حقيقة الإقالة دراسة نظرية تطبيقية
عبد الله بن عبد الواحد الخميس
مقدمة
المقدمة الحمد لله حث على العلم وشرف حملته، ورفع درجة أهله ومنْزلته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: فإن التفقه في الدين من أفضل القربات التي تستحق بها نفائس الأوقات لأنه السبيل الذي تعرف به العباد الأحكام التي تعبد الله بها على بصيرة، وتميز بين الحلال والحرام، وكما يلزم المسلم معرفة عبادته لربه كذلك يلزمه أن يعرف حكم تعامله مع غيره، وما يترتب على هذا التعامل من الأحكام الفقهية. وبما أن الإقالة من المسائل التي ناقشها الفقهاء، واختلفت فيها وجهات النظر وتباينت في تنظيرها رأيت أنه من المناسب الكتابة في هذا الموضوع المهم وقد جعلت البحث في (حقيقة الإقالة دراسة نظرية وتطبيقية) وقد دفعني إلى اختيار هذا الموضوع عدة أسباب من أهمها ما يلي: 1 أن موضوع حقيقة الإقالة لم يفرده أحد بالبحث حسب علمي وإن كان هناك بحوث يدخل في ضمنها، فيكون واحدا من مسائل كثيرة تبحث في تلك البحوث، ومن أبرز من تناول هذا الموضوع: أد. عبد اللطيف عامر في بحثه الموسوم ب: الإقالة في العقود في الفقه والقانون (مطبوع بدار مرجان للطباعة بالقاهرة) وهو بحث يغلب عليه الإيجاز والعناية بالمذهب الحنفي إضافة إلى مقارنته بالقانون. ب د. إبراهيم بن عبد الرحمن العروان في أطروحته للدكتوراه» الإقالة والفسخ في عقود المعاوضات المالية في الفقه الإسلامي «وهي رسالة جيدة في
موضوعها، وقد اعتنى الباحث بأحكام الإقالة والفسخ في العقود، ولكنه لم يعن بحقيقتها ومن ذلك انعقادها بلفظها وبغير لفظها ولا بالمسائل التطبيقية على الخلاف فيها. والبحث الذي أقدمه خاص بحقيقة الإقالة، ولن أتعرض فيه لأحكامها. 2 أن الإقالة من المسائل الفقهية التي اختلف الفقهاء في التكييف الفقهي لها مما يؤدي إلى الاختلاف في تطبيقها. 3 أن بعض الفقهاء ذكر بعض المسائل التطبيقية في الإقالة لكن دراسته لها كانت دراسة مذهبية موجزة وقاصرة على بعض عناصرها كما فعل السيوطي في الأشباه والنظائر 1 لذا كان لابد من تجلية هذا الجانب والعناية به وأرجو أن أوفق في عرض هذا البحث بأسلوب فقهي يسهل على القارئ فهمه وإدراك المراد فيه. وقد قسمت البحث إلى قسمين: القسم الأول: الدراسة النظرية وتشمل ستة مباحث: المبحث الأول: تحديد المراد بالإقالة وتحته مطلبان: المطلب الأول: تعريف الإقالة. المطلب الثاني: الألفاظ ذات الصلة بها. المبحث الثاني: حكم الإقالة وتحته ثلاثة مطالب: المطلب الأول: الحكم التكليفي للإقالة. المطلب الثاني: الأدلة على مشروعيتها. المطلب الثالث: الحكمة من مشروعيتها.
المبحث الثالث: صيغة الإقالة وتحته مطلبان: المطلب الأول: الإقالة بلفظها. المطلب الثاني: الإقالة بغير لفظها وفيه ست مسائل: المسألة الأولى: الإقالة بلفظ الفسخ أو الترك أو التراد. المسألة الثانية: الإقالة بلفظ البيع. المسألة الثالثة: الإقالة بلفظ الصلح. المسألة الرابعة: الإقالة بلفظ المعاطاة. المسألة الخامسة: الإقالة بالكتابة. المسألة السادسة: الإقالة بالإشارة. المبحث الرابع: التكييف الفقهي للإقالة. المبحث الخامس: أركان وشروط صحة الإقالة وتحته مطلبان: المطلب الأول: في أركان الإقالة. المطلب الثاني: في شروط صحة الإقالة. المبحث السادس: محل الإقالة. القسم الثاني: الدراسة التطبيقية وقمت فيه بدراسة ثلاثين مسألة، والمسائل المذكورة يقصد من ذكرها التمثيل لا الحصر، لأنها أكثر من أن تحصر، وقد توخيت الاختصار في دراسة المسائل، وحاولت عدم التعمق في الخلاف وذكر المخالفين لأن ذلك سيطيل البحث، وقد جمعت أقوال العلماء في موضوع البحث من مصادرها الأصلية، فإن لم يكن فإلى أقرب مصدر يمكن أن يؤخذ منه القول، وحققت في نسبة الأقوال إلى أصحابها، وقمت أحياناً بالتوثيق بالنص من كتب الفقهاء إذا رأيت أن الحاجة داعية إلى ذلك واضعا ذلك بين قوسين،
وأوردت الأدلة لكل قول، وما يرد عليها من مناقشات إن وجدت، وعزوت الآيات بذكر اسم السورة ورقم الآية، وخرجت الأحاديث من مصادرها، وأما الأعلام الوارد ذكرهم في البحث فقد ترجمت لمن رأيت الحاجة داعية للتعريف به، لأن الترجمة للأعلام المشهورين في نظري من قبيل توضيح الواضحات، لذا رأيت أن لا أثقل البحث بما لا فائدة فيه للقارئ، وقد وضعت بعد الخاتمة بياناً بالمراجع. وبعد: فإن رجائي أن ينظر القارئ في هذا البحث بعين الإنصاف، فما وجد فيه من صواب فهو بتوفيق الله، وما وجد فيه من خطأ فهو من ضعف البشر، وأسأل الله عز وجل أن ينفع به كاتبه وقارئه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
القسم الأول: الدراسة النظرية
القسم الأول: الدراسة النظرية المبحث الأول: تحديد المراد بالإقالة المطلب الأول: تعريف الإقالة الفرع الأول: معنى الإقالة في اللغة: الإقالة في اللغة العربية مصدر أقال يقيل إقالة بمعنى الفسخ جاء في الصحاح "أقلته البيع إقالة وهو فسخه، وربما قالوا قلته البيع وهي لغة قليلة، واستقلته البيع فأقالني إياه" 1 وقيل إن الإقالة مشتقة من القول، والهمزة للسلب أي إزالة القول السابق، وهو ما جرى بينهما من البيع كأشكى إذا أزال شكواه، وهذا غير صحيح لأمور: 1 أنهم قالوا قِلْتُ البيع بالكسر وأقلته فدل على أن العين ياء. 2 ذكرت الإقالة في المعاجم العربية في القاف مع الياء لا في القاف مع الواو 2. 3 أنهم قالوا أقاله البيع قيلا لا قولا 3. فظهر أن الإقالة مشتقة من القيل لا من القول، ومعناه الفسخ والإزالة والإسقاط والرفع يقال تقايلا البيع تفاسخا صفقتهما، وتركتهما يتقايلان البيع أي يستقيل كل واحد منهما صاحبه، وقد تقايلا بعد ما تبايعا أي تتاركا، وتقايلا
إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه، والثمن إلى المشتري، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما. والاستقالة: طلب الإقالة يقال استقاله البيع فأقاله 1. الفرع الثاني: الإقالة في الاصطلاح: عرفت الإقالة بتعريفات كثيرة، ولكن مؤداها واحد، وإن كان فيها بعض الاختلاف، وسوف أذكر بعضها على النحو الآتي: التعريف الأول: عرفت الإقالة بأنها: ترك المبيع لبائعه بثمنه 2. ويلاحظ على هذا التعريف أنه خص الإقالة في البيع مع دخولها في غيره كالإجارة والسلم وغيرها من عقود المبادلة المالية 3. وقوله "ترك المبيع" يفهم منه أن الإقالة لا تصح إلا في جميع المبيع ولا تصح في بعضه، وهذا خلاف ما ذهب إليه عامة أهل العلم 4. ويدخل في التعريف: ترك المبيع بحكم القضاء، وترك المبيع من دون رضا الطرفين، والإقالة لا تتم بذلك.
التعريف الثاني: الإقالة: رفع البيع 1. ويلاحظ على هذا التعريف حصره الإقالة في البيع مع أنها تدخل في غيره من عقود المبادلات المالية كما سبق في التعريف الأول، ولذا ذكر ابن عابدين 2 أن تخصيصها بالبيع لكون الكلام فيه، وإلا فهذا تعريف للإقالة مطلقاً، لأن حقيقتها في الإجارة لا تخالف حقيقتها في البيع، ولهذا لم يُذكر لها باب في غير هذا الموضع ونظيره النية مثلاً تذكر في باب الصلاة ونحوها وتعرف بالقصد الشامل للصلاة وغيرها 3. التعريف الثالث: الإقالة: رجوع كل من العوضين لصاحبه 4. ويلاحظ على هذا التعريف أنه غير جامع، لأنه يدخل فيه رجوع كل من العوضين بحكم القضاء، وهو غير داخل في الإقالة، كما أن التعبير بالرجوع غير سليم، لأنه ربما يرجع البيع بسبب آخر غير الإقالة مثل العيب، أو ثبوت الغبن أو استحقاق المبيع لغير البائع وغير ذلك، وهذا التعريف في نظري منصب
على أثر الإقالة، وليس تعريفاً لذاتها، والشيء لا يعرف بأثره، وإنما بما يظهر حقيقته وماهيته. التعريف الرابع: ذكره زكريا الأنصاري 1 فقال: هي ما يقتضي رفع العقد المالي بوجه مخصوص 2. ويلاحظ على هذا التعريف أنه لم يبين نوع العقد الذي ترد عليه الإقالة هل ترد على كل العقود؟ أو ترد على العقد اللازم فقط؟ كما أنه لم يبين الوجه المخصوص الذي أشار إليه. التعريف الخامس: الإقالة: رفع العقد السابق بلفظ 3. ويلاحظ على هذا التعريف أنه غير مانع، لأنه لا يمنع أن تدخل فيه عقود جائزة مع أن الإقالة لا تدخل في العقود الجائزة، لأن رفع هذه العقود لا يتوقف على الرضا من الجانبين، بل يجوز لكل واحد منهما أن يفسخ متى شاء بخلاف الإقالة، ولا يمنع أن يدخل فيه رفع الإقالة بحكم القضاء، وهي كما
ذكرت لا تدخل فيه 1. التعريف المختار: يظهر لي أن الإقالة يراد بها عند الفقهاء: رفع عقد المعاوضة المالي اللازم للمستقيل باتفاق العاقدين. فقولنا: المعاوضة: يخرج النكاح فرفعه يكون بالطلاق. وتقييده باللزوم يخرج غير اللازم فإن فسخه لا يسمى إقالة لأنه لا يشترط فيه رضا المتعاقدين. وقولنا: للمستقيل لأن العقد قد يكون لازماً من جهته غير لازم للمقيل. وقولنا باتفاق العاقدين: يخرج ما لو أُكرها على رفع العقد.
المطلب الثاني: الألفاظ ذات الصلة بها
المطلب الثاني: الألفاظ ذات الصلة بها ... المطلب الثاني: الألفاظ ذات الصلة بالإقالة هناك ألفاظ لها صلة بالإقالة أذكرها على النحو الآتي: 1 الفسخ: وهو في اللغة الرفع والنقض والإزالة، يقال فسخت العود فسخاً من باب نفع أزلته عن موضعه بيدك، وفسخت الثوب ألقيته وفسخت العقد رفعته، وتفاسخ القوم توافقوا على فسخه، قال السرقسطي 2 فسخت البيع والأمر نقضتهما 3. وبما أن الإقالة بمعنى الفسخ فإنها أخص من الفسخ لأنها تتوقف على اتفاق
العاقدين بخلاف الفسخ فإنه قد يكون متوقفاً على اتفاقهما، وقد يكون غير متوقف عليه كفسخ العقد الجائز، والإقالة لا ترد إلا على العقد المالي الصحيح اللازم الذي تقصد منه معاوضة محضة، أما الفسخ فإنه يرد على العقد سواء أكان فيه مبادلة مالية كالبيع أو لم يكن فيه ذلك كالوكالة، وسواءً كان لازماً كالبيع الخالي من الخيار أم جائزاً كالإيداع، وسواء أكان العقد يقصد منه معاوضة محضة كالبيع أم غير مقصود منه ذلك كالنكاح. فظهر مما سبق أن الإقالة نوع من أنواع الفسخ. 2 الإسقاط: في اللغة يأتي بمعنى الإلقاء والإزالة يقال أسقطت الحامل الجنين ألقته، وأسقط الشيء أوقعه وأنزله، وتساقط على الشيء أي ألقى نفسه عليه وأسقطه هو، وتساقط الشيء تتابع سقوطه 1. ومع أن الإقالة فيها إسقاط للحق وإزالة له إلا أنها أخص من الإسقاط لأن الإسقاط يشمل جميع الحقوق سواءاً كانت عقودا أو ديوناً أو غيرها بخلاف الإقالة. 3 الإبراء: في اللغة يأتي بمعنى الإسقاط والسلامة والتخلص، يقال برئ من دينه يبرأ براءة سقط عنه طلبه فهو بريْ وبارئ وبراء، وأبرأته منه وبرّأته من العيب بالتشديد جعلته بريئاً منه، وبرئ منه مثل سلم وزنا ومعنى 2. وبرئ إذا تخلص وبرئ إذا تنَزه وتباعد 3. وإذا كان الإبراء بمعنى الإسقاط، فإنه يعتبر نوعاً من أنواع الإسقاط، لأن
الإبراء بغير عوض بخلاف الإسقاط فإنه يكون بعوض وبغير عوض 1. والإبراء وإن كان أخص من الإسقاط فإنه يكون في العقود سواء كانت لازمة أو غير لازمة، فهو أعم من الإقالة من هذا الوجه لأنها لا تكون إلا في العقود اللازمة، كما أن الإبراء قد يكون في غير العقود كالقصاص والتعزير وحد القذف وغير ذلك.
المبحث الثاني: حكم الإقالة
المبحث الثاني: حكم الإقالة المطلب الأول: الحكم التكليفي للإقالة الإقالة في الأصل مباحة وجائزة في الجملة بعد انعقاد العقد ولزومه1 وإذا ندم أحدهما على الصفقة وطلب الإقالة استحب للآخر أن يقيله 2 لما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أقال نادما بيعه أقال الله عثرته" 3، وقد ذكر بعض علماء الحنفية أن الإقالة قد تكون واجبة ومثلوا لذلك بكون العقد مكروهاً أو فاسداً4 وحينئذ يجب على كل من المتعاقدين الرجوع إلى ما كان له
من رأس المال صونا لهما عن المحظور، ولا يكون ذلك إلا بالإقالة، ولأن رفع المعصية واجب بقدر الإمكان 1. وقد اعترض على ذلك بأن الفاسد يجب فسخه على كل منهما بدون رضا الآخر، وكذا للقاضي فسخه بلا رضاهما والإقالة يشترط لها الرضا 2. وقد صحح بعض علماء الحنفية ما ورد من وجوب الإقالة بأن المراد بالإقالة فيه مطلق الفسخ والرفع 3. وبهذا يتضح أن ما ذكر من وجوب الإقالة يراد به المعنى اللغوي لا الإقالة بمعناها الخاص المعروف عند الفقهاء.
المطلب الثاني: الأدلة على مشروعيتها
المطلب الثاني: الأدلة على مشروعيتها ... المطلب الثاني: الأدلة على مشروعية الإقالة ثبتت مشروعية الإقالة بالكتاب والسنة والإجماع، والمعقول، أما الدليل من الكتاب فقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} 4، فالآية المذكورة تدل بعمومها على مشروعية الإقالة لأن الأمر فيها ورد بفعل الخير، ولاشك أن إقالة النادم من فعل الخير.
الأدلة من السنة: الدليل الأول: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أقال نادما بيعه أقال الله عثرته" 1. الدليل الثاني: ما رواه أبو هريرة أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أقال مسلماً أقال الله عثرته" 2. الدليل الثالث: عن أبي شريح رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أقال أخاه بيعاً أقال الله عثرته يوم القيامة" 3. والدلالة من هذه الأحاديث ظاهرة لأن فيها حثاً من الرسول صلى الله عليه وسلم على قبول الإقالة من طالبها، وأن فاعل ذلك يلقى الثواب والأجر العظيم، وذلك بأن يقيل الله عثرته يوم القيامة. الدليل الرابع: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أقيلوا ذوي الهيئات 1 عثراتهم إلا في الحدود" 2. وجه الدلالة من الحديث: ويمكن توجيه الاستدلال بهذا الحديث بأن يقال: إن الحديث ورد بلفظ "أقيلوا" والإقالة في المبايعة هي فسخ البيع فالحديث بعمومه يشملها، والمراد موافقة ذي الهيئة على ترك المؤاخذة له أو تخفيفها. الدليل الخامس: أخرجه مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن 3 عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن 4 أنه سمعها تقول: ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعالجه وقام فيه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع له أو أن يقيله، فحلف أن لا يفعل، فذهبت أم المشتري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تألّى1 أن لا يفعل خيراً، فسمع بذلك رب الحائط فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله هو له 2. وجه الدلالة: يمكن توجيه الدلالة بأن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الإقالة بأنها من أفعال الخير، وفعل الخير يستحب للإنسان أن يبادر إليه وذلك دليل على مشروعية الإقالة. وأما الإجماع: فقد أجمع العلماء على مشروعية الإقالة 3.
وأما المعقول: 1 فإن الناس يحتاجون للإقالة كحاجتهم إلى البيع فتشرع، وذلك أن العاقد قد يندم على ما أقدم عليه، ولا يجد أمامه طريقاً للتخلص من العقد إلا بالإقالة. 2 أنها ترفع العقد فصارت كالطلاق مع النكاح 1.
المطلب الثالث: الحكمة من مشروعيتها
المطلب الثالث: الحكمة من مشروعيتها ... المطلب الثالث: حكمة تشريع الإقالة التعاون من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي في الشريعة الإسلامية، فالأفراد يجب عليهم أن يتعاونوا في جلب المصالح، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} 2. وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على السماحة في التعامل؛ فقد ثبت من حديث جابرأنه قال: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى" 3، ومن مقتضيات السماحة أن يتوافر عنصر الرضا عند انعقاد العقد، وإذا ثبت العقد ثم ندم المتعاقدان أو أحدهما إما لظهور غبن أو لانعدام الثمن أو زوال الرجاحة أو غير ذلك، فإن ذلك الندم وعدم الرضا لا يبيحان فسخ العقد لأنه وقع صحيحاً لازماً، ولا سبيل لإزالة ذلك الندم وعدم الرضا إلا بالإقالة فشرعت تنفيساَ لمن وقع في أمر لا يستطيع الخلاص منه، ألا وهو العقد الصحيح اللازم.
ولا ريب أن من السماحة التي حثت عليها الشريعة الإسلامية إقالة النادم، لما فيها من الثواب العظيم، ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أقال نادماً أقال الله عثرته" 1وَرَوى أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر في الدنيا يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" 2. ويقضي مبدأ التعاون والتواد ّ بين أفراد المجتمع أن يحس المسلم بأخيه المسلم ويتألم لألمه، لما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" 3. ومن قبيل ذلك الإحساس أن يقيل المسلم أخاه إذا ندم على العقد وطلب أن يفسخه، ليحصل على الثواب العظيم والأجر منه سبحانه وتعالى.
المبحث الثالث: صيغة الإقالة
المبحث الثالث: صيغة الإقالة المطلب الأول: الإقالة بلفظها إذا قال البائع: أقلتك، أو أنت مُقَالٌ، أو لك القيلة، أو قايلتك، أو أقالك الله 1، ونحو ذلك من الألفاظ، فإن عامة العلماء يرون صحتها2 وإن اختلفوا في تكييفها لصراحة لفظ الإقالة في التحلل من العقد وتركه. وذكر ابن رجب3 أن القاضي4 في خلافه ذكر أنها لا تنعقد بلفظ الإقالة إن قلنا هي بيع لأن ما يصلح للحل لا يصلح للعقد5.
وما ذكره القاضي مبني على الخلاف في تكييف الإقالة (هل هي فسخ أو بيع) وهو ما سوف نتكلم عليه في المبحث الرابع من هذا البحث.
المطلب الثاني: الإقالة بغير لفظها
المطلب الثاني: الإقالة بغير لفظها المسألة الأولي: الإقالة بلفظ الفسخ أو الترك أو للتراد ... المطلب الثاني: الإقالة بغير لفظها المسألة الأولى: الإقالة بلفظ الفسخ أو الترك أو التراد: إذا كانت الإقالة بلفظ: فاسختك وتاركت، أو رددت عليك ونحو ذلك من الألفاظ الصريحة المفيدة للفسخ فإنه لا خلاف بين الفقهاء في صحتها1، وقد ألحق الفقهاء بذلك كل ما يدل على هذا المعنى وذلك كما لو طلب البائع الإقالة وقال المشتري قبلت أو هات الثمن، لأن ذلك يدل على الرضا والقبول فتصح به 2. والقائلون بأن الإقالة بيع وإن وافقوا على صحتها إلا أنهم لا يعتبرونها بيعاً إذا جاءت بلفظ الفسخ أو الترك أو التراد، لعدم دلالته على البيع، قال ابن عابدين "لو كانت بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد لم يجعل بيعاً اتفاقاً"3.
المسألة الثانية: الإقالة بلفظ البيع
المسألة الثانية: الإقالة بلفظ البيع: ذهب بعض علماء الحنابلة إلى القول بأن الإقالة تصح بلفظ البيع 4، وذهب
الحنفية وبعض الحنابلة إلى أنها إذا جاءت بلفظ البيع تكون بيعاً لا فسخاً1. حجة من قال إنها تصح بلفظ البيع: أن المقصود هو المعنى فكل ما يتوصل به إليه أجزأ2. وحجة من قال إنها تكون بيعاً: أن ما يصلح للعقد لا يصلح للحل3. والذي يظهر لي أن ما ذهب إليه بعض علماء الحنابلة من صحتها بلفظ البيع محل نظر إلا عند من يرى أنها بيع والصحيح والمشهور عندهم أنها فسخ4 ولفظ البيع لا يدل على الفسخ بل هو مغاير له ذلك أن البيع يدل على الربط والعقد بخلاف الفسخ فإنه يدل على الحل، وما يصلح للعقد لا يصلح للحل، ولذا فإني أرى أن قول من يرى عدم صحتها بلفظ البيع أولى لعدم دلالة لفظ البيع على الحل، وقولهم إن المقصود هو المعنى مسلّم ولكن معنى البيع لا يفيد الفسخ والحل، بل هو عقد مستقل بذاته كما لا يخفى.
المسألة الثالثة: الإقالة بلفظ الصلح
المسألة الثالثة: الإقالة بلفظ الصلح: الصلح عقد رضائي بمعنى أنه يتكون بمجرد أن يتبادل طرفاه التعبير عن إرادتين متقابلتين. ولفظ الصلح في اللغة يراد به إنهاء الخصومة وإزالتها يقال أصلح الشيء
أزال فساده، وبينهما أو ذات بينهما أزال ما بينهما من عداوة وشقاق، وصلح المريض إذا زال عنه المرض، وصلح فلان في سيرته إذا أقلع عن الفساد 1. وإذا حصلت المبايعة بين شخصين ثم قال المشتري مثلاً صالحتك على أن تعيد لي الثمن وأعيد لك العين فهل تحصل الإقالة بلفظ الصلح؟ على القول بأن الإقالة بيع فإن الإقالة لا تصح بلفظ الصلح ولا تنعقد به، وهذا ما صرح به القاضي من الحنابلة، وقال إن ما يصلح للحل لا يصلح للعقد، وما يصلح للعقد لا يصلح للحل 2، والصلح من الألفاظ التي تفيد معنى الحل والإزالة، ولذلك لا ينعقد به البيع. وإذا قلنا بأن الإقالة فسخ، فإن لفظ الصلح تصح به الإقالة، وهذا ما ذهب إليه بعض الحنابلة 3، وذلك لأن المقصود هو المعنى فكل ما يتوصل به إليه أجزأ 4. وهذه المسألة مبنية على أن الإقالة فسخ أو بيع، وثمرة من ثمرات الاختلاف فيها.
المسألة الرابعة: الإقالة بلفظ المعطاة
المسألة الرابعة: الإقالة بلفظ المعطاة ... المسألة الرابعة: الإقالة عن طريق المعاطاة: المعاطاة: هي المبادلة الفعلية الدالة على التراضي دون التلفظ بإيجاب أو
قبول 1، وإذا حصلت المبايعة بين شخصين ولزم العقد ثم قام المشتري مثلاً بإرجاع العين إلى البائع وأعطاه البائع الثمن فهل تحصل الإقالة بذلك؟ إن قلنا بأن الإقالة فسخ فالذي يظهر هو صحتها بالمعاطاة وذلك لأن المقصود المعنى فكل ما يتوصل به إليه أجزأ 2. وإن قلنا بأن الإقالة بيع فالكلام فيها مبني على حكم انعقاد العقد بالمعاطاة، والعلماء متفقون على أن الزواج لا ينعقد بها 3، وأُلحق بالزواج الطلاق والخلع والرجعة فلا تجوز إلا بالقول، وكذا الوصية 4، وأما بقية العقود فقد اختلف الفقهاء فيها إلى ثلاثة أقوال: القول الأول: أن التعاقد والتقايل بالمعاطاة جائز فيما تعارف الناس التعاقد بها عليه، سواء كان المعقود عليه، أو المقال فيه نفيسا، أو خسيسا وهو قول الحنفية 5، والمالكية 6، والصحيح من مذهب الحنابلة 7.
القول الثاني: أن التعاقد والتقايل بالمعاطاة صحيح إذا كان المعقود عليه أو المقال فيه من الأشياء اليسيرة وهو قول الكرخي 1 من الحنفية 2 وابن سريج 3 من الشافعية 4، وحكي عن القاضي من الحنابلة 5. القول الثالث: أن التعاقد بالمعاطاة غير صحيح، وكذا الإقالة، وممن ذهب إلى ذلك الشافعية في القول المشهور عندهم 6، وابن حزم 7 من الظاهرية 8. الأدلة: أدلة القول الأول: الدليل الأول: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} 9.
ويمكن توجيه الدلالة بأن يقال إن الله أحل البيع، والمعاطاة بيع لتحقق معنى البيع فيها وهو مبادلة المال بالتراضي، وإذا جازت المعاطاة في البيع جازت في الإقالة لأن الإقالة بيع. المناقشة: يمكن أن يناقش ذلك بأن يقال لا نسلم بأن الإقالة بيع، وإنما هي حل للبيع فافترقا. الدليل الثاني: من المعقول وهو أن الإيجاب والقبول إنما يرادان للدلالة على التراضي فإذا وجد ما يدل عليه أجزأ عنهما، والمعاطاة كذلك إذا دلت على الإقالة حصل بها المقصود 1. دليل القول الثاني: استدل القائلون بجواز التعاقد والتقايل بالأشياء اليسيرة دون غيرها بأن الأشياء اليسيرة يتسامح فيها عادة وعرفا فاغتفر فيها ذلك بخلاف الأشياء النفيسة 2. ويمكن أن يناقش ذلك بأن يقال إن التعاقد والتقايل بالأشياء اليسيرة لا يخرجه عن كونه بيعاً فيجرى فيه ما يجرى في البيع. دليل القول الثالث: استدل القائلون بعدم جواز التعاقد والتقايل بالمعاطاة بالمعقول، فقالوا: ان العقد منوط بالرضا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا
أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية1. وبما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما البيع عن تراض" 2، والرضا أمر خفي لا يطلع عليه، فأنيط الحكم بسبب ظاهر وهو الصيغة 3. مناقشة هذا الدليل: ويمكن أن يناقش هذا الدليل بأن يقال نسلم أن العقد منوط بالرضا والرضا كما يحصل بالقول يحصل بغيره مما يشعر به، ومن ذلك المعاطاة، فقد تعارف الناس التعاقدوالتقايل بها في بعض من المعاملات، قال ابن قدامة 4 "لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل إلينا نقلاً شائعاً، ولو كان ذلك شرطاً لوجب نقله، ولم يتصور منهم إهماله والغفلة عن نقله" 5. الترجيح: والذي يظهر لي أن القول بجواز الإقالة بالمعاطاة فيما تعارف الناس التعاقد
بها عليه هو الأولى، لأن المقصود هو حصول التراضي من الجانبين، وهو يحصل بالمعاطاة، كما أن القصد المعنى فيكتفي بما أداه كالبيع.
المسألةالخامسة: الإقالة بالكتابة
المسألة الخامسة: الإقالة بالكتابة. إذا كتب أحد المتبايعين للآخر بعد لزوم البيع يطلب منه أن يقيله فكتب إليه الآخر بالموافقة، فهل تحصل الإقالة بالكتابة؟ تحرير محل النزاع: اتفق الفقهاء على صحة الإقالة بالكتابة إذا كانت من غير قادر على النطق1، كما اتفق الفقهاء على أن الكتابة لكي تكون معتبرة يشترط لها أن تكون مستبينة بأن تبقى صورتها بعد الانتهاء منها، وذلك بأن تكون على ما تثبت عليه، مثل: القرطاس واللوح ونحوهما، وأن يقرأ كل من المتقايلين ما كتبه الآخر ويفهمه ويرضاه 2. وأما إذا كانت الكتابة بالإقالة من القادر على النطق، ففي صحة الإقالة بها خلاف بين الفقهاء كاختلافهم في صحة البيع بالكتابة من القادر على النطق. أقوال العلماء في المسألة: القول الأول: أن التعاقد والتقايل بالكتابة من القادر على النطق جائز
وهو قول جمهور العلماء من الحنفية 1 والمالكية 2 والحنابلة 3 وبه قال بعض الشافعية إلا أنهم اشترطوا وجود النية لأن الكتابة كناية 4. القول الثاني: أن التعاقد والتقايل بالكتابة غير جائز وبه قال بعض الشافعية 5 قال الشيرازي 6 وهو الصحيح 7. الأدلة: أدلة القول الأول: الدليل الأول: أن التعاقد والتقايل ينعقد بكل ما يدل على الرضا والكتابة تدل على الرضا من الجانبين فيصح بها 8. الدليل الثاني: ان الضرورة تقتضي جواز التعاقد والتقايل بالكتابة، لأن أحد المتبايعين قد يكون غائباً 9.
المناقشة: ونوقش بأن القول بأنه موضع ضرورة لا يصح، لأن القادر على النطق يمكنه أن يوكل من يبيعه بالقول 1. ويمكن أن يجاب عن ذلك فيقال إن الإنسان قد لا يجد من يوكله، وربما يجده ولكنه غير أهل للوكالة، وذهابه بنفسه أو تكليفه بالبحث عمن يوكله فيه مشقة وحرج. دليل القول الثاني: استدل القائلون بعدم صحة التعاقد والتقايل بالكتابة بالمعقول، فقالوا: إنه قادر على النطق فلا ينعقد بغيره 2. ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن يقال: إن المناط في التعاقد والتقايل هو حصول الرضا من الجانبين، وهو كما يحصل بالقول يحصل بالكتابة. الترجيح: والذي يظهر والله أعلم رجحانه هو القول الأول؛ لقوة أدلته، ولأن الكتابة وسيلة من الوسائل المعتادة التي يفصح الناس بها عن إرادتهم ورغبتهم في التقايل، أو التعاقد، حتى أصبحت الكتابة لها أثر كبير بين الناس القادرين على النطق في كثير من المعاملات. والله أعلم.
المسألة السادسة: الإقالة بالإشارة
المسألة السادسة: الإقالة بالإشارة. المراد بالاشارة في هذه المسألة هي الإشارة المفهومة لكلا الطرفين، فأما الإشارة غير المفهومة لكلا الطرفين أو أحدهما فإنها لا تعتبر.
تحرير محل النزاع: اتفق الفقهاء على صحة الإقالة بالإشارة المفهومة إذا كانت صادرة ممن لا يستطيع الكلام ولا يحسن الكتابة 1؛ لأنها وسيلة إلى الإفهام والإفصاح عما في نفسه. وأما إذا كانت الإشارة المفهومة صادرة من القادر على الكلام، أو القادر على الكتابة، فقد اختلف الفقهاء في اعتبارها على قولين: القول الأول: أنه لا يحصل التعاقد والتقايل بالإشارة، وهو قول الحنفية2 والشافعية3 والمتقدمين من الحنابلة 4. القول الثاني: أن التعاقد والتقايل يحصل بالإشارة، وهو قول المالكية 5 والمتأخرين من الحنابلة 6. الأدلة: استدل القائلون بأنه لا يحصل التعاقد والتقايل بالإشارة بأن الذي يستطيع
الكلام والكتابة يستطيع التعبير عن إرادته بأحدهما، والإشارة لا تساويهما في الإبانة، ولذا لا تعتبر مع وجود ما هو أقوى منها. واستدل القائلون باعتبار الإشارة في الإقالة لمن يستطيع الكلام أو الكتابة بما يلي: 1 أن الإشارة تسمى كلاما في اللغة كما جاء في القرآن الكريم بقوله سبحانه وتعالى: {آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاّ رَمْزاً} 1 والرمز هنا الإشارة2. 2 أن المناط هو الإفهام، والإشارة يتحقق بها ذلك فتعتبر صيغة لسائر العقود 3. الرأي المختار: والذي يظهر لي بعد عرض الأدلة أن أدلة القول الثاني قوية، وما عللوا به له اعتباره، ولكنني أميل إلى القول الأول، وهو أن الإشارة لا تعتبر صيغة للإقالة إذا استطاع المتعاقد النطق أو الكتابة، لأن الكلام والكتابة أدل وأبعد عن الاحتمال، فلا يعدل عنهما إلى إشارة لا يفهمها كثير من الناس، ولا تخلو من احتمال، ولأن الإشارة مهما كانت معتادة ففيها احتمال بأن ما يريده صاحبها قد يكون غير ما يفهمه من يراها، ولأنه لا ضرورة للإشارة لأنه يستطيع التعبير بما هو أولى منها. والله أعلم.
المبحث الرابع: التكييف الفقهي للإقالة
المبحث الرابع: التكييف الفقهي للإقالة اتفق الفقهاء على أن الإقالة إذا كانت بلفظ الفسخ أو الرد أو الترك أو الرفع أو ما يفيد هذا المعنى كأن يقول خذ حقك وأعطني حقي ويقبل الآخر أنها تكون فسخاً للعقد السابق 1. وأما إذا كانت بلفظ الإقالة أو بما اشْتُقَّ منه كأن يقول أحد العاقدين للآخر أقلتك، أو قايلتك، أو تقايلنا، أو لك القَيلَة، أو أقالك الله، ففي تكييفها خلاف بين الفقهاء يمكن أن نجمله في ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها فسخ مطلقاً. وهو المذهب عند الشافعية 2، ورواية عند الإمام أحمد رحمه الله وهي المذهب3،
وهو قول زفر1 من الحنفية2، وهو قول داود الظاهري34. القول الثاني: أنها بيع (5) مطلقا. وهو قول عند الشافعية 6 ورواية عند الحنابلة 7 ورواية عن
أبي يوسف1من الحنفية2 وبه قال ابن حزم3 وهو مذهب المالكية 4 إلا أن مالكا استثنى المرابحة والطعام قبل القبض فقال هي فيهما فسخ5 أما ما عدا ذلك فإن كانت بثمن الثمن الأول فهي إقالة، وإن كانت بغيره فبيع 6. القول الثالث: التفصيل وقد اختلف القائلون به على ثلاثة أقوال هي: أأنها فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق الثالث، وهو مذهب أبي حنيفة 7
ب أنها بيع إلا أن لا يمكن أن تجعل بيعاً فتكون فسخاً 1، فإن تعذر جعلها فسخاً بطلت، وهذا القول رواية عن أبي يوسف وأبي حنيفة 2. ج أن الإقالة فسخ إلا إذا تعذر أن تجعل فسخاً فحينئذ تجعل بيعاً جديداً للضرورة 3، وهذا قول محمد بن الحسن 4من الحنفية. 5 الأدلة: أدلة القول الأول: استدل القائلون بأن الإقالة فسخ مطلقا بما يلي: الدليل الأول: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أقال نادماً بيعه أقال الله عثرته" 6.
وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم سماها إقالة ولم يسمها بيعاً، والأصل في الاصطلاحات الشرعية تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم. المناقشة: نوقش الاستدلال بهذا الحديث بأنه إنما ورد في الحث على الإقالة، وليس فيه ما يدل على أن الإقالة فسخ للعقد السابق، ولاأنها بيع جديد، فالاستدلال بها عليه خارج عن موضع النزاع 1. الجواب عن هذه المناقشة: يمكن أن يجاب عن هذه المناقشة بأن يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين أن الإقالة فسخ، لأن ذلك معلوم من لغة العرب، لأنها بمعنى الرفع والإزالة والإسقاط وهذا المعنى يتحقق في الفسخ لا في البيع، ومما يؤيد ذلك ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" 2. والمعنى لا يحل له أن يفارقه بعد البيع خشية أن يختار فسخ البيع فالمراد بالاستقالة أن يفسخ النادم البيع. الدليل الثاني: أن الإجماع قد صح على جواز الإقالة في المسلم فيه مع الإجماع على أنه
لا يجوز بيع الطعام قبل قبضه فدل على أن الإقالة ليست بيعاً 1. المناقشة: ناقش ابن حزم المستدلين بهذا الدليل بأنه لا يسلم وجود إجماع في مسألة الإقالة في السلم بل إنه ليس هناك إجماع على جواز السلم فكيف على الإقالة فيه؟ فقال:» أما دعواهم الإجماع على جواز الإقالة في السلم قبل القبض فباطل وما وقع الإجماع قط على جواز السلم، فكيف على الإقالة فيه؟ وقد روينا عن عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، والحسن 2، وجابر بن زيد، وشريح، والشعبي، والنخعي، وابن المسيب، وعبد الله بن معقل، وطاووس، ومحمد بن علي بن الحسن 3، وأبي سلمة ابن عبد الرحمن 4، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد، وعمرو
ابن الحارث1 أخي أم المؤمنين جويرية: أنهم منعوا من أخذ بعض السلم والإقالة في بعضه فأين الإجماع؟ " 2. الرد على هذه المناقشة: ويمكن أن يرد على ابن حزم بإنكاره الإجماع فيقال إن ما ذكره عن هؤلاء على فرض صحته لا حجة لابن حزم فيه، لأنه لا يدل إلا على منع هؤلاء من أخذ بعض السلم لا على منعهم من السلم نفسه، ولذا قال ابن المنذر "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز، ولأن المثمن في البيع أحد عوضي العقد فجاز أن يثبت في الذمة كالثمن، ولأن بالناس حاجة إليه لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم، وعليها لِتكْمُل، وقد تُعْوِزُهم النفقة فجوّز لهم السلم ليرتفقوا ويرتفق المسلم بالاسترخاص" 3. الدليل الثالث: أن الإقالة في اللغة موضوعة لرفع الشيء يقال أقال الله عثرتك يعني رفعها وإذا كان كذلك وجب أن يكون رفعاً للعقد وفسخاً له 4.
الدليل الرابع: أن المبيع عاد إلى البائع بلفظ لا ينعقد به البيع فكان فسخاً كالرد بالعيب ثم إن الإقالة تتقدر بالثمن الأول ولو كانت بيعاً لم تتقدر به 1. الدليل الخامس: أن البيع والإقالة اختلفا اسما فيختلفان حكماً هذا هو الأصل فإذا كانت رفعاً لا تكون بيعاً لأن البيع إثبات والرفع نفي وبينهما تناف فكانت الإقالة على هذا التقدير فسخاً محضاً، فتظهر في حق الناس كافة 2. أدلة القول الثاني: استدل القائلون بأن الإقالة بيع بما يلي: الدليل الأول: قالوا إن المبيع قد عاد إلى البائع على الصفة التي خرج عليه منها فلما كان الأول بيعاً كان الثاني كذلك 3. المناقشة: يمكن أن يناقش هذا الدليل بأن يقال إن هذا قياس مع الفارق لأنه في الأول وقع بلفظ يصح به البيع ابتداء أما الثاني فقد وقع بلفظ لا يصح به البيع ابتداء. الدليل الثاني: أن حقيقة البيع مبادلة المال بالمال بالتراضي وهذا موجود في الإقالة فتكون بيعاً 4.
المناقشة: يمكن أن يناقش هذا الدليل بأن يقال لا نسلم أن الإقالة مبادلة مال بمال وإنما هي رجوع عن المبادلة. الدليل الثالث: أن الفسوخ في العقود ما كان عن غلبة دون ما وقع عن اختيار وتراض والإقالة لا تتم إلا بالتراضي فلا تكون فسخاً 1. المناقشة: ويمكن أن يناقش ذلك بأن يقال إن هذا استدلال في محل النزاع، ومخالفوكم لا يسلمون بأن ما وقع عن تراض واختيار لا يكون فسخاً. أدلة أصحاب القول الثالث القائلين بالتفصيل: 1 استدل أبو حنيفة لقوله بأن الإقالة فسخ بين المتعاقدين بيع جديد في حق الثالث بمثل ما استدل به القائلون بأن الإقالة فسخ أما كونها بيعاً في حق الثالث فلأن معنى البيع مبادلة المال بالمال وهو أخذ بدل وإعطاء بدل وقد وجد فكانت الإقالة بيعاً لوجود معنى البيع فيها، والعبرة للمعنى لا للصورة إلا أنه لا يمكن إظهار معنى البيع في الفسخ في حق العاقدين للتنافي فأظهرناه في حق الثالث فجعل فسخاً في حقهما بيعاً في حق الثالث وهذا ليس بممتنع إنه لا يمتنع أن يجعل الفعل الواحد من شخص واحد طاعة من وجه ومعصية من وجه فمن شخصين أولى 2. المناقشة: ويمكن أن يناقش ما علل به أبو حنيفة من كون الإقالة بيعاً في حق الثالث
لأنها في الأصل بيع لكن سميت إقالة في حق المتعاقدين لعدم إمكانية إظهار معنى البيع في الفسخ في حق العاقدين للتنافي بما يلي: أأن ما كان فسخاً في حق المتعاقدين كان فسخاً في حق غيرهما كالرد بالعيب والفسخ بالخيار. ب أن حقيقة الفسخ لا تختلف بالنسبة إلى شخص دون شخص لأن الأصل اعتبار الحقائق 1. 2 واستدل أبو يوسف لقوله بأن الإقالة بيع بما استدل به أصحاب القول الثاني وقد سبقت مناقشته. 3 واستدل محمد لقوله بأن الإقالة فسخ بمثل ما استدل به أصحاب القول الأول القائلون بأن الإقالة فسخ، وأما قوله إذا لم يمكن أن تجعل فسخاً فتجعل بيعاً ضرورة، فيجاب عنه: بأن حكم الفسخ لا يختلف من حالة إلى أخرى، والفسخ يقع في كل حال، فلا يختلف بين ما قبل القبض وبعده، وبين المنقول وغير المنقول. الرأي المختار: بعد عرض الأدلة ومناقشة ما أمكن مناقشته يظهر لي أن القول بأن الإقالة فسخ مطلقاً هو القول الراجح لعدد من الاعتبارات وهي: 1 قوة أدلة هذا القول، وصراحتها في الدلالة على المراد. 2 الإجابة عن الأدلة المخالفة للقول بأنها فسخ. 3 أن الأصل في معنى التصرف شرعاً ما ينبئ عنه اللفظ لغة، والإقالة في اللغة تعني الرفع والإزالة، ولا يستفاد هذا المعنى في البيع.
المبحث الخامس: أركان وشروط صحة الإقالة
المبحث الخامس: أركان وشروط صحة الإقالة تمهيد: قبل الكلام على أركان وشروط الإقالة أريد أن أذكر تعريف الركن والشرط لغة واصطلاحاً فأقول: أ- الركن في اللغة: هو جانب الشيء الأقوى، والجمع أركان يقال فلان ركين؛ أي: وقور ثابت، وجبل ركين؛ أي: له أركان عالية 1. ب- وفي الاصطلاح: عبارة عن جزء الماهية، والمراد بالماهية حقيقة الشيء 2، أو بعبارة أخرى: هو ما يدخل في الشيء ولا يقوم إلا به 3. وأما الشرط: أ- في اللغة: فهو العلامة، قال ابن فارس 4: الشين والراء والطاء أصل يدل على علم وعلامة وما قارب ذلك من علم من ذلك الشرط (بفتحتين) :
العلامة، وأشرط الساعة علاماتها 1. ب والشرط في الاصطلاح: هو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته 2. فعلم بهذا أن الشرط إذا انعدم انعدم المشروط وعند وجوده لا يلزم وجود المشروط. وقد سبق أن ذكرت أن الفقهاء اختلفوا في حقيقة الإقالة، فمنهم من ذهب إلى أنها بيع، ومنهم من ذهب إلى أنها فسخ، والذين قالوا إنها بيع اعتبروا أن أركانها هي أركان البيع 3 واشترطوا لها شروط صحة البيع 4، وقد سبق
أن رجحت أنها فسخ، ولذا فإنني لن أتكلم على أركان وشروط صحة الإقالة على القول بأنها بيع، وسيكون الكلام على أركان وشروط صحة الإقالة على القول بأنها فسخ، وذلك في مطلبين:
المطلب الأول: أركان الإقالة
المطلب الأول: أركان الإقالة أركان الإقالة على القول بأنها فسخ فهي: الأول: المقيل وهو الذي تطلب منه الإقالة. الثاني: المستقيل وهو الذي يطلب الإقالة. الثالث: الصيغة وهي العبارة الدالة على الرضا منهما. الرابع: المقال فيه، وهذا الركن مختلف فيه، فمن العلماء يعتبره ركناً، ولذا ذهبوا إلى أن الإقالة لا تصح مع تلف المعقود عليه 1، والأكثرون لا يعتبرونه ركناً، ويعللون لذلك بأن من خواص الفسخ أنه يرد على المعدوم، كما يرد على الموجود بخلاف العقد، فإنه لا يرد إلا على موجود بالفعل أو القوة2 ولذا ذهبوا إلى صحتها وإن كان المقال فيه تالفاً، وذكروا أن البدل يقوم مقام المبدل للضرورة، والبدل هو المثل أو القيمة تقوم مقامه في الرد 3.
المطلب الثاني: شروط صحة الإقالة
المطلب الثاني: شروط صحة الإقالة يشترط لصحة الإقالة على القول بأنها فسخ ما يلي: 1 أهلية المتقايلين: والمراد بالأهلية هنا أهلية الأداء، وهي صلاحية الشخص لصدور التصرفات المعتبرة منه في نظر الشارع1، فإذا كان أحد المتقايلين لا تعتبر تصرفاته لا تصح الإقالة، ومثال ذلك أن يشتري سيارة من آخر ثم يجن أحدهما، أو يصاب بالعته ثم يطلب الإقالة، فإن طلبه يعتبر لغواً، لأنه ليس بأهل للإقالة. 2 رضا المتقايلين: وذلك لأن العقد في الأصل تم بين العاقدين بالتراضي، فكذا رفعه يكون بالتراضي، فلو أكره المتقايلان، أو أحدهما، فإنها لا تصح، جاء في البحر الرائق "وأما شرائط صحتها، فمنها رضا المتعاقدين لأن الكلام في رفع عقد لازم، وأما رفع ما ليس بلازم فلمن له الخيار رفعه 2 بعلم صاحبه لا برضاه" 3. 3 اتحاد المجلس: وهذا الشرط مختلف فيه بين الفقهاء القائلين بأن الإقالة فسخ، فبعضهم يرى اشتراطه 4، ولذا ذكروا ما يفيد أن الإقالة لا تصح مع غيبة أحد العاقدين، فحضورهما شرط ليتحقق العلم بها، جاء في تقرير القواعد لابن رجب "وفي كلام القاضي … ما يفيد أن الإقالة لا تصح مع غيبة الآخر على الروايتين لأنها في حكم العقود" 5. وجاء في التعليق الكبير "الإقالة لما افتقرت إلى رضا المقيل افتقرت إلى حضوره. ولو قال أحدهما أقلني ثم غاب فقال الآخر بعد غيبته أقلتك فإنه لا يجوز" 6.
وقال النووي1 بعد أن ذكر أن الإقالة فسخ للعقد على القول الصحيح "قال أصحابنا ولا تصح إلا بحضور المتعاقدين، هذا هو المذهب وبه قطع الجماهير" 2. وذكر ابن رجب أنها تصح ولو لم يحضر العاقدان في مجلس واحد، جاء في تقرير القواعد: "ولو تقايلا مع غيبة أحدهما بأن طلبت منه الإقالة فدخل الدار وقال على الفور أقلتك، فإن قلنا هي فسخ صح، وإن قلنا هي بيع لم يصح"3. والذي يظهر لي أن القول بعدم اشتراط اتحاد مجلس الإقالة أولى للاعتبارات الآتية: أ- أن الفسخ رفع عقد كالطلاق فلا يتوقف على الحضور. ب- أن الفسوخ يغتفر فيها مالا يغتفر في غيرها، فلا يشترط اتحاد المجلس. ج- أن الشارع لم يعتبر جواز الفسخ بحضورهما في مجلس واحد، وإنما برضاهما، والرضا يتحقق ولو مع عدم اتحاد المجلس. والله أعلم. 4- أن تكون بمثل الثمن الأول: وذلك لأن الإقالة فسخ، والفسخ لا يقتضي عوضا زائداً، ومقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان العاقدان عليه قبلها ولا يتحقق ذلك إلا برجوع كل منهما إلى ما كان له قبلها4، ولأن فيها
إحسانا وإرفاقا بطالب الإقالة، والزيادة عليه أو النقص من حقه تلحق ضرراً به، والضرر غير جائز، لقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار" 1. وذهب بعض العلماء إلى عدم اشتراط هذا الشرط، فنقل عن الإمام أحمد جواز التقايل بزيادة على الثمن2، وذهب محمد بن الحسن إلى جوازها مع النقص في الثمن3، وسيأتي مزيد من الكلام على هذا الشرط في المسائل التطبيقية 4. 5- أن يبقى المحل قابلاً للفسخ بأحد الخيارات، كالشرط والعيب والرؤية، وذكر الكاساني أن هذا شرط على أصل أبي حنيفة وزفر 5، وذلك "لأنها فسخ عندهما فلابد أن يكون المحل محتملاً للفسخ، فإذا خرج عن هذا الاحتمال خرج عن احتمال الإقالة ضرورة" 6.
المبحث السادس: محل الإقالة
المبحث السادس: محل الإقالة ذكرت عند الكلام على تعريف الإقالة وشروط صحتها أن الإقالة في حقيقتها رفع للعقد بين المتعاقدين، ولابد فيها من رضا العاقدين، ويستفاد من ذلك أنها لا تكون إلا بعد انعقاد العقد؛ إذْ الرفع لا يكون إلا لشيء واقع، وعليه فان الإقالة لا ترد إلا على العقد الصحيح، أما العقد الفاسد فمع أن الحنفية قالوا إنه يفيد الملك بالقبض إلا أنهم قالوا بوجوب حَلّه 1، فيفهم من ذلك أن الإقالة لا ترد عليه، وقد سبقت الإشارة لذلك عند الكلام على الحكم التكليفي للإقالة. ومع أن الإقالة لا ترد إلا على العقد الصحيح إلا أن ذلك ليس على إطلاقه، فإنها لا ترد إلا عقد المعاوضة المالي اللازم فتحله وترفع أثره. والعقود الصحيحة التي ترد عليها الإقالة؛ إما أن تكون لازمة للعاقدين مثل البيع بلا خيار والإجارة، أو لازمة لأحد العاقدين دون الآخر كالبيع بشرط الخيار لأحد العاقدين، فإن الإقالة في هذه الحالة ترد في حق من يكون العقد لازماً في حقه. أما العقود غير اللازمة فإنها لا تعتبر محلاً للإقالة لأنه لا حاجة للإقالة فيها إذ يستطيع كل من العاقدين حل العقد ولو لم يرض الآخر سواء كانت غير لازمة للعاقدين مثل الوكالة أو كانت لازمة لأحدهما كالرهن فإنها لا ترد في حق من كان العقد غير لازم له 2.
وقد ذكر بعض الفقهاء 1 بعض الأمور التي لا ترد عليها الإقالة ولا ترفع بها وهي: 1 النكاح لا ترد عليه الإقالة، لأن الشارع جعل له رافعاً خاصاً وهو الطلاق، لذا لا يرتفع بالإقالة. 2 الطلاق لا ترد عليه الإقالة، لأنه لرفع عقد النكاح، والطلاق إذا وقع لا يرفع. 3 الرجعة لا ترد عليها الإقالة، لأن المطلّق إذا رجع إلى زوجته لا يرتفع رجوعه إلا بالطلاق. 4 الخلع لا ترد عليه الإقالة، لأنه لرفع عقد النكاح بعوض، والمفسوخ لا يفسخ. 5 الوقف لا ترد عليه الإقالة، لأنه عقد لازم مؤبد، وإذا وقع لا يرتفع. 6 العتق لا ترد عليه الإقالة، لأنه إذا وقع لا يجوز الرجوع عنه، فلا تدخله الإقالة. 7 الإبراء لا ترد عليه الإقالة، لأن الدين بالإبراء سقط، والساقط لا يعود.
القسم الثاني: الدراسة التطبيقية
القسم الثاني: الدراسة التطبيقية تمهيد: مما سبق يتضح أن خلاف العلماء في حقيقة الإقالة لا يخرج في الجملة عن قولين؛ إما القول بأنها فسخ أو أنها بيع، وقد رجحت أنها فسخ، ولكنني في مجال الدراسة التطبيقية سأبين ما يترتب على القول بأنها فسخ أو بيع، وأغلب التطبيقات الفقهية التي ذكرها الفقهاء في كتاب البيع، وذلك لأنه الأصل بالنسبة للمعاملات المالية، وبعض العقود لها علاقة وثيقة به، فالإجارة يعرفها بعض العلماء بأنها بيع المنافع1، والسلم بيع موصوف في الذمة 2، والرهن يحتاج إليه بعد حصول المبيع، غالباً وهكذا، وذِكْر هذه التطبيقات لا يعني حصرها، ولكنه من باب التمثيل، وهذه التطبيقات ثمرة للخلاف في حقيقة الإقالة. المسألة الأولى: التقايل بلفظ المصالحة أو الإقالة إذا تقايل المتبايعان بلفظ الإقالة، أو المصالحة؛ فعلى القول بأن الإقالة بيع لا يصح، لأن ما يصلح للحل لا يصلح للعقد. وأما على القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته فيصح لأن القصد المعنى فيكتفى بما أداه3، وقد سبق الكلام على ذلك 4.
المسألة الثانية: شروط صحة الإقالة على القول بأن الإقالة بيع يشترط لها ما يشترط للبيع 1، وأما على القول بأنها فسخ وهو ما رجحته فتصح بلا شروط البيع المختصة به 2 من معرفة المقال فيه، ومن القدرة على تسليمه، وتمييزه عن غيره ونحو ذلك 3، وقد سبق الكلام عن شروط صحة الإقالة على القول بأنها فسخ 4. المسألة الثالثة: الإقالة في المسجد إذا اشترى زيد من عمرو سيارة بخمسين ألف ريال، وتقابضا، ثم لقيه في المسجد، وطلب منه الإقالة فما الحكم؟ إذا قيل بأن الإقالة بيع فإن حكم الإقالة كحكم البيع في المسجد، فلا تصح الإقالة عند القائلين بأن البيع في المسجد حرام وإن وقع لم يصح5، وهذا
القول رواية في مذهب الحنابلة1، وذكر المرداوي أن في صحة البيع في المسجد وجهين، ثم قال وقاعدة المذهب تقتضي عدم الصحة 2. وأما على القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته فإنها غير داخلة في التحريم أو الكراهة، لأنها من قبيل الإحسان وفعل المعروف، كما أنها لا تستغرق في العادة وقتاً طويلاً. والله أعلم. المسألة الرابعة: التقايل بعد النداء الثاني للجمعة إذا باع زيد على عمرو سيارة بخمسين ألف ريال، وتقابضا، ثم لقي أحدهما الآخر بعد النداء الثاني للجمعة وهما أو أحدهما ممن تلزمه الجمعة فتقايلا فعلى القول بأن الإقالة فسخ يصح ذلك لأن الفسخ جائز في كل وقت، وعلى القول بأنها بيع لا يجوز ذلك3، وذلك عند من يرى عدم جواز البيع بعد
النداء الثاني للجمعة، وهم المالكية1، وبعض علماء الحنابلة 2، وابن حزم من الظاهرية3. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فإنها تعتبر صحيحة، لأن النهي عن البيع. والله أعلم. المسألة الخامسة: بيع النصاب من بهيمة الأنعام في أثناء الحول والتقايل قبل مضيه إذا باع زيد على عمرو نصاباً من الغنم في أثناء الحول، ثم تقايلا قبل مضي الحول، فهل ينقطع الحول؟ على القول بأن الإقالة بيع ينقطع الحول، ولا يبنى على ما سبق، لأنها ابتداء بيع، وذهب بعض علماء المالكية إلى أنه إذا اشترى بالثمن نصاباً من جنسه أنه يزكيه على الحول الأول 4.
وعلى القول بأن الإقالة فسخ يبنى على حولها الأول، وذلك لأنها رفع للعقد وليست بيعاً 1، وذهب الشافعية إلى أن الإقالة تقطع الحول 2. والذي تميل إليه النفس أن الإقالة لا تقطع الحول، وأن الزكاة واجبة على كلا القولين إذا تم الحول، وذلك أننا إذا قلنا بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته فالملك لم يخرج من يد صاحبه لرفع العقد، ولأن حق الفقراء متعلق به. وأما على القول بأن الإقالة بيع، فلأنه لو أبدل النصاب بجنسه بثمنه تتعلق به الزكاة 3. والله اعلم. المسألة السادسة: خيار المجلس في الإقالة إذا حصلت المبايعة بين شخصين، وتقابضا، ثم لقي أحدهما الآخر في المساء، وطلب منه الإقالة، ووافق الطرف الآخر، ثم بدا له الرجوع عن الإقالة وهما في مجلس الطلب فهل يثبت له الخيار؟ على القول بأن الإقالة فسخ لا يحق له الرجوع، ولا يثبت فيها خيار المجلس، وهو الأصح عند الشافعية4، والمذهب عند الحنابلة 5، وذلك لأن الفسخ لا يفسخ 6.
وعلى القول بأن الإقالة بيع يثبت خيار المجلس في الإقالة، ويحق له الرجوع عن الإقالة، وهو ما ذهب إليه الشافعية في أحد الوجهين 1، والحنابلة في قول عندهم2، والظاهرية 3، وذلك نظراً لثبوته عندهم في عقد البيع، لما رواه حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) متفق عليه4، فيكون للمتقايلين حق الرجوع عنها مادام في مجلسهما، ولم يتفرقا عنه بأبدانهما5. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ؛ فإنه لا يحق لمن أقال أن يرجع عن الإقالة، لأن العقد إذا ارتفع لا يمكن أن يعود إلا بتراضيهما وحدوث عقد جديد، ولأن خيار المجلس لم يشرع إلا لإعطاء العاقدين مهلة للنظر والتروي قبل الإقدام على العقد والالتزام به، وهذا بخلاف الإقالة، لأن المقيل متبرع وباذل معروف، فلا يحتاج مهلة لإعادة النظر. والله أعلم.
المسألة السابعة: التصرف في المبيع بعد الإقالة إذا كان المبيع مما لا يجوز التصرف فيه قبل القبض كما لو باع زيد على عمرو مائة صاع من البر بألف ريال وتقابضا وفي المساء تقايلا والمبيع في يد عمرو وأراد زيد أن يتصرف فيه فما الحكم؟ إذا قلنا بأن الإقالة فسخ يصح تصرف زيد في المبيع لأن الفسخ لا يعتبر فيه القبض. وعلى القول بأن الإقالة بيع لا ينفذ تصرفه فيه قبل قبضه 1. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ يصح التصرف في المبيع بعد الإقالة لأنه لم يخرج من ملكه. والله أعلم. المسألة الثامنة: التقايل قبل القبض هذه المسألة قريبة من المسألة السابقة، ولها ارتباط بها، وصورة هذه المسألة: أن يبيع زيد على عمرو مائة صاع من البر بألف ريال، ويسلم عمرو القيمة، ولكنه لم يقبض البر ثم يحصل التقايل. فعلى القول بأن الإقالة بيع لا يجوز 2، لأن كل ما يحتاج إلى قبض إذا
اشتراه لا يجوز بيعه حتى يقبضه1. وعلى القول بأنها فسخ وهو ما رجحته يجوز التقايل، لأن الفسخ لا يعتبر فيه القبض كالرد بالعيب، والفسخ بالخيار، والتدليس2. والله أعلم. المسألة التاسعة: التقايل بشرط الزيادة على الثمن إذا باع زيد على عمرو سيارة بخمسين ألف ريال، وسلم السيارة لعمرو وقبض زيد القيمة، وبعد يوم ندم عمرو، وطلب الإقالة من زيد، ووافق زيد ولكن بزيادة ألف ريال، فما الحكم؟ على القول بأن الإقالة بيع اختلف العلماء في حكم الزيادة على الثمن على ثلاثة أقوال: القول الأول: تصح الإقالة، وذلك لأن المتقايلين يستأنفان عقداً بينهما خلافا للعقد السابق، فلا بأس بما يحدث بينهما من شرط في ذلك، وبه قال بعض علماء الحنابلة 3، وأبو يوسف من الحنفية 4.
القول الثاني: لا تصح، وهو وجه عند الحنابلة، قال ابن رجب» وهو المذهب عند القاضي في خلافه، وصححه السامري1، لأن مقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان عليه، ورجوع كل واحد إلى ماله، فلم يجز بأكثر من الثمن «2. القول الثالث: التفصيل وإليه ذهب المالكية فقالوا: أتصح الإقالة على شرط الزيادة في بيع الطعام بعد قبضه 3، لأن المتقايلين يستأنفان عقداً جديداً، وأما قبل استيفائه فلا تصح الإقالة عندهم على الصحيح من المذهب، لأنها فسخ، والفسخ لا يقبل الزيادة، أو النقص عما كان عليه العقد. ب إذا كانت الإقالة بعد الاستيفاء، وقبل التفرق ونقد الثمن، فتصح الإقالة على شرط الزيادة إذا كانت معجلة، سواء كانت ذهباً، أم ورقاً، أم عروضاً، وأما إذا كانت الزيادة مؤجلة، فإنها لا تصح، لأن الزيادة إن كانت ذهباً والثمن ذهباً، فإن هذا يجر إلى البيع والسلف، لأن البائع يكون قد اشترى الطعام الذي باعه بالثمن الذي وجب له أسلفه الزيادة إلى أجل فكانت بذلك بيعاً وسلفاً. وإن كانت الزيادة ورقا، فإنها تكون بيعاً للذهب بالورق مؤجلاً وطعام مؤجل.
وإن كانت عروضاً فإن الإقالة تكون فسخاً للدين بالدين، وذلك لا يجوز1. وعلى القول بأن الإقالة فسخ اختلف في حكم التقايل بزيادة على الثمن فذهب الشافعية 2، وبعض علماء الحنابلة 3 إلى القول بعدم الجواز لأن الفسخ رفع للعقد، ومقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان عليه ورجوع كل واحد إلى الذي له، فإذا شرط زيادة أخرج العقد عن مقصوده، فبطلت الإقالة وبقى البيع بحاله 4. وذهب أبو حنيفة إلى أن الإقالة على الثمن الأول ويبطل شرط الزيادة لأن الإقالة لا تبطل بالشروط الفاسدة عنده 5. والعلة من المنع من الزيادة فيما سبق هو الخوف من الوقوع في الربا6. وقد نقل ابن منصور 7 عن الإمام أحمد ما يفيد ذلك إذ قال في رجل
اشترى سلعة فندم، فقال اقلني ولك كذا وكذا، قال أحمد أكره أن يكون ترجع إليه سلعته ومعها فضل إلا أن يكون قد تغيرت السوق، أو تتاركا البيع فباعه بيعاً مستأنفاً، فلا بأس به، ولكن إن جاء إلى نفس البائع فقال أقلني فيها ولك كذا وكذا، فهو مكروه 1. وقد نقل عن الإمام أحمد رحمه الله ما يفيد جواز التقايل بزيادة على الثمن؛ فقد جاء في رواية الأثرم2 أنه سأله عن بيع العربون 3، فذكر له حديث عمر4 فقيل له تذهب إليه؟ قال أي شيء أقول؟ وهذا عن عمر، ثم قال
أليس كان ابن سيرين لا يرى بأسا أن يرد السلعة إلى صاحبها إذا كرهها ومعها شيء؟ ثم قال هذا مثله 1 ا. هـ. فقد جعل بيع العربون من جنس الإقالة بربح، وهو يرى جواز بيع العربون 2، فالإقالة بزيادة مثله. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ، فإن الأولى للمقيل أن لا يأخذ زيادة على من استقاله، لأن الإقالة يقصد بها المعروف والإحسان، وأخذ الزيادة لا يلائم ذلك، لكن لو لم يوافق المقيل على الإقالة إلا بزيادة على الثمن جاز، لما يسببه إرجاع السلعة على صاحبها من الضرر؛ إذ قد يظن الناس أن بها عيبا، وما يأخذه يعتبر تعويضا لهذا الضرر، والله أعلم. المسألة العاشرة: التقايل بشرط النقص من الثمن إذا اشترى زيد من عمرو سيارة بعشرين ألف ريال وتقابضا، ثم جاء زيد إلى عمرو آخر النهار طالباً الإقالة، فقال عمرو أنا آخذها منك بتسعة عشر ألف ريال، فما الحكم؟
على القول بأن الإقالة بيع اختلف في ذلك، فقيل يجوز ذلك، وهو قول المالكية 1، ووجه عند الحنابلة 2، وبه قال أبو يوسف من الحنفية3. وذلك لأن المتقايلين يستأنفان عقداً جديداَ بينهما فلا بأس بما يحدث بينهما من شرط في ذلك، والبائع يجوز أن يبيع بمثل الثمن الذي اشترى به أو بأزيد أو بأنقص. وقيل لا تصح، وهو وجه عند الحنابلة، وصححه السامري 4. وعلى القول بأن الإقالة فسخ لا تصح5 عند الشافعية 6، وهو الأصح عند الحنابلة 7، لأن رفع العقد لابد أن يكون بمثل الثمن. وذهب أبو حنيفة إلى أن الإقالة تصح بمثل الثمن ويبطل الشرط لأن رفع ما لم يكن ثابتاً محال والنقصان لم يكن ثابتاً فرفعه يكون محالاً 8. وتوضيح ذلك أن العقد في الصورة السابقة ثابت بعشرين ألف ريال فلا
يتصور رفعه بتسعة عشر ألف ريال لأن الثابت بخلافه 1. ويظهر أن المنع من ذلك هو الخوف من الوقوع في الربا 2. وذهب محمد بن الحسن إلى صحتها مع النقصان، لأنه لو سكت عن جميع الثمن وأقال كان فسخاً 3، ويظهر لي أن هذا القول هو اختيار ابن رجب4 وهو في نظري أرجح وذلك لأن محذور الربا هنا كما قال ابن رجب بعيد جداً، لأنه لا يقصد أحد أن يدفع عشرة ثم يأخذ نقداً خمسة لاسيما والدافع هنا هو الطالب لذلك الراغب فيه 5. والله أعلم. المسألة الحادية عشرة: التقايل بغير جنس الثمن إذا اشترى زيد من عمرو سيارة بخمسين ألف ريال وتقابضا ثم تلاقيا في المساء وطلب عمرو الإقالة ووافق زيد على أن يرد إليه بدلا من الريالات دراهم أو سيارة أخرى تعادلها في القيمة فعلى القول بأن الإقالة بيع يجوز كسائر البياعات. وعلى القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته لا يصح، لأن القصد بالإقالة رد الأمر إلى ما كان عليه، ورجوع كل واحد منهما إلى ما كان له، فإذا تغير الثمن أخرج العقد عن مقصوده فيبطل 6.
المسألة الثانية عشرة: رجوع ما باعه المفلس بالإقالة إذا باع المفلس سلعة، ثم عادت إليه بالإقالة، ووجدها بائعها عنده، فهل له حق أن يأخذها؟ على القول بأن الإقالة بيع ليس له حق أن يأخذها لأنها خرجت من ملك المفلس ببيعه لها وعادت إليه بعقد جديد، وهذا القول هو الصحيح عند الشافعية1، وقول عند الحنابلة 2، والقول الآخر أنه أحق بها حتى لو خرجت عن ملك المفلس ثم عادت 3. وعلى القول بأن الإقالة فسخ يحق لمن وجدها عنده أن يأخذها4 لأنها لم تخرج من ملكه ولازالت في حوزته وذلك على القول بجواز رجوع البائع بعين ماله إذا وجده عند المفلس وهو قول جمهور العلماء5، وذهب الحسن والنخعي،
وابن شبرمة 1، ووكيع2، والحنفية3 إلى أنه يكون أسوة الغرماء4 وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ، فيحق لمن وجد سلعته عند المفلس أن يأخذها. والله أعلم. المسألة الثالثة عشرة: الإقالة في المسلم فيه قبل قبضه صورة المسألة: باع زيد على عمرو مائة صاع من البر تسلم بعد سنة بمبلغ ألف ريال مقبوضة في مجلس العقد، فالبر في هذه الصورة مسلم فيه، فلو تقايلا قبل أن يقبض عمرو البر فما الحكم؟
على القول بأن الإقالة فسخ تجوز الإقالة، لأن الفسخ لا يعتبر فيه القبض وعلى القول بأن الإقالة بيع لا يجوز، لأن المبيع من شروطه القبض وهو غير متحقق 1. وذكر ابن رجب أن في مذهب الحنابلة طريقين: أحدهما على الخلاف فإن قلنا هو فسخ جازت وإن قلنا بيع لم يجز … والثانية: جواز الإقالة فيه على الروايتين وهي طريقة الأكثرين ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك. 2 وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فإن الإقالة قبل قبض المسلم فيه جائزة. والله أعلم. المسألة الرابعة عشرة: إقالة الإقالة يراد بإقالة الإقالة إلغاؤها والعودة إلى أصل العقد وصورتها: أن يشتري زيد من عمرو سيارة بخمسين ألف ريال ويتقابضا وفي المساء تلاقيا وطلب زيد الإقالة من عمرو فوافق عمرو ثم تقايلا الإقالة.
ففي هذه المسألة: على القول بأن الإقالة فسخ لا تصح إقالة الإقالة لأن الفسخ لا يفسخ. وأما من ذهب إلى أن الإقالة بيع فيرى أنها تصح أن تكون محلاً للإقالة إلا في السلم؛ لكون المسلم فيه ديناً سقط، والساقط لا يعود1، فإذا دخلت الإقالة على الإقالة يعود البيع إلى ما كان قبل دخول الإقالة فيه. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ لا تصح إقالة الإقالة، لأن الإقالة فسخ للعقد فلا يحتمل الفسخ. والله أعلم. المسألة الخامسة عشرة: الإقالة بعد تعيب المبيع في يد المشتري صورة المسألة: باع زيد على عمرو سيارة، وحدث بها عيب عند عمرو، ثم تقايلا؛ فإن قلنا الإقالة بيع تخير زيد بين أن يجيز الإقالة ولا شيء له، وبين أن يفسخ ويأخذ الثمن. وإن قلنا الإقالة فسخ وهو ما رجحته صحت الإقالة، وغرم عمرو أرش العيب 2، وذلك لأن الإقالة فسخ، والرد بالعيب كذلك فسخ، والفسخ لا يفسخ، فلا يثبت بذلك حق الرد بالعيب الحادث قبلها. والله أعلم. المسألة السادسة عشرة: الرد بالعيب بعد التقايل صورة المسألة باع زيد على عمرو جملاً بألف ريال، وتقابضا، ثم حدث بالجمل عيب
عند عمرو، ثم طلب زيد الإقالة ووافق عمرو، ثم علم زيد بالعيب وأراد أن يرد الجمل على عمرو فما الحكم؟. على القول بأن الإقالة بيع له الرد لأن له الخيار. وعلى القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته لا يملك زيد الرد لأن الفسخ لا يفسخ 1. المسألة السابعة عشرة: استعمال المبيع بعد الإقالة إذا حصل التقايل بين المتبايعين، والمبيع في يد المشتري، ثم استعمله بعد الإقالة، فان قلنا الإقالة بيع فهو كالبائع يستعمل المبيع لا شيء عليه. وإن قلنا الإقالة فسخ وهو ما رجحته فعليه الأجرة، لأنه استعمل ملك غيره بغير إذنه فتلزمه الأجرة 2. المسألة الثامنة عشرة: التقايل في الصرف إذا حصلت المصارفة بين شخصين وتقابضا، ثم تقايلا، فعلى القول بأن
الإقالة فسخ لا يلزم التقابض في المجلس، لأنها فسخ، والفسخ لا يعتبر فيه القبض كالرد بالعيب والفسخ بالخيار والتدليس. وعلى القول بأن الإقالة بيع يجب التقابض في المجلس1 وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ لا يلزم التقابض عند تقايل المتصارفين. والله أعلم. المسألة التاسعة عشرة: بيع الابن ما وهبه له والده ثم رجوعه إليه بالإقالة. إذا وهب الوالد لابنه شيئاً فباعه على زيد مثلاً ثم رجع إليه بإقالة فهل يجوز رجوع الأب فيه؟ على القول بأن الإقالة بيع لا يجوز رجوع الأب فيه، لأن الهبة رجعت إلى الابن بعقد جديد فامتنع بذلك رجوع الواهب وهو الأب. وعلى القول بأن الإقالة فسخ لا تعد الإقالة مانعاً من الرجوع في الهبة 2، وذلك لأن ملكيتها لم تنتقل من يد الواهب له، فلو رجع الواهب عليه بها صح ذلك الرجوع منه إذا كانت الهبة لم تخرج من يده وذلك مبني على القول بجواز
رجوع الأب في هبته لولده وهو قول جمهور العلماء1 خلافا للحنفية2. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ يحق للأب أن يرجع هبته لابنه لأنها لم تخرج من ملكه. والله أعلم. المسألة العشرون: الإقالة بعد إسلام الرقيق المشترى من كافر إذا اشترى المسلم عبداً كافراً من كافر فأسلم العبد ثم تقايلا، فما الحكم على القول بأن الإقالة بيع يكون حكم التقايل حكم البيع3، وقد اختلف العلماء في حكم بيع العبد المسلم للكافر على قولين: القول الأول: أنه لا يجوز بيع المسلم للكافر، وهذا القول رواية عند المالكية 4، وأصح القولين عند الشافعية 5، وهو المذهب عند الحنابلة 6.
القول الثاني: أنه يصح ويجبر على إخراجه عن ملكه لأن البيع طريق من طرق الملك فيملك به الكافر المسلم قياساً على الإرث، وهذا القول هو المذهب عند الحنفية 1 وإحدى الروايتين عند المالكية 2 فعلى القول الأول لا تجوز الإقالة على القول بأنها بيع. وأما على القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته يجوز قياساً على الرد بالعيب 3، وعلى هذا القول يؤمر بإزالة ملكه عنه ببيع أو هبة أو عتق أو غيرها ولا يقر في يده 4. والله أعلم. المسألة الحادية والعشرون: الإقالة بعد تبايع الذميين بمحرم وإسلام أحدهما إذا باع ذمي ذمياً آخر خمراً، وقبضت دون ثمنها، ثم أسلم البائع وقلنا يجب له الثمن فأقال المشتري فيها، فما حكم الإقالة؟ على القول بأن الإقالة بيع لا يصح، لأن شراء المسلم للخمر لا يصح5. وأما على القول بأن الإقالة فسخ فقد ذكر ابن رجب احتمالين 6.
الأول: أنه يصح فيرتفع بها العقد ولا يدخل في ملك المسلم، فهي في معنى إسقاط الثمن عن المشتري. الثاني: أنه لا يصح لأنه استرداد لملك الخمر وذلك قياساً على ما ذكره الأصحاب من الحنابلة من أنه لا يسترد الصيد بخيار ولا غيره، فإن رد عليه صح الرد ولم يدخل في ملكه فيلزمه إرساله 1. ومما سبق يظهر أن العلماء على كلا القولين 2 متفقون على أنه لا يجوز للمسلم أن يتملك الخمر وإنما الخلاف في ارتفاع العقد. والذي يظهر لي أن القول بارتفاعه قول له وجاهته لاسيما أنه المتفق مع معنى الإقالة وهو الرفع والإزالة. والله أعلم. المسألة الثانية والعشرون: بيع الأمة والإقالة فيها قبل القبض إذا باع زيد على عمرو أمة وقبل أن يقبضها عمرو تقايلا فهل يلزم زيد الاستبراء3؟ على القول بأن الإقالة بيع يلزمه الاستبراء4، وخالف في ذلك المالكية5،
فذهبوا إلى أنه لا يلزم الاستبراء لأنها في يد البائع، والعلم ببراءة رحمها حاصل فلا يلزم الاستبراء، ولأن الاستبراء إنما جعل ليفصل بين الماءين مع إمكان أن يكون هناك ماء، فأما مع تحقق عدمه فلا معنى له 1. وعلى القول بأن الإقالة فسخ لا يلزمه الاستبراء، وهذا القول رواية في مذهب الحنابلة، والرواية الأخرى يلزمه الاستبراء2، قال المرداوي ((وهو المذهب)) 3 وبه قال الشافعية4 لأنه زال ملكه عن استمتاعها بالعقد وعاد بالفسخ، فصار كما لو باعها ثم استبرأها5، ولأن فيه احتياطاً للأبضاع 6. والذي يظهر لي أنه لا يلزم الاستبراء، لأن الأمة لم تخرج من يد بائعها ولم يحصل بها خلوة من المشتري، وقياس الإقالة على البيع قياس مع الفارق، لأن الإقالة رفع للعقد بخلاف البيع فهو نقل للملك من يد إلى يد فوجب فيه الاستبراء، والقول باستبرائها احتياطاً لا موجب له. والله أعلم. المسألة الثالثة والعشرون: بيع النخل قبل الإطلاع والتقايل بعده إذا باع زيد نخلاً لم يطلع على عمرو، ثم تقايلا، وقد أطلع فلمن تكون الثمرة؟
على القول بأن الإقالة بيع إذا لم يتشرط أحد المتبايعين الثمرة إمّا أن تكون الثمرة مؤبرة أو لا. فإن كانت الثمرة مؤبرة فهي لعمرو لأنه هو البائع، وإن كانت غير مؤبرة فهي لزيد لأنه هو المشتري في هذه الصورة 1. والقول بأن الثمرة إذا كانت مؤبرة للبائع، وإذا كانت غير مؤبرة للمشتري هو قول جمهور العلماء 2. وذهب ابن أبي ليلى إلى أنها للمشتري في الحالين3. وذهب الحنفية والأوزاعي إلى أنها للبائع في الحالين4. وأما على القول بأن الإقالة فسخ فإن الثمرة تتبع الأصل بكل حال سواء كانت مؤبرة أو لا5. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فإن الثمرة تتبع الأصل مطلقا. والله أعلم.
المسألة الرابعة والعشرون: التقايل بعد حدوث النماء المنفصل 1 إذا نما المبيع نماء منفصلاً كما لو كان المبيع شاة وولدت، ثم تقايلا فعلى القول بأن الإقالة بيع لا يتبع الشاة ولدها ويكون للمشتري مطلقاً2، وعلى القول بأن الإقالة فسخ اختلف فيه3، فقيل يكون النماء للبائع، وهو قول بعض الحنابلة 4. وقيل إنه يكون للمشتري، وبه قال الشافعية 5، وبعض الحنابلة 6 وذكر ابن رجب أنه قول القاضي 7، وقال» ينبغي تخريجه على وجهين كالرد بالعيب
والرجوع للمفلس «1. والوجهان هما: أأنه يرد النماء مع الأصل للبائع. ب لا يرده بل يبقى للمشتري 2. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فالذي يظهر لي أن النماء يكون للمشتري، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان 3، ومعناه أن ما يخرج من المبيع من فائدة وغلة فهو للمشتري في مقابلة أنه لو تلف كان من ضمانه. والله أعلم.
المسألة الخامسة والعشرون: الإقالة فيما اشتراه المضارب أو الشريك إذا اشترى المضارب أو الشريك سلعة، ثم طلب منه البائع الإقالة، فهل يملك المشتري ذلك؟ على القول بأن الإقالة بيع يملك المشتري الإقالة فيما اشتراه، لأنه مأذون له1، واشترط بعض علماء المالكية لجواز الإقالة عدم المحاباة من الشريك أو المضارب للمقال بغير إذن الآخر، لأن الإقالة معروف، ولا يجوز أن يفعل المعروف في مال غيره بغير إذنه إلا إذا أقاله لمصلحة كأن يخاف ذهاب الثمن كله فهذا جائز 2. وعلى القول بأن الإقالة فسخ لا يملك المشتري الإقالة، لأن الفسخ ليس من التجارة المأذون فيها 3. وذكر ابن رجب أن أكثر الحنابلة يرون أنه يملك الفسخ على القولين 4 ويظهر لي أن هذا هو ما ذهب إليه بعض علماء الشافعية، لأنهم ذكروا أن الشريك لا يتجر إلا على النظر والاحتياط وطلب الحظ5، وقد يكون ذلك في الإقالة كما علل بذلك بعض علماء الحنابلة 6.
وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فالذي يظهر أن الشريك والمضارب يملك الإقالة، لوجاهة ما عللوا به من أنه قد يكون فيه حظ للمقيل ولأنه يملك الفسخ بالخيار. والله أعلم. المسألة السادسة والعشرون: التقايل بعد تلف المبيع صورة المسألة: أن يشتري زيد من عمرو سلعة ويتقابضا، ثم تتلف السلعة في يد زيد، ثم يطلب الإقالة عمرو. على القول بأن الإقالة بيع لا يجوز، لأن عقد البيع لا يرد إلا على موجود بالقوة أو بالفعل، وهو غير موجود هنا، وهذا ما ذهب إليه بعض العلماء من الشافعية1 والحنابلة 2، وكذا الحنفية إذا كان الثمن مما يثبت في الذمة3 والمالكية إذا كان المقال فيه عينيا 4. وأما على القول بأن الإقالة فسخ، ففي صحتها بعد تلف المبيع خلاف5:
1 قيل يجوز لأن الفسخ يرد على المعدوم، كما يرد على الموجود، ولأن الإقالة وإن كانت تستدعي مقالا فيه لكن البدل يقوم مقام المبدل هنا للضرورة1، قال الزركشي2» الفسخ يرد على المعدوم في موضعين. الثاني الإقالة «3. 2 وقيل بعدم الجواز لتعذر الرد 4. وذكر الرافعي5 وغيره في صحة الإقالة وجهين عند الشافعية على القول بأنها فسخ أحدهما: المنع كالرد بالعيب، وأصحهما الجواز، وهو اختيار أبي زيد6 كالفسخ بالتحالف فعلى هذا يرد المشتري على البائع مثل المبيع إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوماً 7.
ويترجح عندي عدم جواز الإقالة في حالة تلف المبيع إلا في حالة وجود العين المماثلة للعين التالفة، أما القيمة فإنها لا تنضبط، وقد لا ترضي الطرف الآخر ومن ثمّ لا يصار إليها. والله أعلم. المسألة السابعة والعشرون: التقايل بعد موت المتعاقدَين إذا مات المتعاقدان فهل تصح الإقالة بعد موتهما؟ على القول بأن الإقالة بيع تصح من الورثة، لأنهم بعد أن ملكوا العين يجوز تصرفهم بها 1. وأما على القول بأن الإقالة فسخ ففي صحة الإقالة خلاف: المذهب عند الحنابلة أنها لا تصح مع موت عاقد، لأن خيار الإقالة عندهم يبطل بالموت2 وفي وجه أنها تصح3، وبه قال الشافعية4. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ فإن الذي يظهر لي في هذه المسألة هو القول بالصحة، لأن الورثة يقومون مقام ورثتهم في الفسخ والبيع ولا دليل يمنع من فسخ الورثة العقد. والله أعلم. المسألة الثامنة والعشرون: الشُّفعة بعد التَّقايُل إذا باع زيد على عمرو جزءاً مشاعاً من أرضه المملوكة له ولغيره، ثم تقايلا، ثم شفع شريك زيد في المبيع، فما الحكم؟
على القول بأن الإقالة فسخ لا تثبت الشفعة، لأنها رفع للعقد وإزالة له وليست بمعاوضة فأشبهت سائر الفسوخ. وعلى القول بأن الإقالة بيع تثبت الشفعة 1. وبناء على ما رجحته من أن الإقالة فسخ، فإن الشفعة لا تثبت بعد التقايل، لأن الإقالة فسخ وليست بيعاً. والله أعلم. المسألة التاسعة والعشرون: التنازل عن الشفعة والعودة إلى طلبها بعد التقايل. إذا باع أحد الشريكين حصته، ثم عفا الآخر عن شفعته، ثم تقايلا، وأراد العافي أن يعود إلى طلب الشفعة، فما الحكم؟ على القول بأن الإقالة بيع له الشفعة، لأنه إنما عفا عن البيع الأول دون الثاني فيحق له أن يشفع فيه. وعلى القول بأن الإقالة فسخ وهو ما رجحته ليس له شفعة، لأنها ليست بيعاً، والشفعة لا تستحق إلا بالبيع، والمبيع لم يخرج من ملكه. 2
المسألة الثلاثون: من حلف لا يبيع أو لَيَبِيعَنَّ أو علق على البيع طلاقاً أو عتقاً ثم أقال. لو حلف لا يبيع، أو ليبيعن، أو علق على البيع طلاقاً، أو عتقاً، ثم أقال فإن قلنا الإقالة بيع، فإن من حلف لا يبيع يعد حانثا في يمينه، ومن علق على البيع طلاقاً أو عتقاً يقع طلاقه وعتقه، وذلك لأن الإقالة وافقت حقيقة قوله حيث حلف على عدم بيع شيء من ماله ثم عاد فأثبت ذلك بالإقالة فيه. وإن قلنا الإقالة فسخ وهو ما رجحته لا يلزمه شيء لأمرين: 1 أن الإقالة لم توافق حقيقة قوله. 2 أن الأيمان تنبني على العرف، وليس في العرف أن الإقالة بيع 1. والله أعلم.
الخاتمة
الخاتمة من أهم نتائج البحث. بعد الفراغ من كتابة هذا البحث يحسن بي أن أفي بوعدي في مقدمته فأطلع القارئ على أهم النتائج التي أدى إليها البحث، وترجحت عند كاتبه وهي: 1 أن الإقالة مشتقة من القيل لا من القول، ومعناه الفسخ والإزالة والإسقاط. 2 أن الإقالة رفع عقد المعاوضة المالي اللازم للمستقيل باتفاق العاقدَين. 3 أن الإقالة نوع من أنواع الفسخ. 4 أن الإقالة لا تنعقد بلفظ البيع، لأن ما يصلح للعقد لا يصلح للحل. 5 أن الإقالة تصح بالكتابة كما تصح بالقول، لأن الكتابة وسيلة من الوسائل التي يفصح الناس بها عن إرادتهم ورغبتهم في التقايل. 6 أن القول الراجح في تكييف الإقالة أنها فسخ مطلقاً، وأن معناها الشرعي موافق للمعنى اللغوي، وهو الفسخ والإزالة والإسقاط. 7 أن الصحيح عدم اشتراط اتحاد المجلس في الإقالة، لأن الفسوخ يغتفر فيها مالا يغتفر في غيرها. 8 أن محل الإقالة هو العقد اللازم من الجانبين، أو العقد اللازم لأحد العاقدين، أما العقود غير اللازمة فإنها لا تعتبر محلاً للإقالة؛ إذ يستطيع كل من العاقدين حل العقد وإن لم يرض الطرف الآخر. 9 أن الإقالة في المسجد جائزة، وغير داخلة في التحريم أو الكراهة. 10 أن التقايل بعد النداء الثاني للجمعة جائز وغير منهي عنه.
11 أن الإقالة لا يثبت فيها خيار المجلس. 12 أنه يصح التصرف في المبيع بعد الإقالة، ولا يشترط قبضه. 13 أنه لا ينبغي لمن أقال أن يأخذ زيادة على من استقاله، لأن الإقالة معروف وإحسان، وأخذ الزيادة ينافي ذلك. 14 أن القول بصحة التقايل بشرط النقص من الثمن أولى من المنع. 15 أن المفلس إذا باع سلعة ثم عادت إليه بالإقالة ووجدها بائعها عنده يحق له أخذها. 16 أن إقالة الإقالة لا تصح، لأن الفسخ لا يحتمل الفسخ. 17 أنه لا يلزم التقابض عند تقايل المتصارفين. 18 أن الشفعة لا تثبت بعد التقايل، لأن الإقالة فسخ وليست بيعاً، والمبيع لم يخرج من ملك البائع. وفي نهاية هذا البحث أذكر القارئ بان هذا البحث مجهود بشري، وهو عرضة للصواب والخطأ، وكاتبه أحوج الناس إلى الحق والدلالة على الصواب، وأسأل الله عزوجل أن يغفر لي ما حصل مني في هذا البحث من التقصير، وأن يجعل هذا البحث عند حسن ظن من قرأه، فإن يكن كذلك فمن الله، وأحمد الله على ذلك، وإن يكن غير ذلك فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مصادر ومراجع
مصادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع الإجماع لأبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت 318?) ، دار طيبة للنشر والتوزيع. أحكام القرآن للجصاص (ت370?) ، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت. الأحكام للمالقي (ت 497هـ) ، تحقيق: د. الصادق الحلوي، الطبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان. الاختيار لتعليل المختار للموصلي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، ط1، عام 1384هـ، مطبعة المدني، القاهرة. الإرشاد لابن أبي موسى (ت 428هـ) ، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1419هـ، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي. أسنى المطالب شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري (ت 926هـ) ، الناشر: المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ. الأشباه والنظائر للسيوطي (ت911?) ، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي، الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1407? 1987م. الأشباه والنظائر لابن الملقن (ت804?) ، تحقيق: حمد بن عبد العزيز الخضيري، من منشورات إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كرا تشي، باكستان، الطبعة الأولى. الأشباه والنظائر لابن نجيم (ت 970هـ) ، تحقيق: د. عبد العزيز بن محمد الوكيل، الناشر: مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع، 1387هـ 1968م، مطابع سجل العرب.
الأشباه والنظائر لابن الوكيل (ت 716هـ) ، تحقيق: د. أحمد بن محمد العنقري، الطبعة الثانية، مكتبة الرشد، الرياض. الإشراف على نكت مسائل الخلاف لعبد الوهاب البغدادي (ت 422هـ) ، تحقيق: الحبيب بن طاهر، دار ابن حزم، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ 1999م. إعلاء السنن لظفر بن أحمد التهانوي (ت 1394هـ) تحقيق: حازم القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ 1997م. الإقناع لابن المنذر (ت 318هـ) ، تحقيق: د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين، الطبعة الأولى، عام1408هـ، مطابع الفرزدق التجارية، الرياض. الأم للشافعي (ت 204هـ) دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1413هـ 1993م. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (ت 885هـ) ، مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة. أنيس الفقهاء في تعريف الألفاظ المتداولة بين الفقهاء للقونوي (ت 978?) ، تحقيق: د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي، الناشر: دار الوفاء للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1407هـ 1987م. الأوسط للطبراني (ت 360هـ) ، الطبعة الأولى، 1415هـ، دار الحرمين، القاهرة. البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم (ت 970هـ) ، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثانية. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (ت 875هـ) ، دار الكتاب العربي. بداية المجتهد لابن رشد الحفيد (ت 595هـ) ، دار الفكر العربي للطباعة
والنشر. بلغة السالك للشيخ أحمد الصاوي (ت 1241هـ) ، المبطعة الأزهرية بمصر، 1299هـ. البهجة في شرح التحفة لأبي الحسن علي بن عبد السلام التسولي (ت 1256هـ) ، الطبعة الثالثة، 1387هـ، دار المعرفة، بيروت. تاج العروس للزبيدي (ت 1205هـ) ، المطبعة الخيرية، القاهرة. التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق (ت 897هـ) ، مطبوع بهامش مواهب الجليل للحطاب. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي (ت 743هـ) ، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الثانية. التعليق الكبير في المسائل الخلافية على مذهب الإمام أحمد للقاضي أبي يعلى (ت 458هـ) ، كتاب البيوع، رسالة دكتوراه، تحقيق: عبد الله بن علي بن محمد الدخيل، 1416هـ. تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب (ت 795هـ) ، تحقيق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان، دار ابن عفان للنشر والتوزيع، القاهرة، الجيزة، الطبعة الثانية، 1419هـ 1999م. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر (ت 463هـ) ، تحقيق: سعيد أحمد غراب، 1401هـ. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (ت 761هـ) ، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ. الجامع الصغير للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد الفراء البغدادي الحنبلي، رسالة ماجستير بقسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض، إعداد: أحمد بن موسى السهلي.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير، دار الفكر للطباعة والنشر. حاشية الطحطاوي على الدر المختار، تأليف: السيد أحمد الحطحطاوي، دار المعرفة للطباعة، بيروت، لبنان. حاشية ابن عابدين (رد المحتار) لابن عابدين (ت 1252هـ) ، دار الطباعة العامرة، 1307هـ. الحاوي الكبير للماوردي (ت 450هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. رسائل ابن نجيم (ت 970هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. الروض المربع للبهوتي (ت 1046هـ) ، مطبوع مع حاشية عبد الرحمن بن محمد بن قاسم (ت 1392هـ) ، الطبعة السادسة، 1414هـ. روضة الطالبين للنووي (ت 676?) ، بيروت، المكتب الإسلامي، 1395?. سنن الترمذي لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي (ت 297هـ) ، تحقيق وتعليق: إبراهيم عطوه، دار إحياء التراث العربي. سنن أبي داود (ت 275هـ) ، تحقيق: عزت عبيد الدعاس، حمص، مكتبة الجنيد. السنن الكبرى للبيهقي (ت 458هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ 1994م. سنن ابن ماجه (ت 275هـ) ، دار المعرفة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1416هـ. سنن النسائي (ت 303هـ) ، دار إحياء التراث العربي، بيروت. شرح التنبيه للسيوطي، (ت 911هـ) ، الطبعة الأولى، 1416هـ 1996م، دار الفكر، بيروت، لبنان. شرح الخرشي على خليل لابن عبد الله محمد الخرشي (ت 1101هـ) ، دار
الفكر للطباعة والنشر، بيروت. شرح حدود ابن عرفة (ت 803هـ) للرصاع (ت 894هـ) ، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1412هـ. شرح الزرقاني على مختصر خليل لعبد الباقي بن يوسف (ت 1099هـ) ، مطبعة محمد أفندي مصطفى، مصر. شرح الزرقاني على موطأ مالك، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1398هـ 1978م. شرح الزركشي على مختصر الخرقي للزركشي (ت 772هـ) ، تحقيق: عبد الله بن جبرين، الطبعة الأولى، 1410هـ. شرح زروق على متن الرسالة للعلامة أحمد بن محمد البرنسي المعروف بزروق (ت 899هـ) ، دار الفكر، بيروت، 1402هـ 1982م. الشرح الصغير للدردير (ت 1201هـ) ، مطبوع بهامش بلغة السالك لأقرب المسالك للصاوي، دار المعرفة، بيروت، لبنان. الشرح الكبير للدردير (ت 1201) ، مطبوع بهامش حاشية الدسوقي عليه. شرح منتهى الإرادات للبهوتي (ت 1046هـ) ، مطبعة أنصار السنة المحمدية. شرح الوجيز (المعروف بالشرح الكبير) للرافعي (ت 623هـ) ، تحقيق وتعليق: الشيخ على معوض، والشيخ أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ. الصحاح لإسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ) ، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى. صحيح البخاري للبخاري (ت 256?) ، الناشر المكتب الإسلامي، إستانبول، تركيا.
صحيح مسلم لأبي الحسن مسلم بن الحجاج (ت 261هـ) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، نشر وتوزيع دار الافتاء، الرياض. طبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى (ت 458هـ) ، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، توزيع دار المؤيد، الرياض. العباب المحيط بمعظم نصوص الشافعي والأصحاب للقاضي أحمد بن عمر المزجد السيفي (ت 930هـ) ، رسالة دكتوراه لسعيد بن زهير بن زايد العمري، بالمعهد العالي للقضاء بالرياض. العناية على الهداية للبابرتي (ت 786هـ) ، مطبوع بهامش فتح القدير لابن الهمام، دار إحياء التراث العربي. الفروع للمحلى (المسمى كشف اللثام عن أسئلة الأنام) للشيح حسين محمد المحلى الشافعي (ت 1170هـ) ، تحقيق: محمد حسن إسماعيل، توزيع عباس بن أحمد الباز، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1420هـ 1999م، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. الفروع لابن مفلح (ت 763هـ) ، الطبعة الثانية، دار مصر للطباعة، 1381هـ. الفروق للقرافي (ت 684هـ) ، عالم الكتب، بيروت. الغاية القصوى في دراية الفتوى للبيضاوي (ت 685هـ) ، تحقيق: علي محيي الدين علي القره داغي، دار الإصلاح للطبع والنشر والتوزيع، الدمام. الكافي في فقه أهل المدينة المالكي لابن عبد البر (ت 463هـ) ، الطبعة الأولى، 1398هـ، مكتبة الرياض الحديثة. الكامل لابن عدي (ت 365هـ) ، تحقيق: د. سهيل زكار، الطبعة الثالثة، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت. كشاف القناع للبهوتي (ت 1046?) ، الناشر مكتبة النصر الحديثة،
الرياض. فتح باب العناية للقاري (ت 1014هـ) ، الطبعة الأولى، 1418هـ 1997م، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت، لبنان. فتح القدير لابن الهمام (ت 861هـ) ، دار إحياء التراث العربي. قواعد الأحكام لعز الدين بن عبد السلام (ت 660هـ) ، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. القواعد للحصني (ت 829?) ، تحقيق: د. عبد الرحمن الشعلان، ود. جبريل البصيلي، الطبعة الأولى، 1418?، شركة الرشد للنشر والتوزيع، وشركة الرياض للنشر والتوزيع. القوانين الفقهية لابن جزي (ت 741هـ) ، نشر دار الفكر، بيروت. اللباب في شرح الكتاب للميداني (ت 1298هـ) ، الطبعة الثالثة، 1418هـ 1997م دار الكتاب العربي، بيروت. المبدع في شرح المقنع لابن مفلح (ت 884هـ) ، طبع على نفقة الشيخ على آل ثاني، المكتب الإسلامي. المبسوط لشمس الدين السرخسي، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1414هـ 1993م. مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر لعبد الرحمن بن محمد بن سليمان المعروف بدامادافندي (ت 1078هـ) ، دار إحياء التراث العربي، لبنان. المجموع شرح المهذب للنووي (ت 676هـ) ، دار العلوم للطباعة، توزيع المكتبة العالمية بالفجالة. المحلى لابن حزم (ت 456هـ) ، الناشر مكتبة الجمهورية بجوار الأزهر بمصر، 1389هـ 1969م. المحرر في الفقه لمحمد بن أبي البركات بن تيمية (ت 652هـ) ، تحقيق: محمد
حامد الفقي، مكتبة ومطبعة السنة المحمدية، 1369هـ 1950م. مختصر الطحاوي (ت 321هـ) ، تحقيق: أبو الوفاء الأفغاني، دار إحياء العلوم، بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ 1986م. مختصر القدوري (ت 428هـ) ، تحقيق: الشيخ كامل محمد عويضة، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ. المدونة للإمام مالك رواية سحنون بن سعيد التنوخي، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت. مسائل الإمام أحمد برواية ابن منصور (ت 251هـ) ، قسم المعاملات، تحقيق ودراسة: صالح محمد المزيد، رسالة دكتوراه في الجامعة الإسلامية، 1405هـ، المدينة المنورة. المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى (ت 458هـ) ، تحقيق: د. عبد الكريم اللاحم، الطبعة الأولى، الرياض، مكتبة المعارف، 1405هـ 1985م. المستدرك على الصحيحين للحاكم (ت 405هـ) ، الناشر مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب. المستوعب للسامري (ت 616هـ) ، تحقيق: د. فهد بن عبد الكريم السنيدي، القسم الذي قام به لتحقيق رسالة الدكتوراه بكلية الشريعة، الرياض، قسم الفقه. مسند الإمام أحمد، الطبعة الأولى، نشر مؤسسة الرسالة. مسند الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، الطبعة الأولى، 1405هـ 1985م، مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع.
المصباح المنير للفيومي (ت 770هـ) ، دار الفكر، بيروت. مصنف ابن أبي شيبه (ت 235هـ) ، تحقيق: عامر العمري الأعظمي، الدار السلفية، بومباي، الهند. معالم السنن للخطابي (مطبوع مع سنن أبي داود) . معونة أولي النهى لابن النجار (ت 972هـ) ، تحقيق: د. عبد الملك بن دهيش، الطبعة الأولى، 1416هـ، دار خضر للطباعة والنشر. المعونة لعبد الوهاب البغدادي، تحقيق: د. حميش عبد الحق، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة / الرياض. المغني لابن قدامة (ت 620هـ) ، تحقيق: د. عبد الله التركي، ود. الحلو، هجر للطباعة والنشر. مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، شرح محمد الشربيني الخطيب (ت 977هـ) ، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. الممتع في شرح المقنع لابن المنجى (ت 695هـ) ، تحقيق: د. عبد الملك بن دهيش، دار خضر للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1418هـ. المنثور في القواعد للزركشي (ت 794هـ) ، تحقيق: د. تيسير فائق أحمد محمود، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، مصورة بالأوفست، الطبعة الأولى، 1402هـ 1982م. مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب (ت 954هـ) ، الطبعة الثانية، 1398هـ 1978م. موطأ الإمام مالك، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية، توزيع دار الكتب العلمية، بيروت. المهذب للشيرازي (ت 476هـ) ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، الطبعة الثانية، 1379هـ.
النجم الوهاج في شرح المنهاج لمحمد بن موسى بن عيسى ابو البقاء الدميري (ت 808هـ) ، رسالة دكتوراه، تحقيق: علي بن سليمان بن إبراهيم المطرودي، 1419هـ، المعهد العالي للقضاء بالرياض. النقاية للمحبوبي (ت 747هـ) ، مطبوع مع فتح باب العناية، شركة دار الأرقم، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ 1997م. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (ت 606هـ) ، تحقيق: محمود محمد الطناحي، الناشر المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ، 1385هـ 1965م. نيل الأوطار للشوكاني (ت 1250هـ) ، الطبعة الأخيرة، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت. الهداية للمرغيناني (ت 593هـ) ، الناشر المكتبة الإسلامية. الوسيط في المذهب للغزالي (ت 505هـ) ، دار السلام للنشر والتوزيع والترجمة، الطبعة الأولى، 1417هـ، تحقيق: أحمد محمود إبراهيم، ومحمد محمد تامر.