلَاتِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ شُرِطَ إعْطَاءُ حَاصِلَاتِ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُعْطَاةِ مُزَارَعَةً لِأَحَدِهِمَا وَأَنْ تَكُونَ حَاصِلَاتُ الْمَوَاضِعِ الْأُخْرَى مِنْهَا مُشْتَرَكَةً لَهُمَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْصُلَ أَيُّ حَاصِلَاتٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْمُعَيَّنِ. وَانْقِطَاعُ الشَّرِكَةِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ شُرِطَ أَنَّ حَاصِلَاتِ الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْأَرْضِ الْمُعْطَاةِ مُزَارَعَةً الَّذِي يُسْقَى مِنْ الْجَدْوَلِ الْفُلَانِيِّ هِيَ لِأَحَدِهِمَا وَأَنَّ حَاصِلَاتِ الْمَحَلِّ الْآخَرِ مِنْهَا الَّذِي يُسْقَى

مِنْ جَدْوَلٍ آخَرَ لِلْآخَرِ فَتَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَحْصُلَ الْحَاصِلَاتُ فِي أَحَدِهِمَا فَيُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ، لَوْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِقْدَارَ بَذْرِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ عَلَى الْأَرْضِ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تَزِيدَ الْحَاصِلَاتُ عَنْ مِقْدَارِ الْبَذْرِ أَوْ عَنْ مِقْدَارِ الْخَرَاجِ وَانْقِطَاعُ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ فَإِذَا كَانَ الْمَوْضُوعُ عَلَيْهَا نِصْفَ الْخَرَاجِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَاشْتَرَطَا دَفْعَهُ لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ، لَوْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ لِأَحَدِهِمَا وَالْحَبُّ لِلْآخَرِ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَعْرِضَ آفَةٌ وَلَا يَبْقَى مَحْصُولُ غَيْرِ التِّبْنِ وَتَنْقَطِعُ الشَّرِكَةُ بِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ، لَوْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالْحَبُّ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْحَبِّ الْمَقْصُودِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَكَذَلِكَ إذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنُ لِلْمُزَارِعِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْبَذْرِ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَمَّا لَوْ شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ أَوْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ الْبَاقِيَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا بَعْدَ إعْطَاءِ عُشْرِ الْأَرَاضِي الْعُشْرِيَّةُ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ مُشَاعٌ فَلَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ دَفْعُ عُشْرِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَعَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ الْعَامِلِ فَعَلَيْهِمَا وَلَكِنْ إذَا شُرِطَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَبِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلَمْ يُتَعَرَّضْ لِلتِّبْنِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ وَيَكُونُ التِّبْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ إنَّهُ إذَا لَمْ يُتَعَرَّضْ لِلتِّبْنِ فَيَكُونُ التِّبْنُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الزَّارِعِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ مُعَيَّنَةً وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ: يَجِبُ أَنْ تُعَيَّنَ حِصَّةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْبَذْرِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَهَذَا الْبَيَانُ أَكْمَلُ مِنْ بَيَانِ الْمَجَلَّةِ. وَسَبَبُ هَذَا الشَّرْطِ هُوَ إذَا كَانَ الْعَامِلُ أَيْ الزَّارِعُ هُوَ غَيْرُ صَاحِبِ الْبَذْرِ فَتَكُونُ الْحِصَّةُ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا أُجْرَةَ عَمَلِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ هُوَ غَيْرُ صَاحِبِ الْبَذْرِ فَتَكُونُ حِصَّتُهُ الَّتِي سَيَأْخُذُهَا هِيَ أُجْرَةُ أَرْضِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً حَسْبَ الْمَادَّةِ (450) أَمَّا إذَا بُيِّنَ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَسُكِتَ عَنْ بَيَانِ حِصَّةِ رَبِّ الْبَذْرِ فَيَجُوزُ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْبَذْرِ يَسْتَحِقُّ الْحَاصِلَاتِ بِاعْتِبَارِهَا نَاتِجَ مِلْكِهِ وَلَيْسَتْ أُجْرَةً وَكَذَلِكَ لَوْ بُيِّنَتْ حِصَّةُ رَبِّ الْبَذْرِ وَلَمْ يُبَيَّنْ نَصِيبُ الْعَامِلِ فَتَجُوزُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ إذَا بُيِّنَتْ حِصَّةُ رَبِّ الْبَذْرِ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْبَاقِيَ لِلْآخَرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ قَدْ بُيِّنَتْ حِصَّةُ الْآخَرِ ضِمْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) فَإِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ حِصَّتُهُ أَيْ حِصَّةُ الزَّارِعِ وَسَكَتَ عَلَيْهَا فَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ أَيْ إذَا لَمْ تُعَيَّنْ حِصَّةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ بَذْرٍ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَاقِدُ هُوَ الزَّارِعُ أَوْ

(المادة 1436) يشترط أن تكون الأرض صالحة للزراعة وأن تسلم للزارع

صَاحِبُ الْأَرْضِ وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ، أَوْ تَعَيَّنَتْ حِصَّةُ الزَّارِعِ عَلَى إعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ الْحَاصِلَاتِ أَوْ قُطِعَتْ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ تَتَفَرَّعُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِصُورَةِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْغَيْرِ الْمُرَتَّبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1437) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1436) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَأَنْ تُسَلَّمَ لِلزَّارِعِ] الْمَادَّةُ (1436) - (يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَأَنْ تُسَلَّمَ لِلزَّارِعِ) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ فِي مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ وَأَنْ تُسَلَّمَ لِلزَّارِعِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ؛ لِأَنَّ الرِّيعَ الْمَقْصُودَ أَيْ الْحَاصِلَاتِ لَا تَحْصُلُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ سَبْخَةً أَيْ مَالِحَةً أَوْ مُسْتَنْقَعًا لَا يَنْبُتُ النَّبَاتُ فِيهَا لَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ قَوَائِمُ قُطْنٍ وَكَانَتْ زِرَاعَتُهَا غَيْرَ مُمْكِنَةٍ فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ فِيهَا لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ تُضَفْ الْمُزَارَعَةُ إلَى وَقْتِ فَرَاغٍ فَتَصِحُّ فِي تِلْكَ الْحَالِ أَمَّا إذَا سَكَتَ عَنْ الْإِضَافَةِ فَلَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ وَلَكِنْ يَجِبُ تَحَرِّي شَرْطِ صَلَاحِيَّةِ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ فِي مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ فَقَطْ كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الزِّرَاعَةُ غَيْرَ مُمْكِنَةٍ لِعَوَارِضَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ كَانْقِطَاعِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمُزَارَعَةِ أَوْ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِي مَوْسِمِ الشِّتَاءِ وَكَانَتْ الزِّرَاعَةُ مُمْكِنَةً فِي مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ بِحُلُولِ مَوْسِمِ الزِّرَاعَةِ وَعَوْدَةِ الْمِيَاهِ فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . (الْمَادَّةُ 1437) - (إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ) وَقَدْ فُصِّلَتْ شُرُوطُ الْمُزَارَعَةِ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ وَمِنْ مَوَادِّ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ لِلْمُزَارَعَةِ شُرُوطًا عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - شُرُوطُ انْعِقَادِهَا وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ. (1433) وَفِي صُورَةِ فُقْدَانِ أَحَدِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَامِلُ أَوْ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ كِلَاهُمَا صَبِيًّا غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ مَجْنُونًا تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1433) الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ أَنَّ الْعُقُودَ الْغَيْرَ الْمَوْجُودَةِ فِيهَا شُرُوطُ الِانْعِقَادِ تَكُونُ بَاطِلَةً. النَّوْعُ الثَّانِي - شُرُوطُ الصِّحَّةِ وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَوَادِّ (1434 وَ 1435 وَ 1436) وَوُضِّحَتْ

(المادة 1438) كيفما شرط العاقدان في المزارعة الصحيحة تقسم الحاصلات

شَرْحًا وَهِيَ صَلَاحِيَّةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ وَذِكْرُ الْمُدَّةِ عَلَى قَوْلِ ذِكْرِ جِنْسِ الْبَذْرِ أَوْ تَعْمِيمِهِ وَذِكْرُ حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الْخَارِجِ وَتَسْلِيمُ الْأَرْضِ لَهُ وَعَدَمُ قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ الَّتِي هِيَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي فَتَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ الشُّرُوطُ الَّتِي مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي [ (الْمَادَّةُ 1438) كَيْفَمَا شَرَطَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ تُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ] الْمَادَّةُ (1438) - (كَيْفَمَا شَرَطَ الْعَاقِدَانِ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ تُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ) ؛ لِأَنَّ الِالْتِزَامَ وَالشَّرْطَ فِي هَذَا الْحَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (82) وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَشْرُوطًا تُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ مُنَاصَفَةً فَتُقْسَمُ وَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا تَقْسِيمُهَا ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ فَتُقْسَمُ حَسَبَ الشَّرْطِ وَلَكِنْ إذَا لَمْ تَحْصُلْ حَاصِلَاتٌ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ فَلَا يَأْخُذُ الْعَامِلُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَسْتَحِقُّ الْحَاصِلَاتِ حَسَبَ الشَّرِكَةِ فَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ حَاصِلَاتٌ فَلَا تَكُونُ ثَمَّةَ شَرِكَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَوْنُ الْحَاصِلَاتِ أَمَانَةً: وَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ وَالْغَلَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُزَارِعِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَتْ الْغَلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِلَا صَنْعَةٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ أَمَّا إذَا تَلِفَتْ بِصُنْعِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فَيَضْمَنُ وَذَلِكَ لَوْ تَأَخَّرَ الْمُزَارِعُ فِي سَقْيِ الْأَرْضِ وَتَلِفَتْ الْمَزْرُوعَاتِ فَيُنْظَرُ فَإِذَا أَخَّرَ السَّقْيَ التَّأْخِيرَ الْمُعْتَادَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَإِذَا أَخَّرَهُ التَّأْخِيرَ الْغَيْرَ الْمُعْتَادِ فَيَضْمَنُ حِصَّةَ صَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً فَلَا يَضْمَنُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي الْمُزَارَعَةِ: إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ الْمُعْطَاةُ مُزَارَعَةً فَيُنْظَرُ فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَأْخُذُ الْمُزَارِعُ شَيْئًا مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الزَّرْعِ فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ وَاسْتَحَقَّ الْمُسْتَحِقُّ الْأَرْضَ بِدُونِ الزَّرْعِ فَلَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ نَابِتًا وَغَيْرَ مُدْرِكٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (907) وَتَكُونُ مُؤْنَةُ الْقَلْعِ عَلَى رَافِعِ الْأَرْضِ وَعَلَى الْمُزَارِعِ مُنَاصَفَةً ثُمَّ يَكُونُ الْمُزَارِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْمَقْلُوعِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَقْلُوعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ حِصَّتِهِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّ لَهَا حَقَّ الْقَرَارِ فِي الْأَرْضِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَالْمُزَارِعُ مُخَيَّرٌ أَيْضًا إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْمَقْلُوعِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْمَقْلُوعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَرَجَعَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ عَلَى قَوْلِ الْبَلْخِيّ أَوْ بِقِيمَةِ الْمَقْلُوعِ عَلَى رَأْيِ أَبِي جَعْفَرٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1439) تكون جميع الحاصلات في المزارعة الفاسدة لصاحب البذر

[ (الْمَادَّةُ 1439) تَكُونُ جَمِيعُ الْحَاصِلَاتِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ] الْمَادَّةُ (1439) - (تَكُونُ جَمِيعُ الْحَاصِلَاتِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَيَأْخُذُ أُجْرَةَ أَرْضِهِ وَإِذَا كَانَ الزَّارِعُ فَيَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ) تَكُونُ جَمِيعُ الْحَاصِلَاتِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَاتِ الْمَذْكُورَةَ هِيَ نَمَاءُ مِلْكِ صَاحِبِ الْبَذْرِ فَإِذَا كَانَ الْآخَرُ صَاحِبَ الْأَرْضِ فَيَأْخُذُ أُجْرَةَ أَرْضِهِ أَيْ أَجْرَ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ قَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ أَرْضِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (461) وَيَجِبُ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ أَجْرُ الْمِثْلِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى أَيْ الْمِقْدَارَ الَّذِي شَرْطَاهُ حِينَ الْعَقْدِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَنَظِيرُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1426) وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (462) وَبِفَهْمِ مَنْ ذَكَرَ: أَنَّ الْآخَرَ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ حَاصِلَاتٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ (أَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَفُوتُ الذِّمَّةُ لِعَدَمِ الْخَارِجِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ بِكَوْنِهَا مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَقْسَامِهَا الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1431) وَهُوَ كَوْنُ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ مِنْ طَرَفٍ فَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ أَجْرَ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ بِعَقْدٍ وَيَقْتَضِي لَهُمَا أَجْرَ الْمِثْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) [ (الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُزَارَعَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1440) تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ أَخْضَرُ] الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ (فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُزَارَعَةِ) (الْمَادَّةُ 1440) - (إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ أَخْضَرُ فَالزَّارِعُ يُدَاوِمُ عَلَى الْعَمَلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعَ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْعُهُ وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّارِعُ فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ شَاءَ دَاوَمَ عَلَى عَمَلِ الزِّرَاعَةِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَنْعُهُ) تَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ بِخَمْسَةِ أَسْبَابٍ: السَّبَبُ الْأَوَّلُ - تَبْطُلُ وَتَنْفَسِخُ الْمُزَارَعَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ إجَارَةٌ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ إذَا كَانَ الْعَاقِدُ عَاقِدًا لِنَفْسِهِ (الطُّورِيُّ) وَتُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي وَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ:

الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُتَوَفَّى قَبْلَ الزَّرْعِ فَإِذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلُ قَبْلَ الزَّرْعِ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَتُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَعْدَ الزَّرْعِ فَتَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ عَنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَمَّا مِنْ أَجْلِ السَّنَةِ الْأُولَى فَيُعْمَلُ بِمُوجِبِ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَبَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ حَقٌّ فِي أَخْذِ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ الْعَمَلِ كَالْكِرَابِ وَحَفْرِ الْأَنْهَارِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَالْخَارِجِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ خَارِجٌ فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ تَقَوُّمٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَأَبُو السُّعُودِ) وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1432) أَنَّهُ إذَا فَسَخَ صَاحِبُ الْبَذْرِ الْمُزَارَعَةَ بَعْدَ أَنْ كَرَبَ الْعَامِلُ الْأَرْضَ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ لَهُ بِأُجْرَةٍ مُقَابِلَ عَمَلِهِ وَلَكِنْ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ إرْضَاءُ الْعَامِلِ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ غُرِّرَ بِهِ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْبَذْرِ (الطُّورِيُّ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يُتَوَفَّى بَعْدَ الزَّرْعِ وَأَثْنَاءَ مَا يَكُونُ الزَّرْعُ نَابِتًا وَاخْضَرَّ فَإِذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَعْدَ الزَّرْعِ وَأَثْنَاءَ مَا كَانَ الزَّرْعُ نَابِتًا فَيَبْقَى عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ مُسْتَمِرًّا حَتَّى إدْرَاكِ الزَّرْعِ اسْتِحْسَانًا وَيُدَاوِمُ الزَّارِعُ عَلَى عَمَلِهِ وَتُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَ الزَّارِعِ وَبَيْنَ وَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الِاسْتِمْرَارِ فِي عَمَلِهِ وَفِي إبْقَاءِ الْعَقْدِ يَكُونُ قَدْ رُوعِيَ حَقُّ الزَّارِعِ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ مَعًا أَمَّا إذَا قُلِعَ الزَّرْعُ فَيُوجِبُ إبْطَالَ حَقِّ الزَّارِعِ فَأَصْبَحَ إبْقَاءُ الْعَقْدِ أَوْلَى وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّارِعُ فَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إنْ شَاءُوا اسْتَمَرُّوا عَلَى عَمَلِ الزِّرَاعَةِ حَتَّى إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ نَظَرًا لِلْوَارِثِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَخْذُ أُجْرَةٍ مُقَابِلَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ قَامَ مَقَامَ الْعَامِلِ وَالْعَامِلُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ وَارِثُ الزَّارِعِ الِاسْتِمْرَارَ فِي عَمَلِ الزِّرَاعَةِ وَطَلَبَ قَلْعَ الزَّرْعِ وَهُوَ أَخْضَرُ فَلَا يُجْبَرُ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْعَمَلِ بَلْ يَكُونُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرًا بِالْخِيَارَاتِ الثَّلَاثَةِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَى الْقَلْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1069) وَإِمَّا أَنْ يُبْقِيَ الزَّرْعَ لِنَفْسِهِ وَيَدْفَعَ قِيمَةَ حِصَّةِ الْوَارِثِ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ الْقَدْرَ الْمَعْرُوفَ عَلَى الزَّرْعِ بِإِذْنِ الْقَاضِي ثُمَّ يَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَارِثِ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْوَارِثِ جَمِيعَ النَّفَقَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَازِمٌ عَلَى الْعَامِلِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1431) وَلَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ هَذَا الْمُصْرَفُ فِي كُلِّ حَالٍ قِيمَةَ حِصَّةِ الْوَارِثِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُتَوَفَّى بَعْدَ الزَّرْعِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِبَقَاءِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ أَيْ أَنَّهُ يَجْرِي حُكْمُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمُزَارَعَةَ تُفْسَخُ أَيْ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الصُّورَةِ الْأُولَى (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) إبْقَاءُ الْمُزَارَعَةِ جَبْرًا: إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ وَلَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ فَتَبْقَى الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِي

قَلْعِ الزَّرْعِ ضَرَرًا إلَى وَقْتِ إدْرَاكِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْطِي الْمُزَارِعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ بَعْضِ الْأَرْضِ لِإِنْمَاءِ حِصَّتِهِ حَتَّى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يَبْقَى الزَّرْعُ فِيهَا إلَى إدْرَاكِهِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيَجِبُ أَنْ تُؤَدَّى نَفَقَةُ الزَّرْعِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ الْعَامِلِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ بِنِسْبَةِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1308) سَوَاءٌ كَانَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُبَيْلَ النَّفَقَةِ الَّتِي تَلْزَمُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ أَوْ بَعْدَ إدْرَاكِهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ لَا يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى الْعَمَلِ أَيْضًا وَالْعَمَلُ الَّذِي كَانَ مَجْبُورًا عَلَى عَمَلِهِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ أَمَّا الْمَصَارِفُ الَّتِي تَلْزَمُ قَبْلَ مُرُورِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (431 1) الْخُلَاصَةُ: تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي نَفَقَةِ الزَّرْعِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - الْمَنْفَعَةُ الَّتِي تَكُونُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَفِي مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ وَهَذِهِ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (431 1) الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - الْمَنْفَعَةُ الَّتِي تَلْزَمُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ وَهَذِهِ النَّفَقَةُ تُؤَدَّى بِنِسْبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحَاصِلَاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (88) الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - النَّفَقَةُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَهَذِهِ النَّفَقَةُ تُؤَدَّى مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ بِنِسْبَةِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَمُصْرَفِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (431 1) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَوْ دَفَعَ الْعَامِلُ أَوْ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُصْرَفَ الَّذِي يَعُودُ عَلَى الْآخَرِ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي أَوْ إذْنِ الْآخَرِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (775) وَشَرْحَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . السَّبَبُ الثَّانِي - إذَا فَسَخَ صَاحِبُ الْبَذْرِ الْمُزَارَعَةَ فَتَنْفَسِخُ وَلَوْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (432 1) السَّبَبُ الثَّالِثُ - إذَا فُسِخَتْ الْمُزَارَعَةُ لِأَعْذَارٍ تَنْفَسِخُ كَانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ. اُنْظُرْ الْمُلْحَقَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (443) وَهُوَ لَوْ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَحْوَجَهُ لِبَيْعِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ فَتُفْسَخُ الْمُزَارَعَةُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ وَتُبَاعُ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 2) كَمَا أَنَّهَا تُفْسَخُ أَيْضًا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُسْتَرْضَى الْمُزَارِعُ دِيَانَةً إذَا عَمِلَ وَفِي الْفَسْخِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ الْآخَرِينَ يُحْتَاجُ لِأَحَدِهِمَا وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْبَذْرَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِقْدَارَ الزِّيَادَةِ الَّتِي أَوْجَدَهَا الْبَذْرُ وَقِيلَ لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ حَتَّى مَلَكَهُ الْوَصِيُّ وَنَحْوُهُ أَمَّا بَعْدَ النَّبَاتِ فَلَا تُفْسَخُ الْمُزَارَعَةُ وَتُبَاعُ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُزَارِعِ تَعَلَّقَ بِهَا حَتَّى لَوْ أَجَازَ جَازَ

(الفصل الثاني) في بيان المساقاة ويحتوي على ثلاثة مباحث

الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَلَوْ بَاعَ بَعْدَ الزَّرْعِ بِلَا عُذْرٍ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ لَمْ تُفْسَخْ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ أَوْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) السَّبَبُ الرَّابِعُ - إذَا مَرِضَ الْمُزَارِعُ أَوْ أَرَادَ السَّفَرَ أَوْ الِاشْتِغَالَ فِي صَنْعَةٍ أُخْرَى فَتُفْسَخُ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) السَّبَبُ الْخَامِسُ - إذَا كَانَ الْمُزَارِعُ خَائِنًا وَخِيفَ مِنْ سَرِقَةِ الْحَاصِلَاتِ فَلِلطَّرَفِ الْآخَرِ فَسْخُهَا وَتَنْفَسِخُ بِالْفَسْخِ. [ (الْفَصْلُ الثَّانِي) فِي بَيَانِ الْمُسَاقَاةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ] [الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْمُسَاقَاةِ وَرُكْنِهَا] الْفَصْلُ الثَّانِي (فِي بَيَانِ الْمُسَاقَاةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ) الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ (فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْمُسَاقَاةِ وَرُكْنِهَا) مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ لُغَةً وَشَرْعًا وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَتُسَمَّى بِلُغَةِ الْمَدِينَةِ مُعَامَلَةً وَإِنَّمَا أُوثِرَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ بِحَسَبِ الِاشْتِقَاقِ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّقْيِ وَالْمُفَاعَلَةِ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا (الطَّحَاوِيَّ) وَقَدْ جُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ بِالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَلِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا السُّنَّةُ - قَدْ سَاقَى النَّبِيُّ الْكَرِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَهْلَ خَيْبَرَ احْتِيَاجُ النَّاسِ إلَيْهَا - وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْمُسَاقَاةِ (الطُّورِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَذَلِكَ أَنَّ لِبَعْضِ النَّاسِ أَشْجَارًا وَلَا يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَيَكُونُ بَعْضُهُمْ مُقْتَدِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَشْجَارٌ وَلِأَجْلِ تَنْظِيمِ مَصَالِحِ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ وَتَأْمِينِ مَنْفَعَتِهِمْ قَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ لِلْمُسَاقَاةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) (الْمَادَّةُ 441 1) - (الْمُسَاقَاةُ هِيَ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا) إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ (1) وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا وَهُوَ الصِّحَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ " الطَّحْطَاوِيُّ "

وَالْأَشْجَارُ جَمْعُ شَجَرٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّجَرِ هُنَا النَّبَاتُ الَّذِي يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْبِرْسِيمِ وَالصِّبْغَةِ الْحَمْرَاءِ وَبَصَلِ الزَّعْفَرَانِ وَالرُّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْكُرَّاثِ وَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالسَّفَرْجَلِ وَشَجَرَةِ الْجَوْزِ الْمُحْتَاجَةِ لِلسَّقْيِ وَالْحِفْظِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) كَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي قِثَّاءِ الْبِطِّيخِ مَثَلًا لَوْ سَاقَى أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أُصُولِ الرَّطْبَةِ فَإِذَا عُرِفَ وَقْتُ أَوَّلِ جِزَّةٍ فَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَتَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِلرُّطَبَةِ فَهِيَ تَتَزَايَدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى مُرُورِ الزَّمَانِ مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ سَاقَى عَلَى الرَّطْبَةِ الَّتِي حَلَّ جِذَاذُهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَقُومَ الْعَامِلُ لِحِينِ خُرُوجِ الْبَذْرِ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ هَذِهِ الْمُسَاقَاةُ بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ أَمَّا إذَا شُرِطَتْ الشَّرِكَةُ فِي نَفْسِ الرَّطْبَةِ فَتَكُونُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ شُرِطَتْ الشَّرِكَةُ فِي شَيْءٍ لَمْ يَنْمُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَيُفَصَّلُ هَذَا قَرِيبًا وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْأَشْجَارِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ سَوَاءٌ فِي الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ كَالنَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ أَوْ الْغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ فَلِذَلِكَ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ (شَجَرُ الْخِلَافِ) وَالْغَيْضَةِ اللَّاتِي لَا ثَمَرَ لَهَا وَلَوْ لَمْ تُسَمَّ الْمُدَّةُ فَتَنْصَرِفُ إلَى جِزَّةٍ وَقَدْ أُشِيرَ بِعِبَارَةِ (أَشْجَارٍ) إلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْأَغْنَامِ وَالدَّجَاجِ وَبَذْرِ الْفَيْلَقِ أَيْ دُودِ الْحَرِيرِ وَفِي النَّخْلِ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ بَذْرَ الْفَيْلَقِ لِآخَرَ لِإِعْلَاقِهِ بِوَرَقِ التُّوتِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ وَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ قِيمَةَ أَوْرَاقِهِ وَأَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 2 - وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْمَأْجُورَ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُسَلَّمُ الْمَأْجُورُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِيَعْلَمَ فِيهِ 3 - الثَّمَرُ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْمُزَارَعَةُ (الطُّورِيُّ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الثَّمَرِ مَحْصُولُ الْأَشْجَارِ وَالشَّيْءُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَشْجَارِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الثَّمَرِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ الرَّطِيبَ وَغَيْرَهَا وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ شَيْءٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَلِذَلِكَ يَجُوزُ إعْطَاءُ شَجَرِ الصَّفْصَافِ مُسَاقَاةً لِلِاحْتِطَابِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِيهِ أَنَّ التَّعْرِيفَ مُصَرِّحٌ بِالثَّمَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَهُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ

وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (436 1) أَنَّ الزَّرْعَ إذَا نَبَتَ وَلَمْ يُدْرِكْ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ 4 - التَّرْبِيَةُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ فِي حَالَةٍ إذَا لَمْ يُحَافَظْ عَلَيْهِ وَيُرَبَّى يَتْلَفُ الثَّمَرُ أَوْ فِي حَالَةٍ لَا يَظْهَرُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُرَدَّ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ فِي حَدِّ النُّمُوِّ حَتَّى يَتَزَايَدَ فِي نَفْسِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ، لَوْ كَانَتْ شَجَرَةً تُعْطِي ثَمَرَهَا بِدُونِ حَاجَةٍ لِحَافِظٍ أَوْ مُرَبٍّ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْحَاصِلَاتِ بِعَمَلِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي وَالْإِدْرَاكِ، وَلَوْ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُوجِبُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْعَامِلِ لِلْحَاصِلَاتِ بِلَا عَمَلٍ وَلَمْ يُجِزْ الشَّرْعُ ذَلِكَ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَثْمَارِ الْمُدْرَكَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ فِي حَالَةٍ لَا تَزِيدُ بِالْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ حِصَّةٌ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ سَبَقَ لِلْعَامِلِ خِدْمَةٌ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ حَسَبَ الْمُسَاقَاةِ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ أَجْرَ مِثْلِهِ فَقَطْ (الْخَانِيَّةُ) وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرُ مُعَامَلَةٍ مَا يَزِيدُ ثَمَرَتُهُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ بِخِلَافِهِ طَلْعٌ أَوْ بُسْرٌ قَدْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَاهَى عِظَمُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرَطِّبْ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ " الطَّحْطَاوِيُّ " التَّرْبِيَةُ، وَمَعْنَاهَا الْعَمَلُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعَمَلِ الشَّامِلُ لِلْحِفْظِ فَلِذَلِكَ إذَا سَاقَى أَحَدٌ عَلَى كَرْمِهِ شَخْصًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْكَرْمُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْعَمَلِ غَيْرِ الْحِفْظِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي حَالَةٍ يَتْلَفُ فِيهَا إذَا لَمْ يُحَافَظْ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَيُعَدُّ الْحِفْظُ زِيَادَةً فِي الثَّمَرِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحِفْظِ فَلَا يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ حِصَّةٌ فِي الثَّمَرِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الثَّمَرَ وَالزَّرْعَ مَتَى كَانَ فِي حَدِّ الزِّيَادَةِ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . فَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نَخِيلَهُ مُسَاقَاةً لِآخَرَ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الثَّمَرُ فِي حَالِ الِازْدِهَارِ أَوْ اخْضَرَّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا احْمَرَّ الْبَلَحُ وَلَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ فَيَجُوزُ أَيْضًا وَإِذَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَكَانَ فِي حَالَةٍ لَا يَتَضَخَّمُ فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ لَمْ يَحْلُ وَيَكُونُ كُلُّ الثَّمَرِ لِصَاحِبِ النَّخْلِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْعِنَبِ وَالْفَوَاكِهِ الْأُخْرَى وَالزَّرْعِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فَتَجُوزُ فِي الزَّرْعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَقْتَ الْحَصَادِ وَلَا تَجُوزُ بَعْدَ إدْرَاكِهِ الْحَصَادَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالتَّرْبِيَةُ كَالسَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَالْحِفْظِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ وَتُقْسَمُ الْأَعْمَالُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَعْمَالُ الَّتِي يُقَامُ بِهَا حَتَّى إدْرَاكِ الْأَثْمَارِ فَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُعَامَلَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالرُّطَبُ وَأُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ مِنْ السَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَالْحِفْظِ وَتَلْقِيحِ النَّخِيلِ فَعَلَى الْعَامِلِ " الطَّحْطَاوِيُّ "

الْقِسْمُ الثَّانِي - الْأَعْمَالُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ كَالْجِذَاذِ وَالْحِفْظِ وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَلْزَمُ الِاثْنَيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ. وَالْأُصُولُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ مِنْ السِّرْقِينِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ وَالرُّطَابِ وَنَصْبِ الْغِرَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْأَعْمَالُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ فَيَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفَقَةَ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ تَمَيَّزَ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَمَّا كَانَ الْحِفْظُ لَازِمًا عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ حِفْظَ الْكَرْمِ أَخَذَهُ مُسَاقَاةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِلُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَ الْعَمَلَ وَأَدْرَكَ الثَّمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْحَاصِلَاتِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ لِلثَّمَرِ قِيمَةٌ وَقْتَ تَرْكِهِ الْعَمَلَ فَلَهُ طَلَبُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ عَنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا قِيمَةَ لِلثَّمَرِ عِنْدَ تَرْكِهِ الْعَمَلَ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 5 - الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حِصَّتَهُ مِنْ الشَّجَرِ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً وَشَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فَيَقَعُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ أَصَالَةً وَلِغَيْرِهِ تَبَعًا وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْمُسَاقَاةُ تَكُونُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مِلْكِهِمَا مَثَلًا لَوْ كَانَ كَرْمٌ مُشْجِرًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَأَعْطَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ مُسَاقَاةً وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الْحَاصِلَاتِ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِلسَّاكِتِ فَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ فَاسِدَةً وَتُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ عَلَى شَرِيكِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ إعْطَاءُ حِصَّةٍ زَائِدَةٍ لِأَحَدِهِمَا بَلْ شُرِطَ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَرِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمَا فَيَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ) أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ: س (1) - يُوجَدُ بَعْضٌ يَقُولُ: الْإِسْفِنَاخُ وَالْكُرَّاثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ نِصْفَ سَنَةٍ مَعَ كَوْنِهِمَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِمَا فَيَخْرُجُ هَذَانِ عَنْ تَعْرِيفِ الشَّجَرِ الَّذِي عُرِّفَ آنِفًا؟ الْجَوَابُ - قَدْ وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَثَرِ عَنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَكَانَ هَذَا التَّعْرِيفُ مَبْنِيًّا عَلَى ظَاهِرِ الْأَثَرِ س (2) - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ أَرْضَهُ لِآخَرَ لِيَغْرِسَهَا فَسَائِلَ أَشْجَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا جَازَ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعَامِلِ قَلْعَ أَشْجَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ بِدُونِ رِضَا الْعَامِلِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا فَاحِشًا فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ (الطُّورِيُّ) وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تُوجَدُ أَشْجَارٌ مِنْ طَرَفٍ بَلْ تُوجَدُ أَرْضٌ؟

المادة (1442) ركن المساقاة

الْجَوَابُ - جَوَابُ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ هُوَ جَوَابٌ لِهَذَا السُّؤَالِ أَيْضًا فَرْعٌ - لَيْسَ لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى غَيْرِهِ إثْبَاتٌ لِلشَّرِكَةِ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَذِنَهُ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ صَرَاحَةً أَوْ قَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فِي هَذَا الْحَالِ لَهُ أَنْ يُسَاقِيَ آخَرَ (الطَّحْطَاوِيُّ) [الْمَادَّةُ (1442) رُكْنُ الْمُسَاقَاةِ] (الْمَادَّةُ 1442) - (رُكْنُ الْمُسَاقَاةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ لِلْعَامِلِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثَمَرَتِهَا كَذَا حِصَّةً وَقَبِلَ الْعَامِلُ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي سَيُرَبِّي تِلْكَ الْأَشْجَارَ تَنْعَقِدُ الْمُسَاقَاةُ) رُكْنُ الْمُسَاقَاةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَرُكْنِ سَائِرِ الْعُقُودِ فَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ لِلْعَامِلِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَشْجَارَ عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ثَمَرَتِهَا كَذَا حِصَّةً وَقَبِلَ الْعَامِلُ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي سَيُرَبِّي تِلْكَ الْأَشْجَارَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تَنْعَقِدُ الْمُسَاقَاةُ (الطُّورِيُّ) وَلَا تَنْعَقِدُ الْمُسَاقَاةُ بِدُونِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. مَثَلًا: لَوْ رَمَى الرِّيحُ بَذْرَ أَحَدٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ الْبَذْرِ فَسَائِلُ أَشْجَارٍ فَتَكُونُ تِلْكَ الْفَسَائِلُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْبَذْرِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ بَذْرُ شَجَرِ خَوْخِ أَحَدٍ فِي عَرْصَةِ أَحَدٍ وَنَبَتَ فَتَكُونُ الْفَسِيلَةُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ الْخَوْخِ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ اللَّحْمِ وَلَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَصِفَةُ الْمُسَاقَاةِ لُزُومُهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْبَذْرِ حَقُّ الْفَسْخِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (4321 1 وَ 0 4 4 1) [الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ وَأَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ] وَشُرُوطُ الْمُسَاقَاةِ كَشُرُوطِ الْمُزَارَعَةِ وَهِيَ أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ وَبَيَانُ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَتَخْلِيَةُ الْأَشْجَارِ وَتَسْلِيمُهَا لِلْعَامِلِ وَالشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ وَلَكِنْ لَيْسَتْ الْمُسَاقَاةُ كَالْمُزَارَعَةِ فِي أَرْبَعَةِ شُرُوطٍ أَيْ أَنَّ الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ مَشْرُوطَةٌ فِي الْمُزَارَعَةِ وَغَيْرُ مَشْرُوطَةٍ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهِيَ: 1 - إذَا امْتَنَعَ الْعَامِلُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ أَمَّا إذَا امْتَنَعَ رَبُّ الْبَذْرِ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْمُزَارَعَةِ فَلَا يُجْبَرُ 2 - إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَتُتْرَكُ الْأَشْجَارُ فِي يَدِ الْعَامِلِ بِلَا أَجْرٍ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا أَمَّا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ فَتُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ بِأَجْرٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا 3 - إذَا ضُبِطَ النَّخِيلُ أَوْ الْأَشْجَارُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَكَانَ عَلَيْهَا ثَمَرٌ فَلِلْعَامِلِ الرُّجُوعُ عَلَى صَاحِبِ

(المادة 1444) يشترط في عقد المساقاة تعيين حصة العاقدين من الحاصلات جزءا شائعا

الْأَشْجَارِ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِلْعَامِلِ، أَمَّا فِي الْمُزَارَعَةِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ 4 - لَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْسَانًا فِي الْمُسَاقَاةِ بَيَانُ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ لِلْعِلْمِ بِوَقْتِهَا عَادَةً (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبَيَانُ الْمُدَّةِ فِي الْمُزَارَعَةِ شَرْطٌ عَلَى قَوْلٍ (الْمَادَّةُ 43 4 1) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَاقِدَانِ عَاقِلَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ أَيْ أَنْ يَكُونَا عَاقِلَيْنِ فَلِذَلِكَ تَبْطُلُ مُسَاقَاةُ الصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا وَعَلَيْهِ فَلِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ فَإِذَا كَانَ مَأْذُونًا نَفَذَ الْعَقْدُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (433 1) [ (الْمَادَّةُ 1444) يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا] الْمَادَّةُ (1444) - (يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ) يَلْزَمُ وُجُودُ ثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ لِعَدَمِ فَسَادِ الْمُسَاقَاةِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ تَعْيِينُ حِصَّةِ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا شَائِعًا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ وَمُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (الـ 435 1) وَيُذْكَرُ فِي هَذَا أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الشُّرُوطِ: أَوَّلُهَا - أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاكُ الْعَامِلِ فِيمَا يَعْمَلُ فَلِذَلِكَ لَوْ تَقَاوَلَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ أَرْضَهُ شَجَرًا وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُشْتُرِطَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأَرْضِ الْمَوْجُودَةِ قَبْلَ الشَّرِكَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَالثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ غَرْسِهِ يَوْمَ الْغَرْسِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ ابْتَغَى بِعَمَلِهِ أَجْرًا وَهُوَ نِصْفُ الْأَرْضِ وَنِصْفُ الْخَارِجِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ دَفَعَهَا لِلْغَرْسِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ بَيْنَهُمَا يَصِحُّ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ شُرِطَ أَنَّ الثَّمَرَ أَوْ الشَّجَرَ وَالثَّمَرَ بَيْنَهُمَا يَصِحُّ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ أَشْجَارَ نَخِيلٍ أَوْ أَعْنَابٍ مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ وَحَاصِلَاتُهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا لَا يَجُوزُ لِاشْتِرَاطِهِمَا الشَّرِكَةَ فِيمَا هُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ الشَّجَرُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَرْضًا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (الْخَانِيَّةُ) وَكَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكَةً وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ لِآخَرَ كَذَا دِرْهَمًا أَيْضًا لَا يَصِحُّ

ثَانِيهَا - أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ الْعَاقِدَيْنِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ جُزْءًا أَيْ أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً فَلِذَلِكَ لَوْ شُرِطَتْ الْحَاصِلَاتُ لِأَحَدِهِمَا كَانَتْ فَاسِدَةً ثَالِثُهَا - أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ مُشَاعًا فَلِذَلِكَ لَوْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي لِلْآخَرِ تَكُونُ فَاسِدَةً رَابِعُهَا - أَنْ تَكُونَ الْحِصَّةُ مُعَيَّنَةً فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الشَّجَرِ لِلْعَامِلِ: إنَّ حِصَّتَك مِنْ الْحَاصِلَاتِ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ بِالتَّرْدِيدِ تَفْسُدُ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1435) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ بِزِيَادَةٍ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . وَيَجُوزُ تَزْيِيدُ الْحِصَّةِ أَيْضًا أَيْ يُمْكِنُ تَزْيِيدُ الْحِصَّةِ الَّتِي بُيِّنَتْ أَثْنَاءَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ مُحْتَمِلٌ لِإِنْشَاءِ الْعَقْدِ مُحْتَمِلٌ لِلزِّيَادَةِ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ كَرْمًا لِآخَرَ مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَإِذَا شَرَطَ الْعَامِلُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْحَاصِلَاتِ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحَاصِلَاتُ بَارِزَةً وَنَاضِجَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ نَفْسِهِ. أَمَّا إذَا زَادَ صَاحِبُ الْكَرْمِ حِصَّةَ الْعَامِلِ فَإِذَا كَانَتْ الْحَاصِلَاتُ نَاضِجَةً فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ هِبَتُهُ الْمُشَاعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا لَمْ تَنْضَجْ فَالزِّيَادَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ فِي حَالَةٍ يُمْكِنُ مَعَهَا تَزَايُدُهُ بِالْعَمَلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 4 4 1) (الطُّورِيُّ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا تُذْكَرَ مُدَّةٌ لَا يُمْكِنُ فِيهَا خُرُوجُ الثَّمَرِ فَلِذَلِكَ لَوْ أُعْطِيت الْمُسَاقَاةُ وُعِّينَ فِيهَا الْمُدَّةُ قَبْلَ الشِّتَاءِ إلَى الرَّبِيعِ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ (الْخَانِيَّةُ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ - أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْعَمَلُ وَالتَّرْبِيَةُ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ - أَنْ لَا يُشْتَرَطَ أَشْيَاءُ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ كَالْحَمْلِ وَالْحِفْظِ بَعْدَ تَقْسِيمِ الْحَاصِلَاتِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1 4 4 1) الشَّرْطُ السَّادِسُ - أَنْ لَا يُشْتَرَطَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ عَلَى الْعَامِلِ فَقَطْ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 4 4 1) الشَّرْطُ السَّابِعُ - أَنْ لَا يُشْرَطَ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَالسِّرْقِينِ وَنَصْبِ الْعَرِيشِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَلَا هِيَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَمُقَاسِمِهِ الشَّرْطُ الثَّامِنُ - أَنْ لَا تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 4 4 1) (الْهِنْدِيَّةُ فِي

(المادة 1445) يشترط تسليم الأشجار إلى العامل في المساقاة

الْكِتَابِ الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَةِ) [ (الْمَادَّةُ 1445) يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْأَشْجَارِ إلَى الْعَامِلِ فِي الْمُسَاقَاة] الْمَادَّةُ (1445) : (يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ الْأَشْجَارِ إلَى الْعَامِلِ) . وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ صَالِحَةً لِلْإِثْمَارِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةُ (الـ 436 1) وَلِذَلِكَ لَوْ شُرِطَ شَرْطٌ يُخِلُّ بِهَذَا الشَّرْطِ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَذَلِكَ لَوْ شُرِطَ التَّرْبِيَةُ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا أَوْ شُرِطَ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الشَّجَرِ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَكَذَلِكَ لَوْ عُقِدَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى غَرْسٍ غَيْرِ صَالِحٍ لِلْإِثْمَارِ فَهِيَ غَيْرُ جَائِزَةٍ مَا لَمْ يُذْكَرْ وَيُبَيَّنْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَيَكُونُ مُمْكِنًا حُصُولُ الثَّمَرِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِقُوَّةِ الْأَرْضِ وَضَعْفِهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا وَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ نَخِيلًا أَوْ أُصُولَ رُطَبَةٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا حَتَّى تَذْهَبَ أُصُولُهَا وَنَبْتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَتَى تَنْقَطِعُ النَّخِيلُ أَوْ الرَّطْبَاتُ؛ لِأَنَّ الرَّطْبَةَ تَنْمُو مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ فَتَكُونُ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ مَا لَمْ تُبَيَّنْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَيَكُونُ مُمْكِنًا خُرُوجُ الثَّمَرِ فِي مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَكَوْنُ الشَّجَرِ صَالِحًا لِلْإِثْمَارِ لَا يَعْنِي أَنْ تَكُونَ الشَّجَرَةُ قَدْ أَخْرَجَتْ ثَمَرًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّجَرَةُ لَمْ تُخْرِجْ ثَمَرَهَا حِينَ التَّسْلِيمِ وَلَكِنَّهَا كَانَتْ صَالِحَةً لِلْإِثْمَارِ فِي مَوْسِمِ الْإِثْمَارِ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ وَتُصْرَفُ الْمُسَاقَاةُ إلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ مِنْهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْمُسَاقَاةِ مَعْلُومَةٌ عَادَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ وَقْتًا مُعَيَّنًا وَلَا يَتَفَاوَتُ إلَّا قَلِيلًا وَالْحُكْمُ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (430 1) أَمَّا إذَا لَمْ تُبَيَّنْ الْمَادَّةُ فِي الْغَرْسِ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إلَى حَالَةِ الْإِثْمَارِ بَعْدُ فَلَا يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِقُوَّةِ الْأَرْضِ وَضَعْفِهَا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ نَخِيلًا أَوْ أُصُولَ رُطَبَةٍ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا حَتَّى تَذْهَبَ أُصُولُهَا وَنَبْتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَتَى يَنْقَطِعُ النَّخِيلُ أَوْ الرَّطْبَاتُ؛ لِأَنَّ الرَّطْبَةَ تَنْمُو مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ فَتَكُونُ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً وَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ. وَإِذَا لَمْ تُبَيَّنْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَتُصْرَفُ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى أَوَّلِ سَنَةٍ تُثْمِرُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الثَّمَرِ؛ لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ هُوَ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ الْمُدَّةِ أَمَّا مَا يَزِيدُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مَشْكُوكٌ فَإِذَا كَانَ فِي الرَّطْبَةِ فَصُرِفَ إلَى إدْرَاكِ بَذْرِ الرَّطْبَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي بَذْرِ الرَّطْبَةِ وَهَذَا إذَا انْتَهَى جِذَاذُهَا كَمَا قُيِّدَ فِي الْعِنَايَةِ وَإِلَّا كَانَ الْمَقْصُودُ وَيَقَعُ عَلَى أَوَّلِ جِزَّةِ الرَّطْبَةِ (الْفَتْحُ) وَالرَّطْبَةُ عَلَى وَزْنِ كَلْبَةٍ الْقَضِيبُ مَا دَامَ رَطْبًا وَالْجَمْعُ رِطَابٌ عَلَى وَزْنِ كِلَابٍ وَقِيلَ جَمِيعُ الْبُقُولِ وَأَهْلُ مِصْرَ يُسَمُّونَهَا الْبِرْسِيمَ وَيَابِسَهَا إدْرِيسَا. وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَصُرِفَتْ الْمُسَاقَاةُ إلَى أَوَّلِ سَنَةٍ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ ثَمَرٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ كَمَا أَنَّهُ إذَا بُيِّنَتْ مُدَّةٌ لَا يُمْكِنُ فِيهَا بُرُوزُ الثَّمَرِ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا وَإِذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الْمُبَيَّنَةُ يُحْتَمَلُ فِيهَا خُرُوجُ الثَّمَرِ وَعَدَمُ خُرُوجِهِ فَتَكُونُ صَحِيحَةً لِعَدَمِ التَّيَقُّنِ لِفَوَاتِ

(المادة 1446) يقسم الثمر في المساقات الصحيحة بين العاقدين

الْمَقْصُودِ بَلْ هُوَ مُتَوَهَّمٌ فِي كُلِّ مُزَارَعَةٍ وَمُسَاقَاةٍ بِأَنْ يَصْطَدِمَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا خَرَجَ الثَّمَرُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَيُقْسَمُ الثَّمَرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ لِصُحُفِ الْعَقْدِ هَذَا إذَا كَانَ الْخَارِجُ يُرْغَبُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُرْغَبْ بِمِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ وَعَدَمَ مَا لَا يُرْغَبْ فِيهِ سِيَّانِ. وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ النَّخِيلُ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ يُنْظَرُ: إنْ أَخْرَجَتْ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَإِنْ لَمْ تُخْرِجْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِعِلَّةٍ حَدَثَتْ بِهَا فَالْمُعَامَلَةُ جَائِزَةٌ وَلَا شَيْءَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا بُيِّنَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَبَرَزَ بَعْضُ الْأَثْمَارِ وَلَمْ يَبْرُزْ الْبَعْضُ فَالْعَامِلُ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الثَّمَرِ الْبَارِزِ فِي مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الثَّمَرِ الْبَارِزِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِذَا لَمْ يَبْرُزْ الثَّمَرُ فِي الْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ وَتَأَخَّرَ عَنْهَا فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَيَكُونُ لِلْعَامِلِ حَقٌّ فِي أَخْذِ أَجْرِ الْمِثْلِ لِيَدُومَ عَمَلُهُ إلَى إدْرَاكِ الثَّمَرِ أَيْ إذَا عُلِمَ أَنَّ لَهُ أَجْرَ الْمِثْلِ دَامَ عَلَى عَمَلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ ثَمَرٌ مُطْلَقًا فَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْعَقْدِ خَلَلٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِشَيْءٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرَرُ) وَإِذَا بُيِّنَتْ مُدَّةٌ يَظْهَرُ فِيهَا الثَّمَرُ وَانْقَضَتْ قَبْلَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ فَتُتْرَكُ الْأَشْجَارُ فِي يَدِ الْعَامِلِ بِلَا أَجْرٍ وَيَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا أَجْرٍ إلَى انْتِهَاءِ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَشْجَارِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُزَارَعَةِ يَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ دَفْعُ الْمَصَارِيفِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَبْحَثِ الثَّانِي الْآنِفِ الذِّكْرِ [ (الْمَادَّةُ 1446) يُقْسَمُ الثَّمَرُ فِي الْمُسَاقَاتِ الصَّحِيحَةِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ] (الْمَادَّةُ 1446) - (يُقْسَمُ الثَّمَرُ فِي الْمُسَاقَاتِ الصَّحِيحَةِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ) لِلْمُسَاقَاةِ الصَّحِيحَةِ سِتَّةُ أَحْكَامٍ: أَوَّلُهَا - يُقْسَمُ الثَّمَرُ فِي الْمُسَاقَاةِ الصَّحِيحَةِ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي شَرَطَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (83) ثَانِيهَا - إذَا لَمْ يَحْصُلْ ثَمَرٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِشَيْءٍ ثَالِثُهَا - لُزُومُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَسْخُ الْمُسَاقَاةِ بِدُونِ رِضَاءِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْعَمَلِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (448 1) رَابِعُهَا: جَوَازُ الْجَبْرِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْآخَرِ إذَا امْتَنَعَ الْعَامِلُ عَنْ الْعَمَلِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ عُذْرٌ خَامِسُهَا - جَوَازُ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ أَيْضًا عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (4 4 4 1) سَادِسُهَا - عَدَمُ اقْتِدَارِ الْعَامِلِ عَلَى إعْطَاءِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ مُسَاقَاةً لِآخَرَ مَا لَمْ يُفَوِّضْهُ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 44 1)

(المادة 1447) يكون الثمر الحاصل من المساقاة الفاسدة بتمامه لصاحب الأشجار

[ (الْمَادَّةُ 1447) يَكُونُ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بِتَمَامِهِ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ] الْمَادَّةُ (1447) - (يَكُونُ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ بِتَمَامِهِ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْضًا) لِلْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: أَوَّلُهَا - يَكُونُ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمُسَاقَاتِ الْفَاسِدَةِ بِتَمَامِهِ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ أَجْرَ الْمِثْلِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ أَيُّ ثَمَرٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْإِجَارَةِ كَالْمُزَارَعَةِ أَذَا فَسَدَتْ ثَانِيهَا - أَنْ يُجْبَرَ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ ثَالِثُهَا - أَنْ يَلْزَمَ أَجْرُ هَذَا بَالِغًا مَا بَلَغَ فِيمَا إذَا كَانَ فَسَادُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ تَعْيِينِ الْحِصَصِ حِينَ عَقْدِ الْمُسَاقَاتِ وَإِذَا كَانَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَلَّا يَتَجَاوَزَ أَجْرُ الْمِثْلِ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُ بَالِغًا مَا بَلَغَ (الْهِنْدِيَّةُ) [الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ] الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ (فِي بَيَانِ أَسْبَابِ انْفِسَاخِ الْمُسَاقَاةِ) الْمَادَّةُ (1448) - (إذَا مَاتَ صَاحِبُ الْأَشْجَارِ وَالثَّمَرُ غَيْرُ نَاضِجٍ يَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ إلَى أَنْ يَنْضَجَ الثَّمَرُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْعُهُ وَإِذَا مَاتَ الْعَامِلُ فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ مَنْعُهُ) تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ بِسِتَّةِ أَسْبَابٍ: (1 وَ 2) بِوَفَاةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (3) بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ (4) بِاسْتِحْقَاقِ الْأَشْجَارِ (5) بِفَسْخِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِعُذْرٍ (6) بِإِقَالَةِ الطَّرَفَيْنِ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ كَالْمُزَارَعَةِ إيضَاحُ السَّبَبَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي: وَإِذَا تُوُفِّيَ الْعَامِلُ أَوْ صَاحِبُ الشَّجَرِ قَبْلَ عَمَلِ الْعَامِلِ وَقَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرِ تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ وَأَمَّا إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الشَّجَرِ وَالثَّمَرُ غَيْرُ نَاضِجٍ فَيَتَبَقَّى الْمُسَاقَاةُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ إلَى حِينِ نُضُوجِ الثَّمَرِ وَيَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى عَمَلِهِ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْعُهُ عَنْ عَمَلِهِ إضْرَارًا بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْعَمَلِ فَأُبْقِيَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ اسْتِحْسَانًا إزَالَةً لِلضَّرَرِ أَمَّا إذَا قَبِلَ الْعَامِلُ بِضَرَرِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ الِاسْتِمْرَارَ عَلَى الْعَمَلِ وَطَلَبَ قَطْعَ الثَّمَرِ وَهُوَ غَيْرُ نَاضِجٍ فَيَكُونُ الْوَرَثَةُ مُخَيَّرِينَ بِثَلَاثَةِ خِيَارَاتٍ وَذَلِكَ إنْ شَاءُوا وَاتَّفَقُوا مَعَ الْعَامِلِ وَاقْتَسَمُوا الثَّمَرَةَ الْغَيْرَ النَّاضِجَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ اُنْظُرْ (1069) ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْعَقْدِ كَانَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ فَإِذَا

رَضِيَ بِهِ انْتَقَضَ الْعَقْدُ وَإِنْ شَاءُوا أَدُّوا لِلْعَامِلِ قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ الْغَيْرِ النَّاضِجِ وَأَخَذُوا جَمِيعَ الثَّمَرِ لَهُمْ. وَإِنْ شَاءُوا صَرَفُوا بِإِذْنِ الْقَاضِي عَلَى الثَّمَرِ حَتَّى نُضُوجِهَا وَيَرْجِعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ بِذَلِكَ الْمُصْرَفِ أَمَّا إذَا صَرَفُوا بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1320) . وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَجَاوَزَ هَذَا الْمُصْرَفُ حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرِ وَيَلْزَمُ جَمِيعُ هَذَا الْمُصْرَفِ الْعَامِلَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (14 4 1) مَعَ إذَا تُوُفِّيَ الْعَامِلُ فَتَبْقَى الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا اسْتِحْسَانًا وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ إنْ شَاءَ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى نُضُوجِ الثَّمَرِ وَلَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ مَنْعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْجَانِبَيْنِ وَإِذَا امْتَنَعَ الْوَارِثُ عَنْ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ وَلَكِنْ يَكُونُ صَاحِبُ الشَّجَرِ مُخَيَّرًا بِأَخْذِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: 1 - إنْ شَاءَ اقْتَسَمَ الثَّمَرَ الْغَيْرَ النَّاضِجِ مَعَ الْوَارِثِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ 2 - وَإِنْ شَاءَ أَدَّى لِلْوَارِثِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرِ الْغَيْرِ النَّاضِجِ 3 - وَإِنْ شَاءَ يَصْرِفُ قَدْرًا مَعْرُوفًا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْعَمَلِ وَيَأْخُذُ الْمُصْرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْوَارِثِ وَلَكِنْ لَا يَتَجَاوَزُ هَذَا الْمُصْرَفُ فِي أَيِّ حَالٍ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَرِ وَإِذَا تُوُفِّيَ كِلَاهُمَا فَيَكُونُ وَرَثَةُ الْعَامِلِ مُخَيَّرِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْعَامِلِ وَقَدْ كَانَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ هَذَا الْخِيَارُ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَوْرِيثِ الْخِيَارِ بَلْ مِنْ بَابِ خِلَافَةِ الْوَارِثِ الْمُوَرِّثَ فِيمَا هُوَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لَهُ وَهُوَ تَرْكُ الْأَثْمَارِ عَلَى النَّخِيلِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ كَانَ الْخِيَارُ لِوَرَثَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَإِذَا امْتَنَعَ وَرَثَةُ الْعَامِلِ عَنْ الْعَمَلِ فَيَكُونُ وَرَثَةُ صَاحِبِ الْأَشْجَارِ مُخَيَّرِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) إيضَاحُ السَّبَبِ الثَّالِثِ: إذَا تَمَّتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَمَّا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَلَمْ يَنْضَجْ الثَّمَرُ فَيَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ إعْطَاءُ أَجْرِ مِثْلِ الشَّجَرِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي تَلَتْ انْقِضَاءَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِدُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَيَكُونُ كُلُّ الْعَمَلِ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ عَلَى الْعَامِلِ أَمَّا فِي الْمُزَارَعَةِ فَيَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ عَلَى كِلَيْهِمَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (0 4 4 1) وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا امْتَنَعَ الْعَامِلُ عَنْ الْعَمَلِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الشَّجَرِ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا بَلْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ إنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَعْمَلْ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلَيْ عَمَلِهِ فِيمَا مَضَى عَلَى مَا يَظْهَرُ (الطَّحْطَاوِيُّ) إيضَاحُ السَّبَبِ الرَّابِعِ: إذَا اُسْتُحِقَّ الشَّجَرُ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ وَفَسَخَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُسَاقَاةَ تَنْفَسِخُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ مِنْ صَاحِبِ الشَّجَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) وَإِذَا كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرِ فَلَا يَأْخُذُ الْعَامِلُ شَيْئًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إيضَاحُ السَّبَبِ الْخَامِسِ: تُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ بِبَعْضِ الْأَعْذَارِ كَمَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَذَلِكَ (أَوَّلًا) إذَا

كَانَ الْعَامِلُ سَارِقًا وَمَعْرُوفًا بِالسَّرِقَةِ وَخِيفَ مِنْ سَرِقَتِهِ لِلْحَاصِلَاتِ وَمِنْ قَطْعِهِ الْأَغْصَانَ وَسَرِقَتِهَا فَلِصَاحِبِ الشَّجَرِ فَسْخُ الْمُسَاقَاةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ بِالسَّرِقَةِ ضَرَرٌ (ثَانِيًا) إذَا مَرِضَ الْعَامِلُ قَبْلَ إدْرَاكِ الثَّمَرِ وَعَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ فَتُفْسَخُ الْمُسَاقَاةُ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِإِلْزَامِهِ مَنْ يَعْمَلُ بِالْأُجْرَةِ مَنْ يَعْلَمُ بِالْأُجْرَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ تَكُونُ انْتَهَتْ الْمُعَامَلَةُ فَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ وَلَوْ أَرَادَ تَرْكَ الْعَمَلِ لَمْ يُمْكِنْ فِي الصَّحِيحِ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) (ثَالِثًا) إذَا أَرَادَ الْعَامِلُ السَّفَرَ وَفَسْخَ الْمُسَاقَاةِ تَنْفَسِخُ (الطَّحْطَاوِيُّ) إيضَاحُ السَّبَبِ السَّادِسِ: وَتَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا بِإِقَالَةِ الطَّرَفَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ)

الكتاب الحادي عشر الوكالة

[الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْوَكَالَةُ] ُ الْوَكَالَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَمِيلِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْجَلِيلُ الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ مَشْرُوعِيَّةُ الْوَكَالَةِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِالْعَقْلِ. الْكِتَابُ: قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19] وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ قَدْ ذُكِرَتْ حِكَايَةً عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَهَذَا الْبَعْثُ كَانَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَنَا إذَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَمْ يَظْهَرْ نَسْخُهُ، وَالْوَرِقُ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - هِيَ الْفِضَّةُ الْمَضْرُوبَةُ. السُّنَّةُ السَّنِيَّةُ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الرَّسُولِ فَقَدْ وَكَّلَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ لِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ. الْإِجْمَاعُ: قَدْ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْعَقْلُ: لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْجِزُ عَنْ مُبَاشَرَةِ أُمُورِهِ أَحْيَانًا، فَيَحْتَاجُ إلَى الْوَكِيلِ (الْجَوْهَرَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1) مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ وَكَانَ كُلٌّ مُجْبَرًا عَلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِهِ بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُ مَثَلًا أَنْ يَذْهَبَ الدَّائِنُ لِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ إلَى مَحَلِّ مَدِينِهِ الْبَعِيدِ عَنْهُ مَسَافَةَ السَّفَرِ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ يُنْفِقُ نَفَقَاتِ سَفَرٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْعَى لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ الْحَقِّ وَلَمَّا خُلِقَ الْإِنْسَانُ مَدَنِيًّا بِالطَّبْعِ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ فِي تَدَارُكِ مَعَاشِهِ إلَى مَنْ يَعْضُدُهُ وَيُنَاصِرُهُ. وَالْوَكَالَةُ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْوَكَالَةُ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا، اسْمٌ لِلتَّوْكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

مُقَدِّمَةٌ فِي بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَكَالَةِ مَادَّةُ (1449) - (الْوَكَالَةُ هِيَ تَفْوِيضُ أَحَدٍ فِي شُغْلٍ لِآخَرَ وَإِقَامَتُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ الشُّغْلِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُوَكِّلٌ وَلِمَنْ أَقَامَهُ وَكِيلٌ وَلِذَلِكَ الْأَمْرِ مُوَكَّلٌ بِهِ) الْوَكَالَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الْحِفْظِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ فِي مَالِي، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي وَكَّلَهُ بِهَا، فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَوْعٍ آخَرَ (الدُّرَرُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّكَ وَكِيلِي بِكُلِّ شَيْءٍ) فَيَكُونُ قَدْ فَوَّضَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْمُحَافَظَةِ (الْبَحْرُ) وَالْوَكَالَةُ شَرْعًا تَفْوِيضُ أَحَدٍ فِي شُغْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ مَعَ بَقَاءِ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي يَدِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَيَكُونُ فِيهِ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ وَمُقْتَدِرًا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ وَأَصْلُ التَّصَرُّفِ وَإِقَامَتُهُ فِي ذَلِكَ الشُّغْلِ مَقَامَ نَفْسِهِ يَعْنِي أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَقْدِرُ الشَّخْصُ وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ - وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُمْتَنِعًا بِسَبَبِ عُرُوضِ النَّهْيِ - فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ وَالسَّبَبِ: 1 - مَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ إلَخْ مَثَلًا كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِالذَّاتِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِهِ وَكَذَلِكَ كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ مِنْ آخَرَ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ، يَعْنِي أَنَّ لِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَا آخَرَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُمَا التَّصَرُّفُ فِيهَا، أَيْ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ (التَّنْقِيحُ الطَّحْطَاوِيُّ) . لَكِنْ لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْوَكِيلُ مَا وُكِّلَ بِهِ فَلَا تَبْقَى لِلْوَكِيلِ وَكَالَةٌ (الْوَاقِعَاتُ) أَمَّا التَّصَرُّفُ الَّذِي لَا يَقْتَدِرُ عَلَى عَمَلِهِ بِالذَّاتِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِعَمَلِهِ. مَثَلًا فَكَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى هِبَةِ مَالِهِ لِآخَرَ فَلَا يَقْتَدِرُ أَيْضًا عَلَى تَوْكِيلِ بَالِغٍ لِهِبَتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (859، 967) . 2 - أَهْلِيَّةُ نَفْسِهِ: يَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْوَكِيلُ. وَقَدْ جِيءَ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي التَّعْرِيفِ لِإِخْرَاجِ

الْوَكِيلِ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ الَّذِي يَقْتَدِرُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَادَّةِ (الـ 466 1) . فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ فَاقْتِدَارُهُ هَذَا لَيْسَ لِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَفْوِيضِ الْمُوَكِّلِ (الْجَوْهَرَةُ بِإِيضَاحِ) . 3 - نَظَرًا إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ: وَيَكُونُ عَدَمُ الِاقْتِدَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ النَّهْيِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ النَّهْيِ الشَّرْعِيِّ. فَيُعَدُّ الْمُوَكَّلُ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى تَوْكِيلِ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ، مَثَلًا لَا يَقْتَدِرُ الْمُسْلِمُ عَلَى بَيْعِ الْخِنْزِيرِ بِسَبَبِ النَّهْيِ الْعَارِضِ وَلَكِنْ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَ الْمُسْلِمِ بِبَيْعِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 4 - مِنْ الْمُعَامَلَاتِ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ يَخْرُجُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، مَثَلًا لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّ الْقِصَاصِ الثَّابِتِ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ وَهُوَ غَائِبٌ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (الْجَوْهَرَةُ بِتَغْيِيرٍ وَإِيضَاحٍ) كَذَلِكَ قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (459 1) 5 - عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ: يَخْرُجُ الْإِيصَاءُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ بِهَذَا الْقَيْدِ؛ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْإِيصَاءِ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَصِيِّ عَلَى أَنْ لَا تَبْقَى لِلْمُوصِي وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي الْوَكَالَةِ ثَابِتٌ لِلْوَكِيلِ فَلَمْ يَزُلْ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لَهُ الِاقْتِدَارُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا (الْقُهُسْتَانِيُّ) مَثَلًا قَالَ زَيْدٌ: لِيَكُنْ عَمْرٌو وَصِيِّي بَعْدَ وَفَاتِي لِيَنْظُرَ فِي أُمُورِ صِغَارِي وَتَرِكَتِي فَيَثْبُتُ حَقُّ التَّصَرُّفِ لِعَمْرٍو بَعْدَ وَفَاةِ زَيْدٍ وَعَدَمُ بَقَاءِ حَقِّ التَّصَرُّفِ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ، أَمَّا لَوْ وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا لِبَيْعِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ فَكَمَا يَثْبُتُ لِعَمْرٍو حَقُّ التَّصَرُّفِ يَكُونُ ثَابِتًا لِزَيْدٍ أَيْضًا فَكِلَاهُمَا مُقْتَدِرٌ عَلَى الْبَيْعِ 6 - غَيْرُهُ يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ عَامِلًا لِغَيْرِهِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا عَمِلَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ مَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ مَدِينَهُ بِقَبْضِ مَالٍ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (459 1) . لَكِنْ تُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ لِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ كَانَ تَوْكِيلُهُ صَحِيحًا وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْإِبْرَاءَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (459 1) . وَيُقَالُ لِمَنْ وَكَّلَ (مُوَكِّلٌ) بِكَسْرِ الْكَافِّ الْمُشَدَّدَةِ، وَلِمَنْ مَقَامُهُ (وَكِيلٌ) وَلِلشَّيْءِ الَّذِي وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِهِ (مُوَكَّلٌ بِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِّ الْمُشَدَّدَةِ الْوَكِيلُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ هُوَ الْمُوَكَّلُ إلَيْهِ الْأَمْرُ، يَعْنِي هُوَ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ إذَا قُصِدَ بِهِ الْحَافِظُ، كَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ فَيَكُونُ هُوَ الشَّخْصُ الْمُعَرَّفِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا بِمَعْنَى الْفَاعِلِ فَهُوَ الْحَافِظُ وَالْوَكِيلُ يُطْلَقُ عَلَى الْمُفْرَدِ، وَالْجَمْعِ، وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَحْرُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِإِيضَاحِ)

(المادة 1450) الرسالة هي تبليغ أحد كلام الآخر لغيره

يَعْنِي أَنَّ فَعِيلَ لَمَّا كَانَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ فَإِذَا ذُكِرَ الْمَوْصُوفُ مَعَهُ تَسَاوَى قَيْدُ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْمَجْمُوعِ فَيُقَالُ رَجُلٌ جَرِيحٌ وَامْرَأَةٌ جَرِيحٌ أَمَّا إذَا لَمْ يُذْكَرْ الْمَوْصُوفُ فَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ تَسَاوٍ فَيُفَرَّقُ الْمُؤَنَّثُ عَنْ الْمُذَكَّرِ بِالتَّاءِ (الْمَرَاحُ وَشَرْحُهُ) [ (الْمَادَّةُ 1450) الرِّسَالَةُ هِيَ تَبْلِيغُ أَحَدٍ كَلَامَ الْآخَرِ لِغَيْرِهِ] الْمَادَّةُ (1450) - (الرِّسَالَةُ هِيَ تَبْلِيغُ أَحَدٍ كَلَامَ الْآخَرِ لِغَيْرِهِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّصَرُّفِ وَيُقَالُ لِلْمُبَلِّغِ رَسُولٌ وَلِصَاحِبِ الْكَلَامِ مُرْسِلٌ وَلِلْآخَرِ مُرْسَلٌ إلَيْهِ) الرِّسَالَةُ. هِيَ تَبْلِيغُ أَحَدٍ آخَرَ لِغَيْرِهِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّصَرُّفِ وَلَا مَأْذُونِيَّةَ يَعْنِي أَنَّ الرِّسَالَةَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْعِبَارَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ إيصَالُ كَلَامٍ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُبَلِّغِ (رَسُولٌ) وَلِصَاحِبِ الْكَلَامِ (مُرْسِلٌ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلِلْآخَرِ (مُرْسَلٌ إلَيْهِ) بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ (الدُّرَرُ والولوالجية) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ مَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ وَالرَّسُولَ هُوَ مُبَلِّغُ مَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ وَبِشَرْطِ الرِّسَالَةِ أَنْ يُضَافَ الْعَقْدُ إلَى الْمُرْسِلِ، يَعْنِي أَنْ يَقُولَ الرَّسُولُ إنِّي مُرْسَلٌ وَإِنِّي بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَأَخْبِرْهُ (أَنَّنِي بِعْتُ مِنْهُ مَالِي هَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا) وَذَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَيْضًا إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ (قَالَ فُلَانٌ إنَّهُ بَاعَ مِنْكَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا دِرْهَمًا) ، يَعْنِي أَنَّهُ قَالَ: بِعْتُ فَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ رَسُولٌ، يَعْنِي مُبَلِّغُ قَوْلِ الْمُرْسِلِ هَذَا إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ. وَالْوَكِيلُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إضَافَةِ الْعَقْدِ، فَإِنْ شَاءَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ، وَيَجْرِي حُكْمُ الْوَكَالَةِ فِي هَذَا الْحَالِ، وَإِنْ شَاءَ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُرَاعَى حُكْمُ الرِّسَالَةِ أَمَّا الرَّسُولُ يُجْبَرُ عَلَى إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى مُرْسِلِهِ. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ} [المائدة: 67] . وَقَوْلُهُ {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} [الأنعام: 107] . حَيْثُ نَفَى الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَ الرِّسَالَةَ (الْبَحْرُ بِإِيضَاحِ) وَكَمَا أَنَّ أَمْثِلَةَ الْمَادَّةِ (1454) هِيَ أَمْثِلَةٌ لِلرِّسَالَةِ فَعِبَارَةُ (وَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِخَادِمِهِ. . .) فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (455 1) مِثَالٌ لِلرِّسَالَةِ أَيْضًا الْفَرْقُ بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالْوَكَالَةِ: يُوجَدُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ فَرْقٌ عَلَى خَمْسَةِ وُجُوهٍ: 1 - الْفَرْقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ السَّالِفَتَيْ الْبَيَانِ 2 - تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ لِلْوَكِيلِ، أَمَّا فِي الرِّسَالَةِ فَلَا تَعُودُ لِلرَّسُولِ حُقُوقُ الْعَقْدِ بَلْ تَعُودُ جَمِيعُهَا لَلْمُرْسِلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1461 و 1462) 3 - قَدْ يَتِمُّ عَزْلُ الْوَكِيلِ، عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1523) بِلُحُوقِ عِلْمِ الْوَكِيلِ

بِعَزْلِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَزْلِ الرَّسُولِ لُحُوقُ عِلْمِهِ، كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ 4 - يَلْزَمُ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ يُضِيفَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ الَّذِي هُوَ مُرْسِلُهُ. أَمَّا فِي الْوَكَالَةِ فَالْوَكِيلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَدِيعَةِ بِزِيَادَةٍ) 5 - تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ عَلَى الْأَكْثَرِ بِأَلْفَاظِ الْوَكَالَةِ، أَمَّا الرِّسَالَةُ فَتَنْعَقِدُ عَلَى الْأَكْثَرِ بِأَلْفَاظِ الرِّسَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

الباب الأول في بيان ركن الوكالة وتقسيم ركن التوكيل

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ رُكْنِ الْوَكَالَةِ وَتَقْسِيمِ رُكْنِ التَّوْكِيلِ] [ (مَادَّةُ 1451) رُكْنُ التَّوْكِيلِ] ِ) مَادَّةُ (1451) - (رُكْنُ التَّوْكِيلِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ وَكَّلْتُكَ بِهَذَا الْأَمْرِ فَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: قَبِلْتُ أَوْ قَالَ كَلَامًا آخَرَ يُشْعِرُ بِالْقَبُولِ، تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ، كَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا وَتَشَبَّثَ بِإِجْرَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ دَلَالَةً وَلَكِنْ لَوْ رَدَّهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ الْإِيجَابِ لَا يَبْقَى لَهَا حُكْمٌ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِهَذَا الْأَمْرِ وَرَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ بِقَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ ثُمَّ بَاشَرَ إجْرَاءَ الْمُوَكَّلِ بِهِ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) رُكْنُ التَّوْكِيلِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، كَأَرْكَانِ سَائِرِ الْعُقُودِ، وَلَوْ كَانَ الْقَبُولُ حُكْمًا كَالسُّكُوتِ (الْبَحْرُ) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، الصَّرَاحَةُ فِي الِاثْنَيْنِ، أَيْ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُوَكَّلُ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِهَذَا الْأَمْرِ، أَيْ الْأَمْرِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (459 1 وَالٍ 468 1) فَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ أَيْضًا: قَدْ قَبِلْتُ، أَوْ قَالَ كَلَامًا آخَرَ غَيْرَ لَفْظٍ مُشْعِرًا بِالْقَبُولِ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الصَّرِيحَيْنِ إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - بِهَذَا الْأَمْرِ، قَدْ أُشِيرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى لُزُومِ كَوْنِ الْمُوَكَّلِ بِهِ مَعْلُومًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا فَيَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ أَدْنَى التَّصَرُّفِ فَقَطْ وَذَلِكَ هُوَ الْحِفْظُ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (449 1) 2 - وَكَّلْتُكَ: ذِكْرُ إيجَابِ الْوَكَالَةِ مُخَاطَبَةً وَمُشَافَهَةً لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ مُشَافَهَةً يَصِحُّ مُكَاتَبَةً وَمُرَاسَلَةً أَيْضًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (69) مِثَالٌ لِلْمُكَاتَبَةِ: لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ لِآخَرَ غَائِبٍ كِتَابًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا بِتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِأَمْرٍ مَا وَقَبِلَ الْآخَرُ الْوَكَالَةَ انْعَقَدَتْ (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ)

مِثَالٌ لِلرِّسَالَةِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: (خُذْ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ وَلْيَبِعْهُ) أَوْ قَالَ (اذْهَبْ إلَى فُلَانٍ وَأَخْبِرْهُ أَنْ يَبِيعَ مَالِي الْفُلَانِيَّ الَّذِي عِنْدَهُ) وَبَاعَ الْآخَرُ الْمَالَ بَعْدَ تَبَلُّغِهِ هَذَا الْخَبَرَ كَانَتْ الْوَكَالَةُ وَالْبَيْعُ صَحِيحَيْنِ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ شَخْصًا غَائِبًا بِأَمْرٍ مَا فَبَلَّغَهُ أَحَدٌ خَبَرَ الْوَكَالَةِ، وَقَبِلَ الْآخَرُ الْوَكَالَةَ انْعَقَدَتْ الْوَكَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَادِلًا أَوْ مَسْتُورَ الْحَالِ أَمْ كَانَ غَيْرَ عَادِلٍ، وَسَوَاءٌ أَأُعْطِيَ الْخَبَرَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ أَمْ أُخْبِرَ بِهِ رِسَالَةً مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ وَسَوَاءٌ أَصَّدَّقَ الْغَائِبُ هَذَا الْخَبَرَ أَمْ كَذَّبَهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكِيلًا فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا (الْهِنْدِيَّةُ) 3 - قَدْ وَكَّلْتُ: أَلْفَاظُ الْوَكَالَةِ كَالتَّوْكِيلِ، وَالْإِذْنِ، وَالتَّفْوِيضِ، وَالْأَمْرِ (كَأَعْمَالِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ) وَالرِّضَاءِ وَالْمَشِيئَةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْوِصَايَةِ، وَالتَّسْلِيطِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلْنُفَصِّلْ الْآنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ التِّسْعَةَ. أَوَّلُهَا، التَّوْكِيلُ: إنَّ إيضَاحَ هَذَا مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الثَّانِي، الْإِذْنُ، سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الثَّالِثُ، التَّفْوِيضُ، مَثَلًا لَوْ قَالَ مَالِكُ الْمُسْتَغَلَّاتِ لِآخَرَ: قَدْ فَوَّضْتُ إلَيْكَ أَمْرَ مُسْتَغَلَّاتِي وَآجَرَ الْمَالَ الْمُسْتَغَلَّاتِ لِآخَرَ فَلِلْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَتَهَا وَيَأْخُذَهَا، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ فَوَّضْتُ لَكَ أَمْرَ دَوَابِّي فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ حِفْظُ دَوَابِّهِ وَمَمَالِيكِهِ وَرَعْيُهَا وَعَلْفُهَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا (الْبَحْرُ) الرَّابِعُ، الْأَمْرُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اعْمَلْ شُغْلِي الْفُلَانِيَّ، كَبِعْ دَارِي مَثَلًا، فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ هَذَا الْفَرَسَ وَأَعْطَاهُ ثَمَنَهُ فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ قَيْدَ (خُذْهُ) إلَى ذَلِكَ وَسَتُوَضَّحُ مَسْأَلَةُ كَوْنِ الْأَمْرِ تَوْكِيلًا فِي الْمَادَّةِ (455 1) الْخَامِسُ الرِّضَا، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي رَاضٍ بِبَيْعِكَ فَرَسِي هَذَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوْكِيلًا بِالْبَيْعِ. السَّادِسُ، الْمَشِيئَةُ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: شِئْتُ أَنْ تَبِيعَ دَارِي هَذِهِ. السَّابِعُ، الْإِرَادَةُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبِيعَ هَذِهِ يَكُونُ تَوْكِيلًا (الْجَوْهَرَةُ) الثَّامِنُ، الْوِصَايَةُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ جَعَلْتُكَ وَصِيًّا لِبَيْعِ دَارِي فِي حَيَاتِي. أَمَّا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهُ (أَنْتَ وَصِيِّي) فَلَا تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ اُنْظُرْ الْخَانِيَّةَ وَالْمَادَّةَ (3) وَشَرْحَهَا. التَّاسِعُ، التَّسْلِيطُ، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى بَيْعِ مَالِي الْفُلَانِيِّ، فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) غَيْرُ لَازِمٍ، الْوَكَالَةُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبَرُّعٌ وَلَا لُزُومَ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَتَتَفَرَّعُ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا يَدْخُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْوَكَالَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اُنْظُرْ الشَّرْحَ الَّذِي قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (الـ 300) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً، وَالشَّرْطُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ الْهِنْدِيَّةُ)

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ ادَّعَى الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَهَا، فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ مَقْصُودًا صَحِيحًا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ فُلَانًا قَدْ وَكَّلَنِي بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ وَلَدَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ، فَلَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْمَحْكَمَةَ مُدَّعِيًا: إنَّنِي وَكِيلٌ لِفُلَانٍ وَأَرَادَ إثْبَاتَ مُدَّعَاهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنَّ الْوَكَالَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهَا قَصْدًا، إلَّا أَنَّهَا يَصِحُّ الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ ضِمْنَ دَعْوَى، وَذَلِكَ كَالدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ غَرِيمٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 4 5) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي دَعْوَاهُ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ دَيْنًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَإِنَّنِي وَكِيلٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي قَبْضِهِ وَفِي الدَّعْوَى بِهِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وَكَالَتَهُ عَنْ الْغَائِبِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَكَالَتِهِ عَنْ الْغَائِبِ وَبِتَسْلِيمِهِ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ (الدُّرَرُ بِإِيضَاحٍ) ، (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1516) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، كَمَا أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُرِيدُ فَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا أَنْ يَسْتَقِيلَ مِنْ الْوَكَالَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. اسْتِثْنَاءٌ: تَلْزَمُ الْوَكَالَةُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1521) (الْبَحْرُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي، يَكُونُ الْإِيجَابُ صَرَاحَةً وَالْقَبُولُ دَلَالَةً، فَلَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْوَكِيلُ شَيْئًا، بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ، وَحَاوَلَ إجْرَاءَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، فَيَكُونُ قَدْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ دَلَالَةً وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا يَعْنِي يَكُونُ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى الْقَبُولِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) (أَبُو السُّعُودِ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْوَكِيلُ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ نَدَمِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَتُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (459 1) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (أَرْغَبُ أَوْ أُرِيدُ أَنْ تَبِيعَ مَالِي هَذَا) وَحَاوَلَ الْوَكِيلُ إجْرَاءَ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَيَكُونُ تَصَرُّفًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ الْوَكَالَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ لَا يَتَقَيَّدُ الْقَبُولُ لَفْظًا أَوْ دَلَالَةً بِمَجْلِسِ الْإِيجَابِ، يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ مَالِي الْفُلَانِيِّ، وَسَكَتَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَقَبِلَ صَرَاحَةً فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَوْ حَاوَلَ بَيْعَهُ فِي مَكَان آخَرَ كَانَ صَحِيحًا. كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: إنَّ قَبُولَ الْوَكِيلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ اسْتِحْسَانًا لَكِنْ لَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ رُدَّتْ، وَسُكُوتُ الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبُولٌ أَمَّا لَوْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ بَعْدَ الْإِيجَابِ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْإِيجَابِ، وَلَا تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (183) ، مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِالْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَقْبَلُ. وَبَاشَرَ بَعْدَ ذَلِكَ

(المادة 1452) الإذن والإجازة توكيل

إجْرَاءَ الْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ وَبَعْضُهُ فُضُولِيًّا نَافِذًا بِحَقِّ الْوَكِيلِ فَلَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ بَيْعَ مَالٍ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ فُضُولِيًّا، مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ بَيْعَ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَبَعْدَ أَنْ رَدَّ الْوَكِيلُ الْإِيجَابَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فُضُولِيًّا، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (96 و 368) وَإِذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ شِرَاءَ مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَلَا يَكُونُ قَدْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ، وَلَا يَجْرِي هُنَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (485 1) كَذَلِكَ لَا يَكُونُ هَذَا الشِّرَاءُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَسَتُوَضَّحُ أَسْبَابُ كَوْنِ الْبَيْعِ مَوْقُوفًا وَالشِّرَاءُ غَيْرُ مَوْقُوفٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (53 4 1) وَإِذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ قَبْضَ الدَّيْنِ، وَقَبَضَ الدَّيْنَ مَنْ سَيَكُونُ وَكِيلًا بَعْدَ رَدِّهِ الْوَكَالَةَ، فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (13 1 1) [ (الْمَادَّةُ 1452) الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ تَوْكِيلٌ] الْمَادَّةُ (1452) - (الْإِذْنُ وَالْإِجَازَةُ تَوْكِيلٌ) يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ يُمْكِنُ أَنْ تَنْعَقِدَ أَيْضًا بِأَلْفَاظِ الْإِذْنِ وَالْإِجَازَةِ. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَذِنْتُك بَيْعَ مَالِي الْفُلَانِيِّ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ فَلَوْ قَالَ لَهُ: أَجَزْتُك بِبَيْعِ مَالِي فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ الْبَحْرُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) ذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَذِنْتُك بِقَبْضِ فَرَسِي الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ وَلَا يَزَالُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقًّا بِقَبْضِهِ، فَلَهُ أَيْضًا صَلَاحِيَّةٌ بِقَبْضِ وَلَدِ الْفَرَسِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ التَّوْكِيلِ. أَمَّا الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِقَبْضِهِ. وَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فِي ثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ أَيْضًا (التَّكْمِلَةُ عَنْ الْكَافِي) . [ (الْمَادَّةُ 1453) الْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ] الْمَادَّةُ (1453) - (الْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرَ فُضُولًا ثُمَّ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ فَأَجَازَهُ يَكُونُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ أَوَّلًا) . إنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ لِلْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فِي عَقْدِ الْوَكَالَةِ. وَتَجْرِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ، كَمَا هُوَ مُفَصَّلٌ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - الْبَيْعُ: مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرَ فُضُولًا، انْعَقَدَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (368) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ، وَلَوْ أَخْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَوْ شَخْصٌ آخَرُ صَاحِبَ الْمَالِ بِذَلِكَ وَأَجَازَ ذَلِكَ الشَّخْصُ هَذَا الْبَيْعَ أَيْضًا وَكَانَتْ الشُّرُوطُ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (378) مَوْجُودَةً فَيَكُونُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ أَوَّلًا، وَيَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا وَنَافِذًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) حَتَّى أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ أَوْ حَطَّ عَنْهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ صَحَّ وَكَانَ ضَامِنًا ذَلِكَ لِلْمُجِيزِ (الْهِنْدِيَّةُ)

وَتَلْحَقُ الْإِجَازَةُ الْعُقُودَ الْمَوْقُوفَةَ، كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا، وَلَا تَلْحَقُ الْعُقُودَ الْمَفْسُوخَةَ أَوْ الْعُقُودَ النَّافِذَةَ وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ مِنْ عَدَمِ لُحُوقِ الْإِجَازَةِ الْعُقُودَ الْمَفْسُوخَةَ: أَوَّلًا، لَوْ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فُضُولِيًّا بَعْدَ أَنْ فَسَخَ الْبَيْعَ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ وَلَا يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ الْمَفْسُوخُ إلَى الصُّحُفِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) ثَانِيًا لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ فُضُولًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ فَسَخَ صَاحِبُ الْمَالِ هَذَا الْعَقْدَ بِقَوْلِهِ لَا أَجِيرَ أَجَازَ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَجُوزُ (الْهِنْدِيَّةُ) ثَالِثًا، لَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِوَفَاةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمَالِ الْأُجْرَةَ مِنْ الشَّرِيكِ الْمُقِيمِ فِي الْمَأْجُورِ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْإِجَارَةَ الْمَفْسُوخَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 5) . وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ مِنْ عَدَمِ لُحُوقِ الْإِجَازَةِ الْعُقُودَ النَّافِذَةَ: أَوَّلًا، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْنِي مَالَك هَذَا بِكَذَا قِرْشًا لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ فَقَالَ الْآخَرُ: بِعْت، وَقَالَ الْأَوَّلُ: قَبِلْت وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمْرَهُ يَعْنِي أَنْكَرَ كَوْنَهُ قَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ وَبَعْدَ أَنْ صَدَّقَ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَيْضًا ذَلِكَ الْإِنْكَارَ قَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: أَجَزْتُ فَلَا تُعْتَبَرُ (الْبَحْرُ) ثَانِيًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ بِدُونِ أَمْرِهِ وَتَوْكِيلِهِ وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُشْتَرِي. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، بَلْ وَلَوْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي حِينَ الِاشْتِرَاءِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرَى لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ بَيْعًا جَدِيدًا بِالتَّعَاطِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ يُوجَدُ ثَلَاثُ احْتِمَالَاتٍ فِي عَقْدِ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ إضَافَةُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ عَقْدَ الشِّرَاءِ إلَى الْغَيْرِ الَّذِي هُوَ، مُشْتَرٍ لَهُ وَيَكُونُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ: أَوَّلُهُمَا، قَوْلُ الْبَائِعِ بِعْتُ مَالِي هَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ أَوْ قَبِلْتُ الِاشْتِرَاءَ لَهُ ثَانِيهِمَا، قَوْلُ الْبَائِعِ بِعْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ قَبِلْتُ لَهُ أَيْضًا (الْبَحْرُ) ثَالِثُهُمَا، أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيُّ لِلْبَائِعِ بِعْ هَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا بِعْتُهُ لَهُ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ قَدْ اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ الْمَذْكُورِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (172) إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ عَقْدَ الشِّرَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْمُشْتَرَى لَهُ انْعَقَدَ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرَى لَهُ. فَإِنْ قَبِلَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَنَفَذَ وَعَادَتْ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرَى لَهُ، وَلَا تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ الْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ بَقَاءِ الشِّرَاءِ مَوْقُوفًا بِتَقْدِيرِ وُجُودِ النَّفَاذِ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الْعَاقِدِ فَلَا يَنْفُذُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ)

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: إضَافَةُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ عَقْدَ الشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ إلَى نَفْسِهِ عَلَى الْأَوْجُهِ الْآتِيَةِ. أَوَّلُهَا، قَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا بِعْتُ. ثَانِيهَا، قَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْكَ بِكَذَا دِرْهَمًا لِأَجْلِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا بِعْتُ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ تَعْبِيرَ بِعْنِي لِأَجْلِ فُلَانٍ لَا يُوجِبُ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى فُلَانٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ (لِأَجْلِ فُلَانٍ) يَحْتَمِلُ مَعْنَى لِأَجْلِ خَاطِرِ فُلَانٍ أَوْ سُرُورِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ مَا) ثَالِثَهَا. قَوْلُ الْبَائِعِ لِلْفُضُولِيِّ قَدْ بِعْتُ هَذَا الْمَالَ لَكَ بِكَذَا دِرْهَمًا لِأَجْلِ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ أَيْضًا قَبِلْتُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ أُضِيفَ إلَى الْمُشْتَرِي ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ يَحْتَمِلُ لِأَجْلِ شَفَاعَتِهِ أَوْ رِضَاهُ رَابِعًا، قَوْلُ الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ لِلْبَائِعِ بِعْنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَيْضًا بِعْتُ وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي قَبِلْتُ إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمَذْكُورَةِ نَفَذَ هَذَا الشِّرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْفُضُولِيِّ، وَيَعُودُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ أَنَّ الشِّرَاءَ لِأَجْلِ غَيْرِهِ، حَتَّى لَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ الشِّرَاءِ عَلَى أَنَّهُ لِأَجْلِ غَيْرِهِ، فَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ لَا النَّافِذَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْفُضُولِيِّ الْبَحْرُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِزِيَادَةٍ) الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ بِالْإِضَافَةِ لِلْغَيْرِ، مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ هُوَ أَنْ يَقْبَلَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ مَعَ كَوْنِ الْبَائِعِ قَدْ أَوْجَبَ الْعَقْدَ لِغَيْرِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْعَقْدُ بَاطِلًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: قَدْ اشْتَرَيْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ الْبَائِعُ بِقَوْلِهِ قَدْ بِعْتُهُ فَيَكُونُ إلَى فُلَانٍ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (671) 2 - الْإِجَارَةُ، إنَّ إجَارَةَ الْفُضُولِيِّ، عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (47 4) مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ، فَإِذَا أَجَازَ جَازَ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْإِجَازَةُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ، وَإِذَا لَمْ يُجِزْ كَانَتْ مُنْفَسِخَةً. 3 - الْهِبَةُ: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ لِأَحَدٍ، عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (857) ، كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِذَا أَجَازَ نَفَذَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْإِجَازَةُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِزْ انْفَسَخَتْ

(المادة 1454) الرسالة ليست من قبيل الوكالة

قَبْضُ الدَّيْنِ، لَوْ قَبَضَ شَخْصٌ ثَالِثٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ دَيْنًا لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ فُضُولًا وَأَجَازَ الدَّائِنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمَقْبُوضُ مَوْجُودٌ عَيْنًا فِي يَدِ الْقَابِضِ الْفُضُولِيِّ، الْقَبْضُ - جَازَ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ لُحُوقُ الْإِجَازَةِ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ مَعًا: إنَّ الْإِجَازَةَ كَمَا تَلْحَقُ الْأَقْوَالَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْعَارِيَّةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ دَيْنَهُ إلَى دَائِنِهِ عَلَى يَدِ آخَرَ فَأَخْبَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الدَّائِنَ وَرَضِيَ الدَّائِنُ أَيْضًا لَكِنْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَالًا وَتَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا أُمِرَ بِشِرَائِهِ تَلِفَ عَلَى الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ انْتِهَاءٌ بِقَبْضِ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَالْإِذْنِ ابْتِدَاءً وَيُرَى فِي هَذَا أَنَّ إجَازَةَ الْقَبْضِ قَدْ لَحِقَتْ الْفِعْلَ وَهُوَ الْقَبْضُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَأَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِفَسَادِهِ وَلَبِسَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْخَيَّاطِ. فَهُنَا أَنَّ إفْسَادَ الثَّوْبِ قَدْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ مَعَ أَنَّهُ فِعْلٌ. اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنَّ فِعْلَ الْإِتْلَافِ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَلَا تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ الْإِتْلَافَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ تَعَدِّيًا وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ: رَضِيت بِالْإِتْلَافِ أَوْ أَجَزْتُهُ فَلَا حُكْمَ لِلْإِجَازَةِ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ الْمُتْلِفِ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (2 1 9) إلَّا أَنَّ إتْلَافَ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ بِتَصْدِيقِهِ بِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فَتَلْحَقُ الْإِجَازَةُ فِي هَذَا الْإِتْلَافِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (77) رَدُّ الْمُحْتَارِ [ (الْمَادَّةُ 1454) الرِّسَالَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ] الْمَادَّةُ (1454) - (الرِّسَالَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الصَّيْرَفِيُّ إقْرَاضَ أَحَدٍ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ خَادِمَهُ لِلْإِتْيَانِ بِهَا يَكُونُ الْخَادِمُ رَسُولَ ذَلِكَ الْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَحَدٌ إلَى السِّمْسَارِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فَرَسًا إذَا قَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْك الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ، وَقَالَ السِّمْسَارُ: بِعْته إيَّاهُ بِكَذَا، اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ وَسَلِّمْ هَذِهِ الْفَرَسَ إلَيْهِ فَإِذَا أَتَى الشَّخْصُ وَسَلَّمَ الْفَرَسَ إلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَ السِّمْسَارِ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَّا وَاسِطَةً وَرَسُولًا وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْجَزَّارِ: أَعْطِ لِأَجْلِي كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارَ كَذَا لَحْمًا إلَى خَادِمِي فُلَانٍ الَّذِي يَذْهَبُ وَيَأْتِي إلَى السُّوقِ وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْخَادِمُ رَسُولَ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ)

يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ وَالرِّسَالَةَ لَيْسَ اثْنَتَاهُمَا شَيْئًا وَاحِدًا بَلْ يُوجَدُ بَيْنَهُمَا فُرُوقٌ عَلَى أَوْجُهٍ خَمْسَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1450) وَاحِدُ هَذِهِ الْفُرُوقِ هُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ يُضِيفَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ مُرْسِلِهِ أَمَّا فِي الْوَكَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُضَافَ الْعَقْدُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَهُ أَنْ يُضِيفَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (0 46 1) أَيْضًا مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الصَّيْرَفِيُّ إقْرَاضَ أَحَدٍ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ الْمُسْتَقْرِضُ خَادِمَهُ لِلصَّيْرَفِيِّ لِلْإِتْيَانِ بِهَا يَكُونُ الْخَادِمُ رَسُولَ ذَلِكَ الْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ، حَتَّى أَنَّهُ قَدْ جَازَتْ الرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ بِالِاسْتِقْرَاضِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (59 4 1) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: إنِّي قَدْ سَلَّمْتُ النُّقُودَ الْمَذْكُورَةَ لِذَلِكَ الرَّسُولِ وَقَالَ الرَّسُولُ أَيْضًا: قَدْ اسْتَلَمْتُهَا وَسَلَّمْتُهَا إلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَأَقَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بِأَخْذِ النُّقُودِ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ لَزِمَ الْمُسْتَقْرِضَ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهَا، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ أَخْذَ الْخَادِمِ النُّقُودَ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ وَالرَّسُولِ هَذَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّ الصَّيْرَفِيَّ مُدَّعٍ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) وَلَمْ يَثْبُتُ شَيْءٌ أَيْضًا بِكَلَامِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ شَيْءٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ أَمِينٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ (وَالْغَيْرُ هُنَا هُوَ الْمُسْتَقْرِضُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الرَّسُولُ - فِي صُورَةِ إرْسَالِ الْمَدِينِ دَيْنَهُ مَعَ رَسُولٍ إلَى الدَّائِنِ - إيصَالَهُ الدَّيْنَ، وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ وُصُولَ الدَّيْنِ لَهُ فَإِنْ قُبِلَ قَوْلُ الرَّسُولِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ اسْتِيفَاءُ الدَّائِنِ حَقَّهُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، الْكَفَوِيُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) . لَكِنْ ظَاهِرُ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا هُوَ أَنَّ الْقَرْضَ قَدْ عُقِدَ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَالصَّيْرَفِيِّ قَبْلًا وَكَانَ الْخَادِمُ مَأْمُورًا بِقَبْضِ الْقَرْضِ وَإِيصَالِهِ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ. وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمِثَالِ لَيْسَ رِسَالَةً بِالِاسْتِقْرَاضِ بَلْ عِبَارَةٌ عَنْ وَكَالَةٍ بِقَبْضِ الْقَرْضِ لِلْمُسْتَقْرِضِ، فَلْنُصَوِّرْ لَكَ الِاسْتِقْرَاضَ بِالرِّسَالَةِ بِمِثَالٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ إلَى الصَّيْرَفِيِّ الْفُلَانِيِّ وَاسْتَقْرِضْ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدِمَ الْخَادِمُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ وَعَقَدَ الْقَرْضَ مَعَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ فِي هَذَا رَسُولًا وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ. وَيَكُونُ الْقَرْضُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَحَدٌ إلَى السِّمْسَارِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فَرَسًا إذَا قَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا

(المادة 1455) يكون الأمر مرة من قبيل الوكالة ومرة من قبيل الرسالة

يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْكَ الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ وَقَالَ السِّمْسَارُ: بِعْتُهُ إيَّاهُ بِكَذَا اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ وَسَلِّمْ هَذِهِ الْفَرَسَ إلَيْهِ فَإِذَا أَتَى الشَّخْصُ وَسَلَّمَ الْفَرَسَ إلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَالسِّمْسَارِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَّا وَاسِطَةً وَرَسُولًا وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ بِعَقْدِ الْبَيْعِ (كُلِّيَّاتُ أَبِي الْبَقَاءِ) . حَتَّى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَطْلُبَ السِّمْسَارُ ثَمَنَ الْفَرَسِ مِنْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ دُونَ الرَّسُولِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (462 1) . الْفَيْضِيَّةُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْجَزَّارِ: أَعْطِ لِأَجْلِي كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارَ كَذَا لَحْمًا إلَى خَادِمِي فُلَانٍ الَّذِي يَذْهَبُ وَيَأْتِي إلَى السُّوقِ، وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، يَكُونُ ذَلِكَ الْخَادِمُ رَسُولَ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ حَتَّى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَزَّارُ ثَمَنَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْخَادِمِ. لَكِنْ لَوْ قَالَ الْجَزَّارُ لِلْخَادِمِ: بِعْتُك اللَّحْمَ فَأَعْطِنِي ثَمَنَهُ وَقَالَ لَهُ الْخَادِمُ: قَدْ أَخَذْته مِنْك لِمَوْلَايَ بِالرِّسَالَةِ يَعْنِي إنَّنِي أَضَفْت الْعَقْدَ لِمَوْلَايَ وَلَمْ أُضِفْهُ لِنَفْسِي وَلَا يَلْزَمُنِي الثَّمَنُ، وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِلْخَادِمِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْخَادِمَ مُنْكِرٌ لِإِضَافَةِ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ وَلُزُومِ الثَّمَنِ. أَمَّا إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْجَزَّارِ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 وَ 76) التَّنْقِيحُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلْيُرَاجَعْ شَرْحُ الْمَادَّةِ (462 1) [ (الْمَادَّةُ 1455) يَكُونُ الْأَمْرُ مَرَّةً مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ وَمَرَّةً مِنْ قَبِيلِ الرِّسَالَةِ] الْمَادَّةُ (1455) - (يَكُونُ الْأَمْرُ مَرَّةً مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ وَمَرَّةً مِنْ قَبِيلِ الرِّسَالَةِ، مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَادِمٌ مِنْ تَاجِرٍ مَالًا بِأَمْرِ سَيِّدِهِ يَكُونُ وَكِيلَهُ بِالشِّرَاءِ وَأَمَّا لَوْ اسْتَلَمَ الْمَالَ مِنْ التَّاجِرِ وَأَرْسَلَ خَادِمَهُ لِيَشْتَرِيَهُ وَيَأْتِيَهُ بِهِ يَكُونُ رَسُولَ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ) فِي الْأَمْرِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى، يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الرِّسَالَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَشُورَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) إيضَاحُ الصُّورَةِ الْأُولَى: إذَا قِيلَ قَوْلًا كَوْنُ فِعْلِ الْمَأْمُورِ فِي الْأَمْرِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْأَمْرِ كَانَ الْأَمْرُ وَكَالَةً، كَأَنْ يُشْرَطَ لِلْمَأْمُورِ أُجْرَةٌ فِي مُقَابِلِ خِدْمَتِهِ أَوْ يُعْطِي الْمَأْمُورَ نُقُودًا وَيَقُولُ لَهُ: خُذْ لِأَجْلِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ أَوْ خُذْ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ (يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَقُولَ لِأَجْلِي) أَوْ يُشِيرُ إلَى مَالِهِ قَائِلًا بِعْ هَذَا الْمَالَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْأُجْرَةِ يَدُلُّ عَلَى الْإِنَابَةِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ خَادِمَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ: اشْتَرِ مَالَ كَذَا، وَاشْتَرَى الْخَادِمُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ مَالًا مِنْهُ مُضِيفًا الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْخَادِمُ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْخَادِمِ الْمَذْكُورِ، وَلَيْسَ لِلْآمِرِ أَنْ يَقُولَ: (إنَّ قَصْدِي مِنْ قَوْلِي اشْتَرِ،

(المادة 1456) يكون ركن التوكيل مرة مطلقا ومرة يكون معلقا بشرط

لَمْ يَكُنْ أَنْ تَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِي بَلْ كَانَ الْقَصْدُ أَنْ تَشْتَرِيَهُ لِأَجْلِكَ وَإِنَّنِي لَا أَقْبَلُ ذَلِكَ الْمَالَ وَأُرِيدُ نُقُودِي) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، إيضَاحُ الرِّسَالَةِ: أَمَّا لَوْ اسْتَلَمَ الْمَوْلَى الْمَالَ مِنْ التَّاجِرِ يَعْنِي لَوْ عَيَّنَ قِيمَتُهٌ فَقَطْ وَلَمْ يَعْقِدْ الْبَيْعَ. وَأَرْسَلَ خَادِمَهُ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ التَّاجِرِ الْمَذْكُورِ وَيَأْتِيَهُ بِهِ فَيَذْهَبُ الْخَادِمُ وَقَالَ لَهُ: إنَّ مُرْسَلِي فُلَانًا قَالَ: قَدْ اشْتَرَى مِنْك هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَقَالَ التَّاجِرُ فَوْرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ (أَنَا بِعْته إيَّاهُ أَيْضًا) كَانَ الْخَادِمُ رَسُولًا لِمَوْلَاهُ فِي الشِّرَاءِ إنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ فِي الْوَكَالَةِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، أَمَّا الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ فِي الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ مُتَنَاسِبَةً مَعَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى فَقَدْ أُوِّلَتْ فِقْرَةُ الْمِثَالِ الْأَخِيرَةُ بِضَمِّ بَعْضِ الْقُيُودِ إلَيْهَا. وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْفِقْرَةُ الْمِثَالِيَّةُ الْأَخِيرَةَ لِحُسْنِ الْمُقَابَلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي: أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِخَادِمِهِ: اشْتَرَيْت فَرَسَ فُلَانٍ الْمَعْلُومَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَاذْهَبْ إلَيْهِ وَأَخْبِرْهُ فَذَهَبَ الْخَادِمُ إلَى الشَّخْصِ وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ فَقَالَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْفَوْرِ (بِعْت) انْعَقَدَ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُرْسِلِ وَالْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْخَادِمُ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ (كُلِّيَّاتُ أَبِي الْبَقَاءِ) الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ، إيضَاحُ الْمَشُورَةِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: (اشْتَرِ فَرَسًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ) أَوْ (اشْتَرِ هَذَا بِأَلْفٍ) فَيُعَدُّ هَذَا الْقَوْلُ قَدْ قِيلَ عَلَى سَبِيلِ الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَالْخَيْرِ وَالْمَنْفَعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَرَسَ كَانَ عَائِدًا لَهُ وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ أَمَرَهُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ الْآمِرُ: إنَّنِي أُعْطِيكَ كَذَا دِرْهَمًا أُجْرَةً لِشِرَائِكَ إيَّاهُ، وَفِي هَذَا الْحَالِ تَدُلُّ الْأُجْرَةُ عَلَى الْإِنَابَةِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ وَكَالَةً كَذَلِكَ قَدْ تُوُضِّحَ آنِفًا (الْبَحْرُ) [ (الْمَادَّةُ 1456) يَكُونُ رُكْنُ التَّوْكِيلِ مَرَّةً مُطْلَقًا وَمَرَّةً يَكُونُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ] الْمَادَّةُ (1456) - (يَكُونُ رُكْنُ التَّوْكِيلِ مَرَّةً مُطْلَقًا، يَعْنِي لَا يَكُونُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ أَوْ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ وَمَرَّةً يَكُونُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ فَرَسِي هَذَا إذَا أَتَى فُلَانٌ التَّاجِرُ إلَى هُنَا وَقَبِلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةً بِمَجِيءِ التَّاجِرِ، وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْفَرَسَ إذَا أَتَى التَّاجِرُ وَإِلَّا فَلَا، وَمَرَّةً يَكُونُ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ دَوَابِّي فِي شَهْرِ نَيْسَانَ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ يَكُونُ بِحُلُولِهِ وَكِيلًا وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الدَّوَابَّ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَمَّا قَبْلَ حُلُولِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ. وَمَرَّةً يَكُونُ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ. مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ سَاعَتِي هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تَكُونُ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ مُقَيَّدَةً بِعَدَمِ الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ) .

لِرُكْنِ التَّوْكِيلِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى، يَكُونُ الرُّكْنُ الْمَذْكُورُ مَرَّةً مُطْلَقًا، يَعْنِي يَكُونُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَلَا مُضَافٍ إلَى وَقْتٍ وَلَا مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ، كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ، فَرُكْنُ التَّوْكِيلِ فِي هَذَا الْمِثَالِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُعَلَّقًا فَهُوَ لَيْسَ بِمُضَافٍ وَلَا مُقَيَّدٍ بَلْ كَانَ مُطْلَقًا. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، يَكُونُ الرُّكْنُ الْمَذْكُورُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (82) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ فَرَسِي هَذَا إذَا جَاءَ فُلَانٌ التَّاجِرُ إلَى هُنَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةً بِمَجِيءِ التَّاجِرِ إلَى هُنَاكَ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ التَّاجِرُ إلَى هُنَاكَ فَلِلْوَكِيلِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ثُبُوتُ الشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (82) . وَإِذَا لَمْ يَأْتِ التَّاجِرُ إلَى هُنَاكَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ الْمُعَلَّقَ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُكْمِ، فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ فَرَسِي هَذَا فَمَعَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ سَبَبٌ لِتَحْقِيقِ الْوَكَالَةِ فِي الْحَالِ وَصَلَاحِيَّةُ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْفَرَسِ فَوْرًا، فَلَوْ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ حِصَانِي هَذَا إذَا جَاءَ التَّاجِرُ الْفُلَانِيُّ إلَى هُنَا فَإِنَّ التَّعْلِيقَ مَانِعٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْوَكَالَةِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ إلَى مَجِيءِ التَّاجِرِ، وَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ فَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ الْمَدِينُ عِنْدَ دَائِنِهِ مَالًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَقَالَ لَهُ: إذَا لَمْ أُؤَدِّ الدَّيْنَ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ بِعْ الرَّهْنَ وَاسْتَوْفِ دَيْنَك مِنْهُ وَوَكَّلَ دَائِنَهُ فَلَوْ بَاعَ الدَّائِنُ الرَّهْنَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا (الْبَهْجَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) وَشَرْحَهُمَا أَيْضًا. تَعْلِيقٌ - الْوَكَالَةُ وَالْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ: يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ، وَقَدْ بُيِّنَتْ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) . وَالْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ وَكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكِيلًا وَكُلَّمَا عَزْلَهُ الْمُوَكِّلُ تَجَدَّدَتْ الْوَكَالَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالسَّبَبُ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ دَوْرِيَّةً هَذَا التَّجَدُّدُ. وَيَجِبُ أَلَّا يُفْهَمَ وَهَذَا الْحَالُ أَنَّ عَزْلَ الْمُوَكِّلَ الْوَكِيلَ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْعَزْلِ مِنْ الْوَكَالَةِ هَذِهِ سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 52 1) . وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يُضَافُ رُكْنُ التَّوْكِيلِ بَعْضًا إلَى وَقْتٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْقَابِلَةِ لِلْإِضَافَةِ كَمَا قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (82) وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ وَإِضَافَتِهَا فَلِإِيجَابِ الْمُضَافِ يَكُونُ سَبَبًا فِي انْعِقَادِ الْوَكَالَةِ فِي الْحَالِ، فَإِذَا انْعَقَدَتْ الْوَكَالَةُ فِي الْإِضَافَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَالًا فَيَتَأَخَّرُ حُكْمُ الْوَكَالَةِ إلَى الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. أَمَّا الْإِيجَابُ الْمُعَلَّقُ فَالتَّعْلِيقُ الَّذِي فِيهِ مَانِعٌ لِصَيْرُورَتِهِ سَبَبًا لِحُكْمٍ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ

فَالْوَكَالَةُ فِي التَّعْلِيقِ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ انْعِقَادُ الْوَكَالَةِ مُعَلَّقًا عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْخُلَاصَةُ أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي الْإِضَافَةِ وَإِنْ انْعَقَدَتْ فِي الْحَالِ فَلَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا فِي الْحَالِ. أَمَّا الْوَكَالَةُ فِي التَّعْلِيقِ فَلَا تَثْبُتُ وَلَا تَنْعَقِدُ. لَكِنْ مَا هِيَ الْأَحْكَامُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِ إيفَاءِ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ فِي الْحَالِ غَيْرَ صَحِيحٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةً أَمْ مُضَافَةً؟ وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَالَةً مُضَافَةً لَوْ حَلَفَ الْيَمِينَ قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْتِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ يَكُونُ كَاذِبًا فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَكَالَةً مُعَلَّقَةً قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ كَانَ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ. لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ عِبَارَةُ (إنَّكَ وَكِيلِي إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) لَيْسَتْ بِإِضَافَةٍ وَتَقْيِيدٍ، فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّك وَكِيلِي إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَكَمَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكِيلًا فِي الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ يَكُونُ وَكِيلًا أَيْضًا بَعْدَهَا، هَذِهِ الْوَكَالَةُ لَيْسَتْ مُضَافَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ حَيَوَانَاتِي هَذِهِ فِي شَهْرِ نَيْسَانَ، وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ، فَبِمُجَرَّدِ حُلُولِ شَهْرِ نَيْسَانَ يَصِيرُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ، وَقَدْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الدَّوَابَّ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ بَعْدَهُ) إلَى أَنَّهُ كَمَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَكُونُ وَكِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا (الْبَحْرُ) وَمَعَ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ صَحَّحَ ذَلِكَ وَقَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ هَذَا الْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ صَاحِبَا (نُورُ الْعَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةُ) إنَّ ذِكْرَ نَيْسَانَ لِلتَّعْجِيلِ وَلَيْسَ لِتَوْقِيتِ الْوَكَالَةِ (إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ) وَلِهَذَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ (التَّكْمِلَةُ) فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الدَّوَابَّ أَمَّا قَبْلَ نَيْسَانَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الدَّوَابَّ الْمَذْكُورَةَ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَإِنْ كَانَتْ تَنْعَقِدُ فِي الْحَالِ بِالْإِيجَابِ الْمُضَافِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا، فَيَتَأَخَّرُ حُكْمُهُ إلَى الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ بِعْ هَذَا الْمَالَ غَدًا، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْيَوْمَ وَإِذَا قَالَ لَهُ: بِعْهُ الْيَوْمَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ غَدًا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ، أَنْ يُقَيَّدَ رُكْنٌ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّقْيِيدِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. لَكِنْ إذَا كَانَ الْقَيْدُ مُفِيدًا عَلَى مَا يُوَضَّحُ قَرِيبًا، حَصَلَ التَّقْيِيدُ بِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا فَلَا يَحْصُلُ التَّقْيِيدُ كَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَثَلِ الْآتِي. لَكِنَّ الْأَمْرَ الْوَاقِعَ بِقَوْلِهِ (بِعْهُ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) لَيْسَ بِتَقْيِيدٍ، بَلْ هُوَ تَهْوِينٌ وَتَمْدِيدٌ لِامْتِثَالِ الْمُدَّةِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ (التَّكْمِلَةُ) . التَّقْيِيدُ يُقَسَّمُ إلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ، التَّقْيِيدُ صَرَاحَةً، وَهُوَ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْآتِي

النَّوْعُ الثَّانِي، التَّقْيِيدُ يَعْنِي التَّقْيِيدَ بِدَلَالَةِ حَالِ الْمُوَكِّلِ. كَذَلِكَ سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (الـ 487 1) . الْخُصُوصُ وَالتَّقْيِيدُ هُمَا أَصْلٌ فِي الْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَقْيِيدِ الْمُوَكِّلِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُوَكَّلِ، فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: قَدْ أَمَرْتُكَ بِالْبَيْعِ نَقْدًا، بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً، وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ: قَدْ أَطْلَقْتُ، فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: إنَّك بِعْته بِخَمْسِمِائَةٍ مَعَ أَنَّنِي أَمَرْتُ بِبَيْعِهِ بِأَلْفٍ، وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ: أَطْلَقْتُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الصُّورَةُ بِخَمْسَةِ ضَوَابِطَ: الضَّابِطُ الْأَوَّلُ، كَوْنُ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُوَكِّلُ ذَا فَائِدَةٍ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُرَاعَاةُ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ نَهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنْ السَّيْرِ عَلَى خِلَافِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَمْ يَنْهَهُ وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ هَذَا الضَّابِطِ هِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ سَاعَتِي هَذِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَتْ وَكَالَتُهُ مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِأَنْقَصَ. فَإِنْ بَاعَ كَانَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (495 1) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ بِقَيْدٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَتُهُ فَإِنْ خَالَفَ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَكَانَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ لَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (479 1) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي جُوخًا لِلْجُبَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَكْفِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجُوخِ جُبَّةً، فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَيَكُونُ الْجُوخُ لِلْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (48 1) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَكَّلَهُ نَقْدًا، صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ نَسِيئَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (98 4 1) قَالَ: بِعْهُ وَبِعْ بِالنَّقْدِ، يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (التَّكْمِلَةُ) الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ، لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 0 15) الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَا تَبِعْهُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ. فَإِنْ بَاعَهُ كَانَ الْبَيْعُ فُضُولِيًّا. فَإِنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ نَافِعٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ مِلْكَهُ لِلْحَالِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ مُرَاعَاتُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ مَالِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ قَدْ يَكُونُ مُقَيِّدًا لِلْمُوَكِّلِ بِأَنْ يَكُونَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّمَنُ، وَإِنَّمَا رَضِيَ بِكَوْنِهِ فِي ذِمَّةِ مَنْ سَمَّاهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي مُلَاءَمَةِ الذِّمَمِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ سَمَّاهُ. إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْهُ وَبِعْهُ لِخَالِدٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيَحْمِلُ الْمَشُورَةَ (التَّكْمِلَةُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ مَالِي هَذَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِكَذَا يَوْمًا، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِنَفْسِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اقْبِضْ دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فِي الشَّامِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ فِي الْبَصْرَةِ (الْخَانِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَنَقَلَهُ الْوَكِيلُ لِبَيْعِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَتَلِفَ فِي الطَّرِيقِ كَانَ ضَامِنًا (الْبَهْجَةُ) وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِبَيْعِ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إلَى الْحَمْلِ وَإِلَى الْمُؤْنَةِ فِي بَلَدٍ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ فَإِذَا نَقَلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِيَبِيعَهُ وَضَاعَ كَانَ ضَامِنًا. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمُؤْنَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بَلَدُ التَّوْكِيلِ لِلْبَيْعِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَيْضًا. لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْبَلَدَ، كَأَنْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَثَلًا، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي بَلَدٍ غَيْرَهُ وَإِذَا نَقَلَهُ إلَى هُنَاكَ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (453 1) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ فِي تَسْمِيَةِ مِقْدَارِ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْآمِرُ: قَدْ وَكَّلْتُ بِالشِّرَاءِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: قَدْ أَمَرْتُ بِالِاشْتِرَاءِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، كَانَ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُصُوصَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ الْأَمْرِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ قَدْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) الْبَحْرُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، لَوْ نَهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنْ الْبَيْعِ بِلَا قَبْضِ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْوَكِيلُ، بَعْدَ أَنْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي: إنَّنِي بِعْت هَذَا الْمَالَ فِي مُقَابِلِ كَذَا دِرْهَمًا قَبَضَهَا مِنْك، لَزِمَ بَيْعُهُ (الْبَحْرُ) أَمَّا لَوْ بَاعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الضَّابِطُ الثَّانِي، عَدَمُ وُجُودِ فَائِدَةٍ أَصْلًا فِي الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُوَكِّلُ. وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُرَاعَاةُ قَيْدٍ كَهَذَا. سَوَاءٌ أَنْهَى وَكِيلَهُ عَنْ الْعَمَلِ خِلَافًا لِذَلِكَ الْقَيْدِ أَمْ لَا. بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْمُوَكَّلِ: بِعْ هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا تَبِعْهُ بِزِيَادَةٍ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنٍ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ لَكِنْ لَا تَقْبِضْ الثَّمَنَ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ

وَالشُّهُودُ حَاضِرِينَ فَلِلْوَكِيلِ قَبْضُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِدُونِ حُضُورِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ الشُّهُودِ (الْهِنْدِيَّةُ) سُؤَالٌ لَكِنْ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذَا فَائِدَةٌ فَلَوْ أَنْكَرَ الْوَكِيلُ قَبْضَ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُثْبِتَهُ بِالشُّهُودِ الَّذِينَ أَمَرَ بِحُضُورِهِمْ حِينَ الْقَبْضِ، فَتَأَمَّلْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَوْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَنَهَاهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِثَمَنٍ نَقْدًا فَلِلْوَكِيلِ بَيْعُهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ فَأَكْثَرَ نَقْدًا؛ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِالنَّسِيئَةِ يَضُرُّهُ وَبِالنَّقْدِ يَنْفَعُهُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ مُرَاعَاتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً إلَى سَنَةٍ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَشَهْرٍ نَسِيئَةً فَلَا يَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الضَّابِطَ الْأَوَّلَ. لَكِنْ لَوْ بَاعَ الْمُوَكَّلُ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً بَيْعًا نَقْدًا، فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (498 1) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا تَأْخُذْ فِي مُقَابِلِهِ رَهْنًا مُعْتَبَرًا أَوْ كَفِيلًا وَأَخَذَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْبَيْعِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا مُعْتَبَرًا فِي مُقَابِلِ الثَّمَنِ صَحَّ وَإِذَا سَقَطَ الدَّيْنُ بِتَلَفِ الرَّهْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ وَتَعُودُ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 9) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، وَالتَّكْمِلَةُ، وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ) أَلَمْ يَكُنْ مِنْ فَائِدَةٍ فِي عَدَمِ أَخْذِ الرَّهْنِ بِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ؟ تَأَمَّلْ وَصَحَّ أَخْذُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا لَوْ حَجَرَهُ الْمُوَكِّلُ عَنْ أَخْذِ الرَّهْنِ لَا يَنْفُذُ حَجْرُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الضَّابِطُ الثَّالِثُ، كَوْنُ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَ الْمُوَكِّلُ ذَا فَائِدَةٍ مِنْ وَجْهٍ وَغَيْرَ ذِي فَائِدَةٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَهَى الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ عَنْ الْعَمَلِ خِلَافًا لِذَلِكَ الْقَيْدِ، لَزِمَ الْوَكِيلَ رِعَايَةُ ذَلِكَ الْقَيْدِ وَإِذَا لَمْ يَنْهَهُ فَلَا تَلْزَمُ رِعَايَتُهُ وَتَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَكَّدَهُ بِالنَّفْيِ دَلَّ عَلَى إرَادَةِ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ إدْخَالَ حَرْفِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْيِيدِ فِي الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي إرَادَةِ الْحَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَهَاكَ الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْ مَالِي هَذَا فِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ بِعْهُ فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ وَلَا تَبِعْهُ فِي غَيْرِهِ أَوْ بِعْهُ فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ وَلَا تَبِعْهُ بِدُونِ شُهُودٍ وَنَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ خِلَافًا لِذَلِكَ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ فِي سُوقٍ آخَرَ أَوْ بِدُونِ شُهُودٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَانُوا عُدُولًا وَحَاضِرِينَ فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ. أَمَّا إذَا كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ أَوْ غَائِبِينَ فَلَا فَائِدَةَ مِنْهُمْ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُفِيدٌ مِنْ وَجْهٍ، وَغَيْرُ مُفِيدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ قَالَ: بِعْهُ بِشُهُودٍ فَبَاعَ بِغَيْرِ شُهُودٍ لَمْ يَجُزْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِوَكِيلِهِ: أَعْطِ فُلَانًا دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّتِي فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ وَلَا تُعْطِهِ إيَّاهُ بِدُونِ شُهُودٍ وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ بِلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ وَحَلَفَ الْيَمِينَ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا. وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: أَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ بِشُهُودٍ فَيَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِشُهُودٍ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِقَوْلِهِ اقْبِضْ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي لِي دَيْنًا عَلَى فُلَانٍ جَمِيعَهَا مَعًا وَلَا تَقْبِضْهَا مُتَفَرِّقَةً وَقَبَضَ الْوَكِيلُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ فَلَا يَجُوزُ هَذَا الْقَبْضُ عَلَى أَمْرِهِ وَلِلْآمِرِ أَنْ يُطَالِبَ بِكُلِّ دَيْنِهِ (التَّنْوِيرُ) لِمُخَالَفَتِهِ لَهُ فَلَمْ يَصِرْ وَكِيلًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَلَوْ اسْتَوْفَى جَمِيعَهُ بَعْدَهُ فَلَوْ هَلَكَ، هَلَكَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ وَيَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْغَرِيمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَلَوْ قَبَضَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ مِنْ شَيْءٍ (التَّكْمِلَةُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ، وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اقْبِضْ وَدِيعَتِي الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ جَمِيعَهَا وَلَا تَقْبِضْهَا مُتَفَرِّقَةً، وَقَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَجُوزُ الْقَبْضُ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ بَاقِيَهَا قَبْلَ تَلَفِ الْمَقْبُوضِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 24) لَكِنَّ الْمَأْمُورَ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ، لَوْ قَالَ: اشْتَرِهِ بِمَعْرِفَةِ فُلَانٍ، فَأَخَذَ وَحْدَهُ، ضَمِنَ مَا أُعْطِيَ مِنْ النُّقُودِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ يَعْلَمُ جَيِّدَ الْمَالِ مِنْ رَدِيئِهِ، الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ، الْمَادَّةُ (5 1 5 1) وَخِتَامُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ هَذَا الضَّابِطِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة. الضَّابِطُ الرَّابِعُ، إذَا كَانَتْ مُخَالَفَةُ الْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ فَلَا يَجُوزُ أَصْلًا وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَ مَا أَتَى بِهِ أَنْفَعَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 470 1) . وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: بِعْهُ فِي مُقَابِلِ مِائَةِ رِيَالٍ فِضِّيَّةٍ، وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ فِي مُقَابِلِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَةَ دِينَارًا فَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ مُشِيرًا إلَى دَنَانِيرَ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْمَالَ بِهَذِهِ الرِّيَالَاتِ كَانَ وَكِيلًا لِشِرَائِهَا بِالدَّنَانِيرِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِالرِّيَالَاتِ كَانَتْ لِلْمُوَكِّلِ. الضَّابِطُ الْخَامِسُ، إذَا كَانَتْ مُخَالَفَةُ الْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرِ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْوَصْفِ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ الْمَأْتِيُّ بِهِ - الشَّيْءُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْوَكِيلُ - أَنْفَعَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ كَانَ التَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ نَافِذًا عَلَى الْآمِرِ، وَإِذَا كَانَ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَضَرَّ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ فَلَا يَنْفُذُ، فَلَوْ أَمَرَ الْمُوَكِّلُ بِالْبَيْعِ فِي مُقَابِلِ مِائَةِ رِيَالٍ وَبَاعَ الْوَكِيلُ بِمِائَةِ رِيَالٍ وَخَمْسَةٍ كَانَ صَحِيحًا وَنَافِذًا، أَمَّا لَوْ بَاعَ بِثَمَانِينَ فَلَا يَنْفُذُ (الْكَفَوِيُّ) تَقْسِيمُ الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ: وَكَالَةٌ عَامَّةٌ، وَكَالَةٌ خَاصَّةٌ وَكَمَا تَنْقَسِمُ الْوَكَالَةُ إلَى الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا بِاعْتِبَارِ إطْلَاقِ رُكْنِ التَّوْكِيلِ وَتَعْلِيقِهِ وَتَقْيِيدِهِ

فَتَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ، كَقَوْلِكَ لِآخَرَ (وَكَّلْتُكَ بِكُلِّ أَمْرٍ مِنْ أُمُورِي الْجَائِزَةِ) أَوْ (وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً عَامَّةً مُطْلَقَةٌ) وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْعِرَةِ بِالْعُمُومِ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ شُغْلِي أَوْ بِكُلِّ شَيْءٍ لِي صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَاَلَّذِي يُوَكَّلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَهُ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى مَالِ مُوَكِّلِهِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا بِشَيْءٍ آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1449) (الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْهِنْدِيَّةُ) حُكْمُ الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ - يَقْتَدِرُ الْوَكِيلُ وَكَالَةً عَامَّةً عَلَى الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَا تَنْفُذُ بِرِعَايَةٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلِذَلِكَ فَلِلْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ بَيْعُ مَالِ مُوَكِّلِهِ وَحِفْظُهُ وَقَبْضُ دَيْنِهِ، وَتَأْدِيَةُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَاشْتِرَاءُ الْمَالِ لِأَجْلِ مُوَكِّلِهِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَلَهُ أَنْ يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْوَكِيلِ الْعَامِّ، وَيَصِيرُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ طَرَفِ مُوَكِّلِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا لَكِنْ تَبَرُّعَاتُ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ وَتَطْلِيقُهُ زَوْجَةَ الْمُوَكِّلِ لَا يَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ، يَعْنِي لَوْ وَهَبَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ لِآخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَبْرَأَ مَدْيُونَ مُوَكِّلِهِ بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ وَأَقْرَضَ مَالَ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (الدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي، الْوَكَالَةُ الْخَاصَّةُ، وَهِيَ كَقَوْلِكَ لِآخَرَ (أَنْتَ وَكِيلِي بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ (أَنْتَ وَكِيلِي بِالْمُرَافَعَةِ مَعَ هَذَا الشَّخْصِ) وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُشْعِرَةِ بِالْخُصُوصِيَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ جَعَلَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِمًا عَلَى دَارِهِ وَبَيْعِهَا وَقَبْضِ غَلَّاتِهَا فَالْوَكِيلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْأَبْنِيَةِ وَالْعِمَارَةِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَلَا حَقَّ لَهُ بِالْمُرَافَعَةِ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فِي حَقِّ تِلْكَ الدَّارِ. لَكِنْ لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ مَحَلًّا مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَلِلْوَكِيلِ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ هَذَا الْهَادِمِ؛ لِأَنَّ الْهَادِمَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الشَّيْءَ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ. كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِجَارَةَ أَوْ الْأُجْرَةَ فَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ خَصْمٌ (الْبَحْرُ)

خلاصة الباب الأول في الوكالة

[خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْوَكَالَةِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ رُكْنُ الْوَكَالَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ إمَّا يَكُونَانِ صَرَاحَةً أَوْ يَكُونُ الْإِيجَابُ صَرَاحَةً، وَالْقَبُولُ دَلَالَةً، وَيَكُونُ دَلَالَةً. أَلْفَاظُ الْوَكَالَةِ: تَوْكِيلُ (1451) تَفْوِيضٌ، رِضًا، مَشِيئَةٌ، إرَادَةٌ، وِصَايَةٌ، إذْنٌ، إجَازَةٌ، أَمْرٌ، الْإِذْنُ وَالْإِجَاز فَتَلْحَقُ الْإِجَازَةُ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ مَعًا وَيُسْتَثْنَى الْإِتْلَافُ (912) وَالْعُقُودُ الْمَوْقُوفَةُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْعُقُودِ الْمَفْسُوخَةِ وَالنَّافِذَةِ، وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ الْأَمْرُ: يَكُونُ رِسَالَةً بَعْضًا: كَأَنْ يَقُولَ أَحَدٌ إلَى خَادِمَةِ اشْتَرَيْتُ فَرَسَ فُلَانٍ الْمُعَيَّنِ اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ يَكُونُ وَكَالَةً بَعْضًا: لِوُجُودِ قَوْلٍ فِي الْأَمْرِ يُقَيِّدُ كَوْنَ فِعْلِ الْمَأْمُورِ مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ يَكُونُ مَشُورَةٌ مَرَّةً (1) بِمُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ (الْمَادَّةُ 1453) (2) بِسُكُوتِ الْوَكِيلِ

تَقْسِيمُ الْوَكَالَةِ تُقَسَّمُ الْوَكَالَةُ بِاعْتِبَارِ (1) الْمُوَكَّلُ بِهِ (2) الْأَرْكَانُ. تَقْسِيمُهَا بِاعْتِبَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ تَكُونُ الْوَكَالَةُ: إمَّا عَامَّةٌ: (إذَا وَقَعَتْ بِقَوْلٍ مُشْعِرٍ لِلْعُمُومِيَّةِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقْتَدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّصَرُّفَاتِ وَلَا تَنْفُذُ تَبَرُّعَاتُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِمَّا خَاصَّةٌ: إذَا وَقَعَتْ بِأَلْفَاظٍ تُشْعِرُ بِالْخُصُوصِيَّةِ تَقْسِيمُهَا بِاعْتِبَارِ الْأَرْكَانِ الْمَادَّةُ (1457) الْوَكَالَةُ (1) مُطْلَقَةٌ (2) مُقَيَّدَةٌ الْقَيْدُ إمَّا صَرَاحَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ: إذَا كَانَ الْقَيْدُ مُفِيدًا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُتَابَعَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَيْدُ مُفِيدًا مُطْلَقًا لِلْمُوَكِّلِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ مُتَابَعَتُهُ وَإِذَا كَانَ الْقَيْدُ مِمَّا لَمْ يُنْهَ الْوَكِيلُ صَرَاحَةً فَهُوَ وَجْهٌ مُفِيدٌ وَمِنْ وَجْهٍ عَنْ الْعَمَلِ خِلَافَ الْقَيْدِ غَيْرُ مُفِيدٍ. الْمَذْكُورُ فَلَا يَلْزَمُ مُتَابَعَتُهُ وَإِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْجِنْسِ فَلَا حَقَّ لِلْوَكِيلِ فِي مُخَالَفَتِهِ مُطْلَقًا وَإِذَا كَانَ مُقَيَّدًا بِالْقَدْرِ أَوْ بِالْوَصْفِ: فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ لَا إلَى شَرٍّ أَوْ دَلَالَةٌ لِحَالِ الْمُوَكِّلِ أَوَّلًا: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلِ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّلِ (الْمَادَّةُ 1478) ثَانِيًا: لَيْسَ لِلشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ لِشِرَاءِ شَيْءٍ لَازِمٍ فِي زَمَانٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ فِي زَمَنٍ آخَرَ الْمَادَّةُ (الـ 1483) أَوْ عُرْفًا 3 مُعَلَّقَةٌ، كَالْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ 4 مُضَافَةٌ

الباب الثاني في بيان شروط الوكالة

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْوَكَالَةِ] يُوجَدُ فِي الْوَكَالَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: الْوَكِيلُ، الْمُوَكِّلُ، الْمُوَكَّلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ فَشُرُوطُ الْوَكَالَةِ بِالنَّظَرِ إلَى هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا يَعُودُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (457 1) النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَعُودُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَسَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (458 1) النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُوَكَّلِ بِهِ، وَسَيُبْحَثُ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ (459 1) (الْبَحْرُ) . الْمَادَّةُ (457 1) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيفَاءِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا فِي الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَإِنْ أَذِنَهُ الْوَلِيُّ، وَذَلِكَ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَفِي الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ نَفْعٌ مَحْضٌ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْهُ الْوَلِيُّ، وَذَلِكَ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَأَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ مَأْذُونًا بِهَا فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَإِلَّا فَالتَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ) يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ الْمُوَكَّلِ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَفِيدُ وَيَأْخُذُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ، وَعَلَيْهِ فَاَلَّذِي لَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ لَا يَسْتَطِيعُ تَمْلِيكَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ لِغَيْرِهِ. وَتَجِبُ مُرَاجَعَةُ شَرْحِ الْمَادَّةِ (49 4 1) لِمَعْرِفَةِ فَائِدَةِ قَيْدِ (بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ) . وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونُ فِي حَالِ جُنُونِهِ أَحَدًا بِأُمُورِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أُمُورُهُ الْمُوَكِّلُ بِهَا فِي حَقِّهِ نَفْعًا مَحْضًا، كَقَبُولِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَمْ ضَرَرًا مَحْضًا كَهِبَةِ مَالٍ لَهُ لِآخَرَ أَوْ التَّصْدِيقِ بِهِ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ دَائِرَةً بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ، كَالْبَيْعِ سَوَاءٌ أَذِنَ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِتَوْكِيلِهِ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَحَدًا بِقَبُولِ الْمَالِ الَّذِي يَهَبُهُ إلَيْهِ أَحَدٌ وَقَبْضِهِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَعْتَبِرُ قَبْضُ الْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (966) (وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ حَقُّ قَبْضِ الْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْمَادَّةِ (285)

(المادة 1458) يشترط أن يكون الوكيل عاقلا ومميزا

قِيلَ فِي حَالِ الْجُنُونِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَجْنُونِ وَقْتُ إفَاقَةٍ مَعْلُومٍ وَوَكَّلَ أَحَدًا وَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ حَقِيقَةً كَانَ جَائِزًا أَمَّا الْمَجْنُونُ الَّذِي لَيْسَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ فَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَتَوْكِيلُ الْمَجْنُونِ جَائِزَيْنِ فَلِأَوْلِيَائِهِمَا وَأَوْصِيَائِهِمَا أَنْ يُوَكِّلُوا غَيْرَهُمْ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْتَدِرُونَ عَلَى عَمَلِهَا بِحَسَبِ الْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ، كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْخُصُومَةِ. كَذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (49 4 1) وَفِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ ضَرَرٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، كَهِبَةِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَالَهُ لِآخَرَ، وَصَدَقَتِهِ وَتَطْلِيقِ امْرَأَتِهِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَلَوْ أَذِنَهُ وَلِيُّهُ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ آخَرَ بِهِبَةِ مَالٍ لَهُ مَعْلُومٍ لَهُ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فَلَا يَصِحُّ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَقْتَدِرُ بِالذَّاتِ عَلَى هِبَتِهِ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (967) كَمَا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ إجَازَةُ الْوَلِيِّ لِتَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الَّتِي هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، كَذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ إجَازَةُ وَلِيِّهِ لِلتَّوْكِيلِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ بِإِجْرَاءِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ. لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِيمَا كَانَ فِي حَقِّهِ نَفْعٌ مَحْضٌ، كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَقَبُولِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْهُ الْوَلِيُّ. كَذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَنْ يُجْرِيَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ بِالذَّاتِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (967) ، أَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ الدَّائِرَةِ الْمُتَرَدِّدَةِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ يَعْنِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَرْبَحُ مَرَّةً وَتَخْسَرُ أُخْرَى فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُبَاشِرَ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِهَا. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فَيَنْعَقِدُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ هَذَا الْوَكِيلَ أَوْ عَلَى إعْطَائِهِ إذْنًا لِذَلِكَ الصَّبِيِّ. كَذَلِكَ إذَا بَاشَرَ الصَّبِيُّ هَذِهِ الْأُمُورَ بِنَفْسِهِ فَيَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ أَحَدًا بِأُمُورِهِ وَأَجَازَهُ الْوَصِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (453 1) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ نَاطِقًا، وَعَلَيْهِ فَتَوْكِيلُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ صَحِيحٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 7) (التَّنْقِيحُ) فَرْعٌ: إذَا تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ وَهُوَ سَكْرَانُ بِأَحَدِ الْمُحَرَّمَاتِ، كَالْخَمْرِ، فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِ السَّكْرَانِ زَجْرٌ لَهُ، أَمَّا الْمُوَكَّلُ فَلَا ذَنْبَ لَهُ. أَمَّا عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَيَجُوزُ بَيْعُ السَّكْرَانِ وَشِرَاؤُهُ إذَا كَانَ يَعْقِدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَالْقَبْضَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [ (الْمَادَّةُ 1458) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا] الْمَادَّةُ (1458) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَكِيلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا، وَلَكِنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ عَائِدَةٌ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَيْسَتْ بِعَائِدَةٍ إلَيْهِ)

يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا، وَأَنْ يَعْلَمَ وَيَلْحَقَ عِلْمُهُ بِتَوْكِيلِهِ. إيضَاحٌ لِلشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْعَائِدَةِ إلَى الْوَكِيلِ: 1 - عَاقِلًا، وَمُمَيِّزًا: يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ وَاقِفًا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ مَدْخَلٌ لِلْمَبِيعِ فِي الْمِلْكِ مُفَرِّقًا بَيْنَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَكِيلَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (966 وَ 979) مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ مَجْنُونًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَبَاعَهُ الْآخَرُ كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ بَاطِلًا. قَدْ بُيِّنَ مَعْنَى الْعَاقِلِ مَعَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (943) . وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ بَالِغًا وَبَصِيرًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ لَمَّا كَانَ لَهُ عَقْلٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَكَانَتْ عِبَارَتُهُ صَحِيحَةً، لَكِنْ لَمَّا كَانَ يُخْشَى أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يُوجِبُ الضَّرَرَ لِنَفْسِهِ فَقَدْ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلِذَلِكَ قَدْ جَازَتْ مُبَاشَرَةُ الصَّبِيِّ التَّصَرُّفَ لِلْغَيْرِ بِرَأْيِهِ (التَّكْمِلَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ الصَّغِيرَ ضَرَرٌ مَا بِهَذَا التَّصَرُّفِ. وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ وَكَالَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مَأْذُونٍ، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ وَكَالَةُ الْأَعْمَى مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ الْمَحْجُورَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَبَاشَرَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ كَانَ جَائِزًا، وَلَا يَكُونُ لِلْمُتَعَاقِدِ مَعَهُ خِيَارٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِكَوْنِ الصَّبِيِّ مَحْجُورًا أَمْ لَا (الْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا فَلَا تَعُودُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ بَلْ تَعُودُ إلَى مُوَكِّلِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ أَمْ بِالشِّرَاءِ. وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ فَسَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْحَالِ أَوْ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ. كَمَا إذَا بَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ أَمِينُهُ مَالَ الْمَحْجُورِ فَلَا تَعُودُ عُهْدَةُ الْبَيْعِ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْجُورِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (999) . كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 79) فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْحَاكِمِ بَلْ تَعُودُ إلَى الرَّهْنِ. وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَجْرَى الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ عَقْدًا حَسَبَ الْوَكَالَةِ فَلَا تَعُودُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ، وَلَوْ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرْجِعُ أَيْضًا إلَى مُوَكِّلِهِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ، الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِعَوْدَةِ حُقُوقِ الْعَقْدِ إلَى الصَّبِيِّ حَقٌّ لِذَلِكَ الصَّبِيِّ وَلَا يَزُولُ حَقُّهُ بِبُلُوغِهِ (الْبَحْرُ) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الْمَحْجُورِ بِالسَّفَهِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَكِيلًا وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) حُقُوقُ الْعَقْدِ، تَسَلُّمُ الْمَبِيعِ وَقَبْضُ الثَّمَنِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى، وَرَدُّ وَإِعَادَةُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا ضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ، وَسَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (0 46 1) (الدُّرَرُ بِزِيَادَةٍ) فَإِذَا وُكِّلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْغَيْرُ مَأْذُونٍ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى مُوَكِّلِهِ، إلَّا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الصَّبِيُّ

الْمَذْكُورُ ثَمَنَ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِهِ صَحَّ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا وَكَانَ أَصِيلًا فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ، فَعَدَمُ لُزُومِ حُقُوقِ الْعَقْدِ لَا تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْجَوَازِ (الْبَحْرُ) لَكِنْ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا وَوَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَكَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ. وَفِي صُورَةِ كَوْنِهِ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍ يَكُونُ شِرَاؤُهُ صَحِيحًا أَيْضًا وَتَكُونُ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَاشْتَرَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ (الْبَحْرُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ مِنْ الْوَكِيلِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الصَّبِيِّ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِذْنَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ النَّفَاذُ، وَإِقْدَامُ الصَّبِيِّ عَلَى الْعَقْدِ وَمُبَاشَرَتُهُ إيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى النَّفَاذِ (الْبَحْرُ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ، لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ مُجْمَلَةٌ جِدًّا. 2 - لُحُوقُ عِلْمِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ وُكِّلَ: يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِكَوْنِهِ قَدْ وَكَّلَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ غَائِبًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَبَاعَ الْغَائِبُ ذَلِكَ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ التَّوْكِيلُ بِعِلْمِهِ كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فُضُولِيًّا، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إجَازَةِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعِلْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (453 1) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) . وَحَكَى فِي الْبَدَائِعِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَفِي الزِّيَادَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَفِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَكَمَا يَثْبُتُ الْعِلْمُ بِالتَّوْكِيلِ وَبِالْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ مُشَافَهَةً وَإِرْسَالِ كِتَابٍ وَإِرْسَالِ رَسُولٍ فَيَحْصُلُ أَيْضًا بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ فُضُولِيَّيْنِ أَوْ إخْبَارِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ. وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْعِلْمُ إذَا أَخْبَرَ رَجُلٌ غَيْرُ عَادِلٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْوَكِيلُ خَبَرَ الرَّجُلِ غَيْرِ الْعَادِلِ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (29 1) 3 - عِلْمُ الْوَكِيلِ: كَوْنُ الْوَكِيلِ مَعْلُومًا شَرْطٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَا يَكُونَ الْوَكِيلُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَجْهُولًا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِقَوْلِهِ أَعْطِ دَيْنِي لِمَنْ يَأْتِيكَ بِالْعَلَامَةِ الْفُلَانِيَّةِ، أَوْ مَنْ يَقُولُ لَكَ الْقَوْلَ الْفُلَانِيِّ، أَوْ مَنْ يَضْغَطُ عَلَى أُصْبُعِكَ فَلَا يَصِحُّ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِمَنْ جَاءَهُ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: مَنْ أَتَى بِعَلَامَةِ كَذَا فَسَلِّمْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ، فَبِمَا أَنَّ هَذَا التَّوْكِيلَ لَيْسَ صَحِيحًا فَإِذَا سَلَّمَهَا الْمُسْتَوْدَعُ مَنْ جَاءَهُ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ كَانَ ضَامِنًا.

(المادة 1459) يصح أن يوكل أحد غيره في الأمور التي يقدر على إجرائها بالذات

أَمَّا بِالْعَكْسِ أَيْ إذَا امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ إلَى مَنْ أَتَى بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ. لِجَوَازِ أَنَّ غَيْرَ رَسُولِ الْمُودِعِ يَأْتِي بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ (التَّكْمِلَةُ) . أَمَّا الْجَهْلُ بِالْوَكِيلِ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِاثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ خِطَابًا لَهُمَا: " وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ فَرَسِي هَذَا "، جَازَتْ، وَأَيُّهُمَا بَاعَهُ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا نَافِذًا (التَّكْمِلَةُ) . وَكَّلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ مِنْ دُيُونِ مُوَرِّثِهِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ بَعْضَ مَنْ عَلَيْهِمْ الدُّيُونَ يَصِحُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْآخَرَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَسًا وَدُفِعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ الْفَرَسَانِ لِلْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1459) يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ] الْمَادَّةُ (1459) - (يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ وَبِإِيفَاءِ وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُعَامَلَاتِ. مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالْهِبَةِ وَالِاتِّهَابِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالْقِسْمَةِ وَإِيفَاءِ الدُّيُونِ وَاسْتِيفَائِهَا وَقَبْضِ الْمَالِ، يَجُوزُ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا) يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِحَسَبِ الْوِلَايَةِ وَبِإِيفَاءِ وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُعَامَلَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمَّا كَانَ يَعْجِزُ أَحْيَانًا عَنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُوَكِّلَهُ فَقَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ. إيضَاحُ. الْقُيُودِ: 1 - الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ إلَخْ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالْأُمُورِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ عَمَلَهَا بِالذَّاتِ. كَذَلِكَ قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (49 4 1) . وَقَدْ أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ (إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ) تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ مِنْ الضَّابِطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَكَّلَ بِخُصُوصٍ أَوْ يُوَكِّلُ آخَرَ بِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ. كَمَا قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1466) . مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِبَيْعِ مَالٍ فَمَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِبَيْعِهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ طَرْدَ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَدْ نُقِضَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ هُوَ أَنْ يَعْمَلَهُ بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْتَ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ بِإِذْنٍ صَارَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكَّلِ الْأَوَّلِ وَالْمُوَكَّلُ الْأَوَّلُ يُبَاشِرُهُ لِنَفْسِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

كَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي الشَّرْحِ لِغَيْرِهِ بِحَسَبِ الْوِلَايَةِ، فَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ هَؤُلَاءِ وُكَلَاءَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ صَحِيحٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . 2 - فِي الْأُمُورِ: فَالْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْعُقُودِ كَالْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ. لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ امْرَأَةً كَمَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا (الْعِنَايَةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ فَكَمَا أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِالذَّاتِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِهِ أَيْضًا. وَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُخَاصَمَةِ بِالذَّاتِ، يَعْنِي كَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ عَنْهُ. 3 - بِخُصُوصِ الْمُعَامَلَاتِ: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَالْوَكَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لَا تَجُوزُ فِي حَالِ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ عَنْ مَجْلِسِ الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ تَنْدَفِعُ بِالشُّبُهَاتِ (الدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَحْرُ) وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ تَوْكِيلُ آخَرَ لِلْمُحَاكَمَةِ مَعَ الْقَاتِلِ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ لِإِجْرَاءِ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَائِهِ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ حَاضِرًا فِيهِ أَيْ فِي غِيَابِهِ وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ حَاضِرًا بِالذَّاتِ فِي مَحَلِّ الْقِصَاصِ وَوَكَّلَ آخَرَ فِي حُضُورِهِ بِأَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا جَازَ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) أَمَّا الْوَكَالَةُ بِإِيفَاءِ الْقِصَاصِ (الْإِيفَاءُ تَسْلِيمُ نَفْسِ الْجَانِي) فَهِيَ بَاطِلَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةِ (632) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) 4 - فِي إيفَائِهِ وَاسْتِيفَائِهِ: فَالْإِيفَاءُ هُوَ إعْطَاءُ أَحَدٍ لِآخَرَ الشَّيْءَ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ إلَيْهِ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا هُوَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّيْءَ الَّذِي يَلْزَمُ آخَرَ إعْطَاؤُهُ إلَيْهِ. وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِيفَاءِ دَيْنِهِ الَّذِي لِآخَرَ فَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ، فَلَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ جَازَ أَيْضًا. إيضَاحُ الْإِيفَاءِ - الْإِيفَاءُ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا، يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ. كَالْوَكَالَةِ بِرَدِّ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لِلْمُؤَجِّرِ، الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ. ثَانِيهِمَا، يَكُونُ فِي الدُّيُونِ كَالْوَكَالَةِ بِإِيفَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَبَدَلِ الْقَرْضِ. وَالْوَكَالَةُ بِإِيفَاءِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَيْضًا: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - يَكُونُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِمَنْ سَيَكُونُ وَكِيلًا، أَعْطِ مِنْ مَالِكَ لِفُلَانٍ مَالَهُ بِذِمَّتِي مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ كَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَوْفَى الْمَأْمُورُ إلَى دَائِنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ آمِرُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (6 15) .

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا صَدَّقَ الْمَدِينُ كَلَامَ الْمَأْمُورِ بِإِيفَائِهِ الدَّيْنَ لَزِمَ الْمَدِينَ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ. وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَأْمُورِ إنِّي أَعْرِفُ أَنَّكَ قَدْ أَوْفَيْتَ الدَّيْنَ لِدَائِنِي، لَكِنْ قَدْ يُنْكِرُ الدَّائِنُ الْقَبْضَ مِنْكَ وَيَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنِّي ثَانِيَةً وَيَمْتَنِعُ عَنْ إيفَائِهِ مَا أَعْطَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74) لَكِنْ لَوْ حَضَرَ الدَّائِنُ مُؤَخَّرًا وَأَنْكَرَ اسْتِيفَائَهُ الدَّيْنَ مِنْ الْوَكِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ لَدَى عَدَمِ الْإِثْبَاتِ وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْوَكِيلِ. وَلَا يَمْنَعُ الْمُوَكِّلَ مِنْ الرُّجُوعِ تَصْدِيقُهُ قَوْلَ الْوَكِيلِ (أَعْطَيْتُهُ لِلدَّائِنِ) قَبْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ بِمِثْلِهِ وَبِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ فَيَسْتَطِيعُ الْمَأْمُورُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَى الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ سَالِمًا لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (491 1) . أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَإِذَا بَقِيَ الْمَبِيعُ كَالْمُشْتَرَى سَالِمًا لَهُ يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِتَأْدِيَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا لِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ لِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا أَوْفِ لِفُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ هِيَ بِذِمَّتِي، وَأَخْبَرَهُ الْمَأْمُورُ بِأَنَّهُ أَوْفَاهَا، وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بَعْدَ أَخْذِ الدَّائِنِ مِنْ الْآمِرِ بَعْدَ أَنْ عَجَزَ الْمَدِينُ عَنْ إثْبَاتِ دَفْعِ الْوَكِيلِ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمَدِينِ الْيَمِينَ، فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى آمِرِهِ بِمَا أَوْفَاهُ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يُعْطِيَ الْمُوَكِّلُ الشَّخْصَ الَّذِي سَيَكُونُ وَكِيلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنْ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِهَا لِشَخْصٍ لَهُ بِذِمَّتِهِ هَذَا الْمَبْلَغُ. وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِأَخْذِهِ دَيْنَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْإِيفَاءِ، أَوْ يُثْبِتُ بِالشُّهُودِ الْعَادِلَةِ، أَوْ بِنُكُولِ الدَّائِنِ عَنْ الْيَمِينِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ فَكَمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ أَيْضًا، وَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ إيفَاءَهُ الدَّيْنَ، وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مُوَكِّلُهُ دَعْوَاهُ كَمُنْكِرِ الدَّائِنِ ذَلِكَ وَأَنْ يَحْلِفَ الدَّائِنُ لَدَى التَّكْلِيفِ عَلَى عَدَمِ اسْتِيفَائِهِ إيَّاهُ عِنْدَ عَدَمِ إثْبَاتِ أَخْذِ الدَّائِنِ وَقَبْضِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ مَعَ الْيَمِينِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (8) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمَدِينُ الْمُوَكِّلُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ لِلدَّائِنِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ يَعْنِي الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ أَنْ يَقُولَ لِوَكِيلِهِ: (بِمَا أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّكَ لَمْ تُعْطِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِدَائِنِي فَأُرِيدُ أَنْ تُرْجِعَهُ إلَيَّ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى أَهْلِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مَعَ الْيَمِينِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) ، وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَعْتَقِدُ بِإِنْكَارِ الدَّائِنِ الْقَبْضَ وَاسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ ثَانِيَةً أَنَّهُ ظَالِمٌ وَهُوَ مَظْلُومٌ وَلَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ آخَرَ، أَيْ يَظْلِمَ وَكِيلَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (921) . وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (463 1)

الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ، أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَعْطَى النُّقُودَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الدَّائِنِ، وَأَنْ يُكَذِّبَ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمَدِينَ الْمُوَكِّلَ يَقُولُ لِوَكِيلِهِ أَنْتَ لَمْ تُعْطِ النُّقُودَ لِدَائِنِي، يَقُولُ الدَّائِنُ أَيْضًا لَمْ آخُذْ دَيْنِي مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ تِلْكَ النُّقُودَ. وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَيْ الْمَدِينَ أَدَاءُ دَيْنِهِ، وَتَكُونُ خَسَارَةُ النُّقُودِ الْمُعْطَاةِ لِلْوَكِيلِ عَائِدَةً عَلَى الْمَدِينِ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الدَّائِنِ وَالْمَأْمُورِ أَيْ الْوَكِيلِ كِلَاهُمَا مَعًا، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمَدِينُ أَوْ وَكِيلُهُ الَّذِي هُوَ الْمَأْمُورُ أَوْ دَائِنُهُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ الْمَأْمُورِ قَوْلَهُ (أَعْطَيْتُ لِلدَّائِنِ) وَكَذَّبَ قَوْلَ دَائِنِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ، وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ قَبْضِ الدَّائِنِ بِالْبَيِّنَةِ، فَيَحْلِفُ الدَّائِنُ الْيَمِينَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ وَإِذَا نَكَلَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، لِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ تَكْرَارًا مِنْ الْمَدِينِ. وَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ دَائِنِهِ (لَمْ أَقْبِضْ) وَكَذَّبَ مَأْمُورَهُ فِي قَوْلِهِ (أَعْطَيْتُ الدَّائِنَ) فَيَسْتَحْلِفُ الْمَأْمُورَ عَلَى كَوْنِهِ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ. فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ مُوَكِّلِهِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) . لَكِنْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إعْطَاءُ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ. وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ الْمَبْلَغَ الْمَأْخُوذَ لِمُوَكِّلِهِ الَّذِي هُوَ آمِرُهُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَدِهِ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمَأْمُورِ مَضْمُونًا وَلَيْسَ بِمَالِ أَمَانَةٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ آمِرِهِ قَوْلَهُ (قَدْ أَعْطَيْتُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَمَرْتُ) فَيَلْزَمُهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ. مَثَلًا: لَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ قَائِلًا أَعْطِ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك لِدَائِنِي فُلَانٍ، وَادَّعَى الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّنِي أَعْطَيْتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ الَّذِي هُوَ دَيْنِي بِنَاءً عَلَى أَمْرِكَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَمْ آخُذْهُ فَيُجْبَرُ عَلَى إثْبَاتِ إعْطَائِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَا لَمْ يُثْبِتْ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. إلَّا إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ يَعْنِي الدَّائِنَ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِهِ، وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ الدَّيْنِ، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِتَصْدِيقِ الدَّائِنِ مَدِينَهُ بِادِّعَائِهِ ادِّعَاءَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيِّنَةِ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مَعَ الْيَمِينِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا كَذَّبَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ فِي ادِّعَائِهِ إعْطَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمَأْمُورُ الْإِثْبَاتَ أَيْضًا فَلَهُ طَلَبُ يَمِينِ الْآمِرِ. يَحْلِفُ الْآمِرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِإِعْطَاءِ الْمَأْمُورِ الْمَبْلَغَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَإِنْ حَلَفَ الْآمِرُ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الْمَأْمُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إيضَاحُ الِاسْتِيفَاءِ - وَالْوَكَالَةُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ:

يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ، كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ الْوَدِيعَةِ وَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ. وَالْوَكَالَةُ بِالْغَصْبِ. 2 - يَكُونُ فِي الدُّيُونِ، كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ وَأَخْذِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ، وَبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ وَبَدَلِ الْمَقْرُوضِ. وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ وَأَعْطَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ مُوَكِّلُهُ فِي زَمَنِ هَذَا الِادِّعَاءِ حَيًّا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ هَذَا بِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَكُونُ الْمَدِينُ بَرِيئًا أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِلْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 170) لَكِنْ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدِينِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ، حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْمُسْتَحَقَّ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَيُقْبَلُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِإِيصَالِهِ الْأَمَانَةَ إلَى مُسْتَحِقِّهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4631) . كَالْمُسْتَوْدَعِ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرِ. لَكِنَّ قَوْلَ هَذَا لَا يَسْرِي عَلَى الدَّائِنِ الَّذِي هُوَ مُوَكِّلُهُ، وَلَا يُحْكَمُ بِكَوْنِ الدَّائِنِ قَدْ أَخَذَ دَيْنَهُ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِتَصْدِيقِ وَرَثَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ قَبْضُ الْوَكِيلِ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ. وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ الْوَاقِعِ بَيْنَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَمَمَاتِهِ نَشَأَ عَنْ الْقَاعِدَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى، كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا أَوْ أَخْبَرَ بِهِ وَكَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى إنْشَاءِ وَاسْتِئْنَافِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي وَقْتِ الْإِخْبَارِ أَيْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيجَادِهِ تَكْرَارًا فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ مُتَضَمِّنَةً إيجَابَ ضَمَانِ الْغَيْرِ فَلَا يُصَدَّقُ. وَإِذَا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً دَفْعَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ يُصَدَّقُ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى اسْتِئْنَافِهِ فِي حَالِ حِكَايَتِهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْغَيْرِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ: قَبَضْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ وَأَعْطَيْتُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَمُوَكِّلُهُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي عُهْدَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَى وَأَخْبَرَ بِشَيْءٍ مُقْتَدِرٍ عَلَى عَمَلِهِ فِي حَالِ حِكَايَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَبِمَا أَنَّ الْوَكَالَةَ بَاقِيَةٌ فَلَهُ الْقَبْضُ أَيْضًا فِي حَالِ حِكَايَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ وَتَسْلِيمِهِ. وَمَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ إيجَابٌ لِضَمَانِ الْغَيْرِ أَيْ الْمُوَكِّلِ، (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 158) وَمَعَ أَنَّهُ قَدْ قَبِلَ الْقَوْلَ وَسَرَى عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا أَيْ عَلَى الْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُوَكِّلُهُ فَبِمَا أَنَّهُ لَا تَبْقَى وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1527) . فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي قَبَضْتُ الدَّيْنَ وَأَعْطَيْتُهُ لِمُوَكَّلِي فَلَمَّا كَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى عَمَلِ الشَّيْءِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ حَالَ حِكَايَتِهِ إيَّاهُ فَقَدْ قُسِّمَ حُكْمُ هَذَا الْإِخْبَارِ إلَى قِسْمَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، بَرَاءَةُ نَفْسِ الْوَكِيلِ، وَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (463 1) أَمِينٌ وَلَا تَبْطُلُ الْأَمَانَةُ وَإِنْ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ ضَمَانُ الْمَقْبُوضِ.

وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ مُرَاجَعَةُ هَذَا الْوَكِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَرَثَةَ الدَّائِنِ تَكُونُ قَدْ ظَلَمَتْ الْمَدِينَ لِأَخْذِهَا الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً حَالَ كَوْنِ مُوَرِّثِهِمْ الدَّائِنِ قَدْ اسْتَوْفِي ذَلِكَ الدَّيْنَ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ؛ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ وَهُوَ الْمَدِينُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ أَيْ يَظْلِمَ الْوَكِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (921) ثَانِيهَا، وَإِيجَابُ الضَّمَانِ لِلْغَيْرِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ: (أَخَذْت الدَّيْنَ وَسَلَّمْته إلَى مُوَكَّلِي الدَّائِنِ) فَفِي حِكَايَتِهِ هَذِهِ إلْزَامُ الْمُوَكِّلِ الْمُتَوَفَّى بِالضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، إذْ يَثْبُتُ لِلْمَدِينِ فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ مِثْلُ مَطْلُوبِ الدَّائِنِ وَيَكُونُ تَقَاصَّا بَيْنَ الدَّيْنَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ هَذَا عَلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَلْزَمُ وَرَثَةَ الْمَدِينِ إثْبَاتُ دَفْعِهِ إلَى الدَّائِنِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، وَالطَّحْطَاوِيُّ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ، وَالْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَيْرِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَكَالَةِ بِقَبْضٍ فِي شَرْحِ مِثَالِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ ضَابِطٌ لِلْمُوَكَّلِ بِهِ لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ لَهُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُنْتَقَضُ هَذِهِ بِتَوْكِيلِ أَحَدٍ آخَرَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِالذَّاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1449) ؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْقَوَاعِدِ يَكُونُ بِإِبْطَالِ الطَّرْدِ أَيْ بِإِبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الثُّبُوتِ وَلَيْسَ بِإِبْطَالِ الْعَكْسِ أَيْ إبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الِانْتِفَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الطَّرْدُ: هُوَ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْعَكْسُ: هُوَ التَّلَازُمُ فِي الِانْتِفَاءِ بِمَعْنَى كُلَّمَا لَمْ يَصْدُقْ الْحَدُّ لَمْ يَصْدُقْ الْمَحْدُودُ، وَقِيلَ الْعَكْسُ عَدَمُ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) مَثَلًا: إبْطَالُ قَاعِدَةِ (كُلُّ إنْسَانٍ نَاطِقٌ) يَكُونُ بِأَدَاةِ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَكُنْ نَاطِقًا مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلَا يَحْصُلُ بِأَدَاةِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ النَّاطِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ يُوَكِّلُ مَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، وَمَعَ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ فِيهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَيُوَكِّلُ الذِّمِّيَّ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْخَمْرِ لِعَارِضِ النَّهْيِ، وَأَمَّا أَصْلُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَجَائِزٌ، وَلِذَلِكَ ' صَحَّ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ بَيْعَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنَيَاتُ هَذَا الضَّابِطِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُبَاحَاتُ، وَيَعْنِي: التَّوْكِيلُ فِي الْمُبَاحَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ يَعْنِي بِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْجَبَلِ الْمُبَاحَةِ وَبِالِاحْتِشَاشِ أَيْ يَجْمَعُ الْحَشِيشَ وَإِخْرَاجِ الْجَوَاهِرِ وَالْمَعَادِنِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حَتَّى إنَّ مَا يُحَصِّلُهُ الْوَكِيلُ يُعَدُّ مَالًا لَهُ لَيْسَ لِمُوَكَّلِهِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1333) (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَهُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَهَا هُوَ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَحْتَطِبَ بِنَفْسِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، الِاسْتِقْرَاضُ، يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ فِي الْقَرْضِ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَتَثْبُتُ بِالْقَبْضِ فَقَطْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْمُرَ وَكِيلَهُ بِحَقِّ قَبْضِ الْمَقْرُوضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْرُوضَ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ، وَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَى سَبِيلِ الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِيهِ لَا يَجِبُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَالْأَمْرُ بِالْقَبْضِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ فَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ الْقَرْضَ إلَى نَفْسِهِ نَفَذَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَانَ الْقَرْضُ عَائِدًا عَلَى الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَكِيلِ جَبْرًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اذْهَبْ إلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَاسْتَقْرَضَ لِي مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) وَذَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الْمُسْتَقْرَضِ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ. وَاسْتَقْرَضَ بِإِضَافَةِ الْقَرْضِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هَذَا الْمَبْلَغُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى مُوَكِّلِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنَّ الرِّسَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ صَحِيحَةٌ يَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِقْرَاضِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَحَّ وَكَانَ الْقَرْضُ لِمُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ كِتَابًا قِيمَتُهٌ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ: اقْصِدْ إلَى فُلَانٍ أَعْطِهِ هَذَا الْكِتَابَ وَاسْتَقْرِضْ مِنْهُ لِأَجْلِي أَلْفَ قِرْشٍ وَارْهَنْ هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْد أَنْ وَكَّلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالرَّهْنِ، أَيْ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَهُ رَسُولًا فَقَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُرْهِنَ عِنْدَك هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ. وَأَقْرَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ الْمُسْتَقْرِضِ. وَيَكُونُ الْكِتَابُ مَرْهُونًا مِنْ قِبَلِهِ، وَيَكُونُ تَخْلِيصُ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَظِيفَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ وَظِيفَةُ الرَّسُولِ. لَكِنْ لَوْ أَضَافَ الرَّسُولُ الْقَرْضَ وَكَذَا الرَّهْنَ إلَى نَفْسِهِ، يَعْنِي لَوْ قَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي أَلْفَ قِرْشٍ وَخُذْ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ هَذَا الْكِتَابَ رَهْنًا، وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَلْفُ قِرْشٍ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ لِلْمُرْسِلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ. وَيَضْمَنُ الرَّسُولُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُرْسِلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكِتَابِ الْحَقِيقِيَّةَ لِلرَّسُولِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ جَازَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي أَخَذَ دَيْنَهُ، وَقِيمَةَ الْكِتَابِ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ بَيَّنَ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ رَسُولٌ لِلِاسْتِقْرَاضِ أَنَّهُ أَخَذَ النُّقُودَ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَصَدَّقَهُ الْمُقْرِضُ أَيْضًا لَكِنْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ يَعْنِي الْمُرْسِلَ قَبْضَ الرَّسُولِ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْسِلِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْسِلَ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الرَّسُولِ قَبَضْتُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، الْيَمِينُ، يَعْنِي لِمَنْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا. لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِإِجْرَاءِ هَذَا الْيَمِينِ يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَحْلِفَ الْيَمِينَ مِنْ طَرَفِي فَلَا يَجُوزُ.

اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1745) وَيُرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّخْصَ مَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْيَمِينَ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَدَائِهَا (الْبَحْرُ) مَثَلًا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالسَّلَمِ وَالْفَرَاغِ وَالتَّفَرُّغِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالْهِبَةِ وَالِاتِّهَابِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَإِيفَاءِ الدُّيُونِ وَاسْتِيفَائِهَا وَقَبْضِ مَالِهِ وَبِالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَإِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَاضِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِأَنْ يُوَكِّلَ مِنْ طَرَفِهِ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَبِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّقْسِيمِ كَانَ جَائِزًا. حَتَّى إنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ نَدِمَ عَلَى تَوْكِيلِهِ الْوَكِيلَ بَعْدَ أَنْ قَامَ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا يَسْتَفِيدُ، وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ الْمُرَافَعَةَ وَالْخُصُومَةَ فَنَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ لَحِقَ الْوَكِيلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لَدَى الْمُرَافَعَةِ فَقَالَ: لَسْتُ رَاضِيًا عَنْ هَذِهِ الْمُرَافَعَةِ فَلْتُجْرَ الْمُرَافَعَةُ مَعِي فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى كَلَامِهِ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِبْرَاءِ أَحَدٍ مِنْ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخُصُوصٍ مَا، وَبَعْدَ أَنْ أَبْرَأَ الْوَكِيلُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ الِادِّعَاءَ بِالْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ، (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) كَذَلِكَ لَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ بَاعَ وَكِيلُهُ بِالْبَيْعِ مَالَهُ بِحَسَبِ الْوَكَالَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ الْوَكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ الْمَبْلَغَ الْمَأْمُورَ بِإِقْرَاضِهِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَفَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ الْمَبْلَغَ الْمَقْرُوضَ (التَّنْقِيحُ) . لَكِنْ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ أَيْ لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا وَغَيْرَ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً، عَلَى مَا سَيُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ، أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ التَّوْكِيلَ بِالْعَامِّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْمَجَلَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا كَمَنْ كَثُرَتْ مُعَامَلَاتُهُ بَطَلَ التَّوْكِيلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَالَ لَهُ: خُذْ لِأَجْلِي شَيْئًا بِهَا لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ هَذِهِ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكَّلِ بِهِ الَّذِي سَيَشْتَرِي مَجْهُولًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) فَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ فَرَسًا بِإِضَافَتِهِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِ الْمُوَكَّلِ إلَيْهِ بَقِيَ الْفَرَسُ مَالًا لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) . أَمَّا الْجَهْلُ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ جَهَالَةً يَسِيرَةً لَا يَضُرُّ بِالْوَكَالَةِ، فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْ فَرَسِي هَذَا أَوْ ذَاكَ، وَبَاعَ الْآخَرُ أَحَدَهُمَا جَازَ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى بَكْرٍ وَقَالَ: أَعْطِهَا إلَى زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، وَأَعْطَاهَا الْآخَرُ إلَى أَحَدِهِمَا جَازَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ صَارَ تَعْدَادُ الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِهَا مَتْنًا وَشَرْحًا، فَبَلَغَتْ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ، عَلَى أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِهَا لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلْنُبَادِرْ الْآنَ إلَى إيضَاحِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يَلِي. الْبَيْعُ - سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (1494) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. الشِّرَاءُ - سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (1468) وَمَا يَتْبَعُهَا.

السَّلَمُ - يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالسَّلَمِ. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا مِائَةَ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ سَالِمًا وَأَعْطَاهُ جَازَ. أَمَّا التَّوْكِيلُ بِقَبُولِ عَقْدِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْفَرَاغُ وَالتَّفَرُّغُ - يَجُوزُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِالْفَرَاغِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ أَمْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي يُتَصَرَّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ. فَرَاغُ الْأَرَاضِي - يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ الْوَاقِعِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَلَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْفَرَاغِ. وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ بِالْأَرَاضِيِ لِأَحَدٍ، وَتَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ لِآخَرَ بِتِلْكَ الْأَرَاضِي فَأَيُّ الْفَرَاغَيْنِ كَانَ الْمُقَدَّمَ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرَ. فَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَنْ تَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ. وَمَتَى تَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ يُصْبِحُ الْوَكِيلُ عَاجِزًا عَجْزًا مُسْتَمِرًّا عَنْ الْقِيَامِ بِلَوَازِمِ الْوَكَالَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ مُنْعَزِلًا مِنْ الْوَكَالَةِ. كَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ أَوَّلًا وَالْمُوَكِّلُ بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ بِالْفَرَاغِ الْأَوَّلِ وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْفَرَاغَيْنِ كَانَ الْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا، اُعْتُبِرَ فَرَاغُ الْمُوَكِّلِ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَالْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِالْأَرَاضِيِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا كَثِيرًا كَانَ أَمْ قَلِيلًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1494) وَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ هَذَا الْفَرَاغَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: تَفَرَّغْ بِكَذَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ التَّفَرُّغُ بِأَنْقَصَ، وَإِنْ فَعَلَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1495) كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَتَفَرَّغَ مَجَّانًا. وَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسِكَ مُوَكِّلَهُ، وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُعْطِيَهَا بِطَابُو الْمَصْلِ لِآخَرَ. وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ شَخْصَيْنِ وَتَفَرَّغَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1465) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِأَرَاضِي مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) إلَّا أَنْ يَتَفَرَّغَ لِآخَرَ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ (تَفَرَّغْ لِمَنْ شِئْت) وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ التَّفَرُّغُ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ. أَمَّا لِشَخْصِهِ أَيْ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّفَرُّغُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ شَخْصٌ وَاحِدٌ. وَلِوَكِيلٍ التَّفَرُّغُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِأَرَاضِي مُوَكِّلِهِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ، أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِالْأَرَاضِيِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مُخَالَفَةً لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَعِشْرِينَ سَنَةٍ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إذَا كَانَ مُوَكَّلًا بِالتَّفَرُّغِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَنْ يَتَفَرَّغَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ. لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ التَّفَرُّغِ مِنْ مَالِهِ فِي حَالِ عَدَمِ قَبْضِهِ إيَّاهُ مِنْ الْمُتَفَرَّغِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (الـ 1494، 1495، 1496، 1497، 1498، 1502) .

لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ بَعْدَ زَوَالٍ فَلَا يَنْفُذُ فَرَاغُهُ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ قَدْ لَحِقَ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمَّا لَوْ تَفَرَّغَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ لُحُوقِ الْعِلْمِ كَانَ مُعْتَبَرًا. لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ أَلَحِقَ عِلْمَهُ وَفَاةُ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا. تَفَرُّغُ الْأَرَاضِي: لِلشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ بِالْأَرَاضِيَ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ بَدَلٍ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ التَّفَرُّغُ بِبَدَلِ مِثْلِهِ وَبِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ: أَمَّا إذَا تَفَرَّغَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) . لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ أَوْ تَفْوِيضِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ فَرَاغُهَا لِنَفْسِهِ. وَإِنْ فَعَلَ فَلَا تَكُونُ لَهُ وَتَكُونُ لِمُوَكِّلِهِ يَعْنِي يَنْزِعُ الْمُوَكِّلُ بِرَأْيِ صَاحِبِ الْأَرْضِ تِلْكَ الْأَرْضَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَكِيلِ وَيَأْخُذُ سَنَدَ طَابُو عَلَى اسْمِهِ، إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ إذَا تَفَرَّغَ بِالْأَرْضِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَكَمَا تَبْقَى فِي عُهْدَةِ الْوَكِيلِ فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ بَدَلًا وَفَرَّغَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَقِيَتْ أَيْضًا فِي عُهْدَةِ الْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1485) فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ: يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ الْوَاقِعِ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي. وَإِذَا نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْفَرَاغِ. وَلِمَنْ وُكِّلَ بِالْفَرَاغِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَرَاغُ مُسْتَغَلِّ مُوَكِّلِهِ بِالْبَدَلِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: تَفَرَّغْ بِكَذَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ التَّفَرُّغُ بِأَنْقَصَ مِنْهُ. وَإِنْ فَعَلَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1495) . أَمَّا بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهُ التَّفَرُّغُ. لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالتَّفَرُّغِ فَرَاغُ الْمُسْتَغَلِّ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ بِهِ لِنَفْسِهِ كَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ كَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ. لَكِنْ لَوْ وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ يَتَفَرَّغَ لِأَحَدِهِمَا وَعَمَّمَ الْوَكَالَةَ بِقَوْلِهِ لَهُ أَفْرِغْهُ لِمَنْ شِئْت، فَلَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُمْ. لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لُحُوقُ خَبَرِ الْعَزْلِ عِلْمَ الْوَكِيلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَفَرَّغَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ كَانَ التَّفَرُّغُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا. وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ أَلَحِقَ عِلْمَهُ وَفَاةُ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَمْ يَلْحَقْهُ. فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ: وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بِعَقَارِ وَقْفٍ ذِي إجَارَتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينِ بَدَلٍ لَهُ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةً عَنْ بَدَلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْفَرَاغُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِفَرَاغِ عَقَارِ وَقْفٍ مُعَيَّنٍ ذِي إجَارَتَيْنِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ كَذَا دِرْهَمًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ

فَرَّغَ الْوَكِيلُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي الْعَقَارَ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَاسْتَحْصَلَ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَكِيلِ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيُبْطِلَ السَّنَدَ وَيَحْصُلَ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ. تَأْجِيلُ الثَّمَنِ - التَّوْكِيلُ بِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ صَحِيحٌ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَجَّلَ الْوَكِيلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُصْرَفُ هَذَا الْإِطْلَاقُ إلَى الْمُتَعَارَفِ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) . الْإِيجَارُ - لِمَنْ وُكِّلَ بِالْإِيجَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُوَكَّلَ بِإِيجَارِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ النَّقْدِ أَوْ الْعُرُوضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1494) أَمَّا لَوْ قَيَّدَ الْمُوَكِّلُ الْإِيجَارَ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَتُهُ جِنْسًا أَوْ شَرًّا. مَثَلًا لَوْ أَجَّرَ بِذَهَبٍ مَنْ وُكِّلَ بِالْإِيجَارِ بِفِضَّةٍ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمُخَالَفَةُ جِنْسًا، فَلَوْ أَجَّرَ بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ الْمَالَ الَّذِي وُكِّلَ بِإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ فَلَا يَنْفُذُ لِلْمُخَالَفَةِ إلَى شَرٍّ. لَكِنْ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ مُخَالَفَةُ مُوَكِّلِهِ إلَى خَيْرٍ، يَعْنِي لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ بِزِيَادَةٍ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ، يَعْنِي لَوْ أَجَّرَهُ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1456) وَشَرْحَهَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ إيجَارُ مَالِ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1497) وَشَرْحَهَا لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ بِإِيجَارِ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ حِصَّةَ مُوَكِّلِهِ كُلَّهَا لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى، كَانَ صَحِيحًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) وَشَرْحَهَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَلَيْسَ إبْرَاؤُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْعَيْنِ لَيْسَ جَائِزًا. وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُسْتَأْجِرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (468 و 469) أَوْ قَبْلَ لُزُومِهَا لَكِنْ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ مِثْلَ الْأُجْرَةِ لِمُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَخَاصَمَ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ الْأُجْرَةَ، فَلِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ حَبْسُ الْمَأْجُورَ، (الطَّحْطَاوِيُّ، الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (468 وَ 1461) . لِلْمُوَكِّلِ وَالْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ غَيْرُ الْفَسْخِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا فَسَخَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ كَانَ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ بَدَلَ الْإِيجَارِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَبْرَأُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا. وَإِذَا كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ بَدَلَ الْإِيجَارِ فَلَيْسَ الْفَسْخُ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1505) (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . الِاسْتِئْجَارُ - لِلشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الِاسْتِئْجَارُ بِمَا لَا يُعَيَّنُ بِالذَّهَبِ

وَالْفِضَّةِ يَعْنِي بِالدَّيْنِ وَبِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الثَّابِتَةِ الذِّمَّةَ. أَمَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ بِالْعَرْصَةِ مَثَلًا أَوْ بِالْمَكِيلَاتِ وَبِالْمَوْزُونَاتِ (الـ 1483) عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ اتِّبَاعُ قَيْدِ وَشَرْطِ مُوَكِّلِهِ الْمُفِيدَيْنِ. وَإِنْ خَالَفَ إلَى شَرٍّ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ عَلَى الْوَكِيلِ أَمَا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ. وَعَلَيْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1479) أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اسْتَأْجِرْ فَرَسًا لِلرُّكُوبِ إلَى الْقُدْسِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَاسْتَأْجَرَهَا الْوَكِيلُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَرَكِبَهَا الْمُوَكِّلُ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ وَوَصَلَ بِهَا الْقُدْسَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ الْوَكِيلَ كَامِلَةً وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . كَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِاسْتِئْجَارِ دَارِ مُعَيَّنَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَاسْتَأْجَرَ الدَّارَ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَقَالَ لِمُوَكِّلِهِ: قَدْ اسْتَأْجَرْتُهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْأُجْرَةُ وَتَلْزَمُ الْوَكِيلَ، (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ بِاسْتِئْجَارِهَا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاسْتَأْجَرَهَا لِسَنَتَيْنِ تَنْفُذُ سَنَةٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَالسَّنَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِّ الْمُوَكَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَى الْمُؤَجِّرَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ بَعْدُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) وَيَطْلُبُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) ، (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْإِيجَارِ مُعَجَّلًا وَقَبْضُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ، فَلِلْوَكِيلِ حَبْسُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ دَفَعَ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ الْمُؤَجِّرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَفَعَهَا بَعْدُ، وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْمَأْجُورُ مَحْبُوسٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَدَلَ الْإِيجَارِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْأُجْرَةِ لَكِنْ إذَا بَقِيَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ قَبْضَهُ وَلَيْسَ لِحَبْسِ الْوَكِيلِ إيَّاهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ لَزِمَتْ أُجْرَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1461) وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. كَذَلِكَ إذَا بَقِيَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ الْقَبْضَ وَبَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ الْمُوَكِّلُ الْقَبْضَ فَحَبَسَهُ الْوَكِيلُ عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ يَلْزَمُ تَمَامُ أُجْرَةِ الْمَأْجُورِ الْوَكِيلَ وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ يَعْنِي أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَ فِيهَا لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ قَبْضَهُ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَعْنِي كَمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِاسْتِئْجَارِ دَارِ مِنْ مُحْرِمٍ لِغَايَةِ ذِي الْحِجَّةِ مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَاسْتَأْجَرَ إجَارَةً مُطْلَقَةً بِدُونِ ذِكْرِ شَرْطِ تَأْجِيلِ الْأُجْرَةِ أَوْ تَعْجِيلِهَا فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ تِلْكَ الدَّارِ لِلْمُوَكِّلِ حَالًا. وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَأْجُورِ فِي يَدِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ. وَإِنْ حَبَسَهُ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهَا. لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ ضَمَانٌ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَتَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. لَوْ أَجَّلَ الْمُؤَجِّرُ بَدَلَ الْإِيجَارِ لِلْوَكِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، كَانَ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ صَحِيحَيْنِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

لِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْسَخَ هُوَ وَالْمُؤَجِّرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ. أَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ أَسَلَّمَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ مِنْ دُونِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1526) يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1461) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاسْتِئْجَارِ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ لِلْخِدْمَةِ وَاسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِإِضَافَتِهِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَخَدَمَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَطْلُبُ الْأَجِيرُ أُجْرَتَهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَيُرَاجِعُ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ الْأُجْرَةَ (الْبَهْجَةُ) . إذَا انْهَدَمَ بَعْضُ مَحَالِّ الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهَا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ حَدَثَتْ أَحْوَالٌ تُخِلُّ بِالسُّكْنَى، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِهَا وَيَتْرُكَهَا لِلْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الرَّهْنُ - الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ فِي مُقَابِلِ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. فَلَوْ أَمَرَ آخَرَ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَرْهَنَ عِنْدَهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ هَذَا الْمَالَ فَقَصَدَ الْوَكِيلُ إلَى الْمُقْرِضِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك أَلْفَ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَرْهَنُ عِنْدَك هَذَا الْمَالَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ وَأَضَافَ الْقَرْضَ وَالرَّهْنَ إلَى آمِرِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمُسْتَقْرَضُ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهُ مِنْ الْوَكِيلِ. وَيَسْتَرِدُّ الْمُوَكِّلُ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَإِنْ تَلِفَ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ قِيمَةَ الرَّهْنِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. فَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ انْقَلَبَ الرَّهْنُ إلَى الصُّحُفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُرْتَهِنَ بِمَا ضَمِنَ. وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ بِالدَّيْنِ وَالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ (الْبَهْجَةُ) . الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ - لَيْسَ لِلْمَرْهُونِ قَبْضُ الْمُرْتَهَنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالرَّهْنِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالرَّهْنِ وَتَسْلِيطُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ (اعْمَلْ مَا شِئْتَ) ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِرَهْنِ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَنْ يُسَلِّطَ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ الرَّهْنِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ الْمُرْتَهِنَ إذْنًا لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ وَرَكِبَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ حَيَوَانًا وَتَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ كَانَ ضَامِنًا (الْهِنْدِيَّةُ) . إنَّ مَصَارِيفَ الرَّهْنِ اللَّازِمَةِ لِحِفْظِهِ كَأُجْرَةِ الْمَحَلِّ وَالْحَارِسِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَعَلَفُ الْحَيَوَانِ وَأُجْرَةُ الرَّاعِي إنْ كَانَ الْمَرْهُونُ حَيَوَانًا، وَالْمَصَارِيفُ لِبَقَاءِ وَإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ، وَسَقْيِهِ وَتَلْقِيحِهِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (723 وَ 724) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ لِلْمُوَكِّلِ: اسْتَقْرَضْتُ لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ بِحَسَبِ أَمْرِكَ وَقَبَضْتُهُ وَرُهِنَتْ فِي مُقَابِلِهِ الْمَالَ وَقَدْ أَضَفْت عَقْدَيْ الْقَرْضِ وَالرَّهْنِ إلَيْكَ، وَتَلِفَ الْقَرْضُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَكَانَ ادِّعَاؤُهُ هَذَا مُقَارِنًا لِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَمْ تَقْبِضْ وَلَمْ تَرْهَنْ

لِأَجْلِي. فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ مَعَ الْيَمِينِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . إذَا رَهَنَ الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ. الْمَالَ وَنَظَّمَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ السَّنَدَ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَلَكِنَّهُمَا قَدْ بَيَّنَّا كَوْنَ سَنَدِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هُوَ مُوَاضَعَةٌ، وَأَقَرَّا وَاعْتَرَفَا بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ عَقْدُ رَهْنٍ بَقِيَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ رَهْنٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . الِارْتِهَانُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْ هَذَا الْمَالَ وَخُذْ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا كَانَ صَحِيحًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَالْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمَالِ وَأَخْذِهِ رَهْنًا فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا يُسَاوِي قِيمَةَ الدَّيْنِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا قِيمَتُهُ عَنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ وَرَهَنَ الْوَكِيلُ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مَالًا قِيمَتُهُ دُونَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ صَحَّ. أَمَّا إذَا رَهَنَ مَالًا دُونَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا يَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْوَكِيلُ بِالِارْتِهَانِ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي أَمَرَهُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الْمَالَ وَخُذْ فِي مُقَابِلِهِ رَهْنًا إذَا رَدَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَيَّ كَانَ صَحِيحًا لَكِنْ ضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ، كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ الرَّهْنَ فِي يَدِ عَدْلٍ صَحَّ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهُ مِنْ يَدِ الْعَدْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْإِيدَاعُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِيدَاعِ بَعْدَ إيدَاعِهِ لِلْمَالِ الَّذِي أُمِرَ بِإِيدَاعِهِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) (الْهِنْدِيَّةُ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِلْوَكِيلِ بِالْإِيدَاعِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ الْمُودِعُ مُخَيَّرًا، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْهِبَةُ - لَوْ وَهَبَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ الْمَالَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ بِالْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ أَحَدًا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ فَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَنْ يُسَلِّمَ فَلَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ اثْنَيْنِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَسَلَّمَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ، (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَكَّلَ مَنْ وُكِّلَ بِتَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ آخَرَ بِذَلِكَ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَهَبَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ مَقْبُوضٍ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِأَنْ يَهَبَا هَذَا الْمَالَ لِأَحَدٍ وَعَيَّنَ لَهُمَا الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ أَنْ يَهَبَ الْمَالَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُسَلِّمَهُ إيَّاهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُمَا الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَهَبَ الْمَالَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَهُ ذَلِكَ (الْبَحْرُ) . الِاتِّهَابُ - عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاتِّهَابِ أَنْ يُضَيِّفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّ مُوَكِّلِي

يَرْغَبُ فِي أَنْ تَهَبَ لَهُ مَالَكَ الْفُلَانِيَّ وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ هَبْنِي مَالَكَ وَيَهَبُهُ إيَّاهُ وَيُسَلِّمُهُ. إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ وَإِنْ نَوَى الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ لِأَجْلِ مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) وَإِذَا وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَحَدًا بِقَبْضِ وَتَسْلِيمِ الْمَالِ الَّذِي وُهِبَ إلَيْهِ جَازَ. لَكِنْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ اثْنَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا يَجُوزُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465) (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ وَكِيلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَادِّعَاءُ الرُّجُوعِ فِي مُوَاجَهَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالِاتِّهَابِ رِسَالَةٌ وَلَا تَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الرَّسُولِ. الصُّلْحُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ مُخَالَفَةُ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ وَلَوْ إلَى خَيْرٍ وَإِنْ نَفَذَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ إذَا صَالَحَ الْمَأْمُورَ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَكْفُلَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَعْطَى بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1456) كَذَلِكَ إذَا صَالَحَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْعُرُوضِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَدَفَعَ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتِ شَعِيرٍ أَوْ عَلَى الْمِقْدَارِ الْوَكِيلَ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَدِينُ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ عَلَى حِنْطَةٍ أَجْوَدَ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَنْ يُخَالِفَ إلَى خَيْرِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَفَذَ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا تَصَالَحَ وَكِيلَانِ وَكِيلٌ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ وَآخَرَ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالصُّلْحِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1466) . وَإِنْ فَعَلَ وَصَالَحَ الْوَكِيلَ الثَّانِي وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَالًا يَرْجِعُ لِلْآمِرِ عَلَيْهِ وَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الثَّانِي بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ هَذَا الصُّلْحُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي مُتَبَرِّعًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْأَوَّلَ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ وَاحِدٌ بِالصُّلْحِ شَخْصَيْنِ مَعًا وَصَالَحَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَلَى مَالٍ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِبَدَلِ الصُّلْحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالشَّخْصُ الَّذِي يَكُونُ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ لَا يُعَدُّ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ) .

لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالصُّلْحِ مَعَ الشَّخْصِ الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِهِ وَصَالَحَ ذَلِكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ وَلَزِمَ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ، وَلَيْسَ الْوَكِيلَ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ) لَوْ كَفَلَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَضَافَهُ إلَى مَالِهِ وَأَدَّى الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ بِلُزُومِهِ عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَجْهِ رَجَعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِلَا أَمْرِ الْمُوَكِّلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1543) الْهِنْدِيَّةُ. لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ عَلَى عَيْنٍ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ الْمَدِينُ مُخَيَّرًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْعَيْنَ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَتَهَا. وَإِذَا صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مِثْلِيَّاتِ الْمُوَكِّلِ يَصِحُّ أَيْضًا وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَعْطَى ذَلِكَ الْمِثْلِيَّ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ صَالَحَ الْمَأْمُورُ بِالْكَفَالَةِ وَبِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَدَلٍ مُؤَجَّلٍ وَكَفَلَ كَانَ الْبَدَلُ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ مُؤَجَّلًا أَيْضًا وَبِالْعَكْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ مُعَجَّلٍ كَانَ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ مُعَجَّلًا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الْبَدَلَ مِنْ مُوَكِّلِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لِلشَّخْصِ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَجَدَ أَحَدٌ عَيْبًا فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَوَكَّلَ أَحَدًا بِالصُّلْحِ مَعَ الْبَائِعِ عَنْ الْعَيْبِ وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ بِرِضَا مُوَكِّلِهِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْغَيْرِ. الْإِبْرَاءُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِبْرَاءِ أَحَدٍ مِنْ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخُصُوصٍ مَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ وَإِبْرَاءُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ يَصِحُّ، فَلَوْ نَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَوْكِيلِهِ وَادَّعَى بِالْخُصُوصِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِأَنْ يُبَرِّئَ نَفْسَهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَلَا تُقْصَرُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ عَلَى الْمَجْلِسِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لِلْمَدِينِ أَنْ يُبَرِّأَ نَفْسَهُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ طَرَفِ دَائِنِهِ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1449) الْإِقْرَارُ - التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ أَيْضًا. لَكِنْ لَا يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ بِمُجَرَّدِ التَّوْكِيلِ. يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يُقِرَّ لِفُلَانٍ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ الْوَكِيلُ. وَمَعْنَى التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ هُوَ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدٌ آخَرَ لَدَى تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِالْخُصُومَةِ بِقَوْلِهِ (قِرْ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ إذَا رَأَيْتَ عَارًا أَوْ مُؤْنَةً تَلْحَقُنِي بِذَلِكَ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . الدَّعْوَى - قَدْ ذُكِرَتْ وَبُيِّنَتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالْمَادَّةِ (1516) . طَلَبُ الشُّفْعَةِ - قَدْ بُيِّنَتْ بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ فِي الْمَادَّةِ (1030) . إيفَاءُ الدُّيُونِ - كَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِإِيفَاءِ الدُّيُونِ أَنْ يُوفِيَهَا بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُوفِيَهَا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ أَمَّا

غَيْرُ أَمِينِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوفِيَهَا بِوَاسِطَتِهِ. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ هَذِهِ النُّقُودَ لِدَائِنِي فُلَانٍ وَأَرْسَلَ الْوَكِيلُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَحَدٍ لَيْسَ بِأَمِينٍ لَهُ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ، لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمِينًا لِلْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . كَذَلِكَ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (780 وَ 1463) (الْأَنْقِرْوِيُّ وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) . إذَا أَعْطَى الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِإِيفَاءِ دَائِنِهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَوَقَفَ الْوَكِيلُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا عِنْدَهُ وَأَعْطَى لِلدَّائِنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ غَيْرَهَا مِنْ مَالِهِ جَازَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . يَعْنِي لَهُ أَنْ يَحْبِسَ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي بَقِيَتْ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً. لَكِنْ لَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَوَائِجِهِ وَأَوْفَى - بَعْدَ اسْتِهْلَاكٍ - دَيْنَ مُوَكِّلِهِ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي إيفَائِهِ الدَّيْنَ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ (التَّعْلِيقَاتُ عَلَى الْبَحْرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ إلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1506) . لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَالَ: أَعْطِهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهَا وَكَذَّبَهُ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ فَالْقَوْلُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الضَّمَانِ لِلْمَأْمُورِ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) . وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ لِلدَّائِنِ وَيَأْخُذُ الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ. وَقَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ اللَّازِمَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي مِنْ قَبِيلِ هَذَا الْمِثْلِ شَرْحًا وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدِينُ وَكِيلَ الطَّالِبِ بِالْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا، يَعْنِي لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَخْبَرَهُ بِهِ الْمَدِينُ فَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَتِهِ وَإِيفَاءِ ثَمَنِهَا إلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَبَاعَهَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِلْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اسْتِيفَاءُ الدُّيُونِ - إذَا كَانَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ دَيْنٌ ثَابِتٌ لِمَدِينِ مُوَكِّلِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ يَقَعُ التَّقَاضِي. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَبْقَى الْوَكِيلُ مَدِينًا لِمُوَكِّلِهِ. لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنْ يُبَرِّأَ الْمَدِينَ أَوْ يَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ أَوْ يَأْخُذَ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ أَوْ يَقْبَلَ إحَالَتَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (648) (الْأَنْقِرْوِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْبَحْرُ) . أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ أَنْ يُبَرِّأَ الْمَدِينَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ يَهَبَهُ لِلْمَدِينِ وَأَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا، (الْبَحْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) وَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَيَأْخُذُ الْمُوَكِّلُ دَيْنَهُ بِالتَّمَامِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِوَكِيلِهِ أَيْضًا، (الْبَحْرُ) . وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ لِوَفَاةِ الْمَدِينِ فَيَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) .

لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَوَكَّلَ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَبْضِ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ أَيْضًا وَقَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ دَيْنًا لِمُوَكِّلِهِ، فَلِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقْبِضَ مَقْبُوضَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ) أَمَّا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَوَكَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَخْصًا آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ دُيُونِهِ فَلَيْسَ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْمَقْبُوضَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى وَكَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْنًا، أَمَّا وَكَالَةُ الْوَكِيلِ الثَّانِي فَهِيَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ هَلَاكَ الْمَقْبُوضِ الَّذِي فِي يَدِهِ صُدِّقَ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) مُسْتَثْنَيَاتٌ - لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا، إذَا وَكَّلَ الدَّائِنُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَفِيلَهُ فَلَا تَصِحُّ، لِئَلَّا يَصِيرَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّحْنَا هَذِهِ الْوَكَالَةَ صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ سَاعِيًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنَ فَبَطَلَ، فَإِذَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَهْلِكْ عَلَى الطَّالِبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَوْ قَبَضَ هَذَا الْوَكِيلُ حَسَبَ الْوَكَالَةِ وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. ثَانِيًا، لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِقَبْضِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَالَتُهُ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا (تَكْمِلَتُهُ) ثَالِثًا، لَوْ وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّحْنَا هَذِهِ الْوَكَالَةَ صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ سَاعِيًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1449) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَقْوَى لِلُزُومِهَا فَتَصْلُحُ نَاسِخَةً، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَا كُلُّ مَا صَحَّتْ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ تَقَدَّمَتْ كَفَالَتُهُ أَوْ تَأَخَّرَتْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ الْأَنْقِرْوِيُّ، وَالتَّكْمِلَةُ) . وَالْفُرُوقُ الَّتِي بَيْنَ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ هِيَ كَمَا يَأْتِي: يَخْتَلِفُ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَهِيَ: أَوَّلًا، إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ كَفِيلًا لِلْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْكَفَالَةُ أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ كَفِيلًا لِلْمُشْتَرِي فَالْكَفَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. ثَانِيًا، تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي حَقِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. ثَالِثًا، إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَيْبِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ

ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَانَ الْوَكِيلُ قَدْ أَعْطَى الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِمُوَكِّلِهِ. أَمَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَوَكَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي نَشَأَ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّيْنَ وَرُدَّ الْمَبِيعُ بَعْدَئِذٍ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَكِيلِ الْقَابِضِ. رَابِعًا، لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَلَا حَطُّهُ وَلَا تَأْجِيلُهُ وَلَا أَخْذُهُ الرَّهْنَ وَلَا قَبُولُهُ الْحَوَالَةَ. أَمَّا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَصَحِيحٌ (الْبَحْرُ) . تَسْلِيمُ الدَّيْنِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ بِالْبَيِّنَةِ: لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ: إنَّنِي وَكِيلٌ بِقَبْضِ مَا عَلَيْكَ لِفُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْوَكَالَةَ الْمَذْكُورَةَ (وَيَصِحُّ إثْبَاتُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إقْرَارِ الْمَدِينِ بِهِ) لَزِمَ تَسْلِيمُ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا وَالنُّقُودُ الَّتِي سَيُعْطِيهَا الْمَدِينُ لِلْوَكِيلِ هِيَ خَالِصُ حَقِّهِ فَتَصْدِيقُ الْمَدِينِ هَذَا إقْرَارٌ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمَدِينُ دَيْنَهُ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَالَةٌ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَقَرَّ بِعَدَمِ وَكَالَتِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَإِثْبَاتُهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ أَيْضًا وَإِنْ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ، لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ لِغَائِبٍ، نَعَمْ لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَأَخَذَ مِنْ الْمَالِ تُقْبَلُ. وَإِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ أَوْ كَذَّبَهَا وَأَثْبَتَ الْمَدِينُ كَوْنَهُ وَكِيلًا فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ يُثْبِتْ وَحَلَفَ الدَّائِنُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُوَكِّلْهُ يُؤْمَرُ الْمَدِينُ بِإِعْطَاءِ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ اسْتِيفَاءَ الدَّائِنِ بِإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الدَّائِنِ بِشَأْنِ عَدَمِ تَوْكِيلِهِ الْقَابِضَ مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ دَفَعَ سُكُوتٌ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ تَكْذِيبٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَسْتَرِدُّ الْمَدِينُ مَا أَعْطَاهُ لِلْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَاهُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَدِينِ مِنْ إعْطَائِهِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْغَرَضُ فَلَهُ نَقْضُ قَبْضِهِ وَاسْتِرْدَادُ مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمَّا كَانَ مُعْتَرِفًا بِكَوْنِهِ مُحِقًّا فِي قَبْضِهِ بِتَصْدِيقِهِ وَكَالَتَهُ فِي الْأَوَّلِ فَكَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ أَمِينًا وَالْأَمِينُ لَا يَكُونُ ضَمِينًا. وَكَذَلِكَ الدَّائِنُ ظَالِمٌ بِأَخْذِهِ الدَّيْنَ ثَانِيَةً وَالْمَدِينُ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ يَمِينُهُ كَمَا يُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ هَلَاكَهُ أَوْ دَفْعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَرِثَهُ غَرِيمُهُ أَوْ وَهَبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَوْ هَالِكًا ضَمِنَهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

لَكِنْ. إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ كَانَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ ضَامِنًا لِلْمَدِينِ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، إذَا قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ: إذَا جَاءَ الدَّائِنُ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْكَ بِإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي سَيَأْخُذُهُ مِنْكَ. يَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَخَذَهُ الدَّائِنُ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ وَكِيلُهُ لَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ تَجْحَدَ الْوَكَالَةَ وَيَأْخُذَ مِنِّي ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ فَيَصِحُّ لِإِضَافَتِهِ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ عِنْدَ ضَمَانِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَدْرِ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ مَا أَخَذَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ الْمَذْكُورَ عَلَى رَغْمِهِمْ أَمَانَةٌ وَضَمَانُ الْأَمَانَةِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (631) (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، التَّكْمِلَةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا أَعْطَى الْمَدِينُ إلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ دُونِ أَنْ يُصَدِّقَ ادِّعَاءَهُ فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ يَضْمَنُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ وَالْمَدِينُ سَوَاءٌ كَذَّبَ الْوَكَالَةَ أَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْمَدِينِ لِلْوَكِيلِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَمَلِ أَنْ يُجِيزَهُ الدَّائِنُ وَمَتَى انْقَطَعَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَقَالَ: إنَّنِي قَبْضَتُهُ عَلَى أَنْ أُبْرِئَكَ مِنْهُ فَلِلْمَدِينِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ هَذَا اسْتِيفَاءٌ وَاعْتُبِرَ بِقَبْضِ جَمِيعَ الدَّيْنِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الدَّائِنُ ثَانِيًا مِنْ الْمَدِينِ لَزِمَ الْوَكِيلَ إعَادَةُ مَا أَخَذَهُ فِي مُقَابِلِ الْإِسْقَاطِ وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَقَدْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ سَلَامَةَ الدَّائِنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَتَجْرِي أَحْكَامٌ مُمَاثِلَةٌ لِهَذَا فِي خُصُوصِ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ لِرَسُولِ الْمُودِعِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 794) . إذَا جَحَدَ الْمَدِينُ كَوْنَ هَذَا الشَّخْصِ وَكِيلًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الشَّخْصَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَيْسَ بِمَجْبُورٍ عَلَى إعْطَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ، لَكِنْ قَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّ الْمَدِينَ لَا يَحْلِفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي لِوُجُودِ حَقِّ التَّحْلِيفِ ثُبُوتُ خُصُومَةِ مَنْ يَزْعُمُ الْوَكَالَةَ وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْحُجَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . دَفْعُ الْمَدِينِ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ: لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى دَيْنَهُ لِلدَّائِنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ وَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ يُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَالدَّيْنَ مَعَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ فَلَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُؤْخَذُ الْحَقُّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. وَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ لِلْمَدِينِ بَيِّنَةٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُكَلَّفُ الْوَكِيلُ بِالْيَمِينِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِاسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ وَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى النَّائِبِ، وَبَعْدَ أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ الْمُوَكِّلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْلِفُ الدَّائِنُ لَدَى

مُرَاجَعَتِهِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَأْخُذْ دَيْنَهُ. وَإِذَا حَلَفَ يَبْقَى الْحُكْمُ عَلَى حَالِهِ. وَإِنْ نَكَلَ يَبْطُلُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَقْبُوضَ. لَكِنْ إذَا ضَاعَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَأَثْبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينُ الْإِيفَاءَ، فَلَا يَطْلُبُ الْمَدِينُ مِنْ الْوَكِيلِ شَيْئًا وَيَلْزَمُ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ شُهُودٌ عَلَى دَفْعِهِ أَيْ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا يُحْكَمُ بِهَا بِالْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ اُسْتُمِعَتْ، بَلْ يَبْقَى خُصُوصُ قَبْضِ الدَّيْنِ مَوْقُوفًا إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1520) وَشَرْحَهَا. لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي الْقَبْضِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلْمُوَكِّلِ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَبُولِ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ جِنْسِ حَقِّهِ فِي عَيْنِ الصِّفَةِ أَوْ أَجْوَدَ. أَمَّا لَوْ كُلِّفَ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ صَلَاحِيَّةٌ فِي قَبْضِ الشَّيْءِ الَّذِي يَحِقُّ لِلْمُوَكِّلِ أَلَّا يَقْبَلَهُ كَمُبَادَلَةِ الدَّيْنِ بِجِنْسٍ آخَرَ وَاشْتِرَاءِ الْمَالِ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ، وَإِذَا اشْتَرَى مَالًا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ. وَيَطْلُبُ الْمُوَكِّلُ دَيْنَهُ تَمَامًا مِنْ مَدِينِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يَقْبِضَ كُلَّ الدَّيْنَ أَوْ بَعْضَهُ لَكِنْ إذَا نَهَى الْمُوَكِّلُ عَنْ قَبْضِ الْبَعْضِ، فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَعْضِهِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ الْوَكَالَةَ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ شَخْصَيْنِ قَدْ وُكِّلَا مَعًا، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ قَبْضُ الدَّيْنِ وَإِنْ فَعَلَ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465) . (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبُولُ الْحَوَالَةِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ شَخْصًا بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ سِتّمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْهَا وَحَوَّلَ الْمَدِينُ الْوَكِيلَ بالْأرْبَعُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةِ عَلَى أَحَدٍ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْحَوَالَةَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ، كَانَ هَذَا الْقَبُولُ فُضُولًا، وَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ الْحَوَالَةَ اسْتَوْفَى الْأَرْبَعمِائَةِ الدِّرْهَمَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْفَيْضِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ. لَكِنْ يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ مُوَكِّلِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَكِّلِ: إنَّنِي قَبَضْتُ الدَّيْنَ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِي وَأَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ. لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ وَقْتَ الْإِخْبَارِ عَلَى إنْشَاءِ الْأَمْرِ الَّذِي أَخَّرَهُ بِهِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَهْجَةُ) . لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَكِيلًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ وَوَكِيلًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينِ مَعًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا مَعًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ عَمْرًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَلَدَى إخْبَارِ عَمْرٍو زَيْدًا بِكَيْفِيَّةِ الْوَكَالَةِ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: بِعْ مَالِي الْفُلَانِيَّ وَفِ الدَّيْنَ مِنْهُ، فَبَاعَهُ عَمْرٌو وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ ثَمَنَهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِلْمَطْلُوبِ

وَالطَّالِبِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ (التَّكْمِلَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ أَمَرَ رَجُلٌ مَدِينَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِمَا عَلَيْهِ صَحَّ أَمْرُهُ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَسُولًا بِقَبْضِ مَالِهِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينُ إنَّنِي أَعْطَيْتُ دَيْنِي لِلرَّسُولِ وَادَّعَى الرَّسُولُ إنَّنِي أَخَذْته وَأَعْطَيْتُهُ الْمُرْسِلَ وَأَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ رَسُولًا مِنْ طَرَفِهِ وَبِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ لَكِنَّهُ أَنْكَرَ وُصُولَ الدَّيْنِ لَهُ، كَانَ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّسُولِ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) إذَا وَكَّلَ الدَّائِنُ شَخْصًا بِقَبْضِ مَالٍ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى آخَرَ وَحَوَّلَ ذَلِكَ الْمَدِينُ دَائِنَهُ عَلَى آخَرَ بِدَيْنِهِ وَلَمَّا يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدِينَ بِذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (690) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَكِنْ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْضًا. (الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1526) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الشَّخْصِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ كَفِيلٌ لِذَلِكَ الدَّيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَمْ بَعْدَهَا (الْبَحْرُ) الْقَبْضُ الْفُضُولِيُّ - الْقَبْضُ مِنْ دُونِ وَكَالَةٍ مِنْ قِبَلِ الدَّائِنِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الدَّائِنِ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ وَقِيَامُ الْمَبْلَغِ الْمَقْبُوضِ حِينَ الْإِجَازَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِينَارٍ الَّتِي عَلَيْكَ لِفُلَانٍ دَيْنًا وَهُوَ وَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ مُوَكَّلٍ بِالْقَبْضِ يُجِيزُ قَبْضِي وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ الْآخَرُ فَإِذَا أَجَازَ الدَّائِنُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَأْخُوذُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ كَانَتْ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً وَالْقَبْضُ مُعْتَبَرًا وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً وَيَطْلُبُ الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ (الْبَهْجَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) قَبْضُ الْمَالِ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ دَارِهِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ وَعَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ شَخْصًا آخَرَ وَكِيلًا بِذَلِكَ وَقَبَضَهَا بَعْدَئِذٍ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ تَوْكِيلُ الثَّانِي مُؤَخَّرًا عَنْ قَبْضِ الْأَوَّلِ، فَلِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْبُوضَةً لِصَاحِبِهَا (الْبَحْرُ) وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ غَلَّةِ أَرْضِهِ وَثَمَرَتِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ شَاةٍ فَوَلَدَتْ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ (التَّكْمِلَةُ عَنْ الْكَافِي) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ دَارِهِ صَحَّ وَالْوَكَالَةُ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (323) مِنْ الْمَجَلَّةِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَقَبْضِ الْعَارِيَّةِ صَحِيحَةٌ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .

لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ: قَدْ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ أَمَانَتِهِ الَّتِي عِنْدَك وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا فَلَا يُؤْمَرُ الْمُسْتَوْدَعُ بِدَفْعِ وَتَسْلِيمِ الْأَمَانَةِ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ كَذَلِكَ لَوْ صَدَّقَ اشْتِرَاءَ أَحَدٍ الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا فَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِمَالِ الْغَيْرِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) . لَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا لِلْمُسْتَوْدَعِ: إنَّ الْمُودِعَ قَدْ تُوُفِّيَ وَقَدْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ لِي حَصْرًا إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً وَصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْإِرْثَ وَالْوَصِيَّةَ يُؤْمَرُ الْمُسْتَوْدَعُ بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ وَالْمُسْتَوْدَعَ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِ هَذَا الْمَالِ مِلْكًا لِلْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَأَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَارِثَ إيَّاهَا بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْمُزَارَعَةُ - لِلْوَكِيلِ بِإِعْطَاءِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ مُزَارَعَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُعْطِيَهَا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تُزْرَعَ شَعِيرًا وَحِنْطَةً، وَسِمْسِمًا، وَذُرَةً وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ أَمَّا الْغَرْسُ الْأَشْجَارُ فَلَيْسَ لَهُ إعْطَاؤُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) لِلْوَكِيلِ بِإِعْطَاءِ أَرْضٍ مُزَارَعَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُعْطِيَهَا مُزَارَعَةً بِبَدَلِ الْمِثْلِ الْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ مُوَكِّلِهِ كَانَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ قَبْضِهِ خَارِجِيًّا، يَعْنِي قَبْضَ حِصَّتِهِ مِنْ حَاصِلَاتِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَإِنْ أَعْطَاهَا وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ غَاصِبًا أَرْضَ مُوَكِّلِهِ وَبَذْرِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا وَقَعَ شَرْطٌ فِي الْخَارِجِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُزَارِعِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ هَذَا حِصَّتَهُ، بَلْ يُضَمِّنُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَالْوَكِيلِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَنُقْصَانِ أَرْضِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْمُزَارَعَةِ إبْرَاءُ الْمُزَارِعِ مِنْ حِصَّةِ مُوَكِّلِهِ فِي الْحَاصِلَاتِ أَوْ يَهَبُهُ تِلْكَ الْحِصَّةَ وَإِنْ فَعَلَ لَا تَكُونُ هِبَتُهُ وَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِعْطَاءِ أَرْضِهِ مُزَارَعَةً بِدُونِ بَيَانِ وَقْتِ الْمُزَارَعَةِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَمَّا لَوْ أَعْطَاهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أَعْطَاهَا مَرَّتَيْنِ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِأَخْذِ أَرْضٍ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مُزَارَعَةً بِبَدَلِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. وَيُطَالِبُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْوَكِيلَ بِحِصَّتِهِ. وَلَيْسَ مِنْ الْمُوَكِّلِ، أَمَّا إذَا أَخَذَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) الْهِنْدِيَّةُ. وَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِأَخْذِ الْمَزْرَعَةِ الْفُلَانِيَّةِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَعُودَ ثُلُثَا الْحَاصِلَاتِ لِلْمُزَارِعِ وَثُلُثُهَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الْخَارِجِ لِلْمُوَكِّلِ وَثُلُثَيْهِ لِلْوَكِيلِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الرَّدُّ بِالْعَيْبِ - إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ رِضَاءَ الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ وَلَا يُؤْمَرُ

خلاصة الباب الثاني في بيان شروط الوكالة

الْبَائِعُ بِإِعَادَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْمُلْتَقَى، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْإِعَارَةُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِعَارَةِ، قَبْضُ الْمُعَارِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الْإِعَارَةِ وَالتَّسْلِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1536) . الْقِسْمَةُ - تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِالْقِسْمَةِ أَيْضًا. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْقِسْمَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (الْبَحْرُ) . التَّوْكِيلُ - تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِالتَّوْكِيلِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ زَيْدًا بِتَوْكِيلِ شَخْصٍ آخَرَ بِشِرَاءِ مَالٍ وَوَكَّلَ زَيْدٌ شَخْصًا وَاشْتَرَى الْآخَرُ ذَلِكَ الْمَالَ يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمَأْمُورِ وَالْمَأْمُورُ عَلَى آمِرِهِ بِثَمَنِ الْمُشْتَرَى وَلَيْسَ لِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قَبْلَ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ) [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي فِي بَيَان شُرُوط الْوَكَالَة] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي (1) الْمُوَكِّلُ: يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ بِهِ. كَمَسْأَلَةِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ غَيْرَ الْمُسْلِمِ بِبَيْعِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (1449) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ فَيُنْظَرُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ ضَرَرًا مَحْضًا أَوْ نَفْعًا مَحْضًا أَوْ دَائِرًا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ. فَإِنْ كَانَ ضَرَرًا مَحْضًا (كَالْهِبَةِ) لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ، وَإِنْ كَانَ نَفْعًا مَحْضًا (كَالِاتِّهَابِ) يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ، وَإِنْ كَانَ دَائِرًا بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ (كَالْبَيْعِ) يَكُونُ تَوْكِيلُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ إنْ أَجَازَهُ كَانَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا. (2) الْوَكِيلُ: الْوَكِيلُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا، فَوَكَالَةُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلَةٌ. الْمَادَّةُ 1458 لُحُوقُ التَّوْكِيلِ عِلْمَهُ وَإِذَا بَاعَ مَالًا قَبْلَ لُحُوقِ الْعِلْمِ كَانَ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ فُضُولِيًّا بِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ مَوْقُوفًا. أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ مِنْ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ: الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ لَيْسَتْ مَانِعَةً كَقَوْلِ شَخْصٍ لِشَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ قَدْ وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ فَرَسِي هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ صَبِيًّا مُمَيِّزًا مَأْذُونًا كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَيْهِ (وَيُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ) وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَانَتْ عَائِدَةً إلَى مُوَكِّلِهِ

الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومِيَّةُ الْمُوَكَّلِ بِهِ شَرْطُ. الْمَادَّةُ 1459. قَاعِدَةٌ: لِكُلٍّ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ (1) بِالْخُصُوصَاتِ (2) وَالْمُعَامَلَاتِ الَّتِي يُمْكِنُهُ عَمَلُهَا بِالذَّاتِ (3) وَبِإِيفَاءٍ (4) وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا. الْخُصُوصَاتُ - تَشْمَلُ الْعُقُودَ - الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ - وَغَيْرَ الْعُقُودِ كَالتَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ. الْمُعَامَلَاتُ - تَشْتَمِلُ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ خَارِجَةً وَيَلْزَمُ وُجُودُ وَلِيِّ الْقَتِيلِ فِي مَحَلِّ الْقِصَاصِ عَلَى أَمَلِ أَنْ يَعْفُوَ رَحْمَةً. الْإِيفَاءُ: إمَّا فِي الْأَعْيَانِ - كَالْوَكَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِمَّا فِي الدُّيُونِ 1 - كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ أَعْطِ دَيْنِي مِنْ مَالِكَ وَلَهُ صُوَرٌ ثَلَاثٌ 2 - كَإِعْطَاءِ الْمُوَكِّلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَوْلِهِ لَهُ أَدِّ فُلَانًا مَا لَهُ عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (الْمَادَّةُ 1463) . تَابِعُ صُوَرِ الْإِيفَاءِ 3 - كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ أَدِّ الدَّيْنَ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي فِي ذِمَّتِكَ أَوْ فِي يَدِكَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى إثْبَاتِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِمَشْغُولِيَّةِ ذِمَّتِهِ. الِاسْتِيفَاءُ: إمَّا فِي الْأَعْيَانِ: كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ. أَوْ فِي الدُّيُونِ: كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: 1 - لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُوَكِّلَ كَفِيلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ.

تَابِعُ صُوَرِ اسْتِيفَاءِ الدُّيُونِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ. 3 - لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. مُسْتَثْنَيَاتٌ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْمَلَهَا بِالذَّاتِ. (1) الْوَكَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلَةٌ لَكِنَّ الرِّسَالَةَ صَحِيحَةٌ. الْوَكَالَةُ بِالْيَمِينِ بَاطِلَةٌ.

الباب الثالث في بيان أحكام الوكالة وتشتمل على ستة فصول

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ وَتَشْتَمِلُ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ] أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ مُتَعَدِّدَةٌ: أَوَّلًا، ثُبُوتُ التَّصَرُّفِ لِلْوَكِيلِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَشْتَمِلُهُ التَّوْكِيلُ. يَعْنِي، مَثَلًا لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بَيْعُ الْمَالِ وَلَا فَائِدَةَ فِي نَدَامَةِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ هُنَا صَرَاحَةً (فَبَيْعُ الْوَكِيلِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (365) وَإِيجَارُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (446) مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ) يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ: ثَانِيًا، لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِدُونِ إذْنٍ أَوْ تَخْيِيرٍ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ. وَسَيُذْكَرُ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَادَّةِ (1466) . ثَالِثًا، كَوْنُ الْوَكِيلِ أَمِينًا فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَسَيُذْكَرُ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْمَادَّةِ (1463) . رَابِعًا، عَدَمُ إجْبَارِ الْوَكِيلِ عَلَى إجْرَاءِ مَا وُكِّلَ بِهِ. فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ قَبْضِ الدَّيْنِ. كَذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ عَنْ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُحَاكَمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يُسْتَثْنَى خَمْسُ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الرَّابِعِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِرَدِّ الْعَيْنِ بَعْدَ غِيَابِ الْمُوَكَّلِ عَلَى رَدِّهَا مَثَلًا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِرَدِّ الْوَدِيعَةِ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ إذَا غَابَ الْآمِرُ الْمُوَكِّلُ. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: رُدَّ هَذَا الْمَالَ الْمُودَعَ (بِفَتْحِ الدَّالِ) عِنْدِي إلَى فُلَانٍ الْمُودِعِ (بِكَسْرِ الدَّالِ) وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَ الْآخَرُ غَابَ الْآمِرُ، فَيُجْبَرُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى بَيْعِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (761) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُوَكِّلِ عَزْلُ الشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِالْخُصُومَةِ مِنْ طَرَفِهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي بِلَا رِضَائِهِ وَالْوَكِيلُ مُجْبَرٌ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1521) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ، يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى إيفَاءِ الْوَكَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1504 وَ 1512) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ مَدِينًا لِلْآمِرِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ آمِرِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1512) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، التَّكْمِلَةُ، الْبَحْرُ، الْبَهْجَةُ، الْفَيْضِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . خَامِسًا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ شَرْطٍ. سَادِسًا، تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ وَإِضَافَتُهَا صَحِيحَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1456) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

الفصل الأول في بيان أحكام الوكالة العمومية

[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ الْعُمُومِيَّةِ] [ (الْمَادَّةُ 1460) يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ] الْمَادَّةُ (1460) - (يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ وَالرَّهْنِ وَالْإِقْرَاضِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَصِحُّ) . يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْمُعَيَّنُ مِنْ طَرَفِ مَنْ سَيَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ، أَيْ الْمُعَيَّنُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ لَهُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، فِي الْهِبَةِ أَيْ فِي الِاتِّهَابِ، وَقَبُولِ الصَّدَقَةِ وَالْإِعَارَةِ أَيْ الِاسْتِعَارَةِ، وَالرَّهْنِ أَيْ الِارْتِهَانِ، وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِيدَاعِ يَعْنِي الِاسْتِيدَاعَ، وَالْإِقْرَاضِ يَعْنِي الِاسْتِقْرَاضَ، وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَمِثْلُهُ السُّكُوتُ، وَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ، وَفِي الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ، وَقَبْضِ الْمَهْرِ لَهَا لَا لِلْوَكِيلِ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ، (الْبَحْرُ) وَقَدْ فُهِمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَوْلِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا) . اُنْظُرْ مَا حُقُوقُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُوَكِّلِ لَعَلَّهَا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ، أَمَّا فِي الصَّدَقَةِ فَلَا رُجُوعَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ وَتَغْيِيرٍ) . وَالْوَكِيلُ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، هُوَ مَنْ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا، وَلَيْسَ مَنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَلْزَمُ إضَافَةُ وَكِيلٍ لَهُ الْعَقْدَ إلَى وَكِيلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا وَكِيلُ الْمُمَلِّكِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ. الْهِبَةُ - فَكَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ وَكَالَةُ الْمُمَلِّكِ (الْوَاهِبِ) فِيهَا، فَالْوَكَالَةُ مِنْ قِبَلِ الْمُمَلَّكِ لَهُ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) جَائِزَةٌ أَيْضًا. وَلِوَكِيلِ الْمُمَلِّكِ أَيْ الْوَاهِبِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لِزَيْدٍ وَقَالَ لَهُ (هَبْهُ لِعَمْرٍو) فَقَالَ زَيْدٌ خِطَابًا لِعَمْرٍو: قَدْ وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ وَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ مَالُ فُلَانٍ وَقَدْ وَهَبْتُكَ إيَّاهُ مِنْ طَرَفِهِ، أَمَّا الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلَّكِ لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ عَقْدَ الْهِبَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا اتَّهَبَ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ لِآخَرَ: إنَّ مُوَكِّلِي فُلَانًا يَطْلُبُ هَذَا الْمَالَ مِنْك بِالْهِبَةِ: وَوَهَبَ الْوَاهِبُ أَيْضًا الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ وَسَلَّمَهُ إلَى وَكِيلِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْمُوَكِّلِ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ: (هَبْ لِي هَذَا الْمَالَ) وَهَبَهُ الْوَاهِبُ إيَّاهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَقَبَضَهُ الْآخَرُ كَانَ هَذَا الْمَالُ لِلْوَكِيلِ. الصَّدَقَةُ - لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ يَعْنِي الْمُتَصَدَّقَ لَهُ: أَخَذْتُ هَذَا الْمَالَ

مِنْكَ بِاسْمِ مُوَكِّلِي فُلَانٍ صَدَقَةً، وَتَصَدَّقَ الْمُتَصَدِّقُ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ صَحِيحَةً، وَيُثْبِتُ الْمِلْكَ الْمُتَصَدِّقَ لَهُ الْمُوَكِّلُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ: أَعْطِنِي إيَّاهُ صَدَقَةً: وَأَعْطَاهُ الْمُخَاطَبُ إيَّاهُ كَانَ هَذَا الْمَالُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ لَكِنْ لِلْوَكِيلِ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ بِإِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ صَدَقَةً وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إضَافَتِهِ لِمُوَكِّلِهِ. الْإِعَارَةُ - كَمَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ (الْمُعِيرِ) تَجُوزُ أَيْضًا مِنْ طَرَفِ مَنْ يُثْبِتُ لَهُ الْمُمَلِّكُ أَيْ الْمُمَلَّكِ لَهُ الْمُسْتَعِيرَ - وَلِوَكِيلِ الْمُمَلِّكِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِزَيْدٍ مَالًا وَقَالَ لَهُ: أَعْطِهِ لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ: فَلِزَيْدٍ أَنْ يُعِيرَ لِعَمْرٍو بِقَوْلِهِ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ يُعْطِيهِ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ مِنْ طَرَفِ ذَلِكَ الشَّخْصِ. أَمَّا وَكِيلُ الْمُمَلَّكِ لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ لَهُ مَثَلًا لَوْ رَاجَعَ وَكِيلُ الْمُسْتَعِيرِ صَاحِبَ الْمَالِ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ أَيْضًا فَيَكُونُ قَدْ أَعَارَ الْمَالَ لِلْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْوَكِيلِ. يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ الْمَجَلَّةُ لَفْظَ الِاسْتِعَارَةِ فِي لَفْظِ الْإِعَارَةِ. الْقَرْضُ - وَكَمَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ (الْمُقْرِضِ) تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَقْرِضِ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ. لَكِنَّ وَكِيلَ الْمُمَلِّكِ (الْمُقْرِضِ) إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ جَازَ، أَمَّا وَكِيلُ الْمُسْتَقْرِضِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا اسْتَقْرَضَ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَقْرُوضُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ، وَيَنْفُذُ عَقْدُ الْقَرْضِ عَلَى الْوَكِيلِ مَثَلًا لَوْ قَصَدَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ (الرَّسُولُ) إلَى الْمُقْرِضِ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي كَذَا قَرْضًا وَأَعْطَاهُ الْمُقْرِضُ مَا طَلَب، كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَقْرُوضُ لِلْوَكِيلِ، وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ الْمُدَاخَلَةُ فِيهِ. (الْهِنْدِيَّةُ الْبَحْرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) . وَقِسْ عَلَيْهَا الْبَوَاقِيَ وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْعَقْدُ لِأَجْلِ مُوَكِّلِهِ، وَالسِّرُّ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. وَبَعْضُهَا لَا تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَمَا إلَيْهَا مِمَّا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَبِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ حُكْمِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ

المادة (1461) لا يشترط إضافة العقد إلى الموكل في البيع والشراء والإجارة

وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ فَصْلُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يُقَارِنَ الْحُكْمَ فِيهَا السَّبَبُ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَتَضَرَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ أَصَالَةً أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ وَثُبُوتُ وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ انْفِصَالُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَى الْمُوَكِّلِ، حَتَّى يَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ. أَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ فَصْلُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ. كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ فِي هَذِهِ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ وَثُبُوتُ الْحُكْمِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ. مَثَلًا النِّكَاحُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبُضْعِ وَالنِّكَاحِ مُسْقِطٌ لِتِلْكَ الْحُرْمَةِ وَلَمَّا كَانَ السَّاقِطُ يُتَلَاشَى وَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ أَصَالَةً وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِشَخْصٍ آخَرَ فَقَدْ جُعِلَ الشَّخْصُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا لِيَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَضَافَ وَكِيلُ الزَّوْجِ عَقْدَ النِّكَاحِ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ النِّكَاحُ لَهُ وَتَكُونُ الزَّوْجَةُ الْمَنْكُوحَةُ زَوْجَةَ الْوَكِيلِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَحِلًّا لِنِكَاحِ الْوَكِيلِ. أَمَّا لَوْ قَالَ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ: زَوَّجْتُ. لَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُ مُوَكِّلَتَكَ فَقَالَ لَهُ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ: زَوَّجْتُ أَنَا أَيْضًا كَانَ صَحِيحًا، حَتَّى لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِهَا وَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ بِمِلْكِ الْبُضْعِ وَهُوَ لَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَلَّكْتُكَ بُضْعَ مُوَكِّلَتِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَيْضًا إسْقَاطٌ مَحْضٌ. وَلَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ أَصْلًا وَقَدْ رُئِيَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالْمُنَازَعَةُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1550) . وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ أَيْضًا، وَلَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا وَسَفِيرًا لَزِمَ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا. وَالْحَالُ فِي الْبَوَاقِي عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ) . وَعِبَارَةُ الْمَجَلَّةِ (لَا يَصِحُّ) قَدْ شُرِحَتْ بِكَوْنِهِ لَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَصِحُّ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ. كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى. وَلَا يَصِحُّ بَعْضُ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ أَصْلًا يَعْنِي لَا تَصِحُّ لِلْوَكِيلِ أَصْلًا كَالْإِبْرَاءِ، مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْإِبْرَاءِ فِي الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ الَّتِي مَعَ آخَرَ وَلَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ الْإِبْرَاءَ إلَى مُوَكِّلِهِ بَلْ إبْرَاءٌ مُضِيفًا الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ أَصْلًا، (هَامِشُ الْبَهْجَةِ، الْأَشْبَاهُ) . . [الْمَادَّةُ (1461) لَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ] الْمَادَّةُ (1461) (لَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ صَحَّ أَيْضًا، وَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ، وَلَكِنْ إنْ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ يَعْنِي الْوَكِيلَ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى

الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ كَالرَّسُولِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ، يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا خَرَجَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، يَعْنِي يَطْلُبُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مِنْهُ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِهِ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، فَلِلْوَكِيلِ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ لِأَجْلِ رَدِّهِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ رَدُّ الْوَكِيلِ قَدْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ بِأَنْ عَقَدَ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ بِعْتُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ وَاشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ: فَعَلَى هَذَا الْحَالِ تَعُودُ الْحُقُوقُ الْمُبَيَّنَةُ آنِفًا كُلُّهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْوَكِيلُ فِي حُكْمِ الرَّسُولِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ) . الْإِجَارَةُ أَعَمُّ مِنْ الْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ: لِذَلِكَ فَالْوَكِيلُ مُخَيَّرٌ فِي غَيْرِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ عَلَى قَوْلٍ إنْ شَاءَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ إلَى مُوَكِّلِهِ. وَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِ الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ: إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ حِينَ عَقَدَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَحُضُورُ الْمُوَكِّلِ حِينَ عَقْدِ الْوَكِيلِ الْعَقْدَ وَعَدَمُ حُضُورِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ، وَتَعُودُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْحَالَيْنِ (التَّنْوِيرُ، الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَيُسْتَدَلُّ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةُ كَوْنَ حُقُوقِ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ يَصِحُّ أَيْضًا وَتَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ لِلْمُوَكِّلِ، يَعْنِي سَوَاءٌ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ إلَى نَفْسِهِ أَمْ إلَى مُوَكِّلِهِ لَكِنْ عَلَى قَوْلٍ تَثْبُتُ إلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا لِلْوَكِيلِ. وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ تَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً وَتَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ وَعَدَمُ الْعِتْقِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ الْحَالُ الْمُوجِبُ لِلْعِتْقِ هُوَ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ (الْبَحْرُ) . وَعَلَى هَذَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَدْخُلْ مِلْكَهُ، فَيَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَاذِبًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي.

لَكِنْ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا، تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ أَصَالَةً أَيْ إلَى الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَهُوَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ أَجْنَبِيًّا. وَسَوَاءٌ ذُكِرَ حِينَ التَّوْكِيلِ كَوْنُ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ عَائِدَةً لِلْوَكِيلِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا (التَّنْوِيرُ) . قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي: إنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ كَالْمُبَاشِرِ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِشَرْطِ عَدَمِ عَوْدَةِ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْوَكِيلِ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَا حُكْمَ لِلشَّرْطِ (الْبَحْرُ، وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) الْوَكِيلُ أَصْلٌ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ سَفِيرًا لَمَا اسْتَغْنَى، وَإِنَّمَا جُعِلَ نَائِبًا فِي الْحُكْمِ لِلضَّرُورَةِ كَيْ لَا يَبْطُلَ مَعْقُودُ الْمُوَكِّلِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ؛ وَلِأَنَّ الْعَاقِدَ الْآخَرَ اعْتَمَدَ رُجُوعَ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَتَضَرَّرَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ مُفْلِسًا أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . تَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ أَصِيلًا فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ وَكَّلَ الْقَاضِي أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَوَقَعَتْ مُحَاكَمَةٌ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ رُدَّ الْبَيْعُ إلَى الْوَكِيلِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، كَانَ لِلْقَاضِي الْمُومَى إلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ عَلَى وَكِيلِهِ (الْبَحْرُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ أَصِيلًا وَكَانَ الْأَصِيلُ هُوَ الْمُوَكِّلُ أَيْ الْقَاضِي لَمَا كَانَ صَحِيحًا حُكْمُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى نَسِيئَةً تَحَوَّلَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إلَى مُعَجَّلٍ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَيَبْقَى الْأَجَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ وَصِيٌّ تُرْفَعُ الْكَيْفِيَّةُ إلَى الْقَاضِي فَيُعَيِّنُ لَهُ وَكِيلًا، وَهَذَا يَقُومُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْمَعْقُولُ هُوَ هَذَا، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَنْتَقِلُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَكِيلِ إلَى مُوَكِّلِهِ (التَّكْمِلَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ) . قِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1458) فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ (الدُّرَرُ) . فَلَوْ كَانَ وَكِيلٌ صَبِيًّا مُمَيِّزًا غَيْرَ مَأْذُونٍ، يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إذَا وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا إلَى الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ (الْبَحْرُ) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي (الْبَحْرُ) . الْحُقُوقُ الْعَائِدَةُ إلَى الْوَكِيلِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْحُقُوقُ الَّتِي لِلْوَكِيلِ: كَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَمُطَالَبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ.

إنَّ إيفَاءَ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُوَكَّلَ الْوَكِيلُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْحُقُوقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1504) وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَلَّةِ فِي بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ أَلْفَاظًا تُشْعِرُ بِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُجْبَرٍ عَلَى مُبَاشَرَةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ عَلَى الْوَكِيلِ، كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ الْوَكِيلُ يُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ هَذِهِ الْحُقُوقِ كَذَلِكَ وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي الذِّكْرِ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَائِدَةِ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي هَذَا وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ عَائِدَةٌ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحُقُوقِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَالرَّسُولِ يَعْنِي كَمَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الرِّسَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1462) إلَى الْمُرْسِلِ، فَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ أَيْضًا، وَقَدْ ذُكِرَتْ صُوَرُ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1453) وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ فِي إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَكِنْ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ فَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْوِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِيهَا إلَى الْوَكِيلِ بِرُجُوعِ حُقُوقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَأَقَامَ وَكِيلًا بِعَقْدِ الشِّرَاءِ. وَالْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فُضُولِيٌّ فِي هَذَا الشِّرَاءِ، وَيَكُونُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلُ قَبِلَ ذَلِكَ الْإِيجَابَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: قَبِلْتُ لِفُلَانٍ الْمُوَكِّلِ، فَكَأَنَّهُ قَبُولٌ لِغَيْرِهِ وَيَتَعَذَّرُ تَنْفِيذُهُ عَلَيْهِ فَيُتَوَقَّفُ (الْبَحْرُ) . وَيَنْفُذُ عِنْدَ الزَّيْلَعِيّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالشِّرَاءِ لَمَّا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَغَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى أَحَدٍ، فَكَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُضِيفَهَا إلَى نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُضِيفَهَا إلَى مُوَكِّلِهِ وَيُسْتَدَلُّ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً كَوْنُهَا قَدْ قَبِلَتْ بَيَانَ الزَّيْلَعِيّ (أَبُو السُّعُودِ) . حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ - كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، قَبْضِ الثَّمَنِ، الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، الْخُصُومَةِ بِالْعَيْبِ فِي الْإِجَارَةِ، فَسْخِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ، وَإِعْطَاءِ الْأُجْرَةِ فِي الِاسْتِئْجَارِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ: أَوَّلًا - مَثَلًا إذَا لَمْ يُكِفْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ بِقَوْلِهِ لِشَخْصٍ بِعْتُ لَكَ هَذَا الْمَالَ. كَانَ مَجْبُورًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي وَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَهُ. وَلَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ. فَهَا قَدْ رُئِيَ أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْوَكِيلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُطْلَقًا أَنَّ لِلْوَكِيلِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَوْ نَهَى الْمُوَكِّلُ

وَكِيلَهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَا حُكْمَ لَهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ حَقٍّ عَائِدٍ إلَيْهِ وَهَذَا النَّهْيُ لَيْسَ مِنْ صَلَاحِيَّةِ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ أَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ نَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَبُطْلَانُ نَهْيِهِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بِتَمَسُّكِ الْمَجَلَّةِ بِالْمَادَّةِ (278) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) حُكْمٌ مُنَاسِبٌ لِهَذَا. لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَزَالُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ نَسِيئَةً، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ نَسِيئَةً، فَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ نَسِيئَةً أَيْ مُعَجَّلًا وَأَخَذَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْوَكِيلِ وَأَرَادَ عَدَمَ تَسْلِيمِهِ، فَأَخَذَهُ الْوَكِيلُ مِنْ دَارِ الْمُوَكِّلِ بِلَا إذْنِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ نَهْيِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْقَبْضِ، فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ، وَإِذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ جَازَ (الْبَحْرُ) . ثَانِيًا - وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَقْبِضَهُ، وَيَجْبُرَ الْمُشْتَرِي عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ حَتَّى أَنَّ السَّنَدَ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِاسْمِ مُوَكِّلِهِ، يَعْنِي لَوْ أَعْطَى الْمُشْتَرِي سَنَدًا مُبَيِّنًا فِيهِ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مَرَّتَيْنِ. ثَالِثًا - لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ عَائِدَةٌ إلَى الْوَكِيلِ أَصَالَةً، وَالْمُوَكِّلُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَوْ غَابَ بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُوَكِّلِ بِرِضَاهُ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ اسْتِحْسَانًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1053) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَقْبُوضَ حَقُّ الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ ثُمَّ الدَّفْعِ إلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا - وَيُقِيمُ ادِّعَاءَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَعْطَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْوَكِيلِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَإِذَا نَكَلَ عَنْ

الْيَمِينِ ثَبَتَ الْقَبْضُ وَكَانَ الْوَكِيلُ مَحْكُومًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْمَرْقُومَ إمَّا بَاذِلٌ أَوْ مُقِرٌّ فِي نُكُولِهِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . خَامِسًا - يَصِحُّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ أَنْ يُبَرِّأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ أَوْ يَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ يَقْبَلَ الثَّمَنَ حَوَالَةً عَلَى مَلِيٍّ أَوْ مُمَاثِلٍ أَوْ دُونٍ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِمُوَكِّلِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حُقُوقِهِ فَيَمْلِكُهَا وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَاصِلٌ بِتَضْمِينِ الْوَكِيلِ كُلَّ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْحَالِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ مَعًا، وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ بِإِبْرَاءِ الْمُوَكِّلِ فَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى وَكِيلِهِ (الْبَحْرُ) أَمَّا الْوَكِيلُ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَرِّئَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ أَوْ يَحُطَّ مِنْهُ أَوْ يَهَبَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ دَيْنًا وَكَانَ عَيْنًا، فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَيْسَ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857) (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يَمْلِكُ الْحَطَّ وَالْإِبْرَاءَ وَالْإِقَالَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . سَادِسًا - لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ تَأْجِيلُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَإِقَالَةُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1505) سَابِعًا - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ كَفِيلًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (630) ثَامِنًا - لَوْ حَوَّلَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا تَصِحُّ، فَإِنْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ رَجَعَ لِبُطْلَانِهِ وَبِدُونِهِ لَا لِتَبَرُّعِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . تَاسِعًا، لَوْ حَوَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ تَصِحُّ وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ وَكَالَةً بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَيْسَتْ حَوَالَةً فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى وَكِيلِهِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (673) . عَاشِرًا - إذَا وَكَّلَ وَكِيلُ الْبَيْعِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ صَحِيحًا، وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ قَدْ امْتَنَعَ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى شَكْوَى مُوَكِّلِهِ بِتَوْكِيلِهِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُهُ عَزْلُهُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1504) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْحَادِيَ عَشَرَ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِبَيْعِ مَالِهِ عَلَى أَلَا يَكُونَ لِلْوَكِيلِ حَتَّى قَبْضِ ثَمَنِهِ فَالْوَكَالَةُ صَحِيحَةٌ. وَهَذَا الشَّرْطُ وَالنَّهْيُ بَاطِلَانِ. الثَّانِيَ عَشَرَ - إذَا تُوُفِّيَ أَوْ جُنَّ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ، فَلِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ قَبْضُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْضًا.

الثَّالِثَ عَشَرَ - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَعَ التَّقَاصُّ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ مِقْدَارَ مَا وَقَعَ التَّقَاصُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ، فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إبْرَاؤُهُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فَلَا تَقَعُ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إبْرَاءٌ بِعِوَضٍ، فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي، فَكَمَا أَنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدَيْنِهِ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ مَدِينَيْنِ مَعًا فَيَقَعُ التَّقَاصُّ أَيْضًا وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَلَا ضَمَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْهَلَاكِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ. الرَّابِعَ عَشَرَ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَأْمُورَ بِبَيْعِهِ إلَى دَائِنِهِ فِي مُقَابِلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَصِحُّ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْخَامِسَ عَشَرَ - إذَا ظَهَرَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى أَيْ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُسْتَحِقٌّ وَضُبِطَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بَعْدُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَعْنِي يَطْلُبُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ بِالْوَكَالَةِ لِشَخْصٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَاعَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْوَكِيلِ بِتِسْعِمِائَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضُبِطَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِتِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَرْجِعُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ أَيْضًا يَرْجِعُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ تَظْهَرُ فِي اخْتِلَافِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . السَّادِسَ عَشَرَ - الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَالِ. فَلَهُ رَدُّهُ إلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِذَا رَدَّهُ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَاهُ وَحَفِظَهُ فِي يَدِهِ. فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (أَيْ بِرِضَاهُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا وَأَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَعَ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أَنْكَرَهُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ. أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِالْعَكْسِ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ يُرَدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. وَيَكُونُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ هَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. لَكِنَّهُ يَكُونُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ صَحِيحًا وَفِي بَعْضِهَا غَيْرَ صَحِيحٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُدُوثُ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ. فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ أَمْ أَنْكَرَهُ بِرَدِّ

ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا إثْبَاتٍ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرُدُّهُ الْوَكِيلُ عَلَى رِوَايَةٍ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا، الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْخُصُومَةِ مَعَ الْمُوَكِّلِ (التَّكْمِلَةُ مُلَخَّصًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَوُجُودُ الْعَيْبِ فِيهِ مُتَيَقَّنًا عِنْدَ الْقَاضِي، فَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ أَوْ إلَى النُّكُولِ (الْبَحْرُ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِالْإِقْرَارِ، يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلُزُومُ الْمُوَكِّلِ رِوَايَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُمْكِنًا وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ قِدَمَ الْعَيْبِ، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى قِدَمِهِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَمَا لَزِمَ الْوَكِيلَ. وَإِذَا نَكَلَ الْوَكِيلُ لَدَى الِاسْتِحْلَافِ يُحْكَمُ بِرَدِّ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ. وَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالِ إلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فَكَمَا أَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْعَيْبُ بَعِيدٌ عَنْ عِلْمِ الْوَكِيلِ لِعَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ فَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فِي النُّكُولِ. أَمَّا النُّكُولُ فَهُوَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَقُّهُ أَنْ لَا يَنْفُذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ النُّكُولُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ يَنْفُذُ الْعَيْبُ عَنْ عِلْمِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ لَزِمَ الْآمِرَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِعَيْبٍ كَهَذَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ إلَى الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ. وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ تَنْتَهِي بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ لَازِمٍ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِهِ السُّكُوتَ وَالنُّكُولَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بَيَانَ كَوْنِهِ يُوجَدُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ إذَا أَثْبَتَ الْوَكِيلُ أَوْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْيَمِينِ الْمُكَلَّفِ بِهَا فَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ أَيْضًا إلَى مُوَكِّلِهِ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوَكِيلُ الْإِثْبَاتَ أَوْ حَلَفَ الْيَمِينَ أَيْضًا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ عَائِدًا إلَى الْوَكِيلِ (الْبَحْرُ) . فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَرُدُّهُ وَيُخَاصِمُ الْمُوَكِّلَ وَالْإِقْرَارُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؟ قُلْنَا الرَّدُّ مَا حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِكُرْهٍ مِنْهُ فَجُعِلَ فَسْخًا لَكِنْ اسْتَنَدَ لِدَلِيلٍ قَاصِرٍ فَمَعْنَى الْفَسْخِ عِنْدَ الْبُرْهَانِ وَلُزُومِ الْوَكِيلِ عِنْدَ عَدَمِهِ عَمَلًا بِقُصُورِ الْمُسْتَنَدِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَعَ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِي مُدَّةٍ كَهَذِهِ. لَكِنْ إذَا قَبِلَ بِرِضَاهُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهُ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَالِ مَعِيبًا وَيَبْقَى فِي يَدِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالرِّضَا فِي حَقِّ الثَّالِثِ بَيْعٌ جَدِيدٌ، أَمَّا الْمُوَكَّلُ فَقَدْ كَانَ ثُلُثًا. أَمَّا بِالْقَضَاءِ فَفَسْخٌ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَامَّةً، وَلَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً قَاصِرَةً وَحَيْثُ إنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ، فَلِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْمُخَاصَمَةِ وَحَيْثُ إنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، فَلَا تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِلَا حُجَّةٍ (الْبَحْرُ مَعَ التَّعْلِيقَاتِ عَلَيْهِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

كَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا قَدِيمًا بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَرُدُّهُ إلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ أَوْ إلَى وَارِثِهِ. وَإِلَّا فَيَرُدُّ مُوَكِّلَهُ (الْبَحْرُ) . وَسَتَأْتِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَدِّ الْعَيْبِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1505) . حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ: أَوَّلًا - وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْكَ بِكَذَا قِرْشًا مَثَلًا: يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ. ثَانِيًا - يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) . وَلَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكَّلِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَكِيلُ إلَى الْبَائِعِ وَاسْتَهْلَكَهُ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ. وَلَوْ دَفَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ فَاسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، كَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ بَاعَ الْقَاضِي الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ إذَا رَضِيَا وَإِلَّا فَلَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ) . ثَالِثًا - لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ مُوَكَّلَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (الْبَحْرُ) . رَابِعًا - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى وَهُوَ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَادَّعَاهُ وَأَثْبَتَهُ وَضَبَطَهُ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ، يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَلَى بَائِعِهِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ. وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَطَلَبِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّكْمِلَةُ) . خَامِسًا - وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى كَانَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ حَقُّ الرَّدِّ وَسَنَأْتِي بِتَفْصِيلَاتِ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1489) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يُبَرِّئَ بَائِعَهُ مِنْ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ الْبَائِعِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (الْبَحْرُ) . سَادِسًا - لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَلِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَ الْوَكِيلَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ إلْزَامِ الْوَكِيلِ تَلِفَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (التَّكْمِلَةُ) . يَجُوزُ الرِّضَاءُ بِالْعَيْبِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ فِي الْفَرْقِ. سَابِعًا - لِلشَّفِيعِ أَنْ يُخَاصِمَ وَكِيلَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ الْمَالُ الْمُشْتَرَى (الْمُلْتَقَى) . ثَامِنًا - إذَا وَجَدَ الْمُوَكِّلُ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبًا قَدِيمًا بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَرُدُّهُ وَصِيُّ الْوَكِيلِ أَوْ وَارِثُهُ. وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ هَؤُلَاءِ يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ:

(المادة 1462) تعود حقوق العقد في الرسالة إلى المرسل ولا تتعلق بالرسول أصلا

أَوَّلًا - إذَا أَجَّرَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ مِنْ دُونِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. يَكُونُ فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ وَقَبْضِ الْأُجْرَةِ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ. ثَانِيًا - لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ أَنْ يُبَرِّئَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ دَيْنٌ وَيَضْمَنُهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَبْرَأَهُ قَبْلَ وُجُوبِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ ثَالِثًا - لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِقَبْضِ الْبَدَلِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْوَكِيلُ فِي غِيَابِ الْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ. وَإِذَا أَعْطَى الْمُسْتَأْجِرُ بَدَلَ الْإِجَارَةِ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ وَقَبَضَهُ يَبْرَأُ، لَكِنْ إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ أَيْ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ أَمِينًا لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ لِمُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَسَائِلِ الِاسْتِثْنَائِيَّة الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1466) . رَابِعًا - إذَا فَسَخَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَصِحُّ، أَمَّا لَوْ فَسَخَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَبَعْدَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَلَا يَصِحُّ. سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا. خَامِسًا - إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أُجْبِرَ عَلَى إعْطَاءِ الْإِيجَارِ كَذَلِكَ قَدْ فُصِّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) وَإِذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ أَوْ اشْتَرَيْتُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ بِعْنِي فُلَانَ. فَلَا يَكُونُ قَدْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1453) (الطَّحْطَاوِيُّ) وَعَلَيْهِ إذَا عَقَدَ الْبَيْعَ مُضِيفًا الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ الْمُبَيَّنَةِ آنِفًا كُلُّهَا إلَى الْمُوَكِّلِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْوَكِيلُ فِي حُكْمِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ رِسَالَةٌ. وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فِي الرِّسَالَةِ إلَى الْمُرْسِلِ. وَلَا تَعَلُّقَ لِلرَّسُولِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، مَثَلًا وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَبَاعَ مَالًا بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُخَيَّرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَطْلُبَ وَيَقْبِضَ ثَمَنَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَا تَعُودُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَى الْوَكِيلِ. وَتُقَاسُ الْأَشْيَاءُ الْبَاقِيَةُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 1462) تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الرِّسَالَةِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّسُولِ أَصْلًا] الْمَادَّةُ (1462) - (تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الرِّسَالَةِ إلَى الْمُرْسِلِ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّسُولِ أَصْلًا) هَذَا إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ. قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ لِلْمُوَكِّلِ فِي صُورَةِ إضَافَةِ الْوَكِيلِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ إذْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الرِّسَالَةِ. الْخُلَاصَةُ، تَكُونُ الرِّسَالَةُ عَلَى صُورَتَيْنِ:

أَوَّلُهَا، لَمَّا كَانَ قَدْ فَوَّضَ الْوَكِيلَ بِالتَّصَرُّفِ حِينَ تَفْوِيضِهِ إيَّاهُ عَلَى صُورَةِ الرِّسَالَةِ. فَالْوَكِيلُ مُجْبَرٌ عَلَى إيفَاءِ الْمُعَامَلَةِ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ أَيْضًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ. (1460) ثَانِيهَا، إنْ كَانَ تَفْوِيضُهُ ابْتِدَاءً عَلَى طَرِيقِ الْوَكَالَةِ وَبِلَفْظِ الْوَكَالَةِ. لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ اسْتَعْمَلَ تِلْكَ الْوَكَالَةَ بِصُورَةِ الرِّسَالَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَتْ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي ضِمْنِ الرِّسَالَةِ. وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الصُّورَتَيْنِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا. مَثَلًا لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بَعْدَ تَلَفِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ مِنْ الْمُوَكِّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ إقَامَةُ دَعْوَى الرُّجُوعِ بِالْهِبَةِ عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاتِّهَابِ وَلَوْ وُجِدَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ نَفَذَ بَعْضُ الْعُقُودِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِسَبَبِ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَلَا تَنْفُذُ بَعْضُ الْعُقُودِ. وَلْنَذْكُرْ ثَلَاثَةَ أَمْثِلَةٍ لِرَسُولِ الِاسْتِقْرَاضِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ: رَسُولُ الِاسْتِقْرَاضِ: إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ بِالِاسْتِقْرَاضِ عَقْدَ الِاسْتِقْرَاضِ إلَى نَفْسِهِ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ الْمَقْرُوضُ مَالَ الرَّسُولِ فَوَفَاؤُهُ يَلْزَمُ الرَّسُولَ أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1460) . رَسُولُ الشِّرَاءِ: إذَا لَمْ يُضِفْ هَذَا الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ وَاشْتَرَى بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى عَائِدًا إلَيْهِ. كَمَا أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ لِذَلِكَ الرَّسُولِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْحَامِدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) . يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَأْمُورَ بِالشِّرَاءِ عَلَى صُورَةِ الرِّسَالَةِ ابْتِدَاءً أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ وَإِذَا أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ يَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لَهُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُرْسِلِ. رَسُولُ الْبَيْعِ: إذَا عَقَدَ هَذَا الرَّسُولُ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ، فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا كَانَتْ فَوْقَ الرِّسَالَةِ فَلَا تَتَضَمَّنُ الرِّسَالَةُ الْوَكَالَةَ لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ: إنَّ مُرْسِلِي فُلَانًا يَقُولُ قَدْ بَاعَ مِنْكَ هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا الْبَيْعُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ إنْ شَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ أَجَازَهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ. الِاخْتِلَافُ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ: لَكِنْ لَوْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهَا وَكَالَةً أَوْ رِسَالَةً فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرِّسَالَةَ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لِأَحَدٍ: أَنْتَ اشْتَرَيْتَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ فَأَعْطِنِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ. وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَمْ أَكُنْ وَكِيلًا بَلْ رَسُولًا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الرِّسَالَةَ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يُثْبِتَ كَوْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَكِيلًا (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُنْكِرُ إضَافَةَ الْعَقْدِ وَالْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ ذَلِكَ (التَّكْمِلَةُ عَنْ النِّهَايَةِ) . لَكِنْ لَوْ ادَّعَى الرَّسُولُ بَعْدَ إنْشَاءِ الْعَقْدِ لِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ قَائِلًا: إنِّي رَسُولٌ وَلَسْتُ بِوَكِيلٍ

(المادة 1463) المال الذي قبضه الوكيل بالبيع والشراء وإيفاء الدين واستيفائه

فَلَا يَقْبَلُ ادِّعَاءَهُ (التَّنْقِيحُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ، فِي هَذِهِ الصُّورَةُ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1454) . [ (الْمَادَّةُ 1463) الْمَالُ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ] الْمَادَّةُ (1463) - (الْمَالُ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ وَقَبْضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ فَإِذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَالْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الرَّسُولِ مِنْ جِهَةِ الرِّسَالَةِ أَيْضًا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ) . ضَابِطٌ: الْوَكِيلُ أَمِينٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ كَالْمُسْتَوْدَعِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِيهَا الْوَدِيعَ، وَيَبْرَأُ الْوَكِيلُ مِنْ الضَّمَانِ أَيْضًا فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي بَرِئَ فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ (الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) . وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَاءِ وَقَبْضِ الْعَيْنِ وَدَفْعِهَا مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ عَيْنًا إلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (243) مَعَ شَرْحِهَا وَالْمَادَّةَ (794) وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يَحْبِسَ مَا قَبَضَهُ مِمَّا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الدَّيْنَ: إنَّ لِي عَلَى الْمَدِينِ الْمَذْكُورِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا أَيْضًا فَإِنِّي أَمْسِكُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَدَاءِ ذَلِكَ إلَى مُوَكِّلِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ أَمِينِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ فَلَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) أَمَّا إذَا تَلِفَ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ فَيَكُونُ ضَامِنًا. حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْدَ أَنْ امْتَنَعَ الْوَكِيلُ عَنْ إعْطَائِهِ لِلْمُوَكِّلِ بِطَلَبِهِ إيَّاهُ مِنْهُ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (784) عَلِيٌّ أَفَنْدِي تَفْرِيعُ الْأَمْثِلَةِ وَالْمَسَائِلِ: وَلْنُفَصِّلْ الْآنَ هَذِهِ: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ - إمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الَّذِي يُعْطَى عَلَى أَنْ يُبَاعَ، أَوْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَكِلَاهُمَا أَمَانَةٌ. فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِبَيْعِ فَرَسٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَكَمَا يَكُونُ الْفَرَسُ الْمَذْكُورُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الْفَرَسَ لِآخَرَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ أَيْضًا. فَإِذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَوْ أَوْدَعَ الْمَالَ الَّذِي أُعْطِيَ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ مِنْ دُونِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أَرْسَلَ ثَمَنَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَتَلِفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ، كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (790) لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ ضَمَانٌ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ أَنْ لَا يَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُعْطِيَ لِدَلَّالٍ يَعْرِضَهُ لِلْبَيْعِ، وَأَنْ يُرْسِلَ الثَّمَنَ بِوَاسِطَةِ أَمِينٍ وَأَعْطَى الْمَالَ الْمُعْتَادَ إلَى الدَّلَّالِ فَضَاعَ الْمَالُ مِنْهُ أَوْ

تَلِفَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَفِرَارِ الْأَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَرْسَلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَعَ الْأَمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ بَعْضَ الدَّفَعَاتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ تَفَاصِيلَ الدُّفْعَاتِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا إذَا وَضَعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ فِي دُكَّانٍ ضِمْنَ شَيْءٍ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ الْمُجَاوِرَةِ لِدُكَّانِهِ (رَاقِبْ دُكَّانِي) وَضَاعَ مِنْ تِلْكَ الدُّكَّانِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْجَارُ أَمِينًا فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (780) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لَهُ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . وَكَذَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْمَجْهُولِ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ أَضَاعَ الدَّلَّالُ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ آخَرَ لِأَجْلِ بَيْعِهِ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ كَيْفَ ضَاعَ: كَانَ الدَّلَّالُ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ سَاعَةً مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ يَعْمُرَهَا وَأَعْطَاهَا الْآخَرُ إلَى السَّاعَاتِيِّ وَنَسِيَ الشَّخْصَ الَّذِي أَعْطَاهُ السَّاعَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ بِتَعَدٍّ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مُجَهَّلًا لَزِمَ الضَّمَانُ (التَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (801) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ دَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ بِلَا بُرْهَانٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا تَقَرَّرَ فِي تَرِكَتِهِ الضَّمَانُ فَلَا بُدَّ لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ مِنْ الْبَيَانِ (الْخَيْرِيَّةُ) . الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ - وَهَذَا الْمَالُ أَيْضًا إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ مُشْتَرًى. وَكِلَاهُمَا أَمَانَةٌ أَيْضًا فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِآخَرَ لِشِرَاءِ فَرَسٍ لَهُ، فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. لَكِنْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِتَلَفِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ فِي الْوَكَالَةِ تَتَعَيَّنُ فِي التَّعْيِينِ سَوَاءٌ أُعْطِيت النُّقُودُ لِلْوَكِيلِ أَوْ لَمْ تُعْطَ. كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (243) . مِثَالٌ لِلتَّعَيُّنِ بِالتَّعْيِينِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ: لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَرَسًا وَسُرِقَ هَذَا الْمَبْلَغُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِوَكِيلِهِ مِنْ يَدِهِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْفَرَسَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ. لَكِنْ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَيَقْتَدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى مُوَكِّلِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الْهَلَاكِ وَقَعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَانَ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْآمِرِ وَالْمُوَكِّلِ، (الْبَحْرُ مَعَ تَعْلِيقَاتِ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) . وَالْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1492) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ مِنْ الْمَمْلَكَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَاشْتَرَى الْآخَرُ بِنُقُودِهِ وَبِثَمَنِ الْمِثْلِ الْحِنْطَةَ وَقَبَضَهَا وَتَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ، كَانَتْ الْخَسَارَةُ عَائِدَةً عَلَى الْمُوَكِّلِ.

وَيَأْخُذُ الْوَكِيلُ النُّقُودَ الَّتِي أَعْطَاهَا لِأَجْلِ الْحِنْطَةِ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ النُّقُودِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ إنَّ الْحِنْطَةَ لَمْ تَصِلْنِي. لَوْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمَالَ الَّذِي وُكِّلَ بِشِرَائِهِ ذَلِكَ الْمَالَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ إلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ، فَتَلِفَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِهِ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (790) . إلَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنْ يُرْسِلَ الْوُكَلَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَى مَعَ مَنْ يَعْرِفُونَ أَنَّهُمْ أُمَنَاءُ إلَى مُوَكِّلِيهِمْ، فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ قَدْ فُصِّلَ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ هَكَذَا. كَذَلِكَ لَوْ نَسِيَ آخَرُ النُّقُودَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فِي بَيْتِهِ، وَقَصَدَ إلَى السُّوقِ لِشِرَاءِ الْفَرَسِ وَاشْتَرَاهُ وَعِنْدَ عَوْدَتِهِ إلَى بَيْتِهِ وَجَدَ النُّقُودَ قَدْ سُرِقَتْ ثُمَّ تَلِفَ الْفَرَسُ فِي يَدِهِ أَيْضًا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَانَتْ الْخَسَارَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ لِلْمُوَكِّلِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ مِنْ الْوَكِيلِ فَيَطْلُبُهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِادِّعَاءٍ كَهَذَا. وَيَرْجِعُ الضَّرَرُ الْمُتَوَلِّدُ عَنْ تَلَفِ الْحَيَوَانِ عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1486) . اخْتِلَافُ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَالْمُوَكِّلِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ: لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا لِشِرَاءِ فَرَسٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ، قَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ. وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرَيْتَهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ: وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ. فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِكَوْنِ ثَمَنِ الْفَرَسِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَمِينٌ وَهُوَ يَدَّعِي بِخُرُوجِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ مَعَ أَنَّ الْآمِرَ يَطْلُبُ تَضْمِينَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَالْوَكِيلُ يُنْكِرُ هَذَا الْأَمْرَ أَمَّا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْفَرَسِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ، فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ اشْتَرَى فَرَسًا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ مَعَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ بِعَشَرَةٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَبْقَى الْفَرَسُ الْمَذْكُورُ لِلْوَكِيلِ وَيُضَمِّنُهُ الْآمِرُ نَقُودَهُ كُلَّهَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1479) . وَإِذَا لَمْ يُعْطِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ إلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ. فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْفَرَسِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ. أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا فُسِخَ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ بَيْنَهُمَا وَيُتْرَكُ الْفَرَسُ إلَى الْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ هُنَا يَنْزِلَانِ مَنْزِلَةَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ جَرَى التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1778) (الْبَحْرُ) . الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ: إذَا أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَائِلًا أَعْطِهَا إلَى دَائِنِي الْفُلَانِيِّ: كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَانَةً، وَعَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْمَدِينُ نُقُودًا لِآخَرَ لِيُعْطِيَهَا إلَى دَائِنِهِ فُلَانٍ، أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَهُ

بِهَا مَالًا، وَقَالَ الْوَكِيلُ لَهُ: أَعْطَيْتُهَا لِدَائِنَكَ وَاشْتَرَيْتُ بِهَا الْمَالَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمَدِينُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) . (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَلَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ: اقْضِهِ فُلَانًا عَنْ دَيْنِي، فَقَالَ: قَضَيْتُهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي بَرَاءَتِهِ وَالدَّائِنِ فِي عَدَمِ قَبْضِهِ فَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ وَيَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَيَحْلِفُ مَنْ كَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ دُونَ مَنْ صَدَّقَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ مَرَّتْ فَائِدَةُ قَيْدِ (الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ) فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) الْبَحْرُ. الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِاسْتِيفَاءِ الدُّيُونِ: هَذَا الْمَالُ أَيْضًا أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ: لَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى آخَرَ فِي دِيَارٍ أُخْرَى وَإِيصَالٍ إلَيْهِ، وَبَيْنَمَا كَانَ الْوَكِيلُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ خَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ وَسَلَبُوهُ الْمَبْلَغَ الَّذِي قَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَاَلَّذِي هُوَ ذَاهِبٌ لِإِيصَالِهِ إلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ إذَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى دَفْعِهِمْ (الْفَيْضِيَّةُ) . الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ لِدَفْعِ الْعَيْنِ: إذَا أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لِشَخْصٍ آخَرَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لِشَخْصٍ غَيْرَهُ وَاخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ الْقَوْلُ لِآخِذِ الْمَالِ يَعْنِي لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الْإِذْنِ فَالْوَكِيلُ أَمِينٌ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْآمِرُ: قَدْ أَمَرْتُ بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ لِزَيْدٍ وَقَالَ الْمَأْمُورُ يَعْنِي الْوَكِيلَ: قَدْ أَمَرْتَ بِإِعْطَائِهِ لِعَمْرٍو وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ (الْبَحْرُ) . عَلَى أَنَّ صَاحِبَ التَّكْمِلَةِ الْمُقَدَّسِ وَإِنْ ادَّعَى نَقْلًا أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُوَكِّلِ، فَهُوَ لَمَّا لَمْ يَسْتَنِدْ عَلَى نَقْلٍ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِقَبْضِ وَدِيعَةِ الْمُودِعِ عِنْدَ آخَرَ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ إيَّاهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. إيضَاحُ الْقُيُودِ الَّتِي فِي مَتْنِ الْمَادَّةِ: 1 - مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ وَكَانَ مِنْ جِهَةِ مَضْمُونٍ كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنِ، فَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ فِي حُكْمِ الْوَدِيعِ لِلْمَالِ الْمَقْبُوضِ، يَعْنِي لَا يَكُونُ أَمِينًا. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَأَمَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِهِ بِأَنْ يُعْطِيَهُ إلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَقَالَ الْغَاصِبُ: أَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ وَقَالَ الْمُعْطَى إلَيْهِ: لَمْ آخُذْهُ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَلَا يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِقَوْلِهِ أَعْطَيْتُ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْإِعْطَاءِ مَا لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ يُصَدِّقُهُ الْمُوَكِّلُ. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ إعْطَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصِ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُكَلِّفَهُ بِأَنْ يَحْلِفَ عَلَى كَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ بِإِعْطَائِهِ، فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنْ الْوَكِيلِ.

(المادة 1464) أرسل المدين دينه وقبل الوصول تلف في يد الرسول

كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ مَدِينَهُ بِقَوْلِهِ (أَعْطِ لِفُلَانٍ دَيْنِي عَلَيْكَ الْبَالِغَ كَذَا) ثُمَّ قَالَ الْمَدِينُ: أَعْطَيْتُهُ وَقَالَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ: لَمْ آخُذْ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ وَقَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْمَقْبُوضِ وَدِيعَةً مُمَاثِلٌ لِهَذَا أَيْضًا. فَلَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ: أَعْطَيْتُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَوْدَعْتُهَا بِأَمْرِكَ لِفُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ أَمْرَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ مَعَ الْيَمِينِ (الْبَحْرُ) . مَقْبُوضَةٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا لِلْوَكِيلِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (أَدِّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي عَلَيَّ لِفُلَانٍ) وَكَذَّبَ الطَّالِبُ وَالْمُوَكِّلُ الْمَأْمُورَ فِي حَالَةِ قَوْلِهِ أَدَّيْتُ الدَّيْنَ، فَإِنْ أَثْبَتَ أَدَاءَهُ فَبِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلطَّالِبِ وَالْمُوَكِّلِ. وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ لَكِنْ لَوْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّاهُ لِلطَّالِبِ فَقَطْ، فَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى الْأَشْبَهِ يَعْنِي يَطْلُبُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مَا أَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1506) . وَفِي الْجَامِعِ لَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ. وَلَمَّا لَمْ يُثْبِتْ التَّصْدِيقُ اسْتِيفَاءَ الطَّالِبِ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1459) . وَالْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الرَّسُولِ مِنْ جِهَةِ الرِّسَالَةِ فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، كَالْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ فَإِذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ خَادِمَهُ لِلصَّيْرَفِيِّ لِإِحْضَارِ مَا يُرِيدُ الصَّيْرَفِيُّ أَنْ يُقْرِضَهُ إيَّاهُ مِنْ النُّقُودِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1454) وَشَرْحِهَا، فَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: أَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ وَقَالَ الْخَادِمُ: أَخَذْتُهُ أَيْضًا وَأَعْطَيْتُهُ لِمَوْلَايْ، يُصَدَّقُ الْخَادِمُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَمِينُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ. أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ قَبْضَ خَادِمِهِ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ النُّقُودَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْخَادِمِ قَبَضْتُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) . [ (الْمَادَّةُ 1464) أَرْسَلَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ وَقَبْلَ الْوُصُولِ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّسُولِ] الْمَادَّةُ (1464) - (لَوْ أَرْسَلَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ إلَى الدَّائِنِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّسُولِ فَإِنْ كَانَ رَسُولَ الْمَدِينِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ، وَإِنْ كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الدَّائِنِ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ) . إذَا تَلِفَ الدَّيْنُ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْمَدِينُ مَعَ رَسُولٍ وَتَلِفَ فِي يَدِ الرَّسُولِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ الْمَدِينِ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ هَذَا لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الدَّائِنِ وَتَعُودُ خَسَارَتُهُ إلَى الْمَدِينِ وَيَلْزَمُ الْمَدِينَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الدَّائِنِ الدَّيْنَ. وَإِذَا وَقَعَ التَّلَفُ فِي يَدِ الرَّسُولِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اُنْظُرْ إلَى الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ بِتَعَدٍّ أَوْ تَقْصِيرٍ فَيُضَمِّنُ الْمَدِينُ الرَّسُولَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) لَكِنْ إذَا أَتَى رَسُولُ الْمَدِينِ بِالدَّيْنِ إلَى الدَّائِنِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّ لَهُ مَعَهُ نُقُودًا كَهَذِهِ. فَقَالَ لَهُ الدَّائِنُ:

اشْتَرِ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي مَعَكَ. وَتَلِفَتْ النُّقُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الرَّسُولِ الْمَذْكُورِ تَتْلَفُ مِنْ مَالِ الدَّائِنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالشِّرَاءِ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِهَا (التَّكْمِلَةُ) وَإِذَا كَانَ رَسُولَ الدَّائِنِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ هَذَا قَائِمٌ مَقَامَ قَبْضِ الدَّائِنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَبْرَأُ الْمَدِينُ. وَلَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ ضَمَانٌ إذَا كَانَ التَّلَفُ الَّذِي حَصَلَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَمَّا إذَا كَانَ التَّلَفُ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فَيَضْمَنُهُ الرَّسُولُ لِلدَّائِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ وَشَرْحَهَا (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِقَوْلِهِ ادْفَعْ لِفُلَانٍ مَا لِي عَلَيْكَ مِنْ الدَّيْنِ وَسَلِّمْهُ إيَّاهُ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَسُولَ الدَّائِنِ. فَإِذَا تَلِفَتْ النُّقُودُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ إلَى الدَّائِنِ. وَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ: ابْعَثْ مَا لِي مِنْ الدَّيْنِ مَعَ فُلَانٍ أَوْ أَرْسِلْهُ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَسُولَ الدَّائِنِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْوَكَالَةِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ الدَّيْنُ فِي يَدِ الرَّسُولِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الدَّائِنِ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ الدَّيْنِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ. وَالْحُكْمُ فِي الْعَيْنِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. فَلَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ التَّاجِرِ شِرَاءَ مَالٍ بِكَذَا دِرْهَمًا أَيْ طَلَبَ أَخْذَهُ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ. وَأَرْسَلَهُ التَّاجِرُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَحَدٍ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الرَّسُولِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ الطَّالِبِ الْمَذْكُورِ لَزِمَ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (298) الطَّالِبَ وَلَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1463) . وَإِذَا كَانَ رَسُولًا لِلتَّاجِرِ كَانَ الضَّرَرُ الْوَاقِعُ عَائِدًا إلَى التَّاجِرِ. كَذَا لَوْ أَرْسَلَ الْمُقْرِضُ الْمَبْلَغَ الَّذِي وَعَدَ آخَرَ بِإِقْرَاضِهِ إيَّاهُ مَعَ شَخْصٍ، وَتَلِفَ فِي يَدِ الشَّخْصِ قَبْلَ الْوُصُولِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَسُولَ الْمُسْتَقْرِضِ وَكَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مُقِرًّا بِقَبْضِهِ كَانَ الضَّرَرُ عَائِدًا إلَى الْمُسْتَقْرِضِ، لَكِنْ إذَا كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ مُنْكِرًا الْقَبْضَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ: قَبَضْتُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَسُولَ الْمُقْرِضِ كَانَ الضَّرَرُ عَلَى الْمُقْرِضِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْوَكَالَةِ) . سُؤَالٌ - إذَا قَالَ الرَّسُولُ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) : قَبَضْتُ، أَلَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْقَبْضُ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ الضَّمَانُ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ. فَرْعٌ: لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِدَائِنِهِ بِإِعْطَائِهِ مَالًا: بِعْ هَذَا وَخُذْ دَيْنَكَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَبَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْآخَرُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا تَلِفَ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ وَجَدَّدَ الدَّائِنُ الْقَبْضَ لِنَفْسِهِ تَلِفَ مِنْ مَالِ الدَّائِنِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ الْقَبْضَ وَيُجَدِّدَهُ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (262) أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِدَائِنِهِ بَعْدَ إعْطَائِهِ مَالًا: بِعْ هَذَا فِي مُقَابِلِ حَقِّكَ، وَبَاعَهُ الْآخَرُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ

(المادة 1465) إذا وكل واحد اثنين معا بأمر

مِنْ الْمُشْتَرِي، فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِهِ كَانَ الْخُسْرَانُ عَائِدًا إلَى الدَّائِنِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1465) إذَا وَكَّلَ وَاحِدٌ اثْنَيْنِ مَعًا بِأَمْرٍ] الْمَادَّةُ (1465) - (إذَا وَكَّلَ وَاحِدٌ اثْنَيْنِ مَعًا بِأَمْرٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْأَمْرِ الَّذِي وُكِّلَا بِهِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَا قَدْ وُكِّلَا بِالْخُصُومَةِ، أَوْ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ، أَوْ إيفَاءِ دَيْنٍ، فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوفِيَ الْوَكَالَةَ وَحْدَهُ وَأَمَّا إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَمْرٍ، ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ رَأْسًا بِذَلِكَ الْأَمْرِ فَأَيُّهُمَا أَوْفَى الْوَكَالَةَ جَازَ) . قَاعِدَةٌ: التَّصَرُّفُ الَّذِي فُوِّضَ إلَى اثْنَيْنِ وَلَا يَقْتَدِرُ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ عَلَى عَمَلِهِ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ شَخْصَيْنِ مَعًا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا وَكَّلَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ. فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْخُصُوصِيِّ الَّذِي وُكِّلَا بِهِ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ رَاضٍ بِاجْتِمَاعِ رَأْيِ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. وَلِلْمُوَكِّلِ فَائِدَةٌ فِي اجْتِمَاعِ الرَّأْيِ وَلَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ مِنْ اجْتِمَاعِ الرَّأْيِ فِي الْوَكَالَةِ إذَا بَيَّنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُمَا مَعًا مَعَ بَيَانِ الثَّمَنِ أَنَّ غَرَضَ الْمُوَكِّلِ اجْتِمَاعُ رَأْيِ الِاثْنَيْنِ لِأَجْلِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي (الْبَحْرُ) أَيْ التَّقْدِيرُ لِلْبَدَلِ لِمَنْعِ النُّقْصَانِ عَنْهُ فَرُبَّمَا يَزْدَادُ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ وَرُبَّمَا يَخْتَارُ الثَّانِي مُشْتَرِيًا مَلِيًّا وَالْأَوَّلُ لَا يَهْتَدِي إلَى ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ وُكِّلَا مَعًا التَّصَرُّفُ وَحْدَهُ. وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ مِنْهُمَا صَبِيًّا مَحْجُورًا (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا تُوَفِّي أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ أَوْ جُنَّ وَبَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1527) بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْآخَرِ الْقِيَامُ بِالْوَكَالَةِ (الْبَحْرُ) . وَلَوْ كَانَا وَصِيَّيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَصَرَّفُ الْحَيُّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِقَبْضِ الْهِبَةِ أَوْ قَبْضِ الدَّيْنِ قَبْضُهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الْمُوَكِّلِ مِنْ تَوْكِيلِ شَخْصَيْنِ هُوَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمَقْبُوضِ مِنْ قِبَلِ الْوَكِيلَيْنِ. فَمُحَافَظَةُ وَكِيلَيْنِ لَيْسَتْ كَمُحَافَظَةِ وَكِيلٍ وَاحِدٍ (الْبَحْرُ) . وَمَعْنَى تَعْبِيرُ (لَا يَسْتَطِيعُ التَّصَرُّفَ) هُنَا هُوَ تَخَلُّفُ التَّصَرُّفِ بِالنَّظَرِ إلَى نَوْعِهِ. وَيَبْقَى هَذَا التَّصَرُّفُ بَعْضًا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ أَوْ الْمُوَكِّلِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - إذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ بِالْبَيْعِ الْمَالَ وَحْدَهُ وَكَانَ الْوَكِيلُ الْآخَرُ حَاضِرًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَأَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ كَانَ جَائِزًا وَنَافِذًا، وَإِذَا كَانَ غَائِبًا وَأَجَازَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَجُزْ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ (الْبَحْرُ) وَلَوْ بَاعَ

أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِي وَصَايَا (الْخَانِيَّةِ) لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لِصَاحِبِهِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمِثَالُ الثَّانِي، لَوْ بَاعَ أَحَدُ وَكِيلَيْ الْبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالَ لِشَخْصٍ آخَرَ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ بَيْعُ فُضُولِيٍّ فَإِذَا أَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ مَعَ وُجُودِ شَرَائِطِ الْإِجَازَةِ كَانَ جَائِزًا اُنْظُرْ الضَّابِطَ الرَّابِعَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1495) الْمِثَالُ الثَّالِثُ - إذَا قَبَضَ أَحَدُ وَكِيلَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْضِ الْهِبَةِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الدَّائِنِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْمُعَنْوَنَةَ بِعِنْوَانِ (الْقَبْضِ الْفُضُولِيِّ) فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) (الْبَهْجَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) وَيَنْفُذُ هَذَا التَّصَرُّفُ بَعْضًا عَلَى الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - إذَا اشْتَرَى أَحَدُ وَكِيلَيْ الشِّرَاءِ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الشِّرَاءُ وَلَوْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ هَذَا الشِّرَاءَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) الْمِثَالُ الثَّانِي - إذَا كَانَ لِاسْتِئْجَارِ مَالٍ وَكِيلَانِ وَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا نَفَذَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَقَبَضَهُ الْآخَرُ انْعَقَدَتْ بَيْنَهُمَا بِالتَّعَاطِي إجَارَةٌ مُبْتَدَأَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيَبْطُلُ هَذَا التَّصَرُّفُ بَعْضًا رَأْسًا كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ: الْمِثَالُ الْأَوَّلُ - إذَا قَبَضَ أَحَدُ وَكِيلَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِ الْمُوَكِّلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ، وَالْبَحْرُ) . الْمِثَالُ الثَّانِي - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ مَعًا بِاسْتِرْدَادِ عَيْنِ الْعَارِيَّةِ، الْوَدِيعَةِ، لِمَغْصُوبٍ وَاسْتَرَدَّ تِلْكَ الْعَيْنَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ كُلَّ الْعَيْنِ. سُؤَالٌ - أَلَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلُ الْقَابِضَ نِصْفَ الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَكِيلَيْنِ مَأْمُورٌ بِقَبْضِ النِّصْفِ؟ الْجَوَابُ - أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ مَأْمُورٌ بِقَبْضِ نِصْفِهِ بِإِذْنِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ وَلَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِقَبْضِهِ عَلَى انْفِرَادٍ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ التَّصَرُّفُ وَحْدَهُ ثَمَانِي مَسَائِلَ: (1) فِي الْخُصُومَةِ (2) فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ (3) رَدِّ الْعَارِيَّةِ (4) رَدِّ الْمَغْصُوبِ (5) رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبٍ فَاسِدٍ (6) تَسْلِيمِ الْهِبَةِ (7) قَضَاءِ الدَّيْنِ (8) فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِ مَالٍ. فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الْقِيَامُ بِالْوَكَالَةِ. 1 - إيضَاحُ الْخُصُومَةِ: إذَا وُكِّلَ أَحَدٌ مِمَّا هُوَ مُبَيَّنٌ بِالْمُحَاكَمَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ. فَلِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ تَوَلِّي

الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُحَاكَمَةِ عَنْهُ. لَكِنْ يَلْزَمُ انْضِمَامُ رَأْيِ الْآخَرِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ خَاصَمَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ مِنْ دُونِ انْضِمَامِ رَأْيِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ فَلَا تَجُوزُ. لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْوَكِيلِ الْآخَرِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ حُضُورِ وَكِيلَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَتْ الْخُصُومَةُ مُحْتَاجَةً إلَى الرَّأْيِ. فَلَوْ اشْتَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا كِلَيْهِمَا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. يَلْزَمُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَكَلُّمَهُمَا مَعًا وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَمَّا كَانَتْ بَاعِثَةً عَلَى تَشْوِيشِ أَمْرِ الْمُحَاكَمَةِ وَالشَّغَبِ. يَعْنِي عَلَى تَهَيُّجِ الشَّرِّ. وَالْحَاكِمُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُسَاعِدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ تَكَلُّمُهُمَا مَعًا مُمْكِنًا (الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَوْ يَشْتَرِطُ تَكَلُّمَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ وَهَذَا لَيْسَ جَائِزًا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ سُمِحَ بَعْدَ أَنْ فَهِمَتْ الْمَحْكَمَةُ مُحَاكَمَةَ وَكِيلٍ، وَمُخَاصَمَةُ وَمَاهِيَّةُ الدَّعْوَى لِوَكِيلٍ آخَر أَنْ يُحَاكِمَ وَيُخَاصِمَ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى السَّمَاحِ لِوَكِيلٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ وَخَامِسٍ. وَهَذَا بَاعِثٌ لِلِاشْتِغَالِ بِمُخَاصَمَاتٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ. أَوْ يَشْتَرِطُ شُورَى بَعْضِهِمَا بَعْضًا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى مَهَابَةِ الْمَجْلِسِ مَانِعَةٌ لِلِاسْتِشَارَةِ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَكِنْ إذَا كَانَ هَذَانِ الْوَكِيلَانِ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلَيْنِ بِالْقَبْضِ أَيْضًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ الْمُدَّعَى بِهِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ بِالْخُصُومَةِ وَقَبْضِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَحَاكَمَ الِاثْنَانِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، فَلِلْوَكِيلِ الَّذِي فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَنْ يُقِيمَ الشُّهُودَ وَيَحْكُمَ لِمُوَكِّلِهِ إذَا ثَبَتَ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لَكِنْ لَا يَحْكُمُ بِتَسْلِيمِ الْمُدَّعَى وَالْمَحْكُومِ بِهِ لِهَذَا الْوَكِيلِ وَلَكِنْ يُعَيَّنُ وَصِيٌّ لِلْوَكِيلِ الْمُتَوَفَّى. وَيُسَلَّمُ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْوَكِيلِ الْحَيِّ مَعَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الْمُحْتَاجَةُ إلَى الْحَلِّ: جَاءَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الْمُحَاكَمَةُ مَعَ انْضِمَامِ رَأْي الْآخَرِ. هَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُثْبِتَ فِي الْمُحَاكَمَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ الَّذِي حَضَرَ الْمَحْكَمَةَ قَدْ تَشَاوَرَ وَالْوَكِيلَ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ فِيهَا وَأَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَ رَأْيَهُ وَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا الثُّبُوتُ؟ 2 - إيضَاحَ رَدِّ الْوَدِيعَةِ إلَخْ - إذَا كَانَ لِرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا وَكِيلَانِ فَالسَّبَبُ فِي تَمَكُّنِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْقِيَامِ بِالْوَكَالَةِ هَذِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الرَّأْيِ، لِذَلِكَ كَانَ رَدُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ كَرَدِّ اثْنَيْنِ مَعًا. وَلَوْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ رَدُّ الْعَيْنِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهَا رَدُّ الْوَدِيعَةِ، لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَرَدِّ الْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَبِيعِ فَاسِدًا (الْبَحْرُ) . وَتَعْبِيرُ الرَّدِّ فَكَمَا أَنَّهُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ وَقَبْضِ الْهِبَةِ فَتَعْبِيرُ قَضَاءِ الدَّيْنِ احْتِرَازٌ عَنْ اقْتِضَائِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ وَاسْتِيفَائِهِ. فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ فِي تَوْكِيلِ اثْنَيْنِ فِي هَذَا غَرَضًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ مُحَافَظَةَ اثْنَيْنِ خَيْرٌ مِنْ مُحَافَظَةِ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي بِخُصُوصِ تَسْلِيمِ الْهِبَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) . 9 - أَمَّا لَوْ وَكَّلَ بِخُصُوصِ مَا وُكِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ رَأْسًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَأَيُّهُمَا أَوْفَى الْوَكَالَةَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ كَانَ وَقْتَ التَّوْكِيلِ رَاضِيًا بِرَأْيِ كُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ، فَلَمْ يَتَغَيَّرْ هَذَا الرِّضَاءُ (الدُّرَرُ) .

(المادة 1466) ليس لمن وكل بأمر أن يوكل به غيره

الصُّوَرُ الثَّلَاثُ فِي تَوْكِيلِ شَخْصَيْنِ: وَعَلَيْهِ فَيُوَكَّلُ الشَّخْصَانِ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: يُوَكِّلُ مَعًا قَدْ ذُكِرَ حُكْمُهُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَوْكِيلُهَا عَلَى التَّعَاقُبِ قَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْفَقَرَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُوَكِّلَ الْمُوَكِّلُ بِقَوْلِهِ لِيَأْخُذْ أَحَدُكُمَا لِي فَرَسًا. فَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمَأْمُورَيْنِ أَوَّلًا وَثَانِيهِمَا ثَانِيًا كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَانًا وَقَعَ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ لِلْمُوَكِّلِ. وَيَبْقَى الشِّرَاءُ الثَّانِي لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا اشْتَرَيَا مَعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ الْمُشْتَرَيَانِ كِلَاهُمَا لِلْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ. كَذَا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ بِبَيْعِ مَالِهِ الْفُلَانِيِّ وَبَاعَ الِاثْنَانِ الْمَالَ فَأَيُّهُمَا بَاعَ أَوَّلًا جَازَ بَيْعُهُ، وَبَيْعُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا بَاعَ أَوَّلًا. يَمْلِكُ كُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَ الْمَالِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَوْلَى وَيُخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَلَا تَرْجِيحَ إلَّا إذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَهُوَ لَهُ بِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ لِتَأَكُّدِ شِرَائِهِ، وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الْقَبْضِ دَلِيلُ سَبْقِ شِرَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَا يُمْكِنُ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِالْوِصَايَةِ. فَلَوْ عَيَّنَ أَحَدٌ شَخْصَيْنِ وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ وَحْدَهُ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي جُعِلَا وَصِيَّيْنِ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ، سَوَاءٌ عَيَّنَهُمَا بِكَلَامٍ وَاحِدٍ أَوْ عَيَّنَ كُلًّا مِنْهُمَا بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ وَالْحَالُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَكِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ وُكِّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِكَلَامٍ مُسْتَقِلِّ التَّصَرُّفُ مُسْتَقِلًّا. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْوَصِيَّيْنِ يَكُونَانِ مِنْ وَفَاةِ الْمُوصِي أَوْصِيَاءَ مَعًا، أَمَّا حُكْمُ الْوَكَالَةِ فَيَثْبُتُ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَبِمَا أَنَّهُ تُوجَدُ تَفْصِيلَاتٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ لِلْحَمَوِيِّ شَرْحِ الْأَشْبَاهُ فَلْيُرَاجَعْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي الْوَدِيعَةِ - لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُسْتَوْدَعِينَ حِفْظُ كُلِّ الْوَدِيعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 783) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي الْقَضَاءِ - لَيْسَ لِأَحَدٍ الْحَاكِمَيْنِ اللَّذَيْنِ نُصِّبَا لِيَسْتَمِعَا دَعْوَى وَاحِدَةً أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَحْدَهُ بَلْ يَحْكُمَانِ بِهَا مَعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1802) لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُحَكَّمِينَ الْمُتَعَدِّدِينَ أَنْ يَحْكُمَ وَحْدَهُ بِالدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّة (1844) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي الْوَقْفِ - لَيْسَ لِأَحَدِ النَّاظِرَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَحْدَهُ فَلَوْ نَصَّبَ الْوَاقِفُ بِالذَّاتِ أَوْ الْحَاكِمُ نَاظِرَيْنِ لِوَقْفِ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ التَّصَرُّفُ لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْصُوبًا قَاضِيَ بَلَدٍ فَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا فِي الْوَصِيَّيْنِ (الْحَمَوِيُّ فِي آخِرِ الْوَكَالَةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1466) لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِأَمْرٍ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ] الْمَادَّةُ (1466) - (لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِأَمْرٍ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ قَدْ أَذِنَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: اعْمَلْ بِرَأْيِك إذْ لِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الَّذِي وَكَّلَهُ الْوَكِيلُ وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلًا لِذَلِكَ الْوَكِيلِ.

حَتَّى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ بِوَفَاتِهِ) . لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِخُصُوصٍ أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يُوصِيَ لِآخَرِ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ قَصْدًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَوْ وَكَّلَ فَلَا يَنْفُذُ وَلَوْ بَيَّنَ الْمُوكِلُ الثَّمَنَ لِوَكِيلِهِ. وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ مَا لَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ أَوْ الْوَكِيلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي فُوِّضَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْقِيَامُ بِالْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ. وَلَيْسَ بِأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالْقِيَامِ بِهِ (الدُّرَرُ فِي الْقَضَاءِ) . وَالْمُوَكِّلُ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ رَاضِيًا بِرَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يُعَدُّ رَاضِيًا بِرَأْيِ الْوَكِيلِ الثَّانِي (الْبَحْرُ) وَوَصِيَّةُ الْوَكِيلِ إلَى آخَرَ عِنْدَ الْمَوْتِ كَالتَّوْكِيلِ (الْبَحْرُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - فِي الْخُصُوصِ الَّذِي وُكِّلَ بِهِ: لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ لِأَجْلِهِ حَتَّى أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: لَا تُوَكِّلْ أَحَدًا بِهَذِهِ الْحُقُوقِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ هَذَا، فَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بِهَذِهِ الْحُقُوقِ كَانَ صَحِيحًا (الْبَحْرُ) إلَّا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ مُؤَجَّلًا وَوَكَّلَ آخَرَ لَيْسَ بِأَمِينِهِ بِالْقَبْضِ مِنْ دُونِ أَمْرٍ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّانِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ أَوْ مَاتَ مُجْهَلًا فَلِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَضْمِينُ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ، هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ) . 2 - قَصْدًا: أَمَّا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ الثَّانِي أَوْ الْفُضُولِيُّ الْأَجْنَبِيُّ فِي حُضُورِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي غِيَابِهِ وَأَجَازَ الْوَكِيلُ الْبَيْعَ هَذَا: الَّذِي وَقَعَ فِي غِيَابِهِ أَوْ حُضُورِهِ جَازَ وَنَفَذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُوَكِّلِ حُصُولُ رَأْيِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ، وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَحْصُلُ رَأْيُهُ وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا. وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْعَاقِدُ (الْبَحْرُ) . وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَضْرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْإِجَازَةِ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ، وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْوَكِيلِ أَيْ الْمُوَكِّلِ وَأَنَّ حَضْرَةَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَا تَكْفِي، وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْعِبَارَاتِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَخِيرِ (الْبَحْرُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْتَحَقَ بِالْعَدَمِ فَيَكُونُ الثَّانِي فُضُولِيًّا لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ حَضْرَةِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُجِيزَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ صَوَّرَ هَذَا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَجْنَبِيٌّ مَالًا وَأَجَازَهُ الْوَكِيلُ جَازَ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَجِدَ نَفَاذًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَضَافَهُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ. وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَيَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى الْعَقْدِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: خُذْ هَذِهِ الْفَرَسَ لِأَجْلِي فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ آخَرَ بِشِرَائِهِ وَاشْتَرَاهُ. كَانَ هَذَا الْفَرَسُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ (الْبَحْرُ) .

تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَيْعِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْخُصُومَةِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ الْعَقْدِ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ، وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَوْ وَكَّلَ آخَرَ وَاشْتَغَلَ الْوَكِيلُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْأَوَّلِ بِهَذِهِ الْخُصُوصَاتِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) مَثَلًا لَوْ وُكِّلَ أَحَدٌ بِإِبْرَاءِ مَدِينِهِ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ وَكِيلًا آخَرَ. وَإِبْرَاءُ الْمَدِينِ فِي حُضُورِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لَا يَنْفُذُ: أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُوَكِّلُ هَذَا التَّوْكِيلَ جَازَ وَكَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَدُّ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ هَذَا فُضُولِيًّا يُعْلَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ كُلَّمَا صَحَّ التَّوْكِيلُ بِهِ إذَا بَاشَرَهُ الْفُضُولِيُّ يَتَوَقَّفُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ تُسْتَثْنَى أَرْبَعُ مَسَائِلَ فَلِلْوَكِيلِ فِيهَا أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَذِنَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ أَوْ قَالَ لَهُ عَلَى التَّفْوِيضِ لِرَأْيِهِ: اعْمَلْ بِرَأْيِك. أَوْ اعْمَلْ مَا شِئْت، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُوَكِّلُ: مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ. فَفِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ قَدْ أَذِنَهُ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ صَرَاحَةً وَفَوَّضَهُ لِرَأْيِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. فَلِلْمُوَكِّلِ الرِّضَاءُ بِتَوْكِيلِهِ آخَرَ (الْبَحْرُ) ؛ وَلِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ فِيمَا يَرَاهُ عَامًّا وَالتَّوْكِيلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا رَآهُ. أَمَّا الْوَكِيلُ الثَّانِي هَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ ثَالِثًا. لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ: عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (اعْمَلْ بِرَأْيِك) وَبَاعَ هَذَا الْوَكِيلُ الثَّانِي الْمَالَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ (الْبَحْرُ) . وَلَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ آخَرَ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَأَعْطَاهُ إلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ الثَّانِي حَتَّى إنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1463) وَشَرْحِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَعَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ الَّذِي يُوَكِّلُهُ الْوَكِيلُ بِالْإِذْنِ وَالتَّفْوِيضِ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ وَكِيلًا لِلْوَكِيلِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِبُطْلَانِ وَكَالَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِعَزْلٍ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَفَاتِهِ بِمُقْتَضَى الْمَوَادِّ (1520، 1529، 1530) . وَيَنْعَزِلَانِ، أَيْ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. أَمَّا إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِي يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدْ قَالَ لَهُ (اصْنَعْ مَا شِئْت) فَلَهُ عَزْلُ الْوَكِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ لَهُ صُنْعَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِصُنْعِهِ وَعَزْلُهُ مِنْ صُنْعِهِ (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَعْزِلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِي. سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ حَيًّا أَوْ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (وَكِّلْ فُلَانًا) فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَهَتْ بِالتَّوْكِيلِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَقَدْ صَارَ مُنْعَزِلًا مِنْ الْوَكَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1526) (الْأَنْقِرْوِيُّ) لَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: اصْنَعْ مَا شِئْت: وَوَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلُ آخَرَ فَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ عَزْلُهُ وَبَعْضُهُمْ بَيَّنَ خِلَافَ ذَلِكَ (الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1467) إذا شرطت الأجرة في الوكالة وأوفاها الوكيل

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يُوَكِّلَ أَمِينَهُ بِقَبْضِهِ، فَلَوْ قَبَضَ الثَّانِي ذَلِكَ الدَّيْنَ يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِهِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا تَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ الثَّانِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ ضَمَانٌ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فَلَوْ هَلَكَ مِنْ يَدِهِ كَانَ لِلْآمِرِ الرُّجُوعُ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمَدِينِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِلْوَكِيلِ بِدَفْعِ الزَّكَاةِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ ثُمَّ لِهَذَا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ ثُمَّ لِهَذَا أَيْضًا. وَإِذَا أَعْطَى هَذَا الْوَكِيلُ الثَّانِي الزَّكَاةَ إلَى مُسْتَحَقِّيهَا جَازَ. وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ وَقَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي خُصُوصِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ وَهَذَا حَاصِلٌ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا، لَوْ أَمَرَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ آخَرَ وَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ الْمَالِ الَّذِي وُكِّلَ بِبَيْعِهِ قَائِلًا لَهُ بِعْهُ بِكَذَا دِرْهَمًا يَجُوزُ وَيَصِحُّ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي. وَمَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ وَحْدَهُ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ وَلَوْ بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ لَهُمَا الثَّمَنَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1465) ، فَلَوْ بَيَّنَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي نَفَذَ بَيْعُ الْوَكِيلِ الثَّانِي بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عِنْدَ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ يَظْهَرُ أَنَّ غَرَضَهُ حُصُولُ رَأْيِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْهُ لَهُ كَانَ غَرَضُهُ فِي مُعْظَمِ الْأَمْرِ وَهُوَ لِتَقْدِيرٍ فِي الثَّمَنِ فَنَقُولُ: إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الْمُوَكِّلُ لَهُ الثَّمَنَ وَقَدَّرَهُ الْوَكِيلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي فَقَدْ حَصَلَ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ فَيَصِحُّ عَقْدُهُ بِغِيبَتِهِ. وَإِنْ قَدَّرَهُ لَهُ فَبَاعَ الثَّانِي الثَّمَنَ فِي غَيْبَةِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ حُصُولُ رَأْيِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى: أَوَّلًا - لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَحَدًا بِقَبْضِهِ لَمْ يَكُنْ أَمِينَهُ بِدُونِ إذْنٍ، فَإِذَا أَعْطَى الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِهَذَا الْوَكِيلِ الثَّانِي يَنْظُرُ: فَإِذَا وَصَلَ الدَّيْنُ الْمَقْبُوضُ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بَرِيءَ الْمَدِينُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الثَّانِي كَانَ لِلْغَرِيمِ تَضْمِينُهُ. وَلِلثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ (الْبَحْرُ، التَّكْمِلَةُ) ثَانِيًا - لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الثَّانِي ذَلِكَ كَانَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ. حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي (اشْتَرِ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ) وَاشْتَرَاهُ الْآخَرُ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. لِكَوْنِهِ شِرَاءً فُضُولِيًّا وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ (الْبَحْرُ) [ (الْمَادَّةُ 1467) إذَا شُرِطَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْوَكَالَةِ وَأَوْفَاهَا الْوَكِيلُ] الْمَادَّةُ (1467) - (إذَا شُرِطَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْوَكَالَةِ وَأَوْفَاهَا الْوَكِيلُ اسْتَحَقَّ

الفصل الثاني في بيان الوكالة بالشراء

الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْأُجْرَةِ) يَسْتَحِقُّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّى. وَفِي الْفَاسِدَةِ أَجْرَ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (562) . يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - لَوْ وَكَّلَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مَعْلُومُونَ وَكِيلًا لِأَجْلِ تَسْوِيَةِ أُمُورِ قَرْيَتِهِمْ وَمَصَالِحِهَا فِي مُقَابِلِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ مَعْلُومَيْ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَقَامَ الْوَكِيلُ بِتَسْوِيَةِ الْمَصَالِحِ الْمَذْكُورَةِ؛ أَخَذَ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّى مِنْ الْأَهَالِي (التَّنْقِيحُ) ثَانِيًا - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِقَبْضِ وَدِيعَتِهِ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ وَشَرَطَ فِي مُقَابِلِهَا أُجْرَةً جَازَ، وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ. ثَالِثًا - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْمُحَاكَمَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ مَعَ آخَرَ وَبَيَّنَ وَوَقَّتَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِلْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى أُجْرَةٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. أَمَّا إذَا بَقِيَتْ مُدَّةُ الْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ مَجْهُولَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (452) . رَابِعًا - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَشَرَطَ لَهُ أُجْرَةً وَذَكَرَ وَقْتًا مُعَيَّنًا أَيْضًا جَازَ، وَاسْتَحَقَّ الْوَكِيلُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْوَكَالَةِ أُجْرَةً وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً. أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَلَوْ لَمْ تُشْتَرَطْ لَهُ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (563) . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ] إنَّ الْوَكَالَةَ مَعَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي خُصُوصَاتٍ كَالْإِيجَارَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ، وَالْإِعَارَةِ، وَالِاسْتِعَارَةِ، وَالرَّهْنِ وَالْقَرْضِ، فَلَمْ تُبَيِّنْ الْمَجَلَّةُ بَلْ بَيَّنَتْ الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْخُصُومَةِ فَقَطْ لِكَثْرَةِ احْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ وَضَّحْنَا الْآخَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) . الْمَادَّةُ (1468) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا عِلْمًا يُمْكِنُ مَعَهُ إيفَاءُ الْوَكَالَةِ عَلَى مُوجِبِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1459) وَذَلِكَ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْمُوَكِّلُ جِنْسَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِجِنْسِهِ أَنْوَاعٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا يَكْفِي بَيَانُ

الْجِنْسِ فَقَطْ. بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ أَيْضًا نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ أَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ كَانَتْ لَهُ أَنْوَاعٌ مُتَفَاوِتَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ تَوْكِيلًا عَامًّا. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي فَرَسًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَهُ لِشِرَاءِ قُمَاشٍ لِلُّبْسِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ بِأَنْ يَقُولَ: حَرِيرٌ أَوْ قُمَاشُ قُطْنٍ وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ، أَوْ ثَمَنَهُ، بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْهُ بِكَذَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً، أَوْ قُمَاشًا، أَوْ حَرِيرًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشًا لِلُّبْسِ أَوْ حَرِيرًا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ. فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِك أَنْتَ الْوَكَالَةُ عَامَّةٌ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ) . الْجَهَالَةُ فِي الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. يَعْنِي فِي الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ بِهِ يَعْنِي فِي الثَّمَنِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ: يَعْنِي جَهَالَةَ الْجِنْسِ. النَّوْعُ الثَّانِي - الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ يَعْنِي جَهَالَةَ النَّوْعِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ - الْجَهَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ يَعْنِي الْجَهَالَةَ الَّتِي بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ. وَالْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَأْتِي: الْوَكَالَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، أَوْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا أَيْ بِالشَّخْصِ كَأَنْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ أَوْ يَكُونُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الشَّاةِ؛ وَالْبَقَرِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَالْفَرَسِ وَالْوَكَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ وَجَهَالَةُ النَّوْعِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَمَّا كَانَ اسْتِعَانَةً وَلَمَّا كَانَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ فَبِمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى التَّوَسُّعَةِ حَرَجٌ فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي هَذَا الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ جُعِلَ تَوْسِعَةً ضِيقٌ وَحَرِجٌ بَاطِلٌ أَيْضًا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيَّا. وَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ. كَالتَّوْكِيلِ فِي اشْتِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ. وَكَمَا أَنَّهُ يُقْصَدُ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَالِيَّةُ فَيُقْصَدُ فِي الدَّابَّةِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَافِقًا لِلسِّنِّ وَالرُّكُوبِ وَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمُرَافِقِ فَلَيْسَتْ الْوَكَالَةُ جَائِزَةً مَعَ جَهَالَةِ الْجِنْسِ. وَيَكُونُ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً، فَإِذَا ثَمَّنَ الْمَبِيعَ أَوْ وَصَفَهُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ النَّوْعَ قَدْ عُلِمَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ. وَسَوَاءٌ خَصَّصَ نَوْعًا لِذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ لَمْ يُخَصِّصْ. وَيَنْصَرِفُ هَذَا النَّوْعُ إلَى مَا

يُنَاسِبُ حَالَ الْمُوَكِّلِ. كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ قَصْرٍ أَوْ لُؤْلُؤٍ. وَعَلَيْهِ لَوْ بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ الْقَصْرِ الَّذِي سَيَشْتَرِي؛ أَوْ نَوْعَهُ، أَوْ صِفَتَهُ، كَانَتْ هَذِهِ الْجَهَالَةُ مُلْحَقَةً بِجَهَالَةِ النَّوْعِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً. لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ؛ أَوْ الصِّفَةَ مَعَ كَوْنِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً كَانَتْ هَذِهِ الْجَهَالَةُ مُلْحَقَةً بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، فَكَانَ جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ، أَوْ الصِّفَةِ وَالْجِنْسِ الْمُخْتَلَفِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدَهُمَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . يَلْزَم أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا بِحَيْثُ يَكُونُ إيفَاءُ الْوَكَالَةِ قَابِلًا عَلَى حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ مَادَّةِ (1459) . لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْدَعَ بِأُمُورِ مُوَكِّلِهِ وَيَقُومَ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: الْمُوَكَّلُ بِهِ احْتِرَازٌ عَنْ الثَّمَنِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. اسْتِيفَاءٌ - لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِ وَنَوْعِ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَسَائِرِ الشَّرِكَاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (54) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا هُوَ اكْتِسَابُ الْمَالِيَّةِ. أَمَّا الْأَجْنَاسُ وَالْأَنْوَاعُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الِاعْتِبَارِ الْمَالِيِّ (التَّكْمِلَةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَبْلَغَ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً وَاشْتَرِ بِهِ شَيْئًا صَحَّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْوَكِيلِ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إذَا بَيَّنَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجِنْسَ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قُمَاشًا أَوْ دَابَّةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْقُمَاشَ جَامِعٌ لِأَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالْجُوخِ، وَالْقَازْمِيرِ (وَهُوَ جُوخٌ رَقِيقٌ سُمِّيَ بِاسْمِ صَانِعِهِ) وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى الدَّابَّةِ لُغَةً: يَشْمَلُ كُلَّ حَيَوَانٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَعُرْفًا: الْفَرَسُ وَالْبَغْلُ، وَالْحِمَارُ وَيَعُودُ مَا يَشْتَرِيه الْوَكِيلُ بِهَذَا التَّوْكِيلِ إلَى نَفْسِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُوَ الْجِنْسُ الْفِقْهِيُّ وَلَيْسَ الْجِنْسَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ وَذَلِكَ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (740) (التَّكْمِلَةُ، وَالْبَحْرُ) وَإِذَا كَانَ تَحْتَ الْجِنْسِ أَنْوَاعٌ مُتَغَايِرَةٌ، فَلَا يَكْفِي بَيَانُ الْجِنْسِ وَيَلْزَمُ بَيَانُ نَوْعِهِ أَوْ ثَمَنِهِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَ مَا يَشْتَرِي وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ أَوْ بَيَّنَ جِنْسَهُ وَكَانَ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مُتَغَايِرَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِسَبَبِ الْجَهَالَةِ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ، وَيَتَفَرَّعُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهَا مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ، وَإِذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَا يَشْتَرِيه الْوَكِيلُ لِلْوَكِيلِ نَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1470) وَشَرْحَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُك بِشِرَاءِ مِلْكٍ لِي بِنُقُودِي، وَعَلَى ذَلِكَ اشْتَرَى الْوَكِيلُ أَرْضًا لِمُوَكِّلِهِ وَجَعَلَ حُجَّةَ الشِّرَاءِ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَكَانَتْ الْأَرْضُ لِلْوَكِيلِ.

الْأَنْقِرْوِيُّ، التَّكْمِلَةُ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَالَةً عَامَّةً كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ صَحَّ حِينَئِذٍ، وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا. مِثَالٌ لِلْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ: قَدْ ذُكِرَتْ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ فِقْرَةً، لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثِيَابٍ إلَخْ. وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ أَيْضًا بِصُورَةٍ أُخْرَى مُبَيَّنَةٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِيهَا لِمُوَكِّلِهِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً عَامَّةٌ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ فَرَسًا نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي أَفْرَاسًا أَوْ بِغَالًا أَوْ بَقَرًا وَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهَا، أَوْ وَصْفَهَا، أَوْ كَوْنَهَا ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا، وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلَ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا مِثَالٌ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قُمَاشَ ثِيَابٍ، يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ، يَعْنِي قُمَاشَ حَرِيرٍ، أَوْ قُمَاشَ قُطْنٍ مَعَ بَيَانِ نَوْعِهِ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ إذَا كَانَ لِجِنْسِهِ أَنْوَاعٌ مُغَايِرَةٌ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَوْ ثَمَنَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَكُونَ خَاصَّةً بِكَذَا دَرَاهِمَ. وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً بَدَلًا مِنْ اشْتَرِ لِي فَرَسًا وَاشْتَرِ لِي قُمَاشًا بَدَلًا مِنْ ثِيَابًا، فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ: حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْجِنْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءَ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي اللُّغَةِ، هِيَ كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، تَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَالطَّاهِرَ وَنَجِسَ الْعَيْنِ وَنَجِسَ السُّؤْرِ وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْعُرْفِ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَقْصِدُ الْمُتَعَارَفَ عِنْدَهُ، فَالْمَدَنِيُّ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك بِشِرَاءِ دَابَّةٍ لَا يَقْصِدُ مِنْهَا إلَّا الْحِمَارَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ يُرِيدُونَ بِالْحَيَوَانِ الْحِمَارِ وَلَا يَعْرِفُونَ لِلْحَيَوَانِ مَعْنًى سِوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَرِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهُ أَوْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَهَذَا أَيْضًا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْقُمَاشُ سَوَاءٌ ذُكِرَ مُفْرَدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَمْ ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَقِيلَ أَقْمِشَةٌ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ أَيْضًا عَلَى الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقُمَاشَ يُطْلَقُ عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَبِمَا أَنَّهُ تُوجَدُ أَجْنَاسٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَقْمِشَةِ مُتَّحِدَةٌ فِي الثَّمَنِ فَلَا تَزُولُ جَهَالَةُ الْجِنْسِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ مُوَكِّلِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثَوْبٍ، أَوْ حَرِيرٍ؛ أَوْ دَابَّةً مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ، فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِك كَانَتْ وَكَالَةً عَامَّةً وَيُمَكَّنُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الثِّيَابَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ يَصِحُّ التَّفْوِيضُ إلَى الْوَكِيلِ بِخِلَافِ ثَوْبٍ أَوْ

(المادة 1469) يختلف الجنس باختلاف الأصل أو المقصد أو الصفة

أَثْوَابٍ لَا يَظْهَرُ الْعُمُومُ فِيهَا فَيَصِيرُ شَائِعًا فِي جِنْسِهِ مُتَفَاحِشَ الْجَهَالَةِ فَلَا يَصِحُّ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ عَشْرَةَ ذَهَبَاتٍ وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَا مَا تَرَاهُ وَتَخْتَارُهُ، كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ يَكُونُ مَعْلُومًا بِاخْتِيَارِ الْوَكِيلِ. (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . الْقِسْمُ الثَّانِي - يَعْنِي أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَعْقُودِ بِهِ وَفِي الثَّمَنِ لَيْسَتْ مَانِعَةً لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِبَيْعِ مَالِهِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَرَادَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْقُودِ بِهِ اكْتِسَابُ الْمَالِيَّةِ. وَجَمِيعُ الْأَجْنَاسِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1469) يَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصِدِ أَوْ الصِّفَةِ] الْمَادَّةُ (1469) - (يَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصِدِ أَوْ الصِّفَةِ. مَثَلًا بَزُّ الْقُطْنِ وَبَزُّ الْكَتَّانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا. وَصُوفُ الشَّاةِ وَجِلْدُهَا مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ بِحَسْب اخْتِلَافِ الْمَقْصِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْجِلْدِ أَعْمَالُ الْجِرَابِ، وَمِنْ الصُّوفِ أَعْمَالُ الْخُصُوصَاتِ الْمُغَايِرَةِ لِذَلِكَ. كَنَسِيجِ الْخُيُوطِ. وَالْأَبْسِطَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَجُوخُ الْإِفْرِنْجِ مُخْتَلِفُ الْجِنْسِ مَعَ جُوخِ الرُّومِ بِحَسْب اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْمُولًا مِنْ الصُّوفِ) . يَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصِدِ أَوْ الصِّفَةِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهُمَا - بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ. مَثَلًا بَزُّ الْقُطْنِ وَبَزُّ الْكَتَّانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ أَصْلِهِمَا. وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ جِنْسًا بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ مَا يُصْنَعُ مِنْ الصُّوفِ وَيُصْنَعُ مِنْ شَعْرِ الْمَعْزِ؛ وَلَحْمُ الثَّوْرِ وَالْخَرُوفِ وَالْمَعْزِ، وَخَلُّ الدَّقَلِ (بِفَتْحَتَيْنِ أَرْدَأُ التَّمْرِ) وَخَلِّ الْعِنَبِ. وَكَذَلِكَ الْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ الْأَبْيَضُ (الْقَصْدِيرُ) وَالشُّبَهُ مُخْتَلِفَةُ الْجِنْسِ. ثَانِيهِمَا - بِاخْتِلَافِ الْمَقْصِدِ، وَصُوفُ الشَّاةِ مُخْتَلِفٌ عَنْ جِلْدِهَا جِنْسًا لِاخْتِلَافِ الْمَقْصِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْجِلْدِ أَعْمَالُ الْجِرَابِ وَمِنْ الصُّوفِ أَعْمَالُ الْخُصُوصَاتِ الْمُغَايِرَةُ لِذَلِكَ، كَصُنْعِ الْخُيُوطِ وَنَسْجِ الْبُسُطِ، كَذَلِكَ صُوفُ الْخَرُوفِ وَشَعْرُ الْمَعْزِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الصُّوفِ مُغَايِرَةٌ لِلْمَقْصِدِ مِنْ الشَّعْرِ. أَمَّا لَحْمُ الشَّاةِ وَلَبَنُهَا، وَلَحْمُ وَلَبَنُ الْعَنْزِ، فَمِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْمَقْصِدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثُهُمَا - بِاخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ، جُوخُ الْإِفْرِنْجِ مُخْتَلِفُ الْجِنْسِ مَعَ جُوخِ الرُّومِ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ

(المادة 1470) إذا خالف الوكيل في الجنس

الصَّنْعَةِ مَعَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْمُولًا مِنْ الصُّوفِ. كَذَلِكَ تُعَدُّ الْأَوَانِي مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَلَوْ صُنِعَتْ مِنْ جِنْسِ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1136) وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ جُوخًا فَيَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ أَيِّ جُوخٍ هَلْ مِنْ جُوخِ الْإِفْرِنْجِ أَوْ مِنْ جُوخِ الرُّومِ. [ (الْمَادَّةُ 1470) إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي الْجِنْسِ] الْمَادَّةُ (1470) - (إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي الْجِنْسِ، يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ. وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ غَيْرِهِ، لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ فَائِدَةُ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَزْيَدَ يَعْنِي يَبْقَى الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ لَهُ وَلَا يَكُونُ مُشْتَرًى لِلْمُوَكِّلِ) الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الْمُخَالِفَةُ فِي الْجِنْسِ، وَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ. الضَّابِطُ الثَّانِي - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شِرَاءُ الْوَكِيلِ نَافِذًا عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ لَا يَكُونُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَجَازَ بَعْدَ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْعُقُودَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1453) وَلَيْسَ الْعُقُودَ النَّافِذَةَ. مَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ صَبِيًّا لَا تَعُودُ إلَيْهِ حُقُوقُ الْعَقْدِ وَيَكُونُ الشِّرَاءُ حِينَئِذٍ مَوْقُوفًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1458) وَشَرْحَهَا. وَعَلَيْهِ إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مُوَكِّلَهُ فِي الْجِنْسِ. يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ مِنْ الْجِنْسِ الْفُلَانِيِّ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَتْ فَائِدَةُ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَزْيَدَ لَهُ كَمَا لَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، يَعْنِي يَبْقَى الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ عَيْنَهُ وَلَا يَكُونُ مُشْتَرًى لِلْمُوَكِّلِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لَحْمًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ شَحْمًا، أَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ أَلْيَةً فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ شَحْمًا، فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، كَذَلِكَ بِالْعَكْسِ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي شَحْمًا فَاشْتَرَى لَهُ أَلْيَةً. فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . مُخَالَفَةُ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ: وَمَعَ أَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ هَذِهِ غَيْرُ نَافِذٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي أَيِّ وَقْتٍ فَهُوَ نَافِذٌ عَلَى الْوَكِيلِ، فَبَيْعُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَافِذٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَجَازَ الْمُوَكِّلُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (378) يَنْفُذُ وَإِلَّا فَلَا. وَيَبْقَى الْمَبِيعُ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ كَمَا كَانَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . كَذَلِكَ سَيُوَضَّحُ هَذَا الضَّابِطُ فِي تَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1495) . [ (الْمَادَّةُ 1471) لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ لِي كَبْشًا وَاشْتَرَى الْوَكِيل نَعْجَةً] الْمَادَّةُ (1471) - (لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي كَبْشًا وَاشْتَرَى الْوَكِيل نَعْجَةً لَا

(المادة 1472) لو قال للوكيل اشتر لي العرصة الفلانية وقد أنشئ على العرصة بناء

يَكُونُ الشِّرَاءُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ: وَتَكُونُ النَّعْجَةُ لِلْوَكِيلِ) . لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي كَبْشًا وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ نَعْجَةً لَا يَكُونُ الشِّرَاءُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ أَجَازَ وَتَكُونُ النَّعْجَةُ لِلْوَكِيلِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ؛ اشْتَرِ لِي عَنَاقًا فَاشْتَرَى لَهُ جَدْيًا فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بَغْلًا ذَكَرًا فَاشْتَرَى لَهُ بَغْلَةً أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَنْفُذُ. لَكِنْ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ بَغْلًا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بَغْلًا أَوْ بَغْلَةً (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْحَمَلَ. فَاشْتَرَاهُ لَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَنْ صَارَ خَرُوفًا فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (65) الْفَرْعُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ لَحْمًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ لَحْمَ شَاةٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ كَانَ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. (وَلَمَّا كَانَ لَحْمُ الْإِبِلِ فِي بِلَادِنَا غَيْرَ مُتَعَارَفٍ، فَإِذَا اشْتَرَى لَحْمَ إبِلٍ كَانَ لَهُ كَمَا هُوَ الْآتِي) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ الشَّاةَ الْمَسْلُوخَةَ كَانَ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. مَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ سَمَّى ثَمَنًا قَلِيلًا وَهَذَا الشِّرَاءُ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَرِيبًا وَعَلَى سَفَرٍ فَيَنْصَرِفُ التَّوْكِيلُ إلَى الْمَطْبُوخِ وَالْمُسْتَوِي لَا إلَى الْقَدِيدِ وَلَحْمِ الطُّيُورِ وَالْوُحُوشِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ أَوْ الْمَذْبُوحَةِ غَيْرِ الْمَسْلُوخَةِ (الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1472) لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ اشْتَرِ لِي الْعَرْصَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَقَدْ أُنْشِئَ عَلَى الْعَرْصَةِ بِنَاءٌ] الْمَادَّةُ (1472) - (لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: اشْتَرِ لِي الْعَرْصَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَقَدْ أُنْشِئَ عَلَى الْعَرْصَةِ بِنَاءٌ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ وَأُضِيفَ إلَيْهَا حَائِطٌ أَوْ صُبِغَتْ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِالْوَكَالَةِ عَلَى هَذَا الْحَالِ) . ضَابِطٌ: إذَا تَغَيَّرَ أَوْ تَبَدَّلَ الْمُوَكَّلُ بِهِ بِصُورَةٍ مُوجِبَةٍ لِتَبَدُّلِ اسْمِهِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) عِدَّةُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: لِلْوَكِيلِ اشْتَرِ لِي الْعَرْصَةَ الْفُلَانِيَّةَ وَأُنْشِئَ عَلَى الْعَرْصَةِ أَبْنِيَةٌ. فَلَا يُمْكِنُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهَا حِينَ التَّوْكِيلِ كَانَتْ عَرْصَةً فَصَارَتْ بَعْدَهُ دَارًا وَتَبَدَّلَ اسْمُهَا. فَإِنْ اشْتَرَاهَا فَلَا تَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَبْقَى لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1453 و 1470) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: (اشْتَرِ لِي هَذِهِ الْأَرْضَ) وَبَعْدَ أَنْ غُرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ أَشْجَارٌ وَأَصْبَحَتْ فِي حَالِ بُسْتَانٍ وَكَرْمٍ. فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَخْذُهَا بِالْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: بِعْ طليع النَّخْلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ اشْتَرِهِ فَصَارَ الطَّلِيعُ قَبْلَ

(المادة 1473) لو قال الموكل اشتر لي لبنا ولم يصرح بكونه أي لبن

الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بُسْرًا، أَوْ رُطَبًا، أَوْ تَمْرًا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ قَدْ تَغَيَّرَ. فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ الْبُسْرِ فَرَطُبَ بَعْضُ الْبُسْرِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي حَقِّ الرُّطَبِ وَتَبْقَى الْوَكَالَةُ فِي حَقِّ الْبُسْرِ -؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبُسْرُ الرَّطْبُ قَلِيلًا كَاثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ تَبْقَى الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً فِي الْكُلِّ. كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى الرُّطَبِ وَتَحَوَّلَ الرُّطَبُ إلَى تَمْرٍ تَبْقَى الْوَكَالَةُ اسْتِحْسَانًا. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: اشْتَرِ الْعِنَبَ الْفُلَانِيَّ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ ذَلِكَ الْعِنَبِ بَعْدَ أَنْ يُصْبِحَ زَبِيبًا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ فَشُيِّدَتْ تِلْكَ الدَّارُ أَوْ أُضِيفَ إلَيْهَا حَائِطٌ أَوْ صُبِغَتْ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِالْوَكَالَةِ عَلَى هَذَا الْحَالِ. [ (الْمَادَّةُ 1473) لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ لِي لَبَنًا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ أَيَّ لَبَنٍ] الْمَادَّةُ (1473) - (لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي لَبَنًا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ أَيَّ لَبَنٍ يُحْمَلُ عَلَى اللَّبَنِ الْمَعْرُوفِ فِي الْبَلْدَةِ) . لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ، اشْتَرِ لَبَنًا، أَوْ سَمْنًا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهِ أَيَّ لَبَنٍ أَوْ أَيَّ سَمْنٍ يُحْمَلُ عَلَى اللَّبَنِ أَوْ السَّمْنِ الْمَعْرُوفِ فِي الْبَلَدِ يَعْنِي إذَا كَانَ لَبَنُ الشِّيَاهِ أَوْ سَمْنُهَا مَعْرُوفًا فِي الْبَلَدِ صُرِفَ إلَيْهِ وَاذَا كَانَ لَبَنُ الْبَقَرِ أَوْ سَمْنُهَا مَعْرُوفًا صُرِفَ إلَيْهِ. وَوَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْمَعْرُوفِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اشْتَرَى الَّذِي وُكِّلَ بِشِرَاءِ اللَّبَنِ فِي إسْتَانْبُولْ لَبَنَ أَتَانٍ فَلَا يَنْفَعُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَمَّا إذَا كَانَ لَبَنُ الشِّيَاهِ وَلَبَنُ الْبَقَرِ مَعْرُوفَيْنِ مَعًا فَأَيُّهُمَا جَازَ وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ لِلْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ، اشْتَرِ لِي فَاكِهَةً وَلَمْ يُصَرِّحْ بِكَوْنِهَا أَيَّ نَوْعٍ. تُحْمَلُ عَلَى الْفَاكِهَةِ الَّتِي تُبَاعُ فِي السُّوقِ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ؛ اشْتَرِ لِي بَيْضًا فَإِنَّمَا لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِيضَ دَجَاجٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1474) لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ أُرْزًا] الْمَادَّةُ (1474) - (لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ أُرْزًا فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الْأُرْزِ الَّذِي يُبَاعُ فِي السُّوقِ أَيَّ نَوْعٍ كَانَ) . أَمَّا لَوْ عَيَّنَ نَوْعًا مِنْ الْأُرْزِ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ غَيْرَهُ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. [ (الْمَادَّةُ 1475) لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا] الْمَادَّةُ (1475) - (لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا. يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَهَا وَالْحَيَّ الَّتِي هِيَ فِيهِ. وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ)

(المادة 1476) لو وكل أحد آخر أن يشتري لؤلؤة أو ياقوتة حمراء

لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ دَارٍ لَهُ. يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ ثَمَنَهَا وَالْحَيَّ الَّتِي هِيَ فِيهِ فَإِنْ فَعَلَ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ قَدْ خُصِّصَ بِالدَّارِ. يَعْنِي إذَا كَانَ فِي الْإِمْكَانِ شِرَاءُ نَوْعٍ وَاحِدٍ فَقَطْ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَمْ لَمْ يُخَصِّصْ، أَيْ إذَا كَانَ فِي الْإِمْكَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ الثَّمَنِ أَنْوَاعًا مِنْ الدُّورِ. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي فِي الْحَيِّ الْفُلَانِيِّ دَارًا بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ دَارًا بِثَمَانِيَةِ آلَافٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّارِ أَلْفَ دِرْهَمٍ نَفَذَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَفِي حَقِّ الْوَكِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7941) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْحَيَّ وَالثَّمَنَ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْهِدَايَةِ وَيَبْقَى الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1468) وَشَرْحَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الدَّارُ تَخْتَلِفُ اخْتِلَافًا فَاحِشًا بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْجِيرَانِ وَالْمَرَافِقِ وَالْبُلْدَانِ وَيُوجَدُ فِي كُلِّ حَيٍّ دَارٌ بِهَذَا الثَّمَنِ وَمَا لَمْ تُبَيَّنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَعَذَّرَ عَلَى الْوَكِيلِ امْتِثَالُ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ. وَالدَّارُ أَيْضًا مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَرَافِقِ وَكَثْرَتِهَا فَإِنْ بَيَّنَ الثَّمَنَ يَلْحَقُ بِجَهَالَةِ النَّوْعِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ يَلْحَقُ بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ وَعَلَى تَقْرِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ خُذْ لِي دَارًا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. وَعِنْدَ الْفَرِيقِ الْآخَرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَكَالَةَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَحَلَّةَ الدَّارِ وَيَتَعَيَّنُ الْبَلَدُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ أَلَا تَرَيْ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الْهِدَايَةِ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ دَارٍ بِبَلَخٍ فَاشْتَرَى خَارِجَهَا، إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الرُّسْتَاقِ جَازَ (الْبَحْرُ) [ (الْمَادَّةُ 1476) لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لُؤْلُؤَةً أَوْ يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ] الْمَادَّةُ (1476) - (لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لُؤْلُؤَةً أَوْ يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ ثَمَنِهَا وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ) ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ لُؤْلُؤَتَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهَا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَتَكُونُ اللُّؤْلُؤَةُ الَّتِي يَشْتَرِيهَا الْوَكِيلُ لَهُ نَفْسِهِ (الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 1477) يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ أَوْ ثَمَنِهِ] الْمَادَّةُ (1477) - (يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ أَوْ ثَمَنِهِ مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ كَيْلِهَا أَوْ ثَمَنَهَا بِقَوْلِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ) . يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ أَوْ ثَمَنِهِ، أَيْ بَيَانُ أَحَدِهِمَا، فَإِذَا بَيَّنَ الْمِقْدَارَ فَقَطْ

تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ حِنْطَةً يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ كَيْلِهَا أَوْ ثَمَنِهَا بِقَوْلِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. فَإِنْ بَيَّنَ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَتَعَيَّنَ الْبَلَدُ الَّذِي يَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِيهِ وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ حِنْطَةً لَزِمَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمُوَكِّلُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَلَيْسَ التَّرْدِيدُ بِلَفْظِ (أَوْ) قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَعَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الْمِقْدَارَ وَالثَّمَنَ مَعًا بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً بِكَذَا دِرْهَمًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ أَيْضًا بِالْأَحْرَى وَيَكُونُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. إلَّا أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1479) وَإِذَا بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ فِيمَا تَنْقَسِمُ فِيهِ أَجْزَاءُ الْمُثَمَّنِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الْمِقْدَارِ وَالثَّمَنِ مَعًا: مَثَلًا إذَا قَالَ: اشْتَرِ عَشْرَ أُوقِيَّاتٍ مِنْ اللَّحْمِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ عَشْرَ أُوقِيَّاتِ وَنِصْفًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا كَانَ جَمِيعُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَمَّا كَانَتْ يَسِيرَةً تَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنَيْنِ فَلَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُ الزِّيَادَةِ. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ كَعِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ اللَّحْمِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا بِاعْتِبَارِ كُلِّ أُوقِيَّةٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ يَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ نِصْفُ الثَّمَنِ يَعْنِي يَصِحُّ فِي حَقِّهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْوَكِيلِ. خِلَافًا لَهُمَا فَعِنْدَهُمَا تَلْزَمُهُ الْعِشْرُونَ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَأْمُورَ بِهِ وَزَادَ خَيْرًا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ كَمَا أَمْرَ بِاشْتِرَاءِ هَذَا الْمِقْدَارِ كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَقَطْ. أَمَّا الزِّيَادَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِشِرَائِهَا تَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ. قِيلَ: كُلُّ أُوقِيَّةٍ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عِشْرِينَ أُوقِيَّةً مِنْ اللَّحْمِ الَّتِي تُبَاعُ الْأُوقِيَّةُ مِنْهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ فَلَا يُنْفِذُ مِقْدَارًا مِنْهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ كَانَ جَمِيعُهُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ لَمَّا كَانَ يَتَنَاوَلُ اللَّحْمَ السَّمِينَ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ الْمَهْزُولِ قَدْ خَالَفَ أَمْرَهُ إلَى شَرٍّ وَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُوَكِّلِ. وَيَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِشِرَاءِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ الَّتِي تَنْقَسِمُ فِيهَا أَجْزَاءُ الثَّمَنِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُثَمَّنِ وَلَا يَجْرِي فِي الْقِيَمِيَّاتِ. فَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ ثَوْبًا مِنْ الْحَرِيرِ الشَّامِيِّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْحَرِيرِ الشَّامِيِّ الَّذِي يُسَاوِي كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهُمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ مَعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَنْفُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلَّ ثَوْبٍ مَجْهُولٌ. وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالْجَزْرِ، أَيْ بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّخْمِينِ مَعَ أَنَّ الْمُرَجِّحَ مَفْقُودٌ، لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاشْتِرَاءِ ثَوْبٍ فَإِنْ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ، وَإِنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ أَيْضًا، فَإِنْ وَصَفَ لَهُ صِفَةً وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى لَهُ تِلْكَ الصِّفَةَ بِأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1478) لا يلزم بيان وصف الموكل به

وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُوَكِّلُ مِقْدَارَ الْمُوَكَّلِ بِهِ أَوْ ثَمَنَهُ بَلْ إنَّمَا قَالَ لَهُ: اشْتَرِ حِنْطَةً. فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَعَلَيْهِ تَعُودُ الْحِنْطَةُ الْمُشْتَرَاةُ إلَى الْمُوَكِّلِ. (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ) [ (الْمَادَّةُ 1478) لَا يَلْزَمُ بَيَانُ وَصْفِ الْمُوَكَّلِ بِهِ] الْمَادَّةُ (1478) - (لَا يَلْزَمُ بَيَانُ وَصْفِ الْمُوَكَّلِ بِهِ بِقَوْلِهِ مَثَلًا: أَعْلَى أَوْ أَدْنَى أَوْ أَوْسَطُ: وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلِ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّلِ مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ الْمُكَارِي أَحَدًا بِاشْتِرَاءِ دَابَّةٍ لَهُ. فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَرَسًا نَجْدِيًّا وَإِنْ اشْتَرَى لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. يَعْنِي لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْفَرَسُ مُشْتَرًى لِلْمُوَكِّلِ وَإِنَّمَا يَبْقَى لِلْوَكِيلِ) يَلْزَمُ اسْتِحْسَانًا بَيَانُ وَصْفِ الْمُوَكَّلِ بِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ يَعْنِي جَهَالَةُ الصِّفَةِ لَيْسَتْ مُفْسِدَةً لِلْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا كَانَتْ اسْتِعَانَةً وَمُبَيَّنَةً عَلَى التَّوْسِعَةِ وَفِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ بَعْضُ الْحَرَجِ فَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) (الْبَحْرُ) وَيَكُونُ وَصْفُ الْمُوَكَّلِ بِهِ مَعْلُومًا بِدَلَالَةِ حَالِ الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا أَيْ تَصِحُّ إذَا سَمَّى نَوْعَ الدَّابَّةِ بِأَنْ قَالَ حِمَارًا: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِشِرَاءِ الْحِمَارِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ صَارَ مَعْلُومًا بِالتَّسْمِيَةِ وَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْوَصْفِ فَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ. وَإِنْ كَانَتْ الْحَمِيرُ أَنْوَاعًا مِنْهَا لِلرُّكُوبِ وَمِنْهَا لِلْحَمْلِ فَإِنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ مَعْلُومًا حَالَ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَا يَلْزَمُ بَيَانُ الْوَصْفِ بِقَوْلِهِ: أَعْلَى، أَوْ أَوْسَطُ، أَوْ أَدْنَى، إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَصْفَ الْمُوَكَّلِ بِهِ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلِ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّل لِأَنَّ الْوَكَالَةَ مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ دَلَالَةً. وَإِذَا وُجِدَ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ نَصَّا أَوْ دَلَالَةً تَخْرُجُ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَتَجْرِي عَلَى التَّقْيِيدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ الْمُكَارِي أَحَدًا بِشِرَاءِ فَرَسٍ لَهُ. فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَرَسًا نَجْدِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا كَانَ مُكَارِيًا فَالْفَرَسُ النَّجْدِيُّ لَا يُوَافِقُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. يَعْنِي أَنَّ هَذَا الْفَرَسَ لَا يَكُونُ قَدْ اُشْتُرِيَ لِلْمُوَكِّلِ بَلْ يَبْقَى لِلْوَكِيلِ. وَكَذَا الْبَقَرُ كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ مَنْ يَحْمِلُ عَلَى الْحُمُرِ حِجَارَةً وَتُرَابًا لِلْأَبْنِيَةِ أَحَدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ حِمَارًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِمَارًا مِصْرِيًّا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا وَإِنْ اشْتَرَى فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْحِمَارُ لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1468) (الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) . حَتَّى قَالُوا: إنَّ الْقَاضِيَ إذَا أَمَرَ إنْسَانًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ حِمَارًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَرْكَبُ مِثْلُهُ، حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مَقْطُوعَ الذَّنَبِ أَوْ الْأُذُنَيْنِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) قَيَّدَ بِالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ لِلِاخْتِلَافِ فِي الشَّاةِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَفِي التَّجْرِيدِ جَعَلَهَا مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ فَقَالَ: الْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَمَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ فَهُوَ لِنَفْسِهِ (الْبَحْرُ)

(المادة 1479) إذا قيدت الوكالة بقيد

فَرْعٌ - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي فَرَسًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مُهْرًا أَوْ فَرَسًا أَعْرَجَ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. [ (الْمَادَّةُ 1479) إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ بِقَيْدٍ] الْمَادَّةُ (1479) - (إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ بِقَيْدٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَتُهُ، فَإِنْ خَالَفَ لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ، وَلَكِنْ إذَا خَالَفَ لِصُورَةِ فَائِدَتِهَا أَزِيدُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَلَا تُعَدُّ مُخَالَفَةً مَعْنًى، مَثَلًا لَوْ قَالَ: أَحَدٌ: اشْتَرِ لِي الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ بِعَشْرَةِ آلَافٍ وَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بِأَزْيَدَ فَلَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَبْقَى الدَّارُ لَهُ. وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا بِأَنْقَصَ يَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهَا لِلْمُوَكِّلِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ نَسِيئَةً وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ نَقْدًا يَبْقَى الْمَالُ لِلْوَكِيلِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ نَقْدًا وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ نَسِيئَةً: فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهُ لِلْمُوَكِّلِ) . إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفِي الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ إلَى شَرٍّ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ رَاجِعًا إلَى الثَّمَنِ أَمْ إلَى الْمُشْتَرَى وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ الَّتِي نَحْنُ فِي صَدَدِهَا فَرْعٌ مِنْ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَإِنْ خَالَفَ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي الْجِنْسِ فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ كَانَ أَفْيَدَ فِي حَقِّهِ وَيَبْقَى الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ هَذَا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِعَرَضٍ قِيمَتِهِ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ بِقِيمَةِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَالْإِمَامِ زُفَرَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا وَيَبْقَى مَالًا لِلْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذْ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ فِي الدَّرَاهِمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بِخِلَافِ الْعُلَمَاءِ الْآخَرِينَ فَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَمَرَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَاهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ قِيمَتُهَا مِثْلُ الدَّنَانِيرِ لَزِمَ الْمُوَكِّلُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ بِشِرَاءِ مَالٍ فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1459) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَجَّرَ بِدَنَانِيرَ الْوَكِيلُ بِالْإِيجَارِ بِدَرَاهِمَ فَلَا يَصِحُّ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا صَالَحَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبَا الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ.

سَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1559) التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ. لَكِنْ إذَا خَالَفَ إلَى مَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي الْقَدْرِ أَوْ الْوَصْفِ فَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ مُخَالَفَةً مَعْنًى أَمَّا إذَا لَمْ يُخَالِفْ إلَى مَا هُوَ أَفْيَدُ بَلْ إلَى مَا هُوَ مُضِرٌّ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَنْوَاعُ الْمُخَالَفَةِ السِّتَّةُ: الْخُلَاصَةُ - الْمُخَالَفَةُ،،،،، سِتَّةُ أَنْوَاعٍ: 1 - الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ فِي الْجِنْسِ 2 - الْمُخَالَفَةُ إلَى شَرٍّ فِي الْجِنْسِ هَذِهِ الْمُخَالَفَاتُ جَائِزَةٌ وَلَا يَنْفُذُ بِهَا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ 3 - الْمُخَالَفَةُ إلَى شَرٍّ فِي الْقَدْرِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. 4 - الْمُخَالَفَةُ إلَى شَرٍّ فِي الْوَصْفِ 5 - الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ فِي الْقَدْرِ وَهَاتَانِ الْمُخَالِفَتَانِ جَائِزَتَانِ،،،،!!!! وَيَنْفُذُ بِهِمَا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ. 6 - الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ فِي الْوَصْفِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَمْثِلَةٌ لِلصُّوَرِ السِّتِّ: مِثَالٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى. إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْمَالَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِثَمَانِينَ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. مِثَالٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الْمَالَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا فَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِعِشْرِينَ ذَهَبَةً فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. مِثَالٌ لِلصُّورَةِ الثَّالِثَةِ. لَوْ قَالَ: شَخْصٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ تِلْكَ الدَّارَ بِأَزْيَدَ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَلِيلَةً كَدِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَلَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَبْقَى تِلْكَ الدَّارُ لَهُ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ، إنِّي قَدْ أَمَرْتُك بِقَوْلِي. اشْتَرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْتَ اشْتَرَيْته بِعَشْرَةِ آلَافٍ وَقَالَ: الْوَكِيلُ: قَدْ أَمَرْت بِأَنْ أَشْتَرِيَ بِعَشْرَةِ آلَافٍ. فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْآمِرِ وَالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ فِيهِ يُسْتَفَادُ مِنْهُ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي الْمَأْمُورُ لِمُخَالِفَتِهِ. وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ لِكَثْرَتِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مِثَالٌ لِلصُّورَةِ الرَّابِعَةِ: لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِلَا خِيَارٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ الْمُشْتَرَى كَدَارٍ غَيْرِ مُعِينَةٍ وَفَرَسٍ وَلَحْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنَيْنِ، وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ذَلِكَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ تَكُنْ قِيمَةُ الْمُشْتَرَى تُسَاوِي الثَّمَنَ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ عَائِدًا لِلْوَكِيلِ. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي فِي الْحَيِّ الْفُلَانِيِّ دَارًا بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ الْحَيِّ دَارًا قِيمَتُهَا ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ.

وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي فَرَسًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَى لَهُ فَرَسًا قِيمَتُهُ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أُوقِيَّتَيْنِ لَحْمًا، فَاشْتَرَى بِسِعْرٍ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثَلَاثَ أُوقِيَّاتٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ اللَّحْمُ لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1477) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافٌ إلَى شَرٍّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَتَنَاوَلُ السَّمِينَ وَهَذَا مَهْزُولٌ فَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْأَمْرِ (الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) . مِثَالٌ لِلصُّورَةِ: أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. وَقَدْ عُيِّنَتْ الدَّارُ الَّتِي سَتُشْرَى (بِقَيْدِ الْفُلَانِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُعَيَّنْ كَقَوْلِك (اشْتَرِ لِي دَارًا فِي الْحَيِّ الْفُلَانِيِّ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ) وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ دَارًا فِي ذَلِكَ الْحَيِّ بِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ نَفَذَ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ تَكُونُ مِثَالًا لِلصُّورَةِ الرَّابِعَةِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ بِزِيَادَةِ) وَقَدْ مَرَّ تَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1477) . مِثَالٌ آخَرُ لِلصُّورَةِ الرَّابِعَةِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ، اشْتَرِ نَسِيئَةً فَاشْتَرَى نَقْدًا بَقِيَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ. مِثَالٌ لِلصُّورَةِ السَّادِسَةِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ، اشْتَرِ نَقْدًا فَأَخَذَ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي وَالْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَزُلْ الثَّمَنُ مِنْ مِلْكِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1456) . فُرُوعٌ: لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ مَالًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ مِنْ الْقِيَمِيَّات وَعَيَّنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ شَيْئَيْنِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَا يَنْفُذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ، اشْتَرِ لِي ثَوْبًا مِنْ الْحَرِيرِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ثَوْبَيْنِ كُلًّا مِنْهُمَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الِاثْنَانِ لِلْوَكِيلِ. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مِثْلِيًّا، أَيْ لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّل: اشْتَرِ لِي عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً مِنْ أَعْلَى جِنْسٍ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ، وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ عِشْرِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مِنْ أَعْلَى جِنْسٍ بِعَشْرَةِ رِيَالَاتٍ، كَانَتْ خَمْسُ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً لِلْمُوَكِّلِ بِخَمْسَةِ رِيَالَاتٍ وَالْبَاقِي لِلْمُوَكَّلِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقِيَمِيُّ مَالًا مُعَيَّنًا، أَيْ (لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي هَذَا الثَّوْبَ مِنْ الْحَرِيرِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ) فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ ثَوْبًا مَعَ ذَلِكَ الثَّوْبِ، أَيْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ الثَّوْبُ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1479) . .

(المادة 1480) إذا اشترى أحد نصف الشيء الذي وكل باشترائه

[ (الْمَادَّةُ 1480) إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ نِصْفَ الشَّيْءِ الَّذِي وُكِّلَ بِاشْتِرَائِهِ] الْمَادَّةُ (1480) - (إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ نِصْفَ الشَّيْءِ الَّذِي وُكِّلَ بِاشْتِرَائِهِ فَإِنْ كَانَ تَبْعِيضُ ذَلِكَ الشَّيْءِ مُضِرًّا لَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّل وَإِلَّا يَنْفُذَ. مَثَلًا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي طَاقَةَ قُمَاشٍ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ نِصْفَهَا لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ سِتَّ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَاشْتَرَى ثَلَاثًا يَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهَا لِلْمُوَكِّلِ) . إذَا وَكَّلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ أَكَانَ مُعَيِّنًا (كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) أَمْ غَيْرِ مُعَيِّنٍ لِعَدَمِ تَعْرِيفِهِ وَتَوْصِيفِهِ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَسَوَاءٌ أَسُمِّيَ ثَمَنٌ أَمْ لَا فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ. وَإِنْ اشْتَرَى نِصْفَهُ وَكَانَ فِي تَبْعِيضِ ذَلِكَ الشَّيْءِ ضَرَرٌ كَأَنْ كَانَ وَاحِدًا قِيَمِيًّا وَكَانَ التَّبْعِيضُ مَوْرُوثًا عَيْنِيًّا. يَتَوَقَّفُ شِرَاءُ النِّصْفِ هَذَا عَلَى شِرَاءِ النِّصْفِ الْآخَرِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ وَاشْتَرَى الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ النِّصْفَ بَعْدَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِيَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. لَكِنْ لَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ نِصْفَهُ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ. كَانَ هَذَا الشِّرَاءُ نَافِذًا عَلَى الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَإِنْ اسْتَحَقَّ النِّصْفَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُوَكِّلُ أَوَّلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْوَكِيلِ كَشِرَاءِ الْمُوَكِّلِ (الْخَانِيَّةُ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ كَانَ كُلُّهُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الشَّرِكَةِ بِمَا أَنَّهُ قَدْ زَالَ فِي هَذِهِ الْحَالِ النَّفَاذُ الْمَمْنُوعُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 24) وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِ الْوَكِيلُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي تَبْعِيضِ ذَلِكَ ضَرَرٌ كَأَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ يَكُونُ نَافِذًا عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ، وَالْمُطْلَقُ يَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُمْكِنُ لِلْوَكِيلِ أَخْذُهُ جُمْلَةً، وَهُوَ مُخَيَّرٌ عَلَى أَخْذِهِ مُتَفَرِّقًا وَيَكُونُ شِرَاءُ الْبَعْضِ أَحْيَانَا وَسِيلَةً لِلِامْتِثَالِ. فَلَوْ كَانَ مَوْزُونًا مُشْتَرَكًا بَيْنِ جَمَاعَةٍ. تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى شِرَائِهِ قِطْعَةً قِطْعَةً، (الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . أَمْثِلَةٌ لِمَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ: 1 - مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي طَاقَةَ قُمَاشٍ؛ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ نِصْفَهَا لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ فِي التَّبْعِيضِ ضَرَرًا لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عِدَّةَ مَقَاصِدَ كَعَمَلِ ثِيَابٍ مِنْ طَاقَةِ الْقُمَاشِ وَهَذَا لَا يَحْصُلُ مِنْ نِصْفِ طَاقَةٍ.

لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ اشْتَرَى الْوَكِيلُ نِصْفَ ذَلِكَ الْفَرَسِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ نِصْفَ الْفَرَسِ الْآخَرِ. كَانَ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي وَلَمَّا يَشْتَرِ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ بِنَاءً عَلَى ادِّعَاءِ الْمُوَكِّلِ بِبَقَاءِ ذَلِكَ النِّصْفِ عَلَى الْوَكِيلِ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ الْمَذْكُورَ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا. (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمْثِلَةٌ لِمَا لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ. 1 - أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرِ سِتَّ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً، أَوْ شَعِيرًا، وَاشْتَرَى وَكِيلُهُ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ؛ تَكُونُ قَدْ اُشْتُرِيَتْ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ شِرَاؤُهَا عَلَى شِرَاءِ الْبَاقِي قَبْلَ الْخُصُومَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 2 - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْئَيْنِ قَيِّمَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ، وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَئِذٍ أَحَدَهُمَا بِقِيمَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ يَصِحُّ وَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ شِرَائِهِمَا مُتَفَرِّقَيْنِ أَوْ مُجْتَمِعَيْنِ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَانَ مَالًا لِلْوَكِيلِ. إذْ لَيْسَ لِوَكِيلٍ الشِّرَاءُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إجْمَاعًا بِخِلَافِ وَكِيلِ الْبَيْعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْهِنْدِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْغَبْنُ الْيَسِيرُ، مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فَيُعْذَرُ فِيمَا يُشْتَبَهُ؛ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلَا يُعْذَرُ فِيمَا لَا يُشْتَبَهُ لِفُحْشِهِ وَلِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لَا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً إلَّا عَمْدًا وَقِيلَ حَدُّ الْفَاحِشِ مَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (165) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاشْتَرَى لَهُ نِصْفَ دَارٍ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَتَكُونُ قَدْ اُشْتُرِيَتْ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ لَمَّا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَصْلًا فَلَا يَضُرُّ بِهِ شِرَاءُ النِّصْفِ الْآخَرِ لَهُ. (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، الْهِنْدِيَّةُ) . 4 - لَوْ اشْتَرَى الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ نِصْفَ الدَّارِ الَّتِي وَكَّلَ آخَرَ بِشِرَائِهَا لَهُ، وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ بَعْدَئِذٍ النِّصْفَ الْآخَرَ حَسَبَ الْوَكَالَةِ يَنْفُذُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا اشْتَرَى النِّصْفَ أَوَّلًا فَقَدْ انْتَهَتْ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1526) . وَبَقِيَتْ وَكَالَتُهُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ. وَلَيْسَ مِنْ ضَرَرٍ بِشِرَاءِ هَذَا الْبَاقِي لِلْمُوَكِّلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . أَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ نِصْفَهَا وَاشْتَرَى الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ نِصْفَهَا الْآخَرَ فَمَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ. 5 - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْئَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُسَاوِيَةٌ لَقِيمَةِ الْآخَرِ وَسَمَّى لَهُمَا ثَمَنًا؛ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ وَاحِدًا مِنْ ذَيْنِك الشَّيْئَيْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا، كَانَ نَافِذًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ حِينَئِذٍ ثَمَنًا لِذَيْنِك الْمُتَسَاوِيَيْنِ قِيمَةً وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ دَلَالَةً عَلَى شَيْئَيْنِ وَبِمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ بِشِرَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَالشِّرَاءُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ مُوَافِقٌ لِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَشِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مُخَالَفَةٌ إلَى خَيْرٍ وَشِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ مُخَالَفَةٌ إلَى شَرٍّ، (الْبَحْرُ) .

(المادة 1481) قال الموكل اشتر لي جوخ جبة ولم يكن الجوخ الذي اشتراه الوكيل كافيا للجبة

وَعَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. مَا لَمْ يَشْتَرِ الْوَكِيلُ الشَّيْءَ الثَّانِي مِنْهُمَا أَيْضًا قَبْلَ الْخُصُومَةِ بِالثَّمَنِ الْبَاقِي. وَحِينَئِذٍ يَنْفُذُ الِاثْنَانِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَوَّلِ قَائِمٌ وَقَدْ حَصَلَ غَرَضُهُ الْمُصَرَّحُ بِهِ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْفَرَسَيْنِ وَمَا يَثْبُتُ الِانْقِسَامُ إلَّا دَلَالَةً وَالصَّرِيحُ بِقَوْلِهَا، (الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا اخْتَصَمَا وَفُسِخَ الْعَقْدُ فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا يُرْجِعُ الْجَوَازَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ فَرَسَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ قِيمَةً بِقَوْلِهِ: (اشْتَرِ لِي هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ) وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ إحْدَى تَيْنِكَ الْفَرَسَيْنِ فَقَطْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. مَا لَمْ يَشْتَرِ الْوَكِيلُ الْفَرَسَ الثَّانِيَ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ قَبْلَ الدَّعْوَى. وَيَكُونُ الْفَرَسَانِ حِينَئِذٍ لِلْمُوَكِّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 6 - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: (اشْتَرِ لِي هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ) وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا تُسَاوِي قِيمَتُهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالثَّانِيَةُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ أَغَلَا الْفَرَسَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا اشْتَرَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَا يَنْفُذُ مَا لَمْ يَشْتَرِ الْوَكِيلُ الْفَرَسَ الْآخَرَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَيَنْفُذُ حِينَئِذٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ هِيَ الْمَادَّةُ (1499) . [ (الْمَادَّةُ 1481) قَالَ الْمُوَكِّلُ اشْتَرِ لِي جُوخَ جُبَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْجُوخُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ كَافِيًا لِلْجُبَّةِ] الْمَادَّةُ (1481) - (إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي جُوخَ جُبَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْجُوخُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ كَافِيًا لِلْجُبَّةِ لَا يَكُونُ شِرَاؤُهُ نَافِذًا وَيَبْقَى الْجُوخُ لَهُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ قُمَاشًا لِقَمِيصٍ وَلَمْ يَكُنْ الْقُمَاشُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ كَافِيًا لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ الْوَاقِعُ فِي حَقِّ الْمُوَكَّلِ. مَا لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ يَسِيرًا (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ فُرُوعِ مَادَّتَيْ (الـ 1479 و 1456) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ هُنَا مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدِ وَشَرْطِ الْجُبَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1482) يَصِحُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّيْء بِغَبْنٍ يَسِيرٍ] الْمَادَّةُ (1482) - (كَمَا يَصِحُّ لِلْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِدُونِ بَيَانِ قِيمَتِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ كَذَلِكَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. وَلَكِنْ لَا يُعْفَى الْغَبْنُ الْيَسِيرُ أَيْضًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي سِعْرُهَا مُعَيَّنٌ كَاللَّحْمِ، وَالْخُبْزِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِكُلِّ حَالٍ وَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى ذِمَّتِهِ) . سَوَاءٌ أَكَانَ مُعَيَّنًا أَمْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَالْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِلْمُوَكِّلِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْمُخَالَفَةِ فِيهِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ فَكَانَتْ التُّهْمَةُ فِيهِ بَاقِيَةً، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) إذَا بَيَّنَ ثَمَنَهُ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1497)

وَكَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ (وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِنَقْدٍ مِثْلِ الْقِيمَةِ فَلَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ) فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الشِّرَاءَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ نَافِذٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. وَمَعَ أَنَّ الشِّرَاءَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْآتِي فَقَدْ جَازَ الشِّرَاءُ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَقَدْ جُعِلَ مَعْفُوًّا عَنْهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي تَصَرُّفِ أَبِ الصَّغِيرِ وَوَصِيِّهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (165) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَعْبِيرُ (قِيمَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ) الَّتِي فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَتْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ الَّذِي سَيُذْكَرُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ الْآتِيَةِ. وَلَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ، قَيَّدَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ كَمَا فِي الْحَمَوِيُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَا يُعْفَى الْغَبْنُ الْيَسِيرُ مَهْمَا كَانَ قَلِيلًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَكُونُ سِعْرُهَا وَقِيمَتُهَا مَعْرُوفَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ وَمُعَيَّنَيْنِ، (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) وَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، عَلَيْهِ يَكُونُ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي كُلِّ حَالٍ، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا وُكِّلَ بِهِ مُعَيَّنًا (كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) أَمْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السِّعْرُ وَالْقِيمَةُ مَعْلُومَيْنِ أَمْ لَا، وَيَبْقَى الْمَالُ لِلْوَكِيلِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَى ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذَا مُتَّهَمٌ بِكَوْنِهِ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُخِذَ فَكَّرَ بِتَرْكِهِ لِلْمُوَكِّلِ بِبَيَانِ كَوْنِهِ قَدْ اشْتَرَاهُ لَهُ، (الْبَحْرُ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَوْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ مُؤَخَّرًا بِالْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ وَقَبِلَ بِالْمُشْتَرَى فَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 1453) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1485) فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَكُونُ فِي حَالِ الشِّرَاءِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مُخَالِفًا فَتَكُونُ تُهْمَةُ اشْتِرَائِهِ لِنَفْسِهِ بَاقِيَةً (الْبَحْرُ) وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إذَا اشْتَرَاهُ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ التَّفَرُّغِ. وَعَلَيْهِ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بِعَقَارٍ لِوَقْفِ ذِي إجَارَتَيْنِ دُونَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ لَهُ بَدَلًا فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةٌ عَنْ بَدَلِ مِثْلِهِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ.

(المادة 1483) الاشتراء على الإطلاق يصرف للشراء بالنقود

وَإِذَا لَزِمَ الْعِلْمُ بِثَمَنِ مِثْلِ شَيْءٍ يُعْلَمُ بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْوُقُوفِ الْخَالِينَ عَنْ الْغَرَضِ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) [ (الْمَادَّةُ 1483) الِاشْتِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يُصْرَفُ لِلشِّرَاءِ بِالنُّقُودِ] الْمَادَّةُ (1483) - (الِاشْتِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ يُصْرَفُ لِلشِّرَاءِ بِالنُّقُودِ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ إذَا بَادَلَهُ بِشَيْءٍ مُقَايَضَةً لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ) . الِاشْتِرَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ دُونِ ذِكْرِ نُقُودٍ أَوْ غَيْرِهَا يُصْرَفُ لِلتَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنُّقُودِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ هُوَ هَذَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) وَفِي هَذَا الْحَالِ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ إذَا بَادَلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مُقَايَضَةً لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ مَالٍ بِغَيْرِ النُّقُودِ لَزِمَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ. فَلَوْ قَالَ: مَثَلًا: اشْتَرِ فَرَسَ فُلَانٍ بِبَغْلِك وَقَايَضَ الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْفَرَسِ بِبَغْلِهِ وَاشْتَرَاهُ كَانَ الْفَرَسُ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ إعْطَاءُ قِيمَةِ الْبَغْلِ لِوَكِيلِهِ (الولوالجية) . [ (الْمَادَّةُ 1484) إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَازِمٍ لِمَوْسِمٍ مُعَيَّنٍ] الْمَادَّةُ (1484) - (إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ لَازِمٍ لِمَوْسِمٍ مُعَيَّنٍ تُصْرَفُ الْوَكَالَةُ لِذَلِكَ الْمَوْسِمِ أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي مَوْسِمِ الرَّبِيعِ عَلَى اشْتِرَاءِ جُبَّةٍ شَالِيَّةٍ، يَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ لِاشْتِرَاءِ جُبَّةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي هَذَا الصَّيْفِ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ مُرُورِ مَوْسِمِ الصَّيْفِ أَوْ فِي رَبِيعِ السَّنَةِ الْآتِيَةِ لَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَبْقَى الْجُبَّةُ لِلْوَكِيلِ) . إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ لِشِرَاءِ شَيْءٍ لَازِمٍ لِمَوْسِمٍ مُعَيَّنٍ تُصْرَفُ الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ لِذَلِكَ الْمَوْسِمِ دَلَالَةً. وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مِنْ فُرُوعِ الْمَادَّتَيْنِ (1456 و 1479) مِثَالٌ أَوَّلٌ - مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي مَوْسِمِ الرَّبِيعِ عَلَى اشْتِرَاءِ جُبَّةٍ شَالِيَّةٍ يَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ لِاشْتِرَاءِ جُبَّةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي هَذَا الصَّيْفِ، وَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ مُرُورِ مَوْسِمِ الصَّيْفِ أَوْ فِي رَبِيعِ السَّنَةِ الْآتِيَةِ لَا يَنْفُذُ شِرَاؤُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَبْقَى الْجُبَّةُ لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1470) مِثَالٌ ثَانٍ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ فَحْمٍ لِلشِّتَاءِ فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ الْفَحْمِ لِهَذَا الشِّتَاءِ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ مُرُورِ الشِّتَاءِ أَوْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ الْفَحْمُ لِلْوَكِيلِ. مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي مَوْسِمِ الصَّيْفِ بِشِرَاءِ ثَلْجٍ يَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ ذَلِكَ الثَّلْجِ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي ذَلِكَ الصَّيْفِ وَلَوْ شَرَاهُ بَعْدَ أَنْ مَرَّ الصَّيْفُ أَوْ فِي صَيْفِ السَّنَةِ الْقَابِلَةِ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ)

(المادة 1485) ليس لمن وكل باشتراء شيء معين أن يشتري ذلك الشيء لنفسه

مِثَالٌ رَابِعٌ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي وَقْتٍ قَرِيبٍ مِنْ عِيدِ الْأَضْحَى بِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ فَيَكُونُ قَدْ وَكَّلَهُ بِشِرَائِهَا لِذَلِكَ الْعِيدِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَوْ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ بَعْدَ أَنْ مَرَّ الْعِيدُ أَوْ شَرَاهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ مِثَالٌ خَامِسٌ - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا. وَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا اشْتَرَاهَا فِي وَقْتِ الزِّرَاعَةِ يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْآمِرِ أَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَ مُرُورِ وَقْتِ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْآمِرِ. وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمَأْمُورِ. وَيَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ مِنْ النُّقُودِ لِآمِرِهِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1485) لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ] الْمَادَّةُ (1485) - (لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ وَإِنْ قَالَ: عِنْدَ اشْتِرَائِهِ اشْتَرَيْتُ هَذَا لِنَفْسِي بَلْ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ عَيَّنَ الثَّمَنَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ وَأَيْضًا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ لِنَفْسِي حَالٍ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ حَاضِرًا يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ) لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ بِتَفَرُّغِهِ سَوَاءٌ سُمِّيَ لِهَذَا الشَّيْءِ ثَمَنٌ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ أَعْطَى الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ الْآخَرَ الَّذِي قَدْ وَكَّلَهُ مُؤَخَّرًا مَعَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ حَاضِرٌ فِي أَثْنَاءِ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْوَكِيلُ مُوَكِّلُهُ بِكَيْفِيَّةِ عَزْلِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ قَالَ: عِنْدَ شِرَائِهِ اشْتَرَيْت هَذَا لِنَفْسِي بَلْ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ التَّعْيِينُ إمَّا بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ بِالْعَلَمِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ كَانَ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْمَالَ بِثَمَنٍ مُسَمًّى (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ وَلَا يُتَصَوَّرُ اشْتِرَاءُ وَتَفَرُّغُ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْلِ مُوَكَّلِهِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمَّا كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى كَوْنِهِ سَيَشْتَرِيهِ لَهُ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِالذَّاتِ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِتَغْرِيرِ الْمُوَكِّلِ. وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ شِرَاءُ الْوَكِيلِ إيَّاهُ لِنَفْسِهِ عَزْلٌ. وَتَمَامُ هَذَا الْعَزْلِ يَكُونُ بِاسْتِمَاعِ الْمُوَكِّلِ خَبَرَ ذَلِكَ الْعَزْلِ (الْبَحْرُ) . وَلِلْوَكِيلِ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الدَّلِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَيُبَلِّغُ اسْتِعْفَاءَهُ لِمُوَكِّلِهِ. سَوَاءٌ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِهَذَا الْعَزْلِ أَوْ لَمْ يَرْضَ. أَمَّا قَبْلَ أَنْ يُبَلِّغَ خَبَرَ الْعَزْلِ لِمُوَكِّلِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الْ 1524) . وَقَوْلُهُ (اشْتِرَاءٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ احْتِرَازًا عَنْ التَّفَرُّغِ وَالِاسْتِئْجَارِ فَهُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكَالَةِ وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: التَّفَرُّغُ - لَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِأَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُ بِعَقَارٍ لِوَقْفٍ مُعَيَّنٍ ذِي إجَارَتَيْنِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَتَفَرَّغَ الْوَكِيلُ

بِإِذْنٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ مِقْدَارُهُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَحَصَلَ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْزِعَ الْعَقَارَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَكِيلِ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيَبْطُلُ سَنَدُهُ وَيَحْصُلُ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ. وَمِثْلُ التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الِاسْتِئْجَارُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاسْتِئْجَارِ شَيْءٍ لَهُ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ لِنَفْسِهِ. الْوَكَالَةُ بِالتَّزْوِيجِ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً مَعْلُومَةً. فَلِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَزَوَّجُهَا هُوَ. وَالْفَرْقُ هُوَ: أَنَّ وَكِيلَ النِّكَاحِ يَنْعَزِلُ بِإِضَافَتِهِ الْعَقْدِ لِنَفْسِهِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُهُ الْوَكِيلُ: بِلَا احْتِرَازٍ عَنْ وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَذَلِكَ كَمَا يَلِي: لَوْ وُكِّلَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ آخَرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِلَا إذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِدُونِ حُضُورِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ لَمَّا خَالَفَ مُوَكِّلَهُ بِتَوْكِيلِهِ غَيْرَهُ انْعَزَلَ مِنْ الْوَكَالَةِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ حَضَرَ رَأْيَهُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا (الْبَحْرُ) . وَقَوْلُهُ (ذَلِكَ الشَّيْءَ) لِلِاحْتِرَازِ عَنْ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي يَشْتَرِي فِيهَا نِصْفَ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَدْ مَرَّتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1480) (التَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُهُ (لَا يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ مُوَكِّلٍ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِمُوَكِّلٍ آخَرَ بِالْأَوْلَى. وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ آخَرَ فِي غِيَابِ الْمُوَكِّلِ لِيَشْتَرِيَهُ لَهُ وَاشْتَرَاهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْمُوَكِّلِ الثَّانِي كَانَ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. أَمَّا لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْمُوَكِّل بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ لَهُ وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا غَيْرَ مَا سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ كَأَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ الثَّانِي: اشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مَعَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ الْأَوَّلَ قَدْ قَالَ: لَهُ: اشْتَرِهِ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَيَشْتَرِيه الْوَكِيلُ الثَّانِي لَهُ بِالْخَمْسِينَ رِيَالًا كَانَ الْمَالُ لِلْمُوَكِّلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِي كَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى شِرَائِهِ لِغَيْرِهِ، أَيْ لِلْمُوَكِّلِ الثَّانِي. وَإِلَّا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ لِغَيْرِهِ بِالْأَوْلَى (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ، وَهِيَ كَمَا يَلِي: لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ هَذَا الْفَرَسَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا مُشْتَرَكًا وَقَبِلَ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّفَهُ آخَرُ بِمِثْلِ هَذَا التَّكْلِيفِ وَقَالَ: نَعَمْ ثُمَّ قُبِلَ تَكْلِيفٌ كَهَذَا لِشَخْصٍ ثَالِثٍ وَاشْتَرَى الْفَرَسَ الْمَذْكُورَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ

قَوْلُهُ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ نَعَمْ لَمْ يَكُنْ فِي حُضُورِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَانَ الْفَرَسُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَالْمُوَكِّلِ الثَّانِي وَلَا نَصِيبَ لِلْمُوَكِّلِ الثَّالِثِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ قَبِلَ وَكَالَةَ الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الْفَرَسِ وَوَكَالَةَ الثَّانِي بِالنِّصْفِ الْبَاقِي وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْ دُونِ عِلْمِ الْآمِرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ الثَّالِثِ، فَإِذَا كَانَ قَوْلُهُ (نَعَمْ) فِي حُضُورِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي كَانَ ذَلِكَ الْفَرَسُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمُوَكِّلِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ وَكَالَةِ الثَّالِثِ فِي حُضُورِهِمَا يَتَضَمَّنُ رَدَّ وَكَالَتِهِمَا وَهَذَا إنَّمَا يَقْتَدِرُ عَلَيْهِ الْوَكِيلُ بِشَرْطِ عِلْمِهِمَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الشَّرِكَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ) يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لِلْوَكِيلِ فِي سِتِّ صُوَرٍ وَهِيَ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ، كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ قَلِيلَةً جِدًّا كَخَمْسِ بَارَاتٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1485) كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَحَطَّ وَنَزَّلَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ، كَانَ ذَلِكَ لَلْوَكِيلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ: (اشْتَرَيْت بِالثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنْته) وَقَالَ: الْوَكِيلُ (اشْتَرَيْته لِنَفْسِي بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ) كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ كَانَ لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1456 و 1479) وَشَرْحَهُمَا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِهِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَاشْتَرِهِ نَسِيئَةً، وَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ أَوْ اشْتَرَاهُ نَقْدًا كَانَ لَلْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1479) . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِشَيْءٍ غَيْرِ النُّقُودِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1483) الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ - وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ ثَمَنًا وَاشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَانَ الْمَالُ حِينَئِذٍ لِلْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمَّا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَقَدْ انْعَزَلَ مِنْ الْوَكَالَةِ عَزْلًا ضِمْنِيًّا. فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يُضِفْ وَكِيلُ الشِّرَاءِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ. مَثَلَا لَوْ قَالَ: الْبَائِعُ (بِعْت هَذَا الْمَالَ لِمُوَكِّلِك بِكَذَا) وَقَالَ الْوَكِيلُ أَيْضًا (اشْتَرَيْته لَهُ) كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) وَشَرْحَهَا. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ مَعَ زِيَادَةٍ وَالتَّكْمِلَةُ) .

(المادة 1486) قال أحد لآخر اشتر لي فرس فلان وسكت الوكيل وذهب واشترى ذلك الفرس

الصُّورَةُ السَّادِسَةُ - وَكَذَلِكَ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَأَعْلَمَ مُوَكِّلَهُ الْعَزْلَ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ هَذَا بِالْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ. أَمَّا الضِّمْنِيُّ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِمُخَالَفَةِ الْمُوَكِّلِ وَيَصِحُّ مُطْلَقًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلٌ لَوْ قَالَ: الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ لِنَفْسِي حَالَ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ: حَيْثُ إنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَوَصَلَ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا خَبَرُ الْعَزْلِ وَكَانَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ عَزْلِ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ بِالْوَكَالَةِ. كَذَلِكَ إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ وَأَوْصَلَ خَبَرَ الْعَزْلِ إلَى مُوَكِّلِهِ بِرِسَالَةٍ أَوْ بِإِرْسَالِ رَسُولٍ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلٍ وَاحِدٍ أَوْ بِإِخْبَارِ شَخْصَيْنِ وَلَوْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ. كَانَ شِرَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ لِنَفْسِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . سَتَرِدُ تَفْصِيلَاتٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لِمَنْ يَكُونُ الْمَالُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الْوَكِيلُ الْمُوَكَّلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَهَلْ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَمْ لِلْوَكِيلِ؟ [ (الْمَادَّةُ 1486) قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي فَرَسَ فُلَانٍ وَسَكَتَ الْوَكِيلُ وَذَهَبَ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْفَرَسَ] الْمَادَّةُ (1486) - (لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي فَرَسَ فُلَانٍ، وَسَكَتَ الْوَكِيلُ مِنْ دُونِ أَنْ يَقُولَ: لَا أَوْ نَعَمْ، وَذَهَبَ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْفَرَسَ، فَإِنْ قَالَ: عِنْدَ اشْتِرَائِهِ: اشْتَرَيْته لِمُوَكِّلِي يَكُونُ لِمُوَكِّلِهِ، وَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي يَكُونُ لَهُ، وَإِذَا قَالَ: اشْتَرَيْته: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِنَفْسِهِ. أَوْ مُوَكِّلِهِ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ لِمُوَكِّلِي: فَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ: هَذَا قَبْلَ تَلَفِ الْفَرَسِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ بِهِ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ قَالَ: هَذَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا) . يُفَصَّلُ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ لِمَنْ يَعُودُ الْمَالُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ الْوَكِيلُ الَّذِي وُكِّلَ بِشِرَاءِ مَالٍ لَلْمُوَكِّلِ أَمْ لِلْوَكِيلِ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ اشْتَرِ لِي فَرَسَ فُلَانٍ مَثَلًا وَسَكَتَ الْوَكِيلُ مِنْ دُونِ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا بِخُصُوصِ قَبُولَ الْوَكَالَةِ أَوْ رَدِّهَا: كَ " لَا " أَوْ " نَعَمْ ". وَذَهَبَ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْفَرَسَ فَإِنْ قَالَ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ (اشْتَرَيْتُهُ لِمُوَكِّلِي) يَكُونُ لِمُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَعْطَى الثَّمَنَ قَبْلًا مِنْ طَرَفِ الْوَكِيلِ أَوْ لَمْ يُعْطِ؛ لِأَنَّ مُحَاوَلَتَهُ الْقِيَامَ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ قَبُولٌ لِلْوَكَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1451) . حَتَّى أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أُرِيدُ الْمُشْتَرَى. وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ الشِّرَاءَ بِقَوْلِهِ لِآخَرَ: بِعْنِي هَذَا الْمَالَ لِفُلَانِ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَبَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ إيَّاهُ قَالَ: مُنْكِرًا الْوَكَالَةَ: لَمْ يَأْمُرنِي ذَلِكَ الشَّخْصُ بِشِرَائِهِ لَهُ. فَبِمَا

أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَنَاقُضًا مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ وَالْمُشْتَرَى يَكُونُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ فَيَكُونُ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ قَدْ رُدَّ بِرَدِّ الْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1580) . لَكِنْ إذَا سَلَّمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (175) (الطَّحْطَاوِيُّ؛ الْبَحْرُ؛ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ (وَإِنْ قَالَ: عِنْدَ اشْتِرَائِهِ اشْتَرَيْته لِمُوَكِّلِي) فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أَضَافَ عَقْدَ الشِّرَاءِ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ لَيْسَ بِالتَّعْبِيرِ الَّذِي يُوجِبُ إضَافَةَ الْعَقْدِ لِمُوَكِّلِهِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1453) . وَإِذَا قَالَ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ تَبَيَّنَ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَكَالَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) . أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته فَقَطْ: وَلَمْ يَقُلْ حِينَ شِرَائِهِ لِمَنْ اشْتَرَاهُ، وَقَالَ: لَهُ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ أَخَذْته لِنَفْسِك وَقَالَ الْوَكِيلُ: أَخَذْته لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا كَانَ قَوْلُهُ أَخَذْته لِلْمُوَكِّلِ قَبْلَ تَلَفِ الْفَرَسِ أَوْ حُصُولِ عَيْبٍ فِيهِ، صُدِّقَ الْوَكِيلُ مَعَ الْيَمِينِ. وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْفَرَسُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى إجْرَائِهِ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ فِيمَا أَنَّ الْوَكَالَةَ فِي عُهْدَةِ الْوَكِيلِ وَالْمَبِيعَ مَوْجُودٌ سَالِمًا، فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْمَالَ بِحَسَبِ الْوَكَالَةِ حَالًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1459) . وَإِذَا قَالَ: بَعْدَ تَلَفِ الْفَرَسِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبٍ فِيهِ فَلَا يَصَّدَّقُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ حِينَئِذٍ يَحْكِي أَمْرًا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى اسْتِيفَائِهِ يَقْصِدُ بِهِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَمُنْكِرٌ وُجُوبَ الثَّمَنِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِشِرَاءِ فَرَسٍ مَثَلًا فَقَالَ: الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ: اشْتَرَيْته لَك وَتَرَكَهُ لَهُ وَقَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَلَا أَقْبَلُهُ فَفِي ذَلِكَ ثَمَانِي صُوَرٍ، وَهِيَ: يَكُونُ ذَلِكَ الْفَرَسُ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. وَيَكُونُ ثَمَنُ الْفَرَسِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قَدْ أُعْطِيَ لِلْوَكِيلِ قَبْلًا أَوْ لَمْ يُعْطِ. وَيَكُونُ الْفَرَسُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ حَيًّا أَوْ مُتْلَفًا أَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ حَادِثٍ أَوْ لَا. وَخُلَاصَةُ أَحْكَامِ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ هِيَ: إذَا كَانَ الثَّمَنُ مَنْقُودًا، أَيْ كَانَ قَدْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِلْوَكِيلِ وَمِنْهَا حَالَةُ الْهَلَاكِ وَالتَّعَيُّبِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمَّا كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1463) وَقَدْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ عَلَى مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فَقَدْ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مَنْقُودٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِنْشَاءِ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمُشْتَرَى أَوْ تَعَيَّبَ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ

وَالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُنْكِرٌ حَقَّ رُجُوعِ الْوَكِيلِ عَلَيْهِ؛ وَاذَا كَانَ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِنْشَاءِ حَالًا، بِأَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَأْمُورَ بِشِرَائِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ مَوْجُودًا، أَيْ وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَنْقُودٍ فَالْقَوْلُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ الْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمَا فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَأْمُورِ إذَا كَانَ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ التُّهْمَةِ أَوْ لَا، وَالتُّهْمَةُ تَثْبُتُ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَخْبَرُوا أَنَّ الثَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ زِيَادَةً فَاحِشَةً تَثْبُتُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَوْضِعِ التُّهْمَةِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْعَيْبِ فَتَأَمَّلْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّكْمِلَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَغَيْرُهَا) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَهُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ ذَلِكَ، ذَلِكَ الْمَالَ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الشِّرَاءَ إلَى مَالِ مُوَكِّلِهِ، أَيْ لَوْ أَضَافَ فِي أَثْنَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ، الْعَقْدَ إلَى مِلْكِ مُوَكِّلِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. سَوَاءٌ أَعْطَى الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ أَوْ أَعْطَاهُ مِنْ مَالِهِ وَأَبْقَى مَالَ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اشْتِرَاءُ أَحَدٍ مَالَ آخَرَ لِنَفْسِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى دَرَاهِمِ غَيْرِهِ مُسْتَنْكَرًا شَرْعًا وَعُرْفًا فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ حَمْلًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُ حَلَالًا لِلْوَكِيلِ وَعَلَى الصُّورَةِ الَّتِي جَرَتْ الْعِبَارَةُ عَلَيْهَا (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَالشِّرَاءَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ نَوَى كَوْنَهُ لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الشِّرَاءَ عَلَى الْمَالِ مُطْلَقًا، أَيْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مَالِ نَفْسِهِ وَلَا إلَى مَالِ مُوَكِّلِهِ، وَكَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا يُنْظَرُ: فَإِذَا نَوَى الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ كَوْنَ الْوَكِيلِ قَدْ نَوَى هَذِهِ النِّيَّةَ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَإِذَا نَوَى كَوْنَهُ لِلْمُوَكِّلِ وَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ كَوْنَهُ قَدْ نَوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِ نَقْدًا وَاشْتَرَى نَسِيئَةً كَانَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُوَكِّلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ (إنَّك نَوَيْت لِي) وَقَالَ: الْوَكِيلُ: (لَا بَلْ نَوَيْت لِنَفْسِي) يَحْكُمُ الْعَقْدُ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الَّذِي أُعْطِيَ لِيَكُونَ بَدَلًا مَالًا لِلْمُوَكِّلِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ، وَإِذَا كَانَ مَالًا لِلْوَكِيلِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ،؛ لِأَنَّهُ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الْمَبِيعِ لَمْ يُعْطَ بَعْدُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الْمَبِيعِ قَدْ أُعْطِيَ يَرْجِعُ إلَى بَيَانِ الْوَكِيلِ (ابْنُ عَابِدِينَ) وَإِذَا اتَّفَقَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْوَ حِينَ الِاشْتِرَاءِ طَرَفًا عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ عَمِلَ لِغَيْرِهِ. وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ تَرْجِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ يَكُونُ لِلْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحْكُمُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي يَعْقِدُهُ الْوَكِيلُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ مَوْقُوفًا فَالْوَجْهُ الْمُحْتَمَلُ هُوَ نَفَاذُهُ لِصَاحِبِ الْعَقْدِ الَّذِي أَعْطَى بَدَلًا لِلْمَبِيعِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1487) وكل شخصان كل منهما على حدة أحدا على أن يشتري شيئا

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا قَالَ الْوَكِيلُ: اشْتَرَيْتُهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَقَالَ: الْمُوَكِّلُ لَهُ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِك، وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى آمِرِهِ بِالثَّمَنِ وَالْآمِرُ يُنْكِرُ حَقَّ الرُّجُوعِ. أَمَّا الْقَوْلُ فَلِلْمُنْكِرِ لَكِنْ إذَا أَعْطَى الْآمِرُ الْوَكِيلَ النُّقُودَ الَّتِي سَتُدْفَعُ ثَمَنًا لِلْمُشْتَرَى قَبْلًا فَالْقَوْلُ لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَمِينٌ يَدَّعِي خُرُوجَهُ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ، وَعَلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَالْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ هُوَ عَلَى التَّفْصِيلَاتِ الْمَشْرُوحَةِ؛ وَأَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فَالْحُكْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. لَكِنَّ الْقَوْلَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لِلْمَأْمُورِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ قَدْ أُعْطِيَ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ (الْبَحْرُ؛ الْهِنْدِيَّةُ؛ رَدُّ الْمُحْتَارِ؛ الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1487) وَكَّلَ شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَحَدًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا] الْمَادَّةُ (1487) - (لَوْ وَكَّلَ شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَحَدًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا فَلِأَيِّهِمَا قَصَدَ الْوَكِيلُ وَأَرَادَ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَكُونُ لَهُ) . لَوْ وَكَّلَ شَخْصَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَحَدًا بِشِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلِأَيِّهِمَا قَصَدَ الْوَكِيلُ وَأَرَادَ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ فَيَكُونُ قَدْ اشْتَرَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي شَيْءٍ يَكُونُ بِحَسَبِ الْمَقْصِدِ مِنْهُ. وَذَكَرَ الشَّيْءَ هُنَا مُنَكَّرًا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُعَيَّنًا فَقَدْ ذَكَرَ حُكْمَهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1485) . [ (الْمَادَّةُ 1488) لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مَالَهُ لِمُوَكِّلِهِ] الْمَادَّةُ (1488) - (لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مَالَهُ لِمُوَكِّلِهِ لَا يَصِحُّ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمُوَكِّلِ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ: 1 - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَالَهُ لِمُوَكِّلِهِ، يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مَالَ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ: اشْتَرِ مَالَ نَفْسِك لِي؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (167) . 2 - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَالَ الَّذِي بَاعَهُ مُوَكِّلُهُ لِمُوَكِّلِهِ مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بَغْلًا أَوْ حِصَانًا فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الْبَغْلَ أَوْ الدَّارَ اللَّذَيْنِ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ بَاعَهُمَا قَبْلًا. فَلَا يَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُوَكِّلِ لِذَلِكَ الْمَالَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يُرِيدُهُ وَأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْهُ. لَكِنْ لَوْ أَمَرَ الْمُوَكَّلُ بِاشْتِرَاءِ ذَلِكَ الْبَغْلِ أَوْ تِلْكَ الدَّارِ خَاصَّةً، فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ لِلْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْبَغْلَ أَوْ الدَّارَ اللَّذَيْنِ بَاعَهُمَا مِنْ آخَرَ فَكَانَ صَحِيحًا (الْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . 3 - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ مَالَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ، كَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَزَوْجَتِهِ وَشَرِيكِهِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ بِهِ وَابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَشَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ؛ لِأَنَّ مَوَاضِعَ التُّهْمَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفِي هَذِهِ تُهْمَةٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ. وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَيْنَهُمْ مُتَّصِلَةٌ فَصَارَ بَيْعًا مِنْ نَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ.

(المادة 1489) اطلع الوكيل على عيب المال الذي اشتراه قبل أن يسلمه إلى الموكل

لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ: الْفَرْعُ الْأَوَّلُ - إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَالَ هَؤُلَاءِ لِمُوَكِّلِهِ، بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، كَانَ الشِّرَاءُ جَائِزًا بِالِاتِّفَاقِ. الْفَرْعُ الثَّانِي - إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ، اشْتَرِ لِي مَالَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَك، كَانَ الشِّرَاءُ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ. الْفَرْعُ الثَّالِثُ - إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ مِمَّنْ شِئْت. فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْمُوَكِّلِ الْمَالَ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ، فَرَسًا لِمُوَكِّلِهِ وَاخْتَلَفَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: إنَّ هَذَا فَرَسِي وَقَدْ غَصَبَهُ مِنِّي فُلَانٌ، وَقَالَ: الْوَكِيلُ إنَّهُ فَرَسٌ وَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ لَك، يُنْظَرُ: فَإِذَا أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَإِذَا لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ وَمَا لَمْ يُقِمْ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 1489) اطَّلَعَ الْوَكِيلُ عَلَى عَيْبِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ] الْمَادَّةُ (1489) - (إذَا اطَّلَعَ الْوَكِيلُ عَلَى عَيْبِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ ذَاتِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِلَا أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَتَوْكِيلُهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ) إذَا اطَّلَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِنَفْسِهِ إلَى بَائِعِهِ. يَعْنِي بِدُونِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ يَرُدُّهُ وَارِثُهُ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) . صُورَةُ الْمُحَاكَمَةِ لِرَدِّ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالْعَيْبِ: إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَدَفَعَ الْبَائِعُ دَعْوَى الْوَكِيلِ، قَوْلُهُ: إنَّ الْمُوَكِّلَ الْغَائِبَ رَاضٍ بِالْعَيْبِ يُسْأَلُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَنْ الرِّضَاءِ الْوَاقِعِ فَإِنْ أَقَرَّ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا. وَلَا تَبْقَى مُخَاصَمَةٌ مَعَ الْبَائِعِ لَكِنْ يَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ. لَكِنْ إذَا قَبِلَ الْمُوَكِّلُ أَوْ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ بِالْبَيِّنَةِ، أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمُوَكِّلِ وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ رِضَاءَ الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْبَائِعِ. فَإِنْ أَثْبَتَ فَبِهَا. أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ وَكَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ فَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ. وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُثْبِتُ الرِّضَاءَ بَعْدَ رَدِّ الْوَكِيلِ الْمَبِيعَ لَهُ فِي حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ الْيَمِينَ. فَإِنْ نَكِلَ أَعَادَ الْمَبِيعَ لِلْمُوَكِّلِ وَطَلَبَ دَرَاهِمَهُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْخَانِيَّةُ بِإِيضَاحِ) . 1 - بَعْدَ الْقَبْضِ إذَا اطَّلَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ مُخَيَّرًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ الْمَذْكُورُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا، إنْ شَاءَ فَسَخَ وَحِينَئِذٍ يَنْفَسِخُ. وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَحِينَئِذٍ

يَسْقُطُ حَقُّ رَدِّ الْوَكِيلِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. لَكِنْ يُنْظَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ فَاحِشًا بَقِيَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْمُوَكِّلُ. وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا، يَعْنِي إذَا وُجِدَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَزِمَ الْمُشْتَرَى الْمُوَكِّلَ (الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ) . 2 - " مِنْ ذَاتِهِ " هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِأَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَإِذْنِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (الْبَحْرُ) . 3 - يُمْكِنُهُ أَنْ يَرُدَّهُ - يُسْتَدَلُّ مِنْهُ عَلَى كَوْنِ حَقِّ الرَّدِّ ثَابِتًا لِلْوَكِيلِ. وَالْمُوَكِّلُ أَجْنَبِيٌّ فِي حَقِّ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ حَتَّى أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ وَأَنْكَرَهُ الْوَكِيلُ فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ. وَبِالْعَكْسِ أَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَلَا حُكْمَ لِلْإِنْكَارِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ لَا الْمُوَكِّلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْبًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْقَطْعِ بِقِيَامِ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُ مِثْلِهِ فِي الْمُدَّةِ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا بِبُرْهَانٍ، وَأَلَّا يُحَلِّفَهُ فَإِنْ نَكِلَ رَدَّهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ (الْبَحْرُ، وَالتَّكْمِلَةُ) . إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ وَالْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِهِ، فَلِوَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ يَرُدُّهُ وَصِيُّ الْوَكِيلِ الْمُتَوَفَّى الَّذِي يَنُصُّهُ الْقَاضِي. أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا مَا دَامَ حَيًّا عَاقِلًا مِنْ أَهْلِ لُزُومِ الْعُهْدَةِ. فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا يُرَدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ (فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ) أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَيَسْقُطُ فِي هَذِهِ الْحَالِ خِيَارُ الْعَيْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) (الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا شَاءَ الْمُوَكِّلُ قَبِلَهُ بِالْعَيْبِ وَبِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا أَعْطَى الدَّرَاهِمَ لِلْوَكِيلِ ضَمِنَهُ إيَّاهَا. لَكِنْ إذَا امْتَنَعَ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْقَبُولِ قَبْلَ تَرْكِهِ لِلْوَكِيلِ وَهَلَكَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ كَانَ الضَّرَرُ الْوَاقِعُ عَائِدًا إلَى الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1463) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِمُوَكِّلِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَكَالَةِ يَنْتَهِي بِاشْتِرَاءِ الْوَكِيلِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ وَيَنْعَزِلُ هُوَ أَيْضًا عَنْ الْوَكَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) . كَذَلِكَ إذَا رَدَّ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِإِبْطَالِ يَدِ الْمُوَكِّلِ الْحَقِيقَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَقْتَدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِلَا أَمْرِ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا وَجَدَ الْمُوَكِّلُ عَيْبًا قَدِيمًا فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ لِلْبَائِعِ (الْخَانِيَّةُ) . وَالْوَاقِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ رَدُّهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلَهُ رَدُّهُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَعَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِ الْعَقْدِ؛ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ بِلَا رِضَاءِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيُعِيدَهُ لِلْبَائِعِ.

(المادة 1490) إذا اشترى الوكيل المال مؤجلا

الْفَرْقُ هُوَ: أَنَّ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ وَالْفَسْخَ بِالْفَسَادِ مِنْ حَقِّ الشَّرْعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ اسْتِنْبَاطًا) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1494) وَيُسْتَفَادُ مِنْ فِقْرَةِ (بِدُونِ أَمْرِهِ وَتَوْكِيلِهِ) أَنَّ لَهُ الرَّدَّ إذَا كَانَ ثَمَّةَ أَمْرٌ وَتَوْكِيلٌ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ جَائِزَةٌ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) . وَإِذَا أَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ أَمْرًا وَتَوْكِيلًا بِهَذَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) [ (الْمَادَّةُ 1490) إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ مُؤَجَّلًا] الْمَادَّةُ (1490) - (إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ مُؤَجَّلًا فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ مُؤَجَّلٌ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِثَمَنِهِ نَقْدًا. وَلَكِنْ بَعْدَ اشْتِرَاءِ الْوَكِيلِ نَقْدًا إذَا أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ نَقْدًا) . يُعْتَبَرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فِي خُصُوصِ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَالتَّعْجِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْمَالَ مُؤَجَّلًا فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ مُؤَجَّلٌ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُوَكِّلَ بِثَمَنِهِ نَقْدًا حَتَّى إنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ نَسِيئَةً وَصَارَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا فِي حَقِّهِ بِوَفَاتِهِ يَبْقَى مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ وَقَعَ عَلَى ثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ (التَّكْمِلَةُ بِزِيَادَةِ) وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُطَالِبُوا الْمُوَكِّلَ بِالثَّمَنِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا اشْتَرَاهُ مُعَجَّلًا كَانَ مُعَجَّلًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا. أَمَّا لَوْ اشْتَرَى نَقْدًا وَأَجَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُ الْوَكِيلُ مِنْ هَذَا التَّأْجِيلِ فَقَطْ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤَجَّلٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ لِيَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُعَجَّلًا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَمُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ وَهْبَ الْبَائِعُ كُلَّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ دُفْعَةً لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْهُ فَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُ مِنْ ذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فَقَطْ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (261) أَمَّا إذَا لَمْ يُبَرِّئْهُ أَوْ لَمْ يَهَبْهُ دُفْعَةً كَمَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَبْرَأهُ أَوَّلًا مِنْ سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا ثُمَّ وَهَبَهُ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ أَيْضًا فَإِنَّمَا لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَهَبَهُ إبْرَاءَهُ أَخِيرًا، أَيْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَقَطْ. أَمَّا مَا وَهَبَ أَوَّلًا، أَيْ السِّتُّمِائَةِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ السِّتَّمِائَةِ قِرْشٍ حَطٌّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 260) . وَالْأَرْبَعمِائَةِ قِرْشٍ هِبَةٌ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُبَيَّنَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ مِنْ أَنَّ هِبَةَ بَعْضِ الثَّمَنِ حَطٌّ لَا هِبَةُ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْبَيْعِ وَفِي حَطِّ الْبَعْضِ يَبْقَى الْبَيْعُ بِالْبَاقِي فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ هُنَا وَلَوْ جَعَلَ هِبَةَ الْكُلِّ حَطَّا لَصَارَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ فَيَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ فَلِذَلِكَ جُعِلَ هِبَةً مُبْتَدِئَةً لِلْوَكِيلِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كُلِّهِ فَلَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ بِدَفْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ مَا قَبْلَ الْأَخِيرِ حَطَّا وَكَانَتْ الْهِبَةُ الْأَخِيرَةُ مُبْتَدَأَةً فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِقَدْرِهَا فَقَطْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1491) إذا أعطى الوكيل بالشراء ثمن المبيع من ماله وقبضه

[ (الْمَادَّةُ 1491) إذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَهُ] الْمَادَّةُ (1491) - (إذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُوَكِّلِ يَعْنِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَحْبِسَ الْمَالَ الْمُشْتَرَى وَيَطْلُبَ ثَمَنَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ إلَى أَنْ يَسْتَلِمَ الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَاهُ إلَى الْبَائِعِ) . إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ أَوْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَأَعْطَى الثَّمَنَ بِحُلُولِ الْأَجَلِ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. يَعْنِي وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ أَمْرٌ بِذَلِكَ صَرَاحَةً، يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ أَمْرٌ صَرِيحٌ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بَعْدَ إعْطَائِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ لِلْوَكِيلِ فَقَدْ رَضِيَ بِأَنْ يَدْفَعَ وَيُسَلِّمَ الْوَكِيلَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ (رَدَّ الْمُحْتَار وَتَكْمِلَتُهُ) . إذَا أَعْطَى الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ مَا يُرِيدُ شِرَاءَهُ مِنْ الْمَالِ فَأَمْسَكَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِهِ وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَيَحْصُلُ التَّقَاصُّ بَيْنَ النُّقُودِ الَّتِي أَعْطَاهَا الْوَكِيلُ لِلْبَائِعِ وَبَيْنَ مَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) فَعَلَيْهِ إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ ثُمَّ أَنْفَقَ الدَّرَاهِمَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ الْمُشْتَرَى إلَى الْآمِرِ ثُمَّ نَقَدَ الْبَائِعُ غَيْرَهَا جَازَ. وَلَوْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ غَيْرِهَا ثُمَّ نَقَدَ دَنَانِيرَ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَضَمِنَ لِلْمُوَكِّلِ دَنَانِيرَهُ لِلتَّعَدِّي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالثَّمَنُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ بِتَعْبِيرٍ احْتِرَازِيٍّ. فَلَوْ قَالَ: وَاحِدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي فَرَسَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ حِصَانُك بَدَلًا وَاشْتَرَى الْمَأْمُورُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَتْ الْفَرَسُ لِلْمُوَكِّلِ. وَيَأْخُذُ الْوَكِيلُ مِنْ مُوَكِّلِهِ قِيمَةَ الْحِصَانِ الَّذِي دَفَعَهُ بَدَلًا (الْبَحْرُ) . لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي يَدَّعِي الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ قَدْ أُعْطِيَ لِلْبَائِعِ لِيَكُونَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. وَيَكُونُ هَذَا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ بِإِقَامَةِ شُهُودٍ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ إلَى الْبَائِعِ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ، أَيْ لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي ضَاعَ بِجُحُودِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِشِرَاءِ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إذَا كَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ وَالْبَائِعُ مَعًا (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ الضَّائِعِ بِجُحُودِ الْبَائِعِ فَلِلْوَكِيلِ الْحَقُّ بِمُطَالَبَةِ الثَّمَنِ الثَّابِتِ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ بَاعَ مِنْ مُوَكِّلِهِ الْمَالَ الَّذِي شَرَاهُ وَلِذَا يَتَحَالَفَانِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا حُكْمًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الرُّجُوعُ بِنَفَقَاتِ النَّقْلِ - إنَّ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَمَّا الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَاتِ السَّائِرَةِ فَسَيَذْكُرُ لِذَلِكَ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: وَعَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ مِصْرَ الْمَالَ مِنْ خَارِجِ مِصْرَ بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ يَعْنِي لَوْ نَقَلَهُ إلَى دَارِ الْمُوَكِّلِ رَجَعَ بِنَفَقَاتِهِ

عَلَى مُوَكِّلِهِ أَمَّا الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ فِي مِصْرَ فَلَمَّا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى نَقْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ جَعَلَ الْآمِرَ يَأْخُذُ بِمُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) الْخِلَافُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ: لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ خَمْسَ ذَهَبَاتٍ وَقَالَ: لَهُ (اشْتَرِ لِي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ) وَبَعْدَ أَنْ شَرَاهُ الْوَكِيلُ قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ (بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ) وَقَالَ: الْمُوَكِّلُ (لَا. اشْتَرَيْته بِخَمْسٍ) وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ صُدِّقَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْآمِرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ ضَمَانَ خَمْسِ ذَهَبَاتٍ وَهُوَ يُنْكِرُ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَ ذَهَبَاتٍ صُدِّقَ الْآمِرُ بِلَا تَحْلِيفٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُعْطِ لِلْوَكِيلِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ وَكَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْمَالِ خَمْسَ ذَهَبَاتٍ كَانَ الْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ أَيْضًا لِلْآمِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) لَكِنْ إذَا كَانَتْ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ يَتَحَالَفُ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ وَيُفْسَخُ حُكْمُ الْعَقْدِ الَّذِي بَيْنَهُمَا وَيُتْرَكُ الْمَبِيعُ لِلْمَأْمُورِ (التَّنْوِيرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، التَّكْمِلَةُ) وَلَا فَائِدَةَ مِنْ قَوْلِ الْبَائِعِ بِعْتُهُ بِكَذَا لِطَرَفٍ مِنْ الْأَطْرَافِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1463) . وَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَالِ الْمُشْتَرَى الْمُعَجَّلِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَأَنْ يَحْبِسَ الْمَالَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ ثَمَنَهُ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ لِلْبَائِعِ بَعْدُ. وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَالَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُوَكِّلُ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهُ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَلَةَ الْحُكْمِيَّةَ انْعَقَدَتْ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَقَدْ عُدَّ الْوَكِيلُ بَائِعًا وَالْمُوَكِّلُ مُشْتَرِيًا. وَلِهَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ يَتَحَالَفَانِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) جَاءَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ (ثَمَنُ الْمُعَجَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ حَبْسُ الْمَالِ إذَا اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ مُؤَجَّلًا حِينَئِذٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا. وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا. أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ ثُمَّ أَجَّلَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ حَالًّا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَهِيَ الْحِيلَةُ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَالًا نَسِيئَةً لِشَهْرٍ مَثَلًا وَقَبَضَهُ فَطَلَبَ الْمُوَكِّلُ الْمُشْتَرَى مِنْ الْوَكِيلِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ يَضْمَنُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (794) (الْهِنْدِيَّةُ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ (إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ) أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا أَدَّى الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ. لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمَالَ الَّذِي أَمَرَ بِشِرَائِهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ لِلْبَائِعِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ فَمَعَ أَنَّ لِلْبَائِعِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1461) أَنْ يُطَالِبَهُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَحْبِسَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (278) . إذَا تَلَاقَى وَكِيلُ الشِّرَاءِ مَعَ الْمُوَكِّلِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى بَعْدَ أَدَائِهِ ثَمَنَ الْمُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ وَقَبْضِهِ إيَّاهُ وَكَانَ الْمُشْتَرَى غَيْرَ مَوْجُودٍ مَعَهُ وَطَلَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَامْتَنَعَ الْمُوَكِّلُ عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ إلَيْهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ طَلَبُ الْمُشْتَرَى مِنْ الْوَكِيلِ عِنْدَمَا كَانَ الْمُشْتَرَى فِي قَبْضَتِهِ وَامْتَنَعَ الْوَكِيلُ عَنْ تَسْلِيمِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ الثَّمَنَ فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرَى: أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْوَكِيلِ تَسَلُّمَ الْمُشْتَرَى حِينَمَا كَانَ الْمُشْتَرَى عِنْدَهُ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ الثَّمَنِ

(المادة 1492) إذا تلف المال المشترى في يد الوكيل بالشراء أو ضاع قضاء

لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الثَّمَنَ قَدْ أَصْبَحَ دَيْنًا لِلْوَكِيلِ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ) . فُرُوعٌ - يَتَعَيَّنُ الثَّمَنُ فِي الْوَكَالَةِ بِالتَّعْيِينِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (243) وَعَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ النَّقْدُ الَّذِي سَلَّمَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَوْ النَّقْدُ الَّذِي لَمْ يُسَلَّمْ لِلْوَكِيلِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ وَعَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِشِرَائِهِ بَعْدَ تَلَفِ النَّقْدِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ أَمَّا لَوْ تَلِفَ النَّقْدُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ لِلْبَائِعِ، فَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِثَمَنِ الْمُشْتَرَى. وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي وُقُوعِ التَّلَفِ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. وَإِذَا رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِثَمَنِ الْمُشْتَرَى بَعْدَ أَنْ تَلِفَ النَّقْدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَأَخَذَهُ وَتَلِفَ هَذَا الْمَأْخُوذُ أَيْضًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى آمِرِهِ وَمُوَكِّلِهِ بَعْدُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ، التَّكْمِلَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1463) [ (الْمَادَّةُ 1492) إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَوْ ضَاعَ قَضَاءً] الْمَادَّةُ (1492) - (إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، أَوْ ضَاعَ قَضَاءً يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ. وَلَكِنْ لَوْ حَبَسَهُ الْوَكِيلُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَوْ ضَاعَ يَلْزَمُ عَلَى الْوَكِيلِ أَدَاءُ ثَمَنِهِ) إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى، أَوْ ضَاعَ يَعْنِي قَضَاءً يَعْنِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ دُونَ أَنْ يَحْبِسَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ فَالْمُوَكِّلُ فِي حُكْمِ الْقَابِضِ لِلْمُشْتَرَى عَلَى يَدِ الْوَكِيلِ وَوُقُوعِ التَّلَفِ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1463) وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَعَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الثَّمَنَ مِنْ مَالٍ رَجَعَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ عِشْرِينَ ذَهَبَةً. وَقَالَ: لَهُ اشْتَرِ لِي بِهَا فَرَسًا وَتَرَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي بَيْتِهِ وَاشْتَرَى فَرَسًا بِعِشْرِينَ ذَهَبَةً وَبَيْنَمَا هُوَ مُحْضِرٌ إيَّاهَا إلَى بَيْتِهِ سُرِقَتْ الْعِشْرُونَ ذَهَبَةً وَتَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِهِ كَانَتْ خَسَارَةُ الْفَرَسِ وَالْعِشْرُونَ ذَهَبَةً عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَأْخُذُ الْوَكِيلُ عِشْرِينَ ذَهَبَةً مَرَّةً ثَانِيَةً مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيَدْفَعُهَا إلَى الْبَائِعِ. هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ أَوْ أَثْبَتَ الْوَكِيلُ اشْتِرَاءَهُ لِلْفَرَسِ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ بِلَا تَصْدِيقٍ وَلَا إثْبَاتٍ إلَّا فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (الْبَحْرُ) . يُقَالُ فِي الْمَجَلَّةِ الْمَالُ الْمُشْتَرَى، تَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ فِي الْمَالِ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ وَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي:

(المادة 1493) ليس للوكيل بالشراء أن يقيل البيع بدون إذن الموكل

إذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمُشْتَرَى بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (298) . ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَمْرٌ بِالْأَخْذِ عَلَى وَجْهِ سَوْمِ الشِّرَاءِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْبَدَلِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا (الْبَحْرُ) . لَكِنْ إذَا حَبَسَهُ الْوَكِيلُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ الْوَاقِعَةُ إلَى الْوَكِيلِ وَلَزِمَ الْوَكِيلُ إعْطَاءَ الثَّمَنِ. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّتَيْنِ (278 و 293) وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُشْتَرَى مُسَاوِيَةً لِثَمَنِهِ أَوْ لَا هَذِهِ الْفِقْرَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الطَّرَفَيْنِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَمَضْمُونٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ فَيَهْلَكُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. وَعِنْدَ زُفَرَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ (تَلِفَ أَوْ ضَاعَ) لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّعَيُّبِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا حَبَسَ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَعَيَّبَ فِي يَدِهِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقَابِلُ الْأَوْصَافُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ. لَكِنَّ الْمُوَكِّلَ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْوَكِيلِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُتَبَيَّنُ مِنْ عِبَارَةِ (لَكِنْ لَوْ حَبَسَهُ الْوَكِيلُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَوْ ضَاعَ) أَنَّ لُزُومَ الثَّمَنِ الْوَكِيلَ نَتِيجَةٌ لِحَبْسِ الْمُشْتَرَى وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ أَحَدًا بِشِرَاءِ مَالٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ وَأَوْفَى الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ فَأَعْطَى الْمُوَكِّلَ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ الْمُشْتَرَى الْمَذْكُورُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ وَحَبَسَ الْوَكِيلُ إيَّاهُ لِاسْتِيفَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ. أَمَّا لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ بَعْدَ أَنْ حَبَسَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ لِأَخْذِ الْبَاقِي عَادَتْ الْخَسَارَةُ كُلُّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ إلَى مُوَكِّلِهِ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) قَدْ اسْتَعْمَلَ هُنَا تَعْبِيرَ (الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ مُمَاثِلٌ لِحُكْمِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالِاسْتِئْجَارِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّارَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا. فَإِنْ حَبَسَهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَقِيلَ: الْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقِيلَ سَقَطَ عَنْ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1493) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ] الْمَادَّةُ (1493) - (لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ) . ضَابِطٌ: مَنْ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْعَقْدِ يَمْلِكُ إقَالَتَهُ أَيْضًا. يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ خَمْسُ مَسَائِلَ:

الفصل الثالث في الوكالة بالبيع

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِشِرَائِهِ تَكُونُ وَكَالَتُهُ قَدْ انْقَضَتْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) وَإِقَالَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ فُضُولًا. أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلَهُ أَنْ يُقِيلَ. يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَالْبَائِعَ إذَا تَقَايَلَا عَقَدَ الْبَيْعِ صَحَّ تَقَايُلُهُمَا (الْأَنْقِرْوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إقَالَةُ مَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَيْسَ لِلْوَصِيِّ إقَالَةُ مَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (85) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَيْسَ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إقَالَةُ مَا اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمَا بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (196) . [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ] الْمَادَّةُ (1494) - (لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) . لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا (وَهُوَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ مَالٍ بِدُونِ تَعْيِينِ ثَمَنِهِ) أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ، أَيْ جَمِيعَ مَالِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا سَوَاءٌ بِالْعُرُوضِ أَوْ بِالنُّقُودِ وَسَوَاءٌ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ،؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ وَقَعَ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالْعُرُوضِ. الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ هُوَ مُتَعَارَفٌ فِي زَمَنِ شِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ لِلْمَالِ وَفِي زَمَنِ الْمَلَلِ مِنْ الْمَالِ. أَمَّا الْبَيْعُ بِالْعُرُوضِ فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَحَدٌ بِأَنْ لَا يَبِيعَ مَالَهُ وَبَاعَهُ بِعُرُوضِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ الَّتِي اخْتَارَتْهَا الْمَجَلَّةُ فَهِيَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالرَّأْيُ الَّذِي اخْتَارَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مُسْتَثْنَى - الْبَيْعِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجْهٍ بَيْعًا فَهُوَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ شِرَاءٌ وَهُوَ لَا يَنْفُذُ بِحَقِّ الْمُوَكِّلِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1482) . مَثَلَا لَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الصَّرْفِ دِينَارَ مُوَكِّلِهِ الَّذِي يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ بِأَرْبَعِ رِيَالَاتٍ فَلَا يَنْفَعُ بَيْعُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) .

أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (الْبَحْرُ) . الْبَيْعُ الْفَاسِدُ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا مَالَ مُوَكِّلِهِ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لِلْوَكِيلِ وَلَوْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَسَلَّمَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (372) وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُعِيدَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ رِضَاءُ مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إقَالَةُ الْبَيْعِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تَنْفُذُ إقَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِحَقِّ الْمُوَكِّلِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1505) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ رَفْعَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ حَقِّ الشَّرْعِ. أَمَّا الْإِقَالَةُ فَلَيْسَتْ كَذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1489) . إيضَاحُ الْقُيُودِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَادَّةِ: مُطْلَقًا - أَمَّا إذَا قُيِّدَتْ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ بِقَيْدٍ مِنْ الْقُيُودِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَةُ ذَلِكَ الْقَيْدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1479) وَالْمَادَّةُ الْآتِيَةُ مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: بِعْ هَذَا الْمَالَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُخَالَفَةُ بِخِلَافِ الْجِنْسِ أَوْ لِلشَّرْطِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ: بِعْهُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ. فَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَالَ بِدُونِ خِيَارِ شَرْطٍ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ قَائِلًا: قَدْ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّرْطَ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . بِالْبَيْعِ - لِلْوَكِيلِ بِفَرَاغِ الْعَقَارِ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ مِنْ مُسْتَغِلَّاتِ الْأَوْقَافِ أَنْ يُفْرِغَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (1459) أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْإِجَارَةِ الْعَادِيَةِ أَيْضًا وَقَدْ وَرَدَ فِي تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَذَا التَّوْكِيلُ بِالْإِجَارَةِ وَمَنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ قَوْلَهُمَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْإِجَارَةِ. لِلْوَكِيلِ - وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (378) . أَنَّ الْوَكِيلَ بِبَيْعِ وَفَرَاغِ الْعَقَارَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَفِي إعْطَاءِ التَّقْرِيرِ أَمَامَ مَجْلِسِ التَّمْلِيكِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ وَكَالَتُهُ ثَابِتَةً بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ حَسَبَ الْأُصُولِ الْمُتَّخَذَةِ. وَهَذِهِ الْحُجَّةُ الشَّرْعِيَّةُ تُحْفَظُ فِي دَوَائِرِ التَّمْلِيكِ مَعَ أَوْرَاقِ الْبَيْعِ الْأُخْرَى إنَّ الْوُكَلَاءَ الَّذِينَ لَمْ يُوَكَّلُوا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَهَذِهِ يَصِيرُ إثْبَاتُ تَوْكِيلِهِمْ فِي الْمَحْكَمَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْبَيِّنَةِ مَنْعًا لِإِنْكَارِ الْمُوَكِّلِ مِنْ التَّوْكِيلِ. وَطَرِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْتَنِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْوَكِيلِ وَأَنَّ الْوَكِيلَ مُمْتَنِعٌ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَهُ وَالْوَكِيلُ يُقِرُّ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنَّهُ يَدَّعِي بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ مِنْهُ فُضُولًا وَلِذَلِكَ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ يُثْبِتُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَائِعَ هُوَ وَكِيلٌ بِالْبَيْعِ وَبَعْدَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ لَوْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (38) .

أَمَّا الثُّبُوتُ الَّذِي يَحْصُلُ بِدُونِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ، أَيْ فِي غَيْرِ مُوَاجَهَةِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ. فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّهُ هُوَ وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي بَيْعِ مَالِهِ الْفُلَانِيِّ إلَى هَذَا الشَّخْصِ وَصَدَّقَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَوْ أَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْوَكَالَةَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْوَكَالَةِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ اسْتِنَادًا عَلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ فَالْحُكْمُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَعَلَيْهِ لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُثْبِتَ أَصْلَ الْوَكَالَةِ وَلَا يُعْمَلُ بِتِلْكَ الْحُجَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِتِلْكَ الْحُجَّةِ إذَا أَثْبَتَ مَضْمُونَهَا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ عَلَى التَّفْصِيلِ. فُرُوعٌ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ فَلُوٍّ مُعَيَّنٍ ذَلِكَ الْفَلُوَّ بَعْدَ أَنْ كَبُرَ، كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ عَرْصَةٍ تِلْكَ الْعَرْصَةَ بَعْدَ أَنْ أُنْشِئَ عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ فَلَا يَصِحُّ. إلَّا أَنَّهُ لِلْوَكِيلِ بِبَيْعِ دَارٍ أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ الدَّارَ بَعْدَ تَشْيِيدِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1472) الْمَادَّةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ مَالِهِ وَبَاعَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ ذَلِكَ الْمَالَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا كَانَ الْأَسْبَقُ يَكُونُ بَيْعُ الْمُوَكِّلِ مُعْتَبَرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا اخْتَلَفَ وَكِيلُ الْبَيْعِ وَالْمُوَكِّلِ فِي فِعْلِ الْوَكِيلِ، أَيْ أَنَّ الْوَكِيلَ ادَّعَى أَنَّهُ أَجْرَى مُقْتَضَى الْوَكَالَةِ وَالْمُوَكِّلُ أَنْكَرَ ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ إخْبَارُ الْوَكِيلِ وَقَعَ بَعْدَ عَزْلِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ وَإِذَا كَانَ قَبْلَ الْعَزْلِ وَكَانَ الْمُوَكِّلُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَالْمَالُ الَّذِي سَيُبَاعُ مُسَلَّمٌ إلَى الْوَكِيلِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مُسَلَّمٍ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ. كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْمُوَكِّلُ وَتَلِفَ الْمَالُ الَّذِي سَيُبَاعُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا كَذَّبَهُ الْوَارِثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ (الْبَحْرُ وَالتَّكْمِلَةُ) مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَأَنَّ الثَّمَنَ تَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ مُوَافِقًا بِذَلِكَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي. وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ الْمَالَ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِهِ وَادَّعَى الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ لِفُلَانٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَأَثْبَتَ تَلَفَ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ وَصَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ، فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمَبِيعِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْوَكِيلُ أَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ رُدَّ الْمَبِيعُ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَهْلَكًا صُدِّقَ وَكِيلُ الْبَيْعِ بَعْدَ الْيَمِينِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَقَالَ: الْمُوَكِّلُ إنَّنِي عَزَلْتُك مِنْ الْوَكَالَةِ وَقَالَ: الْوَكِيلُ إنَّنِي بِعْت ذَلِكَ الْمَالَ بِالْأَمْسِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ أَمَّا إذَا قَالَ الْوَكِيلُ إنَّنِي بِعْتُ الْمَالَ لِفُلَانٍ وَقَالَ: الْمُوَكِّلُ إنَّنِي عَزَلْتُك مِنْ الْوَكَالَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا

(المادة 1495) إذا عين الموكل الثمن فليس للوكيل بيعه بأنقص مما عينه الموكل.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمَالِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ هَلَاكَ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ: فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَدْ سُلِّمَ لِلْوَكِيلِ صُدِّقَ كَلَامُ الْوَكِيلِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ (الْبَحْرُ) الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ مَالِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ الْوَكِيلُ يَوْمَ السَّبْتِ إنَّنِي بِعْت الْمَالَ بِالْأَمْسِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَكِّلُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ. وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ - أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُوَكِّلُ بِأَنَّنِي وَكَّلْتُك هَذَا الْيَوْمَ وَادَّعَى الْوَكِيلُ بِأَنَّك وَكَّلَتْنِي بِالْأَمْسِ وَإِنَّنِي بِعْته بِالْأَمْسِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ وَالْبَيْعُ غَيْرُ نَافِذٍ (الْبَحْرُ) . . [ (الْمَادَّةُ 1495) إذَا عَين الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِأَنْقَصَ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ.] الْمَادَّةُ (1495) - (إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِأَنْقَصَ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ، فَإِذَا بَاعَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ بَاعَهُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ بِلَا إذْنِ الْمُوَكَّلِ وَسَلَّمَ الْمَالَ إلَى الْمُشْتَرِي فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَهُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ) . الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - لَيْسَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ الْمُخَالَفَةُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ مُطْلَقًا، أَيْ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ، الضَّابِطُ الثَّانِي - لِوَكِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يُخَالِفَ لِلْخَيْرِ فِي قَدْرِ وَوَصْفِ الثَّمَنِ، الضَّابِطُ الثَّالِثُ - لَيْسَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ الْمُخَالَفَةُ لِلشَّرِّ فِي قَدْرِ وَوَصْفِ الثَّمَنِ الضَّابِطُ الرَّابِعُ - كُلُّ بَيْعٍ لَا يَنْفُذُ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَكُونُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ مَوْقُوفًا، الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الضَّوَابِطِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِأَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1456، 1479) وَشَرْحَ الضَّابِطِ الثَّالِثِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) إلَّا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ أَنْ يَبِيعَهُ بِالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ فَلُوِّهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ تَزَايَدَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْفَلُوِّ إلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ الْفَلُوِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَزَادَتْ قِيمَةُ الْفَلُوِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُسْقِطَ الْخِيَارَ وَأَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الِابْتِدَاءَ فَيَمْلِكُ الْإِمْضَاءَ وَإِنْ سَكَتَ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلثَّانِيَّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - وَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ وَلِلْمُوَكِّلِ إذَا أَرَادَ وَفِي حَالَةِ وُجُودِ الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (373) أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ اُنْظُرْ الضَّابِطَ الرَّابِعَ وَالْحُكْمُ فِي الشِّرَاءِ هُوَ مُمَاثِلٌ لِهَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1498) . وَلَوْ بَاعَهُ بِنُقْصَانِ الثَّمَنِ بِدُونِ أَمْرٍ سَابِقٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ إجَازَةٍ لَاحِقَةٍ مِنْهُ وَسَلَّمَ الْمَالَ إلَى الْمُشْتَرِي فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَإِنْ أَرَادَ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (901 و 1635) يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بَيْعٌ وَتَسْلِيمٌ. أَمَّا الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ فَيُوجَدُ فِيهَا بَيْعٌ فَقَطْ فَلِذَلِكَ قَدْ افْتَرَقَتْ الْفِقْرَتَانِ

(المادة 1496) إذا اشترى الوكيل بالبيع مال موكله لنفسه

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ بِعْ هَذِهِ الْفَرَسَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَسَأَلَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الشَّخْصَ فَأَفَادَهُ بِأَنَّهُ بَاعَ فَرَسَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَلِذَلِكَ بَاعَ فَرَسَ مُوَكِّلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ بَاعَ فَرَسَهُ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْوَكِيلِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الشَّخْصُ إحْدَى فَرَسَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَالْأُخْرَى بِثَلَاثِينَ دِينَارًا وَبَاعَ الْوَكِيلُ فَرَسَ مُوَكِّلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا يَنْفُذُ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا اُنْظُرْ الضَّابِطَ الثَّالِثَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: بِعْ مَالِي هَذَا بِعَشْرِ رِيَالَاتٍ وَبَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْمَالَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ رِيَالًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَنَافِذًا اُنْظُرْ الضَّابِطَيْنِ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: بِعْ مَالِي هَذَا بِعَشْرِ رِيَالَاتٍ فِضَّةٍ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ بِدِينَارَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُفِيدَةً لِلْمُوَكِّلِ وَفِي مَصْلَحَتِهِ إلَّا أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ كَانَ فِضَّةً وَالثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْوَكِيلُ كَانَ ذَهَبَا فَكَانَتْ الْمُخَالَفَةُ حَاصِلَةً فِي الْجِنْسِ فَالْبَيْعُ لَا يَنْفُذُ اُنْظُرْ الضَّابِطَ الْأَوَّلَ (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: بِعْ مَالِي هَذَا بِخَمْسِينَ رِيَالًا فِضَّةً فَبَاعَهُ الْوَكِيلُ بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَخَمْسَةِ دَنَانِيرَ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَنَافِذًا وَصَارَ كُلُّ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الضَّابِطَ الثَّانِي. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ الْمُوَكِّل لِلْوَكِيلِ: بِعْ مَالِي هَذَا بِخَمْسِينَ رِيَالًا فِضَّةً فَبَاعَ الْوَكِيلُ نِصْفَهُ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فِضَّةً ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَالْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْوَكِيلِ كَانَتْ مُفِيدَةً لِلْمُوَكِّلِ وَفِي صَالِحِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْمَادَّةِ (1499) كَمَا سَيُذْكَرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ تِلْكَ الْمَادَّةِ أَمَّا الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَغَيْرُ نَافِذٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْمَالَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِخَمْسِينَ رِيَالًا فِضَّةً وَعَشْرَةِ دَنَانِيرَ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَنَافِذًا (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1499) الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ: لَوْ اخْتَلَفَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: إنَّنِي قُلْت لَك أَنْ تَبِيعَ بِذَهَبٍ فَأَنْتَ بِعْت الْمَالَ بِفِضَّةٍ. وَقَالَ: الْوَكِيلُ: إنَّك لَمْ تُقَيِّدْ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1496) إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ] الْمَادَّةُ (1496) - (إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ) إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ مُفِيدًا لِلْمُوَكِّلِ (بِأَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) حَتَّى لَوْ أَذِنَ الْمُوَكِّلُ صَرَاحَةً بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ بَائِعًا وَمُشْتَرِيًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِسَبَبِ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى تَضَادِّ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَقْضِي وَالْقَابِضُ وَالْمُسْلِمُ وَالْمُخَاصِمُ فِي الْعَيْبِ وَالْمُخَاصَمُ وَاحِدًا. وَلَا يَخْفَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ التَّضَادِّ فِي ذَلِكَ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (167) .

(المادة 149) ليس للوكيل بالبيع أن يبيع مال موكله لمن لا تجوز شهادتهم له.

فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: بِعْ هَذَا الْمَالَ لِنَفْسِك أَوْ لِوَلَدِكَ الصَّغِيرِ أَوْ لِمَنْ شِئْت فَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ لَا يَصِحُّ (الْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حِيلَةٌ لِاشْتِرَاءِ وَكِيلِ الْبَيْعِ - إذَا بَاعَ وَكِيلُ الْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِآخَرَ فَلَهُ اشْتِرَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (الطَّحْطَاوِيُّ) . إنَّ تَعْبِيرَ وَكِيلِ الْبَيْعِ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِفَرَاغِ عَقَارٍ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ أَوْ بِفَرَاغِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِذَلِكَ الْعَقَارِ أَوْ تِلْكَ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ لِنَفْسِهِ. . [ (الْمَادَّةُ 149) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ.] الْمَادَّةُ (149) - (لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ. وَأَيْضًا إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً بِقَوْلِهِ: بِعْهُ لِمَنْ شِئْت فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِهَؤُلَاءِ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ وَهَؤُلَاءِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهُمْ فِي الْمَادَّةِ. (1700) بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ أَوْ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُوجِدُ تُهْمَةٌ فِي ذَلِكَ وَمَوَاضِعُ التُّهْمَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فِي الْوَكَالَاتِ (التَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ لِهَؤُلَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَبِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ مُطْلَقٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) وَلَا يُوجَدُ أَمْلَاكٌ مُتَبَايِنَةٌ وَمَنَافِعُ مُنْقَطِعَةٌ وَتُهْمَةٌ (الْبَحْرُ) وَالْإِجَارَةُ وَالصَّرْفُ وَالسَّلَمُ كَالْبَيْعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَعْبِيرُ الْوَكِيلِ احْتِرَازٌ مِنْ الْوَصِيِّ وَالْمُضَارِبِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ إلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَمَّا لَوْ بَاعَهُمْ بِالْمُحَابَاةِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ إلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ صَحَّ الْبَيْعُ (الْبَحْرُ) . إنَّ تَعْبِيرَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ هُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ. فَلِذَلِكَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِمُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ لَيْسَ تَعْبِيرًا احْتِرَازِيًّا عَنْ نَفْسِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ أَرْبَعَ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ يَجُوزُ الْبَيْعُ لِهَؤُلَاءِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ وَكَالَتُهُ وَكَالَةً عَامَّةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَتَعْبِيرُ لَوْ بَاعَ

(المادة 1498) للوكيل المطلق بالبيع أن يبيع مال موكله

احْتِرَازٌ مِنْ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ فِي الشِّرَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ تُهْمَةٌ وَخِيَانَةٌ ظَاهِرَةٌ فَهِيَ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرُ جَائِزَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا سَمَّى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ، أَيْ لَوْ قَالَ: لِلْوَكِيلِ: بِعْ مَالِي هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَمْرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِلْوَكِيلِ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِالْإِجْمَاعِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً بِقَوْلِهِ: بِعْهُ لِمَنْ شِئْت فَلِلْوَكِيلِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنْ يَبِيعَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِهَؤُلَاءِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْإِجْمَاعِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَ تَعْبِيرُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ احْتِرَازًا مِنْ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِفَرَاغِ عَقَارِ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ أَوْ فَرَاغِ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ أَنْ يُفْرِغَ الْعَقَارَ أَوْ الْأَرْضَ الْأَمِيرِيَّةَ إلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَأَوْلَادِهِ وَأَبَوَيْهِ وَزَوْجَتِهِ أَمَّا إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِفَرَاغِ ذَلِكَ إلَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ أَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ: أَفْرِغْهُ لِمَنْ شِئْت فَلِلْوَكِيلِ فَرَاغُهُ لِهَؤُلَاءِ. [ (الْمَادَّةُ 1498) لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ] الْمَادَّةُ (1498) - (لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً لِمُدَّةٍ مَعْرُوفَةٍ بَيْنَ التُّجَّارِ فِي حَقِّ ذَلِكَ الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مُخَالَفَةٍ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَأَيْضًا إنْ كَانَ قَدْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ بِالنَّقْدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ نَسِيئَةً. مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ نَقْدًا أَوْ بِعْ مَالِي هَذَا وَأَدِّ دَيْنِي فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ بِالنَّسِيئَةِ) . لِلْوَكِيلِ الْمُطْلَقِ بِالْبَيْعِ، أَيْ الْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ تُقَيَّدْ وَكَالَتُهُ، أَنْ يَبِيعَ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً. وَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ لِأَجْلِ التِّجَارَةِ فَلَهُ بَيْعُهُ نَسِيئَةً لِمُدَّةٍ مَعْرُوفَةٍ بَيْنَ التُّجَّارِ فِي حَقِّ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فَقَالَ: الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: إنَّنِي أَمَرْتُك بِالْبَيْعِ نَقْدًا وَأَنْتَ بِعْتَ الْمَالَ نَسِيئَةً؛ وَقَالَ: الْوَكِيلُ: لَمْ تُقَيِّدْنِي بِالْبَيْعِ نَقْدًا بَلْ وَكَّلْتَنِي بِالْبَيْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ ثَمَّةَ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُؤَجَّلًا لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مُخَالَفَةٍ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ. وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعُرْفِ التَّعْيِينُ بِالنَّصِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ مُؤَجَّلًا لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَيْضًا إنْ كَانَ قَدْ وُكِّلَ بِالْبَيْعِ بِالنَّقْدِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً، كَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لَيْسَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ كَإِعْطَاءِ امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ غَزْلَهَا لِآخَرَ لِيَبِيعَهُ لَهَا وَتَكُونَ مُحْتَاجَةً لِثَمَنِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ نَسِيئَةً (الْبَحْرُ) .

(المادة 1499) ليس للوكيل أن يبيع نصف المال الذي في تبعيضه ضرر

لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَيْعِ نَقْدًا مُفِيدٌ وَمُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ مُؤَجَّلًا يَجِبُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (283) تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي وَيَتَأَخَّرُ قَبْضُ الثَّمَنِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. فَفِي تِلْكَ الْحَالِ إذَا قَالَ: الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ مُفْلِسًا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتْوَى وَيَتْلَفَ الثَّمَنُ أَمَّا فِي الْبَيْعِ مُعَجَّلًا فَلِعَدَمِ احْتِمَالِ الْتِوَاءِ فِيهِ، فَالتَّقْيِيدُ بِالْبَيْعِ نَقْدًا أَصْبَحَ مُفِيدًا وَمُعْتَبَرًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الضَّابِطَ الْأَوَّلَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ: بِعْ هَذَا الْمَالَ نَقْدًا. هَذَا مِثَالٌ لِلْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ بِالنَّقْدِ صَرَاحَةً. أَوْ قَالَ: بِعْ مَالِي هَذَا وَأَدِّ دَيْنِي. أَوْ قَالَ: بِعْ مَالِي هَذَا؛ لِأَنَّنِي مُحْتَاجٌ لِلنَّفَقَةِ أَوْ أَنَّ دَائِنِيَّ يُطَالِبُونَنِي، فَهَذَا الْمَثَلُ مِثَالٌ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ دَلَالَةً. فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِالنَّسِيئَةِ فَإِنْ بَاعَ الْمَالَ وَسَلَّمَهُ كَانَ ضَامِنًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (901) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ شَخْصٌ، يُرِيدُ السَّفَرَ إلَى بَلْدَةٍ وَمُحْتَاجٌ لِنُقُودٍ لِصَرْفِهَا فِي سَفَرِهِ لِآخَرَ: بِعْ مَالِي هَذَا لِأَتَّخِذَ ثَمَنَهُ مَصْرِفًا لِسَفَرِي وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ نَسِيئَةً لَا يَصِحُّ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَلِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ نَقْدًا وَمُعَجَّلًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَكَمَا سَيُفَصِّلُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: بَيْعَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً الْمَالَ نَقْدًا: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً بَيْعُهُ الْمَالَ نَقْدًا فِي حَالَةِ عَدَمِ بَيَانِ الثَّمَنِ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ نَقْدًا بِالثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ بِبَيْعِ الْوَكِيلِ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً نَقْدًا بِالثَّمَنِ الَّذِي أُمِرَ بِبَيْعِهِ بِهِ قَدْ حَصَلَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الثَّمَنِ الزَّائِدِ فِي الْحَالِ كَمَا أَنَّهُ تَوَقَّى خَطَرًا بِسَبَبِ إفْلَاسِ الْمُشْتَرِي أَوْ إنْكَارِهِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. أَمَّا إذَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ الَّذِي يَبِيعُهُ بِهِ لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ نَسِيئَةً بَلْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً أَزِيدُ مِنْ الْبَيْعِ نَقْدًا وَكَانَ الْمَقْصِدُ مِنْ الْآمِرِ بِالْبَيْعِ نَسِيئَةً هُوَ الْحُصُولُ عَلَى ثَمَنٍ أَزْيَدَ وَلَمَّا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلثَّمَنِ فِي الْحَالِ فَكَانَ الثَّمَنُ الْأَزْيَدُ أَنْفَعَ لَهُ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ وَقَعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَيْ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1499) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ] الْمَادَّةُ (1499) - (لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَلَهُ ذَلِكَ) . الْمَالُ الَّذِي فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ. يَعْنِي الشَّرِكَةَ الْمُورِثَةَ لِلْعَيْبِ، لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ نِصْفِهِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُتَعَارَفِ وَالْمُتَعَارَفُ هُوَ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِصُورَةٍ لَا تَضُرُّ الْمُوَكِّلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45)

(المادة 1500) للوكيل أن يأخذ في مقابلة ثمن المال الذي باعه نسيئة رهنا أو كفيلا

فَإِذَا بَاعَ نِصْفَهُ كَانَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا فَإِنْ شَاءَ الْمُوَكِّلُ أَجَازَ الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ. اُنْظُرْ الضَّابِطَ الرَّابِعَ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ. (1495) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْبَحْرُ) مَثَلًا لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْ فَرَسِي هَذِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَقَبْلَ نَقْضِ الْبَيْعِ صَحَّ الْبَيْعُ وَأَصْبَحَ نَافِذًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ يَحْتَاجُ لِلتَّفْرِيقِ فِي الْمَبِيعِ لِعَدَمِ وُجُودِ مُشْتَرٍ لِجَمِيعِ الْمَبِيعِ، فَإِذَا بَاعَ قَبْلَ نَقْضِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ النِّصْفَ الْآخَرَ يَظْهَرُ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَسِيلَةٌ لِبَيْعِ الْبَاقِي (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَبِعْ الْبَاقِيَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَبَيْعُ النِّصْفِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ التَّوْكِيلِ مُطْلَقَةٌ عَنْ قَيْدِ الِافْتِرَاقِ وَالِاجْتِمَاعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) مُسْتَثْنَى - يُوجَدُ مُسْتَثْنًى وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهُوَ: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ فَرَسِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَ الْوَكِيلُ نِصْفَ الْفَرَسِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَكَانَ عَمَلُ الْوَكِيلِ حَسَنًا. أَمَّا لَوْ بَاعَ النِّصْفَ بِتِسْعِمِائَةِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَعَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً فَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1495) . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ بَيْعُهُ، أَيْ إذَا كَانَتْ شَرِكَتُهُ غَيْرَ مُورَثَةِ الْعَيْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ الَّتِي لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهَا؛ لِأَنَّ صُورَةَ التَّوْكِيلِ مُطْلَقَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) فَعَلَيْهِ لِلْوَكِيلِ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِ عَشْرِ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَنْ يَبِيعَ خَمْسَ كَيْلَاتٍ مِنْهَا. أَمَّا الْوَكِيلُ الْمُوَكَّلُ بِبَيْعِ بَغْلَتَيْنِ لَوْ بَاعَ إحْدَاهُمَا فَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُسَمَّى الثَّمَنُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ بِعْ هَاتَيْنِ الْبَغْلَتَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ إحْدَاهُمَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ هِيَ حِصَّةُ تِلْكَ الْبَغْلَةِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَزْيَدُ أَوْ أَقَلُّ بِغَبْنٍ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ لَا يُسَمَّى الثَّمَنُ، كَانَ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ: بِعْ هَاتَيْنِ الْبَغْلَتَيْنِ فَقَطْ فَبَاعَ الْوَكِيلُ إحْدَاهُمَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَيْعِ ضَرَرٌ صَحَّ الْبَيْعُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى الْبَغْلَتَيْنِ أَغْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ ضَمَّ الرَّدِيءِ إلَى الْجَيِّدِ وَبَيْعِهِمَا سَوِيَّةٌ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ هِيَ الْمَادَّةُ (1480) . [ (الْمَادَّةُ 1500) لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَةِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ نَسِيئَةً رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا] الْمَادَّةُ (1500) - (لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَةِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ نَسِيئَةً رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا وَلَا يَضْمَنُ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ أَوْ أَفْلَسَ الْكَفِيلُ) ، أَيْ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ.؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَصْلٌ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ كَقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ. كَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا تَوْثِيقًا لِقَبْضِ الثَّمَنِ لَهُ أَنْ يَرْتَهِنَ تَوْثِيقًا لِلِاسْتِيفَاءِ:

(المادة 1501) ليس للوكيل أن يبيع بلا رهن ولا كفيل

إنَّ الرَّهْنَ يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِذَا رَدَّهُ الْوَكِيلُ جَازَ الرَّدُّ وَيَضْمَنُ لِلْمُوَكِّلِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوْ الثَّمَنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ (الْبَحْرُ) وَتَعْبِيرُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ احْتِرَازٌ مِنْ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ مُنْحَصِرَةٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَا تَشْمَلُ عَقْدَ الرَّهْنِ وَلَا يَضْمَنُ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ وَسَقَطَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَوْ أَفْلَسَ الْكَفِيلُ وَأَصْبَحَ غَيْرَ مُمَكَّنٍ مِنْ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) وَلَا يُقَالُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أَخَذَ رَهْنًا بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ وَتَسَبَّبَ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الضَّمَانُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 741) وَشَرْحَهَا أَمَّا لَوْ أَخَذَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ الْمُوَكِّلِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ، أَيْ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1459) [ (الْمَادَّةُ 1501) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِلَا رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ] الْمَادَّةُ (1501) - (لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِلَا رَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ إذَا قَالَ: الْمُوَكِّلُ بِعْ بِالْكَفِيلِ أَوْ بِالرَّهْنِ) وَإِنْ بَاعَ وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي فَلِلْمُوَكِّلِ تَضْمِينُهُ، اُنْظُرْ الضَّابِطَ الْأَوَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) وَكَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُجِيزَ هَذَا الْبَيْعَ اُنْظُرْ الضَّابِطَ الرَّابِعَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1495) إذَا اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ: الْمُوَكِّل إنَّنِي قَدْ شَرَطْت عَلَيْك الرَّهْنَ أَوْ الْكَفِيلَ وَقَالَ الْوَكِيلُ لَمْ تَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيَّ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1498) - (الْبَهْجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) . إذَا أَطْلَقَ الْمُوَكِّلُ الرَّهْنَ، أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِ (مُعْتَمَدٍ) فَكَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ بِرَهْنٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِمَا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) وَعِنْدَهُمَا لَا فِيمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا لَوْ أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ بِقَوْلِهِ: بِعْهُ بِرَهْنٍ مُعْتَمَدٍ فَإِنَّمَا يَقْتَدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِهِ بِرَهْنٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ الثَّمَنَ اُنْظُرْ الضَّابِطَ الْأَوَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَيُلْزَمُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْكَفَالَةِ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَمْ يَأْخُذُ غَيْرَهُ كَفِيلًا، وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إذَا كَفَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ لِكَوْنِ حَقِّ الْقَبْضِ لَهُ فَكَأَنَّهُ كَفَلَ مَطْلُوبَهُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ كَانَ الْأَدَاءُ بَاطِلًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَى الْبَاطِلِ بَاطِلٌ وَلَكِنْ لَوْ أَدَّى الضَّمَانَ فَلَا يَرْجِعُ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (630) .

(المادة 1502) لا يجبر الوكيل بالبيع على أداء ثمن المال الذي باعه من ماله

[ (الْمَادَّةُ 1502) لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِهِ] الْمَادَّةُ (1502) - (لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي) . اُنْظُرْ إلَى الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْخَاتِمَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1112) حَتَّى إنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا أَعْطَى ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ بِدُونِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُتَبَرِّعًا وَيَفْقِدُ حَقَّ رُجُوعِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1507) . مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ الْمُوَكِّلِ بِأَلْفِ قِرْشٍ ذَلِكَ إلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ دُونِ أَنْ يَقْبِضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَمِنْ دُونِ أَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُتَبَرِّعًا كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ وَوَقَعَ التَّقَاصُّ مَعَ الدَّيْنِ الَّذِي لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدُ كَانَ مُتَبَرِّعًا أَيْضًا. لَكِنْ لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَبْقَى ثَمَنُ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الثَّمَنَ، مَثَلًا لَوْ شَرَطَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ قِرْشٍ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ آنِفًا لَهُ وَأَعْطَى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِمُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلِلْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَاهُ لِمُوَكِّلِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إعْطَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ (الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَكَذَا لَوْ تَرَكَ عِدَّةُ أَشْخَاصٍ أَمْوَالَهُمْ عِنْدَ تَاجِرٍ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَبَاعَ التَّاجِرُ أَيْضًا تِلْكَ الْأَمْوَالَ نَسِيئَةً وَأَدَّى إلَى أَصْحَابِهَا أَثْمَانَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ أَثْمَانَهَا مِنْ مُشْتَرِيَيْهَا عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِيَيْنِ وَأَفْلَسَ الْمُشْتَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ التَّاجِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ أُوْلَئِكُمْ الْأَشْخَاصِ نَقُودَهُ (الطَّحْطَاوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ (إذَا لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا أَخَذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ إعْطَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1463 و 794) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَاشْتَرَى فِي مُقَابِلِهِ أَمْتِعَةً كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا لَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَضْمَنَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِمُوَكِّلِهِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ: إنِّي آخُذُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) مُسْتَثْنَى: يُجْبَرُ الْوَكِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ؛ وَهِيَ: إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ مُعَجَّلًا وَأَمْهَلَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُشْتَرِي وَأَجَّلَهُ صَحَّ إمْهَالُهُ وَتَأْجِيلُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الثَّمَنِ لِمُوَكِّلِهِ حَالًّا مِنْ مَالِهِ وَيَقْبِضُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِنَفْسِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . [ (الْمَادَّةُ 1503) إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ] الْمَادَّةُ (1503) - (إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ حَقَّ الْوَكِيلِ) . إنَّ قَبْضَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي حَقٌّ لِلْوَكِيلِ أَصَالَةً سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَيًّا أَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ جُنَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) وَشَرْحَهَا. وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ الَّذِي أُمِرَ بِبَيْعِهِ لَدَائِنِهِ

وَوَقَعَ التَّقَاصُّ مَعَ دَيْنِ الدَّائِنِ بِسَبَبِ وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْوَكِيلُ قَدْ أَوْفَى دَيْنَهُ بِمَالِ مُوَكِّلِهِ. وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى إبْرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إبْرَاؤُهُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فَلَا تَقَعُ وَلَكِنْ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ إجْمَاعًا وَلَا ضَمَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي دَيْنٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ يَقَعُ التَّقَاصُّ بَيْنَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُوَكِّلِ لِلْمُشْتَرِي وَبَيْنَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ دَيْنٌ لِلْمُشْتَرِي فَيَحْصُلُ التَّقَاصُّ بِالثَّمَنِ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، الْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا قَبَضَ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا الثَّمَنَ يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ كَانَ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ قَبْضُ الثَّمَنِ حَقًّا لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَقْبُوضَ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ وَلَا فَائِدَةَ فِي اسْتِرْدَادِهِ، وَدَفْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ وَصَلَ إلَيْهِ (الْبَحْرُ) . حَتَّى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ نَهَى وَمَنَعَ الْوَكِيلَ عَنْ تَسْلِيمِهِ إلَيْهِ لَكِنْ لَوْ ضُبِطَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْمُوَكِّلِ وَسَلَّمَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَعْبِيرُ الْمُوَكِّلِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْيَتِيمِ فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَأَعْطَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْيَتِيمِ فَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي مِنْ الدَّيْنِ وَيَلْزَمُهُ إعْطَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ثَانِيَةً إلَى الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ بِقَبْضِ مَالِهِ مُطْلَقًا فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِقَبْضِ دَيْنِهِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَإِعْطَاءُ الْمُشْتَرِي نَقُودَ الْيَتِيمِ تَضْيِيعٌ لَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَدُلُّ قَوْلُهُ (إذَا قَبَضَ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِرِضَاهُ. وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ وَتَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُوَكِّلِ. مَا لَمْ يُوَكِّلْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ. وَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُوَكِّلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . مُسْتَثْنًى - إنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ مُسْتَثْنًى مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، فَبَدَلُ الصَّرْفِ إنَّمَا لِلْوَكِيلِ قَبْضُهُ. يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكَّلَ بِالصَّرْفِ إذَا أَجْرَى عَقْدَ الصَّرْفِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَدَلَ يَبْطُلُ عَقْدُ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ افْتَرَقَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ دُونِ قَبْضٍ. وَالْحَالُ أَنَّ الْقَبْضَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهَذَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُتَعَاقِدِينَ كَمَا يَتَعَلَّقُ الْقَبْضُ بِهِمَا أَيْضًا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ قَبْضِ الثَّمَنِ حَقًّا لِلْوَكِيلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ قَبْضَ الثَّمَنِ وَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْوَكِيلِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ حِينَئِذٍ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِمُوَكِّلِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

(المادة 1504) إذا كان الوكيل بغير أجرة

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي سُلَّمَ إلَيْهِ لِأَجْلِ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ اُقْتُرِضَ أَوْ غُصِبَ مِثْلُ ذَلِكَ الثَّمَنُ مِنْهُ وَبِذَلِكَ قَدْ حَصَلَ بَيْنَ مُوَكِّلِهِ وَالْمُشْتَرِي أَوْ الْمُقْرِضِ أَوْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ التَّقَاصُّ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَكِيلِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ. وَصُورَةُ التَّحْلِيفِ عَلَى الثَّبَاتِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى كَوْنِ الْمُوَكِّلِ قَدْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ. وَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا التَّحْلِيفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1748) فَهُوَ إعَادَةٌ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ، فَإِذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَتْلَفَ ثَمَنَ الْمُوَكِّلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي: إنَّنِي بِعْت ذَلِكَ الْمَالَ لِفُلَانٍ وَقَبَضَ الْمُوَكِّلُ مِنْهُ الثَّمَنَ أَوْ قَالَ: قَبَضْت أَنَا الثَّمَنَ وَأَعْطَيْته لِمُوَكِّلِي أَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدَيَّ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَكَذَّبَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ وَالْقَبْضِ مَعًا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ سَلَّمَ ذَلِكَ الْمَالَ لِوَكِيلِهِ بَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِلْوَكِيلِ وَإِذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى ادِّعَائِهِ الْيَمِينَ بَرِئَ الْوَكِيلُ أَيْضًا مِنْ الضَّمَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1463، 1774) . وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ الثَّمَنَ اُنْظُرْ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى النُّكُولِ لِإِحَاطَةِ الْقَبْضِ أَوْ عَدَمِهِ لِعِلْمِهِ وَلِكَوْنِهِ إمَّا بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُقِيمَتْ دَعْوَى عَيْبِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى مُوَكِّلِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1489) ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَى النُّكُولِ بِمُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ (التَّكْمِلَةُ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ الَّذِي سَيُبَاعُ إلَى الْوَكِيلِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ تَكْذِيبُهُ لِوَكِيلِهِ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ مَعًا صُدِّقَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أُخْبِرَ بِأَمْرٍ وَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى إنْشَائِهِ فِي حَالِ إخْبَارِهِ أَمَّا إقْرَارُهُ فِي حَقِّ قَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي عَلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَصَّدَّقُ بِهِ وَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَعْطَى الثَّمَنَ مُجَدَّدًا لِمُوَكِّلِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْمَبِيعَ وَإِذَا قَالَ: فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ: بِعْتُ قَبْلًا وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ تَلِفَ فِي يَدَيَّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُعْطِي الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: بِعْت قَبْلًا وَأَخَذَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ فَلَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي. لَوْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَكِنْ كَذَّبَهُ فِي إعْطَائِهِ الثَّمَنَ أَوْ تَلَفِهِ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَكِيلِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ ثَانِيَةً وَهُوَ مُخَيَّرٌ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1504) إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ] الْمَادَّةُ (1504) - (إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلَا يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى اسْتِيفَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ وَلَا عَلَى تَحْصِيلِهِ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يُوَكِّلَ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ وَتَحْصِيلِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يُحَصِّلْهُ بِرِضَائِهِ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِأُجْرَةٍ كَالدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى تَحْصِيلِ الثَّمَنِ وَاسْتِيفَائِهِ) .

(المادة 1505) الوكيل بالبيع

إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِدُونِ أُجْرَةٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ وَلَا عَلَى تَحْصِيلِهِ وَلَا عَلَى قَبْضِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَلَا عَلَى الْمُخَاصَمَةِ بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ مُتَبَرِّعٌ وَلَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّبَرُّعِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةِ) . وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ فَرَسَ مُوَكِّلِهِ الَّذِي فِي بَغْدَادَ بِالْوَكَالَةِ فِي الْبَصْرَةِ مُعَجَّلًا فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُجْبِرَهُ بِقَوْلِهِ لَهُ: اذْهَبْ إلَى الْبَصْرَةِ وَحَصِّلْ ثَمَنَ الْفَرَسِ الَّذِي بِعْته (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . حَيْثُ إنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ وَالْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ حَقٌّ لِلْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَتَوَلَّى هَذِهِ الْحُقُوقَ، فَإِذَا لَمْ يُحَصِّلْ الْوَكِيلُ بِرِضَاهُ الثَّمَنَ وَسَائِرَ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَقُمْ بِهَا، لَزِمَ الْوَكِيلَ أَنْ يُوَكِّلَ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ وَتَحْصِيلِ الثَّمَنِ وَبِالْقِيَامِ بِالْحُقُوقِ الْأُخْرَى بِقَبْضِ الثَّمَنِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدُ. أَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ بِرِضَاهُ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ عَزْلُهُ (التَّكْمِلَةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ (إذَا لَمْ يُحَصِّلْهُ بِرِضَاهُ) أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى التَّوْكِيلِ إذَا كَانَ يُرِيدُ تَحْصِيلَهُ بِرِضَاهُ: فَلَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ وَكِّلْنِي أَوْ أَحِلْنِي حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ: الْوَكِيلُ أَنَا أَقْبِضُهُ. وَتَنَازَعَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَوْكِيلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ إحَالَتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ قَبْضَ الثَّمَنِ مِنْ حُقُوقِ الْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِأُجْرَةٍ كَالدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ فَيُجْبَرُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَالتَّحْصِيلِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا مُتَبَرِّعِينَ. وَبِمَا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِمْ، وَتَحْصِيلُ الثَّمَنِ مِنْ تَمَامِ الْعَمَلِ أَيْضًا فَهُمْ مُجْبَرُونَ عَلَى تَحْصِيلِ الثَّمَنِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةِ) . وَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمُضَارَبَةِ بَعْدَ التَّفَاسُخِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يُجْبَرُ الْمُضَارِبُ عَلَى تَقَاضِي الدُّيُونَ وَإِلَّا فَلَا، وَيُوَكِّلُ رَبَّ الْمَالِ بِتَقَاضِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1505) الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ] الْمَادَّةُ (1505) - (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَهُ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا تَنْفُذُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ وَيُلْزَمُ عَلَى إعْطَاءِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ) . لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. يَعْنِي وَلَوْ كَانَ بِلَا إذْنِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ عَائِدَةٌ إلَى الْعَاقِدِ الَّذِي هُوَ الْوَكِيلُ. لَكِنَّ هَذِهِ الْإِقَالَةَ لَا تَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ إعْطَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ تَنْتَهِي بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1526) بِبَيْعِهِ الْمَالَ. وَالْإِقَالَةُ بَعْدَئِذٍ هِيَ فِي حُكْمِ بَيْعٍ جَدِيدٍ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْوَكِيلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا تَقَايَلَ الْمُوَكِّلُ وَالْمُشْتَرِي الْبَيْعَ أَيْضًا يَصِحُّ. سُؤَالٌ - لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ الْإِقَالَةُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إقَالَةُ الْبَيْعِ بِذَاتِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1493) إنَّ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَارٍّ فِي الْمَادَّةِ (1493) وَالدَّلِيلُ

الفصل الرابع في بيان المسائل المتعلقة بالمأمور بالإيفاء

الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1493) الْمَذْكُورَةِ جَارٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُهُ إيجَادُ فَرْقٍ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ، قِيلَ (قَبْلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إقَالَةُ الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ وَضْعَ يَدِ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ عَلَى الْمَقْبُوضِ تُثْبِتُ يَدَ الْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْوَكِيلُ أَنَّ؟ الْمُوَكَّلَ بِهَذِهِ الْإِقَالَةِ (الْخَانِيَّةُ اسْتِنْبَاطًا وَالْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُهُ لَا تَنْفُذُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَفَسَادِ الْبَيْعِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَتَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَلِهَذَا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَدُّ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مَالًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، ادَّعَى عَيْبَهُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِكَوْنِهِ مَعِيبًا وَرَدَّهُ لِلْوَكِيلِ فَلِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ رَدُّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَدُّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1461) (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الرَّدُّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، كَمَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَأَعْطَى الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ؛ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ رَاضِيًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ وَالْفَسْخَ حَقٌّ لِلشَّرْعِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (372) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالْإِيجَارِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ لَوْ أَقَالَ الْإِجَارَةَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ يَجُوزُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) . [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَأْمُورِ بِالْإِيفَاءِ] قَدْ بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بَعْضُ قَوَاعِدَ لِرُجُوعِ الْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ إيفَائِهِ الْمَأْمُورَ بِهِ وَصَرَفَ مِنْ مَالِهِ عَلَى إيفَائِهِ. بِمَا أَنَّهُ بَعْضُ مُسْتَثْنَيَاتٍ إذَا أُخِذَتْ الْقَوَاعِدُ الْمَذْكُورَةُ مُنْفَرِدَةً تَخِلُّ بِكُلِّيَّتِهَا فَلْنُبَادِرْ إلَى سَرْدِ وَإِيضَاحِ الْقَوَاعِدِ الْآتِيَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ مَزْجِ الْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - إذَا أَوْفَى أَحَدٌ مِنْ مَالِهِ مَا هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ آخَرَ مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ أَوْ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وُجُوبًا دُنْيَوِيًّا أَوْ إذَا مَلَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الشَّيْءَ الْمَدْفُوعَ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَمْلُوكِ بِأَمْرِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ شَرْطٌ لِلرُّجُوعِ كَنَفَقَةِ الْأَوْلَادِ وَالْعِيَالِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْشَاءِ الدَّارِ وَإِعْطَاءِ بَدَلِ الْغَصْبِ وَتَكْفِينِ الْمُتَوَفَّى وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْأَمْرِ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ.

إيضَاحُ الْقُيُودِ وَالْأَمْثِلَةِ: الْحَبْسُ وَالْمُلَازَمَةُ: يَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ إعْطَاءُ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ، وَالْأَمْرِ بِالْإِحْجَاجِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ بِهَا مَنْ تَكُونُ لَازِمَةً لَهُ فَلَا يَكُونُ مُطَالَبًا مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ الدُّنْيَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَقَدْ ذُكِرَتْ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ وَالْعِيَالِ فِي الْمَادَّةِ (1508) وَأَدَاءُ الدِّينِ فِي الْمَادَّةِ (1506) وَإِنْشَاءُ الدَّارِ فِي الْمَادَّةِ (1508) . إعْطَاءُ بَدَلِ الْغَصْبِ، إذَا لَزِمَ الْغَاصِبَ إعْطَاءُ الْبَدَلِ بِنَاءً عَلَى غَصْبِهِ مَالًا وَاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ فَقَالَ: لِآخَرَ أَعْطِ بَدَلَ الْغَصْبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ مَالِكَ وَأَعْطَاهُ الْآخَرُ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَمْلِكُ الْبَدَلَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. تَكْفِينُ الْمُتَوَفَّى: إذَا أَمَرَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدًا بِتَكْفِينِ مَيِّتِهِ وَكَفَّنَهُ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِنَاءً عَلَى مَا وَرَدَ فِي الرِّضَى (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ عَلَى الْوَرَثَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لَوْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَأَمَرَهُ بِالتَّعْوِيضِ عَنْهَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ لِوُجُودِ الْمِلْكِ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا قَالَ: الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا وَكَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكًا أَوْ خَلِيطًا لِلْآمِرِ أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ قَالَ الْآمِرُ أَعْطِهَا مِنِّي أَوْ كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا عَلَى الرُّجُوعِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ صَيْرَفِيًّا يَرْجِعُ أَيْضًا بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ. وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ أَنْ يَكُون بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ أَوْ مُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُ هَذَا أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يُقْرِضُهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إجْمَاعًا إذْ الضَّمَانُ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ مَشْرُوطٌ عُرْفًا إذْ الْعُرْفُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ شَرِيكَهُ أَوْ خَلِيطَهُ بِدَفْعِ مَالٍ إلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَأَفَادَ التَّعْلِيلُ بِالضَّمَانِ عُرْفًا أَنَّ مَا يَرَى بِهِ الْعُرْف فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا وَلَا فِي عِيَالٍ وَلِذَا أَثْبَتُوا الرُّجُوعَ لَلصَّيْرَفِيِّ. الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ أَعْطِ فُلَانًا مِنْ مَالِكِ كَذَا دِرْهَمًا هِبَةً أَوْ قَرْضًا أَوْ عِوَضًا لِلْهِبَةِ الَّتِي أَعْطَانِي إيَّاهَا أَوْ كَفَّارَةً عَنْ قَسَمِي أَوْ زَكَاةَ مَالِي أَوْ أَرْسِلْ فُلَانًا لِلْحَجِّ بَدَلًا عَنِّي وَشَرَطَ الرُّجُوعَ يَعْنِي قَالَ: إنَّنِي أَعْطَيْتُك إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا أَوْ قَالَ: الْآمِرُ أَعْطِهِ مِنِّي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْهِبَةِ، وَالتَّنْقِيحُ فِي الْكَفَالَةِ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) قَدْ بَيَّنْتُ هُنَا الْإِيضَاحَاتِ الَّتِي وَعَدْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (868) . الْمَادَّةُ (1506) - (إذَا أَمَرَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِأَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَدَّاهُ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ شَرَطَ الْآمِرُ رُجُوعَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ. يَعْنِي سَوَاءٌ شَرَطَ الْآمِرُ رُجُوعَ الْمَأْمُورِ بِأَنْ قَالَ: مَثَلًا: أَدِّ دَيْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَهُ لَك بَعْدُ. أَوْفِ دَيْنِي وَبَعْدَهُ خُذْهُ مِنِّي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: فَقَطْ أَدِّ دَيْنِي) . ضَابِطٌ: يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى آمِرِهِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ

الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مَأْمُورٌ وَوَكِيلٌ بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ لِلدَّائِنِ فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ مِنْ الدَّائِنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (471) (الْبَحْرُ) . الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَقْتَضِي الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَمْرُ الْمَدِينِ. وَعَلَيْهِ إذَا أَوْفَى أَحَدٌ دَيْنَ مَدِينٍ بِلَا أَمْرِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِذَلِكَ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ وَقَالَ: لَهُ: بِعْ هَذِهِ وَفِ بِثَمَنِهَا مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ وَأَعْطَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ الْفَرَسَ كَانَ مُتَبَرِّعًا (الْهِنْدِيَّةُ) قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (725) . الشَّرْطُ الثَّانِي - دَيْنٌ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا فِي الْمَادَّةِ (1509) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ - إيفَاءٌ. لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِيفَاءِ؛ يَعْنِي أَدَاءَ الدَّيْنِ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الدَّائِنِ أَوْ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَلَا يَثْبُتُ الْأَدَاءُ فِي حَقِّ الْمَأْمُورِ أَوْ الدَّائِنِ بِإِقْرَارِ الْآمِرِ مَعَ تَصْدِيقِ الْمَأْمُورِ. وَعَلَيْهِ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَدَّى الدَّيْنَ بِنَاءً عَلَى أَمْرِهِ وَحَلَفَ الدَّائِنُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذُهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْآمِرِ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَامِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا لَهُ الرُّجُوعُ إذَا بَقِيَ الْمَالُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ سَالِمًا لِلْآمِرِ. كَالْمُشْتَرِي إنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى الْآمِرِ إذَا سَلَّمَ الْآمِرُ مَا اشْتَرَى. أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ (الْبَحْرُ) أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ فَادَّعَاهُ، وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ وَالْمُوَكِّلُ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ الْمُوَكِّلِ الْعِلْمَ وَإِنْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ دُونَ الطَّالِبِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِدَيْنِهِ (الْقُدُورِيُّ) وَفِي الْجَامِعِ لَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا أَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَرِئَ الْآمِرُ مِنْ دَيْنِ الطَّالِبِ وَيَثْبُتُ لِلْمَأْمُورِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى آمِرِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَاذَا كَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَأْمُورِ هَذِهِ أَيْضًا فِي مُوَاجَهَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ لَكِنَّهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَبَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ أَيْضًا وَهُوَ الْآمِرُ وَبَعْدُ السَّبَبِيَّةِ وَالِاتِّصَالُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا. لَكِنْ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ كَوْنَ الْمَأْمُورِ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ وَكَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا أُجْبِرَ الْآمِرُ عَلَى إعْطَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمَأْمُورِ وَلَيْسَ لِلْآمِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمَأْمُورِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْكِرَ دَائِنِي الْقَبْضَ عِنْدَ حُضُورِهِ وَيَأْخُذَهُ مِنِّي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74) . لَكِنْ لَوْ جَاءَ الدَّائِنُ مُؤَخَّرًا وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَأَخَذَهُ مِنْ الْآمِرِ يَسْتَرِدُّ الْآمِرُ مَا أَعْطَاهُ لِلْمَأْمُورِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .

وَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ تَصْدِيقُهُ مُقَدَّمًا. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِشَخْصٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَوْفَاهُ الْآخَرُ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى آمِرِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْآمِرِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ الْآمِرُ الرُّجُوعَ أَمْ لَمْ يَشْرُطْ. يَعْنِي سَوَاءٌ أَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لِلْمَأْمُورِ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطِ فُلَانًا أَوْ بَيْتَ الْمَالِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا عَنِّي عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مِنِّي بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْطِ أَنْتَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أُعْطِيَك أَمْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطِ دَيْنِي فَقَطْ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَعْطَاهُ الْآخَرُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يُشْعِرُ بِأَنَّ لِلْآمِرِ دَيْنًا عَلَى الْمَأْمُورِ فَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ عَلَى الْآمِرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) قَاعِدَةٌ: لَوْ أَعْطَى الْمَأْمُورُ بِالْإِنْفَاقِ مَالًا مِنْ أَمْرِهِ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُعْطَى إلَيْهِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ لِمَالِهِ وَنَوَى حِينَ إنْفَاقِهِ الرُّجُوعَ عَلَى آمِرِهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَيَقَعُ التَّقَاصُّ. إيضَاحُ الْقُيُودِ الَّتِي فِي الْقَاعِدَةِ: 1 - الْمَأْمُورُ بِالْإِنْفَاقِ - هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَأْمُرُهُ شَخْصٌ آخَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ أَبْنَائِهِ أَوْ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ أَوْ بِشِرَاءِ مَالٍ. 2 - وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي يَدِهِ -؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ لِلْمَأْمُورِ قَدْ اُسْتُهْلِكَ يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُتَبَرِّعًا فِي إنْفَاقِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَوَائِجِهِ. مَثَلًا لَوْ أُعْطِيَ أَحَدٌ عَشْرَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ سَدَادَ الدَّيْنِ الَّذِي لِفُلَانٍ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي أُمُورِهِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَأَعْطَى بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ دَنَانِيرَ مِنْ مَالِهِ لِذَلِكَ الدَّائِنِ كَانَ بِهَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعًا وَلِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ مَأْمُورَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ. 3 - وَلَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ - أَمَّا لَوْ أَضَافَ الْمَأْمُورُ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ وَكَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ اشْتِرَاءَ مَالٍ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1486) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَسَائِلُ أُخْرَى تُثْبِتُ حَقَّ الرُّجُوعِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ جَبْرًا وَأَزْعَجَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ آخَرَ أَنْ يَدْفَعَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . كَذَلِكَ لَوْ صُودِرَتْ جَمَاعَةٌ، أَيْ لَوْ طَلَبَ مِنْهُمْ بَعْضُ الظَّلَمَةِ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَمْوَالًا وَقَالُوا لِأَحَدٍ اسْتَقْرِضْ وَأَدِّ لَهُمْ الْأَمْوَالَ وَاسْتَقْرَضَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ وَصَرَفَهَا عَلَى الْمُصَادَرَةِ يَأْخُذُ الْمُقْرِضُ قَرْضَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَهَذَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا لُزُومَ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَدَّى أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ. يَعْنِي يَأْخُذُ النُّقُودَ الَّتِي أَدَّاهَا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) .

(المادة 1507) المأمور بإيفاء الدين من ماله بدراهم مغشوشة إذا أعطى الدائن دراهم خالصة

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ نَفَّذَ الْوَصِيُّ وَصِيَّةَ الْمُتَوَفَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ لِضَيَاعِ مَالِ الْيَتِيمِ وَعَدَمِ وُجُودِ وَالِدَتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى قَوْلٍ، سَوَاءٌ أَشْهَدَ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَنَّ إنْفَاقَهُ قَرْضٌ وَأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1507) الْمَأْمُور بِإِيفَاءِ الدِّين مِنْ مَاله بِدَرَاهِم مَغْشُوشَة إذَا أَعْطَى الدَّائِن دَرَاهِم خَالِصَة] الْمَادَّةُ (1507) - (الْمَأْمُورُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ إذَا أَعْطَى الدَّائِنَ دَرَاهِمَ خَالِصَةً، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْآمِرِ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً وَالْمَأْمُورُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بِدَرَاهِمَ خَالِصَةٍ إذَا أَدَّى الدَّيْنَ بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْآمِرِ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً أَيْضًا. أَمَّا لَوْ كَانَ مَأْمُورًا بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَبَاعَ مَالَهُ لِلدَّائِنِ وَقَاصَّهُ بِدَيْنِ الْآمِرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الدَّيْنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ قَدْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ الدَّائِنِ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَيْسَ لِلْآمِرِ الْمَدِينِ أَنْ يَحُطَّ الزِّيَادَةَ مِنْ دَيْنِهِ) . الْمَأْمُورُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ إذَا أَعْطَى الدَّائِنَ دَرَاهِمَ خَالِصَةً، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْآمِرِ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي وَصْفِ الْخُلُوصِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ نَفْسِ الْأَدَاءِ لَمَّا كَانَ بِأَمْرِهِ وَوَصَفَ الْخُلُوصَ بِلَا أَمْرٍ عُدَّتْ الْجِهَةُ الَّتِي بِلَا أَمْرٍ تَبَرُّعًا. وَالْمَأْمُورُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ بِدَرَاهِمَ خَالِصَةٍ إذَا أَدَّى الدَّيْنَ بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْآمِرِ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً أَيْضًا؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ لَمَّا قَبِلَ بِالْمَغْشُوشَةِ فَيَكُونُ قَدْ أَبْرَأَ مَدِينَهُ مِنْ حَقِّهِ فِيهَا خَالِصَةً فَيَسْتَفِيدُ الْمَدِينُ مِنْ هَذَا الْإِبْرَاءِ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ أَعْطِ كَذَا دِرْهَمًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَفَاءَ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيَّ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ وَأَعْطَاهُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ دَرَاهِمَ خَالِصَةً وَأَدَّى عَنْهُ الدَّيْنَ بِدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ وَاسْتَهْلَكَ الدَّرَاهِمَ الْخَالِصَةَ فِي حَوَائِجِهِ الْخُصُوصِيَّةِ يُعْطَى مِثْلُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ لِلْمَأْمُورِ وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ الْخَالِصَةَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ أَنَّ الْمُؤَدَّى: إذَا كَانَ أَجْوَدَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ رَجَعَ الْمَأْمُورُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَ الْمُؤَدَّى أَرْدَأَ مِنْ الْمَأْمُورِ بِهِ رَجَعَ بِالْمُؤَدَّى أَمَّا الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ دَيْنٍ إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الدَّائِنِ وَجُعِلَ تَقَاصًّا بِدَيْنِ الْآمِرِ أَخَذَ مِنْ الْآمِرِ مِقْدَارَ الدَّيْنِ مَهْمَا كَانَ. وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ: إذَا كَانَ بَدَلُ وَقِيمَةُ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ إنَّنِي أُعْطِيهِ الْبَدَلَ أَوْ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ وَالضَّرَرَ الْحَاصِلَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ رَاجِعَانِ إلَى مَنْ تَوَلَّى الْعَقْدَ وَبَاشَرَهُ. وَلَا يَضُرُّ بِغَيْرِهِمْ كَمَا لَا يُفِيدُهُمْ. وَعَلَيْهِ إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الدَّائِنِ بِأَزْيَدَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَيْسَ لِلْآمِرِ الْمَدِينِ أَنْ يُنْزِلَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ مِنْ دَيْنِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى مَحَلَّ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ وَمَحَلَّ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ يَأْخُذُ الْجِنْسَ الَّذِي أُمِرَ بِأَدَائِهِ فَلَوْ

(المادة 1508) إذا أمر واحد آخر أن ينفق عليه أو على أهله وعياله

أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: أَعْطِ مِنْ مَالِكِ فُلَانًا خَمْسَةَ عَشَرَ رِيَالًا فِضِّيًّا فَأَعْطَى بَدَلًا عَنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ ذَهَبَتَيْنِ مِنْ ذَاتِ الْمِائَةِ بِرِضَاءِ الْمَدِينِ رَجَعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى آمِرِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ رِيَالًا فِضِّيًّا وَلَيْسَ لِلْآمِرِ أَنْ يَقُولَ: ارْجِعْ بِذَهَبَتَيْنِ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ فَلَا اعْتِبَارَ لِلْمُؤَدَّى وَالِاعْتِبَارُ لِلْمَأْمُورِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى الصُّلْحُ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ. وَالْفَرْقُ كَانَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (657) . [ (الْمَادَّةُ 1508) إذَا أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ] الْمَادَّةُ (1508) - (إذَا أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَهُ بِقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ اشْتَرَطَ رُجُوعَهُ بِقَوْلِهِ أَنْفِقْ وَأَنَا أُعْطِيك النَّفَقَةَ كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ بِإِنْشَاءِ دَارِهِ فَأَنْشَأَهَا الْمَأْمُورُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ رُجُوعَهُ) . إذَا أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ هُوَ أَوْ وُرَّاثُهُ إنْ تُوُفِّيَ عَلَى الْآمِرِ أَوْ عَلَى تَرِكَتِهِ إنْ تُوُفِّيَ الْآمِرُ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَهُ بِقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَإِذَا أَقَرَّ الْآمِرُ بِأَنَّهُ أَمَرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَكِنَّهُ أَنْكَرَ إنْفَاقَ الْمَأْمُورِ أَوْ أَقَرَّ بِإِنْفَاقِهِ مِقْدَارًا وَأَنْكَرَ إنْفَاقَ الْبَاقِي يُجْبَرُ الْمَأْمُورُ عَلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ قَدْ أَنْفَقَ عَلَى وَجْهِ أَمْرِ الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْآمِرِ عَلَى كَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ إنْفَاقَهُ. اُنْظُرْ (8) كَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ أَحَدٌ الْأَمْرَ وَالْإِنْفَاقَ مَعًا فَيَلْزَمُ أَنْ تُحَلَّ الْمَسْأَلَةُ بِإِثْبَاتِهِمَا كِلَيْهِمَا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْيَمِينِ. إذَا ادَّعَى الْمَأْمُورُ أَنَّهُ قَدْ أَنْفَقَ بِمُقْتَضَى أَمْرِ الْآمِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْجِهَاتِ الَّتِي أَنْفَقَ فِيهَا وَتَفْصِيلَ مَا أَنْفَقَ إفْرَادًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . أَمَّا إذَا أَعْطَى الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِيَصْرِفَهَا وَاخْتَلَفَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ فَقَالَ: الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ إنَّك صَرَفْت خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَالَ: الْمَأْمُورُ إنَّنِي صَرَفْت أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَأْمُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1463 و 1774) (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَالْفَيْضِيَّةُ، وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَهُ بِإِنْشَاءِ دَارِهِ فَأَنْشَأَهَا الْمَأْمُورُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ إذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَاتِ يَأْخُذُ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْقَدْرَ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فَادَّعَى الْآمِرُ النُّقْصَانَ وَالْمَأْمُورُ الزِّيَادَةَ يُكْشَفُ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَأَرْبَابِ الْوُقُوفِ فَمَنْ وَافَقَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ عَلَى أَقْوَالِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. وَإِذَا اخْتَلَفُوا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ يَدَّعِيهَا. إيضَاحٌ لِلْآمِرِ أَنْشِئْ دَارِي. يُوجَدُ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِيمَا إذَا أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارَ آخَرَ: 1 - إنْشَاءُ الدَّارِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ لِصَاحِبِهَا. وَعَلَيْهِ لَوْ عَمَّرَ أَوْ بَنَى أَحَدٌ دَارَ زَوْجَتِهِ أَوْ مِلْكًا آخَرَ لَهَا كَكَرْمِهَا أَوْ بُسْتَانِهَا لِأَجْلِهَا وَكَانَتْ الْعِمَارَةُ وَالْبِنَاءُ بِأَمْرِ زَوْجَتِهِ كَانَتْ الْعِمَارَةُ وَالْبِنَاءُ مِلْكًا

لِلزَّوْجَةِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ نَفَقَاتِهِ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الزَّوْجَةِ. 2 - الْمُنْشِئُ لِنَفْسِهِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الدَّارِ وَالْعَرْصَةِ. لَوْ أَنْشَأَ الزَّوْجُ فِي عَرْصَةِ زَوْجَتِهِ لِنَفْسِهِ دَارًا بِإِذْنِهَا كَانَ هَذَا الْإِذْنُ إمَّا إعَارَةً أَوْ إجَارَةً وَقَدْ مَرَّتْ أَحْكَامُهُمَا فِي الْمَادَّتَيْنِ (531 و 831) . وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ قَالَ: صَاحِبُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ قَبْلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ، فَفِي الْفَرَائِدِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعِمَارَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَهُ وَالْعَرْصَةُ لَهَا وَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ إنْ طَلَبَتْهُ فَبِمَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَوَادِّ الْمَجَلَّةِ الْمَارَّةِ الذِّكْرِ فَمِنْ الْبَدِيهِيِّ أَنْ لَا يُعْمَلَ بِهِ. 3 - لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا أَوْ عَمَّرَهَا لِصَاحِبِهَا بِدُونِ أَمْرِهِ كَانَ الْبِنَاءُ أَوْ الْعِمَارَةُ لِصَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الدَّارِ وَيَكُونُ الْمُنْشِئُ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَى عِمَارَتِهِ إيَّاهَا. 4 - أَنْ يُنْشِئَ أَحَدٌ دَارًا لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَمْرِ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ أَوْ الدَّارِ. فَلَوْ أَنْشَأَ الزَّوْجُ بِنَاءً لِنَفْسِهِ مَثَلًا بِآلَاتِهِ وَأَدَوَاتِهِ وَلَوَازِمِهِ فِي عَرْصَةِ زَوْجَتِهِ بِدُونِ إذْنِهَا فَالْبِنَاءُ لِلزَّوْجِ وَبِمَا أَنَّ الزَّوْجَ يَكُونُ قَدْ غَصَبَ عَرْصَةَ زَوْجَتِهِ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى تَفْرِيغِ الْعَرْصَةِ لَدَى مُطَالَبَةِ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (906) وَشَرْحَهَا؛ لِأَنَّ الْآلَةَ الَّتِي بَنَى بِهَا مِلْكَهُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ وَيَكُونُ غَاصِبًا لِلْعَرْصَةِ وَشَاغِلًا مِلْكَ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ فَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ إنْ طَلَبَتْ زَوْجَتُهُ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي حُصُولِ الْأَمْرِ بِالْبِنَاءِ وَالتَّعْمِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ بَيِّنَةٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الْأَمْرِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَقَالَ: الزَّوْجُ بَنَيْتُ وَعَمَّرْتُ لِنَفْسِي وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَنَيْتَ وَعَمَّرْتَ لِأَجْلِي. فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . إيضَاحُ الْإِذْنِ الْمُعْطَى لِلْمُسْتَأْجِرِ لِتَعْمِيرِ الْمَأْجُورِ: لَوْ أَمَرَ صَاحِبُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجِرَ قَائِلًا: ابْنِ الدَّارَ وَاعْمُرْهَا وَاحْسِبْ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: قَدْ بَنَيْت وَعَمَرْت. وَأَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ وَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ. كَذَلِكَ كُلُّ مَدِينٍ وَغَاصِبٍ إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ بَعْدَ الْإِذْنِ إنَّمَا يَبْرَأُ بِالْبَيِّنَةِ. أَمَّا الْأَمِينُ الْمَأْذُونُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ (الْبَحْرُ) إذَا أَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِالْبِنَاءِ وَالتَّعْمِيرِ لَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْإِنْفَاقِ يَحْصُلُ الْكَشْفُ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. فَمَنْ وَافَقَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهُمْ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ يَعْنِي إذَا قَالَ: بَعْضُهُمْ: إنَّ التَّعْمِيرَ بُنِيَ بِالنُّقُودِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَقَالَ: الْبَعْضُ الْآخَرُ بِأَنَّهَا تُبْنَى بِالنُّقُودِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُؤَجِّرُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِمُنْكِرِ الزِّيَادَةِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ يَدَّعِيهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) مَسْأَلَةٌ أُخْرَى مُتَفَرِّعَةٌ مِنْ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ بِدُونِ أَمْرٍ تَبَرُّعًا: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ أَنْفَقَ أَحَدٌ عَلَى عُرْسِ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا. (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَنْفَقَ أَحَدٌ عَلَى فَرَسِ آخَرَ بِلَا أَمْرٍ كَانَ مُتَبَرِّعًا. (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) مَثَلًا لَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِلَا أَمْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمَأْجُورِ لِعَلَفِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ

(المادة 1509) لو أمر واحد آخر بقوله أقرض فلانا كذا درهما

يَأْخُذَ ثَمَنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (561) الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَامَ أَحَدٌ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ النَّفَقَاتِ بِنَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ تَبَرُّعًا. وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (725) الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَوْدَعُ بِدُونِ أَمْرِ الْحَاكِمِ عَلَى الْحَيَوَانَاتِ الْوَدِيعَةِ عِنْدَهُ فِي غِيَابِ الْمُودِعُ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْذُ مَا أَنْفَقَ مِنْ الْمُودِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (786) . [ (الْمَادَّةُ 1509) لَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ أَقْرِضْ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا] الْمَادَّةُ (1509) - (لَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَقْرِضْ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ هَبْهُ إيَّاهَا أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِهَا وَبَعْدَهُ أَنَا أُعْطِيَك فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا أَنَا أُعْطِيَك أَوْ خُذْهُ مِنِّي بَعْدَ ذَلِكَ. بَلْ قَالَ فَقَطْ: أَعْطِ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ رُجُوعُ الْمَأْمُورِ مُتَعَارَفًا وَمُعْتَادًا بِأَنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ شَرِيكِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ) . لَوْ أَمْرَ وَاحِدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَهُ أَقْرِضْ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ هَبْهُ إيَّاهَا أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِهَا أَوْ أَعْطِهِ عِوَضَ الْهِبَةِ الَّتِي كَانَ قَدْ أَعْطَانِي إيَّاهَا وَبَعْدَهُ أَنَا أُعْطِيك فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . وَهَذِهِ الْهِبَةُ تَكُونُ قَدْ وَقَعَتْ مِنْ الْآمِرِ، وَعَلَيْهِ فَلِلْآمِرِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَلَيْسَ - لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ عَنْهَا (الْخَانِيَّةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ فُلَانًا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَإِنَّنِي أَضْمَنُهَا لَكَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَأَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَتَرَاكَمَتْ مَبَالِغُ كَثِيرَةٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ضَامِنًا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ (لَمْ يَكُنْ مُرَادِي أَمْرَك بِإِعْطَائِهِ مَبَالِغَ كَثِيرَةٍ كَهَذِهِ) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْكَفَالَةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ خَادِمِي هَذَا أَرْبَعَ أَذْرُعِ جُوخٍ لِيَلْبَسَهَا هُوَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أُعْطِيَكَ قِيمَتَهَا وَأَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصُ، تُؤْخَذُ قِيمَةُ الْجُوخِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ مِنْ خَادِمِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي قَبِيلٌ فِيمَا يَصِحُّ مِنْ الْكَفَالَةِ وَمَا لَا يَصِحُّ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا: أَنَا أُعْطِيَكَ أَوْ خُذْهُ مِنِّي بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ أَوْ كَفِيلٌ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ عَلَيَّ بَلْ قَالَ: فَقَطْ أَعْطِ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ وَتَكُونُ الْهِبَةُ وَاقِعَةً مِنْ الْآمِرِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ لِلْآمِرِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ. وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ عَنْهَا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْأَنْقِرْوِيُّ، الْفَيْضِيَّةُ) . وَلَكِنْ لَوْ كَانَ رُجُوعُ الْمَأْمُورِ مُتَعَارَفًا وَمُعْتَادًا بِأَنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْآمِرِ كَالزَّوْجَةِ وَالِابْنِ وَالْأَجِيرِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ صَيْرَفِيٍّ أَوْ خَلِيطِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) . وَالْمُرَادُ بِالْخَلِيطِ هُنَا هُوَ الشَّخْصُ، أَيْ الْمَأْمُورُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآمِرِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ وَإِقْرَاضٌ وَاسْتِقْرَاضٌ وَإِيدَاعٌ

(المادة 1510) لا ينفذ أمر أحد إلا في ملكه

وَقَدْ اُعْتِيدَ أَنَّهُ كُلَّمَا ذَهَبَ رَسُولُ أَحَدِهِمَا أَوْ وَكِيلُهُ لِلْآخَرِ بَاعَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ أَوْ الرَّسُولُ وَأَقْرَضَهُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: أَدِّ فُلَانًا مَا يَطْلُبُ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ فُلَانٍ وَأَنَا ضَامِنٌ فَأَدَّى ذَلِكَ الشَّخْصُ الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ بِوَجْهٍ مَا كَقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ. كَذَا لَوْ قَالَ: لِآخَرَ: أَكْفِلْ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانِ وَكَفَلَ الْآخَرُ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) [ (الْمَادَّةُ 1510) لَا يَنْفُذُ أَمْرُ أَحَدٍ إلَّا فِي مِلْكِهِ] الْمَادَّةُ (1510) - (لَا يَنْفُذُ أَمْرُ أَحَدٍ إلَّا فِي مِلْكِهِ فَلَوْ قَالَ: لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ وَأَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ فَأَخَذَهُ الْمَأْمُورُ وَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِ الْآمِرِ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ الَّذِي أَلْقَاهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا) . لَا يَنْفُذُ أَمْرُ أَحَدٍ إلَّا فِي حَقِّ مِلْكِهِ. أَمَّا فِي حَقِّ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يَنْفُذُ وَهُوَ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) وَشَرْحَهَا. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَلْقِ هَذَا الْمَالَ فِي الْبَحْرِ مُشِيرًا إلَى مَالٍ لَهُ فَرَمَاهُ الْمَأْمُورُ أَيْضًا ثُمَّ نَدِمَ الْآمِرُ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْمُلْقِي: أَمَّا لَوْ قَالَ: أَحَدٌ أَلْقِ هَذَا الْمَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَلْقَاهُ الْمَأْمُورُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِ الْآمِرِ فَلِصَاحِبِهِ تَضْمِينُ ذَلِكَ الْمَالِ مُقْتَضَى الْمَادَّةِ (الـ 912) . وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ مُجْبَرًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ أَعْطِ مَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ لِمَنْ شِئْتَ أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ صَحِيحًا وَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ الَّتِي أَلْقَاهَا الْمَدِينُ فِي الْبَحْرِ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا الدَّائِنُ بَعْدُ لَا تَكُونُ مِلْكًا لِلدَّائِنِ وَلِذَلِكَ كَانَ أَمْرُهُ فِيهَا غَيْرَ مُعْتَبَرٍ (الْبَهْجَةُ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُورُ عَالِمًا بِكَوْنِ الْمَالِ لِغَيْرِ الْآمِرِ وَظَنَّ أَمْرَهُ صَحِيحًا فِيهِ فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْمَالِ الْمُلْقَى أَيْضًا لَكِنْ يَرْجِعُ الْمُلْقِي عَلَى الْآمِرِ لِكَوْنِهِ قَدْ غَرَّرَ بِهِ. وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ (مَا لَمْ يَكُنْ مُجْبَرًا) إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُجْبَرًا إنَّمَا الضَّامِنُ الْمُجْبِرُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1007) حَيْثُ إنَّ الْمُكْرَهِ هُنَا كَالْآلَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1511) لَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ] الْمَادَّةُ (1511) - (لَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ بِقَوْلِهِ. أَدِّ دَيْنِي وَقَدْرُهُ كَذَا مِنْ مَالِك فَوَعَدَهُ بِأَدَائِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ الْأَدَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِمُجَرِّدِ وَعْدِهِ) . لَوْ أَمَرَ وَاحِدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ أَدِّ دَيْنِي الْبَالِغَ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ مَالِكِ سَوَاءٌ أَشُرِطَ الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ

(المادة 1512) إذا كان للآمر دين في ذمة المأمور

أُعْطِيَكَ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَمْ يُشْرَطْ. فَوَعَدَهُ بِأَدَائِهِ أَيْضًا ثُمَّ امْتَنَعَ عَنْ الْأَدَاءِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وَعْدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَعْدَ الْمُجَرَّدَ الَّذِي لَا يَكْتَسِي صُوَرَ التَّعْلِيقِ لَا يَكُونُ لَازِمًا (الْبَهْجَةُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1512) إذَا كَانَ لِلْآمِرِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمَأْمُورِ] الْمَادَّةُ (1512) - (إذَا كَانَ لِلْآمِرِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمَأْمُورِ أَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مِنْ النُّقُودِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: بِعْ مَالِي الْفُلَانِيَّ وَأَدِّ دَيْنِي فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا مُتَبَرِّعًا وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالْأُجْرَةِ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ وَأَدَاءِ دَيْنِ الْآمِرِ) . إذَا كَانَ لِلْآمِرِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمَأْمُورِ أَوْ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مِنْ النُّقُودِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْآمِرُ غَائِبًا أَمْ كَانَ حَاضِرًا (التَّنْقِيحُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْمَأْمُورِ.؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ فِي هَذَا لَيْسَ وَكِيلًا لِلْآمِرِ وَحَتَّى يُقَالَ: بِلُزُومِ الْقَبُولِ بَعْدَ الْإِيجَابِ فِي الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْآمِرِ عِنْدَ الْمَأْمُورِ دَيْنٌ فَالْمَأْمُورُ مُجْبَرٌ عَلَى أَدَائِهِ كَمَا أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَصْبَحَ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ مِنْ طَرَفِ الْآمِرِ فَصَارَ الْمَأْمُورُ مُجْبَرًا بِالْأَدَاءِ لَهُ بِصِفَتِهِ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْآمِرِ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ الْمَأْمُورُ أَنَّ لِلْآمِرِ دَيْنًا عَلَيْهِ أَوْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ يُجْبَرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَ مُنْكِرًا فَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَبَيْنَ الدَّائِنِ الَّذِي سَيَقْبِضُ مِنْهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1520) فَالظَّاهِرُ أَنْ لَيْسَ لَهُ مَعَ الْمَأْمُورِ وَإِثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ. وَمَعَ ذَلِكَ يَلْزَمُ نَقْلٌ لِيَعْلَمَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِلْآمِرِ عَلَى الْمَأْمُورِ دَيْنٌ لَزِمَ الْمَأْمُورَ رَدُّهَا لِلْآمِرِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (894) كَمَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ لَدَائِنِ الْآمِرِ إذَا كَانَ وَكِيلًا بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (680) مِنْ الْمَجَلَّةِ وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ قَبُولُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ هُنَا وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ يُصْبِحُ مَدِينًا فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ مَا لَمْ يَقْبَلْ الْحَوَالَةَ وَيَلْزَمُ الدَّيْنَ، أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا يُصْبِحُ الْمَأْمُورُ مَدِينَا وَيُصْبِحُ الِاثْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ حَيْثُ النَّتِيجَةُ وَالْحُكْمُ بِسَبَبِ كَوْنِهِمَا مَجْبُورَيْنِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ هَلْ يُوجَدُ فَرْقُ مَادَّةٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَدِينًا وَمُجْبَرًا عَلَى الْأَدَاءِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَدِينٍ وَمُجْبَرٌ عَلَى ذَلِكَ؟ سُؤَالٌ - قَدْ صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (1520) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ حَقُّ الْخُصُومَةِ، فَإِذَا كَانَتْ عِبَارَةُ (يُجْبَرُ) الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تُفِيدُ مَعْنَى جَبْرِ الْحَاكِمِ أَلَّا يَكُونُ هَذَا مُخَالِفًا لِتِلْكَ الْمَادَّةِ؟

(المادة 1513) إذا أعطى أحد آخر مقدارا من الدراهم وقال أعطها لدائني فلان

الْجَوَابُ - إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ فَلَا خُصُومَةَ فِي الظَّاهِرِ وَإِجْبَارُ الْحَاكِمِ مِنْ قَبِيلِ الْمَعُونَةِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: بِعْ مَالِي الْفُلَانِيَّ وَأَدِّ دَيْنِي يَكُونُ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ، فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَأْمُورُ الْوَكَالَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِذَا قَبِلَهَا وَكَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا إجْبَارَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ لَكِنْ إذَا بَاعَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الْمَالَ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الدَّائِنِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْأُجْرَةِ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَ الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْأُجْرَةِ أَجِيرٌ، وَبِمَا أَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ فَيُجْبَرُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ إيفَاءِ الْعَمَلِ (الْبَهْجَةُ، الْفَيْضِيَّةُ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى، رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةِ) . يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ حَقَّ إجْبَارِ الْوَكِيلِ هُوَ لِلْمَدِينِ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَقُولَ لِلْوَكِيلِ بِعْ الْمَالَ وَفِ مِنْهُ دَيْنِي. [ (الْمَادَّةُ 1513) إذَا أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ أَعْطِهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ] الْمَادَّةُ (1513) - (إذَا أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ: أَعْطِهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ فَلَيْسَ لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْآمِرِ صَلَاحِيَّةٌ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ حِصَّةً وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُعْطِيَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ إلَّا لِلدَّائِنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْآمِرُ) . إذَا أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ: أَعْطِهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ فَلَيْسَ لِسَائِرِ غُرَمَاءِ الْآمِرِ صَلَاحِيَّةٌ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ حِصَّةً عَلَى سَبِيلِ قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ لِلْمَدِينِ أَنْ يُرَجِّحَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ صَيْرُورَتِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بَعْضَ دَائِنِيهِ عَلَى بَعْضٍ كَمَا أَنَّ لِلْآمِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمَأْمُورِ إذَا لَمْ يُعْطِهِ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَمَرَ الدَّائِنُ بِإِعْطَائِهِ إيَّاهُ. يَعْنِي لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ نُقُودًا قَائِلًا؛ أَعْطِهَا إلَى دَائِنِي فُلَانٍ فَلِذَلِكَ الْمُعْطِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَأْمُورِ نَقُودَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا إلَى الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَكِيلُهُ فَلَهُ عَزْلُهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْل 34) [ (الْمَادَّةُ 1514) لَوْ أُعْطَى أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ] الْمَادَّةُ (1514) - (لَوْ أُعْطَى أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ وَقَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْمَأْمُورُ الدَّائِنَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَيُوَصِّلَهُ إلَيْهِ عَلِمَ مَوْتَ الْآمِرِ تَرْجِعُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ إلَى تَرِكَةِ الْآمِرِ وَيَلْزَمُ الدَّائِنَ أَنْ يُرَاجِعَ التَّرِكَةَ) . وَلَا يُمْكِنُ لِلْمَأْمُورِ إعْطَاءُ ذَلِكَ لِلدَّائِنِ. وَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1527) . وَقَدْ وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (802) لِمَنْ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ أَمَانَةٍ كَهَذِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَكِّلِ. وَعَلَى الدَّائِنِ الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ لِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ النُّقُودَ مِنْ الْمَأْمُورِ (الْبَهْجَةُ) إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (881) بِأَنَّ الْآخِذَ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.

(المادة 1515) لو أعطى أحد آخر مقدارا من الدراهم على أن يعطيها لدائنه

وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ يَجِبُ حَسَبَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَلَّا يَلْزَمَ الْمَأْمُورَ الضَّمَانُ فِيمَا لَوْ أَعْطَى الْمَأْمُورُ الدَّيْنَ بَعْدَ وَفَاةِ الْآمِرِ لِلدَّائِنِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْفَرْقِ وَالْجَوَابِ. [ (الْمَادَّةُ 1515) لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا لِدَائِنِهِ] الْمَادَّةُ (1515) - (لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا لِدَائِنِهِ حَالَ كَوْنِهِ قَدْ نَهَاهُ عَنْ تَسْلِيمِهَا بِقَوْلِهِ لَا تُسَلِّمْهَا لَهُ مَا لَمْ تُظَهِّرْ بِهَا سَنَدِي الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الدَّائِنِ أَوْ تَأْخُذْ مِنْهُ إيصَالًا يُشْعِرْ بِقَبْضِهَا، فَإِذَا سَلَّمَهَا مِنْ دُونِ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا أَمَرَهُ وَأَنْكَرَهَا الدَّائِنُ وَلَمْ يُثْبِتْ قَبْضَهَا وَأَخَذَهَا الدَّائِنُ ثَانِيًا مِنْ الْآمِرِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهَا لِلْمَأْمُورِ) . لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهَا لِدَائِنِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَسْلِيمِهَا مَا لَمْ يُظَهِّرْ بِهَا السَّنَدَ الَّذِي فِي يَدِ الدَّائِنِ أَوْ يَأْخُذْ مِنْهُ إيصَالًا يُشْعِرُ بِقَبْضِهَا أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ حَاضِرًا أَوْ شُهُودٌ مَوْجُودَةً فَسَلَّمَهَا الْمَأْمُورُ إلَى الدَّائِنِ مِنْ دُونِ أَنْ يُظَهِّرَ السَّنَدَ بِهَا أَوْ مِنْ دُونِ أَنْ يَأْخُذَ الْإِيصَالَ أَوْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ حَاضِرًا أَوْ شُهُودٌ مَوْجُودِينَ وَأَنْكَرَهَا الدَّائِنُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إثْبَاتُ قَبْضِهِ وَأَخَذَهَا الدَّائِنُ ثَانِيَةً مِنْ الْآمِرِ بَعْدَ حَلِفِهِ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا، فَلِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَهَا الْمَأْمُورَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1456) وَشَرْحَهَا لَكِنْ إذَا قَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ أَعْطَيْته إيَّاهَا وَفُلَانٌ حَاضِرٌ أَوْ الشُّهُودُ حَاضِرُونَ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ الْقَبْضَ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَيْ الْمَأْمُورُ عَلَى كَوْنِهِ قَدْ أَعْطَاهُ فِي حَضْرَةِ الشُّهُودِ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِ الْمَأْمُورِ: أَخَذْتُ إيصَالًا لَكِنَّهُ ضَاعَ مِنِّي (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) قَدْ أَوْرَدَتْ الْمَجَلَّةُ التَّقْيِيدَ مَعَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: الْمَدِينُ عِنْدَمَا سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ لِلْمَأْمُورِ ظَهِّرْ عَلَيَّ السَّنَدَ أَوْ خُذْ إيصَالًا وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ أَدَاءِ الدَّرَاهِمِ مَا لَمْ يُظَهِّرْ السَّنَدَ أَوْ يَأْخُذْ إيصَالًا فَأَعْطَى الْمَأْمُورُ الدَّرَاهِمَ بِدُونِ أَنْ يُظَهِّرَ السَّنَدَ أَوْ يَأْخُذَ إيصَالًا أَوْ أَخَذَ إيصَالًا وَقَالَ: إنَّهُ فُقِدَ مِنِّي لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1456) لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْمَدِينُ بِقَوْلِهِ ظَهِّرْ سَنَدِي لَدَيَّ لِدَفْعِ النُّقُودِ أَوْ خُذْهُ وَثِيقَةً بِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْإِعْطَاءِ إذَا لَمْ يُظَهِّرَ السَّنَدَ بِهَا وَأَعْطَاهَا الْمَأْمُورُ مِنْ دُونِ أَنْ يُظَهِّرَ السَّنَدَ أَوْ يَأْخُذَ وَثِيقَةً وَقَالَ: أَخَذْتُ وَثِيقَةً وَفُقِدَتْ مِنْ يَدِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (التَّنْقِيحُ، وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى، وَالْبَهْجَةُ) . [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْخُصُومَةِ أَيْ فِي حَقِّ الْوَكَالَةِ بِالْمُرَافَعَةِ] ِ الْخُصُومَةُ لُغَةً، الْجَدَلُ وَالْمُنَازَعَةُ، وَشَرْعًا جَوَابُ الْخَصْمِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (61) حُكْمُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ:

إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَلْزَمُ أَدَاءَهُ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ. وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. لَوْ كَانَ الْوَكِيلُ عَامًّا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ جَبْرَ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ عَلَى أَدَاءِ الْحَقِّ وَالضَّمَانِ (الْبَحْرُ بِتَغْيِيرِ) . الْمَادَّةُ (1516) - (لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ بِالْخُصُومَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الْآخَرِ) ، أَيْ لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا بِالْخُصُومَةِ فِي الْحُقُوقِ. يَعْنِي يَجُوزُ تَوْكِيلُهُمَا (الدُّرَرُ) . سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ بَعِيدًا مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ (مَنْ شَاءَ) إلَى الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ أَوَّلًا - لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَ الْمُسْلِمِ وَلِغَيْرِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُوَكِّلَ الْمُسْلِمَ وَلِأَحَدِ رَعَايَا الدَّوْلَةِ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا. ثَانِيًا - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ صَبِيًّا مُمَيِّزًا جَازَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ قَاضِيًا جَازَ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ وَكَّلَ الْقَاضِي وَانْفَصَلَ. بَعْدَئِذٍ مِنْ وَظِيفَتِهِ بَقِيَتْ الْوَكَالَةُ (الْبَحْرُ) . ثَالِثًا - لِلْمُدَّعِي وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُنَصِّبَا وَكِيلَيْنِ عَنْهُمَا وَيَتَحَاكَمَ هَذَانِ الْوَكِيلَانِ (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَهْتَدِيَ إلَى وُجُوهِ الْخُصُومَاتِ وَالْمُرَافَعَاتِ فَيَحْتَاجَ إلَى تَوْكِيلِ غَيْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (32) . قِيلَ (فِي الْحُقُوقِ) فَكَمَا أَنَّ لَهُمَا تَعْيِينَ وَكِيلٍ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ فَلَهُمَا تَعْيِينُ وَكِيلٍ بِبَعْضِهَا أَيْضًا (الْبَحْرُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ: وَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ شُبْهَةٌ وَاخْتِلَافٌ فِي أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ بِالْخُصُومَةِ، أَيْ فِي جَوَازِ التَّوْكِيلِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ التَّوْكِيلِ بِدُونِ رِضَاءِ الْخَصْمِ، وَيَشْمَلُ لَفْظُ الْخَصْمِ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا تَلْزَمُ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بِدُونِ رِضَاءِ الْخَصْمِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ عُذْرٌ لِلْمُوَكِّلِ كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَتُرَدُّ الْوَكَالَةُ بِرَدِّ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ مَجْبُورٌ عَلَى مُجَاوَبَةِ الْمُدَّعِي وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إحْضَارُهُ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَلَمَّا كَانَ النَّاسُ مُتَفَاوِتِينَ فِي الْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الْوَكَالَةِ بِدُونِ رِضَاءِ الْخَصْمِ مُوجِبٌ لِضَرَرِهِ (الْبَحْرُ) . وَالضَّرَرُ مَمْنُوعٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) وَتَلْزَمُ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ وَلَا تُرَدُّ الْوَكَالَةُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ

بِرَدِّهَا مِنْ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلُ لَمَّا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ الْخَالِصِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ الْغَيْرِ كَالتَّوْكِيلِ بِتَقَاضِي الدُّيُونِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ فُوِّضَ قَبُولُ الْوَكَالَةِ وَعَدَمُ قَبُولِهَا عِنْدَ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِرَأْيِ الْقَاضِي، فَإِذَا عَلِمَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْخَصْمَ مُتَعَنِّتٌ فِي قَبُولِ التَّوْكِيلِ قَبِلَ الْوَكَالَةَ. أَمَّا إذَا عَلِمَ بِكَوْنِ الْمُوَكِّلِ يُرِيدُ بِتَوْكِيلِهِ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ الْإِضْرَارَ بِخَصْمِهِ فَلَا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ الَّتِي بِلَا رِضَاءِ الْخَصْمِ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الْآخَرِ أَنَّهَا قَبِلَتْ مَذْهَبَ الْإِمَامَيْنِ. وَقَدْ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ بِذَلِكَ أَيْضًا كَمَا أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا اللَّيْثِ قَالَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ. وَتَكُونُ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ عَلَى نَوْعَيْنِ: 1 - التَّسْجِيلُ: يَكُونُ بِتَسْجِيلِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَحْكَمَةِ الَّتِي رُفِعَتْ إلَيْهَا الدَّعْوَى أَوْ بِتَسْجِيلِهَا فِي مَحْكَمَةٍ أُخْرَى وَتُبْرَزُ لِلْمَحْكَمَةِ الْحُجَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُحْتَوِيَةُ عَلَى صُورَةِ التَّسْجِيلِ وَالْمُصَدَّقَةُ مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى. وَتُوَضَّحُ فِيمَا يَلِي صُورَةُ تَسْجِيلِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ. وَهِيَ: يَأْتِي الْمُوَكِّلُ مَعَ مَنْ يُنَصِّبُهُ وَكِيلًا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَيَقُولُ: الْمُوَكِّلُ قَدْ وَكَّلْتُ هَذَا الشَّخْصَ لِلْمُرَافَعَةِ مَعَ فُلَانٍ فَإِذَا كَانَ الْخَصْمُ مَوْجُودًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَيْضًا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْوَكَالَةَ وَيُسَجِّلُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ الْمُوَكَّلِ وَنَسَبَهُ. أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَائِبًا يَقْبَلُ الْقَاضِي الْوَكَالَةَ أَيْضًا إذَا عَلِمَ بِاسْمِ الْمُوَكَّلِ وَنَسَبِهِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ يَطْلُبُ مِنْ الْمُوَكَّلِ شَاهِدَيْنِ، فَإِذَا أَثْبَتَ بِهَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ قَبِلَ الْوَكَالَةَ. وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَحِلَ الْمُوَكَّلُ اسْمَ غَيْرِهِ وَنَسَبِهِ وَيَأْخُذَ مَالَ غَيْرِهِ 2 - إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ: يَدَّعِي الْوَكِيلُ فِي حُضُورِ الشَّخْصِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ لِلْمُوَكِّلِ شَيْءٌ كَالْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ قَائِلًا: إنِّي وَكِيلٌ بِالِادِّعَاءِ وَطَلَبَ الْعَيْنَ الْمَطْلُوبَةَ مِنْ فُلَانٍ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ الْمَغْصُوبِ. وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُنْكِرًا لِلْوَكَالَةِ أَوْ مُقِرًّا بِهَا (الطَّحْطَاوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا أَثْبَتَ الْوَكِيلُ فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ الْمَدِينِ لِلْمُوَكِّلِ بِأَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ وَكَّلَهُ فِي طَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَقَبْضِهِ وَفِي الْخُصُومَةِ فِيهِ وَحُكِمَ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ طَلَبِ حَقِّ مُوَكِّلِهِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ ثَانِيَةً لِإِثْبَاتِ وَكَالَتِهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَصْمُ حَاضِرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ. وَعَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ أَحَدٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ: إنَّ فُلَانًا هَذَا وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ عَنْ فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى تَصْدِيقِهِ إيَّاهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَصِحُّ. وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَيْنِهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . إذَا شَهِدَ شَخْصَانِ عَلَى أَنَّ خَالِدًا وَكِيلٌ لِبَكْرٍ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَوْنَهُ وَكِيلًا لِلْمَذْكُورِ، فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ وَكِيلًا لِلْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ وَكَالَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْظَرُ فَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانًا قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِالْمُخَاصَمَةِ عَنْهُ مَعَ فُلَانٍ وَقَبِلَهَا فُلَانٌ الْمَذْكُورُ قُبِلَتْ وَيُجْبَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَكَالَةِ. وَإِذَا لَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ أَنَّهُ قَبِلَ الْوَكَالَةَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ. لَكِنْ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى الْوَكَالَةِ، أَيْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِمَا مَعًا تُقْبَلُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْمَالُ، أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْوَكَالَةُ يَلْزَمُ أَنْ يُحْكَمَ بِالْوَكَالَةِ أَوَّلًا وَبِالْمَالِ ثَانِيًا (الطَّحْطَاوِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَحْرُ) تَعْمِيمُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ أَوْ تَخْصِيصُهَا: تَعْمِيمُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ بِتَعْمِيمِ الْمُوَكِّلِ كَمَا أَنَّهَا تُخَصَّصُ بِتَخْصِيصِهِ. لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْمُرَافَعَةِ لَهُ وَقَالَ: لَهُ لَسْت وَكِيلًا عَنِّي بِالْمُرَافَعَةِ الَّتِي عَلَيَّ كَانَتْ صَحِيحَةً وَلِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَدَّعِيَ بِحَقِّ مُوَكِّلِهِ وَأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ وَلَكِنْ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ. قَدْ وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَةِ مَعَ أَهَالِي الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ أَوْ كَافَّةِ النَّاسِ الَّذِينَ لِي عَلَيْهِمْ حَقٌّ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ كُلَّ حَقٍّ لِمُوَكَّلِهِ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ التَّوْكِيلِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا تَعْيِينُ الْمُخَاصَمِ بِهِ وَالْمُخَاصَمِ فِيهِ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . أَمَّا لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ وَكَّلْتُكَ بِالْخُصُومَةِ وَالِادِّعَاءِ بِكُلِّ حَقٍّ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُطَالِبَ وَأَنْ يَدَّعِيَ بِكُلِّ حَقٍّ لِلْمُوَكِّلِ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ التَّوْكِيلِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِمَا حَدَثَ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ الْحُقُوقِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ مَا حَدَثَ أَوْ مَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْحُقُوقِ وَبِالْخُصُومَةِ فِيهَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنُ الْوَدِيعَةُ، وَكُلُّ حَقٍّ يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ (الْبَحْرُ مَعَ زِيَادَةِ) شُرُوطُ التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ: 1 - إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ لِلْخُصُومَةِ لَزِمَ أَنْ يُبَيِّنَ أَوْ يُعَمِّمَ مَنْ قَدْ وَكَّلَهُ لِلْخُصُومَةِ مَعَهُ.

(المادة 1517) إقرار الوكيل بالخصومة على موكله

وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُ فُلَانًا لِلْخُصُومَةِ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ لِأَيِّ خُصُومَةٍ قَدْ وَكَّلَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي الْخُصُومَةِ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ. وَقَدْ مَرَّ آنِفًا مِثَالٌ لِلتَّوْكِيلِ بِصُورَةِ التَّعْمِيمِ. 2 - إنَّ بَيَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي التَّوْكِيلِ بِالْخُصُومَةِ شَرْطٌ. وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي وَكِيلٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِالدَّعْوَى الَّتِي مَعَ فُلَانٍ تُقْبَلُ وَيَلْزَمُ أَنْ يَذْكُرَ صَرَاحَةً الشَّيْءَ الَّذِي يُرَادُ الْوَكِيلُ بِهِ. يَعْنِي أَنْ يُبَيِّنَ الْمُدَّعَى بِهِ صَرَاحَةً أَمَّا إذَا عَمَّمَ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ أَيِّ حَقٍّ لَهُ فَيَصِحُّ، وَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُخَاصَمِ بِهِ وَالْمُخَاصَمِ فِيهِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ آنِفًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . فَرْعٌ - لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ بِكَذَا دِرْهَمًا لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّعْوَى بِكَوْنِهِ قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ إثْبَاتُ دَفْعِهِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ حَسَبَ الْوَكَالَةِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمَدِينُ مَا أَدَّاهُ قَبْلًا يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْوَكِيلِ قَائِلًا: كُنْت أَعْطَيْتُهُ لَك (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1517) إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ عَلَى مُوَكِّلِهِ] الْمَادَّةُ (1517) - (إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ عَلَى مُوَكِّلِهِ إنْ كَانَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ يُعْتَبَرُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَيَنْعَزِلُ هُوَ مِنْ الْوَكَالَةِ) . أَوَّلًا - لَيْسَ لَهُ الْإِقْرَارُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي. يَعْنِي يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْمُرَافَعَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى مُوَكِّلِهِ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا لِلْمُدَّعِي أَوْ وَكِيلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ إذَا كَانَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ. وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ مُقْتَدِرٌ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ بِمَعْنَى الْإِجَابَةِ عَلَى الْخَصْمِ وَالْإِقْرَارُ هُوَ جَوَابٌ أَيْضًا، وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي أَنَّهُ إنَّمَا وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ وَحَقِيقَتُهَا لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَيْسَ مَحَلًّا لِلْخُصُومَةِ الَّتِي هُوَ وَكِيلٌ فِيهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ قَالَ: الْإِمَامُ زُفَرُ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مُنَازَعَةٌ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَمَسْأَلَةٌ. وَهِيَ ضِدُّ الْمُخَاصَمَةِ وَالشَّيْءُ لَا يَتَنَاوَلُ ضِدَّهُ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِاسْتِيفَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ أَقَرَّ وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثُبُوتِ الْمُدَّعَى بِهِ يَصِحُّ. مُسْتَثْنًى - لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شُبْهَةَ كَذِبٍ وَتُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) قِيلَ (الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ بِغَيْرِ الْخُصُومَةِ كَالصُّلْحِ وَالْقَبْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَهَذَا الْإِقْرَارُ إذَا وَقَعَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ فِي حُضُورِ غَيْرِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ مَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) (رَدُّ الْمُحْتَارِ؛ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، التَّكْمِلَةُ) .

(المادة 1518) إذا وكل أحد آخر واستثنى إقراره عليه

وَقَوْلُهُ هُنَا الْإِقْرَارُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَنْكَرَ يَصِحُّ إنْكَارُهُ بِالْأَوْلَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ (عَلَى الْإِطْلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا اُسْتُثْنِيَ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ ذَلِكَ صَحِيحًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَةَ الْإِقْرَارِ مُعْتَبَرَةٌ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلْخَصْمِ. أَمَّا الْجَوَابُ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَالْجَوَابُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ عِبَارَةٌ عَنْ مُحَاوَلَةٍ وَمُحَادَثَةٍ وَلَمْ يُوَكَّلْ الْوَكِيلُ بِهَذَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ الْإِقْرَارُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْحَاكِمِ بِشَاهِدَيْنِ فَلَا يَقْبَلُهُ. وَصَحَّحَ أَبُو يُوسُفَ إقْرَارَهُ مُطْلَقًا وَأَبْطَلَهُ زُفَرُ (التَّكْمِلَةُ) لَكِنْ إذَا تَحَقَّقَ الْإِقْرَارُ الَّذِي وَقَعَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْحَاكِمِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُصْبِحُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هُوَ يَعْتَرِفُ بِكَوْنِهِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُصُومَةِ وَيَكُونُ مُؤَاخَذًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1648) . أَمَّا هَذَا الْإِقْرَارُ فَحَيْثُ إنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَسِيرَ فِي الدَّعْوَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلٍ عَنْهُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . أَمَّا إقْرَارُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ صَحِيحًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَأَمَّا التَّفْوِيضُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا، أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَرْطِ النَّظَرِ فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ الْإِنْكَارُ وَالْإِقْرَارُ جَمِيعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَبُ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ بِمَالِ لِلصَّغِيرِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصَدَّقَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إنْكَارِهِ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّصْدِيقُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ ثَانِيَةً وَيُنَصَّبُ وَصِيٌّ آخَرُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُفْصَلُ فِيهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ثَانِيًا - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ الْإِبْرَاءُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ أَنْ يُبَرِّئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ. وَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ. وَمَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ هَذَا الْإِبْرَاءَ فَلَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَالِثًا - لَا يَهَبُهُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ الْمُصَالَحَةُ وَالْهِبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْخُصُومَةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّوْكِيلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1518) إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1518) - (إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ يَجُوزُ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 1456) وَإِذَا أَقَرَّ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ حَالٍ كَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ بِالْإِقْرَارِ يَنْعَزِلُ مِنْ الْوَكَالَةِ) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْمُدَّعِي أَوْ عَنْ الْمُدَّعَى

(المادة 1519) الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالقبض

فِي مُوَاجَهَةِ الطَّالِبِ أَوْ فِي غِيَابِهِ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ وَالِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ (الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْصُولًا أَمْ مَفْصُولًا اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (الـ 1456) . إنَّ تَعْبِيرَ الْإِقْرَارِ لِأَجْلِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ وَاسْتَثْنَى الْإِنْكَارَ يَكُونُ صَحِيحًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَلَا فَرْقَ فِيمَا إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْمُدَّعِي أَوْ وَكِيلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْإِنْكَارُ يَكُونُ أَحْيَانًا مُضِرًّا لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ أَمَانَةً مَثَلًا وَانَكَرَ الْوَكِيلُ الْأَمَانَةَ، يَعْنِي إذَا بَيَّنَ أَنَّ مُوَكِّلَهُ لَمْ يَأْخُذْهُ فَلَا يُسْمَعُ ادِّعَاؤُهُ الْإِعَادَةَ بَعْدَ ذَلِكَ. أَمَّا الِادِّعَاءُ بِالْإِعَادَةِ قَبْلَ الْإِنْكَارِ فَمَسْمُوعٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ وَكِيلًا بِالْإِقْرَارِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . وَإِذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِإِقْرَارٍ كَهَذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِهِ انْعَزَلَ مِنْ الْوَكَالَةِ. وَتُصْبِحُ خُصُومَتُهُ وَمُرَافَعَتُهُ غَيْرَ صَحِيحَتَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (648) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ إذْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ قَدْ طَلَبَ شِرَاءَ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ وَلَا لِلْمُوَكِّلِ بَعْدُ أَنْ يَدَّعِيَا ذَلِكَ بَعْدَئِذٍ. أَمَّا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْقَاضِي قَدْ طَلَبَ الْمُسَاوَمَةَ، يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ لَكِنْ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْخُلَاصَةُ تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: 1 - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ، لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. 2 - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الْإِنْكَارِ، وَهَذَا الْوَكِيلُ يَكُونُ وَكِيلًا لِلْإِقْرَارِ. 3 - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الْإِقْرَارِ، وَهَذَا الْوَكِيلُ يَكُونُ وَكِيلًا لِلْإِنْكَارِ. 4 - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ تَجْوِيزِ الْإِقْرَارِ، وَلِهَذَا الْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ أَوْ الْإِنْكَارُ. 5 - التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ. وَهَذَا التَّوْكِيلُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَحْتَ هَذِهِ الْوَكَالَةِ فَرْدٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. يَعْنِي إذَا اُسْتُثْنِيَ الْإِقْرَارُ وَالْإِنْكَارُ فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ يَقُومُ بِهِ الْوَكِيلُ حَسَبَ الْوَكَالَةِ. وَيَكُونُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْوَكَالَةِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ وَكِيلًا بِالسُّكُوتِ. لَكِنَّ السُّكُوتَ يُعَدُّ إنْكَارًا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1822) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ وَزِيَادَةٍ) . الْفُرُوعُ: إذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ آخَرَ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ أَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي حُضُورِ الْفَقِيهِ الْفُلَانِيِّ فَلَيْسَ لَهُ الْمُخَاصَمَةُ فِي حُضُورِ فَقِيهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ الْفُلَانِيَّ يَكُونُ قَدْ عُيِّنَ حَكَمًا وَتَعْيِينُ فَقِيهٍ آخَرَ حَكَمًا مِنْ دُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا أَمَّا وِلَايَةُ الْقَاضِي فَثَابِتَةٌ مِنْ دُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1519) الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْقَبْضِ] الْمَادَّةُ (1519) - (الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْقَبْضِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالدَّعْوَى صَلَاحِيَةُ قَبْضِ الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ أَيْضًا) .

(المادة 1520) الوكالة بالقبض لا تستلزم الوكالة بالخصومة

إنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ؛ يَعْنِي الْوَكَالَةَ بِالِادِّعَاءِ عَلَى مَالٍ لَا تَسْتَلْزِمُ عِنْدَ زُفَرَ الْوَكَالَةَ بِقَبْضِ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ وَبِالصُّلْحِ عَنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1542) ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ إنَّمَا رَضِيَ بِخُصُومَةِ الْوَكِيلِ. أَمَّا الْقَبْضُ فَهُوَ غَيْرُ الْخُصُومَةِ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْقَبْضِ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ بَعْضِ وُكَلَاءِ الدَّعَاوَى وَكُلُّ مَنْ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْخُصُومَةِ لَا يُؤْتَمَنُ فِي تَسْلِيمِ الْمَالِ وَبِمَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَخْتَارُ آمِنٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَلَحَّ النَّاسِ لِلْخُصُومَةِ فَقَدْ اتَّخَذَ قَوْلُ الْإِمَامِ زُفَرَ الْقَوْلَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رَجَّحَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ أَيْضًا (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ بِالدَّعْوَى وَكِيلًا بِقَبْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ فِي قَبْضِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ أَيْضًا فَكَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمُدَّعَى بِهِ، فَإِذَا وَكَّلَ وَكَالَةً عَامَّةً فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَكِيلًا بِالدَّعْوَى وَقَبْضِ الدَّيْنِ مَعًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1456) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَالُ الْمُوَكِّلِ فِي يَدِ وَكِيلِهِ بِالْخُصُومَةِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِخَصْمِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا وَكَالَةً عَامَّةً أَمْ خَاصَّةً. وَعَلَيْهِ إذَا أَدَّى الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ بِلَا أَمْرٍ دَيْنَ الْمُوَكِّلِ كَانَ مُتَبَرِّعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1506) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنَّ الْوَكِيلَ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ يُجْبَرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1512) (التَّنْقِيحُ) . [ (الْمَادَّةُ 1520) الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ] الْمَادَّةُ (1520) - (الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ) . الْأَصْلُ الْأَوَّلُ - لَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ الْحَقِّ تَوْكِيلًا بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إنَّمَا وَقَعَ بِالِاسْتِيفَاءِ وَالْقَبْضِ وَحُصُولُ الْقَبْضِ بِدُونِ خُصُومَةٍ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إنَّمَا وَقَعَ لِلْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَبِمَا أَنَّهُ مُمْكِنٌ حُصُولُ الْقَبْضِ بِلَا خُصُومَةٍ فَلَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لِجَعْلِ الْوَكِيلِ وَكِيلًا لِشَيْءٍ لَمْ يُوَكَّلْ بِهِ. وَعَلَيْهِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ أَيْ بِقَبْضِ الْعَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ. اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ: قَدْ وَقَعَ اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ عَيْنٍ لِلْمُوَكِّلِ كَهَذِهِ شَبِيهٌ بِالرَّسُولِ. وَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا تَسْتَلْزِمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَمْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ جَانِبِ الْحَاكِمِ عَنْ الْمَفْقُودِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ غَيْرُ الْخُصُومَةِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَنْ يُؤْتَمَنُ عَلَى الْمَالِ يَهْتَدِي إلَى الْخُصُومَةِ. فَالرِّضَاءُ بِالْقَبْضِ لَيْسَ رِضَاءً بِالْخُصُومَةِ. فَالصَّاحِبَانِ جَعَلَا الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلًا بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ حُكْمًا وَلِذَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ، وَمَعْنَى التَّمَلُّكِ سَاقِطٌ حُكْمًا حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضَاءٍ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ فَلَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْعَيْنِ (التَّكْمِلَةُ) . أَمَّا الْوَكَالَةُ بِالْقَبْضِ عِنْدَ الْإِمَامِ فَتَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . حَتَّى لَوْ أُقِيمَتْ

عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إبْرَائِهِ تُقْبَلُ عِنْدَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَذْهَبَ الْإِمَامَيْنِ وَرُجِعَ هَذَا الْمَذْهَبُ فِي تَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ إذْ وَرَدَ فِيهَا وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُمَا أَقْوَى وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ. تَفْرِيعَاتٌ عَلَى كَوْنِ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ عَيْنٍ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِخُصُومَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ: وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ فَرَسِهِ الَّتِي فِي يَدِ أَحَدٍ. وَلَدَى طَلَبِ الْوَكِيلِ الْفَرَسَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ مُوَكِّلَهُ الْغَائِبَ قَدْ بَاعَ مِنْهُ تِلْكَ الْفَرَسَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَلَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا يَبْقَى أَمْرُ الْقَبْضِ مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْغَائِبُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِقَبْضِ عَيْنٍ إذَا أَخَذَ أَحَدٌ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ وَاسْتَهْلَكَهَا أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ وَيَطْلُبَ بَدَلَ تِلْكَ الْعَيْنِ. لَكِنْ لَوْ اسْتَهْلَكَ أَحَدٌ تِلْكَ الْعَيْنَ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا الْوَكِيلُ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ وَيَطْلُبُ بَدَلَهَا مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1627) (الْهِنْدِيَّةُ) . تَفْرِيعَاتٌ عَنْ كَوْنِ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ فِي هَذَا الدَّيْنِ: وَعَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُرَافَعَةُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ: وَيَبْقَى الْآمِرُ مَوْقُوفًا إلَى حِينِ حُضُورِ الدَّائِنِ الْغَائِبِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الْغَرِيمُ (يَعْنِي الْمَدِينَ) الدَّعْوَى بِبَيَانِهِ سُقُوطَ حَقِّ الْمُوَكِّلِ بِوَجْهٍ مَا كَالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ، يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ أَوْفَيْت دَائِنِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ تَمَامًا أَوْ قَالَ: كُنْت بِعْت مِنْهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنِي مَالًا أَوْ أَنَّ دَائِنِي قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى دَفْعِهِ هَذَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ دَيْنِهِ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ جَوَابَهُ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ وَبِالْوَكَالَةِ وَالْوَكَالَةُ تَثْبُتُ وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْمَدِينُ اسْتِيفَاءَ الْمُوَكِّلِ أَوْ أَبْرَأَهُ فَمَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْمَدِينِ إلَّا أَنَّهُ يَكُون الْآمِرُ مَوْقُوفًا لِحِينِ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ وَتَقْصُرُ يَدُ الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ تَكُونُ سَبَبًا لِمَنْعِ الْوَكِيلِ مِنْ طَلَبِ الدَّيْنِ إلَى أَنْ يَجِيءَ الْغَائِبُ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي فِي مُوَاجَهَةِ الشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَلَا يُسْمَعُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ دَيْنًا مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَقَدْ حَصَلَ التَّقَاصُّ فَلَا يُسْمَعُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِقَيِّمِ الْمَفْقُودِ أَنْ يَدَّعِيَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ عَلَى مَدْيَنَ الْمَفْقُودِ بِالدَّيْنِ الَّذِي يُنْكِرُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَيْرِ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ عُرُوضِ وَعَقَارِ الْمَفْقُودِ (الْبَحْرُ) الْأَصْلُ الثَّانِي - التَّوْكِيلُ بِالتَّمَلُّكِ تَوْكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَلُّكَ إنْشَاءٌ لِلتَّصَرُّفِ، أَمَّا حُقُوقُ

الفصل السادس في بيان المسائل المتعلقة بعزل الوكيل

الْعَقْدِ فَتَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحْصِيلُ إلَّا بِهَا وَالْخُصُومَةُ مِنْ جُمْلَتِهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ يَكُونُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1461) ، وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِي بَعْضِ الْخُصُومَاتِ. وَتَعْبِيرُ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ احْتِرَازٌ عَنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْوَكَالَةِ، إنَّ هَذِهِ الْوَكَالَاتِ تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ وَهِيَ: أَوَّلًا - أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ حَقًّا فِي الْقَبْضِ وَالْخُصُومَةِ مَعًا مَثَلًا لَوْ طَلَبَ الْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ الْمَشْفُوعَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَدَفَعَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُوَكِّلَك قَدْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِي وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِهِ هَذَا قُبِلَ، وَإِذَا ثَبَتَ تَسْلِيمٌ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ. لَكِنْ لَا حَقَّ لِهَذَا الْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِالشُّفْعَةِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ فَلَا يُقْبَلُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) . ثَانِيًا - إنَّ لِلشَّخْصِ الْمَأْمُورِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْخُصُومَةِ. وَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُسْمَعُ. ثَالِثًا - لِلْوَكِيلِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ حَقٌّ فِي الْخُصُومَةِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مُوَاجَهَةِ الشَّخْصِ الْمُوَكِّل بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ، أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى عِوَضًا فِي مُقَابِلِ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ أَوْ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِي الْمَالِ الْمَوْهُوبِ اُسْتُمِعَ وَيَبْطُلُ حَقُّ الرُّجُوعِ لَدَى الثُّبُوتِ. رَابِعًا - لِلْوَكِيلِ بِالْقِسْمَةِ حَقٌّ فِي الْخُصُومَةِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الشَّرِيكُ ذُو الْحِصَّةِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِالْقِسْمَةِ يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ آخَرَ بِتَقْسِيمِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ] ضَابِطٌ: لَمَّا كَانَتْ الْوَكَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَكَمَا أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ فَكَذَلِكَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ وَيَسْتَقِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1521 و 1522) . وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ.

يُوجَدُ بَعْضُ مُسْتَثْنَيَاتٍ مِنْ هَذَا الضَّابِطِ وَتُسْتَفَادُ مِنْ مُطَالَعَةِ هَذَا الْفَصْلِ (الْبَحْرُ) الْمَادَّةُ (1521) - (لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَكِنْ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ آخَرُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ كَمَا إذَا رَهَنَ مَدِينٌ مَالَهُ وَحِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَبَعْدِهِ وَكَّلَ آخَرَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُوَكِّلِ عَزْلُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ، كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي) يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِسِتَّةَ عَشَرَ سَبَبًا وَهِيَ: أَوَّلًا - لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ مَتَى شَاءَ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ دَوْرِيَّةً أَوْ كَانَ قَدْ شَرَطَ عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ أَوْ كَانَ قَدْ وُكِّلَ أَبَدًا أَوْ عَلَى أَنْ يَكُونَ طُولَ مُدَّةِ حَيَاتِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ فَلَهُ إبْطَالُهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . جُحُودُ الْوَكَالَةِ عَزْلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ جُحُودَ مَا عَدَا النِّكَاحِ فَسْخٌ وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى هَذَا أَيْضًا. وَعَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ قَائِلًا؛ إنَّنِي لَمْ أُوَكِّلُك فَيَكُونُ قَدْ عَزَلَ وَكِيلَهُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الشَّخْصَ الَّذِي وَكَّلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ مِقْدَارًا مِنْهُ وَطَلَبَ الْبَاقِيَ بِنَفْسِهِ مِنْ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ قَائِلًا: سَأُعْطِيهِ إلَى الْوَكِيلِ (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ وَكَالَةً دَوْرِيَّةً أَيْضًا. يَعْنِي إذَا أَرَادَ الْمُوَكِّلُ عَزْلَ وَكِيلِهِ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَهُ قَائِلًا: كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي بِقَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ مُعَلَّقَةً وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَكُونُ لَازِمًا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَالْوَكَالَةُ مِنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ أَوَّلًا عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَأَنْ يَعْزِلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَفَّذَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ عَزْلَهُ مِنْ الْمُنَفِّذَةِ تُنْجَزُ وَكَالَةٌ أُخْرَى مِنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَلَا يَنْعَزِلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ بَعْدَئِذٍ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الْغَيْرُ هُوَ الْوَكِيلُ وَيَكُونُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - كَمَا إذَا رَهَنَ مَدِينٌ مَالَهُ وَحِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَكَّلَ آخَرَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُوَكِّلِ عَزْلُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ (الْبَحْرُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ وَكَّلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ: الْمُوَكِّلُ لَدَائِنِهِ (إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا) بِعْ مَالِي الْفُلَانِيِّ وَخُذْ ثَمَنَهُ فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيَّ، فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ هَذَا الْوَكِيلِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ عَزْلُهُ (ابْنُ عَابِدِينَ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمُدَّعِي وَفِي حُضُورِهِ بِالْخُصُومَةِ أَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمُدَّعِي وَفِي غِيَابِهِ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ وَلَحِقَ هَذَا التَّوْكِيلُ عِلْمَ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فِي غِيَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِي قَدْ أَخْلَى سَبِيلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى اقْتِدَارِهِ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ فَلَوْ جَازَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَزْلُ وَكِيلِهِ فَيَحْصُلُ لِلْمُدَّعِي ضَرَرٌ فِي حَالَةِ اخْتِفَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ قُيُودٍ احْتِرَازِيَّةٍ. أَوَّلُهَا - تَعْبِيرُ - بِنَاءٍ عَلَى طَلَبِهِ -. فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدًا بِالْخُصُومَةِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي طَلَبٌ فَلَهُ فِي حُضُورِ الْمُدَّعَى أَوْ فِي غِيَابِهِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ الْمُرَافَعَةُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَكَالَةِ وَعَلَيْهِ فَقَدْ كَانَ هَذَا التَّوْكِيلُ غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي (الْبَهْجَةُ) . ثَانِيهَا - تَعْبِيرُ - فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي -. فَلِذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعْزِلَ هَذَا الْوَكِيلَ فِي حُضُورِ الْمُدَّعِي سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعِي رَاضِيًا بِهَذَا الْعَزْلِ أَمْ غَيْرَ رَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي هَذَا الْعَزْلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثُهَا - تَعْبِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعِي أَحَدًا بِالْخُصُومَةِ فَلَهُ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِي صَاحِبُ حَقٍّ إنْ شَاءَ عَزْلَ وَكِيلَهُ وَبَاشَرَ الْخُصُومَةَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ حَقَّهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ يُؤَخِّرُهُ مُدَّةً (الْبَحْرُ، وَالْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . رَابِعُهَا - تَعْبِيرُ - فِي حُضُورِ الْمُدَّعِي - فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمَدِينِ وَفِي غِيَابِهِ أَحَدًا بِالْخُصُومَةِ فَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ هَذَا التَّوْكِيلُ عِلْمَ الْمُدَّعِي (الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ فِي حُضُورِ الْمُدَّعِي بِطَلَبِهِ أَوْ وَكَّلَهُ فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ وَالْتِمَاسِهِ وَوَقَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَمْ يَرُدَّهَا فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَزْلُ وَكِيلِهِ فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَرْعٌ - إذَا قَالَ الْوَكِيلُ قَدْ عَزَلَنِي مُوَكِّلِي الْغَائِبُ وَكَذَّبَ الْمُدَّعِي فَلَا يُقْبَلُ الْوَكِيلُ (الْبَحْرُ) . ثَانِيًا - إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ انْعَزَلَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ: ثَالِثًا - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِانْتِهَاءِ الْمُوَكَّلِ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) . رَابِعًا - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1529) . خَامِسًا - لَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْوَكَالَةِ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1529) . سَادِسًا - تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1530) . سَابِعًا - تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِتَبْدِيلِ اسْمِ الْمُوَكَّلِ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1472) .

(المادة 1522) للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة

ثَامِنًا - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بِتَلَفِ نَقْدِ الْمُوَكِّلِ الَّتِي فِي يَدِهِ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (1491 و 1463 و 243) . تَاسِعًا - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَقَرَّ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ مَعَ كَوْنِ الْإِقْرَارِ مُسْتَثْنًى. عَاشِرًا - يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَصِيِّ وَوَكِيلُ الْأَبِ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ قِيَامَهُمَا بِالْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1449) . الْحَادِيَ عَشْرَ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَقَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ حَوَالَةَ دَيْنِهِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَحَدٍ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ. الثَّالِثَ عَشَرَ - إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ يَنْعَزِلُ عَزْلًا ضِمْنِيًّا، مَثَلًا لَوْ وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ بِشِرَاءِ مَالٍ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ فَاشْتَرَاهُ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مَجِيدِيًّا أَوْ بِعُرُوضِ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ، وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الرَّابِعَ عَشَرَ - لَوْ أَجْرَى الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدَ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَيَقَعُ عَقْدُ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1485) . الْخَامِسَ عَشَرَ - يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِافْتِرَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَعَلَيْهِ لَوْ عَقَدَ اثْنَانِ عَقْدَ شَرِكَةٍ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا لِلْآخَرِ وَكَمَا تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ مَالُ أَحَدِهِمَا يَعْنِي رَأْسَ مَالِهِ فَقَطْ قَبْلَ الشِّرَاءِ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ الضِّمْنِيَّةُ أَيْضًا. سَوَاءٌ أَكَانَ الشَّرِيكَانِ وَاقِفَيْنِ عَلَى هَلَاكِ الْمَالِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ مُصَرَّحًا بِهَا عِنْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا أَحَدًا عَلَى أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَافْتَرَقَ الشَّرِيكَانِ بَعْدَئِذٍ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ حَقِّ الْغَيْرِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالِافْتِرَاقِ إذَا لَمْ يُصَرِّحَا بِالْإِذْنِ فِي التَّوْكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . السَّادِسَ عَشَرَ - لَوْ وَكَّلَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ وَحُجِرَ ذَلِكَ الصَّبِيُّ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ. إذَا كَانَ وَكِيلًا فِي الْعُقُودِ وَالْخُصُومَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا الِانْعِزَالَ لَمَّا كَانَ أَمْرًا حُكْمِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . [ (الْمَادَّةُ 1522) لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ] الْمَادَّةُ (1522) - (لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَكِنْ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَى إيفَاءِ الْوَكَالَةِ) . لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَيَسْتَقِيلَ مِنْهَا فِي حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَفِي غِيَابِهِ وَبِلَا رِضَاهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ (الْبَحْرُ) لَكِنَّ إيصَالَ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلْمُوَكِّلِ شَرْطٌ. وَعَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ الْوَكِيلُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا يُجْبَرُ. وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْخَسَارَةَ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِهِ.

(المادة 1523) إذا عزل الموكل الوكيل

مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ فَلَوْ أَمَرَ الْمَدِينُ آخَرَ وَهُوَ عَلَى سَفَرٍ قَائِلًا: بِعْ مَالِي هَذَا وَأَعْطِ الثَّمَنَ إلَى دَائِنِي وَأَمْسَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الثَّمَنَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ. كَذَلِكَ إذَا تَكَاسَلَ وَتَهَاوَنَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الْأَثْمَارِ بِعَدَمِ قَبْضِهِ الدَّيْنَ وَبَيْعِهِ الْأَثْمَارَ فَأَفْلَسَ الْمَدِينُ وَفَسَدَتْ الْأَثْمَارُ وَتَلِفَتْ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ آخَرَ قَائِلًا: هَبْ مَالِي هَذَا لِفُلَانٍ أَوْ بِعْهُ مِنْ فُلَانٍ وَفِ دَيْنِي فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى هِبَةِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ بَيْعِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَرَّ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ بِدُونِ رِضَاءِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَيَكُونُ مُجْبَرًا عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَكَالَةِ وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسِ مَسَائِلَ قِيلَ بِدُونِ إذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَّةَ إذْنٌ يَعْزِلُ نَفْسَهُ فَلَوْ عَزَلَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ نَفْسَهُ فِي حُضُورِ الْمُرْتَهِنِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِذَلِكَ انْعَزَلَ كَذَلِكَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1521) أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِرِضَاءِ الْخَصْمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ؛ عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 1523) إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ] الْمَادَّةُ (1523) - (إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ يَبْقَى عَلَى وَكَالَتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ خَبَرُ الْعَزْلِ وَيَكُونَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ) . يَتَوَقَّفُ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ فِي الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ عَلَى عِلْمِهِ، وَعَلَيْهِ يَبْقَى الْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ لَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ حَتَّى وَلَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ وَكِيلَهُ فِي غِيَابِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى عَزْلِهِ إيَّاهُ. وَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ انْعِزَالَ الْوَكِيلِ بِدُونِ عِلْمِهِ إضْرَارٌ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَتَصَرَّفُ لِظَنِّهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَزِلٍ وَبَاقٍ فِي الْوَكَالَةِ فَتَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ وَالْمَسْئُولِيَّة (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ بِالْفَرَاغِ بِوَقْفِ ذِي إجَارَتَيْنِ وَتَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ الْعَقَارِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ كَانَ فَرَاغُهُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا. أَمَّا لَوْ فَرَّغَ بَعْدَ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ. فَلَا يَكُونُ فَرَاغُهُ مُعْتَبَرًا. مُسْتَثْنًى - إنَّ وُصُولَ خَبَرِ الْعَزْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَيْسَ شَرْطًا. فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَائِبًا بِخُصُوصٍ مَا وَعَزَلَهُ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ خَبَرُ الْوَكَالَةِ إلَيْهِ انْعَزَلَ فِي الْحَالِ. وَإِيصَالُ خَبَرِ الْعَزْلِ لِلْوَكِيلِ لَيْسَ شَرْطًا؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ وَعَزْلُ الْمُوَكِّلِ عِبَارَةٌ عَنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِيجَابِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1458) . أَمَّا إذَا عَزَلَهُ بَعْدَ أَنْ وَصَلَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ فَوَصْلُ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ شَرْطٌ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ بِزِيَادَةٍ وَالتَّكْمِلَةُ) . كَيْفِيَّةُ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ:

(المادة 1524) إذا عزل الوكيل نفسه

يَصِلُ خَبَرُ الْعَزْلِ إلَى الْوَكِيلِ وَبِالصُّوَرِ الْآتِيَةِ وَهِيَ: أَوَّلًا - لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ بِقَوْلِهِ لَهُ مُشَافَهَةً: عَزَلْتُك. ثَانِيًا - أَنْ يَبْعَثَ بِكِتَابٍ لِوَكِيلِهِ بِعَزْلِهِ إيَّاهُ وَيَصِلَ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَى الْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (69) أَمَّا قَبْلَ وُصُولِ الْكِتَابِ فَلَا يُعْزَلُ؛ لِأَنَّهُ عَزْلٌ قَصْدِيٌّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعِلْمُ وَعِلْمُهُ بِوُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ (التَّكْمِلَةُ) . ثَالِثًا - لَوْ أَرْسَلَ الْمُوَكِّلُ رَسُولًا عَاقِلًا وَمُمَيِّزًا لِوَكِيلِهِ لِيُخْبِرَهُ بِعَزْلِهِ إيَّاهُ، وَبَلَّغَ الرَّسُولُ الْوَكِيلَ خَبَرَ الْعَزْلِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ طَرَفِ الْمُرْسِلِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ. وَلَوْ كَانَ هَذَا الرَّسُولُ غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا، وَسَوَاءٌ أَصَدَّقَ الْوَكِيلُ هَذَا الْخَبَرَ أَمْ لَمْ يُصَدِّقْهُ. رَابِعًا - إذَا أَخْبَرَ فُضُولِيٌّ الْوَكِيلَ بِأَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ عَزَلَهُ، يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إخْبَارِ الْفُضُولِيِّ وُجُودُ شَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الْعَدَالَةُ، وَالنِّصَابُ، وَهُمَا أَحَدُ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ. أَوْ أَنْ يُصَدِّقَ الْوَكِيلُ الْخَبَرَ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ الْفُضُولِيُّ عَادِلًا يُعْزَلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ، كَمَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْفُضُولِيُّ يُعَدِّدُ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فَيَكُونُ هَذَا الْخَبَرُ مَقْبُولًا وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْخَبَرُ مِنْ فُضُولِيٍّ غَيْرِ عَادِلٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ عَنْ الْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1029) وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ عَنْ الْعَزْلِ الْحُكْمِيِّ، وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (1527) . وَعِبَارَةُ (وَكِيلِهِ) يُحْتَرَزُ بِهَا عَنْ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الرَّسُولِ فِي الْعَزْلِ، وَلَوْ كَانَ عَزْلُهُ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ مُبَلِّغٌ عِبَارَةَ مُرْسِلِهِ، فَعَزْلُهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِيجَابِ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1524) إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ] الْمَادَّةُ (1524) - (إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ نَفْسَهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُوَكِّلَ بِعَزْلِهِ وَتَبْقَى الْوَكَالَةُ فِي عُهْدَتِهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ) . الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُوَكِّلَ بِعَزْلِهِ وَتَبْقَى الْوَكَالَةُ فِي عُهْدَتِهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ الْمُوَكِّلُ عَزْلَهُ،؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ نَفْسَهُ بِدُونِ أَنْ يُعْلِمَ مُوَكِّلَهُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى

(المادة 1525) للموكل عزل وكيله الذي وكله بقبض الدين في غياب المدين

الْمُوَكِّلِ إذْ يَظُنُّ أَنَّ وَكِيلَهُ بِالْخُصُومَةِ يَتَعَقَّبُ بِالْخُصُومَةِ دَعْوَاهُ فَيُمْهِلُ بِذَاتِهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تَحْصُلُ أَحْوَالٌ مُوجِبَةٌ لِضَرَرِ الْمُوَكِّلِ كَمُرُورِ الزَّمَنِ. وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ بِدُونِ عِلْمِ مُوَكِّلِهِ فَيَسْتَطِيعُ الْوَكِيلُ شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ وَيَضُرُّ مُوَكِّلَهُ. وَلِذَلِكَ يَكُونُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ صَحِيحًا بِحَقِّ الْمُوَكِّلِ إلَى حِينِ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَى مُوَكِّلِهِ. مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلٍ آخَرَ تَوَكَّلَ لَهُ مُؤَخَّرًا بَعْدَ أَنْ عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَقَبْلَ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَى مُوَكِّلِهِ، كَانَ ذَلِكَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ بِغِيبَةِ الْآمِرِ، إلَّا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِمَّا وُكِّلَ بِهِ، أَوْ بِخِلَافِ مَا وُكِّلَ بِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا عَزَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَوْ بِشِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ مُوَكِّلُهُ انْعَزَلَ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمُوَكِّلِ. فَلِذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِشِرَاءِ فَرَسٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَهُ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ فَرَسًا بَعْدَ عَزْلِ نَفْسِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مُوَكِّلُهُ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْمُوَكِّلِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مَا لَمْ يَنْوِهِ لَهُ أَوْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ أَوْ يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى دَرَاهِمِهِ؛ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ لِعَدَمِ تَضَرُّرِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي غِيَابِ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يَصِلْ خَبَرُ الْوَكَالَةِ لِلْمَدِينِ وَيَلْحَقْ عِلْمُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهَذَا الْعَزْلِ. [ (الْمَادَّةُ 1525) لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي غِيَابِ الْمَدِينِ] الْمَادَّةُ (1525) - (لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي غِيَابِ الْمَدِينِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ الدَّائِنُ فِي حُضُورِ الْمَدِينِ فَلَا يَصِحُّ لِلدَّائِنِ عَزْلُهُ مَا لَمْ يَلْحَقْ خَبَرُ الْعَزْلِ عِلْمَ الْمَدِينِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا أَدَّى الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ عَزْلَهُ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ) . لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي غِيَابِ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يَصِلْ خَبَرُ التَّوْكِيلِ لِلْمَدِينِ، أَيْ إذَا لَمْ يَلْحَقْ عِلْمُ الْمَدِينِ بِالتَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهَذَا الْعَزْلِ. أَمَّا إذَا وَصَلَ خَبَرُ الْوَكَالَةِ لِلْمَدِينِ وَلَحِقَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَزْلُ صَحِيحًا، كَمَا فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ الدَّائِنُ قَدْ وَكَّلَهُ فِي حُضُورِ الْمَدِينِ فَلَا يَصِحُّ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعَزْلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِدُونِ عِلْمِ الْمَدِينِ فِيهِ ضَرَرٌ لِلْمَدِينِ، وَتَغْرِيرٌ بِهِ، إذْ يَظُنُّ الْمَدِينُ أَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ بَاقِيَةٌ فَيُؤَدِّي لَهُ الدَّيْنَ، وَحَيْثُ لَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ التَّأْدِيَةُ فَيُصْبِحُ الْمَدِينُ مُكَلَّفًا لِأَدَاءِ دَيْنِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً لِلدَّائِنِ (التَّكْمِلَةُ) .

(المادة 1526) تنتهي الوكالة بختام الموكل به

وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَعْطَاهُ الْمَدِينُ الدَّيْنَ مِنْ دُونِ أَنْ يَعْلَمَ عَزْلَهُ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَدِينُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ فَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى الْمَدِينُ الدَّيْنَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1526) تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ بِخِتَامِ الْمُوَكِّلِ بِهِ] الْمَادَّةُ (1526) - (تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ بِخِتَامِ الْمُوَكِّلِ بِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِطَبِيعَتِهِ) . تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ بِخِتَامِ الْمُوَكِّلِ بِهِ وَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ بِطَبِيعَتِهِ بِدُونِ حَاجَةٍ لِلْعَزْلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ امْتِثَالِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ. أَمَّا خِتَامُ الْمُوَكِّلِ بِهِ فَيَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - يَكُونُ خِتَامُ الْمُوَكِّلِ بِهِ بِإِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ بِالذَّاتِ الْمُوَكَّلِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُوَكِّلُ بِوَجْهٍ مَا فَيُصْبِحُ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ عَاجِزًا عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَتَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: الْبَيْعُ - إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ فِي بَيْعِ مَالِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ بَاعَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفَيْضِيَّةُ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا فِي الْبَيْعِ أَوْ بَاعَا مَعًا فَبَيْعُ الْمَالِكِ أَوْلَى عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ الْمَالُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ؛ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِيَانِ مُخَيَّرَيْنِ بِخِيَارِ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . أَمَّا إذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ، ثُمَّ رَهَنَ أَوْ أَجَّرَ وَسَلَّمَ الْمَالَ الْمُرْتَهَنَ أَوْ الْمُؤَجَّرَ فَتَكُونُ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بَاقِيَةً حَسَبَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْإِجَارَةُ، إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي إجَارِ دَارِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُؤَجِّرَ الْوَكِيلُ الدَّارَ أَجَّرَهَا الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ لِآخَرَ. يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ. قَضَاءُ الدَّيْنِ، إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ مَا فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ قَبَضَهُ الْمُوَكِّلُ، يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ (التَّنْوِيرُ) . قَضَاءُ الدَّيْنِ، إذَا أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِيُوفِيَ بِهَا دَيْنَهُ، فَأَدَّى الدَّيْنَ الْآمِرُ الْمُوَكِّلُ، ثُمَّ أَدَّاهُ الْمَأْمُورُ الْوَكِيلُ، يُنْظَرُ؛ فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِأَدَاءِ الْمُوَكِّلِ الدَّيْنَ قَبْلًا كَانَ ضَامِنًا، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ وَيَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّائِنِ وَيَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ وَكِيلِهِ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَكِيلِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِتَأْدِيَةِ الْمُوَكِّلِ الدَّيْنَ قَبْلًا (الْهِنْدِيَّةُ) .

وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لَوْ قَبَضَهُ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْمَدِينِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ لَمْ يَضْمَنْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . يُشْكِلُ عَلَى هَذَا أَنَّ هَذَا الْعَزْلَ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ عَلَى عِلْمِ الْوَكِيلِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَجْعَلَ الْمُؤَدَّى مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ؛ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ أَدَاءِ الْمُوَكِّلِ، وَلِذَا يَضْمَنُهُ الْقَابِضُ لَوْ هَلَكَ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالتَّصَدُّقِ إذَا دَفَعَ الْمُوَكِّلُ، فَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ يَتَضَرَّرُ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِرْدَادِ الصَّدَقَةِ مِنْ الْفَقِيرِ وَلَا تَضْمِينِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَصَرُّفٍ) . وَإِذَا بَاعَ الْمُوَكِّلُ مَا وَكَّلَ بِبَيْعِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ، فَبَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، وَهَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ، وَرَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الِاشْتِرَاءُ، لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاشْتِرَاءِ مَالٍ لَهُ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ الْوَكِيلُ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَصِيرُ الْوَكِيلُ عَاجِزًا عَنْ إيفَاءِ الْوَكَالَةِ عَجْزًا مُسْتَمِرًّا (التَّكْمِلَةُ) . رُجُوعُ الْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ: تَعُودُ الْوَكَالَةُ بَعْضًا فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِبَيْعِ مَالِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ، وَبَعْدَ الْبَيْعِ رَجَعَ الْمَالُ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْمُوَكِّلِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ الْقَدِيمِ وَالْفَسْخِ تَعُودُ الْوَكَالَةُ، وَذَلِكَ كَالْفَسْخِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ، كَالْفَسْخِ بِسَبَبٍ وَبِفَسَادِ الْبَيْعِ وَكَحُكْمِ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. مَثَلًا لَوْ رُدَّ الْمَبِيعُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْمُوَكِّلُ، فَلِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْعُ الْمَالِ حَسَبَ وَكَالَتِهِ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي إجَارِ دَارِهِ، ثُمَّ أَجَّرَهَا بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا الْوَكِيلُ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَعُودُ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ. كَذَلِكَ إذَا حَوَّلَ الْمُوَكِّلُ دَيْنَهُ لِآخَرَ، فَيُصْبِحُ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى التَّصَرُّفِ؛ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) ؛ إلَّا أَنَّهُ إذَا عَادَ الدَّيْنُ لِلْمُحِيلِ بِسَبَبِ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، فَلِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ قَبْضُ الدَّيْنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ ثُمَّ اشْتَرَى مَالًا مُقَابِلَ دَيْنِهِ، ثُمَّ ضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ رُدَّ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ الْحَاكِمِ أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، أَوْ رُدَّ بِخِيَارٍ كَانَتْ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بَاقِيَةً. وَكَذَا لَوْ قَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زَائِفَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1527) ينعزل الوكيل بوفاة الموكل

أَمَّا إذَا رُدَّ الْمَبِيعُ لِلْمُوَكِّلِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ الْفَسْخِ فَلَا تَعُودُ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ. مَثَلًا، إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي هِبَةِ مِلْكِهِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ وَهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ بِنَفْسِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، وَرَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ هِبَتِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (864) . وَكَذَا إذَا اشْتَرَى مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ، فَلَا يَعُودُ التَّوْكِيلُ لِعَدَمِ عَوْدِ قَدِيمِ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِلْكٌ مُسْتَأْنَفٌ (التَّكْمِلَةُ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَكُونُ بِإِيفَاءِ الْوَكِيلِ الْآمِرِ الْمُوَكَّلَ بِهِ. مَثَلًا، إذَا قَبَضَ الدَّيْنَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، تَنْتَهِي الْوَكَالَةُ وَيَنْعَزِلُ مِنْهَا الْوَكِيلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفَيْضِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1527) يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ] الْمَادَّةُ (1527) - (يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ وَلَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ لَا يَنْعَزِلُ) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 760) يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ وَصِيَّ الصَّبِيِّ وَكَانَ الْوَكِيلُ يَجْهَلُ وَفَاةَ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ تَصَرُّفٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ فَكَانَ حُكْمًا ابْتِدَائِيًّا لِدَوَامِهِ، وَلَا بُدَّ لِذَلِكَ مِنْ قِيَامِ الْآمِرِ فَيَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَبَضَ الدَّيْنَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِوَفَاتِهِ لَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِهِ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ وَصِيُّ الصَّبِيِّ وَكِيلًا فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِهَا مِنْ أُمُورِ الْيَتِيمِ ثُمَّ تُوُفِّيَ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ، كَمَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ أَيْضًا بِمَوْتِ الصَّبِيِّ حَيْثُ إنَّ الْوَصِيَّ قَدْ وَكَّلَهُ فِي التَّصَرُّفِ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَبِوَفَاةِ الصَّبِيِّ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى وَرَثَتِهِ. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوَكِّل وَلِيَّ الصَّغِيرِ وَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (760) . وَعَدَمُ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ بِسَبَبِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ، لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمَالِ الْمُبَاعِ بَيْعَ وَفَاءٍ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1528) ينعزل وكيل الوكيل أيضا بموت الموكل

لَكِنْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِجُنُونِهِ رَغْمًا عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهِيَ: لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا لِلْخُصُومَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُوَكِّلُ أَوْ جُنَّ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْجُنُونِ خُصُومَةُ الْمُوَكِّلِ، كَمَا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ الْمُنَازَعُ فِيهِ إلَى وَرَثَةِ الْمُوَكِّلِ وَتُجَدَّدُ الْخُصُومَةُ مَعَ خَلْفِهِ وَالْوَكِيلُ لَيْسَ وَكِيلًا لِهَذَا الْخَلَفِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . . [ (الْمَادَّةُ 1528) يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ أَيْضًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ] الْمَادَّةُ (1528) - يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ أَيْضًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1466) ، أَيْ كَمَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ يَنْعَزِلُ أَيْضًا وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ. حَيْثُ إنَّ الْوَكِيلَ الَّذِي وُكِّلَ مِنْ الْوَكِيلِ هُوَ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ؛ وَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ وَلَا بِعَزْلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1529) الْوَكَالَةُ لَا تُورَثُ] الْمَادَّةُ (1529) - (الْوَكَالَةُ لَا تُورَثُ. يَعْنِي إذَا مَاتَ الْوَكِيلُ يَزُولُ حُكْمُ الْوَكَالَةِ وَلِذَلِكَ لَا يَقُومُ وَارِثُ الْوَكِيلِ مَقَامَهُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْوَكِيلُ فَحَقُّ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَكُونُ لِوَارِثِهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَلَا وَصِيٌّ فَيَكُونُ عَلَى رِوَايَةٍ لِلْمُوَكِّلِ وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى لِوَصِيِّ الْقَاضِي (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَكَوْنُ حَقِّ الرَّدِّ لِلْوَارِثِ لَا يَجْعَلُ الْوَكَالَةَ مَوْرُوثَةً؛ لِأَنَّ حَقَّ الرَّدِّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ أَصَالَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1461) . [ (الْمَادَّةُ 1530) تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ] الْمَادَّةُ (1530) - (تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ) . تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ جُنُونًا مُطْبَقًا، وَجُنُونُ الْمُوَكِّلِ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الْغَيْرِ لَازِمَةٍ كَالتَّوْكِيلِ هِيَ حُكْمُ ابْتِدَاءٍ لِدَوَامِ التَّوْكِيلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْأَمْرِ، وَبِجُنُونِ الْمُوَكِّلِ يَبْطُلُ الْأَمْرُ، كَمَا فِي الْمَادَّةِ (1527) . وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْوَكِيلِ؛؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَجْنُونِ الْقَوْلِيَّةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (960) . حَتَّى لَوْ أَفَاقَ الْوَكِيلُ مِنْ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ لَا تَعُودُ الْوَكَالَةُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالتَّكْمِلَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1526) . كَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِجُنُونِ الْوَكِيلِ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ تَبْقَ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ أَمَّا إذَا جُنَّ الْمُوَكِّلُ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ وَلَا تَبْطُلُ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) . وَالْقَصْدُ مِنْ الْجُنُونِ الْجُنُونُ الْمُطْبِقُ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ الْقَلِيلَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ، فَكَمَا لَا تَبْطُلُ

خلاصة الباب الثالث في أحكام الوكالة

الْوَكَالَةُ بِالْإِغْمَاءِ لَا تَبْطُلُ أَيْضًا بِالْجُنُونِ الْقَلِيلِ. وَمُدَّةُ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ شَهْرٌ كَامِلٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَلِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلٌ بِهِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ هِيَ سَنَةٌ كَامِلَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا. وَالْقَوْلُ الْمُخْتَارُ فِي حَقِّ التَّصَرُّفَاتِ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لِسُقُوطِ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ فَقُدِّرَ بِهِ احْتِيَاطًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الْجُنُونُ السَّنَةَ كُلَّهَا تَسْقُطُ جَمِيعُ الْعِبَادَاتِ وَحَتَّى الزَّكَاةِ، وَعَدَمُ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ مُرُورِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ يُعْلِمُ مِنْ اسْتِحْكَامِ الْجُنُونِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَشَرْحُ الْأَشْبَاهِ لِلْغَزِّيِّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (944) . تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ 20 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ 1291 هِجْرِيَّةً. [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ فِي أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ أَحْكَامُ الْوَكَالَةِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ لِلْوَكِيلِ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يَشْمَلُهَا التَّوْكِيلُ. الْوَكَالَةُ بِالشِّرَاءِ إذَا كَانَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ تُصْرَفُ إلَى الشِّرَاءِ بِالنُّقُودِ مَادَّةُ (1483) إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْفَصْلُ الثَّانِي مَعْلُومِيَّةَ الْمُوَكَّل بِهِ بِمَرْتَبَةٍ تَجْعَلُ إيفَاءَ الْوَكَالَةِ قَابِلًا؛ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَ وَنَوْعَ وَثَمَنَ الشَّيْءِ الَّذِي يَرْغَبُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ الْوَكِيلُ لَهُ مَادَّةُ (1463) وَفِي الْمُقَدَّرَاتِ بَيَانُ الْمِقْدَارِ أَوْ الثَّمَنِ مَادَّةُ (1477) مَا لَمْ يُوَكِّلْ وَكَالَةً عَامَّةً وَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الْمُوَكِّلِ بِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِحَالَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَادَّةُ (1478) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمُوَكِّلِهِ (1) مَالَ نَفْسِهِ (2) أَوْ الْمَالَ الَّذِي بَاعَهُ مُوَكِّلُهُ (3) أَوَمَالَ الَّذِينَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ (4) أَوْ مَالَ مُوَكِّلِهِ الْمَغْصُوبَ. الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ فِيهَا تَعْمِيمٌ أَوَتَخْصِيصٌ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجِبُ أَوَّلًا بَيَانُ الْخَصْمِ - الْفَصْلُ الْخَامِسُ - ثَانِيًا بَيَانُ الْمُدَّعَى بِهِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْحَاكِمِ بَاطِلٌ وَإِقْرَارُهُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فِيمَا عَدَا الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ (لِلشُّبْهَةِ) صَحِيحُ الْمَادَّةِ (1417) . التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ لَا يَتَضَمَّنُ الْقَبْضَ وَلَا التَّوْكِيلَ بِالصُّلْحِ. مَادَّةُ (1519) . التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ الْحَقِّ لَيْسَ تَوْكِيلًا بِالْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالتَّمَلُّكِ تَوْكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ. الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ: إذَا كَانَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلِلْوَكِيلِ بَيْعُ مَالِ مُوَكِّلِهِ مُعَجَّلًا بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا - الْفَصْلُ الثَّالِثُ -: أَوْ مُؤَجَّلًا لِلْمُدَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بَيْنَ التُّجَّارِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي بَيْعِ الصَّرْفِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ. الْوَكَالَةُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ: (1) لِكَيْ يَرْجِعَ الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ عَلَى آمِرِهِ يَجِبُ وُجُودُ أَمْرِ الْمَدِينِ. (2) وُجُودُ الدَّيْنِ (3) تَحْقِيقُ الْإِيفَاءِ. الْحُكْمُ الثَّانِي: لِلْوَكِيلِ الْمُخَالَفَةُ مُطْلَقًا فِي الْجِنْسِ وَلَهُ الْمُخَالَفَةُ فِي الْقَدْرِ أَوْ الْوَصْفِ لِلْخَيْرِ وَلَيْسَ لَهُ

الْمُخَالَفَةُ فِيهِمَا لِلشَّرِّ، فَإِذَا حَصَلَ الْبَيْعُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا كَانَ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا أَمَّا فِي الشِّرَاءِ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ وَكَالَةُ الْعَقْدِ غَيْرُ لَازِمَةٍ (مُسْتَثْنًى) (1) لَيْسَ لِلْمَدِينِ الرَّاهِنِ عَزْلُ وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ لِبَيْعِ الرَّهْنِ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُرْتَهِنِ (الْمَادَّةُ 1521) . (2) إذَا وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَفِي حُضُورِهِ وَكِيلًا لِلْخُصُومَةِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي. (3) يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى إيفَاءِ الْوَكَالَةِ مَادَّتَيْ (1504، 1514) وَتَلْزَمُ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ (فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ) . (4) إذَا وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ بِالْبَيْعِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ الْمَادَّةُ (1504) . (5) إذَا وَكَّلَ الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ دَائِنَهُ بِبَيْعِ مَالٍ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ، وَتَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) . (6) الْوَكِيلُ بِرَدِّ الْعَيْنِ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الْعَيْنِ بَعْدَ غِيَابِ الْمُوَكِّلِ. (7) إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ مَدِينًا لِلْأَمْرِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ آمِرِهِ وَتَلْزَمُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ (فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ) الْحُكْمُ الرَّابِعُ الْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ أَمِينَانِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِمَا مَادَّةُ (1463) وَشَرْحُهَا، فَإِذَا تَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ لَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ. الْحُكْمُ الْخَامِسُ عَزْلُ الْوَكِيلِ (الْفَصْلُ السَّادِسُ) يَكُونُ عَزْلُ الْوَكِيلِ فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ. (1) بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لِلْوَكِيلِ أَوْ بِاسْتِقَالَةِ الْوَكِيلِ (فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ) . بِوَفَاةِ أَوْ جُنُونِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ مَادَّتَيْ (1529 و 1537) (3) بِخِتَامِ الْمُوَكِّلِ بِهِ مَادَّةُ (1526) أَوْ تَبَدُّلِ اسْمِهِ. مَادَّةُ (1472) وَشَرْحُهَا (4) بِتَلَفِ نَقُدْ الْمُوَكِّلِ الَّتِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. (5) بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ الْغَيْرِ مَأْذُونٍ بِالْإِقْرَارِ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ. يَنْعَزِلُ (6) يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَصِيِّ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ. الْحُكْمُ السَّادِسُ لَيْسَ لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ وُكِّلَا فِي خُصُوصٍ وَاحِدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465) . الْحُكْمُ السَّابِعُ يَجِبُ عَلَى وَكِيلِ الْمُمَلَّكِ لَهُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي عُقُودِ الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِيدَاعِ وَالْإِقْرَاضِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارِ. أَمَّا وَكِيلُ الْمُمَلِّكِ إنْ شَاءَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَإِنْ شَاءَ إلَى نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَفِي الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ. فَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ لِمُوَكِّلِهِ وَلَكِنْ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ لَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1461) تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الرِّسَالَةِ لِلْمُرْسِلِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ.

الكتاب الثاني عشر في حق الصلح والإبراء

[الْكِتَابُ الثَّانِي عَشَر فِي حَقِّ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ] الْكِتَابُ الثَّانِي عَشَر الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدَ الصَّالِحِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ. وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَجَمِيعِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُوَحِّدِينَ. الْكِتَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ (فِي حَقِّ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ.) مَشْرُوعِيَّةُ الصُّلْحِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ. الْكِتَابُ قَالَ - تَعَالَى - {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ. السُّنَّةُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» الْحَدِيثَ الشَّرِيفَ. وَقَدْ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ. الْمَعْقُولُ، فِي تَرْكِ الصُّلْحِ نِزَاعٌ، لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ جَمِيعَ حَقِّهِ فَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ، يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِلنِّزَاعِ وَلَا سِيَّمَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْإِعْسَارِ، وَيُوجَبُ ذَلِكَ لِحُصُولِ سَبَبٍ لِتَهَيُّجِ الْفِتَنِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَزِيدُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا مِمَّا يَسْتَلْزِمُ الْفَسَادَ الْعَظِيمَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي الصُّلْحِ خَيْرًا وَمَنْفَعَةً. .

مُقَدِّمَةٌ) (فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ) . الْمَادَّةُ (1531) (الصُّلْحُ: هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي. وَيَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ) . الصُّلْحُ - لُغَةً -: اسْمٌ بِمَعْنَى الْمُصَالَحَةِ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْمُخَاصَمَةِ. وَأَصْلُهُ بِمَعْنَى الصَّلَاحِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى اسْتِقَامَةِ الْحَالِ (الدُّرَرُ) - وَشَرْعًا - هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي أَيْ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَيُزِيلُ الْخُصُومَةَ وَيَقْطَعُهَا بِالتَّرَاضِي؛ وَرُكْنُهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَيَنْعَقِدُ، وَيَصِحُّ بِحُصُولِ الْإِيجَابِ مِنْ طَرَفٍ وَالْقَبُولِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ. وَيَنْتَهِي تَعْرِيفُ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِجُمْلَةِ: هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي. وَإِنَّ مَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ بَيَانٌ لِرُكْنِ الصُّلْحِ وَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُوَافِقِ أَنْ يَذْكُرَ رُكْنَ الصُّلْحِ مُسْتَقِلًّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ ذِكْرِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ؛ كَمَا هُوَ جَارٍ فِي الْكُتُبِ الْأُخْرَى مِنْ الْمَجَلَّةِ. فَلَوْ عُرِّبَ هَذَا التَّعْرِيفُ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ يَكُونُ عِبَارَةً عَنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ مِنْ عِبَارَةِ " هُوَ عَقْدٌ " يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالرَّهْنُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ الْأُخْرَى فَلِذَلِكَ تَكُونُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بِمَثَابَةِ جِنْسِ التَّعْرِيفِ إلَّا أَنَّهُ بِوُجُودِ عِبَارَةِ التَّرَاضِي تَخْرُجُ الْعُقُودُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ التَّعْرِيفِ، وَتَكُونُ لِمَقَامِ فَصْلِ التَّعْرِيفِ، وَقَيْدُ " بِالتَّرَاضِي " مُتَعَلِّقٌ بِالرَّفْعِ، وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَنْ الصُّلْحِ الْوَاقِعِ كُرْهًا. لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1006) لَا يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ الَّذِي يَحْصُلُ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ عَنْ مَالٍ فَلِذَلِكَ لَوْ هَجَمَ جَمَاعَةٌ عَلَى بَيْتِ شَخْصٍ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا، وَأَشْهَرُوا السِّلَاحَ عَلَيْهِ وَهَدَّدُوهُ وَأَجْبَرُوهُ بِذَلِكَ عَلَى الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَاهُ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1003) . كَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا يَجُوزُ (الْخَانِيَّةُ) . (الْأَحْكَامُ الَّتِي تُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ) يَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ كَالدَّعْوَى الَّتِي يَكُونُ فِيهَا تَنَاقُضٌ، لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ النِّزَاعُ أَيْضًا فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ، وَالصُّلْحُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ النِّزَاعِ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ: بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ

فِي الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ مُخْتَارٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِي كُلِّ دَعْوَى فَاسِدَةٍ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ. الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ الْأَصْلِ أَيْ الدَّعْوَى الْغَيْرُ قَابِلَةِ التَّصْحِيحِ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الدَّعْوَى: الدَّعْوَى الْبَاطِلَةُ أَيْضًا، فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَخَ الْمُتَوَفَّى بِطَلَبِ حِصَّةٍ إرْثِيَّةٍ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ لِلْمُتَوَفَّى فَاصْطَلَحَ عَنْ دَعْوَاهُ مَعَ ابْنِ الْمُتَوَفَّى عَلَى مَالٍ فَلَا يَصْلُحُ الصُّلْحُ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ مَا فِي ذِمَّةِ مَدِينِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ وَسَلَّمَهُ لِمُوَكِّلِهِ فَأَقَامَ الْمُوَكِّلُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ بِطَلَبِ دَفْعِ بَاقِي الدَّيْنِ بِسَبَبِ قَبُولِ الْوَكِيلِ لِلْوَكَالَةِ، وَاصْطَلَحَ مَعَ الْوَكِيلِ عَنْ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ مَالٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى فَرَاغٍ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ الَّذِي لَمْ يَجْرِ فِي دَوَائِرِ التَّمْلِيكِ (دَفْتَرُ خَافَانِي) فَالصُّلْحُ عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى بَاطِلٌ. كَذَلِكَ الدَّعْوَى بِأُجْرَةِ النَّائِحَةِ وَأُجْرَةِ الْمُغَنِّيَةِ وَأُجْرَةِ التَّصْدِيرِ الْمُحَرَّمِ وَالرِّبَا وَالْحُلْوَانِ (الْمُكَرَّمَةِ) وَالْكَاهِنِ وَالْمُنَجِّمِ مِنْ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ. وَكَذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِتَضْمِينِ الْمَالِ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ، أَوْ الْمُشْتَرَكِ بِسَبَبٍ مُمْكِنٍ التَّحَرُّزُ مِنْهُ كَالسَّرِقَةِ مِنْ الدَّعَاوَى الْبَاطِلَةِ إلَّا أَنَّ بُطْلَانَ الصُّلْحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ أَيْ فِي حَالَةِ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى تَضْمِينِ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ الَّذِي تَلِفَ بِسَبَبٍ مُمْكِنٍ التَّحَرُّزُ مِنْهُ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 607) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الدَّعَاوَى بَاطِلَةٌ كَمَا أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ تِلْكَ الدَّعَاوَى بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ بَاطِلٌ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوَى وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ بَدَلَ الصُّلْحِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . (النَّوْعُ الثَّانِي) الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ الْوَصْفِ أَيْ الدَّعْوَى الْقَابِلَةُ التَّصْحِيحَ كَأَنْ يَكُونَ فِي الدَّعْوَى قُصُورٌ وَخَلَلٌ. فَالصُّلْحُ عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحٌ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَقَارًا، وَأَخْطَأَ فِي بَيَانِ الْحُدُودِ، أَوْ أَنَّهُ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَهُ الْأَرْبَعَةَ وَيُوَضِّحَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1623) كَانَ صَحِيحًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . رُكْنُ الصُّلْحِ: إنَّ رُكْنَ بَعْضِ الْعُقُودِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالْإِيدَاعِ كَمَا أَنَّ رُكْنَ بَعْضِ الْعُقُودِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ فَقَطْ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ كَالْكَفَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 621) . فَالصُّلْحُ مِنْ أَيِّهِمَا يُفَصَّلُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّ الصُّلْحَ يَنْعَقِدُ بِصُوَرٍ خَمْسَةٍ. الْأُولَى - بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. الثَّانِيَةُ - بِالْإِيجَابِ مِنْ الْمُدَّعِي. الثَّالِثَةُ - بِالتَّعَاطِي. الرَّابِعَةُ - بِالْكِتَابَةِ. الْخَامِسَةُ - بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْرُوفَةِ.

فَعَلَيْهِ يَجِبُ فِي الصُّلْحِ حُصُولُ الْإِيجَابِ مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ أَمْ لَمْ يَكُنْ. فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ بِدُونِ الْإِيجَابِ مُطْلَقًا. أَمَّا الْقَبُولُ فَيَجِبُ فِي كُلِّ صُلْحٍ يَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ لِذَلِكَ يَجِبُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ: وُجُودِ الْقَبُولِ فِي الصُّلْحِ بَعْدَ الْإِيجَابِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ عَكْسُهُمَا أَيْ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُدَّعِي اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (101 وَ 102) وَشَرْحَهُمَا. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ يَجِبُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا حَتَّى يَتِمَّ بِالْمُسْقِطِ، فَسَبَبُ عَدَمِ كَوْنِهِ إسْقَاطًا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ جَرَيَانِ الْإِسْقَاطِ فِي الْأَعْيَانِ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: قَدْ تَصَالَحْت مَعَك، أَوْ قَدْ صَالَحْتُك بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ عَلَى دَعْوَاك، وَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ قَبِلْت، أَوْ رَضِيت، أَوْ بِكَلَامٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ انْعَقَدَ الصُّلْحُ (الدُّرَرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيَّنًا بِالتَّعْيِينِ فَيَجِبُ الْقَبُولُ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي صَالَحْتُك عَلَى الْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي اُدُّعِيَ بِهَا عَلَيْك بِمِائَةِ رِيَالٍ وَقَبِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ. لِأَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ الصُّلْحُ مُبَادَلَةً، وَفِي الْمُبَادَلَةِ يَجِبُ الْقَبُولُ، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمُبَادَلَةُ بِدُونِ الْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 167) . تُسْتَعْمَلُ صِيغَةُ الْمَاضِي فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَلَى الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: تَصَالَحْتُ؛ لِأَنَّ طَرَفَ الْإِيجَابِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ طَلَبِ الصُّلْحِ وَغَيْرَ صَالِحٍ لِلْإِيجَابِ. فَقَوْلُ الطَّرَفِ الْآخَرِ: قَبِلْت لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِيجَابِ، أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي ثَانِيًا: قَبِلْت فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 172) ، (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ بِتَغْيِيرٍ مَا) . الصُّلْحُ الَّذِي يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ فَقَطْ. الصُّلْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ يَكْفِي فِيهِ الْإِيجَابُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَبُولُ. فَلِذَلِكَ إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالذِّمَّةِ - يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْغَيْرِ مُتَعَيَّنَيْنِ بِالتَّعْيِينِ - فَيَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِمُجَرَّدِ إيجَابِ الدَّائِنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ قَبُولُ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إسْقَاطِ بَعْضِ الْحُقُوقِ. وَلَمَّا كَانَ الْإِسْقَاطُ أَيْ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْقَبُولِ، وَيَتِمُّ بِمُجَرَّدِ الْمُسْقِطِ، فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَدِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1568) ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ: إنَّنِي صَالَحْتُك عَلَى مَا فِي ذِمَّتِك لِي مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ لَوْ قَالَ لَهُ: صَالَحْتُك عَلَى مَا فِي ذِمَّتِك لِي مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَلَى ثَلَاثِينَ رِيَالًا فَيَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَلَا يَقْتَضِي قَبُولَ الْمَدِينِ وَيَلْزَمُ الصُّلْحُ مَا لَمْ يَرُدَّهُ الْمَدِينُ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُوجِبُ الْمُدَّعِيَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْمُوجِبَ فَيَجِبُ قَبُولُ الْمُدَّعِي. سَوَاءٌ فِي

الصُّلْحِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، أَوْ فِي الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ إمَّا أَنَّهُ إسْقَاطٌ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْقِطُ الْمُدَّعِيَ أَوْ الدَّائِنَ، فَلَا يُمْكِنُ سُقُوطُ حَقِّهِ بِدُونِ قَبُولِهِ وَرِضَاهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَارَضَةً فَفِي الْمُعَارَضَةِ يَجِبُ وُجُودُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَعًا. أَمَّا فِي الصُّلْحِ الَّذِي لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى عَيْنِ الْجِنْسِ فَيَقُومُ طَلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الصُّلْحَ مَقَامَ الْقَبُولِ. مَثَلًا: لَوْ طَلَبَ الْمَدِينُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ دَائِنِهِ أَنْ يُصَالِحَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَصَالَحَهُ الْمَدِينُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) . يُشْتَرَطُ فِي تَمَامِ الصُّلْحِ قَبْضُ بَدَلِهِ: لَا يُشْتَرَطُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالْمَبِيعِ وَالْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْعُقُودِ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ كَالسَّلَمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 387) . أَمَّا فِي الصُّلْحِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ، وَهِيَ كَمَا يَأْتِي: أَوَّلًا - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ قِيَمِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَيْ بَدَلُ الصُّلْحِ قِيَمِيًّا، أَوْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا كَالصُّلْحِ فِي دَعْوَى عَقَارٍ عَلَى فَرَسٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى نَقْدَيْنِ، أَوْ عَلَى مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) . ثَانِيًا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِثْلِيًّا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قِيَمِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ كَالصُّلْحِ عَنْ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِفَرَسٍ مُعَيَّنٍ. ثَالِثًا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ دَيْنًا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْضَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ كَالصُّلْحِ عَنْ خَمْسِينَ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِينَارًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1552) وَيَجُوزُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ مُؤَجَّلًا أَيْضًا (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الصُّلْحِ) . يُوجَدُ نَوْعٌ آخَرُ لِلصُّلْحِ يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ وَهُوَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِثْلِيَّيْنِ، فَقَبْضُ الْبَدَلِ شَرْطٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِهَذِهِ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَمْ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ كَالصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ كَيْلَةً شَعِيرًا، وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي نَحْوِ الصُّلْحِ عَنْ كَذَا رِيَالًا بِكَذَا دِينَارًا، أَوْ عَنْ كَذَا دِينَارًا بِكَذَا رِيَالًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . انْعِقَادُ الصُّلْحِ بِالتَّعَاطِي. وَكَمَا أَنَّ الصُّلْحَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَنْعَقِدُ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِإِعْطَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالًا لِلْمُدَّعِي - لَا يَحِقُّ لَهُ أَخْذُهُ - وَقَبْضِ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ الْمَالِ. مَثَلًا. لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَأَعْطَى الْمُدَّعِي شَاةً وَقَبَضَهَا الْمُدَّعِي مِنْهُ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِالتَّعَاطِي وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ تِلْكَ الشَّاةِ، وَأَمَّا إذَا أَعْطَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَعْضَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ لِلْمُدَّعِي حَقُّ أَخْذِهِ، وَقَبَضَهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِالتَّعَاطِي مَثَلًا. لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَمَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ الدَّيْنَ دَفَعَ لِلْمُدَّعِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا الْمُدَّعِي وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعِي طَلَبُ بَاقِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ

(المادة 1532) تعريف المصالح

الْمُدَّعِي مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ الَّذِي لَهُ حَقُّ أَخْذِهِ يَحْتَمِلُ فِيهِ بِأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِيفَاءَ بَعْضِ حَقِّهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي أَخَذَهُ وَعَدَلَ عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَاقِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِالشَّكِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 4) . [ (الْمَادَّةُ 1532) تَعْرِيفُ الْمُصَالِحُ] الْمَادَّةُ (1532) (الْمُصَالِحُ: هُوَ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ) وَيُقَالُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُصَالِحًا سَوَاءٌ أَعَقَدَ الصُّلْحَ لِنَفْسِهِ أَمْ عَقَدَهُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ. [ (الْمَادَّةُ 1533) الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1533) (الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ: هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ) . سَوَاءٌ أَكَانَ مَالًا أَمْ لَمْ يَكُنْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1549) . يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ بَعْضًا مَالًا وَبَعْضًا مَنْفَعَةً، فَكَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَالًا يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ إمَّا مَالًا، وَإِمَّا مَنْفَعَةً، كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْفَعَةً يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ أَيْضًا إمَّا مَالًا، وَإِمَّا مَنْفَعَةً مِنْ جِنْسٍ آخَرَ (التَّنْوِيرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1534) الْمُصَالَحُ عَنْهُ] الْمَادَّةُ (1534) - (الْمُصَالَحُ عَنْهُ: هُوَ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ) وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقَّ الْمُصَالِحِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ يَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ مَعْلُومًا أَمْ مَجْهُولًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا، أَوْ مَنْفَعَةً، أَوْ قِصَاصًا وَتَعْزِيرًا، وَالْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَ بِالنَّفْسِ، أَوْ كَانَ بِمَا دُونَ النَّفْسِ (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1505) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا لِلْعُمُومِ فَالصُّلْحُ عَنْهَا بَاطِلٌ كَالزِّنَا وَهَدْمِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ بَعْدَ التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ بِصُلْحِهِ إمَّا أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ حَقِّهِ، أَوْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ بَعْضَهُ وَيُسْقِطَ بَعْضَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَعِيضَ عَنْهُ؛ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي حَقِّ الْغَيْرِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَهُ هَذَا التَّصَرُّفُ وَالْمَقْصَدُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَعُودُ نَفْعُهُ وَفَائِدَتُهُ إلَى عُمُومِ الْعَالَمِ بِصُورَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مَخْصُوصًا بِشَخْصٍ كَحُرْمَةِ الزِّنَا حَيْثُ إنَّ حُرْمَتَهُ تَسْتَوْجِبُ سَلَامَةَ الْإِنْسَانِ وَصِيَانَةَ الْفِرَاشِ، وَتَمْنَعُ الْقِتَالَ بَيْنَ الْعَشَائِرِ بِسَبَبِ التَّنَازُعِ بَيْنَ الزُّنَاةِ فَهِيَ نَفْعٌ عَائِدٌ لِلْعَامَّةِ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الزِّنَا مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا يُصْبِحُ الزِّنَا مُبَاحًا فِيهَا بِسَبَبِ إبَاحَةِ أَهْلِ الْمَرْأَةِ لَهُ، وَنِسْبَةُ هَذَا الْحَقِّ لِلَّهِ - تَعَالَى - هُوَ لِلتَّعْظِيمِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَتَعَالَى عَنْ النَّفْعِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ حَقَّ اللَّهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ طَرَفِ اللَّهِ. لِأَنَّ عُمُومَ الْمَوْجُودَاتِ هِيَ مَخْلُوقَةٌ لَهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَمُتَسَاوِيَةٌ فِي الْخِلْقَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا؛ إذَا تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِصَاحِبِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ حَسَبَ الْأُصُولِ، ثُمَّ صَالَحَ مَعَ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 938) .

كَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ أَحَدٌ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ الْمَعْقُودُ بَيْنَهُمَا بَاطِلًا وَلَهُ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الشَّاهِدِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَلْقَى الْقَبْضَ عَلَى سَارِقٍ وَتَصَالَحَ مَعَ السَّارِقِ عَلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ أَمْرَهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ صَحِيحٍ (الدُّرَرُ وَمِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . وَكَذَلِكَ إذَا قَذَفَ أَحَدٌ فِي حَقِّ أَحَدٍ وَأَبْرَأَ الْمَقْذُوفُ الْقَاذِفَ مِنْ قَذْفِهِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ مُوجَبَ الْقَذْفِ. لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ مُوجَبِ قَذْفِهِ إيَّاهُ، وَمُوجَبُ الْقَذْفِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ - تَعَالَى - (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ لَيْسَ بِحَقٍّ لِلْمُصَالِحِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِأَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ هُوَ وَلَدُ الزَّوْجِ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ دَعْوَاهَا وَصَالَحَ الْمُدَّعِيَةَ عَنْ دَعْوَى النَّسَبِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الصَّبِيِّ، وَلَيْسَ حَقَّ الْمُدَّعِيَةِ حَتَّى يَحِقَّ لَهَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ (الدُّرَرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ شَيْئًا مُضِرًّا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَادَّعَى آخَرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ رَفْعِهِ حَسَبَ صَلَاحِيَّتِهِ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1314) ثُمَّ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ هُوَ حَقٌّ لِلْعَامَّةِ وَلَيْسَ حَقَّ الْمَصَالِحِ حَصْرًا. فَلِذَلِكَ لِلْمُصَالِحِ، أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ حَقُّ طَلَبِ رَفْعِ ذَلِكَ الضَّرَرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَدِيمًا (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ فَلِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ بِحَسَبِ وِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ حَقُّ الصُّلْحِ وَأَنْ يَضَعَ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ إنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرَرُ الْمُنْتَقَى وَالزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمُحْدَثَاتُ وَاقِعَةً عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَحَصَلَ الصُّلْحُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الطَّرِيقِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْخَاصَّ هُوَ مِلْكٌ لِأَهْلِهِ (الْكِفَايَةُ) كَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْمُسْتَوْدِعُ مَعَ السَّارِقِ الَّذِي سَرَقَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مَوْجُودًا فِي يَدِ السَّارِقِ عَيْنًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 96) مَا لَمْ يُجِزْ الْمُودِعُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1453) . أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصُّلْحِ غَبْنٌ فَاحِشٌ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُودِعِ. لِأَنَّ لِلْمُودِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (الـ 1677) أَنْ يُخَاصِمَ الْغَاصِبَ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ بَدَلَ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْمُودِعِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ. فَلِذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مَعَ الْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا. لِأَنَّ حَقَّ الْمَكْفُولِ لَهُ عِنْدَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ هُوَ مُطَالَبَةُ الْكَفِيلِ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَإِنَّ وِلَايَةَ الْمُطَالَبَةِ هِيَ صِفَةُ الْوَالِي فَالصُّلْحُ عَنْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. لِأَنَّ السُّقُوطَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِوَضِ، وَإِذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ (الْكِفَايَةُ) . أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ فَهُوَ صَحِيحٌ؛

(المادة 1535) الصلح ثلاثة أقسام

لِأَنَّ الْقِصَاصَ ثَبَتَ فِي الْمَحَلِّ بِسَبَبِ أَنَّ مَحَلَّهُ مَلُومٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَيَمْلِكُ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ بِالصُّلْحِ كَذَلِكَ إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ كَانَ صَحِيحًا. لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِبَعْضِ الدَّيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الشُّفْعَةِ فَهُوَ بَاطِلٌ كَالصُّلْحِ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْ: إنَّهُ إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَقِّ شُفْعَتِهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الْمَشْفُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ. لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ فِي الْمَشْفُوعِ سِوَى حَقِّ التَّمَلُّكِ، وَإِنَّ حَقَّ هَذَا التَّمَلُّكِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وِلَايَةِ التَّمَلُّكِ وَهُوَ لَيْسَ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ فِي الْمَشْفُوعِ فِي مَحَلِّهِ (الدُّرَرُ) . يَكُونُ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى الشُّفْعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ الصُّلْحُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فِيهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي الصُّلْحُ عَنْ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمَشْفُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْبُطْلَانِ هُوَ جَهَالَةُ الثَّمَنِ. لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَعْلَمُ ثَمَنَ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ إلَّا بِالْحَزْرِ، أَمَّا الشُّفْعَةُ فَلَا تَبْطُلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1555) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ الصُّلْحُ عَنْ الْمَشْفُوعِ بِنِصْفِهِ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ فَهَذَا الصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ. [ (الْمَادَّةُ 1535) الصُّلْحُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ] الْمَادَّةُ (1535) - (الصُّلْحُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، الْقِسْمُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى سُكُوتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ) . الصُّلْحُ يُقَسَّمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ بِاعْتِبَارِ الْجَوَابِ الَّذِي يُجِيبُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ. لِأَنَّ الْخَصْمَ فِي وَقْتِ الدَّعْوَى إمَّا أَنْ يَسْكُتَ، أَوْ أَنْ يَتَكَلَّمَ مُجِيبًا، وَهَذَا التَّكَلُّمُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ نَفْيًا، أَوْ إثْبَاتًا، وَلِذَلِكَ فَالْإِثْبَاتُ هُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَالنَّفْيُ هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَالسُّكُوتُ هُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ. وَيَخْرُجُ بِعِبَارَةِ " أَنْ يَتَكَلَّمَ مُجِيبًا " التَّكَلُّمُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالدَّعْوَى (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَطْلُوبِ الْمُدَّعِي سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُ صَرَاحَةً وَحَقِيقَةً، أَوْ كَانَ إقْرَارُهُ حُكْمًا. أَمَّا الْإِقْرَارُ صَرَاحَةً فَظَاهِرٌ، وَالْمِثَالُ عَلَى الْإِقْرَارِ حُكْمًا هُوَ طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ، أَوْ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1582) (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارِي، أَوْ أَدِّ لِي عَيْنَ وَدِيعَتِي، أَوْ بَدَلَ وَدِيعَتِي الَّتِي اسْتَهْلَكْتهَا، وَتَصَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ الْمُدَّعِي بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ، أَوْ الْوَدِيعَةَ هِيَ مِلْكُ الْمُدَّعِي لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ وَدِيعَتِهِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ.

(المادة 1536) الإبراء على قسمين

الْقِسْمُ الثَّانِي - الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ. وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَطْلُوبِ الْمُدَّعِي. مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ مِنْ الْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ عَيْنَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ بَدَلَهَا لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ أَقَرَّ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُقُوعِ الْإِقْرَارِ (الْبَحْرُ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ) . كَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْمُدَّعِي الصُّلْحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعِي كَذَا مَبْلَغًا بَدَلَ صُلْحٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ بَيْعًا، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ، وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى سُكُوتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي. إنَّ أَقْسَامَ الصُّلْحِ الثَّلَاثَةَ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَمَشْرُوعَةٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ تُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَأَحْكَامُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَارِدَةٌ فِي الْمَوَادِّ (الـ 1547، 1549، 1550) . [ (الْمَادَّةُ 1536) الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1536) - (الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ، وَثَانِيهِمَا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ فَهُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ تَمَامِ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ هَذَا، وَأَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِرَافِ أَحَدٍ بِقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ) . يَكُونُ الْإِبْرَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ إسْقَاطٍ وَالْآخَرُ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ، وَإِبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ هُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِسْقَاطِ تَمَامِ حَقِّهِ الْقَابِلِ لِلْإِسْقَاطِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ الْآخَرِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1562) . وَتُسْتَعْمَلُ أَلْفَاظُ " أَسْقَطْت "، أَوْ " حَطَطْت "، أَوْ " أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ " فِي بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، وَفَائِدَةُ تَعْبِيرِ " قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ " تُفْهَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمَادَّةِ (الـ 51) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ " تَمَامِ حَقِّهِ " بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ يَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْحَقِّ فَإِذَا أَضَافَ الْمُبْرِئُ الْإِبْرَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ: إنَّ زَيْدًا بَرِيءٌ مِنِّي يَتَنَاوَلُ نَفْيَ الْمُوَالَاةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَلَيْسَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحُقُوقِ. أَلَا يُرَى بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفْسِ الْغَيْرِ هِيَ إظْهَارٌ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ وَالْوَحْشَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْرَأِ. أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَهُوَ إنْعَامٌ، وَإِظْهَارٌ لِلْمَحَبَّةِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) كَذَلِكَ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَجَلِ: إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ الْأَجَلِ، أَوْ إنَّنِي مُسْتَغْنٍ عَنْ الْأَجَلِ فَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ للشرنبلالي) وَهَذَا هُوَ الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ

وَأَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِرَافِ أَحَدٍ بِقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1572) لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْإِقْرَارِ يَشْمَلُ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْإِقْرَارِ وَتُسْتَعْمَلُ أَلْفَاظُ: " أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ الِاسْتِيفَاءِ "، أَوْ " بِبَرَاءَةِ الْقَبْضِ "، أَوْ " أَبْرَأْتُك مِنْ الِاسْتِيفَاءِ " فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْمُبْرِئُ الْإِبْرَاءَ كَأَنْ يَقُولَ: أَبْرَأْتُك بِدُونِ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، أَوْ بِبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، وَالْآخَرُ أَنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْإِبْرَاءَ يُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ. لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ إبْرَاءٌ أَقَلُّ مِنْ إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ فَالْأَقَلُّ يَكُونُ مُتَيَقَّنًا وَالْأَكْثَرُ مَشْكُوكًا فِيهِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ. الْفَرْقُ بَيْنَ بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ وَبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ. يُوجَدُ بَيْنَ هَذَيْنِ الإبراءين فُرُوقٌ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَقَدْ بُيِّنَ آنِفًا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ إنْشَاءٌ فَلَا تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْكَذِبِ أَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ إخْبَارٌ فَتُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْكَذِبِ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1589) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ بَعْدَ إيفَائِهِ الدَّيْنَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ فَلِلْمَدِينِ اسْتِرْدَادُ الدَّيْنِ الَّذِي دَفَعَهُ. أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ أَقَلُّ، وَإِبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ أَكْثَرُ. ثَانِيًا إنَّ بَعْضَ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ عَامَّةٌ وَشَامِلَةٌ كَافَّةَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْأَمَانَاتِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْحُقُوقِ الْغَيْرِ مَالِيَّةٍ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَتَشْمَلُ الدُّيُونَ وَالْأَعْيَانَ كَقَوْلِك: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، فَكَلِمَةُ قِبَلَ تَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1561) ، وَبَعْضُهَا يُسْتَعْمَلُ لِلدُّيُونِ كَقَوْلِك: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ، وَهَذَا اللَّفْظُ خَاصٌّ بِالدُّيُونِ وَلَا يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " عَلَيْهِ " لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الدُّيُونِ، وَالْأَمَانَاتُ لَا تَدْخُلُ فِي الدُّيُونِ. وَبَعْضُهَا يَكُونُ مَخْصُوصًا بِالْأَمَانَاتِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا الدَّيْنُ وَالْغَصْبُ كَقَوْلِك: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ، أَوْ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ شَيْءٌ. فَبِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَقَطْ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " عِنْدَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَضْمُونَاتِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّ عِنْدِي لِفُلَانٍ عَشْرَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ ذَلِكَ قَدْ أَقَرَّ بِالْأَمَانَةِ. كَذَلِكَ كَلِمَةُ " مَعَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَلَا تُسْتَعْمَلُ فِي الدُّيُونِ. لِأَنَّ الْأَمَانَاتِ قَائِمَةٌ فَلِذَلِكَ يُتَصَوَّرُ مُقَارَنَتُهَا مَعَ شَخْصٍ. أَمَّا الدَّيْنُ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي النَّفْسِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مُقَارَنَتُهُ مَعَ شَخْصٍ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . ثَالِثًا الْإِبْرَاءُ إمَّا خَاصٌّ، أَوْ عَامٌّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا فِي الْمَادَّتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي يُقَسَّمُ الْإِبْرَاءُ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ أَيْضًا. أَوَّلًا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مُتَعَلِّقًا فِي الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ، أَوْ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ، أَوْ دَعْوَى الْعَيْنِ الْأَمَانَةِ، أَوْ دَعْوَى الْحُقُوقِ الْأُخْرَى كَدَعْوَى الشُّفْعَةِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ، وَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِي ذَلِكَ. إنَّ الْإِبْرَاءَ الْوَارِدَ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (الْ 1565) هُوَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ كَمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْوَارِدَ ذِكْرُهُ فِي مَادَّتَيْ (1564، 1566) هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. ثَانِيًا الْإِبْرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِنَفْسِ الدَّيْنِ كَإِبْرَاءِ الدَّائِنِ الْمَدِينَ مِنْ بَعْضِ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ كُلِّهِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَيْنًا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ، ثُمَّ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ بَدَلِ الضَّمَانِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) . ثَالِثًا - يَكُونُ الْإِبْرَاءُ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الْمَضْمُونِ كَقَوْلِك لِشَخْصٍ: أَبْرَأْتُك مِنْ الْعَيْنِ الْفُلَانِيَّةِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ إثْبَاتُ الْبَرَاءَةِ لِذَلِكَ اللَّفْظِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ، وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَهَذَا الْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى وَلَا يَثْبُتُ مِلْكُ الْمُبْرَأِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) أَيْ: إنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّ الْعَيْنَ لَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ فَلِذَلِكَ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُبْرَأِ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ وَلِلْمُبْرِئِ أَنْ يَدَّعِيَ تِلْكَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُخَاطَبِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ وَصْفِ الضَّمَانِ. يَعْنِي أَنَّهُ يُحْمَلُ هَذَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الرَّدِّ وَتَدْخُلُ الْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ فِي حَالَةِ الْأَمَانَةِ، فَإِذَا تَلِفَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي يَدِ الْمُبْرِئِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ مَا لَمْ تَتْلَفْ بَعْدَ مَنْعِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ، أَوْ أَنْ يَسْتَهْلِكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ حَقُّ الْمُبْرِئِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) وَلَيْسَ هَذَا الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مِنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ. لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا عَيْنًا فَالْوَاجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ تِلْكَ الْعَيْنِ وَلَيْسَ رَدَّ قِيمَتِهَا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) رَابِعًا - الْإِبْرَاءُ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَقَوْلِهِ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا إلَيَّ قِبَلَهُ وَهَذَا اللَّفْظُ هُوَ إخْبَارٌ عَنْ بَرَاءَةٍ سَابِقَةٍ حَاصِلَةٍ عَنْ سَبَبٍ صَالِحٍ، وَنَفْيٍ أَصْلِيٍّ لِعَيْنِ الْمَالِ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ يَشْمَلُ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ وَالْأَمَانَةَ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ. لِأَنَّ كَلِمَةَ " قِبَلَ " تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ، رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عِنْدَ وُجُودِ الْمُنَازِعِ: لَيْسَ لِي فِي هَذِهِ الْعَيْنِ مِلْكٌ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّعْوَى عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِتِلْكَ الدَّارِ، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ بَرَاءَةٌ مِنْ مِلْكِهَا وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ فِيهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا حَادِثًا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فَتُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ) خَامِسًا - الْإِبْرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِعَيْنِ الْأَمَانَةِ: إنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ بَاطِلٌ دِيَانَةً. يَعْنِي لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ الْفَرَسِ الَّتِي سَلَّمَهَا لَهُ أَمَانَةً كَانَ الْإِبْرَاءُ بَاطِلًا وَلِلْمُبْرِئِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ إذَا ظَفِرَ بِتِلْكَ الْفَرَسِ أَنْ

(المادة 1537) الإبراء الخاص

يَأْخُذَهَا وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 1551) إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ صَحِيحٌ قَضَاءً. فَلِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُبْرِئِ بَعْدَ إبْرَائِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) سَادِسًا الْإِبْرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِسَائِرِ الْحُقُوقِ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالْأَرْشِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الْ 1562) وَشَرْحَهَا (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 1537) الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ] الْمَادَّةُ (1537) - (الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ هُوَ إبْرَاءُ أَحَدٍ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ مَا كَدَعْوَى دَارٍ، أَوْ مَزْرَعَةٍ، أَوْ دَعْوَى دَيْنٍ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ) . الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ هُوَ الْإِبْرَاءُ الْوَاقِعُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الْإِبْرَاءُ مِنْ دَعْوَى مَالٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ إبْرَاءُ أَحَدٍ آخَرَ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ مَا كَدَعْوَى الدَّارِ، أَوْ الْمَزْرَعَةِ، أَوْ الْفَرَسِ، أَوْ دَعْوَى دَيْنٍ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ كَالْقَرْضِ، أَوْ الْغَصْبِ، أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مَثَلًا. لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ كَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً خَاصًّا مِنْ تِلْكَ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِتِلْكَ الدَّارِ إلَّا أَنَّ لَهُ حَقَّ الِادِّعَاءِ بِدَارٍ أُخْرَى، أَوْ مَزْرَعَةٍ أُخْرَى، أَوْ بِدَيْنٍ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . الْقِسْمُ الثَّانِي الْإِبْرَاءُ مِنْ ذَاتِ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ وَهَذَا مُتَعَدِّدٌ وَهُوَ: أَوَّلًا الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ مِنْ الدَّيْنِ كَقَوْلِك: أَبْرَأْت زَيْدًا مِنْ دَيْنِ كَذَا فَهَذَا الْإِبْرَاءُ يَخْتَصُّ بِالدَّيْنِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ. ثَانِيًا الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ عَنْ كُلِّ الدَّيْنِ كَقَوْلِك: أَبْرَأْت زَيْدًا مِمَّا لِي عَلَيْهِ وَبِهَذَا اللَّفْظِ يَبْرَأُ زَيْدٌ مِنْ كُلِّ دَيْنٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْعَيْنِ. ثَالِثًا - الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ بِالْعَيْنِ وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ نَفْسِ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحٍ. وَلِلْمُبْرِئِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مَنْ أَبْرَأَهُ، وَالْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ صَحِيحًا مِنْ جِهَةِ الْإِبْرَاءِ عَنْ وَصْفِ الضَّمَانِ لِلْمُخَاطَبِ. رَابِعًا - الْإِبْرَاءُ مِنْ حَقٍّ مَخْصُوصٍ كَالْإِبْرَاءِ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ فِي عَقَارٍ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْمُبْرِئِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الِادِّعَاءُ بِالشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ. إلَّا أَنَّ لِلْمُبْرِئِ أَنْ يَدَّعِيَ الشُّفْعَةَ فِي عَقَارٍ آخَرَ، أَوْ أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا آخَرَ. [ (الْمَادَّةُ 1538) الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ] الْمَادَّةُ (1538) (الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ إبْرَاءُ أَحَدٍ آخَرَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعْوَى) . الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ عَلَى قِسْمَيْنِ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْإِبْرَاءُ الَّذِي يَعُمُّ كَافَّةَ الْحُقُوقِ كَالْإِبْرَاءِ بِقَوْلِ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، وَلَيْسَ فِي الْإبْرَاءَاتِ لَفْظٌ أَعَمُّ وَأَجْمَعُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ. وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1537) . وَكَذَلِكَ قَوْلُ: إنَّ زَيْدًا بَرِيءٌ مِنْ حَقِّي، أَوْ لَيْسَ لِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ دَعْوَى وَخُصُومَةٌ، أَوْ قَوْلُ: إنَّنِي أَبْرَأْتُك مِنْ حَقِّي، أَوْ إنَّنِي أَبْرَأْتُك مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي لِي عَلَيْك وَلَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ، أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ، أَوْ لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا. مِنْ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَبِمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ هُوَ إبْرَاءُ أَحَدٍ آخَرَ مِنْ كَافَّةِ الْحُقُوقِ، أَوْ مِنْ كَافَّةِ الْخُصُومَاتِ، أَوْ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَبْرَأْت فُلَانًا مِنْ كَافَّةِ الْحُقُوقِ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ أَيُّ حَقٍّ مَا، أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ أَيُّ خُصُومَةٍ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الشَّخْصِ الْمُبْرَأِ بِأَيِّ حَقٍّ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ، أَوْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ حَادِثًا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. الْقِسْمُ الثَّانِي الْإِبْرَاءُ الَّذِي يَعُمُّ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْحُقُوقِ. مَثَلًا. لَوْ قَالَ أَحَدٌ: قَدْ أَبْرَأْت فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدُّيُونِ الَّتِي لِي بِذِمَّتِهِ فَيَكُونُ إبْرَاءً مِنْ الدُّيُونِ، أَوْ قَالَ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ يَكُونُ إبْرَاءً مِنْ الْأَمَانَاتِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: وَقَدْ أَبْرَأْت فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدُّيُونِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِأَعْيَانٍ كَالْأَمَانَةِ وَالْغَصْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1564) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ فَيَكُونُ هَذَا اللَّفْظُ إبْرَاءً عَامًّا لِلْأَمَانَاتِ فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ بِأَمَانَةٍ إلَّا أَنَّ لَهُ الِادِّعَاءَ بِالدُّيُونِ.

الباب الأول في بيان من يعقد الصلح والإبراء

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ مَنْ يَعْقِدُ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ] [ (الْمَادَّةُ 1539) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا] الْمَادَّةُ (1539) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ شَيْئًا، وَأَقَرَّ بِهِ يَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْ إقْرَارٍ، وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ عَلَى تَأْجِيلِ وَإِمْهَالِ دَيْنِهِ. وَإِذَا صَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ دَيْنِهِ وَكَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ وَعَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ سَيَحْلِفُ يَصِحُّ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ يَصِحُّ وَلَكِنْ إذَا صَالَحَ عَلَى نُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ لَا يَصِحُّ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا، كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَرِّفُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا؛ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالنَّائِمِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالْمَدْهُوشِ (وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ عَقْلُهُ بِذُهُولٍ أَوْ وَلَهٍ) وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيَّزٍ مُطْلَقًا. يَعْنِي: سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُصَالِحُ فِي صِفَةِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَؤُلَاءِ قَصْدٌ شَرْعِيٌّ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (957، 979) . إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُ السَّكْرَانِ بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ، وَعَدُّهُ عَاقِلًا زَجْرًا لَهُ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) : إنَّ هَذَا التَّفْرِيعَ مُتَفَرِّعٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى؛ فَلِذَلِكَ لَا يُوجَدُ مَانِعٌ مِنْ تَفْرِيعِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى أَصْلِ هَذِهِ الْمَادَّةِ. إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَدَمُ إتْيَانِ الْمَعْتُوهِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بَلْ يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ. لِأَنَّهُ - حَسَبَ الْمَادَّةِ (978) - يُعَدُّ الْمَعْتُوهُ فِي حُكْمِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَقَدْ نَصَتَ الْمَادَّةُ (1967) بِأَنَّ عُقُودَ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الدَّائِرَةَ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ. كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَلِذَلِكَ فَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَيَصِحُّ صُلْحُهُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قِيلَ

بِأَنَّهُ قُصِدَ مِنْ الْمَعْتُوهِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْمَعْتُوهُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ إلَّا أَنَّ نَظْمَ الْمَعْتُوهِ فِي سِلْكِ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَاعْتِبَارَ الصُّلْحِ الْوَاقِعِ مِنْهُ غَيْرَ صَحِيحٍ مُطْلَقًا مُحْتَاجٌ لِلنَّظَرِ؟ فَعَلَيْهِ لَوْ ذَكَرَ الْمَعْتُوهَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ، وَبَيَّنَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا يَصِحُّ صُلْحُهُ لَكَانَ سَالِمًا مِنْ التَّأَمُّلِ، وَيَصِحُّ صُلْحُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَالْمَعْتُوهِ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ وَظَاهِرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ فِيهِ نَفْعٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَذْكُورَانِ فِي صِفَةِ الْمُدَّعِي أَوْ فِي صِفَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يُوجَدُ فِي صُلْحِ الصَّبِيِّ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ: أَوَّلًا - أَنْ يَكُونَ فِي صُلْحِهِ نَفْعٌ. ثَانِيًا - أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَفْعٌ وَلَا ضَرَرٌ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ غَيْرُ بَيِّنٍ. رَابِعًا - أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ. وَفِي الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى يَكُونُ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَأَمَّا فِي الِاحْتِمَالِ الرَّابِعِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ، وَأَقَرَّ بِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1573) يَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْ إقْرَارٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِمِقْدَارِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا، وَكَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ بِقِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ كَانَ زَائِدًا عَنْ قِيمَتِهِ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَيْسَ فِي الصُّلْحِ نَفْعٌ أَوْ ضَرَرٌ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ يُوجَدُ ضَرَرٌ غَيْرُ بَيِّنٍ. أَمَّا إذَا كَانَ فِي الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَالصُّلْحِ بِتَنْزِيلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ عَيْبٍ فَلَا يَصِحُّ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَتَعْبِيرُ الْإِقْرَارِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِحَقٍّ، وَأَنْكَرَ الصَّبِيُّ، وَكَانَ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَصَالَحَهُ الصَّبِيُّ صَحَّ الصُّلْحُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . هَذَا الْمِثَالُ مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مُدَّعِيًا فَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. مَثَلًا - لَوْ ادَّعَى الْمَأْذُونُ بِدَيْنٍ عَلَى أَحَدٍ وَتَصَالَحَ الصَّبِيُّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ الْحَقِّ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْخَصْمَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الصَّبِيِّ بَيِّنَةٌ فَلَا يَبْقَى لَهُ سِوَى الْخُصُومَةِ وَالْيَمِينِ، وَالْمَالُ أَفْيَدُ مِنْهُمَا، أَمَّا إذَا كَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْحَالِ حَطًّا وَتَنْزِيلًا وَتَبَرُّعًا وَلَيْسَ لِلصَّبِيِّ ذَلِكَ، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (96) وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ عَلَى تَأْجِيلٍ وَإِمْهَالِ دَيْنِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِمْهَالَ وَالتَّأْجِيلَ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ فِي أَعْمَالِ التِّجَارَةِ كَالْبَالِغِ (الدُّرَرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ

(المادة 1540) إذا صالح ولي الصبي عن دعواه

كَمَا أَنَّ لِلْبَالِغِ أَنْ يُصَالِحَ بِالْإِمْهَالِ وَالتَّأْجِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1553) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَلَى آخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا، وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ تَصَالَحَ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ سِتَّةِ شُهُورٍ كَانَ صَحِيحًا، وَلِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى حَطِّ وَتَنْزِيلِ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَلِلصَّبِيِّ أَنْ يَعْقِدَ الصُّلْحَ بِحَطِّ وَتَنْزِيلِ بَعْضِ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصُّلْحُ بِحَطِّ الثَّمَنِ بِدُونِ وُجُودِ عَيْبٍ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا. إنَّ قَيْدَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ هُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ. لِأَنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ مَحْجُورًا لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ بَلْ إنَّ لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ أَوْ لِوَصِيِّهِ الصُّلْحَ عَنْهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَإِذَا صَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ دَيْنِهِ، وَكَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى إثْبَاتِ دَيْنِهِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُهُ. لِأَنَّ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرًا بَيِّنًا، وَجِهَتُهُ تَرْكُ مِقْدَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَعَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرٌ بَلْ فِيهِ نَفْعٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ أَوْلَى مِنْ الْيَمِينِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارِ قِيمَتِهِ يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ هُوَ أَهْلٌ لِلتِّجَارَةِ وَالْمُبَادَلَةِ، وَلَكِنْ إذَا صَالَحَ عَلَى نُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ لَا يَصِحُّ. لِأَنَّ فِي هَذَا الصُّلْحِ ضَرَرًا بَيِّنًا. سُؤَالٌ - مَا دَامَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ مُبَادَلَةٌ وَتِجَارَةٌ، وَكَانَ بَيْعُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ جَائِزًا كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (973) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ جَوَازُ صُلْحِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ الْبَيْعِ وَبَيْنَ هَذَا الصُّلْحِ؟ . [ (الْمَادَّةُ 1540) إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ] الْمَادَّةُ (1540) - (إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لَا يَصِحُّ، فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى صَبِيٍّ كَذَا دَرَاهِمَ وَصَالَحَ أَبُوهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ يَصِحُّ إنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ لَدَى الْمُدَّعِي. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يَصِحُّ، وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ، وَصَالَحَهُ أَبُوهُ بِحَطِّ وَتَنْزِيلِ مِقْدَارٍ مِنْهُ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ إنْ كَانَتْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَدِينَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ وَيَصِحُّ صُلْحُ وَلِيِّ الصَّبِيِّ عَلَى مَالٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ مِقْدَارَ مَطْلُوبِهِ، وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَا يَصِحُّ) . إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ كَأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ عَنْ دَعْوَى الصَّبِيِّ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَنْ دَعْوَى الْوَقْفِ أَوْ وَصِيُّ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ فِي عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ أَوْ فِي غَيْرِهِمَا يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْوَقْفِ.

أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) وَلَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى صُلْحُ الْأَخِ وَوَصِيِّ الْأُمِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى صَبِيٍّ كَذَا دَرَاهِمَ أَوْ عَلَى وَقْفٍ أَوْ ادَّعَى بِحَانُوتٍ وَصَالَحَ أَبُوهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ صَالَحَ الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ يَصِحُّ إنْ كَانَتْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِقِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ بِأَزْيَدَ مِنْهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَقَامِ الشِّرَاءِ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعِيَ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِ تَمَامِ حَقِّهِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَلَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَيْ بَدَلُ الصُّلْحِ أَقَلَّ بِكَثِيرٍ مِنْ قِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا الصُّلْحِ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَالِ الصَّبِيِّ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ لِلْمُدَّعِي. يُعْلَمُ وُجُودُ بَيِّنَةٍ عِنْدَ الْمُدَّعِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - بِإِثْبَاتِ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ بِالشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا صَالَحَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ الْمُدَّعِيَ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ صَحَّ الصُّلْحُ. الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ فِي حُضُورِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ وَيُشْهِدَهُمْ وَيُعْلَمَ صِدْقَ الشُّهُودِ الْمَذْكُورِينَ، وَكَوْنُهُمْ غَيْرَ مُتَّهَمِينَ فَفِي هَذَا الْحَالِ يَصِحُّ الصُّلْحِ أَيْضًا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا عِنْدَ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ بِأَنَّ الشُّهُودَ سَيَشْهَدُونَ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ إذَا شَهِدُوا فِي حُضُورِهِ يَصِحُّ الصُّلْحُ أَيْضًا أَمَّا إذَا كَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الشُّهُودَ غَيْرُ مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُمْ سَوْفَ لَا يَشْهَدُونَ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) . قِيلَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ أَوْ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَالَحَ الْوَلِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى عَلَى مَا لَهُمَا صَحَّ الصُّلْحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الصُّلْحِ أَيُّ ضَرَرٍ عَلَى الصَّبِيِّ أَوْ الْوَقْفِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلِيُّ وَالْمُتَوَلِّي مُتَبَرِّعَيْنِ فِي مَالِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الصَّبِيِّ أَوْ الْوَقْفِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1544) (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَإِذَا كَانَ لِلصَّبِيِّ مَطْلُوبٌ مِنْ جِهَةٍ مَا فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ آخَرَ، وَصَالَحَهُ أَبُوهُ بِحَطِّ وَتَنْزِيلِ مِقْدَارٍ مِنْهُ كَتَنْزِيلِ مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ مَحْكُومًا بِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَلَمْ يُقِرَّ الْمَدِينُ، وَكَانَ مَعْلُومًا لَدَيْهِ بِأَنَّ الْخَصْمَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلَوْ كَانَ الْمِقْدَارُ الَّذِي حُطَّ كَثِيرًا إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَدَى الْأَبِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لِلصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُنْقَضُ الصُّلْحُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَنْ الْحَاوِي) . وَيَصِحُّ صُلْحُ وَلِيِّ الصَّبِيِّ عَلَى مَالٍ تُسَاوِي قِيمَتُهُ مِقْدَارَ مَطْلُوبِهِ أَوْ تَقِلُّ عَنْ قِيمَتُهٌ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ

(المادة 1541) لا يصح إبراء الصبي والمجنون والمعتوه مطلقا

حَتَّى لَوْ كَانَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ مُدَّعَاهُ أَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُقِرًّا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ هِيَ مُعَاوَضَةٌ، وَالْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ يَقْتَدِرَانِ عَلَيْهَا. وَلَكِنْ إذَا وُجِدَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَا يَصِحُّ. يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا أَوْ كَانَ لَدَى وَصِيِّ الصَّغِيرِ بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ مُدَّعَاهُ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ أَنْقَصَ بِكَثِيرٍ مِنْ مَطْلُوبِ الصَّبِيِّ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الصُّلْحِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَبَرُّعًا وَلَا يَجُوزُ التَّبَرُّعُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ (الْهِنْدِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينُ غَيْرَ مُقِرٍّ، وَلَيْسَ لَدَى الْوَلِيِّ بَيِّنَةٌ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْخَصْمَ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الصُّلْحُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ. الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ الْحَاصِلِ مِنْ عَقْدٍ عَقَدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ. لِيَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ هُنَا هُوَ الدَّيْنُ الْغَيْرُ حَاصِلٍ مِنْ عَقْدٍ عَقَدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ. أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ لِلصَّبِيِّ حَاصِلًا مِنْ مُعَامَلَةٍ أَجْرَاهَا الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِذَا صَالَحَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى دَيْنٍ كَهَذَا بِحَطِّ مِقْدَارٍ مِنْهُ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ، وَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ أَوْ الْوَلِيَّ ضَمَانُ الْمِقْدَارِ الَّذِي أَسْقَطَاهُ. مَثَلًا لَوْ أَجَرَ الْوَلِيُّ دَارَ الصَّبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ صَالَحَ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِمَالِ يُسَاوِي خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ لِلصَّبِيِّ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ السَّاقِطَةَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لِذَلِكَ إذَا أَجَّلَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ دَيْنَ الْمَيِّتِ صُلْحًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ حَاصِلًا مِنْ عَقْدٍ عَقَدَهُ الْوَصِيُّ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ الْمِقْدَارَ التَّالِفَ وَالْمُسْقَطَ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَطْلُوبُ الْمَذْكُورُ حَاصِلًا مِنْ عَقْدٍ عَقَدَهُ الْوَصِيُّ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَعِنْدَ الثَّانِي يَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِي الْحَالَةِ الْمُفَصَّلَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1541) لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ مُطْلَقًا] أَيْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ وَغَيْرِ الْمَأْذُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (957، 967) (الْمَجْمُوعَةُ الْحَدِيثَةُ) وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذَا الْإِبْرَاءِ إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ أَمَّا إبْرَاءُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَهُوَ صَحِيحٌ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُبْرِئُ بِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا وَقْتَ الْإِبْرَاءِ، وَادَّعَى الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُبْرِئَ كَانَ بَالِغًا وَقْتَ الْإِبْرَاءِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّغَرَ. أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلْآخَرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) . وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّ إبْرَاءَ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ مِنْ دَيْنٍ حَاصِلٍ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُمَا صَحِيحٌ وَيَضْمَنَانِ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَبْرَآهُ مِنْهُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَكَذَا الْمُتَوَلِّي لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 1542) الْوَكَالَةُ بِالْخُصُومَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالصُّلْحِ] فَعَلَيْهِ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِدَعْوَاهُ، وَصَالَحَ عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى بِلَا إذْنٍ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ أَيْ لَا

(المادة 1543) إذا وكل أحد آخر على أن يصالح عن دعواه

يُنَفَّذُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالصُّلْحِ كَمَا أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالصُّلْحِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْوَكَالَة) . فَلِذَلِكَ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِدَعْوَاهُ الْمُقَامَةِ عَلَى آخَرَ، وَصَالَحَ الْوَكِيلُ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى، بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ، مَعَ الْخَصْمِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الصُّلْحُ، وَلَا يُنَفَّذُ أَيْ تَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا، وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ صُلْحِ الْفُضُولِيِّ الْمُبَيَّنَةُ فِي الْمَادَّةِ (1544) . وَيُشَارُ بِعِبَارَةِ (بِلَا إذْنٍ) بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِ مُوَكِّلِهِ بِالصُّلْحِ يَصِحُّ صُلْحُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1459 وَشَرْحَهَا) . [ (الْمَادَّةُ 1543) إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَعْوَاهُ] الْمَادَّةُ (1543) - (إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَعْوَاهُ، وَصَالَحَ ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ يَلْزَمُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلَ، وَلَا يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ، إلَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ ضَمِنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ، وَأَيْضًا لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ مَالٍ، وَأَضَافَ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ أَيْ يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْهُ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، مَثَلًا: لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ عَلَى كَذَا دَرَاهِمَ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مَسْئُولًا عَنْهُ لَكِنْ لَوْ قَالَ: صَالِحْ عَلَى كَذَا، وَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ مِنْهُ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ مَالٍ فَإِنْ كَانَ قَدْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الصُّلْحَ بِقَوْلِهِ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى فُلَانٍ وَعَقَدَ الصُّلْحَ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، وَيُؤْخَذُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ الْوَكِيلِ، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ) . قَاعِدَةٌ - إذَا عُقِدَ الصُّلْحُ مِنْ طَرَفِ الْوَكِيلِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ مُعَاوَضَةً إسْقَاطِيَّةً أَيْ: إذَا كَانَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بَدَلُ الصُّلْحِ بَلْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ حَيْثُ إنَّ هَذَا الصُّلْحَ إسْقَاطٌ، وَفِي الْإِسْقَاطِ تَجِبُ الْإِضَافَةُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْوَكِيلُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ سَفِيرًا مَحْضًا فَلِذَلِكَ لَا يُلْزَمُ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ الْتَزَمَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . صُلْحُ الْإِسْقَاطِ هُوَ كَمَا يَأْتِي أَوَّلًا - الصُّلْحُ عَنْ الذِّمَّةِ الثَّابِتَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِمِقْدَارٍ مِنْ عَيْنِ ذَلِكَ الْجِنْسِ. ثَانِيًا - الصُّلْحُ عَنْ الدَّمِ الْعَمْدِ. ثَالِثًا - الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. رَابِعًا - الصُّلْحُ عَنْ النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانُ بَدَلِ الصُّلْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْهُ (الْكِفَايَةُ) .

خَامِسًا - إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ بَلْ كَانَ صُلْحًا عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَالٍ آخَرَ، وَكَانَ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ فَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَوْ الْبَدَلَانِ عَيْنًا، أَوْ كَانَ دَيْنًا مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ الْحَقِّ (الْكِفَايَةُ) فَإِذَا كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مُبَادَلَةً وَمُعَاوَضَةً مَالِيَّةً، وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ بَدَلُ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ كَالْبَيْعِ، وَفِي عَقْدِ الْبَيْعِ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْمُبَاشِرِ فَلِذَلِكَ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ فِي هَذَا الصُّلْحِ الَّذِي هُوَ فِي مَنْزِلَةِ الْبَيْعِ لِلْمُبَاشِرِ وَلِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى مُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَتَلْزَمُ أَيْضًا الْمُوَكِّلَ. فَعَلَيْهِ إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ أَيْ الْمَدِينُ آخَرَ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ الْمُدَّعِيَ عَنْ الدَّعْوَى، وَصَالَحَ ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَلَى بَدَلٍ مَا يَلْزَمُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلَ. هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ مُحْتَمَلِ الْمُعَاوَضَةِ كَالصُّلْحِ عَنْ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ إتْيَانٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ. وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ فِي دَمِ الْعَمْدِ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا وَالْوَكِيلُ فِيهِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالْمُصَالِحِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1462) أَمَّا إذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ بِالضَّمَانِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) إلَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ ضَمِنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ بِالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بِحَسَبِ كَفَالَتِهِ أَيْ يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ الْوَكِيلِ بِاعْتِبَارِهِ كَفِيلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (674) وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ ضَمِنَ بِدُونِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ بِدُونِ أَمْرٍ؛ وَلِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَمْرِ فَائِدَةٌ، وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ الْأَمْرَ بِالصُّلْحِ أَمْرٌ مُتَضَمِّنٌ أَدَاءَ بَدَلِ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ أَيْ صَالَحَ الْوَكِيلُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ مَالٍ وَأَضَافَ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ. مَثَلًا لَوْ صَالَحَ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا أَوْ عَنْ فَرَسٍ بِفَرَسٍ أُخْرَى، وَأَضَافَ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يُؤَاخَذُ الْوَكِيلُ. يَعْنِي يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ هُوَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَحُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ تَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ (الزَّيْلَعِيّ) أَمَّا لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَيُطَالَبُ الْمُوَكِّلُ بِالْعِوَضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) . وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ؛ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بَلْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ أَوْ كَانَ بِصُوَرٍ أُخْرَى، أَوْ كَانَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِدَاءٌ لِلْيَمِينِ، وَقَطْعٌ لِلنِّزَاعِ.

(المادة 1544) إذا صالح أحد فضولا

الْخُلَاصَةُ - أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ فِي صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْإِسْقَاطِيَّةِ، وَهَذَا يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَيُضِيفَ الْوَكِيلُ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى مُوَكِّلِهِ. وَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْوَكِيلَ فِي صُورَتَيْنِ: الْأُولَى: أَنْ يَكْفُلَ الْوَكِيلُ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْإِسْقَاطِيَّةِ. الثَّانِيَةُ: إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَفَذَ الصُّلْحُ عَلَى الْمَأْمُورِ، وَيَجِبُ الْمَالُ عَلَى الْمَأْمُورِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ. لِأَنَّهُ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا - لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ، بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مَسْئُولًا عَنْهَا. لَكِنْ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ لِلدَّائِنِ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمٍ، وَأَنَا كَفِيلٌ عَلَى بَدَلِ الصُّلْحِ، فَصَالَحَ الدَّائِنُ الْوَكِيلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُؤْخَذُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَكِيلِ حَسَبَ كَفَالَتِهِ، وَهُوَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (657) يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ بِمَالٍ عَنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ كَانَ قَدْ عَقَدَ الْوَكِيلُ الصُّلْحَ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى فُلَانٍ أَيْ أَنَّهُ صَالَحَهُ وَأَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ يُؤْخَذُ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، وَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ إلَى الْعَاقِدِ، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَمَّا إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1544) إذَا صَالَحَ أَحَدٌ فُضُولًا] الْمَادَّةُ (1544) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ فُضُولًا، يَعْنِي بِلَا أَمْرٍ، عَنْ دَعْوَى وَاقِعَةٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَإِنْ ضَمِنَ بَدَلَ الصُّلْحِ، أَوْ أَضَافَ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَى مَالِهِ بِقَوْلِهِ: عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ أَشَارَ إلَى النُّقُودِ، أَوْ الْعُرُوضِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَى هَذَا الْمَبْلَغِ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُ عَلَى كَذَا بِدُونِ أَنْ يَضْمَنَ أَوْ يُضِيفَ إلَى مَالِهِ، أَوْ يُشِيرَ إلَى ذَلِكَ الْمَبْلَغِ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَيَكُونُ الْمُصَالِحُ مُتَبَرِّعًا، فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ الصُّلْحُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ بَطَلَ الصُّلْحُ وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا) . إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَاقِلٌ بَالِغٌ فُضُولًا، يَعْنِي بِلَا أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى وَاقِعَةٍ بَيْنَ

شَخْصَيْنِ صُلْحًا لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ فَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إذَا أَضَافَ ذَلِكَ الْفُضُولِيُّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ الْفُضُولِيُّ مَثَلًا: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَاكَ مَعَ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَصَالَحَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَحَّ الصُّلْحُ، وَيَلْزَمُ بَدَلُ الصُّلْحِ ذَلِكَ الْفُضُولِيَّ، وَلَوْ لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ يُضِفْ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ، أَوْ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْفُضُولِيِّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ تَنْفُذُ فِي حَقِّهِ، وَيَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ بَدَلَ الصُّلْحِ مُقَابِلَ إسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَصَلَ الصُّلْحُ بِأَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ عَقْدَ الصُّلْحِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: تَصَالَحْ مَعَ فُلَانٍ عَنْ دَعْوَاك فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُوجَدُ صُوَرٌ خَمْسٌ: فَفِي أَرْبَعٍ مِنْهَا يَكُونُ الصُّلْحُ لَازِمًا، وَفِي الْخَامِسَةِ مِنْهَا يَكُونُ مَوْقُوفًا، وَوَجْهُ الْحَصْرِ هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ إمَّا أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَ الصُّلْحِ، أَوْ لَا يَضْمَنَ فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ فَإِمَّا أَنْ يُضِيفَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ، أَوْ لَا يُضِيفَهُ، فَإِذَا لَمْ يُضِفْهُ إمَّا أَنْ يُشِيرَ إلَى نَقْدٍ، أَوْ عَرَضٍ، أَوْ لَا يُشِيرَ فَإِذَا لَمْ يُشِرْ إمَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْعِوَضَ، أَوْ لَا يُسَلِّمَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُوَضَّحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ حَسَبَ مَا يَأْتِي: قَدْ ذُكِرَتْ صُوَرُ إضَافَةِ الْفُضُولِيِّ الصُّلْحَ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: قَدْ صَالَحْتُكَ مَعَ فُلَانٍ عَنْ دَعْوَاكَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَيُنَفَّذُ الصُّلْحُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَقِّ الْفُضُولِيِّ، وَيَلْزَمُهُ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي، وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ (الْخَانِيَّةُ) . الصُّورَةُ الْأُولَى مِنْ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ: وَهُوَ إذَا ضَمِنَ الْفُضُولِيُّ بَدَلَ الصُّلْحِ مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُدَّعِي: صَالِحْ فُلَانًا عَنْ دَعْوَاك مَعَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغِ، وَقَبِلَ الْمُدَّعِي تَمَّ الصُّلْحُ، وَصَحَّ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ سِوَى الْبَرَاءَةِ، فَكَمَا أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى بَرَاءَتِهِ بِنَفْسِهِ فَلِلْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا أَنْ يَحْصُلَ عَلَى بَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْفُضُولِيَّ بَدَلُ الصُّلْحِ بِسَبَبِ عَقْدِهِ لِلصُّلْحِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ سَفِيرًا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَالْفُضُولِيُّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ الَّذِي ضَمِنَهُ بِلَا أَمْرٍ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا ضَمِنَهُ بِأَمْرِهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) : وَلَيْسَ لِلْمُصَالِحِ الْفُضُولِيِّ الْمُدَاخَلَةُ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: بِمَا أَنَّنِي أَعْطَيْتُ بَدَلَ الصُّلْحِ فَالْمُدَّعَى بِهِ لِي بَلْ يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ لِمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ هَذَا الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ (الْهِدَايَةُ وَالزَّيْلَعِيّ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا فَلَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ (الْهِدَايَةُ) . وَمُؤَاخَذَةُ الْفُضُولِيِّ بِبَدَلِ الصُّلْحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِكَفَالَتِهِ. لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْكَفَالَةِ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْأَصْلِ وَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَلَا يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ (الْخَانِيَّةُ) فِيهِ نَظَرٌ؟ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (81) وَشَرْحَهَا.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَضْمَنَ الْفُضُولِيُّ بَدَلَ الصُّلْحِ إلَّا أَنَّهُ يُضِيفُهُ إلَى مَالِهِ أَيْ إلَى الْمَالِ الَّذِي يُضِيفُهُ لِنَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ: قَدْ صَالَحْتُ عَلَى مَالِي الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمِي هَذِهِ، أَوْ عَلَى فَرَسِي هَذِهِ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ الْفُضُولِيَّ بِإِضَافَةِ الصُّلْحِ إلَى مَالِهِ يَكُونُ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَهُ، وَلَمَّا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَلَزِمَ الْفُضُولِيَّ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ (الْهِدَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يُشِيرَ إلَى الْعُرُوضِ، أَوْ النُّقُودِ الْمَوْجُودَةِ بِقَوْلِهِ: عَلَى هَذَا الْمَبْلَغِ، أَوْ هَذِهِ السَّاعَةِ أَوْ أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ لِأَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَدْ تَعَيَّنَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ مَالٍ وَتَمَّ بِذَلِكَ الصُّلْحُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ هُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ قَدْ أَضَافَ الصُّلْحَ إلَى مَالِهِ الَّذِي نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ فَبَدَلُ الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهِ مَالَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْسُبُهُ إلَى نَفْسِهِ أَثْنَاءَ الْعَقْدِ، وَمَعَ أَنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْقٍ مُهِمٍّ إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيّ عَدَّ ذَلِكَ إحْدَى الصُّوَرِ فَجَعَلَهَا أَرْبَعًا. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا أَطْلَقَ بِقَوْلِهِ: صَالَحْتُ عَلَى كَذَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، وَلَا مُضِيفًا إلَى مَالِهِ وَلَا مُشِيرًا إلَى شَيْءٍ وَسَلَّمَ الْمَبْلَغَ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ يُوجِبُ بَقَاءَ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ سَالِمًا لِلْمُدَّعِي، وَيَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْمَقْصُودِ بِتَمَامِ الْعَقْدِ فَصَارَ فَوْقَ الضَّمَانِ وَالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ إذَا حَصَلَ لِلْمُدَّعِي عِوَضٌ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَتِمُّ رِضَاؤُهُ، وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ لِلْفُضُولِيِّ الْمُصَالِحِ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ حَصْرِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ بِأَنَّ تَسْلِيمَ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ، وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِيهِمَا، وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ التَّسْلِيمُ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَيَصِحُّ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَكُونُ الْفُضُولِيُّ الْمُصَالِحُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَجْرَى هَذَا الْعَمَلَ بِلَا أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفُضُولِيِّ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الَّذِي هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ. لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ كَأَنْ يَكُونَ صَبِيًّا مَأْذُونًا، أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (967) .

تَتِمَّةٌ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي عَقَارٍ تَحْتَ يَدِ وَرَثَةٍ، وَأَقَامَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِمُوَاجِهَةِ عَدَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَكَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَصَالَحَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرِينَ عَنْ عُمُومِ الْوَرَثَةِ عَلَى مَالٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مُتَبَرِّعِينَ فِي حَقِّ شُرَكَائِهِمْ. وَكَذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ الْوَرَثَةُ الْحَاضِرُونَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْمُدَّعِي لِلْوَرَثَةِ الْمُصَالِحِينَ، وَأَلَّا يَكُونَ لِغَيْرِهِمْ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْوَارِثَ يَتَمَلَّكُ حَقَّ الْمُدَّعِي بِهَذَا الْعَقْدِ ثُمَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إثْبَاتِ حَقِّهِ فَإِنْ أَثْبَتَ سُلِّمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ بِحِصَّةِ الشُّرَكَاءِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِحِصَّةِ ذَلِكَ مِنْ الْبَدَلِ (الْخَانِيَّةُ) . مَسْئُولِيَّةُ الْفُضُولِيِّ عَنْ سَلَامَةِ بَدَلِ الصُّلْحِ إذَا ضُبِطَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْفُضُولِيُّ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ الصُّلْحَ بِنَظَرِهِ فَفِي الصُّورَةُ الْأُولَى يَعْنِي إذَا كَانَ الْفُضُولِيُّ ضَامِنًا لِبَدَلِ الصُّلْحِ يُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِالضَّمَانِ فَأَصْبَحَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. أَمَّا فِي الْوُجُوهِ وَالصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ فَلَا يُطَالَبُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ قَدْ الْتَزَمَ تَسْلِيمَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ. وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَهَّدْ بِإِيفَائِهِ مِنْ مَالٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ مَالٍ آخَرَ؛ إذْ لَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ إلَّا أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَرْكِ دَعْوَاهُ بِدُونِ بَدَلٍ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَجَازَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي مَنْزِلَةِ التَّوْكِيلِ ابْتِدَاءً، وَالْحُكْمُ بِالتَّوْكِيلِ هُوَ حَسَبُ مَا ذَكَرَ (الشِّبْلِيُّ) وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ الْتَزَمَ هَذَا الْبَدَلَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَخْرُجُ الْأَجْنَبِيُّ الْفُضُولِيُّ مِنْ بَيْنَهُمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (الْخَانِيَّةُ) ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (الْخَانِيَّةُ) . وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا، أَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمُصَالِحَ لَمْ يُضِفْ بَدَلَ الصُّلْحِ لِنَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْفُضُولِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِيجَابُهُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَحَيْثُ إنَّ سُقُوطَ حَقِّ الْمُدَّعِي بِلَا عِوَضٍ مُخَالِفٌ لِرِضَائِهِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مَوْقُوفًا (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَبْقَى الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا، لِأَنَّهُ حَسَبُ أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (52) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ.

الباب الثاني في بيان بعض أحوال وشروط المصالح عليه والمصالح عنه

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ بَعْضِ أَحْوَالِ وَشُرُوطِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ] [ (الْمَادَّةُ 1545) إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا] الْمَادَّةُ (1545) - (إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ، وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، أَوْ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ أَيْضًا) . يَجِبُ حَمْلُ الصُّلْحِ عَلَى الْعَقْدِ الَّذِي يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَيَجِبُ وُجُودُ شُرُوطِ ذَلِكَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْبَحْرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (60) فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا كَعَقَارٍ مَعْلُومٍ، أَوْ عُرُوضٍ أَوْ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ فَالْعَقْدُ الْوَاقِعُ بَيْعٌ وَهَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا كَأَنْ يَكُونَ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً كَذَلِكَ يَكُونُ الْعَقْدُ بَيْعًا، وَهَؤُلَاءِ ثَمَنًا، وَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً فَعَقْدُ الصُّلْحِ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ، وَعَلَى هَذَا الْحَالِ، فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا (الْبَزَّازِيَّةُ) . فَلِذَلِكَ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْضًا بَيْعًا وَبَعْضًا إجَارَةً، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ صُلْحٌ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْعُقُودِ الْمَعْلُومَةِ كَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى جِنَايَةِ الْعَمْدِ الْمُقَامَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَكَذَلِكَ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، أَوْ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ فِي الصُّلْحِ، وَعَلَيْهِ فَالْعُرُوضُ وَالْعَقَارُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُعَيَّنَةُ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ فِي الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تَصِحُّ فِي الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا. وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1547) مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فِي الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَى الْمُدَّعِي حَقًّا فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ، وَتَصَالَحَا قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَا مُدَّعَاهُمَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ فَحَيْثُ إنَّ الْحَقَّ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فِي هَذَا الصُّلْحِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَبِيعًا حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (203) إلَّا أَنَّهُ صَحَّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ. وَكَذَلِكَ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ غَيْرُ صَالِحَةٍ فِي الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا، وَهِيَ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَالْجِيفَةِ وَالْحُرِّ. وَكَذَلِكَ كَذَا دِرْهَمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَكَذَا كَيْلَةً مِنْ الْمَكِيلَاتِ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ مَبِيعٍ. إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ ثَمَنَ مَبِيعٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1547) . [ (الْمَادَّةُ 1546) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالَ الْمُصَالِحِ وَمِلْكَهُ]

(المادة 1548) يلزم أن يكون المصالح عليه والمصالح عنه معلومين

فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُصَالِحُ مَالَ غَيْرِهِ؛ لِيَكُونَ بَدَلَ الصُّلْحِ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالَ وَمِلْكَ الْمُصَالِحِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَجِبُ أَنْ يَحُوزَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ شَرْطَيْنِ: أَوَّلُهُمَا - أَنْ يَكُونَ مَالًا وَمِلْكًا؛ فَلِذَلِكَ إذَا جَعَلَ بَدَلَ الصُّلْحِ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ بِمَالٍ كَالْجِيفَةِ وَالْحُرِّ، فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. وَتَعْبِيرُ (مَلَكَ) يَشْمَلُ الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً أَيْضًا كَرُكُوبِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَزِرَاعَةِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَكَسُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيهِمَا - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَالُ وَالْمِلْكُ لِلْمُصَالِحِ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمُصَالِحُ مَالَ غَيْرِهِ لِيَكُونَ بَدَلَ الصُّلْحِ لَا يَصِحُّ صُلْحُهُ مَا لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الْغَيْرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) مَثَلًا لَوْ صَالَحَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَغْلَةِ أَحَدٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ، كَذَلِكَ إذَا ضُبِطَ بَدَلُ الصُّلْحِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1550) . أَمَّا إذَا جَازَ صَاحِبُ الْبَغْلَةِ الصُّلْحَ انْقَلَبَ الصُّلْحُ إلَى الصِّحَّةِ وَلِصَاحِبِ الْبَغْلَةِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا كَانَ مَالُ الْغَيْرِ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَلَمْ يَكُنْ عَيْنًا، أَوْ كَانَ عَيْنًا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يُجِزْهُ الْغَيْرُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُصَالِحِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعِي مِثْلَ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1548) ، إنَّ الشُّرُوطَ الْعَائِدَةَ لِلْمُصَالِحِ عَنْهُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي (1534) . [ (الْمَادَّةُ 1548) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ مَعْلُومَيْنِ] الْمَادَّةُ (1548) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ مَعْلُومَيْنِ إنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ، وَإِلَّا فَلَا مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْآخَرِ حَقًّا، وَادَّعَى هَذَا مِنْ الْحَدِيقَةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ ذَلِكَ حَقًّا، وَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كِلَاهُمَا دَعْوَيْهِمَا مِنْ دُونِ أَنْ يُعَيِّنَا مُدَّعَاهُمَا يَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْآخَرِ حَقًّا، وَصَالَحَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ لِيَتْرُكَ الدَّعْوَى يَصِحُّ، وَلَكِنْ لَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا، وَأَنْ يُسَلِّمَ هَذَا حَقَّهُ لِذَلِكَ لَا يَصِحُّ) . يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ، وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ مَعْلُومَيْنِ إنْ كَانَ كِلَاهُمَا مُحْتَاجًا لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْتَاجًا لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَيَلْزَمُ (أَوَّلًا) - أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا، (ثَانِيًا) - أَنْ يَكُونَ

مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ (ثَالِثًا) - أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُهُ غَيْرُ مُضِرٍّ؛ إذْ إنَّ جَهَالَةَ الْبَدَلِ بَاعِثَةٌ لِلنِّزَاعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْكِفَايَةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَجْهُولًا، أَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ كَالْحَيَوَانِ الْآبِقِ وَالسَّمَكِ الَّذِي فِي الْبَحْرِ وَالطَّيْرِ الطَّائِرِ، أَوْ كَانَ تَسْلِيمُهُ مُضِرًّا كَعَمُودِ الْبَيْتِ، وَكُمِّ الثَّوْبِ فَلَا يَصِحُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُحْتَاجًا لِلتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، وَكَانَ مَجْهُولًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي حَقًّا مِنْ دَارٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هُوَ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُدَّعِي كَذَا دِرْهَمًا بَدَلَ صُلْحٍ، وَأَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ الْحَقَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ (الْخَانِيَّةُ) كَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ - إنَّ كَيْفِيَّةَ عِلْمِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ تُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ يُعْلَمُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَيَانُ مِقْدَارِهِ وَوَصْفِهِ، فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ غَيْرَ النَّقْدِ فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ مَثَلًا: لَوْ حَصَلَ صُلْحٌ عَنْ دَعْوَى دَارٍ بِصُبْرَةِ حِنْطَةٍ مَوْجُودَةٍ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا مِقْدَارُ تِلْكَ الصُّبْرَةِ، وَيَأْخُذُهَا الْمُصَالِحُ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهَا، وَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةُ إعْطَاءِ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ مِثْلِهَا (الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ مِنْ جِهَةِ الْبَدَلِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ إمَّا ذَهَبٌ، أَوْ فِضَّةٌ فَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِنْ النَّقْدَيْنِ فَتَكْفِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (243) وَشَرْحَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِهِ بِقَوْلِهِ: ذَهَبٌ، وَمِقْدَارِهِ بِقَوْلِهِ: كَذَا مَبْلَغًا، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ الْأَجَلِ فَإِذَا بَيَّنَ الْأَجَلَ لَزِمَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ) ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ وَصْفِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ بِهِ تُغْنِي عَنْ الْبَيَانِ وَالْوَصْفِ وَيُصْرَفُ إلَى النَّقْدِ. يَعْنِي إذَا عَقَدَ الصُّلْحَ بِدُونِ وَصْفِ الْبَدَلِ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ نَوْعَ الذَّهَبِ بَلْ عَيَّنَ الْبَدَلَ بِكَذَا ذَهَبًا يُصْرَفُ إلَى الذَّهَبِ الْمُتَدَاوَلِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ، وَالْحُكْمُ فِي الْفِضَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَمَّا إذَا كَانَ مُتَدَاوَلًا فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ ذَهَبٌ مُتَنَوِّعٌ يُصْرَفُ إلَى الذَّهَبِ الْأَكْثَرِ رَوَاجًا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّتُهُ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَسْقُطُ الْمَجْهُولِيَّةُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُضِرًّا (أَبُو السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا لَا يَحْتَاجُ الْحَمْلَ وَالْمَئُونَةَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَكُونُ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى، أَوْ وَسَطًا فَلِذَلِكَ يَقْتَضِي بَيَانَهُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ مَكِيلًا، أَوْ مُوزِرنَا مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَيَلْزَمُ بَيَانُ مِقْدَارِهِ

وَصِفَتِهِ وَمَكَانِ تَسْلِيمِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى. الْوَجْهُ الرَّابِعُ - يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ ثَوْبًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ بَيَانُ الذِّرَاعِ وَالصِّفَةِ وَالْآجِلِ؛ إذْ الثَّوْبُ لَا يَكُونُ دَيْنًا إلَّا فِي السَّلَمِ، وَهُوَ عُرْفًا مُؤَجَّلٌ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ - يَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ حَيَوَانًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ مَعْلُومًا؛ إذْ الصُّلْحُ مِنْ التِّجَارَةِ وَالْحَيَوَانِ لَا يَصْلُحُ دَيْنًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وُجُوهُ الصُّلْحِ الْأَرْبَعَةُ - الْخُلَاصَةُ، يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ. (الْأَوَّلُ) - مَعْلُومٌ مِنْ مَعْلُومٍ (الثَّانِي) - مَعْلُومٌ مِنْ مَجْهُولٍ (الثَّالِثُ) - مَجْهُولٌ مِنْ مَعْلُومٍ (الرَّابِعُ) - مَجْهُولٌ مِنْ مَجْهُولٍ فَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ صَحِيحَانِ وَالْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ فَاسِدَانِ. (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْآخَرِ حَقًّا، وَادَّعَى هَذَا مِنْ الْحَدِيقَةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ ذَلِكَ حَقًّا، وَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كِلَاهُمَا دَعْوَيْهُمَا مِنْ دُونِ أَنْ يُعَيِّنَا مُدَّعَاهُمَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ أَسْقَطَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ، وَالْمُصَالَحَ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْجَهَالَةَ السَّاقِطَةَ لَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ أَيْضًا لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عِنْدَ آخَرَ مَطْلُوبٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَتَصَالَحَا عَلَى عَرَضٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلتَّسْلِيمِ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ (الْخَانِيَّةُ) . قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1619) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا فِي الدَّعْوَى وَأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا كَانَ مَجْهُولًا إلَّا أَنَّهُ فُهِمَ مِنْ الْمِثَالِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ وَمِنْ الْمِثَالِ الْآتِي بِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ الْوَصْفِ صَحِيحٌ. أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1531) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ الْآخَرِ حَقًّا وَصَالَحَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ لِيَتْرُكَ الدَّعْوَى يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ الْمَجْهُولَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ أَمَّا الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ الْمُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ فَهُوَ مَعْلُومٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَلَكِنْ لَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا، وَأَنْ يُسَلِّمَ هَذَا حَقَّهُ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. أَيْ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ ذَلِكَ الْحَقُّ بِبَدَلٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ كَذَا دِرْهَمًا، لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَصْبَحَ الْمُصَالَحُ. عَلَيْهِ، وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ مَجْهُولَيْنِ حَيْثُ إنَّ كِلَيْهِمَا مُحْتَاجٌ لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ مِنْ دَارٍ فِي يَدِ الْآخَرِ، وَقَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ مُدَّعَاهُ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا غَيْرَ مَعْلُومٍ، وَأَنْ يَتْرُكَ هُوَ دَعْوَاهُ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ إلَّا أَنَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ يَحْتَاجُ لَهُمَا فَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الصُّلْحَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِالنَّخِيلِ الَّذِي فِي يَدِ الْآخَرِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَرَ الَّذِي سَيُثْمِرُهُ النَّخِيلُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ مَعْدُومٌ وَمَجْهُولٌ (الْخَانِيَّةُ) .

الباب الثالث في حق المصالح عنه ويشتمل على فصلين

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ أَنْوَاعُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ أَنْوَاعُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ: الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: دَعْوَى الْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَمَا يَعْقُبُهَا مِنْ الْمَوَادِّ، أَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ بَعْضًا بَيْعًا وَبَعْضًا إجَارَةً، وَأُخْرَى افْتِدَاءً لِلْيَمِينِ وَقَطْعًا لِلْخُصُومَةِ فَعَلَيْهِ إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ عَنْ إقْرَارٍ يَكُونُ الصُّلْحُ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ، أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَيْعًا وَإِذَا وَقَعَ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ يَكُونُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءً لِلْيَمِينِ وَقَطْعًا لِلْخُصُومَةِ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى مَنَافِعَ كَانَ إجَارَةً (الزَّيْلَعِيّ) وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ: النَّوْعُ الثَّانِي: دَعْوَى الْمَنْفَعَةِ، فَكَمَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ مُقَابِلَ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا أَيْضًا بِالصُّلْحِ (الْكِفَايَةُ) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى أَوْصَى لَهُ بِالسُّكْنَى فِي بَيْتِهِ الْفُلَانِيِّ، وَتَصَالَحَ مَعَ الْوَارِثِ عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْغَرْسِ، أَوْ الْحَدِيقَةِ الْفُلَانِيَّةِ مُدَّةَ سَنَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الْمُصَالَحُ عَنْهَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا، كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمِثَالِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1463) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . كَذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ الْإِجَارَةَ، أَوْ أَنْكَرَ مِقْدَارَ الْمُدَّةِ، أَوْ الْأُجْرَةِ وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ صَحَّ الصُّلْحُ (الْبَحْرُ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: دَعْوَى الشُّرْبِ أَوْ حَقِّ الشُّفْعَةِ، أَوْ حَقِّ الْمُرُورِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1555) فَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ النَّفْسِ فِي هَذِهِ الدَّعَاوَى الثَّلَاثِ. يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ نَفْسِ الْمَالِ وَنَفْسِ الْمَنْفَعَةِ وَنَفْسِ حَقِّ الشُّرْبِ وَنَفْسِ حَقِّ الْمُرُورِ صَحِيحٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1555) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: دَعْوَى الْجِنَايَةِ كَالْقَتْلِ. يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ مُصَالَحًا عَنْهَا، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مُصَالَحًا عَنْهَا أَيْضًا كَشَجِّ النَّفْسِ وَقَطْعِ الْعُضْوِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَمْدًا أَمْ خَطَأً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْكَفَوِيُّ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .

(المادة 1548) إن وقع الصلح عن الإقرار على مال معين عن دعوى مال معين

مَثَلًا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلَ الصُّلْحِ زَائِدًا عَنْ الدِّيَةِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقِصَاصِ صَغِيرًا وَتَصَالَحَ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ مَعَ الْقَاتِلِ عَلَى بَدَلٍ أَنْقَصَ مِنْ الدِّيَةِ فَلَا يَصِحُّ؛ فَلِذَلِكَ إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِتَمَامِ الدِّيَةِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَتْلُ وَيَكُونُ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَفِي تِلْكَ الصُّورَةِ يَصِحُّ صُلْحُ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى بَدَلٍ أَنْقَصَ مِنْ الدِّيَةِ، وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ كَالصَّغِيرِ فِي هَذَا الْحُكْمِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 1548) إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ] الْمَادَّةُ (1548) - (إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ، فَكَمَا يَجْرِي فِيهِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ. كَذَلِكَ تَجْرِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ، أَوْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَقَارًا، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ يُسْتَرَدُّ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَدَلُ الصُّلْحِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ يَطْلُبُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَارًا، وَتَصَالَحَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا دَرَاهِمَ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَرَّ بِكَوْنِ الدَّارِ لَهُ يَكُونُ كَأَنَّ الْمُدَّعِيَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَجْرِي فِي هَذَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا) . إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَالِ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ أَعَمُّ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيَمِيًّا، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قِيَمِيًّا أَوْ كَانَ مِثْلِيًّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَتَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ الْآتِي ذِكْرُهُ هُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا، وَكَانَ كِلَاهُمَا قِيَمِيًّا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قِيَمِيًّا، وَالْآخَرُ مِثْلِيًّا، وَوَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ ثَانِيًا: إذَا كَانَ كِلَا الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ مِثْلِيًّا مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ، وَقُبِضَ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَفِي حُكْمِ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ عَلَى جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ كَانَ خَطَأً وَإِبْرَاءً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1552) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى عَيْنِ الْمِقْدَارِ كَانَ قَبْضًا وَاسْتِيفَاءً كَأَنْ يُصَالِحَ أَحَدٌ آخَرَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ كَأَنْ يَحْصُلَ الصُّلْحُ عَلَى دَيْنٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا

فَهَذَا الصُّلْحُ رِبًا، وَغَيْرُ جَائِزٍ (الْبَحْرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ أَنَّ الصُّلْحَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ عَشْرُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى دَارِ عَلَى كَذَا دِرْهَمًا مُؤَجَّلَةً إلَى وَقْتٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْتِ نُزُولِ الْمَطَرِ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (248) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَسَدَ الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (238) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الصُّلْحُ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَكُونُ مَعْدُومًا، وَإِنْ نُقِدَ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ ذُكِرَتْ شَرَائِطُ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ دَيْنٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا تَصَالَحَ الْمُدَّعِي عَنْ دَعْوَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ عَنْ إقْرَارٍ عَلَى مَالٍ، وَظَهَرَ بَعْدَ الصُّلْحِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عَيْبٌ وَفَسَخَ الْمُدَّعِي الْعَقْدَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ عَادَ الْأَجَلُ. أَمَّا إذَا أُقِيلَ الْبَيْعُ فَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ، وَيُصْبِحُ الدَّيْنُ مُعَجَّلًا. كَذَلِكَ فِي حَالَةِ الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ كَفِيلٌ، أَوْ رَهْنٌ تَرْجِعُ الْكَفَالَةُ وَالرَّهِينَةُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (248) (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: كَمَا يَجْرِي فِي الْبَيْعِ خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ كَذَلِكَ تَجْرِي فِي كِلَا الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَالْمُصَالَحِ عَلَيْهِ دَعْوَى الشُّفْعَةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَوْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَقَارًا، وَفِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَقَارًا وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ حَسَبَ مَا يَأْتِي: خِيَارُ الْعَيْبِ: إذَا وَجَدَ الْمُدَّعِي عَيْبًا قَدِيمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ فَلَهُ رَدُّهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ يَسِيرًا، أَوْ فَاحِشًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 337) وَيَرْجِعُ فِي الدَّعْوَى إنْ كَانَ رَدَّهُ بِحُكْمٍ، أَوْ بِغَيْرِ حُكْمٍ وَلَوْ وَجَدَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ عَيْبًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ لِأَجْلِ الْهَلَاكِ أَوْ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ، أَوْ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي يَدِ الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ رَجَعَ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ أَقَامَ بَيِّنَةً أَوْ حَلَّفَهُ، وَنَكَلَ اسْتَحَقَّ حِصَّةَ الْعَيْبَ مِنْهُ، وَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (التَّكْمِلَةُ) . وَكَذَلِكَ إذَا ظَهَرَ بَدَلُ الصُّلْحِ النَّقْدُ زُيُوفًا لِلْمُدَّعِي أَنْ يَرُدَّهُ، وَيَطْلُبَ جَيِّدَةً حَتَّى، وَلَوْ كَانَ نَظَرَهُ حِينَ الْقَبْضِ. مَثَلًا: إذَا رُئِيَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَعْطَاهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا لِلصُّلْحِ مُزَيَّفَةٌ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: خُذْهَا وَاصْرِفْهَا وَإِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ صَرْفَهَا رُدَّهَا إلَيَّ فَأَخَذَهَا الْمُدَّعِي، وَلَمْ يَسْتَطِعْ صَرْفَهَا فَلَهُ رَدُّهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بِعْ الْمَبِيعَ فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِهِ مِنْكَ أَحَدٌ رُدَّهُ إلَيَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَأَعْرَضَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَيْعِ وَلَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ فَأَرَادَ رَدَّهُ لِلْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ فِي الصُّورَتَيْنِ هُوَ أَنَّ النُّقُودَ الَّتِي قَبَضَهَا الدَّائِنُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ عَنْ حَقِّهِ بَلْ هِيَ مِثْلُ حَقِّهِ

وَحَيْثُ لَا تَكُونُ حَقَّهُ مَا لَمْ يَرْضَ بِهَا فَلِذَلِكَ يُعَدُّ الْقَابِضُ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِأَمْرِهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْقَابِضِ أَمَّا الْمَقْبُوضُ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ عَيْنُ حَقِّ الْقَابِضِ إلَّا أَنَّهُ مَعِيبٌ وَقَوْلُ الْبَائِعِ لَهُ: بِعْهُ لَمْ يَكُنْ أَمْرًا بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ، وَأَبْطَلَ حَقَّ رَدِّهِ (الْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . خِيَارُ الرُّؤْيَةُ: إذَا لَمْ يَرَ الْمُصَالِحُ بَدَلَ الصُّلْحِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (320) . كَذَلِكَ يُرَدُّ الْمُصَالَحُ عَنْهُ الَّذِي لَمْ يُرَ الرُّؤْيَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . خِيَارُ الشَّرْطِ - إذَا تَصَالَحَ الْمُتَصَالِحَانِ عَلَى أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا صَحَّ الصُّلْحُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (300) ؛ فَلِذَلِكَ إذَا رَدَّ الصُّلْحَ بِسَبَبِ أَحَدِ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَفَسَخَ انْفَسَخَ الصُّلْحُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . الشُّفْعَةُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ - الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي، وَصَالَحَهُ عَلَى دَارِ أُخْرَى فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1017) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الصُّلْحِ مِائَتِي دِرْهَمٍ، وَكَانَ قِيَمِيًّا كَفَرَسٍ مَعْلُومَةٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ، وَيَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ جَاءَ فِي رَدُّ الْمُحْتَارِ (وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ مِثْلُ بَدَلِ الْآخَرِ لَوْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ قِيَمِيًّا رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مُحْتَاجًا لِلتَّسْلِيمِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي تَسْلِيمِهِ ضَرَرٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (198) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1547) (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . فَلِذَا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ وَسَمَكَةٍ فِي الْبَحْرِ (التَّكْمِلَةُ) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا لِلتَّسْلِيمِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى جَذَعَةٍ فِي السَّقْفِ وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ تَضُرُّهُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ بِدُونِ ضَرَرٍ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَيْنًا فَيَجِبُ أَنْ لَا يُؤَجَّلَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (245) وَلِذَلِكَ إذَا تُصُولِحَ عَلَى فَرَسٍ مُعَيَّنٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا يَصِحُّ (الْبَزَّازِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: وَلَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ أَنْ تُرِكَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَسْتَرِدَّ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كُلًّا فِي حَالَةِ ضَبْطِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ كُلًّا وَبَعْضًا فِي حَالَةِ ضَبْطِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ بَعْضًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِوَضٌ لِلْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَصَالَحَ الْآخَرُ الْمُدَّعِيَ عَنْ إقْرَارٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَبَعْدَ الصُّلْحِ ضُبِطَتْ كُلُّ الدَّارِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلْمُصَالِحِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَمَّا إذَا ضُبِطَ نِصْفُهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَأَبُو السُّعُودِ) .

لَكِنْ إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ، وَأَنْ يُعْطِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا، وَضُبِطَ الْمُدَّعَى بِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ زَعْمًا فَيُؤَاخَذُ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِالشَّيْءِ الَّذِي دَفَعَهُ لِرَفْعِ النَّزْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الصُّلْحِ نُقُودًا أَوْ دَيْنًا، أَوْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ الْعَيْنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَلَمْ يَحُزْ الْمُسْتَحَقَّ، أَوْ تَلِفَ بَدَلُ الصُّلْحِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَطْلُبُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ كُلًّا فِي حَالَةِ ضَبْطِ كُلِّهِ، وَبَعْضًا فِي حَالَةِ ضَبْطِ بَعْضِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ، وَكَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ فَاسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ الْبَدَلِ لَا يُوجِبُ نَقْضَ الصُّلْحِ بَلْ إنَّ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا هَلَكَ هَذَا الْبَدَلُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ نَقْضَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ، وَفِي فَسَوْخِ الْعُقُودِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ هَلَاكُهُ؛ إذْ إنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ. فَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ: وَمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْبَدَلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ اسْتِحْقَاقُهُ، وَهُوَ مَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمَّا مَا لَا يَتَعَيَّنُ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَنْعَقِدُ عَلَى جِنْسِهِ، وَقَدْرِهِ لَا عَلَى عَيْنِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ يَبْقَى الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ الْعِوَضُ لِلْمُدَّعِي وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلِ الْعِوَضِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ تُصُولِحَ عَلَى دَارِ صُلْحًا عَنْ إقْرَارٍ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، وَبَعْدَ أَنْ سُلِّمَتْ الْخَمْسُونَ دِينَارًا لِلْمُدَّعِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَلَا يُنْتَقَضُ الصُّلْحُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ كَذَا رِيَالًا بِكَذَا دَنَانِيرَ وَقَبَضَ الْمُدَّعِي الدَّنَانِيرَ وَافْتَرَقَ الطَّرَفَانِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّنَانِيرُ فَيَبْطُلُ الصُّلْحُ (الْخَانِيَّةُ) . هَلْ يَحِقُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِنِصْفِ الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ كَذَا دِينَارًا وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ؟ يُنْظَرُ: إنَّ الْمُدَّعِي إمَّا أَنَّهُ يَدَّعِي بِنِصْفِ الدَّارِ الشَّائِعِ، أَوْ بِنِصْفِهَا الْمُعَيَّنِ فَإِذَا ادَّعَى بِنِصْفِهَا الشَّائِعِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: (1) - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي قَدْ قَالَ: إنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِي، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (2) - أَوْ أَنْ يَقُولَ: إنَّ نِصْفَهَا لِغَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (3) ، أَوْ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ لَا يَعْرِفُ لِمَنْ نِصْفُ الدَّارِ الْآخَرُ؛ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِي، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ بَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْتُحِقَّتْ كُلُّ الدَّارِ رَجَعَ بِكُلِّ الْبَدَلِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْبَدَلِ وَأَمَّا

إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: نِصْفُ الدَّارِ لِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَا أَعْرِفُهُ لِمَنْ، أَوْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ: نِصْفُ الدَّارِ لِي وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ الْبَاقِي، وَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ الشَّائِعُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَقَرَّ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ، وَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ الدَّارِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِي، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: النِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: النِّصْفُ لِي وَسَكَتَ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ الدَّارِ، وَعَقَدَ الصُّلْحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاسْتُحِقَّ النِّصْفُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِجَمِيعِ الْبَدَلِ. أَمَّا لَوْ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ الشَّائِعُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِنِصْفِ الْبَدَلِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَرْصَةً وَبَعْدَ أَنْ أَنْشَأَ الْمُدَّعِي فِيهَا أَبْنِيَةً ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لَهَا، وَادَّعَى بِأَنَّ الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، وَأَثْبُت دَعْوَاهُ أَوْ أَنْ كَلَّفَ الْمُدَّعِي الَّذِي قَبَضَ تِلْكَ الْعَرْصَةَ بَدَلَ صُلْحٍ بِحَلِفِ الْيَمِينِ فَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ فَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْعَرْصَةَ مِنْهُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُضَمِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ لِتَحَقُّقِ التَّقْرِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (657) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَارًا فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي، وَتَصَالَحَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ كَذَا دَرَاهِمَ، أَوْ حَانُوتًا فَيَكُونُ كَأَنَّ الْمُدَّعِيَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَاعَ ذَلِكَ الْحَانُوتَ لِلْمُدَّعِي، وَتَجْرِي فِي هَذَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ وَالشُّفْعَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَخِيَارِ الْغُرُورِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كِلَا الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَبَدَلِ الصُّلْحِ عِوَضٌ لِلْآخَرِ فَأَيُّهُمَا اُسْتُحِقَّ يَتَحَقَّقُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِهِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّهُ ثَبَتَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالْكُلِّ، وَإِذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ ثَبَتَ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالْبَعْضِ إذْ إنَّ حُكْمَ الْمُعَاوَضَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرَرُ) . قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (616 و 638) . وَدَعْوَى الْمَالِ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَشْمَلُ الْوَدِيعَةَ وَالْعَارِيَّةَ وَحَيْثُ إنَّ الصُّلْحَ فِي ذَلِكَ يَحْتَاجُ لِلتَّفْصِيلِ فَيُفَصَّلُ كَمَا يَأْتِي: إنَّ صُلْحَ الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا كَأَنْ تَكُونَ عِشْرِينَ رِيَالًا فَيَقَعُ الصُّلْحُ عَلَى عَشَرَةِ رِيَالَاتٍ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ فِي هَذَا الصُّلْحِ مُنْكِرًا لِلْوَدِيعَةِ جَازَ الصُّلْحُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ يُبْنَى جَوَازُهُ عَلَى زَعْمِ الْمُدَّعِي، وَفِي زَعْمِهِ أَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا بِالْجُحُودِ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَهُ، وَلَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ دِيَانَةً لِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا وَأَصْبَحَ رِبًا. وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ مُقِرًّا، أَوْ كَانَ مُنْكِرًا، فَأَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ

الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ فَجَائِزٌ لِأَنَّهُ قَطْعُ خُصُومَةٍ. أَمَّا إذَا تُصُولِحَ عَلَى عِشْرِينَ رِيَالًا بِعَرَضٍ كَالثَّوْبِ مَثَلًا. فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَحْصُلَ الصُّلْحُ عَنْ وَدِيعَةِ عِشْرِينَ رِيَالًا بِثَلَاثَةِ أَوْ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَإِذَا وَقَعَ هَذَا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ، وَقُبِضَ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ صَحَّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الرِّيَالَاتُ الْمُودَعَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ أَمْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً. وَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الرِّيَالَاتُ الْمُودَعَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ، وَجَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ الصُّلْحِ قَبْضَهُ فِيهِ فِي تِلْكَ الْوَدِيعَةِ، وَقَبَضَ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا الدَّنَانِيرَ فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ صَحَّ الصُّلْحُ أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ غَيْرَ حَاضِرَةٍ مَجْلِسَ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مَالٍ بَيْنَ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُودِعِ بَعْدَ أَنْ يَدَّعِي الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ، أَوْ أَنْ يَدَّعِيَ هَلَاكَهَا فَيَجُوزُ الصُّلْحُ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ الْإِيدَاعَ وَالْإِتْلَافَ، وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ، أَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَوَّلًا الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ وَادَّعَى الْمُودِعُ الْإِتْلَافَ وَتَصَالَحَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَثْبُتُ بِقَوْلِ الْمُودِعِ: رَدَدْتُ الْوَدِيعَةَ، وَلَا يُبْطِلُ هَذَا الثُّبُوتَ ادِّعَاءُ الْمَالِكِ الْإِتْلَافَ إلَّا أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي. وَجَازَ صُلْحُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ وَالْمُودِعِ بَعْد دَعْوَى الْهَلَاكِ، أَوْ الرَّدِّ. أَمَّا إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ بَعْدَ أَنْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ التَّلَفَ بِلَا تَعَدٍّ، أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ وَبَعْدَ حَلِفِهِ الْيَمِينَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1774) فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ رَهَنَ مَتَاعًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْمُرْتَهَنُ: هَلَكَ الرَّهْنُ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: لَمْ يَهْلِكْ، فَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ الْمُرْتَهَنُ عَلَيْهِ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْبَاقِي كَانَ بَاطِلًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ هَذَا صُلْحٌ عَنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الدَّيْنِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودِعِ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ، وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا فَتَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ كَانَ بَاطِلًا، وَكَذَا الْجَوَابُ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهَنُ رَدَّ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ وَلَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ ادَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِهْلَاكَ فَلَمْ يُقِرَّ الْمُرْتَهَنُ، وَلَمْ يُنْكِرْ، وَتَصَالَحَا عَلَى شَيْءٍ جَازَ الصُّلْحُ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّدَّ، أَوْ الْهَلَاكَ وَسَكَتَ الْمُودِعُ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، وَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَصَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مُسْتَثْنًى: يُسْتَثْنَى عَنْ حُكْمٍ بِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إقْرَارٍ هُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحَ الْمُدَّعِي عَلَى فَرَسٍ ثُمَّ تَصَادَقَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَزِمَ الْمُدَّعِي إعَادَةُ الْفَرَسِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا لَزِمَ أَنْ يُعِيدَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ الَّذِي قَبَضَهُ إذَا تَصَادَقَ الدَّائِنُ، وَالْمَدِينُ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ

(المادة 1549) إن وقع الصلح عن الإقرار على المنفعة في دعوى المال

الدَّيْنِ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الدَّائِنُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ، وَالْحَالُ لَوْ اشْتَرَى الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ مَالًا مُقَابِلَ دَيْنِهِ، وَتَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ فَلَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ (الْبَحْرُ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ) . [ (الْمَادَّةُ 1549) إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فِي دَعْوَى الْمَال] الْمَادَّةُ (1549) - (إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فِي دَعْوَى الْمَالِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ. مَثَلًا لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَنْ دَعْوَى حَدِيقَةٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ مُدَّةَ كَذَا فِي دَارِهِ يَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّارَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَدِيقَةِ تِلْكَ الْمُدَّةِ) . يَكُونُ الصُّلْحُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ: أَوَّلًا: إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فِي دَعْوَى الْمَالِ. ثَانِيًا: الصُّلْحُ بِمَالٍ عَنْ دَعْوَى الْمَنْفَعَةِ. ثَالِثًا: الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ عَنْ دَعْوَى الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَالصُّلْحُ إذَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ وَتَجْرِي فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ الْإِجَارَةِ. لِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ حَمْلُ الصُّلْحِ إلَى أَقْرَبِ الْعُقُودِ إلَيْهِ حَيْثُ حَسَبِ الْمَادَّةِ (3) الْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي فَلِذَلِكَ اقْتَضَى حَمْلَ ذَلِكَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِجَارَةِ (الْعَيْنِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَلِذَلِكَ كُلُّ مَنْفَعَةٍ تَكُونُ مَعْقُودَةً عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا أَنَّ كُلَّ مَنْفَعَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَعْقُودَةً عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ اتِّخَاذُهَا بَدَلَ صُلْحٍ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ (الْكِفَايَةُ بِتَغْيِيرٍ مَا) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً بِوَجْهٍ مَانِعٍ لِلنِّزَاعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (451) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا التَّوْقِيتُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَخِدْمَةِ الْأَجِيرِ وَسُكْنَى الدَّارِ بِخِلَافِ صَبْغِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَحَمْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ تِلْكَ مَنْفَعَة (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ أُدَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِشَيْءِ وَبَعْد أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَصَالَحْ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَى أَنْ يَسْكُن فِي دَاره يَجِب بَيَان مُدَّة السُّكْنَى وَتَوْقِيتهَا كَسَنَةِ مِثْلًا. الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: إذَا تُصُولِحَ عَنْ دَعْوَى دَار عَنْ إقْرَار عَلَى السُّكْنَى فِي غَرْفَة مِنْهَا أَبَدًا، أَوْ إلَى وَقْت وَفَاته لَا يَصِحّ، لِأَنَّهُ يَجِب التَّوْقِيت (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: يُبْطِل الصُّلْح بِالضَّرُورَةِ بِهَلَاكِ مَحِلّ الْمَنْفَعَة قِبَل اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة أَنْظُر الْمَادَّة (478) سَوَاء كَانَ تَلَفُ مَحِلّ الْمَنْفَعَة بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِتْلَافِ شَخْص آخِر لَهُ فَلِذَلِكَ إذَا حُصِلَ هَلَاكَ الْمَذْكُور قِبَل اسْتِيفَاء الْمَنْفَعَة فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَرْجِع إلَى دَعْوَاهُ. وَإِذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهَا الْآخَرِ فَتَبْطُلُ الدَّعْوَى بِمِقْدَارِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَوْفَاةِ. مَثَلًا إذَا حَصَلَ الصُّلْح عَلَى رَكْبِ الدَّابَّة، أَوْ سُكْنَى الدَّار مُدَّة كَذَا فَإِذَا تَلْفِت الدَّابَّة أَوْ

احْتَرَقَتْ الدَّارُ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا تُوُفِّيَ الْمُدَّعِي، أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَنْفَسِخُ الصُّلْحُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي مَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ فَكَمَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ يَنْفَسِخُ هَذَا الصُّلْحُ أَيْضًا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (443) وَلِلْمُصَالَحِ عَنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِقْدَارِهَا (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ، وَهِيَ تَبْطُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِوَفَاةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَسْتَوْفِي الْمُدَّعِي الْمَنْفَعَةَ، أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْمُدَّعِي، فَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى سُكْنَى دَارٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ فَلَا يَبْطُلُ وَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَ مُورَثِهِ، وَيَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ، وَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ وَقَعَ عَلَى مَنْفَعَةٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (الْكِفَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى عَلَى نَقْلِ الْحَمْلِ الْفُلَانِيِّ أَوْ عَلَى رَكْبِ الدَّابَّةِ فَيَجِبُ بَيَانُ نَقْلُ الْحَمْلِ مِنْ أَيْنَ وَإِلَى أَيْنَ، وَبَيَانُ الشَّخْصِ الَّذِي سَيَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَمَحَلِّ ذَهَابِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (453) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى عَلَى صَبْغِ ثَوْبٍ فَيَجِبُ إرَاءَةُ الثَّوْبِ لِلصَّبَّاغِ، أَوْ بَيَانُ غِلْظَتِهِ وَرِقَّتِهِ وَبَيَانُ لَوْنِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (455) (عَبْدُ الْحَلِيمِ والشُّرُنْبُلاليُّ) الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إذَا حَصَلَ عَنْ دَعْوَى مَنْفَعَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ مِنْ مِثْلِهَا فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (463) وَشَرْحَهَا وَيَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَنْ دَعْوَى حَدِيقَةٍ، أَوْ عَنْ دَعْوَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ مُدَّةَ كَذَا فِي دَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَحَّ الصُّلْحُ وَيَكُونُ قَدْ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّارَ فِي مُقَابَلَةِ الْحَدِيقَةِ، أَوْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ تِلْكَ الْمُدَّةَ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ بِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذَا الصُّلْحِ إجَارَةً هُوَ فِي حَالِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى دَارٍ عَلَى السُّكْنَى مُدَّةَ شَهْرٍ فِي تِلْكَ الدَّارِ يَكُونُ ذَلِكَ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَيَصِحُّ إيجَارُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْبَحْرِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِدَارِ، وَتَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْمُدَّعَى قَاعَةً مِنْ تِلْكَ الدَّارِ مُدَّةَ سَنَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَارًا، وَتَصَالَحَ مَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ لَهُ الدَّارَ الْمُدَّعَى بِهَا بَعْدَ أَنْ يَسْكُنَهَا مُدَّةَ سَنَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ الصُّلْحُ أَيْضًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْمُدَّعِي فِي الدَّارِ مُدَّةَ سَنَةِ، وَيُعِيدَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

(المادة 1550) الصلح عن الإنكار أو السكوت

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فَرَسًا، وَتَصَالَحَ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى أَنْ يَرْكَبَ تِلْكَ الْفَرَسَ مُدَّةَ شَهْرٍ صَحَّ الصُّلْحُ. أَمَّا لَوْ تَصَالَحَ عَلَى أَنْ يَسْتَغِلَّ الْفَرَسَ مُدَّةَ شَهْرٍ فَلَا يَصِحُّ. وَكَذَا فِي النَّخْلِ، وَعَلَى غَلَّةِ الدَّارِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ لَا يَجُوزُ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَارِثِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارِهِ الْفُلَانِيَّةِ مُدَّةَ سَنَةٍ، وَتَصَالَحَ الْوَارِثُ عَنْ إقْرَارٍ عَلَى حَانُوتٍ أَوْ عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضٍ مُدَّةَ سَنَةٍ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُقَابِلَ الْحَانُوتِ، أَوْ مُقَابِلَ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1550) الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ] الْمَادَّةُ (1550) - (الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ، أَوْ السُّكُوتِ هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ، فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ، وَلَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ. وَلَوْ اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ يَرُدُّ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا وَيُبَاشِرُ الْمُخَاصَمَةَ بِالْمُسْتَحَقِّ، وَيُسْتَحَقُّ بَدَلُ الصُّلْحِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ إلَى دَعْوَاهُ) . الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتُ هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَّعِي هُوَ عَيْنُ حَقِّهِ أَوْ بَدَلُهُ وَلِذَلِكَ فَبَدَلُ الصُّلْحِ حَلَالٌ لَهُ (الزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُحِقٌّ بِزَعْمِهِ فِي دَعْوَاهُ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَأْخُذُهُ عِوَضٌ عَنْ مَالِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ بَدَلُ الصُّلْحِ دِيَانَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ غَيْرُ مُحِقٍّ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ، وَأَنَّ إعْطَاءَهُ الْعِوَضَ لَهُ هُوَ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ حَيْثُ لَوْ لَمْ يُعْطِ الْعِوَضَ لَبَقِيَ النِّزَاعُ، وَلَزِمَهُ الْيَمِينُ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ ظَاهِرَةٌ فِي الْإِنْكَارِ، أَمَّا السُّكُوتُ فَبِمَا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَعَلَى الْإِنْكَارِ مَعًا إلَّا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ (الْأَصْلُ فَرَاغُ الذِّمَّةِ) فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْإِنْكَارِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّبُ بِالشَّكِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَا يَثْبُتُ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ عِوَضٌ لِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْمُدَّعِي (الزَّيْلَعِيّ وَالتَّكْمِلَةُ) إلَّا أَنَّهُ يَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً بِذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً مَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) . وَيَرَى أَنَّ الصُّلْحَ الَّذِي هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ قَدْ اخْتَلَفَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّخْصَيْنِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ، وَمُوجِبُ ذَلِكَ الْحِلَّ فِي حَقِّ الْمُتَنَاكِحَيْنِ الْحُرْمَةُ فِي أُصُولِهِمَا (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

سُؤَالٌ: إنَّ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي بِغَيْرِ حُجَّةٍ غَدْرٌ وَمَا يَأْخُذُهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ لِكَفِّ الْيَدِ عَنْ تِلْكَ الْخُصُومَةِ وَأَخْذُ الْمَالِ لِلْكَفِّ عَنْ الْغَدْرِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْأَخْذُ رِشْوَةً، وَإِعْطَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ بِذَاكَ الْمَقْصِدِ إرْشَاءٌ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» ، وَلِذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ. الْجَوَابُ: أَنَّ إعْطَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ هُوَ لِدَفْعِ الْغَدْرِ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ جَائِزٌ أَمَّا مَا أَخَذَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمَالِ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ يَأْخُذُهُ اعْتِيَاضًا عَنْ حَقِّهِ، فَلَا يَكُونُ ارْتِشَاءً فِي حَقِّ الْمُدَّعِي (الْكِفَايَةُ بِتَغْيِيرٍ مَا) وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَنْ كَوْنِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ مُعَاوَضَةً فِي حَقِّ الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ عِوَضَ حَقِّهِ حَسَبَ زَعْمِهِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ، وَلَا يَمْنَعُ إنْكَارُ الْآخَرِ الْمُعَاوَضَةَ جَرَيَانَ شُفْعَةٍ، وَفِي هَذَا كَأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ (الْكِفَايَةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (950) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ: إنَّنِي أَخَذْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ زَعْمَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَرْصَةٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ عَلَى دَارِ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الدَّارِ، وَلَا تَجْرِي فِي الْعَرْصَةِ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ بَعْدَ أَنْ سَكَتَ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِعَقْدِهِ الصُّلْحَ قَدْ اسْتَبْقَى الْعَقَارَ الَّذِي كَانَ مُلُوكًا لَهُ فِي مِلْكِهِ، وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُدَّعِي بَدَلَ صُلْحٍ لَمْ يَكُنْ عِوَضًا لِلْعَقَارِ بَلْ إنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَقَطْعِ الْخُصُومَةِ أَيْ أَنَّ الْمُصَالِحَ يَزْعُمُ هَذَا الزَّعْمَ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَزْعُمُ بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُؤَاخَذُ الْإِنْسَانُ بِزَعْمِهِ، وَزَعْمُ الْمُدَّعِي هَذَا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي، وَلَهُ حَقُّ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَلَهُ أَخْذُ الْعَقَارِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَدْ تَبَيَّنَ بِأَنَّ الصُّلْحَ الْوَاقِعَ كَانَ بِمَعْنَى الْبَيْعِ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الشَّفِيعِ بَيِّنَةٌ، وَاسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَمْ يَكُنْ عَقَارَ الْمُدَّعِي، وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ بِالشُّفْعَةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْكِفَايَةُ وَالدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1021) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَإِذَا اُسْتُحِقَّ كُلُّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهُ فَيَرُدُّ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ أَيْ كُلِّهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبَعْضِهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَعْطَى بَدَلَ الصُّلْحِ لِلْمُدَّعِي لِأَجْلِ دَفْعِ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي، وَلِإِبْقَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ بِلَا خُصُومَةٍ فِي يَدِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ بِاسْتِحْقَاقِهِ أَنْ لَيْسَ مِنْ خُصُومَةٍ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبِذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

وَظَهَرَ أَنَّ بَدَلَ الصُّلْحِ قَدْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِذَلِكَ لَزِمَ رَدُّهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ دَارُهُ، وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ سَكَتَ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَسَلَّمَ بَدَلَ الصُّلْحِ لَهُ وَبَعْدَ أَنْ بَقِيَتْ الدَّنَانِيرُ فِي يَدِهِ، وَالدَّارُ فِي يَدِ الْآخَرِ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُ الدَّارِ فَيَرُدُّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ بَدَلَ الصُّلْحِ أَمَّا إذَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهَا فَيَرُدُّ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ. وَلِلْمُدَّعِي إنْ شَاءَ مُخَاصَمَةَ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ. لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُومُ الْمُدَّعِي مَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ (أَبُو السُّعُودِ) . إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى بِرَدِّ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي حَالَةِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ حَقًّا فِي دَارِ بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارَهُ كَنِصْفِ الدَّارِ أَوْ رُبْعِهَا وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ تِلْكَ الدَّارِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَعْضِ بَدَلِ الصُّلْحِ. لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهَا لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ (الزَّيْلَعِيّ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَدَلُ الصُّلْحِ نَقْدًا أَوْ دَيْنًا بَيِّنْ كَانَ عَيْنًا وَاسْتَحَقَّ كُلَّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ بَعْضَهُ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ أَوْ تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1560) يَرْجِعُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ إلَى دَعْوَاهُ أَيْ كُلَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ. لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَرَكَ دَعْوَاهُ لِيَبْقَى بَدَلُ الصُّلْحِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَدَلُ الصُّلْحِ سَالِمًا لَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إلَى دَعْوَاهُ الْمُبْدَلَةِ. مَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى مِنْ نَوْعِ الدَّعَاوَى الَّتِي لَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ فِيهَا كَالْقِصَاصِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الصُّلْحَ وَسَلَّمَ الْعَيْنَ الْمُصَالَحَ عَلَيْهَا لِلْمُدَّعِي صَحَّ الصُّلْحُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ (الْكِفَايَةُ) . أَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ كَأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَقَالَ الْآخَرُ، بِعْتُك وَعَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالدَّعْوَى (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُبَايَعَةِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ الدَّفْعُ لِلْخُصُومَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ ظَهَرَ زُيُوفًا فَلَا يُبْطِلُ الصُّلْحَ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ وَيَقْتَضِي إعْطَاءَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَبْطُلُ الِاسْتِيفَاءُ

(المادة 1551) لو ادعى أحد مالا معينا كحديقة مثلا، وصالح على مقدار منها

وَيُصْبِحُ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالْكِفَايَةُ) وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (343) (بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ وَإِذَا كَانَ قَبْلَهُ رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَالْفُلُوسِ) (الْبَحْرُ بِتَغْيِيرٍ مَا وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ حَصَلَ عَنْ دَعْوَى عِشْرِينَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَاسْتَحَقَّ بَدَلَ الصُّلْحِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَيَجِبُ إعْطَاءُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ أُخْرَى. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ خَلَاصًا مِنْ الْيَمِينِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَصَالَحَ الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ مَا فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ. بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى حُصُولِ الْإِبْرَاءِ. لِأَنَّهُ بِسَبَبِ الصُّلْحِ قَدْ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّعْوَى وَلَا يُمْكِنُ عَوْدَةُ السَّاقِطِ وَلَكِنْ لَوْ صَالَحَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ عَنْ إنْكَارٍ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَةً فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ أَيْضًا وَلَكِنْ لَوْ طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ (الْأَشْبَاهُ) . لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ ثُمَّ حَصَلَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شُهُودًا عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ بَدَلِ الصُّلْحِ. لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِدَاءٌ لِلْيَمِينِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَتَوَجَّبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَصِحُّ فِدَاؤُهُ وَصُلْحُهُ أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيَتَوَجَّبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ الْفِدَاءُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ ثُمَّ حَصَلَ الصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. لِأَنَّ الْيَمِينَ بَدَلٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ فَبِحَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى بَدَلَهُ وَالصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَتَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ بِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ وَدِيعَتَهُ وَدَفَعَ الْمُسْتَوْدِعُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ رَدَدْت الْوَدِيعَةَ أَوْ مَلَكْت بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي هَذَا الدَّفْعَ وَبَعْدَ أَنْ حَلَفَ الْمُسْتَوْدِعُ بِالطَّلَبِ الْيَمِينَ عَلَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ عَلَى تَلَفِهَا بِلَا تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ أَيْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ عَلَيْهِ تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ ادَّعَى شَخْصَانِ عَلَى أَنْ الْحَدِيقَةَ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ هِيَ مِلْكُهُمَا الْمُشْتَرَكُ، وَتَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ إنْكَارٍ فَيَكُونُ بَدَلُ الصُّلْحِ لِلْمُصَالِحِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَخْذُ حِصَّةٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ، وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةً فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَلَمْ يَكُنْ مُعَاوَضَةً مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ إلَّا أَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي عَقَارٍ مُصَالَحٍ عَنْهُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا. [ (الْمَادَّةُ 1551) لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا، وَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهَا] الْمَادَّةُ (1551) - (لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا، وَصَالَحَ عَلَى

مِقْدَارٍ مِنْهَا، وَأَبْرَأَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى بَاقِيهَا يَكُونُ قَدْ أَخَذَ مِقْدَارًا مِنْ حَقِّهِ وَتَرَكَ دَعْوَى بَاقِيهَا أَيْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَاقِيهَا) . لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا وَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ الْحَدِيقَةُ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ فَصَالَحَ عَلَى مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْهَا فَالصُّلْحُ فِي ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يُصَالِحَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَيُبْرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَى بَاقِيهَا بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ بَرِيءٌ مِنْ دَعْوَى بَاقِيهَا، أَوْ بَرِيءٌ مِنْ بَاقِيهَا، أَوْ لَيْسَ لِي حَقٌّ فِي بَاقِيهَا فَالصُّلْحُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ مِقْدَارًا مِنْ حَقِّهِ وَتَرَكَ دَعْوَى بَاقِيهَا أَيْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَاقِيهَا (الدُّرَرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مُعَيَّنًا كَحَدِيقَةٍ مَثَلًا، وَتَصَالَحَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حَدِيقَةٍ أُخْرَى صَحَّ الصُّلْحُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ هَذَا الصُّلْحِ الْإِبْرَاءُ مِنْ بَاقِيهَا (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالتَّكْمِلَةُ) لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ مُعَاوَضَةٌ بِاعْتِبَارِ جَانِبِ الْمُدَّعِي فَكَأَنَّهُ بَاعَ مَا ادَّعَى بِمَا أَخَذَ، وَتَعْبِيرُ وَأَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَعْوَى بَاقِيهَا احْتِرَازٌ عَنْ إبْرَاءِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ دَعْوَى الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَغْصُوبَةً، أَوْ أَمَانَةً، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ فِي ضِمْنِ الصُّلْحِ، أَوْ كَانَ أَصَالَةً فَصَحِيحٌ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا الْإِبْرَاءُ عَنْ نَفْسِ الْعَيْنِ فَتَفْصِيلُهُ سَيَأْتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1536) الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ضَمَّ الْمُدَّعِي عِلَاوَةً عَلَى الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ بَدَلًا آخَرَ مِنْ الْعُرُوضِ، أَوْ النُّقُودِ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ صَحِيحًا أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الْحَدِيقَةِ، وَعَلَى خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا، وَيَكُونُ قَدْ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ عَيْنًا، وَأَخَذَ مُقَابِلَ بَعْضِهِ عِوَضًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ إبْرَاؤُهُ مِنْ دَعْوَى الْبَاقِي. اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا، وَأَنَّ الصُّلْحَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الدَّعْوَى أَوْ بِدُونِ عِلَاوَةِ شَيْءٍ آخَرَ عَلَى الْبَدَلِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَارًا وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى قِسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ وَلِلْمُدَّعِي الِادِّعَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِبَاقِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ عَلَى بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ يَكُونُ اُسْتُوْفِيَ بَعْضُهُ وَأُسْقِطَ الْبَعْضُ الْآخَرُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْإِسْقَاطَ يَكُونُ لِلدَّيْنِ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ الْعَيْنِ كَمَا أَنَّ بَعْضَ

ملحق في حق صلح بعض الورثة مع البعض الآخر في أموال التركة

الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ كُلِّهِ حَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ دَاخِلٌ ضِمْنَ الْكُلِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلٌ غَيْرُ ظَاهِرِ الرُّؤْيَةِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ بَاقِي الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَبْرَأْ عَنْ بَاقِي الدَّعْوَى، أَوْ لَمْ يُضَمَّ شَيْءٌ عَلَى بَدَلِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا إبْرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَعْضِ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى شَاةً وَصَالَحَ عَلَى صُوفِهَا يَجُزُّهُ لِلْحَالِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ الدَّارِ عِنْدَهُ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . إنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ تَحْتَمِلُ أَكْثَرَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْغَيْرِ ظَاهِرَةٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ عِبَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ فَلِذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اكْتَفَتْ بِبَيَانِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقِيَّةِ. [مُلْحَقٌ فِي حَقِّ صُلْحِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَعَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فِي أَمْوَالِ التَّرِكَةِ] ِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: التَّخَارُجُ هُوَ أَخْذُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مَالًا مَعْلُومًا مِنْ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ مُقَابِلَ حِصَصِهِمْ الْإِرْثِيَّةِ، وَالْخُرُوجُ مِنْ التَّرِكَةِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا أَخْرَجَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَارِثًا مِنْهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ بِإِعْطَائِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ فَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عُرُوضًا وَعَقَارًا كَانَ التَّخَارُجُ صَحِيحًا، وَلَا فَرْقَ فِي أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْحِصَّةِ الْإِرْثِيَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مِائَةَ شَاةٍ وَخَمْسِينَ بَقَرَةً وَعِشْرِينَ فَرَسًا وَثَلَاثِينَ بِسَاطًا وَأَرْبَعِينَ خُوَانًا وَخَمْسَةَ حَوَانِيتَ وَأَعْطَى الْوَرَثَةُ الثَّلَاثَةُ لِلْوَارِثِ الرَّابِعِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِرِضَائِهِ كَانَ صَحِيحًا، وَأَصْبَحَ بَاقِي التَّرِكَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ الثَّلَاثَةِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عِبَارَةً عَنْ نَقْدٍ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ، مَثَلًا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دَنَانِيرَ ذَهَبًا وَأَعْطَى صُلْحًا لِلْوَارِثِ فِضَّةً، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ التَّرِكَةِ كَانَ صَحِيحًا كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ كِلَيْهِمَا أَيْ مِقْدَارًا مِنْهُ ذَهَبًا وَمِقْدَارًا مِنْهُ فِضَّةً يَصِحُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا.

أَمَّا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ نَقُودُ أَيْ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَكَانَ فِيهَا غَيْرَ النَّقْدِ عُرُوضٌ وَعَقَارٌ فَيُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عُرُوضًا، أَوْ عَقَارًا فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ لِحِصَّتِهِ أَوْ كَانَتْ أَزِيدَ، أَوْ أَنْقَصَ مِنْهَا لِعَدَمِ الرِّبَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ نُقُودًا، وَكَانَ زِيَادَةً عَنْ حِصَّةِ الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ النَّقْدِ فَالصُّلْحُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ أَيْضًا لِيَكُونَ نَصِيبُهُ بِمِثْلِهِ، وَالزِّيَادَةُ بِمُقَابَلَةِ حَقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرِكَةِ تَحَرُّزًا عَنْ الرِّبَا، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءُ، لِأَنَّ التَّرِكَةَ أَعْيَانٌ، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا تَجُوزُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ فِيمَا يُقَابِلُ النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ فِي هَذَا الْقَدْرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ حِصَّةُ الْوَارِثِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ أَحَدِ أَجْنَاسِ النُّقُودِ مُسَاوِيَةً لِبَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ عَيْنِ جِنْسِ ذَلِكَ النَّقْدِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ ذَلِكَ الْوَارِثِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ النَّقْدِ مِنْ الْأَعْيَانِ تَبْقَى خَالِيَةً عَنْ الْعِوَضِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عِبَارَةً عَنْ دُيُونٍ، وَتَصَالَحَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ مَعَ أَحَدِهِمْ عَلَى إعْطَائِهِ كَذَا دِرْهَمًا، وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ التَّرِكَةِ، وَخَصَّصَ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ لَهُمْ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَمْلِيكَ حِصَّةِ الْمُصَالِحِ فِي الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَهُمْ الْوَرَثَةُ، وَالْبُطْلَانُ يَسْرِي عَلَى الْكُلِّ حَيْثُ كَانَ صَفْقَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ بَيَّنَ حِصَّةَ الدَّيْنِ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عِنْدَهُمَا فِي غَيْرِ الدَّيْنِ إذَا بَيَّنَ حِصَّتَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا لَوْ تَصَالَحَتْ الزَّوْجَةُ بِطَرِيقِ التَّخَارُجِ عَنْ حِصَّتِهَا الثُّمُنِ مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا الَّذِي لَهُ دُيُونٌ فِي ذِمَمِ النَّاسِ، وَعَنْ مَطْلُوبِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَى كَذَا دِرْهَمًا كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا سَوَاء شُرِطَ بِأَنْ تَكُونَ حِصَّتُهَا فِي الدَّيْنِ عَائِدَةً لِلْوَرَثَةِ، أَوْ لَمْ يُصَرَّحْ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا حَصَلَ بِطَرِيقِ التَّخَارُجِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ فَيُقْسَمُ بَاقِي التَّرِكَةِ، إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَالًا مَوْرُوثًا، عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ حَسَبَ حِصَصِهِمْ الْإِرْثِيَّةِ قَبْلَ التَّخَارُجِ، مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَتْ امْرَأَةٌ، وَكَانَ الْوَارِثَ لَهَا الزَّوْجُ وَبِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَأَخَذَ الزَّوْجُ مَالًا مَعْلُومًا مِنْ التَّرِكَةِ، وَخَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ بِطَرِيقِ التَّخَارُجِ فَسَهْمَا بَاقِي التَّرِكَةِ يَكُونُ سَهْمًا لِلْبِنْتِ وَسَهْمًا لِلْأُخْتِ. أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَالًا مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ سَبَبِ الْإِرْثِ فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ الْبَاقِيَةُ عَلَى نِسْبَةِ اشْتِرَاكِهِمْ فِي يَدِ الصُّلْحِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى وَلَدَانِ وَبِنْتٌ فَأَعْطَى وَلَدٌ مِنْهُمَا وَالْبِنْتُ فَرَسًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لِأَخِيهِمَا وَأَخْرَجَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُقْسَمُ بَاقِي التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْبِنْتِ مُنَاصَفَةً، وَلَا يُعْطَى لِلْوَلَدِ ثُلُثَا التَّرِكَةِ وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهَا (الْكِفَايَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمُوصَى لَهُ فِي الْمَسَائِلِ الْآنِفَةِ كَالْوَارِثِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا ظَهَرَ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ بِطَرِيقِ التَّخَارُجِ أَمْوَالٌ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ دُيُونٌ فِي

الفصل الثاني في بيان الصلح عن الدين وعن الحقوق الأخرى

ذِمَمِ النَّاسِ، وَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَقْتَ الصُّلْحِ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَعْيَانُ وَالذِّمَمُ فِي الصُّلْحِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَالْأَشْهَرُ هُوَ هَذَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَصَحُّ، وَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الصُّلْحِ عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مَدِينَةً فَالصُّلْحُ بِطَرِيقِ التَّخَارُجِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا يَمْنَعُ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي التَّرِكَةِ. مَنْ يَرْغَبُ إيضَاحَاتٍ أُخْرَى فِي التَّخَارُجِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ مُؤَلَّفَنَا تَسْهِيلَ الْفَرَائِضِ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ وَعَنْ الْحُقُوقِ الْأُخْرَى] الدَّيْنُ يَكُونُ إمَّا بَدَلَ مَبِيعٍ، أَوْ بَدَلَ مُقْرَضٍ، أَوْ بَدَلَ إجَارَةٍ، أَوْ بَدَلَ مَغْصُوبٍ أَوْ بَدَلَ مُتْلَفٍ اُنْظُرْ مَادَّةَ (158) . الْمَادَّةُ (1552) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَنْ دَيْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى بَعْضَ دَيْنِهِ، وَأَسْقَطَ الْبَاقِيَ أَيْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ مِنْ الْبَاقِي) . قَاعِدَةٌ: إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَزِيدَ، وَأَحْسَنَ مِنْ حَقِّ الْمُصَالِحِ قَدْرًا وَوَصْفًا أَوْ قَدْرًا فَقَطْ، أَوْ وَصْفًا فَقَطْ، وَكَانَ الْإِحْسَانُ مِنْ الدَّائِنِ فَقَطْ فَيَكُونُ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ إسْقَاطًا لِبَعْضِ الْحَقِّ وَاسْتِيفَاءً لِبَعْضِهِ. الصُّلْحُ الْمُتَضَمِّنُ الْإِسْقَاطَ: 1 - الصُّلْحُ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. 2 - الصُّلْحُ عَنْ التَّأْجِيلِ وَالْإِمْهَالِ حَسَبَ مَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 3 - الصُّلْحُ عَنْ الْمَسْكُوكَاتِ الْخَالِصَةِ بِالْمَسْكُوكَاتِ الْمَغْشُوشَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1454) . إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَزِيدَ وَأَحْسَنَ مِنْ حَقِّ الْمُدَّعِي مِنْ جِهَتَيْنِ فَيَكُونُ هَذَا الصُّلْحُ مُعَاوَضَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلِذَلِكَ إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ، أَوْ عَنْ سُكُوتٍ عَنْ دَيْنِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسٍ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ كَبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَبَدَلِ

الْمُقْرَضِ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى بَعْضَ دَيْنِهِ، وَأَسْقَطَ الْبَاقِيَ أَيْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ مِنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَحَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا التَّصَرُّفِ عَلَى ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُبَادَلَةُ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ الْأَكْثَرِ بِالْأَقَلِّ، فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَهَذَا الصُّلْحُ لَيْسَ بِصَرْفٍ حَتَّى إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَنْ الْمُحِيطِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الصُّلْحِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْبَالِغَ خَمْسِينَ دِينَارًا بِمِقْدَارٍ مِنْهُ أَيْ بِعِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ (الْخَانِيَّةُ) . ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عِبَارَةِ (أَيْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ مِنْ الْبَاقِي) أَنَّهُ يَجِبُ حُصُولُ الْإِبْرَاءِ مَعَ الصُّلْحِ، وَيَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ أَقَالَ الْمُدَّعِي إنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي الْإِبْرَاءَ فَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً، وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَفِرَ الْمُدَّعِي بِبَاقِي مَطْلُوبِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي لَفْظَةَ الْإِبْرَاءِ فَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا صَالَحَ الدَّائِنُ عَنْ دَيْنِهِ الْبَالِغِ مِائَةَ دِينَارٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى السِّتِّينَ دِينَارًا مِنْ دَيْنِهِ وَأَبْرَأهُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا الْبَاقِيَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ ثُمَّ تَصَالَحَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ ذُكِرَ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْبَاقِي، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ فَرَسًا تُسَاوِي قِيمَتُهَا خَمْسِينَ دِينَارًا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا تَصَالَحَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ الْغَاصِبِ عَنْ الْفَرَسِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى الثَّلَاثِينَ دِينَارًا، وَأَبْرَأَ الْغَاصِبَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا. وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الْقِيَمِيِّ الَّذِي تَلِفَ عَلَى مَبْلَغٍ، أَوْ عَرَضٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَيْ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا تَصَالَحَ مَعَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ تِلْكَ الْفَرَسِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ ثِيَابٍ، فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، فَالصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَبْلَغٍ أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرَرُ) . قِيلَ (عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ) ؛ لِأَنَّ فِي الصُّلْحِ عَنْ بَعْضِ تِلْكَ الدَّيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ مُعَيَّنًا حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْمِقْدَارُ الَّذِي حُطَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَحْطُوطُ مُعَيَّنًا. فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحْطُوطُ مُعَيَّنًا فَالصُّلْحُ وَالْحَطُّ غَيْرُ جَائِزَيْنِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عِنْدَ آخَرَ عَشَرَةَ

(المادة 1553) إذا صالح أحد على تأجيل وإمهال كل نوع من مطلوبه

دَنَانِيرَ فَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا دَفَعَ بَدَلَ الصُّلْحِ بَعْدَ شَهْرٍ أَنْ يَدْفَعَ دِينَارًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ دَفْعَهُ بِظَرْفِ شَهْرٍ أَنْ يَدْفَعَ دِينَارَيْنِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ إعْطَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي ظَرْفِ الشَّهْرِ يَكُونُ الْمَحْطُوطُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ، وَفِي حَالَةِ إعْطَائِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ الْمَحْطُوطُ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1353 و 1454) مُتَفَرِّعَتَانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ. يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ (عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ) الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى أَدَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ إسْقَاطًا بَلْ يَكُونُ قَبْضًا لَعَيْنِ الْحَقِّ وَاسْتِيفَاءً لَهُ، وَإِذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى مَبْلَغٍ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَكُونُ رِبًا وَحَرَامًا وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعْدُودًا مِنْ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الصُّلْحُ إبْرَاءً وَإِسْقَاطًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْضَ الدَّيْنِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَعَنْ جِنْسِهِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَالَحَ أَحَدٌ مَعَ آخَرَ عَلَى دَيْنِهِ عَلَى مَالٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ فَيَكُونُ مُعَاوَضَةً مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ خَمْسُونَ رِيَالًا فِضِّيًّا مُعَجَّلَةً فَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ بِعَشَرَةِ، أَوْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ مُعَجَّلَةٍ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ مُعَاوَضَةً، وَلَيْسَ اسْتِيفَاءً لِبَعْضِ الدَّيْنِ وَإِسْقَاطًا لِبَعْضِهِ، وَإِنْ صَحَّ هَذَا الصُّلْحُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ، فَإِذَا لَمْ يُقْبَضْ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَيَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ مُبَادَلَةٌ، وَالصُّلْحُ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ (الْخَانِيَّةُ) . إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي الصُّلْحِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَجَلَّةِ مُؤَجَّلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُعَجَّلًا فَلِذَلِكَ إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ بِسِتِّمِائَةٍ مُعَجَّلَةٍ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤَجَّلِ وَبِمَا أَنَّ الدَّائِنَ بِعَقْدِ الصُّلْحِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُؤَجَّلَ فَكَانَ التَّعْجِيلُ مُقَابِلًا لِلأرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي أُسْقِطَتْ، وَيَكُونُ قَدْ اُعْتِيضَ عَنْ الْأَجَلِ، وَهَذَا حَرَامٌ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مُعَجَّلًا فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ أَخَذَ مَا دُونَ حَقِّهِ وَصْفًا وَوَقْتًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1553) إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَلَى تَأْجِيلِ وَإِمْهَالِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ] الْمَادَّةُ (1553) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَلَى تَأْجِيلِ وَإِمْهَالِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ الَّذِي هُوَ مُعَجَّلٌ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ تَعْجِيلِهِ) . إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَلَى تَأْجِيلِ وَإِمْهَالِ عَيْنِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ مَطْلُوبِهِ الَّذِي هُوَ مُعَجَّلٌ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ تَعْجِيلِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) ، وَلَا يَحِقُّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1562) . مَثَلًا لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَطْلُوبِهِ الْخَمْسِينَ رِيَالًا فِضِّيًّا عَلَى خَمْسِينَ رِيَالًا فِضِّيًّا مُؤَجَّلَةً لِمُدَّةِ شَهْرٍ

(المادة 1554) صالح أحد عن مطلوبه الذي هو سكة خالصة على أن يأخذ بدله سكة مغشوشة

فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْمُؤَجَّلِ لِمُدَّةٍ عَلَى أَنْ يُمْهِلَهُ مُدَّةً أَزْيَدَ صَحَّ الصُّلْحُ (الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَقَعْ الصُّلْحُ عَلَى تَأْجِيلِ عَيْنِ مَطْلُوبِهِ بَلْ صَالَحَ مَثَلًا عَلَى الْخَمْسِينَ رِيَالًا الْمُعَجَّلَةَ بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ عَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إنْكَارٍ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي اُتُّخِذَتْ بَدَلَ صُلْحٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا الطَّرَفُ الْآخَرُ بِعَقْدِ الْمُدَايِنَةِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا الصُّلْحِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّأْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ بَلْ يُحْمَلُ بِالضَّرُورَةِ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَيْضًا الصُّلْحُ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ عَلَى نِصْفِهَا مُعَجَّلَةً (لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِعَقْدِ الْمُدَايِنَةِ، فَصَارَ مُعَاوَضَةً، وَالْأَجَلُ كَانَ حَقَّ الْمَدِينِ، وَقَدْ تَرَكَهُ بِإِزَاءِ مَا حَطَّهُ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْأَجَلِ، وَهُوَ حَرَامٌ) (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) . أَمَّا إذَا أَبْطَلَ الْمَدِينُ أَجَلَ الدَّيْنِ، وَجَعَلَهُ مُعَجَّلًا، فَيَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إبْطَالُ الْأَجَلِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ لَا تُعَدُّ صُلْحًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمَدِينِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُ فَيَسْقُطُ بِالْإِبْطَالِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. مَثَلًا: لَوْ تَصَالَحَ الدَّائِنُ (مَعَ مَدِينِهِ) عَلَى دَيْنِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ الدَّائِنُ حَقَّ تَعْجِيلِهِ، وَأَسْقَطَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ دَيْنِهِ. مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الدَّيْنُ جِهَةَ قَرْضٍ وَحَصَلَ الصُّلْحُ عَلَى تَأْجِيلِهِ وَإِمْهَالِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1554) صَالِح أَحَد عَنْ مَطْلُوبه الَّذِي هُوَ سِكَّة خَالِصَة عَلَى أَنْ يَأْخُذ بَدَّلَهُ سِكَّة مَغْشُوشَة] الْمَادَّةُ (1554) - (إذَا صَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَطْلُوبِهِ الَّذِي هُوَ سِكَّةٌ خَالِصَةٌ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ سِكَّةً مَغْشُوشَةً فَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ طَلَبِهِ سِكَّةً خَالِصَةً) . أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ عَنْ مَطْلُوبِهِ الذَّهَبِ بِفِضَّةٍ أَوْ عَنْ مَطْلُوبِهِ الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ وَقَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ صَحَّ الصُّلْحُ، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ - مَثَلًا لَوْ صَالَحَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْمَسْكُوكَاتِ الْخَالِصَةِ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى مَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ مُؤَجَّلَةٍ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّ الصُّلْحُ وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ التَّعْجِيلِ، وَحَقَّ الْخُلُوصِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ يَصِحُّ الصُّلْحُ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَوَادِّ الثَّلَاثَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ. مِثْلَا لَوْ تَصَالَحَ الدَّائِنُ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ السِّكَّةِ الْخَالِصَةِ الْمُعَجَّلَةِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ سِكَّةً مَغْشُوشَةً مُؤَجَّلَةً صَحَّ الصُّلْحُ وَيَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَفِي حَقِّ التَّأْجِيلِ، وَفِي السِّكَّةِ الْخَالِصَةِ.

(المادة 1555) يصح الصلح بإعطاء البدل لأجل الخلاص من اليمين في دعاوى الحقوق

[ (الْمَادَّةُ 1555) يَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى الْحُقُوقِ] الْمَادَّةُ (1555) - (يَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعَاوَى الْحُقُوقِ كَدَعْوَى حَقِّ الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ) . إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي حَقًّا يَلْزَمُ الْخَصْمَ فِيهِ الْيَمِينُ فَيَجُوزُ افْتِدَاءُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْبَدَلِ مَهْمَا كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بِإِعْطَاءِ الْبَدَلِ لِلْمُدَّعِي لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْحُقُوقِ كَحَقِّ الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ وَكَحَقِّ وَضْعِ الْجُذُوعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَقَّ شُفْعَةٍ فِي الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا آخَرُ، وَتَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمَشْفُوعِ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الشَّفِيعُ دَعْوَى الشُّفْعَةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ صَحَّ الصُّلْحُ وَأَصْبَحَ بَدَلُ الصُّلْحِ حَقًّا لِلشَّفِيعِ، وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ يَحِقُّ لِمَنْ كَانَ شَفِيعًا فِي دَرَجَةِ ذَلِكَ الشَّفِيعِ أَوْ لِمَنْ كَانَ مُؤَخَّرًا عَنْهُ أَنْ يَطْلُبَ تِلْكَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ إذَا رَاعَى شَرَائِطَ الشُّفْعَةِ. مُسْتَثْنًى: وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ، وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ الْمُودِعِ عَلَى مَالٍ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا (الْأَشْبَاهُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ لِأَجْلِ الْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّ الصُّلْحَ بَعْدَ حَلِفِ الْيَمِينِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1550) (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . إيضَاحُ عِبَارَةِ (دَعَاوَى) أَنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: 1 - حَقُّ الشُّرْبِ. 2 - حَقُّ الشُّفْعَةِ. 3 - حَقُّ الْمُرُورِ. وَيُوجَدُ فِي كُلٍّ مِنْهَا احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: الصُّلْحُ فِيهَا عَنْ الدَّعْوَى، وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فَالصُّلْحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ جَائِزٌ، وَاَلَّذِي بُيِّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنْ نَفْسِ هَذِهِ الْحُقُوقِ أَيْ عَنْ نَفْسِ حَقِّ الشُّرْبِ وَنَفْسِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَنَفْسِ حَقِّ الْمُرُورِ وَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ، وَتَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي جَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ. 1 - الصُّلْحُ عَنْ عَيْنِ حَقِّ الشُّرْبِ، فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ. لِأَنَّهُ حَسَبَ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1533) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا يَقْبَلُ الِاعْتِيَاضَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (216) بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَمْلِيكُ حَقِّ الشُّرْبِ لِآخَرَ بَعُوضٍ. 2 - أَنْ يُسْقِطَ الشَّفِيعُ نَفْسَ حَقِّ الشُّفْعَةِ، وَأَنْ يُسَلِّمَ الْعَقَارَ الْمُتَعَلِّقَ بِهِ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي

مُقَابِلَ بَدَلِ صُلْحٍ مَعْلُومٍ فَهَذَا الصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ (الْكِفَايَةُ) وَيَسْقُطُ بَدَلُ الصُّلْحِ بِلَا بَدَلٍ (الْخَانِيَّةُ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ عَلَى الشَّفِيعِ أَنْ يُعِيدَ لِلْمُشْتَرِي بَدَلَ الصُّلْحِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1534) . أَمَّا إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَعْضِ الْمَشْفُوعِ فَيُنْظَرُ: إذَا تَصَالَحَ الشَّفِيعُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ، أَوْ ثُلُثَ، أَوْ رُبْعَ الْمَشْفُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، فَإِذَا كَانَ صُلْحُ الشَّفِيعِ بَعْدَ التَّأَكُّدِ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ فَيَكُونُ الشَّفِيعُ قَدْ أَخَذَ مَأْخُوذَهُ بِالشُّفْعَةِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِي الْبَاقِي، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شِرَاءً جَدِيدًا وَمُبْتَدَأً. حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ الْمُصَالِحُ شَرِيكًا فِي نَفْسِ الْمَشْفُوعِ، أَوْ فِي طَرِيقِهِ فَلِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِالشُّفْعَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ صُلْحُ الشَّفِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَصَلَ قَبْلَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ كَانَ الْمِقْدَارُ الَّذِي أَخَذَهُ الشَّفِيعُ شِرَاءً مُبْتَدَأً، وَيَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ فِي الْكُلِّ؛ فَلِذَلِكَ يَحِقُّ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ الْمَشْفُوعِ، وَإِذَا كَانَ الشَّفِيعُ قَدْ أَخَذَ مَحَلًّا مُعَيَّنًا مِنْ الْعَقَارِ كَأَخْذِهِ غَرْفَةً مُعَيَّنَةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَتَصَالَحَ عَلَى تَسْلِيمِ حَقِّ شُفْعَتِهِ فِي الْبَاقِي فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ، وَلَا تُعْلَمُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ؛ فَلِذَلِكَ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا إلَّا أَنَّهُ يَبْقَى حَقُّ شُفْعَةِ الشَّفِيعِ فِي جَمِيعِ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ قَدْ أَعْرَضَ عَنْ شُفْعَتِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1534) ثُمَّ إنَّهُ إذَا أَعْطَى الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي مَبْلَغًا أَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى الَّذِي أَدَّاهُ الْمُشْتَرِي، وَتَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى أَخْذِ الْمَشْفُوعِ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ الْمُبْتَدَأِ (الْخَانِيَّةُ) . 3 - الصُّلْحُ عَنْ حَقِّ الْمُرُورِ، فَهَذَا الصُّلْحُ جَائِزٌ، وَجَوَازُ بَيْعِهِ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (316) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1533) .

الباب الرابع في بيان الصلح والإبراء ويشتمل على فصلين

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [ (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الصُّلْحِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الصُّلْحِ. حُكْمُ الصُّلْحِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَالَحِ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعِي الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا، أَوْ مُنْكِرًا، وَحُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَمْلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُصَالَحَ عَنْهُ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَالًا مُحْتَمَلَ التَّمْلِيكِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْمُصَالَحِ عَنْهُ. الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ مُحْتَمَلِ التَّمْلِيكِ كَالْقِصَاصِ فَبَرَاءَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ فَحُكْمُهُ أَيْضًا بَرَاءَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْتَمَلَ التَّمْلِيكِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ (الْبَحْرُ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْمَادَّةُ (1556) - (إذَا تَمَّ الصُّلْحُ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَمْلِكُ الْمُدَّعِي بِالصُّلْحِ بَدَلَهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِي الدَّعْوَى، وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْهُ) . الصُّلْحُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا تَمَّ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ عَنْ سُكُوتٍ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ الرُّجُوعُ عَنْهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) حَتَّى إنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مَالًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَبَعْدَ أَنْ جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا أَقَرَّ بِهِ (التَّكْمِلَةُ) . إلَّا أَنَّهُ لِلطَّرَفَيْنِ أَنْ يَفْسَخَا، وَيُقِيلَا بَعْضَ الصُّلْحِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ فِي بَعْضِ الصُّلْحِ إقَالَةُ الصُّلْحِ. (قِيلَ إذَا تَمَّ) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِلصُّلْحِ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَقًّا، وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَقَّ، أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ فَحَيْثُ لَا حُكْمَ

لِذَلِكَ الصُّلْحِ فَلِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . كَذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ خِيَارِ الْعَيْبِ ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُ وُجُودِ الْعَيْبِ، أَوْ زَالَ الْعَيْبُ مِنْ نَفْسِهِ وَبِدُونِ مُعَالَجَةٍ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ بَدَلِ الصُّلْحِ الَّذِي أَخَذَهُ لِلْبَائِعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيَمْلِكُ الْمُدَّعِي بِالصُّلْحِ بَدَلَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا، أَوْ مُنْكِرًا، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي مُبْطِلًا، وَغَيْرَ مُحِقٍّ فِي دَعْوَاهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ دِيَانَةً بَدَلُ الصُّلْحِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1555) . مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُصْبِحُ التَّمْلِيكُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَقَدْ بُيِّنَ آنِفًا مِلْكِيَّةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَدِينَ عَنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، وَلَا يَبْقَى لِلْمُدَّعِي حَقٌّ فِي الدَّعْوَى مَا لَمْ تَعْرِضْ أَحْوَالٌ مُبْطِلَةٌ لِلصُّلْحِ كَاسْتِحْقَاقِ الْبَدَلِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1531) عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ هِيَ دَارُهُ، وَلِعَدَمِ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَ شُهُودًا يَشْهَدُونَ بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا شُهُودُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ وَحَصَلَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا عَنْ إنْكَارٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِمَالِ مُدَّعِيًا بِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ ثُمَّ تَصَالَحَ مَعَهُ عَلَى شَيْءٍ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّ بَائِعَهُ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ مُورِثِ الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ دَيْنًا ثُمَّ تَصَالَحَ مَعَهُ فَإِذَا ادَّعَى الْمُصَالِحُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَدِينُ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَهُ قَبْلَ عَقْدِ الصُّلْحِ أَوْ أَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ لَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْوَاقِعَاتُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَهُ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ، وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَثْبُتَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ بَعْدَ الصُّلْحِ: مَا كَانَ لِي قِبَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ بَطَلَ الصُّلْحُ (التَّنْوِيرُ) . لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِإِقْرَارِهِ هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ الصُّلْحِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ قَبْلَ الصُّلْحِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَلَكَ الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ الصَّادِرِ قَبْلَ الصُّلْحِ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فَرَسًا مُعَيَّنًا، وَأَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى

مَالِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلَ الصُّلْحِ بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ لَمْ تَكُنْ مَالَهُ وَيُنَفَّذُ الصُّلْحُ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَلِجَوَازِ أَنْ يَمْلِكَهُ قَبْلَ الصُّلْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهُ افْتَدَى يَمِينَهُ بِالصُّلْحِ، وَافْتِدَاءُ الْيَمِينِ بِالْمَالِ جَائِزٌ فَكَانَ إقْدَامُهُ عَلَى الصُّلْحِ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ فَدَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ صَارَ مُتَنَاقِضًا، وَالْمُنَاقَضَةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ صِحَّةِ الدَّعْوَى (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . وَيُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ {وَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فِي الدَّعْوَى بَعْدَ الصُّلْحِ} مَا يَأْتِي: 1 - الصُّلْحُ فِي حَقِّ الْيَتِيمِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ، أَوْ وَصِيُّ الْيَتِيمِ عَلَى آخَرَ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْيَتِيمِ فَأَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصَالَحَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى سِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي؛ وَلِكَوْنِهِ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَيَحْلِفُ الْيَمِينَ فَلِلْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ، وَيُحْكَمَ لَهُ بالْأرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . 2 - تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَى قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ بَعْدَ الشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَنَاقُضِهِ فَإِنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ثُمَّ الدَّعْوَى، وَالصُّلْحُ بَعْدَهَا يُنَاقِضُهُ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ ثُمَّ تَصَالَحَ، وَادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَعِنْدَ الْإِثْبَاتِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَلْزَمُ إعَادَةُ بَدَلِ الصُّلْحِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بَعْدَ الصُّلْحِ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ، وَالصُّلْحُ بَاطِلٌ (التَّكْمِلَةُ) 3 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فَرَسًا مُعَيَّنًا، وَأَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصَالَحَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَالِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ لَيْسَتْ مَالَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ الصُّلْحِ بِغَيْرِ حَقٍّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . 4 - إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِبَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيُّ حَقٍّ يَبْطُلُ الصُّلْحُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) . 5 - إذَا تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَأَنْكَرَ الْمُعِيرُ بَعْدَ التَّلَفِ الْإِعَارَةَ، وَادَّعَى غَصْبَهَا، وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى مَالٍ صَحَّ الصُّلْحُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْمُسْتَعِيرُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَثْبَتَ الْعَارِيَّةَ تُقْبَلُ، وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ لِظُهُورِ اللَّا شَيْءَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 6 - إذَا فَقَدَ الْحِمْلَ الَّذِي يَحْمِلُهُ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ الْحَمَّالُ، وَتَصَالَحَ مَعَهُ صَاحِبُ الْحِمْلِ عَلَى مَالٍ ثُمَّ ظَهَرَ الْحِمْلُ فَلِصَاحِبِ الْحِمْلِ أَخْذُهُ وَلِلْحَمَّالِ أَيْضًا أَنْ يُبْطِلَ الصُّلْحَ (التَّنْقِيحُ) . وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِرْدَادُ بَدَلِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَّعِي. إلَّا أَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إذَا تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الصُّلْحِ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمُدَّعِي بَدَلَ الصُّلْحِ.

(المادة 1557) إذا مات أحد الطرفين فليس لورثته فسخ صلحه

[ (الْمَادَّةُ 1557) إذَا مَاتَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ فَسْخُ صُلْحِهِ] إذَا مَاتَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَصَالِحَيْنِ، أَوْ كِلَاهُمَا فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِمَا فَسْخُ صُلْحِهِمَا لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُورَثِ فَسْخُهُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا فَسْخُهُ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ بِزِيَادَةٍ) . وَيَجْرِي نَظِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الْبَيْعِ فَسْخُ الْبَيْعِ كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِمَا فَسْخُ بَيْعِ مُورَثِيهَا. [ (الْمَادَّةُ 1558) إذَا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ] الْمَادَّةُ (1558) - (إذَا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَلِلطَّرَفَيْنِ فَسْخُهُ وَإِقَالَتُهُ بِرِضَائِهِمَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ بَلْ كَانَ مُتَضَمِّنًا إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ فَلَا يَصِحُّ نَقْضُهُ وَفَسْخُهُ مُطْلَقًا) (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 51) . إذَا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَلِلطَّرَفَيْنِ فَسْخُهُ وَإِقَالَتُهُ بِرِضَائِهِمَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا فَسَخَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُنْتَقَضُ وَيَنْفَسِخُ الصُّلْحُ. لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ تَصِحُّ فِيهَا الْإِقَالَةُ. إنَّ الصُّلْحَ الْآتِيَ ذِكْرُهُ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ. 1 - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فَرَسًا، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ شَاةً. 2 - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ دَيْنًا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ دَارًا، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ. 3 - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا مُخْتَلِفَ الْجِنْسِ كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ. كَأَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ رِيَالًا إنْ كَانَ بِإِقْرَارٍ، وَكَذَا بِإِنْكَارٍ وَسُكُوتٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - الصُّلْحُ حَسَبَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1549) عَنْ دَعْوَى الْمَالِ بِمَنْفَعَةٍ، أَوْ عَنْ دَعْوَى الْمَنْفَعَةِ بِمَالٍ، أَوْ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ هُوَ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ بَلْ كَانَ مُتَضَمِّنًا إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ فَلَا يَصِحُّ نَقْضُهُ وَفَسْخُهُ مُطْلَقًا حَتَّى، وَلَوْ رَضِيَ الطَّرَفَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ إبْرَاءٌ وَإِسْقَاطٌ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . وَالصُّلْحُ الْمُتَضَمِّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ هُوَ مَا يَأْتِي: 1 - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا مُتَّحِدَ الْجِنْسِ يَكُونُ الصُّلْحُ مُتَضَمِّنَ الْإِسْقَاطِ كَالصُّلْحِ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1552) (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . 2 - إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ وَأَبْرَأَهُ مِنْ دَعْوَى الْبَاقِي كَانَ

(المادة 1559) إذا عقد الصلح للخلاص من اليمين على إعطاء بدل

الصُّلْحُ إسْقَاطًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1551) . 3 - إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى دَيْنٍ مُعَجَّلٍ عَلَى إسْقَاطِ التَّعْجِيلِ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1553) (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . 4 - إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمَسْكُوكَاتٍ خَالِصَةٍ عَلَى مَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ عَنْ السِّكَّةِ الْخَالِصَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1554) . مُلْحَقٌ فِي الصُّلْحِ بَعْدَ الصُّلْحِ إذَا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ جَائِزٌ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ بِمِثْلِ الْعِوَضِ الْأَوَّلِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ الْأَوَّلُ بِسَبَبِ الصُّلْحِ الثَّانِي. مَثَلًا: لَوْ حَصَلَ الصُّلْحُ بِإِقْرَارٍ عَنْ دَعْوَى دَارِ عَلَى فَرَسٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حَصَلَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا عَنْ تِلْكَ الدَّارِ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ الْأَوَّلُ وَيُعْتَبَرُ الصُّلْحُ الثَّانِي كَمَا هُوَ جَارٍ فِي الْبَيْعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (176) . أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ مُتَضَمِّنًا إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ فَالصُّلْحُ الثَّانِي بَاطِلٌ وَالصُّلْحُ الْأَوَّلُ يَبْقَى صَحِيحًا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ بِإِيضَاحٍ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1559) إذَا عُقِدَ الصُّلْحُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى إعْطَاءِ بَدَلٍ] الْمَادَّةُ (1559) - (إذَا عُقِدَ الصُّلْحُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى إعْطَاءِ بَدَلٍ يَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ خُصُومَتِهِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدُ) . إذَا عَقَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الصُّلْحَ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي تَوَجَّهَ عَلَيْهِ عَلَى إعْطَاءِ بَدَلٍ مُعَيَّنٍ لِلْمُدَّعِي فَالصُّلْحُ حَسَبَ الْمَادَّتَيْنِ (1535 و 1550) صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ خُصُومَتِهِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدُ، وَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِإِقَامَةِ شُهُودٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي، قَدْ تَصَالَحْت مُنَجِّزًا عَنْ الْيَمِينِ الْوَاجِبِ عَلَيَّ بِكَذَا دِرْهَمًا، أَوْ قَالَ مُنَجِّزًا يَمِينُكَ بِكَذَا دِرْهَمًا وَرَضِيَ الْمُدَّعِي صَحَّ الصُّلْحُ. أَمَّا إذَا اشْتَرَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الَّذِي وُجِّهَ عَلَيْهِ، أَوْ بَاعَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْيَمِينَ فَلَا يَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ، وَأَنْ يُسَلِّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ تَسْلِيمُ الْمُدَّعَى بِهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1560) إذَا تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1560) - (إذَا تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَضْبُوطِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ يَطْلُبُ لِمَدِينِهِ

كُلَّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، أَوْ بَعْضَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّلْحِ الْوَاقِعِ عَنْ إقْرَارٍ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعِي إلَى دَعْوَاهُ فِي الصُّلْحِ الْوَاقِعِ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ سُكُوتٍ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1548، 1550) ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ دَيْنًا أَيْ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَكَذَا قِرْشًا فَلَا يَطْرَأُ عَلَى الصُّلْحِ خَلَلٌ وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءُ مِثْلِ الْمِقْدَارِ الَّذِي تَلِفَ لِلْمُدَّعِي) . إذَا تَلِفَ كُلُّ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْضُهُ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالْمِثْلِيَّاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَجْلِسِ وَالْمُشَارِ إلَيْهَا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَضْبُوطِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ إذَا تَلِفَ بَدَلُ الصُّلْحِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُدَّعِي فِي الصُّلْحِ الْوَاقِعِ عَنْ إقْرَارٍ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ كُلَّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْبَدَلِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُدَّعِي يَبْطُلُ بِقَدْرِهِ مِنْ الصُّلْحِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ بَعْضَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِذَا تَلِفَ بَدَلُ الصُّلْحِ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ فَفِي الصُّلْحِ الْوَاقِعِ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ عَنْ سُكُوتٍ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي إلَى دَعْوَاهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي تَلِفَ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1548 وَ 1550) (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى فَرَسٍ مُعَيَّنَةٍ وَبَعْدَ تَمَامِ الصُّلْحِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَدَلِ تَلِفَتْ الْفَرَسُ فَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ الدَّارَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ عَنْ سُكُوتٍ يَرْجِعُ الْمُدَّعِي إلَى دَعْوَاهُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ دَيْنًا كَكَذَا قِرْشًا، أَوْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَكَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً، أَوْ كَذَا بَيْضَةً مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ، أَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ، وَمُشَارًا إلَيْهِ، أَوْ كَانَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَمُشَارًا إلَيْهَا كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا يَطْرَأُ عَلَى الصُّلْحِ خَلَلٌ بِتَلَفِ بَدَلٍ الصُّلْحُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْطَاءُ مِثْلِ الْمِقْدَارِ الَّذِي تَلِفَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِشَارَةِ حَتَّى لَا يَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِهِمَا بَلْ يَتَعَلَّقُ بِمِثْلِهِمَا الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (243) وَشَرْحَهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ الْهَلَاكُ فِي الشَّيْءِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا إذَا حَصَلَ الصُّلْحُ عَنْ مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى سِتِّينَ دِينَارًا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي سِتِّينَ دِينَارًا تَلِفَتْ فِي يَدَيْهِ. سَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّلَفُ وَقَعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، أَوْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ. فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الصُّلْحِ فَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَ بَدَلَ الصُّلْحِ وَيُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعِي سِتِّينَ دِينَارًا أُخْرَى أَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسٍ خِلَافَ الدَّيْنِ كَأَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ سِتِّينَ دِينَارًا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ رِيَالًا. فَإِذَا تَلِفَ الْبَدَلُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الصُّلْحِ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّلَفُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ.

خلاصة كتاب الصلح

[خُلَاصَةُ كِتَابِ الصُّلْحِ] ِ 1 الصُّلْحُ تَعْرِيفُهُ - عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ، وَلَا الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَنْ دَعْوَى بَاطِلَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ. رُكْنُ الصُّلْحِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَقَطْ يَلْزَمُ الْقَبُولُ بَعْضًا 1 إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَيِّنًا بِالتَّعْيِينِ 2 إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ فَالصُّلْحُ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ لَا يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ فَهُوَ مُبَادَلَةٌ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَبَعْضًا يَكْفِي إيجَابَ الْمُدَّعِي، وَهُوَ إذَا كَانَ الصُّلْحُ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ كَالصُّلْحِ عَنْ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى بَعْضِهِ، وَتَمَامُ قَبْضِ الْبَدَلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَعْضًا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ قِيَمِيًّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِثْلِيًّا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قِيَمِيًّا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ دَيْنًا وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ بَعْضَ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَبَعْضًا يُشْتَرَطُ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِثْلِيَّيْنِ. انْعِقَادُهُ بِالتَّعَاطِي - يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِالتَّعَاطِي إذَا أَعْطَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي مَالًا لَيْسَ لَهُ حَقُّ أَخْذِهِ وَقَبَضَهُ الْمُدَّعِي

أَقْسَامُ الصُّلْحِ أَقْسَامُ الصُّلْحِ (1) عَنْ إقْرَارٍ 2 - عَنْ إنْكَارٍ 3 - عَنْ سُكُوتٍ 1 - إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ اُنْظُرْ مَادَّةَ 1547 وَشَرْحَهَا 2 - الصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى مَالٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ 3 - الصُّلْحُ عَنْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَالٍ 4 - الصُّلْحُ عَنْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ 5 - إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَكَانَ عَلَى أَقَلَّ فَهُوَ إبْرَاءٌ، وَإِذَا كَانَ عَلَى عَيْنِ مِقْدَارِهِ فَهُوَ اسْتِيفَاءٌ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِذَا كَانَ عَلَى أَكْثَرَ فَهُوَ رِبًا، وَغَيْرُ جَائِزٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةً، وَتَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَلَاصٌ مِنْ الْيَمِينِ، وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ، وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ. 1 - إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا، وَكَانَ كِلَاهُمَا قِيَمِيًّا، أَوْ أَحَدُهُمَا قِيَمِيًّا، وَالْآخَرُ مِثْلِيًّا. 2 -، أَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مِثْلِيَّيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ، وَقُبِضَ بَدَلُ الصُّلْحِ فِي مَجْلِسِ الصُّلْحِ فَالصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً بِصُورَةٍ مَانِعَةٍ لِلنِّزَاعِ مَادَّةُ 1549

الْمُصَالِحُ وَالْمُصَالَحُ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحُ عَنْهُ الْمُصَالِحُ هُوَ عَاقِدُ الصُّلْحِ. الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ هُوَ بَدَلُ الصُّلْحِ. الْمُصَالَحُ عَنْهُ هُوَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُصَالِحُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ فَإِذَا كَانَ فِي صُلْحِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ (1) نَفْعٌ (2) أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ (2) أَوْ ضَرَرٌ (3) ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَهُوَ صَحِيحٌ. أَمَّا إذَا وُجِدَ فِيهِ ضَرَرٌ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَإِذَا كَانَ الْمُصَالِحُ هُوَ وَلِيَّ الصَّبِيِّ فَالْحُكْمُ حَسَبَ الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى الْعَائِدَةِ لِلصَّبِيِّ النَّاتِجَةِ عَنْ فِعْلِ غَيْرِ الْوَصِيِّ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ نَاتِجًا عَنْ فِعْلِ الْوَلِيِّ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ إلَّا أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَصِيرُ إسْقَاطُهُ يَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1547 الْمُصَالَحُ عَنْهُ شَرَائِطُهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا لِلْمُصَالِحِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ أَنْوَاعُهُ (1) دَعْوَى الْمَالِ (2) دَعْوَى الْمَنْفَعَةِ (3) دَعْوَى الْجِنَايَةِ (4) دَعْوَى حَقِّ الشُّرْبِ وَحَقِّ الْمُرُورِ، وَمَا أَشْبَهَهَا الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ يَجِبُ بَعْضًا عَلَى الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ عَقْدُ الصُّلْحِ الْمَعْقُودُ مِنْ الْوَكِيلِ مُعَاوَضَةً إسْقَاطِيَّةً كَالصُّلْحِ عَنْ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْهُ وَكَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَعَنْ الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَعَنْ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا سَفِيرٌ مَحْضٌ إذَا كَانَ عَقْدُ الصُّلْحِ الْمَعْقُودُ مِنْ الْوَكِيلِ مُعَاوَضَةً مَالِيَّةً وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَيَجِبُ بَعْضًا عَلَى الْوَكِيلِ وَهِيَ إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ

الْمَالِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ تَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ، وَيَجِبُ بَعْضًا عَلَى الشَّخْصِ الْفُضُولِيِّ، وَهِيَ إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَضَافَ الْفُضُولِيُّ الْعَقْدَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي ذَلِكَ خَمْسُ صُوَرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1547) أَحْوَالُهُ إذَا كَانَ عَيْنًا فَهُوَ مَبِيعٌ وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَهُوَ ثَمَنٌ وَإِذَا كَانَ مَنْفَعَةً فَعَقْدُ الصُّلْحِ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ فَلِذَلِكَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ صَالِحٍ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، أَوْ ثَمَنًا مُصَالَحًا عَنْهُ. إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ قَرِيبًا لِأَحَدِ الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ وُجُودُ ذَلِكَ الْعَقْدِ وَشَرَائِطِهِ. شَرَائِطُهُ (1) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَكَيْفِيَّةُ الْعِلْمِ تَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ وُجُوهٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (154) (2) أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّسْلِيمِ (3) أَنْ يَكُونَ مُعَجَّلًا إذَا كَانَ عَيْنًا (4) أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُهُ غَيْرَ مُضِرٍّ كَجِذْعِ الدَّارِ وَكُمِّ الثَّوْبِ. 4 - أَنْوَاعُ الصُّلْحِ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ إمَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ الْإِسْقَاطَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَدْوَنَ مِنْ حَقِّ الْمُصَالِحِ، وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي طَرَفِ الدَّائِنِ فَالصُّلْحُ الْوَاقِعُ يَكُونُ اسْتِيفَاءً لِبَعْضِ الْحَقِّ وَإِسْقَاطًا لِبَعْضِهِ وَالصُّلْحُ الْمُتَضَمِّنُ الْإِسْقَاطَ هُوَ مَا يَأْتِي - الصُّلْحُ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ مَادَّةُ (1552) ، الصُّلْحُ عَلَى التَّأْجِيلِ وَالْإِمْهَالِ مَادَّةُ (1553) ، الصُّلْحُ عَنْ الْمَسْكُوكَاتِ الْخَالِصَةِ عَلَى مَسْكُوكَاتٍ مَغْشُوشَةٍ. وَإِمَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ الْمُعَاوَضَةَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّ الْمُدَّعِي، وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي طَرَفَيْنِ كَانَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ مُعَاوَضَةً

الصُّلْحُ عَنْ الْحُقُوقِ الْأُخْرَى الصُّلْحُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ بِإِعْطَاءِ بَدَلٍ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1559) ، لِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا مُطْلَقًا لِتَحْلِيفِ خَصْمِهِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ افْتِدَاءُ ذَلِكَ الْيَمِينِ بِالْبَدَلِ فَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى حَقِّ الشُّرْبِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرُورِ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ غَيْرُ جَائِزٍ لِعَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا الصُّلْحِ أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ نَفْسِ حَقِّ الشُّرْبِ وَنَفْسِ حَقِّ الْمُرُورِ فَهُوَ جَائِزٌ لِقَبُولِهِمَا الِاعْتِيَاضَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (216) 5 أَحْكَامُ الصُّلْحِ الصُّلْحُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْمُدَّعِي الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْضًا مِنْ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتَلْزَمُ بَرَاءَتُهُ بَعْضًا، وَالصُّلْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ بَعْضِ الْحُقُوقِ لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الصُّلْحُ فِي حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فَلِلطَّرَفَيْنِ وَلِوَرَثَتِهِمَا بَعْدَ وَفَاتِهِمَا فَسْخُ الصُّلْحِ بِالتَّرَاضِي، وَالصُّلْحُ بَعْدَ الصُّلْحِ جَائِزٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبَاطِلٌ فِي الثَّانِيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1558) . إذَا تَلِفَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَإِذَا كَانَ مُتَعَيَّنًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَضْبُوطِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَيَّنٍ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الصُّلْحِ.

الفصل الثاني في المسائل المتعلقة بأحكام الإبراء

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الْإِبْرَاءِ] ِ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ يُنْظَرُ: فَإِذَا حَصَلَ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ فَالْإِبْرَاءُ بَاطِلٌ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ فَصَحِيحٌ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ، إنَّ مَالِي طَرَفَ فُلَانٍ هُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ فَهَذَا الْإِبْرَاءُ وَاقِعٌ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ وَيَتَنَاوَلُ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ: لَيْسَ لِي مِلْكٌ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ فَهُوَ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ وَصَحِيحٌ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَادَّةُ (1651) - (إذَا قَالَ أَحَدٌ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ دَعْوَى، وَلَا نِزَاعٌ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ فَرَغْت مِنْ دَعْوَايَ الَّتِي هِيَ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ تَرَكْتهَا، أَوْ مَا بَقِيَ لِي عِنْدَهُ حَقٌّ أَوْ اسْتَوْفَيْتُ حَقِّي مِنْ فُلَانٍ بِالتَّمَامِ يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ) . إذَا قَالَ أَحَدٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1541) لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ أَوْ لَيْسَ عِنْدَهُ دَعْوَى، وَلَا نِزَاعٌ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ فَرَغْتُ مِنْ دَعْوَايَ الَّتِي هِيَ مَعَ فُلَانٍ، أَوْ مَا بَقِيَ لِي عِنْدَهُ حَقٌّ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ مُطْلَقًا، أَوْ أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ حَقِّي، أَوْ جَعَلْتُ حَقِّي مِنْ فُلَانٍ حَلَالًا لَهُ أَوْ وَهَبْتُ حَقِّي مِنْ فُلَانٍ لَهُ أَوْ تَرَكْتُ دَعْوَايَ مَعَ فُلَانٍ أَوْ فَوَّضْتُ أَمْرِي لِلَّهِ، أَوْ تَرَكْتُ مَطْلُوبِي مِنْ فُلَانٍ فَيَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ، لَيْسَ لِي عَلَيْك الْيَوْمَ دَعْوَى فَهُوَ إبْرَاءٌ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الِادِّعَاءُ بِحَقٍّ مُقَدَّمٍ عَنْ تَارِيخِ ذَلِكَ الْإِبْرَاءِ، وَأَعَمُّ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ قَوْلُ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ الْأَمَانَاتُ وَالْمَضْمُونَاتُ الَّتِي هِيَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَيَدْخُلُهَا الْحُقُوقُ الْغَيْرُ مَالِيَّةِ أَيْضًا، إنَّمَا دَخَلَتْ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ الْحُقُوقُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا حَقَّ لِي نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ، وَالنَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ تَعُمُّ (التَّنْقِيحُ) . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُبْرِئِ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مُقَدَّمًا عَنْ تَارِيخِ الْإِبْرَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً، أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ، أَوْ غَصْبًا، أَوْ أَمَانَةً أَوْ إجَارَةً، أَوْ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ، أَوْ قِصَاصًا، أَوْ حَدَّ الْقَذْفِ (مُحِيطُ الْبُرْهَانِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (538) . إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِبْرَاءُ قَطْعِيًّا، وَغَيْرَ مُقَيَّدٍ بِكَلِمَةِ شَكٍّ وَغَيْرَ مُعَلَّقٍ وَغَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى مَقْصِدٍ بَاطِلٍ كَالرِّشْوَةِ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي لَا أَتَدَاعَى مَعَ فُلَانٍ، أَوْ لَا أَتَخَاصَمُ مَعَهُ، أَوْ لَا أَطْلُبُ حَقِّي مِنْهُ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: حَسَبَ ظَنِّي أَوْ حَسَبَ رَأْيِي، أَوْ حَسَبَ دَفْتَرِي، أَوْ حَسَبَ حِسَابِي لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ كَذَا حَقًّا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ والشُّرُنْبُلاليِّ وَالْفَيْضِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

(المادة 1563) إذا أبرأ أحد آخر من حق

[ (الْمَادَّةُ 1563) إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ حَقٍّ] الْمَادَّةُ (1563) - (إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ حَقٍّ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى ذَلِكَ الْحَقِّ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 51) إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ حَقٍّ مَشْرُوعٍ قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ بِدُونِ تَقْيِيدٍ بِكَلِمَةِ شَكٍّ وَبِغَيْرِ تَعْلِيقٍ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ دَعْوَى ذَلِكَ الْحَقِّ، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ دَعْوَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ أَوْ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَ الْيَمِينِ يَكُونُ بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) حَتَّى إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ بَعْدَ إبْرَائِهِ مِنْهُ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ. أَمَّا إذَا ادَّعَى بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ فَتُسْمَعُ. مَثَلًا إذَا قَامَ الْمُبْرِئُ الدَّعْوَى بِالْوَكَالَةِ، أَوْ الْوِصَايَةِ عَلَى الْمُبْرَأِ بَعْدَ أَنْ قَالَ الْمُبْرِئُ: لَيْسَ لِي قِبَلَهُ حَقٌّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِعَيْنٍ لِآخَرَ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنْ يَدَّعِيَ تِلْكَ الْعَيْنَ لِنَفْسِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهَا بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ عَنْ شَخْصٍ آخَرَ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) وَيُشْتَرَطُ لِسُقُوطِ الْحَقِّ الْمُبْرَأِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَقُّ قَابِلًا لِلْإِسْقَاطِ، وَالْحَقُّ الْقَابِلُ لِلْإِسْقَاطِ هُوَ الدَّيْنُ، وَحَقُّ الشُّفْعَةِ، وَحَقُّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ (وَهُوَ حَقُّ إسَالَةِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِشَخْصٍ آخَرَ) وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ، وَالْأَجَلُ فِي الدَّيْنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1227) (الْبَزَّازِيَّةُ) فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ مَدِينَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ كَمَا مَرَّ. مَثَلًا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ: لَيْسَ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ حَقٌّ مُطْلَقًا، وَادَّعَى وَرَثَةُ الْمَذْكُورِ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَنَّ لِمُورَثِهِمْ قِبَلَ الْمَذْكُورِ دَيْنًا مُقَدَّمًا عَنْ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ كَذَا دِرْهَمًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ حَقَّ الشُّفْعَةِ وَحَقَّ الْمَسِيلِ الْمُجَرَّدِ لَيْسَ لَهُ أَيْضًا حَقُّ الدَّعْوَى. كَذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَ الشَّرْطِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ، أَوْ خِيَارَ الْعَيْبِ فَتَسْقُطُ الْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْخِيَارَاتِ. كَذَلِكَ إذَا أَبْطَلَ الْمَدِينُ الْأَجَلَ، أَوْ قَالَ: تَرَكْتُ الْأَجَلَ أَوْ جَعَلْتُ دَيْنِي حَالًّا، فَإِسْقَاطُهُ صَحِيحٌ، وَيَبْطُلُ الْأَجَلُ.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمَدِينُ إنَّنِي أَبْرَأْتُكَ مِنْ الْأَجَلِ، أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْأَجَلِ فَيَسْقُطُ الْأَجَلُ أَمَّا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ: لَا حَاجَةَ لِي فِي الْأَجَلِ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ (الْبَزَّازِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ فَلَا حُكْمَ لِلْإِبْرَاءِ مِنْهُ. إنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ، وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْإِجَارَةِ، وَفِي حَقِّ الْوَقْفِ مِنْ الْحُقُوقِ الْغَيْرِ قَابِلَةِ الْإِسْقَاطِ فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِأَجْنَبِيٍّ مَالًا، وَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ أَسْقَطْت حَقَّ رُجُوعِي عَنْ الْهِبَةِ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْهَا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: قَدْ تَرَكْتُ حَقَّ مَنْفَعَتِي وَأَسْقَطْتُهَا فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ إجَارَتِهِ (الْأَشْبَاهُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: قَدْ تَرَكْت حَقَّ إرْثِي فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . وَلَا يَسْقُطُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْوَقْفِ بِالْإِسْقَاطِ؛ مَثَلًا لَوْ أَسْقَطَ الْمَشْرُوطَةُ لَهُ غَلَّةُ وَقْفٍ حَقَّهُ فِي غَلَّةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ فَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ غَلَّةِ الْوَقْفِ، وَتَوْلِيَةُ الْوَقْفِ وَالسُّكْنَى فِيهِ هُمَا كَالْغَلَّةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: حُصُولُ الْإِبْرَاءِ بِصُورَةٍ مَشْرُوعَةٍ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَهُ عَلَى طَرِيقِ الرِّشْوَةِ فَلَا يَصِحُّ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَلَا يُقَيِّدَ الْإِبْرَاءَ بِلَفْظٍ مُفِيدٍ لِلشَّكِّ كَقَوْلِهِ عَلَى عِلْمِهِ. فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُبْرِئُ: لَيْسَ لِي حَقٌّ قِبَلَ فُلَانٍ حَسَبَ عِلْمِي، أَوْ قَلْبِي، أَوْ رَأْيِي، أَوْ عَلَى مَا أَظُنُّ، أَوْ حَسَبَ حِسَابِي، أَوْ كِتَابِي فَلَا يُعَدُّ هَذَا اللَّفْظُ إبْرَاءً، وَلَا يَمْنَعُ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى، وَلَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِالشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَيُوَضَّحُ حَسَبَ مَا يَأْتِي. صُوَرُ الْإِبْرَاءِ الْعَدِيدَةُ: أَوَّلًا: يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مُنَجَّزًا، وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا. ثَانِيًا: يَكُونُ مُقَيَّدًا بِالشَّرْطِ، وَيُقَالُ لَهُ: إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ، وَالْإِبْرَاءُ يَقْبَلُ التَّقْيِيدَ بِالشَّرْطِ وَهَذَا يَكُونُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ: أَعْطِنِي غَدًا نِصْفَ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَطْلُوبَةِ مِنْك عَلَى أَنْ

تَكُونَ بَرِيئًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ فَأَعْطَى الْمَدِينَ فِي الْغَدِ النِّصْفَ لِلدَّائِنِ يَبْرَأُ مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمَدِينُ النِّصْفَ غَدًا فَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ النِّصْفِ وَلِلدَّائِنِ مُطَالَبَتُهُ بِالْكُلِّ إلَّا أَنَّ تَقْيِيدَ الْإِبْرَاءِ بِهَذَا الشَّرْطِ نَافِعٌ لِلدَّائِنِ حَيْثُ إنَّ الدَّائِنَ يَسْتَفِيدُ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ بِصَرْفِهَا فِي تِجَارَةٍ نَافِعَةٍ، وَفِي قَضَاءِ دُيُونِهِ، وَيَتَخَلَّصُ مِنْ إفْلَاسِ الْمَدِينِ وَتَعَرُّضِ الدَّيْنِ لِلتَّوَى. فَإِذَا عُدِمَ الشَّرْطُ بَطَلَ الْإِبْرَاءُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ عَلَى دَيْنٍ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَدْ حَطَطْت عَنْكَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُقَدِّمَ هَذَا الْيَوْمَ كَفِيلًا أَوْ رَهْنًا وَقَبِلَ الْمَدِينُ، وَلَمْ يُقَدِّمْ الْكَفِيلَ، أَوْ الرَّهْنَ يَبْطُلُ الْحَطُّ وَالْإِبْرَاءُ (الْخَانِيَّةُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ: إذَا لَمْ تُؤَدِّ غَدًا نِصْفَ الدَّيْنِ تَكُونُ مَدِينًا بِكُلِّ الدَّيْنِ، وَصَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَإِذَا أَدَّى غَدًا نِصْفَ الدَّيْنِ يَبْرَأُ مِنْ بَاقِي الدَّيْنِ، فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ يَبْقَى مَدِينًا بِالْكُلِّ. لِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ بِقَيْدٍ صَرِيحٍ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْقَيْدُ يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِلْكَفِيلِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ الْأُخْرَى فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ عَلَى أَنَّك إذَا لَمْ تُؤَدِّ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تَبْقَى الْأَلْفُ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّتِك فَجَائِزٌ وَالْمُقَاوَلَةُ مُعْتَبَرَةٌ (الْخَانِيَّةُ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ نِصْفِ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ النِّصْفَ الْآخَرَ غَدًا يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ فِي الْحَالِ فِي النِّصْفِ سَوَاءٌ أَدَّى الْمَدِينُ النِّصْفَ الْآخَرَ غَدًا، أَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ الْبَرَاءَةَ فِي ابْتِدَاءِ كَلَامِهِ مُطْلَقًا ثُمَّ أَتَى ذِكْرُ الْأَدَاءِ، وَلَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ غَيْرَ صَالِحٍ لَأَنْ يَكُونَ عِوَضًا فَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالٌ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْأَدَاءُ شَرْطًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذِكْرَ الْأَدَاءِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ جَعَلَهُ مَشْكُوكًا فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَصْبَحَ كَوْنُ الْأَدَاءِ شَرْطًا غَيْرَ مُتَحَقِّقٍ وَبَقِيَتْ الْبَرَاءَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَأَصْبَحَ الْأَدَاءُ وَعَدَمُهُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ فِي الْإِبْرَاءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقُولَ الدَّائِنُ: أَعْطِنِي نِصْفَ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَكُونَ بَرِيئًا مِنْ النِّصْفِ الْآخَرِ وَلَمَّا كَانَ لَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا لِأَدَاءِ النِّصْفِ أَصْبَحَ الْإِبْرَاءُ فِي النِّصْفِ صَحِيحًا، وَكَانَ هَذَا الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَقْتٌ لِأَدَاءِ النِّصْفِ، وَكَانَ الْأَدَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْمَدِينِ فِي مُطْلَقِ الْأَزْمَانِ فَأَصْبَحَ شَرْطُ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْإِبْرَاءُ بِهِ فَحُمِلَ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلَا يَصْلُحُ عِوَضًا. ثَالِثًا: الْإِبْرَاءُ الْمُعَلَّقُ وَيُقَالُ لَهُ: الْإِبْرَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَى صَرِيحِ الشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ مَا كَانَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ فَهَذَا الْإِبْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ لِرَدِّهِ بِالرَّدِّ، وَتَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ عَلَى شَرْطٍ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْقَبُولِ، وَتَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ عَلَى شَرْطٍ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ نُظِرَ إلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ، وَفِيهَا بِعَدَمِ جَوَازِهِ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ وَنُظِرَ إلَى جِهَةِ الْإِسْقَاطِ وَقِيلَ بِجَوَازِ تَقْيِيدِهِ بِالشَّرْطِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ: فِي أَيْ وَقْتٍ، أَوْ فِي أَيْ زَمَنٍ تُؤَدِّي لِي ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمِ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْك فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأُدِّيَ الدَّائِنُ الثَّمَانِمِائَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ سَوَاءٌ

(المادة 1563) ليس للإبراء شمول لما بعده

ذُكِرَ لَفْظُ الصُّلْحِ، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ بِالشَّرْطِ كَمَا إذَا قَالَ لِمَدِينِهِ: إذَا مِتَّ (بِنَصْبِ تَاءِ الْخِطَابِ) فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ (بِضَمِّ التَّاءِ) فَأَنْتَ بَرِيءٌ، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا عَلَّقَهُ بِكَائِنٍ كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ تَنْجِيزٌ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ صُوَرُ التَّعْلِيقِ هِيَ مَعْنَى إجَارَةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَيَكُونُ صَحِيحًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدِينِهِ: إذَا قُمْت بِعَمَلِي هَذَا، أَوْ إنْ خِطْت ثِيَابِي، أَوْ نَقَلْت مَتَاعِي هَذَا إلَى بَيْتِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْك، وَقَامَ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ يَبْرَأُ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 1563) لَيْسَ لِلْإِبْرَاءِ شُمُولٌ لِمَا بَعْدَهُ] الْمَادَّةُ (1563) - (لَيْسَ لِلْإِبْرَاءِ شُمُولٌ لِمَا بَعْدَهُ. يَعْنِي إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ تَسْقُطُ حُقُوقُهُ الَّتِي قَبْلَ الْإِبْرَاءِ أَمَّا حُقُوقُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِهَا) . لَا يَشْمَلُ الْإِبْرَاءُ مَا بَعْدَهُ أَيْ لَا يَشْمَلُ الْحُقُوقَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ زَمَنِ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ فَرْعٌ لِثُبُوتِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك أَلْفَ دِرْهَمٍ ثَمَنَ الْفَرَسِ الَّذِي بِعْته لَك بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَإِنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِذَلِكَ فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ. يَعْنِي إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ تَسْقُطُ حُقُوقُهُ الَّتِي يَشْمَلُهَا الْإِبْرَاءُ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ وَقْتَهُ فَلِذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَأَقَرَّ الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِتِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَلَا يُؤَاخَذُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (51) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. أَمَّا حُقُوقُهُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِهَا فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشَاهِدَيْنِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ هَذَا بِشَاهِدَيْنِ يُنْظَرُ: فَيُبْحَثُ عَنْ تَارِيخِ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ فَإِذَا كَانَ تَارِيخُ الْإِبْرَاءِ مُؤَخَّرًا عَنْ تَارِيخِ الدَّيْنِ يُحْكَمُ بِالْإِبْرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ. أَمَّا إذَا وُجِدَ تَارِيخُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا عَنْ تَارِيخِ الْإِبْرَاءِ فَيُحْكَمُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالدَّيْنِ. وَإِذَا وُجِدَ تَارِيخُهُمَا مُسَاوِيًا، أَوْ لَمْ يُبَيَّنْ تَارِيخُهُمَا أَوْ بُيِّنَ تَارِيخُ الدَّيْنِ، وَلَمْ يُبَيَّنْ تَارِيخُ الْإِبْرَاءِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ يُحْكَمُ بِالْإِبْرَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا، لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ ثَابِتًا قَبْلَ الْإِبْرَاءِ وَسَاقِطًا بِالْإِبْرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَغَيْرُ سَاقِطٍ بِهِ فَحَصَلَ شَكٌّ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ، وَالْحُكْمُ بِالشَّكِّ غَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4) ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الدَّيْنَ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَيَجِبُ قَبُولُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُسْقَطُ فَيُعْتَبَرُ أَنَّ الْمُسْقَطَ الْآخَرَ وَاقِعٌ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ، أَوْ لَمْ يَقَعْ. كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مَالًا مِنْهُ بِسَبَبِ الْإِرْثِ فَإِذَا كَانَتْ وَفَاةُ الْمُورَثِ وَقَعَتْ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ حِينَ الْإِبْرَاءِ وَفَاةَ مُورَثِهِ فَلَوْ أَبْرَأَهُ مُطْلَقًا، أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ كَانَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِقْرَارِ مَشْغُولَ الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَتْرُوكِ أَبٍ الْمُقِرِّ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ يَعْمَلُ الْإِقْرَارُ

(المادة 1564) إذا أبرأ أحد آخر من دعوى متعلقة بخصوص

وَالْإِبْرَاءُ عَمَلَهُمَا وَلَا يُعْذَرُ الْمُقِرُّ (الْهِنْدِيَّةُ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالتَّنْقِيحُ فِي الدَّعْوَى) إلَّا أَنَّ الْإِبْرَاءَ قَبْلَ لُزُومِ الدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ، وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الدَّيْنِ الْوَاجِبِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الْمَاضِيَةِ، وَأَبْرَأَهُ أَيْضًا مِنْ الْحُقُوقِ الْآتِيَةِ أَيْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ ثَمَّ ثَابِتَةً بَلْ سَتَثْبُتُ آتِيًا فَلَا حُكْمَ لِلْإِبْرَاءِ مِنْ الْحُقُوقِ الْآنِيَةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ فَرْعٌ لِلثُّبُوتِ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى ضَمَانِ الدَّرَكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ كَفَالَةً بِالدَّرَكِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَبْرَأَ الْمَكْفُولُ الْكَفِيلَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى ثُمَّ لَحِقَ الدَّرَكُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَكْفُولِ فَلِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ مُنْعَدِمًا وَقْتَ الْبَرَاءَةِ، وَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ ضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَا تَشْمَلُهُ الْبَرَاءَةُ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالْكِفَايَةُ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1564) إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ] الْمَادَّةُ (1564) - (إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ يَكُونُ إبْرَاءً خَاصًّا، وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَهُ دَعْوَى حَقِّهِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْخُصُوصِ مَثَلًا إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ خَصْمَهُ مِنْ دَعْوَى دَارٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الدَّارِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَلَكِنْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْأَرَاضِيِ وَالضِّيَاعِ وَسَائِرِ الْأُمُورِ) . إذَا بَرَّأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ، أَوْ مِنْ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ مِنْ جِهَةِ كَذَا يَكُونُ إبْرَاءً خَاصًّا، وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْخُصُوصِ، أَوْ ذَلِكَ الْحَقِّ، وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ فِي الْمَادَّةِ (1562) فَالْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ الْفِقْرَةُ الْآتِيَةُ، وَلَكِنْ لَهُ دَعْوَى حَقِّهِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْخُصُوصِ، أَوْ دَعْوَى حَقٍّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْإِبْرَاءِ؛ مَثَلًا إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ خَصْمَهُ مِنْ دَعْوَى دَارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الدَّارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) وَلَكِنْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمَزْرَعَةٍ، أَوْ بِدَارٍ أُخْرَى، وَسَائِرِ الْأُمُورِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمُقْتَرَضَةِ لَهُ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَاهُ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَمَّا دَعْوَاهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ جِهَةِ حَوَالَةٍ، أَوْ غَصْبٍ فَتُسْمَعُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ أَمَانَةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتِلْكَ الْأَمَانَةِ أَمَّا دَعْوَاهُ بِفَرَسٍ أَمَانَةً، أَوْ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا فَتُسْمَعُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَدِينِهِ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الِادِّعَاءُ بِالْأَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ رُهْمٍ إلَّا أَنَّ لَهُ الْحَقَّ بِطَلَبِ وَدَعْوَى السِّتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ. إنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ هُوَ الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ الَّذِي عُرِفَ بِالْمَادَّةِ (1537) . قِيلَ: مُتَعَلِّقَةٌ بِحُصُوصٍ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُتَعَلِّقَ بِجَمِيعِ الْخُصُومَاتِ لَا تُسْمَعُ بَعْدَهُ أَيُّ دَعْوَى كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1565) قَالَ أَحَدٌ أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَهُ حَقٌّ مُطْلَقًا] الْمَادَّةُ (1565) - (إذَا قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَهُ حَقٌّ مُطْلَقًا يَكُونُ إبْرَاءً عَامًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِحَقٍّ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ حَتَّى لَوْ

ادَّعَى حَقًّا مِنْ جِهَةِ. الْكَفَالَةِ لَا تُسْمَعُ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَفِيلًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتُ كَفِيلًا لِمَنْ أَبْرَأْتَهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 662) . إذَا قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى، أَوْ لَيْسَ لِي طَرَفَهُ حَقٌّ مُطْلَقًا أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ دَعْوَى مُطْلَقًا، أَوْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي يَكُونُ إبْرَاءً عَامًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ لِنَفْسِهِ بِحَقٍّ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَالِيٍّ عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ أَوْ كَفَالَةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ حُدُودٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قَذْفٍ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْحُقُوقِ كَمَا أَنَّهُ تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ بِالْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْحَاصِلِ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ قَضَاءً أَمَّا دِيَانَةً فَلَا تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ فِي الْإِبْرَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فِيهِ. لَكِنْ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى الْأَعْيَانُ الْقَائِمَةُ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَبَارَأَ الزَّوْجَانِ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِذَا وُجِدَتْ عَلَى أَرْضِ الزَّوْجِ مَزْرُوعَاتٌ لِلزَّوْجَةِ، أَوْ أَعْيَانٌ أُخْرَى قَائِمَةً فَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَابْنُ عَابِدِينَ) . إنَّ أَلْفَاظَ الْإِبْرَاءِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ عِبَارَةُ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا شَيْءٌ. قَدْ قِيلَ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ تَارَةً إنَّهَا إقْرَارٌ وَتَارَةً إنَّهَا إبْرَاءٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . حَتَّى لَوْ ادَّعَى حَقًّا مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَوْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْقَرْضِ، أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْإِرْثِ، أَوْ الْمُضَارَبَةِ أَوْ التَّرِكَةِ، أَوْ الْمَزْرَعَةِ أَوْ الدَّارِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ لَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ إلَّا إذَا كَانَتْ حَادِثَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَفِيلًا بِالْمَالِ، أَوْ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ لِفُلَانٍ فَسَلِّمْنِي الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ النَّفْسَ الْمَكْفُولَ عَنْهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: كَفَلْتُك بِأَمْرِك عَلَى الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْك لِفُلَانٍ، وَقَدْ أَدَّيْته لَهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَأَدِّهِ لِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِيمَا لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ كَفِيلًا لِمَنْ بَرَّأْته قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَأَدِّ لِي الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (662) (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّ لَهُ مِيرَاثًا عَنْ مُورَثِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ مُورَثُهُ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ وَفَاةَ مُورَثِهِمْ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الصُّلْحِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ دَيْنٌ، أَوْ أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ دَيْنِي، أَوْ تَرَكْت دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ، أَوْ جَعَلْتُ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ حَلَالًا لَهُ يَكُونُ إبْرَاءً عَامًّا عَنْ الْمَطْلُوبِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى هَذَا الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُبْرِئُ: إنَّنِي قَصَدْتُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَمَانَاتِ أَوْ الْغَصْبِ، أَوْ الدَّارِ أَوْ الْمَزْرَعَةِ، أَوْ الْحَيَوَانِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَمَا ذُكِرَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي أَمَانَةٌ عِنْدَ فُلَانٍ كَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً عَامًّا عَنْ الْأَمَانَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مِنْهُ تَتَعَلَّقُ بِالْأَمَانَةِ إلَّا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الْجِهَاتِ الْأُخْرَى كَالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1564) .

(المادة 1566) إذا باع أحد مالا وقبض ثمنه وأبرأ المشتري من كافة الدعاوى

فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مَالًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى، أَوْ إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِأَنْ لَا دَعْوَى وَنِزَاعَ لَك مَعِي وَأَثْبَتَ دَفْعَهُ هَذَا يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1538) . إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُبْرِئُ الَّذِي أَبْرَأَ آخَرَ إبْرَاءً عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى الْآخَرِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ الْمُبْرِئَ إنَّمَا أَبْرَأَ مِنْ حَقِّهِ فَلَا يَكُونُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَنَاقُضٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ وَرِسَالَةِ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1649) . [ (الْمَادَّةُ 1566) إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى] الْمَادَّةُ (1566) - (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا، وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ، وَالْمُشْتَرِي كَذَلِكَ أَبْرَأَ الْبَائِعُ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَتَعَاطَيَا بَيْنَهُمَا وَثَائِقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ فَلَا يَكُونُ لِلْإِبْرَاءِ تَأْثِيرٌ مَا وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 52) . قَاعِدَةٌ: إنَّ الْإِبْرَاءَ الَّذِي ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَاسِدٌ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: الْبَيْعُ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ، وَأَبْرَأَ الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ الْبَائِعَ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَتَعَاطَيَا بَيْنَهُمَا وَثَائِقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ وَضُبِطَ بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْحُكْمِ فَلَا يَكُونُ لِلْإِبْرَاءِ تَأْثِيرٌ وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (52) أَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ ثَمَنُ الْمَبِيعِ بَعْدَ تَعَاطِي سَنَدِ الْإِبْرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بَلْ لَهُ أَخْذُ مِثْلِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1550) مُسْتَثْنًى؛ يُوجَدُ حِيلَةٌ لِعَدَمِ إبْطَالِ الْإِبْرَاءِ الَّذِي يَكُونُ ضِمْنَ عَقْدٍ بَاطِلٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحَرَّرَ فِي سَنَدِ الْعَقْدِ، الْإِبْرَاءُ كَلَامٌ جَدِيدٌ وَمُسْتَأْنَفٌ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَقُولَ الْمُبْرِئُ أَبْرَأْتُ إبْرَاءً عَامًّا مُسْتَأْنَفًا وَمُسْتَقِلًّا غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَ الْعَقْدِ (الْخَيْرِيَّةُ) . الصُّلْحُ: إذَا تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَبْرَأَ بَعْضُهُمَا بَعْضًا ضِمْنَ الصُّلْحِ ثُمَّ ظَهَرَ فَسَادُ الصُّلْحِ فَلَا يَكُونُ لِلْإِبْرَاءِ تَأْثِيرٌ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ بِدَعْوَاهُ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي فِي ضِمْنِ الصُّلْحِ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي هَذَا الْمَالِ ثُمَّ ظَهَرَ بُطْلَانُ الصُّلْحِ كَانَ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلًا، وَلَهُ الِادِّعَاءُ بِذَلِكَ الْمَالِ (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُبْرِئُ قَدْ أَبْرَأَ (بِكَلَامٍ مُسْتَأْنَفٍ وَجَدِيدٍ غَيْرِ دَاخِلٍ فِي الْعَقْدِ) أَحَدًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ فَاسِدًا فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) .

(المادة 1567) يجب أن يكون المبرءون معلومين ومعينين

[ (الْمَادَّةُ 1567) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ] الْمَادَّةُ (1567) - (يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ كَافَّةَ مَدِينَيَّ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ أَحَدٍ حَقٌّ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُ أَهَالِيَ الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ مُعَيَّنِينَ وَعِبَارَةً عَنْ أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَءُونَ مَعْلُومِينَ وَمُعَيَّنِينَ سَوَاءٌ كَانَ الْإِبْرَاءُ إسْقَاطًا أَمْ اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُوَ مِنْ وَجْهِ تَمْلِيكٍ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُمَلَّكُونَ مَعْلُومِينَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْمُبْرَأُ مِنْهُ، وَالْمُسْقَطُ مَعْلُومًا فَلِذَلِكَ لَا تَمْنَعُ الْجَهَالَةُ فِي الدَّيْنِ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ. كَذَلِكَ إذَا حَلَّلَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ يَبْرَأُ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا يَعْلَمُهَا الْمُبْرِئُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ، وَجَهَالَةُ السَّاقِطِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاشٍ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ لِيُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ. أَمَّا دِيَانَةً فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْرَأُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ كَافَّةَ مَدِينَيَّ، أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ أَحَدٍ حَقٌّ أَوْ لَيْسَ لِي دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ أَوْ إنَّنِي لَمْ أُدِنْ أَحَدًا، أَوْ قَالَ: كُلَّمَا كَانَ لِي دَيْنٌ عِنْدَ أَحَدٍ فَقَدْ اسْتَوْفَيْتُهُ، أَوْ قَالَ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مَطْلُوبَاتِي مِنْ جَمِيعِ مَدِينِيَّ، أَوْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتُ دَيْنِي مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، أَوْ إنَّنِي لَمْ أُدِنْ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: قَدْ قَبَضْت جَمِيعَ تَرِكَةِ مُورَثِي، أَوْ قَالَ وَاحِدٌ: لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيَّ دَيْنٌ وَلَيْسَ لِي عَلَى أَحَدٍ دَيْنٌ، أَوْ قَالَ كُلُّ شَخْصٍ مَدِينٌ لِي فَهُوَ بَرِيءٌ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً عَامًّا، وَلَا إبْرَاءً خَاصًّا بَلْ يَكُونُ إقْرَارًا مُجَرَّدًا فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالتَّنْقِيحُ) . مَثَلًا: إذَا سَلَّمَ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَمْوَالَ التَّرِكَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ لِوَلَدِ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ إثْبَاتِ الرُّشْدِ وَأَقَرَّ الْوَلَدُ قَائِلًا: قَدْ قَبَضْت جَمِيعَ مَا تَرَكَهُ وَالِدِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ إبْرَاءَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ، أَوْ دَيْنٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَلَدِ الْوَارِثِ عَلَى الْوَصِيِّ بِقَوْلِهِ: قَدْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِكَ مِنْ مَالِ التَّرِكَةِ كَذَا وَيُقْبَلُ إثْبَاتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَبْرَأْتُ أَهَالِيَ الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، أَوْ إنَّنِي اسْتَوْفَيْتُ دُيُونِي مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ أَشْخَاصًا مُعَيَّنِينَ وَمَعْدُودِينَ فَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُمْ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ وَإِبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1646) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ مُنَازَعٍ وَمُطَالَبٍ عَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي، أَوْ لَيْسَ هُوَ مِلْكِي، أَوْ لَيْسَ لِي حَقٌّ فِيهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُثْبِتُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ حَقًّا لِأَحَدٍ، وَالْإِقْرَارُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَرِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) .

(المادة 1568) لا يتوقف الإبراء على القبول

[ (الْمَادَّةُ 1568) لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ] الْمَادَّةُ (1568) - (لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَلِذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِقَوْلِهِ: لَا أَقْبَلُ الْإِبْرَاءَ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا. يَعْنِي لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ. لَكِنْ لَوْ رَدَّهُ بَعْدَ قَبُولِ الْإِبْرَاءِ فَلَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ. وَأَيْضًا إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ، أَوْ الدَّائِنُ الْكَفِيلَ، وَرَدَّ ذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ الْكَفِيلُ لَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا) . لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ إبْرَاءً مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَبَدَلِ السَّلَمِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ يَتَضَمَّنُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ عَائِدٌ لِلطَّرَفَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . وَلَكِنْ يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ بِرَدِّ الْمُبْرَأِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطٌ، وَمِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ فَلِكَوْنِهِ إسْقَاطًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَبِاعْتِبَارِهِ تَمْلِيكًا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُقَرِّ لَهُ تَكْذِيبٌ لِلْمُقِرِّ، وَالْكَذِبُ غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ الْحُجَجِ (مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ فِي الْإِقْرَارِ) حَتَّى إنَّ الْمُبْرَأَ إذَا صَدَّقَ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ رَدِّهِ إيَّاهُ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ التَّصْدِيقِ إلَّا فِي الْوَقْفِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . فَلِذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ قَبِلْتُ، أَوْ سَكَتَ يَتِمُّ الْإِبْرَاءُ وَيَلْزَمُ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَرَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِقَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ، أَوْ كَانَ غَائِبًا فَرَدَّ الْإِبْرَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عَلِمَ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ يَكُونُ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا بِالِاتِّفَاقِ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بَلْ رَدَّهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ مَرْدُودًا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ مَرْدُودًا لِأَنَّهُ هُوَ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . فَإِذَا عُدَّ قَوْلُ الْمَجَلَّةِ، فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَيَكُونُ قَدْ اُخْتِيرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. أَمَّا إذَا قِيلَ: إنَّهُ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ فَلَا يَكُونُ مُنْحَصِرًا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ: أَوَّلًا: إذَا رَدَّ الْمُبْرَأُ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَبُولِهِ إيَّاهُ، أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ قَبُولِهِ، أَوْ رَدِّهِ لَهُ فَلَا يَرْتَدُّ الْإِبْرَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ الْحَقُّ بِقَبُولِ الْإِبْرَاءِ، وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . ثَانِيًا: إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ. ثَالِثًا: إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ أَيْ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ وَرَدَّ ذَلِكَ الْإِبْرَاءَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، أَوْ الْكَفِيلُ لَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ مَرْدُودًا؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الإبراءين هُمَا إسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِمَا تَمْلِيكٌ فَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ؛ لِأَنَّ تَمَامَهُ يَكُونُ بِالْإِسْقَاطِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (660 وَ 699) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ فِي الْكَفَالَةِ) .

(المادة 1569) يصح إبراء الميت من دينه

رَابِعًا: إذَا قَالَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ أَبْرِئْنِي فَأَبْرَأَهُ الدَّائِنُ وَرَدَّ الْمَدِينُ الْإِبْرَاءَ فَلَا يَرْتَدُّ (الْأَشْبَاهُ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . خَامِسًا: إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ وَسَكَتَ الْمَدِينُ فِي مَجْلِسِ الْإِبْرَاءِ وَرَدَّهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُرَدُّ عَلَى قَوْلٍ. سَادِسًا: إذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ الْمُتَوَفَّى وَرَدَّ وَارِثُهُ الْإِبْرَاءَ فَلَا يُرَدُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ. قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ (الْمَادَّتَيْنِ 66 وَ 847) بَعْضُ إيضَاحَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِالْإِبْرَاءِ وَمُسْتَثْنَيَاته. [ (الْمَادَّةُ 1569) يَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنِهِ] الْمَادَّةُ (1569) - (يَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنِهِ) يَصِحُّ إبْرَاءُ الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنِهِ، وَيَسْتَفِيدُ كُلُّ الْوَرَثَةِ مِنْ هَذَا الْإِبْرَاءِ، وَلَا تُطَالَبُ التَّرِكَةُ بِشَيْءٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) وَكَذَا لَوْ كَفَلَ بِمَا عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ دَيْنٍ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ (الْخَانِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْوَارِثُ هَذَا الْإِبْرَاءَ فَيُرَدُّ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. أَمَّا إذَا لَمْ يُبْرِئْ الدَّائِنُ الْمُتَوَفَّى بَلْ أَبْرَأَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مِنْ دَيْنِهِ فِي التَّرِكَةِ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ الْمُبْرَأِ، وَلَا يَسْتَفِيدُ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ عَلَى الْمُتَوَفَّى دَيْنٌ لِأَحَدٍ (أَلْفُ دِرْهَمٍ) وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ فَقَطْ وَأَبْرَأَ الدَّائِنُ أَحَدَ الْوَلَدَيْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ حِصَّةُ الْوَلَدِ الْمُبْرَأِ. وَيَأْخُذُ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةِ مِنْ التَّرِكَةِ. أَمَّا إذَا أَبْرَأَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَحَدَ مَدِينَيْ مُورَثِهِ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الْوَارِثِ فَقَطْ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (111) (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إبْرَاءِ الِاسْتِيفَاءِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَيْنٌ عِنْدَ آخَرَ (مِائَةُ دِينَارٍ) وَتُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ قَبَضَ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي حَيَاتِهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَيَكُونُ إقْرَارُ ذَلِكَ الْوَارِثِ فِي حَقِّ حِصَّتِهِ صَحِيحًا، وَتَكُونُ الْخَمْسُونَ دِينَارًا الْبَاقِيَةُ عَائِدَةً لِلْوَارِثِ الْغَيْرِ مُقِرٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ عَنْ الْوَارِثِ حَيْثُ إنَّ الِاسْتِيفَاءَ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا إلَّا بِالْقَبْضِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (185) وَالْمَادَّةِ (1642) (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1570) إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ أَحَدَ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ دَيْنِهِ] الْمَادَّةُ (1570) - (إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ أَحَدَ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مِنْ دَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَنَافِذًا، وَأَمَّا لَوْ أَبْرَأَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَصَحِيحٌ وَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) . إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَحَدَ وَرَثَتِهِ مِنْ دَيْنِهِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ، أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ أَبْرَأهُ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا وَنَافِذًا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مَدِينَةً مَا لَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ أَصَالَةً، أَوْ كَفَالَةً لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ هُوَ وَسِيطٌ مُوجِبٌ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ. أَمَّا إذَا أَفَاقَ الْمَرِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِبْرَاءِ مِنْ مَرَضِهِ فَيَكُونُ صَحِيحًا وَنَافِذًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَرَضُ مَرَضَ مَوْتٍ فَلَا يَكُونُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ أَبْرَأَ أَحَدَ وَرَثَتِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ لَا يُنَفَّذُ. 2 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ فُلَانٍ الْوَارِثِ فَلَا يَصِحُّ. 3 - لَيْسَ لِلْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَنْ يَقْبَلَ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ وَرَثَتِهِ عَلَى آخَرَ. 4 - لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَرَدَّ وَقَبَضَ الْمَالَ الَّذِي غَصَبَهُ الْوَارِثُ مِنْهُ، أَوْ الْمَالَ الَّذِي رَهَنَهُ لِلْوَارِثِ، أَوْ الْمَالَ الَّذِي بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا، وَسَلَّمَهُ، أَوْ الْمَالَ الَّذِي وَهَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَسَلَّمَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . 5 - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَبَعْدَ أَنْ بَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الْمَالَ لِوَارِثِ مُوَكِّلِهِ أَقَرَّ الْمُوَكِّلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، أَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ سَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يُصَدَّقُ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حِينَمَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَيْرَ مَرِيضٍ بِأَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ وَارِثِ مُوَكِّلِهِ، وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ فَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثًا لِلْوَكِيلِ وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَثْنَاءَ مَرَضِ مَوْتِهِ وَمَرَضِ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُصَدَّقُ. 6 - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ كَفِيلِ وَارِثِهِ فَلَا يَصِحُّ. 7 - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ فُلَانًا الْأَجْنَبِيَّ قَدْ دَفَعَ لَهُ تَطَوُّعًا الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لَهُ مِنْ وَارِثِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ يَبْرَأُ الْوَارِثُ مِنْ الدَّيْنِ. فَفِي هَذَا الْإِقْرَارِ إيصَالُ نَفْعٍ إلَى الْوَارِثِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُشَارُ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (أَحَدَ وَرَثَتِهِ) أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ بِنْتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ صَحَّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ غَيْرُ وَارِثٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) تُوجَدُ الْحِيلَةُ الْآتِيَةُ؛ لَوْ أَبْرَأَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ، أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْك أَيُّ شَيْءٍ كَانَ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا قَضَاءً وَيَخْلُصُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ (الْبَحْرُ) وَإِنْ لَمْ يَخْلُصْ دِيَانَةً مِنْ الْمُطَالَبَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الِابْنُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ لَيْسَ لِتَرِكَةِ وَالِدَتِهِ شَيْءٌ فِي ذِمَّةِ وَالِدِهِ كَانَ صَحِيحًا. أَمَّا إذَا أَبْرَأَ وَالِدَهُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ وَهَبَهُ لِوَالِدِهِ فَلَا يَصِحُّ. كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ وَالِدِهِ، وَحِكْمَةُ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ هِيَ أَنَّ فِي صُوَرِ النَّفْيِ هَذِهِ يَتَمَسَّكُ النَّافِي بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَفِي تَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُرَاجَعْ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ الَّذِي أَبْرَأَ وَارِثَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ (التَّكْمِلَةُ) . أَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْأَجْنَبِيَّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ، فَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي ثُلُثِ مَالِهِ، وَإِذَا كَانَ مُمْكِنًا إخْرَاجُ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ بَعْدَ إيفَاءِ الدَّيْنِ نَفَذَ الْإِبْرَاءُ أَمَّا إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْإِبْرَاءَ يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي كُلِّ الْمَالِ مَا لَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. مُسْتَثْنًى: وَنُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ وَهِيَ: إذَا كَفَلَ الْوَارِثُ الْأَجْنَبِيَّ فِي دَيْنِ الْمَرِيضِ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ إنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ.

(المادة 1571) إذا أبرأ من كانت تركته مستغرقة بالديون في مرض موته أحد مدينيه

إنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ إبْرَاءُ إسْقَاطٍ. أَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ (1603) . [ (الْمَادَّةُ 1571) إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَحَدَ مَدِينِيهِ] الْمَادَّةُ (1571) - (إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَحَدَ مَدِينَيْهِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ، وَلَا يُنَفَّذُ) . إذَا أَبْرَأَ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ أَيْ الَّذِي دُيُونُهُ مُسَاوِيَةٌ لِتَرِكَتِهِ، أَوْ أَزِيدَ مِنْهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَحَدَ مَدِينِيهِ أَوْ جَمِيعَهُمْ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ، وَلَا يُنَفَّذُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ فِي ثُلُثِهِ مَا لَمْ يُجِزْ الْغُرَمَاءُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِبْرَاءَ هُوَ وَصِيَّةٌ، وَالْوَصِيَّةُ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ إبْرَاؤُهُ لِكُلِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ بَعْضِهِ تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ: 6 شَوَّالٍ سَنَةَ 1291. خُلَاصَةُ الْإِبْرَاءِ تَقْسِيمُهُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ الْمَاهِيَّةِ: (1) إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ هُوَ حَطُّ وَتَنْزِيلُ قِسْمٍ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي فِي ذِمَّةِ شَخْصِ، أَوْ كُلِّهِ. (2) إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَانِ اسْتِيفَاءِ حَقٍّ. وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1572) الْفَرْقُ: (1) أَنَّ إبْرَاءَ الْإِسْقَاطِ إنْشَاءٌ، وَإِبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ إخْبَارٌ فَلِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ فِي الْأَوَّلِ دَعْوَى الْكَذِبِ، وَتُسْمَعُ فِي الثَّانِي (2) يُسْتَرَدُّ فِي إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ تَأْدِيَةُ الْمَدْفُوعَاتِ السَّابِقَةِ، وَلَا تُسْتَرَدُّ فِي إبْرَاءِ الِاسْتِيفَاءِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَالثَّانِي أَقَلُّ. 2 - بَعْضُ أَلْفَاظِ الْإِبْرَاءِ: تَكُونُ شَامِلَةً لِجَمِيعِ الْحُقُوقِ كَقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ. وَلِجَمِيعِ الدُّيُونِ كَقَوْلِهِ: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ. وَلِجَمِيعِ الْأَمَانَاتِ كَقَوْلِهِ: هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ. 3 - الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ قِسْمَانِ: (1) يَكُونُ عَامًّا فِي كَافَّةِ الْحُقُوقِ كَقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ، أَوْ عَامًّا فِي كَافَّةِ الدَّعَاوَى (2) ، أَوْ عَامًّا فِي نَوْعٍ مِنْ الْحُقُوقِ كَقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ حَقٌّ (وَيَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ) . الْإِبْرَاءُ الْخَاصُّ (1) الْإِبْرَاءُ مِنْ دَعْوَى مَالٍ مَخْصُوصٍ (2) الْإِبْرَاءُ عَنْ ذَاتِ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ، وَهَذَا إمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالدَّيْنِ كَقَوْلِهِ: (أَبْرَأْتُ زَيْدًا مِنْ دَيْنِ كَذَا) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالْعَيْنِ (وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ) وَإِمَّا خَاصًّا بِالْحَقِّ كَقَوْلِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ: قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ حَقِّ شُفْعَتِي فِي الْعَقَارِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ (1) إبْرَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِالدَّعْوَى (2) إبْرَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الدَّيْنِ، وَهَذَانِ صَحِيحَانِ (3) إبْرَاءٌ عَلَى وَجْهِ الْإِنْشَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ فَهُوَ مِنْ حَيْثُ الدَّعْوَى بَاطِلٌ إلَّا أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ وَصْفِ الضَّمَانِ صَحِيحٌ (4) إبْرَاءٌ عَلَى وَجْهِ الْإِخْبَارِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ (5) إبْرَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الْأَمَانَةِ (فَهُوَ بَاطِلٌ دِيَانَةً إلَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ قَضَاءً) (6) إبْرَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْحُقُوقِ الْأُخْرَى مَادَّةَ 2651. أَحْكَامُ الْإِبْرَاءِ يَسْقُطُ الْحَقُّ الْمُبْرَأُ مِنْهُ (1) إذَا كَانَ قَابِلًا لِلْإِسْقَاطِ (2) إذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مَشْرُوعًا (3) إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُ الْإِبْرَاءِ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ يُفِيدُ الشَّكَّ (4) إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ. 2 - الْإِبْرَاءُ يَشْمَلُ مَا قَبْلَهُ، وَلَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْرَأُ مُعَيَّنًا وَمَعْلُومًا 3 - يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الَّذِي ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَاسِدًا. 4 - لَا يَتَوَقَّفُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطٌ إلَّا أَنْ يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ، وَلِأَنَّهُ مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ. 5 - لَا يَصِحُّ لِلْمَرِيضِ إبْرَاءُ أَحَدِ وَرَثَتِهِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَ أَجْنَبِيًّا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي ثُلُثِ مَالِهِ إذَا لَمْ يُجِزْهُ الْوَرَثَةُ.

الكتاب الثالث عشر الإقرار

[الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ الْإِقْرَارُ] ُ أُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ إقْرَارًا عَامًّا فِي أَوَّلِ مَا أَتَفَوَّهُ وَأَتَّخِذُهُ وَأُعِدُّهُ ذُخْرَ يَوْمٍ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ. وَأَسْتَوْدِعُهُ عِنْدَ ذِي عَدْلٍ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ وَأَبْرَأُ إلَى حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ مِنْ كُلِّ حَوْلٍ وَقُوَّةٍ. وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الَّذِي اعْتَنَى بِشَأْنِهِ وَنَوَّهَ. صَلَاةً وَسَلَامًا يُنَاسِبَانِ سُمُوَّهُ وَعُلُوَّهُ: وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَضْوَاءِ الدِّينِ وَأَنْوَارِهِ. الْكِتَابُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْإِقْرَارِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ: مَشْرُوعِيَّةُ الْإِقْرَارِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ. الْكِتَابُ - قَوْله تَعَالَى: - {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا: الْإِقْرَارُ، السُّنَّةُ - هُوَ كَوْنُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَنَا بِإِجْرَاءِ الْحَدِّ الشَّرْعِيِّ عَلَى رَجُلَيْنِ أَقَرَّا بِفِعْلٍ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ الشَّرْعِيِّ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . إجْمَاعُ الْأُمَّةِ - قَدْ حَصَلَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ حُجَّةً فِي حَقِّ الْمُقِرِّ، وَعَلَى إجْرَاءِ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ فِي حَقِّ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، فَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَهُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. الْمَعْقُولُ -، وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ دَائِرًا بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ إلَّا أَنَّ الْمَالَ هُوَ مَحْبُوبُ الْمَرْءِ طَبْعًا، وَبِمَا أَنَّ الْعَاقِلَ بِسَبَبِ كَمَالِ عَقْلِهِ وَدِيَانَتِهِ لَا يُقِرُّ بِشَيْءٍ كَاذِبٍ يُوجِبُ الضَّرَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَحَيْثُ إنَّ لِلْإِنْسَانِ الْوِلَايَةَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ فِي إقْرَارِهِ تُهْمَةٌ فَلِذَلِكَ رُجِّحَتْ جِهَةُ الصِّدْقِ لِلْإِقْرَارِ الَّذِي يُقِرُّ فِيهِ شَخْصٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَصْبَحَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً وَدَلِيلًا عَلَى الْمُقِرِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْعَيْنِيُّ) .

الباب الأول في بيان شروط الإقرار

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْإِقْرَارِ] [ (الْمَادَّةُ 1572) الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ] الْمَادَّةُ (1572) - (الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ مُقِرٌّ وَلِهَذَا مُقَرٌّ لَهُ وَلِلْحَقِّ مُقَرٌّ بِهِ) . الْإِقْرَارُ لُغَةً. إثْبَاتُ الشَّيْءِ الْمُتَزَلْزِلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِقْرَارُ الشَّرْعِيُّ يَكُونُ قَدْ أُثْبِتَ الْحَقُّ الَّذِي كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ. هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ وَاجِبِ التَّسْلِيمِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَبِتَعْبِيرِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ يَخْرُجُ عَنْ الْإِقْرَارِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عِبَارَةٌ عَنْ إخْبَارِ أَحَدٍ عَنْ حَقِّهِ مِنْ آخَرَ، كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارُ شَخْصٍ عَنْ حَقِّ شَخْصٍ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ. وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (وَاجِبِ التَّسْلِيمِ) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَبْضَةَ تُرَابٍ وَحَبَّةَ حِنْطَةٍ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا قُيِّدَ التَّعْرِيفُ بِهَذَا الْقَيْدِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِقْرَارُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَلَا يَكُونُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ عِبَارَةِ حَقِّهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (1) يَشْمَلُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. إنَّ التَّصَرُّفَاتِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ إثْبَاتًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ. وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ إسْقَاطًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ. فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ الْإِقْرَارَ بِالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِثْبَاتَاتِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ، وَقَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ حَقٌّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ، قَدْ أَخَذْتُ مَطْلُوبِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ قَدْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ لَكَ بِعَدَمِ وُجُوبِ مُطَالَبَتِهِ بِحَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

يَشْمَلُ ذَلِكَ الْحَقُّ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ كَالْمَغْصُوبِ، وَأَلْفَاظُ عَلَيَّ وَلَهُ قِبَلِي مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ الْمُقِرُّ، مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ، ذَلِكَ بِالْأَمَانَةِ. وَأَلْفَاظُ عِنْدِي وَمَعِي، وَفِي بَيْتِي، وَفِي كِيسِي مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْأَمَانَةِ حَمْلًا بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ إقْرَارٌ بِكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِهِ. وَذَا يَكُونُ أَمَانَةً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَضْمُونًا، وَقَدْ يَكُونُ أَمَانَةً وَهَذِهِ أَقَلُّهُمَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . إخْبَارٌ - قَدْ حَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَلْ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، أَوْ إنْشَاءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي الْحَالِ أَيْ إنْشَاءٌ، وَقَدْ جَمَعَ الدِّمِرْدَاشُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إخْبَارٌ وَمِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ وَفَرَّعَ عَنْ الْجِهَتَيْنِ بَعْضَ الْمَسَائِلِ. يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: كَوْنُ الْإِقْرَارِ هُوَ مِنْ وَجْهٍ إخْبَارٌ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ، فَمَعْنَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِلْكَ ذَلِكَ الشَّخْصِ هُوَ ثَابِتٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ فَجُعِلَ بِسَبَبِ الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ مِلْكِي هَذَا هُوَ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ الْمُنْشِئُ بِهَذَا الْقَوْلِ قَدْ أَثْبَتَ الْمِلْكِيَّةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَوَهَبَهُ إيَّاهُ. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ فَالْمُظْهَرُ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَظْهَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ فِي الْأَصْلِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الصُّلْحِ) . الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا هِيَ: 1 - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَلِذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ لَوْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لِشَخْصٍ هُوَ مِلْكٌ لِشَخْصٍ آخَرَ كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا. فَإِذَا مَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُقَرَّ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَوْ الْإِرْثِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِنْهُ حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ إذَا مَلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ، وَتُنْقَضُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَكَانَتْ الْهِبَةُ الْوَارِدَةُ فِي الْمَادَّةِ (857) غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْبَيَانِ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِمَالِ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى دَعْوَاهُ وَبَعْدَ رَدِّ شَهَادَتِهِ مَلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَوْ الْإِرْثِ يُؤْمَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1684) فِي إخْبَارٍ. 2 - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ

، وَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ تَمْلِيكًا لَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ فِي ثُلُثِهِ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (394 وَ 879) . 3 - لَا يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِقْرَارِ. يَعْنِي لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِشَيْءٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا بِأَنْ قَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَوْ صَدَّقَ عَلَيْهِ الْمُقَرُّ لَهُ، وَيَلْزَمُ الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَهُوَ إخْبَارٌ فَإِذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا فَيَكُونُ وَاجِبَ الْعَمَلِ بِهِ سَوَاءٌ اخْتَارَ الْمُخَيَّرُ، أَوْ لَمْ يَخْتَرْ، وَإِذَا كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ وَاجِبُ الرَّدِّ فَلِذَلِكَ لَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالِاخْتِيَارِ، أَوْ عَدَمِهِ فَعَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْخِيَارُ بِالْإِقْرَارِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ فَالْخِيَارُ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْخِيَارَ، أَوْ أَثْبَتَهُ الْمُقِرُّ لَزِمَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ الْعَوَارِضِ فَيَجِبُ التَّصْدِيقُ، أَوْ الْبَيَانُ فِيهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِدَيْنٍ لَزِمَهُ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ (وَلَوْ كَانَتْ مَدِيدَةً) كَانَ صَحِيحًا إذَا صَدَّقَ الدَّائِنُ الْخِيَارَ، أَوْ أَثْبَتَ الْمُقِرُّ الْخِيَارَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ الْفَتْحِ فِي الْإِقْرَارِ) . 4 - يَصِحُّ إقْرَارُ الْحِصَّةِ الْمُشَاعَةِ فِي الْمَالِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (1585) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً وَهِبَةً لَمَا جَازَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (55) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (858) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 5 - لَا يَتَوَقَّفُ الْإِقْرَارُ عَلَى قَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1580) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَلَزِمَ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 6 - إقْرَارُ الْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ صَحِيحٌ حَتَّى إنَّهُ يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً وَتَمْلِيكًا ابْتِدَاءً لَمَا صَحَّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 7 - لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ بِالْإِكْرَاهِ حَالَةَ كَوْنِهِ يَصِحُّ إنْشَاءُ الطَّلَاقِ مَعَ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْإِنْشَاءِ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُ. أَمَّا الْإِخْبَارُ فَحَيْثُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَمِنْ الْجَائِزِ تَخَلُّفُ مَدْلُولِهِ عَنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِنَّ وُقُوعَ الْإِكْرَاهِ دَالٌ عَلَى تَرْجِيحِ طَرَفِ الْكَذِبِ. 8 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ كَاذِبًا بِمَالِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ دِيَانَةً أَخْذُ ذَلِكَ الْمَالِ جَبْرًا. أَمَّا إذَا سَلَّمَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِطِيبِ نَفْسِهِ يَكُونُ فِي تِلْكَ الْحَالِ هِبَةً ابْتِدَاءً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي مَدِينٌ لَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يُوجَدُ أَيُّ مُعَامَلَةٍ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبَيْنَ الْآخَرِ، وَغَيْرَ مَعْلُومٍ ثُبُوتُ حَقٍّ مَعْلُومٍ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَيْرِ رِضَاءِ الْمُقِرِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَأَصْبَحَ حَلَالًا لِلْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ. لِأَنَّ الْهِبَةَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1248) . 9 - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ مِلْكَ الْغَيْرِ الْمَعْلُومَ وَقْفٌ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَيُؤَاخِذُ الْمُقِرُّ بِزَعْمِهِ وَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ. أَمَّا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَقَارَ الْآخَرِ، وَوَقَفَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ السَّابِقُ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ فِعْلَ الْغَاصِبِ كَانَ إنْشَاءً فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَوَقْفُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ مَشْرُوطَةٌ بِمِلْكِيَّةِ

الْوَاقِفِ لِلْمَوْقُوفِ حِينَ الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ الْوَقْفِ هُوَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ إنْشَاءً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 10 - لَوْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ غَيْرِ شُهُودٍ كَانَ صَحِيحًا فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَمَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي إنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ وُجُودُ شَاهِدَيْنِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . 11 - لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ بِالْمُقَرِّ بِهِ بِسَبَبِ أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِهِ وَبِدُونِ أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: إنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1628) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا لِلُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ وَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُعَلِّلُ فِي دَعْوَاهُ بِلُزُومِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ يُطَالِبُ الْمُقِرَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ اسْتِنَادًا عَلَى سَبَبٍ لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُقِرُّ، وَهَذَا بَاطِلٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 12 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: هَذَا الْمَالُ لِي حَتَّى إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكِي، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارَهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 13 - لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ لِلْغَيْرِ كَانَ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً وَهِبَةً لَمَا صَحَّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (958) (الْبَحْرُ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إنْشَاءً الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ. 1 - إنَّ حُكْمَ الْإِقْرَارِ لَا يَظْهَرُ بِالزَّوَائِدِ الثَّابِتَةِ بِالْإِقْرَارِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِهِ مِلْكٌ لِآخَرَ فَتُعْطَى الْفَرَسُ وَحْدَهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ فِلْوِهَا فَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ إخْبَارًا لَلَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْفِلْوَ مَعَ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَتْ الْفَرَسُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ فَزَوَائِدُهَا إنَّمَا هِيَ حَاصِلَةٌ مِنْ تِلْكَ الْفَرَسِ فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ فَيَسْتَحِقُّ فِلْوَهَا الَّذِي تَوَلَّدَ أَثْنَاءَ وُجُودِ الْفَرَسِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1074) وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ الْبَاعَةَ يَتَرَاجَعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ حَيْثُ لَا يَتَرَاجَعُونَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . 2 - يُرَدُّ الْإِقْرَارُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ الْقَبُولُ بَعْدَ الرَّدِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1580) فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إخْبَارًا كَالْهِبَةِ لَكَانَ الْقَبُولُ صَحِيحًا مُؤَخَّرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُقَالُ لِذَلِكَ مُقِرٌّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَلِهَذَا مُقَرٌّ لَهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَلِلْحَقِّ مُقَرٌّ بِهِ كَذَلِكَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ. سُؤَالٌ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1517) بِأَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعَرَّفِ إلَّا أَنَّهُ بِتَعْبِيرِ إخْبَارِ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ يَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيُنْتَقَضُ التَّعْرِيفُ؟ الْجَوَابُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ وَكَأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ صَادِرٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَيَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

(المادة 1573) يشترط أن يكون المقر عاقلا بالغا

رُكْنُ الْإِقْرَارِ وَتَقْسِيمُهُ - رُكْنُهُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْإِقْرَارِ، أَوْ الشَّيْءُ الَّذِي فِي حُكْمِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ يَنْكَشِفُ وَيَظْهَرُ الْحَقُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْإِقْرَارُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِقْرَارُ الْعَامُّ. يَكُونُ بِقَوْلِهِ: بِأَنَّ مَا فِي يَدَيَّ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ حَيَوَانٌ وَمَتَاعٌ أَوْ أَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَنْسُوبَةِ لِي وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَقَدْ وُضِعَ مَوْضِعَ الْبَحْثِ فِي الْمَادَّةِ (1591) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ الْخَاصُّ. إقْرَارٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي يُنْسَبُ لِي هُوَ لِفُلَانٍ. [ (الْمَادَّةُ 1573) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَاقِلًا بَالِغًا] الْمَادَّةُ (1573) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَاقِلًا بَالِغًا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى هَؤُلَاءِ إقْرَارُ أَوْلِيَائِهِمْ وَأَوْصِيَائِهِمْ، وَلَكِنَّ الصَّغِيرَ الْمُمَيِّزَ الْمَأْذُونَ هُوَ فِي حُكْمِ الْبَالِغِ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مَأْذُونِيَّتُهُ فِيهَا) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ عَاقِلًا بَالِغًا فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَعْتُوهَةِ وَلَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (957 وَ 966 وَ 967) ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَ الْأَهْلِيَّةِ مُنْعَدِمٌ فِيهِمْ، وَالنَّائِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ فَلِذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ النَّائِمُ فِي الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ مِنْهُ فِي حَالَةِ نَوْمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مُرْتَفِعَةٌ عَنْ النَّائِمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) . فَعَلَيْهِ لَوْ سَأَلَ أَحَدٌ آخَرَ غَيْرَ عَاقِلٍ، وَهُوَ يَهْذِي هَلْ أَنْتَ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِينَارًا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي حَالِ صَبْوَتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَضَافَ الْإِقْرَارَ إلَى حَالِ الصَّبَاوَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلضَّمَانِ أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلِلْمُقِرِّ لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَنَدَ الْإِبْرَاءِ، وَادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا وَقْتَ الْإِبْرَاءِ، فَالدَّفْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَسْنَدَ الْبَرَاءَةَ إلَى الْحَالَةِ الْمَعْهُودَةِ الْمُنَافِيَةِ لِصِحَّتِهَا (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَالصُّرَّةُ) . مُسْتَثْنًى - إقْرَارُ السَّكْرَانِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ صَحِيحٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَا يَصِحُّ عَلَى هَؤُلَاءِ إقْرَارُ أَوْلِيَائِهِمْ وَأَوْصِيَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا لَا يَصِحُّ. وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ اسْتِنَادًا عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ، أَوْ مِنْ مَالِ الْوَصِيِّ (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَصِيِّ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُتَوَفَّى مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ الْمَوْجُودَةَ فِي التَّرِكَةِ لِفُلَانٍ، أَوْ إنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِفُلَانٍ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلَا يَخْرُجُ الْوَصِيُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا عَنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي أَيْ أَنَّهُ لَا تَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ (1518) هُنَا فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى حَسَبَ وِرَاثَتِهِ (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ وَالتَّنْقِيحُ) . مُسْتَثْنًى - يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَسْأَلَتَانِ: (1) - إذَا كَانَ حَقُّ وَمَطْلُوبُ الصَّبِيِّ تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ بِمُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ فَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَصِيِّ، أَوْ الْوَلِيِّ لِذَلِكَ الْمَدِينِ، أَوْ إقْرَارُهُمَا بِأَنَّهُمَا اسْتَوْفَيَا ذَلِكَ الْحَقَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ يَضْمَنَانِ ذَلِكَ لِلصَّبِيِّ. مَثَلًا لَوْ أَجَرَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ دَارَ الصَّبِيِّ لِآخَرَ بِكَذَا دِرْهَمًا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ بَدَلَ الْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ كَانَ صَحِيحًا وَيَضْمَنُ بَدَلَ الْإِيجَارِ لِلصَّبِيِّ إنْ كَانَ يَتَقَاضَاهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1540 وَ 1634) (الزَّيْلَعِيّ وَآدَابُ الْأَوْصِيَاءِ) . (2) - لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدَيْنِ: أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ، وَالْآخَرُ صَغِيرٌ فَقَالَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ الْمُخْتَارُ: اشْهَدُوا بِأَنِّي قَدْ تَقَاسَمْت التَّرِكَةَ مَعَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ وَأَخَذْت حِصَّةَ الصَّغِيرِ مِنْهَا ثُمَّ تَلِفَتْ فِي يَدَيَّ بِلَا تَعَدٍّ، وَلَا تَقْصِيرٍ وَعِنْدَمَا بَلَغَ الصَّغِيرُ ادَّعَى بِأَنَّ وَصِيَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ شَرِيكِهِ (أَخِيهِ الْكَبِيرِ) وَمِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا وَطَلَبَ مُشَارَكَتَهُ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي حَالِ صِغَرِ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ الْبَالِغِ حَقُّ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ أَخِيهِ (آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ) . أَمَّا الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ فَهُمَا فِي حُكْمِ الْبَالِغِ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا مَأْذُونِيَّتهمَا. وَالْخُصُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ التِّجَارَةُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَاَلَّتِي هِيَ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ التِّجَارَةِ كَالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ وَالْعَارِيَّةِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونَانِ بِأَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَصِحُّ إقْرَارُهُمَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْمَأْذُونَ فِي تِلْكَ الْخُصُومَاتِ مُلْحَقٌ بِالْبَالِغِ. إذْ إعْطَاءُ الْإِذْنِ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ عَاقِلًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي تِلْكَ الْخُصُومَاتِ لَابْتَعَدَ النَّاسُ عَنْ مُعَامَلَتِهِمَا فَلِذَلِكَ قَدْ عُدَّ إقْرَارُهُمَا بِتِلْكَ الْخُصُومَاتِ مِنْ لَوَازِمِ التِّجَارَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِمَا وَرِثَ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ارْتَفَعَ بِالْإِذْنِ فَصَارَ كَالْبَالِغِ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِمَا مَعَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ لِلتِّجَارَةِ، وَلَا حَاجَةَ فِي الْمَوْرُوثِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (972) . إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ هِيَ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ

(المادة 1574) لا يشترط أن يكون المقر له عاقلا

إقْرَارُ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ هِبَةً وَالْحَالُ أَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (859) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) . أَمَّا إقْرَارُ الصَّغِيرِ الْمَأْذُونِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا مَأْذُونِيَّتُهُ كَالْكَفَالَةِ وَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِأَنَّهُ كَفِيلٌ لِفُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (628) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً كَمَا أَنَّ الْمَهْرَ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ، وَالْجِنَايَةُ لَا تَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ مُطْلَقًا فَلِذَلِكَ لَا تُعَدُّ هَذِهِ الْأُمُورُ مِنْ أُمُورِ التِّجَارَةِ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ (الزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1574) لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا] الْمَادَّةُ (1574) - (لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِلصَّغِيرِ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ يَصِحُّ، وَيَلْزَمُهُ إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ) . لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَاقِلِ لَيْسَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ لِلصَّغِيرِ الرَّضِيعِ أَوْ لِلْمَجْنُونِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا لَا يُمْكِنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَمَلُهُ أَيْ أَنَّ بَيَانَ السَّبَبِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ لَا يَمْنَعُ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ الرَّضِيعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الرَّضِيعِ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَيُؤْخَذُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِنْهُ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ اقْتِدَارِ الرَّضِيعِ عَلَى الْإِقْرَاضِ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اسْتَقْرَضْتُ مِنْ الرَّضِيعِ، عَلَى مَعْنَى: اسْتَقْرَضْتُ أَوْ اشْتَرَيْتُ مِنْ وَلِيِّ، أَوْ وَصِيِّ الرَّضِيعِ. وَيُعَدُّ جَائِزًا بِإِضَافَتِهِ لِلصَّغِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (60 و 61) (الْحَمَوِيُّ وَجَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1587) إعْطَاءُ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ (الصَّغِيرِ الْغَيْرِ مُمَيِّزٍ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَنِينًا؛ إذْ يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي إقْرَارِ الْمَالِ لِلْجَنِينِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إبْهَامُ الْإِقْرَارِ كَقَوْلِ الْمُقِرِّ: إنَّنِي مَدِينٌ لِحَمْلِ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارِ الَّذِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهِ سَبَبٌ صَالِحٌ كَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ أَوْ سَبَبٌ غَيْرُ صَالِحٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى سَبَبِ التِّجَارَةِ، وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ الْآتِيَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَالْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ صَحِيحٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِح. إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ رَجَّحُوا قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ صَالِحٍ. إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِحَمْلِ الْمَرْأَةِ الْفُلَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَالِدَهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُ أَوْ

(المادة 1575) يشترط في الإقرار رضاء المقر

قَالَ: إنَّنِي اسْتَهْلَكْتُ مِنْ مَالِ مُورَثِهِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا أَوْصَى بِهِ لِلْجَنِينِ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا (الْبَحْرُ وَالْكِفَايَةُ) ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ ذَاتِ زَوْجٍ وَوَلَدَتْ الْحَامِلُ لِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ، أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَدًا حَيًّا وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ لِلْمُعْتَدَّةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ فَوَلَدَتْ فِي تَمَامِ السَّنَتَيْنِ، أَوْ فِي أَقَلَّ مِنْ السَّنَتَيْنِ وَلَدًا حَيًّا فَيَكُونُ الْمَالُ لَهُ، وَإِذَا وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ، وَكَانَا بِنْتَيْنِ، أَوْ ذَكَرَيْنِ يَأْخُذَانِ الْمَالَ مُنَاصَفَةً سَوَاءٌ كَانَ إرْثًا، أَوْ وَصِيَّةً؛ إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ هُوَ لِلْحَمْلِ، وَالْحَمْلُ هُوَ مَجْمُوعُهُمَا، وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رُجْحَانٌ عَلَى آخَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بِنْتًا، وَالْآخَرُ وَلَدًا فَيَأْخُذَانِ الْمَالَ فِي الْمِيرَاثِ ثُلُثًا وَثُلُثَيْنِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ مُنَاصَفَةً. أَمَّا إذَا تَوَلَّدَ الْحَمْلُ بَعْدَ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَنْ تِلْكَ الْمُدَدِ فَلَا يَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَثْبُتُ وُجُودُ الْجَنِينِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا كَذَلِكَ إذَا وُلِدَ الْجَنِينُ مَيِّتًا يَمْلِكُ الْمُقَرَّ بِهِ، وَيُرَدُّ الْمُقَرُّ بِهِ لِوَرَثَةِ الْمُورَثِ، أَوْ الْمُوصِي (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَكُونُ أَهْلًا لَأَنْ يَكُونَ وَارِثًا، أَوْ مُورَثًا، أَوْ مُوصَى لَهُ إذَا لَمْ يُولَدْ حَيًّا (التَّكْمِلَةُ) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ. إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ؛ لِأَنَّنِي كُنْتُ بِعْت هَذَا الْمَالَ لَهُ، أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1577) ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: بِأَنَّنِي بِعْتُ الْمَالَ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّنِي بِعْتُهُ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَى الْجَنِينِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ وَجْهٍ أَصْلٌ وَلِذَلِكَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَمِنْ وَجْهٍ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَجُزْءٌ مِنْ أُمِّهِ فَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِ مَعْلُومٍ لِحَمْلٍ وَبَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي تَصَالَحَ أَبُو الْحَمْلِ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ وَرَثَةِ الْمُوصِي كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَبِهَذِهِ ظَهَرَ خَطَأُ مَنْ أَفْتَى أَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ. سُؤَالٌ: إنَّ بَيَانَ السَّبَبِ غَيْرِ الصَّالِحِ هُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا يَصِحُّ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الرَّجُلَ الْجَاهِلَ ظَنًّا مِنْهُ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ ثَابِتَةٌ عَلَى الْجَنِينِ يَتَعَامَلُ مَعَ مَنْ يَظُنُّ وَلِيًّا، وَبَعْدَ ذَلِكَ يُقِرُّ بِذَلِكَ الْمَالِ لِلْجَنِينِ حَسَبَ ظَنِّهِ، وَيُبَيِّنُ سَبَبَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ بُطْلَانُ السَّبَبِ فَلِذَلِكَ فَإِنَّ بَيَانَ السَّبَبِ مِنْهُ لَيْسَ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ بَلْ هُوَ بَيَانٌ وَإِيضَاحٌ لِكَلَامِهِ وَلِذَلِكَ يُقْبَلُ (الْكِفَايَةُ وَالْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1575) يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ رِضَاءُ الْمُقِرِّ] الْمَادَّةُ (1575) - (يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ رِضَاءُ الْمُقِرِّ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1006) . يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ (أَوَّلًا) رِضَاءُ الْمُقِرِّ (ثَانِيًا) عَدَمُ وُجُودِ التَّلْجِئَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَلَا يُنَفَّذُ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1006) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُحْتَمِلُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَفِي حَالَةِ الْإِخْبَارِ يُرَجَّحُ طَرَفُ الصِّدْقِ عَلَى جَانِبِ الْكَذِبِ وَيَكُونُ حُجَّةً.

(المادة 1576) يشترط أن لا يكون المقر محجورا عليه

أَمَّا وَقْتُ الْإِكْرَاهِ فَيَتَرَجَّحُ بِالْعَكْسِ أَيْ جَانِبُ الْكَذِبِ عَلَى طَرَفِ الصِّدْقِ أَيْ لَا يَكُونُ حُجَّةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) . فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الرَّجُلُ الْمُتَّهَمُ بِسَرِقَةٍ بِالْجَبْرِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى كَوْنِهِ سَرَقَ كَذَا مَالًا فَلَا يُعْتَبَرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ، وَكَانَ إقْرَارُهُ وَاقِعًا بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَعِبَارَةُ لَا يَصِحُّ الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ بِمَعْنَى لَا يُنَفَّذُ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُقِرُّ الْمُكْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ بَيَّنَ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ الْوَاقِعِ بِإِكْرَاهٍ، وَيَحْلِفُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1586) ، وَلَا يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ شَاءَ ذَكَرَ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي إقْرَارِهِ الْوَاقِعِ بِإِكْرَاهٍ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1009) (الْقُهُسْتَانِيُّ) . كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ عَلَى طَرِيقِ التَّلْجِئَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ، (التَّلْجِئَةُ) أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ سَأُقِرُّ لَكَ عَلَنًا بِكَذَا مَالًا إلَّا أَنَّ إقْرَارِي هَذَا فَاسِدٌ وَيَتَّفِقُ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يُقِرُّ فَلَا يَكُونُ حُكْمٌ لِذَلِكَ الْإِقْرَارِ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّ إقْرَارَهُ تَلْجِئَةٌ وَمُوَاضَعَةٌ وَفَسَّرَ الْمُوَاضَعَةَ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ الْهَزْلَ وَالتَّلْجِئَةَ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْجِدَّ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْجِدَّ، وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْآخَرِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1578) . [ (الْمَادَّةُ 1576) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقِرُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1576) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقِرُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، رَاجِعْ الْفَصْلَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقِرُّ عَجُوزًا بِسَبَبِ سَفَهٍ، أَوْ دَيْنٍ فَإِذَا أَقَرَّ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ بِدَيْنٍ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (994) كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُدِينُ الْمَحْجُورُ لِآخَرَ بِدَيْنٍ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1002) وَشَرْحَهَا. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ، وَعَلَى الْخُصُوصِ الْمَوَادَّ (966 وَ 978 وَ 979 وَ 991 وَ 994 وَ 1002) وَتَعْبِيرُ الْمَحْجُورِ الْوَارِدُ هُنَا يَشْمَلُ أَيْضًا الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ وَالْمَعْتُوهَ الْمَحْجُورِينَ أَصْلًا إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إقْرَارِهِمْ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1573) فَلَا حَاجَةَ لِلْبَحْثِ عَنْهُ هُنَا. [ (الْمَادَّةُ 1577) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ ظَاهِرُ الْحَالِ الْإِقْرَارَ] الْمَادَّةُ (1577) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ ظَاهِرُ الْحَالِ الْإِقْرَارَ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ تَتَحَمَّلُ جُثَّتُهُ الْبُلُوغَ بِقَوْلِهِ: بَلَغْت لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ ظَاهِرُ الْحَالِ وَالشَّرْعُ الْإِقْرَارَ. فَإِذَا كَذَّبَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يُعْتَبَرُ. فَلِذَلِكَ فَالْإِقْرَارَاتُ الْآتِيَةُ الذِّكْرِ بَاطِلَةٌ: 1 - إذَا أَقَرَّ الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ تَتَحَمَّلْ جُثَّتُهُ الْبُلُوغَ بِقَوْلِهِ: بَلَغْتُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ، وَيَبْقَى مَحْجُورًا كَالْأَوَّلِ، وَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا بِأَقْوَالِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (988 وَ 998) .

الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَلَوْ بِمَهْرٍ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ عَلَى الْأَشْبَهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِفُلَانٍ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَهُ الدَّائِنُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اعْتَرَفَ الدَّائِنُ (بَعْدَ إبْرَائِهِ الْمَدِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ) بِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ بِإِيضَاحٍ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1562) . 3 - إقْرَارُ الْمُحَالِ الْعَقْلِيِّ بَاطِلٌ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَرْشًا لِكَوْنِهِ قَطَعَ يَدَهُ، وَكَانَتْ يَدَا ذَلِكَ الرَّجُلِ سَلِيمَتَيْنِ كَانَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بَاطِلًا، وَلَا يُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِشَيْءٍ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ فُلَانًا قَدْ أَقْرَضَنِي فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَكَانَ مَعْلُومًا وَفَاةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ قَبْلَ ذَلِكَ الشَّهْرِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا. 4 - الْإِقْرَارُ بِالْمُحَالِ الشَّرْعِيِّ بَاطِلٌ. لَوْ أَقَرَّ وَارِثٌ لِوَارِثٍ آخَرَ بِحِصَّةٍ فِي التَّرِكَةِ أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَلَدًا وَبِنْتًا فَأَقَرَّ الْوَلَدُ بِأَنَّ تَرِكَةَ الْمُتَوَفَّى هِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً كَانَ الْإِقْرَارُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِنَفَقَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ. وَاعْتَرَفَتْ زَوْجَتُهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ نَاشِزَةً فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ قَضَايَا مِنْهَا فِي خُصُوصِ تَقْدِيرِ النَّفَقَةِ أَوْ رِضَاءٌ بَيْنَهُمَا عَلَى تَقْدِيرِهَا كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلًا حَيْثُ إنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمُحَالِ الشَّرْعِيِّ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُحَالُ الشَّرْعِيُّ مُحَالًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَمَّا إذَا كَانَ مُمْكِنَ الْحُصُولِ فِي الْجُمْلَةِ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ الصَّغِيرِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِإِقْرَاضِهِ لِي تِلْكَ الدَّنَانِيرَ، أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ لِي كَانَ صَحِيحًا حَالَةَ كَوْنِ الصَّغِيرِ غَيْرَ أَهْلٍ لِلْقَرْضِ وَالْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ أَهْلٌ فِي الْجُمْلَةِ لِثُبُوتِ دَيْنِ الصَّغِيرِ عَلَيْهِ. 5 - لَوْ زَوَّجَ أَحَدٌ بِنْتَه لِآخَرَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا مَهْرًا مُؤَجَّلًا، وَطَلَبَ أَهْلُ الْمَجْلِسِ مِنْ الْبِنْتِ أَنْ تُقِرَّ بِأَنَّهَا قَبَضَتْ مِنْ الْمَهْرِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَقَرَّتْ فَالْإِقْرَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَجْلِسِ يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ، وَيُعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْأَشْبَاهُ فِي الْإِقْرَارِ) . 6 - لَوْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ بِتَسْمِيَةِ مَهْرٍ مَعْلُومٍ بِأَنَّ الْمَهْرَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا هُوَ لِأَبِيهَا، أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا. أَمَّا إذَا أَقَرَّتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَوَّلَتْ دَائِنَهَا (وَالِدَهَا) حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ كَانَ الْإِقْرَارُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ صَحِيحًا (الْأَشْبَاهُ فِي الْإِقْرَارِ بِزِيَادَةٍ) . 7 - الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ بِسَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1574) وَعَدَمُ صِحَّةِ هَذَا الْإِقْرَارِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لِكَوْنِهِ مُحَالًا (الْأَشْبَاهُ فِي الْإِقْرَارِ بِزِيَادَةٍ) .

(المادة 1578) يشترط أن لا يكون المقر له مجهولا جهالة فاحشة

لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَيْعَ كَانَ الْإِنْكَارُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَيْعِ بِغَيْرِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 9 - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِأَنَّهُ وَلَدُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ غَيْرَ صَالِحٍ بِأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . إنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ تَتَفَرَّعُ عَلَى مَادَّةِ (إذَا تَعَذَّرَ إعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ) . [ (الْمَادَّةُ 1578) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً] الْمَادَّةُ (1578) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً، أَمَّا الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِرَجُلٍ مُشِيرًا إلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ فِي يَدِهِ، أَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَعْدُودِينَ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَقَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَهُمَا إذَا اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْمَالَ، وَيَمْلِكَانِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالِاشْتِرَاكِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُقِرِّ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ كَذَلِكَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُسْتَقِلًّا لِمَنْ نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ حَلَفَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ دَعْوَاهُمَا، وَيَبْقَى الْمَالُ فِي يَدِهِ) . الْجَهَالَةُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: جَهَالَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا بِجَهَالَةٍ فَاحِشَةٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الْمَجْهُولُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْمُقَرِّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُقِرِّ عَلَى بَيَانِ الْمُقَرِّ لَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ فَائِدَةً مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ (الزَّيْلَعِيّ) . السَّفْتَجَةُ الْمُبْهَمَةُ (الْحَوَالَةُ التِّجَارِيَّةُ الْمُبْهَمَةُ) . وَمِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُفْهَمُ حُكْمُ السَّفْتَجَةِ التِّجَارِيَّةِ الْمُبْهَمَةِ، وَهُوَ السَّنَدُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ بِأَنَّ مُوَقِّعَهُ مَدِينٌ لِحَامِلِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِحَامِلِ ذَلِكَ السَّنَدِ حَقُّ طَلَبٍ وَدَعْوَى قِيمَةِ ذَلِكَ السَّنَدِ مِنْ مَوْقِعِهِ مَا لَمْ يُثْبِتْ حَقَّهُ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ بِأَنْ يُثْبِتَ مَثَلًا بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَكُنْ غَيْرَ الشَّخْصِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِرَجُلٍ مُشِيرًا إلَى الْمَالِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، أَوْ قَالَ: هُوَ لِأَحَدِ

النَّاسِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ هُوَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، أَوْ أَقَرَّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَهَالِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ مَعْدُودِينَ فَبِمَا أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1646) . فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ (الْمِائَةِ شَخْصٍ) فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِجَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ جَهَالَةً فَاحِشَةً؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ شَخْصٌ مَعْلُومٌ مِنْ أَهَالِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ، وَأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ مَجْهُولًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ، وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ بِوَجْهٍ آخَرَ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، أَوْ قَالَ: هُوَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ أَيْ أُنَاسًا مَعْدُودِينَ (مِائَةَ نَفَرٍ، أَوْ أَقَلَّ) يَصِحُّ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ. فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الثَّلَاثَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّجَالِ مِائَةً فَالْحُكْمُ أَيْضًا كَذَلِكَ. يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَحَدِ هَؤُلَاءِ الْمِائَةِ رَجُلٍ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ كَوْنِ الْمَالِ لِأَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَبْرَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ حَالَ كَوْنِ الْحَاكِمِ مُكَلَّفًا بِإِيصَالِ أَصْحَابِ الْحُقُوقِ إلَى حُقُوقِهِمْ، وَلَيْسَ بِإِبْطَالِهِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَلَهُمَا إنْ اتَّفَقَا أَنْ يَأْخُذَا ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَيَمْلِكَانِهِ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالِاشْتِرَاكِ مُنَاصَفَةً. وَإِنْ اخْتَلَفَا، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا، وَأَنْ لَيْسَ لِلْآخَرِ حَقٌّ فِيهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمُقِرِّ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا الْيَمِينَ عَلَى حِدَةٍ يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُمْ اثْنَيْنِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ يَمِينَانِ. ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَثَلَاثَةُ أَيْمَانٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا. وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعَيِّنَ مِنْ نَفْسِهِ تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمْ، أَوْ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ لَهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. وَإِذَا نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَلَّفَ الْحَاكِمُ الْمُقِرَّ بِحَلِفِ الْيَمِينِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى حِدَتِهِ حَسَبَ الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ وَنَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ الِاثْنَيْنِ. (الْهِنْدِيَّةُ) . وَأَمَّا إذَا نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ يَمِينًا لِلْآخَرِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ مُسْتَقِلًّا لِلرَّجُلِ الَّذِي نَكَلَ عَنْ يَمِينِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1819) . ، وَلَا يَأْخُذُ الشَّخْصُ الَّذِي حَلَفَ لَهُ الْيَمِينَ حِصَّةً فِي ذَلِكَ الْمَالِ. إلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي هَاتَيْنِ الْفِقْرَتَيْنِ سَبَبَ الْحُكْمِ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ الْإِقْرَارُ. أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ دَعْوَاهُمَا، وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِهِ. وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّانِي الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَتَّفِقَا، وَأَنْ يَأْخُذَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَأَنْ يَتَمَلَّكَاهُ بِالِاشْتِرَاكِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَلَهُمَا ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: هُوَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ:

إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمَالِ لِأَحَدٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: إنَّ الْمَالَ لَيْسَ لِفُلَانٍ بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ الْآخَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ. إلَّا أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا سَلَّمَ الْمَالَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ يَضْمَنُ بَدَلَ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي. أَمَّا إذَا سَلَّمَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّانِي وَيَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الثَّالِثِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ الْعَارِيَّةِ وَنُقُولُ النَّتِيجَةِ) . وَالْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لِلْمَجْهُولِ. وَهِيَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدِيعَةُ زَيْدٍ ثُمَّ قَالَ: بَلْ وَدِيعَةُ عَمْرٍو فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَدِيعَةَ زَيْدٍ، وَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ لَعَمْرٍو الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَحَّ لِلْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: لَا بَلْ وَدِيعَةُ عَمْرٍو إضْرَابٌ عَنْهُ وَرُجُوعٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مِثْلِ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهَا، وَقَدْ أَتْلَفَهَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِهَا لِلْأَوَّلِ، وَيَضْمَنُهَا لَهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) . النَّوْعُ الثَّانِي: جَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ وَسَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1579) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: جَهَالَةُ الْمُقِرِّ، وَتُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (الْكِفَايَةُ) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مُتَعَيَّنًا فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَجُلَانِ: إنَّ عَلَى أَحَدِنَا لِفُلَانٍ دَيْنًا، أَوْ قَالَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ: إنَّ لَك عَلَى أَحَدِنَا كَذَا دَنَانِيرَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الَّذِي سَيُحْكَمُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي سَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ مَجْهُولٌ، وَصُدُورُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يُعَيِّنُ أَنَّ الْمُطَالَبَ وَالْمُقِرَّ هُوَ الْآخَرُ حَتَّى لَوْ سُئِلَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ دَيْنُكَ عِنْدَ فُلَانٍ فَأَجَابَ قَائِلًا: كَلًّا. فَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ الْآخَرَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ وَلَوْ مَحْصُورِينَ، لِشَخْصٍ: لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيّ عَلَيْهِ وَصُدُورُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَحَدِهِمْ لَا يُعَيِّنُ أَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ (التَّكْمِلَةُ) . وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ الْجِدِّيَّةُ فَلِذَلِكَ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ بِطَرِيقِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالِاسْتِخْفَافِ غَيْرُ صَحِيحٍ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّك مَدِينٌ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَجَابَهُ مُسْتَهْزِئًا (نَعَمْ) ، أَوْ قَالَ (كيسه بدوز وَقَبض كُنْ) يَعْنِي خِطْ كِيسَك وَاقْبِضْ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَدِّ لِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك فَأَجَابَهُ الْآخَرُ مُسْتَهْزَأ سَتَأْخُذُهَا قَرِيبًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ اسْتِهْزَاءً (نَعَمْ أَحْسَنْت) فَهُوَ إقْرَارٌ وَيُؤَاخَذُ بِهِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) فَإِذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ بِأَنَّ إقْرَارَهُ اسْتِهْزَاءٌ، وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ جِدًّا وَاخْتَلَفَا فَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ بِادِّعَاءِ الِاسْتِهْزَاءِ بِلَا بَيِّنَةٍ أَيْ أَنَّ مُجَرَّدَ ادِّعَاءِ الِاسْتِهْزَاءِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَقَرِينَةُ هَزِّ الرَّأْسِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ. فَإِذَا عَجَزَ الْمُقِرُّ عَنْ إثْبَاتِ الِاسْتِهْزَاءِ فَيُصَدَّقُ الْمُقَرُّ لَهُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْإِقْرَارِ اسْتِهْزَاءً.

خلاصة الباب الأول في شروط الإقرار

[خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي شُرُوطُ الْإِقْرَارِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ شُرُوطُ الْإِقْرَارِ 1 - يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ عَدَمُ التَّلْجِئَةِ (فِي نَفَاذِهِ) . 2 - يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكَذِّبَ ظَاهِرُ الْحَالِ وَالشَّرْعُ الْإِقْرَارَ (فِي صِحَّتِهِ) . فَلِذَلِكَ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ: (1) الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ. (2) الْإِقْرَارُ بِالْمُحَالِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ (3) الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ لِلْجَنِينِ مَعَ ذِكْرِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ. 3 - يُشْتَرَطُ الْجِدُّ فِي الْإِقْرَارِ. الْمُقِرُّ: 1 - أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا بَالِغًا. 2 - رِضَاءُ الْمُقِرِّ. 3 - أَنْ يَكُونَ مُتَعَيَّنًا. الْمُقَرُّ بِهِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ. يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّةُ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) . الْمُقَرُّ لَهُ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَيَصِحُّ أَنْ يُقَرَّ بِمَالٍ لِصَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ، وَفِي الْإِقْرَارِ لِلْجَنِينِ بِمَالٍ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - الْإِقْرَارُ بِدُونِ بَيَانِ سَبَبٍ صَالِحٍ، أَوْ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ كَقَوْلِكَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِحَمْلِ فُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا. فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. 2 - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ صَالِحٍ وَهَذَا صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ. 3 - الْإِقْرَارُ بِبَيَانِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ. يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً الْمَادَّةَ (1578) أَمَّا الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً.

الباب الثاني في بيان وجوه صحة الإقرار وعدم صحته

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ وُجُوهِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ] [الْمَادَّةُ (1579) - كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ] ِ الْمَادَّةُ (1579) - (كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ مَجْهُولِيَّةَ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَانِعَةٌ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ أَحَدٌ: لِفُلَانٍ عِنْدِي أَمَانَةٌ، أَوْ غَصَبْت مَالَ فُلَانٍ، أَوْ سَرَقْته يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ وَتَعْيِينِ الْأَمَانَةِ الْمَجْهُولَةِ أَوْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ، أَوْ الْمَغْصُوبِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: بِعْت لِفُلَانٍ شَيْئًا، أَوْ اسْتَأْجَرْت مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا بَاعَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ) . لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، أَوْ مُمْكِنًا تَسْلِيمُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْدُومًا اُنْظُرْ فِقْرَةَ وَلَكِنْ إلَخْ الْوَارِدَةَ فِي الْمَادَّةِ (1591) فَلِذَلِكَ فَالْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَجْهُولَ أَيْ لَا يُبَيِّنُ سَبَبَهُ فَالْإِقْرَارُ الْمَجْهُولُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ، وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْإِقْرَارُ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُضِرَّةً فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَعْلُومِ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ أَيْضًا فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَالسَّرِقَةِ. لِأَنَّهُ يَجِبُ الْحَقُّ بَعْضًا، وَهُوَ مَجْهُولٌ كَإِتْلَافِ شَخْصٍ مَالَ آخَرَ لَا يَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَكَتَسْلِيمِ دَنَانِيرَ مَوْضُوعَةٍ فِي كِيسٍ مَجْهُولٍ مِقْدَارُهَا (تَكْمِلَةُ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَاتِ الْآتِيَةَ لَيْسَتْ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ. 1 - الْإِقْرَارُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ تَرْدِيدٌ بِالْمُقَرِّ بِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَقَلُّهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةٍ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَحَيْثُ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَطْعِيًّا فَيَجِبُ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الْأَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ الْإِثْبَاتُ. 2 - إنَّ الْإِقْرَارَ الْوَارِدَ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (1591) الْمُتَضَمِّنَ نَفْيَ الْمِلْكِ مَعَ الْإِقْرَارِ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِالْعَامِّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. 3 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ

بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الِاشْتِرَاكِ. بِالنِّصْفِ إلَّا أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا قَالَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ: إنَّ الثُّلُثَيْنِ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَوْ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ، وَثُلُثَاهَا لِي فَيُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) لَكِنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ وَتَحَقُّقِهِ بَيَانُ وَإِعْلَامُ الشَّيْءِ الَّذِي يُصَادِفُ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الْإِقْرَارُ مَعَ الْجَهَالَةِ (الدُّرَرُ) فَعَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبَ الْمُقَرِّ بِهِ، وَكَانَتْ الْجَهَالَةُ مُضِرَّةً فِي السَّبَبِ الْمَذْكُورِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ الَّتِي لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، فَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ فِي ذَلِكَ مَانِعَةٌ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ مَثَلًا: قَدْ اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانٍ مَالًا، أَوْ اسْتَأْجَرْتُ مِنْهُ مَالًا، أَوْ أَجَرْتُهُ مَالًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقًّا، أَوْ إنَّ لَهُ أَمَانَةً عِنْدِي، أَوْ قَالَ إنَّنِي غَصَبْتُ مَالَ فُلَانٍ، أَوْ سَرَقْتُهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَعِنْدَ ادِّعَاءِ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ وَتَعْيِينِ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ أَوْ الْأَمَانَةِ الْمَجْهُولَةِ أَوْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْمَسْرُوقِ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ كَالْفَلْسِ وَالْجَوْزَةِ، وَيُحْبَسُ لِحِينِ أَنْ يُبَيِّنَ وَيُعَيِّنَ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَلِكَ الْحَقَّ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ قَائِلًا: إنَّ الْحَقَّ الَّذِي أَقْرَرْتُ بِهِ هُوَ حَقُّ الْإِنْسَانِيَّةِ، أَوْ حَقُّ الْجِوَارِ، أَوْ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ الْمَجْهُولَةَ، أَوْ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ هِيَ حَبَّةُ حِنْطَةٍ أَوْ فُلَانٌ الصَّبِيُّ الْحُرُّ أَوْ قَطْرَةُ مَاءٍ لَا يُقْبَلُ سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ هُوَ خِلَافُ الْعُرْفِ بَلْ يَجِبُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ وَتَعْيِينُهُ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ قَلِيلَةٌ أَوْ كَثِيرَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ قَدْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ وَاجِبٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، فَبَيَانُهُ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ يَكُونُ رُجُوعًا مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1588) وَلَكِنْ فِي تَكْمِلَةِ (قَاضِي زَادَهْ) أَنَّهُ إذَا وَصَلَهُ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَهُ لَا وَعَلَيْهِ مَشَى فِي (التَّتَارْخَانِيَّة) . أَمَّا لَوْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ تِلْكَ الْأَمَانَةَ الْمَجْهُولَةَ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ فَرَسٌ أَوْ بَيْضَةٌ، أَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَيَكُونُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِيضَاحَ هُوَ بَيَانٌ مُقَرَّرٌ بِأَصْلِ الْكَلَامِ. وَيَصِحُّ بَيَانُ التَّقْرِيرِ سَوَاءٌ وَرَدَ مَوْصُولًا أَمْ مَفْصُولًا. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِشَيْءٍ أَزْيَدَ مِمَّا عَيَّنَهُ الْمُقِرُّ كَادِّعَائِهِ بِفَرَسَيْنِ أَوْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فَبِهَا، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُقِرِّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ زِيَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (76 وَ 8) (الزَّيْلَعِيّ وَالْكِفَايَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَقَّ هُوَ ذَلِكَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ، أَوْ خَمْرُ الْمُسْلِمِ فَهُوَ صَحِيحٌ. وَإِنْ يَكُنْ لَا يَجْرِي اصْطِلَاحُ كَلِمَةِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ، وَفِي الْخَمْرِ حَيْثُ إنَّهُ تُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بَعْضًا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي فِي يَدِ فُلَانٍ فَيَكُونُ بَيَانُهُ صَحِيحًا وَبِقَوْلِهِ هَذَا، لَا يُؤْخَذُ الْعَقَارُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُقِرُّ بِغَصْبِ الْعَقَارِ، وَالْعَقَارُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْغَصْبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: عِنْدِي لِفُلَانٍ حَقٌّ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ ذَلِكَ الْحَقِّ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ

فَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ كَمَا بُيِّنَ سَالِفًا: إنَّنِي قَصَدْتُ مِنْ ذَلِكَ الْحَقِّ حَقَّ الْإِسْلَامِ فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعُرْفِ أَيْ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ هَذَا الْمَعْنَى عُرْفًا مِنْ لَفْظِ (كَلِمَةِ الْحَقِّ) فَلِذَلِكَ يَكُونُ هَذَا الْبَيَانُ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ. إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا حَصَلَ الْبَيَانُ مَوْصُولًا كَقَوْلِهِ: إنَّ عِنْدِي لِفُلَانٍ حَقًّا هُوَ حَقُّ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا وَقَعَ مَفْصُولًا فَلَا يَكُونُ بَيَانُهُ صَحِيحًا، وَيَجْرِي عَلَى بَيَانِ الْمُقَرِّ بِهِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ أَنَّ هَذَا الْبَيَانَ غَيْرُ صَحِيحٍ سَوَاءٌ وَقَعَ مَفْصُولًا، أَوْ مَوْصُولًا وَيُعَدُّ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . لَكِنْ إذَا بَيَّنَ الْحَقَّ الْمَجْهُولَ بِشَيْءٍ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، أَوْ حَقِّ الْمُرُورِ فَاللَّائِقُ أَنْ يُصَدَّقَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِرْهَمًا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَقَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّ مُورَثَنَا مَدِينٌ لِلْمُدَّعِيَةِ مِنْ جِهَةِ صَدَاقِهَا إلَّا أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ مِقْدَارَهُ فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحًا، وَيُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى بَيَانِ مِقْدَارِهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي بَلْدَةٍ يُتَدَاوَلُ فِيهَا دَنَانِيرُ مُتَنَوِّعَةٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِينَارًا فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ الدِّينَارِ الْمَدِينِ بِهِ. أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيُصْرَفُ إلَى الدِّينَارِ الْأَكْثَرِ رَوَاجًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (240) (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ يَفْسُدُ فَلِلتَّصْحِيحِ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ يَصِحُّ. وَفَاةُ الْمُقِرِّ قَبْلَ الْبَيَانِ. يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى الْبَيَانِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ الْبَيَانِ يُرْجَعُ إلَى وَرَثَتِهِ، فَإِذَا فَسَّرَ وَبَيَّنَ الْوَرَثَةُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ، وَقَبِلَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ يُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْوَرَثَةُ: إنَّنَا نَجْهَلُ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَجْهُولَ، فَمَاذَا يَجِبُ عَمَلُهُ؟ وَبِمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَجْهَلُونَ الْمُقَرَّ بِهِ فَخَبَرُهُمْ عَلَى الْبَيَانِ يُؤَدِّي إلَى إجْبَارِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِعِلَاوَةٍ) . لَا يَكُونُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ بَعْضًا أَقَلَّ مِنْ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ - إنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي يَحْصُلُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا تَصْدُقُ عَلَى مَا دُونَ مِقْدَارِهَا الْمُعَيَّنِ - مَثَلًا لَوْ قَالَ لَهُ؛ عَلَى مَالٍ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ مِنْ فِضَّةٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَى مَالٍ عَظِيمٍ، فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي حَالَةِ بَيَانِهِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. وَأَمَّا إذَا بَيَّنَهُ مِنْ الْجِمَالِ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ جَمَلًا، وَإِذَا بَيَّنَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ فَلَا يَصْدُقُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ نِصَابِ الزَّكَاةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَاتِ الْمَجْهُولَةَ الَّتِي تَقَعُ بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ تُفَسَّرُ بِصُورَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْمِقْدَارِ حَسَبَ مَدْلُولِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي ابْتَعْت مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ بِعْته سَهْمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت دَارَ فُلَانٍ بِشَيْءٍ، أَوْ اسْتَأْجَرْتُهَا أَوْ أَجَرْتُ فُلَانًا شَيْئًا أَوْ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِكَوْنِ تِلْكَ الْعُقُودِ لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِ شَيْءٍ مَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى بَيَانِ مَا بَاعَهُ، أَوْ بَيَانِ بَدَلِ الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا، أَوْ بَدَلِ إيجَارِهَا، أَوْ عَلَى بَيَانِ الشَّيْءِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ

(المادة 1580) لا يتوقف الإقرار على قبول المقر له

إنَّ شَرْطَ الْمُقَرِّ بِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعْدُومٍ، عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْلُومًا، وَمُحَقَّقَ الْوُجُودِ كَقَوْلِكَ: هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مُحْتَمَلَ الْوُجُودِ كَالْحَمْلِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ مَا فِي بَطْنِ نَعْجَتِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَإِذَا وُجِدَ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ فِي أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ يَكُونُ ذَلِكَ الْحَمْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُقِرُّ سَبَبَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مُمْكِنُ التَّصْحِيحِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يُوصِيَ أَحَدٌ بِحَمْلِ شَاتِهِ الْفُلَانِيَّةِ لِآخَرَ ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُقِرُّ وَارِثُهُ بِذَلِكَ الْحَمْلِ لِآخَرِ. وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي الشَّاةِ أَرْبَعَةُ شُهُورٍ، وَفِي الْحَيَوَانَاتِ الْأُخْرَى سِتَّةُ شُهُورٍ أَمَّا حَسَبَ قَوْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ فَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي الْإِنْسَانِ سِتَّةُ شُهُورٍ، وَفِي الْفِيلِ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، وَفِي الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ سَنَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْبَقَرِ تِسْعَةُ شُهُورٍ، وَفِي الشَّاةِ وَالْمَعْزِ خَمْسَةُ شُهُورٍ، وَفِي الْقِطَطِ شَهْرَانِ، وَفِي الْكَلْبِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَفِي الطَّيْرِ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ بِهِ مُمْكِنًا تَسْلِيمُهُ فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِجِذْعٍ كَائِنٍ فِي سَقْفِ بَيْتِهِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ. لِأَنَّ إقْرَارَ الشَّيْءِ الْغَيْرِ مُمْكِنِ. التَّسْلِيمِ هُوَ إقْرَارٌ بِقِيمَتِهِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) . إنَّ هَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَكَانَ هِبَةً حَالَ كَوْنِ هِبَةِ ذَلِكَ وَبَيْعِهِ غَيْرَ جَائِزَيْنِ. [ (الْمَادَّةُ 1580) لَا يَتَوَقَّفُ الْإِقْرَارُ عَلَى قَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ] الْمَادَّةُ (1580) - (لَا يَتَوَقَّفُ الْإِقْرَارُ عَلَى قَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَكِنْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ، وَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ، وَإِذَا رَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ مِقْدَارًا مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ لَا يَبْقَى لِلْإِقْرَارِ حُكْمٌ فِي الْمِقْدَارِ الْمَرْدُودِ، وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي لَمْ يُرَدَّ) . لَا يَتَوَقَّفُ الْإِقْرَارُ عَلَى قَبُولِ وَتَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ بَلْ هُوَ مِنْ وَجْهِ إخْبَارٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1572) فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَسَكَتَ، وَلَمْ يُصَدَّقْ الْمُقِرَّ بِقَوْلِهِ: لَا أَوْ نَعَمْ. فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمُقِرِّ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ. إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْإِقْرَارِ لِلْحَاضِرِ وَالْإِقْرَارِ لِلْغَائِبِ. فَالْإِقْرَارُ لِلْحَاضِرِ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمَالٍ لِحَاضِرٍ فَلَيْسَ لَهُ إقْرَارُهُ لِآخَرَ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الشَّخْصِ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا وَلَمْ يَقُلْ بِأَنَّنِي أُصَدِّقُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ فَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ هَذَا، وَأَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الشَّخْصِ الْآخَرِ، وَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ الثَّانِي صَحِيحًا لَكِنْ إذَا رَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ الثَّانِي حِينَئِذٍ مُعْتَبَرًا. أَمَّا الْإِقْرَارُ لِلْغَائِبِ فَلَيْسَ لَازِمًا مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْغَائِبُ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ خَبَرُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِلْغَائِبِ وَيُصَدِّقَهُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ

الْآخَرِ كَانَ إقْرَارُهُ الثَّانِي صَحِيحًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ الْمُقَرِّ لَهُ الْحَاضِرِ قَبُولٌ ضِمْنِيٌّ فَلِذَلِكَ يُصْبِحُ ذَلِكَ الْمَالُ بِالْإِقْرَارِ وَاقِعًا بِالْمُقَرِّ لَهُ. أَمَّا الْغَائِبُ فَحَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ سُكُوتُهُ وَقَبُولُهُ الضِّمْنِيُّ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ الْغَائِبُ بِالْمُقَرِّ بِهِ. وَلَكِنْ يَرْتَدُّ الْإِقْرَارُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَبُولُ وَالتَّصْدِيقُ بَعْدَ الرَّدِّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُقِرِّ الْإِثْبَاتُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ، وَلَيْسَ بِإِخْبَارٍ، وَمِنْ وَجْهٍ أَنَّ الْمُتَضَمِّنَ تَمْلِيكَ الْمَالِ قَابِلٌ لِلرَّدِّ كَالْإِقْرَارِ. أَمَّا مَا لَا يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَ الْمَالِ فَرَدُّهُ غَيْرُ قَابِلٍ كَإِبْطَالِ الشُّفْعَةِ وَكَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَثَلًا؛ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِآخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَرَدَّ ذَلِكَ الْآخَرُ هَذَا الْإِقْرَارَ بِقَوْلِهِ: لَسْت مَدِينًا لِي بِشَيْءٍ ثُمَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنَّك مَدِينٌ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ (الزَّيْلَعِيّ) . حَتَّى إنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ دَيْنًا مِنْ وَارِثٍ، وَأَبْرَزَ سَنَدًا حَاوِيًا إقْرَارَ الْمُورَثِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ الْمُدَّعِي قَدْ رَدَّ الْإِقْرَارَ، وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . مُسْتَثْنًى - إنَّ صِحَّةَ رَدِّ الْإِقْرَارِ هُوَ فِي حَالَةِ إبْطَالِ الْمُقَرِّ لَهُ حَقَّهُ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ يُبْطِلُ بِهَذَا حَقَّ الْغَيْرِ فَلَا حُكْمَ لِلرَّدِّ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي بِعْت فَرَسِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: إنَّنِي لَمْ أَشْتَرِ مِنْك شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْك بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ لَازِمًا؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ قَدْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ، وَالْحَالُ أَنَّ جُحُودَ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ. أَمَّا لَوْ رَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَشْتَرِ مِنْكَ شَيْئًا وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ الْمُقِرُّ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ أَبِعْكَ ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّنِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ فَلَا يَثْبُتُ الشِّرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى، وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ تَمَّ الْفَسْخُ بِجُحُودِ الْعَاقِدَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا قَبِلَ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ، وَصَدَّقَهُ فَلَا يَرْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ أَصْبَحَ الْمُقَرُّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَنَفْيُ الْمَالِكِ الْمِلْكَ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُنَازَعِ لَا يَصِحُّ، وَلَكِنْ لَوْ تَصَادَقَ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ صَحَّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ لِأَحَدٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: لَيْسَ لِي عِنْدَك دَيْنٌ فَيُرَدُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ بِمُطَالَبَةِ الْمُقِرِّ، وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ بَعْدَ أَنْ صَدَّقَ الْمُقِرَّ بِقَوْلِهِ: إنَّكَ مَدِينٌ لِي فِي الْحَقِيقَةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يُرَدُّ الْإِقْرَارُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَرَّرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الرَّدِّ وَأَعَادَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ اسْتِحْسَانًا، وَيَكُونُ لَازِمًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ هُوَ الْأَخِيرُ. وَقَدْ وَرَدَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ إذَا أَعَادَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَجَلْ، يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ فِي الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ فَبَطَلَ وَانْعَدَمَ وَصَدَّقَهُ فِي الْإِقْرَارِ الثَّانِي فَاعْتُبِرَ وَانْبَرَمَ. وَلِأَنَّهُ احْتَمَلَ أَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ فَبَطَلَ بِالتَّكْذِيبِ وَانْعَدَمَ، وَكَانَ وَاجِبًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ الثَّانِي فَلَزِمَ بِالتَّصْدِيقِ وَانْبَرَمَ،

(المادة 1581) إذا اختلف المقر والمقر له في سبب المقر به

وَوَرَدَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَّبَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ فَانْقَطَعَ عَنْهُ ذَلِكَ الْغَرَضُ، وَرَجَعَ إلَى تَصْدِيقِهِ. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ فَلَا يَحْلِفُ الْيَمِينَ إلَّا أَنَّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَإِذَا رَدَّ الْمُقَرُّ لَهُ مِقْدَارًا مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَثَلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَرَدَّ أَرْبَعَةً مِنْهَا فَلَا يَبْقَى حُكْمُ الْإِقْرَارِ فِي الْمِقْدَارِ الْمَرْدُودِ أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ، وَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي الْمِقْدَارِ الْبَاقِي الَّذِي لَمْ يَرُدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ شَخْصَيْنِ فَرَدَّ أَحَدُهُمَا وَقَبِلَ الْآخَرُ، فَيَأْخُذُ الْقَابِلُ نِصْفَ الْمُقَرِّ بِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . [ (الْمَادَّةُ 1581) إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي سَبَبِ الْمُقَرِّ بِهِ] الْمَادَّةُ (1581) - (إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ، وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي سَبَبِ الْمُقَرِّ بِهِ فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافُهُمَا هَذَا مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافُهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ) . إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي سَبَبِ الْمُقَرِّ بِهِ فَلَا يَكُونُ اخْتِلَافُهُمَا هَذَا مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لَا تَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ السَّبَبِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا وَالسَّبَبُ بَاطِلًا وَبِلَا حُكْمٍ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لَا يَنْفِي الْإِقْرَارَ (الْهِدَايَةُ التَّغْيِيرُ وَالْكِفَايَةُ) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَيْنًا مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَوْ جِهَةِ الْغَصْبِ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ صَحِيحٌ، وَلَا يَكُونُ اخْتِلَافُهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ) . إنَّ فِقْرَةَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مُحْتَاجَةٌ لِلْإِيضَاحِ وَإِلَيْكَ ذَلِكَ: يَكُونُ ذَلِكَ الْمَبِيعُ إمَّا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، أَوْ مُسْلَمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلَمٍ. ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَقُولَ الْمُقِرُّ: إنَّنِي مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِفُلَانٍ ثَمَنًا لِلْفَرَسِ الْمُعَيَّنِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا، وَلَمْ أَقْبِضْهَا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَلْزَمُ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ الْمُقِرَّ مَا لَمْ تُسَلَّمْ الْفَرَسُ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ: إذَا كُنْتَ تُرِيدُ أَخْذَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَسَلِّمْ الْفَرَسَ إلَى الْمُقِرِّ وَخُذْهَا. فَإِذَا سَلَّمَ الْمُقَرُّ لَهُ الْفَرَسَ لِلْمُقِرِّ يَأْخُذُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الْمُعَايَنَةَ الثَّابِتَةَ بِتَصَادُقِهِمَا كَأَنَّهَا ثَابِتَةٌ (الْهِدَايَةُ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ الْمُقِرُّ: (إنَّنِي مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِفُلَانٍ ثَمَنِ الْفَرَسِ الْفُلَانِيَّةِ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ وَقَبَضْتَهَا) فَلَوْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْمُقِرِّ: إنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ هِيَ لَكَ، وَإِنَّنِي لَمْ أَبِعْهَا لَكَ بَلْ بِعْتُكَ غَيْرَهَا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْمُقَرَّ بِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ الَّذِي قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا قَدْ بَقِيَتْ سَالِمَةً لِلْمُقِرِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي السَّبَبِ غَيْرُ مَانِعٍ لِلْإِقْرَارِ. كَذَلِكَ لَوْ

(المادة 1582) طلب الصلح عن مال

ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ الْفَرَسِ الْمُعَيَّنِ الَّتِي بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا، وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنًا لِفَرَسٍ آخَرَ، أَوْ بَغْلَةٍ أُخْرَى بِيعَتْ لَهُ، وَتَسَلَّمَهَا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ: إنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ هِيَ مِلْكِي، وَإِنَّنِي لَمْ أَبِعْهَا فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ عَلَى كَوْنِهِ عِوَضًا لِلْفَرَسِ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ بِدُونِهَا. وَإِنَّ وُجُودَ الْفَرَسِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ، أَوْ الْمُقَرِّ لَهُ سِيَّانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا فِي حَالَةِ عَدَمِ إثْبَاتِ الْمُقِرِّ وُقُوعَ الْبَيْعِ لَهُ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ - أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ: إنَّ الْفَرَسَ لِي، وَإِنَّنِي لَمْ أَبِعْهَا لَك، بَلْ بِعْت غَيْرَهَا لَك فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَطْلُبُ تَسْلِيمَ الْفَرَسِ الَّتِي عَيَّنَهَا مِنْ طَرَفِهِ، وَالْمُقَرُّ لَهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ الْمُقَرَّ لَهُ الْمُنْكِرَ الْيَمِينُ كَمَا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ فَرَسٍ أُخْرَى، وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْيَمِينُ، وَعَلَيْهِ إذَا جَرَى التَّحَالُفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَلَفَ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَتَبْقَى الْفَرَسُ سَالِمَةً لِلْمُقَرِّ لَهُ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يَقُولَ الْمُقِرُّ، إنَّنِي مَدِينٌ لَك بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ فَرَسٍ اشْتَرَيْتُهَا وَلَمْ أَقْبِضْهَا مِنْك بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ، وَيُخَصِّصَ الْفَرَسَ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ صَحِيحًا، وَلَا يُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَقْبِضْهَا سَوَاءٌ أَقَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا، أَوْ مَفْصُولًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِثَمَنِ فَرَسٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَغَيْرِ مُسَلَّمَةٍ فَيَكُونُ الْمُقِرُّ قَادِرًا عَلَى أَنْ يَقُولَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ يُسَلِّمُهَا لَهُ الْبَائِعُ، إنَّهَا لَيْسَتْ الْفَرَسَ الَّتِي اشْتَرَاهَا، وَحَيْثُ إنَّ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ يَلْزَمُ بَعْدَ إحْضَارِ الْمَبِيعِ فَالْمَالُ الْغَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ الْغَيْرُ مُسَلَّمٍ هُوَ فِي حُكْمِ الْمَالِ الْمُسْتَهْلَكِ فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِالثَّمَنِ يُعَدُّ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي لَمْ أَقْبِضْ هُوَ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ وَالْعِنَايَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1582) طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ] الْمَادَّةُ (1582) - (طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ الْمَالِ، وَأَمَّا. طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى مَالٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذَلِكَ الْمَالِ، فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَأَعْطِنِي إيَّاهَا فَطَلَبَ مِنْهُ الصُّلْحَ قَائِلًا: صَالِحْنِي عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَوْ طَلَبَ الصُّلْحَ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْمُنَازَعَةِ بِقَوْلِهِ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى الْأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ) . الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: إذَا ذَكَرَ الْمُقِرُّ فِي جَوَابِهِ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي صَرَاحَةً بِقَوْلِهِ: دَيْنُكَ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ، أَوْ أَشَارَ بِضَمِيرِ (هُوَ - أَوْ ذَلِكَ) فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمَطْلُوبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَى ذَلِكَ فَالْخُصُومَاتُ الْآتِيَةُ إقْرَارٌ: 1 - طَلَبُ الصُّلْحِ عَنْ مَالٍ، أَوْ حَقٍّ، وَلَوْ كَانَ مَجْهُولًا. 2 -، أَوْ طَلَبُ الْإِبْرَاءِ مِنْهَا هُوَ بِمَعْنَى الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ الْمَالِ. مَثَلًا؛ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ

بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي عِنْدَكَ حَقًّا. فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَنْ ذَلِكَ الْحَقِّ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَيُقْبَلُ بَيَانُ الْمُدَّعِي عَمَّا هُوَ ذَلِكَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَقَّ مُجْمَلًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَأَمَّا طَلَبُ الْإِبْرَاءِ، أَوْ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى مَالٍ، أَوْ طَلَبُ تَأْخِيرِ الدَّعْوَى فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذَلِكَ الْمَالِ (الْخُلَاصَةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْوِيرُ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّلْحِ عَنْ الدَّعْوَى وَالْإِبْرَاءِ عَنْهَا قَطْعُ النِّزَاعِ فَلَا يُفِيدُ ثُبُوتَ الْحَقِّ بِخِلَافِ طَلَبِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْحَقِّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَهُ، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى بِهِ (التَّكْمِلَةُ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ (قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَخَالَفَهُمْ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ، وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ أَصَحُّ) . فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَعْطِنِي إيَّاهَا فَطَلَبَ مِنْهُ الصُّلْحَ قَائِلًا لَهُ: صَالِحْنِي عَنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ الْمَذْكُورَةِ بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، أَوْ طَلَبَ مِنْهُ إبْرَاءَ ذِمَّتِهِ بِقَوْلِهِ: أَبْرِئْ ذِمَّتِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ الْمَطْلُوبَةَ هِيَ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْمُدَّعِي بِالصُّلْحِ، أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَهُ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِتَمَامِهِ مِنْ الْمُقِرِّ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ ذِمَّتِي قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1647) . وَلَكِنْ لَوْ كَانَ طَلَبُ الصُّلْحِ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْمُنَازَعَةِ كَمَا إذَا قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ دَعْوَى هَذِهِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَبْرِئْنِي مِنْهَا فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ دَعْوَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ هَذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ (الْفَيْضِيَّةُ) . 3 - طَلَبُ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ. 4 - الِادِّعَاءُ بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ. 5 - الدَّعْوَى بِهِبَةِ الدَّيْنِ لَهُ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ. 6 - الِادِّعَاءُ بِإِبْرَائِهِ مِنْ الدَّيْنِ. 7 - الِادِّعَاءُ بِحَوَالَةِ الدَّيْنِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ. 8 - طَلَبُ كَفَالَةِ شَخْصٍ آخَرَ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ. 9 - إذَا طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَطْلُوبًا فَيَقُولُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَهُ: خُذْهُ 10 - قَوْلُهُ تَنَاوَلْهُ. 11 - قَوْلُهُ أُعْطِيكَ إيَّاهُ قَرِيبًا. 12 - قَوْلُهُ أُعْطِيكَ إيَّاهُ غَدًا. 13 - قَوْلُهُ لَيْسَ لَدَيَّ الْيَوْمَ دَرَاهِمُ تَكْفِي لِأَدَائِهِ. 14 - قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا أُعْطِيكَ إيَّاهُ الْيَوْمَ. 15 - قَوْلُهُ: لَا تَأْخُذْهُ مِنِّي الْيَوْمَ. 16 - قَوْلُهُ: لَمْ يَحِلَّ وَقْتُ أَدَائِهِ.

قَوْلُهُ: لِمَاذَا تُكْثِرُ مِنْ طَلَبِهِ. 18 - قَوْلُهُ حُلْ دَائِنِيكَ، أَوْ مَنْ شِئْتَ بِهِ عَلَيْهِ. 19 - قَوْلُهُ: إنَّ فُلَانًا قَدْ أَدَّاهُ عَنِّي. 20 - إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لِي عِنْدَك كَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ الْمَدِينُ بِقَوْلِهِ (بنم دخي سَنِّدْنَ أَوْ قَدْرَ الأجغم وَأَرَادُوا) أَيْ لِي عِنْدَك قَدْرُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ. 21 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّ لِي عَلَيْك أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا، أَوْ لِي عِنْدَك كَذَا أَمَانَةً فَأَجَابَهُ آخَرُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، أَوْ تِلْكَ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ (نَعَمْ) مَوْضُوعٌ لِلْجَوَابِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِلرَّابِطَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (66) حَتَّى لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ: أَسْرِجْ فَرَسِي هَذِهِ، أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَأَجَابَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ. فَيَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ صَدَّقَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ دَارُهُ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: نَعَمْ جَوَابٌ فِي الْخَبَرِ لَا فِي الْإِنْشَاءِ، وَهَذِهِ الْأُمُورُ إنْشَاءٌ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَقُولُ لِتَبْعِيدِ الْكَلَامِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ مَاذَا تَقُولُ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً لَكِنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْخَبَرِ فَنَعَمْ جَوَابٌ لَهُ. 22 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لِي عِنْدَك دَيْنٌ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَأَجَابَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ (اتَّزِنْهُ) ، أَوْ (انْتَقِدْهُ) فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَيْهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ فَكَانَ جَوَابًا لَا رَدًّا، وَلَا ابْتِدَاءً فَيَكُونُ إثْبَاتًا لِلْأَوَّلِ إلَّا إذَا تَصَادَقَا أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ السُّخْرِيَةِ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) . 23 - لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا فَأَجَابَهُ قَائِلًا: انْتَظِرْ حُضُورَ الصَّرَّافِ فَإِنَّهُ سَيُؤَدِّيهِ لَك فَيَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا. 24 - لَوْ قَالَ لَهُ مُجِيبًا: لَمْ أَقْتَرِضْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَك كَانَ إقْرَارًا عَلَى رَأْيِ السَّرَخْسِيِّ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَنَّنِي اقْتَرَضْتُ مِنْكَ، وَلَمْ أَقْتَرِضْ مِنْ غَيْرِكَ. 25 - إذَا حُرِّرَ سَنَدُ بَيْعٍ ذُكِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ صَحِيحًا وَنَافِذًا، وَحُرِّرَتْ شَهَادَةُ أَحَدٍ عَلَيْهِ، وَوَقَّعَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ السَّنَدَ، أَوْ خَتَمَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّاهِدُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ (التَّكْمِلَةُ وَهَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَذْكُرُ الْمُقِرُّ فِي جَوَابِهِ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي صَرَاحَةً، وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ بِضَمِيرٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا. فَلِذَلِكَ لَا تُعَدُّ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ إقْرَارًا: 1 - أَجَلْ (2) قَدْ أَدَّيْتُكَ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِعَدَمِ انْصِرَافِهِ. إلَى الْمَذْكُورِ فَكَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً (3) تَصَدَّقْ عَلَيَّ (4) إنَّكَ وَهَبْتَ لِي (5) اتَّزِنْ (6) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَجَابَهُ الْآخَرُ بِقَوْلِهِ: فَلْنَتَحَاسَبْ (7) لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا، فَأَجَابَهُ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا، فَالصُّورَةُ السَّابِعَةُ إقْرَارٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ أَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ عَلَى هَذَا

(المادة 1583) طلب أحد شراء المال الذي في يد شخص آخر أو استئجاره أو استعارته.

الْوَجْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّ مَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ، أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا كَاتَّزِنْ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَتَكْمِلَتُهُ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ) . 8 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: لَا تُخْبِرْ فُلَانًا بِأَنَّنِي مَدِينٌ لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) . 9 - لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَالًا وَحَرَّرَ اسْمَ شَاهِدٍ فِي سَنَدِ الْبَيْعِ الَّذِي حُرِّرَ لِذَلِكَ وَخَتَمَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ السَّنَدَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْ الشَّاهِدِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُ الْبَائِعِ فَلِلشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ. لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ بَعْضَ مَالِ الْغَيْرِ فُضُولًا. أَمَّا إذَا ذَكَرَ فِي سَنَدِ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ صَحِيحًا، أَوْ نَافِذًا فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ إقْرَارًا كَمَا بُيِّنَ آنِفًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَالتَّكْمِلَةِ) . 10 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَدِّ لِي مَا عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ لَهُ: اصْبِرْ، أَوْ تَأْخُذُ قَرِيبًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا. [ (الْمَادَّةُ 1583) طَلَبَ أَحَدٌ شِرَاءَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ أَوْ اسْتِئْجَارَهُ أَوْ اسْتِعَارَتَهُ.] الْمَادَّةُ (1583) - (إذَا طَلَبَ أَحَدٌ شِرَاءَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ أَوْ اسْتِئْجَارَهُ، أَوْ اسْتِعَارَتَهُ، أَوْ قَالَ: هَبْنِي إيَّاهُ وَأَوْدِعْنِي إيَّاهُ، أَوْ قَالَ الْآخَرُ: خُذْهُ وَدِيعَةً وَقَبِلَ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِعَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ) . إذَا طَلَبَ أَحَدٌ شِرَاءَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ، أَوْ فِي يَدِ وَكِيلِهِ، أَوْ اسْتِئْجَارَهُ أَوْ اسْتِعَارَتَهُ، أَوْ قَالَ هَبْنِي إيَّاهُ، أَوْ أَوْدِعْنِي إيَّاهُ أَوْ قَالَ الْآخَرُ: خُذْهُ وَدِيعَةً وَقَبِلَ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ السِّتِّ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِعَدَمِ كَوْنِ الْمَالِ لَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَقَرَّ ضِمْنًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ مِلْكًا لِذِي الْيَدِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ ذِي الْيَدِ، أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الأُسْتُروشَنِيَّة؛ إنَّ الِاسْتِشْرَاءَ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَظِيرُ الِاسْتِشْرَاءِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَشْرَى هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ فُلَانٍ كَانَ دَفْعًا. وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِئْجَارِ قَدْ قُيِّدَتْ مِنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَقِيلَ فِيهَا: إنَّ مُنَافَاةَ الِاسْتِئْجَارِ بِدَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ ظُهُورِ مِلْكِيَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْمَأْجُورِ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ الرَّاهِنُ، أَوْ الْبَائِعُ وَفَاءَ الْمَالِ الْمَرْهُونِ، أَوْ الْمَبِيعِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِعَدَمِ مِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ. حَتَّى إنَّ اسْتِئْجَارَ الْمَرْهُونِ لَمْ يَجُزْ فَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ فِيهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَاحِبِ الْمَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إنَّ طَلَبَ الشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَثَلًا. لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ شِرَاءَ مَالِ آخَرَ الَّذِي فِي يَدِ وَكِيلِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ لَهُ قَبْلَ الْمُسَاوَمَةِ، أَوْ لِوَالِدِهِ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْمُسَاوَمَةِ مَا لَمْ يَقُلْ: إنَّ الْمَالَ لِوَالِدِي، وَقَدْ وَكَّلَ هَذَا الشَّخْصَ

بِالْبَيْعِ، وَقَدْ. سَاوَمْتُهُ، وَلَمْ نَتَّفِقْ عَلَى الشِّرَاءِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالِدِي وَبَقِيَ مِيرَاثًا لِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مَالًا مِنْ آخَرَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الْوَكِيلَ قَدْ سَاوَمَهُ عَلَى الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا يَبْقَى لِلْوَكِيلِ، وَلِلْمُوَكِّلِ حَقُّ الْخُصُومَةِ أَمَّا لَوْ أَثْبَتَ أَنَّ الْوَكِيلَ سَاوَمَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَيَخْرُجُ الْوَكِيلُ عَنْ الْخُصُومَةِ، وَلَكِنْ تَبْقَى خُصُومَةُ الْمُوَكِّلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ عِبَارَةِ (ذِي الْيَدِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَطَلَبَ آخَرُ الشِّرَاءَ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشِّرَاءَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ مَالَهُ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ هُوَ مَالُهُ فَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّكَ طَلَبْتَ شِرَاءَ هَذَا الْمَالِ مِنْ فُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْإِقْرَارُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ. إنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ اخْتِلَافًا فَعَلَى رِوَايَةٍ بِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِذَلِكَ الْمَالِ، وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيَامَ يَكُونُ بَعْضًا مَعَ وَكِيلِ الْمَالِكِ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ: لَوْ اسْتَشْرَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ لَوْ ادَّعَى الْمَالَ لِنَفْسِهِ. وَدَعْوَاهُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ صَحِيحَةٌ حَسَبَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حَانُوتًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ. لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ، وَإِنْ يَكُنْ إقْرَارًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِعَدَمِ مِلْكِيَّتِهِ فِي الْمَأْجُورِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا بِمِلْكِ الْمُؤَجِّرِ الْمَأْجُورَ، وَلِأَنَّ كَوْنَ الْمَأْجُورِ غَيْرَ مِلْكٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْغَيْرِ، وَعَلَيْهِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ غَيْرِهِ. وَقَدْ رُجِّحَتْ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ بِالْقَوْلِ عَنْهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَدْ قَبِلَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى وَالْأَنْقِرْوِيُّ رَجَّحَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يُوجَدُ دَلِيلٌ بِتَرْجِيحِ إحْدَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ. إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُدَّعِي شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ، أَوْ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضًا: وَلَكِنْ لَوْ صَدَرَ مِنْ الْمُدَّعِي شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ، وَلَكِنْ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَدَعْوَاهُ ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ بَاطِلَةٌ أَمَّا دَعْوَاهُ لِغَيْرِهِ فَصَحِيحَةٌ وَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُدَّعِي لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمِلْكِيَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجِبُ تَرْجِيحُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ، وَإِلَّا فَلَا يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ بِالشَّكِّ

(المادة 1584) الإقرار المعلق بالشرط باطل

التَّكْمِلَةُ) . مُسْتَثْنًى: لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى ثِيَابًا مَلْفُوفَةً فِي شَيْءٍ (كَغِلَافٍ) وَلَمْ يَعْلَمْهَا الْمُسَاوِمُ، فَطَلَبُ شِرَائِهَا لَيْسَ إقْرَارًا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى بِأَنَّهَا غَيْرُ مِلْكِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ الِاسْتِشْرَاءَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ صَرِيحٍ بِأَنَّ الْمَالَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ بَلْ هُوَ إقْرَارٌ ضِمْنِيٌّ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَشْرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَضَبَطَ أَبُو الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ بِالِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَالِدُهُ وَوَرِثَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَالَ فَلَا يُؤْمَرُ الْوَارِثُ بِرَدِّ الْمَالِ لِلْبَائِعِ وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ صَرِيحًا حِينَ الْبَيْعِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ ذَلِكَ الْمَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ (الْمَادَّةَ 1575) . [ (الْمَادَّةُ 1584) الْإِقْرَارُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ] الْمَادَّةُ (1584) - (الْإِقْرَارُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ. وَلَكِنْ إذَا عُلِّقَ بِزَمَانٍ صَالِحٍ لِحُلُولِ الْأَجَلِ فِي عُرْفِ النَّاسِ يُحْمَلُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إذَا وَصَلْتُ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ، أَوْ إذَا أَخَذْتُ عَلَى عُهْدَتِي الْمَصْلَحَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَإِنَّنِي مَدِينٌ لَكَ بِكَذَا فَيَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا بَاطِلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ تَأْدِيَةُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنْ إذَا قَالَ: إذَا أَتَى أَوَّلُ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ يَوْمٌ قَاسِمٌ فَإِنَّنِي مَدِينٌ لَكَ بِكَذَا يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَأْدِيَةُ الْمَبْلَغِ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ 40) . يُوجَدُ قَاعِدَتَانِ فِي تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ عَلَى شَرْطٍ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: إذَا عُلِّقَ الْإِقْرَارُ عَلَى شَرْطٍ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ صَالِحٍ لِحُلُولِ الْأَجَلِ، وَغَيْرَ مَعْدُودٍ مِنْ آجَالِ النَّاسِ، فَيَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ صَالِحًا لِحُلُولِ الْأَجَلِ وَمَعْدُودًا مِنْ آجَالِ النَّاسِ فَلَا يَمْنَعُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ (الْمُحِيطُ) . إيضَاحُ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى: أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ فِيهِ احْتِمَالُ وُجُودِ الْخَطَرِ مِنْ عَدَمِ وُجُودِهِ بَاطِلٌ. أَمَّا التَّعْلِيقُ عَلَى شَرْطٍ كَائِنٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَنْجِيزٌ، وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْإِقْرَارِ) .

وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْمَوْتِ صَحِيحٌ. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ: إذَا مِتّ فَإِنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ. لِأَنَّ الْمَوْتَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَلَيْسَ فِيهِ خَطَرٌ. فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَعْلِيقًا فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ إشْهَادٌ عَلَى الدَّيْنِ مَنْعًا لِإِنْكَارِ الْوَرَثَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ مَا هُوَ إلَّا تَأْكِيدٌ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ صِيَانَةُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ مِنْ الْإِلْغَاءِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَيَكُونُ هَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَمْلِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَعْنَى الْإِشْهَادِ. لَكِنْ لَوْ رَضِيَ الْمُقِرُّ بِإِلْغَاءِ كَلَامِهِ قَائِلًا: بِأَنَّنِي قَصَدْتُ التَّعْلِيقَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى رِضَائِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) . الْخُلَاصَةُ: أَنَّ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَصِلَ الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ بِعِبَارَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِيمَا يَأْتِي: الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَصِلَ الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ بِكَلَامٍ مُسْتَلْزِمٍ تَعْلِيقًا مُخْطَرًا كَقَوْلِهِ: إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَهَذَا الْقَوْلُ تَعْلِيقٌ، وَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ عَلَى شَرْطٍ كَائِنٍ لَا مَحَالَةَ، فَالْإِقْرَارُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ كَقَوْلِهِ: إذَا مِتُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إيضَاحُ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: وَلَكِنْ إذَا عُلِّقَ بِزَمَانٍ صَالِحٍ لِحُلُولِ الْأَجَلِ فِي عُرْفِ النَّاسِ أَيْ أَنْ يُعَلَّقَ الْمُقَرُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ يَتَضَمَّنُ الْأَجَلَ يُحْمَلُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَجَلَ، أَوْ أَثْبَتَ الْمُقِرُّ الْأَجَلَ فَبِهَا. وَإِلَّا يَحْلِفْ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْأَجَلِ فَإِذَا نَكَلَ يَثْبُتُ الْأَجَلُ، وَإِذَا حَلَفَ يَكُونُ الْمُقِرُّ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمُقَرِّ بِهِ مُعَجَّلًا. أَمْثِلَةٌ لِلْقَاعِدَةِ الْأُولَى: مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إذَا وَصَلْتُ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ، أَوْ أَخَذْتُ عَلَى عَاتِقِي الْمَصْلَحَةَ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ إذَا هَبَّ الرِّيحُ، أَوْ إذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ، أَوْ إذَا دَخَلْتَ دَارِي، أَوْ إذَا أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ إذَا حَكَمَ اللَّهُ، أَوْ إذَا رَضِيَ اللَّهُ، أَوْ إذَا قَدَّرَ اللَّهُ، أَوْ إذَا دَبَّرَ اللَّهُ، أَوْ إذَا أَقْرَضْتَنِي كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ إذَا حَلَفْتَ يَمِينًا بِأَنَّنِي مَدِينٌ لَكَ، أَوْ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: إذَا لَمْ أُؤَدِّ لَك الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ، فَإِنَّنِي مَدِينٌ لَك بِكَذَا دِرْهَمًا فَيَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ بَاطِلًا. وَلَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ بِأَنْ وَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ، أَوْ أَخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ تِلْكَ الْمَصْلَحَةَ. وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: مَهْمَا أَقَرَّ فُلَانٌ لِي بِشَيْءٍ فَإِنَّنِي مُقِرٌّ لَهُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ. إنَّ بَعْضَ التَّعْلِيقَاتِ الْمُبْطِلَةِ لِلْإِقْرَارِ هِيَ: أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إذَا حَلَفْتَ الْيَمِينَ فَإِنَّ مَا ادَّعَيْتَهُ لَكَ، أَوْ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ لِي

غَيْرُ ذَلِكَ، أَوْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ، أَوْ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ، أَوْ قَوْلُهُ: اشْهَدُوا بِأَنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ، أَوْ قَوْلُهُ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى عِلْمِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ 0 فَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ دَفَعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَدْفُوعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ. وَلَوْ قَالَ: وَجَدْتُ فِي دَفْتَرِي أَنَّهُ عَلَيَّ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَا عَلَيْهِ صِيَانَةً لِلنَّاسِ وَلِلْبِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ (التَّكْمِلَةُ) وَلِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ لَفْظَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ حَتَّى إذَا طَلَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ وَلَمْ يُنَجِّزْ، وَاللُّزُومُ حُكْمُ التَّنْجِيزِ لَا التَّعْلِيقِ. وَلِأَنَّ مَشِيئَةَ فُلَانٍ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ كَلِمَةَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولَةً بِإِقْرَارِهِ بَلْ قَالَهَا مَفْصُولَةً فَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ تَمَّ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَحْصُلْ عَدَمُ الْوَصْلِ بِأَحَدِ الْأَعْذَارِ، كَالنَّفَسِ وَالسُّعَالِ وَأَخْذِ الْفَمِ (التَّنْوِيرُ وَالتَّكْمِلَةُ) . وَقُيِّدَ بِالْوَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَفْصُولًا لَا يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ. كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ لَمْ تَكُنْ مَشِيئَتُهُ مَعْلُومَةً كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إذَا شَاءَتْ الْمَلَائِكَةُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ (التَّكْمِلَةُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَنَّهُ قَالَ لَفْظَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ يُنْظَرُ: فَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي بِحَقِّهِ، وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَالْمُقِرُّ يُنْكِرُ دَيْنَهُ، وَإِقْرَارَهُ فَبَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي إقْرَارَهُ، فَإِذَا ادَّعَى بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَعَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ، وَإِلَّا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ الْغَيْرِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ ابْتِدَاءً: إنَّنِي أَقْرَرْتُ بِأَنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ ذَلِكَ فِي إقْرَارِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَكَأَنَّهُ قَدْ قَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ صَدَرَ هَذَا التَّعْلِيقُ مِنْ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِلْإِقْرَارِ أَيْضًا. (التَّكْمِلَةُ) . مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ عَقْدًا قَابِلًا لِلْخِيَارِ كَأَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ نَاتِجٍ عَنْ عَقْدٍ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخِرِ: إنَّنِي مَدِينٌ لَك بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْك عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِهِ مِنْ جِهَةِ كَفَالَةٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِيهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ الْخِيَارَ فَعَلَى الْمُقِرِّ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ فَالْقَوْلُ لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مِثَالٌ لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ: وَلَكِنْ إذَا قَالَ، إنْ أَتَى أَوَّلُ الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ يَوْمٌ قَاسِمٌ، أَوْ يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنَّنِي مَدِينٌ لَك بِكَذَا. فَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ تَعْلِيقٌ صَالِحٌ لِحُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَصْبَحَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ لَيْسَ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ بِشَرْطٍ بَلْ إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَجَلَ يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (40) لِأَنَّ مِنْ الْعَادَةِ ذِكْرَ ذَلِكَ لِبَيَانِ مُدَّةِ الْأَجَلِ

(المادة 1585) الإقرار بالمشاع

فَلِذَلِكَ يُتْرَكُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَجَلَ، وَعَجَزَ الْمُقِرُّ عَنْ إثْبَاتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْأَجَلِ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَيَجِبُ تَأْدِيَةُ الْمُقَرِّ بِهِ فِي الْحَالِ (الْخَانِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) . الْإِقْرَارُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1572) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْوَاقِعَ بِخِيَارِ شَرْطٍ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْخِيَارِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ قَالَ: إنَّنِي غَصَبْت مَالَهُ، أَوْ إنَّنِي اسْتَوْدَعْتُهُ، أَوْ اسْتَعَرْته عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا فِي إقْرَارِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَلْزَمُهُ الْمُقَرُّ بِهِ بِلَا خِيَارٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْخِيَارِ الْفَسْخُ. وَلَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ إخْبَارًا كَانَ وَاجِبَ الْعَمَلِ بِهِ إذَا كَانَ صَادِقًا، وَوَاجِبَ الرَّدِّ إذَا كَانَ كَاذِبًا فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَمَلِ الْفَسْخِ، وَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ بِالِاخْتِيَارِ، أَوْ عَدَمِ الِاخْتِيَارِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهِ خِيَارٌ (الدُّرَرُ وَالْعِنَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . سُؤَالٌ: الْإِقْرَارُ يُرَدُّ بِالرَّدِّ وَهَذَا فَسْخٌ. الْجَوَابُ: الرَّدُّ لَيْسَ فَسْخًا لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ شَيْءٍ بَعْدَ الثُّبُوتِ، وَرَدُّ الْإِقْرَارِ هُوَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ رَفْعًا بَعْدَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ مُحْتَمِلًا لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ يَثْبُتُ الْكَذِبُ فِي حَقِّهِ (التَّكْمِلَةُ) [ (الْمَادَّةُ 1585) الْإِقْرَارُ بِالْمُشَاعِ] الْمَادَّةُ (1585) - (الْإِقْرَارُ بِالْمُشَاعِ صَحِيحٌ فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِحِصَّةٍ شَائِعَةٍ مِنْ مِلْكِ عَقَارٍ فِي يَدِهِ كَالنِّصْفِ، أَوْ الثُّلُثِ وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ الْإِفْرَازِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يَكُونُ شُيُوعُ الْمُقَرِّ بِهِ مَانِعًا لِصِحَّةِ هَذَا الْإِقْرَارِ) . الْإِقْرَارُ بِالْمُشَاعِ صَحِيحٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشَاعُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ. لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ فَإِنَّ التَّمْلِيكَ بِلَا بَدَلٍ هِبَةٌ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَمَا جَازَ الْإِقْرَارُ بِمُشَاعٍ قَابِلِ الْقِسْمَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِحِصَّةٍ شَائِعَةٍ مِنْ الْمِلْكِ الْعَقَارِ الَّذِي فِي يَدِهِ كَإِقْرَارِهِ بِنِصْفِهِ، أَوْ ثُلُثِهِ وَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ الْإِفْرَازِ، وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الْمُفْرَزَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَا يَكُونُ شُيُوعُ الْمُقَرِّ بِهِ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ. وَلَيْسَ تَعْبِيرُ (عَقَارٍ) الْوَارِدُ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ تَعْبِيرًا احْتِرَازِيًّا فَيَصِحُّ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِالْمَالِ الْمَنْقُولِ الْمُشَاعِ. كَمَا أَنَّ تَعْبِيرَ (تَصْدِيقٍ) لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ السُّكُوتِ بَلْ احْتِرَازٌ مِنْ الرَّدِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1580) [ (الْمَادَّةُ 1586) إقْرَارُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ] الْمَادَّةُ (1586) - (إقْرَارُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ مُعْتَبَرٌ، وَلَكِنَّ إقْرَارَ النَّاطِقِ بِإِشَارَتِهِ لَا يُعْتَبَرُ، مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلنَّاطِقِ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ) . إقْرَارُ الْأَخْرَسِ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ، أَوْ كِتَابَتِهِ مُعْتَبَرٌ. فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْأَخْرَسُ

بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ رَهْنٍ أَوْ نِكَاحٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ إبْرَاءٍ وَقِصَاصٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهِ بِإِشَارَتِهِ الْمَخْصُوصَةِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ. وَالْإِشَارَةُ الْمَعْهُودَةُ تَكُونُ بِأَعْضَائِهِ كَالْيَدِ وَالْحَاجِبِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْقَاضِي وَاقِفًا عَلَى مَعْنَى إشَارَةِ الْأَخْرَسِ فَبِهَا، وَإِلَّا يَسْأَلُ مِنْ إخْوَانِ الْأَخْرَسِ أَوْ أَصْدِقَائِهِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ مَا هُوَ الْمَقْصِدُ مِنْ تِلْكَ الْإِشَارَةِ، وَهَؤُلَاءِ يُوَضِّحُونَ وَيُفَسِّرُونَ بِحُضُورِ الْقَاضِي مَقْصِدَ الْأَخْرَسِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ عُدُولًا، وَمِمَّنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ كَلَامُ الْفَاسِقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْحُدُودِ، وَلَوْ كَانَ حَدَّ الْقَذْفِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَيُشَارُ بِقَوْلِهِ (إشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ غَيْرَ مَعْهُودَةٍ لَا يُعْمَلُ بِهَا. أَمَّا إقْرَارُ مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ فَإِذَا دَامَ اعْتِقَالُهُ إلَى زَمَنِ مَوْتِهِ فَإِقْرَارُهُ، وَإِشْهَادُهُ صَحِيحَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (70) (النَّتِيجَةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنَّ إقْرَارَ النَّاطِقِ بِإِشَارَتِهِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ، وَإِقْرَارُ النَّاطِقِ بِإِشَارَتِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، أَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْحُدُودِ. مَثَلًا، لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلنَّاطِقِ: هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا دَرَاهِمَ حَقًّا؟ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِشَخْصٍ نَاطِقٍ: هَلْ بِعْت دَارَكَ، أَوْ هَلْ أَجَّرْتهَا، أَوْ وَهَبْتَهَا فَخَفَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ رَأْسَهُ فَلَا يَكُونُ بِتَخْفِيضِهِ رَأْسَهُ قَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْهِبَةِ. تَتِمَّةٌ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ وَالْأَقْرِبَاءِ وَالزَّوْجِيَّةِ: الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ، لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ أَنَّ الْوَلَدَ الْفُلَانِيَّ، وَلَدُهُ فَيَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَلَدُ فِي مَوْلِدِهِ أَوْ فِي الْبَلْدَةِ الْمَوْجُودِ فِيهَا (أَيْ بَلْدَةِ مَوْضِعِ الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى) مَجْهُولَ النَّسَبِ لَكِنْ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فِي مَوْضِعِ الدَّعْوَى، وَحُكِمَ بِنَسَبِهِ لِلْمُدَّعِي وَوَرَدَتْ بَيِّنَةٌ مِنْ مَوْلِدِهِ بِأَنَّ نَسَبَهُ لِغَيْرِ الْمُدَّعِي فَتَبْطُلُ بِذَلِكَ الدَّعْوَى الْأُولَى. أَمَّا إذْ ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مَجْهُولَ النَّسَبِ فِي مَوْلِدِهِ فَلَا تُنْقَضُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ. الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِي سِنٍّ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَدُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ أَيْ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَجُلًا أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ الْوَلَدِ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَنِصْفٍ، وَإِذَا كَانَ امْرَأَةً أَنْ تَكُونَ أَكْبَرَ بِتِسْعِ سِنِينَ وَنِصْفٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1572) الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يُصَدِّقَ الْوَلَدُ الْمُقِرَّ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُمَيِّزًا. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْدِيقِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ فِي يَدِ الْغَيْرِ بِمَنْزِلَةِ الْبَهِيمَةِ، وَتَصْدِيقُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ. فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِالْوَلَدِ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيُشَارِكُ هَذَا الْوَلَدُ الْوَرَثَةَ الْأُخْرَى فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ ثُبُوتِ النَّسَبِ. وَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْإِبْطَالِ بَعْدَ الثُّبُوتِ. أَمَّا إذَا عُدِمَ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَأَنْ يَكُونَ نَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَوْ كَانَ حَسَبَ السِّنِّ غَيْرَ صَالِحٍ؛ لَأَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ. أَوْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا مُمَيِّزًا

خلاصة الباب الثاني في وجوه صحة الإقرار

فَلَمْ يُصَدِّقْ الْمُقِرَّ. فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ. الْإِقْرَارُ بِالْأَبَوَيْنِ: إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَبَوَيْهِ، وَإِنْ عَلَيَا فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا أَبِي فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ مَجْهُولَ النَّسَبِ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ وَلَدًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَتُهُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . الْإِقْرَارُ بِالْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ لِلْغَيْرِ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِنَسَبٍ عَلَى الْغَيْرِ بِصُورَةٍ لَا تُثْبِتُ نَسَبَ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ الْغَيْرِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَحْكَامٍ كَالْإِقْرَارِ بِالْأَخِ وَالْجَدِّ وَبِالْعَمِّ وَبِابْنِ الِابْنِ. وَقَدْ أَعْطَيْتُ بَعْضَ تَفْصِيلَاتٍ عَنْ ذَلِكَ فِي مُؤَلَّفِنَا تَسْهِيلِ الْفَرَائِضِ. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ بِأَنَّ شَخْصًا ابْنُ أَبِيهِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ فَيَرُدُّ الْمُقِرُّ نِصْفَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْحِصَّةِ الْإِرْثِيَّةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الثَّالِثِ. أَمَّا إقْرَارُهُ مِنْ حَيْثُ النَّسَبِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا يُعَدُّ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ وَلَدًا لِلْمُتَوَفَّى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَتُهُ) . الْإِقْرَارُ بِالزَّوْجِيَّةِ: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْفُلَانِيَّةَ هِيَ زَوْجَتُهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ: 1 - يَجِبُ أَلَا تَكُونَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فِي نِكَاحِ الْغَيْرِ، أَوْ عِدَّتِهِ. 2 - يَجِبُ أَلَا تَكُونَ فِي عِصْمَةِ الْمُقِرِّ امْرَأَةٌ أُخْرَى لَا يَجُوزُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا مَثَلًا. 3 - أَلَا يَكُونَ فِي نِكَاحِ الْمُقِرِّ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ غَيْرُهَا. 4 - أَلَا تَكُونَ الْمَذْكُورَةُ مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً مِمَّنْ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي فِي وُجُوهِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي وُجُوهُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ 1 - الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ وَالسَّرِقَةِ وَلَكِنَّ الْإِقْرَارَ الْمُتَضَمِّنَ (1) التَّرْدِيدَ (2) وَنَفْيَ الْمِلْكِ (3) وَالِاشْتِرَاكَ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا بِالْمَجْهُولِ. شَرْحُ الْمَادَّةِ (1579) 2 - الْإِقْرَارُ مِنْ وَجْهٍ إخْبَارٌ فَلِذَلِكَ: (1) لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصْدِيقِ وَقَبُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (2) إقْرَارُ الْمُشَاعِ صَحِيحٌ.

الْإِقْرَارُ مِنْ وَجْهٍ إنْشَاءٌ فَلِذَلِكَ يُرَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَكِنَّ رَدَّ الْمُقَرِّ لَهُ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ فَقَطْ فَإِذَا تَجَاوَزَ الْغَيْرَ فَلَا حُكْمَ لَهُ. 4 - الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْمُقَرِّ بِهِ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَيَبْطُلُ السَّبَبُ. 5 - إذَا ذَكَرَ الْمُقِرُّ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي صَرَاحَةً، أَوْ أَشَارَ إلَى مَطْلُوبِهِ بِضَمِيرٍ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ لِلْمُدَّعِي بِالْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ (الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْهُ. الْمَادَّةُ 1582 وَشَرْحُهَا) إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ صَرَاحَةً، أَوْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ فَلَا يُعَدُّ إقْرَارًا. 6 - الْإِقْرَارُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ. إذَا وَقَعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَلَكِنَّ الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارَانِ الْآتِيَانِ بَاطِلَانِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَصَحِيحٌ: 1 - وَصْلُ الْمُقِرِّ إقْرَارَهُ بِلَفْظِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. 2 - وَصْلُ الْمُقِرِّ إقْرَارَهُ بِلَفْظِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ. 3 - تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ عَلَى شَرْطٍ كَائِنٍ. 7 - إقْرَارُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ وَكِتَابَتِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُعَامَلَاتِ مُعْتَبَرٌ. إشَارَةُ النَّاطِقِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَاتِ تُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.

الباب الثالث في بيان أحكام الإقرار ويشتمل على ثلاثة فصول

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ الْعُمُومِيَّةِ] ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ الْعُمُومِيَّةِ الْمَادَّةُ (1587) - (يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ التَّاسِعَةِ وَالسَّبْعِينَ، وَلَكِنْ إذَا كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْقَى لِإِقْرَارِهِ حُكْمٌ، فَعَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِشَيْءٍ فِي يَدِ آخَرَ قَدْ اشْتَرَاهُ، وَادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَدَى الْمُحَاكَمَةِ قَالَ ذَلِكَ الْآخَرُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ، وَقَدْ بَاعَنِي إيَّاهُ. إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ. فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَيَسْتَرِدُّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مَالُ الْبَائِعِ، وَأَنْكَرَ دَعْوَةَ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ قَدْ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرُّجُوعِ) يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (79) وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِنَفْسِ الْأَمْرِ إذَا لَمْ يُكَذَّبْ إقْرَارُهُ شَرْعًا. الْإِلْزَامُ بِالْإِقْرَارِ أَشَدُّ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، وَأَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ مَقْطُوعٌ بِهِ بَيْنَمَا الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ مَظْنُونٌ فِيهِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ مُطَابِقًا لِنَفْسِ الْأَمْرِ فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ، أَوْ بِبَعْضِهَا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْغَلَّةَ، وَأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّهَا فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَوْ خَالَفَ مَضْمُونَ الْوَقْفِيَّةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْمُقِرِّ. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْمَشْرُوطُ لَهُ: قَدْ جَعَلْت غَلَّةَ الْوَقْفِ لِفُلَانٍ، أَوْ أَسْقَطْت حَقِّي مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْإِقْرَارِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1588) .

إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ الْمَعْرُوفُ بِوَارِثٍ آخَرَ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حِصَّتَهُ الْإِرْثِيَّةَ حَسَبَ إقْرَارِهِ. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ (زَيْدٌ وَعَمْرٌو) وَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ بَكْرًا أَخُوهُمَا فَيَجِبُ عَلَى زَيْدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ (أَيْ الرُّبْعَ) لِبَكْرٍ وَلَيْسَ لِهَذَا الْإِقْرَارِ أَيُّ تَأْثِيرٍ عَلَى عَمْرٍو كَمَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ نَسَبُ بَكْرٍ مِنْ الْمُتَوَفَّى. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ مُعْتَبَرٌ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ فِي النَّسَبِ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ لِلْغَيْرِ أَيْ عَلَى الْمُتَوَفَّى وَإِقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ. حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يَحُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارِ) . 3 - لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَلَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِائَةُ دِينَارٍ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ وَالِدَهُ قَدْ قَبَضَ فِي حَيَاتِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ مَدِينِهِ الْمَذْكُورِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ فِي حِصَّتِهِ فَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْمَدِينِ أَمَّا الِابْنُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا، وَيَحْصُرُهَا فِي حِصَّتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْأَخِ الْمُقِرِّ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ وَالِدِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا. 4 - لَا عُذْرَ لِلْمُقِرِّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَحَاسَبَ أَحَدٌ مَعَ صَرَّافٍ عَلَى الْقَرْضِ الَّذِي أَخَذَهُ وَالتَّسْلِيمَاتِ الَّتِي دَفَعَهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ مِنْ بَاقِي الْحِسَابِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ نَقْضُ إقْرَارِهِ وَطَلَبُ إعَادَةِ الْحِسَابِ مَعَ الصَّرَّافِ. سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1572) خَبَرٌ، وَالْخَبَرُ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَلَا يَكُونَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً وَدَلِيلًا. الْجَوَابُ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (79) الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ. قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1572) أَنَّ لِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَلِبَعْضِهَا اخْتِصَاصًا بِالْإِقْرَارِ بِالْأَمَانَةِ. كَوْنُ جِهَةٍ مِنْ الْكَلَامِ إقْرَارًا وَجِهَةٍ مِنْهُ دَعْوَى. إذَا كَانَتْ جِهَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ إقْرَارًا وَجِهَةٌ مِنْهُ دَعْوَى فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ. أَمَّا جِهَةُ الدَّعْوَى فَيُكَلَّفُ بِإِثْبَاتِهَا، لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِحَقِّ الْغَيْرِ يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى الْغَيْرِ بِحَقٍّ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِلَا حُجَّةٍ. وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ هِيَ: 1 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ حَالٌّ، وَكَذَّبَ الْأَجَلَ فَيَلْزَمُ الدَّيْنُ حَالًّا مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُؤَجَّلٌ. وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ الْأَجَلِ. حَتَّى إنَّهُ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إذَا خَافَ أَنْ يُنْكِرَ خَصْمُهُ الْأَجَلَ فِي حَالَةِ قَرَارِهِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُنْكِرَ الدَّيْنَ بِدُونِ أَنْ يَقْصِدَ إبْطَالَ حَقِّ الدَّائِنِ، وَيُقِرَّ بِالدَّيْنِ حِينَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ هِيَ فِي حَالَةِ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُقِرِّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا. أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُقِرُّ الْأَجَلَ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ فَيَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِي الْأَجَلِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .

لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَأَخَذْت مِنْهَا خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَدِّنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك بِشَيْءٍ، وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ. فَلِذَلِكَ يُؤْمَرُ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَخَذْت مِنْ فُلَانٍ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضْتهَا لَهُ، أَوْ الَّتِي كَانَ مَدِينًا لِي بِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ فَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى إعَادَةِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقَرَّ بِقَبْضِهَا؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْهُ اقْتِضَاءً بِحَقِّهِ، وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا. فَإِذَا أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ بِسَبَبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِمَا بَرَاءَتَهُ مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ تَمَلُّكُهُ عَلَيْهِ بِمَا يَدَّعِيه مِنْ الدَّيْنِ مُقَاصَّةً وَالْآخَرُ يُنْكِرُهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 3 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ الْحِصَانِ الَّذِي فِي يَدِهِ: إنَّ هَذَا الْحِصَانَ لِفُلَانٍ قَدْ اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ عَلَى كَوْنِ الْحِصَانِ لِفُلَانٍ وَيُؤَاخَذُ بِذَلِكَ. أَمَّا قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرْتُهُ مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . 4 - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَشَرَة دَنَانِيرَ كَانَتْ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ فُلَانٍ، وَقَدْ أَخَذْتُهَا مِنْهُ، وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ يَدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الدَّنَانِيرَ، وَادَّعَى الِاسْتِحْقَاقَ فِيهَا، وَالْآخَرُ يُنْكِرُ دَعْوَاهُ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ (الْهِدَايَةُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَكَ، وَقَدْ أَخَذْتُهُ مِنْكَ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: إنَّ الْمَالَ مَالِي، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ دَعْوَاهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا، وَبَدَلِهِ إذَا كَانَ مُتْلَفًا. لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِوَضْعِ يَدِ الْآخَرِ عَلَى الْمَالِ وَادَّعَى اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ. فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْمَالِ لِوَاضِعِ الْيَدِ الْحَقِيقِيِّ، وَأَنْ يُثْبِتَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ إذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَكِنْ لَيْسَ الْحُكْمُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ: 1 - إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَالْقَوْلُ بِالتَّأْجِيلِ لِلْكَفِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ (الزَّيْلَعِيّ) لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ يُثْبِتُ بَعْضًا بِلَا شَرْطٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (652) . فَلِذَلِكَ فَالْأَجَلُ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَالْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ أَحَدُ نَوْعَيْ الْكَفَالَةِ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِقْرَارُ بِنَوْعٍ مِنْ الْكَفَالَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - لَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِسِكَّةٍ مَغْشُوشَةٍ، وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِفَةِ الْمَغْشُوشَةِ فَتَلْزَمُ الْمَغْشُوشَةُ؛ لِأَنَّ الْمَغْشُوشَةَ هِيَ نَوْعٌ، فَالْإِقْرَارُ بِالْمَغْشُوشَةِ هُوَ إقْرَارٌ بِالنَّوْعِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْحُكْمُ فِيمَا إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ: إذَا تَكَرَّرَ الْإِقْرَارُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا لِلسَّبَبِ، أَوْ لَا فَإِذَا أُضِيفَ لِسَبَبٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مُتَّحِدًا فَيَلْزَمُ دَيْنٌ وَاحِدٌ. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ؛ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ، وَكَانَ الْحِصَانُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُهُ

عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِسَبَبِ إقْرَارِهِ مَرَّتَيْنِ. أَمَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ مُخْتَلِفًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ دَيْنَانِ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ هَذَا الْحِصَانِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ بَغْلَةٍ فَيَلْزَمُهُ الدَّيْنَانِ أَيْ الْعِشْرُونَ دِينَارًا. أَمَّا إذَا لَمْ يُضَفْ الْإِقْرَارُ لِسَبَبٍ فَإِمَّا أَنْ يُحَرَّرَ سَنَدٌ وَحُجَّةٌ بِهِ، أَوْ لَا يُحَرَّرَ، فَإِذَا كَانَ السَّنَدُ وَالْحُجَّةُ الْمُحَرَّرَةُ وَاحِدًا فَيَلْزَمُ دَيْنٌ وَاحِدٌ؛ مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ؛ إنَّنِي مَدِينٌ بِهَذَا السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى ذَلِكَ السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنٌ وَاحِدٌ أَيْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا بِدَاعِي أَنَّهُ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَرَّتَيْنِ فِي مَجْلِسَيْنِ، أَمَّا إذَا كَانَ السَّنَدُ وَالْحُجَّةُ الْمُحَرَّرَةُ مُتَعَدِّدًا، وَكَانَ بِالْفَرْضِ اثْنَانِ فَيَلْزَمُهُ دَيْنَانِ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى سَنَدٍ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُشِيرًا إلَى سَنَدٍ آخَرَ فَيَلْزَمُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَيُنَزَّلُ اخْتِلَافُ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ. فَإِذَا لَمْ يُحَرَّرْ سَنَدٌ وَحُجَّةٌ، فَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي، وَالْإِقْرَارُ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَيَلْزَمُهُ دَيْنٌ وَاحِدٌ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْآخَرَ دَعَا الْمُقِرَّ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَأَقَرَّ الْمُقِرُّ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى بِدَيْنِهِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أُخْرَى حَسَبَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ. أَمَّا إذَا كَانَ كِلَا الْإِقْرَارَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَفِي مَجْلِسَيْنِ، وَادَّعَى الطَّالِبُ بِمُوجِبِ الْإِقْرَارَيْنِ، فَإِذَا ادَّعَى الْمَدِينُ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارَانِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي، وَأَشْهَدَ عَلَى كُلِّ إقْرَارٍ شُهُودًا مُخْتَلِفِينَ عَنْ شُهُودِ الْإِقْرَارِ الْآخَرِ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى أَحَدِ الْإِقْرَارَيْنِ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَأَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الثَّانِي شَاهِدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا دَيْنٌ وَاحِدٌ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى إقْرَارٍ شَاهِدَيْنِ، وَأَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْآخَرِ شَاهِدَيْنِ آخَرِينَ فَيَلْزَمُهُ دَيْنَانِ إذَا ادَّعَى الطَّالِبُ كِلَيْهِمَا. وَيَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ دَيْنٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ الْمُقَرُّ بِهِمَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُونَا مُتَسَاوِيَيْنِ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا كُذِّبَ إقْرَارُ الْمُقِرِّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَبْقَى لِإِقْرَارِهِ حُكْمٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ خَمْسُ مَسَائِلَ وَهِيَ: 1 - الِاسْتِحْقَاقُ: لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِشَيْءٍ فِي يَدِ آخَرَ قَدْ اشْتَرَاهُ وَادَّعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ فَقَالَ ذَلِكَ الْآخَرُ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ كَانَ مَالَ فُلَانٍ بَاعَنِي إيَّاهُ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَثْبَتَ دَعْوَاهُ، وَحَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِهَا فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ، وَاسْتِرْدَادُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَالَ الْبَائِعِ، وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّ

(المادة 1588) لا يصح الرجوع عن الإقرار في حقوق العباد.

إقْرَارَهُ هَذَا. قَدْ كُذِّبَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. وَلَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1654) . فَلِذَلِكَ لَوْ دَخَلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي مِلْكِ الْمُقِرِّ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاءِ، أَوْ الِاتِّهَابِ، أَوْ الْإِرْثِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ بِدَاعِي أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ حَسَبَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُبِينَةِ فِي الْمَادَّةِ (1572) وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ قَدْ أَقَرَّ حِينَ الِاشْتِرَاءِ، أَوْ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1583) (الْخَانِيَّةُ) . 2 - الرَّدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِآخَرَ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ مَعِيبًا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ذَلِكَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ رَغْمًا عَنْ إقْرَارِهِ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، وَإِنْكَارُهُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي حَيْثُ إنَّهُ قَدْ كُذِّبَ فِي ذَلِكَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يَمْنَعُهُ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ مِنْ الرَّدِّ. 3 - الْكَفَالَةُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ قَدْ كَفَلَ مَدِينَهُ فُلَانًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْكَفَالَةَ، وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي كَفَالَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا، وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ الْمَكْفُولَ مِنْ الْكَفِيلِ فَإِذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمَدِينِ قَائِلًا: قَدْ كَفَلْتُك بِأَمْرِك، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ تُقْبَلُ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ الْمَكْفُولَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (657) . 4 - الشُّفْعَةُ قَدْ ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (79) . 5 - مَسْأَلَةُ الدُّيُونِ الْمُخْتَلِفَةِ: إذَا أَدَّى الْمَدِينُ بِدَيْنَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بَعْضَ دَيْنِهِ، وَقَالَ: إنَّنِي أَدَّيْتُ مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَادَّعَى الدَّائِنُ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَاخْتَلَفَا وَحَلَفَ الْمَدِينُ الْيَمِينَ بِأَنَّ الدَّائِنَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي ادَّعَى الْأَخْذَ مِنْهَا، وَحُكِمَ لِصَالِحِ الْمَدِينِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ فَرَسٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُ بَغْلَةٍ وَأَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَادَّعَى بِأَنَّ مَا أَدَّاهُ هُوَ ثَمَنُ الْفَرَسِ وَادَّعَى الدَّائِنُ بِأَنَّ مَا أَخَذَهُ لَيْسَ مِنْ ثَمَنِ الْفَرَسِ بَلْ ثَمَنُ الْبَغْلَةِ، وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَقُبِلَ قَوْلُ الْمَدِينِ بِمُوجِبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1775) وَحُكِمَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْبَغْلَةِ، وَلَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلًا بِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ ثَمَنَ الْبَغْلَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا قَدْ كُذِّبَ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ) [ (الْمَادَّةُ 1588) لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ.] الْمَادَّةُ (1588) - (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي رَجَعْتُ عَنْ إقْرَارِي) . يَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِمَجْهُولٍ ثُمَّ بَعْدَ إقْرَارِهِ بَيَّنَ وَفَسَّرَ ذَلِكَ الْمَجْهُولَ بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ بِمَعْنَى الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّفْسِيرِ بِشَيْءٍ ذِي قِيمَةٍ (الدُّرَرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1579) .

لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ أَبِي قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ، أَوْ لِعَمْرٍو، أَوْ لِبَكْرٍ كَانَ ثُلُثُ الْمَالِ لِزَيْدٍ، وَلَا يَأْخُذُ الْآخَرَانِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ أَوَّلًا لِزَيْدٍ فَيَسْتَحِقُّ زَيْدٌ وَرُجُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِثْبَاتُهُ الْوَصِيَّةَ لِآخَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) . 3 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَلْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَلْزَمُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ (الْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَهِيَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مِنْ الْجِيفَةِ، أَوْ الْإِنْسَانِ الْحُرِّ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُقَرُّ لَهُ فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ عِبَارَةَ، وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مَوْصُولَةً، أَوْ مَفْصُولَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ ثَمَنُ مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَخْ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَيْتَةِ وَالْجِيفَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ. وَكَلَامُهُ هَذَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (الْهِدَايَةُ) إلَّا إذَا صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَرَامٌ، أَوْ رِبًا فَهِيَ لَازِمَةٌ مُطْلَقًا وَصَلَ، أَوْ فَصَلَ لِاحْتِمَالِ حِلِّهِ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ زُورًا أَوْ بَاطِلًا لَزِمَهُ إنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِلَّا لَا يَلْزَمُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا، وَيَلْزَمُهُ إذَا قَالَ مَفْصُولًا (التَّكْمِلَةُ) . 4 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنَا غَصَبْنَا مِنْ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَدْ كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقِرَّ هُوَ الَّذِي غَصَبَ مِنْهُ مُنْفَرِدًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ كُلُّ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَصَبْنَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ فِعْلِهِ، وَلَيْسَ عَنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: كُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ رُجُوعٌ مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. اُنْظُرْ (فِقْرَةَ إذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: إنَّنَا قَدْ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) فَعِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الْعُشْرُ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ: أَقْرَضَنَا، أَوْ أَوْدَعَنَا، أَوْ أَعَارَنَا، أَوْ إنَّ لِفُلَانٍ حَقًّا عَلَيْنَا كَذَا، وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْخَاصٍ فَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّنَا عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ، وَقَدْ غَصَبْنَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ لِلْوَاحِدِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ) . إنَّ تَعْبِيرَ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَدِّ الزِّنَا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ أَثْنَاءَ الْحَدِّ فَرُجُوعُهُ صَحِيحٌ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ (الدُّرَرُ) . إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِقْرَارِ لَيْسَ رُجُوعًا عَنْ الْإِقْرَارِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِقْرَارِ: الِاسْتِثْنَاءُ مَعْنًى، وَلَيْسَ صُورَةً هُوَ التَّكَلُّمُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا يَعْنِي بَعْدَ الْمُسْتَثْنَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرْكِيبِ. أَمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ اللَّفْظِيَّةِ فَهُوَ نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ أَيْ أَنَّ صَدْرَ الْجُمْلَةِ الِاسْتِثْنَائِيَّة، وَأَوَّلُهَا نَفْيٌ وَعَجُزُهَا وَآخِرُهَا إثْبَاتٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُبَيَّنُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَتَنَاوَلُ الصَّدْرَ الْمُسْتَثْنَى. مَثَلًا إنَّ لِلْقَائِلِ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً عِبَارَتَيْنِ مُطَوَّلُهُمَا: أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً، وَمُخْتَصَرُهُمَا أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَبِهَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ ظَهَرَ مَعْنَى التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا.

تَقْسِيمُ الِاسْتِثْنَاءِ: الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مُتَّصِلٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْرَاجِ وَالتَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي. الْقِسْمُ الثَّانِي: مُنْفَصِلٌ، وَإِخْرَاجُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. شُرُوطُ الِاسْتِثْنَاءِ: لِلِاسْتِثْنَاءِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: اتِّصَالُ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَمْ يُوجَدْ عُذْرٌ كَالنَّفَسِ وَالسُّعَالِ وَأَخْذِ الْفَمِ. فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مَفْصُولًا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ. ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَفْصُولًا وَبِجَوَازِهِ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ سَنَةٍ. أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نِدَاءٌ فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّأْكِيدِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَا فُلَانُ إلَّا عَشَرَةً فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ إذَا كَانَ مُفْرَدًا كَقَوْلِهِ: يَا فُلَانُ، أَوْ مُضَافًا كَقَوْلِهِ: يَا ابْنَ فُلَانٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُنَادَى الْمُقَرَّ لَهُ أَوْ أَحَدًا غَيْرَهُ نَحْوَ قَوْلِكَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ يَا عَمْرُو إلَّا عَشَرَةً. فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ. لَكِنْ إذَا تَخَلَّلَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إشْهَادٌ، أَوْ تَسْبِيحٌ أَوْ تَهْلِيلٌ، أَوْ تَكْبِيرٌ فَيُخِلُّ الِاتِّصَالَ، فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدُوا إلَّا كَذَا فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ حَصَلَ بَعْدَ تَمَامِ الْإِقْرَارِ فَالِاسْتِثْنَاءُ كَانَ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَلِذَلِكَ فَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَغْرِقُ أَيْ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عَيْنَ لَفْظِ الصَّدْرِ، أَوْ بِمُسَاوِيهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَبِاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ لَا يَبْقَى بَاقٍ فَهُوَ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَوْصُولًا أَمْ مَفْصُولًا. وَلَوْ كَانَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَابِلَةِ لِلرُّجُوعِ كَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ لَيْسَ رُجُوعًا بَلْ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ اسْتِثْنَاءٌ فَاسِدٌ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ (إنَّ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِفُلَانٍ إلَّا أَلْفًا) يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي الْكِيسِ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ الْأَلْفِ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَالْأَلْفُ لِلْمُقِرِّ، وَإِذَا كَانَتْ أَلْفًا، أَوْ أَقَلَّ كَانَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِشَيْئَيْنِ، وَاسْتَثْنَى تَمَامَ أَحَدِهِمَا فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى تَمَامَ أَحَدِهِمَا وَبَعْضَ الْآخَرِ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ، وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا كُرَّ حِنْطَةٍ وَقَفِيزَ شَعِيرٍ) فَاسْتِثْنَاءُ الْكُرِّ وَالْقَفِيزِ بَاطِلَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ كُرِّ الْحِنْطَةِ لَغْوٌ، وَبَاطِلٌ لِكَوْنِهِ اسْتِثْنَاءً مُسْتَغْرِقًا. كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ قَاطِعٌ لِلْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَاسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَمُنْقَطِعٌ مِنْهُ فَهُوَ بَاطِلٌ خِلَافًا لَهُمَا إلَّا أَنَّهُ إذَا قُدِّمَ اسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ وَأُخِّرَ اسْتِثْنَاءُ الْكُرِّ أَيْ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ وَكُرَّ حِنْطَةٍ فَاسْتِثْنَاءُ الْقَفِيزِ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ. لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُوجَدُ فَاصِلٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) . قِيلَ: إنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ سَوَاءٌ أَكَانَ بِعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ بِمُسَاوِيهِ. مِثَالٌ لَعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ قَوْلُهُ: (نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي) وَمِثَالُ مُسَاوِيهِ قَوْلُهُ: (نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَوْجَاتِي) (وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا مَمَالِيكِي) .

أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِ لَفْظِ الصَّدْرِ، أَوْ بِمُسَاوِيهِ بَلْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ. لِأَنَّ إيهَامَ الْبَقَاءِ كَافٍ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ الْبَقَاءِ. وَذَلِكَ بِحَسَبِ صُورَةِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَلَا يَضُرُّ إيهَامُ الْمَعْنَى. مَثَلًا لَوْ قَالَ: (عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ، أَوْ قَالَ: عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا سَالِمًا وَرَاشِدًا وَغَانِمًا) ، وَكَانَ جَمِيعُ عَبِيدِهِ هَؤُلَاءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا أَلْفًا، وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ عِبَارَةً عَنْ الْأَلْفِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ. وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِينَارًا. ، وَكَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ مُسَاوِيَةً لِلْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَكْثَرَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ (عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْيَنَابِيعِ وَالذَّخِيرَةِ) ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَنَاوَلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَفْظَ الْمُسْتَثْنَى فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ. مَثَلًا: اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ مِنْ الْبَيْتِ، أَوْ الدَّارِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَدْخُلُ فِي الدَّارِ تَبَعًا، وَهُوَ وَصْفٌ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْوَصْفِ. لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَمْرٌ لَفْظِيٌّ وَيَعْمَلُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَتَنَاوَلُ اللَّفْظَ، وَالْحَالُ أَنَّ لَفْظَ دَارٍ أَصَالَةً لَا يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ بَلْ يَدْخُلُ تَبَعًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ. إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِدَارٍ لِزَيْدٍ وَاسْتَثْنَى الْبِنَاءَ فَتَكُونُ الدَّارُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ عِنْدَمَا قَالَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي قَدْ ادَّعَى الدَّارَ لِنَفْسِهِ، وَبِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ أَرْضَهَا لِفُلَانٍ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ تَبَعًا لِلْإِقْرَارِ بِالْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ. إنَّ هَذِهِ الْمُطَالَعَاتِ هِيَ صَحِيحَةٌ فِي الْإِقْرَارَاتِ الَّتِي تَحْصُلُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. أَمَّا الْإِقْرَارَاتُ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَجَرَيَانُ الْمُطَالَعَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا مُحْتَاجٌ لِلتَّأَمُّلِ. إنَّ أَحَدًا يُنْشِئُ أَبْنِيَةً فِي عَرْصَةِ آخَرَ غَصْبًا، أَوْ اسْتِعَارَةً، أَوْ اسْتِئْجَارًا ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّ الدَّارَ لِي وَالْعَرْصَةَ لِفُلَانٍ. فَكَيْفَ تُعْطَى الْعَرْصَةُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ لَا يَتَخَطَّرُ أَيُّ تُرْكِيٍّ بِأَنَّ الْبِنَاءَ هُوَ وَصْفُ الْعَرْصَةِ. اسْتِثْنَاءُ فَصِّ الْخَاتَمِ وَنَخْلَةِ الْبُسْتَانِ وَطَوْقِ الْجَارِيَةِ كَحُكْمِ الْبُسْتَانِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ إلَّا فَصَّهُ) فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِخِلَافِ: الْحَلْقَةُ لِفُلَانٍ وَالْفَصُّ لِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ. لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ الدَّارِ لِي، وَعَرْصَتُهَا لَك فَيَكُونُ كَمَا قَالَ الْمُقِرُّ: لِأَنَّ الْعَرْصَةَ بِدُونِ الْبِنَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ بُقْعَةٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ بِنَاءَ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ، وَأَرْضُهَا لِعَمْرٍو فَتَكُونُ كَمَا يَقُولُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالْبِنَاءِ لِزَيْدٍ أَصْبَحَ الْبِنَاءُ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إقْرَارُ الْأَرْضِ لِعَمْرٍو، وَإِخْرَاجُ الْبِنَاءِ مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ. بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْأَرْضِ لِغَيْرِهِ يَتْبَعُهَا الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ. أَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ فَصَحِيحٌ حَيْثُ إنَّ الْبَيْتَ جُزْءٌ مِنْ الدَّارِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ صَحِيحٌ كَاسْتِثْنَاءِ ثُلُثِهَا وَرُبْعِهَا. إذْ إنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْضٍ وَبِنَاءٍ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ

بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْأَرْضُ فَكَانَ مُتَنَاوِلًا لَفْظَ الدَّارِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ إخْرَاجٌ لِمَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْبِنَاءِ جُزْءًا مِنْ مُسَمَّى الْبَيْتِ مَعَ أَنَّهُ وَصْفٌ مِنْ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ الْوَصْفَ مُنْفَرِدًا بَلْ قَائِلًا بِالْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْأَرْضُ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى صُورَةً وَمَعْنًى، أَوْ مَعْنًى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَيْ مِنْهُ فَلِذَلِكَ كَمَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جِنْسٍ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ بَعْضِهِ يَجُوزُ أَيْضًا اسْتِثْنَاءُ جِنْسٍ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ جِنْسِ مُقَدَّرَاتٍ أُخْرَى. فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ كُرٍّ حِنْطَةً إلَّا كُرَّيْنِ) كَانَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا، أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا، وَكَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الْمُسْتَثْنَى قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْكَيْلِيَّ وَالْآخَرَيْنِ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَثْبُتُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِي الذِّمَّةِ. فَعَلَيْهِ فَإِنَّ هَذِهِ فِي حُكْمِ الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَعْنًى فَالِاسْتِثْنَاءُ فِيهَا تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي مَعْنًى لَا صُورَةً كَأَنَّهُ قَالَ: ثَبَتَ لَكَ فِي ذِمَّتِي كَذَا إلَّا كَذَا أَيْ إلَّا قِيمَةَ كَذَا، وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْنًى فَقَطْ، فَإِذَا اسْتَغْرَقَ الْمُسْتَثْنَى جَمِيعَ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِغْرَاقَ قَدْ وَقَعَ اسْتِغْرَاقًا غَيْرَ مُسَاوٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَيْ مِنْهُ وَلَوْ مَعْنًى فَالِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلِذَلِكَ فَاسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْمُقَدَّرَاتِ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ لَيْسَ صَحِيحًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا) فَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا. لَكِنْ حَيْثُ لَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ، وَلَا يَمْتَنِعُ بِهِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ، وَلَكِنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ. مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ: إذَا اسْتَثْنَى الْمُقِرُّ بَعْضَ الْمُقَرِّ بِهِ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ، وَيَلْزَمُ الْبَاقِيَ الْمُقِرُّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: هَذِهِ الْفَرَسُ لِفُلَانٍ إلَّا ثُلُثَهَا، أَوْ ثُلُثَيْهَا فَصَحِيحٌ، وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَكُونُ ثُلُثَا الْفَرَسِ لِلْمُقِرِّ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ ثُلُثُهَا لَهُ. يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْ أَكْثَرَ مِنْ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَعَلَيْهِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ التِّسْعِينَ مِنْ الْمِائَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمَالِكٍ وَالْفَرَّاءِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْبَاقِي. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ سِتَّ طَلْقَاتٍ إلَّا أَرْبَعًا) فَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحٌ، وَتَقَعُ طَلْقَتَانِ، وَإِنْ كَانَتْ السِّتُّ لَا صِحَّةَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَزِيدُ عَنْ الثَّلَاثِ. إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى عَدَدَيْنِ بَيْنَهُمَا حَرْفُ شَكٍّ فَعَلَى رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ مُسْتَثْنًى، وَعَلَى رِوَايَةٍ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ مَثَلًا، لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ، أَوْ خَمْسِينَ فَعَلَى رِوَايَةٍ تُعَدُّ الْخَمْسُونَ مُسْتَثْنًى فَقَطْ وَيُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمِائَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَخُرُوجُ الْأَقَلِّ (الْخَمْسُونَ) مُتَيَقِّنُ. وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى تَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَقُولُ قَاضِي خَانْ عَنْ ذَلِكَ (إنَّ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ) .

(المادة 1589) إذا ادعى أحد أنه كاذب في إقراره.

إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَجْهُولًا فَيَثْبُتُ الْأَكْثَرُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: (لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا شَيْئًا، أَوْ إلَّا بَعْضًا، أَوْ إلَّا قَلِيلًا) فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ الشَّكُّ فِي الْمُخْرَجِ فَيُحْكَمُ بِخُرُوجِ الْأَقَلِّ، وَهُوَ مَا دُونَ النِّصْفِ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشَّيْءِ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ عُرْفًا فَأَوْجَبْنَا النِّصْفَ وَزِيَادَةَ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ أَدْنَى مَا تَحِقُّ بِهِ الْقِلَّةُ النَّقْصُ عَنْ النِّصْفِ بِدِرْهَمٍ [ (الْمَادَّةُ 1589) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ.] الْمَادَّةُ (1589) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمُقِرِّ كَاذِبًا. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ سَنَدًا لِآخَرَ مُحَرَّرًا فِيهِ: إنَّنِي قَدْ اسْتَقْرَضْتُ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ: إنَّنِي، وَإِنْ كُنْتُ أَعْطَيْتُ هَذَا السَّنَدَ لَكِنَّنِي مَا أَخَذْتُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِحَدِّ الْآنَ، يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمُقِرِّ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ هَذَا) . لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِحَقٍّ وَادَّعَى الْمُقِرُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ، وَوَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ الَّذِي وَقَعَ، أَوْ هَازِلٌ فِيهِ، أَوْ أَنَّ الْإِقْرَارَ تَلْجِئَةٌ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ غَيْرُ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ أَوْ هَازِلٍ فِيهِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ فِي الْإِقْرَارِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ. ، أَوْ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ تَلْجِئَةً سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ دَيْنًا، أَوْ كَانَ غَيْرَ دَيْنٍ كَالْإِرْثِ (الْمُنْتَقَى وَالتَّنْقِيحُ) حَيْثُ إنَّ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يُحَرِّرُ السَّنَدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُقْرِضِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَقْرُوضَ، وَيَأْخُذُ الْمَقْرُوضَ بَعْدَ ذَلِكَ. فَلِذَلِكَ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ لَا يَكُونُ دَلِيلًا وَحُجَّةً. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ اسْتِحْسَانِيٌّ، وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ بِسَبَبِ تَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَكَثْرَةِ الْخِدَاعِ وَالْخِيَانَاتِ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ ضَرَرُ الْمُقِرِّ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ ضَرَرِ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ حَلِفِ الْيَمِينِ إذَا كَانَ صَادِقًا (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّ دَعْوَى الْكَذِبِ وَالْهَزْلِ وَالتَّلْجِئَةِ يَحْلِفُ مِنْ أَجْلِهَا الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ لُحُوقِ الْحُكْمِ عَلَى الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، أَمَّا بَعْدَ لُحُوقِ الْحُكْمِ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاءٌ كَهَذَا، وَلَا يَجْرِي التَّحْلِيفُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحُضُورِ الْحَاكِمِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ ادَّعَى الْمُقِرُّ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ قَبْلَ لُحُوقِ الْحُكْمِ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَهَلْ يَلْزَمُ الْيَمِينُ؟ ؟ فَلْيُحَرَّرْ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ فَلَا يَجْرِي التَّحْلِيفُ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَدَعْوَى الْكَذِبِ هَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا (الْجِزْيَةُ) . يُمْكِنُ إثْبَاتُ كَذِبِ الْإِقْرَارِ. ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ مَدِينٌ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حَتَّى إنَّكَ أَقْرَرْتَ بِذَلِكَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قَدْ قُلْتَ لِي بِأَنْ أُحَرِّرَ سَنَدًا وَأَعْتَرِفَ فِيهِ بِأَنَّنِي

قَبَضْتُ كَذَا دَنَانِيرَ وَأُسَلِّمَهُ لَكَ وَإِنَّكَ سَتُعْطِينِي بَعْدَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ، وَإِنَّنِي حَسَبَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقِ وَالْمُوَاضَعَةِ أَقْرَرْتُ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ وَالْمُوَاضَعَةَ يُقْبَلُ إثْبَاتُهُ، وَيُحْكَمُ بِإِبْطَالِ إقْرَارِهِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَالْبَهْجَةُ وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) . تُسْرَدُ الْمُطَالَعَاتُ الْآتِيَةُ تَفَقُّهًا: يُمْكِنُ إثْبَاتُ كَوْنِ الْإِقْرَارِ وَقَعَ صَحِيحًا أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْإِقْرَارِ كَذِبٌ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَلْزَمُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ. وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ الْوَاقِعِ. بِأَنْ ادَّعَى أَنَّ السَّنَدَ الَّذِي حَرَّرَهُ بِكَوْنِهِ مَدِينًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الدَّنَانِيرَ مِنْهُ، وَكُلِّفَ الْمُدَّعِي بِحَلِفِ الْيَمِينِ فَقَالَ: بِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ بِأَنَّهُ سَلَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَلْزَمُ اسْتِمَاعُ الشُّهُودِ، وَلَا يُقَالُ لِلْمُدَّعِي بِأَنَّكَ مُكَلَّفٌ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْكَذِبِ، وَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ تِلْكَ الْجِهَةِ، وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبْلَغَ نَقْدًا فَيُكَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصِرَّ عَلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْكَذِبِ. فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ يَتَحَقَّقُ أَخْذُهُ نَقْدًا وَيَرْتَفِعُ ادِّعَاءُ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ. وَإِذَا حَلَفَ فَهَلْ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ الْكَذِبِ، وَأَنْ يَأْخُذَ الْمُدَّعَى بِهِ؟ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: لَوْ حَرَّرَ أَحَدٌ سَنَدًا قَائِلًا فِيهِ: إنَّنِي اسْتَقْرَضْتُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا دَرَاهِمَ، أَوْ بِعْتُ مِنْهُ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ وَأَعْطَاهُ سَنَدًا ثُمَّ ادَّعَى قَائِلًا: إنَّنِي، وَإِنْ كُنْتُ أَعْطَيْتُ سَنَدًا بَكَوْنِي اسْتَقْرَضْتُ كَذَا دِرْهَمًا مِنْهُ، أَوْ بِعْتُ دَارِيَ إلَّا أَنَّنِي لَمْ آخُذْ مِنْهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ لَمْ أَبِعْهُ دَارِيَ لِحَدِّ الْآنَ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ لَهُ غَيْرُ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ هَذَا: فَإِذَا حَلَفَ فَيَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يَأْخُذُهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ سَنَدًا عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِآخَرَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الدَّيْنَ الْحَقِيقِيَّ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَأَنَّ مَا زَادَ هُوَ رِبًا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ. فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ لَمْ تَكُنْ رِبًا، وَأَنَّ كُلَّ الْعِشْرِينَ دِينَارًا هُوَ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ فِي قَبْضِ وَدِيعَتِهِ مِنْ فُلَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ الْمُودِعُ عَلَى عَدَمِ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَحَيْثُ إنَّ إبْرَاءَ الِاسْتِيفَاءِ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1536) فَتَجْرِي فِيهِ دَعْوَى الْكَذِبِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ فِي مَجْلِسٍ شَرْعِيٍّ بِأَنَّهَا بَاعَتْ دَارَهَا لِزَوْجِهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَنَّهَا قَبَضَتْ الثَّمَنَ بِالتَّمَامِ وَاسْتَوْفَتْهُ مِنْهُ وَبَعْدَ إعْطَائِهِ حُجَّةً بِذَلِكَ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، وَأَنَّهَا أَقَرَّتْ كَذِبًا فَيَحْلِفُ الزَّوْجُ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ غَيْرُ كَاذِبَةٍ فِي إقْرَارِهَا بِقَوْلِهَا: قَبَضْتُ الثَّمَنَ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) . ثَالِثًا: إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى مَالًا فِي حُضُورِ شُهُودٍ أَنَّهُ رَأَى الْمَالَ الْمَبِيعَ حِينَ الِاشْتِرَاءِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ وَطَلَبَ رَدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَيْ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّ إقْرَارَ

(المادة 1590) إذا أقر أحد لآخر بقوله لك في ذمتي كذا دراهم دينا

الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَعَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ الْمَبِيعَ وَوُقُوفِهِ عَلَى حَالِهِ وَأَنَّهُ لِذَلِكَ غَيْرُ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ فَإِذَا حَلَفَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ (التَّنْقِيحُ) . رَابِعًا: إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ فَلِوَرَثَتِهِ الِادِّعَاءُ بِالْإِقْرَارِ الْكَاذِبِ مَثَلًا: لَوْ حَرَّرَ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ مِنْ فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَطَلَبَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَإِذَا قَالَ وَارِثُ الْمُقِرِّ، بِأَنَّ مُورَثِي، وَإِنْ كَانَ حَرَّرَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ ذَلِكَ الْمَبْلَعَ إلَّا أَنَّهُ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَخْذِهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى غَيْرُ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ قَدْ ادَّعَوْا أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُقَرُّ لَهُ لَأُلْزِمَ بِإِقْرَارِهِ، فَبِإِنْكَارِهِ ذَلِكَ يَحْلِفُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) ، وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ الْيَمِينَ يَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا. إنَّ الْفُقَهَاءَ يُوَضِّحُونَ مَا يَأْتِي فِي خُصُوصِ تَحْلِيفِ الْيَمِينِ عَلَى الْكَذِبِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ: لَوْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ فِي حَالٍ صِحَّتِهَا لِبِنْتِهَا بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ جَرَى بَيْنَهُمَا إبْرَاءٌ عَامٌّ وَتَوَفَّتْ الْمُقِرَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى وَصِيُّ الْمُتَوَفِّيَةِ بِأَنَّهَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي إقْرَارِهَا فَتَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهَا. وَلَا يَمْنَعُ الْإِبْرَاءُ فِي ذَلِكَ مِنْ التَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَدَّعِي عَدَمَ لُزُومِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَحُصُولِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ بَعْدَ ذَلِكَ، الِادِّعَاءُ بِالْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ وَتَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَطْلُبُ الْمُقِرُّ اسْتِرْدَادَ الْمُقَرِّ بِهِ، وَالْإِبْرَاءُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَا يُوجَدُ طَلَبُ اسْتِرْدَادِ مَالٍ بَلْ يَرْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ لُزُومَ دَفْعِ الْمَالِ. فَلِذَلِكَ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (التَّكْمِلَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّهُ لَوْ حَرَّرَ أَحَدٌ لِآخَرَ سَنَدَ دَيْنٍ وَأَبْرَأَ فِي ذَلِكَ السَّنَدِ دَائِنَهُ مِنْ كُلِّ خُصُوصٍ مَا عَدَا الدَّيْنَ فَلَهُ الِادِّعَاءُ بِكَذِبِ الْإِقْرَارِ. خَامِسًا: إنَّ وَفَاةَ الْمُقَرِّ لَهُ لَا تُسْقِطُ حَقَّ تَحْلِيفِ الْمُقِرِّ، مَثَلًا. لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِآخَرَ. فَلِلْمُقِرِّ أَنْ يَدَّعِيَ فِي مُوَاجِهَةِ وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ، وَيَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) [ (الْمَادَّةُ 1590) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخِرِ بِقَوْلِهِ لَكَ فِي ذِمَّتِي كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنًا] الْمَادَّةُ (1590) - (إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِقَوْلِهِ: لَكَ فِي ذِمَّتِي كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنًا وَقَالَ الْآخِرُ: هَذَا الدَّيْنُ لَيْسَ لِي، وَإِنَّمَا هُوَ لِفُلَانٍ وَصَدَّقَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَكُونُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي، وَلَكِنْ يَكُونُ حَقُّ قَبْضِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ، يَعْنِي لَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى أَدَاءِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي إذَا طَالَبَهُ أَمَّا إذَا أَعْطَى الْمَدِينُ الْمُقَرَّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي بِرِضَاهُ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ ثَانِيَةً) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِقَوْلِهِ: لَك فِي ذِمَّتِي كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنًا، أَوْ عِنْدِي لَك كَذَا وَدِيعَةً، وَقَالَ الْآخَرُ: هَذَا الدَّيْنُ، أَوْ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ لَيْسَا لِي، وَإِنَّمَا هُمَا لِفُلَانٍ، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ بِدُونِ أَنْ يُضِيفَ الدَّيْنَ وَالْوَدِيعَةَ لِنَفْسِهِ وَصَدَّقَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَتِلْكَ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّ اسْمِي مُسْتَعَارٌ فِي السَّنَدِ الْمُحَرَّرِ، وَلَوْ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلَكِنْ يَكُونُ حَقُّ قَبْضِهِ

الفصل الثاني في بيان نفي الملك والاسم المستعار

لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّصَادُقَ يُقَيِّدُ الْمِلْكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَيَكُونُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ يَعْنِي لَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى أَدَاءِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي إذَا طَالَبَهُ مِنْ الْمَدِينِ، أَوْ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمِلْكِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْقَبْضِ لَهُ. أَلَا يَرَى بِأَنَّ حَقَّ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَالِ الَّذِي يَبِيعُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَعَ كَوْنِهِ مَالًا لِلْمُوَكِّلِ رَاجِعٌ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ: أَمَّا إذَا أَعْطَى الْمَدِينُ، أَوْ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ الدَّيْنَ، أَوْ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ بِرِضَائِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَدِينِ، أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ مُطَالَبَتُهُ ثَانِيَةً مِنْ الْمَدِينِ، أَوْ الْمُسْتَوْدَعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1503) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ بِأَنَّنِي مَدِينٌ لَك بِكَذَا دَرَاهِمَ فَأَجَابَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَنَّ مَطْلُوبِي الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِي بَلْ هُوَ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ بِأَنَّ أَقَرَّ بِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ أَنْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ قَبْلَ تَسْلِيطِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى الْقَبْضِ وَقَبْلِ قَبْضِهِ الْمَالَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَالْمَادَّةَ (848) مَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1593) ؟ . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ نَفْيِ الْمِلْكِ وَالِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ] ِ) نَفْيُ الْمِلْكِ يَجْرِي فِي الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ وَغَيْرِ الْمَنْقُولَةِ، وَلَا يَجْرِي فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ، وَفِي الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ الْجَارِي التَّصَرُّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ. مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَزْرَعَةَ الْجَارِيَةَ بِتَصَرُّفِهِ بِمُوجِبِ سَنَدٍ طَابُو هِيَ لِفُلَانٍ، أَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْحَانُوتَ الْوَقْفَ الْجَارِيَ بِتَصَرُّفِهِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ فَلَا يَكُونُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ مُتَصَرِّفًا بِالْمَزْرَعَةِ أَوْ مُتَصَرِّفًا بِالْحَانُوتِ؛ لِأَنَّهُ: 1 - كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1472) بِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ وَجْهِ إنْشَاءٍ، وَقَدْ عُدَّ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْشَاءً، وَبِمَا أَنَّ الْإِنْشَاءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْفَرَاغِ فَيَقْتَضِي فِيهَا إذْنُ الْمُتَوَلِّي، وَإِذْنُ صَاحِبِ الْأَرْضِ. 2 - كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1591) مِنْ أَنَّ الْخُصُومَاتِ الَّتِي يَكُونُ بِهَا الْمُقَرُّ بِهِ ظَاهِرًا، أَوْ مَعْلُومًا أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ يُعَدُّ الْمُقَرُّ بِهِ تَقْدِيرًا كَالْمُضَافِ لِنَفْسِ الْمُقِرِّ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً أَيْ فَرَاغًا، وَيَجِبُ فِيهِ إذْنُ الْمُتَوَلَّى، وَإِذْنُ صَاحِبِ الْأَرْضِ.

(المادة 1591) إذا أضاف المقر به إلى نفسه في إقراره

يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (1577) بِأَنْ لَا يَكُونَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لِلْإِقْرَارِ. فَكَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ آنِفًا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ الصَّدَاقَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا هُوَ لِأَبِيهَا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا الْإِقْرَارُ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ. لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ وَالْمُتَوَلِّيَ قَدْ أَذِنَا لِلْمُقِرِّ بِالتَّصَرُّفِ فَقَطْ وَلَمْ يَأْذَنَا لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ، وَظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ. لَكِنْ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْمَزْرَعَةَ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِسَنَدٍ خَاقَانِيٍّ وَبِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ الْحَانُوتِ الَّذِي تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي هُوَ لِزَيْدٍ، وَقَدْ نُصِّبْتُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي قَبُولِ التَّفَرُّغِ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ، أَوْ ذَلِكَ الْحَانُوتِ فَأُفْرِغَتْ لِي بِصِفَتِي وَكِيلًا عَنْ زَيْدٍ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ وَيُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1485) . [ (الْمَادَّةُ 1591) إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ] الْمَادَّةُ (1591) - (إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ وَقَبْضٌ، وَإِذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَنَفْيِ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ كَافَّةَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الَّتِي فِي يَدِي هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ مُطْلَقًا يَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ. وَإِنْ قَالَ: إنَّ كَافَّةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ لِي مَا عَدَا ثِيَابِي الَّتِي هِيَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ مُطْلَقًا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَيْ الَّتِي يُقَالُ بِأَنَّهَا لَهُ هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا عَدَا الثِّيَابَ الَّتِي كَانَ يَلْبَسُهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَيَكُونُ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ، وَلَكِنْ لَوْ مَلَكَ أَشْيَاءَ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا، فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ كَافَّةَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الَّتِي فِي حَانُوتِي هَذَا هِيَ لِوَلَدِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ فِيهَا فَيَكُونُ قَدْ وَهَبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَمِيعَ أَشْيَائِهِ وَأَمْوَالِهِ الَّتِي هِيَ فِي الْحَانُوتِ لِذَلِكَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ، وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ قَالَ: إنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي حَانُوتِي هَذَا لِابْنِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ يَكُونُ حِينَئِذٍ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَانُوتِ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَنَفَى الْمِلْكَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَكِنْ لَوْ وَضَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ حَانُوتِي الَّذِي هُوَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ الْمَنْسُوبِ لِي هُوَ لِزَوْجَتِي يَكُونُ ذَلِكَ الْحَانُوتُ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْحَانُوتَ لَيْسَ بِمِلْكِهِ) .

إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فِي إقْرَارِهِ إضَافَةً صَرِيحَةً بِإِضَافَةِ الْمِلْكِ، أَوْ تَقْدِيرًا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَتِمُّ مِثْلُ هَذَا الْإِقْرَارِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَسْلِيمٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ، وَقَبْضٌ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ، يَعْنِي لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مَجْبُورًا بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (57) لِأَنَّ إضَافَةَ الْمُقِرِّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ مُنَافِيَةٌ لِحَمْلِ الْإِقْرَارِ عَلَى كَوْنِهِ إخْبَارًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنَعِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي هُوَ مِلْكُ الْمُقِرِّ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ فَلِذَلِكَ يُجْعَلُ هَذَا الْإِقْرَارُ هِبَةً وَإِنْشَاءً، وَالْقَبْضُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (837) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (628) وَلَوْ قَالَ: دَارِي هَذِهِ لِأَوْلَادِي الْأَصَاغِرِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَوْلَادَ كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِلْأَصَاغِرِ مِنْ أَوْلَادِي فَهُوَ إقْرَارٌ وَهِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْغَرِهِمْ. لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الدَّارَ لِنَفْسِهِ (التَّنْقِيحُ) . قِيلَ (إضَافَةُ الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْإِضَافَةَ إذَا كَانَتْ إضَافَةً بِالنِّسْبَةِ يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً. مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ مَا فِي غُرْفَتِي، أَوْ مَنْزِلِي، أَوْ دَارِي مِنْ الْأَمْوَالِ هِيَ لِفُلَانٍ فَصَحِيحٌ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ الدَّوَابُّ الْمَوْجُودَةُ فِي الْمَرْعَى نَهَارًا، وَتَكُونُ فِي الدَّارِ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ الْمَظْرُوفَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ أَضَافَ الظَّرْفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِنَفْيِ الْمِلْكِ عَنْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَمْلِكُ الْمُقَرُّ لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ قَضَاءً. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُقِرَّ بِتَسْلِيمِ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لِلْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْإِقْرَارِ. أَمَّا دِيَانَةً فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ وَالْأَمْوَالُ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقِيقَةً بِأَنْ كَانَتْ بِيعَتْ لَهُ بَيْعًا صَحِيحًا، أَوْ وُهِبَتْ وَسُلِّمَتْ لَهُ أَيْ بِأَنْ مُلِّكَتْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ، أَوْ كَانَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لَهُ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ آخَرَ أَوْ الِاتِّهَابِ وَالتَّسْلِيمِ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ إرْثًا، أَوْ بِطَرِيقِ إحْرَازِ مَالٍ مُبَاحٍ بِأَنْ كَانَتْ مِلْكًا لَهُ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَدَى الْحَاجَةِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ هِيَ فِي الْأَصْلِ مِلْكٌ لِي حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِهَا لِي، وَأَنْ يَضْبِطَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ؛ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ وَالْأَشْيَاءُ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ تُمَلَّكْ لَهُ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ مِنْ طَرَفِ الْمُقِرِّ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَبْطُ تِلْكَ الْأَمْوَالِ بِمُطْلَقِ هَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْكَاذِبَ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) . مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي فِي دَارِهِ هِيَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ مِلْكَهُ، وَلَمْ تَكُنْ لِزَوْجَتِهِ فَلَيْسَ لِزَوْجَتِهِ دِيَانَةً أَخْذُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ إنْشَاءً لَكَانَ ذَلِكَ حَلَالًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) . إيضَاحُ الْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا: إذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ وَظَاهِرًا بِأَنَّهُ مِلْكٌ

لِلْمُمَلَّكِ فَحَيْثُ لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ صَرِيحًا إلَى نَفْسِهِ فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً تَقْدِيرًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بَلْ يَكُونُ تَمْلِيكًا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ التَّمَلُّكِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْمِلْكُ ظَاهِرًا أَنَّهُ لِلْمُمَلَّكِ فَيَكُونُ تَمْلِيكًا، وَإِلَّا يَكُونُ إقْرَارًا إذَا كَانَتْ تُوجَدُ قَرِينَةٌ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا، أَوْ تَمْلِيكًا إذَا كَانَ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ تَمْلِيكًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِي مِنْ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي أَوْ جَمِيعَ مَالِي، أَوْ جَمِيعَ مَا أَمْلِكُهُ هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَا عَلَاقَةَ لِي فِيهِ مُطْلَقًا (وَلَفْظَةُ جَمِيعٍ هِيَ مِثَالٌ) فَلَوْ قَالَ: إنَّ مَالِي الْفُلَانِيَّ، أَوْ كَذَا عَدَدًا مِنْ دَنَانِيرِي هِيَ لِفُلَانٍ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ قَدْ أَضَافَ الْمُقِرُّ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ إضَافَةَ مِلْكٍ؛ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ أَيْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ قَدْ وَهَبَ الْمُقِرُّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَجِبُ لِتَمَامِ ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُقَرِّ بِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَقَبْضُهَا مِنْ طَرَفِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْئًا بِدُونِ حُصُولِ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1658) (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إقْرَارًا لَمَا احْتَاجَ لِلتَّسْلِيمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِ كَذَا هِيَ لِفُلَانٍ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ فَحَيْثُ يُوجَدُ فِي ذَلِكَ إضَافَةُ الْمِلْكِ إلَى نَفْسِهِ تَقْدِيرًا فَيَكُونُ تَمْلِيكًا عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمِنَحِ. وَإِذَا قَالَ: إنَّ كَافَّةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَنْسُوبَةِ لِي مَا عَدَا ثِيَابِي الَّتِي عَلَيَّ، أَوْ إنَّ مَا يُقَالُ لِي قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا مُطْلَقًا. فَبِمَا أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُضِفْ الْأَمْوَالَ وَالْأَشْيَاءَ الْمُقَرَّ بِهَا إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ أَيْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يُقَالُ: إنَّهَا لَهُ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا هِيَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَدْ نَفَى الْمِلْكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي تَمَامِهَا. الْخُلَاصَةُ: وَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ بِهِ فِي هَذَا عَامٌّ وَغَيْرُ مَجْهُولٍ فَالْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ صَحِيحَانِ. مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْتِعَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي دَارِهِ هِيَ مَالٌ لِزَوْجَتِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ عِلْمُ الشُّهُودِ وَقْتَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مُحِيطًا بِجَمِيعِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ غَيْرَ عَالِمِينَ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، فَشَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ عَلَى أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ، وَلَا تَكُونُ شَهَادَةً بِالْمَجْهُولِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ) . إنَّ الْمِثَالَيْنِ كَانَا نُشِرَا عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ. أَمَّا إذَا مَلَكَ الْمُقِرُّ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا بَعْضَ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَشْمَلُ إقْرَارُهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَعْدُومًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَلَى وُجُودِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، أَوْ حُدُوثِهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقِرِّ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ يُقْبَلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالتَّنْقِيحُ) . مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ إقْرَارًا عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَفَى الْمِلْكَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ

بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِي حَتَّى إنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِكَ حِينَمَا أَقْرَرْتَ لِي إقْرَارًا عَامًّا، وَقَالَ الْمُقِرُّ: إنَّهُ لَيْسَ لَكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَمَا أَقْرَرْتَ إقْرَارًا عَامًّا، وَإِنَّنِي مَلَكْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يُحْكَمُ اسْتِصْحَابًا بِالشَّيْءِ الْمَذْكُورِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِدَاعِي أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِ فَيُعَدُّ مَوْجُودًا فِي الْمَاضِي بِنَاءً عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الِاسْتِصْحَابِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ لَيْسَ حُجَّةً مُثْبِتَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (10) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ جَمِيعَ أَمْوَالِي الْمَوْجُودَةِ فِي حَانُوتِي هَذَا هِيَ لِوَلَدِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا، فَبِمَا أَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَانُوتِ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِذَلِكَ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ، وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ، وَتَعْبِيرُ (الْكَبِيرِ) الْوَارِدُ فِي هَذَا الْمِثَالِ احْتِرَازٌ مِنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنَّ جَمِيعَ أَمْوَالِي وَأَشْيَائِي الْمَوْجُودَةِ فِي حَانُوتِي هِيَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدْ وَهَبَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ. وَبِمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (851) تَتِمُّ الْهِبَةُ بِدُونِ التَّسْلِيمِ فَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ نَفْيِ الْمِلْكِ بِالْإِقْرَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا قَالَ: إنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي حَانُوتِي، أَوْ فِي كِيسِي، أَوْ صُنْدُوقِي، وَبَيْتِي هَذَا هِيَ لِابْنِي الْكَبِيرِ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا فَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ، فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، بِأَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الْحَانُوتِ، أَوْ الْكِيسِ أَوْ الصُّنْدُوقِ، أَوْ الْبَيْتِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ هِيَ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ، وَنَفَى الْمِلْكَ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ مَا فِي حَانُوتِي فِيهِ إضَافَةٌ لِلنَّفْسِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ لَمْ تَكُنْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إنَّهَا إضَاقَةُ نِسْبَةٍ فَكَأَنَّهُ لَا يُوجَدُ إضَافَةٌ (الْمِنَحُ) إذْ إنَّهُ أَضَافَ الظَّرْفَ إلَى الْمَظْرُوفِ الْمُقَرِّ بِهِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ هُنَا كَلَا إضَافَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحَانُوتَ، أَوْ الصُّنْدُوقَ مَثَلًا مِلْكٌ لِغَيْرِهِ وَالْمُقَرُّ بِهِ هُنَا مَا فِي الْحَانُوتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُضَافٍ أَصْلًا فَيَكُون قَوْلُهُ: مَا فِي حَانُوتِي إقْرَارًا لَا تَمْلِيكًا لِعَدَمِ وُجُودِ إضَافَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ بَلْ جَعَلَهُ مَظْرُوفًا فِيمَا أُضِيفَ إلَيْهِ نِسْبَةً (الْمِنَحُ) . ، وَقَدْ نَسَبَ الْمُقِرُّ فِي هَذَا ظَرْفَ الْمُقَرِّ بِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَنْسُبْ الْمُقَرَّ بِهِ، وَلَا يَتَبَدَّلُ الْحُكْمُ بِالْمِثَالِ الَّذِي عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَانُوتُ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ، أَوْ كَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مَأْجُورًا، أَوْ مُعَارًا لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ تَعْبِيرُ فِي تَصَرُّفِي لَيْسَ إضَافَةً لِلنَّفْسِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ جَمِيعَ مَا فِي تَصَرُّفِي مِنْ الْمَالِ هُوَ لِفُلَانٍ، وَحَرَّرَ حُجَّةً بِذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا (أَبُو السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) . وَلَكِنْ لَوْ وَضَعَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ إقْرَارِهِ أَشْيَاءَ أُخْرَى فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا شَامِلًا لِتِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَتَبْقَى الْأَشْيَاءُ الْمَذْكُورَةُ لِلْمُقِرِّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ حَانُوتِي الَّذِي فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ هُوَ لِزَوْجَتِي فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ مِنْ

(المادة 1592) إذا قال أحد في حق الحانوت الذي في يده بموجب سند إنه ملك فلان

قَبِيلِ الْهِبَةِ فَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَالْقَبْضُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ: إنَّ الْحَانُوتَ الْمَنْسُوبَ لِي الْكَائِنَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ هُوَ لِزَوْجَتِي فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ، وَلَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ. إنَّ الْمِثَالَ الْأَوَّلَ كَانَ لِلْمَنْقُولَاتِ، وَالْمِثَالُ الْأَخِيرُ كَانَ لِلْعَقَارِ. [ (الْمَادَّةُ 1592) إذَا قَالَ أَحَدٌ فِي حَقِّ الْحَانُوتِ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمُوجِبِ سَنَدٍ إنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ] الْمَادَّةُ (1592) - (إذَا قَالَ أَحَدٌ فِي حَقِّ الْحَانُوتِ الَّذِي فِي يَدِهِ بِمُوجِبِ سَنَدٍ: إنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ فِيهِ وَاسْمِي الْمُحَرَّرُ فِي سَنَدِهِ مُسْتَعَارٌ، أَوْ قَالَ فِي حَقِّ حَانُوتٍ مَمْلُوكٍ اشْتَرَاهُ بِسَنَدٍ مِنْ آخَرَ: إنَّنِي كُنْتُ قَدْ اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَدَّيْتُهَا ثَمَنًا لَهُ هِيَ مِنْ مَالِهِ، وَقَدْ حُرِّرَ اسْمِي فِي سَنَدِهِ مُسْتَعَارًا. يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْحَانُوتَ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) . إذَا قَالَ أَحَدٌ فِي حَقِّ الْحَانُوتِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ بِسَنَدٍ: إنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي فِيهِ عَلَاقَةٌ، وَأَنَّ الِاسْمَ الْمُحَرَّرَ فِي سَنَدِ ذَلِكَ الْحَانُوتِ هُوَ مُسْتَعَارٌ. أَوْ قَالَ فِي حَقِّ حَانُوتٍ مَمْلُوكٍ اشْتَرَاهُ مِنْ آخَرَ: إنَّنِي كُنْتُ قَدْ اشْتَرَيْتُهُ لِفُلَانٍ وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي أَدَّيْتُهَا لِلْبَائِعِ ثَمَنًا لَهُ هِيَ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَالِاسْمُ الْمُحَرَّرُ فِي سَنَدِ ذَلِكَ الْحَانُوتِ قُيِّدَ مُسْتَعَارًا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْحَانُوتَ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا صَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَأْخُذُ الْحَانُوتَ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَيَرْتَدُّ إقْرَارُ الْمُقِرِّ (التَّنْقِيحُ) . ، وَفِي هَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَهِيَ: 1 - أَنْ يَقُولَ الْمُقِرُّ: إنَّ هَذَا الْحَانُوتَ هُوَ لِفُلَانٍ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ: إنَّ اسْمِي مُسْتَعَارٌ فِي السَّنَدِ بَلْ قَالَ: إنَّ هَذَا الْمِلْكَ لِفُلَانٍ يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ. مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ بُسْتَانًا وَحَرَّرَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ وَتَصَرَّفَ بِالْمَبِيعِ سِتَّ سَنَوَاتٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ إلَى سَفَرٍ، وَأَقَرَّ أَثْنَاءَ السَّفَرِ بِأَنَّ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِزَوْجَتِهِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَا يُخِلُّ الْإِقْرَارَ كَوْنُ حُجَّةِ الْبَيْعِ مُحَرَّرَةً بِاسْمِهِ. إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ أَلَا تَتَّخِذَ الْإِقْرَارَ سَبَبَ مِلْكٍ بَلْ تَدَّعِي أَنَّ الْبُسْتَانَ مِلْكُهَا فِي الْأَصْلِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهَا؛ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1627) (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الْإِقْرَارِ) . 2 - أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذِهِ الدُّكَّانَ لَيْسَ لِي فِيهَا عَلَاقَةٌ فَهَذَا إقْرَارٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ.

(المادة 1593) إذا قال أحد إن الدين الذي هو في ذمة فلان بموجب سند وهو كذا درهما

أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْحَانُوتَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهِ، وَاسْمِي الْمُحَرَّرُ فِي سَنَدِهِ مُسْتَعَارٌ فَهُوَ إقْرَارٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ؛ وَجَمِيعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. 4 - أَنْ يَقُولَ: إنَّ حَانُوتِي هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهِ، وَإِنَّ اسْمِي الْمُحَرَّرَ فِي سَنَدِهِ مُسْتَعَارٌ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ. حَانُوتِي، فَهَلْ هُوَ هِبَةٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1591) ، أَوْ إقْرَارٌ بِقَوْلِهِ: إنَّ اسْمِي مُسْتَعَارٌ فَأَصْبَحَ تَعْبِيرُهُ حَانُوتِي لَيْسَ إضَافَةَ مِلْكٍ، بَلْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ، اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الرَّابِعَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: [ (الْمَادَّةُ 1593) إذَا قَالَ أَحَدٌ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ بِمُوجِبِ سَنَدٍ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا] الْمَادَّةُ (1593) - (إذَا قَالَ أَحَدٌ: إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ بِمُوجِبِ سَنَدٍ، وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَرَّرَ بِاسْمِي إلَّا أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَاسْمِي الَّذِي تَحَرَّرَ فِي السَّنَدِ مُسْتَعَارٌ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ هُوَ حَقٌّ لِذَلِكَ) . (الْبَحْرُ قَبْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ) وَتَعْبِيرُ دَيْنٍ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْوَدِيعَةِ؛ إذْ الْحُكْمُ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ هِيَ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ هِيَ مِلْكٌ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. إلَّا أَنَّ حَقَّ قَبْضِ الدَّيْنِ وَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُقِرِّ، وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ حَقٌّ فِي الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ كَوْنُ الْمِلْكِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ حَقُّ الْقَبْضِ لَهُ. أَلَا يَرَى أَنَّ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ حَقُّ قَبْضِهِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ. وَالْمُقِرُّ يَقْبِضُهُ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إلَّا أَنَّ الْمَدِينَ، أَوْ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا سَلَّمَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ يَبْرَأُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1590) (نَتِيجَةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ) . يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ كَمَا لُوحِظَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَهِيَ: 1 - قَوْلُ: إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ هُوَ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ فَهَذَا الْقَوْلُ إقْرَارٌ، وَلَيْسَ هِبَةً. مَثَلًا لَوْ أَدَانَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسِينَ دِينَارًا، أَوْ قَالَ بَعْدَ إدَانَتِهِ هَذِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ: إنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهِ فَيَكُونُ إقْرَارًا (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) إذْ إنَّ إدَانَةَ الْمُقِرِّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لَا تَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُدِينَ مَالَ الْمُقَرِّ لَهُ بِالنِّيَابَةِ كَالْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالْوِصَايَةِ. 2 - قَوْلُ إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اسْمِي الَّذِي فِي السَّنَدِ مُسْتَعَارٌ. وَهَذَا هُوَ إقْرَارٌ وَلَيْسَ هِبَةً، وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ كَوْنُ سَبَبِ الْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ بَدَلًا لِشَيْءٍ بَاعَهُ الْمُقِرُّ، أَوْ أَجَرَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ يَصِحَّانِ بِالْوَكَالَةِ وَبِالْوِلَايَةِ أَيْضًا. 3 - قَوْلُ: إنَّ دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ هُوَ لِفُلَانٍ فَهَذَا الْقَوْلُ هِبَةٌ وَلِأَجْلِ تَمَامِهِ فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ الْقُيُودِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (848) . مَثَلًا. لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: إنَّ صَدَاقِي الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَوْجِي هُوَ لِفُلَانٍ، وَلَيْسَ لِي حَقٌّ فِيهِ وَصَدَّقَهَا

(المادة 1594) إذا كان أحد قد نفى الملك بإقراره

الْمُقَرُّ لَهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَيَبْقَى الصَّدَاقُ لِلزَّوْجَةِ كَمَا كَانَ، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ أَبْرَأَ الْمُقَرُّ لَهُ الزَّوْجَ مِنْ الصَّدَاقِ فَالْإِبْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَمَّا لَوْ أَبْرَأَتْهُ الزَّوْجَةُ فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْمِلْكِ فِي ذَلِكَ ظَاهِرَةٌ بِسَبَبِ أَنَّ صَدَاقَ الزَّوْجَةِ لَا يَكُونُ لِغَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بِلَا تَسْلِيطٍ عَلَى الْقَبْضِ لَيْسَ هِبَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَشَرْحُ الْمُنْتَقَى) . 4 - لَوْ قَالَ: إنَّ دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ هُوَ لِفُلَانٍ وَاسْمِي فِي سَنَدِ الدَّيْنِ مُسْتَعَارٌ فَإِنَّهُ، وَإِنْ يَكُنْ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ قَدْ أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ بِقَوْلِهِ: اسْمِي مُسْتَعَارٌ أَصْبَحَتْ الْإِضَافَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ إضَافَةَ مِلْكٍ بَلْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ فَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ إقْرَارًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيطُ عَلَى الْقَبْضِ. [ (الْمَادَّةُ 1594) إذَا كَانَ أَحَدٌ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ بِإِقْرَارِهِ] الْمَادَّةُ (1594) - (إذَا كَانَ أَحَدٌ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ بِإِقْرَارِهِ حَسَبَ مَا ذُكِرَ أَوْ أَقَرَّ بِكَوْنِ اسْمِهِ مُسْتَعَارًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا، وَيُلْزَمُ بِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَتُلْزَمُ بِهِ وَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَلَكِنْ لَوْ أَقَرَّ بِالْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ الْفَصْلِ الْآتِي) إذَا كَانَ أَحَدٌ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ بِإِقْرَارِهِ حَسَبَ مَا ذُكِرَ، أَوْ أَقَرَّ بِكَوْنِ اسْمِهِ مُسْتَعَارًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِصُورَةٍ أُخْرَى كَقَوْلِهِ مَثَلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ، أَوْ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَكُونُ إقْرَارُهُ، وَنَفْيُ مِلْكِهِ هَذَا، سَوَاءٌ كَانَ لِوَارِثِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ، مُعْتَبَرًا وَيُلْزَمُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَتُلْزَمُ بِهِ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1587) وَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ يُحِيطُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِ الْمُقِرِّ، وَكَانَ الْمُقِرُّ مَدِينًا لِأَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ إذَا كَانَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَحَقُّ الْوَرَثَةِ، وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ فِي مَالِهِ بَلْ يَتَعَلَّقُ فِي ذِمَّتِهِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمَدِينُ مَحْجُورًا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مَدِينًا (نُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَمُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَلَكِنْ لَوْ أَقَرَّ بِالْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَحُكْمُهُ يُعْلَمُ مِنْ الْفَصْلِ الْآتِي: الِاخْتِلَافُ فِي زَمَنِ الْإِقْرَارِ. إذَا اُخْتُلِفَ فِي وُقُوعِ الْإِقْرَارِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَوْ فِي حَالِ الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي حَالَ الْمَرَضِ، وَالْبَيِّنَةُ لِمَنْ يَدَّعِي حَالَ الصِّحَّةِ وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ لِلْوَرَثَةِ بِالطَّلَبِ؛ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1766) . [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ بِمَرَضِ الْمَوْتِ] ِ) قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ فَصْلٌ خَاصٌّ بِالْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ. لِأَنَّ لِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بَعْضَ أَحْكَامٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فِي إقْرَارِ الصَّحِيحِ (الْعِنَايَةُ) .

(المادة 1595) مرض الموت

إنَّ أَحَدَ الْأُمُورِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْأَهْلِيَّةِ هُوَ الْمَرَضُ. وَالْمَرَضُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِوُجُوبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي الْأَحْكَامِ الْوَاجِبَةِ لِلْمَعْبُودِ، أَوْ لِلْعَبْدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَهْلِيَّتَهُ لِلْعِبَادَةِ فَلِذَلِكَ قَدْ شُرِعَتْ الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَرِيضِ بِقَدْرِ الْقُدْرَةِ وَكَذَلِكَ تَصِحُّ عَلَى الْمَرِيضِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالطَّلَاقِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعِبَادَةِ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمَرَضَ مُؤَدٍّ إلَى الْمَوْتِ الَّذِي هُوَ عَجْزٌ خَالِصٌ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَوْتَ يُوجِبُ خَلْفِيَّةَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ فِي مَالِهِ فَأَصْبَحَ مَرَضُ الْمَوْتِ أَحَدَ أَسْبَابِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ فِي مَالِ الْمَرِيضِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَجْرَ مُقَيَّدٌ وَمَحْدُودٌ بِقَدْرِ صِيَانَةِ حَقِّ الْوَارِثِ وَالْغَرِيمِ فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ تَثْبُتُ الْمَحْجُورِيَّةُ مُسْتَنِدَةً إلَى الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ، وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْمَحْجُورِيَّةَ تَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَكُلُّ تَصَرُّفٍ مُحْتَمِلٌ لِلْفَسْخِ وَالْهِبَةِ وَالْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ يَكُونُ صَحِيحًا فِي الْحَالِ، وَحَيْثُ إنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى حَالِ الْمَرَضِ فَيُفْسَخُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَدَى الْحَاجَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (877) الَّتِي هِيَ قُبَيْلَهُ. أَنْوَاعُ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ إنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَجَلَّةِ، وَفِي شَرْحِهَا سَبْعَةٌ وَهِيَ: 1 - الْبَيْعُ وَالتَّفْصِيلَاتُ فِي حَقِّ ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (393) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. 2 - الْهِبَةُ وَحُكْمُهَا قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (877) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. 3 - الْإِقْرَارُ وَحُكْمُهُ قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. 4 - الْإِجَارَةُ، وَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُهَا فِي الْمَادَّةِ (444) . 5 - الْكَفَالَةُ وَحُكْمُهَا قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (628) . 6 - الرَّهْنُ، وَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (708) . وَالْمَرِيضُ الْمُقِرُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَا وَارِثَ لَهُ وَحُكْمُ ذَلِكَ سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1599) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَارِثٌ وَاحِدٌ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ. إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَارِثُ لَا حَقَّ لَهُ فِي إحْرَازِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَسَتُذْكَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (1596) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَارِثُ لَهُ حَقُّ إحْرَازِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَالْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأُمِّ وَالْخَالَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَعَدَمِ الْإِقْرَارِ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1596) وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1598 وَ 1599) . إنَّ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنْ إقْرَارَاتِ الْمَرِيضِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، وَهِيَ: 1 - الْإِقْرَارُ لِوَارِثٍ بِدَيْنٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1598) . 2 - الْإِقْرَارُ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْوَارِثِ، وَالْإِقْرَارُ بِاسْتِيفَاءِ الصَّدَاقِ الْمَضْمُونِ. 3 - الْإِقْرَارُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي كَفَلَهُ وَارِثُهُ. فَهَذِهِ الْإِقْرَارَاتُ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ مِنْ إجْرَاءِ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ لِوَارِثِهِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . [ (الْمَادَّةُ 1595) مَرَضُ الْمَوْتِ] الْمَادَّةُ (1595) (مَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي يَعْجَزُ الْمَرِيضُ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةِ مَصَالِحِهِ الْخَارِجَةِ عَنْ دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الذُّكُورِ وَيَعْجَزُ عَنْ رُؤْيَةِ الْمَصَالِحِ الدَّاخِلَةِ

فِي دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْإِنَاثِ، وَاَلَّذِي يَكُونُ فِيهِ خَوْفُ الْمَوْتِ فِي الْأَكْثَرِ وَيَمُوتُ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُلَازِمًا لِلْفِرَاشِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِذَا امْتَدَّ مَرَضُهُ، وَكَانَ دَائِمًا عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ وَمَضَى عَلَيْهِ سَنَةٌ يَكُونُ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ، وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ كَتَصَرُّفَاتِ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يَمْتَدَّ مَرَضُهُ وَيَتَغَيَّرْ حَالُهُ أَمَّا إذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَتَغَيَّرَ حَالُهُ وَتُوُفِّيَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَيُعَدُّ مَرَضُهُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ التَّغْيِيرِ إلَى الْوَفَاةِ مَرَضَ مَوْتٍ) . مَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الْمَرَضُ الَّذِي يَعْجَزُ الْمَرِيضُ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةِ مَصَالِحِهِ الْخَارِجَةِ عَنْ دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الذُّكُورِ كَعَجْزِ الْمُعَلِّمِ عَنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَدْرَسَةِ لِلتَّدْرِيسِ، وَعَجْزِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ عَنْ الذَّهَابِ إلَى حَانُوتِهِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَيَعْجَزُ عَنْ رُؤْيَةِ الْمَصَالِحِ الدَّاخِلَةِ فِي دَارِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْإِنَاثِ كَطَبْخِ الطَّعَامِ وَغَسْلِ الثِّيَابِ، وَيَكُونُ فِي هَذَا الْمَرَضِ خَوْفُ الْمَوْتِ فِي الْأَكْثَرِ، وَيَمُوتُ، وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالِ قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مُلَازِمًا لِفِرَاشِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَالْمَرِيضُ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى حَالِهِ الْهَلَاكُ سَوَاءٌ كَانَ سَبَبُ الْهَلَاكِ الْمَرَضَ، أَوْ كَانَ غَيْرَهُ فَلِذَلِكَ يُعَدُّ الْأَشْخَاصُ الْآتِي ذِكْرُهُمْ مَرِيضِي مَرَضِ مَوْتِ: 1 - الشَّخْصُ الَّذِي يَصِيرُ إخْرَاجُهُ لِسَاحَةِ الْإِعْدَامِ لِإِجْرَاءِ الْقِصَاصِ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمَسْجُونَ بِالسِّجْنِ وَالْمُقَرَّرَ قَتْلُهُ قِصَاصًا لَا يُعَدُّ مَرِيضًا مَا لَمْ يُحْضَرْ إلَى مَيْدَانِ الْقِصَاصِ مِنْهُ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا (الْهِنْدِيَّةُ) . 2 - الشَّخْصُ الَّذِي يَتَبَارَزُ مَعَ آخَرَ. 3 - الشَّخْصُ الَّذِي يَبْقَى عَلَى خَشَبَةٍ مِنْ السَّفِينَةِ بَعْدَ غَرَقِهَا. 4 - الشَّخْصُ الَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ، وَيَكُونُ فِي فَمِ السَّبُعِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ فَإِقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِقْرَارُهُ لِغَيْرِ وَارِثِهِ مُعْتَبَرٌ فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلِأَجْلِ أَنْ يُعَدَّ الْإِنْسَانُ مَرِيضًا مَرَضَ مَوْتٍ يَجِبُ وُجُودُ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي حَالٍ يَكُونُ فِيهِ خَوْفُ الْمَوْتِ فِي الْأَكْثَرِ، وَعَلَيْهِ فَالْمَحْصُورُ فِي الْقَلْعَةِ، وَالْجُنْدِيُّ الَّذِي يَكُونُ فِي سَاحَةِ الْحَرْبِ لَا يَكُونُ مَرِيضًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مَحْصُورًا أَوْ مُحَارِبًا؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ الْخَلَاصُ مِنْ الْمُحَاصِرَةِ فِي الْأَكْثَرِ. أَمَّا إذَا حَصَلَ أَوْجَاعٌ لِلْمَرْأَةِ أَثْنَاءَ مَخَاضِهَا فَتُعَدُّ مَرِيضَةً بِمَرَضِ الْمَوْتِ. فَإِذَا خَلَصَتْ مِنْ أَوْجَاعِهَا فَتَصَرُّفَاتُهَا زَمَنَ الْأَوْجَاعِ تَكُونُ كَتَصَرُّفَاتِ الصَّحِيحِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ قَادِرًا عَلَى رُؤْيَةِ مَصَالِحِهِ وَأَشْغَالِهِ الْخَارِجِيَّةِ إذَا كَانَ رَجُلًا، وَأَنْ لَا تَكُونَ قَادِرَةً عَلَى رُؤْيَةِ مَصَالِحِهَا الدَّاخِلِيَّةِ إذَا كَانَتْ امْرَأَةً، وَمُفَادُهُ: أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى نَحْوِ الطَّبْخِ دُونَ

(المادة 1596) إقرار من لم يكن له وارث

صُعُودِ السَّطْحِ لَا تَكُونُ مَرِيضَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ الْأَمْرَاضِ. فَإِذَا قَدَرَ عَلَى رُؤْيَةِ مَصَالِحِهِ فَلَا يُعَدُّ عَادَةً ذَلِكَ مَرَضًا (الْفُصُولَيْنِ. وَنُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ) . يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ الدُّكَّانِ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ الْقَرِيبَةِ فِي حَقِّ الْكُلِّ؛ إذْ لَوْ كَانَ مُحْتَرِفًا بِحِرْفَةٍ شَاقَّةٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُكَارِيًا، أَوْ حَمَّالًا عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ دَقَّاقًا أَوْ نَجَّارًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إقَامَتُهُ مَعَ أَدْنَى مَرَضٍ، وَعَجَزَ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ يَكُونُ مَرِيضًا، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ مَصَالِحَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الدُّكَّانِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا مَرِيضًا وَغَيْرَ مَرِيضٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْخُرُوجِ قَبْلَ الْمَرَضِ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَرَضِ لِلْكِبَرِ، أَوْ عِلَّةٍ فِي رِجْلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ فِي حَقِّهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَثْبُتَ هَذَا الْمَرَضُ، وَحَالُ الْعَجْزِ فِيهِ، وَأَنْ يُتَوَفَّى قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا امْتَدَّ مَرَضُ الْمَرِيضِ وَبَقِيَ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ بِدُونِ أَنْ يَزْدَادَ مَرَضُهُ وَمَرَّتْ سَنَةٌ عَلَى مَرَضِهِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الصَّحِيحِ، مَا لَمْ يَشْتَدَّ مَرَضُهُ وَيَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَتَكُونُ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَحْظُو فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ مِنْ الْمَرَضِ فَمَرَضٌ كَهَذَا لَا يُعَدُّ مَرَضَ مَوْتٍ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمَفْلُوجُ أَوْ الْمَسْلُولُ بِشَيْءٍ وَمَرَّتْ سَنَةٌ عَنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْوَصَايَا) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَرَضُ يَتَنَاقَصُ بَعْضًا وَيَتَزَايَدُ بَعْضًا وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ فَيُعَدُّ مَرِيضًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ وَإِذَا تُوُفِّيَ بَعْدَ مُرُورِ السَّنَةِ فَيُعَدُّ صَحِيحًا (نُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ الْمَرِيضُ عَلَى حَالٍ وَتَزَايَدَ مَرَضُهُ يَوْمًا فَيَوْمًا، وَتَغَيَّرَ حَالُهُ فَيَكُونُ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ أَمَّا إذَا اشْتَدَّ مَرَضُ الْمَرِيضِ، وَتَغَيَّرَ حَالُهُ، وَتُوُفِّيَ قَبْلَ مُرُورِ سَنَةٍ عَلَى هَذَا الْحَالِ فَيُعَدُّ مَرَضُهُ اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ التَّغْيِيرِ وَالِاشْتِدَادِ إلَى وَقْتِ وَفَاتِهِ مَرَضَ مَوْتٍ. [ (الْمَادَّةُ 1596) إقْرَارُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ] الْمَادَّةُ (1596) - (إقْرَارُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَى زَوْجَتِهِ، أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ سِوَى زَوْجِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ عَلَى أَنَّهُ نَوْعُ وَصِيَّةٍ؛ فَلِذَلِكَ إذَا نَفَى الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ وَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ يَصِحُّ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. كَذَلِكَ لَوْ نَفَى الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى زَوْجَتِهِ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَأَقَرَّ بِهَا لَهَا، أَوْ لَوْ نَفَتْ الْمِلْكَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهَا سِوَى زَوْجِهَا عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهَا وَأَقَرَّتْ بِهَا لَهُ يَصِحُّ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ) . إقْرَارُ الرَّجُلِ، أَوْ الْمَرْأَةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ، أَوْ إقْرَارُ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى زَوْجَتِهِ أَوْ إقْرَارُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ سِوَى زَوْجِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ عَلَى أَنَّهُ نَوْعُ وَصِيَّةٍ.

قَدْ خُصِّصَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ حَيْثُ إنَّ فَائِدَةَ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ فِي حَالٍ لَا يَكُونُ فِيهِ وَارِثٌ آخَرُ لَا تَظْهَرُ إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ الْوَاحِدَ مَا عَدَا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، أَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ يُحْرِزُ جَمِيعَ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَلَا حَاجَةَ لِلْوَصِيَّةِ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا وَلَدًا أَوْ بِنْتًا، أَوْ خَالَةً وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا آخَرَ فَحَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الْوَارِثَ يُحْرِزُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ مِنْ جِهَةِ الْعُصُوبَة، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْفَرْضِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الرَّدِّ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِيَّةِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ فِي الْإِقْرَارِ لَهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَحَيْثُ إنَّهُمَا مِنْ الَّذِينَ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَلَا يُحْرِزُونَ جَمِيعَ أَمْوَالِ التَّرِكَةِ. فَتَلْزَمُ الْوَصِيَّةِ لَهُمَا بِإِحْرَازِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ إذَا نَفَى الرَّجُلُ، أَوْ الْمَرْأَةُ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمِلْكَ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِ، وَأَقَرَّ بِهَا لِآخَرَ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا بِغَيْرِ وَجْهِ الِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ وَنَفْيِ الْمِلْكِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُمَا فِي الْمَادَّتَيْنِ (1592 وَ 1593) فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِتَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. حَيْثُ إنَّ وَضْعَ تَرِكَةِ مَنْ يُتَوَفَّى بِغَيْرِ وَارِثٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِحَقِّ إرْثٍ بَلْ لِكَوْنِهِ مَالًا بِلَا صَاحِبٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِبَيْتِ الْمَالِ أَنْ يُعَارِضَ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْمُحَابَاةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) أَيْ لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ إقْرَارَ الْمُتَوَفَّى غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِحُصُولِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَلِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَضْبِطَ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ، أَوْ أَنْ يَضْبِطَ الْمِقْدَارَ الْمُقَرَّ لَهُ بِهِ. أَوْصَى زَيْدٌ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ عَنْ زَوْجَةٍ لَا غَيْرُ، وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ فَالْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ غَيْرُ جَائِزَةٍ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ كَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَحَيْثُ لَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ تَرِثُ سُدُسَ التَّرِكَةِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا حَتَّى يَخْرُجَ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ فَإِذَا خَرَجَ الثُّلُثُ اسْتَحَقَّتْ رُبْعَ الْبَاقِي، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ. وَأَصْلُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ الثُّلُثُ بَقِيَ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لِلزَّوْجَةِ رُبْعُهَا اثْنَانِ. بَقِيَ سِتَّةٌ تَعُودُ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَكُونُ عَشَرَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ نَفَى مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَى زَوْجَتِهِ، أَوْ نَفَتْ مَنْ لَا وَارِثَ لَهَا سِوَى زَوْجِهَا الْمِلْكَ عَنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَأَقَرَّ بِهَا لَهَا، أَوْ وَأَقَرَّ بِهَا بِأَنَّ اسْمَهُ مُسْتَعَارُ، وَأَقَرَّ بِهَا بِوَجْهٍ آخَرَ بِغَيْرِ نَفْيِ الْمِلْكِ وَالِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ، أَوْ أَقَرَّتْ هِيَ كَذَلِكَ فَإِقْرَارُهُمَا الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَعْتَرِضَ لِتَرِكَةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْوَفَاةِ. يَعْنِي لَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُقَرِّ لَهَا الزَّوْجَةِ: إنَّنِي أَضْبِطُ تَرِكَتَهُ مَا عَدَا حِصَّتَكَ الْإِرْثِيَّةَ (الرُّبْعَ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الزَّوْجِ: إنَّنِي أَضْبِطُ تَرِكَتَهَا مَا عَدَا حِصَّتَكَ (النِّصْفَ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ لَيْسَ لِكَوْنِ الْوَارِثِ غَيْرَ مَحَلٍّ لِلْإِقْرَارِ بَلْ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا. إنَّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَفْرِيعَاتِهَا لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا.

(المادة 1597) أقر أحد حال مرضه بمال لأحد ورثته وفاق بعد إقراره من ذلك المرض

[ (الْمَادَّةُ 1597) أَقَرَّ أَحَدٌ حَالَ مَرَضِهِ بِمَالٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ] الْمَادَّةُ (1597) - (لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ حَالٍ مَرَضِهِ بِمَالِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا مُعْتَبَرًا) . لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِنَفْيِ الْمِلْكِ، أَوْ بِالِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ، أَوْ بِوَجْهٍ آخَرَ بِمَالٍ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ثُمَّ تُوُفِّيَ بِسَبَبٍ آخَرَ، أَوْ بِمَرَضٍ مُمَاثِلٍ لِمَرَضِهِ الْأَوَّلِ يَكُونُ إقْرَارُهُ هَذَا مُعْتَبَرًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) حَيْثُ بِإِفَاقَةِ الْمَرِيضِ مِنْ مَرَضِهِ يَتَحَقَّقُ بِأَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ مَرَضَ مَوْتٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ (رَجُلٌ كَانَ يَمْرَضُ يَوْمَيْنِ وَيَصِحُّ ثَلَاثَةً، أَوْ يَمْرَضُ يَوْمًا وَيَصِحُّ يَوْمَيْنِ وَأَقَرَّ لِابْنِهِ بِدَيْنٍ إنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي مَرَضٍ صَحَّ بَعْدَهُ جَازَ إقْرَارُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ الَّذِي أَلْزَمَهُ الْفِرَاشَ وَاتَّصَلَ بِالْمَوْتِ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ) . وَتَعْبِيرُ إقْرَارٍ هُنَا لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى الْمَرِيضُ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1598) إذْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ] الْمَادَّةُ (1598) - (إذْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ يَكُونُ إقْرَارُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ. فَإِنْ أَجَازُوهُ كَانَ مُعْتَبَرًا، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَلَكِنْ إذَا صَدَّقَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرًا، وَأَيْضًا الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ قَبَضَ أَمَانَتَهُ الَّتِي هِيَ عِنْدَ وَارِثِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَهْلَكَ أَمَانَةَ وَارِثِهِ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنَّ ابْنِي فُلَانًا أَخَذَ بِالْوَكَالَةِ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عَلَى فُلَانٍ، وَسَلَّمَهُ لِي يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: بِعْتُ خَاتَمَ الْأَلْمَاسِ الَّذِي كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةً عِنْدِي لِابْنِي فُلَانٍ الَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفْتُ ثَمَنَهُ فِي أُمُورِي وَاسْتَهْلَكْتُهُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا، وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ مِنْ التَّرِكَةِ) . إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِعَيْنٍ كَحَانُوتٍ كَانَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرَةُ مِلْكِيَّتِهِ فِيهِ، أَوْ بِدَيْنٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ يَكُونُ إقْرَارُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» كَمَا أَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ قَدْ تَعَلَّقَ بِمَالِ الْمَرِيضِ، وَأَصْبَحَ الْمَرِيضُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّبَرُّعِ حَتَّى لِلْوَارِثِ فَتَخْصِيصُ الْمَرِيضِ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ يُؤَدِّي لِإِبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ، وَيُوجِبُ حُصُولَ الْوَحْشَةِ وَالْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ. وَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ مَدِينٍ فَحَيْثُ إنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إيصَالِ النَّفْعِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَأَصْبَحَ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ هَذَا مُتَّهَمًا. وَحَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَادِرٌ عَلَى إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ

بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ فِي حَالِ الْمَرَضِ تُهْمَةٌ (الْكِفَايَةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (73) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْعَيْنِ، أَوْ الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ بَلْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِ وَارِثِهِ، وَإِنَّهَا مِلْكٌ لِوَارِثِهِ الْوَاضِعِ الْيَدَ عَلَيْهَا، فَإِقْرَارُهُ هَذَا صَحِيحٌ فَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَرَثَةِ عَلَى كَوْنِ الْأَعْيَانِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ التَّرِكَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ (لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ) أَنْ يَكُونَ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِثُ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ، أَوْ مِنْ الْعَصَبَاتِ، أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا، وَلَا يَكُونُ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1596) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) قِيلَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِ وَارِثِهِ وَتُوُفِّيَ الْمُقَرُّ لَهُ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِحَفِيدِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَتُوُفِّيَ الْحَفِيدُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ الْمُقِرُّ؛ فَلِأَبِ الْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُقِرِّ حَيْثُ إنَّ الْإِقْرَارَ مُعْتَبَرٌ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِدَيْنٍ فَمَاتَتْ ثُمَّ مَاتَ هُوَ وَتَرَكَ مِنْهَا وَارِثًا. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ وَتُوُفِّيَ الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ، وَكَانَ وَرَثَةُ الْمُقَرِّ لَهُ هُمْ وَرَثَةَ الْمُقِرِّ أَيْضًا فَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ حَيْثُ إنَّهُ حِينَ إقْرَارِهِ لَمْ يُقِرَّ لِوَارِثِهِ. لِأَنَّ كَوْنَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرَ وَارِثٍ ظَاهِرٌ أَمَّا وَارِثُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فَبِوَفَاتِهِ قَبْلَ الْمُقِرِّ قَدْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا (التَّكْمِلَةُ) . فَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ يَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا وَلَازِمًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَحَلٍّ لِلْإِقْرَارِ بَلْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ. فَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْإِقْرَارَ فَيَكُونُ قَدْ زَالَ الْمَانِعُ، وَيَلْزَمُ عَوْدَةُ الْمَمْنُوعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) وَالنَّدَامَةُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا تُفِيدُ (الْفَيْضِيَّةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا الْإِجَازَةُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ فَلَا حُكْمَ لَهَا. حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ حَقٌّ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ حَتَّى يُمْكِنَ إسْقَاطُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْإِجَازَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِوَارِثِي الْفُلَانِيِّ بِكَذَا دِرْهَمًا فَقَالَ بَاقِي الْوَرَثَةِ: إنَّنَا رَاضُونَ بِإِقْرَارِك هَذَا، أَوْ إنَّنَا قَدْ أَجَزْنَاهُ فَلِلْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ أَلَّا يُجِيزُوا ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ. وَإِنْ لَمْ يَحُزْ الْوَرَثَةُ، فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ بَاعَ بَعْضَ أَمْلَاكِهِ لِوَلَدِهِ الْفُلَانِيِّ وَحَرَّرَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِقِيمَتِهِ. كَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ الْعَيْنِ بِلَا إجَازَةٍ غَيْرُ صَحِيحٍ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ مِنْ وَارِثِهِ، أَوْ مَالِهِ الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْمَرْهُونِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1570) وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ وَدِيعَةُ وَارِثِهِ، أَوْ عَارِيَّتُهُ أَوْ غَصَبْتُهَا مِنْهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ) . فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ بِمَالٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ الْمَرِيضُ بِتَسْلِيمِ

الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِشِفَاءِ الْمَرِيضِ. وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَرَضِهِ الْمَذْكُورِ يُجْبَرُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى رَدِّ وَإِعَادَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى التَّرِكَةِ وَهَذَا فِي حَالَةِ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ لِلْمُتَوَفَّى لَمْ يُجِزْ الْإِقْرَارَ (التَّكْمِلَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَرَضِ مَوْتٍ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ لِوَارِثٍ، وَلِأَجْنَبِيٍّ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْوَارِثِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، وَلَا يَصِحُّ نُفُوذُهُ إلَى خِلَافِ الْجِهَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا الْمُقِرُّ حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ مُشْتَرَكًا فَلَا يَجُوزُ نَفَاذُهُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ، فَإِذَا بَطَلَتْ الصِّفَةُ يَبْطُلُ الْأَصْلُ كَمَا لَوْ تَصَادَقَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِوَارِثِهِ وَلِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكًا فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا سَوَاءٌ تَصَادَقَ الْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي الشَّرِكَةِ، أَوْ أَنْكَرَ الْأَجْنَبِيُّ الشَّرِكَةَ وَادَّعَى أَنْ جَمِيعَ الدَّيْنِ لَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَشَرْحَهَا. إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ فِي أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْإِقْرَارَاتِ وَهِيَ: 1 - إذَا صَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ هَذَا، وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ الْمَرِيضِ، وَيَكُونُ لَازِمًا. وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَيْسَ كَالْإِجَازَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ مِنْ الْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: إنَّنِي مَدِينٌ لِوَلَدِي فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَصَدَّقَ وَلَدَاهُ إقْرَارَهُ بِقَوْلِهِمَا: إنَّ وَالِدَنَا مَدِينٌ لِأَخِينَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ حُصُولِ هَذَا التَّصْدِيقِ فَلَيْسَ لِلْوَلَدَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمَا هَذَا وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُقِرِّ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَطْلُوبَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي فِي ذِمَّةِ وَارِثِهِ فُلَانٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَا تَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (الزَّيْلَعِيّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِالْأَمَانَةِ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ، أَوْ بِاسْتِهْلَاكِ الْوَدِيعَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَعْرُوفَةِ الَّتِي عِنْدَ وَارِثِهِ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ وَيُصَدِّقُوا عَلَى ذَلِكَ. وَتَعْبِيرُ الْأَمَانَةِ، يَشْمَلُ الْوَدِيعَةَ وَمَالَ الشَّرِكَةِ وَمَالَ الْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَمَانَاتِ فَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ مَدِينِهِ وَقَبَضَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ فَأَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ الْوَارِثِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ صَحَّ إقْرَارُهُ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّ لِوَارِثِهِ أَمَانَةً عِنْدَهُ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ هِيَ أَمَانَةٌ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَوْلِهِ: أَخَذْتُ وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتُهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ فَإِقْرَارُهُ

صَحِيحٌ. لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ بِأَنَّهُ رَدَّ الْأَمَانَةَ لِلْمُورَثِ الْمَرِيضِ، وَكَذَّبَهُ الْمُورَثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) حَيْثُ لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ مُتَّهَمًا بِإِيصَالِ النَّفْعِ لِوَارِثِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِاسْتِهْلَاكِ الْأَمَانَةِ الْمَعْلُومَةِ أَيْ الْمَعْلُومَةِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا لِوَارِثِهِ، فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَذَبَ الْمَرِيضُ فِي إقْرَارِهِ هَذَا، وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ يُعَدُّ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُجْهِلًا، وَحَيْثُ إنَّ الْمُودِعَ يُثْبِتُ الْوَدِيعَةَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (801) فَلَا يَكُونُ فَائِدَةً مِنْ تَكْذِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ، أَوْ لَمْ يُقِرَّ فَالنَّتِيجَةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدَةٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ أَيُّ احْتِمَالٍ فِي إيصَالِ الْمَنْفَعَةِ لِلْوَارِثِ. مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَوْلِهِ: أَخَذْت وَقَبَضْتُ أَمَانَتِي الَّتِي أَوْدَعْتهَا عِنْدَ ابْنِي فُلَانٍ يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّ ابْنِي فُلَانًا أَخَذَ دَيْنِي الَّذِي هُوَ عَلَى فُلَانٍ بِالْوَكَالَةِ، وَسَلَّمَهُ لِي فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَلَا يَكُونُ الْوَارِثُ الْوَكِيلُ مُكَلَّفًا لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ بِالْبَيِّنَةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: بِعْت لِآخَرَ خَاتَمَ الْأَلْمَاسِ الَّذِي كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ عَارِيَّةً عِنْدِي لِابْنِي فُلَانٍ الَّذِي قِيمَتُهُ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَصَرَفْتُ وَاسْتَهْلَكْت ثَمَنَهُ فِي أُمُورِي فَيَكُونُ إقْرَارُهُ مُعْتَبَرًا، وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ قِيمَةِ ذَلِكَ الْخَاتَمِ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ قِيمَتِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ. وَلَا يَلْزَمُ الثَّمَنُ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ الْمَرِيضُ. مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ الْخَاتَمَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَيَلْزَمُ تَضْمِينُ تِلْكَ الْقِيمَةِ، وَلَيْسَ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. وَعِبَارَةُ (الْأَمَانَةِ الْمَعْلُومَةِ) قَدْ فُسِّرَتْ بِالْمُثْبَتَةِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْأَمَانَةُ مَعْرُوفَةً وَمَعْلُومَةً فَإِقْرَارُهُ بِاسْتِهْلَاكِهَا يَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ. إذَا كَانَ الْإِيدَاعُ غَيْرَ مُثْبَتٍ بِالْبَيِّنَةِ فَإِقْرَارُ الْمَرِيضِ بِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ وَدِيعَةَ وَارِثِهِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُجِيزُوا إقْرَارَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَتَعْبِيرُ أَمَانَةٍ، لِلِاحْتِرَازِ مِنْ غَيْرِ الْأَمَانَةِ كَالدَّيْنِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَرْهُونِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِأَنَّهُ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ وَارِثِهِ، أَوْ الْمَالَ الَّذِي غَصَبَهُ وَارِثُهُ، أَوْ الَّذِي ارْتَهَنَهُ فَلَا يَصِحُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (157) . 3 - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِصَدَاقٍ لِزَوْجَتِهِ فَيُصَدَّقُ إقْرَارُهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ هُوَ مِنْ حُكْمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ. وَلَيْسَ لِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ بِهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ

(المادة 1599) المراد من الوارث

لِلزَّوْجَةِ بِصَدَاقٍ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ فَإِقْرَارُهُ بِالزِّيَادَةِ بَاطِلٌ (التَّكْمِلَةُ) . وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ الِادِّعَاءُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ وَهَبَتْ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ صَدَاقَهَا لِلْمُقِرِّ الْمَرِيضِ قَبْلَ إقْرَارِهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ. 4 - الْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ نَفْيًا يَصِحُّ قَضَاءً فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ: لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ الْوَارِثِ فَصَحِيحٌ، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ بِحَقٍّ لِلْمُورَثِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1571) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا: لَيْسَ لِي عِنْدَ زَوْجِي صَدَاقٌ صَحَّ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1599) الْمُرَادُ مِنْ الْوَارِثِ] الْمَادَّةُ (1599) - (الْمُرَادُ مِنْ الْوَارِثِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ هُوَ الَّذِي كَانَ وَارِثًا لِلْمَرِيضِ فِي وَقْتِ وَفَاتِهِ. أَمَّا الْوِرَاثَةُ الْحَادِثَةُ بِسَبَبٍ حَاصِلٍ فِي وَقْتِ وَفَاةِ الْمُقِرِّ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلًا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِمَنْ كَانَتْ وِرَاثَتُهُ قَدِيمَةً، وَلَمْ تَكُنْ حَاصِلَةً بِسَبَبٍ حَادِثٍ كَهَذَا فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ ابْنٌ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مِنْ أَبَوَيْنِ بِمَالِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ ابْنِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا؛ لِمَا أَنَّ أَخَاهُ يَرِثُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَخًا لَهُ) . الْمُرَادُ مِنْ الْوَارِثِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ أَيْ فِي مَبْحَثِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ هُوَ الَّذِي كَانَ وَارِثًا لِلْمَرِيضِ وَقْتَ وَفَاتِهِ، وَلَيْسَ الْوَارِثَ لِلْمَرِيضِ، وَقْتَ إقْرَارِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّ لَهُ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَغَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ جَائِزٌ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَخِيهِ بِمَالِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْإِقْرَارِ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا حَيْثُ إنَّهُ حِينَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ كَانَ وَلَدُهُ مَوْلُودًا فَأَصْبَحَ أَخُوهُ غَيْرَ وَارِثٍ فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْ بِنْتِهِ الْمُتَوَفِّيَةِ مَطْلُوبَهُ (الْمِائَةَ دِرْهَمٍ) ، وَأَنْكَرَ ابْنُهُ الِاسْتِيفَاءَ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ الْمُتَوَفِّيَةَ لَيْسَتْ بِوَارِثَةٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ كَذَا دَرَاهِمَ وَتَوَفَّتْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا. لِأَنَّ الزَّوْجَةَ الْمُتَوَفِّيَةَ لَيْسَتْ بِوَارِثَةٍ. ، وَقَدْ جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ الْمَيِّتَ

لَيْسَ بِوَارِثٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَتَرَكَ وَارِثًا مُنْكِرًا لِمَا أَقَرَّ بِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ لِحُجَّةِ الْجَامِعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ وَارِثًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ مَعًا، وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْوَارِثَةِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ، وَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (1598) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا إلَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ الْوِرَاثَةِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَهَذَا الْإِقْرَارُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ غَيْرُ صَحِيحٍ. مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ لِأَحَدِ إخْوَانِهِ لِأَبَوَيْهِ بِمَالِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَلَدُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فَإِقْرَارُهُ لِأَخِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ بِمَالِ، وَأَبَانَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ لِلتَّطْلِيقِ. وَالزَّوَاجُ وَالْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْإِقْرَارِ هُوَ السَّبَبُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَبَقَاءُ الْوِرَاثَةِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ السَّبَبُ فَالْإِقْرَارُ يَكُونُ صَحِيحًا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَفِي وَقْتِ الْمَوْتِ مَعًا، وَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1596) . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَارِثًا وَقْتَ الْمَوْتِ وَيُوَضَّحُ حُكْمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، وَهُوَ: إذَا كَانَتْ وِرَاثَةُ الْمُقَرِّ لَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ لِسَبَبٍ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِذَا كَانَ لِسَبَبٍ جَدِيدٍ، فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُوَضَّحُ فِي الْفِقْرَاتِ الْآتِيَةِ: أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ غَيْرَ وَارِثٍ لِلْمُقِرِّ ثُمَّ أَصْبَحَ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ الْوَفَاةِ بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا تَمْنَعُ الْوِرَاثَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ نَافِذًا. لِأَنَّهُ حِينَ وُقُوعِ الْإِقْرَارِ كَانَ الْإِقْرَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ لِوَارِثٍ فَلِذَلِكَ يَكُونُ نَافِذًا وَلَازِمًا، وَلَا يَبْطُلُ بَعْدَ ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ، أَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ، وَالْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالْهِبَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ أَيْضًا، وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ تَكُونُ وَارِثَةً بَعْدَ الْمَوْتِ.

(المادة 1600) إقرار المريض في مرض موته بالإسناد إلى زمن الصحة

أَمَّا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَكَانَتْ وِرَاثَتُهُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ حَاصِلَةً بِسَبَبٍ حَادِثٍ بَلْ كَانَتْ بِسَبَبٍ قَدِيمٍ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِأَحَدِ إخْوَانِهِ لِأَبَوَيْنِ وَبَعْدَ وَفَاةِ وَلَدِهِ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ الْمَرَضِ. فَحَيْثُ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ كَانَ أَخَاهُ، وَأَصْبَحَ وَارِثًا لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْأُخُوَّةَ سَبَبٌ قَدِيمٌ فَلَا يُنَفَّذُ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَالْأَخُ وَارِثٌ إلَّا أَنَّهُ مَحْجُوبٌ بِالِابْنِ وَبِزَوَالِ الْحَاجِبِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْأَخُ قَدْ وَرِثَ بِالسَّبَبِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، وَالْحَجْرُ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَسَبَبُ الْإِرْثِ يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُ الْحَجْرِ إلَى مَا قَبْلَ الْعِلَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْأَخُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ فَأَسْلَمَ الْمُقَرُّ لَهُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَيْثُ قَدْ أَصْبَحَ أَخُوهُ وَارِثًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِرْثِ كَانَتْ قَائِمَةً وَقْتَ الْإِقْرَارِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَالِ لِأَجْنَبِيٍّ مَجْهُولِ النَّسَبِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ وَلَدُهُ، وَكَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَهْلًا لِلتَّصْدِيقِ وَصَدَّقَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ، وَيَبْطُلُ الْإِقْرَارُ لِوُجُودِ الْوِرَاثَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ. أَمَّا إذَا كَذَّبَ الْأَجْنَبِيُّ كَوْنَهُ وَلَدًا لِلْمَيِّتِ، أَوْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 1600) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ] الْمَادَّةُ (1600) - (إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ، فَلَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى وَارِثِهِ فِي زَمَانِ صِحَّتِهِ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ، كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ حَالَ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إيَّاهُ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ يُجِزْهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ) . إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ حَالَ كَوْنِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ فِي زَمَنِ الْمَرَضِ أَمَّا الْإِقْرَارُ لِلْأَجْنَبِيِّ بِالْإِسْنَادِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَحُكْمُهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1606) . فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى وَارِثِهِ مِنْ جِهَةٍ كَبَدَلِ الْمَبِيعِ، أَوْ الْقَرْضِ أَوْ الْإِجَارَةِ فِي زَمَانِ صِحَّتِهِ مِنْ وَارِثِهِ الْمَذْكُورِ لَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الِاسْتِيفَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ. مَثَلًا. لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ قَبْلَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ الدَّارِ الَّتِي بَاعَهَا لَهُ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَمَا لَمْ يُثْبِتْ الْقَبْضَ بِالْبَيِّنَةِ فَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ فِي الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ.

(المادة 1601) إقرار المريض في مرض موته بعين أو دين لأجنبي

كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ فُلَانٍ وَأَنَّهُ سَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالشُّهُودِ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ. ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ، أَوْ بِإِجَازَتِهِمْ لِلْإِقْرَارِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِوَارِثِهِ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ وَارِثِهِ فُلَانٍ فَلَا يُنَفَّذُ إقْرَارُهُ. [ (الْمَادَّةُ 1601) إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ] الْمَادَّةُ (1601) - (إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ، صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ، وَإِذَا كَانَ أَثْنَاءَ بَحْثٍ وَصِيَّةً يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ، وَعَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ تُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ) . الْإِقْرَارُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْإِقْرَارُ بِالْحِكَايَةِ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِقْرَارِ، وَهُوَ إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ الْغَيْرُ مَدِينٍ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إقْرَارًا بِالْحِكَايَةِ بِعَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مَضْمُونَةً، أَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ أَوْ بِأَمَانَةٍ، أَوْ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثَهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ ابْنَ الِابْنِ، أَوْ الزَّوْجَةَ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ اسْتِحْسَانًا، مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ، وَلَوْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ، وَيَجِبُ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ لِلْغَرِيمِ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى مَوْجُودٌ فِي الْإِقْرَارِ، وَالْمَانِعُ مُنْتَفٍ، وَوُجُودُ الْمُقْتَضَى مُحَقَّقٌ بِكَوْنِ كُلِّ شَخْصٍ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ، وَعَدَمُ الْمَانِعِ هُوَ أَنَّ مَانِعَ الْإِقْرَارِ هُوَ الْإِرْثُ، وَهُوَ مُثْبَتٌ بِانْتِفَائِهِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيغَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَرَفْعَ الْحَائِلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ كَسَائِرِ حَوَائِجِهِ. لِأَنَّ شَرْطَ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ الْفَرَاغَ مِنْ حَقِّهِ وَلِهَذَا يُقَدَّمُ كَفَنُهُ عَلَيْهِمْ. وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ لَامْتَنَعَ النَّاسُ عَنْ مُعَامَلَتِهِ حَذَرًا مِنْ إتْوَاءِ مَالِهِمْ فَيَفْسُدُ عَلَيْهِ طَرِيقُ التِّجَارَةِ، أَوْ الْمُدَايِنَةِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ. لِأَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَتَعَلَّقَ بِالثُّلُثَيْنِ حَقُّ الْوَرَثَةِ. وَلِهَذَا لَوْ تَبَرَّعَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَا الْإِقْرَارُ وَجَبَ أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ (الدُّرَرُ) . وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ إخْبَارًا؛ إذْ لَوْ كَانَ إنْشَاءً أَيْ تَمْلِيكًا لَلَزِمَ نُفُوذُهُ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1572) .

قِيلَ (الْغَيْرُ مَدِينٍ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ الْمَرِيضُ مَدِينًا بِدَيْنِ صِحَّةٍ، فَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْعَيْنِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. وَقَدْ فُسِّرَ لَفْظُ أَجْنَبِيٍّ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِغَيْرِ الْوَارِثِ وَعَلَيْهِ فَابْنُ الِابْنِ - إذَا وُجِدَ الِابْنُ - أَجْنَبِيٌّ بِحَسَبِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِقْرَارُهُ لِابْنِ ابْنِهِ مُعْتَبَرٌ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْمُسْلِمِ لِزَوْجَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ بِمَالِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مُعْتَبَرٌ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِشَيْءٍ فَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا بِطَلَبٍ مِنْهَا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِمَالِ، وَتُوُفِّيَ الْمَرِيضُ، وَكَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَيُعْطَى لِلْمُقَرِّ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ، وَمِنْ الْمُقَرِّ بِهِ. وَهَذَا الْإِعْطَاءُ هُوَ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ وَلَيْسَ بِحُكْمِ الْإِرْثِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ عِدَّتُهَا مُنْقَضِيَةً فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ. كَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ زَوْجَتَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهَا وَتُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ بِالِابْتِدَاءِ. إنَّ الْإِقْرَارَ بِالِابْتِدَاءِ هُوَ إقْرَارٌ صُورَةً، إلَّا أَنَّهُ - حَقِيقَةً - تَمْلِيكٌ ابْتِدَاءً وَمُجَدَّدًا حَيْثُ إنَّ الْمُقِرَّ مَمْنُوعٌ مِنْ الْهِبَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِالتَّمْلِيكِ بِصُورَةِ الْهِبَةِ بَلْ مُلِكَ بِصُورَةِ الْإِقْرَارِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّنْقِيحِ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ ابْتِدَاءً، وَحُمِلَ عَلَى الْهِبَةِ لَزِمَ التَّسْلِيمُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ. وَهَذَا الْقِسْمُ مِنْ الْإِقْرَارِ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومًا بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ بِكَوْنِ الْمُقَرِّ بِهِ مِلْكًا لِلْمُقِرِّ أَيْ أَنَّهُ مَعْلُومٌ بَقَاءُ مِلْكِ الْمَرِيضِ لِلْمُقَرِّ بِهِ بِأَنْ كَانَ قَدْ بِيعَ الْمُقَرُّ بِهِ لِلْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْبُرْهَةِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، أَوْ انْتَقَلَ لَهُ إرْثًا مِنْ آخَرَ. فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُنْظَرُ، وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ يَذْكُرْ عِبَارَةَ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) بَلْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُ عِبَارَةِ (مَعْلُومًا لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إقْرَارُ الْمَرِيضِ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةً كَأَنْ يُقَالَ لِلْمَرِيضِ: أَلَا تُوصِي إلَى فُلَانٍ. أَوْ إنَّ فُلَانًا فَقِيرٌ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْوَصِيَّةِ فَتَكُونُ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (837) حَتَّى إنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمُقِرُّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الِابْنُ بِأَنَّ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ وَالِدِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ هِيَ لِفُلَانٍ وَتُوُفِّيَ وَالِدُهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الِابْنِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا بِوَفَاةِ الِابْنِ أَوْ لَا، أَوْ صَحِيحًا بِوَفَاةِ الْأَبِ أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً فِي حَالِ الْمَرَضِ. وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ أَثْنَاءَ الْبَحْثِ فِي وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ

(المادة 1602) ديون الصحة مقدمة على ديون

وَيُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ هِبَةً، أَوْ وَصِيَّةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (879) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: إنَّ فَرَسِي هَذِهِ لِفُلَانٍ فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْهِبَةِ وَيَجِبُ التَّسْلِيمُ وَإِذَا كَانَ قَالَ ذَلِكَ أَثْنَاءَ بَحْثِ وَصِيَّةٍ يُحْمَلُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ بَاعَ جَمِيعَ أَمْلَاكِهِ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، وَأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَهَا فَإِقْرَارُهُ بِالْبَيْعِ مُعْتَبَرٌ، وَإِقْرَارُهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مُعْتَبَرٌ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ (الْبَهْجَةُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . [ (الْمَادَّةُ 1602) دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ] الْمَادَّةُ (1602) - (دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ الْمَرَضِ، يَعْنِي تُقَدَّمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ غَرِيمَةً فِي حَالِ صِحَّتِهِ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَتُسْتَوْفَى أَوَّلًا دُيُونُ الصِّحَّةِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ وَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ تُؤَدَّى مِنْهُ دُيُونُ الْمَرَضِ، وَلَكِنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ غَيْرِ الْإِقْرَارِ كَالدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِأَسْبَابِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ الْمُشَاهَدِ وَالْمَعْلُومِ لِلنَّاسِ فَهِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ فَحُكْمُهُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ دُيُونُ الصِّحَّةِ، أَوْ الدُّيُونُ الَّتِي تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ، وَكَانَتْ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ) . دُيُونُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى دُيُونِ الْمَرَضِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مَا لَمْ تَكُنْ ذِمَّتُهُ خَالِيَةً مِنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ فَالدَّيْنُ الَّذِي يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْمَحْجُورِ لَا يُزَاحِمُ الدَّيْنَ الثَّابِتَ بِلَا حَجْرٍ. إنَّ دَيْنَ الصِّحَّةِ أَقْوَى مِنْ دَيْنِ الْمَرَضِ أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ مِنْ التَّبَرُّعِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يُوجِدُ ضَعْفًا مَا (السَّيِّدُ عَلَى الْفَرَائِضِ) . كَمَا أَنَّ دُيُونَ الْمَرَضِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ هُوَ مِنْ الْحَوَائِلِ الْأَصْلِيَّةِ حَيْثُ إنَّ فِي ذَلِكَ تَفْرِيغًا لِذِمَّةِ الْمَدِينِ وَرَفْعًا لِلْحَائِلِ بَيْنَ الْمَدِينِ وَبَيْنَ الْمُكَافَأَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ. فَلِذَلِكَ يَتَقَدَّمُ إيفَاءُ الدَّيْنِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ. وَجَمِيعُ دُيُونِ الصِّحَّةِ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَرَتِّبَةً بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ صِحَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ أَوْ لَلْأَجْنَبِيِّ. فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُقِرُّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِدَيْنٍ لِأَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَانَ إقْرَارُهُ صَحِيحًا، وَكَانَتْ جَمِيعُ الدُّيُونِ مُتَسَاوِيَةً.

وَالْحُكْمُ فِي دُيُونِ الْمَرَضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِمَرَضِ الْمَوْتِ بِدُيُونٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي أَزْمِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَتَكُونُ جَمِيعُ تِلْكَ الدُّيُونِ دُيُونَ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدُّيُونَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي ثُبُوتِهَا فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَوَّلًا بِدَيْنٍ ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ فَيُعَدُّ مُتَسَاوِيًا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغَرِيمِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْمُقِرِّ فَإِذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ وَدِيعَةُ فُلَانٍ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ أَرَادَ إسْقَاطَ حَقِّ الْغَرِيمِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهَا فَيَثْبُتُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُقِرِّ وَيَتَسَاوَى مَعَ الْغَرِيمِ الْآخَرِ فِي الدَّيْنِ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا الْوَدِيعَةِ وَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ أَوْلَى بِوَدِيعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمَّا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ الْوَدِيعَةِ مَلَكَهَا الْمُقَرُّ لَهُ بِعَيْنِهَا، فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ لَا يُعَلِّقُ الدَّيْنَ فِي مَالِ الْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةِ) . وَإِقْرَارُهُ بِمَالٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ بِضَاعَةٌ، أَوْ مُضَارَبَةٌ حُكْمُهُ مُسَاوٍ لِلْوَدِيعَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (التَّكْمِلَةُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ دُيُونِ الْمَرَضِ الدُّيُونُ الْمَجْهُولَةُ أَسْبَابُهَا، وَالْمَعْلُومَةُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ. يَعْنِي تُقَدَّمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ مَنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ غَرِيمَةً (أَيْ التَّرِكَةُ الَّتِي لَا تَفِي بِالدُّيُونِ) فِي حَالِ صِحَّتِهِ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ. وَيُشَارُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ لِجَمِيعِ الدُّيُونِ، وَأَنَّ الدَّائِنَ غَيْرُ وَاحِدٍ بَلْ مُتَعَدِّدٌ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الدَّيْنُ لِلْعِبَادِ. فَإِذَا كَانَ مَا يَبْقَى بَعْدَ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ يَفِي بِالدَّيْنِ فَبِهَا. فَإِذَا لَمْ يَفِ بِهَا فَالْبَاقِي يُعْطَى لِلْغَرِيمِ أَيْ إذَا كَانَ دَائِنًا وَاحِدًا، وَمَا يَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى إنْ شَاءَ الدَّائِنُ عَفَى عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ إلَى دَارِ الْجَزَاءِ، وَإِذَا كَانَ الدَّائِنُ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ كَانَتْ جَمِيعُ الدُّيُونِ دُيُونَ صِحَّةٍ فَالْبَاقِي مِنْ التَّرِكَةِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الدَّائِنِينَ تَقْسِيمَ الْغُرَمَاءِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ دَيْنُ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ (السَّيِّدُ عَلَى الْفَرَائِضِ فِي أَوَّلِهِ) . فَلِذَلِكَ يُسْتَوْفَى أَوَّلًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَرِيضِ دُيُونُ الصِّحَّةِ وَإِذَا بَقِيَ فَضْلَةٌ مِنْ التَّرِكَةِ تُؤَدَّى مِنْهَا دُيُونُ الْمَرَضِ فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ تَرِكَةُ أَحَدٍ عِبَارَةً عَنْ خَمْسِينَ دِينَارًا، وَكَانَ مَدِينًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا لِشَخْصٍ، وَأَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِعَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ كَالْأَمَانَةِ أَوْ بِعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَالْمَغْصُوبِ، أَوْ أَقَرَّ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَيُؤَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ أَوَّلًا دَيْنُ الصِّحَّةِ وَيُؤَدَّى دَيْنُ الْمَرَضِ مِمَّا يَبْقَى. وَلَكِنَّ الدُّيُونَ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ أَيْ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ مِنْ الْمَرِيضِ أَثْنَاءَ مَرَضِ مَوْتِهِ كَالدَّيْنِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَرِيضِ بِأَسْبَابِ الِاشْتِرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالشِّرَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَالنِّكَاحِ؛ الْمُشَاهَدَةِ وَالْمَعْلُومَةِ لِلنَّاسِ وَاَلَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ. فَهِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ أَيْ أَنَّ هَذِهِ الدُّيُونَ مُسَاوِيَةٌ لِدُيُونِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ سَبَبُهَا انْتَفَتْ التُّهْمَةُ مِنْ الْإِقْرَارِ (الْمِنَحُ) . ، وَقَدْ اكْتَفَى بِأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)

(المادة 1603) إذا أقر أحد في مرض موته بكونه قد استوفى دينه

وَالدُّيُونُ الَّتِي تَثْبُتُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمَرِيضِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الدُّيُونُ الْمُمْتَازَةُ فَإِذَا قَبَضَهَا الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ الْمَرِيضِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ دَيْنِ الصِّحَّةِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي مَقْبُوضِهِ كَبَدَلِ الْمَقْرُوضِ؛ الْمَبِيعِ وَأُجْرَةِ مَسْكَنِ الْمَرِيضِ وَمَلْبَسِهِ وَبَدَلِ عِلَاجِهِ وَأُجْرَةِ طَبِيبِهِ. النَّوْعُ الثَّانِي: الدُّيُونُ الْغَيْرُ مُمْتَازَةٍ فَإِذَا قَبَضَهَا الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ الْمَرِيضِ فَلِصَاحِبِ دَيْنِ الصِّحَّةِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي مَقْبُوضِهِ كَالْمَهْرِ الَّذِي قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ وَالْأُجْرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا الْآجِرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1604) . إذَا اسْتَقْرَضَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَشَاهَدَ وَعَايَنَ الشُّهُودُ تَسْلِيمَ الْمَقْرُوضِ لِلْمَرِيضِ فَيَكُونُ هَذَا الدَّيْنُ مُسَاوِيًا لِدُيُونِ الصِّحَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ مَالًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَاهَدَ الشُّهُودُ قَبْضَ الْمَبِيعِ أَوْ الِاسْتِئْجَارَ فَتَكُونُ الدُّيُونُ الْمَذْكُورَةُ مُسَاوِيَةً لِدُيُونِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدُّيُونَ قَدْ وَجَبَتْ بِأَسْبَابٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةِ الرَّدِّ. كَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا حَصَلَ بِمُشَاهَدَةِ الشُّهُودِ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ فَالْمَهْرُ الْمَذْكُورُ كَدُيُونِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَلَوْ كَانَ لِشَيْخٍ فَانٍ أَيْ الَّذِي لَا يَحْصُلُ لَهُ ذُرِّيَّةٌ، مَعْدُودٌ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي أَصْلِ وَضْعِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْمَعِيشَةِ، وَالِاعْتِبَارُ يَكُونُ لِأَصْلِ الْوَضْعِ، وَلَيْسَ لِلْحَالِ. لِأَنَّهُ لَا يُطَّلَعُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْحَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَشَرْحُ الْهِدَايَةِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . وَإِذَا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ. مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّ شَخْصًا آخَرَ أَوْدَعَ عِنْدَهُ حِصَانًا فَيُسْتَوْفَى أَوَّلًا مِنْ تَرِكَتِهِ دُيُونُ الصِّحَّةِ فَإِذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَيُعْطَى الْحِصَانُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِأَنَّ الْحِصَانَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ الْإِقْرَارِ كَأَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ فَيَأْخُذَ الْمُقَرُّ لَهُ الْحِصَانَ عَيْنًا. يَعْنِي إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ الدُّيُونُ الَّتِي هِيَ فِي حُكْمِ دُيُونِ الصِّحَّةِ الَّتِي لَزِمَتْ بِأَسْبَابٍ مَعْرُوفَةٍ كَالشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ. [ (الْمَادَّةُ 1603) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ] الْمَادَّةُ (1603) - (إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي

فِي ذِمَّةِ أَجْنَبِيٍّ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ هَذَا الدَّيْنُ قَدْ تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ حَالَ مَرَضِ الْمُقِرِّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلَكِنْ لَا يُنَفَّذُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ. وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ هَذَا قَدْ تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمُقِرِّ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَ مَدِينًا بِدُيُونِ صِحَّةٍ أَوْ لَا مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بَعْدَ بَيْعِهِ مَالًا فِي حَالِ مَرَضِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ صِحَّةٍ فَلَهُمْ أَلَّا يَعْتَبِرُوا هَذَا الْإِقْرَارَ. وَإِذَا بَاعَ مَالًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ، وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ صِحَّةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: لَا نَعْتَبِرُ هَذَا الْإِقْرَارَ) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ أَجْنَبِيٍّ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ قَدْ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمُقِرِّ يَصِحُّ إقْرَارُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ بَدَلَ مَالٍ كَالِاسْتِقْرَاضِ، أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَوْ بَدَلَ الْإِيجَارِ وَلَكِنْ لَا يُنَفَّذُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يُصَدِّقُوا هَذَا الْإِقْرَارَ. مَثَلًا، إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ، وَأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْإِسْنَادِ، كَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ، وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: أَدِّ الثَّمَنَ مَرَّةً أُخْرَى، أَوْ اُنْقُضْ الْبَيْعَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَّا إذَا عُرِفَ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ مَرَضِ الْبَائِعِ، وَلَوْ عُرِفَ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فِي الصِّحَّةِ صُدِّقَ فِي اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الثَّمَنِ رَهْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فِي صِحَّتِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِيهِ صُدِّقَ فِي الْبَيْعِ إلَّا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا فِي الثُّلُثِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . أَمَّا إذَا صَدَّقَ الْغُرَمَاءُ إقْرَارَ الْمَرِيضِ أَيْ إقْرَارَهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَيُنَفَّذُ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ بَدَلَ مَالٍ كَأَنْ كَانَ بَدَلَ صُلْحٍ عَنْ صَدَاقٍ أَوْ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَيَكُونُ نَافِذًا فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا بِدَيْنٍ مَعْرُوفٍ. مَثَلًا؛ لَوْ زَوَّجَتْ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا لِرَجُلٍ بِصَدَاقٍ (أَلْفِ دِرْهَمٍ) وَأَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا الْمَذْكُورِ بِقَبْضِهَا الصَّدَاقَ فَيَكُونُ إقْرَارُهَا نَافِذًا فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ أَيْضًا. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمُقِرِّ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَدِينًا بِدُيُونِ صِحَّةٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ هُوَ إذَا كَانَ الْمَدِينُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَحَقُّ الدَّائِنِينَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَحَقُّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِمَعْنَى التَّرِكَةِ، وَالتَّرِكَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَعْيَانِ. وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ مِنْ الْأَعْيَانِ، فَالْإِقْرَارُ الَّذِي يَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ

(المادة 1604) ليس لأحد أن يؤدي في مرض موته دين أحد غرمائه

الْمَذْكُورِ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَكُونُ الْمَرِيضُ قَدْ أَتْلَفَ بِهِ حَقَّ الْغُرَمَاءِ فَيَكُونُ صَحِيحًا. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينُ مَرِيضًا فَحَيْثُ إنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ فَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ مَالًا، وَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثَمَنَ ذَلِكَ الْمَالِ فَيَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ حَقَّ الْغُرَمَاءِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ الْوَارِدُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا؛ لَوْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بَعْدَ بَيْعِهِ مَالًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنَّهُ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَيَصِحُّ. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ صِحَّةٍ فَلَهُمْ أَنْ لَا يَعْتَبِرُوا هَذَا الْإِقْرَارَ. وَعَلَيْهِ فَيَسْتَوْفِي أَوَّلًا غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ دَيْنَهُمْ فَإِذَا أَوْفَتْ التَّرِكَةُ دُيُونَ الصِّحَّةِ فَلَا يُطَالَبُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَفِ التَّرِكَةُ دُيُونَ الصِّحَّةِ فَيُطَالَبُ الْأَجْنَبِيُّ بِالثَّمَنِ. يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ حَسَبَ زَعْمِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مَرَّةً أُخْرَى. فَإِذَا أَدَّاهُ الْأَجْنَبِيُّ فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَيُسْتَرَدُّ الْمَبِيعُ مِنْهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذْ بَاعَ مَالًا لِأَجْنَبِيٍّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، وَأَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِذَا كَانَ لَهُ غُرَمَاءُ صِحَّةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ أَلَّا يَعْتَبِرُوا هَذَا الْإِقْرَارَ. إنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ أَمَّا التَّفْصِيلَاتُ فِي حَقِّ إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ فَقَدْ مَرَّتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1570) . [ (الْمَادَّةُ 1604) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ أَحَدِ غُرَمَائِهِ] الْمَادَّةُ (1604) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ أَحَدِ غُرَمَائِهِ وَيُبْطِلَ حُقُوقَ دَائِنِيهِ الْآخَرِينَ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ، أَوْ الْقَرْضَ الَّذِي اسْتَقْرَضَهُ أَثْنَاءَ مَرَضِهِ) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَ أَحَدِ غُرَمَائِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَيْ بَعْضِهِمْ، وَأَنْ يُبْطِلَ حُقُوقَ دَائِنِيهِ الْآخَرِينَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْإِيفَاءُ إعْطَاءَ مَهْرٍ أَوْ بَدَلَ إيجَارٍ. بَلْ يَجِبُ تَقْسِيمُ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ غَرَامَةً؛ لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِ الْمَدِينِ. مَثَلًا لَوْ أَدَّى الْمَرِيضُ بِمَرَضِ الْمَوْتِ دَيْنَهُ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ لِمَدِينِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَإِذَا لَمْ تَفِ تَرِكَتُهُ دُيُونَهُ فَلِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ أَنْ يُدْخِلُوا الْأَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى تَقْسِيمِ الْغَرَامَةِ، وَأَنْ يَأْخُذُوا حِصَّتَهُمْ مِنْهَا بِنِسْبَةِ دَيْنِهِمْ. وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخِذِ حَصْرُ مَا أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ. الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْقَبْضِ. إذَا اخْتَلَفَ الدَّائِنُ، وَالْغُرَمَاءُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ الدَّائِنُ: قَدْ أَخَذْت دَيْنِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا أَثْنَاءَ صِحَّةِ الْمَرِيضِ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ الْآخَرُونَ: إنَّك قَبَضْتهَا وَقْتَ مَرَضِهِ فَلَنَا حَقُّ الِاشْتِرَاكِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَتْ الْعِشْرُونَ دِينَارًا لَمْ تَزَلْ فِي يَدِ الْقَابِضِ فَلِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ مُشَارَكَتُهُ فِيهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) وَإِذَا هَلَكَتْ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا.

(المادة 1605) الكفالة بالمال في هذا المبحث

وَيُفْهَمُ مِنْ قَيْدِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ بِأَنَّ لِلْمَدِينِ الصَّحِيحِ الْغَيْرِ مَحْجُورٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ لِبَعْضِ مَنْ شَاءَ مِنْ مَدِينِيهِ مُرَجِّحًا إيَّاهُ عَلَى مَدِينِيهِ الْآخَرِينَ، وَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ الْآخَرِينَ مُشَارَكَةُ الدَّائِنِ الَّذِي رُجِّحَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْإِقْرَارِ وَنُقُولُ الْفَيْضِيَّةِ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ) . إلَّا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ النُّقُودَ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا، وَثَمَنَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَثْنَاءَ مَرَضِهِ. إذَا كَانَ الثَّمَنُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ زَائِدًا فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ تَبَرُّعًا وَوَصِيَّةً يَعْنِي إذَا ثَبَتَ اسْتِقْرَاضُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْبَدَلِ الَّذِي أَدَّاهُ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَ زَائِدًا فَالزِّيَادَةُ تَبَرُّعٌ وَوَصِيَّةٌ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَثْبُتَ الِاشْتِرَاءُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ الْمُجَرَّدِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً (التَّنْوِيرُ) . فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ بَدَلَ الْمُسْتَقْرَضِ لِلْمُقْرِضِ، أَوْ بَدَلَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ فَيَبْقَى سَالَمَا لِلْأَخْذِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ مَنْعَ الْمَرِيضِ مِنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ هُوَ بِسَبَبِ أَنَّ تِلْكَ التَّأْدِيَةَ تُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ. فَإِذَا حَصَلَ لِلْغُرَمَاءِ بَدَلُ مَا أَدَّاهُ الْمَرِيضُ قَدْ جَازَ الْقَضَاءُ. مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ فَرَسًا، وَأَدَّى ثَمَنَهَا، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ ثَمَنُهَا إلَّا أَنَّهُ دَخَلَ إلَى التَّرِكَةِ بَدَلُهَا وَهِيَ الْفَرَسُ (الطَّحَاوِيَّ) . أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْمُشْتَرِي الْمَرِيضُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَحُكْمُهُ قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّتَيْنِ (295 وَ 296) . وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ) بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ الِاشْتِرَاءُ بَعْدَ التَّأْدِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْمَرِيضُ قَبْلَ التَّأْدِيَةِ يَدْخُلُ الْمُقْرِضُ وَالْبَائِعُ فِي تَقْسِيمِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ تَمَامِ حَقِّهِمَا (التَّكْمِلَةُ) . وَتَعْبِيرُ الِاسْتِقْرَاضِ وَالِاشْتِرَاءِ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالِاسْتِئْجَارِ فَعَلَيْهِ إذَا أَدَّى الْمَرِيضُ مَهْرَ الزَّوْجَةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، أَوْ بَدَلَ إيجَارِ الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا فَالْمَبْلَغُ الَّذِي أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ، أَوْ أَخَذَهُ الْمُؤَجِّرُ لَا يَبْقَى سَالِمًا لَهُمَا، وَيُشَارِكُهُمَا فِيهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالشَّيْءِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَرِيضِ مِنْ النِّكَاحِ وَسُكْنَى الدَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَقُّ صَالِحًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ فَالتَّخْصِيصُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مُبْطِلًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. [ (الْمَادَّةُ 1605) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ] الْمَادَّةُ (1605) - (الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ وَارِثِهِ أَوْ مَطْلُوبَهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا، وَإِذَا كَفَلَ الْأَجْنَبِيُّ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ كَفَلَ

الْأَجْنَبِيَّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ مَجْمُوعِ مَالِهِ، وَلَكِنْ تُقَدَّمُ دُيُونُ الصِّحَّةِ إنْ وُجِدَتْ) الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ أَيْ فِي مَبْحَثِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ فِي حُكْمِ الدَّيْنِ الْأَصْلِيِّ فَلِذَلِكَ لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ دَيْنَ وَارِثِهِ، أَوْ مَطْلُوبَهُ لَا يَكُونُ نَافِذًا مَا لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ وَلَيْسَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى إذَا لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ. وَإِذَا كَفَلَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لِغَيْرِ وَارِثِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إلَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ، وَلَوْ كَفَلَ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَالْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِتَرِكَتِهِ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُحِطْ. فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ صَحَّتْ كُلُّهَا، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا كَفَلَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ حَالَ الْمَرَضِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، أَنَا كَفِيلٌ لَفُلَانٍ بِمَا يُقِرُّ بِهِ فَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَتَلْزَمُ الْكَفَالَةُ مِنْ مَجْمُوعِ مَالِ الْكَفِيلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْدَ وَفَاةِ الْكَفِيلِ فَتَلْزَمُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (638) . وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ كَفَلَ أَحَدًا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الْمَرِيضَ قَدْ أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَيَسْتَوْفِي الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى. وَلَكِنْ تُقَدَّمُ دُيُونُ الصِّحَّةِ إنْ وُجِدَتْ (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ لِوَارِثِهِ، أَوْ عَنْ وَارِثِهِ فَلَا تَنْفُذُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وُجُوهُ كَفَالَةِ الْمَرِيضِ. إنَّ كَفَالَةَ الْمَرِيضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْفُلَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كَفَالَةً مُعَلَّقَةً بِالسَّبَبِ، وَأَنْ يَحْصُلَ ذَلِكَ السَّبَبُ حَالَ الْمَرَضِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: إنَّنِي كَفِيلٌ لِمَطْلُوبِك الَّذِي سَيَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ أَوْ إنَّنِي كَفِيلٌ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي سَتُقْرِضُهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْكَفِيلِ، أَوْ أَقْرَضَ الْمَكْفُولُ لَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِلْمَكْفُولِ عَنْهُ أَثْنَاءَ مَرَضِ الْكَفِيلِ فَتَكُونُ كَفَالَتُهُ صَحِيحَةً وَيَكُونُ الدَّيْنُ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُخْبِرَ الْمَرِيضُ حَالَ مَرَضِهِ بِأَنَّهُ كَفَلَ فِي زَمَنِ الصِّحَّةِ فَهَذَا الدَّيْنُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ دَيْنِ الْمَرَضِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَيُعَدُّ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ غُرَمَاءِ الْمَرَضِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُنْشِئَ الْمَرِيضُ الْكَفَالَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهَذِهِ الْكَفَالَةُ تُعْتَبَرُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ كَالْوَصَايَا الْأُخْرَى (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ) .

خلاصة الباب الثالث في أحكام الإقرار

[خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ فِي أَحْكَامُ الْإِقْرَارِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ أَحْكَامُ الْإِقْرَارِ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يُلْزَمُ الْمَرْءُ بِإِقْرَارِهِ الْغَيْرِ مُكَذَّبٍ شَرْعًا فَلِذَلِكَ لَا عُذْرَ لِلْمُقِرِّ لِسَبَبِ عَدَمِ جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِقْرَارِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَعِبَارَةُ حُقُوقِ الْعِبَادِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ فَإِذَا كَانَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مِنْ جِهَةِ الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ أَمَّا جِهَةُ الدَّعْوَى فَيَجِبُ إثْبَاتُهَا بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا حُكْمَ لِلْإِقْرَارِ الَّذِي يُكَذَّبُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ. إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ عَنْ الْإِقْرَارِ حَصَلَ دَاخِلَ الشَّرَائِطِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فَلَا يُعَدُّ رُجُوعًا: (1) أَنْ يَتَّصِلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَالنِّدَاءُ لَا يَمْنَعُ الِاتِّصَالَ) . (2) أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (وَالِاسْتِثْنَاءُ بِلَفْظِ كُلِّ الْعَيْنِ بَاطِلٌ) . (3) أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ مَعْنًى. (4) أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُتَنَاوِلًا لَفْظَ الْمُسْتَثْنَى. الْحُكْمُ الثَّانِي: يَلْزَمُ بَعْضًا لِتَمَامِ الْإِقْرَارِ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَهُوَ: إذَا أَضَافَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ إلَى نَفْسِهِ. حَيْثُ يَكُونُ هِبَةً فَلِتَمَامِ الْإِقْرَارِ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمُقَرِّ بِهِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ، وَلَا يَلْزَمُ بَعْضًا. إذَا لَمْ يُضِفْ الْمُقِرُّ الْمُقَرَّ بِهِ لِنَفْسِهِ حَيْثُ يَكُونُ قَدْ نَفَى الْمِلْكَ. لَا يَشْمَلُ إقْرَارُ الَّذِي يُقِرُّ بِكَافَّةِ أَمْوَالِهِ وَأَشْيَائِهِ لِآخَرَ الْأَشْيَاءَ وَالْأَمْوَالَ الَّتِي يَمْلِكُهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ غَيْرُ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ وَيَجُوزُ أَيْضًا إثْبَاتُ عَدَمِ الْكَذِبِ. الْحُكْمُ الرَّابِعُ: إقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ، وَنَفْيُ الْمِلْكِ عَنْ نَفْسِهِ (الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَادَّةِ 1591) ، أَوْ الَّذِي يُقِرُّ بِأَنَّ اسْمَهُ مُسْتَعَارٌ (الْمَادَّةُ 1592 وَ 1593) مُعْتَبَرٌ فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ حَالَ حَيَاتِهِ، وَيَلْزَمُ بَعْدَ وَفَاتِهِ. الْحُكْمُ الْخَامِسُ: إقْرَارُ الْمَرِيضِ؛ مُعْتَبَرٌ بَعْضًا: (1) - إقْرَارُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ نَوْعٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ إقْرَارُ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ هُوَ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ آخَرُ. (2) - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِهِ بِمَالٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ أَفَاقَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِقْرَارُهُ مُعْتَبَرٌ. (3) - إذَا صَدَّقَ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ الرُّجُوعُ عَنْ تَصْدِيقِهِمْ، وَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُمْ بِتَصْدِيقِهِمْ لَهُ أَصْبَحَ الْوَرَثَةُ مُقِرِّينَ بِهِ. (4) - الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ بِأَمَانَةٍ صَحِيحٌ، وَلَوْ لَمْ يُصَدِّقْ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ بِأَنَّهُ رَدَّ

الْأَمَانَةَ لِلْمُورَثِ وَكَذَّبَهُ الْمُورَثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ. (5) - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِزَوْجَتِهِ بِصَدَاقٍ فَيُصَدَّقُ بِمِقْدَارِ صَدَاقِ الْمِثْلِ. (6) يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ قَضَاءَ الْوَاقِعِ نَفْيًا. (7) إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْأَجْنَبِيِّ إقْرَارٌ بِالْحِكَايَةِ، وَلَوْ أَحَاطَ بِجَمِيعِ مَالِهِ صَحِيحٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقِرِّ. (8) لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا كَانَ قَدْ تَعَلَّقَ هَذَا الْمَطْلُوبُ فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْمُقِرِّ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ. أَمَّا إذَا تَعَلَّقَ فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ حَالَ صِحَّةِ الْمُقِرِّ، فَإِقْرَارُهُ صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَعْضًا: (1) إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ، فَإِقْرَارُهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ حَيْثُ قَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْوَرَثَةِ فِي مَالِ الْمَرِيضِ، وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَازَةُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ، وَلَا حُكْمَ لِلْإِجَازَةِ الَّتِي تَقَعُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمُقِرِّ (2) إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِوَارِثِهِ بِالْإِسْنَادِ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ السَّابِقِ. (3) بِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالِابْتِدَاءِ هُوَ هِبَةٌ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِ التَّسْلِيمِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَارِثِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي بَحْثِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ الْوَارِثِ لِلْمَرِيضِ وَقْتَ وَفَاتِهِ، وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعُ صُوَرٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَارِثًا وَغَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْمَوْتِ فَالْإِقْرَارُ لَهُ صَحِيحٌ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا، فَإِمَّا أَلَّا يَخْرُجَ مِنْ الْوِرَاثَةِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ الْمَادَّةَ (1598) فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ، وَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْوِرَاثَةِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَصَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْإِقْرَارِ هُوَ لِلسَّبَبِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَلِبَقَاءِ الْوِرَاثَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ مَعًا الْمَادَّةُ (1596) الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ غَيْرَ وَارِثٍ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَارِثًا فَإِذَا كَانَتْ الْوِرَاثَةُ حَاصِلَةً بِسَبَبٍ مَوْجُودٍ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِذَا كَانَتْ الْوِرَاثَةُ حَصَلَتْ بِسَبَبٍ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ.

الباب الرابع في بيان الإقرار بالكتابة

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ] ِ الْكِتَابَةُ وَالْخَطُّ مِنْ أَهَمِّ وَأَلْزَمِ الْأَشْيَاءِ لِلْإِنْسَانِ وَبِهَا يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِحْصَالِ مَنَافِعَ كَثِيرَةٍ، وَعَلَى تَأْمِينِ حُقُوقٍ مُهِمَّةٍ، وَمِنْ الْمَرْوِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثَارَةِ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] الْخَطُّ الْحَسَنُ (الْكُلِّيَّاتُ بِعِلَاوَةٍ) . قَدْ أَخَذَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْعَمَلُ بِالْكِتَابَةِ وَالْخَطِّ أَهَمِّيَّةً عُظْمَى فَقَدْ قُصِرَ إثْبَاتُ كَثِيرٍ مِنْ الْحُقُوقِ، وَلَا سِيَّمَا السَّنَدَاتُ وَالْمُقَاوَلَاتُ عَلَى الْخَطِّ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَدُّ كُلِّ خَطٍّ مَعْمُولًا بِهِ وَمَدَارًا لِلثُّبُوتِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَلَّا يُعْمَلَ بِالْخَطِّ؛ إذْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْحُقُوقِ فَلِذَلِكَ قَدْ اُتُّخِذَ طَرِيقٌ مُتَوَسِّطٌ، وَبَيَانُ الْأَصْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ. الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ الَّذِي فِيهِ شَائِبَةُ تَزْوِيرٍ، وَلَا يُتَّخَذُ ذَلِكَ الْخَطُّ مَدَارًا لِلْحُكْمِ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْنِيعُ وَتَزْوِيرُ الْخَطِّ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ. أَوَّلًا: لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالسَّنَدِ إذَا كَانَ غَيْرَ خَالٍ مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1610) . ثَانِيًا: لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَتْمِ فَقَطْ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1736) . ثَالِثًا: لَا يُعْمَلُ بِحُجَّةِ الْوَقْفِ فَقَطْ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1739) 0 الْأَصْلُ الثَّانِي: يُعْمَلُ بِالْخَطِّ الْبَرِيءِ مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مُعَامَلَاتِ النَّاسِ تَحْصُلُ بِلَا شُهُودٍ فَإِنْ لَمْ يُعْمَلْ بِالْخَطِّ يَسْتَلْزِمُ ضَيَاعَ أَمْوَالِ النَّاسِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ. أَوَّلًا: يُعْمَلُ بِحُجَّةِ الْوَقْفِ الْمُقَيَّدَةِ فِي سِجِلِّ الْمَحْكَمَةِ الْمَوْثُوقِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1739) . ثَانِيًا: يُعْمَلُ بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ الْمَمْسُوكَةِ بِصُورَةٍ سَالِمَةٍ مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1738)

(المادة 1607) أمر أحد آخر بأن يكتب إقراره

ثَالِثًا: يُعْمَلُ بِالْبَرَاءَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَقُيُودِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ حَيْثُ إنَّهَا مَأْمُونَةٌ مِنْ التَّزْوِيرِ. رَابِعًا: تُعْتَبَرُ الْقُيُودُ الْمُحَرَّرَةُ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الْمُعْتَمَدِ بِهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ. خَامِسًا: إنَّ الْمَادَّةَ (1609) وَقِسْمًا مِنْ الْمَادَّةِ (1610) يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ. الْمَادَّةُ (1606) - الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ كَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (69) . كَمَا يُؤَاخَذُ الْإِنْسَانُ بِإِقْرَارِهِ الْوَاقِعِ بِلِسَانِهِ يُؤَاخَذُ أَيْضًا بِإِقْرَارِهِ الْوَاقِعِ بِالْكِتَابَةِ، إنَّ مَوَادَّ (8 16 وَ 1609 وَ 1610) مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَمَّا الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ فَهِيَ إقْرَارٌ بِاللِّسَانِ. الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْ النَّاطِقِ، أَوْ مِنْ الْأَخْرَسِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِطَلَبِ الدَّائِنِ، وَبِلَا طَلَبٍ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا فَأَبْرَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَنَدًا مِنْ الْمُدَّعِي مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا يَتَضَمَّنُ إبْرَاءَ الْمُدَّعِي لَهُ، وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي بِكِتَابَةِ ذَلِكَ السَّنَدِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَيَثْبُتُ الدَّفْعُ (الْبَزَّازِيَّةُ اُنْظُرْ 1609) . قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (69) أَقْسَامُ الْكِتَابَةِ الثَّلَاثَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1607) أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ] الْمَادَّةُ (1607) - (أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ هُوَ إقْرَارٌ حُكْمًا بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ كَاتِبًا بِقَوْلِهِ: اُكْتُبْ لِي سَنَدًا يَحْتَوِي أَنِّي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ وَوَقَّعَ عَلَيْهِ بِإِمْضَائِهِ أَوْ خَتْمِهِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ كَالسَّنَدِ الَّذِي كَتَبَهُ بِخَطِّ يَدِهِ) . أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ كِتَابَةً تَدُلُّ عَلَى إقْرَارِهِ هُوَ إقْرَارٌ حُكْمًا. قِيلَ (إقْرَارٌ حُكْمًا) لِأَنَّ الْأَمْرَ إنْشَاءٌ، وَالْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَلَا يَتَّحِدَانِ حَقِيقَةً فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ فَيَكُونُ قَدْ حَصَلَ الْإِقْرَارُ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ كَاتِبًا بِقَوْلِهِ: اُكْتُبْ لِي سَنَدًا يَحْتَوِي أَنِّي مَدِينٌ لِفُلَانٍ فَيَكُونُ هَذَا الْحَالُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُتِمُّ الْإِقْرَارَ سَوَاءٌ كَتَبَ الْكَاتِبُ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَكْتُبْهُ فَإِذَا كَتَبَ الْكَاتِبُ، وَوَقَّعَ عَلَى السَّنَدِ بِإِمْضَائِهِ، أَوْ خَتْمِهِ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ كَالسَّنَدِ الَّذِي كَتَبَهُ بِخَطِّ يَدِهِ. وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا لِبَيَانِ أَسْبَابِ ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ أَيْضًا أَحَدَ أَسْبَابِ الثُّبُوتِ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْمُقِرُّ كَوْنَهُ أَمَرَ الْكَاتِبَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَثْبَتَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ الشَّخْصِيَّةِ فَيُلْزَمُ الْمُقِرُّ. كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَكْتُبَ لَهُ سَنَدًا بِكَوْنِهِ بَاعَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ مِنْ فُلَانٍ فَهُوَ إقْرَارٌ حُكْمًا حَتَّى إنَّهُ لَوْ لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ السَّنَدَ، وَثَبَتَ لِلْقَاضِي أَمْرُهُ لِلْكَاتِبِ بِكِتَابَةِ ذَلِكَ السَّنَدِ فَيُلْزَمُ بِالْبَيْعِ الْمَذْكُورِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 1608) الْقُيُودُ الَّتِي هِيَ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الْمُعْتَدِّ بِهَا] الْمَادَّةُ (1608) - (الْقُيُودُ الَّتِي هِيَ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الْمُعْتَدِّ بِهَا هِيَ مِنْ قَبِيلِ

الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا مَثَلًا لَوْ قَيَّدَ أَحَدُ التُّجَّارِ فِي دَفْتَرِهِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِمِقْدَارِ كَذَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مِقْدَارِ ذَلِكَ، وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَإِقْرَارِهِ الشِّفَاهِيِّ عِنْدَ الْحَاجَةِ) . الْقُيُودُ الَّتِي هِيَ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الْمُعْتَدِّ بِهَا وَاَلَّتِي تَكُونُ عَلَيْهِمْ كَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي شَكْلِ سَنَدٍ مُوَافِقٍ لِلرَّسْمِ وَالْعَادَةِ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْعَادَةِ أَنَّ التَّاجِرَ يَكْتُبُ دَيْنَهُ وَمَطْلُوبَهُ فِي دَفْتَرِهِ صِيَانَةً لِلنِّسْيَانِ، وَلَا يَكْتُبُهُ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ فَالْقُيُودُ الَّتِي تَكُونُ ضِدَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ أَمَّا الْقُيُودُ الَّتِي لِصَالِحِهِ فَلَا تَكُونُ حُجَّةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ بِلِسَانِهِ صَرِيحًا لَا يُؤْخَذُ خَصْمُهُ بِهِ فَكَيْفَ إذَا كَتَبَهُ. قَالَ الْبَيَّاعُ: وَجَدْتُ فِي دَفْتَرِي بِخَطِّي، أَوْ كَتَبْت فِي دَفْتَرِي بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا مُلْزِمًا، وَلَوْ قَالَ فِي ذِكْرِي، أَوْ فِي كِتَابِي لَزِمَهُ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْقُيُودَ الَّتِي يَكْتُبُهَا التَّاجِرُ بِخَطِّ يَدِهِ فِي دَفْتَرِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْقُيُودُ بِخَطِّ يَدِهِ بَلْ كَانَتْ بِخَطِّ كَاتِبِهِ، أَوْ بِخَطِّ أَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ، وَادَّعَى التَّاجِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِكِتَابَتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْقَيْدُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ. مَثَلًا؛ لَوْ قَيَّدَ أَحَدُ التُّجَّارِ فِي دَفْتَرِهِ الْمَحْفُوظِ لَدَيْهِ بِخَطِّ يَدِهِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِمِقْدَارِ كَذَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مِقْدَارِ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ لَدَى الْحَاجَةِ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَإِقْرَارِهِ الشِّفَاهِيِّ، وَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَ فِي دَفْتَرِهِ بِخَطِّ يَدِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَا عَلَيْهِ صِيَانَةً مِنْ النِّسْيَانِ وَلِلْبِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَيْهِ فَالْقُيُودُ الَّتِي فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الَّتِي تَكُونُ ضِدَّهُمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ. أَمَّا الْقُيُودُ الَّتِي لِصَالِحِهِمْ فَلَا يُؤَاخَذُ الْخَصْمُ بِهَا. مَثَلًا لَوْ كَانَ مُقَيَّدًا فِي دَفْتَرِ التَّاجِرِ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ الْأَسْبَابِ الثُّبُوتِيَّةِ لِلتَّاجِرِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ بِوَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى إثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ نَظِيرٌ لِذَلِكَ وَالْإِفْتَاءُ بِهِ ضَلَالٌ بَيِّنٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . مَثَلًا؛ لَوْ أَبْرَزَ أَحَدٌ سَنَدًا وَادَّعَى عَلَى صَرَّافٍ كَذَا أَلْفَ دِينَارٍ وَأَقَرَّ الصَّرَّافُ بِالسَّنَدِ وَادَّعَى تَأْدِيَتَهُ الْمَبْلَغِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِرْدَادِ السَّنَدِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ قَيْدٌ فِي دَفْتَرِ الصَّرَّافِ مُبَيَّنٌ فِيهِ تَأْدِيَةُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَلَيْسَ لَهُ إبْرَازُ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ، وَإِثْبَاتُ دَفْعِهِ. وَيُشَارُ بِتَعْبِيرِ مُعْتَدٍ بِهِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهِ، وَكَانَ احْتِمَالُ تَزْوِيرٍ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ لِلتَّاجِرِ كَاتِبٌ، وَكَانَ الدَّفْتَرُ فِي يَدِ الْكَاتِبِ فَإِذَا أَنْكَرَ التَّاجِرُ، أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الدَّفْتَرِ حَيْثُ يُوجَدُ شُبْهَةُ تَزْوِيرٍ بِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ قَيَّدَ فِي الدَّفْتَرِ دَيْنًا بِدُونِ عِلْمِ التَّاجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّ بَعْضَ التُّجَّارِ قَدْ اتَّخَذَ أُصُولًا أَنْ يُقَيِّدَ مُعَامَلَتَهُ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فِي دَفْتَرِ ذَلِكَ الْآخَرِ.

(المادة 1609) إذا كتب أحد سندا أو استكتبه من كاتب

مَثَلًا: عِنْدَمَا يَأْخُذُ زَيْدٌ التَّاجِرُ مِنْ عَمْرٍو الصَّرَّافِ نُقُودًا يَكْتُبُ بِخَطِّ يَدِهِ فِي الدَّفْتَرِ الَّذِي فِي يَدِ عَمْرٍو بِأَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْ عَمْرٍو عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا، فَإِذَا أَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ هَذَا الْخَطَّ هُوَ خَطُّ يَدِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَاخِذُ بِذَلِكَ، وَلَا يَكُونُ وُجُودُ الدَّفْتَرِ فِي يَدِ خَصْمِهِ سَبَبًا لِعَدِّ الْقَيْدِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ. [ (الْمَادَّةُ 1609) إذَا كَتَبَ أَحَدٌ سَنَدًا أَوْ اسْتَكْتَبَهُ مِنْ كَاتِبٍ] الْمَادَّةُ (1609) - (إذَا كَتَبَ أَحَدٌ سَنَدًا أَوْ اسْتَكْتَبَهُ مِنْ كَاتِبٍ وَأَعْطَاهُ لِآخَرَ مُوَقَّعًا بِإِمْضَائِهِ أَوْ مَخْتُومًا فَإِذَا كَانَ مَرْسُومًا أَيْ حُرِّرَ مُوَافِقًا لِلرَّسْمِ وَالْعَادَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِالْكِتَابَةِ، وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَتَقْرِيرِهِ الشِّفَاهِيِّ وَالْوُصُولَاتُ الْمُعْتَادَةُ وَإِعْطَاؤُهَا هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ) . إذَا كَتَبَ أَحَدٌ سَنَدًا، وَاسْتَكْتَبَهُ مِنْ كَاتِبٍ وَأَعْطَاهُ لِآخَرَ مُوَقَّعًا بِإِمْضَائِهِ، أَوْ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ إذَا كَانَ مَرْسُومًا أَيْ مُحَرَّرًا وَفْقًا لِلرَّسْمِ وَالْعَادَةِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْإِمْضَاءِ، أَوْ الْخَتْمِ عَالِمًا بِاللُّغَةِ الَّتِي حُرِّرَ بِهَا السَّنَدُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْكِتَابَةِ، وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَإِقْرَارِهِ الشِّفَاهِيِّ (الْخَانِيَّةُ وَقَارِئُ الْهِدَايَةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْوُصُولَاتُ الَّتِي تُعْطَى عَادَةً هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ وَمُعْتَبَرَةٌ كَالتَّقْرِيرِ الشِّفَاهِيِّ. إنَّ السَّنَدَ الْمُحَرَّرَ بِهِ اسْمُ الدَّائِنِ وَشُهْرَتُهُ، وَمِقْدَارُ الدَّيْنِ، وَالتَّارِيخُ، وَالْحَاوِي لِإِمْضَاءِ الْمَدِينِ، أَوْ خَتْمِهِ فِي ذَيْلِهِ يُعْتَبَرُ فِي زَمَانِنَا مُوَافِقًا لِلرَّسْمِ وَالْعَادَةِ. وَيُحَرِّرُ بَعْضًا فِي السَّنَدِ سَبَبَ الدَّيْنِ وَجِهَتَهُ وَتَارِيخَ تَأْدِيَتِهِ، وَلَا يُحَرِّرُ بَعْضًا. أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْإِمْضَاءِ أَوْ الْخَتْمِ غَيْرَ وَاقِفٍ عَلَى اللُّغَةِ الَّتِي حُرِّرَ بِهَا السَّنَدُ، وَادَّعَى بِأَنَّهُ وَقَعَ إمْضَاؤُهُ بِدُونِ عِلْمِ مَآلِ السَّنَدِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِالسَّنَدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِأَنَّ السَّنَدَ قُرِئَ عَلَيْهِ وَشُرِحَ وَفُسِّرَ مَضْمُونُهُ لَهُ، وَأَنَّهُ أَمْضَى أَوْ خَتَمَ السَّنَدَ بَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى تَمَامِ مَضْمُونِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّنَدُ يَتَضَمَّنُ الدَّيْنَ، أَوْ الْبَيْعَ، أَوْ التَّصَرُّفَاتِ الْأُخْرَى (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ إلَى عِنْوَانِ (فَائِدَتَانِ) فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (860) . إذَا فُسِّرَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ يَحْصُلُ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ أَرْبَعُ صُوَرٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ مَتْنُ سَنَدِ الدَّيْنِ بِخَطِّ الْمَدِينِ وَتَوْقِيعُهُ بِخَطِّهِ أَيْضًا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَتْنُ السَّنَدِ بِخَطِّ غَيْرِ الْمَدِينِ، وَأَنْ يَكُونَ التَّوْقِيعُ بِخَطِّ الْمَدِينِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مَتْنُ السَّنَدِ بِخَطِّ الْمَدِينِ، وَأَنْ يَكُونَ السَّنَدُ مَخْتُومًا بِخَتْمِ الْمَدِينِ بِدُونِ تَوْقِيعِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ شَائِبَةُ تَزْوِيرٍ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ السَّنَدِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ مَتْنُ السَّنَدِ بِخَطِّ غَيْرِ الْمَدِينِ وَأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ التَّوْقِيعِ مَخْتُومًا بِخَتْمِ الْمَدِينِ فَقَطْ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهَذَا السَّنَدِ مَعَ أَنَّ هَذَا السَّنَدَ غَيْرُ خَالٍ مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُمَكَّنِ حَكُّ خَتْمٍ مُطَابِقٍ لِخَتْمٍ آخَرَ كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْخَتْمِ لَا يَبْقَى خَتْمُهُ دَائِمًا فِي

(المادة 1610) إذا أنكر من كتب أواستكتب سندا مرسوما على الوجه المحرر

صُحْبَتِهِ بَلْ يُبْقِيهِ فِي بَيْتِهِ، أَوْ يَتْرُكُهُ فِي مَحَلٍّ، أَوْ يُسَلِّمُهُ لِمَصْلَحَةٍ لِأَمِينِهِ وَمُعْتَمِدِهِ كَمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ الْحَكَّاكَ الَّذِي حَفَرَ ذَلِكَ الْخَتْمَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْتِمَ بِذَلِكَ الْخَتْمِ بِضْعَةَ سَنَدَاتٍ فَلِوُجُودِ هَذِهِ الشَّائِبَاتِ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْخَتْمَ الَّذِي فِي السَّنَدِ هُوَ خَتْمُهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَخْتِمْ السَّنَدَ، وَأَنْكَرَ أَصْلَ الدَّيْنِ أَنْ لَا يُلْزَمَ بِالدَّيْنِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِالسَّنَدِ إذَا كَانَ بَرِيئًا مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ. قِيلَ (أَوْ مَخْتُومًا) وَالْخَتْمُ عَلَى وَزْنِ الشَّتْمِ، وَمُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْنِ: الْأَوَّلُ الْخَتْمُ الْمَنْقُوشُ فِيهِ اسْمٌ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى يَكُونُ خَتْمٌ اسْمًا. الثَّانِي مَصْدَرٌ لِفِعْلِ خَتَمَ يَخْتِمُ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي، وَهُوَ بِمَعْنَى التَّخْتِيمِ. وَبِمَا أَنَّ الْخَتْمَ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ فَيُعْنَى بِذَلِكَ بِأَنَّهُ مَخْتُومٌ بِالْخَتْمِ أَيْ بِخَتْمِ الْمَدِينِ وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ (1607) : أَوْ خَتْمِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْمَدِينُ: الْخَتْمُ لِي، وَقَدْ خَتَمْتُهُ فَيَلْزَمُ أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ الْخَتْمَ لِي، وَلَكِنِّي لَمْ أَخْتِمْهُ، وَلَسْتُ مَدِينًا فَيَجِبُ إثْبَاتُ الدَّعْوَى بِوَجْهٍ آخَرَ. تَعَدُّدُ سَنَدِ الدَّيْنِ. لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ سَنَدَيْنِ يَتَضَمَّنَانِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَكَانَ السَّنْدَانِ مُوَقَّعَيْنِ بِإِمْضَائِهِ وَمَخْتُومَيْنِ بِخَتْمِهِ، وَكَانَ مُقِرًّا بِهِمَا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ بِأَنَّنِي مَدِينٌ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَطْ، وَأَنَّ السَّنَدَ الثَّانِيَ مُؤَكِّدٌ لِلسَّنَدِ الْأَوَّلِ (الْخَانِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1587) . [ (الْمَادَّةُ 1610) إذَا أَنْكَرَ مَنْ كَتَبَ أَوْاسْتَكْتَبَ سَنَدًا مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ] (الْمَادَّةُ 1610) - (إذَا أَنْكَرَ مَنْ كَتَبَ، أَوْ اسْتَكْتَبَ سَنَدًا مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ أَعْلَاهُ وَأَعْطَاهُ لِآخَرَ مَمْضِيًّا أَوْ مَخْتُومًا، الدَّيْنَ الَّذِي يَحْتَوِيهِ ذَلِكَ السَّنَدُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِكَوْنِ السَّنَدِ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ وَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ. وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ كَوْنَ السَّنَدِ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ إذَا كَانَ خَطُّهُ وَخَتْمُهُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا وَيُعْمَلُ بِذَلِكَ السَّنَدِ. أَمَّا إذَا كَانَ خَطُّهُ وَخَتْمُهُ غَيْرَ مَشْهُورٍ، أَوْ مُتَعَارَفٍ يُسْتَكْتَبُ وَيُعْرَضُ خَطُّهُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَخْبَرُوا بِأَنَّهُمَا كِتَابَةُ شَخْصٍ وَاحِدٍ يُؤْمَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِإِعْطَاءِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ. وَالْحَاصِلُ يُعْمَلُ بِالسَّنَدِ إذَا كَانَ بَرِيئًا مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَشُبْهَةِ التَّصْنِيعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ السَّنَدُ بَرِيئًا مِنْ الشُّبْهَةِ، وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ كَوْنَ السَّنَدِ لَهُ، وَأَنْكَرَ أَصْلَ الدَّيْنِ أَيْضًا فَيَحْلِفُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي، وَعَلَى أَنَّ السَّنَدَ لَيْسَ لَهُ) . إذَا أَنْكَرَ مَنْ كَتَبَ، أَوْ اسْتَكْتَبَ سَنَدًا مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ أَعْلَاهُ وَأَعْطَاهُ لِآخَرَ مَمْضِيًّا بِإِمْضَائِهِ أَوْ مَخْتُومًا بِخَتْمِهِ الدَّيْنَ الَّذِي يَحْتَوِيهِ ذَلِكَ السَّنَدُ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِكَوْنِ السَّنَدِ لَهُ أَيْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّ خَطَّ السَّنَدِ خَطُّهُ وَالْخَتْمَ الَّذِي فِي السَّنَدِ خَتْمُهُ، وَقَدْ خُتِمَ مِنْهُ كَقَوْلِهِ مَثَلًا: إنَّ السَّنَدَ مُحَرَّرٌ بِخَطِّ يَدِي، وَقَدْ كَتَبْتُهُ إلَّا أَنَّنِي لَسْتُ مَدِينًا فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ، وَلَا يُحْمَلُ مُجَرَّدُ الْإِنْكَارِ عَلَى الْكَذِبِ بِالْإِقْرَارِ

بِالْكِتَابَةِ فَلِذَلِكَ لَا يَحْلِفُ الدَّائِنُ، وَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ ذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّنَدَ هُوَ عَادَةً حُجَّةٌ، وَغَيْرُ مُمْكِنٍ إنْكَارُ الْمَبْلَغِ الَّذِي يَحْتَوِيهِ وَيُعَدُّ الْمُنْكِرُ لَهُ مُكَابِرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ: إنَّ الْخَتْمَ لِي، وَإِنَّنِي خَتَمْتُهُ فَلَا يَبْقَى شَائِبَةُ تَزْوِيرٍ، مَثَلًا لَوْ حَصَلَتْ مُعَامَلَةُ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُدَّةً ثُمَّ أَجْرَيَا مُحَاسَبَةً بَيْنَهُمَا فَظَهَرَ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنًا كَذَا دِرْهَمًا فَأَعْطَى الْمَذْكُورُ سَنَدًا عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِرْهَمًا فَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالسَّنَدِ: إنَّهُ حَصَلَ خَطَأٌ فِي مُحَاسَبَتِنَا فَلْنُعِدْ الْحِسَابَ بَيْنَنَا بَلْ يُؤْمَرُ بِإِيفَاءِ الدَّيْنِ كَمَا فِي السَّنَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ (الدُّرَرُ) إلَّا أَنَّهُ إذَا رُئِيَتْ مُحَاسَبَةٌ بَيْنَ شَرِيكَيْ تِجَارَةٍ فَظَنَّتْ اللَّجْنَةُ الَّتِي رَأَتْ الْحِسَابَ بِأَنَّهُ صَوَابٌ فَرَضِيَ الشَّرِيكَانِ بِالْحِسَابِ إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ إجْرَاءِ الْمُحَاسَبَةِ مِنْ لَجْنَةٍ أُخْرَى تَبَيَّنَ خَطَأُ الْحِسَابِ الْأَوَّلِ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ إلَى الصَّوَابِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ السَّنَدُ الَّذِي كَتَبَهُ أَحَدٌ، أَوْ اسْتَكْتَبَهُ غَيْرَ مَرْسُومٍ فَلَا يَلْزَمُ إيفَاؤُهُ، وَلَوْ أَقَرَّ صَاحِبُهُ بِهِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ، كَكِتَابَةِ سَنَدٍ عَلَى الْحَائِطِ، أَوْ عَلَى وَرِقِ الشَّجَرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . قِيلَ (بِدُونِ تَحْلِيفِ الدَّائِنِ) ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ صَاحِبَ التَّنْقِيحِ قَالَ: إنَّهُ يُحْكَمُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ عَلَى أَخْذِ الْمُقِرِّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي السَّنَدِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ قَيْدٌ كَهَذَا. وَمَعَ ذَلِكَ فَالْيَمِينُ لَا يَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ بَلْ يَكُونُ أَبَدًا لِلنَّفْيِ وَعَلَى ذَلِكَ فَبَيَانُ التَّنْقِيحِ الْمَارُّ ذِكْرُهُ لَا يُوَافِقُ أَحْكَامَ الْفِقْهِ، وَلَعَلَّ مَقْصُودَ صَاحِبِ التَّنْقِيحِ بِأَنَّ الْمَدِينَ إذَا ادَّعَى الْكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ بِالْكِتَابَةِ يَحْلِفُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1589) . أَمَّا إذَا أَنْكَرَ خَطَّ السَّنَدِ الَّذِي أَعْطَاهُ مَرْسُومًا قَائِلًا: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَطِّي. فَإِذَا كَانَ خَطُّهُ، أَوْ خَتْمُهُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلْدَةِ، وَأُثْبِتَ كَوْنُ خَطِّهِ، أَوْ خَتْمِهِ مُتَعَارَفًا فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ، وَيُعْمَلُ بِذَلِكَ السَّنَدِ بِدُونِ حَاجَةٍ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهِ وَمُنْدَرَجَاتِهِ، وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنَّ خَطَّهُ وَخَتْمَهُ مَشْهُورٌ وَمُتَعَارَفٌ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْحَاكِمِ لَيْسَ حُجَّةً وَسَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ. قِيلَ (مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا) وَالشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ التَّوَاتُرِ، وَقَدْ وَرَدَ تَعْرِيفُهُ فِي الْمَادَّةِ (1735) أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بَلْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْخَطَّ وَالْخَتْمَ هُوَ خَطُّ وَخَتْمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّهُمَا شَاهَدَا تَحْرِيرَ السَّنَدِ، وَهُوَ يُحَرِّرُهُ فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . وَخَطُّ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِمَعْنَى الْخَطِّ الَّذِي حُرِّرَ بِصُورَةٍ ظَاهِرَةٍ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ الْأَكْمَلِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، لِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِالشُّهْرَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْخَطَّ هُوَ خَطُّ الْمَدِينِ فَيُعْمَلُ بِهِ. كَذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْخَتْمِ لَيْسَ الْمَصْدَرَ بَلْ هُوَ الِاسْمُ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الْخَتْمُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا فَهُوَ كَافٍ لِإِثْبَاتِ الدَّيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّ كَوْنَ الْخَتْمِ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا لَا يَجْعَلُ السَّنَدَ بَعِيدًا عَنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ

(المادة 1611) أعطى أحد سند دين حال كونه مرسوما على الوجه المبين أعلاه ثم توفي

وَالتَّصْنِيعِ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ) . فَلَوْ قِيلَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْخَتْمِ هُنَا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَيْ كَانَ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا بِأَنَّهُ وَضْعُ وَطَبْعُ خَتْمِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الْفِقْهِيَّةِ إلَّا أَنَّ قَصْدَ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ تِلْكَ الْعِبَارَةِ بَعِيدٌ وَغَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَقَامِ. وَالِاعْتِبَارُ لَيْسَ لِلشَّيْءِ الْمُحَرَّرِ فِي السَّنَدِ بَلْ لِنَفْسِ الْأَمْرِ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَأَخَذَ سَنَدًا مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ مَدِينٌ لَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَنِ تِلْكَ الدَّارِ، وَأَرَادَ الْمَدِينُ أَنْ يُؤَدِّيَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَأَرَادَ الدَّائِنُ أَنْ يَأْخُذَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ حَسَبَ مُحْتَوَيَاتِ السَّنَدِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي وُقُوعَ الْبَيْعِ عَلَى دَرَاهِمَ، أَوْ نَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ الَّذِي طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي فَيُؤَدِّي الْمَبْلَغَ دَرَاهِمَ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِثْبَاتُ وَحَلَفَ الْبَائِعُ الْيَمِينَ فَيُؤَدِّي الْمَبْلَغَ دَنَانِيرَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ خَطُّهُ وَخَتْمُهُ مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا فَيُسْتَكْتَبُ وَيُعْرَضُ خَطُّهُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِذَا أَخْبَرُوا بِأَنَّ الْخَطَّيْنِ خَطُّ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَيُؤْمَرُ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ. هَلْ يَجِبُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ؟ قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِأَنَّهُ يَجْرِي تَطْبِيقُ الْخَطِّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ تَطْبِيقُ الْخَاتَمِ. وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِ ذَلِكَ هُوَ لِكَوْنِهِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخَتْمَ خَتَمُهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَدَارًا لِلْحُكْمِ حَسَبَ مَا وَضَّحْتُهُ آنِفًا. قِيلَ (يُسْتَكْتَبُ) فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ الْكِتَابَةِ عِنْدَ الِاسْتِكْتَابِ فَيُطَبَّقُ وَيُقَايَسُ الْخَطُّ عَلَى الْخَطِّ الَّذِي يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ كَتَبَهُ قَبْلًا. فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ خَطٌّ كَهَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ السَّنَدُ بَرِيئًا مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَشُبْهَةِ التَّصْنِيعِ يُعْمَلُ بِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ السَّنَدُ حَاوِيًا لِلْخَتْمِ فَقَطْ، وَادَّعَى بِأَنَّهُ لَمْ يَخْتِمَهُ وَأَنَّ الْخَتْمَ قَدْ وَقَعَ فِي يَدِ الدَّائِنِ فَخَتَمَ بِهِ السَّنَدَ فَحَيْثُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ السَّنَدُ بَرِيئًا مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ فَلَا يَكُونُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ. فَإِذَا كَانَ السَّنَدُ غَيْرَ بَرِيءٍ مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ، وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ أَنَّ السَّنَدَ سَنَدُهُ كَمَا أَنَّهُ أَنْكَرَ أَصْلَ الدَّيْنِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا، وَأَنَّ السَّنَدَ لَمْ يَكُنْ سَنَدَهُ. يَعْنِي أَنَّ التَّحْلِيفَ يَجْرِي عَلَى أَمْرَيْنِ: (1) عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ (2) : عَلَى أَنَّ السَّنَدَ لَمْ يَكُنْ سَنَدَهُ، فَإِذَا نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ فَيُلْزَمُ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى أَنَّ السَّنَدَ كَانَ لَهُ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ. أَمَّا إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ كَوْنِهِ مَدِينًا، وَنَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّ السَّنَدَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَهَلْ يَلْزَمُ الدَّيْنُ؟ قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ بِأَنَّ السَّنَدَ سَنَدُهُ، وَإِنْكَارُهُ الدَّيْنَ لَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ. [ (الْمَادَّةُ 1611) أَعْطَى أَحَد سند دِين حَال كَونه مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْه الْمُبِين أَعْلَاهُ ثُمَّ تُوفِي] الْمَادَّةُ (1611) - (إذَا أَعْطَى أَحَدٌ سَنَدَ دَيْنٍ حَالَ كَوْنِهِ مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ يُلْزَمُ وَرَثَتُهُ بِإِيفَائِهِ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِكَوْنِ السَّنَدِ لِلْمُتَوَفَّى، وَأَمَّا إذَا كَانُوا مُنْكِرِينَ بِأَنَّ ذَلِكَ السَّنَدَ لِلْمُتَوَفَّى فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ السَّنَدِ إذَا كَانَ خَطُّ وَخَتْمُ الْمُتَوَفَّى مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا) .

(المادة 1612) ظهر كيس نقود في تركة متوف ملصق عليه بخط المتوفى هذا الكيس مال فلان

إذَا أَعْطَى أَحَدٌ سَنَدَ دَيْنٍ حَالٍ كَوْنِهِ مَرْسُومًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ يُلْزَمُ وَرَثَتُهُ بِإِيفَائِهِ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانُوا مُعْتَرَفِينَ بِكَوْنِ السَّنَدِ لِلْمُتَوَفَّى، وَلَوْ أَنْكَرُوا الدَّيْنَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ السَّابِقَةَ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمُورَثِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى تَرِكَةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ إيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِمْ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ وَرَثَةً لِلْمُتَوَفَّى. وَإِذَا أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ السَّنَدِ، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ أَنْ يُؤَدِّيَ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (78 وَ 1643) . وَأَمَّا إذَا كَانُوا مُنْكِرِينَ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِالسَّنَدِ إذَا كَانَ خَطُّ وَخَتْمُ الْمُتَوَفَّى مَشْهُورًا وَمُتَعَارَفًا أَيْ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْخَطَّ وَالْخَتْمَ هُوَ خَطُّ وَخَتْمُ الْمُتَوَفَّى بِالشُّهْرَةِ وَالتَّوَاتُرِ، وَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُمْ. أَمَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْخَتْمَ لِلْمُتَوَفَّى بِشُهْرَةِ التَّوَاتُرِ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْخَطُّ فَالْمُوَافِقُ لِأَحْكَامِ الْفِقْهِ أَنْ لَا يُعْمَلَ بِذَلِكَ السَّنَدِ، وَإِذَا أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ السَّنَدَ مِنْ الْمُتَوَفَّى إلَّا أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا الدَّيْنَ فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُمْ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1612) ظَهَرَ كِيسُ نُقُودِ فِي تَرِكَةِ مُتَوَفٍّ مُلْصَقٌ عَلَيْهِ بِخَطِّ الْمُتَوَفَّى هَذَا الْكِيسَ مَالُ فُلَانٍ] الْمَادَّةُ (1612) - (إذَا ظَهَرَ كِيسٌ مَمْلُوءٌ بِالنُّقُودِ فِي تَرِكَةِ مُتَوَفٍّ مُلْصَقٌ عَلَيْهِ بِطَاقَةٌ مُحَرَّرٌ فِيهَا بِخَطِّ الْمُتَوَفَّى أَنَّ هَذَا الْكِيسَ مَالُ فُلَانٍ، وَهُوَ عِنْدِي أَمَانَةٌ يَأْخُذُهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِوَجْهٍ آخَرَ) . أَيْ أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى إثْبَاتٍ آخَرَ كَالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَشْهَدُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحَرَّرُ عِبَارَةً كَهَذَا عَلَى مَالِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (36) فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي تِلْكَ الْبِطَاقَةِ تَوْقِيعُ الْمُتَوَفَّى فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ. الْعَمَلُ بِالْعَلَامَةِ الْفَارِقَةِ. مِنْ الْعَادَةِ أَنَّ التُّجَّارَ يَكْتُبُونَ عَلَامَاتٍ عَلَى الْإِجْمَالِ تَدُلُّ عَلَى اسْمِ صَاحِبِهَا فَهَلْ هَذِهِ الْعَلَامَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحِمْلَ لِصَاحِبِهِ؟ فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْعَلَامَةِ، أَوْ وَكِيلُهُ وَاضِعًا الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْحِمْلِ فَحَيْثُ إنَّ وَضْعَ يَدِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمِلْكِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَيُتْرَكُ ذَلِكَ الْحِمْلُ لِوَاضِعِ الْيَدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْكِتَابَةُ فَقَطْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى الْحِمْلِ فَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ الْحِمْلُ لِصَاحِبِ الِاسْمِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْغَيْرُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَنَّ الْحِمْلَ لَهُ (التَّنْقِيحُ) . تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ 19 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ 1292. [خُلَاصَةُ الْبَابِ الرَّابِعِ فِي حَقِّ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ] ِ الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ كَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ. 2 - لَا يُعْمَلُ بِالضِّدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَرِيئًا مِنْ شَائِبَةِ التَّزْوِيرِ وَشُبْهَةِ التَّصْنِيعِ فَإِذَا كَانَ بَرِيئًا فَيُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ السَّنَدِ إذَا كَانَ:

أَوَّلًا: خَطُّ السَّنَدِ، وَتَوْقِيعُهُ بِخَطِّ الْمَدِينِ. ثَانِيًا: خَطُّ السَّنَدِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَتَوْقِيعُهُ بِخَطِّ الْمَدِينِ. ثَالِثًا: خَطُّ السَّنَدِ خَطُّ الْمَدِينِ وَمَخْتُومًا ذَيْلُهُ بِخَتْمِهِ. 3 - لَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمَدِينِ إذَا قَالَ: إنَّ خَطَّ السَّنَدِ خَطِّي، وَلَكِنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ دَيْنِي، وَيَلْزَمُ الْمُدِينَ تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ بِدُونِ أَنْ يَحْلِفَ الدَّائِنُ. 4 - إذَا اعْتَرَفَ وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى بِسَنَدِ الدَّيْنِ الْمَرْسُومِ يُحَصَّلُ الدَّيْنُ مِنْ التَّرِكَةِ. إذَا ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ وَرَقَةٌ تَتَضَمَّنُ بِأَنَّ مَالًا يَعُودُ لِآخَرَ، وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى فَلِصَاحِبِهِ أَخْذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ.

الكتاب الرابع عشر الدعوى

[الْكِتَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ الدَّعْوَى] الْحَمْدُ اللَّه الَّذِي دَعَا عِبَادَهُ إلَى دَارِ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ بُعِثَ لِلدَّعْوَةِ إلَى الْأَنَامِ. وَعَلَى أَلِهِ وَأَصْحَابِهِ النَّاصِرِينَ لِسَيِّدِنَا وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. الْكِتَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي حَقِّ الدَّعْوَى، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَبَابَيْنِ الدَّعْوَى اسْمٌ، وَمَصْدَرُهُ الِادِّعَاءُ مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ وَثُلَاثِيُّهُ دَعَا يُقَالُ: ادَّعَيْتُ أَيْ طَلَبْتُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لِنَفْسِي. بِمَا أَنَّ الـ فِي الدَّعْوَى لِلتَّأْنِيثِ فَلَا تَقْبَلُ التَّنْوِينَ، وَجَمْعُهُ دَعَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قِرَاءَتَهَا بِالْكَسْرِ أَوْلَى، وَقَالَ آخَرُونَ: قِرَاءَتُهَا بِالْفَتْحِ، أَوْ الْكَسْرِ سِيَّانِ. وَاسْمُ فَاعِلِهِ (مُدَّعٍ) وَاسْمُ مَفْعُولِهِ مُدَّعًى عَلَيْهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْبَحْرُ) فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مَالًا مِنْ عَمْرٍو فَزَيْدٌ مُدَّعٍ، وَعَمْرٌو مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَالْمَالُ مُدَّعًى بِهِ، أَوْ مُدَّعًى.

مُقَدِّمَةٌ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالدَّعْوَى يَلْزَمُ فِي الدَّعْوَى عِلْمُ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ: مَشْرُوعِيَّةُ الدَّعْوَى، وَتَعْرِيفُهَا وَتَقْسِيمُهَا وَرُكْنُهَا وَشَرْطُهَا وَحُكْمُهَا وَسَبَبُهَا. مَشْرُوعِيَّةُ الدَّعْوَى - ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . تَعْرِيفُ الدَّعْوَى وَتَقْسِيمُهَا - يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: رُكْنُ الدَّعْوَى - إذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَصِيلًا أَنْ يُضِيفَ الْحَقَّ إلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا، أَوْ وَلِيًّا أَوْ مُتَوَلِّيًا أَنْ يُضِيفَهُ إلَى مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِالشَّيْءِ وَالدَّعْوَى إنَّمَا تَقُومُ بِإِضَافَةِ الْمُدَّعِي إلَى نَفْسِهِ فَكَانَ رُكْنًا (الشِّبْلِيُّ) كَقَوْلِهِ: هَذَا الْمَالُ لِي أَوْ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ، أَوْ لِلصَّغِيرِ فُلَانٍ، أَوْ لِلْمَجْنُونِ فُلَانٍ أَوْ لِلْمَعْتُوهِ فُلَانٍ الَّذِي أَنَا وَلِيُّهُ، أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ لِلْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ إنِّي أَدَّيْتُ دَيْنِي لِفُلَانٍ، أَوْ إنَّ فُلَانًا أَبْرَأَنِي مِنْ حَقِّي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ والشُّرُنْبُلاليِّ) . شَرْطُ الدَّعْوَى - يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1616) حُكْمُ الدَّعْوَى - وُجُوبُ الْجَوَابِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا بِالْإِقْرَارِ، أَوْ الْإِنْكَارِ فَإِذَا أَقَرَّ يَثْبُتُ الْمُدَّعَى وَإِذَا أَنْكَرَ تُسْتَمَعُ الْبَيِّنَةُ، وَإِذَا سَكَتَ يُعْتَبَرُ إنْكَارًا، أَوْ تُسْتَمَعُ الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ لِعُذْرٍ كَأَنْ يَكُونَ أَخْرَسَ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1722) (الْبَحْرُ) . سَبَبُ الدَّعْوَى - تَعَاطِي الْمُعَامَلَاتِ، وَتَعَلُّقُ بَقَاءِ الْمُقَدَّرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى نَوْعٍ كَدَعْوَى بِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ طَرِيقٌ عَائِدٌ لِلْعَامَّةِ، وَإِمَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَى شَخْصٍ كَدَعْوَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لِي (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) . وَمَشْرُوعِيَّةُ الدَّعْوَى لَمْ تَكُنْ لِذَاتِهَا بَلْ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْحُكْمِ انْقِطَاعُ الْفَسَادِ الَّذِي يُؤْمَلُ حُصُولُهُ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الدَّعْوَى. وَالدَّعْوَى أَصْلٌ شُرِعَ لِاسْتِحْصَالِ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى حَقِّهِ وَلِمَنْعِ الْفَسَادِ وَالِاخْتِلَافِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ حُقُوقٍ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهَا بِدُونِ حُكْمٍ، وَالْبَعْضُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمٍ. أَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهَا بِالذَّاتِ فَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ قِصَاصًا فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَقْتَصَّ بِالسَّيْفِ سَوَاءٌ حُكِمَ لَهُ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَحْكُمْ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَحْرِ وَيَضْرِبُ عِلَاوَتَهُ وَلَوْ رَامَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ سَيْفٍ مُنِعَ، وَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ شَتْمٍ فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَقُولَ لِخَصْمِهِ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ، وَالْأَوْلَى أَلَّا يَقُولَهُ (الْبَحْرُ) . ثَالِثًا: إذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ عَنْ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ لَلْمُؤَجِّرِ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِي الدَّارِ، وَغَابَ فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْتَحَ الدَّارَ بِمِفْتَاحٍ آخَرَ، وَأَنْ يُؤَجِّرَ الدَّارَ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي، وَأَنْ يَضَعَ أَمْتِعَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مَكَان وَيَحْفَظَهَا لِحِينِ حُضُورِهِ، وَلَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي. رَابِعًا: إذَا شَغَلَ أَغْصَانَ شَجَرَةِ الْجَارِ هَوَاءٌ مِلْكُ الْجَارِ الْآخَرِ، وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ رَبْطُ الْأَغْصَانِ وَتَفْرِيغُ الْهَوَاءِ فَإِذَا قَطَعَهَا الْجَارُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقْطَعُهُ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (961) . أَمَّا إذَا قَطَعَهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ قَطَعَهَا مَعَ إمْكَانِ تَفْرِيغِ الْهَوَاءِ بِشَدِّهَا فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1196) . خَامِسًا: إذَا ظَفِرَ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا رِضَاءِ الْمَدِينِ كَأَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ ذَهَبًا، أَوْ يَكُونَا فِضَّةً. أَمَّا إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَثَلًا فِضَّةً، وَالْمَالُ الَّذِي ظَفِرَ بِهِ ذَهَبًا فَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مِقْدَارِ قِيمَةِ دَيْنِهِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَجُوزُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا، أَوْ كَانَ مُنْكِرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الدَّائِنِ بَيِّنَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1113) . وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِكَسْرِ الْبَابِ وَنَقْبِ الْجِدَارِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأَخْذِ الْقَاضِي (الْبَحْرُ) . سَادِسًا: إذَا أَخَذَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا مِنْ مَدِينٍ أَحَدٍ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بِقَصْدِ إيفَاءِ دَائِنِهِ، وَأَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَيَكُونُ مُعَيَّنًا لِلدَّائِنِ. أَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَ لَهُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهَا بِالذَّاتِ فَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ قَذْفٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي. لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَوْفَى هَذَا الْحَقُّ بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ. ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ تَعْزِيرٍ، وَكَانَ الْحَقُّ حَقَّ ضَرْبٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ اسْتِيفَاؤُهُ بِذَاتِهِ. مَثَلًا: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ آخَرَ وَضَرَبَ الْمَضْرُوبُ الضَّارِبَ مُقَابَلَةً فَيُعَزَّرُ كِلَاهُمَا. إلَّا أَنَّهُ يُبْدَأُ بِتَعْزِيرِ وَتَأْدِيبِ الْبَادِئِ مِنْهُمَا بِالضَّرْبِ لِأَنَّهُ أَظْلِمُ. وَيَجِبُ التَّعْزِيرُ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِالِاعْتِدَاءِ (الْبَحْرُ) .

(المادة 1613) الدعوى هي طلب أحد حقه من آخر في حضور القاضي

[ (الْمَادَّةُ 1613) الدَّعْوَى هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُور الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1613) - (الدَّعْوَى هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَيُقَالُ لَهُ الْمُدَّعِي، وَلِلْآخَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) . الدَّعْوَى لُغَةً هِيَ قَوْلٌ يَقْصِدُ بِهِ الْإِنْسَانُ إيجَابَ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِهِ. وَشَرْعًا هِيَ طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ مِنْ آخَرَ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً فِي حُضُورِ الْقَاضِي حَالَ الْمُنَازَعَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ بِإِضَافَةِ الْحَقِّ إلَى نَفْسِهِ، أَوْ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي يَنُوبُ عَنْهُ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لِي فَيَكُونُ قَدْ أَضَافَ الْحَقَّ إلَى نَفْسِهِ. وَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِمُوَكِّلِي، أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلصَّغِيرِ فُلَانٍ الَّذِي تَحْتَ وِلَايَتِي فَيَكُونُ قَدْ أَضَافَ الْحَقَّ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي نَابَ عَنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ - (فِي حُضُورِ الْقَاضِي) فَهَذَا الْقَيْدُ بِاعْتِبَارِ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ شَرْطَ الدَّعْوَى وُقُوعُهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي. وَالطَّلَبُ الَّذِي يَقَعُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي لَا يُعَدُّ دَعْوَى. فَلِذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَقًّا فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُجِيبَ الْمُدَّعِيَ عَلَى دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَطَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ الْيَمِينَ فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْلِفُ. فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَبَاذِلًا لَهُ كَمَا أَنَّ الطَّلَبَ الْمَذْكُورَ لَا يَقْطَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1666) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ فَهِمَ أَنَّ حُضُورَ الْقَاضِي شَرْطٌ لِجَوَازِ الدَّعْوَى. وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. وَحُضُورُ الْمُحَكَّمِ كَحُضُورِ الْقَاضِي فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَصِحُّ الدَّعْوَى فِيهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . (حَالَ الْمُنَازَعَةِ) وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْإِضَافَةُ حَالَ الْمُسَالَمَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ، وَإِنْ كَانَتْ لُغَةً دَعْوَى إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَعْوَى شَرْعًا (الْبَحْرُ) . حَقَّهُ - وَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ الصُّوَرَ الْآتِيَةَ: أَوَّلًا: يَشْمَلُ الْأَعْيَانَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ تَسْلِيمِي إيَّاهَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى دَعْوَى عَيْنٍ. ثَانِيًا: تَشْمَلُ الدُّيُونَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَطْلُبُ إعْطَائِي إيَّاهَا فَتَكُونُ الدَّعْوَى دَعْوَى دَيْنٍ. ثَالِثًا: تَشْمَلُ الْحَقَّ الْوُجُودِيَّ، وَالْحَقُّ الْوُجُودِيُّ كَقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا. رَابِعًا: تَشْمَلُ الْحَقَّ الْعَدَمِيَّ، وَالْحَقُّ الْعَدَمِيُّ هُوَ دَعْوَى دَفْعِ التَّعَرُّضِ مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا يَتَعَرَّضُ لِي فِي الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ بِدُونِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ دَفْعَ تَعَرُّضِهِ تُسْمَعُ مِنْهُ هَذِهِ الدَّعْوَى

وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ. الْمُتَعَرِّضُ بِأَنَّ تَعَرُّضَهُ يَحِقُّ فَالْقَاضِي يَمْنَعُ الْمُتَعَرِّضَ مِنْ التَّعَرُّضِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذِهِ الدَّعْوَى تَكُونُ دَعْوَى الْحَقِّ الْعَدَمِيِّ. أَمَّا دَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ فَغَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الطَّحَاوِيَّ) مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ قَائِلًا: إذَا كَانَ لِفُلَانٍ عِنْدِي حَقٌّ فَلْيَدَّعِ عَلَيَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلْيُشْهِدْ عَلَى بَرَاءَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ كَانَ لَكَ حَقٌّ فَادَّعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ لَهُ. فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنْ شَاءَ ادَّعَى بِهِ هَذَا الْيَوْمَ، وَإِنْ شَاءَ يَدَّعِي بِهِ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّنِي كُنْتُ مَدِينًا لِفُلَانٍ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا، أَوْ إنَّنِي أَدَّيْتهَا لَهُ فَأَحْضِرُوهُ وَاسْأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ فَإِنَّنِي أُثْبِتُ قَوْلِي فَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَجْلِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ. كَذَا لَوْ رَاجَعَ الْمَدِينُ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّ الدَّائِنَ فِي مَدِينَةِ أُخْرَى، وَإِنَّهُ سَيَذْهَبُ إلَيْهِ، وَطَلَبَ اسْتِمَاعَ شُهُودِهِ عَلَى الْإِبْرَاءِ، أَوْ عَلَى التَّأْدِيَةِ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَبِقَوْلِهِ حَقَّهُ: قَدْ أُضِيفَ الْحَقُّ إلَى الْمُدَّعِي، وَكَوْنُ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ الْمُدَّعِي، أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ مُوَكِّلِهِ، أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ - فَهَذَا يَكُونُ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي الدَّيْنَ أَوْ إنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِ الْخَارِجِ لِذِي الْيَدِ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيْسَ لَكَ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لِي فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا وَخَصْمًا فِي الدَّعْوَى؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي أَحَدًا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَدِ هَذَا الرَّجُل لَيْسَتْ لَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ دَعْوَى فَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ الْآتِي: هَلْ هَذِهِ السَّاعَةُ لَكَ؟ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَكَ، فَلِمَاذَا هِيَ فِي يَدِكَ؟ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) . يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ - يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى، وُقُوعُ طَلَبِ الْحَقِّ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّنِي أَظُنُّ، أَوْ أَشْتَبِهُ بِأَنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دَرَاهِمَ لَا تَصِحُّ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَنَّهُ يَطْلُبُ لَهُ مِنْهُ يَقِينًا كَذَا مَبْلَغًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَوْلًا، أَوْ كِتَابَةً - فَكَمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى قَوْلًا تَصِحُّ كِتَابَةً. فَلِذَلِكَ لِلْإِنْسَانِ الَّذِي يَعْجَزُ عَنْ تَقْرِيرِ مُدَّعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَنْ يُحَرِّرَ دَعْوَاهُ عَلَى وَرَقَةٍ وَيُقَرِّرَ دَعْوَاهُ مِنْهَا. كَذَلِكَ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَجْهَلُ لُغَتَهُمَا بِوَاسِطَةِ تُرْجُمَانٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1825) . وَتَعْرِيفُ الدَّعْوَى هَذَا يَشْمَلُ دَفْعَ الدَّعْوَى أَيْضًا. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ دَفْعَ الدَّعْوَى قَدْ عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (1631) عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنَّهُ دَعْوَى. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى

عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابَلَةً لِدَعْوَاهُ هَذِهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْتُك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَقَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ دَعْوَى حَيْثُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَالْإِيفَاءُ دَعْوَى دَيْنٍ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى دَعْوَى تَمْلِيكٍ (ابْنِ عَابِدِينَ، الْبَحْرُ) . وَيُقَالُ لَهُ أَيْ لِلطَّالِبِ الْمُدَّعِي، وَلِلْآخَرِ أَيْ لِلْمَطْلُوبِ مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَإِذَا فُصِّلَتْ هَذِهِ التَّعَارِيفُ أَصْبَحَ تَعْرِيفُ الْمُدَّعِي هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَطْلُبُ حَقَّهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ حَقٌّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي. إلَّا أَنَّ هَذِهِ التَّعَارِيفَ مُنْتَقَضَةٌ بِدَفْعِ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي أَوْفَيْتُكَ تِلْكَ فَهُوَ فِي مَفْهُومِ طَلَبِ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) . بِنَاءً عَلَيْهِ يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُعَرَّفَ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا أَيْ الَّذِي لَا يُجْبَرُ عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ. وَتَعْرِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي إذَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا. مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مَعَ آخَرَ دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِخُصُوصٍ مَا وَلَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الدَّعْوَى قَائِلًا: ادَّعِ عَلَيَّ بِذَلِكَ الْخُصُوصِ لِتَفْصِلَ الدَّعْوَى بَيْنَنَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) . وَهَذِهِ التَّعَارِيفُ لَا تُنْتَقَضُ بِدَفْعِ الدَّعْوَى الْمُبَيَّنِ آنِفًا إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الدَّافِعُ مُدَّعِيًا، وَلَهُ تَرْكُ دَفْعِهِ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فِي الْمَحْكَمَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ. إنَّ تَفْرِيقَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ. حَيْثُ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا لَا يُعْلَمُ لِمَنْ يَكُونُ الْإِثْبَاتُ، وَلَا لِمَنْ يَكُونُ الْيَمِينُ. أَلَا يُرَى أَنَّ كَلَامَ شَخْصٍ يَكُونُ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى؟ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مَعْنًى لَيْسَ بِدَعْوَى بَلْ إنْكَارًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ صُورَةً مُدَّعِيًا إلَّا أَنَّهُ مَعْنًى مُنْكِرٌ لِلُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ وَلِانْشِغَالِ الذِّمَّةِ وَحَيْثُ إنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الرَّدِّ وَالضَّمَانِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ رَدَّ وَأَعَادَ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ أَبَدًا (الدُّرَرُ) حَيْثُ إنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعَانِي لَا الْأَلْفَاظِ وَالْمَبَانِي اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 وَ 3) (الْهِدَايَةُ) . وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مُنْكِرًا بَلْ هُوَ مُدَّعٍ انْشِغَالَ ذِمَّةِ الْمُسْتَوْدَعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . تَقْسِيمُ الدَّعْوَى - الدَّعْوَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَهِيَ الدَّعْوَى الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ إحْضَارِ الْخَصْمِ

(المادة 1614) المدعى هو الشيء الذي ادعاه المدعي

وَمُطَالَبَةُ الْخَصْمِ بِالْجَوَابِ، وَالْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ لَدَى الْإِنْكَارِ وَوُجُوبُ الْيَمِينِ، وَإِحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ وَهِيَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ أَصْلًا إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ بِاعْتِبَارِ أَوْصَافِهَا الْخَارِجِيَّةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1619) وَهَذِهِ الدَّعْوَى قَابِلَةٌ لِلتَّصْحِيحِ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الدَّعْوَى الْبَاطِلَةُ، وَهِيَ الْغَيْرُ الصَّحِيحَةِ أَصْلًا، وَهَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ أَيْ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَتْ الدَّعْوَى لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخَصْمِ شَيْءٌ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ جَارِيَ فُلَانًا غَنِيٌّ، وَهُوَ لَا يُعْطِينِي صَدَقَةً مَعَ كَوْنِي فَقِيرًا فَلْيُعْطِنِي صَدَقَةً فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ وَكِيلُهُ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَحَيْثُ إنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَالْقَاضِي يَرُدُّهَا فِي الْحَالِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى بِتَغْيِيرٍ مَا وَزِيَادَةٍ) . [ (الْمَادَّةُ 1614) الْمُدَّعَى هُوَ الشَّيْء الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1614) - (الْمُدَّعَى هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَيُقَالُ لَهُ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْضًا) . قَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّعًى بِهِ، وَإِنَّ تَسْمِيَتَهُ بِالْمُدَّعَى خَطَأٌ إنَّ تَعْبِيرَ الْمُدَّعَى بِهِ مَشْهُورٌ اسْتِعْمَالُهُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالْخَطَأُ الْمَشْهُورُ أَوْلَى مِنْ الصَّوَابِ الْمَهْجُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَقَدْ قَبِلَتْ تَعْبِيرَ مُدَّعًى. [ (الْمَادَّةُ 1615) التَّنَاقُضُ هُوَ سَبْقُ كَلَامٍ مِنْ الْمُدَّعِي مُنَاقِضٍ لِدَعْوَاهُ] الْمَادَّةُ (1615) - (التَّنَاقُضُ هُوَ سَبْقُ كَلَامٍ مِنْ الْمُدَّعِي مُنَاقِضٍ لِدَعْوَاهُ أَيْ سَبَقَ كَلَامٍ مِنْهُ مُوجِبٍ لِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ) . التَّنَاقُضُ لُغَةً بِمَعْنَى التَّدَافُعِ فَيُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامِ فُلَانٍ تَنَاقُضًا أَيْ أَنَّ بَعْضَ كَلَامِهِ يُبْطِلُ كَلَامَهُ الْآخَرَ. وَمَعْنَاهُ شَرْعًا هُوَ سَبْقُ كَلَامٍ مِنْ الْمُدَّعِي مُنَاقِضٍ لَدَعْوَاهُ. أَيْ سَبْقُ كَلَامٍ مِنْهُ مُوجِبٍ لِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هُوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الْمُدَّعِي قَبْلًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي كَلَامًا مُنَافِيًا لِدَعْوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَالتَّنَاقُضُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَنَاقُضًا بَيْنَ دَعْوَيَيْنِ، أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي. وَالتَّنَاقُضُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ تَنَاقُضٌ بَيْنَ الدَّعْوَى وَبَيْنَ غَيْرِهَا. فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ الْقَاضِي دَعْوَى أُخْرَى مُنَاقِضَةً لِلدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَهَا أَثْنَاءَ فَصْلِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَيَكُونُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا مِنْهُ. كَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَكَلَّمَ كَلَامًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي مُنَافِيًا لِلدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَهَا أَمَامَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا أَيْضًا. إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الَّذِي تَكَلَّمَ كَلَامًا مُنَاقِضًا لِكَلَامِهِ الْآخَرِ وَاحِدًا حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَالْوَارِثِ وَالْمُورِثِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1652) . أَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ ذَلِكَ الْكَلَامَ الْمُتَنَاقِضَ وَقَالَ

الْكَلَامَ الْآخَرَ شَخْصٌ آخَرُ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ مَثَلًا: لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ دَعْوَاكَ مُتَنَاقِضَةٌ؛ لِأَنَّ وَالِدَكَ قَدْ قَالَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لَكَ بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ. سُؤَالٌ: إنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ مَنْقُوضٌ مِنْ وَجْهَيْنِ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: بِمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّعْرِيفِ لَفْظُ مُنَاقِضٍ فَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ الدَّوْرَ وَيَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ التَّنَاقُضِ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُنَاقِضِ وَمَعْرِفَةِ الْمُنَاقِضِ التَّنَاقُضَ. الْجَوَابُ: يُقْصَدُ مِنْ الْمُنَاقِضِ فِي التَّعْرِيفِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ، وَفِي الْمُعَرَّفِ مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ. الْوَجْهُ الثَّانِي: قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1647) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ بِأَنَّ التَّنَاقُضَ كَمَا يَكُونُ بَيْنَ كَلَامَيْنِ يَكُونُ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1656) بَيْنَ كَلَامٍ وَفِعْلٍ. وَذَلِكَ يَكُونُ بَيْنَ كَلَامٍ وَسُكُوتٍ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّ التَّنَاقُضَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: بَيْنَ كَلَامَيْنِ النَّوْعُ الثَّانِي: بَيْنَ فِعْلٍ وَكَلَامٍ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: بَيْنَ سُكُوتٍ وَكَلَامٍ، فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَصْدُقُ عَلَى التَّنَاقُضِ الْوَاقِعِ بَيْنَ كَلَامَيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَمَا سَبَقَ الدَّعْوَى كِلَاهُمَا كَلَامٌ وَحَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ فِي التَّعْرِيفِ لَفْظُ كَلَامٍ فَالتَّنَاقُضُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ فِعْلٍ وَكَلَامٍ، أَوْ بَيْنَ سُكُوتٍ وَكَلَامٍ يَكُونُ خَارِجًا عَنْ هَذَا التَّعْرِيفِ، وَلِذَلِكَ يَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعِ لِأَفْرَادِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَشْرَى أَحَدٌ مَالًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ تَنَاقُضًا، وَقَدْ حَصَلَ هَذَا التَّنَاقُضُ بِالِاسْتِشْرَاءِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ وَبَيْنَ الدَّعْوَى الَّتِي هِيَ كَلَامٌ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا فِي حُضُورِ وَالِدِهِ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ فَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ وَالِدُهُ الَّذِي سَكَتَ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ تَنَاقُضًا وَهَذَا التَّنَاقُضُ حَاصِلٌ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْكَلَامِ. الْجَوَابُ - أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ عَرَّفَتْ أَشْهَرَ التَّنَاقُضِ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ عُرِّفَ التَّنَاقُضُ بِأَنَّهُ سَبْقُ شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّعِي مُنَافٍ لِدَعْوَاهُ لَكَانَ سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ.

الباب الأول في شروط الدعوى وأحكامها ودفع الدعوى ويحتوي على أربعة فصول

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِ الدَّعْوَى وَأَحْكَامِهَا وَدَفْعِ الدَّعْوَى وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا قَبْلًا بِشُرُوطِ الدَّعْوَى ثُمَّ يَدَّعِيَ فَلِذَلِكَ لِلْقَاضِي إذَا وَجَدَ الْمُدَّعِي غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى تَصْوِيرِ دَعْوَاهُ كَمَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ أَحَدًا بِتَعْلِيمِهِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ (الْبَحْرُ) وَسَتُبَيَّنُ إيضَاحَاتٌ عَنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. شُرُوطُ الدَّعْوَى تِسْعَةٌ وَهِيَ: 1 - أَنْ يَكُونَ الطَّرَفَانِ عَاقِلَيْنِ 2 - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْلُومًا 3 - أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ حَاضِرًا 4 - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا 5 - أَلَا يُتَّخَذُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ 6 - أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مُحْتَمَلَةَ الثُّبُوتِ 7 - إمْكَانُ الْحُكْمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِيمَا إذَا ثَبَتَتْ الدَّعْوَى 8 - أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ 9 - أَنْ لَا يَكُونَ تَنَاقُضٌ فِي الدَّعْوَى، وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِيمَا يَأْتِي:. [ (الْمَادَّةُ 1616) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَاقِلَيْنِ] الْمَادَّةُ (1616) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَاقِلَيْنِ وَدَعْوَى الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّاهُمَا، أَوْ وَلِيَّاهُمَا مُدَّعِيَيْنِ، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمَا) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَاقِلَيْنِ. وَعَلَيْهِ فَدَعْوَى الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ. أَيْ أَنْ يَكُونَا مُدَّعِيَيْنِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِمَا غَيْرُ صَحِيحٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (957) .

فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ هَؤُلَاءِ مُدَّعِيَيْنِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إعْطَاءِ الْجَوَابِ عَنْ دَعْوَاهُمْ. كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُمَا بِمُوجِبِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ. كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِمَا دَعْوَى بِدُونِ حُضُورِ وَلِيَّيْهِمَا، أَوْ وَصِيَّيْهِمَا، أَوْ يُقِيمَ شُهُودًا (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ أَحْضَرَ أَحَدٌ صَبِيًّا لِلْمَحْكَمَةِ وَادَّعَى أَنَّ هَذَا الصَّبِيَّ قَدْ رَمَى حَجَرًا فَكَسَرَ زُجَاجَهُ وَطَلَبَ تَضْمِينَهُ كَذَا دِرْهَمًا قِيمَةَ الزُّجَاجِ الْمَكْسُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، إلَّا أَنَّهُ لِوَلِيَّيْهِمَا، أَوْ وَصِيَّيْهِمَا أَنْ يَكُونَا مُدَّعِيَيْنِ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِمَا بِالنِّيَابِيَّةِ عَنْهُمَا وَهَذَانِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهُمَا فِي الْمَادَّةِ (974) إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ مُسْتَثْنًى إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ مُدَّعِيًا وَقَاضِيًا مَعًا. تُبَيَّنُ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ فِي حَقِّ حُضُورِ الصَّبِيِّ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَمَا يَكُونُ وَلِيُّهُ، أَوْ وَصِيُّهُ مُدَّعِيًا، أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْهُ، وَهُوَ: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقًّا قَدْ حَصَلَ بِمُبَاشَرَةِ الصَّبِيِّ فَيَلْزَمُ حُضُورُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْبَالِغِ مَعَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ. مَثَلًا فِي دَعْوَى أَحَدٍ عَلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ كَوْنَهُ أَتْلَفَ مَالَهُ يَجِبُ حُضُورُ وَلِيِّ، أَوْ وَصِيِّ ذَلِكَ الصَّبِيِّ كَمَا يَجِبُ حُضُورُ الصَّبِيِّ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِلْقَوْلِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ: إنَّ هَذَا الصَّبِيَّ أَتْلَفَ الْمَالَ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي إتْلَافَ الصَّبِيِّ لِلْمَالِ يُؤْمَرُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ بِأَدَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (916 وَ 960) ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ، أَوْ الْوَصِيَّ ضَمَانُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِمَا إلَّا أَنَّهُ حَسَبَ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ لَا يَجِبُ حُضُورُ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ عِنْدَ الدَّعْوَى (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ حَاصِلٍ بِمُبَاشَرَةِ الصَّبِيِّ كَأَنْ كَانَ حَاصِلًا مِنْ مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ مَثَلًا، أَوْ كَانَ غَيْرَ حَاصِلٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ الصَّبِيِّ، وَمِنْ مُبَاشَرَةِ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ مَعًا كَأَنْ يَكُونَ حَاصِلًا بِمُبَاشَرَةِ مُورَثِ الصَّغِيرِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ حُضُورُ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ، وَيَكُونُ الْوَلِيُّ، أَوْ الْوَصِيُّ خَصْمًا لِوَحْدِهِ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ فِي غِيَابِ الصَّبِيِّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مَالُ الصَّبِيِّ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وِصَايَتِي، وَهُوَ مِيرَاثٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ صَحَّ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ حَقًّا مِنْ الصَّغِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ كَانَ جَائِزًا، وَلَا يَحْلِفُ الْأَبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَلَا الْوَصِيُّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَلَا الْمُتَوَلِّي فِي مَالِ الْوَقْفِ (الْبَحْرُ) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَالِغَيْنِ وَعَلَيْهِ فَدَعْوَى الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ بِالتِّجَارَةِ، أَوْ الْمُخَاصَمَةِ. أَيْ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ كَمَا أَنْ يَمِينَهُ وَنُكُولَهُ عَنْ الْيَمِينِ صَحِيحَانِ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ. ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ لَا يَحْنَثُ بِيَمِينِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ إلَّا أَنَّ الصَّبِيَّ يُمْتَنَعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ مَنْعًا لِزَوَالِ ثِقَةِ النَّاسِ مِنْهُ فِي أُمُورِهِ التِّجَارِيَّةِ وَكَذَلِكَ فَإِقْرَارُهُ فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (972) . إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الصَّبِيِّ. الْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى يَمِينِهِ حِنْثٌ

(المادة 1617) يشترط أن يكون المدعى عليه معلوما

وَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي عَلَى الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (الْخَانِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . وَإِذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْوَلِيِّ، أَوْ الْوَصِيِّ فِي دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَلَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 1617) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْلُومًا] الْمَادَّةُ (1617) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْلُومًا بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ. أَوْ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِهَا مِقْدَارَ كَذَا بِدُونِ تَعْيِينٍ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْيِينُ الْمُدَّعَى بِهِ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْلُومًا شَخْصُهُ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الدَّعْوَى الْإِلْزَامُ وَالْحُكْمُ فِيمَا إذَا ثَبَتَتْ الدَّعْوَى بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، وَالْحَالُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِشْهَادُ وَالْإِلْزَامُ. وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّ الْمُدَّعِي. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ، أَوْ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الشَّخْصَيْنِ مِقْدَارُ كَذَا بِدُونِ تَعْيِينٍ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ أَكَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ، أَوْ غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي تَعْيِينُ ذَاتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى خَمْسَةِ أَشْخَاصٍ قَائِلًا: إنَّ اثْنَيْنِ مِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ أَطْلَقَا بُنْدُقِيَّةً، وَأَصَابَتْ إحْدَى الرَّصَاصَاتِ مُورَثِي، وَقَدْ قُتِلَ مِنْ نَتِيجَةِ ذَلِكَ إلَّا أَنَّنِي أَجْهَلُ مَنْ مِنْهُمَا أَطْلَقَ الرَّصَاصَ، وَأَجْهَلُ رَصَاصَةَ مَنْ الَّتِي أَصَابَتْ الْمَقْتُولَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَشُهُودُهُ عَلَى ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ) . وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاسْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لَا تَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِاسْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا. فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ قَائِلًا: إنَّنِي أَقْرَضْتُ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَانَتْ دَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مِائَةِ شَخْصٍ قَائِلًا: إنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَخَذَ مِنْ بَيْدَرِي حَبَّةَ حِنْطَةٍ صَحَّتْ دَعْوَاهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (881) . يُوجَدُ بَعْضُ دَعَاوَى يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عُمُومَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، أَوْ عُمُومَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1644) . [ (الْمَادَّةُ 1618) يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (1618) - (يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى. وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ أَوْ إرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْهُ فَالْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي فِي حَقِّهِ سَتُذْكَرُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ) .

يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ الْأَصِيلِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ، أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْمُتَوَلِّي كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. وَاشْتِرَاطُ حُضُورِ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. لِأَنَّ الْخَصْمَ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَا يُعْلَمُ هَلْ يُقِرُّ، أَوْ يُنْكِرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ. فَالْأَوَّلُ مَقْصُورٌ وَالثَّانِي مُتَعَدٍّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مَا لَمْ يَكُنْ نَائِبُهُ حَاضِرًا. فَلِذَلِكَ لَا تُسْتَمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ إلَّا بِمُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ الْحَاضِرِ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِمَاعِ بَيِّنَتِهِ بِدُونِ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَأَصْدَرَ إعْلَامًا بِالْحُكْمِ لَا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (الـ 1830) أَيْضًا بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ الْعِبَادِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ اللَّهِ كَالطَّلَاقِ؛ إذْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ فِي كِلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ إذَا رَاجَعَ شَاهِدَانِ الْقَاضِيَ وَشَهِدَا بِأَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِدُونِ حُضُورِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ وَكِيلِهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ، وَلَا يُنَفَّذُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . بِمَا أَنَّ جَلْبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَاكَمَةِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إضْرَارٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ: إذَا كَانَتْ دَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَرِيبَةً مِنْ الْمَحْكَمَةِ بِدَرَجَةٍ بِهَا يُمْكِنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ لِيَقْضِيَ لَيْلَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ عِشَاؤُهُ فَيُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا كَانَتْ دَارُهُ غَيْرَ قَرِيبَةٍ بِهَذِهِ الدَّرَجَةِ فَعَلَى قَوْلٍ يُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَاكَمَةِ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ دَعْوَاهُ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ فَلَا يُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ هِيَ لِإِجْبَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْحُضُورِ، وَلَيْسَ لِأَجْلِ الْحُكْمِ (الْخَانِيَّةُ) . وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ إنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ مُحِقٌّ فِي دَعْوَاهُ فَإِذَا حَلَفَ يُجْلَبُ خَصْمُهُ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ يُخْرَجُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمَحْكَمَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْبَحْرُ) . أَمَّا أَقْرِبَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنُوبُونَ عَنْ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ أَقْرِبَاءَهُ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى عَلَى امْرَأَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَرْصَةٍ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي جَلْبُ زَوْجِهَا لِلْمَحْكَمَةِ، وَالْمُخَاصَمَةُ مَعَهُ فِي غِيَابِ زَوْجَتِهِ وَحَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ وَكِيلٍ عَنْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . خُصُومَةُ الْحَاضِرِ عَنْ الْغَائِبِ - قِيلَ (الْخَصْمُ الْأَصِيلُ) لِأَنَّ الْخَصْمَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَصْلًا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ حِينَ الدَّعْوَى بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غِيَابِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: أَدِّ دَيْنِي الَّذِي عَلَيَّ لِفُلَانٍ فَادَّعَى الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ أَدَاءَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ فَأَنْكَرَ قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا كَمَا أَنَّنِي لَمْ آمُرْ الْمُدَّعِيَ بِأَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنًا عَنِّي كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لِفُلَانٍ فَإِذَا أَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ فِي غِيَابِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فِي مُوَاجَهَةِ الْآمِرِ عَلَى الدَّيْنِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْأَدَاءِ، وَعَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ تُقْبَلُ، وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ.

(المادة 1619) يشترط أن يكون المدعى به معلوما

ثَانِيًا - إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الدَّيْنَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ، وَغَابَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرَاجَعَ الْكَفِيلُ الْمَكْفُولَ عَنْهُ وَادَّعَى الْكَفَالَةَ بِالْأَمْرِ وَالْأَدَاءِ وَحَقِّ الرُّجُوعِ، وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ الْكَفَالَةَ وَالْأَدَاءَ أَوْ أَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ، وَأَنْكَرَ الْأَدَاءَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْكَفِيلُ بِالْبَيِّنَةِ الْكَفَالَةَ وَدَفْعَ الْمَالِ فَيَثْبُتُ قَبْضُ الدَّائِنِ أَيْضًا، وَيَلْحَقُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ. حَتَّى إذَا كَانَ الطَّالِبُ وَالْمَكْفُولُ حَاضِرًا، وَأَنْكَرَ الْقَبْضَ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَيُحْكَمُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَالْكَفِيلُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى بِالْكَفَالَةِ الْمُجَرَّدَةِ، وَلَمْ يَدَّعِ بِالْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرَاجَعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1658) وَشَرْحَهَا. ثَانِيًا - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ كَفَلَ هَذَا الشَّخْصُ جَمِيعَ مَا يُطْلَبُ لِي، وَمَا هُوَ حَقٌّ لِي مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ، وَإِنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا دِرْهَمًا، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُحْكَمُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ كَمَا أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَى الشَّخْصِ الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرٍ، أَوْ كَانَتْ بِلَا أَمْرٍ. فَلِذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُثْبِتَ مَطْلُوبَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ فَالْحِيلَةُ هِيَ مَا يَأْتِي: يَكْفُلُ أَحَدٌ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُقِيمُ الدَّائِنُ الدَّعْوَى عَلَى الْكَفِيلِ قَائِلًا: إنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ كَذَا مَبْلَغًا، وَإِنَّ هَذَا الشَّخْصَ قَدْ كَفَلَ الْغَائِبَ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفِيلُ يُقِرُّ بِكَفَالَتِهِ إلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ دَيْنَ الْغَائِبِ فَالْمُدَّعِي يُثْبِتُ حَقَّهُ عِنْدَ الْغَائِبِ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْكَفِيلِ، وَبِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ ثُمَّ إنَّ الْمُدَّعِيَ يُبْرِئُ الْكَفِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَبْقَى الدَّيْنُ عَلَى الْغَائِبِ. مُسْتَثْنًى - يُسْتَثْنَى كِتَابُ الْقَاضِي مِنْ مَسْأَلَةِ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى، وَهُوَ يُرَاجِعُ الْمُدَّعِي قَاضِيَ مَدِينَةٍ وَيَدَّعِي لَدَيْهِ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْمُقِيمِ فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى عِشْرِينَ دِينَارًا وَحَيْثُ إنَّ شُهُودَهُ مَوْجُودُونَ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ طَلَبَ اسْتِمَاعَ شَهَادَتِهِمْ وَأَنْ يُحَرِّرَ الْقَاضِي لِقَاضِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ عَنْ دَعْوَاهُ، وَعَنْ اسْتِمَاعِ شُهُودِهِ فَلِقَاضِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَالشُّهُودَ وَبَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ يُحَرِّرُ الْكَيْفِيَّةَ لِقَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا الْكِتَابِ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ. يُعْطَى تَفْصِيلَاتٌ عَنْ ذَلِكَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقَضَاءِ. فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَجِيءِ إلَى الْمَحْكَمَةِ بِالذَّاتِ، أَوْ إرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْهُ إلَيْهَا فَالْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي فِي حَقِّهِ سَتُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ (1834) مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. [ (الْمَادَّةُ 1619) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا] الْمَادَّةُ (1619) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا، وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إذَا كَانَ مَجْهُولًا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا لَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَالْحُكْمُ بِهِ، وَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ يُمْكِنُ الْقَوْلُ عَنْهُ: إنَّهُ لِلْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) . وَكَيْفِيَّةُ الْمَعْلُومِيَّةِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولًا لَا تَكُونُ الدَّعْوَى صَحِيحَةً، وَلَا يَكُونُ الْخَصْمُ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ الْجَوَابِ كَمَا أَنَّهُ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ بِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي فِي أَصْلِ الدَّعْوَى وَالْمُدَّعَى بِهِ الْوَارِدَ فِي الدَّفْعِ؛ وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا مَعْلُومًا. أَمْثِلَةٌ مِنْ أَصِلْ الدَّعْوَى. أَوَّلًا - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ اسْتَهْلَكَ مَالِي فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مَا هُوَ الْمُسْتَهْلَكُ وَمَا مِقْدَارُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ تَحْلِيفِ خَصْمِهِ. ثَانِيًا - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَرِيكِي، وَقَدْ خَانَنِي فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا أَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا خَانَنِي بِهِ فَلْيُبَيِّنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. ثَالِثًا - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَصِيِّي أَثْنَاءَ صِغَرِي فَلْيَحْلِفْ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ وَلَمْ يَسْرِقْ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّعَاهُ، وَحَسَبَ مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ لِلْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ وَصِيَّ الْيَتِيمِ، أَوْ قَيِّمَ الْوَقْفِ تَحْلِيفَهُ الْيَمِينَ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ، وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (الْخَانِيَّةُ) . رَابِعًا - لَوْ طَلَبَ دَائِنُ الْمُتَوَفَّى الَّذِي تُوُفِّيَ وَدُيُونُهُ أَزْيَدُ مِنْ تَرِكَتِهِ تَحْلِيفَ الْوَرَثَةِ عَلَى كَوْنِهِمْ لَمْ يَأْخُذُوا، أَوْ يُخْفُوا شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ لَا يُسْمَعُ (النَّتِيجَةُ) . خَامِسًا - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْت أَنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِي، وَلَكِنْ لَا أَعْرِفُ مِقْدَارَ مَا أَوْصَى لِي بِهِ فَلَا تُسْمَعُ. مِثَالٌ مِنْ الْمُدَافَعَةِ - لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَدَّيْتُ مِقْدَارًا مِنْ دَيْنِي لَا أَعْرِفُ مِقْدَارَهُ، أَوْ نَسِيته فَلَا يُلْتَفَتُ لِهَذَا الدَّفْعِ (الْخَانِيَّةُ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ - يُسْتَثْنَى خَمْسُ مَسَائِلَ مِنْ أَصْلِ لُزُومِ مَعْلُومِيَّةِ الْمُدَّعَى بِهِ: 1 - دَعْوَى غَصْبِ الْمَجْهُولِ. 2 - دَعْوَى رَهْنِ الْمَجْهُولِ وَسَيَرِدُ ذِكْرُهُمَا فِي الْمَادَّةِ (1621) . 3 - دَعْوَى إقْرَارِ الْمَجْهُولِ، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1579) . مَثَلًا. لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ حَتَّى إنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لِي بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لَهُ بِمِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ فَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَيَانِ الْمُقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّجْهِيلَ وَاقِعٌ مِنْ جِهَتِهِ (الْبَهْجَةُ) . 4 - دَعْوَى إبْرَاءِ الْمَجْهُولِ إذْ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الْمُبْرَأُ وَالْمُسْقَطُ مَعْلُومًا كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1567) . 5 - دَعْوَى الْوَصِيَّةِ الْمَجْهُولَةِ وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَوْصَى لِي الْمُتَوَفَّى فُلَانٌ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ بِسَهْمٍ مِنْهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْجُزْءِ أَوْ السَّهْمِ فَأَطْلُبُ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ يُبَيِّنُوهُ وَأَنْ يُؤَدُّوهُ لِي فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَعِنْدَ إثْبَاتِهِ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ الْجُزْءَ، أَوْ السَّهْمَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ بِالْجَهَالَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْوَرَثَةَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمُوصِي فَيَعُودُ عَلَيْهِمْ بَيَانُ الْمَجْهُولِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَصَايَا) .

(المادة 1620) معلومية المدعى به

[ (الْمَادَّةُ 1620) مَعْلُومِيَّةُ الْمُدَّعَى بِهِ] الْمَادَّةُ (1620) - (مَعْلُومِيَّةُ الْمُدَّعَى بِهِ تَكُونُ بِالْإِشَارَةِ، أَوْ الْوَصْفِ وَالتَّعْرِيفِ، وَهُوَ إذَا كَانَ عَيْنًا مَنْقُولًا، وَكَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ فَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ كَافِيَةٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا يَكُونُ مَعْلُومًا بِوَصْفِهِ وَتَعْرِيفِهِ وَبَيَانِ قِيمَتِهِ، وَإِذَا كَانَ عَقَارًا يُعَيَّنُ بِبَيَانِ حُدُودِهِ، وَإِذَا كَانَ دَيْنًا يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَمِقْدَارِهِ) . مَعْلُومِيَّةُ الْمُدَّعَى بِهِ (أَوَّلًا) تَكُونُ بِالْإِشَارَةِ (ثَانِيًا) ، أَوْ بِالْوَصْفِ وَالتَّعْرِيفِ. وَالتَّعْرِيفُ بِالْإِشَارَةِ يَكُونُ صَحِيحًا فِي تَعْرِيفِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَوْجُودِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَنْقُولًا، أَوْ كَانَ عَقَارًا. وَالْوَصْفُ وَالتَّعْرِيفُ يَكُونُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ الْغَائِبِ وَغَيْرِ الْمَوْجُودِ. وَيُقَالُ فِي التَّعْرِيفِ: عَرَفَهُ أَيْ عَلِمَهُ وَتَخْتَلِفُ صُوَرُ التَّعْرِيفِ بِاخْتِلَافِ الْمُدَّعَى بِهِ إذْ؛ إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ عَقَارًا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ بِبَيَانِ حُدُودِهِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1623) . وَإِذَا كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ فَيُعْرَفُ بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَمِقْدَارِهِ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَنْقُولًا وَحَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ فَيَكْفِي لِتَعْرِيفِهِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَكَذَا حِينَ الْيَمِينِ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِالْيَدِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْصِيفٍ، أَوْ تَعْرِيفٍ آخَرَ. لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (65) . أَمَّا إذَا لَمْ يُشَرْ إلَيْهِ بِالْيَدِ وَأُشِيرَ إلَيْهِ بِالرَّأْسِ وَقُصِدَ بِتِلْكَ الْإِشَارَةِ الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا، وَكَانَ مَعْلُومًا بِأَنَّ الْإِشَارَةَ مُوَجَّهَةٌ إلَيْهَا فَيَكْفِي، وَإِلَّا فَلَا (الْخَانِيَّةُ) . إذَا كَانَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ غَيْرَ حَاضِرَةٍ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ وَمُمْكِنٌ جَلْبُهَا بِلَا مُصْرَفٍ فَتُحْضَرُ وَيُشَارُ إلَيْهَا بِالْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ حَاضِرٍ مَجْلِسَ الْمُحَاكَمَةِ كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ إحْضَارُهُ إلَى ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يُعْلَمُ بِوَصْفِهِ وَتَعْرِيفِهِ وَبِبَيَانِ قِيمَتِهِ. وَبَيَانُ وَصْفِهِ وَتَعْرِيفُهُ وَبَيَانُ قِيمَتِهِ أَيْ لُزُومُ اجْتِمَاعِ الثَّلَاثَةِ هُوَ: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ قَائِمًا وَمَوْجُودًا وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَخْذَهُ عَيْنًا فَيَجِبُ تَعْرِيفُهُ وَتَوْصِيفُهُ مَعَ بَيَانِ قِيمَتِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُسْتَهْلَكًا وَطَلَبَ قِيمَتَهُ فَيَكْفِي ذِكْرُ الْقِيمَةِ (التَّنْوِيرُ) . لَا يَكْفِي فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى الْمَعْلُومِيَّةُ بِالْوَصْفِ وَالتَّعْرِيفِ وَبَيَانِ الْقِيمَةِ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الدَّعَاوَى كَدَعْوَى الْإِيدَاعِ يَجِبُ فِيهَا بَيَانُ مَكَانِ الْإِيدَاعِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ إعْطَاءُ التَّفْصِيلَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ حَسَبَ نَوْعِ الدَّعْوَى (الْبَحْرُ) . دَعْوَى الْقَرْضِ - يَجِبُ فِيهَا بَيَانُ مَكَانِ الْقَرْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1113) . كَذَلِكَ يَجِبُ بَيَانُ صِفَةِ الْمَقْرُوضِ، وَبَيَانٌ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ قَدْ أَقْرَضَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَكِيلًا بِالْإِقْرَاضِ، وَالْوَكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ هُوَ سَفِيرٌ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1460) . دَعْوَى سَوْمِ الشِّرَاءِ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ كَذَا مَالًا بِطَرِيقِ سَوْمِ

الشِّرَاءِ وَطَلَبَ إعَادَتَهُ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ بِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى كَذَا دِرْهَمًا ثَمَنًا وَأَخَذَهُ عَلَى طَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (398) (الْهِنْدِيَّةُ) . دَعْوَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ بَاعَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي ذَلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَدَاءَ نِصْفِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ: أَوَّلًا - وُجُودَ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقْتَ الْإِجَازَةِ. ثَانِيًا - رَوَاجَ الثَّمَنِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ حَيْثُ إنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ كَاسِدًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي إجَازَةِ الْعَقْدِ. ثَالِثًا - أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الْبَائِعَ الْفُضُولِيَّ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَوْكِيلٌ ابْتِدَاءً، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1503) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِشَرِكَةِ الْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ نُفِّذَ حَالَ وُجُودِهِ إلَّا أَنَّ قَبْضَ الثَّمَنِ شَرْطٌ أَيْضًا لِتَصِحَّ مُطَالَبَتُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. دَعْوَى الشِّرَاءِ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ (شَخْصٍ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) ، وَهُوَ مِلْكِي فَيُسْأَلُ: هَلْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُعَجَّلٌ، أَوْ مُؤَجَّلٌ؟ فَإِذَا كَانَ مُعَجَّلًا، فَإِنْ أَدَّى ثَمَنَ الْمَبِيعِ كَامِلًا لِلْبَائِعِ، أَوْ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَذِنَهُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَدَى الثُّبُوتِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي. أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا، وَلَمْ يُؤَدِّهِ لِلْبَائِعِ، كَمَا أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَأْذَنْ الْمُشْتَرِيَ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (278) . (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الِاشْتِرَاءَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ مَجْبُورٌ لِإِثْبَاتِ عَقْدِ الشِّرَاءِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَدْ بَاعَنِي ذَلِكَ الْمَالَ، وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ) . دَعْوَى السَّلَمِ - يَجِبُ بَيَانُ وَذِكْرُ شَرَائِطِ السَّلَمِ فِي دَعْوَى كَذَا كَيْلَةً مِنْ جِهَةِ السَّلَمِ. مَثَلًا يَجِبُ إيضَاحُ مَكَانِ تَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي شُرِطَ حِينَ عَقْدِ السَّلَمِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتَسْلِيمِهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَصِحُّ دَعْوَى تَسْلِيمِ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً مِنْ السَّلَمِ الصَّحِيحِ بِدُونِ ذِكْرِ شَرَائِطَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ سَبَبٍ لَهُ شَرَائِطُ كَثِيرَةٌ يَجِبُ بَيَانُ تِلْكَ الشَّرَائِطِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّهُ يَدَّعِي بِسَبَبِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ شَرَائِطِ السَّلَمِ الَّذِي شَرَائِطُهُ قَلِيلَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرُ) .

دَعْوَى الْكَفَالَةِ - لَا يَجِبُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ بَيَانُ قَبُولِ الْمَكْفُولِ لَهُ الْكَفَالَةَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (631) وَشَرْحَهَا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ سَبَبِ نَشْأَةِ الْمَالِ الْمَكْفُولِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ كَفَالَاتٍ غَيْرِ جَائِزَةٍ كَالْكَفَالَةِ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْكَفَالَةِ عَلَى نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ بِدُونِ ذِكْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ؛ فَلِذَلِكَ يَجِبُ تَدْقِيقُ ذَلِكَ (الْبَحْرُ) . دَعْوَى الْمَالِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفَاتِ: إذَا ادَّعَى مَالًا بِسَبَبِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَذْكُورَ قَدْ حَصَلَ طَوْعًا وَحَالَ نَفَاذِ التَّصَرُّفِ حَتَّى تَصِحَّ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَقَعَ إكْرَاهًا (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ بَاعَنِي هَذَا الْمَالَ طَائِعًا وَرَاغِبًا حَالَ نَفَاذِ تَصَرُّفِهِ بِكَذَا مَبْلَغًا (الْبَحْرُ) . دَعْوَى التَّمْلِيكِ - يَجِبُ لِصِحَّةِ دَعْوَى التَّمْلِيكِ بَيَانُ هَلْ كَانَ التَّمْلِيكُ الْمَذْكُورُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، (الْهِنْدِيَّةُ) . دَعْوَى الِاسْتِرْدَادِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ - يَجِبُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الِاسْتِفْسَارُ مِنْ الْمُدَّعِي عَنْ سَبَبِ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَظُنُّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ فَاسِدًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالْأَمَانَةِ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْتُ هَذَا الرَّجُلَ سَاعَةً وَدِيعَةً فَيَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: إنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فَلْيُخَلِّهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى جَلْبِهَا إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ بَلْ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُعْطِيَهَا لِلْمُدَّعِي لِيُحْضِرَهَا لِمَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (797) . وَيَجِبُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيدَاعِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مُحْتَاجَةً لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْإِيدَاعِ فِي إعَادَةِ الْوَدِيعَةِ حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (767) . وَلِأَجْلِ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِإِعَادَتِهَا فِي مَكَانِ الْإِيدَاعِ يَجِبُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيدَاعِ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) . دَعْوَى الْأَمَانَةِ الْهَالِكَةِ - إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فَيَجِبُ أَنْ يُبَيِّنَ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدِعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (794) كَذَلِكَ يَجِبُ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ بَيَانُ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُهْلِكَتْ الْوَدِيعَةُ الَّتِي فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ كَابْنِ الْمُسْتَوْدَعِ مَثَلًا فَالضَّمَانُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (778) . دَعْوَى الْوَفَاةِ مُجْهِلًا الْوَدِيعَةَ - فِي دَعْوَى أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا الْوَدِيعَةَ يَجِبُ بَيَانُ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ أَيَّامَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ (الْفُصُولَيْنِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (801) . دَعْوَى الْقُطْنِ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قُطْنًا يَجِبُ بَيَانُ الْقُطْنِ مِنْ مَحْصُولِ أَيِّ بِلَادٍ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: إنَّهُ قُطْنُ مِصْرَ، أَوْ قُطْنُ الْعِرَاقِ، أَوْ قُطْنُ الْهِنْدِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ فِي الدَّعْوَى مِقْدَارَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْقُطْنِ الْمَنْدُوفِ مِنْ كُلِّ رِطْلٍ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . دَعْوَى الرَّهْنِ - إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ تَسْلِيمَ الْمَرْهُونِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ فَكَّ الرَّهْنَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ. لِأَنَّ رَدَّ مَئُونَةِ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ هِيَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَالْمُسْتَعِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ مُلَخَّصًا) .

دَعْوَى الْغَصْبِ - فِي دَعْوَى اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ - عَيْنًا - الْمَوْجُودِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَجِبُ بَيَانُ مَكَانِ الْغَصْبِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مُحْتَاجًا لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (890) . أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ فَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (890) بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِمَصَارِيفِ النَّقْلِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يُسَلَّمُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ وُجِدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْأَخْذِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ غَصَبَ مِنِّي عِشْرِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ مَكَانَ الْغَصْبِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَيَجِبُ بَيَانُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ وَالتَّكْمِلَةُ) . دَعْوَى بَدَلِ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ - إذَا ادَّعَى بَدَلَ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ فَيَجِبُ بَيَانُ مَا هُوَ الْمَغْصُوبُ لِيُعْلَمَ هَلْ هُوَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يُحْكَمُ بِإِعْطَاءِ مِثْلِهِ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يُحْكَمُ بِإِعْطَاءِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَحَاشِيَةُ الْبَحْرِ) . هَلْ يَجِبُ بَيَانُ يَوْمِ الْإِتْلَافِ إذَا أَتْلَفَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ أَنْ أَبْقَاهُ مُدَّةً فِي يَدِهِ؟ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (791) . إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ مِنِّي هَذِهِ الْفَرَسَ وَلَمْ يَقُلْ فِي دَعْوَاهُ: إنَّهَا مِلْكُهُ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ وَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ تِلْكَ الْفَرَسَ مِنْ الْمُدَّعِي فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الدَّعْوَى) . دَعْوَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ - يَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَيَانُ مَا هِيَ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ وَبَيَانُ مَوْضِعِ الِاسْتِهْلَاكِ وَقِيمَتُهَا وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ لِأَنَّ الْبَعْضَ مِنْ الْأَعْيَانِ قِيَمِيٌّ وَالْبَعْضَ مِنْهَا مِثْلِيٌّ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَحَيْثُ إنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَغْصُوبِ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي غُصِبَ فِيهِ الْمَغْصُوبُ، وَاَلَّذِي اُسْتُهْلِكَ فِيهِ فَيَجِبُ حِينَ الدَّعْوَى بَيَانُ ذَلِكَ الْمَكَانِ (الْبَحْرُ) . فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى عَلَى دَائِنِ الْمُتَوَفَّى قَائِلِينَ: إنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْدَعَكَ وَسَلَّمَك فِي حَيَاتِهِ كَذَا أَشْيَاءَ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّ فُلَانًا الَّذِي نَصَّبَهُ الْمُتَوَفَّى لِأَدَاءِ دُيُونِهِ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مُقَابِلَ دَيْنِهِ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ، وَإِنَّكَ قَدْ اسْتَهْلَكْتَ تِلْكَ الْأَمْوَالَ فَاضْمَنْهَا فَيَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَيَانُ أَنْوَاعِ وَأَجْنَاسِ وَأَوْصَافِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَبَيَانُ قِيمَتِهَا حِينَ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ غَصَبْتَ مِنْ نُقُودِي الْغَالِبَةِ الْغِشِّ مِقْدَارَ كَذَا فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ النُّقُودُ مُنْقَطِعَةً وَقْتَ الدَّعْوَى أَيْ غَيْرَ رَائِجَةٍ فَيَجِبُ دَعْوَى قِيمَتِهَا، وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يَجِبُ بَيَانُ قِيمَتِهَا وَقْتَ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ بَيَانُ قِيمَتِهَا وَقْتَ الْغَصْبِ، وَعِنْدَ

الْإِمَامِ مُحَمَّدٌ يَجِبُ بَيَانُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الِانْقِطَاعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (891) . فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ غَصَبَ مِنِّي كَذَا رِطْلًا مِنْ الثَّلْجِ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ فَأَطْلُبُ الثَّلْجَ مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الثَّلْجَ مُنْقَطِعُ الْمِثْلِ فِي زَمَنِ الطَّلَبِ بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ. دَعْوَى الْبَيْعِ إكْرَاهًا - فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ بَيْعِهِ مُكْرَهًا يَجِبُ بَيَانٌ بِأَنَّهُ بَاعَ مُكْرَهًا، وَأَنَّهُ سَلَّمَ مُكْرَهًا، وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْع بِسَبَبِ حَقِّ الْفَسْخِ الثَّابِتِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ طَوْعًا فِي الْبَيْعِ الْوَاقِعِ بِإِكْرَاهٍ يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَكُونُ لَازِمًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1006) كَذَلِكَ إذَا قَبَضَ الْمُدَّعِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ بِأَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مُكْرَهًا أَيْضًا، وَلَا يَجِبُ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ مُكْرَهًا ذِكْرُ مَنْ هُوَ الْمُجْبِرُ كَمَا لَوْ ادَّعَى مَالًا بِسَبَبِ السِّعَايَةِ لَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْعِنْوَانِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (الْهِنْدِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَإِذَا ادَّعَى الْمُكْرَهُ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي، وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّصَلَ الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْمُكْرَهِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ. دَعْوَى التَّجْهِيلِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ وَارِثِ الْمُتَوَفَّى قَائِلًا: (إنَّ مُوَرِّثَك قَدْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا مَالَ الشَّرِكَةِ) فَأَطْلُبُ تَضْمِينَهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1355) فَيَجِبُ بَيَانُ هَلْ أَنَّ التَّجْهِيلَ وَاقِعٌ فِي رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ، أَوْ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِرَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ. لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ رَأْسُ مَالِ الشَّرِكَةِ نُقُودًا فَهُوَ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1338 وَ 140) . أَمَّا الْمَالُ الْمَأْخُوذُ بِرَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَهُوَ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَمَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَمَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ إيضَاحُ ذَلِكَ. كَذَلِكَ فِي دَعْوَى تَضْمِينِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِسَبَبِ وَفَاةِ الْمُضَارِبِ مُجْهِلًا يَجِبُ بَيَانُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَقْتَ الْوَفَاةِ هَلْ هُوَ نَقْدٌ أَوْ عُرُوضٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ نَقْدًا فَلَهُ أَخْذُ مِثْلِهِ وَإِذَا كَانَ عُرُوضًا فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي دَعْوَى الْبِضَاعَةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . دَعْوَى التَّخَارُجِ - يَجِبُ فِي دَعْوَى التَّخَارُجِ بَيَانُ أَنْوَاعِ التَّرِكَةِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعَقَارَاتِ وَتَحْدِيدُهَا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الصُّلْحَ الَّذِي وَقَعَ لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَنْ حِصَّةِ الْوَارِثِ الْمُخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتْلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ وَتَصَالَحَ الْوَرَثَةُ غَيْرُ الْمُتْلِفِينَ عَلَى شَيْءٍ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتْلَفَاتِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، كَمَا فِي الْغَصْبِ إذَا اسْتَهْلَكُوا الْأَعْيَانَ وَصَالَحُوا (الْبَحْرُ) . دَعْوَى الْقِسْمَةِ - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ النَّصِيبَ الَّذِي خَصَّهُ حِينَ الْقِسْمَةِ يَجِبُ بَيَانُ هَلْ أَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ رِضَاءً، أَوْ قَضَاءً؟ (الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرُ) . دَعْوَى غَرْسِ الْغَيْرِ أَوْ بِنَائِهِ فِي عَرْصَتِهِ غَصْبًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَحْدَثَ فِي عَرْصَتِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَشْجَارًا فَيَجِبُ بَيَانُ تِلْكَ الْعَرْصَةِ، كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ بَيَانُ طُولِ الْبِنَاءِ

وَعَرْضُهُ، وَهَلْ هُوَ بِنَاءُ أَخْشَابٍ، أَوْ بِنَاءُ حَجَرٍ فَبَعْدَ بَيَانِ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ، وَإِذَا أَنْكَرَ بِأَنَّهُ بَنَى، أَوْ غَرَسَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي الْإِثْبَاتَ فَيَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ فِي أَرْضِ الْمُدَّعِي ذَلِكَ الْبِنَاءَ، أَوْ يَغْرِسْ تِلْكَ الْأَشْجَارَ، وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . دَعْوَى شِقِّ النَّهْرِ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ حَفَرَ أَرْضِي، وَأَسَالَ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ فَيَجِبُ بَيَانُ الْأَرْضِ الْمَشْقُوقَةِ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ بَيَانُ مَوْضِعِ النَّهْرِ أَيْ هَلْ هُوَ فِي أَيْمَنِ الْمَشْقُوقِ، أَوْ فِي أَيْسَرِهِ وَطُولِ النَّهْرِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي هَذِهِ الْأُمُورَ، فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي يَجْرِي الْإِيجَابُ، وَإِذَا أَنْكَرَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ نَهْرًا فِي الْأَرْضِ الَّتِي بَيَّنَهَا الْمُدَّعِي. دَعْوَى مَسِيلِ الْمَاءِ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ لِي فِي دَارِ فُلَانٍ حَقَّ الْمَسِيلِ فَيَجِبُ بَيَانُ هَلْ هُوَ مَسِيلُ مَاءِ الْمَطَرِ، أَوْ مَسِيلُ الْقَاذُورَاتِ؟ وَهَلْ الْمَسِيلُ فِي مُقَدَّمِ الدَّارِ، أَوْ فِي مُؤَخَّرِهَا. دَعْوَى الطَّرِيقِ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ لَهُ حَقَّ الطَّرِيقِ فِي دَارِ آخَرَ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الطَّرِيقِ أَيْ هَلْ هِيَ فِي مُقَدَّمِ الدَّارِ، أَوْ مُؤَخَّرِهَا، وَيُحَدِّدُ ذَلِكَ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَانِ عَلَى رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْعَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ لِلْجَهَالَةِ هُوَ فِي حَالَةِ تَعَذُّرِ الْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ مَعَ الْجَهَالَةِ وَلَيْسَ مُتَعَذِّرًا ذَلِكَ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ الْبَابَ الْخَارِجِيَّ الْمُسَمَّى بِالْبَابِ الْأَعْظَمِ يَحْكُمُ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِ الطَّرِيقِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِنَّ مَنْ يَدَّعِي الطَّرِيقَ، أَوْ حَقَّ الْمُرُورِ يَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ بَابٍ فِي حَائِطِ الْمُدَّعِي لَا يَكْفِي وَحْدَهُ لِإِثْبَاتِ الْمُدَّعِي كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ دَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1225) . دَعْوَى نَقْضِ الْحَائِطِ - يَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَيَانُ طُولِ الْحَائِطِ وَعَرْضِهَا فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ هَدَمَ حَائِطَ بُسْتَانِي، فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ طُولِ وَعَرْضِ الْحَائِطِ. دَعْوَى الْمَوْزُونَاتِ - يَجِبُ فِي دَعْوَى الْمَوْزُونَاتِ بَيَانُ الْوَزْنِ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِحِمْلِ رُمَّانٍ أَوْ سَفَرْجَلٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ كَمْ رِطْلًا كَانَ الرُّمَّانُ أَوْ السَّفَرْجَلُ، وَهَلْ كَانَ الرُّمَّانُ حُلْوًا، أَوْ حَامِضًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (الْهِنْدِيَّةُ) . دَعْوَى الْمَكِيلَاتِ - يَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَيَانُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ وَالْقَدْرِ (الْبَحْرُ) مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حِنْطَةً فَيَجِبُ بَيَانُ أَنَّهُ حِنْطَةٌ، أَيْ جِنْسِهِ وَكَذَا كَيْلَةً أَيْ قَدْرِهِ مَعَ بَيَانِ الْكَيْلَةِ كَيْلَةَ أَيِّ بَلَدٍ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . دَعْوَى الْحَيَوَانِ - يَجِبُ فِي دَعْوَى الْحَيَوَانِ بَيَانُ لَوْنِهِ وَسِنِّهِ، وَهَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ لُزُومِ بَيَانِ اللَّوْنِ وَالْعَلَامَاتِ فَلِذَلِكَ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي بَعْضَ عَلَامَاتٍ لِلْحَيَوَانِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ أُحْضِرَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَظَهَرَ أَنَّ بَعْضَ عَلَامَاتِهِ مُخَالِفَةٌ لِمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ: إنَّ الْحَيَوَانَ مَشْقُوقُ الْأُذُنِ فَظَهَرَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْقُوقِ الْأُذُنِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ بُطْلَانَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . دَعْوَى الْعَقَارِ - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا فَيَجِبُ بَيَانُ حُدُودِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ

(المادة 1621) إذا كان المدعى به عينا منقولا وحاضرا بالمجلس

فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هِيَ مِنْ وَقْفِ الْوَاقِفِ الَّذِي تَحْتَ تَوْلِيَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ وَيُحَدِّدْ مُدَّعَاهُ (الْبَهْجَةُ) . دَعْوَى الدَّيْنِ - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا يَجِبُ بَيَانُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَمِقْدَارِهِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1627) . وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَيَجِبُ بَيَانُ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: كَذَا رِطْلًا مِنْ عِنَبِ السَّلْطِ، أَوْ كَذَا رِطْلًا مِنْ عِنَبِ دِمَشْقَ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ بَيَانُ هَلْ هُوَ مِنْ النَّوْعِ الْجَيِّدِ أَوْ الْأَوْسَطِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُدَّعَى بِهِ عِنَبًا فِي غَيْرِ مَوْسِمِهِ أَيْ أَنَّهُ ادَّعَاهُ فِي وَقْتٍ كَانَ الْعِنَبُ مُنْقَطِعًا فِي الْأَسْوَاقِ فَيَسْأَلهُ الْقَاضِي مَاذَا يَطْلُبُ فَإِذَا طَلَبَ مِثْلَ الْعِنَبِ فَلَا يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى دَعْوَاهُ وَإِذَا طَلَبَ قِيمَتَهُ يَسْأَلُهُ الْقَاضِي عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ إذَا كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ الثَّمَنِ مِنْ أَيَادِي النَّاسِ، وَإِذَا كَانَ سَلَمًا، أَوْ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ أَوْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ فَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي قِيمَتَهُ إذَا لَمْ يَنْتَظِرْ مَوْسِمَ الْعِنَبِ الْآتِي، وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الْعِنَبِ مَثَلًا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ رِطْلًا عِنَبًا زَيْنِيًّا وَعِشْرِينَ رِطْلًا عِنَبًا سَلْطِيًّا، فَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُبَيِّنَ نَوْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِقْدَارَهُ. بِأَنْ يَقُولَ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ رِطْلًا عِنَبًا زَيْنِيًّا وَعِشْرِينَ رِطْلًا سَلْطِيًّا (الْهِنْدِيَّةُ) وَسَيَتَّضِحُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1621) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَنْقُولًا وَحَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ] الْمَادَّةُ (1621) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَنْقُولًا وَحَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ فَيَدَّعِيه الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ هَذَا لِي مُشِيرًا إلَيْهِ بِيَدِهِ وَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا بِالْمَجْلِسِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ جَلْبُهُ وَإِحْضَارُهُ بِلَا مُصْرَفٍ يُجْلَبُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِيُشَارَ إلَيْهِ فِي الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ كَمَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إحْضَارُهُ مُمْكِنًا بِلَا مُصْرَفٍ عَرَّفَهُ الْمُدَّعِي وَبَيَّنَ قِيمَتَهُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ قِيمَتِهِ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالرَّهْنِ مَثَلًا لَوْ قَالَ: غَصَبَ خَاتَمِي الزُّمُرُّدَ تَصِحُّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قِيمَتَهُ، أَوْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا، وَيُحْتَرَزُ بِذَلِكَ مِنْ الْهَالِكِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ حَاضِرَةً بِالْمَجْلِسِ فَعَلَيْهِ إذَا أُوجِدَتْ الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ فَيَدَّعِيهَا الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: هَذِهِ لِي، أَوْ لِمُوَكِّلِي فُلَانٍ، أَوْ لِلْقَاصِرِ فُلَانٍ الَّذِي أَنَا وَلِيُّهُ، أَوْ وَصِيُّهُ مُشِيرًا إلَيْهَا بِيَدِهِ، وَقَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ أَخْذَهَا مِنْهُ، يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ الْإِشَارَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حِينَ الدَّعْوَى وَحِينَ الشَّهَادَةِ وَحِينَ الِاسْتِحْلَافِ وَحَيْثُ إنَّ الْإِشَارَةَ هِيَ أَبْلَغُ التَّعْرِيفِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّعْرِيفِ بِصُورَةٍ أُخْرَى بِبَيَانِ الْجِنْسِ، أَوْ النَّوْعِ (الْبَحْرُ) .

مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْعِنَبَ الْمَوْجُودَ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ: هَذَا الْعِنَبُ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ نَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَوَزْنِهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْحَدِيدَ الْمُشَارَ إلَيْهِ وَبَيَّنَ أَنَّ وَزْنَهُ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فَالدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ لَغْوٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا بَلْ بَدَلَ مَنْقُولَاتٍ مُتْلَفَةٍ: فَإِذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَيَكْفِي بَيَانُ قِيمَتِهَا، وَلَا حَاجَةَ لِتَعْرِيفِهَا وَتَوْصِيفِهَا حَيْثُ إنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ التَّعْرِيفِ وَالتَّوْصِيفِ بِلَا ذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ لَا يَبْقَى حَاجَةٌ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّوْصِيفِ. حَتَّى فِي دَعْوَى مُزِّقَتْ ثِيَابِي، أَوْ جُرِحَتْ فَرَسِي فَأَطْلُبُ كَذَا دِرْهَمًا نُقْصَانَ قِيمَتِهَا فَلَا حَاجَةَ لِجَلْبِ الثِّيَابِ، أَوْ الْفَرَسِ لِلْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ جُزْءٌ فَائِتٌ مِنْ الثَّوْبِ، أَوْ الْفَرَسِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . مُشِيرًا إلَيْهِ بِيَدِهِ - أَمَّا أَذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ بِيَدِهِ بَلْ أَشَارَ إلَيْهِ بِرَأْسِهِ فُهِمَ مِنْ تِلْكَ الْإِشَارَةِ أَنَّهُ مَقْصُودٌ بِهَا الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا، وَإِلَّا فَلَا (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1620) . قَدْ وَضَعَ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ - يَلْزَمُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ بِأَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (278) ، أَوْ مَرْهُونًا فَلِذَلِكَ يَجِبُ إزَالَةُ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ. أَمَّا فِي دَعْوَى الضَّمَانِ فَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَكَذَا دُونَ دَعْوَى الشِّرَاءِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَنْقُولِ ذِكْرُ عِبَارَةِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ ذِكْرُ عِبَارَةِ وَضَعَ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ (الْبَحْرُ) . فَأَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ - يَجِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَوْ كَانَ دَيْنًا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَنْقُولًا، أَوْ كَانَ عَقَارًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُدَّعِي فِي حُضُورِ الْقَاضِي: إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ إزَالَةُ هَذَا الِاحْتِمَالِ بِالطَّلَبِ الْمَذْكُورِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الدَّعْوَى) . فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَقُلْ: إنَّنِي أَطْلُبُ أَخْذَهَا مِنْهُ أَمَّا الْقُهُسْتَانِيُّ فَيَقُولُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ الدَّعْوَى، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعِي: أَطْلُبُ أَخْذَهَا مِنْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ هُوَ هَذَا فَعَلَى ذَلِكَ فَذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْمَجَلَّةِ لَمْ يَكُنْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالتَّكْمِلَةُ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ، وَكَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْخَصْمِ وَمُمْكِنًا جَلْبُهُ وَإِحْضَارُهُ إلَى الْمَجْلِسِ بِدُونِ مَصْرِفٍ، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَيُجْلَبُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِيُشِيرَ إلَيْهِ الْمُدَّعِي بِيَدِهِ حِينَ الدَّعْوَى، وَالشُّهُودُ حِينَ الشَّهَادَةِ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَثْنَاءَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا الْمُمْكِنِ إحْضَارُهَا وَالْإِشَارَةُ بِالْيَدِ إلَيْهَا بَعْدَ الْإِحْضَارِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ.

وَالْمُدَّعَى بِهِ الْقَابِلُ جَلْبُهُ مَعَ إحْضَارِهِ بِدُونِ مَصْرَفٍ هُوَ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالزَّعْفَرَانِ الْقَلِيلِ وَالسَّاعَةِ وَالْخَاتَمِ. وَإِذَا أَحْضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَإِذَا صَدَّقَ الْمُدَّعِي بِأَنَّهَا الْعَيْنُ الْمُدَّعَى بِهَا فَبِهَا، وَإِلَّا يُجْبَرَ عَلَى إحْضَارِ عَيْنٍ أُخْرَى، وَهَذَا الْجَبْرُ يَمْتَدُّ إلَى حِينِ تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي فَإِذَا ظَهَرَ عَجْزُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إحْضَارِ تِلْكَ الْعَيْنِ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ يُحْكَمُ بِبَدَلِهَا أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَلَا يَلْزَمُ إحْضَارُهُ إلَى الْمَجْلِسِ بَلْ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّهِ (الْهِنْدِيَّةُ الْبَحْرُ وَالْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ السَّاعَةَ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمُدَّعِي هِيَ فِي يَدِي، وَهِيَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَلَا حَاجَةَ لِجَلْبِ السَّاعَةِ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ بَلْ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ تِلْكَ السَّاعَةِ إلَى الْمُدَّعِي. قِيلَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَائِبًا، وَكَانَ مَكَانُهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَغَيْرَ مُمْكِنٍ إحْضَارُهُ فَالْمُدَّعِي يُعَرِّفُ وَيُبَيِّنُ قِيمَتَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1620) فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَوْجُودٌ فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهُ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَنْقُولَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ جَلْبَهُ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ لِلْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَهُ فِي يَدِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةٍ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُقْبَلُ هَذَا الْإِثْبَاتُ وَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى جَلْبِ الْمُدَّعَى بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (10) مَا لَمْ يَثْبُتْ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ قَدْ هَلَكَ بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ، أَوْ أَنَّهُ بِيعَ لِآخَرَ وَسُلِّمَ لَهُ، أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْدَى الصُّوَرِ فَفِي تِلْكَ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِحْضَارِ بِهَذَا الْإِثْبَاتِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِحْضَارِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِثْبَاتَ اسْتِصْحَابٌ وَالِاسْتِصْحَابُ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ، وَلَيْسَ حُجَّةً فِي الْإِثْبَاتِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (10) (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . يُجْلَبُ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ: بِمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ ذُو الْيَدِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْمَجْلِسِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَوْدَعًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى إحْضَارِهِ لِلْمَجْلِسِ بَلْ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُودِعِ لِكَيْ يُوَصِّلَهُ الْمُودِعُ إلَى الْمَجْلِسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (494) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (162) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي سَلَّمْت هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَبُّوسَ أَلْمَاسٍ، وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ اسْتَلَمَهُ بِلَا أَمْرٍ مِنِّي، وَطَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانُ قِيمَتُهٌ كَذَا مَبْلَغًا فَأَطْلُبُ اسْتِرْدَادَهُ، وَأَطْلُبُ تَضْمِينَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ، وَأَطْلُبُ إحْضَارَهُ لِلْمَجْلِسِ فَالْإِحْضَارُ يَكُونُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالتَّمْكِينُ عَلَى الْإِحْضَارِ يَكُونُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ حَاضِرٍ بِالْمَجْلِسِ وَغَيْرَ مُمْكِنٍ إحْضَارُهُ بِلَا مَصْرَفٍ كَصُبْرَةِ حِنْطَةٍ، أَوْ مَخْزَنِ ذُرَةٍ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مُمْكِنٍ جَلْبُهُ بِدُونِ مَصْرَفٍ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى جَلْبِ الْعَيْنِ الْمَنْقُولَةِ الْمُحْتَاجِ جَلْبُهَا إلَى مَصْرَفٍ بَلْ إنَّ الْمُدَّعِيَ يُعَرِّفُهَا وَيُوصِفُهَا وَيُبَيِّنُ قِيمَتَهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. وَالْمُحْتَاجُ لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ هُوَ عَلَى قَوْلٍ الْمَالُ الْغَيْرُ مُمْكِنٍ نَقْلُهُ مَجَّانًا إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ، وَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ نَقْلُهُ عَلَى أُجْرَةٍ

كَعَشْرِ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا، وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ هُوَ الْمَالُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ (الْبَحْرُ) . الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا: أَوَّلًا - الْأَشْيَاءُ الَّتِي تَحْتَاجُ لِلْحَمْلِ وَالْمَئُونَةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. ثَانِيًا - الْمُدَّعَى بِهِ الْهَالِكُ. ثَالِثًا - الْمُدَّعَى بِهِ الْغَيْرُ مَعْلُومٍ مَكَانُهُ وَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَوْدَعْتُك أَسْوِرَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ وَصْفَ الْأَسْوِرَةِ وَجِنْسَهَا وَقِيمَتَهَا وَمِقْدَارَهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ فِي دَعْوَى الْمَنْقُولَاتِ الْمَوْجُودَةِ وَالْمُحْتَاجِ نَقْلُهَا لِمَصْرِفٍ يَذْهَبُ الْحَاكِمُ بِالذَّاتِ إلَى الْمَحَلِّ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْمَنْقُولُ، أَوْ يُرْسِلُ نَائِبَهُ (إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ نَائِبٍ) لِأَجْلِ التَّأْشِيرِ إلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، وَلَا يَكْتَفِي بِذِكْرِ الْقِيمَةِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فَرَسًا، أَوْ بَعِيرًا مِمَّا لَا يُمْكِنُ إدْخَالُهُ إلَى غُرْفَةِ الْمُحَاكَمَةِ يُجْلَبُ إلَى سَاحَةِ الْمَحْكَمَةِ، وَيَخْرُجُ الْقَاضِي، أَوْ نَائِبُهُ إلَى السَّاحَةِ، وَيَسْتَمِعُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ، وَيُرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (الْبَحْرُ وَالْخَانِيَّةُ) . وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَصَّلَ الْقَاضِي الدَّعْوَى حَسَبَ الْقَوْلِ الثَّانِي فَحُكْمُهُ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ. وَإِذَا عَرَّفَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُدَّعَى بِهِ، وَظَهَرَ أَنَّ بَعْضَ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُدَّعِي مُخَالِفَةٌ لِأَوْصَافِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَوْصَافُ مَا لَا يُحْتَمَلُ تَبَدُّلُهَا وَتَغَيُّرُهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا تَرَكَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ الْأُولَى وَادَّعَى ثَانِيَةً فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِاعْتِبَارِهَا دَعْوَى جَدِيدَةً، وَإِذَا بَقِيَ عَلَى دَعْوَاهُ الْأُولَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1629) . إلَّا أَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْمَجْهُولِ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ: أَوَّلًا: دَعْوَى الْغَصْبِ (ثَانِيًا) : دَعْوَى الرَّهْنِ فَلَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ، أَوْ فِي دَعْوَى الْمَرْهُونِ بَيَانُ قِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَكْثَرِ لَا يَعْرِفُ قِيمَةَ مَالِهِ فَإِذَا كُلِّفَ لِبَيَانِ الْقِيمَةِ يَضُرُّ بِهِ. صُورَةُ دَعْوَى الْغَصْبِ - تَكُونُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ مِنِّي كَذَا مَالًا، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا مَالِي، وَكَانَ فِي يَدِي، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَوْ قَالَ: إنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِي لِحِينِ أَنْ وَضَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَعْوَى غَصْبٍ (الْخَانِيَّةُ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَفَائِدَةُ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَعَ وُجُودِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ: أَنَّ الْخَصْمَ يَعْتَرِفُ بِغَصْبِ الْمَجْهُولِ، أَوْ أَنَّهُ يُنْكِرُ وَالْمُدَّعِي يُثْبِتُ بِالشُّهُودِ غَصْبَ الْمَجْهُولِ فَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَيَانِ وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ بِالْإِقْرَارِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ يُكَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ، وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَبْسِهِ إلَى حِينِ الْبَيَانِ (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْمَجْهُولِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1619) وَلَمَّا

(المادة 1622) إذا كان المدعى به أعيانا مختلفة الجنس والنوع والوصف

سَقَطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ الْمُدَّعِي فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَكُونُونَ بَعِيدِينَ عَنْ مُمَارِسَةِ ذَلِكَ الْمَالِ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا ثَبَتَ الْغَصْبُ، أَوْ الرَّهْنُ الْمَجْهُولُ بِالشَّهَادَةِ يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَيَانِ، وَالْقَوْلُ فِي تَعْيِينِ أَيِّ مَالٍ هُوَ الْمَغْصُوبُ، أَوْ الْمَرْهُونُ لِلْغَاصِبِ، أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْخَانِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ غَصَبَ خَاتَمِي الزُّمُرُّدَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي يَدِهِ الْآنَ، أَوْ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ قِيمَتُهٌ، أَوْ قَالَ: إنَّنِي لَا أَعْرِفُ قِيمَتُهٌ فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّهُ رَهَنَ سَاعَةً عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ لَهُ الْعِشْرِينَ دِينَارًا، وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا لَهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ، أَوْ الرَّهْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَعْلَاهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا هُوَ الْمَغْصُوبُ، أَوْ الْمَرْهُونُ، وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَالِاسْتِحْلَافِ أَوْ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي كَذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا هُوَ الْمَغْصُوبُ وَالْمَرْهُونُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . إذَا قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. كَذَا مَبْلَغًا، وَقَالَ الْغَاصِبُ: لَا أَعْرِفُ قِيمَتَهُ، فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) (الْبَحْرُ) . وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1619) . [ (الْمَادَّةُ 1622) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَعْيَانَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ] الْمَادَّةُ (1622) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَعْيَانَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ يَكْفِي ذِكْرُ مَجْمُوعِ قِيمَتِهَا، وَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ كَأَنْ كَانَتْ خَمْسَ خُيُولٍ وَشَاتَيْنِ وَثَلَاثَةَ أَشْجَارٍ فَيَكْفِي ذِكْرُ مَجْمُوعِ قِيمَتِهَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَحَسَبَ الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْبَهْجَةِ. أَيْ لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِخَمْسِ خُيُولٍ وَشَاتَيْنِ وَثَلَاثَةِ أَشْجَارٍ وَذَكَرَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ مَجْمُوعَ قِيمَتِهَا كَذَا دِينَارًا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُ وَتَوْصِيفُ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ بَلْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَيَجِبُ مِثْلُهَا، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ قِيمَتِهَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1621) كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورَةُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ فَتَكْفِي الْإِشَارَةُ إلَيْهَا، وَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِ الْقِيمَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1621) . قِيلَ (أَعْيَانًا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ بَدَلَ أَشْيَاءَ مُسْتَهْلَكَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ ذَاتِ قِيمَةٍ فَيَجِبُ بَيَانُ جِنْسِ وَنَوْعِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1620) .

(المادة 1623) إذا كان المدعى به عقارا

[ (الْمَادَّةُ 1623) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا] الْمَادَّةُ (1623) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا يَلْزَمُ فِي الدَّعْوَى ذِكْرُ بَلَدِهِ وَقَرْيَتِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ وَزُقَاقِهِ وَحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ الثَّلَاثَةِ وَأَسْمَاءِ أَصْحَابِ حُدُودِهِ إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ مَعَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ لَكِنْ يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِ وَشُهْرَةِ الرَّجُلِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَشْهُورِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ التَّحْدِيدِ لِشُهْرَتِهِ وَأَيْضًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْعَقَارَ الْمُحَرَّرَةَ حُدُودُهُ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ مِلْكِي تَصِحُّ دَعْوَاهُ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا كَأَنْ كَانَ عَرْصَةً، أَوْ أَرْضًا، أَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ كَسُكْنَى الدَّارِ، أَوْ عُلُوِّ عَقَارٍ، وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا أَنَّ الْعَقَارَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيَلْزَمُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ذِكْرُ (أَوَّلًا) : بَلْدَةِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ (ثَانِيًا) : قَرْيَتِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ (ثَالِثًا) : زُقَاقِهِ وَحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ بِصُورَةٍ تُحِيطُ بِالْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ حُدُودِهِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ أَصْحَابِ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، أَوْ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ وَأَسْمَاءُ آبَاءٍ - عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَجْدَادُ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَإِذَا كَانَ فِي طَرَفِ الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا آخَرَ لِوَرَثَةٍ لَمْ يَقْتَسِمُوهُ فَيَلْزَمُ بَيَانُ أَسْمَاءِ أُولَئِكَ الْوَرَثَةِ وَنَسَبِهِمْ، وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ عِبَارَةِ وَرَثَةٍ فَقَطْ؛ إذْ الْوَرَثَةُ مَجْهُولُونَ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ ذَا فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ وَذَا رَحِمٍ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ بِكِفَايَةِ ذَلِكَ، وَلَوْ كَتَبَ لَزِيقَ دَارٍ مِنْ تَرِكَةِ فُلَانٍ يَصِحُّ حَدًّا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فِي دَعْوَاهُ بِأَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنْ يَطْلُبَ أَخْذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْعَقَارِ إلَى الْمَجْلِسِ وَتَعْرِيفَهُ بِالْإِشَارَةِ مُتَعَذِّرٌ وَحَيْثُ يُعْلَمُ الْعَقَارُ بِالتَّحْدِيدِ فَيَتَعَيَّنُ التَّعْرِيفُ بِالتَّحْدِيدِ (الْبَحْرُ الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْعَقَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ، وَلَا تَصِحُّ خُصُومَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1635) . بِغَيْرِ حَقٍّ: يَجِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ لِإِزَالَةِ احْتِمَالِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَرْهُونٌ أَوْ مَحْبُوسٌ بِالثَّمَنِ. إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ لُزُومَ ذِكْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي دَعْوَى الْمَنْقُولِ، وَقَدْ تَرَكَتْ لُزُومَ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ ذَلِكَ مُقَايَسَةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَدْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُذْكَرَ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ عِبَارَةُ (أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) وَأَرَادُوا إيجَادَ فَرْقٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْعَقَارِ إلَّا أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى بِزِيَادَةٍ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ جُزْءًا شَائِعًا مِنْ الْعَقَارِ فَيَكْفِي أَنْ يُذْكَرَ بِأَنَّ الْجُزْءَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنْ تَحْصُلَ الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَجِبُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنْ يُذْكَرَ أَنَّ جَمِيعَهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي دَعْوَى غَصْبِ نِصْفِ الْعَقَارِ يَجِبُ عَلَى قَوْلٍ ذِكْرُ أَنَّ جَمِيعَ الْعَقَارِ فِي يَدِ

الْغَاصِبِ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. أَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ - يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَذْكُرَ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقَّهُ فَيَقْتَضِي أَنْ يَطْلُبَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (162) . قِيلَ فِي تَعْرِيفِ الْعَقَارِ: إنَّهُ يَجِبُ (أَوَّلًا) ذِكْرُ بَلْدَتِهِ (ثَانِيًا) قَرْيَتِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ (ثَالِثًا) زُقَاقِهِ (رَابِعًا) حُدُودِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ أَوَّلًا ذِكْرُ الْأَعَمِّ ثَانِيًا الْأَخَصِّ ثَالِثًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ رَابِعًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ مِنْهُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي النَّسَبِ؛ إذْ يُقَالُ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ فَيُعَرَّفُ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ مَثَلًا: إذَا قِيلَ: أَحْمَدُ فَكَثِيرُونَ مُسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ، فَإِذَا قِيلَ: ابْنُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ خُصِّصَ، وَإِذَا قِيلَ: ابْنُ طَاهِرٍ فَقَدْ خُصِّصَ أَكْثَرَ، فَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَ قِطَعٍ مِنْ أَرَاضٍ وَبَيَّنَ حُدُودَ تِسْعٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ حُدُودَ الْعَاشِرَةِ يُنْظَرُ. إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ فِي وَسَطِ الْقِطَعِ التِّسْعِ فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي الْحُدُودِ وَمَعْلُومَةً، وَيَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقِطْعَةُ فِي الطَّرَفِ فَلَا تُعْلَمُ مَا لَمْ تُذْكَرْ حُدُودُهَا؛ فَلِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهَا (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى عَمْرٌو مُتَوَلِّي وَقْفَ زَيْدٍ عَلَى بَشِيرٍ مُتَوَلِّي وَقْفَ بِكْرٍ بِأَنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ بَشِيرٍ هِيَ وَقْفُ زَيْدٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّعَاهُ، وَلَمْ يُحَدِّدْهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَى عَمْرٍو الَّتِي هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِالْإِقْرَارِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . قِيلَ (بِصُورَةٍ تُحِيطُ الْمُدَّعَى بِهِ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحِيطَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَرْضًا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَ حُدُودِهَا شَجَرٌ فَلَا يُكْتَفَى؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تُحِيطُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ. وَيَقْتَضِي أَنْ يُحِيطَ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُدَّعَى بِهِ (التَّكْمِلَةُ) . وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهَا: أَوْ حُدُودُهُ (الثَّلَاثَةُ) بِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَتْ حُدُودُهُ الثَّلَاثَةُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ حَدِّهِ الرَّابِعِ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ صَحِيحَانِ، وَلَا يُسْأَلُ مَا هُوَ الْحَدُّ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ الْحَدُّ الرَّابِعُ اعْتِبَارًا مِنْ حِذَاءِ الْحَدِّ الثَّالِثِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّابِعُ مِلْكًا لِرَجُلَيْنِ فَذَكَرَ الْمُدَّعِي أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ ذِكْرَ الْآخَرِ صَحَّ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَدُّ الرَّابِعُ أَرْضًا وَمَسْجِدًا وَذَكَرَ الْمُدَّعِي الْأَرْضَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْجِدَ صَحَّ. أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودُ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطُوا فِي ذِكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْحَدِّ الرَّابِعِ؛ إذْ إنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ لَيْسَ فِي يَدِي، أَوْ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا تَسْلِيمُ الْمَحْدُودِ لِلْمُدَّعِي، وَيُبَيِّنُ عَدَمَ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ فِي يَدِي إلَّا أَنَّكَ قَدْ أَخْطَأْتَ فِي الْحُدُودِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا، وَيَسْتَأْنِفُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى إذَا صَحَّ الْخَطَأُ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ بِثَمَنٍ مَنْقُودٍ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا

ذَكَرَ الشُّهُودُ جِنْسَ الثَّمَنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي جِنْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ. (الزَّيْلَعِيّ) . وَلَكِنْ إذَا صَحَّحَ الشُّهُودُ بَعْدَ خَطَئِهِمْ فِي التَّحْدِيدِ غَلَطَهُمْ وَوَفَّقُوا كَلَامَهُمْ تُقْبَلُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ دَارُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَكْرٍ، وَبَعْدَ أَنْ شَهِدُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ رَجَعُوا وَقَالُوا: إنَّ اسْمَ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ زَيْدًا ثُمَّ أَصْبَحَ بِشْرًا، أَوْ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ أَوَّلًا لِزَيْدٍ فَبَاعَهَا لِبِشْرٍ وَصَحِّحُوا غَلَطَهُمْ وَوَفَّقُوا كَلَامَهُمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَثْبُتُ وُقُوعُ الْغَلَطِ فِي الْحُدُودِ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي أَوْ بِإِقْرَارِ الشُّهُودِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَهُمْ أَنْ يُصَحِّحُوا الْحُدُودَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ، وَأَنْ يُصَحِّحُوا الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ، أَوْ الشُّهُودَ قَدْ غَلِطُوا فِي الْحُدُودِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَلَطَ الشَّاهِدِ يَثْبُتُ بِبَيَانِ أَنَّ الْحُدُودَ لَمْ تَكُنْ كَمَا قَالَ الشَّاهِدُ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا الِاسْمِ أَحَدٌ وَبِمَا أَنَّ هَذَا إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَى النَّفْيِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1699) (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَا أَعْلَمُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ الَّذِينَ يَحُدُّونَ الْعَقَارَ ثُمَّ عَلِمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ، وَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ لِلتَّوْفِيقِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: لَا أَعْرِفُ حُدُودَ الْعَقَارِ ثُمَّ وَفَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا بِأَنَّ مَقْصُودِي مِنْ كَلَامِي هَذَا بِأَنَّنِي لَا أَعْلَمُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَأَقَامَ الدَّعْوَى بَعْدَ أَنْ تُعْلَمَ أَسْمَاءُ أَصْحَابِ الْحُدُودِ فَيُعْتَبَرُ تَوْفِيقُهُ وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَا أَعْرِفُ حُدُودَ نَفْسِ الْعَقَارِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْعَقَارَ وَبَيَّنَ حُدُودَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا أُشْهِدَ شُهُودٌ عَلَى مِلْكِيَّةِ عَقَارٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانُوا لَا يَعْرِفُونَ حُدُودَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ حُدُودِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ الثِّقَاتِ وَأَنْ يَشْهَدُوا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ لَا يَشْهَدُونَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي حَتَّى لَا يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . إذَا حُدِّدَ الْعَقَارُ الْمَحْدُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَادَّعَى بِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الدَّعْوَى مَا هُوَ الْمَحْدُودُ هَلْ هُوَ دَارٌ أَوْ بُسْتَانٌ فَعَلَى قَوْلٍ: الدَّعْوَى وَالشُّهُودُ صَحِيحَانِ. وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ: غَيْرُ صَحِيحَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) وَقِيلَ: تُسْمَعُ لَوْ بَيَّنَ الْمِصْرَ وَالْمَحَلَّةَ وَالْمَوْضِعَ (التَّكْمِلَةُ) . (إنْ كَانَ لَهَا أَصْحَابٌ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحُدُودِ أَصْحَابٌ فَيَلْزَمُ التَّعْرِيفُ بِصُوَرٍ أُخْرَى كَأَنْ يُقَالَ: الطَّرِيقُ، أَوْ الْوَادِي، أَوْ الْخَنْدَقُ أَوْ السُّوَرُ، أَوْ الْمَقْبَرَةُ الْمُرْتَفِعَةُ، أَوْ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ، أَوْ أَرْضُ الْبَلَدِ؛ بِنَاءً عَلَيْهِ فَالطَّرِيقُ الَّتِي لَا يُبَيَّنُ طُولُهَا وَعَرْضُهَا وَالْوَادِي تَصِحُّ حُدُودًا، كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْخَنْدَقُ وَالسُّوَرُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا أَيْ أَنَّ الْعَقَارَ يُحَدَّدُ بِالْقَوْلِ: إنَّ أَحَدَ أَطْرَافِهِ طَرِيقٌ، وَأَحَدَ أَطْرَافِهِ وَادٍ. وَإِذَا كَانَ أَحَدُ أَطْرَافِهِ طَرِيقًا عَامًّا فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ أَنَّ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَةَ عَامَّةٌ، أَوْ أَنَّهَا عَائِدَةٌ لِلْقَرْيَةِ أَوْ لِلْمَدِينَةِ. كَذَلِكَ تَصِحُّ الرَّبْوَةُ أَيْ الْمَقْبَرَةُ الْمُرْتَفِعَةُ أَنْ تَكُونَ حُدُودًا. كَذَلِكَ يَصِحُّ الْعَقَارُ الَّذِي هُوَ تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ، وَغَيْرُ مَعْلُومٍ صَاحِبُهُ أَنْ يَكُونَ حُدُودًا، وَبِتَعْبِيرٍ

آخَرَ لَوْ قِيلَ: إنَّ أَحَدَ أَطْرَافِهِ الْعَقَارُ الَّذِي هُوَ تَحْتَ يَدِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ، وَالْمَجْهُولُ صَاحِبُهُ فَيَكُونُ قَدْ حَدَّدَ الْعَقَارَ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ أَطْرَافِ الْعَقَارِ وَقْفًا، فَيَلْزَمُ بَيَانُ الْوَاقِفِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَاسْمِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: الْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ، أَوْ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . وَمَعَ تَحْدِيدِ الْعَقَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى إثْبَاتُ وَضَاعَةِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1754) وَلَا يَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ لِإِثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ جَعَلَ أَحَدَ الْحُدُودِ أَرْضَ الْمَمْلَكَةِ يَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ بِوَاسِطَةِ نَائِبِهِ. تَنْبِيهٌ - إذَا قَالَ الْمُدَّعِي أَثْنَاءَ تَحْدِيدِ الْحُدُودِ: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ أَرْضُ فُلَانٍ، وَكَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصُ فِي الْقَرْيَةِ الْمُدَّعَى بِهَا أَرَاضٍ مُنْعَدِمَةٌ وَمُتَفَرِّقَةٌ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ (التَّكْمِلَةُ) . إيضَاحُ (الَّذِي فِي حُكْمِ الْعَقَارِ) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي حُكْمِ الْعَقَارِ فَيَجِبُ تَحْدِيدُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَسُكْنَى الدَّارِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى وَإِنْ كَانَتْ فِي حَدِّ ذَاتِهَا نَقْلِيًّا فَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالْأَرْضِ، وَغَيْرُ مُمْكِنَةٍ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا بِإِحْضَارِهَا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَكُونُ تَعْرِيفُهَا كَتَعْرِيفِ الْعَقَارِ. تَعْرِيفُ (تَحْدِيدِ الْعُلُوِّ) : لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عُلُوَّ دَارٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فِي التَّحْتَانِيِّ فَيُبَيِّنُ حُدُودَ السُّفْلِ أَيْ التَّحْتَانِيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ مِنْ وَجْهٍ مَبِيعٌ بِسَبَبِ أَنَّ لِلْعُلُوِّ حَقَّ قَرَارٍ فِيهِ وَبِتَحْدِيدِ السُّفْلِيِّ يُسْتَغْنَى عَنْ تَحْدِيدِ الْعُلْوِيِّ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ أَصْلٌ، وَالْعُلُوَّ تَابِعٌ لَهُ وَتَحْدِيدُ الْأَصْلِ أَوْلَى. هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حَوْلَ الْعَلَوِيِّ حُجْرَةٌ فَلَوْ كَانَتْ يَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ الْعُلْوِيُّ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ، وَهُوَ يَحُدُّهُ، وَقَدْ أَمْكَنَ (الْبَحْرُ) إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى سِتُّ مَسَائِلَ مِنْ بَيَانِ الْحُدُودِ فِيهَا حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - يُلْغَى ذِكْرُ اسْمِ وَشُهْرَةِ الرَّجُلِ الْمَعْرُوفِ وَالْمَشْهُورِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ الْمَقْصُودُ بَلْ يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِ الشَّخْصِ الْمَشْهُورِ بِاسْمِهِ فَقَطْ، وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّعْرِيفُ، وَلَيْسَ تَكْثِيرَ الْأَلْفَاظِ وَالْحُرُوفِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ طَرَفَ الْعَقَارِ مُتَّصِلٌ بِدَارِ فُلَانٍ، وَكَانَ فُلَانٌ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا، وَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ نَسَبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ التَّحْدِيدِ لِشُهْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الشُّهْرَةَ مُغْنِيَةٌ عَنْ التَّحْدِيدِ، وَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِلَا تَحْدِيدٍ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالتَّحْدِيدُ شَرْطٌ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ الشُّهُودُ يَعْلَمُونَ الْعَقَارَ عَيْنًا فَلَا حَاجَةَ لِلتَّحْدِيدِ (التَّنْوِيرُ) فِي هَذِهِ

(المادة 1624) إذا أصاب المدعي في بيان الحدود

الصُّورَةِ يُشِيرُ الشُّهُودُ إلَى الْعَقَارِ فِي الْمَحَلِّ الْمَوْجُودِ فِيهِ الْعَقَارُ، وَيُوَرُّونَ الْحُدُودَ وَيَشْهَدُونَ عَلَى الْعَقَارِ. وَفِي تِلْكَ الْحَالَةُ يُرْسِلُ الْقَاضِي أَمِينَهُ مَعَ الشُّهُودِ، وَالشُّهُودُ يُوَرُّونَ الْأَمِينَ حُدُودَ الْعَقَارِ الْأَرْبَعَةِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا وَيَشْهَدُونَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي، وَالْأَمِينُ يَعْلَمُ حُدُودَهُ مِنْ جِيرَانِهِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ لِلْقَاضِي (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْعَقَارَ الْمُحَرَّرَةَ حُدُودُهُ فِي هَذَا السَّنَدِ مُشِيرًا إلَى السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ الْمُحَرَّرَةِ فِيهِ حُدُودُ الْعَقَارِ هُوَ مِلْكِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُحَرَّرَةَ حُدُودُهُ فِي هَذَا السَّنَدِ وَالْحُجَّةِ هُوَ مِلْكٌ لِهَذَا الرَّجُلِ صَحَّ، وَلَا حَاجَةَ لِتَعْدَادِ الْحُدُودِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ جَارٍ أَيْضًا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ يُطْلَبُ لِي مِنْ ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَبْلَغُ الْمُحَرَّرُ فِي هَذَا السَّنَدِ فَأَطْلُبُ أَخْذُهُ مِنْهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَقَارٍ بِدُونِ بَيَانِ حُدُودِهِ وَصَدَّقَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ هُوَ الْعَقَارُ الْمُدَّعَى بِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ آخَرَ هِيَ مِلْكُهُ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي ادَّعَيْتهَا هِيَ مِلْكِي، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْبَلُ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إقْرَارِهِ، وَالشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ حُدُودَ تِلْكَ الدَّارِ. [ (الْمَادَّةُ 1624) إذَا أَصَابَ الْمُدَّعِي فِي بَيَانِ الْحُدُودِ] الْمَادَّةُ (1624) (إذَا أَصَابَ الْمُدَّعِي فِي بَيَانِ الْحُدُودِ، وَذَكَرَ زِيَادَةً، أَوْ نُقْصَانًا فِي أَذْرُعِ الْعَقَارِ، أَوْ دُونَمَاتِهِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ دَعْوَاهُ) . إذَا أَصَابَ الْمُدَّعِي فِي بَيَانِ الْحُدُودِ وَذَكَرَ زِيَادَةً أَوْ نُقْصَانًا فِي أَذْرُعِ الْعَقَارِ أَوْ دُونَمَاتِهِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ مَا يَسْتَوْعِبُهُ مِنْ الْبِذَارِ، أَوْ فِي مِقْدَارِ الْغُرَفِ الَّتِي يَحْتَوِيهَا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ صِحَّةَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ قَدْ حَصَلَ بِبَيَانِ الْحُدُودِ، وَبِمَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْمِقْدَارِ فَكَانَ بَيَانُ الْمِقْدَارِ وَعَدَمُهُ مُتَسَاوِيًا (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ الْمُدَّعِي فِي الْحُدُودِ إلَّا أَنَّهُ وَصَفَ الْمَحْدُودَ بِأَنَّ فِيهِ كَذَا أَشْجَارًا، وَفِي أَطْرَافِهِ كَذَا حَائِطًا فَظَهَرَ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ أَشْجَارٌ، وَلَا فِي أَطْرَافِهِ حَائِطٌ لَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ قَدْ قُطِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحَائِطُ قَدْ هُدِمَ. أَمَّا إذَا وَصَفَ الْعَقَارَ بِقَوْلِهِ: لَا يُوجَدُ فِيهِ أَشْجَارٌ وَغَيْرُ مُحَاطٍ بِحَائِطٍ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الدَّعْوَى، وُجُودُ أَشْجَارٍ كَبِيرَةٍ لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1629) . كَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنَّ الْمَحْدُودَ كَذَا ذِرَاعًا، أَوْ كَذَا دُونَمًا فَظَهَرَ أَكْثَرَ فَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1625) لَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الْعَقَارِ بَيَانُ حُدُودِهِ]

(المادة 1626) إذا كان المدعى به دينا

لَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ تَعْرِيفُ وَتَوْصِيفُ سَبَبِ نَشْأَةِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ (أَوَّلًا) : بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الْعَقَارِ الَّذِي بِيعَ وَسُلِّمَ (ثَانِيًا) : كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الْمَنْقُولِ الَّذِي بِيعَ وَسُلِّمَ إحْضَارُهُ إلَى الْمَجْلِسِ، أَوْ ذِكْرُ أَوْصَافِهِ (ثَالِثًا) : لَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى بَدَلِ الْإِيجَارِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَفْسُوخَةِ بَيَانُ حُدُودِ الْمَأْجُورِ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ تَسْمِيَةِ عَيْنٍ وَتَوْصِيفِهَا قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا قَدْ اسْتَأْجَرَنِي لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ بِكَذَا دَرَاهِمَ أُجْرَةً عَنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَبِمَا أَنَّنِي حَافَظْتُ عَلَيْهَا كَذَا شَهْرًا فَأَطْلُبُ أُجْرَتِي الْمَشْرُوطَةَ فَلَا يَلْزَمُ جَلْبُ تِلْكَ الْعَيْنِ لِلْمُحَاكَمَةِ. أَمَّا فِي دَعْوَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْغَيْرِ مَقْبُوضٍ فَيَلْزَمُ جَلْبُهُ إلَى الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ جَلْبُهُ مُمْكِنًا حَتَّى يَثْبُتَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْقَاضِي (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) . وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَحْدِيدُ الْعَقَارِ فِي دَعْوَى ثَمَنِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ ذَلِكَ الْعَقَارُ أَيْ إذَا لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي. [ (الْمَادَّةُ 1626) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا] الْمَادَّةُ (1626) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ بَيَانُ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَوَصْفِهِ وَمِقْدَارِهِ مَثَلًا يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ بِقَوْلِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ سِكَّةٌ عُثْمَانِيَّةٌ أَوْ سِكَّةٌ إنْكِلِيزِيَّةٌ وَوَصْفَهُ بِقَوْلِهِ سِكَّةٌ خَالِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى بِقَوْلِهِ كَذَا قِرْشًا عَلَى الْإِطْلَاقِ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتُصْرَفُ عَلَى الْقُرُوشِ الْمَعْرُوفَةِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ وَإِذَا كَانَ الْمُتَعَارَفُ نَوْعَيْنِ مِنْ الْقُرُوشِ وَكَانَ اعْتِبَارُ وَرَوَاجُ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ تُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى كَمَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِقَوْلِهِ كَذَا عَدَدًا مِنْ البشلك يُصْرَفُ فِي زَمَانِنَا إلَى البشلك الْأَسْوَدِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمَسْكُوكَاتِ الْمَغْشُوشَةِ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ شَعِيرًا أَيْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَلْزَمُ الْمُدَّعِيَ أَنْ يُبَيِّنَ (أَوَّلًا) جِنْسَهُ (ثَانِيًا) نَوْعَهُ (ثَالِثًا) وَصْفَهُ (رَابِعًا) مِقْدَارَهُ (خَامِسًا) عَلَى قَوْلٍ سَبَبَ الدَّيْنِ (سَادِسًا) عَلَى قَوْلٍ طَلَبَ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَعْرِيفَ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَعْرِيفُ الدَّيْنِ يُمْكِنُ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. بَيَانُ سَبَبِ الدَّيْنِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: طَلَبُ أَخْذِهِ - يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِينَ أَنَّ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الطَّلَبَ حَيْثُ الدَّعْوَى شَرْطِيَّتَهُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) حَيْثُ الدَّعْوَى مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي وَدَعْوَةُ الْخَصْمِ إلَيْهِ وَبَيَانُ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَتَضَمَّنُ هَذَا الطَّلَبَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَادَّةِ (1621) قَدْ بَيَّنَ لُزُومَ طَلَبِ أَخْذِهِ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَارَّ ذِكْرُهُ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ فَكَانَ عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا مَبْنِيًّا لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا مِنْ أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (1631) . فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ نُقُودًا يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ بِقَوْلِهِ. ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ: ذَهَبًا أَوْ جُنَيْهًا عُثْمَانِيًّا أَوْ إنْكِلِيزِيًّا أَوْ إفْرِنْسِيًّا وَوَصْفَهُ بِقَوْلِهِ: سِكَّةٌ خَالِصَةٌ أَوْ مَغْشُوشَةٌ مَعَ بَيَانِ مِقْدَارِهِ وَإِذَا كَانَ

الدَّيْنُ شَيْئًا مِنْ الْمَكِيلَاتِ يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِهِ بِقَوْلِهِ: حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا، وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ: سَقِيَّةً أَوْ بَرِّيَّةً أَوْ خَرِيفِيَّةً أَوْ رَبِيعِيَّةً، وَوَصْفَهُ بِقَوْلِهِ: حِنْطَةً بَيْضَاءَ أَوْ حِنْطَةً حَمْرَاءَ، وَمِقْدَارَهُ بِقَوْلِهِ: كَذَا كَيْلَةً مِصْرِيَّةً أَوْ شَامِيَّةً أَوْ كَذَا إرْدَبًّا حَيْثُ إنَّ الْكَيْلَاتِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَأَنْ يَطْلُبَ أَيْضًا أَخْذَهُ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ وَكَانَ رَوَاجُ بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا فَيَنْصَرِفُ إلَى أَزْيَدِهَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهَا بَلْ يَلْزَمُ بَيَانُ النَّوْعِ وَبِدُونِ الْبَيَانِ لَا تَكُونُ الدَّعْوَى صَحِيحَةً وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (240) بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلْدَةِ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ لِلنُّقُودِ وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ فِي الْبَيْعِ بَيَانُ نَوْعِهَا أَمَّا فِي الدَّعْوَى لَوْ كَانَتْ النُّقُودُ الْمُخْتَلِفَةُ مُتَسَاوِيَةً فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ يَلْزَمُ فِي الدَّعْوَى بَيَانُ نَوْعِهَا. مَا هُوَ سَبَبُ الِافْتِرَاقِ؟ . بَيَانُ الْوَصْفِ - إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَكَانَ فِي الْبَلْدَةِ نَقْدٌ وَاحِدٌ مَعْرُوفًا فَلَا حَاجَةَ لِبَيَانِ الْوَصْفِ. أَمَّا إذَا مَرَّ وَقْتٌ طَوِيلٌ بَيْنَ وَقْتِ الْبَيْعِ وَوَقْتِ الْخُصُومَةِ وَكَانَ لِهَذَا السَّبَبِ غَيْرَ مَعْلُومٍ نَقْدُ الْبَلَدِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ بَيَانُ نَقْدِ الْبَلَدِ. وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّيْنِ النُّقُودَ فِي زَمَنِ أَيِّ مَلِكٍ ضُرِبَتْ تِلْكَ النُّقُودُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ ذَلِكَ. سِكَّةٌ - وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ سِكَّةٍ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ هُوَ فِي حَالِ كَوْنِ النُّقُودِ مَضْرُوبَةً، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْرُوبَةً فَيَلْزَمُ بَيَانُ مِثْقَالِهَا وَعِيَارِهَا إذَا كَانَتْ ذَهَبًا وَدِرْهَمِهَا وَعِيَارِهَا إذَا كَانَتْ فِضَّةً (الْهِنْدِيَّةُ) . مُسْتَثْنًى - يُسْتَثْنَى الْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَثَلًا: لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ أَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِإِقَامَةِ شُهُودٍ فَيُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَيَانِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ هَلْ هِيَ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى أَوْ أَوْسَطُ؟ وَهَذَا الْجَبْرُ هُوَ جَبْرٌ عَلَى بَيَانٍ وَلَيْسَ جَبْرًا عَلَى الْأَدَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (9 1 6 1) . وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى بِقَوْلِهِ كَذَا قِرْشًا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْ بِدُونِ أَنْ يُقَيِّدَهُ أَوْ يُخَصِّصَهُ بِقَوْلِهِ: بِاعْتِبَارِ أَنَّ الذَّهَبَةَ الْعُثْمَانِيَّةَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ وَالرِّيَالُ الْمَجِيدِيُّ بِعِشْرِينَ قِرْشًا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتُصْرَفُ إلَى الْقُرُوشِ الْمَعْرُوفَةِ فِي عُرْفِ الْبَلْدَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (45) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي زَمَانِنَا فِي الْآسِتَانَةِ أَلْفَ قِرْشٍ فِيمَا أَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَنَّ الذَّهَبَ الْعُثْمَانِيَّ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ وَالرِّيَالَ الْمَجِيدِيَّ بِعِشْرِينَ قِرْشًا فَيُصْرَفُ إلَى ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْبَلْدَةِ نَوْعَيْنِ مِنْ الْقُرُوشِ وَكَانَ رَوَاجُ وَاعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي كَذَا قِرْشًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَيُصْرَفُ إلَى الْأَدْنَى لِأَنَّ الْمُتَيَقَّنَ هُوَ الْأَدْنَى. مِثَالُ نَوْعَيْ قُرُوشٍ فِي زَمَانِنَا: تُذْكَرُ قُرُوشٌ بِاعْتِبَارِ الذَّهَبِ الْعُثْمَانِيِّ مِائَةُ قِرْشٍ، وَالرِّيَالُ الْمَجِيدِيُّ تِسْعَةَ عَشَرَ قِرْشًا كَمَا أَنَّهُ تُذْكَرُ قُرُوشٌ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ الْعُثْمَانِيَّ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ قُرُوشٍ وَالرِّيَالُ الْمَجِيدِيُّ

(المادة 1627) إذا كان المدعى به عينا

عِشْرُونَ قِرْشًا فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ يُصْرَفُ إلَى الْقُرُوشِ بِاعْتِبَارِ الرِّيَالِ عِشْرِينَ قِرْشًا وَالذَّهَبُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ قُرُوشٍ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْقُرُوشِ بِاعْتِبَارِ الرِّيَالِ تِسْعَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَالذَّهَبُ مِائَةُ قِرْشٍ مَا لَمْ يَدَّعِ دَعْوَاهُ قَائِلًا فِيهَا: كَذَا قِرْشًا بِاعْتِبَارِ الْمِائَةِ قِرْشٍ ذَهَبًا عُثْمَانِيًّا وَالتِّسْعَةَ عَشَرَ قِرْشًا رِيَالًا مَجِيدِيًّا وَأَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى فِي زَمَانِنَا كَذَا بشلكا فَلَا يُصْرَفُ إلَى البشلك الَّذِي هُوَ رُبْعُ الرِّيَالِ بَلْ يُصْرَفُ إلَى البشلك الْأَسْوَدِ الَّذِي هُوَ مِنْ الْمَسْكُوكَاتِ الْمَغْشُوشَةِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَ البشلك الْأَسْوَدُ رَائِجًا بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ وَأُدِّيَ مِنْ رُبْعِ الرِّيَالِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَنْزِلُ قِيمَتُهُ إلَى قِرْشَيْنِ وَنِصْفٍ فَلِذَلِكَ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا بشلك وَلِذَلِكَ فَتَعْبِيرُ بشلك فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ لَا يُحْمَلُ عَلَى البشلك الْأَسْوَدِ بَلْ يُصْرَفُ إلَى رُبْعِ الرِّيَالِ أَوْ يُصْرَفُ عَلَى السِّكَّةِ الْمَغْشُوشَةِ الَّتِي كَانَتْ رَائِجَةً بِالسِّتَّةِ قُرُوشٍ وَأَصْبَحَتْ رَائِجَةً بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (39) . إنَّ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُقْتَضِيَةَ لِدَعْوَى الْعَيْنِ قَدْ ذُكِرَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ إيضَاحَاتٌ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ الدَّيْنِ وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1620) . إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمَدِينَ تُوُفِّيَ بِدُونِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّهُ يُوجَدُ تَحْتَ يَدِ الْوَرَثَةِ أَمْوَالٌ كَافِيَةٌ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ؛ وَلَكِنْ لَا يَحْكُمُ الْوَرَثَةُ بِأَنْ يُؤَدُّوا الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ الْمَجْهُولَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْوَارِثِ تَرِكَةٌ كَافِيَةٌ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ وَضْعَ يَدِهِ عَلَى التَّرِكَةِ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ وَضْعِ يَدِهِ فَيَلْزَمُهُ بَيَانُ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لَوْ كَتَبَ: تُوُفِّيَ بِلَا أَدَائِهِ وَخَلَّفَ مِنْ التَّرِكَةِ بِيَدِ هَذَا الْوَارِثِ مَا يَفِي، تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَعْيَانَ التَّرِكَةِ وَبِهِ يُفْتَى. [ (الْمَادَّةُ 1627) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا] (الْمَادَّةُ 1627) - (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِيَّةِ بَلْ تَصِحُّ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِ هَذَا الْمَالُ لِي وَأَمَّا إذَا كَانَ دَيْنًا فَيُسْأَلُ عَنْ سَبَبِهِ وَجِهَتِهِ يَعْنِي يُسْأَلُ هَلْ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ أَوْ أُجْرَةٌ أَوْ دَيْنٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُسْأَلُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ دَيْنًا) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا سَوَاءٌ كَانَ مَنْقُولًا أَوْ كَانَ عَقَارًا فَلَا يَلْزَمُ حِينَ الِادِّعَاءِ بِهِ بَيَانُ سَبَبِ مِلْكِيَّتِهِ بَلْ تَصِحُّ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: هَذَا الْمَالُ لِي وَلَا يَجِبُ سُؤَالُ الْمُدَّعِي هَلْ مَلَكْت هَذَا الْمَالَ شِرَاءً أَوْ إرْثًا (الْبَحْرُ)

وَالْمِلْكُ الْمُطْلَقُ قَدْ عُرِّفَ فِي الْمَادَّةِ (1678) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ إذَا اُدُّعِيَ عَقَارٌ فِي بِلَادٍ قَدِيمَةِ الْبِنَاءِ يَجِبُ بَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ وَأَثْبَتُوا بِالْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلِذَلِكَ يُفْهَمُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الْبِلَادِ الْقَدِيمَةِ الْبِنَاءِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فَيُسْأَلُ عَنْ سَبَبِ وَجِهَةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ يَعْنِي يُسْأَلُ هَلْ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ أَوْ أُجْرَةٌ أَوْ دَيْنٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَأَنْ يَكُونَ قَرْضًا أَوْ نَاشِئًا عَنْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكَ وَدِيعَةٍ، وَالْحَاصِلُ يُسْأَلُ الْمُدَّعِي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ: (أَوَّلًا) تَخْتَلِفُ أَحْكَامُ الدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ إذْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةِ السَّلَمِ فَيَلْزَمُ إيفَاؤُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي شُرِطَ تَسْلِيمُهُ فِيهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (336) . وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ قَرْضًا أَوْ نَاشِئًا عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَيَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي مَكَانِ الْقَرْضِ أَوْ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ فَيَقْتَضِي إيفَاءَ بَدَلِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ (الْبَحْرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ غَائِبٍ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ سُلِّمَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّهُ سَلَّمَ وَقَبَضَ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى (النَّتِيجَةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (262) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ فَيَلْزَمُ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ. أَمَّا إذَا كَانَ مَقْبُوضًا فَلَا يَلْزَمُ إحْضَارُهُ إلَى الْمَجْلِسِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1625) . ثَانِيًا: بِمَا أَنَّ أَسْبَابَ بَعْضِ الدُّيُونِ أَسْبَابٌ بَاطِلَةٌ وَغَيْرُ مُوجِبَةٍ ثُبُوتَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ فَلِأَجْلِ أَنْ يَتَّضِحَ لِلْقَاضِي صِحَّةُ سَبَبِ الدَّيْنِ مِنْ عَدَمِهِ فَوَجَبَ بَيَانُ وَسُؤَالُ السَّبَبِ. كَالْحِسَابِ وَدَيْنِ النَّفَقَةِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى وَالْكَفَالَةُ بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ وَالْكَفَالَةُ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْكَفَالَةُ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (الْبَحْرُ) حَيْثُ إنَّ الْحِسَابَ لَا يَكُونُ سَبَبًا لِلدَّيْنِ، فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ: الدَّعْوَى لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحِسَابِ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَذَا دِرْهَمًا، فَلَا يَصِحُّ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى مِنْ وَرَثَتِهِ دَيْنًا بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ فَدَعْوَاهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ. لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ دَيْنَ نَفَقَةٍ وَدَيْنُ النَّفَقَةِ يَسْقُطُ بِوَفَاةِ الزَّوْجِ. وَإِيضَاحُ الْآخَرِينَ قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 162) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: يُفْهَمُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ سَبَبَ الدَّيْنِ وَجِهَتَهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَدَعْوَى الدَّيْنِ بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ صَحِيحَةٌ وَأَنَّهُ وَإِنْ جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ عَنْ سَبَبِ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْبَيَانِ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَسْتَحِي بَعْضًا مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ بَيَانُ السَّبَبِ مُوجِبًا لِمَشَقَّةِ الْمُدَّعِي بَعْضًا وَقَدْ ذَكَرَتْ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ هَذَا الْوَجْهَ (الْبَحْرُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ بِأَنَّهَا قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الثَّانِي كَمَا أَنَّهُ قَدْ قُبِلَ فِي تَعْلِيمِ أُصُولِ

(المادة 1628) حكم الإقرار هو ظهور المقر به لا حدوثه بداءة

التَّحْلِيفِ الَّذِي نُظِّمَ مِنْ طَرَفِ جَمْعِيَّةِ الْمَجَلَّةِ هَذَا الْقَوْلَ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ (إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا كَذَا دِرْهَمًا بِدُونِ بَيَانِ الْجِهَةِ إلَخْ) . فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي تَدَّعِيه مِنِّي هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنُ مَيْتَةٍ أَوْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي بِعْته لِي وَلَمْ أَقْبِضْهُ وَكَذَّبَهُ الْمُدَّعِي فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ إذَا قَالَ ذَلِكَ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ وَعَلَى حِدَةٍ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ أَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا فَلَا. أَمَّا إذَا بَيَّنَ سَبَّبَهُ ابْتِدَاءً قَائِلًا لَهُ: إنَّك بِعْتنِي الْمَيْتَةَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي إنَّ لَك بِذِمَّتِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَهِيَ مُؤَجَّلَةٌ إلَى مُدَّةِ كَذَا وَادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهَا مُعَجَّلَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (587 1) . إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ يُقْبَلُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّيْنَ مَعَ بَيَانِ السَّبَبِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ مُطْلَقًا فَتُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) . قَدْ ذُكِرَ آنِفًا بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ الْمِلْكَ مُحْتَمِلُ الزَّوَائِدِ. أَمَّا الدَّيْنُ فَغَيْرُ مُحْتَمِلِهَا. [ (الْمَادَّةُ 1628) حُكْمُ الْإِقْرَارِ هُوَ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا حُدُوثُهُ بَدَاءَةً] الْمَادَّةُ (1628) - (حُكْمُ الْإِقْرَارِ هُوَ ظُهُورُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا حُدُوثُهُ بَدَاءَةً وَلِهَذَا لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَجَعَلَ سَبَبَهُ إقْرَارَهُ فَقَطْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَالِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَالِي، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ حَتَّى إنَّهُ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي بِهَذَا الْمَبْلَغِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمَّا لَوْ ادَّعَى قَائِلًا: بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلِذَلِكَ أَنَّ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِرْهَمًا وَاطْلُبْهَا مِنْهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . حُكْمُ الْإِقْرَارِ هُوَ ظُهُورُ لُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ لِلْمُقَرِّ لَهُ. يَعْنِي ظُهُورُ أَنَّ الْمِلْكَ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَيْسَ حُدُوثَ مِلْكِيَّةِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ وَلَا إنْشَاءَ مِلْكِيَّةٍ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَنْقُلُ مِلْكِيَّةَ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يَنْقُلُ الْبَيْعُ الْمِلْكِيَّةَ. مَثَلًا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: بِعْت مَالِي هَذَا مِنْك بِكَذَا وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْبَيْعَ فَتَنْتَقِلُ مِلْكِيَّةُ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ فَلَا يَنْقُلُ بِهَذَا الْكَلَامِ مِلْكِيَّتَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بَلْ

إنَّ الْإِقْرَارَ يُظْهِرُ الْمِلْكِيَّةَ، وَيَظْهَرُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ بِالْمِثَالِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ. فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِنْ وَجْهِ إخْبَارٍ وَالْإِخْبَارُ إنَّمَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَلَا يَتَخَلَّفُ مَدْلُولُهُ الْوَضْعِيُّ. حَتَّى إنَّ الْمُقِرَّ إذَا أَقَرَّ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَخْذُ الْمُقَرِّ بِهِ دِيَانَةً مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُقِرُّ بِرِضَائِهِ الْمُقَرِّ لَهُ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ هِبَةً ابْتِدَاءً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 59 1) وَشَرْحَهَا، فَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَكَانَ سَبَبَ وُجُودِ الْمَالِ (الْبَحْرُ) أَمَّا الْإِنْشَاءَاتُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَحَيْثُ إنَّهَا إيجَادٌ فَيَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهَا عَنْ مَدْلُولِهَا الْوَضْعِيِّ (الدُّرَرُ) كَالْكَسْرِ وَالْإِخْبَارِ عَنْ الْكَسْرِ يَعْنِي إذَا كَسَرَ أَحَدٌ زُجَاجًا كَانَ هَذَا إنْشَاءً وَإِيجَادَ فِعْلٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَنْكَسِرَ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ كَسَرْت الزُّجَاجَ فَهُوَ إخْبَارٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَسَرَ الزُّجَاجَ وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَكُونُ صَادِقًا فِي قَوْلِهِ كَسَرْت الزُّجَاجَ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَكْسِرْ الزُّجَاجَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَكُونُ كَاذِبًا فِي إخْبَارِهِ. قَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ عَلَى كَوْنِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ الْمَدِينُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَتَوَقَّفُ إقْرَارُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَنَفَذَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ فَقَطْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ بِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ فَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ لَكَانَ هَذَا الْإِقْرَارُ تَبَرُّعًا مِنْ الْمَأْذُونِ. عَدَمُ كَوْنِ الْإِقْرَارِ سَبَبَ مِلْكٍ فِي الْمُعَامَلَاتِ - فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، رَأْسًا، وَلَيْسَ دَفْعًا، عَيْنًا أَوْ دَيْنًا مُتَّخِذًا إقْرَارَهُ سَبَبَ مِلْكٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ تَكُونُ كَأَنَّهُ يُطَالِبُ بِمَالٍ مِنْ أَجْلِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ سَبَبَ وُجُوبٍ (التَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَالْخَانِيَّةُ) . وَدَعْوَى الْإِقْرَارِ غَيْرُ الْمَسْمُوعَةِ تَكُونُ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - الِادِّعَاءُ ابْتِدَاءً بِالْإِقْرَارِ كَقَوْلِهِ قَدْ أَقْرَرْت لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدِّهِ لِي. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - الِادِّعَاءُ بِاِتِّخَاذِ الْإِقْرَارِ سَبَبَ مِلْكٍ وَالصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ هَذِهِ (النَّتِيجَةُ) وَتَعْبِيرُ دَعْوَى الدَّارِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: قَدْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ لِهَذَا الْمُدَّعِي كَانَ جَائِزًا وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يَذْكُرُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّكَ مِلْكُهُ وَحَتَّى الدَّعْوَى الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُسْمَعُ شُهُودٌ عَلَى إقْرَارِهِ هَذَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَتَّخِذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بَلْ اتَّخَذَهُ دَلِيلًا عَلَى مُدَّعَاهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ شَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى

عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي بَلْ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ دَعْوَى هِبَةٍ وَالْهِبَةُ سَبَبُ مِلْكٍ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: الدَّعْوَى هَذَا الْمَالَ لِي لِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لِي، لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اتَّخَذَ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ آخَرَ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِوَالِدِي وَقَدْ تَرَكَهَا لِي وَلِأُخْتِي فُلَانَةَ إرْثًا وَبَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِي قَدْ أَقَرَّتْ أُخْتِي الْمَذْكُورَةُ بِأَنَّ جَمِيعَ الدَّارِ لِي وَقَدْ صَدَّقْتهَا فِي ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ فِي ثُلُثِ تِلْكَ الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ) إنَّ هَذِهِ الْأَمْثِلَةَ هِيَ مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ لِي عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ حَتَّى أَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ عَلَى إقْرَارِهِ الْوَاقِعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْت بِأَمْرِك لِفُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ مَالِي قَضَاءً لِدَيْنِك حَتَّى أَثْبَتَ أَقْرَرْت بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ فِي ذِمَّتِك لَهُ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ (النَّتِيجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ كَفَلْت فُلَانًا الْمَدِينَ لِي بِكَذَا مَبْلَغًا حَتَّى أَنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِكَفَالَتِك عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا حَيْثُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ قَدْ اتَّخَذَ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. عَدَمُ جَوَازِ الْإِقْرَارِ سَبَبًا لِلْمِلْكِ فِي النِّكَاحِ -. لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ بِدُونِ بَيَانِ عَقْدِ نِكَاحٍ قَائِلًا: إنَّك مَنْكُوحَتِي لِأَنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ لِاِتِّخَاذِهِ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ (الْبَهْجَةُ) . سَمَاعُ الْإِقْرَارِ فِي دَفْعِ الدَّعْوَى - وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَى الْإِقْرَارِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ مِنْ طَرَفِ أَصْلِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ حَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّهَا تُسْمَعُ مِنْ جِهَةِ الدَّفْعِ. فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ ذِي الْيَدِ فَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى قَائِلًا قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِي أَوْ أَنَّك أَقْرَرْت أَنَّهُ لَيْسَ لَك عِنْدِي حَقٌّ وَأَثْبَتَ هَذَا الْإِقْرَارُ يَقْبَل مِنْهُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِوَالِدِي وَقَدْ وَرِثْتهَا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّ وَالِدَك وَمُوَرِّثَك قَدْ أَقَرَّ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الدَّعْوَى. إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكٌ وَحَقٌّ لِوَالِدِي وَدَفَعَ دَفْعَهُ يُقْبَلُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَتَعَارَضُ الدَّفْعَانِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِرْثِ الَّتِي

(المادة 1629) يشترط أن يكون المدعى به محتمل الثبوت

بَقِيَتْ بِدُونِ مُعَارِضٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (631 1) إلَّا أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَارِيخًا لِإِقْرَارِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي تَارِيخًا لِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . سَمَاعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ عَلَى قَوْلٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى إقْرَارٍ فِي طَرَفِ الِاسْتِحْقَاقِ وَعَلَى قَوْلٍ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وُجُوبَ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَأَصْبَحَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ مِنْ طَرَفِ الدَّفْعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1629) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُحْتَمِلَ الثُّبُوتِ] الْمَادَّةُ (1629) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُحْتَمِلَ الثُّبُوتِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الِادِّعَاءُ بِشَيْءٍ وُجُودُهُ مُحَالٌ عَقْلًا أَوْ عَادَةً، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ) . يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى وَفِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُحْتَمِلَ الثُّبُوتِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الِادِّعَاءُ بِشَيْءٍ وُجُودُهُ مُحَالٌ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ عَادَةً وَلَا الشَّهَادَةُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ مُتَيَقَّنٌ فِي الِادِّعَاءِ بِالْمُحَالِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْمَادَّةُ الـ 2 6) وَالتَّتِمَّةُ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1587) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُحَالٌ عَقْلًا وَالثَّانِي مُحَالٌ شَرْعًا. مِثَالُ الْمُحَالِ عَادَةً - لَوْ ادَّعَى فَقِيرٌ مِنْ آخَرَ أَمْوَالًا عَظِيمَةً قَائِلًا: إنَّهُ أَقْرَضَهَا لَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَعْرُوفًا بِالْفَقْرِ وَأَنَّهُ سَائِلٌ يَأْخُذُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ صَدَقَةً وَزَكَاةً وَلَمْ يَرِثْ غَنِيًّا وَلَمْ تَصِلْ إلَى يَدِهِ أَمْوَالٌ بِوَجْهٍ آخَرَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (38) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ بِالْفَقْرِ أَمْوَالًا عَظِيمَةً مِنْ آخَرَ مُبَيِّنًا بِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعَقَارِ الَّذِي بَاعَهُ أَوْ أَنَّهُ أَقْرَضَهَا عَلَى دَفَعَاتٍ عَدِيدَةٍ أَوْ أَنَّهُ وَرِثَ مَالًا عَنْ مُوَرِّثِهِ الْغَنِيِّ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (التَّكْمِلَةُ) . وَالْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ الذِّكْرِ هِيَ مِنْ الدَّعَاوَى الْمُسْتَحِيلَةِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ وَاَلَّتِي سِنُّهَا ثَلَاثُ سَنَوَاتٍ بِأَنَّهَا نِتَاجُ مِلْكِهِ مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ شُهُودِهِ بِأَنَّ تِلْكَ الْفَرَسَ مِلْكُهُ مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ. 2 - إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي لَوْنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي ادَّعَاهُ وَعَلَامَاتِهِ ثُمَّ أَحْضَرَ الْحَيَوَانَ، بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَتْ الْعَلَامَاتُ الْمَشْهُودَةُ مُخَالِفَةً لِلْعَلَامَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ حِينَ الدَّعْوَى يُنْظَرُ: فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ هَذَا هُوَ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي وَصَفْته فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ. أَمَّا إذَا قَالَ إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي وَصَفْته هُوَ غَيْرُ هَذَا وَهَذَا غَيْرُهُ فَيُقْبَلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْحَدِيدَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَظَهَرَ لَدَى الْوَزْنِ بِأَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ أَوْ عِشْرُونَ رِطْلًا فَتُقْبَلُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ لَغْوٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (56) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1621) .

(المادة 1630) يشترط أن يحكم ويلزم المدعى عليه بشيء في حالة ثبوت الدعوى

لَوْ وَصَفَ الْمُدَّعِي الْمَحْدُودَ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ حَائِطٌ أَوْ شَجَرٌ فَظَهَرَ بَعْدَ الدَّعْوَى أَشْجَارٌ عَظِيمَةٌ فِيهِ لَا يُمْكِنُ بِحُدُوثِهَا بَعْدَ الدَّعْوَى فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى. تَتِمَّةٌ - إذَا تَخَاصَمَ الزَّوْجَانِ فِي الدَّعَاوَى مُدَّةً مَدِيدَةً فَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ قَدْ أَقَرَّتْ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكُهُ أَثْنَاءَ الْخُصُومَةِ وَفِي حُضُورِ الْقَاضِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ) . [ (الْمَادَّةُ 1630) يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي حَالَةِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (1630) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُلْزِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي حَالَةِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ آخَرَ شَيْئًا وَظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى قَائِلًا: أَنَا مِنْ ذَوِيهِ فَلْيُعِرْنِي إيَّاهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِخُصُوصٍ مَا فَظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنَا جَارُهُ وَبِوَكَالَتِهِ أَنْسَبُ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ مَنْ شَاءَ وَأَنْ يُوَكِّلَ بِأُمُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَعَلَيْهِ فَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ هَذِهِ الدَّعَاوَى وَأَمْثَالِهَا لَا يَتَرَتَّبُ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكْمٌ مَا) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْكُمَ وَيُلْزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي حَالَةِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى بِأَحَدِ الْحُجَجِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ: الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ وَالنُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ وَإِلَّا تَكُونُ الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتُ عَبَثًا وَالْعَاقِلُ لَا يَشْتَغِلُ بِالْأُمُورِ الَّتِي هِيَ عَبَثٌ. الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - مَثَلًا لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ آخَرَ أَجْنَبِيًّا وَظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنَا مِنْ ذَوِي الْمُعِيرِ فَلْيُعِرْنِي ذَلِكَ الشَّيْءَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْغَيْرِ الْمَنَافِعَ الْمَمْلُوكَةَ مَجَّانًا وَهِيَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَلَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّبَرُّعَاتِ وَعَلَى التَّمْلِيكَاتِ. وَشَرْطُ صِحَّةِ التَّمْلِيكَاتِ أَنْ تَقَعَ طَوْعًا وَرِضَاءً. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِخُصُوصٍ مَا فَظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ أَنَا جَارُهُ وَبِوَكَالَتِهِ أَنْسَبُ فَلْيُوَكِّلْنِي لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (192 1) أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ مَنْ يَشَاءُ أَوْ يُوَكِّلَ بِأُمُورِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَعَلَيْهِ فَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِ هَذِهِ إنَّكَ وَأَمْثَالِهَا لَا يَتَرَتَّبُ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكْمٌ مَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَكَّلَنِي فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرِ الْمُنْكِرِ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ حَيْثُ إنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1521) لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ. فَفِي حَالَةِ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ مَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُرِيدُ بَيْعَ مَالِهِ الْفُلَانِيَّ لِآخَرَ فَلْيَبِعْهُ لِي وَسَأَدْفَعُ لَهُ مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ اشْتَرَى الدَّارَ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّرِكَةِ فِي

مَرَضِ مَوْتِهِ فَدَعْوَاهُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (393) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ فُلَانًا قَدْ وَكَّلَك بِتَسْلِيمِ الْمَتَاعِ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْهُ فَسَلِّمْهُ لِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَثْبَتَ وَكَالَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى إيفَاءِ لَوَازِمِ الْوَكَالَةِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا إنَّ وَكِيلِي قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ مِنْك لِي فَسَلِّمْهُ لِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 46 1) . نَتِيجَةٌ تُكْمِلُ شُرُوطَ الدَّعْوَى - إذَا تَكَمَّلَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى وَأَصْبَحَتْ الدَّعْوَى صَحِيحَةً يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي مِنْك عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَمَاذَا تَقُولُ حَتَّى يَنْكَشِفَ وَجْهُ الْحُكْمِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعِي اسْتِجْوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَحْرُ) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: سَأَنْظُرُ أَوْ سَأُفَكِّرُ أَوْ لَا أَعْرِفُ الْمِلْكَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ لِي فَلَا يَكُونُ قَدْ أَجَابَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ عَلَى إعْطَاءِ الْجَوَابِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَوَجُّهُ السُّؤَالِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَشْرُوطٌ بِصِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّر أَعْلَاهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابٌ وَلَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْبُورًا عَلَى الْجَوَابِ. فَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى صَحِيحَةً وَاسْتَجْوَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ فِيهَا. وَإِذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1817) فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي فِيهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يُكَلِّفُ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى بِطَلَبٍ مِنْ الْمُدَّعِي إلَّا فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (1746) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الدَّعْوَى تَنَاقُضٌ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِمَالٍ لِآخَرَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ الْمَالَ قَائِلًا إنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ مُطْلَقًا تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (47 6 1 و 48 6 1) وَالْمَادَّةَ (57 6 1) وَشَرْحَهَا.

الفصل الثاني في حق دفع الدعوى

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِّ دَفْعِ الدَّعْوَى] لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّفْعِ صِحَّةُ الدَّعْوَى فَلِذَلِكَ لَوْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى الْغَيْرَ صَحِيحَةٍ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ وَأَثْبَتَهُ يُقْبَلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الدَّفْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - دَفْعُ الدَّعْوَى وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الَّذِي يُبَيَّنُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - دَفْعُ الْخُصُومَةِ وَهَذَا الْقِسْمُ سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (1637) الْوَارِدَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ. أَنْوَاعُ دَفْعِ الدَّعْوَى - الدَّفْعُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الدَّفْعُ. - النَّوْعُ الثَّانِي - دَفْعُ الدَّفْعِ. - النَّوْعُ الثَّالِثُ - الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ. - النَّوْعُ الرَّابِعُ - الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ -. النَّوْعُ الْخَامِسُ - الدَّفْعُ الْغَيْرُ صَحِيحٍ؛ وَسَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ فِي هَذَا الْفَصْلِ. الْمَادَّةُ (1631) - (الدَّفْعُ هُوَ الْإِتْيَانُ بِدَعْوَى مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَدْفَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ كَذَا قِرْشًا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا كُنْت أَدَّيْت ذَلِكَ أَوْ إنَّك أَبْرَأْتنِي مِنْ ذَلِكَ أَوْ كُنَّا تَصَالَحْنَا أَوْ لَيْسَ هَذَا الْمَبْلَغُ قَرْضًا بَلْ هُوَ ثَمَنُ الْمَالِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي كُنْت قَدْ بِعْته لَك أَوْ أَنَّ فُلَانًا قَدْ حَوَّلَنِي عَلَيْك بِمَطْلُوبِي مِنْهُ كَذَا دِرْهَمًا وَأَنْتَ دَفَعْت لِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْت قَدْ كَفَلْت مَطْلُوبِي الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا دَرَاهِمَ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْمَبْلَغَ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِالْمَالِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مَالِي وَأَجَابَ عَلَيْهِ بِأَنَّك حِينَمَا ادَّعَى هَذَا الْمَالَ فُلَانٌ كُنْت قَدْ شَهِدْت لِدَعْوَاهُ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَذَا دَرَاهِمَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْوَارِثِ ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ قَدْ أَدَّى هَذَا الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي)

الدَّفْعُ شَرْعًا، هُوَ الْإِتْيَانُ بِدَعْوَى (قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ) مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَدْفَعُ أَيْ تَرُدُّ وَتُزِيلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَلِإِزَالَةِ الدَّوْرِ الْبَاطِلِ مِنْ التَّعْرِيفِ لَزِمَ أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الرَّدِّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ فِي الْعُرْفِ وَالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فِي التَّعْرِيفِ، فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ فِي بَدَلِ الدَّفْعِ الثَّانِي اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرَّدِّ. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ سَيَدْفَعُ الدَّعْوَى فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا هُوَ دَفْعُهُ؟ فَإِذَا كَانَ الدَّفْعُ الَّذِي بَيَّنَهُ صَحِيحًا يُمْهِلُهُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي وَلَا يُعَجِّلُ بِالْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ فَاسِدًا فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . قِيلَ مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. يُشَارُ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَى أَنَّ الدَّفْعَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَالدَّفْعُ الَّذِي يُقَامُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ لَا يُقْبَلُ وَلَا يُسْمَعُ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَهَا ثُمَّ جَاءَ جَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَبُوهُ وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَا تُسْمَعُ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ وُجُوبِ حُصُولِ دَفْعِ الدَّعْوَى مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ وَهُمَا: 1 - إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَ الْوَرَثَةِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ دَفْعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1642) يَقُومُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّالِبُ قَدْ ادَّعَى مَالًا فِي حُضُورِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَجَاءَ وَارِثٌ آخَرُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ تُقْبَلُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2164) . (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَعْلُومَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ مَوْرُوثٌ لَهُ مَعَ أَخِيهِ الْغَائِبِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُوَرِّثَك فُلَانًا قَدْ أَقَرَّ فِي حَيَاتِهِ بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِلْكِي فَيُقْبَلُ هَذَا الدَّفْعُ وَتُرَدُّ دَعْوَى الْمُدَّعِي لَدَى إثْبَاتِهِ فَلَوْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَخُ الْغَائِبُ وَدَفَعَ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِي بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِي فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْإِقْرَارَاتِ هُوَ الْإِقْرَارُ الْأَخِيرُ (الْكَفَوِيُّ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ تَارِيخَ الْإِقْرَارَاتِ فَتَتَهَاتَرُ الْإِقْرَارَاتُ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2861) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ زَيْدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ لَهُ خَمْسِينَ دِينَارًا دَيْنًا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتَصَالَحَ زَيْدٌ مَعَ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى ثَلَاثِينَ دِينَارًا فَجَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ بَكْرٌ مِنْ الْوَرَثَةِ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ مُوَرِّثِي قَدْ أَوْفَاك هَذَا الْمَبْلَغَ بِالتَّمَامِ وَعَلَيْهِ فَدَعْوَاك بَاطِلَةٌ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ أَمَّا إذَا دَفَعَ هَذَا الدَّفْعَ زَيْدٌ الَّذِي عَقَدَ الصُّلْحَ فَلَا يُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1565) . 2 - إذَا ضُبِطَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْمَالُ الْمُشْتَرَى بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ قَدْ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ قَبْلَ بَيْعِهِ لِلْمُشْتَرِي تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْبَائِعِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . 6 -

الْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِدَفْعِ الدَّعْوَى: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ كَذَا قِرْشًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنَا كُنْت أَدَّيْت ذَلِكَ لَك أَوْ لِوَكِيلِك بِالْقَبْضِ فُلَانٍ، أَوْ إنَّنِي أَرْسَلْته لَك بِيَدِ فُلَانٍ وَهُوَ أَدَّاهُ لَك، أَوْ إنَّنِي فَوَّضْت لَك بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْأَرْضَ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِي مُقَابِلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَقَدْ تَفَوَّضَتْ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ؛ أَوْ أَنْتَ كُنْت أَبْرَأْتنِي مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنْتَ وَهَبْتنِي ذَلِكَ الدَّيْنَ، أَوْ كُنَّا تَصَالَحْنَا عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَوْ مِنْ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ، بِكَذَا دَرَاهِمَ، أَوْ كُنَّا تَصَالَحْنَا عَلَى كَذَا مَالًا، أَوْ تَصَالَحْت مَعَ وَكِيلِك فُلَانٍ الْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فَلَكَ أَخْذُ بَدَلِ الصُّلْحِ فَقَطْ، أَوْ قَالَ إنَّنِي أَعْطَيْت ذَلِكَ أَيْ بَدَلَ الصُّلْحِ؛ أَوْ أَنَّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَرْضٌ وَمَا عَدَاهُ رِبًا، أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَبْلَغَ لَمْ يَكُنْ قَرْضًا بَلْ هُوَ ثَمَنُ الْمَالِ الَّذِي بِعْته لَك، أَوْ بَدَلُ إجَارِ الَّذِي أَجَرْته لَك أَوْ إنَّك أَعْطَيْتنِي إيَّاهُ أُجْرَةً لِلْخِدْمَةِ الَّتِي قُمْت لَك بِهَا، أَوْ أَنَّك أَعْطَيْتنِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِأُعْطِيَهُ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ أَعْطَيْته لَهُ، أَوْ أَنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِنِّي بِأَمْرِك، (أَوْ أَنَّ فُلَانًا قَدْ حَوَّلَنِي عَلَيْك بِمَطْلُوبِي مِنْهُ كَذَا قِرْشًا) وَقَدْ قَبِلَ كُلٌّ مِنَّا الْحَوَالَةَ (وَأَنْتَ دَفَعْت لِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ) بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْحَوَالَةِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالنَّتِيجَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ أَوْ ادَّعَى وَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْت قَدْ كَفَلْت مَطْلُوبِي الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا دَرَاهِمَ وَادُّعِيَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ. وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَفَالَتِهِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ الْمَدِينَ أَدَّى ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَ الْمَدِينَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (9 5 6 وَ 22 6) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ قَائِلِينَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّك كَفَلْت الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ لِمُوَرِّثِنَا فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْأَصِيلَ قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ إلَى مُوَرِّثِكُمْ أَوْ إلَيْكُمْ، أَوْ إنَّ مُوَرِّثَكُمْ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ أَوْ إنَّهُ قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْ الْكَفَالَةِ، أَوْ أَنَّكُمْ بَعْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِكُمْ قَدْ أَبْرَأْتُمُونِي مِنْ الْكَفَالَةِ أَوْ إنَّكُمْ أَبْرَأْتُمْ الْمَدِينَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِالْمَالِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مَالُهُ فَأَجَابَ عَلَيْهِ بِأَنَّك حِينَمَا ادَّعَى هَذَا الْمَالَ فُلَانٌ كُنْت قَدْ شَهِدْت لِدَعْوَاهُ، أَوْ أَنَّك كُنْت وَهَبْتنِي هَذَا الْمَالَ وَسَلَّمْته لِي يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1648) (النَّتِيجَةُ وَالْبَهْجَةُ) سَوَاءٌ صَدَرَ حُكْمٌ عَلَى تِلْكَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَصْدُرْ (الْخُلَاصَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَذَا دَرَاهِمَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْوَارِثِ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي لَا حَقَّ لَك ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ قَدْ ادَّعَى هَذَا الْمَبْلَغَ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُتَوَفَّى مِنْهُ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَا يَحْصُلُ تَنَاقُضٌ بَيْنَ الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ ادِّعَاءِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَ الْوَارِثِ بِقَوْلِهِ إنَّ مُوَرِّثَنَا غَيْرُ مَدِينٍ لَك يَشْمَلُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا أَصْلًا وَأَسَاسًا وَيَشْمَلُ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ مَدِينًا وَأَصْبَحَ غَيْرَ مَدِينٍ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ أَوْ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلِذَلِكَ إذَا أُرِيدَ الْمَعْنَى الثَّانِي فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ وَارِثِ الْمُتَوَفَّى مَالًا وَأَبْرَزَ سَنَدًا مُحْتَوِيًا إقْرَارَ الْمُتَوَفَّى وَادَّعَى الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعِي قَدْ رَدَّ إقْرَارَ مُوَرِّثِهِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَاهُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُتَوَفَّى كَانَ تَلْجِئَةً وَمُوَاضَعَةً فَهُوَ دَفْعٌ أَيْضًا وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ كَذَا دِينَارًا حَتَّى إنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك مَدِينٌ لِي مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمَذْكُورَ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ وَفَسَّرَ الْمُوَاضَعَةَ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ مُوَرِّثِي الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْدَعَك كَذَا دِينَارًا فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ مَدِينًا لَهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ وَأَنَّهُ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لَهُ إيفَاءً لِلدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَخَذَ مَالِي الْفُلَانِيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمِلْكٍ فِي يَدِهِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ مِلْكِي وَقَدْ أَخَذْته بِحَقٍّ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي يَدِ الْآخِذِ وَقَامَ الِاثْنَانِ لِإِثْبَاتِ مُدَّعَاهُمَا بِالْبَيِّنَةِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ قَدْ تَصَادَقَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ذُو الْيَدِ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَالْآخِذُ خَارِجٌ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَ وَغَصَبَ مَالِي الْفُلَانِيَّ الَّذِي قِيمَتُهُ كَذَا وَهَلَكَ فِي يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعِنْدَ إقَامَةِ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي أَخَذْت ذَلِكَ الْمَالَ مِنْك بِإِذْنِك وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (771) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ الْفُلَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ يَدِك وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِأَنَّ الْمُودِعَ قَدْ أَخْرَجَ الْمُدَّعِيَ مِنْ وَكَالَتِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ الدَّعْوَى (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْمَالِ الْوَكَالَةَ وَأَثْبَتَهَا بِالْبَيِّنَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِثُبُوتِ وَكَالَتِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمَطْلُوبَ مِنْهُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ الطَّالِبَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ الدَّعْوَى وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ الْخُصُومَةِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْوَدِيعَةِ بِأَنَّهُ سَلَّمَهَا لِفُلَانٍ بِإِذْنِ الْمُودِعِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ الْأَمْرَ وَالْإِعْطَاءَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ وَالْإِعْطَاءِ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِلَّا لَزِمَ الضَّمَانُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (790) وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (789) (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا لِلْمُدَّعِي: إنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي تَدَّعِيه مِنِّي هُوَ مَالُ مَيْسِرٍ (قِمَارٌ) أَوْ ثَمَنُ خَمْرَةٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَخَذْت وَغَصَبْت مِنْ مَزْرَعَتِي أَغْنَامِي الَّتِي تُسَاوِي كَذَا دِينَارًا وَقَدْ اسْتَهْلَكْتهَا بِبَيْعِهَا وَتَسْلِيمِهَا لِآخَرَ فُضُولًا فَكُنْ ضَامِنًا لَهَا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّك قَدْ وَكَّلْتنِي بِبَيْعِ أَغْنَامِك وَقَدْ بِعْت تِلْكَ الْأَغْنَامَ بِإِذْنِك بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَسَلَّمْتُك أَثْمَانَهَا وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى قَائِلًا: بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِك قَدْ بَاعَهَا لِي الْمُتَوَفَّى فِي حَالٍ صِحَّتِهِ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَهَا لِي وَادَّعَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا قَائِلَةً: بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ وَهَبَ لِي تِلْكَ الدَّارَ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ وَقَبْلَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ وَأَثْبَتَتْ مُدَّعَاهَا فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ مَالِي وَأَنَّ فُلَانًا قَدْ بَاعَهُ لَك فُضُولًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك بِعْت لِي ذَلِكَ الْمَالَ بِالذَّاتِ أَنَّك قَدْ وَكَّلْت الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ فِي بَيْعِ مَالِك الْمَذْكُورِ وَهُوَ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِي فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الْبُسْتَانِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّك قَدْ طَلَبْت شِرَاءَ أَوْ اسْتِئْجَارَ أَوْ اسْتِيهَابَ أَوْ اسْتِيدَاعَ هَذَا الْمَالِ أَوْ سَاوَمْت أَوْ طَلَبْت أَخْذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ أَخْذَ الْبُسْتَانِ مُسَاقَاةً مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1583) حَتَّى إنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَرَادَ تَوْفِيقَ ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّ الْأَرْضَ أَوْ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكِي إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَرْجِعْهُ لِي قَدْ طَلَبْت شِرَاءَهُ. فَلَا يُقْبَلُ تَوْفِيقُهُ هَذَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ بِعْتُك ثَمَانِيَةَ خُيُولٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَسَلَّمْتهَا لَك فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ بِعْتُك ثَمَانِيَةَ خُيُولٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَسَلَّمْتهَا لَك فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّك لَمْ تَبِعْنِي الْخُيُولَ الْمَذْكُورَةَ بَلْ إنَّكَ سَلَّمْتهَا لِي لِكَيْ أُسَلِّمَهَا إلَى فُلَانٍ وَقَدْ سَلَّمْتهَا لَهُ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي قَائِلًا: قَدْ قَبَضْت ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنِّي طَائِعًا أَوْ ادَّعَى الْوَاهِبُ وُقُوعَ الْهِبَةِ كُرْهًا عَنْهُ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ قَائِلًا: قَدْ أَخَذْت مِنِّي الْعِوَضَ طَائِعًا فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْإِكْرَاهَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّك بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ قَدْ بِعْت لِي عَنْ طَوْعٍ ذَلِكَ قَالَ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك دَيْنًا كَذَا دِرْهَمًا حَتَّى إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1006) وَلَا لُزُومَ لِذِكْرِ اسْمِ الْمُجْبِرِ وَنَسَبِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْتُك قَرْضًا كَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَرْسَلَهُ لِي فُلَانٌ هَدِيَّةً وَقَدْ أَرْسَلَهُ مَعَك وَقَدْ سَلَّمْتنِي إيَّاهُ فِي الرِّسَالَةِ عَنْ فُلَانٍ حَتَّى إنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك سَلَّمْتنِي إيَّاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ هُوَ مَالُهُ فَأَجَابَهُ الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ لَك فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ آخَرَ وَأَبْرَزَ سَنَدًا نَاطِقًا بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ سَلَّمَهُ عَنْ كُلِّ دِينَارٍ أَرْبَعَ رِيَالَاتٍ فِضَّةً وَأَنَّهُ أَخَذَ السَّنَدَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي لَمْ آخُذْ مِنْك شَيْئًا كَمَا أَنَّنِي لَا أَعْرِفُك فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ قَدْ أُدِّيَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ أَدَّى لَهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ لِي دَيْنًا كَذَا دِينَارًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَيُّ حَقٍّ مُطْلَقًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَيُقْبَلُ وَلَوْ كَانَتْ إقَامَةُ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ. لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْصَى وَيَبْرَأُ مِنْهُ دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ وَإِنْ زَادَ كَلِمَةَ لَا أَعْرِفُك أَوْ نَحْوَهُ كَمَا رَأَيْتُك أَوْ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ أَوْ مُخَالَطَةٌ أَوْ خُلْطَةٌ أَوْ لَا أَخْذَ وَلَا إعْطَاءَ أَوْ مَا اجْتَمَعْت مَعَك فِي مَكَان لَا يُعْذَرُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ كَذَا دِينَارًا لِأَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْإِقْرَاضِ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَوَرَثَةً آخَرِينَ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ أَخَذَتْ الْمَبَالِغَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْمُقْرِضِينَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ قَائِلِينَ لَهَا: أَدِّ لَنَا حِصَّتَنَا فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَأَجَابَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى دَعْوَاهُمْ قَائِلَةً إنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكِي وَقَدْ وَكَّلْت مُوَرِّثَكُمْ بِالْإِقْرَاضِ وَقَدْ أَقْرَضَهُ لِلْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ بِوَكَالَتِهِ عَنِّي حَتَّى إنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَأَثْبَتَتْ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ قَدْ دَفَعَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِينَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِآخَرَ: قَدْ غَصَبْت مَالِي الْفُلَانِيَّ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّنِي قَدْ أَعَرْتُك ذَلِكَ الْمَالَ ثُمَّ اسْتَرْدَدْته مِنْك فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَوْجُودًا أَوْ كَانَ تَالِفًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ دَعْوَى الْمُدَّعِي هُوَ الضَّمَانُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ دَافِعٌ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا إنَّنِي قَدْ أَدَّيْت ذَلِكَ إلَيْك وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْقَبْضَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَدَاءَ فَإِذَا ادَّعَى

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا إنَّكَ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ هَذَا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ هِيَ دَارُهُ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ بِكَذَا دِينَارًا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَتَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ بَاعَ الدَّارَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهَا مِنْهُ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَخَذَ مِنِّي كَذَا مَالًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَقَرَّ هَذَا الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ وَكِيلِي فُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَصْبَحَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَاطِلَةً (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ طَالِبًا اسْتِرْدَادَ ثَمَنِ الْفَرَسِ الْمُبَاعَةِ بَعْد أَنْ اُسْتُحِقَّتْ الْمُبَاعَةُ مِنْ يَدِهِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ فِي مِلْكِهِ أَوْ أَنَّهَا نِتَاجٌ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يَتَخَلَّصُ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ حُضُورُ الْمُسْتَحِقِّ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّلَاثُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ أَوْ أَنَّهُ قَالَ إنَّ شُهُودِي كَاذِبُونَ أَوْ لَيْسَ لِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيُّ شَيْءٍ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَاقِعَةُ الْفَتْوَى - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنِّي أَخَذْت مِنْك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ إلَّا أَنَّك قَدْ سَلَّمْتنِي وَأَقْرَضْتنِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بِالرِّسَالَةِ عَنْ زَيْدٍ فَهَلْ يُعَدُّ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا إنْكَارًا وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ الْإِقْرَارَ أَوْ هَلْ يُعَدُّ قَوْلُهُ هَذَا دَفْعًا لِلدَّعْوَى وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ رَسُولًا مِنْ جَانِبِ زَيْدٍ؟ . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الشِّرَاءَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَادَّعَى الْبَائِعُ إقَالَةَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (التَّكْمِلَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَقَدْ رَهَنَهَا وَسَلَّمَهَا لِي مُقَابِلَ كَذَا دِينَارًا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ وَدَفَعْت لَهُ الثَّمَنَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الرَّهْنِ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَسْقُطُ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ، قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ وَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ حَسَبَ زَعْمِهِ فَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ، وَقَدْ قِيلَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْت هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّك أَعْطَيْتنِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِأُعْطِيَهُ إلَى فُلَانٍ وَقَدْ أَعْطَيْته لَهُ فَيَكُونُ دَفْعًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعْوَى) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْتُك كَذَا دَرَاهِمَ رِشْوَةً لِلْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ فَأَجَابَهُ عَمْرٌو بِأَنَّك أَعْطَيْتنِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِكَيْ أُعْطِيَهُ إلَى بَكْرٍ وَقَدْ أَدَّيْته إلَى بَكْرٍ بِأَمْرِك وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ فِي الدَّعْوَى) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: قَدْ أَقْرَضْتُك كَذَا دِينَارًا فَأَعْطِنِي إيَّاهَا فَأَجَابَهُ عَمْرٌو قَائِلًا: نَعَمْ قَدْ أَدَّيْت لِي كَذَا دِينَارًا إلَّا أَنَّك أَمَرْتنِي بِإِعْطَائِهَا لِبَكْرٍ وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتهَا لَهُ بِنَاءً عَلَى أَمْرِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى زَيْدٍ (الْبَهْجَةُ فِي الدَّعْوَى) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ أَخَذْت مِنْك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَتْ فِي يَدِي فَأَجَابَهُ الْآخَرُ قَائِلًا قَدْ أَخَذْتهَا مِنِّي غَصْبًا فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِأَنَّهَا دَنَانِيرُ سُلِّمَتْ لَهُ وَدِيعَةٌ فَبِهَا. وَإِلَّا فَيَحْلِفُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا وَدِيعَةً فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَتَثْبُتُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِلَّا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِأَخْذِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ وَادَّعَى الْحَالَ الَّذِي يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ أَيْ ادَّعَى أَخْذَ الْمَالِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ قَدْ أَخَذْت مِنْك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَتْ فِي يَدِي فَأَجَابَهُ الْآخَرُ قَائِلًا: كَلًّا قَدْ أَخَذْتهَا قَرْضًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ بِأَنَّنِي أَخَذْت هَذَا الْمَالَ مِنْك وَدِيعَةً فَأَجَابَهُ الْمُقِرُّ لَهُ: كَلًّا بَلْ أَخَذْته بَيْعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْإِقْرَارِ بِزِيَادَةٍ) . مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِدَفْعِ الدَّفْعِ - كَمَا أَنَّ دَفْعَ الدَّعْوَى صَحِيحٌ فَدَفْعُ الدَّفْعِ وَمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ إذَا زَادَ عَنْ ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ (الْبَحْرُ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ دَفْعَ الدَّفْعِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ لِلشُّهُودِ حَتَّى لَوْ طَعَنَ فِي الشَّاهِدِ أَوْ فِي الدَّعْوَى يَصِحُّ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فِي مَالٍ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا بِأَنَّنَا تَقَايَلْنَا الْبَيْعَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ قَدْ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ أَبِيك وَادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: وَإِنْ كَانَ أَبِي بَاعَك هَذَا الْمَالَ إلَّا أَنَّكُمَا قَدْ تَقَايَلْتُمَا الْبَيْعَ فَيَكُونُ دَفْعًا لِلدَّفْعِ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فِي يَدِهِ إرْثًا أَوْ هِبَةً وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى إقَالَتِهِ صَحَّ دَفْعُ الدَّفْعِ كَمَا فِي الْوَجِيزِ (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَقَدْ غَصَبَهَا

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنِّي وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّك قَدْ بِعْتنِي تِلْكَ الدَّارَ بِالتَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمْتهَا لِي وَقَبَضْتَ الثَّمَنَ مِنِّي وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ دَارِي وَأَنْ لَا عَلَاقَةَ لَك بِهَا وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ هَذَا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِك هُوَ لِي وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا إنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ أُودِعَ لِي مِنْ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ فَدَفَعَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ وَدِيعَةً فِي يَدِك مِنْ فُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَهَبَنِي إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ مِنِّي صَحَّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ الْهِبَةُ أَوْ الْبَيْعُ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى وُقُوعِ الْهِبَةِ أَوْ الْبَيْعِ فَيَثْبُتُ حَقُّ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَتَنْدَفِعُ مُدَافَعَاتُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِدَفْعِ الْخُصُومَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ لَوْ ادَّعَى الصَّبِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَائِلًا: إنَّ وَصِيِّي قَدْ بَاعَك هَذِهِ الدَّارَ وَسَلَّمَهَا لَك بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْوَصِيَّ قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ الْمُثْبَتِ فَدَفَعَ الْمُدَّعِي دَفْعَهُ قَائِلًا: إنَّ الْوَصِيَّ قَدْ بَاعَ الدَّارَ مَعَ وُجُودِ مَنْقُولَاتٍ تَكْفِي لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ دَيْنًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: نَعَمْ قَدْ أَخَذْت مِنْك تِلْكَ قَرْضًا إلَّا أَنَّنِي قَدْ أَدَّيْتهَا لَك تَمَامًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى دَفْعَهُ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَمَرْتنِي أَنْ أُؤَدِّيَ تِلْكَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى فُلَانٍ وَقَدْ سَلَّمْتهَا بِالتَّمَامِ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَمْرَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ دَفَعَ الدَّفْعَ فَيَأْخُذُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بِالتَّمَامِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْعَقَارِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ ضَبَطَهُ غَصْبًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ قَائِلًا: بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَدَفَعَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ قَائِلًا. بِأَنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مِلْكِي وَأَنْ لَا عَلَاقَةَ لَك بِهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1363) وَشَرْحَهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِك هِيَ مِلْكِي وَقَدْ رَهَنْتهَا وَسَلَّمْتهَا لَك مُقَابِلَ كَذَا دَرَاهِمَ فَخُذْ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَسَلِّمْنِي الدَّارَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْتنِي الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَدَفَعَ الْمُدَّعِي دَفْعَهُ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ ذَلِكَ التَّارِيخِ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكِي وَأَنَّهَا رَهْنٌ فِي يَدِك وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَوْدَعْتُك كَذَا دَرَاهِمَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ فُقِدَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ مِنِّي فَدَفَعَ الْمُدَّعِي دَفْعَهُ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِك وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَشْرُوحَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمَذْكُورَ بِطَرِيقِ دَفْعِ الدَّفْعِ (الْبَهْجَةُ) .

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّك أَبْرَأْت ذِمَّتِي فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ هَذَا فَدَفَعَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ قَائِلًا: وَإِنْ كُنْت أَبْرَأْتُك مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّك لَمْ تَقْبَلْ الْإِبْرَاءَ فَرَدَدْته ثُمَّ أَقْرَرْت بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّك مَدِينٌ لِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّنَانِيرِ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ مِنْهُ (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَدَفَعَ الْمُدَّعِي دَفْعَهُ قَائِلًا: إنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُوَاضَعَةِ وَفَسَّرَ الْمُوَاضَعَةَ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ هَذَا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الدَّفْعَ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِينَارًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَبْرَأْت ذِمَّتِي فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِبْرَاءَ فَدَفَعَ الْمُدَّعِي الدَّفْعَ قَائِلًا: إنَّكَ قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك مَدِينٌ لِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّنَانِيرِ بَعْدَ ادِّعَائِك الْبَرَاءَةَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي قَدْ أَقْرَرْت بَعْد أَنْ أَبْرَأَتْك فَلَا يُقْبَلُ دَفْعُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1563) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ الْمُطَلَّقَةُ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا صَدَاقِي فَدَفَعَ الزَّوْجُ دَعْوَاهَا قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَبْرَأْتِينِي فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الصَّدَاقِ الْمَذْكُورِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ فَادَّعَتْ الزَّوْجَة بِأَنَّ الزَّوْجُ قَدْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لَهَا بِذَلِكَ الصَّدَاقِ وَأَثْبَتَتْ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَتَكُونُ قَدْ دَفَعَتْ دَعْوَى زَوْجِهَا وَتَأْخُذُ صَدَاقَهَا مِنْهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1840) وَنَذْكُرُ هُنَا بَعْضَ تِلْكَ الْمَسَائِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى مَالٍ فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمُوَرِّثِهِ وَأَنَّهُ أَصْبَحَ مَوْرُوثًا لَهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ فَإِذَا دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّنِي كُنْت اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ مُوَرِّثِك وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَالِ مِنْ الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1758) (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةً وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَأَخَذَ الْمُدَّعَى بِهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّنِي اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ زَيْدِ قَبْلَ سَنَتَيْنِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ ذَلِكَ الْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1760) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنَّك قَدْ وَكَّلْت فُلَانًا بِقَبْضِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ تَمَامًا

لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي التَّوْكِيلَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَدَفَعَ الْمَبْلَغَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ ثُمَّ أَثْبَتَ التَّوْكِيلَ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدَّعِي (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِينَارًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْت ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعَاهُ هَذَا فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَأَخَذَ الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا أَخَذَهُ الْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى عَلَى آخَرَ قَائِلِينَ: إنَّ لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّتِك حَقًّا كَذَا دِينَارًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْوَرَثَةُ مُدَّعَاهُمْ وَأَخَذُوا الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُمْ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ بِيَدِ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَدَّاهُ لَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ مَا دَفَعَهُ لِلْوَرَثَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْكَرْمِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: أَنَّهُ مِلْكِي فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ بِعْتنِي هَذَا الْكَرْمَ وَقَبَضْت الثَّمَنَ مِنِّي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَلَمْ يُثْبِتْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَخَذَ الْكَرْمَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّعَاهُ يَسْتَرِدُّ الْكَرْمَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) حَتَّى إنَّهُ إذَا حَكَمَ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَبَاعَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ الْكَرْمَ لِآخَرَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ فَإِذَا دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ أَعْلَاهُ تُقْبَلُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ الْحَقَّ الْمَطْلُوبَ لِلْمُدَّعِي مِنْ ذِمَّةِ آخَرَ فَتُوُفِّيَ الْمَكْفُولُ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ الْكَفِيلِ فَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالْكَفَالَةِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَحُكِمَ لِلْمُدَّعِي بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْد أَنْ أَدَّاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى الْكَفِيلُ قَائِلًا: إنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّك قَدْ أَخَذْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمَكْفُولِ فِي حَيَاتِهِ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ هَذَا فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِينَارًا مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا لِلْمُدَّعِي. إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك أَوْ أَنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّ شُهُودَك كَاذِبُونَ أَوْ أَنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّهُ لَيْسَ لَك عِنْدِي أَيُّ حَقٍّ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ الْمَشْرُوحَ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ فَلَا يَكُونُ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحًا. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ الْمُدَّعَى بِهَا وَأَرَادَ إثْبَاتَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَ قَاعِدَةً لِلْمَسَائِلِ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلِلْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُقْبَلُ فِيهَا الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ. الْمَسَائِلُ غَيْرُ الْمَعْدُودَةِ مِنْ الدَّفْعِ الْمَشْرُوعِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِمُوَرِّثِي وَقَدْ أَصْبَحَ لِي بِوَفَاتِهِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ مِلْكًا لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ اشْتَرَيْته مِنْهُ فَلَا يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةَ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ ذِي الْيَدِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي حَيْثُ قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَتَّى إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا فِي إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ فَهَذَا الدَّفْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ وَقَعَ طَوْعًا وَالْإِقْرَارُ وَقَعَ كُرْهًا وَإِقْرَارُ الْبَيْعِ كُرْهًا لَا يَحِلُّ الْبَيْعُ الَّذِي وَقَعَ طَوْعًا. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِكْرَاهَ فِي الْبَيْعِ وَالْإِكْرَاهَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ كَانَ الدَّفْعُ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ فَجَاءَ الْأَصِيلُ وَادَّعَى فِي مَقَامِ الدَّفْعِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَا يَلْزَمُنِي حَيْثُ كُنْت مُكْرَهًا فِي الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَفَلَ الْكَفِيلُ دَيْنَ آخَرَ فَطَالَبَهُ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ فَادَّعَى الْكَفِيلُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَطْلُبُهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمَدِينِ الْأَصِيلِ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ بِذَلِكَ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلْكَفَالَةِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ بِأَنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يَطْلُبُهُ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْكَفِيلُ إثْبَاتَ هَذَا الْإِقْرَارِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الدَّائِنُ الْيَمِينَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (643) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمَكْفُولُ لَهُ بِذَلِكَ أَوْ صَدَّقَهُ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَدِينِ فَأَرَادَ الْمَدِينُ (يَعْنِي الْمَكْفُولَ عَنْهُ) فِي غِيَابِ الدَّائِنِ إثْبَاتَ أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ مَيْسِرٌ أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنُ مَيْتَةٍ فِي مُوَاجَهَةِ الْكَفِيلِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَيُقَالُ لَهُ تُخَاصِمُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ مَعَ الدَّائِنِ؛ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ حَضَرَ الدَّائِنُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلُ شَيْئًا مِنْ الْمَدِينِ وَأَقَرَّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ هُوَ ثَمَنُ خَمْرٍ أَوْ مَيْسِرٍ أَوْ مَيْتَةٍ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (643) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَخَذَ مِنِّي مَالِي الْفُلَانِيَّ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ شَخْصًا آخَرَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَطَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ نَعَمْ إنَّ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ مِنِّي ثُمَّ أَعَادَهُ لِي ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي هَذَا الْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مَالًا وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ لِلْمُدَّعِي أَوْ عَقَدَ الصُّلْحَ

(المادة 1632) إذا أثبت من دفع الدعوى

مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى الدَّعْوَى فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلَ قَبْضِ الْمَالِ أَوْ قَبْلَ الصُّلْحِ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَهُ لَا يُقْبَلُ وَيَبْقَى الْقَضَاءُ وَالصُّلْحُ عَلَى حَالِهِ. أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَ الصُّلْحِ فَيَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَالصُّلْحُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي فَتُرَدُّ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ تَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى مَالِ آخَرَ فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءَ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَكُونُ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ فِدَاءً لِلْيَمِينِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الصُّلْحِ ادَّعَى الْقَضَاءَ وَالْإِبْرَاءَ لَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعِيَ فَلَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ فِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي شِرَاءٌ مِنْ فُلَانٍ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَحَيْثُ إنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُثْبِتَةٌ لِلشِّرَاءِ الْمُقَدَّمِ تَارِيخًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْخَارِجَ الدَّفْعَ قَائِلًا لِلْمُدَّعِي: إنَّ دَعْوَاك بَاطِلَةٌ. لِأَنِّي فِي التَّارِيخِ الَّذِي ذَكَرْته بِأَنَّك اشْتَرَيْت فِيهِ الْمَالَ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مَرْهُونًا عِنْدَ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ اشْتِرَاءَك وَأَنَّ اشْتِرَائِي قَدْ وَقَعَ بَعْدَ فَكِّ الرَّهْنِ فَهُوَ صَحِيحٌ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ هَذَا (التَّكْمِلَةُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا مَالًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك أَبْرَأْتنِي فَدَفَعَ الدَّفْعَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ إقْرَارِي بِالْإِبْرَاءِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِي فَلَا يَكُونُ دَفْعًا أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِي بَعْدَ ادِّعَائِك بِإِقْرَارِي بِالْبَرَاءَةِ يَقْبَلُ الدَّفْعَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 1632) إذَا أَثْبَتَ مَنْ دَفَعَ الدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (1632) - (إذَا أَثْبَتَ مَنْ دَفَعَ الدَّعْوَى، تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْأَصْلِيُّ بِطَلَبِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي تَعُودُ دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةُ) . يُصْبِحُ فِي دَفْعِ الدَّعْوَى الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعِيًا (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ مَنْ دَفَعَ الدَّعْوَى دَفْعَهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي أَوْ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا دَيْنًا وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي أَوْفَيْت ذَلِكَ الدَّيْنَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى لِلْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أَدَّى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ دَفْعُ الدَّعْوَى (الْهِنْدِيَّةُ) . وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ يَثْبُتُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِإِقْرَارِ الشَّخْصِ الْآخَرِ أَيْضًا. مَثَلًا: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدِينِهِ أَدِّ مَا لِي عَلَيْك لِأَخِي زَيْدٍ وَأَقَرَّ بِهَذَا الْأَمْرِ فَادَّعَى بِأَنَّ الْمَدِينَ لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ لِأَخِيهِ وَطَلَبَ الْحُكْمَ لَهُ بِذَلِكَ

فَادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الْمَبْلَغَ لِأَخِيهِ وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَبَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَحُكْمِ الْقَاضِي بِالدَّعْوَى جَاءَ زَيْدٌ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بِالتَّمَامِ مِنْ الْمَدِينِ فَيَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ تَصْدِيقَ زَيْدٍ الْمَأْذُونَ بِالْقَبْضِ كَتَصْدِيقِ نَفْسِ الْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ وَزِيَادَةٍ) . فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ الدَّفْعُ - (أَوَّلًا) بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي (ثَانِيًا) بِالْبَيِّنَةِ (ثَالِثًا) بِنُكُولِ الْمُدَّعِي (رَابِعًا) بِإِقْرَارِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ. وَإِنْ عَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إثْبَاتِ الدَّفْعِ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْأَصْلِيُّ بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّفْعِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تَكُونُ مُوَافِقَةً لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَضَمَّنَةِ بِ (أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْت لَك ذَلِكَ فَيَسْأَلُ حِينَئِذٍ الْمُدَّعِيَ هَلْ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّى لَك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ. وَالْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ يُنْكِرَ فَإِذَا أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَاءَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمَنْعِ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى الْمَشْرُوحَةِ آنِفًا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْإِبْرَاءَ وَعَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُبْرِئْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ حَيْثُ إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَفِي حَالَةِ إنْكَارِهِ يَحْلِفُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي بَابِ الْقَاضِي وَالْبَحْرُ) وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَمْنَعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1820) . وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي تَعُودُ دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ فِي أَصْلِ الدَّعْوَى احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَثْبُتَ دَعْوَى الْمُدَّعِي نَظَرًا لِكَوْنِ دَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يُحْكَمُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الْآنِفِ الذِّكْرِ حَيْثُ إنَّ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ إقْرَارٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَدَاءَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْأَدَاءِ يُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِكَذَا دَرَاهِمَ مِنْ جِهَةِ كَذَا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعَهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يُحَلِّفُهُ. فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ يَثْبُتُ دَفْعُهُ وَيَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ، وَإِذَا حَلَفَ يَحْكُمُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى حَيْثُ تَكُونُ قَدْ ثَبَتَتْ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِذَلِكَ الْمَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1582) . (النَّتِيجَةُ) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا تَكُونَ الدَّعْوَى الْأَصْلِيَّةُ ثَابِتَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي

(المادة 1633) إذا ادعى أحد على آخر دينا كذا دراهم بهذا المبلغ على فلان

مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ كَذَا دِينَارًا دَيْنًا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّك أَبْرَأْتنِي مِنْ دَعْوَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إثْبَاتَ الْإِبْرَاءِ فَكُلِّفَ الْمُدَّعِي لِحَلْفِ الْيَمِينِ فَنَكَلَ فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي لَيْسَ لَك حَقٌّ وَإِذَا حَلَفَ تَعُودُ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْأَصْلِيَّةُ وَتُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ لَهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ دَعْوَى الْمَالِ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْمَالِ (الْفَيْضِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ فِي الدُّفُوعِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ بِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَهُ. إذَا كَانَ الدَّفْعُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَشْرُوعًا وَلَمْ يَسْتَطِعْ إثْبَاتَهُ فِي الْحَالِ وَطَلَبَ إمْهَالَهُ مُدَّةً لِلْإِثْبَاتِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُهُ إحْضَارُ شُهُودِهِ عَلَى الدَّفْعِ فِي ظَرْفِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُمْهَلُ. أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ جَلْبَ شُهُودِهِ فِي ظَرْفِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَطَلَبَ إمْهَالَ مُدَّةٍ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُمْهَلُ بِدُونِ رِضَاءِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْوِيقُ الْحَقِّ الثَّابِتِ مُدَّةً طَوِيلَةً، إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي بِالطَّلَبِ عَلَى أَنْ تُسْمَعَ بَيِّنَةُ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (184) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (الْخَانِيَّةُ) . وَالْحُكْمُ فِي دَفْعِ الدَّفْعِ يُعْلَمُ قِيَاسًا عَلَى هَذَا مَثَلًا كَمَا بُيِّنَ فِي مَسَائِلِ دَفْعِ الدَّفْعِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ ذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي إقَالَةَ الْبَيْعِ يَنْدَفِعُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَفْعَ الدَّفْعِ يَحْلِفُ بِطَلَبِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّافِعَ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ دَفْعُ دَفْعِ الْمُدَّعِي وَإِذَا حَلَفَ يَعُودُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 1633) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا كَذَا دَرَاهِمَ بِهَذَا الْمَبْلَغِ عَلَى فُلَانٍ] الْمَادَّةُ (1633) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا كَذَا دَرَاهِمَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: أَنَا كُنْت قَدْ حَوَّلْتُك بِهَذَا الْمَبْلَغِ عَلَى فُلَانٍ وَقَدْ قَبِلَ كُلٌّ مِنْكُمَا الْحَوَالَةَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فِي حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعِي وَخَلَصَ مِنْ مُطَالَبَتِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعِي مَوْقُوفًا إلَى حُضُورِهِ) . إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ طَلَبًا كَذَا دَرَاهِمَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: أَنَا كُنْت قَدْ حَوَّلْتُك بِهَذَا الْمَبْلَغِ عَلَى فُلَانٍ وَقَدْ قَبِلَ كُلٌّ مِنْكُمَا الْحَوَالَةَ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادِّعَاءَهُ هَذَا فِي حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَخَلَصَ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (690) ، وَشَرْطُ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ هُوَ لِكَوْنِهِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا نَائِبٍ وَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ الْمُدَّعَى مَوْقُوفًا عَلَى حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْإِثْبَاتُ لَمْ يَكُنْ لِلْخَلَاصِ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بَلْ هُوَ لِتَوْقِيفِ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِحِينِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَاسْتَطَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ الْحَوَالَةِ مَرَّةً أُخْرَى يَخْلُصُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مُطَالَبَةِ الْمُدَّعِي بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى (النَّتِيجَةُ) .

الفصل الثالث في بيان من كان خصما ومن لم يكن

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَنْ كَانَ خَصْمًا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ] ْ إنَّ مَسْأَلَةَ الْخُصُومَةِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَيُبَيَّنُ أَفْرَادُ كُلِّ قِسْمٍ إجْمَالًا كَمَا يَلِي: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْخَصْمُ الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ الْخَصْمُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ حُضُورَ آخَرَ وَهُوَ: (أَوَّلًا) مَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِ حُكْمٌ فَهُوَ خَصْمٌ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ (ثَانِيًا) الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ هُوَ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الْعَيْنِ (ثَالِثًا) يَكُونُ الْمُشْتَرِي الْقَابِضُ الْمَبِيعَ خَصْمًا لِلْمُسْتَحِقِّ (رَابِعًا) يَكُونُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تَكُونُ لِلْمُتَوَفَّى وَعَلَى الْمُتَوَفَّى (خَامِسًا) يَكُونُ أَحَدُ الْعَامَّةِ خَصْمًا فِي دَعَاوَى الْمَحِلَّاتِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا لِلْعُمُومِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ. (سَادِسًا) فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تَتَكَوَّنُ بَيْنَ أَهَالِي الْقَرْيَتَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُونَ قَوْمًا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَدَعْوَى النَّهْرِ وَالْمَرْعَى الْمُشْتَرَكَةِ مَنَافِعُهُمَا يَكُونُ بَعْضُ الطَّرَفَيْنِ خَصْمًا وَلِذَلِكَ فَحُضُورُ بَعْضِ الطَّرَفَيْنِ كَافٍ (سَابِعًا) فِي دَعْوَى الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْإِرْثِ يَكُونُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْخَصْمُ الَّذِي يَكُونُ خَصْمًا بِحُضُورِ آخَرَ. (أَوَّلًا) الْمَسَائِلُ الْمُخَمَّسَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1637) (ثَانِيًا) إذَا ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَيْرِ الْقَابِضِ يَلْزَمُ حُضُورُ الْبَائِعِ (ثَالِثًا) إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ لِلْمُشْتَرِي فَالْخَصْمُ لِلشَّفِيعِ الْبَائِعِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي حِينَ الْمُحَاكَمَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1531) (رَابِعًا) إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَتْ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ هَذَا قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ ذَلِكَ الْغَائِبِ وَقَبَضَهَا وَإِنَّنِي شَفِيعٌ وَأَطْلُبُهَا بِالشُّفْعَةِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مَالِي وَلَمْ أَشْتَرِهَا مِنْ أَحَدٍ فَيَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ حُضُورُ ذَلِكَ الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ - مَنْ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا مُطْلَقًا وَهُمْ (أَوَّلًا) لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ الشَّخْصُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَاضِعًا الْيَدَ عَلَيْهَا. (ثَانِيًا) الْوَدِيعُ لِلْمُشْتَرِي (ثَالِثًا) الْوَدِيعُ لِدَائِنِ الْمُودِعِ (رَابِعًا) مَدِينُ الْمَدِينِ لِلدَّائِنِ (خَامِسًا) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي (سَادِسًا) الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُسْتَأْجَرِ (سَابِعًا) الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُرْتَهِنِ (ثَامِنًا) الْوَكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ لِلْمُسْتَقْرِضِ (تَاسِعًا) لِلدَّائِنِ دَائِنٌ آخَرُ (عَاشِرًا) لَا يَكُونُ الشَّرِيكُ فِي عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ بِسَبَبِ مِلْكٍ غَيْرِ الْإِرْثِ خَصْمًا لِلْمُدَّعَى عَنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ (حَادِيَ عَشَرَ) فِي دَعْوَى النَّهْرِ وَالْمَرْعَى الْمُشْتَرَكَةِ مَنَافِعُهُمَا بَيْنَ أَهْلِ قَرْيَتَيْنِ لَا يَكُونُ بَعْضُ الْأَهَالِي خَصْمًا إذَا كَانَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ قَوْمًا مَحْصُورِينَ وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:.

(المادة 1634) إذا ادعى أحد شيئا وكان يترتب على إقرار المدعى عليه حكم

[ (الْمَادَّةُ 1634) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكْمٌ] الْمَادَّةُ (1634) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُكْمٌ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِذَا كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا بِإِنْكَارِهِ. مَثَلًا إذَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الْحِرَفِ وَادَّعَى عَلَى أَحَدٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ رَسُولَك فُلَانًا أَخَذَ مِنِّي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فَأَعْطِنِي ثَمَنَهُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي إذَا أَنْكَرَ حَيْثُ يَكُونُ مَجْبُورًا بِدَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ إذَا أَقَرَّ وَتُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ إنَّ وَكِيلَك بِالشِّرَاءِ اشْتَرَى فَبِإِنْكَارِهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي حَيْثُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ مَجْبُورًا بِدَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَالْوَلِيُّ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي مُسْتَثْنَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ عَلَى مَالِ الْوَقْفِ قَائِلًا: بِأَنَّهُ مَالِي فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُتَوَلِّي حُكْمٌ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُمْ وَأَمَّا إنْكَارُهُمْ فَصَحِيحٌ وَتُسْمَعُ عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الدَّعْوَى عَلَى عَقْدٍ صَادِرٍ مِنْهُ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِنَاءً عَلَى مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ وَوَقَعَتْ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ) . فِي الْخَصْمِ ضَابِطَانِ: الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ شَيْئًا وَكَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِ حُكْمٌ إذَا أَقَرَّ يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. الضَّابِطُ الثَّانِي - وَإِذَا كَانَ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَنَّهُ فِي حَالَةِ إقْرَارِهِ لَا يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَبِإِنْكَارِهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الْخَصْمِ الْمُنْكِرِ فَقَطْ (الْبَهْجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى الضَّابِطِ الْأَوَّلِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَتَى أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ الْحِرَفِ وَادَّعَى عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ رَسُولَك فُلَانًا أَخَذَ مِنِّي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطِنِي ثَمَنَهُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي إذَا أَنْكَرَ حَيْثُ يَكُونُ مَجْبُورًا بِدَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ إذَا أَقَرَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1462) وَتُسْمَعُ فِي تِلْكَ الْحَالِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ مَدِينَيَّ فُلَانًا قَدْ أَعْطَاك كَذَا دَرَاهِمَ لِتُسَلِّمَهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ يَأْخُذُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (النَّتِيجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ رَسُولَك فُلَانًا قَدْ اسْتَأْجَرَ مِنِّي هَذِهِ

الدُّكَّانَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَأَدِّ لِي بَدَلَ الْإِجَارِ فَحَيْثُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يَكُونُ مَجْبُورًا بِدَفْعِ وَتَسْلِيمِ الْإِيجَارِ لِلْمُدَّعِي فَفِي حَالَةِ إنْكَارِهِ يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَفِي تِلْكَ الْحَالِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1642) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي كَفَلْتُك بِأَمْرِك بِالدَّيْنِ الَّذِي أَنْتَ مَدِينٌ بِهِ إلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ دَفَعْت حَسَبَ الْكَفَالَةِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ فَاضْمَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَاءَ الْكَفِيلِ لِلدَّيْنِ فَلِلْكَفِيلِ إثْبَاتُ التَّأْدِيَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْت كَذَا دِينَارًا بِأَمْرِك إلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَأَعْطِنِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنْكَرَ أَمْرَهُ لِلْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ أَدَاءَ الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي هَذِهِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ يَأْخُذُ الْمُدَّعَى بِهِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ وَكِيلِي بِالْبَيْعِ أَوْ وَصِيِّي حِينَمَا كُنْت صَغِيرًا قَدْ بَاعَك مَالِي الْفُلَانِيَّ وَقَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ مِنْك فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ فَدَعْوَاهُ صَحِيحَةٌ عَلَى قَوْلٍ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1460) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ إذَا بَاعَ أَحَدٌ دَارًا لِآخَرَ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلْمُشْتَرِي غَصَبَهَا غَاصِبٌ مِنْ الْبَائِعِ فَإِذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ قَدْ أَدَّى لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَالْخَصْمُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَالْبَائِعُ (الْخَانِيَّةُ) . الضَّابِطُ الثَّانِي: الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ وَكِيلَك بِالشِّرَاءِ اشْتَرَى مَالِي الْفُلَانِيَّ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ فَادْفَعْ لِي الثَّمَنَ فَحَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشِرَاءِ وَكِيلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ مَجْبُورًا بِدَفْعِ وَتَسْلِيمِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُدَّعِي حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1641) فَفِي حَالَةِ إنْكَارِهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَلَا تُسْمَعُ فِي تِلْكَ الْحَالِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الْغَائِبَ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ مِنْك بِالْوَكَالَةِ عَنِّي لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ عِنْدَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) . أَمَّا لَوْ ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَكِيلِك بِالْبَيْعِ أَوْ اشْتَرَيْته مِنْ وَصِيِّك فُلَانٍ حَالَ صِغَرِك وَذَكَرَ اسْمَ الْوَصِيِّ وَنَسَبَهُ تُقْبَلُ الدَّعْوَى (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا ادَّعَى عَلَى الْفَرَسِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا. إنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ شَرِيكٌ لِي بِشَرِكَةِ الْعِنَانِ فِي هَذِهِ الْفَرَسِ وَقَدْ أَخَذَ الْغَائِبُ هَذَا الْمَالَ لِكَوْنِهِ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَأَنَّ نِصْفَهُ لِي وَنِصْفَهُ لَهُ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَائِلًا: إنَّ الْغَائِبَ قَدْ أَمَرَنِي بِأَنْ أَذْهَبَ بِالْفَرَسِ إلَى الْبَلْدَةِ

الْفُلَانِيَّةِ وَإِنَّنِي ذَاهِبٌ بِهَا إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَمْنَعَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مَالِي قَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ) . تَقْسِيمَاتٌ - تُقَسَّمُ مَسْأَلَةُ الْخُصُومَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَلَى أَحَدِ الِاعْتِبَارَاتِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ كَمَا أَنَّهَا تُقَسَّمُ إلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ عَلَى اعْتِبَارٍ آخَرَ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ آنِفًا - مَثَلًا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ خَصْمًا لِلشَّخْصِ الْآخَرِ فِي الدَّعْوَى وَفِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَفِي الِاسْتِحْلَافِ مَعًا. الْقِسْمُ الثَّانِي - خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَالْيَمِينِ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ فَرَسًا وَأَقَرَّ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ تِلْكَ الْفَرَسَ بِأَنَّ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ لِفُلَانٍ وَسَلَّمَ الْفَرَسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ فِي مُوَاجَهَةِ الْآخَرِ بِأَنَّ الْفَرَسَ هِيَ لِلْمُقِرِّ لَهُ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَى أَنَّ الْفَرَسَ لَمْ تَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا نَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِرَدِّ وَإِعَادَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَفِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي الْيَمِينِ. مَثَلًا: إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ رَدَّ وَإِعَادَةَ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ رَضِيَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ وَأَرَادَ إثْبَاتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِرِضَاءِ مُوَكِّلِهِ بِالْعَيْبِ. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ شَيْئًا بِالْوَكَالَةِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ لِمُوَكِّلِهِ الْآمِرِ أَرَادَ الْمُوَكِّلُ رَدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُوَكِّلِ أَنَّك رَضِيت بِالْعَيْبِ فَأَنْكَرَ فَلَا يَحْلِفُ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالرِّضَاءِ فَيَسْقُطُ حَقُّ رَدِّهِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ فَأَثْبَتَ الْمَدِينُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ أَبْرَأَهُ يُقْبَلُ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ. كَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ يُقْبَلُ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْمَدِينَ لَا يَبْرَأُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ مِنْ الدَّيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّائِنِ، إذْ لِلدَّائِنِ طَلَبُ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْإِبْرَاءَ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِالْوَكَالَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ سَلَّمَهُ الشُّفْعَةَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ فَلَا يَحْلِفُ؛ كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ بِطَلَبِ

الدَّيْنِ وَالدَّعْوَى بِهِ الدَّيْنُ مِنْ الْمَدِينِ بِالْوَكَالَةِ فَإِذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ سَلَّمَ الدَّيْنَ لِلْمُوَكِّلِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّنِي وَصِيُّ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى فَإِذَا أَثْبَتَ فَبِهَا وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنِّي وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ لِلْمُخَاصَمَةِ وَالْمُرَافَعَةِ مَعَك فَلَهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (742) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ - خَصْمٌ فِي حَالَةِ إقْرَارِهِ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ، مَثَلًا: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِآخَرَ وَغَابَ وَأَرَادَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَإِذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِأَنَّ الْوَاقِعَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي فَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الْفَرَسِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَيَكُونُ خَصْمًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. أَمَّا إذَا كَذَّبَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ أَوْ قَالَ بِأَنَّنِي لَا أَعْرِفُ هَلْ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صَحِيحٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ حَاضِرًا (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (277) . الْقِسْمُ الْخَامِسُ - خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَفِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي الْإِقْرَارِ وَالْيَمِينِ وَيُبَيَّنُ هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْوَلِيَّ وَالْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّي مُسْتَثْنَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ مَالَ الْوَقْفِ مِلْكُهُ فَحَيْثُ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُمْ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى إقْرَارِهِمْ حُكْمٌ مَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) كَمَا أَنَّهُ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِمْ لَا يَحْلِفُونَ الْيَمِينَ. أَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَإِقْرَارُهُ فِي حِصَّتِهِ جَائِزٌ وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ عِنْدَ الْإِنْكَارِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَقَارِ الْوَقْفِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكُهُ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُتَوَلِّي بِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا يَحْكُمُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ حَيْثُ إنَّ إقْرَارَ الْمُتَوَلِّي لَا يَنْفُذُ عَلَى الْوَقْفِ. كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْمُتَصَرِّفِ بِعَقَارٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ فِي أَمْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَقَبَةِ الْعَقَارِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَقَارِ الْوَقْفِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ آخَرُ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي فَإِذَا أَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي وَقْفًا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إثْبَاتَ دَعْوَاهُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُتَوَلِّي الْيَمِينَ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفِ نُقُودٍ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك مَدِينٌ لِلْوَقْفِ بِكَذَا مَبْلَغًا حَيْثُ قَدْ أَدَانَك ذَلِكَ سَلَفِي الْمُتَوَلِّي وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي قَدْ أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِسَلَفِك الْمُتَوَلِّي زَمَنَ تَوْلِيَتِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ دَفْعَهُ هَذَا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُتَوَلِّي الْحَالِيِّ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ بِالْقَبْضِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْيَمِينَ حَيْثُ لَمْ تَبْقَ صِفَةٌ لَهُ. كَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ كَذَا مَبْلَغًا ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا قَائِلًا: بِأَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِلْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَإِنَّنِي قَدْ أَقْرَرْت كَاذِبًا فَلَا يَحْلِفُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ كَاذِبٍ فِي إقْرَارِهِ.

الْقِسْمُ السَّادِسُ - خَصْمٌ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي الْإِقْرَارِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا دِينَارًا وَهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ وَكِيلُ الْغَائِبِ بِالْخُصُومَةِ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى إنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ دَيْنًا. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ زَيْدٍ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى بِاعْتِبَارِ زَيْدٍ وَصِيًّا عَنْ الْمُتَوَفَّى وَأَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّهُ وَصِيٌّ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا تَجُوزُ خُصُومَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مُبْرِزًا سَنَدًا يَضْمَنُ بِأَنَّ عَمْرًا دَائِنٌ وَبَكْرًا مَدِينٌ وَجَلَبَ بَكْرًا إلَى الْمَحْكَمَةِ وَادَّعَى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ بَكْرٍ قَائِلًا بِأَنَّ عَمْرًا الْغَائِبَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِي وَسَأُثْبِتُ إقْرَارَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَكْرٌ بِأَنَّ الْغَائِبَ مَدِينٌ لِزَيْدٍ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي خَصْمًا وَيَكُونُ قَادِرًا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْغَائِبِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَكُنْ الْغَائِبُ حَاضِرًا (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1590) . أَمَّا إنْكَارُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فَصَحِيحٌ وَتُسْتَمَعُ عَلَيْهِمْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتُهُ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ أَحَدٍ عَلَى عَقْدٍ صَادِرٍ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ الْيَمِينَ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِمْ. أَمَّا عَقْدُ النِّكَاحِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ الْأَبَ بِالْوِلَايَةِ بِنْتَه لِآخَرَ فَفِي الدَّعْوَى الَّتِي تَحْدُثُ عَنْ هَذَا الْعَقْدِ لَا يَحْلِفُ الْأَبُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُزَوِّجْ بِنْتَه سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِنْتُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يَحْلِفُ أَبُ الصَّغِيرَةِ فِي حَقِّ تَزْوِيجِهِ لِبِنْتِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَالْإِيضَاحَاتُ عَلَى ذَلِكَ سَتُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1819) مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ مَثَلًا: لَوْ بَاعَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ كَضَرُورَةِ النَّفَقَةِ أَوْ الدَّيْنِ الْمُثْبَتِ وَوَقَعَتْ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي دَعْوَى كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ مَالُ الصَّبِيِّ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ بَاعَنِي إيَّاهَا أَبُوهُ الْمَحْمُودُ الْحَالُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ كَذَا دَرَاهِمَ فَلْيُسَلِّمْ لِي إيَّاهَا فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ فَإِذَا أَقَرَّ الْوَلِيُّ الْمَذْكُورُ بِالْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُدَّعِي وَإِذَا أَنْكَرَ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1573) . إنَّ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ كَأَبِيهِ وَأَبِ الْأَبِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ الصَّغِيرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَوِّغٌ شَرْعِيٌّ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (365) وَلِذَلِكَ فَتَعْبِيرُ (مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ بِقَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَعْنَى الْوَلِيِّ هَذَا وَإِذَا قُصِدَ مِنْ الْوَلِيِّ هُنَا الشَّخْصُ الَّذِي لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ. كَذَلِكَ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُتَوَلِّي الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ بِعَقْدٍ عَقَدَهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حَقِّ أَحْمَدَ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّتِي هِيَ تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ قَائِلًا: قَدْ أَجَرْتنِي الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَمْ يُثْبِتْ مُدَّعَاهُ فَيَحْلِفُ الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤَجِّرْ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنِّي كَذَا أَشْيَاءَ لِلَوَازِمِ الْوَقْفِ وَقَبَضْتهَا فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي

(المادة 1635) الخصم في دعوى العين

وَلَمْ يُثْبِتْ مُدَّعَاهُ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْمُتَوَلِّي كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى مُسْتَأْجِرِ الْوَقْفِ بِأُجْرَةٍ مُجْتَمِعَةٍ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْأُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ تَمَامًا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ وَلَمْ يُثْبِتْ دَفْعَهُ هَذَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُتَوَلِّي الْيَمِينَ. الْقِسْمُ السَّابِعُ - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا فِي تَسْلِيمِ الْمُدَّعَى فَقَطْ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُؤَاخَذُ بَعْضًا إذَا أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ كَمَا أَنَّهُ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْلِفُ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي يَكُونُ تَسْلِيمُهُ صَحِيحًا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّك اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ وَكِيلِي بِالْبَيْعِ فُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَأَنْكَرَ أَنَّ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ وَكِيلٌ لِلْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي. أَمَّا إذَا سَلَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الثَّمَنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ جَازَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1503) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1635) الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ] الْمَادَّةُ (1635) - (الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ هُوَ ذُو الْيَدِ فَقَطْ مَثَلًا: إذَا غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ الْآخَرِ وَبَاعَهَا لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْفَرَسِ اسْتِرْدَادَهَا فَيَدَّعِيهَا عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ فَقَطْ أَمَّا إذَا أَرَادَ تَضْمِينَ قِيمَتِهَا فَيَدَّعِي ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ) . الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ أَيْ الِادِّعَاءُ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكِي فَأَطْلُبُ اسْتِرْدَادَهَا هُوَ ذُو الْيَدِ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى ذِي الْيَدِ أَوْ عَلَى نَائِبِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ كُلُّ ذِي يَدٍ خَصْمًا لِوَحْدِهِ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1637) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّعْوَى حُكْمٌ مَا وَلَا يَمْنَعُ الْقَاضِي ذَا الْيَدِ مِنْ التَّصَرُّفِ بِنَاءً عَلَى الدَّعْوَى فَقَطْ (الْبَحْرُ) . الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى ذَلِكَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - مَثَلًا إذَا غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ الْآخَرِ وَبَاعَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْفَرَسِ اسْتِرْدَادَهَا فَيَدَّعِي عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ وَلَا يَدَّعِيهَا مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْغَاصِبِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ إجْرَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ تَحْتَ يَدِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ بَعْدَ إقْرَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى عَلَى ذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ وَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ تِلْكَ الْفَرَسَ وَأَخَذَهَا بِالْحُكْمِ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ تِلْكَ الْفَرَسَ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى

(المادة 1636) إذا ظهر مستحق للمال المشترى وادعاه بالاستحقاق

ذِي الْيَدِ (الْبَحْرُ) . أَمَّا دَعْوَى الْفِعْلِ فَتَصِحُّ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ؛ مَثَلًا لَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الضَّمَانِ بِسَبَبِ الْغَصْبِ أَنْ يَكُونَ الْخَصْمُ ذَا الْيَدِ عَلَى الْمَغْصُوبِ (الْبَهْجَةُ) فَعَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ قِيمَةِ الْفَرَسِ بِسَبَبِ اسْتِهْلَاكِ الْغَاصِبِ لِلْمَغْصُوبِ بِبَيْعِهِ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَتَفْوِيتِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقَّ أَخْذِهِ لِلْمَغْصُوبِ لِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ أَنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لِوُجُودِ الشُّرُوطِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (373) . وَأَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَيَدَّعِي ذَلِكَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا بِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْغَاصِبِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ بَلْ كَانَتْ مَثَلًا مَبِيعَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَأَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَهَا (الْبَحْرُ) . وَتَعْبِيرُ (فَرَسٍ) الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْعَقَارِ إذْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَقَارِ هُوَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمُحَرَّرِ. مَثَلًا إذَا بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ حَضَرَ صَاحِبُهُ وَادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ طَلَبَ عَيْنِ الْعَقَارِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ إذْ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا إذَا كَانَ يَدَّعِي الضَّمَانَ بِسَبَبِ الْغَصْبِ فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ حَيْثُ إنَّ الْعَقَارَ يُصْبِحُ مَضْمُونًا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْبَيْعِ الْأَرْبَعَةُ أَوْ الْخَمْسَةُ وَأَرَادَ إجَازَةَ الْبَيْعِ وَأَخْذَ الثَّمَنِ فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1462) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْهِنْدِيَّةُ) . إنَّ التَّفْصِيلَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هِيَ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْفَرَسِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِصَاحِبِهَا إنْ شَاءَ أَنْ يَدَّعِيَهَا مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ يَدَّعِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ فُضُولًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى بِأَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِقِيمَتِهَا فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ دَعْوَاهُ هَذِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبًا وَإِنْ شَاءَ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِاعْتِبَارِهِ غَاصِبَ الْغَاصِبِ وَطَلَبَ تَضْمِينَ قِيمَةِ الْفَرَسِ مِنْهُمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) . [ (الْمَادَّةُ 1636) إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى وَادَّعَاهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ] الْمَادَّةُ (1636) - (إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى وَادَّعَاهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ فَالْخَصْمُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْ بَعْدُ فَحَيْثُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ مَالِكٌ وَالْبَائِعُ ذُو يَدٍ فَيَجِبُ حُضُورُهُمَا حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ) . إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى وَادَّعَاهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ طَالِبًا اسْتِرْدَادَ الْمُشْتَرِي يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا؛ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ سَوَاءٌ كَانَ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَالْخَصْمُ لِلْمُسْتَحِقِّ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَالِكٌ وَذُو يَدٍ مَعًا.

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكًا لِلْغَائِبِ فُلَانٍ وَقَدْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ شَهْرٍ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الدَّارَ هِيَ لِلْغَائِبِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيُنْقَضُ الْبَيْعُ الثَّانِي وَيُحْكَمُ بِالدَّارِ لِلْمُدَّعِي وَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَيُحْفَظُ أَمَانَةً (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى مَالًا وَقَبَضَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى حُضُورُ الْبَائِعِ بَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي هُوَ الْخَصْمَ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (309) وَشَرْحَهَا (الْهِنْدِيَّةُ) . كَوْنُ الْمُشْتَرِي خَصْمًا فَقَطْ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ فِي حَالَةِ ادِّعَاءِ الْمُسْتَحِقِّ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ. أَمَّا إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي تَضْمِينَ بَدَلِ مَالِهِ الَّذِي بَاعَهُ آخَرُ وَسَلَّمَهُ فَلَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى الْبَائِعِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ غَاصِبٌ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَاةُ مَوْجُودَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (الْبَهْجَةُ) . إنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ أَعَمُّ مِنْ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ وَدَعْوَى الْوَقْفِيَّةِ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا لِآخَرَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ وَقْفَ جَدِّي فُلَانٌ وَأَنَّ تَوْلِيَتَهُ وَغَلَّتَهُ مَشْرُوطَةً لِأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَرَادَ إثْبَاتَ الْوَقْفِيَّةِ وَأَخْذَ الْعَقَارِ فَلَيْسَ لَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَتَعْبِيرُ " مُشْتَرِي " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلِذَلِكَ لَوْ اتَّهَبَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ وَطَلَبَ عَيْنَهُ فَالْخَصْمُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَطْ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشِرَاءٍ صَحِيحٍ بَعْدُ فَحَيْثُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ مَالِكٌ وَالْبَائِعُ ذُو يَدٍ وَمُتَصَدٍّ لِإِبْطَالِ حَقِّ كُلٍّ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمُشْتَرِي فَيَجِبُ حُضُورُهُمَا حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يُثْبِتُ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَصَارَ تَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَحَلَفَ الْيَمِينَ يَمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَإِذَا نَكَلَ الِاثْنَانِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يُسَلَّمُ الْمَبِيعُ لِلْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ الْيَمِينَ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ فَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَيُسَلِّمُ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْمُدَّعِي أَمَّا إذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْحَلِفِ فَيَدْفَعُ الْبَائِعُ جَمِيعَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ لِلْمُدَّعِي. مَا لَمْ يُجِزْ الْمُدَّعِي الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةِ) . أَمَّا إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ آخَرُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ بَعْدُ فَالْخَصْمُ هُوَ الْبَائِعُ فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (371) وَإِذَا ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَالِ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا بَاطِلًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْخَصْمُ الْبَائِعُ فَقَطْ وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (370) (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَدَعْوَى الشُّفْعَةِ هِيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ بَعْدُ فَيَلْزَمُ فِي دَعْوَى الشَّفِيعِ حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ) .

(المادة 1637) حضور الوديع والمودع والمستعير والمعير معا عند الدعوى

الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ - هُوَ كَادِّعَاءِ الْمُدَّعِي مِنْ ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَادِّعَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ أُودِعَ عِنْدِي لِفُلَانٍ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ آتِيًا. الِادِّعَاءُ بِالِاسْتِئْجَارِ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِ هَذَا الرَّجُلِ هُوَ وَقْفُ زَيْدٍ. وَقَدْ أَجَرَنِي إيَّاهُ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ وَقْفُ فُلَانٍ الْآخَرِ وَقَدْ اسْتَأْجَرْته مِنْ فُلَانٍ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ الْآخَرِ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ مُتَوَلِّي الْوَقْفَيْنِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . الِادِّعَاءُ بِالْوَقْفِ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ تَوْلِيَةَ الْوَقْفِ الْفُلَانِيَّ مَشْرُوطَةٌ لِي وَهِيَ وَقْفٌ لِذَلِكَ الْوَقْفِ وَادَّعَى الْآخَرُ: أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ أَرْهَنَنِي هَذِهِ الدَّارَ وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا فَيَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الِادِّعَاءُ بِالتَّصَرُّفِ - إذَا أَجَرَ زَيْدٌ عَرْصَةَ وَقْفٍ إلَى عَمْرٍو بِالْإِجَارَتَيْنِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو فِي الْعَرْصَةِ الْمَذْكُورَةِ فَادَّعَى بَكْرٌ فِي غِيَابِ عَمْرٍو عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ قَائِلًا: إنَّ تِلْكَ الْعَرْصَةَ فِي تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 1637) حُضُورُ الْوَدِيعِ وَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ مَعًا عِنْدَ الدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (1637) - (يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْوَدِيعِ وَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ مَعًا عِنْدَ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمَأْجُورِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَلَكِنْ إذَا غُصِبَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمَأْجُورُ أَوْ الْمَرْهُونُ فَلِلْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ فَقَطْ أَنْ يَدَّعِيَ بِأُولَئِكَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَلْزَمُ حُضُورُ الْمَالِكِ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَدَّعِيَ وَحْدَهُ بِأُولَئِكَ مَا لَمْ يَحْضُرْ هَؤُلَاءِ) . يُشْتَرَطُ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حُضُورُ الْوَدِيعِ وَالْمُودِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالرَّاهِنِ وَالْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعًا عِنْدَ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ أَوْ الِاسْتِئْجَارِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ التَّصَرُّفِ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَدِيعِ أَيْ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَالْمَأْجُورِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا ذَا الْيَدِ وَالْآخَرِ مَالِكًا وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى بِحُضُورِ وَاضِعِ الْيَدِ فَقَطْ كَالْمُسْتَوْدِعِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ يَدَ هَؤُلَاءِ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ بَلْ هِيَ يَدُ أَمَانَةٍ أَوْ هِيَ يَدٌ مَضْمُونَةٌ وَالْمِلْكُ لِآخَرَ (الْبَحْرُ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْمُسْتَعَارُ وَغَيْرُهُمَا عَقَارًا أَوْ كَانَ مَنْقُولًا فَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْحُكْمِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةً فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَذْكُورِ، مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لِي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ نِصْفَهَا لِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ وَهِيَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَالْخُصُومَةُ تَنْدَفِعُ فِي التَّكْمِيلِ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ مُتَعَذَّرٌ (الْبَحْرُ وَالْخَانِيَّةُ) .

الْمَسَائِلُ الْمُخَمَّسَةُ: إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ ذَكَرَتْ أَرْبَعَ مَسَائِلَ وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ مَسْأَلَةً وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ. وَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِالْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ مَبْنِيٌّ لِوُجُودِ خَمْسِ صُوَرٍ لَهَا بِاعْتِبَارِ الْأُصُولِ، وَهِيَ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْإِجَارَةُ وَالرَّهْنُ وَالْغَصْبُ وَالْأُمُورُ السِّتَّةُ الْآتِيَةُ الذِّكْرِ رَاجِعَةٌ لِلْأُصُولِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ: 1 - أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَنِي بِحِفْظِهِ. 2 - إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ قَدْ أَسْكَنَنِي بِهِ، فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ تَرْجِعَانِ إلَى الْأَمَانَةِ. 3 - أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ سَرَقْته مِنْهُ. 4 - أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ أَخَذْته مِنْهُ، فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ دَاخِلَتَانِ فِي الْغَصْبِ. 5 - أَنْ يَقُولَ إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ أَضَاعَهُ وَالْتَقَطْته فَإِذَا كَانَ حِينَ الْأَخْذِ أَشْهَدَ وَرَاعَى شَرَائِطَ اللُّقَطَةِ فَتَكُونُ أَمَانَةً وَإِلَّا تَرْجِعُ إلَى الْغَصْبِ (الْبَحْر) . 6 - أَنْ يَقُولَ إنَّ الْأَرْضَ الْمُدَّعَى بِهَا هِيَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهِيَ فِي يَدِي مُزَارَعَةً مِنْ قِبَلِهِ، وَهَذِهِ تَلْتَحِقُ بِالْإِجَارَةِ الْوَدِيعَةِ (الْبَحْرُ) فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ آخَرَ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ وَعَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبِذَارُ مِنْهُ فَيَكُونَ كَالْمُسْتَأْجِرِ فَإِذَا ظَهَرَ مُدَّعٍ وَادَّعَى بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَالِكِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبِذَارُ مِنْهُ فَيَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ نَابِتًا فَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِذَا لَمْ يَنْبُتْ فَلَا يُشْتَرَطُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا مَالُ الْمُضَارَبَةِ فَإِذَا ادَّعَى بِاسْتِحْقَاقِهِ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَالْمُضَارِبُ خَصْمٌ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ رَبِّ الْمَالِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ رَبِّ الْمَالِ فِي الدَّعْوَى بِهِ، وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . تَوْضِيحُ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ لِي. فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يَدُ وَدِيعَةٍ. أَوْ يَدُ عَارِيَّةٍ أَوْ يَدُ اسْتِئْجَارٍ أَوْ يَدُ ارْتِهَانٍ أَوْ يَدُ غَصْبٍ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَخَاصَمَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ بَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَالِكِ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُتَشَبِّثٌ لِإِزَالَةِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُتَصَدٍّ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الْمُودِعِ. وَلِذَلِكَ فَأَثْنَاهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِمَا. وَيَجِبُ حِينَ الدَّعْوَى حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1618) . وَهَذَا الثُّبُوتُ (أَوَّلًا) يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَالِي فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ قَدْ أَوْدَعَنِي إيَّاهُ أَوْ رَهَنَهُ لِي أَوْ أَجَرَنِي إيَّاهُ أَوْ إنَّنِي غَصَبْته وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. وَيَقْتَضِي تَأْخِيرَ الدَّعْوَى لِحُضُورِ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَثْبَتَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ: (أَوَّلًا) : إنَّ الْمِلْكَ هُوَ لِلْغَائِبِ وَهَذَا الْإِثْبَاتُ مَقْبُولَةٌ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمٌ يُثْبِتُ ذَلِكَ. (ثَانِيًا) : قَدْ أَثْبَتَ دَفْعَ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَهَذِهِ الْجِهَةُ مَقْبُولَةٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ وَدِيعَةٌ مَثَلًا بَلْ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمَالَ لِلْغَائِبِ فَقَطْ فَلَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ الْمِلْكَ مِلْكُ الْغَائِبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الدَّعْوَى) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَالَةٌ مِنْ الْغَائِبِ لِإِثْبَاتِ مِلْكِيَّةِ الْغَائِبِ. فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَانْدَفَعَتْ خُصُومَتُهُ ثُمَّ حَضَرَ الْمُودِعُ الْغَائِبُ وَرَدَّ الْمُسْتَوْدِعُ الْوَدِيعَةَ لَهُ وَادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُودِعِ وَأَعَادَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى الْمُودِعُ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ وَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. (الْهِنْدِيَّةُ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُؤَخَّرُ هَذِهِ الدَّعْوَى إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ الْآخَرِ. ثَانِيًا: يَكُونُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي غَصَبْت هَذَا الْمَالَ أَوْ سَرَقْته مِنْ فُلَانٍ وَالْغَائِبِ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الدُّرَرُ وَالْغُرَرُ) . ثَالِثًا: يَثْبُتُ بِتَصْدِيقِ الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ وَهُوَ فِي يَدِي أَمَانَةٌ وَحَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي عَنْ ذِي الْيَدِ وَتَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ. وَلَوْ قَالَ هِيَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي إقْرَارِهِ لَكَانَ خَصْمًا فِي ذَلِكَ (الْخَانِيَّةُ) . رَابِعًا: يَثْبُتُ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إثْبَاتِ دَفْعِهِ هَذَا وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي فَإِذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِظَاهِرِ الْيَدِ بِحَيْثُ إنَّهَا قَدْ حَالَتْ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ الْمَالَ لِشَخْصٍ آخَرَ يُرِيدُ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ الْمُتَوَجِّهَةِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى ذَلِكَ بِدُونِ حُجَّةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . فَإِذَا حُكِمَ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَثْبَتَ بِأَنَّهُ أَوْدَعَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ (الْبَحْرُ) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ وَأَثْبَتَهَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ حَاوِيَةً لِمَسَائِلِ الدَّفْعِ فَكَانَ يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي؟ الْجَوَابُ - إنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي هُوَ دَفْعُ الدَّعْوَى وَالْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ دَفْعُ الْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى وَالْخُصُومَةُ شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ. شُرُوطُ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ: إذَا دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةٌ فِي يَدِي لِفُلَانٍ فَيُشْتَرَطُ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ لِسَمَاعِ هَذَا الدَّفْعِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - يَجِبُ عَلَى الدَّافِعِ أَنْ يُعَيِّنَ فِي دَفْعِهِ اسْمَ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا الشُّهُودُ وَشَهَادَتُهُمْ

فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الدَّافِعُ قَدْ أَعْطَانِي شَخْصٌ لَا أَعْرِفُهُ هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةً فَلَا يَكُونُ قَدْ دَفَعَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الدَّافِعُ الِاسْتِيدَاعَ مِنْ الْمَجْهُولِ وَشُهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيدَاعِ مِنْ الْمَعْلُومِ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ كَمَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِيدَاعَ مِنْ الْمَعْلُومِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيدَاعِ مِنْ الْمَجْهُولِ فَلَا يُقْبَلُ وَلَا يَسْتَمِعُ الدَّفْعَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ الْمَجْهُولُ هُوَ الْمُدَّعِي نَفْسَهُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الِاسْتِيدَاعَ مِنْ مَعْلُومٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ الْمُودِعَ إذَا رَأَوْهُ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَعِنْدَ الْإِمَامِ تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَتَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ. كَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِأَنَّ رَجُلًا مَجْهُولَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ قَدْ أُودَع الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ أَيْضًا (الْبَحْرُ وَالْخَانِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الشَّرْطُ الثَّانِي - يَجِبُ إثْبَاتُ الْإِيدَاعِ مَثَلًا قَبْلَ الْحُكْمِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمِلْكِيَّةَ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْإِثْبَاتَ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ حَلَفَ الْيَمِينَ وَحَكَمَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْإِيدَاعَ أَوْ ادَّعَى الْإِيدَاعَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْإِثْبَاتَ فَلَا يَظْهَرُ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ فَتَتَوَجَّهُ دَعْوَى الْخَارِجِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِيَّتِهِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِيَّةِ صَحِيحًا وَلَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَصْبَحَ أَجْنَبِيًّا (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . أَمَّا حَقُّ الْغَائِبِ فَلَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ خَلَلٌ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يُثْبِتُ الْإِيدَاعَ وَيَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِيدَاعَ وَأَصْبَحَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي وَجَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شُهُودًا لِيَشْهَدُوا عَلَى الْإِيدَاعِ فَيَجِبُ اسْتِمَاعُ بَيِّنَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ ظَهَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِلْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ قَبْلًا أَوْ فِي الْحَالِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكُهُ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْ بِالشِّرَاءِ الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ أَوْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ الْقَبْضِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ قَدْ بَاعَهُ لِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ لَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِبُرْهَانِ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ مِلْكِي وَقَدْ اسْتَحَقَّهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَهُ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ الْحُكْمِ قَدْ أَجَرَهُ لِي فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِيَدِ الْخُصُومَةِ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ قَدْ بِعْتهَا وَسَلَّمْتهَا إلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ ثُمَّ أَوْدَعَنِي إيَّاهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَدَفْعُ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي وَيُصَدِّقْهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَصْبَحَ خَصْمًا بِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَالُهُ وَيَكُونُ قَدْ أَرَادَ بِالتَّصَرُّفِ الَّذِي أَجْرَاهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ إخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْ الْخُصُومَةِ فَلَا يُسْمَعُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي تَنْدَفِعُ خُصُومَتُهُ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي ثُمَّ عِنْدَ الِادِّعَاءِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِي لِفُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَوَّلِ فَيُجْعَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّنِي اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْغَائِبِ بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ مِلْكِي فَيَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَحَدٌ دَارًا لِآخَرَ أَوْ أَعَارَهَا لَهُ أَوْ رَهَنَهَا أَوْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُعِيرُ أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ الْوَاهِبُ فَظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَقَامَ الدَّعْوَى عَلَى ذِي الْيَدِ مُدَّعِيًا بِأَنَّ الْغَائِبَ قَدْ أَجَرَهُ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مُدَّةَ كَذَا قَبْلَ بَيْعِهَا أَوْ إعَارَتِهَا أَوْ رَهْنِهَا أَوْ هِبَتِهَا وَتَسْلِيمِهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْغَائِبِ (التَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الشَّرْطُ الرَّابِعُ - أَنْ لَا يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلًا أَوْ فِي الْحَالِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي، فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي وَادَّعَى ذُو الْيَدِ قَائِلًا: بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكِي وَقَدْ بِعْتهَا قَبْلًا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ أَوْدَعَنِي إيَّاهَا الْغَائِبُ الْمَذْكُورُ فَإِذَا صَدَّقَ الْمُدَّعِيَ تَنْدَفِعُ خُصُومَتُهُ وَإِذَا كَذَّبَهُ وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالدَّارِ (النَّتِيجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي وَادَّعَى ذُو الْيَدِ قَائِلًا إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكُك إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَوْدَعَنِي إيَّاهَا فُلَانٌ الْغَائِبُ وَلَمْ يُثْبِتْ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُدَّعِي. أَمَّا إذَا ثَبَتَ الْإِيدَاعُ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . الشَّرْطُ الْخَامِسُ - أَنْ لَا يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ وَدِيعَةَ فُلَانٍ الَّتِي هِيَ تَحْتَ يَدِك قَدْ بَاعَهَا لِي وَوَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا مِنْك وَأَثْبَتَ الْوَكَالَةَ فَلِلْمُدَّعِي أَخْذُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ مِنْ ذَلِكَ (الْبَهْجَةُ) وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (1738) . الشَّرْطُ السَّادِسُ - أَنْ لَا يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ بِفِعْلٍ مَا فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ بِفِعْلٍ مَا، فَلَا فَائِدَةَ مِنْ دَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَثَلًا وَدِيعَةٌ فِي يَدِي بِمَا لَا يُفِيدُ لِنَفْسِهِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ (الْبَحْرُ) . الْفِعْلُ - الْغَصْبُ. السَّرِقَةُ. وَكَقَوْلِهِ قَدْ أَوْدَعْتُك. أَوْ اشْتَرَيْت مِنْك. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى

ذِي الْيَدِ قَائِلًا إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لِي قَدْ غَصَبْتهَا مِنِّي أَوْ سَرَقْتهَا مِنِّي أَوْ أَجَّرْتهَا لَك أَوْ وَهَبْتهَا وَسَلَّمْتهَا لَك فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِي لِفُلَانٍ أَوْ عَارِيَّةٌ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذَا الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضْته ثُمَّ غَصَبْته أَنْتَ مِنِّي فَيُصْبِحُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ أَجَرَهُ لِي فُلَانٌ الْغَائِبُ وَبِدُونِ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِي أَجَرَهُ مُؤَخَّرًا لَك فَلَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِهَذَا الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِعْلًا مَا لَمْ تَنْتَهِ أَحْكَامُهُ كَادِّعَائِهِ الِاشْتِرَاءَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَكُونُ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ وَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَرْصَةِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي قَدْ أَخَذْتهَا مِنِّي غَصْبًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكٌ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ وَقَدْ أَجَرَهَا وَسَلَّمَهَا لِي فَلَا يَكُونُ قَدْ دَفَعَ خُصُومَةَ الْمُدَّعِي (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَقْدًا مَا قَدْ انْتَهَتْ أَحْكَامُهُ كَادِّعَاءِ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ مِنْهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ إنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ قَدْ أَوْدَعَنِي إيَّاهُ فَتَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالصَّحِيحُ هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ وَالْخَانِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا بِأَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فِعْلًا عَائِدًا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَائِدًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِهِ بَلْ كَانَ لِشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ ذِي الْيَدِ فَلَا فَائِدَةَ مِنْهُ فِي دَفْعِ الْخُصُومَةِ. فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِك هِيَ مِلْكِي قَدْ غُصِبَتْ أَوْ أُخِذَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ سَلَّمَ لِي وَدِيعَةً مِنْ فُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَتُهُ بِالْإِجْمَاعِ. مُسْتَثْنًى - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِفِعْلٍ فَيَصِيرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْغَائِبِ وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ هَذَا فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي لِثُبُوتِ إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّ يَدَهُ لَيْسَ يَدَ خُصُومَةٍ فَإِذَا حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . الشَّرْطُ السَّابِعُ - يَجِبُ وُجُودُ الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَأَمْثَالِهِمَا، فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ هَالِكًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى ذَلِكَ حُضُورُ الْمُودِعِ بِالْفَرْضِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِهِ هُوَ مَالِي فَأَعْطِنِي بَدَلَهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ وَدِيعَةُ فُلَانٍ، أَوْ إنَّنِي غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ فُلَانًا

أَجَرَهُ لِي أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَعْوَى عَيْنٍ وَمَحَلُّ الدَّيْنِ هُوَ الذِّمَّةُ فَالدَّيْنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ عَلَى الْغَيْرِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الشَّرْطُ الثَّامِنُ - يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْئًا تَعُودُ مَنَافِعُهُ لِلْعُمُومِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الدَّفْعِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي، مَثَلًا إذَا أَخَذَ أَحَدٌ قِسْمًا مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَزَرَعَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ آخَرَ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ بِأَنَّ الْمَحَلَّ الْمَذْكُورَ طَرِيقٌ عَامٌّ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ سَلَّمَهُ لِي وَوَكَّلَنِي بِحِفْظِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَحَلُّ الْمَذْكُورُ مَعْلُومًا أَنَّهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَيَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَالْأَمْرُ مُشْكِلٌ فَإِذَا أَثْبَتَ الْإِيدَاعَ تُؤَخَّرُ الدَّعْوَى لِحِينِ حُضُورِ الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسَائِلُ الَّتِي اُحْتُرِزَ مِنْهَا بِذِكْرِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ: إنَّ ذِكْرَ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ هُنَا وَتَخْصِيصَهَا هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الشِّرَاءُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَادَّعَى بِأَنَّ الْمَالَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَنَّهُ ابْتَاعَهُ مِنْهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الشَّرْطَ الثَّالِثَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - الِادِّعَاء بِالْوَقْفِيَّةِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ وَقْفٌ مَوْقُوفٌ عَلَى كَذَا مِنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ فَلَا تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكِي فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ يَأْخُذُ الْمُدَّعَى وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَلَفَ يَبْرَأُ وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ وَقْفًا فَإِذَا نَكَلَ فَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ لِلْمُدَّعِي بِسَبَبِ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - الْإِقْرَارُ. إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي بَلْ هُوَ لِفُلَانٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَيْ لَا يَكُونُ تَأْثِيرٌ لِلْإِقْرَارِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . (فَائِدَةٌ) . إنَّ اشْتِرَاطَ حُضُورِ الْمُتَوَلِّي فِي دَعَاوَى الْمُسْتَغِلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ هُوَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ بِإِجَارَتَيْنِ هُوَ بِحُكْمِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُتَوَلِّي بِحُكْمِ الْمُؤَجِّرِ مَثَلًا: إذَا ادَّعَى عَدَدٌ مِنْ الْأَشْخَاصِ عَلَى عَرْصَةٍ مِنْ مُسْتَغِلَّاتِ الْوَقْفِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا أَحَدٌ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ بِأَنَّهَا طَرِيقُهُمْ الْخَاصُّ فَيَقْتَضِي حُضُورَ الْمُتَوَلِّي (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

(المادة 1638) لا يكون الوديع خصما للمشتري

أَمَّا إذَا غُصِبَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ الْمُسْتَعَارُ أَوْ الْمَأْجُورُ أَوْ الْمَرْهُونُ أَيْ غَصَبَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي فَلِلْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ الِادِّعَاءُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِكِ لِأَنَّ لِلْغَاصِبِ وَالْوَدِيعِ يَدًا مُعْتَبَرَةً كَمَا أَنَّ الْوَدِيعَ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ وَالِاسْتِرْدَادُ مُعَدٌّ مِنْ الْحِفْظِ فَلَهُمَا حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ مِنْ الْمُتَعَرِّضِ كَمَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَلَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ بِلَا حُضُورِ الْمَالِكِ (الْبَهْجَةُ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ بِإِيجَارِي وَقَدْ غَصَبْته مِنِّي وَهُوَ فِي يَدِي فَإِذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ أُودِعَ لِي مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ إذَا غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ الْعَقَارَ الْوَقْفَ الَّذِي بِإِيجَارِهِ وَضَبْطِهِ فَأَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمُسْتَأْجِرُ الِادِّعَاءَ بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُتَوَلِّي (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَاصِبًا مِنْ الْمُدَّعِي فَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُودِعِ وَالْوَدِيعِ بِالْفَرْضِ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى. مَثَلًا: إذَا لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ أَنْتَ غَصَبْت بَلْ قَالَ غَصَبَ مِنِّي وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَأَنَّهُ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ (وَقُيِّدَ بِدَعْوَى الْفِعْلِ عَلَى ذِي الْيَدِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَفَعَهُ ذُو الْيَدِ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَبَرْهَنَ فَإِنَّهَا تَنْدَفِعُ بِدَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةُ) . وَإِذَا لَمْ يُحْضَرْ هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَدَّعِيَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ. مَثَلًا: إذَا أَجَرَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَغَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ غَاصِبٌ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمَالِكِ عَلَى الْغَاصِبِ بِدُونِ حُضُورِ الْمُسْتَأْجِرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (746) الْمَسْأَلَةَ الْآتِيَةَ وَهِيَ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ وَسَلَّمَ الْمَالَ الَّذِي فِي عُهْدَتِهِ وَفَاءً بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ غَابَ فَلِلرَّاهِنِ أَيْ لِلْبَائِعِ وَفَاءً أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَيَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ حَقُّ الْحَبْسِ هُوَ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنَّ الرَّاهِنَ حَيْثُ إنَّهُ مَالِكٌ وَلَهُ حَقُّ طَلَبِ مَالِهِ مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي أَمْسَكَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُ حَقُّ الِادِّعَاءِ وَإِذَا حَضَرَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ الرَّاهِنِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لَا فَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا. فَعَلَى هَذَا الْحَالِ إذَا غَصَبَ الْمَأْجُورُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَدَّعِ الْمُسْتَأْجِرُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَالِكِ حَقُّ إقَامَةِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَاصِبِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَأْجِرِ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَأْجُورَ وَأَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ أَخْذِ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمَالِكِ عِنْدَ حُضُورِهِ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1638) لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي] الْمَادَّةُ (638 1) - (لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِلْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ فَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلَّمَنِي إيَّاهَا فَادَّعَى الْآخَرُ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ قَدْ أَوْدَعَهَا وَسَلَّمَهَا ذَلِكَ الشَّخْصَ

تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَلَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ إيدَاعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي نَعَمْ إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَوْدَعَك الدَّارَ إلَّا أَنَّهُ بَاعَنِي إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَوَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا وَتَسَلَّمْهَا مِنْك وَأَثْبَتَ الْبَيْعَ وَتَوْكِيلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ يَأْخُذُ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ الْوَدِيعِ) . لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِأَرْبَعَةٍ: أَيْ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلِلْمُوصَى لَهُ وَلِدَائِنِ الْمُودِعِ عَدَمُ خُصُومَةِ الْوَدِيعِ لِلْمُشْتَرِي؛ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلَّمَنِي إيَّاهَا فَادَّعَى الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ قَدْ أَوْدَعَنِي وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي، لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ يَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَتْ يَدَ خُصُومَةٍ وَلَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ إيدَاعِ ذَلِكَ الشَّخْصِ حَيْثُ قَدْ فُهِمَ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ أَنَّ الْمَالِكَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الْغَائِبُ وَأَنَّ وُصُولَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى إيدَاعِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الدَّارَ لَهُ وَلَدَى الطَّلَبِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بِأَنَّهُ قَدْ تَلَقَّى الْيَدَ عَنْ وَكِيلِ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي بِلَا إثْبَاتٍ حَيْثُ إنَّ ذَا الْيَدِ مُنْكِرٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ تَلَقِّي الْيَدِ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ بِإِنْكَارِ الْمُدَّعِي لَمْ يَثْبُتْ تَلَقِّي الْيَدِ مِنْ وَكِيلِ ذِي الْيَدِ. كَذَلِكَ، إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِيدَاعَ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ هَذِهِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ مَالِكِهِ الْغَائِبِ زَيْدٍ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَوْدَعَ وَسَلَّمَ لِي هَذَا الْمَالَ مِنْ عَمْرٍو الْغَائِبِ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي مَا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيدَاعُ (الْبَحْرُ) وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا أَنَّهُ لَهُ وَقَدْ غَصَبَهُ مِنْهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ وَزَعَمَ ذُو الْيَدِ أَنَّ هَذَا الْغَائِبَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِتَوَافُقِهِمَا أَنَّ الْيَدَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . عَدَمُ خُصُومَةِ الْوَدِيعِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لِي وَقَدْ غَصَبَهَا فُلَانٌ مِنِّي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ قَدْ أُودِعَتْ وَسُلِّمَتْ لَهُ مِنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. عَدَمُ خُصُومَةِ الْوَدِيعِ لِلْمُوصَى لَهُ. إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِي بِهَذِهِ الدَّارِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَوْدَعَنِي الْمُتَوَفَّى هَذِهِ الدَّارَ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعَى وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعَى مَا لَمْ يَحْضُرْ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى: نَعَمْ، إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَوْدَعَك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ بَاعَنِي إيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَوَكَّلَنِي بِقَبْضِهَا وَتَسَلُّمِهَا مِنْك أَوْ قَالَ نَعَمْ إنَّ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَوْدَعَك تِلْكَ الدَّارَ إلَّا أَنَّهُ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي وَأَثْبَتَ بَيْعَ وَتَوْكِيلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ وَفَاتَهُ وَانْحِصَارَ إرْثِهِ فِيهِ يَأْخُذُ

(المادة 1639) لا يكون الوديع خصما لدائن المودع

تِلْكَ الدَّارَ مِنْ الْوَدِيعِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِ ذَلِكَ الْمَالِ (الْبَحْرُ وَالْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ) وَتَعْبِيرُ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقْوَالَ الْمُدَّعِي فَلَا يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِتَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ قَدْ حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِ بِإِقْرَارِ الْمُسْتَوْدَعِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (794) (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ) اُنْظُرْ الْقِسْمَ الْخَامِسَ مِنْ أَقْسَامِ الْخُصُومَةِ الْوَارِدَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1635) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا إرْثًا عَنْ أَبِيهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْقَاضِي عَلَى الْأَبِ حَتَّى وَلَوْ جَاءَ حَيًّا يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الدِّفَاعِ فَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْآمِرِ. [ (الْمَادَّةُ 1639) لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِدَائِنِ الْمُودِعِ] عَدَمُ خُصُومَةِ الْوَدِيعِ لِدَائِنِ الْمُودِعِ وَتُبَيَّنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: الْمَادَّةُ (1639) - (لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِدَائِنِ الْمُودِعِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُثْبِتَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَدِيعِ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُودِعِ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَدَيْهِ وَلَكِنْ لِمَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَدَّعِيَ نَفَقَتَهُ عَلَى الْوَدِيعِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْوَدِيعَةِ) . لَا يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِدَائِنِ الْمُودِعِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يُثْبِتَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَدِيعِ طَلَبَهُ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُودِعِ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي لَدَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِثْبَاتُ مَبْنِيًّا عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ عَلَى الْإِنْكَارِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ أَوْ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَطْلُوبَهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ دَعْوَى الدَّائِنِ عَلَى الْمُودَعِ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ دَعْوَى الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ. وَجَاءَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَدَّعِيَ بِمَهْرِهَا عَلَى مَدِينِ الْمَيِّتِ أَوْ عَلَى مُودِعِهِ أَوْ عَلَى شَرِيكِهِ إنَّمَا الدَّعْوَى عَلَى وَصِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ مَا لَمْ يَدَّعِ وَيُثْبِتْ الدَّائِنُ أَمْرَ الْمُودِعِ لِلْوَدِيعِ بِأَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَدْ أَمَرَ الْغَائِبُ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ مَطْلُوبِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْوَدِيعَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ وَأَثْبَتَ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَثْبَتَ أَيْضًا أَنَّهَا لِلْغَائِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ تِلْكَ الْوَدِيعَةِ إلَى الْمُدَّعِي وَيَكُونُ ذَلِكَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَيَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (799) وَشَرْحِهَا أَنَّ لِمَنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَدَّعِيَ نَفَقَتَهُ عَلَى الْوَدِيعِ. أَيْ كَالثِّيَابِ وَالْمَأْكُولِ؛ لِيَأْخُذَهَا مِنْ مَالِ الْوَدِيعَةِ أَوْ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ كَالشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ الْمَلْبُوسَاتِ وَإِذَا سَلَّمَ الْوَدِيعُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِلشَّخْصِ الْوَاجِبَةِ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُودِعِ لَا يَضْمَنُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 91) وَقَدْ جَاءَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْقَاضِي مُودِعَ الْغَائِبِ أَوْ مَدِينَهُ فِي أَدَاءِ

(المادة 1640) لا يكون مدين المدين خصما للدائن

النَّفَقَةِ إلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَدَاءَهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَدِيعِ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ أَمَّا الْمَدِينُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَمَانَةُ الَّتِي فِي يَدِ الْوَدِيعِ لِلْغَائِبِ عُرُوضًا وَعَقَارًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ النَّفَقَةِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَى الْغَائِبِ أَخْذُ نَفَقَةٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (799) . [ (الْمَادَّةُ 1640) لَا يَكُونُ مَدِينُ الْمَدِينِ خَصْمًا لِلدَّائِنِ] الْمَادَّةُ (1640) - (لَا يَكُونُ مَدِينُ الْمَدِينِ خَصْمًا لِلدَّائِنِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مَطْلُوبَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فِي مُوَاجَهَةِ مَدِينِهِ لِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُ) . لَا يَكُونُ مَدِينُ الْمَدِينِ خَصْمًا لِلدَّائِنِ فِي الدَّعْوَى وَإِثْبَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ طَلَبٌ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُثْبِتَ طَلَبَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى أَوْ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ فِي مُوَاجَهَةِ مَدِينِهَا وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمَدِينِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ. أَمَّا إذَا أَثْبَتَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فِي مُوَاجَهَةِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ كَالْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَأَقَرَّ مَدِينُ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُتَوَفَّى فَيَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِأَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ الَّذِي لِلْمُتَوَفَّى لِهَذَا الدَّائِنِ. كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَخَلَّفَ وَلَدَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْوَلَدُ الْحَاضِرُ فِي مُوَاجَهَةِ مَدِينِ الْمُتَوَفَّى الْمَدِينِ بِمِائَةِ دِينَارٍ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ وَالِدِي الْمُتَوَفَّى مِائَةَ دِينَارٍ وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِوَالِدِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فَدَعْوَاهُ الْأُولَى وَبَيِّنَتُهُ لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَحْضُرْ أَخُوهُ الْغَائِبُ وَتُسْمَعْ دَعْوَاهُ الثَّانِيَةُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . مَا لَا يَكُونُ خَصْمًا أَيْضًا: (1) الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُسْتَأْجَرِ. (2) الْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُرْتَهِنِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ وَقَدْ اسْتَأْجَرْتهَا مِنْهُ قَبْلَ اسْتِئْجَارِك وَقَدْ أَجَرَهَا مَالِكُهَا لَك بَعْدَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهَا لَك فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْتهَا أَوْ ارْتَهَنْتهَا مِنْهُ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي. أَمَّا لَوْ قَالَ قَدْ اسْتَأْجَرْتهَا قَبْلًا مِنْك وَقَبَضْتهَا وَقَدْ غَصَبْتهَا مِنِّي تُقْبَلُ وَلَا يَلْزَمُ حُضُورُ الْمَالِكِ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1638) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الِاسْتِئْجَارَ مِنْ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَيَكُونَانِ خَصْمَيْ بَعْضِهِمَا. فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْتهَا مِنْ عَمْرٍو فَتُقْبَلُ الدَّعْوَى.

(المادة 1641) لا يكون المشتري من المشتري خصما للبائع

لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ خَصْمًا لِلْمُسْتَقْرِضِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا إنَّنِي قَدْ أَقْرَضْت فُلَانًا بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ كَذَا دَرَاهِمَ فَاطْلُبْهَا مِنْهُ لَا تُسْمَعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) حَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْإِقْرَاضِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1460) . وَبِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَكُونُ رَسُولًا فَهُوَ غَيْرُ خَصْمٍ. (4) لَا يَكُونُ الدَّائِنُ خَصْمًا لِدَائِنٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ وَتَرَكَ وَارِثًا فَأَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ مُدَّعِيًا أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى مِائَةَ دِينَارٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَاسْتَوْفَى الْمَبْلَغَ مِنْ التَّرِكَةِ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَطَلَبَ حُضُورَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِسَبَبِ غِيَابِ الْوَارِثِ لِيُثْبِتَ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . (5) لَا يَكُونُ غَاصِبُ الْمُتَوَفَّى أَوْ مُودِعُهُ أَوْ الْوَكِيلُ الَّذِي قَبَضَ الدَّيْنَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْوَرَثَةِ أَوْ مَدِينُ الْمُتَوَفَّى أَوْ دَائِنُهُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمُتَوَفَّى (الْخَانِيَّةُ فِي الدَّعْوَى) . إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى مِائَةُ دِينَارٍ مَغْصُوبَةً فِي يَدِ آخَرَ أَوْ قَرْضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَقَالَ إنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِي بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ أَوْ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ وَأَثْبَتَ الْوَصِيَّةَ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْمَالِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا أَعْلَمُ وَفَاةَ الْمَذْكُورِ فَلَا تَصِحُّ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ. كَذَلِكَ إذَا وَكَّلَ وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى أَحَدًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَقَبْضِهِ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ أَنْ يُثْبِتُوا دَيْنَهُمْ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَأْخُذُوا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1641) لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْبَائِعِ] الْمَادَّةُ (1641) - (لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْبَائِعِ: مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا وَبَعْدَ الْقَبْضِ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِقَوْلِهِ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَالَ بِدُونِ أَدَاءِ ثَمَنِهِ فَاعْطِنِي ثَمَنَهُ أَوْ أَعْطِنِي إيَّاهُ لِأَحْبِسَهُ لِحِينِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ) . لَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي خَصْمًا لِلْبَائِعِ: مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِدُونِ تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ أَوْ اسْتِحْصَالِ إذْنِ الْبَائِعِ وَبَاعَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِنَاءً عَلَى إنْكَارِهِ أَوْ قَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ بِقَوْلِهِ فِي دَعْوَاهُ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ قَدْ قَبَضَ الْمَالَ بِدُونِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ وَبِدُونِ إذْنٍ مِنِّي فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ أَوْ سَلِّمْنِي إيَّاهُ لِأَحْبِسَهُ لِحِينِ أَنْ أَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْك أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْأَوَّلِ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِدَعْوَى الْبَائِعِ فَالْبَائِعُ يَسْتَرِدُّ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ فَقَدْ أَصْبَحَ خَصْمًا حَالَةَ إقْرَارِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1634) .

(المادة 1642) يصح أن يكون أحد الورثة خصما في الدعوى التي تقام على الميت أو له

[ (الْمَادَّةُ 1642) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ] الْمَادَّةُ (1642) - (يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ وَلَكِنَّ الْخَصْمَ فِي دَعْوَى عَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ هُوَ الْوَارِثُ الَّذِي فِي يَدِهِ تِلْكَ الْعَيْنُ. وَالْوَارِثُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ ذَا الْيَدِ لَيْسَ بِخَصْمٍ: مَثَلًا يَصِحُّ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَدَّعِيَ مَطْلُوبَ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَبَعْدَ الثُّبُوتِ يُحْكَمُ بِجَمِيعِ الْمَطْلُوبِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ سِوَى حِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ حِصَصِ بَاقِي الْوَرَثَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ بِدَيْنٍ عَلَى التَّرِكَةِ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ فِي حُضُورِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ ذَلِكَ الْوَارِثِ مَالٌ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فَإِذَا ادَّعَى هَكَذَا دَيْنًا فِي حُضُورِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَأَقَرَّ بِهِ ذَلِكَ الْوَارِثُ يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَا يَسْرِي إقْرَارُهُ عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْوَارِثِ فَقَطْ فَيُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ طَلَبَهُ الَّذِي حُكِمَ لَهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يَقُولُوا لِلْمُدَّعِي أَثْبِتْ ذَلِكَ فِي حُضُورِنَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَلَكِنْ لَهُمْ دَفْعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الْفَرَسَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِقَوْلِهِ هَذِهِ فَرَسِي وَقَدْ كُنْت أَوْدَعْتهَا عِنْدَ الْمَيِّتِ فَالْخَصْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ هُوَ ذُو الْيَدِ فَقَطْ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ وَحُكِمَ بِإِقْرَارِهِ فَلَا يَسْرِي إقْرَارُهُ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ إلَّا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ وَيُحْكَمُ عَلَى كَوْنِ حِصَّتِهِ فِي تِلْكَ الْفَرَسِ الْمُدَّعِي وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ يُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 78) . يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ (أَوَّلًا) أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ هُوَ زَوْجَ الْمُتَوَفَّى كَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ (ثَانِيًا) وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى أَوْ الْوَكِيلُ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي بِسَبَبِ كَوْنِ الْوَرَثَةِ صِغَارًا أَوْ غَائِبًا خَصْمًا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ أَوْ الدَّيْنِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا مَالٌ فِي يَدِهِمْ لِأَنَّ إثْبَاتَ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْحَالِ فِيهِ فَائِدَةُ التَّمْكِينِ مِنْ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ فِي حَالَةِ ظُهُورِ مَالٍ لِلْمُتَوَفَّى (النَّتِيجَةُ) وَيَجِبُ أَنْ تُعَدَّ الْمَادَّةُ (1673) مُسْتَثْنَاةً مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ تَحْتَوِي عَلَى حُكْمَيْنِ. الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ خَصْمًا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ أَوْ الدِّينِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مَوْرُوثًا عَنْ مُوَرِّثٍ وَاحِدٍ.

دَعْوَى الْعَيْنِ. إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ هِيَ لِوَالِدِي فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى وَقَدْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ وَذَكَرَ عَدَدَ الْوَرَثَةِ فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ. إلَّا أَنَّهُ عِنْدَمَا يَصِلُ الْأَمْرُ إلَى التَّسْلِيمِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَخَذْت كَذَا أَشْيَاءَ قِيمَتُهَا كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ الْمُتَوَفَّى وَأَخْفَيْتهَا وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَّفَهَا الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْلِيفُهَا الْيَمِينَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . دَعْوَى الدَّيْنِ وَمِثَالُهُ مَذْكُورٌ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ. وَإِنْ ادَّعَى دِينَ الْمَيِّتِ عَلَى أَحَدٍ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ عَدَدِ الْوَرَثَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَلَى الْبَزَّازِيَّةُ) . فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لِلْمَيِّتِ فَادَّعَى مَثَلًا وَفَاةَ وَالِدِهِ وَانْحِصَارَ الْإِرْثِ فِيهِ وَأَنَّ لِمُوَرِّثِهِ كَذَا مَبْلَغًا فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَذَا عَيْنًا فِي يَدِهِ فَيَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ الْمُوَرِّثِ الْمُتَوَفَّى. حَتَّى إنَّهُ لَوْ جَاءَ الْمُوَرِّثُ حَيًّا فَيَأْخُذُ الْمَالَ الْمَحْكُومَ بِهِ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى الْوَارِثِ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَعْطَاهُ لَهُ وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً دَعْوَى الْوَارِثِ، وَطَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِوَفَاةِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَعَلَى كَوْنِ الْمُدَّعِي ابْنًا لَهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَيَكُونُ الْمُدَّعِي مَجْبُورًا لِإِثْبَاتِ وَفَاةِ وَالِدِهِ وَانْحِصَارِ إرْثِهِ فِيهِ وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ وَلَا يَجْعَلُ الْقَاضِي الِابْنَ خَصْمًا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَجْعَلُهُ خَصْمًا فِي حُكْمِ التَّحْلِيفِ عَلَى الْمَالِ بِاَللَّهِ مَا لِفُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَيْك هَذَا الْمَالُ وَعَلَى دَعْوَى النَّسَبِ وَالْمَوْتِ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ ثُمَّ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ أَوْ يَكْتَفِي بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ (الْخَانِيَّةُ) . الْحُكْمُ الثَّانِي - يَكُونُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيُّ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفَاةَ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِ وَعَلَى عَدَمِ وُصُولِ مَالِ مُوَرِّثِهِ لَهُ. وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ أَوَّلًا عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى. فَإِذَا نَكَلَ يَحْلِفُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَحْلِفُ مَرَّةً وَاحِدَةً (الْخَانِيَّةُ) .

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثُ وُصُولَ التَّرِكَةِ إلَى يَدِهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَجْعَلَهُ مَسْئُولًا عَنْ الدَّيْنِ مَا لَمْ يُثْبِتْ وُصُولَ التَّرِكَةِ إلَيْهِ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَثْبَتَ الدَّائِنُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ الدَّيْنَ وَأَرَادَ إثْبَاتَ كِفَايَةِ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ التَّرِكَةِ. فَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا فَيَجِبُ بَيَانُ حُدُودِهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِأَنَّ الْوَرَثَةَ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ التَّرِكَةَ وَافِيَةٌ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ التَّرِكَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي الدَّائِنِ وَأَقَرَّ الدَّائِنُ الَّذِي اسْتَحْصَلَ عَلَى حَقِّهِ فَيُشَارِكُ الْغَرِيمُ الثَّانِي الْغَرِيمَ الْأَوَّلَ لِإِقْرَارِهِ بِالتَّرِكَةِ (نَتِيجَةُ الْفَتَاوَى) وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي أَخْذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالتَّحْلِيفُ يَكُونُ عَلَى الْبَتَاتِ أَيْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (وَاَللَّهِ لَمْ يَصِلْنِي مِنْ مَالِ مُوَرِّثِي الْمِقْدَارُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي وَأَثْبَتَهُ أَوْ مِقْدَارٌ مِنْهُ) فَإِذَا نَكَلَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. دَعْوَى الْعَيْنِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْمَتَاعَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَتَاعَ هُوَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَادَّعَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَالْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمَتَاعَ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ بِكَذَا دَرَاهِمَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَثْبَتَ. دَفَعَهُ هَذَا فِي مُوَاجَهَةِ وَارِثِ الْمُدَّعِي فَتَنْدَفِعُ دَعْوَى الْإِرْثِ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَنْ يَقُولُوا لِلْمَذْكُورِ أَثْبِتْ الْبَيْعَ فِي مُوَاجَهَتِنَا مَرَّةً أُخْرَى وَإِلَّا نُدْخِلْ الْمَتَاعَ فِي الْمِيرَاثِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ الْمَأْمُورُ بِجَمْعِ وَحِفْظِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَوَفَّى بِصِفَتِهِ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الْقَاضِي بِالْخُصُومَةِ. أَمَّا إذَا أَذِنَهُ الْقَاضِي بِالْخُصُومَةِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ تَصِحُّ خُصُومَتُهُ بِاعْتِبَارِهِ وَصِيًّا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) . أَمَّا فِي الْخُصُومَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَيْتِ الْمَالِ فَلِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ مِنْ السُّلْطَانِ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ بِالْخُصُومَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ حَقُّ الْخُصُومَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَيْتِ الْمَالِ بِصِفَتِهِ مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلِلدَّوَائِرِ الرَّسْمِيَّةِ وُكَلَاءُ مَنْصُوبُونَ بِإِرَادَةٍ مُلُوكِيَّةِ. صَيْرُورَةُ الْوَصِيِّ خَصْمًا. إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَكَانَتْ وَرَثَتُهُ فِي دِيَارٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَنَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا. وَادَّعَى أَحَدٌ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ عَلَى الْمُتَوَفَّى دَيْنًا كَذَا دِرْهَمًا وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَأَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ عِنْدَ حُضُورِهِمْ أَنْ يَطْلُبُوا أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ ثَانِيَةً فِي حُضُورِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ (رَجُلٌ مَاتَ فِي بَلَدٍ وَلَهُ وَارِثٌ فِي بَلَدٍ آخَرُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا فَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ دَيْنَهُ عَلَى الْمَيِّتِ فَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ حَتَّى يُقِيمَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ إنْ كَانَ الْوَارِثُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً نَصَبَ الْقَاضِي وَصِيًّا فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَيْهِ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِدَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً لَا يَنْصِبُ الْقَاضِي وَصِيًّا) .

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّ الصِّغَارِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَحُكِمَ لَهُ وَأَخَذَ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ أَنْ يَطْلُبَ عِنْدَ بُلُوغِهِ إثْبَاتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي مُوَاجَهَتِهِ ثَانِيَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَلَوْ ادَّعَى وَصِيُّ الْمَيِّتِ دَيْنًا عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَصِيًّا آخَرَ يَدَّعِي عَلَيْهِ إذْ دَعْوَاهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا تَصِحُّ وَلَوْ ادَّعَى هَذَا الْوَصِيُّ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ يُعْزَلُ وَقِيلَ لَا يُخْرِجُ الْقَاضِي الْمَالَ مِنْ يَدِهِ لَوْ قَالَ لِي عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَقِيلَ يُعْزَلُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِلُّ مَالَ الْيَتِيمِ وَقِيلَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبَرِّئَهُ أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا أَعْزِلْك فَلَوْ فَعَلَهُ عُزِلَ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ) . ثَالِثًا: يَكُونُ الْمُوصَى لَهُ خَصْمًا عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ. مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَلَا وَصِيٌّ وَأَوْصَى بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِ لِأَحَدٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى التَّرِكَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ (أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِدَائِنِ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَارِثُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَمَّا الْمُوصَى لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَيَصْلُحُ خَصْمًا لِدَائِنِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ يَنْصِبُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ) . رَابِعًا: يَكُونُ مَنْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ الْمُتَوَفَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ خَصْمًا فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ مَالِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى دَائِنٌ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دَرَاهِمَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَذْكُورِ تُسْمَعُ الدَّعْوَى. لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ فِي التَّرِكَةِ وَهِيَ فِي يَدِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْخَصْمُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ: إنَّ الدَّعْوَى الْمَقْصُودَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ دَعْوَى غَيْرِ النَّسَبِ أَمَّا فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَإِثْبَاتِهِ فَالْخَصْمُ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَمَدِينُ الْمُتَوَفَّى وَمُسْتَوْدَعُ الْمُتَوَفَّى وَدَائِنُهُ وَالْمُوصَى لَهُ سَوَاءٌ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَوْ مُنْكِرِينَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْوِصَايَةِ. إذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّهُ وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى فَوَارِثُ الْمُتَوَفَّى وَمَدِينُهُ وَالْمُوصَى لَهُ يَكُونُ خَصْمًا لَهُ. وَلَكِنَّ الْخَصْمَ فِي دَعْوَى عَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ لِجَمِيعِهَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ وَمُصَدِّقٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهَا مِيرَاثٌ هُوَ الْوَارِثُ الَّذِي فِي يَدِهِ تِلْكَ الْعَيْنُ وَالْوَارِثُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ ذَا الْيَدِ لَيْسَ بِخَصْمٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . مَعَ أَنَّهُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي وَأَمَّا فِي دَعْوَى الْعَيْنِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الدَّائِنِ سَارٍ وَشَائِعٌ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ. أَمَّا الْمُدَّعِي بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أُقِيمَتْ الدَّعْوَى حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ عَلَى الْوَارِثِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الْعَيْنِ وَأَثْبَتَ الدَّعْوَى فَيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّرِكَةِ وَتَحْتَ يَدِ وَارِثٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فِي مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ الْوَارِثِ قَائِلًا: إنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ بَاعَنِي إيَّاهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَأَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ

وَاسْتَحْصَلَ عَلَى الْحُكْمِ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَطْلُبُوا إثْبَاتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ مَرَّةً أُخْرَى فِي حُضُورِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) حَتَّى إنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُ الْعَيْنِ تَحْتَ يَدِ وَارِثٍ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ تَحْتَ يَدِ وَارِثٍ آخَرَ وَادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي الْحِصَّةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ (التَّكْمِلَةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: 1 - غَيْرُ مَقْسُومٍ: أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ الْمَذْكُورَةُ قُسِّمَتْ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ فَلَا يَكُونُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ، مَثَلًا إذَا قُسِمَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ فَأَوْدَعَ الْغَائِبُ حِصَّتَهُ عِنْدَ الْحَاضِرِ فَلَا يَكُونُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْأَمْوَالِ الْأُخْرَى. وَعَلَى ذَلِكَ فَالْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْغَائِبِ وَلَا يَكُونُ الْغَائِبُ مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِهَذَا الْحُكْمِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 2 - الْمَوْجُودُ جَمِيعُهُ فِي يَدِ الْحَاضِرِ: فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ بَعْضٌ فِي يَدِ مُسْتَوْدِعِ الْغَائِبِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا (التَّكْمِلَةُ) . 3 - وَمُصَدِّقٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ مِيرَاثًا: فَعَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ مَوْرُوثَةٌ وَادَّعَى أَنَّهَا مَالُهُ الْمُشْتَرَى أَوْ أَنَّ حِصَّتَهُ مَوْرُوثَةٌ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ أَوْ أَنَّهَا مِلْكُهُ الْمُطْلَقُ فَلَا يَكُونُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَلِذَلِكَ فَالْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْغَائِبِ. 4 - الْخَصْمُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَمَّا فِي الِادِّعَاءِ بِعَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ يَكُونُ وَارِثُ وَاحِدٍ خَصْمًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيَسْتَفِيدُ هُوَ مِنْ الْحُكْمِ وَيَسْتَفِيدُ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ هَذَا إذَا ادَّعَاهُ إرْثًا لَهُ وَلَهُمْ (الطَّحْطَاوِيُّ عَلَى أَبِي السُّعُودِ) . مَثَلًا يَصِحُّ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَدَّعِيَ جَمِيعَ مَطْلُوبِ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَمَا أَنَّ لَهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ طَلَبَ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَطْلُبُوا تَحْلِيفَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي مُوَاجَهَتِهِمْ. وَبَعْدَ الثُّبُوتِ يُحْكَمُ بِجَمِيعِ مَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيمِ الْوَرَثَةِ دَعْوَى أُخْرَى وَإِثْبَاتِهِمْ الدَّعْوَى. أَمَّا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْوَارِثُ جَمِيعَ الْمَطْلُوبِ بَلْ ادَّعَى حِصَّتَهُ فَقَطْ وَاسْتَحْصَلَ عَلَى حُكْمٍ فَيَكُونُ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَلَمْ يَثْبُتْ حِصَّةَ الْآخَرِينَ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى ابْنُ الْمُتَوَفَّى قَائِلًا قَدْ تَرَكَ وَالِدِي الْمُتَوَفَّى ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ وَبِنْتًا وَأَنَّ لِوَالِدِي الْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاطْلُبْ حِصَّتِي الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيُحْكَمُ لَهُ بِالْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَطْ وَلَا يُحْكَمُ بِحِصَصِ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1829) وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ الْمُدَّعِي الَّذِي ادَّعَى بِجَمِيعِ حِصَّةِ الْوَرَثَةِ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا بِجَمِيعِ الْحِصَصِ أَنْ يَقْبِضَ إلَّا حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ حِصَصِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَنْهُمْ بِالْقَبْضِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي الْوَارِثِ تَبْقَى حِصَصُ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ فِي يَدِهِ وَإِذَا أَنْكَرَ تُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ وَتُوضَعُ فِي يَدِ عَدْلٍ وَتُحْفَظُ سَوَاءٌ كَانَ

الْمُدَّعَى بِهِ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا فَهُوَ مُسَاوٍ فِي نَزْعِهِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ نَزْعَهُ مِنْ الْخَائِنِ أَبْلَغُ فِي الْحِفْظِ حَيْثُ يَحْتَمِلُ فَرَارُ الْمَدِينِ أَوْ أَنْ يُجْرِيَ حِيلَةً يُبْطِلُ بِهَا حَقَّ الْغَائِبِ (تَكْمِلَةُ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَدَّعِيَ بِدَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ فِي حُضُورِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَطْ سَوَاءٌ وُجِدَ فِي يَدِ ذَلِكَ الْوَارِثِ مَالٌ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ حَيْثُ يُحْتَمَلُ بَعْدَ اسْتِحْصَالِ الْمُدَّعِي عَلَى التَّرِكَةِ حُكْمًا أَنْ يُظْهِرَ مَالًا لِلْمُتَوَفَّى كَالْبِضَاعَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الدَّيْنِ وَيَسْتَفِيدُ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ فِي إثْبَاتِ دَعْوَاهُ فِي الْحَالِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَتَوَفَّى شُهُودُهُ أَوْ يَتَغَيَّبُوا وَيَضِيعُ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَثْبَتَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ عَلَى التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدُّيُونِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَاسْتَحْصَلَ عَلَى حُكْمٍ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِينَ الْآخَرِينَ أَنْ يَطْلُبُوا إثْبَاتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي حُضُورِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ وَارِثٍ وَاحِدٍ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَارِثٍ عَلَى حِدَةٍ عَلَى كَوْنِهِمْ لَا يَعْلَمُونَ بِأَنَّ الْمَيِّتَ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ بِحَلِفِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْيَمِينِ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْعِلْمِ وَرُبَّمَا لَا يَعْلَمُ الْأَوَّلُ بِدَيْنِ الْمَيِّتِ وَيَعْلَمُ الثَّانِي (الْخَانِيَّةُ) . وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ صَغِيرًا أَوْ غَائِبًا فَيَحْلِفُ الصَّغِيرُ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَالْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَالٌ فِي التَّرِكَةِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ فَلَا يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (التَّكْمِلَةُ وَالْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَلَمْ يَسْتَخْلِصْهَا الْوَرَثَةُ وَامْتَنَعُوا عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الْأَدَاءِ وَيُنْصَبُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَصِيٌّ وَتُبَاعُ التَّرِكَةُ بِمَعْرِفَتِهِ وَيُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لِلْوَرَثَةِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَنْ الِاسْتِخْلَاصِ فَلِلْبَعْضِ الْآخَرِ اسْتِخْلَاصُهَا. وَالِاسْتِخْلَاصُ عِبَارَةٌ عَنْ تَأْدِيَةِ قِيَمِ التَّرِكَةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِلدَّائِنِينَ وَضَبْطِ التَّرِكَةِ فَفِي هَذَا الْحَالِ لَيْسَ لِلدَّائِنِينَ أَنْ يَقُولُوا إنَّنَا نَضْبِطُ التَّرِكَةَ عَيْنًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ اسْتِخْلَاصَ التَّرِكَةِ طَلَبُ قِيمَةٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ وَمُطَالَبَةُ الْوَرَثَةِ بِكُلِّ الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِذَا أَثْبَتَ الدَّائِنُ مَطْلُوبَهُ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ يَنْظُرُ فَإِذَا ظَفِرَ الدَّائِنُ بِكُلِّ الْوَرَثَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ وَلَا يُؤْخَذُ كُلُّ الدَّيْنِ مِنْ وَارِثٍ. وَأَمَّا إذَا ظَفِرَ بِأَحَدِ الْوَرَثَةِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ يَسْتَوْفِي الدَّائِنُ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَلِلْوَارِثِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَالْهِنْدِيَّةُ) .

كَمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَالٌ فِي يَدِ الْوَصِيِّ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ مَطْلُوبِهِ مِنْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَوْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ وَقَالَ لَمْ يَصِلْ إلَيَّ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَقَالَ: لَا بَلْ وَصَلَ إلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ أَكْثَرُ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتَاتِ بِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْك مِنْ مَالِ مُوَرِّثِك هَذِهِ الْأَلْفُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَارِثُ مُنْكِرًا وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْيَمِينِ بِحُجَّةِ أَنْ لَيْسَ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة) . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الِادِّعَاءِ عَلَى التَّرِكَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيَانُ عَدَدِ الْوَرَثَةِ أَمَّا فِي دَعْوَى الْمِيرَاثِ فَيُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الْوَرَثَةِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ فُلَانٍ كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فِي مُوَاجَهَةِ وَارِثٍ تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَحْقِيقُ وَسُؤَالُ كَمْ عَدَدُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى وَمَنْ هُمْ. أَمَّا ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّنِي وَارِثٌ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ جِهَةِ كَذَا فَاطْلُبْ حِصَّتِي الْإِرْثِيَّةَ مِنْ هَذَا الْمَالِ أَوْ مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَإِنَّ حِصَّتِي الْإِرْثِيَّةَ هِيَ كَذَا فَيَجِبُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بَيَانُ عَدَدِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَلَى الْبَزَّازِيَّةُ) . وَإِذَا ادَّعَى الدَّيْنَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي مُوَاجَهَةِ وَارِثٍ وَأَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ حَالَةَ كَوْنِ التَّرِكَةِ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ أَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ فَنَكَلَ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الدَّائِنُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1746) . وَيُؤْمَرُ ذَلِكَ الْوَارِثُ بِإِعْطَاءِ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِلْمُدَّعِي مِنْ التَّرِكَةِ الَّتِي قَبَضَهَا. مَثَلًا لَوْ مَاتَ أَحَدٌ وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ أَوْلَادٍ فَادَّعَى شَخْصٌ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِهِ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَأَقَرَّ الْوَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُقِرِّ رُبْعُ الدَّيْنِ (النَّتِيجَةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْإِقْرَارِ) وَلَا يَلْزَمُ الْبَاقِي الْمُقِرَّ كَمَا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ لَا يُلْزِمُ الْوَرَثَةَ الْآخَرِينَ بِشَيْءٍ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلٌّ أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ) . وَلَا يَسْرِي إقْرَارُهُ أَوْ نُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَتْ جَمِيعُ التَّرِكَةِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَأَدَّى الْمُقِرُّ جَمِيعَ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِلْوَرَثَةِ الْبَاقِينَ تَضْمِينُ حِصَصِهِمْ لِلْمُقِرِّ. يُفْتَى كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي فَتْوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي بِأَخْذِ كُلِّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ إذَا أَقَرَّ إلَى حِينِ نَشْرِ الْمَجَلَّةِ أَمَّا بَعْدَ النَّشْرِ فَلَا يُفْتَى وَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنٍ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَرَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ هَذَا الْمُقِرِّ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لِعَدَمِ دَفْعِ الْمُغَرَّمِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَلْزَمُهُ كُلُّ الدَّيْنِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ أَيْ أَنَّ الدُّيُونَ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلتَّرِكَةِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ كَمَا أَنَّهُ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِمْ لَا يَحْلِفُونَ الْيَمِينَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) . وَاللَّائِقُ أَنْ يُعْتَبَرَ إقْرَارُ الْوَارِثِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لِلْمُتَوَفَّى مَالٌ آخَرُ فَيَكُونُ لِلدَّائِنِ حَقُّ اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ مَوْهُومَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِدَيْنٍ عَلَى تَرِكَةِ مُتَوَفٍّ مَدِينٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُ تَرِكَةٌ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ تَحْلِيفُ الْوَارِثِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الدَّائِنُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَالْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَا يَسْرِي عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُ الْمَيِّتَ قَدْ قَبَضَ دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ حَالَ حَيَاتِهِ فَيَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ فَقَطْ وَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا حِصَصَهُمْ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُقِرُّ فِي ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1561 و 1569) . وَإِذَا لَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْوَارِثِ فَقَطْ فَيَحْكُمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثُ أَوْ أَقَرَّ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ بِالدَّيْنِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ فَيَسْتَفِيدُ بِتَعَدِّي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَسَرَيَانِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ وَعَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ سَيَظْهَرُونَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَالْوَكِيلِ يَقْبِضُ الْوَدِيعَةَ أَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهَا مَعَ إقْرَارِ الْوَدِيعِ أَوْ الْمُوصِي لَهُ بِالثُّلُثِ أَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى الْوَصِيَّةِ مَعَ إقْرَارِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى نَقْدِهِ الثَّمَنَ لَهُ ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ) . لَوْ أَقَرَّ الْكِبَارُ بِدَيْنٍ فَعَلَى الْغَرِيمِ الْبَيِّنَةُ لِيَثْبُتَ دَيْنُهُ فِي حَقِّ الصِّغَارِ إذْ إقْرَارُ الْكِبَارِ لَمْ يَعْمَلْ فِي حَقِّ الصِّغَارِ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ كُلُّ الْوَرَثَةِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تُقْبَلُ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْإِثْبَاتِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا إذْ رُبَّمَا يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ وَدَيْنُهُ ظَاهِرٌ وَدَيْنُ الْمُقَرِّ لَهُ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ بِإِقْرَارِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ قَضَى الْوَارِثُ دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِإِقْرَارِهِ فَجَاءَ دَائِنٌ آخَرُ يَضْمَنُ لَهُ وَإِنْ أَدَّاهُ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ وَيُشَارِكُ الْأَوَّلَ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ) . وَإِذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَ طَلَبَهُ مِنْ التَّرِكَةِ الَّذِي أَتَتْهُ فِي مُوَاجَهَةِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقُولُوا لَهُ أَثْبِتْ ذَلِكَ فِي حُضُورِنَا مَرَّةً أُخْرَى وَإِلَّا لَا نُؤَدِّي الدَّيْنَ وَلَكِنْ لَهُمْ دَفْعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1631) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي وَأَثْبَتَ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَصِيَّةَ الْمُتَوَفَّى فَلَيْسَ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقُولُوا لَهُ أَثْبِتْ ذَلِكَ فِي حُضُورِنَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ الْفَرَسَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ بِقَوْلِهِ هَذِهِ فَرَسِي وَقَدْ كُنْت أَوْدَعْتهَا عِنْدَ الْمَيِّتِ أَوْ رَهَنْتهَا أَوْ غَصَبَهَا الْمَيِّتُ مِنِّي. فَالْخَصْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ هُوَ ذُو الْيَدِ فَقَطْ وَإِنْ ادَّعَى عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ ذَا يَدٍ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . حَتَّى إذَا كَانَتْ الْفَرَسُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ وَكِيلِ الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ غَائِبٌ فَالْوَارِثُ الْحَاضِرُ يَكُونُ خَصْمًا فِي الْحِصَّةِ الَّتِي فِي يَدِهِ وَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَكُونُ فِي يَدِ وَكِيلِ الْوَارِثِ الْغَائِبِ (الْخَانِيَّةُ) .

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: كَوْنُ الْعَيْنِ كُلِّهَا فِي يَدِهِ، وَأَلَّا تَكُونَ مَقْسُومَةً وَأَنْ يُصَدِّقَ الْغَائِبُ عَلَى أَنَّهَا إرْثٌ عَنْ الْمَيِّتِ (الْمُعَيَّنِ) . وَإِذَا ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ وَحَكَمَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ لِعَدَمِ حَلِفِهِ الْيَمِينَ الَّذِي كُلِّفَ بِحَلِفِهِ فَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ أَوْ نُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ وَيُحْكَمُ عَلَى كَوْنِ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ فِي تِلْكَ الْفَرَسِ لِلْمُدَّعِي. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمْ فَيُحْكَمُ بِثُلُثِ الْفَرَسِ فَقَطْ لِلْمُدَّعِي. فَلِذَلِكَ تَكُونُ الْفَرَسُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ وَلَدِي الْمَيِّتِ أَثْلَاثًا. وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَارِثُ الَّذِي هُوَ ذُو الْيَدِ أَوْ أَقَرَّ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ الْغَائِبُونَ عَنْ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ لَدَى حُضُورِهِمْ عَلَى كَوْنِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ مَوْرُوثَةً عَنْ الْمَيِّتِ يَحْكُمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّة (78) . حَتَّى إذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَارِثٌ آخَرُ وَادَّعَى تِلْكَ الْعَيْنَ بِالْإِرْثِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ الْغَائِبُونَ عِنْدَ حُضُورِهِمْ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُدَّعَى بِهَا هِيَ مِلْكُهُمْ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ هِيَ مَوْرُوثَةٌ لَهُمْ عَنْ مُوَرِّثٍ آخَرَ فَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْغَائِبِينَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتَعْبِيرُ وَإِنْ أَنْكَرَ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَارِثُ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ لِيَسْرِيَ الْحُكْمُ عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ. كَمَا أَنَّ تَعْبِيرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ احْتِرَازِيًّا. لِأَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ هُوَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا. كَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ عَيْنًا مَوْرُوثَةً بَيْنَهُمْ وَأَوْدَعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ حِصَّتَهُمْ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ لِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ وَغَابَ فَظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْوَارِثِ الْحَاضِرِ وَأَثْبَتَهَا فَيُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . يَكُونُ الْمُشْتَرِي لِلْمُشْتَرِي خَصْمًا مَثَلًا إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ ثُمَّ بَاعَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ وَذُو الْيَدِ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِدُونِ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . يَكُونُ الْغَاصِبُ بَعْضًا خَصْمًا لِلْبَائِعِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ غُصِبَ مِنْ يَدِهِ يَنْظُرُ: أَذَا أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُؤَجَّلًا فَالْخَصْمُ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَالْخَصْمُ الْبَائِعُ. (الْهِنْدِيَّةُ) . يَكُونُ الْوَدِيعُ خَصْمًا لِلْوَرَثَةِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا إنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِي يَدِك هُوَ لِمُوَرِّثِي فُلَانٍ وَبِوَفَاتِهِ أَصْبَحَ إرْثًا مُنْحَصِرًا فِي وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَلَا تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْبَحْرُ) . .

(المادة 1643) ليس لأحد الشركاء في عين ملكوها بسبب غير الإرث أن يكون في الدعوى خصما للمدعى في حصة الآخر

[ (الْمَادَّةُ 1643) لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاء فِي عَين مَلَكُوهَا بِسَبَبِ غَيْر الْإِرْث أَنْ يَكُون فِي الدَّعْوَى خَصْمًا لِلْمُدَّعَى فِي حِصَّة الْآخِر] الْمَادَّةُ (1643) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي عَيْنٍ مَلَكُوهَا بِسَبَبٍ غَيْرِ الْإِرْثِ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّعْوَى خَصْمًا لِلْمُدَّعَى فِي حِصَّةِ الْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الدَّارَ الَّتِي مَلَكُوهَا بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَثْبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَحُكِمَ بِذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي إلَى حِصَصِ الْبَاقِينَ) . لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي عَيْنٍ مَلَكُوهَا بِسَبَبٍ غَيْرِ الْإِرْثِ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي فِي حِصَّةِ الْآخَرِ فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ (الْأَشْبَاهُ) . لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَيْهِمْ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الدَّارَ الَّتِي مَلَكُوهَا بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الِاتِّهَابِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَحُكِمَ بِذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ مَقْصُورًا عَلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَلَا يَسْرِي إلَى حِصَصِ الْبَاقِينَ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الْمَمْلُوكَةَ مُشْتَرَكَةً بِالتَّسَاوِي بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ فِي حُضُورِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فَقَطْ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ تِلْكَ الدَّارِ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى الشَّرِيكَيْنِ الْآخَرَيْنِ مَا لَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِهِمَا. لَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مُشْتَرَكٌ مُنَاصَفَةً بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ اشْتَرَيْنَاهُ بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَحْكُمُ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي وَإِذَا حَضَرَ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ فَيَقْتَضِي عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ حِصَّتَهُ عَلَى حِدَةٍ وَأَنْ يُثْبِتَ فِيهَا دَعْوَاهُ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الدَّعْوَى) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ. رَجُلٌ مَاتَ وَأَوْصَى بِوَصَايَا شَتَّى لِأَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ وَحَضَرَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِحُضُورِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يُقْضَى بِنَصِيبِ الْحَاضِرِ دُونَ الْغَائِبِ. أَمَّا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْإِرْثِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ خَصْمًا عَنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَيَكُونُ خَصْمًا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ اثْنَانِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَادَّعَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الثَّمَنَ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَأَثْبَتَهُ فَيُحْكَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَإِذَا حَضَرَ الدَّائِنُ الْآخَرُ يُقِيمُ الدَّعْوَى ثَانِيَةً وَيُثْبِتُ مُدَّعَاهُ وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ مُدَّعَاهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ فِي مَقْبُوضِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1101) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَحْكُمُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ لِإِقَامَةِ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ دَعْوَى ثَانِيَةً وَإِثْبَاتُ مُدَّعَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1100) .

(المادة 1644) يكون واحد من العامة مدعيا في دعاوى المحلات

وَقَدْ وَرَدَ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ (ثُمَّ عَلَى قَوْلِهِمَا إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْحَاضِرَ فِيمَا ادَّعَاهُ كَانَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ شَارَكَ الْمُدَّعِي فِيمَا قَبَضَ ثُمَّ يَتْبَعَانِ الْمَطْلُوبَ وَإِنْ شَاءَ يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ) . وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ إلَّا أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ مُوجِبٌ لِلتَّسْهِيلِ فِي حَقِّ النَّاسِ. [ (الْمَادَّةُ 1644) يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَامَّةِ مُدَّعِيًا فِي دَعَاوَى الْمَحِلَّاتِ] الْمَادَّةُ (1644) - (يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَامَّةِ مُدَّعِيًا فِي دَعَاوَى الْمَحِلَّاتِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا إلَى الْعُمُومِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) . يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَامَّةِ مُدَّعِيًا فِي دَعَاوَى الْمَحِلَّاتِ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا إلَى الْعُمُومِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ الْمَرْعَى الْعَائِدِ لِقَرْيَةٍ أَوْ لِقُرًى مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ الْمُحْتَطَبِ أَوْ النَّهْرِ أَوْ الْمَرْعَى وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَسْتَفِيدُ الْعَامَّةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ. مَثَلًا إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ الْعَامَّةِ حُفْرَةً أَوْ بُرُوزًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ عَلَى الْمَارِّينَ فَلِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُحْدِثِ الْحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ وَأَنْ يَطْلُبَ رَفْعَهُ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَامَّةِ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1645) . أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَنَافِعُ عَائِدَةً لِلْعُمُومِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُدَّعِيًا وَالْآخَرُ مُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَصْدُرُ لَا يَسْرِي عَلَى الْآخَرِينَ. مَثَلًا لَوْ كَانَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ شَخْصًا يَمْلِكُونَ عَقَارًا بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الِاتِّهَابِ وَأَرَادُوا الِادِّعَاءَ بِذَلِكَ الْعَقَارِ عَلَى أَحَدٍ فَإِذَا ادَّعَى هَذِهِ الدَّعْوَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فَالدَّعْوَى وَالْحُكْمُ يَكُونَانِ مَقْصُورَيْنِ فِي حِصَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِأَنَّهُ مُدَّعٍ عَنْ حِصَصِ بَاقِي الشُّرَكَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يُقَالُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُمْ قَوْمٌ غَيْرُ مَحْصُورِينَ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الدَّعْوَى مِنْ أَحَدِهِمْ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1646) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُمْ قَوْمٌ غَيْرُ مَحْصُورِينَ إلَّا أَنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَعُودُ مَنَافِعُهَا لِلْعُمُومِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1645) حُضُورُ الْبَعْضِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي دَعْوَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ مَنَافِعُهَا مُشْتَرَكَةً] الْمَادَّةُ (1645) - (يَكْفِي حُضُورُ الْبَعْضِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي دَعْوَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ مَنَافِعُهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَهَالِي قَرْيَتَيْنِ كَالنَّهْرِ وَالْمَرْعَى إذَا كَانُوا قَوْمًا غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَإِمَّا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ فَلَا يَكْفِي حُضُورُ بَعْضِهِمْ بَلْ يَلْزَمُ حُضُورُهُمْ كُلُّهُمْ أَوْ وُكَلَائِهِمْ) . يَكْفِي حُضُورُ الْبَعْضِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فِي دَعْوَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ مَنَافِعُهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ كَالنَّهْرِ وَالْمَرْعَى وَالْمُحْتَطَبِ الْمُشْتَرَكَةِ مَنَافِعُهَا بَيْنَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَالْحُكْمُ الَّذِي عَلَى الْحَاضِرِ أَوْ لَهُ يَكُونُ خَصْمًا عَلَى الْغَائِبِ أَوْ لَهُ.

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَهْلُ قَرْيَةٍ نَهْرًا عَظِيمًا عَائِدًا لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى قَوْمُهَا غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَتَرَى الدَّعْوَى بِحُضُورِ شَخْصَيْنِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَإِذَا أَثْبَتَ الطَّرَفُ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَحُكِمَ عَلَى الْخَصْمِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْحَاضِرِينَ فِي الْمُحَاكَمَةِ مِنْهُمْ وَغَيْرِ الْحَاضِرِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الدَّعَاوَى الْعَائِدَةُ لِلْعَامَّةِ بِالْبَيِّنَةِ وَثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَهَلْ يَجُوزُ إعْطَاءُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ؟ وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1222) بَعْضَ الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُمَاثَلَةَ لِذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا كَانُوا قَوْمًا مَحْصُورِينَ فَلَا يَكْفِي حُضُورُ بَعْضِ الطَّرَفَيْنِ بَلْ يَلْزَمُ حُضُورُهُمْ كُلِّهِمْ أَوْ وُكَلَائِهِمْ وَإِذَا أَصْدَرَ الْحُكْمَ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ بِحُضُورِ الْبَعْضِ فَقَطْ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ فِي حَقِّ حِصَّةِ الْحَاضِرِينَ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي عَلَى الْغَائِبِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1643) . وَالْفَرْقُ هُوَ: إذَا كَانُوا قَوْمًا مَحْصُورِينَ فَلَا مَشَقَّةَ فِي حُضُورِهِمْ جَمِيعِهِمْ أَمَّا إذَا كَانُوا غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَفِي حُضُورِهِمْ مَشَقَّةٌ وَالْمَشَقَّةُ تُوجِبُ التَّسْهِيلَ. الْمَادَّةُ (1646) - (أَهَالِي الْقَرْيَةِ الَّذِينَ عَدَدُهُمْ يَزِيدُ عَنْ الْمِائَةِ يُعَدُّونَ قَوْمًا غَيْرَ مَحْصُورِينَ) . وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْعُقَلَاءُ وَالْمَجَانِينُ. (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي آخِرِ الْوَقْفِ وَفِي أَوَائِلِ الشُّفْعَةِ وَالْإِسْعَافِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ بِزِيَادَةٍ) . فَعَلَيْهِ يَجِبُ إدْخَالُ الصِّغَارِ وَالْمَجَانِينِ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ أَهْلٍ لِلدَّعْوَى فِي حِسَابِ الْمُدَّعِينَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ.

الفصل الرابع في بيان التناقض

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ التَّنَاقُضِ] ِ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1636) . أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى عَدَمُ وُقُوعِ التَّنَاقُضِ فِيهَا فَلِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الَّتِي يَقَعُ تَنَاقُضٌ فِيهَا لِأَنَّ كَذِبَ الْمُدَّعِي يَظْهَرُ فِي الدَّعْوَى الَّتِي يَقَعُ فِيهَا التَّنَاقُضُ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ طَلَبَ شِرَاءَ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْهُ يَظْهَرُ كَذِبُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ. تُذْكَرُ بَعْضُ أَنْوَاعِ التَّنَاقُضِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ اسْتِشْرَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ اسْتِئْجَارِهِ وَنَحْوِهِ. 2 - الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ. 3 - الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. 4 - الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ فِي دَارٍ بَعْدَ الِادِّعَاءِ بِالتَّوْلِيَةِ عَلَى وَقْفِ تِلْكَ الدَّارِ. 5 - الِادِّعَاءُ بِالْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ الِادِّعَاءِ بِأَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِ. 6 - الِادِّعَاءُ بِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ النِّكَاحِ بَعْدَ كَفَالَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ الصَّدَاقِ. 7 - ادِّعَاءُ الْإِكْرَاهِ فِي التَّوْكِيلِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ وَقَعَ طَوْعًا. 8 - الِادِّعَاءُ بِأَنَّ الْفَرَاغَ وَفَاءٌ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْفَرَاغَ قَطْعِيًّا. 9 - الِادِّعَاءُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَدِيعَةً بَعْدَ الِادِّعَاءِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. 10 - الِادِّعَاءُ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ بَلْ إنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ. 11 - الِادِّعَاءُ بِمِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْكَفَالَةِ عَلَى الدَّرَكِ أَوْ تَقَاضِي الثَّمَنِ. 12 - الِادِّعَاءُ بِمِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَكَالَةً وَإِعْطَائِهِ لِمُوَكِّلِهِ. 13 - ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ وَإِقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ. 14 - الِادِّعَاءُ بِقَوْلِهِ إنَّنِي أَدَّيْت الدَّيْنَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ مَفْضُولًا عَنْ الْإِقْرَارِ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ. 15 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْتُك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِتُسَلِّمَهَا لِفُلَانٍ وَلَمْ تُسَلِّمْهَا لَهُ وَبَقِيَتْ فِي يَدِك فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ لَمْ تُسَلِّمْنِي إيَّاهَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى قَائِلًا إنَّك سَلَّمْتنِي إيَّاهَا إلَّا أَنَّنِي قَدْ سَلَّمْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ. 16 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْت لِفُلَانٍ بِنَاءً عَلَى أَمْرِك لِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ آمُرْك مُطْلَقًا وَأَنَّك لَمْ تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا ثُمَّ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّك أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ.

(المادة 1647) التناقض يكون مانعا لدعوى الملك

17 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ بِعْتنِي هَذَا الْحَانُوتَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْنَنَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَفَاءٌ. 18 - الِادِّعَاءُ بِإِيفَاءِ مُوَرِّثِهِ لِلدَّيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِدَيْنِ مُوَرِّثِهِ. 19 - قَوْلُ الْمَدِينِ: قَدْ أَدَّيْت لَك الدَّيْنَ قَبْلَ إقْرَارِي بَعْدَ أَنْ قَالَ الْمَدِينُ لِدَائِنِهِ قَدْ سَلَّمْت دَيْنَك لِفُلَانٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْك. 20 - ادِّعَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ مُوَاضَعَةً بَعْدَ إجَابَتِهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا مَبْلَغًا بِقَوْلِهِ لَهُ إنَّنِي لَمْ أَتَعَامَلْ مَعَك أَبَدًا. 21 - ادِّعَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَاءَ الدَّيْنِ فِي مِصْرَ الْجَدِيدَةِ بَعْد ادِّعَائِهِ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ لَهُ فِي الْعَبَّاسِيَّةِ. 22 - الِادِّعَاءُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ لِلدَّيْنِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ. 23 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ أَخِيهِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَوْرُوثَةٌ عَنْ وَالِدِنَا لِي حِصَّةٌ إرثية فِيهَا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِوَالِدِنَا حَقٌّ فِي الْمَاضِي فِي تِلْكَ الدَّارِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ وَالِدِهِ كَانَ تَنَاقُضًا. 24 - إذَا أَقَامَ شَخْصٌ دَعْوَى بِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ لِآخَرَ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُعَدُّ ذَلِكَ تَنَاقُضًا. 25 - الِادِّعَاءُ بِعَيْنِ الْحَقِّ مِنْ أَحَدٍ بَعْدَ الِادِّعَاءِ بِهِ عَلَى آخَرَ تَنَاقُضٌ. 26 - ادِّعَاءُ الْمَقْسُومِ بَعْدَ الِابْتِدَارِ بِتَقْسِيمِ التَّرِكَةِ تَنَاقُضٌ. 27 - الِادِّعَاءُ بِوُقُوعِ الْعَمْدِ وَفَاءً أَوْ وُقُوعِهِ فَاسِدًا بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِصُدُورِ الْعَقْدِ مِنْهُ بَاتًّا وَصَحِيحًا. 28 - إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا وَرَآهُ أَحَدُ أَقَارِبِهِ وَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ فَهُوَ تَنَاقُضٌ. 29 - إذَا شَاهَدَ أَحَدٌ تَصَرُّفَ أَحَدٍ فِي مَالٍ هَدْمًا وَبِنَاءً وَغَرْسًا مُدَّةً وَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَانَ تَنَاقُضًا. وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ سَتُفَصَّلُ وَتُوَضَّحُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. [ (الْمَادَّةُ 1647) التَّنَاقُضُ يَكُونُ مَانِعًا لِدَعْوَى الْمِلْكِ] الْمَادَّةُ (1647) - (التَّنَاقُضُ يَكُونُ مَانِعًا لِدَعْوَى الْمِلْكِ مَثَلًا إذَا اسْتَشْرَى أَحَدٌ مَالًا أَيْ أَرَادَ شِرَاءَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ مِلْكَهُ قَبْلَ الِاسْتِشْرَاءِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ كُنْت أَعْطَيْتُك كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَهَا إلَى فُلَانٍ فَلَمْ تُعْطِهَا لَهُ وَبَقِيَتْ فِي يَدِك فَأَحْضِرْهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَرَادَ دَفْعَ

الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ نَعَمْ كُنْتَ أَعْطَيْتنِي تِلْكَ الدَّرَاهِمَ إلَّا أَنَّنِي أَدَّيْتُهَا لَهُ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَجَابَ ذُو الْيَدِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ كَانَ مِلْكَك وَلَكِنْ بِعْتنِي إيَّاهُ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَجْرِ بَيْنَنَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ قَطُّ وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ دَعْوَاهُ رَجَعَ الْمُدَّعِي فَادَّعَى قَائِلًا. نَعَمْ كُنْتُ بِعْت لَك ذَلِكَ الْحَانُوتَ فِي ذَلِكَ التَّارِيخِ لَكِنَّ هَذَا الْبَيْعَ كَانَ وَفَاءً أَوْ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا يُسْمَعُ) . التَّنَاقُضُ يَكُونُ مَانِعًا لِدَعْوَى مِلْكِيَّةِ الْمُنَاقِضِ لِنَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَقَعَ تَنَاقُضٌ فِي دَعْوَى تُرَدُّ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ الَّتِي حَصَلَ فِيهَا التَّنَاقُضُ وَلَا تُسْمَعُ وَالْكَلَامَانِ اللَّذَانِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ يَمْنَعَانِ صِحَّةَ الدَّعْوَى سَوَاءٌ تَكَلَّمَ بِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي أَوْ تَكَلَّمَ بِأَوَّلِهِمَا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَتَكَلَّمَ بِالْآخَرِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لَكِنْ إذَا تَكَلَّمَ بِالْأَوَّلِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي يَجِبُ إثْبَاتُ التَّكَلُّمِ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى يَثْبُتَ التَّنَاقُضُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَمُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَبِقَوْلِهِ (مَانِعًا لِدَعْوَى الْمِلْكِ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ دَعْوَى النَّسَبِ وَلِذَلِكَ فَالتَّنَاقُضُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَدَعْوَى الْأُبُوَّةِ أَوْ دَعْوَى الْبُنُوَّةِ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ وَالِدِي أَوْ إنَّهُ ابْنِي فَأَطْلُبُ نَفَقَةً مِنْهُ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ لَيْسَ بِابْنِي أَوْ لَيْسَ وَالِدِي ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُدَّعِي وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْمَرَّةَ الْإِرْثَ قَائِلًا: إنَّ الْمُتَوَفَّى هُوَ ابْنِي أَوْ أَبِي فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ بِأَنِّي لَسْت وَارِثًا لِفُلَانٍ الْمُتَوَفَّى ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ وَارِثٌ وَبَيَّنَ جِهَةَ الْإِرْثِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ (لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْوِلَادَةِ مُجَرَّدًا يُقْبَلُ لِعَدَمِ حَمْلِ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةِ غَلَّتُهُ لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِشْرٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ الْمَذْكُورِينَ قَائِلًا: إنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ طَالِبًا مُشَارَكَتَهُمْ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا لِلْمُدَّعِي إنَّ دَعْوَاك غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِأَنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّك لَسْت مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ (الْهِنْدِيَّةُ وَجَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لَكِنْ لَا يَسْرِي تَنَاقُضُ الْمُتَنَاقِضِ إلَى مُشَارَكَةٍ. مَثَلًا لَوْ اسْتَشْرَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ مَعَ أَخِيهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكُهُمَا الْمُشْتَرَكُ قَبْلَ الِاسْتِشْرَاءِ أَوْ ادَّعَاهُ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ مَالُ أَبِيهِمَا وَقْتَ الِاسْتِشْرَاءِ وَأَنَّهُ أَصْبَحَ مِيرَاثًا لَهُمَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُسْتَشْرِي إلَّا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى أَخِيهِ فِي النِّصْفِ (الْهِنْدِيَّةُ) . التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ أَصْلِ الدَّعْوَى كَمَا أَنَّهُ يَمْنَعُ دَفْعَ الدَّعْوَى أَيْضًا. أَمْثِلَةٌ عَلَى كَوْنِهِ مَانِعًا لِأَصْلِ الدَّعْوَى:

1 - إذَا اسْتَشْرَى أَحَدٌ أَوْ وَكِيلُهُ مَالًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِكِتَابٍ أَوْ اسْتَوْهَبَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ شَهِدَ بِأَنَّ الْمَالَ لِشَخْصٍ آخَرَ أَوْ طَلَبَ أَخْذَهُ مُزَارَعَةً أَوْ مُسَاقَاةً ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ أَوْ مَوْرُوثًا عَنْ أَبِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مِنْ زَوَائِدِهِ. (الْبَهْجَةُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1583) . وَإِذَا ثَبَتَ اسْتِشْرَاؤُهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ ادِّعَاءِ الْمِلْكِيَّةِ فَيُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى إنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ فِي مَقَامِ الدَّفْعِ إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ مِلْكِي وَحَيْثُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَبَضَهُ مِنِّي وَلَمْ يُرْجِعْهُ لِي فَقَدْ اسْتَشْرَيْتُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ هَذَا التَّوْفِيقُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِشْرَاءُ بِالْبَيِّنَةِ فَهَلْ لِمُدَّعِي الِاسْتِشْرَاءِ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّرَفَ الْآخَرَ الْيَمِينَ؟ قَدْ ذَكَّرَنِي شَرْحُ الْبَابِ الثَّانِي قَاعِدَةً لِلْمَسَائِلِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمُورَ الثَّمَانِيَةَ وَهِيَ الِاسْتِشْرَاءُ؛ وَالِاتِّهَابُ؛ وَالِاسْتِيدَاعُ، وَالِاسْتِئْجَارُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى كَوْنِ الْمَالِ لِآخَرَ، وَالِاسْتِعَارَةُ، وَطَلَبُ الْمُزَارَعَةِ، وَطَلَبُ الْمُسَاقَاةِ مُنَافِيَةٌ لِدَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَابِلًا لِلتَّوْفِيقِ وَيُوقِفُهُ الْمُدَّعِي كَالْقَوْلِ قَدْ اسْتَشْرَيْتُهُ بَعْدَ الْمُسَاوَمَةِ أَوْ أَنَّ الْمُسَاوِمَ مِنْهُ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ عَنْ فُلَانٍ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: قَالَ عِنْدَ الْمُسَاوِمَةِ إنَّ هَذَا الثَّوْبَ لِأَبِي وَوَكَّلَك بِبَيْعِهِ فَبِعْهُ مِنِّي فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ ثُمَّ ادَّعَى الْإِرْثَ عَنْ أَبِيهِ يُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ عِنْدَ الدَّعْوَى كَانَ لِأَبِيهِ وَوَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ فَاشْتَرَيْته ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَ ثَمَنَهُ مِيرَاثًا لِي يُسْمَعُ وَيَقْضِي لَهُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَنَاقِضٍ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ: 1 - إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ بِالْإِجَارَتَيْنِ عَرْصَةَ وَقْفٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَادَّعَى بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ أَنَّ الْعَرْصَةَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . 2 - إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اسْتَشْرَى الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ فُلَانٍ الشَّخْصِ الْآخَرِ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ دَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسَاوَمَةَ وَكِيلِ الْمُدَّعِي فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسَاوَمَةَ الْوَكِيلِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَتْ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ مُسْتَثْنًى فِيهَا إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَسَاوَمَ الْوَكِيلُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَقَطْ وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُعْقِبَ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1583) . 4 - إذَا كَتَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ كِتَابًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا طَالِبًا فِيهِ شِرَاءَ عَرْصَتِهِ قَائِلًا: بِعْنِي عَرْصَتَك الْفُلَانِيَّةَ فَلَمْ يَبِعْهَا لَهُ فَإِذَا ادَّعَى الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَرْصَةَ مِلْكُهُ قَبْلَ الِاسْتِشْرَاءِ فَلَا تُسْمَعُ (الْبَهْجَةُ) .

5 - إذَا أَخَذَ أَحَدٌ أَرْضًا مُزَارَعَةً أَوْ رَوْضَةً مُسَاقَاةً ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ أَوْ تِلْكَ الرَّوْضَةَ هِيَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَقُلْ بِأَنَّنِي اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ بَعْدَ الْمُزَارَعَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ تُقْبَلُ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1657) . 6 - إنَّ تَعْبِيرَ الْمِلْكِيَّةِ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ التَّصَرُّفِ فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ فِي تَصَرُّفِهِ قَبْلَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (النَّتِيجَةُ) . وَقَوْلُهُ (قَبْلَ الِاسْتِشْرَاءِ) لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ بَعْدَ الِاسْتِشْرَاءِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَوْلُهُ (ذَلِكَ الْمَالُ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ زَوَائِدِ ذَلِكَ الْمَالِ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ النَّخِيلَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا إنَّهُ مِلْكِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ اسْتَشْرَيْت مِنِّي بَلَحَ ذَلِكَ النَّخِيلِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الِادِّعَاءُ دَفْعًا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَوْلُهُ (مِلْكُهُ) فَهُوَ تَعْبِيرٌ احْتِرَازِيٌّ عَلَى قَوْلٍ وَغَيْرُ احْتِرَازِيٍّ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1583) (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْخَانِيَّةُ) . ادِّعَاءُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى بَعْضِهِمَا الِاسْتِيَامَ أَوْ الْإِقْرَارَ - إذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى اسْتِيَامِ الْمُدَّعِي لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي أَيْضًا الْبَيِّنَةَ عَلَى اسْتِيَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الِاسْتِيَامَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَامِ مِنْهُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعَةِ فَالْمُدَّعِي بِهَذَا الدَّفْعِ يَكُونُ قَدْ ادَّعَى بِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُدَّعِي وَيَكُونُ قَدْ ارْتَفَعَ التَّنَاقُضُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الطَّرَفَانِ تَارِيخًا لِلْإِقْرَارِ فَيَنْدَفِعُ إقْرَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِ الْآخَرِ وَتَبْقَى بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ عَلَى حَالِهَا. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِلْكُهُ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُهُ وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَأَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَشْرُوحِ فَتَبْطُلُ الْبَيِّنَتَانِ وَتَبْقَى الْيَدُ بِلَا مُعَارِضٍ (وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَعَلَتْ الِاسْتِيَامَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْمُسْتَامِ مِنْهُ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي جَعَلَتْ الِاسْتِيَامَ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ هَذَا الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ وَثَمَّةَ أَحَدٌ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ) . (الْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي حَتَّى إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكِي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ قَدْ اسْتَوْهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْهُ وَأَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ فَتَبْطُلُ الْبَيِّنَتَانِ مَوْضُوعُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَيُتْرَكُ الْمَالُ لِذِي الْيَدِ. 3 - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ لَيْسَ لِي دَعْوَى مَعَهُ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى لِنَفْسِهِ عَلَيْهِ شَيْئًا

سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَدَّعِ حَقًّا حَادِثًا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَفِي ذَلِكَ الْحَالِ تُسْمَعُ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1563) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْآخَرُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْهُ. قَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (165) . 4 - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ قَائِلًا: لَيْسَ لِي حَقٌّ وَمَطْلُوبٌ عِنْدَ وَارِثِي الْفُلَانِيِّ أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ حَقًّا لِمُوَرِّثِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْوَارِثِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1652) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى بِالْوَكَالَةِ أَوْ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ شَيْئًا فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى. 5 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي التَّوْلِيَةَ عَلَى دَارٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. 6 - إذَا كَفَلَ أَحَدٌ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ الصَّدَاقِ ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَ الْبَيْعِ أَوْ النِّكَاحِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِكَذَا شَرْطًا فَاسِدًا فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْتِزَامِ الْمَالِ هُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِصِحَّةِ وُجُوبِ الْمَالِ فَلَا يُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ ادِّعَاؤُهُ الْفَسَادَ (النَّتِيجَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . 7 - إذَا أَوْكَلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي بَيْعِ كَرْمِهِ لِمَمْلُوكٍ لَهُ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ الْمَذْكُورَ كَانَ طَوْعًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ كَانَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) . 8 - إذَا تَفَرَّغَ أَحَدٌ بِالْحَانُوتِ الْوَقْفِ الْجَارِي فِي تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَازَتَيْنِ لِآخَرَ بِبَدَلٍ وَأَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْفَرَاغَ الْمَذْكُورِ كَانَ قَطْعِيَّا وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَيُّ عِلَاقَةٍ فِي الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أُفْرِغَ الْحَانُوتُ وَفَاءً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . 9 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِيَ الْإِثْبَاتَ ثُمَّ رَجَعَ الْمُدَّعِي وَادَّعَى أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَكُنْ ثَمَنَ مَبِيعٍ بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهُ وَدِيعَةٌ وَادَّعَى ثَانِيَةً أَنَّهُ دَيْنٌ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى (الْبَهْجَةُ) ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَوَّلًا عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ مَالُ شَرِكَةٍ ثُمَّ ادَّعَى ثَانِيًا بِأَنَّهُ دَيْنٌ فَتُقْبَلُ الدَّعْوَى. أَمَّا إذَا ادَّعَى أَوَّلًا الدَّيْنَ وَادَّعَى ثَانِيًا أَنَّهُ مَالُ شَرِكَةٍ فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَنْقَلِبُ دَيْنًا بِالْجُحُودِ أَمَّا الدَّيْنُ فَلَا يَنْقَلِبُ لِلْأَمَانَةِ أَوْ الشَّرِكَةِ (النَّتِيجَةُ) . 10 - إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ مَالَهُ بَلْ هُوَ مَالُ فُلَانٍ وَأَنَّهُ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ فُضُولًا فَلَا تَسْتَمِعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ فِي دَعْوَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (100) . 11 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمِلْكَ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ كَفَلَ كَفَالَةَ دَرَكٍ وَتَقَاضَى الثَّمَنَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ وَكَفَلَهُ أَحَدٌ عَلَى الدَّرَكِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

12 - إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ بَعْدَ قَبْضِهِ الثَّمَنَ وَإِقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ إنَّ الْمَبِيعَ مُتَعَيَّنٌ فَقَبْضُهُ إيَّاهُ وَإِقْرَارُهُ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ يَكُونُ تَنَاقُضًا فِي دَعْوَى الْعَيْبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ بِأَنَّ مَقْبُوضَهُ زُيِّفَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَقَدْ مَرَّ فِي حَقِّ ذَلِكَ إيضَاحَاتٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1113) . وَمَنْ يُرِيدُ زِيَادَةَ التَّفْصِيلِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ كِتَابَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، مَعَ كِتَابِ الدَّعْوَى فِي حَوَاشِيه. 13 - لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا قَدْ أَدَّيْت ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ هَذَا، أَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا بِإِقْرَارِهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ اسْتِحْسَانًا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ كُنْت مَدِينًا لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَادَّعَى أَدَاءَ الْمَبْلَغِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ سَوَاءٌ ادَّعَى ذَلِكَ مَفْصُولًا أَوْ ادِّعَاءً مَوْصُولًا بِالْإِقْرَارِ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِينَارًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَطَلَبَ أَدَاءَ ذَلِكَ لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ فَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ وَأَدَّوْا ذَلِكَ. ثُمَّ ادَّعَوْا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَّعِي قَائِلِينَ: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت قَبْلَ إقْرَارِنَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَك فِي ذِمَّةِ مُوَرِّثِنَا حَقٌّ أَوْ ادَّعَوْا قَائِلِينَ: بِأَنَّ مُوَرِّثَنَا قَدْ أَوْفَى لَك ذَلِكَ الدَّيْنَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ لِلتَّنَاقُضِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 14 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَبْلَغًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَاهُ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. 15 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي قَدْ وَرِثْته عَنْ أَبِي ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ بِالْعَكْسِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ اشْتَرَيْته مِنْ أَبِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ مِيرَاثٌ عَنْ أَبِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَوْفِيقُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ أَبِي فَأَنْكَرَ بَيْعَهُ وَلَمْ أَسْتَطِعْ إثْبَاتَ الشِّرَاءِ ثُمَّ وَرِثْته بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِي (التَّنْقِيحُ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى كَوْنِ التَّنَاقُضِ مَانِعًا لِدَفْعِ الدَّعْوَى: 1 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَعْطَيْتُك كَذَا دِرْهَمًا لِتُسَلِّمَهَا لِفُلَانٍ فَلَمْ تُسَلِّمْهُ وَبَقِيَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِك فَادْفَعْهَا لِي فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا لَمْ تُسَلِّمْهَا إلَيَّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى تَأْدِيَةِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَرَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا نَعَمْ قَدْ أَدَّيْتنِي كَذَا دِرْهَمًا لِأُسَلِّمَهَا لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَقَدْ سَلَّمْته ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ هَذَا وَالتَّنَاقُضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاقِعٌ بِقَوْلِهِ لَمْ تُسَلِّمْهَا لِي. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُنِي رَدُّ وَإِعَادَةُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ إلَيْك فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي ثُمَّ دَفَعَ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَتُسْمَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ. 2 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا قَدْ أَدَّيْت فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا بِنَاءً عَلَى أَمْرِك لِي عَلَى شَرْطِ الرُّجُوعِ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنَّنِي لَمْ آمُرْك مُطْلَقًا كَمَا أَنَّك لَمْ تُسْلِمْ ذَلِكَ الشَّخْصَ شَيْئًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا لِلْمُدَّعِي إنَّك قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ

فَلَا يُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْوُجُوبِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَنْكَرَ سَبْقَ الْوُجُوبِ بِالْكُلِّيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا كَفَلْتَ الْمَبْلَغَ الْمَطْلُوبَ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا لِلدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَمْ أَكْفُلْ مُطْلَقًا وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّك قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْكَفَالَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَمْ يَقَعْ بَيْنَنَا شَرِكَةٌ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ إنَّك لَمْ تُؤَدِّ لِي أَيَّ مَالٍ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَدْ أَدَّيْتُك ذَلِكَ الْمَالَ فَلَا يُقْبَلُ. أَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ فِي يَدَيْ مَالُ شَرِكَةٍ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك الْآنَ شَرِكَةٌ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ رَدَدْت لَك ذَلِكَ الْمَالَ يُقْبَلُ الدَّفْعُ. 3 - كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ مِلْكِي فَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إنَّ الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ كَانَ مِلْكَك لَكِنْ قَدْ بِعْتنِي إيَّاهُ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كُلِّيًّا بِقَوْلِهِ لَمْ يَجْرِ بَيْنَنَا بَيْعٌ وَشِرَاءٌ مُطْلَقًا وَبَعْدَ أَنْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ دَعْوَاهُ رَجَعَ الْمُدَّعِي وَقَالَ: نَعَمْ كُنْت فِي الْحَقِيقَةِ قَدْ بِعْتُك الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ فِي ذَلِكَ التَّارِيخِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ وَقَعَ وَفَاءً أَوْ كَانَ بِكَذَا شَرْطًا مُفْسِدًا لَوْ أَنَّنَا أَقَلْنَا الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَصَدَ الْفَسْخَ فَلَا يُقْبَلُ. 4 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دَرَاهِمَ وَادَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أُؤَدِّ لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بَلْ أَدَّيْته إلَى فُلَانٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْك ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 5 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ حَتَّى إنَّكَ قَدْ أَدَّيْتنِي سَنَدًا بِذَلِكَ مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا وَمُحْتَوِيًا عَلَى خَطِّك وَخَتْمِك وَمُتَضَمِّنًا إقْرَارَك بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَتَعَامَلْ مَعَك مُطْلَقًا وَلَمْ أُقِرَّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ أُحَرِّرْ عَلَى نَفْسِي سَنَدًا بِذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْإِقْرَارَ وَالسَّنَدَ كَانَ مُوَاضَعَةً لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. 6 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ مِنْ جِهَةٍ مَعْلُومَةٍ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ فِي سُوقِ الْحَمِيدِيَّةِ مَثَلًا وَلَمْ يُثْبِتْ دَفْعَهُ هَذَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فِي الْمَيْدَانِ فَلَا يُقْبَلُ دَفْعُهُ هَذَا مَا لَمْ يُوَفِّقْ كَلَامُهُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْت الْمَبْلَغَ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي الْمَيْدَانِ حَيْثُ قَدْ أَنْكَرَ اسْتِلَامَ الْمَبْلَغِ فِي الْحَمِيدِيَّة. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1656) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 7 - إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْأَصِيلَ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَنِي قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَلَا يُقْبَلُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ قَالَ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بَعْدَ فَضِّ الْمَجْلِسِ: بِأَنَّهُ قَدْ ادَّعَى كُلَّ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا. أَمَّا إذَا ادَّعَى بَعْدَ فَضِّ الْمَجْلِسِ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَيُقْبَلُ.

8 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا ثَمَنَ الْفَرَسِ الَّتِي بِعْتُهَا لَك فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَشْتَرِ مِنْك شَيْئًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُسْمَعُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَدْ أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّك أَبْرَأْتنِي مِنْهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ التَّكْمِلَةُ) . 9 - لَوْ ادَّعَى أَخٌ عَلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ أَخِيهِ قَائِلًا إنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ لِوَالِدِنَا فُلَانٍ وَبِوَفَاتِهِ أَصْبَحَتْ مَوْرُوثَةً لَنَا فَأَجَابَ ذُو الْيَدِ قَائِلًا: لَمْ يَكُنْ لِوَالِدِنَا حَقٌّ فِي هَذِهِ الدَّارِ فِي أَيِّ زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمَانِ وَعَلَيْهِ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَلَا يُسْمَعُ ادِّعَاءُ ذِي الْيَدِ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ قَدْ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ وَالِدِي فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَمَّا إذَا أَجَابَ ذُو الْيَدِ عَلَى الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لَيْسَتْ لِوَالِدِي فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ (الْخَانِيَّةُ) . 10 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: سَلَّمْت لَك كَذَا دِينَارًا لِتُعْطِيَهَا لِفُلَانٍ فَلَمْ تُسَلِّمْهَا وَبَقِيَتْ فِي يَدِك فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَمْ تُسَلِّمْنِي شَيْئًا مُطْلَقًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ: إنَّك أَدَّيْتَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِأُؤَدِّيَهُ إلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَدَّيْتُهُ لَهُ فَلَا يُسْمَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 11 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حُصُولِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي عَلَى كَذَا دَرَاهِمَ ادَّعَى قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْت لَك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ الصُّلْحِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 12 - إذَا ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَكْفُولَ بِهِ شَيْءٌ غَيْرُ وَاجِبٍ كَالْمَيْسِرِ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ فَلَا يُقْبَلُ هَذَا الِادِّعَاءُ وَلَا تُسْتَمَعُ الْبَيِّنَةُ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ بِهَذِهِ الْجِهَةِ فَيَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ مَعًا. سُؤَالٌ - مَا دَامَ أَنَّهُ بِإِقْرَارِ الدَّائِنِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ مَعًا فَكَانَ يَجِبُ اسْتِمَاعُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِذَلِكَ؟ الْجَوَابِ - تُسْتَمَعُ الْبَيِّنَةُ إذَا كَانَ الدَّعْوَى صَحِيحَةً وَالدَّعْوَى فِي ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدَيْنٍ هِيَ إقْرَارٌ وَتَصْدِيقٌ بِصِحَّةِ الدَّيْنِ وَالْكَفَالَةِ. (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الْمَسَائِلُ غَيْرُ الْمَعْدُودَةِ مِنْ التَّنَاقُضِ: 1 - إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ جَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَكْرٌ فَظَهَرَ أَنَّ جَدَّهُ بِشْرٌ فَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ لِجَدِّهِ اسْمَانِ. 2 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي كَذَا مَبْلَغًا دَيْنًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَبْرَأْتنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّنِي أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الدَّيْنَ فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِبْرَاءُ إبْرَاءَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَيَكُونُ الِادِّعَاءُ بِهِ عَيْنُ الْقَوْلِ بِأَنَّنِي أَدَّيْته. 3 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا مَبْلَغًا دَيْنًا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَوْفَيْتُك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ ثُمَّ قَالَ قَدْ حَوَّلْتُك بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ عَلَى فُلَانٍ وَقَدْ قَبِلَ كِلَاكُمَا الْحَوَالَةَ وَأَدَّاهَا لَك الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ. 4 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ دَارًا إرْثًا عَنْ وَالِدِهِ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا لَمْ يَكُنْ لِوَالِدِك حَقٌّ فِي هَذِهِ

(المادة 1648) لا يصح لأحد أن يدعي المال الذي أقر بكونه لغيره

الدَّارِ ثُمَّ قَالَ: قَدْ اشْتَرَيْت تِلْكَ الدَّارَ مِنْ وَالِدِك فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِوَالِدِك حَقٌّ فِي الدَّارِ بَعْدَمَا اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمُوَرِّثِك حَقٌّ فِي تِلْكَ الدَّارِ مُطْلَقًا فِي الْمَاضِي ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إنَّنِي قَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا مَا لَمْ يَقُلْ إنَّ وَالِدَك قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّارَ لِي (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . 5 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا شَرِكَةٌ مُطْلَقًا (قَالَ لَمْ تُؤَدِّ لِي أَيَّ مَالٍ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَعَدْت وَرَدَدْت ذَلِكَ الْمَالَ لَك) فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ هَذَا لِكَوْنِهِ تَنَاقُضًا. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا شَرِكَةٌ أَوْ لَيْسَ فِي يَدِي مَالُ شَرِكَةٍ ثُمَّ دَفَعَ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ. (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 6 - ادَّعَى شِرَاءً فَقَالَ ذُو الْيَدِ لَمْ أَبِعْ أَوْ قَالَ لَا بَيْعَ بَيْنَنَا أَوْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَنَا بَيْعٌ فَلَمَّا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الشِّرَاءِ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) فَلْيُنْظَرْ وَجْهَ التَّوْفِيقِ؟ 7 - ادَّعَى الْبَيْعَ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ عَلَى الْبَيْعِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسْخَهُ يَسْمَعُ وَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا. لِأَنَّ جُحُودَ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ) . 8 - ادَّعَى عَلَيْهِ أَرْبَعَمِائَةٍ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ ثَلَاثَمِائَةٍ سَقَطَ مِنْ الْمُنْكِرِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَقِيلَ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدًا فَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ فِي زَعْمِهِ فَأَيْنَ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . إذَا حَصَلَ تَنَاقُضٌ بَيْنَ دَعْوَتَيْنِ فَتَكُونُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةُ مَرْدُودَةً وَلَكِنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُعْقِبَ دَعْوَاهُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى الثَّانِيَةَ لَمْ تَسْتَمِعْ بِسَبَبِ ظُهُورِ كَذِبِهَا. أَمَّا الدَّعْوَى الْأُولَى فَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهَا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمُتَوَفَّى ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بِأَنَّهُ أَخٌ لِلْمُتَوَفَّى فَلَا يُقْبَلُ أَمَّا إذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمُتَوَفَّى فَتُقْبَلُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِيرَاثَ الْمُتَوَفَّى عَلَى كَوْنِهِ عَمَّهُ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبٌ الْمُتَوَفَّى فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ الْأُبُوَّةَ وَلَهُ الِادِّعَاءُ بِالْعُمُومَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ مُدَّعِيًا الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى دَعْوَاهُ الْأُولَى وَادَّعَى الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ هِيَ مِلْكِي حَيْثُ إنَّكَ قَدْ وَهَبْتنِي إيَّاهَا قَبْلَ شَهْرٍ وَسَلَّمْتهَا لِي ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّهَا مِلْكُهُ حَيْثُ وَهَبَهَا لَهُ قَبْلَ أَرْبَعَةِ شُهُورٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَا تُسْمَعُ أَمَّا إذَا عَادَ إلَى دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ وَهَبَهُ إيَّاهَا وَسَلَّمَهَا لَهُ قَبْلَ شَهْرٍ فَتُقْبَلُ. [ (الْمَادَّةُ 1648) لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ] الْمَادَّةُ (1648) - (لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ هَذَا مَالِي كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَدَّعِيَهُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ عَنْ آخَرَ) . لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ أَصَالَةَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ صَرَاحَةً أَوْ ضِمْنًا بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ أَيْ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِقَوْلِهِ هَذَا مَالِي أَوْ أَنَّ لِي فِيهِ كَذَا حِصَّةً أَوْ أَنْ يَدَّعِيَهُ أَحَدٌ بِالْوَكَالَةِ عَنْهُ أَوْ أَنْ يَدَّعِيَهُ وَرَثَتُهُ بَعْدَ

وَفَاتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَدَّعِيَهُ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ عَنْ آخَرَ أَيْ عَنْ غَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الدَّعْوَى تَنَاقُضٌ بِسَبَبِ عَدَمِ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْوَاحِدُ مِلْكًا لِاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. أَمَّا إذَا مَرَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ زَمَنٌ يُمْكِنُ الشِّرَاءُ فِيهِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ (1656) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَقَامَ شُهُودًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ اشْتَرَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا (الْهِنْدِيَّةُ) . الْإِقْرَارُ صَرَاحَةً أَوْ ضِمْنًا؛ يَكُونُ الْإِقْرَارُ إمَّا صَرَاحَةً كَقَوْلِك: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ وَإِمَّا ضِمْنًا كَاسْتِشْرَاءِ مَالٍ أَوْ اسْتِئْجَارِهِ أَوْ اسْتِعَارَتِهِ. مَثَلًا إذَا اسْتَعَارَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَاهُ بِقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1583) وَشَرْحَهَا حَتَّى إنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَنْتَ قَدْ طَلَبْتَ اسْتِعَارَةَ هَذَا الْمَالِ مِنِّي فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَتَبْقَى دَعْوَى الْمُوَكِّلِ مَسْمُوعَةً أَمَّا إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي اسْتِعَارَةَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ طَلَبَ مُسَاوَمَتَهُ فَلَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ وَلِلْمُوَكِّلِ حَقٌّ بِالِادِّعَاءِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1517) . مَالِي؛ هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ حَيْثُ لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّتْ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَاهُ الْمُقِرُّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لِغَيْرِ الْمُقَرِّ لَهُ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ. إنَّ مُوَكِّلِي قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ بَعْدَ إقْرَارِي مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تَشْتَمِلُ عَلَى فِقْرَتَيْنِ: الْفِقْرَةُ الْأُولَى - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ. مَا لَمْ يُرِدْ الْمُقَرُّ لَهُ الْإِقْرَارَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ شَخْصًا آخَرَ. مِثَالٌ عَلَى كَوْنِهِ مُدَّعًى عَلَيْهِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ لِوَالِدِي فَبِوَفَاتِهِ أَصْبَحَتْ مَوْرُوثَةً لِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ وَالِدَك قَدْ أَقَرَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي فَيَكُونُ دَفْعًا. مِثَالٌ عَلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مَالِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّك قَدْ أَقْرَرْت أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِزَيْدٍ وَقَدْ وَكَّلَنِي زَيْدٌ فِي إقَامَةِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ فِيهَا ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لِعَمْرٍو وَأَنَّ عَمْرًا قَدْ وَكَّلَهُ بِالدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَلَا تُسْتَمَعُ بَيِّنَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ مَالًا لِلدَّلَّالِ لِيَبِيعَهُ فَنَادَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ فَاشْتَرُوهُ ثُمَّ رَجَعَ الدَّلَّالُ وَادَّعَى أَنَّ الْمَالَ مَالُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. أَمَّا إذَا قَبِلَ الدَّلَالَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَقَطْ قَبْلَ أَنْ يُنَادِيَ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ادِّعَاءِ ذَلِكَ الْمَالِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

مُسْتَثْنًى - يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْحُكْمِيَّةُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ بَاعَ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ لِوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَأَنْكَرَ وَاضِعُ الْيَدِ الشِّرَاءَ وَادَّعَى أَنَّهَا دَارُهُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقِرُّ تِلْكَ الدَّارَ لِنَفْسِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ. أَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ لِوَاضِعِ الْيَدِ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنَّنِي بِعْتهَا لِوَاضِعِ الْيَدِ وَأَنْكَرَ وَاضِعُ الْيَدِ الشِّرَاءَ وَادَّعَى الْمُقِرُّ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ (الْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ الْمَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ عَنْ آخَرَ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ آخَرَ هُوَ غَيْرُ الْمُقَرِّ لَهُ، حَيْثُ إنَّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمَالَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَحِقُّ لَهُ الِادِّعَاءُ بِذَلِكَ الْمَالِ عَنْ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا وُكِّلَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمَالَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِلَايَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى. قِيلَ الَّذِي أَقَرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ بَلْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ فَقَطْ فَتَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّفْصِيلَاتُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: إذَا قَالَ أَحَدٌ أَثْنَاءَ دَعْوَى وَنِزَاعٍ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي فَقَالَ الْآخَرُ سَوَاءٌ كَانَ ذَا الْيَدِ أَوْ كَانَ خَارِجًا إنَّهُ لَيْسَ لِي فَهَذَا الْقَوْلُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ لِلْقَائِلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لَهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ ذَا الْيَدِ أَهُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُمِرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ وَأَنْ أَنْكَرَ يَأْمُرُ الْمُدَّعِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّخْصُ الْغَيْرُ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي أَوْ لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ لَيْسَ لِي فِيهِ حَقٌّ أَوْ مَا كَانَ لِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَهُ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الدَّعْوَى وَالنِّزَاعِ. أَمَّا لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ بِدُونِ وُجُودِ مُنَازَعٍ لَهُ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لِي ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّهُ لِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَالدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَمَقْبُولَةٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ الْمَالِ لِأَحَدٍ مَعْرُوفٍ وَلَمْ يُثْبِتْ لِأَحَدٍ حَقًّا وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ بَاطِلٌ. التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فِي حَالَةِ إبْطَالِ أَحَدٍ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ لِلْآخَرِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ) مَثَلًا لَوْ أَضَاعَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ عِدَّةَ شُهُورٍ وَلَمَّا ضَبَطَهَا قَالَ إنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ لِي ثُمَّ غَصَبَهَا شَخْصٌ مِنْ يَدِهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِي وَلَا يُقْبَلُ دَفْعُ الْغَاصِبِ بِقَوْلِهِ: إنَّ فِي دَعْوَاك تَنَاقُضًا حَيْثُ أَقْرَرْت بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ لَك. ادِّعَاءُ الطَّرَفَيْنِ وُقُوعَ الْإِقْرَارِ لَهُمَا. إذَا ادَّعَى الطَّرَفَانِ عَلَى بَعْضِهِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَقَرَّ لِلْآخَرِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ وَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ يَعْنِي لَوْ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَإِنَّك أَقْرَرْت بِأَنَّهُ لِي وَادَّعَى عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَقَدْ أَقْرَرْت أَنَّهُ لِي وَأَثْبَتَ كُلٌّ

(المادة 1649) إذا أبرأ أحد آخر من جميع الدعاوى

مِنْهُمَا مُدَّعَاهُ فَلَا يُعْمَلُ بِإِثْبَاتِ أَحَدِهِمَا وَيُتْرَكُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 1647) . [ (الْمَادَّةُ 1649) إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى] الْمَادَّةُ (1649) - (إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَلَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا لِنَفْسِهِ وَلَكِنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ) . إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مُعَيَّنًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى بِقَوْلِهِ مَثَلًا: لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَك مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا لِنَفْسِهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَصَالَةً أَوْ كَفَالَةً بِتَارِيخٍ مُقَدَّمٍ عَنْ الْإِبْرَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1565) (الْبَهْجَةُ) . دَعْوَى الْعَيْنِ: إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَائِلًا: بِأَنَّ الدَّارَ أَوْ الْفَرَسَ اللَّتَيْنِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُمَا مِلْكِي وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَهُمَا مِنِّي فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ غَصْبُ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ دَارٌ أَوْ حَقٌّ مُطْلَقًا وَلَمْ يُنْسَبْ بَيَانُهُ هَذَا إلَى مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ لَهُ كَذَا حَقًّا عِنْدَهُ فِي الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا بِتَارِيخٍ مُؤَخَّرٍ عَنْ الْإِبْرَاءِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْتُك كَذَا مَالًا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَأَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُسَلِّمَنِي إيَّاهُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1561) . . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ لَا حَقَّ لِي فِيهِ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ حِينٍ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا وَقَّتَ الشُّهُودُ بَعْدَهُ قُبِلَتْ. الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ ثُبُوتِ الْحَقِّ مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا عَنْ الْإِبْرَاءِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ تَارِيخَ الْمُدَّعَى بِهِ مُؤَخَّرٌ عَنْ تَارِيخِ الْإِبْرَاءِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَنْ تَارِيخِ الْإِبْرَاءِ وَأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِذَلِكَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ تَارِيخَ الْمُدَّعَى بِهِ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْإِبْرَاءِ فِيهَا وَإِذْ لَمْ يَثْبُتْ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (8 و 77) (التَّنْقِيحُ) . الْحُكْمُ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُسْقِطُ: إذَا تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُسْقِطُ يُعْتَبَرُ الْمُسْقِطُ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ. مَثَلًا إذْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالًا أَوْ عَيْنًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا (أَنْتَ قَدْ أَقْرَرْت حَالَ جَوَازِ إقْرَارِك بِأَنَّهُ لَيْسَ لَك دَعْوَى أَوْ خُصُومَةٌ عِنْدِي) وَأَثْبَتَ إقْرَارَهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ فَيُقْبَلُ دَفْعُهُ وَتَنْدَفِعُ الدَّعْوَى. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْمُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي دَعْوَاهُ بِسَبَبٍ حَاصِلٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمُسْقِطُ الْأَخِيرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

دَعْوَى الدَّيْنِ، لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو حَقٌّ مُطْلَقًا، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ لَهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ بِشْرٍ وَأَنَّ عَمْرًا الْمَذْكُورَ قَدْ كَفَلَ بِشْرًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي فِي ذِمَّتِك حَقٌّ مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ لِأَبِيهِ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّهَا أَصْبَحَتْ مِيرَاثًا لَهُ وَأَنَّهُ حِينَمَا أَبْرَأَهُ كَانَ يَجْهَلُ وَفَاةَ أَبِيهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْ إنَّ الْإِبْرَاءَ صَحِيحٌ وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ وَفَاةَ مُوَرِّثِهِ (النَّتِيجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ حَقٌّ مُطْلَقًا ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا مَبْلَغًا قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُور فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . قِيلَ (أَحَدٌ مُعَيَّنًا) فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّخْصُ الْمُبَرَّأُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَأَهَالِي مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ غَيْرَ مَحْصُورِينَ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلِذَلِكَ فَلَهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى زَيْدٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَة بِحَقِّ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1567) . مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى. أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الدَّعَاوَى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِمَا أَبْرَأهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1563) وَلَكِنْ يَطْلُبُهُ بِمَا لَمْ يُبْرِئْهُ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا وَلَيْسَ لِي فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ غَيْرَهُ مُطْلَقًا فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ كَذَا مَبْلَغًا عَدَا عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ دَارًا أَوْ عَشَرَة دَنَانِيرَ ثُمَّ تَصَالَحَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَقَالَ الْمُدَّعِي: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي دَعْوَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُصْرَفُ قَوْلُهُ عَلَى مَعْنَى بِأَنَّهُ لَيْسَ لِي دَعْوَى عَلَى الْمُدَّعِي حِينَ الصُّلْحِ بِأَنْ لَيْسَ لَهُ دَعْوَى فِي الدَّارِ أَوْ فِي الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَا لَمْ يُعَمِّمْ إبْرَاءَهُ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي أَيُّ دَعْوَى أَوْ أَيُّ خُصُومَةٍ مُطْلَقًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ، يَعْنِي لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَيْسَ لِي أَيُّ دَعْوَى أَوْ أَيُّ خُصُومَةٍ مُطْلَقًا، شَيْئًا مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ لَوْ أَشَارَ أَحَدٌ إلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ وَقَالَ: لَيْسَ لِي فِي هَذِهِ الدَّارِ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَةِ الدَّارِ وَقَالَ إنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الدَّارِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي الدَّارِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لَهُ لِآخَرَ وَأَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى التَّغْرِيرِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي بَائِعَهُ مِنْ دَعْوَى رَدِّ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ (الْبَهْجَةُ) .

(المادة 1650) إذا ادعى أحد مالا لآخر

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ نِصْفَ دَارٍ وَقَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ فِيهَا غَيْرُ نِصْفِهَا ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى جَمِيعَهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَادِّعَاؤُهُ أَوَّلًا نِصْفَهَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ادِّعَاءِ نِصْفِهَا الْآخَرِ. فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كُلَّ الدَّارِ ثُمَّ ادَّعَى نِصْفَهَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِصْفَهَا ثُمَّ ادَّعَاهَا كُلَّهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ الظَّاهِرَةَ وَأَبْرَأَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْوَارِثَ الْآخَرَ مِنْ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ ثُمَّ ادَّعَى الْوَارِثُ الْمُبَرِّئُ عَلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ بِأَنَّهُ أَخْفَى كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ الْفُلَانِيِّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) . وَلَكِنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ. لِأَنَّ إبْرَاءَ الْمُبَرِّئِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّهِ. فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ. مَنْعُ اسْتِمَاعِ دَعْوَى الْعَيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِقْرَارِ: عَدَمُ اسْتِمَاعِ دَعْوَى الْعَيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ هُوَ فِي صُورَةِ عَدَمِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمُدَّعَى بِهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيُسَلَّمُ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُمْكِنِ تَجَدُّدُ الْمِلْكِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلِذَلِكَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ عَلَى طَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْمُقِرِّ وَيُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ (رِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ دَارًا مِنْ آخَرَ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: نَعَمْ إنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ أَبْرَأَنِي إبْرَاءً عَامًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنِّي وَأَنْ يَأْخُذَهَا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَتُسَلَّمُ الدَّارُ لِلْمُدَّعِي حَسَبَ إقْرَارِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1653) . إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَيْنًا فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَبْرَأْتنِي مِنْ عَامَّةِ الدَّعَاوَى فَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي: نَعَمْ إنَّنِي أَبْرَأْتُك مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى وَلَكِنَّك قَدْ أَقْرَرْت بَعْدَ إبْرَائِي بِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكِي وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ يُقْبَلُ كَوْنُ الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ بِلَا حُكْمٍ. لَا يَمْنَعُ الْإِبْرَاءَ الْوَاقِعَ ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1566) . لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُبْرِئَ مِنْ دَيْنٍ وَقَبِلَ الْإِبْرَاءَ ثُمَّ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِالدَّيْنِ الْمُبَرَّأِ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْمَدِينِ. لِأَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مَثَلًا إذَا أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ مَطْلُوبِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَبِلَ الْمُبَرَّأُ الْإِبْرَاءَ ثُمَّ ادَّعَى الْمُبَرِّئُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي والشُّرُنْبُلاليُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1650) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ] الْمَادَّةُ (1650) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ فَلَا يَصِحُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ

(المادة 1651) لا يدعى الحق الواحد من جهة واحدة على رجلين

يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1648) . وَلَكِنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِآخَرَ بَعْدَمَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالدَّعْوَى قَدْ يُضِيفُ الْمِلْكَ إلَى نَفْسِهِ لَكِنْ عِنْدَ الْخُصُومَةِ لَا يُضِيفُ أَحَدٌ مِلْكَهُ لِغَيْرِهِ) . إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ بِالْوِلَايَةِ أَوْ بِالْوِصَايَةِ أَوْ بِالتَّوْلِيَةِ فَلَا يَصِحُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1648) ؛ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِهِ لِآخَرَ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكٌ لِلْآخَرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَاجِعَةً إلَى الْمَادَّةِ (1648) أَمْ لَوْ وَفَّقَ كَلَامَهُ وَأَثْبَتَهُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ كَأَنْ يَقُولَ مَثَلًا إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ لِفُلَانٍ وَبَعْدَ ادِّعَائِي اشْتَرَيْته مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الدَّعْوَى بِالْوَكَالَةِ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ إنَّهَا مِلْكُهُ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّكَ وَهَبْتَ تِلْكَ الْفَرَسَ لِزَوْجَتِي هِنْدٍ وَسَلَّمْتهَا إيَّاهَا وَهِيَ مِلْكُ زَوْجَتِي الْمَوْهُوبِ لَهَا وَادَّعَى ذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّكِ بِعْتنِي تِلْكَ الْفَرَسَ وَسَلَّمْتنِي إيَّاهَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) . الدَّعْوَى بِالتَّوْلِيَةِ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ وَقْفٌ وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِالْوَقْفِيَّةِ رَجَعَ وَادَّعَى ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. (النَّتِيجَةُ وَالْخَانِيَّةُ) . لِنَفْسِهِ - قَوْلُ " لِنَفْسِهِ " لَيْسَ احْتِرَازِيًّا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ عَنْ مَالٍ: إنَّهُ لِزَيْدٍ، وَادَّعَاهُ لِزَيْدٍ بِالْوَكَالَةِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ لِزَيْدٍ بَلْ هُوَ لِعَمْرٍو وَادَّعَاهُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ عَمْرٍو فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا لَوْ وَفَّقَ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ لِزَيْدٍ وَإِنَّ زَيْدًا كَانَ وَكَّلَنِي ثُمَّ إنَّهُ بَاعَ هَذَا الْمَالَ لِعَمْرٍو وَهُوَ الْآنَ مِلْكٌ لِعَمْرٍو وَقَدْ وَكَّلَنِي عَمْرٌو بِالِادِّعَاءِ فَتَصِحُّ دَعْوَاهُ (وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ بِأَنْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَاءَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ) (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلَكِنْ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِآخَرَ بَعْدَمَا ادَّعَاهُ أَوَّلًا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالدَّعْوَى قَدْ يُضِيفُ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ هِيَ مِلْكُهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى (الْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا ثَمَنَ مَبِيعٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ حَقٌّ لِشَخْصٍ آخَرَ وَادَّعَاهُ عَنْ ذَلِكَ الْآخَرِ وَأَثْبَتَهُ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَلَكِنْ لَا يُضِيفُ أَحَدٌ عِنْدَ الْخُصُومَةِ مِلْكَهُ لِغَيْرِهِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَضَافَهُ يَكُونُ إقْرَارًا. [ (الْمَادَّةُ 1651) لَا يُدَّعَى الْحَقُّ الْوَاحِدُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رَجُلَيْنِ] الْمَادَّةُ (1651) - (كَمَا أَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّخْصَيْنِ عَلَى حِدَةٍ كَذَلِكَ لَا يُدَّعَى الْحَقُّ الْوَاحِدُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رَجُلَيْنِ) .

(المادة 1652) يتحقق التناقض في كلام الشخصين اللذين هما في حكم المتكلم الواحد

وَتَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ: 1 - إذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَإِذَا أَخَذَهُ مِنْ الْكَفِيلِ يَبْرَأُ الْأَصِيلُ. 2 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي أَقْرَضْتُك كَذَا دِرْهَمًا فَأَدِّهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنْ يَدَّعِيَ بِأَنَّ دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَقْرَضَ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَقْرَضَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِشَخْصٍ آخَرَ هُوَ فُلَانٌ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ (النَّتِيجَةُ) . 3 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْتُك كَذَا دِرْهَمًا لِتُسَلِّمَهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ فَلَمْ تُسَلِّمْهَا وَقَدْ بَقِيَتْ فِي يَدِك فَأَرْجِعْهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَعْدَ أَنْ حَلَفَ الْيَمِينَ رَجَعَ الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ ادِّعَائِي عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ كَانَ بِوَجْهِ الْغَلَطِ وَإِنَّنِي لَمْ أَدْفَعْ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِلْمَذْكُورِ بَلْ دَفَعْته لِهَذَا الشَّخْصِ الْآخَرِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 4 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى زَيْدٍ قَائِلًا: إنَّ الْفَرَسَ الَّتِي اشْتَرَيْتُهَا مِنْك بِكَذَا دَرَاهِمَ قَدْ اسْتَحَقَّهَا بَكْرٌ وَضَبَطَهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْحَلِفِ فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ الَّذِي سَلَّمْته لَك ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ دَعْوَاهُ قَائِلًا: إنَّنِي غَلِطْت فِي دَعْوَايَ وَأَدَّعِي بِذَلِكَ عَلَى عَمْرٍو فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ زَيْدًا قَدْ بَاعَنِي تِلْكَ الْفَرَسَ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الْبَيْعَ وَبَاعَهَا لِعَمْرٍو ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْ عَمْرٍو فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) 5 - إذَا كَانَ حَانُوتٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ. فَادَّعَى مُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ الْحَانُوتِ عَلَى أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ بِقَوْلِهِ قَدْ صَرَفْت بِأَمْرِك عَلَى عِمَارَةِ الْحَانُوتِ الَّذِي تَحْتَ إجَارِي كَذَا دِرْهَمًا مِنْ مَالِي فَأَدِّ لِي مَا صَرَفْت وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي مُدَّعَاهُ فَإِذَا رَجَعَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى بِأَنَّهُ صَرَفَ مَا صَرَفَهُ بِأَمْرِ الْمَالِكِ الْآخَرِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (النَّتِيجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1652) يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِ الشَّخْصَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الْمُتَكَلِّمِ الْوَاحِدِ] الْمَادَّةُ (1652) - (يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِ الشَّخْصَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِي حُكْمِ الْمُتَكَلِّمِ الْوَاحِدِ كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَالْوَارِثِ وَالْمَوْرُوثِ كَمَا يُوجَدُ فِي دَعْوَى الْمُتَكَلِّمِ الْوَاحِدِ فَلِذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْوَكِيلُ دَعْوَى مُنَافِيَةً لِلدَّعْوَى الَّتِي سَبَقَتْ مِنْ الْمُوَكِّلِ فِي خُصُوصِ مَا لَا تَصِحُّ) . وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ، مَثَلًا إذَا اقْتَسَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَارِثَا الْمُتَوَفَّى التَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَا بَعْدَ التَّقْسِيمِ أَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوْفَيَا حَقَّهُمَا تَمَامًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَبْرَأَ بَعْضُهُمَا الْبَعْضَ إبْرَاءً عَامًّا ثُمَّ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ أَحَدُهُمَا (زَيْدٌ) فَادَّعَى وَارِثُ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِمَالِ بِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1648) . [ (الْمَادَّةُ 1653) يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ] الْمَادَّةُ (1653) - (يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ

(المادة 1654) يرتفع التناقض أيضا بتكذيب القاضي

عَلَى آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ) . يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلًا - بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْإِثْبَاتَ فَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ فَإِذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ كَامِلًا وَبَعْدَ أَنْ رَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِحُجَّةٍ عَلَى الْبَائِعِ قَالَ قَدْ بَقِيَ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دِرْهَمًا فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ لِلتَّنَاقُضِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَقَرَّ بِبَقَاءِ كَذَا دِرْهَمًا فِي ذِمَّتِهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ هَذَا بِسَبَبِ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (75) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . ثَانِيًا - تَرْتَفِعُ بَعْضُ التَّنَاقُضَاتِ بِتَرْكِ الدَّعْوَى الْأُولَى وَحَصْرِ الْمَطْلَبِ بِالدَّعْوَى الثَّانِيَةِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَوَّلًا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَزَيْدُ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ وَهَذَا مَانِعٌ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا تَرَكَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَادَّعَى الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ فَتُقْبَلُ. أَمَّا بَعْضُ التَّنَاقُضِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِزَيْدٍ ثُمَّ تَرَكَ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ لِبَكْرٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . ثَالِثًا - يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ:. [ (الْمَادَّةُ 1654) يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ أَيْضًا بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1654) - (يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ أَيْضًا بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ قَائِلًا: إنَّهُ مَالِي وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ لِفُلَانٍ وَأَنَا اشْتَرَيْته مِنْهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَحُكِمَ لَهُ بِذَلِكَ يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ إقْرَارِهِ بِكَوْنِ الْمَالِ لِلْبَائِعِ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَدْ ارْتَفَعَ بِتَكْذِيبِ حُكْمِ الْقَاضِي لِإِقْرَارِهِ) يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي أَيْضًا. مُسْتَثْنًى، وَلَكِنْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ لَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي وَهِيَ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: وَقَدْ بِعْتنِي مَالَك الْفُلَانِيَّ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَبِعْك ذَلِكَ الْمَالَ مُطْلَقًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ الدَّعْوَى بِطَلَبِ رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَفِي الْهِنْدِيَّةِ تَفْصِيلُ أَسْبَابِ ذَلِكَ. بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ:. 1 - مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ. إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ إنَّهُ مَالِي وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ لِفُلَانٍ وَأَنَا اشْتَرَيْته مِنْهُ مُنْكِرًا مِلْكَ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ وَحُكِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْحَلِفِ وَضُبِطَ الْمَبِيعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ إقْرَارِهِ بِكَوْنِ الْمَالِ لِلْبَائِعِ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ قَدْ ارْتَفَعَ بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي لِإِقْرَارِهِ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ وَادَّعَاهُ أَحَدٌ وَبَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمِ ضَبَطَهُ مِنْهُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ بَيْعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُشْتَرِي فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ أَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ نِتَاجٌ عِنْدِي وَلَمْ يُثْبِتْ وَبَعْدَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلِلْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى بَائِعِهِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ بَيْنَ إنْكَارِهِ الْبَيْعَ لِلْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ تَنَاقُضٌ حَيْثُ قَدْ كُذِّبَ هَذَا التَّنَاقُضُ بِحُكْمِ الْقَاضِي. 2 - مِنْ الْبَيْعِ، لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت فَرَسِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَأَدِّ لِي الثَّمَنَ وَخُذْ الْفَرَسَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُقُوعَ الْبَيْعِ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْبَيْعَ بِالشُّهُودِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ فِي الْفَرَسِ عَيْبًا قَدِيمًا وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ الْفَرَسُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَوْ أَنَّهُ يُوجَدُ تَنَاقُضٌ بَيْنَ إنْكَارِهِ الْبَيْعَ وَبَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ قَدْ ارْتَفَعَ بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي. 3 - مِنْ الْكَفَالَةِ، لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ كَذَا دِينَارًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَإِنَّك قَدْ كَفَلْت الْمَذْكُورَ بِأَمْرِهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ أَنَّهُ وُجِدَ تَنَاقُضٌ بَيْنَ إنْكَارِهِ الْكَفَالَةَ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَمَعَ ذَلِكَ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي وَبَعْدَ أَخْذِ الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمَحْكُومَ بِهِ: إنَّ الْأَصِيلَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْكَفَالَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكْفُلْهُ مُطْلَقًا وَأَنَّ شُهُودَ الْمُدَّعِي قَدْ شَهِدُوا بِذَلِكَ كَذِبًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ هَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةِ) . 4 - مِنْ الْوَكَالَةِ، لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا مِنْ بَدَل الْإِجَارِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنَّنِي سَلَّمْت الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّتِي بِأَمْرِك إلَى فُلَانٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي فَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَسْلِيمَهُ الْمَبْلَغَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْمُدَّعِي طَلَبُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ مَعَ كَوْنِهِ يُوجَدُ تَنَاقُضٌ بَيْنَ إنْكَارِهِ اسْتِلَامَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَبَيْنَ دَعْوَاهُ وَمُطَالَبَتِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ قَدْ ارْتَفَعَ بِحُكْمِ الْقَاضِي (التَّنْقِيحُ) . كَذَلِكَ إذَا أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَدِّ لِفُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا الَّذِي هُوَ بِذِمَّتِي لَهُ وَأَخْبَرَهُ الْمَأْمُورُ بِأَنَّهُ قَدْ ادَّعَى ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ وَأَدَّى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْمَأْمُورِ ثُمَّ ادَّعَى الدَّائِنُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْآمِرِ وَادَّعَى الْآمِرُ بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ لَهُ بِأَمْرِهِ فَأَنْكَرَ الدَّائِنُ وَحَلَفَ الْيَمِينَ وَأَخَذَ الْمَبْلَغَ مِنْ الْآمِرِ فَلِلْآمِرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْمَأْمُورِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْحَمَوِيُّ) .

(المادة 1655) يعفى التناقض إذا ظهرت معذرة المدعي

مِنْ الْوِصَايَةِ، لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِمُوَرِّثِي الْمُتَوَفَّى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا فِي ذِمَّتِك فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِوَصِيِّ الْمُدَّعِي فُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي وَالْوَصِيُّ وُصُولَ الْمَبْلَغِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُطَالِبَ الْوَصِيَّ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ (الْحَمَوِيُّ) . رَابِعًا - إذَا ظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ فِي مَحِلِّ خَفَاءٍ فَيُعْفَى التَّنَاقُضُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1655) يُعْفَى التَّنَاقُضُ إذَا ظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي] (الْمَادَّةُ 1655) - (يُعْفَى التَّنَاقُضُ إذَا ظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي بِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ خَفَاءٌ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَدِّ اسْتِئْجَارِ الدَّارِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهَا لَهُ فِي صِغَرِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَيْرٌ بِذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِئْجَارِ وَأَبْرَزَ سَنَدًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عِلْمٌ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مُنْتَقِلَةٌ إلَيْهِ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَادَّعَى بِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . يُعْفَى التَّنَاقُضُ إذَا ظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ مَحَلَّ خَفَاءٍ (التَّنْقِيحُ) . وَمَحَلُّ الْخَفَاءِ، هُوَ خُصُوصِيَّاتُ النَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَالْوِصَايَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِاشْتِرَاءِ مَسْتُورًا وَوُجُودُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْإِرْثُ وَالْوَقْفُ. النَّسَبُ - إنَّ عَفْوَ التَّنَاقُضِ فِي النَّسَبِ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1647) . فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ وَلَدِي ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ وَلَدِي يَصِحُّ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ النَّفْيِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ: أَنَا لَسْت وَارِثَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى إرْثَهُ وَبَيَّنَ الْجِهَةَ صَحَّ إذْ التَّنَاقُضُ فِي النَّسَبِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنِّي يَصِحُّ وَبِالْعَكْسِ لِكَوْنِ النَّسَبِ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ. لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِأَنَّهُ جُزْئِيٌّ. لَكِنْ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ صَدَّقَهُ تَثْبُتُ الْبُنُوَّةُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ التَّصْدِيقِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . الطَّلَاقُ - لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْمُخَالَعَةِ مَعَ زَوْجِهَا بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ إعْطَائِهِمْ زَوْجَتَهُ حِصَّتَهَا الْإِرْثِيَّةَ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ وَفِي حَالِ صِحَّتِهِ بَائِنًا وَأَثْبَتُوا ذَلِكَ فَيَسْتَرِدُّونَ مِنْ الزَّوْجَةِ الْحِصَّةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ التَّرِكَةِ (النَّتِيجَةُ) لِقِيَامِ الْعُذْرِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حَيْثُ اسْتَصْحَبُوا الْحَالَ فِي الزَّوْجَةِ وَخَفِيَتْ عَلَيْهِمْ الْبَيْنُونَةُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . الْوِصَايَةُ - لَوْ ادَّعَى الْوَصِيُّ بَعْدَ بَيْعِهِ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ حَسَبَ وِصَايَتِهِ أَنَّهُ بَاعَهُ بِغَبْنِ فَاحِشٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يُمْنَعُ اقْتِدَارُهُ مُبَاشَرَةَ الْبَيْعِ مِنْ الِادِّعَاءِ بِذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ بَعْدَ اقْتِسَامِهِمْ التَّرِكَةَ مَعَ الْمُوصَى لَهُ رُجُوعُ الْمُوصِي عَنْ وَصِيَّتِهِ وَأَثْبَتُوا ذَلِكَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ مُنْفَرِدٌ فِي رُجُوعِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (التَّكْمِلَةُ) .

الْوِلَايَةُ وَالتَّوْلِيَةُ - وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْوِصَايَةِ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَلِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. الْإِبْرَاءُ - إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بَعْدَ إيفَائِهِ الدَّيْنَ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّهُ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ حِينَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَبْلَغَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلدَّائِنِ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَلَّا يَعْلَمَ الْمَدِينُ بِإِبْرَاءِ الدَّائِنِ لَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ وَأَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: بِأَنَّ لِمُوَرِّثِي فُلَانٍ فِي ذِمَّةِ مُوَرِّثِك فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا وَبَعْدَ أَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ رَجَعَ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: بِأَنَّ مُوَرِّثَك قَدْ أَبْرَأَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ مُوَرِّثِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّنِي أَخَذْت الْآنَ عِلْمًا بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ الْإِبْرَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُقْبَلُ دَفْعُهُ. الِاشْتِرَاءُ مَسْتُورًا - لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ قَمِيصًا مَسْتُورًا بِغِلَافٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ فَتْحِهِ الْغِلَافَ وَرُؤْيَتِهِ الْقَمِيصَ أَنَّ الْقَمِيصَ الْمَذْكُورَ قَمِيصُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ اشْتِرَاءَهُ مَسْتُورًا لَا يَمْنَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِيهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وُجُودُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اسْتَهْلَكْت مَالِي الْفُلَانِيَّ فَاضْمَنْ لِي قِيمَتَهُ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ إحْضَارَهُ لِلْمَجْلِسِ وَتَسْلِيمَهُ لَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَادَّعَى أَوَّلًا بِأَنَّ الْمَالَ مَوْجُودٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ تَسْلِيمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَهْلَكَهُ وَطَلَبَ تَضْمِينَ قِيمَتِهِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحَلُّ خَفَاءٍ فَالتَّنَاقُضُ مَعْفُوٌّ فِيهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بَعْدَ اسْتِئْجَارِ الدَّارِ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَدْ اشْتَرَاهَا لَهُ فِي صِغَرِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَبَرٌ بِذَلِكَ وَأَبْرَزَ سَنَدًا يَتَضَمَّنُ شِرَاءَ وَالِدِهِ تِلْكَ الدَّارَ لَهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ أَوْ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِوَجْهٍ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلصَّغِيرِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَلَّا يَعْلَمَ بِذَلِكَ الصَّغِيرُ مَعَ كَوْنِ الِاسْتِئْجَارِ مُنَافِيًا لِدَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1583) (الدُّرَرُ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّنْقِيحِ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَتَرَكَ حِصَّةً مِنْ دَارٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلَانٍ فِي حَالِ صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ وَأَنَّهُ خَفِيَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّنَاقُضُ مَانِعًا مِنْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي مَا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا ثُمَّ حَصَلَ لَهُ عِلْمٌ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مُنْتَقِلَةٌ إلَيْهِ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ وَادَّعَى بِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْخَيْرِيَّةُ عَنْ الْبَحْرِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى قَائِلًا: إنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَقَدْ نَصَّبَنِي وَصِيًّا لِتَنْفِيذِ ذَلِكَ وَتُوُفِّيَ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى وَصِيَّتِهِ هَذِهِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِدُونِ عِلْمِ وَرَثَتِهِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ بِدُونِ عِلْمِهِمْ (الدُّرَرُ) . كَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الصَّغِيرُ الْوَارِثُ حَصْرًا لِمُتَوَفًّى عِنْدَ بُلُوغِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَ التَّرِكَةَ تَمَامًا مِنْ يَدِ وَصِيِّهِ

(المادة 1656) الابتدار إلى تقسيم التركة

فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِ الْوَصِيِّ هِيَ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ وَرَثَةً بَالِغِينَ وَأَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ نِصْفَ الدَّارِ لَهُمْ وَأَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَوْا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ اشْتَرَى نِصْفَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ حِينَ الْإِقْرَارِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَفِي التَّكْمِلَةِ عَنْ نُورِ الْعَيْنِ: قَاسَمَ كَرْمًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ لِوَالِدِهِ غَرَسَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهُ لَهُ مِيرَاثًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. خَامِسًا - يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِالتَّوْفِيقِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1657) . [ (الْمَادَّةُ 1656) الِابْتِدَارُ إلَى تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ] الْمَادَّةُ (1656) - (الِابْتِدَارُ إلَى تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ إقْرَارٌ بِكَوْنِ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا وَعَلَيْهِ فَالِادِّعَاءُ بَعْدَ التَّقْسِيمِ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمَقْسُومَ لِي تَنَاقُضٌ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ بِقَوْلِهِ إنَّنِي كُنْت اشْتَرَيْت أَحَدَ هَذِهِ الْأَعْيَانِ الْمَقْسُومَةِ مِنْ الْمُتَوَفَّى وَأَنَّ الْمُتَوَفَّى وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا لِي فِي حَالِ صِحَّتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ: إنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لِي حَالَ صِغَرِي وَلَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ بِذَلِكَ حِينَ الْقِسْمَةِ يَكُونُ مَعْذُورًا وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . الِابْتِدَارُ إلَى تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ أَيْ الْمُبَاشَرَةُ بِتَقْسِيمِهَا بِالرِّضَاءِ إقْرَارٌ بِكَوْنِ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا أَيْ كَوْنُ الْمَقْسُوم مِنْ تَرِكَةِ الْمُوَرِّثِ حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ صُورَةً وَمَعْنَى بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَبِالتَّقْسِيمِ يَنْقَطِعُ حَتَّى الْمُقَاسِمُ مِنْ التَّرِكَةِ صُورَةً وَمَعْنَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ جَبْرًا عَنْ الْمُدَّعِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ عَنْ الرَّمْلِيِّ) وَعَلَيْهِ فَالِادِّعَاءُ بَعْدَ التَّقْسِيمِ بِكَوْنِ الْمَقْسُومِ مِلْكَهُ تَنَاقُضٌ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ التَّقْسِيمِ وَالْمَقْسُومِ بِأَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْعَيْنِ بَعْدَ التَّقْسِيمِ وَوَجْهُ الِاسْتِفَادَةِ هُوَ أَنَّ التَّقْسِيمَ يَجْرِي فِي الْأَعْيَانِ وَلَا يَجْرِي فِي الدُّيُونِ وَالذِّمَمِ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ تَقْسِيمِ التَّرِكَة بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَحَدَ الْأَعْيَانِ الْمَقْسُومَةِ الَّتِي أَصَابَتْ أَحَدَ الْوَرَثَةِ قَائِلًا: إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الْعَيْنَ مِنْ الْمُتَوَفَّى فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ أَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ وَهَبَنِي وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ أَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ وَكِيلًا عَنِّي فِي شِرَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ قَدْ اقْتَسَمُوا مَعَ أَعْمَامِهِمْ الْعَقَارَاتِ الْمَوْرُوثَةَ عَنْ جَدِّهِمْ وَادَّعَوْا بَعْدَ الِاقْتِسَامِ بِأَنَّ جَدَّهُمْ قَدْ مَلَكَ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةَ لِأَبِيهِمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْهَلُونَ ذَلِكَ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَأَنَّ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكُهُمْ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالْقَسَّامُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ كَالْوَرَثَةِ. فَإِذَا ادَّعَى الْقَسَّامُ بَعْدَ تَقْسِيمِهِ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ أَحَدَ الْأَعْيَانِ الْمَقْسُومَةِ هِيَ لَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

(المادة 1657) لو أمكن توفيق الكلامين اللذين يريان متناقضين ووفقهما المدعي

وَقَبُولُ الْوِصَايَةِ أَيْضًا كَتَقْسِيمِ التَّرِكَةِ. مَثَلًا إذَا قَبِلَ أَحَدُ الْوِصَايَةِ عَلَى تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَالًا هُوَ مِنْ التَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ الْوِصَايَةَ عَلَى تِلْكَ التَّرِكَةِ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمَالَ بِقَوْلِهِ هُوَ مِلْكِي وَإِذَا ادَّعَاهُ لَا يُقْبَلُ. أَمَّا الِابْتِدَارُ إلَى تَقْسِيمِ غَلَّةِ مَالٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مُشْتَرَكٌ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ تَقْسِيمِ عِنَبِ الْكَرْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ التَّرِكَةِ الْكَرْمَ الْمَذْكُورَ مُسْتَقِلًّا قَائِلًا: بِأَنَّ مُوَرِّثَنَا قَدْ بَاعَهُ لِي فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَسَلَّمَهُ لِي فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ الْكَرْمُ لِزَيْدٍ وَثَمَرُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو. كَذَلِكَ الِابْتِدَارُ إلَى تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى الدَّيْنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ بَعْدَ اقْتِسَامِهِ التَّرِكَةَ مَعَ الْوَرَثَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ دَيْنَهُ تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ مَا لَمْ يَقْضُوا دَيْنَهُ أَوْ يُبْرِئُ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ بَاعَ حِصَّتَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ كَالْقِسْمَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا قَالَ إنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لِي حَالَ كَوْنِي صَغِيرًا أَوْ بَاعَهُ لِي وَلَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ بِذَلِكَ حِينَ الْقِسْمَةِ يَكُونُ مَعْذُورًا وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ إنَّهُ مَحَلُّ خَفَاءٍ. [ (الْمَادَّةُ 1657) لَوْ أَمْكَنَ تَوْفِيقُ الْكَلَامَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَوَفَّقَهُمَا الْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1657) - (لَوْ أَمْكَنَ تَوْفِيقُ الْكَلَامَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَوَفَّقَهُمَا الْمُدَّعِي أَيْضًا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَأْجِرًا فِي دَارٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ كُنْت مُسْتَأْجِرًا ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا يَكُونُ قَدْ وَفَّقَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةَ الْمِقْدَارِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مَا أَخَذْت مِنْك شَيْئًا أَوْ لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَك أَيُّ مُعَامَلَةٍ مُطْلَقًا أَوْ إنَّنِي لَا أَعْرِفُك مُطْلَقًا وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: قَدْ أَوْفَيْتُك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ كُنْتَ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ وَلَكِنْ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمَشْرُوحَةِ: لَيْسَ لَك عَلَيَّ دَيْنٌ قَطُّ وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: نَعَمْ كُنْتُ مَدِينًا لَك وَلَكِنْ أَوْفَيْتُكَ إيَّاهُ أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِدَفْعِ الْمُدَّعِي وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ وَدِيعَةً عَلَى آخَرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مَا أَوْدَعْت عِنْدِي شَيْئًا وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كُنْت رَدَدْتهَا وَسَلَّمْتهَا إلَيْك فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ هَذَا وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْوَدِيعَةَ عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى

الْمُدَّعِي الْمَشْرُوحَةَ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ لَك عِنْدِي تِلْكَ الْوَدِيعَةُ وَلَكِنْ رَدَدْتهَا وَسَلَّمْتهَا لَك فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . لَوْ أَمْكَنَ تَوْفِيقُ الْكَلَامَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَوَفَّقَهُمَا الْمُدَّعِي أَيْضًا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ. وَلَيْسَ تَعْبِيرُ الْمُدَّعِي هُنَا احْتِرَازِيًّا إذْ الْحُكْمُ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَلَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ بِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ فَقَطْ أَيْ لَوْ أَمْكَنَ تَوْفِيقُ الْكَلَامَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ وَلَمْ يُوَفِّقْهُمَا الْمُدَّعِي بِالْفِعْلِ فَلَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ اسْتِحْسَانًا وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ بِأَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَفِي الْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ تَوْفِيقُ الْكَلَامَيْنِ اللَّذَيْنِ يُرَيَانِ مُتَنَاقِضَيْنِ غَيْرَ مُمْكِنٍ. الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ تَوْفِيقُهُ مُمْكِنًا وَلَمْ يَجْرِ التَّوْفِيقُ. الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ تَوْفِيقُهُ مُمْكِنًا وَيُوَفَّقُ. فَفِي الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ تَكُونُ الدَّعْوَى غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَفِي الِاحْتِمَالِ الثَّالِثِ تَكُونُ صَحِيحَةً. أَمَّا فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَفِيهِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ: 1 - يَلْزَمُ تَوْفِيقُهُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي فِيهِ إمْكَانُ التَّوْفِيقِ. 2 - يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ فِيهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ التَّنَاقُضُ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَانَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ مُتَّحِدًا أَوْ غَيْرَ مُتَّحِدٍ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ أَبِي فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ وَأَنْكَرَ الْخَصْمُ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي وَحَلَفَ الْخَصْمُ الْيَمِينَ ثُمَّ رَجَعَ الْمُدَّعِي وَادَّعَى بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِيرَاثٌ لَهُ عَنْ وَالِدِهِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ حَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ ثُمَّ وَرِثْته أَمَّا إذَا ادَّعَى أَوَّلًا الْإِرْثَ وَادَّعَى ثَانِيًا الشِّرَاءَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْقَوْلُ بِكِفَايَةِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ مُطْلَقًا وَهُوَ قِيَاسٌ. 3 - إذَا كَانَ التَّنَاقُضُ مِنْ الْمُدَّعِي فَيَلْزَمُ فِيهِ التَّوْفِيقُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ. أَمَّا إذَا كَانَ التَّنَاقُضُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وُجُودُ التَّوْفِيقِ وَالظَّاهِرُ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ وَلَيْسَ حُجَّةً فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَلِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ يَكْفِي فِي الدَّفْعِ وَلَا يَكْفِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ. 4 - إذَا كَانَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ مُتَّحِدًا فَيَكْفِي فِيهِ إمْكَانُ التَّوْفِيقِ أَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ مُتَعَدِّدًا فَلَا يَكْفِي فِيهِ إمْكَانُ التَّوْفِيقِ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوْفِيقُ بِالْفِعْلِ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ جَارٍ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ:

أَوَّلًا) التَّنَاقُضُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُدَّعِي (ثَانِيًا) التَّنَاقُضُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ (ثَالِثًا) التَّنَاقُضُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مَالًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَيْسَ لَك عِنْدِي حَقٌّ مُطْلَقًا فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شُهُودًا عَلَى إيفَائِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى إبْرَاءِ الْمُدَّعِي لَهُ فَتُقْبَلُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ يَكُونُ بَعْضًا قَضَاءً دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ وَبَعْضًا إبْرَاءً وَلِذَلِكَ فَإِمْكَانُ التَّوْفِيقِ مَوْجُودٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ إنَّ لِي دَفْعًا سَأُحْضِرُهُ وَقَالَ لَهُ الْقَاضِي إنَّ الدَّفْعَ يَكُونُ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ فَأَيَّهمَا تَدَّعِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّعِيهِمَا مَعًا وَوَفَّقَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا. وَتَوْفِيقُ ذَلِكَ يَكُونُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَوْفَيْت بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَبْرَأَنِي مِنْ بَعْضِهِ أَوْ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَوْفَيْته جَمِيعًا فَأَنْكَرَ إيفَائِي فَرَجَوْته فَأَبْرَأَنِي مِنْهُ أَوْ بِقَوْلِهِ قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ فَأَوْفَيْته. أَمَّا التَّنَاقُضُ فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَجْرِ تَوْفِيقٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَأْجِرًا فِي دَارِ أَوْ مُزَارِعًا فِي أَرْضٍ أَوْ مُسْتَعِيرًا مَالًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1583) وَلَكِنْ لَوْ قَالَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ يُمْكِنُ الشِّرَاءُ فِيهَا بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ مُوَفِّقًا كَلَامَيْهِ كُنْت مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُزَارِعًا أَوْ مُسْتَعِيرًا ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْ مَالِكِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِذَا أَثْبَتَ شِرَاءَهُ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْخُذُ تِلْكَ الدَّارَ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّنِي اشْتَرَيْتهَا قَبْلَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الِاشْتِرَاءُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مَالُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ فِي مَالٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَرَجَعَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الْهِبَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ ادَّعَى وَقْتًا قَبْلَ وَقْتِ الْهِبَةِ لَا يُقْبَلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْفِيقَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ (الدُّرَرُ بِاخْتِصَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةَ الْمِقْدَارِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مَا أَخَذْت مِنْك شَيْئًا وَمَا أَخَذَ مِنْك دَيْنًا أَوْ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ لَك أَوْ لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَك أَيُّ مُعَامَلَةٍ مُطْلَقًا أَوْ لَا أَعْرِفُك قَطُّ أَوْ لَمْ أَنْظُرْك مُطْلَقًا أَوْ لَمْ أَجْتَمِعْ مَعَك فِي مَكَانٍ وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَوْفَى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ قَوْلِهِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) إذْ لَا يُمْكِنُ تَوْفِيقُ هَذَا التَّنَاقُضِ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى عَدَمَ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَوْفَى الْمُدَّعِيَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) مَا لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَفِّقًا: وَإِنْ يَكُنْ

أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمُدَّعِي مُعَامَلَةٌ مَا إلَّا أَنَّ شُهُودِي قَدْ سَمِعُوا إبْرَاءَ الْمُدَّعِي لِي وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي لَا أَعْرِفُك مُطْلَقًا فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي حَقَّهُ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِيصَالَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْإِيصَالَ. إلَّا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِوُصُولِ الْحَقِّ لَهُ فَيُقْبَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّنِي دَفَعْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ بَعْدَ قَوْلِي لَمْ آخُذْ مِنْك شَيْئًا فَيُقْبَلُ أَيْضًا. وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّكْمِلَةِ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ اشْتَرَى مِنْك ثَوْبًا قَبَضْت مِنْهُ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا وَبَقِيَ كَذَا فَأَجَابَ إنَّ مُوَرِّثِي لَمْ يَشْتَرِ مِنْك ثَوْبًا قَطُّ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُك فَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ عَلَى دَفْعِ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَوَابُهُ إلَّا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. وَلَكِنْ لَوْ قَالَ بَعْدَ ادِّعَاءِ الْمُدَّعِي الْمَشْرُوحِ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ قَطُّ أَوْ لَيْسَ لَك عَلَيَّ أَيُّ حَقٍّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: نَعَمْ كُنْت مَدِينًا وَلَكِنِّي أَوْفَيْتُك أَوْ أَبْرَأْتنِي مِنْهُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ يَدْفَعُ الْمُدَّعِي. إذْ لَا تَنَاقُضَ فِي هَذَا الدَّفْعِ حَيْثُ إنَّ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ مَعْنَاهُ بِأَنَّنِي أَوْفَيْت الدَّيْنَ وَلَيْسَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَلِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُ هَذَا الدَّفْعُ لِلتَّوْفِيقِ. وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْقِيحُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ: قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِيفَاءِ وَلَوْ قَالَ مَا اسْتَدَنْت مِنْك لَا تُسْمَعُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ، وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْوِيرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ. وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ وَدِيعَةً عَلَى آخَرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مَا أَوْدَعْت عِنْدِي شَيْئًا وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْإِيدَاعَ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ كُنْت رَدَدْتهَا وَسَلَّمْتهَا إلَيْك أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُهُ هَذَا وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْوَدِيعَةَ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7941) . وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً يَضْمَنُ قِيمَتَهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ مِثْلَهَا إذَا كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ كَلَامِهِ مَا أَوْدَعْت عِنْدِي شَيْئًا وَكَلَامِهِ قَدْ رَدَدْتهَا لَك تَنَاقُضٌ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّوْفِيقِ. وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ بَعْدَمَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْوَجْهَ الْمَشْرُوحَ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ لَك عِنْدِي تِلْكَ الْوَدِيعَةُ وَلَكِنْ رَدَدْتهَا وَسَلَّمْتهَا لَك فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ إنَّ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ مَعْنَاهُ بِأَنَّنِي رَدَدْت لَك تِلْكَ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّنْقِيحِ. ادَّعَى عَلَيْهِ شَرِكَةً أَوْ قَرْضًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ قَبْضَ مَالٍ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَأَنْكَرَ ثُمَّ اعْتَرَفَ وَادَّعَى الرَّدَّ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا.

وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ: ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ هَذَا الْمَالَ وَبِهِ عَيْبٌ وَرَامَ الرَّدَّ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَلَمَّا بَرْهَنَ عَلَيْهِ زَعَمَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَالْعَيْنُ وَالدَّيْنُ سِيَّانِ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مَالًا ثُمَّ ادَّعَى بِهِ عَيْبًا فَاسْتَحْلَفَ الْبَائِعَ فَنَكَلَ وَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ بَعْدَ إنْكَارِ الدَّيْنِ أَوْ ادَّعَى الْعَفْوَ عَنْ صَاحِبِ الْقِصَاصِ بَعْدَ إنْكَارٍ تُسْمَعُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى أَخِيهِ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَوْرُوثَةٌ لَنَا عَنْ أَبِينَا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَنَا حَقٌّ فِي هَذِهِ الدَّارِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّهُ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ أَبِيهِ أَوْ ادَّعَى بِأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لَهُ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ بَيْنَنَا حَقٌّ فِي الدَّارِ مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِيهَا حَيْثُ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَلَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمَذْكُورَةِ إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لَمْ تَكُنْ بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ مِلْكًا لِوَالِدِنَا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الشِّرَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ لِلتَّنَاقُضِ. وَلَكِنْ يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ إقْرَارَ وَالِدِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1652) الْهِنْدِيَّةُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا إنَّهُ مَالِي قَدْ وَرِثْته أَوْ أَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ لِي ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ دَعْوَاهُ هَذِهِ وَقَالَ إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ ذِي الْيَدِ حَيْثُ إنَّهُ أَنْكَرَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَوْرُوثٌ لِي أَوْ أَنْكَرَ هِبَتَهُ وَتَسَلُّمَهُ لِي أَوْ ادَّعَى بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ ذِي الْيَدِ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بِأَنَّ الْبَائِعَ أَنْكَرَ الْبَيْعَ وَأَنَّهُ وَهَبَهُ وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ تَارِيخَ الِادِّعَاءِ الْأَوَّلِ وَالِادِّعَاءِ الثَّانِي أَوْ ذَكَرَ تَارِيخًا فِيهِمَا وَكَانَ تَارِيخُ الثَّانِي مُقَدَّمًا عَنْ التَّارِيخِ الْأَوَّلِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَوْرُوثَةٌ لِي عَنْ وَالِدِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لَمْ تَكُنْ بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ مِلْكًا لِوَالِدِك أَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِوَالِدِك حَقٌّ فِي هَذِهِ الدَّارِ مُطْلَقًا فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ وَالِدَ الْمُدَّعِي بَاعَهُ تِلْكَ الدَّارَ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمَشْرُوحَةِ لَيْسَ لِوَالِدِك حَقٌّ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ وَالِدَ الْمُدَّعِي بَاعَهُ تِلْكَ الدَّارَ أَوْ ادَّعَى إقْرَارَ وَالِدِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعِي فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لَهُ فَيُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

(المادة 1658) أقر أحد بصدور عقد بات صحيح منه ثم ادعى أن غير ذلك

[ (الْمَادَّةُ 1658) أَقَرَّ أَحَدٌ بِصُدُورِ عَقْدٍ بَاتٍّ صَحِيحٍ مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ غَيْر ذَلِكَ] الْمَادَّةُ (1658) - (إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِصُدُورِ عَقْدٍ بَاتٍّ صَحِيحٍ مِنْهُ وَرَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ كَانَ وَفَاءً أَوْ فَاسِدًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 100) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ لِآخَرَ فِي مُقَابَلَةِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرَّ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي بِعْت دَارِي الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الثَّمَنِ بَيْعًا بَاتًّا صَحِيحًا وَرَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ كَانَ عَقْدًا بِطَرِيقِ الْوَفَاءِ أَوْ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كَذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ مَعَ آخَرَ عَلَى دَعْوَاهُ وَذَهَبَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ عُقِدَ صَحِيحًا وَبَعْدَ أَنْ رَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ رَجَعَ وَادَّعَى بِأَنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ قَدْ وَقَعَ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِصُدُورِ عَقْدٍ بَاتٍّ صَحِيحٍ مِنْهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ وَفَاءً وَلَا فَاسِدًا وَرَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ مُعَنْوَنٍ وَمَرْسُومٍ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ كَانَ وَفَاءً أَوْ فَاسِدًا مَعَ إقْرَارِهِ بِتَحْرِيرِ السَّنَدِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (10) . أَمَّا إذَا ادَّعَى قَائِلًا: بِإِنَّنِي أَقْرَرْت بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بَاتًّا وَصَحِيحًا إلَّا أَنَّنِي كَاذِبٌ فِي إقْرَارِي وَأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ وَفَاءً فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَادَّةِ (1589) . مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ لِآخَرَ فِي مُقَابَلَةِ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي تَوْثِيقًا لِلْبَيْعِ وَأَقَرَّ بِقَوْلِهِ إنَّنِي بِعْت دَارِي الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ بِمُقَابَلَةِ كَذَا مَبْلَغًا ثَمَنًا بَيْعًا بَاتًّا صَحِيحًا وَرَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ كَانَ عُقِدَ بِطَرِيقِ الْوَفَاءِ أَوْ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (النَّتِيجَةُ) . سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ بَيْعًا وَقَدْ ذَكَرَ مِثَالَهُ أَوْ كَانَ تَوْكِيلًا، مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِبَيْعِ كَرْمِهِ لِشَخْصٍ فَبَاعَ الْوَكِيلُ الْكَرْمَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَاعْتَرَفَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ طَوْعًا مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوْكِيلَ قَدْ وَقَعَ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (الْبَهْجَةُ) . أَوْ كَانَ إبْرَاءً - مَثَلًا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِخُصُوصٍ مَا ثُمَّ ذَهَبَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي فَأَقَرَّ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ صَحِيحًا وَرَبَطَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ قَدْ وَقَعَ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (النَّتِيجَةُ) . أَوْ كَانَ صُلْحًا - كَذَلِكَ لَوْ تَصَالَحَ أَحَدٌ مَعَ آخَرَ عَلَى دَعْوَاهُ وَذَهَبَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الصُّلْحَ عَقْدٌ صَحِيحًا بَعْدَ أَنْ رَبَطَ إقْرَارَهُ هَذَا بِسَنَدٍ رَجَعَ وَادَّعَى بِأَنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ قَدْ وَقَعَ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ هُوَ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. أَمَّا لَوْ قَالَ أَحَدٌ بِقَصْدِ إنْشَاءِ الْبَيْعِ قَدْ بِعْت لَك هَذَا الْمَالَ بَيْعًا صَحِيحًا وَقَبِلَ الْآخَرُ فَادَّعَى

(المادة 1659) باع أحد مالا على أنه ملكه في حضور شخص آخر ثم ادعى الحاضر بأنه ملكه

بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ كَانَ وَفَاءً وَأَنَّ الْقَوْلَ عَنْهُ بِأَنَّهُ بَيْعٌ بَاتٌّ صَحِيحٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. [ (الْمَادَّةُ 1659) بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فِي حُضُورِ شَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ ادَّعَى الْحَاضِرُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ] الْمَادَّةُ (1659) - (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فِي حُضُورِ شَخْصٍ آخَرَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْحَاضِرُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فِيهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَرَأَى ذَلِكَ وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ أَقَارِبِ الْبَائِعِ أَوْ زَوْجَهَا أَوْ زَوْجَتَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ هَذِهِ مُطْلَقًا وَإِذَا كَانَ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَا يَكُونُ حُضُورُهُ وَسُكُوتُهُ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ مَانِعًا لِاسْتِمَاعِ دَعْوَاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَمَّا إذَا كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَرَأَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مُدَّةً بِإِنْشَائِهِ أَبْنِيَةً فِيهِ أَوْ هَدْمِهِ أَوْ غَرْسِهِ أَشْجَارًا وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ بِأَنَّ الْمِلْكَ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فِيهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا أَوْ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ بِسَنَدِ تَمْلِيكٍ فِي حُضُورِ شَخْصٍ آخَرَ لِشَخْصٍ أَوْ تَفَرَّغَ بِهِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْحَاضِرُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ مَعَ أَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ يُنْظَرُ: فِي حُضُورِهِ وَرَأَى - وَالْمَقْصِدُ مِنْ ذَلِكَ الِاطِّلَاعِ وَالْعِلْمِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْبَيْعِ أَمْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ وَعَلِمَ بِالْبَيْعِ مُؤَخَّرًا يَعْنِي لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَلَمْ يَحْضُرْ أَقَارِبُ الْبَائِعِ أَوْ زَوْجُهَا أَوْ زَوْجَتُهُ مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَاطَّلَعَ عَلَى الْبَيْعِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَسَكَتَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: الْبَيْعُ - لَيْسَ هَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازًا مِنْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ التَّصَدُّقِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَا بَيَّنَهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا. مَثَلًا إذَا كَانَ أَحَدُ أَقَارِبِ الْوَاهِبِ أَوْ زَوْجُهَا أَوْ زَوْجَتُهُ حَاضِرًا وَقْتَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَسَكَتَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُطْلَقًا. إلَّا أَنَّ عَلِيًّا أَفَنْدِي قَدْ ذَكَرَ فِي فَتْوَاهُ أَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. مَثَلًا لَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ دَارَهَا لِأُخْتِهَا فِي مُوَاجَهَةِ بِنْتِهَا وَسَلَّمَتْهَا لَهَا وَسَكَتَتْ بِنْتُهَا فَإِذَا ادَّعَتْ الْبِنْتُ عَلَى أُخْتٍ لَهَا بِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ وَهَبَتْهَا تِلْكَ الدَّارَ وَسَلَّمَتْهَا لَهَا قَبْلَ أَنْ تَهَبَهَا لِأُخْتِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَى هَذَا الْحَالِ يَجِبُ إيجَادُ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَيْسَ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا فِي الظَّاهِرِ فَلِذَلِكَ يَرَى أَنَّ بَيَانَ رَدِّ الْمُحْتَارِ هُوَ الْمُوَافِقُ. إلَّا أَنَّهُ احْتِرَازٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِعَارَةِ كَمَا سَيُوَضَّحُ آتِيًا.

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ أَقَارِبِ الْبَائِعِ أَوْ زَوْجَهَا أَوْ زَوْجَتَهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مُطْلَقًا فِيمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ أَوْ لَمْ يَتَصَرَّفْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَدَّ الْحُضُورَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَتَرَكَ الْمُنَازَعَةَ أَثْنَاءَ ذَلِكَ إقْرَارًا دَلَالَةً بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكُ الْبَائِعِ وَحَيْثُ وَجَدَ أَنَّ أَهْلَ الْعَصْرِ يَمِيلُونَ إلَى الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ فَقَدْ قَصَدَ بِذَلِكَ وَضْعَ حَائِلٍ بَيْنَ الْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالُ الْمُدَّعِي وَادَّعَى أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الْمُدَّعِي وَقْتَ الْبَيْعِ وَسُكُوتَهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُسْمَعُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا بَلْ يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1653) . لَمْ أَرَ مِنْ بَيَّنَ دَرَجَةَ الْقَرَابَةِ؟ وَمَنْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ مِنْ الْأَقَارِبِ أَوْ وَضَّحَ ذَلِكَ؛ إلَّا أَنَّ شَرْحَ التَّنْوِيرِ بَيَّنَ أَنَّ الْأَقَارِبَ مَثَلًا كَالِابْنِ، وَذَكَرَ الْمُحَشِّي عَلَى التَّنْوِيرِ أَنَّ غَيْرَ الِابْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ هُوَ كَالِابْنِ كَمَا أَنَّ الْخَيْرِيَّةَ قَدْ ذُكِرَتْ فِي قِسْمِ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْعَمَّ هُوَ فِي هَذَا الْحُكْمِ. فَإِذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الْأَقَارِبِ تَشْمَلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْعَمَّ فَلَا شَكَّ بِأَنَّ الْأَقَارِبَ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ قَرَابَةِ الْعَمِّ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْأُخْتِ يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ الْعَمِّ. وَلَكِنْ هَلْ يَشْمَلُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَقَارِبَ الْآخَرِينَ كَأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ؟ لَمْ أَجِدْ إيضَاحَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. إلَّا أَنَّ ابْنَ عَابِدِينَ فِي رِسَالَةِ غَايَةِ الْمَطْلَبِ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ ذُو الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ إلَّا أَنَّ الرِّسَالَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ فِي حَقِّ الْوَقْفِ فَهَلْ يَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاسْتِدْلَال بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ قَدْ أَطْلَقَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [النور: 22] عَلَى ابْنِ الْخَالَةِ. الْبَيْعُ - وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْبَيْعِ بِالِاسْتِغْلَالِ وَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَجَرَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فِي حُضُورِ آخَرَ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ بَاعَهُ اسْتِغْلَالًا فَإِذَا ادَّعَى الْحَاضِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فِيهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ أَقَارِبِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْأَجَانِبِ. كَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِمَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فِي مُوَاجَهَةِ وَلَدِهِ وَمَاتَ مُصِرًّا عَلَى وَصِيَّتِهِ وَضَبَطَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ ادَّعَى وَلَدُ الْمُوصِي بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ فَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي إنَّك مُتَنَاقِضٌ فِي دَعْوَاك حَيْثُ سَكَتَّ حِينَ الْوَصِيَّةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعُقُودِ الْأُخْرَى هُوَ أَنَّ الْمَالِكَ لَا يَرْضَى بِأَنْ يَنْتَقِلَ مِلْكُهُ لِلْغَيْرِ إلَّا أَنَّهُ يَرْضَى أَنْ يَنْتَفِعَ آخَرُ فِي مَالِهِ كَمَا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ فِي الْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى غَيْرِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (15) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّغَ أَحَدٌ بِالْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِهِ بِمُوجِبِ سَنَدٍ خَاقَانِيٍّ لِآخَرَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فِي حُضُورِ زَوْجَتِهِ وَسَكَتَتْ الزَّوْجَةُ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَتْ مُؤَخَّرًا بِأَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ تَحْتَ تَصَرُّفِهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَجَانِبِ سَوَاءٌ كَانَ أُولَئِكَ الْأَجَانِبُ مِنْ الْجِيرَانِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا يَكُونُ حُضُورُهُ وَسُكُوتُهُ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ فَقَطْ مَانِعًا مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ أَيْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ بَعْدَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ بِلَا عُذْرٍ تَصَرَّفَ الْمُلَّاكُ بِنَاءً

خلاصة الباب الأول في تعريف الدعوى

وَهَدْمًا كَهَدْمِ الْحَائِطِ أَوْ غَرْسًا وَرَآهُ الْحَاضِرُ وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هَذَا مِلْكِي أَوْ أَنَّ لِي فِيهِ كَذَا حِصَّةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَوْ أَنَّ مُدَّةَ التَّصَرُّفِ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ. إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَجِدْ مَنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ الَّتِي يَسْقُطُ فِيهَا الْحَقُّ بِالسُّكُوتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَإِذَا أَثْبَتَ السُّكُوتَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الطَّرَفِ الْمُنْكِرِ؟ قَدْ بَيَّنَّا فِي شَرْحِ الْبَابِ الثَّانِي الْآتِي الْبَيَانَ قَاعِدَةً فِقْهِيَّةً لِلْمَسَائِلِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ فَلْتُرَاجِعْ. تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ - هُوَ التَّصَرُّفُ الَّذِي يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ فَقَطْ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهِ. الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ: يَكْفِي فِي الْأَقَارِبِ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِمَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَمَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُدَّةً فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَجَانِبِ يَلْزَمُ التَّصَرُّفُ مُدَّةً لِمَنْعِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ الْفَاسِدَةَ تَغْلِبُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَشُبْهَةُ التَّلْبِيسِ مُرَجِّحَةٌ بَيْنَهُمْ وَفِي دَعَاوَى الْإِرْثِ يَحْصُلُ كَثِيرٌ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَطَمَعُهُ فِي مَالِ الْغَيْرِ نَادِرٌ فَلِذَلِكَ يَجِبُ وُجُودُ مُرَجِّحٍ يُرَجِّحُ بِهَا جِهَةَ التَّزْوِيرِ وَهِيَ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُدَّةً فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1655) يُعْذَرُ الْمُدَّعِي فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ وَفِي حَالِ الصِّغَرِ وَفِي عَدَمِ الْعِلْمِ فَلِذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ فِي حُضُورِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَعْدَ أَنْ رَأَى ذَلِكَ وَسَكَتَ ادَّعَى عِنْدَ بُلُوغِهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ صَغِيرًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1616) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ يُصَدَّقُ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ دَارًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَبَعْدَ أَنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ فِي حُضُورِ وَلَدِهِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ وَكَانَ وَلَدُهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ الدَّارَ مُبَاعَةٌ لَهُ فِي حَالِ صِغَرِهِ فَإِذَا ادَّعَى الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ كَذَا حِصَّةً فِيهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ حَيْثُ إنَّ لِلْأَبِ الشِّرَاءَ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ مُنْفَرِدًا فَيَكُونُ الشِّرَاءُ مَحَلَّ خَفَاءٍ لِلْوَلَدِ (الْوَاقِعَاتُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ عِبَارَةَ، فِي الْبَيْعِ، الْوَارِدَةَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ لَيْسَتْ لَفْظًا احْتِرَازِيًّا فَلِذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدٌ آخَرَ يَتَصَرَّفُ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُدَّةَ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ وَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بِنَفْسِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُهُ بَعْدَ الْوَفَاةِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُرُورُ زَمَنٍ فِيهِ. مَثَلًا لَوْ سَكَنَ أَحَدٌ فِي دَارٍ ثَلَاثَ أَوْ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ وَرَأَى جَارُهُ تَصَرُّفَهُ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِإِنْشَاءِ أَبْنِيَةٍ أَوْ هَدْمِهَا فَسَكَتَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الدَّارِ لَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْقِيحُ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ فَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ. [خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي تَعْرِيفُ الدَّعْوَى] خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ تَعْرِيفُ الدَّعْوَى طَلَبُ أَحَدٍ حَقَّهُ حَالٍ الْمُنَازَعَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ فِي الْمَحْكَمَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ

عَلَى الْجَزْمِ مُضِيفًا إيَّاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَتَعْبِيرُ حَقٍّ يَشْمَلُ الْأَعْيَانَ وَالدُّيُونَ وَالْحَقَّ الْوُجُودِيَّ وَالْعَدَمِيَّ. تَقْسِيمُهَا - الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ وَالدَّعْوَى الْفَاسِدَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ (1) فَاسِدَةُ الْوَصْفِ (2) فَاسِدَةُ الْأَصْلِ وَهِيَ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةُ. شَرَائِطُهَا - لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَبَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ الْعَيْنُ وَلَا بَيَانُ تَعْرِيفِ وَتَوْصِيفِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ نَشْأَةِ الدَّيْنِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ. يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الطَّرَفَانِ عَاقِلَيْنِ؛ وَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْلُومًا شَخْصًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَجْهُولَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كِتَابُ الْقَاضِي، وَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا؛ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ دَعْوَى غَصْبِ الْمَجْهُولِ وَرَهْنِهِ. (1631) وَإِبْرَائِهِ (1567) وَإِقْرَارِهِ، وَالْوَصِيَّةِ الْمَجْهُولَةِ، عَدَمُ وُجُودِ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى وَالطَّلَبُ فِي الدَّعْوَى أَخْذُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي. وَحُضُورُ الْخَصْمِ الْأَصِيلِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُحْتَمِلَ الثُّبُوتِ وَبَيَانُ سَبَبِ وَجِهَةِ الدَّيْنِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ الدَّيْنُ عَلَى قَوْلٍ لِأَنَّ أَحْكَامَ الدَّيْنِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا، وَلُزُومُ بَيَانِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْوَصْفِ وَالْمِقْدَارِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ الدَّيْنُ. دَفْعُ الدَّعْوَى هُوَ إيرَادُ دَعْوَى مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَرُدُّ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ: الدَّفْعُ، وَدَفْعُ الدَّفْعِ وَالدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَالدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَالدَّفْعُ الْغَيْرُ الصَّحِيحِ. يُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَسْأَلَتَانِ: (1) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَ الْوَرَثَةِ فَلِلْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ أَنْ يَدْفَعُوا الدَّعْوَى. (2) إذَا ضُبِطَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالِاسْتِحْقَاقِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عَلَى كَوْنِهِ اشْتَرَى الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ بَيْعِهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُشْتَرِي. يَتَبَدَّلُ فِي دَفْعِ الدَّعْوَى صِفَةُ الطَّرَفَيْنِ وَأَمَّا الْأَسْبَابُ الثُّبُوتِيَّةُ فِي الدَّفْعِ فَهِيَ: (1) إقْرَارُ الْمُدَّعِي (2) الْبَيِّنَةُ (3) نُكُولُ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ (4) إقْرَارُ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ. الْخُصُومَةُ مَسْأَلَةُ الْخُصُومَةِ تُقْسَمُ إلَى اعْتِبَارَيْنِ. الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْخَصْمُ مُنْفَرِدًا (1) الْخَصْمُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ هُوَ ذُو الْيَدِ (الْمَادَّةُ 1635) .

فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُشْتَرِي الَّذِي قَبَضَ الْمَبِيعَ خَصْمًا لِلْمُسْتَحِقِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (636 1) . (2) الَّذِي يَتَرَتَّبُ حُكْمٌ عَلَى إقْرَارِهِ يَكُونُ خَصْمًا فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1634) . (3) يَكُونُ خَصْمًا فِي الدَّعْوَى الْعَائِدَةِ لِلْمُتَوَفَّى (أَوَّلًا) أَحَدُ الْوَرَثَةِ (ثَانِيًا) وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى (ثَالِثًا) الْمُوصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ (رَابِعًا) الشَّخْصُ الَّذِي وَهَبَهُ الْمُتَوَفَّى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ. (4) يَكُونُ فِي الدَّعَاوَى الْعَائِدَةِ مَنَافِعُهَا لِلْعُمُومِ أَحَدُ الْعَامَّةِ خَصْمًا. الْقِسْمُ الثَّانِي - الَّذِي يَكُونُ خَصْمًا مَعَ حُضُورِ آخَرَ. (1) الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ مِنْ الْمُتَصَرِّفِينَ بِالْمُسْتَغِلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ عَلَى الْأَشْخَاصِ الْآخَرِينَ يَجِبُ حُضُورُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فِيهَا. (2) الْمَسَائِلُ الْمُخَمَّسَةُ وَهِيَ: (أَوَّلًا) يَجِبُ حُضُورُ الْوَدِيعِ وَالْمُودَعِ مَعًا عِنْدَ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُسْتَوْدِعِ (ثَانِيًا) يَجِبُ حُضُورُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُعِيرِ مَعًا عِنْدَ دَعْوَى الْمُسْتَعَارِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ (ثَالِثًا) يَجِبُ حُضُورُ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُؤَجِّرِ مَعًا عِنْدَ دَعْوَى الْمَأْجُورِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (رَابِعًا) وَالْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ عِنْدَ دَعْوَى الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (خَامِسًا) وَالْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عِنْدَ دَعْوَى الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ، الْمَادَّةُ (637 1) وَشَرْحُهَا. وَالثُّبُوتُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ (1) بِالْبَيِّنَةِ (2) بِالْإِقْرَارِ (3) بِتَصْدِيقِ صَاحِبِ الْمَالِ (4) بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ. وَشَرَائِطُ الْمَسَائِلِ الْمُخَمَّسَةِ: (1) يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ الدَّافِعَ الْغَائِبَ فِي دَفْعِهِ وَالشُّهُودَ فِي شَهَادَتِهِمْ بِذِكْرِ اسْمِهِ. (2) يَجِبُ إثْبَاتُ الْإِيدَاعِ قَبْلَ الْحُكْمِ. (3) أَنْ لَا يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ لِلْمُدَّعِي قَبْلًا أَوْ فِي الْحَالِ. (4) أَنْ لَا يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ. (5) أَنْ لَا يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ بِفِعْلٍ. (6) أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ مَوْجُودًا. (7) أَنْ لَا تَكُونَ مَنْفَعَةُ الْمُدَّعَى بِهِ عَائِدَةً لِلْعَامَّةِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْغَائِبِ هُنَا الشَّخْصُ الْغَيْرُ الْمَوْجُودِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي. الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الَّذِينَ لَا يَكُونُونَ أَخْصَامًا مُطْلَقًا: (1) الْوَدِيعُ لِلْمُشْتَرِي وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلِلْمُودَعِ. الْمَادَّتَانِ (1638 وَ 1639) .

مَدِينُ الْمَدِينِ لِلدَّائِنِ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْوَكِيلُ بِالْإِقْرَارِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَالْمَدِينُ لِدَائِنٍ آخَرَ الْمَادَّةُ (1620) وَمُشْتَرِي الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْمَادَّةُ (1 4 6 1) . الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - سَبْعَةُ أَقْسَامٍ: (1) خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَفِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَفِي الِاسْتِحْلَافِ. (2) خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَفِي الِاسْتِحْلَافِ (3) خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ. (4) خَصْمٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ خَصْمًا فِي الْإِقْرَارِ وَالْيَمِينَ. (5) خَصْمٌ فِي حَالَةِ إقْرَارِهِ فَقَطْ؛ الْمَادَّةُ (1 164) . (6) خَصْمٌ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَغَيْرُ خَصْمٍ فِي الْإِقْرَارِ وَالْيَمِينِ. (7) خَصْمٌ فِي تَسْلِيمِ الْمُدَّعَى بِهِ فَقَطْ. التَّنَاقُضُ التَّنَاقُضُ هُوَ سَبْقُ شَيْءٍ مُنَافٍ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي. وَيَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ دَعْوَى النَّسَبِ (دَعْوَى الْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ) الْمَادَّةُ 1647 وَشَرْحُهَا. يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ بَيْنَ كَلَامِ شَخْصَيْنِ يَكُونَانِ فِي حُكْمِ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، الْمَادَّةَ (1652) . يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ: (أَوَّلًا) بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ (ثَانِيًا) بِتَرْكِ الدَّعْوَى الْأُولَى وَبِحَصْرِ الْمَطْلَبِ فِي الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ (1) (ثَالِثًا) بِتَكْذِيبِ الْقَاضِي (2) (رَابِعًا) إذَا كَانَ مَحَلَّ خَفَاءٍ وَظَهَرَتْ مَعْذِرَةُ الْمُدَّعِي (خَامِسًا) بِالتَّوْفِيقِ الْمَادَّةُ (656 1) (3) . مُسْتَثْنَيَاتٌ (1) إذَا قَالَ: هَذَا الْمَالُ لِزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ لِغَيْرِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. (2) اُنْظُرْ شَرْحَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى لِلْمَادَّةِ (4 56 1) مِنْ الْمَجَلَّةِ. (3) يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْكَلَامَيْنِ الْمُتَنَاقِضِينَ: (1) أَنْ لَا يَكُونَ تَوْفِيقُهُ مُمْكِنًا فَالدَّعْوَى فِيهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. (2) أَنْ يَكُونَ تَوْفِيقُهُ مُمْكِنًا وَلَمْ يُوَفَّقْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: (الْأَوَّلُ) ، يَجِبُ التَّوْفِيقُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي إمْكَانِ التَّوْفِيقِ (الثَّانِي) يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ (الثَّالِثُ) إذَا كَانَ التَّنَاقُضُ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعِي فَلَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكْفِي (الرَّابِعُ) إذَا كَانَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ مُتَّحِدًا فَإِمْكَانُ التَّوْفِيقِ كَافٍ وَإِذَا كَانَ مُخْتَلِفًا فَهُوَ غَيْرُ كَافٍ. (3) أَنْ يَكُونَ التَّوْفِيقُ مُمْكِنًا وَأَنْ يُوَفِّقَ وَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ.

الباب الثاني في حق مرور الزمن

[الْبَابُ الثَّانِي فِي حَقِّ مُرُورِ الزَّمَنِ] ِ أَنْوَاعُ مُرُورِ الزَّمَنِ: إنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - مُرُورُ الزَّمَنِ الَّذِي حُكْمُهُ اجْتِهَادِيٌّ وَمُدَّتُهُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَلِذَلِكَ فَالدَّعْوَى الَّتِي تُتْرَكُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا حَيْثُ إنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى تِلْكَ الْمُدَّةَ مَعَ الِاقْتِدَارِ عَلَيْهَا وَفِقْدَانِ الْعُذْرِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ. إنَّ اعْتِبَارَ نِهَايَةِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَن سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (661) (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . النَّوْعُ الثَّانِي - مُرُورُ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ: إنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى فِي مُرُورِ الزَّمَنِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (1801) مِنْ الْمَجَلَّةِ فَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ فِي دَعْوَى مُرُورِ زَمَنٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَأُمِرَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ بِاسْتِمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ. وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَ قَاضِيًا مِنْ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي يَقَعُ فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَأَنْ يَأْذَنَ قَاضِيًا آخَرَ بِسَمَاعِ مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلِذَلِكَ فَالْفَتَاوَى الَّتِي أَفْتَى بِهَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِعَدَمِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى فِي مِثْلِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ قَدْ ذُكِرَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِلَا أَمْرٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . إنَّ هَذَا النَّهْيَ هُوَ فِي حَقِّ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْحَكَمِ فَلِذَلِكَ إذَا فَصَلَ الْحَكَمُ دَعْوَى مَرَّ عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَصَحِيحٌ وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ (الْحَمَوِيُّ) حَتَّى لَوْ " أَنَّ شَخْصَيْنِ عَيَّنَا الْقَاضِيَ حَكَمًا بِفَصْلِ دَعْوَى " فَلِلْحَكَمِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَفْصِلَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ لَا يُثْبِتُ حَقًّا: يَعْنِي أَنَّ الْعُقُودَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَعَ كَوْنِهَا مُثْبِتَةً وَمُوجِدَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدِينَ مَنْفَعَةً وَمَضَرَّةً إلَّا أَنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ لَا يُثْبِتُ حَقًّا لِلطَّرَفِ الَّذِي يُرِيدُ الِاسْتِفَادَةَ مِنْهُ. فَلِذَلِكَ إذَا رَدَّ الْقَاضِي دَعْوَى دَائِنٍ بِسَبَبِ وُقُوعِ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهَا يَبْقَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي وَيَكُونُ قَدْ هَضَمَ حَقَّ الْمُدَّعِي. الدَّعَاوَى الْمَمْنُوعُ اسْتِمَاعُهَا: 1 - الدَّعَاوَى الْوَاقِعُ فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ وَهِيَ الْمُبَيَّنَةُ فِي هَذَا الْبَابِ. 2 - دَعْوَى الْمُوَاضَعَةِ وَالِاسْمُ الْمُسْتَعَارُ فِي الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْمَنْقُولَةِ.

قَدْ مُنِعَ بِتَارِيخِ 27 مِنْ جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ 1320 وَفِي 17 أَيْلُولَ سَنَةَ 1318 دَعَاوَى بَيْعِ وَشِرَاءِ الْعَقَارِ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَقَعَا بِمُعَامَلَةٍ رَسْمِيَّةٍ أَيْ فِي دَوَائِرِ التَّمْلِيكِ (دَفْتَر خَاقَانِي) . 4 - قَدْ مُنِعَ سَمَاعُ دَعْوَى الرَّهْنِ وَالشَّرْطِ وَالْوَفَاءِ وَالِاسْتِغْلَالِ غَيْرِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي السَّنَدِ بِتَارِيخِ 28 رَجَبٍ سَنَةَ 91 وَ 28 أَغُسْطُسَ سَنَةَ 90. 5 - قَدْ مُنِعَ بِتَارِيخِ 18 صَفَرَ سَنَةَ 306 و 12 تَشْرِينَ الْأَوَّلِ سَنَةَ 4 30 سَمَاعُ دَعْوَى فَرَاغِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بِشَرْطِ الْإِعَاشَةِ الْغَيْرِ الْمُنْدَرِجِ بِسَنَدِ الطَّابُو. 6 - قَدْ مُنِعَ اسْتِمَاعُ دَعْوَى فَرَاغِ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ مَجَّانًا بِشَرْطِ الْإِعَاشَةِ الْغَيْرِ الْمُنْدَرِجِ فِي سَنَدِ التَّصَرُّفِ. 7 - قَدْ مُنِعَ فِي 26 صَفَرَ سَنَةَ 78 سَمَاعُ دَعْوَى الْفَرَاغِ وَفَّاهُ الَّذِي لَمْ يَنْدَرِجْ فِي سَنَدِ الطَّابُو. 8 - لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْخَلِيطِ وَالشَّرِيكِ بِحَقِّ الرُّجْحَانِ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ حَسَبَ قَانُونِ الْأَرَاضِي. 9 - إذَا تَفَرَّغَ مُتَصَرِّفُ الْأَرْضِ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ أَوْ أَشْجَارٌ لِآخَرَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى صَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ بِحَقِّ الرُّجْحَانِ بِتِلْكَ الْأَرَاضِي بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ عَلَى الْفَرَاغِ. - إذَا تَفَرَّغَ أَحَدٌ بِالْأَرْضِ الَّتِي بِتَصَرُّفِهِ. بِمُوجِبِ سَنَد طَابُو الْوَاقِعَةِ فِي حُدُودِ الْقَرْيَةِ لِآخَرَ مِنْ أَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَلِمَنْ كَانَ لَهُ احْتِيَاجٌ لِلْأَرْضِ مِنْ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَنْ يَدَّعِيَ تِلْكَ الْأَرْضَ إلَى سَنَةٍ بِبَدَلِ الْمِثْلِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ حَسَبَ قَانُونِ الْأَرَاضِي. - إنَّ الْأَرَاضِيَ الْأَمِيرِيَّةَ الَّتِي تُصْبِحُ مَمْلُوكَةً كَعَدَمِ وُجُودِ أَصْحَابِ انْتِقَالٍ لَهَا لَا تُسْمَعُ فِيهَا دَعْوَى حَقِّ الطَّابُو الَّذِي يُثْبِتُ لِصَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ. - كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى حَقِّ الطَّابُو بِالْأَرَاضِيِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْخَلِيطِ وَالشَّرِيكِ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسِ سَنَوَاتٍ. 13 - كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى حَقِّ الطَّابُو فِي الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْأَشْخَاصِ الْمُحْتَاجِينَ لِلْأَرَاضِيِ بَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ. 14 - لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الرِّبْحِ الْمُلْزِمِ زِيَادَةً عَنْ تِسْعَةٍ فِي الْمِائَةِ سَنَوِيًّا. 15 - إذَا وُجِدَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى شَخْصٌ لَمْ يَبْلُغْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ وَقَدْ مَنَعَ حُكَّامُ الشَّرْعِ مِنْ اسْتِمَاعِ دَعْوَاهُ.

السَّنَةُ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ: تُعْتَبَرُ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ السَّنَةُ الْعَرَبِيَّةُ أَيْ الْقَمَرِيَّةُ وَلَيْسَتْ السَّنَةَ الشَّمْسِيَّةَ فَلِذَلِكَ يَجِبُ حِسَابُ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ؛ مَثَلًا إذَا كَانَ السَّنَدُ الْمُحْتَوِي الدَّيْنِ مُؤَرَّخًا بِتَارِيخِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ وَلَمْ يُؤَرَّخْ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ فَيُحْسَبُ مُرُورُ ذَلِكَ بِالسَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ. مَبْدَأُ وَمُنْتَهَى مُرُورِ الزَّمَنِ: إنَّ مَبْدَأَ مُرُورِ الزَّمَنِ يَبْتَدِئُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَمُنْتَهَاهُ إقَامَةُ الدَّعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَجِبُ حِسَابُ مَبْدَئِهِ وَمُنْتَهَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. إذَا أَثْبَتَ مَنْ ادَّعَى مُرُورَ الزَّمَنِ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَبِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ الْيَمِينَ؟ أَيْ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي مُتَصَرِّفٌ فِي هَذَا الْعَقَارِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ وَأَنْتَ سَكَتَّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي تَصَرُّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ تَصَرُّفَهُ. هَذَا فَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ خَصْمَهُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِتَصَرُّفِهِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً؟ لَمْ أَرَ صَرَاحَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ بَيَّنُوا تَحْتَ قَاعِدَةٍ عُمُومِيَّةٍ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْيَمِينُ وَهِيَ: كُلُّ مَوْضِعٍ يَلْزَمُ فِيهِ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ يُسْتَحْلَفُ إذَا أَنْكَرَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ وَمُرُورُ الزَّمَنِ لَيْسَ مِنْهَا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الدَّعْوَى) فَعَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ الْيَمِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. إنَّ بَيِّنَةَ مُرُورِ الزَّمَنِ مُرَجِّحَةٌ. تَرْجِعُ بَيِّنَةً مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَى بَيِّنَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي مَرَّتْ أَقَلُّ مِنْ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا أَوْ أَرْضًا أَمِيرِيَّةً. مَثَلًا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ فِي تَصَرُّفِهِ بِلَا نِزَاعِ زِيَادَةٍ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي الْخَارِجُ بِأَنَّ مُدَّةَ تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هِيَ عَشْرُ سَنَوَاتٍ وَأَنَّ دَعْوَاهُ مَسْمُوعَةٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (الطَّرِيقَةُ الْوَاضِحَةُ) . إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو دَعْوَى فَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ مَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَادَّعَى زَيْدٌ بِأَنَّهُ لَمْ تَمُرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَأَيُّهُمَا كَانَ مَشْهُورًا أَوْ مَعْرُوفًا يَعْمَلُ بِهَا. أَمَّا إذَا أَثْبَتَ زَيْدٌ أَنَّهُ قَدَّمَ الدَّعْوَى قَبْلَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيَعْمَلُ بِهَا (أَبُو السُّعُودِ) وَإِنَّ صُدُورَ الْحُكْمِ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَحْصَلَ أَحَدٌ حُكْمًا بِمَطْلُوبِهِ وَلَمْ يَطْلُبْهُ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَضَعْ إعْلَامَ الْحُكْمِ لِأَجْلِ تَنْفِيذِهِ فِي الْإِجْرَاءِ يَحْصُلُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي حَالَةِ تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ أَمَّا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْمُدَّعِي فَلَا يَتَحَقَّقُ مُرُورُ الزَّمَنِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا إنَّ الْعَقَارَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي فِي يَدِك هُوَ مِلْكِي وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى

(المادة 1660) لا تسمع الدعاوى غير العائدة لأصل الوقف أو للعموم

عَلَيْهِ ادَّعَى أَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي: نَعَمْ إنَّكَ مُتَصَرِّفٌ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ وَلَكِنْ إنَّ تَصَرُّفَك هَذَا بِالْوَكَالَةِ عَنِّي وَكَانَ مَشْهُورًا وَمَعْرُوفًا أَنَّ تَصَرُّفَهُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْمُدَّعِي فَيَسْقُطُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُرُورِ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ كَمَا يَكُونُ أَصَالَةً يَكُونُ نِيَابَةً كَالْوَكَالَةِ (الْبَحْرُ وَأَبُو السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 1660) لَا تُسْمَعُ الدَّعَاوَى غَيْرُ الْعَائِدَةِ لِأَصْلِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْعُمُومِ] الْمَادَّةُ (1660) - (لَا تُسْمَعُ الدَّعَاوَى غَيْرُ الْعَائِدَةِ لِأَصْلِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْعُمُومِ كَالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَقَارِ الْمِلْكِ وَالْمِيرَاثِ وَالْمُقَاطَعَةِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ التَّصَرُّفِ بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالتَّوْلِيَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَالْغَلَّةِ بَعْدَ تَرْكِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) . لَا تُسْمَعُ الدَّعَاوَى غَيْرُ الْعَائِدَةِ لِأَصْلِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْعُمُومِ كَالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ دِيَةً الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعَقَارُ الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ عَقَارًا كَالْحَيَوَانِ وَالْأَمْتِعَةِ الْأُخْرَى وَالْمِيرَاثِ وَالْقِصَاصِ وَالْمُقَاطَعَةِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَدَعْوَى التَّصَرُّفِ بِالْمُقَاطَعَةِ وَدَعْوَى التَّصَرُّفِ بِالْإِجَارَتَيْنِ وَالتَّوْلِيَةِ الْمَشْرُوطَةِ وَالْغَلَّةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَمَّا مُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الدَّعَاوَى الْأُخْرَى كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَصِيَّةِ فَالتَّفْصِيلَاتُ عَنْهَا مَفْقُودَةٌ. وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْخُصُوصِيَّاتِ الَّتِي لَمْ يُمْنَعْ اسْتِمَاعُ الدَّعَاوَى فِيهَا بِمُرُورِ الزَّمَنِ يَجِبُ اسْتِمَاعُهَا مَا لَمْ يَقَعْ مُرُورُ زَمَنٍ اجْتِهَادِيٍّ. مُدَدُ مُرُورِ الزَّمَانِ. إنَّ مُدَدَ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الدَّعَاوَى الْحُقُوقِيَّةِ فِي هَذَا الْحَالِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - مُرُورُ زَمَنِ السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ سَنَةً، وَهَذَا يَكُونُ فِي دَعْوَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي دَعْوَى صَاحِبِ الْأَرْضِ بِرَقَبَةِ الْأَرْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1661) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1662) . الْقِسْمُ الثَّانِي - مُرُورُ زَمَنِ الْخَمْسَ عَشْرَ سَنَةً، وَهَذَا قَدْ عُدِّدَ قِسْمٌ مِنْهُ آنِفًا وَقِسْمٌ مِنْهُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1662) . الْقِسْمُ الثَّالِثُ - مُرُورُ زَمَنِ الْعَشْرِ سَنَوَاتٍ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1662) . الْقِسْمُ الرَّابِعُ - مُرُورُ زَمَنِ السَّنَتَيْنِ، فَحَسَبَ ذَيْلِ قَانُونِ الْأَرَاضِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَرَاضِي الْخَالِيَةِ وَالْمَحْلُولَةِ الَّتِي فُوِّضَتْ مِنْ طَرَفِ الْحُكُومَةِ لِلْمُهَاجِرِينَ وَاَلَّتِي زُرِعَتْ مِنْهُمْ أَوْ أُنْشِئَ عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ بَعْدَ مُرُورِ سَنَتَيْنِ بِلَا عُذْرٍ. الْقِسْمُ الْخَامِسُ - مُرُورُ زَمَنِ شَهْرٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (134) . وَلْنَبْحَثْ الْآنَ فِي تَفْصِيلِ مُدَدِ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الْأُمُورِ الْمُبَيَّنَةِ آنِفًا. الدَّيْنُ - مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: أَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُؤَدِّيَ لِي كَذَا مَبْلَغًا الَّذِي أَخَذْته قَرْضًا مِنِّي أَوْ ثَمَنَ الْمَبِيعِ الَّذِي بِعْته لَك فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الدَّيْنِ مُطْلَقًا أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ الدُّيُونِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَائِدًا لِلْآحَادِ أَيْ دُيُونِ أَفْرَادِ النَّاسِ مَعَ بَعْضِهِمْ الْبَعْضِ أَوْ كَانَ دُيُونَ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْآحَادِ أَوْ دُيُونَ الْآحَادِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَمُرُورُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى هَذِهِ الدُّيُونِ يَحْصُلُ فِيهِ مُرُورُ الزَّمَنِ، فَلِذَلِكَ قَدْ صَدَرَتْ إرَادَةٌ سُنِّيَّةٌ بِتَارِيخِ 0 2 الْمُحَرَّمِ سَنَةَ 1300 وَتَشْرِينَ الثَّانِي سَنَةَ 1298 بَعْدَ سَمَاعِ دَعْوَى دَيْنِ بَيْتِ الْمَالِ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. الْوَدِيعَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي أَطْلُبُ مِنْك الْوَدِيعَةَ الَّتِي أَوْدَعْتهَا لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى. الْعَارِيَّةُ - إذَا تَوَفَّتْ امْرَأَةٌ وَادَّعَتْ أُمُّهَا عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: إنَّنِي أَعَرْت بِنْتِي الْمُتَوَفِّيَةَ كَذَا وَكَذَا شَيْئًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا. الْمِيرَاثُ - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ قَدْ بَقِيَ عِنْدَك كَذَا أَشْيَاءُ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِنَا الْمُتَوَفَّى قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَطْلُبُ حِصَّتِي مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الْعَقَارُ الْمِلْكُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ الْعَقَارَ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ الَّذِي فِي تَصَرُّفِ شَخْصٍ آخَرَ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَة سُنَّةَ بِلَا نِزَاعٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ أَنَّ لَهُ حِصَّةً فِيهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ اثْنَانِ بِكَرْمٍ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ بِالِاشْتِرَاكِ وَلَمْ يَدَّعِيَا عَلَى بَعْضِهِمَا الْبَعْضِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الْكَرْمَ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الْمُقَاطَعَةُ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ - الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ الْعَقَارُ الَّذِي يَكُونُ عَرْصَتُهُ وَقْفًا وَتَكُونُ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ وَالْكُرُومُ الَّتِي عَلَيْهَا الْعَرْصَةُ مِلْكًا وَيُدْفَعُ مِنْ الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا إجَارَةٌ مَقْطُوعَةٌ سَنَوِيًّا لِجَانِبِ الْوَقْفِ وَتُسَمَّى هَذَا أَيْضًا إجَارَةَ الْأَرْضِ وَيَجُوزُ وَقْفُ هَذَا الْمِلْكِ أَيْضًا، يَعْنِي إذَا وَقَفَ أَحَدٌ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي الْبِنَاءَ الَّذِي أَحْدَثَهُ عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ الشَّجَرِ الَّذِي غَرَسَهُ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْجِهَةِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِ الْعَرْصَةُ الْمَوْقُوفَةُ أَوْ وُقِفَ عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ جِهَةُ الْقُرْبِ مُخْتَلِفَةً إلَّا أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَصْلِ الْقُرْبِ وَاخْتِلَافِ الْجِهَةِ لَأَوْجَبَ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ دَعْوَى التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِمُقَاطَعَةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ دَارِي الْمَمْلُوكَةَ الْمُنْشَأَةَ عَلَى عَرْصَةِ الْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ وَالْمَرْبُوطَةَ بِكَذَا مَبْلَغًا مُقَاطَعَةً لِلْوَقْفِ يَتَصَرَّفُ بِهَا هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَحَيْثُ إنَّهَا مِلْكِي فَأَطْلُبُ تَسْلِيمَهَا فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي هَذِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتَكُونُ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى الْعَقَارِ الْمِلْكِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي - يَكُونُ الْمُدَّعَى بِهِ وَقْفًا وَهَذَا أَمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِجَارَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إقَامَةُ دَعْوَى التَّصَرُّفِ وَالدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ تَكُونُ عَائِدَةً إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِيهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ بِإِجَارَتَيْنِ وَهَذِهِ تَدْخُلُ تَحْتَ فِقْرَةِ (أَوْ التَّصَرُّفُ بِالْإِجَارَتَيْنِ) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ - تَكُونُ صُورَةُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي يَرْبِطُ كَلِمَةَ التَّصَرُّفِ بِكَلِمَةِ الْمُقَاطَعَةِ وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّ عَرْصَةَ هَذَا الْوَقْفِ هِيَ تَحْتَ التَّصَرُّفِ بِالْمُقَاطَعَةِ بِكَذَا دِرْهَمًا. فَإِذَا لَمْ يَمُرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَلَا. أَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ الْعَرْصَةَ الَّتِي أَخَذْتهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي زَيْدٍ هِيَ لِلْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي أَنَا مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ وَهِيَ بِتَصَرُّفِك بِمُقَاطَعَةٍ وَادَّعَى أَنَّ الْعَرْصَةَ مِلْكُهُ وَأَنْكَرَ الْمُقَاطَعَةَ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْوَقْفِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. الْوَجْهُ الرَّابِعُ - إذَا لَمْ تُرْبَطْ كَلِمَةُ تَصَرُّفٍ بِكَلِمَةِ مُقَاطَعَةٍ فَتَكُونُ صُورَةُ الدَّعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: إنَّ الْعَرْصَةَ الْفُلَانِيَّةَ الَّتِي أَخَذْتهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي زَيْدٍ الَّتِي هِيَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي تَحْتَ تَوْلِيَتِي هِيَ تَحْتَ تَصَرُّفِك وَبِمَا أَنَّهُ يَطْلُبُ لِلْوَقْفِ مِنْك كَذَا مَبْلَغًا بَدَلَ مُقَاطَعَةٍ فَأَطْلُبُ مِنْك أَدَاءَ ذَلِكَ. وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى دَيْنٍ وَتَدْخُلُ فِي الدَّيْنِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا مِنْ عِبَارَةِ (دَعْوَى التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِالْمُقَاطَعَةِ) الْوَجْهُ الثَّالِثُ. دَعْوَى التَّصَرُّفِ بِالْإِجَارَتَيْنِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ - تَكُونُ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَصَرِّفَيْنِ، مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِالْإِجَارَتَيْنِ فِي عَقَارٍ وُقِفَ فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ هَذِهِ الْمُدَّةَ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فِي تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْفَرَاغَ وَفَاءً (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ اثْنَانِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي عَقَارٍ وُقِفَ بِالْإِجَارَتَيْنِ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَقَامَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى عَلَى الْآخَرِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ قَبْلَ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ مُسْتَقِلًّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي - تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْمُتَوَلِّي، مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ وُقِفَ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ وَسَكَتَ الْمُتَوَلِّي تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ فَإِذَا ادَّعَى الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُؤَجَّرْ لَك وَإِنَّكَ ضَبَطْت ذَلِكَ الْعَقَارَ فُضُولًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. دَعْوَى التَّوْلِيَةِ الْمَشْرُوطَةِ - إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِوَقْفٍ بِصِفَتِهِ مُتَوَلٍّ بِالْمَشْرُوطَةِ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ آخَرُ وَادَّعَى بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لِذَلِكَ الْوَقْفِ بِالْمَشْرُوطَةِ هُوَ نَفْسُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

(المادة 1661) تسمع دعوى المتولي والمرتزقة في حق أصل الوقف

وَالْمُتَوَلِّي هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي عُيِّنَ بِإِدَارَةِ وَرُؤْيَةِ أُمُورِ وَمَصَالِحِ الْوَقْفِ حَسَبَ شُرُوطِ الْوَقْفِيَّةِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْمُتَوَلِّي الَّذِي تَكُونُ تَوْلِيَتُهُ مِنْ اقْتِضَاءِ شُرُوطِ الْوَقْفِيَّةِ وَيُقَالُ لَهُ مُتَوَلٍّ بِالْمَشْرُوطَةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْمُتَوَلِّي الَّذِي لَمْ يُشْرَطْ مِنْ طَرَفِ الْوَاقِفِ شَرْطٌ بِأَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيًا بَلْ هُوَ مُتَوَلٍّ بِنَصْبِ الْقَاضِي لَهُ مُتَوَلِّيًا. دَعَاوَى الْغَلَّةِ - وَمَعْنَى غَلَّةِ الْوَقْفِ هِيَ فَائِدَةُ وَمَحْصُولُ الْوَقْفِ كَرِبْحِ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ وَبَدَلِ إيجَارِ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ وَمَحْصُولِ الْمَزْرَعَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَثَمَرِ الرَّوْضَةِ الْمَوْقُوفَةِ. فَعَلَيْهِ إذَا تَصَرَّفَ عَمْرٌو بَعْدَ وَفَاةِ وَلَدِهِ بَكْرٍ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فِي الْمَزْرَعَةِ الْمَوْقُوفَةِ الْمَشْرُوطَةِ غَلَّتُهَا عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فِي مُوَاجَهَةِ بِشْرٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مُسْتَقِلًّا وَسَكَتَ بِشْرٌ هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى بِشْرٌ عَلَى بَكْرٍ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ: إنَّنِي مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَإِنَّ لِي حَقَّ الْمُشَارَكَةِ فِي غَلَّةِ الْمَزْرَعَةِ مَعَك فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَإِذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي الدَّعْوَى الَّتِي وَقَعَ فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَكَمَ فِيهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ وَالْقَضَاءَ الْمُخَالِفَ لِأَمْرِ إمَامِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْرُوعِ مَرْدُودٌ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . [ (الْمَادَّةُ 1661) تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُرْتَزِقَةِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ] الْمَادَّةُ (1661) - (تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُرْتَزِقَةِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ مُرُورِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ قَائِلًا: إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ وَقْفِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُرْتَزِقَةِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَكُلُّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ هُوَ مِنْ أَصْلٍ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْوَقْفِ هُوَ مِنْ شُرُوطِ الْوَقْفِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . وَالْمُتَوَلِّي كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَشْرُوطَةِ أَوْ بِنَصْبِ الْقَاضِي وَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ. الْمُرْتَزِقَةُ - هُمْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مَعَاشًا وَرَاتِبًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَيُسَمَّى هَؤُلَاءِ أَهْلَ الْوَظَائِفِ أَيْضًا كَإِمَامِ الْجَامِعِ وَخَدَمَتِهِ. يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ بِأَنَّ الْمُرْتَزِقَةَ هُمْ خَصْمٌ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الدَّعْوَى فِي الْأَوْقَافِ هُوَ لِلْمُتَوَلِّي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَزِقَةُ مُدَّعِينَ وَمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فِي الْوَقْفِ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْحِينِ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَقَارِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ سُكْنَى هَذَا الْعَقَارِ وَغَلَّتَهُ هِيَ وَقْفٌ مَشْرُوطَةٌ لِي

(المادة 1662) إن كانت دعوى الطريق الخاص والمسيل وحق الشرب في عقار الملك

وَادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي هُوَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَتُعْتَبَرُ خُصُومَتُهُ وَدَعْوَاهُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا تُعْتَبَرُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ وَالنَّتِيجَةُ وَالْبَحْرُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِسْعَافُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَوَائِلُ الشَّهَادَةِ فِي الْوَقْفِ) . أَمَّا إذَا أُوِّلَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ (بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُرْتَزِقَةِ بِرَأْيِ الْقَاضِي فَتَكُونُ مُوَافِقَةً لِلرَّأْيِ الْمُخْتَارِ) مَثَلًا: إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي غَائِبًا أَوْ لَمْ يُدْعَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا فِي الْأَوْقَافِ كَمَا لِلْمُتَوَلِّي حَقٌّ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَدَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ صَحِيحَةٌ (الْحَمَوِيُّ) . وَيَرَى أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَأَصْلُ دَعْوَى الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجَلَّةِ أَوْ كَانَ مَنْقُولًا كَالنُّقُودِ وَالدَّعَاوَى الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِأَصْلِ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ تُسْمَعُ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. مَثَلًا إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ كَذَا دِينَارًا مِنْ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي تَحْتَ تَوْلِيَتِهِ بِصَرْفِهَا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَيَّنَ مُتَوَلٍّ آخَرَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي تِلْكَ النُّقُودَ وَبَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً نَصَّبَ عَلَى الْوَقْفِ مُتَوَلٍّ آخَرَ وَادَّعَى عَلَى الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلِ بِتِلْكَ النُّقُودِ فَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُتَوَلِّي: لَا تُسْمَعُ دَعْوَاكَ حَيْثُ قَدْ مَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِرِبْحِ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ فَتُسْمَعُ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَطْ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُرْتَزِقَةِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مُرُورِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَمُرُورُ الزَّمَنِ فِي ذَلِكَ هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الَّذِي هُوَ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ. وَالدَّعْوَى فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - تَكُونُ بَيْنَ الْمِلْكِيَّةِ وَالْوَقْفِيَّةِ. مَثَلَا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ ثُمَّ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ قَائِلًا: إنَّهُ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ وَقْفِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي مَرَّتْ أَقَلَّ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، فَعَلَيْهِ لَوْ ضَبَطَ أَحَدٌ بِضْعَةَ حَوَانِيتَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ مُدَّةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ تِلْكَ الْحَوَانِيتَ هِيَ وَقْفُ فُلَانٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَكُونُ بَيْنَ وَقْفَيْنِ، مَثَلًا لَوْ أَجَّرَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَقَارًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي تَحْتَ تَوْلِيَتِهِ مُدَّةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ مُتَوَلِّي وَقْفٍ آخَرَ وَسَكَتَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الثَّانِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ وَقْفِهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. [ (الْمَادَّةُ 1662) إنْ كَانَتْ دَعْوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي عَقَارِ الْمِلْكِ] الْمَادَّةُ (662 1) - (إنْ كَانَتْ دَعْوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ

فِي عَقَارِ الْمِلْكِ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدَّعِيَهَا إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَكَمَا لَا تُسْمَعُ دَعَاوَى الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعَاوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ) . إنْ كَانَتْ دَعْوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي عَقَارِ الْمِلْكِ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيُسْتَعْمَلُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَالْمَسِيلُ فِي مَعْنَيَيْنِ وَيُسْتَعْمَلُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَالْمَسِيلُ فِي مَعْنَيَيْنِ: أَوَّلُهُمَا بِمَعْنَى رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَرَقَبَةِ الْمَسِيلِ، وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1213 و 1143) تَعْرِيفُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1220) بِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِمَنْ لَهُمْ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (144) أَنَّ الْمَسِيلَ هُوَ مَحِلُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ وَالسَّيْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي قَوْلِهِ: وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ) . وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى إذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ لِعَقَارِ الْمِلْكِ فَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهِمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَاذَا كَانَ الْعَقَارُ وُقِفَ فَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1660 و 1661) فَإِذَا كَانَ يَقْصِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هَذَا الْمَعْنَى فَيَكُونُ تَكْرَارًا كَمَا أَنَّ عِبَارَةَ (فِي الْعَقَارِ الْمِلْكِ) مَانِعَةٌ مِنْ إرَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ ظَرْفًا لِنَفْسِهِ. ثَانِيهِمَا - مَعْنَى حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنَاسِبٌ لِتَعْبِيرِ حَقِّ الشُّرْبِ وَإِذَا قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ تَأْكِيدًا بَلْ يَكُونُ تَأْسِيسًا وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ. مِثَالٌ لِلْمَعْنَى الثَّانِي: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ مُرُورٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِ آخَرَ مُسْتَقِلًّا مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ مِنْهَا قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَاذَا كَانَتْ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ لِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِحَانُوتِ وَقْفٍ حَقُّ مَسِيلٍ فِي عَرْصَةٍ مَوْقُوفَةٍ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الثَّانِي إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَقْفًا وَهُوَ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ آنِفًا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي عَقَارَاتٍ مَوْقُوفَةٍ وَيَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ حَقُّ الطَّرِيقِ مِلْكًا كَادِّعَاءِ أَحَدٍ عَلَى مُتَوَلِّي عَرْصَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِدَارِي الْمِلْكِ حَقَّ طَرِيقٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي أَنْتَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهَا وَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الظَّاهِرِ هِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً تَبَعًا لِلْعَقَارِ الْمِلْكِ الَّتِي هِيَ عَائِدَةٌ إلَيْهِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي الْعَقَارَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَيَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ

إلَيْهِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَقْفًا كَادِّعَاءِ مُتَوَلِّي وَقْفَ عَقَارٍ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِلْعَقَارِ الَّذِي تَحْتَ تَوْلِيَتِي حَقَّ مُرُورٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي هِيَ مِلْكُكَ وَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الظَّاهِرِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً تَبَعًا لِلْعَقَارِ الْوَقْفِ الَّتِي هِيَ عَائِدَةٌ إلَيْهِ. وَكَمَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ قَمَرِيَّةٍ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعَاوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ. يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَيُفَصَّلُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - دَعَاوَى الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمَقْصِدُ مِنْهَا دَعَاوَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمِيرِيَّةُ أَمِيرِيَّةً صِرْفَةً أَوْ أَمِيرِيَّةً مَوْقُوفَةً. مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مَزْرَعَةٍ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ وَسَكَتَ ذَلِكَ الْآخَرُ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ فَأَقَامَ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ هِيَ بِتَصَرُّفِي بِمُوجَبِ سَنَدٍ طَابُو قَبْلَ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ عَشْرَ سِنِينَ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ. تَكُونُ دَعْوَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ عَلَى صُورَتَيْنِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - تَكُونُ بِإِقَامَةِ الدَّعْوَى مِنْ شَخْصٍ عَلَى آخَرَ وَهُوَ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ الذِّكْرُ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - تَكُونُ بِإِقَامَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى شَخْصٍ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ الْأَرَاضِيَ الَّتِي بِتَصَرُّفِ أَحَدٍ بِمُوجَبِ طَابُو بِأَنَّهَا مَحْلُولَةٌ مِنْ عُهْدَةِ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ الْخَالِيَةِ وَطَلَبَ ضَبْطَهَا لِبَيْتِ الْمَالِ مُبَيِّنًا أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا تَصَرُّفٌ فُضُولِيٌّ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ التَّصَرُّفَ الْفُضُولِيَّ وَادَّعَى تَصَرُّفَهُ بِهَا عَلَى كَوْنِهَا أَرَاضٍ أَمِيرِيَّةً مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ الَّتِي مَرَّتْ أَقَلَّ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى. مَثَلًا: لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ دَعْوَاهُ عَلَى آخَرَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِأَرْضٍ مُسَجَّلَةٍ بِالطَّابُو تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فَلَا يَمْنَعُ هَذَا الْإِهْمَالُ اسْتِمَاعَ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا فَلَا يَمْنَعُ هَذَا الْإِهْمَالُ اسْتِمَاعَ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ تَتِمَّ الْعَشْرُ سَنَوَاتٍ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ مَعَ آخَرَ فِي مَزْرَعَةٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بِالِاشْتِرَاكِ السَّنَوِيِّ عَشْرَ سَنَوَاتٍ وَسَكَتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ وَادَّعَى بَعْدَ مُرُورِ الْعَشْرِ سَنَوَاتٍ بِأَنَّ جَمِيعَ الْمَزْرَعَةِ هِيَ بِتَصَرُّفِهِ بِمُوجَبِ طَابُو فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَقَدْ صَدَرَتْ إرَادَةٌ سُلْطَانِيَّةٌ بِتَارِيخِ (22 الْمُحَرَّمَ سَنَةَ 1300 هـ) وَ (22 تِشْرِينَ الثَّانِيَ سَنَةَ 298 1) بِسَمَاعِ دَعْوَى مَأْمُورِ الْأَرْضِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَقَبَةِ الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً.

(المادة 1663) والمعتبر في هذا الباب أي في مرور الزمن المانع لاستماع الدعوى

مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي أَرْضٍ عَلَى كَوْنِهَا مِلْكَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَى مَأْمُورِ الْأَرَاضِي بِأَنَّهَا أَرَاضٍ أَمِيرِيَّةٌ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَادَّعَى الْمُتَوَلِّي ذُو الْيَدِ بِأَنَّهَا وَقْفٌ فَتُسْمَعُ دَعْوَى صَاحِبِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَمُرَّ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً أَمَّا إذَا مَرَّ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - دَعَاوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ لِمَزْرَعَتِي الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِي بِمُوجَبِ طَابُو طَرِيقًا خَاصًّا فِي الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِك بِمُوجَبِ طَابُو فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إذَا مَرَّ عَشْرُ سَنَوَاتٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - دَعَاوَى الْمَسِيلِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ لِهَذِهِ الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِي بِمُوجَبِ طَابُو حَقَّ مَسِيلٍ فِي الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِك بِمُوجَبِ طَابُو فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إذَا مَرَّتْ عَشْرُ سَنَوَاتٍ إنَّ الثَّلَاثَةَ الصُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ تُلَاحَظُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - دَعَاوَى حَقِّ الشُّرْبِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ، إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ لِهَذِهِ الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِي بِمُوجَبِ طَابُو حَقَّ شُرْبٍ فِي النَّهْرِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَحْتَ تَصَرُّفِك بِمُوجَبِ طَابُو فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا إذَا مَرَّتْ عَشْرُ سَنَوَاتٍ وَإِلَّا فَتُسْمَعُ. [ (الْمَادَّةُ 1663) وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ الْمَانِعِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (663 1) - (وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ الْمَانِعِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ فَقَطْ وَأَمَّا مُرُورُ الزَّمَنِ الْحَاصِلِ بِأَحَدِ الْأَعْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ كَكَوْنِ الْمُدَّعِي صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَوْ كَوْنُهُ فِي دِيَارٍ أُخْرَى مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ كَانَ خَصْمُهُ مِنْ الْمُتَغَلِّبَةِ فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ، فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ وَانْدِفَاعِ الْعُذْرِ. مَثَلًا لَا يُعْتَبَرُ الزَّمَنُ الَّذِي مَرَّ حَالَ جُنُونِ أَوْ عَتَهِ أَوْ صِغَرِ الْمُدَّعِي بَلْ يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ وُصُولِهِ حَدَّ الْبُلُوغِ كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدٍ مَعَ أَحَدِ الْمُتَغَلِّبَةِ دَعْوَى وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِادِّعَاءُ لِامْتِدَادِ زَمَنِ تَغَلُّبِ خَصْمِهِ وَحَصَلَ مُرُورُ زَمَنٍ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ التَّغَلُّبِ) . وَالْمُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ الْمَانِعِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ أَمَّا الزَّمَنُ الَّذِي مَرَّ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَكَوْنِ الْمُدَّعِي أَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دِيَارٍ أُخْرَى مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ كَانَ خَصْمُهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَغَلِّبَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ، فَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ وَانْدِفَاعِ الْعُذْرِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ حَقٌّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو فَتَغَيَّبَ عَمْرٌو بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحَقِّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ حَضَرَ فَمَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ يُعْتَبَرُ مِنْ تَارِيخِ حُضُورِ عَمْرٍو فَلَوْ أَقَامَ زَيْدٌ الدَّعْوَى بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ بِأَعْذَارٍ كَهَذِهِ لَوْ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ التَّرْكَ لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْغَائِبِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْجَوَابِ مِنْهُ بِالْغَيْبَةِ وَالْعِلَّةُ خَشْيَةُ التَّزْوِيرِ وَلَا تَتَأَتَّى بِالْغَيْبَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْأَعْذَارُ الثَّلَاثَةُ، يُطْلَقُ عَلَى الْأَعْذَارِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَعْذَارُ الثَّلَاثَةُ: الْأَوَّلُ - الْقَاصِرِيَّةُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا فَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ أَثْنَاءَ الْقَاصِرِيَّةِ لَا تَدْخُلُ فِي حِسَابِ مُرُورِ الزَّمَنِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ. مَثَلًا لَوْ دَامَتْ الْقَاصِرِيَّةُ خَمْسَ سَنَوَاتٍ وَزَالَتْ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَيُبْتَدَأُ مُرُورُ الزَّمَنِ اعْتِبَارًا مِنْ السَّنَةِ السَّادِسَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَامَتْ الْقَاصِرِيَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَالَتْ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ فَيُحْسَبُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ، أَمَّا إذَا بَدَأَ مُرُورُ الزَّمَنِ حِينَمَا لَمْ تَكُنْ الْقَاصِرِيَّةُ مَوْجُودَةً وَقَبْلَ اكْتِمَالِ مُرُورِ الزَّمَنِ حَصَلَتْ الْقَاصِرِيَّةُ ثُمَّ زَالَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَجِبُ تَنْزِيلُ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا فِي حَالَةِ الْقَاصِرِيَّةِ مِنْ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ؟ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ مَالًا لِعَمْرٍو بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَبَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ طَرَأَ عَلَى عَمْرٍو قَاصِرِيَّةٌ دَامَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ زَالَتْ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ زَوَالِ الْقَاصِرِيَّةِ بِثَمَانِي سَنَوَاتٍ فَإِذَا نُزِّلَتْ مِنْ الْمُدَّةِ مُدَّةُ الْقَاصِرِيَّةِ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُدَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيَجِبُ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَفِي حَالَةِ عَدَمِ تَنْزِيلِهَا تَكُونُ الْمُدَّةُ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَيَجِبُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى؟ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُحْتَاجَةٌ لِلْحَلِّ وَمَنْ الْمُوَافِقِ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى لِحِينِ وُجُودِ مَسْأَلَتِهَا الصَّرِيحَةِ. الثَّانِي - الْغَيْبَةُ؛ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ غَيْبَةِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ فِي حَالَةِ الْغَيْبَةِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي مُرُورِ الزَّمَنِ إذَا كَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ فِي حَالَةِ الْغِيَابِ. مِثَالٌ عَلَى كَوْنِهِ بَالِغًا مُدَّةَ مُرُورِ الزَّمَنِ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ حَقٌّ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَتَحَقَّقَ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِقْرَاضِ بِطَرِيقِ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُرَاسَلَةِ أَوْ بِإِتْلَافِ الْمَالِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِادِّعَاءِ بِمَطْلُوبِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَضَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ثُمَّ بَعْدَ مُرُورِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ حُضُورِهِ أَقَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ بُلُوغِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ: إذَا ثَبَتَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ حَقٌّ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دِيَارٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَدَامَتْ غَيْبَةُ الْمَدِينِ مُدَّةَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ إلَّا أَنَّهُ حَضَرَ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةِ

فَبِمَا أَنَّهُ يُبْتَدَأُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى بَعْدَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً اعْتِبَارًا مِنْ مَبْدَأِ ثُبُوتِ الْحَقِّ. يُوجَدُ بَعْضُ مَسَائِلَ تَحْتَاجُ لِلْحَلِّ فِي عُذْرِ الْغَيْبَةِ: 1 - إذَا بَدَأَ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي عَدَمِ وُجُودِ الْغَيْبَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَتِمَّ مُرُورُ الزَّمَنِ تَخَلَّلَتْهُ الْغَيْبَةُ ثُمَّ زَالَتْ الْغَيْبَةُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَا يَجِبُ؟ فَالظَّاهِرُ إذًا يَجِبُ تَنْزِيلُهَا، يَعْنِي لَوْ أَقْرَضَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا إيَّاهُ ثُمَّ أَقَامَ الِاثْنَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ خَمْسَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ غَابَ عَمْرٌو وَسَافَرَ إلَى دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةُ السَّفَرِ عَشْرُ سَنَوَاتٍ ثُمَّ حَضَرَ فَادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ حُضُورِهِ بِأَرْبَعِ سَنَوَاتٍ فَإِذَا نُزِّلَتْ مُدَّةُ الْغَيْبَةِ يَكُونُ مَرَّ تِسْعُ سَنَوَاتٍ فَقَطْ وَإِذَا لَمْ تُنَزَّلْ يَكُونُ قَدْ مَرَّ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ. 2 - إذَا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ أَوْ نَائِبٌ لَهُ، يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ غَيْبَتِهِ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْجِهَةُ مَعْلُومَةً لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُقِمْ الدَّعْوَى لِغَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَقَعُ مُرُورُ الزَّمَنِ؟ بِمَا أَنَّهُ فِي حَالَةِ غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ فَصْلُ بَعْضِ الدَّعَاوَى كَأَنْ لَا يُوجَدَ لَدَى الْمُدَّعِي شُهُودٌ وَيُتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِيهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. 3 - إذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي مَطْلُوبٌ فِي تَرِكَةٍ وَكَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا وَبَعْضُهُمْ حَاضِرًا فَلَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى عَلَى الْحَاضِرِينَ وَرَجَعَ الْغَائِبُ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَقَعُ مُرُورُ الزَّمَنِ؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ مُرُورُ زَمَنٍ فِي حِصَّةِ هَذَا الْغَائِبِ. الثَّالِثُ - التَّغَلُّبُ؛ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْمُتَغَلِّبَةِ فَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ فِي حَالَةِ التَّغَلُّبِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا عَلَى مُرُورِ الزَّمَنِ مَا دَامَ ثُبُوتُ الْحَقِّ كَانَ فِي زَمَنِ التَّغَلُّبِ. مِثَالٌ عَلَى بُلُوغِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ - إذَا غَصَبَ أَحَدٌ فِي حَالَةِ غَلَبِهِ أَغْنَامَ شَخْصٍ آخَرَ وَامْتَدَّ تَغَلُّبُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَالَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ وَادَّعَى الْمُدَّعِي بَعْدَ مُرُورِ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ التَّغَلُّبِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ بُلُوغِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ: - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فِي حَالَةِ تَغَلُّبِهِ مَزْرَعَةَ آخَرَ وَامْتَدَّ تَغَلُّبُهُ خَمْسَ سَنَوَاتٍ وَزَالَ تَغَلُّبُهُ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَادَّعَى بَعْدَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ مِنْ زَوَالِ التَّغَلُّبِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ، أَمَّا إذَا ابْتَدَأَ مُرُورُ الزَّمَنِ قَبْلَ وُجُودِ التَّغَلُّبِ وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ التَّغَلُّبُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ ثُمَّ زَادَ التَّغَلُّبُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ التَّغَلُّبِ؟ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُتَغَلِّبًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ مُرُورِ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ أَصْبَحَ مُتَغَلِّبًا وَدَامَ تَغَلُّبُهُ سَبْعَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ زَالَ

تَغَلُّبُهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ زَوَالِ التَّغَلُّبِ فَإِذَا تَنَزَّلَتْ مُدَّةُ التَّغَلُّبِ تَكُونُ الدَّعْوَى مَسْمُوعَةً وَإِذَا لَمْ تُنَزَّلْ فَتَكُونُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيلُهَا. قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (كَكَوْنِ الْمُدَّعِي صَغِيرًا إلَخْ) لِأَنَّهُ يُوجَدُ عُذْرٌ رَابِعٌ حَيْثُ إذَا مَنَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ صَاحِبَةَ الْحَقِّ مِنْ إقَامَةِ الدَّعْوَى مَنْعًا أَكِيدًا وَلَمْ تَدَّعِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَهَذَا الْعُذْرُ مَعْدُودٌ عُذْرًا شَرْعِيًّا وَلَهَا إقَامَةُ الدَّعْوَى بَعْدَ زَوَالِ الْمَنْعِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ الَّتِي مَرَّتْ أَثْنَاءَ الْمَنْعِ، إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ مَنْعُ الزَّوْجِ لَهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مِثَالٌ عَلَى الْقَاصِرِيَّةِ - مَثَلًا يُعْتَبَرُ الزَّمَنُ الَّذِي مَرَّ حَالَ جُنُونِ أَوْ عَتَهِ أَوْ صِغَرِ أَحَدٍ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ تَارِيخِ وُصُولِهِ إلَى حَدِّ الْبُلُوغِ أَوْ تَارِيخِ زَوَالِ الْجُنُونِ أَوْ الْعَتَهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَمَرَّ تِسْعُ سَنَوَاتٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْمَجْنُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ الدَّعْوَى تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَنِصْفًا فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ لِمُدَّةِ السَّفَرِ الْبَعِيدَةِ - لَوْ سَافَرَ أَحَدٌ إلَى دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَلَمْ يَدَّعِ دَائِنُهُ بِالْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْغَائِبِ ثُمَّ عَادَ الْغَائِبُ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَبَعْدَ عَوْدَتِهِ بِثَمَانِي سَنَوَاتٍ أَقَامَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الدَّعْوَى غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِمُرُورِ الزَّمَنِ. مِثَالٌ لِلتَّغَلُّبِ - كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ مَعَ أَحَدِ الْمُتَغَلِّبَةِ دَعْوَى وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِادِّعَاءُ لِامْتِدَادِ زَمَانِ تَغَلُّبِ خَصْمِهِ وَوُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ بِتَرْكِ الدَّعْوَى فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ التَّغَلُّبِ. أَمَّا عَدَمُ الْعِلْمِ فَلَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الشَّرْعِيَّةِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ ضَبَطَ أَحَدٌ مَزْرَعَةً مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَتَصَرَّفَ بِهَا مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ وَسَكَتَ الْآخَرُ تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمَزْرَعَةَ هِيَ فِي تَصَرُّفِ وَالِدِي الْمُدَّعِي الْمُتَوَفَّى بِمُوجَبِ طَابُو قَبْلَ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ وَبِوَفَاتِهِ قَدْ انْتَقَلَتْ الْمَزْرَعَةُ الْمَذْكُورَةُ حَصْرًا لِي وَلَكِنْ كُنْت أَجْهَلُ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ هِيَ فِي تَصَرُّفِ وَالِدِي فَلِذَلِكَ لَمْ أُقِمْ الدَّعْوَى قَبْلًا وَالْآنَ عَلِمْتُ ذَلِكَ. فَادَّعَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي التَّصَرُّفِ بِالْإِجَارَتَيْنِ. مَثَلًا لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي دُكَّانِ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ مُدَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ وَسَكَتَ الْمَذْكُورُ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الدُّكَّانَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ لِوَالِدِهِ الْمُتَوَفَّى بَكْرٍ وَقَدْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِالِانْتِقَالِ الْعَادِيِّ وَأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يَجْهَلُ أَنَّ الْحَالَ كَمَا ذُكِرَ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ الدَّعْوَى وَأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ إلَيْهَا الْآنَ، فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُرُورِ الزَّمَنِ الْحَاصِلِ بِعُذْرٍ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى طَرَفٌ بِأَنَّ مُرُورَ زَمَنٍ حَصَلَ بِعُذْرٍ وَأَقَامَ

(المادة 1664) مدة السفر هي ثلاثة أيام أي مدة السفر البعيدة

الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى الطَّرَفُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ كَوْنِهِ وَاقِعًا بِعُذْرٍ. [ (الْمَادَّةُ 1664) مُدَّةُ السَّفَرِ هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَيْ مُدَّةُ السَّفَرِ الْبَعِيدَةِ] الْمَادَّةُ (1664) - (مُدَّةُ السَّفَرِ هِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَيْ مَسَافَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَاعَةً بِالسَّيْرِ الْمُعْتَدِلِ) . ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَدِلِ أَيْ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا حَيَوَانًا سَيْرًا مُتَوَسِّطًا مَعَ الِاسْتِرَاحَةِ الْمُعْتَادَةِ وَهُوَ فِي الْأَيَّامِ الْقَصِيرَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَيْ مَسَافَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَاعَةً. فَلِذَلِكَ إذَا وَصَلَ إلَى بَلْدَةٍ بِسَيْرِ الْبَرِيدِ فِي يَوْمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ يَصِلُ إلَيْهَا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَتُعْتَبَرُ أَيْضًا مَسَافَةَ سَفَرٍ كَذَلِكَ إذَا وَصَلَ إلَى بَلْدَةٍ بِالْقِطَارِ بِيَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَكَانَتْ مَسَافَتُهَا بِالسَّيْرِ الْمُعْتَدِلِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَتُعَدُّ الْبَلْدَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعِيدَةً مُدَّةَ السَّفَرِ (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةِ) . إذَا ذَهَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى بَلْدَةٍ مِنْ الْبِلَادِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَانَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الْمُدَّعِي غَيْرَ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ فَحَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاسْتِحْصَالِ حَقِّهِ حَسَبَ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ عُذْرًا فِي مُرُورِ الزَّمَنِ؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعَدُّ عُذْرًا. [ (الْمَادَّةُ 1665) اجْتَمَعَ سَاكِنَا بَلْدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ سَفَرٍ وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا] الْمَادَّةُ (665 1) - (إذَا اجْتَمَعَ سَاكِنَا بَلْدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ سَفَرٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي بَلْدَةٍ فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْئًا مَعَ أَنَّ مُحَاكَمَتَهُمَا كَانَتْ مُمْكِنَةً وَبَعْدَهَا وُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِتَارِيخٍ أَقْدَمَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ) . سَاكِنَا بَلْدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ سَفَرٍ اجْتَمَعَا فِي بَلْدَةٍ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ عَلِمَ بِعَوْدَةِ خَصْمِهِ وَلَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَكَانَتْ مُحَاكَمَتُهُمَا مُمْكِنَةً فَبَعْدَ مَا وُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْمُعْتَبَرِ فِي نَوْعِ الْمُدَّعَى بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِتَارِيخٍ أَقْدَمَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَغَيَّبَ عَمْرٌو بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِزَيْدٍ مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَفِي السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اجْتَمَعَ بِزَيْدٍ مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَفِي الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثَالِثَةً فَإِذَا مَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى مَبْدَأِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَيْدٍ فَعَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ بِالْمُدَّعِي بِضْعَةَ مَرَّاتٍ فِي ظَرْفِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَّهُ كَانَ مُمْكِنًا جَرَيَانُ الْمُحَاكَمَةِ بَيْنَهُمَا وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي فِي هَذَا الْمَقَامِ عِبَارَةَ (مَرَّةً فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ)

(المادة 1666) إذا ادعى أحد على آخر خصوصا في حضور القاضي في كل بضعة سنوات مرة

وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ التَّكَرُّرُ فِي الِاجْتِمَاعِ وَلَا يَكْفِي اجْتِمَاعٌ وَاحِدٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَجِبُ حَلُّ أَسْئِلَةٍ ثَلَاثٍ: 1 - كَمْ مَرَّةً يَجِبُ أَنْ يَتَكَرَّرَ هَذَا الِاجْتِمَاعُ، بِمَا أَنَّهُ يَكُونُ الِاجْتِمَاعُ الثَّانِي تَكَرُّرًا فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ أَوْ يَجِبُ تَكَرُّرُهُ ثَلَاثَ أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؟ 2 - مَا هُوَ السَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ بَيْنَ الِاجْتِمَاعِ الْوَاحِدِ وَبَيْنَ الِاجْتِمَاعَيْنِ أَوْ الْأَكْثَرِ؟ 3 - إذَا غَابَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَاجْتَمَعَ الطَّرَفَانِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ غَابَ أَحَدُهُمَا فِي دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ مُدَّةُ أَرْبَعِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَبِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1663) يَكُونُ مُرُورُ التِّسْعِ سَنَوَاتٍ الْأُولَى بِعُذْرٍ وَمُرُورُ الزَّمَنِ يَبْتَدِئُ مِنْ بَعْدِهَا وَيَجِبُ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى فِي الِاجْتِمَاعِ الثَّالِثِ وَفِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُنَافِيَةً لِأَحْكَامِ الْمَادَّةِ (1663) ؟ وَإِذَا أُجِيبَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الْمَادَّةِ (1663) هُوَ حَدُّ مُرُورِ زَمَنِ الْعَشْرِ سَنَوَاتٍ أَوْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ السِّتِّ وَالثَّلَاثِينَ سَنَةً الَّتِي تَمَّتْ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَالتِّسْعُ سَنَوَاتٍ الْأُولَى لَمْ تَصِلْ إلَى حَدِّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُنَافٍ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1663) لِأَنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ الْمَانِعِ لِاسْتِمَاعِ الدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّةِ (1663) هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ. مَثَلًا: إذَا تَغَيَّبَ عَمْرٌو بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِزَيْدٍ مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَاجْتَمَعَ بِزَيْدٍ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً أُخْرَى وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ مَرَّةً ثَالِثَةً وَمَرَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اعْتِبَارًا مِنْ مَبْدَأِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَحَسَبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْحَالُ أَنَّهَا تُسْمَعُ بِحَسَبِ الْمَادَّةِ (1663) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى هُوَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْوَاقِعِ بِلَا عُذْرٍ. وَعَلَى ذَلِكَ فَالْعَشْرُ سَنَوَاتٍ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ قَدْ مَرَّتْ بِعُذْرٍ. وَيَرِدُ إلَى الْخَاطِرِ أَنْ يُجَابَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ الْجَوَابُ الْآتِي وَهُوَ: إذَا تَكَرَّرَ الِاجْتِمَاعُ أَثْنَاءَ الْغَيْبَةِ فَالْغَيْبَةُ الْأُولَى لَا تُعَدُّ عُذْرًا فَلَا تُنَزَّلُ مِنْ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَرَى تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الْأُولَى يَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي هَذِهِ الدَّعَاوَى مُرُورُ الزَّمَنِ مُطْلَقًا (وَهَبْ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ إذْ لَا ضَرُورَةَ لِتَحَقُّقِهِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الِاجْتِمَاعُ وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ وَاحِدًا فَيَجِبُ تَنْزِيلُ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُوجَدُ الْمَحْذُورُ الَّذِي بُيِّنَ. [ (الْمَادَّةُ 1666) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا فِي حُضُور الْقَاضِي فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ مَرَّةً] الْمَادَّةُ (666 1) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ مَرَّةً وَلَمْ تُفْصَلْ دَعْوَاهُ وَمَرَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى وَأَمَّا الِادِّعَاءُ وَالْمُطَالَبَةُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا تَدْفَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ: بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ

(المادة 1667) يعتبر مرور الزمن من تاريخ وجود صلاحية الادعاء في المدعى به

الْقَاضِي وَطَالَبَ بِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وُجِدَ مُرُورُ زَمَنٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَفِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ الشَّرْعِيِّ فِي كُلِّ بِضْعَةِ سَنَوَاتٍ مَرَّةً وَلَمْ تُفْصَلْ دَعْوَاهُ وَبَقِيَتْ مُعَطَّلَةً فِي الْمَحَاكِمِ وَحَصَلَ أَثْنَاءَ ذَلِكَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ كَمُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي دَعْوَى الدَّيْنِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ الْمُدَّةُ بَيْنَ الدَّعْوَيَيْنِ إلَى حَدِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَيَمْنَعُ ذَلِكَ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى. مَثَلًا إذَا مَرَّتْ بَيْنَ دَعْوَيَيْ الدَّيْنِ مُدَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَبَيْنَ دَعْوَيَيْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ عَشْرُ سَنَوَاتٍ فَيَمْنَعُ ذَلِكَ سَمَاعَ الدَّعْوَى. أَمَّا الِادِّعَاءُ وَالْمُطَالَبَةُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَاَللَّذَانِ حَصَلَا فِي مَجَالِسِ الْإِدَارَةِ أَوْ غُرَفِ التِّجَارَةِ أَوْ نِقَابَةِ الصُّنَّاعِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ لَهَا صَلَاحِيَّةُ الْفَصْلِ وَالْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى فَلَا يَدْفَعُ ذَلِكَ مُرُورَ الزَّمَنِ، فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِخُصُوصٍ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَحَصَلَ مُرُورُ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِنَوْعِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي. إنَّ تَقْدِيمَ الِاسْتِدْعَاءِ وَالْمَعْرُوضِ لِلْقَاضِي؛ وَلَوْ اقْتَرَنَ بِإِرْسَالِ وَرَقَةِ جَلْبٍ، لَا يَقْطَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ حَسَبَ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الِاسْتِدْعَاءَ الَّذِي يُقَدِّمُهُ الْمُدَّعِي لِلْمَحْكَمَةِ بِطَلَبِ الْحُكْمِ لَهُ عَلَى خَصْمِهِ بِحَقِّهِ وَطَلَبِ جَلْبِ خَصْمِهِ لِلْمَحْكَمَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الدَّعْوَى وَلَا يَكْفِي لِقَطْعِ مُرُورِ الزَّمَنِ. مَثَلًا لَوْ قَدَّمَ الْمُدَّعِي قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ اسْتِدْعَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَدَعَا خَصْمَهُ لِلْمُحَاكَمَةِ وَعِنْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الثَّمَانِيَةِ أَيَّامٍ تَرَافَعَا أَمَامَ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَدْ تَمَّتْ يَوْمَ الْمُرَافَعَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ لَمْ تَتِمَّ حِينَ تَقْدِيمِ الِاسْتِدْعَاءِ أَوْ وَقْتَ تَبْلِيغِ جَلْبِ الْمَحْكَمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الَّذِي يَدْفَعُ مُرُورَ الزَّمَنِ هُوَ الدَّعْوَى، وَالدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّتَيْنِ (1613 و 1618) تُقَالُ لِلطَّلَبِ الَّذِي يَقَعُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَفِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ وَعَلَيْهِ فَالطَّلَبُ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ غَيْرَ مَعْدُودٍ مِنْ الدَّعْوَى. [ (الْمَادَّةُ 1667) يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ وُجُودِ صَلَاحِيَةِ الِادِّعَاءِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ] الْمَادَّةُ (1667) - (يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ وُجُودِ صَلَاحِيَةِ الِادِّعَاءِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي صَلَاحِيَةُ دَعْوَى ذَلِكَ الدَّيْنِ وَمُطَالَبَتُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: لِي عَلَيْك كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي بِعْتُكَ إيَّاهُ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلًا لِثَلَاثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الْبَطْنِ الثَّانِي فِي الْوَقْفِ الْمَشْرُوطِ لِلْأَوْلَادِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ إلَّا مِنْ تَارِيخِ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي صَلَاحِيَةُ

الدَّعْوَى مَا دَامَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مَوْجُودًا. وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَكُونُ مُعَجَّلًا إلَّا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ) . يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ وُجُودِ صَلَاحِيَةِ الِادِّعَاءِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَصَلَاحِيَةِ أَخْذِهِ، فَمُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي صَلَاحِيَةُ دَعْوَى وَأَخْذِ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَتَّى إنَّهُ لَا يُحْبَسُ الْمَدِينُ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ إثْبَاتُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلُ وَبِمَا أَنَّ الْإِثْبَاتَ وَإِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ مَشْرُوطٌ بِسَبْقِ الدَّعْوَى بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1696) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ الِادِّعَاءُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. مَثَلًا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مَطْلُوبَهُ مِنْ ذِمَّةِ آخَرَ الْمُؤَجَّلَ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا إلَّا أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الْأَخْذَ وَالِاسْتِيفَاءَ لِحُلُولِ الْأَجَلِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ تُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجَةِ بِإِثْبَاتِ مَهْرِهَا الْمُؤَجَّلِ عَلَى زَوْجِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُلُولَ الْأَجَلِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ بِالْمُطَالَبَةِ وَالْأَخْذِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي حَالَةِ إنْكَارِهِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: لِي عَلَيْك كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي بِعْتُكَ إيَّاهُ أَوْ أَجَّرْته لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُؤَجَّلًا لِثَلَاثِ سِنِينَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ سِوَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ حُلُولُ الْأَجَلِ وَالْحَالَةُ أَنَّ دَعْوَى الدَّيْنِ تُسْمَعُ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1660) . كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الْبَطْنِ الثَّانِي بِالْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةِ تَوْلِيَتُهُ وَغَلَّتُهُ لِلْأَوْلَادِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ مَثَلًا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَائِلًا: قَدْ شَرَطْت تَوْلِيَةَ وَغَلَّةَ وَقْفِي لِأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَطْنِ الثَّانِي إلَّا مِنْ تَارِيخِ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ بَاعَ أَحَدُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَقَارَ الْوَقْفِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَانْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ بِالْكُلِّيَّةِ وَنَصَّبَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي مُتَوَلِّيًا وَبَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ اُدُّعِيَ الْعَقَارُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ وَقْفًا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَمُرَّ عَلَى انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَّا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُدَّةُ الَّتِي مَرَّتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تُحْسَبُ فِي مُرُورِ الزَّمَنِ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْبَطْنِ الثَّانِي صَلَاحِيَةُ الدَّعْوَى مَا دَامَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مَوْجُودًا إلَّا أَنَّ أَمْثَالَ هَذَا الْوَقْفِ إذَا كَانَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مَوْجُودًا لَا يُعْطِي حِصَّةً لِأَوْلَادِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَلَا يَكُونُ لَهُمْ تَوْلِيَةٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَطْنُ

الثَّانِي، مَوْجُودًا فَلَا يُعْطِي لِأَوْلَادِ الْبَطْنِ الثَّالِثِ حِصَّةً وَلَا يَكُونُ لَهُمْ تَوْلِيَةٌ عَلَى الْوَقْفِ. كَذَلِكَ لَوْ ضَبَطَ أَجْنَبِيٌّ تَوْلِيَةَ الْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةَ لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَانْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَادَّعَى أَحَدُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي التَّوْلِيَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَدْفَعَ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِمُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. سُؤَالٌ - لَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَتَصَرَّفَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَتَبْلُغُ مُدَّةُ تَصَرُّفِهِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَبِمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (167) لَوْ تَرَكَ الدَّعْوَى الْوَارِثُ مُدَّةً وَالْمَوْرُوثُ مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَيَجِبُ عَدَمُ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى؟ الْجَوَابُ - إنَّ تَوْجِيهَ التَّوْلِيَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ هُوَ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِذَا انْتَقَلَتْ التَّوْلِيَةُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي حَقُّ الدَّعْوَى إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ انْتِقَالِ التَّوْلِيَةِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَمُرُّ فِي زَمَنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَطْنِ الثَّانِي لَا تُضَمُّ إلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ الْمُدَّةُ فِي زَمَنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ التَّوْلِيَةُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَهَلْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي حَقُّ الدَّعْوَى؟ فَنَظَرًا إلَى الْمِثَالِ الثَّانِي وَالَى دَلِيلِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّ دَلِيلَ الْفُقَهَاءِ لَا يُثْبِتُ الْمَسْأَلَةَ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَجِبُ الْعُثُورُ عَلَى صَرَاحَةِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُسْتَمَعَ الدَّعْوَى لِحِينِ الْعُثُورِ عَلَى صَرَاحَتِهَا. مَثَلًا: لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَانْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَتَصَرَّفَ أَيْضًا بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي ثُمَّ انْقَرَضَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَرَاجَعَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ الْمَحْكَمَةَ وَادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ وَغَلَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ مَشْرُوطَةٌ لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَأَنَّهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مُدَّةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَطْنِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُمَا قَدْ انْقَرَضَا وَأَصْبَحَتْ تَوْلِيَةُ وَغَلَّةُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ عَائِدَةً لَهُ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ فَإِذَا اُسْتُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ مُرُورُ زَمَنٍ فِي نَوْعِ هَذِهِ الْأَوْقَافِ وَإِنْ يَكُنْ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1675) لَا يَجْرِي مُرُورُ الزَّمَنِ فِي بَعْضِ الدَّعَاوَى إلَّا أَنَّ دَعَاوَى التَّوْلِيَةِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ تِلْكَ الدَّعَاوَى (وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَهْجَةِ فِي هَامِشِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَعَ زَيْدٌ الْقَاضِي دَعْوَى التَّوْلِيَةِ الْمَشْرُوطَةَ الَّتِي تُرِكَتْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ وَحَرَّرَ حُجَّةً بِذَلِكَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا مَرَّ أَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْفَتْوَى لَا تَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِمَاعِ دَعْوَى الْبَطْنِ الثَّانِي. وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَكُونُ مُعَجَّلًا إلَّا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَقَدْ بُيِّنَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إثْبَاتُ الْمَهْرِ

(المادة 1668) لا يعتبر مرور الزمن في دعوى الطلب من المفلس

الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْأَرَاضِيَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ هِيَ بِتَصَرُّفِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّك تَفَرَّغْت لِي بِهَذِهِ الْأَرَاضِي قَبْلَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ. فَإِذَا أَثْبَتَ الْفَرَاغَ لَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا يُقَالُ بِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُثْبِتْ التَّفَرُّغَ لَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ أَنَّهُ وَقَعَ مُرُورُ زَمَنٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ مُعَارِضٌ لَهُ أَثْنَاءَ تَصَرُّفِهِ بِلَا نِزَاعٍ فَهُوَ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الدَّعْوَى. [ (الْمَادَّةُ 1668) لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الطَّلَبِ مِنْ الْمُفْلِسِ] الْمَادَّةُ (1668) - (لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الطَّلَبِ مِنْ الْمُفْلِسِ إلَّا مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْإِفْلَاسِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مَنْ تَمَادَى إفْلَاسُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَتَحَقَّقَ يَسَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِأَنَّهُ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دَرَاهِمَ مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَلَمْ أَسْتَطِعْ الِادِّعَاءَ عَلَيْك لِكَوْنِك كُنْت مُفْلِسًا مِنْ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَلِاقْتِدَارِك الْآنَ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ ادَّعَى عَلَيْك بِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ) . لَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الطَّلَبِ مِنْ الْمُفْلِسِ إلَّا مِنْ تَارِيخِ زَوَالِ الْإِفْلَاسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْصَالُ الْمَطْلُوبِ مِنْ الشَّخْصِ الْمُفْلِسِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ الْمَدِينُ الثَّابِتُ إفْلَاسُهُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مَنْ تَمَادَى إفْلَاسُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَتَحَقَّقَ يَسَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَانَ لِي عَلَيْك مِنْ الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا دَرَاهِمَ طَلَبِي مِنْك وَلَمْ اسْتَطِعْ الِادِّعَاءَ عَلَيْك حَيْثُ كُنْت مُفْلِسًا مِنْ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَحَيْثُ أَصْبَحْت الْآنَ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ فَادَّعَى عَلَيْكَ بِهِ، تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. أَمَّا إذَا ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ دَيْنٌ فِي حَالِ يَسَارِهِ ثُمَّ أَفْلَسَ بَعْدَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ وَدَامَ إفْلَاسُهُ سِتَّ سَنَوَاتٍ وَبَعْدَهَا أَصْبَحَ فِي حَالَةِ إيسَارٍ وَبَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ ادَّعَى الدَّائِنُ عَلَيْهِ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِتَنْزِيلِ مُدَّةِ الْإِفْلَاسِ كَالْمُدَّةِ الَّتِي تَمُرُّ أَثْنَاءَ الصِّغَرِ؟ . [ (الْمَادَّةُ 1669) إذَا تَرَكَ أَحَدٌ الدَّعْوَى بِلَا عُذْرٍ] الْمَادَّةُ (1669) - (إذَا تَرَكَ أَحَدٌ الدَّعْوَى بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ وَوُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ فَكَمَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ أَيْضًا) . أَيْ إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمُورَثِ، لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُورَثِ بِمَا لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَحَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُورَثِ حَقُّ الدَّعْوَى فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَيْضًا حَقٌّ فِيهَا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِمُوَرِّثِي الَّذِي تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ كَذَا دَرَاهِمَ قَدْ أَقْرَضَهَا لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَطْلُبُهَا مِنْك فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ.

(المادة 1670) ترك المورث والوارث الدعوى مدة وبلغ مجموع المدتين حد مرور الزمن

وَالْحُكْمُ فِي الْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. مَثَلًا لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ بِالْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الْمَذْكُورِ وَوُجِدَ مُرُورُ زَمَنٍ فَلَا تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعْوَى مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ الِانْتِقَالِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّك قَدْ تَصَرَّفْت بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ عَشْرَ سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ الَّتِي هِيَ فِي تَصَرُّفِ مُوَرِّثِي بِمُوجِبِ طَابُو قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَبِوَفَاةِ وَالِدِي قَدْ انْتَقَلَتْ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. [ (الْمَادَّةُ 1670) تَرَكَ الْمُورَثُ وَالْوَارِثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ] الْمَادَّةُ (1670) - (إذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ أَيْضًا مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ) . تُضَمُّ مُدَّةُ تَرْكِ الْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ وَالْمُنْتَقِلِ مِنْهُ وَالْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ إلَى بَعْضِهَا فَلِذَلِكَ إذَا تَرَكَ الْمُوَرِّثُ الدَّعْوَى مُدَّةً وَتَرَكَهَا الْوَارِثُ أَيْضًا مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَارِثِ. مَثَلًا: لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ الدَّعْوَى بِمَطْلُوبِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُدَّةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ وَتَرَكَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَارِثُهُ الدَّعْوَى سَبْعَ سَنَوَاتٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ أَحَدٌ مَطْلُوبَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ آخَرَ خَمْسَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَارِثُهُ بِالْحَصْرِ ابْنُهُ الدَّعْوَى خَمْسَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَارِثُهُ بِالْحَصْرِ بِنْتُهُ الدَّعْوَى خَمْسَ سَنَوَاتٍ أَيْضًا ثُمَّ ادَّعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَذَلِكَ لَوْ ضَبَطَ أَحَدٌ رَوْضَةً مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فِي مُوَاجَهَةِ زَيْدٍ وَسَكَتَ زَيْدٌ هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ زَيْدٌ وَتَرَكَ بِنْتًا فَتَصَرَّفَ الْمَذْكُورُ أَيْضًا فِي الرَّوْضَةِ تِسْعَ سَنَوَاتٍ فِي مُوَاجَهَةِ الْبِنْتِ وَسَكَتَتْ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ فَادَّعَتْ الْبِنْتُ بِأَنَّ الرَّوْضَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ مِلْكٌ لِوَالِدِهَا زَيْدٍ وَقَدْ بَاعَهَا لَك وَفَاءً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ مُدَّةً فِي عَقَارِ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَرَثَتُهُ الَّذِينَ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ بِالْإِجَارَتَيْنِ وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي الَّذِي سَكَتَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِلَا عُذْرٍ. وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ تُقَاسُ عَلَيْهَا. [ (الْمَادَّةُ 1671) الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ] الْمَادَّةُ (1671) - (الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ. مَثَلًا: إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَرْصَةٍ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَكَتَ صَاحِبُ الدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ بِتِلْكَ الْعَرْصَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ لِآخَرَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ تِلْكَ الْعَرْصَةَ هِيَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا سَكَتَ الْبَائِعُ مُدَّةً وَسَكَتَ الْمُشْتَرِي مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي) .

الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُوَرِّثِ وَالْوَارِثِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَجْرِي فِي حَقِّهِمْ أَحْكَامُ الْمَادَّتَيْنِ (1669 أَوْ 1670) السَّالِفَتَيْ الذِّكْرِ. كَذَلِكَ الْفَارِغُ وَالْمَفْرُوغُ لَهُ كَالْمُنْتَقِلِ مِنْهُ وَالْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ. مِثَالٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي: مَثَلًا: إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَرْصَةِ مِلْكٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَكَتَ صَاحِبُ الدَّارِ الْمُتَّصِلَةِ بِتِلْكَ الْعَرْصَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ تِلْكَ الْعَرْصَةَ هِيَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا لَا تُسْمَعُ فِي الْمَادَّةِ (1669) . كَذَلِكَ إذَا سَكَتَ الْبَائِعُ مُدَّةً وَسَكَتَ الْمُشْتَرِي مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَا تُسْمَعُ فِي الْمَادَّةِ (1670) . مِثَالٌ لِلْفَارِغِ وَالْمَفْرُوغِ لَهُ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ: مَثَلًا إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مَزْرَعَةٍ عَشْرَ سَنَوَاتٍ وَسَكَتَ صَاحِبُ الْمَزْرَعَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ تَفَرَّغَ بِمَزْرَعَتِهِ لِآخَرَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُتَفَرِّغُ لَهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ هِيَ طَرِيقٌ خَاصٌّ لِلْمَزْرَعَةِ الَّتِي تَفَرَّغْت إلَيْهِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ لِلْفَارِغِ وَالْمَفْرُوغِ لَهُ فِي الْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ: مَثَلًا، لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِالْإِجَارَتَيْنِ مُسْتَقِلًّا فِي دَارِ وَقْفٍ فِي مُوَاجَهَةِ بِنْتِهِ هِنْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَسَكَتَتْ هَذِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَتَرَكَ هِنْدًا الْمَذْكُورَةَ وَبِنْتَهُ زَيْنَبَا مِنْ زَوْجَةٍ أُخْرَى وَأَرَادَتْ زَيْنَبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِنَاءً عَلَى الِانْتِقَالِ الْعَادِيِّ مَعَ هِنْدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَإِذَا ادَّعَتْ هِنْدٌ أَنَّ نِصْفَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ هِيَ فِي تَصَرُّفِ وَالِدَتِهَا خَدِيجَةَ بِالْإِجَارَتَيْنِ فَانْتَقَلَ النِّصْفُ لَهَا وَأَنَّهُ لِذَلِكَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّارِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) . إذَا ضُمَّ مُدَّةُ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ وَالْمَوْرُوثِ وَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْفَارِغِ وَالْمَفْرُوغِ لَهُ إلَى بَعْضِهِمَا وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ إقَامَةُ الدَّعْوَى عَلَيْهِمْ مِنْ آخَرَ، مَثَلًا: إذَا تَصَرَّفَ الْمُوَرِّثُ فِي عَقَارِ مِلْكٍ مُدَّةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ وَتَصَرَّفَ الْوَارِثُ مُدَّةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ أُخْرَى بِلَا نِزَاعٍ فَإِذَا ادَّعَى مَنْ سَكَتَ هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا عُذْرٍ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي عَقَارٍ مُدَّةَ تِسْعِ سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ بَاعَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي سِتَّ سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ فَإِذَا ظَهَرَ أَحَدٌ وَادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكُهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. وَيُقَاسُ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ. كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ مُدَّةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ فِي عَقَارٍ مَوْقُوفٍ ثُمَّ أَفْرَغَهُ لِآخَرَ وَتَصَرَّفَ الْمُتَفَرِّغُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُدَّةَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ فَإِذَا ادَّعَى مَنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي هَاتَيْنِ الْمَادَّتَيْنِ عَلَى

(المادة 1672) لو وجد مرور الزمن في حق بعض الورثة ولم يوجد في حق البعض لعذر

الْمُتَفَرِّغِ لَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ بِالْإِجَارَتَيْنِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مَزْرَعَةٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَتَصَرَّفَ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ وَلَدُهُ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ سَكَتَ فِي تِلْكَ الْمُدَّتَيْنِ بِلَا عُذْرٍ وَادَّعَى عَلَى الْوَلَدِ قَائِلًا: إنَّ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ فِي تَصَرُّفِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِلَا نِزَاعٍ فِي أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ تَفَرَّغَ بِهَا لِآخَرَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَصَرَّفَ الْمُتَفَرِّغُ لَهُ بِهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ ظَهَرَ شَخْصٌ وَادَّعَى عَلَى الْمُتَفَرِّغِ لَهُ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَزْرَعَةَ هِيَ فِي تَصَرُّفِهِ قَبْلَ تِلْكَ السِّنِينَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. [ (الْمَادَّةُ 1672) لَوْ وُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْبَعْضِ لِعُذْرٍ] الْمَادَّةُ (1672) - (لَوْ وُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي دَعْوَى مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِعُذْرٍ كَالصِّغَرِ وَادَّعَى بِهِ وَأَثْبَتَهُ يُحْكَمُ بِحِصَّتِهِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ إلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ) . يَقْبَلُ مُرُورُ الزَّمَنِ التَّجْزِئَةَ فَلِذَلِكَ لَوْ وُجِدَ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي حَقِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي دَعْوَى مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِعُذْرٍ كَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالْعَتَهِ وَالْغَيْبَةِ مُدَّةَ السَّفَرِ وَادَّعَى بِهِ وَأَثْبَتَهُ يُحْكَمُ بِحِصَّتِهِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ إلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا بَالِغٌ وَالْآخَرُ صَغِيرٌ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ عُمُرِهِ وَلَمْ يَدَّعِ وَلَدُهُ الْبَالِغُ مُدَّةَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَعِنْدَمَا بَلَغَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ أَيْ بَعْدَ تَارِيخِ وَفَاةِ وَالِدِهِ بِسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ادَّعَى بِحِصَّتِهِ فَلِلْوَلَدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ الْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمُشَارَكَتِهِ فِيمَا أَخَذَهُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1101) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا وَلَمْ يَكُنْ عَيْنًا فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ بَالِغَيْنِ مِائَةُ دِينَارٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَلَمْ يَمُرَّ الزَّمَنُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ وُجُودِهِ فِي دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ فَادَّعَى بِمَطْلُوبِهِ وَأَثْبَتَهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحِصَّتِهِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ. [ (الْمَادَّةُ 1673) مَنْ كَانَ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ مُسْتَأْجِرًا فِي عَقَارٍ هَلْ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهُ بِمُرُورِ الزَّمَن] الْمَادَّةُ (1673) - (لَيْسَ لِمَنْ كَانَ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ مُسْتَأْجِرًا فِي عَقَارٍ أَنْ يَمْلِكَهُ لِمُرُورِ زَمَنٍ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَأَمَّا إذَا كَانَ مُنْكِرًا وَادَّعَى الْمَالِكُ: بِأَنَّهُ مِلْكِي وَكُنْت أَجَّرْتُك إيَّاهُ قَبْلَ سِنِينَ وَمَا زِلْت أَقْبِضُ أُجْرَتَهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ إنْ كَانَ إيجَارُهُ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ وَإِلَّا فَلَا) . لَيْسَ لِمَنْ كَانَ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُسْتَوْدِعًا أَوْ مُرْتَهِنًا أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُزَارِعًا أَوْ مُسَاقِيًا فِي عَقَارٍ أَنْ يَمْلِكَهُ لِمُرُورِ زَمَنٍ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1674) كَمَا أَنَّ مُرُورَ الزَّمَنِ وَوَضْعَ الْيَدِ عَلَى مَالٍ مُدَّةً طَوِيلَةً لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ

(المادة 1674) لا يسقط الحق بتقادم الزمن

أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ هُوَ مَانِعٌ لِدَعْوَى التَّمَلُّكُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (583 1) . وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُنْكِرًا كَوْنَهُ مُسْتَأْجِرًا ذَلِكَ الْعَقَارَ وَادَّعَى الْمَالِكُ بِأَنَّهُ مِلْكِي وَكُنْت أَجَّرْتُك إيَّاهُ قَبْلَ سِنِينَ وَمَا زِلْت أَقْبِضُ أُجْرَتَهُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ إيجَارُهُ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَلَا تُسْمَعُ وَالْمَعْرُوفُ بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ هُوَ ضِدُّ النُّكْرِ. وَمَعْنَى مَعْرُوفٍ حَسَبَ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَيْ إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَلَا يُفِيدُ هَذَا التَّعْبِيرُ لُزُومَ إثْبَاتِ الْإِيجَارِ بِالتَّوَاتُرِ وَالشُّهْرَةِ وَعَدَمِ جَوَازِ إثْبَاتِهِ وَدَفْعِ مُرُورِ الزَّمَنِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِيَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اُعْتُبِرَ مَعْنَى مَعْرُوفٍ بِمَعْنَى مَشْهُورٍ هُنَا وَالْمَشْهُورُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَيُدَّعَى ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ. وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا شُهْرَةً حُكْمِيَّةً وَالشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ تَحْصُلُ بِإِخْبَارِ شُهُودٍ بِنِصَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الشَّهَادَةِ وَالِاشْتِهَارُ يُطْلَقُ عَلَى الْعِلْمِ الَّذِي يَكُونُ بِالتَّوَاتُرِ وَالشُّهْرَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ مُخْبِرَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِمُخْبِرٍ عَدْلٍ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . وَهَلْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي يَجْرِي فِي حَالِ مَعْرُوفِيَّةِ الْإِيجَارِ بَيْن النَّاسِ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ أَوْ الرَّهْنِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (583 1) . وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي الْمُسْقَفَاتِ وَالْمُسْتَغَلَّات الْمَوْقُوفَةِ وَفِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ أَكْثَرَ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ تَوْلِيَتِي وَقَدْ أَجَّرْتُكَ إيَّاهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي مُدَّعِيًا مِلْكِيَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ كَانَ يُؤَجَّرُ مِنْ طَرَفِ الْوَقْفِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَإِلَّا فَلَا. كَذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مَزْرَعَةٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ قَائِلًا: إنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ هِيَ فِي تَصَرُّفِي بِمُوجَبِ طَابُو وَقَدْ أَجَّرْتهَا لَك الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دَعْوَى الْمُدَّعِي يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ قَدْ أُجِّرَتْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَلَا. [ (الْمَادَّةُ 1674) لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِتَقَادُمِ الزَّمَنِ] الْمَادَّةُ (1674) - (لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِتَقَادُمِ الزَّمَنِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ وَاعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَرَاحَةً فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي عِنْدَهُ حَقًّا فِي الْحَالِ فِي دَعْوَى وُجِدَ فِيهَا مُرُورُ الزَّمَنِ بِالْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَلَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ وَيُحْكَمُ وَبِمُوجَبِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَادَّعَى الْمُدَّعِي بِكَوْنِهِ أَقَرَّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَكَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةُ كَذَلِكَ لَا

تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ. وَلَكِنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي اُدُّعِيَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ رُبِطَ بِسَنَدٍ حَاوٍ لِخَطِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَعْرُوفِ سَابِقًا أَوْ خَتْمِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ) . لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِتَقَادُمِ الزَّمَنِ وَلَوْ تَقَادَمَ الزَّمَنُ أَحْقَابًا كَثِيرَةً، وَأَنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بِمُرُورِ الزَّمَنِ الْمُبَيِّنِ آنِفًا مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِسَبَبِ امْتِنَاعِ الْحُكَّامِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى خَوْفَ وُقُوعِ التَّزْوِيرِ لِقَطْعِ الْحِيَلِ وَالتَّزْوِيرِ وَالْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ الْفَاشِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ اُنْظُرْ شَرْحَ عِنْوَانِ الْبَابِ الثَّانِي. فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى بِمَطْلُوبِهِ الَّذِي هُوَ عَلَى آخَرَ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّ الْقَاضِي الدَّعْوَى بِسَبَبِ مُرُورِ الزَّمَنِ فَيَبْقَى الْمَدِينُ مَدِينًا دِيَانَةً وَلَا يَخْلُصُ مِنْ حَقِّ غُرَمَائِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ دَيْنَهُ أَوْ يُرْضِي مَدِينَهُ. فَلِذَلِكَ إذَا أَقَرَّ وَاعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَرَاحَةً فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي عِنْدَهُ حَقًّا فِي الْحَالِ فِي دَعْوَى وُجِدَ فِيهَا مُرُورُ الزَّمَنِ بِالْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَلَا يُعْتَبَرُ مُرُورُ الزَّمَنِ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْإِقْرَارُ إمَّا أَنْ يَكُونَ شِفَاهِيًّا وَقَدْ بُيِّنَ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّ إمْضَاءَ أَوْ خَتْمَ السَّنَدِ الْمُبْرَزِ هُوَ إمْضَاؤُهُ أَوْ خَتْمُهُ وَيُقَالُ لِهَذَا الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ دَيْنًا مِنْ آخَرَ مَرَّ عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً اسْتِنَادًا عَلَى سَنَدٍ مُعَنْوَنٍ وَمَرْسُومٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِمْضَاءَ وَالْخَتْمَ الَّذِي فِي السَّنَدِ وَادَّعَى وُجُودَ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي الدَّعْوَى فَيَلْزَمُهُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1610) أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَبْلَغَ الَّذِي يَحْتَوِيهِ السَّنَدُ (الْخَانِيَّةُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى) . وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْحَقُّ بِمُرُورِ الزَّمَنِ فَلَا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ جَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ فِي الدَّعْوَى مُرُورَ زَمَنٍ أَمَّا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الدَّيْنِ بِأَنَّنِي لَسْت مَدِينًا وَفِي دَعْوَى الْعَيْنِ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لِي وَأَضَافَ إلَى ذَلِكَ الِادِّعَاءِ بِمُرُورِ الزَّمَنِ فَيَصِحُّ دَفْعُهُ. إنَّ ذِكْرَ عِبَارَةِ " فِي الْحَالِ " الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ لِكَوْنِهَا وَرَدَتْ فِي فَتَاوَى مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْصَدُ بِهَا الِاحْتِرَازُ مِنْ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَهُ فِي الْمَاضِي فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ قَبْلَ ثَلَاثِينَ سَنَةً لِلْمُدَّعِي أَوْ لِمُوَرِّثِهِ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِحَقِّ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عِنْدَ تَكْلِيفِهِ لِلْحَلِفِ يُسَلَّمُ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ أَحْقَابًا كَثِيرَةً لَا تُعَدُّ وَهَذَا مِمَّا لَا يُتَوَقَّفُ فِيهِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الدَّعْوَى) . وَالْحُكْمُ فِي الدَّيْنِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: أَدِّ لِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا الَّتِي أَقْرَضْتهَا لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اقْتَرَضَ مِنْهُ هَذَا الْمَبْلَغَ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ اسْتِيفَائِهِ الدَّيْنَ فَلَهُ أَخْذُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(المادة 1675) لا اعتبار لمرور الزمن في دعاوى المحال.

وَالْمُسْقَفَاتُ الْمَوْقُوفَةُ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةُ وَالْمَوْقُوفَةُ هِيَ كَالْأَمْلَاكِ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى عَقَارِ وَقْفٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ أَوْ أَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ آخَرَ بِلَا نِزَاعٍ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ مِنْ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ الْأَرْضَ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ وَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ أَوْ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ كَانَتْ تَحْتَ تَصَرُّفِك إلَّا أَنَّك قَدْ تَفَرَّغْت بِهَا لِي قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي أَوْ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَإِنَّنِي مُتَصَرِّفٌ بِذَلِكَ الْعَقَارِ أَوْ تِلْكَ الْأَرْضِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حُصُولَ الْفَرَاغِ لَهُ أَوْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَرَاغَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالرَّدِّ. إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَدْ كَتَبَهَا أَمِينُ الْفَتْوَى الْأَسْبَقُ (عُمَرُ حِلْمِي أَفَنْدِي) فِي كِتَابِ الْأَوْقَافِ بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا كَتَبَهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ فَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَادَّعَى الْمُدَّعِي بِكَوْنِهِ أَقَرَّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُرُورُ زَمَنٍ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ الْإِقْرَارِ فَكَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةُ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ حَيْثُ إنَّهُ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ شُبْهَةُ تَزْوِيرٍ وَتَصْنِيعٍ. وَلَكِنَّ الْإِقْرَارَ الَّذِي اُدُّعِيَ بِهِ كَانَ قَدْ رُبِطَ بِسَنَدٍ حَاوٍ لِخَطِّ وَخَتْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَعْرُوفِ سَابِقًا بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلْدَةِ وَلَمْ يُوجَدْ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ تَارِيخِ السَّنَدِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى فَفِي تِلْكَ الصُّورَةِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ فِي هَذَا الْحَالِ بَرِيئًا مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ وَالْإِيضَاحَاتُ عَنْ كَلِمَةِ " وَخَتَمَهُ " قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (9 0 16) . [ (الْمَادَّةُ 1675) لَا اعْتِبَارَ لِمُرُورِ الزَّمَنِ فِي دَعَاوَى الْمَحَالِّ.] الْمَادَّةُ (1675) (لَا اعْتِبَارَ لِمُرُورِ الزَّمَنِ فِي دَعَاوَى الْمَحَالِّ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا لِلْعُمُومِ كَالطَّرِيقِ الْعَامِّ وَالنَّهْرِ وَالْمَرْعَى مَثَلًا: لَوْ ضَبَطَ أَحَدٌ الْمَرْعَى الْمَخْصُوصَ بِقَرْيَةٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ) . لِأَنَّهُ يُوجَدُ بَيْنَ الْعَامَّةِ قَاصِرُونَ كَالصِّغَارِ وَالْمَجَانِينَ وَالْمَعْتُوهِينَ وَيُوجَدُ أَيْضًا غَائِبُونَ وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إفْرَازُ حَقِّ هَؤُلَاءِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الْمَحَالِّ الَّتِي يَعُودُ نَفْعُهَا لِلْعُمُومِ مُرُورُ الزَّمَنِ: مَثَلًا إنَّ لِأَهَالِي بَغْدَادَ حَقًّا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الْكَائِنَةِ فِي دِمِشْقَ. فَلِذَلِكَ لَوْ ضَبَطَ أَحَدَ الْمَرْعَى الْمَخْصُوصِ بِقَرْيَةٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا نِزَاعٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَرْعَى عَائِدًا لِلْعُمُومِ أَيْ عَائِدًا لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أَوْ قَصَبَةٍ أَوْ عَائِدًا لِأَهَالِي قُرًى أَوْ قَصَبَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ بَلْ كَانَ عَائِدًا لِشَخْصٍ مَخْصُوصٍ فَإِذَا كَانَ مِلْكًا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهِ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَإِذَا كَانَ مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهِ بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ. كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِقْدَارًا مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَأَلْحَقَهُ بِدَارِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْعَامَّةِ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسِينَ سَنَةً وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَلَهُ تَفْرِيغُ الطَّرِيقِ.

خلاصة الباب الثاني في مرور الزمن في الدعاوى الحقوقية

وَالْمَقْصُودُ مِنْ النَّهْرِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ النَّهْرُ الْعَائِدُ لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أَوْ قُرًى مُتَعَدِّدَةٍ أَمَّا النَّهْرُ الْمَمْلُوكُ لِشَخْصٍ فَمُرُورُ الزَّمَنِ فِيهِ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1661) . تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ 9 جُمَادَى الْأُخْرَى سَنَةَ 1293. تَمَّ بِأَلْطَافِهِ تَعَالَى كِتَابُ الدَّعْوَى وَيَلِيهِ كِتَابُ الْبَيِّنَاتِ وَالتَّحْلِيفِ. [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي فِي مُرُورُ الزَّمَنِ فِي الدَّعَاوَى الْحُقُوقِيَّةِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي مُرُورُ الزَّمَنِ مُرُورُ الزَّمَنِ فِي الدَّعَاوَى الْحُقُوقِيَّةِ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - اجْتِهَادِيٌّ وَمُدَّتُهُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَهُوَ (1) دَعْوَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُرْتَزِقَةِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ. (2) دَعْوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ. (3) الدَّعَاوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِأَصْلِ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ. (4) الْعَقَارُ الرَّاجِعُ مِنْ الطَّرِيقِ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا. (5) الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ مِنْ طَرِيقِ الْعَقَارَاتِ الْمَمْلُوكَةِ. (6) دَعَاوَى رَقَبَةِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ الَّتِي يُقِيمُهَا مَأْمُورُ الْأَرَاضِي. (تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ 21 مُحَرَّمٍ سَنَةَ 0 130) . النَّوْعُ الثَّانِي - الْمُعَيَّنُ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ وَهُوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْضًا وَذَلِكَ فِي: (1) دَعَاوَى الدَّيْنِ، الْوَدِيعَةُ، الْعَارِيَّةُ، الْعَقَارُ الْمِلْكُ، الْمِيرَاثُ، الْقِصَاصُ، دَعْوَى التَّوْلِيَةِ وَالْغَلَّةِ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُقَاطَعَةِ وَالْمَشْرُوطِ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1660) . (2) الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَالْمَسِيلُ وَحَقُّ الشُّرْبِ فِي الْعَقَارِ الْمِلْكِ. مَثَلًا إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ الرَّاجِعَةُ مِنْ الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ مِلْكًا وَبَعْضًا عَشْرُ سَنَوَاتٍ وَذَلِكَ فِي دَعَاوَى التَّصَرُّفِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ وَبَعْضًا سَنَتَانِ: وَهِيَ الْأَرَاضِي الْخَالِيَةُ وَالْمَحْلُولَةُ الَّتِي فُوِّضَتْ مِنْ طَرَفِ الدَّوْلَةِ لِلْمُهَاجِرِينَ وَزُرِعَتْ مِنْ قِبَلِهِمْ وَأُنْشِئَ عَلَيْهَا أَبْنِيَةٌ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهَا بَعْدَ مُرُورِ سَنَتَيْنِ، وَبَعْضِ أَشْهُرٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُرُورِ الزَّمَنِ هُوَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ تُسْمَعُ بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ.

مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ - يَبْتَدِئُ مِنْ صَلَاحِيَةِ الْمُدَّعِي لِلِادِّعَاءِ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَأَخْذِهِ وَيَحْصُلُ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِخِتَامِ الْأَجَلِ وَفِي الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَبِالْمَطْلُوبِ مِنْ الْمُفْلِسِ بِاكْتِسَابِ الْمُفْلِسِ الْيَسَارَ. الْأَعْذَارُ الْمَانِعَةُ لِجَرَيَانِ مُرُورِ الزَّمَنِ: (1) الْقَاصِرِيَّةُ كَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالْعَتَهِ. (2) الْغَيْبَةُ كَالْإِقَامَةِ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ. (3) التَّغَلُّبُ. (4) مُمَانَعَةُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهَا.

الكتاب الخامس عشر البينات والتحليف

[الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ الْبَيِّنَاتُ وَالتَّحْلِيفُ] ُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الظَّاهِرِ وُجُودُهُ وَوَحْدَانِيُّتُهُ وَكَمَالُهُ بِالْبَيِّنَاتِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الثَّابِتَةُ نُبُوَّتُهُ وَرِسَالَتُهُ بِالْحُجَجِ الْقَاطِعَاتِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَافِي لِلتَّائِبِينَ وَالتَّائِبَاتِ، عَلَيْهِ تَوَكُّلِي وَاعْتِمَادِي فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَوْقَاتِ. الْكِتَابُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي حَقِّ الْبَيِّنَاتِ وَالتَّحْلِيفِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدَّمَةٍ وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ. الْبَيِّنَاتُ جَمْعُ بَيِّنَةٍ وَالْبَيِّنَةُ بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَيَانِ أَوْ مِنْ الْبَيْنِ، وَالْبَيَانُ بِوَزْنِ أَعْيَانٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوَاضِحِ وَالظَّاهِرِ فَيُقَالُ بَانَ الشَّيْءُ بَيَانًا إذَا اتَّضَحَ وَبِمَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ الْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ بِهَا أُطْلِقَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ. وَذَكَرَ الْبَيِّنَةَ بِالْجَمْعِ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهَا فَأَحَدُ أَنْوَاعِهَا التَّوَاتُرُ وَنَوْعُهَا الْآخَرُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَّةُ. وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْبَيِّنَةَ ذُكِرَتْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ نَوْعَيْ الْبَيِّنَةِ الشَّهَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَنَوْعَهَا الْآخَرَ الْبَيِّنَةُ الْكِتَابِيَّةُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ الشَّهَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ، وَحَيْثُ إنَّ قِسْمًا مِنْ الْبَيِّنَاتِ التَّحْرِيرِيَّةِ هُوَ الْإِقْرَارُ بِالْكِتَابَةِ فَالتَّقْسِيمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى قَسِيمِهِ. وَبِمَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الدَّعْوَى فَتَلْزَمُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلِهَذَا السَّبَبِ قَدْ أُورِدَتْ الْبَيِّنَاتُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَتَعْقِيبًا لَهَا.

الْمُقَدِّمَةُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ. الْمَادَّةُ (676 1) - (الْبَيِّنَةُ هِيَ الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ) قَدْ ذُكِرَ مَعْنَى الْبَيِّنَةِ اللُّغَوِيُّ وَأَمَّا مَعْنَاهَا الشَّرْعِيُّ فَهُوَ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ. وَلَفْظُ الْحُجَّةِ، بِمَقَامِ التَّعْرِيفِ الْجِنْسِيِّ فَكَمَا أَنَّهَا تَشْمَلُ الشَّهَادَةَ فَهِيَ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ (الْحَمَوِيُّ) . وَلَفْظُ " قَوِيَّةٍ " بِمَثَابَةِ فَصْلِ التَّعْرِيفِ فَيُخْرِجُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ الْحُكْمُ تَعْلِيقًا عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ - بِمَا أَنَّ الْحُجَجَ الشَّرْعِيَّةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَمَرِّدِ وَالْمُتَوَارِي غَيْرِ الْمُمْكِنِ إحْضَارُهُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي حُكْمًا مُعَلَّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ مُسْتَنِدًا إلَى إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا وَلَا يَصِحُّ. وَاسْمُ الْبَيِّنَةِ الْآخَرُ الشَّهَادَةُ وَقَدْ عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1684) وَالتَّعْرِيفُ الْمَشْهُورُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ. لَمْ يَرِدْ فِي أَحَدِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ تَعْرِيفٌ لِلْبَيِّنَةِ كَالتَّعْرِيفِ الَّذِي وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْمَجَلَّةُ تُعَرِّفُ الْبَيِّنَةَ أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْحُجَّةُ الْقَوِيَّةُ، والثَّانِي: هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِقَوْلِ أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ يُقَامَانِ لِإِثْبَاتِ الِادِّعَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيِّنَةٌ كَذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ إلَّا أَنَّ أَسْبَابَ التَّسْمِيَةِ مُخْتَلِفَةٌ فَلِكَوْنِهَا تُشْعِرُ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي يُطْلَقُ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ وَلِكَوْنِ الْمُدَّعِي بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ يَتَغَلَّبُ فِيهَا عَلَى خَصْمِهِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا حُجَّةٌ (الْكُلِّيَّاتُ) . إيضَاحُ الْقَوِيَّةِ وَالْمُتَعَدِّيَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَوِيَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ أَيْ أَنَّهَا بِاعْتِبَارِهَا مُتَجَاوِزَةً وَسَارِيَةً عَلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَيْضًا فَهِيَ قَوِيَّةٌ وَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً قَوِيَّةً وَمُتَعَدِّيَةً هُوَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَلَا تَكُونُ حُجَّةً وَبِمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي عَامَّةٌ فَهِيَ تَسْرِي وَتَتَعَدَّى عَلَى الْكُلِّ (الدُّرَرُ فِي الْإِقْرَارِ) .

أَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيُذْكَرُ قَرِيبًا. تَوْضِيحُ عَدَمِ صَيْرُورَةِ الْبَيِّنَةِ حُجَّةً إذَا لَمْ تَتَّصِلْ بِحُكْمِ الْقَاضِي: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا مَا مِنْ آخَرَ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَمَامَ الْقَاضِي شَهَادَةً مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى ثُمَّ لَمْ يُحْكَمْ فِي الْقَضِيَّةِ وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى عَلَى حَالِهَا ثُمَّ نُصِّبَ قَاضٍ آخَرُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى ثَانِيَةً فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فَلَمْ يَشْهَدَا بِأَصْلِ الْمُدَّعَى بِهِ بَلْ شَهِدَا بِأَنَّ شَاهِدَيْنِ قَدْ شَهِدَا بِذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ فَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى الَّذِي حُرِّرَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ بِحُصُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَحَتَّى إنَّهُ جَرَى تَعْدِيلُهَا وَتَزْكِيَتُهَا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ مَحْضَرًا ضَاعَ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي وَفِيهِ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بِحَقٍّ وَالْقَاضِي لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ عِنْدَهُ كَاتِبَانِ أَنَّ شُهُودَ هَذَا شَهِدُوا بِكَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِشَهَادَتَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَيْنِ قَدْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بَاطِلَةٌ لَا تُقْبَلُ بِدُونِ التَّحَمُّلِ تَقْسِيمُ التَّعْدِيَةِ - التَّعْدِيَةُ تَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّعْدِيَةُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ شَرْحًا فِي الْمَادَّتَيْنِ (78 و 1642) وَلْنُوَضِّحْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا بِمِثَالٍ آخَرَ: لَوْ أَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى عَلَى آخَرَ مُدَّعِيًا أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَّصِلَ إلَيْهِ شِرَاءً مِنْ آخَرَ هُوَ مَالُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ فَبِهَذَا الْحُكْمِ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَائِعُهُ مَحْكُومًا بِذَلِكَ الْحُكْمِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَحْكُومَ طَلَبَ الرُّجُوعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ، وَالْمُشْتَرِي يَتَمَكَّنُ بِهَذَا الْحُكْمِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَدْ وَقَعَ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ وَعَلَيْهِ فَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى ذِي الْيَدِ وَعَلَى الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ تَلَقَّى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ عَنْهُمْ وَهُوَ الْبَائِعُ لِذِي الْيَدِ وَالْبَائِعُ لَهُ فَيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَا يَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ أَوْ غَيْرِ مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَالِ لِغَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مَعْدُومًا فِي حَقِّ شَخْصٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي حَقِّ شَخْصٍ آخَرَ (الْحَمَوِيُّ وَالْأَشْبَاهُ) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1618) بَعْضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَدِّيَةِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْدِيَةُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ وَهِيَ الْمَسَائِلُ السِّتُّ الْآتِيَةُ: (1) الْوَكَالَةُ. (2) الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ. (3) النِّكَاحُ. (4) النَّسَبُ. (5) وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ. (6) الْوَقْفُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. الْوَكَالَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِمُوَكِّلِي فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِك ثَلَاثِينَ

دِينَارًا وَقَدْ وَكَّلَنِي بِاسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ وَوَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ وَأَثْبَتَ وَكَالَتَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحُكِمَ بِثُبُوتِ الْوَكَالَةِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَكُونُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ادَّعَى عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ حَقًّا بِسَبَبِ تِلْكَ الْوَكَالَةِ وَأَثْبَتَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ ذَلِكَ السَّبَبَ فَيَكُونُ ذَلِكَ إثْبَاتًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ بِحَقٍّ لِمُوَكَّلِهِ فَلَا يُكَلَّفُ لِإِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ (الْحَمَوِيُّ) . الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ - وَالْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ حُكْمٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الشَّخْصَ هُوَ عَبْدِي، لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلِيَّةَ تُثْبِتُ الْوَلَاءَ وَالْأَهْلِيَّةَ لِلشَّهَادَةِ فَتَثْبُتُ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّيَةٌ وَبِمَا أَنَّهُ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى يَقُومُ بَعْضُ النَّاسِ خَصْمًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ هُوَ حُكْمٌ بِالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَالْقَضَاءُ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ يَتَعَدَّى عَلَى الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ حُكْمٌ بِعَدَمِ الرِّقِّ فَإِذَا انْعَدَمَ الرِّقُّ فِي حَقِّ شَخْصٍ مَا فَيَنْعَدِمُ فِي حَقِّ كُلِّ النَّاسِ (الْحَمَوِيُّ) . النِّكَاحُ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ زَوْجَتِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَيَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى أَيِّ شَخْصٍ بِتَارِيخٍ مُؤَخَّرٍ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ زَوْجَتُهُ. النَّسَبُ - إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْبَيِّنَةِ وَحُكِمَ بِهِ فَهَذَا الْحُكْمُ يَسْرِي عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَيَكُونُ جَمِيعُ النَّاسِ مَحْكُومًا عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ دَعْوَى خِلَافَ ذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ. الْوَقْفُ - قَدْ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْوَقْفِ هَلْ يَسْرِي عَلَى جُزْءِ أَوْ كُلِّ النَّاسِ وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْوَقْفِ لَيْسَ حُكْمًا عَلَى كُلِّ النَّاسِ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَى الْمِلْكِ أَوْ دَعْوَى الْوَقْفِ الْآخَرِ (الْحَمَوِيُّ) . قَاصِرِيَّةٌ الْإِقْرَارِ - فَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَرَى تَفْصِيلُهُ فَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَغَيْرُ قَوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُقِرِّ مَقْصُورَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ كَالْقَاضِي كَمَا أَنَّ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ لَا تَفْتَقِرُ لِلْقَضَاءِ كَحُجِّيَّةِ الْبَيِّنَةِ (الدُّرَرُ فِي الْإِقْرَارِ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ خُصُوصًا مَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَانْفَصَلَ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَنُصِّبَ قَاضٍ آخَرُ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي عَيْنَ الدَّعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وُقُوعَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ صَحَّ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ الثَّابِتِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ (وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَانِيَّةِ ضَاعَ سِجِلٌّ مِنْ دِيوَانِ الْقَاضِي فَشَهِدَ كَاتِبَاهُ عِنْدَهُ أَنَّ هَذَا أَقَرَّ عِنْدَك لِهَذَا بِكَذَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ فَجَازَتْ شَهَادَتُهُمَا) . مَعَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالشَّهَادَةُ بِاعْتِبَارِ التَّعْدِيَةِ فَوْقَ الْإِقْرَارِ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ فَهُوَ فَوْقَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ: أَنَّ الْإِقْرَارَ فَوْقَ الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ التُّهْمَةِ فِيهِ وَالشَّهَادَةُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ

(المادة 1677) التواتر هو خبر جماعة لا يجوز العقل اتفاقهم على الكذب

ضَعِيفَةٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (78) (تَكْمِلَةُ الْفَتْحِ فِي الْإِقْرَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1677) التَّوَاتُرُ هُوَ خَبَرُ جَمَاعَةٍ لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ] الْمَادَّةُ (1677) - (التَّوَاتُرُ هُوَ خَبَرُ جَمَاعَةٍ لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) . التَّوَاتُرُ بِوَزْنِ التَّفَاعُلِ، وَاسْمُ فَاعِلِهِ مُتَوَاتِرٌ وَهُوَ لُغَةً ظُهُورُ الْأُمُورِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَقِبَ بَعْضِهَا الْبَعْضِ وَيُقَالُ لِقَطْرِ الْجِمَالِ بَعْضِهَا وَرَاءَ بَعْضٍ: تَوَاتَرَ الْإِبِلُ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ هُوَ خَبَرُ جَمَاعَةٍ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْحِسِّ لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ وَلَا يُتَوَهَّمُ اتِّفَاقُهُمْ وَاجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَالْأَخْبَارِ عَنْ الْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ وَعَنْ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ (فُصُولُ الْبَدَائِعِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ - يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ إخْبَارَ جَمْعٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ يُحْتَمَلُ اتِّفَاقُهُ عَلَى الْكَذِبِ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ لَا يُعَدُّ تَوَاتُرًا. جَمَاعَةٌ - وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَ بِتَوَاتُرٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ هُوَ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ بِشُهْرَةٍ حُكْمِيَّةٍ وَيُطْلَقُ عَلَى خَبَرِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1688) أَمَّا الْمَشْهُورُ بِشُهْرَةٍ حَقِيقِيَّةٍ فَهُوَ التَّوَاتُرُ. مُسْتَنِدٌ عَلَى الْحِسِّ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ مُسْتَنِدًا عَلَى الْحِسِّ سَوَاءٌ كَانَ حِسًّا سَمْعِيًّا أَوْ خِلَافَهُ فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ جَمْعٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ عَلَى حِسٍّ فَلَا يَكُونُ تَوَاتُرًا حَتَّى إنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ إقْلِيمٍ عَلَى مَسْأَلَةٍ لَا يَكُونُ تَوَاتُرًا وَلَا يَحْصُلُ لَنَا بِذَلِكَ عِلْمُ يَقِينٍ بَلْ يَلْزَمُ الْبُرْهَانُ لِلْعِلْمِ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ الْعَقْلِيَّةِ (تَغْيِيرُ التَّنْقِيحِ وَابْنُ كَمَالٍ) . خَبَرٌ - وَيَدُلُّ هَذَا اللَّفْظُ أَنَّ التَّوَاتُرَ بِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ مَصْدَرًا بَلْ هُوَ اسْمٌ، وَالْخَبَرُ لِأَجْلِ ذَاتِهِ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُخْبِرِ وَالْمَادَّةِ الْكَلَامُ الْقَابِلُ وَالْمُحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ بِنِسْبَةِ مَا يَعْرِضُ لَهُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَقْطُوعُ الصِّدْقِ وَهُوَ (أَوَّلًا) الْخَبَرُ الصَّادِقُ كَخَبَرِ ذِي الْجَلَالِ وَالنَّبِيِّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) (ثَانِيًا) الْمُتَوَاتِرُ (ثَالِثًا) الضَّرُورِيَّاتُ كَالْوَاحِدِ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ (رَابِعًا) الْمَعْلُومُ اسْتِدْلَالًا كَقَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ: الْعَالَمُ حَادِثٌ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَقْطُوعُ الْكَذِبِ وَهُوَ (أَوَّلًا) الْمَعْلُومُ خِلَافُهُ ضَرُورَةً كَالْقَوْلِ: السَّمَاءُ تَحْتَنَا وَالْأَرْضُ فَوْقَنَا (ثَانِيًا) الْمَعْلُومُ خِلَافُهُ اسْتِدْلَالًا كَقَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ: الْعَالَمُ قَدِيمٌ (الْكُلِّيَّاتُ) . [ (الْمَادَّةُ 1678) الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ] الْمَادَّةُ (1678) - (الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ وَأَمَّا الْمِلْكُ الَّذِي يُقَيَّدُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَيُقَالُ لَهُ: الْمِلْكُ بِسَبَبٍ) .

(المادة 1679) ذو اليد هو الواضع اليد على عين بالفعل

الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالْإِرْثِ وَالشِّرَاءِ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَالِاتِّهَابِ أَمَّا الْمِلْكُ الَّذِي يُقَيَّدُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ فَيُقَالُ لَهُ: الْمِلْكُ بِسَبَبٍ، وَالْمِلْكُ الْمُقَيَّدُ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ. فَيَكُونُ قَدْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا أَمَّا إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ فُلَانًا وَهَبَنِي إيَّاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ وَسَلَّمَنِي إيَّاهُ أَوْ أَنَّهُ مَوْرُوثٌ لِي مِنْ وَالِدِي فُلَانٍ فَأَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ فَيَكُونُ قَدْ ادَّعَى مِلْكًا مُقَيَّدًا. إيضَاحُ الْقُيُودِ: الْإِرْثُ - إذَا قُيِّدَ الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ يَكُونُ الْمِلْكُ بِسَبَبٍ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَنْزِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ وَالْمَشْهُورُ وَالْمَقْبُولُ عِنْدَ صَاحِبِ الْفَتْحِ أَنَّ دَعْوَى الْإِرْثِ هِيَ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ. الشِّرَاءُ - قَدْ ذُكِرَ الشِّرَاءُ مُطْلَقًا هُنَا إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا ذُكِرَ الْمُشْتَرَى مِنْهُ الْمُعَيَّنُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِلْكًا بِسَبَبٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1710) كَقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدِ بْنِ بَكْرِ بْنِ بِشْرٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته، أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَكَانَ زَيْدٌ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَتَكُونُ دَعْوَاهُ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . الْفَرْقُ - يُوجَدُ بَيْنَ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ أَيْضًا فَرْقٌ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، فَالْمِلْكُ الْمُطْلَقُ فِي الْعَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ وَأَزْيَدُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ ثَابِتٌ مِنْ أَصْلِهِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَأَثْبَتَهُ يَسْتَحِقُّ زَوَائِدَ ذَلِكَ الْمِلْكِ أَيْضًا. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ بِسَبَبٍ وَأَثْبَتَهُ فَثُبُوتُهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى وَقْتِ السَّبَبِ فَلَا يَسْتَحِقُّ زَوَائِدَهُ الْحَاصِلَةَ قَبْلَ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1710) (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْعَيْنِ أَمَّا الدَّيْنُ فَحَيْثُ لَا يَتَحَمَّلُ الزَّوَائِدَ فَلَيْسَ مِنْ فَرْقٍ فِي الدَّيْنِ بَيْنَ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَبَيْنَ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1710) . [ (الْمَادَّةُ 1679) ذُو الْيَدِ هُوَ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ بِالْفِعْلِ] الْمَادَّةُ (1679) - (ذُو الْيَدِ هُوَ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ بِالْفِعْلِ أَوْ الَّذِي يُشْبِهُ تَصَرُّفَهُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ) . ذُو الْيَدِ لُغَةً صَاحِبُ الْيَدِ وَشَرْعًا هُوَ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ بِالْفِعْلِ حَالَ الْمُحَاكَمَةِ أَوْ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ أَوْ الَّذِي يُشْبِهُ تَصَرُّفُهُ فِي عَيْنِ انْتِفَاعِهِ مِنْهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الدَّعْوَى) . وَوَضْعُ الْيَدِ فِعْلًا يَكُونُ فِي الْمَنْقُولِ كَالسَّاعَةِ فِي الْجَيْبِ وَكَالثِّيَابِ الْمَلْبُوسَةِ وَكَالْحَيَوَانِ الْمَرْكُوبِ، وَالتَّصَرُّفُ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ يَكُونُ فِي الْمَنْقُولِ وَفِي الْعَقَارِ أَيْضًا كَزَرْعِ الْمَزْرَعَةِ وَالسُّكْنَى فِي الْبَيْتِ وَالْبِنَاءِ فِي الْعَرْصَةِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ مِنْ الْغَابَةِ وَالرُّكُوبِ عَلَى الْحَيَوَانِ وَأَخْذِ لَبَنِهِ وَذُو الْيَدِ عَلَى الدَّارِ هُوَ السَّاكِنُ فِيهَا وَلَيْسَ مَنْ بِيَدِهِ مِفْتَاحُ أَحَدِ غُرَفِهَا.

وَتَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ هُوَ التَّصَرُّفُ الَّذِي يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ أَوْ حَلُّهُ، إذَا كَانَ مِلْكًا، عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَحِلُّ الَّذِي أُوقِعَ فِيهِ التَّصَرُّفُ مِلْكَ الْمُبَاشِرِ إذَا كَانَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَصَرِّفُ أَجْرَى ذَلِكَ التَّصَرُّفَ أَصَالَةً كَتَعْمِيرِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ هَدْمِهَا أَوْ إسْكَانِ آخَرَ فِيهَا وَلَوْ بِلَا أَجْرٍ أَوْ تَشْيِيدِهَا أَوْ سُكْنَاهُ فِيهَا بِالذَّاتِ أَوْ وَضْعِ أَشْيَائِهِ فِيهَا إذَا كَانَتْ أَبْنِيَةً، وَإِذَا كَانَ حَيَوَانًا الرُّكُوبُ عَلَيْهِ وَأَخْذُ لَبَنِهِ، وَاذَا كَانَتْ أَرْضًا زِرَاعَتُهَا وَإِسْقَاءُ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا أَوْ حَصْدُهُ، وَإِذَا كَانَ ثِيَابًا لُبْسُهَا وَقَدْ مَرَّ مِثْلُ هَذَا التَّعْبِيرِ فِي الْمَوَادِّ (312 و 325 و 359 و 596 1) . فَالْمُقِيمُ فِي الدَّارِ وَالزَّارِعُ الْأَرْضَ وَاللَّابِسُ الثِّيَابَ وَالرَّاكِبُ الْفَرَسَ وَالْوَاضِعُ السَّاعَةَ فِي جَيْبِهِ هُوَ ذُو الْيَدِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِذِي الْيَدِ وَلَا سِيَّمَا حَالَ الْمُحَاكَمَةِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ بَلْ هُوَ ذُو الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ سَوَاءٌ كَانَ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. مَثَلًا إذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ يَدَهُ عَلَى عَقَارٍ كَانَ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِإِحْدَاثِ يَدِهِ وَاضِعَ الْيَدِ بِحَقٍّ عَلَى ذَلِكَ الْعَقَارِ، كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكَهُ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ ذَا الْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بَلْ يُعْتَبَرُ خَارِجًا وَتُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَهُ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الدَّعْوَى وَالتَّكْمِلَةُ عَلَى الْبَحْرِ) . فَلِذَلِكَ إذَا غَصَبَ أَحَدٌ أَرْضًا وَزَرَعَهَا فَادَّعَى آخَرُ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ غَصَبَهَا مِنْهُ وَأَثْبَتَ الْغَصْبَ وَإِحْدَاثَ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ خَارِجًا وَالْمُدَّعِي ذَا الْيَدِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْغَصْبَ وَإِحْدَاثَ الْيَدِ فَالزَّارِعُ ذُو الْيَدِ وَالْمُدَّعِي هُوَ الْخَارِجُ. وَقَدْ جَاءَ فِي تَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ عَقَارٌ فَأَحْدَثَ الْآخَرُ عَلَيْهِ يَدَهُ لَا يَصِيرُ بِهِ ذَا يَدٍ فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّك أَحْدَثْت الْيَدَ وَكَانَ بِيَدِهِ فَأَنْكَرَ يُحَلَّفُ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْيَدَ الظَّاهِرَةَ لَا اعْتِبَارَ لَهَا. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ مُتَصَرِّفًا فِي مَالٍ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ بِهِ الْآخَرُ مُطْلَقًا فَالْمُتَصَرِّفُ هُوَ ذُو الْيَدِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا. أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ شَخْصَانِ فِي مَالٍ فَفِي ذَلِكَ صُورَتَانِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُمَا مُتَسَاوِيًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الِاثْنَانِ ذَوَيْ الْيَدِ. مَثَلًا إذَا رَكِبَ اثْنَانِ عَلَى سَرْجِ حَيَوَانٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ ذُو الْيَدِ مُسْتَقِلًّا فَيُعَدُّ الِاثْنَانِ ذَوَيْ الْيَدِ بِالِاشْتِرَاكِ، كَذَلِكَ إذَا رَكِبَ اثْنَانِ عَلَى حَيَوَانٍ عَارٍ فَالْحُكْمُ حَسَبَ الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ؛ كَذَلِكَ إذَا كَانَ طَرَفُ الثِّيَابِ فِي يَدِ أَحَدٍ وَطَرَفُهَا الْآخَرُ فِي يَدِ آخَرَ وَادَّعَى كِلَاهُمَا وَضَاعَةَ الْيَدِ مُسْتَقِلًّا فَيُعْتَبَرُ الِاثْنَانِ ذَوِي الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الثِّيَابِ مُنَاصَفَةً وَمُشَارَكَةً وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَابِضًا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ يَدُ الِاثْنَيْنِ عَلَى تِلْكَ الثِّيَابِ وَلَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ (الدُّرَرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (13 أَوْ الْمَادَّةِ 1732) وَشَرْحَهَا. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُمَا مُتَسَاوِيًا وَهَذَا يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَظْهَرَ وَأَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا تَصَرَّفَ

(المادة 1680) الخارج هو البريء عن وضع اليد

اثْنَانِ فِي مَالٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْوَاضِعُ الْيَدِ الْمُسْتَقِلُّ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَيُعْتَبَرُ الَّذِي تَصَرُّفُهُ أَظْهَرُ وَأَقْوَى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ ذَا الْيَدِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا. مَثَلًا لَوْ أَمْسَكَ أَحَدٌ طَرَفَ الثِّيَابِ وَكَانَ الْآخَرُ لَابِسَهَا فَيُعَدُّ اللَّابِسُ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا، كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَ الْفَرَسِ وَالْآخَرُ قَابِضًا زِمَامَهَا فَيُعَدُّ الرَّاكِبُ ذَا الْيَدِ وَالْقَابِضُ الزِّمَامِ خَارِجًا حَيْثُ إنَّ تَصَرُّفَ لَابِسِ الثِّيَابِ وَرَاكِبِ الْفَرَسِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرَيْنِ حَيْثُ إنَّ التَّصَرُّفَ الْمَذْكُورَ خَاصٌّ بِالْمِلْكِ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ تُرَجَّحُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1757) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ يُتْرَكُ الْمَالُ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَلَا يَتْرُكُ قَضَاءٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَطَاعَ الْخَارِجُ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُهُ فَيُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ الْمَالِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1786) وَشَرْحَهَا (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) . الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ أَيْ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْنِ مُتَصَرِّفَيْنِ بِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْحَالِ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي الْأَكْثَرِ ذُو الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ حِمْلٌ مُحَمَّلًا عَلَى دَابَّةٍ وَكَانَ لِآخَرَ آنِيَةٌ مُعَلَّقَةٌ عَلَى تِلْكَ الدَّابَّةِ فَيُعْتَبَرُ صَاحِبُ الْحِمْلِ ذَا الْيَدِ عَلَى الدَّابَّةِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ خَارِجًا (الدُّرَرُ) . وَالتَّصَرُّفُ فِي نَفْسِ الْحَيَوَانِ أَكْثَرُ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَمَّا مَسْأَلَةُ الثِّيَابِ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَالْكَثْرَةُ لَمْ تَكُنْ فِي نَفْسِ التَّصَرُّفِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُنَافَاةٍ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (1754) بَعْضُ إيضَاحَاتٍ تَتَعَلَّقُ بِوَضَاعَةِ الْيَدِ. تَحَقُّقُ وَضَاعَةِ الْيَدِ. تَثْبُتُ وَضَاعَةُ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّزَاعُ الدَّائِرُ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَنْقُولِ فَيُعْلَمُ ذُو الْيَدِ أَيْضًا عِنْدَ الْقَاضِي بِالرُّؤْيَةِ كَمَا أَنَّهُ يُعْلَمُ ذُو الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ بِالْإِقْرَارِ أَيْضًا. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ سَاعَةٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَيُتْرَكُ الْمَالُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ مُنْذُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ فَتُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْجُمُعَةِ (الْخَانِيَّةُ) 7. [ (الْمَادَّةُ 1680) الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ] الْمَادَّةُ (1680) - (الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ) الْخَارِجُ هُوَ الْبَرِيءُ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى عَيْنٍ وَالتَّصَرُّفُ بِهَا تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ يَعْنِي يُطْلَقُ الْخَارِجُ عَلَى مَنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى الْعَيْنِ وَعَلَى مَنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ بِهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ كَالشَّخْصِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ عَلَى طَرَفِ الثِّيَابِ، وَعَلَى الَّذِي يَقْبِضُ عَلَى طَرَفِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ آخَرُ وَعَلَى مَنْ يَقْبِضُ عَلَى زِمَامِ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا آخَرُ، وَعَلَى مَنْ عَلَّقَ آنِيَتَهُ عَلَى دَابَّةٍ مُحَمَّلَةٍ بِحِمْلٍ لِآخَرَ وَعَلَى مَنْ يَحْمِلُ مِفْتَاحَ غُرْفَةٍ فِي دَارٍ يَسْكُنُهَا آخَرُ.

(المادة 1681) التحليف هو تكليف اليمين على أحد الخصمين

وَيُوجَدُ بَيْنَ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ فَرْقٌ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةِ وَقَدْ بُيِّنَ النَّوْعُ الثَّانِي: فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ فَذُو الْيَدِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ بِإِثْبَاتِهِ الْمُدَّعَى بِهِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ مَالَ الْمُدَّعِي الْخَارِجِ فَإِذَا حَلَفَ يَبْرَأُ مِنْ دَعْوَى الْمُدَّعِي. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِلْكِيَّةَ الْحَائِطِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ بِنَاءُ شَخْصٍ وَالْوَاقِعِ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنَّ الْحَائِطَ الْمَذْكُورَ حَائِطُهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَدَى الِاثْنَيْنِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الْبِنَاءِ عَلَى الْحَائِطِ فَإِذَا حَلَفَ يُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَيُتْرَكُ الْحَائِطُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ مَعَ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالْحَائِطِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْخَارِجُ مُدَّعِيًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ دَعْوَاهُ لِأَخْذِ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ ذِي الْيَدِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا فَتُتْرَكُ الْيَدُ كَالْأَوَّلِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَهْجَةُ) . وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1681) التَّحْلِيفُ هُوَ تَكْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1681) - (التَّحْلِيفُ هُوَ تَكْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) التَّحْلِيفُ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ وَثُلَاثِيُّهُ حَلَفَ وَالْحَلِفُ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَهُوَ لُغَةً بِمَعْنَى الْقَسَمِ وَشَرْعًا هُوَ تَكْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ الْمُتَوَجِّهَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي أَيْ تَحْلِيفُ الْقَاضِي لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1746 و 1747) . وَالْيَمِينُ تَقْوِيَةُ خَبَرِ الْحَالِفِ بِالْقَسَمِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (76) . الْمَادَّةُ (1682) - (التَّحَالُفُ هُوَ تَحْلِيفُ كِلَا الْخَصْمَيْنِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يُطْلَقُ التَّحَالُفُ عَلَى تَحْلِيفِ الْخَصْمِ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْخَصْمِ الْآخَرِ وَلِذَلِكَ فَالتَّحْلِيفُ عِبَارَةٌ عَنْ يَمِينِ وَاحِدٍ وَالتَّحَالُفُ عَنْ يَمِينِ اثْنَيْنِ. الْفَرْقُ بَيْنَ التَّحْلِيفِ وَالتَّحَالُفِ. وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ التَّحْلِيفِ وَالتَّحَالُفِ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ وَمَنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَيْضًا وَهُوَ أَنَّهُ يُحْكَمُ فِي نَتِيجَةِ الْحَلِفِ إمَّا بِمَنْعِ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بِإِلْزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَمَّا فِي نَتِيجَةِ التَّحَالُفِ فَيُحْكَمُ بِفَسْخِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1683) تَحْكِيمُ الْحَالِ] الْمَادَّةُ (1683) - (تَحْكِيمُ الْحَالِ. يَعْنِي جَعْلَ الْحَالِ الْحَاضِرِ حُكْمًا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِصْحَابِ وَالِاسْتِصْحَابُ هُوَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ غَيْرِ مَظْنُونٍ عَدَمُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى إبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ) . تَحْكِيمُ الْحَالِ؛ يَعْنِي جَعْلَ الْحَالِ الْحَاضِرِ الْمَوْجُودِ أَثْنَاءَ مُرَافَعَةِ الْخَصْمَيْنِ الدَّالِ وَالشَّاهِدِ لِأَحَدِ

الطَّرَفَيْنِ حُكْمًا، هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِصْحَابِ وَيُدْعَى اسْتِصْحَابُ الْحَالِ فِي الْمَاضِي أَوْ الِاسْتِصْحَابُ الْمَقْلُوبُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (5) . وَالِاسْتِصْحَابُ هُوَ الْحُكْمُ بِبَقَاءِ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ غَيْرِ مَظْنُونٍ عَدَمُهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ بِمَعْنَى إبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ الْخَامِسَةِ (الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ) وَفِي الْمَادَّةِ الْعَاشِرَةِ (مَا ثَبَتَ بِزَمَانٍ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدُ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ) وَالْمَجَلَّةُ تُعَرِّفُ الِاسْتِصْحَابَ بِثَلَاثَةِ تَعَارِيفَ تَشْمَلُ قِسْمَيْ الِاسْتِصْحَابِ. وَأَنَّ بَقَاءَ أَمْرٍ مُحَقَّقٍ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمَاضِي فِي الْحَالِ كَمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الْحَالِ إلَى الْمَاضِي وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمَادَّةُ (1777) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ الْقِسْمِ الثَّانِي أَيْضًا الْمَادَّةُ الْمَذْكُورَةُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ الْخَامِسَةِ وَالْعَاشِرَةِ.

الباب الأول في حق الشهادة ويشتمل على ثمانية فصول

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانِيَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ وَنصابهَا] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ وَنِصَابِهَا يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ فِي الشَّهَادَةِ وَهِيَ: تَعْرِيفُهَا، رُكْنُهَا؛ شَرْطُهَا؛ سَبَبُ وُجُوبِهَا، حُكْمُهَا، صِفَتُهَا، مَحَاسِنُهَا، دَلِيلُهَا؛ صِفَةُ الْإِشْهَادِ، أَوْصَافُ الشُّهُودِ. أَوَّلًا: تَعْرِيفُهَا: يُعْلَمُ تَعْرِيفُهَا بِإِيضَاحِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَالشَّهَادَةُ لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ الْخَبَرِ الْقَاطِعِ وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مَأْخُوذَةً مِنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ الْمُعَايَنَةُ وَقَدْ أُشِيرَ إلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَتَسْمِيَةُ الْإِخْبَارِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَنْ صِفَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْمُدَّعَى بِهِ شَهَادَةً يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ حَيْثُ أُطْلِقَ اسْمُ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ أَوْ أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الشُّهُودِ وَمَعْنَى الشُّهُودِ الْحُضُورُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَحْضُرُ بَعْدَ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ مَجْلِسَ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ فَيُطْلَقُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ عَلَيْهَا شَهَادَةٌ «وَالْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَاقِعَةَ» فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَعِبَارَةُ " شَهِدَ " بِمَعْنَى " حَضَرَ " (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ) . ثَانِيًا: رُكْنُهَا: عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظِ " أَشْهَدُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1689) إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْرَدَ فِي آخِرِ الشَّهَادَةِ عِبَارَةً تُفِيدُ الشَّكَّ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ فَلِذَلِكَ لَمَّا كَانَ قَوْلُ الشُّهُودِ فِي آخِرِ شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَا أَعْلَمُ مُوجِبَةً لِلشَّكِّ عُرْفًا فَهِيَ تُبْطِلُ الشَّهَادَةَ كَقَوْلِ الشَّاهِدِ فِي شَهَادَتِهِ: أَشْهَدُ (عَلَى مَا أَعْلَمُ أَوْ عَلَى مَا أَظُنُّ كَذَا) فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الشَّاهِدِ الْمُعَدَّلِ: إنَّهُ عَادِلٌ عَلَى مَا أَعْلَمُ فَلَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لِلشَّاهِدِ (الْبَحْرُ) ثَالِثًا: شَرْطُهَا وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - شَرْطُ التَّحَمُّلِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: (أَوَّلًا) الْعَقْلُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الْغَيْرِ الْعَاقِلِ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا

تَحَمَّلَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ وَهُوَ غَيْرُ عَاقِلٍ الشَّهَادَةَ وَشَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْإِفَاقَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا أَخْفَى زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ يَكُونُ شَاهِدًا كَاذِبًا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ فِي وَقْتِ التَّحَمُّلِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ رَجُلًا غَيْرَ عَادِلٍ أَوْ عَبْدًا ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَتَابَ الرَّجُلُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ الَّتِي تَحَمَّلَهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ. (ثَانِيًا) الْبَصَرُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَلِذَلِكَ فَتَحَمُّلُ الْأَعْمَى غَيْرُ صَحِيحٍ، فَعَلَيْهِ إذَا تَحَمَّلَ أَحَدٌ شَهَادَةً فِي حَالِ الْعَمَى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا وَشَهِدَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا كَتَمَ زَمَانَ تَحَمُّلِهِ وَشَهِدَ كَانَ كَاذِبًا. (ثَالِثًا) يَكُونُ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِالْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ أَيْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَايَنَ وَنَظَرَ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {إِلا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] . (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1688) فَلِذَلِكَ إذَا عَايَنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِغَيْرِهِ أَيْ أَنَّهُ شَاهَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ شَخْصٌ آخَرُ وَأَخْبَرَ الشَّاهِدَ فَأَدَاؤُهُ الشَّهَادَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِنَاءً عَنْ تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، مَثَلًا لَوْ تَبَايَعَ شَخْصَانِ مَالًا وَلَمْ يَحْضُرْ الشَّاهِدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَشْهَدَ دَعْوَى ذَلِكَ الْبَيْعِ كَأَنَّهُ شَاهِدَ الْبَيْعَ فَإِذَا شَهِدَ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ وَإِذَا بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اسْتِخْبَارِهِ مِنْ الْغَيْرِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ. فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ رَجُلَانِ عَادِلَانِ إلَى رَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ وَشَهِدَا لَهُمَا بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ اسْتَوْفَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةَ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ فَلَيْسَ لِذَيْنِك الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمِعَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ إنَّهُمَا لَمْ يُشَاهِدَا الْإِيفَاءَ بِذَاتِهِمَا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ الدَّائِنَ بِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ بِحُضُورِهِمَا كَمَا أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَمْ يَأْمُرَاهُمَا بِالشَّهَادَةِ لِتَجُوزَ شَهَادَتُهُمَا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِسَبَبِ غَيْبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ مُدَّةَ السَّفَرِ. كَذَلِكَ إذَا تَحَمَّلَ رَجُلَانِ شَهَادَةً بِمُعَايَنَتِهِمَا أَنَّ زَيْدًا أَقْرَضَ عَمْرًا عِشْرِينَ دِينَارًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ شَهِدَ لَهُمَا رَجُلَانِ بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَبْرَأَ عَمْرًا مِنْ الْعِشْرِينَ دِينَارًا الْمَطْلُوبَةِ لَهُ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَا بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ الْوَاقِعَةِ لَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ عَنْ اقْتِرَاضِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ الْعِشْرِينَ دِينَارًا مَا لَمْ يُعَايِنَا بِالذَّاتِ الْإِبْرَاءَ أَوْ الِاسْتِيفَاءَ أَوْ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِحُضُورِهِمَا الْإِبْرَاءَ وَالِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ يَعْلَمَانِ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَوُجُوبَ الْمَالِ وَلَا يَسْقُطُ تَحَمُّلُهُمَا هَذَا إلَّا بِالْحُجَّةِ وَلَا تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ بِحُضُورِهِمَا حُجَّةً لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِالْحُكْمِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (676 1) . وَهَذِهِ الْمُعَايَنَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِلْمِلْكِيَّةِ كَرُؤْيَةِ أَحَدٍ آخَرَ يَشْتَرِي مَالًا أَوْ يَتَّهِبُ وَيَقْبِضُهُ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُهُ. كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ أَحَدٌ عَقْدَ إيجَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَسَمِعَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ لَوْ رَأَى بِعَيْنِهِ أَنَّ رَجُلًا أَقْرَضَ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ وَضْعِ الْيَدِ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْمِلْكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) وَشَرْحَهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ بِدُونِ أَيِّ مُنَازَعَةٍ وَمُعَارَضَةٍ مِنْ أَحَدٍ فَلِلْوَاقِفِ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَالْمُطْمَئِنِّ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَتَحِلُّ لَهُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ (الشِّبْلِيُّ) ؛ لِأَنَّ وَضَاعَةَ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالْيَدُ هِيَ أَقْصَى وَمُنْتَهَى الدَّلَائِلِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى الْمِلْكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يُعْلَمُ بِالدَّلِيلِ الْحَقِيقِيِّ. مَثَلًا لَوْ رَأَى أَحَدٌ آخَرَ يَشْتَرِي مَالًا فَبِرُؤْيَتِهِ الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ قَدْ عَلِمَ بِالدَّلِيلِ الْحَقِيقِيِّ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِلْبَائِعِ حَتَّى لَوْ أَنَّهُ رُئِيَ اشْتِرَاءُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الْمَالِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ بَائِعَ الْبَائِعِ غَيْرُ مَالِكٍ لِذَلِكَ الْمَالِ وَإِنَّهُ بَاعَهُ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ فَلِذَلِكَ وَتَسْهِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ يُكْتَفَى بِظَاهِرِ الْيَدِ فَجُوِّزَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ. سُؤَالٌ: يَكُونُ الْمَالُ بَعْضًا فِي يَدِ وَقَبْضَةِ غَيْرِ صَاحِبِهِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ، فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِالْيَدِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَجْوِيزُ الشَّهَادَةِ اسْتِنَادًا عَلَى مُعَايَنَةِ وَضْعِ الْيَدِ؟ الْجَوَابُ: أَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ الْأَمْلَاكِ فِي يَدِ أَصْحَابِهَا وَأَنَّ وُجُودَهَا فِي يَدِ غَيْرِ أَصْحَابِهَا هُوَ عَارِضٌ فَلِذَلِكَ تُرَجَّحُ جِهَةُ الْمِلْكِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَلِهَذَا التَّرْجِيحِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِذِي الْيَدِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ (الزَّيْلَعِيّ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1786) . إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ وُجُودُ ثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُطْلِقَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِدُونِ أَنْ يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ فَإِذَا فَسَّرَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بَيَّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي اسْتَنْتَجَهَا مِنْ مُعَايَنَةِ الْيَدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُطْمَئِنًّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ لِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ هُوَ اعْتِبَارُ الْيَقِينِ وَبِالِاطْمِئْنَانِ يَحْصُلُ نَوْعُ الْعِلْمِ أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ (أَبُو السُّعُودِ وَالدُّرَرُ) . مَثَلًا لَوْ رَأَى أَحَدٌ فِي يَدِ كَنَّاسٍ جَوْهَرَةً أَوْ لُؤْلُؤَةً ذَاتَ قِيمَةٍ أَوْ رَأَى كِتَابًا فِي يَدِ جَاهِلٍ لَيْسَ فِي آبَائِهِ أَهْلٌ لِلْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْجَوْهَرَةَ وَاللُّؤْلُؤَةَ لِلْكَنَّاسِ وَأَنَّ الْكِتَابَ لِلْجَاهِلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَالْبَحْرِ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُخْبِرَ رَجُلَانِ عَادِلَانِ هَذَا الشَّاهِدَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ لِوَاضِعِ الْيَدِ وَأَنَّهُ مِلْكٌ لِآخَرَ فَإِذَا أَخْبَرَا الشَّاهِدَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمِلْكِيَّةِ ذِي الْيَدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . أَمَّا إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدَ رَجُلٌ عَادِلٌ فَقَطْ فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا

شَهِدَ بِهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ لَا يَزُولُ مَا كَانَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ هَذَا الْوَاحِدَ صَادِقٌ فَإِذَا وَقَعَ فِي قَلْبِهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلْأَوَّلِ. وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ مَعَ التَّصَرُّفِ وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ بِدُونِ التَّصَرُّفِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِسْعَافِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِمُجَرَّدِ مُعَايَنَةِ الْيَدِ حَيْثُ إنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدِعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ يَدُ أَمَانَةٍ وَأَنَّ أَيْدِيَهُمْ هِيَ كَيَدِ صَاحِبِ الْمِلْكِ أَمَّا صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَدْ رَجَّحَ جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ بِدُونِ التَّصَرُّفِ قَائِلًا: إنَّ التَّصَرُّفَ يَتَنَوَّعُ إلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا تَصَرُّفُ الْأَصَالَةِ. وَالْآخَرُ تَصَرُّفُ النِّيَابَةِ، كَتَصَرُّفِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ (انْتَهَى مَعَ ضَمٍّ مِنْ الزَّيْلَعِيّ) . فَلِذَلِكَ لَا فَائِدَةَ فِي ضَمِّ التَّصَرُّفِ عَلَى الْيَدِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ أَنْ يُكْتَفَى بِظَاهِرِ الْيَدِ وَأَنْ يُسَهَّلَ أَمْرُ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ هِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ الْمَالِكِ وَالْمِلْكِ وَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ أَحَدٌ الْمَالِكَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَوَجْهِهِ وَأَنْ يَعْرِفَ أَيْضًا الْمِلْكَ بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِدُونِ مُنَازَعَةٍ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ يَرَاهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَهُ عِنْدَ الدَّعْوَى بَيْنَ الِاثْنَيْنِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ الْمِلْكَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ الْأَوَّلِ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ عَايَنَ الْمِلْكَ وَلَمْ يُعَايِنْ الْمَالِكَ. مَثَلًا لَوْ كَانَ قَدْ عَلِمَ عَقَارًا بِحُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَالِكَهُ بِوَجْهِهِ وَنَسَبِهِ ثُمَّ جَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمَنْسُوبُ لَهُ الْمِلْكُ وَادَّعَى عَلَى آخَرَ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ الْمَحْدُودَ هُوَ مِلْكُهُ فَلِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ الْمَحْدُودَ هُوَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ فَصَارَ الْمَالِكُ مَعْلُومًا بِالتَّسَامُحِ وَالْمِلْكُ بِالْمُعَايَنَةِ وَلَوْ لَمْ يُسْمَعْ مِثْلُ هَذَا لَضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ الْمَحْجُوبَ وَمَنْ لَا يَبْرُزُ أَصْلًا وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَرَاهُ مُتَصَرِّفًا فِيهِ وَلَيْسَ هَذَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ بِالتَّسَامُحِ وَإِنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ النَّسَبِ بِالتَّسَامُحِ وَفِي ضِمْنِهِ إثْبَاتُ الْمِلْكِ بِهِ وَهُوَ لَا يَمْتَنِعُ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ إثْبَاتُهُ قَصْدًا (الزَّيْلَعِيّ) وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ تَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ وَكَذَا فِي الْمَشْهُودِ لَهُ (الشِّبْلِيُّ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ قَدْ عَايَنَ الْمِلْكَ وَالْمَالِكَ بَلْ إنَّهُ سَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَقَارًا فِي الْقَرْيَةِ مَحْدُودًا بِكَذَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ الْعَقَارَ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُشَاهِدْ أَنَّ فُلَانًا الْمَذْكُورَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ مُجَازِفٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ عَايَنَ الْمَالِكَ وَلَمْ يُعَايِنْ الْمِلْكَ، مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ زَيْدًا وَيَسْمَعُ أَنَّ لَهُ عَقَارًا فِي الْمَحِلِّ الْفُلَانِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ ذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِلْكٌ لِزَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَصَّلْ لَهُ الْعِلْمُ بِالْمَحْدُودِ وَهُوَ شَرْطٌ لِلشَّهَادَةِ. (مُسْتَثْنًى) : إنَّ الْخُصُومَاتِ الَّتِي

يَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا تَسَامُعًا بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ شَرْطِ التَّحَمُّلِ الثَّالِثِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُعَايَنَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (688 1) . الْقِسْمُ الثَّانِي - شَرْطُ الْأَدَاءِ وَهَذَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: الصِّنْفُ الْأَوَّلُ: مَا يُرْجَعُ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ (1) الْبُلُوغُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ. (2) الْحُرِّيَّةُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ. (3) الْبَصَرُ. (4) النُّطْقُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1686) . (5) الْعَدَالَةُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1705) . (6) أَنْ لَا يَكُونَ مَحْدُودًا بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ بِالْقَذْفِ. (7) أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّاهِدِ جَرُّ مَغْنَمٍ أَوْ دَفْعُ مَغْرَمٍ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدُ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1700) . (8) أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ خَصْمًا فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ وَالْوَكِيلِ لِلْمُوَكَّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3 170) . (9) يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا لِلْمَشْهُودِ بِهِ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَذَاكِرًا إيَّاهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6821) وَشَرْحَهَا. (10) ذُكُورَةُ الشَّاهِدِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ فِيهِمَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ. (11) تَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ فِي ذَلِكَ بِلَا سَبْقِ دَعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1696) . (12) مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فِي الدَّعَاوَى الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى فَلَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يَكُنِ التَّوْفِيقُ مُمْكِنًا فِيهَا وَيُوَفَّقُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1706) . (13) الْأَصَالَةُ فِي الشَّهَادَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ. (14) بِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي حَالَةِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَذِّرًا حُضُورُ الْأَصْلِ وَقَدْ فُصِّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1815) (الْبَحْرُ) . الصِّنْفُ الثَّانِي: الرَّاجِعُ لِلشَّهَادَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلًا - لَفْظُ الشَّهَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1689) . (ثَانِيًا) عَدَدٌ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلرِّجَالِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) . (ثَالِثًا) اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1712) . الصِّنْفُ الثَّالِثُ: الرَّاجِعُ عَلَى مَكَانِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (687 1) . رَابِعًا: سَبَبُهَا، وَسَبَبُ وُجُوبِ الشَّهَادَةِ اثْنَانِ: أَوَّلًا - أَنْ يَطْلُبَ صَاحِبُ الْحَقِّ إيفَاءَ الشَّهَادَةِ مِنْ الشَّاهِدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] فَلِذَلِكَ إذَا طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ مُنْحَصِرَةٌ فِيهِمَا الشَّهَادَةُ إيفَاءُ الشَّهَادَةِ وَكَتَمَا الشَّهَادَةَ يَأْثَمَانِ؛ لِأَنَّ كَتْمَ

الشَّهَادَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) . ثَانِيًا - أَنْ يَخَافَ مِنْ ضَيَاعِ حَقِّ صَاحِبِ الْحَقِّ فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدٌ شَاهِدًا عَلَى حَقِّ آخَرَ وَخِيفَ عَلَى حَقِّهِ لِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّاهِدَ هُوَ شَاهِدٌ عَلَى حَقِّهِ فَلِلشَّاهِدِ أَنْ يُخْبِرَ ذَلِكَ الشَّخْصَ عَنْ كَيْفِيَّةِ شَهَادَتِهِ وَأَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي إذَا طَلَبَ مِنْهُ الشَّهَادَةَ وَإِلَّا لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَرَكَ حَقَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا: حُكْمُهَا، وَحُكْمُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي وُجُوبُ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ شَرَائِطُ الْحُكْمِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1828) إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ لِأَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ: أَوَّلًا - أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى بَيْنَ الْأَقْرِبَاءِ فَيَأْمَلُ الْقَاضِي حُصُولَ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا. ثَانِيًا - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لَدَيْهِ دَفْعًا لِلدَّعْوَى وَيَطْلُبَ الْإِمْهَالَ. ثَالِثًا - أَنْ يَكُونَ لَدَى الْقَاضِي رَيْبٌ وَشُبْهَةٌ فِي الشُّهُودِ. وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الْأَسْبَابُ الثَّلَاثَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1828) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . سَادِسًا: صِفَتُهَا إنَّ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ وَأَدَاءَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ: تَحَمُّلُهَا - إذَا طَلَبَ الْمُتَعَاقِدَانِ مِنْ أَحَدٍ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ حِينَ الْعَقْدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَجَاءَا إلَى مَحْضَرِ الشُّهُودِ، فَتَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الشُّهُودِ وَفَرْضِيَّةُ ذَلِكَ ثَابِتَةٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ذَهَابُهُمْ إلَى مَحْضَرِ الْعَاقِدَيْنِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ أَنْ يَذْهَبَا إلَى مَحْضَرِ الشُّهُودِ وَقَدْ وُضِّحَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (292) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَجِدَ آخَرَ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَحَمُّلِهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ آثِمًا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَحْرِ، أَنَّ التَّحَمُّلَ كَالْأَدَاءِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ خَوْفِ الضَّيَاعِ. طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ شَهَادَتَهُ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدٍ أَوْ طُلِبَ مِنْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ يَجِدُ غَيْرَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ. أَدَاؤُهَا - إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْ يُؤَدِّيَ الشَّهَادَةَ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ قَائِلًا: فَلْيَحْضُرْ الْقَاضِي إلَيَّ وَيَسْتَمِعْ شَهَادَتِي فَإِذَا امْتَنَعَ كَانَ آثِمًا (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً عَلَى شَهَادَتِهِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ فَإِذَا طَلَبَ الشَّاهِدُ أُجْرَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ الشَّاهِدُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَحْضَرَهُ الْمُدَّعِي أَمَامَ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ شَهَادَتَهُ مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْيَمِينِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدَ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . شُرُوطُ فَرْضِيَّةِ الْأَدَاءِ: إنَّ فَرْضِيَّةَ الْأَدَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ: 1 - أَنْ يَطْلُبَ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَكَمَا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ طَلَبُهَا أَيْضًا (الدُّرَرُ) . وَلَكِنْ فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ فِي الْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طَلَبُ الشَّهَادَةِ وَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَبِلَا دَعْوَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَيَشْهَدَ فِي ظَرْفِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخَّرَ الشَّهَادَةَ إلَى بَعْدِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يُعَاشِرَانِ بَعْضَهُمَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. مَثَلًا: إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَوَرَثَتَهُ الْآخَرِينَ ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورَ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَكَانُوا عَالِمِينَ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ تُعَاشِرُ زَوْجَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَرَكُوا وَأَخَّرُوا الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْبَحُوا فَاسْقِينَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهِمْ الشَّهَادَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1705) أَمَّا إذَا كَانَ تَأْخِيرُ الشَّهَادَةِ لِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْبَحْرُ وَالنَّتِيجَةُ) . 2 - أَنْ يَعْلَمَ الشَّاهِدُ أَنَّ الْقَاضِيَ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَتَضَرَّرَ الشَّاهِدُ بِسَبَبِ عَدَمِ تَعْدِيلِ شَهَادَتِهِ وَجَرْحِهَا فَيَثْلِمُ شَرَفَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . 3 - أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادُ وَمَذْهَبُ الْقَاضِي مُخَالِفًا لِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ الشَّاهِدِ. مَثَلًا إذَا كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَبِمَا أَنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ، وَكَانَ الشَّاهِدُ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ وَيَقُولُ بِجَوَازِ هِبَتِهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى تِلْكَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلِلشَّاهِدِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ وَعَلَيْهِ فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْقَاضِي هُوَ عُذْرٌ لِلشَّاهِدِ لِتَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ (الْحَمَوِيُّ) . 4 - أَنْ يَكُونَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مُتَعَيِّنًا عَلَى الشَّاهِدِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّهُودُ جَمْعًا وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فَيَسْقُطُ وُجُوبُ الشَّهَادَةِ عَنْ الْآخَرِينَ. أَمَّا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْآخَرِينَ أَنْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّ الْآخَرِينَ إذَا لَمْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ يَتْلَفُ حَقُّ الْمُدَّعِي وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّلَفَ يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ مُتَسَبِّبِينَ بِتَلَفِ حَقِّ الْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

كَذَلِكَ إذَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ بَعْضِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ لِشَهَادَةِ الْآخَرِينَ فَيَجِبُ عَلَى الْآخَرِينَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ قَبُولُ شَهَادَةِ بَعْضِ الشُّهُودِ أَسْرَعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْآخَرِينَ فَتَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّهُودِ الَّذِينَ يَكُونُونَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُمْ عَنْهَا يُؤَدِّي إلَى تَضْيِيعِ الْحَقِّ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْبَحْرُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا الْحَقِّ. 5 - أَنْ لَا يُخْبِرَ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ بِبُطْلَانِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَبَضَ دَيْنَهُ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَقَالَا الْبَيْعَ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ عَلَى النِّكَاحِ أَوْ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بُطْلَانُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ مَنْ يُرِيدُ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ بِنَاءً عَلَى مُعَايَنَةِ الْيَدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَخْبَرُوا الشَّاهِدَ هَذَا الْخَبَرَ غَيْرَ عَادِلِينَ فَالشَّاهِدُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ شَهِدَ وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ الْخَبَرَ الَّذِي أَخْبَرَهُ إيَّاهُ الرَّجُلَانِ وَإِنْ شَاءَ امْتَنَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ لِلشَّاهِدِ وَاحِدًا فَلَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ تَرْكُ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُخْبِرُ الْوَاحِدُ عَدْلًا. كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلَانِ الشَّاهِدَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ خَبَرًا مُخَالِفًا لِمَا سَمِعَهُ فَإِذَا تَعَيَّنَ عِنْدَ الشَّاهِدِ صِدْقُ ذَلِكَ الْخَبَرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّسَامُعِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مُتَيَقِّنًا كَذِبَ ذَيْنِكَ الْمُخْبِرَيْنِ. كَذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ عَدْلٌ وَاحِدٌ الشَّاهِدَ خَبَرًا مُخَالِفًا لِمَا سَمِعَهُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ حَسَبَ مَسْمُوعِهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عِنْدَ الشَّاهِدِ صِدْقُ خَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ. 6 - أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي الَّذِي سَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ فِي حُضُورِهِ عَادِلًا فَلِلشَّاهِدِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَشْهَدَ أَمَامَ قَاضٍ غَيْرِ عَادِلٍ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ قَاضٍ عَادِلٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَرُدَّ وَيَجْرَحَ الْقَاضِي الْغَيْرُ الْعَادِلِ شَهَادَتَهُ وَيَتَحَمَّلُ الشَّاهِدُ الْعَارَ وَالْخَجَلَ. أَمَّا إذَا حَصَلَ ظَنٌّ غَالِبٌ عِنْدَ الشَّاهِدِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ الْغَيْرَ الْعَادِلِ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِشُهْرَتِهِ فَاللَّائِقُ أَنْ تَتَعَيَّنَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّاهِدِ (الْبَحْرُ) . 7 - إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ يَجِبُ أَلَا يَكُونَ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ بُنِيَ عَلَى الْخَوْفِ فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ عَنْ خَوْفٍ فَلَهُ أَلَا يَشْهَدَ (الْبَحْرُ) . 8 - أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَ مَحِلُّ الْقَاضِي بَعِيدًا عَنْ الشَّاهِدِ بِدَرَجَةِ أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى مَحْضَرِ الْقَاضِي لَا يَسْتَطِيعُ الْعَوْدَةَ إلَى بَيْتِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلِلشَّاهِدِ

(المادة 1684) الشهادة هي الإخبار بلفظ الشهادة

الِامْتِنَاعُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَلَا يَكُونُ آثِمًا بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ. لَا يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ بِذَلِكَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] (الْبَحْرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) . 9 - أَنْ لَا يَخَافَ الشَّاهِدُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَرْضٌ إلَّا أَنَّ السِّتْرَ أَحَبُّ فِي حَقِّ مَنْ اعْتَادَ الْأَحْوَالَ الْمُوجِبَةَ الْحُدُودَ بِدُونِ أَنْ يُشِيعُوهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ الْكَرِيمَ قَدْ قَالَ لِلشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ عَلَى حَدٍّ «لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِك لَكَانَ خَيْرًا لَك» (الْبَحْرُ) . سِيَّمَا وَأَنَّ الْحُدُودَ هِيَ حَقُّ اللَّهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ بِكَرَمِهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ أَمَّا الْعَبْدُ فَهُوَ مُحْتَاجٌ وَشَحِيحٌ فَلِذَلِكَ لَا يُقَاسُ أَحَدُ الْحَقَّيْنِ بِالْحَقِّ الْآخَرِ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ مَنْ اعْتَادَ ارْتِكَابَ مُوجِبِ الْحُدُودِ وَاشْتُهِرَ بِهَا وَكَانَ غَيْرَ مُبَالٍ بِهَا مُشِيعًا لَهَا فَهِيَ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا (الْبَحْرُ) . وَبِمَا أَنَّ السِّتْرَ فِي الْحُدُودِ أَحَبُّ فَإِذَا رَأَى شَاهِدٌ رَجُلًا يَسْرِقُ مَالَ آخَرَ يَشْهَدُ الشَّاهِدُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَ مَالَ الْآخَرِ وَلَا يَشْهَدُ بِأَنَّهُ سَرَقَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى أَنَّهُ سَرَقَهُ فَيَجْرِي فِي حَقِّ السَّارِقِ حَدُّ السَّرِقَةِ (الْبَحْرُ) . سَابِعًا: مَحَاسِنُهَا وَمَحَاسِنُ الشَّهَادَةِ عَدِيدَةٌ وَإِنَّ أَعْظَمَ دَلِيلٍ قَوِيٍّ يُثْبِتُ مَحَاسِنَ الشَّهَادَةِ قَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8] . ثَامِنًا: دَلِيلُ الشَّهَادَةِ وَدَلِيلُهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ (الْبَحْرُ) . تَاسِعًا: صِفَةُ الْإِشْهَادِ وَصِفَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، كَمَا أَنَّ الْإِشْهَادَ وَاجِبٌ فِي النِّكَاحِ فَهُوَ فَرْضٌ أَيْضًا عَلَى الْعِبَادِ فِي الْمُدَايَنَاتِ وَالْبُيُوعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ يَخَافُ مِنْ تَلَفِ الْأَمْوَالِ وَتَلَفُ الْأَمْوَالِ بَاعِثٌ لِتَلَفِ الْأَبَدَانِ سِيَّمَا وَأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ عَلَى الرَّجُلِ حَرَامٌ وَعَلَيْهِ فَالْإِشْهَادُ فَرْضٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ حَقِيرًا كَأَنْ كَانَ دِرْهَمًا فِضِّيًّا فَلَا يَخَافُ مِنْ تَلَفِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الشَّهَادَاتِ) . كَذَلِكَ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَأَدَائِهَا وَبِالْعَكْسِ يَكُونُ مُوجِبًا لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ (الشِّبْلِيُّ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ) . عَاشِرًا: أَوْصَافُ الشُّهُودِ، مِنْ اللَّائِقِ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مِنْ الْمُسِنِّينَ الْأَغْنِيَاءِ ذَوِي الْفَضْلِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَانُوا حَائِزِينَ هَذِهِ الْأَوْصَافَ لَا يَكُونُونَ طَامِعِينَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَاسْتِشْهَادُهُمْ أَوْلَى مِنْ اسْتِشْهَادِ غَيْرِهِمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . وَالْأَحْوَطُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَضَعَ عَلَامَةً عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يَتَحَمَّلُ الشَّهَادَةَ فِيهِ حَتَّى إنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْرِفَهُ مَتَى رَآهُ وَحَتَّى لَا يُمْكِنَ أَنْ يُزِيدَ فِيهِ آخَرُ شَيْئًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . مَثَلًا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى سَنَدِ دَيْنٍ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَضَعَ الشَّاهِدُ فِي مُنْتَهَى السَّنَدِ تَحْتَ عُنْوَانِهِ تَوْقِيعَهُ أَوْ خَتْمَهُ. [ (الْمَادَّةُ 1684) الشَّهَادَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ] الْمَادَّةُ (1684) - (الشَّهَادَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ 0 يَعْنِي بِقَوْلِ: أَشْهَدُ

بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ: شَاهِدٌ، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مَشْهُودٌ لَهُ، وَلِلْمَخْبَرِ عَلَيْهِ: مَشْهُودٌ عَلَيْهِ، وَلِلْحَقِّ: مَشْهُودٌ بِهِ) الشَّهَادَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ صِدْقًا عَنْ يَقِينٍ وَعِيَانٍ بِلَفْظٍ مِنْ الشَّهَادَةِ. يَعْنِي بِقَوْلِ: أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ، وَيُقَالُ لِلْمُخْبِرِ: شَاهِدٌ، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مَشْهُودٌ لَهُ، وَلِلْمُخْبَرِ عَلَيْهِ: مَشْهُودٌ عَلَيْهِ، وَلِلْحَقِّ: مَشْهُودٌ بِهِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: حَقُّ أَحَدٍ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ (1) وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1572) هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ. (2) تَخْرُجُ الدَّعْوَى، لِأَنَّ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1613) هِيَ إخْبَارُ أَحَدٍ عَنْ حَقِّهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي. حَقُّهُ: وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ حَادِثٍ لِلْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . مَثَلًا إذَا جَاءَ الْمُحْضَرُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّ نَائِبَك قَدْ بَاعَ أَمْوَالَ فُلَانٍ الْيَتِيمِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الْمُحْضَرُ الْقَاضِيَ مِنْ قَبِيلِ الْحَوَادِثِ بِأَنَّ فُلَانًا قَالَ كَذَا فَلَا يَكُونُ هَذَا الْإِخْبَارُ شَهَادَةً. حُضُورُ الْقَاضِي: أَيْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَبِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ الْوَاقِعُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ (أَبُو السُّعُودِ) . فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ: وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ وَمَنْ الْأَلْفَاظِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1618 و 1813) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ حُضُورُ الْخَصْمَيْنِ. بِلَفْظِ أَشْهَدُ: إذْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ يَعْنِي أَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ يُقْصَرُ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ شَيْءٍ بِعِلْمٍ وَيَقِينٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ هُوَ مُوَافِقٌ لِلَّفْظِ الْوَارِدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ إجْمَاعٌ عَلَى تَعْيِينِ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ كَمَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَخْلُو مِنْ التَّعَبُّدِ (الْبَحْرُ) . الْكِتَابُ: وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: 2] {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ كَمَا أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ وَرَدَ فِيهَا «إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ لِلشَّهَادَةِ هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ وَلَمَّا كَانَتْ الْمُشَاهَدَةُ عِبَارَةً عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا فَلِذَلِكَ شُرِطَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّصْرِيفَاتِ الْأُخْرَى كَلَفْظِ " شَهِدْتُ " بَدَلًا مِنْ لَفْظِ " أَشْهَدُ " بَلْ إنَّهَا

مَقْصُورَةٌ عَلَى لَفْظِ " أَشْهَدُ " وَمُنْحَصِرَةٌ فِيهِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ، وَسَبَبُ هَذَا الْقَصْرِ أَنَّ لَفْظَ شَهِدْتُ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ بِأَمْرٍ وَقَعَ فِي زَمَنٍ مَاضٍ فَإِذَا شَهِدَ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْبَرًا بِهِ فِي الْحَالِ بَلْ يُحْتَمَلُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ شَهِدَ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي أَمَّا صِيغَةُ الْمُضَارِعِ فَحَيْثُ إنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ، فَهِيَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ فِي الْحَالِ كَمَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ الْمُشَاهَدَةَ وَالْقَسَمَ وَالْإِخْبَارَ فِي الْحَالِ فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّنِي أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَنَّنِي مُطَّلِعٌ عَلَى ذَلِكَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَأَنَّنِي أُخْبِرُ عَنْهُ الْآنَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْأَلْفَاظِ الْأُخْرَى (الْبَحْرُ) . صِدْقًا: وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ الْإِخْبَارُ الْكَاذِبُ، وَالصِّدْقُ عِبَارَةٌ عَنْ مُطَابَقَةِ الْخَبَرِ لِلْوَاقِعِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ إطْلَاقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ الْكَاذِبِ مَجَازًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ فَرْدٌ مَجَازِيٌّ وَيَجِبُ خُرُوجُهَا مِنْ التَّعْرِيفِ وَلَا يَنْقُصُ التَّعْرِيفُ بِخُرُوجِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ. عَنْ يَقِينٍ وَعِيَانٍ: وَالْعِيَانُ بِالْعَيْنِ مَعْنَاهَا الْمُعَايَنَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ كَمَا عُرِّفَتْ فِي الْمَادَّةِ (1688) يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ وَعِيَانٍ وَلَا يَكْفِي فِيهَا التَّخْمِينُ وَالْحُسْبَانُ أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ لِآخَرَ بِإِحْدَى الذَّهَبَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي يَدِهِ الَّتِي إحْدَاهُمَا بِجُنَيْهَيْنِ وَنِصْفٍ وَالْأُخْرَى بِجُنَيْهٍ وَاحِدٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِإِحْدَاهُمَا وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّهِمَا أَقَرَّ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ فِي حَقِّ الذَّهَبِيَّةِ ذَاتِ الْجُنَيْهِ وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ (الْبَحْرُ) وَلَا يُقَالُ هُنَا: إنَّ الْإِخْبَارَ لَمْ يَكُنْ عَنْ يَقِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقِّنٌ فَيُحْكَمُ بِالْجُنَيْهِ وَلَا يُحْكَمُ بِالْجُنَيْهَيْنِ وَالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَكْثَرِ يَقِينٌ بَلْ فِيهِ شَكٌّ وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَنْ كَوْنِ الشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَنْ يَقِينٍ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخْبَرَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: لَمْ نَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَدَّى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَّا أَنَّنَا قَدْ عَلِمْنَا بِذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ قَائِلًا: أَشْهَدُ حَسَبَ ظَنِّيِّ أَوْ حَسَبَ عِلْمِي بِكَذَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ سَلَّمَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كِيسًا فِيهِ نُقُودٌ نَجْهَلُ مِقْدَارَهَا فَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِهِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ قَدْ اسْتَوْفَيْتُ مِنْهَا مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَبَقِيَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا مَطْلُوبَةٌ لِي وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَدَّى الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَأَقَامَ شُهُودًا فَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى لِلْمُدَّعِي الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمُدَّعِي أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّى الْمُدَّعِيَ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الْبَاقِيَةَ فَلَا تُقْبَلُ

شَهَادَتُهُمْ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّى الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا هِيَ مِنْ ضِمْنِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الَّتِي أَقَرَّ بِوُصُولِهَا لِلْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَيْثُ إنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَعْلَمُ هَلْ أَنَّ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الَّتِي أَدَّاهَا هِيَ مِنْ ضِمْنِ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ هِيَ الْخَمْسُونَ دِرْهَمًا الْبَاقِيَةُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثَمَنَ بُنٍّ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَدَّى ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى لِلْمُدَّعِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ هَلْ أَدَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ إيفَاءً لِذَلِكَ أَوْ لِدَيْنٍ آخَرَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا أَنَّ لِلْمُدَّعِي دَيْنًا آخَرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّ الْخَمْسِينَ دِرْهَمًا الَّتِي شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَدَائِهَا هِيَ مِنْ ضِمْنِ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ لِلْمُدَّعِي. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ فِي وَقْتِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَالِمًا بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَذَاكِرًا لَهُ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ الَّتِي حَرَّرَهَا بَعْدَ أَنْ رَأَى خَطَّهُ أَيْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الْوَاقِعَةَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ. مَثَلًا لَوْ كَتَبَ زَيْدٌ شَهَادَتَهُ فِي ذَيْلِ السَّنَدِ الَّذِي حُرِّرَ لِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ بِخَطِّ يَدِهِ وَرَأَى ذَلِكَ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ ذَلِكَ الْأَمْرَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ خَطَّهُ (الدُّرَرُ وَالْفَيْضِيَّةُ) أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ تَوْسِعَةً لِلنَّاسِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْبَحْرُ وَأَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَضْمُونِ سَنَدٍ قُرِئَ لَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَضْمُونِهِ. مَثَلًا: لَوْ حَرَّرَ أَحَدٌ وَصِيَّتَهُ وَقَالَ لِجَمَاعَةٍ: اشْهَدُوا عَلَى مَا فِي وَصِيَّتِي هَذِهِ فَلَيْسَ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى مَضْمُونِ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ مَا لَمْ يَقْرَأْ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْوَصِيَّةَ لِلشُّهُودِ أَوْ أَنْ يَقْرَأَ الشُّهُودُ تِلْكَ الْوَصِيَّةَ أَثْنَاءَ تَحْرِيرِهَا (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِ أَحَدٍ بِسَمَاعِ صَوْتِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُشْبِهَ الصَّوْتُ الصَّوْتَ الْآخَرَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّخْصِ. مَثَلًا لَوْ سَمِعَ أَحَدٌ مِنْ الْغُرْفَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا قَوْلَ زَيْدٍ الْمُقِيمِ فِي غُرْفَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِبَكْرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِذَا لَمْ يُشَاهِدْ زَيْدًا وَهُوَ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَيْدٍ بِصُدُورِ الْإِقْرَارِ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْغُرْفَةِ غَيْرُ زَيْدٍ وَكَانَ لِلْغُرْفَةِ بَابٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَكَانَ الشَّاهِدُ جَالِسًا أَمَامَ بَابِ الْغُرْفَةِ وَسَمِعَ إقْرَارَ زَيْدٍ الَّذِي لَمْ يُشَاهِدْ شَخْصَهُ فَلَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ حَصَلَ الْعِلْمُ لَهُ أَمَّا إذَا بَيَّنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْقَاضِي بِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ شَهِدَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَاللَّائِقُ لِلْقَاضِي عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ إذَا اسْتَمَعَ أَحَدٌ إقْرَارَ امْرَأَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَلَمْ يَرَ وَقْتَ الْإِقْرَارِ

شَخْصَ الْمُقِرَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ بِنَاءً عَلَى الْإِخْبَارِ الْوَاقِعِ لَهُ بِأَنَّ الْمُقِرَّةَ هِيَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْوَجْهِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى الشَّاهِدُ شَخْصَ الْمُقِرَّةِ وَكَانَ لَا يَعْرِفُهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى تِلْكَ الْمَرْأَةِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمَجْهُولِ بَاطِلَةٌ (الْبَحْرُ والولوالجية) . أَمَّا إذَا أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ فِي حُضُورِ شَاهِدٍ بَعْدَ أَنْ رَآهَا وَكَانَ الشَّاهِدُ لَا يَعْرِفُهَا ثُمَّ بَعْدَ شَهَادَتِهِ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ أَيْ عَرَّفَاهَا لَهُ فَلِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ الْمُعَرِّفُ زَوْجَ الْمُقِرَّةِ أَوْ ابْنَهَا مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهَا (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ يَصِحُّ تَعْرِيفُ ابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْعَمَّةِ وَابْنِ الْخَالِ وَابْنِ الْخَالَةِ الْجَائِزِ نِكَاحُهُمْ لَهَا كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ تَعْرِيفُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ الْغَيْرِ الْجَائِزِ نِكَاحُهُمَا؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ لَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ خَبَرٌ مَحْضٌ وَاللَّازِمُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مَوْثُوقًا بِهِ (الْخَيْرِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُعَرَّفُ امْرَأَةً أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ صَحِيحًا وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدٍ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ مَثَلًا لَوْ نَصَّبَتْ هِنْدٌ زَيْدًا وَصِيًّا وَقَالَتْ امْرَأَتَانِ لِلشَّاهِدَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ: إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ هِنْدٌ، فَلَيْسَ لِلشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ هِنْدٍ أَنْ يَشْهَدَا بِنَاءً عَلَى إخْبَارِ تِلْكَ الْمَرْأَتَيْنِ عَلَى وَصِيَّةِ هِنْدٍ (هَامِشَيْ الْبَهْجَةِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ غَنَمِي الَّتِي تَرْعَى فِي الْمَرْعَى الْفُلَانِيِّ قَدْ الْتَحَقَ مِنْهَا كَذَا شَاةٍ الَّتِي تُسَاوِي قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا بِقَطِيعِ غَنَمِك الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَرْعَى وَأَنَّك قَدْ أَخَذْت أَغْنَامِي الْمَذْكُورَةَ وَاسْتَهْلَكَتْهَا وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ مِقْدَارًا مِنْ أَغْنَامِ الْمُدَّعِي قَدْ الْتَحَقَتْ بِقَطِيعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْأَغْنَامِ الَّتِي الْتَحَقَتْ بِالْقَطِيعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهَا وَقِيمَتهَا فَلَا تَثْبُتُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْبَهْجَةُ) . هِيَ الْإِخْبَارُ - وَصُورَةُ الْخَبَرِ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ الْمُدَّعِي أَوْ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي بِدُونِ أَنْ يُصَرِّحَ أَنَّهَا مِلْكُهُ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ تَعْرِيفِ الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ: إذَا كَانَتْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا امْرَأَةً مَجْهُولَةَ الشَّخْصِ فَلِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ تَحَمُّلُ الشُّهُودِ لِلشَّهَادَةِ صَحِيحًا يَجِبُ تَعْرِيفُهَا لِلشُّهُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رَجُلًا مَجْهُولَ الذَّاتِ فَلِأَجْلِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ بِحَقِّهِ يَجِبُ تَعْرِيفُهُ لِلشُّهُودِ أَيْضًا حَتَّى يَصِحَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَحَتَّى يَتَمَكَّنَ الشَّاهِدُ إذَا مَاتَ أَوْ غَابَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهِمَا لِلشُّهُودِ فَلَيْسَ لِلشُّهُودِ أَنْ

يَشْهَدُوا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ وَالْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَدْ انْتَحَلَا اسْمَ وَنَسَبَ غَيْرِهِمَا وَاتَّفَقَا عَلَى اغْتِصَابِ حَقِّ الْغَيْرِ. وَمَثَلًا إذَا أَرَادَ زَيْدٌ بَيْعَ مَالِهِ لِعَمْرٍو وَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ أَثْنَاءَ الْبَيْعِ لِيَشْهَدَا بِالْبَيْعِ فَإِذَا كَانَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ لَا يَعْرِفَانِ زَيْدًا وَعَمْرًا فَلَا يَكْتَفِيَانِ بِقَوْلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (إنَّ أَحَدَنَا عَمْرُو بْنُ فُلَانٍ وَالْآخَرَ زَيْدُ بْنُ فُلَانٍ) بَلْ إنَّ لَهُمَا أَنْ يَسْأَلَا عَنْهُمَا مِنْ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ آبَاءَهُمَا وَأَجْدَادَهُمَا وَبَعْدَ أَنْ يَعْرِفَا نَسَبَهُمَا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَادِلَيْنِ لَهُمَا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ فَلَهُمَا تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُودًا عِنْدَ النَّاسِ فَلَا حَاجَةَ لِتَعْرِيفِهِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُشَاهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودَ حِينَ تَحَمُّلِهِمْ الشَّهَادَةَ فَلِذَلِكَ لَوْ أَخْفَى أَحَدٌ شَخْصَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَشَاهَدَ أَحَدًا أَقَرَّ لِآخَرَ بِشَيْءٍ فَلِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُقِرِّ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ أَسْئِلَةٌ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَسَنُبَيِّنُهَا مَعَ أَجْوِبَتِهَا فِيمَا يَأْتِي: س (1) : إنَّ بِلَفْظِ حَقِّهِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَى الْإِبْرَاءِ يَشْهَدُ عَدَمَ الْحَقِّ وَلَا يَشْهَدُ بِالْحَقِّ؟ ج - إنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأ هَذَا الْمَدِينَ هِيَ فِي الظَّاهِرِ شَهَادَةٌ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ حَقِّ الْمَدِينِ وَهُوَ سُقُوطُ حَقِّ الدَّائِنِ عَنْهُ (الْبَحْرُ) . وَالْحَقُّ بِالتَّعْرِيفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ شَامِلًا لِلْحَقِّ الْوُجُودِيِّ وَالْعَدَمِيِّ. س (2) : إنَّ بِلَفْظِ حَقِّهِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ يَحْصُلُ تَعْرِيفُ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلَا يَتَنَاوَلُ حُقُوقَ اللَّهِ كَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ بِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ الْحِسْبِيَّةَ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ؟ ج - إنَّ الشَّهَادَةَ الْمَعْرُوفَةَ غَيْرُ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ خُرُوجُ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ، وَالتَّعْرِيفُ لِلشَّهَادَةِ الشَّامِلُ لِلشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ هُوَ: الْإِخْبَارُ الصِّدْقُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ. س (3) : إنَّ بِلَفْظِ " فِي حُضُورِ الْقَاضِي " الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ فِي حُضُورِ الْمَحْكَمَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ؟ ج - إنَّ قَيْدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ التَّعْرِيفِ بَلْ هُوَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطُ الشَّيْءِ هُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَاتِ الشَّيْءِ (الشِّبْلِيُّ) . س (4) : وَبِتَعْبِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ تَخْرُجُ الشَّهَادَةُ الَّتِي يَسْتَمِعُهَا الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي حُضُورِ الْكَاتِبِ وَمُوَاجَهَةِ الْمُدَّعِي فَقَطْ مِنْ التَّعْرِيفِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَفْرَادِهِ؟ ج - بِمَا أَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَتَجْوِيزُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ (الْبَحْرُ) . أَيْ إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْعُرْفِ.

(المادة 1685) نصاب الشهادة

س (5) : إنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ فَتَخْرُجُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ الْوَاقِعَ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ لَيْسَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ؟ ج - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ اسْتِحْسَانِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (688 1) وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ (الْبَحْرُ) . س (6) : يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ هِيَ الْإِخْبَارُ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّ لَفْظَ " أَشْهَدُ " هِيَ بِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلَيْسَ بِقَسَمٍ فَمَا دَامَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ خَبَرٌ فَيَجِبُ أَلَا يَكُونَ حُجَّةً مُلْزِمَةً؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ؟ ج - إنَّ الْقِيَاسَ هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُلْزِمَةٍ إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ قَدْ تُرِكَ بِالنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَالْإِجْمَاعِ فَرُجِّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَأَصْبَحَ حُجَّةً (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1685) نِصَابُ الشَّهَادَةِ] الْمَادَّةُ (1685) - (نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي حَقِّ الْمَالِ فَقَطْ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا) . اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ رُجْحَانَ صِدْقِ قَوْلِ الشَّاهِدِ بِعَدَالَتِهِ وَلَيْسَ بِعَدَدِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ رَاوِي الْإِخْبَارِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ آيَةَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] وَأَمْثَالَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الزَّيْلَعِيّ. إنَّ اعْتِبَارَ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَقَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنَّ النِّسَاءَ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِنَّ الزَّائِدَ يَنْقُصُهُنَّ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْوَقَائِعِ فَلِذَلِكَ ضُمَّتْ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِإِكْمَالِ هَذَا النُّقْصَانِ. وَبِمَا أَنَّ الْعَقْلَ بِالْمَلَكَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ نَاقِصٌ عِنْدَ النِّسَاءِ فَلَا يُنَصِّبْنَ وَالِيًا أَوْ أَمِيرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ النِّسَاءُ جُزْءًا فِي الشَّهَادَةِ فَيُسْتَشْهَدْنَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي مَعًا وَلَا يَجِبُ اسْتِشْهَادُهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ أَيْ أَنْ لَا تُسْتَشْهَدَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي حَالَةَ أَنَّ الْأُخْرَى خَارِجَةً عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَامْرَأَةٌ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَأَمَرَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يَحِقُّ لَك ذَلِكَ وَتَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: 282] فَخَجِلَ الْقَاضِي وَمَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إذَا اشْتَبَهَ فِيهِمْ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ النِّسَاءَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ. وَأَمَّا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَدَمُ التَّفْرِيقِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي (الْحَمَوِيُّ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُقُوقَ الْمَذْكُورَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ

مَالًا، وَلَوْ أَنَّ الْمَالَ ضِمْنُ الْحَدِّ، أَوْ مِنْ تَوَابِعِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ مَالًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) . الْمَالُ. الْوَصِيَّةُ وَاسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلْإِرْثِ، وَالْقَتْلُ الْخَطَأُ، وَالْقَتْلُ الَّذِي لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ بَلْ يَسْتَلْزِمُ الدِّيَةَ، وَقَطْعُ الْعُضْوِ، وَتَعْطِيلُ الْعُضْوِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَكِتَابُ الْقَاضِي، وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ أَنَّهُ كَانَ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى تِلْكَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَنَّهُ أَدَّى أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ مِنْهَا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ عَلَى الْأَدَاءِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يَحْصُلْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ فِي حَالَةِ قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ: إنَّ الشَّاهِدَ مُتَوَهِّمٌ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى الْأَدَاءِ، أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حَقٌّ وَشَهَادَتَهُ عَلَى الْأَدَاءِ بَاطِلَةٌ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَسَبَ الْفِسْقَ إلَى شَاهِدِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْوَكَالَةَ عَنْ غَائِبٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى وُقُوعِ التَّوْكِيلِ لَهُ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ فِي شَهَادَتِهِ: إنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ عَزَلَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا وَلَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ بِشَهَادَةِ الْفَرْدِ (الْهِنْدِيَّةُ) . تَوَابِعُ الْمَالِ. كَالْأَجَلِ وَشَرْطُ الْأَجَلِ وَمَا مَاثَلَهُ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . مِثَالٌ لِلْمَالِ ضِمْنَ الْحُدُودِ، لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَرَقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا الْبَالِغَ نِصَابِ السَّرِقَةِ مِنْ مَكَانٍ مُحْرَزٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِضَمَانِ الْمَسْرُوقِ وَلَا يَجْرِي بِحَقِّهِ حَدُّ السَّرِقَةِ حَيْثُ إنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الْحُدُودِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مِثَالٌ لِلْوَصِيَّةِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى لِي بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَقَامَ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ صَحِيحًا. مِثَالٌ لِاسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ لِلْإِرْثِ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَاتَ وَلَدُهَا أَثْنَاءَ الْوَضْعِ أَنَّ وَلَدَهَا وُضِعَ حَيًّا حَتَّى أَنَّهُ بَكَى فَأَطْلُبُ إعْطَائِي حِصَّةً مِنْ حِصَّتِهِ الْمَوْرُوثَةِ عَنْ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى وَأَقَامَتْ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ صَحِيحًا. مِثَالٌ لِتَعْطِيلِ الْعُضْوِ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَوْقَعَنِي عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ يُعَارِكُنِي فَكَسَرَ يَدِي وَقَدْ تَعَطَّلَتْ يَدِي عَنْ الْعَمَلِ بَعْدَ الْبُرْءِ وَأَقَامَ شُهُودًا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ الْإِثْبَاتُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مِثَالٌ لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ. النِّكَاحُ، فَسْخُ النِّكَاحِ، الطَّلَاقُ، الرَّضَاعُ؛ الْوَكَالَةُ، الْإِيصَاءُ، الْأُصْبُعُ الزَّائِدُ وَعُيُوبُ النِّسَاءِ الْمُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْجَوْهَرَةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .

الْحُكْمُ الثَّانِي: عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُنَّ رَجُلٌ وَلَوْ كُنَّ أَرْبَعًا أَوْ أَزْيَدَ؛ كَيْ لَا يَكْثُرَ خُرُوجُهُنَّ (الْبَحْرُ وَالنَّتِيجَةُ) . الْحُكْمُ الثَّالِثُ: عَدَمُ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَلِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ مَعًا، (الْخَيْرِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ) ، أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ اجْتَهَدَ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ. وَقَدْ حَكَمَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَبْلًا مُعَاوِيَةُ وَلَمْ يَحْكُمْ أَحَدٌ قَبْلَ مُعَاوِيَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِعَدَمِ مِسَاسِ الْحَاجَةِ. مَثَلًا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَاحِدًا وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ شَاهِدٍ آخَرَ يُوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ يُحْكَمُ لَهُ وَإِذَا نَكَلَ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . الْحُكْمُ الرَّابِعُ: وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ مِنْ الْحُدُودِ وَالْقَوَدِ؛ لِأَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي حَدِّ الزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا كَمَا أَنَّ نِصَابَ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ الْأُخْرَى كَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَاللِّعَانِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ رَجُلَانِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا. مُسْتَثْنًى: يُقْبَلُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الذِّكْرُ الشَّهَادَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْإِخْبَارُ الْفَرْدُ وَهِيَ: 1 - تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُعَلِّمِ وَالْأُسْتَاذِ الْوَاحِدِ فِي الْوَقَائِعِ الَّتِي تَحْصُلُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْمَدْرَسَةِ أَوْ مَحَلِّ الْحِرْفَةِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَأَبِي السُّعُودِ) . 2 - فِي تَرْجَمَةِ كَلَامِ الشَّاهِدِ وَالْخَصْمِ. 3 - فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ. 4 - فِي الرِّسَالَةِ مِنْ الْقَاضِي إلَى الْمُزَكِّي وَمِنْ الْمُزَكِّي إلَى الْقَاضِي. 5 - فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ. 6 - فِي إخْبَارِ إفْلَاسِ الْمُفْلِسِ بَعْدَ حَبْسِهِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي مُدَّةً. 7 - يُقْبَلُ إخْبَارُ الْوَاحِدِ فِي ادِّعَاءِ حَمْلِ زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى أَنَّهَا حَامِلٌ فَتَجْرِي مُعَايَنَتُهَا مِنْ طَرَفِ امْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ ثِقَاتٍ فَإِذَا شُوهِدَ عَلَامَاتُ الْحَمْلِ فِيهَا يُوقَفُ مِنْ الْمِيرَاثِ حِصَّةُ الْحَمْلِ. لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ أَيْ بِدُونِ شَهَادَةِ رَجُلٍ فِي حَقِّ الْمَالِ فَقَطْ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَسْتَطِيعُ الرِّجَالُ النَّظَرَ إلَيْهِ» .

مَرَاتِبُ الشَّهَادَةِ. لِلشَّهَادَةِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ: 1 - الشَّهَادَةُ فِي حَدِّ الزِّنَا. وَالنِّصَابُ فِيهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا مُطْلَقًا لَا قِسْمًا وَلَا كُلًّا. 2 - الشَّهَادَةُ عَلَى بَقِيَّةِ الْحُدُودِ كَالْقِصَاصِ. وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ فِيهِ رَجُلَانِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ. 3 - الشَّهَادَةُ عَلَى سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. 4 - الشَّهَادَةُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: فِي حَقِّ الْمَالِ، وَتَعْبِيرُ " فِي حَقِّ الْمَالِ " وَإِنْ يَكُنْ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالْقَوَدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ إذْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِدُونِ رَجُلٍ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: 1 - اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلصَّلَاةِ. 2 - الْبَكَارَةُ. 3 - عُيُوبُ النِّسَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا. 4 - الْوِلَادَةُ. 5 - الْإِرْثُ. 6 - فِي دِيَةِ الْقَتْلِ الْوَاقِعِ فِي الْحَمَّامِ. وَيُذْكَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - اسْتِهْلَالُ الصَّبِيِّ لِلصَّلَاةِ: وَالِاسْتِهْلَالُ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ حَيَاةُ الْوَلَدِ كَصَوْتِ الصَّبِيِّ وَحَرَكَتِهِ وَأَمْثَالِهِمَا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْبَزَّازِيَّةُ فِي 3 مِنْ الشَّهَادَةِ) . فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ الْوَلَدَ وُلِدَ حَيًّا وَأَنَّهُ اسْتَهَلَّ ثُمَّ مَاتَ فَيُجَهَّزُ ذَلِكَ الْوَلَدُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ. 2 - الْبَكَارَةُ: إذَا شَهِدَ النِّسَاءُ عَلَى بَكَارَةِ عَرُوسٍ فَبَعْدَ مَا يُؤَجَّلُ زَوْجُهَا الْعِنِّينُ سَنَةً وَاحِدَةً فَإِذَا وُجِدَتْ بِكْرًا بَعْدَ ذَلِكَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا (الْبَحْرُ) . 3 - عُيُوبُ النِّسَاءِ: إنَّ الْقَرْنَ وَالرَّتْقَ وَالْحَبَلَ هِيَ مِنْ عُيُوبِ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ النِّسَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ عَلَى كَوْنِهَا بِكْرًا هِيَ ثَيِّبٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِذَا نَكَلَ تُرَدُّ إلَيْهِ (الْبَحْرُ) . 4 - الْوِلَادَةُ: إذَا شَهِدَتْ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ عَادِلَةٌ عَلَى وِلَادَةِ الزَّوْجَةِ لِوَلَدٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهَا وَتَثْبُتُ الْوِلَادَةُ حَتَّى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ نَفَى الْوَلَدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَجِبُ اللِّعَانُ لِتَمَامِ النَّفْيِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي النَّسَبِ) .

فَلِذَلِكَ لَوْ أَشَارَتْ الزَّوْجَةُ إلَى وَلَدٍ وَقَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْك وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وِلَادَةَ الزَّوْجَةِ لِذَلِكَ الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ الْمُجَرَّدُ بَلْ يَجِبُ شَهَادَةُ قَابِلَةٍ وَشَهَادَةُ قَابِلَتَيْنِ أَحْوَطُ. فَإِذَا شَهِدَتْ الْقَابِلَةُ عَلَى وِلَادَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ مَا لَمْ يُجْرَ اللِّعَانُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي النَّسَبِ بِزِيَادَةٍ) فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِهَا الشَّهَادَةُ (الْجَوْهَرَةُ) . 5 - الْإِرْثُ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْإِرْثِ أَيْ فِي الْمَالِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَهْجَةِ أَنَّهُ قَدْ أُفْتِيَ مِنْ مَشَايِخِ الْمُسْلِمِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى اسْتِهْلَالِ الصَّبِيِّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ إلَّا أَنَّ ابْنَ كَمَالٍ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ الْأَرْجَحُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوْتَهُ يَقَعُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ وَعِنْدَهَا لَا تَحْضُرُ الرِّجَالُ فَكَانَ كَشَهَادَتِهِنَّ عَلَى نَفْسِ الْوِلَادَةِ (الشِّبْلِيُّ) . 6 - إذَا شَهِدَتْ النِّسَاءُ عَلَى الْقَتْلِ الَّذِي وَقَعَ فِي حَمَّامِ النِّسَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الدِّيَةِ حَتَّى لَا يَذْهَبَ دَمُ الْإِنْسَانِ هَدَرًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْقِصَاصِ (الْحَمَوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . مَثَلًا، لَوْ شَهِدَتْ النِّسَاءُ فَقَطْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ قَتَلَتْ فُلَانَةَ فِي الْحَمَّامِ عَمْدًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ فَيُحْكَمُ عَلَى الْقَاتِلَةِ بِالدِّيَةِ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالْقِصَاصِ. النِّسَاءُ. قَدْ ذُكِرَتْ النِّسَاءُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَكُنَّ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِنَّ مَعْنَى الْإِلْزَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى النِّصَابِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الذُّكُورَةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ هُوَ لِأَجْلِ تَخْفِيفِ النَّظَرِ بِسَبَبِ نَظَرِ الْجِنْسِ أَخَفُّ وَلِهَذَا السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ قَدْ سَقَطَ الْعَدَدُ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ قَدْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُنَّ أَرْبَعًا (الْبَحْرُ) . أَمَّا السُّؤَالُ الَّذِي يَرِدُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ قَدْ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ يَجِبُ لِذَلِكَ أَلَّا تُقْبَلَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ الَّذِي فِيهِ أَدَاةُ التَّعْرِيفِ يُقْصَدُ فِيهِ الْجِنْسُ وَلِذَلِكَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْوَاحِدُ (الْبَحْرُ) . شَهَادَةُ الرِّجَالِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا. إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى خُصُوصٍ كَالْوِلَادَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَقَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبَيِّنَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَدْ رَأَى الْوِلَادَةَ تَصَادُفًا وَمِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ نَظَرَهَا تَعَمُّدًا فَحَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ قَدْ نَظَرَ إلَى شَيْءٍ مُحَرَّمٍ وَمَمْنُوعٍ فَيَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَلَوْ ذَكَرَ بِأَنَّهُ نَظَرَ ذَلِكَ تَعَمُّدًا مَا دَامَ الشَّاهِدُ عَادِلًا؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ ضَرُورَةٌ لِلنَّظَرِ لِإِحْيَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ أَفْتَى فِي كِتَابِ الْفَتْوَى الْمُسَمَّى بِالنَّتِيجَةِ بِهَذَا الْقَوْلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . شَهَادَةُ النِّسَاءِ. قَدْ اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ لُزُومِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارٌ أَيْ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّةِ (1689) أَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَقَدْ بَيَّنُوا أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يَلْزَمُ فِيهَا سَائِرُ شَرَائِطِ الشَّهَادَةِ كَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ

(المادة 686 1) لا تقبل شهادة الأخرس والأعمى

وَالْعَدَالَةِ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِيهَا أَيْضًا لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبِي السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 686 1) لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَالْأَعْمَى] الْأَصْلُ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ: أَنَّ الشَّهَادَةَ تُرَدُّ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ أَمَّا أَسْبَابُ التُّهْمَةِ فَهِيَ: أَوَّلًا: الْمَعْنَى الْمَوْجُودُ فِي الشَّاهِدِ كَعَمَاهُ وَفِسْقِهِ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ فَاسِقًا فَلَا يُبَالِي بِالْكَذِبِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ أَعْمَى لَا يَطَّلِعُ عَلَى الْوَاقِعَةِ تَمَامًا فَيُخْطِئُ فِي شَهَادَتِهِ. ثَانِيًا: الْمَعْنَى الْمَوْجُودُ فِي الْمَشْهُودِ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ وَصْلَةٌ خَاصَّةٌ كَقَرَابَةِ الْوِلَادَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ إذْ يَكُونُ الشَّاهِدُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُتَّهَمًا بِالْكَذِبِ مُرَاعَاةً لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَتَأْمِينًا لِمَنَافِعِهِ. ثَالِثًا: الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ كَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا بِالْقَذْفِ. فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَمْلُوكِ وَشَدِيدِ الْغَفْلَةِ وَالْمُجَازِفِ فِي كَلَامِهِ وَبَائِعِ الْأَكْفَانِ وَالْمَحْدُودِ بِحَدِّ الْقَذْفِ وَالْمَعْرُوفِ بِالْكَذِبِ وَالْبَخِيلِ وَالْمُخَنَّثِ وَالْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ وَالْمُدْمِنِ عَلَى شُرْبِ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْخَمْرِ وَاللَّاعِبِ بِالطُّنْبُورِ وَالشِّطْرَنْجِ وَالْمُرْتَكِبِ لِلْكَبَائِرِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَاَلَّذِي يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ وَاَلَّذِي يَعْتَادُ سَبَّ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَالْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَالسَّيِّدِ لِلْعَبْدِ وَلِمُكَاتَبِهِ وَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَالْعَدُوِّ عَلَى الْعَدُوِّ وَاَلَّذِينَ يَقِفُونَ فِي الطُّرُقِ وَيَتَفَرَّجُونَ عَلَى الْعَابِرِينَ وَالْمَارِّينَ وَالْأَعْمَى (الْكَنْزُ) . أَمَّا شَهَادَةُ الْأَصَمِّ فَتُقْبَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَمَمُهُ بِدَرَجَةٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا سَمَاعَ شَيْءٍ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْأَصَمُّ الَّذِي شَهِدَ عَلَى إقْرَارٍ: إنَّ الْمُقِرَّ قَدْ أَقَرَّ بِصَوْتٍ عَالٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (فَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ. تُوَضَّحُ كَمَا يَأْتِي: الْأَخْرَسُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَلَوْ بِإِشَارَتِهِ الْمَخْصُوصَةِ أَوْ كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ قَوْلُ: أَشْهَدُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1682) وَالْأَخْرَسُ عَاجِزٌ عَنْ التَّلَفُّظِ بِذَلِكَ (الشِّبْلِيُّ وَالْخَانِيَّةُ فِيمَنْ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ) . الْأَعْمَى - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى حَتَّى فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى التَّمْيِيزِ بِالْإِشَارَةِ حِينَ الشَّهَادَةِ إلَى الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1690) فَالْأَعْمَى لَا يَسْتَطِيعُ التَّمْيِيزَ إلَّا بِالصَّوْتِ وَالْحَالُ أَنَّ الصَّوْتَ يُمْكِنُ أَنْ يُشْبِهَ الصَّوْتَ الْآخَرَ. وَأَمَّا الْإِمَامُ مَالِكٌ فَقَدْ قَالَ بِقَبُولِ شَهَادَتِهِ مُطْلَقًا كَالْبَصِيرِ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَالْخَيْرِيَّةُ) . أَمَّا فِي الْمَوَاضِعِ الْجَائِزَةِ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالتَّسَامُعِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (688 1) فَتَجُورُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ وَيُوجَدُ فِي الْبَهْجَةِ فَتْوَى بِذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَالظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ مَذْهَبَ الطَّرَفَيْنِ (الْبَحْرُ وَالشِّبْلِيُّ وَالْخَيْرِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .

لِلشَّهَادَةِ أَحْوَالٌ خَمْسٌ. إذَا وُجِدَ الْعَمَى فِي أَيِّ حَالٍ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَهُوَ مَانِعٌ لِلْقَضَاءِ أَيْ مَانِعٌ لِلْحُكْمِ بِمُوجِبِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: أَوَّلًا: إنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى الَّذِي هُوَ أَعْمَى وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَوَقْتَ الْأَدَاءِ. ثَانِيًا: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَالْبَصِيرِ وَقْتَ الْأَدَاءِ. ثَالِثًا: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَصِيرِ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَالْأَعْمَى وَقْتَ الْأَدَاءِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) . رَابِعًا: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَقْتَ الْقَضَاءِ فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدٌ وَهُوَ بَصِيرٌ وَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي طَرَأَ عَلَيْهِ عَمًى فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَالصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هُوَ هَذَا. وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِي سُقُوطِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِصُوَرٍ أُخْرَى فَلِذَلِكَ إذَا طَرَأَ عَلَى الشَّاهِدِ خَرَسٌ أَوْ جُنُونٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا (الْبَزَّازِيَّةُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا وَالْخَيْرِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا عَدَمُ الْقَضَاءِ بِهَا؛ لِأَنَّ قِيَامَ أَهْلِيَّتِهَا شَرْطًا وَقْتَ الْقَضَاءِ لِصَيْرُورَتِهَا حُجَّةً عِنْدَهُ كَمَا إذَا خَرِسَ أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ بِخِلَافِ مَوْتِ الشَّاهِدِ وَغَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْمَوْتِ قَدْ انْتَهَتْ وَبِالْغَيْبَةِ مَا بَطَلَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا وَالْأَهْلِيَّةُ تَسْتَقِرُّ بِالْمَوْتِ وَلَا تَبْطُلُ وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدٌ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَ بِهَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي إذَا طَرَأَ عَلَى الشَّاهِدِ عَمًى بَعْدَ إيفَاءِ الشَّهَادَةِ فَيُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَى حَالَةٌ قَدْ طَرَأَتْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا تَمْنَعُ الْحُكْمَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ عَمًى فَلَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ. وَقَدْ اسْتَظْهَرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ هَذَا الْقَوْلَ (الشِّبْلِيُّ وَالْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) . خَامِسًا: الَّذِي تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بَصِيرٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ عَمًى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ أَنْ يُصْبِحَ بَصِيرًا إذَا كَانَ عَادِلًا. الْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ فَفِيهَا مَعْنَى إلْزَامِ الْغَيْرِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَلَا تَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ. أَمَّا إذَا جُنَّ الشَّاهِدُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ فَاقَ وَأَصْبَحَ تَامَّ الشُّعُورِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي مَنْزِلَةِ الْإِغْمَاءِ، وَالْإِغْمَاءُ غَيْرُ مَانِعٍ لِلشَّهَادَةِ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيَّيْنِ عَلَى الْوَقَائِعِ الَّتِي تَحْصُلُ فِي مَوَاضِعِ اللَّعِبِ أَمَّا إذَا تَحَمَّلَ الصَّبِيُّ الشَّهَادَةَ وَهُوَ مُمَيِّزٌ وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِ صِبَاهُ ثُمَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ شَهِدَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 2) ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ (الشِّبْلِيُّ) . الْمَعْتُوهُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ كَانَ فِي سِنِّ التِّسْعِينَ وَشَهَادَةِ الْمَعْتُوهِ (النَّتِيجَةُ وَالْبَهْجَةُ) .

الْمَمْلُوكُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَمْلُوكِ سَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا أَيْ مُعْتَقَ الْبَعْضِ أَوْ مُعْتَقًا فِي الْمَرَضِ فِي زَمَنِ سِعَايَتِهِ. فَلِذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ بِأَنَّهُمَا رَقِيقَانِ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ ظُهُورِ خَطَأِ الْقَاضِي حَتَّى لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ بِوَكَالَةِ أَحَدٍ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الْوَكِيلُ دُيُونَ مُوَكِّلِهِ ظَهَرَ بِأَنَّ الشُّهُودَ عَلَى الْوَكَالَةِ أَرِقَّاءُ فَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيُصْبِحُ اسْتِيفَاءُ الْوَكِيلِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَا يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِهِ. أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ بِوِصَايَةِ أَحَدٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ أَرِقَّاءُ فَيَكُونُ الِاسْتِيفَاءُ صَحِيحًا وَيَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ مِنْ دَيْنِهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ دَفَعُوا لَهُ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْإِيصَاءُ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُمْ فِي الدَّفْعِ إلَى أَمِينِهِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِلْغَرِيمِ بِدَفْعِ دَيْنِ الْحَيِّ إلَى غَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا مَا يَقَعُ الْآنَ كَثِيرًا مِنْ تَوْلِيَةِ شَخْصٍ نَاظِرَ وَقْفٍ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ مِثْلِهِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَبَيْعٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَوْ أَنَّ إنْهَاءَهُ بَاطِلٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي كَالْوَصِيِّ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) . أَمَّا إذَا شَهِدَ مَمْلُوكٌ فِي دَعْوَى وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِرِقِّهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4 2) . إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ فِي دَعْوَى فَإِذَا لَمْ يَطْعَنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا حَاجَةَ لِتَدْقِيقٍ وَإِثْبَاتِ حُرِّيَّةِ الشَّاهِدِ أَمَّا إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِكَوْنِ الشَّاهِدِ مَمْلُوكًا فَعَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ حُرِّيَّةَ الشَّاهِدِ وَلَا يُجْبَرُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ مَمْلُوكِيَّةَ الشَّاهِدِ. أَمَّا إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِالْقَذْفِ أَوْ شَرِيكٌ لِلْمُدَّعِي فَيَجِبُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إثْبَاتُ طَعْنِهِ هَذَا. شَدِيدُ الْغَفْلَةِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَدِيدِ الْغَفْلَةِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ أَنَّهُ تَلَقَّنَ الْمَشْهُودَ بِهِ وَشَهِدَ بِنَاءً عَلَى تَلْقِينِهِ (الْخَانِيَّةُ) وَلَوْ كَانَ عَدْلًا؛ لِأَنَّهُ شَرٌّ مِنْ الْفَاسِقِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ (إنَّا لَنَرُدُّ شَهَادَةَ أَقْوَامٍ نَرْجُو شَفَاعَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَقَدْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ هَذَا شَهَادَةَ الْمُغَفَّلِينَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . بَائِعُ الْأَكْفَانِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَتَرَصَّدُ بَيْعَ الْأَكْفَانِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَنَّى كَثْرَةَ الْمَوْتِ بِالطَّاعُونِ وَالْأَمْرَاضِ السَّائِرَةِ الْأُخْرَى أَمَّا الَّذِي لَا يَشْتَغِلُ بِبَيْعِ الْأَكْفَانِ خَاصَّةً بَلْ يَبِيعُ الْأَشْيَاءَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْمَلْبُوسِ وَيُوجَدُ مِنْهَا مَا يَصْلُحُ لِلْأَكْفَانِ أَيْضًا وَيُشْتَرَى مِنْهُ الْكَفَنُ عِنْدَ الْإِيجَابِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ) . الْمُجَازِفُ فِي كَلَامِهِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُجَازِفِ فِي كَلَامِهِ حَتَّى أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الرَّبِيعِ مِنْ وُزَرَاءِ الْعَبَّاسِيِّينَ قَدْ شَهِدَ فِي حُضُورِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فِي قَضِيَّةٍ وَرَدَّ الْإِمَامُ شَهَادَتَهُ وَلَمَّا سُئِلَ الْإِمَامُ عَنْ سَبَبِ رَدِّ شَهَادَتِهِ قَالَ: إنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَانَ يُخَاطِبُ شَخْصًا (الْخَلِيفَةَ) فِي مَجْلِسٍ قَائِلًا: لَهُ عَبْدُكُمْ فَإِذَا كَانَ صَادِقًا بِكَوْنِهِ عَبْدًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِذَا كَانَ كَاذِبًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَاذِبِ. الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ تَابَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] وَرَدُّ شَهَادَتِهِمْ هُوَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْحَدِّ وَالِاسْتِثْنَاءُ مَصْرُوفٌ إلَى مَا يَلِيهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى

{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ بِحَدٍّ غَيْرِ حَدِّ الْقَذْفِ كَالسَّرِقَةِ مَثَلًا فَهِيَ مَقْبُولَةٌ بَعْدَ التَّوْبَةِ إذَا كَانَ عَادِلًا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لِلْفِسْقِ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِالتَّوْبَةِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ بِالْقَذْفِ بَعْدَ التَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: 5] مَصْرُوفَةٌ إلَى جُمْلَةِ {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] وَإِلَى جُمْلَةِ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] (الزَّيْلَعِيّ) . الْمَعْرُوفُ بِالْكَذِبِ - إذَا كَانَ أَحَدٌ مَعْرُوفًا وَمُشْتَهِرًا بِالْكَذِبِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ تَابَ حَيْثُ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) وَالْكَذِبُ مَهْجُورٌ عِنْدَ كُلِّ الْأَقْوَامِ وَمَعَابٌ (شَرْحُ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقَامَةِ) . الْبَخِيلُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَبْخَلُ فِي الزَّكَاةِ وَفِي نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ (الزَّيْلَعِيّ) . الْمُخَنَّثُ - بِفَتْحِ النُّونِ عُرْفًا الشَّخْصُ الَّذِي يُبَاشِرُ أَفْعَالَ النِّسَاءِ الرَّدِيئَةِ. الْمُغَنِّيَةُ - وَهِيَ الَّتِي تُغَنِّي لِلنَّاسِ سَوَاءٌ لِنَفْسِهَا أَوْ لِلَّهْوِ أَوْ لِجَمْعِ الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ صَوْتِهِنَّ. وَكَذَلِكَ مَنْ يَجْمَعُ النَّاسَ حَوْلَهُ فَيُغَنِّي لَهُمْ وَيُسَلِّيهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ النَّاسَ عَلَى الْكَبِيرَةِ وَلَا يَخْلُو عَادَةً مِنْ ارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ بِالْمُجَازَفَةِ وَالْكَذِبِ، أَمَّا إذَا غَنَّى أَحَدٌ بِنَفْسِهِ لِإِزَالَةِ الْوَحْشَةِ فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ وَالزَّيْلَعِيّ) . النَّائِحَةُ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّائِحَةِ الَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهَا سَوَاءٌ أَكَانَ فِعْلُهَا هَذَا مُقَابِلَ مَالٍ وَأُجْرَةٍ أَوْ كَانَ بِلَا أُجْرَةٍ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) ؛ لِارْتِكَابِهَا الْحَرَامَ طَمَعًا فِي الْمَالِ. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّائِحَةِ فِي مُصِيبَتِهَا لِاضْطِرَارِهَا وَانْسِلَابِ صَبْرِهَا وَاخْتِيَارِهَا فَكَانَ كَالشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) . مُدْمِنُ الشُّرْبِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُدْمِنِ شُرْبِ الْمُحَرَّمَاتِ لِغَيْرِ التَّدَاوِي. الضَّارِبُ بِالطُّنْبُورِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الضَّارِبِ بِالطُّنْبُورِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ بِالطُّنْبُورِ لَعِبٌ (الزَّيْلَعِيّ) .

مُرْتَكِبُ الْكَبِيرَةِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ مُرْتَكِبَهَا لَا يُبَالِي بِالْكَذِبِ وَقَدْ ذَكَرْت الْأَقْوَالَ الْمُخْتَلِفَةَ فِي الْكَبِيرَةِ فِي الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرِ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ وَشَرْحِ الْجَلَّالِ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ مَا كَانَ شَنِيعًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ هَتْكُ حُرْمَةِ اللَّهِ وَالدِّينِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ وَكَذَا الْإِعَانَةُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ وَالْحَثِّ عَلَيْهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَبَائِرِ (الزَّيْلَعِيّ بِتَغْيِيرٍ مَا) . الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْحَمَّامَ بِدُونِ إزَارٍ - فَإِذَا اتَّخَذَ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ عَادَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «لُعِنَ النَّاظِرُ وَالْمَنْظُورُ» ؛ لِأَنَّ إظْهَارَ الْعَوْرَةِ بَيْنَ يَدَيْ النَّاسِ كَبِيرَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ كَانَ فَاسِقًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . ارْتِكَابُ الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ لِلْمُرُوءَةِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْتَكِبِ الْأَفْعَالِ الْمُخِلَّةِ بِالْمُرُوءَةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْأَفْعَالُ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ كَالسَّيْرِ فِي الطُّرُقِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ بِالْقَمِيصِ فَقَطْ وَمَدِّ الرِّجْلَيْنِ عِنْدَ النَّاسِ وَكَشْفِ الرَّأْسِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُعَدُّ كَشْفُ الرَّأْسِ فِيهَا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ وَإِسَاءَةِ الْأَدَبِ، وَالْأَكْلِ وَالْبَوْلِ فِي الطَّرِيقِ عَلَى مَرْأًى مِنْ النَّاسِ وَكَشْفِ الْعَوْرَةِ فِي جَانِبِ الْبِرْكَةِ لِلِاسْتِنْجَاءِ وَسَرِقَةِ اللُّقْمَةِ وَالْإِفْرَاطِ فِي الْمِزَاحِ بِدَرَجَةٍ تُؤَدِّي إلَى الِاسْتِخْفَافِ وَصُحْبَةِ الْأَرَاذِلِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالنَّاسِ وَاعْتِيَادِ الصِّيَاحِ فِي الْأَسْوَاقِ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . آكِلُ الرِّبَا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ آكِلِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ. وَشُرِطَ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِهِ وَذَلِكَ بِالْإِدْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَهُوَ رِبًا بِخِلَافِ آكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدْمَانُ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ عَنْهُ مُمْكِنٌ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ وَفِي الرِّبَا يَدْخُلُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدْمَانُ (الزَّيْلَعِيّ) . لَاعِبُ النَّرْدِ (الطَّاوِلَةِ) - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ لَاعِبِ النَّرْدِ أَوْ التَّارِكِ لِلصَّلَاةِ بِسَبَبِ لَعِبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ فِسْقٌ كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَحْلِفُ كَثِيرًا أَثْنَاءَ لَعِبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ لَيْسَ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ كَالْمَيْسِرِ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ حَيْثُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «مَلْعُونٌ مَنْ يَلْعَبُ بِالنَّرْدِ» وَقَدْ حَرُمَ النَّرْدُ بِالْإِجْمَاعِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . أَمَّا الشِّطْرَنْجُ فَقَدْ عَدَّهُ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ مُبَاحًا وَأَصْبَحَ مَحَلَّ اجْتِهَادٍ وَعَلَيْهِ فَاللَّعِبُ بِهِ فَقَطْ لَا يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ. أَمَّا إذَا تُرِكَتْ الصَّلَاةُ بِسَبَبِهِ أَوْ وُجِدَ فِيهِ يَمِينٌ كَاذِبٌ أَوْ مَيْسِرٌ فَحِينَئِذٍ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَيُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) كَذَلِكَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ ذِكْرِ الْفِسْقِ حِينَ اللَّعِبِ أَوْ الدَّوَامِ عَلَى الشِّطْرَنْجِ مُسْقِطٌ لِلْعَدَالَةِ (أَبُو السُّعُودِ) . إظْهَارُ سَبِّ السَّلَفِ - كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يُظْهِرُ سَبَّ السَّلَفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى قُصُورِ عَقْلِهِ وَقِلَّةِ مُرُوءَتِهِ وَاَلَّذِي لَا يَمْتَنِعُ عَنْ ذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ عَادَةً عَنْ الْكَذِبِ (الزَّيْلَعِيّ) .

مَنْ يَسُبُّ أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ - إذَا سَبَّ أَحَدٌ أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ فَإِذَا وَقَعَ هَذَا السَّبُّ مِنْهُ أَحْيَانًا فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو الْإِنْسَانُ إلَّا نَادِرًا مِنْ ذَلِكَ أَمَّا إذَا اعْتَادَ لِلسَّبِّ فَتَسْقُطُ عَدَالَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ - غَيْرُ جَائِزَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 170) . السَّيِّد لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدِينًا تَكُونُ الشَّهَادَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِنَفْسِ السَّيِّدِ وَإِذَا كَانَ مَدِينًا تَكُونُ مِنْ وَجْهٍ لِنَفْسِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ مَوْقُوفٌ (الْبَحْرُ) . أَمَّا شَهَادَةُ الْمُعْتَقِ لِمَنْ أَعْتَقَهُ فَجَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ أَجِيرَهُ الْخَاصَّ وَبِالْعَكْسِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقَدْ شَهِدَ قَنْبَرٌ وَالْحَسَنُ لِعَلِيٍّ عِنْدَ شُرَيْحُ وَقَبِلَ شَهَادَةَ قَنْبَرٍ وَهُوَ كَانَ عَتِيقَ عَلِيٍّ (الزَّيْلَعِيّ) . أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ - شَهَادَتُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 170) . لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِأَجْلِ الدُّنْيَا عَلَى عَدُوِّهِ (أَمَّا الشَّهَادَةُ لَهُ فَجَائِزَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُعَادَاةُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا مُحَرَّمَةً فَلَا يُؤْمَنُ مَنْ يَرْتَكِبُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ لَا يَشْهَدَ كَذِبًا عَلَى عَدُوِّهِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2 170) . كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ الشَّخْصِ الَّذِي عَادَاهُ؛ لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ فِسْقٌ وَالْفِسْقُ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ (أَبُو السُّعُودِ) وَكَانَ يَجِبُ لِهَذَا عَدَمُ جَوَازِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ. أَمَّا حُكْمُ الْعَدُوِّ عَلَى الْعَدُوِّ فَجَائِزٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أَسْبَابُ الْحُكْمِ ظَاهِرَةً فَالتُّهْمَةُ فِيهِ مُنْتَفِيَةٌ وَأَمَّا أَسْبَابُ الشَّهَادَةِ فَلَمَّا كَانَتْ خَفِيَّةً فَفِيهَا تُهْمَةٌ (الشِّبْلِيُّ) . الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيقِ - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلتَّفَرُّجِ عَلَى الْمَارِّينَ وَالْعَابِرِينَ وَيَشْغَلُونَ حَقَّ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْعَامَّةِ لَمْ تُعَدَّ لِجُلُوسِ النَّاسِ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَسَقَطَ عَلَيْهِ شَخْصٌ فَمَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ يَضْمَنُ الْجَالِسُ عَلَى الطَّرِيقِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . الشَّهَادَاتُ غَيْرُ الْمَقْبُولَةِ هِيَ: 1 - الشَّهَادَةُ خَارِجَ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ. 2 - الشَّهَادَةُ سَمَاعًا. 3 - الشَّهَادَةُ بِلَفْظِ " أَعْرِفُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ". 4 - الشَّهَادَةُ فِي حُقُوقِ النَّاسِ بِلَا سَبْقِ دَعْوَى. 5 - الشَّهَادَةُ خِلَافَ الْمَحْسُوسِ. 6 - الشَّهَادَةُ خِلَافَ الْمُتَوَاتِرِ.

الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ. 8 - شَهَادَةُ أَحَدِ الصَّدِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا بِدَرَجَةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ لِبَعْضِهِمَا. 9 - شَهَادَةُ الْمُدَّعِي لِنَفْسِهِ. 0 - 1 - شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. 1 - 1 - شَهَادَةُ الشَّاهِدِ غَيْرِ الْعَادِلِ. 2 - 1 - شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ عَلَى أَدَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ مِنْ الْأَصِيلِ. 13 - الشَّهَادَةُ الْمُوجِبَةُ لِلتَّنَاقُضِ (الْبَهْجَةُ) . 4 - 1 - الشَّهَادَةُ مِنْ أَحَدِ الرَّعَايَا الْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى أَحَدِ الرَّعِيَّةِ. 5 - 1 - الشَّهَادَةُ الْغَيْرُ الْمُوَافَقَةِ لِلدَّعْوَى. 16 - الشَّهَادَةُ الَّتِي يَخْتَلِفُ الشُّهُودُ فِي السَّبَبِ فِيهَا. 17 - الشَّهَادَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ. 18 - الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ مَعَ أَنَّ الدَّعْوَى بِمِلْكٍ مُقَيَّدٍ. 19 - الشَّهَادَةُ الْمُخَالِفَةُ لِلدَّعْوَى فِي سَبَبِ الدَّيْنِ أَوْ فِي سَبَبِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا. 20 - الشَّهَادَةُ الَّتِي يَخْتَلِفُ الشُّهُودُ فِيهَا بِالْمَشْهُودِ بِهِ. 1 - 2 - الشَّهَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَالْمُوجِبَةُ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. 22 - الِاخْتِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ بَيْنَ الشُّهُودِ فِي لَوْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. 23 - الشَّهَادَةُ الَّذِي يُخْتَلَفُ فِيهَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ. 24 - الشَّهَادَةُ الَّتِي يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ فِيهَا لَدَى الْإِيجَابِ عَلَى الْحَلِفِ وَيَمْتَنِعُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ. قَاعِدَةٌ فِي قَبُولِ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الرَّدِّ: إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ هِيَ الشَّهَادَةُ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَبَدًا وَلَوْ تَكَرَّرَتْ وَأُعِيدَتْ فَلِذَلِكَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ الْأَجِيرِ أَوْ الْمُغَفَّلِ أَوْ الْمُتَّهَمِ أَوْ الْفَاسِقِ أَوْ الَّذِي يَقُومُ بِأَعْمَالٍ مُخِلَّةٍ بِالْمُرُوءَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ. مَثَلًا إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ ثُمَّ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَيْنَهُمَا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ شَهِدَ الزَّوْجُ فِي عَيْنِ الدَّعْوَى فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ ثُمَّ بَعْدَ رَدِّهَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَشَهِدَ ثَانِيًا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ هِيَ الشَّهَادَةُ وَأَنَّ الْعَوْدَةَ إلَى قَبُولِهَا يَتَضَمَّنُ نَقْضَ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (6 1) (الشِّبْلِيُّ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ لَيْسَ هُوَ الشَّهَادَةُ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشَّرَائِطِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ رَدُّ الشَّهَادَةِ لِأَسْبَابٍ كَعَدَمِ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى أَوْ لِعَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ ثَانِيَةً فِي تِلْكَ الدَّعْوَى إذَا شَهِدَ شَهَادَةً مُوَافِقَةً لِلْأُصُولِ وَمُرَاعِيًا شَرَائِطَ الشَّهَادَةِ.

الفصل الثاني في بيان كيفية أداء الشهادة

وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا شَهِدَ الْمَمْلُوكُ لِأَحَدٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِرِقِّهِ فَشَهِدَ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَعْمَى ثُمَّ أَصْبَحَ بَصِيرًا وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ] ِ الْمَادَّةُ (6871) - (لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ) . وَالشَّرْطُ الْعَائِدُ لِلْمَكَانِ فِي الشَّهَادَةِ هُوَ كَوْنُهَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . مَثَلًا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا قَدْ شَهِدَا عَلَى مُدَّعَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ لَا تُقْبَلُ. وَتَعْبِيرُ " مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ " يَشْمَلُ مَجْلِسَ الْمُحَكَّمِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَبَيْنَ مَجْلِسِ الْمُحَكَّمِ وَهُوَ أَنَّ مَجْلِسَ الْقَاضِي يَتَقَيَّدُ بِالْمَحَلِّ الَّذِي تَحْتَ وِلَايَةِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1 180) أَمَّا مَجْلِسُ الْمُحَكَّمِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُعْتَبَرُ أَيْ مَحَلٌّ يَحْكُمُ فِيهِ الْمُحَكَّمِ مَجْلِسُ حُكْمٍ (أَبُو السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 1688) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا بِالذَّاتِ الْمَشْهُودَ بِهِ] الْمَادَّةُ (1688) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا بِالذَّاتِ الْمَشْهُودَ بِهِ وَأَنْ يَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِالسَّمَاعِ يَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ. وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ بِكَوْنِ مَحَلٍّ وَقْفًا أَوْ بِوَفَاةِ أَحَدٍ عَلَى التَّسَامُعِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ بِهَذَا لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ هَكَذَا، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ فِي خُصُوصِ الْوِلَايَةِ وَالنَّسَبِ وَالْوَقْفِ وَالْمَوْتِ بِالسَّمَاعِ مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ السَّمَاعَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ السَّمَاعِ مَثَلًا. لَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا كَانَ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ وَالِيًا أَوْ حَاكِمًا وَبِهَذَا الْبَلَدِ، وَأَنَّ فُلَانًا مَاتَ فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ أَنَّ فُلَانًا هُوَ ابْنُ فُلَانٍ أَعْرِفُهُ هَكَذَا فَشَهِدَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَايَنَ هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِنُّهُ مُسَاعِدًا لِمُعَايَنَةِ مَا شَهِدَ بِهِ وَأَيْضًا إذَا لَمْ يَقُلْ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ، بَلْ شَهِدَ قَائِلًا: بِأَنَّا لَمْ نُعَايِنْ هَذَا الْخُصُوصَ لَكِنَّهُ مُشْتَهَرٌ بَيْنَنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ نَعْرِفُهُ هَكَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) . يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ قَدْ عَايَنُوا الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ بِالسَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ وَأَنْ يَشْهَدُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إنْ تَحَمَّلَ الشَّاهِدِ لِلشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَنْ مُعَايَنَةٍ لِلْمَشْهُودِ بِهِ بِالذَّاتِ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالْأُذُنِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرَهُ بِالذَّاتِ وَأَخْبَرَهُ اثْنَانِ أَوْ جَمْعٌ رَأَوْهُ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَشْهَدَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ التَّحَمُّلِ (الْبَحْرُ وَالشِّبْلِيُّ بِزِيَادَةٍ) فَإِذَا شَهِدَ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ كَمَا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ وَأَعْلَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَمْ يُعَايِنْ الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ فَالْقَاضِي يَرُدُّ شَهَادَتَهُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا عَلِمْت مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ» وَلَا يُشْتَرَطُ حِينَ التَّحَمُّلِ أَنْ يَرَى الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ أَخْفَوْا عَنْ الْمُقِرِّ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ إذَا سَمِعُوا إقْرَارَهُ. وَهَكَذَا يُفْعَلُ بِالظُّلْمَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1684) . الْمُعَايَنَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مُعَايَنَةُ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِلْمِلْكِيَّةِ. النَّوْعُ الثَّانِي: مُعَايَنَةُ دَلِيلِ الْمِلْكِيَّةِ أَيْ وَضْعُ الْيَدِ. اُنْظُرْ شَرْحَ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ. وَتَعْبِيرُ مُعَايَنَةٍ يَشْمَلُ الْمَرْئِيَّاتِ كَالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي وَالْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَحُكْمِ الْقَاضِي الْفِعْلِيِّ وَالْقَتْلِ كَمَا أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَسْمُوعَاتِ كَالْبَيْعِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَكَحُكْمِ الْقَاضِي الْقَوْلِيِّ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ (الشِّبْلِيُّ) . فَإِذَا عَلِمَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ بِالْمُعَايَنَةِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلشَّاهِدِ: لَا تَشْهَدْ عَلَيَّ، أَوْ اشْهَدْ عَلَيَّ؛ أَوْ سَكَتَ أَمَّا فِي حَالَةِ سُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِعِلْمِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَدْ أَشْهَدَنِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ كَذِبًا وَشَهَادَةُ الْكَاذِبِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الشِّبْلِيُّ) . أَمَّا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لِشُهُودِ الْفَرْعِ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَشْهَدُوا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (5 1 17) . الشَّهَادَةُ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي - لِلشَّاهِدِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعِي قَدْ بَاعَ هَذَا الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا وَإِنْ شَاءَ يَشْهَدُ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ يَعْنِي أَنْ يَشْهَدَ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعِي قَدْ سَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابِلَ هَذِهِ الْعَيْنِ وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ سَلَّمَ تِلْكَ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) .

الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ الِاشْتِرَاءِ أَنَّ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَمْ يَثْبُتْ وَبَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ لِآخَرَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فَلِلشُّهُودِ الَّذِينَ اسْتَمَعُوا مُخَاصَمَتَهُ مَعَ زَيْدٍ وَسَمِعُوا إقْرَارَهُ بِالْعَيْبِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْعَيْبِ (الشِّبْلِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . الشَّهَادَةُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَمَا مَاثَلَهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْقَبُولِ أَيْضًا؛ مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْأَبَ زَوَّجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشُّهُودُ قَبُولَ الطَّرَفِ الْآخَرِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْهِبَةِ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً عَلَى الْقَبُولِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْقَبُولَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الدُّرَرُ) . الشَّهَادَةُ عَلَى الشِّرَاءِ - يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بَيَانُ الثَّمَنِ، إذْ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ. إنَّ لِلشَّاهِدِ الَّذِي يَحْضُرُ الْبَيْعَ أَنْ يَشْهَدَ لَدَى الْإِيجَابِ عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ مِلْكٌ بِالْأَصْلِ، أَمَّا الْمِلْكُ بِالشِّرَاءِ فَهُوَ حَادِثٌ وَعَلَيْهِ فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تَكُونُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَكُونُ كَاذِبًا (الْبَحْرُ) . إنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ غَيْرُ جَائِزَةٍ، يَعْنِي أَنْ لَا يُعَايِنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِالذَّاتِ بَلْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ فَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَتَمَ سَمَاعَهُ مِنْ النَّاسِ وَشَهِدَ كَأَنَّهُ عَايَنَ الْأَمْرَ بِالذَّاتِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ حَرَامًا وَشَاهِدُ زُورٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ وَالْحُدُودِ وَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . مَثَلًا؛ إذَا لَمْ يُعَايِنْ شَخْصٌ الْبَيْعَ بِالذَّاتِ بَلْ سَمِعَ الْبَيْعَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَشَهِدَ بِأَنَّهُ سَمِعَ الْبَيْعَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ بِأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ بَلْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ مَالَهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي وَهُوَ مَوْرُوثٌ لِي عَنْ وَالِدِي الْمُتَوَفَّى قَبْلَ عِشْرِينَ سَنَةً فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ عُمْرُ كُلِّ شَاهِدٍ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَهِدَا بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِوَالِدِ الْمُدَّعِي زَيْدٍ وَقَدْ تُوُفِّيَ وَبَقِيَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي خُصُوصِ الْحُدُودِ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ: هَذَا هُوَ الْحَدُّ نَعْرِفُهُ قَدِيمًا وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ مَثَلًا؛ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّنَا لَمْ نُشَاهِدْ رَأْيَ

الْعَيْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا إلَّا أَنَّنَا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. الْمَسَائِلُ الَّتِي تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ مَعَ التَّفْسِيرِ هِيَ: إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّ مَحَلًّا وُقِفَ أَوْ أَنَّ شَخْصًا تُوُفِّيَ عَلَى التَّسَامُعِ بِقَوْلِهِ: أَشْهَدُ بِهَذَا لِأَنِّي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ هَكَذَا؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَذْكُرَ التَّسَامُعَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَأَنْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اسْتِحْسَانًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَعَلَيْهِ فَالشَّهَادَةُ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ شَهَادَةً بِالتَّسَامُعِ (فَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) وَالشَّهَادَةُ بِالْمُعَايَنَةِ فِي الْخُصُوصَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَيْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي الْمَوْتِ جَائِزَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَعَلَيْهِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلشَّاهِدِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ بِطَرِيقَيْنِ: الطَّرِيقُ الْأُولَى: أَنْ يُعَايِنَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِهِ بِنَفْسِهِ وَبِذَاتِهِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرًا حِينَ وَقْفِ الْوَاقِفِ وَتَسْجِيلِهِ، فَيُشَاهِدُ الْوَقْفَ وَالتَّسْجِيلَ أَوْ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرًا حِينَ وَفَاةِ أَحَدٍ فَيُشَاهِدُ بِنَفْسِهِ الْوَفَاةَ وَالدَّفْنَ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي يُقْبَلُ. إذْ لَا يُدْفَنُ إلَّا الْمَيِّتُ وَلَا يُصَلَّى إلَّا عَلَيْهِ. الطَّرِيقُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقِفَ الشَّاهِدُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ بِالتَّسَامُعِ وَهَذَا التَّسَامُعُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ (التَّوَاتُرِ) فَإِذَا عَلِمَ الشَّاهِدُ أَصْلَ الْوَقْفِ أَوْ الْمَوْتِ بِخَبَرِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَصَوَّرُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَإِذَا شَهِدَ بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالشُّهْرَةِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ) . الْوَجْهُ الثَّانِي - الشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَتَحْصُلُ بِالِاسْتِمَاعِ مِنْ ثِقَةٍ فَإِذَا وَقَفَ الشَّاهِدُ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَوْ عَلَى الْمَوْتِ بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ فَإِذَا شَهِدَ مُبِينًا بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ أَيْ مِنْ ثِقَةٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ - ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالشِّبْلِيُّ) . كَوْنُ مَحَلٍّ وَقْفًا - وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَصْلُ الْوَقْفِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى - قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ قَدِيمًا أَوْ كَانَ حَادِثًا (الشِّبْلِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْتِي فِي الْمَسَائِلِ - الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ وَبِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ يُوجَدُ مَنْفَعَةُ حِفْظِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ مِنْ الِاسْتِهْلَاكِ؛ لِأَنَّ تَارِيخَ الْوَقْفِ يَكُونُ بَعْضًا مِائَةَ سَنَةٍ وَيَكُونُ الشُّهُودُ عَلَى الْوَقْفِ فِي سِنِّ - الْعِشْرِينَ وَيَعْلَمُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ يَقِينًا بِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَشْهَدُونَ عَنْ عِيَانٍ بَلْ يَشْهَدُونَ عَلَى التَّسَامُعِ - وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا فَرْقَ بَيْنَ سُكُوتِ الشُّهُودِ عَنْ ذِكْرِ التَّسَامُعِ أَوْ عَنْ إظْهَارِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ - وَتَكْمِلَتُهُ) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ جَائِزَةٌ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الشَّاهِدِ أَلَّا يَذْكُرَ أَمَامَ الْقَاضِي أَنَّ شَهَادَتَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السَّمَاعِ فَإِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَقَدْ أَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ

الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذِهِ الْفَتْوَى (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ مُسْتَقِلًّا أَيْ بِدُونِ أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً ضِمْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ فَجَائِزَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَمَّا الْقَوْلُ الصَّحِيحُ وَالْمُفْتَى بِهِ فَعَدَمُ جَوَازِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ التَّوْلِيَةِ مَثَلًا؛ لَوْ ضُبِطَ عَقَارُ وَقْفٍ مَشْرُوطٍ لِجِهَةٍ فَادَّعَى أَحَدُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ بِأَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ وَقَفَ غَلَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَشَهِدَ بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَلَا تُقْبَلُ. فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ وَلَمْ تَثْبُتْ شَرَائِطُهُ وَجِهَةُ صَرْفِهِ فَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِلْفُقَرَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي شَهَادَةَ التَّسَامُعِ عَلَى التَّوْلِيَةِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهَا فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا (الْبَهْجَةُ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَرَائِطِهِ فِي هَذَا الْبَابِ. هُوَ: أَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ يَبْقَى عُصُورًا فَيَشْتَهِرُ أَمَّا شَرَائِطُهُ فَحَيْثُ إنَّهَا تَتَبَدَّلُ فَلَا تَشْتَهِرُ (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) . وَأَصْلُ الْوَقْفِ هُوَ الْأَشْيَاءُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ. مَثَلًا، لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَلَى عَقَارٍ فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ مَالُ الْوَقْفِ وَادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا مِنْ أَسْبَابِهِ وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي فَإِذَا شَهِدَ شُهُودٌ عَلَى مُدَّعَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مُسْتَثْنًى - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ فِي حَقِّ أَصْلِ الْوَقْفِ وَفِي حَالَةِ عَدَمِ اسْتِنَادِ ذِي الْيَدِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بِأَحَدِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ. أَمَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ ذِي الْيَدِ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْإِرْثِ وَكَانَ مُنْكِرًا الْوَقْفِيَّةَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بَلْ يَجِبُ إثْبَاتُ تَسْجِيلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ وَارِثِ الْوَقْفِ الْغَيْرِ الْمُسَجَّلِ جَائِزٌ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّسْجِيلُ فَيُحْمَلُ بِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَفَ الْعَقَارَ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُسَجِّلْ فَقَدْ أَبْطَلَ الْوَاقِفُ أَوْ وَارِثُهُ الْوَقْفِيَّةَ بِرَأْيِ الْقَاضِي وَاسْتَقَرَّ فِي مِلْكِهِ وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى التَّسْجِيلِ غَيْرُ جَائِزَةٍ. مَثَلًا؛ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا مِنْ آخَرَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ فَادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَشَهِدَ شُهُودٌ عَلَى دَعْوَى الْمُتَوَلِّي بِالتَّسَامُعِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَعَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ تَسْجِيلَ الْوَقْفِ لِلْحُكْمِ بِوَقْفِيَّتِهِ. أَمَّا إذَا اعْتَرَفَ الْمُتَصَرِّفُ بِوَقْفِيَّةِ الْعَقَارِ وَأَنَّ الْوَقْفِيَّةَ قَدْ أُبْطِلَتْ بِسَبَبٍ عَارِضٍ وَأَنَّ الْعَقَارَ قَدْ أَصْبَحَ فِي تَصَرُّفِهِ فَيُصْبِحُ الْمُتَوَلِّي فِي حُكْمِ ذِي الْيَدِ وَالْمُتَصَرِّفُ خَارِجًا فَإِذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ الَّذِي. وَقَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالْوَقْفِيَّةِ فَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَإِلَّا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ وَيُحْكَمُ بِالْوَقْفِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ وَالْفَيْضِيَّةُ) . شَرَائِطُ الْوَقْفِ: هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ (الْبَحْرُ) . مَثَلًا؛ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَمِقْدَارُ كَذَا مِنْهَا

مَشْرُوطٌ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَهِيَ شَهَادَةٌ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَلَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ بَيَانًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ فِي الشَّهَادَة عَنْ الْفَتْحِ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَالتَّوْلِيَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْخَصْمُ أَصْلَ الْوَقْفِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ سَمَاعًا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَشَهِدُوا ضِمْنَ ذَلِكَ سَمَاعًا عَلَى شُرُوطِ الْوَقْفِ وَالتَّوْلِيَةِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْفَيْضِيَّةُ) . وَيُوجَدُ أَرْبَعُ صُوَرٍ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَلَّا يَذْكُرَ الشَّاهِدُ التَّسَامُعَ حِينَ شَهَادَتِهِ وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا سَيُبَيِّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ وَجَوَازُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْت ذَلِكَ، وَيُفْهَمُ جَوَازُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَمِنْ فِقْرَةِ (إذَا لَمْ يَقُلْ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ إلَخْ) . الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّ شَهَادَتَهُ سَمَاعًا وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ. إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ شَيْئَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ: 1 - بَيَانُ الْجِهَةِ كَأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ أَوْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الشَّاهِدُ جِهَةَ الْوَقْفِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . 2 - بَيَانُ الْوَاقِفِ إذَا كَانَ غَيْرَ قَدِيمٍ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ قَدِيمًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا بَيَانِ الْوَاقِفِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالشِّبْلِيُّ) . (أَوْ مَاتَ فُلَانٌ) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْتِ مَعَ التَّفْسِيرِ كَمَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ عَلَى الْمَوْتِ بِلَا تَفْسِيرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا مُبَايَنَةَ بَيْنَهُمَا حَيْثُ يُسْتَخْرَجُ مِنْ مَجْمُوعِ الْفِقْرَتَيْنِ النَّتِيجَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ مَعَ التَّفْسِيرِ وَبِلَا تَفْسِيرٍ. عَلِمَ الشَّاهِدِ الْمَوْتَ وَمَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ: إذَا سَمِعَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمٍ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَدْلٍ وَلَوْ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ أَنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى مَوْتِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. أَلَا يَرَى بِأَنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى مَوْتِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ مَعَ أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ مُعَاصِرِينَ لَهُمْ وَلَمْ نَكُنْ حَاضِرِينَ حِينَ وَفَاتِهِمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) وَفِي هَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ: أَنَّهُ إذَا عَايَنَ أَحَدٌ بِمُفْرَدِهِ مَوْتَ شَخْصٍ فَحَيْثُ إنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَمَامَ الْقَاضِي مُنْفَرِدًا عَلَى الْمَوْتِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ فَلِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُخْبِرَ رَجُلًا عَدْلًا بِمَوْتِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَحَيْثُ يَحِلُّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الْمُخْبِرِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَوْتِ فَلِلْمَخْبَرِ وَالْمُخْبِرِ لَهُ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى

مَوْتِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . سَبَبُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ فِي الْمَوْتِ بِمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ خَائِفًا فِي حَالِ الْمَوْتِ وَكَارِهًا لَهُ وَيَكُونُ مَنْ يَتَوَلَّى غَسْلَ الْمَيِّتِ قَلِيلًا كَوَاحِدٍ فَإِذَا لَمْ يُجَوَّزْ إثْبَاتُ الْمَوْتِ بِالتَّسَامُعِ يُوجِبُ ذَلِكَ الْحَرَجَ وَالْمَشَقَّةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1) (الشِّبْلِيُّ والولوالجية) . وَيُوجَدُ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْمَوْتِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ عَلَى الْمَوْتِ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ التَّسَامُعَ مُطْلَقًا أَيْ بِدُونِ أَنْ يُفَسِّرَ وَجْهَ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ مَشْهُورًا أَوْ غَيْرُ مَشْهُورٍ كَمَا سَيُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِقَبُولِهَا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّنِي سَمِعْت الْمَوْتَ مُتَوَاتِرًا، أَيْ أَنْ يُفَسِّرَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِقَوْلِ: إنَّنِي لَمْ أُعَايِنْ هَذَا الْخُصُوصَ وَلَكِنْ أَعْرِفُهُ هَكَذَا وَهُوَ مُشْتَهِرٌ بَيْنَنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَالَ الْخَصَّافُ بِقَبُولِهَا وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَهُ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ التَّسَامُعَ بِقَوْلِ: سَمِعْت أَوْ سَمِعْت مِنْ النَّاسِ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ والتتارخانية وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . (سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ) وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَا أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ عَدْلًا مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ حَتَّى يَحْصُلَ لِلشَّاهِدِ نَوْعُ عِلْمٍ أَوْ غَلَبَةُ ظَنٍّ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ تَعْبِيرِ (ثِقَةٍ) مَا لَمْ يَكُنْ عَدَدُ الْمُخَيَّرِينَ وَاصِلًا حَدَّ التَّوَاتُرِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا تُتَحَرَّى فِي الْمُخْبِرِ الْعَدَالَةُ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ (الْخَيْرِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . فَإِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ لِلشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ غَيْرَ ثِقَةٍ وَذَكَرَ الشَّاهِدَ أَثْنَاءَ شَهَادَتِهِ بِأَنَّ مُخْبِرَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا كَذَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ أَوْ قَالَ بِأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ثِقَةٍ فَيَكُونُ شَاهِدُ زُورٍ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ الْمُخْبِرُ خَصْمًا أَوْ مُدَّعِيًا كَأَنْ يَكُونَ وَارِثًا أَوْ مُوصًى لَهُ، فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ مَنْ أَخْبَرَ الشَّاهِدَ بِالْمَشْهُودِ بِهِ مُدَّعِيًا فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدَ فَإِذَا شَهِدَ كَانَ شَاهِدَ زُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ الِاعْتِمَادُ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ لَكَانَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي الْمُجَرَّدِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ يُعْنَى رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ لِلشَّاهِدِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ: إنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ مَشْرُوطٌ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَلِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَقْفِ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَمَامَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا كَانَ الْخَبَرُ حَصَلَ لَهُ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ وَيُقَالُ لِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِقَوْلِهِ: سَمِعْتُ شَهَادَةَ سَمَاعٍ أَوْ شَهَادَةً بِالتَّسَامُعِ. (وَالتَّسَامُعُ) لُغَةً عِبَارَةٌ عَنْ النَّقْلِ عَنْ الْغَيْرِ وَشَرْعًا الِاشْتِهَارُ. وَالِاشْتِهَارُ وَالشُّهْرَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ تَحْصُلُ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِإِخْبَارِ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَؤُلَاءِ الْمُخْبِرِينَ الْعَدَالَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَاتُرُ فَقَطْ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . النَّوْعُ الثَّانِي - الشُّهْرَةُ الْحُكْمِيَّةُ. وَتَحْصُلُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ عَادِلَتَيْنِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ (الْخَيْرِيَّةُ وَالْقُهُسْتَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ فِي فَصْلٍ فِي الشَّاهِدِ يَشْهَدُ بَعْدَ الْخَبَرِ بِزَوَالِ الْحَقِّ) . وَأَشْهَدَ بِهِ - وَيُشَارُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إلَى أَنَّهُ وَإِنْ جَازَتْ الشَّهَادَةُ سَمَاعًا عَلَى الْوَقْفِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِالْوَقْفِ (الْخَيْرِيَّةُ) فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّنِي سَمِعْت مِنْ ثِقَةٍ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ فَلَا تُقْبَلُ. فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقُفْيَةِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى السَّمَاعِ بِالْوَقْفِيَّةِ. وَكَانَ يَجِبُ أَنْ تَذْكُرَ فِقْرَةً وَلَكِنْ إذَا شَهِدَ (بِكَوْنِ مَحَلًّا وَقْفًا إلَخْ) بَعْدَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَثْنًى لَهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الدُّرَرِ فَتَكُونُ كَمَا يَأْتِي: (تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ فِي خُصُوصَاتِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ بِدُونِ تَفْسِيرِ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ مِنْ ثِقَةٍ أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ لَفْظِ السَّمَاعِ إلَّا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى كَوْنِ مَحَلٍّ وَقْفًا أَوْ عَلَى وَفَاةِ أَحَدٍ قَائِلًا: سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ قَالَ: أَشْهَدُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّنِي سَمِعْت ذَلِكَ مِنْ ثِقَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّمَاعِ فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ جَائِزَةٌ سَوَاءٌ فَسَّرَ الشَّاهِدُ وَجْهَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يُفَسِّرْ، أَمَّا فِي الْآخَرِينَ فَالشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ جَائِزَةٌ بِلَا تَفْسِيرٍ وَغَيْرُ جَائِزَةٍ مَعَ التَّفْسِيرِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ اسْتِحْسَانًا فِي خُصُوصِ الْوِلَايَةِ وَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَالْمَوْتِ وَالنَّسَبِ أَيْ فِي تِسْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ السَّمَاعَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ السَّمَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْوَقْفِ) . وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالرُّؤْيَةِ بِالنَّفْسِ، وَالْحَالُ أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تُوجَدُ مُشَاهَدَةٌ لِلشَّاهِدِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَايَةِ مَثَلًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُسْتَمِعًا لِقَوْلِ السُّلْطَانِ لِآخَرَ قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا عَلَى الْبِلَادِ الْفُلَانِيَّةِ.

وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مُعَايَنَةَ أَسْبَابِ هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَصٌّ بِخَاصَّةِ النَّاسِ وَلَا يَحْضُرُ خَوَاصُّ وَعَوَامُّ النَّاسِ فِي ذَلِكَ كَمَا يَحْضُرُونَ فِي عُقُودِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَأَمْثَالِهَا كَمَا أَنَّ النَّاسَ مُتَّفِقُونَ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ الْحَرَجَ وَالْمَشَقَّةَ وَأَدَّى إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1) (الزَّيْلَعِيّ) . اشْتِهَارُ هَذِهِ الْأُمُورِ - يَشْتَهِرُ النَّسَبُ مَثَلًا؛ بِالتَّهْنِئَةِ وَالْمُخَاطَبَاتِ وَالْمُنَادَاةِ وَبِنِسْبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى آخَرَ وَيَشْتَهِرُ الْمَوْتُ بِالتَّعْزِيَةِ وَقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ وَانْدِرَاسِ الْآثَارِ. وَيَشْتَهِرُ النِّكَاحُ بِشُهُودِ الْوَلَائِمِ وَالدُّخُولِ وَبِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ الْمَشْهُورَةِ كَالنَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَيَشْتَهِرُ الْقَضَاءُ وَالْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ الْمَنْشُورِ وَبِاخْتِلَافِ وَازْدِحَامِ الْخُصُومِ فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ قَدْ اُعْتُبِرَتْ الشُّهْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الْعِيَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُشَاهَدَةُ. مِنْ دُونِ أَنْ يُفَسِّرَ - أَمَّا إذَا فَسَّرَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ وَالْوَقْفِ. مَثَلًا لَوْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ قَائِلًا: قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْآنَ الشَّاهِدُ إذَا سَكَتَ عَنْ التَّفْسِيرِ يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فَإِذَا فَسَّرَ الشَّاهِدُ فَلَا يَتَوَجَّهُ قَلْبُ الْقَاضِي إلَى تَصْدِيقِهِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَرَاسِيلُ مِنْ الْأَخْبَارِ أَقْوَى مِنْ الْمَسَانِيدِ (الدُّرَرُ) وَالْمُرْسَلُ مِنْ الْأَخْبَارِ هُوَ أَنْ يَتْرُكَ الْوَاسِطَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّسُولِ وَيَقُولَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِلَافِ الْمُسْنَدِ. قَدْ فُصِّلَ الْوَقْفُ وَالْمَوْتُ فِي الْأُمُورِ الْجَائِزَةِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِيهَا وَنُفَصِّلُ الْآنَ مَسَائِلَ أُخْرَى: الْوِلَايَةُ - تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْوِلَايَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ وِلَايَةَ وَالٍ أَوْ وِلَايَةَ قَاضٍ أَلَا يُرَى بِأَنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى قَضَاءِ شُرَيْحُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (الْخَيْرِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتُعْلَمُ الْوِلَايَةُ بِقِرَاءَةِ مَنْشُورِ التَّعْيِينِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا كَمَا أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي تُعْلَمُ بِجُلُوسِ أَحَدٍ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَبِدُخُولِ وَخُرُوجِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَجْلِسِهِ وَبِفَصْلِهِ فِي الْخُصُومَاتِ (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَيَلْحَقُ عِلْمُ الشَّاهِدِ بِالْوِلَايَةِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعَايِنَ الشَّاهِدُ التَّقْلِيدَ بِالذَّاتِ فَإِذَا شَاهَدَ أَحَدٌ السُّلْطَانَ يَقُولُ لِأَحَدِ خَوَاصِّهِ: قَدْ نَصَّبْتُك وَالِيًا لِلْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ. فَلِلشَّاهِدِ الَّذِي عَايَنَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا هُوَ وَالٍ عَلَى الْوِلَايَةِ الْفُلَانِيَّةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَرَى الشَّاهِدُ أَصْحَابَ الْمَصَالِحِ يَخْتَلِفُونَ إلَى مَجْلِسِ الشَّخْصِ الَّذِي يُدْعَى وَالِيًا فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ الْوَالِي. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ بِالتَّسَامُعِ بَعْدَ أَنْ يَحْصُلَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ هَذَا. النَّسَبُ - هُوَ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الْوَصْلَةِ بِالْقَرَابَةِ سَوَاءٌ جَازَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا كَابْنِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْعَمِّ أَوْ لَمْ

يَجُزْ كَالْأَبِ وَالْبِنْتِ (الْبَحْرُ) . وَلُحُوقُ عِلْمِ الشَّاهِدِ بِالنَّسَبِ يَكُونُ بِوَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الِاشْتِهَارُ الْحَقِيقِيُّ. يَعْنِي إذَا سَمِعَ الشَّاهِدُ خَبَرَ جَمَاعَةٍ لَا يَتَصَوَّرُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فِي النَّسَبِ فَيَقِفُ عَلَى ذَلِكَ بِتَيَقُّنِهِ بِالِاشْتِهَارِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي تِلْكَ الْجَمَاعَةِ الْعَدَالَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الِاشْتِهَارُ الْحُكْمِيُّ. وَيَحْصُلُ هَذَا بِالْإِخْبَارِ الْوَاقِعِ لِلشَّاهِدِ بِنِصَابِ الشَّهَادَةِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ بِالِاشْتِهَارِ الْحُكْمِيِّ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزٌ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي والولوالجية فِي الشَّهَادَات) . لَوْ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى النَّسَبِ إلَّا بِالْمُعَايَنَةِ لَأَصْبَحَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ غَيْرَ جَائِزَةٍ رَأْسًا وَأَصْلًا؛ لِأَنَّ سَبَبَ النَّسَبِ الْعُلُوقُ وَلَا يَطَّلِعُ الْإِنْسَانُ عَلَى الْوَطْءِ فَضْلًا عَنْ لُحُوقِ عِلْمِهِ بِالْعُلُوقِ (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) . وَشُرِطَ لِلْقَبُولِ فِي نَسَبٍ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ الرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسْعَهُ أَنْ يَشْهَدَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ غَرِيبًا وَلَا يَسْعَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَانِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (الْبَحْرُ) . الْوَلَاءُ - وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الْوَلَاءِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَغَيْرُ جَائِزَةٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الطَّرَفَيْنِ (الْبَهْجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) . الْمَهْرُ - تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ بِلَا تَفْسِيرٍ (الْبَهْجَةُ) . النِّكَاحُ - تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ بِلَا تَفْسِيرٍ (الْفَيْضِيَّةُ) وَلَا تُقْبَلُ بِالتَّفْسِيرِ مَثَلًا، لَوْ خَرَجَ جَمَاعَةٌ مِنْ دَارِ أَحَدٍ وَأَخْبَرُوا أُنَاسًا فِي الْخَارِجِ بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِمَهْرٍ هُوَ كَذَا شَهِدَ النَّاسُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى النِّكَاحِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَفْسِيرٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي أَوَائِلِ الشَّهَادَاتِ) . كَمَا أَنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ هِيَ زَوْجَةٌ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مَعَ كَوْنِنَا لَمْ نَحْضُرْ عَقْدَ النِّكَاحِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالشِّبْلِيُّ) وَالشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ بِالْمُعَايَنَةِ جَائِزَةٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الشُّهُودُ مَجْلِسَ النِّكَاحِ وَاسْتَمَعُوا بِأَنْفُسِهِمْ حُصُولَ الْعَقْدِ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ

(المادة 1689) إذا لم يقل الشاهد أشهد بل قال أعرف الخصوص الفلاني

الدُّخُولُ - وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْتَهَرُ وَيَتَعَلَّقُ عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامٌ مَشْهُورَةٌ كَالنَّسَبِ وَالْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الْحَضَانَةِ مَثَلًا، لَوْ شَهِدَ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ بِدُونِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت بِقَوْلِهِ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ كَانَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْبَلَدِ حَاكِمًا أَوْ مَاتَ فُلَانٌ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ أَوْ فُلَانٌ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ وَأَنَا أَعْرِفُ ذَلِكَ وَأَشْهَدُ بِهِ، تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ عَايَنَ هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِنُّهُ مُسَاعِدًا لِمُعَايَنَةِ مَا شَهِدَ بِهِ. ابْنُ فُلَانٌ - وَهَذَا مِثَالٌ لِلشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ وَتُقْبَلُ دَعْوَى النَّسَبِ بِشَكْلٍ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ مِنْ الْأَبِ وَالِابْنِ فَقَطْ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى النَّسَبِ فِي شَكْلِ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ بَلْ تُقْبَلُ فِي ضِمْنِ دَعْوَى مَالٍ كَالنَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَقْفِ. مَثَلًا، إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ عَمٌّ لِي لِأَبَوَيْنِ وَاسْمَ أَبِي أَحْمَدُ وَاسْمَ جَدِّي حُسَيْنٌ وَاسْمَ أَبِ هَذَا الرَّجُلِ حُسَيْنٌ وَهُوَ عَمِّي لِأَبَوَيْنِ وَأَنَا مُحْتَاجٌ لِلنَّفَقَةِ وَأَطْلُبُ فَرْضَ نَفَقَةٍ عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا لَهُ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ ضِمْنَ هَذِهِ الدَّعْوَى (الْبَحْرُ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ لَهُ ضَمِنَ دَعْوَى إرْثٍ أَوْ نَفَقَةٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ تُقْبَلُ وَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ بِالنَّسَبِ ضِمْنَ الْحُكْمِ بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْإِرْثِ وَيَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْأَبِ الْغَائِبِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَبُ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ وَلَدُهُ فَلَا يُقْبَلُ وَلَا يُجْبَرُ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الشُّهُودَ ثَانِيَةً فِي مُوَاجِهَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى الْغَائِبِ (الْبَحْرُ) . وَأَيْضًا إذَا لَمْ يَقُلْ: سَمِعْت مِنْ النَّاسِ وَشَهِدَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ بِقَوْلِهِ: نَحْنُ لَمْ نُعَايِنْ هَذَا الْخُصُوصَ، وَلَكِنَّا نَعْرِفُهُ هَكَذَا وَهُوَ مُشْتَهِرٌ بَيْنَنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ مِنْ النَّاسِ أَوْ سَمِعْته مِنْ ثِقَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ صُورَةٍ، يَعْنِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْخُصُوصَاتِ الْجَائِزِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ فِيهَا كَأَصْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ وَالْوِلَايَةِ وَالنَّسَبِ وَالنِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ وَيُقَالُ لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ: الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنْ يُذْكَرَ السَّمَاعُ مِنْ ثِقَةٍ أَوْ قَوْلُ الشَّاهِدِ: إنَّهُ مُشْتَهِرٌ بَيْنَنَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي خَبَرِ الْمُخَيَّرِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ أَيْ كَوْنُهُمْ ثِقَات اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1734) أَمَّا فِي غَيْرِ التَّوَاتُرِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَادِلًا كَمَا ذُكِرَ آنِفًا (أَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى سَبَبِ الْمِلْكِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ فِيهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (نُقُولُ الْبَهْجَةُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَّلِ الشَّهَادَةِ وَنُقُولُ عَلِيٍّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 1689) إذَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ بَلْ قَالَ أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ] الْمَادَّةُ (1689) - (إذَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ، بَلْ قَالَ: أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ هَكَذَا، أَوْ أَخْبَرَ بِذَا لَا يَكُونُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا، لَوْ سَأَلَهُ

الْقَاضِي: أَتَشْهَدُ هَكَذَا؟ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ هَكَذَا أَشْهَدُ، يَكُونُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي الْإِفَادَاتِ الْوَاقِعَةِ لِمُجَرَّدِ اسْتِكْشَافِ الْحَالِ كَاسْتِشْهَادِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْأَخْبَارِ) . يَجِبُ فِي الشَّهَادَةِ ذِكْرُ لَفْظِ " أَشْهَدُ " سَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ قَدْ وَرَدَتْ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَمَّا كَانَ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ ثَابِتًا عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ (لِأَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ) فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (15) وَشَرْحَ الْمَادَّةِ (1682) (الزَّيْلَعِيّ) . فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ عَلَى الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ بَلْ قَالَ: أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ فَقَطْ، أَوْ أُخْبِرُ بِذَا أَوْ أَنَّنِي أَجْزِمُ وَأَتَيَقَّنُ أَنَّ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ هُوَ كَذَا؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ بَلْ أَخْبَرَ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَلْفَاظٍ تَدُلُّ عَلَى عِلْمِ الْيَقِينِ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ فَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ وَلَا يَكُونُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا شَهِدْنَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلرِّجَالِ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (1685) أَنْ يَذْكُرْنَ فِي شَهَادَتِهِنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ إفَادَتَهُنَّ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ فَيُتَحَرَّى فِيهَا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ كَالْحُرِّيَّةِ وَمَجْلِسِ الْحُكْمِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1683) . وَلَكِنْ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا، فَيَحْسُنُ بِالْقَاضِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ قَائِلًا: هَلْ تَشْهَدُ هَكَذَا؟ فَإِذَا سَأَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَجَابَهُ الشَّاهِدُ: نَعَمْ أَشْهَدُ هَكَذَا فَيَكُونُ الشَّاهِدُ قَدْ أَدَّى الشَّهَادَةَ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَ يَضْطَرِبُ بَعْضًا مِنْ مَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَبَدَلًا مِنْ أَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ بِكَذَا، يَقُولُ: أَعْرِفُ كَذَا، فَتَلْقِينُ الشَّاهِدِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فِيهِ إحْيَاءٌ لِلْحَقِّ. أَمَّا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَلْقِينُ الشَّاهِدِ بِاتِّفَاقٍ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ يَجِبُ رَدُّهَا حَسَبَ الْمَادَّةِ (1708) فَإِذَا قَالَ الْقَاضِي لِلشُّهُودِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتَفَرَّسَ الشُّهُودُ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي هَذَا، وَقَالُوا: نَعَمْ إنَّ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي كَانَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَنَشْهَدُ أَنَّ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ فِي الْقَضَاءِ) . وَعِبَارَةُ هَكَذَا، مِنْ جُمْلَةِ " أَعْرِفُ الْخُصُوصَ الْفُلَانِيَّ هَكَذَا " كِنَايَةً عَنْ الْمَشْهُودِ بِهِ فَعَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ عَلَى الشَّهَادَةِ الْأُولَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ كَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبِي؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبِي فَعَلَى الْقَاضِي عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا حَسَّ خِيَانَةَ الشَّاهِدِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ أَنْ يُكَلِّفَهُ التَّفْسِيرَ وَإِذَا لَمْ يُحِسَّ ذَلِكَ فَلَا يُكَلِّفُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَيُحْكَمُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيِ الْهِنْدِيِّ.

(المادة 1690) إذا كان المشهود له والمشهود عليه والمشهود به حاضرين

وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي بَعْضِ الْإِفَادَاتِ الْوَاقِعَةِ لِاسْتِكْشَافِ الْحَالِ كَأَخْبَارِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِخْبَارِ الْمُجَرَّدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَبَعْضُ ذَلِكَ نُعَدِّدُهُ كَمَا يَأْتِي: أَوَّلًا: إذَا أَرْفَقَ الْقَاضِي أَمِينَهُ لِلشُّهُودِ لِإِرَاءَةِ الْمَالِ الْمَنْقُولِ الَّذِي لَمْ يُجْلَبْ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْأَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَأَخْبَرَ الْأَمِينُ الْقَاضِيَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَتُقْبَلُ. ثَانِيًا: لَا يَتَحَرَّى لَفْظَ الشَّهَادَةِ بَعْضًا مِنْ الَّذِينَ يُخْبِرُونَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ. ثَالِثًا: إذَا أَجَّرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَعَلَى قَوْلٍ: وَصِيِّ الْيَتِيمِ مَالُ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ لِآخَرَ فَظَهَرَ أَحَدٌ وَادَّعَى أَنَّ فِي الْإِجَارَةِ غَبَنًا فَاحِشًا فَيَسْأَلُ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَالْأَمَانَةِ. رَابِعًا: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ يَسْأَلُ مِنْ أَرْبَابِ الْوُقُوفِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (414) . إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَعْضِ إخْبَارِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَحْلِيفُ امْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ وَأَرْسَلَ الْقَاضِي أَمِينَهُ لِتَحْلِيفِهَا فَحَلَّفَهَا الْأَمِينُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ الْمُجَرَّدِ عَلَى وُقُوعِ التَّحْلِيفِ بَلْ يَجِبُ شُهُودُ شَاهِدَيْنِ عَلَى تَحْلِيفِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ. أَمَّا إذَا شَهِدَ مَعَ الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَيُقْبَلُ أَيْضًا (الْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1690) إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ حَاضِرِينَ] الْمَادَّةُ (1690) - (إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ حَاضِرِينَ فَيُشِيرُ الشَّاهِدُ إلَيْهِمْ أَثْنَاءَ شَهَادَتِهِ وَتَكْفِي إشَارَتُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ آبَاءِ وَأَجْدَادِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الشَّهَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ فَيَلْزَمُ عَلَى الشَّاهِدِ ذِكْرُ اسْمِ أَبِيهِمَا وَجَدِّهِمَا وَلَكِنْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهَا مَشْهُورًا وَمَعْرُوفًا فَيَكْفِي أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ اسْمَهُ وَشُهْرَتَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ تَعْرِيفُهُ بِوَجْهٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ) . إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُودِ بِهِ الْعَيْنُ حَاضِرِينَ فَيُشِيرُ الشَّاهِدُ إلَيْهِمْ بِيَدِهِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1621) ، عِنْدَمَا يَشْهَدُ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ هِيَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْحَالِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إشَارَةِ الشَّاهِدِ لِهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ بِالرَّأْسِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّهُ أُشِيرَ بِالْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهَا (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا يَشْهَدُ الشَّاهِدُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَضَعَ الْيَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى امْرَأَةٍ وَذَكَرُوا أَثْنَاءَ شَهَادَتِهِمْ اسْمَهَا وَنَسَبَهَا فَسَأَلَهُمْ الْقَاضِي هَلْ تَعْرِفُونَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الْحَاضِرَةَ حِينَ الشَّهَادَةِ؟ فَأَجَابُوا بِأَنَّنَا لَا نَعْرِفُهَا فَلَا

تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. أَمَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ: إنَّنَا تَحَمَّلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَلَا نَعْرِفُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هَلْ هِيَ تِلْكَ الْمَرْأَةُ - وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ بِأَنَّ الْحَاضِرَةَ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ صَحَّ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَتَكْفِي إشَارَةُ الشَّاهِدِ إلَيْهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (65) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا فَهُوَ مَعْدُومٌ وَلَا يُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَمَعْنَى يَكْفِي أَيْ لَا يَلْزَمُ بَيَانُ اسْمِ آبَاءِ وَأَجْدَادِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْلَمُونَ اسْمَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالنَّتِيجَةُ) . مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى بِهِ بَعْضُ مَسَائِلَ كَالرَّهْنِ وَالْغَصْبِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (1619 و 1621) (الْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى وَكِيلِ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ الْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَى الْمُتَوَفَّى أَوْ عَلَى الْأَصْلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يَلْزَمُ فِيهَا عَلَى الشَّاهِدِ ذِكْرُ أَبِ - وَجَدِّ الْمُوَكِّلِ وَالْمُتَوَفَّى وَالْأَصْلِ وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَذِكْرُ اسْمِ أَبِيهِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْغُرَرِ إذَا قَبِلَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ وَحَكَمَ الْقَاضِي نَفَذَ حُكْمُهُ أَمَّا حَسَبَ تَصْرِيحِ الْمَجَلَّةِ هُنَا فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ ذِكْرَ الصَّنْعَةِ لَا يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا بِتِلْكَ الصَّنْعَةِ فَيَكْفِي ذِكْرُ صَنْعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ التَّعْرِيفُ وَلَيْسَ تَكْثِيرَ - الْكَلَامِ مَثَلًا، إذَا ذَكَرَ الشَّاهِدُ اسْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَاسْمَ أَبِيهِ مَعَ ذِكْرِ قَبِيلَتِهِ وَحِرْفَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ بِاسْمِهِ وَحِرْفَتِهِ شَخْصٌ آخَرُ فَيَكْفِي ذَلِكَ. أَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا أَشْخَاصٌ آخَرُونَ بِاسْمِهِ وَحِرْفَتِهِ فَلَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ) وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّ لِبَكْرٍ فِي ذِمَّتِك أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَإِنَّنِي وَكِيلٌ عَنْ بَكْرٍ فِي مُخَاصَمَتِك وَفِي قَبْضِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْك، وَأَنْكَرَ عَمْرٌو الْوَكَالَةَ فَالشُّهُودُ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَذْكُرُوا اسْمَ أَبِ وَجَدِّ بَكْرٍ. 2 - إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَنْهُ لِلْمُخَاصَمَةِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْوَكِيلِ بِوَكَالَتِهِ عَنْ الْغَائِبِ مَبْلَغًا مُعَيَّنًا وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعِي لِلْإِثْبَاتِ أَنْ يَشْهَدُوا قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِ هَذَا الْوَكِيلِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ بَكْرٍ كَذَا دِرْهَمًا وَلَا يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِهِ وَاسْمُ أَبِيهِ وَشُهْرَتُهُ فَقَطْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . 3 - يَجِبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُتَوَفَّى ذِكْرُ اسْمِ أَبِ - وَجَدِّ الْمُتَوَفَّى، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى بِدَيْنٍ مِنْ تَرِكَةٍ مَا وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى دَيْنَهُ لِلْمُتَوَفَّى وَأَقَامَ شُهُودًا عَلَى ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا اسْمَ أَبِ وَجَدِّ الْمُتَوَفَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

(المادة 1691) يلزم في الشهادة بالعقار بيان حدوده

وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ الْغَائِبُ أَوْ الْمُتَوَفَّى أَوْ الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ شَخْصًا مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا فَيَكْفِي أَنْ يَذْكُرَ الشَّاهِدُ اسْمَهُ وَشُهْرَتَهُ بَلْ ذِكْرُ اسْمِهِ فَقَطْ أَوْ ذِكْرُ لَقَبِهِ فَقَطْ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَمَشْهُورًا بِهِ كَأَبِي حَنِيفَةَ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِصَنْعَةٍ يَكْفِي ذِكْرُ صَنْعَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْحَمَوِيُّ) . مَثَلًا؛ إذَا قُتِلَتْ امْرَأَةٌ فِي مَحَلٍّ فِي وَقْتٍ مَا وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقَعْ الْقَتْلُ عَلَى غَيْرِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى قَتْلِهَا وَقَالُوا بِدُونِ أَنْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْمَرْأَةِ وَأَبِيهَا: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا قَدْ قَتَلَ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُتِلَتْ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ تُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِأَنَّ الْمَقْصِدَ الْأَصْلِيَّ مِنْ ذِكْرِ اسْمِ أَبِ وَجَدِّ الْغَائِبِ هُوَ تَعْرِيفُهُ بِوَجْهٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَيُزِيلُ الِالْتِبَاسَ وَالْمُشَابَهَةَ وَلَيْسَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا بِتَكْثِيرِ اللَّفْظِ وَالْكَلَامِ إذْ إنَّهُ إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ يَكُونُ مَا عَدَاهُ زَائِدًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1691) يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْعَقَارِ بَيَانُ حُدُودِهِ] الْمَادَّةُ (1691) - (يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْعَقَارِ بَيَانُ حُدُودِهِ وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ حُدُودَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَبَيَّنَ بِأَنَّهُ سَيُرِيهَا وَيَعْنِيهَا فِي مَحَلِّهِ يَذْهَبُ إلَى مَحَلِّهِ وَيُكَلَّفُ بِإِرَاءَتِهَا) . يَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْعَقَارِ بَيَانُ حُدُودِهِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْبَيَانِ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (1623) . وَبَيَانُ حَدَّيْنِ فَقَطْ لَا يَكْفِي أَمَّا بَيَانُ ثَلَاثَةِ حُدُودٍ فَيَكْفِي وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً بِلَا بَيَانِ الْحَدِّ الرَّابِعِ وَيُعَيَّنُ الْحَدُّ الرَّابِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (1623) . أَمَّا إذَا بَيَّنَ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطَ الشَّاهِدُ فِيهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الشُّهُودُ حُدُودَ الْعَقَارِ وَلَمْ يَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى إرَاءَتِهَا فِي مَحَلِّهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا بَيَّنَ حُدُودَ الْعَقَارِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ صَارَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَعْلُومًا وَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِبَيَانِ الْحُدُودِ فَقِيلَ لَهُمْ: هَلْ تَعْرِفُونَ الْعَقَارَ إذَا ذَهَبْتُمْ إلَى مَحَلِّهِ؟ فَأَجَابُوا بِأَنَّنَا لَا نَعْلَمُهُ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ قَدْ أَصْبَحَ مَعْلُومًا بِبَيَانِ الْحُدُودِ فَلَا حَاجَةَ لِمَعْلُومِيَّةٍ أُخْرَى (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذَا الْحَالِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِي لَيْسَ الْعَقَارَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ فَالْمُدَّعِي مَجْبُورٌ أَنْ يُثْبِتَ بِشَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ

هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ) وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَرْضٍ مَعَ بَيَانِ حُدُودِهَا وَذَكَرُوا أَنَّهَا تَسْتَوْعِبُ بِذَارَ خَمْسِ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً وَفُهِمَ أَنَّ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ تَسْتَوْعِبُ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ فَقَطْ فَعَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى وَلَا الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِقْدَارِ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَذِكْرِ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِينَ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي حُضُورِ الْأَرْضِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا فَإِذَا أَخْطَأَ الشُّهُودُ فِي مِقْدَارِ الْبِذَارِ الَّذِي تَسْتَوْعِبُهُ الْأَرْضُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَمَّا إذَا أَخْطَئُوا فِي مِقْدَارِ الْبَذْرِ الَّذِي تَسْتَوْعِبُهُ الْأَرْضُ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ لِهَذَا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَلْفَ ذِرَاعٍ فَإِذَا الدَّارُ خَمْسُمِائَةِ ذَارِعٍ أَوْ شَهِدَ أَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْقَرَاحِ عَشْرَةَ أَجْرِبَةٍ فَإِذَا الْقَرَاحُ خَمْسَةُ أَجْرِبَةٍ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ. مُسْتَثْنًى لَا يَلْزَمُ بَيَانُ حُدُودِ الْعَقَارِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ: أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْعَقَارُ مَعْرُوفًا فَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ حُدُودِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الدَّعْوَى وَنُقُولُ عَلِيٍّ أَفَنْدِي) . ثَانِيًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُنَازَعَ فِيهِ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَتَصَادَقَ الْمُتَخَاصِمَانِ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْمَذْكُورَ هُوَ الْعَقَارُ فِيهِ فَتُقْبَلُ هَذِهِ فِي أَصْلِ الْعَقَارِ وَلَوْ لَمْ تُبَيَّنْ حُدُودُهُ إذْ لَا جَهَالَةَ فِي أَصْلِ الْعَقَارِ تُفْضِي لِلنِّزَاعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) . ثَالِثًا: فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ ذَكَرَ حُدُودَ الْعَقَارِ الْمَقَرِّ بِهِ حَيْثُ الْإِقْرَارُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَلَكِيَّةَ الْعَقَارِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكُهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِثْبَاتِ دَفْعِهِ هَذَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحُدُودَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَهْجَةُ والولوالجية فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَمِنْ الشَّهَادَاتِ) وَلِلشُّهُودِ فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يَتَفَهَّمُوا حُدُودَ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ الثِّقَاتِ وَأَنْ يَشْهَدُوا بَيَانَ الْحُدُودِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْحُدُودِ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَقَرِّ بِهِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ تَكُونُ كَاذِبَةً حِينَئِذٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . رَابِعًا: إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ حُدُودَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَبَيَّنَ بِأَنَّهُ سَيُرِيهَا وَيُعَيِّنُهَا فِي مَحَلِّهِ يَذْهَبُ إلَى مَحَلِّهِ وَيُكَلَّفُ بِتَعْيِينِهَا وَإِرَاءَتِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا أُشِيرَ مِنْ الشُّهُودِ إلَى الْحُدُودِ وَكَانُوا لَا يَعْلَمُونَ أَسْمَاءَ الْجِيرَانِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ (النَّتِيجَةُ) يَذْهَبُ إلَى مَحَلِّهِ: وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَذْهَبَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِنَصَبِ نَائِبٍ إلَى الْمَحَلِّ

(المادة 1692) ادعى المدعي بالاستناد إلى الحدود التي هي في السند وشهدت الشهود بذلك

الْمَوْجُودِ فِيهِ الْعَقَارُ وَسَمِعَ الشَّهَادَاتِ هُنَاكَ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1690 و 6 180) . الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يَسْتَمِعَ الْقَاضِي الشُّهُودَ وَأَنْ يَسْتَشْهِدَهُمْ فِي حُضُورِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُرْسِلُ الشُّهُودَ الْمَذْكُورِينَ إلَى مَحَلِّ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مَعَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ وَالشُّهُودُ بِحُضُورِ الْعَدْلَيْنِ وَالطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ يُشِيرُونَ إلَى الْحُدُودِ قَائِلِينَ: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ هُوَ الْعَقَارُ الَّذِي شَهِدْنَا بِهِ لِلْمُدَّعِي، وَحُدُودُهُ هِيَ هَذِهِ. وَالْعَدْلَانِ يَتَفَهَّمَانِ أَسْمَاءَ جِيرَانِ الْعَقَارِ وَيَشْهَدَانِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى أَسْمَاءِ أَصْحَابِ الْحُدُودِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالنَّتِيجَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْقَاصِرَةَ الَّتِي يَصِيرُ إتْمَامُهَا مِنْ شُهُودٍ آخَرِينَ مَقْبُولَةٌ. وَهَذَا هُوَ ضَابِطٌ وَمِنْ مَسَائِلِهِ الْمُتَفَرِّعَةِ: 1 - الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ الْوَارِدَةُ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ (1690) . 2 - مَسْأَلَةُ الْوَجْهِ الثَّانِي الَّتِي بُيِّنَتْ آنِفًا. 3 - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَلَمْ يُبَيِّنُوا بِأَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ) . 4 - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَذَكَرُوا حُدُودَهُ فِي شَهَادَتِهِمْ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَوْضِعَ ذَلِكَ الْعَقَارِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ الْمَشْهُودَ بِهِ هُوَ الْعَقَارُ الْكَائِنُ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . أَمَّا الشَّهَادَةُ الْآتِيَةُ فَلَا تُقْبَلُ وَهِيَ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ هَذَا الْحِصَانَ الَّذِي فِي يَدِك الْمُسَمَّى برهوان قَدْ بِعْته لِي وَقَدْ أَدَّيْتُك ثَمَنَهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ وَقَبْضَ الثَّمَنِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ وَقَالَا فِي شَهَادَتِهِمْ: إنَّنَا لَا نَعْرِفُ ذَلِكَ الْحِصَانَ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ: إنَّ اسْمَ حِصَانِي رَهْوَانُ ثُمَّ أَتَى شَاهِدَانِ وَشَهِدَا أَنَّ اسْمَ الْحِصَانِ الْمَذْكُورِ رَهْوَانُ أَوْ شَهِدَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ اسْمَ حِصَانِهِ رَهْوَانُ فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1692) ادَّعَى الْمُدَّعِي بِالِاسْتِنَادِ إلَى الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ فِي السَّنَدِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ] الْمَادَّةُ (1692) - (إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِالِاسْتِنَادِ إلَى الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ فِي السَّنَدِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُحَرَّرَةَ حُدُودُهُ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ مِلْكُهُ تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ كَمَا ذَكَرَ فِي مَادَّةِ 1623) . وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الشُّهُودِ الْحُدُودَ الْمَذْكُورَةَ فِي السَّنَدِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ يَكُونُ قَدْ عَلِمَ حُكْمًا بِالْإِشَارَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ) . وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَارٍ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمُحَرَّرَ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ حَقٌّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمُحَرَّرَ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُشِيرَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ إلَى الْمَعْلُومِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) .

(المادة 1693) ادعى أحد بأن لمورثه في ذمة آخر كذا درهما دينا وشهدت الشهود بذلك

كَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فَقَرَأَهَا بَعْضُهُمْ وَقَالَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا سَمَّى وَوَصَفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ قَالَ: هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي وُصِفَ وَقُرِئَ فِي هَذَا الْكِتَابِ هُوَ فِي يَدِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعَى يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِطُولِ الشَّهَادَةِ وَلِعَجْزِ الشَّاهِدِ عَنْ الْبَيَانِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . فِي هَذَا السَّنَدِ: أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ حِينَ الشَّهَادَةِ عَلَى حُدُودٍ بَعْدَ تِلَاوَتِهَا مِنْ كِتَابٍ فَيَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الشُّهُودُ يَعْلَمُونَ حُدُودَ ذَلِكَ الْعَقَارِ وَكَانَ نَظَرُهُمْ إلَى الْكِتَابِ الْمُحَرَّرَةِ فِيهِ الْحُدُودُ لِلِاسْتِعَانَةِ فَقَطْ تُقْبَلُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا يَجْهَلُونَ الْحُدُودَ وَنَظَرُهُمْ إلَى الْكِتَابِ لِتُعْلَمَ الْحُدُودُ مِنْهَا لَا تُقْبَلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1693) ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لِمُورِثِهِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ] الْمَادَّةُ (1693) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لِمُورِثِهِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ دَيْنًا يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِمْ: صَارَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ، يَعْنِي لَوْ ادَّعَى بِأَنَّ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُورِثِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا) . لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْثِ الْجَرُّ الصَّرِيحُ وَالْجَرُّ الْحُكْمِيُّ وَالضَّرُورِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَمْلِكُ مَالَ مُورِثِهِ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ حَتَّى أَنَّهُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُورِثُهُ لِلْبَائِعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُورِثِ لِلْوَارِثِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (337) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَصِيرُ مَغْرُورًا فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُورِثُ أَيْ فِيمَا كَانَ الْمُورِثُ مَغْرُورًا فِيهِ فَيَكُونُ مِلْكُ الْوَارِثِ عَيْنَ مِلْكِ الْمُورِثِ مُسْتَمِرًّا إلَى هَذَا الْوَقْتِ لَا مِلْكًا آخَرَ غَيْرَهُ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لِمُورِثِهِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَيْنًا يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالْجَرِّ، يَعْنِي بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ بِوَفَاةِ الدَّائِنِ قَدْ أَصْبَحَ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِأَنَّ لِلْمُورِثِ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الْآخَرِ دَيْنًا فَمِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يُصْبِحَ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ (أَبُو السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِي صُورَةِ الِادِّعَاءِ بِعَيْنٍ؛ يَعْنِي إذَا ادَّعَى أَنَّ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُورِثِ مَثَلًا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَيَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ بِوَفَاتِهِ قَدْ أَصْبَحَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَوْرُوثًا لِوَرَثَتِهِ. وَيُقَالُ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ أَصْبَحَ مَوْرُوثًا لِلْوَرَثَةِ: الْجَرُّ الصَّرِيحُ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ جَرٌّ حُكْمِيٌّ وَضَرُورِيٌّ وَهِيَ الشَّهَادَةُ بِأَنَّ الْمَالَ كَانَ مِلْكًا لِلْمُورِثِ حِينَ وَفَاتِهِ أَوْ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ كَانَ فِي يَدِ نَائِبِ الْمُورِثِ

كَالْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ. أَوْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُسْتَوْدِعِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْحَاصِلُ أَنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الشَّاهِدِ الْجَرَّ الْحَقِيقِيَّ أَوْ الْجَرَّ الْحُكْمِيَّ حِينَ الشَّهَادَةِ وَهِيَ بِدُونِ تَصْرِيحِ ذَلِكَ صَحِيحَةٌ وَمُعْتَبَرَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ. لَا حَاجَةَ إلَى جَرِّ الدَّعْوَى؛ يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ قَائِلًا: إنَّ لِمُورِثِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الشَّخْصِ كَذَا دَرَاهِمَ دَيْنًا أَوْ إنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ هَذَا الشَّخْصِ هُوَ مِلْكٌ لِمُورِثِي فَالدَّعْوَى صَحِيحَةٌ وَلَا حَاجَةَ لِجَرِّ الدَّعْوَى فَعَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقَالَ فِي الدَّعْوَى: إنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكٌ لِمُورِثِي وَقَدْ أَصْبَحَ مَوْرُوثًا لِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَجَلَّةِ لِلْمَسْأَلَةِ. أَمَّا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَرِّ الصَّرِيحِ أَوْ الْجَرِّ الْحُكْمِيِّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْثِ وَفِي الِادِّعَاءِ بِالْإِرْثِ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ بِدُونِهِمَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْثِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: بَيَانُ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ مَعَ ذِكْرٍ بِأَنَّهُ لِلْوَارِثِ وَعَلَيْهِ فَعَلَى الشُّهُودِ أَنْ يَذْكُرُوا فِي شَهَادَتِهِمْ قَائِلِينَ: إنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ أَخَ الْمُتَوَفَّى لِأَبَوَيْنِ أَوْ أَخُوهُ لِأُمٍّ وَوَارِثُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُمْ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ أَخَ الْمُتَوَفَّى؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَكُونُ مَحْجُوبًا عَنْ الْإِرْثِ مَعَ كَوْنِهِ أَخَاهُ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولَ: عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا (الْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ الَّذِي لَا يُحْجَبُ مِنْ الْإِرْثِ بِأَيِّ حَالٍ كَانَ فَلَا حَاجَةَ بَعْدَ بَيَانِ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ لِذِكْرِ أَنَّهُ وَارِثٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . كَمَا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَنَّهُ وَارِثُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الْوِرَاثَةِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا لِاخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا وَالْقَضَاءِ بِالْمَجْهُولِ مُتَعَذِّرٌ فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ أَوْ غَابَا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمَا لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ (الْخَانِيَّةُ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي الْوَسَائِطَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَفَّى لِحِينِ الِالْتِقَاءِ بِهِ بِأَبٍ وَاحِدٍ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا: إنَّ أَبَ الْمُتَوَفَّى زَيْدٌ وَأُمَّهُ زَيْنَبُ، وَإِنَّ أَبَ هَذَا الْوَارِثَ زَيْدٌ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ، وَعَلَيْهِ فَهُوَ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ لِلْمُتَوَفَّى. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: إنَّ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ آخَرُ غَيْرَ هَذَا الْمُدَّعِي أَوْ غَيْرَ هَذَا الْمُدَّعِي وَغَيْرَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ إنَّنَا لَا نَعْلَمُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ عُمْرًا هُوَ وَارِثٌ لِلْمُتَوَفَّى أَيْضًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الشُّهُودِ بِأَنْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ غَيْرَهُ أَيْ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَارِثًا لِلْمُتَوَفَّى غَيْرَ مَنْ ذَكَرُوا وَمِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَعْلَمُوا وُرَّاثَهُ عَمْرٌو بَعْدَ الشَّهَادَةِ

(المادة 1694) إذا ادعى أحد من التركة دينا مقداره كذا وشهدت الشهود بذلك

وَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّالِثَ هُوَ شَرْطٌ لِإِسْقَاطِ تَلَوُّمِ الْقَاضِي وَلَيْسَ شَرْطًا لِلْحُكْمِ، فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ هُوَ وَلَدٌ لِلْمُتَوَفَّى فُلَانٍ أَوْ وَارِثُهُ وَلَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ خِلَافُهُ فَالْقَاضِي يَنْتَظِرُ مُدَّةً لِظُهُورِ وَارِثٍ آخَرَ وَبَعْدَ الِانْتِظَارِ يُسَلِّمُ الْمَالَ لِلْمُدَّعِي. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَأَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ قَالَا بِأَنَّهَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ. مِثَالٌ لِلشَّهَادَةِ الْجَامِعَةِ لِلشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ: أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ أَبَ الْمُتَوَفَّى زَيْدٌ، وَأُمَّهُ زَيْنَبُ. وَأَبُو هَذَا الْوَارِثِ زَيْدٌ وَأُمُّهُ زَيْنَبُ لِذَلِكَ فَهُوَ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ لِلْمُتَوَفَّى وَوَارِثِهِ وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ أَوْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ وَارِثٍ خِلَافُهُ وَمِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَوْ لَا أَعْلَمُ بِأَنَّ لِلْمُورِثِ وَرَثَةً غَيْرَ هَؤُلَاءِ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يُدْرِكَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُدْرِكْ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِأَنَّ فُلَانًا ابْنَ فُلَانٍ قَدْ تَوَفَّى وَقَدْ تَرَكَ الْمَيِّتُ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لِهَذَا الْمُدَّعِي فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1688) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمِّ الْمَيِّتَ تُقْبَلُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1694) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ] الْمَادَّةُ (1694) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ فَإِذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ أَيْ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فَالْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ) . لَا حَاجَةَ لِلْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ شُهُودٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْجَرِّ فَشَرْطُ الْجَرِّ فِي الشَّهَادَةِ يَسْتَوْجِبُ ضَيَاعَ حُقُوقِ النَّاسِ، وَالْجَرُّ يَكُونُ بِقَوْلِ الشُّهُودِ: إنَّ الْمَدِينَ تُوُفِّيَ وَهُوَ مَدِينٌ أَوْ تُوُفِّيَ وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ دَيْنًا مِقْدَارُهُ كَذَا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ دَيْنًا بِمِقْدَارِ مَا ادَّعَى يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى مَمَاتِهِ أَوْ أَنَّهُ تُوُفِّيَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَدِينًا وَيُقَالُ لِهَذَا التَّصْرِيحِ: الْجَرُّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ الدَّيْنَ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِ الدَّيْنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَاضِ وَالْإِجَارِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ أَيْ بِرُؤْيَتِهِ شِرَاءَ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْمُدَّعِي مَالًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِكَذَا دِرْهَمًا إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ وُقُوعِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ وَمُفَارِقَةِ الشَّاهِدِ لِلْمَدِينِ يُمْكِنُ الْمَدِينُ أَنْ يُخَلِّصَ الدَّيْنَ فِي غِيَابِ الشَّاهِدِ بِتَأْدِيَتِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْمَدِينِ لَهُ أَوْ بِإِقَالَةِ الْبَيْعِ يَعْنِي بِعُرُوضِ أَسْبَابٍ مُسْقِطَةٍ لِلدَّيْنِ وَلَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْجَرِّ وَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الْجَرِّ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِتَضْيِيعِ حُقُوقِ النَّاسِ وَمُوجِبًا لِإِضْرَارِهِمْ كَمَا أَنَّهُ يُوجِبُ ضَرَرُ الْمُتَوَفَّى بِبَقَائِهِ مَدِينًا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ. فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى الْحَالِ كَمَا أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ دَعْوَى بِالدَّيْنِ حَالًّا.

أَمَّا إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى الْحَالِ بَلْ شَهِدُوا عَلَى الْمَاضِي بِقَوْلِهِمْ كَانَ مَدِينًا فَلَا تُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: كَانَ لِهِنْدٍ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ لِهِنْدٍ فِي ذِمَّةِ زَوْجِهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ؛ وَعِبَارَةُ مِنْ الدَّيْنِ لَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالسَّبَبِ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى السَّبَبِ فَالْحُكْمُ هُوَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِي قَدْ أَدَّى لِلْمُتَوَفَّى ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ كَافِيًا وَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ مَمَاتِهِ. مَثَلًا، إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْوَرَثَةِ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورَ قَدْ اسْتَدَانَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَبَضَهُ فِي حُضُورِنَا تُقْبَلُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى حَيْثُ إنَّ الْمُتَوَفَّى غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يُجِيبَ بِنَفْسِهِ بِقَوْلِ: إنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ أَوْ إنَّنِي أَوْفَيْت ذَلِكَ الدَّيْنَ كَمَا أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَسْتَطِيعُ الِادِّعَاءَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ مَا أَجْرَاهُ مُورِثُهُ فَتَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْجَرِّ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ، وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الرِّعَايَةَ لِلِاحْتِيَاطِ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الدَّائِنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1746) مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَاتِ. أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْحَيِّ فَقَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْجِنَايَةِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ جَرَحَ فُلَانًا وَقَدْ بَقِيَ مَرِيضًا لِحِينِ وَفَاتِهِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لَأَنْ يُصَرِّحَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ تُوُفِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا ادَّعَى بِعَيْنٍ، يَعْنِي إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا فَالْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يَعْنِي إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مَالًا مُعَيَّنًا لِلْمُدَّعِي يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لِلْجَرِّ أَيْ لِلتَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى لِحِينِ وَفَاتِهِ. وَإِنْ قَصَدَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهَا السُّؤَالُ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ وَضْعَ يَدِ الْمُتَوَفَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ كَالْمَالِ الْمَقْبُوضِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ وَسَوْمِ النَّظَرِ وَسَوْمِ الشِّرَاءِ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ كَالْمَالِ الْمَأْخُوذِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ أَوْ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُوجَدُ احْتِمَالَانِ فِي الْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَظْهَرَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَفِي هَذَا الْحَالِ يَسْتَرِدُّهَا الْمُدَّعِي بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَيَثْبُتُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَضْعُ يَدِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهَا إلَى حِينِ وَفَاتِهِ بِظُهُورِ ذَلِكَ الْمَالِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ وَيُصْبِحُ قَوْلُ الشُّهُودِ بَقِيَتْ يَدُ الْمُتَوَفَّى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ أَوْ قَوْلُهُمْ: إنَّهَا لَمْ تَبْقَ أَوْ سُكُوتُ الشُّهُودِ عَنْ ذَلِكَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ أَوْ مَضَرَّةٍ. أَمَّا فِي الِادِّعَاءِ بِالدَّيْنِ فَقَوْلُ الشُّهُودِ بِأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ فِيهِ فَائِدَةٌ كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا.

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ الْمَالُ مَوْجُودًا عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُتَوَفَّى أَوْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا أَوْ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ (الشِّبْلِيُّ) وَالدَّعْوَى بِهَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَعْوَى دَيْنٍ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَيَجِبُ إيجَادُ نَقْلٍ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ مُوَافِقًا لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ نَعَمْ إنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْحَيِّ وَاتَّفَقُوا فِي مَقْبُولِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْمَيِّتِ فَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ فِي الْمَاضِي وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْحَيِّ الْمُنْقَضِيَةِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ وَاضِعَ الْيَدِ عَلَى هَذَا الْمَالِ قَبْلَ شَهْرٍ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً بِمِلْكِ الْمُدَّعِي بَلْ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى وَضْعِ يَدِهِ السَّابِقِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ كَمَا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً أَوْ مُسْتَعَارًا أَوْ مَأْجُورًا أَوْ مَغْصُوبًا فَالشَّهَادَةُ تَكُونُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَجْهُولِ فَفِيهَا شَكٌّ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالشَّكِّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُعِيدَ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى الْمُدَّعِي الثَّابِتَةِ يَدُهُ قَدِيمًا حَيْثُ إنَّهُ ثَابِتٌ وَضْعَ يَدِ الْوَاضِعِ الْيَدَ فِي الْحَالِ بِالْمُعَايَنَةِ أَمَّا وَضْعُ يَدِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَهُوَ ثَابِتٌ بِالشُّهُودِ وَالْأَوَّلُ أَقْوَى مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ بِالْعَيْنِ تُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَتُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا فِي الثَّلَاثِ الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى وَاضِعِ الْيَدِ الْأَوَّلِ وَهِيَ: 1 - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْإِعَادَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» (الزَّيْلَعِيّ) . 2 - إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي. 3 - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْيَدَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ جَهَالَةُ الْمُقِرِّ بِهِ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ صُحُفَ الْإِقْرَارِ بَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ (الشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579) وَشَرْحَهَا. وَلَكِنْ لَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْكُومًا بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ هَذِهِ الْإِعَادَةِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُهُ وَمِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَالشَّهَادَةُ عَلَى الْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ مَقْبُولَةٌ. فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَتْ الْيَدُ الْمُنْقَضِيَةُ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى الْوَاضِعِ الْيَدَ عَلَيْهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَضْعِ يَدِ الْمُدَّعِي السَّابِقِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ يُؤْمَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي فَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَ أَوْ أَعَارَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مِلْكِ الْمُدَّعِي وَيُحْكَمُ بِإِعَادَةِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي.

(المادة 1695) إذا ادعى أحد على آخر دينا وشهدت الشهود بما يدعيه

أَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى يَدِ الْمَيِّتِ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ بِالِاتِّفَاقِ. فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي، كَانَ مِلْكًا لِمُورِثِي فُلَانٍ وَقَدْ أَصْبَحَ مَوْرُوثًا لِي بِوَفَاتِهِ فَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ كَانَ فِي يَدِ مُورِثِهِ فُلَانٍ حِينَ وَفَاتِهِ يَكْفِي وَلَا حَاجَةَ لِشَهَادَتِهِمْ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَ الْمُتَوَفَّى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي حَيْثُ إنَّ يَدَ الْمَيِّتِ لَا تَتَنَوَّعُ كَيَدِ الْحَيِّ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَيِّتِ لَوْ كَانَتْ أَمَانَةً فَبِوَفَاتِهِ مُجْهِلًا تَنْقَلِبُ الْأَمَانَةُ مِلْكًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (801) . [ (الْمَادَّةُ 1695) إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا وشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِمَا يَدَّعِيه] الْمَادَّةُ (1695) - (إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى بِهِ يَكْفِي وَلَكِنْ إذَا سَأَلَ الْخَصْمُ عَنْ بَقَاءِ الدَّيْنِ إلَى وَقْتِ الِادِّعَاءِ وَقَالَتْ الشُّهُودُ: لَا نَدْرِي، تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ) . إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ أَيْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْآخَرِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ فَيَكْفِي وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي إلَى الْآنَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ دَالَّةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْحَالِ فَيَكُونُ الشُّهُودُ قَدْ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقَدْ جَاءَ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَتَكْمِلَةِ رَدِّ الْمُحْتَارِ (لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ فَرَسُهُ شَهِدَ بِالْمِلْكِ لَهُ فِي الْحَالِ) . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُحْتَاجَةٌ لِلتَّفْصِيلِ وَهِيَ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الدَّيْنُ وَفِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الْمَطْلُوبَ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْحَالِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ أَيْضًا قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِيَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَقْبُولَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَبِمَا أَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُونَ قَدْ شَهِدُوا عَلَى الدَّيْنِ فِي الْحَالِ فَلَا يُسْأَلُ الشُّهُودُ هَلْ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فِي الْحَالِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْمَاضِي؛ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ دَيْنًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهَادَتُهُمْ هَذِهِ كَافِيَةٌ وَلَا حَاجَةَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا سَأَلَ الْخَصْمُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودَ أَثْنَاءَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ عَنْ بَقَاءِ الدَّيْنِ وَقَالَتْ الشُّهُودُ: لَا نَدْرِي بَقَاءَهُ فِي الْحَالِ، فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ وَحُكْمُ هَذِهِ الْفِقْرَةِ جَارٍ فِي الْعَيْنِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدَّ الْمُحْتَارِ) . يَسْأَلُ الشَّاهِدُ هَذَا السُّؤَالَ إذَا أَوْرَدَهُ الْخَصْمُ وَلَا يَحِلُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي بِقَوْلِهِ لَهُ: هَلْ تَعْلَمُ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَطْلُوبُهُ فِي الْحَالِ أَوْ أَنَّ الْمِلْكَ مِلْكُهُ فِي

الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ الشَّاهِدُ: لَا أَعْلَمُ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ بَاعَ هَذَا الْمَالَ إلَى هَذَا الشَّخْصِ إلَّا أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ هَلْ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ فِي مِلْكِ هَذَا الشَّخْصِ فِي الْحَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ) أَمَّا إذَا قِيلَ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِ الْمَشْهُودِ لَهُ؟ فَأَجَابُوا بِقَوْلِهِمْ: لَا نَعْلَمُ فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ بِأَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ الِاسْتِثْنَائِيَّة هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ صُورَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَاضِي الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْمُسْتَثْنَى بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فِي الْمَاضِي وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْمَاضِي أَوْ فِي الْحَالِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّهُ كَانَ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِمْ: كَانَ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الدَّيْنِ وَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي الْعَيْنِ كَمَا سَيُوَضَّحُ آتِيًا؛ أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَهَلْ تُقْبَلُ؟ فَلْيُحَرَّرْ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا وَفِي ذَلِكَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَهَذِهِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ مَسْمُوعَةٌ وَمَقْبُولَةٌ كَدَعْوَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي إلَخْ، وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: نَشْهَدُ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ لِهَذَا الْمُدَّعِي. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي وَتَكْفِي هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ (الزَّيْلَعِيّ) . كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) . فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَبِمَا أَنَّ الْأَصْلَ لِكُلِّ ثَابِتٍ دَوَامُهُ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ فَيُحْكَمُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ (الْبَحْرُ وَالْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ مَادَّتَيْنِ (5 و 10) ؛ لِأَنَّ إسْنَادَ الشُّهُودِ الْمِلْكَ لِلْمَاضِي لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْسِ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) . وَكَذَلِكَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الْمَاضِي. مِثَالٌ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْمِلْكِ وَفِي الْإِقْرَارِ مَعًا. إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي هِيَ

فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِلْكِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ أَخْذَهَا مِنْهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي أَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيَكْفِي؛ لَكِنَّ هَذَا عَمَلٌ بِالِاسْتِصْحَابِ وَهُوَ حُجَّةٌ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ لَكِنَّ فِيهِ حَرَجًا فَيُقْبَلُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْحَالِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْمَاضِي فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ قَائِلًا: بِأَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي فَتُقْبَلُ أَيْضًا هَذِهِ الشَّهَادَةُ لِكَوْنِهَا شَهَادَةً عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ فَرَسُهُ شَهِدَ بِالْمِلْكِ لَهُ فِي الْحَالِ وَاَلَّذِي شَهِدَ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَقَدْ شَهِدَ لَهُ بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ مِنْ الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ يَبْقَى إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ الزَّوَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ الشَّهَادَاتُ بِتَغْيِيرٍ مَا) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ أَوْ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (الْخَانِيَّةُ) لِأَنَّ إسْنَادَ الْمُدَّعِي مِلْكَهُ إلَى الْمَاضِي دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ وَمَنْفَعَةٍ فِي إسْنَادِ الْمِلْكِ إلَى الْمَاضِي. فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوِي الْمِلْكِ بِالْإِسْنَادِ إلَى الْمَاضِي فَلَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بِإِسْنَادِ الْمِلْكِ إلَى الْمَاضِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ بِالْمِلْكِ فِي الْمَاضِي بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالِاشْتِرَاءِ وَالِاتِّهَابِ وَالْقَبْضِ وَلَا يَكُونُ لَهُ عِلْمُ يَقِينٍ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ رَأَى اشْتِرَاءَ الْمُدَّعِي قَبْلَ شَهْرٍ ثُمَّ افْتَرَقَ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَخْرَجَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ وَتَسْلِيمِهِ فِي زَمَنِ الِافْتِرَاقِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ عِلْمُ الشَّاهِدِ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ حَاصِلًا بِطَرِيقِ الِاسْتِصْحَابِ فَقَطْ وَلَيْسَ عَنْ عِلْمِ يَقِينٍ فَيَحْتَرِزُ الشَّاهِدُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ اسْتِنَادًا عَلَى الِاسْتِصْحَابِ فَلِذَلِكَ يُوجَدُ فَائِدَةٌ فِي إسْنَادِ الشَّاهِدِ الْمِلْكَ إلَى الْمَاضِي. أَمَّا الْمَالِكُ وَالْمُدَّعِي فَيَعْلَمُ يَقِينًا ثُبُوتَ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ فَلَا فَائِدَةَ مِنْ إسْنَادِ مِلْكِهِ إلَى الْمَاضِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (10) .

الفصل الثالث في بيان شروط الشهادة الأساسية

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ الْأَسَاسِيَّةِ] [ (الْمَادَّةُ 1696) يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ] ِ الْمَادَّةُ (1696) - (يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ) يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ وَالدَّعَاوَى فَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَمَامَ الْقَاضِي دَعْوَى أَوْ خُصُومَةٌ فَالْإِخْبَارُ أَمَامَ الْقَاضِي لِإِثْبَاتِ حَقٍّ لَا يَكُونُ شَهَادَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (1683) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ هَذَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَتَوْا لِلشَّهَادَةِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى بِأَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ أُبْرِئْهُ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَيْدًا قَالَ: بِأَنَّنِي لَمْ أَسْتَدِنْ مِنْ الْمُدَّعِي شَيْئًا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْنِي مِنْ شَيْءٍ أَيْ لَمْ يَدَعْ الْإِبْرَاءَ فَيَحْكُمُ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ جَاءَ فِي الزَّيْلَعِيّ (بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى وُجُوبِ الْعَشَرَةِ فَتُقْبَلُ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِقَضَاءِ النِّصْفِ فَلَا يُقْبَلُ لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ شَاهِدَهُ بِالْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَلَّا تُقْبَلَ كَمَا إذَا شَهِدَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَلْفًا، لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يُكَذِّبْهُ فِيمَا شَهِدَ لَهُ وَإِنَّمَا كَذَّبَهُ فِيمَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ) . وَيُرَى فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِبْرَاءَ بِطَرِيقِ الدَّفْعِ أَصْبَحَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِبْرَاءِ بِلَا حُكْمٍ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الشَّاهِدِ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلَّا يَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ مُعِينًا لِلظَّالِمِ (أَبُو السُّعُودِ) كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ لِلْمُتَوَفَّى فُلَانٍ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ مِيرَاثًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ زَيْدٍ فَلَا يُحْكَمُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ لِلدَّعْوَى. وَيَجِبُ لِهَذِهِ الدَّعْوَى وُجُودُ شَرْطَيْنِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى الْمَسْبُوقَةَ هِيَ نَفْسُ الدَّعْوَى الَّتِي شَهِدَ بِهَا الشُّهُودُ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى تُقْبَلُ. لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ دَعْوَى فَإِذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لَهَا فَلَا تُقْبَلُ. لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ دَعْوَى لِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ فِي حُكْمِ السَّبَبِ وَالْعِلَّةُ لِلْمَادَّةِ (1706) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى صَحِيحَةً فَلِذَلِكَ لَا تُقَامُ الشُّهُودُ عَلَى دَعْوَى غَيْرِ صَحِيحَةٍ

مَثَلًا، إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَيْسَ لَك فِي ذِمَّتِي حَقٌّ وَإِنِّي لَا أَعْرِفُك مُطْلَقًا فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي مَطْلُوبَهُ فَرَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَفَعَ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْت لَك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَوْ إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ وَأَرَادَ إثْبَاتَ دَفْعِهِ هَذَا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ خُصُومَةٌ وَقَضَاءٌ وَلَا يَعْرِفُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1647) وَشَرْحُهَا. فَإِذَا سَبَقَتْ الدَّعْوَى حَسَبِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةً وَيُعْمَلُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1818) أَمَّا إذَا لَمْ تَسْبِقْ الدَّعْوَى فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا. الشَّهَادَةُ بِحُقُوقِ النَّاسِ: إذْ لَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِحُقُوقِ اللَّهِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إنْسَانٍ وَبِمَا أَنَّ كُلَّ إنْسَانٍ خَصْمٌ فِي تِلْكَ الدَّعَاوَى فَتَكُونُ الدَّعْوَى مَوْجُودَةً حُكْمًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فِي حُقُوقِ اللَّهِ؛ مَثَلًا لَوْ قَالَتْ الْمُدَّعِيَةُ إنَّ فُلَانًا قَدْ طَلَّقَنِي بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَوْجِي وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ زَوْجَهَا الْمَذْكُورَ قَدْ طَلَّقَهَا بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَاَلَّتِي تُقْبَلُ بِهَا الشَّهَادَةُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى هِيَ كَمَا يَأْتِي: الْوَقْفُ وَالْحُدُودُ وَالطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَالظِّهَارُ وَعِتْقُ الْأَمَةِ وَتَدْبِيرُهَا (الْأَشْبَاهُ) . الْوَقْفُ: إذَا كَانَ مَالًا مَوْقُوفًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ عَلَى فُقَرَاءَ فَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ مَوْقُوفًا عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى بِالْإِجْمَاعِ (الْحَمَوِيُّ) . مَثَلًا؛ إذَا بَاعَ أَحَدٌ عَقَارَهُ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّنِي كُنْت وَقَفْت ذَلِكَ الْعَقَارَ لِلْفُقَرَاءِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا بِوَقْفِيَّةِ الْعَقَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَدْ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ بِدُونِ دَعْوَى وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يُوجَدُ هُنَا دَعْوَى الْبَائِعِ وَالْوَاقِفِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ ادِّعَائِهِ الْوَقْفَ وَبَيْنَ بَيْعِهِ الْمَالَ قَبْلَهُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى وَيُفَضُّ الْبَيْعُ بِهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قَبِيلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي شُهُودًا عَلَى دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِنَاءً عَلَى الدَّعْوَى وَالدَّعْوَى لَمْ تَصِحَّ لِلتَّنَاقُضِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْكُورُ مُتَوَلِّيًا يُعْزَلُ مِنْ - التَّوْلِيَةِ وَيُسَلَّمُ الْعَقَارُ إلَى مُتَوَلٍّ آخَرَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) الطَّلَاقُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ زَيْدًا هَذَا قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ هِنْدًا الْغَائِبَةَ

(المادة 1697) لا تقبل البينة التي أقيمت على خلاف المحسوس

طَلَاقًا ثَلَاثًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (الْبَهْجَةُ) وَيُطَلِّقُ عَلَى مِثْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تُقْبَلُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ وَإِذَا أَخَّرَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ شَهَادَتَهُمْ بِلَا عُذْرٍ يَفْسُقُونَ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِسْقِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ بَيْنَ خَمْسَةِ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ وَقَدْ أَعْطَيْت تَفْصِيلَاتٍ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ. [ (الْمَادَّةُ 1697) لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَحْسُوسِ] الْمَادَّةُ (1697) - (لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَحْسُوسِ مَثَلًا إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَوْتِ مَنْ حَيَاتُهُ مُشَاهَدَةٌ أَوْ عَلَى خَرَابِ دَارٍ عَمَارُهَا مُشَاهَدٌ فَلَا تُقْبَلُ وَلَا تُعْتَبَرُ) . لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَةُ وَلَا بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَحْسُوسِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ وَالشَّهَادَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْخَبَرِ الصِّدْقِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ هُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَالْمَحْسُوسُ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَصْدَرُ الْحِسِّ، وَالْحِسُّ يَجِيءُ بِمَعْنَى الْإِدْرَاكِ أَيْضًا وَلَكِنَّ مَعْنَى الْمَحْسُوسِ مَا هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُحَسُّ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسَةِ وَبِالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ، وَتُدْعَى قُوَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسَةِ وَيُدْرِكُ الْإِنْسَانُ كَيْفِيَّةَ الْمَحْسُوسِ بِسَبَبِ الْقُوَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي كُلٍّ مِنْهَا. فَعَلَيْهِ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَوْتِ مَنْ حَيَاتُهُ مُشَاهَدَةٌ أَوْ عَلَى خَرَابِ دَارِ عَمَارُهَا مُشَاهَدٌ فَلَا تُقْبَلُ وَلَا تُعْتَبَرُ. مِنْ حَيَاتِهِ مُشَاهَدَةٌ: مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ مُورِثِي فُلَانًا قَدْ تُوُفِّيَ وَأَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَصْبَحَتْ مِيرَاثًا لِي وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مُورِثَهُ الْمَذْكُورَ حَيٌّ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَرَابِ دَارٍ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ خَرَّبَ دَارَ هَذَا الْمُدَّعِي ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْكَشْفِ وَالْمُعَايَنَةِ بِأَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ عَامِرَةٌ كَحَالِهَا السَّابِقِ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ، كَذَلِكَ إذَا أَقَامَ أَحَدٌ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ قَطَعَ يَدِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَكَانَتْ يَدُهُ سَلِيمَةً فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ عَشَرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ السَّمْنِ الْمَوْجُودِ فِي هَذَا الْإِنَاءِ هِيَ لِلْمُدَّعِي فَظَهَرَ أَنَّ جَمِيعَ السَّمْنِ الْمَوْجُودِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الثَّوْبِ هِيَ لِلْمُدَّعِي فَظَهَرَ الثَّوْبُ أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَاتِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ السَّمْنُ زِيَادَةً عَنْ عَشْرَةِ أَرْطَالٍ وَأَنَّ الثَّوْبَ أَزْيَدُ مِنْ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مَعَ أَنَّ الْمَحْسُوسَ هُوَ خِلَافُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1698) لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَى خِلَافِ الْمُتَوَاتِرِ] إنَّ الدَّعْوَى خِلَافَ الْمُتَوَاتِرِ بَاطِلَةٌ لِكَوْنِهَا دَعْوَى الْمُحَالِ فَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أُقِيمَتْ عَلَى

(المادة 1699) إنما جعلت البينة مشروعة لإظهار الحق

خِلَافِ الْمُتَوَاتِرِ. ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ فَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تُقَامُ عَلَى خِلَافِهِ تَسْتَوْجِبُ رَدَّ الشَّيْءِ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ وَالْيَقِينِ وَبِمَا أَنَّ الضَّرُورِيَّاتِ الْيَقِينِيَّاتِ لَا تُرَدُّ وَلَا تَقْبَلُ الشَّكَّ فَتَكُونُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ كَذِبًا مَحْضًا كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي تُقَامُ عَلَى خِلَافِ الْمَحْسُوسِ (الْفَيْضِيَّةُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنِدُ إلَى التَّوَاتُرِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ التَّوَاتُرُ مُثْبَتًا أَوْ مَنْفِيًّا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ أَوْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تُقَامُ عَلَى خِلَافِهِ بَيِّنَةٌ عَادِيَّةٌ أَوْ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ حُجَّةٌ قَطْعِيَّةٌ وَكَمَا أَنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ وُقُوعُ الْمُتَنَاقِضَيْنِ فِي الْخَارِجِ فَلَا يَقَعُ فِي الْحِجَجِ الْقَطْعِيَّةِ تَنَاقُضٌ فَلِذَلِكَ يَسْتَحِيلُ تَوَاتُرُ النَّقِيضَيْنِ. مَثَلًا؛ إذَا ثَبَتَ تَوَاتُرًا أَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي أَوَّلِ أُسْبُوعٍ مِنْ عِيدِ الْأَضْحَى فِي دِمِشْقَ فَيَجْزِمُ الْعَقْلُ وَالْحُكْمُ بِأَنَّ زَيْدًا الْمَذْكُورَ كَانَ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ كَالْجَزْمِ فِيمَا لَوْ عَلِمَ ذَلِكَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ فَإِذَا أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ بِأَنَّ زَيْدًا كَانَ فِي بَغْدَادَ الْبَعِيدَةَ مُدَّةَ السَّفَرِ الْبَعِيدِ فَلَا تُعَدُّ بَيِّنَةُ تَوَاتُرٍ وَلَوْ كَانَ عَدَدُهَا أَزْيَدَ مِنْ عَدَدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ إذَا جَزَمَ بِمُقْتَضَى التَّوَاتُرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ الشَّيْءُ الَّذِي سُمِّيَ تَوَاتُرًا ثَانِيًا عِلْمًا قَطْعِيًّا بَلْ لَا يُفِيدُ الظَّنُّ. مَثَلًا لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ تَوَاتُرًا عَلَى حَرْقِ دَارٍ مُشَاهَدٍ وُجُودَهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَوَاتُرًا بَلْ يَكُونُ كَذِبًا مَحْضًا فَلِذَلِكَ لَا تُقَامُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ مَرَّةً أُخْرَى لَا مِنْ الْمُدَّعِي وَلَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْإِزْمِيرِيُّ وَالْبَهْجَةُ فِي فَصْلٍ فِي الشُّهْرَةِ وَالتَّوَاتُرِ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ بِإِيضَاحٍ) . فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا بَيَّنَ الطَّرَفَانِ بِأَنَّهُمَا سَيُثْبِتَانِ دَعْوَاهُمَا بِبَيِّنَةِ التَّوَاتُرِ فَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ الَّتِي تُرَجِّحُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَّةُ بُطْلَانَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ. فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَنَدَ الطَّرَفَانِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّوَاتُرِ وَأَحْضَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمَاعَةً فَالْقَاضِي يُمْعِنُ النَّظَرَ فَيَقْبَلُ خَبَرَ جَمَاعَةِ الطَّرَفِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ جَامِعٌ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ وَمُوجِبٌ لِاطْمِئْنَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ لَمَّا كَانَ خَبَرًا صِدْقًا وَيَحْصُلُ بِهِ عِلْمُ الْيَقِينِ فَتَكُونُ حُجَّةُ الطَّرَفِ الْآخَرِ كَذِبًا مَحْضًا وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَجْتَمِعَ شُرُوطُ التَّوَاتُرِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ وَأَنْ يَطْمَئِنَّ الْقَاضِي بِهِمَا وَإِذَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ الَّتِي أَحْضَرَهَا كِلَا الطَّرَفَيْنِ غَيْرَ جَامِعَةٍ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ تَكُونُ فِي حُكْمِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ وَالْقَاضِي يُزَكِّي شُهُودَ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ تَوْفِيقًا لِمَسَائِلِ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ وَيُحْكَمُ أَيْ يُجْرِي الْمُعَامَلَةَ حَسْبَ الْمَادَّةِ (1769) . [ (الْمَادَّةُ 1699) إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ] الْمَادَّةُ (1699) - (إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ الصِّرْفِ كَقَوْلِ الشَّاهِدِ: فُلَانٌ مَا فَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ وَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ لَيْسَ لِفُلَانٍ وَفُلَانٌ لَيْسَ بِمَدِينٍ لِفُلَانٍ وَلَكِنَّ بَيِّنَةَ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ مَقْبُولَةٌ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنِّي أَقْرَضْت فُلَانًا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ كَانَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي) . إنَّمَا جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ مَشْرُوعَةً لِإِظْهَارِ الْحَقِّ وَإِثْبَاتِهِ وَلَمْ تُشْرَعْ لِنَفْيِ الْحَقِّ (الْفَيْضِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ

؛ لِأَنَّ وَضْعَ الشَّهَادَةِ هُوَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (77) . فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ بَيِّنَتَا إثْبَاتٍ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَتُقَدَّمُ الزَّائِدَةُ، وَالْحَالُ أَنَّ النَّفْيَ وَالْعَدَمَ لَمْ يَكُنْ خِلَافَ الظَّاهِرِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَالْأَصْلُ كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ مُتَضَمِّنَةٌ الْمُشَاهَدَةَ، وَالْمُشَاهَدَةُ تَحْصُلُ بِالْعِلْمِ وَلَا مُحَصَّلَ بِالنَّفْيِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . سُؤَالٌ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَبْرَأْتَنِي مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ. وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلشَّهَادَةِ (بِأَنَّ هَذَا الدَّائِنَ أَبْرَأَ هَذَا الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ) لَيْسَتْ شَهَادَةً لِإِظْهَارِ وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ بَلْ هِيَ لِإِظْهَارِ عَدَمِ الْحَقِّ فَكَانَ يَجِبُ عَدَمُ قَبُولِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ. وَجَوَابُهُ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1684) . 2 - سُؤَالٌ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ أَوْفَيْتُك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ. وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِإِثْبَاتِ هَذَا الدَّفْعِ لَا يَثْبُتُ بِهَا وُجُودُ الْحَقِّ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا بِحَقٍّ مِنْ الْمُدَّعِي حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَظْهَرُ ذَلِكَ الْحَقُّ وَجَوَابُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) . فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَحَدٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَقَعَ فِي مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ عَلَى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْقَتْلِ وَالْقِصَاصِ فَإِذَا أَقَامَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مَا فَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ، وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَفْعَالِ وَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ لَيْسَ لِفُلَانٍ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَفُلَانٌ لَيْسَ بِمَدِينٍ لِفُلَانٍ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الدُّيُونِ وَفُلَانٌ لَمْ يُقِرَّ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ وَهُوَ مِثَالٌ عَلَى الْأَفْعَالِ مِنْ الْأَقْوَالِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ الصِّرْفِ سَوَاءٌ أَكَانَ النَّفْيُ لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ كَانَ مَعْنًى، فَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ أَنَّ الشَّاهِدَ شَاهِدُ زُورٍ وَأَنَّهُ شَهِدَ بَاطِلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ شَهَادَةُ نَفْيٍ كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ بَاعَنِي فِي سَنَةِ كَذَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي دِمَشْقَ فَرَسَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً يُثْبِتُ بِهَا بِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ كَانَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بَعِيدٍ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَمْ أَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ هُوَ نَفْيُ صُورَةٍ وَمَعْنًى كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: كُنْت مَوْجُودًا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ، نَفْيُ مَعْنًى (الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِي حَتَّى أَنَّك قَدْ أَقْرَرْت فِي دِمَشْقَ فِي الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِأَنَّهُ مِلْكِي وَأَثْبَتَ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي الزبداني فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ نَفْيًا لَفْظًا إلَّا أَنَّهَا نَفْيُ مَعْنًى (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدِعُ قَائِلًا: إنَّنِي رَدَدْت لَك الْوَدِيعَةَ وَأَعَدْتهَا إلَيْك فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ فِي دِمَشْقَ، وَادَّعَى الْمُودِعُ قَائِلًا: قَدْ كُنْت فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي حَلَبَ وَأَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا نَفْيُ

(المادة 1700) يشترط ألا يكون في الشهادة دفع مغرم أو جر مغنم

مَعْنًى (الْأَنْقِرْوِيُّ الْحَمَوِيُّ) أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي حَلَبَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ. مُسْتَثْنَيَاتٌ - إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَانِ: أَوَّلًا: تُقْبَلُ بَيِّنَةُ النَّفْيِ الْمُتَوَاتِرِ كَقَبُولِ الْإِثْبَاتِ الْمُتَوَاتِرِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنِدُ إلَى بَيِّنَةِ التَّوَاتُرِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1697) . مَثَلًا؛ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنِّي أَقْرَضْت فُلَانًا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِعْت لَهُ مَالًا بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ كَانَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ ضَرُورَةً بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يُكَذِّبُ الشَّيْءَ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ وَلَا يُدْخِلُ الشَّكَّ فِيهَا وَقَدْ تَحَقَّقَ بِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَذِبٌ مَحْضٌ (الْحَمَوِيُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . ثَانِيًا: تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الْمُقَامَةُ عَلَى شَرْطٍ مَنْفِيٍّ، مَثَلًا إذَا حَلَفَ أَحَدٌ قَائِلًا: إذَا لَمْ أَدْخُلْ دَارِي هَذَا الْيَوْمَ تَكُونُ زَوْجَتِي طَالِقًا، وَأَقَامَتْ الزَّوْجَةُ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ زَوْجِهَا الدَّارَ ذَلِكَ الْيَوْمَ تُقْبَلُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إذَا لَمْ يَحْضُرْ إلَيَّ فُلَانٌ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَلَمْ أُحَادِثْهُ تَكُونُ زَوْجَتِي طَالِقًا، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ فُلَانًا لَمْ يَحْضُرْ إلَيْهِ وَلَمْ يَتَحَادَثْ مَعَهُ تُقْبَلُ. وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ الصِّرْفِ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ هُوَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ إثْبَاتُ الْجَزَاءِ يَعْنِي مَثَلًا إثْبَاتَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَهَذَا لَيْسَ بِنَفْيٍ بَلْ إثْبَاتٌ وَإظْهَارٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1700) يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ] الْمَادَّةُ - (1700) - (يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ يَعْنِي أَلَّا يَكُونَ دَاعِيَةٌ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ وَجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ يَعْنِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ لِأَوْلَادِهِمْ وَأَحْفَادِهِمْ وَبِالْعَكْسِ أَعْنِي شَهَادَةَ الْأَوْلَادِ وَالْأَحْفَادِ لِلْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ وَهَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَأَمَّا الْأَقْرِبَاءُ الَّذِينَ هُمْ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ التَّابِعِ الَّذِي يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَةِ مَتْبُوعِهِ، وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَأَمَّا الْخَدَمَةُ الَّذِينَ يَخْدُمُونَ مَوْلًى فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّرَكَاءِ لِبَعْضِهِمْ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لِلْأَصِيلِ عَلَى كَوْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ قَدْ تَأَدَّى وَلَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ فِي سَائِرِ الْخُصُوصَاتِ) . يُشْتَرَطُ أَلَّا يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْضِهَا دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ يَعْنِي أَلَّا يَكُونَ لِلشُّهُودِ دَاعِيَةٌ لِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ وَجَلْبِ الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا يَثْبُتُ بِدَلِيلَيْنِ:

أَوَّلًا: الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ. إذْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا امْرَأَةٍ لِزَوْجِهَا وَلَا الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَلَا السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَلَا الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ وَلَا الْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ.» ثَانِيًا: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ: وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ اتِّصَالٌ فِي الْمَنَافِعِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الزَّكَاةِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ كَانَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ تَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ لِنَفْسِهِ (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) . حَتَّى أَنَّ الْحَسَنَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ شَهِدَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي شُرَيْحُ لِوَالِدِهِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ وَطَلَبَ شَاهِدًا آخَرَ (الشِّبْلِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِي الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ لَا تُقْبَلُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَقَبُولِ شَهَادَةِ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْأَقْرِبَاءِ. كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ لِمُدَّعِينَ فِي دَعْوَى ثُمَّ شَهِدَ الْمُدَّعِيَانِ فِي دَعْوَى أُخْرَى لِلشَّاهِدَيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (أَبُو السُّعُودِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) . وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَصْلَانِ لِمَنْعِ الشَّهَادَةِ: الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ أَلَّا يَكُونَ فِيهَا دَاعِي مَغْرَمٍ وَمَعْنَى الْمَغْرَمِ الْمَضَرَّةُ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لِلْأَصِيلِ عَلَى كَوْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ قَدْ تَأَدَّى الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ حَيْثُ إنَّ الْأَصِيلَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَالْكَفِيلَ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (665) يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ فَيَكُونُ قَدْ خَلَّصَ نَفْسَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ. ثَانِيًا - لَوْ بَاعَ شَخْصٌ مَالًا لِزَيْدٍ وَهَذَا بَاعَهُ لِبَكْرٍ فَادَّعَى بَكْرٌ أَنَّنِي اشْتَرَيْت الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَشَهِدَ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذْ إنَّ زَيْدًا بِشَهَادَتِهِ يُبْعِدُ عُهْدَةَ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْمُتَوَفَّى وَقَبْلَ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ بِالشُّهُودِ أَدَّى اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِلدَّائِنِ مِنْ التَّرِكَةِ ثُمَّ شَهِدَا عَلَى دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ إعْطَاءَهُمَا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ التَّرِكَةِ بِلَا إثْبَاتٍ يُوجِبُ عَلَيْهِمَا ضَمَانَ حِصَّةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَكَانَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ عَنْهُمَا، أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. رَابِعًا - إذَا ادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ الْمَكْفُولَ بِهِ مِنْ الْمَدِينِ الْأَصِيلِ وَشَهِدَ الْكَفِيلُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْأَصِيلُ وَاسْتَوْفَى الْمَحْكُومُ بِهِ مِنْهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ. خَامِسًا - إذَا شَهِدَ الْكَفِيلُ عَلَى نَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَدَّى الْمَبْلَغَ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْكَفَوِيُّ) . سَادِسًا - لَوْ كَفَلَ اثْنَانِ الدَّيْنَ الْمَطْلُوبَ لِأَحَدٍ مِنْ آخَرَ فَادَّعَى الدَّائِنُ عَلَى زَيْدٍ قَائِلًا: إنَّك

كَفِيلٌ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَشَهِدَ الِاثْنَانِ الْمَذْكُورَانِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (مُبْهَمَاتُ الْمُفْتِينَ) . سَابِعًا - إذَا أَدَّى وَصِيَّانِ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى لِلدَّائِنِ بِلَا حُكْمِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَا بَعْدَ الْأَدَاءِ بِأَنَّ لِلدَّائِنِ الْقَابِضِ ذَلِكَ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَضْمَنَانِ مَا دَفَعَاهُ (وَلَوْ شَهِدَا أُوَلًا ثُمَّ أَمَرَهُمَا الْقَاضِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَقَضَيَاهُ لَا يَلْزَمُهُمَا الضَّمَانُ) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . ثَامِنًا - لَوْ شَهِدَ الْمَدِينُ لِزَيْدٍ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ هُوَ لِفُلَانٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَتُقْبَلُ بَعْدَ الْأَدَاءِ (الْخَانِيَّةُ) . الْأَصْلُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ فِي الشَّهَادَةِ دَاعِي جَرِّ مَغْنَمٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَا يَأْتِي: أَوَّلًا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ كَمَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. ثَانِيًا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَةِ آخَرَ وَشَهَادَةُ أَجِيرِهِ الْخَاصِّ. ثَالِثًا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّرَكَاءِ لِبَعْضِهِمْ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ. رَابِعًا - لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ إذَا وَصَلَتْ صَدَاقَتُهُمَا إلَى مَرْتَبَةِ تَصَرُّفِ أَحَدِهِمَا فِي مَالِ الْآخَرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَمَا أَنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1703 و 1704) مِنْ الْمَجَلَّةِ تَتَفَرَّعَانِ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ. خَامِسًا - لَوْ كَانَ لِأَرْبَعَةِ أُنَاسٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا مُشْتَرَكًا وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْمُشَارِكَيْنِ الْآخَرَيْنِ قَدْ أَبْرَآ الْمَدِينَ مِنْ حِصَّتِهِمَا فِي الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا سَوَاءٌ قَبَضَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَقْبِضَا حَيْثُ إنَّ مَا يَقْبِضَانِهِ مِنْ الْمَدِينِ يَشْتَرِكُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا فِيمَا قَبَضَاهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1101) فَلِذَلِكَ كَانَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ جَرُّ مَغْنَمٍ أَيْ أَنَّهَا تَقْطَعُ الْمُشَارَكَةَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1110) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . سَادِسًا - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأُجْرَةٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشُّهُودُ فِي قَرْيَةٍ وَيُمْكِنُهُمْ الذَّهَابُ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي مَشْيًا أَوْ كَانُوا مُقْتَدِرِينَ عَلَى دَفْعِ أُجْرَةِ حَيَوَانٍ يَرْكَبُونَهُ فَرَكِبُوا الْحَيَوَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. أَمَّا إذَا أَكَلَ الشُّهُودُ مِنْ طَعَامِ الْمَشْهُودِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُهَيَّأً لَهُمْ أَمْ لَا، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْبَحْرُ وَأَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ الشَّاهِدُ الْحَيَوَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ وَكَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي مَاشِيًا أَوْ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى اسْتِئْجَارِ حَيَوَانٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ إكْرَامِ الشُّهُودِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَكْرِمُوا شُهَدَاءَكُمْ» (الْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . سَابِعًا - لَوْ اخْتَلَفَ أَهَالِي ثَلَاثِ قُرًى عَلَى حُدُودِ قُرَاهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ عَلَى بَعْضِهِمْ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ غَيْرَهُمْ خَالِينَ مِنْ الْغَرَضِ (أَبُو السُّعُودِ) . ثَامِنًا - لَوْ شَهِدَ دَائِنٌ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَدِينِ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمَدِينِ الْمُتَوَفَّى فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ

كَانَتْ تَرِكَتُهُ وَافِيَةً بِالدُّيُونِ أَوْ لَا. أَمَّا لَوْ شَهِدَ الدَّائِنُ فِي حَيَاةِ الْمَدِينِ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مُفْلِسًا وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ لِكَفِيلِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْمَدِينِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ أَمَّا دَيْنُهُ فِي حَيَاتِهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ) . وَلَوْ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ وَقَدْ تَرَكَ وَفَّاهُ ثُمَّ أَنَّ الْمَقْضِيَّ لَهُ شَهِدَ لِلْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة) . تَاسِعًا - إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ فَاقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ حَقَّهُ فِي الدَّارِ وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّ شَرِيكَهُمَا الثَّالِثَ قَدْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حَيْثُ إنَّ لِهَذَا الشَّرِيكِ الثَّالِثِ نَقْضَ الْقِسْمَةِ إذَا وُجِدَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي حِصَّتِهِ وَبِهَذِهِ الشَّهَادَةِ يَسْقُطُ حَقُّهُ وَيَسْتَفِيدُ الشُّهُودُ مِنْ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . عَاشِرًا - لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُودِعِ قَبْلَ الرَّدِّ لِلْمُدَّعِي الْمُعِيرِ (الْخَيْرِيَّةُ) . حَادِي عَشَرَ - إذَا شَهِدَ أَهَالِي قَرْيَةٍ أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ مِنْ قَرْيَتِهِمْ فَإِذَا كَانَتْ مَنَافِعُ الضَّيْعَةِ عَائِدَةً لِلْعُمُومِ فَلَا تُقْبَلُ أَمَّا إذَا كَانَتْ مَنَافِعُهَا مَخْصُوصَةً بِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَكَانَ الشُّهُودُ لَيْسُوا مِنْهُمْ فَتُقْبَلُ. ثَانِي عَشَرَ - إذَا شَهِدَ أَهْلُ الطَّرِيقِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِهَا فَإِذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَا تُقْبَلُ. مَثَلًا إذَا شَهِدَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ بِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ الْمُعَيَّنَ هُوَ جُزْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ أَمَّا إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ نَافِذَةً وَلَمْ يَطْلُبْ الشَّاهِدُ حَقًّا لِنَفْسِهِ فِيهَا كَطَلَبِهِ فَتْحَ بَابٍ عَلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا فَلَا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . ثَالِثَ عَشَرَ - إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْ عَلَى آبَائِهِ وَإِنْ عَلَوْا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مَالًا وَكَفَلَ لَهُ رَجُلَانِ بِمَا يَلْحَقُهُ فِيهَا ثُمَّ شَهِدَ الْكَفِيلَانِ أَنَّ الْبَائِعَ انْتَقَدَ الثَّمَنَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ (الْخَانِيَّةُ) . إذَا وُجِدَ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ دَفْعُ مَغْرَمٍ أَوْ جَرُّ مَغْنَمٍ فَتُرَدُّ كُلُّ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَعَ أُخْتِهِ زَيْنَبَ مَالًا وَشَهِدَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى زَوْجُ زَيْنَبَ وَآخَرُ أَجْنَبِيٌّ فَتُرَدُّ شَهَادَةُ الزَّوْجِ فِي الْكُلِّ مَعَ كَوْنِ شَهَادَةِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَشَهَادَتِهِ لِأَخِ زَوْجَتِهِ جَائِزَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) (الْحَمَوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَهُمَا وَأَبْرَأَ الْمَدِينَ الثَّالِثَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانُوا كُفَلَاءَ لِبَعْضِهِمْ الْبَعْضِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِذَا لَمْ يَكُونُوا كُفَلَاءَ

لِبَعْضِهِمْ يُنْظَرُ أَيْضًا: فَإِذَا شَهِدَا عَلَى الْإِبْرَاءِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا فَتُقْبَلُ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّهَادَاتِ الْآتِيَةِ جَرُّ مَغْنَمٍ: 1 - إذَا اغْتَصَبَ أَحَدٌ مَرْعَى مَدِينَةٍ وَزَرَعَهُ وَشَهِدَ بَعْضُ أَهَالِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِذَا كَانَ أَهَالِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ غَيْرَ مَحْصُورِينَ وَلَيْسَ لِلشُّهُودِ حَيَوَانَاتٌ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . 2 - إذَا ادَّعَى أَنَّ مَالًا هُوَ وَقْفٌ مَشْرُوطٌ لِمُعَلِّمِ الْمُدَرِّسَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا شَهِدَ مَنْ كَانَ وَلَدُهُ تِلْمِيذًا فِي تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. 3 - إذَا أَقَامَ الْمُتَوَلِّي دَعْوَى بِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ مَاءُ السَّبِيلِ الْعَائِدُ لِلْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَ شُهُودٌ مِنْ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. 4 - إذَا شَهِدَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِأَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ لِلْمَسْجِدِ الْكَائِنِ فِي مَحَلَّتِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ الْفُقَهَاءُ الْمُقِيمُونَ فِي مَدْرَسَةٍ بِأَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ لِتِلْكَ الْمَدْرَسَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. 5 - لَوْ شَهِدَ أَبْنَاءُ السَّبِيلِ أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ هُوَ وَقْفٌ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ يَطْلُبُ لِنَفْسِهِ حَقًّا مِنْ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ؛ وَقِيلَ: تُقْبَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَقِيهِ فِي الْمَدْرَسَةِ وَالرَّجُلِ فِي الْمَحَلَّةِ وَالصَّبِيِّ فِي الْمَكْتَبِ غَيْرَ لَازِمٍ بَلْ يَنْتَقِلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ) . فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ وَالْفَرْعِ لِلْأَصْلِ؛ يَعْنِي لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ لِأَوْلَادِهِمْ وَأَحْفَادِهِمْ وَبِالْعَكْسِ أَعْنِي شَهَادَةَ الْأَوْلَادِ وَالْأَحْفَادِ لِلْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْجَدَّاتِ وَهَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ. أَمَّا شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ عَلَى بَعْضِهِمْ الْبَعْضِ فَمَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِيهَا. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدٌ بِأَنَّ أَبَاهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ قَائِلًا: قَدْ حَوَّلْت دَيْنِي الَّذِي لِهَذَا الدَّائِنِ عَلَى عَمْرٍو هَذَا، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى قَبُولِ عَمْرٍو فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ عَمْرٌو مُنْكِرًا سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو أَوْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ أَوْ لَا أَمَّا إذَا كَانَ عَمْرٌو مُدَّعِي الْحَوَالَةِ، فَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدَيْ عَمْرٍو عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ عَمْرٌو مَدِينًا لِلْمُحِيلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِلَا أَمْرِ الْمُحِيلِ فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَتَى كَانَتْ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ قَائِمَةً عَلَى الْأَبِ مِنْ وَجْهٍ وَلِلْأَبِ مِنْ وَجْهٍ، أَمَّا عَلَى الْأَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُوجِبُ لِلْأَبِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَفِي مِثْلِ هَذَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُنْكِرًا وَلَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ مُدَّعِيًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

أَمْثِلَةٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا فِي حَقِّ الْمَالِ: 1 - لَوْ ادَّعَتْ وَالِدَةُ شَخْصٍ عَلَى وَالِدِهِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دِرْهَمًا فَإِذَا شَهِدَ الْوَلَدُ لِأُمِّهِ وَعَلَى وَالِدِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الطَّحْطَاوِيُّ) . 2 - تُوُفِّيَ زَيْدٌ وَتَرَكَ وَلَدَهُ عَمْرًا وَبِنْتَيْنِ فَادَّعَى عَمْرٌو عَلَى أَحَدٍ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِأَبِي الْمُتَوَفَّى وَهُوَ مِيرَاثٌ لِي وَشَهِدَ عَلَى دَعْوَاهُ هَذِهِ زَوْجَا الْبِنْتَيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا حَيْثُ لَوْ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَتَأْخُذُ الْبِنْتَانِ حِصَّةً إرْثِيَّةً مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمَا شَهَادَةَ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - لَوْ ادَّعَتْ بِنْتٌ مَالًا مِنْ أُخْتِهَا وَشَهِدَتْ أُمُّهُمَا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى أَحَدِ بِنْتَيْهَا إلَّا أَنَّهَا شَهَادَةٌ لِبِنْتِهَا الْأُخْرَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) (الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا فِي غَيْرِ الْمَالِ: 1 - لَوْ شَهِدَ وَلَدٌ بِأَنَّ وَالِدَهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَإِذَا كَانَتْ أُمُّهُ تَحْتَ نِكَاحِ أَبِيهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْأَشْبَاهُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . 2 - إذَا شَهِدَ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ بِأَنَّ أَوْلَادَهُمْ وَأَحْفَادَهُمْ قَدْ وَكَّلُوا مِنْ فُلَانٍ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَبِالْعَكْسِ لَوْ شَهِدَ الْأَوْلَادُ وَالْأَحْفَادُ أَنَّ آبَاءَهُمْ وَأَجْدَادَهُمْ قَدْ وَكَّلُوا مِنْ فُلَانٍ فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَجْنَبِيًّا وَكَانَ الْمُوَكِّلُ مِنْ الْأُصُولِ أَوْ الْفُرُوعِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَيْضًا فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدٌ أَنَّ وَالِدَهُ الْغَائِبَ قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ سَوَاءٌ قَبِلَ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ أَوْ لَا (الدُّرَرُ) . مُسْتَثْنًى - يَجُوزُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ: إذَا ادَّعَى زَيْدٌ شَيْئًا مِنْ أَبِيهِ عَمْرٍو فَإِذَا شَهِدَ جَدُّ زَيْدٍ أَيْ وَالِدُ عَمْرٍو فِي دَعْوَى زَيْدٍ هَذِهِ عَلَى ابْنِهِ عَمْرٍو وَلِحَفِيدِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْرَبُ لِلشَّاهِدِ مِنْ حَفِيدِهِ وَأَعَزُّ فَشَهَادَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ وَتَنْتَفِي التُّهْمَةُ الَّتِي تُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ. شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، إذَا عَرَضَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لِلشَّهَادَةِ أَيْضًا كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الْمُطَلَّقَةِ وَلَوْ بَائِنًا فِي عِدَّتِهَا لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ بَاطِلَةٌ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا الْأَقْرِبَاءُ الَّذِينَ هُمْ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَالْآيَةُ الْجَلِيلَةُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] عَامٌّ وَيُعْمَلُ بِالْعَامِّ مَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ (الشِّبْلِيُّ) فَلِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمِّ وَالْأَبَوَيْنِ رَضَاعًا كَمَا أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحَمَاةِ وَالْحَمْ وَبِنْتِ الْأُخْتِ وَالرَّبِيبَةِ وَالصِّهْرِ وَزَوْجَةِ الِابْنِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ هُوَ خَاصٌّ فِي

حُرْمَةِ النِّكَاحِ فَقَطْ أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ فَهُمْ أُجَانِبُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا شَهَادَةُ التَّابِعِ الَّذِي يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَةِ مَتْبُوعِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَتَقَاضَى أُجْرَةً مِنْهُ وَالْأَجِيرُ الْخَاصُّ الْمُسْتَأْجَرُ مُيَاوَمَةً أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةٌ لِمُسْتَأْجِرِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْأَجِيرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَمْلُوكِ لِلْمَالِكِ فَلَوْ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَكَانَتْ شَهَادَةً بِالْأُجْرَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالشِّبْلِيُّ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ ثُمَّ صَارَ أَجِيرًا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُزَارِعِ لِرَبِّ الْأَرْضِ إذَا كَانَ الْبِذَارُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ أَجْبَرَهُ (الْبَهْجَةُ) . وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَجِيرِ الْمُسْتَأْجَرِ لِيَوْمٍ وَاحِدٍ لِمُسْتَأْجِرِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَمَّا إذَا أَعَادَ شَهَادَتَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ فَتُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . أَمَّا الْخَدَمُ الَّذِينَ يَخْدِمُونَ مَوْلًى فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أُجَرَاءَ بَعْضِهِمْ الْبَعْضَ بَلْ أُجَرَاءُ مَوْلَاهُمْ (النَّتِيجَةُ) . وَكَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِلْآخَرِ فِي. مَالِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ كَانُوا شُرَكَاءَ شَرِكَةَ أَمْلَاكٍ أَوْ شَرِكَةَ عَقْدٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَةُ الْعَقْدِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ عَنَانٍ أَوْ كَانَتْ شَرِكَةَ وُجُوهٍ وَصَنَائِعَ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ أَوْ كَانَ رِبْحَهَا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالشَّاهِدِ فَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ وَجْهِ شَهَادَةٍ لِنَفْسِهِ وَفِيهَا جَرُّ مَغْنَمٍ لِلشَّاهِدِ وَبِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ غَيْرَ مُتَجَزِّئَةٍ فَلَمَّا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ إذْ هِيَ شَهَادَةٌ (الْعِنَايَةُ وَالْفَيْضِيَّةُ) . أَجِيرُهُ الْخَاصُّ - أَمَّا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَلَا يَرَى أَنَّ لِهَذَا الْأَجِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِآخَرَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ) وَعَلَيْهِ فَلِلْخَيَّاطِ أَنْ يَشْهَدَ لِمَنْ يَخِيطُ قَمِيصَهُ عِنْدَهُ كَمَا أَنَّ لِلْقَابِلَةِ أَنْ تَشْهَدَ عَلَى الْوِلَادَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالشِّبْلِيُّ) . لِمُسْتَأْجِرِهِ - أَمَّا لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ لِزَوْجَةِ مُسْتَأْجِرِهِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ يَعْنِي لَوْ شَهِدَ أَجِيرُ أَحَدٍ الْخَاصُّ لِزَوْجَةِ مُسْتَأْجِرِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَهْجَةُ) . أَحَدُ الشُّرَكَاءِ - كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَجِيرِ الشَّرِيكِ الْخَاصِّ لِلشَّرِيكِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . فِي مَالِ الشَّرِكَةِ - أَمَّا شَهَادَةُ الشُّرَكَاءِ لِبَعْضِهِمْ فِي غَيْرِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ

الشَّرِيكِ عَلَى شَرِيكِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ هِيَ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ (أَبُو السُّعُودِ) . شَهَادَتُهُمْ - وَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ. مَثَلًا لَوْ تَكَوَّنَتْ دَعْوَى بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى مَالٍ فَحَمَّلَ بَكْرٌ الَّذِي هُوَ شَرِيكُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ الْمَالِ شَهَادَتَهُ لِاثْنَيْنِ وَشَهِدَ الِاثْنَانِ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ لِزَيْدٍ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ الْآتِيَةُ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ: 1 - لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُوصَى لَهُ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ أَوْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِلْمُوصِي لَهُ الْمُتَوَفَّى؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ يَتَزَايَدُ مَحَلُّ الْوَصِيَّةِ أَوْ يَنَالُ سَلَامَةَ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا. 2 - لَا تُقْبَلُ دَعْوَى مُرْتَزِقَةِ وَقْفٍ فِي دَعْوَى غَلَّةِ النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ لِذَلِكَ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ لِلشَّاهِدِ حِصَّةً فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ شَهَادَةِ الشَّرِيكِ لِلشَّرِيكِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِأَصْلِ الْوَقْفِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْتَزِقَةِ، كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ بَدَلَ إجَارِ حَانُوتٍ مَوْقُوفٍ عَلَى إمَامِ جَامِعٍ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ إمَامِ الْجَامِعِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا لَوْ شَهِدَ مُدَرِّسُ مَدْرَسَةٍ أَوْ طَلَبَتُهَا عَلَى وَقْفِ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ أَوْ شَهِدَ مَنْ لَهُ وَلَدٌ فِي الْمَدْرَسَةِ عَلَى وَقْفٍ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ أَوْ شَهِدَ أَهَالِي مَحَلَّةٍ عَلَى وَقْفِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 3 - لَوْ ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ مَشْرُوطٍ عَلَى عَوَارِضِ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ مَبْلَغًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهَالِي تِلْكَ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ عَوَارِضَ أَمَّا شَهَادَتُهُمْ عَلَى النُّقُودِ الْمَوْقُوفَةِ فَمَقْبُولَةٌ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْخَيْرِيَّةُ) . 4 - لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ قَائِلِينَ: إنَّ لَنَا وَلِفُلَانٍ فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَنُصَّ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: إنَّ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَنَا الثَّلَاثَةِ فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1101) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ يُطْلِقَ الشُّهُودُ الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَيْضًا بِسَبَبِ احْتِمَالِ الشَّرِكَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (73) . الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ - أَنْ يَنُصَّ الشُّهُودُ عَلَى عَدَمِ الشَّرِكَةِ وَهُوَ أَنْ يَقُولُوا: إنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِسَبَبٍ وَإِنَّ لَنَا فِي ذِمَّتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ أُخْرَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي حَقِّ طَلَبِ الْمُدَّعِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (99) (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . 5 - إذَا كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا بِأَنَّ زَيْدًا قَدْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ أَوْ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْ فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ بِكَذَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ أَمَّا إذَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَتُقْبَلُ إذْ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حِصَّةٌ فِي الْوَصِيَّةِ.

إلَّا أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ الْآتِيَتَيْ الذِّكْرِ مَقْبُولَتَانِ: 1 - إذَا شَهِدَ شُهُودٌ قَائِلِينَ: إنَّ الْمُتَوَفَّى زَيْدًا قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِقَبِيلَةِ بَنِي فُلَانٍ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ أَفْرَادِ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الشُّهُودُ حِصَّةً مِنْ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ. 2 - إذَا شَهِدَ شُهُودٌ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى زَيْدًا قَدْ أَوْصَى لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ وَكَانَ الشُّهُودُ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ حِصَّتَهُمْ مِنْ الْوَصِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَوَّلِ (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) وَالْأَخِيرَيْنِ أَنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ. 6 - إذَا أَوْصَى أَحَدٌ لِفُقَرَاءِ جِيرَانِهِ وَكَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ أَوْلَادٌ مُحْتَاجُونَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِأَوْلَادِهِمْ أَوْ لِغَيْرِ أَوْلَادِهِمْ؛ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَوْلَادِهِمْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ عُمُومِ خِطَابِهِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ الْكَلَامُ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُمْ دَاخِلُونَ تَحْتَ الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا أَدْخَلْنَا الْمُتَكَلِّمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ لِفُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ يُحْصَوْنَ بِخِلَافِ فُقَرَاءِ جِيرَانِهِ وَبَنِي تَمِيمٍ (الْبَحْرُ) . 7 - لَوْ شَهِدَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ يُنْظَرُ: فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ الشُّفْعَةَ، وَقَالُوا بِأَنَّنَا أَبْطَلْنَا شُفْعَتَنَا فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ قَابِلٌ لِلْإِبْطَالِ وَالْإِسْقَاطِ وَإِلَّا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ إثْبَاتًا لِحَقِّ الشُّفْعَةِ لِأَنْفُسِهِمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لِلْأَصِيلِ عَلَى كَوْنِ الْمَكْفُولِ بِهِ قَدْ تَأَدَّى لِلْمَكْفُولِ لَهُ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ ثَبَتَ الْأَدَاءُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ دَفْعُ مَغْرَمٍ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ، وَلَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ لِلْآخَرِ أَيْ شَهَادَةُ الشُّرَكَاءِ وَالْكَفِيلِ بِالْمَالِ فِي سَائِرِ الْخُصُوصَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ جَرُّ مَغْنَمٍ أَوْ دَفْعُ مَغْرَمٍ وَشَرِكَةُ الْعِنَانِ تَكُونُ عَامَّةً وَخَاصَّةً، وَكَمَا يَظْهَرُ وُجُودُ سَائِرِ الْخُصُوصَاتِ فِي الْخَاصَّةِ يَظْهَرُ أَيْضًا فِي الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ أَمْوَالُ الشَّرِكَةِ عِبَارَةً عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَيْ النُّقُودِ فَتُخْرَجُ الْأَمْوَالُ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ مِنْ أَمْوَالِ الشَّرِكَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَعَلَى قَوْلٍ تَكُونُ عَامَّةً وَخَاصَّةً وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ تَكُونُ عَامَّةً فَقَطْ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الشَّرِكَةِ وَوُجُودُ سَائِرِ الْخُصُوصَاتِ فِي الْخَاصَّةِ ظَاهِرٌ وَفِي الْعَامَّةِ لَهَا وُجُودٌ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَلَا تَكُونُ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ أَحَدِ شُرَكَاءِ الْمُفَاوَضَةِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَكَذَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَفِي إطْعَامِ وَإِكْسَاءِ عَائِلَتِهِ مَا هُوَ خَارِجٌ عَنْ الشَّرِكَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَالزَّيْلَعِيّ) . فَلِذَلِكَ تَجُوزُ شَهَادَةُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ لِبَعْضِهِمْ الْبَعْضَ فِي غَيْرِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ (الْخَيْرِيَّةُ) .

(المادة 1701) شهادة الصديق لصديقه

وَكَذَلِكَ لِلْكَفِيلِ بِالْمَالِ أَنْ يَشْهَدَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ بِغَيْرِ الْمَكْفُولِ بِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ الْآتِيَةُ لِلتَّنَاقُضِ: 1 - إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِزَيْدٍ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لِعَمْرٍو لَا تُقْبَلُ. مَثَلًا، لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ الْمَبْنِيَّ فِي عَرْصَةِ وَقْفٍ قَدْ بَنَاهُ بَكْرٌ لِنَفْسِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِلْوَقْفِ وَهُوَ لِذَلِكَ مِلْكُ بَكْرٍ. ثُمَّ شَهِدَا بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ بَكْرًا قَدْ بَنَى ذَلِكَ الْبِنَاءَ لِلْوَقْفِ فَالْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ وَقْفٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. 2 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مَالًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ شَهِدَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِعَمْرٍو لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْبَهْجَةُ) . 3 - إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي دَيْنًا وَكَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ وَشَهِدَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ مَعَ آخَرَ عَلَى ذَلِكَ الدَّفْعِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1701) شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ] الْمَادَّةُ (1701) - (شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ مَقْبُولَةٌ وَلَكِنْ إذَا وَصَلَتْ صَدَاقَتُهُمَا إلَى مَرْتَبَةِ تَصَرُّفِ أَحَدِهِمَا فِي مَالِ الْآخَرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ) . شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَةَ لَا تُوجِبُ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْأَصْدِقَاءِ فِي مَالِ بَعْضِهِمْ الْبَعْضِ فَلَا تَكُونُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ شَائِبَةُ جَرِّ مَغْنَمٍ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَيُقْصَدُ مِنْ الصَّدَاقَةِ هُنَا الصُّحْبَةُ وَلَيْسَ الْقَرَابَةَ وَقَدْ مَرَّ الْبَحْثُ عَنْ الْقَرَابَةِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَلَكِنْ إذَا وَصَلَتْ صَدَاقَتُهُمَا إلَى مَرْتَبَةِ تَصَرُّفِ أَحَدِهِمَا فِي مَالِ الْآخَرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُوجَدُ بِتُهْمَةِ انْتِفَاعِ الشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ. أَمَّا شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فَمَقْبُولَةٌ. [ (الْمَادَّةُ 1702) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ] الْمَادَّةُ (1702) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ، وَتُعْرَفُ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِالْعُرْفِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَاةَ مِنْ أَجَلِ الدُّنْيَا مُحَرَّمَةٌ وَمُنَافِيَةٌ لِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَاَلَّذِي يَرْتَكِبُ ذَلِكَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ بِأَنْ لَا يَشْهَدَ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَذِبًا وَخِلَافًا لِلْوَاقِعِ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ) . أَمَّا شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ فَمَقْبُولَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُهْمَةٌ فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَكْسُ الْمَادَّةِ (1700) ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ وَيَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَلَكِنْ يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَالْعَدَاوَةُ فِسْقٌ وَهِيَ لَا تَتَجَزَّأُ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ فَلَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ أَيْضًا وَتُرَدُّ شَهَادَةُ هَذَا الْعَدُوِّ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ. وَقَدْ قَبِلَ الزَّيْلَعِيّ وَالْخَيْرِيَّةُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَالْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ هِيَ الْعَدَاوَةُ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ أُمُورٍ كَالْمَالِ وَالْجَاهِ وَتُعْرَفُ بِالْعُرْفِ، فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَجْرُوحِ عَلَى الْجَارِحِ وَوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمَقْذُوفِ عَلَى الْقَاذِفِ وَالْمَشْتُومِ عَلَى

(المادة 1703) ليس لأحد أن يكون شاهدا ومدعيا

الشَّاتِمِ، مَثَلًا لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَدَاوَةٌ مَعَ ذِمِّيٍّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ عَلَى ذَلِكَ الذِّمِّيِّ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) وَلَا تَحْصُلُ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بِطَلَبِ أَحَدٍ مِنْ آخَرَ وَبِالِادِّعَاءِ بِذَلِكَ أَوْ بِضَرْبِ أَحَدٍ لِآخَرَ أَوْ إحْبَاسِهِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي (التَّنْقِيحُ وَالنَّتِيجَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَالْبَهْجَةُ) . مَثَلًا؛ إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَفِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الدَّعْوَى شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ الشُّهُودَ قَدْ ضَرَبُونِي وَلِذَلِكَ يُوجَدُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ فَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ (الْهَامِشُ وَالْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّهُ يُوجَدُ بَيْنِي وَبَيْنَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهَا فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ أَعْدَائِي فَيَكُونُ قَدْ فَسَّقَ نَفْسَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ فِيمَا بَعْدُ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ - أَمَّا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ فَلَا تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ. مَثَلًا لَوْ تَجَاوَزَ أَحَدٌ الْحَدَّ بِارْتِكَابِ الْمَنَاهِي وَالْمَعَاصِي وَصَارَ أَحَدٌ عَدُوًّا لَهُ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ ذَلِكَ الْعَدُوِّ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ قَدْ سَبَّبَتْ إفْرَاطَ الْأَذَى عَلَى الْفَاسِقِ وَمُرْتَكِبِ الْمَعَاصِي فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا تَمْنَعُ الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . [ (الْمَادَّةُ 1703) لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا وَمُدَّعِيًا] الْمَادَّةُ (1703) - (لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا وَمُدَّعِيًا فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْيَتِيمِ وَالْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ) . لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا وَشَاهِدًا فِي دَعْوَاهُ فَعَلَيْهِ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ أَحَدٍ لِنَفْسِهِ، وَلَا شَهَادَةُ الْوَصِيِّ لِلْمُتَوَفَّى أَوْ الْيَتِيمِ، وَشَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ لِمُوَكِّلِهِ، أَمَّا شَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدِّينِ لِمُوَكِّلِهِ فِي الدِّينِ الْمَذْكُورِ فَصَحِيحَةٌ (الْوَاقِعَاتُ) . وَالْفَرْقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ هُوَ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَ قَبُولِهِ الْوِصَايَةِ وَشَهِدَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا أُخْرِجَ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِحُلُولِ الْوَصِيِّ مَحَلَّ الْمَيِّتِ وَلِذَا لَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ بِلَا عَزْلِ قَاضٍ فَكَانَ كَالْمَيِّتِ نَفْسِهِ فَاسْتَوَى خِصَامُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُخَاصِمْ قُبِلَتْ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ حَيٌّ وَهُوَ قَائِمٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ الْوَكِيلِ. شَهَادَةُ الْوَصِيِّ - إذَا قَبِلَ الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ ثُمَّ شَهِدَ أَنَّ لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ مَطْلُوبًا أَوْ أَنَّ لِهَذَا الْوَارِثِ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى مَطْلُوبًا فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ. كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِلْوَصِيِّ الْمُتَوَفَّى. أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَرَدَّهَا فَتُقْبَلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ شَهَادَتُهُ لِلْمُتَوَفَّى وَلِلْيَتِيمِ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . شَهَادَتُهُ لِلتَّيْمِ - أَمَّا شَهَادَةُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمُتَوَفَّى فَمَقْبُولَةٌ (النَّتِيجَةُ)

مَثَلًا: إذَا شَهِدَ الْوَصِيُّ قَبْلَ أَدَائِهِ الدَّيْنَ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا إذَا شَهِدَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ بِدُونِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1700) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ تَصِحُّ شَهَادَةِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُتَوَفَّى. مَثَلًا: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ الْعَدِيدِينَ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمَا الْمُتَوَفَّى مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا فَتَصِحُّ شَهَادَتُهُمَا، كَمَا أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا مَحَلَّ وَصِيَّةِ الْمُتَوَفَّى تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُهْمَةٌ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . شَهَادَةُ الْوَكِيلِ - تَكُونُ الْوَكَالَةُ خَاصَّةً وَعَامَّةً كَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ يَكُونُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ فِي الْخَارِجِ وَيَصِيرُ إثْبَاتُهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَإِذَا شَهِدَ الْوَكِيلُ فِي الْوَكَالَةِ الْخَاصَّةِ بَعْدَ الْمُخَاصِمَةِ لِمُوَكِّلِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. مَثَلًا لَوْ تَوَكَّلَ لِآخَرَ فِي دَعْوَى وَتَرَافَعَ أَمَامَ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الدَّعْوَى ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَشَهِدَ فِي دَعْوَى مُوَكِّلِهِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ كَانَ فِي غَيْرِ حُضُورِهِ وَثَبَتَ التَّوْكِيلُ فِي حُضُورِهِ. أَمَّا إذَا عُزِلَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْمُرَافَعَةِ ثُمَّ شَهِدَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ التَّوْكِيلُ وَقَعَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ أَمَّا إذَا وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ الْوَكِيلُ وَكَالَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَعُزِلَ قَبْلَ الْمُخَاصِمَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَمَّا اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ صَارَ الْوَكِيلُ خَصْمًا بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ عَلَى غُرَمَائِهِ، فَشَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ بِالدَّنَانِيرِ شَهَادَةُ الْخَصْمِ فَلَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي بِوَكَالَتِهِ لَيْسَ بِقَضَاءٍ فَلَمْ يَصِرْ خَصْمًا فِي غَيْرِ مَا وُكِّلَ بِهِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي حَقِّ آخَرَ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الَّتِي وُكِّلَ بِهَا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (التَّكْمِلَةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْوَاقِعَاتُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ تَخَاصَمَ الْوَكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْمَطْلُوبِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَكِّلِهِ فِي عَيْنِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا وَكَالَةُ الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ فَإِذَا كَانَ التَّوْكِيلُ وَاقِعًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَعُزِلَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ فِي كُلِّ دَعْوَى لَهُ، وَأَمَّا إذَا عُزِلَ بَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي كُلِّ دَعْوَى لِمُوَكِّلِهِ غَيْرَ الدَّعْوَى الَّتِي خَاصَمَ فِيهَا. أَمَّا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ وَاقِعًا فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَأُثْبِتَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيِّنَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَيِّ حَقٍّ لِمُوَكِّلِهِ كَانَ حَقًّا لَهُ فِي زَمَانِ وَكَالَتِهِ أَوْ بِتَارِيخٍ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَكَالَةِ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ وَيَدَّعِيَ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ فَادَّعَى الْوَكِيلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُوَكِّلُ مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ دَيْنًا بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْقَرْضِ وَالْكَفَالَةِ وَلَمْ يَسْبِقْ لِلْوَكِيلِ أَنْ تَخَاصَمَ

(المادة 1704) لا تعتبر شهادة أحد على فعله

فِي ذَلِكَ بِحُضُورِ الْقَاضِي فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَعْيَانِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ. أَمَّا إذَا وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَأَثْبَتَ الْوَكِيلُ فِي مُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي مُخَاصَمَتِهِ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ وَدَعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْوَكَالَةِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَيِّ حَقٍّ كَانَ لَهُ فِي زَمَانِ الْوَكَالَةِ أَوْ بِتَارِيخٍ أَقْدَمَ مِنْ تَارِيخِ الْوَكَالَةِ. إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْحَقِّ الَّذِي حَدَثَ بَعْدَ زَمَانِ الْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1704) لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ أَحَدٍ عَلَى فِعْلِهِ] الْمَادَّةُ (1704) - (لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ أَحَدٍ عَلَى فِعْلِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْوُكَلَاءِ وَالدَّلَّالِينَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: كُنَّا بِعْنَا هَذَا الْمَالَ، كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ قَاضِي بَلْدَةٍ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَلَى حُكْمٍ صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَ عَزْلِهِ لَا يَصِحُّ وَأَمَّا إذَا شَهِدَ بَعْدَ الْعَزْلِ عَلَى إقْرَارِ أَحَدٍ وَقَعَ فِي حُضُورِهِ قَبْلَ الْعَزْلِ فَتُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ) . لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ أَحَدٍ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ فِي حُكْمِ الْفِعْلِ. الشَّهَادَةُ عَلَى الْفِعْلِ - بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْك أَوْ مِنْ وَكِيلِك وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْوُكَلَاءِ. وَلَوْ كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا بِالنِّكَاحِ، وَالدَّلَّالِينَ عَلَى أَفْعَالِهِمْ بِقَوْلِهِمْ: كُنَّا بِعْنَا ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُدَّعِي وَكَالَةً مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كُنَّا أَنْكَحْنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْبَهْجَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَعَلِيٍّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى تَسْلِيمِ النُّقُودِ بِقَوْلِهِ فِي شَهَادَتِهِ قَدْ سَلَّمْت النُّقُودَ بِيَدِي إلَى عَمْرٍو لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) . كُنَّا بِعْنَا - يُشَارُ بِهَا إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي شَهَادَتِهِ وَكَالَتَهُ أَوْ دَلَالَتَهُ بَلْ شَهِدَ أَنَّ الْمَالَ لِفُلَانٍ قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ عَلَى النِّكَاحِ بِدُونِ ذِكْرِ وَكَالَتِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (النَّتِيجَةُ) . الْوُكَلَاءُ وَالدَّلَّالِينَ - وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ الْقَاسِمِ إذْ أَنَّ الْقَاسِمَ لِلْأَمْوَالِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِأَجْرٍ أَوْ بِلَا أَجْرٍ إذَا شَهِدَ قَائِلًا: إنَّنِي قَسَمْت هَذِهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَقَدْ أَصَابَ هَذَا الْمَالَ حِصَّةُ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْهِنْدِيَّةُ والشُّرُنْبُلاليُّ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ بِقِسْمَتِهِ مَا لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَعْمِلُوا الْقُرْعَةَ (الْخَانِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ قَاضِي بَلْدَةٍ بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى حُكْمٍ صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَ الْعَزْلِ لَا يَصِحُّ يَعْنِي لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي قَائِلًا: عِنْدَمَا كُنْت قَاضِيًا قَدْ ادَّعَى هَذَا الْمُدَّعِي مِنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْمَالَ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ حَكَمْت لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ حَيْثُ إنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي الْقَوْلِيِّ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . مُسْتَثْنًى - إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِقَوْلِهِ: قَدْ وَزَنْت أَوْ عَدَّدْت الْمَالَ بِحُضُورِ رَبِّ الْمَالِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ،

(المادة 1705) يشترط أن يكون الشاهد عادلا

يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَقْرَضْتُك ثَمَانِيَةَ دَرَاهِمَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ عِنْدَمَا أَدَّى الْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمُقْتَرَضَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَزَنَّاهُ أَوْ عَدَدْنَاهُ نَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ (الْبَهْجَةُ) . أَمَّا لَوْ شَهِدَ الْقَاضِي بَعْدَ الْعَزْلِ عَلَى إقْرَارِ أَحَدٍ وَقَعَ فِي حُضُورِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ فِعْلُ الْقَاضِي بَلْ هُوَ فِعْلُ الْمُقِرِّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) . الشَّهَادَةُ عَلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الْفِعْلِ - لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْكَفِيلِ بِالثَّمَنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ عَلَى الْعَقْدِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: قَدْ بَاعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ هَذَا الْمَالَ بِكَفَالَتِنَا عَلَى السَّنَدِ فَإِذَا كَانَتْ كَفَالَةُ الشُّهُودِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِالْكَفَالَةِ فَيَكُونُ الشُّهُودُ فِي حُكْمِ الْبَائِعِ وَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى فِعْلِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَفَالَتُهُمْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ. [ (الْمَادَّةُ 1705) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا] الْمَادَّةُ (1705) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اعْتَادَ أَعْمَالًا تَخِلُّ بِالنَّامُوسِ وَالْمُرُوءَةِ كَالرَّقَّاصِ وَالْمَسْخَرَةِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَعْرُوفِينَ بِالْكَذِبِ) . يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا، وَيَثْبُتُ هَذَا بِدَلِيلَيْنِ: الْأَوَّلُ - قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] . الثَّانِي - لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ خَبَرًا مُحْتَمِلَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَالْحُجَّةُ هِيَ خَبَرٌ صَادِقٌ فَيَتَرَجَّحُ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ طَرَفُ الصِّدْقِ (الدُّرَرُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1682) أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ عَادِلٍ فَيَكُونُ مَلْحُوظًا فِيهِ اخْتِيَارُ الْكَذِبِ. فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَادِلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ بَيَّنَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ، فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: إنَّ الشَّهَادَةَ الَّتِي سَأَشْهَدُهَا لِفُلَانٍ هِيَ شَهَادَةُ زُورٍ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ فِي دَعْوَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ بِأَنَّهُ حِينَمَا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ يَجْهَلُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لِفُلَانٍ فِي أَمْرٍ مَا، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ: إنَّهُ كَانَ عِنْدِي شَهَادَةٌ لَهُ وَقَدْ كُنْت نَسِيتُهَا. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: لَا أَعْلَمُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ شَهِدَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَيْرِ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ، وَشَهَادَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَالِمِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَالْعَادِلُ مَنْ تَكُونُ حَسَنَاتُهُ غَالِبَةً عَلَى سَيِّئَاتِهِ، وَهُوَ الْمُتَوَقِّي كَبَائِرَ الذُّنُوبِ وَالْغَيْرُ الْمُصِرُّ عَلَى صَغَائِرِهَا وَكَانَ صَلَاحُهُ أَكْثَرَ مِنْ فَسَادِهِ وَصَوَابُهُ أَوْفَرَ مِنْ خَطَئِهِ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ» يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَكُونُ كَبِيرَةً بِالْإِصْرَارِ أَيْ أَنَّ ارْتِكَابَ الصَّغِيرَةِ بِدُونِ الْإِصْرَارِ بِشَرْطِ اجْتِنَابِ الْكَبِيرَةِ لَيْسَ مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ. وَيَكْفِي أَنْ تَغْلِبَ الْحَسَنَاتُ السَّيِّئَاتِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَيِّئَاتٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ

فِي الْبَشَرِ مَعْصُومٌ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِذَا شُرِطَتْ الْعِصْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ يُوجَبُ سَدُّ بَابِهَا (الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرَرُ بِزِيَادَةٍ) . فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرَاتِ الْأُخْرَى وَمُرْتَكِبِ الْمُحَرَّمَاتِ الْكَبِيرَةِ الْأُخْرَى وَمَنْ لَا يَعْلَمُ شَرَائِطَ الْإِسْلَامِ وَشَهَادَةُ الرَّقَّاصِ وَالْمَسْخَرَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ وَالطُّفَيْلِيِّ وَالْمُشَعْوِذِ (بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَصِيغَةُ اسْمِ الْمَفْعُولِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ) وَمَنْ يَمُدُّ رِجْلَهُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ يَمْشِي فِي الطَّرَقَاتِ بِسِرْوَالِهِ فَقَطْ أَوْ بِكَشْفِ رَأْسِهِ فِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ يَعْتَادُ حَالًا وَأَعْمَالًا تَخِلُّ بِالشَّرَفِ وَالْمُرُوءَةِ أَوْ يَعْتَادُ سَبَّ النَّاسِ وَالْحَيَوَانَاتِ أَوْ يَأْكُلُ الْحَرَامَ أَوْ الْحَلَّافِ بِالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالْمَعْرُوفِ بِالْبُخْلِ وَالْكَذِبِ أَوْ مَنْ يَقْضِي حَاجَتَهُ (الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ) فِي الْأَزِقَّةِ وَالسَّاحَاتِ، أَوْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا مِئْزَرٍ أَوْ يَعْتَادُ الْأَفْعَالَ الْحَقِيرَةَ (الشِّبْلِيُّ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ وَالنَّتِيجَةُ) . الْمُرُوَّةُ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْمُرُوءَةُ بِالْهَمْزَةِ لُغَةً وَالْمُرُوَّةُ وَالْمُرُوءَةُ، هِيَ الْآدَابُ النَّفْسَانِيَّةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْإِنْسَانَ إلَى الْمَحَاسِنِ فِي جَمِيعِ الْعَادَاتِ فَيَجْتَنِبُ عَمَلَ شَيْءٍ يُوجِبُ تَنَزُّلَ قَدْرِ الْإِنْسَانِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ (التَّنْقِيحُ أَبُو السُّعُود الْمِصْرِيّ) . كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَادِمِ الْحَمَّامِ وَدَلَّاكِهِ وَمَنْ اعْتَادَ التَّسَوُّلَ فِي الْمُدُنِ وَالْمَحَلَّاتِ وَمَنْ كَانَ لَا يَطْلُبُ الْحَلَالَ وَلَا يَتَجَانَبُ الْحَرَامَ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَالْبَهْجَةُ) فَإِذَا قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الْفَاسِقِ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِعْلَامُ (الْبَهْجَةُ) . الرَّقَّاصُ - مَأْخُوذٌ مِنْ الرَّقْصِ الَّذِي هُوَ فِي وَزْنِ النَّقْضِ كَمَا أَنَّ مَنْ يَرْقُصُ الرَّقْصَ الدِّينِيَّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْإِيمَانِ وَالنِّكَاحِ؟ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) . الْمَسْخَرَةُ - وَهُوَ الَّذِي يَتَمَسْخَرُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَمَنْ يَجْمَعُهُمْ حَوْلَهُ وَيُضْحِكُهُمْ بِأَقْوَالٍ تَافِهَةٍ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَيْثُ إنَّهُ يَرْتَكِبُ الشَّيْءَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا طَمَعًا بِالْمَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي بِزِيَادَةٍ) . الطُّفَيْلِيُّ - وَالطُّفَيْلُ بِوَزْنِ زُبَيْرٍ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ لِلطُّفَيْلِ وَالطُّفَيْلُ هُوَ ابْنُ زُلَالٍ الْكُوفِيُّ وَهُوَ رَئِيسُ زُمْرَةِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَقَدْ نُسِبَ كُلُّ طُفَيْلِيٍّ لَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَاسِقِ الْوَجِيهِ بَيْنَ النَّاسِ وَصَاحِبِ الْمُرُوءَةِ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَجَلَّةِ عَدَمَ قَبُولِهَا (الدُّرَرُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَلَا تَمْنَعُ الصِّنَاعَةُ الدَّنِيئَةُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَنَّاسِ وَالْحَجَّامِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ إذَا كَانُوا عَادِلِينَ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرٌ بَيْنَ هَؤُلَاءِ مَنْ هُوَ صَاحِبُ دِينٍ وَتَقْوَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَابِ الْوَجَاهَةِ وَأَصْحَابِ الْمَنَاصِبِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] " الْخَيْرِيَّةُ ".

الفصل الرابع في بيان موافقة الشهادة للدعوى

إلَّا أَنَّ اخْتِلَافَ الرَّعَوِيَّةِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى رَعَايَا الدَّوْلَةِ الْمَحَلِّيَّةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى آخَرَ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أُخْرَى. أَمَّا إذَا كَانَ الِاثْنَانِ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى بَعْضِهِمَا (الْبَهْجَةُ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْرُوفِ بِالْكَذِبِ وَبَيْنَ الْفُسَّاقِ الْآخَرِينَ هُوَ: أَنَّ الْمَعْرُوفَ بِالْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى وَلَوْ تَابَ عَنْ الْكَذِبِ. أَمَّا الْفُسَّاقُ الْآخَرُونَ إذَا تَابُوا مُدَّةً ظَهَرَ فِيهَا أَثَرُ التَّوْبَةِ ثُمَّ شَهِدُوا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَهَذِهِ الْمُدَّةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَعِنْدَ الْآخَرِينَ سَنَةٌ كَامِلَةٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . [الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى] إنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْفَصْلِ تَتَفَرَّعُ إلَى ثَلَاثَةِ أُصُولٍ وَضَوَابِطَ: الْأَصْلِ الْأَوَّلِ - يَكْفِي مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى مَعْنًى. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ (1706) . الْأَصْلِ الثَّانِي - إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَاذَا كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ (1707) . الْأَصْلِ الثَّالِثِ - الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ أَكْثَرُ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ حَيْثُ إنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَصْلِ أَمَّا الْمِلْكُ الْمُقَيَّدُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ السَّبَبِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَادَّتَانِ (1709 و 1710) . الْمَادَّةُ (1706) - (تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَلَا وَلَكِنْ لَا اعْتِبَارَ لِلَّفْظِ وَتَكْفِي الْمُوَافَقَةُ مَعْنًى. مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةٌ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ أَوْ كَانَ غَصْبًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَ الْمَدِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) . يُشْتَرَطُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى وَالْمُوَافَقَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّحَادِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ أَيْ نَوْعًا وَكَمًّا وَكَيْفًا وَمَكَانًا وَزَمَانًا وَفِعْلًا وَانْفِعَالًا وَوَصْفًا وَمِلْكًا وَنِسْبَةً. فَعَلَيْهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إنْ وَافَقَتْ الدَّعْوَى بَعْدَ تَزْكِيَتِهَا سِرًّا وَعَلَنًا وَيُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً لِمُوَافَقَتِهَا لِلدَّعْوَى (الشِّبْلِيُّ) .

سُؤَالٌ - إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى فَيَكُونُ الْقَبُولُ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ وُجُودُ الْمَشْرُوطِ فَإِذَا وُجِدَ شَرْطُ الْقَبُولِ فَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ إذْ إنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ إلَّا أَنَّهُ بِوُجُودِ الْوُضُوءِ لَا تُوجَدُ الصَّلَاةُ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا كَانَتْ مُوَافِقَةً لِلدَّعْوَى تَكُونُ صَحِيحَةً. الْجَوَابُ - إنَّ سَبَبَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ هُوَ الْتِزَامُ الْقَاضِي اسْتِمَاعَهَا فِي حَالَةِ صِحَّتِهَا، وَشَرْطُهَا تَقَدُّمُ الدَّعْوَى، وَبِمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ تَقَدُّمُ الدَّعْوَى الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَانْتَفَى الْمَانِعُ وَجَبَ الْقَبُولُ وَلَيْسَ وُجُودُ الشَّرْطِ هُوَ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ وُجُودَ الْمَشْرُوطِ (الْعِنَايَةُ) وَإِلَّا فَلَا وَيُطْلَبُ شُهُودٌ أُخَرُ، وَإِذْ لَمْ يَكُنْ شُهُودٌ آخَرِينَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ الشَّهَادَةُ مُكَذِّبَةً لِلدَّعْوَى وَالدَّعْوَى الْكَاذِبَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ النَّاسِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1696) . سُؤَالٌ - إذَا لَمْ تُوَافِقْ الشَّهَادَةُ الدَّعْوَى يَكُونُ حَصَلَ تَعَارُضٌ بَيْنَ كَلَامِ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَادِقًا وَالْآخَرُ كَاذِبًا فَمَا الْمُرَجِّحُ بِأَنْ يُعْتَبَرَ كَلَامُ الشَّاهِدِ صَادِقًا، وَيُعْتَبَرَ كَلَامُ الْمُدَّعِي كَاذِبًا فَلَا يُعْتَبَرُ. وَقَدْ عُدَّ كَلَامُ الشَّاهِدِ صَادِقًا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ دَعْوَى حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ؟ الْجَوَابُ - لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى عَدَالَةُ الْمُدَّعِي، أَمَّا الشُّهُودُ فَالْأَصْلُ فِيهِمْ الْعَدَالَةُ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلِذَلِكَ يُرَجَّحُ جَانِبُ الشُّهُودِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (الْعِنَايَةُ) . فَلِذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ أُعِيدَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَحَصَلَ التَّوَافُقُ بَيْنَهُمَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَتُقْبَلُ مَا دَامَ فِي الْمَحَلِّ وَلَمْ يَبْرَحْ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (التَّكْمِلَةُ) . الْمُخَالَفَةُ نَوْعًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1712) . الْمُخَالَفَةُ كَمًّا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ رِيَالَاتٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِثَلَاثِينَ رِيَالًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1708) . الْمُخَالَفَةُ كَيْفًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي شِرَاءَ ثِيَابٍ حَمْرَاءَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِشِرَاءِ ثِيَابٍ بَيْضَاءَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1714) . الْمُخَالَفَةُ مَكَانًا وَزَمَانًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ أَبَاهُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى فِي دِمَشْقَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَتَلَ أَبَا الْمُدَّعِي فِي عِيدِ رَمَضَانَ فِي مَدِينَةِ الْقَاهِرَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1713) . الْمُخَالَفَةُ فِعْلًا وَانْفِعَالًا - كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَقَّ الرَّاوِيَةَ وَأَتْلَفَ زَيْتَهُ

وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الرَّاوِيَةَ قَدْ انْشَقَّتْ وَهِيَ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّقُّ فِعْلٌ وَالِانْشِقَاقُ انْفِعَالٌ. الْمُخَالَفَةُ وَصْفًا كَمَا إذْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْعَقَارَ الْوَاقِعَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ مِلْكِ فُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُدَّعِي هُوَ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ الْمِلْكِ الْمَذْكُورِ. الْمُخَالَفَةُ مِلْكًا كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ فُلَانًا هُوَ عَبْدِي الْمُتَوَلَّدُ مِنْ جَارَتِي فُلَانَةَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ مُتَوَلَّدٌ مِنْ جَارِيَةٍ أُخْرَى (الْعِنَايَةُ وَالتَّكْمِلَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ لَا اعْتِبَارَ لِلَّفْظِ وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُوَافَقَةُ فِي اللَّفْظِ وَتَكْفِي الْمُوَافَقَةُ مَعْنًى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُتَصَوَّرُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. الْحَالُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ مُوَافِقَةً الدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى وَعَلَيْهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ الْمَادَّةُ (1707) الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلدَّعْوَى لَفْظًا إلَّا أَنَّهَا مُوَافَقَةٌ مَعْنًى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ وَدِيعَةً وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: لِي عِنْدَك كَذَا وَدِيعَةً، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شُهُودًا شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ الْمَالَ بِهِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَصْبًا أَيْ مَالًا مَغْصُوبًا بِأَنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ غَصَبْت مِنِّي كَذَا مَالًا فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ أَيْ بِغَصْبِهِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَارِيَّةً وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَارِيَّةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْحَمَوِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) . ثَانِيًا: كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَ الْمَدِينَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ هُوَ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي مَعْنًى. ثَالِثًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَدِينٌ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِكَفَالَتِهِ لِفُلَانٍ الْمَدِينِ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْهُ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى فِي ذِمَّتِهِ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ مِنْ جِهَةِ كَفَالَتِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْحَمَوِيُّ) رَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي شِرَاءَ الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1668) . خَامِسًا: إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي أَدَّعِي الْمِلْكَ بِذَلِكَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1709) . سَادِسًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِينَ الْإِبْرَاءَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الصُّلْحِ عَلَى مَالٍ فَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ

وَاقِعًا عَلَى بَعْضِ جِنْسِ الْحَقِّ فَتُقْبَلُ حَيْثُ يَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إبْرَاءٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ. سَابِعًا: إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ الدَّيْنَ يُسْأَلُ الْمَدِينُ: هَلْ إنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَمْ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ؟ فَإِذَا قَالَ بِأَنَّهُ أَبْرَأهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ تُقْبَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إذْ يَكُونُ قَدْ وَفَّقَ الْمُخَالَفَةَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا قَالَ بِأَنَّهُ أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ سَكَتَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْهِنْدِيَّةُ) . ثَامِنًا: إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ دَيْنَهُ فَدَفَعَ الْمَدِينُ الدَّعْوَى بِادِّعَاءِ الْأَدَاءِ فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِبْرَاءُ الْوَاقِعُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ (الْبَهْجَةُ) . تَاسِعًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالتَّسْلِيمِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْأَشْبَاهُ) . عَاشِرًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي تَزَوَّجْت هَذِهِ الْمَرْأَةَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ هِيَ مَنْكُوحَةُ هَذَا الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْأَشْبَاهُ) وَلُزُومُ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى ومَشْرُوطِيَّتِهَا مُقَيَّدَةٌ بِقَيْدَيْنِ: الْقَيْدُ الْأَوَّلُ - أَنَّ لُزُومَ هَذِهِ الْمُوَافَقَةِ مُنْحَصِرٌ فِي الْمَحَلَّاتِ اللَّازِمَةِ وَعَلَيْهِ فَالْمُخَالَفَةُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ اللَّذَانِ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُهُمَا عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى أَوْ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1713) . فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّعِي زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَتْ الشُّهُودُ ذَلِكَ أَوْ ذَكَرَ أَحَدُ الشُّهُودِ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ أَوْ بِالْعَكْسِ قَدْ ذَكَرَ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِدُونِ ذِكْرِ ذَلِكَ. وَحَتَّى إذَا سُئِلَ الشُّهُودُ عَنْ زَمَانِ أَوْ مَكَانِ الْإِقْرَارِ وَأَفَادُوا بِعَدَمِ عِلْمِهِمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ وَهُوَ رَاكِبٌ فَرَسًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ مَاشٍ أَوْ رَاكِبٌ حِمَارًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. كَذَلِكَ إذَا سُئِلَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ عَنْ زَمَانِ أَوْ مَكَانِ الْبَيْعِ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (النَّتِيجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ أَوْدَعْتُك فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَفِي وَقْتِ كَذَا كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَسَلَّمْتهَا لَك وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَالتَّسْلِيمِ وَلَمْ يَعْلَمُوا زَمَانَ أَوْ مَكَانَ الْإِيدَاعِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَقْرَضْت فُلَانًا كَذَا

دِرْهَمًا فِي دَارِي الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ أَقْرَضَهُ الدَّرَاهِمَ الْمَذْكُورَةَ فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَتْ الشُّهُودُ أَوْصَافَ الْمَغْصُوبِ بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا: إنَّ أُذُنَ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ مَشْقُوقَةٌ ثُمَّ أُحْضِرَ الْحَيَوَانُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَظَهَرَ أَنَّ أُذُنَهُ غَيْرُ مَشْقُوقَةٍ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ ذَكَرُوا شَيْئًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَهُ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَالْخِلَافُ فِي مِثْلِهِ لَا يُوجِبُ خَلَلَ الشَّهَادَةِ (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَشْيَاءُ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا فَذِكْرُهَا وَالسُّكُوتُ عَنْهَا سَوَاءٌ (الْقَاعِدِيَّةُ) . الْقَيْدُ الثَّانِي - شَرْطُ الْمُوَافَقَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. أَمَّا الشَّهَادَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ سَبْقُ الدَّعْوَى، وَأَصْبَحَ وُجُودُ الدَّعْوَى وَعَدَمُهَا مُتَسَاوِيًا فَلَا يَكُونُ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَائِلَةً: إنَّ زَوْجِي قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِطَلَاقِي وَقَدْ طَلَّقَنِي الْوَكِيلُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ طَلَّقَهَا بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْحَالُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِلدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى وَفِي هَذِهِ الْحَالِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ، فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ مُقَسَّطًا لِلدَّائِنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْإِيفَاءِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِمْ: بِأَنَّ الْمَدِينَ أَوْفَى الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ أَوْ عَلَى إيفَاءِ الْكُلِّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الطَّحْطَاوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ مَالِكِهَا هَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَكِيلِ هَذَا الْمَالِكِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنَّ زَيْدًا قَدْ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ فُضُولًا لِلْمُدَّعِي وَقَدْ أَجَازَ هَذَا الْبَيْعَ مَالِكُ تِلْكَ الدَّارِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . تَتِمَّةٌ فِي حَقِّ تَصْحِيحِ الشَّاهِدِ شَهَادَتَهُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ قَدْ أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي: إذَا قَالَ الشَّاهِدُ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي دَعْوَى قَبْل خُرُوجِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي: إنَّنِي أَخْطَأْت فِي بَعْضِ شَهَادَتِي يَعْنِي بِقَوْلِهِ قَدْ زِدْت بَاطِلًا خَطَأً أَوْ نَسِيت شَيْئًا يَجِبُ أَنْ أَقُولَهُ، فَإِذَا كَانَ عَادِلًا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يُبْتَلَى بِالْغَلَطِ لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَلِذَا فَعُذْرُهُ ظَاهِرٌ، فَإِذَا تَدَارَكَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي نُقْصَانَهُ وَصَحَّحَ شَهَادَتَهُ الْأُولَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَيُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الثَّانِيَةِ حَسَبَ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. مَثَلًا إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ بَعْدَ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي إنَّنِي غَلِطْت فِي خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُحْكَمُ بِالْخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَحُدُوثِهِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا هِيَ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِهَا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِرُجُوعِ الشَّاهِدِ عَنْ شَهَادَتِهِ، أَمَّا إذَا جَاءَ الشَّاهِدُ بَعْدَ مَجْلِسِ الشَّهَادَةِ وَقَالَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ هَذَا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ قَدْ رَشَاهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ تُهْمَةٍ فَلَا بَأْسَ فِي إعَادَةِ الْكَلَامِ، فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الشَّاهِدُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَ الْإِشَارَةَ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الْمَجْلِسِ وَأَعَادَهُ فَإِذَا كَانَ شَاهِدَ عَدْلٍ وَمَأْمُونًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (الزَّيْلَعِيّ) .

(المادة 1707) موافقة الشهادة للدعوى

[ (الْمَادَّةُ 1707) مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى] الْمَادَّةُ (1707) - (مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى إمَّا بِصُورَةِ مُطَابَقَتِهَا لَهَا بِالتَّمَامِ أَوْ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِكَوْنِهِ مِلْكَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَكَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُقْبَلُ أَيْضًا فِي صُورَةِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِحَقِّ الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ) . مُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ مَعْنًى فَقَطْ إمَّا بِصُورَةِ مُطَابَقَتِهَا لَهَا بِالتَّمَامِ أَوْ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَكُونُ دَلَالَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى دَلَالَةً بِالْمُطَابِقَةِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دَلَالَةً بِالتَّضَمُّنِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا تَوْفِيقٍ؛ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ هُوَ مِنْ وَجْهٍ دَاخِلٍ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . أَوْ أَقَلَّ - أَمَّا إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بِأَكْثَرَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ كَمَا هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ مُطَابِقًا لِلْمُدَّعَى بِهِ تَمَامَ الْمُطَابِقَةِ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِكَوْنِهِ مِلْكَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكَهُ مُنْذُ سَنَةٍ تُقْبَلُ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1710) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تُقْبَلُ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِخَمْسِمِائَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِحَقِّ الْخَمْسمِائَةِ بِدُونِ حَاجَةٍ لِلتَّوْفِيقِ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الشَّهَادَاتُ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ عَلَى اسْتِيفَائِهِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِائَةَ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: أَوْفَيْتُك خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَوْفَى ارْبَعِينِ دِرْهَمًا فَيَثْبُتُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَوْفَى أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَوْفَى مِنْ ذَلِكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ آخُذْ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَإِنْ شُهُودِي مُتَوَهِّمُونَ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مِائَةَ دِرْهَمٍ وَيُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِتِسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ. هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَاءَ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1696) كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ

(المادة 1708) إذا كان المدعى به أقل وشهدت الشهود بأكثر

شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الْأَدَاءِ فَلَا حُكْمَ لَهُ بَلْ يُحْكَمُ بِتَمَامِ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ النِّصَابُ، إلَّا أَنَّ لِلشَّاهِدِ الَّذِي يَعْلَمُ بِأَدَاءِ مِائَةِ دِرْهَمٍ أَنْ لَا يَشْهَدَ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِقَبْضِ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ حَتَّى لَا يَكُونَ مُعِينًا لِلْبَاطِلِ (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى قَرْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَدَاءِ الْمُقْتَرِضِ لِلْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نِصَابَ الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ نِصَابُهَا (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ شَهَادَةَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ مَطْلُوبِي بَاطِلَةٌ وَزُورٌ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ أَيْضًا بِالتِّسْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ فَسَّقَ شُهُودَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1703) (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ مِلْكِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِلَا تَوْفِيقٍ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِي إرْثًا عَنْ وَالِدِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِلْمُدَّعِي وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ إرْثًا عَنْ وَالِدِهِمَا الْمُتَوَفَّى فَيُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِنِصْفِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّنِي أَوْدَعْت الْقَفَصَ الَّذِي فِي ضِمْنِهِ مِائَةُ بَيْضَةٍ وَاَلَّذِي قِيمَتُهُ كَذَا إلَى فُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَفَصًا قِيمَتُهٌ كَذَا فِيهِ مِقْدَارٌ مِنْ الْبَيْضِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا عَدَدَ الْبَيْضِ فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْجَبْرِ عَلَى إعَادَةِ وَتَسْلِيمِ الْقَفَصِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَقْرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ دَفَعَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَلَمْ يَذْكُرُوا قَبْضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهَا فَتُقْبَلُ وَيَثْبُتُ قَبْضُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْ جِهَةِ الْأَمَانَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِذَا أَصَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّهُ قَرْضٌ فَيُجْبَرُ عَلَى إثْبَاتِ الْقَرْضِ بِالْبَيِّنَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَيُرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّعِي قَدْ ادَّعَى أَخْذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّ الْمَأْخُوذَ قَرْضٌ وَقَدْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْأَخْذِ فَقَطْ وَهُوَ الْأَقَلُّ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِالْأَقَلِّ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْغَيْرَ الْمُؤَرَّخِ أَيْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِدُونِ ذِكْرِ تَارِيخِ تَمَلُّكِهِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَيْ الْمِلْكِ الْغَيْرِ الْمُؤَرَّخِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ هِيَ شَهَادَةٌ بِالْأَكْثَرِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ هَذَا الْمِلْكَ هُوَ مِلْكُهُ مُنْذُ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّهُ مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَهَا فِي سَنَةٍ وَادَّعَى الزِّيَادَةَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَحُكْمُهُ سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ:. [ (الْمَادَّةُ 1708) إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَكْثَرَ] الْمَادَّةُ (1708) (إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَكْثَرَ لَا تُقْبَلُ إلَّا

إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ الَّذِي بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى قَابِلًا لِلتَّوْفِيقِ أَصْلًا وَيُوَفِّقُ الْمُدَّعِي أَيْضًا بَيْنَهُمَا وَفِي تِلْكَ الْحَالِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِكَوْنِهِ مِلْكَهُ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَكِنْ إذَا وَفَّقَ الْمُدَّعِي بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ أَدَّى لِي مِنْهَا خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ لِلشُّهُودِ عِلْمٌ بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَكْثَرَ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ بِذَلِكَ أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ وَغَيْرُ عَادِلِينَ وَكَانَ مَا شَهِدُوا بِهِ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الدَّعْوَى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) حَتَّى لَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى الْأَكْثَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِبُطْلَانِ الْحُكْمِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَحُكِمَ بِمُوجِبِ شَهَادَتِهِمْ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: إنَّ مَطْلُوبِي هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَالْحُكْمُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي قَدْ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ إنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لِي مِنْ أَبِي فُلَانٍ وَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي الْمُطْلَقِ بِأَنْ قَالُوا إنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ لِلْمُدَّعِي بِدُونِ ذِكْرِ شِرَائِهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1710) . 2 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ مِلْكِي لِأَنِّي اشْتَرَيْتهَا مُنْذُ شَهْرٍ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى تِلْكَ الدَّارَ مِنْ مَالِكِهَا الْمَذْكُورِ قَبْلَ سَنَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ لِلْمُدَّعِي وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ هَذِهِ الْغُرْفَةَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ هِيَ لِشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ لِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي مِلْكِيَّةَ دَارٍ بِاسْتِثْنَاءِ غُرْفَةٍ مِنْهَا أَيْ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِي مَا عَدَا هَذِهِ الْغُرْفَةَ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ لِلْمُدَّعِي بِدُونِ اسْتِثْنَاءِ تِلْكَ الْغُرْفَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِذَلِكَ كَذِبُ الشُّهُودِ وَالْكَذِبُ مُنَافٍ لِلْعَدَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . 4 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي مُؤَخَّرًا قَدْ اسْتَوْفَيْت ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُرَدُّ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: كُنْت اسْتَوْفَيْت ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ

مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إذْ يَكُونُ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْأَكْثَرِ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . 5 - مِثَالُ الْمَجَلَّةِ الْأَوَّلُ. 6 - مِثَالُ الْمَجَلَّةِ الثَّانِي. إلَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ الَّذِي بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى قَابِلًا لِلتَّوْفِيقِ أَصْلًا وَيُوَفِّقُ الْمُدَّعِي أَيْضًا بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ. وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ وَفَّقَ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ لِدَعْوَاهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا وَلَا تُقْبَلُ بِدُونِ التَّوْفِيقِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّهُ لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ مُجَرَّدًا عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ (الشِّبْلِيُّ) وَالْقِيَاسُ إذَا اُحْتُمِلَ التَّوْفِيقُ يُوَفِّقُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ التَّوْفِيقَ تُحْمَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصِّحَّةِ. وَتَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مَسَائِلُ وَهِيَ: 1 - فَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى إذَا وَفَّقَ الْمُدَّعِي قَائِلًا: نَعَمْ كُنْت اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْهُ مُنْذُ سَنَةٍ إلَّا أَنَّنِي كُنْت بِعْتهَا لَهُ ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَأَثْبَتَ هَذَا التَّوْفِيقَ أَيْ أَثْبَتَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ الثَّانِيَ بَعْدَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَقَدْ لَزِمَ إثْبَاتُ هَذَا التَّوْفِيقِ بِأَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يَتِمُّ بِمُجَرَّدِ فِعْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ بَلْ يَلْزَمُ لِتَمَامِهِ فِعْلٌ آخَرُ أَيْ فِعْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ (الْخَانِيَّةُ) . 2 - يُوَفِّقُ الْمُدَّعِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: إنَّ جَمِيعَ تِلْكَ الدَّارِ كَانَتْ مِلْكًا لِي ثُمَّ بِعْت مِنْهَا تِلْكَ الْغُرْفَةَ وَإِنَّ شُهُودِي لَا يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ) . 3 - يُوَفِّقُ الْمُدَّعِي فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: إنَّنِي قَدْ أَخَذْت ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَحِينَئِذٍ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَيْهَا. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَطْلُوبِي مِنْ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ وَلَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فِي الشَّهَادَةِ (الشِّبْلِيُّ) . 4 - فِقْرَةُ الْمَجَلَّةِ (كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفٌ وَلَكِنْ أَدَّى مِنْهَا خَمْسَمِائَةٍ إلَخْ) . إثْبَاتُ التَّوْفِيقِ - إذَا وَفَّقَ الْمُدَّعِي بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى فَإِذَا كَانَ التَّوْفِيقُ يَتِمُّ بِفِعْلِ الْمُدَّعِي فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ انْضِمَامُ فِعْلِ الْآخَرِ فَلَا يَقْتَضِي إثْبَاتَ التَّوْفِيقِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَطْلُوبِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّنِي أَبْرَأْته مِنْ مِائَتِي دِرْهَمٍ أَوْ أَنَّنِي اسْتَوْفَيْت مِنْهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالشُّهُودُ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَيُقْبَلُ تَوْفِيقُهُ بِلَا إثْبَاتٍ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يَتِمُّ بِالدَّائِنِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1568) . كَمَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ أَيْضًا يَتِمُّ بِالدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ إذَا ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَلَا يَقْتَضِي لَهُ إيفَاءٌ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمُدَّعِي مَجْبُورًا لِإِثْبَاتِ التَّوْفِيقِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتِمَّ التَّوْفِيقُ بِفِعْلِ الْمُدَّعِي وَيَلْزَمُ لَهُ انْضِمَامُ فِعْلِ شَخْصٍ آخَرَ فَيَجِبُ إثْبَاتُ التَّوْفِيقِ،

(المادة 1709) إذا ادعى المدعي الملك المطلق

فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ بِالشِّرَاءِ، وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي قَدْ اشْتَرَيْت الْمَالَ أَوَّلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّهُ أَنْكَرَ اشْتِرَائِي وَبَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَهُ لِي وَسَلَّمَنِي إيَّاهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ هَذَا التَّوْفِيقِ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِكَوْنِهِ مِلْكَهُ مُنْذُ ثَلَاثِ أَوْ عَشْرِ سِنِينَ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ مُنْذُ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ أَكْثَرُ مِنْ الْمِلْكِيَّةِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ إذْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَكُونُ الْمُدَّعِي مُسْتَحِقًّا لِزَوَائِدِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَنْ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِزَوَائِدِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَنْ سَنَتَيْنِ فَقَطْ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَا تُقْبَلُ وَلَا يُحْكَمُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ فِيمَا يَزِيدُ عَنْ الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا وَفَّقَ الْمُدَّعِي بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ بِقَوْلِ: كَانَ لِي عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ أَدَّى لِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَبْرَأْته مِنْهَا وَلَيْسَ لِلشُّهُودِ عِلْمٌ بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ قَابِلَةٌ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَلَا يَكُونُ الشُّهُودُ قَدْ كُذِّبُوا بِهَذَا التَّوْفِيقِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِزِيَادَةٍ وَالْخَانِيَّةُ) وَلَا يَلْزَمُ إثْبَاتُ هَذَا التَّوْفِيقِ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَطْلُوبِي هُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ صَرَاحَةً وَلَا يُمْكِنُ تَوْفِيقُ هَذَا الْكَلَامِ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ (الشِّبْلِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1709) إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ] الْمَادَّةُ (1709) - (إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بِقَوْلِهِ: هَذَا الْكَرْمُ مِلْكِي مَثَلًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُدَّعِيَ اشْتَرَى هَذَا الْكَرْمَ مِنْ فُلَانٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بِقَوْلِهِ: أَبِهَذَا السَّبَبِ تَدَّعِي هَذَا الْمِلْكَ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ؟ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: نَعَمْ أَنَا أَدَّعِي الْمِلْكَ بِهَذَا السَّبَبِ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِنْ قَالَ: ادَّعَيْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ أَوْ لَا أَدَّعِيه بِهَذَا السَّبَبِ رَدَّ الْقَاضِي شَهَادَةَ أُولَئِكَ الشُّهُودِ) . إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بِقَوْلِهِ: هَذَا الْكَرْمُ مِلْكِي مَثَلًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْمُدَّعِيَ اشْتَرَى هَذَا لِكَرَمٍ مِنْ فُلَانٍ أَوْ اتَّهَبَهُ وَتَسَلَّمَهُ مِنْ فُلَانٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ هُمْ قَدْ شَهِدُوا بِأَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1707) . وَسَبَبُ أَنَّ الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ أَقَلُّ مِنْ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1710) وَعَلَيْهِ فَهَذِهِ هِيَ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (1707) وَمِثَالٌ لَهَا. إلَّا أَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ مُسْتَقِلَّةً بِاعْتِبَارِ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ: أَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي السَّبَبِ فَهُوَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ هِيَ لِلْمُدَّعِي مَوْرُوثَةً عَنْ أَبِيهِ وَشَهِدَ

(المادة 1711) إذا ادعى المدعي في كرم ملكا مقيدا

الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي مَوْرُوثَةً عَنْ أَخِيهِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ الْمِلْكَ بِأَحَدِ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ فَيَكُونُ قَدْ كَذَّبَ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ اشْتَرَى الْمَالَ مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ اتَّهَبَهُ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ وَقَبَضَهُ لَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . قَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَسَيُبَيِّنُ فِي الْمَادَّةِ (1171) مُخَالَفَةَ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى فِي السَّبَبِ. فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بِقَوْلِهِ: أَبِهَذَا السَّبَبِ تَدَّعِي الْمِلْكَ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ؟ فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: نَعَمْ أَنَا أَدَّعِي الْمِلْكَ بِهَذَا السَّبَبِ قَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ مُوَافِقَةٌ لِلدَّعْوَى تَمَامًا، وَإِنْ قَالَ: ادَّعَيْت بِسَبَبٍ آخَرَ أَوْ لَا أَدَّعِيهِ بِهَذَا السَّبَبِ رَدَّ الْقَاضِي شَهَادَاتِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِأَنَّ الْمِلْكَ مِلْكُهُ بِالسَّبَبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ كَذَّبَ وَفَسَّقَ شُهُودَهُ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . قَدْ قَيَّدَ بِهَذِهِ الْفِقْرَةِ الْإِطْلَاقَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ إذْ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَوْفِيقِ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ وَشَهِدُوا بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، أَمَّا إذَا شَهِدُوا عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ ثُمَّ شَهِدُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَسَبَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1711) إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي كَرْمٍ مِلْكًا مُقَيَّدًا] الْمَادَّةُ (1711) - (إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي كَرْمٍ مِلْكًا مُقَيَّدًا مَثَلًا يُنْظَرُ: فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْت وَلَمْ يَذْكُرْ بَائِعَهُ أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْ أَحَدٍ مُبْهَمًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِمْ: هَذَا الْكَرْمُ مِلْكُهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَكِنْ إذَا صَرَّحَ الْمُدَّعِي بِاسْمِ بَائِعِهِ بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ يَثْبُتُ وُقُوعُهُ عَنْ أَصْلٍ وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَالِكًا لِزَوَائِدِهِ كَلُزُومِ كَوْنِ الْمُدَّعِي مَالِكًا ثَمَرَ الْكَرْمِ الَّذِي حَصَلَ قَبْلًا مَثَلًا، وَلَكِنْ إذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ الْمُقَيَّدُ لَا يَثْبُتُ إلَّا اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ وُقُوعِ السَّبَبِ كَتَارِيخِ وُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ أَكْثَرَ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الشُّهُودُ قَدْ شَهِدَتْ بِالْأَكْثَرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) . إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي كَرْمٍ مِلْكًا مُقَيَّدًا أَيْ فِي عَيْنٍ، وَيَحْتَرِزُ بِذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ، مَثَلًا يُنْظَرُ وَفِي ذَلِكَ خَمْسُ صُوَرٍ:

فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْت وَلَمْ يَذْكُرْ بَائِعَهُ. 2 - أَوْ قَالَ: اشْتَرَيْته مِنْ أَحَدٍ مُبْهَمًا. 3 - أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَكَانَ زَيْدٌ غَيْرَ مَعْرُوفٍ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُعَرِّفْ زَيْدًا بِقَوْلِهِ: ابْنِ فُلَانٍ. 4 - إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ مَعَ الْقَبْضِ. 5 - إذَا ادَّعَى النِّتَاجَ. فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ تَكُونُ الدَّعْوَى بِحُكْمِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَإِذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِقَوْلِهِمْ: بِأَنَّ هَذَا الْكَرْمَ مِلْكُهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْبَغْلَةَ مِلْكِي نِتَاجًا مِنْ فَرَسِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِأَنَّ تِلْكَ الْبَغْلَةَ مِلْكُهُ تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ وَالْبَحْرُ) . وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ دَعْوَى الْإِرْثِ حَسَبَ الْمَشْهُورِ هِيَ كَدَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ إلَّا أَنَّ الْمَادَّةَ (1678) قَدْ قَبِلَتْ بِأَنَّهَا مِلْكٌ مُقَيَّدٌ (الشِّبْلِيُّ) وَلَكِنْ إذَا صَرَّحَ الْمُدَّعِي بِاسْمِ بَائِعِهِ بِقَوْلِهِ: قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَعْرُوفِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلشُّهُودِ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ أَنْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ حَيْثُ إنَّ شَهَادَتَهُمْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً فَتُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمُدَّعِي (أَبُو السُّعُودِ وَالشِّبْلِيُّ) لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ بِالشَّهَادَةِ يَثْبُتُ وُقُوعُهُ عَنْ أَصْلٍ وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مَالِكًا لِزَوَائِدِ ذَلِكَ الْمِلْكِ كَلُزُومِ كَوْنِ الْمُدَّعِي مَالِكًا ثَمَرَ الْكَرْمِ الَّذِي حَصَلَ قَبْلًا مَثَلًا أَيْ أَنَّهُ يَمْلِكُ زَوَائِدَهُ الْمُنْفَصِلَةَ وَالْمُتَّصِلَةَ، وَلَكِنْ إذَا ثَبَتَ الْبَيْعُ الْمُقَيَّدُ لَا يَثْبُتُ إلَّا اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ وُقُوعِ السَّبَبِ كَتَارِيخِ وُقُوعِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلِهَذَا يَكُونُ الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَمْلِكُ زَوَائِدَ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَثَمَرِ الْكَرْمِ وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الشُّهُودُ قَدْ شَهِدَتْ بِالْأَكْثَرِ وَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةً بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1708) كَمَا أَنَّ التَّوْفِيقَ مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الشَّهَادَاتِ إذْ لَا تَصَوُّرَ أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ قَدِيمًا وَالْقَدِيمُ حَادِثًا (الزَّيْلَعِيّ) . إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ - أَمَّا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ لَهُ لِزَوَائِدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ) . فِي كَرْمٍ مَثَلًا - أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ بِعَيْنٍ بَلْ كَانَ دَيْنًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُطْلَقِهِ وَمُقَيَّدِهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُطَلَّقِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ حَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ لَا تُحْتَمَلُ فِيهِ الزَّوَائِدُ فَلَا تُعَدُّ الشَّهَادَةُ الْوَاقِعَةُ شَهَادَةً بِالْأَكْثَرِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْوَاقِعَاتُ وَالْبَهْجَةُ) .

(المادة 1171) لا تقبل الشهادة إذا كانت مخالفة للدعوى في سبب الدين

[ (الْمَادَّةُ 1171) لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى فِي سَبَبِ الدَّيْنِ] الْمَادَّةُ (1171) - (لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى فِي سَبَبِ الدَّيْنِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ هَذَا الْمِلْكَ لِي مَوْرُوثٌ. لِي عَنْ أَبِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ لَهُ عَنْ أُمِّهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) . الْأَصْلُ الْأَوَّلُ - أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى فِي سَبَبِ الدَّيْنِ فَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الثَّابِتُ بِالشَّهَادَةِ هُوَ غَيْرُ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّهَادَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الشُّهُودُ لَا يَعْلَمُونَ سَبَبَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ كَانَ يُوجَدُ مُخَالَفَةٌ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ فِي أُمُورٍ زَائِدَةٍ أَوْ نَاقِصَةٍ لَا تَحْتَاجُ الْإِثْبَاتَ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الشَّهَادَةِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَدَّى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّ طَرِيقٍ جَرَى الْأَدَاءُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (أَبُو السُّعُودِ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْقَاعِدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1707) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ مَدِينًا بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَتُقْبَلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1581) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلْمُدَّعِي مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَدِينِي وَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّ دَيْنِي هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ مَدِينِي لَمْ يُقِرَّ هَكَذَا بَلْ إنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِي مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إذْ يَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ. 2 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَقَدْ كَفَّلَ عَلَى ذَلِكَ عَمْرًا وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَمْرًا قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَفَّلَ بَكْرًا الْمَدِينُ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَقَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ مَطْلُوبٍ مِنْ ذِمَّةِ بَكْرٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَفِيلٌ عَنْ زَيْدٍ الْمَدِينِ لِي فَتُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَاتُ وَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ أَلْفِ دِرْهَمٍ حَسَبَ كَفَالَتِهِ عَنْ عَمْرٍو؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى الْمَقْصُودِ فَاخْتِلَافُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السَّبَبِ غَيْرُ مُضِرٍّ، أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يُقِرَّ هَكَذَا بَلْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَفِيلٌ عَنْ مَطْلُوبِي مِنْ زَيْدٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ يَكُونُ الْمُدَّعِي قَدْ كَذَّبَ شُهُودَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . 3 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ الْقُمَاشِ الَّذِي بَاعَهُ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى

خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثَمَنِ فَرَسٍ بَاعَهَا الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. 4 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مَبْلَغًا مُعَيَّنًا ثَمَنًا لِلْمَبِيعِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّكْمِلَةُ) . الْأَصْلُ الثَّانِي - إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُخَالِفَةً فِي سَبَبِ عَيْنِ الْمِلْكِ فَلَا تُقْبَلُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ هَذَا الْمِلْكَ لِي مَوْرُوثٌ عَنْ وَالِدِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ مَوْرُوثٌ لَهُ عَنْ أُمِّهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. 2 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا إنَّهُ مَالِي وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ كَانَ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ لِي وَسَلَّمَنِي إيَّاهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَتَوْا لِإِثْبَاتِ الدَّفْعِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَهَبَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَبَضَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَذَا الْمَالِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبَضَهُ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ ادَّعَى أَحَدَ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ فَيَكُونُ مُنْكِرًا السَّبَبَ الْآخَرَ وَمُكَذِّبًا لِأَحَدِ شُهُودِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . 3 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِلْكَ النِّتَاجِ فِي فَرَسٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ بِالشِّرَاءِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي، وَيَثْبُتْ تَوْفِيقُهُ بِأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي: إنَّ الْفَرَسَ قَدْ نُتِجَتْ فِي مِلْكِي ثُمَّ بِعْتهَا لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَأَنْ يَثْبُتَ تَوْفِيقُهُ هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . 4 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي قَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الدَّارَ هِيَ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ فُلَانًا قَدْ وَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الْمَذْكُورَةَ قَدْ وَقَعَتْ عَلَى الْهِبَةِ الَّتِي لَمْ يَدَّعِ بِهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1696) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي وَيَثْبُتْ التَّوْفِيقُ. مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ الْبَيْعَ فَوَهَبَنِي وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . 5 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ قَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْ مَالِكِهَا فُلَانٍ مُقَابِلَ فَرَسَيْنِ فَهِيَ مِلْكِي، وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي وَيَثْبُتْ تَوْفِيقُهُ، مَثَلًا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مُنْذُ شَهْرٍ مِنْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقَابِلَ رَأْسَيْ خَيْلٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ شِرَائِي فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ ثَانِيَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَوَفَّقَ كَلَامَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَثْبَتَ الشِّرَاءَ ثَانِيَةً تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ (الْهِنْدِيَّةُ) . 6 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَارًا إرْثًا عَنْ وَالِدِهِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي وَيَثْبُتْ تَوْفِيقُهُ بِأَنْ يَقُولَ إنَّنِي اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ مِنْ ذِي الْيَدِ ثُمَّ بِعْتهَا

الفصل الخامس في بيان اختلاف الشهود

مِنْ أَبِي ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبِي فَأَصْبَحَتْ مِيرَاثًا لِي وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ تُقْبَلُ وَلَا يَثْبُتُ هَذَا التَّوْفِيقُ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِالْبَيْعِ مِنْ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْبَيْعِ مِنْ أَبِيهِ دَعْوَى عَلَى الْأَبِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْإِرْثَ أَوَّلًا فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ، بِالْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ مَكَانَ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ (الْخَانِيَّةُ) . [الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ] [ (الْمَادَّةُ 1712) إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ] الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي بَيَانِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ الْمَادَّةُ (1712) - (إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) . يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ تَطَابُقُ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَّفِقْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ الشَّهَادَةِ وَيَنْفَرِدُ كُلُّ شَاهِدٍ بِنَوْعٍ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (مَنَافِعُ الدَّقَائِقِ شَرْحُ مَجَامِعِ الدَّقَائِقِ وَالْحَمَوِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1685) وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَطَابَقَتْ شَهَادَةُ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. تَفْصِيلُ التَّطَابُقِ: إنَّ التَّطَابُقَ عِنْدَ الْإِمَامِ يَكُونُ بِتَطَابُقِ لَفْظِ كُلٍّ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى الْوَاحِدِ وَلَا يَكْفِي التَّطَابُقُ بِالدَّلَالَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَكْفِي الدَّلَالَةُ بِالتَّضَمُّنِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَيْنِ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفَيْنِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِحَقِّ الْأَلْفِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ مُتَّفِقُونَ فِي الْأَقَلِّ وَنِصَابُ الشَّهَادَةِ حَاصِلٌ (الْحَمَوِيُّ وَالزَّيْلَعِيّ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الشَّهَادَةَ بِأَلْفَيْنِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ تَدُلُّ عَلَى الْأَلْفِ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ بِدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَقَلَّ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ الَّذِي شَهِدَ بِالزِّيَادَةِ كَمَا أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ (الزَّيْلَعِيّ) فَلِذَلِكَ تُقْبَلُ الشَّهَادَاتُ الْآتِيَةُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ: 1 - إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الشَّخْصَ لِيَدَّعِيَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى هَذَا الشَّخْصِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالِادِّعَاءِ بِهَذِهِ الدَّارِ وَبِهَذِهِ الْبَغْلَةِ أَيْضًا فَيُحْكَمُ بِالْوَكَالَةِ بِدَعْوَى الدَّارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مُتَّفِقَانِ فِي ذَلِكَ. 2 - إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الْوَكِيلَ بِدَعْوَى هَذِهِ الدَّارِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً فَتَثْبُتُ وَكَالَتُهُ بِدَعْوَى الدَّارِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ فَيُحْكَمُ بِمَطْلُوبِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ أَقَلُّ مِنْ الْكَفَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .

إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَقَطْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَطْ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . 5 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَقِّ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ هُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَلْفٍ وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالزِّيَادَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَثْبُتُ فِيهِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ دُونَ مَا تَفَرَّدَ بِهِ أَحَدُهُمَا (أَبُو السُّعُودِ) وَلِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّ مَطْلُوبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَطْ وَلَيْسَ بِأَزْيَدَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ (أَبُو السُّعُودِ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ عَنْ الزِّيَادَةِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالزِّيَادَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يُوَفِّقْ الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ حَقِّي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ زِيَادَةٌ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدُ إلَّا أَنَّنِي قَدْ أَخَذْت الزِّيَادَةَ أَوْ أَنَّنِي أَبَرَأْته مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي الْأَقَلِّ (الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . 6 - لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ مِلْكِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ تَيْنِكَ الْفَرَسَيْنِ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا مِلْكُ الْمُدَّعِي فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ تِلْكَ الْفَرَسِ بِالِاتِّفَاقِ (الدُّرَرُ وَأَبُو السُّعُودِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 7 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِائَةَ جُنَيْهٍ إنْكِلِيزِيٍّ ذَهَبًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إنْكِلِيزِيٍّ ذَهَبًا وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إفْرِنْسِيٍّ ذَهَبًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِالْأَقَلِّ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إفْرِنْسِيٍّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِمِائَةِ جُنَيْهٍ إنْجِلِيزِيٍّ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1708) " الْأَنْقِرْوِيُّ ". 8 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِينَارًا ذَهَبًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَيُحْكَمُ بِالْعِشْرِينِ دِينَارًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْفَيْضِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَيُوجَدُ تَفْصِيلٌ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ وَهُوَ: إذَا كَانَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي عَدَدٍ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَدَدُ مَا يُعْطَفُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدَاةِ الْعَطْفِ يُنْظَرُ: فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَكْثَرَ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةً بِالْأَقَلِّ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ مَطْلُوبِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا (الْفَيْضِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى الْأَقَلَّ فَلَا تُقْبَلُ وَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدٍ لَا يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى عَدَدٍ آخَرَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ أَحَدُ

الشَّاهِدَيْنِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْعِشْرِينَ فَلَا يُقَالُ عِشْرُونَ وَعِشْرُونَ بَلْ يُقَالُ أَرْبَعُونَ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . إنَّ الزَّيْلَعِيّ قَدْ عَدَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ الرَّاجِحَ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ قَالَ: إنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ أَظْهَرُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ صَرَاحَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ إذْ إنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (1707) هِيَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ شَرْطِ التَّوَافُقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى وَبَيْنَ شَرْطِ التَّطَابُقِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ أَوْ الْقَتْلَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْغَصْبِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَيُتَحَرَّى التَّطَابُقُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ وَالْمَقْصُودَ هُوَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَيْسَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالزَّيْلَعِيّ) . فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُ شَهَادَةِ أَحَدِ الشُّهُودِ عَيْنَ لَفْظِ شَهَادَةِ الْآخَرِ بَلْ كَانَ مُرَادِفًا لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَلْزَمُ ذِكْرُهَا وَبَيَانُهَا غَيْرُ مُضِرٍّ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى ذَلِكَ: 1 - لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَهَبَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الشَّخْصِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَعْطَاهُ لَهُ عَطِيَّةً وَسَلَّمَهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ (أَبُو السُّعُودِ) . 2 - إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ الْإِبْرَاءَ مِنْ دَيْنِهِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَوْ لِلتَّصَدُّقِ بِهِ أَوْ تَمْلِيكِهِ هُوَ إبْرَاءٌ لِلْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (847) فَتَكُونُ أَلْفَاظُ الشَّهَادَتَيْنِ مُتَرَادِفَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَ الدَّيْنِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ أَوْ حَلَّلَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا إذَا قَالَ شَاهِدُ الْبَرَاءَةِ: إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ بَرِيءَ إلَيْهِ بِالْإِيفَاءِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . 3 - لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ وَهَبَهُ هَذَا الْمَالَ وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ أَهَبْ كَمَا إنَّنِي لَمْ أَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ الْمَالِ فَيُحْكَمُ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ فَثَبَتَ الِاتِّفَاقُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) .

إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابًا بَيْضَاءَ وَرَاكِبٌ فَرَسًا أَوْ أَثْنَاءَ مَا كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَهُوَ لَابِسٌ ثِيَابًا سَوْدَاءَ وَرَاكِبٌ بَغْلَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ حَاضِرًا حِينَ إقْرَارِهِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ " الْهِنْدِيَّةُ ". 5 - إذَا أَنْكَرَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ إذْنَهُ الصَّغِيرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَذِنَهُ بِبَيْعِ وَشِرَاءِ الْحِنْطَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَذِنَهُ بِبَيْعِ وَشِرَاءِ الشَّعِيرِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (970) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَصِيِّ أَذِنْت بِالتِّجَارَةِ كَافٍ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْإِذْنِ ذِكْرُ الْإِذْنِ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ " الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ ". أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَكُونُ عَلَى سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةِ كَيْلَةٍ شَعِيرًا وَالْآخَرُ بِمِائَةِ كَيْلَةٍ حِنْطَةً لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُدَّعِي ذَهَبًا أَوْ ادَّعَى فِضَّةً؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدَهُمَا فَيَكُونُ قَدْ كَذَّبَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ بِغَيْرِ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَمَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لَا يُقْبَلُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1706) " عَلِيٌّ أَفَنْدِي ". كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْحَوَالَةِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ زَيْدًا قَدْ حَوَّلَ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ حَوَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِضَّةً لَا تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ مَثَلًا كَأَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَفَلَ عَلَى مِائَةِ رِيَالٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ كَفَلَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْكَفَالَةَ بِمِائَةِ رِيَالٍ أَوْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ. النَّوْعُ الثَّانِي: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ أَيْضًا كَمَا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ يُوجِبُ رَدَّ الدَّعْوَى إذَا وَقَعَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1711) وَهَذَا عَلَى صِنْفَيْنِ: الصِّنْفُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ فِي الْعَيْنِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُدَّعِي شِرَاءً وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ هِبَةً فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا صَدَّقَ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ يَكُونُ قَدْ كَذَّبَ الشَّاهِدَ الْآخَرَ. كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ هِبَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ صَدَقَةً أَوْ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي قَدْ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي مَوْرُوثٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . الصِّنْفُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ فِي الدَّيْنِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ لِلْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً لَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ بِدُونِ بَيَانِ السَّبَبِ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1581) " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ ". كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَرْضًا فَلَا تُقْبَلُ إذْ لَا يُمْكِنُ تَصْدِيقُ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَقَدْ كَذَّبَ الْآخَرَ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ لَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مُطْلَقًا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَهُ الدَّيْنَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ الدَّيْنَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ هُمَا اخْتَلَفَا مَعْنًى لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ بِالْإِبْرَاءِ تُخَالِفُ الْبَرَاءَةَ بِالْإِيفَاءِ إذْ الْبَرَاءَةُ بِالْإِيفَاءِ بَيْعٌ بِتَمْلِيكِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِعِوَضٍ وَالْبَرَاءَةُ بِالْإِبْرَاءِ تَبَرُّعٌ بِتَمْلِيكِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْبَيْعُ يُخَالِفُ التَّبَرُّعَ لَفْظًا وَمَعْنًى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ نَقَلَ عَلَى مِائَةِ رِيَالٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمِائَةِ رِيَالٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا ثَمَنُ مَبِيعٍ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ كَفَالَةَ مِائَةِ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ مِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا تُقْبَلُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي مِائَةَ رِيَالٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَمِائَةَ رِيَالٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيُحْكَمُ بِمِائَةِ رِيَالٍ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مِلْكًا أَوْ إقْرَارًا وَهَذَا أَيْضًا لَا يُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَلَا تُقْبَلُ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُقْبَلُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا الْأَرْبَعُ شَهَادَاتٍ الْآتِيَةُ فَتُقْبَلُ: أَوَّلًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ لِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ

أَوْدَعَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هُمَا أَجْمَعَا عَلَى إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعِي وَقَدْ جَحَدَ الْوَدِيعَةَ فَكَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) . ثَانِيًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَالَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِمَا قَالَهُ الشَّاهِدَانِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنِّي فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيُعَدُّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْ الْمُدَّعِي حَتَّى لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) . ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي أَطْلُبُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَاضِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ اسْتَقْرَضَ وَقَبَضَ مِنْ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . رَابِعًا - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) . النَّوْعُ الرَّابِعُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا بِكَوْنِهِ بَتَاتًا أَوْ إقْرَارًا وَهَذَا لَا يُقْبَلُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ قِيمَتَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ عَلَى الْبَتَاتِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ وَهُوَ مَعِيبٌ بِكَذَا عَيْبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ حِينَمَا كَانَ فِيهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ (وَالْقَصْدُ بِذَلِكَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فِي دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِرَدِّ الْعَيْبِ) فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . النَّوْعُ الْخَامِسُ: يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا وَعَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِلْمُدَّعِي قَدْ غَصَبَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْ الْمُدَّعِي فَلَا تُقْبَلُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) ؛ لِأَنَّ هُمَا شَهِدَا بِأَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ أَذِنَ الصَّغِيرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَأَى الصَّغِيرَ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَالْأُخْرَى عَلَى فِعْلٍ وَهُوَ السُّكُوتُ مَعَ الرُّؤْيَا، وَالْفِعْلُ وَالْقَوْلُ مُخْتَلِفَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقْرَضَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاضِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَاضَ فِعْلٌ وَالْإِقْرَاضُ بِالِاسْتِقْرَاضِ قَوْلٌ. أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى الْقَوْلِ إلَّا أَنَّ الشَّهَادَةَ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ عَلَى الْفِعْلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

(المادة 1713) إذا أوجب اختلاف الشهود الاختلاف في المشهود به

كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِالِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا إلَّا أَنَّ تَمَامَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَبْضُ فِعْلٌ، أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ فَقَوْلٌ. أَمَّا إذَا شَهِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالِارْتِهَانِ وَالْقَبْضِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِلْمُطَابَقَةِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَ الدَّيْنِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ فَلَا تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . مُسْتَثْنًى - إذَا كَانَ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ مُتَّحِدَيْنِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ وَفَاءً أَوْ بَاتًّا بِكَذَا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَاعَهُ بِكَذَا وَفَاءً أَوْ بَاتًّا فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ هُوَ كَلِمَةُ بِعْت وَالْقَوْلُ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ كُنْت بِعْت مُتَّحِدَانِ (الْبَهْجَةُ وَالنَّتِيجَةُ) . النَّوْعُ السَّادِسُ: يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الَّذِي أَتَى لِيَشْهَدَ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ أَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَأَى الصَّغِيرَ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي حِنْطَةً فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ قَدْ رَآهُ وَهُوَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي غَنَمًا فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَيَنْهَهُ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هُمَا قَدْ شَهِدَا عَلَى فِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . النَّوْعُ السَّابِعُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ الْمِلْكِ مُؤَرَّخًا أَوْ غَيْرَ مُؤَرَّخٍ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخِ فَلَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي ادَّعَى مِلْكًا غَيْرَ مُؤَرَّخٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ وَالْآخَرُ عَلَى الْمِلْكِ غَيْرِ الْمُؤَرَّخِ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ. النَّوْعُ الثَّامِنُ: يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فِي كَوْنِهِ مُقَيَّدًا وَغَيْرَ مُقَيَّدٍ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُقَيَّدَ أَيْ الْمِلْكَ بِسَبَبٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَلَا تُقْبَلُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1707) . [ (الْمَادَّةُ 1713) إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ] الْمَادَّةُ (1713) - (إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الشَّيْءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ فِي زَمَانٍ آخَرَ أَوْ مَكَان آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الصِّرْفِ كَالْغَصْبِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا هَذَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ

كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى دَيْنَهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي بَيْتِهِ وَالْآخَرُ شَهِدَ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي حَانُوتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: كُنْت بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ، وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الْحَانُوتِ الْفُلَانِيِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ وَلَكِنَّ الْقَوْلَ يُمْكِنُ أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ) . إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الشَّيْءِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: فَعَلَيْهِ إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَكَانٍ مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْفِعْلِ فِي زَمَانٍ آخَرَ أَوْ مَكَانٍ آخَرَ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الصِّرْفِ كَالْغَصْبِ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْقَتْلِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوْ الْقَوْلِ الَّذِي يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الْفِعْلُ كَالنِّكَاحِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا هَذَا يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان يَكُونُ غَيْرَ الْفِعْلِ الَّذِي جَرَى فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَيَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ غَصَبَ زَيْدٌ مَالَ عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ غَصَبَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ فَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَصْبَيْنِ: فَفِي الْأَوَّلِ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الثَّانِي أَيْ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْغَاصِبُ الْمَالَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَغْتَصِبَهُ ثَانِيَةً فِي شَوَّالٍ تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي شَوَّالٍ، كَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقَوْلِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْفِعْلُ لِصِحَّةِ الْمَشْهُودِ بِهِ مَانِعٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَوْلٌ وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ حُضُورُ أَوْ إحْضَارُ الشُّهُودِ، وَلِذَلِكَ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي ذَلِكَ مَانِعٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ (الْبَحْرُ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: وَأَمَّا اخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْقَذْفِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ (الزَّيْلَعِيّ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرَ الْقَوْلِ الَّذِي يَكُونُ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا، مَثَلًا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ دَارِهِ الْمُعَيَّنَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى عَمْرٍو فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَهُ بَيْعُ تِلْكَ الدَّارِ لَهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ إذْ إنَّ هَذَا الْبَيْعَ الثَّانِيَ عَيْنُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ حُكْمًا أَزِيدَ مِنْ ذَلِكَ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (176) . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ فِي بَابِ

السَّاهِرَةِ بِالْقُدْسِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي بَابِ الْعَامُودِ ثَانِيَةً بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ قَرْضًا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ الثَّانِي عَيْنَ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَلَا يُعَدُّ الْإِقْرَارُ إقْرَارًا آخَرَ لَتَبَدُّلِ الْمَكَانِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1587) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَدَّى الدَّيْنَ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَدَّى الدَّيْنَ فِي دَارِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ لِلْمُدَّعِي فِي حَانُوتِهِ فَلَا تُقْبَلُ إذْ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَكَانِ يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ فِي الزَّمَانِ، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْمِثَالَ يَحْصُلُ مِنْهُ مِثَالٌ عَلَى اخْتِلَافِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَرِدْ مِثَالٌ عَلَى حِدَةٍ لِلزَّمَانِ (الْبَحْرُ) . فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ غَصَبَ الْمَالَ فِي دِمَشْقَ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ غَصَبَهُ فِي حِمْصَ فَلَا تُقْبَلُ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَتْلَ وَقَعَ بِسِكِّينٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ بِمُوسَى فَلَا تُقْبَلُ (الْبَحْرُ) . وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِقَوْلِهِ: كُنْت بِعْتنِي هَذَا الْمَالَ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَسَلِّمْنِي إيَّاهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي الْحَانُوتِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الثَّمَنِ فِي الشَّهَادَةِ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَجْهُولِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ هُوَ مِلْكُهُ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مَالُ الْمُدَّعِي وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي، كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَوْدَعَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعِي تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ لِلْمُدَّعِي حَيْثُ إنَّ الْإِيدَاعَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْمِلْكِ كَمَا أَنَّ الْغَصْبَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْغَصْبِ مِنْ الْمَالِكِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ أَمْسِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ صَبَاحًا وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ مَسَاءً تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُوَ قَوْلٌ فَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ فِي سُوقِ الْحَمِيدِيَّةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَهُ فِي الْمَيْدَانِ فَتُقْبَلُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْإِبْرَاءِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ شُهُورٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِبْرَاءِ قَبْلَ خَمْسَةِ شُهُورٍ تُقْبَلُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالنَّتِيجَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى نَصْبِ الْوَصِيِّ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ نَصَبَهُ وَصِيًّا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ نَصَبَهُ وَصِيًّا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ تُقْبَلُ (الْبَهْجَةُ)

لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ؛ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ إذَا أُوقِعَ غَصْبٌ فِي مَكَان يُمْكِنُ بَعْدَ إيقَاعِهِ إيقَاعُ غَصْبٍ فِي مَكَان آخَرَ إلَّا أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْغَصْبَيْنِ غَيْرُ الْغَصْبِ الْآخَرِ وَفِعْلُ كُلِّ غَصْبٍ مِنْهُمَا غَيْرُ فِعْلِ الْغَصْبِ الْآخِرِ وَالْحُكْمُ الَّذِي ثَبَتَ فِي الْغَصْبِ الثَّانِي لَا يَكُونُ عَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي يَثْبُتُ فِي الْغَصْبِ الْأَوَّلِ، مَثَلًا إذَا غُصِبَتْ فَرَسٌ فِي بَغْدَادَ فَحُكْمُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ مَوْجُودَةً أَنْ يَتَكَلَّفَ الْغَاصِبُ بِتَسْلِيمِهَا عَيْنًا فِي بَغْدَادَ وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكَةً يُكَلَّفُ الْغَاصِبُ بِدَفْعِ قِيمَتِهَا فِي بَغْدَادَ. فَعَلَيْهِ إذَا غُصِبَتْ تِلْكَ الْفَرَسُ فِي الْبَصْرَةِ ثَانِيَةً مِنْ نَفْسِ الْغَاصِبِ فَحُكْمُ الْغَصْبِ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْفَرَسُ مَوْجُودَةً تَسْلِيمُ الْغَاصِبِ لَهَا فِي الْبَصْرَةِ وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً دَفَعَ قِيمَتَهَا فِي الْبَصْرَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَيْنَ فِعْلِ الْغَصْبِ لَا يُكَرَّرُ وَلَا يُعَادُ. أَمَّا الْقَوْلُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُكَرَّرَ وَيُعَادَ. فَيَسْمَعُ أَحَدٌ الشَّاهِدَيْنِ قَوْلًا فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَيَسْمَعُ الشَّاهِدُ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ آخَرَ (النَّتِيجَةُ) . وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ الْقَوْلُ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ عَقْدًا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ حُكْمِهِ عَلَى فِعْلِ الْقَبْضِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ الْقَبْضِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْقَبْضِ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ آخَرَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ قَائِلَيْنِ: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَهَبَ أَوْ رَهَنَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَقْرَضَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الرَّجُلِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الْمَالِ كَانَ فِي دِمَشْقَ وَانْفَرَدَ آخَرُ بِشَهَادَةٍ بِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي بَيْرُوتَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ بَعْضًا أَزِيدَ مِنْ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مُسْتَثْنًى - قَدْ ذُكِرَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الزَّمَانِ أَوْ فِي الْمَكَانِ فَاحِشًا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ. مَثَلًا لَوْ أَقَامَ أَحَدُ شَاهِدَيْنِ عَلَى الصُّلْحِ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ زَمَانِ الصُّلْحِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: إنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ حَسَبَ ظَنِّي قَبْلَ سِتِّ سَنَوَاتٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ قَبْلَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ حَسَبَ ظَنِّي أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ. وَإِنْ يَكُنْ أَنْ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّارِيخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّهُمَا لَمَّا ذَكَرَاهُ وَكَانَ مُتَفَاوِتًا تَفَاوُتًا فَاحِشًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (الْبَحْرُ) كَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ عَنْ بَعْضِهِمَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى فِي مَدِينَةِ الْبَصْرَةِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فِي مَكَّةَ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ يَقِينًا كَذِبُ أَحَدِ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ (الْبَحْرُ) حَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَكْرَارُ وَإِعَادَةُ هَذَا الْقَوْلِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فِي الْبَصْرَةِ وَفِي مَكَّةَ. تَفْصِيلُ اخْتِلَافِ الشُّهُودِ. يُوجَدُ خَمْسُ صُوَرٍ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ: 1 - أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا مُجَرَّدًا كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِلْقَبُولِ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي صُورَةِ كَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ إقْرَارًا أَوْ إنْشَاءً غَيْرُ مَانِعٍ لِلْقَبُولِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْشَاءِ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ وَالْقَوْلُ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَيَكُونُ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ صَبَاحًا، وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ: قَدْ أَقَرَّ مَسَاءً فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ هُمَا اخْتَلَفَا

(المادة 1714) إذا اختلف الشهود في لون المال المغصوب أو في كونه ذكرا أو أنثى

فِيمَا لَمْ يُكَلَّفَا بِهِ لَوْ سَكَتَا فَلَا يَصِحُّ هَذَا الِاخْتِلَافُ مَانِعًا؛ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَحْتَ فِقْرَةِ (الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ) . 2 - أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الْفِعْلِ كَالنِّكَاحِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِحْضَارِ الشُّهُودِ أَيْ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا إلَّا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا وَهُوَ إحْضَارُ الشُّهُودِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَالشَّهَادَةُ عَلَى النِّكَاحِ تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى الْفِعْلِ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ مَانِعٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ مَانِعٌ لِلْقَبُولِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِعْلٌ وَالْآخَرُ قَوْلٌ. 3 - أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا يَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عَلَى الْفِعْلِ كَالْقَرْضِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ، فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ غَيْرُ مَانِعٍ لِلْقَبُولِ فِي الْقَرْضِ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ غَيْرُ مَانِعٍ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَرْضِ فِي صُورَةِ الْإِخْبَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ غَيْرُ مَانِعٍ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ قَرْضًا وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَرْضِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. أَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالرَّهْنِ فَمَانِعٌ لِلْقَبُولِ سَوَاءٌ فِي صُورَةِ الْإِخْبَارِ أَوْ فِي صُورَةِ الْإِنْشَاءِ (فَدَلَّ أَنَّ الْقَرْضَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا حَقِيقَةً فَهُوَ قَوْلٌ مَعْنًى، فَلِكَوْنِهِ فِعْلًا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِنْشَاءِ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلِكَوْنِهِ قَوْلًا مَعْنًى لَمْ يَكُنْ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَيَّامِ وَالْبُلْدَانِ مَانِعًا عَامِلًا بِالشَّبِيهَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ) . 4 - أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا مُجَرَّدًا كَالْغَصْبِ وَالْجِنَايَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاخْتِلَافُ الشُّهُودِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الْإِخْبَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ كَأَنْ يَشْهَدَ أَحَدٌ مَثَلًا عَلَى الْقَتْلِ وَيَشْهَدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ مَانِعٌ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ. 5 - أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَوْلًا وَيَكُونَ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي كَوْنِهِ مُلْحَقًا بِالْفِعْلِ أَوْ الْقَوْلِ كَالْقَذْفِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَهُوَ مَانِعٌ، أَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ فَهُوَ مَانِعٌ لِلشَّهَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ مَانِعٍ قِيَاسًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . [ (الْمَادَّةُ 1714) إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي لَوْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى] الْمَادَّةُ (1714) - (إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي لَوْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ بِكَوْنِهَا صَفْرَاءَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِكَوْنِهَا حَمْرَاءَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِهَا ذَكَرًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِكَوْنِهَا أُنْثَى فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا) . لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ الْمَشْهُودُ بِهِ حَيْثُ إنَّ الْفَرَسَ الصَّفْرَاءَ هِيَ غَيْرُ الْفَرَسِ الْحَمْرَاءَ كَمَا أَنَّ وَصْفَ الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ لَا يَجْتَمِعُ فِي حَيَوَانٍ وَاحِدٍ وَالشَّاهِدُ مُكَلَّفٌ بِأَنْ يُبَيِّنَ الدَّابَّةَ الْمَشْهُودَ بِهَا هَلْ هِيَ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَعَلَيْهِ فَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ يَكُونُ اخْتِلَافًا

(المادة 1715) إذا اختلف الشهود في مقدار البدل في دعوى العقد

فِي نَفْسِ الشَّهَادَةِ (الشِّبْلِيُّ) . فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الشُّهُودُ ذُكُورَةَ أَوْ أُنُوثَةَ الْحَيَوَانِ فِي شَهَادَتِهِمْ فَقَدْ قَالَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: (إنَّنِي أَخَافُ أَنْ نَقْبَلَ شَهَادَتَهُمْ وَلَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ) أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشُّهُودُ ذُكُورَةَ أَوْ أُنُوثَةَ الْحَيَوَانِ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا لَوْنَهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَحْتَاجُ الشُّهُودُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَاحِشٌ وَتَخْتَلِفُ الْمَنَافِعُ بِهَذَا الِاخْتِلَافِ، أَمَّا اخْتِلَافُ اللَّوْنِ فَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ بِكَوْنِهَا صَفْرَاءَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِكَوْنِهَا حَمْرَاءَ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِهَا ذَكَرًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِكَوْنِهَا أُنْثَى فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. [ (الْمَادَّةُ 1715) إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ] الْمَادَّةُ (1715) - (إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ. مَثَلًا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمَالَ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيعَ بِثَلَاثِمِائَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا) . إذَا اخْتَلَفَتْ الشُّهُودُ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ الْعَمْدِ وَالنِّكَاحِ (أَوَّلًا) فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ (ثَانِيًا) فِي جِنْسِ الْبَدَلِ (ثَالِثًا) فِي مَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ (رَابِعًا) فِي نَوْعِ الْعَمَلِ فِي إجَارَةِ الْآدَمِيِّ، أَوْ لَمْ يُسَمِّ الشُّهُودُ الثَّمَنَ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي الْبَائِعَ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِيَ (الْبَهْجَةُ) . إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي الْبَيْعِ: 1 - مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعِي الْبَائِعَ وَالْمُدَّعَى بِهِ أَكْثَرَ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا: قَدْ بِعْتُك مَالِي هَذَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيعَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هِيَ دَعْوَى عَقْدٍ فَالْبَيْعُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ هُوَ غَيْرُ الْبَيْعِ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَصْبَحَ الْمَشْهُودُ بِهِ مُخْتَلِفًا وَلَمْ يَحْصُلْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) . 2 - مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعِي الْمُشْتَرِيَ وَالْمُدَّعَى بِهِ أَكْثَرَ: إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. 3 - مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعِي الْمُشْتَرِيَ وَالْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (الزَّيْلَعِيّ) . 4 - مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعِي الْبَائِعَ وَالْمُدَّعَى بِهِ أَقَلَّ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْت مَالِي هَذَا لَك بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى إثْبَاتُ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَيْسَ

إثْبَاتَ الدَّيْنِ، وَالْبَيْعُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُرَكَّبٍ بَعْضُ أَجْزَائِهِ بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ فَهُوَ غَيْرُ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يَتَرَكَّبُ بِمِقْدَارٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَحْصُلُ نِصَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا (الشِّبْلِيُّ) . إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ: إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الْوَاحِدُ بِثَمَنِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةً (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ) . إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي الْإِجَارَةِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاخْتَلَفَتْ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ فِي مِقْدَارِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي الْمُؤَجِّرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ هُوَ إثْبَاتُ الْعَقْدِ حَيْثُ إنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُؤَجِّرِ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ وَلِذَلِكَ تَخْتَلِفُ الشَّهَادَةُ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ وَلَا تَثْبُتُ الْإِجَارَةُ (الشِّبْلِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: 1 - إذَا أَجَّرَ الْمُؤَجِّرُ دَارِهِ إلَى أَحَدٍ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجَرِ ادَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَلَمَهَا، وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَامَهُمَا لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ أَجَرَ الدَّارَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَجَرَهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ. 2 - إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْ دَعْوَاهُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى تِسْعِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ مَقْصِدَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ دَعْوَاهُ إثْبَاتَ الْعَقْدِ. أَمَّا إذَا سُلِّمَ الْمَأْجُورُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ الْمُدَّعِي الْمُؤَجِّرَ وَادَّعَى الْأَكْثَرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَقَلِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى مَالٍ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَقَلَّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْأَكْثَرِ فَلَا تُقْبَلُ (الزَّيْلَعِيّ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ مُنْقَضِيَةً أَوْ غَيْرَ مُنْقَضِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ قَائِلًا: قَدْ أَجَّرْتُك دَارِي بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ سَنَوِيًّا وَسَلَّمْتُك إيَّاهَا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنِي اسْتَأْجَرْتهَا مِنْك بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الدَّارَ أُجِّرَتْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا أُجِّرَتْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ مَقْصِدَ الْمُؤَجِّرِ الِادِّعَاءُ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ إثْبَاتَ الْعَقْدِ؛ وَتَقْيِيدُهُ فِي الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ: وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اعْتِرَافًا بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ اخْتِلَافِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْأَكْثَرِ لَمْ يَبْقَ نِزَاعٌ وَإِنْ أَقَرَّ

بِالْأَقَلِّ فَالْآخَرُ لَا. يُؤْخَذُ مِنْهُ بَيِّنَتُهُ سِوَى ذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالشِّبْلِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي مَنْفَعَةِ الْمَأْجُورِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَيْضًا. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الْبَغْلَةَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ لِأَرْكَبَهَا إلَى دِمَشْقَ وَلِأُحَمِّلَهَا حِمْلًا، وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّابَّةَ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا لِيَرْكَبَهَا إلَى دِمَشْقَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا إلَى دِمَشْقَ وَلِيُحَمِّلَهَا حِمْلًا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلرُّكُوبِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ) . إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ بَدَلِ الرَّهْنِ: إذَا كَانَ الْمُدَّعِي رَاهِنًا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ قَدْ رُهِنَ مُقَابِلَ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ قَدْ رُهِنَ مُقَابِلَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي الْقَلِيلِ وَلَا فِي الْكَثِيرِ؛ لِأَنَّ مَقْصِدَ الرَّاهِنِ إثْبَاتُ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ اسْتِرْدَادَ الرَّهْنِ أَوْ إلْزَامَ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ إذْ لَا يَقْتَدِرُ الرَّاهِنُ عَلَى اسْتِرْدَادِ الرَّهْنِ مَا دَامَ الدَّيْنُ بَاقِيًا وَلَا يَكُونُ ثَمَّةَ فَائِدَةٌ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى كَمَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ لَازِمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَا تَصِحُّ بِحَقِّهِ دَعْوَى الْإِلْزَامِ بِالرَّهْنِ (الشِّبْلِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي مُرْتَهِنًا فَحُكْمُ هَذِهِ الدَّعْوَى كَدَعْوَى دَيْنِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ قَائِلًا: قَدْ أَرْهَنْتَ مَالَك هَذَا لِي بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْته لِي وَقَدْ قَبَضْته وَتَسَلَّمْته مِنْك ثُمَّ أَخَذْته مِنِّي فَأَطْلُبُ اسْتِرْدَادَهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرَّهْنَ، فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ وَالتَّسْلِيمَ وَقَعَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَثَبَتَ الْأَقَلُّ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . وَيَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّهْنِ بَيَانُ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلٌ لَهُ فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الرَّهْنِ وَكَانُوا لَا يَعْلَمُونَ الدَّيْنَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلٌ لَهُ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ (الْبَهْجَةُ) وَيَلْزَمُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يُسَمِّ الشُّهُودُ الثَّمَنَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْبَيْعِ فَلَا تَصِحُّ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةً؛ كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُسَمُّوا الثَّمَنَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَبِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَحِينَئِذٍ لَا تَلْزَمُ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ، كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى الْحَمَّامَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ زَوْجَةِ الْمُتَوَفَّى أَنَّهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا الْحَمَّامَ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهَا مِنْ ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِينَارًا وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَتَوْا لِيَشْهَدُوا عَلَى دَفْعِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَقَرَّ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ أَنَّهُ بَاعَ ذَلِكَ الْحَمَّامَ لِزَوْجَتِهِ

الْمَذْكُورَةِ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهَا مِنْ ذِمَّتِهِ وَأَنَّ الْحَمَّامَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكُهَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ الدَّيْنِ يَثْبُتُ الدَّفْعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي دَعْوَى الْعَقْدِ احْتِرَازٌ مِنْ دَعْوَى الدَّيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصِدُ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ عَقْدٍ كَالْبَيْعِ مَثَلًا بَلْ كَانَ الِادِّعَاءُ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْأَقَلِّ، مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْت فَرَسًا لِهَذَا الرَّجُلِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَسَلَّمْتهَا لَهُ فَأَطْلُبُ الْحُكْمَ بِثَمَنِهَا، وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الثَّمَنَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الثَّمَنَ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَيُحْكَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا (أَبُو السُّعُودِ وَمُنْلَا مِسْكِينٍ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2171) . مُلْحَقٌ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَة الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ سَبَبِ تَجْوِيزِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ 1 - قَدْ جُوِّزَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ عَلَى الْأَصْلِ إيفَاؤُهَا وَلَا تَجْزِي فِي ذَلِكَ النِّيَابَةُ؛ أَلَا يُرَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالْعِبَادَاتِ الْأُخْرَى الْمَفْرُوضَةَ عَلَى الْإِنْسَانِ لَا يَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَنْ إنْسَانٍ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ حَقًّا لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَلِهَذَا السَّبَبِ لَا تَجْرِي فِي ذَلِكَ الْخُصُومَةُ وَلَا يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى الشَّهَادَةِ، كَمَا أَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ هُوَ زَائِدٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. أَمَّا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ خَوْفًا مِنْ عَجْزِ الْأَصْلِ عَنْ أَدَائِهَا لِوَفَاتِهِ أَوْ لِوُجُودِهِ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ الْحُقُوقِ فَلِذَلِكَ قَدْ جُوِّزَتْ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ وَفُرُوعِ الْفُرُوعِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ) وَحَسَبُ الْمَادَّةِ (21) مِنْ الْمَجَلَّةِ (الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْذُورَاتِ) إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي ذَلِكَ شُبْهَةُ الْبَدَلِ فَلَا تُقْبَلُ فِي الْأُمُورِ السَّاقِطَةِ فِي الشُّبُهَاتِ (الدُّرَرُ) .

الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا 2 - يُشْتَرَطُ وُجُودُ عُذْرٍ فِي وَقْتِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَانِعٍ لِحُضُورِ الْأَصْلِ مَجْلِسَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فَرْضٌ عَلَى الْأَصْلِ وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ إلَّا بِالْعَجْزِ يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَّمَا تَكُونُ جَائِزَةً لِلضَّرُورَةِ وَالضَّرُورَةُ تَتَحَقَّقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَانِعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَهَذَا الْعُذْرُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا: الْمَرَضُ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ مَرِيضًا بِصُورَةٍ لَا يَكُونُ مَعَهَا قَادِرًا عَلَى حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَاضِي. ثَانِيًا: الْبُعْدُ مَسَافَةَ السَّفَرِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكْفِي بُعْدُ الشَّاهِدِ عَنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا بِدَرَجَةٍ لَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَأَنْ يَرْجِعَ وَيَبِيتَ مَعَ أَهْلِهِ وَقَدْ رَجَّحَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَعَلَيْهَا الْفَتْوَى (الْبَحْرُ وَأَبُو السُّعُودِ) . ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ مَحْبُوسًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا وَلَيْسَ فِي اقْتِدَارِ الْقَاضِي تَرْخِيصُهُ مِنْ مَحْبِسِ الْوَالِي لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَيَشْهَدَ فَتَجُوزَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ. رَابِعًا: وَفَاةُ الْأَصْلِ يَعْنِي إذَا تُوُفِّيَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ فَلِلشَّاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ. خَامِسًا: أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً وَهِيَ الَّتِي لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا لِرُؤْيَةِ مَصَالِحِهَا أَوْ لِلِاسْتِحْمَامِ (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ أَحَدِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ وَقْتَ الْإِشْهَادِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا بِعُذْرٍ فَيَصِحُّ وَلِلشَّاهِدِ الْفَرْعِ بَعْدَ حُدُوثِ الْعُذْرِ وَالْمَانِعِ أَنْ يُوَفِّيَ الشَّهَادَةَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . 3 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْمِلَ الْأَصْلُ الْفَرْعُ الشَّهَادَةَ وَأَنْ يَقْبَلَ الْفَرْعُ أَوْ يَسْكُتَ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ تُزِيلُ وِلَايَةَ الشُّهُودِ الْأَصْلِيِّينَ فِي حَقِّ تَنْفِيذِ قَوْلِهِمْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهِيَ ضَرَرٌ عَلَى الشَّاهِدِ الْأَصْلِ فَتَحْتَاجُ إلَى إنَابَتِهِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْهُ (الدُّرَرُ) وَكَيْفِيَّةُ التَّحْمِيلِ تُبَيَّنُ فِي الْمَبْحَثِ الرَّابِعِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ الْفَرْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَرَدَّ الْفَرْعُ بِقَوْلِهِ: لَا أَقْبَلُ أَوْ لَا أَشْهَدُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ، وَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِدُونِ التَّحْمِيلِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ حِينَ إشْهَادِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ رَجُلَانِ وَسَمِعَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . مُسْتَثْنًى - تَصِحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَتِيَّةِ الذِّكْرِ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْغَيْرِ بِدُونِ الْإِشْهَادِ، وَهِيَ لَوْ

سَمِعَ اثْنَانِ شَاهِدًا يَشْهَدُ فِي دَعْوَى فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ وَلَوْ لَمْ يُشَهَّدَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَكُونُ عَلَى مَضْمُونِ الْإِعْلَامِ الَّذِي نَظَّمَهُ الْقَاضِي. 4 - يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْفَرْعُ حِينَ شَهَادَتِهِ تَحْمِيلَ الْأَصْلِ لَهُ الشَّهَادَةَ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْفَرْعُ: إنَّنِي شَاهِدٌ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عِنْدِي بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الشَّاهِدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَذَلِكَ إذَا عَيَّنَ أَحَدَ حَكَمَيْنِ فِي الدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى آخَرَ وَاسْتَمَعَ الْحَكَمَانِ الدَّعْوَى وَالشُّهُودَ وَعُزِلَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُ الشُّهُودِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي اسْتِمَاعَ الْحَكَمَيْنِ شُهُودًا عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَلَا يَصِحُّ وَإِذَا شَهِدَا لَا تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . 5 - يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقٍ غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَلَوْ كَانَتْ وَقْفًا فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ تُوجَدُ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ شُبْهَةُ الْبَدَلِ، وَالْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (الزَّيْلَعِيّ) . 6 - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ الَّذِي شَهِدَ عَنْ كُلِّ أَصْلٍ فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَصْلُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً وَفِي ذَلِكَ إجْمَاعٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . مَثَلًا لَوْ كَانَ الْأَصْلُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ الَّذِي شَهِدَ عَنْ الرَّجُلِ فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ يَجِبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْفَرْعُ الَّذِي شَهِدَ عَنْ الْمَرْأَتَيْنِ فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ أَيْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَنْ امْرَأَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ فِي مَقَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فَرْعٌ عَنْ رَجُلٍ أَصْلٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ) . 7 - يُشْتَرَطُ تَغَايُرُ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصَالَةِ فَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ فِي حَقِّ مَادَّةٍ بِحَسَبِ الْفَرْعِيَّةِ وَالْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ فَيَكُونُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ حَيْثُ يَثْبُتُ نِصْفُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِشَهَادَتِهِ حَسَبَ الْأَصَالَةِ وَيَثْبُتُ رُبْعُهُ أَيْضًا بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدِ فَرْعٍ آخَرَ عَنْ الشَّاهِدِ الْأَصْلِ الْغَائِبِ وَالْحَالُ لَا يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ مِنْ نَظِيرٍ لَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا لَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدِ الْأَصْلِ وَلَا تَثْبُتُ الدَّعْوَى بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 8 - يُشْتَرَطُ أَنْ تَدُومَ أَهْلِيَّةُ شُهُودِ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ إذَا حَمَلَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ الشَّهَادَةَ لِلْفَرْعِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا الشَّاهِدُ الْفَرْعُ سَقَطَ الشَّاهِدُ الْأَصْلُ مِنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ كَالْعَمَى وَالْخَرَسِ أَوْ الْجُنُونِ أَوْ الْفِسْقِ فَلَيْسَ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ بَعْدَ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . 9 - لَا يُشْتَرَطُ تَغَايُرُ الْفَرْعِ الَّذِي شَهِدَ عَلَى الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ فَالْفَرْعَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ أَصْلٍ مَشْهُودٌ بِهَا عَلَى حِدَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا

شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ شَرَائِطِهَا الْمَخْصُوصَةِ فَلَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا شَهَادَةً أُخْرَى عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ الْآخَرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَقَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ (الشِّبْلِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلِلشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. 10 - لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الشُّهُودِ فَرْعًا أَوْ أَصْلًا بِنَاءً عَلَيْهِ فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الشُّهُودِ أَصْلًا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُهُمْ فَرْعًا أَوْ أَنْ يَكُونَ قِسْمٌ مِنْهُمْ أَصْلًا وَقِسْمٌ مِنْهُمْ فَرْعًا. مَثَلًا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ فِي دَعْوَى وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى عَلَى شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يَتِمُّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 11 - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الدَّرَجَاتِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَخْ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ كَمَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ تَجُوزُ أَيْضًا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (الْبَهْجَةُ) . 12 - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الْفَرْعُ عَالِمًا بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ الْفَرْعُ يَعْلَمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ هُوَ فُلَانٌ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) . 13 - يَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ الْأَبِ، يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْأَبُ شَاهِدَ أَصْلٍ وَالِابْنُ شَاهِدَ فَرْعٍ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى حُكْمِ الْأَبِ؛ وَوَجْهُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ: قَدْ حَكَمْت أَثْنَاءَ مَا كُنْت قَاضِيًا فَلَا تُقْبَلُ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا حِينَ الشَّهَادَةِ وَشَهِدَ بِالذَّاتِ فَتُقْبَلُ. وَلِذَلِكَ فَالِابْنُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ 14 - إذَا حَدَثَتْ الْأَسْبَابُ الْآتِيَةُ قَبْلَ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ. أَوَّلًا - نَهْيُ الْأَصْلِ الْفَرْعَ عَنْ الشَّهَادَةِ. ثَانِيًا: خُرُوجُ الْأَصْلِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ. ثَالِثًا - تَكَلُّمُ الْأَصْلِ بِأَنَّ الْفَرْعَ أَخْطَأَ فِي الشَّهَادَةِ. رَابِعًا - إنْكَارُ الْأَصْلِ لِشَهَادَتِهِ.

خَامِسًا - حُضُورُ شُهُودِ الْأَصْلِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفَرْعِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْفَرْعُ بَعْدُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَلَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ حُدُوثِ الْأَسْبَابِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا، أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالشَّهَادَةِ ثُمَّ عَرَضَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ السَّابِقُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ وَأَبُو السُّعُودِ) . الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ كَيْفِيَّةِ تَحْمِيلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَصُورَةِ أَدَائِهَا. 15 - يَكُونُ تَحْمِيلُ الشَّهَادَةِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَأَدَاؤُهَا بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ: صُورَةُ تَحْمِيلِ الْأَصْلِ لِلْفَرْعِ تَكُونُ بِقَوْلِ شَاهِدِ الْأَصْلِ: إنَّنِي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ قَدْ أَقَرَّ أَمَامِي أَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَاشْهَدْ أَنْتَ عَلَى شَهَادَتِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ التَّالِيَةَ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ أَحَدٌ شَهَادَتَهُ لِآخَرَ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ وَقَالَ لَهُ: اشْهَدْ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي فَلَا يَحْصُلُ التَّحْمِيلُ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَحْصُلُ التَّحْمِيلُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . صُورَةُ أَدَاءِ الْفَرْعِ. (تَكُونُ بِقَوْلِ شَاهِدِ الْفَرْعِ: إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ (كِنَايَةٌ عَنْ شَاهِدِ الْأَصْلِ) قَدْ شَهِدَ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِهَذَا الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَدْ أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّنِي أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . 16 - يَلْزَمُ ذِكْرُ شُهُودِ الْفَرْعِ حِينَ الشَّهَادَةِ أَسْمَاءَ آبَاءِ وَأَجْدَادِ شُهُودِ الْأَصْلِ فَلِذَلِكَ لَوْ شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ بِدُونِ ذِكْرِهِمْ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوا مُجَازَفَةً لَا عَنْ مَعْرِفَةٍ (الْخُلَاصَةُ فِي الشَّهَادَاتِ) . 17 - يَلْزَمُ تَزْكِيَةُ وَتَعْدِيلُ شُهُودِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ سِرًّا وَعَلَنًا فَلِذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ بِدُونِ أَنْ يُزَكِّيَهُمْ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَشَرْحُ الزَّيْلَعِيّ) . الْخَاتِمَةُ صُورَةُ إعْلَامٍ بِثُبُوتِ دِينٍ بِنَاءً عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ 18 - إنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي عَوَّادْ مِنْ أَهَالِي قَرْيَةِ الْفَالُوجِيِّ التَّابِعَةِ قَضَاءَ غَزَّةَ قَدَّمَ دَعْوَاهُ فِي مَحْضَرِ السَّيِّدِ مَحْمُودْ أَفَنْدِي أَبِي بَكْرٍ وَادَّعَى عَلَيْهِ وَقَرَّرَ دَعْوَاهُ قَائِلًا: إنَّنِي فِي سَنَةِ 1345 فِي غُرَّةِ رَبِيعٍ الْآخَرِ قَدْ أَقْرَضْت وَسَلَّمْت السَّيِّدَ مَحْمُودَ الْمَذْكُورَ فِي دُكَّانِي الْوَاقِعِ فِي سُوقِ قَرْيَةِ الْفَالُوجِيِّ مَبْلَغَ مِائَةَ جُنَيْهٍ إنْجِلِيزِيَّةٍ وَقَدْ اقْتَرَضَ الْمَذْكُورُ هَذَا الْمَبْلَغَ مِنِّي وَاسْتَهْلَكَهُ بِصَرْفِهِ إيَّاهُ عَلَى أُمُورِهِ وَإِنَّنِي أَطْلُبُ فِي

الفصل السادس في حق تزكية الشهود

الْحَالِ مِنْ السَّيِّدِ مَحْمُودٍ الْمَذْكُورِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ طَلَبِي مِنْ ذِمَّتِهِ وَأَطْلُبُ سُؤَالَهُ وَتَنْبِيهَهُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ عَلَى أَدَاءِ وَإِيفَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِي. وَلَدَى سُؤَالِ السَّيِّدِ مَحْمُودٍ الْمَذْكُورِ أَنْكَرَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَطُلِبَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي الْمُومِئِ إلَيْهِ الشَّيْخِ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي عَوَّادْ فَأَجَابَ: إنَّ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ عَلَى ذَلِكَ هُمَا الشَّيْخُ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي سَلِيمْ عَوَّادْ وَالسَّيِّدُ حُسَيْنْ مَحْمُودْ شحاده الْمُقِيمَانِ فِي مَدِينَةِ نَابُلُسَ وَجَلْبُهُمَا إلَى مَجْلِسِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مُتَعَذِّرٌ لِسُكْنَاهُمَا فِي الْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنَّ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَى لِسَانِ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ الْمَذْكُورَيْنِ هُمَا السَّيِّدُ حُسَيْنُ بْنُ حُسَيْنٍ مُصْطَفَى وَالسَّيِّدُ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ عَبْدِ الْجَوَّادِ قَدْ حَضَرَا لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ وَلَدَى اسْتِشْهَادِهِمَا شَهِدَ الْمَذْكُورَانِ: إنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَائِبَيْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي سَلِيمْ عَوَّادْ وَالسَّيِّدِ حُسَيْنْ مَحْمُود شحاده قَدْ حَمَّلَانَا الشَّهَادَةَ بِقَوْلِهِمَا: إنَّ الْمُدَّعِيَ الشَّيْخَ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي عَوَّادْ قَدْ أَقْرَضَ وَسَلَّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّيِّدَ مَحْمُودًا الْمَذْكُورَ فِي سَنَةَ 1345 فِي غُرَّةِ رَبِيعٍ الْآخَرَ مِنْ مَالِهِ مِائَةَ جُنَيْهٍ إنْجِلِيزِيَّةٍ فِي دُكَّانِهِ الْوَاقِعِ فِي سُوقِ الْفَالُوجِيِّ فِي حُضُورِنَا وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ اقْتَرَضَ وَقَبَضَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ وَاسْتَهْلَكَهُ بِصَرْفِهِ عَلَى أُمُورِهِ وَأَنَّهُ مَدِينٌ دَيْنًا صَحِيحًا لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ إنَّنَا شَاهِدَانِ عَلَى هَذَا الْخُصُوصِ وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ إلَّا أَنَّنَا لَمَّا كُنَّا فِي مَدِينَةِ نَابُلُسَ الْبَعِيدَةِ مُدَّةَ السَّفَرِ يَتَعَذَّرُ ذَهَابُنَا إلَى مَدِينَةِ غَزَّةَ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ كُونَا شَاهِدَيْنِ عَلَى لِسَانِنَا وَاشْهَدَا بِذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ تَحَمَّلْنَا هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَقَبِلْنَا تَحَمُّلَهَا وَنَحْنُ شَاهِدَانِ بِالْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ وَنَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى لِسَانِ الْغَائِبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَقَدْ أَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا شَهَادَتَهُ حَسَبَ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرَةِ وَقَدْ صَارَ تَزْكِيَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ أَوْ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ مِنْ أَئِمَّةِ مَحَلَّاتِهِمَا وَمُخْتَارِيهِمَا سِرًّا وَعَلَنًا وَفُهِمَ أَنَّهُمَا عَادِلَانِ وَمَقْبُولَا الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ قَدْ نُبِّهَ عَلَى السَّيِّدِ مَحْمُودٍ الْمَذْكُورِ بِأَدَاءِ الْمِائَةِ جُنَيْهٍ الْإِنْجِلِيزِيَّة لِلْمُدَّعِي الشَّيْخِ مُحَمَّدْ أَفَنْدِي عَوَّادْ وَقَدْ كُتِبَ مَا وَقَعَ بِالطَّلَبِ فِي كَذَا. [الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي حَقِّ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ] ِ إذَا طُعِنَ فِي الشُّهُودِ مِنْ طَرَفِ الْخَصْمِ فَتَجِبُ تَزْكِيَتُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ بِدُونِ التَّزْكِيَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْعَنْ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ التَّزْكِيَةِ، فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا حَاجَةَ لِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَيُحْكَمُ بِنَاءً عَلَى عَدَالَتِهِمْ الظَّاهِرَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَتَجِبُ تَزْكِيَتُهُمْ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِدُونِهَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُبْنَى عَلَى الْحُجَّةِ وَلَا تَقَعُ الْحُجَّةُ إلَّا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ، وَالْعَدَالَةُ قَبْلَ السُّؤَالِ ثَابِتَةٌ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ فَوَجَبَ التَّعَرُّفُ عَنْهَا صِيَانَةً لِلْقَضَاءِ عَنْ الْبُطْلَانِ وَلِإِسْنَادِ الْحُكْمِ لِلْبُرْهَانِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِي نَظَرِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَلَيْسَ اخْتِلَافَ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (96) ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ قَدْ وُجِدَ فِي الْقَرْنِ الثَّالِثِ وَقَدْ شَهِدَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاحِ أَهْلِ هَذَا الْقَرْنِ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى أَهْلِهِ الصَّلَاحُ. أَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ عَاشَا

فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ وَقَدْ ازْدَادَ فِي عَصْرِهِمَا الْفِسْقُ وَعَدَمُ الْعَدْلِ وَفَسَدَ الزَّمَانُ فَقَالَا بِلُزُومِ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ، وَالْمَجَلَّةُ أَخَذَتْ بِقَوْلِهِمَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْحَمَوِيُّ وَالْخَيْرِيَّةُ) . الْمَادَّةُ (1716) - (إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ هَلْ هُمْ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمْ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ أَوْ عُدُولٌ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَيُحْكَمُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ قَالَ: هُمْ شُهُودُ زُورٍ أَوْ عُدُولٌ وَلَكِنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَوْ نَسُوا الْوَاقِعَ أَوْ قَالَ: هُمْ عُدُولٌ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي وَيُحَقِّقُ عَدَالَةَ الشُّهُودِ مِنْ عَدَمِهَا بِالتَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا) . إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي يَسْأَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: مَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ هَلْ هُمْ صَادِقُونَ أَوْ غَيْرُ صَادِقِينَ أَوْ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَيْك بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ (الشِّبْلِيُّ) حَتَّى يَعْلَمَ سَبَبَ حُكْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ يَكُونُ سَبَبُ حُكْمِ الْقَاضِي الْإِقْرَارَ وَإِذَا لَمْ يَقُلْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ وَصَارَتْ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا فَيَكُونُ سَبَبُ الْحُكْمِ الشَّهَادَةَ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَرَّتَيْنِ، الْمَرَّةُ الْأُولَى يُسْأَلُ عَمَّا يَقُولُهُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1816) فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدَك حَسَبَ دَعْوَاهُ؟ وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّؤَالِ الْأَوَّلِ بِالْإِنْكَارِ، وَسُمِعَ شُهُودُ الْمُدَّعِي يُسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَانِيَةً حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ، أَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّؤَالِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِلْمُدَّعِي الْحَقَّ الَّذِي ادَّعَاهُ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ لِلشُّهُودِ، وَيُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا أَجَابَ عَلَى السُّؤَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ أَيْضًا بِالْمُدَّعَى بِهِ فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ أَيْضًا وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُ الْجَوَابَيْنِ مُتَّحِدًا. أَمَّا إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّؤَالِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدِي فَيَطْلُبُ شُهُودًا مِنْ الْمُدَّعِي، وَإِذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّؤَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: إنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَيَكُونُ حُكْمُ الْجَوَابِ التَّالِي مُخَالِفًا، فَإِنْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: هُمْ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ أَوْ عُدُولٌ أَوْ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَيَّ جَائِزَةٌ وَمَقْبُولَةٌ، أَيْ إذَا زَكَّى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشُّهُودَ بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْعِبَارَاتِ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ أَحَدِ الشُّهُودِ فَقَطْ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ عَادِلٌ فِي شَهَادَتِهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ صَدَّقَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَحَدَ الشُّهُودِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ حَاجَةٌ لِتَزْكِيَةِ وَتَعْدِيلِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُحْكَمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَيُلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ

وَالْحُكْمَ بِهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَلَا يَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمُ بِهَا عَلَى الْمُقِرِّ حَتَّى إنَّهُ لَوْ ثَبَتَ دَعْوَى بِالْإِقْرَارِ وَبِالْبَيِّنَةِ يَعْنِي لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا دَعْوَى الْمُدَّعِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الشُّهُودَ وَصَارَتْ تَزْكِيَتُهُمْ سِرًّا وَعَلَنًا وَحِينَمَا أَرَادَ الْقَاضِي إصْدَارَ الْحُكْمِ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ وَإِنْ كَانَ حُجَّةً قَاصِرَةً فَهُوَ حُجَّةٌ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ لِحُكْمِ الْقَاضِي، وَمَعَ أَنَّ الْكَذِبَ فِي الشَّهَادَةِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ عَادَةً فَالْكَذِبُ بِالْإِقْرَارِ مُمْتَنِعٌ عَادَةً فَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى مِنْ الْبَيِّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ فِي حَادِثَةٍ بَيِّنَةٌ وَإِقْرَارٌ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْإِقْرَارِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ مَا لَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ لِبِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَى الْبَيِّنَةِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ كَمَا سَيُفَصَّلُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1817) . وَيُفْهَمُ بِتَعْبِيرِ إذَا شَهِدَتْ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ: إنَّ مَا يَشْهَدُهُ عَلَيَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ صِدْقٌ أَوْ إنَّ مَا سَيَشْهَدُهُ عَلَيَّ فُلَانٌ وَفُلَانٌ حَقٌّ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمَشْهُودِ بِهِ فَلِذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ شَهَادَةِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ أَنْ يُجَرِّحَ الشُّهُودَ الْمَذْكُورِينَ بِقَوْلِهِ: إنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَقْتَضِي الْأَمْرُ لِلتَّزْكِيَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاؤُهُ السَّابِقُ بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقَ لُزُومِ الْحَقِّ بِشَهَادَتِهِ، وَالْإِلْزَامَاتُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) قَدْ عُدَّ التَّعْدِيلُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ إقْرَارًا وَلَمْ يُعَدَّ التَّعْدِيلُ قَبْلَ الشَّهَادَةِ إقْرَارًا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا عَدَّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشُّهُودَ قَبْلَ الشَّهَادَةِ فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ وَتَأْوِيلُهُمَا بِأَنْ يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَلَكِنْ تَبَدَّلَ حَالُهُ، وَتَبَدُّلُ الْحَالِ مُمْكِنٌ أَمَّا بَعْدَ الشَّهَادَةِ فَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ التَّعْدِيلُ مُعْتَبَرًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . وَإِنْ طَعَنَ فِي الشُّهُودِ وَقَالَ: هُمْ شُهُودُ زُورٍ أَيْ كَاذِبُونَ، أَوْ لَمْ يَطْعَنْ وَقَالَ: هُمْ عُدُولٌ وَلَكِنْ أَخْطَئُوا فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَوْ هُمْ عُدُولٌ وَلَكِنْ قَدْ نَسُوا الْوَاقِعَ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا بِحَقِّ شَهَادَتِهِمْ وَقَالَ: إنَّهُمْ عُدُولٌ مَعَ إنْكَارِهِ الْمُدَّعَى بِهِ، أَوْ قَالَ: إنَّهُمْ عُدُولٌ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ صُدُورَ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ مِنْ الشُّهُودِ جَائِزٌ وَلَوْ كَانُوا عُدُولًا، وَقَوْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَنْهُمْ: إنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَ الشَّاهِدِ صَوَابٌ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بَلْ يُزَكِّي الشُّهُودَ أَوَّلًا سِرًّا وَثَانِيًا عَلَنًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ وَيُحَقِّقُ عَدَالَةَ الشُّهُودِ وَعَدَمَهَا (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالدُّرَرُ) وَمَحَلُّ السُّؤَالِ عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي بِحَالِهِمْ فَلَوْ عَرَفَهُمْ بِفِسْقٍ أَوْ عَدَالَةٍ لَا يَسْأَلُ عَنْهُمْ (أَبُو السُّعُودِ) . شَاهِدُ زُورٍ - لَوْ آذَى أَحَدٌ آخَرَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ مَثَلًا: أَنْتَ فَاسِقٌ أَوْ خَبِيثٌ أَوْ سَارِقٌ أَوْ مُنَافِقٌ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ زِنْدِيقٌ أَوْ مَكْمَنُ اللُّصُوصِ فَيَلْزَمُ تَعْزِيرُ وَتَأْدِيبُ الْقَائِلِ. أَمَّا إذَا آذَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَ بِقَوْلِهِ: إنَّك شَاهِدُ زُورٍ فَلَا يَجِبُ تَعْزِيرُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ قِيلَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الدَّعْوَى وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُثْبِتْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الشَّاهِدَ شَاهِدُ زُورٍ فَلَا يُعَزَّرُ (الْهِنْدِيَّةُ) ، وَإِنَّ قَوْلَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِشَاهِدٍ: إنَّك شَاهِدُ زُورٍ يُسَمَّى طَعْنًا بِالشَّاهِدِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْأَلْفَاظَ الْأُخْرَى الْوَارِدَةَ فِي الْمَجَلَّةِ فَلَا يُسَمَّى ذَلِكَ طَعْنًا بِالشُّهُودِ. (أَوْ هُمْ عُدُولٌ) إلَخْ

إنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا بِالْمُدَّعَى بِهِ لَا يَقُومُ أَيْضًا مَقَامَ تَعْدِيلِ الشُّهُودِ، وَالْحَالُ لَوْ أَنَّهُ قَالَ الْمُزَكُّونَ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ عَدْلٌ فَيَكُونُ قَوْلُهُمْ هَذَا تَعْدِيلًا لِلشُّهُودِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1718) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَسَبَ زَعْمِ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودِ هُوَ ظَالِمٌ وَكَاذِبٌ لِإِنْكَارِهِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَتَعْدِيلُ وَتَزْكِيَةُ الظَّالِمِ وَالْكَاذِبِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكَّى عَدْلًا وَصَادِقًا بِالْإِجْمَاعِ (الشِّبْلِيُّ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يُرْجَعُ إلَيْهِمْ فِي تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ أَيْ مِنْ الطَّائِفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (1717) وَعَدْلًا وَرُوجِعَ فِي أَمْرِ التَّزْكِيَةِ فَيَصِحُّ تَعْدِيلُهُ وَتَزْكِيَتُهُ (التَّنْوِيرُ وَشَرَحَهُ وَأَبُو السُّعُودِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَإِذَا لَمْ يُطْعَنْ بِالشُّهُودِ فَلَا حَاجَةَ لِتَزْكِيَتِهِمْ وَيُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى عَدَالَتِهِمْ الظَّاهِرَةِ؛ لِأَنَّهَا ثَابِتَةٌ ظَاهِرًا وَالْوُصُولُ إلَى الْقَطْعِ وَالْيَقِينِ فِي ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا بِالتَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ الْمُزَكَّى تَكُونُ مَبْنِيَّةً عَلَى ظَاهِرِ حَالِ الشَّاهِدِ أَيْ بِانْزِجَارِهِ عَنْ الْمَحْظُورَاتِ الدِّينِيَّةِ وَبِاجْتِهَادِهِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَهَذِهِ مِنْ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ وَلَيْسَتْ قَطْعِيَّةً حَيْثُ إنَّ احْتِمَالَ فَسَادِ اعْتِقَادِ الشَّاهِدِ غَيْرُ مُفْسَدٍ (سَعْدِي الْحَلَبِيُّ) وَقَدْ رَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا فِي الْمَجَلَّةِ فَقَدْ رَجَّحَ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ بَيَّنَتْ لُزُومَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ سَوَاءٌ طُعِنَ فِيهِمْ أَوْ لَمْ يُطْعَنْ كَمَا أَنَّ مَشَايِخَ الْإِسْلَامِ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ قَدْ أَفْتَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَتَلْزَمُ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ: 1 - تَجِبُ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَلَوْ لَمْ يُطْعَنْ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَالُ لِإِسْقَاطِهَا فَيُشْتَرَطُ الِاسْتِقْصَاءُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهَا دَائِرَةٌ فَيُسْأَلُ عَنْهَا عَسَى أَنْ يَطْلُعَ مَا يَسْقُطُ بِهِ ذَلِكَ. 2 - كَذَلِكَ إذَا طُعِنَ بِالشُّهُودِ تَجِبُ تَزْكِيَتُهُمْ (الْعِنَايَةُ) . سِرًّا وَعَلَنًا - وَسَبَبُ التَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا هُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الشُّهُودُ غَيْرَ عُدُولٍ فَيُمْكِنُ أَلَّا يَقْدِرَ الْمُزَكِّي عَلَى الْجَرْحِ عَلَنًا لِبَعْضِ أَسْبَابٍ كَخَوْفِ الْمُزَكِّي عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَلِكَ قَدْ وُضِعَتْ التَّزْكِيَةُ السِّرِّيَّةُ حَتَّى يَكُونَ الْمُزَكِّي قَادِرًا عَلَى الْجَرْحِ (أَبُو السُّعُودِ) أَمَّا سَبَبُ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةُ فَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَتَّخِذَ الشُّهُودُ اسْمَ وَنَسَبَ وَشُهْرَةَ شَخْصٍ آخَرَ فَيَشْهَدُونَ مُنْتَحِلِينَ أَسْمَاءَ وَشُهْرَةَ غَيْرِهِمْ وَحَيْثُ إنَّهُمْ قَدْ انْتَحَلُوا أَسْمَاءَ أَشْخَاصٍ عَادِلِينَ وَمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ فَعِنْدَ تَزْكِيَتِهِمْ السِّرِّيَّةِ يَظُنُّهُمْ الْمُزَكُّونَ أُولَئِكَ الْأَشْخَاصَ الَّذِينَ انْتَحَلُوا أَسْمَاءَهُمْ فَدَفْعًا لِلِاشْتِبَاهِ وَجَبَ إجْرَاءُ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) وَالتَّزْكِيَةُ الْعَلَنِيَّةُ لِنَفْيِ تُهْمَةِ شُبْهَةِ تَعْدِيلِ غَيْرِهِ مِنْ الْقَاضِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي قَبِيلَتِهِ مِنْ يُوَافِقُ فِي الِاسْمِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ الْمُفْتَى بِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّزْكِيَةِ سِرًّا فَقَطْ؛ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ الْعَلَنِيَّةَ هِيَ بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ بَيَّنَتْ لُزُومَ التَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِلَا تَزْكِيَةٍ كَانَ حُكْمُهُ بَاطِلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1303) (وَالدُّرَرُ وَالنَّتِيجَةُ وَالشِّبْلِيُّ) . إذَا تَحَقَّقَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا يُنْذِرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ سَيَحْكُمُ عَلَيْهِ

(المادة 1717) تزكي الشهود من الجانب الذي ينسبون إليه

وَإِنْ كَانَ لَهُ دَفْعٌ أَوْ شُهُودٌ عَلَى الدَّفْعِ فَلْيُحْضِرْهُمْ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ دَفْعٌ أَوْ قَالَ بِأَنَّ لَهُ دَفْعًا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالشَّهَادَةِ الْمُعَدَّلَةِ. وَيُحَقِّقُ عَدَالَةَ الشُّهُودِ وَعَدَمَهَا بِالتَّزْكِيَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَالشَّهَادَةُ تَكُونُ دَلِيلًا وَحُجَّةً إذَا كَانَ الشُّهُودُ ذَوِي عَدْلٍ فَلِذَلِكَ يَقْتَضِي تَحْقِيقُ الْعَدَالَةِ (الدُّرَرُ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الْحُجَّةَ وَالشَّهَادَةَ هِيَ خَبَرٌ وَاحْتِمَالُ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فِيهَا مُتَسَاوٍ فَإِذًا تَحَقُّقُ عَدَالَةِ الشُّهُودِ يُقَوِّي احْتِمَالَ الصِّدْقِ فِيهَا فَتَكُونُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ. [ (الْمَادَّةُ 1717) تَزَكِّي الشُّهُودُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يُنْسَبُونَ إلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1717) - (تَزَكِّي الشُّهُودُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي يُنْسَبُونَ إلَيْهِ يَعْنِي إنْ كَانُوا مِنْ طَلَبَةِ الْعُلُومِ يُزَكَّوْنَ مِنْ مُدَرِّسِ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي يَسْكُنُونَ فِيهَا وَمِنْ مُعْتَمَدِ أَهَالِيهَا، وَإِنْ كَانُوا جُنُودًا فَمِنْ ضَابِطِ الأورطة وَكُتَّابِهَا، وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْكَتَبَةِ فَمِنْ رَئِيسِ الْقَلَمِ وَمِمَّا يَلِيهِ مِنْ الْكُتَّابِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ التُّجَّارِ فَمِنْ مُعْتَبَرِي التُّجَّارِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَصْحَابِ الْحِرَفِ فَمِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَنِقَابَاتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الصُّنُوفِ الْأُخْرَى فَمِنْ مُعْتَمَدِي وَمُؤْتَمَنِي أَهَالِي مَحَلَّتِهِمْ أَوْ قَرْيَتِهِمْ) . وَلَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ نِسَاءً فَتُزَكَّى الشَّاهِدَةُ مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكُّونَ وَاقِفِينَ عَلَى أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَمَهْمَا كَثُرَ اخْتِلَاطُهُمْ بِالشُّهُودِ يَكُونُ وَقْفُهُمْ عَلَى أَحْوَالِهِمْ أَزِيدَ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي فِي خُصُوصِ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ كَانَ خَبِيرًا بِأَحْوَالِ النَّاسِ وَكَثِيرَ الِاخْتِلَاطِ بِهِمْ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي بِضْعَةُ شُرُوطٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَدْلًا وَعَارِفًا بِالْأَحْوَالِ الْمُوجِبَةِ لِلْجَرْحِ وَعَدَمِهَا وَغَيْرَ طَمَّاعٍ وَغَيْرَ فَقِيرٍ حَتَّى لَا يَنْخَدِعُ بِالْمَالِ (الزَّيْلَعِيّ) وَيُزَكَّى الْغَيْرُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُتَوَفِّرِ فِيهِ هَذَا الشَّرْطُ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . 2 - أَلَّا يَكُونَ عَدَاوَةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَبَيْنَ الْجِهَةِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا الشَّاهِدُ فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَتْ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَبَيْنَ الْمُزَكِّي فَلَا يَجُوزُ سُؤَالُ ذَلِكَ الْمُزَكِّي عَنْ أَحْوَالِ الشَّاهِدِ (الْهِنْدِيَّةُ) . 3 - يَلْزَمُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَلَّا يَكُونَ الْمُزَكِّي الشَّاهِدَ الْآخَرَ فَلِذَلِكَ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ فِي دَعْوَى وَكَانَ أَحَدُهُمَا مَعْرُوفًا بِالْعَدَالَةِ وَالْآخَرُ مَجْهُولًا فَإِذَا زَكَّى الشَّاهِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ رَفِيقَهُ الشَّاهِدَ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ مُتَّهَمٌ فِي تَعْدِيلِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ قَصْدِهِ مِنْ ذَلِكَ تَرْوِيجَ شَهَادَتِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَأَبُو السُّعُودِ عَنْ الْبَحْرُ) أَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الْأَوْصَافُ فِي الْجَانِبِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ الشَّاهِدُ فَيُعْتَبَرُ بِالشُّهُودِ تَوَاتُرُ الْأَخْبَارِ (الزَّيْلَعِيّ) . فَمِنْ مُعْتَمَدِي وَمُؤْتَمَنِي أَهَالِي مَحَلَّتِهِمْ أَوْ قَرْيَتِهِمْ - وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ

(المادة 1718) التزكية السرية للشهود

الَّتِي لَهَا اخْتِلَاطٌ بِالنَّاسِ مُزَكِّيَةً تَصِحُّ تَزْكِيَتُهَا سِرًّا لِزَوْجِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ دِينِيَّةٌ وَيَتَسَاوَى فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ. وَحَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ امْرَأَةً فَتَزْكِيَتُهَا مِنْ جَانِبِ النِّسَاءِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ أَحْوَالِ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَقْبَعْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ سِوَى النِّسَاءِ، فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا زُكِّيَتْ الشَّاهِدَةُ مِنْ النِّسَاءِ يَصِيرُ الْوُقُوفُ عَلَى أَحْوَالِ الشَّاهِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِهَا فِيمَا إذَا صَارَتْ تَزْكِيَتُهَا مِنْ طَرَفِ الرِّجَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَلَا يُعْتَبَرُ تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَخْتَلِطُ بِالرَّجُلِ وَبِالنَّاسِ حَيْثُ لَا تَكُونُ عَالِمَةً بِأَحْوَالِ النَّاسِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . تَزْكِيَةُ غَرِيبِ الدِّيَارِ - إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَرِيبَ الدِّيَارِ أَيْ مُسَافِرًا فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ مَنْ يَعْرِفُهُ هُنَا فَإِذَا بَيَّنَ أَشْخَاصًا يَعْرِفُونَهُ فَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ مِنْ النَّاسِ الَّذِينَ يَجُوزُ التَّزْكِيَةُ مِنْهُمْ فَيُزَكِّيهِ الْقَاضِي مِنْهُمْ وَإِذَا كَانَ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ أَوْ كَانَ مَنْ يَعْرِفُهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ التَّزْكِيَةُ مِنْهُمْ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي فَيُزَكِّيهِ مِنْ قَاضِي مَحَلِّهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . مُسْتَثْنًى - إذَا تَرَاضَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاتَّفَقَا عَلَى قَبُولِ تَزْكِيَةِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَزَكَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ الشُّهُودَ فَتَجُوزُ التَّزْكِيَةُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الشَّيْخَيْنِ الْعَدَدَ فِي الْمُزَكِّينَ هُوَ فِي حَالَةِ عَدَمِ وُجُودِ الرِّضَاءِ مِنْ الْخَصْمِ، أَمَّا عِنْدَ وُجُودِ الرِّضَاءِ فَتَجُوزُ تَزْكِيَةُ وَتَعْدِيلُ الْمُزَكِّي الْوَاحِدِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . [ (الْمَادَّةُ 1718) التَّزْكِيَةُ السِّرِّيَّةُ لِلشُّهُودِ] الْمَادَّةُ (1718) - (التَّزْكِيَةُ السِّرِّيَّةُ تُجْرَى بِوَرَقَةٍ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْمَسْتُورَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالْقَاضِي يَكْتُبُ فِي تِلْكَ الْوَرَقَةِ اسْمَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ وَاسْمَ الشُّهُودِ وَشُهْرَتَهُمْ وَصَنْعَتَهُمْ وَأَشْكَالَهُمْ وَمَحَلَّهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ، وإذَا كَانُوا مَعْرُوفِينَ يُحَرِّرُ أَسْمَاءَهُمْ وَشُهْرَتَهُمْ فَقَطْ، وَالْحَاصِلُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ وَيُبَيِّنَهُمْ بِوَجْهٍ يُمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ وَبَعْدَ وَضْعِهَا فِي غِلَافٍ وَخَتْمِهِ يُرْسِلُهَا إلَى الْمُنْتَخَبِينَ لِلتَّزْكِيَةِ ثُمَّ عِنْدَ وُصُولِ الْمَسْتُورَةِ إلَى الْمُزَكِّينَ يَفْتَحُونَهُ وَيَقْرَءُونَهَا فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ الْمُحَرَّرَةُ أَسْمَاؤُهُمْ فِيهَا عُدُولًا كَتَبُوا تَحْتَ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمْ عِبَارَةَ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا كَتَبُوا عِبَارَةَ لَيْسُوا بِعُدُولٍ وَوَقَّعُوا إمْضَاءَاتِهِمْ وَخَتَمُوا فَوْقَ الْغِلَافِ وَأَعَادُوهَا لِلْقَاضِي بِدُونِ أَنْ يُطْلِعُوا مَنْ أَتَى بِالْمَسْتُورَةِ وَلَا غَيْرَهُ عَلَى مَضْمُونِهَا) . التَّزْكِيَةُ السِّرِّيَّةُ تُجْرَى بِوَرَقَةٍ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْمَسْتُورَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ سُمِّيَتْ مَسْتُورَةً لِكَوْنِهَا سُتِرَتْ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَقَدْ أَحْدَثَ التَّزْكِيَةَ السِّرِّيَّةَ الْقَاضِي شُرَيْحُ الَّذِي خَدَمَ الْقَضَاءَ سَبْعِينَ عَامًا أَفْتَى الْعُلَمَاءَ بِذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ لَهُ: أَحْدَثْت يَا أَبَا أُمَيَّةَ فَأَجَابَ: أَحْدَثْتُمْ فَأَحْدَثْت (الشِّبْلِيُّ) فَيَكْتُبُ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْوَرَقَةِ اسْمَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ وَاسْمَ الشُّهُودِ وَصَنْعَتَهُمْ وَأَشْكَالَهُمْ وَمَحَلَّهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ، وَأَسْمَاءَهُمْ وَشُهْرَتَهُمْ فَقَطْ إنْ كَانُوا مَشْهُورِينَ وَالْحَاصِلُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ

بِوَجْهٍ يُمَيَّزُونَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَمَنْعًا لِلْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ وَالْخُدْعَةِ يَضَعُ تِلْكَ الْوَرَقَةَ فِي دَاخِلِ غِلَافٍ وَيَخْتِمُهَا وَيُرْسِلُهَا إلَى الْمُنْتَخَبِينَ لِلتَّزْكِيَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُؤَدِّيَ أُجْرَةَ الْمُوَظَّفِ الَّذِي يَذْهَبُ بِهَا إلَى مَحَلٍّ بَعِيدٍ لِلتَّزْكِيَةِ، وَعِنْدَ وُرُودِهَا إلَى الْمُزَكِّينَ يَفْتَحُونَهَا وَيَقْرَءُونَهَا فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ الْمُحَرَّرَةَ أَسْمَاؤُهُمْ فِيهَا عُدُولًا كَتَبُوا تَحْتَ اسْمِ كُلٍّ مِنْهُمْ عِبَارَةَ أَنَّهُ عَدْلٌ وَمَقْبُولُ الشَّهَادَةِ، أَوْ عَدْلٌ وَجَائِزُ الشَّهَادَةِ أَوْ عِبَارَةَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ عُدُولٌ عِنْدِي وَمَرْضِيُّو الشَّهَادَةِ أَوْ لَا نَعْرِفُ عَنْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ سِوَى الْخَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا كَتَبُوا عِبَارَةَ لَيْسُوا بِعُدُولٍ وَأَمْضَوْا وَخَتَمُوا الْغِلَافَ وَأَعَادُوهَا لِلْقَاضِي دُونَ أَنْ يُطْلِعُوا عَلَى مَضْمُونِهَا مَنْ أَتَى بِالْمَسْتُورَةِ أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى لَا يَلْحَقَ ضَرَرٌ بِالْمُزَكِّينَ أَوْ الْجَارِحِينَ، وَعَلَيْهِمْ إذَا عَلِمُوا بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ أَلَّا يَتَرَاخَوْا عَنْ الْإِخْبَارِ بِعَدَالَتِهِمْ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مِنْ الْمُزَكِّينَ هُوَ لِإِحْيَاءِ الْحَقِّ فَمَا دَامَ أَنَّ إحْيَاءَ الْحَقِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى بَيَانَاتِهِمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِخْبَارُ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ بِحَقٍّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . أَمَّا إذَا كَتَبَ الْمُزَكِّي تَحْتَ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ عِبَارَةَ لَا بَأْسَ بِهِمْ فَلَا يَكُونُ تَعْدِيلًا لَهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْبَحْرُ) . فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ عُدُولًا - أَمَّا إذَا لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا أَوْ كَانَ الْمُزَكُّونَ غَيْرَ عَالِمِينَ بِأَحْوَالِهِمْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّينَ أَلَّا يُعَدِّلُوهُمْ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ الْوَاقِعَ هُوَ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ هَلْ أَنَّ الشَّاهِدَ عَدْلٌ أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ؟ فَإِذَا كَانَ الْمُزَكِّي لَا يَعْلَمُ حَالَ الشَّاهِدِ فَيَكُونُ إخْبَارُهُ عَنْ جَهْلٍ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّي التَّوَقِّي مِنْ ذَلِكَ. وَمَعْنَى الْعَدَالَةِ قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1705) وَعَدَالَةُ الشَّاهِدِ الْمَسِيحِيِّ تَكُونُ إذَا كَانَ أَمِينًا عَلَى دِينِهِ وَعَلَى لِسَانِهِ وَعَلَى يَدِهِ وَكَانَ صَاحِبَ قَرِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْكَذِبَ مُحَرَّمٌ فِي كَافَّةِ الْأَدْيَانِ، فَالْمَسِيحِيُّ الَّذِي يَكُونُ مُتَّصِفًا بِالْأَمَانَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْتَكِبُ الْكَذِبَ وَالْخِيَانَةَ وَهُوَ عَدْلٌ ظَاهِرًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . وَإِنْ لَزِمَ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَزْكِيَةُ الْمُزَكِّينَ، يَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْمُزَكُّونَ مُعْتَمَدِينَ وَأُمَنَاءَ إلَّا أَنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ ظَاهِرُ الْحَالِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُحَقِّقَ سَرَائِرَ هَؤُلَاءِ بَلْ يَظُنُّ الْخَيْرَ فِيهِمْ نَظَرًا لِظَاهِرِ حَالِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْقَاضِي الِاشْتِغَالَ بِذَلِكَ فَيَضِيقُ الْأَمْرُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . إذَا كَتَبَ الْمُزَكُّونَ عَنْ الشَّاهِدِ أَنَّهُ عَدْلٌ وَمَقْبُولُ الشَّهَادَةِ فَتَحْصُلُ التَّزْكِيَةُ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا إذَا كَتَبَ الْمُزَكُّونَ كَلِمَةَ عَدْلٍ فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُرُوا عِبَارَةَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَحْصُلُ التَّعْدِيلُ وَالتَّزْكِيَةُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ أَيْضًا بِذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْآخَرُ بِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ التَّزْكِيَةُ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَقَدْ قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَالْبَحْرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ الْمَحْدُودَ بِالْقَذْفِ يَكُونُ عَدْلًا بَعْدَ التَّوْبَةِ إلَّا أَنْ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةَ الِاتِّفَاقِيَّةَ إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَذْكُرْ شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهَا أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَتَبَ الْمُزَكُّونَ عِبَارَةَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ فَقَطْ فَهَلْ

(المادة 1719) أعيدت المستورة مختومة إلى القاضي ولم يكتب فيها شيء في حق الشهود

تَحْصُلُ التَّزْكِيَةُ؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ صُوَرٍ: 1 - أَنْ يُكْتَبَ عَنْ الشَّاهِدِ أَنَّهُ عَدْلٌ وَمَقْبُولُ الشَّهَادَةِ، وَهَذَا تَعْدِيلٌ بِالِاتِّفَاقِ. 2 - أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ أَنَّهُ عَدْلٌ فَقَطْ فَهُوَ عَلَى قَوْلٍ تَعْدِيلٌ وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ غَيْرُ تَعْدِيلٍ. 3 - أَنْ يُكْتَبَ أَنَّهُ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ وَحُكْمُ ذَلِكَ مُحْتَاجٌ لِلتَّحَرِّي. [ (الْمَادَّةُ 1719) أُعِيدَتْ الْمَسْتُورَةُ مَخْتُومَةً إلَى الْقَاضِي وَلَمْ يُكْتَبْ فِيهَا شَيْء فِي حَقِّ الشُّهُودِ] الْمَادَّةُ (1719) - (إذَا أُعِيدَتْ الْمَسْتُورَةُ مَخْتُومَةً إلَى الْقَاضِي وَلَمْ يُكْتَبْ فِيهَا مِنْ قِبَلِ الْمُزَكِّينَ فِي حَقِّ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ بَلْ كَتَبُوا فِيهَا كَلَامًا يُفِيدُ الْجَرْحَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ كَتَبُوا فِيهَا عِبَارَةَ لَيْسُوا بِعُدُولِ أَوْ لَا نَعْلَمُ بِحَالِهِمْ أَوْ مَجْهُولُو الْأَحْوَالِ أَوْ اللَّهُ أَعْلَمُ أَوْ لَمْ يَكْتُبُوا فِيهَا شَيْئًا فَحِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ، وَإِنْ كُتِبَ فِيهَا عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ، يُبَادِرُ الْقَاضِي بِالْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ إلَى التَّزْكِيَةِ عَلَنًا) . إذَا أُعِيدَتْ الْمَسْتُورَةُ مَخْتُومَةً إلَى الْحَاكِمِ وَلَمْ يُكْتَبْ فِيهَا مِنْ قِبَلِ الْمُزَكِّينَ فِي حَقِّ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ بَلْ كَتَبُوا فِيهَا كَلَامًا يُفِيدُ الْجَرْحَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ كَتَبُوا فِيهَا لَيْسُوا بِعُدُولٍ، أَوْ لَا نَعْلَمُ بِحَالِهِمْ، أَوْ مَسْتُورُو الْحَالِ أَوْ مَجْهُولُو الْأَحْوَالِ، أَوْ اللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ لَمْ يَكْتُبُوا فِيهَا شَيْئًا بِأَنْ فَتَحَ الْمُزَكُّونَ الْغِلَافَ وَبَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَآلِهَا وَضَعُوهَا فِي الْغِلَافِ ثَانِيَةً وَأَعَادُوهَا إلَى الْقَاضِي، وَيُطْلَقُ عَلَى ذَلِكَ سُكُوتُ الْمُزَكِّي فَحِينَئِذٍ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَاتِهِمْ وَلَا يَشْتَغِلُ بِالتَّزْكِيَةِ عَلَنًا وَلَا يَحْكُمُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْجَرْحِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ الشَّاهِدُ عِقَابَ التَّشْهِيرِ وَالتَّعْزِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1730) وَقَدْ عُدَّ ذَلِكَ السُّكُوتُ جَرْحًا؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّيَ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ عَدَالَةَ الشَّاهِدِ فَلَا يَسْكُتُ بَلْ كَانَ يُخْبِرُ بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ، فَمَا دَامَ أَنَّهُ سَكَتَ فَقَدْ عُدَّ سُكُوتُهُ جَرْحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . التَّوَقِّي مِنْ هَتْكِ الْعِرْضِ: إذَا كَانَ الشُّهُودُ غَيْرَ عُدُولٍ فَلِلْمُزَكِّينَ الْحَقُّ بِأَنْ يَكْتُبُوا لَهُمْ غَيْرُ عُدُولٍ وَلَكِنْ احْتِرَازًا مِنْ هَتْكِ الْعِرْضِ وَتَوَقِّيًا مِنْ تِبْيَانِ خِصَالِهِمْ الذَّمِيمَةِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ كِتَابَةِ شَيْءٍ أَوْ كِتَابَةُ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِهِمْ، وَإِعَادَةُ الْمَسْتُورَةِ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِحَقَائِقَ وَأَسْرَارَ الْعَالَمِ هُوَ الْحَقُّ عَزَّ وَجَلَّ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَمِنْ الْمُحَرَّمِ هَتْكُ النَّامُوسِ وَتَقَعُ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الْمُزَكِّينَ وَالشُّهُودِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ عَدْلٍ وَخَافَ الْمُزَكِّي مِنْ تَزْكِيَتِهِ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَمِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى شَهَادَتِهِ فَلَهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِفِسْقِهِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .

(المادة 1720) التزكية علنا للشهود

وَعَلَى ذَلِكَ لَا يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِأَنَّ شُهُودَك قَدْ جُرِّحُوا مَنْعًا لِإِخْلَالِ عَرْضِ الشُّهُودِ وَلِعَدَمِ إضْرَارِ الْمُزَكِّينَ الَّذِينَ جَرَّحُوا الشُّهُودَ بَلْ يَقُولُ لَهُ إنْ كَانَ لِدِيكِ شُهُودٌ آخَرُونَ فَأَحْضِرْهُمْ. تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ بَعْدَ الْجَرْحِ - إذَا جَرَّحَ الْمُزَكُّونَ الشُّهُودَ وَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ: إنَّنِي أُحْضِرُ بَعْضَ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ تُزَكِّيهِمْ أَوْ قَالَ لِلْقَاضِي: اسْأَلْ عَنْ أَحْوَالِ شُهُودِي مِنْ فُلَانٍ يَقْبَلُ الْقَاضِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ مَنْ سَمَّاهُمْ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ أَهْلِ التَّزْكِيَةِ وَزَكَّى هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُزَكِّينَ الَّذِينَ جَرَّحُوا الشُّهُودَ عَنْ سَبَبِ جَرْحِهِمْ الشُّهُودَ فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ الَّذِي بَيَّنُوهُ لِلْجَرْحِ سَبَبًا مَشْرُوعًا، يَعْنِي مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ فَيَقْبَلُ الْقَاضِي جَرْحَهُمْ وَيَرُدُّ التَّزْكِيَةَ الثَّانِيَةَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ السَّبَبُ الَّذِي بَيَّنُوهُ لِلْجَرْحِ سَبَبًا مَشْرُوعًا أَيْ سَبَبًا مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ فَيَقْبَلُ التَّزْكِيَةَ الثَّانِيَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِنْ كُتِبَ فِيهَا عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ يُبَادِرُ الْقَاضِي لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ إلَى التَّزْكِيَةِ عَلَنًا، أَمَّا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا وَمَقْبُولَ الشَّهَادَةِ فِي نَظَرِ الْمُزَكِّي إلَّا أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَاطِلَةً أَوْ أَنَّ الشُّهُودَ مُتَوَهِّمُونَ فِي بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَاللَّائِقُ بِالْمُزَكِّي أَنْ يُخْبِرَ الْقَاضِيَ بِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: إنَّ الشُّهُودَ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ أَوْ أَنَّ الشُّهُودَ مُتَوَهِّمُونَ فِي قِسْمٍ مِنْ شَهَادَاتِهِمْ وَعَلَى ذَلِكَ يَفْحَصُ الْقَاضِي هَذَا الْخَبَرَ بِزِيَادَةٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ صِحَّتَهُ يَرُدُّ الْقَاضِي الشُّهُودَ وَإِلَّا فَيَقْبَلُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1720) التَّزْكِيَةُ عَلَنًا لِلشُّهُودِ] الْمَادَّةُ (1720) - (التَّزْكِيَةُ عَلَنًا تُجْرَى عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّهُ يُجْلَبُ الْمُزَكُّونَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي حَالَ حُضُورِ الْمُتَرَافِعِينَ وَتُزَكَّى الشُّهُودُ أَوْ يُرْسَلُ الشُّهُودُ وَالْمُتَرَافَعَانِ مَعَ نَائِبِ التَّزْكِيَةِ إلَى مَحَلِّ الْمُزَكِّينَ وَتُزَكَّى الشُّهُودُ عَلَنًا) التَّزْكِيَةُ عَلَنًا تُجْرَى عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّهُ يُجْلَب الْمُزَكُّونَ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي حَالَ حُضُورِ الْمُتَرَافِعِينَ وَالشُّهُودِ وَتُزَكَّى الشُّهُودُ وَتَكُونُ التَّزْكِيَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُزَكِّينَ هَلْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ الَّذِينَ تُزَكُّونَ هُمْ الَّذِينَ تُزَكُّونَهُمْ أَوْ هَلْ هُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ تَزَكَّوْا سِرًّا هُمْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ رَجُلَانِ فِي اسْمٍ وَنَسَبٍ وَاحِدٍ (الْعِنَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ حُضُورُ الشُّهُودِ أَثْنَاءَ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةَ إذْ وَرَدَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: أَوْ يُرْسَلُ الشُّهُودُ وَالْمُتَرَافَعَانِ مَعَ نَائِبِ التَّزْكِيَةِ إلَى مَحَلِّ الْمُزَكِّي، وَتُزَكَّى الشُّهُودُ عَلَنًا وَيَكْفِي عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنْ يَكُونَ نَائِبُ التَّزْكِيَةِ وَاحِدًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اثْنَيْنِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) وَحَيْثُ قَدْ وَرَدَ هُنَا كَلِمَةُ نَائِبٍ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ. التَّغَايُرُ بَيْنَ الْمُزَكِّينَ سِرًّا وَعَلَنًا - قَدْ ذَكَرَ الْخَصَّافُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي سِرًّا غَيْرَ الْمُزَكِّي عَلَنًا أَمَّا عِنْدَنَا فَيَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ الْمُزَكُّونَ سِرًّا الشُّهُودَ عَلَنًا (تَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . أَوْصَافُ الْمُزَكِّينَ وَشُرُوطُهُمْ - قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1718) بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُزَكِّينَ أَنْ يَجْتَنِبُوا

(المادة 1721) يكفي في التزكية السرية مزك واحد

تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ إذَا لَمْ يَكُونُوا وَاقِفِينَ تَمَامَ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِهِمْ حَتَّى أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا قَالَ: إنَّنِي لَا أَقْبَلُ تَزْكِيَةَ أُنَاسٍ مِمَّنْ أَقْبَلُ شَهَادَاتِهِمْ يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ، أَمَّا التَّعْدِيلُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، فَلِذَلِكَ تَلْزَمُ فِي التَّزْكِيَةِ شُرُوطٌ عَدِيدَةٌ: 1 - أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ عِنْدَ قَاضٍ عَادِلٍ. 2 - أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَالِمًا بِأَحْوَالِ الشَّاهِدِ وَمُخْتَبِرًا إيَّاهُ بِسَفَرِهِ مَعَهُ أَوْ بِمُشَارَكَتِهِ لَهُ أَوْ بِمُعَامَلَتِهِ لَهُ بِصُورَةٍ أُخْرَى. 3 - إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُسْلِمًا أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَالِمًا عَنْهُ أَنَّهُ مُلَازِمٌ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَفِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ. 4 - أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَعْرُوفًا بِصِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ فِي دِرْهَمِهِ وَدِينَارِهِ أَيْ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ. 5 - أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلْأَمَانَاتِ. 6 - أَنْ يَكُونَ صَدُوقَ اللِّسَانِ. 7 - أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ وَغَيْرَ مُصِرٍّ عَلَى الصَّغَائِرِ وَمُحْتَرِزًا مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُخِلَّةِ بِالْمُرُوءَةِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُزَكِّي أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدًا سَكَنَ مَحَلَّتَهُ مِنْ وَقْتٍ قَرِيبٍ وَتَعَارَفَ بِهِ مِنْ مُدَّةٍ وَجِيزَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1717) . [ (الْمَادَّةُ 1721) يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ مُزَكٍّ وَاحِدٍ] الْمَادَّةُ (1721) - (يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ مُزَكٍّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالتَّزْكِيَةُ سِرًّا لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ يَكْفِي فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ مُزَكٍّ عَادِلٌ وَاحِدٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُزَكِّي مَحْدُودًا بِالْقَذْفِ إلَّا أَنَّهُ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ عَادِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ اطْمِئْنَانٌ أَكْثَرُ إذَا كَانَ الْمُزَكُّونَ اثْنَيْنِ (أَبُو السُّعُودِ) وَكِفَايَةُ مُزَكٍّ وَاحِدٍ هُوَ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَيُتَحَرَّى فِيهَا الْعَدَالَةُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ مُزَكِّيًا؛ لِأَنَّ خَبَرَ هَؤُلَاءِ مَقْبُولٌ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ) (الدُّرَرُ) . وَلِذَلِكَ تَجُوزُ تَزْكِيَةُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْأَعْمَى وَوَاحِدُ الزَّوْجَيْنِ فِي حَقِّ الْآخَرِ. مَثَلًا تَصِحُّ تَزْكِيَةُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ وَتَزْكِيَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْأَعْمَى وَتَزْكِيَةُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَةُ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ الشَّاهِدَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَلِذَلِكَ لَا تُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي التَّزْكِيَةِ السِّرِّيَّةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسُ الْقَضَاءِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (الشِّبْلِيُّ) .

(المادة 1722) التزكية العلنية من قبيل الشهادة

[ (الْمَادَّةُ 1722) التَّزْكِيَةُ الْعَلَنِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ] الْمَادَّةُ (1722) - (التَّزْكِيَةُ الْعَلَنِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ وَتُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَنِصَابُهَا وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُزَكِّينَ ذِكْرُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ) . التَّزْكِيَةُ الْعَلَنِيَّةُ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ وَتُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الشَّهَادَةِ وَنِصَابُهَا وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِي الْمُزَكِّي عَلَنًا الْعَدَالَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبَصَرُ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْدُودٍ بِالْقَذْفِ مُنْلَا مِسْكِينٍ. بِمَا أَنَّ خُصُوصَ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ بِالْمُزَكَّى سِرًّا فَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَلِكَ السُّؤَالَيْنِ الْآتِيَيْنِ: الْأَوَّلُ: إنَّ شَرْطَ أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَلَنًا فِي نِصَابِ الشَّهَادَةِ يُنَافِي الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ فِي التَّزْكِيَةِ السِّرِّيَّةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ (الْعِنَايَةُ) . الثَّانِي: بِمَا أَنَّ مِنْ الْجَائِزِ التَّزْكِيَةَ السِّرِّيَّةَ مِنْ الَّذِينَ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فَلَا يَجُوزُ تَحَرِّي شُرُوطِ الشَّهَادَةِ فِي الْمُزَكِّي عَلَنًا، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُزَكِّينَ ذِكْرُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ مَعَ كَوْنِهِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (1689) أَنْ يُذْكَرَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي الشَّهَادَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1723) لَا يَشْتَغِلُ الْقَاضِي بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ الثَّابِتَةِ عَدَالَتُهُمْ فِي ضِمْنِ خُصُوصٍ عِنْدَهُ] الْمَادَّةُ (1723) (لَا يَشْتَغِلُ الْقَاضِي بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ الثَّابِتَةِ عَدَالَتُهُمْ فِي ضِمْنِ خُصُوصٍ عِنْدَهُ إذَا شَهِدُوا بِخُصُوصٍ آخَرَ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْقَاضِي إنْ لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ مَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ زَكَّاهُمْ الْقَاضِي أَيْضًا مَرَّةً أُخْرَى) . لَا يَشْتَغِلُ الْقَاضِي بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ الثَّابِتَةِ عَدَالَتُهُمْ فِي ضِمْنِ خُصُوصٍ عِنْدَهُ إذَا شَهِدُوا بِخُصُوصٍ آخَرَ فِي حُضُورِ ذَلِكَ لِلْقَاضِي إنْ لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ عَدَمُ زَوَالِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مَضَى عَلَيْهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَلَا يَكْتَفِي بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى فَيُزَكِّيهِمْ الْقَاضِي سِرًّا وَعَلَنًا مَرَّةً أُخْرَى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالشِّبْلِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1724) إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي الشُّهُودِ] الْمَادَّةُ (1724) - (إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي الشُّهُودِ بِإِسْنَادِ شَيْءٍ مَانِعٍ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَدَفْعِ مَغْرَمٍ أَوْ جَرِّ مَغْنَمٍ طَلَبَ مِنْهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ رَدَّ الْقَاضِي شَهَادَةَ أُولَئِكَ الشُّهُودِ وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يُزَكِّيهِمْ الْقَاضِي إذَا لَمْ يُزَكَّوْا قَبْلًا وَإِذَا كَانُوا قَدْ زُكُّوا يُحْكَمُ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ) . لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَطْعَنَ بِالشُّهُودِ أَوْ أَنْ يُجَرِّحَهُمْ، وَالطَّعْنُ عِبَارَةٌ عَنْ إظْهَارِ شَيْءٍ يُخِلُّ بِالشَّهَادَةِ حَالَ كَوْنِ الشَّاهِدِ عَدْلًا وَتَوْضِيحُ الطَّعْنِ هُوَ:

إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا فِي الشُّهُودِ بِإِسْنَادِ شَيْءٍ مَانِعٍ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ كَدَفْعِ مَغْرَمٍ أَوْ جَرِّ مَغْنَمٍ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1700) وَشَرْحِهَا وَأَنْكَرَ الْمَشْهُودُ لَهُ هَذَا الطَّعْنَ طَلَبَ الْقَاضِي مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الطَّاعِنِ الْبَيِّنَةَ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِإِثْبَاتِ عَكْسِ الطَّعْنِ، مَثَلًا إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّاهِدَ هُوَ وَلَدُ الْمُدَّعِي وَأَنْكَرَ الْمَشْهُودُ لَهُ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إثْبَاتُ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ أَثْبِتْ أَنَّ هَذَا الشَّاهِدَ لَيْسَ بِوَلَدِكَ بَلْ هُوَ وَلَدُ شَخْصٍ آخَرَ. مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ: إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ عَبِيدٌ فَيُكَلَّفُ الْمَشْهُودُ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ حُرِّيَّةَ الشُّهُودِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنْ يُثْبِتَ رِقَّهُمْ الْحَمَوِيُّ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِلشُّهُودِ أَيْضًا أَنْ يُثْبِتُوا أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِ الْمَشْهُودِ لَهُ طَعْنَهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَةَ أُولَئِكَ الشُّهُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ شُرُوطَ الْقَبُولِ ظَاهِرَةٌ، وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ طَعْنَهُ يُزَكِّي الْقَاضِي الشُّهُودَ إذَا لَمْ يُزَكَّوْا قَبْلًا، وَإِذَا كَانُوا قَدْ زُكُّوا يُحْكَمُ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالطَّعْنِ فَيَثْبُتُ الطَّعْنُ وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ مَرْدُودَةً، كَمَا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الطَّعْنَ وَأَثْبَتَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ الطَّعْنُ أَيْضًا وَتَكُونُ الشَّهَادَةُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْإِثْبَاتَ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الشُّهُودِ الْيَمِينُ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الطَّعْنِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكِي، فَإِذَا أَقَرَّ الشُّهُودُ بِذَلِكَ أَوْ أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ إقْرَارَهُمْ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الشُّهُودُ الْإِقْرَارَ فَلَا يَحْلِفُونَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ هَلْ يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ الْيَمِينُ؟ مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ هُوَ ابْنُ الْمُدَّعِي أَوْ إنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُدَّعَى بِهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْإِثْبَاتَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِي عَلَى كَوْنِ الشَّاهِدِ لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ أَوْ شَرِيكَهُ؟ كَدَفْعٍ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَافِ التَّشْبِيهِ فِي لَفْظِ كَدَفْعٍ بِأَنَّ الطَّعْنَ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي دَفْعِ الْمَغْرَمِ أَوْ جَرِّ الْمَغْنَمِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الطَّعْنُ بِوُجُوهٍ أُخْرَى وَهِيَ كَمَا يَأْتِي: أَوَّلًا: إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَدْ ادَّعَى الْمُدَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ، فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ هَذَا الْغَرْسَ لِلْمُدَّعِي وَطَعَنَ فِيهِمْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَيْنِ الشَّاهِدَيْنِ قَدْ ادَّعَيَا أَنَّ هَذَا الْغَرْسَ لَهُمَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الطَّعْنِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْمُدَّعِي (الْخَانِيَّةُ) . ثَانِيًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَدْ اسْتَشْرَى مِنِّي قَبْلًا هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ

اسْتَشْرَاهُ مِنْ فُلَانٍ. ثَالِثًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلًا أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْآخَرِ (الْفَيْضِيَّةُ) . رَابِعًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الشَّاهِدَ قَدْ أَقَرَّ قَبْلًا أَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ مِلْكِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . خَامِسًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ أَوْ شُهُودُ زُورٍ، أَوْ إنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَأْجَرَ أُولَئِكَ لِلشَّهَادَةِ (التَّنْوِيرُ) . فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ طَعْنَهُ هَذَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ الْوَارِدَةُ بِحَقِّهِ (ابْنُ نُجَيْمٍ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ وَالْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ وَأَبُو السُّعُودِ) . سَادِسًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَكُونُوا حَاضِرِي مَجْلِسِ الْحَقِّ. مَثَلًا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي قَدْ أَقْرَضَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَطَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَمْ يَكُونَا فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ وَأَنَّهُمَا قَدْ أَقَرَّا بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . سَابِعًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ أَرِقَّاءُ. ثَامِنًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ مَحْدُودُونَ فِي الْقَذْفِ أَوْ أَنَّهُمْ أَوْلَادُ الْمُدَّعِي أَوْ آبَاؤُهُ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرَرُ) . تَاسِعًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الشُّهُودَ وَالْمُدَّعِي شُرَكَاءُ مَعًا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَإِذَا صَدَرَ عَلَيَّ حُكْمٌ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ وَالشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ فَسَيَكُونُ الْمَحْكُومُ بِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ بِمُوجَبِ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ، فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَصِحُّ فِيهَا الشَّرِكَةُ يَصِحُّ هَذَا الطَّعْنُ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي لَا تَصِحُّ فِيهَا الشَّرِكَةُ كَالْعَقَارِ وَالطَّعَامِ وَكِسْوَةِ الْأَهْلِ وَالْعِيَالِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا الطَّعْنُ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) . عَاشِرًا: أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ كَانَتْ بِإِكْرَاهٍ مُعْتَبَرٍ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَقَعَتْ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ وَأَثْبَتَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَنَّهَا وَقَعَتْ طَوْعًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ (ابْنُ نُجَيْمٍ) . وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ جَرْحَ الشُّهُودِ: الْجَرْحُ عِبَارَةٌ عَنْ إظْهَارِ الشَّيْءِ الَّذِي يَخِلُّ عَدَالَةَ الشَّاهِدِ وَيُظْهِرُ فِسْقَهُ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْجَرْحُ الْمُجَرَّدُ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقَّ الْعَبْدِ (أَبُو السُّعُودِ) كَقَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ مِنْ الْفُسَّاقِ أَوْ أَنَّ عَادَتَهُمْ أَكْلُ الرِّبَاءِ أَوْ أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ الزُّورَ أَوْ أَنَّهُمْ

يَقْبِضُونَ النُّقُودَ فِي مُقَابِلِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُمْ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّ الْمُدَّعِي مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ أَوْ أَنَّهُمْ لَا شَهَادَةَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ اعْتَادُوا الزِّنَا أَوْ شُرْبَ الْخَمْرِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا جَرْحًا مُجَرَّدًا وَلَا يَثْبُتُ بِهَذَا الْقَدْرِ الْحَدُّ الشَّرْعِيُّ. حُكْمُ الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ: إذَا أَخْبَرَ الْخَصْمُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْقَاضِيَ سِرًّا بِالْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ وَأَثْبَتَهُ سِرًّا وَأَقَامَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ فَيَقْبَلُ الْقَاضِي هَذَا الْإِثْبَاتَ وَيَرُدُّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ سَوَاءٌ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1725) أَوْ بَعْدَهَا. أَمَّا إذَا أَخْبَرَ عَلَنًا وَأَرَادَ إثْبَاتَ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ فَعَلَى قَوْلٍ لَا يُقْبَلُ هَذَا الْجَرْحُ لَا قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَلَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ إذْ أَنَّ فِسْقَ الْفَاسِقِ يَرْتَفِعُ بِالتَّوْبَةِ، فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ ارْتِفَاعُ الْفِسْقِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ يُوجِبُ هَتْكَ الْأَسْرَارِ وَإِشَاعَةَ الْفَاحِشَةِ بِسَبَبِ الْجَرْحِ وَإِقَامَةِ الشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا مُحَرَّمٌ بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةٌ؛ لِأَنَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ ذَلِكَ سِرًّا لِلْقَاضِي وَأَنْ يُثْبِتَهُ وَيَرُدَّ شَهَادَةَ الشُّهُودِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْجَرْحُ غَيْرَ مُجَرَّدٍ فَيَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِالشُّهُودِ لِضَرُورَةِ إحْيَاءِ الْحُقُوقِ وَيَدْخُلُ هَذَا الْجَرْحُ تَحْتَ الْحُكْمِ وَيُقْبَلُ هَذَا الْجَرْحُ عَلَى قَوْلٍ وَلَوْ كَانَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الْجَرْحَ الْمُجَرَّدَ يُوجِبُ رَفْعَ الشَّهَادَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا، وَوُقُوعُهُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ يَقْتَضِي رَفْعَهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ (أَبُو السُّعُودِ) وَلَا يُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ مَنْ شَهِدُوا عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ فُسَّاقًا بِإِظْهَارِهِمْ الْفَاحِشَةَ. الْقِسْمُ الثَّانِي - الْجَرْحُ الْمُرَكَّبُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقَّ الْعَبْدِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى الْجَرْحِ الْمُتَضَمِّنِ حَقَّ اللَّهِ: 1 - أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ قَدْ سَرَقُوا كَذَا دِينَارًا أَمْسِ مِنِّي. 2 - أَنْ يَطْعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ قَدْ قَتَلُوا نَفْسًا عَمْدًا. أَمْثِلَةٌ عَلَى الْجَرْحِ الْمُتَضَمِّنِ حَقَّ الْعَبْدِ: 1 - قَوْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: إنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ قَدْ اسْتَأْجَرَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ لِلشَّهَادَةِ وَقَدْ دَفَعَ لَهُمْ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ وَدِيعَتِي الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ فَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ ثُبُوتِ ذَلِكَ يُحْكَمُ بِرَدِّ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ أَنَّهُ أَدَّى ذَلِكَ مِنْ مَالِي فَلَا يُقْبَلُ هَذَا الْجَرْحُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالِ مُدَّعِيًا الِاسْتِئْجَارَ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَيَّةُ وِلَايَةٍ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى (أَبُو السُّعُودِ) . 2 - قَوْلُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: إنَّنِي أَدَّيْتُ لِهَؤُلَاءِ الشُّهُودِ كَذَا مَبْلَغًا بَدَلَ صُلْحٍ أَيْ رِشْوَةً حَتَّى لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ وَحَيْثُ إنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَيَّ فَلْيُعِيدُوا الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِي. أَمَّا إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّنِي لَمْ أُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ ثَمَّةَ لِلشُّهُودِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ دَعْوَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ الزَّيْلَعِيّ. وَالْجَرْحُ الْمَذْكُورُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ الْجَرْحُ الْمُرَكَّبُ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْجَرْحَ الْمَذْكُورَ يَسْتَرِدُّ دَرَاهِمَهُ كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تُرَدُّ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ وَكَذَلِكَ فِي الْحَوَادِثِ الْأُخْرَى مَا لَمْ يَظْهَرْ بَعْدَ ذَلِكَ

(المادة 1725) إذا جرح بعض المزكين الشهود وعدلهم بعضهم

تَوْبَةُ ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَفِي تِلْكَ الصُّورَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَوَادِثِ الْأُخْرَى (ابْنُ نُجَيْمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] . حُكْمُ الْجَرْحِ الْمُرَكَّبِ: إذَا بَيَّنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ الْجَرْحِ وَأَثْبَتَهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ فَفِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ الْجَرْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حَقَّ الْعَبْدِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الشُّهُودِ الْيَمِينُ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ كَيْ لَا يَشْهَدُوا كَذِبًا وَحَيْثُ قَدْ شَهِدُوا فَاطْلُبْ مِنْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا لِي الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَوْ مِثْلَهَا فَإِذَا أَقَرَّ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَإِذَا أَنْكَرُوا تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَصَارَ تَعْدِيلُ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتُهَا فَتُرَدُّ شَهَادَةُ أُولَئِكَ الشُّهُودِ وَيُسْتَرَدُّ الْمَبْلَغُ مِنْهُمْ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَبُولُ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ لَا يُوجِبَ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ شُهُودَ زُورٍ حَتَّى أَنَّهُ لَا تُعَزَّرُ الشُّهُودُ (أَبُو السُّعُودِ قُبَيْلَ كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ) . وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ الشُّهُودُ بِالطَّلَبِ عَلَى عَدَمِ أَخْذِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا نَكَلُوا عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَيُحْكَمُ بِاسْتِرْدَادِ الْمَبْلَغِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا حَلَفُوا الْيَمِينَ فَيُرَدُّ طَعْنُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1725) إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَّلَهُمْ بَعْضُهُمْ] الْمَادَّةُ (1725) - (إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَّلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَيُرَجَّحُ طَرَفُ الْجَرْحِ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ) . إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَلَهُمْ بَعْضُهُمْ يُرَجَّحُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ طَرَفُ الْجَرْحِ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) سَوَاءٌ أَكَانَ الْجَرْحُ مُجَرَّدًا أَوْ مُرَكَّبًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، إلَّا أَنَّ تَفَهُّمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى فَهْمِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: 1 - إذَا كَانَ الْجَارِحُ وَاحِدًا وَالْمُعَدِّلُ وَاحِدًا يُرَجَّحُ طَرَفُ الْجَرْحِ. 2 - إذَا عَدَّلَ اثْنَانِ وَجَرَّحَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَيُرَجَّحُ أَيْضًا جِهَةُ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ فِي الشَّهَادَةِ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ كَانَ الْجَارِحُ وَالْمُعَدِّلُ مُتَسَاوِيًا فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّ الْمُعَدِّلَ قَدْ عَدَّلَ بِنَظَرِهِ إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، أَمَّا الْجَارِحُ فَقَدْ جَرَّحَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَاطِنِ الْحَالِ وَلَمْ يَقِفْ الْمُعَدِّلُ عَلَى بَاطِنِ الْأَحْوَالِ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْجَارِحُونَ قَدْ أَثْبَتُوا الْأَمْرَ الَّذِي لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ الْمُعَدِّلُونَ، وَالشَّهَادَةُ إنَّمَا شُرِّعَتْ لِلْإِثْبَاتِ (الشِّبْلِيُّ) أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ رُجِّحَ طَرَفُ التَّعْدِيلِ. 3 - إذَا جَرَّحَ مُزَكٍّ وَاحِدٍ وَعَدَّلَ مُزَكِّيَانِ فَتُرَجَّحُ جِهَةُ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ وَيُحْكَمُ بِهَا فِي الدَّعْوَى وَلَا تُفْصَلُ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ أَوْلَى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي وَالْبَهْجَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْجَرْحَ الْعَلَنِيَّ إذَا كَانَ مُجَرَّدًا لَا يُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ إلَّا

(المادة 1726) إذا مات الشهود أو غابوا بعد أداء الشهادة في المعاملات

أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَرْحِ هُنَا هُوَ الْجَرْحُ الْوَاقِعُ بِنَاءً عَلَى سُؤَالِ الْقَاضِي مِنْ الْمُزَكِّينَ، أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْمُبَيَّنَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الطَّعْنِ الَّذِي يَقَعُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لَا تَبَايُنَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1726) إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ] الْمَادَّةُ (1726) - (إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَهُمْ وَيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ) . إذَا مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَهُمْ وَيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا تَبَيَّنَتْ عَدَالَتُهُمْ (الْبَزَّازِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا مَاتَ أَوْ غَابَ الشُّهُودُ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالتَّزْكِيَةِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . إنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ حُضُورُ الشُّهُودِ أَثْنَاءَ التَّزْكِيَةِ الْعَلَنِيَّةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ جَوَّزَتْ بِصُورَةٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ إجْرَاءَ التَّزْكِيَةِ سِرًّا وَعَلَنًا فِي غِيَابِ الشُّهُودِ. أَمَّا إذَا طَرَأَ عَلَى الشُّهُودِ بَعْدَ أَدَائِهِمْ الشَّهَادَةَ عَمًى أَوْ خَرَسٌ أَوْ فِسْقٌ فَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ (الْبَزَّازِيَّةُ فِيمَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1686) . وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ احْتِرَازٌ مِنْ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَى الْقِصَاصِ إذَا تُوُفِّيَ أَوْ غَابَ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ الشُّهُودِ وَطَرَأَ عَلَى الشُّهُودِ حَالٌ مَانِعٌ لِلشَّهَادَةِ كَالْعَمَى أَوْ الْخَرَسِ فَلَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْحُكْمُ بَلْ يَحْتَاجُ الْأَمْرُ لِمُحَاكَمَةٍ وَلِبَيِّنَةٍ جَدِيدَةٍ. تَذْنِيبٌ إنَّ لَفْظَ تَذْنِيبٍ مِنْ بَابِ تَفْعِيلٍ، وَثُلَاثِيَّةٌ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ بِفَتْحِ الذَّالِ وَسُكُونِ النُّونِ ذَنْبٌ مَعْنَاهُ لُحُوقُ أَثَرِ أَحَدٍ بِدُونِ الِافْتِرَاقِ عَنْهُ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لَفْظُ تَذْنِيبٍ بِمَعْنَى اللِّحَاقِ بِشَيْءٍ وَقَدْ أَلْحَقْتُ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ بِآخِرِ هَذَا الْفَصْلِ. فِي حَقِّ تَحْلِيفِ الشُّهُودِ إنَّ أَكْثَرَ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ قَدْ بَيَّنَتْ عَدَمَ وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الشَّاهِدِ وَأَنَّ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ الْيَمِينَ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1689) أَنَّ لَفْظَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ تَتَضَمَّنُ الْيَمِينَ، فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ مَا هُوَ إلَّا تَكْرِيرٌ لِلْيَمِينِ إلَّا أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَصَاحِبِ الْبَحْرِ قَدْ قَالَ بِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ تَحْلِيفِ الشَّاهِدِ يَكُونُ فِي حَالَةِ ظُهُورِ عَدَالَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ عَدَالَتُهُ ظَاهِرَةً بَلْ كَانَتْ خَفِيَّةً فَيَجِبُ تَقْوِيَتُهَا بِالْيَمِينِ، إذْ يَكُونُ الشَّاهِدُ

(المادة 1737) إذا ألح المشهود عليه على القاضي بتحليف الشهود

مَجْهُولَ الْحَالِ وَيَكُونُ الْمُزَكِّي مَجْهُولًا مِثْلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَجْهُولُ الْمَجْهُولَ وَقَدْ أَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي الجطارجي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذِهِ الصُّورَةَ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1737) إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ] الْمَادَّةُ (1737) - (إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَكَانَ هُنَاكَ لُزُومٌ لِتَقْوِيَةِ الشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ أُولَئِكَ الشُّهُودَ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إنْ حَلَفْتُمْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ وَإِلَّا فَلَا) . إذَا أَلَحَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى الْقَاضِي بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَقَدْ رَأَى الْقَاضِي أَنَّ هُنَاكَ لُزُومًا لِتَقْوِيَةِ الشَّهَادَةِ بِالْيَمِينِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الشُّهُودَ الْيَمِينَ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذَّرٌ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ بِسَبَبِ زِيَادَةِ الْفِسْقِ حَيْثُ تَكُونُ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ مَجْهُولَةً كَمَا أَنَّ عَدَالَةَ الْمُزَكِّي قَدْ تَكُونُ مَجْهُولَةً أَيْضًا، فَلَا تَظْهَرُ عَدَالَةُ الشَّاهِدِ بِتَزْكِيَةِ الْمَجْهُولِ الْمَجْهُولَ، وَاخْتِيرَ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلشُّهُودِ: إنْ حَلَفْتُمْ قَبِلْتُ شَهَادَتَكُمْ وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَهْجَةِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ وَالنَّتِيجَةِ بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا لَمْ يَحْلِفُوا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّ الشُّهُودَ إذَا لَمْ يَحْلِفُوا يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَجَرَى تَعْدِيلُهُمْ وَتَزْكِيَتُهُمْ وَحُكِمَ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَحْلِفُ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ لَا يُغْنِي عَنْ التَّزْكِيَةِ السِّرِّيَّةِ وَالْعَلَنِيَّةِ فَإِذَا طُلِبَ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ جَازَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ تَحْلِيفُ الشُّهُودِ بَدَلًا لِلتَّزْكِيَةِ. [الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي حَقِّ رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ] ْ إنَّ الشَّهَادَةَ بِالزُّورِ مُحَرَّمَةٌ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ حَتَّى أَنَّهَا مُعَادِلَةٌ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - لِلْإِشْرَاكِ بِهِ عَزَّ وَجَلَّ (أَبُو السُّعُودِ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى» وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] (الْخَيْرِيَّةُ) . وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ الرَّاوِي فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ»

وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا - أَنَّ «الشَّاهِدَ بِالزُّورِ لَا يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى تَلْعَنَهُ مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» ، الزَّيْلَعِيّ. فَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا زُورًا وَلَمْ يَدَّعِ الشُّهُودُ السَّهْوَ وَالْخَطَأَ فَيُجَازَى الشُّهُودُ بِالتَّعْزِيرِ وَالتَّشْهِيرِ إزَالَةً لِلْفَسَادِ وَتَتَحَقَّقُ شَهَادَةُ الزُّورِ (أَوَّلًا) بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ (ثَانِيًا) بِإِقْرَارِهِ حُكْمًا كَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ فَتَظْهَرُ حَيَاتُهُ وَكَشَهَادَتِهِمْ عَلَى قَطْعِ شَجَرَةٍ وَرُؤْيَةِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ مَوْجُودَةً الْقُهُسْتَانِيُّ (ثَالِثًا) بِأَنْ يُثْبِتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا زُورًا. صُورَةُ التَّشْهِيرِ: إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الَّذِينَ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي السُّوقِ فَفِي وَقْتِ زِيَادَةِ ازْدِحَامِ السُّوقِ يُرْفَقُ الشَّاهِدُ بِمُنَادٍ يُنَادِي عَلَيْهِ إنَّنَا قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الشَّاهِدَ شَاهِدَ زُورٍ فَاتَّقُوا شَرَّهُ وَأَوْصُوا النَّاسَ بِأَنْ يَتَّقُوا شَرَّهُ، وَإِذَا كَانَ لَيْسَ مِنْ أَرْبَابِ السُّوقِ فَيُرْسَلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إلَى مَحَلَّتِهِ أَوْ قَوْمِهِ فِي وَقْتِ اجْتِمَاعِهِمْ وَيُنَادِي عَلَيْهِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ وَالزَّيْلَعِيّ) . إنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ تَتَحَقَّقُ عَلَى الْأَوْجُهِ الْمَارِّ ذِكْرُهَا، أَمَّا إذَا أَرَادَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ لَأَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، إذْ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِغَيْرِ حَقٍّ فَتَكُونُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةً عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ (الشِّبْلِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1724) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ إذَا رُدَّتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ لِتُهْمَةٍ أَوْ لِمُخَالَفَةِ شَهَادَتِهِ لِلدَّعْوَى أَوْ لِلتَّبَايُنِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّاهِدُ التَّعْزِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ الْكَاذِبُ هَلْ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ الشَّاهِدُ؟ (الزَّيْلَعِيّ) . كَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلدَّابَّةِ الَّتِي مَلَكَهَا أَحَدٌ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَضَبَطَ الْمُسْتَحِقُّ الدَّابَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّتَاجِ وَدَفَعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَلَا يُعَزَّرُ الْمُدَّعِي وَلَا الشُّهُودُ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَاهِدِ الزُّورِ فِي الْحَادِثَاتِ الْأُخْرَى أَيْضًا مَا لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ، يَعْنِي إذَا ظَهَرَ أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ كَانَ عَدْلًا وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25] (الْحَمَوِيُّ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . لِلرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ رُكْنٌ وَشَرْطٌ وَحُكْمٌ وَمَحَاسِنُ: الرُّكْنُ: قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْتُ عَنْ شَهَادَتِي أَوْ شَهِدْتُ زُورًا أَوْ كُنْتُ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِي وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَلَا يُعَدُّ إنْكَارُ الشَّاهِدِ لِشَهَادَتِهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنَا لَمْ نَشْهَدْ هَكَذَا رُجُوعًا عَنْ الشَّهَادَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الشَّرْطُ: أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1731) .

(المادة 1738) رجع الشهود عن شهادتهم بعد الشهادة وقبل الحكم في حضور القاضي

الْحُكْمُ: التَّعْزِيرُ فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَالتَّعْزِيرُ وَالضَّمَانُ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1728 و 1729) . الْمَحَاسِنُ: إنَّ الرُّجُوعَ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ مَرْغُوبٌ وَمَشْرُوعٌ دِيَانَةً؛ لِأَنَّ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا خَلَاصًا مِنْ الْعِقَابِ الْكَبِيرِ، إذْ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَى الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ زُورًا سَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ التَّوْبَةُ، وَلَا تَكُونُ التَّوْبَةُ إلَّا بِالرُّجُوعِ عَنْهَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ زُورًا أَنْ يَرْجِعَ حَالًا عَنْ شَهَادَتِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ حَيَاؤُهُ مِنْ النَّاسِ وَخَوْفُهُ مِنْ لَوْمِ اللَّائِمِينَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إلَى الْحَقِّ أَوْلَى مِنْ الدَّوَامِ عَلَى الْبَاطِلِ، وَالْحَيَاءُ مِنْ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ الْحَيَاءِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1738) رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1738) - (إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَيُعَزَّرُونَ) . إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الشُّهُودِ أَوَّلًا: إنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ رُجُوعَهُمْ ثَانِيًا وَقَوْلَهُمْ: بِأَنَّنَا لَا نَشْهَدُ بِذَلِكَ هُوَ تَنَاقُضٌ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْمُتَنَاقِضِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَمْ تُؤَدِّ إلَى إتْلَافِ شَيْءٍ. سُؤَالٌ: إنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ تَكُنْ لَمْ تُسَبِّبْ إتْلَافَ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانُ شَيْءٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُمْ لَوْ بَقُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ لَاسْتَوْفَى الْمُدَّعِي حَقَّهُ فَلِذَلِكَ فَهُمْ قَدْ تَسَبَّبُوا بِإِتْلَافِ حَقِّ الْمُدَّعِي؟ الْجَوَابُ - إنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ حَقِّ الْمُدَّعِي لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَى الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي أَصْلِ الْعَدَمِ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ الضَّمَانُ لَوْ امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ابْتِدَاءً فَلَا يَلْزَمُهُمْ أَيْضًا الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ - أَمَّا قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ الَّذِي جَاءَ لِيَشْهَدَ فِي الْمَحْكَمَةِ: إنَّنِي رَجَعْتُ عَنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي سَأَشْهَدُهَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا وَلَا يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ. قَبْلَ الْحُكْمِ - أَمَّا حُكْمُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ الشَّهَادَةِ - إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ كُلِّ شَهَادَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ بَعْضِ شَهَادَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ أَيْضًا، وَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ فَسَّقَ نَفْسَهُ (أَبُو السُّعُودِ) . مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ شَهِدُوا قَبْلَ الْحُكْمِ فِي مَجْلِسِ حُكْمٍ بِأَنَّ عَرْصَةَ الدَّارِ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ بِنَاءَهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا فِي كُلِّ الشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ

(المادة 1729) إذا رجع الشهود عن شهادتهم بعد الحكم في حضور القاضي

شَهَادَتُهُمْ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1707) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْأَقَلِّ. كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ وَفِلْوَهَا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ فِي حَقِّ الْفِلْوِ فَتَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَلَا يُحْكَمُ بِالْفَرَسِ أَيْضًا (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا لَمْ يَدَّعِ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا أَوْ سَهَوْا فِي شَهَادَتِهِمْ فَيُعَزَّرُونَ. إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ مُحْتَاجَةٌ لِلتَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّ الرُّجُوعَ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الرُّجُوعُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ بِالْإِجْمَاعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الرُّجُوعُ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّاهِدِ قَدْ شَهِدْتُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذِبًا وَزُورًا وَإِنَّنِي لَا أَرْجِعُ وَلَا أَتُوبُ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ الزُّورِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُ التَّعْزِيرُ بِالْإِجْمَاعِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَلَّا يَكُونَ مَعْلُومًا هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ أَوْ عَلَى طَرِيقِ الْإِصْرَارِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّعْزِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1729) إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1729) - (إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمَحْكُومَ بِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 80) . إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ كُلِّ أَوْ بَعْضِ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمَحْكُومَ بِهِ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي تَلِفَ بِشَهَادَتِهِمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (80) ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ إقْرَارٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَبَبًا لِضَيَاعِ الْمَالِ وَلِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ، إلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحًا وَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ أَفْسَقَ النَّاسِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ النَّاسِ فَلِذَلِكَ وَإِنْ صَحَّ الرُّجُوعُ الْمَذْكُورُ فِي حَقِّ الشَّاهِدِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ أَيْ فِي حَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ. الشُّهُودُ - لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّعْبِيرُ تَعْبِيرًا احْتِرَازِيًّا عَنْ الْمُزَكِّينَ إذْ أَنَّ الْمُزَكِّينَ إذَا رَجَعُوا عَنْ تَزْكِيَتِهِمْ فَيَضْمَنُونَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالشَّهَادَةِ فَقَطْ وَالشَّهَادَةُ يَصِيرُ إعْمَالُهَا بِالتَّزْكِيَةِ فَأَصْبَحَتْ بِمَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّينَ الرَّاجِعِينَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الشُّهُودَ إلَّا بِالْخَيْرِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُزَكَّوْنَ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي تَزْكِيَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ بِالْإِجْمَاعِ، كَذَلِكَ لَوْ عُلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ بِرُجُوعِهِمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ الْمُزَكِّينَ ضَمَانٌ (ابْنُ نُجَيْمٍ وَالْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ) . بَعْدَ الْحُكْمِ - أَمَّا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَقَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَيَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي لَا يَلْحَقُ حُكْمٌ بِمُوجَبِهَا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى

أَلْفِ دِرْهَمٍ وَزَكَّوْا سِرًّا وَعَلَنًا وَقَبْل أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالدَّعْوَى تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَكْلِيفٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِلَا تَكْلِيفٍ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ (الْهِنْدِيَّةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . فِي حُضُورِ الْقَاضِي، وَشَرْطُ الرُّجُوعِ أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1731) . إذَا رَجَعَ - وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مَسْأَلَتَانِ: 1 - أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ كُلِّ الشَّهَادَةِ صَحِيحٌ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ بَعْضِهَا صَحِيحٌ أَيْضًا اُنْظُرْ مَادَّةَ (64) . مَثَلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ دَارًا هِيَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَبَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ قَالَ الشُّهُودُ: إنَّ عَرْصَةَ تِلْكَ الدَّارِ هِيَ لِلْمُدَّعِي وَبِنَاؤُهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ قَدْ أَتْلَفُوا الْبِنَاءَ فَقَطْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعْوَى) . 2 - جَوَازُ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا - وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَتْ عَدَالَةُ الشُّهُودِ وَقْتَ الرُّجُوعِ مُسَاوِيَةً لِعَدَالَتِهِمْ وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ كَانَتْ أَعْلَى أَوْ أَدْنَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ كَلَامُ الشُّهُودِ مُتَنَاقِضًا وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الصِّدْقِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَرَجَّحَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ بِالْحُكْمِ الزَّيْلَعِيّ كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِيهِ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَلِذَلِكَ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَثْبُتُ بِشَهَادَةٍ لَا يَبْطُلُ بِالرُّجُوعِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ الشِّبْلِيُّ. الْمَالُ الَّذِي تَلِفَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ - وَفِي لُزُومِ تَضْمِينِ ذَلِكَ لِلشُّهُودِ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ تَلَفُ الْمَحْكُومِ بِهِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْمُجَرَّدَةِ بَلْ حَصَلَ التَّلَفُ بِانْضِمَامِ أَمْرٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَهُ صِفَتَانِ وَيَثْبُتُ حُكْمٌ فِيهِ مِنْ أَجْلِ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْوَصْفِ الْمَوْجُودِ أَخِيرًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (90) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْبَهْجَةِ) . بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ ذَلِكَ: أَوَّلًا - الْإِفْلَاسُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْإِبْرَاءِ وَبَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْصُلْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الشُّهُودِ زُورًا بَلْ حَصَلَ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ مُفْلِسًا. ثَانِيًا - الْوَفَاةُ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا هُوَ ابْنُ فُلَانٍ وَبَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ بِذَلِكَ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَوَرِثَهُ الِابْنُ وَأَخَذَ مَالًا مِنْ التَّرِكَةِ فَرَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَذْكُورِ مَالًا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ الزُّورِ بَلْ كَانَ بِوَفَاةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

ثَالِثًا. - لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا بِقَبْضِ مَطْلُوبِهِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ فُلَانٍ وَبَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَ الْوَكِيلُ مِنْ الْمَدِينِ الْمُقِرِّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَنْكَرَ الْغَائِبُ التَّوْكِيلَ وَرَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْقَابِضَ الضَّمَانُ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ التَّالِفُ مَالًا وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ التَّالِفُ مَالًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ. أَوَّلًا - الْمَنْفَعَةُ - إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِالْإِجَارَةِ بِحِلٍّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا ضَمَانَةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِالشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ لَمْ يَكُنْ مَالًا بَلْ مَنْفَعَةً مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . أَمَّا إذَا كَانَ مُدَّعِي الْإِجَارَةِ الْمُؤَجِّرَ، وَالْمُسْتَأْجِرُ مُنْكِرٌ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ رَجَعُوا يَضْمَنُونَ الْمِقْدَارَ الزَّائِدَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَكُونُونَ قَدْ أَتْلَفُوا هَذَا الْمِقْدَارَ بِلَا عِوَضٍ أَمَّا إتْلَافُ مِقْدَارِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ (الزَّيْلَعِيّ) . ثَانِيًا - النِّكَاحُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلٌّ لِلنِّكَاحِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ سَوَاءٌ كَانَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ كَانَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ لَيْسَ بِمَالٍ (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُنْكِرًا لِلنِّكَاحِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِيهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنُونَ الزَّائِدَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَالِثًا - الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى عَفْوِ وَلِيِّ الْقَتِيلِ عَنْ الْقِصَاصِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَيْسَ بِمَالٍ (أَبُو السُّعُودِ) . رَابِعًا الْإِيصَاءُ - إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ نَصَّبَ فُلَانًا وَصِيًّا مُخْتَارًا وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ بَلْ يَلْزَمُ الْوَصِيَّ الضَّمَانُ إذَا اُسْتُهْلِكَ الْمَالُ (الْبَحْرُ) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ إزَالَةُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا الرَّهْنُ - إذَا ادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرْهَنَ هَذِهِ السَّاعَةَ مُقَابِلَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةِ لِي مِنْ ذِمَّتِهِ وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا وَكَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَكَانَتْ قِيمَةُ السَّاعَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِزَالَةَ كَانَتْ بِعِوَضٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ الدَّيْنِ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَجِبُ ضَمَانٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُؤَدِّ إلَى التَّلَفِ، أَمَّا إذَا

تَلِفَ الرَّهْنُ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ الدَّيْنِ، أَمَّا مِقْدَارُ الدَّيْنِ فَيَجْرِي تَقَاصُّهُ بِالدَّيْنِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . ثَانِيًا، الشُّفْعَةُ: إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِلْكٌ لِلشَّفِيعِ، وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ (الْبَحْرُ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . ثَالِثًا الشَّهَادَةُ عَلَى الْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمْ يَتْلَفْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ بَلْ أُخِذَ بَدَلُهُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ مَا يَزِيدُ عَنْهُ أَبُو السُّعُودِ أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنَانِ مِقْدَارَ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي تَلِفَ بِلَا عِوَضٍ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ أَبُو السُّعُودِ وَلَا فَرْقَ فِي خُصُوصِ الضَّمَانِ بَيْنَ الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّلَفِ هُوَ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَفِي حَالِ سُقُوطِ الْخِيَارِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ يُضَافُ حُكْمُ الْبَيْعِ إلَى السَّابِقِ كَمَا أَنَّ التَّلَفَ يُضَافُ إلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) فَكَأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ شَرْطٍ وَأَجَازَ الْبَيْعُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشُّهُودِ إذْ يَكُونُ قَدْ أَتْلَفَ مَالَهُ مُبَاشَرَةً وَلَا يُضَافُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُسَبِّبِ مَعَ وُجُودِ الْمُبَاشِرِ (الزَّيْلَعِيّ) وَفِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْبَائِعِ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا قَدْ بَاعَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا يَنْظُرُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّارِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَيَضْمَنَانِ الْمِائَةَ دِرْهَمٍ مُنَاصَفَةً. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَشْهَدَا أَوَّلًا عَلَى الْبَيْعِ وَبَعْدَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي يَشْهَدَانِ ثَانِيَةً عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْ تَيْنِكَ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَدْوَنَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَيَضْمَنَانِ نُقْصَانَهُ أَيْضًا. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَيْعِ وَعَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ جُمْلَةً فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ عَنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ تَمَامَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ (الزَّيْلَعِيّ) . رَابِعًا: أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَبِالْإِقَالَةِ مَعًا، مَثَلًا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَبِالْإِقَالَةِ مَعًا، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالْبَيْعِ بَلْ حَكَمَ بِالْإِقَالَةِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَلَفُ مَالٍ الزَّيْلَعِيّ. خَامِسًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانٌ أَمَّا إذَا شَهِدُوا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعُوا فَيَضْمَنُونَ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ فَقَطْ كَذَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي وَنَفَذَ الشِّرَاءُ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ، أَمَّا إذَا أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

الْمَحْكُومُ بِهِ - سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ كَانَ عَيْنًا مَنْقُودٌ أَوْ عَقَارٌ أَوْ سَوَاءٌ كَانَ مَقْبُوضًا أَيْ أُجْرِيَ حُكْمُ الْإِعْلَامِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ (الشِّبْلِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ قَالَ: إنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ لَمْ يُقْبَضْ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ ضَمَانٌ، الْآنَ إطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ وَإِفْتَاءُ عَلِيِّ أَفَنْدِي يَقْضِيَانِ بِلُزُومِ الضَّمَانِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 64) وَإِنْ يَكُنْ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ جَرَيَانَ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ اتِّفَاقٌ عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيّ. مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى الْقِصَاصُ مِنْ عَدَمِ نَقْضِ الْحُكْمِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْقَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إنْفَاذِهِ فَلَا يُنَفَّذُ وَلَا يَجْرِي الْحُكْمُ؛ وَيَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى وَحُكْمٍ جَدِيدٍ لِلشُّهُودِ. وَلَا يَلْزَمُ الْمَشْهُودَ لَهُ أَيْ الْمَقْضِيَّ لَهُ ضَمَانٌ فَلَا يُقَالُ لَهُ (بِمَا أَنَّكَ قَدْ أَخَذْتَ الْمَشْهُودَ بِهِ فَرُدَّهُ) لِأَنَّ الرُّجُوعَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْغَيْرِ (الشِّبْلِيُّ) . كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِي أَيْضًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (90) أَمَّا الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى ضَمَانِ الْمَادَّةِ (90) . يَضْمَنُ - يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَضْمَنُونَ مِثْلَهُ وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَضْمَنُونَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ قِصَاصًا وَنَفَذَ يَضْمَنُ الشُّهُودُ دِيَةَ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (416) (الْهِنْدِيَّةُ وَالزَّيْلَعِيّ) وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ قَدْ حَصَلَ بِالْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُ الشُّهُودُ قِيمَتَهُ يَوْمَ صُدُورِ الْحُكْمِ وَلَا عِبْرَةَ لِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ الْحَاصِلَيْنِ بَعْدَ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ فِي قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالشُّهُودُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَيُقْبَلُ الْإِثْبَاتُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِذَا أَثْبَتَ الِاثْنَانِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الِاثْنَانِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلشُّهُودِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ يُنْكِرُونَ الزِّيَادَةَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . تَفْصِيلُ الضَّمَانِ: إنَّ هَذَا الضَّمَانَ جَارٍ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تُبَيِّنْ الْأَبْوَابَ الْمَذْكُورَةَ فَنَرَى مِنْ الْمُنَاسِبِ بَيَانُ بَعْضِهَا. الدَّيْنُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى دَيْنٍ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنُونَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِمْ فَيُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ (الْكَنْزُ وَالْبَحْرُ) .

الْهِبَةُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَيَضْمَنُونَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ وَلَا يَمْنَعُ حَقَّ الْوَاهِبِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ تَضْمِينُ الشُّهُودِ فَإِذَا ضَمِنُوا ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ عِوَضَهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَاهِبَ الشُّهُودُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ (الْبَحْرُ وَالشِّبْلِيُّ) . الْإِبْرَاءُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ مَدِينَهُ مِنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَوْفَى الدَّائِنَ دَيْنَهُ وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ رَجَعَ الشُّهُودُ فَيَضْمَنُونَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، مَثَلًا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ قَائِلِينَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي: إنَّ هَذَا الدَّائِنَ قَدْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَبْرَأَ أَوْ حَلَّلَ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةِ لَهُ مِنْ ذِمَّةِ هَذَا الْمَدِينِ أَوْ أَنَّهُ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَلِلدَّائِنِ تَضْمِينُ الشُّهُودِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) . سُؤَالٌ - إنَّ الدَّيْنَ الَّذِي أَتْلَفَهُ الشُّهُودُ هُوَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ وَأَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ فَبِإِعْطَاءِ بَدَلِهِ عَيْنًا لَا يَكُونُ مُمَاثَلَةً فِي التَّضْمِينِ وَيَلْزَمُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ الْمُمَاثَلَةُ فَلِذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ بِاعْتِبَارِ عَاقِبَةِ الْقَبْضِ هُوَ مَالٌ وَعَيْنٌ مُنْتَفَعٌ بِهَا فَيَتَحَقَّقُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتْلَفَ هُوَ الْعَيْنُ (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) . التَّأْجِيلُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى تَأْجِيلِ دَيْنٍ مُعَجَّلٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَرَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَلْزَمُ الشُّهُودَ الضَّمَانُ سَوَاءٌ كَانَ رُجُوعُهُمْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ (الْبَحْرُ) وَإِذَا رَجَعُوا قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَضْمَنُونَ حَالًا الشِّبْلِيُّ وَيَرْجِعُ الشُّهُودُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي ضَمِنُوهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِذَا تَلِفَ مَطْلُوبُهُمْ عِنْدَ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَلَى الدَّائِنِ (الشِّبْلِيُّ) . الشَّهَادَةُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مَعًا، إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَدِينٌ لِذَلِكَ الشَّخْصِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ آخَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمَذْكُورَةِ وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْأَمْرَيْنِ رَجَعَ الشُّهُودُ فَعَلَى الْمُدَّعِي أَوَّلًا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ شَاهِدَا الْإِبْرَاءِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَضْمَنُ شَاهِدَا الْإِبْرَاءِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَلَيْسَ لِهَؤُلَاءِ الشُّهُودِ الرُّجُوعُ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي ضَمِنَاهُ عَلَى الشَّخْصِ الَّذِي شَهِدَا لَهُ (الْبَحْرُ) . الْبَيْعُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ بَاعَ فَرَسَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مُؤَجَّلَةً لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ قِيمَةُ تِلْكَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ أَخَذَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الشُّهُودُ قِيمَةَ تِلْكَ الْفَرَسِ مُعَجَّلًا وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا لِلشُّهُودِ فَإِذَا ضَمِنَهُمْ فَلَهُمْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُمْ قَامُوا مَقَامَ الْبَائِعِ بِالضَّمَانِ وَطَابَ لَهُمْ قَدْرُ عَشَرَةٍ وَتَصَدَّقَ الْفَضْلَ الشِّبْلِيُّ.

الْوَقْفُ: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ هُوَ وَقْفُ فُلَانٍ الْمُسَجَّلُ وَبَعْدَ أَنْ حُكِمَ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ بِالْوَقْفِ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَيَضْمَنُ الشُّهُودُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ وَقْتَ الْحُكْمِ (فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ) . الْإِجَارَةُ؛ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ وَذَهَبَ بِهَا إلَى الْفَالُوجِيِّ فَبَلَغَتْ الْفَرَسُ وَادَّعَى الرَّاكِبُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَادَّعَى صَاحِبُ الْفَرَسِ أَنَّ الرَّاكِبَ قَدْ غَصَبَهَا فَأَثْبَتَ الرَّاكِبُ الِاسْتِئْجَارَ بِشَاهِدَيْنِ وَبَعْدَ الْحُكْمِ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ تِلْكَ الْفَرَسِ وَقْتَ تَلَفِهَا إلَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ مَا أَخَذَهُ صَاحِبُ الْفَرَسِ مِنْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ الْخَمْسُونَ دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْمُؤَجَّرِ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مَالَ وَقْفٍ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الشُّهُودِ بِصُورَةِ إكْمَالِ الْأَقَلِّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي تَلِفَ هُوَ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) (أَبُو السُّعُودِ وَالْبَحْرُ) . أَمَّا إذَا شَهِدَا عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِأَزْيَدَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَضْمَنَانِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ قَائِلًا فِي دَعْوَاهُ قَدْ آجَرْت مَالِي هَذَا كَذَا مُدَّةً بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ لِهَذَا الرَّجُلِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ حَسَبَ دَعْوَى الْمُؤَجِّرِ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِذَا كَانَ أَجْرُ مِثْلِ ذَلِكَ الْمَالِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَطْ فَيَضْمَنُ الشُّهُودُ الثَّمَانِينَ دِرْهَمًا (الْبَحْرُ) . الْمُضَارَبَةُ: إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُقِرًّا لِلْمُضَارِبِ بِثُلُثِ الرِّبْحِ وَالْمُضَارِبُ ادَّعَى نِصْفَ الرِّبْحِ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَحُكِمَ بِذَلِكَ وَبَعْدَ أَنْ قُسِّمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَقَبَضَ الْمُضَارِبُ النِّصْفَ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ سُدُسَ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الرُّجُوعِ، أَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ نَقْدًا فَبِمَا أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَفْسَخْ الشَّرِكَةَ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْفَسْخِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ بِتَقْسِيمِ الرِّبْحِ مُنَاصَفَةً وَلَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) . الشَّرِكَةُ: إذَا كَانَ مَالُ الشَّرِيكَيْنِ مُتَسَاوِيًا وَشُرِطَ فِي الشَّرِكَةِ تَقْسِيمُ الرِّبْحِ مُنَاصَفَةً إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا ادَّعَى أَنَّ ثُلُثَيْ الرِّبْحِ لَهُ وَالثُّلُثَ الْآخَرِ لِشَرِيكِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ هَذِهِ وَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى تَقْسِيمِ الرِّبْحِ أَثْلَاثًا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ سُدُسَ الرِّبْحِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ، كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ فُلَانٍ هُوَ مُشْتَرِكٌ مَعَ فُلَانٍ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ) . الْمِيرَاثُ: لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى غَيْرَ مُسْلِمٍ لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَوَلَدٌ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى تُوُفِّيَ مُسْلِمًا وَحَرَمَ ابْنَهُ الْغَيْرَ مُسْلِمٍ مِنْ الْمِيرَاثِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَضْمَنَانِ مِيرَاثَ الْوَلَدِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ (الْبَحْرُ) .

(المادة 1730) إذا رجع بعض الشهود عن شهادتهم بعد الحكم في حضور القاضي

الْوَصِيَّةُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ فُلَانًا الْمُتَوَفَّى قَدْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لَهُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَضْمَنَانِ جَمِيعَ الثُّلُثِ (الْبَحْرُ) . الْوَدِيعَةُ: إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ وَأَثْبَتَهَا الْمُودِعُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَثْبَتَ قِيمَتَهَا وَبَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْقَاضِي لَهُ رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فَيَضْمَنُونَ الْقِيمَةَ الْمَذْكُورَةَ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْعَارِيَّةُ: يَجْرِي الْحُكْمُ الْآنِفُ الذِّكْرِ فِي الْعَارِيَّةِ أَيْضًا (الْبَحْرُ) . الْقِصَاصُ: إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي الْقِصَاصِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَالْإِجْرَاءِ يَلْزَمُ الشُّهُودَ الدِّيَةُ وَيَلْزَمُهُمْ التَّعْزِيرُ أَيْضًا، وَلَا يَلْزَمُهُمَا الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ هُوَ مُنْتَهَى الْعُقُوبَةِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِي مُنْتَهَى الْجِنَايَةِ وَفِي التَّسَبُّبِ قُصُورٌ وَفِيهِ شُبْهَةٌ وَالْقِصَاصُ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . الطَّلَاقُ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ. فَيَلْزَمُهُمَا ضَمَانُ نِصْفِ الْمَهْرِ (الزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1730) إذَا رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1730) (إذَا رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِمْ بَالِغًا نِصَابَ الشَّهَادَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ رَجَعُوا وَلَكِنْ يُعَزَّرُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي بَالِغًا نِصَابَ الشَّهَادَةِ يَضْمَنُ الَّذِي رَجَعَ مُسْتَقِلًّا نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ إنْ كَانَ وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ يَضْمَنُونَ النِّصْفَ سَوِيَّةً بِالِاشْتِرَاكِ) . لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْبَاقِي عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلرَّاجِعِ عَنْهَا، إذْ لَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ لِلرَّاجِعِ وَكَانَ الْبَاقِي نِصَابَ الشَّهَادَةِ لَكَانَ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاجِعِ مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ الْمَحْكُومِ بِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ ضَمَانُ الْإِتْلَافِ بِلَا وُجُودِ تَلَفٍ وَهُوَ فَاسِدٌ الشِّبْلِيُّ. فَلِذَلِكَ إذَا رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ، أَيْ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِمْ بَالِغًا نِصَابَ الشَّهَادَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ رَجَعُوا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُوجَدُ شُهُودٌ لِإِثْبَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَلَا يَكُونُ قَدْ حَصَلَ إتْلَافٌ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ كَافٍ لِلْحُكْمِ وَلِذَلِكَ أُضِيفَ وُجُوبُ الْحُكْمِ وَلُزُومُ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَاقِي؛ وَإِنْ يَكُنْ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ قَبْلَ الرُّجُوعِ مُضَافًا عَلَى جَمِيعِ الشُّهُودِ لِضَرُورَةِ الْمُزَاحَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ فَالْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ يَكُونُ مُضَافًا عَلَى النِّصَابِ الْبَاقِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَيُشَهَّرُ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِإِقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا كَبِيرَةَ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي بَالِغًا نِصَابَ الشَّهَادَةِ يَضْمَنُ الرَّاجِعُ مُسْتَقِلًّا نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ إنْ كَانَ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ يَضْمَنُونَ النِّصْفَ سَوِيَّةً بِالِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ يَعْنِي أَنَّ ثُبُوتَ نِصْفِ الْحَقِّ بَاقٍ لِلشَّاهِدِ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ فَيَكُونُ بِرُجُوعِ الشُّهُودِ الَّذِينَ رَجَعُوا قَدْ تَلِفَ نِصْفُ الْحَقِّ الْآخَرِ فَقَطْ وَلَزِمَ ضَمَانُ ذَلِكَ النِّصْفِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

سُؤَالٌ - إذَا كَانَ الَّذِي لَمْ يَرْجِعْ عَنْ الشَّهَادَةِ وَاحِدًا فَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ شَيْءٌ فَيَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَاحِدُ الرَّاجِعُ كُلَّ الْمَالِ. الْجَوَابُ: إنَّ عَدَمَ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ هُوَ ابْتِدَاءٌ وَاَلَّذِي يَلْزَمُ ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُ بَقَاءً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (56) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . وَتُوَضَّحُ الْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، وَتَتَفَرَّعُ عَنْهَا مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: أَوَّلًا: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى دَيْنٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَرَجَعَتْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ فَتَضْمَنُ رُبْعَ الْمَحْكُومِ بِهِ أَيْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) وَإِذَا رَجَعَتْ كِلْتَاهُمَا مَعًا أَوْ رَجَعَتْ الثَّانِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ سَوِيَّةً الزَّيْلَعِيّ. ثَانِيًا: إذَا شَهِدَ ثَلَاثَةُ شُهُودٍ عَلَى أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَقَطْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَيُعَزَّرُ الشَّاهِدُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ، وَإِذَا رَجَعَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ شَاهِدٌ آخَرَ أَوْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ شَاهِدٌ فَيَضْمَنُ الشَّاهِدُ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ أَيْ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا. سُؤَالٌ - كَانَ يَجِبُ أَلَّا يَلْزَمَ الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ الَّذِي رَجَعَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ مُضَافٌ لِلشَّاهِدِ الثَّانِي الرَّاجِعِ حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ حِينَ رُجُوعِهِ ضَمَانٌ مَا. الْجَوَابُ: أَنَّ التَّلَفَ مُضَافٌ لِلْمَجْمُوعِ إلَّا أَنَّهُ حِينَ رُجُوعِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الرُّجُوعِ لِلْمَانِعِ فَالْمَانِعُ هُوَ بَقَاءُ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا أَنَّهُ حِينَمَا رَجَعَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ ظَهَرَ أَثَرُ الرُّجُوعِ (الزَّيْلَعِيّ) . ثَالِثًا: لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسَاءٍ فِي دَعْوَى وَبَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى رَجَعَ جَمِيعُهُمْ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يَضْمَنُ الرَّجُلُ سُدُسَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَضْمَنُ النِّسَاءُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ امْرَأَتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ (الزَّيْلَعِيّ) ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَضْمَنُ الرَّجُلُ نِصْفَ الْمَشْهُودِ بِهِ وَتَضْمَنُ النِّسَاءُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَلَوْ كُنَّ أَزْيَدَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَهُنَّ فِي مَقَامِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِنَّ فَقَطْ كَمَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . أَمَّا إذَا رَجَعَ ثَمَانِي نِسَاءٍ مَعَ بَقَاءِ الرَّجُلِ عَلَى شَهَادَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ النِّسَاءَ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا رَجَعَ تِسْعٌ مِنْهُنَّ فَيَضْمَنَّ رُبْعَ الْمَشْهُودِ بِهِ سَوِيَّةً بِالِاشْتِرَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) فَإِذَا أَرْجَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْعَاشِرَةُ فَتَضْمَنُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَعَ التِّسْعِ النِّسَاءِ اللَّاتِي رَجَعْنَ قَبْلَ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيّ) . رَابِعًا: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسَاءٍ فِي دَعْوَى وَرَجَعَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ الرَّجُلُ وَثَمَانِي نِسَاءٍ فَيَضْمَنُونَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ أَخْمَاسًا وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ أَنْصَافًا (الزَّيْلَعِيّ) وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَيَضْمَنَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ أَثْلَاثًا الزَّيْلَعِيّ.

(المادة 1731) يشترط أن يكون رجوع الشهود في حضور القاضي

خَامِسًا: إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ وَامْرَأَةٌ فِي دَعْوَى ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ فَالضَّمَانُ يَلْزَمُ الرَّجُلَيْنِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ شَيْءٌ مَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ نِصْفُ شَاهِدٍ فَالْحُكْمُ لَا يُضَافُ إلَى بَعْضِ الْعِلَّةِ (الزَّيْلَعِيّ) . سَادِسًا: إذَا رَجَعَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسَاءٍ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ فَيَضْمَنُ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ خَمْسِينَ، وَالثَّلَاثُ النِّسَاءُ الثَّلَاثَةَ الْأَخْمَاسَ وَيَضْمَنُ الرَّجُلُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ النِّصْفَ وَالثَّلَاثُ النِّسَاءُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ فَإِذَا رَجَعَ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فَيَضْمَنَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ نِصْفَ الْمَحْكُومِ بِهِ أَثْلَاثًا، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَضْمَنُ الرَّجُلُ نِصْفَ الْمَالِ وَحْدَهُ وَلَا تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا. تَتِمَّةٌ: بَعْضُ مَسَائِلَ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ شُهُودُ الْفُرُوعِ فَقَطْ فَيَضْمَنُونَ الْمَحْكُومَ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْأُصُولُ شَيْئًا أَمَّا إذَا رَجَعَ شُهُودُ الْأُصُولِ بِأَنْ قَالَ الْأَوَّلَانِ: أَشْهَدْنَا بِبَاطِلٍ فَلَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ شُهُودَ الْفُرُوعِ ضَمَانٌ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ الْأُصُولِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ شُهُودَ الْفُرُوعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا رَجَعَ شُهُودُ الْأُصُولِ وَشُهُودُ الْفُرُوعِ مَعًا فَيَلْزَمُ شُهُودَ الْفُرُوعِ الضَّمَانُ فَقَطْ وَلَا يَشْتَرِكُ شُهُودُ الْأُصُولِ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ وَإِنْ كَانُوا مُسَبِّبِينَ مِنْ وَجْهٍ لِلتَّلَفِ إلَّا أَنَّ الْفُرُوعَ مُبَاشِرُونَ لِلتَّلَفِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ كَمَا أَنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ هِيَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَا تَكُونُ شَهَادَاتُهُمْ سَبَبَ الْإِتْلَافِ (أَبُو السُّعُودِ والولوالجية) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا شَهِدَ الْفُرُوعُ عَلَى شَيْءٍ فَإِذَا قَالَ الْأُصُولُ بَعْدَ الْحُكْمِ: إنَّ الْفُرُوعَ شَهِدُوا كَذِبًا أَوْ إنَّهُمْ أَخْطَئُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ رُجُوعًا حَتَّى أَنَّ الْفُرُوعَ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُمْ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا مِنْهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَلْ هُوَ بَيَانٌ؛ لِأَنَّ الْأُصُولَ الَّذِينَ هُمْ الْغَيْرُ قَدْ كَذِبُوا (الزَّيْلَعِيّ) . [ (الْمَادَّةُ 1731) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رُجُوعُ الشُّهُودِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1731) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ رُجُوعُ الشُّهُودِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَلَا اعْتِبَارَ لِرُجُوعِهِمْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِذَا شَهِدُوا فِي حُضُورِ قَاضٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمْ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ هُوَ فَسْخٌ لِلشَّهَادَةِ وَهُوَ ضِدُّهَا فَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فَسْخُهَا فِي حُضُورِهِ، كَمَا أَنَّ الرُّجُوعَ

هُوَ تَوْبَةٌ عَنْ كَبِيرَةِ الشَّهَادَةِ الْكَاذِبَةِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ التَّوْبَةُ بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ وَلَا اعْتِبَارَ لِرُجُوعِ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْقَاضِي وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الرُّجُوعِ تَعْزِيرٌ وَتَشْهِيرٌ أَوْ ضَمَانٌ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْمَحْكَمَةِ فَلَا اعْتِبَارَ لِذَلِكَ الرُّجُوعِ الْحَمَوِيُّ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ حَسَبُ الْمَادَّةِ (1630) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْكُومًا وَمُلْزَمًا بِشَيْءٍ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى فَإِذَا ثَبَتَ بِأَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ شَيْءٌ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى كَمَا أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَ وُقُوعِ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي هُوَ ادِّعَاءٌ لِلرُّجُوعِ الْبَاطِلِ، وَالْبَيِّنَةُ وَالْيَمِينُ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . فَلِذَلِكَ إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي وَأَقَرُّوا بِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِمْ ثُمَّ أَنْكَرُوا الرُّجُوعَ أَوْ الْإِقْرَارَ فَلَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الرُّجُوعِ وَلَا عَلَى الْإِقْرَارِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . مُسْتَثْنًى: إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَأَقَرَّ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِأَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا إقْرَارَهُمْ الْمَشْرُوعَ أَيْ إقْرَارَهُمْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِقْرَارَ يُقْبَلُ وَيُعَدُّ إنْشَاءً فِي الْحَالِ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا شَهِدُوا فِي حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . إنَّ دَعْوَى الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي بَعْدَ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ مَعَ حُكْمِ الضَّمَانِ وَإِلَّا فَلَا الشِّبْلِيُّ مَثَلًا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ قَدْ شَهِدُوا عَلَيَّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ عَلَيَّ بِمُوجَبِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ هَذِهِ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ وَقَدْ حَكَمَ لِي الْقَاضِي عَلَى هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ بِضَمَانِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَادَّعَى ذَلِكَ فِي حُضُورِ قَاضٍ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَتَوَجَّبُ الْيَمِينُ أَمَّا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِالضَّمَانِ بَلْ ادَّعَى الرُّجُوعَ الْوَاقِعَ أَمَامَ الْقَاضِي الثَّانِي فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى وَلَا يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .

الفصل الثامن في حق التواتر

[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي حَقِّ التَّوَاتُرِ] [ (الْمَادَّةُ 1732) لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ] ِ الْمَادَّةُ (1732) (لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَرْجِيحُ شُهُودِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِكَثْرَتِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى شُهُودِ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثْرَتُهُمْ قَدْ بَلَغَتْ دَرَجَةَ التَّوَاتُرِ) لَا اعْتِبَارَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ أَوْ لِزِيَادَةِ عَدَالَتِهِمْ يَعْنِي لَا يَلْزَمُ تَرْجِيحُ شُهُودِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لِكَثْرَتِهِمْ أَوْ لِزِيَادَةِ عَدَالَتِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى شُهُودِ الطَّرَفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِكَثْرَةِ الدَّلِيلِ بَلْ يَكُونُ بِالْوَصْفِ الْمُؤَكَّدِ وَلَا يُسَوَّغُ التَّرْجِيحُ بِاَلَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً بِانْفِرَادِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الشُّهُودِ أَصْلُ الْعَدَالَةِ وَبِمَا أَنَّ أَصْلَ الْعَدَالَةِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّحْدِيدِ فَلَا تَكُونُ زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ سَبَبًا لِلتَّرْجِيحِ فَلِذَلِكَ: (أَوَّلًا) لَا يَتَرَجَّحُ قِيَاسٌ بِانْضِمَامِ قِيَاسٍ آخَرَ عَلَيْهِ. (ثَانِيًا) إذَا تَنَازَعَ خَارِجٌ وَذُو يَدٍ فِي مَالٍ وَأَقَامَ الْخَارِجُ شَاهِدَيْنِ وَأَقَامَ ذُو الْيَدِ ثَلَاثَةَ شُهُودٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَثْبَتَا مُدَّعَاهُمَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) وَلَا تُوجِبُ كَثْرَةُ شُهُودِ ذِي الْيَدِ تَرْجِيحَ بَيِّنَتِهِ. (ثَالِثًا) لَا يُرَجَّحُ صَاحِبُ الْجِرَاحَاتِ عَلَى صَاحِبِ الْجِرَاحَةِ الْوَاحِدَةِ، مَثَلًا لَوْ جَرَحَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسَةَ جُرُوحٍ وَجَرَحَهُ آخَرُ جُرْحًا وَاحِدًا وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مِنْ تِلْكَ الْجُرُوحِ فَإِذَا كَانَ الْجُرْحُ خَطَأً فَيُؤَدِّي الْجَارِحَانِ دِيَةَ الْمَقْتُولِ مُنَاصَفَةً. (رَابِعًا) إنَّ الشُّفْعَةَ تُقَسَّمُ عَلَى الشُّفَعَاءِ الْمُتَعَدِّدِينَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَلَا تُقَسَّمُ عَلَى مِقْدَارِ سِهَامِهِمْ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) . إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثْرَةُ الشُّهُودِ قَدْ بَلَغَتْ دَرَجَةَ التَّوَاتُرِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُرَجَّحُ التَّوَاتُرُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ التَّرْجِيحُ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ بَلْ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ قُوَّةَ الدَّلِيلِ هِيَ الْبَاعِثُ لِلتَّرْجِيحِ فَلِذَلِكَ: أَوَّلًا: إنَّ بَيِّنَةَ التَّوَاتُرِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ، أَمَّا شَهَادَةُ الشُّهُودِ فَلَا يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ. (ثَانِيًا) لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ ذِرَاعَ زَيْدٍ وَقَطَعَ آخَرُ رَأْسَهُ فَالْقَاتِلُ هُوَ قَاطِعُ الرَّأْسِ وَلَا يَكُونُ قَاطِعُ الذِّرَاعِ قَاتِلًا؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ وَقَطْعَ الرَّقَبَةِ وَإِنْ كَانَا عِلَّةً لِهَذَا الْقَتْلِ إلَّا أَنَّ قَطْعَ الرَّقَبَةِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ مُمْكِنَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مُمْكِنَةٍ بَعْدَ قَطْعِ الرَّقَبَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ بِهَا (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) .

(المادة 1733) التواتر يفيد علم اليقين

[ (الْمَادَّةُ 1733) التَّوَاتُرُ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ] الْمَادَّةُ (1733) - (التَّوَاتُرُ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا) . التَّوَاتُرُ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا أَنْ يَتَّفِقَ جَمْعٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ مُتَبَايِنٌ فِي الرَّأْيِ وَالْأَخْلَاقِ وَالْوَطَنِ عَلَى شَيْءٍ مَحْسُوسٍ مِنْ الْمُخْتَرَعَاتِ وَغَيْرِ ثَابِتٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَعْنِي أَنَّ الْعَقْلَ يَحْكُمُ قَطْعًا أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ غَيْرَ الْمَحْصُورِ لَا يَتَّفِقُ عَلَى الْكَذِبِ وَأَنَّ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ هُوَ صِدْقٌ وَلَا مَجَالَ لِلْعِنَادِ فِي الْيَقِينَاتِ وَلَا احْتِمَالَ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْيَقِينِ (الْكُلِّيَّاتُ وَالتَّلْوِيحُ) . سُؤَالٌ: قَدْ رُوِيَ تَوَاتُرًا عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: تَمَسَّكُوا بِالسَّبْتِ مَا دَامَتْ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ وَالْمَقْصِدُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ بَقَاءُ الدِّينِ الْيَهُودِيِّ وَبِمَا أَنَّهُ نَبِيٌّ بِالِاتِّفَاقِ فَيَجِبُ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِ هَذَا؟ الْجَوَابُ: لَا يُسَلَّمُ نَقْلُ دَوَامِ السَّبْتِ تَوَاتُرًا عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لِأَنَّ (بُخْتَنَصَّرَ) قَدْ قَتَلَ الْيَهُودَ قَتْلًا عَامًّا وَاَلَّذِي خَلَصَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ إلَّا عَدَدًا قَلِيلًا فَلَمْ يَكُنْ النَّاقِلُونَ فِي بَعْضِ الطَّبَقَاتِ بَالِغِينَ حَدَّ التَّوَاتُرِ وَقَدْ اشْتَهَرَ أَنَّ ابْنَ الرَّاوَنْدِيِّ هُوَ الَّذِي افْتَرَى هَذِهِ الْأُكْذُوبَةَ عَلَى النَّبِيِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ (شَرْحُ الْمَوَاقِفِ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَوَاتِرَاتِ هِيَ يَقِينِيَّاتٌ، وَالْيَقِينِيَّاتُ هِيَ سِتَّةٌ: الْأَوَّلُ: الْأَوَّلِيَّاتُ وَيُقَالُ لَهَا الْبَدِيهِيَّاتُ كَالْقَوْلِ: إنَّ الْكُلَّ أَعْظَمُ مِنْ الْجُزْءِ. الثَّانِي: الْمُشَاهَدَاتُ الْبَاطِنِيَّةُ وَهَذِهِ الْمُشَاهَدَاتُ غَيْرُ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْعَقْلِ كَجَوْعِ الْإِنْسَانِ وَعَطَشِهِ وَأَلَمِهِ فَإِنَّ الْبَهَائِمَ تُدْرِكُهَا أَيْضًا. الثَّالِثُ: الْمُجَرَّبَاتُ كَكَوْنِ الْخَمْرِ مُسْكِرًا وَالْمُسَهِّلَاتُ مُسَهِّلَةٌ. الرَّابِعُ: الْمُتَوَاتِرَاتُ كَعِلْمِ مَنْ لَمْ يَرَ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ وَبَغْدَادَ بِوُجُودِ تَيْنِكَ الْمَدِينَتَيْنِ. الْخَامِسُ: الْحَدْسِيَّاتُ كَقَضِيَّةِ أَنَّ نُورَ الْقَمَرِ مُسْتَفَادٌ مِنْ نُورِ الشَّمْسِ. السَّادِسُ: الْمَحْسُوسَاتُ وَهُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِالْحِسِّ الظَّاهِرِ وَالْمُشَاهَدَةِ كَكَوْنِ النَّارِ حَارَّةً وَالشَّمْسِ مُضِيئَةً. وَهَذِهِ هِيَ الْيَقِينَاتُ الَّتِي يَتَأَلَّفُ الْبُرْهَانُ مِنْهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِ التَّوَاتُرِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا أَيْ فِي الْمَادَّةِ (1698) وَإِذَا أُقِيمَتْ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَتْ يَجِبُ تَكْذِيبُ الشَّيْءِ الثَّابِتِ ضَرُورَةً وَلَا يَدْخُلُ الشَّكُّ فِي الضَّرُورِيَّاتِ وَلَا يُحْتَمَلُ الزَّوَالُ فِيهَا فَلَا تُقَامُ بَيِّنَةٌ عَلَى وَفَاةِ شَخْصٍ مَعْلُومٍ وُجُودُهُ فِي الْحَيَاةِ. كَذَلِكَ أَنَّ وُجُودَ بَغْدَادَ مَعْلُومٌ تَوَاتُرًا لِمَنْ لَمْ يَرَهَا فَلَوْ ظَهَرَ أَحَدٌ وَأَرَادَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِمَدِينَةِ بَغْدَادَ فَكَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَوَاتُرًا بَلْ هُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1698) وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيِّنَةَ التَّوَاتُرِ تُرَجَّحُ فِي كُلِّ حَالٍ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُ

(المادة 1734) كما لا يشترط لفظ الشهادة في التواتر كذلك لا تتحرى العدالة

الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةَ تَوَاتُرٍ فَيُوَفَّقُ عَلَى الْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْوَاقِعَةَ فِي مَحَلٍّ هِيَ مِنْ أَرَاضِي الْوَقْفِ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنَّهَا مِنْ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّعَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْجِهَةِ تَكُونُ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ فِي جَانِبِهَا، ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تُوجَدُ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضِي وَقْفٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي، وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الشُّهْرَةُ الشَّائِعَةُ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ أَرَاضٍ أَمِيرِيَّةٌ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ شُهْرَةٌ شَائِعَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الْأَرَاضِي هُوَ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْيَدِ فِي طَرَفِ بَيْتِ الْمَالِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) . سُؤَالٌ - إنَّ التَّوَاتُرَ يَحْصُلُ بِالْآحَادِ فَيُحْتَمَلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآحَادِ الْكَذِبُ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ خَبَرُهُمْ مُفِيدًا عِلْمَ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ هُوَ نَفْسُ الْآحَادِ وَجَوَازُ كَذِبِ الْآحَادِ يُوجِبُ جَوَازَ كَذِبِ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّ خَبَرَ كُلِّ وَاحِدٍ مُحْتَمَلُ الْكَذِبِ وَبِضَمِّ الْمُحْتَمَلِ إلَى الْمُحْتَمَلِ يَزْدَادُ الِاحْتِمَالُ؟ الْجَوَابُ - إنَّ حُكْمَ الْمَجْمُوعِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآحَادِ، إذْ يَحْصُلُ مِنْ الْجَمْعِ أَمْرٌ لَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَاحِدِ كَالْجُنُودِ إذْ أَنَّ فِرْقَةً عَسْكَرِيَّةً تَسْتَطِيعُ افْتِتَاحَ مَدِينَةٍ، أَمَّا أُولَئِكَ الْجُنُودُ فَإِذَا كَانُوا اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَتْحَهَا كَمَا أَنَّ عَشَرَةً مِنْ الْعُمَّالِ يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ حُمُولَةٍ وَزْنُهَا مِائَةُ أُقَّةٍ، أَمَّا اثْنَانِ مِنْهُمْ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ حَمْلَ ذَلِكَ، وَمَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ سَحْبُ السَّفِينَةِ بِحِبَالٍ فَلَا يُمْكِنُ سَحْبُ أَصْغَرِ زَوْرَقٍ بِالْخِيطَانِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ مِنْهَا الْحِبَالُ (شَرْحُ الْمَنَارِ وَالتَّلْوِيحُ بِزِيَادَةٍ) . [ (الْمَادَّةُ 1734) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ] الْمَادَّةُ (1734) - (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي التَّوَاتُرِ كَذَلِكَ لَا تُتَحَرَّى الْعَدَالَةُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا حَاجَةَ إلَى تَزْكِيَةِ الْمُخْبِرِينَ) . فَلِذَلِكَ إذَا طَعَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْمُخْبِرِينَ بِالْفِسْقِ وَعَدَمِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ طَعْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُونَ مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ حَتَّى لَوْ أَنَّ جَمْعًا غَيْرَ مَحْصُورٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَخْبَرُوا عَنْ وَفَاةِ مَلِيكِهِمْ فَيَحْصُلُ لَنَا عِلْمُ يَقِينٍ بِذَلِكَ (التَّلْوِيحُ) سَوَاءٌ أَكَانَ أُولَئِكَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا أَمْ فُسَّاقًا. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ عُدُولًا فَيَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ بِعَدَدٍ قَلِيلٍ مِنْهُمْ أَمَّا إذَا كَانُوا فُسَّاقًا فَيَجِبُ عَدَدٌ كَثِيرٌ لِحُصُولِ الْعِلْمِ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1735) لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا] الْمَادَّةُ (1735) - (لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا جَمًّا غَفِيرًا لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) .

لَيْسَ فِي التَّوَاتُرِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لِلْمُخْبِرِينَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ - يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ وَلَمْ يُحَدِّدْ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَدَدُ الْمُخْبِرِينَ كَذَا أَوْ أَزْيَدَ مِنْ كَذَا تَكُونُ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ تَوَاتُرٍ وَإِذَا كَانَتْ أَنْقَصَ مِنْ ذَلِكَ كَانَتْ بَيِّنَةً عَادِيَةً؛ لِأَنَّهُ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ ثِقَات وَعُدُولًا يَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ بِإِخْبَارِ عَشَرَةِ رِجَالٍ (شَرْحُ الْمَنَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُونَ غَيْرَ عُدُولٍ فَيَجِبُ عَدَدٌ كَثِيرٌ لِحُصُولِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لِلْمُخْبِرِينَ هُوَ أَرْبَعَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ سَبْعُونَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ هِيَ بِلَا دَلِيلٍ فَلِذَلِكَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَيْهَا الْمَجَلَّةُ (التَّلْوِيحُ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَرَمَضَان أَفَنْدِي فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ) وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا قَالَ الْقَاضِي حِينَ اسْتِمَاعِ عَشَرَةِ شُهُودٍ فِي مَقَامِ التَّوَاتُرِ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ عِلْمُ الْيَقِينِ يَصِحُّ حُكْمُهُ إلَّا أَنَّ دَائِرَةَ الْفَتْوَى لِلْمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ قَدْ اتَّخَذَتْ قَرَارًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إخْبَارُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلًا تَوَاتُرًا نَظَرًا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَكَوْنِ قَوْلِ كُلِّ قَاضٍ لَا يُقْبَلُ. إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ. الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ جَمًّا غَفِيرًا لَا يُجَوِّزُ عَقْلُ الْقَاضِي اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ سَهْوًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَمْدًا (شَرْحُ الْمَنَارِ) . وَيَلْزَمُ دَوَامُ الْكَثْرَةِ فِي الشُّهُودِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ كَأَوَّلِهِ وَأَوَّلُهُ كَآخِرِهِ وَأَوْسَطُهُ كَطَرَفَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ غَيْرُ مَحْصُورٍ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَتَّفِقَ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ عَلَى الْكَذِبِ فَلَا يَكُونُ إخْبَارُهُمْ تَوَاتُرًا (التَّلْوِيحُ) . وَيُدْعَى إخْبَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ أَحْيَانًا إخْبَارَ الْكُلِّ وَإِخْبَارَ الْعَامَّةِ وَإِخْبَارَ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ وَأَحْيَانَا الْخَبَرَ الْمُسْتَفِيضَ وَالْأَمْرَ الْمَشْهُورَ وَالْأَمْرَ الْمَكْشُوفَ وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُونَ جَمًّا غَفِيرًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَلْدَةُ الْمُخْبِرِينَ مُخْتَلِفَةً وَمَحَلَّاتُهُمْ مُخْتَلِفَةً وَبُيُوتُهُمْ بَعِيدَةً عَنْ بَعْضِهِمْ الْبَعْضُ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَوَاتُرُ أَهَالِي مَدِينَةٍ أَوْ أَهَالِي قَرْيَةٍ (الْبَهْجَةُ) . الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْحِسِّ سَوَاءٌ حِسُّ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ (كَشْفُ الْأَسْرَارِ) . فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ جَمٌّ غَفِيرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ عَقْلِيَّةٍ كَمَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْعِلْمَ إذْ أَنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالِاسْتِدْلَالِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1698) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُخْبَرُ بِهِ مُمْكِنًا فَلِذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ الْمُخْبِرُونَ بِأَمْرٍ مُسْتَحِيلٍ عَقْلًا فَلَا يَحْصُلُ عِلْمُ الْيَقِينِ مُطْلَقًا (التَّلْوِيحُ) .

خلاصة الباب الأول في الشهادة

[خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الشَّهَادَةِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ تَعْرِيفُ الشَّهَادَةِ: - الشَّهَادَةُ هِيَ الْإِخْبَارُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ يَعْنِي بِقَوْلِ: أَشْهَدُ بِإِثْبَاتِ حَقِّ الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَمُوَاجَهَةِ الْخَصْمَيْنِ. تَقْسِيمُهَا - إمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ سَبْقُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ، وَمُطَابَقَةُ الشَّهَادَةِ لِلدَّعْوَى، وَهَذِهِ الْمُطَابَقَةُ تَكُونُ مَقْبُولَةً إذَا تَطَابَقَتْ لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ تَطَابَقَتْ مَعْنًى وَلَمْ تَتَطَابَقْ لَفْظًا، أَمَّا إذَا لَمْ تَتَطَابَقْ لَفْظًا وَمَعْنًى فَلَا تَكُونُ مَقْبُولَةً. أَوْ تَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اللَّهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِيهَا. وَشُرُوطُ الشَّهَادَةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: 1 - شَرْطُ الْأَدَاءِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: (1) يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ الْبُلُوغُ، الْحُرِّيَّةُ، الْبَصَرُ، النُّطْقُ، الْعَدَالَةُ، تَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، الذُّكُورَةُ وَالْأَصَالَةُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، تَعَذُّرُ حُضُورِ الْأَصْلِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، أَلَّا يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا بِالْقَذْفِ، وَأَلَّا يَكُونَ خَصْمًا وَأَلَّا يَكُونَ لِلشَّاهِدِ جَرُّ مَغْنَمٍ وَدَفْعُ مَغْرَمٍ، وَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ وَقْتَ الشَّهَادَةِ عَالِمًا وَذَاكِرًا الْمَشْهُودَ بِهِ وَأَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ عُدُولًا (وَهَذَا شَرْطُ قَبُولٍ) . 2 - يَعُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ - (1) لَفْظُ الشَّهَادَةِ (2) الْعَدَدُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الْأُمُورِ غَيْرِ الْمُمْكِنِ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا (3) اتِّفَاقُ الشَّاهِدَيْنِ. 3 - يَرْجِعُ إلَى مَكَانِ الشَّهَادَةِ - وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَحَلِّ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1687) . 4 - يَرْجِعُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ. الشُّرُوطُ الْعُمُومِيَّةُ 1 - يُشْتَرَطُ تَطَابُقُ الشُّهُودِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَإِذَا اخْتَلَفُوا فَلَا تُقْبَلُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَكُونُ إمَّا فِي جِنْسِ الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْ فِي سَبَبِهِ حَيْثُ يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ إمَّا مِلْكًا أَوْ إقْرَارًا (وَلَهُ مُسْتَثْنًى) وَيَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ بَتَاتًا أَوْ إقْرَارًا أَوْ يَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا (فَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ وَالْقَوْلُ مُتَّحِدًا فَمَقْبُولٌ) . وَيَكُونُ الْمَشْهُودُ بِهِ لِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إمَّا بِمِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَوْ غَيْرِ مُؤَرَّخٍ أَوْ بِمِلْكٍ مُقَيَّدٍ أَوْ غَيْرِ مُقَيَّدٍ. 2 - إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مُطَابِقًا لِلْمُدَّعَى بِهِ تَمَامًا فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ، وَإِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ فَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَالْمِلْكُ الْمُطْلَقُ أَكْثَرُ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ.

الشُّرُوطُ الْخُصُوصِيَّةُ 1 - يَجِبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَقَارِ بَيَانُ الْحُدُودِ وَلِذَلِكَ مُسْتَثْنًى. 2 - فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ يَجِبُ (أَوَّلًا) بَيَانُ الْجِهَةِ (ثَانِيًا) بَيَانُ الْوَاقِفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ قَدِيمًا. 3 - يَجِبُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِرْثِ: 1 - بَيَانُ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ وَأَنَّهُ وَارِثٌ. 2 - بَيَانُ الْوَسَائِطِ لِحِينِ الْتِقَاءِ الْمُدَّعِي بِالْمُتَوَفَّى فِي أَبٍ وَاحِدٍ. 3 - أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ أَنَّ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثًا عَدَا فُلَانًا وَفُلَانًا. 4 - أَنْ يُدْرِكَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ. الْمَشْهُودُ بِهِ الْمَشْهُودُ بِهِ. إمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ: 1 - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي مَطْلُوبَهُ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْحَالِ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ. 2 - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي مَطْلُوبَهُ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَاضِي فَهِيَ مَقْبُولَةٌ عَلَى قَوْلٍ. 3 - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي مَطْلُوبَهُ فِي الْمَاضِي وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحَالِ، فَلْيُحَرَّرْ. إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا وَلَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ، (1) - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْمَاضِي فَهُوَ مَقْبُولٌ (2) - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْمَاضِي وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَلَا يُقْبَلُ (3) - أَنْ يَدَّعِي الْمُدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَهِيَ مَقْبُولَةٌ. 2 - شَرْطُ التَّحَمُّلِ: (1) يَلْزَمُ فِي وَقْتِ التَّحَمُّلِ الْعَقْلُ وَالْبَصَرُ (2) يَجِبُ تَحَمُّلُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِإِجْرَاءِ الْمُعَايَنَةِ بِنَفْسِهِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمُعَايَنَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ بِمُعَايَنَةِ السَّبَبِ الْمَوْضُوعِ لِتِلْكَ الْمِلْكِيَّةِ، الْوَجْهُ الثَّانِي: بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ الَّتِي هِيَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَتَحِلُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَلْزَمُ شَرْطَانِ: (1) أَنْ يُطْلِقَ الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ بِدُونِ أَنْ يُفَسِّرَهَا بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ فَإِذَا فَسَّرَهَا لَا تُقْبَلُ (2) أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مُطْمَئِنًّا بِأَنَّ وَاضِعَ الْيَدِ مَالِكٌ أَوْ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ ثِقَةٍ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِوَاضِعِ الْيَدِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثِّقَةُ (1) عَدْلًا وَمَقْبُولَ الشَّهَادَةِ (2) أَلَّا يَكُونَ خَصْمًا أَوْ مُدَّعِيًا كَالْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ (3) أَنْ يَكُونَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ لَفْظ الشَّهَادَةِ.

إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ: إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ عَادِلُونَ أَوْ إنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَيَّ جَائِزَةٌ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ. 2 - فَإِذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ طَعَنَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُطْلَبُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (وَلِذَلِكَ مُسْتَثْنًى) فَإِذَا أَثْبَتَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (وَلِلتَّزْكِيَةِ شُرُوطٌ) . فَإِذَا اُتُّهِمَ الشُّهُودُ فَهَذِهِ التُّهْمَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ جِهَةِ الشَّاهِدِ كَالْفِسْقِ وَالْعَمَى، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ صِلَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ كَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَحْدُودًا فِي الْقَذْفِ، وَأَمَّا إذَا جُرِّحَ فَالْجَرْحُ إمَّا جَرْحٌ مُجَرَّدٌ كَالْجَرْحِ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ اللَّهِ وَحُقُوقَ الْعِبَادِ كَقَوْلِهِ: إنَّ الشُّهُودَ فَسَقَةٌ، وَحُكْمُهُ إذَا أَخْبَرَ الْمَشْهُودُ الْقَاضِي بِذَلِكَ سِرًّا وَأَثْبَتَهُ يَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَإِذَا أَخْبَرَهُ عَلَنًا وَأَثْبَتَهُ فَيُقْبَلُ عَلَى قَوْلٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ، حَيْثُ إنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ هُمْ فَسَقَةٌ لِإِظْهَارِهِمْ الْفَاحِشَةَ، وَعَلَى قَوْلٍ لَا يُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ وَلَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ فِسْقَ الْفَاسِقِ يَرْتَفِعُ بِالتَّوْبَةِ. 2 - الْجَرْحُ الْمُرَكَّبُ هُوَ الْجَرْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حُقُوقَ اللَّهِ أَوْ حُقُوقَ الْعِبَادِ كَقَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ: إنَّهُمَا قَدْ سَرَقَا نُقُودِي، وَحُكْمُهُ إذَا أَثْبَتَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَفِي الْجَرْحِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ يَلْزَمُ الشُّهُودَ الْيَمِينُ، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الشُّهُودَ الْيَمِينُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1727) . رُجُوعُ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ: وَالِاعْتِبَارُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ هُوَ عَلَى الْبَاقِي عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ عَلَى الرَّاجِعِ عَنْ الشَّهَادَةِ، وَرُكْنُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَوْلُ الشَّاهِدِ: رَجَعْتُ عَنْ شَهَادَتِي، شَهِدْتُ زُورًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَا يُعَدُّ إنْكَارُ الشَّهَادَةِ رُجُوعًا عَنْهَا. شَرْطُهُ - أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي (وَلَهُ مُسْتَثْنًى) تَقْسِيمُهُ، أَمَّا قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: 1 - يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ وَالنَّدَامَةِ؛ فَلَا يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيهِ. 2 - يَكُونُ رُجُوعًا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ فَيَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيهِ. 3 - أَلَا يُعْرَفُ الرُّجُوعُ هَلْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ أَوْ عَلَى غَيْرِ هَذَا السَّبِيلِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ التَّعْزِيرِ، أَمَّا بَعْدَ الْقَضَاءِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الْكُلِّ أَوْ بَعْضِ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بَلْ يُضْمَنُ الْمَحْكُومُ بِهِ لِلشُّهُودِ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِهِ لِلشُّهُودِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: 1 - أَنْ يَكُونَ التَّلَفُ حَاصِلًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَيْهِ أَمْرٌ آخَرُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ. 2 - أَنْ يَكُونَ الْمُتْلَفُ مَالًا فَإِذَا كَانَ مَنْفَعَةً كَالنِّكَاحِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَالْإِيصَاءِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ. 3 - أَنْ تَكُونَ إزَالَةُ الْمِلْكِ حَاصِلَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِذَا كَانَ بِعِوَضٍ كَمَسَائِلِ الرَّهْنِ وَالشُّفْعَةِ فَلَا يَكُونُ مُوجَبًا لِلضَّمَانِ.

الباب الثاني في بيان الحجج الخطية والقرينة القاطعة وينقسم إلى فصلين

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْحُجَجِ الْخَطِّيَّةِ وَالْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحُجَجِ الْخَطِّيَّةِ] ِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْحُجَجِ الْخَطِّيَّةِ قَدْ بُيِّنَ شَرْحًا فِي أَوَّلِ الْمَادَّةِ (1606) فِي حَقِّ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ بَعْضُ إيضَاحَاتٍ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا. الْمَادَّةُ (1736) لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَاتَمِ فَقَطْ فِي إثْبَاتِ الْحُجَجِ الْمَادَّةُ (1736) (لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَاتَمِ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ سَالِمًا مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَيَكُونُ مَعْمُولًا بِهِ أَيْ يَكُونُ مَدَارًا لِلْحُكْمِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلْإِثْبَاتِ بِوَجْهٍ آخَرَ) لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَاتَمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ الْوَاحِدَ يُشْبِهُ الْخَطَّ الْآخَرَ وَالْخَاتَمَ يُشْبِهُ الْخَاتَمَ الْآخَرَ فَيَكُونُ فِيهِ شَائِبَةُ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ. وَتَحْتَوِي هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ خَطَّ الْوَاحِدِ يُشْبِهُ خَطَّ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ خَطُّ زَيْدٍ مُشَابِهًا لِخَطِّ عَمْرٍو تَمَامًا وَعُمِلَ بِذَلِكَ الْخَطِّ فَيَكُونُ قَدْ اُتُّخِذَ ذَلِكَ الْخَطُّ حُجَّةً وَدَلِيلًا ضِدَّ عَمْرٍو وَلِأَنَّهُ كَمَا يُكْتَبُ الْخَطَّ لِيَكُونَ حُجَّةً وَدَلِيلًا فَإِنَّهُ يُكْتَبُ أَيْضًا لِتَحْسِينِ الْخَطِّ وَلِتَجْرِبَةِ الْعِلْمِ. الْحُكْمُ الثَّانِي: لَا يُحْكَمُ بِالْخَاتَمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْخَاتَمَ الْآخَرَ. مِنْ الْمُمْكِنِ حَفْرُ خَاتَمٍ مُطَابِقٍ لِخَاتَمٍ. مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ يَقَعَ فِي يَدِ آخَرَ خَاتَمُ شَخْصٍ وَأَنْ يَخْتِمَ بِهِ سَنَدًا ضِدَّ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا سِيَّمَا إذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُ الْخَاتَمِ فَتَزِيدُ الشُّبْهَةُ فِي السَّنَدِ الْمَخْتُومِ بِخَاتَمِ الْمُتَوَفَّى. أَنَّ النَّقَّاشَ الَّذِي يَحْفِرُ الْخَاتَمَ لِأَحَدٍ يَسْتَطِيعُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْخَاتَمِ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى السَّنَدِ الَّذِي رَتَّبَهُ فَلِذَلِكَ لَا يُعْمَلُ بِالْخَاتَمِ فَقَطْ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْخَاتَمَ الْمَوْجُودَ فِي هَذَا السَّنَدِ هُوَ خَاتَمِي إلَّا أَنَّنِي لَمْ أَخْتِمْهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَوْ أَقَرَّ بِالْخَاتَمِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّ الْخَاتَمَ

(المادة 1737) البراءات السلطانية وقيود الدفاتر الخاقانية

خَتْمِي وَأَنَا الَّذِي خَتَمْتُ السَّنَدَ بِهِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُعْمَلُ بِالسَّنَدِ. الْحُكْمُ الثَّالِثُ: لَا يُعْمَلُ أَيْضًا بِالْخَطِّ وَالْخَاتَمِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ يُوجَدُ شُبْهَةُ تَزْوِيرٍ فِي الْآحَادِ فَتُوجَدُ هَذِهِ الشُّبْهَةُ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا. فَقَطْ - أَيْ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَضْمُونُهُ بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ بِشَهَادَةٍ عَادِلَةٍ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ 1 - لَا يُعْمَلُ بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فَقَطْ أَمَّا إذَا ثَبَتَ مَضْمُونُ كِتَابِ الْقَاضِي بِشُهُودِ الطَّرِيقِ فَحِينَئِذٍ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ بَابِ الْقَضَاءِ. 2 - لَا يُعْمَلُ بِمُجَرَّدِ الْوَقْفِيَّةِ فَقَطْ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَضْمُونُ الْوَقْفِيَّةِ بِالشُّهُودِ الْمُعْتَبَرَةِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1739) . تَقْسِيمُ الْخَطِّ وَالْخَاتَمِ - وَيُقَسَّمُ الْخَطُّ وَالْخَاتَمُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْخَطُّ وَالْخَاتَمُ قَدْ أُعْطِيَ مِنْ صَاحِبِ الْخَطِّ وَالْخَاتَمِ عَلَى أَنْ يُسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ سَنَدٌ وَحُجَّةٌ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - السَّنَدُ الَّذِي يُعْطِيهِ إنْسَانٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ لِفُلَانٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1609) . ثَانِيًا - الْقَيْدُ الْمُحَرَّرُ بِخَطِّ يَدِهِ فِي دَفْتَرِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8 16) . ثَالِثًا - أَنْ يُوجَدَ كِيسٌ فِي صُنْدُوقِهِ مَمْلُوءٌ بِنُقُودٍ وَمُحَرَّرٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَالُ فُلَانٍ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1612) . الْقِسْمُ الثَّانِي: الْخَطُّ وَالْخَاتَمُ الَّذِي حَرَّرَهُ لِيَكُونَ حُجَّةً لِشَخْصٍ ثَانٍ وَضِدَّ شَخْصٍ ثَالِثٍ كَالْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ وَقُيُودِ الطَّابُو (دَفْتَر خَاقَانِي) . أَمَّا إذَا كَانَ قِسْمَا الْخَطِّ وَالْخَاتَمِ سَالِمَيْنِ مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَيَكُونُ مَعْمُولًا بِهِ أَيْ مَدَارًا لِلْحُكْمِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلْإِثْبَاتِ بِوَجْهٍ آخَرَ كَمَا بُيِّنَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - يُعْمَلُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1737) بِالْبَرَاءَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَبِقُيُودِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ. ثَانِيًا - يُعْمَلُ بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1738) . [ (الْمَادَّةُ 1737) الْبَرَاءَاتُ السُّلْطَانِيَّةُ وَقُيُودُ الدَّفَاتِرِ الخاقانية] الْمَادَّةُ (1737) - (الْبَرَاءَاتُ السُّلْطَانِيَّةُ وَقُيُودُ الدَّفَاتِرِ الخاقانية لِكَوْنِهَا أَمِينَةً مِنْ التَّزْوِيرِ مَعْمُولًا بِهَا) - أَيْ أَمِينَةً وَسَالِمَةً مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ. إنَّ الْبَرَاءَاتِ السُّلْطَانِيَّةَ أَمِينَةٌ مِنْ التَّزْوِيرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْبَرَاءَاتِ إنَّمَا تُعْطَى بَعْدَ صُدُورِ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ الْمُلُوكِيَّةِ ثُمَّ تُسَجَّلُ الْإِرَادَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَلَمِ الدِّيوَانِ الهمايوني وَهَذَا السِّجِلُّ يُحْفَظُ فِي أَمْكِنَةٍ حَرِيزَةٍ كَمَا أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عُقُوبَاتٌ شَدِيدَةٌ عَلَى مَنْ يَرْتَكِبُ جَرِيمَةَ التَّزْوِيرِ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ وُجِدَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ مُقَيَّدٌ وَمَحْفُوظٌ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ فَيُعْمَلُ بِهِ وَلَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهِ.

كَذَلِكَ قُيُودُ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ أَمِينَةٌ مِنْ التَّزْوِيرِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ قُيُودِهِ هِيَ الدَّفَاتِرُ الَّتِي جَرَى قَيْدُهَا وَتَحْرِيرُهَا بِكَمَالِ الِاعْتِنَاءِ وَالتَّحْقِيقِ بِصُورَةٍ سَالِمَةٍ مِنْ الشُّبْهَةِ فِي زَمَنِ السَّلَاطِينِ الْمَاضِيَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَنِ السُّلْطَانِ سُلَيْمَانَ وَالسُّلْطَانِ مُرَادِ الثَّالِثِ. مِنْ طَرَفِ أَصْحَابِ الْكَمَالِ وَأَرْبَابِ الْفِعْلِ وَالِاسْتِقَامَةِ الَّذِينَ جَرَى انْتِخَابُهُمْ لِيُحَرِّرُوا فِيهَا الْقُرَى وَالْمَزَارِعَ وَالْمَرَاعِيَ وَالْمَشْتَى وَالْأَرَاضِيَ السَّائِرَةَ مَعَ بَيَانِ جِهَاتِ ارْتِبَاطِهَا وَالْبَالِغُ عَدَدُهَا تِسْعَمِائَةٍ وَسَبْعِينَ دَفْتَرًا - وَهَذِهِ الدَّفَاتِرُ هِيَ مَحْفُوظَةٌ الْآنَ فِي مَخْزَنٍ مَأْمُونٍ فِي دَائِرَةِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ لَهُ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ حَدِيدِيَّةٍ مَتِينَةٍ فَإِذَا أُرِيدَ تَبْدِيلُ ارْتِبَاطِ قِطْعَةِ أَرْضٍ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّفَاتِرِ الْمَذْكُورَةِ الْقَدِيم لِمَسَاغٍ شَرْعِيٍّ فَبَعْدَ اسْتِحْصَالِ الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ بِذَلِكَ وَبَعْدَ وُرُودِ الْفَرَمَانِ السُّلْطَانِيِّ مِنْ قَلَمِ الدِّيوَانِ الهمايوني يُسَجِّلُ الْمَأْمُورُ الْمُوَظَّفُ لِذَلِكَ الْأَمْرِ خُلَاصَةَ الْفَرَمَانِ السُّلْطَانِيِّ فِي حُضُورِ أَمِينِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ عَلَى الْقَيْدِ الْمَوْجُودِ فِي الدَّفْتَرِ بِخَطِّ يَدِهِ وَيَضَعُ إمْضَاءَهُ بِذَيْلِهِ ثُمَّ يُعِيدُ الدَّفْتَرَ الْمَذْكُورَ إلَى الْمَخْزَنِ كَمَا أَنَّ الْفَرَمَانَ السُّلْطَانِيَّ يُحَفَّظُ بِمَعْرِفَةِ مُوَظَّفٍ مَخْصُوصٍ. إنَّ هَذِهِ الْأُصُولَ التَّوْثِيقِيَّةَ الَّتِي وُضِعَتْ فِي الزَّمَانِ الْقَدِيمِ قَدْ بَقِيَ الْعَمَلُ بِهَا إلَى الْوَقْتِ الْحَاضِرِ بِدُونِ إخْلَالٍ، وَحُوفِظَ عَلَيْهَا بِكَمَالِ الِاعْتِنَاءِ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَطْرَأْ عَلَى الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ أَيُّ خَلَلٍ أَوْ فَسَادٍ بَلْ بَقِيَتْ بَرِيئَةً مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ. وَقَدْ بَيَّنَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِهَذِهِ الْقُيُودِ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا أَنَّهُ قَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ الْآخَرُونَ بِذَلِكَ؛ فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَ فِي دَفَاتِرِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ أَنَّ الْمَحَلَّ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ بِدُونِ حَاجَةٍ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهِ (التَّنْقِيحُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْمُقَيَّدَةَ فِي هَذِهِ الدَّفَاتِرِ هِيَ الْأَرَاضِي الْعَائِدَةُ لِلْعُمُومِ وَلِلْمُؤَسَّسَاتِ الْخَيْرِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ مُقَيَّدًا بِهَا الْأَرَاضِي الَّتِي فِي عُهْدَةِ أَشْخَاصٍ بِمُوجَبِ سَنَدَاتٍ خاقانية. إنَّ قَيْدَ الْأَرَاضِي الَّتِي فِي عُهْدَةِ أَشْخَاصٍ أَوْ الْأَمْلَاكِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُمْ كَالدَّارِ وَالدُّكَّانِ وَالْعَرَصَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ فِي تَصَرُّفِ أَشْخَاصٍ بِالْإِجَارَتَيْنِ مَوْجُودَةٌ فِي دَائِرَةِ السَّنَدَاتِ. إنَّ الْأُصُولَ الْمُتَّبَعَةَ فِي تَبْدِيلِ هَذِهِ الْقُيُودِ وَفِي نَقْلِهَا مِنْ اسْمٍ لِآخَرَ لَيْسَتْ بِحَيْثُ تَكُونُ سَالِمَةً مِنْ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ، كَمَا أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبِلَادِ الْعُثْمَانِيَّةِ الْأُخْرَى هِيَ بَعِيدَةٌ جِدًّا عَنْ أَنْ تَكُونَ مُعْتَمَدَةً وَمَأْمُونَةً حَتَّى أَنَّنِي شَاهَدْتُ فِي بَعْضِ أَوْرَاقِ الدَّعَاوَى فِي السَّنَدَاتِ الْمَخْصُوصَةِ لِلْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ فِي خَانَةِ جِهَةِ إعْطَاءِ السَّنَدِ أَنَّهُ حَقُّ الْقَرَارِ، كَمَا أَنَّهُ شُوهِدَ فِي إحْدَى صَحَائِفِ الدَّفْتَرِ الْمَخْصُوصِ أَنَّ الدَّارَ الْمُقَيَّدَةَ بِاسْمِ زَيْدٍ قَدْ قُيِّدَتْ فِي صَحِيفَةٍ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ عَلَى اسْمِ عَمْرٍو بِدُونِ أَنْ يُبَيِّنَ كَيْفِيَّةَ انْتِقَالِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَيْدٍ إلَى عَمْرٍو، وَمَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقُيُودِ وَالدَّفْتَرِ خَاقَانِي فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الدَّفَاتِرُ الْمُخَصَّصَةُ الْمَارُّ ذِكْرُهَا وَالْمُعْتَنَى بِهَا إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْقُضَاةِ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ فَقَدْ حَكَمُوا بِجَمِيعِ السَّنَدَاتِ الَّتِي تُنَظَّمُ فِي دَائِرَةِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا تَدْقِيقٍ وَسَبَّبُوا بِذَلِكَ إضَاعَةَ حُقُوقِ الْعِبَادِ.

(المادة 1738) يعمل بسجلات المحاكم إذا كانت قد ضبطت سالمة من الحيلة والفساد

إنَّ بَعْضَ الْقَوَانِينَ الَّتِي نُشِرَتْ أَخِيرًا قَدْ صُرِّحَ فِيهَا بِالْعَمَلِ بِالْقُيُودِ الخاقانية بِصُورَةٍ عُمُومِيَّةٍ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُبَرِّرُ الْعَمَلَ بِمَضْمُونِ تِلْكَ الْقُيُودِ بِلَا بَيِّنَةٍ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقُيُودُ حَائِزَةً لِمَزِيَّةٍ تُبْعِدُهَا عَنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَحِينَئِذٍ يُعْمَلُ بِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ، فَعَلَيْهِ إذَا عُمِلَ بِتِلْكَ الْقُيُودِ وَحُكِمَ بِهَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ دَاعِيًا لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَزْرَعَةَ الْأَمِيرِيَّةَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّكَ قَدْ أَفْرَغْتَ لِي هَذِهِ الْأَرْضَ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَهِيَ لِي فَلَا يُعْمَلُ بِالسَّنَدِ الْمُجَرَّدِ الْمُعْطَى لِلْمُدَّعِي الْمُؤَيِّدِ لِإِفَادَتِهِ هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ حَسَبُ الْمَادَّةِ (1836) لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ فَقَطْ كَمَا أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ وَالسَّنَدَ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَعَلَى هَذَا الْحَالِ يَجِبُ إثْبَاتُ وُقُوعِ الْفَرَاغِ بِالصُّوَرِ الْأُخْرَى، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ ضِمْنَ أَوْرَاقِ الْفَرَاغِ تَوْقِيعٌ أَوْ خَتْمٌ يَتَضَمَّنُ فَرَاغَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي وَكَانَ الْفَارِغُ مُقِرًّا بِذَلِكَ فَيَثْبُتُ الْفَرَاغُ تَوْفِيقًا لِأَحْكَامِ الْمَوَادِّ (1606 و 1609 و 1610) كَمَا أَنَّهُ يَثْبُتُ الْفَرَاغُ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْمُعْتَبَرَةِ وَإِلَّا يَحْلِفُ الْخَصْمُ الْيَمِينَ بِالطَّلَبِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ التَّصَرُّفَ فِي مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَأَبْرَزَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَدًا خاقانيا (سند طابو) كَمَا يَقَعُ فِي الْأَكْثَرِ فَلَا يُحْكَمُ بِمُجَرَّدِ تِلْكَ السَّنَدَاتِ لِأَحَدِهِمَا مُسْتَقِلًّا أَوْ لَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ بَلْ يُعْتَبَرُ الْخَارِجُ مُدَّعِيًا وَذُو الْيَدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَيَطْلُبُ بَيِّنَةً مِنْ الْمُدَّعِي تَوْفِيقًا لِكِتَابِ الْبَيِّنَاتِ وَكِتَابِ الْقَضَاءِ فَإِذَا أَثْبَتَ فِيهَا وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ فَتُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ وَاضِعِ الْيَدِ، وَلَا يُقَالُ فِي الْحُكْمِ: إنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ حَكَمْتُ بِهَا لَهُ، مَثَلًا إذَا كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي أَرْضٍ بِالِاشْتِرَاكِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا التَّصَرُّفَ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ التَّصَرُّفَ بِالِاشْتِرَاكِ وَأَبْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا (سند طَابُو) فَلَا يُحْكَمُ بِمُوجَبِ السَّنَدَيْنِ بَلْ يُعْمَلُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1756) . كَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ خَارِجَانِ فِي أَرْضٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفَ مُسْتَقِلًّا وَأَبْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَنَدًا خاقانيا مُؤَيِّدًا لِادِّعَائِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِمُوجَبِ ذَيْنِكَ السَّنَدَيْنِ بَلْ يُعْمَلُ تَوْفِيقًا لِلتَّفْصِيلَاتِ الْمُبَيَّنَةِ شَرْحًا قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (1657) . [ (الْمَادَّةُ 1738) يُعْمَلُ بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ إذَا كَانَتْ قَدْ ضُبِطَتْ سَالِمَةً مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ] الْمَادَّةُ (1738) - (يُعْمَلُ أَيْضًا بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ إذَا كَانَتْ قَدْ ضُبِطَتْ سَالِمَةً مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُذْكَرُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ) . يُعْمَلُ أَيْضًا بِسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ الْمَمْسُوكَةِ بِصُورَةٍ سَالِمَةٍ مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَيْ مِنْ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1814) مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ سِجِلَّاتُ الْمَحَاكِمِ بَرِيئَةً مِنْ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَيُطْلَبُ شُهُودٌ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهَا وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ عَلَى مَضْمُونِ الْإِعْلَامِ هَكَذَا: نَحْنُ حَضَرْنَا مُرَافَعَةَ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ وَحُكْمَهُ وَقَدْ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْفُلَانِيِّ (النَّتِيجَةُ) ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَضْمُونِ تِلْكَ الْإِعْلَامَاتِ أَنْ يَذْكُرَ أَسْمَاءَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِعْلَامِ (الْبَهْجَةُ) . وَقَدْ نُشِرَ بِتَارِيخِ 4 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ 1296 تَعْلِيمَاتٌ بِتَنْظِيمِ السَّنَدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي

(المادة 1739) لا يعمل بالوقفية فقط

يُعْمَلُ وَيُحْكَمُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ، حَاوِيَةً 25 مَادَّةً وَصَادِرَةً بِإِرَادَةٍ سَنِيَّةٍ. فَلِذَلِكَ فَالْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ الَّتِي أُعْطِيت بَعْدَ تَارِيخِ التَّعْلِيمَاتِ السَّنِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ، أَمَّا الْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ الَّتِي أُعْطِيت قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ بَلْ يَجِبُ طَلَبُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَضْمُونِهَا. [ (الْمَادَّةُ 1739) لَا يُعْمَلُ بِالْوَقْفِيَّةِ فَقَطْ] الْمَادَّةُ (1739) - (لَا يُعْمَلُ بِالْوَقْفِيَّةِ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً فِي سِجِلِّ الْمَحْكَمَةِ الْمَوْثُوقِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ فَيُعْمَلُ بِهَا) . لَا يُعْمَلُ بِالْوَقْفِيَّةِ فَقَطْ بِلَا ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ وَقْفِيَّةُ الْعَقَارِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ آخَرَ وَأَبْرَزَ لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ وَثِيقَةً حَاوِيَةً خُطُوطَ الْقُضَاةِ السَّابِقِينَ وَالشُّهُودِ الْعُدُولِ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِذَلِكَ بِوَقْفِيَّةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1736) بَلْ يَطْلُبُ شُهُودًا لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِ تِلْكَ الْوَقْفِيَّةِ، فَإِذَا ثَبَتَ مَضْمُونُ الْوَقْفِيَّةِ بِالْبَيِّنَةِ يُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ. أَمَّا الْوَقْفِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ فِي سِجِلِّ الْمَحْكَمَةِ الْمَوْثُوقِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهَا بَلْ يُعْمَلُ بِهَا فَقَطْ حَيْثُ إنَّ الْخَطَّ وَالْخَاتَمَ مَعْمُولٌ بِهِ إذَا كَانَ سَالِمًا مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ الْمَادَّةُ (1736) ، وَالْمُعْتَادُ أَلَّا يُزَوَّرَ سِجِلُّ الْقَاضِي. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1740) الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ أَيْضًا] الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ الْمَادَّةُ (1740) - (الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ أَيْضًا) أَسْبَابُ الْحُكْمِ سَبْعَةٌ: (1) الْقَرِينَةُ (2) الشَّهَادَةُ (3) الْإِقْرَارُ (4) الْيَمِينُ (5) النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ (6) الْقَسَامَةُ (7) عِلْمُ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ. الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ - قَدْ عُرِّفَتْ وَوُضِّحَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. الشَّهَادَةُ - قَدْ بُيِّنَتْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. الْإِقْرَارُ - قَدْ بُيِّنَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ كَمَا أَنَّهُ سَيُبَيَّنُ أَيْضًا فِي الْمَادَّةِ (1819) . الْيَمِينُ - سَيُفَصَّلُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ. النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينُ - قَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1742) كَمَا أَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ مَسَائِلُ الْيَمِينِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1819 و 1821) . الْقَسَامَةُ - هِيَ تَحْلِيفُ خَمْسِينَ شَخْصًا مِنْ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْأَسْبَابِ وَالشَّرَائِطِ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ.

مَثَلًا إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ وَأَنْكَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَتْلَ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَخْتَارَ خَمْسِينَ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَأَنْ يُحَلِّفَ كُلًّا مِنْهُمْ بِوَاسِطَةِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ الْقَتِيلَ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْقَاتِلَ فَإِذَا حَلَفُوا الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِالدِّيَةِ فَإِذَا نَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَدْ ادَّعَى عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَتْلًا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُحْكَمُ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ بِالدِّيَةِ بَلْ يُسْجَنُ إلَى أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ أَوْ أَنْ يُقِرَّ بِالْقَتْلِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ قَتْلًا مُوجِبًا لِلدِّيَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ. عِلْمُ الْقَاضِي: إنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِالشَّيْءِ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْقَضَاءِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الشَّهَادَةِ هُوَ مَعْرِفَةُ طَرِيقِ الْحَقِّ وَبِمَا أَنَّ الْقَاضِيَ أَمِينٌ فَإِنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ الشَّهَادَةِ (الْبُخَارِيُّ) ، مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ إنْسَانٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَاهَدَ الْقَاضِي ذَلِكَ فِي السُّوقِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ أَوْ أَثْنَاءَ تَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقْرِضُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَأَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ فَلِلْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقَرْضِ قَائِلًا: قَدْ شَاهَدْتُ الْقَرْضَ وَالِاسْتِقْرَاضَ فَلِذَلِكَ حَكَمْتُ عَلَيْكَ. إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ نَظَرًا لِفَسَادِ الزَّمَانِ لَا يَعُدُّونَ عِلْمَ الْقَاضِي طَرِيقًا لِلْقَضَاءِ وَمِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِعِلْمِهِ يُلْقِي نَفْسَهُ تَحْتَ التُّهْمَةِ وَيَدْعُو إلَى سُوءِ الظَّنِّ بِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوجِبَ أَحَدٌ سُوءَ ظَنِّ النَّاسِ فِيهِ (الْحَارِثِيُّ) . فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي فِي هَذَا الزَّمَنِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَبِمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ تَعُدَّ الْمَجَلَّةُ عِلْمَ الْقَاضِي مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، فَعَلَيْهِ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي فِي دَعْوَى بِنَاءً عَلَى عِلْمِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْحُكْمُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ بِزِيَادَةٍ) . وَالْمَقْصِدُ مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي هُوَ عِلْمُ الْقَاضِي الْوَاقِعُ فِي مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي أَثْنَاءَ فَصْلِهِ الدَّعْوَى إقْرَارَ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1817 و 1578) . الْمَادَّةُ (1741) - (الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْأَمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ مَثَلًا إذَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ دَارِ خَالِيَةٍ خَائِفًا مَدْهُوشًا وَفِي يَدِهِ سِكِّينٌ مُلَوَّثَةٌ بِالدَّمِ فَدُخِلَ فِي الدَّارِ وَرُئِيَ فِيهَا شَخْصٌ مَذْبُوحٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يُشْتَبَهُ فِي كَوْنِهِ قَاتِلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ الصِّرْفَةِ كَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ رُبَّمَا قَتَلَ نَفْسَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ 74) . الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْأَمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ الْقَرِينَةُ الْوَاضِحَةُ بِحَيْثُ

يُصْبِحُ الْأَمْرُ فِي حَيِّزِ الْمَقْطُوعِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْعَمَلُ بِالْقَرِينَةِ الْقَاطِعَةِ يَجْرِي فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: 1 - مِثَالٌ مِنْ الْعُقُوبَاتِ (1) لَوْ رُئِيَ شَخْصٌ حَامِلًا خِنْجَرًا مُلَوَّثًا بِالدِّمَاءِ وَخَارِجًا مِنْ دَارٍ خَالِيَةٍ وَهُوَ فِي حَالَةِ اضْطِرَابٍ وَدَخَلَ إلَى الدَّارِ فَوْرًا فَوُجِدَ رَجُلٌ مَذْبُوحٌ فَلَا يُشْتَبَهُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ هُوَ الْقَاتِلُ لِذَلِكَ الْمَذْبُوحِ فَإِذَا ثَبَتَ حَالُ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَمَا أَشَرْنَا بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَاتِلٌ عَمْدًا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَّا عَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ كَأَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْمَذْبُوحَ قَدْ ذَبَحَ نَفْسَهُ أَوْ أَنَّهُ ذَبَحَهُ شَخْصٌ آخَرَ وَهَدَمَ الْحَائِطَ وَكَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُخْتَفِيًا وَرَاءَ الْحَائِطِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74) . 2 - يَجُوزُ فِي حَالِ ظُهُورِ أَمَارَةٍ حَبْسُ الْمُتَّهَمِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْجَرَائِمِ الْأُخْرَى. 3 - إذَا قَتَلَ أَحَدٌ شَخْصًا دَخَلَ إلَى مَنْزِلِهِ فَقَالَ الْقَاتِلُ: إنَّ الْمَقْتُولَ رَجُلٌ فَاسِقٌ سَارِقٌ وَقَدْ دَخَلَ دَارِي بِقَصْدِ قَتْلِي، فَإِذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مَعْرُوفًا بِالْجَرَائِمِ وَالْفِسْقِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاتِلَ قِصَاصٌ وَلَكِنْ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ تُوجِبُ الشُّبْهَةَ فِي الْقِصَاصِ إلَّا أَنَّهَا لَا تُوجِبُهَا فِي الْمَالَ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . 2 - مِثَالٌ مِنْ الْإِقْرَارِ - لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ مَوْجُودٌ فِي غُرْفَةٍ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دِرْهَمًا وَسَمِعَ إقْرَارَهُ هَذَا الْأَشْخَاصُ الْمَوْجُودُونَ خَارِجَ الْغُرْفَةِ وَعَلَى بَابِهَا وَكَانَ لَا يُوجَدُ لِتِلْكَ الْغُرْفَةِ مَنْفَذٌ أَوْ مَسْلَكٌ وَلَا يُوجَدُ فِيهَا شَخْصٌ آخَرُ وَكَانَ الَّذِينَ سَمِعُوا هَذَا الْإِقْرَارَ لَا يَشْتَبِهُونَ فِي شَخْصِيَّةِ الْمُقِرِّ فَلِلْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى الْإِقْرَارِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1682) . 3 - أَمْثِلَةٌ مِنْ النِّكَاحِ. 1 - لِلشَّخْصِ الَّذِي يُسَلَّمُ بِنْتًا لَيْلَةَ زِفَافِهِ أَنْ يَجْتَمِعَ بِهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَنْكُوحَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ عَلَى ذَلِكَ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ تَسْلِيمَ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ هِيَ أَمَارَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ بِهَا حِلُّ الْمُلَاقَاةِ. 2 - لِلنَّاسِ الَّذِينَ يُشَاهِدُونَ مُعَاشَرَةَ رَجُلٍ مَعَ امْرَأَةٍ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ هِيَ زَوْجَةُ ذَاكَ الرَّجُلِ حَالَ كَوْنِهِمْ لَمْ يَحْضُرُوا عَقْدَ النِّكَاحِ وَلَمْ يُعَايِنُوهُ بِالذَّاتِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1688) . 4 - أَمْثِلَةٌ مِنْ الْبَيَانَاتِ. أَوَّلًا: مَسْأَلَةُ انْقِطَاعِ مَاءِ الطَّاحُونِ اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (1776) . ثَانِيًا: مَسْأَلَةُ قِدَمِ أَوْ حُدُوثِ مَسِيلِ الْمَاءِ الَّذِي يَسِيرُ إلَى دَارِ أَحَدٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1777) . ثَالِثًا - إذَا وُجِدَ عَلَى كَنَّاسٍ شَالٌ ذُو قِيمَةٍ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ بَيْتِ أَحَدٍ وَتَنَازَعَ صَاحِبُ الدَّارِ مَعَ الْكَنَّاسِ عَلَى ذَلِكَ الشَّالِ يَكُونُ الشَّالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ.

رَابِعًا - إذَا دَخَلَ التَّاجِرُ الَّذِي يَبِيعُ الْأَسْمَالَ الْبَالِيَةَ وَهُوَ حَامِلٌ بَعْضَ تِلْكَ الْأَمْوَالِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ اخْتَلَفَ مَعَ صَاحِبِ الدَّارِ عَلَى تِلْكَ الْأَمْوَالِ فَالْقَوْلُ لِلتَّاجِرِ الَّذِي يَشْتَغِلُ بِبَيْعِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ. خَامِسًا - إذَا وُجِدَ بَائِعُ دَقِيقٍ مَعَ رُبَّانٍ فِي قَارِبٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الدَّقِيقَ وَالْقَارِبَ مِلْكُهُ فَيُحْكَمُ بِالدَّقِيقِ لِتَاجِرِ الدَّقِيقِ وَيُحْكَمُ بِالْقَارِبِ لَلرُّبَّانِ. سَادِسًا - إذَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي مِلْكِيَّةِ حَائِطٍ فَيُحْكَمُ بِالْحَائِطِ لِمَنْ لَهُ اتِّصَالٌ تَرْبِيعِيٌّ فِيهِ أَوْ لِمَنْ جُذُوعُهُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سَبْقِ الْيَدِ (الدُّرَرُ) . سَابِعًا - يَحِقُّ لِمَنْ يُشَاهِدُ تَصَرُّفَ أَحَدٍ فِي مَالٍ تَصَرُّفَ مُلَّاكٍ أَنْ يَشْهَدَ لِذِي الْحَاجَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ هُوَ مِلْكٌ لِوَاضِعِ الْيَدِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1682) . ثَامِنًا - إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ فَيُحْكَمُ بِالْأَمْتِعَةِ الصَّالِحَةِ لِلنِّسَاءِ لِلزَّوْجَةِ وَبِالْأَمْتِعَةِ الصَّالِحَةِ لِلرِّجَالِ لِلزَّوْجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1771) . تَاسِعًا - يَحِقُّ لِمَنْ شَاهَدَ فِلْوًا يَتْبَعُ فَرَسَ شَخْصٍ وَهُوَ يَرْضَعُ مِنْ تِلْكَ الْفَرَسِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ ذَلِكَ الْفِلْوَ هُوَ مِلْكُ صَاحِبِ الْفَرَسِ نِتَاجًا الْحَمَوِيُّ. عَاشِرًا - يَحِقُّ لِمَنْ شَاهَدَ أَحَدًا أَقَرَّ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرٌ لِلْمَرَضِ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ حِينَ إقْرَارِهِ مَرِيضًا فِي فِرَاشِهِ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا أَثَرُ الْمَرَضِ عَلَيْهِ فَلِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُ كَانَ مَرِيضًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَإِذَا قَالَ الْمُقِرُّ: إنِّي فِي حَالِ صِحَّتِي فَإِذَا كَانَ حَالُهُ الظَّاهِرُ يَدُلُّ عَلَى حَالِ صِحَّتِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِصِحَّتِهِ وَإِلَّا فَيَذْكُرُونَ قَوْلَهُ أَنَّهُ كَانَ فِي حَالَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْحِكَايَةِ، وَعِنْدَمَا يَحْكِي الشُّهُودُ قَوْلَ الْمُقِرِّ يَسْأَلُ الْقَاضِي الشُّهُودَ: هَلْ كَانَ الْحَالُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مَرَضِهِ ظَاهِرًا فَإِذَا قَالَ الشُّهُودُ أَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا مَرَضُهُ فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمَرِيضِ بِأَنَّهُ كَانَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَيُعْمَلُ الْحَمَوِيُّ. 5 - مِثَالٌ مِنْ الدَّعْوَى: لَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَنْ يَرَى قَرِيبَهُ يَبِيعُ مَالًا مِنْ آخَرَ وَيَسْكُتُ وَمَنْ يَرَى بَيْعَ أَحَدٍ مِنْ الْأَجَانِبِ مَالًا وَيُشَاهِدُ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَيَسْكُتُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1659) . 6 - أَمْثِلَةٌ مِنْ الْهِبَةِ: أَوَّلًا - يَجُوزُ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنْ أَيْدِي الصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا أَحْضَرَ وَلَدٌ صَغِيرٌ هَدِيَّةً إلَى آخَرَ قَائِلًا: (إنَّ وَالِدِي أَرْسَلَ هَذِهِ إلَيْكَ) فَلِلْمُهْدَى إلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهَا وَيَأْخُذَهَا حَالَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الصَّبِيِّ خِلَافَ الْوَاقِعِ. ثَانِيًا - لِلضَّيْفِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي وُضِعَ أَمَامَهُ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ. ثَالِثًا - يَجُوزُ الْتِقَاطُ قُشُورِ الْبِطِّيخِ الْمُلْقَاةِ فِي الطُّرُقَاتِ وَشُرْبُ الْمَاءِ مِنْ الْحَبَابِ الْمُسْبَلَةِ.

خلاصة الباب الثاني لا يعمل بالخط والخاتم فقط

[خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ وَالْخَاتَمِ فَقَطْ] ْ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا شَائِبَةَ تَزْوِيرٍ، وَالْخَطُّ وَالْخَاتَمُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ - الْخَطُّ وَالْخَاتَمُ الَّذِي أَعْطَاهُ أَحَدٌ لِآخَرَ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِ. الثَّانِي - الْخَطُّ وَالْخَاتَمُ الَّذِي أَعْطَاهُ لِيَكُونَ حُجَّةً لِلشَّخْصِ الثَّانِي وَحُجَّةً عَلَى الشَّخْصِ الثَّالِثِ وَهِيَ الْحُجَجُ الشَّرْعِيَّةُ الْمُوَافِقَةُ لِلتَّعْلِيمَاتِ السُّنِّيَّةِ الْمُؤَرَّخَةِ فِي 4 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ 1296 وَسِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ السَّالِمَةِ مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ وَقُيُودِ الدَّفْتَرِ خَاقَانِي؛ لِأَنَّهَا مَعْمُولٌ بِهَا. أَسْبَابُ الْحُكْمِ سَبْعَةٌ: 1 - الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ وَهِيَ الْأَمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ. 2 - الشَّهَادَةُ، اُنْظُرْ خُلَاصَةَ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَكَذَا التَّوَاتُرُ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ. وَالتَّوَاتُرُ هُوَ خَبَرُ جَمَاعَةٍ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْحِسِّ لَا يُجَوِّزُ وَلَا يَتَوَهَّمُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يَثْبُتُ الْمُسْتَحِيلُ الْعَقْلِيُّ بِالتَّوَاتُرِ. وَالْخَبَرُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعًا بِصِدْقِهِ، كَالْخَبَرِ الصَّادِقِ وَالْمُتَوَاتِرِ وَالضَّرُورِيَّاتِ، أَوْ مَقْطُوعًا بِكَذِبِهِ وَهُوَ الْمَعْلُومُ خِلَافُهُ ضَرُورَةً أَوْ اسْتِدْلَالًا. وَالتَّوَاتُرُ يُفِيدُ عِلْمَ الْيَقِينِ فَلِذَلِكَ لَا يُقَامُ بَيِّنَةٌ ضِدَّهُ. 3 - و 4 و 5 - الْإِقْرَارُ وَالْيَمِينُ، (اُنْظُرْ خُلَاصَةَ الْبَابِ الثَّالِثِ) وَالنُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ. 6 - الْقَسَامَةُ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْلِيفِ خَمْسِينَ شَخْصًا مِنْ أَهَالِي الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْأَسْبَابِ وَالشَّرَائِطِ. 7 - عِلْمُ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ وَالْمَجَلَّةُ لَمْ تَقْبَلْهُ.

الباب الثالث في بيان التحليف

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ التَّحْلِيفِ] ِ يُطْلَقُ التَّحْلِيفُ عَلَى تَحْلِيفِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْيَمِينَ لِتَقْوِيَةِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْخَبَرِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ وَبِمَا أَنَّ حَلْفَ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ مَمْنُوعٌ فَكَانَ مِنْ الْوَاجِبِ حَسَبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (35) أَلَّا يَجُوزُ طَلَبُ حَلْفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ؟ وَقَدْ أُجِيبَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ. تَحْلِيفُ الصَّبِيِّ: إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَبِيًّا وَكَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِذَا وُجِّهَ وَنَكِلَ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بَلْ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، أَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَيُحْكَمُ بِيَمِينِهِ وَبِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ وَهَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ بَلْ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ (الْحَمَوِيُّ وَالْوَاقِعَاتُ) . [ (الْمَادَّةُ 1742) أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ] الْمَادَّةُ (1742) - (أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ الْيَمِينُ أَوْ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ الْمُدَّعِي عَجْزَهُ عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِهِ وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: أَنْتَ وَكِيلُ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَلَا يَلْزَمُ تَحْلِيفُهُ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الشَّخْصَيْنِ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَالِارْتِهَانُ وَالِاتِّهَابُ كَالِاشْتِرَاءِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ) . أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ الْيَمِينُ أَوْ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَمِينِ هُوَ قَضَاءُ التَّرْكِ وَالْحُكْمَ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ هُوَ قَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1687) وَإِنَّ نُكُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ الْمُوَجَّهَةِ إلَيْهِ يُعَدُّ إمَّا بَذْلًا أَوْ إعْطَاءً أَوْ إقْرَارًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . سُؤَالٌ - إنَّ الْحُكْمَ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ حَيْثُ قَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلَمْ يُذْكَرْ النُّكُولُ وَتَوْجِيهُ الْيَمِينِ ابْتِدَاءً لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ شَاهِدٌ لَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ فَإِذَا نَكِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَدْ أَصْبَحَ ظَاهِرُ الْحَالِ شَاهِدًا لِلْمُدَّعِي فَعَلَى ذَلِكَ كَانَ يَجِبُ بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ أَنْ يَعُودَ الْيَمِينُ لِلْمُدَّعِي (الْعِنَايَةُ) فَلِذَلِكَ قَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَلَى لُزُومِ رَدِّ وَتَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟

الْجَوَابُ - لَا يُوجَدُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دَلِيلٌ يَمْنَعُ جَوَازَ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ شَيْءٍ بِالتَّخْصِيصِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ وَقَدْ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَقَدْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ النَّاكِلُ مِنْ الْقَاضِي شُرَيْحُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَجَابَهُ شُرَيْحُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَكَ بِذَلِكَ وَحَكَمَ عَلَى النَّاكِلِ، وَقَدْ حَضَرَ هَذِهِ الْمُحَاكَمَةَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ وَصَوَّبَ رَأْيَهُ؛ وَبِمَا أَنَّهُ ثَبَتَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ بَطَلَ الْقِيَاسُ (الْعِنَايَةُ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِهِ إظْهَارَ الْعَجْزِ (أَوَّلًا) قَوْلُ الْمُدَّعِي: لَيْسَ لَدَيَّ شَاهِدٌ (ثَانِيًا) قَوْلُهُ: لَدَيَّ شُهُودٌ إلَّا أَنَّهُمْ مُمْتَنِعُونَ عَنْ الشَّهَادَةِ (ثَالِثًا) قَوْلُهُ: إنَّ شُهُودِي هُمْ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ. وَتَعْبِيرُ - إذَا أَظْهَرَ الْعَجْزَ - يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ قَالَ: إنَّ شُهُودِي حَاضِرُونَ فَأَطْلُبُ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوَّلًا ثُمَّ أُقِيمُ شُهُودِي، فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ خَلَفٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُذْهَبُ إلَى الْخَلَفِ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْعَجْزُ عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى) . بِطَلَبِهِ - بِمَا أَنَّ الْيَمِينَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَيَجِبُ فِي التَّحْلِيفِ طَلَبُ الْمُدَّعِي فَعَلَى ذَلِكَ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُحْكَمُ بِمَنْعِ الْمُعَارَضَةِ وَإِذَا نَكِلَ يُحْكَمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (1818 و 1819 و 1820) . فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ إذَا ظَفَرَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْيَمِينِ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ إقَامَتُهَا وَإِثْبَاتُ دَعْوَاهُ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يُحْكَمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَدْ قَبِلَ بَعْدَ يَمِينِ الْمُنْكِرِ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ شُرَيْحًا قَدْ قَالَ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ بِالرَّدِّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي شُهُودٌ فَلَيْسَ لَهُ تَكْرَارُ الْمُعَارَضَةِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . قَاعِدَتَانِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاَلَّتِي لَا يَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَيْهِ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - كُلُّ مَوْضِعٍ إذَا أَقَرَّ فِيهِ يَكُونُ مُلْزَمًا فَإِذَا أَنْكَرَ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً وَلْنُبَادِرْ إلَى بَيَانِ بَعْضِهَا: 1 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ وَكِيلُ فُلَانٍ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ فَلَا يَلْزَمُ تَحْلِيفُهُ حَيْثُ إنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَإِنْكَارُ الْوَكِيلِ الْوَكَالَةَ هُوَ عَزْلٌ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22 15) . فَعَلَيْهِ إذَا كُلِّفَ الْوَكِيلُ لِحَلْفِ الْيَمِينِ وَنَكِلَ عَنْ الْحَلْفِ فَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ حَيْثُ إنَّ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ فِيهَا حَقُّ الْغَيْرِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بَلْ هُوَ مَجْبُورٌ عَلَى إيفَائِهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: (إنَّك وَكِيلٌ بِبَيْعِ مَالِ فُلَانٍ الْمَرْهُونِ عِنْدِي) وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ يَمِينٌ وَالظَّاهِرُ لُزُومُ الْيَمِينِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ تَحَرِّي مَسْأَلَتِهَا.

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الشَّخْصَيْنِ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ قَدْ أَصْبَحَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِنُكُولِهِ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ لَا يَكُونُ الْمَالُ لِلْآخَرِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إذَا كَانَتْ بَذْلًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْذُلَ أَوْ يُحْسِنَ بِمَالِ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَتْ إقْرَارًا فَلَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) . وَتَعْبِيرُ الِاشْتِرَاءِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ: - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ أَحَدٍ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ: قَدْ غَصَبْتَ مِنْ هَذَا الْمَالَ، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَيُسَلَّمُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ فَإِذَا نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ يَضْمَنُ بَدَلَ الْمَالِ لِلْآخَرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . الْوَدِيعَةُ - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ أَحَدٍ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ: إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالِي قَدْ سَلَّمْتُهُ وَدِيعَةً لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتُسَلَّمُ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَحْلِفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ بِالطَّلَبِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مُلْتَزِمٌ الْحِفْظَ لِلْمُودِعِ، وَبِإِقْرَارِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ يَكُونُ قَدْ سَلَّطَهُ لِأَخْذِ وَضَبْطِ الْوَدِيعَةِ وَتَرَكَ الْحِفْظَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِلْآخَرِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْوَدِيعَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَاقِعٌ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ ضَمَانًا عَلَى الْمُقَرِّرِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي. 3 - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ - الْمِلْكُ الْمُرْسَلُ الْمُطْلَقُ يَعْنِي إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالُهُ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ لَهُمَا فَيُسَلَّمُ الْمَالُ لَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ لِأَحَدِهِمَا شَيْئًا، أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُقِرَّ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَيُقْبَلُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِادِّعَاءِ الْمُدَّعِينَ الْمُجَرَّدِ لَا تَبْطُلُ يَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِلْكِيَّتُهُ، فَإِقْرَارُهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى نَفْسِهِ وَمُعْتَبَرًا وَلَا فَائِدَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَكِلَ فَلَا يُحْكَمُ بِالْمَالِ الَّذِي أُعْطِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقَاضِيَ الْمُقَرَّ لَهُ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَيْ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُرْسَلِ - الْمُطْلَقِ - إذَا أَنْكَرَ ذُو الْيَدِ دَعْوَى الْمُدَّعِينَ فَيَحْلِفُ بِطَلَبِهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى دَفْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ أَوَّلًا لِمَنْ يُرِيدُ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ بِالْقُرْعَةِ مَنْ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ قَبْلًا تَطْيِيبًا لِلْقُلُوبِ، فَإِذَا نَكِلَ أَوَّلًا عَنْ الْحَلِفِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَذَا النُّكُولِ فِي الْحَالِ بَلْ يُحَلِّفُهُ لَهُ مِنْ أَجْلِ الثَّانِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) فَإِذَا حَلَفَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكِلَ عَنْ الْحَلْفِ لِلْآخَرِ فَيُحْكَمُ بِمَجْمُوعِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي الَّذِي نَكِلَ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ إلَيْهِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالتَّزْكِيَةِ وَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْفَرْقُ - مَعَ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ لَا يَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ فِي حَالَةِ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْإِقْرَارَ مُوجِبٌ لِلْحَقِّ بِنَفْسِهِ وَغَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي أَمَّا النُّكُولُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ لَا نَصًّا وَلَا دَلَالَةً إلَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِالنُّكُولِ فَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْفَصْلِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعْوَى. 4 - وَالِاسْتِئْجَارُ وَالِارْتِهَانُ وَالتَّسَلُّمُ وَالِاتِّهَابُ وَالتَّسْلِيمُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ كَالِاشْتِرَاءِ. الِاسْتِئْجَارُ - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اسْتَأْجَرَ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَجَّرَ ذَلِكَ الْمَالَ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَيْثُ إنَّ مَنَافِعَ تِلْكَ الْمُدَّةِ أَصْبَحَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِذَا نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ لِلْآخَرِ فَلَا تُصْبِحُ تِلْكَ الْمَنَافِعُ لِلْآخَرِ فَلِذَلِكَ لَا فَائِدَةَ مِنْ التَّحْلِيفِ، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ إيجَارَهُ الِاثْنَيْنِ وَلَدَى تَكْلِيفِهِ لِلْحَلْفِ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُحْكَمُ لِلْآخَرِ. وَمَسَائِلُ الِارْتِهَانِ وَالِاتِّهَابِ سَوَاءٌ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ فِي النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِ الْمُدَّعِيَيْنِ فَالْحُكْمُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. 5 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَنِ كَذَا وَادَّعَى آخَرُ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَوْ ارْتَهَنَ ذَلِكَ الْمَالَ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ مُدَّعِي الِاسْتِئْجَارِ وَالِارْتِهَانِ أَيْ لَا يَحِقُّ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْإِيجَارِ أَوْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ أَصْبَحَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مِلْكًا لِمُدَّعِي الشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ أَوْ يَرْهَنَ مَالَ الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَوَّلًا لِمُدَّعِي الْإِيجَارِ أَوْ الِارْتِهَانِ فَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ فَإِذَا حَلَفَ تَنْتَهِي الْمَسْأَلَةُ وَإِذَا نَكِلَ يَثْبُتُ الْبَيْعُ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ انْتَظَرَ لِحِينِ فَكِّ الرَّهْنِ أَوْ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الدَّعْوَى) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (590 و 747) . 6 - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ زَيْدٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ صَدَقَةً وَقَبَضَهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَحْلِفُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ قَدْ ثَبَتَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَبِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لِلْآخَرِ لَا يَبْقَى أَمَلٌ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ لِلْآخَرِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ فِي التَّحْلِيفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 7 - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ عَقَارًا وَادَّعَاهُ شَفِيعٌ بِالشُّفْعَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْعَقَارَ هُوَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّفِيعُ الشِّرَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُشْتَرِي لِابْنِهِ الصَّغِيرِ صَحِيحٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ لِآخَرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعَاوَى) .

إذَا أَرَادَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ رَدَّ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لِلْبَائِعِ لِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ فَلَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِرِضَاءِ مُوَكِّلِهِ بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ. 9 - إذَا طَلَبَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ مَطْلُوبَ مُوَكِّلَهُ فَادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنَ فَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ فَتَنْقَطِعُ مُخَاصَمَةُ الْوَكِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 10 - لِلدَّائِنِ الَّذِي لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُتَوَفًّى تُوُفِّيَ وَتَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُثْبِتَ دَيْنَهُ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 11 - إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ بِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ وَأَنْكَرَ الشَّاهِدُ رُجُوعَهُ فَلَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ. أَمَّا إذَا أَقَرَّ الشَّاهِدُ بِرُجُوعِهِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَشْهُودِ بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1731) رَدُّ الْمُحْتَارِ. 12 - إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ كَاذِبٌ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِكَذِبِ الشَّاهِدِ فَلَا يَحْلِفُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 13 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ ادَّعَى هَذَا الْمُدَّعَى بِهِ لِنَفْسِهِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الشَّاهِدُ فَلَا يَحْلِفُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1724) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ جَمَعْتُ الْمَسَائِلَ الَّتِي لَا يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ تَحْتَ. الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ: الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ شَخْصٍ يُقِرُّ بِشَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ. الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْوَصِيُّ - إذَا اُدُّعِيَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى كَذَا دِرْهَمًا وَلَمْ يُثْبِتْ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَلَا حُكْمَ لِإِقْرَارِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ وَارِثًا وَبِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِاعْتِبَارِهِ وَارِثًا فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ أَيْضًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الدَّعْوَى) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَلِيُّ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَلِيِّ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الصَّغِيرَ قَدْ أَتْلَفَ مَالًا لِي وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَلِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ غَصَبَ مَالَهُ وَأَتْلَفَهُ أَوْ أَوْقَعَ جِنَايَةً فَلَا يَلْزَمُ عَلَى وَلِيَّهُ الْيَمِينُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُتَوَلِّي - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْعَقَارَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ مُتَوَلٍّ بِاعْتِبَارِهِ وَقْفًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّي الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ بِأَنَّهُ صَرَفَ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ أَوْ صَرَفَ شَيْئًا لِلْوَقْفِ بِأَمْرِ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي فَلَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1743) إذا قصد تحليف أحد الخصمين يحلف باسمه تعالى

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْعَيْنَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي بِاعْتِبَارِهَا وَقْفًا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّي الْيَمِينُ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ النُّقُودَ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ سَلَفِي الْمُتَوَلِّي السَّابِقَ قَدْ أَدَانَكَ كَذَا مَالًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَادْفَعْهُ لِي، فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْتُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ تَمَامًا إلَى الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ فِي زَمَنِ تَوْلِيَتِهِ وَلَمْ يَقْتَدِرْ عَلَى إثْبَاتِ دَفْعِهِ هَذَا فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُتَوَلِّي اللَّاحِقِ. كَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ بِكَذَا مَبْلَغًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ هَذَا وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِلْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَإِنَّنِي قَدْ أَقْرَرْتُ كَاذِبًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ. مُسْتَثْنًى - يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَعَلِّقَةِ فِي الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْعُقُودِ الَّتِي يُدَّعَى عَقْدُهَا مَعَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ أَوْ الْمُتَوَلِّي. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَجَرَنِي مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ فِي حَقِّ الْعَقَارِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْمُتَوَلِّي بِاعْتِبَارِهِ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ قَائِلًا: قَدْ أَجَرْتَنِي هَذَا الْعَقَارَ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَسَلِّمْهُ لِي وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُتَوَلِّي. كَذَلِكَ، إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى مُسْتَأْجِرِ عَقَارِ الْوَقْفِ أُجْرَةً مُجْتَمِعَةً وَدَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي قَدْ سَلَّمْتُ الْأُجْرَةَ الْمَذْكُورَةَ تَمَامًا وَلَمْ يَبْقَ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ وَأَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يُثْبِتْ دَفْعَهُ هَذَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُتَوَلِّي الْيَمِينَ (أَحْكَامُ الْأَوْقَافِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَأْمُورُ بَيْتِ الْمَالِ، إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْعَقَارَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ مَأْمُورِ بَيْتِ الْمَالِ بِاعْتِبَارِهِ مِلْكًا لِبَيْتِ الْمَالِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ مَأْمُورِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ مَأْمُورِ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ. [ (الْمَادَّةُ 1743) إذَا قَصَدَ تَحْلِيفَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ يَحْلِفُ بِاسْمِهِ تَعَالَى] الْمَادَّةُ (1743) - (إذَا قَصَدَ تَحْلِيفَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ يَحْلِفُ بِاسْمِهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ) . إذَا قَصَدَ تَحْلِيفَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا كَالْمَسِيحِيِّ وَالْيَهُودِيِّ أَوْ وَثَنِيًّا أَوْ مُشْرِكًا يَحْلِفُ بِاسْمِهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ أَوْ (اللَّه آندا شيرم) بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ أَوْ (بخدا سو كُنْت نيخورم) بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ اسْمُهُ الشَّرِيفُ " اللَّهُ " مِنْ أَسْمَائِهِ الذَّاتِيَّةِ أَوْ " الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " مِنْ أَسْمَائِهِ الصِّفَاتِيَّةِ وَلَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كُلِّفَ الْخَصْمُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ وَنَكِلَ عَنْ الْحَلِفِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ وَلَا يَنْفُذُ (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِالطَّوَاغِيتِ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ» .

(المادة 1744) لا تكون اليمين إلا في حضور القاضي أو نائبه

وَإِنَّ جَمِيعَ الْمِلَلِ وَالطَّوَائِفِ غَيْرِ الْمُسْلِمَةِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تُقِرُّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتُعَظِّمُ اسْمَهُ الشَّرِيفَ وَتَعْتَقِدُ بِقُدْسِيَّتِهِ. أَمَّا الْقَوْمُ الضَّالُّونَ وَالْجَمَاعَةُ الْخَاسِرُونَ أَهْلُ الْإِبَاحَةِ كَالدَّهْرِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ الَّذِينَ لَا يَعْتَقِدُونَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلَى مَاذَا يَجِبُ تَحْلِيفُهُمْ؟ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ فِيهَا) . صُورَةُ الْيَمِينِ: يُصَوِّرُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ الْمَسْأَلَةَ وَيَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْخُصُوصِ؟ فَإِذَا أَجَابَ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ أَحْلِفُ يُصَوِّرُ الْقَاضِي شَكْلَ وَكَيْفِيَّةَ الْيَمِينِ وَيُحَلِّفُهُ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ، وَيَجِبُ فِي الْيَمِينِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ. إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَمِيعَ الدَّيْنِ قَائِلًا: إنَّنِي غَيْرُ مَدِينٍ بِشَيْءٍ فَعِنْدَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ يَحْلِفُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَدِينٍ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . تَغْلِيظُ الْيَمِينِ: يَجُوزُ تَغْلِيظُ وَتَشْدِيدُ الْيَمِينِ عَلَى قَوْلٍ فِي حَالِ إلْحَاحِ الْخَصْمِ بِذِكْرِ صِفَاتِ اللَّهِ الْجَلِيلَةِ عَزَّ وَجَلَّ فَفِي تَغْلِيظِ الْيَمِينِ لِلْمُسْلِمِ يَحْلِفُ بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ عَالِمُ السِّرِّ وَالْخَفَايَا الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِأَنَّنِي غَيْرُ مَدِينٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي وَفِي التَّغْلِيظِ لِلْمُوسَوِيِّ يَحْلِفُ بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي التَّغْلِيظِ لِلْعِيسَوِيِّ: وَاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (الْمُلْتَقَى) . وَلَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْأَوْصَافِ بِلَا ذِكْرِ أَدَاةِ الْقَسَمِ حَتَّى لَا يَتَكَرَّرُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي يَمِينٌ وَاحِدٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِقَوْلِهِ: بِاَللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَكُونُ حَالِفًا يَمِينًا وَاحِدَةً أَمَّا الْحَالِفُ بِاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ فَيَكُونُ حَالِفًا ثَلَاثَ أَيْمَانٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْوَاقِعَاتُ) . فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِاسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَنَكِلَ عَنْ التَّغْلِيظِ فَلَا يُحْكَمُ بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْيَمِينُ وَهَذَا قَدْ حَصَلَ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) . وَيَحْلِفُ الْوَثَنِيُّ وَالْمُشْرِكُ وَالْمَجُوسِيُّ بِاسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُغَلِّظُ بِالْأَوْثَانِ وَالنَّارِ؛ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ تَعْظِيمًا لِلْمُقْسَمِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْظِيمُ النَّارِ، أَمَّا التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فَبِمَا أَنَّهُمَا مِنْ الْكُتُبِ الْإِلَهِيَّةِ وَمُعَظَّمَانِ فَجَائِزٌ تَعْظِيمُهَا فَلِذَلِكَ يَجُوزُ ذِكْرُهُمَا فِي الْيَمِينِ. [ (الْمَادَّةُ 1744) لَا تَكُونُ الْيَمِينُ إلَّا فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ] الْمَادَّةُ (1744) - (لَا تَكُونُ الْيَمِينُ إلَّا فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فِي حُضُورِ غَيْرِهِمَا) . يُشْتَرَطُ لِاعْتِبَارِ الْيَمِينِ شَرْطَانِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: لَا تَكُونُ الْيَمِينُ إلَّا فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: يَحْصُلُ الْيَمِينُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمُعْتَبَرَةَ الْقَاطِعَةَ لِلْخُصُومَةِ هِيَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا تَكُونُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَيْسَتْ بِقَاطِعَةٍ لِلْخُصُومَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ مُلَخَّصًا) . الْيَمِينُ فِي حُضُورِ - ظَاهِرٌ، أَمَّا الْيَمِينُ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ فَهُوَ أَنَّهُ: إذَا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهَا مَعْذِرَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي عَدَمِ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي كَأَنْ تَكُونَ مِنْ مُخْدَرَاتِ النِّسَاءِ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فَالْقَاضِي يُرْسِلُ أَمِينَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ إلَى مَكَانِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمِينُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا الْيَمِينَ وَالرَّجُلَانِ الْعَدْلَانِ يَشْهَدَانِ أَمَامَ الْقَاضِي عَلَى حَلْفِهَا الْيَمِينَ أَوْ عَلَى نُكُولِهَا عَنْ الْحَلِفِ وَلَا يَقْبَلُ الْقَاضِي قَوْلَ الْأَمِينِ بِدُونِ الشَّهَادَةِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الدَّعْوَى وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِنَابَةِ وَعَيَّنَ نَائِبًا عَنْهُ مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ وَذَهَبَ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى مَكَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَلَّفَهُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ فَقَبِلَ الْحَالِفُ أَوْ نَكِلَ عَنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَلَا يَلْزَمُ فِيهَا وُجُودُ شُهُودٍ. إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تُرَى غِيَابِيًّا فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ الْيَمِينَ فَيَجِبُ إحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمَحْكَمَةِ جَبْرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ (1832) أَوْ يُرْسِلُ الْقَاضِي نَائِبًا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى مَحَلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُكَلِّفُهُ حَلْفَ الْيَمِينِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مُعَلَّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فِي حُضُورِ غَيْرِهِمَا. فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِطَلَبِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ذِمَّتِهِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَدَى تَكْلِيفِهِ حَلْفَ الْيَمِينِ نَكِلَ عَنْ الْحَلِفِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، كَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَانِيًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَعِنْدَ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَفَادَ الْوَكِيلُ بِأَنَّ مُوَكِّلَهُ نَاكِلٌ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي بِنَاءً عَلَى إفَادَةِ الْوَكِيلِ اعْتِبَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَاكِلًا عَنْ الْيَمِينِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ. أَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ قَدْ حَلَّفْتَنِي الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ أَمَامَ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ أَوْ أَمَامَ الْمُحَكِّمِ الْفُلَانِيِّ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا يَجْرِي التَّحْلِيفُ وَإِذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بِالطَّلَبِ (الدُّرَرُ والشرنبلالي فِي الدَّعْوَى) . وَالْيَمِينُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكِّمِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَحْلِيفُ غَيْرِهِمَا فَلِذَلِكَ لَوْ

(المادة 1745) تجري النيابة في التحليف

حَلَّفَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يُعْتَبَرُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ هُوَ مِنْ حَقِّ الْقَاضِي وَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1747) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1745) تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي التَّحْلِيفِ] الْمَادَّةُ (1745) - (تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي التَّحْلِيفِ وَلَكِنْ لَا تَجْرِي فِي الْيَمِينِ فَلِذَلِكَ لِوُكَلَاءِ الدَّعَاوَى أَنْ يُحَلِّفُوا الْخَصْمَ وَلَكِنْ إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ إلَى مُوَكِّلِيهِمْ فَيَلْزَمُ تَحْلِيفُ الْمُوَكِّلِينَ بِالذَّاتِ وَلَا يَحْلِفُ وُكَلَاؤُهُمْ) . تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي التَّحْلِيفِ يَعْنِي لِنَائِبِ الْمُدَّعِي كَوَكِيلِهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1495) . وَلَكِنْ لَا تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي الْيَمِينِ أَيْ فِي الْحَلِفِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُوفِيَ بِالنِّيَابَةِ الْيَمِينَ الَّتِي تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ لِوُكَلَاءِ الدَّعَاوَى وَلِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي أَنْ يُحَلِّفَ خَصْمَهُ الْيَمِينَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ مُصَرِّحًا فِي وَكَالَةِ الْوَكِيلِ بِالْإِذْنِ لَهُ بِالتَّحْلِيفِ وَهَذَا الْمِثَالُ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى وَلَكِنْ إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى مُوَكِّلِيهِمْ أَوْ عَلَى الصَّغِيرِ فَيَلْزَمُ تَحْلِيفُ الْمُوَكِّلِينَ بِالذَّاتِ وَالصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا يَحْلِفُ وُكَلَاؤُهُمْ أَوْ أَوْلِيَاؤُهُمْ أَوْ أَوْصِيَاؤُهُمْ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى وَكِيلُ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَطْلُوبَ مُوَكِّلِهِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: نَعَمْ كُنْتُ مَدِينًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّنِي أَدَّيْتُهَا إلَى مُوَكِّلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ الدَّفْعَ وَعَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ وَلَا يَحْلِفُ وَكِيلُهُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ. فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا يُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْوَكِيلِ وَعِنْدَ حُضُورِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا حَلَفَ فَبِهَا وَإِذَا نَكِلَ عَنْ الْحَلْفِ يُسْتَرَدُّ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورَ مِنْهُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ عَلَى أَحَدٍ قَائِلًا: إنَّ لِلْمُتَوَفَّى فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ قَبَضَ حَالَ حَيَاتِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ كَامِلًا وَاسْتَوْفَاهُ فَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَيْثُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالْقَبْضِ فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلِذَلِكَ فَاسْتِحْلَافُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الثَّانِيَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1743) (الدُّرَرُ) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْضَ الْمُتَوَفَّى يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْوَصِيِّ أَمَّا إذَا دَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْتُكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ حَسَبَ وِصَايَتِكَ وَأَنْكَرَ الْوَصِيُّ الْقَبْضَ فَيَحْلِفُ الْوَصِيُّ عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1643) (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا لَزِمَ تَحْلِيفُ الصَّبِيِّ أَوْ الْغَائِبِ فَيُؤَخَّرُ التَّحْلِيفُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَحَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى مِنْ الْمُتَوَفَّى دَيْنًا كَذَا دِرْهَمًا فِي مُوَاجَهَةِ وَارِثِهِ الْكَبِيرِ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الدَّيْنَ فَيَحْلِفُ ذَلِكَ الْوَارِثُ الْيَمِينَ، أَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ صِغَارًا أَوْ غَائِبِينَ فَيُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّغِيرِ وَيَمِينُ الْغَائِبِ إلَى حُضُورِهِ وَيَحْلِفُ الصَّغِيرُ عِنْدَ الْبُلُوغِ وَالْغَائِبُ عِنْدَ الْحُضُورِ الْأَنْقِرْوِيِّ.

(المادة 1746) لا يحلف اليمين إلا بطلب الخصم

وُكَلَاءُ الدَّعَاوَى: أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ بِالْوَكَالَةِ مَالًا وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْبَيْعِ رَدَّهُ بِدَاعِي وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْوَكِيلُ الْعَيْبَ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِذَا نَكِلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْحَلِفِ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ إلَيْهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. (اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْخَامِسَةَ الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 1461) (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَلَكِنْ لَا يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ رَدَّ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ إلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَدَفَعَ الْبَائِعُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا الْعَيْبِ فَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 1746) لَا يَحْلِفُ الْيَمِينَ إلَّا بِطَلَبِ الْخَصْمِ] الْمَادَّةُ (1746) - (لَا يَحْلِفُ الْيَمِينَ إلَّا بِطَلَبِ الْخَصْمِ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ بِلَا طَلَبٍ. الْأَوَّلُ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ حَقًّا وَأَثْبَتَهُ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ هَذَا الْحَقَّ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ مِنْ الْمَيِّتِ بِوَجْهٍ وَلَا أَبْرَأَهُ وَلَا أَحَالَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا أَوْفَى مِنْ طَرَفِ أَحَدٍ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الْحَقِّ رَهْنٌ، وَيُقَالُ لِهَذَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ، الثَّانِي: إذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ الْمَالَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ هَذَا الْمَالَ وَلَمْ يَهَبْهُ لِأَحَدٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، الثَّالِثُ: إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ لِعَيْبِهِ حَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ قَوْلًا أَوْ دَلَالَةً كَتَصَرُّفِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (344) ، الرَّابِعُ: تَحْلِيفُ الْقَاضِي الشَّفِيعَ عِنْدَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُبْطِلْ شُفْعَتَهُ يَعْنِي لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ شُفْعَتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ) . لَا يُحْلَفُ الْيَمِينُ إلَّا بِطَلَبِ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لِلْخَصْمِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَ الْقَاضِي الْخَصْمَ بِلَا طَلَبٍ ثُمَّ طَلَبَ الْخَصْمُ التَّحْلِيفَ فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ ثَانِيًا (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الدَّعْوَى) . وَلَكِنْ يَحْلِفُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ بَلْ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ بِلَا طَلَبٍ، وَالتَّحْلِيفُ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَوَاضِعِ بِالِاتِّفَاقِ وَالتَّحْلِيفُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَوَاضِعِ الْأُخْرَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. أَوَّلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ التَّرِكَةِ حَقًّا كَعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَأَثْبَتَهُ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ هَذَا الْحَقَّ أَوْ أَيَّ مِقْدَارٍ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَوْ بِطَرِيقِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِ وَلَا قَبِلَ حَوَالَةٍ عَلَى غَيْرِهِ فِي كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَا أَوْفَى كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ طَرَفِ أَحَدٍ، وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ هَذَا الْحَقِّ أَوْ بَعْضِهِ رَهْنٌ حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُتَوَفَّى قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْحَقِّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ وَإِذَا

امْتَنَعَ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ فَلَا يُحْكَمُ حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ أَخَذَ حَقَّهُ دُونَ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الْمَبْلَغَ. وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْيَمِينِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ حَيْثُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُ قَدْ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الدَّيْنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَشَهِدُوا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِصْحَابِ فَلَزِمَ احْتِيَاطًا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذِهِ الْيَمِينُ لَيْسَتْ هُوَ لِلْوَارِثِ بَلْ هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ وُجُودُ دَائِنٍ لِلتَّرِكَةِ أَوْ ظُهُورُ مُوصًى لَهُ فِيهَا فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْتَاطَ صِيَانَةً لِحُقُوقِ هَؤُلَاءِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى عَدَمَ تَحْلِيفِهِ فَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى الْعَدِيدِينَ عَلَى أَحَدِ وَرَثَةِ مُتَوَفًّى آخَرَ دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ الشُّرَكَاءَ فِي الْإِرْثِ وَلَا يَكْفِي تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فَقَطْ، وَإِذَا كَانَ التَّرِكَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا صِغَارًا فَتَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَبَعْضُهُمْ كِبَارًا تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِلَا يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ جَمِيعُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى كِبَارًا وَادَّعَى دَائِنٌ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَرَثَةِ الْمَذْكُورِينَ دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ حَتَّى لَوْ طَلَبَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَذْكُورَةَ. كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى أَيُّ وَارِثٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي دَيْنَهُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ وَأَثْبَتَهُ تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . أَمَّا الدَّعْوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى كَفِيلِ الْمُتَوَفَّى إذَا أَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ حَيْثُ إنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَكُنْ عَلَى التَّرِكَةِ. وَلَا تَنْحَصِرُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي طَلَبِ دَيْنٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أُثْبِتَ حَقٌّ عَلَى التَّرِكَةِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ وَإِحَالَةُ الْعَيْنِ وَارْتِهَانُهَا مُقَابِلَةُ أَمَانَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا مَضْمُونَةً فَمِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْيَمِينِ عَلَى أَنْ لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى رَهْنٌ مُقَابِلُ هَذِهِ الْعَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ بِالذَّاتِ أَوْ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْمُبْرَأِ مِنْ اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ عَيْنًا كَمَا أَنَّ اسْتِيفَاءَهَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْغَيْرِ إنَّمَا يَكُونُ بِأَخْذِهَا عَيْنًا وَبِظُهُورِ الْعَيْنِ فِي التَّرِكَةِ فِي الْحَالِ يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ عَدَمُ أَخْذِهَا فَلَا تَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ التَّحْلِيفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ عَيْنًا أَمَانَةً فَلَا يَكُونُ فِي مُقَابِلِهَا رَهْنٌ فَكَيْفَ يَجْرِي يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ فِي ذَلِكَ؟

مُسْتَثْنَيَاتٌ 1 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّهُ قَدْ أَوْفَى دَيْنَهُ لِلْمُتَوَفَّى حَالَ حَيَاتِهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُهُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ قَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ شَهَادَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . 2 - إذَا كَانَ كُلُّ الْوَرَثَةِ كِبَارًا وَأَقَرَّ جَمِيعُهُمْ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا بِالْفِعْلِ فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى الْوَافِيَةِ فَلَا تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ، أَمَّا إذَا أَقَرُّوا بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي فَيَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الدَّعْوَى) . 1 - إذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ مَطْلُوبِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى الْوَافِيَةِ وَكُلِّفَ الْوَرَثَةُ بِحَلْفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَنَكِلُوا عَنْ الْحَلْفِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَجِبُ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الْمُدَّعِي. 2 - إذَا اسْتَحَقَّ أَحَدٌ مَالًا وَبِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيُحَلِّفُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ ذَلِكَ الْمَالَ وَلَمْ يَهَبْهُ لِأَحَدٍ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهِ بِصُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ فَإِذَا حَلَفَ فَيُحْكَمُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِذَا نَكِلَ فَتُرَدُّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ لِلْمُدَّعِي أَوْ طَلَبَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُسْتَحِقِّ الْيَمِينَ فَالظَّاهِرُ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ الْيَمِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَعَلَى حَسَبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ تَلْزَمُ يَمِينُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي قَسَمِ الِاسْتِحْقَاقِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِيَّةِ أَمَّا فِي قَسَمِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُبْطِلِ لِلْمِلْكِيَّةِ فَلَا تَلْزَمُ. 3 - إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِنَاءً عَلَى عَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ فَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي مُدَّعَاهُ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي قَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ قَوْلًا أَوْ دَلَالَةً كَتَصَرُّفِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (344) فَإِذَا حَلَفَ يُحْكَمُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَإِذَا نَكِلَ يُحْكَمُ بِرَدِّ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْبَائِعُ الِادِّعَاءَ بِذَلِكَ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى رِضَاءِ الْمُشْتَرِي، أَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يُسْقِطْ خِيَارَ عَيْبِهِ وَلِذَلِكَ لَا يُطْلَبُ تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي. 4 - تَحْلِيفُ الْقَاضِي الشَّفِيعَ عِنْدَ الْحُكْمِ لَهُ بِالشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُبْطِلْ شُفْعَتَهُ يَعْنِي لَمْ يُسْقِطْ شُفْعَتَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِذَا حَلَفَ يُحْكَمُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَإِلَّا تُرَدُّ دَعْوَى الشُّفْعَةِ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الشَّفِيعَ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّ شُفْعَتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَطَلَبَ عَدَمَ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ فَالظَّاهِرُ لَا يَحْلِفُ الشَّفِيعُ. 5 - إذَا طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ تَقْدِيرَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَيُحَلِّفُ الْقَاضِي الزَّوْجَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالنَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّهَا النَّفَقَةَ وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عِنْدَهَا (الْوَاقِعَاتُ) .

(المادة 1747) إذا حلف المدعى عليه قبل أن يكلفه القاضي بحلف اليمين

[ (الْمَادَّةُ 1747) إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْقَاضِي بِحَلِفِ الْيَمِينِ] الْمَادَّةُ (1747) - (إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْقَاضِي بِحَلِفِ الْيَمِينِ بِطَلَبِ الْخَصْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ يَمِينُهُ وَيَلْزَمُ أَنْ يَحْلِفَ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي) . إنَّ التَّحْلِيفَ مِنْ حَقِّ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْقَاضِي بِحَلِفِ الْيَمِينِ بِطَلَبِ الْخَصْمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ إذَا حَلَفَ بِتَكْلِيفِ الْمُدَّعِي فَلَا تُعْتَبَرُ يَمِينُهُ وَيَلْزَمُ أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَبِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي مَرَّةً أُخْرَى. حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ التَّحْلِيفِ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ مِنْ حَقِّ الْقَاضِي (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الدَّعْوَى) وَكَانَ يَجِبُ تَحْرِيرُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْخَصْمِ الْيَمِينَ بِدُونِ أَنْ يُكَلَّفَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي لِلْحَلِفِ فَلَا تُعْتَبَرُ يَمِينُهُ. . . إلَخْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 1748) إذَا حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلِهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ] الْمَادَّةُ (1748) - (إذَا حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلِهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ يَعْنِي يَحْلِفُ قَطْعِيًّا بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ هَكَذَا أَوْ لَيْسَ بِكَذَا، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ) . يَحْلِفُ الْيَمِينَ إمَّا عَلَى الْبَتَاتِ أَوْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ وَجْهٍ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ، وَادَّعَى عِلْمَهُ بِذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ يَعْنِي يَحْلِفُ قَطْعِيًّا أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ هَكَذَا أَوْ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيْسَ بِكَذَا، وَيُشَارُ إلَى مَعْنَى الْبَتَاتِ هُنَا بِمَعْنَى الْقَطْعِ بِعِبَارَةِ (قَطْعِيًّا) فِي مَتْنِ الْمَادَّةِ. إنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ أَبَدًا عَلَى النَّفْيِ (الدَّعْوَى وَالدُّرَرُ) فَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ اللَّازِمِ عَدَمُ ذِكْرِ تَعْبِيرٍ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ هَكَذَا فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ رَدَّ أَوْ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا صُورَةً إلَّا أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْكِرٌ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ رَدِّ وَضَمَانِ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ الْوَدِيعَةَ أَوْ عَلَى تَلَفِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَادَّةُ بِتَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ. أَمْثِلَةٌ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا بِدُونِ بَيَانِ جِهَةِ الدَّيْنِ وَلَدَى السُّؤَالِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ وَالْمُدَّعِي عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي. (وَاَللَّهِ إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِهَذَا الرَّجُلِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ) وَهَذَا الْيَمِينُ هُوَ عَلَى الْبَتَاتِ وَعَلَى الْحَاصِلِ مَعًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1741) . 2 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَعْلُومَ الْحُدُودَ بِأَنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِلْكُهُ

وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَطَلَبَ كَفَّ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى، وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي (وَاَللَّهِ إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِلْمُدَّعِي) وَهَذِهِ الْيَمِينُ هِيَ عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا. 3 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّك كَفِيلٌ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ فَأَطْلُبُ مِنْك ذَلِكَ الْمَبْلَغَ حَسَبَ الْكَفَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي (وَاَللَّهِ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي الْمَبْلَغُ الَّذِي يَدَّعِيهِ عَلَيَّ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ) وَهَذَا أَيْضًا عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا. 4 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك كَذَا دِرْهَمًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ حَتَّى إنَّك قَدْ أَقْرَرْت بِأَنَّك مَدِينٌ لِي مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ أَصْلِ الدَّيْنِ وَعَنْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بَلْ يَحْلِفُ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَكُونُ كَاذِبًا أَحْيَانًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْمَالِكِ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: (وَاَللَّهِ إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِهَذَا الرَّجُلِ بِالْمَبْلَغِ الْمُدَّعِي بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ) . 5 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي حَقًّا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَثْبَتَهُ وَادَّعَى الْوَارِثُ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى شَيْءٌ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ شَيْءٌ وَإِذَا نَكَلَ فَيَجِبُ قَضَاءُ الدَّيْنِ (الْوَاقِعَاتُ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى فِعْلِهِ مِنْ وَجْهٍ وَعَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ اشْتَرَى مِنِّي الْمَالَ الْفُلَانِيَّ أَوْ إنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَقْرَضَ مِنِّي كَذَا دِرْهَمًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ فِعْلِ الْبَائِعِ وَمِنْ جِهَةِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّك مَدِينٌ لِي بِكَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَادْفَعْهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك فَيَحْلِفُ كَذَلِكَ عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا (وَاَللَّهِ إنِّي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي بِكَذَا دِرْهَمًا) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي حَقِّ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّك قَدْ بِعْتنِي فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ هَذَا الْمَالَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنَا اشْتَرَيْته مِنْك فَلِذَلِكَ هُوَ مَالِي فَخُذْ الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَلِّمْهُ لِي فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ بِمِلْكِك فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا (وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ بِمِلْكِ هَذَا الْمُدَّعِي) أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السَّبَبَ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَبِعْك هَذَا الْمَالَ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْلِفُ الْقَاضِي عَلَى الْبَتَاتِ وَالسَّبَبِ مَعًا هَكَذَا (وَاَللَّهِ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْمَالَ مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي) . أَمْثِلَةٌ عَلَى التَّحْلِيفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ الَّذِي ادَّعَى بِعِلْمِهِ بِهِ. 1 - إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّ الْمُودِعَ قَدْ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي لَدَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْبَتَاتِ.

إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ بَيْعِهِ الْمَالَ حَسَبَ الْوَكَالَةِ وَتَسَلُّمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْقَبْضَ فَيَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . أَمَّا إذَا حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ هُنَا لَا يَعْلَمُ مَا عَمِلَهُ الْآخَرُ. وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ فَحَيْثُ إنَّهُ سَيَمْتَنِعُ عَنْ الْيَمِينِ، وَلَوْ كَانَ صَادِقًا فَيَكُونُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ وَعَنْ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ بَاذِلًا أَوْ مُقِرًّا (الدُّرَرُ) . وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ تُبَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى بِدُونِ بَيَانِ جِهَةِ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1627) وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ وَارِثِ الْمُتَوَفَّى الْيَمِينَ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ (وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ بِأَنَّ مُوَرِّثِي مَدِينٌ لِهَذَا الْمُدَّعِي بِكَذَا دِرْهَمًا) وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ مُتَعَدِّدِينَ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْيَمِينِ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي حَلَفَ قَبْلًا مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يَعْلَمُ الدَّيْنَ وَأَنَّ الْوَرَثَةَ الْآخَرِينَ لَهُمْ عِلْمٌ بِذَلِكَ (الْوَاقِعَاتُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ فُلَانًا فِي حَالٍ حَيَاتِهِ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ قَدْ اسْتَقْرَضَ مِنِّي كَذَا دِرْهَمًا وَصَرَفَهَا عَلَى أُمُورِهِ وَهِيَ حَقٌّ لِي حَالًّا فَأَطْلُبُ إعْطَاءَهَا لِي مِنْ تَرِكَتِهِ وَعِنْدَ الْإِنْكَارِ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الدَّعْوَى وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْوَارِثِ الْيَمِينَ فَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ دَيْنَ مُوَرِّثِهِ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَتَاتِ وَالْحَاصِلِ مَعًا (وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي مَدِينٌ لِهَذَا الرَّجُلِ بِكَذَا مَبْلَغًا) وَإِذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ الِاسْتِقْرَاضَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَعَلَى السَّبَبِ مَعًا بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي قَدْ اسْتَقْرَضَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا ادَّعَى إنْسَانٌ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يُثْبِتْ دَعْوَاهُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ فَيُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَالسَّبَبِ مَعًا يَعْنِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَذْكُورَ قَبْلًا مِنْهُ وَصُورَةُ الْيَمِينِ هَكَذَا (وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ قَبْلَ شِرَائِي مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ) (تَعْلِيمُ أُصُولُ التَّحْلِيفِ بِضَمِّ بَعْضِ الْفَوَائِدِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ أَبِيك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَدْ تُوُفِّيَ وَتَرِكَتُهُ فِي يَدِك فَادْفَعْهَا لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفَاةَ أَبِيهِ فَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ الْوَفَاةِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَالِي وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ قَدْ دَخَلَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَأَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ أَوْ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، وَإِذَا دَخَلَ فِي يَدِهِ بِأَسْبَابٍ أُخْرَى كَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ إرْثٌ فِي يَدِي

(المادة 1749) يكون اليمين إما على السبب أو على الحاصل

وَتَلْزَمُنِي الْيَمِينُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شِرَاءً وَأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَتَاتِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ مَعَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِدُخُولِ الْمَالِ إرْثًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتَاتِ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ. الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ سَلَّمَ أَحَدٌ آخَرَ فَرَسًا بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ فَاسْتَعْمَلَ الْمُسْتَوْدَعُ الْفَرَسَ بِلَا إذْنٍ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْمُودَعُ بِأَنَّ الْفَرَسَ تَلِفَتْ فِي حَالٍ الِاسْتِعْمَالِ وَطَلَبَ تَضْمِينَهَا فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْفَرَسَ تَلِفَتْ بَعْدَ تَرْكِ الِاسْتِعْمَالِ وَالتَّعَدِّي وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ فَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْهَلَاكِ بَعْدَ تَرْكِ الِاسْتِعْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ أَمَرَ إنْسَانٌ آخَرَ قَائِلًا: أَنْفِقْ عَلَى أَهْلِي وَأَوْلَادِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَا أُؤَدِّيهَا لَك ثُمَّ ادَّعَى الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ قَائِلًا: قَدْ أَنْفَقْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَأَدِّ لِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنْكَرَ الْآمِرُ الْإِنْفَاقَ فَعِنْدَ لُزُومِ تَحْلِيفِ الْيَمِينِ يَحْلِفُ الْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (الْبَزَّازِيَّةُ قُبَيْلَ آدَابِ الْقَاضِي) . مَسْأَلَةٌ - إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى الْبَتَاتِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا التَّحْلِيفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ تَكُونُ الْيَمِينُ مُعْتَبَرَةً، وَتَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا التَّحْلِيفُ عَلَى الْبَتَاتِ فَلَا تَكُونُ الْيَمِينُ مُعْتَبَرَةً حَتَّى أَنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ، وَلَا تَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَتَاتَ أَقْوَى، وَالْيَمِينَ عَلَيْهِ آكَدُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمَّا الْعَكْسُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ (الدُّرَرُ وَالْوَاقِعَاتُ) . [ (الْمَادَّةُ 1749) يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ] الْمَادَّةُ (1749) - (يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ بِوُقُوعِ خُصُوصٍ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ عَلَى بَقَاءِ خُصُوصٍ إلَى الْآنَ أَوْ عَدَمِ بَقَائِهِ فَيَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ. مَثَلًا الْيَمِينُ، فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِعَدَمِ وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَصْلًا هِيَ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ إلَى الْآنَ أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهِ فَهِيَ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ) . يَكُونُ الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ أَبَدًا، وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ بِوُقُوعِ خُصُوصٍ أَوْ بِعَدَمِ وُقُوعِهِ عَلَى السَّبَبِ، وَالْيَمِينُ عَلَى بَقَاءِ خُصُوصٍ إلَى الْآنَ أَوْ عَدَمِ بَقَائِهِ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ. مَثَلًا الْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِعَدَمِ وُقُوعِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَصْلًا هِيَ يَمِينٌ عَلَى السَّبَبِ أَمَّا الْيَمِينُ بِبَقَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ إلَى الْآنَ أَوْ بِعَدَمِ بَقَائِهِ فَهِيَ يَمِينٌ عَلَى الْحَاصِلِ.

فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ فِي حَقِّ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ فَعَلَى قَوْلٍ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ، وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَجِبُ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ فَيَنْظُرُ الْقَاضِي إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا الْحَاصِلَ فَيُحَلِّفُهُ عَلَى الْحَاصِلِ، وَإِذَا كَانَ مُنْكِرًا السَّبَبَ فَيُحَلِّفُهُ عَلَى السَّبَبِ وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الرَّأْيَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَقَاضِي خَانْ وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ خِلَافًا لِإِنْكَارِهِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ إنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقْرَضْتُك كَذَا دِرْهَمًا فَأَدِّ لِي ذَلِكَ بِبَيَانِهِ السَّبَبَ وَالْجِهَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ بِقَوْلِهِ لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَك وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ الْإِقْرَاضِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لَهُ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ اقْتَرَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ أَوْفَاهُ لِلْمُدَّعِي أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُدَّعِي مِنْ الدَّيْنِ، وَلَمْ يَبْقَ مَدِينًا لَهُ. فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي اقْتَرَضْت ثُمَّ أَوْفَيْت فَلَا يَسْتَطِيعُ الْإِثْبَاتَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ شُهُودٌ وَأَسْبَابُ ثُبُوتٍ ثُمَّ إنَّ خَصْمَهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ فَيُحْكَمُ بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الِاقْتِرَاضِ يَكُونُ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْمَالَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ لَك فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ، وَلَا يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ يُصِيبُهُ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَاعَ ثُمَّ أُقِيلَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْت ثُمَّ أَقَلْنَا الْبَيْعَ يَكُونُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْإِقَالَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ إثْبَاتٌ وَحَلَفَ خَصْمُهُ الْيَمِينَ يَضِيعُ حَقُّهُ حَتَّى أَنَّهُ لِلْخَصْمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا كَلَّفَهُ الْقَاضِي حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ أَنْ يَعْرِضَ لِلْقَاضِي قَائِلًا لَهُ: تُحَمِّلُنِي حَلِفَ الْيَمِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إنَّ الرَّجُلَ يَبِيعُ مَالًا ثُمَّ يَقْبَلُ الْبَيْعَ فِيهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ طَرِيقًا مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ مُبَيِّنًا طُولَهَا وَعَرْضَهَا وَمَوْضِعَهَا فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (وَاَللَّهِ إنَّ هَذَا الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِي) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ مَسِيلٍ فِي عَرْصَةِ آخَرَ أَوْ حَقَّ مُرُورِ مَاءِ الْأَمْطَارِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ (وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ إنَّ الْحَقَّ الَّذِي يَدَّعِيهِ هَذَا الْمُدَّعِي غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِي) . وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ الِادِّعَاءُ بِالْحَاصِلِ كَمَا أَنَّ الْإِنْكَارَ وَاقِعٌ عَلَى الْحَاصِلِ فَيَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك كَفِيلٌ عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَطْلُوبِ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ فَأَدِّ لِي ذَلِكَ الْمَبْلَغَ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لَهُ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْحَاصِلِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ مِنْ الْجِهَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْكَفَالَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كُلِّفَ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْكَفَالَةِ فَلَهُ الْحَقُّ بِالتَّعْرِيضِ لِلْقَاضِي بِأَنْ يَقُولَ: إنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ كَفِيلًا عَلَى مَالٍ ثُمَّ يُؤَدِّي الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ إنَّ الْمَكْفُولَ لَهُ يُبْرِئُ الْكَفِيلَ. (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى) .

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ غَصَبَ مَالِي الَّذِي قِيمَتُهٌ كَذَا دِرْهَمًا فَأَطْلُبُ تَسْلِيمَهُ عَيْنًا فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ مُنْكِرًا الْحَاصِلَ قَائِلًا: لَا يَلْزَمُنِي رَدٌّ أَوْ ضَمَانُ ذَلِكَ الْمَالِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ، وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ رَدَّهُ عَيْنًا أَوْ ضَمِنَهُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ قَائِلًا: قَدْ مَزَّقْت ثِيَابِي هَذِهِ فَاضْمَنْهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ قَائِلًا: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ تِلْكَ الثِّيَابِ فَيُحَلِّفُهُ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى عَدَمِ تَمْزِيقِ ثِيَابِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَزَّقَ الثِّيَابَ وَضَمِنَ بَدَلَهَا لِلْمُدَّعِي أَوْ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقَّيْنِ إنْ شَاءَ أَنْكَرَ حَاصِلَ الدَّعْوَى، وَإِنْ شَاءَ أَنْكَرَ سَبَبَهَا وَجِهَتَهَا، وَإِنَّ أَيَّ أَمْرٍ يُنْكِرُهُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِيهِ. وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ إذَا حَلَفَ فِيهَا عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. أَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى السَّبَبِ إذَا جَرَى التَّحْلِيفُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ لَا يَكُونُ هُنَاكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى السَّبَبِ آكَدُ مِنْ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ حَتَّى لَوْ ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى السَّبَبَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ. مُسْتَثْنًى: إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْحَاصِلِ تُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْمُدَّعِي فَيَقْتَضِي تَحْلِيفَ الْيَمِينِ عَلَى السَّبَبِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي دَعْوَى الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجِوَارِ، وَفِي دَعْوَى النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ. إيضَاحُ الشُّفْعَةِ - لَا شُفْعَةَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِسَبَبِ الْجِوَارِ عَلَى آخَرَ شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِلْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذَا الْعَقَارِ وَعَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَلَزِمَ تَحْلِيفُ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السَّبَبِ (وَاَللَّهِ إنِّي لَمْ أَشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي يَدَّعِي الْمُدَّعِي الشُّفْعَةَ فِيهَا) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَيْسَ لِهَذَا الْمُدَّعِي شُفْعَةٌ فِي هَذِهِ الدَّارِ) أَوْ (وَاَللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقَّ الشُّفْعَةِ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَذْكُورِ لَا شُفْعَةَ بِسَبَبِ الْجِوَارِ فَيَكُونُ الْحَالِفُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِي. إيضَاحُ النَّفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ: لَا يَلْزَمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ مِنْ مُقَلِّدِي الْمَذْهَبِ الْمَذْكُورِ زَوْجَتَهُ بَائِنًا، وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ فِي حُضُورِ قَاضٍ حَنَفِيٍّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَعِنْدَ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ هَكَذَا (وَاَللَّهِ إنَّ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةَ لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً مِنِّي) وَلَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِقَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَا يَلْزَمُنِي نَفَقَةُ هَذِهِ الْمُدَّعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ حَسَبَ اعْتِقَادِهِ فَتَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِيَةُ) (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاصِلَ الدَّعْوَى وَكَانَ السَّبَبُ ثَابِتًا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ مَثَلًا الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ بِعْت مَالِي الْفُلَانِيَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْته إيَّاهُ فَأَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْهُ وَأَنْكَرَ

(المادة 1750) إذا اجتمعت دعاوى مختلفة فتكفي فيها يمين واحدة

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ حُصُولَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ يُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ سَبَبُ الدَّيْنِ ثَبَتَ الدَّيْنُ مَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ، وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ دَفْعِهِ هَذَا. [ (الْمَادَّةُ 1750) إذَا اجْتَمَعَتْ دَعَاوَى مُخْتَلِفَةٌ فَتَكْفِي فِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ] الْمَادَّةُ (1750) - (إذَا اجْتَمَعَتْ دَعَاوَى مُخْتَلِفَةٌ فَتَكْفِي فِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَلْزَمُ التَّحْلِيفُ لِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ) . إذَا اجْتَمَعَتْ دَعَاوَى مُخْتَلِفَةٌ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَكْفِي لِجَمِيعِهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَلْزَمُ التَّحْلِيفُ لِكُلٍّ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى الثَّانِيَةِ مَوْقُوفًا عَلَى حَلِّ وَحَسْمِ الدَّعْوَى الْأُولَى بِحَلِفِ الْيَمِينِ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْلِفُ الْيَمِينَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَدِينٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَإِنِّي وَكِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ بِالِادِّعَاءِ بِالدَّيْنِ وَفِي الْقَبْضِ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَكَالَةَ وَالدَّيْنَ مَعًا. فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الْوَكَالَةَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الْمُدَّعِيَ بِالِادِّعَاءِ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبِقَبْضِهِ فَإِذَا حَلَفَ تَنْتَهِي الْخُصُومَةُ، وَإِذَا نَكَلَ تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي حَقِّ الْمَدِينِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا آخَرَ عَلَى حِدَةٍ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ (الدُّرَرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1751) كَلَّفَ الْقَاضِي مَنْ تُوَجَّهُ إلَيْهِ الْيَمِينُ وَنَكَلَ عَنْهَا] الْمَادَّةُ (1751) (إذَا كَلَّفَ الْقَاضِي مَنْ تُوَجَّهُ إلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُعَامَلَاتِ وَنَكَلَ عَنْهَا صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً بِالسُّكُوتِ بِلَا عُذْرٍ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيَبْقَى حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى حَالِهِ) إذَا كَلَّفَ مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَقَطِّعَةِ بِالْمُعَامَلَاتِ بِالْيَمِينِ مَرَّةً وَنَكَلَ عَنْهَا صَرَاحَةً بِقَوْلِهِ: لَا أَحْلِفُ أَوْ دَلَالَةً بِالسُّكُوتِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ 67 أَيْ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ إمَّا بَذْلًا أَوْ إقْرَارًا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيَبْقَى حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ قَدْ بَطَلَ حَقُّ الْيَمِينِ وَلَا يَعُودُ الْحَقُّ السَّاقِطُ وَلَا يُنْقَضُ أَيْضًا حُكْمُ الْقَاضِي فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كُلِّفَ أَحَدٌ مَرَّةً بِحَلِفِ الْيَمِينِ وَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ فَالْحُكْمُ عَلَى النَّاكِلِ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَلَّفَ بِالْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنَّنِي أُكَلِّفُك بِحَلِفِ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا حَلَفْت فَبِهَا، وَإِلَّا فَسَأَحْكُمُ عَلَيْك) وَلَكِنْ لَوْ كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ بِقَوْلِهِ: لَا أَحْلِفُ، إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ عَادَ وَقَالَ: أَحْلِفُ، فَيَحْلِفُ الْيَمِينَ وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّحْلِيفَ لَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ لِحُكْمِ الْقَاضِي

(المادة 1752) تعتبر يمين الأخرس ونكوله عن اليمين بإشارته المعهودة

إذَا نَكَلَ. - أَمَّا إذَا كُلِّفَ أَحَدٌ بِحَلِفِ الْيَمِينِ وَطَلَبَ الِاسْتِمْهَالَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ بَلْ يُمْهِلُهُ. فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى يَمِينِهِ - إنَّ هَذَا الْقَيْدَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُدَّعِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ تُقْبَلُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ. إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ قُدِّمَ الْمَعِيبُ الْمَذْكُورُ، وَلَدَى الِاسْتِحْلَافِ وَالنُّكُولِ حَكَمَ الْقَاضِي بِإِعَادَةِ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ، وَأَثْبَتَ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ. إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا إنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعِنْدَ اسْتِحْلَافِهِ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَحَكَمَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْفَرَسِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورَ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: إنَّنِي اشْتَرَيْتُ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ مِنْهُ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ يُقْبَلُ وَلَا يُحْرَمُ مِنْ حَقِّهِ؛ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَذَا الدَّفْعِ أَوَّلًا وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِسُكُوتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . [ (الْمَادَّةُ 1752) تُعْتَبَرُ يَمِينُ الْأَخْرَسِ وَنُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ] الْمَادَّةُ (1752) - (تُعْتَبَرُ يَمِينُ الْأَخْرَسِ وَنُكُولُهُ عَنْ الْيَمِينِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (70) فَعَلَيْهِ إذَا قَصَدَ تَحْلِيفَ الْأَخْرَسِ يُقَالُ لَهُ (إذَا كَانَ هَذَا الْحَقُّ لَازِمًا عَلَيْك لِلْمُدَّعِي فَهَلْ يَلْزَمُك عَلَى عَهْدِ اللَّهِ - تَعَالَى -) فَإِذَا بَيَّنَ إشَارَتَهُ الْمَعْهُودَةَ ب (نَعَمْ) يُتِمُّ الْيَمِينَ. [ (الْمَادَّةُ 1753) إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ] مُلْحَقٌ. الْمَادَّةُ (1753) - (إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي شَاهِدٌ سِوَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: لِي شَاهِدٌ آخَرُ فَلَا يُقْبَلُ) . إذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ، أَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي شَاهِدٌ سِوَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ قَالَ: لِي شَاهِدٌ آخَرُ سَأُقِيمُهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إحْضَارَ الْمُدَّعِي الشُّهُودَ بَعْدَ قَوْلِهِ لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَلَا يُقْبَلُ الْقَوْلُ الْمُتَنَاقِضُ. أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي حَقٌّ عِنْدَ فُلَانٍ مُطْلَقًا ثُمَّ إنَّهُ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِذَا قَالَ: لِي شَاهِدٌ آخَرُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: كُلُّ شَاهِدٍ أُقِيمُهُ هُوَ شَاهِدُ زُورٍ، أَوْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا لَيْسَا بِشَاهِدَيْنِ وَلَا يَعْلَمَانِ الْمَشْهُودَ بِهِ ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ إقَامَةَ شُهُودٍ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ الْآنِفُ الذِّكْرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالْوَاقِعَاتُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . يُفْهَمُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ خُصُوصَ نَفْيِ وَحَصْرِ الشَّاهِدِ قَدْ حَصَلَ مِنْ الْمُدَّعِي بِنَفْسِهِ إذْ إنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَ الْمُدَّعِيَ عَلَى نَفْيِ وَحَصْرِ الشُّهُودِ؛ لِأَنَّ إجْبَارَ الْمُدَّعِي عَلَى إيقَاعِ تَنَاقُضٍ لَيْسَ صَحِيحًا وَجَائِزًا وَقَدْ أَوْضَحَتْ جَمْعِيَّةُ الْمَجَلَّةِ الْمُلْغَاةُ هَذِهِ الْمَادَّةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا دَعْوَى

خلاصة الباب الثالث في الحلف

وَيَجُوزُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ فِيمَا لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ الْحِسْبِيَّةِ الَّتِي لَمْ تَتَأَخَّرْ بِلَا عُذْرٍ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ فِي الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْيَتِيمِ وَغَيْرِ الرَّشِيدِ أَوْ قَوْلَ أَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ فِي دَعْوَى تَتَعَلَّقُ بِبَيْتِ الْمَالِ: لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ تَوْفِيقًا لِمَسْأَلَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ قَوْلِهِ لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَشْهَدَ فِي غِيَابِي فُلَانًا وَفُلَانًا فِي الْخُصُوصِ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَدْ كُنْتُ غَيْرُ مُطَّلِعٍ عَلَى ذَلِكَ فَقُلْت لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا وَبِمَا أَنِّي قَدْ وَقَفْتُ مُؤَخَّرًا عَلَى وُجُودِ شُهُودٍ فَلَدَيَّ شُهُودٌ الْآنَ وَتَصَدَّى بِذَلِكَ التَّوْفِيقِ الْكَلَامَيْنِ الْمُتَنَاقِضَيْنِ فَيُقْبَلُ الشُّهُودُ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِي شَاهِدٌ مُطْلَقًا إنَّمَا قَالَ لَيْسَ لَهُ شُهُودٌ لِنِسْيَانِهِ الشُّهُودَ، وَأَنَّهُ قَدْ تَذَكَّرَ الْآنَ وُجُودَهُمْ فَلَا يُقْبَلُ الشُّهُودُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ بِعُذْرٍ كَهَذَا لَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ الَّذِي وَقَعَ مُؤَخَّرًا، وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ اسْتِمَاعِ الشُّهُودِ الَّذِينَ سَيُقِيمُهُمْ. انْتَهَى. كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُتَوَلِّي فِي دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِالْوَقْفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ شُهُودٌ ثُمَّ أَقَامَ شُهُودًا يُقْبَلُ مِنْهُ. أَمَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ: لَيْسَ لَدَيْنَا شَهَادَةٌ فِي حَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ شَهِدُوا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يُوَفِّقُوا كَلَامَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ قَوْلَنَا لَيْسَ لَنَا شَهَادَةٌ فِي حَقِّ الدَّعْوَى لِنِسْيَانِنَا شَهَادَتِنَا وَمَعْلُومَاتِنَا، وَقَدْ تَذَكَّرْنَا ذَلِكَ الْآنَ وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى لَا تُقْبَلُ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَابْنُ نُجَيْمٍ) وَلَا يُوجَدَ شَيْءٌ فِي الْمَجَلَّةِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. [خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْحَلِفِ] خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّالِثِ الْحَلِفُ يَكُونُ بِاسْمِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ يُشْتَرَطُ شَرْطَانِ لِاعْتِبَارِ الْيَمِينِ، (1) أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ (2) أَنْ يَكُونَ التَّحْلِيفُ مِنْ الْقَاضِي. الْيَمِينُ تَكُونُ أَبَدًا عَلَى النَّفْيِ عَلَى وَجْهَيْنِ. (1) الْيَمِينُ إمَّا عَلَى السَّبَبِ كَالْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ شَيْءٍ مَا أَوْ عَلَى الْحَاصِلِ كَالْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ بَقَاءِ شَيْءٍ مَا. أَوْ عَلَى الْبَتَاتِ. كَالْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ بِفِعْلِهِ مِنْ وَجْهٍ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ ادَّعَى بِلُحُوقِ عِلْمِهِ فِيهِ. (2) الْيَمِينُ أَوْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَهُوَ حَلِفُ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ. لَا تَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ: يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً. (3) التَّحْلِيفُ: يُمْكِنُ وَضْعُ قَاعِدَتَيْنِ عُمُومِيَّتَيْنِ لِمَسَائِلِ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَوَجُّهِهَا.

الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: كُلُّ مَوْضِعٍ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهِ بِإِقْرَارِهِ تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ (وَلِذَلِكَ مُسْتَثْنَيَاتٌ) . الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: كُلُّ شَخْصٍ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ فِي خُصُوصِ مَا لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَالَةَ الْإِنْكَارِ كَمَسَائِلِ الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْمُتَوَلِّي (وَلَهَا مُسْتَثْنًى) . وَهُوَ يَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ فِي دَعَاوَى الْوَقْفِ وَالصَّغِيرِ فِي الْعُقُودِ الَّتِي يَتَوَلَّاهَا الْوَلِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي. تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي التَّحْلِيفِ. وَلِوَكِيلِ الْمُدَّعِي طَلَبُ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ طَلَبُ الْخَصْمِ فِي التَّحْلِيفِ (وَلَهُ مُسْتَثْنَيَاتٌ) . التَّحْلِيفُ حَقُّ الْقَاضِي، فِي التَّحْلِيفِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. 1 - عَلَى الْحَاصِلِ. 2 - عَلَى السَّبَبِ. 3 - عَلَى رَأْيِ الْقَاضِي إنْ شَاءَ حَلَّفَ عَلَى الْحَاصِلِ أَوْ عَلَى السَّبَبِ. 4 - يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْإِنْكَارُ عَلَى الْحَاصِلِ يُحَلِّفُ عَلَى الْحَاصِلِ.

الباب الرابع في التنازع وترجيح البينات ويشتمل على أربعة فصول

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي التَّنَازُعِ وَتَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي] ٍ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي. فَائِدَةٌ: وَضَاعَةُ الْيَدِ - يَدَّعِي نِزَاعَ أَشْخَاصٍ عَدِيدِينَ فِي حَقِّ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالٍ (التَّنَازُعُ بِالْأَيْدِي) إنَّ وَضْعَ الْيَدِ عَلَى مَالٍ مُجَرَّدًا عَنْ الْمِلْكِيَّةِ مُوجِبٌ لِلْفَائِدَةِ وَبَاعِثٌ لِلنِّزَاعِ وَتُقْبَلُ فِيهَا الدَّعْوَى، وَإِثْبَاتُهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ فَيُسْتَدَلُّ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ بِظَاهِرِ الْيَدِ. وَإِنَّ تَمْيِيزَ ذِي الْيَدِ مِنْ الْخَارِجِ أَيْ تَمْيِيزَ ذِي الْيَدِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ مِنْ أَهَمِّ الْمَسَائِلِ الضَّرُورِيَّةِ فِي الدَّعْوَى إذْ إنَّهُ بِهَا يُعْلَمُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَنَّهُ يَنْكَشِفُ بِهَا أَيُّ الطَّرَفَيْنِ فِي الدَّعْوَى مُدَّعٍ، وَأَيُّهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْخَارِجُ مُدَّعِيًا وَذُو الْيَدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَيُطْلَبُ إثْبَاتُ الدَّعْوَى مِنْ الْخَارِجِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) فَإِذَا أَثْبَتَهَا فِيهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذُو الْيَدِ الْمُنْكِرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) فَإِذَا نَكَلَ يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي بِالْمُدَّعَى بِهِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1820) بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ فَيُحْكَمُ لِصَالِحِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ وَلَا يُحْكَمُ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فَتُقْبَلُ مِنْهُ وَيُحْكَمُ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1751) تُسْتَمَعُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ شُهُودٌ بَعْدَ الْيَمِينِ. (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لَا اعْتِبَارَ لِلتَّبَدُّلِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ أَثْنَاءَ الدَّعْوَى وَهُوَ. أَوَّلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِثْبَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ بَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجِهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ، وَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ بَاعَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِآخَرَ لَا تُقْبَلُ إلَّا أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَأَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ وَيَأْخُذَهُ مِنْهُ. ثَانِيًا: إذَا أَقَامَ أَحَدٌ الدَّعْوَى بِالْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ فَبَاعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَقَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِآخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالُهُ

(المادة 1754) يلزم إثبات وضع اليد بالبينة في العقار المنازع فيه

تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَإِذَا أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي فِي مُوَاجَهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ شِرَاءَهُ الْمَالَ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي صَدَرَ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ هُوَ حُكْمٌ أَيْضًا عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ (الْخَانِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ. وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَكَلَّفَتْهُ الْمَحْكَمَةُ لِيُحْضِرَ الْمُدَّعِي شُهُودَهُ فَبَاعَ ذُو الْيَدِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَوْدَعَ الْمَالَ لِلْبَائِعِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَغَابَ الشَّخْصُ الثَّالِثُ، وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالْبَيْعِ الَّذِي أَجْرَاهُ ذُو الْيَدِ بِالْإِيدَاعِ الْمَذْكُورِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعِي مُقِرًّا بِذَلِكَ أَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِالْبَيْعِ وَالْإِيدَاعِ فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ عَلَى ذِي الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَتُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَا تُقْبَلْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى كَوْنِهِ بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ إلَى شَخْصٍ ثَالِثٍ، وَأَنَّهُ اسْتَلَمَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْوَدِيعَةِ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1754) يَلْزَمُ إثْبَاتُ وَضْعِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ] الْمَادَّةُ (1754) - (يَلْزَمُ إثْبَاتُ وَضْعِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ وَلَا يُحْكَمُ بِتَصَادُقِ الطَّرَفَيْنِ يَعْنِي لَا يُحْكَمُ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنِّي كُنْت اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْك أَوْ كُنْت غَصَبْته مِنِّي فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَيْضًا لَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ ذِي الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا بَلْ إذَا وُجِدَ فِي يَدِ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ فَهُوَ ذُو الْيَدِ، وَتَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ كَافٍ فِي هَذَا) . إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْعَقَارِ الْمُنَازَعِ فِيهِ فَلِأَجْلِ صِحَّةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَلْزَمُ إثْبَاتُ وَضَاعَةِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ هِيَ دَعْوَى إزَالَةِ الْيَدِ وَتَرْكِ التَّعَرُّضِ، وَطَلَبُ إزَالَةِ الْيَدِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى ذِي الْيَدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) . وَلَا تَثْبُتُ وَضَاعَةُ الْيَدِ بِعِلْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ (الْحَمَوِيُّ) . وَكَمَا إنَّهُ تَجُوزُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ مِنْ الْخَارِجِ تَجُوزُ إقَامَتُهَا أَيْضًا مِنْ ذِي الْيَدِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ الْعَقَارَ الْفُلَانِيَّ هُوَ مِلْكِي، وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَجِبُ أَوَّلًا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَضْعِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ ثَانِيًا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ مِلْكُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّنِي وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الْعَقَارِ فَلَهُ أَيْضًا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِيَّتِهِ فِي الْعَقَارِ. أَمَّا إذَا قَالَ شَاهِدَانِ: إنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ وَعَلَى كَوْنِ الْعَقَارِ مِلْكًا لِلْخَارِجِ مَعًا بِقَوْلِهِمَا: إنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا الْعَقَارَ هُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَشَهِدَا بِذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ

شَهِدَ شَاهِدَانِ أَوَّلًا بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ شَهِدَ الْمَذْكُورَانِ أَوْ شَاهِدَانِ خِلَافُهُمَا بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الزَّيْلَعِيّ اسْتِنْبَاطًا) وَنَظِيرُهُ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِبَيْعٍ مَحْدُودٍ بِذِكْرِ حُدُودِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَشَهِدُوا عَلَى الْخَصْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ آخَرَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ الْمَحْدُودَ بِتِلْكَ الْحُدُودِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَصِحَّ بِهِ الْقَضَاءُ (أَبُو السُّعُودِ) . وَلَا يُحْكَمُ بِوَضَاعَةِ الْيَدِ بِتَصَادُقِ الطَّرَفَيْنِ يَعْنِي لَا يُحْكَمُ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَلَا يُسْتَمَعُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ عَلَى دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ يَتَصَادَقَانِ وَيَتَّفِقَانِ فِي مَسْأَلَةِ وَضْعِ الْيَدِ فَتَكُونُ وَسِيلَةً لِأَخْذِهِمَا عَقَارَ الْغَيْرِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ثَبَتَتْ وَضَاعَةُ الْيَدِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَثَبَتَتْ الْمِلْكِيَّةُ بِالشُّهُودِ وَحُكِمَ بِهَا لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ (الْخَانِيَّةُ فِي الدَّعْوَى وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَمَعَ أَنَّ التَّصَادُقَ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ لَا يَكْفِي لِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ إلَّا أَنَّ التَّصَادُقَ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَافٍ لِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنَّهُ: إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ مُتَصَادِقَيْنِ بِأَنَّ ذَا الْيَدِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ مِلْكًا. لِلْمُدَّعِي فَإِذَا نَكَلَ يُؤْمَرُ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي شُهُودٌ عَلَى وَضْعِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ فَإِذَا نَكَلَ يَحْلِفُ ثَانِيًا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي فَإِذَا نَكَلَ يُؤْمَرُ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُوجَدُ خَمْسَةُ احْتِمَالَاتٍ فِي وَضْعِ الْيَدِ. الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ ذُو الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ عَلَى مِلْكِيَّةِ الْمُدَّعِي فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: مَا دَامَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِك فَهُوَ مِلْكُك فَمَا شَأْنُك مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُعَارِضُ فِيهِ فَأَطْلُبُ دَفْعَ تَعَرُّضِهِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1613) . (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ تَثْبُتْ وَضَاعَةُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ، وَأَنَّ مَا بَيَّنَتْهُ الْمَجَلَّةُ فِي تَقْرِيرِهَا يَشْمَلُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ، وَأَنْ يُثْبِتَ وَضَاعَةَ يَدِهِ بِالْبَيِّنَةِ. الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ وَمُنْكِرًا ذَلِكَ فَيُثْبِتُ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ وَضَاعَةَ يَدِهِ. وَإِنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ الْمَجَلَّةِ تَشْمَلُ الِاحْتِمَالَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ. فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ عَقَارًا وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ تَحْتَ يَدِي، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شُهُودًا شَهِدُوا بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ (الْخَانِيَّةُ) .

الِاحْتِمَالُ الْخَامِسُ: أَنْ يَدَّعِيَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ وَسَيَجِيءُ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ إثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ مَسَائِلُ الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ، وَهِيَ أَنَّهُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنِّي كُنْت اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْك أَوْ مِنْ مُوَرِّثِك فُلَانٍ أَوْ كُنْت غَصَبْته مِنِّي فَيَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ (الْحَمَوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْغَصْبِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ ذِي الْيَدِ وَمِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ، فَعَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ ادِّعَاءُ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ قَائِلًا (أَنْتَ غَصَبْت عَقَارِي الْفُلَانِيَّ وَهُوَ فِي يَدِك فَسَلِّمْهُ لِي) يَصِحُّ أَيْضًا ادِّعَاؤُهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (أَنْتَ غَصَبْت عَقَارِي وَبِعْته وَسَلَّمْته لِفُلَانٍ فَاضْمَنْ بَدَلَهُ) حَيْثُ إنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ الْعَقَارَ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ رَدِّهِ، وَإِعَادَتِهِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ بَدَلِهِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1635) رَدُّ الْمُحْتَارِ. ادِّعَاءُ الْغَصْبِ - يَكُونُ أَوَّلًا بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: غَصَبْت. ثَانِيًا بِقَوْلِهِ: إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكِي وَقَدْ كَانَ فِي يَدِي لِحِينِ أَنْ حَدَثَتْ يَدُك عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا تَكُونُ دَعْوَى الْغَصْبِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكِي، وَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ مِلْكِي وَكَانَ تَحْتَ يَدِي، وَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْغَصْبِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي دَعْوَى الْفِعْلِ عَلَى ذِي الْيَدِ فَلَا حَاجَةَ لِإِقَامَةِ الشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ وَالتَّسْهِيلِ) . صُورَةُ وَضْعِ الْيَدِ فِي الْعَقَارِ: إنَّ وَضَاعَةَ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ أَنْ يُسْكَنَ فِيهَا أَوْ أَنْ يُحْدَثَ أَبْنِيَةٌ فِيهَا. وَفِي الْعَرْصَةِ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ غَرْسُ أَشْجَارٍ أَوْ زَرْعُ مَزْرُوعَاتٍ أَوْ إنْشَاءُ أَبْنِيَةٍ أَوْ صُنْعُ لَبِنٍ وَفِي الْحَرَجِ وَالْغَابِ قَطْعُ الْأَشْجَارِ مِنْهَا وَبَيْعُهَا وَبِالِانْتِفَاعِ مِنْهَا بِوَجْهٍ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْمَرْعَى قَلْعُ الْحَشَائِشِ وَحِفْظُهَا أَوْ بَيْعُهَا أَوْ رَعْيِ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1679) وَشَرْحَهَا. وَفِي الْحَائِطِ الِاتِّصَالُ بِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ وَضْعُ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ. أَمَّا وُجُودُ مِفْتَاحِ بَابِ الدَّارِ فِي يَدِ أَحَدٍ فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي يَدِهِ ذَا يَدٍ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا فِي دَارٍ، وَأَشْيَاؤُهُ مَوْضُوعَةً فِيهَا وَكَانَ مِفْتَاحُ تِلْكَ الدَّارِ فِي يَدِ آخَرَ فَالْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ هُوَ السَّاكِنُ فِيهَا، وَلَيْسَ حَامِلُ مِفْتَاحِ بَابِهَا.

اتِّصَالُ التَّرْبِيعِ - أَنْ تَكُونَ أَحْجَارُ حَائِطٍ مُتَدَاخِلَةً فِي أَحْجَارِ حَائِطٍ آخَرَ، فَعَلَيْهِ فِي حَالَةِ تَنَازُعٍ عَلَى حَائِطٍ يَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا اتِّصَالًا تَرْبِيعِيًّا أَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْحَائِطِ جُذُوعٌ فَيَعُدُّ الْحَائِطَ أَنَّهُ تَحْتَ يَدِهِ. وَسَبَبُ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ بِالِاتِّصَالِ التَّرْبِيعِيِّ هُوَ لِأَنَّ حَائِطَيْنِ مَعَ حَائِطَيْنِ آخَرَيْنِ مُحَازِيَيْنِ لَهُمَا يُحِيطَانِ مَكَانًا مُرَبَّعًا. وَمُخَالِفُ الِاتِّصَالِ التَّرْبِيعِيِّ اتِّصَالُ الْمُلَاصَقَةِ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحْجَارُ حَائِطٍ أَوْ لَبِنُهُ مُتَّصِلَةً بِأَحْجَارِ الْحَائِطِ الْآخَرِ أَوْ بِلَبِنِهِ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ تَدَاخَلَ فِيهَا، فَلِذَلِكَ إذَا خُرِقَ حَائِطٌ وَوُضِعَتْ فِي الْخَرْقِ أَحْجَارُ الْحَائِطِ الْآخَرِ فَالِاتِّصَالُ الَّذِي حَصَلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ اتِّصَالًا تَرْبِيعِيًّا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي) . إنَّ الَّذِي يُحْدِثُ يَدَهُ تَغَلُّبًا عَلَى مَالٍ لَا يُعَدُّ وَاضِعًا الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ لِلْقَاضِي إحْدَاثُ يَدِهِ تَغَلُّبًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يُؤْمَرُ بِرَدِّ الْمَالِ الْمَذْكُورِ إلَى الشَّخْصِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ وَيُعَدُّ ذَلِكَ الشَّخْصُ ذَا الْيَدِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَصِحُّ دَعْوَى وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ، وَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ بِأَنَّ وَضْعَ يَدِهِ عَلَى الْمَالِ بِحَقٍّ، وَأَنْكَرَ التَّغَلُّبَ يَحْلِفُ بِالطَّلَبِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ كَانَ مُنْذُ شَهْرَيْنِ تَحْتَ يَدِي بِحَقٍّ، وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَهُ وَغَصَبَهُ مِنِّي جَبْرًا وَتَحَقَّقَ الْأَخْذُ بِالْجَبْرِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُ رَدُّ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الرَّدَّ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمَذْكُورَ هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ ذُو الْيَدِ مُدَّعِيًا عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ الْآخَرُ مُدَّعِيًا وَتُفْصَلُ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ. (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَأَيْضًا لَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ ذِي الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا وَتُعْلَمُ وَضَاعَةُ الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ أَيْضًا بِمُعَايَنَةِ الْقَاضِي فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ الْمَنْقُولُ فِي يَدِ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ فَهُوَ ذُو الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1621) يَلْزَمُ إحْضَارُ الْمَنْقُولِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَيُفْهَمُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْمَنْقُولِ بِرُؤْيَتِهِ فِي يَدِهِ فَلِذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ ذِي الْيَدِ عَلَى الْمَنْقُولِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْعَقَارِ وَيَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ تَثْبُتُ وَضَاعَةُ الْيَدِ عَلَى الْمَنْقُولِ: (1) بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ. (2) بِالْإِقْرَارِ (3) بِالْبَيِّنَةِ مَثَلًا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَ الْمَالِ الْمَنْقُولِ فِي يَدِهِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالَ الْمَنْقُولَ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُعْتَبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي التَّنَازُعِ) . بَعْضُ التَّصَرُّفَاتِ لِوَضَاعَةِ الْيَدِ الَّتِي تُرَجَّحُ عَنْ بَعْضِهَا أَوْ تَتَسَاوَى فِيهَا فَيُرَجَّحُ: 1 - لَابِسُ الثَّوْبِ عَلَى الْآخِذِ بِالْكُمِّ. 2 - رَاكِبُ الدَّابَّةِ عَلَى الْآخِذِ بِاللِّجَامِ. 3 - رَاكِبُ السَّرْجِ عَلَى الرَّدِيفِ. 4 - صَاحِبُ الْحِمْلِ عَلَى مُعَلِّقِ الْكُوزِ. 5 - مُمْسِكُ اللِّجَامِ عَلَى الْقَابِضِ عَلَى الذَّنَبِ.

إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى - إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي ثِيَابٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا لَابِسُهَا وَالْآخَرُ آخِذٌ بِأَكْمَامِهَا فَيُعَدُّ اللَّابِسُ ذَا الْيَدِ عَلَى الثِّيَابِ. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ - إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى حَيَوَانٍ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبَهُ وَالْآخَرُ آخِذًا بِلِجَامِهِ فَيُعَدُّ الرَّاكِبُ أَوْلَى مِنْ الْآخِذِ؛ لِأَنَّ تَصَرَّفَهُ أَقْوَى (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ - إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى حَيَوَانٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا عَلَى السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفًا فَيُعَدُّ الرَّاكِبُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الرُّكُوبِ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدِهِ. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ - إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى حَيَوَانٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا مُحَمِّلًا حِمْلَهُ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُعَلِّقًا كُوزَهُ فَيُعَدُّ صَاحِبُ الْحِمْلِ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ صَاحِبِ الْحِمْلِ فِي الْحَيَوَانِ أَكْثَرُ مِنْ تَصَرُّفِ الْآخَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي) . كَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى قِطَارِ جِمَالٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا قَائِدًا وَالْآخَرُ رَاكِبًا عَلَى جَمَلٍ مِنْ ذَلِكَ الْقِطَارِ فَإِذَا وُجِدَتْ جِمَالٌ، وَأَثْقَالٌ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْجَمَلِ فَتَكُونُ جَمِيعُ الْجِمَالِ لِلرَّاكِبِ وَيُعَدُّ الْآخَرُ أَجِيرَ الرَّاكِبِ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ - إذَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ عَلَى حَيَوَانٍ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا آخِذًا بِلِجَامِهِ وَالْآخَرُ آخِذًا بِذَنَبِهِ فَالْآخِذُ بِاللِّجَامِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْآخِذَ بِاللِّجَامِ الْمَالِكُ أَمَّا الْآخِذُ بِالذَّنَبِ فَيُمْكِنُ لِغَيْرِ الْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ (الدُّرَرُ) . وَيَتَسَاوَى فِي وَضْعِ الْيَدِ: 1 - الرَّاكِبَانِ بِلَا سَرْجٍ. 2 - الرَّاكِبَانِ عَلَى سَرْجٍ. 3 - الْجَالِسُ عَلَى الْبِسَاطِ وَالْمُمْسِكُ بِهِ. 4 - أَنْ يُمْسِكَ طَرَفًا مِنْ الثِّيَابِ وَالْآخَرُ طَرَفًا آخَرَ مِنْهَا. 5 - الْجَالِسَانِ عَلَى الْبِسَاطِ. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى - إذَا كَانَ اثْنَانِ رَاكِبَيْنِ عَلَى حَيَوَانٍ بِلَا سَرْجٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ الْحَيَوَانَ مِلْكُهُ فَيُحْكَمُ بِوَضَاعَةِ يَدِهِمَا عَلَيْهِ مُنَاصَفَةً. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ - إذَا كَانَ اثْنَانِ رَاكِبَيْنِ عَلَى حَيَوَانٍ ذِي سَرْجٍ وَاخْتَلَفَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ الْحَيَوَانِ. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ - لَوْ كَانَ أَحَدُ شَخْصَيْنِ جَالِسًا عَلَى الْبِسَاطِ وَالْآخَرُ مُمْسِكًا بِهِ وَاخْتَلَفَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيُعْتَبَرَانِ وَاضِعَيْ الْيَدِ مُنَاصَفَةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ - لَوْ كَانَ أَحَدُ اثْنَيْنِ مُمْسِكًا أَحَدَ طَرَفَيْ الثِّيَابِ وَالْآخَرُ مُمْسِكًا الطَّرَفَ

(المادة 1755) تنازع شخصان في عقار وادعى كل منهما كونه ذا اليد في ذلك العقار

الْآخَرَ وَتَنَازَعَا عَلَى الثِّيَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً وَلَوْ كَانَ الْقِسْمُ الَّذِي فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَزِيدَ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي فِي يَدِ الْآخَرِ. إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ - إذَا كَانَ اثْنَانِ جَالِسَيْنِ عَلَى بِسَاطٍ وَاخْتَلَفَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُمَا وَاضِعَا الْيَدِ مُنَاصَفَةً (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1755) تَنَازَعَ شَخْصَانِ فِي عَقَارٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ] الْمَادَّةُ (1755) (إذَا تَنَازَعَ شَخْصَانِ فِي عَقَارٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ تُطْلَبُ أَوَّلًا الْبَيِّنَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كَوْنِهِ ذَا الْيَدِ فَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ يَدُهُمَا مُشْتَرَكًا عَلَى الْعَقَارِ، وَإِذَا أَظْهَرَ أَحَدُهُمَا الْعَجْزَ عَنْ إثْبَاتِ وَضْعِ يَدِهِ، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ وَيُعَدُّ الْآخَرُ خَارِجًا، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ أَحَدٌ مِنْ الْخَصْمَيْنِ كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَلَبِ الْآخَرِ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ خَصْمِهِ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ فَإِنْ نَكَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ كَوْنُهُمَا ذَوَيْ الْيَدِ مُشْتَرِكًا فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ يَكُونُ الْحَالِفُ وَاضِعَ الْيَدِ مُسْتَقِلًّا فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ، وَيُعَدُّ الْآخَرُ خَارِجًا، وَإِنْ حَلَفَ كِلَاهُمَا فَلَا يُحْكَمُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ وَيُوقَفُ الْعَقَارُ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى وَقْتِ ظُهُورِ حَقِيقَةِ الْحَالِ) . إذَا تَنَازَعَ شَخْصَانِ فِي عَقَارٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ أَوَّلًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى كَوْنِهِ ذَا الْيَدِ أَيْ قَبْلَ اسْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ وَبِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ يُمَيَّزُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَنْكَشِفُ عَلَى مَنْ تَتَوَجَّهُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُمَا فَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ يَدُهُمَا مَعًا عَلَى الْعَقَارِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْقِسْمِ الْوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَمُدَّعِيًا فِي الْقِسْمِ الَّذِي يَكُون فِيهِ خَارِجًا؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي أَسْبَابِ الثُّبُوتِ إلَّا أَنَّهُ مَا لَمْ يَثْبُتُ كَوْنُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ فَلَا يُقْسَمُ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا بِسَبَبِ ثُبُوتِ وَضَاعَةِ يَدِهِمَا مُشْتَرَكًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ مُتَنَوِّعٌ كَيَدِ الِاسْتِعَارَةِ وَيَدِ الِاسْتِئْجَارِ وَيَدِ الِارْتِهَانِ وَيَدِ الْغَصْبِ فَلَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ بِثُبُوتِ وَضْعِ الْيَدِ (الْخَيْرِيَّةُ) . وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1679) أَنَّ بَيِّنَةَ التَّارِيخِ الْمُؤَخَّرِ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ مُرَجِّحَةٌ. أَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ذُو الْيَدِ عَلَى ذَلِكَ الْعَقَارِ مُسْتَقِلًّا وَادَّعَى الْآخِرُ أَنَّهُ ذُو الْيَدِ عَلَيْهِ مُشْتَرِكًا مَعَ خَصْمِهِ، وَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَهَلْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا قِيَاسًا عَلَى أَحْكَامِ الْمَادَّةِ (1762 و 1756) ؟ ، وَإِذَا أَظْهَرَ أَحَدُهُمَا الْعَجْزَ عَنْ إثْبَاتِ وَضْعِ يَدِهِ، وَأَقَامَ الْآخِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ وَاضِعَ الْيَدِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ مُسْتَقِلًّا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَيُعَدُّ الْآخَرُ خَارِجًا وَمُدَّعِيًا وَتَكُونُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ مَقْبُولَةً

وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَيْهَا غَيْرَ مَقْبُولَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1758) (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ) . يَسْأَلُ الْقَاضِي الشُّهُودَ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ هَلْ هُمْ يَشْهَدُونَ عَلَى وَضَاعَةِ يَدِ ذِي الْيَدِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ بِنَاءً عَلَى مُشَاهَدَتِهِمْ فَإِذَا قَالُوا إنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْإِقْرَارِ فَيَرُدُّهَا، وَإِذَا بَيَّنُوا أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُعَايَنَةِ فَيَقْبَلُهَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ كَوْنَهُ ذَا الْيَدِ حَالَ كَوْنِهِ يَدَّعِي بِذَلِكَ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَتَاتِ بِطَلَبِ الْآخَرِ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ خَصْمِهِ ذَا الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ وَسَبَبُ كَوْنِ صُورَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْبَتَاتِ مَعَ كَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ يُفْهَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1748) . كَانَ يَجِبُ تَوْفِيقًا لِلْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1742) عَدَمُ لُزُومِ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ إقْرَارٌ وَعِنْدَ الْإِمَامِ بَذْلٌ، وَإِحْسَانٌ وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي وَضَاعَةِ الْيَدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا الْبَذْلُ وَالْإِحْسَانُ فِيهِ؟ وَفِي هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيِّ أُجِيبَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الظَّاهِرِ كِفَايَتُهُ، وَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ أَنَّ تَحْلِيفَ الْمُتَغَلِّبِ هَهُنَا لَيْسَ لِأَجْلِ كَوْنِ الضَّيَاعِ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ الْمُدَّعِي وَالْمُتَغَلِّبِ، وَإِنَّمَا التَّحْلِيفُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ التَّغَلُّبِ وَالْأَخْذِ مِنْ جِهَتِهِ، وَأَخْذُ الْعَقَارِ وَالتَّغَلُّبُ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَلَا يُرَى أَنَّهُ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِغَصْبِ الْعَقَارِ وَالْغَصْبُ لَيْسَ إلَّا الْأَخْذَ بِطَرِيقِ التَّغَلُّبِ (هَامِشُ الْأَنْقِرْوِيِّ) . فَإِنْ نَكَلَ كِلَاهُمَا عَنْ الْيَمِينِ يَثْبُتُ كَوْنُهُمَا ذَوَيْ الْيَدِ مُشْتَرَكًا فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا فِي الْقِسْمِ الْخَارِجِ فِيهِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي الْقِسْمِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ يُحْكَمُ لَهُ بِمَلَكِيَّةِ جَمِيعِ الْعَقَارِ، يُحْكَمُ لَهُ بِالنِّصْفِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ بِاعْتِبَارِهِ ذَا الْيَدِ وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ لِإِثْبَاتِهِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ قَدْ اُسْتُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ بِالْبَيِّنَةِ (الشَّارِح) وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُهُمَا إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالطَّلَبِ عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ الْمِلْكِيَّةَ، وَإِذَا نَكَلَ كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْحِصَّةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْآخَرُ، وَإِذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ يُحْكَمُ بِجَمِيعِ الْعَقَارِ لِمَنْ حَلَفَ الْيَمِينَ يُحْكَمُ لَهُ بِالنِّصْفِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ. وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ يُحْكَمُ بِكَوْنِ الْحَالِفِ وَاضِعَ الْيَدِ مُسْتَقِلًّا بِذَلِكَ الْعَقَارِ وَيُعَدُّ الْآخَرُ خَارِجًا وَيَكُونُ الْخَارِجُ مُدَّعِيًا وَذَا الْيَدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ، وَإِذَا أَقَرَّ ذُو الْيَدِ لَدَى السُّؤَالِ بِأَنَّ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي يُحْكَمُ بِرَدِّهِ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي حَسَبَ الشَّرْحِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَإِذَا أَثْبَتَ يُضْبَطُ الْعَقَارُ، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ عَلَى كَوْنِ الْعَقَارِ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا نَكَلَ يُحْكَمُ بِرَدِّ الْعَقَارِ لِلْمُدَّعِي أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةِ) . وَإِذَا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَلَا يُحْكَمُ لِأَحَدٍ مِنْهُمَا بِكَوْنِهِ ذَا الْيَدِ وَيُوقَفُ الْعَقَارُ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى ظُهُورِ حَقِيقَةِ الْحَالِ أَيْ إلَى وَقْتِ ظُهُورِ وَتَحَقُّقِ حَقِيقَةِ وَضَاعَةِ الْيَدِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الطَّرَفَيْنِ فِي مِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْعَقَارِ إلَى حِينِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلَمْ ذُو الْيَدِ لَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1635) (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

الفصل الثاني في حق ترجيح البينات

إذَا ادَّعَى التَّصَرُّفَ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ فِي الْمُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ فَهَلْ يَجِبُ إثْبَاتُ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ؟ كَمَا أَنَّ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ لَا تَتَعَلَّقُ بِمِلْكِيَّةِ الْعَقَارِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِ أَيْ بِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ فَيَرِدُ لِلْخَاطِرِ بِأَنَّهُ لَا لُزُومَ لِإِثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُقْتَضَى الْعَمَلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى نَقْلِهَا. [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي حَقِّ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ] ِ قَدْ أَلَّفَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَغَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ وَالْقَصَّارِيِّ كُتُبًا وَرِسَالَاتٍ فِي حن صُوَرِ التَّرْجِيحِ فِي الْبَيِّنَاتِ الَّتِي تَكُونُ مُبَايِنَةً لِبَعْضِهَا الْبَعْضِ كَمَا أَنَّ مُفْتِيَ الشَّامِ الْمَرْحُومَ مَحْمُودَ حَمْزَةَ أَفَنَدِي قَدْ أَلَّفَ كِتَابًا مُخْتَصَرًا وَمُفِيدًا بِتَرْتِيبٍ بَدِيعٍ فِي حَقِّ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ. وَفِي الْبَيِّنَاتِ الْمُتَبَايِنَةِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَاهَا تَوَاتُرًا: الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَتَهَاتَرَ الْبَيِّنَتَانِ إلَى أَنْ تَسْقُطَا عَنْ الْعَمَلِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ. وَهِيَ: - أَوَّلًا - إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا بِالْكُوفَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ عَمْرًا يَوْمَ النَّحْرِ فِي مَكَّةَ فَلَا يُعْمَلُ بِأَيِّ هَاتَيْنِ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ يَقِينًا بَيْنَ إحْدَاهُمَا كَذِبٌ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ أَيَّتُهُمَا الْكَاذِبَةُ كَمَا أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي زَمَانِ وَآلَةِ الْقَتْلِ فَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. ثَانِيًا - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ زَوَاجَ امْرَأَةٍ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ، وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ دَعْوَى الِاثْنَيْنِ فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِمَا لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ لِلِاشْتِرَاكِ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِتَفْرِيقِهَا مِنْهُمَا (أَبُو السُّعُودِ وَشَرْحُ الْكَنْزِ وَالطَّرِيقَةُ الْوَاضِحَةُ) . ثَالِثًا - إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَالْخَارِجُ الْآخَرُ الشِّرَاءَ مِنْ بَعْضِهِمَا يَعْنِي لَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الشِّرَاءَ مِنْ ذِي الْيَدِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَارِجِ بِدُونِ بَيَانِ تَارِيخٍ تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَيُتْرَكُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ (الطَّرِيقَةُ الْوَاضِحَةُ) . رَابِعًا - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِيرَاثًا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ابْنَ عَمِّهِ، وَذَكَرَ الْأَسَامِيَ لِلْجَدِّ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ، وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ النَّسَبَ وَالْمِيرَاثَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ جَدَّ الْمُتَوَفَّى هُوَ فُلَانٌ غَيْرُ الْجَدِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي فَإِذَا لَمْ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَحْكُمُ بِإِحْدَى هَاتَيْنِ الْبَيِّنَتَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . خَامِسًا - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي حَتَّى أَنَّ ذَا الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ وَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ، وَأَنَّ الْمُدَّعِي قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَيْضًا عَلَى الْإِقْرَارِ فَتَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ، وَيَبْقَى الْمَالُ بِلَا مُعَارِضٍ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

(المادة 1756) إذا كان اثنان متصرفين في مال وادعى كليهما أنه ملكه

سَادِسًا - تَتَهَاتَرُ بَعْضُ الْبَيِّنَاتِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (1761) . الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُعْمَلَ بِالْبَيِّنَتَيْنِ. الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعْمَلَ بِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحًا، وَأَنْ تُرَدَّ الْأُخْرَى. مَثَلًا إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي مَالٍ فَإِذَا كَانَ الِاثْنَانِ وَاضِعَيْ الْيَدِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1756) . فَإِذَا كَانَ الِاثْنَانِ خَارِجَيْنِ وَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِيَّتِهِمَا مُسْتَقِلًّا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ ادِّعَاؤُهُمَا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَوْ النِّتَاجَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ لَزِمَ مُسَاوَاتُهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ أَنَّهُمَا آجَرَا الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ وَطَلَبَا مِنْهُ تَسْلِيمَ الدَّارِ لِتَمَامِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ مَعَ تَأْدِيَةِ بَدَلِ الْإِيجَارِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْخُذَانِ الدَّارَ وَبَدَلَ الْإِيجَارِ مُشْتَرَكًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى اثْنَانِ الْفَرَسَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَنَّ ذَا الْيَدِ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَادَّعَى الْآخَرُ بِأَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ سَلَّمَهَا وَدِيعَةً، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُحْكَمُ لَهُمَا بِالْفَرَسِ مُنَاصَفَةً (الْبَهْجَةُ) - أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ. (1757 و 1758) وَالْقَاعِدَةُ فِي تَرْجِيحِ بَيِّنَةٍ عَلَى بَيِّنَةٍ أُخْرَى هِيَ: قَاعِدَةٌ - تُرَجِّحُ الْبَيِّنَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ. مَثَلًا إذَا احْتَرَقَتْ دَارُ الْوَقْفِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِ أَحَدٍ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ فَأَنْشَأَهَا بِمَالِهِ مُجَدَّدًا بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ تُوُفِّيَ بِلَا وَلَدٍ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَدْ أَنْشَأَ تِلْكَ الدَّارَ لِنَفْسِهِ وَادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَنَّهُ أَنْشَأَهَا لِلْوَقْفِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ أَنْ يَبْنِيَ الْإِنْسَانُ لِنَفْسِهِ (الْخَيْرِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ تَوَاتُرًا فَحِينَئِذٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّوَاتُرِ. مَثَلًا إذَا تَنَازَعَ أَهْلُ قَرْيَتَيْنِ عَلَى أَرْضِ مَرْعًى فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَرْعَى الْمَذْكُورَ مَرْعَاهُ مِنْ الْقَدِيمِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ جِهَةِ الطَّرَفِ الَّتِي تَكُونُ الشُّهْرَةُ شَائِعَةً فِي جَانِبِهِ (الْبَهْجَةُ) ؟ . [ (الْمَادَّةُ 1756) إذَا كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي مَالٍ وَادَّعَى كليهما أَنَّهُ مَلَكَهُ] الْمَادَّةُ (1756) - (إذَا كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي مَالٍ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاشْتِرَاكِ فَبَيِّنَةُ الِاسْتِقْلَالِ أَوْلَى يَعْنِي إذَا أَرَادَ كِلَاهُمَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الَّذِي ادَّعَى الِاسْتِقْلَالَ عَلَى بَيِّنَةِ الَّذِي ادَّعَى الِاشْتِرَاكَ، وَإِذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا الِاسْتِقْلَالَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُحْكَمُ لَهُمَا بِذَلِكَ الْعَقَارِ مُشْتَرَكًا، وَإِذَا عَجَزَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ، وَأَثْبَتَ الْآخَرُ يُحْكَمُ لَهُ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِلْكَهُ مُسْتَقِلًّا) . إذَا كَانَ اثْنَانِ مُتَصَرِّفَيْنِ فِي مَالٍ أَيْ ذَوَيْ الْيَدِ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مَنْقُولًا

أَوْ عَقَارًا، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاشْتِرَاكِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاسْتِقْلَالِ؛ لِأَنَّ مَنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ بِالِاشْتِرَاكِ هُوَ مُدَّعٍ الْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ وَيُثْبِتُ مِلْكِيَّتَهُ فِيهِ أَمَّا مُدَّعِي الْمِلْكِ بِالِاسْتِقْلَالِ فَهُوَ يَدَّعِي ذَلِكَ النِّصْفَ مَعَ النِّصْفِ الْآخَرِ وَتَجْتَمِعُ فِي دَعْوَاهُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ، وَإِنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُرَجَّحَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1757) الْآتِيَةِ الذِّكْرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ قَدْ أَخَذَ الْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ خَصْمِهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَالْقِسْمَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ بِدُونِ حُكْمِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَا نِزَاعَ وَلَا دَعْوَى فِي حَقِّ النِّصْفِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِدُونِ دَعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1829) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَيُفْهَمُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ فَرْعٌ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ فَعَلَيْهِ إذَا أَرَادَ كِلَاهُمَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الَّذِي ادَّعَى الِاسْتِقْلَالَ عَلَى بَيِّنَةِ الَّذِي ادَّعَى الِاشْتِرَاكَ مَثَلًا إذَا كَانَتْ فَرَسٌ فِي يَدِ الِاثْنَيْنِ، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ، وَأَثْبَتَا دَعْوَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ حَدِيقَةٌ تَحْتَ يَدِ اثْنَيْنِ وَتُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى وَرَثَةُ الْمُتَوَفَّى أَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيقَةِ هِيَ مِلْكٌ لِلْمُتَوَفَّى، وَأَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُمْ عَنْهُ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ نِصْفَهَا لِلْمُتَوَفَّى وَالنِّصْفَ الْآخَرِ لَهُ، وَأَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ (الْبَهْجَةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ أَهْل قَرْيَتَيْنِ ذَوَيْ يَدٍ عَلَى مَرْعَى وَادَّعَى أَهْلُ إحْدَى تِلْكَ الْقَرْيَتَيْنِ بِأَنَّ الْمَرْعَى الْمَذْكُورَ مَرْعَاهُمَا بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى بِأَنَّهُ مَرْعَاهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ الْقَرْيَةِ الْأُولَى فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاسْتِقْلَالِ. إذَا أَرَادَ كِلَاهُمَا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ - أَمَّا إذَا عَجَزَا عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَى قَوْلٍ يَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْجَمِيعِ وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِمُدَّعِي النِّصْفِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا حَلَفَ مُدَّعِي النِّصْفِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ يَحْلِفُ الِاثْنَانِ بِالطَّلَبِ فَإِذَا نَكَلَ مُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَحَلَفَ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ الْيَمِينَ يُحْكَمُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْمَالِ لِمُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ وَبِالْعَكْسِ إذَا نَكَلَ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ وَحَلَفَ مُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ الْيَمِينَ يُحْكَمُ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ بِمِقْدَارِ دَعْوَاهُ وَيُتْرَكُ الْبَاقِي فِي يَدِ مُدَّعِي الِاسْتِقْلَالِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ مَالٌ فِي يَدِ أَشْخَاصٍ ثَلَاثَةٍ وَادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّ الْمَالِ وَادَّعَى الثَّانِي نِصْفَهُ وَادَّعَى الثَّالِثُ ثُلُثَيْهِ، وَأَقَامَ الثَّلَاثَةُ الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ الْإِمَامِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ فَإِذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمْ الْبَيِّنَةَ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي دَعْوَى رَفِيقَيْهِ الِاثْنَيْنِ. وَصُورَةُ حَلِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَدِلَّتِهَا تَفْصِيلًا مُحَرَّرَةٌ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ مُتَصَرِّفَانِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ - وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ.

الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ ذَوَيْ يَدٍ وَحُكْمُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ خَارِجَيْنِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكُونُ دَعْوَى الِاسْتِقْلَالِ بَاعِثَةً لِلتَّرْجِيحِ وَيُحْكَمُ لِجَمِيعِ الْمُدَّعِينَ بِنِسْبَةِ مُدَّعَاهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ دَعْوَاهُمْ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا الْمِلْكَ بِالِاسْتِقْلَالِ وَادَّعَى الْآخَرُ الْمِلْكَ بِالِاشْتِرَاكِ، وَلَمْ يُثْبِتْ أَحَدُهُمَا دَعْوَاهُ فَيَحْلِفُ الشَّخْصُ الثَّالِثُ الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ لِكُلِّ مُدَّعٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فَإِذَا حَلَفَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ مِنْ خُصُومَتِهِمَا وَيَبْقَى الْمَالُ كَالْأَوَّلِ فِي يَدِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا إذَا أَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ، وَأَثْبَتَا مُدَّعَاهُمَا فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فَعِنْدَ الْإِمَامِ يُحْكَمُ بِثَلَاثِ أَرْبَاعِ ذَلِكَ الْمَالِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَبِرُبْعِهِ لِمُدَّعِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ لَيْسَ لَهُ أَيُّ نِزَاعٍ فِي حَقِّ النِّصْفِ الْآخَرِ فَلِذَلِكَ يَبْقَى هَذَا النِّصْفُ فِي يَدِ مُدَّعِي الْكُلِّ بِلَا مُنَازِعٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُحْكَمُ بِالنِّصْفِ الْمَذْكُورِ لَهُمَا مُشْتَرَكًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ مُدَّعِي الْجَمِيعِ سَهْمَيْنِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمًا وَاحِدًا (الدُّرَرُ) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ شِرَاءَ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى آخَرُ شِرَاءَ نِصْفِهَا مِنْهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى ثَالِثٌ شِرَاءَ ثُلُثَيْهَا بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ فَتُقْسَمُ الدَّارُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْإِمَامِ عَلَى سَبِيلِ الْمُنَازَعَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْعَوْلِ وَالْمُضَارَبَةِ وَيَكُونُ جَمِيعُهُمْ مُخَيَّرِينَ فَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا حِصَّتَهُمْ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا تَرَكُوهَا، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. وَإِذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا الِاسْتِقْلَالَ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يُحْكَمُ لَهُمَا بِذَلِكَ الْعَقَارِ مُشْتَرَكًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا خَارِجٌ فِي النِّصْفِ وَذُو الْيَدِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَبِاعْتِبَارِهِ خَارِجًا فَهُوَ مُدَّعٍ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُ فَإِذَا أَثْبَتَا كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً وَالْقِسْمُ الَّذِي حُكِمَ بِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا هُوَ الْقِسْمُ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ الْآخَرُ وَلَيْسَ الْقِسْمُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1757) . أَمَّا إذَا كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَادَّعَى خَارِجٌ أَنَّ كُلَّ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكُهُ مُسْتَقِلًّا، وَأَثْبَتَهُ فَيُحْكَمُ بِنِصْفِهِ لِلِاثْنَيْنِ ذَوَيْ الْيَدِ وَيُحْكَمُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لِلْخَارِجِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَإِذَا عَجَزَ أَحَدُهُمَا، وَأَثْبَتَ الْآخَرُ يُحْكَمُ لَهُ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِلْكَهُ مُسْتَقِلًّا؛ لِأَنَّ لِأَحَدِهِمَا وَضَاعَةَ يَدٍ فَقَطْ أَمَّا الْآخَرُ فَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَوَضَعَ الْيَدَ لَا يَكْفِي لِمُعَارَضَةِ الْبَيِّنَةِ. وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفَانِ فَإِذَا حَلَفَا يَتَخَلَّصُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ دَعْوَى الْآخَرِ وَيَبْقَى الْعَقَارُ فِي يَدِهِمَا حَسَبَ وَضَاعَةِ يَدِهِمَا، أَمَّا إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا الْيَمِينَ وَنَكَلَ الْآخَرُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ كِلَاهُمَا يَدَّعِي الِاسْتِقْلَالَ يُحْكَمُ بِكُلِّ الْعَقَارِ لِلْحَالِفِ أَمَّا إذَا كَانَ طَابِقُ الدَّارِ السُّفْلِيُّ تَحْتَ يَدِ أَحَدٍ وَطَابِقُهَا الْعُلْوِيُّ تَحْتَ يَدِ آخَرَ، وَكَانَ طَرِيقُ الطَّابِقِ الْعُلْوِيِّ مِنْ سَاحَةِ الطَّابَقِ السُّفْلِيِّ، وَادَّعَى كِلَاهُمَا

(المادة 1757) بينة الخارج أولى في دعوى الملك المطلق

أَنَّ كُلَّ الدَّارِ لَهُ، وَأَثْبَتَا دَعْوَاهُمَا فَيُحْكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْخَارِجِ أَمَّا إذَا عَجَزَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَيُحْكَمُ لِصَاحِبِ الطَّابِقِ الْعُلْوِيِّ بِالْعُلْوِيِّ وَحَقِّ الْمُرُورِ وَلِصَاحِبِ السُّفْلِيِّ بِالسُّفْلِيِّ وَرَقَبَةِ طَرِيقِ الْعُلْوِيِّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ السَّاحَةُ فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْلِيِّ أَمَّا إذَا كَانَتْ السَّاحَةُ فِي يَدَيْهِمَا مَعًا فَيُحْكَمُ لَهُمَا بِالسَّاحَةِ مُنَاصَفَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) . الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ مِنْ ذِي الْيَدِ قَائِلًا: إنَّ الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِك هُوَ مِلْكُنَا الْمُشْتَرَكُ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكِي مُشْتَرَكًا، وَأَثْبَتَا كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْخَارِجِ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1757) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ] الْمَادَّةُ (1757) - (بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ الَّتِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا تَارِيخٌ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي، وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَا أَطْلُبُ أَنْ تُسَلَّمَ لِي وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي وَلِذَا فَأَنَا وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا بِحَقٍّ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَتُسْمَعُ) بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا تَارِيخُ الْمِلْكِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ سَوَاءٌ بُيِّنَ تَارِيخٌ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يُبَيَّنْ إذَا لَمْ يَدَّعِ أَحَدٌ حِينَ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْآخَرِ فِعْلًا كَالْغَصْبِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ حَيْثُ إنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمُدَّعِي خَارِجًا، وَأَصْبَحَتْ بَيِّنَتُهُ بِلَا مُعَارِضٍ اُنْظُرْ مَادَّةَ (76) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . أَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْآخَرِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَالْفِعْلَ مَعًا وَادَّعَى الْآخَرُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فَقَطْ فَيُحْكَمُ لِمَنْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ مَعَ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُثْبِتَةُ الزِّيَادَةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَالْفِعْلَ مَعًا فَيُحْكَمُ لَهُمَا بِالِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الَّذِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا تَارِيخٌ - وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَدَثَتْ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ: 1 - أَلَّا يَذْكُرَ الْخَارِجُ وَلَا ذُو الْيَدِ تَارِيخًا. 2 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُهُ الْآخَرُ. 3 - أَنْ يَذْكُرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يُحْكَمُ فِيهَا لِلْخَارِجِ. 4 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَيَذْكُرَ الْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ اُنْظُرْ مَادَّةَ 0 176. مِثَالٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى - مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي، وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَأَنَا أَطْلُبُ أَنْ تُسَلَّمَ لِي فَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي وَلِهَذَا وَضَعْت يَدِي عَلَيْهَا بِحَقٍّ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَتُسْمَعُ.

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ وَرَثَةِ مُتَوَفِّينَ بِأَنَّ هَذِهِ الْحَدِيقَةَ هِيَ لِمُوَرِّثِينَا، وَأَصْبَحَتْ مَوْرُوثَةً لَنَا، وَأَثْبَتَا ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وَرَثَةِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْخَارِجُ - الصُّورَةُ الْمُبَيَّنَةُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا أَمَّا إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ خَارِجَيْنِ أَيْ إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فِي مَالٍ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا: إنَّ الْمَال الْمَذْكُورَ لَهُ، وَأَنْكَرَ وَاضِعُ الْيَدِ دَعْوَاهُمَا فَإِذَا كَانَ (أَوَّلًا) لَمْ يُبَيَّنْ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا (ثَانِيًا) أَوْ بَيَّنَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا (ثَالِثًا) أَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْآخَرُ تَارِيخًا، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً (الدُّرَرُ والشرنبلالي) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ مُتَوَفٍّ الْعَرْصَةَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُتَوَفَّى، وَأَنَّهَا بِوَفَاتِهِ أَصْبَحَتْ مَوْرُوثَةً لَهُمْ حَصْرًا، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَأَقَامَ وَرَثَةُ مُتَوَفٍّ آخَرَ دَعْوَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَأَثْبَتُوهَا يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً (الْأَنْقِرْوِيُّ) . 4 - أَنْ يُبَيِّنَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَيَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ لِمَنْ تَارِيخُهُ أَسْبَقُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1860) . 5 - أَنْ يَذْكُرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا مُتَّحِدًا فَهُنَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ - إنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى بَكْرٌ مُتَوَلِّي وَقْفَ عَمْرٍو بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي تَحْتَ يَدِ آخَرَ هِيَ وَقْفُ عَمْرٍو الْمُسَجِّلِ، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ وَلَمْ يُبَيِّنَا تَارِيخًا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ بَكْرٍ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفَيْنِ عَقَارًا بِدَاعِي أَنَّهُ لِوَقْفِهِمَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. وَتَعْبِيرُ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ. وَالْمِلْكُ الْمُطْلَقُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِتَكْرَارِ الْقَيْدِ وَحُكْمُهُ يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (1758) وَهَذَا عَلَى نَوْعَيْنِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَدَّعِي تَلَقِّي الْمِلْكِ عَنْ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونَ ذُو الْيَدِ طَرَفًا وَاحِدًا وَحُكْمُ ذَلِكَ يُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ بِفِقْرَةِ (أَمَّا ذُو الْيَدِ إلَخْ) . النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا الشِّرَاءَ مِنْ أَشْخَاصٍ مُخْتَلِفِينَ، وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقَ وَهَذَا يُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: الْقِسْمُ الثَّانِي: أَلَّا يَكُونَ الْقَيْدُ قَابِلًا لِلتَّكَرُّرِ وَحُكْمُهُ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1759) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يُحْتَرَزُ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ.

(المادة 1758) ترجح بينة الخارج أيضا على بينة ذي اليد في دعاوى الملك المقيد

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَهَا لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ بَيْعًا فَاسِدًا، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ لَهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَيْعًا فَاسِدًا فَلِلْمُدَّعِيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنْ يَأْخُذَا مِنْ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الْعَيْنَ الْمُدَّعَى بِهَا وَقِيمَتَهَا، وَأَنْ يَقْتَسِمَاهَا. أَمَّا إذَا أَثْبَتَ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ بَيْعَهُ تِلْكَ الْعَيْنِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيَّةً عَلَى مُعَايَنَةِ الْبَيْعِ وَعَلَى الْقَبْضِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْجُودًا عَيْنِيًّا يَقْتَسِمَانِهِ مُنَاصَفَةً، وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا يَأْخُذَانِ بَدَلًا وَاحِدًا وَيَقْتَسِمَانِهِ، وَلَا يَأْخُذَانِ شَيْئًا زِيَادَةً عَنْ ذَلِكَ، وَاللَّائِقُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الْغَصْبِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَاعَ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا، وَأَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ فَيُحْكَمُ بِبَيِّنَتِهِمَا. فَإِذَا أَمْضَى الِاثْنَانِ الْبَيْعَ فَيَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِنْدَ الْإِمْضَاءِ قَبِلَ الْمُشْتَرَى بِالثَّمَنِ، وَلَا تَضَايُقَ فِي الثَّمَنِ فَإِذَا أَمْضَى أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ وَالْآخَرُ فَسَخَهُ فَيَأْخُذُ الَّذِي أَمْضَى الْبَيْعَ نِصْفَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا نِصْفَ الْمَبِيعِ وَيَسْتَرِدُّ الَّذِي لَمْ يُمْضِ الْبَيْعَ كُلَّ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا فَسَخَ كِلَاهُمَا الْبَيْعَ يَأْخُذَانِ الْمَبِيعَ مُنَاصَفَةً (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1758) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَيْضًا عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ] الْمَادَّةُ (1758) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَيْضًا عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ قَابِلٍ لِلتَّكَرُّرِ. وَلَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا التَّارِيخُ كَالشِّرَاءِ لِكَوْنِهَا فِي حُكْمِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا بِأَنَّهُمَا تَلَقَّيَا الْمِلْكَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِأَنَّهُ مِلْكِي، وَأَنَا اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَحَالّ كَوْنِهِ مِلْكِي بِهَذِهِ الْجِهَةِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: اشْتَرَيْته مِنْ بَكْرٍ أَوْ هُوَ مَوْرُوثٌ مِنْ وَالِدِي وَبِهَذِهِ الْجِهَةِ قَدْ وَضَعْت يَدِي عَلَيْهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَتُسْمَعُ وَلَكِنْ إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ أَنَا اشْتَرَيْت الْحَانُوتَ مِنْ زَيْدِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بِهَذَا الْحَالِ) . تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَيْضًا عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ قَابِلٍ لِلتَّكَرُّرِ وَلَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا التَّارِيخُ. (1) الشِّرَاءُ. (2) وَالْبِنَاءُ. (3) وَالْغَرْسُ. (4) وَزِرَاعَةُ الْحُبُوبِ لِكَوْنِهَا فِي حُكْمِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ إذَا لَمْ يَدَّعِ ذُو الْيَدِ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْخَارِجِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ الْمُمَلَّكُ أَشْخَاصًا مُخْتَلِفِينَ فَلَا يُعْتَبَرُ سَبْقُ التَّارِيخِ (الدُّرَرُ والشرنبلالي) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُمَلَّكُ شَخْصًا وَاحِدًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ التَّارِيخِ كَمَا بُيِّنَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ:

وَتَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ فِي ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ. الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: أَلَّا يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ وَيُثْبِتَ الشِّرَاءَ مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ لِشِرَاءٍ مِنْ ذِي الْيَدِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ مِنْ الْخَارِجِ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَالسَّابِقِ (الدُّرَرُ) . الْقَيْدُ الثَّانِي: أَلَا يَدَّعِيَ ذُو الْيَدِ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ الْخَارِجِ فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ مَالِي مُدَّعِيًا مِنْ ذِي الْيَدِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَدَفَعَ ذُو الْيَدِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: اشْتَرَيْته مِنْك، وَأَقَامَ الِاثْنَانِ الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى (الدُّرَرُ) . الْقَيْدُ الثَّالِثُ: أَلَا يَدَّعِيَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَسَيُبَيَّنُ الْمُحْتَرِزُ عَنْهُ فِي هَذَا الْقَيْدِ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: وَهُوَ: وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا بِأَنَّهُمَا تَلَقَّيَا أَوْ تَلَقَّى مُوَرِّثُهُمَا الْمِلْكَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ وَارِثُ الْمُتَوَفَّى الْبُسْتَانَ الَّذِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّ مُوَرِّثِي قَدْ اشْتَرَى هَذَا الْبُسْتَانَ مِنْ بَكْرٍ وَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ اشْتَرَى الْبُسْتَانَ مِنْ عَمْرٍو، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُبَيِّنَا فِي دَعْوَاهُمَا تَارِيخًا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ عَمْرٍو (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْقَيْدُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ ذَا الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا أَمَّا إذَا كَانَ كِلَاهُمَا خَارِجًا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً. مَثَلًا إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا: إنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْ فُلَانٍ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً سَوَاءٌ بَيَّنَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَالْآخَرُ لَمْ يُبَيِّنْ (الدُّرَرُ) . الشِّرَاءُ: قَابِلٌ لِلتَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا يَبِيعُ لِعَمْرٍو وَعَمْرًا يَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ لِبَكْرٍ أَوْ يَهَبُهُ وَيُسَلِّمُهُ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا يَشْتَرِيهِ مِنْ بَكْرٍ. قَابِلٌ لِلتَّكْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي فِي عَرْصَةٍ ثُمَّ إنَّهُ يَنْقُضُ مِنْ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَيَبْنِي فِي عَرْصَةٍ أُخْرَى. وَالْغَرْسُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْغَرْسَ يُزْرَعُ فِي مَحَلٍّ ثُمَّ يُقْلَعُ مِنْهُ وَيُغْرَسُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. زِرَاعَةُ الْحُبُوبِ: قَابِلَةٌ لِلتَّكْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَذْرَ بَعْدَ زَرْعِهِ فِي الْأَرْضِ يُجْمَعُ مِنْ الْأَرْضِ وَيُغَرْبَلُ وَيُبْذَرُ ثَانِيًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا تَرَدَّدَ فِي قَابِلِيَّةِ السَّبَبِ لِلتَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ يُسْأَلُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَإِذَا تَرَدَّدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي ذَلِكَ يُعْتَبَرُ فِي حُكْمِ دَعْوِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِهِ قَائِلًا إنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ مِلْكِي وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ هَذَا الرَّجُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّنِي اشْتَرَيْته مِنْ بَكْرٍ أَوْ مَوْرُوثٌ لِي عَنْ أَبِي

وَبِهَذِهِ الْجِهَةِ قَدْ وَضَعْت يَدِي عَلَيْهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَتُسْمَعُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْحَانُوتَ هُوَ مِلْكِي؛ لِأَنَّنِي أَنْشَأْته، وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَهُ، وَأَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدُّكَّانَ مِلْكِي؛ لِأَنَّنِي اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ، وَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَيْضًا أَنَّهُ اشْتَرَى الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَ مِنْ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ أَيْ كَانَ الْمُمَلَّكُ شَخْصًا وَاحِدًا فَفِي تِلْكَ الْحَالِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُمَلَّكُ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَذُكِرَ تَارِيخٌ فَحُكْمُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 1760 كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُذْكَرْ تَارِيخٌ يُرْجَعُ إلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُتَخَاصِمَانِ تَلَقِّيَ مُوَرِّثِهِمَا الْمِلْكَ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَتُرَجَّحُ أَيْضًا بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ (الْبَهْجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ زَوْجَتِهِ قَائِلًا عَنْهُ: إنَّهُ مَالِي وَقَدْ اشْتَرَيْته مِنْ زَيْدٍ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: إنَّهُ مَالِي وَقَدْ وَكَّلْت زَوْجِي فِي شِرَائِهِ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ اشْتَرَاهُ لِي بِالْوَكَالَةِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَنْزِلَةِ ذِي الْيَدِ وَالْخَارِجُ فِي دَعْوِي تَلَقِّيَ الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَفِيهَا ذُو الْيَدِ أَوْلَى (الْأَنْقِرْوِيُّ مِنْ التَّرْجِيحِ) . وَفِقْرَةُ: وَلَكِنْ إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ. . . إلَخْ تُفَصَّلُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: الْمُدَّعَى بِهِ: إذَا كَانَ حَانُوتًا مَثَلًا فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحَانُوتُ الْمَذْكُورُ حِينَ الْمُخَاصَمَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَدَعَا اثْنَانِ الْبَائِعَ إلَى حُضُورِ الْمَحْكَمَةِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ الَّذِي فِي يَدِ الْبَائِعِ هُوَ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ دَعْوَى الِاثْنَيْنِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ؛ فَإِذَا ذَكَرَا تَارِيخًا وَاحِدًا، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يُحْكَمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَهُمَا مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَتَسَاوَى الْمُدَّعِيَانِ فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كِلَا الْمُدَّعِيَيْنِ مُخَيَّرَانِ إنْ شَاءَا قَبِلَا الْمُدَّعَى بِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَإِنْ شَاءَا فَسَخَا الْبَيْعَ بِخِيَارِ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (351) . وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ تَرَكَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ حِصَّتَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلِلْآخَرِ أَخْذُ كُلِّ الْمُدَّعَى بِهِ أَمَّا إذَا تَرَكَ حِصَّتَهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (الدُّرَرُ) . الْمَسْأَلَةُ. (3) - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا، وَأَلَّا يَذْكُرَ الْآخَرُ ذَلِكَ فَفِي هَذَا الْحَالِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ بَيَّنَ تَارِيخًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ مِنْ الدَّعْوَى) . (4) - أَنْ يُبَيِّنَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَيَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَقْدَمَ مِنْ تَارِيخِ الْآخَرِ فَيُحْكَمُ لِمُدَّعِي التَّارِيخِ الْأَسْبَقِ (الْبَهْجَةُ) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاضِعَيْ الْيَدِ مَعًا عَلَى الْحَانُوتِ فَإِذَا أَقَامَ

(المادة 1759) بينة ذي اليد أولى في دعاوى الملك المقيد

كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً إذَا: (1) - ذَكَرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا (2) - إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا (3) - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُ الْآخَرُ وَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ تُسْتَفَادُ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1756) . (4) - أَنْ يَذْكُرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا، وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ أَحَدِهِمْ أَسْبَقَ فَيُحْكَمَ لِمَنْ كَانَ تَارِيخُهُ أَسْبَقَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 176) . الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا وَاضِعًا الْيَدَ عَلَى الْحَانُوتِ فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ. 1 - إذَا ذَكَرَا تَارِيخًا وَاحِدًا. 2 - إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا. 3 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُ الْآخَرُ. إنَّ الْمَسْأَلَةَ الْوَارِدَةَ فِي فِقْرَةِ (وَلَكِنْ إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ) إلَخْ تَشْمَلُ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ. 4 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا. وَالْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا فَيُحْكَمُ لِمَنْ تَارِيخُهُ أَسْبَقُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1760) . [ (الْمَادَّةُ 1759) بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ] الْمَادَّةُ (1759) - (بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلتَّنَكُّرِ كَالنِّتَاجِ مَثَلًا لَوْ تَنَازَعَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ فِي مُهْرَةٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا مَالُهُ وَمَوْلُودَةٌ مِنْ فَرَسِهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ) . بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي دَعَاوَى الْمِلْكِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلتَّكَرُّرِ كَالنِّتَاجِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ أَوْ ذُو الْيَدِ فِعْلًا آخَرَ مَعَ النِّتَاجِ أَوْلَى قَبْلَ الْحُكْمِ وَكَحَلْبِ اللَّبَنِ وَكَقَصِّ الصُّوفِ وَنَسْجِ الثِّيَابِ الْقُطْنِيَّةِ الَّتِي تَقْبَلُ النَّسْجَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَكَغَزْلِ الْقُطْنِ وَكَسَلْخِ الْجِلْدِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ الْكَرِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَكَمَ لِذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ (الْحَمَوِيُّ) . وَلَا اعْتِبَارَ لِلتَّارِيخِ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ سَوَاءٌ أَكَانَ تَارِيخُهُمَا مُتَّحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ تَارِيخٌ مُسْتَحِيلٌ لَا يُوَافِقُ سِنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُنْظَرُ إلَى التَّارِيخِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1761) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَثَلًا لَوْ تَنَازَعَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَد فِي مُهْرَةٍ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا مَالُهُ وَمَوْلُودَةٌ مِنْ فَرَسِهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. وَصُورَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى النِّتَاجِ تَكُونُ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ أَنَّهَا فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَمِلْكٌ لَهُ نِتَاجًا أَمَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ نِتَاجًا وَلَمْ يَقُولُوا مِلْكُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُنْتَجُ أَحْيَانًا فِي يَدِ الرَّاعِي الَّذِي هُوَ أَجِيرُ الْمَالِكِ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَنِتَاجُ الْحَيَوَانِ عِنْدَهُ لَا يُعَدُّ دَلِيلًا عَلَى الْمِلْكِ. كَذَلِكَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ الْقُمَاشَ نَسَجَهُ ذُو الْيَدِ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ

مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ نَسْجُ الْقُمَاشِ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأَمْرٍ مِنْ الْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي الدَّعْوَى) . تُفَصَّلُ هَذِهِ الْمَادَّةُ: يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْمُدَّعَى بِهِ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ وَاضِعَ الْيَدِ وَالْآخَرُ خَارِجًا وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا ادَّعَى اثْنَانِ نِتَاجَ حَيَوَانٍ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَأَثْبَتَا ذَلِكَ. 1 - إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ. 2 - إذَا ذَكَرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا وَوَافَقَتْ السِّنُّ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ مُشْكِلًا يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ سِنَّ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً يَثْبُتُ التَّارِيخُ وَيَكُونُ كَأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ تَارِيخٌ. (الدُّرَرُ) . 3 - أَنْ يُبَيِّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَالْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ لِمَنْ تُوَافِقُ سِنُّ الْحَيَوَانِ التَّارِيخَ الَّذِي بَيَّنَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُوَافِقَةُ سِنِّ الْحَيَوَانِ لِلتَّارِيخِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ مُشْكِلًا فَيُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ، وَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ سِنَّ الْحَيَوَانِ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ لِادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا وَمُشْكِلَةٌ وَغَيْرُ مَعْلُومٍ فِي حَقِّ الْآخَرِ فَيُحْكَمُ لِلْمُشْكِلِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِأَحَدِهِمَا يَتَهَاتَرُ حَيْثُ إنَّهُ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُ الطَّرَفَيْنِ فِي دَعْوَاهُمَا فَلَا يُحْكَمُ لِأَحَدِهِمَا وَيَبْقَى الْحَيَوَانُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ عَلَيْهِ (الدُّرَرُ) . اُنْظُرْ مَادَّةَ (1761) . 4 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُ الْآخَرُ فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُوَافِقًا لِلتَّارِيخِ فَيُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُشْكِلَةً يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1761) . وَقَدْ فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْحُكْمَ لِذِي الْيَدِ هُوَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا ذَا يَدٍ فَإِذَا ادَّعَيَا مِلْكِيَّةَ الْمُهْرَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِمَا عَلَى كَوْنِهَا مِلْكَهُمَا نِتَاجًا، وَأَثْبَتَا ذَلِكَ. 1 - أَمَّا أَلَّا يُبَيِّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَفِي هَذَا الْحَالِ يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ أَحَدِهِمَا لَمْ تَكُنْ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ. 2 - وَأَمَّا أَنْ يُبَيِّنَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَإِذَا وَافَقَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ التَّارِيخَ أَوْ كَانَ مُشْكِلًا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً، وَإِذَا لَمْ تُوَافِقْ سِنُّ الْحَيَوَانِ التَّارِيخَ فَتَبْطُلُ بَيِّنَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَبْقَى الْحَيَوَانُ فِي يَدِ وَاضِعِ الْيَدِ (الدُّرَرُ) . 3 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَيَذْكُرَ الْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا فَيُحْكَمُ لِمَنْ تُوَافِقُ سِنُّ الْحَيَوَانِ تَارِيخَهُ فَإِذَا لَمْ تُوَافِقْ سِنُّهُ تَارِيخَ أَحَدِهِمَا تَبْطُلُ بَيِّنَتُهُمَا، وَإِذَا عُلِمَ عَدَمُ مُوَافَقَةٍ مِنْ الْحَيَوَانِ لِتَارِيخِ أَحَدِهِمَا وَكَانَ مَشْكُوكًا فِي عَدَمِ مُوَافَقَةِ سِنِّ الْحَيَوَانِ لِتَارِيخِ الْآخَرِ فَيُحْكَمُ لِلْمَشْكُوكِ فِي تَارِيخِهِ، وَإِذَا

كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مَشْكُوكًا فِي مُوَافَقَتِهِ لِتَارِيخِ كِلَيْهِمَا فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً. 4 - وَأَمَّا أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُهُ الْآخَرُ فَإِذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ تُوَافِقُ الْمُؤَرَّخَ فَيُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا لَمْ تُوَافِقْ يُحْكَمُ لِغَيْرِ الْمُؤَرَّخِ، وَإِذَا كَانَ مُشْكِلًا يُحْكَمُ مُنَاصَفَةً. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَالْآخَرُ مُؤَخَّرًا فَيُحْكَمُ لِمَنْ تُوَافِقُ سِنُّ تَارِيخِهِ فَإِذَا لَمْ تُوَافِقْ سِنُّ الْحَيَوَانِ تَارِيخَ كِلَيْهِمَا تَبْطُلُ بَيِّنَتُهُمَا، وَإِذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُشْكِلَةً وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ يُحْكَمُ لَهَا مُنَاصَفَةً، وَإِذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُوَافِقَةً لِتَارِيخِ أَحَدِهِمَا، وَلَمْ تُوَافِقْ تَارِيخَ الْآخَرِ فَيُحْكَمُ لِلْمَجْهُولِ. 4 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا، وَأَلَّا يَذْكُرَهُ الْآخَرُ فَإِذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُوَافِقَةً لِلتَّارِيخِ الْمُؤَرَّخِ فَيُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ مُخَالِفَةً فَيُحْكَمُ لِغَيْرِ الْمُؤَرَّخِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ النِّتَاجِ أَعَمُّ مِنْ النِّتَاجِ فِي مِلْكِ ذِي الْيَدِ أَوْ بَائِعِهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدٍ مُهْرٌ اشْتَرَاهُ مِنْ آخَرَ فَادَّعَاهُ شَخْصٌ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي نِتَاجًا، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْبَائِعِ نِتَاجًا مِنْ فَرَسِ الْبَائِعِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (التَّنْقِيحُ وَالْحَمَوِيُّ) . إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ مِنْ ذِي الْيَدِ فِعْلًا آخَرَ مَعَ النِّتَاجِ - أَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ عَلَى ذِي الْيَدِ فِعْلًا كَالرَّهْنِ أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ أَوْ الْإِيدَاعِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمُهْرَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مِلْكِي نِتَاجًا مِنْ فَرَسٍ وَقَدْ غَصَبْته مِنِّي، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ الْمُهْرَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ نِتَاجًا مِنْ فَرَسِهِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ وَالدُّرَرُ) . فَعَلَيْهِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ النِّتَاجَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. فَكَذَلِكَ ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَالْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ (التَّنْقِيحُ وَالدُّرَرُ) وَبِالْعَكْسِ إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَالْخَارِجُ النِّتَاجَ تُرَجَّحُ أَيْضًا بَيِّنَةُ النِّتَاجِ (الْحَمَوِيُّ) . قِيلَ قَبْلَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكُونُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ أَوْلَى بَعْدَ الْحُكْمِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذُو الْيَدِ النِّتَاجَ، وَأَثْبَتَا دَعْوَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ النِّتَاجَ، وَأَثْبَتَهُ وَحُكِمَ ثُمَّ ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ، وَأَثْبَتَهَا فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1770) وَشَرْحَهَا. إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ مُكَمِّلَةٌ وَمُتَمِّمَةٌ لِلْمَادَّةِ (1761) . مُسْتَثْنًى: إذَا وُجِدَ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ شَاةٌ، وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ هِيَ مِلْكُهُ نِتَاجًا مِنْ الشَّاةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ، وَأَثْبَتَا مُدَّعَاهُمَا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَتْ سِنُّ الشَّاتَيْنِ مُشْكِلَةً فَيُحْكَمُ لِكُلِّ مُدَّعٍ بِالشَّاةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ صَاحِبِهِ، وَلَا تُرَجَّحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعِيَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ كَمَا أَنَّ بَيِّنَتَهُمَا مُتَعَارِضَةٌ فَلَا تُعْتَبَرُ دَعْوَى النِّتَاجِ وَيُعْتَبَرُ كَأَنَّهُمَا ادَّعَيَا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ فَلِذَلِكَ يُحْكَمُ فِي كُلِّ شَاةٍ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1757) .

(المادة 1760) بينة من تاريخه مقدم أولى في دعوى الملك المؤرخ

[ (الْمَادَّةُ 1760) بَيِّنَةُ مَنْ تَارِيخُهُ مُقَدَّمٌ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ] الْمَادَّةُ (1760) - (بَيِّنَةُ مَنْ تَارِيخُهُ مُقَدَّمٌ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْعَرْصَةِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ آخَرَ بِأَنِّي اشْتَرَيْتهَا قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةٍ مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ إنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لِي مِنْ وَالِدِي الَّذِي تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ، وَإِنْ قَالَ هِيَ مَوْرُوثَةٌ مِنْ أَبِي الَّذِي مَاتَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى هَذَا الْحَالِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْآخَرُ وَبَيَّنَّا تَارِيخَ تَمَلُّكِ بَائِعِهِمَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ تَارِيخُ تَمَلُّكِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ) . التَّمَلُّكُ فِي بَيِّنَةِ مَنْ تَارِيخُ تَمَلُّكِهِ مُقَدَّمٌ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ الْمُؤَرَّخِ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ ذَا الْيَدِ أَوْ الْخَارِجَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ التَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ يَكُونُ قَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْلَ الْآخَرِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ صَاحِبُ التَّارِيخِ الْمُؤَخَّرِ تَلَقِّي الْمِلْكِ عَنْ صَاحِبِ التَّارِيخِ الْمُقَدَّمِ فَلَا يَتَمَلَّكُ الْمِلْكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرَرُ) . أَمَّا إذَا كَانَ تَارِيخُهُمَا مُتَسَاوِيًا فَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) وَشَرْحَهَا. الْمِلْكُ الْمُؤَرَّخُ: هُوَ أَنْ يُبَيِّنَ كُلٌّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ تَارِيخَ التَّمَلُّكِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ أَوْ كَانَ فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1757) (الدُّرَرُ) . وَذِكْرُ عِبَارَةِ الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ حُكْمِ السَّنَدِ الْمُبَيِّنِ تَارِيخَ وُجُوبِ الدَّيْنِ وَمِنْ السَّنَدِ الْحَاوِي تَارِيخَ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَيْنًا كَذَا دِينَارًا، وَأَبْرَزَ سَنَدًا بِذَلِكَ ثُمَّ إنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفَعَ الدَّعْوَى بِإِبْرَازِ سَنَدٍ يَتَضَمَّنُ إبْرَاءَهُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ السَّنَدَانِ مُؤَرَّخَيْنِ يُعْمَلُ بِالسَّنَدِ الْمُؤَخَّرِ تَارِيخُهُ وَبِتَعْبِيرٍ إذَا كَانَ تَارِيخُ سَنَدِ الدَّيْنِ مُقَدَّمًا وَسَنَدُ الْإِبْرَاءِ مُؤَخَّرًا يُعْمَلُ بِالْإِبْرَاءِ، وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَ سَنَدُ الْإِبْرَاءِ مُقَدَّمًا تَارِيخُهُ وَسَنَدُ الدَّيْنِ مُؤَخَّرًا تَارِيخُهُ يُعْمَلُ بِسَنَدِ الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ السَّنَدَانِ عَارِيَّيْنِ عَنْ التَّارِيخِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَرَّخًا، وَالْآخَرُ بِلَا تَارِيخٍ يُعْتَبَرُ تَارِيخُ سَنَدِ الْإِبْرَاءِ مُؤَخَّرًا وَيُحْكَمُ بِالْإِبْرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (8) (الْوَاقِعَاتُ) . تَارِيخُ التَّمَلُّكِ - يُعْتَبَرُ تَارِيخُ التَّمَلُّكِ أَمَّا تَارِيخُ الْغَيْبَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ مَالِي (قَدْ سُرِقَ مِنِّي مُنْذُ سَنَةٍ) وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكُهُ مُنْذُ خَمْسِ سَنَوَاتٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّارِيخَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي هُوَ تَارِيخُ غَيْبُوبَةِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ يَدِهِ وَلَيْسَ تَارِيخَ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ التَّارِيخَ الَّذِي ذَكَرَهُ ذُو الْيَدِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِانْفِرَادِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1757) (الدُّرَرُ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى وَالْبَهْجَةُ) . مَنْ تَارِيخُهُ مُقَدَّمٌ - وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنْ يُبَيِّنَ كُلٌّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ تَارِيخًا فَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ التَّارِيخُ الَّذِي بُيِّنَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا بُيِّنَ تَارِيخٌ مِنْ طَرَفٍ وَلَمْ يُبَيَّنْ مِنْ الطَّرَفِ

(المادة 1761) لا يعتبر التاريخ في دعوى النتاج وترجح بينة ذي اليد

الْآخَرِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1757) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى والشرنبلالي) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: هَذَا الْمَالُ مَالِي وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِلْكُهُ مُنْذُ سِتِّ سَنَوَاتٍ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّارِيخُ الْمُبَيَّنُ قَطْعِيًّا أَمَّا إذَا ذُكِرَ التَّارِيخُ مَعَ الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْأَقَلُّ الْمُتَيَقَّنُ وَيَكُونُ الْأَكْثَرُ بِلَا حُكْمٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ الدَّارَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ شُهُودَ الْخَارِجِ قَدْ شَكُّوا فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ عَنْ السَّنَةِ فَتُقْبَلُ عَلَى سَنَةٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ أَصْبَحَ تَارِيخُ الْآخَرِ أَسْبَقَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) . مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ تَارِيخِ تَمَلُّكِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَقْدَمَ وَكَوْنِ الْمَالِ الْمُنَازَعِ فِيهِ فِي يَدِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْعَرْصَةَ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا إنِّي اشْتَرَيْتهَا قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةٍ مِنْ فُلَانٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ إنَّهَا مُوَرَّثَةٌ لِي مِنْ وَالِدِي الَّذِي تُوُفِّيَ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ تَارِيخَ مِلْكِهِ مُقَدَّمٌ وَلَيْسَتْ وَضَاعَةُ الْيَدِ هِيَ سَبَبُ التَّرْجِيحِ، وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابًا عَلَى الدَّعْوَى هِيَ مَوْرُوثَةٌ عَنْ أَبِي الَّذِي تُوُفِّيَ قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَارِيخُ تَمَلُّكِ الْخَارِجِ مُقَدَّمًا وَيَدُلُّ هَذَا الْمِثَالُ عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ مَنْ تَارِيخُهُ أَسْبَقُ مُرَجَّحَةٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَا يَدٍ أَوْ خَارِجًا (الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ تَارِيخِ تَمَلُّكِ أَحَدِ بَائِعَيْ الطَّرَفَيْنِ أَقْدَمُ مِنْ تَارِيخِ الْآخَرِ. إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْآخَرُ وَبَيَّنَّا تَارِيخَ تَمَلُّكِ بَائِعِهِمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ تَارِيخُ تَمَلُّكِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ أَمَّا إذَا ادَّعَيَا تَلَقِّيَ الشِّرَاءِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي فِقْرَةِ (وَلَكِنْ إذَا قَالَ ذُو الْيَدِ) إلَخْ مِنْ الْمَادَّةِ (1758) . مِثَالٌ عَلَى وُجُودِ الْمَالِ الْمُنَازَعِ فِيهِ فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ لِآخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ مِلْكِي مُنْذُ سَنَةٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى شَخْصٌ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ كَانَتْ مِلْكًا لِشَخْصٍ آخَرَ وَقَدْ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيُحْكَمُ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. مِثَالٌ عَلَى الْوَقْفِ الْمُؤَرَّخِ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الطَّرَفِ الْأَقْدَمِ تَارِيخًا فِي دَعْوَى الْوَقْفِ الْمُؤَرَّخِ؛ مَثَلًا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفِ وَقْفِيَّةُ عَقَارٍ بِبَيَانِ تَارِيخِ الْوَقْفِ وَكَانَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَقْدَمَ مِنْ تَارِيخِ الْآخَرِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي الَّذِي تَارِيخُهُ أَقْدَمُ [ (الْمَادَّةُ 1761) لَا يُعْتَبَرُ التَّارِيخُ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ] وَالْمَادَّةُ (1761) - (لَا يُعْتَبَرُ التَّارِيخُ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ

كَمَا ذُكِرَ آنِفًا إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوَافِقْ سِنُّ الْمُدَّعَى بِهِ تَارِيخَ ذِي الْيَدِ وَوَافَقَتْ تَارِيخَ الْخَارِجِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ، وَإِنْ خَالَفَتْ تَارِيخَ كِلَيْهِمَا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَتَكُونُ بَيِّنَةُ كِلَيْهِمَا مُتَهَاتِرَةً يَعْنِي مُتَسَاقِطَةً وَيُتْرَكُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَيَبْقَى لَهُ) . لَا يُعْتَبَرُ التَّارِيخُ فِي دَعْوَى النِّتَاجِ سَوَاءٌ كَانَ تَارِيخُهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُقَدَّمًا وَالْآخَرُ مُؤَخَّرًا أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الطَّرَفَانِ تَارِيخًا أَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَالْآخَرُ سَكَتَ عَنْ الْبَيَانِ وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا. إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ فِعْلًا كَالْغَصْبِ وَالْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِيدَاعِ وَكَانَ تَارِيخُهُمَا مُوَافِقًا لِسِنِّ الْحَيَوَانِ (الْبَحْرُ) . وَالْمَقْصُودُ مِنْ عِبَارَةِ (آنِفًا) هِيَ الْمَادَّةُ (1759) وَقَدْ كُرِّرَ ذِكْرِ ذَلِكَ تَوْطِئَةً لِلْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوَافِقْ سِنُّ الْمُدَّعَى بِهِ تَارِيخَ ذِي الْيَدِ وَوَافَقَتْ تَارِيخَ الْخَارِجِ السِّنُّ الَّتِي بَيَّنَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ قَدْ كَذَّبَ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ مَعَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ الْحَالِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ والولوالجية) . الْخَارِجُ - وَتَعْبِيرُ (الْخَارِجُ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ: يَكُونُ الطَّرَفَانِ ذَوَيْ يَدٍ. يَكُونَانِ خَارِجَيْنِ. يَكُونُ أَحَدُهُمَا ذَا يَدٍ وَالْآخَرُ خَارِجًا. فَفِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ إذَا كَانَ تَارِيخُ الطَّرَفَيْنِ مُخْتَلِفًا وَكَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُوَافِقَةً لِأَحَدِ التَّارِيخَيْنِ وَمُخَالِفَةً لِتَارِيخِ الْآخَرِ يُحْكَمُ لِلطَّرَفِ الَّذِي تَارِيخُهُ مُؤَخَّرٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . (1) وَإِنْ خَالَفَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ تَارِيخَ كِلَيْهِمَا (2) أَوْ كَانَتْ مُشْكِلًا وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا كَوْنُهَا مُوَافِقَةً أَوْ مُخَالِفَةً فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ تَكُونُ الْبَيِّنَتَانِ مُتَهَاتِرَيْنِ يَعْنِي مُتَسَاقِطَةً وَيُتْرَكُ الْمُدَّعَى بِهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَيَبْقَى لَهُ (الشِّبْلِيُّ) . إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: إذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مُخَالِفَةً لِتَارِيخِ كِلَيْهِمَا فَتَتَهَاتَرُ بَيِّنَتُهُمَا عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُ الْبَيِّنَتَيْنِ وَالْتَحَقَتَا بِالْقِدَمِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ والشرنبلالي) . إيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: إذَا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يُعْلَمْ لِذَلِكَ مُوَافَقَةُ سِنِّ الْحَيَوَانِ لِلتَّارِيخِ مِنْ عَدَمِهِ لَا تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ كَمَا ذُكِرَ فِي مُتُونِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فَإِذَا كَانَ كِلَاهُمَا خَارِجًا أَوْ كَانَا ذَوَيْ يَدٍ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا خَارِجًا وَالْآخَرُ ذَا يَدٍ

(المادة 1762) بينة الزيادة أولى

فَيُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ سِنُّ الْحَيَوَانِ مَجْهُولَةً فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةُ الطَّرَفَيْنِ مُخَالِفَةً أَوْ مُوَافِقَةً فَلَا يَكُونُ قَدْ تَيَقَّنَ كَذِبَ الْبَيِّنَةِ وَبِمَا أَنَّهُمَا فِي هَذَا الْحَالِ أَصْبَحَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ فَإِذَا كَانَ كِلَاهُمَا ذَا يَدٍ أَوْ كِلَاهُمَا خَارِجًا وَجَبَ الْحُكْمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً (الشِّبْلِيُّ والشرنبلالي) . [ (الْمَادَّةُ 1762) بَيِّنَةُ الزِّيَادَةِ أَوْلَى] الْمَادَّةُ (1762) - (بَيِّنَةُ الزِّيَادَةِ أَوْلَى مَثَلًا إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ) . 1 - بَيِّنَةُ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْلَى مِنْ خِلَافِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا أَوْ ثَمَنًا أَوْ مَبِيعًا أَوْ وَقْفًا (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الشَّهَادَة) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ وَبِمَا أَنَّ الطَّرَفَيْنِ لَا تَتَعَارَضُ بَيِّنَتُهُمَا فِي الْمِقْدَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِالْكُلِّ (الزَّيْلَعِيّ وَالنَّتِيجَةُ) . 2 - وَبَيِّنَةُ إثْبَاتِ الْأَصْلِ أَوْلَى أَيْضًا مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ: مِثَالٌ مِنْ الْبَيْعِ - إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ، وَإِذَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الزِّيَادَةِ وَحَكَمَ بِمُخَالِفِهَا لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ (الْبَهْجَةُ) . وَفِي هَذِهِ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ وَلْنُفَصِّلْهَا عَلَى حِدَةٍ. النَّوْعُ الْأَوَّلُ: اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّ ثَمَنَهُ تِسْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ. مُسْتَثْنًى - أَمَّا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّنِي بِعْت مَالِي الْفُلَانِيَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِزَيْدٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى زَيْدٌ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنْهُ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ فِي شَوَّالٍ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَيُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ زَيْدٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْل السَّادِسِ مِنْ الشَّهَادَاتِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1760) . النَّوْعُ الثَّانِي: اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ فَرَسَانِ وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ فَرَسٌ وَاحِدَةٌ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. كَذَلِكَ إذَا بَاعَ زَيْدٌ مِلْكَهُ الْمُتَّصِلَ بِمِلْكٍ آخَرَ لَهُ لِعَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَادَّعَى عَمْرٌو بِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ الْحَائِطَ أَيْضًا وَادَّعَى زَيْدٌ قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ أَبِعْ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ عَمْرٍو (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . النَّوْعُ الثَّالِثُ: اخْتِلَافٌ فِي الثَّمَنِ وَفِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ مَعًا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ قَائِلًا: قَدْ بِعْت هَذِهِ الْفَرَسَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْفَرَسَ مَعَ مُهْرِهَا بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي حَقِّ الثَّمَنِ، وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي حَقِّ الْمَبِيعِ، وَيُحْكَمُ بِأَنَّ الْفَرَسَ وَالْمُهْرَ بِيعَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كِلَا الْمُتَبَايِعَيْنِ تُثْبِتُ زِيَادَةً عَنْ دَعْوَى الْآخَرِ (الشِّبْلِيُّ) .

(المادة 1763) ترجح بينة التمليك على بينة العارية والإيداع والغصب

مِنْ الْإِجَارَةِ: مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّهَا سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ سَنَتَانِ وَادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّهَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَلِكَ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الْأُجْرَةِ وَفِي الْمُدَّةِ مَعًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ فِي زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي زِيَادَةِ الْمُدَّةِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ قَائِلًا: قَدْ آجَرْتُك حَانُوتِي هَذَا سَنَوِيًّا بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ قَائِلًا: قَدْ آجَرْتنِي إيَّاهُ سَنَتَيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَيُحْكَمُ فِي أَنَّ إيجَارَ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ عِشْرُونَ دِينَارًا لِسَنَتَيْنِ. مِنْ الرَّهْنِ: إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ مَالَانِ، وَادَّعَى الدَّائِنُ أَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. كَذَلِكَ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ (الْخَصَّافُ فِي الرَّهْنِ) . مِنْ الْقَرْضِ: إذَا دَفَعَ أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا، وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَفَعَ قَرْضًا، وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ دَفَعَ مُضَارَبَةً، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ أَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَهِيَ نَافِيَةٌ لِلضَّمَانِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الشَّهَادَات) . مِنْ الْإِرْثِ: إذَا اخْتَلَفَ أَخَوَانِ لِأَبٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِهِمَا هِيَ لِأُمِّهِ وَبِوَفَاتِهَا أَصْبَحَتْ مَوْرُوثَةً لَهُ وَلِأَبِيهِ وَادَّعَى الْأَخُ الْآخَرُ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ هِيَ لِأَبِيهِمَا، وَأَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُمَا، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ (الْبَهْجَةُ) . أَمْثِلَةٌ عَلَى أَوْلَوِيَّةِ أَصْلِ الْإِثْبَاتِ: مِنْ الْبَيْعِ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ قَائِلًا: قَدْ بِعْت حِصَانِي هَذَا مُقَابِلَ فَرَسِك، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت حِصَانَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْبَائِعِ تَنْفِي حَقَّهُ فِي الْفَرَسِ أَمَّا بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فَتُثْبِتُ حَقَّهُ فِي الْفَرَسِ، وَأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ، وَلَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَيُّ شَيْءٍ لِلْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ فَالِاخْتِلَافُ الَّذِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ هُوَ فِي حَقِّ الْفَرَس وَفِي الْبَائِعِ فَبَيِّنَتُهُ مُثْبِتَةٌ فَهِيَ رَاجِحَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْآخَرِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ تَلِفَ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَطَلَبَ الثَّمَنَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ تَلِفَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ (التَّنْقِيحُ) . مِنْ الْإِمَارَةِ: إذَا ادَّعَى الْمُعِيرُ بِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِالتَّعَدِّي وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ أَعَادَهُ لِلْمُعِيرِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ (الْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1763) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ وَالْإِيدَاعِ وَالْغَصْبِ] الْمَادَّةُ (1763) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ وَالْإِيدَاعِ

(المادة 1764) ترجح بينة البيع على بينة الهبة والرهن والإجارة

وَالْغَصْبِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْآخَرِ قَائِلًا: أَنِّي كُنْت أَعْطَيْته إيَّاهُ عَارِيَّةً، وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: كُنْتَ بِعْتَنِي إيَّاهُ أَوْ وَهَبْتَنِيهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ) . لِأَنَّ فِي التَّمْلِيكِ تَمْلِيكًا لِلْعَيْنِ وَلِلْمَنْفَعَةِ مَعًا أَمَّا الْعَارِيَّةُ فَهِيَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ فَقَطْ فَأَصْبَحَتْ بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ مُثْبِتَةً لِلزِّيَادَةِ. مِثَالٌ عَلَى رُجْحَانِ بَيِّنَةِ التَّمْلِيكِ عَلَى الْعَارِيَّةِ: مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ الْآخَرِ قَائِلًا: أَنِّي أَعْطَيْته إيَّاهُ عَارِيَّةً، وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَهُ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُنْت بِعْتنِي إيَّاهُ أَوْ وَهَبْتَنِيهِ وَسَلَّمْته لِي تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِي إيَّاهُ، وَادَّعَى الْخَارِجُ قَائِلًا أَنَّنِي أَخَذْته مِنْك، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1637) وَشَرْحَهَا. مِثَالٌ عَلَى رُجْحَانِ بَيِّنَةِ التَّمْلِيكِ عَلَى الْإِيدَاعِ: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ حَجَرَ الْيَاقُوتِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: قَدْ أَوْدَعْتُك إيَّاهُ وَادَّعَى الْآخَرُ قَائِلًا: أَنَّك بِعْتنِي إيَّاهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ (النَّتِيجَةُ) . مِثَالٌ عَلَى رُجْحَانِ بَيِّنَةِ التَّمْلِيكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْغَصْبِ: إذَا قَبَضَ زَيْدٌ فَرَسَ عَمْرٍو وَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَادَّعَى عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ قَائِلًا: قَدْ غَصَبْت الْفَرَسَ مِنِّي، وَادَّعَى زَيْدٌ قَائِلًا قَدْ أَهْدَيْتنِي الْفَرَسَ وَسَلَّمْتهَا لِي، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . [ (الْمَادَّةُ 1764) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ] الْمَادَّةُ (1764) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَبَيِّنَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ كُنْت بِعْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ أَعْطِنِي ثَمَنَهُ. وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ كُنْت وَهَبْتنِي ذَلِكَ وَسَلَّمْتنِي إيَّاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ) . تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ (أَوَّلًا) عَلَى بَيِّنَةِ الْهِبَةِ (ثَانِيًا) عَلَى بَيِّنَةِ الصَّدَقَةِ (ثَالِثًا) عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ (رَابِعًا) عَلَى بَيِّنَةِ الْإِجَارَةِ. وَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُوَ مُعَاوَضَةٌ فِي الْحَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ اللَّتَيْنِ لَمْ تَكُونَا مُعَاوَضَةً كَمَا أَنَّهُ أَقْوَى فِي الْمَالِ وَعِنْدَ الْهَلَاكِ مِنْ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ مُعَاوَضَةٌ كَمَا أَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْإِجَارَةِ حَيْثُ إنَّ الْبَيْعَ هُوَ تَمْلِيكٌ لِلْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ أَمَّا الْإِجَارَةُ فَهِيَ تَمْلِيكٌ لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) يُوجَدُ احْتِمَالَانِ فِي دَعْوَى الْعُقُودِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.

الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تُقَامَ الدَّعْوَى مِنْ طَرَفِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ - مَثَلًا إذَا سَلَّمَ إنْسَانٌ مَدِينٌ لِآخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَارِهِ لِدَائِنِهِ ثُمَّ احْتَرَقَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّنِي بِعْتُك الدَّارَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَلَّمْتُك إيَّاهَا وَادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا: إنَّك رَهَنْتنِي وَسَلَّمْتنِي الدَّارَ مُقَابِلَ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَدِينِ. مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ - مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِ: كُنْت بِعْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فَأَعْطِنِي ثَمَنَهُ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَنْتَ كُنْت وَهَبْتَنِي ذَلِكَ أَوْ رَهَنْتَهُ أَوْ آجَرْتَهُ وَسَلَّمْتَنِي إيَّاهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ مِنْ الْهِبَةِ وَالْغَصْبِ - إذَا تَلِفَتْ فَرَسُ أَحَدٍ فِي يَدِ آخَرَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْفَرَسِ قَائِلًا: قَدْ غَصَبْت الْفَرَسَ مِنِّي، وَادَّعَى الْآخَرُ قَائِلًا قَدْ وَهَبْتنِي تِلْكَ الْفَرَسَ وَسَلَّمْتنِي إيَّاهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تُقَامَ الدَّعْوَى مِنْ جَانِبِ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْآخَرِ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْ الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ مِلْكِيَّةَ تِلْكَ الْعَيْنِ بِبَيَانِ سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَأَنْ يَدَّعِيَ مَثَلًا عَمْرٌو الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِ زَيْدٍ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْفَرَسَ مِنْ بَكْرٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ بِشْرٌ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ مِلْكِي قَدْ وَهَبَنِي إيَّاهَا بَكْرٌ وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيَّ بِهَا وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا فَفِي هَذَا الْحَالِ (1) إمَّا أَلَّا يُبَيِّنَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا (2) أَوْ يَذْكُرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يُحْكَمُ لِمَنْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَهَذَا مَعْدُودٌ مِنْ فُرُوعِ. هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الدَّعْوَى) (3) أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا، وَأَنْ يَذْكُرَ الْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يُحْكَمُ لِمَنْ تَارِيخُهُ أَسْبَقُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ الْمَادَّةِ (1760) . (4) أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا، وَأَلَّا يَذْكُرَهُ الْآخَرُ وَيُحْكَمُ لِمَنْ ذَكَرَ التَّارِيخَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَمِيزَانُ الْمُدَّعِينَ وَالْخَصَّافُ وَتَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ صَوَّرَ الْمُمَلَّكَ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي شَخْصًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُمَلَّكُ مُخْتَلِفًا فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الشِّرَاءُ أَوْلَى. أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ. أَوَّلًا - فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِ كِلَا الْمُتَنَازِعَيْنِ. كَأَنْ يَدَّعِيَ اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِمَا بِأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْآخَرُ أَنَّهُ اتَّهَبَهُ وَقَبَضَهُ مِنْ زَيْدٍ وَفِي هَذَا الْحَالِ. 1 - إمَّا أَلَّا يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا. 2 - أَوْ يَذْكُرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا. 3 - أَوْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَا يَذْكُرُهُ الْآخَرُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً.

(المادة 1765) ترجح بينة الإطلاق في العارية

أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَالْآخَرُ مُؤَخَّرًا فَفِي هَذِهِ الْحَالِ يُحْكَمُ لِمَنْ تَارِيخُهُ مُقَدَّمٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1760) . ثَانِيًا - وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَأَنْ يَدَّعِيَ اثْنَانِ مِلْكِيَّةَ عَيْنٍ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا بِبَيَانِ سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مَعَ ادِّعَاءِ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا مَثَلًا الشِّرَاءَ مِنْ زَيْدٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْآخَرُ الْهِبَةَ وَالتَّسَلُّمَ مِنْ زَيْدٍ فَفِي هَذَا الْحَالِ: 1 - أَلَّا يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا. 2 - أَوْ ذَكَرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْآخَرُ. 3 - أَوْ ذَكَرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1758) . 4 - أَنْ يَذْكُرَ أَحَدُهُمَا تَارِيخًا مُقَدَّمًا وَالْآخَرُ تَارِيخًا مُؤَخَّرًا فَيُحْكَمُ لِمَنْ تَارِيخُهُ أَسْبَقُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1760) (تَكْمِلَة رَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1765) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِطْلَاقِ فِي الْعَارِيَّةِ] الْمَادَّةُ (1765) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِطْلَاقِ فِي الْعَارِيَّةِ. مَثَلًا إذَا هَلَكَ الْحِصَانُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ، وَادَّعَى الْمُعِيرُ قَائِلًا أَنِّي كُنْت أَعَرْتُك إيَّاهُ عَلَى أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْتَ لَمْ تُسَلِّمْهُ لِي عِنْدَ مُرُورِ الْأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهَلَكَ عِنْدَك فِي الْيَوْمِ الْخَامِسِ فَاضْمَنْ قِيمَتُهٌ فَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ بِقَوْلِهِ: كُنْت أَعَرْتنِي إيَّاهُ بِأَنْ أَسْتَعْمِلَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَمْ تُقَيِّدْ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَعِيرِ وَتُسْمَعُ) . لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي الْعَارِيَّةِ أَصْلٌ وَالْإِطْلَاقُ خِلَافُ الْأَصْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (77) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَدَى الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الْأَصْلِ الْإِعَارَةُ لِلْمُعِيرِ فَكَانَ لَهُ الْقَوْلُ أَيْضًا فِي صِفَتِهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1766) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ] الْمَادَّةُ (1766) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ. مَثَلًا إذَا وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَادَّعَى وَارِثٌ آخَرَ أَنَّهُ وَهَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ) . أَمَّا إذَا عَجَزَ الطَّرَفَانِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى مَرَضَ الْمَوْتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) . وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُتَفَرِّقَةِ. مِنْ الْهِبَةِ: إذَا وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى وَارِثٌ آخَرُ أَنَّهُ وَهَبَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ وَهَبَهُ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ. أَمَّا إذَا قَالَ الشُّهُودُ أَنَّهُ وَهَبَهُ إلَّا

(المادة 1767) ترجح بينة العقل على بينة الجنون أو العته

أَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ كَانَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى حَالِ الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَدْنَى مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّصَرُّفُ الْأَعْلَى فَيُحْمَلُ عَلَى التَّصَرُّفِ الْأَدْنَى الْمُتَيَقَّنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مِنْ الْإِبْرَاءِ - إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا فِي حَالٍ الصِّحَّةِ، وَادَّعَى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ (الْبَهْجَةُ) . مِنْ الْبَيْعِ - إذَا بَاعَ أَحَدٌ دَارِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لِوَلَدِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ أَنَّ الْمُتَوَفَّى بَاعَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَادَّعَى وَلَدُهُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَلَدِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مِنْ الْوَقْفِ - إذَا وَقَفَ أَحَدٌ عَقَارَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُتَوَلِّي بَعْدَ التَّسْجِيلِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ غَيْرَ مُسَاعِدٍ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ بِأَنَّ الْوَقْفَ حَصَلَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَادَّعَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الْوَقْفَ وَالتَّسْلِيمَ وَالتَّسْجِيلَ حَصَلَ فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُتَوَلِّي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مِنْ الْإِقْرَارِ - إذَا أَقَرَّ أَحَدٌ بِمَالٍ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَادَّعَى الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ أَقَرَّ فِي حَالِ مَرَضِهِ، وَأَنَّ إقْرَارَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ 1598 وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ إقْرَارَهُ مُعْتَبَرٌ لِوُقُوعِهِ حَالَ صِحَّتِهِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ لَدَى الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ. مِنْ الطَّلَاقِ - إذَا طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ طَلَاقًا بَائِنًا وَتُوُفِّيَ الزَّوْجُ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِلَا رِضَاءٍ مِنْهَا، وَأَنَّهَا لِذَلِكَ وَارِثَةٌ لَهُ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، وَأَنَّهَا لِذَلِكَ غَيْرُ وَارِثَةٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (11) (الْبَزَّازِيَّةُ فِي 8 مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْبَهْجَةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1767) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْجُنُونِ أَوْ الْعَتَهِ] الْمَادَّةُ (1767) - (تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ عَلَى بَيِّنَةِ الْجُنُونِ أَوْ الْعَتَهِ) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ عَاقِلًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ عَلَى بَيِّنَةِ الْجُنُونِ أَوْ الْعَتَهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّكْمِلَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك دَارَك بِكَذَا دِرْهَمًا فِي حَالٍ عَقْلِك وَادَّعَى الْآخَرُ قَائِلًا: كُنْت مَجْنُونًا حِينَ الْبَيْعِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . كَذَلِكَ إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا عَرْصَتَهُ لِآخَرَ فَأَقَامَ أَخُوهُ الدَّعْوَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِكَوْنِهِ وَصِيًّا عَلَى أَخِيهِ الْمَعْتُوهِ وَبِأَنَّ الْبَائِعَ مَعْتُوهٌ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ الْبَائِعِ عَاقِلًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْعَقْلِ. [ (الْمَادَّةُ 1768) إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ مَعَ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ] الْمَادَّةُ (1768) - (إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ مَعَ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ. مَثَلًا: إذَا كَانَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ مَسِيلُ الْآخَرِ وَوَقَعَ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ فِي الْحُدُوثِ

وَالْقِدَمِ، وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ حُدُوثَهُ وَطَلَبَ رَفْعَهُ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَسِيلِ قِدَمَهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّارِ) إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ مَعَ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ فِي حَالِ عَدَمِ ذِكْرِ تَارِيخٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَمَّا إذَا ذَكَرَ كِلَاهُمَا تَارِيخًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّارِيخِ الْأَسْبَقِ (تَكْمِلَةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَدْ مَرَّتْ بَعْضُ التَّفْصِيلَاتِ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1220) (الْخَيْرِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ قُبَيْلَ بَابِ النَّسَبِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الدَّعْوَى) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِعَمْرٍو فِي جَانِبِ طَاحُونَةِ زَيْدٍ الْقَدِيمَةِ سَدٌّ لِطَاحُونَتِهِ الْقَدِيمَةِ فَهَدَمَ عَمْرٌو سَدَّ طَاحُونَتِهِ، وَأَنْشَأَهُ مُجَدَّدًا فَسَالَتْ الْمِيَاهُ وَمَنَعَتْ دَوَرَانَ طَاحُونَةِ زَيْدٍ فَادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو قَائِلًا: قَدْ بَنَيْت السَّدَّ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْقَدِيمِ وَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ أَنْشَأَهُ فِي الْمَوْضِعِ الْقَدِيمِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) . مُلْحَقٌ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ مِنْ النَّفَقَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: بَيِّنَةُ الْإِيسَارِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنَّ زَوْجَهَا مُوسِرٌ، وَأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ نَفَقَةَ الْمُوسِرِينَ، وَادَّعَى الزَّوْجُ بِأَنَّهُ مُعْسِرٌ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ فِي الْمِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ أَوْ فِي زَمَانِ الْفَرْضِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: قَدْ قَدَّرْت لِي نَفَقَةً مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَادْفَعْ لِي السِّتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ النَّفَقَةَ قُدِّرَتْ مُنْذُ شَهْرٍ فَقَطْ، وَأَنَّ لِلزَّوْجَةِ الْحَقَّ فِي أَخْذِ نَفَقَةِ شَهْرٍ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ (غَانِمٌ الْبَغْدَادِيُّ) . مِنْ الْبَيْعِ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: بَيِّنَةُ الْإِقَالَةِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَيْعِ. مَثَلًا: إذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، وَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الْإِقَالَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِقَالَةِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: بَيِّنَةُ الْإِجَازَةِ مُرَجَّحَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّدِّ. مَثَلًا: إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ الْفُضُولِيَّ، وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّهِ الْبَيْعَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِجَازَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ أَبِيك قَبْلَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ تُوُفِّيَ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت هَذَا الْمَالَ مِنْ أَبِيك، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكٌ لِأَبِيهِ إلَى حِينِ وَفَاتِهِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الِاشْتِرَاءِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ عَلَى بَيِّنَةِ الِاشْتِرَاءِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ شِرَاءَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ شِرَاءَ صَحِيحًا، وَادَّعَى آخَرُ اشْتِرَاءَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ شِرَاءَ فَاسِدًا وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَأَثْبَتَهُ، وَادَّعَى ذُو الْيَدِ قَائِلًا: إنَّك اشْتَرَيْت الْمَالَ الْمَذْكُورَ مِنِّي ثُمَّ أَقَلْنَا الْبَيْعَ وَأَثْبَتَ، تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: إذَا ادَّعَى، وَأَثْبَتَ الْبَائِعُ بِأَنْ الْمَبِيعَ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّسْلِيمِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْغَبْنِ مَعَ التَّغْرِيرِ عَلَى بَيِّنَةِ أَنَّ الثَّمَنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ (الْفَيْضِيَّةُ) كَمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مُرَجَّحَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ أَنَّ الثَّمَنَ ثَمَنُ مِثْلٍ، مَثَلًا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ لِأَحَدٍ ثُمَّ عَيَّنَ بَدَلًا عَنْهُ وَصِيٌّ آخَرُ فَادَّعَى الْوَصِيُّ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ الْوَاقِعَ مِنْ الْوَصِيِّ الْأَوَّلِ كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَصِيِّ الثَّانِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) مِنْ الْإِجَارَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الرَّاعِي قَائِلًا: قَدْ شَرَطْت الرَّعْيَ فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ وَقَدْ تَلِفَ الْحَيَوَانُ، وَأَنَا أَرْعَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ الرَّعْيَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَنْ الرَّاعِيَ قَدْ خَالَفَ بِرَعْيِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَطَلَبِ تَضْمِينَ الرَّاعِي، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاعِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عَشْرَةَ: إذَا أَقَامَ الْمُؤَجِّرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ سَلَّمَ الْمَأْجُورَ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرَ أَنَّ الْمَأْجُورَ كَانَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ. مِنْ الْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ:. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ سَلَّمَ الْحَيَوَانَ الْمُسْتَعَارَ سَالِمًا لِلْمُعِيرِ بَعْدَ أَنْ تَجَاوَزَ الْمَحَلَّ الْمَشْرُوطَ، وَادَّعَى الْمُعِيرُ أَنَّ الْحَيَوَانَ قَدْ تَلِفَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَقَعَ التَّجَاوُزُ فِيهِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ أَنَّ الْمُودِعَ قَدْ عَزَلَ وَكِيلَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ، وَادَّعَى الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَدِيعِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ ضَيَاعَهَا، وَادَّعَى الْمَالِكُ إتْلَافَهَا، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْوَدِيعِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ فِي حَقِّ تَعْيِينِ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّاهِنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إذَا أَقَامَ الرَّاهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِ الْمَرْهُونِ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى كَوْنِهِ تَلِفَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ قَائِلًا: قَدْ رَهَنْت وَسَلَّمْت لِي هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ، وَادَّعَى الرَّاهِنُ قَائِلًا: قَدْ رَهَنْت هَذَا الْمَالَ فَقَطْ وَسَلَّمْته، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ. الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ قَدْ رَهَنَ الْمَرْهُونَ سَالِمًا، وَأَنَّ قِيمَتُهٌ عِشْرُونَ دِينَارًا، وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّهُ ارْتَهَنَهُ مَعِيبًا، وَأَنَّ قِيمَتُهٌ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا دَعْوَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْمَرْهُونِ بَعْدَ تَلَفِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ أَحَدُهُمَا مُدَّعَاهُ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُرْتَهِنِ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَالْعِشْرُونَ: تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي، وَالْبَهْجَةُ) مِنْ الْغَصْبِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، وَالْعِشْرُونَ: إذَا ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْإِتْلَافَ، وَادَّعَى الْغَاصِبُ الرَّدَّ، وَالْإِعَارَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ قَدْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمَالِكِ، وَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَبِعَكْسِ ذَلِكَ مِنْ الشُّفْعَةِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَةِ الْمَشْفُوعِ بَعْدَ أَنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي أَبْنِيَةَ الْمَشْفُوعِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت الْبِنَاءَ أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَيْت الْعَرْصَةَ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لَك شُفْعَةٌ فِي الْبِنَاءِ، وَادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُمَا مَعًا، وَأَثْبَتَا ذَلِكَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُضَارَبَةِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ، وَالْعِشْرُونَ: إذَا أَقَامَ الْمُضَارِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ مَشْرُوطٌ لَهُ ثُلُثُ الرِّبْحِ، وَأَقَامَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لِلْمُضَارِبِ هُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ بِكَذَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا ادَّعَى الْمُضَارِبُ بِأَنَّهُ شُرِطَ لَهُ رِبْحٌ مَقْطُوعٌ أَوْ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ رِبْحٌ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ لِذَلِكَ أَجْرَ الْمِثْلِ، وَادَّعَى رَبُّ الْمَالِ بِأَنَّهُ شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ نِصْفَ الرِّبْحِ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ - إذَا دَفَعَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا فَصَرَفَهُ عَلَى الْمَتَاعِ وَتَاجَرَ فِيهِ ثُمَّ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَادَّعَى دَافِعُ الْمَالِ بِأَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ قَرْضًا، وَادَّعَى الْقَابِضُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ مُضَارَبَةً، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ (الْفَيْضِيَّةُ) مِنْ الْمُزَارَعَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى بَيِّنَةِ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَهَا بِشَرْطِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْحَجْرِ وَالْإِكْرَاهِ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا ادَّعَى الْمَحْجُورُ قَائِلًا: بِعْت وَقْتَ الْحَجْرِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا بِعْت حَالٍ صَلَاحِك، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا مُدَّعَاهُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي (التَّنْقِيحُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَالثَّلَاثُونَ - إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الصِّغَرِ مَعَ بَيِّنَةِ الْكِبَرِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْكِبَرِ أَيْ بَيِّنَةُ الْبُلُوغِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ بَيْعِ مَالِهِ لِآخَرَ قَائِلًا: بِعْته حَالَ صِغَرِي فَأَرْجِعْهُ لِي، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا: بِعْته حَالَ كِبَرِك فَبَيْعُك نَافِذٌ، وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا مُدَّعَاهُ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبُلُوغِ (النَّتِيجَةُ وَالْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّوْعِ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الطَّوْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ (الْأَشْبَاهُ وَالْفَيْضِيَّةُ وَالْحَمَوِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) مِنْ الْهِبَةِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ بِعِوَضٍ مَعَ التَّقَابُضِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ وَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ بَعْدَ اتِّصَالِ الْقَبْضِ بِالْبَدَلَيْنِ مُعَاوَضَةٌ ابْتِدَاءً، وَانْتِهَاءً اعْتِبَارًا مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ أَمَّا الرَّهْنُ فَلَا يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَالِ مُعَاوَضَةً فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُعَاوَضَةً عِنْدَ الْهَلَاكِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ - إذَا اجْتَمَعَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَعَ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ مَعَ الْقَبْضِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُعَاوَضَةٌ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَآكَدُ مِنْ الْهِبَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ. الثَّالِثِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالدُّرَرُ وَالْمُلْتَقَى فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ عَلَى بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُبْرِئُ أَنَّهُ أَبْرَأَ آخَرَ مَعَ وُجُودِ الْآخَرُ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ إبْرَاءً صَحِيحًا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْفَاسِدِ (النَّتِيجَةُ) .

(المادة 1769) إذا أظهر الطرف الراجح العجز عن البينة

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِكَذَا شَرْطًا مُفْسِدًا، وَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ بَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وُجُودِ مَالٍ مَنْقُولٍ كَافٍ فِي التَّرِكَةِ، وَأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ الْعَقَارَ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى بَيِّنَةِ عَدَمِ وُجُودِ مَالٍ مَنْقُولٍ فِي التَّرِكَةِ كَافٍ لِأَدَاءِ الدَّيْنِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ - تُرَجَّحُ الْبَيِّنَةُ أَحْيَانًا بِاعْتِبَارِهَا مُثْبِتَةً صِحَّةَ الْعَقْدِ. مَثَلًا: إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ، وَادَّعَى وَلَدُهُ زَيْدٌ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ قَائِلًا: إنَّ وَالِدِي فِي حَالٍ صِحَّتِهِ، وَأَثْنَاءِ صِغَرِي قَدْ وَهَبَنِي مَالَهُ الْفُلَانِيَّ، وَأَعْلَمَ، وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ، وَادَّعَى الْوَرَثَةُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى حِينَمَا وَهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَالِغًا وَقَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَأَنَّ الْهِبَةَ بَاطِلَةٌ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ (الْبَهْجَةُ) . الْمَسْأَلَةُ الْأَرْبَعُونَ - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْغَصْبِ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ التَّفْوِيضِ بِالْوَفَاءِ وَالْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَبَيْعِ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّفْوِيضِ وَالْبَيْعِ الْقَطْعِيِّ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ وَفَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) . [ (الْمَادَّةُ 1769) إذَا أَظْهَرَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْعَجْزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ] الْمَادَّةُ (1769) (إذَا أَظْهَرَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْعَجْزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ تُطْلَبُ مِنْ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ فَإِنْ أَثْبَتَ فِيهَا وَإِلَّا يَحْلِفْ) إذَا أَقَامَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لَهُ. أَمَّا فِي صُورَةِ إظْهَارِهِ الْعَجْزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ فَإِذَا أَثْبَتَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ فِيهَا أَيْ يُحْكَمُ لَهُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ قَدْ تَنَوَّرَتْ بِالْحُجَّةِ وَفِي صُورَةِ عَدَمِ إثْبَاتِهِ يَحْلِفُ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ بِطَلَبِ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ الْيَمِينَ. تَطْبِيقُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْمَادَّةِ (1759) . إذَا تَنَازَعَ كُلٌّ مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ فِي مِلْكِيَّةِ مُهْرٍ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ ذِي الْيَدِ فَإِذَا أَظْهَرَ الْعَجْزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى دَعْوَاهُ النِّتَاجَ فَإِذَا أَثْبَتَ يُحْكَمُ لَهُ، وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تُقْبَلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ (الْبَحْرُ) . إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ تُوجِبُ فِي حَالَةِ عَدَمِ إثْبَاتِ الْمَرْجُوحِ أَيْ الْخَارِجِ النِّتَاجِ حَسَبَ ظَاهِرِهَا أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْجُوحُ الْخَارِجُ بِطَلَبِ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ ذِي الْيَدِ عَلَى أَنَّ الْمُهْرَ لَيْسَ لِذِي الْيَدِ، وَأَنَّهُ فِي حَالَةِ حَلِفِ الْيَمِينِ يُسَلِّمُ الْمُهْرَ لِلْخَارِجِ إلَّا إنَّهُ كَمَا وُضِّحَ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (1757) أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى لِذِي الْيَدِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَامًّا. تَطْبِيقُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْمَادَّةِ (1762) . إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ مَثَلًا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِذَا أَثْبَتَ فَلَا مَحَلَّ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ

(المادة 1770) إذا أظهر الطرف الراجح العجز عن الإثبات

مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَيُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِذَا أَثْبَتَ يُحْكَمُ بِأَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ (الْبَحْرُ) . وَإِنْ عَجَزَ هَذَا أَيْضًا عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ بِطَلَبِ الْبَائِعِ عَلَى أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ لَمْ يَكُنْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَإِذَا حَلَفَ يُمْنَعُ الْبَائِعُ مِنْ دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَائِدَةُ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي، الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ خُلَاصَةً مِنْ الْيَمِينِ فَإِذَا نَكَلَ يُثْبِتُ بِأَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ وَتَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَيُقَاسُ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ عَلَى ذَلِكَ. تَطْبِيقُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْمَادَّةِ (1765) . تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ حَسَبَ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ فَإِذَا أَثْبَتَ فِيهَا وَإِلَّا تُطْلَبْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُعِيرِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُعِيرُ يُحْكَمُ بِمُوجِبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفْ بِطَلَبِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُعِيرُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ، وَإِذَا نَكَلَ أَثْبَتَ دَعْوَى الْمُسْتَعِيرِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . تَطْبِيقُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْمَادَّةِ (1766) . تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ حَسَبَ الْمِثَالِ الْوَارِدِ فِي تِلْكَ الْمَادَّةِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يُحْكَمُ لَهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَثْبَتُوا يُحْكَمُ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ، وَإِذَا عَجَزُوا عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ بِطَلَبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُوَرِّثَ قَدْ وَهَبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ فَإِذَا حَلَفُوا الْيَمِينَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ، وَإِذَا نَكَلُوا عَنْ الْحَلِفِ يَثْبُتُ وُقُوعُ الْهِبَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . تَطْبِيقُ هَذَا الْحُكْمِ عَلَى الْمَادَّةِ (1768) . تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ حَسَبَ الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ مُدَّعِي الْحُدُوثِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ مُدَّعِي الْقِدَمِ فَإِذَا أَظْهَرَ الْعَجْزَ أَيْضًا يَحْلِفُ مُدَّعِي الْقِدَمِ بِطَلَبِ مُدَّعِي الْحُدُوثِ وَالتَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فَإِذَا حَلَفَ يَبْقَى الْمَسِيلُ، وَإِذَا نَكَلَ يُرْفَعُ. [ (الْمَادَّةُ 1770) إذَا أَظْهَرَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْعَجْزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ] الْمَادَّةُ (1770) - (إذَا أَظْهَرَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْعَجْزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَحُكِمَ بِمُوجِبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ ثُمَّ أَرَادَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ بَعْدَ ذَلِكَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ بَعْدُ) . أَوَّلًا - إذَا أَظْهَرَ الطَّرَفَ الرَّاجِحُ الْعَجْزَ عَنْ إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ فَحُكِمَ لِلطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ بِمُوجِبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ أَعْلَاهُ ثُمَّ أَرَادَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بِسَبَبِ كَوْنِهِ رَاجِحًا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ بَعْدُ عَلَى قَوْلِ (الْبَحْرِ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) ؛ لِأَنَّهُ أَثْنَاءَ الْحُكْمِ بِالْبَيِّنَةِ الْأُولَى لَمْ تُوجَدْ بَيِّنَةٌ مُعَارِضَةٌ لَهَا وَقَدْ تَرَجَّحَتْ الْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ بِاتِّصَالِهَا بِالْقَضَاءِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي عَرَضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الشِّبْلِيُّ مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ التَّغْرِيرَ وَالْغَبْنَ الْفَاحِشَ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي وُقُوعَ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَتُطْلَبُ

الفصل الثالث في القول لمن يشهد وفي تحكيم الحال

الْبَيِّنَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْبَائِعُ تُطْلَبْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِالثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ؛ وَحُكِمَ لَهُ، وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ إثْبَاتَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا يُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) . وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ فِي مُهْرٍ، وَادَّعَى كِلَاهُمَا النِّتَاجَ، وَعَجَزَ ذُو الْيَدِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَأَثْبَتَ الْخَارِجُ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَحُكِمَ لَهُ فَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةُ مِنْ ذِي الْيَدِ لِإِثْبَاتِ النِّتَاجِ (الْبَحْرُ) . ثَانِيًا - إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ أَيْ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا رَاجِحَةً، وَالْأُخْرَى مَرْجُوحَةً فَإِذَا سَبَقَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَحُكِمَ بِمُوجِبِهَا فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ وَلَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ. مَثَلًا: لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ عَمْرًا قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ فِي مَكَّةَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ آخَرَانِ أَنَّ عَمْرًا الْمَذْكُورَ قَتَلَ زَيْدًا الْمَذْكُورَ يَوْمَ النَّحْرِ فِي الْقَاهِرَةِ فَتُرَدُّ الشَّهَادَتَانِ أَمَّا إذَا شَهِدَ الْأَوَّلَانِ أَوَّلًا وَحُكِمَ بِمُوجِبِ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ شَهِدَا الْآخَرَانِ. عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ الثَّانِيَةُ (أَبُو السُّعُودِ وَالطَّرِيقَةُ الْوَاضِحَةُ) . لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الطَّرَفِ الرَّاجِحِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِسَبَبِ رُجْحَانِهَا، أَمَّا إذَا بَيَّنَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ الْآتِيَيْنِ فَلَهُ طَلَبُ رَفْعِ الْحُكْمِ. السَّبَبُ الْأَوَّلُ - يُقْبَلُ إذَا أَثْبَتَ بُطْلَانَ الْقَضَاءِ أَوْ الْحُكْمَ. مَثَلًا: إذَا قَالَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ لِي بِهَذَا الْمَالِ وَالْحَقِيقَةُ أَنَّهُ مَالٌ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَهُوَ حَرَامٌ عَلَيَّ فَاشْتَرُوهُ لِي مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ شَخْصًا بِالشِّرَاءِ، وَأَثْبَتَ هَذَا الْأَمْرَ مَثَلًا بِالْإِقْرَارِ بِكِتَابٍ مُعَنْوَنٍ وَمَرْسُومٍ مُرْسَلٍ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ لِلْمَأْمُورِ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ السَّابِقُ وَيُعَادُ الْمَالُ الْمَحْكُومُ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (الْحَمَوِيُّ) . السَّبَبُ الثَّانِي - إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ تَلَقِّي الْمِلْكَ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيُحْكَمُ لِذِي الْيَدِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1840) وَشَرْحَهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَحْرَ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ شِرَاءَ الْمَالِ الْمَحْكُومِ بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ، وَأَبْرَزَ سَنَدًا مَعْمُولًا بِهِ يَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيُحْكَمُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. [الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ يَشْهَدُ وَفِي تَحْكِيمِ الْحَالِ] الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - الْقَوْلُ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ الْحَالِ وَالْبَيِّنَةُ لِمَنْ كَانَ شَاهِدًا عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ (الْفَيْضِيَّةُ)

(المادة 1771) إذا اختلف الزوج والزوجة في أشياء الدار التي سكناها

الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ الْقَوْلُ، إنَّ الْمَوَادَّ (1771 و 1772 و 1774 و 1775 و 1776 و 1777) مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. مَثَلًا: إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُرْتَهِنِ (النَّتِيجَةُ) . إلَّا أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بَعْضُ مَسَائِلَ: 1 - الْمَادَّةُ (1773) . 2 - إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ وَكَانَ الْمِقْدَارُ الَّذِي بَيَّنَهُ نَفَقَةَ مِثْلِ ذَلِكَ الصَّبِيِّ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا يَحْلِفُ مَا لَمْ تَظْهَرْ خِيَانَتُهُ. 3 - إذَا بَاعَ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ، وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ، وَقَالَ الْقَاضِي قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْقَاضِي. 4 - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى الْقَاضِي بِأَنَّهُ آجَرَهُ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ وَيُنْكِرُ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ. 5 - اشْتِرَاطُ الْعِوَضِ اُنْظُرْ شَرْحَ مَادَّةِ (1773) . 6 - إذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ دَارًا، وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ بِدُونِ الْيَمِينِ لِلْأَبِ. 7 - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الشُّفْعَةَ عَلَى آخَرَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ، وَادَّعَى أَنَّ الْعَقَارَ هُوَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَفِي حَالَةِ عَدَمِ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ. 8 - إذَا تُوُفِّيَ غَيْرُ الْمُسْلِمِ، وَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ بِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ، وَادَّعَى الْوَرَثَةُ بِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ قَبْلَ الْوَفَاةِ، وَإِنَّهَا لِذَلِكَ غَيْرُ، وَارِثَةٍ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْوَرَثَةِ مَا لَمْ تَدَّعِ الزَّوْجَةُ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ عَالِمُونَ بِأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَحْلِفُ الْوَرَثَةُ بِالطَّلَبِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ. 9 - إذَا شَرَطَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ خِيَارَ الشَّرْطِ لِمُوَكِّلِهِ، وَأَخَذَ الْمَالَ فَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ أَسْقَطَ الْخِيَارَ وَرَضِيَ بِالْبَيْعِ، وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي سُقُوطَ الْخِيَارِ وَوُجُوبَ الثَّمَنِ، وَالْوَكِيلُ يُنْكِرُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي إجَازَةَ الْآمِرِ وَالْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ إجَازَةُ الْوَكِيلِ. 10 - إذَا قَالَ أَمِينُ الْقَاضِي بِعْت مَالَ الْمَدِينِ، وَأَخَذْت الثَّمَنَ، وَأَدَّيْته لِلدَّائِنِ فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ وَلَا عُهْدَةٍ (الْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1771) إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي أَشْيَاءِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَاهَا] الْمَادَّةُ (1771) - (إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي أَشْيَاءِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَاهَا يُنْظَرُ إلَى الْأَشْيَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلزَّوْجِ فَقَطْ كَالْبُنْدُقِيَّةِ وَالسَّيْفِ

أَوْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ كَالْأَوَانِي وَالْمَفْرُوشَاتِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ لِزَوْجَتِهِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهَا لَهُ، وَأَمَّا فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ كَالْحُلِيِّ، وَأَلْبِسَةِ النِّسَاءِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَانِعَ الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِآخَرَ أَوْ بَائِعَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. مَثَلًا: الْقُرْطُ حُلِيٌّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَائِغًا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ) . إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ حَالٍ بَقَاءِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمِينَ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ كِتَابِيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَا كَبِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ فِي أَشْيَاءِ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَاهَا مَعًا (الْبَحْرُ) يُنْظَرُ إلَى الْأَشْيَاءِ وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ الْآتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِلْكَهُمَا الْمُشْتَرَكَ أَوْ كَانَتْ مِلْكًا لِأَحَدِهِمَا أَوْ مَأْجُورَةً أَوْ مُسْتَعَارَةً؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْيَدِ وَلَيْسَ لِلْمِلْكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) . وَالْأَشْيَاءُ هِيَ كَالطَّعَامِ وَالْبُرِّ، وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحُكْمُ فِي الْغُرْفَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلزَّوْجِ فَقَطْ كَالْبُنْدُقِيَّةِ وَالسَّيْفِ وَالْأَسْلِحَةِ الْأُخْرَى وَالْعِمَامَةِ وَالْجُبَّةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْكِتَابِ وَالْحِصَانِ؛ أَوْ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ كَالْأَوَانِي وَالْمَفْرُوشَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْأُخْرَى وَالنُّقُودِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ هِيَ خَارِجَةٌ مَعْنًى، وَالزَّوْجُ ذُو يَدٍ عَلَى زَوْجَتِهِ وَعَلَى مَا فِي يَدِهَا مِنْ الْمَالِ وَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1757) تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ (الْبَحْرُ وَالزَّيْلَعِيّ) . وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ إذَا لَمْ يُقِرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ اشْتَرَى تِلْكَ الْأَشْيَاءَ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَنَّ زَوْجَتَهُ قَدْ وَهَبَتْهُ وَسَلَّمَتْهُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي إذَا حَلَفَ الزَّوْجُ بِأَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ لِزَوْجَتِهِ يُحْكَمُ بِكَوْنِهَا لَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الَّذِي هُوَ الْيَدُ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيُّ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الشِّرَاءَ أَوْ الْهِبَةَ لَهُ فَيَجِبُ إثْبَاتُ دَفْعِهِ، وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ لِخُرُوجِهِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1632) (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَا عَلَى الْغُرْفَةِ أَوْ عَلَى الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنُهَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ فَإِذَا عَجَزَ كُلًّا عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجِ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا. وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا افْتَرَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ، وَأَخَذَتْ الزَّوْجَةُ بَعْضَ الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا مِنْ الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا مَعًا وَرَأَى الزَّوْجُ ذَلِكَ وَسَكَتَ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ادِّعَاءَ الزَّوْجِ مِلْكِيَّةَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ إذْ لَا يَدُلُّ السُّكُوتُ الْمَذْكُورُ عَلَى الرِّضَاءِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (67) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الصَّالِحَةُ لِلنِّسَاءِ كَالْمُلَاءَةِ وَغِطَاءِ الرَّأْسِ وَسَائِرِ 4 الثِّيَابِ الْخَاصَّةِ بِالنِّسَاءِ وَكَاللُّؤْلُؤِ وَالْأَلْمَاسِ، وَالْخَوَاتِمِ الْمَخْصُوصَةِ بِالنِّسَاءِ وَالشَّكْلِ، وَمَا ذَلِكَ مِنْ الْحُلِيِّ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ - يَشْهَدُ بِذَلِكَ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ تَدَّعِ الزَّوْجَةُ شِرَاءَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ كَوْنَهُ وَهَبَهَا لَهَا وَسَلَّمَهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجَةِ يَعْنِي إذَا حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لَمْ تَكُنْ لِزَوْجِهَا فَيُحْكَمُ لَهَا بِهَا. أَمَّا إذَا أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ، وَادَّعَتْ الشِّرَاءَ أَوْ الْهِبَةَ، وَالتَّسْلِيمَ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا أَنْ تُثْبِتَ الْبَيْعَ أَوْ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ. سُؤَالٌ - إنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى مَا فِي يَدِهَا وَالْقَوْلُ فِي الدَّعَاوَى لِصَاحِبِ الْيَدِ فَعَلَيْهِ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ؟ . الْجَوَابُ - قَدْ ظَهَرَ مُعَارِضٌ أَقْوَى عَلَى يَدِ الزَّوْجِ وَهُوَ الِاخْتِصَاصُ بِالِاسْتِعْمَالِ (الدُّرَرُ وَابْنُ عَابِدِينَ وَالْبَحْرُ) . إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا صَانِعَ الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلْآخَرِ أَوْ بَائِعَهَا، فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَشْيَاءُ صَالِحَةً لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِكِلَيْهِمَا. مَثَلًا: الْقُرْطُ حُلِيٌّ مَخْصُوصٌ بِالنِّسَاءِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَائِغًا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ تَنْقَسِمُ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَ الزَّوْجُ صَانِعًا أَوْ بَائِعًا لِلْأَشْيَاءِ الْمَخْصُوصَةِ بِالنِّسَاءِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ فَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ ظَاهِرَانِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ مَعَ الزَّوْجَةِ؛ لِكَوْنِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ مَخْصُوصَةً بِالنِّسَاءِ، وَظَاهِرَ الْحَالِ مَعَ الزَّوْجِ؛ لِكَوْنِهِ صَانِعَ وَبَائِعَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِالظَّاهِرَيْنِ، وَقَدْ بَقِيَ أَحَدُ الظَّاهِرَيْنِ بِلَا مُعَارِضٍ وَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَ، وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي فِي يَدِهَا، وَالْقَوْلُ فِي الدَّعَاوَى لِصَاحِبِ الْيَدِ (الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ بِتَفْصِيلٍ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَانِعَةً لِلثِّيَابِ أَوْ لِلْأَمْوَالِ الصَّالِحَةِ لِلرِّجَالِ أَوْ الصَّالِحَةِ لِلرِّجَالِ وَلِلنِّسَاءِ فَعَلَى قَوْلٍ: الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجَةِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . وَقَدْ احْتَرَزَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا: الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَنْ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: 1 - اخْتِلَافُ الزَّوْجَتَيْنِ إذَا كَانَ لِأَحَدٍ زَوْجَتَانِ وَكَانَتَا سَاكِنَتَيْنِ مَعًا، وَاخْتَلَفَتَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَتَانِ تَسْكُنَانِ فِي غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُحْكَمُ لَهُمَا مُنَاصَفَةً فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلنِّسَاءِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ كُلُّ مِنْهُمَا تَسْكُنُ فِي غَرْفَةٍ عَلَى حِدَتِهَا فَالْأَشْيَاءُ الَّتِي تَكُونُ فِي غُرْفَةِ تِلْكَ الزَّوْجَةِ يُحْكَمُ لَهَا وَلِزَوْجِهَا بِهَا حَسَبَ التَّفْصِيلِ الْوَارِدِ فِي الْمَجَلَّةِ وَلَا تَشْتَرِكُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجَاتُ الْأُخْرَيَاتُ (الْبَحْرُ)

(المادة 1773) تقوم الورثة مقام المورث عند موت أحد الزوجين

اخْتِلَافُ الْأَبِ وَالِابْنِ: إذَا اخْتَلَفَ الْأَبُ وَالِابْنُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا مَعًا يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الِابْنُ مِنْ عِيَالِ الْأَبِ فَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ لِلْأَبِ، وَإِذَا كَانَ الْأَبُ فِي عِيَالِ الِابْنِ فَجَمِيعُ الْأَشْيَاءِ لِلِابْنِ (الْبَحْرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) 3 - اخْتِلَافُ الْحَمِّ وَالصِّهْرِ: إذَا أَسْكَنَ أَحَدٌ زَوْجَ بِنْتِهِ فِي دَارِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ فَتَكُونُ الْأَشْيَاءُ لِلَّحَمِ وَلَا يَكُونُ لِلصِّهْرِ غَيْرُ الثِّيَابِ الَّتِي عَلَيْهِ (الْبَحْرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . 4 - اخْتِلَافُ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ الْمَأْجُورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْمُضَافَةَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ (الْبَحْرُ) 5 - اخْتِلَافُ الْإِسْكَافِيِّ وَالْعَطَّارِ: إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَشْيَاءِ وَالْآلَاتِ الْخَاصَّةِ بِالْأَسَاكِفَةِ وَالْعَطَّارِينَ فَإِذَا كَانَتْ فِي يَدِهِمَا مَعًا يُحْكَمُ مُنَاصَفَةً وَلَا يُنْظَرُ إلَى صَلَاحِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ إلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يَقْتَنِيَانِ بَعْضًا مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ صَالِحَةً لَهُمَا لِنَفْسِهِمَا أَوْ لِلْبَيْعِ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ صَلَاحُهَا لِأَحَدِهِمَا بَاعِثًا لِلتَّرْجِيحِ (الْبَحْرُ) . 6 - اخْتِلَافُ الْأَبِ وَالْبِنْتِ فِي الْجِهَازِ، فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا عَلَى أَنَّ الْأَبَ يُعْطِي ذَلِكَ لِبِنْتِهِ مِلْكًا وَلَيْسَ عَارِيَّةً فَالْقَوْلُ لِلْبِنْتِ فِي حَيَاتِهَا وَلِوَرَثَتِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا، وَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ مُشْتَرَكًا (كَعُرْفِ مِصْرَ) فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لِلْوَرَثَةِ قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ: أَشْيَاءُ الدَّارِ الَّتِي سَكَنَاهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْأَمْتِعَةِ الْغَيْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْكُنَانِهِ فَإِذَا كَانَ فِي يَدِهِمَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَأَجْنَبِيٍّ (الْبَحْرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1773) تَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ عِنْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ] الْمَادَّةُ (1773) - (تَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ عِنْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ. وَلَكِنْ إذَا عَجَزَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ عَنْ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ هُوَ فِي الْحَيَاةِ مِنْهُمَا مَعَ الْيَمِينِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا، وَأَمَّا إذَا مَاتَ كِلَاهُمَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا) . تَقُومُ الْوَرَثَةُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ عِنْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَلِذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفَتْ الزَّوْجَةُ مَثَلًا مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِكِلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجَةِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلزَّوْجِ فَقَطْ أَوْ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا (التَّنْقِيحُ) . وَلَكِنْ إذَا عَجَزَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ عَنْ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ يَدٌ فَبَقِيَتْ يَدُ مَنْ كَانَ فِي الْحَيَاةِ مِنْهُمَا بِلَا مُعَارِضٍ (الدُّرَرُ والشرنبلالي) .

(المادة 1773) إذا أراد الواهب الرجوع عن الهبة وادعى الموهوب له تلف الموهوب

فَعَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ وَحَصَلَ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ بَعْدَ وَفَاةِ الزَّوْجِ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا. وَمَا دَامَ حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا فَيُعْلَمُ بَدَاهَةً أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجَةِ أَيْضًا فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِلزَّوْجَةِ فَقَطْ (التَّنْقِيحُ وَالْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1741) . وَأَمَّا إذَا مَاتَ كِلَاهُمَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْأَشْيَاءِ الصَّالِحَةِ لِكِلَيْهِمَا، وَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَمُوتَا فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْحَيَاةِ لِلزَّوْجَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1771) . [ (الْمَادَّةُ 1773) إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ تَلَفَ الْمَوْهُوبِ] الْمَادَّةُ (1773) - (إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ، وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ تَلَفَ الْمَوْهُوبِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ) . أَيْ لَا يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْمَوْهُوبِ حَيْثُ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُخْبِرُ عَنْ تَلَفِ مَالِهِ، وَهَذَا الْأَمْرُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ قَائِلًا: إنَّ الْمَالَ الَّذِي وَهَبْته لَك هَا هُوَ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ، وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الْمَالَ، وَأَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ قَدْ تَلِفَ فَيَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ حَلِفُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لَيْسَ هَذَا الْمَالَ فَإِذَا حَلَفَ فَالْقَوْلُ لَهُ. كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْوَاهِبُ قَدْ شُرِطَ عِوَضُ كَذَا، وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ بِلَا يَمِينٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1774) الْأَمِينُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ] الْمَادَّةُ (1774) (الْأَمِينُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَقَالَ الْوَدِيعُ أَنَا رَدَدْتهَا إلَيْك فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ وَلَكِنْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَة لِيَخْلُصَ مِنْ الْيَمِينِ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) . الْأَمِينُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ أَيْ فِي الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُكَذِّبْ ظَاهِرُ الْحَالِ الْأَمِينَ أَمَّا إذَا كَذَّبَ ظَاهِرُ الْحَالِ الْأَمِينَ فَلَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْ لَا يُقْبَلُ يَمِينُهُ بَلْ تَجِبُ الْبَيِّنَةُ فَلِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْمَصَارِيفِ الزَّائِدَةِ الْمُخَالِفَةِ لِظَاهِرِ الْحَالِ (الْأَشْبَاهُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْأَمِينِ أَمَانَةً بَلْ كَانَ مَضْمُونًا كَالدَّيْنِ أَوْ الْمَغْصُوبِ فَلَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بَلْ تَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ. مَثَلًا: إذَا أَقْرَضَ أَحَدٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ وَاسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ ادَّعَى الْمُقْرِضُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ، وَادَّعَى الْمُسْتَقْرِضُ أَدَاءَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَدَاءِ بَلْ يُعْمَلُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1632) . كَذَلِكَ إذَا غَصَبَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَأَنْكَرَ

صَاحِبُ الْمَالِ الرَّدَّ فَلَا يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ. كَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ الْمُتَوَلِّي بِيَمِينِهِ فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَقْفِ بَلْ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْهُ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي الْمَعْزُولُ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ اللَّاحِقِ قَائِلًا: قَدْ صَرَفْت عَلَى أُمُورِ الْوَقْفِ بِرَأْيِ الْقَاضِي بِشَرْطِ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَقْفِ كَذَا دِرْهَمًا فَأَدِّ لِي ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا يُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ بَلْ تُطْلَبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ. فِي حَقِّ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، فَعَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي حَقِّ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْغَيْرِ. مَثَلًا إذَا أَمَرَ الْمُودِعِ الْمُسْتَوْدَعَ بِتَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ إلَى زَيْدٍ، وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ سَلَّمَهَا لِزَيْدٍ، وَادَّعَى زَيْدٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَلِمْ الْوَدِيعَةَ، وَادَّعَى الْمُودِعُ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَمْ يُسَلِّمْهَا لِزَيْدٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَوْدِعِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَبِقَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يَثْبُتُ أَخْذُ زَيْدٍ وَلَا يَلْزَمُ زَيْدًا الضَّمَانُ. كَذَلِكَ إذَا أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ قَائِلًا: أَدِّي دَائِنِي الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ الْمُودَعَةَ عِنْدَك، وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ سَلَّمَهَا لِلْمَذْكُورِ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ التَّسْلِيمَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ وَيَمِينٍ الْمُسْتَوْدَعِ أَخْذَ الدَّائِنِ دَيْنَهُ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الدَّائِنُ الْآخِذُ فَيَبْقَى مَطْلُوبُهُ كَمَا كَانَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدٌ لِزَيْدٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَأَمَرَهُ بِأَدَائِهَا لِدَائِنِهِ عَمْرٍو، وَادَّعَى زَيْدٌ أَنَّهُ سَلَّمَهَا لِعَمْرٍو، وَأَنْكَرَ عَمْرٌو فَيُقْبَلُ قَوْلُ زَيْدٍ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ تُجَاهَ الْأَمْرِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ عَمْرُو قَدْ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ بِقَوْلِ زَيْدٍ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ فِي الْوَكَالَةِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1454) . مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ: مِنْ الْوَدِيعَةِ. إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَقَالَ الْوَدِيعُ: أَنَا رَدَدْتهَا إلَيْك بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِي أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ فَإِذَا حَلَفَ الْوَدِيعُ الْيَمِينَ خَلَصَ مِنْ الضَّمَانِ. أَمَّا إذَا نَكَلَ الْوَدِيعُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ حَالَةَ ادِّعَائِهِ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِبَقَاءِ عَيْنِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يُحْبَسُ الْوَدِيعُ حَتَّى يُظْهِرَ الْوَدِيعَةَ عَيْنًا أَوْ يُثْبِتَ تَلَفَهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَصُورَةُ الْيَمِينِ تَكُونُ عَلَى النَّفْيِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1748) أَيْ يَحْلِفُ الْوَدِيعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُودِعُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدَهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ عَلَى تَلَفِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي وَالْخَانِيَّةُ وَالدُّرَرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . أَنَا رَدَدْتهَا إلَيْك، أَمَّا إذَا ادَّعَى الْوَدِيعُ أَنَّهُ سَلَّمَ الْوَدِيعَةَ بِأَمْرِ الْمُودِعِ إلَى فُلَانٍ فَيَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِحَالٍ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ فَعَلَى الْمُودِعِ إثْبَاتُ الْأَمْرِ فَإِذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ الْأَمْرِ. لِأَنَّ الْوَدِيعَ يَدَّعِي الْأَمْرَ وَالْمُودِعُ يُنْكِرُ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ (الْوَاقِعَاتُ) . بِالذَّاتِ أَوْ بِأَمِينِي، أَمَّا إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدِعُ قَدْ رَدَدْت لَك الْمَالَ مَعَ فُلَانٍ الَّذِي لَمْ يَكُنْ أَمِينِي فَلَا

يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ التَّسْلِيمَ لِلْمُودِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَدْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ ثُمَّ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ بَعْدَ ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مِنْ الْإِجَارَةِ: إذَا ادَّعَى الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ أَنَّهُ رَدَّ الْمُسْتَأْجَرَ فِيهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَنَّهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ أَوْ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (7 6) . كَذَلِكَ إذَا سَلَّمَ أَحَدٌ لِلْغَسَّالِ أَرْبَعَةَ أَثْوَابٍ فَأَرْسَلَ صَاحِبُ الْأَثْوَابِ رَسُولًا لِاسْتِلَامِهَا فَأَحْضَرَ الرَّسُولُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ، وَادَّعَى الْغَسَّالُ تَسْلِيمَ الْأَثْوَابِ الْأَرْبَعَةِ، وَادَّعَى الرَّسُولُ اسْتِلَامَهُ الثِّيَابَ بِلَا تَعْدَادٍ فَيَقُولُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ لِصَاحِبِ الثِّيَابِ إمَّا أَنْ تُصَدِّقَ الرَّسُولَ أَوْ تُصَدِّقَ الْغَسَّالَ فَإِذَا صَدَّقَ صَاحِبُ الثِّيَابِ الرَّسُولَ فَيَبْرَأُ الرَّسُولُ مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْغَسَّالُ فَإِذَا حَلَفَ يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِلْغَسَّالِ جَمِيعَ أُجْرَتِهِ، وَإِذَا نَكَلَ يَضْمَنُ ثَمَنَ الثَّوْبِ. أَمَّا إذَا صَدَّقَ صَاحِبُ الثَّوْبِ الْغَسَّالَ فَيَبْرَأُ الْغَسَّالُ مِنْ الضَّمَانِ وَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ أُجْرَتِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَحْلِفُ الرَّسُولُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مِنْ الرَّهْنِ: بِمَا أَنَّ مَا يَزِيدُ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ فَهُوَ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَى الرَّاهِنِ أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُرْتَهِنِ. أَمَّا مِقْدَارُ الدَّيْنِ مِنْ الْمَرْهُونِ فَلَيْسَتْ أَمَانَةً مَحْضَةً بَلْ هِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّهَا لِلرَّاهِنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلٌ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّاهِنِ فِي حَقِّ عَدَمِ قَبْضِهَا (التَّنْقِيحُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مِنْ الْعَارِيَّةِ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ بِأَنَّهُ رَدَّ الْمُعَارَ إلَى الْمُعِيرِ أَوْ أَنَّ الْمُعَارَ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. مِنْ الشَّرِكَةِ: بِمَا أَنَّ الْمُضَارِبَ وَالْمُسْتَبْضِعَ أَمِينَانِ فَإِذَا ادَّعَيَا أَنَّهُمَا رَدَّا الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِمَا إلَى صَاحِبِهِ أَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِهِمَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيُصَدَّقَانِ بِيَمِينِهِمَا (التَّكْمِلَةُ) . مِنْ الْوَقْف: أَنَّ يَدَ الْمُتَوَلِّي يَدُ أَمَانَةٍ فَلِذَلِكَ إذَا ضَاعَ أَوْ تَلِفَ مَالُ الْوَقْفِ الَّذِي فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ ضَمَانٌ. كَذَلِكَ ادَّعَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَنَّهُ صَرَفَ غَلَّةَ الْوَقْفِ فِي مَصَارِفِهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إذَا كَانَ بِالْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْوَقْفِ) . مِنْ الْكُتُبِ الْمُتَفَرِّقَةِ أَنَّ الْمُسَاوِمَ وَالْأَبَ فِي مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالرَّسُولَ وَالْقَاضِيَ، وَأَمِينَ الْقَاضِي، وَأَمِينَ الْعَسْكَرِ وَالْمُحْضِرَ وَالْقَيِّمَ وَالدَّلَّالَ وَالسِّمْسَارَ، وَالْبَيَّاعَ وَالْعَدْلَ وَالْمُلْتَقِطَ وَالشَّرِيكَ وَالْحَاجَّ عَنْ الْغَيْرِ، وَالْمُسْتَأْجِرَ وَالْأَجِيرَ الْخَاصَّ وَالْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ هُمْ أُمَنَاءُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَوْا رَدَّ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِمْ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ تَلَفَهُ فِي يَدِهِمْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيُصَدَّقُونَ بِيَمِينِهِمْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ مَعَ الْيَمِينِ لِلْأَمِينِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1775) إذا أعطى من عليه ديون مختلفة لدائنه مقدارا من الدين

مِنْ الْوَكَالَةِ: إذَا أَدَّى زَيْدٌ لِعَمْرٍو مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ قَائِلًا: أَعْطِهَا لِبَكْرٍ وَبَعْدَ أَنْ غَابَ بَكْرٌ الْمَذْكُورُ ادَّعَى عَمْرٌو بِأَنَّهُ سَلَّمَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِبَكْرٍ، وَادَّعَى زَيْدٌ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لِبَكْرٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِعَمْرٍو الْمَأْمُورِ (التَّنْقِيحُ) أَمَّا إذَا أَرَادَ الْأَمِينُ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ فَلِلْأَمِينِ الَّذِي يَدَّعِي بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ أَنْ يُقِيمَ شُهُودًا لِإِثْبَاتِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى، وَإِنْ شَاءَ لَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ، وَيَحْلِفُ الْيَمِينَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَائِدَةٌ -؟ . [ (الْمَادَّةُ 1775) إذَا أَعْطَى مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ لَدَائِنِهِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ] الْمَادَّةُ (1775) (إذَا أَعْطَى مَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ لَدَائِنِهِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ مَحْسُوبًا بِدِينِهِ الْفُلَانِيِّ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ) إذَا ادَّعَى الشَّخْصُ الْمَدِينُ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ مُخْتَلِفِ الْجِهَةِ مُتَّحِدَ الْجِنْسِ بَعْدَ أَدَاءِ مِقْدَارٍ مِنْهُ لِدَائِنِهِ بِأَنَّهُ أَدَّاهُ عَنْ أَحَدِ الدُّيُونِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَدِينِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْمُمَلِّكَ إذَا عَيَّنَ جِهَةَ التَّمْلِيكِ وَقْتَ التَّمْلِيكِ أَوْ بَعْدَ التَّمْلِيكِ فَيَكُونُ هَذَا التَّعْيِينُ مُفِيدًا وَالْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَةِ الْمُمَلِّكِ فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلِأَنَّ بِتَعْيِينِهِ جِهَةَ التَّمْلِيكِ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . مَثَلًا: إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا ثَمَنِ فَرَسٍ وَخَمْسِينَ رِيَالًا أُخْرَى ثَمَنِ حِصَانٍ فَأَدَّى دَائِنُهُ خَمْسِينَ رِيَالًا، وَادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّ الْخَمْسِينَ رِيَالًا الَّتِي دَفَعَهَا هِيَ ثَمَنُ الْفَرَسِ، وَادَّعَى الدَّائِنُ أَنَّهَا ثَمَنُ الْحِصَانِ فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ عَنْ ثَمَنِ الْحِصَانِ وَفِي هَذَا الْحَالِ لِلدَّائِنِ أَنْ يُطْلَبَ ثَمَنَ الْحِصَانِ رَغْمًا عَنْ أَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ مَا قَبَضَهُ هُوَ ثَمَنُ الْحِصَانِ إلَّا أَنَّ إقْرَارَهُ هَذَا قَدْ تَكَذَّبَ بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَأَصْبَحَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1654) . كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا بِوَاسِطَةِ الدَّلَّالِ وَدَفَعَ لِلدَّلَّالِ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ ثُمَّ ادَّعَى بِأَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَادَّعَى الدَّلَّالُ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ أُجْرَةِ دَلَالَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلدَّافِعِ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَدْفَعْ النُّقُودَ مِنْ أَصْلِ أُجْرَةِ الدَّلَالَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ وَبِخَمْسِينَ رِيَالًا أُخْرَى مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَدَّاهَا مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ. مُخْتَلِفُ الْجِهَةِ: أَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ جِهَةً وَاحِدَةً فَلَا يُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُعَجَّلِ أَوْ الْمُؤَجَّلِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى دَائِنُهُ خَمْسَةً

وَعِشْرِينَ رِيَالًا ادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهُ أَدَّى ذَلِكَ عَنْ النِّصْفِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ مِنْ هَذَا التَّعْيِينِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ فَائِدَةٌ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ جِهَتُهُمَا مُخْتَلِفَةً، فَالتَّعْيِينُ مُعْتَبَرٌ. مَثَلًا: لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نِصْفَ الْخَمْسِينَ رِيَالًا الْمَدِينِ بِهَا آخَرُ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى ذَلِكَ الْآخَرُ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رِيَالًا ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى النِّصْفَ الَّذِي كَفَلَهُ الْكَفِيلُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ هَذَا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ زَيْدٌ نِصْفَ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَكَفَلَ عَمْرٌو النِّصْفَ الْآخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رِيَالًا ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى الْقِسْمَ الَّذِي كَفَلَهُ زَيْدٌ فَتَعْيِينُهُ صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ قَدْ صَدَرَ مِنْ الْمَدِينِ وَفِي التَّعْيِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إخْرَاجٌ لِذَلِكَ الْكَفِيلِ مِنْ الْكَفَالَةِ، وَبِمَا أَنَّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً لِلْمَدِينِ فِي قَطْعِ حَقِّ رُجُوعِ الْكَفِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ أَصْبَحَ التَّعْيِينُ الْمَذْكُورُ مُعْتَبَرًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مُتَّحِدُ الْجِنْسِ: أَمَّا إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ غَيْرَ مُتَّحِدَةٍ الْجِنْسِ بَلْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ فِضَّةً أَوْ أَحَدُهُمَا شَعِيرًا وَالْآخَرُ حِنْطَةً فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَدَّى جِنْسًا عَنْ الْجِنْسِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ إنَّمَا تَتِمُّ بِرِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ. مَثَلًا: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَبِخَمْسِينَ رِيَالًا وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رِيَالًا ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّى ذَلِكَ عَنْ دَيْنِهِ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ، وَأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ قَبِلَ بِذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ الْإِثْبَاتِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِآخَرَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ فَرَسًا ادَّعَى أَنَّهُ أَدَّاهَا مِنْ أَصْلِ دَيْنِهِ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ، وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ أَخْذَ الْفَرَسِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا قَالَ الدَّائِنُ: قَدْ أَخَذْت الْفَرَسَ أَمَانَةً وَكَانَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْقَابِضِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ يَدَّعِي عَلَى الدَّائِنِ الْمُعَاوَضَةَ أَيْ بَيْعَهُ فَرَسَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَالدَّائِنُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ، اُنْظُرْ مَادَّةَ (76) أَمَّا إذَا قَالَ الدَّائِنُ إنِّي أَخَذْت الْفَرَسَ مُقَابِلَ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا آخَرَ فَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُنْكِرًا لِلدَّيْنِ الثَّانِي، وَفِي هَذَا الْحَالِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَدِينِ الْمُنْكِرِ الدَّيْنِ الثَّانِي، وَيَلْزَمُ الدَّائِنَ أَنْ يُعِيدَ الْفَرَسَ لِلْمَدِينِ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ الثَّانِي، وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَدِينِ؛ لِأَنَّ كِلَا الطَّرَفَيْنِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي جِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَالتَّمْلِيكِ لِلْمُمَلِّكِ؛ لِأَنَّ الْمُمَلِّكَ مُنْكَرٌ زَوَالَ مِلْكِهِ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَالْقَابِضَ مُدَّعٍ لِذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . مَنْ كَانَتْ دُيُونُهُ الْمُخْتَلِفَةُ مُثْبَتَةً: أَمَّا إذَا كَانَتْ دُيُونُهُ الْمُخْتَلِفَةُ غَيْرَ مُثْبَتَةٍ فَيَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَعْدَ تَدْقِيقِ جِهَةِ الثُّبُوتِ فِي الدُّيُونِ الْأُخْرَى، وَبَعْدَ إعْطَاءِ الْحُكْمِ فِيهَا. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ أَنْ أَدَّى لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ قَائِلًا: أَنْتَ أَدَّيْت ذَلِكَ مُقَابِلَ دَيْنِي مِنْ ثَمَنِ الْفَرَسِ، وَادَّعَى الدَّائِنُ قَائِلًا: أَنَّهُ يُطْلَبُ لِي مِنْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أُخْرَى مِنْ ثَمَنِ الْحَانُوتِ، وَأَنَّك أَدَّيْت الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَنِ الْحَانُوتِ فَيَجِبُ أَوَّلًا أَنْ يُثْبِتَ الدَّائِنُ

(المادة 1776) أراد المستأجر بعد انقضاء المدة تنزيل حقه من الأجرة

دَيْنَهُ الْآخَرَ فَإِذَا أَثْبَتَ أَوْ نَكَلَ الْمَدِينُ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَيُحْكَمُ بِالدَّيْنِ الثَّانِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَدِينِ بِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ الْحَانُوتِ يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ فِي هَذَا الْحَالِ بِأَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَدَّى الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَنِ الْفَرَسِ، وَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ الْآخَرَ عَلَى حِدَةٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْآخَرَ وَحَلَفَ الْمَدِينُ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِلدَّائِنِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَتَنْتَهِي الْمَسْأَلَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1776) أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَنْزِيلَ حَقِّهِ مِنْ الْأُجْرَةِ] الْمَادَّةُ (1776) (إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ إجَارَةِ الطَّاحُونِ تَنْزِيلَ حَقِّهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَوَقَعَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَلَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الِانْقِطَاعِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَالْمُؤَجِّرُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ يَعْنِي أَنْ أَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ انْقِطَاعَ الْمَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ يُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ يَعْنِي يُجْعَلُ حَكَمًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فِي وَقْتِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُنْقَطِعًا فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ) . إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ إجَارَةِ الطَّاحُونِ تَنْزِيلَ قَسْمٍ مِنْ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ مَاءِ الطَّاحُونِ اسْتِنَادًا عَلَى الْمَادَّةِ (518) ، وَأَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ ذَلِكَ وَحَصَلَ خِلَافٌ بَيْنَ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِمَّنْ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ مِنْهُمَا فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. مَثَلًا لَوْ أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ مَاءَ الطَّاحُونِ قَدْ انْقَطَعَ كَذَا يَوْمًا، وَأَقَامَ الْمُؤَجِّرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ مَاءَ الطَّاحُونِ كَانَ جَارِيًا، وَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ قَدْ انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ. كَذَلِكَ إذَا أَقَامَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ مَاءَ الْحَمَّامِ قَدْ انْقَطَعَ كَذَا يَوْمًا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِالْحَمَّامِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَأَقَامَ الْمُؤَجِّرُ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ مَاءَ الْحَمَّامِ كَانَ جَارِيًا، وَانْتَفَعَ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ (التَّتَارْخَانِيَّة) وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَدَى الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ الِانْقِطَاعِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ انْقِطَاعَ الْمَاءِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْمُسْتَأْجِرُ مُنْكِرًا زِيَادَةَ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمُؤَجِّرُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1762) . وَأَمَّا إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي أَصْلِ الِانْقِطَاعِ أَيْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ يُنْكِرُ كُلِّيًّا انْقِطَاعَ الْمَاءِ فَيُحَكَّمُ الْحَالُ الْحَاضِرُ أَيْ يُجْعَلُ حَكَمًا فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا وَقْتَ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُؤَجِّرِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى كَوْنِ مُدَّةِ الِانْقِطَاعِ لَا تَنْقُصُ عَنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْخَامِسَةَ.

(المادة 1777) اختلف في طريق الماء الذي يجري إلى دار أحد بأنه حادث أو قديم

[ (الْمَادَّةُ 1777) اُخْتُلِفَ فِي طَرِيقِ الْمَاءِ الَّذِي يَجْرِي إلَى دَارِ أَحَدٍ بِأَنَّهُ حَادِثٌ أَوْ قَدِيمٌ] الْمَادَّةُ (1777) (إذَا اُخْتُلِفَ فِي طَرِيقِ الْمَاءِ الَّذِي يَجْرِي إلَى دَارِ أَحَدٍ بِأَنَّهُ حَادِثٌ أَوْ قَدِيمٌ، وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ يَكُونُ الْمَسِيلُ حَادِثًا وَطَلَبَ رَفْعَهُ وَلَمْ تَكُنْ لِكِلَا الطَّرَفَيْنِ بَيِّنَةٌ يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ الْخُصُومَةِ يَجْرِي الْمَاءُ مِنْ الْمَسِيلِ أَوْ يُعْلَمُ جَرَيَانُهُ قُبَيْلَ ذَلِكَ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ مَعَ الْيَمِينِ يَعْنِي يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ كَوْنِ الْمَسِيلِ حَادِثًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَجْرِ الْمَاءُ مِنْ الْمَسِيلِ فِي وَقْتِ الْخُصُومَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ جَرَيَانُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الدَّارِ مَعَ الْيَمِينِ) . إذَا اُخْتُلِفَ فِي مَسِيلِ الْمَاءِ الْجَارِي إلَى دَارِ أَحَدٍ فِي كَوْنِهِ حَادِثًا أَوْ قَدِيمًا، وَادَّعَى صَاحِبُ الدَّارِ بِأَنَّهُ حَادِثٌ وَطَلَبَ رَفْعَهُ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَسِيلِ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَطَلَبَ إبْقَاءَهُ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِذَا أَثْبَتَ كِلَاهُمَا فَتُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1768) . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَيُحَكَّمُ الْحَالُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ الْخَامِسَةِ، وَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَاءُ يَجْرِي وَقْتَ الْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسِيلِ أَوْ كَانَ مَعْلُومًا جَرَيَانُهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ فَيَبْقَى الْمَسِيلُ عَلَى حَالِهِ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الْمَسِيلِ أَيْ إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ حُدُوثِ الْمَسِيلِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمِيَاهُ لَا يَجْرِي فِي الْمَسِيلِ وَقْتَ الْخُصُومَةِ أَوْ غَيْرَ مَعْلُومٍ جَرَيَانُهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِصَاحِبِ الدَّارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْخَامِسَةَ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّ لَهُ حَقَّ إسَالَةِ الْمِيَاهِ فِي ذَلِكَ الْمَسِيلِ فَلَا حَاجَةَ لِإِثْبَاتِ قِدَمِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الْجَرَيَانِ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِأَنَّ مَاءَ الْمُدَّعِي كَانَ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ الْجَرَيَانَ يَكُونُ أَحْيَانًا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي (إنَّك تُجْرِي الْمَاءَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ غَصْبًا أَوْ ظُلْمًا) سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْغَصْبِ بِالْبَيِّنَةِ. وَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي حَقَّ الْمَسِيلِ فِيهَا، وَإِنْ عَجَزَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي حَقُّ مَسِيلٍ هُنَاكَ أَوْ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهُ الْمَاءُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي. اُنْظُرْ شُرِحَ الْمَادَّتَيْنِ (1220 وَ 1768) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ بَعْدَ مِلَاكِ الْمَالِ فِي كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْوَدِيعَةَ. مَثَلًا: لَوْ أَدَّى أَحَدٌ آخَرُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَبَعْدَ أَنْ تَلِفَتْ الدَّنَانِيرُ فِي يَدِ الْقَابِضِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ ادَّعَى الدَّافِعُ أَنَّهُ دَفَعَ الْمَبْلَغَ قَرْضًا، وَادَّعَى الْقَابِضُ بِأَنَّهُ قَبَضَهُ وَدِيعَةً فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ (النَّتِيجَةُ) .

الفصل الرابع في حق التحالف

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ التَّحَالُفِ] [ (الْمَادَّةُ 1778) اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِقْدَارِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ كِلَيْهِمَا] ِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ يَمِينِ الْوَاحِدِ نُبَيِّنُ هُنَا حُكْمَ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ وَالِاثْنَانِ بَعْدَ الْوَاحِدِ. الْمَادَّةُ (1778) (إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِقْدَارِ أَوْ الْوَصْفِ أَوْ الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ أَوْ كِلَيْهِمَا يُحْكَمُ لِمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ أَقَامَ كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لِمَنْ أَثْبَتَ الزِّيَادَةَ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يُقَالُ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُكُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ أَوْ بِفَسْخِ الْبَيْعِ، وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ حَلَّفَ الْقَاضِي كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ وَبَدَأَ بِالْمُشْتَرِي فَإِذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ دَعْوَى الْآخَرِ، وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ) إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي. أَوَّلًا: فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ يُشْتَرَطُ فِي التَّحَالُفِ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ قَاصِرًا، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ رَأْسَ مَالٍ سُلِّمَ. ثَانِيًا: أَوْ فِي الْمَبِيعِ، وَلَوْ كَانَ مُسَلَّمًا فِيهِ. ثَالِثًا: أَوْ فِي مِقْدَارِ كِلَيْهِمَا. رَابِعًا: أَوْ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي وَصْفِ الْمَبِيعِ كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ قَدْ شَرَطَ فِي الْمَبِيعِ وَصْفًا مَرْغُوبًا هُوَ كَذَا، وَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْرُطْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَحَالُفٌ. خَامِسًا: أَوْ فِي جِنْسِهِ فَيُحْكَمُ لِمَنْ يُقِيمُ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَأَوْلَى مِنْ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَعَ إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِمَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) . إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي الْأَنْوَاعِ الْخَمْسَةِ. أَوَّلًا - اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ يَحْصُلُ بِادِّعَاءِ الْبَائِعِ الْأَكْثَرَ وَادِّعَاءِ الْمُشْتَرِي الْأَقَلَّ. مَثَلًا: إذَا قَالَ الْبَائِعُ: إنَّنِي بِعْت بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ أَوَّلًا مِنْ الْبَائِعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1762) فَإِذَا أَثْبَتَ فِيهَا، وَإِلَّا تُطْلَبْ بَيِّنَةٌ مَنْ الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ (1769) فَإِذَا أَثْبَتَ يُحْكَمُ لَهُ. وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. ثَانِيًا - اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا يَكُونُ بِاعْتِرَافِ الْبَائِعِ بِمِقْدَارٍ مِنْ الْمَبِيعِ، وَادِّعَاءِ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ عَنْهُ. مَثَلًا: إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَيْت هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَقَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْت لَك فَرَسًا، وَاحِدَةً فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ حُكِمَ بِمُوجِبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ تُطْلَبْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ فِيهَا، وَإِلَّا يُعْمَلْ بِحُكْمِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. ثَالِثًا - أَنْ يَخْتَلِفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَفِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ مَعًا. كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْت هَذِهِ الْبَغْلَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. وَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْبَغْلَةَ مَعَ هَذِهِ الْفَرَسِ بِثَمَانِمِائَةِ

دِرْهَمٍ فَأَيُّهُمَا يُثْبِتُ دَعْوَاهُ يُحْكَمُ لَهُ. وَإِذَا أَثْبَتَ كِلَاهُمَا يُحْكَمُ لِمَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي الزِّيَادَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِوَجْهٍ فَإِذَا أَثْبَتَ الْبَائِعُ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَأَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ يُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيِّنَتِهِمَا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يُحْكَمُ بِالْأَفِّ دِرْهَمٍ ثَمَنًا لِلْبَغْلَةِ وَالْفَرَسِ. رَابِعًا - الِاخْتِلَافُ فِي وَصْفِ الثَّمَنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ بَاعَ بِالسِّكَّةِ الْخَالِصَةِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِالسِّكَّةِ الْمَغْشُوشَةِ يَحِلُّ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ. خَامِسًا - الِاخْتِلَافُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ بَاعَ بِذَهَبٍ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَيَحِلُّ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يُقَالُ لَهُمَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ: إمَّا أَنْ يَرْضَى أَحَدُكُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ أَوْ نَفْسَخَ الْبَيْعَ وَعَلَيْهِ فَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَيُقَالُ لِلْبَائِعِ: إمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَسَنَفْسَخْ الْبَيْعَ أَوْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي (إمَّا أَنْ تَقْبَلَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ نَفْسَخَ الْبَيْعَ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ فَيُقَالُ لِلْبَائِعِ (إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ الْمَبِيعَ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَ وَإِلَّا نَفْسَخْ الْبَيْعَ) أَوْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي (إمَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمَبِيعِ الَّذِي يُرِيدُ تَسْلِيمَهُ لَك الْبَائِعُ، وَإِلَّا نَفْسَخْ الْبَيْعَ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ قَطْعُ النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا فَإِنْذَارُهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ طَرِيقٌ مَقْبُولٌ لِقَطْعِ النِّزَاعِ فَلِذَلِكَ لَا يُعَجِّلُ الْقَاضِي بِفَسْخِ الْبَيْعِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الدُّرَرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ مَقْصُودًا. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَدَلِ غَيْرَ مَقْصُودٍ، وَكَانَ ضِمْنَ شَيْءٍ آخَرَ كَأَنْ يَحْصُلَ الِاخْتِلَافُ فِي حَقِّ ظَرْفِ الْمَبِيعِ أَوْ وِعَائِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الظَّرْفِ، سَوَاءٌ سَمَّى لِكُلِّ رِطْلٍ ثَمَنًا أَوْ لَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ هُوَ اخْتِلَافٌ فِي الْمَقْبُوضِ، وَالْقَوْلُ فِي الْمَقْبُوضِ لِلْقَابِضِ. فَعَلَى ذَلِكَ إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ فَيَكُونُ الرِّضَاءُ قَدْ قَطَعَ النِّزَاعَ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ فَيُحَلِّفُ الْقَاضِي كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى الْآخَرِ. مَثَلًا: إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ أَوْ إذَا لَمْ يُوَافِقْ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَقَلِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي فَيَحْلِفَانِ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ. أَنَّ التَّحَالُفَ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ وَقَعَ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا مُنْكِرٌ، إذْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَدَّعِي الْبَائِعُ زِيَادَةَ الثَّمَنِ وَيُنْكِرُهَا الْمُشْتَرِي. وَالصُّوَرُ الْبَاقِيَةُ مَقِيسَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَتَحْلِيفُ الْمُنْكِرِ مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ أَمَّا التَّحَالُفُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ اسْتِحْسَانِيٌّ وَمُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا» ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي سَالِمًا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي دَعْوَى عَلَى الْبَائِعِ فَتَبْقَى دَعْوَى الْبَائِعِ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ وَبِمَا

أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فَكَّرَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَحْرُ وَالدُّرَرُ) . وَيَبْتَدِئُ الْيَمِينَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ (أَوَّلًا) فِي الثَّمَنِ (ثَانِيًا) أَنْ لَا يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ (262) مِنْ الْمَجَلَّةِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا إعْطَاءُ الثَّمَنِ كَمَا أَنَّ الْبَادِيَ بِالْإِنْكَارِ هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِنْكَارُهُ أَشَدُّ (الْبَحْرُ) . فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ لِلْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَحَلَفَ يَحْلِفُ الْبَائِعُ ثَانِيًا. صِفَةُ الْيَمِينِ وَشَكْلِهَا: يَجْرِي التَّحْلِيفُ عَلَى النَّفْيِ فَإِذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. وَإِذَا حَلَفَ الْبَائِعُ يَحْلِفُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يُضَمُّ الْإِثْبَاتُ إلَى النَّفْيِ بِأَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا بِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّهُ بَاعَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ عَلَى النَّفْيِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ «بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُمْ وَلَا عَلِمْتُمْ لَهُ قَاتِلًا» (الْبَحْرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَبِيعِ فَيَبْدَأُ بِيَمِينِ الْبَائِعِ أَمَّا فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ وَفِي بَيْعِ الصَّرْفِ فَالْقَاضِي مُخَيَّرٌ فِي الْبَدْءِ بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ لِلِاسْتِوَاءِ فِي فَائِدَةِ النُّكُولِ (الدُّرَرُ) . فَأَيُّهُمَا يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ يُثْبِتُ دَعْوَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ إمَّا أَنَّهُ إقْرَارٌ وَفِي هَذَا الْحَالِ فَثُبُوتُ الدَّعْوَى ظَاهِرٌ. وَإِمَّا أَنَّهُ بَذْلٌ، وَالْبَاذِلُ لَا يَبْقَى لَهُ مُعَارَضَةٌ مَعَ الْمَبْذُولِ لَهُ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْآخَرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَجِبُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ ثَبَتَتْ وَالْقَضِيَّةُ قَدْ انْتَهَتْ. وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا الْيَمِينَ بِفَسْخِ الْقَاضِي ذَلِكَ الْبَيْعِ بِطَلَبِهِمَا أَوْ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ادِّعَاءُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَأَصْبَحَ الْبَيْعُ مَجْهُولًا فَالْقَاضِي يَفْسَخُ الْبَيْعَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ يَبْقَى الْبَيْعُ بِلَا بَدَلٍ وَهَذَا مُفْسِدٌ لَهُ فَلِذَلِكَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (372) . وَلَا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِدُونِ طَلَبٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ مَا لَمْ يَفْسَخْهُ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ الْبَيْعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي طَلَبَهُ الطَّرَفُ الْآخَرُ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ يَبْقَى الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنَّ لَهُمَا فَسْخَهُ بِالِاتِّفَاقِ (الْبَحْرُ) . وَيَجْرِي التَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ أَيْضًا. مَثَلًا: إذَا اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَيَعُودُ الْبَيْعُ أَمَّا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي تَحَالُفٌ (الدُّرَرُ والشرنبلالي) . أَمَّا إذَا اُخْتُلِفَ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَا يَجْرِي التَّحَالُفُ وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ رَبَّ السَّلَمِ يَدَّعِي الزِّيَادَةَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَلَا يَعُودُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّ إقَالَةَ السَّلَمِ هِيَ إسْقَاطٌ لِلدَّيْنِ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) (الدُّرَرُ) .

(المادة 1779) اختلف المستأجر مع المؤجر في مقدار الأجرة

[ (الْمَادَّةُ 1779) اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْمُؤَجِّرِ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ] الْمَادَّةُ (1779) (إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَأْجُورِ مَعَ الْمُؤَجِّرِ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ. مَثَلًا: بِأَنْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَادَّعَى الْمُؤَجِّرُ أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا تُقْبَلُ دَعْوَى مِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةِ مِنْهُمَا. وَإِنْ أَقَامَ كِلَاهُمَا مَعًا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ، وَإِنْ عَجَزَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفَا مَعًا وَيُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا وَيَلْزَمُ مَنْ نَكَلَ بِنُكُولِهِ فَإِنْ حَلَفَ كِلَاهُمَا فَسَخَ الْحَاكِمُ الْإِجَارَةَ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ وَيُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُؤَجِّرِ فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْجُورِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ أَوْ قَبْلَ اقْتِدَارِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِيفَائِهَا. (أَوَّلًا) فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ. (ثَانِيًا) فِي جِنْسِهَا. (ثَالِثًا) فِي نَوْعِهَا. (رَابِعًا) فِي وَصْفِهَا. كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ مَثَلًا أَنَّ الْأُجْرَةَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّ بَدَلَ الْإِيجَارِ نُقُودٌ ذَهَبِيَّةٌ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا فِضِّيَّةٌ. أَوْ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّ بَدَلَ الْإِيجَارِ سِكَّةٌ خَالِصَةٌ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا سِكَّةٌ مَغْشُوشَةٌ فَأَيُّهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبُرْهَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (75) . وَأَمَّا إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ مَعًا يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ زِيَادَةُ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) . وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ بَيْعٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ مِثْلُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ مُنْكِرٌ دَعْوَى الْآخَرِ وَبِمَا أَنَّ الْإِجَارَةَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ كَالْبَيْعِ فَقَدْ أُلْحِقَتْ بِالْبَيْعِ فِي هَذَا الْخُصُوصِ. سُؤَالٌ - يُشْتَرَطُ فِي التَّحَالُفِ قِيَامُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ مَعْدُومٌ فَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى عَدَمُ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ؟ الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ قَدْ أُقِيمَ الْمَأْجُورُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فَالْمَنْفَعَةُ قَدْ اُعْتُبِرَتْ قَائِمَةً تَقْدِيرًا (الدُّرَرُ) . وَإِذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ يُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ فَكَّرَ فِي زِيَادَةِ الْأُجْرَةِ عَنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَنْفَعَةِ فَيُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُؤَجِّرِ فَإِذَا نَكَلَ أَحَدُهُمَا تَثْبُتُ بِنُكُولِهِ دَعْوَى الْآخَرِ وَيَلْزَمُ، وَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا يَفْسَخُ الْقَاضِي عَقْدَ الْإِجَارَةِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ مُخْتَصَرٍ فِي الْمَنْفَعَةِ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ إذَا أَقَامَ أَيٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفَانِ (الدُّرَرُ) . الِاخْتِلَافُ فِي الْمُدَّةِ، يَكُونُ بِادِّعَاءِ الْمُؤَجِّرِ. مَثَلًا: بِقَوْلِهِ أَنْتَ آجَرْت لِشَهْرٍ، وَادِّعَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي اسْتَأْجَرْت لِشَهْرَيْنِ.

(المادة 1780) إذا اختلف المؤجر والمستأجر بعد انقضاء مدة الإجارة

الِاخْتِلَافُ فِي الْمَسَافَةِ، يَكُونُ بِادِّعَاءِ الْمُؤَجِّرِ بِإِيجَارِهِ دَابَّتَهُ لِدِمَشْقَ، وَادِّعَاءُ الْمُسْتَأْجِرِ بِاسْتِئْجَارِهِ الدَّابَّةَ لِحِمْصَ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِهَا مُثْبِتَةٍ لِلزِّيَادَةِ وَفِي صُورَةِ التَّحَالُفِ يُبْدَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُؤَجِّرِ. أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأُجْرَةِ وَفِي الْمُدَّةِ مَعًا كَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُؤَجِّرُ مَثَلًا قَائِلًا: قَدْ آجَرْت هَذِهِ الدَّارَ لِشَهْرٍ وَاحِدٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَأَنْ يَدَّعِيَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّارَ مُدَّةَ شَهْرَيْنِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ أَنَّ الدَّارَ أُجِّرَتْ لِشَهْرَيْنِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1762) ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا وَيُبْدَأُ بِالتَّحْلِيفِ بِمَنْ ادَّعَى قَبْلًا، وَإِذَا ادَّعَى كِلَاهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَوْ أَنَّهُ يُعَيِّنُ مَنْ يَبْدَأُ بِهِ بِالْقُرْعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . [ (الْمَادَّةُ 1780) إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ] الْمَادَّةُ (1780) (إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْيَمِينِ وَلَيْسَ هُنَاكَ تَحَالُفٌ) . إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَيْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ أَوْ اقْتِدَارِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى كُلِّ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَا تَحَالُفَ فِي الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ شُرِعَ لِفَسْخِ الْعَقْدِ فَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا يُتَصَوَّرُ إمْكَانُ فَسْخِ الْعَقْدِ (الدُّرَرُ) ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْعَقْدِ بِقِيَامِ الْمَبِيعِ، وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُنْكِرُ هُنَا زِيَادَةَ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّامِنَةَ أَمَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُدَّةِ فَلَا تَحَالُفَ. أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُؤَجِّرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) (الطَّحْطَاوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1781) اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ] الْمَادَّةُ (1781) (إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ فِي أَثْنَاءِ الْأُجْرَةِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَيُفْسَخُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي حَقِّ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي حِصَّةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِيجَارِ أَيْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْضَ الْمَنْفَعَةِ بِالْفِعْلِ أَوْ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِهَا وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ أَوْ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِيفَاءِ كُلِّ الْمَنْفَعَةِ، فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ يَجْرِي التَّحَالُفُ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ بَاقِي الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ وَبِمَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَالْمُدَّةُ الْبَاقِيَةُ تَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا مُنْفَرِدًا وَيَجْرِي التَّحَالُفُ. أَمَّا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَقَدْ نَصَّ عَلَى عَدَمِ جَرَيَانِ التَّحَالُفِ بَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ لَمْ يَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بَلْ إنَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ عَقْدًا وَاحِدًا فَبِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَتَعَذَّرُ الْفَسْخُ فِي الْبَعْضِ وَقَدْ جَعَلَ الْفَسْخَ مُتَعَذِّرًا فِي الْكُلِّ احْتِرَازًا مِنْ تَفَرُّقِ. الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ وَالْبَهْجَةُ) .

(المادة 1782) إذا اختلف المتبايعان بعد أن تلف المبيع في يد المشتري

وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي حِصَّةِ الْمُدَّةِ الَّتِي انْقَضَتْ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (76 وَ 8) . [ (الْمَادَّةُ 1782) إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي] الْمَادَّةُ (1782) (إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ مَانِعٌ لِلرَّدِّ لَا يَجْرِي التَّحَالُفُ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فَقَطْ) إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كُلًّا أَوْ بَعْضًا بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ مَانِعٍ لِلرَّدِّ كَخِيَارِ الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِيعَ مُقَايَضَةً بَلْ كَانَ مُقَابِلَ ثَمَنٍ فَلَا تَحَالُفَ وَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ بَعْدَ الْقَبْضِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1778) وَلِذَلِكَ فَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى مَوْرِدِهِ وَلَا يُقَاسَ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (15) وَشَرْحَهَا كَمَا أَنَّ التَّحَالُفَ قَدْ شُرِعَ لِأَجْلِ فَسْخِ الْعَقْدِ أَمَّا بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ فَالْعَقْدُ مُنْفَسِخٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ (الْبَحْرُ) . فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1293) وَشَرْحَهَا أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ أَحَدٌ غَيْرُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَيَقُومُ بَدَلُهُ مَقَامَ الْمَبِيعِ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ، وَيَجْرِي التَّحَالُفُ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يُقْبَضْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . مُسْتَثْنًى - إذَا أَسْقَطَ الْبَائِعُ ثَمَنَ بَعْضِ الْمَبِيعِ الَّذِي تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَاعْتَبَرَ أَنَّ الْقِسْمَ التَّالِفَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى الْقِسْمِ الْبَاقِي فَحِينَئِذٍ يَجْرِي التَّحَالُفُ، وَأَيُّهُمَا يَنْكُلُ عَنْ الْحَلِفِ يُلْزَمُ بِنُكُولِهِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَالدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) مَانِعٌ لِلرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ؛ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَمْنَعُ التَّحَالُفَ أَيْضًا فَلِذَلِكَ. أَوَّلًا: تَمْنَعُ الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَبِيعِ التَّحَالُفَ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً. ثَانِيًا: تَمْنَعُ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ التَّحَالُفَ كَالْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ. ثَالِثًا: تَغَيُّرُ الِاسْمِ مَانِعٌ لِلتَّحَالُفِ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَشْيِ اللَّحْمِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . أَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ فَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلتَّحَالُفِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْمُشْتَرِي يَحْتَفِظُ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مُقَايَضَةً أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مُقَايَضَةً فَيَجْرِي التَّحَالُفُ مَا دَامَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ بَاقِيًا وَيَحْلِفُ كِلَاهُمَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِذَا كَانَ الْبَدَلُ الَّذِي تَلِفَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَيَدْفَعُ الطَّرَفُ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِهِ مِثْلَهُ لِصَاحِبِهِ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ فَيَدْفَعُ قِيمَتَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والشرنبلالي) . [ (الْمَادَّةُ 1783) لَيْسَ فِي دَعْوَى الْأَجَلِ يَعْنِي فِي كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا أَوَّلًا وَفِي شَرْطِ الْخِيَارِ] الْمَادَّةُ (1783) (لَيْسَ فِي دَعْوَى الْأَجَلِ يَعْنِي فِي كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا أَوَّلًا وَفِي

شَرْطِ الْخِيَارِ وَفِي قَبْضِ كُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ تَحَالُفٌ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ) . أَوَّلًا: لَا تَحَالُفَ فِي دَعْوَى الْأَجَلِ أَيْ فِي كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ. ثَانِيًا: فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ فِي أَصْلِ الْأَجَلِ أَيْ فِي كَوْنِهِ شَهْرًا مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ. ثَالِثًا: فِي وُقُوعِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِ الْبَيْعِ. رَابِعًا: فِي شَرْطِ الْخِيَارِ. خَامِسًا: فِي مِقْدَارِ الْخِيَارِ. سَادِسًا: فِي قَبْضِ كُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ. سَابِعًا: فِي شَرْطِ الرَّهْنِ، يَعْنِي هَلْ شَرْطٌ فِي الرَّهْنِ رَهْنُ مَالٍ مُعَيَّنٍ مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ لَمْ يُشْرَطْ. ثَامِنًا: شَرْطُ الْكَفَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1871) . تَاسِعًا: الِاخْتِلَافُ فِي مَكَان وَالْمَكَانَةِ فِيهِ وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ التِّسْعِ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ كَمُنْكِرِ الْبَيْعِ أَوْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ هُوَ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَهُوَ مُشَابِهٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُخْتُلِفَ فِي الْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ فَلَا يَجْرِي تَحَالُفٌ بَلْ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ (الدُّرَرُ) . دَعْوَى الْأَجَلِ - قَدْ فَسَّرَتْ الْمَجَلَّةُ دَعْوَى الْأَجَلِ بِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْأَجَلَ قَدْ مَرَّ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ بَاقٍ، وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . 1 - دَعْوَى الْأَجَلِ: إذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مُؤَجَّلًا أَوْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَعْقُودِ بِهِ، وَاخْتَلَفَا فِي الْأَمْرِ الزَّائِدِ الْعَارِضِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ الْعَوَارِضَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . 2 - مِقْدَارُ الْأَجَلِ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مُؤَجَّلٌ لِشَهْرَيْنِ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ لِسَنَةٍ فَأَيُّهُمَا يُثْبِتُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَإِذَا أَثْبَتَ كِلَاهُمَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ مَادَّةَ (1762) ، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ. 3 - أَصْلُ الْبَيْعِ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَدْ بِعْتنِي هَذِهِ الْفَرَسَ. وَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ أَبِعْهَا لَك. فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ هُنَا هُوَ الْبَائِعُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (76) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت مِنِّي هَذِهِ الْفَرَسَ بِكَذَا دِينَارًا فَادْفَعْهَا لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَشْتَرِهَا مِنْك فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي.

خِيَارُ الشَّرْطِ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ اشْتَرَيْت عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا كَذَا يَوْمًا. وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ بِعْت فَلَا خِيَارَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي. وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بِلَا خِيَارِ شَرْطٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ. 5 - مِقْدَارُ الْخِيَارِ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ مِقْدَارَ الْخِيَارِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ مِقْدَارَ الْخِيَارِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ. 6 - قَبْضُ الثَّمَنِ: إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنَّنِي أَدَّيْت ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَادَّعَى الْبَائِعُ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَبْضِ هُنَا الِاسْتِيفَاءُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَخْذِ وَالْحَطِّ وَالْإِبْرَاءِ وَلَوْ كُلًّا عَبْدُ الْحَلِيمِ. 7 - شَرْطُ الرَّهْنِ، شَرْطُ الْكَفَالَةِ: إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ قَدْ شَرَطَ إعْطَاءَ رَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ مُقَابِلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (187) ، وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا ذَلِكَ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُشْتَرِي تَارِيخُ الْإِرَادَةِ السُّنِّيَّةِ 26 سَنَةَ 1293 خُلَاصَةُ الْبَابِ الرَّابِعِ (فِي التَّنَازُعِ وَتَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ) . قَاعِدَةٌ: الْخَارِجُ مُدَّعٍ وَذُو الْيَدِ مُدَّعَى عَلَيْهِ وَذُو الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ يَثْبُتُ: (1) بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ. (2) بِتَصَادُقِ الطَّرَفَيْنِ. (3) بِالْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ إثْبَاتِ التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارِ بِالشُّهُودِ يَجِبُ إثْبَاتُ وَضَاعَةِ الْيَدِ مُقَدَّمًا وَلَا يَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ. مُسْتَثْنًى: تَثْبُتُ وَضَاعَةُ الْيَدِ بِتَصَادُقٍ فِي دَعَاوَى الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إثْبَاتُهَا بِالْبَيِّنَةِ. إذَا لَمْ تَثْبُتْ وَضَاعَةُ الْيَدِ يُوقَفُ الْمُدَّعَى بِهِ لِحِينِ مَعْلُومِيَّةِ وَضَاعَةِ الْيَدِ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1755) . وَيُوجَدُ فِي الْبَيِّنَاتِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَتَهَاتَرَ الْبَيِّنَتَانِ فَتَكُونَ بِلَا حُكْمٍ. الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُعْمَلَ بِالْبَيِّنَتَيْنِ، إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ الْخَارِجِ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِهِ فَيُحْكَمُ لَهَا مُنَاصَفَةً فِي الصُّورَتَيْنِ.

الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُعْمَلَ بِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ تَرْجِيحًا، وَأَنْ تُرَدَّ الْأُخْرَى. فَتُرَجَّحُ: 1 - بَيِّنَةُ ظَاهِرِ الْحَالِ عَلَى خِلَافِهِ. 2 - بَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ. 3 - فِي الدَّعْوَى الْمُقَدَّمِ تَارِيخُهَا. 4 - الدَّعْوَى الْمُؤَرَّخَةُ عَلَى الدَّعْوَى بِلَا تَارِيخٍ. 5 - بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمَالِ الْمُقَيَّدِ كَالنِّتَاجِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ التَّارِيخُ. 6 - مَنْ يُثْبِتُ الزِّيَادَةَ. 7 - مَنْ يُثْبِتُ الْأَصْلَ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الزِّيَادَةِ. تَفْرِيعَاتٌ 1 - تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْهِبَةِ. 2 - بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الصَّدَقَةِ. 3 - بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِجَارَةِ. 4 - بَيِّنَةُ الْبَيْعِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ. 5 - بَيِّنَةُ الْمُوَاضَعَةِ فِي الْمَبِيعِ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَيْعِ الْقَطْعِيِّ. 6 - بَيِّنَةُ بَيْعِ الْوَفَاءِ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَيْعِ الْقَطْعِيِّ. 7 - بَيِّنَةُ الْإِقَالَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْبَيْعِ. 8 - بَيِّنَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّدِّ. 9 - بَيِّنَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الرَّهْنِ. 10 - بَيِّنَةُ الْهِبَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْغَصْبِ. 11 - بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ. 12 - بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ عَلَى مِقْدَارِ الْإِجَارَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ. 13 - بَيِّنَةُ التَّمْلِيكِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ. 14 - بَيِّنَةُ الْبُلُوغِ عَلَى بَيِّنَةِ الصِّغَرِ. 15 - بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ. 16 - بَيِّنَةُ التَّفْوِيضِ بِالْوَفَاءِ عَلَى بَيِّنَةِ التَّفْوِيضِ الْقَطْعِيِّ. 17 - بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الصَّدَقَةِ. 18 - بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ. 19 - بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِيدَاعِ. 20 - بَيِّنَةُ الرَّهْنِ عَلَى بَيِّنَةِ الْغَاصِبِ. 21 - بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ مَرَضِ الْمَوْتِ. 22 - بَيِّنَةُ الْغَبْنِ مَعَ التَّغْرِيرِ عَلَى بَيِّنَةِ ثَمَنِ الْمِثْلِ. 23 - بَيِّنَةُ الْفَسَادِ عَلَى بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ. (2) 24 - بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى مِقْدَارِ الْمُدَّةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ. وَالْبَيِّنَةُ هِيَ الشَّاهِدُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الْحَالِ، وَالْقَوْلُ لِمَنْ كَانَ لَهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، وَيَلْزَمُ حَلِفُ الْيَمِينِ لِمَنْ كَانَ لَهُ الْقَوْلُ وَلَهُ مُسْتَثْنًى اُنْظُرْ صَحِيفَةَ 488. تَفْرِيعَاتٌ الْفَصْلُ الثَّالِثُ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي: 1 - فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ. 2 - فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ. 3 - أَوْ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَالْمَبِيعِ. 4 - أَوْ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ أَوْ اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ. 1 - فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ. 2 - فِي جِنْسِهَا. 3 - فِي نَوْعِهَا. 4 - فِي وَصْفِهَا وَلَمْ يُثْبِتَا مُدَّعَاهُمَا فَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا حَلَفَ كِلَاهُمَا فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَفْسَخُ الْقَاضِي الْبَيْعَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ.

الكتاب السادس عشر القضاء

[الْكِتَابُ السَّادِسَ عَشَر الْقَضَاء]

الْكِتَابُ السَّادِسَ عَشَر الْقَضَاء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَادِلِ فِي حُكْمِهِ. الْمُجِيبِ لِدَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ مِنْ عِبَادِهِ. وَهُوَ الَّذِي يَقْضِي بِالْحَقِّ بَيْنَ خَلَائِقِهِ، وَأَمَرَ بِالْحُكْمِ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى أَشْرَفِ رُسُلِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَفْضَلِ أَنْبِيَائِهِ. وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ. مَشْرُوعِيَّةُ الْقَضَاءِ: ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ إذْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ - وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 44 - 49] (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . إنَّ كُلَّ نَبِيٍّ قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ وَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ الرُّسُلَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَقَدْ عَمِلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ بِذَلِكَ وَقَدْ اسْتَقَامَتْ الْأَرْضُ، وَالسَّمَاءُ بِالْقِيَامِ بِالْقَضَاءِ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ هُوَ نِيَابَةٌ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَإِقَامَةٌ لِحُدُودِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مُقَدِّمَةٌ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ، وَأَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ مَعْرِفَةَ سِتَّةِ أَشْيَاءَ: فَضَائِلِ الْقَضَاءِ وَمَشْرُوعِيَّتِهِ وَمَحَاسِنِهِ وَحِكْمَتِهِ وَصِفَةِ قَبُولِ الْقَضَاءِ، وَأَرْكَانِ الْقَضَاءِ. مَعْنَاهُ: الْقَضَاءُ مِنْ الْقَضِيَّةِ، وَأَصْلُهُ قَضَايَ وَحَيْثُ جَاءَتْ الْيَاءُ بَعْدَ الْأَلْفِ قُلِبَتْ الْيَاءُ هَمْزَةً وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لِلْقَضَاءِ لُغَةً مَعَانٍ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ الْإِتْقَانُ وَالْمَكَانَةُ، وَالْإِبْلَاغُ وَالْأَدَاءُ وَالْإِنْهَاءُ وَالصُّنْعُ وَالتَّقْدِيرُ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ. أَمَّا مَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 1784.

وَقَدْ أُمِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَضَاءِ كَمَا أُمِرَ النَّبِيُّ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى - {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى} [ص: 26] (الْفَتْحُ) . السُّنَّةُ: قَدْ نَصَّبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَمُعَاذًا قَاضِيَيْنِ لِلْيَمَنِ (الْفَتْحُ) . مَحَاسِنُ الْقَضَاءِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَاءٌ لَمَا أَمْكَنَ الِاسْتِحْصَالُ عَلَى الْحُقُوقِ وَلَبَقِيَ حَقُّ صَاحِبِ الْحَقِّ فِي يَدِ وَذِمَّةِ الْمُبْطِلِ فَالْقَاضِي نَائِبٌ عَنْ الشَّارِعِ فِي أَخْذِ حَقِّ الْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ وَفِي إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَفِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ. إنَّ الْقَضَاءَ بِالْحَقِّ هُوَ أَقْوَى الْفَرَائِضِ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ - تَعَالَى - وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] أَيْ بِالْعَدْلِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42] أَيْ يَحْفَظُهُمْ وَيُعَظِّمُ شَأْنَهُمْ، وَهَلْ أَشْرَفُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مَحَبَّتِهِ - تَعَالَى - (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَدِيثُ «إنَّ عَدْلَ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً» الْوَلْوَالِجِيَّةِ. كَمَا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «أَنَّ الْقُضَاةَ يُحْشَرُونَ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ» (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَلِذَلِكَ قَدْ كَانَ الْقَضَاءُ وَالْوِلَايَةُ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَفِي زَمَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ يُتَحَمَّلُ أَعْبَاؤُهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْعِبَادَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ فِي الْقَضَاءِ خَطَرًا عَظِيمًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ بَعْضُ الْمُتَّقِينَ الْأَخْيَارِ وَمِنْهُمْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ. إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقَضَاءِ (الْفَتْحُ) . حِكْمَةُ الْقَضَاءِ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ التَّهَارُجِ وَرَدِّ النَّوَائِبِ وَقَطْعِ الْخُصُومَاتِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . صِفَةُ قَبُولِ الْقَضَاءِ وَقَبُولُ الْقَضَاءِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: 1 - وَاجِبٌ، إذَا عُيِّنَ أَحَدٌ لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ أَهْلًا لَهُ فَقَبُولُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْقَضَاءَ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَضْيِيعِ الْحُقُوقِ كَمَا أَنَّهُ بِعَدَمِ قَبُولِهِ الْقَضَاءَ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ غَيْرُهُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ كَبِيرٌ وَفَسَادٌ عَظِيمٌ وَدَفْعُ ذَلِكَ فَرْضٌ صِيَانَةً لِحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَقَبُولُ الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ أَمْرًا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ، وَإِنْصَافًا لِلْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِك) وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ قَبُولُ الْقَضَاءِ، وَاجِبًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ يَحِقُّ لِلْحُكُومَةِ إجْبَارُهُ عَلَى الْقَبُولِ. 2 - مُسْتَحَبٌّ: إذَا كَانَ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ مُتَعَدِّدِينَ وَكَانَ أَحَدُهُمْ أَصْلَحَ مِنْ غَيْرِهِ فِي أُمُورِ الْقَضَاءِ، وَفِي الْقِيَامِ بِالْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ الْقَضَائِيَّةِ فَيَجِبُ قَبُولُهُ.

أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي قَبُولِ الْقَضَاءِ، إذَا كَانَ أَشْخَاصٌ عَدِيدُونَ مُتَسَاوُونَ فِي الصَّلَاحِ لِلْقَضَاءِ، وَفِي الْقِيَامِ بِأُمُورِهِ فَإِذَا كُلِّفَ أَحَدُهُمْ بِذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَلَهُ أَنْ يَعْتَذِرَ وَيَمْتَنِعَ وَقَبُولُ أَحَدِهِمْ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ عَنْ الْآخَرِ. 4 - إذَا كَانَ أَحَدٌ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ وَكَانَ آخَرُ أَصْلَحَ، وَأَقْوَى مِنْهُ فَقَبُولُهُ لِلْقَضَاءِ مَكْرُوهٌ. 5 - أَنْ يَكُونَ قَبُولُ الْقَضَاءِ حَرَامًا، إذَا كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ عَجْزَهُ عَنْ الْقَضَاءِ وَعَدَمَ اسْتِطَاعَتِهِ لِمُرَاعَاةِ الْعَدْلِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَبُولُ الْقَضَاءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَلِذَلِكَ فَتَقْلِيدُ الْجَاهِلِ الْمُلَوَّثِ أَوْ الْمُتَلَبِّسِ بِالْأَشْيَاءِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِسْقِ أَوْ الْقَاصِدِ الِانْتِقَامَ أَوْ الرَّاغِبِ فِي أَخْذِ الرِّشْوَةِ حَرَامٌ (شَرْحُ الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «بِأَنَّ الْمُبْتَلَى بِالْقَضَاءِ كَالْمَذْبُوحِ بِلَا سِكِّينٍ» وَوَجْهُ الشَّبَهِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ السِّكِّينَ تَفْرُقُ الْبَدَنَ ظَاهِرًا وَتُزِيلُ الرُّوحَ بَاطِنًا أَمَّا الذَّبْحُ بِلَا سِكِّينٍ كَالْخَنْقِ فَتَأْثِيرُهُ بَاطِنٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْقَضَاءُ كَذَلِكَ، وَالْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ مَنْصِبًا وَجَاهًا لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَاطِنِ هَلَاكٌ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَشَرْحُ الطَّرِيقَةِ لِلْخَادِمِيِّ) . أَرْكَانُ الْقَضَاءِ: أَرْكَانُ الْقَضَاءِ سِتَّةٌ: الْحُكْمُ، الْمَحْكُومُ بِهِ الْمَحْكُومُ لَهُ، الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، الْقَاضِي، الطَّرِيقَةُ، وَقَدْ عُرِفَ الْأَوَّلُ فِي الْمَادَّةِ 1786 وَالثَّانِي فِي الْمَادَّةِ 1787 وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّة 1789 وَالرَّابِعُ فِي الْمَادَّةِ 1788 وَالْخَامِسُ فِي الْمَادَّةِ 1985، وَأَمَّا السَّادِسُ وَهُوَ الطَّرِيقُ، وَأَسْبَابُ الْقَضَاءِ فَنَأْتِي بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: طَرِيقُ الْقَضَاءِ، وَأَسْبَابُ الْحُكْمِ إنَّ طَرِيقَ الْقَضَاءِ أَيْ طَرِيقَ الْقَاضِي لِلْحُكْمِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَهُوَ أَنَّ طَرِيقَ الْقَضَاءِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ عِبَارَةٌ عَنْ الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ، وَالْحُجَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ وَعِلْمِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ، وَالْقَسَامَةُ، وَالْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ. 1740

(المادة 1784) القضاء يأتي بمعنى الحكم والحاكمية

[ (الْمَادَّةُ 1784) الْقَضَاءُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِيَّةِ] الْمَادَّةُ (1784) - (الْقَضَاءُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِيَّةِ) الْقَضَاءُ بِوَزْنِ السَّخَاءِ وَهُوَ لُغَةً بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِيَّةِ وَجَمْعُهُ أَقْضِيَةٌ وَمَعْنَى أَصْلِ الْقَضَاءِ الْقَطْعُ وَالْفَصْلُ. (1) وَقَدْ تَفَرَّعَتْ الْمَعَانِي السَّائِرَةُ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَكَمُ وَالْقَاضِي يُعَرَّفُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ: الْمَادَّةُ (1785) - (الْقَاضِي هُوَ الذَّاتُ الَّذِي نُصِّبَ وَعُيِّنَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ لِأَجْلِ فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعْوَى وَالْمُخَاصَمَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ النَّاسِ تَوْفِيقًا لِأَحْكَامِهَا الْمَشْرُوعَةِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ: تَوْفِيقًا لِلْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ، أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْجَوْرِ أَيْ بِخِلَافِ الْحَقِّ فَفِي حُكْمِهِ هَذَا أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَحْكُمَ خَطَأً فِي حَقِّ الْعَبْدِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي خَطَأً فِي حَقِّ الْعَبْدِ فَإِذَا كَانَ تَدَارُكُ وَرَدُّ الْخَطَأِ مُمْكِنًا، وَيَرُدُّ الْمَالَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. مَثَلًا: إذَا حَكَمَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا الْمَالَ لِزَيْدٍ بَعْدَ اسْتِمَاعِ الشُّهُودِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشُّهُودَ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ بِحَدِّ الْقَذْفِ، وَأَنَّ شَهَادَتَهُمْ لِذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَيُعِيدُ الْقَاضِي الْمَالَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ غَيْرَ مُمْكِنٍ تَدَارُكِهِ وَرَدِّهِ كَأَنْ يَنْفُذَ حُكْمُ الْقِصَاصِ فَلَا يُقَاصُّ الْمَقْضِيُّ لَهُ وَلَكِنْ يُلْزِمُهُ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُثْبِتَ هَذَا الْخَطَأَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَحْكُومِ لَهُ. أَمَّا إقْرَارُ الْقَاضِي فَلَا حُكْمَ لَهُ وَلَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْكُمَ فِي حَقِّ الْعَبْدِ جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ أَوْ أَجْرَى الْحُكْمَ ثُمَّ أَقَرَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُ حَكَمَ جَوْرًا فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْقَاضِي وَيُعْزَلُ وَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَكُونُ قَدْ جَنَى، وَأَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ.

(المادة 1786) الحكم هو عبارة عن قطع القاضي المخاصمة وحسمه إياها

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي خَطَأً فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِحَدِّ الزِّنَا أَوْ بِحَدِّ السَّرِقَةِ وَيُجْرِيَ الْحُكْمَ ثُمَّ يَثْبُتُ بُطْلَانُ الْقَضَاءِ كَظُهُورِ الشُّهُودِ بِأَنَّهُمْ أَرِقَّاءُ فَالضَّمَانُ يَجِبُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ - أَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ فِي حُقُوقِ اللَّهِ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي جَوْرًا عَنْ عَمْدٍ فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَأَجْرَى الْحُكْمَ ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْقَاضِي وَيُعْزَلُ الْقَاضِي وَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَنَى، وَأَتْلَفَ الْمَالَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَجْلِ فَصْلٍ وَحَسْمٍ، وَيَكُونُ هَذَا بِبَيَانِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَبِمَنْعِ غَيْرِ الْمُحِقِّ، وَإِلْزَامِهِ. مَثَلًا: إذَا ثَبَتَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي يُبَيِّنُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْمُدَّعِي وَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُبْطِلًا. الْمَنْصُوبُ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ، وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ يَخْرُجُ الْمُحَكَّمُ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَفْصِلَ الدَّعْوَى أَوْ الْمُخَاصِمَةَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بَلْ هُوَ مَنْصُوبٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ يُشَارُ إلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ 1800. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى لُزُومِ نَصْبِ الْقَاضِي مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا حَكَمَ السُّلْطَانِ الْعَادِلُ فِي دَعْوَى حَسَبَ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ فَيَصِحُّ حُكْمُهُ وَيَنْفُذُ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ حُكْمِ الْقَاضِي هُوَ نَاشِئٌ؛ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالْحُكْمِ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ وَلِكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْهُ فَنَفَاذُ حُكْمِ السُّلْطَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إنَّ نَصْبَ قَاضٍ مِنْ مُوَظِّفٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ مِنْ السُّلْطَانِ بِنَصْبِ الْقُضَاةِ كَالْوَالِي وَالْعَامِلِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ ذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِهِ كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ 1805 الَّتِي لَا تُجَوِّزُ نَائِبَ الْقَاضِي غَيْرَ الْمَأْذُونِ بِالِاسْتِنَابَةِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلِذَلِكَ، وَبِمَا أَنَّ فِي زَمَانِنَا وُلَاةِ الْوِلَايَاتِ غَيْرُ مَأْذُونِينَ بِالْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُمْ لَمْ يُؤْذَنُوا بِنَصْبِ الْقُضَاةِ فَالْقُضَاةُ الْمَنْصُوبُونَ مِنْ قِبَلِهِمْ تَبْطُلُ أَحْكَامُهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِنَّ الْأُصُولَ الْمَرْعِيَّةَ الْآنَ أَنَّ الْقُضَاةَ الشَّرْعِيِّينَ يُعَيَّنُونَ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بَعْدَ تَرْشِيحِهِمْ مِنْ طَرَفِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. [ (الْمَادَّةُ 1786) الْحُكْمُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا] الْمَادَّةُ (1786) (الْحُكْمُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ إلْزَامُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ حَكَمْت أَوْ أَعْطِ الشَّيْءَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك وَيُقَالُ لَهُ قَضَاءُ الْإِلْزَامِ وَقَضَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي: هُوَ مَنْعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِي عَنْ الْمُنَازَعَةِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ لَيْسَ لَك حَقٌّ أَوْ أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا قَضَاءُ التَّرْكِ) وَالْحُكْمُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ لُغَةً بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَتَسْمِيَةُ الْقَاضِي بِالْحَاكِمِ لِمَنْعِهِ الْمُبْطِلَ مِنْ

الْأَبْطَالِ. مَثَلًا: إذَا حَكَمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالثُّبُوتِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَكُونُ قَدْ مَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ إعْطَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فَلِذَلِكَ يُقَالُ قَدْ حَكَمَ الْقَاضِي أَيْ أَنَّهُ وَضَعَ الْحَقَّ فِي أَهْلِهِ أَيْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَمَنَعَ الْغَيْرَ الْمُحِقِّ مِنْ الْإِبْطَالِ (مُعِينُ الْحُكَّامِ) . وَالْحُكْمُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصِمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ. وَقَيْدُ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ لِإِخْرَاجِ الصُّلْحِ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ هُوَ أَلْفَاظُ الْقَاضِي كَأَلْزَمْت أَوْ حَكَمْت أَوْ أَنْفَذْت الْقَضَاءَ عَلَيْك (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَإِنَّ عَدَمَ ذِكْرِ هَذَا الْقَيْدِ فِي الْمَجَلَّةِ الْوَارِدِ فِي رَدُّ الْمُحْتَارِ هُوَ لِلسَّبَبِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرَفَيْنِ الْمُنَازَعَةَ بَيْنَهُمَا صُلْحًا يَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْقَاضِي كَمَا أَنَّهَا تَخْرُجُ بِعِبَارَةِ الْمُحَاكَمَةِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (1531) . وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى قِسْمَيْنِ وَوَجْهُ الِانْحِصَارِ هُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ أَوْ مُبْطِلًا فَإِذَا ظَهَرَ مُحِقًّا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِذَا ظَهَرَ مُبْطِلًا يُقْضَى لَهُ بِقَضَاءِ التَّرْكِ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: هُوَ إلْزَامُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الْمَحْكُومِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِهِ حَكَمْت أَوْ قَضَيْت أَوْ أَلْزَمْت فَأَعْطِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك لِهَذَا الْمُدَّعِي أَوْ سَلِّمْهُ أَوْ ادْفَعْ الدَّيْنَ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْك (الْحَمَوِيُّ) . قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ (كَقَوْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي بِإِقْرَارِك أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَظَهَرَ ذَلِكَ أَوْ صَحَّ أَوْ قَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي عِنْدَك كَذَا حَقًّا فَهُوَ حُكْمٌ أَمَّا لَوْ قَالَ الْقَاضِي: إنَّنِي أَظُنُّ أَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَك كَذَا أَوْ إنَّنِي أَرَى أَنَّ لَهُ حَقًّا عِنْدَك فَلَا يَكُونُ حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتِمُّ بِأَلْفَاظِ الشَّكِّ (الْخَانِيَّةُ) . وَيُقَالُ لِهَذَا الْقَضَاءِ قَضَاءُ إلْزَامٍ وَقَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ وَقَضَاءُ مِلْكٍ، وَإِنْ قُسِّمَ قَضَاءُ الْإِلْزَامِ وَالِاسْتِحْقَاقِ هُوَ كَمَا يُسْتَدَلُّ مِنْ أَلْفَاظِهِ يَكُونُ فِي حَالَةِ ظُهُورِ حَقِّ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا حَكَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَأَمَرَ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالتَّزْكِيَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ لِلْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ هَذَا الْقَضَاءُ قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ. نَفَاذُ الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَعَدَمُ نَفَاذِهِ. إذَا كَانَتْ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ حَقَّةٌ فَلَا شُبْهَةَ بِأَنَّهَا نَافِذَةٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَمَّا إذَا كَانَتْ بَاطِلَةً فَهِيَ اسْتِحْقَاقٌ ظَاهِرٌ لَا بَاطِنٌ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بَاطِلًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى؛ لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ

الْمَبْلَغَ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ كَالْمَالِ الْمَغْصُوبِ، وَلَا يَجْعَلُ حُكْمُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْمَالَ حَلَالًا لَهُ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذِبًا أَنَّ ثِيَابَ غَيْرِهِ لَهُ، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَى كَذِبِ الشُّهُودِ، وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ الثِّيَابَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ لُبْسُ تِلْكَ الثِّيَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ آخَرَ بِلَا سَبَبٍ مَشْرُوعٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (907) . كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّ مَنْكُوحَةَ غَيْرِهِ هِيَ مَنْكُوحَتُهُ، وَأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلًا، وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا وَسَتُفَصَّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1827) . الْقِسْمُ الثَّانِي - هُوَ مَنْعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ عَنْ الْمُنَازَعَةِ بِكَلَامٍ كَقَوْلِ: لَيْسَ لَك حَقٌّ أَوْ أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُقَالُ لِهَذَا قَضَاءُ التَّرْكِ أَنْوَاعُ قَضَاءِ التَّرْكِ إنَّ قَضَاءَ التَّرْكِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ فِي الدَّيْنِ، وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَيُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَعْجِزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ الْيَمِينَ أَوْ لَا يَطْلُبُ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي قَائِلًا (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ قَضَاءَ تَرْكٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ ثَالِثٍ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ مِلْكِيَّةَ الْفَرَسِ الَّتِي فِي يَدِ شَخْصٍ آخَرَ مُسْتَقِلًّا، وَعَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَفَ ذُو الْيَدِ الْيَمِينَ لِكِلَيْهِمَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِقَضَاءِ التَّرْكِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: تَبْقَى الْفَرَسُ كَالْأَوَّلِ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَا يَحْكُمُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لَا يَحْكُمُ لِلشَّخْصِ الثَّالِثِ بِالْقَوْلِ (إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لَك) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِيَانِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ فَيَحْكُمُ بِالْفَرَسِ لِلْمُدَّعِيَيْنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُ دَعْوَاهُ وَلَوْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1819) . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَكُونُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَّفَ الْقَاضِي بِالطَّلَبِ عَمْرًا بِالْيَمِينِ فَيَحْكُمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ التَّرْكِ يَعْنِي يُخَاطِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ زَيْدًا قَائِلًا لَهُ (إنَّك مَمْنُوعٌ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو) وَفِي هَذَا الْحَالِ تَبْقَى الدُّكَّانُ فِي يَدِ عَمْرٍو كَالسَّابِقِ. وَالدَّلِيلُ وَالسَّبَبُ لِهَذَا الْقَضَاءِ هُوَ وَضْعُ الْيَدِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَضَاءِ التَّرْكِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَادِثَةٍ لَا يَكُونُ مَقْضِيًّا لَهُ أَبَدًا فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ، أَمَّا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ التَّرْكِ فِي حَادِثَةٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقْضَى لَهُ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.

(المادة 1787) المحكوم به هو الشيء الذي ألزمه القاضي المحكوم عليه

مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مَالِي، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ بِالطَّلَبِ، وَحَكَمَ عَلَى الْمُدَّعِي بِقَضَاءِ التَّرْكِ فَإِذَا أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ يَحْكُمُ لَهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي - إذَا ادَّعَى الشَّخْصُ الثَّالِثُ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ هُوَ مَالُهُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي قَضَاءِ التَّرْكِ وَلَا تُسْمَعُ فِي قَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يَدَّعِ تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ. مَثَلًا: إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ عَمْرٍو قَائِلًا: إنَّهُ مَالِي، وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ لِزَيْدٍ ثُمَّ ادَّعَى بَكْرٌ عَلَى زَيْدٍ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ مَالُهُ فَلَا تُسْمَعْ مَا لَمْ يَدَّعِ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ زَيْدٍ بَعْدَ الْحُكْمِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى قُبَيْلَ الْفَصْلِ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي وَالْحَمَوِيُّ) . [ (الْمَادَّةُ 1787) الْمَحْكُومُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَلْزَمْهُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1787) (الْمَحْكُومُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي أَلْزَمْهُ الْقَاضِي الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ وَهُوَ إيفَاءُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ حَقَّ الْمُدَّعِي فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ وَتَرْكُ الْمُدَّعِي الْمُنَازَعَةَ فِي قَضَاءِ التَّرْكِ) . الْمَحْكُومُ بِهِ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُلْزِمُ بِهِ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ، وَهُوَ إيفَاءُ حَقِّ الْمُدَّعِي فِي قَضَاءِ الْإِلْزَامِ، وَالِامْتِنَاعُ عَنْ مُنَازَعَةِ الْمُدَّعِي فِي قَضَاءِ التَّرْكِ. إلْزَامٌ - هُوَ لَفْظٌ يُسْتَعْمَلُ حَسَبَ أُصُولِ الصَّكِّ الشَّرْعِيِّ فِي الْحُكْمِ الَّذِي يَصْدُرُ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ التَّعْبِيرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي هَذَا الْمَعْنَى. أَنْوَاعُ الْمَحْكُومِ بِهِ يُقَسَّمُ الْمَحْكُومُ بِهِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ حَقَّ اللَّهِ مَحْضًا كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الشُّرْبِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: يَكُونُ حَقَّ الْعَبْدِ مَحْضًا كَالْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا بِنَاءً عَلَى دَعْوَى زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: هُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ الْحَقَّانِ مَعًا وَيَكُونُ حَقُّ الْعَبْدِ غَالِبًا كَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَجْتَمِعَ الْحَقَّانِ مَعًا وَيَكُونُ حَقُّ اللَّهِ غَالِبًا كَحَدِّ الْقَذْفِ وَحَدِّ السَّرِقَةِ. شَرْطُ الْمَحْكُومِ بِهِ وَشَرْطُ الْمَحْكُومِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (1619) أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا. [ (الْمَادَّةُ 1788) الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1788) (الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ) . الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَوْ مِنْ طَرَفِ الْمُحَكَّمِ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ يَكُونُ دَائِمًا إنْسَانًا. أَنْوَاعُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مُتَعَيِّنًا، وَهَذَا يَكُونُ إمَّا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ

(المادة 1789) المحكوم له

وَاحِدٍ. مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَكَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ فِي قَتْلِ إنْسَانٍ عَمْدًا. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: لَوْ أَطْلَقَ هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ بَنَادِقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَأَصَابُوهُ جَمِيعًا وَقُتِلَ، وَادُّعِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا فَلَدَى الثُّبُوتِ يُحْكَمُ بِالْقِصَاصِ عَلَى جَمِيعِهِمْ. كَذَلِكَ لَوْ أَنَّ عِشْرِينَ شَخْصًا اغْتَصَبُوا كَيْلَةَ حِنْطَةٍ مِنْ أَحَدٍ، وَادَّعَى صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى الْعِشْرِينَ شَخْصًا، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَحْصِلَ الْحُكْمَ عَلَى جَمِيعِهِمْ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ حَقَّ الْمُرُورِ فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ عَائِدَةٍ لِعَشَرَةِ أَشْخَاصٍ، وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَنَكَلَ هَؤُلَاءِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَحْصِلَ حُكْمًا عَلَيْهِمْ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَعَيِّنٍ كَالْحُكْمِ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حُكْمٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ. مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك عَبْدِي، وَادَّعَى الْمَذْكُورُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، وَأَثْبَتَ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِحُرِّيَّتِهِ فَبِهَذَا الْحُكْمِ يَكُونُ الْمُدَّعِي مَحْكُومًا عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ كَافَّةَ النَّاسِ يَكُونُ مَحْكُومًا عَلَيْهِمْ فَلِذَلِكَ لَا تُسْمَعْ بَعْدَ الْحُكْمِ دَعْوَى أَحَدٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ عَبْدٌ. أَمَّا الْحُكْمُ بِالْحُرِّيَّةِ الْعَارِضَةِ أَيْ الْإِعْتَاقِ فَلَيْسَ حُكْمًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ جُزْئِيٌّ. وَالْحُكْمُ بِالْوَقْفِ حُكْمٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّهُ حَسَبَ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَالْمُفْتَى بِهِ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى سَائِرِ النَّاسِ فَعَلَيْهِ لَوْ حُكِمَ بِوَقْفِيَّةِ عَقَارٍ فِي قَضِيَّةٍ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّعٍ، وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكُهُ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مُتَوَلٍّ آخَرُ، وَادَّعَى وَقْفِيَّةُ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِوَقْفٍ آخَرَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1676) . [ (الْمَادَّةُ 1789) الْمَحْكُومُ لَهُ] الْمَادَّةُ (1789) - (الْمَحْكُومُ لَهُ هُوَ الَّذِي حُكِمَ لَهُ) . أَيْ الَّذِي حُكِمَ لَهُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ. يَجِبُ أَنْ يَحُوزَ الْمَحْكُومُ لَهُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَدَّعِيَ الْمَحْكُومُ لَهُ إذْ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِدُونِ سَبْقِ دَعْوَى مِنْهُ. الشَّرْطُ الثَّانِي: حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بِالذَّاتِ أَوْ حُضُورُ وَكِيلِهِ أَوْ حُضُورُ نَائِبِهِ كَوَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ إذَا كَانَ مَحْجُورًا فَعَلَيْهِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ لِلْغَائِبِ. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً (الطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ، وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ ذَلِكَ فَتَكُونُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ هِيَ الدَّرَاهِمُ الْمَحْكُومُ بِهَا وَيَكُونُ الْمُلْزَمُ بِدَفْعِهَا هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَحْكُومُ لَهُ. أَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ الْمَحْضَةِ فَالْمَحْكُومُ لَهُ هُوَ الشَّرْعُ كَمَا أَنَّ الْمَحْكُومَ لَهُ فِي الْحُقُوقِ الْغَالِبِ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ - الشَّرْعُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى فِيهِمَا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1697) .

(المادة 1790) التحكيم

[ (الْمَادَّةُ 1790) التَّحْكِيمُ] الْمَادَّةُ (1790) (التَّحْكِيمُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّخَاذِ الْخَصْمَيْنِ آخَرَ حَاكِمًا بِرِضَاهُمَا؛ لِفَصْلِ خُصُومَتِهِمَا وَدَعْوَاهُمَا وَيُقَالُ لِذَلِكَ حَكَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَمُحَكَّمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِّ الْمَفْتُوحَةِ) التَّحْكِيمُ لُغَةً: تَفْوِيضُ الْحُكْمِ لِشَخْصٍ. وَشَرْعًا: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اتِّخَاذِ الْخَصْمَيْنِ أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاحِدًا أَهْلًا لِلْحُكْمِ حَاكِمًا بِرِضَاهُمَا لِفَصْلِ خُصُومَتِهِمَا وَدَعْوَاهُمَا. إيضَاحُ الْقُيُودِ. الْخَصْمَيْنِ: وَعِبَارَةُ الْخَصْمَيْنِ هُنَا هِيَ بِمَعْنَى الْفَرِيقَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَهِيَ عَامَّةٌ وَتَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي اثْنَيْنِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اثْنَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) (آخَرُ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ مُحْكَمًا وَاحِدًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1848) . أَهْلًا لِلْحُكْمِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَوَقْتَ الْحُكْمِ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ، فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ انْتَخَبَ الْخَصْمَانِ صَبِيًّا وَحَكَمَ فِي حَالٍ صِبَاهُ أَوْ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِنَاءً عَلَى التَّحْكِيمِ السَّابِقِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَلَا يَنْفُذُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1794) (التَّنْوِيرُ) . وَيُقَالُ لِذَلِكَ حَكَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَمُحَكَّمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَفْتُوحَةِ وَمُحَكَّمٌ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ أَمَّا الْمُحَكِّمُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَعْبِيرُ الْخَصْمَيْنِ. وَرُكْنُ التَّحْكِيمِ إيجَابٌ مِنْ طَرَفٍ وَقَبُولٌ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ، وَيَكُونُ الْإِيجَابُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّحْكِيمِ كَقَوْلِ: قَدْ حَكَّمْنَاك أَوْ نَصَّبْنَاك حَاكِمًا (التَّنْوِيرُ) . [ (الْمَادَّةُ 1791) الْوَكِيلُ الْمُسَخَّرُ] الْمَادَّةُ (1791) (الْوَكِيلُ الْمُسَخَّرُ هُوَ الْوَكِيلُ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يُمْكِنْ إحْضَارُهُ لِلْمَحْكَمَةِ) الْوَكِيلُ الْمُسَخَّرُ هُوَ: الْوَكِيلُ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَحْضُرْ لِلْمَحْكَمَةِ مُخْتَارًا، وَلَمْ يُمْكِنْ إحْضَارُهُ لِلْمَحْكَمَةِ جَبْرًا وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ الْخَصْمُ الْمُتَوَارِي وَصُورَةُ نَصْبِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (1844) .

الباب الأول في حق القضاة ويحتوي على أربعة فصول

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الْقُضَاةِ وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَوْصَافِ الْقُضَاةِ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَوْصَافِ الْقُضَاةِ وَسَيُبَيَّنُ فِي هَذَا الْفَصْلِ شَيْئَانِ. الْأَوَّلُ: أَوْصَافُ الْقَاضِي: أَوَّلًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فِيهِمَا مُسْتَقِيمًا أَمِينًا مَكِينًا مَتِينًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. ثَانِيًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ، وَعَلَى أُصُولِ الْمُحَاكَمَةِ وَمُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعَاوَى الْوَاقِعَةِ تَوْفِيقًا لَهُمَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَوْصَافُ مَفْقُودَةً فِي الْقَاضِي وَنُصِّبَ قَاضِيًا مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ لَائِقٍ لِلْقَضَاءِ، وَحَكَمَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَصِحُّ حُكْمُهُ. الثَّانِي: شُرُوطُ الْقَاضِي وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (1794) فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ حَائِزٍ لِتِلْكَ الشُّرُوطِ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ كَمَا سَيُبَيَّنُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ: وَحَيْثُ إنَّ أُمُورَ الْقَضَاءِ مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الْعَامَّةِ، وَاحْتِيَاجَ النَّاسِ لَهُ عَظِيمٌ فَيَجِبُ الِاعْتِنَاءُ بِأَمْرِ الْقُضَاةِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَعْيِينُ كُلِّ أَحَدٍ قَاضِيًا وَيَجِبُ وُجُودُ بَعْضِ شُرُوطٍ، وَأَوْصَافٍ فِي الْقَاضِي الْجَوْهَرَةُ بِزِيَادَةٍ. الْمَادَّةِ (1792) (يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حَكِيمًا فَهِيمًا مُسْتَقِيمًا، وَأَمِينًا مَكِينًا مَتِينًا) حَكِيمٌ - بِمَعْنَى الشَّخْصِ الْمُتَّصِفِ بِالْحِكْمَةِ، وَالْحِكْمَةُ تَأْتِي بِمَعَانٍ عَدِيدَةٍ كَالْعَدْلِ وَالتَّقْوَى وَالْعَدْلِ، وَيَجُوزُ هُنَا إرَادَةُ الْمَعَانِي الثَّلَاثِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حَكِيمًا أَيْ عَادِلًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ قَدْ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل: 90] ، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42] فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُوَجَّهَ الْقَضَاءُ لِغَيْرِ الْعَادِلِ كَمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مُرَاعَاةُ الْعَدْلِ فِي أَحْكَامِهِ قَبُولُ الْقَضَاءِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا. وَالْعَدْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الدَّالِ هُوَ عَدَمُ الْجَوْرِ، وَالْإِنْصَافُ فِي الْحُكْمِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ

إنَّ الْعَدْلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي هُوَ الْحُكْمُ بِالْحَقِّ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْوَالِي هُوَ الْإِنْصَافُ بِدُونِ غَدْرٍ. وَالْعَادِلُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَيُطْلَقُ تَعْبِيرُ عَدْلٍ عَلَى الرَّجُلِ الْوَدُودِ. قَاضٍ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حَكِيمًا أَيْ مُتَّقِيًا وَصَالِحًا غَيْرَ فَاسِقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ الْفَاسِقُ عَلَى الْقَضَاءِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ لِفِسْقِهِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ فِي دِينِهِ كَمَا بُيِّنَ نُبْذَةٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَكَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1794) . يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حَكِيمًا أَيْ عَاقِلًا؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ وَالنَّفْسُ بِتِلْكَ الْقُوَّةِ تَكُونُ مُسْتَعِدَّةً لِلْعُلُومِ وَالْإِدْرَاكَاتِ (الْكُلِّيَّاتُ) . وَالْعَقْلُ بِتَعْرِيفٍ آخَرَ هُوَ نُورٌ رُوحَانِيٌّ تُدْرِكُ النَّفْسُ الْإِنْسَانِيَّةُ بِهِ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ وَالنَّظَرِيَّةَ يَبْتَدِئُ وُجُودُهُ حِينَمَا يَسْتَكْمِلُ الْجَنِينُ خِلْقَتَهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ ثُمَّ يَتَزَايَدُ وَيَنْمُو تَدْرِيجًا حَتَّى الْبُلُوغِ. فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ لَا يُوَجَّهَ الْقَضَاءُ إلَى نَاقِصِ الْعَقْلِ أَوْ لِلْأَحْمَقِ؛ لِأَنَّ الْأَحْمَقَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إيفَاءِ لَوَازِمِ الْعَدْلِ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ وَالْحُمُقُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمِيمِ بِمَعْنَى قِلَّةِ الْعَقْلِ. الْأَحْمَقُ بِوَزْنِ أَحْمَرَ صِفَةٌ مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْغَافِلِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْخَيْرَ مِنْ الشَّرِّ، وَالْحَسَنَ مِنْ السَّيِّئِ. وَالْعَلَامَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْحُمْقِ هِيَ طُولُ اللِّحْيَةِ، وَالتَّلَفُّتُ إلَى الْجَوَانِبِ كَثِيرًا، وَالْعَجَلَةُ فِي الْأُمُورِ بِدُونِ النَّظَرِ إلَى عَوَاقِبِهَا وَنَتَائِجِهَا وَقَدْ وَرَدَ عَنْ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: (إنَّنِي أَبْرَأْتُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ أَمَّا الْأَحْمَقُ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُبْرِئَهُ) أَبُو السُّعُودِ وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّ دَوَاءَ الْحُمْقِ هُوَ الْمَوْتُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَحْثِ الْكِنَايَاتِ مِنْ الْمُطَوَّلِ بِأَنَّ عَرْضَ الْقَفَا وَعِظَمَ الرَّأْسِ بِصُورَةٍ مُفْرِطَةٍ تَدُلُّ عَلَى بَلَاهَةِ الرَّجُلِ. (فِيهِمَا) مِنْ الْفَهْمِ بِوَزْنِ وَهْمٍ أَمَّا الْفَهِمُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ فَتُطْلَقُ عَلَى الرَّجُلِ الْفَطِينِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَهِيمًا أَيْ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْفِقْهِ بَلْ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ وَآثَارِهَا (الزَّيْلَعِيّ) . وَلَا يَلِيقُ تَقْلِيدُ أَحَدٍ الْقَضَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَمَا قَلَّدَ قَضَاءَ الْيَمَنِ مُعَاذًا امْتَحَنَهُ سَائِلًا إيَّاهُ: بِمَاذَا سَتَحْكُمُ يَا مُعَاذُ؟ فَأَجَابَهُ مُعَاذٌ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ: فَإِذَا لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِمَاذَا تَحْكُمُ؟ . فَأَجَابَهُ بِسُنَّةِ رَسُولِهِ. فَقَالَ: وَإِذَا لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِهِ؟ . فَأَجَابَهُ أَجْتَهِدُ. فَقَالَ لَهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يَرْضَى بِهِ رَسُولُهُ» (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلَمْ يَذْكُرْ مُعَاذٌ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَدِلَّةِ 2 الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حُجَّةً (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَلَمَّا كَانَ الْقَاضِي مَأْمُورًا بِالْحُكْمِ وَفْقًا لِلْحَقِّ وَالْعَدْلِ فَيَقْتَضِي لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ مَحْدُودَةٌ وَالنُّصُوصَ مَعْدُودَةٌ فَلَا يَجِدُ الْقَاضِي نَصًّا لِتَطْبِيقِهَا فِي كُلِّ حَادِثَةٍ فَيَحْتَاجُ لِاسْتِنْبَاطِ الْمَعْنَى مِنْ النُّصُوصِ، وَلَا يَتَيَسَّرُ ذَلِكَ إلَّا لِلْعَالِمِ الِاجْتِهَادِيِّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ آدَابِ الْقَاضِي) .

فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْجَاهِلِ أَلَا يَقْبَلَ الْقَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ هُوَ الْقَاضِي الْجَاهِلُ الَّذِي يَحْكُمُ عَنْ جَهْلٍ - وَالْقَاضِي الْعَالِمُ الَّذِي يَحْكُمُ عَنْ جَوْرٍ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَلَى أُصُولِ الْمُحَاكَمَةِ، وَمُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعَاوَى تَطْبِيقًا لَهُمَا هُوَ لِإِيضَاحِ الْفَهْمِ وَتَفْصِيلٍ بَعْدَ الْإِجْمَالِ. وَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا بِالْفِقْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ يَجِبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ قَرِيحَةٍ يُدْرِكُ بِهَا عَادَاتِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَحْكَامِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَلِذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ اعْرَفْ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ وَقِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَهِيمًا أَيْ فَطِينًا، وَأَنْ يَسْتَجْمِعَ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ فَهْمَهُ وَذِهْنَهُ؛ لِأَنَّ فَصْلَ الْخُصُومَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَفَهُّمِ كَلَامِ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ حِينَمَا يُقَرِّرُ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَنْ يَلْفِظَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالٍ فِي دَعْوَاهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ أُثْبِتَتْ الدَّعْوَى بِشُهُودٍ فَلَا يَحْكُمُ بِهَا. كَذَلِكَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَفُوهَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَلَامٍ يُعَدُّ إقْرَارًا، وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَحْتَاجُ لِطَلَبِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُدَّعِي فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَجْمِعْ الْقَاضِي فَهْمَهُ وَيُبَالِغْ فِي اسْتِمَاعِ كَلَامِ الطَّرَفَيْنِ وَيَقِفْ عَلَى مَعْنَى أَقْوَالِهِمَا تَضِيعُ إفَادَاتُهُمَا وَلَا يَحْصُلُ فَائِدَةٌ مِنْهَا وَلِهَذَا السَّبَبِ قَدْ كَتَبَ الْخَلِيفَةُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَائِلًا الْفَهْمَ الْفَهْمَ وَقَدْ كَرَّرَ الْكَلَامَ لِلتَّأَكُّدِ قَائِلًا فَرِّغْ خَاطِرَك وَفَهْمَك حَتَّى تَفْهَمَ الشَّيْءَ الْمَطْلُوبَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَإِنَّ قَوْلَ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ 4 (1812) يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَلَا يَتَصَدَّى لِلْحُكْمِ إذَا تَشَوَّشَ ذِهْنُهُ بِعَارِضَةٍ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّفَكُّرِ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ. وَيُشَارُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ فَهِيمًا بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ فَهِيمًا أَيْ عَالِمًا بَلْ كَانَ جَاهِلًا جَازَ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَهَذَا يَكُونُ بِالْعَمَلِ بِفَتْوَى الْغَيْرِ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) حَتَّى إنَّ الْجَاهِلَ الْمُتَّقِيَ أَوْلَى مِنْ الْقَاضِي الْعَالِمِ الْفَاسِقِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْجَاهِلِ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مِنْ الْغَيْرِ وَيْحُكُمْ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1811) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَنْ جَهْلٍ. وَقَدْ وَرَدَ فِي إحْدَى مَعْرُوضَاتِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ فِي أَوَائِلِ الْعَهْدِ الْعُثْمَانِيِّ (بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ تَسَاوٍ فِي الْعَدَالَةِ ظَاهِرًا بَيْنَ قُضَاةِ زَمَانِنَا فَقَدْ صَدَرَ الْأَمْرُ بِتَرْجِيحِ الْأَفْضَلِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّيَانَةِ، وَالْعَدَالَةِ عَلَى غَيْرِهِ) أَمَّا الطَّحْطَاوِيُّ فَيَقُولُ فِي مَعْرِضِ جَوَابِهِ عَلَى أَبِي السُّعُودِ (إنَّ هَذَا التَّسَاوِيَ كَانَ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ) أَمَّا فِي هَذَا الزَّمَنِ (عَصْرِ الطَّحْطَاوِيُّ) فِي حَالِ عَدَمِ التَّسَاوِي فِي الْعَدَالَةِ فَمَنْ الَّذِي يُرَجَّحُ؟ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ مَذْهَبَ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَالْعِلْمُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ فَإِذَا فُوِّضَ الْقَضَاءُ لِجَاهِلٍ فَلَا يَكُونُ قَاضِيًا، وَحُكْمُ الْقَاضِي بَاطِلٌ (الْخَانِيَّةُ) .

مُسْتَقِيمًا - مَأْخُوذٌ مِنْ الِاسْتِقَامَةِ وَهِيَ بِمَعْنَى الِاعْتِدَالِ. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُسْتَقِيمًا. وَبِمَعْنًى آخَرَ أَنْ لَا يَكُونَ مُحْتَالًا مُعَانِدًا يَأْخُذُ الْهَدَايَا وَالرِّشْوَةَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ النَّاسِ الْمُخْتَلِّي الشَّرَفِ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ النَّاسِ الْمُخْتَلِّي الشَّرَفِ أَيْ بِأَنْ كَانَ مَحْدُودًا بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ أَصْلًا، وَإِذَا كَانَتْ فِيهِ صِفَاتٌ مُخِلَّةٌ بِالِاسْتِقَامَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُحْتَالًا أَوْ مُعَانِدًا أَوْ مُرْتَشِيًا فَلَا يَنْبَغِي تَوْجِيهُ الْقَضَاءِ إلَيْهِ، وَإِذَا وُجِّهَ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي عَزْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ إسْنَادُ الْقَضَاءِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ إلَى أَشْخَاصٍ مُتَّصِفِينَ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُعْتَدِلًا، وَالْمُعْتَدِلُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِتَوَسُّطِ الْحَالَةِ، كَتَوَسُّطِ جِسْمِ الْإِنْسَانِ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَلَيِّنًا فِي غَيْرِ ضَعْفٍ عَبُوسًا بِلَا غَضَبٍ وَمُتَوَاضِعًا مِنْ غَيْرِ وَهْمٍ كَمَا سَيُبَيَّنُ آتِيًا (الْفَتْحُ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي سَيِّئَ الْخُلُقِ، جَافَّ الطَّبْعِ، قَاسِيَ الْقَلْبِ، فَظًّا شَدِيدًا فِي كَلَامِهِ فِي صُورَةٍ فَاحِشَةٍ جَبَّارًا مُتَكَبِّرًا مُقْبِلًا بِالْغَضَبِ مُعَانِدًا. أَمِينًا: يُطْلَقُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْثُوقِ بِهِ وَالْمُعْتَمَدِ عَلَيْهِ الْمَأْمُونِ مِنْ نَقِيصَةِ الضَّرَرِ، وَالْخِيَانَةِ وَعِبَارَةُ الْأَمِينِ الْوَارِدَةِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ قَدْ فُسِّرَتْ بِمَعْنَى مُؤْتَمَنٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي بَرِيئًا مِنْ نَقِيصَةِ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ عَدَمُ تَوْجِيهِ الْقَضَاءِ إلَى الرَّجُلِ الْمَعْرُوفِ بِالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فَإِذَا وُجِّهَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ أَمِينٌ ثُمَّ اتَّصَفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ فَيَجِبُ عَزْلُهُ؛ لِأَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي مُوجِبٌ لِعَزْلِهِ وَلَيْسَ بَاعِثًا عَلَى الِانْعِزَالِ (الزَّيْلَعِيّ) . مَكِينًا: بِوَزْنِ فَعِيلٍ يُطْلَقُ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَكَانَةِ وَعِبَارَةُ مَكِينٍ الْوَارِدَةُ فِي سُورَةِ يُوسُفَ قَدْ فُسِّرَتْ بِالْمَعْنَى ذِي الْمَكَانَةِ وَالْمَنْزِلَةِ وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مَكِينًا أَيْ ذَا مَكَانَةٍ وَشَرَفٍ وَلَا يَكُونُ أَرْعَنَ أَوْ مِنْ أَسَافِلِ النَّاسِ، وَأَدَانِيهَا. مَتِينًا: مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَتَانَةِ، وَالْمَتَانَةُ بِوَزْنِ سَلَامَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ صَلْبًا وَمُحْكَمًا. وَالْمَتِينُ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى. وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ بِمَعْنَى قَوِيٍّ شَدِيدٍ، يَعْنِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي قَوِيًّا شَدِيدًا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَعَبُوسًا بِلَا غَضَبٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ هُوَ دَفْعُ الْفَسَادِ، وَإِيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَرْبَابِهَا، وَإِقَامَةُ حُقُوقِ اللَّهِ وَلِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، وَأَقْوَى الْوَاجِبَاتِ فَالْأَوْلَى بِالْقَضَاءِ هُوَ الْأَقْدَرُ وَالْأَوْجُهُ وَالْأَهْيَبُ وَالْأَصْبَرُ الَّذِي يَتَحَمَّلُ الْمَصَائِبَ الَّتِي تَأْتِي لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّاسِ (الزَّيْلَعِيّ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي شَدِيدًا بِعُنْفٍ فَهُوَ فَظٌّ وَغَلِيظٌ مَعَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فَظًّا وَغَلِيظًا. وَالْفَظُّ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ يُطْلَقُ عَلَى سَيِّئِ الْخُلُقِ، وَالْغَلِيظُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّجُلِ الْجَافِّ الطَّبْعِ وَالْقَاسِي الْقَلْبِ (شَرْحُ الشَّمَائِلِ لِعَلِيٍّ الْقَارِيّ) . وَمُقَابِلُ الْفَظِّ وَالْغَلِيظِ أَنْ يَكُونَ ضَحُوكَ الْوَجْهِ حُلْوَ الْكَلَامِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُعَامِلَ مَنْ يَحْضُرُ أَمَامَهُ بِالْحُسْنَى.

(المادة 1793) كون القاضي واقفا على المسائل الفقهية وأصول المحاكمات

وَلَمَّا كَانَ الْقَضَاءُ ذَا أَهَمِّيَّةٍ عُظْمَى فَيَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْأَمْرِ الَّذِينَ لَهُمْ سَلِطَةُ نَصْبِ الْقَاضِي أَنْ يَتَفَحَّصُوا الْأَهْلَ لِلْقَضَاءِ وَيُنَصِّبُوهُ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَدِيثٌ شَرِيفٌ وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرَرُ وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِي الزَّيْلَعِيّ هُوَ «مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ» وَتُوجَدُ أَحَادِيثُ شَرِيفَةٌ أُخْرَى بِهَذَا الْمَعْنَى، وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ آدَابِ الْقَاضِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا دِينِيًّا، وَاَلَّذِي يُنْتَخَبُ قَاضِيًا غَيْرُ حَائِزٍ لِهَذِهِ الشُّرُوطِ وَالْأَوْصَافِ يَكُونُ قَدْ ارْتَكَبَ بَاطِلَيْنِ. أَوَّلُهُمَا: تَوْجِيهُ الْقَضَاءِ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ. الثَّانِي مَنْعُهُ مُسْتَحِقَّهُ. [ (الْمَادَّةُ 1793) كون الْقَاضِي وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَأُصُولِ الْمُحَاكَمَاتِ] الْمَادَّةُ (1793) (يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي، وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَلَى أُصُولِ الْمُحَاكَمَاتِ وَمُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعَاوَى الْوَاقِعَةِ تَطْبِيقًا لَهُمَا) . وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ وَعَلَى أُصُولِ الْمُحَاكَمَةِ وَمُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعَاوَى الْوَاقِعَةِ تَطْبِيقًا لَهُمَا، وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَرِّعًا وَمُتَدَيِّنًا. فِقْهِيَّةٌ - أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْفِقْهِ، وَالْفِقْهُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ هُوَ اسْمٌ لِلْعِلْمِ الْخَاصِّ بِالدِّينِ، وَلَيْسَ اسْمًا لِكُلِّ عِلْمٍ، وَالْفِقْهُ هُنَا بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْأُولَى مِنْ الْمَجَلَّةِ؛ وَلِلْفِقْهِ مَعْنًى آخَرُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبِمُقْتَضَيَاتِهِ مَا، وَإِشَارَاتِهِمَا وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَالْفِقْهُ بِهَذَا الْمَعْنَى مَخْصُوصٌ بِالْمُجْتَهِدِينَ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا الْعَصْرُ خَالِيًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ فَالْفَقِيهُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ إيجَادُ قَاضٍ مُجْتَهِدٍ مُتَعَذِّرٌ فَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا هَذَا بِالْمَعْنَى، حَتَّى أَنَّهُ مِنْ النَّادِرِ وُجُودُ فَقِيهٍ بِالْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ الْأُولَى مِنْ الْمَجَلَّةِ، حَتَّى قَدْ وَرَدَ فِي تَقْرِيرِ الْمَجَلَّةِ الْجُمْلَةُ الْآتِيَةُ: (قَدْ أَصْبَحَ الْآنَ نَادِرًا وُجُودُ ذَوَاتٍ مَاهِرِينَ فِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ) وَبِذَلِكَ قَدْ أَظْهَرَتْ الْهَيْئَةُ الَّتِي وَضَعَتْ الْمَجَلَّةَ أَسَفَهَا عَلَى ذَلِكَ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَنَّ بَابَ الِاجْتِهَادِ لَمْ يُسَدَّ وَلَكِنَّهُ مُنْسَدٌّ؛ لِأَنَّهُ مُنْذُ عُصُورٍ لَمْ يَظْهَرْ شَخْصٌ يَجْمَعُ فِي نَفْسِهِ الْعُلُومَ اللَّازِمَةَ لِلْمُجْتَهِدِ فَانْسَدَّ بَابُ الِاجْتِهَادِ بِالضَّرُورَةِ. وَقَدْ كَانَ فِي الْأَوَائِلِ يُنْتَخَبُ لِلْقَضَاءِ الذَّوَاتُ الْمُبْرِزُونَ فِي الِاقْتِدَارِ، وَقَدْ كَانَ الْقَضَاءُ فِي الْعَصْرِ الثَّالِثِ عَشَرَ الْهِجْرِيِّ الَّذِي أَدْرَكْنَاهُ يُوَجَّهُ لِعَوَامِّ النَّاسِ وَقَدْ دَامَ هَذَا الْحَالُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنَّهُ فِي سَنَةِ 331 قَدْ مُنِعَ تَوْجِيهُ الْقَضَاءِ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِينَ مِنْ مَدْرَسَةِ الْقَضَاءِ، وَلِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اللَّائِقِ تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ لِلْجَاهِلِ الْعَدْلِ، وَالْعَالِمِ الْغَيْرِ عَدْلٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَتَقَلَّدَاهُ (الْخَانِيَّةُ) . إنَّ الْعَامِّيَّ الْمَحْضَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْقَضَاءِ إذْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِالْعِلْمِ وَالْفَهْمِ وَالْأَهْلِيَّةِ لِلْقَضَاءِ، وَأَقَلُّ عِلْمٍ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّصِفَ بِهِ هُوَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى اسْتِمَاعِ الْحَوَادِثِ وَالْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ بِصُورَةٍ جَيِّدَةٍ، وَأَنْ يَكُونَ حَائِزًا النِّصَابَ عَلَى طُرُقِ تَحْصِيلِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَمَنْ صُدُورِ الْمَشَايِخِ، وَأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَطْبِيقِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الدَّعَاوَى وَالْوَقَائِعِ، فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَضَاءِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْوَظَائِفِ إلَى الْأَشْخَاصِ الْغَيْرِ، وَاقِفِينَ عَلَى صِغَارِ أُمُورِ

(المادة 1794) يلزم أن يكون القاضي مقتدرا على التمييز التام

الْمَعِيشَةِ (الْخَادِمِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ) . يَنْبَغِي، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا إذْ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي غَيْرَ عَالِمٍ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ بِفَتْوَى غَيْرِهِ إذْ أَنَّ الْجَاهِلَ التَّقِيَّ أَوْلَى بِالْقَضَاءِ مِنْ الْعَالِمِ الْفَاسِقِ (الْخَانِيَّةُ وَالْفَتْحُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ إذَا وُجِّهَ الْقَضَاءُ إلَى غَيْرِ عَالِمٍ فَلَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَحُكْمُهُ (الْخَانِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1794) يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقْتَدِرًا عَلَى التَّمْيِيزِ التَّامِّ] الْمَادَّةُ (1794) (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقْتَدِرًا عَلَى التَّمْيِيزِ التَّامِّ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ، وَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الطَّرَفَيْنِ الْقَوِيَّ) . يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُقْتَدِرًا عَلَى التَّمْيِيزِ التَّامِّ، وَأَهْلًا لِلشَّهَادَةِ؛ لِيَكُونَ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ. وَعَلَى ذَلِكَ فَاَلَّذِي لَا يَكُونُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ لَا يَكُونُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ كَمَا أَنَّ الْأَهْلَ لِلشَّهَادَةِ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْغَيْرِ إذْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ يُلْزَمُ الْقَاضِي عَلَى الْحُكْمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1813) . وَبِمَا أَنَّهُ بِسَبَبِ حُكْمِ الْقَاضِي يَلْزَمُ خَصْمَ الْمُدَّعِي فَأَصْبَحَ كِلَاهُمَا مِنْ بَابٍ، وَأَحَدُهُمَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْآخَرِ (الزَّيْلَعِيّ) . فَعَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1702) لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَا يَنْفُذُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَثْبَتَ الْمَحْكُومَ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي عَدَاوَةَ الْقَاضِي لَهُ يَبْطُلُ حُكْمُ الْقَاضِي. وَتَثْبُتُ الْعَدَاوَةُ بِالْقَذْفِ وَالْجَرْحِ وَقَتْلِ الْوَلِيِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَيْسَتْ بِالْمُخَاصَمَةِ وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِنَابَةِ فَيَسْتَنِيبُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1709) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عَادِلًا فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى عَدُوِّهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ وَحُكْمُ الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَعْتُوهِ، وَالْأَعْمَى وَالْأَخْرَسِ وَالْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الطَّرَفَيْنِ الْقَوِيَّ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1784) بِأَنَّ الْقَضَاءَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِيَّةِ فَعِبَارَةُ الْقَضَاءِ الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّة تُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ أَيْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ قُضَاةً كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُمْ، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَضَاءُ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ وَالْأَعْمَى فَإِذَا قُلِّدَ أَحَدُهُمْ الْقَضَاءَ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا أَنَّ حُكْمَهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي حِينَ تَقْلِيدِهِ الْقَضَاءَ بَصِيرًا وَطَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمَى وَحَكَمَ وَهُوَ أَعْمَى يَبْطُلُ حُكْمُهُ. فَلِذَلِكَ إذَا حَكَمَ قَاضٍ مُدَّةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَعْمَى أَوْ عَبْدٌ تَبْطُلُ الْأَحْكَامُ الَّتِي حَكَمَهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ لَا يُقْبَلُ قَضَاؤُهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1686) . أَمَّا إذَا نُصِّبَ أَحَدُ الْقُضَاةِ وَهُوَ بَصِيرٌ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمَى فَلَا يَنْعَزِلُ عَنْ الْقَضَاءِ فَلِذَلِكَ إذَا

الفصل الثاني في بيان آداب القاضي

أَبْصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَحَكَمَ يَكُونُ حُكْمُهُ نَافِذًا أَيْ أَنَّهُ بِطُرُوءِ الْعَمَى أَوْ الصَّمَمِ عَلَى الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَلِذَلِكَ فَحُكْمُهُ بَعْدَ زَوَالِ الْعَمَى صَحِيحٌ. أَمَّا الْعَدَالَةُ وَعَدَمُ الْفِسْقِ فَلَيْسَتْ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ عُظَمَاءِ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِ قَضَاءِ الْفَاسِقِ وَلِذَلِكَ فَحُكْمُ الْقَاضِي الْفَاسِقِ إذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ يَكُونُ نَافِذًا، أَمَّا بَعْضُ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ كَالْخَصَّافِ وَالْكَرْخِيِّ وَالطَّحْطَاوِيِّ فَقَدْ قَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ أَهْلِيَّةِ الْقَاضِي الْفَاسِقِ الْمُرْتَشِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ الْقَاضِي الْفَاسِقُ بِفِسْقِهِ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا نُصِّبَ قَاضٍ فَاسِقٌ أَوْ مُرْتَشٍ وَحَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ فَحُكْمُهُ غَيْرُ جَائِزٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ قَالَ الْإِمَامَانِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ إذَا وَلِيَ الْقَضَاءَ فَاسِقٌ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا صَارَ فَاسِقًا أَوْ مُرْتَشِيًا بَعْدَ تَوْلِيَتِهِ فَيَنْعَزِلُ عَنْ الْقَضَاءِ (الْخَانِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية) . إنَّ بَعْضَ أَفَاضِلِ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ كَمَالٍ وَابْنِ مَلَكٍ وَالْعَيْنِيِّ قَالُوا: إنَّ الْفَتْوَى لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ رَدِّ الْمُحْتَارِ قَالَ بِأَنَّهُ إذَا أَفْتَى بِذَلِكَ، وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَوْلَ، لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَنِ وَجَبَ انْسِدَادُ بَابِ الْقَضَاءِ فَهُوَ يَقْصِدُ أَنَّ إيجَادَ قَاضٍ غَيْرُ فَاسِقٍ مُشْكِلٌ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَامِلَ الْمُسْتَقِيمَ نَادِرٌ. إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا قَالُوا: إنَّ عَدَمَ الْفِسْقِ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي حِينَ تَوْلِيَتِهِ عَادِلًا ثُمَّ فَسَقَ يَسْتَوْجِبُ الْعَزْلَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ بَعْدَ الْفِسْقِ، وَأَصَابَ فِي حُكْمِهِ جَازَ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْقَاضِي مُرْتَزِقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ لَا. وَوَالِي الْوِلَايَةِ هُوَ كَالْقَاضِي فَإِذَا فَسَقَ اسْتَوْجَبَ الْعَزْلَ وَلَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يُعْزَلْ مِنْ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْلُو مِنْ ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَغَيْرُ مُنَزَّهٍ عَنْهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْخَانِيَّةُ) . أَمَّا إذَا شُرِطَ حِينَ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يُصْبِحُ مُنْعَزِلًا عَنْ الْقَضَاءِ إذَا جَارَ فَيُعْزَلُ فِي حَالَةِ الْجَوْرِ الشِّبْلِيُّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ عَدَالَةَ الْقَاضِي حَسَبَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ شَرْطُ أَوْلَوِيَّةٍ، وَلَيْسَتْ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَمَعَ هَذَا فَاللَّائِقُ عَدَمُ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ لِفَاسِقٍ (الزَّيْلَعِيّ) . [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ آدَابِ الْقَاضِي] [ (الْمَادَّةُ 1795) يَجْتَنِبُ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْأَفْعَالَ وَالْأَوْضَاعَ الَّتِي تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُلَاطَفَة] الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ آدَابِ الْقَاضِي الْآدَابُ جَمْعُ أَدَبٍ وَالْأَدْبُ فِي الْأَصْلِ بِسُكُونِ الدَّالِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْأَدْبِ وَهُوَ بِمَعْنَى دَعْوَةِ النَّاسِ لِلطَّعَامِ (الْفَتْحُ) . وَبِمَا أَنَّ الْخِصَالَ الْجَمِيلَةَ تَدْعُو الْإِنْسَانَ لِعَمَلِ الْخَيْرِ فَقَدْ قِيلَ عَنْهَا آدَابُ وَالْآدَابُ عِبَارَةٌ عَنْ

التَّخَلُّقِ بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ وَالْخِصَالِ الْمُسْتَحْسَنَةِ فِي مُعَاشَرَةِ وَمُعَامَلَةِ النَّاسِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْجَوْهَرَةُ) ، وَآدَابُ الْقَاضِي هُوَ الْتِزَامُ الْأُمُورِ الَّتِي نَدَبَهَا الشَّرْعُ كَبَسْطِ الْعَدْلِ وَدَفْعِ الظُّلْمِ وَتَرْكِ الْمَيْلِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحُدُودِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ السُّنَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الْمَادَّةُ (1795) (يَجْتَنِبُ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْأَفْعَالَ وَالْأَوْضَاعَ الَّتِي تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْمُلَاطَفَةِ) يَجْتَنِبُ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ الْأَفْعَالَ وَالْأَوْضَاعَ الَّتِي تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ وَمُلَاطَفَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَمَا نَصَّبَ شُرَيْحًا شَرَطَ عَلَيْهِ أَلَا يَشْتَغِلَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَأَلَّا يَأْخُذَ الرِّشْوَةَ. فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ: لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ بِالْقَاضِي الَّذِي يَأْخُذُ مُرَتَّبًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ حَتَّى فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا لِتَسْوِيَةِ مَصَالِحِهِ، وَأَنْ لَا يُعْلِمَ أَنَّ هَذَا الْوَكِيلَ وَكِيلُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ النَّاسَ يَتَسَاهَلُونَ مَعَهُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ لِكَوْنِهِ قَاضِيًا فَيَبِيعُونَهُ بِأَنْقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَشْتَرُونَ مَا يَبِيعُهُ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَمُبَاشَرَةُ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِعُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ (الْفَتْحُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ والولوالجية) . الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ، وَأَنْ يَبِيعَ مَالَ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ فَلِذَلِكَ قَيَّدَ بِهَذَا الْقَيْدِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَلَيْسَ تَقْيِيدُ الْمُلَاطَفَةِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْمُلَاطَفَةَ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَلَا يُلَاطِفَ الْقَاضِي أَحَدًا فِي أَيِّ مَحَلٍّ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . وَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْتَنِبَ الْمِزَاحَ وَالْهَزَارَ، وَأَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْوَقَارِ، وَأَنْ لَا يُكَالِمَ أَحَدًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَثْنَاءَ التَّقَاضِي بِغَيْرِ أُمُورِ الْقَضِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاطَفَةَ وَالْمُكَالَمَةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْقَضَاءِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَمَعَ أَنَّ الْمُلَاطَفَةَ مَشْرُوعَةٌ فَقَدْ مُنِعَ الْقَاضِي مِنْهَا. وَمَشْرُوعِيَّةُ الْمُلَاطَفَةِ ثَابِتَةٌ بِالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ. وَالْمُلَاطَفَةُ هِيَ الِانْبِسَاطُ مَعَ الْغَيْرِ بِدُونِ إيذَاءِ أَحَدٍ وَهِيَ غَيْرُ الِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنْ الْإِفْرَاطِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْمُلَاطَفَةِ؛ لِأَنَّهَا تُورِثُ الضَّحِكَ وَقَسْوَةَ الْقَلْبِ وَتُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَالْوَقَارَ وَتُؤَدِّي إلَى الْإِيذَاءِ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ. أَمَّا الْمِزَاحُ السَّالِمُ مِنْ الْأُمُورِ الْغَيْرِ الْمَشْرُوعَةِ فَهُوَ مُبَاحٌ فَقَدْ أَجْرَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّدْرَةِ فِي تَطْيِيبِ النُّفُوسِ وَالْمُؤَانَسَةِ، وَهُوَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ فَاعْلَمْ هَذَا فَإِنَّهُ مِمَّا يَعْظُمُ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ (شَرْحُ الشَّمَائِلِ لِعَلِيٍّ الْقَارِيّ) . صُورَةُ جُلُوسِ الْقَاضِي أَثْنَاءَ الْحُكْمِ وَوُجُودُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَجْلِسِهِ: يَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي تَعْظِيمًا

(المادة 1796) القاضي لا يقبل هدية أحد من الخصمين

لِأَمْرِ الْقَضَاءِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُسْتَوٍ فِي الْجُلُوسِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ إذْ بِالْإِتْكَاءِ يَسْتَرِيحُ الْقَاضِي فَيَحْسُنُ رَأْيُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مَاشٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِالْمَشْيِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ رَأْيٌ. يَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي أَلَّا يَجْلِسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا يَحْكُمُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُحْضِرُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَلِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ أَشْخَاصًا عَدِيدِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي مَجْلِسِهِ، وَأَنْ يَتَشَاوَرَ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ جُلُوسَ الْقَاضِي وَحْدَهُ يَجْعَلُهُ عُرْضَةً لِتُهْمَةِ الرِّشْوَةِ وَالْغَدْرِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا فَلَا بَأْسَ مِنْ جُلُوسِهِ وَحْدَهُ أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأُمُورِ الْقَضَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَجْلِسَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَالِمًا لَا يُؤْمَنُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ الْحَقِّ فَوُجُودُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَجْلِسِهِ يَكُونُ مِنْهُ فَائِدَةٌ إذْ يُنَبِّهُونَهُ إلَى الْحَقِّ وَيُرْشِدُونَهُ إلَى الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْلِسَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِقُرْبِهِ (الزَّيْلَعِيّ) . كُتَّابُ الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَاتِبُ الْقَاضِي أَمِينًا صَالِحًا وَوَاقِفًا عَلَى أُصُولِ ضَبْطِ الْقَضَايَا وَتَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ حَتَّى لَا يَفْسُدَ الْإِعْلَامُ الَّذِي يُحَرِّرُهُ؛ لِإِخْلَالِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَالْقَاضِي يُجْلِسُ كَاتِبَهُ فِي مَوْضِعٍ مُنَاسِبٍ لِمَنْعِهِ مِنْ أَخْذِ الْهَدَايَا أَوْ إجْرَاءِ عَمَلٍ آخَرَ. وَيَضْبِطُ هَذَا الْكَاتِبُ ادِّعَاءَ الطَّرَفَيْنِ وَمُدَافَعَتَهُمَا وَشَهَادَةَ الشُّهُودِ. خَدَمَةُ الْقَاضِي وَالْمُحْضِرُونَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجَدَ لَدَيْهِ أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ خَدَمَةٌ؛ لِيَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ الْكَلَامِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ، وَمَنْ إجْرَاءِ أَعْمَالٍ مُخِلَّةٍ بِآدَابِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ بِأُمُورٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ فِي حُضُورِ الْقَاضِي يَكْسِرُ حُرْمَةَ الْقَاضِي، وَصِيَانَةَ مَاءِ وَجْهِهِ وَاجِبَةٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيَجِبُ أَنْ يَقِفَ هَؤُلَاءِ الْخَدَمَةِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَؤُلَاءِ هُوَ لِلْمَهَابَةِ وَوُقُوفُهُمْ بَعِيدًا مِمَّا يُزِيلُ الْمَهَابَةَ (الزَّيْلَعِيّ) . ثِيَابُ الْقَاضِي: كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ، وَهُوَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ الثِّيَابِ فَلُبْسُ الْقَاضِي ثِيَابًا غَيْرَ نَظِيفَةٍ أَوْ مُمَزَّقَةً مِمَّا يُخِلُّ بِمَهَابَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) . الشُّهُودُ السَّامِعُونَ: بِمَا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الْإِيجَابِ إثْبَاتُ حُكْمِ الْقَاضِي فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ فِي مَجْلِسِهِ شُهُودًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنْ السَّامِعِينَ (الزَّيْلَعِيّ) ، وَإِنَّ سَبَبَ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ (1815) لُزُومُ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَنًا هُوَ لِهَذَا السَّبَبِ. بَوَّابُ الْمَحْكَمَةِ يُوقِفُ الْقَاضِي عَلَى بَابِ الْمَحْكَمَةِ بَوَّابًا وَهَذَا الْبَوَّابُ يَمْنَعُ مُهَاجَمَةَ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي وَيُدْخِلُهُمْ بِتَرْتِيبِهِمْ وَلَيْسَ لِلْبَوَّابِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ؛ لِإِدْخَالِهِمْ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي. [ (الْمَادَّةُ 1796) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1796) (الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ، وَكَذَا رِشْوَتُهُمَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ وَالرِّشْوَةِ يُؤَدِّي إلَى

مُرَاعَاةِ الْمُهْدِي، وَيُؤَدِّي إلَى الْإِخْلَالِ بِالْعَدَالَةِ. وَالْحَالُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1759) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِزِيَادَةٍ) . قَاعِدَةٌ: قَبُولُ الْهَدِيَّةِ الَّتِي سَبَبُهَا الْوِلَايَةُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ «الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا عَلِمَ بِأَخْذِ أَحَدِ مُوَظَّفِي بَيْتِ الْمَالِ هَدِيَّةً خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَائِلًا: لَوْ قَعَدَ فِي بَيْتِ أُمِّهِ، وَأَبِيهِ هَلْ كَانَ يُهْدَى لَهُ» الْبُخَارِيُّ) كَمَا أَنَّ الْخَلِيفَةَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا رَأَى أَحَدَ مَأْمُورِي بَيْتِ الْمَالِ عَائِدًا بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ سَأَلَهُ قَائِلًا: مِنْ أَيْنَ أَخَذْت هَذِهِ فَأَجَابَهُ إنَّهَا هَدَايَا فَحِينَئِذٍ تَلَا عَلَيْهِ قَوْلَ الرَّسُولِ، وَضَبَطَ الْهَدَايَا الْمَذْكُورَةَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَدْ قَالَ الْخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ هَدَايَا فِي عَهْدِ الرَّسُولِ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَقَدْ أَصْبَحَتْ رِشْوَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ غَيْرِ الْأَصْدِقَاءِ وَالْمَعَارِفِ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا رِشْوَةً مَسْتُورَةً (جَلَاءُ الْقُلُوبِ للبركوي) إنَّ كُلَّ هَدِيَّةٍ يَأْخُذُهَا مُوَظَّفٌ فِي وَظَائِفِ الْحُكُومَةِ هِيَ بِمَثَابَةِ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْقَاضِي (الْفَتْحُ) . أَقْسَامُ الْهَدِيَّةِ: الْهَدِيَّةُ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: الْهَدِيَّةُ تَكُونُ حَلَالًا لِلْجَانِبَيْنِ وَهِيَ الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى إلَى غَيْرِ الْقَاضِي وَالْمُوَظَّفُ كَهَدَايَا الْأَحِبَّاءِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي، وَالْمُوَظَّفُ فِي أَحَدِ وَظَائِفِ الْحُكُومَةِ أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّةً مِنْ أَحَدِ النَّاسِ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أَيْ إنْ أَخَذَ الْهَدِيَّةَ الَّتِي تَعَاطِيهَا حَلَالٌ وَمَشْرُوعٌ بَيْنَ النَّاسِ هُوَ حَرَامٌ وَرِشْوَةٌ لِلْقَاضِي وَالْمُوَظَّفُ وَالْهَدِيَّةُ الَّتِي هِيَ مَوْضُوعُ الْبَحْثِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْهَدَايَا. الْقِسْمُ الثَّانِي: الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْجَانِبَيْنِ كَالْهَدِيَّةِ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَأْثَمُ الْمُعْطِي وَالْآخِذُ وَيَكُونَانِ مُرْتَكِبَيْنِ الْحَرَامَ، وَيَجِبُ رَدُّ الْهَدِيَّةِ إلَى مُعْطِيهَا وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْهَدَايَا مُحَرَّمٌ عَلَى الْقَاضِي وَعَلَى النَّاسِ الْآخَرِينَ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الْهَدِيَّةُ الَّتِي تُعْطَى مِنْ الدَّافِعِ لِخَوْفِهِ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالٍ وَيَحِلُّ لِلدَّافِعِ إعْطَاءُ هَذِهِ الْهَدِيَّةِ وَيَحْرُمُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ الْغَيْرِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ لِإِجْرَاءِ الْوَاجِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ. مِنْ الْخَصْمَيْنِ: إنَّ تَعْبِيرَ مِنْ الْخَصْمَيْنِ لَمْ يَكُنْ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ كَثِيرَةً أَمْ قَلِيلَةً وَحَتَّى لَوْ كَانَتْ حَقِيرَةً وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ. هَدِيَّةٌ: وَتَعْبِيرُ هَدِيَّةٍ لَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ، وَاشْتِرَاءِ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْمُحَابَاةِ

وَالرِّشْوَةِ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَعِيرَ أَوْ يَسْتَقْرِضَ أَوْ يَشْتَرِيَ مَالًا مِنْ أَحَدٍ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَنْ يَقْبَلَ رِشْوَةً مِنْ الْمُحِقِّ أَوْ الْمُبْطِلِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. الْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي فِي حَقِّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْقَاضِي، يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي رَدُّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا لِصَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ حَسَبَ حُكْمِ الْمَادَّتَيْنِ (890 وَ 891) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا يَجِبُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ عَيْنًا، وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا يَجِبُ رَدُّهُ بَدَلًا، أَمَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ غَيْرَ مَعْلُومٍ أَوْ كَانَ مَعْلُومًا وَكَانَ رَدُّ الْهَدِيَّةِ إلَيْهِ مُتَعَذِّرًا لِوُجُودِهِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ فَيَعْتَبِرُ الْقَاضِي تِلْكَ الْهَدِيَّةَ لُقَطَةً، وَيَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي هُوَ لِكَوْنِهِ قَاضِيًا وَنَائِبًا فَالْهَدِيَّةُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هِيَ لِلْعَامَّةِ فَيَجِبُ وَضْعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ الْمُعَدِّ لِمَنَافِعِ الْعَامَّةِ وَيَكُونُ هَذَا الْمَالُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لُقَطَةً يُرَدُّ إلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ ظُهُورِهِ (الْفَتْحُ وَالْعِنَايَةُ) . أَمَّا إذَا وَجَدَ الْقَاضِي أَنَّ رَدَّ الْهَدِيَّةِ الَّتِي أُعْطِيت لَهُ مِنْ بَعْضِ أَحِبَّائِهِ تُوجِبُ تَأَذِّيهمْ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا بَعْدَ دَفْعِ تَمَامِ قِيمَتِهَا. مُسْتَثْنًى: لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ الْهَدَايَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ 1 - لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً مِنْ الشَّخْصِ الَّذِي قَلَّدَهُ الْقَضَاءَ، وَاَلَّذِي مَرْتَبَتُهُ فَوْقَ مَرْتَبَةِ الْقَاضِي. مَثَلًا: لَوْ عَيَّنَ قَاضِي وِلَايَةٍ نُوَّابًا عَنْهُ فِي دَائِرَةِ قَضَائِهِ، وَأَهْدَى الْقَاضِي لِنُوَّابِهِ هَدَايَا فَلَهُمْ أَنْ يَقْبَلُوهَا وَلَكِنْ لَيْسَ لِلنُّوَّابِ أَنْ يُهْدُوا ذَلِكَ الْقَاضِيَ. كَذَلِكَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الَّذِي يُعَيِّنُ قُضَاةً لِلْمُدُنِ أَنْ يُهْدِيَ الْقُضَاةَ الَّذِينَ عَيَّنَهُمْ (الْأَشْبَاهُ) . 2 - لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ هَدِيَّةً مِنْ أَقْرِبَائِهِ ذَوِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ قَضِيَّةٌ (الْعِنَايَةُ) ؛ لِأَنَّ رَدَّ هَدِيَّةِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ يُوجِبُ قَطْعَ الرَّحِمِ وَهُوَ حَرَامٌ، وَلَفْظُ الْكِتَابِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُهَادَاةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُهَادَاةَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ شَرْطٌ لِقَبُولِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ (الْعِنَايَةُ) . 3 - لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحِبِّهِ وَصَدِيقِهِ الَّذِي أَعْتَادَ إهْدَاءَهُ قَبْلَ نَصْبِهِ قَاضِيًا هَدِيَّتَهُ الَّتِي لَا تَكُونُ زِيَادَةً عَنْ الْمُعْتَادِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَضَاءِ بَلْ قِيَامًا بِالْعَادَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا الرِّشْوَةُ، وَالْعَادَةُ تَثْبُتُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ (الْحَمَوِيُّ) . وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُهْدِي دَعْوَى فَإِذَا كَانَ لَهُ دَعْوَى فَالْقَاضِي يَرُدُّ كُلَّ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ الْقَضَاءُ (الزَّيْلَعِيّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَبَعْدَ فَصْلِ دَعْوَاهُ، وَانْتِهَاءِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ مَنْ أَعْتَادَ الْإِهْدَاءَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَمَا أَنَّهُ إذَا أَهْدَى الشَّخْصُ الَّذِي أَعْتَادَ الْإِهْدَاءَ لِلْقَاضِي قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ هَدِيَّتَهُ الَّتِي أَعْتَادَهَا فَيَرُدُّ الْقَاضِي الزِّيَادَةَ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ وَاقِعَةً فِي الْمَعْنَى وَلَيْسَ فِي الْمِقْدَارِ وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ رَدُّ الزِّيَادَةِ فَيَرُدُّهَا الْقَاضِي جَمِيعَهَا. مَثَلًا: إذَا أَعْتَادَ وَاحِدٌ أَنْ يُهْدِيَ الْقَاضِيَ قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ حُلَّةً مِنْ الْكَتَّانِ فَأَهْدَاهُ بَعْدَ

الْقَضَاءِ حُلَّةً مِنْ الْحَرِيرِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي جَمِيعَ تِلْكَ الْحُلَّةِ. لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَزَايَدَ مَالُ الْمُهْدِي فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالرِّشْوَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ بِشَرْطِ الْإِعَانَةِ أَمَّا الْهَدِيَّةُ فَهِيَ الْمَالُ الَّذِي يُدْفَعُ بِلَا شَرْطِ الْإِعَانَةِ. وَالرِّشْوَةُ تُقْسَمُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: 1 - الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي كَالرِّشْوَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْقَاضِي لِيَحْكُمَ لَهُ وَيَأْثَمُ الْمُعْطِي فِي إعْطَاءِ الرِّشْوَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَوْ كَانَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَيَأْثَمُ الْقَاضِي إذَا حَكَمَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ بِنَاءً عَلَى الرِّشْوَةِ الَّتِي أَخَذَهَا، وَلَوْ كَانَ الرَّاشِي مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَيَكُونُ مَلْعُونًا. 2 - الرِّشْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الْآخِذِ وَغَيْرُ الْمُحَرَّمَةِ عَلَى الدَّافِعِ كَمَا لَوْ دَفَعَ أَحَدٌ رِشْوَةً لِأَحَدٍ لِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ دَفَعَ أَحَدٌ لِآخَرَ رِشْوَةً لِتَحَقُّقِهِ طَمَعَهُ فِي مَالِهِ وَبِقَصْدِ تَخْلِيصِ بَعْضِ مَالِهِ مِنْهُ فَأَخْذُ الرِّشْوَةِ مِنْ طَرَفِ الْآخِذِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلَكِنْ لَيْسَ مُحَرَّمًا إعْطَاؤُهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (21) . 3 - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَمْرٌ مُحِقٌّ فِيهِ عِنْدَ وَالٍ فَأَدَّى أَحَدُ الْأَشْخَاصِ غَيْرَ الْمُوَظَّفِينَ مَالًا لِيَقُومَ لَهُ بِإِتْمَامِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فَيَحِلُّ دَفْعُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَنَةُ الْإِنْسَانِ لِلْآخَرِ بِدُونِ مَالٍ، وَاجِبَةً فَأَخْذُ الْمَالِ مُقَابِلُ الْمُعَاوَنَةِ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِمَثَابَةِ أُجْرَةٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِتَغْيِيرٍ يَسِيرٍ) . 4 - أَنْ يَكُونَ أَخْذُهُ، وَإِعْطَاؤُهُ حَلَالًا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رِشْوَةً بَلْ بَدَلَ إيجَارٍ وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي مِثَالِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ آخَرَ لِيَقُومَ لَهُ بِشُغْلٍ مَا لِوَقْتٍ الْمَسَاءِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَاسْتِخْدَامُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فِي شُغْلٍ آخَرَ مُبَاحٌ (الْخَانِيَّةُ) . حُرْمَةُ الرِّشْوَةِ - وَالرِّشْوَةُ حَرَامٌ شَرْعًا وَحُرْمَتُهَا ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قَوْله تَعَالَى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] وَتَصْدِيرُ الْخِطَابِ بِالنِّدَاءِ وَالتَّنْبِيهِ لِلِاعْتِنَاءِ بِمَضْمُونِ مَا وَرَدَ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْبَاطِلِ الْأَسْبَابُ الْمُخَالِفَةُ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَمْ يُبِحْهَا كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ، وَالْقِمَارِ وَعُقُودِ الرِّبَا {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا} [النساء: 30] أَيْ إفْرَاطًا فِي التَّجَاوُزِ عَنْ الْحَدِّ، وَإِتْيَانًا بِمَا لَا يَسْتَحِقُّهُ {فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30] (تَفْسِيرُ أَبِي السُّعُودِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي آيَةٍ جَلِيلَةٍ أُخْرَى {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42] أَيْ الْحَرَامِ كَالرِّشْوَةِ مِنْ (سَحَتَهُ) إذَا اسْتَأْصَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَسْحُوتُ الْبَرَكَةِ (الْقَاضِي) . السُّنَّةُ: قَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ حَدِيثُ «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ» وَالرَّاشِي: هُوَ الدَّافِعُ لِلرِّشْوَةِ. وَالْمُرْتَشِي: هُوَ الْأَخْذُ لَهَا. وَالرَّائِشُ: هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ شَرِيفٍ آخَرَ «وَقَبُولُ الْقَاضِي الرِّشْوَةَ كُفْرٌ» (الْجَامِعُ الصَّغِيرُ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي.» وَاللَّعْنَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الطَّرْدِ وَفِي الْعُرْفِ تُسْتَعْمَلُ فِي طَرْدِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - شَخْصًا مِنْ رَحْمَتِهِ فَإِذَا

كَانَ اللَّعْنُ مِنْ طَرَفِ اللَّهِ فَيُقْصَدُ بِهِ الْقَطْعُ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ، وَالْإِبْعَادُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ اللُّطْفِ وَالرَّحْمَةِ (شَرْحُ الْآمَالِ) فَإِذَنْ يَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَذْكُورِ أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ قَطَعَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ مِنْ الْخَيْرِ وَالتَّوْفِيقِ فِي الدُّنْيَا، وَأَبْعَدَهُ مِنْ اللُّطْفِ وَالْإِحْسَانِ فِي الْآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ فَأَخْذُ الرِّشْوَةِ، وَإِعْطَاؤُهَا مُحَرَّمٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (34) . فَالْجُرْأَةُ عَلَى هَذِهِ الْأَفْعَالِ الْبَاطِلَةِ وَالْبَاعِثَةِ لِلَّعْنَةِ شَرْعًا نَاشِئَةٌ عَنْ ظُلْمَةِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقَلْبِ الْمُسْتَنِيرِ يَسْتَنِيرُ بِهَدْيِ الْهِدَايَةِ فَيَنْظُرُ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ، وَمَنَعَ نَفْسَهُ فَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: إنَّ الدُّنْيَا ظِلٌّ زَائِلٌ وَخَيَالٌ بَاطِلٌ (الْعَيْنِيُّ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ) . إذْ إنَّ الدُّنْيَا غَيْرُ بَاقِيَةٍ لِأَحَدٍ وَمَالَ الدُّنْيَا لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] . وَقَدْ خَطَبَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلَكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ أَلَا هَلْ بَلَّغْت مَرَّتَيْنِ» (الْبُخَارِيُّ) لَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَانَقٌ وَلَهُ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ الدَّانَقَ، وَيُعْطَى لِصَاحِبِ الدَّانَقِ فِي دَانَقِهِ سَبْعُمِائَةِ صَلَاةٍ مَقْبُولَةٍ فَلَا يُرْضِيهِ بِذَلِكَ (تَذْكِرَةُ الْقُرْطُبِيِّ) . وَعِنْدَمَا مَرِضَ النَّبِيُّ 204، وَأَصْبَحَ غَيْرَ قَادِرٍ اتَّكَأَ عَلَى أَوْلَادِ عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَصَعِدَ إلَى الْمِنْبَرِ وَخَطَبَ قَائِلًا: أَيُّهَا النَّاسُ «مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ دَيْنٌ؟ ؟» . فَطَلَبَ مِنْهُ أَحَدُ النَّاسِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَأَدَّاهَا النَّبِيُّ لَهُ. إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالرِّشْوَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ حُكْمُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الرِّشْوَةَ أَوْ بَعْدَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. 1 - فَعَلَى قَوْلٍ إنَّ حُكْمَ الْقَاضِي صَحِيحٌ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ سَوَاءٌ فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا أَوْ الَّتِي لَمْ يَرْتَشِ فِيهَا وَبِأَخْذِ الرِّشْوَةِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِأَنَّ حَاصِلَ أَخْذِ الرِّشْوَةِ هُوَ فِسْقُ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّ فِسْقَ الْقَاضِي لَا يُوجِبُ انْعِزَالَهُ فَوِلَايَةُ الْقَاضِي بَاقِيَةٌ، وَإِذَا كَانَ قَضَاؤُهُ بِحَقٍّ يَلْزَمُ نَفَاذُ قَضَائِهِ 2 - وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي ارْتَشَى فِيهَا حَتَّى لَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ: بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَخَذَ رِشْوَةً وَحَكَمَ فَحُكْمُهُ غَيْرُ نَافِذٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ بِحَقٍّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحُكْمِ وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْحُكْمِ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي فِي " الْوَلْوَالِجِيَّةِ آدَابِ الْقَاضِي ".

(المادة 1797) لا يذهب القاضي إلى ضيافة أحد الخصمين

وَعَلَى قَوْلٍ ثَالِثٍ: إنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي الْمُرْتَشِي فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى الَّتِي حَكَمَ بِهَا وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ كَالْخَصَّافِ وَالطَّحْطَاوِيُّ الْمَذْكُورُ فِي الْمَادَّةِ " 1794 ". لَا يَمْلِكُ الْمُرْتَشِي الرِّشْوَةَ وَلَوْ قَامَ الْمُرْتَشِي بِالْأَمْرِ الَّذِي نَدَبَهُ إلَيْهِ الرَّاشِي تَمَامًا فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ مَالُ الرِّشْوَةِ مَوْجُودًا فَيُرَدُّ عَيْنًا وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَيُرَدُّ بَدَلًا وَإِذَا كَانَ الرَّاشِي تُوُفِّيَ فَيُرَدُّ إلَى وَرَثَتِهِ وَبِالْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَخْلِيصُ الْمُرْتَشِي مِنْ حُكْمِ الضَّمَانِ الدُّنْيَوِيِّ أَمَّا الْخَلَاصُ مِنْ الْحُكْمِ الْأُخْرَوِيِّ وَهُوَ الْأَهَمُّ وَاسْتِحْقَاقُ النَّارِ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ " الدُّرُّ الْمُنْتَقَى فِي الْغَصْبِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". كَذَلِكَ إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَشِي فَلَا يَمْلِكُ وَارِثُهُ الرِّشْوَةَ وَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا إلَى الرَّاشِي حَتَّى أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الرَّجُلُ الَّذِي كَسْبُهُ حَرَامٌ فَيَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ؛ أَنْ يَتَحَرَّوْا أَصْحَابَ ذَلِكَ الْمَالِ الْحَرَامِ فَيَرُدُّوهُ إلَيْهِمْ وَإِذَا لَمْ يَجِدُوهُمْ أَنْ يَتَصَدَّقُوا بِذَلِكَ الْمَالِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعِشْرِينَ فِي الْبُيُوعَاتِ الْمَكْرُوهَةِ ". ارْتِشَاءُ أَقْرِبَاءِ الْقَاضِي وَأَعْوَانِهِ، إذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاضِي أَوْ كَاتِبُهُ أَوْ بَعْضُ أَعْوَانِهِ رِشْوَةً فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِرِضَائِهِ فَهُوَ فِي حُكْمِ ارْتِشَاءِ الْقَاضِي وَنَفَاذُ الْحُكْمِ وَعَدَمُ نَفَاذِهِ الْمَبْنِيُّ عَلَى ذَلِكَ الِارْتِشَاءِ يَجْرِي فِيهِ الِاخْتِلَافُ الْمَارُّ ذِكْرُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْلَمُ بِارْتِشَاءِ هَؤُلَاءِ فَيَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي وَيَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُرْتَشِينَ أَنْ يَرُدُّوا الرِّشْوَةَ الَّتِي أَخَذُوهَا إلَى أَصْحَابِهَا " الشِّبْلِيُّ وَالْخَانِيَّةُ ". [ (الْمَادَّةُ 1797) لَا يَذْهَبُ الْقَاضِي إلَى ضِيَافَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1797) - (لَا يَذْهَبُ الْقَاضِي إلَى ضِيَافَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ) . لَا يَذْهَبُ الْقَاضِي إلَى ضِيَافَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ لِأَنَّ تِلْكَ الضِّيَافَةَ قَدْ أُدِّيَتْ لِلْقَاضِي وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْتَفِعَ بِأَمْوَالِ النَّاسِ بِلَا بَدَلٍ كَمَا أَنَّ ذَهَابَ الْقَاضِي إلَى ضِيَافَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ تُؤْذِي الْخَصْمَ الْآخَرَ وَتَكُونُ سَبَبًا لِلِارْتِيَابِ فِي الْقَاضِي " الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالْعِنَايَةُ وَالْفَتْحُ " وَيُفْهَمُ مِنْ مَنْعِ الضِّيَافَةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْمَنْعَ عَامٌّ سَوَاءٌ أَكَانَتْ ضِيَافَةُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً وَسَوَاءٌ أَكَانَ بَيْنَ الْقَاضِي وَأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ قَرَابَةٌ أَوْ كَانَتْ الْكُلْفَةُ مَرْفُوعَةً بَيْنَهُمَا. ذَهَابُ الْقَاضِي إلَى ضِيَافَةِ غَيْرِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ، لِلْقَاضِي أَنْ يَذْهَبَ إلَى ضِيَافَةِ غَيْرِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ إذَا كَانَتْ عَامَّةً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تُهْمَةٌ وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «فُكُّوا الْعَانِيَ وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ» الْبُخَارِيُّ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ " وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَيْدُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. أَمَّا إذَا كَانَتْ الضِّيَافَةُ خَاصَّةً فَلَا يَذْهَبُ الْقَاضِي لِأَنَّهَا تَكُونُ ضِيَافَةً لِلْقَاضِي وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا تَكُونُ كَلِمَةُ (مُتَخَاصِمَيْنِ) قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُضِيفَ لَا يَتْرُكُ الضِّيَافَةَ مَعَ عِلْمِهِ بِعَدَمِ حُضُورِ الْقَاضِي فَتَكُونُ الضِّيَافَةُ عَامَّةً وَإِلَّا فَخَاصَّةً وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُخْتَارُ وَقَدْ قَبِلَهُ قَاضِي خَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ ضِيَافَةَ الْوَلِيمَةِ وَالْخِتَانِ هِيَ عَامَّةٌ وَمَا عَدَاهَا فَخَاصَّةٌ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: إنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَسَنٌ

(المادة 1798) يجب على القاضي أن لا يعمل أعمالا تسبب التهمة وسوء الظن

مُسْتَثْنًى، إلَّا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ اثْنَيْنِ: أَوَّلًا: لَهُ أَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مَحْرَمِهِ ذِي الرَّحِمِ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمُضِيفِ قَرَابَةٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْإِجَابَةِ صِلَةَ رَحِمٍ (الزَّيْلَعِيّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُضِيفُ أَحَدَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ كَمَا بَيَّنَّا آنِفًا. ثَانِيًا: لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ الضِّيَافَةَ الْخَاصَّةَ لِمَنْ اعْتَادَ تَضْيِيفَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْهَدِيَّةِ اُنْظُرْ شَرْحَ مَادَّةِ (1796) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُضِيفِ قَضِيَّةٌ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا كَانَ الْمُضِيفُ اعْتَادَ تَضْيِيفَ الْقَاضِي قَبْلَ تَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً فَدَعَاهُ بَعْدَ تَوَلِّي الْقَضَاءِ فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً فَلَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ إذَا أَحْضَرَ طَعَامًا فِي الضِّيَافَةِ أَكْثَرَ مِنْ مُعْتَادِهِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ تَزَايَدَ مَالُ الْمُضِيفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ذَهَابُ الْقَاضِي إلَى عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَشُهُودِ الْجِنَازَةِ، وَتَعْبِيرُ الضِّيَافَةِ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ شُهُودِ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ إذْ لِلْقَاضِي شُهُودُ الْجِنَازَةِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمْكُثُ فِي مَحَلِّ الزِّيَارَةِ وَقْتًا كَثِيرًا وَلَكِنْ مِنْ اللَّائِقِ إذَا كَانَ الْمَرِيضُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ أَنْ لَا يَذْهَبَ إلَى عِيَادَتِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . [ (الْمَادَّةُ 1798) يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَعْمَلَ أَعْمَالًا تُسَبِّبُ التُّهْمَةَ وَسُوءَ الظَّنِّ] الْمَادَّةُ (1798) - (يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَعْمَلَ أَعْمَالًا تُسَبِّبُ التُّهْمَةَ وَسُوءَ الظَّنِّ كَقَبُولِهِ دُخُولَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إلَى بَيْتِهِ، وَالِاخْتِلَاءِ مَعَ أَحَدِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَالْإِشَارَةِ لِأَحَدِهِمَا بِالْيَدِ أَوْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالرَّأْسِ، أَوْ التَّكَلُّمِ مَعَ أَحَدِهِمَا كَلَامًا خَفِيًّا، أَوْ تَكَلُّمِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا بِلِسَانٍ لَا يَفْهَمُهُ الْآخَرُ) . يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَعْمَلَ أَعْمَالًا تُسَبِّبُ التُّهْمَةَ وَسُوءَ الظَّنِّ كَقَبُولِ دُخُولِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إلَى بَيْتِهِ، وَالِاخْتِلَاءِ مَعَ أَحَدِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ فِي مَحَلٍّ آخَرَ، وَالْإِشَارَةِ لِأَحَدِهِمَا بِالْيَدِ أَوْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالرَّأْسِ أَوْ التَّكَلُّمِ مَعَ أَحَدِهِمَا كَلَامًا خَفِيًّا، أَوْ تَكَلُّمِهِ مَعَ أَحَدِهِمَا بِلِسَانٍ لَا يَفْهَمُهُ الْآخَرُ، أَوْ بِالْقِيَامِ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِالضَّحِكِ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِإِرْشَادِ أَحَدِهِمَا أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ مِيلٌ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَجَوْرٌ عَلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يُسَبِّبُ انْكِسَارَ قَلْبِ الْخَصْمِ الْآخَرِ إذْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا رَأَى مِيلَ الْقَاضِي إلَى خَصْمِهِ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ دَعْوَاهُ وَيُوجِبُ ذَلِكَ ضَيَاعَ حَقِّهِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ والولوالجية) . إلَّا أَنَّهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَزُورَ الْأَشْخَاصَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ عِنْدَهُ قَضَايَا وَأَنْ يَقْبَلَهُمْ فِي بَيْتِهِ فِي شَأْنِ مَصَالِحِهِمْ الْأُخْرَى. ضِيَافَةُ الْقَاضِي لِلْمُتَخَاصَمَيْنِ: بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ. يَقْبَلَ أَحَدًا فِي بَيْتِهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَلَيْسَ لَهُ قَبُولُ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ بِلَا دَعْوَةٍ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعُوهُمَا وَيُضَيِّفَهُمَا فِي بَيْتِهِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) أَمَّا إذَا أَضَافَ الْقَاضِي الْخَصْمَيْنِ مَعًا وَقَبِلَهُمَا فِي بَيْتِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

(المادة 1799) القاضي مأمور بالعدل بين الخصمين

لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَصِيحَ فِي وَجْهِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَمَّا إذَا تَجَرَّأَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَلَى إسَاءَةِ الْأَدَبِ فَلِلْقَاضِي تَأْدِيبُهُ وَتَعْزِيرُهُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَشَاتَمَ الْمُتَخَاصِمَانِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَلَمْ يَنْتَهِيَا بِنَهْيِهِ فَالْقَاضِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَبَسَهُمَا تَعْزِيرًا وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُمَا. أَمَّا إذَا شَتَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْآخَرَ وَتَكَلَّمَ بِحَقِّهِ كَلَامًا مُخِلًّا بِالنَّامُوسِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَعْزِيرُ الشَّاتِمِ مَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَشْتُومُ وَيَدَّعِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا التَّعْزِيرَ هُوَ مِنْ حَقِّ الْمَشْتُومِ وَيُشْتَرَطُ فِي حُقُوقِ النَّاسِ سَبْقُ الدَّعْوَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1829) (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . تَعْلِيمُ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَتَلْقِينُ الشَّهَادَةِ. إذَا أَمَرَ الْقَاضِي اثْنَيْنِ بِتَعْلِيمِ الطَّرَفَيْنِ دَعْوَاهُمَا وَخُصُومَتَهُمَا فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفَتْحُ) كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَلْقِينُ الشَّاهِدِ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعِلْمِ فِيهَا لَا تُفِيدُ (الْفَتْحُ) . إذَا اسْتَوْلَتْ الْحِيرَةُ وَالْهَيْبَةُ عَلَى الشَّاهِدِ فَتَرَكَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ كَعَدَمِ ذِكْرِهِ لَفْظَةَ أَشْهَدُ فَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لَهُ هَلْ تَشْهَدُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1689) إلَّا أَنَّ جَوَازَ هَذَا التَّلْقِينِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي مَوْضِعِ تُهْمَةٍ، وَالتَّلْقِينُ فِي مَوْضِعِ تُهْمَةٍ غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ (الْفَتْحُ) مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ فَبِمَا أَنَّ شَهَادَتَهُ سَتُرَدُّ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1708) فَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ بِقَوْلٍ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَفَادَ الشَّاهِدُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: نَعَمْ إنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَدْ بَقِيَ لِلْمُدَّعِي أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالتَّلْقِينُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَلْقِينُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . تَكَلُّمُ أَعْوَانِ الْقَاضِي مَعَ الطَّرَفَيْنِ كَلَامًا خَفِيًّا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَعْوَانُ الْقَاضِي أَيْ كَتَبَتُهُ وَخَدَمَتُهُ مَعَ الطَّرَفَيْنِ بِشَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ دَعْوَاهُمَا وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَلَّا يَتَكَلَّمَ مَعَ الطَّرَفَيْنِ فِي خُصُوصِ دَعْوَاهُمَا خَارِجَ مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية) . قَبُولُ الْقَاضِي الِاسْتِدْعَاءَ: لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ أَثْنَاءَ التَّدَاعِي وَالْمُرَافَعَةِ اسْتِدْعَاءً مِنْ أَحَدٍ وَلَهُ قَبُولُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ، وَلَا يَأْخُذُ بِمَا فِيهِ إلَّا إذَا أَقَرَّ صَرِيحًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . [ (الْمَادَّةُ 1799) الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ] الْمَادَّةُ (1799) - (الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحَاكَمَةِ كَإِجْلَاسِ الطَّرَفَيْنِ وَإِحَالَةِ النَّظَرِ وَتَوْجِيهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ مَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْآخَرُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ) الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ: قَدْ بُيِّنَ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ لِلْعَدْلِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ يُنَاسِبُ مَعْنَيَانِ مِنْ مَعَانِي الْعَدْلِ.

الْأَوَّلُ: الْعَدْلُ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ إذْ يُقَالُ: قَسَمُوا بَيْنَهُمْ عَلَى الْعَدْلِ أَيْ عَلَى الْمُسَاوَاةِ. وَتَفْرِيعُ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلُ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ إذْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إذَا اُبْتُلِيَ أَحَدُكُمْ بِالْقَضَاءِ فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي الْجُلُوسِ النَّظَرِ وَالْإِشَارَةِ وَلَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ» وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَرْسَلَهُ الْخَلِيفَةُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى الْقُضَاةِ فِي زَمَانِهِ أَنْ آسِ بَيْنَ النَّاسِ فِي وَجْهِك وَعَدْلِك وَمَجْلِسِك حَتَّى لَا يَطْمَعَ شَرِيفٌ فِي حَيْفِك وَلَا يَيْأَسَ ضَعِيفٌ مِنْ عَدْلِك (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . كَمَا أَنَّ عَدَمَ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ يُوجِبُ كَسْرَ قَلْبِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إذْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ تَوَجَّهَ إلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ يُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يَتَجَرَّأَ عَلَى خَصْمِهِ وَيَكُونَ مِنْ نَتِيجَتِهِ انْكِسَارُ هِمَّةِ الْخَصْمِ وَضَيَاعُ حَقِّهِ فِي النَّتِيجَةِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالزَّيْلَعِيُّ) . وَقَدْ وَرَدَ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44] وَفِي ذَلِكَ نَهْيٌ لِلْقُضَاةِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْعِبَادِ وَمِنْ مُرَاعَاةِ الْخَاطِرِ وَالْمُدَاهَنَةِ (الْقَاضِي) . بِنَاءٌ عَلَيْهِ يَلْزَمُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُحَاكَمَةِ كَإِجْلَاسِ الطَّرَفَيْنِ وَإِحَالَةِ النَّظَرِ وَتَوْجِيهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ مَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْآخَرُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبًا وَالْآخَرُ وَلَدَهُ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرَ السِّنِّ وَالْآخَرُ كَبِيرَهُ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَإِذَا رَاعَى الْقَاضِي الْمُسَاوَاةَ التَّامَّةَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فَلَا يَأْمُلُ الشَّرِيفُ مِيلَ الْقَاضِي إلَى جَانِبِهِ لِشَرَفِهِ وَوَجَاهَتِهِ كَمَا أَنَّ آحَادَ النَّاسِ لَا يَخَافُ عَنْ أَنْ يَجُورَ بِهِ الْقَاضِي لِضَعْفِهِ بِالْتِزَامِ خَصْمِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَتَّصِلُ الْجَمِيعُ بِحُقُوقِهِمْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ أَيْ أَنْ يُبْدِيَ رَأْيًا لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي يَتَخَاصَمَانِ بِهَا وَلِذَلِكَ قَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1815) مِنْ الْمَجَلَّةِ (أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُفْشِي رَأْيَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ) وَإِنَّ إرَاءَةَ الْقَاضِي الطَّرِيقَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِقَوْلِ ادَّعِ كَذَا أَوْ اُطْلُبْ كَذَا غَيْرُ جَائِزٍ وَمَكْرُوهٌ وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ فِي غَيْرِهِ لِغَيْرِ الْخَصْمَيْنِ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَقَائِدِ أَوْ فِي الْمُعَامَلَاتِ أَيْ أَنَّ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ لِلسَّائِلِ الْمَسْأَلَةَ الشَّرْعِيَّةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُومَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَمَّا إذَا أَقَامَ لِكِلَيْهِمَا فَجَائِزٌ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُجْلِسَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إلَى يَمِينِهِ وَأَنْ يُجْلِسَ الْآخَرَ إلَى يَسَارِهِ لِأَنَّ جِهَةَ الْيَمِينِ تُرَجَّحُ عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ فَيَكُونُ قَدْ أَخَلَّ بِوَاجِبِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا الشَّرَفِ فَقَدْ خَصَّصَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جِهَةَ الْيَمِينِ لِلصَّحَابِيِّ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. الْمَوْقِعُ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الطَّرَفَانِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَصُورَةِ جُلُوسِهِمَا: عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَجْلِسَ الطَّرَفَيْنِ أَمَامَهُ فِي مَوْقِعٍ قَرِيبٍ يَسْتَطِيعُ بِهِ سَمَاعَ صَوْتِهِمَا الْعَادِي بِدُونِ

أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا لَأَنْ يَنْصِتَ بِاهْتِمَامٍ أَوْ يَحْتَاجَ لِرَفْعِ الصَّوْتِ وَهَذَا يُقَدَّرُ بِمَسَافَةِ ذِرَاعَيْنِ وَيَمْنَعُ الْقَاضِي الطَّرَفَيْنِ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِمَا فَلَا يُجْلِسُهُمَا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ لِلْقَاضِي مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَكُونُ فِي جُلُوسِهِمَا مُسَاوَاةٌ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْعِنَايَةُ وَالْفَتْحُ) . يَجِبُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ أَنْ يَجْلِسَا فِي حُضُورِ الْقَاضِي كَجُلُوسِ الْمُصَلِّي حِينَ التَّشَهُّدِ فَإِذَا أَرَادَا الْجُلُوسَ مُتَرَبِّعَيْنِ أَوْ بِصُورَةٍ أُخْرَى فَلِلْقَاضِي مَنْعُهُمَا تَعْظِيمًا لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وُقُوفُ الْمُتَخَاصِمِينَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي زَمَانِنَا وَقَدْ حَدَثَ ذَلِكَ مُؤَخَّرًا لِظُهُورِ الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ وَإِنَّ النَّاسَ فِي أَحْوَالِهِمْ وَآدَابِهِمْ مُخْتَلَفُونَ وَقَدْ ظَهَرَ فِي هَذَا الزَّمَنِ بَعْضُ أُمُورٍ وَظَهَرَ بَعْضُ السُّفَهَاءِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا يُجْلِسُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْجُلُوسَ وَيُوقِفُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْوُقُوفَ وَيُعْطِي كُلَّ إنْسَانٍ مَا يَسْتَحِقُّ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ هَذَا أَنَّ لِلْقَاضِي إجْلَاسَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَإِيقَافَ الْخَصْمِ الْآخَرِ. فَإِذَا سَاوَى الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَأَصْدَرَ حُكْمَهُ بِحَقٍّ فَلَا يُؤَاخَذُ إذَا مَالَ قَلْبُهُ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ (الزَّيْلَعِيّ) أَيْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا. الثَّانِي: الْعَدْلُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْجَوْرِ وَهُوَ إجْرَاءُ الْأَمْرِ وَالْحَالِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِي تُوجِبُهُ النُّفُوسُ وَالْعُقُولُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فَهُوَ مَجْبُورٌ أَنْ يَحْكُمَ لِمَنْ لَهُ الْحَقُّ. وَلِذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَخَافَ اللَّهَ أَحْكَمَ الْحَاكِمِينَ وَالْعَزِيزَ ذَا الِانْتِقَامِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِالْحَقِّ فَلَا يَتَّبِعَ هَوَاهُ أَوْ يُرَاعِيَ مَثَلًا خَاطِرَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَلْدَتِهِ أَوْ أَنْ يَخَافَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ النُّفُوذِ ذَوِي السَّيْطَرَةِ فَيَحْكُمَ بِتَأْثِيرِ ذَلِكَ. يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَحْذَرَ لَوْمَ لَائِمٍ أَوْ طَعْنَ طَاعِنٍ وَأَنْ لَا يَرْغَبَ فِي شَيْءٍ وَأَنْ لَا يُرَاعِيَ خَاطِرَ أَحَدٍ فَلَا يَنْحَرِفُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ عَنْ إجْرَاءِ الْعَدْلِ وَأَنْ لَا يَطْرِقَ طَرِيقَ التَّحَيُّزِ وَيَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ مُرَجِّحًا فِي حُكْمِهِ طَاعَةَ الرَّبِّ وَطَمَعًا فِي جَزِيلِ الثَّوَابِ وَهَرَبًا مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ وَأَنْ يَتَّبِعَ الْحِكْمَةَ. وَبِمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَفِي أَمْرِ الْعَدْلِ فَيَجِبُ الْحُكْمُ عِنْدَ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ لِلطَّرَفِ الْمُحِقِّ مِنْهُمَا. وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى مُسْلِمٍ قَتَلَ ذِمِّيًّا بِالْقِصَاصِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . احْتِرَامُ الْقَاضِي، يَجِبُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَحْتَرِمَا الْقَاضِي الْحُرْمَةَ اللَّائِقَةَ وَأَنْ يَجْتَنِبَا الْأَفْعَالَ وَالْأَقْوَالَ الْمُخِلَّةَ بِالْآدَابِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لِلْقَاضِي (قَدْ حَكَمْت لِخَصْمِي لِأَنَّك أَخَذْت رِشْوَةً مِنْهُ) فَالْقَاضِي يُعَزِّرُهُ.

الفصل الثالث في بيان وظائف القاضي

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ وَظَائِفِ الْقَاضِي] [ (الْمَادَّةُ 1800) الْقَاضِي وَكِيلٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ] الْمَادَّةُ (1800) - (الْقَاضِي وَكِيلٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ بِإِجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ) . فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَيَّنَ الْقَاضِي بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ وَحَقُّ عَزْلِ وَنَصْبِ الْقَاضِي هُوَ لِلسُّلْطَانِ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى أَوْ لِمَنْ يَأْذَنُهُ السُّلْطَانُ بِذَلِكَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1587) وَإِنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي يُنَصَّبُ مِنْ طَرَفِ شَخْصٍ مَأْذُونٍ بِنَصْبِ الْقَاضِي يُعْتَبَرُ نَصْبُهُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (1805 و 1809) أَلَا يَرَى أَنَّ الْوَكَالَةَ بِتَوْكِيلِ آخَرَ صَحِيحَةٌ كَمَا ذَكَر ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) كَمَا أَنَّ الْوَكِيلَ الَّذِي يُوَكَّلُ مِنْ وَكِيلٍ يَكُونُ وَكِيلَ الْمُوَكِّلِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1466) وَلَا يَكُونُ وَكِيلَ الْوَكِيلِ. وَكَوْنُ الْقَاضِي وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ فِي إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي دَعْوَى لِلسُّلْطَانِ أَوْ عَلَى السُّلْطَانِ حَتَّى إنَّ الْقَضِيَّةَ الَّتِي تَكَوَّنَتْ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيدِ وَبَيْنَ نَصْرَانِيٍّ قَدْ فُصِلَتْ مِنْ طَرَفِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ هَارُونَ الرَّشِيدِ وَحَكَمَ فِيهَا عَلَى هَارُونَ الرَّشِيدِ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ شُرَيْحًا قَدْ فَصَلَ فِي الْقَضِيَّةِ الَّتِي تَكَوَّنَتْ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَبَيْنَ يَهُودِيٍّ وَحَكَمَ فِي نَتِيجَةِ الدَّعْوَى عَلَى عَلِيٍّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَتَفَرَّعُ عَلَى كَوْنِ الْقَاضِي وَكِيلًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إنَّ الْوَكَالَةَ تَتَقَيَّدُ وَتَتَخَصَّصُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 1456 وَالْقَضَاءُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ أَيْضًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. 2 - كَمَا أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ 1521 فَلِلسُّلْطَانِ أَيْضًا أَنْ يَعْزِلَ الْقَاضِيَ سَوَاءٌ وُجِدَتْ أَسْبَابٌ لِلْعَزْلِ كَفِسْقِ الْقَاضِي أَوْ ارْتِشَائِهِ أَوْ ظُلْمِهِ أَوْ لَمْ تُوجَدْ كَمَا أَنَّ لِلسُّلْطَانِ عَزْلَ الْقَاضِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَا أَهْلِيَّةٍ أَكْثَرَ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 3 - لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مِنْ الْوَكَالَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1522 و 1523) كَذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَقِيلَ مِنْ الْقَضَاءِ وَيَنْعَزِلَ مِنْ الْقَضَاءِ حِينَ اطِّلَاعِ السُّلْطَانِ عَلَى اسْتِقَالَتِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمَلِكُ عَلَى الِاسْتِقَالَةِ. مُسْتَثْنًى، يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ 1527 أَمَّا الْقَاضِي فَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ وَالْفَرْقُ هُوَ: تَصَرُّفَاتُ السُّلْطَانِ هَذِهِ هِيَ لِلْعُمُومِ وَلِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَبِوَفَاتِهِ لَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ الْقَاضِي أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَهُوَ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ فَبِوَفَاتِهِ يَسْقُطُ حَقُّهُ فَوَجَبَ انْعِزَالُ وَكِيلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1801) الْقَضَاءُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ] الْمَادَّةُ (1801) - (الْقَضَاءُ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ، مَثَلًا الْقَاضِي الْمَأْمُورُ بِالْحُكْمِ مُدَّةَ سَنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَطْ

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَ مُرُورِهَا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ فِي قَضَاءٍ يَحْكُمُ فِي جَمِيعِ مَحَلَّاتِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ، وَالْقَاضِي الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحْكَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ الْمَحْكَمَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِأَنْ لَا تُسْمَعَ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ لِمُلَاحَظَةٍ عَادِلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ بِهَا، أَوْ كَانَ الْقَاضِي بِمَحْكَمَةٍ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ مَا عَدَا ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَسْمَعَ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي أَذِنَ بِهَا فَقَطْ وَأَنْ يَحْكُمَ فِيهَا وَلَيْسَ لَهُ اسْتِمَاعُ مَا عَدَاهَا وَالْحُكْمُ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِالْعَمَلِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ فِي خُصُوصٍ لِمَا أَنَّ رَأْيَهُ بِالنَّاسِ أَرْفَقُ وَلِمَصْلَحَةِ الْعَصْرِ أَوْفَقُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ مُنَافٍ لِرَأْيِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ، وَإِذَا عَمِلَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) . يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ الْقَضَاءُ بِصُوَرٍ خَمْسٍ: بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَبِبَعْضِ الْخُصُوصَاتِ، وَبِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ فِي الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ لِإِجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَالْوَكَالَةُ تَتَقَيَّدُ بِالْقَيْدِ وَالشَّرْطِ الَّذِي يُقَيِّدُهَا الْمُوَكِّلُ إنَّ الْمَادَّةَ الْآنِفَةَ هِيَ بِحُكْمِ السَّبَبِ وَالْعِلَّةِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّ الْقَضَاءَ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (83) . تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِالزَّمَانِ، مَثَلًا الْقَاضِي الْمَأْمُورُ بِالْحُكْمِ بِمُدَّةِ سَنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ تِلْكَ السَّنَةِ فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا قَبْلَ حُلُولِ السَّنَةِ، وَيُنَصَّبُ فِي زَمَانِنَا قُضَاةٌ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ مُحَرَّمِ تِلْكَ السَّنَةِ كَمَا أَنَّ نُوَّابَ الشَّرْعِ بِتَارِيخِ هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ نَصْبُهُمْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ أَنَّهُ فِي سَنَةِ كَذَا فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا يُوَجِّهُ نِيَابَةَ قَضَاءِ الْمَدِينَةِ الْفُلَانِيَّةِ إلَى شَخْصٍ وَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَمَّا الْآنَ فَقَدْ رُفِعَ التَّوْقِيتُ وَأَصْبَحَ يُوَجَّهُ الْقَضَاءُ مُنَجَّزًا. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ مُرُورِ تِلْكَ السَّنَةِ فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ بِمُرُورِ السَّنَةِ قَدْ انْعَزَلَ عَنْ الْقَضَاءِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقَيَّدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْقَضَاءُ بَاطِلًا بَعْدَ مُرُورِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ قَضَاءَ الْحَرَمَيْنِ يُقَيَّدُ فِي زَمَانِنَا بِاعْتِبَارِ مَبْدَأِ التَّعْيِينِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِاعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ.

سَبَبُ تَوْقِيتِ الْقَضَاءِ، إنَّ سَبَبَ تَوْقِيتِ الْقَضَاءِ هُوَ كَمَا بَيَّنَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَبَيَّنْت نُبْذَةً مِنْهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ " 1792 و 1793 ". لِأَنَّهُ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْقُضَاةُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَدِ الطُّولَى فِي الْعُلُومِ الْعَدِيدَةِ فَإِذَا اشْتَغَلَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ بِأُمُورِ الْقَضَاءِ دَائِمًا فَلَا يَتَّسِعُ وَقْتُهُمْ لِتَتَبُّعِ الْعُلُومِ الْأُخْرَى وَالِاشْتِغَالِ بِهَا فَيَنْتُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَطْرَأَ ضَعْفٌ عَلَى عِلْمِهِمْ بِالْعُلُومِ الْأُخْرَى مَا عَدَا عِلْمَ الْفِقْهِ فَلِذَلِكَ رُئِيَ مِنْ الْمُوَافِقِ أَنْ يَشْتَغِلَ هَؤُلَاءِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فِي الْقَضَاءِ وَأَنْ يَعُودُوا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى تَدْرِيسِ الْعُلُومِ الْأُخْرَى حَتَّى أَنَّهُ كَانَ فِي السَّابِقِ فِي زَمَنِ الْحُكْمِ الْعُثْمَانِيِّ يُعْتَنَى الِاعْتِنَاءُ الزَّائِدُ فِي تَقْلِيدِ الْقَضَاءِ إلَى أَصْحَابِ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ فَيُقَلَّدُ الْقَضَاءُ لِلْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ وَالصُّلَحَاءِ الْمُحْتَرَمِينَ مِمَّنْ كَانَ مُسْتَجِيزًا وَمُجِيزًا لِلْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْفُنُونِ الَّتِي لَا تُحْصَى، وَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَفَاضِلُ يَعْتَذِرُونَ عَنْ قَبُولِ الْقَضَاءِ حَتَّى لَا يُحْرَمُونَ مِنْ الْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالْفُنُونِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَلِذَلِكَ كَانَ يُقَلَّدُ الْقَضَاءُ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ لِمُدَّةٍ مُوَقَّتَةٍ حَتَّى يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ لِأَهْلِهِ وَمُسْتَحِقِّهِ وَلِإِجَابَةِ طَلَبِ أَصْحَابِ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ مِنْهُمْ لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعُلُومِ وَالْفُنُونِ وَإِلَّا فَتَوْجِيهُ الْقَضَاءِ بِدُونِ تَوْقِيتٍ لَيْسَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ 1818 أَنَّ الْقَاضِيَ شُرَيْحًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ اشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ مُدَّةَ ثَمَانِينَ سَنَةً كَمَا أَنَّهُ فِي هَذَا الزَّمَنِ يُوجَدُ قُضَاةٌ قَدْ اشْتَغَلُوا فِي الْقَضَاءِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سَنَوَاتٍ بِلَا عَزْلٍ حَتَّى إنَّ حَضْرَةَ وَالِدِي الْمُبَجَّلِ الَّذِي كَانَ مِنْ أَفَاضِلِ الْعُلَمَاءِ وَأَكَابِرِ الصُّلَحَاءِ الْحَاجِّ مُحَمَّدُ أَمِينٍ أَفَنْدِي الْمُدَرِّسِ الْعَامِّ فِي جَامِعِ بايزيد قَدْ عُيِّنَ فِي سَنَةِ 1304 لِأُمُورِ الشَّرْعِ بأزمير وَقَدْ خَدَمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، بِلَا انْفِصَالٍ، تِلْكَ الْوَظِيفَةُ بِكَمَالِ الِاسْتِقَامَةِ كَالْوَظَائِفِ الَّتِي خَدَمَهَا فِي السَّابِقِ. وَفِي زَمَانِنَا يُوجَدُ مَدْرَسَةٌ خَاصَّةٌ تُدَرَّسُ. فِيهَا الْعُلُومُ الْمُقْتَضِيَةُ لِهَذِهِ الْمَنَاصِبِ الْقَضَائِيَّةِ بِمَا فِيهِ عِلْمُ الْفِقْهِ وَيُعَيَّنُ خِرِّيجُ الْمَدَارِسِ قَاضِيًا فَلَمْ يَبْقَ سَبَبٌ لِتَوْقِيتِ الْقَضَاءِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ تَوَلَّدَ مِنْ تَوْقِيتِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ فَلِذَلِكَ رُفِعَ التَّوْقِيتُ بِتَارِيخِ سَنَةِ 1331 وَكَانَ الْقَاضِي يَبْقَى فِي وَظِيفَتِهِ مُسْتَمِرًّا مَا دَامَ يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهَا. كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي الَّذِي يُعَيِّنُ لِيَحْكُمَ فِي يَوْمَيْنِ فِي الْأُسْبُوعِ أَنْ يَحْكُمَ فِي أَيَّامٍ أُخْرَى. تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِالْمَكَانِ: وَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ فِي قَضَاءٍ يَحْكُمُ فِي جَمِيعِ مَحَلَّاتِ ذَلِكَ الْقَضَاءِ إذْ أَنَّ الْمَصِيرَ لَيْسَ بِشَرْطِ نَفَاذِ الْقَضَاءِ فَلِذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي الْقُرَى الدَّاخِلَةِ ضَمِنَ قَضَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ وَهَذَا الْمِثَالُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِثَالٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ قَاضِي بَلْدَةٍ إلَى قَصَبَةٍ غَيْرِ تَابِعَةٍ لِلْقَضَاءِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ فِي قَضِيَّةٍ تَتَعَلَّقُ

بِأَحَدِ أَفْرَادِ أَهَالِي الْقَضَاءِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْلًى أَوْ حَكَمًا فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَلَا يَنْفُذُ، وَفِي زَمَانِنَا جَمِيعُ الْقَضَاءِ مُقَيَّدٌ بِالْمَكَانِ وَقَدْ قَصَرَ وَخَصَّصَ وِلَايَةَ كُلِّ قَاضٍ مِنْ الشَّرْعِ بِقَضَاءٍ مَخْصُوصٍ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِقَاضِي قَضَاءٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ. مَثَلًا لِقَاضِي دِمِشْقَ أَنْ يَحْكُمَ فِي دِمَشْقَ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الْقَضَاءِ الْمُلْحَقِ بِمَرْكَزِ الْوِلَايَةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الْأَلْوِيَةِ الْمُلْحَقَةِ بِالْوِلَايَةِ كَمَا أَنَّ قَاضِي قَضَاءَ حِمْصَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ ضَمِنَ قَضَاءِ حِمْصَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي قَضَاءِ حَمَاةَ. مُسْتَثْنًى - إذَا صَدَرَ حُكْمٌ مِنْ قَاضٍ وَنَقَضَ الْحُكْمَ تَمْيِيزًا وَعَهِدَ بِفَصْلِ الْقَضِيَّةِ إلَى قَاضٍ آخَرَ بِمُوجَبِ حُكْمِ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ حَيْثُ قَدْ صَدَرَتْ الْإِرَادَةُ السُّنِّيَّةُ بِذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُفَصِّلًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (849) . الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ فِي مُحْكَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَحْكُمُ فِي تِلْكَ الْمَحْكَمَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَا يُوجَدُ تَقْيِيدٌ فِي زَمَانِنَا مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيدِ الْوَارِدِ فِي هَذَا الْمِثَالِ. تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ: لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِأَنْ لَا تُسْمَعَ الدَّعْوَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ لِمُلَاحَظَةٍ عَادِلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ بِهَا فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَلِذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِ نَهْيٍ عَنْ رُؤْيَةِ تِلْكَ الدَّعْوَى فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ النَّهْيَ فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 9 (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَهَذِهِ الْخُصُوصَاتُ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: خُصُوصَاتٌ عَامَّةٌ، وَإِنَّ الْمَادَّةَ 1660 وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَيْثُ قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي تَرَكَتْ عَشْرَ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهَذَا عَامٌّ مَهْمَا كَانَ الطَّرَفَانِ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ خُصُوصَاتٌ عَامَّةٌ بِاعْتِبَارِ الطَّرَفَيْنِ. مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ تَقْيِيدِ الْقَضَاءِ بِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ: 1 - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي أَطْلُبُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَقْرَضْت لَك قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي لَا أَسْمَعُ دَعْوَاك وَيَرُدُّ دَعْوَاهُ فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَةً مِنْ الْمُدَّعِي بِدَاعِي عَدَمِ ادِّعَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وُجُودَ مُرُورِ الزَّمَانِ الْمَانِعِ مِنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَحَكَمَ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ حُكْمُهُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي بِاعْتِبَارِهِ قَاضِيًا أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ الْخَصْمَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى بِاعْتِبَارِهِ حَكَمًا (الْحَمَوِيُّ) لِأَنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى الَّتِي فِيهَا مُرُورُ زَمَنٍ هُوَ وَاقِعٌ بِالْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ وَهَذَا الْمَنْعُ هُوَ خَاصٌّ فِي حَقِّ الْقَاضِي وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْحَكَمِ. 2 - قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ تَسْجِيلِ وَقْفِ الْمَدِينِ بِإِرَادَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَلِذَلِكَ إذَا وَقَفَ مَدِينٌ مَالَهُ وَلَوْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ بِقَصْدِ تَهْرِيبِ أَمْلَاكِهِ مِنْ دَائِنِيهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ يَكْفِي لِأَدَاءِ دَيْنِهِ فَلِلدَّائِنِينَ

أَنْ يَطْلُبُوا مِنْ الْقَاضِي. نَقْضَ الْوَقْفِ وَأَنْ يَسْتَوْفُوا مَطْلُوبَهُمْ مِنْ تِلْكَ الْأَمْلَاكِ فَإِذَا لَمْ يَنْقُضْ الْقَاضِي الْوَقْفَ وَحَكَمَ بِلُزُومِهِ وَسَجَّلَهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ تَسْجِيلُهُ 3 - قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمُوَاضَعَةِ وَالِاسْمِ الْمُسْتَعَارِ فِي الْعَقَارَاتِ أَيْ فِي الْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ وَالْمُسْتَغِلَّات وَالْمُسْقَفَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَقَبِلَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعِي عَلَى كَوْنِ الْفَرَاغِ مُوَاضَعَةً وَحَكَمَ الْقَاضِي بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ بِأَنَّ الْفَرَاغَ مُوَاضَعَةٌ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ وَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْمُوَاضَعَةِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. 4 - قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ. سَمَاعِ دَعْوَى الْفَرَاغِ بِالْوَفَاءِ فِي الْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ وَفِي الْأَرَاضِيِ الْوَقْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ التَّخْصِيصَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُدْرَجًا شَرْطُ الْوَفَاءِ فِي سَنَدِ الْفَرَاغِ وَهَذَا الْمَنْعُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ الصَّادِرَةِ فِي 26 صَفَرٍ سَنَةَ 1278 فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَقَبِلَ الْبَيِّنَةَ أَوْ حَلِفَ الْيَمِينِ وَحَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ 5 - لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْفَرَاغِ مَجَّانًا بِشَرْطِ الْإِعَاشَةِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُدْرَجًا فِي السَّنَدِ فَإِذَا كَانَ مُدْرَجًا فَالدَّعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَهَذَا الْمَنْعُ مُسْتَنِدٌ عَلَى الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ الصَّادِرَةِ فِي 18 صَفَرَ سَنَةَ 1306 وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ سُمِعَتْ الدَّعْوَى مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فِي سَنَدِ الْفَرَاغِ وَحَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ. - قَدْ مُنِعَ الْقُضَاةُ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى فَرَاغِ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ مَجَّانًا بِشَرْطِ الْإِعَاشَةِ. 7 - لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الرَّهْنِ وَالشَّرْطِ وَالْوَفَاءِ وَالِاسْتِغْلَالِ غَيْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي السَّنَدِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ مِلْكَهُ قَطْعِيًّا وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَ سَنَدَ مُبَايَعَةٍ عَلَى الْأُصُولِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ رَهْنًا أَوْ كَانَ وَفَاءً أَوْ اسْتِغْلَالًا أَوْ كَانَ بِشَرْطِ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّةِ 19 مِنْ نِظَامِ الْأَمْلَاكِ كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ دَعَاوَى أُخْرَى مُنَوَّعَةٌ قَدْ بَيَّنَتْ فِي شَرْحِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الدَّعْوَى أَوْ كَانَ الْقَاضِي بِمَحْكَمَةٍ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ بَعْضِ الْخُصُوصَاتِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَهُ أَنْ يَسْمَعَ الْخُصُوصَاتِ الَّتِي أَذِنَ بِهَا وَأَنْ يَحْكُمَ فِيهَا فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِمَاعُ مَا عَدَاهَا أَيْ غَيْرَ الْمَأْذُونِ بِاسْتِمَاعِهَا وَالْحُكْمِ بِهَا. وَمَحْكَمَةُ الْأَوْقَافِ وَمَحْكَمَةُ الْقَسَّامِ الْمُشَكَّلَتَانِ فِي الْآسِتَانَة فِي الْعَهْدِ الْعُثْمَانِيِّ هُمَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَمْ يُمْنَعْ قُضَاةُ الشَّرْعِ فِي الْوِلَايَاتِ الْعُثْمَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ أَيِّ قَضِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِنْ يَكُنْ قَدْ صَدَرَ فِي 25 رَمَضَانَ سَنَةَ 1292 أَمْرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَرَارٍ مِنْ شُورَى الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بِلُزُومِ رُؤْيَةِ دَعَاوَى الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ فِي مَجَالِسَ أُخْرَى إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ قَيْدٌ يَمْنَعُ قُضَاةَ الشَّرْعِ مِنْ سَمَاعِ تِلْكَ الدَّعَاوَى بِالصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ يَمْنَعُ الْقُضَاةَ الشِّرْعَيْنِ مِنْ اسْتِمَاعِ تِلْكَ الْقَضَايَا، وَلِذَلِكَ إذَا فَصَلَتْ الْمَحَاكِمُ الشَّرْعِيَّةُ دَعَاوَى الْأَرَاضِيِ بِحَقٍّ وَأَصْدَرَتْ حُكْمَهَا فِيهَا فَالْإِعْلَامَاتُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي صَدَرَتْ تُصَدَّقُ مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْعَالِيَةِ.

أَمَّا دَعَاوَى الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَالْقِصَاصِ وَالْغُرَّةِ وَحُكُومَةِ الْعَدْلِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالنَّفَقَةِ وَالْوَقْفِ فَاسْتِمَاعُهَا عَائِدٌ لِلْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ وَلَا تُسْمَعُ تِلْكَ الدَّعَاوَى فِي الْمَجَالِسِ الْأُخْرَى الْقِسْمُ الثَّانِي: الْخُصُوصَاتُ الْخَاصَّةُ فَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْهَا هِيَ: أَوَّلًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ (بِأَنْ لَا تُسْمَعَ دَعْوَى فُلَانٍ) . ثَانِيًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرُ سُلْطَانٍ ب (أَنْ لَا تُسْمَعَ دَعْوَى فُلَانٍ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ) فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ تِلْكَ الدَّعْوَى إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي تَيْنِكَ الدَّعْوَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. ثَالِثًا - لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ ب (أَنْ لَا يُنَصَّبَ بَعْدَ فُلَانٍ نَائِبًا لِلْقَاضِي) فَعَيَّنَهُ قَاضِي بَلْدَةٍ نَائِبًا عَنْهُ فَاسْتَمَعَ بَعْضَ الدَّعَاوَى وَحَكَمَ بِهَا لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. رَابِعًا - الْمَوْلَى، لَوْ تَعَيَّنَ مَوْلًى مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لَأَنْ يَفْصِلَ مَثَلًا دَعْوَى الْأَرَاضِي الْمُتَكَوِّنَةِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَلِلْمَوْلَى الْمَذْكُورِ فَقَطْ أَنْ يَفْصِلَ فِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ دَعَاوَى الْأَشْخَاصِ الْآخَرِينَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ الدَّعَاوَى الْأُخْرَى الْمُتَكَوِّنَةَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو. تَقْيِيدُ الْقَضَاءِ بِالْعَمَلِ بِقَوْلِ مُجْتَهِدٍ فِي الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الْخِلَافِيَّةِ: كَذَلِكَ لَوْ صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِالْعَمَلِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ أَيْ بِاجْتِهَادِ مُجْتَهِدٍ فِي خُصُوصٍ لِمَا أَنَّ رَأْيَهُ بِالنَّاسِ أَرْفَقُ وَلِمَصْلَحَةِ الْقُطْرِ أَوْفَقُ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِرَأْيِ وَاجْتِهَادِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي تَقْرِيرِ الْمَجَلَّةِ (أَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ الْعَمَلُ بِأَمْرِ إمَامِ الْمُسْلِمِينَ بِالْعَمَلِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهِدِ فِيهَا) فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ مُنَافٍ لِرَأْيِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ فَإِذَا عَمَلَ وَحَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ مَأْذُونٍ بِالْحُكْمِ بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ الرَّأْيَ فَلَمْ يَكُنْ الْقَاضِي قَاضِيًا لِلْحُكْمِ بِالرَّأْيِ الْمَذْكُورِ. وَالْمَذَاهِبُ الْمَشْهُورَةُ هِيَ الْحَنَفِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ وَالْحَنْبَلِيُّ وَلَمَّا كَانَ أَكْثَرُ رَعَايَا الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ مُتَمَذْهِبِينَ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَقَدْ أَمَرَ قُضَاةُ الشَّرْعِ بِالْحُكْمِ بِمُوجَبِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ وَيُوجَدُ فِي الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالْيَمَنِ مُسْلِمُونَ مُتَمَذْهِبُونَ بِالْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى أَمَّا الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَكَوَّنُ بَيْنَ الْأَهَالِيِ الْمُقَلِّدَةِ لِلْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى وَيُرَى مُنَاسِبًا فَصْلُهَا تَوْفِيقًا لِأَحْكَامِ مَذْهَبِهِمْ فَلَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا الْحُكْمَ لِيَفْصِلَ فِي دَعَاوِيهِمْ وَلِهَذَا الْحَكَمِ أَنْ يَحْكُمَ بِمُوجَبِ أَحْكَامِ الْمَذْهَبِ الْمَنْسُوبِ لَهُ وَهَذَا الْحُكْمُ يَصْدُقُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ. وَقَدْ قُسِّمَ الْمُجْتَهِدُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ - مُجْتَهِدٌ فِي الشَّرْعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْحَنْبَلِيُّ. الثَّانِي - مُجْتَهِدٌ فِي الْمَذْهَبِ كَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ الْحَنَفِيَّةِ. الثَّالِثُ - مُجْتَهِدٌ فِي الْمَسَائِلِ كَالْخَصَّافِ وَالطَّحْطَاوِيِّ وَالْكَرْخِيِّ وَالْحَلْوَانِيِّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ وَقَاضِي خَانْ.

وَعِبَارَةُ مُجْتَهِدٍ الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ بِمَعْنًى يَشْمَلُ الْمُجْتَهِدِينَ الثَّلَاثَةَ. إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ قُضَاةَ الشَّرْعِ بِالْعَمَلِ بِالْمَذَاهِبِ الْأُخْرَى فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ فَيَصِحُّ الْأَمْرُ وَتَجِبُ الطَّاعَةُ لَهُ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ بِيَقِينٍ. وَطَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ فِي مِثْلِهِ وَاجِبَةٌ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْقَضَاءِ) . وَقَدْ أَمَرَ السَّلَاطِينُ الْعُثْمَانِيُّونَ الْقُضَاةَ بِالْعَمَلِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ بِغَيْرِ الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَمَثَلًا لَا يَجُوزُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ بَيْعُ عَقَارِ الْمَفْقُودِ الَّذِي لَا يُخْشَى خَرَابُهُ لَكِنَّ السُّلْطَانَ سُلَيْمَانَ قَدْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَقَارِ الْمَفْقُودِ، وَالْقُضَاةُ الْحَنَفِيَّةُ يَحْكُمُونَ حَتَّى الْآنَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَهَرَتْ حَيَاةُ الْمَفْقُودِ بَعْدَ بَيْعِ الْعَقَارِ فَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا بِيعَ الْعَقَارُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلِمَفْقُودٍ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) (مَعْرُوضَاتُ أَبِي السُّعُودِ بِزِيَادَةٍ) . إنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْمُجْتَهِدِ فِي الشَّرْعِ وَالْإِمَامَيْنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْمُجْتَهِدَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ أَهْلُ التَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ الْحَنَفِيَّةِ شَاهَدُوا تَعَدِّيَ النَّاسِ عَلَى أَمْوَالِ الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ فَافْتُوَا بِلُزُومِ الضَّمَانِ فِيهِمَا قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (39 و 596) إلَّا أَنَّ الْإِفْتَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى فَتْوَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ الْمُجْتَهِدِ فِي الشَّرْعِ وَإِنَّ الْقَوْلَ الَّذِي قِيلَ فِي الْمَجَلَّةِ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ فِيمَا عَدَا الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ وَأَمْوَالِ الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ فَيُؤْمَلُ قَرِيبًا أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِسَبَبِ زِيَادَةِ التَّعَدِّي عَلَى الْحُقُوقِ فَتُصْبِحُ مَنَافِعُ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةً. وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَجَلَّةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ، وَقَدْ صَارَ بَيَانُهَا وَتَوْضِيحُهَا أَثْنَاءَ الشَّرْحِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ الْفَائِدَةِ ذِكْرُ بَعْضِ أَمْثِلَةٍ هُنَا. أَوَّلًا - قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (179) مِنْ الْمَجَلَّةِ إذَا كَانَ الْإِيجَابُ وَاحِدًا لَا يَتَعَدَّدُ الْبَيْعُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَقَطْ حَسَبَ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامَانِ بِتَعَدُّدِهِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ قَبِلَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. ثَانِيًا - قَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِعَدَمِ جَوَازِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ قَالَا بِجَوَازِ خِيَارِ الشَّرْطِ مَهْمَا بَلَغَ مِنْ الْأَيَّامِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (300) قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ. ثَالِثًا: تَنْعَقِدُ الْإِقَالَةُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَالْآخَرُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي عَلَى رَأْيِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (191) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَ الشَّيْخَيْنِ. رَابِعًا - قَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي لُزُومِ الِاسْتِصْنَاعِ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (392) خَامِسًا - إذَا أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ إجَارَةَ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعُودُ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الَّذِي يَخُصُّ مُدَّةً قِيلَ الْإِجَارَةُ لِلْفُضُولِيِّ وَبَدَلُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ إلَى

صَاحِبِ الْمَالِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الرَّأْيَ فِي الْمَادَّةِ (447) سَادِسًا - إذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَكَانَتْ دُيُونُهُ أَزْيَدَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ لَا يَحِقُّ لَدَائِنِي الْمُحِيلِ أَنْ يَتَدَاخَلُوا بِالْمُحَالِ بِهِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَعُودُ الْمُحَالُ بِهِ إلَى تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَيُقْسَمُ غَرَامَةً بَيْنَ الدَّائِنِينَ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ (692) قَوْلَ الْإِمَامِ زُفَرَ. التَّرْتِيبُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي أَقْوَالِ الْفُقَهَاءِ: إذَا صَدَرَ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِالْعَمَلِ بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ فَحُكْمُ الْقَاضِي بِرَأْيِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ بَاطِلٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ سُلْطَانِيٌّ بِتَرْجِيحِ رَأْيِ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فَعَلَى الْقَاضِي وَالْمُفْتِي أَنْ يَعْمَلَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا - يَعْمَلَانِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُ الْإِمَامَيْنِ مُشْتَرِكًا فِي ذَلِكَ الرَّأْيِ أَوْ غَيْرَ مُشْتَرِكٍ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ التَّابِعِينَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلِأَنَّهُ رَأْيُ الصَّحَابَةِ وَزَاحَمَ التَّابِعِينَ فِي الْفَتْوَى فَقَوْلُهُ أَشَدُّ وَأَقْوَى مَا لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ. مُسْتَثْنًى - أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ: 1 - يُفْتَى وَيُعْمَلُ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُمُورِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ بِرَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ فِعْلًا وَحَصَلَ عَلَى زِيَادَةِ تَجْرِبَةٍ فِيهِ إذْ لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ (الْحَمَوِيُّ وَشَرْحُ رَسْمِ الْمُفْتِي) . 2 - إذَا كَانَ سَبَبُ الِاخْتِلَافِ نَاشِئًا عَنْ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ كَالْحُكْمِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1716) . 3 - يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي أَجْمَعَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى قَوْلِهِمَا كَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ صَدَرَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِالْعَمَلِ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ. 4 - إذَا رَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ قَوْلًا بِأَنْ قَالُوا: إنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الْقَوْلِ. وَأَلْفَاظُ التَّرْجِيحِ هِيَ كَقَوْلِهِمْ 0 وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى 0 أَوْ بِهِ يُفْتَى أَوْ بِهِ نَأْخُذُ، أَوْ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، أَوْ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْيَوْمِ. أَيْ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ الْحَاضِرِ أَوْ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأُمَّةِ، أَوْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، أَوْ وَهُوَ الْأَصَحُّ، أَوْ هُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، أَيْ الْأَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحُ دِرَايَةً فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى أَوْ وَهُوَ الْأَوْجَهُ أَوْ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَبِهِ جَرَى الْعُرْفُ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ آكَدُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأُخْرَى فَإِنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الْأَصَحِّ وَالْأَشْبَهِ وَلَفْظُ وَبِهِ يُفْتَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ لَفْظَ الْأَصَحِّ آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ وَلَفْظُ أَحْوَطُ آكَدُ مِنْ لَفْظِ احْتِيَاطِيٍّ فَعَلَيْهِ إذَا صَرَّحَ أَحَدُ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ قَوْلَ غَيْرِ الْإِمَامِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ فَعَلَى الْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي أَنْ يَأْخُذَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ أَمَّا إذَا كَانَ الْقَوْلَانِ مُصَحَّحَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ تَصْحِيحُ أَحَدِهِمَا آكَدُ مِنْ الْآخَرِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَيِّهِمَا كَمَا أَنَّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِأَيِّهِمَا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ كِتَابِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ إذَا وُقِفَ الْمُشَاعُ الْقَابِلُ لِلْقِسْمَةِ فَالْوَقْفُ

جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْإِمَامَ الْمَذْكُورَ لَا يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ فِي الْوَقْفِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَالْوَقْفُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ التَّسْلِيمَ فِي الْوَقْفِ وَبِمَا أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ قَدْ صُحِّحَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى فَالْمُقَلِّدُ (الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ) مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بِبُطْلَانِهِ وَإِذَا حَكَمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُرَجِّحًا ذَلِكَ الْقَوْلَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ فِي حَادِثَةٍ أُخْرَى. ثَانِيًا: إذَا لَمْ يُوجَدْ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي مَسْأَلَةٍ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. ثَالِثًا: إذَا لَمْ يُوجَدْ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةٍ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. رَابِعًا: يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ زُفَرَ وَالْإِمَامِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي أَنْ يُخَالِفَ هَذَا التَّرْتِيبَ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ مَلَكَةٍ يُمْكِنُ بِهَا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى قُوَّةِ الدَّلِيلِ كَالْمَشَايِخِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَصْحَابِ التَّرْجِيحِ إذْ لَيْسَ عَلَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إلَى الدَّلِيلِ وَأَنْ يُرَجِّحُوا الْقَوْلَ الَّذِي يَرَوْنَهُ أَنَّهُ رَاجِحٌ حَسَبَ اجْتِهَادِهِمَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلِذَلِكَ فَإِنَّ أَصْحَابَ التَّرْجِيحِ قَدْ رَجَّحُوا حِينًا أَقْوَالَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَمَا أَنَّهُمْ قَدْ رَجَّحُوا قَوْلَ الْإِمَامِ زُفَرَ عَلَى الْأَقْوَالِ الْأُخْرَى فِي سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فَوَجَبَ عَلَيْنَا مُتَابَعَةُ تَرْجِيحِ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ النَّظَرِ فِي الدَّلِيلِ مِنْ الْأَقْوَالِ. فَالْقَاضِي يَحْكُمُ بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَالْمُفْتَى بِهِ فِي مَذْهَبِهِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَغَيْرِ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ جِهَةَ الصَّحِيحِ هِيَ الْحَقُّ وَطَرَفُ الضَّعِيفِ هُوَ خِلَافُ الْحَقِّ فَالْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ هُوَ حُكْمٌ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعٌ لِلَهْوِي وَهَذَا حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ (شَرْحُ رَسْمِ الْمُفْتِي وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . فَلِذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ لَا يَنْفُذُ وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ. سُؤَالٌ: إنَّ الْقَوْلَ الضَّعِيفَ يَتَقَوَّى بِالْقَضَاءِ فَإِذًا كَيْفَ نَقَضَهُ؟ الْجَوَابُ: الْمَقْصُودُ بِالْقَضَاءِ هُوَ قَضَاءُ الْمُجْتَهِدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَا سِيَّمَا أَنَّ سَلَاطِينَ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ يُنَصِّبُونَ الْقُضَاةَ وَالْمُفْتِينَ بِشَرْطِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْقَوْلِ الصَّحِيحِ وَلِذَلِكَ إذَا حَكَمُوا بِخِلَافِ الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمْ. إنَّ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ هِيَ فِي صُورَةِ حُكْمِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ عَلَى مَذْهَبِهِ. أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِأَحَدِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ مُخَالِفًا مَذْهَبَهُ. مَثَلًا بِأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ بِالْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَوْ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ بِالْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَهَذَا الْحُكْمُ نَافِذٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ عَمْدًا، وَوَجْهُ النَّفَاذِ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ بِيَقِينٍ لِأَنَّ رَأْيَهُ يَحْتَمِلُ الصَّوَابَ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ عِنْدَهُ أَخْطَأَ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا خَطَأً بِيَقِينٍ فَكَانَ حَاصِلُهُ قَضَاءً فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ حَتَّى لَوْ حَكَمَ

الْقَاضِي بِفَتْوَى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ تِلْكَ الْفَتْوَى مُخَالِفَةٌ لِمَذْهَبِهِ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَوْ لِقَاضٍ خِلَافَهُ أَنْ يَنْقُضَ ذَلِكَ الْحُكْمَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1838) (الْبَزَّازِيَّةُ عَنْ شَرْحِ الطَّحْطَاوِيِّ وَالْحَمَوِيُّ وَالْفَتْحُ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَالْحُكْمُ غَيْرُ نَافِذٍ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ كَمَا أَنَّهُ قَدْ رَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَوْلَهُمَا (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ) . وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّهُ إذَا نُصِّبَ الْقَاضِي مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ آخَرَ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فَإِذَا حَكَمَ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَعْزُولٌ عَنْ الْقَضَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْحُكْمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَرَسْمُ الْمُفْتِي) . إنَّ الْقَاضِيَ مُكَلَّفٌ أَنْ يَتَحَرَّى الْمَسَائِلَ الشَّرْعِيَّةَ مِنْ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِمُوجَبِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قِيَاسًا حَتَّى لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ قَاسَ مَسْأَلَةً عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَحَكَمَ بِمُوجَبِ ذَلِكَ الْقِيَاسِ ثُمَّ ظَهَرَتْ رِوَايَةٌ خِلَافَ الْحُكْمِ وَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي الْحُكْمِ فَلِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يُخَاصِمَ الْقَاضِيَ وَالْمُدَّعِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. يُخَاصِمُ الْقَاضِيَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ أَثِمَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ وَيُخَاصِمُ الْمُدَّعِيَ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ إلَى الْمُقْتَضَى عَلَيْهِ إذْ أَنَّ اعْتِمَادَ الْمُدَّعِي عَلَى أَمْرِ الْقَاضِي غَيْرِ الْمَشْرُوعِ لَا يُخَلِّصُهُ مِنْ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ) . خَامِسًا: إنَّ الْكُتُبَ الْفِقْهِيَّةَ مُقَسَّمَةٌ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَهِيَ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ وَالْفَتَاوَى. مَسَائِلُ الْمُتُونِ تُرَجَّحُ عَلَى مَسَائِلِ الشُّرُوحِ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُتُونِ قَدْ أَصْبَحَتْ مُتَوَاتِرَةً كَمَا أَنَّ مَسَائِلَ الشُّرُوحِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَسَائِلِ الْفَتَاوَى. وَالْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ صُحِّحَ الْقَوْلَانِ أَوْ لَمْ يُصَحَّحَا. أَمَّا لَوْ ذَكَرَ فِي الْمَتْنِ مَثَلًا مَسْأَلَةً وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهَا بِأَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَذَكَرَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْوَارِدَةِ فِي الشَّرْحِ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ فَتُقَدَّمُ الْمَسْأَلَةُ الْوَارِدَةُ فِي الشَّرْحِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَتْنِ هُوَ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ، أَمَّا التَّصْحِيحُ الْوَارِدُ عَنْ الشَّرْحِ فَهُوَ تَصْحِيحٌ صَرِيحٌ وَالتَّصْحِيحُ الصَّرِيحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّصْرِيحِ الِالْتِزَامِيِّ (رَسْمُ الْمُفْتِي) . سَادِسًا: إذَا ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ قَوْلَانِ وَأُثْبِتَ أَحَدُهُمَا بِذِكْرِ دَلِيلِهِ فَهُوَ مُرَجَّحٌ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْمُعَلَّلِ. سَابِعًا: إذَا كَانَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ قِيَاسِيًّا وَالْآخَرُ اسْتِحْسَانًا فَيُرَجَّحُ الْقَوْلُ الِاسْتِحْسَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِقِ وَهِيَ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَقَدْ أَوْصَلَهَا نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيّ إلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ نُجَيْمٍ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ الْمَنَارِ (رَسْمُ الْمُفْتِي) . ثَامِنًا: إذَا كَانَ يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَسَائِلِ الْوَقْفِيَّةِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْقَوْلِ الْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ إذْ أَنَّ الْوَقْفَ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَازِمٌ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَالْقَاضِي نَفْعًا لِلْوَقْفِ يَحْكُمُ بِمُوجَبِ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَيَحْكُمُ بِالْوَقْفِ وَبِتَسْجِيلِهِ.

(المادة 1802) ليس لأحد القاضيين المنصوبين أن يستمع الدعوى وحده

تَاسِعًا: إذَا اُخْتُلِفَ فِي الرِّوَايَاتِ وَالتَّصْحِيحِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْفِقْهِيَّةَ الْحَنَفِيَّةَ هِيَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ: الْأُولَى - مَسَائِلُ الْأُصُولِ، وَيُقَالُ لَهَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْمَذْكُورَةُ فِي كُتُبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ السِّتَّةِ وَهِيَ الْمَبْسُوطُ وَالزِّيَادَاتُ وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ وَالسِّيَرُ الصَّغِيرُ وَالْجَامِعُ الْكَبِيرُ وَالسِّيَرُ الْكَبِيرُ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهَا رُوِيَتْ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُ وَمُتَوَاتِرَةٌ أَوْ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ. الثَّانِيَةُ - مَسَائِلُ النَّوَادِرِ، وَهَذِهِ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْكُتُبِ الْأُخْرَى إمَّا فِي الْكُتُبِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ كالْهَارُونِيَّاتِ والكيسانيات والجرجانيات والرُّقَيَّاتِ وَإِمَّا مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ حَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَيُقَالُ لَهَا غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُرْوَ عَنْ مُحَمَّدٍ بِرِوَايَاتٍ ظَاهِرَةٍ ثَابِتَةٍ صَحِيحَةٍ. الثَّالِثَةُ - مَسَائِلُ الْوَاقِعَاتِ، وَهِيَ لَمْ تُرْوَ عَنْ الْمُجْتَهِدِ فِي الشَّرْعِ وَالْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي اسْتَنْبَطَهَا الْمُجْتَهِدُونَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَهِيَ أَجْوِبَةٌ عَلَى أَسْئِلَةٍ وَقَعَتْ لَهُمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِمَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَبِالرِّوَايَةِ الشَّاذَّة مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ الْفَتْوَى هِيَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ شَيْءٌ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَحْكُمَ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (رَسْمُ الْمُفْتِي) . [ (الْمَادَّةُ 1802) لَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ الْمَنْصُوبَيْنِ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعْوَى وَحْدَهُ] الْمَادَّةُ (1802) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ الْمَنْصُوبَيْنِ لِاسْتِمَاعِ دَعْوَى أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَحْدَهُ وَيَحْكُمَ بِهَا وَإِذَا فَعَلَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1465) . لَيْسَ لِأَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ الْمَنْصُوبَيْنِ لِاسْتِمَاعِ دَعْوَى أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ بِهَا فَإِذَا اسْتَمَعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَحَكَمَ بِهَا لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ قَدْ شَرَطَ اجْتِمَاعَ رَأْيَيْنِ لِتَأْمِينِ الْإِصَابَةِ فِي الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ الْمُخَالِفُ لِلْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ مَرْدُودٌ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1465 و 1801) . وَالنَّصْبُ لِلْحُكْمِ مَعًا إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَاحَةً كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنْ يُعَيِّنَ وَيُنَصِّبَ السُّلْطَانُ شَخْصَيْنِ مَعًا قَاضِيَيْنِ لِبَلْدَةٍ لِيَحْكُمَا مَعًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَلَالَةً كَأَنْ يُنَصِّبَ السُّلْطَانُ قَاضِيَيْنِ لِمَحْكَمَةٍ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَحِقُّ لِأَحَدِهِمَا الْحُكْمُ وَحْدَهُ مَا لَمْ يُنَصَّبْ لِلْقَضَاءِ وَيُصَرَّحْ فِي أَمْرِ تَعْيِينِهِمَا أَنَّ لِكُلٍّ الْحَقَّ أَنْ يَحْكُمَ مُسْتَقِلًّا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاللَّائِقُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . يَعْنِي إذَا نُصِّبَ قَاضِيَانِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْحَقُّ فِي اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى مُسْتَقِلًّا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَحْكُمَ مُسْتَقِلًّا وَمِنْ جُمْلَةِ هَؤُلَاءِ الْقُضَاةِ الْمَنْصُوبِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَاضِي عَسْكَرِ الْآسِتَانَة وَقَاضِي الْقَسَّامِ الْعُمُومِيِّ وَقَاضِي الْآسِتَانَة وَمُعَاوِنُ قَاضِي الْآسِتَانَة وَقُضَاةُ الْحَرَمَيْنِ الْمُحْتَرَمِينَ وَمُعَاوِنُوهُمْ إذْ أَنَّ قَاضِي الْعَسْكَرِ مَأْذُونٌ بِالْحُكْمِ كَمَا أَنَّ قَاضِيَ الْقَسَّامِ مَأْذُونٌ بِالْحُكْمِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ قُضَاةُ الْحَرَمَيْنِ

(المادة 1803) طلب أحد الخصمين المرافعة في حضور قاض وطلب آخر المرافعة في حضور قاض آخر

مَأْذُونُونَ بِالْحُكْمِ وَكَذَا مُعَاوِنُوهُمْ مَأْذُونُونَ بِالْحُكْمِ أَيْضًا. وَفِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ التَّابِعَةِ لِلدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ جَارٍ مِنْ الْقَدِيمِ أُصُولُ الْقَاضِي الْمُنْفَرِدِ وَلَا يُوجَدُ فِي تِلْكَ الْمَحَاكِمِ قَاضِيَانِ مَنْصُوبَانِ لِيَحْكُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ لِبَعْضِ الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ مُشَاوِرِينَ وَمُعَاوِنِينَ كَالصَّدْرَيْنِ وَقَاضِي الْأَوْقَافِ إلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُشَاوِرِينَ وَالْمُعَاوِنِينَ عِنْدَمَا يَفْصِلُونَ الْقَضَايَا يَفْصِلُونَ مُسْتَقِلِّينَ بِدُونِ اشْتِرَاك الْقَاضِي مَعَهُمْ. [ (الْمَادَّةُ 1803) طَلَبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ وَطَلَبَ آخَرُ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ] الْمَادَّةُ (1803) - (إذَا طَلَبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ وَطَلَبَ آخَرُ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي تَعَدَّدَ قُضَاتُهَا وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُرَجَّحُ الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ وَطَلَب آخَرُ الْمُرَافَعَةَ فِي حُضُورِ قَاضٍ آخَرَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي تَعَدَّدَ قُضَاتُهَا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَأْذُونًا أَنْ يَحْكُمَ فِي قِسْمٍ مِنْ الْبَلْدَةِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا يُرَجَّحُ الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ طَالِبٌ بِسَلَامَةِ نَفْسِهِ بِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَمَّا الْمُدَّعِي فَهُوَ رَاغِبٌ فِي أَخْذِ حَقٍّ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ شُبْهَةٌ عِنْدَ طَلَبِ سَلَامَةِ نَفْسِهِ فِي الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعِي وَفِي إنَّ ذَلِكَ الْقَاضِيَ رُبَّمَا يَنْحَازُ إلَى إثْبَاتِ دَعْوَى خَصْمِهِ غَيْرِ الْمُحِقَّةِ فَمِنْ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ رَغْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ مُمَاشَاةِ الْمُدَّعِي (تَعْلِيقَاتُ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيُرَجَّحُ الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعِي (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . وَالْقَصْدُ مِنْ عِبَارَةِ، فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي تَعَدَّدَ قُضَاتُهَا، هُمْ الْقُضَاةُ الْمَأْذُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْحُكْمِ فِي أَحَدِ أَقْسَامِ الْبَلْدَةِ كَقُضَاةِ الْآسِتَانَة إذْ أَنَّ فِي الْآسِتَانَة قَاضِيًا لِإِسْتَانْبُولَ وَقَاضِيًا لِلْغَلْطَةِ وَقَاضِيًا لِأَيُّوبَ وَقَاضِيًا لأسكي دَار. مَثَلًا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ مُقِيمٌ فِي مَحَلَّةِ الشهزاده فِي الْآسِتَانَة دَعْوَى عَلَى مُدَّعًى عَلَيْهِ مُقِيمٍ فِي أسكي دَار وَطَلَبَ الْمُدَّعِي اسْتِمَاعَ دَعْوَاهُ لَدَى قَاضِي إسْتَانْبُولَ وَطَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى فِي مَحْضَرِ قَاضِي أسكي دَار وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضِي الأسكي دَار كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَلْدَةٍ قُضَاةٌ لِلْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، كَمَا كَانَ الْحَالُ فِي الْقَاهِرَةِ سَابِقًا، وَطَلَبَ الْمُدَّعِي اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى لَدَى الْقَاضِي الْمَالِكِيِّ فَيُرَجَّحُ الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ إذَا حَدَثَتْ دَعْوَى بَيْنَ جُنْدِيٍّ وَبَيْنَ أَحَدِ الْأَفْرَادِ فَيُعْتَبَرُ قَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُدَّعِي جُنْدِيًّا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ الْجُنُودِ فَيَجِبُ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى بَيْنَهُمَا لَدَى الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي غَيْرَ جُنْدِيٍّ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ جُنْدِيٌّ فَالدَّعْوَى تُرَى فِي حُضُورِ قَاضِي الْعَسْكَرِ إلَّا أَنَّهُ فِي زَمَانِنَا لَا يُوجَدُ لِلْجُنُودِ قُضَاةٌ مَخْصُوصُونَ لِدَعَاوَى الْحُقُوقِ فَلِذَلِكَ دَعَاوَى الْجُنُودِ تُرَى أَمَامَ الْقَاضِي الْعُمُومِيِّ (الْوَاقِعَاتُ وَالْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْقُضَاةُ الْمُتَعَدِّدُونَ فِي بَلْدَةٍ مَأْذُونًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَمِعَ قَضَايَا جَمِيعِ أَنْحَاءِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُرَجَّحُ الْقَاضِي الَّذِي اخْتَارَهُ

(المادة 1804) عزل قاض ولم يصل خبر العزل إليه وكان قد فصل بعض الدعاوى في تلك المدة

الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ مُنْشِئُ الْخُصُومَةِ فَلَهُ - إنْ شَاءَ - إنْشَاءُ الْخُصُومَةِ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ ذَلِكَ الْقَاضِي الْآخَرِ وَلَا يُقَالُ لَهُ: لَا تُنْشِئْ الْخُصُومَةَ فِي حُضُورِ هَذَا الْقَاضِي وَأَنْشِئْهَا عِنْدَ ذَلِكَ الْقَاضِي (تَعْلِيقَاتُ ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) كَقَاضِي عَسْكَرَ الرومللي وَقَاضِي الْقَسَّامِ الْعُمُومِيِّ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي الْمُرَافَعَةَ أَمَامَ قَاضِي عَسْكَرَ الرومللي وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُرَافَعَةَ أَمَامَ قَاضِي الْقَسَّامِ الْعُمُومِيِّ فَتَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ أَمَامَ قَاضِي عَسْكَرَ الرومللي الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُدَّعِي. [ (الْمَادَّةُ 1804) عُزِلَ قَاضٍ وَلَمْ يَصِلْ خَبَرُ الْعَزْلِ إلَيْهِ وَكَانَ قَدْ فَصَلَ بَعْضَ الدَّعَاوَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ] الْمَادَّةُ (1804) - (إذَا عُزِلَ قَاضٍ إلَّا أَنَّهُ لِعَدَمِ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ مُدَّةً كَانَ قَدْ اسْتَمَعَ وَفَصَلَ بَعْضَ الدَّعَاوَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ صَحَّ حُكْمُهُ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ الْوَاقِعُ بَعْدَ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ) . إنَّ انْعِزَالَ الْقَاضِي مَشْرُوطٌ بِوُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ إذَا عُزِلَ قَاضٍ وَلَمْ يَصِلْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ مُدَّةً وَاسْتَمَعَ وَفَصَلَ بَعْضَ الدَّعَاوَى فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ يَكُونُ حُكْمُهُ صَحِيحًا حَيْثُ لَمْ يَنْعَزِلْ الْقَاضِي بَعْدُ لِأَنَّ ثُبُوتَ حُكْمِ خِطَابِ الشَّارِعِ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِ مَشْرُوطٌ بِبُلُوغِ الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ لِذَلِكَ الْمُخَاطَبِ وَخِطَابُ هَذَا الْقَاضِي مَشْرُوطٌ فِيهِ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَالْحُكْمُ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1523) . وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ بَعْدَ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ خَلَفُهُ لِتَسَلُّمِ الْقَضَاءِ مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ انْعَزَلَ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ وَالْتَحَقَ بِالرَّعَايَا وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ثَمَّةَ مِنْ صِفَةٍ فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِ خَبَرِ الْعَزْلِ إلَيْهِ وَاشْتَرَطُوا وُصُولَ خَلَفِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا وَقَفَ عَلَى عَزْلِهِ بِكِتَابٍ أَوْ بِخَبَرٍ يَنْعَزِلُ عَنْ الْقَضَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُ خَلَفٍ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الثَّانِي (الْحَمَوِيُّ) الْخُلَاصَةُ - إنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِلُ بِتَبْلِيغِهِ أَمْرَ السُّلْطَانِ بِعَزْلٍ تَحْرِيرًا أَوْ شِفَاهًا أَوْ بِوُصُولِ خَلَفِهِ كَذَلِكَ إذَا شُرِطَ فِي أَمْرٍ تَعَيُّنِ الْقَاضِي أَنْ لَا يَمْتَثِلَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ وَالْقَضَايَا أَمْرَ أَحَدٍ وَخَالَفَ الْقَاضِي هَذَا الشَّرْطَ يَنْعَزِلُ. وَتَدُلُّ هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى جَوَازِ عَزْلِ الْقَاضِي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُرْتَكِبًا أَعْمَالًا سَيِّئَةً تُوجِبُ عَزْلَهُ كَالِارْتِشَاءِ وَالظُّلْمِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نُصِّبَ قَاضٍ عَلَى أَنْ لَا يَنْعَزِلَ فَيَجُوزُ عَزْلُهُ وَكَمَا يَجُوزُ الْعَزْلُ مُنَجَّزًا يَجُوزُ الْعَزْلُ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ السُّلْطَانُ لِلْقَاضِي: إنَّك مَعْزُولٌ (حِينَمَا يَرِدُ أَمْرِي إلَيْك بِعَزْلِك)

(المادة 1805) القاضي إذا كان مأذونا بنصب وعزل النائب أن ينصب آخر نائبا عنه وأن يعزله

فَعَلَّقَ عَزْلَ الْقَاضِي عَلَى وُرُودِ أَمْرِهِ فَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ سَوَاءٌ وَصَلَهُ خَبَرُ الْعَزْلِ قَبْلَ وُصُولِ الْأَمْرِ أَوْ لَمْ يَصِلْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (82) وَشَرْحَهَا لِأَنَّ الْعَزْلَ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ لَا يَثْبُتُ الْعَزْلُ (الْحَمَوِيُّ والولوالجية وَالْفَتْحُ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَزْلٍ وَجَاءَ بَعْدَ أَيَّامٍ قَاضٍ آخَرُ مُعَيَّنٌ قَاضِيًا لِذَلِكَ الْقَضَاءِ فَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ مَعْزُولًا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْحَمَوِيُّ) . وَيَكُونَ الْقَاضِي الثَّانِي قَاضِيًا مُسْتَقِلًّا أَيْضًا. [ (الْمَادَّةُ 1805) الْقَاضِي إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ وَعَزْلِ النَّائِبِ أَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ نَائِبًا عَنْهُ وَأَنْ يَعْزِلَهُ] الْمَادَّةُ (1805) - (لِلْقَاضِي إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ وَعَزْلِ النَّائِبِ أَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ نَائِبًا عَنْهُ وَأَنْ يَعْزِلَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فَلَيْسَ لَهُ عَمَلُ ذَلِكَ وَلَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ بِعَزْلِ أَوْ مَوْتِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا تُوُفِّيَ قَاضِي قَضَاءٍ فَلِنَائِبِهِ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعَاوَى الَّتِي تَقَعُ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَيَحْكُمَ بِهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ قَاضٍ غَيْرُهُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1466) . إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ بِنَصْبِ وَعَزْلِ النَّائِبِ فَلَهُ حَقٌّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ مَأْمُورِيَّتِهِ، أَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ نَائِبًا وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَعْزِلَ فِي أَيْ وَقْتٍ شَاءَ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا النَّائِبُ مَأْذُونًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي بِأَنْ يُنَصِّبَ نَائِبًا عَنْهُ وَأَنْ يَعْزِلَ فَلِلنَّائِبِ أَيْضًا أَنْ يُنَصِّبَ نَائِبًا وَأَنْ يَعْزِلَهُ وَبِمَا أَنَّ الْقَضَاءَ يَتَخَصَّصُ وَيَتَقَيَّدُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَبِبَعْضِ خُصُوصَاتٍ فَكَذَلِكَ يَتَقَيَّدُ وَيَتَخَصَّصُ قَضَاءُ هَذَا النَّائِبِ مَثَلًا لَوْ خَصَّصَ الْقَاضِي الْمَأْذُونُ بِنَصْبِ النَّائِبِ بِقَوْلِهِ لَهُ لَا تَسْمَعْ دَعْوَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَنَصَّبَهُ نَائِبًا عَنْهُ فَلَيْسَ لِذَلِكَ النَّائِبِ اسْتِمَاعُ دَعْوَى هَؤُلَاءِ فَإِذَا اسْتَمَعَ وَحَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ. وَالْإِذْنُ بِنَصْبِ النَّائِبِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - يَكُونُ صَرَاحَةً كَالْقَوْلِ لِلْقَاضِي وَكِّلْ مَنْ شِئْت وَاعْزِلْ مَنْ شِئْت. الْوَجْهُ الثَّانِي - يَكُونُ دَلَالَةً كَقَوْلِ السُّلْطَانِ لِلْقَاضِي قَدْ نَصَّبْتُك قَاضِيًا لِلْقُضَاةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّ الذَّاتَ الَّذِي يُنَصَّبُ قَاضِي قُضَاةٍ مِنْ طَرَفِ الْخَلِيفَةِ هُوَ مَأْذُونٌ دَلَالَةً بِالِاسْتِخْلَافِ وَالْعَزْلِ لِأَنَّ قَاضِي الْقُضَاةِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي الْقَضَاءِ تَقْلِيدًا وَعَزْلًا (الْعِنَايَةُ) وَيُسْتَعْمَلُ فِي زَمَانِنَا بَدَلًا مِنْ تَعْبِيرِ قَاضِي الْقُضَاةِ قَاضِي عَسْكَرِ الْأَنَاضُولِ وَقَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ قُضَاةَ الْعَسْكَرِ إلَى زَمَنٍ قَرِيبٍ يُنَصِّبُونَ وَيَعْزِلُونَ نُوَّابَ الشَّرْعِ اسْتِنَادًا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمَّا الْآنَ فَقَدْ نُزِعَتْ هَذِهِ الصَّلَاحِيَّةُ مِنْ قُضَاةِ الْعَسْكَرِ وَأَصْبَحَ الْقُضَاةُ يُنَصَّبُونَ بِإِرَادَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ بَعْدَ

انْتِخَابِهِمْ مِنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ كَمَا أَنَّ قَاضِيَ مِصْرَ هُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ لِجَمِيعِ الْقُطْرِ الْمِصْرِيِّ وَهُوَ يُنَصِّبُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ مِنْ مَحَلَّاتِ الْقُطْرِ نُوَّابًا عَنْهُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ مَأْذُونٍ بِنَصْبِ وَعَزْلِ النَّائِبِ فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاءُ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ يَقْضِي بِتَعْيِينِ نَائِبٍ عَنْهُ كَالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ لِأَنَّهُ قَدْ نُصِّبَ قَاضِيًا فَقَطْ وَلَمْ يُفَوَّضْ بِتَعْيِينِ قُضَاةٍ (الْهِدَايَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ فَقَطْ وَغَيْرَ مَأْذُونٍ بِعَزْلِهِ فَلَهُ أَنْ يُنَصِّبَ نَائِبًا وَلَيْسَ لَهُ عَزْلٌ بَلْ يَكُونُ عَزْلُهُ عَائِدًا لِلسُّلْطَانِ (الْعِنَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ) . وَهُوَ كَوَكِيلٍ وُكِّلَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ حَيْثُ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ وَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ فِي حَيَاتِهِ لِرِضَا الْمُوَكِّلِ بِذَلِكَ دَلَالَةً لِعَجْزِهِ (الْبَحْرُ) وَالنَّائِبُ الَّذِي يُنَصَّبُ مِنْ قَاضٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ بِنَصْبِ النَّائِبِ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا نَصَّبَ قَاضٍ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِنَصْبِ نَائِبٍ نَائِبًا عَنْهُ وَحَكَمَ ذَلِكَ النَّائِبُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي كَانَ الْحُكْمُ جَائِزًا وَنَافِذًا لِأَنَّ الْخَلِيفَةَ رَضِيَ بِقَضَاءٍ حَضَرَهُ رَأْيُ الْقَاضِي وَقْتَ نُفُوذِهِ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى عِلْمِهِ وَعَمَلِهِ وَالْحُكْمُ الَّذِي حَضَرَهُ الْقَاضِي أَوْ أَجَازَهُ قَضَاءً حَضَرَهُ رَأْيُ الْقَاضِي فَيَكُونُ رَاضِيًا عَنْهُ (الْعِنَايَةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي غَيْرُ الْمَأْذُونِ بِنَصْبِ نَائِبٍ نَائِبًا عَنْهُ وَحَكَمَ النَّائِبُ فِي غِيَابِ الْقَاضِي ثُمَّ أَجَازَ الْقَاضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ صَحَّ الْحُكْمُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (54) كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالتَّوْكِيلِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ وَبَاعَ الثَّانِي عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَأَجَازَ الْأَوَّلُ بَيْعَهُ جَازَ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا أَجَازَ الْحُكْمَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ (الْخَانِيَّةُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا فَصَلَ أَحَدٌ دَعْوَى تَوْفِيقًا لِلْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ أَجَازَ الْقَاضِي الْحُكْمَ صَحَّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ رَأْيِ الْقَاضِي وَهُوَ حَاصِلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْبَحْرُ) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النَّائِبُ الْمَذْكُورُ حَائِزًا لِلصِّفَاتِ الَّتِي يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا فِي الْقَاضِي فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ هَذَا النَّائِبُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ رَقِيقًا وَحَكَمَ وَأَجَازَ الْقَاضِي حُكْمَهُ فَلَا يَصِحُّ (الْخَانِيَّةُ) . لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الْحُكْمَ الْمَوْقُوفَ وَلَا تَلْحَقُ الْحُكْمَ الْبَاطِلَ وَالْمَعْدُومَ قِيلَ الْإِذْنُ فِي الِابْتِدَاءِ كَالْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ فَلِمَ اخْتَلَفَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ (أَيْ جَازَ الْإِذْنُ وَالْإِنَابَةُ فِي الِانْتِهَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ) وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَإِنَّ الْحُكْمَ الَّذِي أَذِنَ بِهِ الْقَاضِي فِي الِابْتِدَاءِ قَضَاءٌ لَمْ يَحْضُرْهُ رَأْيُ الْقَاضِي وَكَانَ رِضَا الْخَلِيفَةِ بِتَوْلِيَةِ الْقَاضِي مُقَيَّدًا بِهِ (الْعِنَايَةُ) . وَإِذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ فَنَصَّبَ نَائِبًا عَنْهُ فَلَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي أَوْ

(المادة 1806) للنائب أن يحكم بالبينة التي استمعها القاضي

مَوْتِهِ لِأَنَّ النَّائِبَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَنْصُوبٌ مِنْ طَرَفِ الْخَلِيفَةِ وَلَيْسَ مَنْصُوبًا مِنْ الْقَاضِي الْمُتَوَفَّى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1466) لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا بِإِذْنٍ وَبَعْدَ الْإِذْنِ تَكُونُ الْوِلَايَةُ مَنْسُوبَةً لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَزْلُهُ (الْحَمَوِيُّ) أَمَّا إذَا أَصْدَرَ السُّلْطَانُ أَمْرًا صَرِيحًا بِأَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ يَنْعَزِلُ النَّائِبُ فَفِي تِلْكَ الْحَالِ يَنْعَزِلُ النَّائِبُ بِمَوْتِ الْقَاضِي أَوْ عَزْلِهِ (الْحَمَوِيُّ) . كَذَلِكَ لَا يَنْعَزِلُ النَّائِبُ لِعَزْلِ الْقَاضِي لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِعَزْلِ النَّائِبِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَأْذُونٌ بِنَصْبِهِ كَمَا وَضَحَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ كَانَ قَاضِي قَضَاءٍ مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ وَنَصَّبَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ نَائِبًا عَنْهُ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْقَاضِي فَلِنَائِبِهِ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعَاوَى الَّتِي تَقَعُ فِي ذَلِكَ الْقَضَاءِ وَيَحْكُمَ بِهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ وَأَنْ يَحْكُمَ أَيْضًا بَعْدَ وُصُولِ الْقَاضِي الْجَدِيدِ وَلَا يَحْتَاجُ حُكْمُ النَّائِبِ لَأَنْ يُجِيزَهُ الْقَاضِي حَسَبَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ آنِفًا. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّهُ إذَا عَزَلَ السُّلْطَانُ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ أَيْضًا أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَقَدْ اخْتَارَتْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الِانْعِزَالِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ ورَدُّ الْمُحْتَارِ) . [ (الْمَادَّةُ 1806) لِلنَّائِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1806) - (لِلنَّائِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا الْقَاضِي وَلِلْقَاضِي أَيْضًا أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا نَائِبُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي بَيِّنَةً فِي حَقِّ دَعْوَى وَأَخْبَرَ بِهَا النَّائِبَ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِإِخْبَارِ الْقَاضِي مِنْ دُونِ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ وَإِذَا اسْتَمَعَ النَّائِبُ الْمَأْذُونُ بِالْحُكْمِ بَيِّنَةً فِي خُصُوصٍ مَا وَأَنْهَى إلَى الْقَاضِي فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ مِنْ دُونِ أَنْ يُعِيدَ الْبَيِّنَةَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ بَلْ كَانَ مَأْمُورًا بِاسْتِمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِلتَّدْقِيقِ وَالِاسْتِكْشَافِ فَقَطْ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِإِنْهَائِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ الْبَيِّنَةَ بِالذَّاتِ) . لِلنَّائِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا الْقَاضِي وَلِلْقَاضِي أَيْضًا أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا نَائِبُهُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَعَ قَاضٍ بَيِّنَةً فِي حَقِّ دَعْوَى وَأَخْبَرَ بِهَا النَّائِبَ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِإِخْبَارِ الْقَاضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ مِنْ دُونِ أَنْ يُعِيدَهَا وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَمَعَ النَّائِبُ الْمَأْذُونُ بِالْحُكْمِ بَيِّنَةً فِي خُصُوصٍ مَا وَأَنْهَى إلَى الْقَاضِي سَمَاعَهُ الْبَيِّنَةَ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ مِنْ دُونِ أَنْ يُعِيدَهَا أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَيَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنْ لَا يَحْكُمَ الْقَاضِي أَوْ النَّائِبُ بَلْ يَجِبُ إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّائِبُ مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ بَلْ كَانَ مَأْمُورًا بِاسْتِمَاعِ الْبَيِّنَةِ لِلتَّدْقِيقِ وَالِاسْتِكْشَافِ كَأَنْ يُدَقِّقَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَوُجُودَ شُهُودٍ لَدَيْهِ مُوَافِقِينَ لَدَعْوَاهُ فَقَطْ فَلَيْسَ لِلنَّائِبِ أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِإِنْهَائِهَا الْمُتَعَلِّقِ بِالدَّعْوَى وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَمِعَ الْبَيِّنَةَ بِالذَّاتِ (الْخَانِيَّةُ) .

(المادة 1807) للقاضي في قضاء أن يستمع دعوى الأراضي التي هي في قضاء آخر

مَثَلًا إذَا أَمَرَ الْقَاضِي آخَرَ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَهَا شَخْصٌ عَلَى آخَرَ وَيَسْتَمِعَ شُهُودَهُ وَإِقْرَارَهُ وَتَزْكِيَةَ شُهُودِهِ وَاسْتَمَعَ الْمَأْمُورُ ذَلِكَ وَأَنْهَى لِلْقَاضِي بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَمِعْ ذَلِكَ وَإِنَّ فَائِدَةَ التَّدْقِيقِ وَالِاسْتِكْشَافِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ تَحْقِيقٌ وَتَدْقِيقٌ هَلْ لَدَى الْمُدَّعِي شُهُودٌ عَلَى دَعْوَاهُ. وَهَلْ هُوَ كَاذِبٌ، وَإِذَا كَانَ لَدَيْهِ شُهُودٌ، فَهَلْ شَهَادَتُهُمْ مُوَافِقَةٌ لِلدَّعْوَى، أَوْ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ وَهَلْ هُمْ عُدُولٌ، أَوْ غَيْرُ عُدُولٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا شَهِدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُودَعَةُ إلَيْهِ هَذِهِ الْأُمُورُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَيَحْكُمُ بِمُوجَبِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ. إنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ خَصَّصَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالْقَاضِي وَنَائِبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ وَالْمَنْصُوبِ وَهُوَ أَنَّهُ: إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي دَعْوَى وَبَيِّنَةً وَجَرَى تَعْدِيلُ وَتَزْكِيَةُ الشُّهُودِ وَعُزِلَ الْقَاضِي قَبْلَ حُكْمِهِ فِي الْقَضِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الَّذِي يُنَصَّبُ بَدَلًا عَنْهُ أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ بِالذَّاتِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا اسْتَمَعَ قَاضٍ دَعْوًى وَبَيِّنَةً وَعُزِلَ عَنْ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْحُكْمِ ثُمَّ نُصِّبَ ثَانِيًا قَاضِيًا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَمَعَهَا سَابِقًا بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ مُجَدَّدًا لِأَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ قَدْ انْتَهَى بِالْعَزْلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) . [ (الْمَادَّةُ 1807) لِلْقَاضِي فِي قَضَاءٍ أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى الْأَرَاضِيِ الَّتِي هِيَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ] الْمَادَّةُ (1807) - (لِلْقَاضِي فِي قَضَاءٍ أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى الْأَرَاضِيِ الَّتِي هِيَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ وَلَكِنْ يَلْزَمُ بَيَانُ حُدُودِهَا الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى) . لِلْقَاضِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي قَضَاءٍ أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوِي الْأَرَاضِيِ أَوْ الْعَقَارِ الَّتِي هِيَ فِي قَضَاءٍ آخَرَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَوْجُودًا فِي دَائِرَةِ قَضَاءِ ذَلِكَ الْقَاضِي حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَخَلَ فِي دَائِرَةِ قَضَاءِ ذَلِكَ الْقَاضِي مُسَافِرًا لِأَنَّهُ لَوْ نُصِّبَ قَاضٍ لِدِمَشْقَ فَلَا يَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ قَاضِيًا عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ الْأَصْلِيِّينَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ أَنْتَ قَاضٍ عَلَى أَهَالِيِ دِمَشْقَ الْأَصْلِيِّينَ بَلْ يَكُونُ مَنْصُوبًا قَاضِيًا عَلَى جَمِيعِ سُكَّانِ دِمَشْقَ الْأَصْلِيِّينَ وَالطَّارِئِينَ وَالْمَوْجُودِ فِي دِمَشْقَ مُسَافِرًا وَلَوْ كَانَ أُولَئِكَ الْمُسَافِرُونَ مِنْ أَهَالِيِ بَغْدَادَ أَوْ حَلَبَ فَهِيَ عَامَّةٌ وَشَامِلَةٌ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَاصَّةً بِالْأَرَاضِيِ فَقَطْ إذْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ الْعَقَارِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِذَلِكَ لَوْ وَضَعَتْ الْمَجَلَّةُ عِبَارَةَ عَقَارٍ بَدَلًا مِنْ عِبَارَةِ أَرَاضِي لَكَانَ أَشْمَلَ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ مَوْجُودًا ضِمْنَ قَضَاءِ الْقَاضِي أَمَّا الْمَجَلَّةُ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي صَدَدِ هَذَا الْقَوْلِ: احْذَرْ مِنْ فَهْمِ خِلَافِهِ إذْ يَكُونُ غَلَطًا (الْحَمَوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَوَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ)

(المادة 1808) يشترط أن لا يكون المحكوم له أحدا من أصول القاضي وفروعه

وَلَكِنْ يَلْزَمُ بَيَانُ حُدُودِ تِلْكَ الْأَرَاضِي وَذَلِكَ الْعَقَارُ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1623) مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَعَلَيْهِ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَحَكَمَ بِهَا يَكْتُبُ الْقَاضِي بِتَنْفِيذِ حُكْمِ الْإِعْلَامِ لِلْقَاضِي الْمَوْجُودُ فِي قَضَائِهِ الْعَقَارُ إذْ أَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي يُوجَدُ فِي دَائِرَتِهِ ذَلِكَ الْعَقَارُ يَأْخُذُ الْعَقَارَ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَكَذَلِكَ لِقَاضِي الْقَضَاءِ أَنْ يَفْصِلَ دَعَاوَى الدَّيْنِ وَدَعَاوَى الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ فِي حَقِّ الْأَشْخَاصِ الْمُقِيمِينَ فِي دَائِرَةِ قَضَائِهِ وَلَوْ كَانُوا مَوْجُودِينَ مُؤَقَّتًا، مَثَلًا لَوْ أُقِيمَتْ قَضِيَّةُ دَيْنٍ أَوْ مَنْقُولٍ أَمَامَ قَاضِي دِمَشْقَ مِنْ شَخْصٍ مِنْ أَهَالِيِ بَغْدَادَ عَلَى شَخْصٍ مِنْ أَهَالِيِ بَغْدَادَ مُقِيمِينَ فِي دِمَشْقَ مُؤَقَّتًا وَحَكَمَ قَاضِي دِمِشْقَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ صَحَّ حُكْمُهُ. كَذَلِكَ لَوْ ذَهَبَ شَخْصٌ مِنْ أَهَالِيِ دِمَشْقَ إلَى بَغْدَادَ فَأَقَامَ أَحَدُ أَهَالِي بَغْدَادَ عَلَيْهِ دَعْوَى دَيْنٍ أَمَامَ قَاضِي بَغْدَادَ وَحَكَمَ قَاضِي بَغْدَادَ بِتِلْكَ الْقَضِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ الْحُكْمِ بِدَاعِي أَنَّ قَاضِي بَغْدَادَ لَيْسَ بِقَاضٍ عَلَى دِمَشْقَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا فِي دَائِرَةِ قَضَاءِ قَاضٍ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُسَافَرَةِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ قَضِيَّةَ دَيْنٍ فِي مَحْكَمَةِ حَلَبَ عَلَى شَخْصٍ مُقِيمٍ فِي حِمْصَ فَلَيْسَ لِقَاضِي حَلَبَ أَنْ يَدْعُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَاكَمَةِ وَأَنْ يُحْضِرَهُ جَبْرًا أَوْ يَفْصِلَ الدَّعْوَى فِي غِيَابِهِ فِي حُضُورِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ جَلْبِهِ جَبْرًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) . [ (الْمَادَّةُ 1808) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَحَدًا مِنْ أُصُولِ الْقَاضِي وَفُرُوعِهِ] الْمَادَّةُ (1808) - (يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَحَدًا مِنْ أُصُولِ الْقَاضِي وَفُرُوعِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ زَوْجَتَهُ وَشَرِيكَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ وَأَجِيرَهُ الْخَاصَّ وَمَنْ يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَتِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ دَعْوَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَيَحْكُمَ لَهُ) . لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ فَإِذَا حَكَمَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تُهْمَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَحَدًا مِنْ أُصُولِ الْقَاضِي وَفُرُوعِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ زَوْجَتَهُ أَوْ وَكِيلَهُ أَوْ وَكِيلَ وَكِيلِهِ وَشَرِيكِهِ فِي الْمَالِ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ شَرِكَةَ عَنَانٍ أَوْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ أَوْ وَكِيلَهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ وَكِيلَ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ أَوْ وَكِيلَ وَكِيلِهِمْ أَوْ أَجِيرَهُ الْخَاصَّ أَوْ مَنْ يَتَعَيَّشُ بِنَفَقَتِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ دَعْوَى أَحَدِ هَؤُلَاءِ وَيَحْكُمَ لَهُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1700) بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ هَؤُلَاءِ لِلْقَاضِي. وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى أَحَدٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْقَاضِي وَلِآخَرَ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَيِّ شَيْءٍ لِذَلِكَ الْمُتَوَفَّى كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاضِي أَحَدَ وَرَثَةِ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ.

كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ ابْنَ الْقَاضِي لِيُخَاصِمَ أَحَدًا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي الْقَضِيَّةِ الَّتِي تَوَكَّلَ فِيهَا وَلَدُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ نُصِّبَ ابْنُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِذَلِكَ الْيَتِيمِ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ ابْنُ الْقَاضِي مُوصًى لَهُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ حُكْمًا فِي صَالِحِ الْمُوصَى فَقَطْ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي وَكِيلَ وَصِيِّ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ هُوَ حُكْمُ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي أَصْلِ وَقْفٍ أَوْ فِي غَلَّتِهِ مَشْرُوطَةٍ مَنْفَعَةُ ذَلِكَ الْوَقْفِ لِلْقَاضِي مَثَلًا لَوْ أَقَامَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ مَشْرُوطَةٍ غَلَّتُهُ لِقَاضِي الْبَلْدَةِ دَعْوًى عَلَى آخَرَ فِي حَقِّ عَقَارٍ مُدَّعِيًا أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ هُوَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَسَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْقَاضِي، فَإِذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ آخَرُ مَأْذُونًا بِاسْتِمَاعِ دَعَاوَى الْأَوْقَافِ فَتَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ آخَرُ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَعِبَارَةُ، لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى هَؤُلَاءِ هِيَ نَفْيٌ مُرْتَبِطٌ بِالْحُكْمِ وَلِنَفْيِهِ وَلَيْسَ مُرْتَبِطَةً بِالِاسْتِمَاعِ وَلِنَفْيِهِ. فَلِذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى هَؤُلَاءِ وَأَنْ يُجْرِيَ مُرَافَعَاتِهِمْ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْحَقَّ فِي يَدِ الِاخْتِصَامِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِلْأَخْصَامِ ضِدَّ هَؤُلَاءِ إذْ لَيْسَ فِي هَذَا الْحُكْمِ تُهْمَةٌ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1700) بِأَنَّ شَهَادَةَ الْقَاضِي عَلَى هَؤُلَاءِ جَائِزَةٌ وَإِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّ الْحَقَّ لِهَؤُلَاءِ لَا يَحْكُمُ لَهُمْ وَيُوصَى هَؤُلَاءِ أَنْ يَعْمَلُوا بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مُسْتَثْنًى لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِالْوِصَايَةِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِلْمُتَوَفَّى 0 مَثَلًا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِزَيْدٍ الْمُتَوَفَّى بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَجَاءَ أَحَدُ أَعْمَامِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَادَّعَى فِي مُوَاجِهَةِ الْخَصْمِ بِأَنَّهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ عَلَى الْمُتَوَفَّى زَيْدٍ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِوِصَايَتِهِ وَإِذَا أَدَّى الْقَاضِي بَعْدَ حُكْمِهِ هَذَا دَيْنَهُ الْخَمْسِينَ دِينَارًا لِذَلِكَ الْوَصِيِّ يَبْرَأُ مِنْ دَيْنِهِ. أَمَّا إذَا دَفَعَ الْقَاضِي دَيْنَهُ لِذَلِكَ الْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ ادِّعَائِهِ الْوِصَايَةَ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِوِصَايَتِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْوَصِيُّ دَعْوَى لِإِثْبَاتِ وِصَايَتِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي اسْتِمَاعُ تِلْكَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ بِهَا (وَبِخِلَافِ الْوَكَالَةِ عَنْ غَائِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَدِينًا لِلْغَائِبِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ بَعْدَهُ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ لِأَقْرِبَائِهِ وَمَحَارِمِهِ الَّذِينَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ كَحَمَاتِهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَوْ كَانَ حُكْمُهُ لِحَمَاتِهِ فِي حَيَاةِ زَوْجَتِهِ أَوْ حُكْمُهُ لَزَوْجَةِ أَبِيهِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ. حُكْمُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ؛ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّنْوِيرِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ بَيْنَ الْقَاضِي وَالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. أَمَّا صَاحِبُ رَدُّ الْمُحْتَارِ فَقَدْ قَالَ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ يَقُولُ بِجَوَازِ حُكْمِ الْقَاضِي الْعَدْلِ عَلَى عَدُوِّهِ وَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ حُكْمِ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَوْ كَانَ قَاضِيًا عَادِلًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلِأَنَّ الْمَجَلَّةَ فِي الْمَادَّةِ (1702) قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ جَوَازِ

(المادة 1809) إذا كان لأحد دعوى مع قاضي بلدته أو أحد منسوبيه

شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حُكْمُ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي عَدْلًا، أَمَّا اللَّائِقُ فَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى عَدُوِّهِ بِعِلْمِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. أَمَّا إذَا حَكَمَ عَلَى عَدُوِّهِ فِي مُحَاكَمَةٍ عَلَنِيَّةٍ وَفِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِحُضُورِ النَّاسِ بِطَلَبِ الْخَصْمِ الشَّرْعِيِّ وَبِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْعُدُولِ وَبَعْدَ تَحَقُّقِ أَسْبَابِ الْحُكْمِ الْمُوجِبَةِ فَحُكْمُ الْقَاضِي جَائِزٌ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . [ (الْمَادَّة 1809) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى مَعَ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَوْ أَحَدِ مَنْسُوبِيهِ] الْمَادَّةُ (1809) - (إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى مَعَ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَوْ أَحَدِ مَنْسُوبِيهِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فَإِنْ كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ تَحَاكَمَا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ تَرَافَعَا فِي حُضُورِ حَكَمٍ نَصَّبَاهُ بِرِضَاهُمَا، أَوْ فِي حُضُورِ نَائِبِ ذَلِكَ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ، أَوْ فِي حُضُورِ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِبَلْدَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الطَّرَفَانِ بِإِحْدَى هَذِهِ الصُّوَرِ اسْتَدْعَيَا مُوَلًّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ) إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى مَعَ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَوْ أَحَدِ مَنْسُوبِيهِ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ فَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ وُجُوهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - إنْ كَانَ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ تَحَاكَمَا إلَيْهِ كَقَاضِي الْعَسْكَرِ وَقَاضِي الْقَسَّامِ فِي الْآسِتَانَة فَدَعْوَى قَاضِي الْعَسْكَرِ عَلَى أَحَدٍ تُرَى فِي حُضُورِ قَاضِي الْقَسَّامِ وَدَعْوَى قَاضِي الْقَسَّامِ تُرَى فِي حُضُورِ قَاضِي الْعَسْكَرِ وَلِلْقَاضِي الْآخَرِ أَنْ يَجْلِبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمَحْكَمَةِ جَبْرًا بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ فِي هَذَا حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ غَيْرُهُ تَرَافَعَا فِي حُضُورِ حَكَمٍ نَصَّبَاهُ بِرِضَاهُمَا إذَا رَغِبَا فِي ذَلِكَ وَنَصْبُ الْحَكَمِ فِي هَذَا الْوَجْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى رِضَاءِ الطَّرَفَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى الْمُرَافَعَةِ فِي حُضُورِ الْحَكَمِ الَّذِي نَصَّبَهُ أَحَدُهُمَا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ - أَوْ فِي حُضُورِ نَائِبِ ذَلِكَ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَأْذُونًا بِنَصْبِ النَّائِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ لِلْمُرَافَعَةِ فِي حُضُورِ هَذَا النَّائِبِ فَلِذَلِكَ لِلنَّائِبِ إحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَبْرًا إلَى الْمَحْكَمَةِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِذَا كَانَ إحْضَارُهُ غَيْرَ مُمْكِنٍ يَحْكُمُ عَلَيْهِ غِيَابِيًّا حَسْبَ الْأُصُولِ. فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ حَكَمَ نَائِبُ الْقَاضِي لِلْقَاضِي الَّذِي أَنَابَهُ أَوْ لِأَحَدِ مَنْسُوبِيهِ الَّذِينَ وَرَدَ ذِكْرُهُمْ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَحُكْمُهُ صَحِيحٌ وَنَافِذٌ، لِأَنَّ النَّائِبَ الَّذِي يُنَصَّبُ مِنْ طَرَفِ قَاضٍ مَأْذُونٍ بِالْإِنَابَةِ يَكُونُ مَنْصُوبًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1805) وَشَرْحَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَوْ فِي حُضُورِ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِبَلْدَتِهِمْ وَهَذَا يَكُونُ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ وَاتِّفَاقِهِمَا فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَذْهَبَ الطَّرَفَانِ إلَى دَائِرَةِ الْقَاضِي بِرِضَائِهِمَا وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُرَاجِعَ قَاضِي قَضَاءٍ آخَرَ وَأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إجْبَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْحُضُورِ إلَى دَائِرَةِ قَضَائِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ غِيَابِيًّا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) .

(المادة 1810) يجب على القاضي أن يراعي الأقدم فالأقدم

وَلِلْقَاضِي الْآخَرِ الَّذِي يُرَاجِعُهُ الطَّرَفَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى ذَيْنِك الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا إنَّنِي لَسْت قَاضِيَ بَلْدَتِكُمْ فَلَا أَسْتَمِعُ دَعْوَاكُمَا كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 1807. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الطَّرَفَانِ بِإِحْدَى هَذِهِ الصُّوَرِ اسْتَدْعَيَا مَوْلًى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ. لَا يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُمَا آنِفًا، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ رِضَاءُ الطَّرَفَيْنِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ أَمَّا حَقُّ اسْتِدْعَاءِ الْمَوْلَى فَهُوَ عَائِدٌ لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ لِاسْتِدْعَاءِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ آبَائِهِ حُكْمٌ. الْمَوْلَى: هُوَ الْقَاضِي يُنَصَّبُ لِفَصْلِ دَعَاوٍ مُعَيَّنَةٍ بِسَبَبِ وُجُودِ مَحْذُورٍ مِنْ فَصْلِ قَاضِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَهَا أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ كَالْمَوَانِعِ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلِذَلِكَ لَوْ نُصِّبَ مُوَلًّى مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لِفَصْلِ دَعْوَى فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُمْنَعَ عَنْ الْمُرَافَعَةِ فِي حُضُورِ ذَلِكَ الْمَوْلَى وَلِلْمُوَلَّى أَنْ يَدْعُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الِاقْتِضَاءِ وَأَنْ يُعَيِّنَ وَكِيلًا مُسَخَّرًا حَالَ غِيَابِهِ وَيُجْرِيَ الْمُحَاكَمَةَ وَيَحْكُمَ فِي الْقَضِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1810) يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ الْأَقْدَمَ فَالْأَقْدَمَ] الْمَادَّةُ (1810) - (يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ الْأَقْدَمَ فَالْأَقْدَمَ وَلَكِنْ إذَا كَانَتْ الْحَالُ وَالْمَصْلَحَةُ تَقْضِي بِتَعْجِيلِ دَعْوَى وَرَدَتْ مُؤَخَّرًا يُقَدِّمُ رُؤْيَتَهَا) يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ الْأَقْدَمَ فَالْأَقْدَمَ فِي رُؤْيَةِ الدَّعْوَى يَعْنِي يَرَى دَعْوَى مَنْ جَاءَ أَوَّلًا وَدَعْوَى مَنْ جَاءَ ثَانِيًا بَعْدَ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ هَذَا التَّرْتِيبِ فَلِذَلِكَ يَأْمُرُ الْقَاضِي أَحَدَ أُمَنَائِهِ لِيَعْلَمَ بِوَاسِطَتِهِ تَرْتِيبَ حُضُورِ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَهَذَا الْأَمِينُ يُحَرِّرُ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَثَالِثًا وَيُدْخِلُ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ مَنْ جَاءَ أَوَّلًا كَمَا أَنَّهُ يُدْخِلُ مَنْ جَاءَ ثَانِيًا وَهَلُمَّ جَرًّا (الزَّيْلَعِيّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْمَحْكَمَةِ دَعَاوَى كَثِيرَةٌ وَغَيْرُ مُمْكِنٍ فَصْلُهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَفْصِلُ دَعْوَى - وَاحِدَةً - لِكُلِّ مُدَّعٍ حَسَبَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْصِلَ دَعَاوَى عَدِيدَةً لِمُدَّعٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يُؤَجِّلَ دَعَاوَى الْمُدَّعِينَ الْآخَرِينَ أَمَّا إذَا كَانَ أَرْبَابُ الْقَضَايَا قَلِيلِينَ وَكَانَ مُمْكِنًا فَصْلُ جَمِيعِ الْقَضَايَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَرَى دَعَاوَى عَدِيدَةً لِمُدَّعٍ وَاحِدٍ. مَحَلُّ الِانْتِظَارِ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَيِّنَ لِأَرْبَابِ الْمَصَالِحِ الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ فَصْلَ دَعَاوِيهِمْ مَحَلَّ انْتِظَارٍ لِلرِّجَالِ وَمَحَلَّ انْتِظَارٍ آخَرَ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَيَّنَ يَوْمًا مَخْصُوصًا لِرُؤْيَةِ قَضَايَا النِّسَاءِ يَكُونُ أَوْفَقَ - لِلْحَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) . أَمَّا إذَا كَانَتْ دَعْوَى امْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ وَدَعْوَى رَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ فَيَحْضُرُ كِلَاهُمَا أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1799) وَشَرْحَهَا.

(المادة 1811) يجوز استفتاء القاضي من غيره عند الحاجة

وَلَكِنْ إذَا كَانَ تَعْجِيلَ دَعْوَى وَرَدَتْ مُؤَخَّرًا - مِنْ إيجَابِ الْحَالِ وَالْمَصْلَحَةِ كَأَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا غَرِيبَ الدِّيَارِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَشْرُوعَةِ فَيُقَدَّمُ رُؤْيَتُهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَاوَى. وَيُعَدُّ غَرِيبًا مَنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ أَيْ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ أَنْ يَذْهَبَ وَيَنَامَ عِنْدَ أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1811) يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ] الْمَادَّةُ (1811) - (يَجُوزُ اسْتِفْتَاءُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ) . فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَبَهَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَفْهَمْهَا يَسْتَشِيرُ عُلَمَاءَ بَلْدَتِهِ شِفَاهًا أَوْ يَسْتَشِيرُ لَدَى الْإِيجَابِ عُلَمَاءَ بَلْدَةٍ أُخْرَى مُكَاتَبَةً فَإِذَا وَافَقَ رَأْيُ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ رَأْيَ الْقَاضِي فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِمُوجَبِ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي أَيُّ رَأْيٍ وَعِلْمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِقَوْلِ وَفَتْوَى أُولَئِكَ الْعُلَمَاءِ وَإِذَا اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ فَيَعْمَلُ الْقَاضِي بِقَوْلِ الْأَفْقَهِ وَالْأَكْثَرِ دِيَانَةً. وَالْمُفْتِي عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُجْتَهِدِ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فَلَيْسَ بِمُفْتٍ فَذَلِكَ إذَا سُئِلَ وَاسْتُفْتِيَ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَسْأَلَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكَانَ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ فَيَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الْمُفْتِي أَنْ يُجِيبَ عَلَى الْفَتْوَى بِطَرِيقِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَدَاوَلَةِ وَالْمَنْسُوبَةِ إلَى الْمُجْتَهِدِينَ فَلِذَلِكَ فَالْمَفَاتِي الْمُعَيَّنُونَ رَسْمِيًّا مِنْ طَرَفِ الْحُكُومَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ قَدْ اتَّخَذُوا أُصُولًا حِينَ تَحْرِيرِهِمْ الْفَتْوَى أَنْ يُحَرِّرُوا فِي طَرَفِ الْفَتْوَى مَأْخَذَهَا وَالْكِتَابَ الْمَنْقُولَةَ عَنْهُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ نَحْوَ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّآلِيفِ الْمَشْهُورَةِ لِلْمُجْتَهِدِينَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُمْ أَوْ الْمَشْهُورِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) أَوْصَافُ الْمُفْتِي: أَوَّلًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي صَالِحًا وَحَسَبَ الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لَا يُعْمَلُ بِفَتْوَى الْمُفْتِي الْفَاسِقِ وَلَا تَجُوزُ فَتْوَاهُ لِأَنَّ الْفَتْوَى مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَقَوْلُ الْفَاسِقِ فِي الدِّينِ غَيْرُ مَقْبُولٍ حَيْثُ قَدْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ الْفَاسِقِ لِلدِّينِ (الْفَتْحُ) وَإِنَّ عِنَايَةَ الْبَارِي عَزَّ وَجَلَّ فِي تَحْقِيقِ الْوَاقِعَاتِ الشَّرْعِيَّةِ تَحْصُلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَبِالتَّمَسُّكِ بِحَبْلِ التَّقْوَى وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282] إنَّ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى رَأْيِ مَنْ اتَّخَذَ الْمَعَاصِيَ دَيْدَنًا لَهُ فِي إخْرَاجِ دَقَائِقِ كُنُوزِ الْفِقْهِ يَكُونُ قَدْ اعْتَمَدَ عَلَى مَنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ إذْ أَنَّ مَنْ لَا يَسْتَنِيرُ بِنُورِ اللَّهِ لَا نُورَ لَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَانِيًا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُفْتِي مُتَيَقِّظًا وَوَاقِفًا وَعَالِمًا بِحِيَلِ وَدَسَائِسِ النَّاسِ، وَالْأَحْسَنُ لِلْمُفْتِي أَنْ يَجْمَعَ الْمُسْتَفْتِيَ مَعَ خَصْمِهِ وَبَعْدَ الْبَحْثِ مَعَهُمَا يُعْطِي الْفَتْوَى لِمَنْ يَظْهَرُ الْحَقُّ فِي جَانِبِهِ وَأَنْ يَقُولَ فِي فَتْوَاهُ: إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ كَذَا فَالْحَقُّ لَك وَإِذَا كَانَتْ كَذَا فَالْحَقُّ لِلْخَصْمِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ يَخْتَارُ الْمُسْتَفْتِي الصُّورَةَ النَّافِعَةَ لَهُ وَلَا يَعْجِزُ عَنْ إثْبَاتِهَا بِالزُّورِ. ثَالِثًا: يَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ وُكَلَاءِ الدَّعَاوَى الْمُعَانِدِينَ لِلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَا يُرْضِي هَؤُلَاءِ إلَّا ثَبَاتُ دَعْوَى مُوَكِّلِيهِمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَهُمْ مَهَارَةٌ فِي الْحِيَلِ وَالتَّزْوِيرِ وَقَلْبِ الْكَلَامِ وَتَصْوِيرِ الْبَاطِلِ فِي صُورَةِ الْحَقِّ فَإِذَا اسْتَحْصَلَ عَلَى فَتْوَى يَصِلُ إلَى غَرَضِهِ الْفَاسِدِ بِالتَّغَلُّبِ عَلَى خَصْمِهِ قَهْرًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي إعَانَةُ ذَلِكَ عَلَى الضَّلَالِ فَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ مَنْ يَجْهَلُ أَهْلَ زَمَانِهِ فَهُوَ جَاهِلٌ فَأَحَدُ هَؤُلَاءِ

الْوُكَلَاءِ يَسْأَلُ الْمُفْتِي عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ الْمُتَيَقِّظَ يَفْهَمُ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّ قَصْدَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوُصُولُ إلَى غَرَضِهِ الْفَاسِدِ كَمَا شَاهَدْنَا كَثِيرًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَفْلَةَ الْمُفْتِي يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ عَظِيمٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَائِل الْقَضَاءِ) . رَابِعًا: يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُفْتِي أَصَمَّ فَإِذَا كَانَ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْحُكُومَةِ لِلْإِفْتَاءِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ السَّمْعِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِكُلِّ سَائِلٍ أَنْ يُحَرِّرَ سُؤَالَهُ عَلَى وَرَقَةٍ وَأَنْ يُقَدِّمَهَا لِلْمُفْتِي كَمَا أَنَّهُ يَحْضُرُ الطَّرَفَانِ الْمُتَخَاصِمَانِ فِي حُضُورِ الْمُفْتِي وَيَصْدُرُ كَلَامٌ مِنْ أَحَدِهِمَا يُؤَيِّدُ إبْطَالَهُ فَإِذَا كَانَ لَا يَسْمَعُ ذَلِكَ فَيُؤَدِّي فَتْوَاهُ عَلَى الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ فَيَضِيعُ حَقُّ خَصْمِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُفْتِي غَيْرَ مَنْصُوبٍ لِلْفَتْوَى فَلَا ضَرُورَةَ لَأَنْ يَكُونَ صَحِيحَ السَّمْعِ لِأَنَّ فَتْوَاهُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيَانِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَتَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ فَقَطْ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كُتِبَ لَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ جَازَ الْعَمَلُ بِفَتْوَاهُ. وَمَسْأَلَةُ وُجُوبِ إفْتَاءِ الْمُفْتِي بِأَيِّ قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ قَدْ وَضَحَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1801) فَلْيُرْجَعْ إلَيْهَا. وَفِي زَمَانِنَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْخِلَافَةِ الْعَلِيَّةِ: دَائِرَةٌ لِلْفُتْيَا وَهِيَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى دَائِرَتَيْنِ فَإِحْدَاهُمَا غُرْفَةُ الْفَتْوَى وَيَرْأَسُهَا الْمُوَظَّفُ الْمُسَمَّى بِرَئِيسِ الْمُسْوَدِّينَ وَأُخْرَاهُمَا تُسَمَّى غُرْفَةُ الْإِعْلَامَاتِ وَيَرْأَسُهَا مُمَيِّزُ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي هَاتَيْنِ الْغُرْفَتَيْنِ يَشْتَغِلُ عَدَدٌ مِنْ الذَّوَاتِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ الْيَدِ الطُّولَى فِي الْعُلُومِ الْآلِيَةِ وَالْعَالِيَةِ وَأَكْثَرُهُمْ مِنْ الْمُدَرِّسِينَ لِلْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ هُمْ تَحْتَ نِظَارَةِ وَإِدَارَةِ الذَّاتِ الْمُسَمَّاةِ بِأَمِينِ الْفَتْوَى. وَيُعْتَنَى فِي الْأَكْثَرِ فِي انْتِخَابِ هَذَا الْحَبْرِ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا فَوْقَ الْعَادَةِ وَفَقِيهًا وَمُتَوَرِّعًا وَفَاضِلًا. وَلَمْ تُشَكَّلْ دَارٌ لِلْفَتْوَى كَهَذِهِ لِلْإِفْتَاءِ قَبْلَ ظُهُورِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ فَالشَّرَفُ الْعَظِيمُ بِتَأْسِيسِ هَذِهِ الدَّارِ يَعُودُ إلَى هَذِهِ الدَّوْلَةِ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ تَأْسِيسِ دَارِ الْفَتْوَى أَنْ يَسْتَفْتِيَ الْمُسْتَفْتُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَيَعْمَلُوا بِالْفَتَاوِي الَّتِي يَسْتَحْصِلُونَ عَلَيْهَا وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُسْتَفْتَى فِيهَا مِنْ دَارِ الْفَتْوَى يُجَابُ عَلَيْهَا إمَّا شِفَاهًا أَوْ تَحْرِيرًا، وَالْجَوَابُ التَّحْرِيرِيُّ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ، تُعْطَى الْفَتْوَى عَلَى ظَهْرِ وَرَقَةِ السُّؤَالِ عَلَى طَرِيقِ الشَّرْحِ. وَهَذَا الشَّرْحُ بِخَتْمٍ مُمَيِّزِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ شُعَبِ دَارِ الْفَتْوَى التَّابِعَةُ لَهَا. الْقِسْمُ الثَّانِي؛ تُعْطَى صُرَّةُ فَتْوَى شَرِيفَةٍ وَتَحْتَوِي عَلَى تَوْقِيعِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهَا فَتْوَى. وَالِاسْتِفْتَاءَات الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ مَحَاكِمِ الْآسِتَانَة الشَّرْعِيَّةِ وَمُلْحَقَاتِهَا تَحْصُلُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ

(المادة 1812) ينبغي للقاضي أن لا يتصدى للحكم إذا تشوش ذهنه

أَنْ يُرْسِلَ مَحْضَرُ الدَّعْوَى صُحْبَةَ كَاتِبِ الْمَحْكَمَةِ مَعَ الطَّرَفَيْنِ إلَى دَارِ الِاسْتِفْتَاءِ وَيُؤْخَذُ الْجَوَابُ شِفَاهًا ثُمَّ يُصْدِرُ الْقَاضِي حُكْمَهُ اسْتِنَادًا عَلَى تِلْكَ الْفَتْوَى. وَقَدْ اُسْتُفْتِيَتْ دَارُ الِاسْتِفْتَاءِ هَذِهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مِنْ قِبَل دُوَلِ أُورُوبَّا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْغَامِضَةِ الْحُقُوقِيَّةِ. [ (الْمَادَّةُ 1812) يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَتَصَدَّى لِلْحُكْمِ إذَا تَشَوَّشَ ذِهْنُهُ] الْمَادَّةُ (1812) - (يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَتَصَدَّى لِلْحُكْمِ إذَا تَشَوَّشَ ذِهْنُهُ بِعَارِضَةٍ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّفَكُّرِ كَالْغَمِّ وَالْغُصَّةِ وَالرُّجُوعِ وَغَلَبَةِ النَّوْمِ) . يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَتَصَدَّى لِلْحُكْمِ الْغَيْرِ ظَاهِرِ الْأَسْبَابِ إذَا تَشَوَّشَ ذِهْنُهُ بِعَارِضَةٍ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّفْكِيرِ فِي الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ كَالْغَمِّ وَالْغُصَّةِ وَالْغَضَبِ وَالسُّرُورِ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَامْتِلَاءِ الْمَعِدَةِ وَغَلَبَةِ النَّوْمِ أَوْ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا بِأَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ وَأَنْ لَا يَكُونَ مُتَأَذِّيًا بِشِدَّةِ الْحَرَارَةِ أَوْ بِشِدَّةِ الْبُرُودَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْخَانِيَّةُ) لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (الْبُخَارِيُّ) . فَإِذَا تَصَدَّى الْقَاضِي لِلْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ يُمْكِنُ أَنْ يُخْطِئَ فِي تَطْبِيقِ الدَّعْوَى عَلَى الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1799) . كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَمْكُثَ فِي الْمُحَاكَمَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً وَأَنْ لَا يُجْهِدَ وَيُتْعِبَ نَفْسَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ أَسْبَابُ الْحُكْمِ ظَاهِرَةً وَبَيِّنَةً فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى فِي تِلْكَ الْحَالَاتِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي. وَالْغَمُّ؛ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ بِمَعْنَى الْغُصَّةِ وَجَمْعُهُ غُمُومٌ وَمَادَّةُ الْغَمِّ بِمَعْنَى السَّتْرِ وَالتَّغْطِيَةِ وَإِطْلَاقُهَا عَنْ الْحُزْنِ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ سُرُورَ الْقَلْبِ. وَالْغُصَّةُ، بِضَمِّ الْغَيْنِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ بِمَعْنَى الضِّيقِ الَّذِي يَحْصُلُ لِلْقَلْبِ فَتَكُونُ الْغُصَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ لِلْغَمِّ. الْغَضَبُ، بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ كَمَالٍ الْوَزِيرُ الْغَضَبَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: هُوَ تَعْسِيرٌ يَحْصُلُ عِنْدَ غَلَيَانِ دَمِ الْقَلْبِ لِإِرَادَةِ الِانْتِقَامِ وَأَوَّلُ الْغَضَبِ غَلَيَانُ الدَّمِ وَغَايَتُهُ إيصَالُ الضَّرَرِ إلَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ (اهـ) . [ (الْمَادَّةُ 1813) يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ التَّدْقِيقَ فِي الْمُرَافَعَاتِ] الْمَادَّةُ (1813) - (يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ التَّدْقِيقَ فِي الْمُرَافَعَاتِ مَعَ عَدَمِ طَرْحِ الدَّعَاوَى فِي زَوَايَا الْإِهْمَالِ) . يَعْنِي يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْرِيَ التَّدْقِيقَاتِ فِي الدَّعْوَى الْمَنْظُورَةِ أَمَامَهُ مَعَ عَدَمِ طَرْحِ الدَّعْوَى فِي زَوَايَا الْإِهْمَالِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1828) . يَعْنِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ الدَّعْوَى بِكُلِّ دِقَّةٍ وَانْتِبَاهٍ وَأَنْ

(المادة 1814) يضع القاضي في المحكمة دفترا للسجلات

يُجْرِيَ التَّدْقِيقَاتِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا نَوْعُ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا الْإِسْرَاعُ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى وَإِجْرَاءِ التَّدْقِيقِ فِي الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1816) بِاسْتِجْوَابِ الْمُدَّعِي وَسُؤَالِ الْقَاضِي عَنْ الْقُيُودِ وَالشُّرُوطِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا تِلْكَ الدَّعْوَى وَتُفْهِمُهَا وَتَحْقِيقُ صِحَّتِهَا ثُمَّ اسْتِجْوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ التَّحْقِيقِ مِنْ صِحَّتِهَا فَإِذَا كَانَ جَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارًا فَبِهَا وَإِذَا كَانَ إنْكَارًا يَسْتَمِعُ الْبَيِّنَةَ وَأَسْبَابَ الثُّبُوتِ. يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي وَهُوَ يُجْرِي الْمُحَاكَمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ لَا يُهَدِّدَ أَوْ يُخِيفَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الْخَوْفَ يُوقِعُ الطَّرَفَيْنِ فِي حَيْرَةٍ وَيَقْطَعُ حُجَّتَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ) . [ (الْمَادَّةُ 1814) يَضَعُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ دَفْتَرًا لِلسِّجِلَّاتِ] الْمَادَّةُ (1814) - (يَضَعُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ دَفْتَرًا لِلسِّجِلَّاتِ وَيُقَيِّدُ وَيُحَرِّرُ فِي ذَلِكَ الدَّفْتَرِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي يُعْطِيهَا بِصُورَةٍ مُنْتَظِمَةٍ سَالِمَةٍ عَنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ وَيَعْتَنِي بِالدِّقَّةِ بِحِفْظِ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ وَإِذَا عُزِلَ سَلَّمَ السِّجِلَّاتِ الْمَذْكُورَةَ إلَى خَلَفِهِ إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ) . يَضَعُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ دَفْتَرًا لِلسِّجِلَّاتِ وَيُقَيِّدُ وَيُحَرِّرُ فِي ذَلِكَ الدَّفْتَرِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي يُعْطِيهَا بِصُورَةٍ مُنْتَظِمَةٍ سَالِمَةٍ عَنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ وَيَعْتَنِي بِالدِّقَّةِ بِحِفْظِ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُسَلِّمُ نُسْخَةً عَنْ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ لِمَنْ حَكَمَ لَهُ وَبِمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُزِيدَ أَوْ يُنْقِصَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي ذَلِكَ الْإِعْلَامِ أَوْ تِلْكَ السَّنَدَاتِ فَلَا يُؤْمَنُ لَهُ لِذَلِكَ وَوَجَبَ أَنْ تُقَيَّدَ تِلْكَ الْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ فِي الدَّفْتَرِ الْمَحْفُوظِ لَدَى الْقَاضِي حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ) . تَعْرِيفُ السِّجِلِّ وَتَقْسِيمُهُ: وَالْمَقْصُودُ مِنْ السِّجِلِّ هُنَا هُوَ الدَّفْتَرُ الْكَبِيرُ الَّذِي يُضْبَطُ وَيُقَيَّدُ فِيهِ وَقَائِعُ النَّاسِ وَالْحُكْمُ الَّذِي يَحْكُمُهُ الْقَاضِي وَالْحُجَّةُ الَّتِي يُصْدِرُهَا عَلَى أَحَدٍ. وَمِنْ الْمُوَافِقِ تَقْسِيمُ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلُهَا: سِجِلُّ نَصْبِ الْوَصِيِّ. ثَانِيهَا: سِجِلُّ نَصْبِ الْقَيِّمِ لِلْأَوْقَافِ. ثَالِثُهَا: سِجِلُّ تَقْدِيرِ النَّفَقَاتِ رَابِعُهَا: سِجِلُّ الْإِعْلَامَاتِ الْحَاوِيَةِ لِلْحُكْمِ، إذْ أَنَّهُ إذَا قُسِّمَتْ الْجِهَاتُ إلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ يَسْهُلُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا لَدَى الْحَاجَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا خُلِطَ الْكُلُّ فَإِنَّ فِي الْكَشْفِ عَنْهُ حِينَئِذٍ عُسْرًا شَدِيدًا (الْفَتْحُ) . وَالْإِعْلَامَاتُ جَمْعُ إعْلَامٍ وَالْإِعْلَامُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَرَقَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي الشَّرْعِيِّ وَإِمْضَائِهِ وَخَتْمِهِ وَهَذَا الْإِعْلَامُ يَحْتَوِي عَلَى صُورَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي مَعَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَنَدَ عَلَيْهَا وَصُورَةِ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ حَاوِيًا دَفْعًا، أَسْبَابَ ثُبُوتِ الدَّفْعِ، وَأَنْ يَشْتَمِلَ فِي خِتَامِهِ عَلَى ذِكْرِ

الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1827) مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْحُكْمِ وَسَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1827) بَعْضُ أُصُولٍ فِي حَقِّ تَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ. السَّنَدَاتُ، جَمْعِ سَنَدٍ وَمَعْنَى السَّنَدِ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَلْجَأُ وَإِطْلَاقُ السَّنَدِ عَلَى الرِّهَانِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى إذْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَسْتَنِدُ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَعَمُّ مِنْ الْحِسِّ وَالْمَعْنَى وَالْمَقْصُودُ مِنْ السَّنَدِ هُنَا الْحُجَّةُ. الْحُجَّةُ، وَتُطْلَقُ الْحُجَّةُ فِي زَمَانِنَا عَلَى الْوَرَقَةِ الَّتِي لَا تَحْتَوِي حُكْمًا بَلْ تَحْتَوِي عَلَى إقْرَارِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَتَصْدِيقِ الْآخَرِ وَخَتْمِ وَإِمْضَاءِ الْقَاضِي الَّذِي نَظَّمَهَا فِي رَأْسِ الْحُجَّةِ خِلَافًا لِلْإِعْلَامِ الَّذِي يُوَقِّعُ الْقَاضِي خَتْمَهُ وَإِمْضَاءَهُ فِي أَسْفَلِهِ وَإِطْلَاقُ سَنَدٍ عَلَى تِلْكَ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهَا يَسْتَنِدُ عَلَيْهَا لَدَى الْحَاجَةِ وَيَتَّخِذُهَا دَلِيلًا لِإِثْبَاتِ مُدَّعَاهُ. لِلْحُجَجِ أَنْوَاعٌ عَدِيدَةٌ وَبَعْضُهَا هُوَ مَا يَأْتِي: حُجَجُ الِاسْتِدَانَةِ وَالْبَيْعِ الْقَطْعِيِّ وَبَيْعِ الِاسْتِغْلَالِ وَالْفَرَاغِ الْقَطْعِيِّ وَالْفَرَاغِ بِالْوَفَاءِ وَفَكِّ الْوَفَاءِ وَالْإِقَالَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَحَوَالَةِ الدَّيْنِ، وَالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَحْمِيلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ وَنَفْيِ الْمِلْكِ وَالْمُصَالَحَةِ وَإِثْبَاتِ الرُّشْدِ وَالْإِبْرَاءِ وَعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ وَعَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَعَقْدِ الْمُضَارَبَةِ وَنَصْبِ الْوَصِيِّ وَغَيْرِهَا. قَدْ أُلِّفَتْ كُتُبٌ لِلصُّكُوكِ تَحْتَوِي عَلَى صُورَةِ تَنْظِيمِ وَتَحْرِيرِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَبِذَلِكَ قَدْ رُبِطَتْ كَيْفِيَّةُ تَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى قَاعِدَةٍ سَالِمَةٍ إلَّا أَنَّ كِتَابَةَ النَّمُوذَجِ عَنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا هَذَا خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سِجِلَّاتِ الْمَحَاكِمِ الْمَحْفُوظَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْبَرِيئَةِ مِنْ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ مَعْمُولٌ بِهَا عِنْدَ الْمَحَاكِمِ لَدَى الِاقْتِضَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1738) . وَقَدْ نُشِرَ فِي 4 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةِ 1296 تَعْلِيمَاتٌ سُنِّيَّةٌ تَتَضَمَّنُ صُورَةَ تَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَالْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ الَّتِي تُنَظَّمُ تَوْفِيقًا لِتِلْكَ التَّعْلِيمَاتِ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ. أَمَّا الْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ الَّتِي نُظِّمَتْ قَبْلَ صُدُورِ تِلْكَ التَّعْلِيمَاتِ فَقَدْ قَرَّرَتْ هَيْئَةُ الْمَجَلَّةِ الْمُلْغَاةِ طَلَبَ شُهُودٍ لِإِثْبَاتِهَا وَسَنَنْقُلُ آتِيًا عَيْنَ الْقَرَارِ الْمَذْكُورِ. وَالْبَيِّنَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهَذِهِ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ أَوْ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي بَعْدَ الْمُحَاكَمَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِكَذَا فَالشَّهَادَةُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ تَكُونُ شَهَادَةً عَلَى مَضْمُونِ الْإِعْلَامِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِعْلَامِ وَالسَّنَدِ هُوَ أَنْ يَسْتَنِدَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَقِّ وَأَنْ يُؤَمِّنَ حَقَّهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِمُحَاكَمَةٍ ثَانِيَةٍ أَوْ إثْبَاتِ أَصْلِ حَقِّهِ ثَانِيَةً وَأَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِ الْإِعْلَامِ الَّذِي اُسْتُحْصِلَ عَلَيْهِ وَأَخْذِ إعْلَامٍ ثَانٍ فَإِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِمَضْمُونِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَيَكُونُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَى

الفصل الرابع ويتعلق بصورة المحاكمة

الْإِعْلَامِ وَالسَّنَدَاتِ غَيْرَ وَافٍ بِالْمَقْصُودِ كَمَا أَنَّ وَفَاةَ الشُّهُودِ أَوْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى مَضْمُونِهِ أَوْ غَيْبَتِهِمْ أَوْ عُرُوضِ أَحْوَالٍ أُخْرَى تُوجِبُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ أَنْ يُصْبِحَ الْإِعْلَامُ وَالسَّنَدُ بِلَا حُكْمٍ بِالْمَرَّةِ وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ لَدَى الْمُقْرِضِ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَاضِهِ وَتَسْلِيمِهِ الْقَرْضَ فَلَا يَحْتَاجُ لِأَخْذِ حُجَّةٍ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ حُجَّةً وَلَيْسَ لَدَيْهِ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى مَضْمُونِهَا فَلَا يَسْتَفِيدُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْحُجَّةِ فَلِذَلِكَ قَدْ أَصْبَحَ مِنْ الضَّرُورِيِّ أَنْ يَعْمَلَ بِمَضْمُونِ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْحُكْمُ جَائِزٌ بِالسِّجِلَّاتِ الَّتِي وُجِدَتْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ سَالِمَةً مِنْ الْحِيلَةِ وَالْفَسَادِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ الْمُجَرَّدِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُصْبِحُ بِانْعِزَالِهِ مُلْحَقًا بِأَفْرَادِ الْأَهَالِيِ وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَا سِيَّمَا أَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِهِ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1585 و 1704) (الزَّيْلَعِيّ بِزِيَادَةٍ) . وَيُفْهَمُ مِنْ بَيَانِ الزَّيْلَعِيّ أَنَّ هَذَا الْقَاضِيَ حَتَّى لَوْ شَهِدَ بَعْدَ عَزْلِهِ مَعَ آخَرَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ أَيْضًا وَمَعَ أَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ قَدْ أَفْتَى بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْقَاضِي عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ مَعَ شَهَادَةِ آخَرَ وَقَدْ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ فِي الْمَادَّةِ (1703) قَدْ قَبِلَتْ قَوْلَ الزَّيْلَعِيّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي سَلَّمَ السِّجِلَّاتِ الْمَذْكُورَةَ إلَى خَلَفِهِ الْقَاضِي إمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا يَطْلُبُ الْقَاضِي اللَّاحِقُ تِلْكَ السِّجِلَّاتِ مِنْ سَلَفِهِ وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْأَمِينُ وَاحِدًا وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَأْخُذُ تِلْكَ السِّجِلَّاتِ مِنْ سَلَفِهِ بِأَمِينٍ عَادِلٍ، إلَّا أَنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَمِينَيْنِ. وَيَجِبُ تَسْلِيمُ تِلْكَ السِّجِلَّاتِ مِنْ السَّلَفِ إلَى الْخَلَفِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ السِّجِلَّاتُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَاةً مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ مَالِ الْقَاضِي أَوْ مَالِ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ فَفِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لِلْخَلَفِ فَإِذَا كَانَتْ مُشْتَرَاةً بِمَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَسَبَبُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ أَنَّ وُجُودَ السِّجِلَّاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي يَدِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ كَانَ لِكَوْنِهِ قَاضِيًا وَلَيْسَ بِصِفَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَلِكَوْنِ صِفَةِ الْقَضَاءِ قَدْ انْتَقَلَتْ لِغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَتْ السِّجِلَّاتُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَاةً مِنْ مَالِ الْقَاضِي أَوْ مِنْ أَمْوَالِ الْخُصُومِ فَسَبَبُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ هُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَشْتَرِهَا تَمَوُّلًا بَلْ اشْتَرَاهَا تَدَيُّنًا كَمَا أَنَّ وَضْعَ الْخُصُومِ تِلْكَ السِّجِلَّاتِ تَحْتَ يَدِهِ هُوَ بِسَبَبِ صِفَتِهِ الْقَضَائِيَّةِ (الزَّيْلَعِيّ) . [الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَيَتَعَلَّقُ بِصُورَةِ الْمُحَاكَمَةِ] [ (الْمَادَّةُ 1815) يُجْرِي الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ عَلَنًا] الْفَصْلُ الرَّابِعُ وَيَتَعَلَّقُ بِصُورَةِ الْمُحَاكَمَةِ الْمَادَّةُ (1815) - (يُجْرِي الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ عَلَنًا وَلَكِنْ لَا يُفْشِي الْوَجْهَ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ) . يُجْرِي الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ عَلَنًا أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَشْخَاصَ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْمُحَاكَمَةَ لِسَمَاعِهَا مِنْ الْحُضُورِ وَيَثْبُتُ لُزُومُ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَنًا بِدَلِيلَيْنِ:

(المادة 1816) إذا أتى الطرفان إلى حضور القاضي لأجل المحاكمة

أَوَّلًا - قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1795) بِأَنَّهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ حُكْمِ الْقَاضِي لَدَى الْإِيجَابِ فَلِذَلِكَ يَقْتَضِي حُضُورَ أَشْخَاصٍ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ لِيَكُونَ شُهُودٌ مِنْهُمْ عِنْدَ اللُّزُومِ. ثَانِيًا - قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ وُجُودَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ مُنْفَرِدًا مُوجِبٌ لِلتُّهْمَةِ. وَلَكِنْ لَا يُفْشِي الْوَجْهَ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إذَا تَمَّتْ الْمُحَاكَمَةُ وَوُجِدَ سَبَبُ وَشُرُوطُ الْحُكْمِ فَالْقَاضِي مَجْبُورٌ بِإِصْدَارِ الْحُكْمِ فَوْرًا حَسَبَ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1828) أَمَّا إذَا لَمْ يُكْمِلْ الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ فَيَكُونُ الشَّكْلُ الَّذِي يَخْتِمُ بِهِ الْمُحَاكَمَةَ غَيْرَ مَعْلُومٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحَقَّ فِي جَانِبِ أَيٍّ مِنْهُمَا فَإِفْشَاءُ الْقَاضِي الْحُكْمَ قَبْلَ إتْمَامِ الْمُحَاكَمَةِ هُوَ تُهْمَةٌ فِي حَقِّ الْقَاضِي. وَمَعَ أَنَّ الْمُحَاكَمَةَ تُجْرَى عَلَنًا إلَّا أَنَّ الْمُشَاوَرَةَ وَالْمُذَاكَرَةَ فِي الْقَضِيَّةِ تُجْرَى خِفْيَةً فَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى الَّتِي تَجْرِي فِيهَا الْمُحَاكَمَةُ مُحْتَاجَةً لِلْمُشَاوَرَةِ وَيَحْتَاجُ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَتَذَاكَرَ فِيهَا مَعَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُذَاكِرُهُمْ خِفْيَةً وَلَا يُذَاكِرُهُمْ عَلَنًا لِأَنَّ الْمُذَاكَرَةَ الْعَلَنِيَّةَ تُزِيلُ مَهَابَةَ الْمَجْلِسِ وَتُوجِبُ اتِّهَامَ النَّاسِ الْقَاضِيَ بِالْجَهْلِ وَتَجْرِي الْمُذَاكَرَةُ فِي ذَلِكَ إمَّا فِي غُرْفَةٍ أُخْرَى أَوْ بِإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنْ غُرْفَةِ الْمُحَاكَمَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1816) إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ] الْمَادَّةُ (1816) - (إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ، يُكَلَّفُ الْمُدَّعِي أَوَّلًا بِتَقْرِيرِ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ قَدْ ضُبِطَتْ تَحْرِيرًا قَبْلَ الْحُضُورِ تُقْرَأُ فَيُصَدَّقُ مَضْمُونُهَا مِنْ الْمُدَّعِي. ثَانِيًا يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي عَلَيْك بِهَذَا الْوَجْهِ فَمَاذَا تَقُولُ) . إذَا أَتَى الطَّرَفَانِ إلَى حُضُورِ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْمُحَاكَمَةِ يَسْأَلُهُمَا الْقَاضِي بِقَوْلِهِ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي 0 عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، فَيُكَلِّفُ الْمُدَّعِي أَوَّلًا بِتَقْرِيرِ دَعْوَاهُ تَوْفِيقًا لِلْأُصُولِ الْمُبَيَّنَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَيُحَرِّرُهُ عَلَى الْوَرَقِ (الْخَانِيَّةُ) . إذَا دَخَلَ الطَّرَفَانِ لِلْمُحَاكَمَةِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُمَا طَرْحُ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِ فَإِذَا حَيَّيَاهُ فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِي رَدُّ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِمَا وَمَعَ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْقَاضِي رَدَّ السَّلَامِ يُقَابِلُ قَوْلَهُمَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِقَوْلِهِ: وَعَلَيْكُمْ وَيَكْتَفِي بِذَلِكَ أَمَّا الشُّهُودُ فَلَهُمْ أَنْ يُحَيُّوا الْقَاضِيَ وَأَنْ يَرُدَّ الْقَاضِي تَحِيَّتَهُمْ (الْخَانِيَّةُ) . وَالْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يَحْضُرَ إلَى الْمَحْكَمَةِ بِالذَّاتِ وَيُقِيمَ دَعْوَاهُ؛ وَإِمَّا أَنْ يُحْضِرَ أَحَدًا فَيُوَكِّلَهُ وَيُسَجِّلَ وَكَالَتَهُ؛ وَإِمَّا أَنْ يَحْضُرَ الْوَكِيلُ حَامِلًا حُجَّةَ تَوْكِيلٍ صَادِرَةً مِنْ الْقَاضِي وَمُصَدَّقَةً مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى وَيَدَّعِيَ بِالْوَكَالَةِ. أَمَّا إذَا أَحْضَرَ أَحَدٌ لِلْمَحْكَمَةِ آخَرَ وَادَّعَى قَائِلًا: إنَّ هَذَا وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَإِنَّ لِي فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ كَذَا دِرْهَمًا وَأَقَرَّ الْمَذْكُورُ بِالْوَكَالَةِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْغَائِبِ فِي مُوَاجِهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ فَلَا تُقْبَلُ " الْخَانِيَّةُ بِزِيَادَةٍ ".

وَيَلْزَمُ الْمُدَّعِي حَسَبَ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنْ يُقَرِّرَ دَعْوَاهُ وَأَنْ يُوَضِّحَهَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَاوِنَ الْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى الْمُحَاسَبَةَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ بَيَانِ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِظْهَارِهِ وَامْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ لِأَنَّ مُعَاوَنَةَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي فِي تَصْحِيحِ دَعْوَاهُ فِيهِ تُهْمَةٌ لِلْقَاضِي وَانْكِسَارٍ لِقَلْبِ الطَّرَفِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمَ الْمُدَّعِيَ - الَّذِي لَا يَعْلَمُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ - الْخُصُومَةَ وَعَلَّمَهُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَنْصُوبٌ لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْعِبَادِ وَالنَّظَرُ فِي هَذَا الْأَمْرِ هُوَ إحْيَاءٌ لِلْحُقُوقِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي عَلِمَ الْمُدَّعِي الْخُصُومَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ ". كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُعِينَ الشُّهُودَ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الطَّرَفَانِ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إعَانَةً لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَيُوهِمُ مَيْلَ الْقَاضِي لِأَحَدِهِمَا فَيُوجِبُ كَسْرَ قَلْبِ الْخَصْمِ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَسْتَحْسِنُ إعَانَةُ الشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1689 ". أَمَّا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إعَانَةُ الشُّهُودِ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِأَلْفٍ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ " 1708 " فَإِذَا لَقَّنَ الْقَاضِي الشُّهُودَ قَائِلًا: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ خَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ فَفَهِمَ الشُّهُودُ مَغْزَاهُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ الْمُدَّعِي أَبْرَأَهُ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَا يَجُوزُ هَذَا التَّلْقِينُ وَالتَّوْفِيقُ " الشِّبْلِيُّ " وَإِنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ قَدْ ضُبِطَتْ تَحْرِيرًا قَبْلَ الْحُضُورِ تَقْرَأُ فَيُصَدَّقُ مَضْمُونُهَا مِنْ الْمُدَّعِي وَمِنْ الْأُصُولِ وَضْعُ إمْضَاءٍ أَوْ خَتْمِ الْمُدَّعِي عَلَى مَحْضَرِ الدَّعْوَى لِلتَّصْدِيقِ وَإِذَا أَكْمَلَ الْمُدَّعِي بَعْضَ النُّقْصَانِ الْوَارِدِ فِي ضَبْطِ دَعْوَاهُ فَيَجِبُ إضَافَةُ ذَلِكَ إلَى الضَّبْطِ ثُمَّ يَنْظُرُ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي وَفِي ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ: الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فَاسِدَةً وَغَيْرَ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُحْتَاجُ لِأَخْذِ جَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الدَّعْوَى لِأَنَّ سَبَبَ الْجَوَابِ مَفْقُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي إنَّ دَعْوَاك فَاسِدَةٌ فَلَا تُسْمَعُ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الْمَجْلِسِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْت هَذَا الرَّجُلَ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَدِيعَةً وَقَدْ تَلِفَ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَاطْلُبْ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْبَدَلِ. فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (777) كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَرُدُّ الْقَاضِي دَعْوَى الْمُدَّعِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ وَهَبَنِي كَذَا مَالًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْنِي إيَّاهُ فَأَطْلُبْ إجْبَارَهُ عَلَى التَّسْلِيمِ. فَبِمَا أَنَّ دَعْوَاهُ هَذِهِ حَسَبَ حُكْمِ (الْمَادَّةِ 837) غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَمَا أَنَّهَا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي الدَّعْوَى بِدُونِ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَعَارَ مَالَهُ إلَى فُلَانٍ وَبِمَا أَنَّنِي قَرِيبٌ لَهُ فَلْيُعِرْنِي إيَّاهُ. فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى حَسَبَ الْمَادَّةِ (1630) فَاسِدَةٌ وَغَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّصْحِيحِ فَيَرُدُّهَا الْقَاضِي بِدُونِ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي مُوَافَقَةً لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَصَحِيحَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي ثَانِيًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْك بِهَذَا الْوَجْهِ فَمَا تَقُولُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِلْقَاضِي سُؤَالُ الْمُدَّعِي عَنْ أَسْبَابِ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ قَبْلَ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي يَكُونُ الْإِقْرَارُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ وَإِذَا أَنْكَرَ تَكُونُ الشَّهَادَةُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ وَيُوجَدُ فَرْقٌ فِي الْحُكْمِ بِهَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ (الدُّرَرُ) الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرَ صَحِيحَةٍ يَعْنِي فَاسِدَةً إلَّا أَنَّهَا قَابِلَةً لِلتَّصْحِيحِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَجْهُولًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ الْقَاضِي: صَحِّحْ دَعْوَاك. إذَنْ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْحَالِ ثَانِيًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُصَحِّحَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَوَّلًا وَلَا يَسْتَجْوِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ تَصْحِيحِ الْمُدَّعِي لَدَعْوَاهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِي لَا يَسْتَحِقُّ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى (الزَّيْلَعِيّ) . مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: قَدْ أَقْرَضْت هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِضْعَةَ دَنَانِيرَ لَا أَعْرِفُ مِقْدَارَهَا فَلْيُؤَدِّهَا لِي فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1719) غَيْرُ صَحِيحَةٍ إلَّا أَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّصْحِيحِ فَيَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: (كَمْ دِينَارًا أَقْرَضْت ثُمَّ عِدَّ وَبَيِّنِ ذَلِكَ وَصَحِّحْ دَعْوَاك) صُورَةُ ضَبْطِ الدَّعْوَى: يَضْبِطُ وَيُحَرِّرُ الْقَاضِي أَوْ يَسْتَكْتِبُ كَاتِبَهُ خُلَاصَةَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِفَادَتَهُ وَإِجَابَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِصُورَةٍ لَا تُغَيِّرُ مَاهِيَّةَ إفَادَتِهِمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ خُلَاصَةَ تُغَيِّرُ أَوْ تُحَرِّفُ إفَادَاتِ الطَّرَفَيْنِ بِصُورَةٍ تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ إذَا بُدِّلَتْ أَقْوَالُ الطَّرَفَيْنِ فِي خُصُوصِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ وَالْمُدَافَعَةِ وَأُفْرِغَتْ بِشَكْلٍ آخَرَ تَتَبَدَّلُ النَّتَائِجُ وَالْأَحْكَامُ وَيَنْتِجُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرُ الطَّرَفَيْنِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُودِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ قَائِلًا: (قَدْ أَوْدَعْتُك كَذَا وَدِيعَةً فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ وَسَلَّمْتهَا لَك فَأَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُعِيدَهَا لِي) فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا دَعْوَاهُ قَائِلًا: إنَّك لَمْ تُودِعْنِي أَيَّ شَيْءٍ مُطْلَقًا فَإِذَا حَرَّرَ هَذَا الْإِنْكَارَ بِالضَّبْطِ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ قَدْ أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ يَكُونُ ذَلِكَ بَاعِثًا لِضَرَرِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي الْإِيدَاعَ وَالتَّسْلِيمَ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدِعِ الْوَدِيعَةَ بِقَوْلِهِ لَمْ تُسَلِّمْنِي شَيْئًا مُطْلَقًا ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمُسْتَوْدِعُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُضْبَطْ إنْكَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذِكْرِ اللَّفْظِ الَّذِي قَالَ وَاكْتَفَى بِأَنْ حَرَّرَ فِي الضَّبْطِ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ قَدْ أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ وَنُسِيَتْ صُورَةُ إنْكَارِهِ فَلِلْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يُثْبِتَ الرَّدَّ إذْ أَنَّ إثْبَاتَ الرَّدِّ مَقْبُولٌ حَسَبَ مَحْضَرِ الدَّعْوَى وَيَنْتُجُ عَنْ ذَلِكَ ضَرَرُ الْمُودِعِ.

(المادة 1817) إذا أقر المدعى عليه ألزمه القاضي بإقراره

كَذَلِكَ لَوْ أَجَابَ الْمُسْتَوْدِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُودِعِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَحَرَّرَ فِي الضَّبْطِ بِأَنَّك لَمْ تُودِعْنِي شَيْئًا مُطْلَقًا يَتَضَرَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِإِثْبَاتِ إعَادَةِ الْوَدِيعَةِ. [ (الْمَادَّةُ 1817) إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ] الْمَادَّةُ (1817) - (إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ وَإِذَا أَنْكَرَ طَلَبَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُدَّعِي) إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ أَيْ أَلْزَمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1587) لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ تَكُونُ قَدْ حَصَلَتْ حُجَّةٌ مُلْزِمَةٌ لِلْحُكْمِ. قَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عِبَارَةَ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ أَمَّا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَقَدْ ذَكَرَتْ عِبَارَةَ حُكْمِ الْقَاضِي لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الْحُكْمِ فِي الدَّعَاوَى الثَّابِتَةِ بِالْإِقْرَارِ هُوَ اسْتِعْمَالٌ مَجَازِيٌّ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَهَذَا اللُّزُومُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي. وَالْقَضَاءُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ عِبَارَةٌ عَنْ إلْزَامٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ مُقْتَضَى الْإِقْرَارِ. أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَلَيْسَتْ حُجَّةً بِنَفْسِهَا كَالْإِقْرَارِ وَحُجِّيَّتُهَا تَحْصُلُ بِحُكْمِ الْقَاضِي لِأَنَّ الشَّهَادَةَ خَبَرٌ فَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَبِحُكْمِ الْقَاضِي يَسْقُطُ احْتِمَالُ الْكَذِبِ وَيَكُونُ دَلِيلًا لِلدَّعْوَى. وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ وَالْبَيِّنَةَ لَمْ تَكُنْ حُجَّةً فِي نَفْسِهَا فَإِذَا أَثْبَتَ وُقُوعُ الْإِقْرَارِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ مُوجِبًا لِلْإِلْزَامِ بِعَكْسِ الشَّهَادَةِ إذْ لَوْ ثَبَتَ وُقُوعُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ وُقُوعُهَا مُوجِبًا لِلْإِلْزَامِ " الْبَحْرُ " وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَحَكَمَ الْقَاضِي بِمُوجِبِ إقْرَارِهِ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1589) أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَرَجَعَ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي بِإِلْزَامِهِ بِإِقْرَارِهِ وَادَّعَى بِأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي حَيْثُ إنَّ وُقُوعَ الْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يَرْفَعُ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ الْكَذِبُ فِي الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي كَمَا يُحْتَمَلُ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ الْوَاقِعِ فِي غِيَابِ الْقَاضِي " الْخَيْرِيَّةُ " إلَّا أَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ إذَا حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَجْرِي التَّحْلِيفُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ إنْكَارًا يَطْلُبُ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ إذْ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ خَاطَبَ مُدَّعِيًا بِقَوْلِهِ «أَلَدَيْكَ بَيِّنَةٌ. فَأَجَابَ الْمُدَّعِي بِلَا: فَقَالَ النَّبِيُّ الْكَرِيمُ لَك تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِتَرْتِيبِهِ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْبَيِّنَةِ دَلَّ عَلَى لُزُومِ طَلَبِ الْبَيِّنَةِ أَوَّلًا لِتَمْكِينِ الْمُدَّعِي مِنْ الِاسْتِحْلَافِ " الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى ". فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ بَيِّنَتِي فِي دَاخِلِ الْمَدِينَةِ أَوْ فِي مَجْلِسِ الْمَحْكَمَةِ إلَّا أَنَّنِي أَطْلُبُ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أُقِيمُ الشُّهُودَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ بَيِّنَتُهُ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ

بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَتْ بَيِّنَتُهُ حَاضِرَةً فِي الْمَدِينَةِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْيَمِينِ مُتَرَتِّبَةٌ أَوَّلًا عَلَى عَدَمِ الْبَيِّنَةِ " ثَانِيًا " إنَّ الْيَمِينَ خَلَفٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْحَلِفِ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْبَيِّنَةُ مَا لَمْ يَحْصُلْ الْعَجْزُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَمَّا إذَا كَانَ الشُّهُودُ فِي مَحَلِّ سَفَرٍ بَعِيدٍ أَوْ كَانُوا مَرْضَى فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُكَلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِالْإِجْمَاعِ " الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ. وَالْبَيِّنَةُ إمَّا أَنْ تُقَامَ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي كِتَابِ الْبَيِّنَاتِ أَوْ تُقَامَ لِإِثْبَاتِ حُكْمِ الْقَاضِي وَتَتَوَضَّحُ هَذِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1821) " الْبَهْجَةُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ. وَإِذَا أَنْكَرَ. حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يَجُوزُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْكَارُ الدَّعْوَى فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ وَكَانَ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْكَارُ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاقِفًا وَعَالِمًا بِحَقِّ الْمُدَّعِي فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِنْكَارُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتِي الذِّكْرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُنْكِرَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَوْ كَانَ وَاقِفًا عَلَى حَقِّ الْمُدَّعِي الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - دَعْوَى الْعَيْنِ - إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي قَائِلًا إنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَيْته مِنْك فِيهِ كَذَا فَلِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ وَاقِفًا عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَنْ يُنْكِرَ وُجُودَهُ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَيَرُدَّهُ إلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ بِدُورِهِ أَنْ يَرُدَّهُ لِلْبَائِعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لِوَصِيِّ الْمُتَوَفَّى أَنْ يُنْكِرَ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . الْحُكْمُ الثَّانِي: لَا تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُقِرِّ بَلْ يَجِبُ إقَامَتُهَا عَلَى الْمُنْكِرِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1776) أَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ الدَّعْوَى بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْإِقْرَارِ مَعًا يَحْكُمُ فِيهَا بِالْإِقْرَارِ. مَثَلًا؛ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ نَعَمْ إنَّ لَك فِي ذِمَّتِي هَذَا الْمَبْلَغَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ. الْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِقْرَارِ إثْبَاتُ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَوَقَّعُ فِيهَا ضَرَرُ غَيْرِ الْمُقِرِّ إذَا لَمْ تُقَمْ الْبَيِّنَةُ. إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الدَّعْوَى وَالْأَشْبَاهُ) . الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ دَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْوَارِثُ فَلِلْمُدَّعِي لِتَعَدِّيَةِ الْحُكْمِ أَيْ لِجَعْلِهِ سَارِيًا عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ بِالشُّهُودِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1642) (الْحَمَوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لِلْمُدَّعِي إثْبَاتُ الْوِصَايَةِ بِالشُّهُودِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا. مَثَلًا؛ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّنِي وَصِيٌّ عَنْ فُلَانٍ الْمُتَوَفَّى وَإِنَّ لِلْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ فِي ذِمَّةِ

الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا دِرْهَمًا فَلْيَرُدَّهَا إلَيَّ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ وِصَايَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوِصَايَةِ لِأَنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ اعْتِمَادًا عَلَى الْإِقْرَارِ فَقَطْ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا أَنْكَرَ الْوَارِثُ الْوِصَايَةَ أَمَّا لَوْ دَفَعَ بَعْدَ الْبُرْهَانِ فَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِهَا، مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِوَكَالَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ (الْوَاقِعَاتُ) . كَذَلِكَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يُثْبِتَ وَكَالَتَهُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِوَكَالَتِهِ؛ إذْ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ لِلْوَكِيلِ بِلَا بَيِّنَةٍ يَتَضَرَّرُ لِأَنَّهُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ الْوَكَالَةَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - إذَا أَقَرَّ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَأَقَامَ الرَّاجِعُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ تُقْبَلُ، وَلِلْمَرْجُوعِ إلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ إذْ أَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِالْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِيُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ (الْبَحْرُ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا أَقَرَّ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ بِالدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فَالْمُدَّعِي مَجْبُورٌ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ " الْحَمَوِيُّ ". الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا ادَّعَى الْعَقَارَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا أَنَّهُ مِلْكِي فَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ وَضَاعَةَ يَدِهِ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِوَضَاعَةِ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1754) " الْحَمَوِيُّ ". الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - إذَا آجَرَ أَحَدٌ مَالَهُ لِآخَرَ ثُمَّ بَعْدَ تَأْجِيرِهِ آجَرَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي فِي حُضُورِ الْمُؤَجِّرِ وَأَقَرَّ الْمُؤَجِّرُ بِأَنَّهُ آجَرَ الْعَقَارَ أَوَّلًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعَاهُ (الْأَشْبَاهُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لِلْمُوصَى لَهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُثْبِتَ مُدَّعَاهُ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْمُقِرِّ (الْأَشْبَاهُ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ لِلْوَكِيلِ تُقْبَلُ (الْوَاقِعَاتُ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لِلْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ دَيْنَهُ عَلَى الْمَحْجُورِ الْمَدِينِ أَوْ السَّفِيهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1576) . أَوْصَافُ الشُّهُودِ وَأَشْكَالُهُمْ. لِلْقَاضِي أَنْ يَذْكُرَ فِي مَحْضَرِ الدَّعْوَى أَسْمَاءَ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ الْمُدَّعِي وَأَسْمَاءَ الْخُصُومِ وَنَسَبَهُمْ وَأَشْكَالَهُمْ وَأَوْصَافَهُمْ وَمَحَلَّ إقَامَتِهِمْ وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَجْتَنِبَ ذِكْرَ الْأَوْصَافِ الْمُوجِبَةِ لِلْخَجَلِ أَوْ الْعَارِ كَأَنْ يَصِفَهُمْ بِالْأَعْوَرِ أَوْ الْأَحْوَلِ أَوْ الْأَحْدَبِ

يَضْبِطُ الْقَاضِي أَقْوَالَ الشُّهُودِ وَيُقَابِلُهَا بِالدَّعْوَى فَإِذَا وَجَدَهَا مُوَافِقَةً يَقْبَلُهَا وَإِلَّا فَيَرُدُّهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1706 ". فَهَؤُلَاءِ الشُّهُودُ إمَّا أَنْ يَسْمَعَهُمْ بِالذَّاتِ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَمَعَ الدَّعْوَى وَسَيَحْكُمُ بِهَا وَقَدْ بَيَّنَ تَفْصِيلَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيِّنَاتِ وَالتَّحْلِيفِ وَإِمَّا أَنْ يَحْكُمَ بِالدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي اسْتَمَعَهَا قَاضٍ غَيْرُهُ وَيُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ، وَسَيُفَصِّلُ الْكِتَابُ الْحُكْمَ فِي اللَّائِحَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ. مُلْحَقٌ فِي حَقِّ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَتَحْتَوِي عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَسِتَّةِ مَبَاحِثَ وَخَاتِمَةٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي إيضَاحِ كِتَابِ الْقَاضِي، إلَى الْقَاضِي. وَبَيَانُ بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي يُرْسِلُهُ قَاضِي بَلْدَةٍ إلَى قَاضِي بَلْدَةٍ أُخْرَى يَتَضَمَّنُ ادِّعَاءَ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ غَائِبًا وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فِي بَلْدَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَاسْتِمَاعِ الْقَاضِي لِلدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَإِجْرَاءِ التَّزْكِيَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْقَاضِي الْمُرْسِلِ الْكِتَابَ. الْقَاضِي الْكَاتِبُ؛ وَعَلَى الْقَاضِي الْمُرْسَلُ إلَيْهِ. الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ. قِيلَ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ فَالدَّعْوَى تُقَامُ فِي مُوَاجَهَتِهِ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَالْقَاضِي يُصْدِرُ الْحُكْمَ " الْهِنْدِيَّةُ ". إنَّ هَذَا الْكِتَابَ لَا يَتَضَمَّنُ فِي الْحَقِيقَةِ حُكْمًا أَوْ قَضَاءً بَلْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الشَّهَادَةِ فَتَسْمِيَتُهُ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولَ إلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيُّ) . قِيلَ لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الشَّهَادَةِ: لِأَنَّ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ يَنْقُلُ شَهَادَةَ الْأُصُولِ كَنَقْلِ شُهُودِ الْفُرُوعِ بِشَهَادَتِهِمْ شَهَادَةَ شُهُودِ الْأُصُولِ (الشِّبْلِيُّ) فَلِذَلِكَ لَا حَاجَةَ لِإِحْضَارِ الْخَصْمِ فِي ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . سُؤَالٌ - مَا دَامَ أَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ يَسْتَمِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ فِي الدَّعْوَى وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ؟ الْجَوَابُ - لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ إذْ قَدْ بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1830) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حِينَ الْحُكْمِ حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَعَدَمُ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ هُوَ عَلَى رَأْيِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَمَّا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الْآخَرِينَ فَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ فَلِذَلِكَ إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي الَّذِي يَرَى جَوَازَ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ الدَّعْوَى فِي غِيَابِ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ بِهَا وَعَرَضَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى قَاضٍ آخَرَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَقْبَلَ هَذَا الْحُكْمَ وَيُنَفِّذَهُ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1832) . (الزَّيْلَعِيّ والْفَتْحُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ هُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى أَصْلِ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي غِيَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ غِيَابِ نَائِبِهِ بِحُضُورِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ كَمَا أَنَّ شُهُودَ الطَّرِيقِ هُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْقِيَاسُ هُوَ عَدَمُ قَبُولِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ لَوْ ذَهَبَ بِالذَّاتِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَذَكَرَ لَهُ الْأُمُورَ الَّتِي تُدْرَجُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَلَا يَعْمَلُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ مِنْ آحَادِ النَّاسِ فِي بَلْدَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ عَدَمُ عَمَلِ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْكِتَابِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَزْوِيرُ الْكِتَابِ كَمَا أَنَّ الْخَطَّ وَالْخَاتَمَ يَتَشَابَهَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ تَجْوِيزُ الْإِمَامِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ذَلِكَ إذْ أَنَّ شَاهِدَ صَاحِبِ الْحَقِّ يَكُونُ حِينًا فِي بَلْدَةٍ وَيَكُونُ الْخَصْمُ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَيَكُونُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُتَعَذِّرًا فَيُصْبِحُ صَاحِبُ الْحَقِّ مُحْتَاجًا لِلْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَبِشَهَادَةِ شُهُودِ الطَّرِيقِ تَنْتَفِي شُبْهَةُ التَّزْوِيرِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (32) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْحَاجَةَ إذَا كَانَتْ عُمُومِيَّةً تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالزَّيْلَعِيّ) . سُؤَالٌ - لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَمَامَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا صَاحِبُ الْحَقِّ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا حَمَّلَ شُهُودُ الْأَصْلِ شُهُودَ الطَّرِيقِ الشَّهَادَةَ فَيَشْهَدُ شُهُودُ الطَّرِيقِ فِي حُضُورِ قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَنَالُ صَاحِبُ الْحَقِّ حَقَّهُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ؟ الْجَوَابُ - إنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَعْجِزُونَ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَى تَعْدِيلِ شُهُودِ الْأَصْلِ وَهُوَ مُنْذِرٌ لَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ الْغُرْبَةِ أَمَّا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَيَجْرِي تَعْدِيلُ شُهُودِ الْأَصْلِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَلِذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ (الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرُّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّهُ قَدْ جُوِّزَ فِي الْمَادَّةِ (1834) مِنْ الْمَجَلَّةِ الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّةَ حَاجَةٍ إلَى كِتَابِ الْقَاضِي لِلْقَاضِي. الْجَوَابُ - إنَّ جَوَازَ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبُ مُقِيمًا فِي دَائِرَةِ الْقَاضِي الَّذِي سَيُصْدِرُ الْحُكْمَ وَيَتَعَذَّرُ إحْضَارُ الْخَصْمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ (1832) .

الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ: أَوَّلًا - يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَسَافَةُ سَفَرٍ أَيْ مَسَافَةُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَاعَةً؛ وَالْحُكْمُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (التَّنْوِيرُ) وَعَلَيْهِ فَإِرْسَالُ قَاضِيَيْنِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا تِلْكَ الْمَسَافَةُ كِتَابًا حُكْمِيًّا غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَجُوزُ لِلْقُضَاةِ أَنْ يُرْسِلُوا لِبَعْضِهِمْ كِتَابًا حُكْمِيًّا وَلَوْ كَانُوا فِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ مَثَلًا لَوْ كَانَ شَخْصٌ قَاضِيًا عَلَى قِسْمٍ مِنْ بَلْدَةٍ وَآخَرُ قَاضِيًا عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْهَا فَلَهُمَا إرْسَالُ كِتَابٍ حُكْمِيٍّ إلَى بَعْضِهِمَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيَجُوزُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ عَلَى مَسَافَةٍ بِحَيْثُ إذَا كَانَ شُهُودُ الْأَصْلِ فِي مَكَان لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الْعَوْدَةِ إلَى بُيُوتِهِمْ فِي مَسَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيمَا إذَا أَرَادُوا الذَّهَابَ لِلشَّهَادَةِ فِي مَحَلِّ أَصْلِ الدَّعْوَى وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ بِذَلِكَ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ " الْفَتْحُ ". ثَانِيًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يُكْتَبَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْقَاضِي قَاضِيَ بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ وَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ الَّذِي كَتَبَهُ الْمُحَكَّمُ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ " التَّنْوِيرُ ورَدُّ الْمُحْتَارِ ". ثَالِثًا - يُشْتَرَطُ حِينَ كِتَابَةِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَنْ يَكُونَ لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الْوِلَايَةُ فَلِذَلِكَ لَوْ كَتَبَ الْقَاضِي الْكِتَابَ وَقَالَ فِي كِتَابِهِ (إنَّ كِتَابِي هَذَا لِكُلِّ قَاضٍ مُسْلِمٍ يَصِلُ إلَيْهِ) فَوَصَلَ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَى قَاضٍ لَمْ يَكُنْ قَاضِيًا حِينَ تَحْرِيرِ ذَلِكَ الْكِتَابِ بَلْ نُصِّبَ قَاضِيًا بَعْدَ ذَلِكَ التَّارِيخِ فَلَا يُقْبَلُ الْكِتَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْقَاضِي وِلَايَةٌ وَقْتَ الْخِطَابِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يُقْبَلَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مِنْ الْقَاضِي الْمُخَاطَبِ بِهِ بِالذَّاتِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُهُ مِنْ نَائِبِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخِطَابُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ إلَى نَائِبِ الْقَاضِي وَصَرَّحَ فِيهِ بِاسْمِهِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْكِتَابِ مِنْ النَّائِبِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لِمُسْتَنِيبِهِ قَبُولُهُ إذْ أَنَّ الْكِتَابَ يَجِبُ أَنْ يُقْبَلَ مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَقَطْ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ". خَامِسًا - يُشْتَرَطُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وُجُودُ خَمْسَةِ مَعَالِيمَ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ مِنْ الْمَعْلُومِ لِلْمَعْلُومِ فِي الْمَعْلُومِ وَلِلْمَعْلُومِ عَلَيْهِ. وَالْمَعْلُومُ الْأَوَّلُ: الْقَاضِي الْكَاتِبُ، وَالثَّانِي: الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، وَالثَّالِثُ:

الْمُدَّعِي بِهِ، وَالرَّابِعُ: الْمُدَّعِي، وَالْخَامِسُ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ " الشِّبْلِيُّ ". فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ اسْمُ وَنَسَبُ وَشُهْرَةُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَدَعْوَى الْمُدَّعِي الَّتِي أَقَامَهَا أَمَامَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ " 1617 " وَأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ وَنَسَبَ شُهُودِ الْأَصْلِ الَّذِينَ شَهِدُوا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَأَنَّهُمْ شَهِدُوا فِي دَعْوَى فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ الصَّحِيحَةِ بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ شَهَادَةً صَحِيحَةً مُتَّفِقَةَ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَأَنَّهُ تَحَقَّقَ بِأَنَّ الشُّهُودَ الْمَذْكُورِينَ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ أَوَّلًا بِالتَّزْكِيَةِ سِرًّا ثَانِيًا بِالتَّزْكِيَةِ عَلَنًا وَأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ وَنَسَبَ شُهُودِ الطَّرِيقِ. فَلِذَلِكَ لَا يُعْمَلُ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ اسْمُ أَبِ وَجَدَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشُّهُودِ. وَيَجِبُ تَعْرِيفُ الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَقْصَى دَرَجَةٍ حَتَّى لَا يَنْتَحِلَ أَحَدٌ اسْمَ الْآخَرِ وَيَأْخُذَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَذَلِكَ تَعْرِيفُ شُهُودِ الْأَصْلِ أَوْلَى حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ الْغَائِبُ مِنْ مَعْرِفَةِ أَنْسَابِهِمْ حَتَّى إذَا أَرَادَ الطَّعْنَ فِي بَعْضِهِمْ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْمَطْعُونِ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكْتُبْ الْقَاضِي الْكَاتِبُ اسْمَ وَنَسَبَ شُهُودِ الْأَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَكَتَبَ (إنَّ الشُّهُودَ عُدُولٌ وَشَهِدُوا بِذَلِكَ الْحَقِّ عِنْدِي بَعْدَ الِاسْتِشْهَادِ وَقَدْ زَكَّيْتُهُمْ وَعَدَّلْتُهُمْ سِرًّا وَعَلَنًا) فَيَكْفِي ذَلِكَ. فَلِذَلِكَ إذَا كَتَبَ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ بِقَوْلِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ فَلَا يُقْبَلُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَتَبَ مِنْ أَبِي فُلَانٍ إلَى أَبِي فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ أَيْضًا مَا لَمْ تَكُنْ كُنْيَةً مَشْهُورَةً كَأَبِي حَنِيفَةَ، كَذَلِكَ لَوْ ذَكَرَ الِاسْمَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَبَ إلَّا أَنَّهُ نَسَبَ إلَى قَبِيلَةٍ فَلَا يَصِحُّ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ، أَمَّا لَوْ ذَكَرَ اسْمَ أَبِ الشَّاهِدِ وَجَدَّهُ وَتَرَكَ مَا عَدَاهُ فَيَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . سَادِسًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْوَانُ الْكِتَابِ دَاخِلَ الْكِتَابِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ إذَا تَرَكَ الْعِنْوَانَ فِي دَاخِلِ الْكِتَابِ وَاكْتَفَى بِتَحْرِيرِهِ فِي ظَاهِرِ الْكِتَابِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعِنْوَانُ فِي الظَّاهِرِ أَيْضًا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ لُزُومَ وُجُودِ الْعِنْوَانِ فِي بَاطِنِ الْكِتَابِ هُوَ كَانَ لِلْعُرْفِ عِنْدَ مُتَقَدِّمِي الْفُقَهَاءِ وَإِنَّ الْعُرْفَ بَيْنَنَا أَنْ يَكُونَ الْعِنْوَانُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعِنْوَانُ فِي الْبَاطِنِ فَيَكْفِي الْعِنْوَانُ الَّذِي فِي ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَيَجُوزُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ الْكِتَابِ (الزَّيْلَعِيّ) . وَفِي الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ هَكَذَا: سَابِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مُؤَرَّخًا فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى تَارِيخِ الْكِتَابِ

الْحُكْمِيِّ غَيْرِ الْمُؤَرَّخِ لَا يُقْبَلُ " الشِّبْلِيُّ " وَفَائِدَةُ التَّارِيخِ هِيَ أَنَّ الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ الَّذِي سَيَتَلَقَّى كِتَابًا مُؤَرَّخًا يُدَقِّقُ فِي هَلْ أَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ هُوَ قَاضٍ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ بِتَارِيخِ كِتَابِهِ أَمْ لَا (الدُّرَرُ) فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَكُنْ - قَاضِيًا بِتَارِيخِ الْكِتَابِ بَلْ كَانَ قَاضِيًا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَعْمَلُ. بِالْكِتَابِ. ثَامِنًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ فِي غَيْرِ الْحُقُوقِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحَدِّ وَالْقَوَدِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ فِي دَعَاوَى الْقِصَاصِ مَثَلًا لَوْ كَتَبَ قَاضٍ فِي دَعْوَى قِصَاصٍ كِتَابًا حُكْمِيًّا وَحَكَمَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ الْكِتَابِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. وَيُقْبَلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ فِي الْقَرْضِ وَالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَالْعَقَارِ وَفِي جَمِيعِ الْمَنْقُولِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالثِّيَابِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ وَالْمُفْتَى بِهِ وَفِي الْمَغْصُوبِ وَالْأَمَانَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْإِخْرَاجِ عَنْ الْكَفَالَةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَصِيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْوِرَاثَةِ وَالْقَتْلِ الْمُوجَبِ لِلْمَالِ " الْوَلْوَالِجِيَّةِ " يَجِبُ تَعْرِيفُ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَوْصِيفُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَمُشَارٌ إلَيْهِ وَلَمْ يَجْرِ تَعْرِيفُهُ وَتَوْصِيفُهُ يَكُونُ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَدَعْوَى الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ حَسَبَ الْمَادَّةِ (1619) وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ " 626 " مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الدَّيْنَ يُعْلَمُ بِبَيَانِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَلَا يَحْتَاجُ لِلْإِشَارَةِ كَمَا أَنَّ الْعَقَارَ يُعْلَمُ بِالتَّحْدِيدِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ لِلْإِشَارَةِ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 1623 ". كَذَلِكَ إذَا عَرَفَ الْمَنْقُولَ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعِي بِدَرَجَةٍ نِهَائِيَّةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي يَدِ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَكُونُ مَعْلُومًا وَيَجُوزُ فِيهِ أَيْضًا الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ " الدُّرُّ والشُّرُنْبُلاليُّ وَالْقَدِيرُ ". كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ دَعْوَى نِكَاحٍ عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ دَعْوَى نِكَاحٍ عَلَى رَجُلٍ وَطَلَبَا كِتَابًا حُكْمِيًّا فَيُعْطِيَانِ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ دَعْوَى طَلَاقٍ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي كِتَابًا حُكْمِيًّا فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجِيبَهَا إلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الدَّارُ الْمُنَازَعُ فِيهَا فِي مَحَلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَوْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَيَجُوزُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 1807 " يَجُوزُ لِقَاضِي بَلْدَةٍ أَنْ يَفْصِلَ فِي دَعْوَى عَقَارٍ كَائِنٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى. وَلْنُورِدْ بَعْضَ أَمْثِلَةٍ لِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ أَنَّ خَالِدًا الَّذِي هُوَ مِنْ أَهَالِيِ دِمَشْقَ كَفَلَ دَيْنَ كَمَالٍ لِجَمَالٍ بِأَمْرِ كَمَالٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَدَّى خَالِدٌ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِجَمَالٍ وَقَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كَمَالٍ بِمَا أَدَّاهُ سَافَرَ كَمَالٌ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ مُدَّةُ السَّفَرِ كَحَلَبِ فَلِخَالِدٍ أَنْ يَدَّعِي فِي حُضُورِ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَيْ قَاضِي دِمَشْقَ قَائِلًا: إنَّهُ قَدْ كَفَلَ دَيْنَ كَمَالٍ

لِجَمَالٍ بِأَمْرِ كَمَالٍ وَقَدْ أَدَّى الْمَكْفُولُ إلَى جَمَالٍ وَأَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ تِلْكَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ إلَى قَاضِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ حَلَبُ. كَذَلِكَ لِخَالِدٍ أَنْ يَذْهَبَ إلَى قَاضِي بَلْدَتِهِ وَيَدَّعِي قَائِلًا: " إنَّنِي كَفَلْت دَيْنَ جَمَالٍ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهَالِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْبَعِيدَةِ مُدَّةَ السَّفَرِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ كَمَالٍ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا وَبَعْدَ كَفَالَتِي الْمَذْكُورَةِ قَدْ أَخْرَجَنِي جَمَالٌ مِنْ الْكَفَالَةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَنْكَرَ إخْرَاجَهُ لِي وَطَلَبَ مِنِّي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَإِذَا ذَهَبْت إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ يُطَالِبُنِي بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَطْلُبُ اسْتِمَاعَ بَيِّنَتِي عَلَى كَوْنِ جَمَالٍ قَدْ أَخْرَجَنِي مِنْ الْكَفَالَةِ وَأَعْطِنِي كِتَابًا حُكْمِيًّا، فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ يُعْطَى الْكِتَابَ. تَاسِعًا - يُشْتَرَطُ أَنْ يُكْتَبَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ اسْتِنَادًا عَلَى اسْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْكَاتِبُ أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ بِنَاءً عَلَى عِلْمِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فَلِذَلِكَ لَوْ كَتَبَ الْقَاضِي كِتَابًا حُكْمِيًّا لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ قَائِلًا فِيهِ: " إنَّ هَذَا الْمُدَّعِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَإِنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لَدَيَّ لِوُقُوعِ الْإِقْرَاضِ وَالتَّسْلِيمِ فِي حُضُورِي " " الْحَمَوِيُّ " فَلَا يَجُوزُ. عَاشِرًا - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَوَجَّهُ الْخُصُومَةُ فِيهَا عَلَى الْخَصْمِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَتَوَجَّهُ فِيهَا الْخُصُومَةُ مَثَلًا لَوْ تَوَجَّهَ أَحَدٌ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ لَهُ " قَدْ كُنْت مَدِينًا لِزَيْدٍ بْنِ عَمْرٍو بْن بَكْرٍ الْغَائِبِ الْمُقِيمِ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَقَدْ أَدَّيْت لَهُ الدَّيْنَ تَمَامًا أَوْ أَنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ إذَا ذَهَبْتُ إلَى تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُطَالِبَنِي بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَإِنَّ شُهُودِي عَلَى الْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مَوْجُودُونَ هُنَا فَاسْتَمِعْ شُهُودِي وَأُرْسِلْ كِتَابًا حُكْمِيًّا إلَى قَاضِي بَلْدَةِ دَائِنِي الْمَذْكُورِ " فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تُسْتَمَعُ الشُّهُودُ وَلَا يُعْطَى لَهُ كِتَابٌ حُكْمِيٌّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. أَمَّا لَوْ قَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: إنَّنِي أَدَّيْت ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ أَوْ إنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَنِي مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ يُنْكِرُ الْأَدَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ وَقَدْ طَالَبَنِي بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَالْزَمْنِي لِلْمُخَاصَمَةِ أَمَامَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَاطْلُبْ كِتَابَ الْقَاضِي لِإِثْبَاتِ دَفْعِ دَعْوَايَ فَتُسْمَعُ شُهُودُهُ وَيُعْطَى لَهُ كِتَابُ الْقَاضِي " الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْحَمَوِيُّ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ " حَادِيَ عَشْرَ - يُشْتَرَطُ أَنْ يُوقِفَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ شُهُودَ الطَّرِيقِ عَلَى مَضْمُونِ كِتَابِ الْقَاضِي حَيْثُ إنَّ الشُّهُودَ الْمَذْكُورِينَ سَيَشْهَدُونَ أَمَامَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَلَى مَضْمُونِ كِتَابِ الْقَاضِي فَلَا يُمْكِنُهُمْ الشَّهَادَةُ دُونَ الْعِلْمِ. وَقَدْ فَصَّلْت كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْعِشْرِينَ وَإِيقَافُهُمْ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي يَكُونُ بِقِرَاءَةِ الْكِتَابِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِتَفْهِيمِهِمْ مُنْدَرَجَاتِهِ ثَانِي عَشْرَ - يُشْتَرَطُ بَعْدَ طَيِّ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَتَخْتِيمِهِ فِي مُوَاجَهَةِ شُهُودِ الطَّرِيقِ تَسْلِيمُ الْكِتَابِ إلَى الْمُدَّعِي، عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ، وَلُزُومُ التَّخْتِيمِ هُوَ لِمَنْعِ تَوَهُّمِ التَّغْيِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) وَلُزُومُ تَخْتِيمِ الْكِتَابِ فِي مُوَاجِهَةِ شُهُودِ الطَّرِيقِ هُوَ لِيَتَمَكَّنَ الشُّهُودُ الْمَذْكُورُونَ مِنْ الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ جَرَى

التَّخْتِيمُ فِي حُضُورِهِمْ وَلَا يُعْتَبَرُ الْخَتْمُ الَّذِي فِي دَاخِلِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَوْ فِي ذَيْلِهِ فَلَوْ أَنْكَرَ خَتْمَ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى الْكِتَابِ أَوْ كَانَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ مَكْشُوفًا فَلَا يُقْبَلُ وَلَوْ كَانَ فِي ذَيْلِ الْكِتَابِ خَاتَمُ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية) . إلَّا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمَذْكُورُونَ عَلَى مَضْمُونِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ فَيُقْبَلُ الْكِتَابُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَتْمٌ وَحَتَّى لَوْ كَانَ الْكِتَابُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَيَجِبُ تَسْلِيمُ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِلشُّهُودِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الْكِتَابَ لِلشُّهُودِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلَا يَصِحُّ وَالْكِتَابُ الَّذِي لَا يَكُونُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيَكُونُ فِي يَدِ الشُّهُودِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَخْتُومًا ظَهْرُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ثَالِثَ عَشَرَ - إذْ كَانَ سَيُرْسِلُ وَكِيلَ الْمُدَّعِي لِطَلَبِ الْحَقِّ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كِتَابُ الْقَاضِي فِي حَقِّ مَالٍ وَكَانَ الْمُدَّعِي الَّذِي يَطْلُبُ ذَلِكَ الْحَقَّ لَا يَنْوِي الذَّهَابَ إلَى بَلْدَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالذَّاتِ بَلْ يَرْغَبُ فِي إرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْهُ لِأَخْذِ ذَلِكَ الْمَالِ وَتَحْصِيلِهِ فَالْقَاضِي الْكَاتِبُ يُحَلِّفُ هَذَا الْمُدَّعِيَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ وَلَمْ يَقْبِضْ بِالذَّاتِ الْمَالَ الَّذِي يَطْلُبُهُ مِنْ الْغَائِبِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَمْ يُبَرِّئْ ذِمَّةَ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ مِنْ دَعْوَاهُ أَوْ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَهُ أَوْ وَكِيلَهُ قَدْ قَبَضَ كُلَّ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبُ دَفْعًا فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ تَأْدِيَةَ ذَلِكَ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيُوَجِّهُ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءَ الْيَمِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَنْدَفِعُ الدَّفْعُ فَتَقْصُرُ الْمَسَافَةُ (الدُّرُّ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ فِي حَقِّ شَاهِدَيْنِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ مُقِيمٍ فِي بَلْدَةٍ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مُقِيمٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَكَانَ لَهُ شَاهِدٌ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَشَاهِدُهُ الْآخَرُ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى وَطَلَبَ سَمَاعَ دَعْوَاهُ وَشَاهِدَهُ مِنْ قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَالْقَاضِي يَسْتَمِعُ الدَّعْوَى وَالشَّاهِدَ الْوَاحِدَ وَيُعْطَى كِتَابُ الْقَاضِي وَالْمُدَّعِي يُثْبِتُ دَعْوَاهُ بِالشَّاهِدِ الْوَارِدَةِ شَهَادَتُهُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَبِالشَّاهِدِ الْآخَرِ الْمُقِيمِ فِي بَلْدَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ (الْحَمَوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - إذَا كَانَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ لَمْ يُحَرَّرْ فِيهِ اسْمُ الْقَاضِي بَلْ حُرِّرَ فِيهِ عِبَارَةُ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَكَانَ لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ قَاضٍ وَاحِدٌ فَيَكْفِي إضَافَةُ الْقَاضِي وَنِسْبَتُهُ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ وَشُهْرَةِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ حَيْثُ إنَّ كَوْنَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاحِدًا فَبِإِضَافَةِ الْقَاضِي إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ، أَمَّا إذَا كَانَ لِلْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ قُضَاةٌ مُتَعَدِّدُونَ فَلَا يَكْفِي الْإِضَافَةُ لِلْبَلْدَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَا يُزَكِّي الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شُهُودَ الْأَصْلِ الَّذِينَ زُكُّوا سِرًّا وَعَلَنًا مِنْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ أَمَّا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يَجِبُ تَزْكِيَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - يُكْتَبُ عِنْوَانُ كِتَابِ الْقَاضِي عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلًا: يُكْتَبُ الِابْتِدَاءُ بِالتَّعْمِيمِ فَلَا يُكْتَبُ اسْمُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَنَسَبُهُ بَلْ يُكْتَبُ (لِكُلِّ قَاضٍ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا) وَهُوَ كَافٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ. ثَانِيًا: يُكْتَبُ الِابْتِدَاءُ بِالتَّخْصِيصِ فَيُكْتَبُ اسْمُ وَنَسَبُ وَشُهْرَةُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فَيُقَالُ (إلَى قَاضِي غَزَّةَ - السَّيِّدِ عَبْدِ الْحَيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. . . آلِ الْحُسَيْنِيِّ) وَيَصِحُّ ذَلِكَ. ثَالِثًا: يُخَصَّصُ الِابْتِدَاءُ ثُمَّ يُعَمَّمُ فَيُقَالُ (إلَى قَاضِي بَلْدَةِ غَزَّةَ السَّيِّدِ عَبْدِ الْحَيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. . . آلِ الْحُسَيْنِيِّ وَإِلَى كُلِّ قَاضٍ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا) وَيَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كُتِبَ الْكِتَابُ عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ فَلِكُلِّ قَاضٍ يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ الْمَذْكُورُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ (الشِّبْلِيُّ) . رَابِعًا: يُعَمَّمُ الِابْتِدَاءُ ثُمَّ يُخَصَّصُ فَيُقَالُ " إلَى كُلِّ قَاضٍ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا وَإِلَى قَاضِي بَلْدَةِ غَزَّةَ السَّيِّدِ عَبْدِ الْحَيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ آلِ الْحُسَيْنِيِّ. " وَكِتَابَتُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكْفِي عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْفَتْحِ وَالْخُلَاصَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا لَمْ يَصِلْ شُهُودُ الطَّرِيقِ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِسَبَبِ مَرَضِهِمْ أَثْنَاءَ السَّفَرِ وَبَقَائِهِمْ أَوْ رُجُوعِهِمْ إلَى بَلْدَتِهِمْ أَوْ ذَهَابِهِمْ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَأَشْهَدُوا آخَرِينَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فَإِذَا شَهِدَ الَّذِينَ أُشْهِدُوا بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (الدُّرَرُ والولوالجية) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - يُكْتَبُ كِتَابُ الْقَاضِي تَطْبِيقًا عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ: إلَى قَاضِي حَلَبَ السَّيِّدِ عُمَرَ بْنِ جَمَالِ بْنِ كَمَالٍ حَسِيبِيٍّ أَوْ لِكُلِّ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا: إنَّ حَسَنًا مِنْ أَهَالِي حَلَبَ الَّذِي أَعْلَمُ بِالذَّاتِ أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ يُونُسُ وَاسْمَ جَدِّهِ أَحْمَدُ وَإِنَّ حَسَنًا الَّذِي أُثْبِتَ بِالشُّهُودِ الْمُعَدَّلَةِ إنَّ اسْمَ أَبِيهِ يُونُسُ وَاسْمَ جَدِّهِ أَحْمَدُ ادَّعَى فِي حُضُورِي فِي مَحْكَمَةِ دِمَشْقَ إنَّ الدَّارَ الْمَحْدُودَةَ بِحُدُودِهَا الْأَرْبَعَةِ كَذَا الْكَائِنَةَ فِي بَلْدَةِ حَلَبَ فِي مَحَلَّةِ الْجَمَالِيَّةِ هِيَ مِلْكُهُ الصَّرِيحُ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَنٍ الْمُقِيمَ فِي حَلَبَ الْبَعِيدَةِ مُدَّةَ السَّفَرِ الثَّابِتِ وَالْمُتَحَقِّقِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورَ يُنْكِرُ أَنَّ الدَّارَ

الْمَذْكُورَةَ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ لَدَيْهِ شَاهِدَيْنِ عَلَى دَعْوَاهُ هَذِهِ هُمَا فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَوْجُودَانِ هُنَا، وَأَنَّ وُجُودَهُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي مَحْكَمَةِ الْبَلْدَةِ الْمَوْجُودِ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِ مُتَعَذَّرٌ فَطَلَبَ اسْتِمَاعَ شَاهِدَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِنْ أَنْهَى ذَلِكَ إلَى حُضُورِكُمْ الْكَرِيمِ بِطَرِيقِ كِتَابِ الْقَاضِي فَأَخْطَرَ بِجَلْبِ شَاهِدَيْهِ فَحَضَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ أَهَالِي مَحَلَّةِ الصَّالِحِيَّةِ التَّاجِرُ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ أَهَالِيِ الْمَحَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَوْصَافُهُمَا طَوِيلَا الْقَامَةِ سَوْدَاوَا الْعُيُونِ سُودُ اللَّوْنِ وَاللِّحْيَةِ وَيَبْلُغُ عُمْرُهُمَا تَخْمِينًا خَمْسِينَ سَنَةً، لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَدَى اسْتِشْهَادِهِمَا شَهِدَ بَعْدَ بَيَانِ حُدُودِ الدَّارِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ وَالْمَذْكُورَةِ هِيَ مِلْكُ وَمَالُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ وَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبَ عَلَى الْمَذْكُورِ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِنَّنَا شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ وَنَشْهَدُ بِهِ وَشَهِدَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُتَّفِقِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَقَدْ زُكِّيَ الشَّاهِدَانِ الْمَذْكُورَانِ مِنْ التُّجَّارِ الْمَنْسُوبَيْنِ إلَيْهِمْ وَهُمَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَفُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ جَرَتْ تَزْكِيَتُهُمَا بِالْمُوَاجَهَةِ عَلَنًا فَتَحَقَّقَ أَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَمَقْبُولَا الشَّهَادَةِ. وَقَدْ حُرِّرَ هَذَا الْكِتَابُ تَوْضِيحًا وَتَوْصِيفًا يَجْرِيَانِ الْمُعَامَلَةَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ وَقَدْ أَشْهَدْت شَاهِدَيْ الطَّرِيقِ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ كِتَابِي وَأَنَّ الْخَاتَمَ الَّذِي فِي ذَيْلِهِ هُوَ خَاتَمِي وَقُرِئَ كِتَابِي هَذَا عَلَيْهِمَا وَأَفْهَمَا مَضْمُونَهُ وَقَدْ وَضَعْت فِي حُضُورِ شَاهِدَيْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَيْنِ إمْضَائِي وَشُهْرَتِي الَّتِي هِيَ عِبَارَةُ قَاضِي دِمَشْقَ أَحْمَدُ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ زَكِيّ بْنِ مُصْطَفَى فِي ذَيْلِ كِتَابِي هَذَا وَخَتَمْت ذَيْلَهُ بِخَاتَمِي الْمَنْقُوشِ بِاسْمِ كَذَا وَطَوَيْت بِحُضُورِهِمَا كِتَابِي هَذَا وَوَضَعْته فِي مُغَلَّفٍ وَأَقْفَلْت خَارِجَ الْمُغَلَّفِ وَخَتَمْتُ خَارِجَ الْمُغَلَّفِ بِخَتْمِي الْمَذْكُورِ وَخَتَمْته أَيْضًا بِأَخْتَامِ شَاهِدَيْ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَرْسَلْته إلَى جَانِبِكُمْ الْعَالِي صُحْبَةَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ. فِي رَمَضَانَ سَنَةَ الْإِمْضَاءُ قَاضِي دِمَشْقَ أَحْمَدُ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ زَكِيّ بْنِ مُصْطَفَى الْخَتْمُ أَحْمَدُ عَاصِمٍ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إنَّ تَخْتِيمَ ظَاهِرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَيْ تَخْتِيمَ مُغَلَّفِهِ مِنْ قِبَلِ الشُّهُودِ مُوجِبٌ زِيَادَةَ التَّوْثِيقِ (الشِّبْلِيُّ) . فِي النَّمَاذِجِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ لِكِتَابِ الْقَاضِي وَمِنْ الْجُمْلَةِ فِي الشِّبْلِيُّ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا اسْمَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَشُهْرَتَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي فَيَذْكُرُ عِبَارَةَ مِنْ قَاضِي دِمَشْقَ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إلَى قَاضِي حَلَبَ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَاتِ التَّحْرِيرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ أَمَّا الْآنَ فَالْعَادَةُ أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ وَشُهْرَةَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ فِي مَبْدَأِ التَّحْرِيرِ وَاسْمَ وَشُهْرَةَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فِي ذَيْلِهِ وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذَا الْأُنْمُوذَجَ اتِّبَاعًا لِعَادَةِ التَّحْرِيرِ فِي هَذَا الزَّمَنِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: إذَا لَمْ يَكُنْ كِتَابُ قَاضٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الطَّرِيقِ وَلَوْ شَهِدُوا عَلَى كَافَّةِ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالشِّبْلِيُّ) . الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي حَقِّ وَظَائِفِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ أَخْذِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ كِتَابَ الْقَاضِي حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَثْنَاءَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ عَائِدٌ لِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَخَاصٌّ بِهِ وَبِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْكِتَابِ لَا يَتَرَتَّبُ أَيُّ حُكْمٍ. كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ أَخْذِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الْكِتَابَ الْحُكْمِيِّ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُ اسْتِشْهَادُ شُهُودِ الطَّرِيقِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِلْقَاضِي بِدُونِ حُضُورِ الْخَصْمِ وَبِدُونِ تَحَقُّقِ أَنَّ الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي أَنْ يَفْتَحَ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ وَأَنْ يَعْمَلَ بِهِ أَيْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لِلْقَاضِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْقَاضِي لَا يَقْبَلُ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ إلَّا فِي حُضُورِ الْخَصْمِ (الزَّيْلَعِيّ وَالدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَإِنَّهُ جَازَ بِغَيْبَةِ الْخَصْمِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لَيْسَ لِلْحُكْمِ بَلْ لِلنَّقْلِ فَكَانَ جَائِزًا بِغَيْبَتِهِ (الْعِنَايَةُ) . قَالَ فِي الْمُحِيطِ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْفَتْحُ فِي حَضْرَةِ الْخَصْمِ وَإِنْ فَتَحَ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْهُ جَازَ (السَّيِّدُ الْجَلَبِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا أَحْضَرَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْخَصْمَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي يَسْأَلُهُ الْقَاضِي هَلْ هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْمُحَرَّرُ اسْمُهُ بِكِتَابِ الْقَاضِي وَاَلَّذِي اسْتَمَعَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَإِذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ بِأَنَّهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَوْ أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِالشُّهُودِ أَنَّهُ هُوَ الْخَصْمُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَزَكَّى الشُّهُودَ سِرًّا وَعَلَنًا يَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي تَقْرِيرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ يَسْتَجْوِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَبْقَى ثَمَّةَ حَاجَةٍ إلَى كِتَابِ الْقَاضِي وَلَا لِشُهُودِ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ إنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَمِعَ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حَالَةِ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي الْحَالِّ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ يَنْظُرُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْخَتْمِ الْمَخْتُومِ عَلَى غِلَافِ كِتَابِ الْقَاضِي الَّذِي سَلَّمَ لَهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ طَرَفِ شُهُودِ الطَّرِيقِ أَوْ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعِي فَإِذَا وَجَدَهُ صَحِيحًا غَيْرَ مُنْكَسِرٍ يُرِيهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَلَا حَاجَةَ لِشُهُودِ الطَّرِيقِ وَالْقَاضِي يَفْتَحُ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ وَيَتْلُوهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُوجِبِهِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ وَالشِّبْلِيُّ) . أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَبَعْدَ أَنْ يَقْرَأَهُ الْقَاضِي

فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشُهُودِ الطَّرِيقِ يَسْتَشْهِدُ شُهُودَ الطَّرِيقِ وَصُورَةُ الشَّهَادَةِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ وَلَكِنْ عِنْدَ الْخَصَّافِ يَجِبُ فَتْحُ الْكِتَابِ بَعْدَ شَهَادَةِ شُهُودِ الطَّرِيقِ وَإِجْرَاءُ تَزْكِيَتِهِمْ " الشِّبْلِيُّ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَالْعِنَايَةُ ". فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ إنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ آلِ كَذَا قَدْ قَرَأَهُ عَلَنِيًّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَخَتَمَ الْغِلَافَ فِي حُضُورِنَا وَسَلَّمَهُ لَنَا " عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ " أَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُدَّعِي " عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ " يَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَاذَا تَقُولُ فِي شَهَادَةِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ عُدُولٌ فِي شَهَادَتِهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ بِمُوجِبِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ أَوْ قَالَ إنَّهُمْ عُدُولٌ وَأَنْكَرَ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ فَالْقَاضِي لَا يَحْكُمُ فَوْرًا بِمُوجِبِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ بَلْ يُزَكِّي الشُّهُودَ سِرًّا وَعَلَنًا وَيُحَقِّقُ عَدَالَتَهُمْ فَإِذَا أُثْبِتَ أَنَّ الشُّهُودَ عُدُولٌ يَفْتَحُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْكِتَابَ فِي مَحْضَرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشُّهُودِ وَيَتْلُوهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ ذَلِكَ الْكِتَابِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1716) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالشِّبْلِيُّ) . أَمَّا إذَا لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَةُ شُهُودِ الطَّرِيقِ فَيَرُدُّ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ وَيَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي شُهُودَ طَرِيقٍ آخَرَيْنِ إذَا كَانَ لَدَيْهِ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ شُهُودٌ آخَرُونَ يَحْلِفُ الْخَصْمُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ - إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ بِمُوجِبِ الْمَوَادِّ (1833 و 1834 و 1835) " الْخَانِيَّةُ ". الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ ادَّعَى تَسْلِيمَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي يَعْمَلُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1632) . الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: يَحْكُمُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِمُوجَبِ رَأْيِهِ وَمَذْهَبِهِ وَلَوْ كَانَ رَأْيُهُ وَمَذْهَبُهُ مُخَالِفًا لِرَأْيِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ حُكْمُ ابْتِدَاءٍ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ فَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِمُوجَبِ أَحْكَامِ مَذْهَبِهِ وَلَا يَكُونُ مَجْبُورًا لَأَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِ وَمَذْهَبِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَالْحَالُ إنَّ الْأَمْرَ عَكْسُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْقَاضِي كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1838) (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: إذَا وُجِدَ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ أَمْرٌ مُخَالِفٌ لِمَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُ الطَّرِيقِ يَرُدُّ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ كِتَابَ الْقَاضِي (الزَّيْلَعِيّ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الشَّخْصَ الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ شُهُودَ الْأَصْلِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمَذْكُورَ اسْمُهُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَإِنَّ أَبَاهُ وَجَدَّهُ هُمَا مُسَمَّيَانِ بِاسْمٍ آخَرَ فَعَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مِنْ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ فَوَجَبَ عَلَى الطَّالِبِ أَنْ يُقِيمَ

الْبَيِّنَةَ لِتَعْيِينِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَقْتَدِرَ الْقَاضِي عَلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ وَقَبِيلَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِاسْمِ وَصِفَةِ وَقَبِيلَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْقَبِيلَةِ الْمَذْكُورَةِ شَخْصٌ بِعَيْنِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَالصِّفَةِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ حَتَّى يَعْرِفَ الرَّجُلَ الْمَطْلُوبَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ هُوَ مَطْلُوبًا وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ " الشِّبْلِيُّ " لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ مَطْلُوبًا فَانْتَصَبَ خَصْمًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَإِنْ قَالَ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِهَذَا عَلَيَّ شَيْءٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ الْمَكْتُوبَ فِي الْكِتَابِ هُوَ فَلَا يَكُونُ جُحُودُهُ الْحَقَّ حُجَّةً لَهُ " الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ: تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ: الدَّرَجَةُ الْأُولَى - أَنْ يَشْهَدَ شُهُودُ الطَّرِيقِ عَلَى مُنْدَرَجَاتِ كِتَابِ الْقَاضِي وَهُوَ قَوْلُهُمْ: إنَّنَا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ آلِ كَذَا وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ فِي مَجْلِسِ حُكْمِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ قَدْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ مِائَةَ دِينَارٍ وَاسْتَشْهَدَ بِالشُّهُودِ الْمَذْكُورِ اسْمُهُمْ وَنَسَبُهُمْ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ الْمَذْكُورُونَ مُتَّفِقِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِأَنَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ الْمَذْكُورَ قَدْ زَكَّى الشُّهُودَ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَحَقَّقَ لَهُ أَنَّهُمْ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ وَقَدْ حَرَّرَ الْقَاضِي الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَلَاهُ فِي حُضُورِنَا وَخَتَمَهُ وَسَلَّمَهُ لَنَا (أَوْ لِهَذَا الْمُدَّعِي) فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِنَّنَا نَشْهَدُ بِذَلِكَ وَشُهُودٌ عَلَيْهِ فَهَذِهِ الشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ بِالِاتِّفَاقِ. الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ - وَهِيَ أَنْ لَا يَشْهَدَ شُهُودُ الطَّرِيقِ عَلَى مُنْدَرَجَاتِ الْكِتَابِ بَلْ يَشْهَدُونَ عَلَى أَنَّ (هَذَا الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَدْ قَرَأَهُ وَخَتَمَهُ فِي حُضُورِنَا وَسَلَّمَهُ لَنَا، أَوْ لِهَذَا الْمُدَّعِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ) فَالشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ. الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ - هُوَ أَنْ لَا يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مُنْدَرَجَاتِ الْكِتَابِ وَعَلَى قِرَاءَتِهِ وَتَخْتِيمِهِ بِحُضُورِهِمْ بَلْ يَشْهَدُونَ (بِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ) وَهُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ كِتَابَ الْقَاضِي فِي يَدِ الْمُدَّعِي بَلْ سَلَّمَ مِنْ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِشُهُودِ الطَّرِيقِ وَكَانَ فِي يَدِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ فَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِهِمْ (إنَّ هَذَا الْكِتَابَ كِتَابُ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) فَيُقْبَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ الْمَذْكُورُ مَخْتُومًا وَأَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ خَتَمَهُ بِحُضُورِهِمْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ بِقَوْلِ أَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ إلَيْهِمْ وَقَدْ رَجَّحَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَوْلَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ تَسْهِيلًا عَلَى النَّاسِ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَفَتْحُ الْقَدِيرِ) .

الْمَبْحَثُ الرَّابِعُ فِي حَقِّ جَوَازِ كِتَابِ الْقَاضِي أَكْثَرَ مِنْ دَرَجَةٍ الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا كَانَ الْخَصْمُ حِينَ وُصُولِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ ذَهَبَ إلَى بَلْدَةِ قَاضٍ آخَرَ كَأَنْ يَعْلَمَ الْخَصْمُ وُرُودَ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ بِحَقِّهِ فَيَفِرَّ إلَى مَدِينَةٍ أُخْرَى فَلِلْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ كِتَابًا حُكْمِيًّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَقْبَلُ كِتَابَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ الْكَاتِبِ وَيَسْتَمِعُ شَهَادَةَ شُهُودِ الطَّرِيقِ تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ السَّالِفَةِ وَبَعْدَ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ يُعَلِّمُ الْكَيْفِيَّةَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ مَعَ دَرْجِ كِتَابِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ عَيْنًا أَوْ خُلَاصَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَإِذَا لَزِمَ الْأَمْرُ أَنْ يُكْتَبَ كِتَابٌ آخَرُ مِنْ الْقَاضِي الثَّالِثِ إلَى الْقَاضِي الرَّابِعِ فَتَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ " الْفَتْحُ ". الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: وَكَمَا يَكْتُبُ الْقَاضِي الْكَاتِبُ الْأَوَّلُ عَنْ الْمَعْلُومَاتِ الثَّابِتَةِ بِحُضُورِهِ أَيْ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ الثَّانِي يَكْتُبُ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّابِتَةَ بِحُضُورِهِ أَيْ أَنَّهُ يَكْتُبُ بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَدَيْهِ أَنَّ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ الْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا رَجَعَ الْخَصْمُ إلَى بَلْدَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ إلَى الْقَاضِي الثَّالِثِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ شُهُودِ الطَّرِيقِ الَّذِينَ اسْتَمَعَهُمْ فِي غِيَابِهِ بَلْ الْمُدَّعِي مَجْبُورٌ عَلَى إقَامَةِ الشُّهُودِ مَرَّةً أُخْرَى لِأَنَّ سَمَاعَهُ الْأَوَّلَ كَانَ لِلنَّقْلِ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِهِ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ وَإِنَّمَا يَسْتَفِيدُهَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا وَقْتَ شَهَادَتِهِمْ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: لَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَثْبُت لَدَيْهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ بِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَلُفَّ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ وَيَكْتُبَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْكِتَابِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا وُجِدَ قَاضٍ ثَالِثٌ فِي بَلْدَةٍ كَائِنَةٍ بَيْنَ بَلْدَةِ الْمُدَّعِي وَبَيْنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْخَصْمُ وَطَلَبَ مِنْ قَاضِي بَلْدَتِهِ أَنْ يَكْتُبَ لِقَاضِي الْبَلْدَةِ الثَّالِثَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ كِتَابًا حُكْمِيًّا لَهُ لِقَاضِي الْبَلْدَةِ الثَّانِيَةِ فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ حَيْثُ إنَّهُ إذَا أَخَذَ كِتَابًا لِقَاضِي بَلْدَةِ الْخَصْمِ فَلَا يَجِدُ شُهُودَ الطَّرِيقِ فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجِيبَهُ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُبْتَلَى بِهَذَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: يَكْتُبُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْأَوَّلُ الْكَيْفِيَّةَ إلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الثَّانِي بَعْدَ اسْتِمَاعِ شُهُودِ الطَّرِيقِ وَتَزْكِيَتِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ مُنْدَرَجَاتِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ شَاءَ دَرَجَ خُلَاصَتَهُ كَمَا أَنَّهُ يُبَيِّنُ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي جَرَتْ فِي حُضُورِهِ كَاسْتِمَاعِ الشُّهُودِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: إنَّ هَذَا الْقَاضِيَ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ الثَّانِي يُوَفِّقُ مُعَامَلَاتِهِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي الْمَبْحَثِ الثَّانِي.

الْمَبْحَثُ الْخَامِسُ فِي الْأَحْوَالِ الْمُبْطِلَةِ لِكِتَابِ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا سَقَطَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ مِنْ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ بِوَفَاتِهِ أَوْ بِعَزْلِهِ أَوْ بِجُنُونِهِ أَوْ بِحَدِّهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ أَوْ بِطُرُوءِ الْعَمَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ يُبْطِلُ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ لِأَنَّ الْكِتَابَ الْحُكْمِيَّ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَكَمَا تَبْطُلُ شَهَادَةُ شُهُودِ الْفَرْعِ إذَا تُوُفِّيَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ أَدَاءِ شُهُودِ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُمْ يَبْطُلُ أَيْضًا كِتَابُ الْقَاضِي إذْ مَا يَمْنَعُ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةٍ يَمْنَعُ الْقَضَاءَ بِكِتَابَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْكِتَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْكِتَابِ (التَّنْوِيرُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا جَاءَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى بَلْدَةِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ قَبْلَ حُكْمِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَلَا يُعْمَلُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَلَا يُحْكَمُ بِهِ كَالْحَالِ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ إذْ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ قَبْلَ شَهَادَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ فَلَا يُسْتَشْهَدُ بِشُهُودِ الْفَرْعِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: إذَا فَقَدَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَهْلِيَّةَ الْقَضَاءِ بِوَفَاتِهِ أَوْ بِجُنُونِهِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ عِنْوَانُ الْكِتَابِ خَاصًّا بِالْقَاضِي الْمُتَوَفَّى يَبْطُلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ وَإِذَا كَانَ عِنْوَانُ الْكِتَابِ عَامًّا بَعْدَ التَّخْصِيصِ لَا يَبْطُلُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْكِتَابَ إذَا خَصَّصَ بَعْدَ التَّعْمِيمِ لَا يَبْطُلُ وَقَدْ رَجَّحَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ والْفَتْحِ هَذَا الْقَوْلَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا كَانَ عِنْوَانُ الْكِتَابِ ابْتِدَاءً مُحَرَّرًا عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ فَلَا يَبْطُلُ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّلَاثُونَ: لَا يَبْطُلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ بِوَفَاةِ الْخَصْمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَوَفَّى الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ وَارِثَهُ أَوْ وَصِيَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى إنْ كَانَ التَّارِيخُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلَفُ الْمُوَرِّثِ وَالْوَصِيَّ نَائِبُ الْمَيِّتِ " الْوَلْوَالِجِيَّةِ " وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ عَدِيدِينَ فَحُضُورُ بَعْضِهِمْ يَكْفِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1642 " " الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: لَا يَبْطُلُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ بِوَفَاةِ شَاهِدِ الْأَصْلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . الْمَبْحَثُ السَّادِسُ فِي حَقِّ رِسَالَةِ الْقَاضِي وَالْإِخْبَارِ الشِّفَاهِيِّ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: لَا تُقْبَلُ الرِّسَالَةُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَرِدْ كِتَابٌ إلَى الْقَاضِي الثَّانِي مِنْ الْقَاضِي

الْأَوَّلِ بَلْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ إلَى الْقَاضِي الثَّانِي رَسُولًا وَبَلَّغَ الْقَاضِي الثَّانِي الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَأَثْبَتَ وُقُوعَ التَّبْلِيغِ مِنْ طَرَفِ الرَّسُولِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ: لَا يُقْبَلُ الْإِخْبَارُ الشِّفَاهِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ قَاضِي بَلْدَةٍ بِالذَّاتِ إلَى قَاضِي بَلْدَةِ أُخْرَى وَأَخْبَرَ الْقَاضِيَ الثَّانِي الْمَعْلُومَاتِ الَّتِي يَجِبُ دَرْجُهَا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَلَا يَعْمَلُ الْقَاضِي الثَّانِي بِهَا " الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". خَاتِمَةٌ فِي حَقِّ صُورَةِ الْإِعْلَامِ الَّذِي يُصْدِرُهُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُقِيمَ فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي دِمِشْقَ مُسَافِرًا قَدْ اسْتَدْعَى فِي اسْتِدْعَائِهِ الَّذِي قَدَّمَهُ بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُقِيمِ فِي الْمَحَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَطَلَبِ الْحُكْمِ لَهُ بِأَخْذِهَا وَقَدْ دُعِيَ الطَّرَفَانِ إلَى الْمَحْكَمَةِ حَسَبَ الْأُصُولِ وَحَضَرَا بِالذَّاتِ وَلَدَى السُّؤَالِ مِنْ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ عَنْ دَعْوَاهُ أَجَابَ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرَ فُلَانٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْحُكْمَ لَهُ بِهَا. وَلَدَى اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِالْكُلِّيَّةِ فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ فَقَدَّمَ كِتَابًا مَظْرُوفًا مُعَنْوَنًا وَمَخْتُومًا فَوْقَ ظَرْفِهِ بِخَتْمِ أَحْمَدَ عَاصِمٍ وَمُحَرَّرًا عَلَى ظَرْفِهِ أَنَّهُ مِنْ قَاضِي حَلَبَ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَأَنَّهُ كِتَابٌ لِكُلِّ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَصِلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ. وَلَدَى سُؤَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْكَرَ أَنَّ الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ مَكْتُوبٌ مِنْ قِبَلِ أَحْمَدَ عَاصِمٍ قَاضِي مَدِينَةِ حَلَبَ فَأَجَابَ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ يُثْبِتُ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْ الطَّرِيقِ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَفُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْوَارِدِ اسْمُهُمَا فِي الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ ذَلِكَ عِنْدَ فَضِّ الْكِتَابِ فَاسْتَشْهَدَ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ أَحْضَرَهُمَا فِي مُوَاجَهَةِ الطَّرَفَيْنِ فَشَهِدَا مُتَّفِقِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى قَائِلَيْنِ: إنَّنَا شَاهِدَانِ وَنَشْهَدُ بِأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ كِتَابُ قَاضِي حَلَبَ السَّيِّدِ أَحْمَدَ عَاصِمٍ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَدْ قَرَأَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ عَلَيْنَا وَأَشْهَدَنَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ طَوَى الْكِتَابَ الْمَذْكُورَ فِي حُضُورِنَا وَوَضَعَهُ فِي الْغِلَافِ وَأَقْفَلَ الْغِلَافَ فِي حُضُورِنَا وَخَتَمَهُ بِخَتْمِهِ الْمَنْقُوشِ بِأَحْمَدَ عَاصِمٍ وَعَنْوَنَهُ إلَى قَاضِي دِمَشْقَ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَإِلَى كُلِّ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا ثُمَّ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى

(المادة 1818) إن أثبت المدعي دعواه بالبينة

هَذَا الْمُدَّعِي وَإِنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى هَذَا الْخُصُوصِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَإِنَّنَا شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ فَسُئِلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَنْ قَوْلِهِ فِي حَقِّ الشَّاهِدَيْنِ فَأَفَادَ بِأَنَّهُمَا كَاذِبَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا فَصَارَتْ تَزْكِيَتُهُمَا أَوَّلًا سِرًّا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَبَعْدَهُ عَلَنًا وَبِالْمُوَاجَهَةِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فُهِمَ أَنَّهُمَا عَدْلَانِ وَمَقْبُولَا الشَّهَادَةِ وَبِحُضُورِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَاهِدَيْ الطَّرِيقِ فُضَّ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ وَقُرِئَ فَوَجَدَ أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ كَذَا وَقَدْ ثَبَتَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ هُوَ لَمْ يَزَلْ قَاضِيَ حَلَبَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْعُدُولِ الْمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ الثَّابِتِ ذَلِكَ بِتَزْكِيَتِهِمْ سِرًّا وَعَلَنًا وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَدْ حَكَمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا لِلْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ تَحْرِيرًا فِي شَهْر سَنَة خَتْم. [ (الْمَادَّةُ 1818) إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ] الْمَادَّةُ (1818) - (إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ حَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ يَبْقَ لَهُ حَقُّ الْيَمِينِ فَإِنْ طَلَبَهُ كَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ) إنْ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ وَجَرَتْ تَزْكِيَتُهُمْ سِرًّا وَعَلَنًا فَظَهَرَ أَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ حَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1716) لِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ قَدْ نَوَّرَ دَعْوَاهُ وَدَعَّمَهَا بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ وَيُتَوَهَّمُ كَذِبُ الشُّهُودِ فِي شَهَادَتِهِمْ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَقُّقُ فِي حَقِّ الْبَشَرِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ عِلْمَ الْغَيْبِ خَاصٌّ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِصَابَةُ الْحَقَائِقِ مَرْفُوعَةٌ عَنَّا وَالطَّرِيقُ لِوُصُولِنَا إلَى الْحَقَائِقِ هِيَ الْبَيِّنَةُ فَقَطْ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) إنَّ إصْدَارَ الْحُكْمِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ هُوَ فِي حَالِ عَدَمِ قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ لَدَيَّ دَفْعٌ أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ لَدَيَّ دَفْعٌ فَالْقَاضِي يُمْهِلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا لَمْ يُقَدِّمْ دَفْعَهُ فِي ظَرْفِ تِلْكَ الْمُدَّةِ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ الْبَيِّنَةِ إنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَصْدُرُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُحَاكَمَةُ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ وَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَرِكَةٌ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُتَوَفَّى وَلَيْسَ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ وَيُبَيِّنُ فِي الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ. وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِالْإِقْرَارِ وَلَا يَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ عَلَى الْمُقِرِّ بَلْ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1818) " الْبَحْرُ " وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ عَجَزَ عَنْ إقَامَتِهَا فَيَبْقَى لِلْمُدَّعِي عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّ الْيَمِينِ فَإِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَلَّفَ الْقَاضِي بِنَاءً

عَلَى طَلَبِ. الْمُدَّعِي الْيَمِينَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الصُّوَرِ الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ مَادَّتَيْ (1748 و 1749) لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ الْمُدَّعِيَ بِقَوْلِهِ «هَلْ لَدَيْكَ بَيِّنَةٌ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي بِلَا فَقَالَ لَهُ لَك الْيَمِينُ فَأَجَابَهُ الْمُدَّعِي أَنَّ خَصْمِي يَحْلِفُ الْيَمِينَ وَلَا يُبَالِي فَأَجَابَهُ النَّبِيُّ لَيْسَ لَك إلَّا هَذَا» . أَيْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْيَمِينُ فَصَارَ الْيَمِينُ حَقًّا لِإِضَافَتِهِ فَاللَّامُ التَّمْلِيكِ. وَبِمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُنْكِرُ حَقَّ الْمُدَّعِي وَيَرْغَبُ فِي إتْلَافِهِ فَالشَّارِعُ قَدْ مَكَّنَ الْمُدَّعِيَ مِنْ إتْوَاءِ وَإِهْلَاكِ نَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ وَالْكَاذِبَةَ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَجْعَلُ الْبِلَادَ بَلْقَعًا إنَّ إظْهَارَ الْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ لَدَى الْمُدَّعِي شَاهِدٌ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شُهُودُهُ غَائِبِينَ أَيْ غَيْرَ مَوْجُودِينَ فِي الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْقَاضِي وَلِلْمُدَّعِي فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَحْلِفَ خَصْمُهُ الْيَمِينَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) . أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ شُهُودِي حَاضِرُونَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِنَّنِي سَأُقِيمُهُمْ بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِي الْيَمِينَ أَوْ قَالَ إنَّ شُهُودِي مَوْجُودُونَ بِالْبَلْدَةِ أَيْ الْبَلْدَةِ الَّتِي يُقِيمُ فِيهَا الْقَاضِي وَبَعْدَ حَلِفِ خَصْمِي الْيَمِينَ سَأُحْضِرُهُمْ فَلَا يُلْتَفَتُ لِطَلَبِهِ وَيُؤْمَرُ بِإِحْضَارِ بَيِّنَتِهِ. أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي إنَّ لَدَيَّ بَيِّنَةً إلَّا إنَّنِي عَاجِزٌ عَنْ إقَامَتِهَا لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يُلَبُّونَ دَعْوَتِي فَلَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) بِطَلَبِ الْمُدَّعِي، يُشْتَرَطُ شَرْطَانِ لِاعْتِبَارِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْخَصْمِ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1746) أَنَّ الْخَصْمَ يَحْلِفُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَقَطْ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي لَا تُحَلِّفْهُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُهُ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ بِتَكْلِيفٍ مِنْ الْقَاضِي فَلِذَلِكَ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ الْيَمِينُ بِدُونِ طَلَبٍ وَتَكْلِيفٍ مِنْ الْقَاضِي فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ مَرَّةً أُخْرَى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1747) إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ الْخَصْمُ فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ بِلَا طَلَبٍ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ " 1746 " (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ والولوالجية فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ فِي الدَّعْوَى) . لُزُومُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي، إنَّكَ تَدَّعِي عَلَيَّ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَإِذَا حَلَفْت عَلَى ذَلِكَ فَأُؤَدِّيهَا لَك فَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَسَلَّمَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ (الْخَانِيَّةُ) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي الْيَمِينُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ. مُسْتَثْنًى: إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدَّعِي وَالْمَغْصُوبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ. " الْحَمَوِيُّ ".

(المادة 1819) فإن حلف المدعى عليه اليمين أو لم يحلفه المدعي

[ (الْمَادَّةُ 1819) فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يُحَلِّفْهُ الْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1819) - (فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ لَمْ يُحَلِّفْهُ الْمُدَّعِي مَنَعَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) . إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي وَعَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي مَادَّتَيْ " 1748 و 1749 " أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُحَلِّفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَنَعَ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا كَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِحَلِفِ الْيَمِينِ وَكَانَ لَدَيْهِ شُبْهَةٌ فِي الشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَاللَّائِقُ بِهِ إرْضَاءُ خَصْمِهِ وَأَنْ لَا يَحْلِفَ الْيَمِينَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ بِحَلِفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ وَالْإِرْضَاءِ يُتَصَوَّرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعِي مَالًا فِدَاءً لِلْيَمِينِ وَيَكُونَ هَذَا الْمَالُ بَعْضًا مِثْلَ الْمُدَّعَى بِهِ وَبَعْضًا أَقَلَّ مِنْهُ وَفِي الْأَغْلَبِ يَكُونُ الصُّلْحُ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ (الدُّرَرُ مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَلِذَلِكَ فَقَدْ حَصَلَ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْوَجْهِ الثَّانِي الْآتِي الذِّكْرِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: الصُّلْحُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَالٍ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدٌ عَلَى آخَرَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُكَلِّفُهُ الْمُدَّعِي لِحَلِفِ الْيَمِينِ فَيُؤَدِّي لِلْمُدَّعِي عِشْرِينَ دِينَارًا فِدَاءً لِلْيَمِينِ أَوْ يُؤَدِّي عَشْرَ دَنَانِيرَ فَيَرْضَى الْمُدَّعِي وَهُوَ جَائِزٌ كَذَلِكَ إذَا صُولِحَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَذْكُورَةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا وَرَضِيَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ صَحَّ الصُّلْحُ وَيُرْوَى أَنَّهُ أُقِيمَتْ دَعْوَى عَلَى الصَّحَابِيِّ عُثْمَانَ ذِي النُّورَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَافْتَدَى يَمِينَهُ بِإِعْطَاءِ مِقْدَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الْيَمِينَ فَقِيلَ لَهُ: لِمَاذَا لَمْ تَحْلِفْ الْيَمِينَ وَأَنْتَ صَادِقٌ فَأَجَابَ إنَّنِي أَخَافُ أَنْ أُصَابَ بِمُصِيبَةٍ ثُمَّ يَقُولُ النَّاسُ: إنَّهُ أُصِيبَ لِحَلِفِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) فَإِذَا افْتَدَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ صَالَحَ عَلَى الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّ خُصُومَتِهِ مُقَابَلَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ الْيَمِينَ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَالْإِرْضَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدِ تَمَلُّكِ مَالٍ مُقَابِلَ مَالٍ وَالْيَمِينُ لَيْسَ بِمَالٍ " الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى " أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ وَأَصَرَّ عَلَى طَلَبِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ رَأْيُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ لِلْمُدَّعِي حَقًّا عِنْدَهُ فَلَا يَحْلِفُ وَيُؤَدِّي الْمُدَّعَى بِهِ. وَإِذَا كَانَ رَأْيُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَيَجُوزُ لَهُ حَلِفُ الْيَمِينِ " الْبَحْرُ " نَتِيجَةُ الْيَمِينِ: إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَنْقَطِعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِ الْمُدَّعَى الْيَمِينَ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ مُوَافِقَةً لَدَعْوَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى أَمَّا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْحَلِفِ بَيِّنَةً مُوَافِقَةً لَدَعْوَاهُ فَتُقْبَلُ وَيَثْبُتُ حَقُّ الْمُدَّعِي عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: هُوَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ عُمَرَ الْفَارُوقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ قَبِلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَقَوْلُ الْقَاضِي شُرَيْحُ إنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ أَحَقُّ بِالرَّدِّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى) . الْوَجْهُ الثَّانِي: إنَّ الْيَمِينَ بَدَلٌ وَخَلَفٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا حَصَلَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْأَصْلِ بَطَلَ الْخَلَفُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إنَّ طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ بَيِّنَةٍ لَدَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنَّ بَيِّنَتَهُ غَائِبَةٌ عَنْ الْبَلْدَةِ أَوْ أَنَّهَا حَاضِرَةٌ فِي الْبَلْدَةِ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ ". مَثَلًا إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّ الْبُسْتَانَ الَّذِي فِي يَدِهِ مِلْكُهَا فَأَجَابَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مِلْكُهَا إلَّا أَنَّ زَوْجَهَا فُلَانًا قَدْ بَاعَهُ الْبُسْتَانَ الْمَذْكُورَ فُضُولًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَبَعْدَ ذَلِكَ قَدْ أَجَزْت الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مَعَ وُجُودِ شَرَائِطِ الْإِجَازَةِ وَأَنْكَرَتْ الْمُدَّعِيَةُ ذَلِكَ وَعَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَحَلَّفَ الْمُدَّعِيَةَ الْيَمِينَ فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ تُقْبَلُ " الْفَيْضِيَّةُ ". الْيَمِينُ كَذِبًا: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَلْ أَنَّهُ يَظْهَرُ كَذِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ: فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَظْهَرُ كَذِبُهُ. لِأَنَّ نَقِيضَ الْيَمِينِ وَضِدَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَةٍ عَادِلَةٍ، أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَظْهَرُ كَذِبُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً إلَّا أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ شَهَادَةٌ لَا يَعْلَمُ صِدْقَهَا مِنْ كَذِبِهَا، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ وَإِنَّ الشُّهُودَ كَاذِبُونَ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَدِينًا لِلْمُدَّعِي ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ أَيْ ظَاهِرًا كَذِبُهُ فِي الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَهَا وَلَا يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ شَاهِدُ الزُّورِ وَالْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ: أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي دَعْوَى دَيْنٍ بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَيَظْهَرُ كَذِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفَهَا وَيَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ فِي هَذَا الْحَالِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّيْنَ مُبَيِّنًا سَبَبَهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاصِلَ قَائِلًا إنَّهُ غَيْرُ مَدِينٍ لِلْمُدَّعِي وَحَلَفَ الْيَمِينَ عَلَى الْحَاصِلِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى سَبَبِ الدَّيْنِ فَلَا يَظْهَرُ كَذِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ مَعَ وُجُودِ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ اُسْتُوْفِيَ مِنْ

الْمَدِينِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . مُسْتَثْنَيَاتٌ. الدَّعَاوَى الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا الْيَمِينُ: تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ فِي كُلِّ دَعْوَى أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْحُدُودِ وَاللِّعَانِ. أَمَّا فِي النِّكَاحِ وَفِي غَيْرِهِ الَّذِي سَيَجْرِي ذِكْرُهُ آتِيًا فَتَلْزَمُ الْيَمِينُ وَقَدْ بَيَّنَ قَاضِي خَانَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَكَمَا لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا تَلْزَمُ أَيْضًا فِي النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْفَيْءِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالرِّقِّ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ (الْبَحْرُ) . وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّحْلِيفِ فِي هَذِهِ الْخُصُوصَاتِ هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا فِيهَا الْمَالُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مَقْصُودًا فِيهَا فَتَلْزَمُ الْيَمِينُ بِالْإِجْمَاعِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ. مَثَلًا تَلْزَمُ الْيَمِينُ السَّارِقَ فِي السَّرِقَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ يَضْمَنُ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ وَلَا يَلْزَمُهُ حَدُّ السَّرِقَةِ. إيضَاحَاتٌ النِّكَاحُ - لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى نَفْسِ النِّكَاحِ أَوْ عَلَى الرِّضَاءِ بِالنِّكَاحِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الزَّوْجَ وَالْمُنْكِرُ الزَّوْجَةَ أَوْ كَانَتْ الْمُدَّعِيَةُ الزَّوْجَةَ وَالْمُنْكِرُ الزَّوْجَ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ قَائِلًا: إنَّنِي كُنْت تَزَوَّجْتُك فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ شَاهِدٌ فَلَا تَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا لِهَذَا الرَّجُلِ، كَذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ قَائِلَةً: كُنْت زَوَّجْتُك نَفْسِي وَقَدْ تَزَوَّجْتنِي وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ دَعْوَاهَا فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى عَدَمِ تَزَوُّجِهِ تِلْكَ الْمَرْأَةَ. الرَّجْعَةُ - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعِدَّةِ عَلَى الْآخَرِ قَائِلَةً: إنَّهُ رَاجَعَ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَلَا يَلْزَمُ الْيَمِينُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ أَثْنَاءَ الْعِدَّةِ فَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ فِي الْحَالِ فِي الْإِيلَاءِ - إذَا ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ الرُّجُوعَ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَيَثْبُتُ الْفَيْءُ بِقَوْلِ الزَّوْجِ. الِاسْتِيلَادُ - أَيْ طَلَبُ وَلَدٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَحَدٌ مِنْ الْأَمَةِ وَالْمَوْلَى أَوْ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ لَكِنْ فِي الْمَشَاهِيرِ إنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لَا تُتَصَوَّرُ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَلَا غَيْرَهُ بِإِنْكَارِهَا بَعْدَهُ، يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ لَمْ يَدَّعِ النَّسَبَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَصْوِيرُهُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

(المادة 1820) إذا نكل المدعى عليه عن اليمين

الرِّقُّ - إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى رَجُلٍ مَجْهُولِ الْحَالِ قَائِلًا، إنَّك رَقِيقِي أَوْ ادَّعَى رَجُلٌ مَجْهُولُ الْحَالِ عَلَى رَجُلٍ قَائِلًا: أَنْتَ سَيِّدِي وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ. النَّسَبُ: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: أَنْتَ وَلَدِي أَوْ أَنْتَ أَبِي وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَلَا تَلْزَمُ الْمُنْكِرَ الْيَمِينُ. [ (الْمَادَّةُ 1820) إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ] الْمَادَّةُ (1820) - (إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ وَإِذَا قَالَ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَحْلِفُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ) . بَعْدَ ذَلِكَ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ الَّذِي كُلِّفَ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِحَلِفِهَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ بَذْلٌ وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ إقْرَارٌ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) . يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ أَوَّلَ مَرَّةٍ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ الَّذِي كُلِّفَ بِحَلِفِهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَلَّفَ الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ النُّكُولُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَأَنْ يَكُونَ النَّاكِلُ نَفْسَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنَّ قَوْلَ وَكِيلِهِ إنَّ مُوَكِّلِي لَا يَحْلِفُ الْيَمِينَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إذْ لَا تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِي النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ كَمَا أَنَّ النُّكُولَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا يُعْتَبَرُ إيضَاحُ الْبَذْلِ: مَعْنَى الْبَذْلِ تَرْكُ الْمَنْعِ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ يَعْنِي إعْطَاءَ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِبَاحَتُهُ (الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى) مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَدَى تَكْلِيفِهِ بِالطَّلَبِ لِحَلِفِ الْيَمِينِ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ، فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يُعَدُّ هَذَا النُّكُولُ بَذْلًا لِلْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي سَبِيلِ دَفْعِ الْخُصُومَةِ أَيْ فِدَاءٌ لِتِلْكَ وَإِبَاحَتِهَا لِلْمُدَّعِي أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَادِقٌ فِي إنْكَارِهِ أَصْلَ الدَّيْنِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ مَدِينٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُطْلَقًا لِلْمُدَّعِي، وَعَدَمُ حَلِفِ الْيَمِينِ هُوَ فِدَاءٌ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَإِبَاحَتُهُ تِلْكَ لِلْمُدَّعِي، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنِّي أُرَجِّحُ إعْطَاءَ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى حَلِفِ الْيَمِينِ صَادِقًا لِأَنَّهُ لَوْ عَدَّ نُكُولَ الْمُنْكِرِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ إقْرَارًا فَيَكُونُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ كَذَّبَ بِقَوْلِهِ، إنَّهُ غَيْرُ مَدِينٍ لِلْمُدَّعِي مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مَدِينًا وَارْتَكَبَ الْكَذِبَ الْحَرَامَ،

فَصِيَانَةً مِنْ إلْصَاقِ تُهْمَةِ الْكَذِبِ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِ نَقُولُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَادِقٌ فِي إنْكَارِهِ أَصْلَ الدَّيْنِ وَإِنَّ عَدَمَ حَلِفِهِ الْيَمِينَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَذْلِهِ وَفِدَاءُ الْمُدَّعَى بِهِ. سُؤَالٌ - مَا دَامَ أَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ وَفِدَاءٌ وَإِبَاحَةٌ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (57) مَعَ أَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي تَصْدُرُ بِنَاءً عَلَى النُّكُولِ تُنَفَّذُ جَبْرًا؟ الْجَوَابُ - إنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ النُّكُولُ عَنْ الْيَمِينِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ فِدَاءٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِدَاءً وَإِبَاحَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ فِدَاءٌ فِيهِ شُبْهَةُ الْإِقْرَارِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُهُ جَبْرًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إيضَاحُ الْإِقْرَارِ - أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَنُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ هُوَ اعْتِرَافٌ بِمَعْنَى قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّنِي مَدِينٌ لِلْمُدَّعِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ كَذِبُهُ فِي إنْكَارِهِ السَّابِقِ وَعَلَى كُلٍّ فَإِذَا كَانَ النُّكُولُ بَذْلًا وَفِدَاءً فَيَسْتَحِقُّ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ إقْرَارًا فَهُوَ مُسَبَّبٌ لِلْحُكْمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ " 79 " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ. وَإِذَا قَالَ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ أَحْلِفُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَبْطَلَ بِنُكُولِهِ حَقَّ تَحْلِيفِهِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِقَوْلِهِ هَذَا الدُّرَرُ فِي الدَّعْوَى " أَيْ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْحُكْمِ السَّابِقِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: بَعْدَ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِالنُّكُولِ حُكْمُ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَلَّفَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِحَلِفِ الْيَمِينِ وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْلِفُ الْيَمِينَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ وَلَا يُقَالُ لَهُ بِمَا أَنَّك نَكَلْت عَنْ الْحَلِفِ فَقَطْ سَقَطَ حَقُّ الْيَمِينِ إذْ لَيْسَ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ نَقْضٌ لِلْقَضَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ فَسَادًا الدُّرَرُ ". أَمَّا إذَا حَكَمَ بِنُكُولٍ وَصَدَرَ الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ ثُمَّ فُسِخَ أَوْ نُقِضَ الْحُكْمُ وَأُعِيدَتْ الْمُحَاكَمَةُ ثَانِيَةً وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلِفَ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ إذَا كَانَ النَّقْضُ أَوْ الْفَسْخُ وَاقِعًا بِسَبَبِ أَنَّ الْيَمِينَ الَّذِي كُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِحَلِفِهِ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ، أَمَّا إذَا كَانَ النَّقْضُ أَوْ الْفَسْخُ لِأَسْبَابٍ أُخْرَى فَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَوْ إنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِنُكُولِ السَّابِقِ؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَلِفِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ لِلْحُكْمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إيجَادُ مَسْأَلَتِهِ. وَعَدَمُ إيجَابِ شَيْءٍ يَكُونُ النُّكُولُ بَذْلًا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْبَذْلَ أَيْ فِدَاءُ الْمَالِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِحُكْمِ الْقَاضِي. كَذَلِكَ لَا يُوجِبُ النُّكُولُ شَيْئًا لِكَوْنِهِ إقْرَارًا لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةُ الْبَذْلِ أَيْ إنَّ كَوْنَهُ بَدَلًا وَعِوَضًا عَنْ الْيَمِينِ لَا يُوجِبُ الْمَالَ بِانْفِرَادِهِ أَمَّا الْإِقْرَارُ الصَّرِيحُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ الْبَذْلِ فَهُوَ حُجَّةٌ فِي نَفْسِهِ وَحَدِّ ذَاتِهِ وَلَا تَتَوَقَّفُ حُجِّيَّتُهُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي بِالنُّكُولِ وَالشَّهَادَةِ وَإِنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ مَجَازٌ وَإِعَانَةٌ " ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ ".

(المادة 1821) يجوز الحكم والعمل بلا بينة بمضمون الإعلام والسند

لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا دَفَعَ الدَّعْوَى بَعْدَ نُكُولِهِ عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُقْبَلُ دَفْعُهُ عَلَى قَوْلٍ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: " إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِك هِيَ فَرَسِي " فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَدَى تَحْلِيفِهِ بِالطَّلَبِ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْفَرَسَ لِلْمُدَّعِي فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا إنَّنِي اشْتَرَيْت الْفَرَسَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ مِنْ الْمُدَّعِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ عَلَى قَوْلٍ وَيَحْكُمُ بِالْفَرَسِ لِلْمُدَّعِي " ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ " وَلَا يُقْبَلُ هَذَا الدَّفْعُ عَلَى قَوْلٍ مَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْفَرَسَ مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْحُكْمِ الْحَمَوِيُّ فِي الْقَضَاءِ ". [ (الْمَادَّةُ 1821) يَجُوزُ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ بِمَضْمُونِ الْإِعْلَامِ وَالسَّنَدِ] الْمَادَّةُ (1821) - (يَجُوزُ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ بِمَضْمُونِ الْإِعْلَامِ وَالسَّنَدِ اللَّذَيْنِ أُعْطِيَا مِنْ طَرَفِ قَاضِي مَحْكَمَةٍ إذَا كَانَا سَالِمَيْنِ مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ وَمُوَافِقَيْنِ لِلْأُصُولِ) . قَدْ نُظِمَ بِتَارِيخِ 4 جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ 1296 تَعْلِيمَاتٌ مِنْ جَمْعِيَّةِ الْمَجَلَّةِ الْمُلْغَاةِ مُحْتَوِيَةً عَلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بَنْدًا بِتَنْظِيمِ السَّنَدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِيَكُونَ جَائِزًا الْعَمَلُ وَالْحُكْمُ بِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَقَدْ صَدَرَتْ الْإِرَادَةُ السَّنِيَّةُ بِالْعَمَلِ بِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ذَلِكَ وَقَدْ حُرِّرَتْ هَذِهِ التَّعْلِيمَاتُ فِي خِتَامِ كِتَابِنَا هَذَا وَقَدْ حُرِّرَتْ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ الْجَمْعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِتَكُونَ مُلْحَقًا لِهَذِهِ التَّعْلِيمَاتِ وَهِيَ: إنَّ الْإِعْلَامَاتِ وَالسَّنَدَاتِ الَّتِي نُظِّمَتْ وَأُعْطِيَتْ قَبْلَ نَشْرِ تِلْكَ التَّعْلِيمَاتِ السَّنِيَّةِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمَضْمُونِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ بَلْ يَلْزَمُ طَلَبُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَضْمُونِهَا - انْتَهَى. وَمُوَافَقَةُ الْإِعْلَامِ لِأُصُولِهِ يَكُونُ بِالْحُكْمِ بِهِ طِبْقًا لِلْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُوَافَقَةً الْحَجَّةِ أَيْضًا لِلْأُصُولِ يَكُونُ بِمُطَابِقَتِهَا لِلْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ. أَمَّا الْإِعْلَامَاتُ وَالسَّنَدَاتُ الَّتِي أُعْطِيت بِصُورَةٍ مُخَالِفَةٍ لِلْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يُعْمَلُ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا. إنَّ مُوَافَقَةَ الْإِعْلَامَاتِ وَالْحُجَجِ لِأُصُولِهَا يَجْرِي التَّصْدِيقُ عَلَيْهَا مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى " أَوَّلًا " وَمِنْ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ " ثَانِيًا " فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا صَدَّقَ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ مُخَالِفًا يُنْقَضُ إنَّ الْإِعْلَامَاتِ غَيْرَ الْمُوَافِقَةِ لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ هِيَ كَالْإِعْلَامِ الَّذِي يُصْدِرُهُ الْقَاضِي فِي قَضِيَّةٍ اسْتَمَعَ فِيهَا شُهُودًا وَلَمْ يُزَكِّهِمْ كَمَا أَنَّ السَّنَدَاتِ غَيْرَ الْمُوَافِقَةِ لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ كَالْحُجَّةِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ فَرَاغَ أَحَدِ الْأَرْضِ أَمِيرِيَّةً فِي تَصَرُّفِهِ أَوْ مُسْتَغَلَّاتٍ مَوْقُوفَةً لِآخَرَ وَلَا يَكُونُ حِينَ الْفَرَاغِ إذْنٌ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْمُتَوَلِّي فَلَا يُعْمَلُ بِحُجَجٍ مِثْلَ هَذِهِ الْحُجَجِ كَمَا أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِطَلَبِ بَيِّنَةٍ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِهَا لِأَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَلَوْ ثَبَتَ مَضْمُونُهَا.

(المادة 1822) إذا لم يجب المدعى عليه

صُورَةُ إثْبَاتِ مَضْمُونِ الْحُجَجِ وَالْإِعْلَامَاتِ: إذَا كَانَ الْإِعْلَامُ أَوْ السَّنَدُ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ شُبْهَةِ التَّزْوِيرِ وَالتَّصْنِيعِ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ، وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِإِثْبَاتِ أَصْلِ الْحَقِّ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لِإِثْبَاتِ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ وَالْإِعْلَامِ وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ: أَنَّهُ فِي التَّارِيخِ الْفُلَانِيِّ قَدْ حَكَمَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الَّذِي كَانَ قَاضِيًا فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَائِلًا فِي حُكْمِهِ خِطَابًا لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَدْ حَكَمْت أَنْ تُؤَدِّيَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَيْ إنَّنَا كُنَّا حَاضِرَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَقَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يُكَلَّفُ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ أَبُو السُّعُودِ حَتَّى لَوْ قَالَ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ إنَّنَا اسْتَمَعْنَا حُكْمَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَنَا الْقَاضِي كُونُوا شُهُودًا عَلَى ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ. أَمَّا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا الْحُكْمَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي حُضُورِ الْمُتَرَافِعَيْنِ بَلْ سَمِعُوهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَيْ غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِأَنْ قَالَ الْقَاضِي لَهُمْ إنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَهُمْ بِحُكْمِهِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 688 ". مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك مِنْ جِهَةِ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا حَتَّى إنَّنِي قَدْ أَقَمْت الدَّعْوَى عَلَيْك لَدَى الْقَاضِي وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْك بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْمَرَّةِ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُثْبِتَ حُكْمَ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ بِإِقَامَةِ الشُّهُودِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ إعْلَامٌ شَرْعِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْبَهْجَةُ ". أَمَّا إذَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ بِأَنَّهُمْ سَمِعُوا حُكْمَ الْقَاضِي فِي حُضُورِ الْمُتَرَافِعَيْنِ بَلْ شَهِدُوا أَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ أَخْبَرَهُمْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1678) . [ (الْمَادَّةُ 1822) إذَا لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1822) - (إذَا لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَدَى اسْتِجْوَابِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا بِقَوْلِهِ: لَا، أَوْ نَعَمْ، وَأَصَرَّ عَلَى سُكُوتِهِ يُعَدُّ سُكُوتُهُ إنْكَارًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ يُعَدُّ جَوَابُهُ هَذَا إنْكَارًا أَيْضًا وَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا) . إذَا لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَدَى اسْتِجْوَابِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا أَيْ فِي الْمَادَّةِ (1810) بِقَوْلِ: لَا، أَوْ نَعَمْ، أَيْ لَمْ يُجِبْ جَوَابًا فِيهِ إقْرَارٌ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَوْ إنْكَارٌ لَهَا وَأَصَرَّ عَلَى سُكُوتِهِ بِلَا عُذْرٍ فَيُعَدُّ سُكُوتُهُ إنْكَارًا وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (67) . بِلَا عُذْرٍ - إذَا سَكَتَ الْمُصَابُ لِعِلَّةٍ فِي لِسَانِهِ أَوْ سَمْعِهِ لِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى التَّكَلُّمِ أَوْ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ الْكَلَامَ فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إنْكَارًا

(المادة 1823) أتى المدعى عليه بدلا من الإقرار أو الإنكار بدعوى تدفع دعوى المدعي

التَّوْكِيلُ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ إقْرَارُ الْوَكِيلِ أَوْ إنْكَارُهُ مُعْتَبَرٌ مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ آخَرُ وَكِيلًا عَنْهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُقَامَةِ عَلَيْهِ مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ إقْرَارُهُ وَإِنْكَارُهُ جَائِزًا فَالْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى السُّكُوتِ وَعَدَمِ الْإِجَابَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ (الْبَحْرُ) . وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِ: لَا أُقِرُّ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا أُنْكِرُهَا فَيُعَدُّ جَوَابُهُ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ إنْكَارًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يُعَدُّ إنْكَارًا وَيُحْبَسُ حَتَّى يُجِيبَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَتُطْلَبُ بَيِّنَةٌ مُطَابِقَةٌ مِنْ الْمُدَّعِي فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا فِي الْمَادَّةِ (1817) فَإِذَا أَثْبَتَ فَبِهَا وَإِلَّا فَيَحْلِفُ خَصْمُهُ الْيَمِينَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ ثَبَتَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي. [ (الْمَادَّةُ 1823) أَتَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا مِنْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ بِدَعْوَى تُدْفَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1823) - (لَوْ أَتَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلًا مِنْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ بِدَعْوَى تُدْفَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي يُعْمَلُ عَلَى وَفْقِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي كِتَابَيْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ) إيضَاحُ الْقُيُودِ: وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ، الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الدَّفْعَ يُسْتَمَعُ إذَا بُيِّنَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا الدَّفْعُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ. مُسْتَثْنًى: إلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ يُسْتَمَعُ دَفْعُ الدَّعْوَى مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، مَثَلًا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَ الْوَرَثَةِ فَلِلْوَارِثِ الْآخَرِ دَفْعُ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ " 1642 ". كَذَلِكَ يُسْمَعُ الدَّفْعُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ الْحَمَوِيُّ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ آخَرُ مِنْ زَيْدٍ بِأَنَّهُ مَالٌ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ وَيَدَّعِي قَائِلًا: إنَّك كُنْت بِعْتنِي الْمَالَ الْمَذْكُورَ فَإِذَا أَثْبَتَ زَيْدٌ ذَلِكَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِأَنَّ زَيْدًا قَدْ تَضَرَّرَ مِنْ الدَّعْوَى الَّتِي تَكَوَّنَتْ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ. قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى الدَّفْعَ الصَّحِيحَ مِنْ الدَّفْعِ الْغَيْرِ الصَّحِيحِ فَلِذَلِكَ إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ سَيَدْفَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي يَسْأَلُهُ الْقَاضِي عَنْ دَفْعِهِ فَإِذَا بَيَّنَ دَفْعًا صَحِيحًا يُمْهِلُهُ إلَى مَجْلِسٍ ثَانٍ وَلَا يُعَجِّلُ بِإِعْطَاءِ الْحُكْمِ حَتَّى لَا يُعَرِّضَ قَضَاءَهُ لِلنَّقْضِ لِأَنَّهُ يَجِبُ صِيَانَةُ الْقَضَاءِ عَنْ النَّقْضِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَإِذَا كَانَ الدَّفْعُ الَّذِي بَيَّنَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاسِدًا فَلَا يَلْتَفِتُ الْقَاضِي إلَيْهِ بَلْ يُصْدِرُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ الْمُقْتَضِي رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ. قَدْ بَيَّنَ فِي كِتَابِ الْبَيِّنَاتِ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِنِصَابِ الشَّهَادَةِ وَكَيْفِيَّةَ أَدَائِهَا وَتَزْكِيَتِهَا وَصُوَرَ

تَرْجِيحِ الْبَيِّنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تُقَامَانِ مِنْ كِلَا الطَّرَفَيْنِ. يُعْمَلُ عَلَى وَفْقِ الْمَسَائِلِ وَكَيْفِيَّةُ وَصُورَةُ التَّوْفِيقِ تَجْرِي عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: عِنْدَ تَقْرِيرِ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَعِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ إمَّا أَنْ يُقِرَّ، أَوْ يُنْكِرَ، وَالسُّكُوتُ أَيْضًا دَاخِلٌ فِي الْإِنْكَارِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1822) أَوْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحُكْمُ ذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (1817) وَإِذَا أَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ فَحُكْمُ ذَلِكَ أَيْضًا مَذْكُورٌ فِي الْمَوَادِّ (1817 و 1818 و 1819) وَلَمْ يَبْقَ هُنَا جِهَةٌ مُحْتَاجَةٌ لِلْإِيضَاحِ سِوَى دَفْعِ الدَّعْوَى وَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِهَا: وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ أَوْ إنَّكَ أَبْرَأْتَنِي مِنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الدَّفْعُ مَشْرُوعٌ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (1631) فَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعِي هَذَا الدَّفْعَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1632) فَيُطْلَبُ بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الدَّفْعَ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي بِطَلَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَسْتَوْفِ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْحَلِفِ يَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ وَتُخْتَمُ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ أَمَّا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ فَيَنْدَفِعُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَرْجِعُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْأَصْلِيَّةِ وَيَقْتَضِي تَدْقِيقَ دَعْوَاهُ. وَدَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمِثَالِ هُوَ إقْرَارٌ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1586) فَيُلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1817 " وَتَنْتَهِي الْقَضِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ أَيْضًا. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ الَّتِي فِي يَدِك هِيَ مِلْكِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَدْ اشْتَرَيْت هَذِهِ الْفَرَسَ مِنْك بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَأَوْفَيْتُك الثَّمَنَ كَامِلًا فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا الطَّلَبُ لَيْسَ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (76) لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1633 " أَنَّهُ يَكُونُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ الدَّعْوَى مُدَّعِيًا وَالْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِالدَّفْعِ الْمَذْكُورِ فَبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفْ الْمُدَّعِي بِالطَّلَبِ فَإِذَا حَلَفَ الْيَمِينَ تَعُودُ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْأَصْلِيَّةِ وَهَذَا الدَّفْعُ هُوَ إقْرَارٌ بِالْمُدَّعَى بِهِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ " 1583 " فَلَا يُحْتَاجُ لِإِقَامَةِ شُهُودٍ أَوْ أَسْبَابٍ ثُبُوتِيَّةٍ أُخْرَى بَلْ يَحْكُمُ لِلْمُدَّعِي بِالْفَرَسِ الْمَذْكُورَةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْإِبْرَاءَ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِبْرَاءَ فَبِهَا وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ إبْرَائِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَثْبُتُ الْإِبْرَاءُ وَيُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ وَتَنْتَهِي هَذِهِ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ. أَمَّا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ فَتَعُودُ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْأَصْلِيَّةِ وَتُطْلَبُ مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إبْرَاءُ الْمُدَّعَى لَهُ مِنْ الدَّعْوَى لَيْسَ إقْرَارًا بِالْمُدَّعَى بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1582 " فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ يُحْكَمُ بِمُوجَبِهَا وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ فَإِذَا حَلَفَ يُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَإِذَا نَكَلَ يُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْحَانُوتَ مِلْكِي لِأَنَّنِي اشْتَرَيْته

(المادة 1824) ليس لأحد الخصمين أن يتصدى للكلام ما لم يتم الطرف الآخر كلامه

مِنْ عَلِيٍّ وَإِنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَضَعَ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ فَأَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا إنَّ هَذَا الْحَانُوتَ هُوَ مِلْكِي قَدْ اشْتَرَيْته مِنْ حَسَنٍ أَوْ أَنَّهُ مَوْرُوثٌ لِي عَنْ أَبِي فَأَنَا وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ أَوَّلًا مِنْ الْمُدَّعِي بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ " 1758 " أَمَّا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الْحَانُوتَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ عَلِيٍّ فَتُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوَّلًا مِنْ ذِي الْيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 1824) لَيْسَ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْكَلَامِ مَا لَمْ يُتِمَّ الطَّرَفُ الْآخَرُ كَلَامَهُ] الْمَادَّةُ (1824) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْكَلَامِ مَا لَمْ يُتِمَّ الطَّرَفُ الْآخَرُ كَلَامَهُ وَإِذَا تَصَدَّى يُمْنَعُ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي) . لَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْكَلَامِ مَا لَمْ يُتِمَّ الطَّرَفُ الْآخَرُ كَلَامَهُ وَادِّعَاءَهُ فَإِذَا تَصَدَّى يُمْنَعُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَيُؤْمَرُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّهُ إذَا تَصَدَّى الطَّرَفَانِ لِلْكَلَامِ مَعًا يُشَوِّشَانِ عَلَى الْقَاضِي وَلَا يَفْهَمُ كَلَامَهُمَا وَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الْحَالِ مُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ الدَّعْوَى فَعَلَى ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّى لِلْجَوَابِ عَلَى الدَّعْوَى مَا لَمْ يُقَرِّرْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ وَيُوَضِّحْهَا وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَصَدَّى لِدَفْعِ الدَّفْعِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعَهُ وَيُوَضِّحَ وَيُتِمَّ جَوَابَهُ الزَّيْلَعِيّ وَالْقَاضِي يَسْتَمِعُ أَوَّلًا دَعْوَى الْمُدَّعِي تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ " 1816 " وَيُوَفِّقُ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى إحْدَى الْمَسَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَسْتَوْضِحُ الْقُيُودَ وَالشُّرُوطَ الْمُقْتَضِيَةَ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ غَصَبَ مِنِّي شَاةً وَاسْتَمْلَكَهَا فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِيَ عَنْ زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ وَعَنْ قِيمَتِهَا فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ كَمَا بَيَّنَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ تَلْزَمُ قِيمَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَسْتَوْضِحَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْضِحَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَقَبْلَ أَنْ يَفْهَمَهَا كَامِلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْتَمِعُ جَوَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَعْدَ أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ الْجَوَابَ الْمَذْكُورَ إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ أَوْ دَفْعٌ يَجْرِي الْقَاضِي الْمُعَامَلَةَ التَّالِيَةَ الْمُقْتَضَاةَ. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَخَذَ بَدَلَ إيجَارِ حَانُوتِي الْفُلَانِيِّ فَلْيُؤَدِّهِ لِي فَلَا تَكْمُلُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَمُقْتَضِي الِاسْتِيضَاحِ مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلَ اسْتِجْوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَسْأَلُهُ، بِأَيِّ صِفَةٍ أَخَذَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَدَلَ الْإِيجَارِ؟ وَهَلْ أَخَذَ الْإِيجَارَ فُضُولًا بَعْدَ أَنْ أَجَّرْت الْحَانُوتَ؟ أَوْ إنَّكَ وَكَّلْته بِالْقَبْضِ فَأَخَذَ الْبَدَلَ؟ أَوْ إنَّكَ وَكَّلْته بِالتَّأْجِيرِ فَأَجَّرَ الْحَانُوتَ بِالْوَكَالَةِ وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ؟ أَمْ أَجَّرَ الْحَانُوتَ فُضُولًا فَأَجَزْت الْإِجَارَةَ مَعَ وُجُودِ شَرَائِطِ الْإِجَازَةِ فَقَبَضَ الْإِيجَارَ؟ أَمْ أَجَّرَ الْحَانُوتَ فُضُولًا فَأُجِزْت الْإِجَارَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ مَثَلًا وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَبَعْدَ أَنْ يُوَضِّحَ الْمُدَّعِي هَذِهِ الْجِهَاتِ وَيُصَحِّحَ دَعْوَاهُ وَيُتِمَّهَا يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. [ (الْمَادَّةُ 1825) يُوجِدُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ تُرْجُمَانًا مَوْثُوقًا بِهِ وَمُؤْتَمَنًا] الْمَادَّةُ (1825) - (يُوجِدُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ تُرْجُمَانًا مَوْثُوقًا بِهِ وَمُؤْتَمَنًا لِتَرْجَمَةِ كَلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الرَّسْمِيَّةَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) .

(المادة 1826) يوصي ويخطر القاضي بالمصالحة بين الطرفين

يُوجِدُ الْقَاضِي فِي الْمَحْكَمَةِ تُرْجُمَانًا مَوْثُوقًا بِهِ وَمُؤْتَمَنًا لِتَرْجَمَةِ كَلَامِ مَنْ لَا يَعْرِفُ لُغَةَ الْقَاضِي مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ الشُّهُودِ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَتُقْبَلُ تَرْجَمَةُ التُّرْجُمَانِ غَيْرِ الْعَادِلِ وَالْأَعْمَى وَلَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبُو السُّعُودِ لِذَلِكَ يُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَرْجَمَةُ تُرْجُمَانٍ وَاحِدٍ لِتَرْجَمَةِ ادِّعَاءِ الْمُدَّعِي وَجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهَادَةِ الشُّهُودِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الشَّهَادَةُ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ (أَبُو السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . إلَّا أَنَّهُ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ يَجِبُ أَنْ لَا يَقِلَّ عَدَدُ الْمُتَرْجِمِينَ عَنْ اثْنَيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (71) وَشَرْحَهَا الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ وَاحِدٍ. 1 - يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَاحِدِ فِي التَّرْجَمَةِ. 2 - فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ. 3 - فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ 4 - فِي جَرْحِ الشُّهُودِ. 5 - فِي تَقْدِيرِ الْأَرْشَدِ. 6 - فِي مَسْأَلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ بَعْدَ إحْضَارِهِ. 7 - فِي إخْبَارِ إفْلَاسِ الْمَحْبُوسِ فِي مَسْأَلَةِ إطْلَاقِ الْمَحْبُوسِ مِنْ أَجْلِ الدَّيْنِ. 8 - فِي إخْبَارِ عَيْبِ الْمَبِيعِ 9 - فِي إخْبَارِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ. 0 1 - فِي إخْبَارِ الْمَوْتِ لِلشَّاهِدَيْنِ. 1 1 - فِي الدِّيَانَاتِ عَلَى الْعُمُومِ كَطَهَارَةِ الْمَاءِ وَنَجَاسَتِهِ وَحِلِّ الطَّعَامِ وَحُرْمَتِهِ 2 1 - فِي إخْبَارِ عَزْلِ الْوَكِيلِ. 13 - فِي حَجْرِ الْمَأْذُونِ. 14 - فِي إخْبَارِ شَخْصٍ بِتَزْوِيجِ وَلِيِّهِ لَهُ. 5 1 - فِي إخْبَارِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ. وَيَكْفِي فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسَ عَشْرَةَ الْمَذْكُورَةِ إخْبَارُ عَدْلٍ وَاحِدٍ (أَبُو السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . وَكَمَا يَكُونُ التُّرْجُمَانُ رَجُلًا يَكُونُ امْرَأَةً أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ وَالْأَحْوَالِ الَّتِي تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالثِّقَةُ فِيهَا أَمَّا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهَا تَرْجَمَتُهَا الْهِنْدِيَّةُ وَأَبُو السُّعُودِ [ (الْمَادَّةُ 1826) يُوصِي وَيُخْطِرُ الْقَاضِي بِالْمُصَالَحَةِ بَيْن الطَّرَفَيْنِ] الْمَادَّةُ (1826) - (يُوصِي وَيُخْطِرُ الْقَاضِي بِالْمُصَالَحَةِ الطَّرَفَيْنِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي الْمُخَاصَمَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْأَقْرِبَاءِ أَوْ بَيْنَ الْأَجَانِبِ الْمَأْمُولِ فِيهَا رَغْبَةُ الطَّرَفَيْنِ فِي

(المادة 1827) بعد ما يتم القاضي المحاكمة

الصُّلْحِ فَإِنْ وَافَقَا صَالَحَهُمَا عَلَى وَفْقِ الْمَسَائِلِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقَا أَتَمَّ الْمُحَاكَمَةَ) يُوصِي وَيَخْطِرُ الْقَاضِي بِالْمُصَالَحَةِ الطَّرَفَيْنِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فِي الْمُخَاصَمَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ الْأَقْرِبَاءِ وَالْأَقْرِبَاءُ هُمْ الْإِخْوَةُ وَبَنُو الْأَعْمَامِ أَوْ بَيْنَ الْأَجَانِبِ الْمَأْمُولِ فِيهَا رَغْبَةُ الطَّرَفَيْنِ فِي الصُّلْحِ وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِالْحُكْمِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِحَقٍّ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِحُصُولِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَكُونُ الْمُصَالَحَةُ أَوْلَى لِدَفْعِ هَذَا الْمَحْذُورِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْعِنَايَةُ) مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَيُشَارُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُوصِي الطَّرَفَيْنِ بِالْمُصَالَحَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِصَاحِبِ الْحَقِّ الْعِنَايَةُ " فَإِذَا وَافَقَ عَلَى الصُّلْحِ صَالَحَهُمَا الْقَاضِي تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ الْوَارِدِ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ. وَيُصْدِرُ الْإِعْلَامَ بِالصُّلْحِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَقْبَلُ الْقَاضِي الصُّلْحَ الَّذِي تَقَرَّرَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَيُصَدِّقُهُ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَأَحْكَامِ الْمَجَلَّةِ أَمَّا إذَا كَانَ مُخَالِفًا فَلَا يَقْبَلْهُ وَلَا يُصَدِّقْهُ مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُصَالَحَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا فَلَا يَقْبَلُ الْقَاضِي هَذَا الصُّلْحَ كَمَا أَنَّهُ إذَا تَصَالَحَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَى عَشْرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَفْرُغَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي أَرْضًا أَمِيرِيَّةً فَلَا يَقْبَلُ الْقَاضِي هَذَا الصُّلْحَ قَبْلَ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِإِجْرَاءِ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُصَدِّقُ لَهُ وَإِذَا لَمْ يُوَافِقْ الطَّرَفَانِ عَلَى الصُّلْحِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا رَغْبَةٌ فِي إجْرَاءِ الصُّلْحِ فَلَا يُكَلِّفُهُمَا الصُّلْحَ بَلْ يُكْمِلُ الْمُحَاكَمَةَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ لِمَنْ قَامَتْ الْحُجَّةُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَتْرُكَ دَعْوَى الطَّرَفَيْنِ وَيُلِحَّ وَيُبْرِمَ عَلَيْهِمَا بِإِجْرَاءِ الصُّلْحِ الْعِنَايَةُ " لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي أَمْثَالِ هَذَا الصُّلْحِ رِضَاءُ وَمُوَافَقَةُ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الصُّلْحَ كَمَا عُرِّفَ فِي الْمَادَّةِ (1531) هُوَ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ بِالتَّرَاضِي فَالصُّلْحُ الَّذِي يَجْرِي بِإِكْرَاهٍ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) أَنَّ مَشَايِخَ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا وَافْتُوا أَنَّهُ يُجْبَرُ الطَّرَفَانِ عَلَى إجْرَاءِ الصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْبَدَلِ فِي دَعْوَى الْمَالِ الَّذِي تَلِفَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذَا الْإِجْبَارَ [ (الْمَادَّةُ 1827) بَعْدَ مَا يُتِمُّ الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ] الْمَادَّةُ (1827) - (بَعْدَ مَا يُتِمُّ الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ يَحْكُمُ بِمُقْتَضَاهَا وَيَفْهَمُ الطَّرَفَيْنِ ذَلِكَ وَيُنَظِّمُ إعْلَامًا حَاوِيًا لِلْحُكْمِ وَالْبَيِّنَةِ مَعَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُ فَيُعْطِيهِ لِلْحُكُومَةِ لَهُ وَيُعْطِي لَدَى الْإِيجَابِ نُسْخَةً مِنْهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَيْضًا) بَعْدَ مَا يُتِمُّ الْقَاضِي الْمُحَاكَمَةَ يَحْكُمُ بِمُقْتَضَاهُ وَيَفْهَمُ الطَّرَفَيْنِ حُكْمَهُ بِلِسَانٍ لِينٍ وَيَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ حِينًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَحِينًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى الشَّهَادَةِ وَعَلَى أَسْبَابٍ ثُبُوتِيَّةٍ حَقِيقَةٍ فَيَنْفُذُ بِالِاتِّفَاقِ ظَاهِرًا أَيْ يَنْفُذُ فِيمَا بَعْدُ بَيْنَنَا وَيَنْفُذُ أَيْضًا بَاطِنًا أَيْ يَنْفُذُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الْعِنَايَةُ "

مَثَلًا، إذَا تَزَوَّجَ أَحَدٌ امْرَأَةً فِي مَحْضَرِ شُهُودٍ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ الْمَنْكُوحَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ فَادَّعَى الزَّوْجُ زَوْجِيَّتَهُ مِنْهَا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالزَّوَاجِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ فَيَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرًا كَمَا يَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا؛ أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ فَهُوَ مَحَلٌّ قَابِلٌ لِلنَّفَاذِ فِي الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَفِي الْفُسُوخِ كَالْإِقَالَةِ وَالطَّلَاقِ وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِكَوْنِ الشُّهُودِ شُهُودَ زُورٍ؛ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَمْرِ الزَّوْجِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فَبِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِذَلِكَ مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا الْفَتْحُ ". الْبَيْعُ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك دَارَك هَذِهِ بِقِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ بِكَذَا دِينَارًا وَأَثْبَتَ ادِّعَاءَهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَاسْتَحْصَلَ عَلَى حُكْمٍ بِذَلِكَ وَأَدَّى الثَّمَنَ فَيَحِلُّ لِلْمَحْكُومِ لَهُ الْمَذْكُورِ سُكْنَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ الْعِنَايَةُ " أَمَّا إذَا أَثْبَتَتْ الدَّعْوَى فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَفِي الْبَيْعِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ بِشُهُودِ زُورٍ وَصَدَرَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ فَتُوجَدُ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي حَقِّ نَفَاذِ الْحُكْمِ بَاطِلًا فَفِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَ التَّبَرُّعَاتِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ تَبَرُّعٌ مِنْ وَجْهٍ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". النِّكَاحُ، إذَا أَثْبَتَ أَحَدٌ بِشُهُودِ زُورٍ بِأَنَّ امْرَأَةً هِيَ زَوْجَتُهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مَحَلَّ نِكَاحٍ فَيَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرًا كَمَا أَنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا؛ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرُ الْعِنَايَةُ ". وَيَنْفُذُ ظَاهِرًا لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ الْمَرْأَةَ بِقَوْلِهِ لَهَا: سَلِّمِي نَفْسَك لِهَذَا الرَّجُلِ لِأَنَّهُ زَوْجُك وَتَلْزَمُ نَفَقَةُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ. وَيَنْفُذُ بَاطِنًا إذْ تُصْبِحُ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَلَالًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ النِّكَاحَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَأَثْبَتَتْ الزَّوْجَةُ النِّكَاحَ بِشُهُودِ زُورٍ فَالْحُكْمُ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ الْعِنَايَةُ ". الْفُسُوخُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْفُسُوخِ الشَّيْءُ الَّذِي يَرْفَعُ حُكْمَ الْعَقْدِ فَهِيَ تَشْمَلُ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالطَّلَاقَ شَرْحُ الْمَجْمَعِ ". الطَّلَاقُ، لَوْ أَثْبَتَتْ امْرَأَةٌ بِشُهُودِ زُورٍ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ بَائِنَةً وَبَعْدَ أَنْ اسْتَحْصَلَتْ عَلَى الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِزَوْجٍ آخَرَ فَيَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَلَوْ عَلِمَ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ كَمَا أَنَّهُ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ تَمْكِينُهُ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَحِلُّ لِأَحَدِ أُولَئِكَ الشُّهُودِ الزُّورِ التَّزْوِيجُ بِهَا (الْفَتْحُ) . وَدَلِيلُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا هُوَ. أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى بِحُضُورِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ التَّزْوِيجَ بِامْرَأَةٍ فَأَثْبَتَ الرَّجُلُ الزَّوَاجَ بِهَا بَعْدَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ الْعَقْدَ فَحَكَمَ عَلِيٌّ

كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ لِلْمُدَّعِي فَقَالَتْ الْمَرْأَة لِعَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّنِي لَسْت زَوْجَةً لِلْمُدَّعِي وَمَا دُمْت أَنَّك حَكَمْت بِذَلِكَ فَأَجْرِ عَقْدَنَا فَأَجَابَهَا لَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ فَشَاهِدَاك زَوَّجَاك. قِيلَ، إذَا كَانَ الْمَحَلُّ قَابِلًا لِلنَّفَاذِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّفَاذِ فَلَا يَنْفُذُ مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ زَوْجَتِي وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَعْنِيهَا مُحَرَّمَةً لِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَا تَحِلُّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ لِلْمُدَّعِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي كَذِبًا أَنَّ امْرَأَةً الْمَنْكُوحَةَ لِغَيْرِهِ زَوْجَتُهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِشُهُودِ زُورٍ وَسَتَحْصُلُ عَلَى حُكْمٍ بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا وَلَا تَحِلُّ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ لَهُ. قِيلَ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ، لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِكَذِبِ الشُّهُودِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يُصْدِرُهُ لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا كَمَا أَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا أَيْضًا الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ، كَذَلِكَ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا الْمَبْنِيُّ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَلَمْ تَسْتَطِعْ الزَّوْجَةُ الْإِثْبَاتَ وَحَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَأَخَذَ الْحُكْمَ عَلَيْهَا بِالطَّاعَةِ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ بَاطِنًا فَإِذَا كَانَ طَلَّقَهَا حَقِيقَةً طَلَاقًا ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ هَذَا الْحُكْمِ أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مِيرَاثِهِ. قِيلَ، فِي الْعُقُودِ وَفِي الْفُسُوخِ، أَمَّا فِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ فَلَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْمِلْكِ سَبَبٌ وَبِمَا أَنَّهُ لَا تَكُونُ بَعْضُ الْأَسْبَابِ أَوْلَى مِنْ الْأَسْبَابِ الْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ مُزَاحَمَةِ الْأَسْبَابِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ السَّبَبِ سَابِقًا عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ (الدُّرَرُ) . وَدَعْوَى الدَّيْنِ بِدُونِ ذِكْرِ السَّبَبِ فِي حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ إذَا أَثْبَتَ بِشُهُودِ الزُّورِ بِدُونِ ذِكْرِ السَّبَبِ لَا يَنْفُذُ. كَذَلِكَ الْإِرْثُ فِي حُكْمِ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ. كَذَلِكَ النَّسَبُ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا بِالْإِجْمَاعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَاذَ بَاطِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ يَجْرِي فِي الْأُمُورِ الْقَابِلَةِ لِلْإِنْشَاءِ بِسَبَبٍ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَلَا يَجْرِي فِي غَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْإِنْشَاءِ كَالْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ وَالْإِرْثِ وَالنَّسَبِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَزُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَالْأَحْكَامُ الَّتِي تَقَعُ بِنَاءً عَلَى شَهَادَاتِ شُهُودِ زُورٍ تَنْفُذُ ظَاهِرًا إلَّا أَنَّهَا لَا تَنْفُذُ بَاطِنًا. فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: قَدْ اشْتَرَيْت فَرَسَك هَذِهِ مِنْك بِقِيمَتِهَا الْحَقِيقِيَّةِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِالْفَرَسِ فَأَخَذَ

الْفَرَسَ وَدَفَعَ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ، وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرَ قِيمَةَ الْفَرَسِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَا تَحِلُّ تِلْكَ الْفَرَسُ لِلْمُدَّعِي. كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَنْكُوحَةُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِشُهُودِ زُورٍ وَاسْتَحْصَلَ حُكْمًا عَلَيْهَا بِالزَّوْجِيَّةِ فَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ الِاسْتِمْتَاعُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجَةِ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي جَمِيعِ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا بِأَنَّهُ يَحِلُّ فِيهَا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هِيَ حَرَامٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامَيْنِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً ظَاهِرًا إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ حُجَّةً بَاطِنًا وَالْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ يَنْفُذُ بِقَدْرِ مِقْدَارِ الْحُجَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . يَعْنِي أَنَّ الْقَضَاءَ وَالْحُكْمَ مُظْهَرٌ وَلَمْ يَكُنْ مُثْبِتًا لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ ثَابِتًا وَإِنَّمَا الْحُكْمُ أَظْهَرَهُ فَقَطْ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". قِيلَ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ، لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَالْعَبِيدِ وَالْمَحْدُودِينَ فِي الْقَذْفِ فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَاطِنًا الْفَتْحُ ". وَيَفْهَمُ الطَّرَفَيْنِ ذَلِكَ وَبِالْحُكْمِ وَالتَّفْهِيمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَتِمُّ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ، أَمَّا تَنْظِيمُ الْإِعْلَامِ وَإِعْطَاؤُهُ فَلَيْسَ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْحُكْمِ حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي الْمَالَ الْمَحْكُومَ بِهِ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَهُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ حَالَ صُدُورِ الْحُكْمِ فَيَصِحُّ ذَلِكَ. بِلِسَانٍ لَيِّنٍ، فَاللَّائِقُ الِاعْتِذَارُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَنْكَسِرَ قَلْبُهُ وَلَا يُسِيءَ الظَّنَّ بِالْقَاضِي فَيُخَاطِبُهُ الْقَاضِي قَائِلًا (قَدْ دَفَقْت صُورَةَ إنْكَارِك وَمُدَافَعَاتِكَ إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ هُوَ كَذَا وَقَدْ حَكَمْت عَلَيْك عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِغَيْرِ ذَلِكَ) مَعَ تَفْهِيمِهِ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِلْحُكْمِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ آنِفًا. وَيُنَظِّمُ إعْلَامًا حَاوِيًا لِلْحُكْمِ وَالْبَيِّنَةِ مَعَ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُ وَيُعْطَى ذَلِكَ الْإِعْلَامُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ وَيُعْطَى لَدَى الْإِيجَابِ نُسْخَةً أُخْرَى مِنْهُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَيْضًا، إذَنْ يَجِبُ بَيَانُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ فِي الْإِعْلَامِ حَتَّى يَقِفَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْأَسْبَابِ فَلَا يَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ حَارَ عَلَيْهِ وَظَلَمَهُ فَيَتَظَلَّمُ لِلنَّاسِ مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّ " مَنْ يَسْمَعْ يُخِلُّ " وَالْعَامَّةُ كَثِيرًا مَا تُخِلُّ بِشَرَفِ الْقَاضِي وَنَزَاهَتِهِ مَعَ كَوْنِهِ يَكُونُ بَرِيءَ الذِّمَّةِ. فَإِذَا كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ إقَامَةُ الْحَقِّ بِدُونِ كَسْرِ الْقَلْبِ فَالْأَوْلَى إجْرَاءُ ذَلِكَ وَكَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ أَنْ يَطْعَنَ النَّاسُ فِي حَقِّهِ بِحَقٍّ وَأَنْ لَا يُجْرِيَ الْأَعْمَالَ الَّتِي تُوجِبُ الطَّعْنَ فِي حَقِّهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِزَ أَيْضًا مِنْ إجْرَاءِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُوجِبُ الطَّعْنَ فِي حَقِّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِأَنَّهُ يُوجَدُ أُنَاسٌ يَظُنُّونَ بِأَنَّ تِلْكَ الطُّعُونَ مُوَافِقَةً لِلْحَقِيقَةِ فَيَتَلَوَّثُ شَرَفُ الْقَاضِي. وَيُعْطِي الْإِعْلَامَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ لِسَبَبَيْنِ (الْأَوَّلُ) حَتَّى لَا يَنْسَى الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بِطُولِ الزَّمَنِ وَمُرُورِ الْأَوَانِ " الثَّانِي " لِيَتَمَكَّنَ الْمَحْكُومُ لَهُ مِنْ إبْرَازِ الْحُكْمِ لِلْمُوَظَّفِ كَيْ يُجْرِيَ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ

الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ إلَى بَلْدَةِ قَاضٍ آخَرَ أَوْ كَانَ الْحُكْمُ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُقِيمِ فِي مَدِينَةٍ أُخْرَى فَيَجِبُ إجْرَاءُ ذَلِكَ الْحُكْمِ مِنْ قَاضٍ آخَرَ وَلَا يُمْكِنُ لِهَذَا الْقَاضِي الْآخَرِ أَنْ يُجْرِيَ الْحُكْمَ مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْإِعْلَامِ الزَّيْلَعِيّ. كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ إعْطَاءُ نُسْخَةٍ مِنْ الْإِعْلَامِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْمُحَاكَمَةِ وَالْحُكْمِ وَلِيَتَمَكَّنَ مِنْ عَرْضِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْفُقَهَاءِ لِيَعْلَمَ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُوَافِقًا لِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَأُصُولِ الْمُحَاكَمَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُوَافِقًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَلِيَتَمَكَّنَ مِنْ اسْتِئْنَافِ أَوْ تَمْيِيزِ الْحُكْمِ إذَا رَغِبَ فِي ذَلِكَ. الْأَسْبَابُ الْمُوجِبَةُ؛ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي بَنَى عَلَيْهَا الْحُكْمَ وَالشَّهَادَةَ أَوْ الْإِقْرَارَ أَوْ الْيَمِينَ أَوْ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ الْمُبْتَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ. أَمَّا ذِكْرُ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَأَلْفَاظِ الشَّهَادَةِ فِي الْإِعْلَامِ فَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ إذَا بَنَى الْحُكْمَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَلَا يَلْزَمُ ذِكْرُ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ فِي الْإِعْلَامِ وَصُوَرِ شَهَادَتِهِمْ بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَالَ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الْعُدُولِ الْمَقْبُولِي الشَّهَادَةِ وَالْمُزَكَّيْنَ سِرًّا وَعَلَنًا، أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ الدَّعْوَى بِطَرِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْإِعْلَامِ الشُّهُودَ الْأُصُولَ. وَقَدْ سُئِلَ أَبُو السُّعُودِ السُّؤَالَ الْآتِيَ (هَلْ يَكْفِي أَنْ يَكْتُبَ أَنَّ الشُّهُودَ قَدْ شَهِدُوا طِبْقَ دَعْوَى الْمُدَّعِي؟) فَأَجَابَ (أَنَّهُ يَكْفِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ الْإِجْمَالُ إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ أَشْرَافِ الْعُلَمَاءِ وَأَلَّا يُقْتَضَى التَّفْصِيلَ) وَبِمَا أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي هَذَا الزَّمَنِ الشَّهَادَاتُ بِدَاعِي أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلدَّعْوَى مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُوَافِقَةً فَلِذَلِكَ يَجِبُ كِتَابَةُ صُورَةِ الشَّهَادَةِ فِي الْإِعْلَامِ صُورَةُ تَنْظِيمِ الْإِعْلَامِ: يَلْزَمُ الْقَاضِي حِينَ تَنْظِيمِ الْإِعْلَامِ أَنْ يُدَقِّقَ مَحْضَرَ الدَّعْوَى مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُطَبِّقَ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَحْصُلَ خَلَلٌ فِي الْإِعْلَامِ بِأَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْمَحْضَرِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي ". وَبَعْدَ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْإِعْلَامِ صُورَةَ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَتَارِيخَ وَمَضْمُونَ السَّنَدَاتِ الَّتِي أَبْرَزَهَا لِإِثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَالْأَسْبَابَ الثُّبُوتِيَّةَ الَّتِي بَيَّنَهَا وَصُورَةَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَيْفِيَّةَ دَفْعِهِ وَالْأَدِلَّةَ الَّتِي قَدَّمَهَا لِإِثْبَاتِ دَفْعِهِ ثُمَّ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةَ الْحُكْمِ وَالْإِلْزَامِ. يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَحْتَوِيَ الْإِعْلَامُ عَلَى الْأُمُورِ الْآتِيَةِ: 1 - دَعْوَى الْمُدَّعِي. إذَا سَرَدَ الْمُدَّعِي مُدَّعَيَاتِهِ فِي جَلَسَاتٍ عَدِيدَةٍ يُدَقِّقُ الْقَاضِي فِي جَمِيعِهَا وَيَطْوِي (أَوَّلًا) الْمُكَرَّرَةَ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ الْمُكَرَّرِ بَلْ إنَّهُ يُوجِبُ الصُّعُوبَةَ وَالتَّشْوِيشَ حِينَ تَدْقِيقِ الْإِعْلَامِ اسْتِئْنَافِيًّا أَوْ تَمْيِيزًا " ثَانِيًا، يُخْرِجُ الْإِفَادَاتِ الْغَيْرَ اللَّازِمَةِ فِي الدَّعْوَى لِأَنَّ ذِكْرَ إفَادَاتٍ غَيْرِ مُفِيدَةٍ فِي الدَّعْوَى اشْتِغَالٌ بِالْعَبَثِ وَيُوجِبُ ذَلِكَ الْإِشْكَالُ عِنْدَ تَدْقِيقِ الْإِعْلَامِ اسْتِئْنَافًا أَوْ تَمْيِيزًا " ثَالِثًا " يَكْتُبُ إفَادَاتِ الْمُدَّعِي الَّتِي بَيَّنَهَا فِي الْجَلَسَاتِ الْعَدِيدَةِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ.

(المادة 1828) لا يجوز للقاضي تأخير الحكم إذا حضرت أسباب الحكم وشروطه بتمامها

جَوَابُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إذَا أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجْوِبَةً فِي جَلَسَاتٍ عَدِيدَةٍ فَيُدَقِّقُ الْقَاضِي جَمِيعَهَا وَيَطْوِي أَوَّلًا الْمُكَرَّرَ مِنْهَا؛ ثَانِيًا. يُخْرِجُ الْأَجْوِبَةَ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِحِلِّ الدَّعْوَى ثَالِثًا، يَكْتُبُ أَجْوِبَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالدَّعْوَى الَّتِي أَجَابَهَا فِي جَلَسَاتٍ عَدِيدَةٍ فِي مَكَان وَاحِدٍ. 3 - أَسْبَابُ ثُبُوتِ الدَّعْوَى. فَإِذَا كَانَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ الْإِقْرَارَ فَيَجِبُ كِتَابَتُهُ عَيْنًا لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَظُنَّ الْقَاضِي كَلَامًا لَا يُعَدُّ إقْرَارًا، وَإِذَا كَانَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ أَوْرَاقًا وَسَنَدَاتٍ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَذْكُرَهَا عَيْنًا فِي الْإِعْلَامِ؛ أَمَّا إذَا كَانَ فِي تِلْكَ الْأَوْرَاقِ جِهَاتٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالدَّعْوَى فَلَا يَجِبُ دَرْجُهَا، وَإِذَا كَانَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ شَهَادَةً فَيَجِبُ كِتَابَةُ صُورَةِ شَهَادَتِهِمْ عَيْنًا لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الشَّهَادَةِ غَيْرَ مُثْبِتَةٍ لِلدَّعْوَى وَيَظُنُّ الْقَاضِي أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لَهَا كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ كِتَابَةُ أَسْمَاءِ الشُّهُودِ وَأَوْصَافِهِمْ وَأَنَّهُ جَرَتْ تَزْكِيَتُهُمْ سِرًّا وَعَلَنًا وَإِنَّ التَّزْكِيَةَ عَلَنًا كَانَتْ فِي حُضُورِ الطَّرَفَيْنِ وَالشُّهُودِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ الْيَمِينَ أَوْ النُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَجِبُ بَيَانُ صُورَةِ الْيَمِينِ الَّذِي كَلَّفَ الْقَاضِي الْخَصْمَ لِيَحْلِفَهُ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ الَّذِي كَلَّفَ الْخَصْمَ لِيَحْلِفَهَا غَيْرَ مُوَافِقَةٍ لِأُصُولِهَا وَيَكُونَ حَلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَوْ نُكُولَهُ لَا يُشَكِّلُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ. وَمِنْ قَوَاعِدِ الصَّكِّ أَنْ يَذْكُرَ فِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْإِقْرَارِ عِبَارَةَ إلْزَامٍ وَفِي الْحُكْمِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الشَّهَادَةِ لَفْظَ التَّنْبِيهِ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ. لِلْمُدَّعِي بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَيَكْتُبُ فِي الْإِعْلَامِ عِبَارَةً (قَدْ أَلْزَمْت الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُدَّعِي الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ) وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكْتُبُ فِي الْإِعْلَامِ (قَدْ نَبَّهْت الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُدَّعِي الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ) . وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1814) بِأَنَّهُ قَدْ أَلَّفْت نَمَاذِجَ بِكَيْفِيَّةِ تَنْظِيمِ وَتَحْرِيرِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَطُبِعَتْ وَنُشِرَتْ وَرُبِطَتْ صُورَةُ تَنْظِيمِهَا بِقَوَاعِدَ مُنْتَظِمَةٍ. [ (الْمَادَّةُ 1828) لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ إذَا حَضَرَتْ أَسْبَابُ الْحُكْمِ وَشُرُوطُهُ بِتَمَامِهَا] الْمَادَّةُ (1828) - (لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ إذَا حَضَرَتْ أَسْبَابُ الْحُكْمِ وَشُرُوطُهُ بِتَمَامِهَا) . أَيْ يَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْقَاضِي فِي هَذَا الْحَالِ أَنْ يَحْكُمَ فَوْرًا بِمُقْتَضَى تِلْكَ الدَّعْوَى فَإِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ يَكُونُ آثِمًا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، فَلِذَلِكَ إذَا أَخَّرَ الْقَاضِي الْحُكْمَ خَوْفًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَمَرَ الْمُدَّعِيَ بِالصُّلْحِ فَاضْطَرَّ الْمُدَّعِي لِمُصَالَحَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ وَإِلْحَاحِ الْقَاضِي يَأْثَمُ الْقَاضِي وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْحَمَوِيُّ وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَوَادِّ " 1740 و 1741 و 1742 " أَسْبَابَ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ بَيَّنَ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ شُرُوطَهُ وَلَكِنْ لِلْقَاضِي تَأْخِيرُ الْحُكْمِ فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي شُبْهَةٌ فِي الشُّهُودِ فَلَهُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ وَتَجَسُّسُ أَحْوَالِ

الشُّهُودِ مَثَلًا إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ بِالشُّهُودِ وَجَرَتْ تَزْكِيَتُهُمْ سِرًّا وَعَلَنًا عَلَى الْأُصُولِ فَاشْتَبَهَ الْقَاضِي بِسَبَبٍ مَشْرُوعٍ فِي أَنَّ الشُّهُودَ شُهُودُ زُورٍ فَيَتَجَسَّسُ أَحْوَالَهُمْ وَيُرْسِلُ أَحَدَ أُمَنَائِهِ إلَى الْأَشْخَاصِ الْمَوْثُوقِي الْكَلِمَةِ الَّذِينَ لَهُمْ اخْتِلَاطٌ بِالشُّهُودِ وَيَتَفَحَّصُ أَحْوَالَهُمْ جَيِّدًا، فَعَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ الثَّلَاثَةُ شُهُودٍ فِي دَعْوَى فَسَمِعَ الْقَاضِي أَحَدَهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ يَقُولُ (أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قَدْ شَهِدْت كَذِبًا) وَلَمْ يُمَيِّزْ الْقَائِلَ وَلَدَى سُؤَالِهِمْ أَجَابُوا أَنَّهُمْ بَاقُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِتِلْكَ الشَّهَادَاتِ وَيُخْرِجُ أُولَئِكَ الشُّهُودَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيُجْرِي التَّدْقِيقَ وَالْبَحْثَ فِي حَقِّهِمْ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُمْ أُنَاسُ سُوءٍ فَيَرُدُّ شَهَادَتَهُمْ، وَيَجِبُ فِي هَذَا الزَّمَنِ الِاعْتِنَاءُ الزَّائِدُ فِي ذَلِكَ إذْ أَنَّ الشُّهُودَ يُزَكَّوْنَ مِنْ أُنَاسٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَأَمَّلَ الْقَاضِي وُقُوعَ الصُّلْحِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فَلَهُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفَانِ أَقْرِبَاءَ أَوْ أَجَانِبَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1826 ". لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُورَثُ الْحِقْدَ وَالْعَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي الْإِمْهَالَ لِإِقَامَةِ الشُّهُودِ لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَيُمْهِلُ كَمَا أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِثْبَاتِ دَفْعِهِ فَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ دَفْعِهِ فَإِذَا وَجَدَهُ صَحِيحًا أَمْهَلَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَلَا يُجِيبُهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1823) . الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا اسْتَفْتَى الْقَاضِي عُلَمَاءَ بَلْدَتِهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى الْفَتْوَى الَّتِي أَفْتَوْهَا وَاسْتَفْتَى مِنْ عُلَمَاءِ بَلْدَةٍ أُخْرَى فَلَهُ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ حَتَّى تَرِدَ إلَيْهِ الْفَتْوَى رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ.

الباب الثاني في الحكم ويشتمل على فصلين

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْحُكْمِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ] [الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحُكْمِ] [ (الْمَادَّةُ 1829) يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحُكْمِ يُذْكَرُ فِي هَذَا الْفَصْلِ شَرْطَانِ، أَوَّلُهُمَا سَبْقُ الدَّعْوَى، الثَّانِي، حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ. الْمَادَّةُ (1829) - (يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى، وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي فِي خُصُوصٍ مُتَعَلِّقٍ بِحُقُوقِ النَّاسِ ادِّعَاءَ أَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ مِنْ دُونِ سَبْقِ دَعْوَى) يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ الصَّرِيحِ الْقَوْلِ سَبْقُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ أَيْ يَلْزَمُ فِي الْحُكْمِ وُجُودُ الْخُصُومَةِ الشَّرْعِيَّةِ. لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْلَمُ حُقُوقَ النَّاسِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِمْ (الزَّيْلَعِيّ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ) وَلِلنَّاسِ أَنْ يُطَالِبُوا بِحُقُوقِهِمْ أَوْ أَنْ يَتْرُكُوهَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي حَقُّ التَّدَاخُلِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ الشَّرْعِيَّةُ مَوْجُودَةً فِي الظَّاهِرِ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْضًا فَالدَّعْوَى وَالْحُكْمُ صَحِيحَانِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخُصُومَةُ مَوْجُودَةً فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَغَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ الْمَبْنِيِّ عَلَى ذَلِكَ. فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا تُوجَدُ خُصُومَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَأَنَّ الدَّعْوَى الَّتِي أَقَامَاهَا بَعْضُهُمَا عَلَى الْبَعْضِ ظَاهِرًا هِيَ وَسِيلَةٌ لِلِاسْتِحْصَالِ عَلَى حُكْمٍ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَالِ فَلَا يَسْتَمِعُ الدَّعْوَى فَإِذَا اسْتَمَعَهَا الْقَاضِي مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحُكْمُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى، أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِدُونِ عِلْمٍ بِذَلِكَ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَهَذَا الْحُكْمُ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرُ بِطَلَبِ جَمِيعِ حُقُوقِهِ الَّتِي فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَالِادِّعَاءِ بِهَا وَكَانَ مُوَكَّلُهُ غَائِبًا وَأَرَادَ إثْبَاتَ وَكَالَتِهِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ لِمُوَكِّلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا (حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ رَأْسًا مَا لَمْ يَدَّعِ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى) وَادَّعَى فِي دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِصَاحِبِ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ فَلِلْوَكِيلِ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ وَيَحْكُمُ بِمُوجِبِهَا الْحَمَوِيُّ. كَمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ إثْبَاتُ هِلَالِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ فِي زَمَانِنَا هَذَا ضِمْنَ دَعْوَى كَهَذِهِ.

وَيُشْتَرَطُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي بِخُصُوصِ مُتَعَلِّقٍ بِحُقُوقِ النَّاسِ ادِّعَاءُ أَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْ دُونِ سَبْقِ دَعْوَى. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي الْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَأَرَادَ إثْبَاتَ أَمْرٍ بِدُونِ وُجُودِ خَصْمٍ يَدَّعِي ذَلِكَ الْحَقَّ فَلَا يُقْبَلُ الْحَمَوِيُّ. إيضَاحَاتٌ: الْحُكْمُ الصَّرِيحُ، أَمَّا فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ الضِّمْنِيِّ فَلَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ: أَوَّلًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ فِي حَقٍّ وَذَكَرُوا اسْمَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَاسْمَ أَبِيهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ الْحَقِّ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالنَّسَبِ مَعَ أَنَّهُ لَا تُوجَدُ دَعْوَى بِالنَّسَبِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (54) الْحَمَوِيُّ ثَانِيًا: إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ قَدْ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا فِي الْأَمْرِ الْفُلَانِيِّ فِي الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَى الْخَصْمِ الْمُنْكِرِ وَحَكَمَ بِالتَّوْكِيلِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَمَ ضِمْنًا بِالزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا. ثَالِثًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْخُصُومَةِ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى الْمُتَكَوِّنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ مُعَلَّقَةً عَلَى دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَادَّعَى الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ لِمُوَكِّلِهِ حَقًّا بِنَاءً عَلَى الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوَكَالَةِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ دُخُولَ رَمَضَانَ فَأَقَامَ الْوَكِيلُ شُهُودًا عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ فَيَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ ضِمْنَ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ الْحَمَوِيُّ. رَابِعًا: إذَا قَامَ أَحَدٌ دَعْوَى عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّك قَدْ كَفَلْت الدَّيْنَ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ إلَّا أَنَّهُ أَنْكَرَ الدَّيْنَ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي الدَّيْنَ وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْكَفِيلِ قَصْدًا وَعَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ ضِمْنًا حَالَ كَوْنِهِ لَمْ تَسْبِقْ دَعْوَى عَلَى الْأَصِيلِ الْغَائِبِ وَقَدْ بِأَمْرِهِ الْوَارِدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَلَكِنْ لَهُ تَأْثِيرٌ وَدَخَلَ فِي رُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ الْحَمَوِيُّ الْحُكْمُ الْقَوْلِيُّ، أَمَّا الْحُكْمُ الْفِعْلِيُّ فَلَا يَحْتَاجُ لِلدَّعْوَى وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِعْلُ الْقَاضِي مَحَلَّ الْحُكْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ سَبْقُ الدَّعْوَى. مَثَلًا لَوْ زَوَّجَ الْقَاضِي الصَّغِيرَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ قَسَمَ عَقَارَهُ أَوْ اشْتَرَى مَالًا لِلْيَتِيمِ فَهُوَ حُكْمٌ فِعْلِيٌّ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْفِعْلِيَّةِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ الْأَمْرُ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى عَدَمَ صَلَاحِيَّةِ الْقَاضِي لِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ الْقَاضِي بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1838 " (رَدُّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنًى - إنَّ فِعْلَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَيْسَ بِحُكْمٍ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ الْقَاضِيَ بِتَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ فِعْلُ الْقَاضِي حُكْمًا بَلْ يَكُونُ وَكَالَةً عَنْ الْوَلِيِّ.

(المادة 1830) يشترط حضور الطرفين حين الحكم

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَعْطَى الْقَاضِي غَلَّةَ الْوَقْفِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِفَقِيرٍ فَلَا يُعَدُّ هَذَا الْفِعْلُ حُكْمًا وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَلَّةَ ذَلِكَ الْوَقْفِ الْأُخْرَى لِفَقِيرٍ آخَرَ الدُّرُّ الْمُخْتَارُ ". مُتَعَلِّقٌ بِحُقُوقِ النَّاسِ، أَمَّا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يُشْتَرَطُ سَبْقُ الدَّعْوَى فِيهَا كَالطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَدَى الْقَاضِي أَنَّ فُلَانًا قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَأَنَّهُ يُعَاشِرُهَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا [ (الْمَادَّةُ 1830) يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ] الْمَادَّةُ (1830) - (يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ يَعْنِي يَلْزَمُ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ إجْرَاءِ مُحَاكَمَةِ الطَّرَفَيْنِ مُوَاجَهَةَ حُضُورِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا وَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَكِّيَ الْبَيِّنَةَ وَيَحْكُمَ بِهَا) كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَسَبِ الْمَادَّةِ " 1618 " حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْمُحَاكَمَةِ فَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمَا فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حِينَ الْحُكْمِ أَوْ حُضُورِ نَائِبِهِمَا يَعْنِي يَلْزَمُ حُضُورُهُمَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ حِينَ النُّطْقِ بِالْحُكْمِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ مُوَاجَهَةً لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي غِيَابِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي غِيَابِهِ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ. غَائِبًا عَنْ الْبَلْدَةِ (الْجَوْهَرَةُ) إلَّا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ الْحُكْمِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ خُصُوصًا وَأَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ فِي غِيَابِهِ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ أَيْ يَلْزَمُ الْغَائِبُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي لَا يَكُونُ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ قَضَاءً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ يَكُونُ فِي الْحَقِيقَةِ إعَانَةً لِلْمَقْضِيِّ لَهُ الشِّبْلِيُّ. حَيْثُ إنَّ حُجِّيَّةَ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مُتَوَقِّفَةٍ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ إبْرَاءً، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ عَيْنًا وَأَقَرَّ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْوَاضِعُ الْيَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ دَيْنًا فَالْمَحْكُومُ لَهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ حِينَمَا يَظْفَرُ بِمَالٍ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْفَتْحُ ". كَذَلِكَ إذْ أَبْرَأَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي ثُمَّ تَغَيَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْقَاضِي إعْطَاءُ الْإِعْلَامِ بِالْإِبْرَاءِ، وَالْحُكْمُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ حُكْمًا وَجَاهِيًّا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ وَلَا يُقَامُ دَفْعُ ضِدِّهِ. لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ شَرْعِيٌّ لِرَفْعِ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ مَا لَمْ يَدَّعِ بِأَنَّهُ ادَّعَى الْمَبْلَغَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ " 1817 " بِأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ ادِّعَاءُ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ

بَعْدَ صُدُورِ الْحُكْمِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِادِّعَاءِ الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ، وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحُكْمِ بِدَعْوَى أَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْ الْإِبْرَاءَ كَانَ مُوَاضَعَةً بَيْنَهُمَا؟ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ تُوُفِّيَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالْحُكْمِ فَلِلْقَاضِي عَلَى رِوَايَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، الْحُكْمُ فِي غِيَابِهِ بَعْدَ تَزْكِيَةِ الْبَيِّنَةِ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَحَقَّقَ أَنَّ الشُّهُودَ عُدُولٌ مَقْبُولُو الشَّهَادَةِ. وَيُعَدُّ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا حُكْمًا عَلَى الْحَاضِرِ. وَالْحُكْمُ غِيَابِيًّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مَرْوِيَّةً عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ اخْتَارَتْهَا الْمَجَلَّةُ لِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ وَقَدْ رُجِّحَتْ مِنْ طَرَفِ الْخَصَّافِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1801 " وَشَرْحَهَا (الْخَانِيَّةُ والولوالجية) . وَيَلْزَمُ تَبْلِيغُ الْحُكْمِ الَّذِي يَصْدُرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحُكْمِ بِأَنْ يَطْعَنَ فِي الشُّهُودِ أَيْ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى. وَيَكْفِي حُضُورُ نَائِبِ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ. وَالنُّوَّابُ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ: وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا لِلْخُصُومَةِ وَالدَّعْوَى كَأَنْ يُوَكِّلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا لِيُجِيبَ عَلَى الدَّعْوَى الْمُقَامَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعِي وَأَنْ يَتَرَافَعَ مَعَهُ وَأَنْ يَتَرَافَعَ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ وَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي فِي الْقَضِيَّةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِأَجْلِ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ هُوَ الْوَكِيلُ الَّذِي يُعِينُ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ فَإِذَا غَابَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ تَعْيِينِ وَكِيلٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فِي مُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَكِيلِ. النَّوْعُ الثَّانِي: وَصِيُّ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ أَكَانَ وَصِيًّا مُخْتَارًا أَوْ وَصِيًّا مَنْصُوبًا لِأَنَّ الْمَيِّتَ غَائِبٌ وَوَصِيُّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ حَقِيقَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ هُمَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. فَتَرَى الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ هَؤُلَاءِ فَإِذَا لَزِمَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ كَانَ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ وَعَلَى الْمَيِّتِ أَوْ الصَّغِيرِ فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ وَلَا يَصْدُرُ الْحُكْمُ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَلِيِّ بِالذَّاتِ. النَّوْعُ الثَّالِثُ: مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، فَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْوَاقِفِ وَقَدْ بَيَّنْت صُورَةَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 928 " وَيَحْكُمُ فِي الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَقْفِ عَلَى الْوَقْفِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " النَّوْعُ الرَّابِعُ: أَنْ يَنُوبَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ عَنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1648 ". النَّوْعُ الْخَامِسُ: يَكُونُ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّيْنِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْإِرْثِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَنَائِبًا وَقَوْلُ الْإِمَامَيْنِ هَذَا هُوَ اسْتِحْسَانِي (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي وَلِفُلَانٍ الْغَائِبِ بِالِاشْتِرَاكِ فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ عِنْدَ إجْرَاءِ الْحُكْمِ حِصَّتَهُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْأُخْرَى فَيَأْخُذُهَا الْغَائِبُ عِنْدَ قُدُومِهِ فَإِذَا جَاءَ الْغَائِبُ وَصَدَقَ الْمُدَّعِي الْحَاضِرُ يُجْرِي حُكْمَ مَادَّتَيْ " 1101 و 1105 " (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَصُورَةُ الدَّيْنِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ الْخَامِسِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلْمُدَّعِي وَلِشَرِيكِهِ الْغَائِبِ. أَمَّا الصُّورَةُ الْأُخْرَى فَتَبَيَّنَ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قِيَاسِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 1643 ". وَلِذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ الِاسْتِحْقَاقَ فِي عَقَارٍ يَتَصَرَّفُ بِهِ أَرْبَعَةُ أَشْخَاصٍ فِي مُوَاجَهَةِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ أَيْضًا فِي مُوَاجَهَةِ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ. إذَا لَمْ يَكُنْ الِاشْتِرَاكُ غَيْرَ حَاصِلٍ مِنْ الْإِرْثِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا الِاثْنَانِ هُمَا الْوَاضِعِي الْيَدَ فَقَطْ (فَتَاوَى ابْنِ السُّعُودِ فِي الشَّهَادَةِ) . وَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ آنِفًا بِالْخَمْسَةِ دَنَانِيرَ حِصَّةَ الْمُدَّعِي فَقَطْ وَلَا يَحْكُمُ بِمَجْمُوعِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَعِنْدَ قُدُومِ الْغَائِبِ يَكُونُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1101 و 1105) . النَّوْعُ السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَدِينِينَ نَائِبًا عَنْ الْمَدِينِ الْآخَرِ تُجَاهَ الدَّائِنِ؛ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَدَعَا عَمْرٌو إلَى الْمُحَاكَمَةِ فِي غِيَابِ زَيْدٍ وَأَثْبَتَ الدَّائِنُ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الِاثْنَيْنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيَحْكُمُ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِأَدَاءِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى رِوَايَةٍ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَقَدْ قَالَ بِهَا الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا: إنَّهُ يَحْكُمُ بِحِصَّةِ عَمْرٍو فَقَطْ وَلَا يَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى زَيْدٍ الْغَائِبِ. النَّوْعُ السَّابِعُ: الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي فِي يَدِهِ مَالُ الْمَيِّتِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْمَيِّتُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعِ مَالِهِ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَدَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمُتَوَفَّى تُسْمَعُ مُوَاجَهَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْأَجْنَبِيُّ نَائِبًا عَنْ الْمُتَوَفَّى وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ خَصْمًا فِي تِلْكَ الدَّعْوَى وَالْقَاضِي يُعَيِّنُ خَصْمًا أَيْ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَيَسْتَمِعُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الدَّيْنِ. النَّوْعُ الثَّامِنُ: يَكُونُ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ خَصْمًا عَنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ إذَا كَانَ الْوَقْفُ ثَابِتًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَأُرِيدَ إثْبَاتُ الْوَقْفِيَّةِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ ". مَثَلًا إذَا كَانَ وَقْفٌ مَوْقُوفًا عَلَى أَخَوَيْنِ فَتُوُفِّيَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمَا فَبَقِيَ الْوَقْفُ تَحْتَ يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْحَيِّ مَعَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فَأَقَامَ الْأَخُ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِ أَوْلَادِ أَخِيهِ الْمُتَوَفَّى بِأَنَّ الْوَقْفَ مَشْرُوطٌ لِلْأَوْلَادِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَتُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَلَوْ كَانَ بَاقِي أَوْلَادِ الْأَخِ غَائِبِينَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْوَاحِدُ يُعَدُّ خَصْمًا عَنْ الْآخَرِينَ وَنَائِبًا عَنْهُمْ. النَّوْعُ التَّاسِعُ: النَّائِبُ حُكْمًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمُدَّعِي بِهِ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا فِي كُلِّ

الْأَحْوَالِ لِلشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ وَقَوْلُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ وَغَيْرَ سَبَبٍ فِي حَالٍ آخَرَ كَمَا سَيُبَيَّنُ قَرِيبًا وَكَذَلِكَ قَدْ اُحْتُرِزَ بِقَوْلِ (سَبَبٍ) مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا كَمَا سَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا. مِثْلَ أَنَّهُ قَدْ اُحْتُرِزَ فِي هَذَا النَّوْعِ التَّاسِعِ (مِنْ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا فِي حَالٍ وَغَيْرِ سَبَبٍ فِي حَالٍ آخَرَ) لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْحَاضِرِ فَقَطْ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ؛ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى امْرَأَةٍ قَائِلًا: (إنَّ زَوْجَك فُلَانًا قَدْ وَكَّلَنِي بِالذَّهَابِ بِك إلَيْهِ وَسَأَذْهَبُ بِك وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ وَأَثْبَتَتْ مُدَّعَاهَا) فَتُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ الْحَاضِرِ لِقِصَرِ يَدِهِ عَنْ الزَّوْجَةِ وَلَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ وَلَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِذَلِكَ. كَذَلِكَ إذَا كَانَ سَبَبًا لِلْبَقَاءِ وَقْتَ الدَّعْوَى فَقَطْ فَلَا يُقْبَلُ مُطْلَقًا. مَثَلًا؛ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ فَسْخِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى فَسَادِهِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ بَاعَ الْمَبِيعَ إلَى فُلَانٍ وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ حَقُّ فَسْخِ الْبَيْعِ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 372 " فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاءُ الْمُشْتَرِي هَذَا فِي دَفْعِ دَعْوَى الْبَائِعِ الْحَاضِرِ الْمُحَاكَمَةَ فِي طَلَبِ فَسْخِ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ فِي حَقِّ شِرَاءِ الْغَائِبِ لِأَنَّ نَفْسَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لِبُطْلَانِ حَقِّ الْفَسْخِ إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُقِيلَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْغَائِبِ حَتَّى أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى بَقَاءِ الْبَيْعِ لِحِينِ الدَّعْوَى فَلَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مَادَامَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَصْمًا لِإِثْبَاتِ نَفْسِ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا لِإِثْبَاتِ بَقَائِهِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ تَابِعٌ لِلِابْتِدَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قَدْ ذَكَرَ عِنْدَ إيضَاحِ الْفَرْعِ التَّاسِعِ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَيْدِ سَبَبٍ مِنْ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَى الْحَاضِرِ فَيُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْغَائِبُ يَتَضَرَّرُ بِالشَّرْطِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي لَا عَلَى الْحَاضِرِ وَلَا عَلَى الْغَائِبِ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: قَدْ عَلَّقْت طَلَاقِي عَلَى تَطْلِيقِ فُلَانٍ الْغَائِبِ لِزَوْجَتِهِ وَأَرَادَتْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى تَطْلِيقِ الْغَائِبِ لِزَوْجَتِهِ فَلَا تُقْبَلُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ الْغَائِبُ بِالشَّرْطِ فَيُقْبَلُ مَثَلًا لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا قَائِلَةً: قَدْ عَلَّقْت

طَلَاقِي عَلَى دُخُولِ فُلَانٍ الْغَائِبِ فِي بَيْتِهِ وَقَدْ دَخَلَ الْغَائِبُ الْمَذْكُورُ فِي بَيْتِهِ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ فِي الشَّرْطِ أَيْضًا تُقْبَلُ مُطْلَقًا كَمَا فِي النَّسَبِ مِنْهُمْ عَلِيُّ الْبَزْدَوِيُّ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى السَّبَبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّرْطِ أَيْضًا الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَهَذَا النَّوْعُ التَّاسِعُ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ شَيْئًا وَاحِدًا وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهَا مِلْكِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْخَارِجُ الَّذِي يَدَّعِي مِلْكِيَّةَ الدَّارَ بَيِّنَةً تُثْبِتُ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ مَالِكِهَا فُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَحْكُمُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْغَائِبُ مَعًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَلَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّ الِاشْتِرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ " وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُدَّعَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ " هُوَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِيَّةِ بِلَا شَكٍّ وَقَدْ اُدُّعِيَتْ الْمِلْكِيَّةُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاضِرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْعِنَايَةُ.) قَدْ ذَكَرَ فِي تَصْوِيرِ الدَّعْوَى عِبَارَةَ، مِنْ مَالِكِهَا، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الشِّرَاءِ لَا يُثْبِتُ الْمِلْكِيَّةَ لِلْمُشْتَرِي إذْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ بَائِعُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مَالِكٍ بِأَنْ يَكُونَ فُضُولِيًّا فِي بَيْعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَتْ مِلْكًا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ وَقَدْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَإِنَّنِي شَفِيعٌ بِهَا وَأَطْلُبُهَا بِالشُّفْعَةِ وَادَّعَى ذُو الْيَدِ أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ مِلْكُهُ أَصْلًا وَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْ أَحَدٍ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً تُثْبِتُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ اشْتَرَى الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْغَائِبِ الْمَذْكُورِ فَيَحْكُمُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْغَائِبُ مَعًا لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَهُوَ الدَّارُ كَمَا أَنَّ الشِّرَاءَ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْغَائِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ سَبَبٌ لِثُبُوتِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ الْمَالِكِ هُوَ سَبَبٌ لَا مَحَالَةَ لِمِلْكِيَّةِ الْمُشْتَرِي الزَّيْلَعِيّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ كَفِيلٌ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرِهِ وَأَثْبَتَ الدَّيْنَ وَالْكَفَالَةَ فَيَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا لِأَنَّهَا كَالْمُعَاوَضَةِ لَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ لَا يَقْضِ عَلَى الْغَائِبِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ فُلَانٍ الْغَائِبِ قَدْ كَفَلَا الدَّيْنَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةَ لِي مِنْ ذِمَّةِ فُلَانٍ كَمَا أَنَّهُمَا قَدْ كَفَلَا بَعْضَهُمَا بِالْمَالِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا عَلَى الْكَفِيلِ الْغَائِبِ وَعَلَى الْمَدِينِ الْغَائِبِ أَيْضًا الْخَانِيَّةُ ". الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي مُوَاجَهَةِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَفَلَ جَمِيعَ الدَّيْنِ الَّذِي يَثْبُتُ لِي فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ وَأَنَّ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ الْمَكْفُولِ الْمَذْكُورِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ قَبْلَ الْكَفَالَةِ وَهِيَ

فِي ذِمَّتِهِ لِلْآنِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْكَفِيلِ الْحَاضِرِ وَعَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْغَائِبِ وَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَإِثْبَاتُهَا ثَانِيَةً عِنْدَ حُضُورِ الْغَائِبِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْكَفِيلَ قَدْ كَفَلَ بِأَمْرِ الْغَائِبِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْمُطْلَقَةَ لَا تُوجِبُ الْمَالَ عَلَى الْكَفِيلِ مَا لَمْ تُوجِبْهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ فَانْتَصَبَ عَنْ الْغَائِبِ خَصْمًا رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلَيْنِ مَتَاعًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَأْخُذَهُ إلَّا بِخَمْسِمِائَةِ وَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ بِأَلْفٍ قَضَاءً عَلَى الْأَصِيلِ أَمَّا الْقَضَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْكَفِيلِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْقَضَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّصْفِ الَّذِي كَانَ كَفِيلًا كَانَ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ أَمَّا الْقَضَاءُ عَلَيْهِ فِيمَا كَانَ أَصِيلًا لَا يَكُونُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: مَهْمَا بِعْت لِفُلَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ قَائِلًا: قَدْ بِعْت الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ فَرَسِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدِّهَا لِي حَسَبَ كَفَالَتِك وَأَثْبَتَ الْبَيْعَ فَيَحْكُمُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ وَيَحْكُمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ دِرْهَمٍ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَكْفِلْنِي عَلَى الْمَبْلَغِ الَّذِي سَيُقْرِضُنِي إيَّاهُ هَذَا الرَّجُلُ فَكَفَلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَائِلًا: إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ قَدْ أَقْرَضَك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَسَلَّمَهَا لَك وَقَدْ أَدَّيْتهَا لِلدَّائِنِ بِكَفَالَتِي عَنْك فَأَدِّهَا لِي وَأَثْبِتْ الْإِقْرَاضَ وَالْإِيفَاءَ فَيَحْكُمُ بِالْإِقْرَاضِ وَتَأْدِيَةِ الْكَفِيلِ وَيَأْخُذُ الْكَفِيلُ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إذَا أَثْبَتَ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ أَيْضًا الدَّيْنَ فِي مُوَاجَهَةِ الْأَصِيلِ فَيَحْكُمُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ بِأَدَاءِ الْمَكْفُولِ بِهِ لِلْمُدَّعِي كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ حَكَمَ عَلَى الدَّائِنِ الْغَائِبِ بِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - إذَا ادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عِنْدَ فُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنَّهُ أَحَالَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَأَنَّ ثَلَاثَتَهُمْ قَدْ قَبِلُوا الْحَوَالَةَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَتَثْبُتُ مَشْغُولِيَّةُ ذِمَّةِ الْغَائِبِ بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَى الْمَذْكُورِ بِإِيفَاءِ الْمُحَالِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: كَانَ لِفُلَانٍ فِي ذِمَّتِك عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَقَدْ حَوَّلْت ذَلِكَ الرَّجُلَ عَلَيَّ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْدَ أَنْ قَبِلْت الْحَوَالَةَ بِأَمْرِك قَدْ أَوْفَيْت الْمُحَالَ بِهِ لَهُ وَإِنَّنِي أَرْجِعُ عَلَيْك وَأُثْبِتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَكَمَا أَنَّهُ يُثْبِتُ قَبْضَ الْغَائِبِ يَلْزَمُ أَيْضًا الْحُكْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ قَبِلْت الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ عِنْدَ قُدُومِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ الثَّابِتَ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْمُدَّعِي مُلْزَمًا لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ

(المادة 1831) إذا حضر المدعى عليه بالذات إلى مجلس الحكم بعد إقامة البينة

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي يَدَّعِيهِ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ حَقَّيْنِ غَيْرَ قَابِلٍ انْفِكَاكُهُمَا؛ مَثَلًا لَوْ قَتَلَ أَحَدٌ آخَرَ عَمْدًا وَكَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَالْآخَرُ غَائِبًا فَادَّعَى الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ فِي حِصَّتِهِ وَأَنَّ حِصَّتَهُ أَيْ الْحَاضِرِ قَدْ انْقَلَبَتْ إلَى مَالٍ وَأَنْكَرَ الْقَاتِلُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بِهَا عَلَى الْغَائِبِ وَالْحَاضِرِ مَعًا الزَّيْلَعِيّ. [ (الْمَادَّةُ 1831) إذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالذَّاتِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَة] الْمَادَّةُ (1831) - (إذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالذَّاتِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ إذَا حَضَرَ وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَجْلِسَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكِيلِ) . إذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالذَّاتِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ إذَا حَضَرَ وَكِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَجْلِسَ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1830) . كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ وَارِثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُورِثَ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ، أَمَّا إذَا كَانَ وَارِثُ الْمُتَوَفَّى غَائِبًا وَغَيْرَ مَعْلُومٍ مَحِلَّ إقَامَته فَيَنْصِبُ الْقَاضِي بِطَلَبِ الْخَصْمِ وَكِيلًا لَهُ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ. كَذَلِكَ إذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ الْبَالِغِ. إيضَاحَات: إنَّ تَعْبِيرَ (بَيِّنَةِ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا إذْ الْحُكْمُ فِي جُزْءِ الْبَيِّنَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. فَكَمَا أَنَّ إقَامَةَ كُلِّ الْبَيِّنَةِ مُعْتَبَرٌ فَإِقَامَةُ جُزْءٍ مِنْهَا مُعْتَبَرٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلِ الْمُدَّعِي عَلَيْهِ شَاهِدًا وَاحِدًا وَأَقَامَ فِي مُوَاجَهَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالذَّاتِ شَاهِدًا آخِرَ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ فِي مُوَاجِهَةِ الْمُوَرِّثِ شَاهِدًا وَأَقَامَ شَاهِدًا آخِرَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ فَيَقْبَلُ. كَذَلِكَ لَوْ نَصَبَ أَحَدُ وَكِيلَيْنِ فِي دَعْوَى مُقَامَةٍ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَكِيلَيْنِ شَاهِدًا وَفِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْآخِرِ شَاهِدًا آخِرَ فَيَقْبَلُ الْهِنْدِيَّةُ " كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى وَصِيَّانِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِهِمَا شَاهِدًا وَأَقَامَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ الثَّانِي شَاهِدًا آخَرَ فَيَقْبَلُ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) .

(المادة 1832) للقاضي في الدعوى التي توجه الخصومة فيها إلى جميع الورثة أن يحكم بالبينة

[ (الْمَادَّةُ 1832) لِلْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُوَجَّهُ الْخُصُومَةُ فِيهَا إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ] الْمَادَّةُ (1832) - (لِلْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُوَجَّهُ الْخُصُومَةُ فِيهَا إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا غَابَ ذَلِكَ الْوَارِثُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ الَّذِي أَحْضَرَ فِي الدَّعْوَى وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ) . لِلْقَاضِي فِي الدَّعْوَى الَّتِي تُوَجَّهُ الْخُصُومَةُ فِيهَا إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَهِيَ الدَّعَاوَى الَّتِي سَبَقَ تَفْصِيلُهَا فِي الْمَادَّةِ " 1643 " أَنْ يَحْكُمَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُقِيمَتْ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا غَابَ ذَلِكَ الْوَارِثُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ الَّذِي أَحْضَرَ فِي الدَّعْوَى وَلَا حَاجَةَ لِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَارِثِ الْآخَرِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 138 ". [الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ] يَجُوزُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ وَظَهَرَ الْحَقُّ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَلَمْ يُشْتَرَطْ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاشْتِرَاطُ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ زِيَادَةٌ بَلْ دَلِيلُ (الْفَتْحُ) . مَثَلًا إذَا ذَهَبَ الْمُدَّعِي إلَى حُضُورِ الْقَاضِي وَادَّعَى أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ الْغَائِبِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَثْبَت ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ بِدُونِ تَعْيِينِ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ عَلَى الْغَائِبِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْغَائِبِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. أَمَّا الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ أَجْمَعُوا وَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَحَاضِرًا فِي الْبَلْدَةِ أَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْبَلْدَةِ. لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ «لَا تَحْكُمْ لِأَحَدِ الْأَخْصَامِ مَا لَمْ تَسْمَعْ كَلَامَ الْخَصْمِ الْآخَرِ لِأَنَّك عِنْدَ سَمَاعِك كَلَامَ الْآخَرِ تَعْرِفُ مَاذَا يَجِبُ أَنْ تَحْكُمَ بِهِ» أَيْ أَنَّهُ يَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ الْحُكْمِ بَعْدَ كَلَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَرَّ يَحْكُمُ بِإِقْرَارِهِ، وَإِذَا أَنْكَرَ وَثَبَتَ الْمُدَّعِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ فَلَا يَكُونُ نِزَاعٌ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِإِنْكَارِهِ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى قَطْعِ النِّزَاعِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْخَصْمُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يَكُونُ إقْرَارُهُ وَإِنْكَارُهُ مُحْتَمَلًا وَبِمَا أَنَّ أَحْكَامَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ مُخْتَلِفَةٌ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْحَالِ وَجْهُ الْقَضَاءِ مُشْتَبَهًا فِيهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِقْرَارِ اخْتِصَارٌ وَالْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ تَعْدِيَةٌ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (78) الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ.

(المادة 1833) يدعى المدعى عليه بناء على طلب المدعي إلى المحكمة من قبل القاضي

فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَرَاجَعَ الدَّائِنُ الْقَاضِيَ وَأَثْبَتَ دَيْنَهُ فِي غِيَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ. إنَّ الْمَادَّةَ (1818) مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ كَمَا أَنَّ الْمَادَّةَ " 1830 " مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ ذَلِكَ. الْحُكْمِ غِيَابًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: إذَا حَكَمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ الَّذِي يُجِيزُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ، عَلَى الْغَائِبِ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ الَّذِي يُجِيزُ مَذْهَبُهُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ عَلَى الْغَائِبِ اتِّبَاعًا لِلْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَيَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَةِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الْأَصْحَابِ الْحَنَفِيَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1801 " (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَبِمَا أَنَّ الْمَحَاكِمَ الشَّرْعِيَّةَ فِي زَمَانِنَا تُصْدِرُ أَحْكَامًا غِيَابِيَّةً عَلَى الْخَصْمِ الْغَيْرِ الْمُتَوَارِي الْمُقِيمِ فِي بَيْتِهِ أَوْ الْمُشْتَغِلِ فِي وَظِيفَتِهِ أَوْ أَعْمَالِهِ وَبِمَا أَنَّ الْحُكْمَ الْغِيَابِيَّ الْمَبْحُوثَ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ " 1834 " مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ حَقُّ الْخَصْمِ الْمُتَوَارِي عَلَى رَأْيِ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فَأَكْثَرُ الْأَحْكَامِ الْغِيَابِيَّةِ فِي زَمَانِنَا تُوَافِقُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّ إصْدَارَ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ فِي الْمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَتَوَقَّفُ " أَوَّلًا " عَلَى ثُبُوتِ الدَّعْوَى بِالْبَيِّنَةِ. (ثَانِيًا) عَلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي احْتِيَاطًا يَمِينَ اسْتِظْهَارٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ: أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ حَقٌّ لَازِمٌ أَدَاؤُهُ عَلَى الْغَائِبِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَدْ أَصْبَحَ تَلْفِيقٌ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْغِيَابِيَّةِ يَعْنِي أَنَّ إصْدَارَ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ عَلَى الْخَصْمِ الْغَيْرِ الْمُتَوَارِي هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَإِصْدَارُ الْحُكْمِ بِلَا يَمِينٍ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْحَنَفِيِّ وَبِذَلِكَ يَرِدُ سُؤَالٌ عَلَى هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّلْفِيقِ. إنَّ الْأَصْلَ وَالْقَاعِدَةَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا إحْضَارُ الْخَصْمِ أَيْ إجْبَارُهُ عَلَى الْحُضُورِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَوْجِبُ ضَيَاعَ حَقِّ الْمُدَّعِي فَلَزِمَتْ الْمُحَاكَمَةُ وَالْحُكْمُ غِيَابِيًّا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالضَّرُورَاتِ وَصِيَانَةً لِلْحُقُوقِ عَنْ الضَّيَاعِ وَقَدْ أَفْتَى خُوَاهَرْ زَادَهْ بِجَوَازِ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَوَارِي فَقَطْ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". وَإِنَّ شَرْطَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ الَّذِي يُنَصِّبُهُ الْقَاضِي الْوَارِدُ ذِكْرُهُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ، أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ الْمُقِيمُ دَاخِلَ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِقَاضِي دِمِشْقَ أَنْ يُنَصِّبَ وَكِيلًا مُسَخَّرًا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِيمِ فِي مَدِينَةِ بَغْدَادَ وَأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1801 " وَشَرْحَهَا " رَدُّ الْمِحْتَارُ " [ (الْمَادَّةُ 1833) يُدْعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الْمُدَّعِي إلَى الْمَحْكَمَةِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي] الْمَادَّةُ (1833) - (يُدْعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ وَاسْتِدْعَاءِ الْمُدَّعِي إلَى الْمَحْكَمَةِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَعَنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌ يَحْضُرُ إلَى الْمُحَاكَمَةِ جَبْرًا) .

يُدْعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ وَاسْتِدْعَاءِ الْمُدَّعِي أَيْ بَعْدَ إجْرَاءِ الْأُصُولِ الْمَبْنِيَّةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1618 "، إلَى الْمُحَاكَمَةِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي بِوَاسِطَةِ مَحْضَرِ الْمَحْكَمَةِ. وَكَانَتْ أُصُولُ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي الْأَوَائِلِ أَنْ يُرْسِلَ الْمُحْضِرَ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُبَلِّغُهُ شَفَاهِيًّا وَيَحْضُرُ الْخَصْمُ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَإِذَا لَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ الَّتِي تَبَلَّغَهَا مِنْ الْمُحْضَرِ الْمُرْسَلِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَيُصْبِحُ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَحِقًّا لِلتَّعْزِيرِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَدَعْوَةُ الْخَصْمِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ تَحْصُلُ بِإِرْسَالِ وَرَقَةٍ تُدْعَى (دَعْوَتِيَّةً) تَبْلُغُ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُحْضَرِ كَمَا سَيَذْكُرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1834) الْآتِيَةِ الذِّكْرِ. وَيُؤَدِّي لِلْمُحْضَرِ أُجْرَةً مُنَاسِبَةً وَهَذِهِ الْأُجْرَةُ تَلْزَمُ الْمُدَّعِي عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ تَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُتَمَرِّدَ عَنْ الْحُضُورِ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي. وَفِي نَتِيجَةِ الْفَتَاوَى تُوجَدُ فَتْوَى شَرِيفَةٌ بِذَلِكَ. أَمَّا التَّمَرُّدُ فَيُفْهَمُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ ابْتِدَاءً مُحْضَرًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدْعُوهُ لِلْمُحَاكَمَةِ وَأُجْرَةُ هَذَا الْمُحْضَرِ تَلْزَمُ الْمُدَّعِي فَإِذَا تَمَرَّدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحُضُورِ لِلْمَحْكَمَةِ وَامْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَيَجْرِي الْإِشْهَادُ عَلَى تَمَرُّدِهِ فَإِذَا أَرْسَلَ الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ الْمُحْضَرَ ثَانِيًا فَتَلْزَمُ أُجْرَةُ الْمُحْضَرِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَمَرُّدِهِ اسْتِحْسَانًا لِلزَّجْرِ النَّتِيجَةُ ". وَقَدْ وَضَحَّتْ الْخَانِيَّةُ التَّمَرُّدَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: يَأْخُذُ الْمُدَّعِي مُرَاسَلَةً مَخْتُومَةً بِخَتْمِ الْقَاضِي لِتَبْلِيغِهَا لِلْخَصْمِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَتُهُ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَيُبَلِّغُ الْمُدَّعِي هَذِهِ الْمُرَاسَلَةَ لِخَصْمِهِ وَيَفْهَمُهُ بِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَإِذَا رَدَّ الْخَصْمُ الْمُرَاسَلَةَ وَامْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي فَيَجْرِي الْمُدَّعِي الْإِشْهَادَ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَالتَّمَرُّدِ وَإِذَا سَكَتَ الْخَصْمُ بِأَنْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يُجِبْ أَوْ وَعَدَ بِالْإِجَابَةِ ثُمَّ خَالَفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُعَدُّ مُتَمَرِّدًا فَالْقَاضِي يُحْضِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَبْرًا بِوَاسِطَةِ الْمُحْضَرِ أَوْ الشَّرْطِيِّ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زَجْرًا لَهُ وَيُعَزِّرُهُ لِتَمَرُّدِهِ. وَالْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ تَخْتَلِفُ بِنِسْبَةِ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْمُحْضَرُ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَاخِلِ الْبَلْدَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الْمَحْكَمَةُ فَتَكُونُ أُجْرَةُ الْمُحْضَرِ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَتِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِيمًا خَارِجَ الْبَلْدَةِ. فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ الْحُضُورِ وَعَنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمُحَاكَمَةِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا أَوْ امْرَأَةِ مُخَدَّرَةِ فَيَحْضُرُ إلَيْهَا جَبْرًا. وَيَسْتَعِينُ الْقَاضِي بِالْوَالِي وَبِأَفْرَادِ الشُّرْطَةِ فِي إحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية " أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَرِيضًا بِحَيْثُ إذَا جَاءَ الْمُحَاكَمَةَ مَاشِيًا يُوجِبُ ذَلِكَ اشْتِدَادَ مَرَضِهِ أَوْ كَانَ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحُضُورِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ " 19 " وَفِي هَذَا الْحَالِ إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا

(المادة 1834) إذا امتنع المدعى عليه من الحضور ومن إرسال وكيل إلى المحكمة

بِنَصْبِ النَّائِبِ يُرْسِلُ نَائِبَهُ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى الْمَرِيضِ أَوْ الْمُخَدَّرَةِ وَيَسْتَمِعُ دَعْوَاهُ وَيَفْصِلُ فِيهَا. وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ أَحَدٍ مِنْ أَجْلِ إحْضَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْبِرَ آخَرَ لِإِحْضَارِ خَصْمِهِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا زَوْجَةً فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَقُولَ لِزَوْجِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا أَحْضِرْ زَوْجَتَك لِلْمُحَاكَمَةِ وَأَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى إحْضَارِهَا وَلَكِنْ يُجْبَرُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَانَ الْكَفِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى إحْضَارِهِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 642 ". [ (الْمَادَّةُ 1834) إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُور وَمنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ] الْمَادَّةُ (1834) - (إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَمِنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ جَلْبُهُ وَإِحْضَارُهُ يُدْعَى إلَى الْمُحَاكَمَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَرَقَةَ الدَّعْوَى الْمَخْصُوصَةِ بِالْمَحْكَمَةِ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ أَيْضًا يُفْهِمُهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ سَيُنَصِّبُ لَهُ وَكِيلًا وَسَيَسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلَمْ يُرْسِلْ وَكِيلًا نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ وَسَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَدَقَّقَهَا فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهَا مُقَارَنَةٌ لِلصِّحَّةِ حَكَمَ بِالدَّعْوَى بَعْدَ الثُّبُوتِ) إذَا امْتَنَعَ أَوْ اخْتَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْحُضُورِ وَمِنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ جَلْبُهُ أَوْ إحْضَارُهُ جَبْرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَيُدْعَى الْخَصْمُ الْمُتَوَارِي، يُدْعَى إلَى الْمُحَاكَمَةِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ وَرَقَةَ إحْضَارٍ يَذْكُرُ فِيهَا الْيَوْمَ الَّذِي يَجِبُ حُضُورُهُ فِيهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ مَعَ بَيَانِ اسْمِ وَشُهْرَةِ الْمُدَّعِي وَتُرْسَلُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ إلَيْهِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَيُفْهِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا بِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ لَهُ مِنْ الْقَاضِي وَأَنَّهُ مَدْعُوٌّ لِلْمُحَاكَمَةِ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ دَعْوَتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فِيهِ فَيَفْهَمُهُ الْقَاضِي بِأَنْ يُرْسِلَ رِسَالَةً لَهُ: بِأَنَّهُ سَيُنَصِّبُ عَنْهُ وَكِيلًا وَأَنَّهُ سَيَسْتَمِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَبَيِّنَتَهُ فِي مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ، وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ أَنَّ هَذَا التَّفْهِيمَ يَكُونُ بِإِرْسَالِ رِسَالَةٍ بَعْدَ إرْسَالِ ثَلَاثِ دَعَوَاتٍ لِلْحُضُورِ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ مَرْعِيَّةٌ لِوَقْتٍ قَرِيبٍ فِي الْمُحَاكَمِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أُلْغِيَ أَخِيرًا أُصُولُ إرْسَالِ رِسَالَةٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعَوَاتِ الثَّلَاثِ. وَقَدْ قَالَ جَمِيعُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِ الْحُكْمِ غِيَابًا عَلَى الْخَصْمِ الْمُتَوَارِي وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْمَادَّةُ مُبَيَّنَةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية وَالْحَمَوِيُّ وَتُرْسَلُ وَرَقَةُ (الدَّعْوَتِيَّةِ) ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ وَيَخْطُرُ فِي كُلِّ دَفْعَةٍ مِنْهَا عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ الذِّكْرِ وَيَجُوزُ إرْسَالُ الدَّعْوَتِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ دَعْوَتِيَّةٍ وَالْأُخْرَى يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَمِنْ الْأُصُولِ كِتَابَةُ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:

إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُقِيمِ فِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ فِي الشَّارِعِ الْفُلَانِيِّ فِي الدَّارِ نِمْرَةِ كَذَا الَّذِي يَمْتَهِنُ حِرْفَةَ كَذَا. قَدْ تَقَدَّمَ اسْتِدْعَاءٌ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ إلَى هَذِهِ الْمَحْكَمَةِ يَدَّعِي فِيهَا عَلَيْك بِدَيْنٍ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَقَدْ طَلَبَ حُضُورَكُمْ إلَى هَذِهِ الْمَحْكَمَةِ وَقَدْ عَيَّنْت السَّاعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِنْ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ لِإِجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ بَيْنَكُمَا فَأُخْطِرُك بِلُزُومِ الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَوْ بِإِرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْك وَفِي حَالِ عَدَمِ إجَابَتِك سَيُعَيَّنُ وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ عَنْك وَتَجْرِي الْمُحَاكَمَةُ فِي غِيَابِك وَسَيُحْكَمُ عَلَيْك فِي حَالِ ثُبُوتِ الدَّعْوَى. وَهَذَا هُوَ الْإِخْطَارُ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ إلَيْك. لُزُومُ إرْسَالِ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: قَدْ حَرَّرَ فِي الْمَجَلَّةِ لُزُومَ إرْسَالِ الدَّعْوَتِيَّةِ وَتَبْلِيغِهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اسْتِنْبَاطًا مِنْ النَّقْلِ الْآتِي الذِّكْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ. ذَكَرَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي: لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِلْقَاضِي: لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ وَقَدْ تَوَارَى عَنِّي فِي مَنْزِلِهِ فَالْقَاضِي يَكْتُبُ إلَى الْوَالِي فِي إحْضَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ وَسَأَلَ الطَّالِبُ الْخَتْمَ عَلَى بَابِهِ فَإِنْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلٍ وَقَالَا رَأَيْنَاهُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلَّ خَتَمَ عَلَى مَنْزِلٍ لَا إنْ زَادَ عَنْ ثَلَاثَةٍ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي فَإِذَا خَتَمَ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَنْ يُنَصِّبَ لَهُ وَكِيلٌ بَعَثَ الْقَاضِي إلَى دَارِهِ رَسُولًا مَعَ شَاهِدَيْنِ يُنَادِي بِحَضْرَتِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ إنَّ الْقَاضِيَ يَقُولُ لَك احْضَرْ مَعَ خَصْمِك فُلَانٍ مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَإِلَّا نَصَّبْت لَك وَكِيلًا وَقَبِلْت بَيِّنَتَهُ عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ نَصَّبَ وَكِيلًا وَسَمِعَ شُهُودَ الْمُدَّعِي وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِمَحْضَرِ وَكِيلِهِ، انْتَهَى مُلَخَّصًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . إنَّ كَيْفِيَّةَ التَّبْلِيغِ الَّذِي قَبِلَتْهُ الْمَجَلَّةُ لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا تَمَامًا لِهَذَا النَّقْلِ وَتَكْرَارُ التَّبْلِيغِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هُوَ لِلِاحْتِيَاطِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَمُشْعِرٌ بِالْأَوْلَوِيَّةِ كَتَكْلِيفِ الْقَاضِي الْمُنْكِرَ لِحَلِفِ الْيَمِينِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1718) فَإِذَا كَانَ تَبْلِيغُ وَرَقَةِ الدَّعْوَتِيَّةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَالِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا مُوجِبٌ لِلتَّسْهِيلِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَبْحَثٍ. فَصْلٌ فِيمَا يَقْضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَمَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِيهِ وَمَا لَا يَنْفُذُ. إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ وَحَكَمَ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ يَنْفُذُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ السَّرَخْسِيُّ وخواهر زَادَهْ. وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ الْجَائِزِ الْحُكْمُ غِيَابًا عَلَى الْغَائِبِ بَعْدَ تَبْلِيغِ دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ الرَّجَاءُ أَنْ تُعَدَّلَ الْمَادَّةُ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ وَيَسْهُلُ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ. فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلَمْ يُرْسِلْ وَكِيلًا إلَيْهَا فَيُنَصِّبُ الْقَاضِي لَهُ وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ وَسَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي مُوَاجَهَتِهِ وَدَقَّقَهَا فَإِذَا تَحَقَّقَ أَنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلصِّحَّةِ حَكَمَ بَعْدَ الثُّبُوتِ عَلَى الْغَائِبِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِإِيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يُمْكِنُ الْقَاضِي إيصَالُ الْحَقِّ بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) إذَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي غِيَابًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى تَضْيِيعِ الْحُقُوقِ (الْفَتْحُ) .

وَكِيلًا يُحَافِظُ عَلَى حُقُوقِهِ: وَظِيفَةُ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إنْكَارِ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْغَائِبِ وَبِمَا أَنَّهُ تُقَامُ الْحُجَّةُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُنْكِرِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بِهَذَا الْإِنْكَارِ طَرِيقٌ لِإِثْبَاتِ الدَّعْوَى إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يَدْفَعَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ إنَّ مُوَكِّلِي قَدْ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَ مُوَكِّلِي وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّى لِإِثْبَاتِ هَذَا الدَّفْعِ أَوْ تَكْلِيفِ الْمُدَّعِي لِحَلِفِ الْيَمِينِ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ صِفَةِ الْمُدَّعِي وَلَا يُعَيَّنُ لِلْمُدَّعِي وَكِيلٌ مُسَخَّرٌ كَمَا أَنَّ هَذِهِ الدُّفُوعَ صَادِرَةٌ عَنْ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَيُّ عِلْمٍ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ إذْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ كَذِبًا مَحْضًا مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إجْرَاءُ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. سُؤَالٌ - إنَّ الْوَكِيلَ الْمُسَخَّرَ يُنْكِرُ حَقَّ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فَيَكُونُ إنْكَارُهُ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِنَفْسِ الْأَمْرِ؟ الْجَوَابُ عَدَمُ حَقِّ الْمُدَّعِي هُوَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الثَّامِنَةِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَا يَكُونُ الْإِنْكَارُ الْوَاقِعُ كَذِبًا. مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ فَلَمْ يُجِبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ وَرُئِيَتْ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً مُطَابِقَةً لَدَعْوَاهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ أَنْ يُقِرَّ عَنْ الْغَائِبِ وَإِذَا أَقَرَّ يَلْزَمُ الْقَاضِي لِلْغَائِبِ بِإِقْرَارِهِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ. وَجَرَتْ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ عُدُولٌ وَمَقْبُولُو الشَّهَادَةِ فَيَحْكُمُ بِتَحْصِيلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ وَإِذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: قَدْ أَدَّيْت لَك هَذَا الْمَبْلَغَ أَوْ أَنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ أَنَّ لِلشُّهُودِ فِي الدَّعْوَى جَرَّ مَغْنَمِ كَذَا أَوْ دَفْعَ مَغْرَمِ كَذَا وَبِذَلِكَ يَكُونُ حَقُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْفُوظًا فِي دَفْعِ الدَّعْوَى وَالطَّعْنِ فِي حَقِّ الشُّهُودِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1636 " كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: إنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَالِهِ الْفُلَانِيَّ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَأَنَّهُ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ هَذِهِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي. وَيَلْزَمُ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي تُقَامُ عَلَى الْغَائِبِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ ذِكْرُ اسْمِ الْغَائِبِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1690) . أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَدَى الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ فَلَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَ شَرْحًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ وَالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ إقْرَارٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا أَنَّ الْيَمِينَ وَالنُّكُولَ عَنْ الْيَمِينِ يُشْتَرَطُ فِي الْمَادَّةِ (1744) أَنْ يَكُونَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَبِمَا أَنَّهُ لَا تُوجَدُ أَيْضًا بَيِّنَةٌ فَلَا يَكُونُ إثْبَاتٌ لِلدَّعْوَى وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَقَالَ إنَّنِي أُكَلِّفُ خَصْمِي الْيَمِينَ وَأَطْلُبُ الْحُكْمَ عَلَيْهِ مُعَلِّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ حِينَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْحُكْمِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ لَيْسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَتَرَبَّصَ لِخَصْمِهِ وَعِنْدَ ظُهُورِهِ مِنْ اخْتِفَائِهِ يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ جَبْرًا وَيُكَلِّفُهُ

لِحَلِفِ الْيَمِينِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُخْتَفٍ فِي بَيْتِهِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ إلَى بَيْتِهِ رِجَالًا وَنِسَاءً فَالرِّجَالُ يَقِفُونَ عَلَى الْبَابِ وَيَمْنَعُونَ فِرَارَهُ وَتَدْخُلُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ إلَى الْبَيْتِ وَتُفَتِّشُ جَمِيعَ أَنْحَاءِ الدَّارِ وَتُفَتِّشُ النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ وَالْخَدَمَةَ لَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ تَزَيَّا بِزِيِّ النِّسَاءِ. الْخَانِيَّةُ ". الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ: وَقَدْ قُرِّرَ فِي مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ جَبْرًا فَبَعْدَ إرْسَالِ ثَلَاثِ دَعْوَتِيَّاتٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مُبَيِّنٌ فِي مَوَادِّ الْمَجَلَّةِ فِي فَصْلِ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ يَقْتَضِي نَصْبَ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ وَإِعْطَاءَ حُكْمٍ غِيَابِيٍّ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ خَصْمِهِ يُرْسِلُ مَأْذُونًا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِتَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ حَسَبَ الْأُصُولِ وَيُكَلِّفُ لِحَلِفِ الْيَمِينِ وَيُدْرِجُ كَيْفِيَّةَ الْحَلِفِ أَوْ النُّكُولِ عَنْ الْحَلِفِ فِي مَحْضَرِ الْمَأْذُونِ وَيُصْدِرُ الْحُكْمَ بَعْدَ ذَلِكَ. إنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا نَصْبُ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خَمْسٌ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْخَصْمُ الْمُتَوَارِي وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اشْتَرَى أَحَدٌ مَالًا مِنْ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا وَأَرَادَ فَسْخَ الْعَقْدِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرَدَّ الْبَيْعِ وَكَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا وَمُتَوَارِيًا فَيُرَاجِعُ الْمُشْتَرِي الْقَاضِيَ وَيَطْلُبُ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ لِذَلِكَ الْوَكِيلِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ الْمَكْفُولُ لَهُ مُتَوَارِيًا يُنْصَبُ وَكِيلٌ عَنْهُ، مَثَلًا لَوْ كَفَلَ أَحَدٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ غَدًا يَكُونُ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ الطَّالِبُ غَائِبًا فِي الْيَوْمِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ التَّسْلِيمَ وَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ لِيُسَلِّمَهُ الْمَكْفُولَ فَلِلْكَفِيلِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الطَّالِبِ وَلِلْقَاضِي نَصْبُ وَكِيلٍ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْكَفِيلُ يُسَلِّمُ الْمَكْفُولَ لِلْوَكِيلِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إذَا حَلَفَ الْمَدِينُ قَائِلًا. إذَا لَمْ أُوَفِّ دَيْنِي غَدًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا وَكَانَ يُرِيدُ إيفَاءَ الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا فَلِلدَّائِنِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ وَمُوفِي الدَّيْنَ لَهُ وَلَا يَحْنَثُ الْمَدِينُ فِي يَمِينِهِ: وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ لَا حَاجَةَ لِنَصْبِ وَكِيلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يُؤَدِّي الْحَالِفُ دَيْنَهُ لِلْقَاضِي وَلَا يَحْنَثُ وَيَكُونُ بَارًّا وَصَادِقًا فِي يَمِينِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ قَاضٍ فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ ". الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِامْرَأَتِهِ إذَا لَمْ أُوَصِّلْ لَكِ نَفَقَتَكِ فَطَلَاقُكِ فِي يَدِكِ فَتَغَيَّبَتْ وَاخْتَفَتْ الْمَرْأَةُ حَتَّى لَا يُوَصِّلَ زَوْجُهَا النَّفَقَةَ إلَيْهَا وَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَأَنْ يَطْلُبَ نَصْبَ وَكِيلٍ مِنْهُ لِلْمَرْأَةِ وَيُسَلِّمُهُ النَّفَقَةَ.

(المادة 1835) تبليغ الحكم الغيابي على المدعى عليه

[ (الْمَادَّةُ 1835) تَبْلِيغُ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ] الْمَادَّةُ (1835) - (يُبَلَّغُ الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ الْوَاقِعُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) . يُبَلَّغُ الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ الْوَاقِعُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ أَيْ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ الْمُسَخَّرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنْ يُنَظِّمَ الْقَاضِي إعْلَامًا شَرْعِيًّا مُحْتَوِيًا عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي وَيُسَلِّمَ الْإِعْلَامَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمَحْكُومِ إلَيْهِ إلَى الْمُوَظَّفِ الْمُكَلَّفِ بِإِجْرَاءِ الْحُكْمِ وَيُسْتَخْرَجَ هَذَا الْمَأْمُورُ صُورَةً عَنْ الْإِعْلَامِ الْمَذْكُورِ وَيُرْسِلَهَا إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ. أَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُنَظِّمُ الْحُكْمَ الْغِيَابِيَّ مِنْ نُسْخَتَيْنِ فَيُسَلِّمُ نُسْخَةً مِنْهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 1827 " إلَى الْمَحْكُومِ لَهُ وَيُرْسِلَ النُّسْخَةَ الْأُخْرَى بِوَاسِطَةِ مُحْضَرِ الْمَحْكَمَةِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إيصَالًا بِحُصُولِ تَسْلِيمِ الْإِعْلَامِ إلَيْهِ وَتَبْلِيغِهِ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَعْتَرِضْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الَّذِي بَلَغَ لَهُ الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ فَيَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَإِذَا اعْتَرَضَ عَلَى الْحُكْمِ يُؤْخَذُ تَنْفِيذُهُ لِنَتِيجَةِ الِاعْتِرَاضِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَبِمَا أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْحُكْمِ هُوَ دَفْعٌ لِلدَّعْوَى فَلَيْسَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُدَّةٌ مَخْصُوصَةٌ لَهُ يَعْنِي لَيْسَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ يَجِبُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْحُكْمِ فِي مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ فِي مُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ الِاعْتِرَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ يَسْتَمِعُ دَفْعَ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَمْنَعْ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى بِحُصُولِ مُرُورِ الزَّمَنِ. [ (الْمَادَّةُ 1836) حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غِيَابًا إلَى الْمَحْكَمَةِ وَتَشَبَّثَ بِدَعْوَى صَالِحَةٍ لِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي] الْمَادَّةُ (1836) - (إذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غِيَابًا إلَى الْمَحْكَمَةِ وَتَشَبَّثَ بِدَعْوَى صَالِحَةٍ لِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُفْصَلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُوجِبِ وَإِذَا لَمْ يَتَشَبَّثْ بِدَفْعِ الدَّعْوَى أَوْ تَشَبَّثَ وَلَمْ يَكُنْ تَشَبُّثُهُ صَالِحًا لِلدَّفْعِ يَنْفُذُ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْوَاقِعُ) . إذَا حَضَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غِيَابًا إلَى الْمَحْكَمَةِ وَتَشَبَّثَ بِدَعْوَى صَالِحَةٍ لِدَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُفْصَلُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُوجِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1840) . وَإِنَّ الْأُصُولَ لِتَشَبُّثِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ غِيَابًا لِدَفْعِ الدَّعْوَى هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يُقَدِّمُ اسْتِدْعَاءً لِلْمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ مَلْفُوفًا بِهَا إعْلَامُ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ وَهَذَا الِاسْتِدْعَاءُ يُحَوَّلُ أَوَّلًا إلَى دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْعَلِيَّةِ وَيُحَوَّلُ مِنْ هُنَاكَ إذَا وُجِدَ لُزُومٌ إلَى مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَيَشْرَحُ عَلَيْهَا الْمُقْتَضَى ثُمَّ يُحَوَّلُ الِاسْتِدْعَاءُ الْمَذْكُورُ إلَى الْمَحْكَمَةِ الَّتِي أَصْدَرَتْ الْحُكْمَ. يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (1834) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ أَنْ تَثْبُتَ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدَفَعَ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ: كُنْت أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمَحْكُومَ بِهِ لِلْمُدَّعِي أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ كَانَ أَبْرَأَنِي مِنْهُ أَوْ كَانَ أَبْرَأَنِي مِنْ كَافَّةِ الدَّعَاوَى أَوْ أَنَّ لِلشُّهُودِ كَذَا جَرَّ مَغْنَمٍ أَوْ كَذَا دَفْعَ مَغْرَمٍ فَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ وَتَجْرِيَ الْمُعَامَلَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الدُّفُوعِ عَلَى مُوجِبِ الْمَادَّتَيْنِ " 1633 و 1724 " أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالشُّهُودِ وَحَكَمَ

خلاصة البابين الأول والثاني في القضاء

لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي اعْتِرَاضِهِ الَّذِي قَدَّمَهُ ضِدَّ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الدَّيْنَ فَلَا يُعَدُّ هَذَا الْإِنْكَارُ دَفْعًا وَلَا يَلْزَمُ اسْتِمَاعُ الشُّهُودِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَإِنْ لَمْ يَتَشَبَّثْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غِيَابًا بِدَفْعِ الدَّعْوَى أَوْ تَشَبَّثَ وَلَمْ يَكُنْ تَشَبُّثُهُ صَالِحًا لِلدَّفْعِ يَنْفُذُ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ. وَالتَّشَبُّثُ غَيْرُ الصَّالِحِ لِلدَّفْعِ هُوَ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا أَنْ يُنْكِرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعَى بِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الصَّادِرُ عَلَيْهِ غِيَابًا مَبْنِيًّا عَلَى شَهَادَةٍ تَزَكَّوْا سِرًّا وَعَلَنًا. [خُلَاصَةُ الْبَابَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فِي الْقَضَاء] خُلَاصَةُ الْبَابَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي الْقَضَاء الْقَضَاءُ، يَجِيءُ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْحَاكِمِيَّةِ الْحُكْمُ، هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ الْقَاضِي الْمُخَاصَمَةَ وَحَسْمِهِ إيَّاهَا. أَقْسَامُ الْحُكْمِ، عَلَى وَجْهَيْنِ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: الْحُكْمُ الْوَجَاهِيُّ وَالْحُكْمُ الْغِيَابِيُّ، الْوَجْهُ الثَّانِي: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِصَالِحِ الْمُدَّعِي وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِصَالِحِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُطْلَقُ عَلَيْهِ قَضَاءُ التَّرْكِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: (أَوَّلًا) أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى لَهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ أَمَّا فِي قَضَاءِ التَّرْكِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ " ثَانِيًا " إذَا ادَّعَى الشَّخْصُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَالَ الْمَحْكُومَ بِهِ هُوَ مَالُهُ فَلَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي قَضَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ وَتُسْمَعُ فِي قَضَاءِ التَّرْكِ. شَرْطُ الْحُكْمِ، (1) سَبْقُ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ فِي الْحُكْمِ الصَّرِيحِ (2) حُضُورُ الطَّرَفَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ أَوْ نَائِبِهِمَا. شُرُوطُ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ: (1) أَنْ يَمْتَنِعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحُضُورِ إلَى الْمَحْكَمَةِ وَعَنْ إرْسَالِ وَكِيلٍ عَنْهُ لَهَا وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُمْكِنٍ جَلْبُهُ وَإِحْضَارُهُ. (2) أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَرَقَةَ إحْضَارٍ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ. (3) أَنْ يَنْصِبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الْخَصْمِ الْمُتَوَارِي وَأَنْ يَسْتَمِعَ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي مُوَاجَهَةِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ حُكْمُ الْحُكْمِ الْغِيَابِيِّ، أَنْ يَنْفُذَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ إنْ لَمْ يَعْتَرِضْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ إذَا اعْتَرَضَ وَكَانَ اعْتِرَاضُهُ غَيْرَ صَالِحٍ لِلْقَبُولِ، أَنْ يُبَلَّغَ الْإِعْلَامُ الْغِيَابِيُّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

تَعْرِيفُ الْقَاضِي هُوَ الذَّاتُ الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ لِيَفْصِلَ وَيَحْسِمَ الدَّعَاوَى الْحَادِثَةَ بَيْنَ النَّاسِ تَوْفِيقًا لِقَوَاعِدِهَا الْمَشْرُوعَةِ. أَوْصَافُ الْقَاضِي: أَنْ يَكُونَ؛ حَكِيمًا، فَهِيمًا، مُسْتَقِيمًا، أَمِينًا، مَتِينًا، مَكِينًا وَاقِفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَأُصُولِ الْمُحَاكَمَةِ، وَمُقْتَدِرًا عَلَى فَصْلِ وَحَسْمِ الدَّعَاوَى الْوَاقِعَةِ تَوْفِيقًا لَهَا شَرَائِطُ الْقَاضِي وَآدَابُهُ: " 1 " أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّمْيِيزِ التَّامِّ " 2 " وَأَنْ يَجْتَنِبَ الْأَفْعَالَ الْمُوجِبَةَ مِنْ الظَّنِّ بِحَقِّهِ. " 3 " وَأَنْ يَجْتَنِبَ فِي مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ الْأَفْعَالَ الْمُوجِبَةَ إزَالَةَ مَهَابَةِ الْمَجْلِسِ " 4 " وَأَنْ يَجْتَنِبَ قَبُولَ هَدِيَّةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ " 5 " وَأَنْ لَا يَقْبَلَ ضِيَافَةَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ.

الباب الثالث في حق رؤية الدعوى بعد الحكم

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي حَقِّ رُؤْيَةِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحُكْمِ] إنَّ رُؤْيَةَ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحُكْمِ فِيهَا تَكُونُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ غِيَابًا فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ دَفْعِ الدَّعْوَى وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1836) . الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُنْقَضَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْعَلِيَّةِ أَوْ مِنْ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَتَرَى الدَّعْوَى اسْتِئْنَافًا وَهَذَا سَنَذْكُرُ فِي مَادَّتَيْ (838 1 و 1839) . مَثَلًا إذَا دَقَّقَتْ دَائِرَةُ الْفَتْوَى الْعَلِيَّةِ أَوْ مَجْلِسُ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي إعْلَامٍ صَادِرٍ عَلَى شَخْصٍ وَنُقِضَ لِمُخَالَفَتِهِ لِلشَّرْعِ فَتَرَى الدَّعْوَى اسْتِئْنَافًا مَرَّةً ثَانِيَةً. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: تَرَى الدَّعْوَى مَرَّةً ثَانِيَةً بِطَرِيقِ إعَادَةِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (1840) [ (الْمَادَّةُ 1837) لَا يَجُوزُ رُؤْيَةُ وَسَمَاعُ الدَّعْوَى تَكْرَارًا الَّتِي حَكَمَ وَصَدَرَ إعْلَامٌ بِهَا] الْمَادَّةُ (1837) - (لَا يَجُوزُ رُؤْيَةُ وَسَمَاعُ الدَّعْوَى تَكْرَارًا الَّتِي حَكَمَ وَصَدَرَ إعْلَامٌ بِهَا تَوْفِيقًا لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ أَسْبَابُهُ وَشُرُوطُهُ) . لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الَّذِي أَصْدَرَ حُكْمًا فِي دَعْوَى رُؤْيَةِ وَسَمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى تَكْرَارًا الَّتِي حَكَمَ وَصَدَرَ إعْلَامٌ بِهَا تَوْفِيقًا لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ أَيْ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ أَسْبَابُهُ وَشُرُوطُهُ الْمُبَيِّنَةُ فِي الْمَادَّةِ (1840) وَفِي مَوَادِّهَا التَّابِعَةِ إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ هُمَا ذَاتُهُمَا فِي الدَّعْوَى السَّابِقَةِ وَلَمْ يُضِيفَا شَيْئًا عَلَى ادِّعَائِهِمَا وَمُدَافِعَاتهمَا السَّابِقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى ثَانِيًا لَجَازَ اسْتِمَاعُهَا ثَالِثًا وَرَابِعًا مِمَّا يُوجِبُ عَدَمُ اسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّ اسْتِمَاعَ الدَّعْوَى ثَانِيًا وَالْحُكْمَ بِهَا كَالْأَوَّلِ لَيْسَ فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ بَلْ يَكُونُ اسْتِغْلَالًا بِالْعَبَثِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ: إذَا حَكَمَ وَصَدَرَ الْإِعْلَامُ؛ وَالْحُكْمُ كَافٍ لِعَدَمِ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى مَرَّةً ثَانِيَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَنْظِيمُ إعْلَامٍ بِالْحُكْمِ أَيْ إذَا حُكِمَ فِي دَعْوَى حَسَبَ أُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ وَلَمْ يُعْطِ ثَمَّةَ إعْلَامٍ بِهَا بِالْحُكْمِ فَلَا تُرَى الدَّعْوَى ثَانِيَةً.

مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ مُدَّعَاهُ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ فَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْحَلِفِ وَصَدَرَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ قَائِلًا: إنَّنِي اشْتَرَيْت الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ مِنْك وَأَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى مِنْهُ. أَمَّا إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَتُقْبَلُ. قَاعِدَةٌ: إذَا قَضَى عَلَى شَخْصٍ فِي شَيْءٍ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مَا لَمْ يُقِمْ ذَلِكَ الشَّخْصُ بَيِّنَةً عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُبَيِّنَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ كَمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ " 1840 " (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) . فَلِذَلِكَ إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الدَّعْوَى ثَانِيَةً وَفَصَلَ بِهَا وَحَكَمَ لِصَالِحِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ وَلَا يَنْفُذُ. كَذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي قَضِيَّةٍ حَسَبَ أُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ وَبِنَاءً عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ: قَدْ رَجَعْت عَنْ حُكْمِي أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي أَوْ إنَّنِي اطَّلَعْت عَلَى تَلْبِيسِ وَتَزْوِيرِ الشُّهُودِ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَشْبَاهُ ". تَوْفِيقًا لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ، أَمَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي هُوَ خِلَافٌ لِلْمَشْرُوعِ وَأَنَّهُ أَخْطَأَ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْ الْحُكْمِ، مَثَلًا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ فَيَجِبُ فَسْخُ وَنَقْضُ هَذَا الْحُكْمِ الْحَمَوِيُّ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَأَخْطَأَ فِي حُكْمِهِ وَثَبَتَ خَطَؤُهُ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ أَوْ الْمَحْكُومِ لَهُ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِقَوْلِ الْقَاضِي: إنَّنِي أَخْطَأْت فِي حُكْمِي أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بَلْ يَجِبُ ثُبُوتُ وَتَحَقُّقُ الْخَطَأِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا مَثَلًا لَوْ اسْتَمَعَ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَبَعْدَ اسْتِشْهَادِ الشُّهُودِ وَتَزْكِيَتِهِمْ حَكَمَ فِي الْقَضِيَّةِ بِالْمُوجِبِ الشَّرْعِيِّ وَحَرَّرَ فِي الْإِعْلَامِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي إنَّنِي حَكَمْت بِدُونِ تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ سِرًّا وَعَلَنًا وَإِنَّ كِتَابَةَ ذَلِكَ فِي الْإِعْلَامِ خَطَأٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ الطَّرَفَانِ هُمَا ذَاتُهُمَا، مَثَلًا إذَا حَكَمَ عَلَى ذِي الْيَدِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فَالْحُكْمُ يَكُونُ عَلَى ذِي الْيَدِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى مَنْ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ بِالذَّاتِ أَوْ الْوَاسِطَةِ وَلَا يَكُونُ حُكْمًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ وَبِمَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ عَلَى الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ فَلَا تُرَى الدَّعْوَى ثَانِيَةً مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَنَّهَا لَا تُرَى ثَانِيَةً بِنَاءً عَلَى دَعْوَى الْأَشْخَاصِ الْمَذْكُورِينَ. مَثَلًا لَوْ ادَّعَى مُحَمَّدٌ الْفَرَسَ الَّتِي بَاعَهَا عَلِيٌّ لَعُمْرَ وَبَاعَهَا عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَبَاعَهَا عُثْمَانُ لِحَسَنٍ، إنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ الدَّعْوَى عَلَى ذِي الْيَدِ حَسَنٍ وَادَّعَى حَسَنٌ أَنَّ هَذِهِ الْفَرَسَ لَهُ قَدْ اشْتَرَاهَا مِنْ عُثْمَانَ وَأَنَّ

(المادة 1838) ادعى المحكوم عليه بأن الحكم الذي صدر في حق الدعوى ليس موافقا لأصوله

عُثْمَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ عُمَرَ وَأَنَّ عُمَرَ اشْتَرَاهَا مِنْ عَلِيٍّ وَأَثْبَتَ كِلَاهُمَا مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ لِمُحَمَّدٍ بِالْفَرَسِ الْمَذْكُورَةِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ " 1758 " فَيَكُونُ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى حُسَيْنٍ وَعَلَى عُثْمَانَ الَّذِي تَلَقَّى حَسَنٌ الْمِلْكَ عَنْهُ وَعَلَى عُمَرَ الَّذِي تَلَقَّى عُثْمَانُ الْمِلْكَ عَنْهُ، وَعَلَى عَلِيٍّ الَّذِي تَلَقَّى عُمَرُ الْمِلْكَ عَنْهُ فَلِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى عُثْمَانَ أَوْ عُمَرَ أَوْ عَلِيٍّ بِأَنَّ الْفَرَسَ الْمَذْكُورَةَ مِلْكُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ رُؤْيَةُ وَاسْتِمَاعُ الدَّعْوَى تَكْرَارًا الَّتِي حَكَمَ فِيهَا مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ. إذَا لَمْ يُضِفْ الطَّرَفَانِ شَيْئًا عَلَى ادِّعَائِهِمَا وَمُدَافِعَاتهمَا السَّابِقَةِ، أَمَّا إذَا بَيَّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ دَفْعًا صَحِيحًا فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى ثَانِيَةً وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1631) بَعْضَ مَسَائِلَ عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ سَيَذْكُرُ فِي الْمَادَّةِ (1840) مَسَائِلَ أُخْرَى. [ (الْمَادَّةُ 1838) ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي صَدَرَ فِي حَقِّ الدَّعْوَى لَيْسَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ] الْمَادَّةُ (1838) - (إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي صَدَرَ فِي حَقِّ الدَّعْوَى لَيْسَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ وَبَيَّنَ جِهَةَ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ وَطَلَبَ اسْتِئْنَافَ الدَّعْوَى يُحَقِّقُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ يُصَدَّقُ وَإِلَّا يُسْتَأْنَفُ) إذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي صَدَرَ فِي حَقِّ الدَّعْوَى لَيْسَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ وَبَيَّنَ لِلْقَاضِي جِهَةَ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ وَطَلَبَ اسْتِئْنَافَ الدَّعْوَى أَيْ طَلَبَ تَدْقِيقَ الْحُكْمِ الَّذِي صَدَرَ ابْتِدَاءً ثَانِيَةً فَيُدَقَّقُ الْحُكْمُ اسْتِئْنَافًا حَسَبَ طَلَبِهِ وَيُحَقَّقُ اسْتِئْنَافًا فِي الْحُكْمِ الَّذِي صَدَرَ ابْتِدَاءً فَإِذَا وُجِدَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ يُصَدَّقُ وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَإِذَا عُرِضَ حُكْمُ قَاضٍ عَلَى قَاضٍ آخَرَ وَجَرَتْ الْمُرَافَعَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي الثَّانِي فَدَقَّقَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ وَظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ مُوَافِقٌ لِلشَّرْعِ وَصَدَقَ الْحُكْمُ فَيُسَمَّى هَذَا التَّصْدِيقُ " تَنْفِيذًا " رَدُّ (الْمُحْتَارِ) . وَسَبَبُ تَصْدِيقِ ذَلِكَ هُوَ أَنَّ فَسْخَ الْحُكْمِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ وَالْحُكْمَ ثَانِيَةً كَالْحُكْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَ فِيهِ فَائِدَةٌ بَلْ يَكُونُ اشْتِغَالًا بِالْعَبَثِ. وَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ، أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ. فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ فَحَكَمَ بِمُوجِبِ مَذْهَبِهِ ثُمَّ عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ اسْتِئْنَافًا عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَلَا يَنْقُضُ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ بَلْ يُصَدِّقُهُ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ حَنَفِيًّا وَحَكَمَ بِمُوجِبِ مَذْهَبِهِ وَعُرِضَ الْحُكْمُ ثَانِيَةً عَلَى الْقَاضِي الشَّافِعِيِّ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّانِي الْمَذْكُورِ نَقْضُ الْحُكْمِ بَلْ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (16) مِنْ الْمَجَلَّةِ (الِاجْتِهَادُ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ) لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ الْأَوَّلَ قَدْ تَأَيَّدَ بِالْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ فَهُوَ يُرَجَّحُ عَلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي الثَّانِي وَلِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ عَلَى الصِّحَّةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالشَّكِّ (ابْنُ مَلَكٍ وَالْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ وَتَكْمِلَةُ الْبَحْرِ وَالدُّرَرُ فِي الْقَضَاءِ) . مَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَوْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ

يَجِبُ إبْطَالُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَرَدُّهُ كَمَا سَيُوَضَّحُ آتِيًا. إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَالْقَاضِي الثَّانِي فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ إذْ أَنَّهُ إذَا عُرِضَ حُكْمُ قَاضٍ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَلَا يَخْلُو الْحُكْمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ أَيْ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يُرَدُّ الْحُكْمُ وَيَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (14) مِنْ الْمَجَلَّةِ (لَا مُسَاغَ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَوْرِدِ النَّصِّ) . الْبَحْرُ وَالتَّكْمِلَةُ " الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلْكِتَابِ هِيَ: كَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ بِحِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّتِي تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا حِينَ ذَبْحِهِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يُحَلِّلُ الْحَرَامَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُرْآنِهِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فَإِذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ يُبْطِلُهُ (الْعِنَايَةُ وَالْفَتْحُ) . كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِحِلِّيَّةِ مِلْكِ يَمِينِ زَوْجَةِ الْأَبِ أَوْ مَوْطُوءَةِ الْأَبِ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] فَإِذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَسَخَهُ وَيُبْطِلُهُ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي فِي الشَّجِّ الْوَاقِعِ فِي الْحَمَّامِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فَقَطْ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ ثَانٍ فَيَنْقُضُهُ رَدُّ الْمُحْتَارِ " كَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى إجْبَارِ الْمَدِينِ عَلَى إيجَارِ نَفْسِهِ لِآخَرَ وَإِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَيَنْقُضُهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ: إذَا عَيَّنَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ رَجُلًا مِنْ أَهَالِيِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَاتِلُ مُورِثِهِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ يَحْكُمُ عَلَى ذَلِكَ

الرَّجُلِ بِالْقِصَاصِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِقِصَاصِ رَجُلٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْحُكْمُ بَلْ يَفْسَخُهُ وَيُبْطِلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» الَّذِي هُوَ بِمَآلِ الْمَادَّةِ " 76 " مِنْ الْمَجَلَّةِ. كَذَلِكَ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ فِي دَعْوَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِيَمِينِ الْمُدَّعِي وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَيُبْطِلُهُ الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ وَلَا يَنْفُذُ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي التَّنْوِيرِ حَيْثُ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَكَمَا ذُكِرَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] كَذَلِكَ لَوْ طَلَّقَ أَحَدٌ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا ثَلَاثًا ثُمَّ زُوِّجَتْ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ لِلْحَلِّ بِزَوْجٍ آخَرَ فَطَلُقَتْ مِنْ الزَّوْجِ الْآخَرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحُكِمَ بِحِلِّيَّةِ زَوَاجِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الدُّخُولِ ثَابِتٌ فِي حَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ الْعِنَايَةُ ". الْأَحْكَامُ الْمُخَالِفَةُ لِلْإِجْمَاعِ: كَأَنْ يُعْرَضَ الْحُكْمُ الَّذِي أَصْدَرَهُ قَاضٍ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي الْآخَرُ بِإِبْطَالِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَكَالْحُكْمِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ لِتَرْكِ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى بِضْعَ سَنَوَاتٍ فَإِنَّهُ لَا دَلِيلَ شَرْعِيًّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) الْقِسْمُ الثَّانِي: الْحُكْمُ الَّذِي يَجِبُ إمْضَاؤُهُ وَتَنْفِيذُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَهُوَ الْحُكْمُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ الَّذِي يَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ وَسَبَبِ الْقَضَاءِ؛ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ هَذَا الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ " الْعِنَايَةُ وَالسَّعْدُ وَالشِّبْلِيُّ وَالْفَتْحُ " لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ مَنْصُوبٌ لِلْقَضَاءِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ وَلِلسُّلْطَانِ وِلَايَةٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَكَمَا أَنَّ حُكْمَ السُّلْطَانِ بِالذَّاتِ حُجَّةٌ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ فَحُكْمُ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِهِ هُوَ حُجَّةٌ أَيْضًا عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُ حُكْمِهِ (الزَّيْلَعِيّ فِي التَّحْكِيمِ) لِأَنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ هُوَ أَحَدُ كَافَّةِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَّةٌ فِي نَقْضِ حُكْمِ الْقَاضِي الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجْحَانَ لِاجْتِهَادٍ عَلَى اجْتِهَادِ الْآخَرِ وَبِلُحُوقِ الْحُكْمِ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ تَرَجَّحَ عَلَى الِاجْتِهَادِ الثَّانِي وَتَفَوَّقَ عَنْهُ وَتَدَنَّى الِاجْتِهَادُ الثَّانِي فَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ الرَّاجِحُ بِالْمَرْجُوحِ الزَّيْلَعِيّ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَبْطَلَ الْقَاضِي الثَّانِي الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَعُرِضَ حُكْمُ الْقَاضِي الثَّانِي الْمُتَضَمِّنِ إبْطَالَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ عَلَى قَاضٍ ثَالِثٍ فَيُبْطِلُ الْقَاضِي الثَّالِثُ حُكْمَ الْقَاضِي الثَّانِي وَيَنْفُذُ حُكْمَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَالْقَضَاءُ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ نَافِذٌ بِالْإِجْمَاعِ فَكَانَ الْقَضَاءُ مِنْ الثَّانِي مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فَيَكُونُ بَاطِلًا الشِّبْلِيُّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ فَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ جَاءَ قَاضٍ آخَرُ وَيَرَى غَيْرَ ذَلِكَ أَمْضَاهُ الزَّيْلَعِيّ وَلَوْ قَضَى

فِي الْمَأْذُونِ فِي نَوْعٍ أَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فَقَطْ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَصِيرُ مُتَّفَقًا (الْفَتْحُ) أَقْوَى لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ فِي هَذَا الزَّمَنِ بِهَذَا. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (970 و 1801) مِنْ الْمَجَلَّةِ. مَثَلًا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَحْدُودِينَ بِالْقَذْفِ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ فِي قَضِيَّةٍ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ وَعُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ وَتَنْفِيذُهُ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ غَيْرَ جَائِزٍ عِنْدَ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ أَنْ يَفْسَخَ وَيُبْطِلَ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِدَاعِي أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِهِ. كَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ فِي دَعْوَى امْرَأَةٍ بِشَهَادَةِ زَوْجِهَا وَشَهَادَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ بِجَوَازِ الْحُكْمِ بِهَاتَيْنِ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ حَسَبَ مَذْهَبِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاءُ وَتَنْفِيذُ ذَلِكَ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ قَدْ حَكَمَ فِي أَمْرٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ لِأَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ سَبَبٌ لِلْقَضَاءِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي هَلْ أَنَّ شَهَادَةَ هَؤُلَاءِ تَكُونُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ أَوْ لَا تَكُونُ أَيْ فِي سَبَبِ الْحُكْمِ. وَلَيْسَ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ أَمَّا الْخِلَافُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ فَسَيُبَيَّنُ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ. وَأَمْثِلَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي كَثِيرَةٌ الْحَمَوِيُّ وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ كَأَنْ يَكُونَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ مَثَلًا شَافِعِيًّا وَيَحْكُمَ حُكْمًا مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ فَإِذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ فَيَنْفُذُهُ. النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ وَمُوَافِقًا لِمَذْهَبٍ آخَرَ كَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ الْحَنَفِيُّ الْمَذْهَبِ حُكْمًا مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ وَمُوَافِقًا لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَثَلًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَقِّ إنْفَاذِ هَذَا الْحُكْمِ كَمَا فَصَّلَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1801 ". الْقِسْمُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ نَفْسَ الْحُكْمِ مُجْتَهَدًا فِيهِ وَالْخِلَافُ فِي نَفْسِ الْحُكْمِ. وَهَذَا الْحُكْمُ لَا يَكُونُ نَافِذًا بَعْدَ وُجُودِهِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ وَيَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَائِهِ وَتَنْفِيذِهِ مِنْ قَاضٍ ثَانٍ وَالصَّحِيحُ هُوَ هَذَا. وَعَلَى ذَلِكَ إذَا عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ ثَانٍ يَكُونُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَهُ فَإِذَا أَمْضَاهُ فَلَيْسَ لِقَاضٍ ثَالِثٍ أَنْ يُبْطِلَهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَبْطَلَهُ الْقَاضِي الثَّانِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ أَنْ يُجِيزَهُ وَيُنْفِذَهُ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ هُنَا هُوَ نَفْسُ الْقَضَاءِ: فَإِذَا عُرِضَ الْحُكْمُ عَلَى الْقَاضِي الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ الْقَاضِي الثَّانِي تَنْفِيذُهُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي بَلْ لِلْقَاضِي إنْ شَاءَ نَفَّذَهُ وَيَكُونُ هَذَا التَّنْفِيذُ مِنْ قَبِيلِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْطُلُ الْحُكْمُ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَعَلَيْهِ إذَا قَضَى بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْسِدِ لِلْفَسَادِ لَا يَنْفُذُ لِتَحَقُّقِ

الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ أَمْضَى لَيْسَ لِلثَّالِثِ نَقْضُهُ لِأَنَّ قَضَاءَ الثَّانِي هُوَ الَّذِي وَقَعَ مُجْتَهَدًا فِيهِ أَعْنِي قَضَاءَ الْأَوَّلِ (الْفَتْحُ) . أَقُولُ هَذَا الْمِثَالُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ. وَإِذَا ظَهَرَ لَدَى التَّحْقِيقِ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ فَيُسْتَأْنَفُ أَيْ أَنَّهُ يُبْطِلُ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَيَفْصِلُ فِي الْقَضِيَّةِ حَسَبَ أُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ. سَوَاءٌ كَانَتْ عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ لِأَسْبَابٍ ذَكَرَهَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ الْأَسْبَابُ الَّتِي بَيَّنَهَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرَ وَارِدَةٍ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِلْأُصُولِ مِنْ جِهَةِ أَسْبَابٍ أُخْرَى لَمْ يُبَيِّنْهَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ. لِأَنَّ الْحُكْمَ الْغَيْرَ الْمُوَافِقِ لِلْأُصُولِ هُوَ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْعَدَالَةِ وَظُلْمٌ وَإِزَالَةُ الظُّلْمِ وَاجِبَةٌ وَتَقْرِيرُهُ؛ وَتَثْبِيتُهُ حَرَامٌ. وَقَدْ وُضِعَ فِي زَمَانِنَا أُصُولٌ لِكَيْفِيَّةِ اسْتِئْنَافِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَسَتُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَبَعْدَ نَقْضِ الْحُكْمِ مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْعَالِيَةِ أَوْ مِنْ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْكَمُ فِي الْقَضِيَّةِ مِنْ دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ أَوْ مِنْ الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُونَا حَائِزَيْنِ صَلَاحِيَّةَ الْقَضَاءِ فِي ذَلِكَ بَلْ تُرْسَلُ الْقَضِيَّةُ إلَى الْمَحْكَمَةِ الْأُولَى أَوْ تُحَالُ لِمَحْكَمَةٍ أُخْرَى لِيَحْكُمَ فِيهَا ثَانِيًا عَلَى أَنْ تُرَاعِيَ الْمَحْكَمَةُ الْأَسْبَابَ الَّتِي أَوْجَبَتْ نَقْضَ الْحُكْمِ. تُذْكَرُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ مِثَالًا عَلَى بَعْضِ الْإِعْلَامَاتِ الَّتِي نُقِضَ الْحُكْمُ فِيهَا لِعَدَمِ مُوَافَقَتِهَا لِأُصُولِهَا الْمَشْرُوعَةِ. 1 - قَدْ نُقِضَ الْإِعْلَامُ الْحَاوِي لِلْحُكْمِ الَّذِي صَدَرَ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى وَصِيِّ صَبِيٍّ ادَّعَى فِيهَا أَنَّ لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَكَانَتْ أَسْبَابُ نَقْضِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ هِيَ مَا يَأْتِي: أَوَّلًا: لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى ذِكْرُ السَّبَبِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مَوْرُوثًا وَكَانَ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ آخَرُ فَتَخْصِيصُ الصَّبِيِّ بِالْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ هُوَ بِإِجْرَاءِ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَتَخْصِيصُ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ بِالصَّبِيِّ مَعَ أَنَّ تَقْسِيمَ الدَّيْنُ بَاطِلٌ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ " 1123 ". ثَانِيًا: لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ عَلَى وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِأَنَّ الْمُوَرِّثَ قَدْ عَيَّنَ هَذَا الْمُدَّعِي وَصِيًّا مَعَ لُزُومِ ذِكْرِ ذَلِكَ. 2 - ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّنِي سَلَّمْت أَبَاك كَذَا وَدِيعَةً قِيمَتُهَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَلَمْ يُعِدْهَا إلَيَّ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا وَأَثْبَتَ ذَلِكَ وَبَعْدَ التَّزْكِيَةِ حُكِمَ لِلْمُدَّعِي بِأَخْذِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ التَّرِكَةِ وَقَدْ نُقِضَ هَذَا الْحُكْمُ لِلسَّبَبِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَشُهُودَهُ لَمْ يُبَيِّنُوا قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ فِي زَمَنِ التَّجْهِيلِ أَيْ بَدَلَهَا حِينَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدِعِ مُجْهِلًا بَلْ بَيَّنُوا قِيمَتَهَا حِينَ الْإِيدَاعِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ ".

(المادة 1839) إذا لم يقنع المحكوم عليه بالحكم

[ (الْمَادَّةُ 1839) إذَا لَمْ يَقْنَعْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ] الْمَادَّةُ (1839) - (إذَا لَمْ يَقْنَعْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْوَاقِعِ فِي حَقِّ دَعْوَى وَطَلَبَ تَمْيِيزَ الْإِعْلَامِ الْحَاوِي الْحُكْمَ يُدَقِّقُ الْإِعْلَامُ الْمَذْكُورُ فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ يَصْدُقُ وَإِلَّا يَنْقُضُ) . إذَا لَمْ يَقْنَعْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْوَاقِعِ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ فِي حَقِّ الدَّعْوَى وَطَلَبَ تَمْيِيزَ الْإِعْلَامِ الْحَاوِي الْحُكْمَ يُدَقِّقُ الْإِعْلَامُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ يَصْدُقُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ يُنْقَضُ؛ وَالتَّدْقِيقَاتُ التَّمْيِيزِيَّةُ تَجْرِي، أَوَّلًا: فِي دَائِرَةِ الْفَتْوَى الْعَلِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الْإِعْلَامُ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ يُحَرَّرُ عَلَى طَرَفِ الْإِعْلَامِ عِبَارَةُ، أَنَّهُ مُرَافِقٌ لِأُصُولِهِ، وَيَخْتِمُ بِالْخَتْمِ الرَّسْمِيِّ الْعَائِدِ لِمُمَيِّزِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَيُعَادُ إلَى صَاحِبِهِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِلشَّرْعِ فَيُنْقَضُ وَيُحَرَّرُ عَلَى الْإِعْلَامِ حِينًا. عِبَارَةُ: أَنَّ صَكَّهُ وَسَبَّكَهُ؛ أَيْ أَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ الصَّادِرَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَسْأَلَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ نَظَرًا لِلْإِعْلَامِ؛ أَوْ يُحَرِّرُ أَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ خَالٍ مِنْ الْخَلَلِ؛ أَيْ بِدُونِ تَفْصِيلِ وَبَيَانِ أَسْبَابِ الْخَلَلِ وَيُبَيِّنُ أَحْيَانَا أَسْبَابَ الْخَلَلِ وَالنَّقْضِ وَيَخْتِمُ هَذَا الشَّرْحَ بِالْخَتْمِ الْمَذْكُورِ وَيُعَادُ لِلْمَحْكَمَةِ الَّتِي أَصْدَرَتْ الْحُكْمَ لِرُؤْيَةِ الدَّعْوَى مَرَّةً أُخْرَى. ثَانِيًا: تَجْرِي التَّدْقِيقَاتُ التَّمْيِيزِيَّةُ فِي مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ. وَالْأُصُولِ الْمُقَرَّرَةِ لِصُورَةِ الِاسْتِئْنَافِ وَالتَّمْيِيزِ تُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أُصُولُ الِاسْتِئْنَافِ وَالتَّمْيِيزِ: بِمُوجِبِ التَّعْلِيمَاتِ السَّنِيَّةِ الصَّادِرَةِ فِي 22 الْمُحَرَّمِ سَنَةَ 1300 فِي حَقِّ تَمَيُّزِ وَاسْتِئْنَافِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ. إنَّ مَرْجِعَ تَمْيِيزِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ هِيَ دَائِرَةُ الْفَتْوَى وَمَجْلِسُ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَالِاعْتِرَاضَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّكِّ وَالسَّبْكِ تُدَقَّقُ فِي دَائِرَةِ الْفَتْوَى وَالِاعْتِرَاضَاتِ الَّتِي تَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا أَيْ مُوَافِقَةَ الْإِعْلَامِ الشَّرْعِيِّ لِلضَّبْطِ وَمُوَافِقَةَ الضَّبْطِ لِلْأُصُولِ الْمَشْرُوعَةِ يُدَقِّقُ تَمْيِيزًا مِنْ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ. تَمْيِيزُ وَاسْتِئْنَافُ الْأَحْكَامِ الصَّادِرَةِ مِنْ مَحَاكِمَ شَرْعِيَّةٍ الْخَارِجِ: لَا تُنَفَّذُ الْأَحْكَامُ الصَّادِرَةُ فِي حَقِّ الْأَيْتَامِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمَعْتُوهِينَ وَالْأَوْقَافِ قَبْلَ تَمْيِيزِهَا. كَذَلِكَ إذَا مُيِّزَ الْإِعْلَامُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْمُخَالَعَةِ وَالطَّلَاقِ وَفَسْخِ النِّكَاحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِنَتِيجَةِ التَّمْيِيزِ وَيُمْنَعَا مِنْ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَا يُعْطَى لِلزَّوْجَةِ إذْنٌ بِالزَّوَاجِ مِنْ آخَرَ لِنَتِيجَةِ التَّمْيِيزِ. وَمُسْتَدْعِي التَّمْيِيز إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَوْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَهُ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ تَبْلِيغِ الْإِعْلَامِ لَهُ بِمُوجِبِ الْأُصُولِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى الْحُكْمِ بِظَرْفِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا اعْتَرَضَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُسْمَعُ اعْتِرَاضُهُ وَمُسْتَدْعِي التَّمْيِيزِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ يُقَدِّمُ لَائِحَتَهُ الِاعْتِرَاضِيَّةَ مَعَ صُورَةِ الْإِعْلَامِ الْمُصَدَّقَةِ مَعَ اسْتِدْعَاءٍ إلَى الْحُكُومَةِ الْمَحَلِّيَّةِ وَتُرْسَلُ الْأَوْرَاقُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْحُكُومَةِ

الْمَحَلِّيَّةِ إلَى بَابِ الْفَتْوَى وَيُؤَخِّرُ تَنْفِيذَ الْإِعْلَامِ لِنَتِيجَةِ الْقَرَارِ. وَإِذَا كَانَ مُسْتَدْعِي التَّمْيِيزِ الْمَحْكُومُ لَهُ يُقَدِّمُ أَصْلَ الْإِعْلَامِ أَوْ صُورَتَهُ الْمُصَدَّقَةَ إلَى الْحُكُومَةِ الْمَحَلِّيَّةِ وَتُرْسَلُ إلَى بَابِ الْفَتْوَى فَإِذَا وُجِدَ بَابُ الْفَتْوَى أَنَّ الْإِعْلَامَ الشَّرْعِيَّ مُوَافِقٌ لِلْأُصُولِ الْمَشْرُوعَةِ يَصْدُقُ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُوَافِقٍ يُحَرَّرُ عَلَى هَامِشِ الْإِعْلَامِ الْمُعَامَلَةُ الْإِيجَابِيَّةُ أَيْ أَسْبَابُ عَدَمِ الْمُوَافَقَةِ وَلُزُومُ رُؤْيَةِ الدَّعْوَى اسْتِئْنَافًا أَوْ عَدَمَ لُزُومِهَا أَوْ إنَّ دَفْعَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مَسْمُوعٌ أَوْ غَيْرُ مَسْمُوعٍ وَيَخْتِمُ بِخَتْمِ أَمَانَةِ الْفَتْوَى الرَّسْمِيِّ وَخَتْمِ مُدِيرِ الْإِعْلَامَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَيُعَادُ إلَى مَحَلِّهِ بِوَاسِطَةِ مَقَامِ الْمَشْيَخَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَتَرَى الدَّعْوَى فِي مَحَلِّهِ تَكْرَارًا وَاسْتِئْنَافًا أَمَّا إذَا اعْتَرَضَ فِي اللَّائِحَةِ الِاعْتِرَاضِيَّةِ، أَوْ فِي اسْتِدْعَائِهِ الِاعْتِرَاضَ بِأَنَّ مَضْمُونَ الْإِعْلَامِ خِلَافٌ لِلْوَاقِعِ فَهَذِهِ الْإِعْلَامَاتُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ إجْرَاءُ التَّدْقِيقَاتِ عَلَى أُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْ الصَّكِّ وَالسَّبْكِ يُحَرَّرُ عَلَى هَامِشِهَا أَوْ ظَهْرِهَا مُقْتَضَاهَا مِنْ جِهَةِ الصَّكِّ وَالسَّبْكِ وَتُخْتَمُ وَيُبَيَّنُ لُزُومًا لِحَوَالَتِهَا لِمَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِإِجْرَاءِ التَّدْقِيقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ فِي الْأُمُورِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ وَمَجْلِسُ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ يُدَقِّقُ فِي الدَّعَاوَى الْمُحَوَّلَةِ إلَيْهِ وَيُبَيِّنُ نَتِيجَةَ تَدْقِيقَاتِهِ بِتَقْرِيرٍ يُقَدِّمُهُ لِمَقَامِ الْفَتْوَى إنَّ الدَّعَاوَى الَّتِي يَرَى بَابَ الْفَتْوَى أَوْ مَجْلِسُ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ رُؤْيَتَهَا اسْتِئْنَافًا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ آلَافِ قِرْشٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَتَرَى فِي الْمَحْكَمَةِ الْأُولَى الَّتِي حَكَمَتْ فِي الدَّعْوَى. وَأَمَّا دَعَاوَى الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ الَّتِي تَزِيدُ قِيمَتُهَا عَنْ خَمْسَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَالدَّعَاوَى الَّتِي لَهَا أَهَمِّيَّةٌ كَدَعَاوَى النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ إذَا رُئِيَتْ بِدَايَةٌ فِي مَحْكَمَةِ الْقَضَاءِ فَتَرَى اسْتِئْنَافًا فِي مَحْكَمَةِ اللِّوَاءِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِذَا فُصِلَتْ بِدَايَةً فِي مَحْكَمَةِ اللِّوَاءِ الشَّرْعِيَّةِ تُفْصَلُ اسْتِئْنَافًا فِي مَحْكَمَةِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِذَا حُكِمَ بِدَايَةً فِيهَا مِنْ مَحْكَمَةِ الْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَتَرَى اسْتِئْنَافًا فِي أَقْرَبِ مَحْكَمَةِ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَإِذَا رُئِيَتْ بِدَايَةً فِي مَحْكَمَةِ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ مُجَاوِرَةٍ لِلْآسِتَانَةِ تَرَى لَدَى قَاضِي الْعَسْكَرِ. وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَزِيدَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافِ قِرْشٍ وَرَضِيَ الطَّرَفَانِ بِرُؤْيَةِ الدَّعْوَى اسْتِئْنَافًا فِي الْمَحْكَمَةِ الْأُولَى فَفِي هَذَا الْحَالِ تَرَى الدَّعْوَى اسْتِئْنَافًا فِي الْمَحْكَمَةِ الْأُولَى تَمْيِيزُ وَاسْتِئْنَافَ الْأَحْكَامِ الصَّادِرَةِ مِنْ مَحَاكِمِ الْآسِتَانَة: إنَّ الدَّعَاوَى الَّتِي تُحَوَّلُ إلَى مَحْكَمَةِ إسْتَانْبُولَ الشَّرْعِيَّةِ وَإِلَى مَحَاكِمِ الْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ تُفْصَلُ بِدَايَةً فِي تِلْكَ الْمَحَاكِمِ وَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَثْنَاءَ الْمُحَاكَمَةِ نَقْلَ الدَّعْوَى مِنْ مَحْكَمَةٍ إلَى أُخْرَى فَيُرَدُّ طَلَبُهُ وَتُحَوَّلُ السَّنَدَاتُ الصَّادِرَةُ مِنْ مَحْكَمَةِ إسْتَانْبُولَ وَالْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ إلَى بَابِ الْفَتْوَى لِتَطْبِيقِ أَخْتَامِهَا وَتَدْقِيقِ صَكِّهَا وَسَبْكِهَا مَا عَدَا الْأَحْكَامِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْحُضُورِ الْعَالِي وَالْمُعَامَلَةُ الَّتِي تَجْرِي فِي حَقِّ السَّنَدَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَائِدَةِ لِمَحَاكِمَ شَرْعِيَّةٍ الْخَارِجُ تُطَبَّقُ بِحَقِّ هَذِهِ الْإِعْلَامَاتِ.

(المادة 1840) كما يصح دفع الدعوى قبل الحكم يصح بعد الحكم

إذَا نُقِضَ إعْلَامٌ شَرْعِيٌّ صَادِرٌ مِنْ مَحْكَمَةِ إسْتَانْبُولَ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ مَحَاكِمِ الْبِلَادِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَابِ الْفَتْوَى أَوْ مِنْ مَجْلِسِ التَّدْقِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا كَانَ النَّقْضُ نَاشِئًا عَنْ نَوَاقِصَ لَا تُوجِبُ تَكْرَارَ الْمُرَافَعَةِ فَتُكْمِلُ الْمَحْكَمَةُ الَّتِي أَصْدَرَتْ ذَلِكَ الْحُكْمَ تِلْكَ النَّوَاقِضَ وَتُصْدِرُ الْإِعْلَامُ ثَانِيًا وَإِذَا كَانَ النَّقْضُ مِنْ الْمَوَادِّ الْمُوجِبَةِ لِتَكْرَارِ الْمُرَافَعَةِ فَيُحَوَّلُ الْإِعْلَامُ إلَى الْمَحْكَمَةِ الَّتِي أَصْدَرَتْهُ لِتَكْرَارِ الْمُرَافَعَةِ فِي الدَّعْوَى أَمَّا إذَا طَلَبَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ إجْرَاءَ الْمُرَافَعَةِ فِي الْحُضُورِ الْعَالِي فَتُحَوَّلُ تِلْكَ الدَّعْوَى إلَى الْحُضُورِ الْعَالِي. [ (الْمَادَّةُ 1840) كَمَا يَصِحُّ دَفْعُ الدَّعْوَى قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَ الْحُكْمِ] الْمَادَّةُ (1840) - (كَمَا يَصِحُّ دَفْعُ الدَّعْوَى قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ وَقَدَّمَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى سَبَبًا صَالِحًا لِدَفْعِ الدَّعْوَى وَادَّعَى دَفْعَ الدَّعْوَى وَطَلَبَ إعَادَةِ الْمُحَاكَمَةِ يُسْمَعُ ادِّعَاؤُهُ هَذَا فِي مُوَاجَهَةِ الْمَحْكُومِ لَهُ وَتَجْرِي مُحَاكَمَتُهُمَا فِي حَقِّ هَذَا الْخُصُوصِ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي تَصَرُّفِ الْآخَرِ بِأَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ سَنَدٌ مَعْمُولٌ بِهِ بَيَّنَ أَنَّ أَبَا الْمُدَّعِي كَانَ قَدْ بَاعَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ إلَى وَالِدِ ذِي الْيَدِ تُسْمَعُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ وَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ انْتَقَضَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَانْدَفَعَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي) . كَمَا يَصِحُّ دَفْعُ الدَّعْوَى قَبْلَ الْحُكْمِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ " 1631 " يَصِحُّ أَيْضًا بَعْدَ الْحُكْمِ وَحَتَّى بَعْدَ إجْرَاءِ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا بَيَّنَ وَقَدَّمَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى سَبَبًا صَالِحًا لِدَفْعِ الدَّعْوَى وَادَّعَى دَفْعَ الدَّعْوَى وَطَلَبَ إعَادَةَ الْمُحَاكَمَةِ يُسْمَعُ ادِّعَاؤُهُ هَذَا فِي مُوَاجَهَةِ الْمَحْكُومِ لَهُ وَتَجْرِي مُحَاكَمَتُهُمَا فِي حَقِّ الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا ثَبَتَ دَفْعُهُ يُفْسَخُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَيُمْنَعُ الْمُدَّعِي مِنْ مُعَارَضَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الدَّارَ الَّتِي هِيَ فِي تَصَرُّفِ الْآخَرِ بِأَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُ مِنْ أَبِيهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَحَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِالدَّارِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ أَوْ سَنَدٌ مَعْمُولٌ بِهِ يُبَيِّنُ أَنَّ وَالِدَ الْمُدَّعِي كَانَ قَدْ بَاعَ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ إلَى وَالِدِ ذِي الْيَدِ تُسْمَعُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ وَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ انْتَقَضَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَانْدَفَعَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي. وَتُقْبَلُ دَعْوَى إعَادَةِ الْمُحَاكَمَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي مَمْنُوعًا مِنْ سَمَاعِهَا بِوُقُوعِ مُرُورِ الزَّمَنِ كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّتِك حَقًّا كَذَا دِينَارًا فَأَجَابَهُ عَلَيْهِ قَائِلًا إنَّك وَكَّلْت فُلَانًا بِقَبْضِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنِّي وَإِنَّنِي قَدْ أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي التَّوْكِيلَ وَعَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَحَكَمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَأَخَذَ الْمَحْكُومُ لَهُ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمَبْلَغَ الْمَحْكُومَ بِهِ فَإِذَا أَقَامَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 1820 ".

مُسْتَثْنًى - يُسْتَثْنَى مِنْ قَاعِدَةِ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحُكْمِ بَعْضُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْمَسَائِلُ الْمُخَمَّسَةُ وَقَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ " 1637 " فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ مَالُهُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِذَا ادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِهِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ الْحَمَوِيُّ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ قَائِلًا: إنَّهُ مَالِي وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَادَّعَى الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ قَائِلًا: إنَّك أَقْرَرْت قَبْلَ إقَامَةِ الدَّعْوَى عَلَيَّ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَك فِي ذَلِكَ الْمَالِ. أَوْ إنَّك أَمَرْت فُلَانًا بِطَلَبِ شِرَاءِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ مِنِّي فَطَلَبَ شِرَاءَهُ لَا يُقْبَلُ، أَمَّا لَوْ أَتَى بِهَذَا الدَّفْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَيُقْبَلُ اُنْظُرْ مَادَّةَ " 1631 " (الْحَمَوِيُّ وَالْوَاقِعَاتُ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ ابْنُ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ لِلْمُتَوَفَّى وَطَلَبَ الْمِيرَاثَ وَأَثْبَتَهُ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ عَمٌّ لِأُمٍّ لِلْمُتَوَفَّى فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الِادِّعَاءُ بَعْدَ الْحُكْمِ لِتَأَكُّدِهِ بِالْقَضَاءِ أَمَّا قَبْلَ الْقَضَاءِ فَيُسْمَعُ.

الباب الرابع في بيان المسائل المتعلقة بالتحكيم

[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّحْكِيمِ] ِ) بِمَا أَنَّ الْمُحَكَّمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحُكَّامِ وَالْقُضَاةِ فَقَدْ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ أَدْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي فَقَدْ أَخَّرَ ذِكْرَهُ عَنْ الْقَاضِي، وَبِمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ أَدْنَى مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِ الْقَاضِي فَيُبْطِلُهُ الْقَاضِي بِعَكْسِ حُكْمِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا عُرِضَ عَلَى قَاضٍ آخَرَ فَعَلَى الْقَاضِي الْآخَرِ تَنْفِيذُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1838 " كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ يَحْصُلُ بَعْدَ رِضَا الْخَصْمَيْنِ أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَاءُ الْخَصْمَيْنِ الزَّيْلَعِيّ. [ (الْمَادَّةُ 1841) يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ] الْمَادَّةُ (1841) - (يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الْمَالِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ النَّاسِ) وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي دَعَاوَى الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالدُّيُونِ وَالْبُيُوعِ. وَجَوَازُ التَّحْكِيمِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. الْكِتَابُ، {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] الْآيَةَ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي حَقِّ التَّحْكِيمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالزَّيْلَعِيّ وَمَا دَامَ قَدْ جَازَ التَّحْكِيمُ فِي حَقِّ الزَّوْجَيْنِ فَهَذَا الْجَوَازُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَالدَّعَاوَى الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". السُّنَّةُ، قَدْ أَوْصَى النَّبِيُّ الْكَرِيمُ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ يُحَكِّمُوا عَنْهُمْ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَقَدْ أَجْمَعَ صَحَابَةُ النَّبِيِّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ وَقَدْ حَكَّمُوا بَيْنَهُمْ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (322) أَمَّا التَّحْكِيمُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ السَّرِقَةِ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ إجْرَاءَ الطَّرَفَيْنِ التَّحْكِيمَ بَيْنَهُمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ عَقْدِ الصُّلْحِ وَبِمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَى دِمَائِهِمَا فَلَيْسَ لَهُمَا إبَاحَةُ دِمَائِهِمَا الزَّيْلَعِيّ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْغَالِبَ فِي الْقِصَاصِ هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ أَيْضًا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ. مَثَلًا لَوْ تَصَالَحَ الطَّرَفَانِ عَلَى لُزُومِ الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا الصُّلْحِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَكَّمَ الطَّرَفَانِ أَحَدًا لِفَصْلِ دَعْوَى الْقِصَاصِ وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِالْقِصَاصِ فَحُكْمُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ.

(المادة 1842) لا يجوز ولا ينفذ حكم المحكم إلا في حق الخصمين اللذين حكماه

رُكْنُ التَّحْكِيمِ، هُوَ إيجَابُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ بِقَوْلِهِمَا لِلْمُحَكَّمِ " اُحْكُمْ بَيْنَنَا أَوْ إنَّنَا نَصَّبْنَاك حَكَمًا وَقَبُولُ الْمُحَكَّمِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَفْظِ التَّحْكِيمِ حَتْمًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الثَّالِثَةَ فَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمُحَكَّمُ التَّحْكِيمَ فَلَا يَجُوزُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يُجَدِّدْ التَّحْكِيمَ. شُرُوطُ التَّحْكِيمِ. أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَ الطَّرَفَانِ أَيْ الْمُحَكَّمَانِ عَاقِلَيْنِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ. ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ كَمَا هُوَ مَشْرُوطٌ فِي الْقَاضِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1794 " لِأَنَّ الْحَكَمَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي الْمُوَلَّى مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لِلْحُكْمِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ فَلِذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ حَائِزًا لِلشُّرُوطِ الْمَشْرُوطِ وُجُودِهَا فِي الْقَاضِي. فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْأَعْمَى وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ قُضَاةً لَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ مُحَكَّمِينَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". أَمَّا لَوْ حَكَمَ فَاسِقٌ أَوْ امْرَأَةٌ فَقَدْ جَازَ لِأَنَّهُمَا أَهْلٌ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ نَصْبِ الْفَاسِقِ مُحَكَّمًا (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَيُشْتَرَطُ بَقَاءُ أَهْلِيَّةِ الْمُحَكَّمِ وَقْتَ التَّحْكِيمِ وَبَيْنَ التَّحْكِيمِ وَالْحُكْمِ فَلِذَلِكَ لَوْ حَكَّمَ الطَّرَفَانِ صَبِيًّا وَبَعْدَ بُلُوغِهِ حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ مَعَ أَنَّهُ فِي الشَّهَادَةِ يُنْظَرُ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَقْتَ الْأَدَاءِ وَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ مَعًا رَدُّ الْمُحْتَارِ " فَلِذَلِكَ لَوْ تَحَمَّلَ الصَّبِيُّ الْمُمَيَّزُ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَأَدَّاهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ تُقْبَلُ ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ الْحَكَمُ مُعَيَّنًا فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الطَّرَفَانِ إنَّنَا حَكَّمْنَا الشَّخْصَ الَّذِي يُصَادِفُنَا أَوَّلًا فِي الطَّرِيقِ أَوْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُ شَخْصًا يَعْرِفُهُ الطَّرَفَانِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهِمَا فَلَوْ عَيَّنَ الْمُتَخَاصِمَانِ شَخْصًا لَا يَعْرِفَانِهِ حَكَمًا فَهُوَ جَائِزٌ رَابِعًا: أَنْ لَا يُعَلَّقَ التَّحْكِيمُ عَلَى شَرْطٍ أَوْ يُضَافَ إلَى وَقْتٍ عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ (الْخَانِيَّةُ) . فَلِذَلِكَ لَوْ حَكَّمَ الْمُتَخَاصِمَانِ أَحَدًا بِقَوْلِهِمَا إذَا جَاءَ الشَّهْرُ الْفُلَانِيُّ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا فَلَا يَصِحُّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 82 ". [ (الْمَادَّةُ 1842) لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ إلَّا فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَّمَاهُ] الْمَادَّةُ (1842) - (لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ إلَّا فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَّمَاهُ وَفِي الْخُصُوصِ الَّذِي حَكَّمَاهُ بِهِ فَقَطْ وَلَا يَتَجَاوَزُ إلَى غَيْرِهِمَا وَلَا يَشْمَلُ خُصُوصِيَّاتِهِمَا الْأُخْرَى) لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ إلَّا فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَّمَاهُ وَفِي الْخُصُوصِ الَّذِي حَكَّمَهُ بِهِ الْخَصْمَانِ فَقَطْ وَلَا يَتَجَاوَزُ إلَى غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يَشْمَلُ خُصُوصِيَّاتِهِمَا الْأُخْرَى أَيْ

الْخُصُومَاتُ الَّتِي لَمْ يُحَكِّمَا بِهَا. وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: نُفُوذُ الْحُكْمِ فِي حَقِّ الْخَصْمَيْنِ الْمُحَكِّمَيْنِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ هَذَا قَدْ صَدَرَ عَلَيْهِمَا بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَوْ عُزِلَ قَاضٍ بَعْدَ حُكْمِهِ لَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ فَكَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ أَيْضًا كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَيْسَ بِأَدْنَى مِنْ صُلْحِ الطَّرَفَيْنِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ بَعْدَ صُلْحِهِمَا بِالتَّرَاضِي وَتَمَامِ الصُّلْحِ بَيْنَهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ الصُّلْحِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1556) فَلَيْسَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ بِطَرِيقِ الْأُولَى الزَّيْلَعِيّ إلَّا أَنَّ نَفَاذَ الْحُكْمِ مَشْرُوطٌ بِمُوَافَقَةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ كَأَسْبَابِ حُكْمِ الْقَاضِي مَبْنِيًّا عَلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ أَوْ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية فِي الشَّهَادَاتِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ ". فَعَلَى ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ دَعْوَاهُ أَمَامَ الْمُحَكَّمِ أَنْ يَطْلُبَ تَحْلِيفَ خَصْمِهِ الْيَمِينَ فَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَطْلُبَ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْلِيفَهُ الْيَمِينَ أَمَامَ الْقَاضِي. أَمَّا إذَا حَكَمَ بَعْدَ مُرَافَعَةِ الطَّرَفَيْنِ قَائِمًا: رَأْيِي كَذَا بِدُونِ أَنْ تُوجَدَ أَحَدُ أَسْبَابِ الْحُكْمِ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ. الْحُكْمُ الثَّانِي: هُوَ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ وَيُسْتَفَادُ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ اللَّفْظِ فَقَطْ وَأَسْبَابُ عَدَمِ سَرَيَانِ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ هِيَ: لِأَنَّ الْمُحَكَّمَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ لِأَنَّ صَلَاحِيَّةَ الْمُحَكَّمِ لِلْحُكْمِ إنَّمَا حَصَلَتْ بِاصْطِلَاحِ وَاتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ فَقَطْ. فَالْخَصْمَانِ لَيْسَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِ أَنْفُسِهِمَا، أَمَّا صَلَاحِيَّةُ الْقَاضِي لِلْحُكْمِ فَهِيَ مَمْنُوحَةٌ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ الَّذِي لَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَالْقَاضِي الْمَنْصُوبُ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ الزَّيْلَعِيّ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ عَشْرَةً وَرَثَةً وَاتَّفَقَ دَائِنُ الْمُتَوَفَّى زَيْدٌ مَعَ أَحَدِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى عَمْرٍو عَلَى نَصْبِ مُحَكَّمٍ لِفَصْلِ دَعَاوَى الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِيَ عَلَى الْمَيِّتِ فَأَثْبَتَ زَيْدٌ فِي حُضُورِ الْمُحَكَّمِ وَمُوَاجَهَةِ عَمْرٍو الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى بِالْبَيِّنَةِ وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ بِمُوجَبِهَا فَهَذَا الْحُكْمُ لَا يَشْمَلُ التِّسْعَةَ الْوَرَثَةَ الْغَائِبِينَ مَعَ أَنَّهُ لَوْ صَدَرَ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ لَكَانَ سَارِيًا عَلَى الْوَرَثَةِ التِّسْعَةِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1642) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَتَجَاوَزُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَى بَائِعِ الْبَائِعِ " 1 " كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ الْغَائِبَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 130 " أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي يَشْمَلُ الْغَائِبَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".

(المادة 1843) يجوز تعدد المحكم

مَثَلًا لَوْ اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ الْمُتَخَاصِمَانِ عَلَى إجْرَاءِ التَّحْكِيمِ فِي الدَّعْوَى الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمُدَّعِي بِطَلَبِ مَبْلَغٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَسَبَ الْكَفَالَةِ وَنَصَبَا حَكَمًا فَادَّعَى الْمُدَّعِي فِي حُضُورِ الْحَكَمِ قَائِلًا: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَفَلَ الدَّيْنَ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ الْمَطْلُوبَةَ لِي مِنْ ذِمَّةِ زَيْدٍ الْغَائِبِ بِأَمْرِهِ وَلَدَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَى مَطْلُوبِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ زَيْدٍ وَعَلَى كَفَالَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَحُكْمُ الْمُحَكَّمِ لَدَى التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ مَقْصُورًا عَلَى الْكَفِيلِ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ زَيْدٍ مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمُحَاكَمَةُ وَالْحُكْمُ قَدْ صَدَرَتَا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي لَسَرَى الْحُكْمُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَشَمِلَهُ بِمُوجِبِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (1830) . الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ تَحَاكَمَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَمَامَ الْمُحَكَّمِ فِي دَعْوَى رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ وَثَبَتَتْ الدَّعْوَى بِالْبَيِّنَةِ وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الْعَيْبِ مُمْكِنًا حُصُولُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ، أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنِ الْحُصُولِ فَفِي رَدِّ الْوَكِيلِ رِوَايَتَانِ. الْفَتْحُ ". مُسْتَثْنَى - يَسْرِي حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الذِّكْرِ عَلَى غَيْرِ الطَّرَفَيْنِ وَذَلِكَ: لَوْ حَكَمَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مَعَ مَدِينٍ لِأُولَئِكَ الشُّرَكَاءِ أَحَدًا وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ فَحُكْمُهُ يَتَعَدَّى وَيَتَجَاوَزُ إلَى الشَّرِيكِ الْغَائِبِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ هُوَ كَالصُّلْحِ وَالصُّلْحُ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ التُّجَّارِ لِيَكُونَ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ قَدْ رَضِيَ بِالصُّلْحِ وَبِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الصُّلْحِ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْحَمَوِيُّ الْحُكْمُ الثَّالِثُ: لَا يَشْمَلُ خُصُوصِيَّاتِهِمَا الْأُخْرَى لِأَنَّ نُفُوذَ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ فِي الْخُصُوصِ الَّذِي حَكَمَاهُ بِهِ هُوَ لِأَنَّ لِلْحَكَمِ وِلَايَةً شَرْعِيَّةً عَلَى الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي ذَلِكَ الْخُصُوصِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي الْخُصُوصَاتِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهَا حُكْمًا فُضُولِيًّا، مَثَلًا لَوْ وُجِدَ نِزَاعٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي حَقِّ دَارٍ وَفَرَسٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ دَيْنًا فَنَصَّبَا مُحَكَّمًا لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا فِي النِّزَاعِ عَلَى الدَّارِ فَلَيْسَ لِهَذَا الْمُحَكَّمِ أَنْ يَفْصِلَ فِي النِّزَاعِ الْحَاصِلِ عَلَى الْفَرَسِ وَلَا الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الدَّيْنِ. [ (الْمَادَّةُ 1843) يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمُحَكَّمِ] الْمَادَّةُ (1843) - (يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمُحَكَّمِ يَعْنِي يَجُوزُ نَصْبُ حَكَمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِخُصُوصٍ وَاحِدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْصِبَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَكَمًا) يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْمُحَكَّمِ يَعْنِي يَجُوزُ نَصْبُ حَكَمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا جَازَ نَصْبُ حَكَمٍ وَاحِدٍ وَكَمَا جَازَ تَعَدُّدُ الْقُضَاةِ الْمَنْصُوبِينَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " 1802 " كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْصِبَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَكَمًا أَيْ أَنْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُعَيِّنَ حَكَمًا مِنْ قِبَلِهِ. [ (الْمَادَّةُ 1844) إذَا تَعَدَّدَ الْمُحَكَّمُونَ] الْمَادَّةُ (1844) - (إذَا تَعَدَّدَ الْمُحَكَّمُونَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا يَلْزَمُ اتِّفَاقُ رَأْيِ كُلِّهِمْ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْكُمَ وَحْدَهُ) . أَيْ يَجِبُ اتِّفَاقُهُمْ كُلِّهِمْ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ وَحْدَهُ لِأَنَّ الطَّرَفَيْنِ قَدْ رَضِيَا بِرَأْيِ

(المادة 1845) إذا كان المحكمون مأذونين بالتحكيم

الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَرْضَيَا بِرَأْيِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالرِّضَاءُ بِرَأْيِهِمَا لَيْسَ رِضَاءً بِرَأْيِ أَحَدِهِمَا. لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ مُحْتَاجٌ لِلرَّأْيِ وَالْمُشَاوَرَةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ ". كَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ أَحَدُهُمَا حُكْمًا وَالْآخَرُ حَكَمَ حُكْمًا مُخَالِفًا لَهُ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمَانِ الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ ". أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُونَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَكَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً وَأَذِنَ الْمُتَخَاصِمَانِ الْمُحَكَّمَيْنِ بِالْحُكْمِ بِأَكْثَرِيَّةِ الْآرَاءِ فَالظَّاهِرُ فِي الشَّرْعِ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَكَّمُونَ مَعْلُومِينَ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1841 " وَكَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَجْهُولًا مَنْ يُشَكِّلُ الْأَكْثَرِيَّةَ مِنْهُمْ - عَدَمُ صِحَّةِ الْحُكْمِ لِمَجْهُولِيَّةِ الْحَكَمِ. [ (الْمَادَّةُ 1845) إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُونَ مَأْذُونِينَ بِالتَّحْكِيمِ] الْمَادَّةُ (1845) - (إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُونَ مَأْذُونِينَ بِالتَّحْكِيمِ فَلَهُمْ تَحْكِيمُ آخَرَ وَإِلَّا فَلَا) لِأَنَّ الْإِذْنَ هُوَ تَوْكِيلٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الطَّرَفَانِ قَدْ وَكَّلَا الْمُحَكَّمِينَ بِالتَّحْكِيمِ فَلَا شُبْهَةَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ " 1495 " أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُونَ غَيْرَ مَأْذُونِينَ بِالتَّحْكِيمِ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحَكِّمُوا كَالْقَاضِي فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مَاذُونَا بِالْإِنَابَةِ فَلَهُ أَنْ يُنِيبَ عَنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنِيبَ اُنْظُرْ مَادَّةَ (1805) أَمَّا إذَا حَكَمَ الْمُحَكَّمُونَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَجَازَ الطَّرَفَانِ ذَلِكَ التَّحْكِيمَ جَازَ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ هِيَ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1453) [ (الْمَادَّةُ 1846) إذَا تَقَيَّدَ التَّحْكِيمُ بِوَقْتٍ] الْمَادَّةُ (1846) - (إذَا تَقَيَّدَ التَّحْكِيمُ بِوَقْتٍ يَزُولُ بِمُرُورِ الْوَقْتِ، مَثَلًا الْحَكَمُ الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ مِنْ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ إلَى شَهْرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ مُرُورِ ذَلِكَ الشَّهْرِ فَإِذَا حَكَمَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) إذَا تَقَيَّدَ التَّحْكِيمُ بِوَقْتٍ يَزُولُ التَّحْكِيمُ بِمُرُورِ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَيَنْعَزِلُ الْمُحَكَّمُ كَمَا جَازَ تَوْقِيتُ الْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ " 1801 ". مَثَلًا الْحَكَمُ الْمَنْصُوبُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ مِنْ الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ إلَى شَهْرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا فِي مُدَّةِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إذَا حَكَمَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَيْضًا إذَا حَكَمَ بَعْدَ مُرُورِ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ " لَا يَنْفُذُ " وَمِنْ حُكْمِ الْمَادَّةِ (1815) أَنَّ الطَّرَفَيْنِ لَوْ أَجَازَا هَذَا الْحُكْمَ يَنْفُذُ.

(المادة 1847) لكل من الطرفين عزل المحكم قبل الحكم

[ (الْمَادَّةُ 1847) لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ قَبْلَ الْحُكْمِ] الْمَادَّةُ 1847) - (لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَكِنْ إذَا حَكَّمَهُ الطَّرَفَانِ وَأَجَازَهُ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ الْمَأْذُونِ بِنَصْبِ النَّائِبِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ نَائِبِ هَذَا الْقَاضِي حَيْثُ قَدْ اسْتَخْلَفَهُ) . لِكُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ مَعًا أَوْ كَانَ الْعَزْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُحَكَّمُ مُقَلَّدًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَازَ عَزْلُهُ مِنْهُمَا كَمَا جَازَ عَزْلُ الْقَاضِي مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ قَبْلَ الْحُكْمِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) وَعَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ التَّحْكِيمُ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ كَشَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ بِلَا الْتِمَاسِ الطَّالِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (114) . سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ التَّحْكِيمَ يَثْبُتُ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ الْعَزْلُ أَيْضًا بِتَرَاضِيهِمَا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ كَفَسْخِ الْعَقْدِ؟ الْجَوَابُ: مِنْ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَثْبُتَ الْعَقْدُ إلَّا بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ وَأَنْ يَنْفَرِدَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِفَسْخِ ذَلِكَ الْعَقْدِ كَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَعَلَى ذَلِكَ لِلطَّرَفَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ وَلَوْ شَرَطَا عَدَمَ عَزْلِهِ وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ إذْ لَيْسَ لِهَذَا الشَّرْطِ حُكْمٌ كَمَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَدَمَ عَزْلِ الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ جَازَ عَزْلُهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1804) فَلِذَلِكَ لَوْ حَاكَمَ الْمُحَكَّمُ الطَّرَفَيْنِ وَقَالَ إنَّنِي أَرَى الْمُدَّعِيَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ فَعَزَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَحَكَمَ الْمُحَكَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي فَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ. كَذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الطَّرَفَانِ حُكْمًا لِيَفْصِلَ السِّتَّ الدَّعَاوَى الْمُتَكَوِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَفَصَلَ هَذَا الْحُكْمَ قَضِيَّةً أَوْ قَضِيَّتَيْنِ لِصَالِحِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَحَكَمَ عَلَى الْآخَرِ فَعَزَلَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمُحَكَّمَ فَيَصِحُّ عَزْلُهُ فِي حَقِّ الدَّعَاوَى الْأُخْرَى وَلَا يَحِقُّ لِلْمُحَكَّمِ الْحُكْمُ بِهَا أَمَّا حُكْمُهُ فِي الدَّعَاوَى الَّتِي حَكَمَ بِهَا فَبَاقٍ وَنَافِذٌ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا لَوْ عَزَلَاهُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ قَدْ صَدَرَ مِنْ ذِي وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْقَاضِي بِعَزْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يَبْطُلُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ أَيْضًا كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَمْ يَكُنْ أَدْنَى مِنْ الصُّلْحِ الَّذِي يَعْقِدُهُ الطَّرَفَانِ وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ الصُّلْحِ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ الْخُلَاصَةُ: أَنَّ الْمُحَكَّمَ يَنْعَزِلُ بِإِحْدَى صُوَرٍ ثَلَاثٍ: أَوَّلًا: يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَقَدْ ذُكِرَ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ ثَانِيًا: يَنْعَزِلُ بِانْتِهَاءِ مَأْمُورِيَّتِهِ وَهَذَا يَكُونُ إذَا كَانَ التَّحْكِيمُ مُوَقَّتًا بِوَقْتٍ وَمَرَّ ذَلِكَ الْوَقْتُ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1846) . ثَالِثًا: سُقُوطُ أَهْلِيَّةِ الْمُحَكَّمِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ كَأَنْ يَطْرَأَ عَمًى قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الْمُحَكَّمِ.

(المادة 1848) حكم المحكمين لازم الإجراء

فَإِذَا قَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ وُجُودِ الْمُحَكَّمِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَقِيَامِهِ إنَّكَ لَمْ تَحْكُمْ بَيْنَنَا وَقَالَ الْمُحَكَّمُ قَدْ حَكَمْت بَيْنَكُمَا فَيُصَدَّقُ الْمُحَكَّمُ مَا دَامَ بَاقِيًا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ تَحْكِيمُ الْمُحَكَّمِ بَاقِيًا فَهُوَ كَالْقَاضِي الْمُقَلِّدِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَى الْأَمْرَ الْمُقْتَدَرَ عَلَى اسْتِئْنَافِهِ. وَلِذَلِكَ فَهُوَ مَالِكٌ لِلْإِقْرَارِ وَيُعَدُّ إقْرَارُهُ إنْشَاءً أَمَّا إذَا قَالَ الْمُحَكَّمُ بَعْدَ عَزْلِهِ مِنْ قِبَلِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَبَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ: إنَّنِي حَكَمْت بَيْنَكُمَا فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِقِيَامِهِ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَانْعِزَالِهِ بِالْعَزْلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى إنْشَاءِ الْحُكْمِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْإِقْرَارِ (الزَّيْلَعِيُّ والولوالجية فِي آدَابِ الْقَاضِي) . وَلَكِنْ إذَا حَكَّمَهُ الطَّرَفَانِ وَأَجَازَ الْقَاضِي الْمَنْصُوبُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ الْمَأْذُونُ بِنَصْبِ النَّائِبِ هَذَا التَّحْكِيمَ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ نَائِبِ هَذَا الْقَاضِي لِأَنَّهُ اسْتَخْلَفَهُ. وَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ عَزْلُ الْقَاضِي أَوْ عَزْلُ نَائِبِهِ فَلَيْسَ لَهُمَا عَزْلُ هَذَا الْمُحَكَّمِ. [ (الْمَادَّةُ 1848) حُكْمُ الْمُحَكَّمِينَ لَازِمُ الْإِجْرَاءِ] الْمَادَّةُ (1848) - (كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْقُضَاةِ لَازِمُ الْإِجْرَاءِ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَهَالِي الَّذِينَ فِي دَاخِلِ قَضَائِهِمْ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِينَ لَازِمُ الْإِجْرَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ مَنْ حَكَمَهُمْ وَفِي الْخُصُوصِ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ. فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ بَعْدَ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ حُكْمًا مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ) . كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْقُضَاةِ لَازِمُ الْإِجْرَاءِ فِي حَقِّ جَمِيعِ الْأَهَالِي الَّذِينَ هُمْ فِي دَاخِلِ قَضَائِهِمْ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِينَ لَازِمُ الْإِجْرَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ مَنْ حَكَمَهُمْ وَفِي الْخُصُوصِ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ فَقَطْ. وَيُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فِقْرَتَانِ حُكْمِيَّتَانِ: الْفِقْرَةُ الْأُولَى: لُزُومُ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ فِي حَقِّ الْأَخْصَامِ الْمُحَكَّمِينَ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ هِيَ عَيْنُ الْحُكْمِ الَّذِي جَرَى تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1842) . الْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ: لُزُومُ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ الْخُصُوصُ الَّذِي حَكَمُوا بِهِ وَقَدْ بُيِّنَتْ هَذِهِ الْفِقْرَةَ أَيْضًا بِصُورَةٍ مُفَصَّلَةٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي مَبْحَثِ الْحُكْمِ الثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ بَعْدَ حُكْمِ الْمُحَكَّمِينَ حُكْمًا مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَحَدَ أُصُولِ الْمُحَكَّمِ أَوْ فُرُوعِهِ أَوْ زَوْجَتَهُ أَيْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحَكَّمِ أَنْ يَحْكُمَ لِهَؤُلَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ. وَالْحُكْمُ فِي الْقَاضِي أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1808) رَدُّ الْمُحْتَارِ والولوالجية ".

(المادة 1849) إذا عرض حكم المحكم على القاضي المنصوب من قبل السلطان

[ (الْمَادَّةُ 1849) إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ] الْمَادَّةُ (1849) - (إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْأُصُولِ صَدَّقَهُ وَإِلَّا نَقَضَهُ) إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ أَوْ عَلَى مُحَكَّمٍ ثَانٍ لِيُدَقِّقَ الْحُكْمَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْأُصُولِ صَدَّقَهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ الْمُوَافِقِ لِلْأُصُولِ وَالْحُكْمُ ثَانِيَةً بِذَلِكَ. وَفَائِدَةُ تَصْدِيقِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي هُوَ: أَنَّهُ لَوْ عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ يُخَالِفُ رَأْيُهُ وَاجْتِهَادُهُ رَأْيَ الْمُحَكَّمِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ لِأَنَّ إمْضَاءَ وَقَبُولَ الْقَاضِي لِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً مِنْ الْقَاضِي؛ أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْقَاضِي عَلَى حُكْمِ الْمُحَكَّمِ فَيَكُونُ مِنْ الْمُمْكِنِ لِلْقَاضِي الْآخَرِ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ الزَّيْلَعِيّ فَإِذَا حَكَمَ الْمُحَكَّمُ حُكْمًا غَيْرَ مُوَافِقٍ لِلْأُصُولِ يَنْقُضُهُ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمُ الثَّانِي. وَعَدَمُ مُوَافَقَةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ لِلْأُصُولِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ خَطَأً لَا يُوَافِقُ أَيَّ مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ الْقَاضِي وَلَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَيِّ مُجْتَهِدٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْعُلَمَاءِ. وَبِمَا أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ظُلْمٌ وَاجِبٌ رَفْعُهُ فَيُرْفَعُ هَذَا الْحُكْمُ وَيُنْقَضُ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْقَضِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ الْقَاضِي الَّذِي عُرِضَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْقُضُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَكَّمِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَحُكْمُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ خِلَافَ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ وَالْمُحَكَّمُ فِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ وَبِمَا أَنَّ الْمُحَكَّمَ لَمْ يَحْكُمْ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ الْقَاضِي مُلْزَمًا بِتَنْفِيذِهِ بِعَكْسِ الْقَاضِي فَحَيْثُ إنَّ لَهُ وِلَايَةً عَامَّةً فَحُكْمُهُ يَرْفَعُ الِاخْتِلَافَ وَيَنْفُذُ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 1833 ". إنَّ الْمُحَكَّمَ لَيْسَ كَالْقَاضِي فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَنَذْكُرُ هُنَا بَعْضَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ رِضَاءُ الْمُحَكِّمَيْنِ (بِكَسْرِ الْكَافِ) أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي الدِّيَةِ عَنْ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ وَالْعَاقِلَةِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لِلْمُحَكِّمَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَيْسَ لَهُمَا عَزْلُ الْقَاضِي.

(المادة 1850) أذن الطرفان المحكمين اللذين أذناهما في الحكم بتسوية الأمر صلحا

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَا يَتَعَدَّى حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَائِعَ الْبَائِعِ أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَيَتَعَدَّى إذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى بَيِّنَةٍ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: إذَا كَانَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ مُخَالِفًا لِرَأْيِ الْقَاضِي فَيُبْطِلُهُ، أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَلَا يُبْطِلُهُ قَاضٍ آخَرُ مَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ بِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ وَلَا يَرْتَفِعُ لِخِلَافٍ وَالْعَكْسُ فِي حُكْمِ الْقَاضِي إذْ يَلْزَمُ وَيَرْفَعُ الْخِلَافَ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَا يَحُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَعْلِيقُ وَإِضَافَةُ التَّحْكِيمِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَا يَكْتُبُ الْمُحَكَّمُ لِلْقَاضِي كِتَابًا حُكْمِيًّا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ الْقَاضِي إلَى الْمُحَكَّمِ كِتَابًا حُكْمِيًّا. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَا يَتَعَدَّى حُكْمُ الْمُحَكَّمِ الصَّادِرُ فِي مُوَاجَهَةِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ إلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَى الْمُوَكِّلِ كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَا يَسْرِي عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ فِي دَعَاوَى النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ رَدُّ الْمُحْتَارِ " [ (الْمَادَّةُ 1850) أَذِنَ الطَّرَفَانِ الْمُحَكِّمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَذِنَاهُمَا فِي الْحُكْمِ بِتَسْوِيَةِ الْأَمْر صُلْحًا] الْمَادَّةُ (1850) - (إذَا أَذِنَ الطَّرَفَانِ الْمُحَكِّمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَذِنَاهُمَا فِي الْحُكْمِ تَوْفِيقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ بِتَسْوِيَةِ الْأَمْرِ صُلْحًا إذَا نَسَبَا ذَلِكَ فَتُعْتَبَرُ تَسْوِيَةُ الْمُحَكِّمَيْنِ الْخِلَافَ صُلْحًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَحَدَ الْمُحَكِّمَيْنِ وَالْآخَرُ الْمُحَكَّمَ الْآخَرَ بِإِجْرَاءِ الصُّلْحِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْخُصُوصِ الَّذِي تَنَازَعَا فِيهِ وَتَصَالَحَا تَوْفِيقًا لِلْمَسَائِلِ الْمُنْدَرِجَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ هَذَا الصُّلْحِ وَالتَّسْوِيَةِ) إذَا أَذِنَ الطَّرَفَانِ الْمُتَخَاصِمَانِ الْمُحَكِّمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَذِنَاهُمَا فِي الْحُكْمِ تَوْفِيقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ بِتَسْوِيَةِ الْأَمْرِ صُلْحًا إذَا نَسَبَا ذَلِكَ فَتُعْتَبَرُ تَسْوِيَةُ الْمُحَكِّمَيْنِ الْخِلَافَ صُلْحًا لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ " 1459 " مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْخُصُومَاتِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلطَّرَفَيْنِ أَنْ يَتَصَالَحَا بِالذَّاتِ فَلَهُمَا تَوْكِيلُ الْمُحَكَّمَيْنِ بِالصُّلْحِ وَيَصِحُّ الصُّلْحُ مِنْ الْمُحَكَّمَيْنِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُضِيفَ الْمُحَكِّمُونَ الصُّلْحَ لِمُوَكَّلِيهِمْ حَتَّى يَصِحَّ الصُّلْحُ. وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ أَحَدَ الْمُحَكَّمَيْنِ وَالْآخَرُ الْمُحَكَّمَ الْآخَرَ لِإِجْرَاءِ الصُّلْحِ فِي الْخُصُوصِ الَّذِي تَنَازَعَا فِيهِ تَصَالَحَ الْمُحَكَّمَانِ بِإِضَافَةِ عَقْدِ الصُّلْحِ إلَى مُوَكِّلِيهِمْ وَكَانَ الصُّلْحُ مُوَافِقًا لِلْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ هَذَا الصُّلْحِ وَالتَّسْوِيَةِ لِأَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ " 1556 " إذَا تَمَّ الصُّلْحُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ. [ (الْمَادَّةُ 1851) فَصَلَ أَحَدٌ الدَّعْوَى الْوَاقِعَةَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ بِدُونِ أَنْ يُحَكَّمَ وَرَضِيَ الطَّرَفَانِ] الْمَادَّةُ (1851) - (إذَا فَصَلَ أَحَدٌ الدَّعْوَى الْوَاقِعَةَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ بِدُونِ أَنْ

يُحَكَّمَ فِي ذَلِكَ وَرَضِيَ الطَّرَفَانِ بِذَلِكَ وَأَجَازَا حُكْمَهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ " 1453 " لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ هِيَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الشَّخْصُ أَهْلًا لَأَنْ يَكُونَ مُحَكَّمًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 1790 " وَيُشْتَرَطُ لِنُفُوذِ حُكْمِ هَذَا الشَّخْصِ بِإِجَازَةِ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ مُوَافِقًا لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ أَجَازَ الطَّرَفَانِ الْحُكْمَ الْغَيْرَ الْمُوَافِقِ لِأُصُولِهِ الْمَشْرُوعَةِ فَلَا يَنْفُذُ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَلْحَقُ الصَّحِيحَ وَالْمَوْقُوفَ وَلَا تَلْحَقُ الْبَاطِلَ أَلَا يُرَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الْآخَرِ بِبَيْعٍ بَاطِلٍ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ. تَمَّ بِإِذْنِهِ تَعَالَى. الصَّوَابُ مَتَى كَثُرَ فَقَدْ غَلَبَ وَلَا عِبْرَةَ لِلْمَغْلُوبِ بِمُقَابَلَةِ الْغَالِبِ فَإِنَّ أُمُورَ الشَّرْعِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَغْلَبِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي ".

§1/1